Professional Documents
Culture Documents
اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﻐﺎرﺑﻴﺔ
ﺑﻴﻦ ﻣﺴﺎﻋﻲ اﻟﺘﻤﻜﻴﻦ
وإﻛﺮاﻫﺎت اﻟﻮاﻗﻊ
-دراﺳﺎت ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ -
ﺗﻨﺴﻴﻖ:
ﺣﻧﺎن اﻟﻧﺣﺎس -ﻧﺟﺎة اﻟﻌﻣﺎري
2020
املرأة املغاربية بني مساعي التمكني
وإكراهات الواقع
-دراسات متكاملة-
تنسيق
-حنان النحاس -نجاة العماري
تنسيق
-نجاة العماري -حنان النحاس
2020
االيداع القانوني:
ردمك:
ISBN : 978-9920-611-18-3
منشورات مركزتكامل
للدراسات واألبحاث
مطبعة :قرطبة ،أكادير
نشر وتوزيع
الهاتف05 28 23 88 55 :
د.سعيد خمري
د.عبد الرحيم العالم
دة.سعاد كجي
د.عبد العزيز راجل
دة.أسماء فارح
دة.سميرة بوقويت
دة.مونية العلمي
د.عبد اإلله سطي
د.عبد هللا أبو عوض
دة.نور الهدى بوزقاو
دة.فاطمة الزهراء الرمضاني
التصحيح اللغوي:
عبد السالم املنصوري
3
4
املحتويات:
تقديـ ــم 7..............................................................................................................................
النساء ،األمومة والتحوالت االجتماعية املعاصرة ( حالة :أمهات أطفال في وضعية إعاقة) 9....
خلود السباعي
الكوتا او نظام املحاصصة :قراءة في التجربتين املغربية والجزائرية 30....................................
صباح العمراني
قضايا املرأة في التناول العرفي والشعبي)( -القوامة نموذجا54............................................... -
محمد توفيق الرقبي
هوية النساء املسيرات في الجزائر 74.....................................................................................
فؤاد منصوري
املرأة واملسألة االجتماعية في السياسات العمومية في الجزائر قراءة سيوسيوجندرية (-1999
90.............................................................................................................................)2018
حامي حسان
الحقوق السياسية للمرأة الجزائرية في ظل اإلصالحات القانونية والحراك االجتماعي107 ..... .
رمضاني فاطمة الزهراء
التنمية االجتماعية النسوية لتمكين املرأة اقتصاديا وتحقيق ريادتها في مجتمع األعمال وفق
مرئيات أهداف التنمية املستدامة لعام 133 ................................................................ 2030
ح ــمو محمد
مكانة املرأة الحسانية في املخيال االجتماعي بالصحراء :محاولة لرصد التمثالت بين القيود
االجتماعية ورهان املكانة 152 ...............................................................................................
محمد الصافـي
تقرير حول الندوة الدولية في موضوع املرأة املغاربية في خضم التحوالت السياسية
واالقتصادية واالجتماعية 182 .............................................................................................
السعدية قجي
5
6
تقديـــــم
إن تطور مساهمة املرأة املغاربية في عملية التنمية مسألة تستحق التوقف واملتابعة ،كما
تتطلب بدل جهود من طرف كل الفاعلين من أجل الحفاظ على مكتسباتها على مختلف األصعدة
بشكل يخدم خطط واستراتيجيات التنمية املغاربية الشاملة .
ويمكن القول أن حركة املرأة املغاربية قد شهدت تطورا كبيرا تمثل في ارتفاع نسبة
مساهمتها في النشاط االقتصادي والعملي والثقافي ،وارتفاع نسبة النساء املتعلمات الش يء الذي
أثر إيجابا على وعيها في الدفاع عن حقوقها ومكتسباتها عبر املؤسسات املهنية والحقوقية والتي
عرفت انتشارا واسعا في دول املغرب العربي.
وقد ارتبطت مظاهر التطور املشار إليها بتحوالت اجتماعية واقتصادية مهمة ،إال أنها
اصطدمت بالبنى الثقافية والفكرية السائدة ،بالرغم من إقرار عدد من القوانين والتشريعات
الخاصة بحماية حقوق املرأة والتي تحفز وتشجع تقدمها ومشاركتها في الحياة العامة.
وبالرغم من تشابه املالمح العامة لواقع املرأة املغاربية وتقارب نسب الحضور النسائي في
املشهد السياس ي واالقتصادي والثقافي ،يبقى لكل بلد مغاربي مميزاته التاريخية والسياسية
والثقافية ،حيث تتحكم عوامل كثيرة في تسريع أ و تبطيء مسار النهوض بأوضاع النساء في كل بلد
مغاربي ،من بينها :اإلرادة السياسية للحكومات ،نضج وفعالية املجتمع املدني ،وجرأة املشرع في
سن قوانين تضمن املساواة.
وفي خضم هذه التحوالت االجتماعية والثقافية راكمت دول املغرب العربي مسارا حقوقيا
وتشريعيا ساعد في تح سين وضعية املرأة ،من قبيل تضمين الدساتير مبدأ املساواة بين الجنسين،
والتصديق على االتفاقيات الدولية الخاصة برفع كل أشكال التمييز ضد املرأة ،وإصالح مدونات
االسرة واالحوال الشخصية ،وتعديل قوانين الجنسية...
من جهة أخرى ،نجد أن الحركات النسائية ال زالت تطالب بتعديالت وإصالحات لبعض
مدونات ومجالت االحوال الشخصية ،وال تزال نسبة كبيرة من النساء املغاربيات تعانين من الفقر
والهشاشة ،ومحرومة من حقوق التعليم والتمكين االقتصادي ،كما ال تزال الهوة كبيرة بين روح
التشريعات ونمط املمارسات التي تفرزها البنية الثقافية املهيمنة.
كما يبرز أيضا دور الفكر في تقوية موقع املرأة وإنصافها ،مما يستدعي التساؤل حول الدور
الذي تقوم به النخب الفكرية والسياسية في تجويد الرؤية الناظمة لعالقة املرأة بمحيطها،
والتساؤل عن طبيعة وحدود األفكار املستنيرة التي يمكن أن تسهم في رفع ثقل التأويالت الدينية
7
والتاريخية عن املرأة الناتجة عن االحتكار الذكوري ألمور الدين واملجتمع من جهة ،وتساعد على
مجابهة األفكار املهينة للمرأة.
إن الصعوبات التي تواجهها النساء املغربيـات فـي اقتحـام الحيـاة العامـة والسياسـية وفي
ضمان تكافؤ الفرص بين املـرأة والرجـل فـي الولـوج إلـى مواقـع القـرار فـي الـدول املغاربية ،كغيرها
من البلدان العربية ،تستدعي مواصـلة الجهـود املبذولـة قصـد فهـم أعمـق للبناء االجتماعي والثقافي
للعالقات بين الجنسين فـي الحيـاة الخاصـة والعامـة واعتمـاد سياسات إصالحية تضمن املساواة
بين الفئات الرجالية والنسائية.
من هذا املنطلق يتوخى هذا الكتاب معالجة قضية املرأة املغاربية من أبعادها املختلفة
ووفق مقاربات عديدة ،أهمها املقاربة الفكرية وذلك من أجل بحث موقع املرأة في التصورات
النظرية للنخب املغاربية ،واملقاربة القانونية والتي من شأنها تقريب الصورة التي تشكلها الوثائق
الدستورية والنصوص القانونية عن املرأة في الدول املغاربية ،واملقاربة الحقوقية من خالل
مقاربة مدى تمتع املرأة املغاربية بحقها في املشاركة السياسية وتفعيل قوتها االقتراحية ومدى
فعالية دورها في قيادة املجتمع املدني نحو املزيد من املكتسبات املدنية والحقوقية التي تصون
كرامتها ومكانتها االجتماعيتين.
8
النساء ،األمومة والتحوالت االجتماعية املعاصرة
( حالة :أمهات أطفال يف وضعية إعاقة)
دة.خلود السباعي
أستاذة علم النفس االجتماعي بكلية االداب احملمدية
امللخص :
مثلت األمومة على اختالف الثقافات واألزمنة ،خاصية مالزمة لكل أنثى .وبناء على ذلك ،تم
اختزال هوية املرأة ووجودها في دور األم ،أي في الشخصية املعطاء املضحية بذاتها من أجل
اآلخرين .مما حول األمومة إلى "أسطورة" تجسد التفاني والعطاء ،كما حول هذه الخصال إلى
سمات غريزية ومحددات فطرية طبيعية لسيكولوجية النساء معرفيا ،عاطفيا ،وسلوكيا .الش يء
الذي انعكس على سيكولوجية النساء ،وساهم في خلق مجموعة من االضطرابات على مستوى
عالقتهن بذواتهن وتقييمهن ألنفسهن.
وبناء على ذلك ،فإننا نود من خالل هذا العمل ،الوقوف على ما تعيشه األمهات املعاصرات
من اكراهات في ظل هذه التمثالت السائدة عن األمومة من خالل طرحنا للتساؤالت التالية :
-إلى أي حد ساهمت التحوالت الطارئة على حياة النساء املعاصرات ،في
تغيير التمثالت السائدة حول األمومة واألدوار املنوطة بها ؟
إلى أي حد تمكنت النساء املعاصرات من تجاوز التمثالت السائدة عن -
األمومة ؟
كيف تعيش النساء املعاصرات األمومة ؟ -
وسوف نحاول اإلجابة عن هذه التساؤالت من خالل وقوفنا على عينة من النساء األمهات
ألطفال في وضعية إعاقة .وذلك استنادا إلى منهجية "دراسة الحالة" ،واعتماد املقابالت املفتوحة
مع بعض األمهات ،بغرض مالمسة ما يعانينه من إكراهات ،ترتبط في جزء كبير منها باستمرارية
فعالية الصور النمطية والتمثالت املتوارثة عن "األمومة" .مما قد يجعل من األمومة بالنسبة
لبعض النساء ،عرقلة أمام تحقيق الذات ،وعنوان للعنف والالمساواة الجندرية .النساء ،األمومة
والتحوالت االجتماعية املعاصرة ( حالة :أمهات أطفال في وضعية إعاقة)
مثلت األمومة على مر التاريخ واختالف الثقافات والشعوب ،دورا طبيعيا ذا بعدين
أساسيين ،بعد بيولوجي يرتبط باإلنجاب ،وآخر سيكولوجي عاطفي يرتبط بما ينتج عن فعل
9
أو "ارتباط" .حيث تم النظر إلى املرأة على أنها أم بالطبيعة ،ومن ثمة تم اإلنجاب من "تعلق"
اعتبار األمومة سمة سيكولوجية غريزية تفيد التقبل والتفاني في الحب والتضحية والعطاء بدون
مقابل .فتربى الفتاة بكيفية تدفعها نحو استدماج دور األم منذ طفولتها ،وتحس بضرورة تقمص
هذا النموذج املسند لها وتدرك على أنها يجب أن تكون حنونة ،صبورة ،خدومة ،كتومة ألن ذلك
من طبيعتها .الش يء الذي سوف ينعكس على سيكولوجية النساء ،وعلى تقديرهن لذواتهن،
وتقييمهن ألوضاعهن ووظائفهن في عالقتهن باألمومة.
إال أن السؤال الذي يطرح هنا هو :هل توجد فعال عالقة طبيعية ،ضرورية ،وحتمية بين
كل من البعد البيولوجي والعاطفي في األمومة؟ هل هناك فعال عالقة طبيعية بين فعل اإلنجاب
وعاطفة التعلق أو االرتباط؟ ولعل ما يبرر طرح هذا السؤال ،هو مالحظتنا للواقع اليومي والذي
يشهد بوجود مجموعة من الظواهر التي تتنافى وهذا البعد الغريزي ،والتي نذكر من بينها على سبيل
املثال :
-وجود أمهات ال يرتبطن بالرضيع (األطفال املتخلى عنهم)
-وجود نساء ال يرغبن في االنجاب
-وجود نساء ال يتمكن من اإلنجاب وبالتالي ليس بإمكان كل امرأة أن تصبح أما
-وجود نساء يتقمصن دور األمومة بما يتضمنه من مشاعر االرتباط والتعلق ،رغم
عدم قدرتهن على االنجاب (األم البيولوجية واألم املربية)
وقد يقول البعض ،بأن أغلب أحاديث وهواجس واهتمامات عدد كبير من النساء في هذا
العالم تتمحور حول األمومة وما يرتبط من مهام ومسؤوليا ت ،إال أنه علينا طرح السؤال فيما إذا
كانت هذه املهام واملسؤوليات هي بالضرورة مصدر سعادة أو انشراح بالنسبة لألمهات .فهناك
عينات من النساء يعشن االرتباط باألبناء باعتباره "املحرك" األساس ي لحياتهن ومنبع إحساسهن
بالسعادة ،وهناك من يعشن التعاسة والشقاء بسبب نفس االرتباط .فأمام هذا التعدد الحاصل
على مستوى خطابات النساء ،ومواقفهن املتضاربة بخصوص األمومة كواقع وكمعيش يومي،
نتوخى في هذا املجال العودة إلى التساؤل بخصوص مفهوم األمومة باعتبارها معطى بيولوجي
غريزي أم فعل ثقافي اجتماعي جندري؟
هل األمومة هي االنجاب ؟ أم أن األمومة هي الحضن والحب والتقبل ؟ ➢
ثم فيما إذا كانت األمومة ترتبط باإلنجاب ،فعلينا أن نطرح السؤال في ➢
االتجاه املقابل أيضا وهو :هل كل إنجاب يمنح اإلحساس باألمومة؟ هل يكفي اإلنجاب
10
لكي تصبح األم أما سواء في عالقتها بذاتها أو في عالقتها باملجتمع؟
هل اإلنجاب كمعطى بيولوجي يمنح املرأة بالضرورة اإلحساس ➢
بالسعادة والرض ى باألمومة على املستوى السيكولوجي ؟
لإلجابة عن هذه التساؤالت ،يمكننا الوقوف عند الواقع اليومي لعدد من النساء ،والذي
يتضمن أشكاال متعددة من اإلنجاب تتعارض وتحقيق املرأة لذاتها أو استمتاعها باألمومة .ومن
بين األمثلة الدالة على ذلك ،مجمل الحاالت التي يتم فيها اإلنجاب بكيفية غير مرغوب فيها من
طرف األم .والتي نذكر من بينها حاالت اإلنجاب خارج إطار الزواج ،أو اإلنجاب نتيجة اغتصاب أو
عالقة زوجية عنيفة .كما يمكننا التساؤل أيضا بخصوص انجاب اإلناث في ثقافات تفضل إنجاب
الذكور .. .مما يستنتج من خالله وجود سياقات نفسية اجتماعية ،يتحقق فيها اإلنجاب كفعل
بيولوجي ،دون أن يؤدي بالضرورة إلى تقبل املرأة كأم ،أو تقبلها هي ذاتها لألمومة و انخراطها ضمن
عالقة "االرتباط" بكيفية مرغوبة تغذي إحساسها بالرض ى عن الذات سواء على املستوى
العاطفي أوالسلوكي.
ومن شأن هذه املالحظات أيضا ،أن تدفع بنا إلى تعميق السؤال بخصوص الخاصيات
السيكولوجية املسندة لألم ،وبما تتضمنه غريزيا من مشاعر الحب والتقبل والتضحية بالذات من
اجل اآلخرين .فهل صحيح أن األم مخلوق "أسطوري" يمكنه أن يعطي بدون مقابل أو حوافز
تقتض ي ضرورة التبادل والتفاعل على مستوى املشاعر واألحاسيس ؟ هل صحيح أن األم مضحية
و صبورة ومعطاء بالطبيعة ؟
تلك مجموعة من التساؤالت التي أثارت وال تزال نقاشات على مستويات متعددة ،أدت إلى
بروز تيارين متناقضين ،يؤكد أحدهما على البعد البيولوجي والغريزي لألمومة لدى اإلنسان،
باعتبارها حدثا طبيعيا بعيدا عن كل من الثقافة والتاريخ .مبرزا بأن األمومة هي استعداد طبيعي
لإل نجاب لدى املرأة كأنثى ،يتبع طبيعيا بعمليات الرضاعة والعناية والحماية مما ينعكس على
الجوانب العاطفية واالنفعالية للمرأة ويكسبها خاصيات سيكولوجية معينة .في حين يرى التيار
الثاني ،بأن لألمومة لدى اإلنسان طابعا مختلفا ،يجعل منها إنشاء ثقافيا وتعبيرا اجتماعيا جندريا،
ال يمكن فصله عن التاريخ والظروف السيكو اجتماعية والسياقية للمرأة األم.
ومن بين أبرز وأول التيارات التي أثارت هذا النقاش ،الحركات النسوية التي انبثقت من
تخصصات متعددة في مقدمتها التاريخ ،األنثروبولوجيا ،البيولوجيا ،الطب ،علم االجتماع ،وعلم
النفس ،والتي سعت إلى دحض كل فكرة تقوم على أساس ربط األمومة بالطبيعة أو الغريزة .مؤكدة
بأن األمومة هي "دور إجتماعي" ومن ثمة إنشاء اجتماعي رمزي ،يأخذ معاني متعددة ضمن سياقات
11
1
سوسيوتاريخية مختلفة .حيث تولى املجتمع األبوي على مر التاريخ ،تأسيس األدوار وتوزيعها ما
بين أدوار خارجية يقوم بها الذكور ،وأدوار داخلية أسندت للنساء بفعل طبيعتهن البيولوجية التي
تقتض ي اإلنجاب والرضاعة .الش يء الذي ربط النساء باملجاالت الداخلية واألعمال املنزلية ،وسعى
إلى تكريس هذا الربط وتزكيته بالتنشئة االجتماعية التي تعلم الفتاة كيف تكرس حياتها من أجل
2
خدمة اآلخرين .ولعل ذلك ما دعى ببعض التيارات النسوية املعاصرة واملمثلة في كل من Betty
،Freidan, Juliet Michel, Shulamith Firestone, Adrienne Richإلى تبني بعض املواقف
املتطرفة وصلت في بعض األحيان إلى رفض األمومة ،واعتبارها سجنا وسببا في تأخر النساء،
وعرقلة في بناء هوية أنثوية متوازنة قادرة على إثبات حقها في املواطنة الكاملة.
ومن بين املؤشرات التي تدعو إلى دحض فكرة ربط األمومة بالبيولوجيا حسب هذه
التيارات ،هو استمرارية حياة كل من الرضيع واألم والبيولوجية رغم انفصالهما .فال الرضيع يموت
بسبب غياب رعاية األم البيولوجية ،وال األم البيولوجية تصاب بالخلل أو تفقد حياتها إذا لم تعتن
بالطفل الذي أنجبته .مما يدعو حسب هذه التيارات إلى ضرورة مقاربة األمومة في بعدها الواقعي،
اي "كمعيش" سيكواجتماعي يرتبط بظروف النساء ،والذي قد يختلف جذريا باختالف أوضاعهن
3
وانتماءاتهن سواء على املستوى النفس ي أو االجتماعي .فهناك من األمهات من يشعرن بغاية
السعادة في ممارستهن لدور األمهات وهناك العكس .مما يجعل من األمومة بمثابة تجربة خاصة
4
للمرأة بجسدها ،بكينونتها ،وبوجودها في بعده النفس ي واالجتماعي .مما يدفع من منظور علم
النفس االجتماعي ،إلى ضرورة التساؤل بخصوص ما يمكن أن نطلق عليه "بسيكولوجية األمومة"
وعن مدى ارتباط األمومة بكل من الغريزة والطبيعة لدى النساء .وفي هذا السياق ،ترفض
1- Barrantes –Valverde Maria, y Cubero, Maria- Fernando, « La maternidad como un constructo
social determinante en el rol de la feminidad », Wimb, Rev. Electronica de estudiantes, Esc,
psicologia, Univ de Costa Rica, 9(1), 2014, P.30.
2 - Palomar – Verea, Cristina, Maternidad : historia y cultura, La ventana, N°22 / 2005, P.
3 - Grenier-Torres,Chryselle, Infécondité et rapport de genre. Experiences de femmes infécondes
vivant à Bouaké entre contraintes et subjectivation (Cote d’Ivoire), In, L’Identité genré au cœur des
trensformations, Du corps séxué au corps genré, L’Harmattan, Paris, 2010, P. 178.
4 - Bourqia, Rahma, Femmes et fécondité, Afrique Orient, Casablanca, 1996, P.18.
12
1
،1980 Badinterالحديث عن وجود "حب أمومي" بالفطرة ،مشيرة بأن رعاية الطفل هي التي
تخلق حبه والرغبة في العناية به .مؤكدة بأن وجود هذا "الحب األمومي" منذ القديم ،ال يعني بأنه
موجود لدى سائر األمهات .فالحب الذي تقدمه األمهات ،هو نتاج فعل الثقافة وسيرورات التنشئة
الجندرية للفتيات ،وليس بالضرورة معطى بيولوجيا.
وخالفا لهذه التيارات النسوية ،نجد بعض التيارات السيكولوجية التي تنطلق من البعد
البيولوجي للتأكيد على أهمية العالقة أم /رضيع ،وحيوية طبيعة االرتباط والتعلق في بناء شخصية
الطفل .وتمثل نظرية التحليل النفس ي منذ مؤسسها سيجموند فرويد ،أحد أهم هذه النظريات.
حيث يؤكد فرويد على أهمية وحيوية عامل االرتباط باألم ،مشيرا بأنها املسئولة الحيوية عن توازن
شخصية الطفل وصحته النفسية ،لتوقف كل الخبرات السيكولوجية الحميمية على "صورة
2
األم" .كما نلمس نفس املنحى مع كل من Mélanie , Donald Winnicot , John Bowlby
3
. Kleinحيث يشير 4 Winnicottإلى أنه بالرغم من التعارض القائم بين املواقف ،فال أحد يمكن
أن ينفي حضور كل من البعد البيولوجي املرتبط باإلنجاب ،والبعد العاطفي املرتبط بالرعاية في
"األمومة" .وذلك اعتبارا منه بأن األمومة تبدأ بالحمل واإلنجاب والرضاعة ...وتلك معطيات
بيولوجية ،لكي تتبع بأساليب العناية ،الرعاية واالهتمام.
إال أن مواقف التحليل النفس ي سوف تسير في اتجاه االنفتاح على الظروف الواقعية
للنساء ،وتأثيرها على دور األمومة .وهنا تحضر املحللة النفسية Nancy Chodorowالتي تعتبر
من أحد أبرز من اهتم بموضوع األمومة ،من خالل دراستها للعالقات األولية لكل من الذكور
5
واإلناث باألم ،مبرزة مدى حيوية هذه العالقة في بناء الخاصيات السيكولوجية لدى كل منها .كما
1 - Cristina Palomar Verea, Maternidad : Istoria y cultura, La ventana, N°22, 2005, P.35.
-خلود السباعي" ،سيكولوجية املرأة" ،مجلة علوم التربية ،العدد ،50دسمبر ،2011ص 2 .54
3 - Blaessinger, Rodrigo –Robles, “Maternidad : Un deseo femenino en la teoria Freudiana”, Revista
Nomadias, Nov, N°16, 2012, P.123.
4 - Agoudelo – Londono, Jesica et all, Ser mujer : entre la maternidad y identidad, Revista Poiesis, N°
31, Colombia, P. 308.
-5خديجة العزيزي ،األسس الفلسفسة للفكر النسوي الغربي ،بيسان للنشر والتوزيع واإلعالم ،الطبعة األولى،
لبنان ،بيروت ،يونيو ،2005ص .206
13
تحضر كارين هورني ،التي تعتبر من بين الباحثات املنتقدات ملواقف فرويد ،وذلك برفضها
االنطالق من الخصائص البيولوجية كأساس للتمييز بين الجنسين .وتقول كارين هورني منتقدة
فرويد" :إن املرأة هي التي تلد الذكر ،ثم إن قدرة املرأة على اإلنجاب قد لعبت دورا هاما في أن يحسد
1
الرجل املرأة منذ القدم ،ال أن تحسده املرأة بسبب امتالكه عضو التناسل" .فبدل االنطالق من
البيولوجيا لتفسير الخصائص السيكولوجية والتعامل مع االختالف التشريحي البيولوجي كقدر أو
مصير حتمي ،كان على فرويد أن ينظر إلى الواقع التاريخي االجتماعي والثقافي ،لكي يجعل منه نقطة
2
انطالق كل حديث عن الخاصيات السيكولوجية للمرأة .
وتشير بعض الدراسات التي أجريت حول "االرتباط" ضمن مجال اإلعاقة ( ) Eyer 1992
بأن عالقة االرتباط بين اآلباء واألبناء ال تتحقق بكيفية آلية وذلك بصرف النظر عن وجود اإلعاقة
أو غيابها .فاالرتباط بين الوالد والطفل ليس بمثابة رد فعل فوري ....فعندما يستجيب األطفال إلى
3
محاوالت اآلباء إلطعامهم ومداعبتهم ،يشعر الوالدان بالتعزيز ملشاعرهم .ويزداد االرتباط بعمق
عندما يبدأ األطفال في االبتسام وإصدار األصوات استجابة إليماءات الوالدين .ولقد بين كل من
Stone et Chesney 1978بأن فشل الطفل في أن يثير أمه ،يؤدي إلى فشل األم في التفاعل مع
4
الطفل .
ثم إلى جانب هذه االختالفات الواردة بين أقطاب نظريات التحليل النفس ي ،برزت بعض
املواقف املعاصرة التي تنطلق بدورها مما هو بيولوجي ،للحديث عن بعض الخاصيات
السيكولوجية األنثوية الناتجة عن األمومة .فاملرأة تتوفر بيولوجيا على الرحم ،وذلك ليس أمرا
اعتباطيا .فالرحم هو عضو بيولوجي ،يفيد بأنها أم بالطبيعة حتى وإن لم تنجب .مما يؤكد بأن
الخاصيات البيولوجية ال يمكن أن تقف عند حدود ما هو بيولوجي وظيفي .فالرحم ال تقف
أهميته عند وجوده كعضو فحسب ،وإنما يتجاوز ذلك لكي يصبح مؤشرا يسمح بتسليط األضواء
- 1محمد عوض خميس ،دفاعا عن املرأة ،دراسة نفسية اجتماعية جنسية ،العربي للنشر والتوزيع ،القاهرة
،1985ص . 57
- 2خلود السباعي ،األمومة ورهان الديموقراطية ،شبكة العلوم النفسية العربية
- 3إيمان فؤاد الكاشف ،إعداد األسرة والطفل ملواجهة اإلعاقة ،دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة،
،2001ص ,74
- 4إيمان فؤاد الكاشف ،املرجع السابق ،ص .75
14
1
على الفوارق السيكولوجية ما بين الذكر واألنثى .على اعتبار أن أول ما يرمز إليه الرحم على
املستوى السيكولوجي ،هو كونه مجال أنثوي مخصص لالحتضان وموضعة اآلخر ،مجال لوجود،
وجلوس وإقامة ذات أخرى بداخل الجسد األنثوي ملدة غير هينة .مما سوف يجعل من الهوية
األنثوية هوية مفعمة باآلخر ،بسبب الترابط الحيوي ملا هو بيولوجي بما هو نفس ي عاطفي انفعالي.
وبناء على ذلك يمكننا القول بأنه إذا كان امتالك املرأة للرحم هو دليل على تمكينها بالطبيعة من
االستقبال واالحتضان واالنفتاح ،فإن ذلك ال يمكن أن يتم دون أن تملك في الوقت ذاته حب هذا
2
االستقبال باعتباره أحد العناوين البارزة لوجودها وكينونتها .الش يء الذي من شأنه أن يحدد
بعض الخاصيات السيكولوجية لدى املرأة مقارنة بالرجل ،ويطبع شخصيتها بسمات معينة سوف
3
تنعكس على عالقتها بذاتها وعالقتها باآلخرين .ولقد أجريت في هذا املجال دراسات اهتمت بمفهوم
"الحميمية" ،بينت مدى سعة هذا املفهوم وتعدد أبعاده لدى املرأة مقارنة بالرجل .الش يء الذي
سوف ينعكس أيضا على مختلف األبعاد العالئقية لدى كل منهما ،فيجعل من املرأة أكثر ميال إلى
ربط العالقة باآلخر وأكثر مهارة على هذا املستوى ،مما يدفعها إلى بلورة عدد من امليكانيزمات
السيكولوجية الضرورية على هذا املستوى مقارنة بالرجل.
وإلى جانب هذه املواقف التي تنطلق من الدراسات السيكولوجية ،ال يمكننا إغفال
حضور املنظومة الدينية والقيمية ،والتي ساهمت بشكل كبير ،في تزكية دور "األمومة" والرفع من
شأنه على املستوى القيمي واألخالقي .فكل الديانات والقيم املصاحبة لها ،تعلي من شأن ومكانة
األم ،وتدعو إلى اإلعتراف بأهمية هذه املكانة إلى درجت جعلت منها أحد أبرز الشروط املقربة إلى
هلل ،والضامنة للجنة في الحياة األخرى .إال أن هذا التقدير الديني ملكانة األم قد تم استغالله
اجتماعيا واقتصاديا ،ألجل تزكية الطابع الخدوم واملستسلم للمرأة باعتبارها أما .الش يء الذي
يفسر سبب إسناد بعض الخاصيات السيكولوجية لألم إلى درجة أصبحنا معها أمام كائن
"أسطوري" ،تفوق طاقاته على التحمل والصبر والرغبة في العطاء طاقات البشر.
1- Carrasco, Alejandra. “Mujer, Cuerpo y psicología”, Estudios públicos, 60, Primavera 1995, P.239.
2- Carrasco, Alejandra. Ibid, P.240.
3 - Carrasco, Alejandra.Ibid, P.241.
15
1
ولعل ذلك ما أشارت إليه كارول بادينتير ، Badinterمنبهة إلى أن هذا التهليل واالعتراف
باألمومة كدور تربوي منذ عهد روسو إلى اآلن ،ال يعدو أن يكون سالحا ذو حدين .على اعتبار أن
االعتراف بأهمية الدور التربوي لألم ،قد حملها في املقابل مسؤولية التربية وتكوين املواطن الصالح،
ومنحها دورا ينبغي أن تحاسب عليه بدون استحضار دور األب .كما ساهم من جانب ثان ،في
حصر مهام النساء األمهات فيما هو منزلي عائلي وتركيز كل طموحاتهن في أبنائهن .علما بأن
التطورات التاريخية للمجتمعات ،تشهد بأن هذا التهليل والتكبير ملكانة األم واألمومة ،ال نجد له
2
صدى واقعي في حياة األمهات .لكوننا ال نجد على أرض الواقع مؤشرات نلمس من خاللها اعترافا
اجتماعيا حقيقيا بدور األم ،يرفع عمليا وإجرائيا من قيمة هذا الدور ،وينصف ما تقوم به جل
النساء األمهات من مجهودات ألجل إسعاد وخدمة اآلخرين .فلقد مثلت خدمات العناية والرعاية
املرتبطة باألمومة وال تزال في كثير من مناطق العالم ،عمال طبيعيا ،مرتبطا بغريزة األمومة ،ومن
ثمة عمال ال مرئيا .بل إنه كثيرا ما يتم ربطه برغبة النساء في اإلنجاب كاحتياج سيكولوجي ،تسعى
3
من خالله األنثى إلى تحقيق الذات وتفجير إمكاناتها وطاقاتها .
وعلى هامش هذه النقاشات ،الزالت األمومة في التمثل املشترك ،ترتبط بضرورة تحمل
املرأة مهمة رعاية وخدمة األبناء من الوالدة إلى الوفاة .فلقد مثلت األم وال تزال مثاال لتجسيد
التفاني والعطاء والتضحية بدون حدود ،بفعل توفرها بكيفية غريزية على ذلك .مما جعل من
الصبر والتحمل والقدرة على املنح وخدمة اآلخر واجبات أساسية منهكة ،انعكست بشكل سلبي
على سيكولوجية النساء ،وعلى تقديرهن لذواتهن ،وتقييمهن لوظائفهن في عالقتهن باألمومة .وال
نلمس بالرغم من مختلف التحوالت الطارئة على حياة النساء ،تغيرات هامة على هذا املستوى إن
لم يكن العكس هو الصحيح .بل يمكن القول بأن التحوالت االجتماعية الطارئة على حياة النساء
قد غيرت جذريا من ظروف عيشهن ،دون أن تغير من طبيعة هويتهن الجندرية في عالقتهن
باألمومة .فبقدر ما تتطور أوضاع النساء ويصبحن متعلمات ومنخرطات في مهام ووظائف
1 - Norma. Fuller, Dilemas de la feminidad : Mujeres de clasé media en el Peru, Pontificia
Universidad Catolica del Peru , 1993. P.35.
-2أليزابيث أي رانسوم ،و نانس ي في ينجر ،أمومة أكثر أمانا ،التغلب على العقبات في الطريق إلى الرعاية ،املكتب
املرجعي للسكان ،فبراير ،2002مصر ،ص .5
- 3خلود السباعي" ،األمومة ورهان الديموقراطية" ،املجلة العربية "نفسانيات" ،العدد ،59خريف .2018
16
اجتماعية ،بقدر ما يتعين عليهن إثبات جدارتهن كأمهات وزوجات كما أثبتن جدارتهن على املستوى
املنهي .وكلما تعلق األمر بنساء متمدرسات ومتعلمات ناجحات على املستوى املنهي ،كلما صار من
املحتمل أن تتعمق معاناتهن السيكولوجية وخوفهن من الفشل أو عدم تأديتهن ألمومتهن بالشكل
املرغوب فيه اجتماعيا .مما يدفع بهن إلى املزيد من البذل والعطاء والتضحية سواء على املستوى
املادي أو املعنوي ،من أجل إثبات "األمومة الجيدة" للذات ولآلخرين.
ولعل ذلك ما يجعل األمهات املعاصرات الفئات األكثر معاناة على املستوى السيكولوجي،
1
بسبب تمزقهن وتوزعهن ما بين طموحاتهن من جهة ،واألمومة وااللتزامات املنزلية من جهة ثانية.
وكلما تكثفت معالم هذه االزدواجية ،كلما شعرن باإلرهاق ،ثقل املسؤولية ،وتأنيب الضمير إزاء
أسرتهن وأطفالهن .مما يقوي أسباب القلق والتوتر والتقدير السلبي للذات ،ويساهم في الرفع من
2
معدالت األمراض النفسية والعقلية واالضطرابات الصحية بين النساء .فالنساء اليوم واألمهات
منهن على وجه الخصوص ،األكثر طلبا للمساعدة السيكولوجية ،واألكثر تعرضا لألمراض املزمنة،
كما أنهن يشكلن الفئات األكثر إقباال على استعمال املهدئات .ولقد كانت نانس ي شودورو قد
قدمت منذ القرن املاض ي ،تفسيرا سيكولوجيا واجتماعيا عن اإلفراط والتفريط في األمومة ،وما
3
ينجم عن ذلك من مشكالت .
4
ولقد أثبتت بعض الدراسات التي أجريت في سويسرا مؤخرا ،مدى معاناة األمهات من
القلق ،وذلك بسبب إحساسهن املستمر بأنهن مراقبات إجتماعيا ،مما يزيد من تعميق أسباب
الشعور بالقلق والخوف املستمر من االخفاق وعدم بلوغ النموذج املثالي "لألم الجيدة" .مما
نستنتج من خالله ،بأنه إذا كانت األمومة قد مثلت على مر التاريخ حدثا طبيعيا ال يثير االنتباه
واالهتمام ،فإنها قد أصبحت في عصرنا هذا ،بؤرة اهتمام عدد من املتخصصين والخبراء على
مستويات متعددة .فال تفتأ كل التخصصات املعنية بالصحة والتربية والتعليم من التركيز على
أهمية مرحلة الطفولة من خالل التأكيد بالدرجة األولى على دور ومسؤولية األم.
- 1السباعي خلود" ،األسرة ،اإلعاقة ،والدعم السيكواجتماعي" ،وضعية اإلعاقة في املغرب ،األبعاد النفسية
االجتماعية والتربوية ،دراسات ،نشر مقاربات ،فاس ،2017 ،ص .17
18
عيش هذا الطفل والتكفل به بصرف النظر عن طبيعة إعاقته أو درجتها.
ولقد تم االهتمام ضمن مختلف التيارات السيكولوجية بدراسة تأثيرات وقع صدمة والدة
طفل في وضعية إعاقة ،على األوضاع النفسية واالجتماعية لألبوين بشكل عام .حيث تم تعيين
وتشخيص مختلف املراحل التي يعيشها هؤالء ،بدء من فترة اإلعالن عن النبأ وما ينتج عن ذلك من
ردود فعل عاطفية قوية ،تتراوح ما بين الرفض واإلنكار وعدم االعتراف ،مرورا بالقلق والكآبة
والغضب الداخلي والعداء الخارجي ،وصوال إلى االعتراف وأخيرا إلى التكيف والسعي نحو التدبير
اليومي لإلعاقة.
في ظل هذه األوضاع السيكولوجية املفعمة بالرفض و اإلنكار والغضب أمام والدة طفل في
وضعية إعاقة ،وفي ظل التمثالت االجتماعية التي تربط األمومة بالغيرية والقدرة الالمتناهية على
الحب والعطاء ،تتموضع أغلب أمهات األطفال في وضعية إعاقة .مما يتسبب في معاناتهن من
ضغوطات سيكواجتماعية مضاعفة .ولقد قمنا في هذا املجال ،بإجراء مجموعة من املقابالت مع
عدد من األمهات من مستويات تعليمية وأسرية مختلفة ،تنتمي إلى أوساط سوسيواقتصادية
مختلفة أيضا ،بينت مدى تشابه معاناة كل هؤالء األمهات على املستوى النفس ي واالجتماعي .أما
فيما يتعلق باإلمكانيات املادية ،فإنها تبقى ضرورية وحيوية ،بحيث كلما توفرت اإلمكانيات كلما
ساهمت في التخفيف من وطأة اإلعاقة .إال أن ذلك ال ينفي وال يلغي مدى إحساس األمهات بالتعب
واإلرهاق والفشل في كثير من األحيان .ولقد بينت بعض الدراسات التي قام بها كل من Plant and
Sandersعلى أن تقديم الرعاية وصعوبتها ،ه ي من بين أكثر مصادر الضغط النفس ي على
1
األمهات .ويمكننا الوقوف على بعض من تلك املعاناة من خالل بعض املؤشرات التي نلخصها فيما
يلي :
- 1اللوزي صالح حمدان ،متعب الفايز عبد الكريم" ،أثر وجود طفل معاق على الوالدين" ،املجلة األردنية للعلوم
االجتماعية ،املجلد ،1العدد ،2008 ،1ص .94
19
وحضوره ا بشكل مستمر لتلبية احتياجاته ،بدءا من االحتياجات األولية الحيوية من قبيل األكل،
النظافة ،اللباس ،التنقل ... ،وصوال إلى غيرها من الوظائف واملهام املرتبطة بالتعليم والتدريب
وحماية الذات ووقايتها من املخاطر .وبالنظر إلى هذه الخصوصية الرعائية للطفل في وضعية
إعاقة وبما تقتضيه من خدمات زائدة ،يتغير مفهوم الحياة في بعدها الشخص ي واألسري بالنسبة
لعدد كبير من األمهات ،وفي مقدمتها تغير مفهوم الزمن .حيث تلعب الخدمات الرعائية الروتنية
دورا حيويا في منح الزمن طابعا خاصا ،يخرج فيه عن إيقاعه الطولي التعاقبي ،لكي يأخذ طابعا
1
دائريا تشعر معه األم بأنها ضمن حلقة مفرغة .إذ غالبا ما تتشابه الخدمات وتتكرر بكيفية
روتينية ،دون أن تطرأ على سلوكات الطفل أو وضعية إعاقته تغيرات ملموسة ،وذلك بالرغم من
تطور سن الطفل ومرور الزمن.
ومن بين اإلكراهات التي تتعرض لها األمهات ،الحاجة إلى إعادة هيكلة الزمن وتوزيعه لكي
يتم التكيف مع احتياجات الطفل .بحيث يتعين إزالة عادات قديمة وتعويضها بأخرى جديدة،
تميل في غالبية األحيان إن لم نقل كلها إلى تقزيم الوقت "الحر" ،أو أوقات "الزيارات" والعالقات
2
االجتماعية ،وفي كثير من الحاالت وقت "الشغل" ،لكي يتم تعويضه بأوقات الرعاية .وبناء على
ذلك ،فإنه غالبا ما تفتقد هذه العينات من األمهات ما يمكن تسميته بالتوزيع الذاتي للزمن ،بسبب
ارتباط زمنهن باحتياجات الطفل ومتطلباته .فكل ما يدركنه عن الزمن ،هو ضرورة تواجدهن،
وتفرغهن واستعدادهن الدائم للخدمة والحضور إلى جانب الطفل كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
وبناء على هذه األوضاع التي تتطلب الحضور املستمر لألم ،بينت جل الدراسات التي اهتمت
بانعكاسات اإلعاقة على األسرة ،بأن نسبة هامة من األمهات ألطفال في وضعية إعاقة ،يسعين إلى
تعطيل األنشطة الذاتية من قبيل ممارسة الرياضة أو ب عض الهوايات الشخصية ،التقليص من
العالقات االجتماعية ...كما أن نسبة هامة يتخلين عن الشغل ويقدمن استقالتهن عن الوظيفة
1 - Flora, Manuel, “Enfant handicapé, famille, travail, parentalité: une conciliation inpossible
?”Séminaire “Formes et engeux du lien social”, 2008 / 2009, Sous la direction de Dominique
Mansanti, Univ Pierre Mendes, Grenoble, P.38.
2 - AFIN, “experiencias de madres con hijos con discapacidad”, N°68, Enero 2015, P. 10.
20
1
ألجل التفرغ لرعاية الطفل ،وذلك على خالف اآلباء .هذا دون أن نتحدث عن التغيرات الطارئة
على كيفية توزيعهن للزمن ،سواء على مستوى اليوم أو الشهر أو السنة ،وذلك تماشيا مع ما قد
تطرحه اإلعاقة من احتياجات نوعية ،قد تغير من إيقاعات الليل والنهار .كما تغيب فترات العطل
واالستجمام ،واالحتفال ..ولقد أشارت إحدى األمهات إلى ذلك بقولها" :إذا كان اليوم يتضمن 24
ساعة ،فإن تدبير الساعات والزمن يبقى مختلفا إلى درجة قد تتغير فيه معاني الليل والنهار".
إال أن ما يثير االنتباه هنا ،ويزيد من تعميق شكل املعاناة ودرجتها ،هو إحساس عدد من
هؤالء األمهات بعدم "تمكنهن" من الشعور با لتعب أو التعبير عن ذلك .وكما جاء على لسان عدد
منهن "ليس من حقنا أن نتعب ،ليس لدينا وقت للتعب" .مما يجعل عددا منهن يتحملن أعباء فوق
طاقتهن ،وينسين أو يتناسين وضعهن الصحي وحاجتهن إلى الوقاية والعناية بصحتهن .وكلما شعرت
األم بالتعب أو املرض على املستوى الفيزي ولوجي ،كلما انعكس ذلك سلبا على وضعها النفس ي،
وساهم في الزيادة من إحساسها بالحزن والخوف والقلق على مستقبل الطفل ومآل العناية به.
الش يء الذي غالبا ما يدفع بعدد من األمهات وذلك بكيفية شعورية أو ال شعورية إلى عدم االهتمام
بصحتهن ،وتجاهلهن ألعراض املرض والتقلي ل من أهميتها .وتبقى األسباب الكامنة وراء هذه املعاناة
،مرتبطة إلى حد كبير باستدماج أغلب هؤالء األمهات للتمثالت االجتماعية التي تؤكد على أن
"األمومة" هي التضحية والصبر وعدم الشكوى ،مما يجعل األم مرتبطة بالطفل خادمة وحيدة له.
بينما يخفف هذا العبء عن الرجل األب ،الذي قد يعيش هذه األوضاع بشكل أقل حدة ومرارة
مقارنة باملرأة األم.
وفي هذا السياق املرتبط بالتمثالت االجتماعية لألمومة ،تتحدث أمهات األطفال في وضعية
إعاقة عن معاناتهن من ضغوطات إضافية ،ناتجة عن إحساسهن بوجود نوع من "الرقابة
االجتماعية املضاعفة" .مما تصبح معه الصور النمطية "لألم الجيدة" ،أكثر ضغطا وإيالما تدفع
باألمهات نحو املزيد من االحتراس من مالحظات اآلخرين والخوف من اتهامها بالتقصير أو اإلهمال
للطفل ألنه "معاق" .فتجدهن حريصات على إظهار العناية واملبالغة فيها ،وكأن األمر يتعلق برد
فعل سلوكي عن اتهامات يستشعرن وجودها في أعين ومالحظات اآلخرين .وكما أشارت إحدى
املستجوبات " :ملا أخرج مع ابني أالحظ نظرات اآلخرين تتفحصني وتراقب كيف أعامله ؟ هل أعتني
به ؟ هل أحبه فعال ؟" .الش يء الذي يزيد من تعميق اإلحساس بالذنب لدى عينات واسعة من
1 - Baghdadli Amaria et autres, Education thérapeutique des parents d’enfants avec troubles du
specte autistique, Ed, ELSEVIER MASSON,Paris, 2015, P.23.
21
األمهات ،كما يدفع بهن إل ى املزيد من االنعزال والتقوقع واالبتعاد عن مجاالت الحياة العمومية.
وهنا تصرح عدد من األمهات ،بأن املشكلة ال تقف عند حدود اإلعاقة وما تقتضيه من خدمات و
إكراهات ،وإنما في التمثالت االجتماعية والصور النمطية التي نحملها عن اإلعاقة من جهة ،وعن
الصورة املثالية "لألم الجيدة" املجسدة لنبع الحب والحنان والتضحية الالمتناهية من جهة ثانية.
مما يدفع باألمهات إلى اإلفراط في العناية بالطفل .الش يء الذي غالبا ما يساهم في شعورهن
باإلنهاك على املستوى النفس ي والجسدي ،و ينعكس سلبا على استقاللية الطفل ويعرقل بنسبة
كبيرة إمكانيات اندماجه في محيطه.
ومن بين املعطيات التي قد تزيد من تعميق هذا الشعور بالخوف من رقابة اآلخرين ،حضور
البعد الديني .والذي غالبا ما يساهم في استدماج األمهات لهذه الرقابة ،التي تصبح بمثابة جلد
داخلي للذات ومصدر قلق يحتاج إلى إثبات مستمر لقيامها بواجبها "كأم جيدة" .حيث تصبح
إعاقة الطفل بمثابة اختبار مستمر لها ،وامتحان يومي يتجاوز عالقتها بإبنها لكي يشمل عالقتها
بربها .وهنا تتراوح مواقف األمهات ما بين نظرتهن لإلعاقة كاختبار سوف يحاسبن على كيفية
تدبيره ،أو كهدية وتميز من هللا تمنحهن فرصة إضافية لكسب األجر والثواب .وتجدر اإلشارة إلى
أنه في كلتا الحالتين ،تلعب هذه التمثالت دورا حيويا في تكثيف أساليب العناية على املستوى
الفزيولوجي ،وتعميق أسباب الضغط والقلق على املستوى النفس ي.
وتعتبر هذه التمثالت أحد أبرز امليكانيزمات السيكولوجية التي تدفع بنسبة عالية من
األمهات إلى اإلفراط في الرعاية وخدمة الطفل .مما يساهم في خلق "االعتمادية" لدى الطفل،
وعرقلة إمكانية تحقيقه الستقالليته وتنميته لقدراته .وذلك فضال عما يمكن أن يخلقه االعتماد
على الغير من مشاعر االكتئاب ونقصان الدوافع ،وغموض االتجاهات ،واالتجاه إلى العزلة
1
واالنطواء ،إلى أن يصاب بجمود االستجابة االنفعالية .ومن بين التمثالت املزكية لهذه االعتمادية،
اعتقاد كثير من األمهات بأنها تمثل "الشخص الوحيد" الذي يمكن أن يحسن رعاية الطفل
واالستجابة لطلباته ،وبأنها الوحيدة القادرة على فهمه والتجاوب معه ،وبالتالي فال يمكن ألحد أن
يعوضها في ذلك .الش يء الذي يجعل الطفل بسبب تعوده على هذه العالقة الثنائية ،أكثر ارتباطا
بأمه ،رافضا تعويض خدماتها من طرف شخص ثان .مما يزيد من معاناة األمهات ،ويقلص من
الحاجة إلى املؤسسات املساعدة ،ويخلق نوعا "مختال" من االرتباط الذي يصبح في حد ذاته عالقة
- 1الكنوني رشيد ،اإلعاقة باملغرب ،عنف التمثالت وممكنات التغيير ،نشر املدارس ،الدار البيضاء ،2017 ،ص
.142
22
1
مسببة للقلق .
" . 2التغير" السريع :
إذا كانت كل الدراسات السيكولوجية تؤكد بأن اإلعاقة تغير من النسق األسري و العالئقي
لألسرة ،وبأن هذا التحول يجعلنا نتحدث عن ما قبل وما بعد اإلعاقة ،فعلينا أن ندرك بأن األم هي
أول من يفرض عليها أن تغير من عاداتها وطريقة تدبيرها ألوضاع أسرتها .بل يمكننا القول بأنها
تشكل العماد األساس ي لهذا التغيير وذلك لسببين أساسيين ،أولهما ،باعتبارها القائمة في غالبية
األحيان بمسؤوليات األسرة ،وثانيهما باعتبارها من يتعين عليه تقديم املثال على مستوى التكيف
والوضع الجديد .إال أن ما يرهق األمهات ليس التغيير في ذاته وإنما وتيرته ،والتي غالبا ما تكون
سريعة ومفاجئة تجعل األم في حالة من التوهان .هذا التوهان الذي غالبا ما ينتج عن الشعور
بالضغط أمام حاجتها إلى التأقلم مع وضع جديد لم تتمكن بعد من استيعابه ،وضرورة مبادرتها
باإلعالن عن ذلك من خالل السلوك .إذ غالبا ما تلعب األم دور "القاطرة" ،التي تجر باقي أفراد
األسرة نحو نسق أسري جديد ،ضمن أنماط جديدة أيضا من العيش والتفاعل .ومن هنا تأكيد
الدراسات السيكولوجية على ضرورة مرافقة األسر بشكل عام ،واألمهات على وجه الخصوص.
وذلك ضمن مقاربة "تشاركية بن ائية" ،تنطلق من منح "الزمن للزمن" .واملقصود بذلك منح اآلباء
مساحة زمنية ال يستهان بها ،حتى يتمكنوا من تجاوز» « Chaosالذي ينتاب حياتهم بسبب
2
اإلعاقة .
ويشير Mc Cubbinإلى ما تتطلبه هذه العملية من مجهودات سيكولوجية ،وذلك باستناده
إلى مؤشرين أساسيين هما عاملي :الزمن و . La résilienceموضحا ما تقتضيه إمكانية التكيف
والوضع الجديد من شروط ال تقف عند حدود توفير اإلمكانيات املادية الالزمة ،وإنما هو عبارة عن
مجموعة من السلوكا ت العينية التي تعكس بلوغ مرحلة "التقبل" .ويقصد "بالتقبل" ،إمكانية بلوغ
اآلباء مرحلة .La résilienceوتلك مرحلة تحتاج بالضرورة إلى متسع من الوقت ،ونسبة ال يستهان
بها من السنين حتى تستقر العالقة ويثبت "التكيف" في أعماق النفس .مما نلمس من خالله الفرق
العميق ما بين "التكيف" كسيرورة عملية ،وما بين "التقبل" كميكانيزم يحتاج إلى سيرورة زمنية
1 - Baghdadli Amaria et autres, Education thérapeutique des parents d’enfants avec troubles du
specte autistique, Ed, ELSEVIER MASSON,Paris, 2015, P.
2 - Nader –Grosbois Nathalie, Psychologie du handicap, de boeck, 1° Ed, Paris, 2015.P.51.
23
وعاطفية ،وليس مجرد مرحلة تأتي حتما بعد الصدمة و االنكار .فهناك عدد من األسر التي
تتعايش وتدبر ظروف أبنائها بشكل جيد على املستوى املادي مما يعكس مدى نجاحها على مستوى
"التكيف" ،إال أن ذلك ال يعني بالضرورة بلوغها مرحلة "تقبل" اإلعاقة على املستوى النفس ي
واالجتماعي.
وبصرف النظر عما قد تتطلبه La résilienceمن سيرورة زمنية ،فإنه يتعين على األم أن
تتغير ،فتنضج ،وتبادر ،وتواجه ،وتبحث ،وتتعلم...،عليها أن تصبح "واقعية" .وتجدر اإلشارة إلى
أن "جرعة الواقعية" يجب أن تحصل عليها دفعة واحدة وبسرعة ،فتقبل بوجود اإلعاقة ،وتغير
أهدافا بأهداف ،وأحالما بأحالم .عليها أن تتغير في ظرف زمني سريع إلى وضع لم تفكر فيه من قبل،
وهي من كان يحلم فقط باألمومة ،فمنحتها الظروف أمومة مضاعفة ذات خصوصيات محملة
بعدد من املسؤوليات واألدوار.
ومن بين أبرز الخصوصيات املميزة ملفهوم "الواقعية" هنا ،هو فهم األم بأنها تعيش وضعا
أموميا خاصا ،أبرز ما يميزه أن "األمومة وحدها ال تكفي" .فعليها أن تتقبل بعناء وألم بأنها ليست
كسائر األمهات .فاألمومة عندها قد ال تنبع من خال ل عالقتها بالرضيع ،وإنما هي في حاجة إلى
تدخل أشخاص آخرين كي تتعلم كيف تتعامل مع طفلها .فغالبا ما نجد األم الحديثة العهد
بالوالدة لطفل في وضعية إعاقة ،تنظر بعين األلم إلى باقي األمهات وهن يرضعن وينظفن ويحضن
أبنائهن بشكل سلس وتلقائي ،بينما تعجز هي عن ذلك .فينتابها الشعور باألس ى والحزن ،ألن تحقق
مشروع األمومة بالنسبة لها غير كاف ،وبأنه يقتض ي حتمية املساعدة من "الخارج" .إنها ليست
كباقي األمهات ،عليها أن تطلب املساعدة وتتعلم كيف تتصرف مع ابنها ،كيف تحضنه ،كيف
تطعمه ...ألنه طفل له احتياجات ومتطلبات خاصة .وتستمر هذه املشاعر باستمرار الزمن وتقدم
الطفل في السن ،لكي تعيش نفس األسف وهي تنظر إلى الدخول املدرس ي ،فترات اإلعالن عن
النتائج ،االنخراط في األنشطة املوازية في املدرسة ،فترات النجاح والتخرج... ،إلى غاية بلوغ مرحلة
الرشد ودخول عالم الشغل ،االحتفال بفترة الخطوبة ثم الزواج وانتظار مجيء األحفاد.
. 3التعلم واالنفتاح على عوالم معرفية وبيداغوجية جديدة :
من أبرز وأهم األدوار التي توكل لآلباء ،هي اعتبارهم أولياء أمور األبناء .إنهم املصدر
املسؤول شرعيا ومدنيا عن كل املعلومات املتعلقة باألبناء .وفي ظل هذه املسئولية الوالدية ،يتولى
املجتمع توزيع املهام وفقا ملنظور جندري ،يتم فيه ربط كل املسؤوليات املتعلقة بتربية وتعليم
وصحة األبناء باألمهات .و بناء على ذلك ،تمثل األمهات بالنسبة لألخصائيين في مجال اإلعاقة
وصحة الطفل بشكل عام ،املصدر األساس ي في الحصول على كل املعلومات املرتبطة بالطفل.
24
فاألم هي من يواجه األخصائيين على اختالفهم .وهنا تطرح ضرورة إملامها بكل صغيرة وكبيرة
تخص ابنها .فتسأل عن التواريخ واملالحظات والتفاصيل الدقيقة عن حالة الطفل ،وأوضاعه ،مما
يتطلب منها الدقة في التعبير ،فهم املصطلحات الطبية واستيعابها ،تذكر كل التعليمات ....بل قد
يتعين عليها أن تقدم في بعض األحيان "تقارير" مفصلة عن وضعية الطفل وتصرفها معه .مما
يجعل من عالقتها بمختلف املختصين والطاقم الطبي والبيداغوجي ،مصدرا آخر للقلق والتوتر.
فتشعر أمام كل هؤالء املختصين بما يمتلكونه من معارف وتقنيات علمية أن تثبت بأنها متتبعة،
حاضرة ،ال تغيب عنها أية شائبة .عليها أن تثبت بأنها "أم جيدة" ،واألم الجيدة هي من تعرف ،تفهم،
وتحدد بشكل دقيق كل احتياجات طفلها.
وبناء على ذلك تشعر نسبة هامة من األمهات ،بضرورة انفتاحهن على املعلومات الطبية
واملصطلحات التقنية .فيستشعرن بحاجت هن الحيوية إلى "التعلم" واالطالع واكتساب الخبرة
واالنفتاح .وكلما تعلق األمر بأم متعلمة متمدرسة ،كلما شعرت بتعاظم هذا الدور ووطأته ،وغمرها
اإلحساس بأنها "غير معذورة" عن جهلها ببعض املعلومات املرتبط بطبيعة إعاقة طفلها .ومن بين
املعطيات التي تساهم في تعميق إحساسها بالذنب على هذا املستوى ،ما قد يبديه عدد من
األخصائيين من مالحظات ،ناتجة عن حاجتهم إلى ضرورة التعاون مع األم سعيا نحو تحسين
أساليب التدخل واملرافقة.
. 4تصنع الرضا وتمثيل دورالسعادة :
أمام كل هذه اإلكراهات املادية والنفسية ،يتعين على األم أن تبتسم وتسعى إلى الحفاظ
على نظام األسرة وانسجامه ،من خالل لباس قناع . La normalitéفتبذل كل جهدها لكي تقدم
أسرتها ملحيطها القريب أو البعيد ،على أنها أسرة "عادية" كغيرها من األسر.علما بأن األسر التي
تتضمن أشخاصا في وضعية إعاقة ،هي أسر تعيش االختالف في أشد صوره .إال أن املجتمع بشكل
عام ،والنسق األسري على وجه الخصوص ،قلما يتقبل اإلعالن عن هذا االختالف .وغالبا ما يتعين
على األم أن تكون في مقدمة من يلعب هذا الدور ،لكي تسمح كما سبقت اإلشارة للنسق األسري
بالحفاظ على توازنه واستمراريته .وتشير Pattersonإلى أن األمهات يلعبن دورا حيويا في امتصاص
1
ضغط األسرة ،حماية لباقي األفراد ،مما يعرضهن ألمراض فزيولوجية ونفسية .ولعل ذلك ،ما
يدفع بنسبة هامة من األمهات إلى تقمص دور األم السعيدة وارتداء لباس "التقبل" لإلعاقة ،دون
- 1إيمان فؤاد الكاشف ،إعداد األسرة والطفل ملواجهة اإلعاقة ،دار الطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة،2001 ،
ص .140
25
أن تمنح نفسها حق التعبير عن غضبها أو حزنها .علما بأن التعبير عن الغضب يبقى أمرا منتظرا إن
لم يكن طبيعيا في ظل وجود مجموعة من اإلكراهات التي تدعو إلى الغضب وفي مقدمتها ،غياب
تصور الشفاء من اإلعاقة ،غياب املساعدة والخدمات املناسبة ،رفض املجتمع لإلعاقة وإحاطتها
بمجموعة من االتجاهات الوصمية ،غموض مستقبل الطفل عند غياب األبوين ،الشعور بالعياء
والعزلة ...وتلك معطيات يبقى من املحتمل جدا أن تدفع نحو الشعور بالحزن واألس ى على الوضع
الحالي .وال نستثني من هذا الوضع ،تلك العينات من األمهات اللواتي يتميزن بنسبة عالية من
الفاعلية والنشاط واالنخراط في املجتمع املدني .فيكرسن جزء هاما من حياتهن ألجل البحث عن
البرامج والتقنيات الجديدة ،أو يسعين نحو املرافعة والنضال من أجل حماية حقوق األطفال في
وضعية إعاقة.
فعلى حساب مشاعرهن وحقيقة أحاسيسهن ،تضطر نسبة من األمهات إلى لعب دور األم
املبتهجة حفاظا على استمارية األسرة وضمانا لتوازنها الداخلي .هذا فضال عما تعيشه بعض
األمهات من اتكالية مادية على الزوج ،تجعلها في حالة وجود اإلعاقة أكثر خوفا من الطالق أو الهجر
أو االنفصال الذي ينهجه بعض األزواج في مثل هذه الظروف .مما يساهم بشكل كبير في تعميق
معاناة هؤالء األمهات ،ويساهم في زيادة تكثيف تحملهن ملسؤولية الطفل في وضعية إعاقة بكيفية
منفردة .وذلك بما تقتضيه وضعية اإلعاقة بشكل عام ،من مصاريف واحتياجات مادية هامة،
جعلت عددا م ن األشخاص مؤمنين بأن "اإلعاقة تفقر" ،نظرا لتكاليفها املادية.
تحت ضغط هذه اإلكراهات ،تبذل نسبة هامة من األمهات مجهودات سيكولوجية جبارة
من أجل تقمص نموذج "األم املثالية" ،الصبورة املضحية ،املحافظة على أسرتها انسجاما مع
الصورة النموذجية ملفهوم "األسرة العادية" . La normalitéوذلك علما بأننا أمام أسرة تحتضن
االختالف ،وتواجه مجموعة من اإلكراهات والصعوبات ،التي يتعين طرحها واإلعالن عنها بدال من
إخفائها وتمويهها .وتجدر اإلشارة إلى أنه من أهم وظائف األخصائي النفس ي في مجال اإلعاقة،
تشجيع اآلباء على التعبير عن االن فعال وعن غضبهم "العادي" من اإلعاقة ،وعدم التعامل مع هذه
االنفعاالت على أنها سلبية .ملا للتعبير عن االنفعاالت في هذا املجال ،من دور تطهيري إيجابي،
مساعد على التخفيف من الضغط والوقاية من الشعور باالكتئاب.
خالصة:
تلك بعض من معالم معيش أمهات األطفال في وضعية إعاقة ذهنية ،وهي كما نالحظ
تعكس واقعا مليئا باملعاناة املادية واملعنوية ،والتي لم تنل حظها الكافي من االهتمام سواء على
مستوى الدراسات أو اهتمامات املعنيين بتدبير أمور اإلعاقة بشكل عام .كل هذه املعطيات تزيد
26
من الضغوطات النفسية ،والشعور بالقلق لدى األمهات ،وترفع من احتمالية تعرض نسبة هامة
منهن لالكتئاب .إذ يتعين على كل أم أن تواجه ،تتحدى ،تتعلم ،تتسلح باألمل ..وذلك في ظل غياب
املرافقة ،الدعم النفس ي ،والعزلة املفروضة بما فيها العزلة عن الزوج أحيانا.
وتبقى األسباب الكامنة وراء معاناة هذه العينات من النساء متعددة ومرتبطة في جزء منها
بغياب أو ندرة اإلمكانات املادية ،إال أنها تبقى مرتبطة في جانبها األعمق بمجموعة من التمثالت
االجتماعية الجندرية .هذه التمثالت التي تربط األمومة بمجموعة من الصفات التي تتلخص في
التضحية وا لغيرية ونكران الذات .فبالرغم مما طرأ على حياة النساء من تحوالت هامة على
مستويات متعددة ،إال أنها لم تصل بعد إلى تغيير عدد من التمثالت التي الحقت النساء وكبلت
حياتهن على مر التاريخ.
بيبليوغرافيا :
• أي رانسوم ،إليزابيت ،و نانس ي في ينجر ،أمومة أكثر أمانا ،التغلب على العقبات في الطريق إلى الرعاية ،املكتب
املرجعي للسكان ،فبراير ،2002مصر ،ص .5
• اللوزي صالح حمدان ،متعب الفايز عبد الكريم" ،أثر وجود طفل معاق على الوالدين" ،املجلة األردنية للعلوم
االجتماعية ،املجلد ،1العدد ،2008 ،1ص .94
• الكنوني رشيد ،اإلعاقة باملغرب ،عنف التمثالت وممكنات التغيير ،نشر املدارس ،الدار البيضاء.2017 ،
• العزيزي ،خديجة ،األسس الفلسفسة للفكر النسوي الغربي ،بيسان للنشر والتوزيع واإلعالم ،الطبعة األولى،
لبنان ،بيروت ،يونيو .2005
• السباعي،خلود" .األمومة ورهان الديموقراطية" ،ا املجلة العربية "نفسانيات" ،العدد ،59خريف .2018شبكة
العلوم النفسية العربية.
• السباعي خلود" ،األسرة ،اإلعاقة ،والدعم السيكواجتماعي" ،وضعية اإلعاقة في املغرب ،األبعاد النفسية
االجتماعية والتربوية ،دراسات ،نشر مقاربات ،فاس.2017 ،
• السباعي ،خلود" .سيكولوجية املرأة" ،مجلة علوم التربية ،العدد ،50دسمبر ،2011ص .54
• محمد عوض خميس ،دفاعا عن املرأة ،دراسة نفسية اجتماعية جنسية ،العربي للنشر والتوزيع ،القاهرة
.1985
• فؤاد الكاشف ،إيمان ،إعداد األسرة والطفل ملواجهة اإلعاقة ،دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة،
.2001
• AFIN, “experiencias de madres con hijos con discapacidad”, N°68,
Enero 2015.
• Agoudelo – Londono, Jesica et all, Ser mujer : entre la maternidad y
identidad, Revista Poiesis, N° 31, Colombia.
• Baghdadli Amaria et autres, Education thérapeutique des parents
d’enfants avec troubles du specte autistique, Ed, ELSEVIER
27
MASSON,Paris, 2015.
• Barrantes –Valverde Maria, y Cubero, Maria- Fernando, « La
maternidad como un constructo social determinante en el rol de la
feminidad », Wimb, Rev. Electronica de estudiantes, Esc, psicologia,
Univ de Costa Rica, 9(1), 2014.
• Blaessinger, Rodrigo –Robles, “Maternidad : Un deseo femenino en la
teoria Freudiana”, Revista Nomadias, Nov, N°16, 2012.
• Bourqia, Rahma, Femmes et fécondité, Afrique Orient, Casablanca,
1996.
• Carrasco, Alejandra. “Mujer, Cuerpo y psicología”, Estudios públicos,
60, Primavera 1995.
• Cristina Palomar Verea, Cristina, “Maternidad : Istoria y cultura”, La
ventana, N°22, 2005.
• Fuller, Norma. Dilemas de la feminidad : Mujeres de clasé media en el
Peru, Pontificia Universidad Catolica del Peru , 1993.
• Flora, Manuel, “Enfant handicapé, famille, travail, parentalité: une
conciliation inpossible ?”Séminaire “Formes et enjeux du lien social”,
2008 / 2009, Sous la direction de Dominique Mansanti, Univ Pierre
Mendes, Grenoble.
• Grenier-Torres,Chryselle," Infécondité et rapport de genre".
Experiences de femmes infécondes vivant à Bouaké entre contraintes et
subjectivation", (Cote d’Ivoire), In, L’Identité genré au cœur des
trensformations, Du corps séxué au corps genré, L’Harmattan, Paris,
2010.
• Matud –Aznar, M.Pilar, "Salud, equidad y genero", Jornadas sobre
salud , genero y calidad de vida, Arona, Noviembre, 2006.
• Nader –Grosbois Nathalie, Psychologie du handicap, de boeck, 1° Ed,
Paris,2015.
• Salletti Cuesta, Lorena. “El concepto de maternidad”, Clepsydra, N°7,
Enero 2008.
• Palomar – Verea, Cristina," Maternidad : historia y cultura", La
ventana, N°22 / 2005.
: شهادة أم طرح عليها السؤال بخصوص معيشها اليومي مع ابنها الذي يوجد في وضعية إعاقة
؟... كيف أعيش
كان ملفه الطبي أثقل وأكبر منه حجما، منذ األسبوع األول لوالدة طفلي ➢
. يوم األولى تعرفت على عدد من األقسام في املستشفى15 منذ ➢
لم آخذها أنا أمه... كان قد أخذ جرعات كبيرة من األدوية:في شهر ➢
... اسجل فيه املقبول واملرفوض والتعليمات، أصبحت أعيش بدفتر إلى جانبي: في سن سنة ➢
ألنها كثيرة وبدأت أنس ى وأخاف أن أخطأ في األدوية والجرعات
أصبحت أشياؤه تحتل أمكنة كثيرة في املنزل أكثر منه: سنوات2 في ➢
أصبحن ينادين علي باسمي وأنا كذلك، كنت قد تعرفت على عدد من املمرضات: سنوات3 في ➢
28
أنادي عليهن باسمهن
في 5سنوات :كنت قد تعرفت على كل املستشفيات العمومية في املدينة ➢
ال أتذكر أيام شبابي خالل هذه السنوات ،لم أكن أنظر إلى نفس ي في املرآة ،لم أكن أختار ألوان مالبس ي،
وال املالبس التي تناسبني ...
حتى في األحالم تهاجمني اإلعاقة ...فأجد نفس ي مضطرة ألن أتعلم لغة الطب والبيداغوجيا وعلم النفس
يقولون :عليك أن تعلميه االستقاللية فأنت لست دائمة له ،فيركبني الرعب من رأس ي إلى قدمي ،كيف
أعلمه أن يعتمد على نفسه وكلي خوف وعدم ثقة
منذ أن رزقت بابني شعرت وكأنني ركبت في مركبة فضائية ،لم أختر رحلتي أو سفري ،وال أعرف وجتهي ،ولم
يقبل أحد بمرافقتي
تحملت كثيرا من نظرات الشفقة كما سمعت كثيرا من عبارات التنويه
يسمونك بأسماء انت غير راغبة فيها ،ال أعرف أمام هذه العبارات هل أفتخر أم أبكي.
ثم مع مرور الزمن ،يصل اليوم الذي تصبحين فيه بفعل االحتكاك والتعايش اليومي مع ابنك ،تنظرين إلى
العالم بأعينه ،فيتغير فهمك وتقييمك للعالم واآلخرين .تشعرين بأنك قد أصبحت أنضج وأرقى وأجمل الجميالت،
تشعرين بثقة كبيرة في نفسك ،ألن القدر قد اختار بأن يمنحك هذا التميز.
أن تكوني أما لطفل في وضعية إعاقة ،معناه أن تكوني مستعدة للجري حتى ترافقي سيره البطيء.
29
الكوتا او نظام احملاصصة :قراءة يف التجربتني املغربية
واجلزائرية
د .صباح العمراني
باحة يف العلوم السياسية
حظيت قضية التمكين السياس ي للمرأة وتعزيز مشاركتها الفعالة في الحياة العامة باهتمام
كبير على أجندة الدول والحكومات بشكل عام في العالم ،وذلك بسبب الواقع االجتماعي السائد
املتمثل في التهميش واالقصاء ورسوخ النظرة الدونية للمرأة ،كما أن مشاركة املرأة في الحياة
السياسية تعتبر مؤشرا ومقياسا على تقدم وتحضر املجتمع.
وتعتبر املرأة شريكا اساسيا في تحقيق اهداف التنمية ،وفي بناء املجتمع الديمقراطي .
وتعني مشاركة املرأة في الحياة العامة :املشاركة االقتصادية في قوة العمل انتاجا واستهالكا،
واملشاركة االجتماعية في االسرة وعضوية مؤسسات املجتمع املدني ،واملشاركة النقابية في معرفة
قضايا العاملين وحقوقهم ،واملشاركة السياسية في صنع القرار السياس ي وتنفيذه .
ومطلب املشاركة السياسية للمرأة وتعظيم دورها في مواقع صنع القرار ،لم يعد مطلبا
خاصا باملرأة ،بل هو امر تحتمه متطلبات التنمية املجتمعية لضمان تعبير املرأة عن حقوقها
واحتياجاتها .
ويمثل التفكير في سبل الرفع من اشراك املرأة في الشأن العام واملؤسسات السياسية
بصفة خاصة وفق مقاربة تركز على عنصر التكامل بين املرأة والرجل تحديا كبيرا باعتباره مدخال
يروم البحث عن التنمية ،ودافعا للحكومات لتبني خطط وبرامج تشجع على القيام بإجراءات
وتدابير تخول املرأة فرصا أكبر إلشراكها في السلطة وفي كافة مراحل اتخاذ القرار ،وضمان حضور
فعال ومشاركة متساوية على مستوى أجهزة القرار لكل من الرجل واملرأة .
ولكن أمام ضعف تمثيلية املرأة في الوظائف العامة واملناصب العمومية وعدم تمكنها من
ولوج مراكز القرار ،استقر التوجه الدولي على إبداع آليات تمكن املرأة من تعزيز مشاركتها في
مختلف املجاالت وعلى كافة املستويات ،فكانت "الكوتا" أو نظام املحاصصة كآلية لتوسيع
املشاركة للمجموعات االقل حظا في التمثيل ملنحها فرصا أفضل ،اهم تقنية اعتمدتها الدول
سواء املتقدمة منها او السائرة في طريق النمو لتجاوز ضعف تمثيلية املرأة .ويطرح هذا النظام
جدال واسعا في االوساط السياسية حول مساهمة هذه االلية في تجاوز معضلة املشاركة
السياسية للمرأة.
30
ولقد لقي موضوع املشاركة السياسية للمرأة في املغرب اهتماما كبيرا خالل العقدين
االخيرين من طرف الدولة وكل املهتمين بالديمقراطية وحقوق االنسان ،حيث اعتبر مطلب إقرار
نظام الكوتا مطلبا مركزيا لدى مختلف التنظيمات النسائية منذ فترة التسعينات من خالل
املذكرات املطلبية ،اذ سيتم اعتماد هذا النظام في املغرب منذ سنة . 2002
ونصت العديد من الدول العربية ومن بينها الجزائر في دساتيرها وأنظمتها القانونية على
املساواة بين املواطنين ،وأورد البعض منها عددا من مظاهر هذه املساواة من قبيل الحقوق
السياسية؛ تولي الوظائف العمومية؛ تكافؤ الفرص .غير أن الواقع ال يعكس هذه الوضعية ،ذلك
أن التطور والتحسن الذي تعرفه املرأة في مختلف املجاالت ال تظهر نتائجه على واقع املرأة التي
ظلت تعاني اإلجحاف ،وبخاصة على مستوى املساهمة الفعالة في مراكز القرار جراء الضعف
امللحوظ في مشاركتها في عدد من املؤسسات السياسية ،ولتجاوز هذا الضعف ،تبنت هذه الدول
مبدأ الكوتا او املحاصصة .
سنحاول في هذه الورقة االجابة على االشكالية الرئيسية واملتمثلة في مدى مساهمة آلية
الكوتا من تحقيق التمكين السياس ي للمرأة ؟
والتي تتفرع عنها مجموعة من االسئلة :هل ساهمت هذه اآللية في الرفع من للمشاركة
السياسية للمرأة ؟ ماهي اكراهات تنزيل نظام الكوتا في كل من التجربتين املغربية والجزائرية ؟
وتطرح هذه االشكالية مجموعة من الفرضيات :
• ساهم تطبيق نظام الكوتا في كل من املغرب والجزائر من الرفع من نسبة
املشاركة السياسية للمرأة .
• اعتماد الكوتا كآلية لحل إشكال التمثيلية السياسية للمرأة يستوجب بيئة
حاضنة تتوفر على عناصر جوهرية سياسية تسمح بتفعيل هذه اآللية من قبيل تعددية
حزبية ،مناخ ديمقراطي ،ربط املسؤولية باملحاسبة ،محاربة املال السياس ي .
وسنقسم هذه الورقة الى ثالث محاور :
املحور االول :املقاربة املفاهيمية ،املنطلقات االساسية.
املحور الثاني :دراسة مقارنة :عرض تجربتي املغرب والجزائر .
املحور الثالث :تقييم نظام الكوتا في التجربتين .
خاتمة
31
- 1احملور االول :االطار املفاهيمي لنظام احملاصصة "الكوتا "
يرجع أصل مصطلح كوتا الى املعجم االنجليزي ويعني نصيب أو حصة نسبية ،كما يحمل
1
نفس املعنى في اللغة الفرنسية قسمة أو مقدار ،وليس له معنى في معجم اللغة العربية .وقد
أطلق هذا املصطلح ألول مرة في الواليات املتحدة االمريكية على سياسة تعويض الجماعات
املحرومة ،إما من قبل السلطات الحكومية او من قبل أصحاب العمل في القطاع الخاص .وكان في
األصل ناجما عن حركة الحقوق املدنية لألقلية السوداء ،وقد أطلقه الرئيس األمريكي كنيدي في
عام 1961ألول مرة ،وتبعه جونسون في برنامجه الذي كان يمثل جزءا من الحرب ضد الفقر سنة
،1965ثم اتسع مجال استخدامه ليشمل كل الفئات األقل حظا في التمثيل .وبالتالي فإن نظام
الكوتا نشأ في الدول الغربية وبالخصوص في أمريكا ليعالج مشكلة اجتماعية خاصة بالفئات
2
املهضومة واملهمشة ،وما فتئت أن طالبت به هيئات أخرى كالحركة النسائية.
يمثل نظام الكوتا النس ائية حسب بعض الباحثين شكال من أشكال التدخل االيجابي
3
ملساعدة املرأة على التغلب على العقبات التي تحد من مشاركتها السياسية مقارنة بأقرانها الرجال
،وتعني الكوتا بشكل مبسط تخصيص نسبة معينة للنساء في املؤسسات التمثيلية الوطنية
واملحلية وكذا في مراكز القرار وف ق تشريعات محددة ،أو االلتزام بها بشكل أخالقي .وبذلك يمكن
4
التمييز بين كوتا اختيارية إرادية تنبع من إيمان األحزاب بدور املرأة في العملية السياسية ،وأخرى
منصوص عليها في الدستور أو قانون االنتخابات أو قانون األحزاب وهي كوتا تشريعية .ومن جهة
ثانية ،يتم ا لتمييز بين كوتا مطبقة أثناء عملية الترشيح تهدف تسهيل ولوج النساء الى مواقع
استراتيجية ضمن املرشحين على لوائح األحزاب بما يضمن لهن فرصا متساوية النتخابهن ،وكوتا
تستهدف النتائج والتي تضمن نسبة معينة تخصص للنساء من خالل قوائم أو دوائر انتخابية
- 1فاطمة الزهراء بابا أحمد":قراءة في تطبيق نظام كوطا املشاركة السياسية للمرأة باملغرب" مساهمة في مؤلف
جماعي بعنوان :املرأة واملشاركة السياسية .الطبعة االولى يوليوز 2008طوب بريس الرباط..ص.126:
- 2.املعهد الدولي لألمم املتحدة للبحوث والتدريب في مجال النهوض باملرأة ومركز املرأة العربية للتدريب والبحوث
،تقرير حول النوع االجتماعي والسياسة في تونس 2009.ص. 5 :
- 3ستينا الرسورد و ريتا تافرون :النظم االنتخابية ونظام الكوطا "الخيارات املناسبة وغير املناسبة " ترجمة عماد
يوسف.مركز تصميم من أجل املساواة ، ،دون مكان نشر . 2007ص..9 :
4نموذج االحزاب في الدول اإلسكندنافية.
32
خاصة باملرأة .ورغم اعتبار الكوتا وسيلة لتوسيع مشاركة املرأة في العملية السياسية وفي مراكز
القرار ،إال ان هذه االلية أثارت مجموعة من النقاشات الفقهية والقانونية حول مدى شرعيتها
ومصداقيتها.
تشكل الكوتا في رأي املؤيدين أهم وسيلة لتمكين املرأة سياسيا واقتصاديا ،ولولوجها إلى
مواقع استراتيجية ال يمكن الوصول إليها في ظروف األمية والجهل وقوة العادات ،وهي نافذة
الفرص التي إن ضيعتها املرأة تخسر عقودا وسنوات الزمة الحتالل أشواط متقدمة على مستوى
1
اتخاذ القرار ،فالكوتا إجراء مرحلي مخصص للنساء الى حين زوال املعيقات التي تحد من ولوج
املرأة الى الفضاء العام ،وهي مدخل لالنتقال من الصيغة النظرية لتكافؤ الفرص الى واقع ملموس،
وتعويض للمرأة عن التمييز السياس ي الذي يطالها ،وبما ان املقومات الثقافية والسياسية لعدد
من الدول ال تسمح بتكريس مشاركة فعالة للنساء من خالل مدخل املمارسة الديمقراطية املبني
على تكافؤ الفرص واملنافسة بصفة مباشرة مع الرجل ،فان مبدأ العدالة الذي يحتم تمثيل
نصف املجتمع في املؤسسات التمثيلية ،والقيمة التي يمكن ان يضفيها هذا التمثيل في تعزيز مكانة
املرأة داخل املجتمع ،يجعلها بحاجة إلى تحفيز ودعم قانوني استثنائي مرحلي يسمح بتطوير
الثقافة السياسية ،والى تدليل العقبات أمام مشاركتها ،في أفق توفير املناخ الذي يسمح بانخراطها
في تنافس ندي مبني على الكفاءة.
في االتجاه املعاكس ،يرى رافضو الكوتا أنها آلية غير دستورية من حيث تعارضها مع مفهوم
املواطنة ،وتتنافى مع مبدأ املساوا ة وتتناقض مع تكافؤ الفرص .يعتبر هذا االتجاه نظام الكوتا غير
ديمقراطي ألنه يمنح املرأة حقوقا على اعتبار النوع ال الكفاءة بما له من تأثير سلبي على نضال املرأة
باتجاه التحسين الجدري ألحوالها وتعزيز مشاركتها في املستقبل .ويجد رافضو الكوتا أن القوة التي
تمتلكه ا مجموعة من املبادئ الدستورية كاملساواة واالستحقاق والكفاءة واملواطنة ،تؤسس مناعة
مؤسساتية ضد تطبيقه ،وقد أثبتت العديد من التجارب الدولية عدم قدرتها على مأسسة هذا
2
املبدأ قانونيا إال في مراحل متقدمة .كما سجلت بعض الحركات النسائية اعتراضا على هذه اآللية
1فاطمة الزهراء بابا احمد :مبدأ املناصفة :التأسيس الدستوري ورهانات التنزيل .مجلة مسالك عدد مزدوج -23
. 2013/24ص66:
2على سبيل املثال في البرتغال تم رفض مجلس النواب ملشروع قانون يهدف إلى تكافؤ أفضل للفرص بين الرجال
والنساء عن طريق الكوطا سنة 1998كما عرفت ايطاليا ،الدفع بعدم دستورية قانونين ينصان على تخصيص
33
بك ونها انتقاصا وإهانة موجهة للمرأة ،حيث ورد في مقال بجريدة لوموند ل "إليزابيت بادنتير" :
"وأخيرا يضاف على اعتراض ي كمواطنة وشعوري باإلهانة كمناضلة نسائية ،شعور عميق باإلهانة
1
،فهل نحن معاقات إلى هذه الدرجة ،حنى يتم فرضنا عن طريق اإلكراه الدستوري :الكوتا" .
وبغض النظر عن هذه النقاشات ،فإن مطلب املشاركة السياسية للمرأة ملح ،بما في ذلك من
تعزيز للتنمية التي تركز على اإلنسان باعتباره وسيلة وهدفا بحيث يمكن اللجوء إلى الكوتا ليس
على مستوى النتائج بل في مستويات قبلية بإتاحة الشروط الضرورية لضمان تكافؤ الفرص كما
هو الحال في بعض الدول األوربية.
وقد لجأت العديد من الدول إلى اعتماد آلية الكوتا لتعزيز هذه املشاركة حيث تشير
التقارير الدولية إلى اتساع رقعة الدول التي تعتمد هذا النظام ،أزيد من ثمانين دولة من كل
القارات ،سواء املتقدمة منها او السائرة في طريق النمو ،ورغم أن الدول الغربية كانت السباقة في
املجال الحقوقي بصفة عامة وفي مجال حقوق املرأة بصفة خاصة ،فان بعضها لم يستطع اعتماد
نظام الكوتا إال بعد مسار مطلبي توج باعتماده في تشريعاتها ( النموذج الفرنس ي) بينما عرفت دول
أخرى تبني االحزاب السياسية لنظام تخصيص عدد من املقاعد للنساء وفقا لتقدير هذه االحزاب
ذاتها (الدول االسكندينافية).
أ-النموذج الفرنس ي
مرت التجربة الفرنسية بمرحلتين متميزتين في مسألة اقرار نظام الكوتا ،ففي سنة ،1982
حاول املشرع الفرنس ي إصدار قانون يهدف اعتماد نظام الكوتا في االنتخابات املحلية ،غير ان
موقف املجلس الدستوري الفرنس ي كان حاسما حيث اعتبر في قراره الصادر في 12نونبر 1982
"ان التمييز االيجابي مخالف ملبدأ املساواة امام القانون والذي تنص عليه املادة الثالثة في
الدستور والفصل السادس من االعالن العاملي لحقوق االنسان سنة ،1948وملفهوم سيادة االمة
الذي يتعارض مع اي تقسيم فئوي للناخبين والناخبات ،ويقتض ي ان يكون االقتراع عاما
2
ومتساويا " .قوبلت هذه الخطوة بانتقادات في أوساط الحركات النسائية التي اعتبرت هذا املوقف
تشبثا باملساواة القانونية وليس الفعلية ،ما حفز مختلف املطالبين بتمكين املرأة بتعبئة املجتمع
حصص للمرأة في لوائح الترشيح سنة . 1993أنظر فاطمة الزهراء بابا احمد :مبدأ املناصفة :التأسيس الدستوري
ورهانات التنزيل .مجلة مسالك عدد مزدوج . 2013/24-23ص .67 :
1املرجع أعاله ص.68:
2د .ادريس الكريني :الكوطا ودورها في تمكين املرأة ،مجلة مسالك عدد مزدوج . 2013/24-23ص.52 :
34
ومختلف الفاعلين السياسيين لخوض مختلف االشكال النضالية للوصول الى هذا الهدف ،لتثمر
هذه النضاالت إنشاء مرصد املناصفة بين النساء والرجال سنة 1995بموجب املرسوم 95-1114
الصادر ب 18اكتوبر ،1995واملعدل باملرسوم 98-922الصادر في 14اكتوبر . 1998ويهتم هذا
املرصد بتحليل املعطيات حول وضعية املرأة وتشجيع البرامج وتقديم االستشارات للدولة في مجال
تمكينها .وفي خطوة متقدمة ،تم تعديل املادة الثالثة من الدستور للتنصيص على أن "القانون
يشجع ولوج النساء والرجال بشكل متساو للواليات والوظائف االنتخابية " واملادة الرابعة التي
1
تنص على تحميل االحزاب مسؤولية تطبيق املبدأ وفق الشروط املحددة من طرف القانون ،ثم
صدر القانون رقم 493/2000بتاريخ 6يونيو 2000م والذي ينص على الولوج املتساوي للنساء
والرجال الى الوظائف التمثيلية ويفرض املناصفة في جميع االنتخابات التي تعتمد مبدأ االقتراع
باللوائح ،أي التمثيل النسبي ،فالقانون يفرض نسبة %50من املرشحين من كال الجنسين على
الالئحة ،على أن تتشكل كل الئحة بالتناوب من مرشح من كل جنس من الجنسين ،وإذا ما نقض
الحزب تلك األحكام سقطت قوائمه وسحبت من االنتخابات .أما في االنتخابات التشريعية ،فان
2
األحزاب السياسية املخالفة تعاقب في حصتها من التمويل العمومي من الحكومة .وقد طبق
القانون في مارس 2001م ،وبذلك تكون فرنسا اول دولة في العالم تفرض املناصفة بموجب
القانون ،غير ان الدراسات واألبحاث تظهر أن الدول التي تعرف أعلى نسبة من حيث تواجد
3
النساء في املناصب التمثيلية تغيب فيها اي قوانين ملزمة في الشأن .
ب -الكوتا الحزبية :نموذج السويد
تمثل التجربة اإلسكندنافية تجربة متميزة في مجال الكوتا النسائية اذ تحتل املراتب االولى
على املستوى العاملي في مجال املشاركة السياسية للمرأة ،وتصل فيها نسبة التمثيل النسائي في
www.observatoire-parite.gov.fr - 1موقع مرصد املناصفة بين النساء والرجال على الرابط التالي:
- 2لم تستطع فرنسا تحقيق املناصفة في نتائجها ،فاألحزاب ال تعمل على تقديم لوائح متشكلة من 50في املائة لكال
الجنسين بالتناوب ،وبالتالي تفضل معاقبتها في حصتها من التمويل العمومي .
- 3تحتل فرنسا الرتبة 46في مجال املشاركة السياسية للمرأة والرتبة 63في عدد البرملانيات والرتبة 34في مجال
استوزار النساء .انظر:
SENGLER, Lauraans « :La place actuelle des femmes dans la presse écrite française » Mémoire
présenté sous la direction de Florence LE CAM en vue de l’obtention du titre de Master Année
académique 2011-2012 p :10
35
البرملان بين %36و، % 47السويد 45.3في املائة وفنلندا ب 37.5في املائة و 38في املائة في
1
الدنمارك .بدأت تجربة السويد منذ سنة 1972م ،حيث أخد الحزب الليبرالي السويدي املبادرة
عندما اقر الكوتا في قوائمه بنسبة ،%40وتاله في هذه الخطوة باقي االحزاب املمثلة في البرملان،
2
ووصل الحزب الديمقراطي االجتماعي الى املناصفة في قوائمه سنة 1994م ،ودفعت هذه االحزاب
بالنساء للعمل الحزبي من خالل حصول التنظيمات النسائية على نسبة من الدعم املقدم من
الدولة ،هذه االحزاب تخصص مقاعد في لوائحها دون وجود أي أساس قانوني او الزام دستوري بل
هو نتيجة إرادة سياسية ،وتتويجا ملسار ديمقراطي يؤمن بدور املرأة في العملية السياسية ،وهذا
يدل على نجاح املدخل الحزبي إذا كانت االرادة الكاملة للفاعل السياس ي في منح فرصة للمرأة في
املشاركة في الشأن العام.
احملور الثاني :الكوتا يف التجربتني اجلزائرية واملغربية
نصت العديد من الدول العربية في دساتيرها وأنظمتها القانونية على املساواة بين
املواطنين ،رجاال ونساء .وأورد البعض منها عددا من مظاهر هذه املساواة :من قبيل الحقوق
السياسية ؛ تولي الوظائف العمومية ؛ تكافؤ الفرص .غير أن الواقع ال يعكس هذه الوضعية،
ذلك أن التطور والتحسن الذي تعرفه املرأة في مختلف املجاالت ال تظهر نتائجه على واقع املرأة
التي ظلت تعاني اإلجحاف ،وبخاصة على مستوى املساهمة الفعالة في مراكز القرار ،جراء
3
الضعف امللحوظ في مشاركتها في عدد من املؤسسات السياسية .
تعد املرأة املصرية صاحبة اول تجربة برملانية في العالم العربي ،حيث ولجت املؤسسة
البرملانية منذ عام 1957بعد إقرار دستور 1956حق املرأة في االنتخاب والترشح ،وكان تاريخ 14
يوليوز 1957هو بداية ولوج اول سيدتين الى البرملان .وبعد ذلك تفاوت عدد املنتخبات في البرملان
4
بين 8و 3نساء الى غاية سنة 1979م ،حيث ارتأت الحكومة املصرية تخصيص 30مقعدا للنساء
- 1فريدة غالم اسماعيل :انظمة الكوتا وتفعيل املشاركة السياسية للمرأة ،وكالة اخبار املرأة ،املوقع االلكتروني :
.http://wonews.net/ar/index.php?act=post&id=195تمت زيارته يوم 15يونيو . 2019
- 2بثينة قروري ،الكوطا النسائية :قراءة في التجارب الدولية ،مساهمة في مؤلف جماعي بعنوان :املرأة واملشاركة
السياسية ،.الطبعة االولى يوليوز 2008طوب بريس الرباط..ص.112 :
- 3صباح العمراني " :املرأة واملشاركة السياسية باملغرب " الطبعة االولى ،افريقيا الشرق 2018ص . 156
- 4كوتا نسائية في برملان مصر ،جريدة الشرق االوسط عدد 11616ل 8شوال 17 ، 1491شتنبر ..2010
36
بموجب القانون رقم 188لعام ،1979وعرف البرملان انتخاب 35امرأة 30 :عن طريق الكوتا
وثالثة نساء باالنتخاب العام واثنتين بالتعيين ،وارتفعت نسبة النساء املشاركات في املجالس
1
املحلية الى ما بين 10و 20في املائة ،ولكن املحكمة الدستورية املصرية قضت بعدم دستورية
قانون 1979/188ملا ينطوي عليه من تمييز على اساس الجنس ،ليتراجع عدد املنتخبات الى 18
عام 1987ثم الى 9عام 1995م ( 5باالنتخاب و 4بالتعيين) ،ومع تراجع تمثيلية املرأة املصرية في
املؤسسات املنتخبة رغم تحقيقها مكاسب مهمة في الحياة العملية واإلدارات العمومية ،ارتأت
الدولة املصرية العودة للعمل بالكوتا في االنتخابات البرملانية سنة 2010بموجب القانون
2009/149حيث تنص املادة 3منه على " :تقسم جمهورية مصر العربية الى دوائر انتخابية
النتخاب 444عضوا كما تقسم الى دوائر اخرى النتخاب 64عضوا يقتصر فيها الترشيح على املرأة
"...ولقد رأى البعض هذا االجراء مجرد تحايل من الحزب الحاكم للفوز باملزيد من املقاعد في
البرملان ،ومع ما شاب االنتخابات البرملانية من ظواهر سلبية ،فقد استحوذ الحزب الحاكم على
املقاعد ال ،64ما جعل من هذه التجربة مطية إلرضاء النخبة الحاكمة وليس دعما لحقوق املرأة
وانخراطها في العمل السياس ي .وبعد ثورة 25يناير ،نص قانون انتخابات برملان 2011بترشيح
2
امرأة في كل قائمة حزبية ،ويعد هذا تراجعا قياسا بدور املرأة في التغيير في مصر.
وسنعرض لتجربتي املغرب والجزائر .
أ-الكوتا في التجربة املغربية
عرف املشهد السياس ي املغربي مجموعة من التحوالت في تسعينيات القرن املاض ي ،ما
اعتبر مؤشرا على تحول ديمقراطي ،بدأت بوادره مع التعديل الدستوري لسنة ،1996وتجربة
حكومة التناوب السياس ي ،ما جعل املغرب يعيش محطة سياسية منفتحة على حقوق االنسان
بما فيها التوجه الى تعزيز مكانة املرأة من خالل الغاء بعض القوانين املجحفة في حقها ،واعتماد
آليات لتعزيز مكانتها في املشهد السياس ي .في هذا االطار ،جاء اعتماد املغرب لنظام الكوتا "الالئحة
الوطنية " في االنتخابات التشريعية و"الالئحة االضافية " في االنتخابات الجماعية.
رغم اقرار املشرع املغربي للحقوق السياسية للمرأة وملساواتها القانونية مع أخيها الرجل
- 1نظام الكوطا :نماذج وتطبيقات حول العالم .موقع نظرة 28،ابريل www.nazra .org. . 2013
- 2الفقرة الثانية من املادة 3من قانون االنتخابات الصادر في نونبر . 2011مرسوم رقم . 2011/108
http.//m.faway.yoo7.com
37
منذ دستور 1962م ،إال ان هذه املساواة تم اختزالها في حق التصويت حيث لم تتمكن املرأة من
ولوج املؤسسة البرملانية إال سنة 1993م ،فبعد ان كانت حصيلة ترشح 8نساء في انتخابات 1977
هي صفر ،وكذلك كانت نفس النتيجة سنة 1984رغم تضاعف عدد املرشحات ،كانت سنة 1993
بداية ولوج املؤسسة التشريعية ،فتم انتخاب امرأتين من 36مرشحة .وعرفت سنة 1997نتيجة
مماثلة رغم التزايد امللحوظ في عدد املرشحات " 87مرشحة " كما ولجت املرأة املناصب الحكومية
1
ككاتبة دولة ووزيرة .
وقبيل االنتخابات البرملانية لسنة ،2002ومع أجواء االنفتاح الديمقراطي التي سبقت
االشارة اليها وتزايد املطالبة بتفعيل دور املرأة في تدبير الشأن العام ،تم تبني املغرب اسلوب
االقتراع بالتمثيل النسبي عن طريق الالئحة ملا يتيحه من تنافس االحزاب عن طريق البرامج وكذا
امكانية الرفع من التمثيلية السياسية للنساء ،كما اعتمد نظاما خاصا بتمثيلية املرأة في مجلس
النواب عن طريق الالئحة الوطنية ،فقد نص القانون التنظيمي للبرملان في مادته االولى :
"يتألف مجلس النواب من 325عضوا ينتخبون باالقتراع العام املباشر عن طريق االقتراع
بالالئحة وفق الشروط التالية:
295-عضوا ينتخبون على صعيد الدوائر االنتخابية املحددة طبقا ألحكام املادة 2بعده؛
2
30-عضوا ينتخبون على الصعيد الوطني"...
ومع عدم تحديد النص القانوني صراحة على تخصيص هذه املقاعد للنساء ،حدث توافق
بين مختلف الفرقاء والفاعلين الحزبيين في إطار التزام سياس ي على تخصيص هذه الحصة لفائدة
النساء ،وقد تراجعت الحكومة على تقديم مشروع قانون خاص بالكوتا ،بعد ان تم رفض النص
3
من املجلس الدستوري ملسه باملساواة املنصوص عليها في الدستور .
1فاطمة الزهراء بابا أحمد :قراءة في تطبيق نظام كوطا نسائية للمشاركة السياسية في املغرب ،مساهمة في
مؤلف جماعي بعنوان :املرأة واملشاركة السياسية .الطبعة االولى يوليوز 2008طوب بريس الرباط .ص .133
-2ظهير شريف رقم 1.97.185صادر في فاتح جمادى األولى 4( 1418سبتمبر )1997بتنفيذ القانون التنظيمي رقم
31.97املتعلق بمجلس النواب.
- 3قرار املجلس الدستوري رقم 475الصادر يوم 25يونيو ، 2002للمزيد من االيضاحات :أحمد حضراني ،حول
القانون التنظيمي ملجلس النواب قراءة في السياق والنص النهائي ،.مقال نشر باملجلة املغربية لإلدارة املحلية
والتنمية عدد 2002/38
38
واستطاعت 35امرأة الفوز في انتخابات سنة 2002من 266مرشحة 30 ،بفضل الالئحة
الوطنية بنسبة 10.8في املائة ليحتل املغرب املرتبة 70عامليا ،وسجلت هذه النسبة تراجعا طفيفا
في انتخابات 2007وذلك بفوز 4نساء فقط في اللوائح املحلية .
في انتخابات 25يونيو ، 2011أدرج البرملان في القانون التنظيمي الجديد ملجلس النواب
الصادر في 4أكتوبر 2011كوتا نسائية ،باعتماد الئحة وطنية خصصت 60مقعدا للنساء و30
للشباب دون سن االربعين مع اقتصار الئحة الشباب على الذكور فقط .وصلت نسبة النساء
املنتخبات في مجلس النواب 16.7في هذه االنتخابات وذلك بفوز 60امرأة في الالئحة الوطنية و 7
1
نساء في اللوائح املحلية .
لم تتجاوز نسبة النساء الفائزات على مستوى االنتخابات املحلية 0.34 ،في املائة سنة
)77( 1992امرأة ،وعرفت سنة 1997نفس النسبة ،فازت 83مرشحة ،أما سنة ،2003فوصلت
نسبة ترشيح النساء الى 4.91في املائة من مجموع املرشحين الذي بلغ ، 122658وفازت 127
مرشحة من مجموع 23689بنسبة 0.53في املائة.
مع هذه النتائج التي توضح ضعف املشاركة السياسية ،عرفت الفترة الفاصلة بين
انتخابات 2003و 2009حراكا سياسيا ومؤسساتيا سبقت االشارة اليه ويهدف الرفع من مشاركة
املرأة في الحياة السياسية ،حيث تمت دعوة القطاعات الحكومية الى إدماج مقاربة النوع
2
االجتماعي في البرامج واملخططات القطاعية ،باإلضافة الى اعتماد تغييرات على مستوى امليثاق
الجماعي :احداث لجنة املساواة وتكافؤ الفرص (املادة )14؛ ادماج مقاربة النوع االجتماعي في
املخطط الجماعي للتنمية (املادة )36؛ وكذا تغييرات على مستوى قانون االنتخابات :احداث دائرة
انتخابية اضافية على مستوى كل جماعة حضرية او قروية او مقاطعة على اساس تخصيصها
للنساء (مدونة االنتخابات ) 204-2من أجل الرفع من نسبة النساء في املجالس املنتخبة الى 12في
املائة ؛ احداث صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء وكذا وضع نظام تحفيزي مالي لألحزاب
السياسية التي تخصص مراكز متقدمة للنساء.
.http://hadrani-gouvernancelocaldvp
- 1التقرير النهائي عن االنتخابات التشريعية باملغرب 25 ،نونبر . 2011املعهد الديمقراطي الوطني
www.ndi.org/fils/morocco-final-electionreport-061812-ara-pdf.
- 2منشور الوزير االول رقم 2007/4بتاريخ 8مارس .2007
39
اذن ،لقد عرفت التمثيلية النسائية في انتخابات الجماعات املحلية (الجماعات الترابية)
طفرة مهمة بفضل هذه االصالحات حيث انتقلت من 0.56في املائة سنة 2003الى 12في املائة سنة
، 2009كما انتقلت نسبة النساء في منصب رئاسة املجالس الجماعية من 0.13باملائة الى 0.8
1
باملائة ( 12رئيسة جماعية ) .وتضاعف عدد املنتخبات في انتخابات 2015بفضل الكوتا كما
سبقت االشارة الى ذلك .
التجربة الجزائرية ب-
عملت الجزائر على تشجيع املرأة على املشاركة في الحياة السياسية ،وذلك من خالل دعم
تواجدها في مراكز القرار ،التزاما منها باالتفاقيات الدولية التي صادقت عليها .وقد نصت كل
الدساتير التي عرفتها الجزائر على املساواة بين الرجل واملرأة في الحقوق والواجبات ،بدءا بالقانون
التأسيس ي لسنة ، 1963وهو اول تشريع للدولة الجزائرية املستقلة في املادة 12والتي نصت على
2
املساواة بين كل املواطنين في الحقوق والواجبات ،وفي نفس السياق ،أكد دستور 1976في مادته
الثالثة على املساواة بين املواطنين في الحقوق والواجبات ( الفقرة الثانية ) ومنع أي تمييز على
اساس الجنس ( الفقرة الثالثة ) ،ونصت املادة 40من نفس الدستور على حماية الحقوق
السياسية واالقتصادية للمرأة ،وكرس دستور 1989هذه الحقوق في مواده 61 ،51و، 63وحافظ
دستور 1996على نفس املضامين مع تغيير ارقام املواد فقط حيث فنصت املادة 31منه:
“تستهدف املؤسسات ضمان مساواة كل املواطنين واملواطنات في الحقوق والواجبات وإزالة
العقبات التي تعوق تفتح شخصية اإلنسان ،وتحول دون مشاركة الجميع في الحياة السياسية
واالقتصادية واالجتماعية والثقافية” واملادة “ :32الحريات األساسية وحقوق اإلنسان واملواطن
مضمونةـ وتكون تراثا مشتركا بين جميع الجزائريين والجزائريات ،واجبهم أن ينقلوه من جيل إلى
جيل كي يحافظوا على سالمة وعدم انتهاك حرمته” .وفي دستور 2008بادر املؤسس الدستوري
بتكريس ترقية الحقوق السياسية للمرأة وذلك بموجب املادة 31مكرر ،التي تلزم الدولة على
العمل على ترقية الحقوق السياسية للمرأة وذلك بتوسيع حظوظ تمثيلها في املجالس املنتخبة
والتي جاء فيها ” تعمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية للمرآة بتوسيع حظوظ تمثيلها في
1الجماعات املحلية في ارقام موقع وزارة الداخلية ،االطالع على املوقع سنة 2013في اطار اعداد اطروحة
الدكتوراه .
- - 2ملعيني محمد " :دور النظام االنتخابي في تفعيل املشاركة السياسية للمرأة في الجزائر :دراسة نظرية وقانونية
" مجلة املفكر ،كلية الحقوق والعلوم السياسة بجامعة بسكرة . 2015العدد الثاني عشر ص . 486
40
املجالس املنتخبة ،يحدد قانون عضوي كيفيات تطبيق هذه املادة” .وتطبيقا لهذه املادة صدر
1
القانون العضوي رقم 03-12املحدد لكيفيات توسيع حظوظ تمثيل املرآة في املجالس املنتخبة
والذي فرض على األحزاب السياسية إدراج نساء على قوائم مرشحيها لالنتخابات ،مع تحديد
حصص أكبر للدوائر االنتخابية األكبر مساحة ،كما صدر كذلك القانون العضوي 04/ 12يتعلق
باألحزاب السياسية الذي يلزم كل حزب سياس ي عند التصريح بتأسيسه ،أن يكون من بين أعضائه
2
املؤسسين نسبة معينة من النساء ،وهذا تشجيعا للمرأة على الولوج في عالم الحياة السياسية .
تفعيال ملقتضيات هذه القوانين نص املشرع في املادة 2من القانون العضوي على فرض
نسب معينة خاصة بها في كل قائمة ترشيحات سواء كانت حرة أو مقدمة من طرف حزب أو عدة
أحزاب سياسية؛ وأن عدم االحتكام إلى نصوص هذا القانون يترتب عليه رفض قائمة الترشيحات
3
املخالفة للشرط املنصوص عليه في املادة 02سالفة الذكر ،حيث أكد املشرع على وجوب أن يبين
التصريح بالترشح املنصوص عليه في القانون العضوي املتعلق بنظام االنتخابات جنس املترشح،
4
ونص على ضرورة أن يستخلف املترشح أو املنتخب بمترشح أو منتخب من نفس الجنس ،
- 1القانون العضوي رقم 03- 12املؤرخ في 12يناير . 2012ج ر 01الصادر في 14يناير .2012
- 2القانون العضوي 04-12املؤرخ في 12يناير 2012املتعلق باألحزاب السياسية ،ج ر 2الصادر 15يناير .2012
- 3تنص املادة 02من القانون العضوي ” : 03-12يجب أن ال يقل عدد النساء في كل قائمة ترشيحات حرة أو
مقدمة من طرف حزب أو عدة أحزاب سياسية عن النسب املحددة أدناه بحسب عدد املقاعد املتنافس عليها:
• انتخابات املجلس الشعبي الوطني -20%:عندما يكون عدد املقاعد يساوي أربعة ( ) 4مقاعد -30 % .
عندما يكون عدد املقاعد يساوي أو يفوق خمسة ( ) 5مقاعد -35 % .عندما يكون عدد املقاعد يساوي أو
يفوق أربعة عشر ( ) 14مقعدا -40 % .عندما يكون عدد املقاعد يساوي أو يفوق اثنين و ثالثين ( ) 32
مقعدا -50% .بالنسبة ملقاعد الجالية الوطنية في الخارج.
• انتخابات املجالس الشعبية الوالئية :
-30 %عندما يكون عدد املقاعد 35و 39و 43و 47مقعدا -35 % .عندما يكون عدد املقاعد 51إلى 55
مقعدا .
• انتخابات املجالس الشعبية البلدية
% 30-في املجالس الشعبية البلدية املوجودة بمقرات الدوائر وبالبلديات التي يزيد عدد سكانها عن
عشرين ألف ( ) 20000نسمة.
- 4ملعيني محمد " :دور النظام االنتخابي "..املرجع السابق ص . 499
41
ولتفعيل هذه األحكام أدخلت السلطة التشريعية حافزا يتمثل في توفير مساعدة مالية خاصة
لألحزاب السياسية ،وفقا لعدد املنتخبات في املجالس الشعبية البلدية والوالئية والبرملان .وذلك
لتحفيز األحزاب السياسية على منح املزيد من الفرص للمرآة وضمان مشاركة جميع املواطنين
واملواطنات في العملية السياسية.
وذهب املشرع الدستوري في ترسيخ نظام الكوتا في التعديل الدستوري لسنة 2016في
املادة ، 35حيث لم يمس بالنصاب القانوني املخصص للمرأة في املجالس املنتخبة واكتفى بالنص
1
على مبدأ املناصفة بين الرجل واملرآة في مجاالت أخرى غير املجال السياس ي .
وتعتبر االنتخابات التشريعية التي جرت يوم 23ماي سنة 2012أول انتخابات يتم فيها
تطبيق نظام الكوتا في الجزائر ،تلتها فيما بعد وفي نفس السنة االنتخابات املحلية التي جرت يوم
12نوفمبر ،2012وبهذا تعتبر هاتين التجربتين فريدتين من نوعهما ،تفتح الباب على مصراعيه
لحضور املرأة أكثر في املجالس املنتخبة.
ونتيجة لهذه التعديالت القانونية ،ارتفع عدد النساء املرشحات والفائزات في املجالس
املنتخبة في االنتخابات البرملانية ل 10ماي 2012حيث بلغ عدد النساء في البرملان الى 145امرأة من
2
اصل 462مقعد بنسبة 31.4بعدما كانت سنة 2007ال تتجاوز 7.71ب 30امرأة من اصل . 389
ولوحظ نفس التحسن في املجالس الوالئية والشعبية مقارنة بانتخابات ، 2007حيث
حصلت املرأة على % 13.4من املقاعد في املجالس الوالئية ،و % 0.74من املجالس الشعبية
البلدية ،اما في انتخابات ، 2012فقد بلغ عدد النساء في املجالس الوالئية 595امرأة و4120
3
ممثلة في املجاس البلدية وبالتالي اصبحت الجزائر تتصدر تصنيف الدول العربية وصنف
االتحاد البرملاني الدولي الجزائر من بين الدول 30االولى على مستوى املشاركة السياسية.
- 3احملور الثالث :قراءة يف التجربتني املغربية واجلزائرية
ان استقراء التجربة في مجال الكوتا يطرح اشكاال اساسيا حول جدوى املدخل القانوني في
ترسيخ املشاركة السياسية للمرأة اذا لم تتم مواكبته بمقاربة شمولية تنطلق من تحقيق انتقال
- 1رسالة موجهة من جمعية اتحاد العمل النسائي الى املنظمات الحقوقية املغربية يوم االعالن عن امليثاق الوطني
لحقوق االنسان للمطالبة بإقرار الحقوق السياسية للمرأة؛
-مذكرة مرفوعة من اثنتي عشرة منظمة نسائية الى الوزير االول تؤكد فيها على ضرورة احداث مجلس اعلى
للمرأة مع اعتماد آليات تمكن املرأة من الوصول الى مراكز القرار ؛
-املذكرة املطلبية لوصول النساء الى مراكز القرار واملسؤولية التي اعدتها الجمعية الديمقراطية لنساء املغرب
سنة 2001؛
-املذكرة التي وجهتها هيئة التنسيق الوطنية لنساء عدد من االحزاب السياسية في يناير 2003الى السلطات
املختصة بهدف ضمان للنساء في االنتخابات املحلية .انظر :جميلة املصلي :الحركة النسائية باملغرب املعاصر
اتجاهات وقضايا ،منشورات املركز املغربي للدراسات واألبحاث املعاصرة ،الطبعة االولى 2011طوب بريس
الرباط .صفحة من 229الى .231
- 2صباح العمراني " :املرأة واملشاركة السياسية باملغرب " الطبعة االولى ،افريقيا الشرق 2018مرجع سابق .ص
. 162
43
1
والتناوب بالوسائل الديمقراطية .وبالعودة الى النقاشات التي اثيرت ابان االنتخابات البرملانية ل
25نونبر 2011حول دور االحزاب في تعزيز تواجد املرأة في املؤسسة البرملانية ،فقد اقتصر تقديم
الالئحة الوطنية املخصصة للنساء والشباب على 19حزبا من مجموع 32حزب ،وعللت األحزاب
عدم تقديمها لالئحة الوطنية باستنفاذ كوادرها من النساء في اللوائح املحلية مع العلم ان نسبة
املرشحات في املجموع بلغ 22.87في املائة من مجموع املرشحين ،وبلغت نسبة النساء كوكيالت
لوائح 3.75في املائة من مجموع اللوائح ( 57وكيلة الئحة من مجموع 1521الئحة ) .وبالتالي فإن
هذه االحزاب لم تتخذ تدابير مباشرة في اللوائح املحلية لتبين عن انخراطها في مشروع مجتمعي
ديمقراطي يتبنى املساواة بين الجنسين .وفي أسلوب اعتماد اللوائح ،فقد شكل التعيين في أغلبها
العنوان البارز لهذه اللوائح مما يحولها إلى مجال لتدبير العالقات الشخصية والزبونية والوالءات
والقرابات بعيدا عن منطق إفراز نخب نسائية قادرة على تمثيل املرأة املغربية.
ورغم ان القانون رقم 29/11ينص في الفصل 26على توسيع وتعميم مشاركة النساء
2
والشباب في التنمية السياسية ،فانه في الفقرة الثانية يتحدث عن سعي كل حزب سياس ي لبلوغ
3
نسبة الثلث لفائدة النساء داخل أجهزته في أفق املناصفة ،مما يثير التساؤل حول آليات تحديد
هذا القدر ،وهل هناك مؤشرات لقياس هذا السعي ،وما هو األفق الزمني لهذا السعي لتحقيق
الثلث ؟ يضاف إلى هذا ،ضعف موقع موضوع املشاركة السياسية للمرأة في انشغاالت الفاعل
السياس ي وأجندته السياسية ،ولكن ماذا بعد دستور 2011الذي اعتبر "دستور املناصفة " ؟
❖ انتخابات الجماعات الترابية : 2015
عرف املغرب اجراء اول انتخابات محلية وجهوية بعد دستور 2011يوم 4شتنبر ، 2015
حيث شكلت النساء فعليا نسبة 21.94باملئة من مجموع الترشيحات لالنتخابات الجماعية
- 1صباح العمراني " :املرأة واملشاركة السياسية باملغرب " الطبعة االولى ،افريقيا الشرق . 2018مرجع سابق .ص
. 99
- 2نتائج االنتخابات الجماعية والجهوية ،بالغ لوزير الداخلية يوم 5شتنبر 2015مداع في القنوات الرسمية .
- 3فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق املرأة ،املجلس الوطني لحقوق االنسان .
45
•غياب مطلق للتمثيلية النسائية في رئاسة الجهات 0على 12؛
• لم يتم احترام الثلث في أغلب مكاتب الجهات .
انتخاب رؤساء مجالس الجماعات من 15إلى 17سبتمبر 2015
•ضعف التمثيلية النسائية في الترشيح لرئاسة مجالس الجماعات ؛
ّ
ذكورية بامتياز ،باستثناء تسع جماعات ،سبع •تشكيلة رئاسة مجالس الجماعات
1
جماعات قروية واثنتين حضرية .
•حضور النساء في مجالس الجماعة كنائبات فقط ؛
2
•عدم احترام الثلث كحد أدنى في تشكيلة كثير من مكاتب الجماعات الحضرية والقروية .
االنتخابات البرملانية : 2016
بالنظر الى نتائج االنتخابات التشريعية لسنة ، 2016ارتفع عدد النساء في مجلس النواب
الى 81امرأة بنسبة بلغت 20.5في املائة ،حيث انه باإلضافة الى الجزء املخصص للنساء في الالئحة
الوطنية والذي هو 60مقعد ،كان لتعديل القانون التنظي مي اثر واضح في الرفع من نسبة النساء
،اذ بالرغم من عدم اجبار االحزاب بإعمال مبدأ املناصفة في الجزء املخصص للشباب في الالئحة
الوطنية (االقتصار على التأكيد بان تكون مختلطة ) ،اال ان 11شابة استطاعت الوصول الى قبة
البرملان .بينما لم تستطع النساء تجاوز العشر مقاعد في اللوائح املحلية .
-هذه النسبة التي حققتها املرأة في االنتخابات التشريعية لسنة 2016تجعلها االضعف في
- 1ترأست ثالث نساء فقط من من حزب التجمع الوطني لألحرار الجماعات اللواتي ترشحن فيها ،وهن أمينة
بوهدود بجماعة الكفيفات إقليم تارودانت ،وكلثوم نعيم بجماعة العطاطرة إقليم سيدي بنور ،وفاطمة بوحميدي
بجماعة بجماعة بني سيدان الجبل إقليم الناظور.أما العدالة والتنمية فقد حصل الحزب ،على ثالث نساء
رئيسات هن عائشة إدبوش ،رئيسة جماعة الدراركة نواحي أكادير ،ومحجوبة التريدي ،رئيسة جماعة بسيدي
بوعثمان إقليم الرحامنة ،وسناء عكى ،رئيسة جماعة القصبة بإقليم طاطا.حزب التقدم واالشتراكية ،لم يسجل
سوى وصول سيدة واحدة إلى رئاسة املجلس الجماعة ،وهي حنان عدباوي ،رئيسة جماعة تافراوت،وهو نفس األمر
بالنسبة لحزب األصلة واملعاصرة التي ترأس فيه اسم نسائي واحد فقط ،وهو عائشة أي تحدو ،التي تمكنت من
الوصول إلى املجلس الجماعي ألزيالل ،وفي السياق نفسه ،حازت إكرام بوعبيد من حزب جبهة القوى الديمقراطية
على رئاسة جماعة أوالد علي الطوالع التابعة إلقليم ابن سليمان .من خالل تتبعي الخبار االنتخابات .
- 2الفقرة السادسة من املادة 17من القانون التنظيمي 14-113املتعلق بالجماعات الترابية الناصة على أنه "
يتعين العمل على ان تتضمن الئحة ترشيحات نواب الرئيس عددا من املترشحات ال يقل عن ثلث نواب الرئيس"
46
محيطها املغاربي مقارنة بالجزائر وتونس وموريتانيا .
-عدم وجود رغبة حقيقية لدى االحزاب حتى التي تسمي نفسها حداثية لتمكين املرأة حيث
تطغى املصالح الشخ صية للنافذين في الحزب ،ويظهر ذلك جليا في عدم تمكن النساء من اختراق
اللوائح املحلية ،حيث ال يتم ترشيح املرأة فيها اال لتكملة العدد ( 10نساء فقط استطعن الفوز
عن طريق اللوائح املحلية اغلبهن تنتمي الى الحزبين املتصدرين للنتائج ).
-أن الحصيلة املحدودة لنظ ام الكوتا تبرز عن وجود أسباب عميقة وإكراهات حقيقية
تحول دون اعتباره رافعة لتطوير املشاركة السياسية للمرأة ،اضافة الى مجموعة من االنتقادات
املوجهة لهذ اآللية ،فالالئحة الوطنية اصبحت وسيلة للريع السياس ي ولم تستطع ان تفرز لنا
كفاءات حزبية العتمادها على املصالح الشخصية والوالءات للنافذين في الحزب .
-تعتبر نسبة كبيرة من النساء ان النقاش السياس ي والعمل السياس ي ال يدخل ضمن
اولياتهن والتي تتجه حول القوت اليومي وحول حاجيات اكثر الحاحا كتوفير ابسط الخدمات كاملاء
والصحة والتعليم ...يضاف اليها ما تعرفه هذه االنتخاب ات من فساد مالي وسياس ي كالتزوير وشراء
الدمم ،...ثم بعد ذلك تشويه إلرادة املواطنين بعقد تحالفات هجينة
ب-في الجزائر
كرس املشرع الجزائري بموجب القانونين العضوي 03-12املحدد لكيفيات توسيع
حظوظ تمثيل املرأة في املجالس املنتخبة والقانون الوضعي 04-12املتعلق باألحزاب
كوتا نسائية في الحاالت التالية :
فرض كوتا نسائية اثناء عملية تأسيس االحزاب واثناء تقديم الترشيحات ،فقد اوجب
تواجد املرأة عند تأسيس الحزب ،تنص املادة 24من القانون العضوي 04-12على
ضرورة ان يتضمن عدد املؤتمرين نسبة ممثلة من النساء ،مفتوحة وغير مقيدة ولكنها
ضرورية لقبول تأسيس الحزب ،كما الزم املشرع كل حزب ان يضم ضمن هيئاته
القيادية نسبة من النساء وكذلك حدد نسبا سواء في قائمة الترشيحات في املجلس
الوطني او في املجالس الوالئية او املجالس الشعبية البلدية .
فرض كوتا نسائية اثناء االعالن عن النتائج على اعتبار ان القانون العضوي 03-12
فرض تخصيص نسبا محددة حسب ترتيبهن في اللوائح ،غير ان القانون العضوي -12
01املتعلق باالنتخابات فرض توزيع املقاعد حسب ترتيب املرشحين املذكورين في كل
قائمة .
47
واعتبر املراقبون هذا االمر تعارضا بين القانونين الصادرين في نفس اليوم ونفس الجريدة
الرسمية مما الزم وزارة الداخلية للتدخل لحل هذا التعارض لحساب املقاعد التي تحصل عليها
النساء مهما كان ترتيبهن في الالئحة .
الدفع ب عدم انسجام التمكين السياس ي للمرأة املكرس دستوريا في املادة 31والقاض ي بسعي
الدولة لترقية الحقوق السياسية لل مرأة وتوسيع حظوظها في التمثيل في املجالس املنتخبة مع
مبدأ املساواة ،حيث تنص املادة 32من التعديل الدستوري لسنة “ :2008كل املواطنين
سواسية أمام القانون ،وال يمكن أن يتذرع بأي تمييز يعود سببه إلى املولد ،أو العرق ،أو
الجنس ،أو الرأي أو أي شرط أو ظرف آخر ،شخ ص ي أو اجتماعي” ؛ مما اعتبر تناقضا ال
يتماش ى وطبيعة الشعب الجزائري ،ويصطدم بعدة عوائق أهمها املناقضة الصارخة للمبادي
1
الكامنة في الدستور .
تغليب املقاربة الكمية على حساب املقاربة النوعية واملردود الكيفي ،أي التركيز على العدد
على حساب الكفاءة؛ فعلى الرغم من ارتفاع نسبة املرأة املتعلمة في املجتمع الجزائري ،إال أن
ذلك لم ينعكس على فعالية أدائها داخل املجالس املنتخبة ،وذلك لعزوف املرأة األكاديمية
ومجمل النساء ممن يمثلن النخبة في املجتمع عن الدخول في املعترك السياس ي بسبب تأثير
العديد من التصورات والرؤى السائدة خاصة االجتماعية منها.
تواجه األحزاب السياسية صعوبة في استكمال النسب املئوية من النساء ذوي الكفاءة ،لذلك
تلجأ األحزاب إلى حشو القوائم االنتخابية بكل من ترشح نفسها للعمل السياس ي رغم
افتقادها ملقوماته وشروطه ومهما كان مستواها العلمي والثقافي .وهو ما يستدعي وضع
سياسات الستقطاب وتأهيل املرآة املتعلمة لتولي هذه املناصب وتفعيل دورها وتمثيلها
السياس ي بما يتوافق وقيم ومعتقدات املجتمع
يعتبر اعتماد نظام الحصص النسائية آلية مرحلية مؤقتة لتحقيق مبتغى التمكين السياس ي
للمرآة ،كأحد أهم االستراتيجيات إلرساء مبدأ املساواة بين الجنسيين ،ضمن مسارات
العملية الديمقراطية واالصالحات السياسية
- 1د .نرجس صفو :املشاركة السياسية للمرآة… بين نظام الكوتا وتكريس الحق في املساواة ،الجزائر .مقال نشر في
العدد 18من مجلة جيل حقوق اإلنسان الصادر بشهر أبريل ،2017ص . 79
48
خامتة
إن االرتهان للمعالجة القانونية في موضوع املشاركة السياسية للمرأة وولوجها مراكز القرار
عبر تدخل الدولة بإقرار نظام الكوتا ،يختزل تمثيلية املرأة في عدد املناصب املحجوزة للعنصر
1
النسوي ،والتجربة تجعل من الصعب حصر التمكين السياس ي للمرأة في املعالجة القانونية ،
خاصة اذا ارتبط هذا اإلجراء بالنتائج بدال من أن يكون حاضرا على مستوى الترشيح ملا فيه من
إخالل بحرية اختيار الناخبين .
إال انه ال يمكن اعتبار رفع حجم التمثيلية النسائية مؤشر على التطور الديمقراطي ،فقد
يتم استغالل التواجد العددي للمرأة في تحسين الصورة الديمقراطية لألنظمة وآلية للتسويق
السياس ي ،او استجابة لضغوطات خارجية تربط بين منح املساعدات وتحسين وضع النساء ،وقد
يعكس الرفع من عدد املقاعد التي تحتلها املرأة دعم النظام لحركة نساء ضد نساء اخريات نتيجة
توازنات سياسية واعتبارات داخلية وخارجية.
أدى تبني نظام الكوتا إلى زيادة واضحة ومهمة في نسبة وجود املرأة في املجالس التمثيلية في
كل من الجزائر واملغرب ،لكن لم يركز هذا النظام على قاعدة القدرة والكفاءة في تمثيلها ،وهو ما
يترجمه ضعف حضور املرأة " النخبة " في املجالس املنتخبة ،ألن إشراكها كان حتمية وليس خيارا،
مما يجعل تمثيل املرأة تمثيال صوريا ال يعبر عن انشغاالتها الحقيقية .كما ال يمكنها من خدمة
مجتمعها ألنها لن تستطيع التشريع داخل هيئة مختصة كالبرملان مثال.
من نافلة القول ان الكوتا شرط ضروري لحصول تغيير في قدرة املرأة على املشاركة
السياسية ،غير انه ال يشكل الحل الوحيد لحصول هذا التغيير ما لم تواكبه اجراءات وآليات
تضمن تطبيقا أمثل وناجع لهذا النظام .وتحقيق ذلك رهين بدمقرطة نظام الكوتا وتبني اسلوب
شفاف يوفر تكافؤ الفرص لكل القيادات النسائية بعيدا عن منطق الزبونية والعالقات ،وذلك
من خالل فرز الترشيحات بأسلوب ديمقراطي من طرف القواعد الحزبية .
ومع هذه االهمية التي يكتسيها نظام املحاصصة او الكوتا ،يبقى طرح بعض االسئلة
1يتوضح من خالل التجربة املصرية ،انه بمجرد التوقف عن العمل بنظام الكوتا ،تراجعت نسبة حضور املرأة في
املجال السياس ي ،كما ان الدول التي تعرف أكبر نسبة لتواجد املرأة في الواليات والوظائف االنتخابية كالدول
االسكندنافية ،تغيب فيها أي قوانين ملزمة في هذا الشأن سواء على مستوى الدستور أو على مستوى القوانين
االنتخابية.
49
مشروعا في افق تظافر جهود الفاعلين الرسميين واملجتمع املدني إليجاد حلول واقعية للرفع من
مساهمة املرأة في البناء الديمقراطي :
– بعد مساهمة النصوص القانونية في إحداث التطور النسبي الحاصل حاليا ،أال يمكن
القول إن األمر اليوم يتجاوز اآللية القانونية واملجتمعية ويسائل الدولة واألحزاب بل يضعها وجها
لوجه أمام مسؤوليتها في قضية أصبح واضحا أنها متورطة تورطا كبيرا في ما يعترضها من إعاقات؟
– هل تشجيع النساء على اقتحام املنافسة السياسية واالنتخابية ينم بالضرورة عن جود
مشاريع سياسية تستحضر النساء كقضية وال تختزلهن في هويتهن كجنس أو تحصر حضورهن في
الكم والعدد ،على الرغم من أهميته؟
– ثم أال يمكن في النهاية التنبيه إلى أن الكفاءات النسائية املغربية في مختلف املجاالت
ً
تختار ،إراديا ،في ظل الوضع والسياق السياس ي العام املتسم بمركزة السلطات ،وواقع الفساد
واالستبداد ،االبتعاد عن مواقع املنافسة االنتخابية؟
املراجع
الكتب
-املعهد الدولي لألمم املتحدة للبحوث والتدريب في مجال النهوض باملرأة ومركز املرأة العربية
للتدريب والبحوث ،تقرير حول النوع االجتماعي والسياسة في تونس. 2009.
-بثينة قروري ،الكوطا النسائية :قراءة في التجارب الدولية ،مساهمة في مؤلف جماعي بعنوان
:املرأة واملشاركة السياسية ،.الطبعة االولى يوليوز 2008طوب بريس الرباط.
-جميلة املصلي :الحركة النسائية باملغرب املعاصر اتجاهات وقضايا ،منشورات املركز املغربي
للدراسات واألبحاث املعاصرة ،الطبعة االولى 2011طوب بريس الرباط.
-ستينا الرسورد و ريتا تافرون :النظم االنتخابية ونظام الكوطا "الخيارات املناسبة وغير املناسبة "
ترجمة عماد يوسف.مركز تصميم من أجل املساواة ، ،دون مكان نشر . 2007
-صباح العمراني " :املرأة واملشاركة السياسية باملغرب " الطبعة االولى ،افريقيا الشرق . 2018
-فاطمة الزهراء بابا أحمد ":قراءة في تطبيق نظام كوطا املشاركة السياسية للمرأة باملغرب"
مساهمة في مؤلف جماعي" املرأة واملشاركة السياسية" : :الطبعة االولى يوليوز 2008
مقاالت
50
-أحمد حضراني ،حول القانون التنظيمي ملجلس النواب قراءة في السياق والنص النهائي ،مقال
نشر باملجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية عدد 2002/38
-الحبيب الدقاق :مداخلة في ندوة "االحزاب السياسية في املغرب :متطلبا التطوير وتكريس
االختيار الديمقراطي " منظمة من طرف مركز دراسات حقوق االنسان والديمقراطية ،الرباط
ايام 15-14-13بالرباط. 2013.
-د .ادريس الكريني :الكوطا ودورها في تمكين املرأة ،مجلة مسالك عدد مزدوج . 2013/24-23
-د .نرجس صفو :املشاركة السياسية للم رآة… بين نظام الكوتا وتكريس الحق في املساواة .مقال
نشر في العدد 18من مجلة جيل حقوق اإلنسان الصادر بشهر أبريل . 2017
-عزيزي جالل " :دور نظام الكوتا في توسيع حظوظ تمثيل املرأة الجزائرية في املجالس املنتخبة "
مجلة ابحاث قانونية وسياسية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة محمد بن الصديق
جيجل .
-فاطمة الزهراء بابا احمد :مبدأ املناصفة :التأسيس الدستوري ورهانات التنزيل .مجلة مسالك
عدد مزدوج . 2013/24-23
-كوتا نسائية في برملان مصر ،جريدة الشرق االوسط عدد 11616ل 8شوال 17 ، 1491شتنبر
.2010
-ملعيني محمد " :دور النظام االنتخابي في تفعيل املشاركة السياسية للمرأة في الجزائر :دراسة
نظرية وقانونية " مجلة املفكر ،العدد الثاني عشر ،كلية الحقوق والعلوم السياسة بجامعة
بسكرة . 2015
املواقع االلكترونية
فريدة غالم اسماعيل :انظمة الكوتا وتفعيل املشاركة السياسية للمرأة ،وكالة اخبار املرأة ،املوقع
االلكتروني .http://wonews.net/ar/index.php?act=post&id=195 :
-التقرير النهائي عن االنتخابات التشريعية باملغرب 25 ،نونبر . 2011املعهد الديمقراطي الوطني
www.ndi.org/fils/morocco-final-electionreport-061812-ara-pdf.
-الجماعات املحلية في ارقام موقع وزارة الداخلية املغرب .
51
-الفقرة الثانية من املادة 3من قانون االنتخابات املصري الصادر في نونبر . 2011مرسوم رقم
http.//m.faway.yoo7.com. 2011/108
-موقع مرصد املناصفة بين النساء والرجال على الرابط التاليwww.observatoire- :
parite.gov.fr
-نظام الكوطا :نماذج وتطبيقات حول العالم .موقع نظرة 28،ابريل www.nazra .org. 2013
نصوص قانونية
-الفصل 7من الدستور املغربي لسنة . 2011
-الفقرة السادسة من املادة 17من القانون التنظيمي 14-113املتعلق بالجماعات الترابية.
-ظهير شريف رقم 1.11.166الصادر في 22اكتوبر 2011بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 11/29
املتعلق باالحزاب السياسية ،الجريدة الرسمية رقم . 5172
-ظهير شريف رقم 1.97.185صادر في فاتح جمادى األولى 4( 1418بتمبر )1997بتنفيذ القانون
التنظيمي رقم 31.97املتعلق بمجلس النواب.
-قرار املجلس الدستوري رقم 475الصادر يوم 25يونيو . 2002
-منشور الوزير االول رقم 2007/4بتاريخ 8مارس .2007
-القانون العضوي رقم 03- 12املؤرخ في 12يناير . 2012ج ر 01الصادر في 14يناير .2012
-القانون العضوي 04-12املؤرخ في 12يناير 2012املتعلق باألحزاب السياسية ،ج ر 2الصادر
15يناير .2012
-بالغ لوزير الداخلية حول نتائج االنتخابات الجماعية والجهوية ،يوم 5شتنبر 2015مداع في
القنوات الرسمية .
الرسائل واملذكرات املطلبية في التسعينات من القرن املاض ي
-رسالة موجهة من جمعية اتحاد العمل النسائي الى املنظمات الحقوقية املغربية يوم االعالن عن
امليثاق الوطني لحقوق االنسان للمطالبة بإقرار الحقوق السياسية للمرأة؛
-مذكرة مرفوعة من اثنتي عشرة منظمة نسائية الى الوزير االول تؤكد فيها على ضرورة احداث
52
مجلس اعلى للمرأة مع اعتماد آليات تمكن املرأة من الوصول الى مراكز القرار .
-املذكرة املطلبية لوصول النساء الى مراكز القرار واملسؤولية التي اعدتها الجمعية الديمقراطية
لنساء املغرب سنة 2001؛
-املذكرة التي وجهتها هيئة التنسيق الوطنية لنساء عدد من االحزاب السياسية في يناير 2003الى
السلطات املختصة بهدف ضمان للنساء في االنتخابات املحلية .
-فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق املرأة ،املجلس الوطني لحقوق االنسان .
مرجع بالفرنسية
-SENGLER, Lauraans « :La place actuelle des femmes dans la presse écrite française » Mémoire
présenté sous la direction de Florence LE CAM en vue de l’obtention du titre de Master Année
académique 2011-2012 p :10
53
قضايا املرأة يف التناول العريف والشعيب)(1
-القوامة منوذجا-
د .حممد توفيق الرقيب
استاذ وباحث يف قضايا األسرة واملرأة
مقدمة
ملا كانت األسرة اللبنة األولى والنواة األساسية للمجتمع ،فقد أحيط أفرادها في نصوص
الوحي بكثير من االهتمام والرعاية ،وجعلت املودة والرحمة املنطلق والنهاية لعالقاتهما ،وذلك في
إطار التكامل وتوزيع األدوار ،فكلف الرجل بالقوامة حماية للمرأة وصيانة لها ،وخصت املرأة
بالحافظية حفظا لنفسها وللنسل وملال زوجها .
يقول عز شأنه في سورة النساء ﴿ الرجال قوامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض
وبما أنفقوا من أموالهم ،فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ هللا﴾[ النساء ]34 :وقال
أيضا ﴿ولهن مثل الذي علهن باملعروف ،وللرجال عليهن درجة وهللا عزيز حكيم﴾
[ البقرة .]226:ولقد شرع هللا تعالى هذه القوامة لتكون رعاية ومسؤولية ترتبط بما ألزم به
الزوج من تبعات وواجبات ؛ وهو تصور يقوم على أساس الدعوة إلى احترام التكامل وعدم الخلط
بين األدوار والوظائف.
وإذا كانت الشريعة اإلسالمية قد خصت املرأة دون الرجل ببعض األحكام ،فإنها تبقى
استثناءات ترد على قاعدة املساواة التي تتأسس جوانبها املختلفة على وحدة األصل ووحدة املآل
والحساب يوم القيامة " .فالشريعة اإلسالمية في أحكامها تجري دائما وفقا لقانون التساوي
واالختالف ،فتساوي في األحكام بين املتماثلين في مناطها وتخالف في األحكام بين املختلفين في هذه
األحكام ،وهذا النهج القويم هو الذي يحقق املساواة الحقيقية بين املكلفين ،وهو مقتض ى العدل
وسنة هللا في التشريع كما هي سنة الثواب والعقاب.
ومما ال شك فيه أن قضية املرأة تضج باإلشكاالت بوجه عام ،والسيما في عصرنا هذا الذي
-1نقصد كل األشكال التعبيرية املنطوقة املتداولة والتي تخنزنها الثقافة الشعبية من حكايات وسرديات وأمثال
وحكم...
La problématique de femmes dans les approches traditionnelles et populaires –Exempe AL-
Qiouama-
54
تزاحمت فيه التغيرات وعلى شتى األصعدة.
إال أن املرأة في الواقع لم تحظ باالهتمام وطيب املعشر الالئقين بها ،بل كانت محط حيف
وجور من جهات متعددة ،وسلطت عليها صنوف القهر واإلذالل من الرجل ،ومن املجتمع ،بأعرافه
وتقاليده وثقافته.
وعبر التاريخ ورثت أعراف قبيحة وسيئة ،حتى اعتقد أن ها هي عين الحقيقة والصواب ،
و ترسخت هذه األعراف في محيط األسرة ،بسيادة تصورات خاطئة و أفهام سقيمة ،أساءت
اإلدراك و الفهم لعالقة الرجل باملرأة ،بل صورت املرأة بشكل قبيح ،ال يتماش ى وما أحيطت به من
رعاية عبر فهم خاطئ ومغال للقوامة .
وتروم هذه املداخلة بيان الصورة التي ترسمها التمثالت الشعبية للقوامة ،في داللتها
وانعكاساتها على وضعية املرأة ،من خالل الكشف عن تأثير هذه األعراف والتقاليد على السلوك
واملمارسة ،وأسباب هذه االنطباعات ومنشئها التاريخي ،والقواعد األساسية الستيعاب القوامة
بشكل سليم ،ذلك أن ا لثقافة الشعبية كما هو معلوم ،ال تكشف الخبايا النفسية لكل شعب
1
فحسب ،بل هي بمثابة قوانين اجتماعية شبه ملزمة تسن املعايير التي يخضع لها الجميع. .
- 1مجلة البيان-عدد 355فبراير " .2000املرأة في املأثورات الشعبية الكويتية" فاطمة يوسف العلي ص32-24
- 2الحضارة في مفهومها الشامل تعني كل ماينشئه اإلنسان في حياته من أفكار وأشياء تتصل بأي جانب من
جوانب حياته املتعددة أي الروحية والعقلية والجسمية واملادية واملعنوية واملدنية والعسكرية– .املرأة املسلمة
وفقه الدعوة إلى هللا للدكتور علي عبد الحليم محمود /ط1992/3دار الوفاء –املنصورة ص .19:ويقول عنها
كذلك ول ديورانت في كتابه "قصة الحضارة" :الحضارة نظام اجتماعي يعين اإلنسان على الزيادة في إنتاجه الثقافي
55
بعض الشعوب واألمم وتنفرد بأحكام مختلفة متباينة ؛ فإن منطق العصر الحديث وسرعة
االتصال والتواصل فيه ،وتبادل األفكار الخبرات والتجارب ونمو التفاعل واملشاركة بين حضارات
مجتمعه ،كل ذلك جعل دراسة أية قضية هامة شائكة متشعبة الجوانب ،تتطلب مقاربة ونظرة
شمولية لهذه القضية الحساسة ،كي توضع في سكتها الصحيحة لتجديد الفهم فيها وإغنائها ،
وبالتالي تجاوز العقبات التي من شأنها أن تلوث اإلدراك والفهم السليم.
ولقد شكل التاريخ –ومازال – مادة غنية لكل مهتم وباحث ،وذلك باستجالء أطواره
ومميزات مراحله ،ودراسة البنيات املشكلة للشعوب ولألمم ،ومعرفة معتقداتها وتقاليدها
وأعرافها وقوانينها ،ونظرتهاإلى جملة من القضايا ،خاصة التي لها ارتباط باملجتمع وباألسرة،
والعالقات السائدة فيها .وقد حظيت املرأة من داخل األسرة بالحظ األوفر من هذا االهتمام ،نظرا
ألهميتها ومركزيتها ودورها في تحديد مدى أفضلية املجتمع؛ لذا نلحظ الدراسات واألبحاث و
القراءات التاريخية العديدة لوضعيتها في املجتمعات ،والحضارات على اختالف تلك املقاربات
والقراءات.
إن رمزية خطاب األقوال الشعبية ،يجد مبرره القوي ،في ما يتميز به هذا النوع من
الخطاب ،من خصائص ،لعل أهمها :انتشاره السريع بين مختلف الفئات االجتماعية ،لسهولة
تمثله واستيعابه ،ولبنائه التركيبي ،وقدرته التعبيرية التي تجعله يعكس مختلف أنماط السلوك
البشري ،ثم الستمرارية حضوره وانتق اله من جيل آلخر ،إضافة إلى طبيعته املتميزة بالتكثيف
1
وبقدرته املجازية الكبيرة
وحتى إذا كانت األمثال الشعبية تبدو وكأنها ال ترتبط بزمن محدد ،و أنها تنتمي إلى املاض ي،
إلى قرون خلت ،كما هو الحال مع أمثال ومأثورات عبد الرحمان املجذوب ،التي تعود إلى القرن
العا شر ،فال يعني ذلك أنها لم تعد تؤثر في الحاضر وفي املستقبل ،بل العكس ،وربما لكونها جزء
من املاض ي ،فهي تمارس سحرا ،وتأثيرا خطيرين على الذهنيات ،وعلى السلوكات ،من منطلق أنها
وإنما تتألف الحضارة من عناصر أربع :املوارد االقتصادية والنظم السياسية والتقاليد الخلقية ومتابعة العلوم
والفنون " ج / 1املجلد/ / 1ط .1973 4ص3:
- 1صورة املرأة بين املنظور الديني والشعبي والعلماني" علي افرفار" دار الطليعة –بيروت 1996-ص.58-57
بتصرف
56
1
تمثل حكمة األجداد.
ّ
ومتنوعة ّ
تتردد اليوم على ألسنتنا ،كما ترددت على ألسنة أسالفنا أمثال عديدة و ّ
وتصورات معينة ،طالت ميادين مختلفة من ميادين الحياة الخاصة باملرأة ،و في كل املراحل
ومست أغراضا ّ
شتى في معاشها،ولم يكن استعمال هذه األمثال استخداما مجازفا أو ّ العمرية
ّ ّ ّ ّ ّ
اعتباطيا ،بل كانت تتنزل في إطار ثقافي مخصوص ،هو إطار الثقافة التقليدية أو الثقافة
ّ
الشعبية.
وحملت تلك األمثال واألقوال ّ
تصورات الناس لعالقاتهم باملرأة ،كما اضطلعت بوظائف
السائدة بن األفراد ،وما يعتريها من ّ
االجتماعية ّ
ّ تمثلت ّ ّ
توتر خاصة في رصد العالقات اجتماعية
وطبيعة العالقات داخل املجتمع2
ونالت قضايا املرأة حظا وافرا من الحضور في التناول الشعبي العرفي ،عبر قصص
وحكايات وأقوال وأمثال وحكم ،نسجت عبر حقب تاريخية في سياقات مختلفة ،لتفرز لنا تصورا
ومخيلة شعبية ،تحمل في أغلبها صورة قاتمة عن مكانة املرأة وعن القوامة ،فيتم تصويرها على
أنها استبداد واستعباد وحرية مطلقة ،وسيطرة ووصاية ،وش يء ملحق تابع .
فشيوع األقوال واألمثال العامية التي تنتقص من املرأة ،والتي تحمل في عمومها حكما
سلبيا ،وتعطي للرجل سلطة مطلقة ،هي إذن تقاليد وأعراف وضعها الناس ولم يضعها رب الناس ،
3
دحرجت الوضع الثقافي واالجتم اعي للمرأة و استبقت في معاملتها ظلمات الجاهلية األولى ،فهذه
الذاكرة الشعبية املوروثة تصور املرأة إما في صورتها العامة ،أو في موقعها االجتماعي وفي عالقتها
داخل األسرة والتدبير األسري ،أنها دون كرامة ،وأن قوامة الرجل تفسح له حق التصرف املطلق
وتقمص دور ال حاكم املستبد ،وعدم مشاورتها واألخذ برأيها ولو كان صائبا .
ومن بين األمثال الشائعة في هذا املضمار والتي تضفي صفة دونية على املرأة قولهم ":املرا
لفعة و متحزمة بإبليس", ،وكذلك قولهم "املرا اللي ماتاكلش العصا من أحد الحد تقول ما قدها
-1صورة املرأة في األمثال الشعبية :املرأة في مؤسسة الزواج كنموذج فوزي بوخريص
https://www.aljabriabed.net/n63_05bukgris.(2).htmماي 2019
-الثقافة الشعبية مجلة فصلية علمية محكمة العدد 42السنة الحادي عشر صيف 2018ص 47بتصرف 2
- 3قضايا املرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة ملحمد الغزالي ط 1991 /- 3دار الشروق القاهرة – بيروت ص .16
بتصرف .
57
حد " ،حتى أنها ال تساهم برأيها في التدبير املنزلي األسري ،وحتى لو أسهمت به فال يأخذ به "املرا
1
شاورها ,ال تدير بريها" ،فهذه الصورة تعكس الخلفية التي يتعامل بها املجتمع مع املرأة ،وبالتالي
فهي كيان ال قيمة له ،ومصدر للشؤم ومجمع الشر وال يرتاح بال االنسان إال عند موتها ( فموت
البنت ستر )و( دفن البنات من املكرمات ).
وهي مصدر الشقاء وحالها كحال بعض الحيوانات ،التي اعتبرها املثل الشعبي مصدر
2
للعناء ( اللي بغا العذاب يرافق النسا والكالب )
وهذه الصورة القاتمة تالحق املرأة في مراحل حياتها ،بدأ بالنبت والعانس واملتزوجة
واالرملة ،وغيرها من الحاالت ،ومن هذه األقوال املنتشرة نذكر ما يلي :
•(البنت تأكل ما تشبع وتخدم ما تقنع).
•(دار البنات خاوية).
•( البنت إما رجلها وإما قبرها).
• (لحم الهجالة مسوس وخا دير لو امللحة قلبي عافو)....
ً
لقد شكلت هذه املوروثات االجتماعية املهترئة عقوال متحجرة ،منغلقة ضيقة األفق ،رأت
ً ً
دستورا في التعامل مع في القوامة والزواج امتالكا ال مشاركة ،وصيرت بعض األعراف الخاطئة
املرأة ،فكان االستبداد هو شعار الرجل في التعامل معها ،واعتبر التعسف والشدة هي لون
التعامل األمثل مع الزوجة ،والصورة الحقيقة للقوامة .
ويمكن أن نؤكد حقيقة سبق أن انتهت إليها الكثير من الدراسات التي خاضت في موضوع
3
"صورة املرأة في األمثال الشعبية" ،وهي أنه " حتى ولو كانت هناك أمثال تقدم صورة إيجابية عن
املرأة ،فهي تظل مع ذلك محدودة العدد مقارنة مع غالبية األمثال التي ترسم صورة سلبية للمرأة،
- 1للتفصيل أكثر في هذه النقطة انظر مجلة املناهل السنة 25عدد 64شعبان 1422ماي 2001مقال لحسن
أميلي :املرأة املغربية في الذهنية من خالل األمثال لعامية /مجلة تصدرها وزارة الثقافة واالتصال املغربية –انطالقا
من الصفحة 292انظر كذلك ديوان سيدي عبد الرحمن املجدوب -بدون تاريخ
- 2املرأة أزمة الهوية وتحديات املستقبل احسان االمين ط األولى 2001دار الهادي لبنان ص 207وما بعدها .
بتصرف
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــورة امل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرأة ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي األمث ـ ـ ـ ـ ـ ــال الش ـ ـ ـ ـ ـ ــعبية :امل ـ ـ ـ ـ ـ ـرأة ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي مؤسسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ال ـ ـ ـ ـ ـ ــزواج كنم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوذج ف ـ ـ ـ ـ ـ ــوزي 3
بوخريص https://www.aljabriabed.net/n63_05bukgris.(2).htmماي 2019
58
1
وهذه الحقيقة ليست خاصة بالثقافة العربية ،بل تكاد تكون كونية ،وتكاد تكون تاريخية"
- 1نادية العشيري " صورة املرأة بين األمثال األندلسية واإلسبانية" دراسة بمجلة مكناسة(مجلة كلية اآلداب
والعلوم اإلنسانية-مكناس عدد 1996-10ص .14 -7
59
ولم تلبث املرأة أن أصبحت سلعة في السوق وجارية في القصور وكما مهمال مختزال في الجسد
والهو واالستمتاع ،ونقرأ في كتب التاريخ حكايات عن هذا الواقع املرير ،عن أرقام صادمة لحال
1
املرأة في القصور ،فقد كان عند الرشيد زهاء ألفي جارية وعند املتوكل أربعة آالف جارية .
ويحكي االصفهاني في كتابه األغاني مثال ذلك ،مبينا صورة الترف والبذخ أكثر حين
يقول " أنهن -أي الجواري -كن من نفيس املتاع الذي يتهاداه الناس ،وكان عدد الجواري يزيد على
عدد الحرائر في منازل كبار القوم واألثرياء ).وحين عاد موس ى بن نصير فاتح املغرب إلى دمشق كان
معه 30000جارية ،أهدى عددا منهن إلى الوليد بن عبد امللك .ويذكر أن سعيد أخو سليمان بن
عبد امللك اشترى جارية مشهورة بحسن غنائها بألف ألف دينار ،أما يزيد بن عبد امللك فاشترى
املغنية “شامة” بعشرين ألف دينار ،واشترى هارون الرشيد إحدى جواريه بمبلغ مئة ألف دينار،
وأحب محمد األمين بن هارون الرشيد أن يشترى جارية اسمها “بذل” من سيدها لكنه رفض ،فمأل
له قاربا من الذهب وأرسله إليه ،لكنه رفض وفضل االحتفاظ بالجارية ،وكان عند والدة جعفر
2
وحليها غير لبوس األخرى ّ
وحليها". كل واحدة ّ
منهن ّ البرمكي مائة وصيفة ،لباس ّ
3
وتزداد مالمح االنحطاط بكل تجلياته في عهد ملوك الطوائف ،وهو" عصر مليء
باالضطراب والفوض ى ،والتناحر والقبلية الصارخة ،واالنانية الهدامة ...حتى أصبح في األندلس
4
عشرين أسرة حاكمة" .
واملرأة أين كانت في كل هذا ؟ الجواب تقرأه في أشعار الغزل ،وأخبار الجواري والقصور،
ملهاة وسلعة في سوق النخاسة.
إن هذه الروايات والنقول التاريخية التي تمثل غيضا من فيض ،تؤكد أننا لسنا أمام
حاالت شاذة أو نزوات استثنائية ،وإنما هي حالة عامة من الترف واملتعة واملتاجرة باألجساد
والتفسخ واالنحالل ،طبعت أغلب مراحل تاريخنا السياس ي غيبت فيها املرأة ،وحوصرت كل
املفاهيم والقضايا املتعلقة بها ،وسادت أفهام للقوامة وغيرها ،وتلبدت املعاني الجميلة ،وتحولت
- 1تاريخ دمشق البن عساكر علي بن الحسن ط 1995دار الفكر 316 /73
- 2األغاني -االصفهاني تحقيق احسان عباس وآخرون ط 2008 3دار صادر بيروت ص88/ 9
3يمتد عصر ملوك الطوائف من سنة 422الى 484
4موسوعة التاريخ االسالمي أحمد شلبي ج 4ط 10مكتبة النهضة املصرية القاهرة ص114
60
الى عصا وقهر ،و رزع من تلك الحظة بذور احتقار املرأة وتهميشها وظلمها ،وهو ما سيستفحل
ويتعاظم جيل بعد جيل ،ويتولد معه فقه منحبس ،متوسع في استعمال سد الذرائع تحت وازعين
اثنين :
كونها فتنة يجب عزلها واتقاؤها . •
حمايتها من الفتنة والفساد الخارجين .
•
فترتب عن ذلك أحكام أسفرت عن انحطاط املرأة وتجهيلها ،مما جعلها في عطلة بال
1
شغل ،يغلب عليها الكسل وتغمرها السلبية ،والخمول النفس ي والعقلي .
وإذا كانت هذه املبالغات تدل على انحطاط األمة وتراجعها ،فهي تعطي إشارة واضحة
وقوية إلى انحباس أفق الفقه وترهله وانسداد أبوابه ،لتتضح الصورة أكثر في عصور التقليد
املتأخرة ،حيث " ازدادت مالمح التخوف من تغلب مظاهر الفساد ،واملجون والفتنة في املجتمع ،
وساد منحى التحوط في االحكام االجتهادية القائمة على الحد من خروج النساء ،وتقليص مشاركتهن
2
،وتبنى عدد من الخلفاء والعلماء ذلك التوجه التحوطي". في الحياة العامة
فتبلور بذلك أنماط من التفكير املبني على االحتياط ،أسهم في إبعاد املرأة عن ساحة
الفعل ،وسد باب االجتهاد ،وتقلص الفقه في حدود ضيقة ،ملا وقع على العلماء من ضغط الحاكم ،
فهجر الفقهاء قضايا الحكم واملجتمع واخلو الساحة ،ففقه الحكم في تراثنا يكاد يكون قاعا
صفصفا ،وفقه حقوق املرأة تابع ،ضاعت حقوقها مع حقوق الكافة ،فتقلص بذلك الفقه تحت
رادعين اثنين :ضغط السلطان الحاكم بأمره ،وبعد املفتي و القاض ي عن املشهد العام .فالفقه
الجامد واالجتهاد الجامد أدخل القوامة وغيرها من قضا يا املرأة في غيبوبة دائمة ،وترك املجال
لبروز وظهور تفسيرات وتأويالت بعيدة عن الحقيقة والصواب ،فظلمت املرأة باسم دين غائب عن
امليدان ،مختزل في عبادات فردية وخالفات فقهية فرعية أكثر من أن تعد أو تحص ى ،وصار
اإلسالم جسدا بال روح ،وأضحى موروثا من املوروثات ،وغيبت مقاصد الشريعة وغاياتها الكبرى.
فحين نقلب صفحات املاض ي ،نجد صدى قضية املرأة في كتب فقهائنا القدامى على شكل
متون حيض ،ونفاس وحواش ي و وفتاوي -ال نقلل من قيمة فقهائنا العظام وال من فقههم معاذ
- 1التعليل املقاصدي :دراسة في أحكام األسرة عند مفسري الغرب االسالمي وفاء توفيق افريقيا الشرق 2018
ص 187
- 2أثر العرف في فهم النصوص ،قضايا املرأة نموذجا العلواني رقية طه جابر ط 1424 ،1ه ص 137
61
هللا -تخفي وراءها انهزاما ،أو حتى تواطؤ بعض الفقهاء الذين شغلهم هاجس الخوف من تشتيت
األمة وتفريق كلمتها ،فحوصروا في الحواش ي وتفسير الحواش ي ونقدها وتعديلها ونظمها.
وحصلت بذلك نتائج بعيدة الغور في جسم األمة اإلسالمية ،وفي عقلها وسلوكها ،لعلنا
نجملها في ما يأتي:
-1تشتت الدين في أفهام الناس وتمزقه في عقولهم ،فلم تعد هناك قدرة على استيعاب
معالم الكمال الشمولي ،وال معاني الوحدة اإليمانية العلمية ،فنشبت صراعات بين املحدثين
واملتصوفة ،وبين املتصوفة واملجاهدين ،ونشأت نزعات بين أهل العقل وأهل النقل ،وبين السنة
والشيعة ،وهكذا انتصر كل ذي رأي لرأيه ،وشايعه في ذلك أشياع وأتباع ،فتكونت إذاك الفروع
املذهبية والفرق الدينية والتوجهات السياسية.
-2استقالة العقل املسلم وانكفاؤه منزويا يتحرك في حدود ما يسمح به الحاكم ،وهو ما
أدى إلى تضخيم جوانب علمية معينة (لها أهميتها طبعا) ،كالفقه اليومي مقارنة مع جوانب علمية
أخرى ،كالشأن العام والحكم وقضايا املجتمع مثال ،واملتأمل في تاريخ العلوم اإلسالمية يبرز له
بشكل جلي هذا الحيز الكبير الذي تحتله مصنفات األحكام الشرعية الفقهية ،وهذا الغياب
والصمت املطبقان تجاه قضايا السياسية الشرعية ،لم يكن األمر أمر عجز عقلي علمي ،إنما هو
االستبداد والظلم ،أينما حال أوقفا عجلة التفكير السليم،وبالتالي تداول فتاوى ضيقة مقلدة
،فنالت املرأة الحظ األوفر عبر فهم خاطئ ومغال لقوامة ،ونتج عن ذلك ذاكرة شعبية وأعراف
أساءت الفهم واالدراك للقوامة .
-3ظهور انحراف في تطبيقات بعض العلوم ،كعلم الكالم مثال ،الذي بدأ أول ما بدأ جداال
عن الدين ،ومنافحة عن عقيدته ضد العقائد الضالة ،التي تسربت مع امتداد الدولة اإلسالمية
وبدخول أقوام جدد إلى اإلسالم ،ثم ما لبث أن زاغ عن سكته وحاد عن مبتدأ انطالقه ،ليحمل
سالح التكفير والتعسير والتبديع في وجه العامة والخاصة1
وزاد من فداحة األمر ،م ا خلفته صدمة االستعمار الغربي من تأثير ثقافي وقيمي ،المس
لس ْلخ األمة عن ماضيهاَ ،
وع ْزِلها عن النفس والقلب والعقل والفكر والهوية ،في ُمحاولة َ
واقعهاَ ،وت ْهميش دورها الحضاري والتاريخي .
- 1املرأة :نظرات في الفكر والتاريخ سعيد موالي التاج https://www. aljamaa.netماي 2019
62
ما أكثر ما يستشهد الناس بأحاديث ونصوص قرآنية ،لينتقصوا من قدر املرأة ،فيزيغون
الحديث عن سياقة ويعطونه داللته اللفظية املطلقة ،يقرأون بعضه ويسكتون عن بعض ،فال
عجب يغلب سوء الظن باملرأة ،ويغلب املوروث من احتقارها ويقلد الالحق السابق ،فيتأبد فينا
الفقه املنحبس ،ويحول بيننا والفقه الصحيح املستقي من املعين الصافي دون حجب.
و لعل فشو الجهل واألمية ،وتنامي وتداول بعض األقوال املكذوبة ،وسوء فهم بعض
النصوص القرآنية والحديثية ،كقول النبي ... « ما رأيت ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل
1
الحازم من أحدكن»..
2
وقوله تعالى (الرجال قوامون على النساء ) ،زاد في تحريف مفهوم القوامة عن سكتها
وتقويض مدلولها الصحيح ،لتدل على معنى القهر واالستبداد وعدم املشورة ،فقد "فهم بعض
الرجال هذه القوامة تسلطا و استبدادا واسترقاقا وتكبرا ،فعاملوا نساءهم تبعا لهذا الفهم
3
السقيم و الخاطئ سوء معاملة .
مما أعطى انطباعا أن للرجل أن يتصرف وفق إرادته املطلقة ،بناء على الفهم الظاهري
الحرفي للنصوص.
ومما يؤسف في هذا الباب أن البعض يعتبر أن القسوة على املرأة والخشونة في معاملتها
ضربا من الرجولة والشهامة ،ويعتبر مالطفتها واإلقبال على مودتها ضربا من امليوعة يخش ى أن
4
يعرف به بين الرجال ،بسبب املوروث الثقافي الذي أسهم في تلبيد الصورة الجميلة للقوامة،
- 1أخرجه البخاري في كتاب الحيض باب ترك الحائض الصوم رقم 304وكذلك في كتاب الزكاة باب الزكاة على
األقارب وقال النبي له أجر القرابة والصدقة رقم 1462ومسلم في كتاب اإليمان باب نقصان اإليمان ينقص
الطاعات وبيان إطالق لفظ الكفر في غبر الكفر هلل ككفر النعمة والحقوق رقم 132والترمذي في كتاب اإليمان
باب ما جاء في استكمال اإليمان وزيادته و نقصانه رقم 21613وابن ماجة في كتاب الفتن باب فتنة النساء رقم
4003وأحمد في مسند املكثرين من الصحابة رقم .5091
- 2سورة النساء اآلية 34،وغيرها من النصوص الحديثية واآليات القرآنية التي س يء فهما بقصد أو بال قصد
--3تحفة العروس أو الزواج اإلسالمي السعيد ملحمد مهدي االستامبولي .ط-1985/6:الرسالة اإلسالمية للنشر
ص 270
- - 4حقوق املرأة املسلمة حقوق املرأة املسلمة في املجتمع اإلسالمي –إلسماعيل بغدادي ط -1991/1:املنظمة
اإلسالمية ص 307
63
حيث انتشر" الوضاعين والكذابين والقصاص والوعاظ ،الذين روجوا أحاديث كثيرة منسوبة إلى
1
الرسول صلى هللا عليه وسلم تحط من قيمة املرأة ،كقولهم :
✓ » علقوا السوط حيث يراه أهل البيت فإنه أدب لهم «.
2
✓ وكذلك قولهم » أجيعوا النساء جوعا غير مضر واعروهن عريا غير مبرح « .
3
✓ ومنها أيضا قولهم »لوال النساء لعبد هللا حقا « .
✓ وأيضا »:النساء خلقن من ضعف وعورة فاستروا عوراتهن بالبيت ،وأغلبوا ضعفهن
4
بالسكوت«
✓ » من كانت عنده ابنة فقد فدح ،من كان عنده اثنتان فال حج عليه ،ومن كانت عنده
ثالث فال صدقة عليه وال قرى ضيف ،ومن كن عنده أربع فيا عباد هللا أعينوه ،أعينوه،
5
اقرضوه ،اقرضوه« .
6
✓ »للمرأة ستران القبر والزوج ،قيل فأيهما أفضل ؟ قال :القبر « .
وغيرها من األكاذيب املنسوبة إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،وكلها أحاديث تدعو إلى
حبس املرأة و التضييق عليها ومنعها من حضور الجمع والجماعات و األعياد ،مما أوقع املرأة في
ضرر بالغ نتيجة الفهم السقيم للقوامة ،عبر تصرفات جائرة مستندة في ذلك آيات قرآنية ساء
فهمها ،فيتم صياغتها في قالب تعسفي سلطوي ،وفي منظومة تشمل التضييق املتعسف والغيرة في
غير شبهة ،والنقد غير املبرر ،وتمتد أحيانا إلى اإلهانة بكل أشكالها ،فيتم حمل القوامة على غير
-1جامعة الصحوة اإلسالمية الدور 5حقوق املرأة وواجباتها في اإلسالم مقال :زينب النجاري حقوق املرأة املسلمة
بين شبهات الجاحدين وظلم الجامدين ط 1999/1:مطبعة فضالة –املحمدية -ج 3ص 308بتصرف.
- 2الفوائد املجموعة في األحاديث املوضوعة ملحمد بن علي الشوكاني ط 1986 / Iدراسة وتحقيق حمد عبد
الرحمن عوض -دار الكتاب العربي ص 150
- 3كتاب ا ملوضوعا ت البن الجوزي ط- 1983/2:تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان – .دار الفكر .ج 2ص255
- 4العلل املتناهية البن الجوزي ط 1دار الكتب العلمية بيروت 1983ج 2ص 632
َ
- 5املوضوعات البن الجوزي الجزء الثالث ط 1مكتبة أضواء السلف الرياض 1997ص 75
- 6نفسه ص 551
64
محملها ،فتجد البعض يحسب القوامة في ارتفاع الصوت والسوط والسب واللعن ،وبعضهم يظن
أنها التهديد والوعيد ،والنتيجة حلبة صراع منصوبة ليل نهار ،وانحدار ما أن يبدأ حتى يتهاوى معه
البيت على رؤوس ساكنيه.
ومما تجدر اإلشارة إليه أنه مما ساهم في تفاقم هذه النظرة الدونية والفهم السقيم
للقوامة ،انشار وشيوع األقوال واألمثال العامية (.وقد سبقت اإلشارة إليها )
وإن أهم ما ينبغي أن توجه إليه األنظار في هذا الزمان ضرورة التفرقة بين اإلسالم
و املسلمين ،ذلك أن الخلط بين الدين وممارسات معتنقيه نكانت له نتائج سيئة ،أخطرها
ما يحدثه ذلك من لبس وغموض وحيرة وشك عند كثير من املسلمين ،و بخاصة النساء .
إن جهل املسلمين بأحكام اإلسالم وغياب صورته األصلية أهم سبب فيما يرتكب من
أخطاء ،ومن هذه األخطاء سوء استعمال حق القوامة على املرأة ،فاهلل تعالى جعل القوامة للرجل
على املرأة وجعل للرجال على النساء درجة ،إال أنه جل شأنه أيضا أمر بمعاشرتهن باملعروف ،و ال
ريب أن القوامة واجب على الرجل أكثر من كونها حقا له ،ونجاحه في هذا الواجب يعتمد على
حسن سياسته و إدارته لألسرة بالشورى واملعروف و اإلحسان ،فاإلدارة الناجحة ش يء أخر غير
السيطرة ،فاإلدارة تتطلب مهارة وحنكة وحزما وحكمة ،أما السيطرة فال تتطلب إال الشدة،
والعنف وهو ما دخل في ش يء إال شانه.
كما أن استيعاب اآلية القرآنية أو الحديث النبوي ،يقتض ي البعد عن الفهم السطحي
التجزيئي املنحبس ،وقراءتهما في سياقهما وأسباب النزول والورود ،وفي إطار التكامل املعرفي
والوظيفي ،وبدل أن تفهم املرويات في ضوئه فتستمد منه االضاءة للزوايا املعتمة والقضايا
امللتبسة ،فتتضح الرؤيا ويرتفع االلتباس ،يحصل العكس ،فيفهم القرآن في ضوء النصوص
الجزئية والظنية ثبوتا أو داللة ،وفي ضوء األفهام البشرية النسبية ،مما ينتج عنه نظر باهت
1
ومضطرب وغير واضح .
وأي انحراف على املنهج الصحيح يوقع المحالة في تشويه املعنى ،وتغليب الرأي املرجوح
ً ً
عن الراجح ،وقلب الحقائق وتزويرها عن حقيقتها ،فليست القوامة كتما ألنفاس النساء ،ومنعا
ً ً للمرأة من التعبير ّ
عما في نفسها ،ليست القوامة احتقارا للمرأة وازدر ًاء لها وإهدارا لكرامتها
ً
وانتقاصا من قدرها ،بل هي حف ظ ورعاية وصيانة وحماية وتكريم وكفاية وإنفاق.
- 1األسرة في القرآن الكريم حصن بالعدل وحضن للفضل فريد شكري ط 2مطبعة النجاح الجديدة الدار
البيضاء 2018ص 3
65
ثالثا :منطلقات الستيعاب مفهوم القوامة وقضايا املرأة
ملا كان املجتمع البشري له أساس ،وله بناء وله سكن ،فأساسه األسرة التي تقوم على
منهج الشرع ،هذه األسرة التي هي أقوى وأجل منظمات املجتمع ،فهي الخلية االجتماعية األولى
التي ينتظم من خالل سلوكياتها أفراد األسرة جميعا ،فهي املهد الطبيعي لإلنسانية التي تبني
أجيال متماسكة.
واألسرة بناء أساس ي في املجتمع ،يخضع أفرادها إلى ضوابط تحدد السلوك ونوعية
العالقات بين بعضم ببعض ،ضوابط يحكمها ويحددها الشرع الحكيم ويوجه إليها ،لهذا جعل
العالقة الرابطة داخل األسرة هي املودة والرحمة والسكينة .
ومما الشك فيه أن بين الرجل واملرأة اختالفا في طبيعة التركيب والتكوين سواء الجسدي
أو النفس ي ،وهذا يستتبعه -وجوبا -تفريقا واختصاصا في بعض املسؤوليات واإلحكام مما يناسب
فطرة وطبيعة كل واحد ،ومما يخدم مؤسسة األسرة؛ فكلف الرجل بالقوامة وما يستلزمها من
مقتضيات وتبعات وواجبات .
القوامة من أهم دعائم نظام األسرة في التصور اإلسالمي ،على اعتبار أن األسرة مجتمع
مصغر معقد األمور ،فهي رعاية ومسؤولية ترتبط بما ألزم هللا به الزوج من وجبات اإلنفاق،
يقول تعالى الرجال قوامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أمالهم،1
2
وتعني هذه اآلية تنظيم الشؤون األسرية بشكل يقوم على الشورى والتوزيع العادل ،وتضع
املسؤولية على الرجل حتى يحمي بيته من عواصف الفساد ،وتضع مسؤولية على املرأة إذ تعرف
ما عليها من واجب فتؤديه حق األداء ،وبذلك يتم االنسجام بين الطرفين ،وتسير األسرة املسلمة
3
بذلك مسيرة االستقرار والبعد عن املحظور .أو الوقوع فيه ،فهي حماية لألسرة من أي مكروه وأي
اعتداء ،لكن هذا االختصاص من الرجل ال يجعل القوامة مساسا بشخصية املرأة ،أو االنتقاص
من أهليتها في التصرفات املالية أو غيرها.
وبالتالي فإذا قرأنا مفهوم القوامة في إطار الرعاية واملسؤولية كما يريدها الشرع الحكيم،
يتضح لنا أن القوامة أقرب إلى اإلدارة واإلشراف والتوجيه منها إلى التحكيم والسيطرة ،وتكون
- 1مجلة الوعي اإلسالمي العدد 384شعبان /1418-دجنبر –– 1997الصادر عن وزارة األوقاف والشؤون
اإلسالمية بالكويت.
- 2التحرير اإلسالمي للمرأة ملحمد عمارة ط 2002/ 1:دار الشروق – القاهرة ص113:
- 3سورة البقرة 231 :
67
املرأة بأنها ذات مسؤولية مشتركة ،وأنها تعيش في جو حياة مشتركة ،يهمها صالحها ويوغر صدرها
1
فسادها ،فتكتل قواها وتجمع أمرها على الحفظ والصيانة ،وكمال اإلشراف والرعاية ،بعيدا
عن القهر واالستبداد ،اللذان يؤديان إلى خلخلة في إدارة شؤون العالقة الزوجية والرابطة األسرية
،إذ اإلدارة الناجحة لألسرة تتطلب مهارة وحنكة وحزما وحكمة ،ومن الحكمة االستشارة ،وتبادل
الرأي في بلورة رؤية واضحة تكون سببا للتقارب بين الزوجين .
واإلحسان في املعاشرة يحمل كل دالالت املودة والرحمة والكلمة الطيبة والخلق الحسن
واالحترام املتبادل والتقدير ،كلها معاني مصاحبة للقوامة ال تنفك عنها ،بل هي جوهر ولب
القوامة ،وبالتالي فإذا استشعر الزوج هذه املعاني ،وترسخت لديه الشك أنه يستقيم شمل
األسرة ،ومن شذ عن ذلك واستبد وتعالى وتجبر وجار ،فإن اإلسالم ال يرض ى منه ذلك .
ولعل من أحسن ما تحدث عنه السنة في حسن العشرة واملودة ،ما رواه الشيخان في قصة
تقصها أمنا عائشة عن نسوة اجتمعن ،فتذكر كل منهن زوجها بما فيه من عيوب ومحامد ،قطعة
أدبية غنية بفوائد اللغة و شوارد البالغة ...،استحسن رسول هللا مغزاه ،فوصلتنا القصة
مطبوعة بطابع القبول النبوي ،لتعطينا نموذجا رفيعا من مالطفة الزوج ومداراته وتحببه ،
2
وحسن عشرته .قالت أمنا عائشة رض ي هللا عنها :قال رسول هللا « كنت لك كأبي زرع الم زرع ».
ثم إن القوامة في عمقها تعاون وتآزر وتكامل بين الرجل واملرأة ،هذه األخيرة التي لها
وظيفة مهمة وأساسية في توجيه هذه القوامة ،انطالقا مما خصها هللا بها من حافظية ،التي هي
قرينة للقوامة قال تعالى الرجال قوامون على النساء بما فضل هللا بعضهم على بعض وبما
3
أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ هللا، قال بن جرير الطبري "
يعني حافظات ألنفسهن عند غيبة أزواجهن عنهن في فروجهن وأموالهن ،وللواجب عليهن من حق
هللا في ذلك وغيره، ...وعن قتادة :حافظات ملا استودعهن هللا من حقه وحافظات لغيب أزواجهن ..
–- 1اإلسالم عقيدة وشريعة ملحمد شلتوت ط -1977/ 9دار الشروق القاهرة – بيروت ص/ 159 :بتصرف.
- 2أخرجه البخاري في كتاب النكاح باب حسن املعاشرة مع األهل رقم 5179ومسلم في فضائل الصحابة باب ذكر
حديث أم زرع رقم 2448للقاض ي عياض كتاب نفيس في شرح الحديث :بغية الرائد فيما تضمنه حديث أم زرع من
الفوائد
- 3سورة النساء34:
68
1
وعن السدي :تحفظ على زوجها ماله وفرجها ،حتى يرجع كما أمرها هللا .
ونجد في السنة بيانا نبويا للحافظية ،قال رسول هللا « ما استفد املؤمن بعد تقوى هللا
خير له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته ،وإن نظر إليها سرته ،وإن أقسم عليها أبرته ،وإن غاب
2
عنها نصحته في نفسها وماله» ،ففي اآلية الكريمة والحديث النبوي الشريف تتميز مالمح
الحافظية في نطاق الحياة الزوجية ،والتي يمكن إجمالها فيما يلي :جمال الخلق ،وحفظ األنساب
وحفظ الشرف والعفة ،وحفظ املال ،عناصر أساسية وحاسمة في بناء األسرة حفاظا على الشرف
واألنساب "،ألن النساء بفطرتهن يحفظن استمرار الجنس البشري ،بما هن محضن لألجنة
وحضن للتربية، ...هن املحضن ألجسام األنام والراعيات لحياتهم ،والواصلة الفطرية بين أطراف
البشرية ،والواسطة بين جيل وجيل.
فإذا اكتملت عناصر الحافظية والتحمت مع القوامة ،فإن ذلك سينسج رابطة قوية
أساسها املودة والرحمة ،ويرسم صورة جميلة من التراحم واإليثار والتعاون ؛ ومن جهة أخرى
فهذه العناصر واملقومات التي تناولناها ،لن يكون لها أثر إن لم يكن كل من الرجل واملرأة،
موصولين باهلل تعالى ،متهممين باآلخرة ومسارعين إلى نيل رض ى هللا تعالى سابقوا إلى مغفرة من
3
ربكم وجنة عرضها كعرض السموات واألرض وطلب مغفرته وعفوه ،ومتعاونين على عبادته
وطاعته ،متعهدين بتوثيق العالقة باهلل سبحانه وتعالى ،لتكون العالقة الزوجية ،أو العالقة بين
الرجل واملرأة بمثابة مدرسة للتربية اإليمانية املتطلعة إلى أرفع الدرجات عند هللا .
كما ال يكتمل الفهم السليم للقوامة اال :
.1باستحضار مكانة الزواج باعتباره آية من آيات اله تعالى ( ميثاق غليظ) ومقاصده
الغائية .
.2أننا نتعبد هللا بالزواج ونتقرب إليه ،وهذا سيضفي على األسرة معاني الجمال والجالل.
.3النظر إلى األسرة نظرة تكاملية قائمة على التعاون ،ال على الصراع والندية.
.4االبتعاد عن الفقه املنحبس املنغلق التسطيحي االختزالي والتجزيئي.
- 1جامع البيان عن تأويل آي القرآن ملحمد بن جرير الطبري ط– 1984:دار الفكر بيروت ج 4:ص. 60:
- 2أخرجه ابن ماجة في كتاب النكاح باب أفضل النساء رقم 1857
- 3سورة الحديد20:
69
.5نحتاج إلى قراءة تجديدية للنصوص الشرعية ،وإلى اجتهاد يبصر األمور من شمولها،
ويستنبط األحكام من أصولها ،مع االستفادة من ذخائر أئمتنا األكابر ونخل تراثنا
الفقهي.
.6قراءة شاملة مستوعبة للنصوص الشرعية ،مستحضرا فيها كليات الشريعة ومقاصدها
،وال تقف عند جزئيات القضايا والنوازل الغابرة ،حتى نتجاوز األحكام التي قزمت املرأة
وأردتها قعيدة البيوت سجينة الجدران في عطالة طويلة ،تعرقلها عن ممارسة حافظيتها
1
كاملة شاملة
.7القضايا األسرية عموما تحتاج إلى اجتهاد جماعي ،نظرا لتداخل عناصرها وترابط بعضها
ببعض( .االجتماعي والثقافي والطبي واالجتماعي والنفس ي والسياس ي )...
خالصات
القوامة في عمقها رحمة وتفاهم وشورى ،وليست تسلط وهيمنة ✓
2
،أساسها ( عاشروهن باملعروف) ،كما قال تعالى " وخيركم خيركم ألهله " ،كما أخبر النبي
، فالشورى قيمة أساسية ومنهج للتعامل داخل املحيط األسري ،ينطلق منها الرجل
وينتهي إليها ،وكذا االحسان في السلوك واملمارسة والقول والفعل ،مما يعطي لهذه
الرابطة نوعا من الدفء ،وبعدا آخر سماته االحترام والتفاهم والتكامل والتعاون ،وال
يحصل هذا االحترام الخالص ،والرحمة املتبادلة الوفية إال باإليمان بوجود عالقة
صداقة أبدية ،ورفقة دائمة سرمدية في زمن النهاية له ،وتحت حياة ال حدود لها ،تربطها
عالقات محترمة مرموقة ،وأخوة خالصة نقية وصداقة وفية نزيهة ،إذ األسس
واملنطلقات اإليمانية تذيب جليد االختالفات ،وتؤسس ألسرة فاضلة وفهم سليم للقوامة
قضايا املرأة – القوامة -في املتخيل الشعبي والتداول العرفي ،في ✓
غالبها تعالج بنظرة سلب ية قدحية ،فيها انتقاص من املرأة ،وهذا يتنافى واملبادئ واألسس
التي رسمها التشريع للقوامة ،املبنية على الرعاية واملشاركة والحماية ،والتآزر والتعاون
والتكامل والتوادد بين الزوجين " ،فالقوامة تكليف ال تشريف ،وأمانة و مسؤولية وإدارة
- 1القوامة والحافظية رشيد كوهس :الندوة الدولية الثانية كلية اآلداب عين الشق القيم األسرية في القرآن
الكريم مارس 2016ط 2017 1مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص 196بتصرف
- 2نفسه ص 197
- 3سيماء املرأة في االسالم فريد االنصاري ط 2003 ، 1طوب بريس الرباط ص36
71
.9التعليل املقاصدي دراسة في أحكام االسرة عند مفسري الغرب االسالمي وفاء توفيق افريقيا الشرق 2018أ
الثقافة الشعبية مجلة فصلية علمية محكمة العدد 42السنة الحادي عشر صيف 2018 .10
جامع البيان عن تأويل آي القرآن ملحمد بن جرير الطبري ط– 1984:دار الفكر بيروت. .11
الجامع الصحيح :سنن الترمذي -تحقيق وشرح أحمد شاكر – دار الفكر .12
.13الجامع الصحيح للبخاري أبو عبد هللا محمد بن إسماعيل ط 1:تحقيق محن الدين الخطيب – ترقيم
محمد فؤاد عبد الباقي –املطبعة السلفية القاهرة .
.14جامعة الصحوة اإلسالمية الدور 5حقوق املرأة وواجباتها في اإلسالم ج 3حقوق املرأة املسلمة بين
شبهات الجاحدين وظلم الجامدين :زينب النجاري ط 1999/1:مطبعة فضالة –املحمدية -
حقوق املرأة املسلمة في املجتمع اإلسالمي –إلسماعيل بغدادي ط -1991/1:املنظمة اإلسالمية .15
حقيقة العالقة بين الرجل واملرأة –للدكتور زهير محمد الزميلي ط 1988/ 1دار الفرقان -األردن .16
ديوان سيدي عبد الرحمن املجدوب -بدون تاريخ .17
سعادة األسرة لحسن الشقرماني ط – 2002/1املطبعة والوراقة الوطنية – مراكش .18
سنن ابن ماجة ط -1975:تعليق وتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي –دار احياء التراث العربي . .19
سنن أبي داود – مراجعة وتعليق :محمد محي الدين عبد الحميد – دار الفكر . .20
سيماء املرأة في االسالم فريد االنصاري ط 2003 ، 1طوب بريس الرباط .21
صحيح مسلم ط 1991-1تعليق محمد فؤاد عبد الباقي – دار الحديث – القاهرة. .22
صورة املرأة بين املنظور الديني والشعبي والعلماني" علي افرفار "دار الطليعة –بيروت1996- .23
.24صورة املرأة في األمثال الشعبية :املرأة في مؤسسة الزواج كنموذج فوزي بوخريص
https://www.aljabriabed.net/n63_05bukgris.(2).htmماي 2019
العلل املتناهية البن الجوزي ط 1دار الكتب العلمية 1983بيروت .25
.26الفوائد املجموعة في األحاديث املوضوعة ملحمد بن علي الشوكاني ط 1986 / Iدراسة وتحقيق حمد
عبد الرحمن عوض دار الكتاب العربي
قصة الحضارة" :ول ديورانت ج / 1املجلد/ / 1ط .1973 4 .27
قضايا املرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة ملحمد الغزالي ط 1991 /- 3دار الشروق القاهرة – بيروت .28
.29القيم األسرية في القرآن الكريم -الندوة الدولية الثانية كلية اآلداب عين الشق مارس -2016القوامة
والحافظية رشيد كوهس ط 2017 1مطبعة النجاج الجديدة الدار البيضاء
كتاب ا ملوضوعا ت البن الجوزي ط- 1983/2:تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان – .دار الفكر. .30
مجلة البيان-عدد 355فبراير -2000فاطمة يوسف العلي "املرأة في املأثورات الشعبية الكويتية". .31
.32مجلة املناهل السنة 25عدد 64شعبان 1422ماي 2001لحسن أميلي :املرأة املغربية في الذهنية من
خالل األمثال لعامية /مجلة تصدرها وزارة الثقافة واالتصال املغربية .
72
.33مجلة الوعي اإلسالمي العدد 384شعبان /1418-دجنبر– 1997الصادر عن وزارة األوقاف والشؤون
اإلسالمية بالكويت.
.34مجلة مكناسة(مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية-مكناس عدد 1996-10نادية العشيري " صورة
املرأة بين األمثال األندلسية واإلسبانية"
املرأة أزمة الهوية وتحديات املستقبل احسان االمين ط األولى 2001دار الهادي لبنان. .35
املرأة املسلمة وفقه الدعوة إلى هللا للدكتور علي عبد الحليم محمود ط1992/3دار الوفاء –املنصورة . .36
املرأة والدين واألخالق -هبة رؤوف عزت – نوال السعداوي ط 2000/ 1:دار الفكر – دمشق. .37
املرأة :نظرات في الفكر والتاريخ سعيد موالي التاج https://www. aljamaa.netماي 2019 .38
مسند اإلمام أحمد ط – 1978/2:املكتب اإلسالمي بيروت. .39
موسوعة التاريخ االسالمي أحمد شلبي ج 4ص 114ط 10مكتبة النهضة املصرية القاهرة .40
73
هوية النساء املسريّات يف اجلزائر
د :.فؤاد منصوري
قسم العلوم السياسية كلية احلقوق والعلوم السياسية ،
جامعة باجي خمتار عنابة اجلزائر
مقدمة:
يعد تطور املجتمع وما يحدث فيه من تغيرات اجتماعية أحد أهم املواضيع املتناولة في علم
االجتماع ،ويختلف تناول هذا املوضوع باختالف الباحثين وانتماءاتهم االبستيمولوجية والنظرية،
ومقابل هذا االختالف أجمعوا على أن التغير االجتماعي سنة من سنن الحياة البشرية ال يمكن
تجاوزها.
من هنا فإن التغي ر االجتماعي الحادث على وضعية املرأة في العالم والعالم العربـ ـ ـ ــي
بالخصوص ،شكلت موضوعا خصبا للدارسين والباحثين في حقول العلوم االجتماعية تحديدا
حول ظاهرة خروج املرأة للعمل وانعكاسات عملها على األسرة واالتجاهات حول العمل واملجاالت
التي يمكن للمرأة االشتغال في إطارها .كما ركزت هذه الدراسات على تنوعها وقلتها على الوضعية
واملكانة الجديدة للمرأة ،ذلك أن تقلدها ملناصب نوعية كانت محظورة عليها نتيجة التقسيم
االجتماعي لألدوار بينها وبين الرجل ،جعل من مسار هذه الدراسات تأخذ منحى آخر وهو دراسة
هذه الفئة السوسيو-مهنية ومحاولة استجالء عناصر تشكل هويتها.
فاملرأة املسيرة كفئة ضمن فئات سوسيو-مهنية تصطدم خالل ممارستها لفعل التسيير
بذهنيات كانت وال زالت ترفض املرأة في مثل هذه املواقع واملناصب –ضمنيا أو ظاهريا -كون
املؤسسة الجزائرية االقتصادية الصناعية خصوصا تمثل عاملا رجاليا باألساس من جهة ،ومجتمعا
مصغرا للمجتمع الجزائري من جهة أخرى ،وبالتالي تحمل كل مقومات املجتمع الكبير –القيم
واملعايير -هذه الثقافات تتفاعل جميعا لترسم مالمح هوية املرأة املسيرة في املؤسسة الصناعية
املتفاعلة مع التحوالت السياسية ،االقتصادية واالجتماعية على املستوى املحلي واإلقليمي.
-1مكانة املرأة في املخيال االجتماعي:
إن التغيرات االقتصادية واالجتماعية والسياسية التي مست بنية املجتمع الجزائري بعد
االستقالل صاحبت معها دخول املرأة إلى فضاءات كانت حكرا على الرجل ،أي تغيرت صورتها
االجتماعية واالنساق القيمية املوروثة.
74
وللبحث في هذه التغيرات الحادثة على وضعية املرأة يقتض ي منا العودة إلى املجتمع الذي
تعد صورة املرأة جزءا ال يتجزأ منه.
"ففي وقت ليس ببعيد يعد خروج املرأة للعمل في حد ذاته إشكاال مطروحا ،وهذا يرد إلى
عوامل مختلفة منها:
موازين السياقات السوسيولوجية مع كل ما تخفيه من إكراهات (الذهنيات ،ممارسة
اجتماعية تنقص من قيمة العمل النسائي1.")...
فمن جانب األسرة بدا االختالف بين البنات والذكور مقدرا منذ وقت مبكر وخاصة في
مجتمعنا التقليدي مهام للبنات ،أشياء مباحة ألحد دون اآلخر ،تفضيل ألحد منهما على اآلخر
والذي يعطي لآلخر اإلحساس بالدونية ،ونتيجة لذلك يتولد اإلحساس بعدم التساوي.
كما تظهر املدرسة كوسط يؤكد بطريقة أكثر أو أقل وعيا على االختالفات بين الجنسين،
وذلك من خالل البرامج املوزعة التي تدعم عدم املساواة التدريجية بينهما 2وتؤكد أن مكان املرأة هو
البيت أكثر من أي فضاء اجتماعي.
وبهذا املعنى:
"فإن مواقف اآلباء واملدرسين تؤثر بإفراط في االختيارات املدرسية واملهنية للبنات
وتوجيههن نحو املهام التقليدية "النسوية" ويبتعدن عن املهام التي تعتبر رجالية"( 3.حسب
التصورات املهيمنة).
"كل هذه القيم املكتسبة من وسط العائلة واملدرسة تخترق كل طبقات املجتمع وتعبر عن
سلوك جماعي أو فردي للمواطنين4".
لكن رغم سلبيات املدرسة في تكريس التمييز الجنس ي إال أنه ال يمكن إنكار الجانب اإليجابي
لهذا الفضاء الذي يعد عامال جوهريا في مساعدة املرأة على اختراق فضاء العمل وبالتالي:
"بدأت الصورة االجتماعية في نظام القيم التقليدي تفقد بعض أهميتها إذ خلق التعليم
أضف إلى ذلك النصوص القانونية التي أقرت املساواة بين الجنسين وحق املرأة في العمل،
وألغت التمييز القائم على أساس الجنس في التوظيف.
"غير أن هذا الحق اصطدم بمضايق ات من نوع موضوعي مرتبطة بقيود مالحظة في موضوع
التوظيف وأخرى من نوع ذاتي خاضعة لتطبيقات سوسيو -ثقافية"2.
والجدير بالذكر أنه رغم أن هذين العاملين (التعليم ،القانون) قد هيآ الظروف لخروج
املرأة إلى فضاء العمل ،إال أنه كان امتدادا لوظيفتها في املنزل التي يغلب عليها طابع الخدمة
(التعليم ،التمريض )...أكثر من مهن أخرى و خاصة التصورية الصناعية منها
"ووفق شروط وصف ات مرتبطة بالنموذج التقليدي للمرأة أي :الصبر ،الطاعة ،الدقة
والخضوع3 ".
فتميز النساء في بعض الوظائف أو القطاعات دون األخرى يمكن ربطه بطبيعة التكوين
النسوي نفسه ذلك أنهن أقل بروزا في املستوى الجامعي ،خاصة في التخصصات التقنية (ال
يتوجهن إلى الرياضيات والعلوم الفيزيائية ولكن نحو اآلداب والفنون)4.
1عبد القادر العرابي ،املرأة العربية بين التقليد والتحديد،مجلة املستقبل العربي ،مركز الدراسات العربية ،العدد
،1996 ،205ص.62
2 Femmes et Développements, Op.cit, P 214.
3 Ibid, P 230.
4بالتصرف عنIbid, P 294. :
5عمر عسوس ،املرأة والعمل في الجزائر ،ندوة حول املرأة في املجتمع العربي ،ليبيا( ،1985 ،دون ذكر الصفحة).
76
"فالنساء ال يزلن نادرات في مستوى التأطير (1.")...
و بمعنى آخر:
"فتواجدهن ينقص كلما ارتفعنا في السلم الهرمي ونسبة قليلة من اإلطارات نادرا ما
نجدهن رؤساء مصالح ،وتعتبر من الحاالت االستثنائية أن يمنحن مناصب اإلدارة التي يشغلها
عامة الرجال الذين تكون لديهم فرص الترقية أكثر من النساء ،وحتى وإن كن أكثر كفاءة فإنهن
أقل تأهيال للمناصب الرئاسية"2.
ولتحليل هذ ا املوضوع ينبغي التأكيد على أهمية ثقافة املجتمع التي تؤثر وتنتقل إلى
املؤسسة عن طريق الفاعلين فيها ،ذلك أنهم :ال يستطيعون التخلي عن هويتهم وثقافتهم عند
دخول املؤسسة:3
"فاألحكام النمطية املتعلقة بدور الجنسين بإمكانها أن تحد من فرص وصول النساء إلى
مواقع متقدمة في إدارة الكثير من املؤسسات" 4كما يتعلق األمر بمسألة أخرى:
"الكثير من العامالت يتركن العمل بمجرد زواجهن أو عند إنجابهن املولود األول"5.
1 Jean Bonis, le Management comme Direction d'Acteur-maitriser la dynamique humaine de
l'entreprise, Editions d'organisation, Paris, 1984, P 66.
2 Claude Durbar et Pièrre Tripier, Sociologie des Professions, Armand Colin Editeur, Paris, 1998, P
63.
3 Kamel Abdellaziz Bouguerra, La culture d'entreprise en question, Revue Hommes et
Entreprises en Algerie, Revue Internationale de Gestion, Editée par le Cerise, N°1, Annaba, 1994, P
06.
4 Helbriegel, Sloun, Woodman, Management des Organisations, traduit par Michel Truchan, Sporta,
Deboeck université, Paris, 1989, P 44-45.
5بو عبد هللا لحسن ،البعد الثقافي واإلجتماعي لسلوك العامل وعالقته بإدارة املؤسسة ،ثقافة التسيير ،أعمال
امللتقى الدولي املنعقد بالجزائر ،د.م.ج ،الجزائر ،1992 ،ص .193
6 Sekiou et Autres, Op.cit, P 205.
77
االرتفاع في السلم الهرمي والتمركز في املناصب التسييرية السامية ،غير أن:
"تمركز النساء في هذه املناصب يضع لهن باألخص مشكل بناء هوية جديدة ،بين بعض
اإلدراك النسوي من قبل التربية وبعض مبادئ السلوكات الذكورية املفروضة من قبل التنظيم"1.
ونظرا لقلة الدراسات حول هوية هذه الفئة التي تعتبر جزءا من فضاء املؤسسة جاء
سؤالنا املركزي املؤطر لهذه الورقة كالتالي:
كيف تتحدد هوية النس اء املسيرات في الجزائر؟ ( حالة مؤسسة سيدار للحديد والصلب/
عنابة).
وقد تفرع عن هذا االنشغال املركزي األسئلة الفرعية التالية:
-1كيف تتحدد الخصائص السوسيو-ثقافية للنساء املسيرات ؟
-2كيف تتحدد الخصائص املهنية للنساء املسيرات ؟
-3كيف يتحدد تصور املتعاونين عن هوية النساء املسيرات؟
-3املفاهيم املركزية للدراسة:
1-3مفهوم الهوية
-التعريف األول:
يستعمل مفهوم الهوية لتفسير الخطابات التي تتعلق باألفراد حول عالقاتهم في العمل ،في
جماعة مهنية في املؤسسة ولكن أيضا حول سيرهم السابقة2.
نالحظ أن هذا التعريف قد ركز على مؤشر وحيد للهوية متمثال في متغير السيرة املهنية
دون متغير السيرة االجتماعية.
-التعريف الثاني:
الهوية هي بماذا يحدد الفرد اجتماعيا ،باالنتساب إلى العديد من املجموعات االجتماعية،
أصله الجغرافي ،عائلته ،مهنته ،مؤسسته ،ناديه (في وقت الفراغ) ،انتماؤه الديني والسياس ي3.
1 Jean François Chantal, L'individu dans l'organisation –Les dimensions oubliées- Les presses de
l'université Laval et les éditions ESKA, Canada, 1990, P 434.
2 Michel de Coster, François Pichaurt, Traité de Sociologie du travail, De Boeck université, Paris,
1998, P 395.
3 Philippe Bernoux, La sociologie des organisations, Editions du Seuil, Paris, 1985, P187..
78
-التعريف اإلجرائي للهوية:
تتحدد مالمح الهوية في دراستنا من خالل املكونات التالية:
أ -مجموعة الخصائص السوسيو-ثقافية املتمثلة في:
الخصائص االجتماعية ،املستوى التعليمي ،التخصص ،األصول الجغرافية ،االجتماعية
والسياسية.
ب -مجموعة الخصائص املهنية املتمثلة في:
املسار املنهي ،االنتماء االجتماعي ،النشاط النقابي والوضعية املهنية.
2-3مفهوم املرأة املسيرة:
-التعريف األول:
"هو ذلك الشخص الذي يستطيع القيام باألعمال وإنجاز املهام من خالل اآلخرين ،فهو
مخطط ومنشط ومراقب ومنسق لجهود اآلخرين لبلوغ غرض مشترك ،وعليه تعتبر من الناحية
األصولية مسيرا كل مسؤول عن أعمال
اآلخرين ،والبد أن تكون للمسير سلطة معينة التخاذ القرارات"1.
نالحظ أن التعريف قد ركز على املهام الرئيسية التي تميز املسير (التخطيط ،املراقبة،
التسيير ،التنسيق) باإلضافة إلى تركيزه على ضرورة تمتع املسير بهامش من سلطة اتخاذ القرار.
-التعريف الثاني:
يعتبر املسير الشخص الذي له ميزات خاصة تتعلق بمهامه اإلدارية بمعنى :التخطيط،
التنظيم واملراقبة ،وله منصب رسمي في التنظيم كرئيس مصلحة مثال2.
1محمد رفيق الطيب ،مدخل للتسير – أساليب ،وظائف ،تقنيات – ديوان املطبوعات الجامعية ،ج ،1الجزائر،
،1990ص.10
2بالتصرف عنSékiou et Autres, Op.cit, P 9. :
79
3-3مفهوم املتعاون:
-التعريف األول:
هو ذلك الشخص الذي يكون تحت سلطة شخص آخر1.
-التعريف الثاني:
هو ذلك الشخص الذي يكون في وظيفته خاضع ألوامر شخص آخر :تبعية العامل لرئيسه
(رئيس مصلحة مثال)2.
كما يرى "كاتز" أنه ال يجب أن نحدد املسير املثالي من خالل خصائصه (الذكاء ).... ،أو من
خالل املواقف (تعاوني ).... ،ولكن من خالل الكفاءات التي يحددها في:
-الكفاءة التقنية :وتشير إلى فهم محدد واختصاص محدد في مجال محدد من النشاط،
وتتطلب هذه الكفاءة معرفة متخصصة ،قدرة تحليلية في ذلك التخصص وسهولة في استعمال
األدوات التقنية.
-الكفاءة اإلنسانية :وهي قدرة املسير على العمل في جماعة وعلى خلق روح التعاون داخل
تلك الجماعة التي يقودها.
هذه الكفاءة تعبر عن الشكل الذي يدرك به الفرد مسؤوليه ونظرائه وأتباعه والطريقة التي
تقوده الى النتائج.
-الكفاءة الذهنية :هذه الكفاءة مرتبطة بالقدرة على فهم املؤسسة على أساس أنها كل،
تستلزم هذه الكفاءة معرفة جيدة للترابطات بين وظائف التنظيم ومستلزماته.
إن تناول الباحثين ألدوار وكفاءات املسير هو ترجمة إلى كونه فاعل اجتماعي بغض النظر
عن جنسه ،وباملقابل نجد ندرة النساء في مثل هذه الوظائف (وظائف التسيير) :فماذا عن املرأة
والتسيير؟ ...
وتضيف " "Rosnerأن هذه االختالفا ت تظهر عندما يتكلم النساء والرجال عن طريقة
عملهم ،إذ أن الرجال أكثر استعدادا للقيادة التصالحية وعالقاتهم مع معاونيهم تقدم كمنظومة
مصالحة في نظام قائم على املكافأة والعقاب ،ويستعملون سلطة أكثر مما يمنحها لهم مركزهم في
التسلسل الهرمي.
أما النساء فيملن إلى التكيف مع أسلوب القيادة التحويلية فه ن يحرضن معاونيهن على
تشابه مصالحهم مع مصالح الجماعة ويستعملن الحوار في فرض سلطتهن في التسلسل الهرمي،
يعني ذلك أنهن يشجعن التسيير باملشاركة وتقسيم السلطة واالعالم2.
1 Judy Rosner, Les Femmes ne Dirigent plus comme les Hommes, Revue Management N° 65, Paris,
2000, P28.
2 Ibid, P 31.
82
-النساء منذ وقت قليل فقط وصلن املناصب السامية.
غير أن " "Cycrthia Epsteinترجع ذلك إلى محيط عملهن وهو املؤسسات املتوسطة و التي
غالبا ما تشجع االدارة باملشاركة1.
وهذا ما يؤكد قول البعض بأن االختالفات املوجودة بين الرجل واملرأة في نمط التسيير هي
كون املرأة أكثر إنسانية3.
-2-6التصوراملساواتي:
هذا التصور يؤكد أصحابه على عدم وجود فرق بين تسيير املرأة وتسيير الرجل.
حيث خلص "توني ميالميد" من دراسة أجريت على ( )1200مديرة إلى أن الفروق املوجودة
بين الرجل واملرأة في املجتمع ال تعني بالضرورة حتمية وجود الفروق ذاتها في حقل الوظيفة والعمل
اإلداري ،ويضيف أن املديرات يتفوقن على املدراء في األداء وا لكفاءة ،ليصلن في بعض األحيان إلى
درجة متميزة وكبيرة من التسلط ومسك زمام األمور بقوة دون مناقشة ومشاورة4.
واملالحظ أن بعد التسيير أصبح بعدا رئيسيا من أبعاد هوية املرأة في املؤسسة والسيما
املرأة املسيرة ،التي أصبحت تنادي بضرورة التعامل معها في املؤسسة على اساس أنها مسيرة قبل
أن تكون امرأة ،و أصبح مجال التسيير من املجاالت التي تقتحمها ولم يعد حكرا على الرجل فقط
وخاصة في القطاع الصناعي.
-7الخالصة:
إن التحقيق حول مالمح هوية النساء املسيرات ببعديها السوسيو -ثقافي واملنهي قد خلص إلى
النتائج التالية:
86
3-7تصور املتعاونين عن هوية املرأة املسيرة:
إن النساء املسيرات في تفاعل مستمر مع األفراد في التنظيم ،وخاصة مع متعاونيهن ،هذا
التفاعل املستمر واملباشر يلعب دورا في تحديد تصور املتعاونين عن هوية املرأة املسيرة.
فبالنسبة ملدى قدرة املرأة على تولي املناصب التسييرية صرح غالبية املتعاونين (نساء،
رجال) بقدرة املرأة على تولي مثل هذه املناصب ،غير أن املتعاونين الرجال قد صرحوا بأن وصول
النساء إلى املناصب التسييرية هو أحيانا ما يكون نتيجة لكفاءتهن ،ذلك أن وصولهن يكون عن
طريق الوساطة حسبهم ،وهذا ما يعبر بشكل كبير عن عدم تقبلهم لهذه الفئة.
إن املتعاونين الرجال يختزلون دور املرأة إلى بعد رئيس ي وهو اعتبارها ربة بيت ،ويظهر
هذا من خالل تفسيرهم لقلة تواجد النساء في املناصب التسييرية.
إال أن املتعاونات النساء يفسرن ذلك بعدم تقبل الرجل للمرأة كمسيرة وبالتالي كمسؤولة
عليه (مسألة ثقافية أساسا).
إن النساء املسيرات يملن إلى تسهيل التوفيق بين الحياة العائلية والحياة املهنية وخاصة
للمتعاونين من النساء ،فهن يبدين الرعاية والنصيحة لهن حتى في حياتهن الخاصة.
تجدر بنا اإلشارة إلى تواجد الصراعات في مستوى محدود عندما يتعلق األمر بتسيير املرأة
لهيئتها حسب غالبية أفراد العينة ولعل هذا ما يمكن رده إلى أن:
النساء أقل ميوال من الرجال في بناء عالقاتهن االجتماعية على عالقات السيطرة والتراتبية.
أما عن الخصائص التي تميز املرأة املسيرة عن الرجل املسير فقد حددها املتعاونون على
وجه الخصوص في متغي ر العاطفة وفي تحديدهم للخصائص التي يجب أن تتوفر في املرأة املسيرة
ركز املتعاونون (رجال ،نساء) على ضرورة توفر الكفاءة التقنية.
لعل هذا ما يؤكد حسب املتعاونين على أن:
ما يميز النساء املسيرات عن الرجال املسيرين هو كون النساء يملن إلى الشك في كفاءتهن
أكثر من الرجال ،لذا فإنهن يصرحن أمام متعاونيهن بعدم معرفتهن إن كن قادرات على توجيههم أم
ال ،لذا فهن يطلبن من متعاونيهن أن يعملوا معا1.
وخالصة القول أن هوية املرأة املسيرة في الجزائر في تشكل دائم تفاعال مع التغيرات
1 Alain Laferté, Existe –t-il un mode de Mangement féminin?, www.lesechos.fr, consulté le
10/03/2019.
87
مما يجرنا الى طرح، الثقافية والسياسية وهذا ما يضيف مالمح متجددة لهذه الهوية، االجتماعية
ما هي أهم التحديات املستقبلية املطروحة بالنسبة لهوية النساء املسيرات في ظل: سؤال شرعي
التحوالت السوسيو اقتصادية العاصفة باملؤسسة االقتصادية ؟
الهوامش/ قائمة املراجع-8
1. -Femmes et Développement, ouvrage collectif, CRASC, Oran, 1995,P 57
2. –Ibid, P 170 . - بالتصرف عن- .
3. -Sekiou et Autres, Gestion des Ressources Humaines, les Editions 4L.INC, Montréal; 1993, p
679.
4. -Femmes et Développement, Op.Cit , P 171.
مركز الدراسات،مجلة املستقبل العربي، املرأة العربية بين التقليد والتحديد،عبد القادر العرابي- .5
.62 ص،1996 ،205 العدد،العربية
-Femmes et Développements, Op.cit, P 214. .6
-Ibid, P 230. .7
. : -بالتصرف عن-Ibid, P 294- .8
(دون ذكر،1985 ، ليبيا، ندوة حول املرأة في املجتمع العربي، املرأة والعمل في الجزائر،عمر عسوس- .9
.)الصفحة
10. -Jean Bonis, le Management comme Direction d'Acteur-maitriser la dynamique humaine
de l'entreprise, Editions d'organisation, Paris, 1984, P 66.
11. -Claude Durbar et Pièrre Tripier, Sociologie des Professions, Armand Colin Editeur, Paris,
1998, P 63.
12. -Kamel Abdellaziz Bouguerra, La culture d'entreprise en question, Revue Hommes et
Entreprises en Algérie, Revue Internationale de Gestion, Editée par le Cerise, N°1, Annaba,
1994, P 06.
13. -Helbriegel, Sloun, Woodman, Management des organisations, traduit par Michel Truchan,
Sporta, De Boeck université, Paris, 1989, P 44-45.
، ثقافة التسيير، البعد الثقافي واإلجتماعي لسلوك العامل وعالقته بإدارة املؤسسة،بو عبد هللا لحسن- .14
.193 ص،1992 ، الجزائر، ج.م. د،أعمال امللتقى الدولي املنعقد بالجزائر
15. -Sekiou et Autres, Op.cit, P 205.
16. -Jean François Chantal, L'individu dans l'organisation –Les dimensions oubliées- Les
presses de l'université Laval et les éditions ESKA, Canada, 1990, P 434.
88
17. -Michel de Coster, François Pichaurt, Traité de Sociologie du travail, De Boeck université,
Paris, 1998, P 395.
18. -Philippe Bernoux, La sociologie des organisations, éditions du seuil, Paris, 1985, P187.
،1 ج، تقنيات – ديوان املطبوعات الجامعية، وظائف، مدخل للتسير – أساليب،محمد رفيق الطيب- .19
.10 ص،1990 ،الجزائر
:-بالتصرف عن- Sékiou et Autres, Op.cit, P 9. - .20
21. -Dictionnaire Français Larousse, 2017, P 1124.-
Ibid, P 11 - .22
-21 ص، إستمارة النساء املسيرات.23
-26 ص، إستمارة املتعاونين.24
25.-H.Koontz et Autres, Management : Principes et Méthodes de Gestion, Mc Graw-hill
Editeurs, Canada, 1980, P11.
26. -Pierre Bergeron, La Gestion Moderne-theorie et cas-Gaeten Morin, Monréal, 1989, P 07.-
27.-O. Girault, Précis d'Organisation des entreprises-Organisation administrative, le travail
administratif- les éditions Foocher, Paris, 1970, P4.26.
28.-Judy Rosner, Les Femmes ne Dirigent plus comme les Hommes, Revue Management N° 65,
Paris, 2000, P28.
29 .- Ibid, P 31.-
30 .-Ibid, P 40.-
31.-Charles Tavel, l'ère de la personnalité – essai sur la stratégie créatrice- CNRS, Paris, 1975, P
242.
32.-Jean François Chanlat, L'Individu dans l'Organisation, Editions ESKA, Paris, 1975, P 412.
13 ص،2000 ، الجزائر،226 العدد،جريدة الصحافة--33.
34.-Guy Thuillier, les Femmes dans l'Administration depuis 1900, P.U.F, Paris, 1988, P167
35F.- Harel Giasson, Op.cit, P 47.-
36.-Alain Laferté, Existe –t-il un mode de Mangement féminin?, www.lesechos.fr, consulté le
10/03/2019.
89
املرأة واملسألة االجتماعية يف السياسات العمومية يف اجلزائر
قراءة سيوسيوجندرية ()2018- 1999
د.حامي حسان
أستاذ علم االجتماع بكلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية
جامعة حممد ملني دباغني ،اجلزائر
ملخص:
ستروم هذه الورقة واملوسومة بـ املرأة واملسألة االجتماعية في السياسات العمومية فيُ
الجزائر ،تتبع مسار حضور املرأة في استراتيجيات الدولة الجزائرية وسياساتها العمومية في سياق
اإليفاء بمقتضيات املسألة االجتماعية وتحديدا ماتعلق بالتعليم ،والشغل ،والحماية االجتماعية،
إضافة الى جملة اإلصالحات التشريعية وآليات التمكين السياس ي للمرأة في مجال تسيير الشأن
العام ،وذلك تحديدا في الفترة ما بين سنتي 1999و ،2018وهي الفترة التي عرفت عودة تدخل
الدولة املُ َ
عمم في مسار التنمية بشكلها الريعي .
مقدمة:
ْ َ
إن الرؤية العاملية االخذة في االتساع تن ُحو إلى اإلجماع على مكانة املرأة كأهم ُم ّ
قوم من
مقومات احترام أي مجتمع أو دولة لحقوق أفراده ،وكذا على قبول املجتمع لكل مكوناته وأطيافه ّ
َ
ليه االجتماعيين.إن العالم العربي اليوم ،وإضافة إلى جملة التحديات التي عرفها بعد موجة ما اع ِ
وف ِ
سواء أكانت هذه التحديات أمنية أواقتصادية أوسياسيه؛ فإن تحديا أخر ُيعرف "بالربيع العربي" ً
برز بشكل أكثر إلحاحا وهو مسألة املساواتية والنوع االجتماعي،كحتمية أصبحت تواجه كل
املجتمعات بشكل عام والحكومات بشكل خاص ،وذلك بحكم تلك الضرورات الحداثية املؤثثة
ملساهمة املرأة في صياغة الحياة العامة كفاعل اقتصادي واجتماعي وحتى سياس ي ،وذلك ً
عطفا
على احتاللها واختراقها ملكانتها في التعليم وآلة االنتاج والتسيير ،كوضع طبيعي تحاول املرأة تكريسه
رغم إكراهات الثقافة واألعراف االجتماعية.
وإجبار ّي أيضا؛ مرحلة فاصلة وبدايةلقد كان خروج املرأة للتعليم كحق دستوري بل َ
الب َنى الثقافية وشكل الروابط قطيعة حقيقية ،ليس ملا ُي َخ ِلفه تعليم املرأة من اثار على ُ
ّ
طردي سوية نحو العمل ،وذلك بشكل االجتماعية ،بل كذلك ظهور ما يمكن أن نسميه مطلبية ِن ّ
مع ترقيها –أي املرأة -في مراتب التعليم ،خاصة في الحواضر التي مثلت دائما ذلك السياق واملجال
ُ ً
الذي يكون فيه خروج املرأة أكثر قبوال .لقد كان هذا املكسب املرحلة األولى من مراحل إزالة
90
الفوارق بين الجنسين ،و انتهاج مقاربة جندرية قبل إدماجها في مشروع التنمية –إن لم نقل
ّ
املجتمعي. إقحامها -رغم إكراهات الواقع
إن الدارس لحال املرأة وعالقتها بمجال العمل ووضعها من التعليم والحماية
ُ
االجتماعية ،وغيرها من أشكال املسألة االجتماعية في الجزائر منذ االستقالل ،ليلحظ ذلك
التشابك الحاصل بين ماهو اقتصادي وسياس ي بما هو ثقافي ونفس ي وحتى سوسيولوجي ،والذي
َُ
حدد دوائر بعينها وأدوار ُمنسجمة مع ما يقبله املجتمع املؤثث بفوقية ذكورية ،فحتى توزيع السلطة
داخل العمل متوافق ما تلك القيم املجتمعية؛ أي حيازتها من طرف الرجل مقابل خضوع املرأة في
مكان العمل ومحدودية مشاركتها في اتخاذ القرار رغم كل ذلك الخطاب الرسمي التقدمي الذي
ساد منذ إقرار دستور 1976والتأكيد على مبدأ املساواة وعدم التمييز حسب الجنس فيه في أي
قطاع أو نشاط عمومي ،وهو منهج سارت عليه الدولة لعقود من الزمن حتى وإن تباطئ خالل
سنوات املأساة الوطنية.
إن السياسات العمومية التي جاءت بعد سنة 1999خاصة االقتصادية منها
واالجتماعية والتي استهدفت إعادة تأهيل الدولة واملجتمع وإخراجهما من حالة التفكك التي
عرفاها أثناء سنوات اإلرهاب ،استهدفت كذلك وفي كثير من حيثياتها إعادة بعث مشروع املساواتية
ُ
بين الرجل واملرأة في الشأن العام ،وإضفاء مقاربة جندرية في كل برامجها املتعاقبة ،تمددت على
مستويات التشريع وطرح املبادرات وتشكيل الهيئات املنوطة بذلك ،وهي سيرورة طويلة من
َ
اإلصالحات ُتفاوتت قطاعيا وجغرافيا وحتى زمانيا ،استهدفت كلها تمكين املرأة واالستجابة ملطلبية
داخلية للمرأة نحو التعليم والشغل والحماية االجتماعية ،وكذا تعهدات دولية واتفاقيات أممية
تستهدف املساواتية و تكافؤ الفرص وتحسين وضع النساء في كل املجاالت.
تأسيسا على ما سبق فإن هذا الورقة ستروم بناء صورة موضوعية للحالة الجندرية في
إطار حيثيات املسألة االجتماعية ،من خالل طرح تساؤل فحواه :كيف عالجت السياسات
العمومية في الجزائر املسألة الجندرية في إطار ُمقتضيات املسألة االجتماعية ،وتحديدا ما تعلق
بـالتعليم ،والشغل ،والحماية االجتماعية ؟ ،وما الذي ساهمت به اإلصالحات التشريعية فيما
ّ
خص مسألة التمكين السياس ي للمرأة في الجزائر في الفترة املمتدة بين سنة 1999و 2018؟
أوال .يف إيتمولوجيا النوع االجتماعي و عالقته بالسياسات العمومية:
غالبا ما ارتبط موضوع الجندر في الدراسات السوسيولوجية بالبراديغمات الثقافية
التي تختلط فيها التفسيرات االنثربولوجية باإليديولوجيا ،في إطار ذلك التنازع املعرفي الحاصل في
حقل املمارسة البحثية في العلوم االجتماعية؛ لذا فإن البحوث ذات العالقة بالجندر والسياسات
91
َ
العمومية وعالقة املرأة بالتنمية ،تضع أمام الدارسين لها ت َح ِّد ِين أساسين هما "مسألة التحيز ،إما
ُ النسوي أو لزاوية ُذ ّ
ّ
كورية معرفية وتحوير البحث الى ما تسميه دينيز لزاوية النضال والعمل
ّ
ليكينبي بالعلوم الذكورية" ،وذلك على خالف رواد املدارس السوسيولوجية الكالسيكية ككارل
1
ّ
ماركس Karl marxوماكس فيبر "max weberواللذين افتراضا أن العمليات التي قاما بوصفها
كانت ذات طابع حيادي اتجاه النوع مما يعني أنها عامة ولم تتأثر بمعاني النوع و اختالفاته".2
لذا فإن الكثير من الدارسين ُليالحظ َم ّسحة من الغموض حين التأصيل للمفهوم
ُ ُومبتغياتهَ ،وم ُّ
رد ذلك اللبس في فهم النوع االجتماعي عائد في األساس كما شرحه طارق دبلواني الى
ُ
"أنه لبس مقصود بغرض تمرير مفاهيمه دون االصطدام بأي معتقدات دينية أو موروثات
اجتماعية".3
تاريخيا ومنذ إقرار األمم املتحدة التفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد املرأة
)(CEDAWفي ديسمبر 1979؛ حضرت عبارة " إدراج ُبعد النوع في السياسات الرئيسية gendre
صلب السياسات العمومية والتنموية في البلدان املوقعة عل هذه االتفاقية، 4" maintseamingفي ُ
لتكون فاتحة لتنزيل مفهوم النوع من علياء الحقل التجريدي إلى واقع املمارسة في إطار البرامج
القطاعية للدول .سنة 1995صدر عن املؤتمر العاملي للمرأة ببيجين ما ُيعرف "بمنهاج بيجين"
الذي هدف الى تعميم الوعي بالنوع االجتماعي ،حيث استهدف بشكل خاص قياس البيانات
الصادرة عن الدول والهيئات والحكومات فيما تعلق بمؤشرات التنمية حسب الجنس ،بهدف
سس إلجراء املقارنات الدولية حسب النوع ،بغرض تقييم التقدم الحاصل وضع تصور واضح ُوم َؤ َ
نحو املساواة بين الجنسين حسب املناطق واألقاليم والواليات ".5
إن إدراج مسألة النوع في السياسات العمومية تهدف في النهاية بطريقة مباشرة أو غير
وعي "مجتمعي بالحقوق الفردية والجماعية ،والقدرة على انضمام النساء إلىمباشرة لخلق ّ
ّ
النسوي ممارسة و تطبيقا،ترجمة هالة كمال ،ط( 1مصر، 1شارلين ناجي هيس ي و آخرون ،مدخل الى البحث
املركز القومي للترجمة )2015،ص . 65
2إيمي.أس وارتون ،علم اجتماع النوع مقدمة في النظرية و البحث،ترجمة هاني خميس أحمد
عبدة،ط( 1مصر،املركز القومي للترجمة)2014،ص .297
بثينية عثامنية ،املرأة وقضية التعليم و العمل في الجزائر ،مجلة الدراسات و النقد االجتماعي ،العدد 23/22
خريف ،شتاء 2006ص 3.81
4عائشة التايب ،النوع و علم اجتماع العمل و املؤسسة،ط(،1مصر املنظمة العربية للمرأة ،)2011،ص .129
مرجع سابق ،ص 5.130
92
ّ
مصالحهن ،والذي ينتهي بتمثيل أكثر مجموعات ضغط وحركات اجتماعية قادرة على تمثيل
للنساء في مراكز صنع القرار السياس ي واالقتصادي" ،1وعليه فإن طرح مسألة النوع االجتماعي في
السياسات العمومية ال يمكن أن تكون ذات جدوى ،وال يمكن أن تحمل انعكاسا إيجابيا؛ّ إال إذا
ُد ِفعت الحكومات وكل املؤسسات املعنية باملشاركة في الكشف عن أشكال التمييز من جهة ،وأيضا
ُ
وبتعبير املختصين ،عن الهيمنة املوجودة املمارسة داخل املجتمع من طرف الرجال أو املؤسسات
الدينية أو االجتماعية أو حتى الحكومية في بعض األحيان"2من جهة أخرى.
ثانيا :املرأة وحتوالت دولة الرعاية يف اجلزائر:
لقد ارتبط مفهوم دولة الرعاية االجتماعية بمفهوم أساس ي هو مفهوم املسألة
االجتماعية الذي يتمظهر في بعدين أساسين "األول كمي ويتجلى في مؤشرات ومتغيرات قابلة
للقياس ،كعدد الفقراء و درجاته وجيوبه ،وكذا البطالة والقدرة على استيعاب العمالة في سوق
التشغيل ،وكذا درجات التكفل الصحي وطبيعة األمراض ،وفي مجال التعليم عدد من يلتحقون
بالجامعات و طبيعة التكوين املتخصص ،أما البعد الكيفي فيتجلى في تلك الصور التي يحملها
ُ
املخيال املجتمعي حول مسألة االنتماء للمجتمع و االندماجية االجتماعية و السياسية".3
لقد كان حضور مبدأ الرعاية دائما في سياق بناء دولة ما بعد االستقالل االجتماعية ،وذلك
ُ
منذ النصوص األولى امل َؤ ِ ّسسة للدولة الجزائرية وتحديدا بيان أول نوفمبر ،1954والذي أكد على
أن هدف حرب التحرير كان من أجل" إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية االجتماعية ذات
السيادة ضمن إطار املبادئ اإلسالمية" ،4ففي قراءة سريعة ملشروع التنمية في الجزائر يتضح لنا
أنه ّ
مر بثالثة تحوالت مفصليه:
كان التحول األول في السنوات التالية لالستقالل حين كانت الدولة .1
االجتماعية هي الحاضنة ملشروع التنمية ،حيث كان فيها الفعل التنمو ّي في صورته
فعما بتلك الشحنة االيديولوجية والسياسية التي ُب ِن ّي عليها مشروع ّ
واملادية ُم ً االقتصادية
منيرة سالمي ،املرأة و إشكالية التمكين االقتصادي في الجزائر،املجلة الجزائرية للتنمية االقتصادية،عدد
،05ديسمبر 2016ص 1851
2زنين بلقاسم » ,املرأة الجزائرية و التغيير :دراسة حول دور وأداء السياسات العمومية« ،مجلة إنسانيات ،العدد
58- 57لسنة ،2012تاريخ االطالع أفريل ، 2019متوفر على الرابط
http://journals.openedition.org/insaniyat/13678 ; DOI : 10.4000/insaniyat.13678
3نوي الجمعي ،املسألة االجتماعية في برامج األحزاب السياسية في الجزائر دراسة سوسيوسياسية(،أطروحة
دكتوراه غير منشورة ،جامعة منتوري قسنطينة )2010،ص .16
4بيان أول نوفمبر 1954
93
الدولة و املجتمع بعد سنة .1965منذ تلك الحقبة تأسست تلك العالقة الناظمة بين
ريعي تمثلت فيه هذه الدولة في صورتها الراعية والحاكمة الفرد والدولة في سياق ّ
َبم ّسلكية االستجابة للمسألة االجتماعية (تعليم ،صحة ،شغل ،حماية اجتماعية )،
وذلك تحت وطأة تعاظم أعداد البروليتاريا الحضرية ،حيث تم َد ّولنة كل أنماط الرعاية
االجتماعية والتضامن في سياق إبراز حالة من األبوية على املجتمع واألفراد فرضتها
ظروف داخلية و خارجية متداخلة.
لقد مثلت مرحلة االصالحات االقتصادية وخيار االنفتاح االقتصادي .2
َّ
التحول الثاني األبرز ،وذلك تحت ضغط األزمة االقتصادية التي أملت بالبالد منذ سنة
،1986والتي تزامنت مع االستفتاء على دستور 1986الذي لم يخرج عن سياق منطق
الرعاية والحماية االجتماعية على مستوى النصوص الدستورية ،وهي التي لم تتطابق مع
وضع تراجعت فيه قدرة الدولة على االيفاء بتراكمات الحاجات االجتماعية ،خاصة
ُ
الشغل والسكن والتحويالت االجتماعية املرتبطة بالدعم االجتماعي لألسر ،مما تسبب في
تحول الكثير منها الى حالة من الهشاشة االجتماعية ،كان لها بالغ االثر على ِ
السلم
االجتماعي الذي ضمنته الدولة طيلة عقدين من الزمن.
أما التحول الثالث فقد كان مع بداية األلفية الثالثة ،حيث ساهم .3
استقرار األوضاع األمنية وتصاعد أسعار النفط تدريجيا ،إضافة الى شكل االستقرار
السياس ي واملؤسساتي الذي أتت به االنتخابات الرئاسية سنة ،1999وهي عوامل
ساهمت اقتصاديا في عودة تدخل الدولة بشكلها الريعي في الشأن التنموي بشكل كبير،
بجملة من البرامج العاجلة للدفع بعجلة االقتصاد والتنمية والتي انعكست آليا على
تحسين ظروف العمل وتحديدا االجور (الزيادات في االجور بأثر رجعي بداية من سنة
،) 2008والحفاظ على نظام الرعاية االجتماعية و دعم السلع االساسية.
لقد تجاوز ُجهد الرعاية والدعم االجتماعيين الذي اختارته الدولة الجزائرية لعقود ،من
والع َوز؛ وذلك
الرؤى األممية واالستراتيجيات الدولية في محاربة الفقر َ
االستراتيجيات املحلية الى ُ
من خالل إنجاز خريطة الفقر فـي الجزائر من قبل وزارة التشغيل والتضامن الوطني ،بالتعاون مع
كل أداة مرجعية تسمح برنامج األمم املتحدة اإلنمائي PNUDوهذا فـي ماي ،2001والذي َش َ
بتعميق فهم هذه الظاهرة لتقييمها والتعرف على جيوب الفقر وتوحيد الجهود للقضاء على الفقر
املدقع من خالل وضع وإعداد سياسات موجهة للتنمية الشاملة واملستدامة حسب خصوصية كل
94
منطقة".1
إضافة الى ذلك تم وضع املخطط الوطني ملحاربة الفقر والتهميش الذي تم إعداده من قبل
وزارة التشغيل والتضامن الوطني عام ،2001وهو يعكس إرادة فـي تجسيد جهودها لتحسين
ضم من بين أهدافه الـ 12األخذ "بعين االعتبار شروط معيشة املواطنين األكثر حرمانا والذي ّ
مسألة النوع االجتماعي للمساهمة فـي توازن مالئم بين الجنسين على مستويات الحياة االجتماعية
والسياسية واالقتصادية وعلى هذا األساس تم تنظيم دورات لتكوين األطر النسائية في مجاالت
النوع االجتماعي ووضع إجراءات لتحسين الخدمات الصحية لألمومة والطفولة ،ومحاربة العنف
والتمييز املمارس على املرأة".2
ثالثا.املرأة و الشُغل من منطق املِنحِ اىل منطق املساواتية:
طبعا ُع ّدت مسألة التشغيل في السياسات العمومية للدول من أعقد املسائل
السلم االجتماعي ،ومقتضيات التنمية خاصة ما تعلق االجتماعية إلحاحا لكونها من أهم أسس ّ
ِ
بموضوع الجندر واملساواة والتي زادتها مخرجات مؤسسات التعليم مشروعية ومطلبية ،خاصة إذا
ما تعلق األمر بمردودها على االقتصاد الكلي للدول.حسب بيانات صندوق النقد الدولي فإن إدخال
مقاربة النوع االجتماعي في عملية التنمية يمكن أن يؤثر بشكل متمايز حسب وضعية كل بلد على
ِح َدته ،غير أن األكيد هو أنه يقدم إضافة نوعية فيما تعلق باالقتصاد وسوق العمل" ،فالخسائر
في نصيب الفرد قد تصل في بعض املناطق بسبب الفجوات بين الجنسين الى ،%27ففي دراسة لـ
DeAnne Aguirreو آخرون سنة 2012تؤكد على أن رفع نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة
إلى مستويات مشاركة الرجال من شأنه أن يرفع إجمالي الناتج املحلي في الواليات املتحدة األمريكية
إلى %5و في اليابان الى بنسبة %9و في مصر مثال الى .3" %34
في الجزائر ،بدا جليا أن حضور املرأة في سوق العمل كان منفصال عن كل تلك املنظومة
التشريعية املساندة لها؛ وإنما كان مرهونا بجملة التحوالت السوسيوثقافية واالقتصادية التي
طبعت املجتمع بداية من سبعينات القرن املاض ي ولعل أهمها قد يكون مفهوم ديمقراطية التعليم
1رد عل ــى االس ــتبيان املوج ــه للحكوم ــات بش ــأن تنفي ــذ منه ــاج بيج ــين( ( 1995ونت ــائج ال ــدورة االس ــتثنائية الثالث ــة
والعش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرين للجمعي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة العام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة( (2000مت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوفر عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرابط
https://www.un.org/womenwatch/daw/Review/responses/ALGERIA-Arabic.pdf
2.مرجع سابق
كاترين إيلببورغ و آخرون ،مذكرة مناقشات خبراء صندوق النقد الدولي :املرأة و العمل و االقتصاد ،سبتمبر
،2013ص 3 .5
95
وكذا حركة النزوح من األطراف الى امليتروبول ذات االستقطاب الواسع ملا توفره من فرص العمل و
الترقي االجتماعي ،وعليه فإن املالحظ أن القطاع العمومي هو أكثر األمكنة جذبا للنساء(إذا ّ
ِ
توافرت فيه فرص العمل) ملا يقدمه هذا القطاع من استقرار منهي و كذا لكونه يقدم مصفوفة من
ُ
الوظائف امل َهيكلة حسب هندسة اجتماعية مقبولة مجتمعيا وذكوريا ( التربية و التعليم ،الصحة).
حسب معطيات الديوان الوطني لإلحصاء ،فقد بلغ حجم السكان الناشطين اقتصاديا
11.932.000نسمة مع حجم الفئة النسوية الذي بلغ 2.317.000أي ما يعادل % 19.4من إجمالي
هذه الفئة .و بلغت نسبة النشاط االقتصادي لدى السكان البالغين من 15سنة فأكثر .1% 41.8
وتتفاوت هذه النسبة حسب الجنس لتبلغ % 66.8لدى الذكور و %16.4لدى اإلناث و ذلك في
سبتمبر . 2015كما بلغ عدد البطالين حسب تعريف املكتب الدولي للعمل حجما قدر بـ
1.733.000فردا ،كما بلغ معدل البطالة % 11.2على املستوى الوطني ،مسجال بذلك ارتفاعا بلغ
0.6نقطة مقارنة بسبتمبر . 2014وبلغ % 9,9لدى الذكور و % 16.6لدى اإلناث.2
يقدم الجدول املوالي 3مثال صورة عن مجاالت النشاط األساسية للجنسين في سوق العمل
حسب متغير مكان اإلقامة ريف/حضر ،والذي يبين نزوع اإلناث الى العمل في القطاع العام
ُ
( )%65.8وتحديدا في الوسط الحضري ،وذلك ملا يقدمه من استقرار وملالئمته مع الحاجات
االجتما عية واملنظومة القيمية (إلى حد ما ) ،كما أن األمر مرتبط أيضا بإكراهات القطاع الخاص
خاصة غير الرسمي منه ،والذي ال يوفر ضمانات مقبولة تحفز على العمل فيه ،وهذا ما يفسر
انخراطا أكبر لإلناث في الوسط الريفي( )%42.1في القطاع الخاص واملختلط وهذا ليس اختيارا
وإنما لنقص الفرص في القطاع العام أو لضعف مستوى ُ
األجور .
1الديوان الوطني لإلحصاء النشاط االقتصادي و التشغيل و البطالة سبتمبر 2015متوفر على الرابط
http://www.ons.dz/IMG/pdf/emplar0915.pdf
مرجع سابق2.
3 ONS. Activité, Emploi et chômage en Septembre 2015, Donnés statistiques, N°726, ONS, Alger,
2014, p04
96
مجموع أنثى ذكر
الحضر
%45.5 %65.8 %40.1 العمومي
%54.5 %34.2 %59.9 خاص-مختلط
%100 %100 %100 مجموع جزئي
الريف
%34.6 %57.9 %31.5 العمومي
%65.4 %42.1 %68.5 خاص-مختلط
%100 %100 %100 مجموع جزئي
الكلي
%42 %64.1 %37.1 عمومي
%58 %35.9 %62.9 خاص-مختلط
%100 %100 %100 املجموع
ً
نضيف ملمحا أخر ّميز حضور املرأة في عالم الشغل نهاية التسعينات ،وهو دخول املرأة
على خط املساهمة املقاوالتية في االقتصاد الوطني بداية من منتصف التسعينيات مع استحداث
عدد من األدوات والوكاالت الخاصة بالتشغيل واالستثمار (الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب،
صغر) ،في هذا السياق برزتالوكالة الوطنية لتطوير االستثمار ،الوكالة الوطنية لتسيير القرض املُ ّ
ّ
النسوية كجمعية النساء كذلك عديد الهيئات والجمعيات املرتبطة أساسا باالستثمار واملقاوالتية
ّ
النسوية الجزائرية "أفكار")(AFCAR الجزائريات للتطوير ( )AFADسنة ،1999وجمعية اإلطارات
النسوي في مجال االستثمار ،كذلك نضيف إليهما ّ والتي اهتمت تحديدا بالدفع بالعمل املقاوالتي
ِ
جمعية الجزائريات املسيرات و سيدات األعمال التي اعتمدت سنة .2005
لقد وصل عدد املتعاملين االقتصاديين من فئة النساء سنة 2010الى ما نسبته
97
ُ
،%8.6يتمركز أغلبهن في املدن الكبرى بعدد قدر بـ ،1110790أما في مجال قروض االستثمار فقد
بلغت نسبتها في إطار الوكالة الوطنية لتسيير القرض املصغر (التابع لوزارة التضامن الوطني و
األسرة ) ،%36.59الى غاية مارس 2019كما يشير اليه الجدول املوالي:2
النسبة العدد جنس املستفيد
%63.41 561522 ذكور
%36.59 324036 إناث
%100 885558 املجموع
إذن ،لقد ساهمت السياسات العمومية في مجال التشغيل بشكل عام على إحداث تحول
عميق في عالقة املرأة بسوق العمل خالل العقدين املاضيين ،فبعد أن كان خروجها سابقا
لضرورات معيشية أو نتيجة لضغط اجتماعي أو اقتصادي خاصة سنوات الثمانينيات
والتسعينات ،بحكم تردي الوضع االقتصادي العام للبالد وتوسع دائرة الهشاشة االجتماعية ،فإن
ما يميز انخراطها اليوم هو اطراد حضورها في القطاع العام ،خاصة في املراكز القيادية ودخولها
مجال املقاوالتية واألعمال كتجاوز لضرورات املسألة االجتماعية الى البحث عن التميز و التقدير.
رابعا.املرأة و مسار املساواتية يف التعليم :
لقد ساهم خيار ديمقراطية التعليم الذي ارتأته الدولة منذ االستقالل في إطار الدولة
َ االجتماعية ،في تصاعد معدالت َ
مدرس بشكل ُمتسارع ،وتحديدا بالنسبة لإلناث وهذا يعود في الت ُ
رأينا تاريخيا الى مسألة قانونية قهرت منظومة ثقافية سائدة خاصة في تلك املناطق الريفية
املتوجسة من خروج املرأة للتعليم؛ والقصد هنا هو إجبارية التعليم الذي شددت عليه الدولة منذ
السبعينات و الذي كانت له نتائج تراكمية عبر عقود من الزمن ،أثر تحديدا على نسب التعليم
لدى الفتيات وبالتالي نسبة املشتغلين في حقل التربية والتعليم تاليا ،وهذا ما يوضحه الجدول
التالي: 3
1منيرة سالمي،يوسف قريش ي،املقاوالتية النسوية في الجزائر واقع اإلنشاء و تحديات مناخ األعمال،مجلة
املؤسسات الجزائرية،العدد 2014/05ص .95
2أرقام الوكالة الوطنية لتسيير القرض املصغرhttps://www.angem.dz/ar/article/prets-octroyes/#
3مليكة طيفاني ،واقع املشاريع التعليمية املوجهة للمرأة في الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية،املنظمة
الرابط على متوفرة للمرأة،دراسة العربية
http://www.arabwomenorg.org/Content/surveystudies/algeriaeducation.pdf
98
املتمدرسات في الجذع املشترك من املعلمات بـ % العام الدراس ي
السنة األولى الى الثالثة بـ %
55.70 49.70 2000-1999
56.15 50.08 2001-2000
56.24 50.77 2002-2001
56.73 52.60 2003-2002
57.01 53.20 2004-2003
إضافة الى ذلك ارتفعت كذلك نسب املشاركة في امتحان البكالوريا حتى وصلت سنة "
2004الى % 57.87مقابل % 42.13للذكور ،كما أن معدالت النجاح في هذا االمتحان بلغت
44.53 %بالنسبة لإلناث و % 36.36للذكور " ،ليصل سنة 2018الى %65.29لإلناث مقابل
%34.71للذكور.1
لقد أثر التصاعد التدريجي في نسب النجاح في البكالوريا على نسب االلتحاق بالجامعة
خاصة بعد تعميم الفضاءات الجامعية على مستوى كل الواليات إضافة الى املراكز الجامعية؛ التي
ساهمت في تخفيف األعباء على األسر والتقليل من كل املبررات املرتبطة بالذهنيات والفهوم
املسبقة حول انفصال البنت عن العائلة أو األسرة بغرض الدراسة ،ويمكن تلمس هذا التطور من
خالل الشكل املوالي الذي يوضح أعداد الطلبة حسب الجنس بين سنتي 1992و : 2017
1محمد صالي ،النمو الديموغرافي و خصائص سوق العمل في الجزائر. ،مجلة العلوم االنسانية و االجتماعية
،العدد 17ديسمبر .2014ص .132
99
املصدر :تقرير وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الجزائر :خمسين سنة في خدمة
التنمية .2012 – 1962
سلكت الدولة مسارا اخر كان ً
داعما ملسار ديمقراطية التعليم ،وهو برنامج محو األمية
للكبار ،والذي استهدف باألساس النساء في إطار االستراتيجية الوطينة ملحو األمية مع إنشاء
الديوان الوطني ملحو األمية بالشراكة مع هيئات متداخلة في هذا اإلطار ،خاصة من مؤسسات
املجتمع املدني كجمعية اقرأ املنتشرة جغرافيا على املستوى الوطني ،والتي استفادت من دعم
الدولة ماديا و في مجال الحمالت اإلعالمية ،وهذا ما ساهم في رفع املنخرطات في مجال محو األمية
من 50535سنة 2000إلى 187048سنة ،12007لتصل نسبة األمية لـ % 9.44الى غاية سنة
،2018حيث أن % 90من املسجلين في أقسامها هم من فئة اإلناث حسب الديوان الوطني ملحو
األمية وتعليم الكبار .
خامسا .املرأة و احلماية االجتماعية :
ُي ِحيلنا الخوض في قضايا املسألة االجتماعية أيضا ،البحث في مطلب الحماية
االجتماعية ،وتحديدا الحماية االجتماعية للمرأة واألسرة بحكم ارتباطهما بحتمية مجتمعية
وثقافية متالزمة ،وفي هذا الصدد وفي إطار سياسية عمومية ممتدة في مسار الدولة االجتماعية في
الجزائر تم إنشاء املجلس الوطني لألسرة واملرأة من خالل املرسوم التنفيذي رقم 15-81مؤرخ في
17جمادى األولى عام 1436املوافق 8مارس سنة 2015والذي يعدل ويتمم املرسوم التنفيذي
رقم 06-421املؤرخ في أول ذي القعدة عام 1427املوافق 22نوفمبر سنة 2006واملتضمن إنشاء
1سالمة صابر العطار و آخرون ،التجارب الناجحة في محو األمية ،ورقة عمل في مقدمة للمنظمة العربية للتربية و
الثقافة و العلوم ALESCO http://www.alecso.org/site-old/images/2017files/tlchargement.pdf
100
املجلس الوطني لألسرة واملرأة ،تحت وصاية وزارة التضامن الوطني واألسرة وقضايا املرأة ،1كهيئة
استشارية في قضايا املرأة وكل ما تعلق باألسرة ،خاصة ما تعلق بالجانب القانوني في الهيئات
التشريعية.
أما ما تعلق بالفئات األكثر هشاشة اجتماعيا خاصة من النساء ،فيمكن اإلشارة الى عديد
مراكز حماية األمومة و الطفولة املوجهة اليهم كفئات دون ُم ِعيل أو مأوي ،وهي مسألة أخذتها
الدولة على عاتقها منذ اعتماد دستور 1976وتحديدا في مادته 65والتي منطوقها "األسرة هي
الخلية األساسية للمجتمع وتحظى بحماية الدولة واملجتمع ،تحمي الدولة األمومة والطفولة...
بواسطة سياسة ومؤسسات مالئمة"2باإلضافة كذلك الى مسألة الحماية االجتماعية في العمل من
خالل نظام الضمان االجتماعي ،ومنظومة التشريعات الخاصة بحقوق املرأة في عطل األمومة والتي
يكفلها قانون العمل.
غير أن ربط حاجات املرأة تحديدا بمسألة التضامن يطرح إشكاال حقيقا في منطق
السياسات العمومية في بعض مساراتها واملوجهة للمرأة التي ُيفترض أنها تعمل بمنطق التمكين
للمرأة ال بمنطق التضامن ،أي ُيحيلنا هذا املعطى الى طرح افتراض مفاده أن هذه األجهزة هي في
النهاية اعتراف بصعوبة إخراج املرأة واقعيا من الفئات التي تحتاج الى الحماية االجتماعية للدولة
ً
حصرا.
سادسا :املرأة يف اجلزائر ومسار اإلصالح القانوني و التمكني السياسي :
انخرطت الدولة في مسار املساواة بين الجنسين بداية من دستور ،1976وذلك تحت
نص املادة 42والتي منطوقها " يضمن الدستور كل الحقوق السياسية واالقتصادية واالجتماعية
والثقافية للمرأة الجزائرية" ،3وهي مادة لم تؤكد على مبدأ املساواة بشكل واضح بل أشارت إليه
بسها مع دستور 1989في باب الحريات والحقوق في املادة السابقة لها بشكل ُمبهم ،والذي ُر ِفع ُل ُ
مادته 28والتي نصها" كل الـمواطنين سواسية أمام القانون .وال يـمكن أن يتذرع بأي تـمييز
يعود سببه إلى الـمولد ،والعرق ،والجنس ،أو الرأي ،أو أي شــرط أو ظ ــرف آخر ،شخص ي أو
1يمكن اإلطالع على مهام املجلس و أدواره من الولوج الى موقع وزارة التضامن الوطني و األسرة و قضايا املرأة وذلك
على الرابط http://www.msnfcf.gov.dz/fr/
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية دستور ،1976الفصل الرابع الحريا ت األساسية و حقوق اإلنسان و
املواطن2.
3الجمهورية الجزائريةالديمقراطية الشعبية ،دستور ،1976الفصل الرابع الحريات األساسية و حقوق اإلنسان
و املواطن.
101
اجتـماعي ،واملادة 30ومنطوقها "تستهــدف الـمؤسس ــات ضمــان مساواة كل الـمــواطنين والـمواطنــات
ف ــي الـحقــوق والواجبــات بإزالــة العقب ــات التي تع ــوق تفتــح شخصية اإلنسان ،وتـحول دون مشاركة
الـجميع الفعلية في الـحياة السياسيــة ،واالقتصادية ،واالجتماعية والثقافية ".1كما أكد دستور
ص مسألة الحقوق والحريات و املساواة بين املرأة 1996على ما جاء به دستور 1989في ما َخ ّ
والرجل ،وتحديدا في مادتيه 29و . 230
بداية من سنة 1996انضمت الجزائر لعديد االتفاقيات الخاصة بتحسين وضع املرأة
وأهمها اتفاقية ) CEDAWاتفاقية منع كل أشكال التمييز ضد املرأة) ،إضافة الى اتفاقية الحقوق
السياسية للمرأة سنة . 2004كما دعمت هذا املسار بجملة من األدوات و األجهزة التنفيذية و
الهيئات الرسمية املكلفة ،كالوزارة املنتدبة املكلفة باألسرة و قضايا املرأة،و املجلس الوطني لألسرة
واملرأة ،وكذا البرنامج املشترك من أجل مساواة الجندر واستقاللية املرأة الذي انطلق سنة 2010
والهادف لتحسين ولوج املرأة لعالم الشغل.
فأما على مستوى التشريعات املنظمة لسير العمل فقد انسحبت تلك املقاربة املساواتية
منع تشريع العمل طبقا على عديد القوانين املؤطرة لسيرورة العمل في املرافق العامة؛ حيث َي ُ
ألحكام الدستور أي شكل من أشكال التمييز ،فالقانون رقم 133 - 66املؤرخ في 02يونيو 1966
املتعلق بالوظيف العمومي في مادته 05يمنع أي تمييز بين الجنسين في العمل ،أما القانون 11-
90املؤرخ في 21أفريل 1990املعدل واملتمم املتعلق بعالقات العمل و املتعلق بمنح الوظائف
والترقية في املناصب كما نص عليه قانون العمل واالتفاقيات املبرمة بين وزارة العمل وكل قطاعات
النشاط سواء الخاص أو العمومي ،سواء ما تعلق باملساواة في األجور ومنح الوظائف.3
املؤرخ في 19جمادى الثانية عام 1427املوافق 15يوليو سنة كما شدد األمر رقم ّ 03-06
املتضمن القانون األساس ي العام للوظيفة العمومية على عدم جواز التمييز بين املوظفين ّ ،2006
بسبب آرائهم أو جنسهم أو أصلهم أو بسبب أي ظرف من ظروفهم الشخصية أو االجتماعية" ،4
إضافة الى ضمانه للمساواة في األجر والترقيات وكرامة املرأة والحماية االجتماعية بما يتعلق
1الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،دستور ،1989الفصل الرابع ،باب الحريات و الحقوق.
مرجع سابق2.
القانون رقم 11-90املؤرخ في 21أفريل 1990املتعلق بعالقات العمل ،الجريدة الرسمية ،العدد 17عدد17
بتاريخ 3.1990-04-25
ّ
املتضمن القانون املؤرخ في 19جمادى الثانية عام 1427املوافق 15يوليو سنة ،2006 4األمر رقم ّ 03-06
األساس ي العام للوظيفة العمومية ،الجريدة الرسمية ،العدد ،46بتاريخ 16جويلية .2006
102
بخصوصيات املرأة كالحمل و االمومة،كما دعم القانون املتعلق بالتأمنيات االجتماعية رقم -83
11املؤرخ في 2جويلية 1983منظومة الحماية للمرأة بحكم أنها عون من اعوان الدولة في إطار
الخدمة العمومية ،و ذلك من خالل التأمين وحماية األمومة وكذا حوادث العمل والحق في
التقاعد.
أما على مستوى التمكين السياس ي وفي نطاق التشريع وتنظيم العمل السياس ي؛ فقد
تبنت مسلكية الدولة ومنذ إقرار دستور 1989مقاربة املساواتية وذلك بإعطاء الحق لكل
املواطنين و املواطنات بإنشاء الجمعيات ذات الطابع السياس ي ،ليتكرس هذا الحق مع التعديل
الدستوري 1996الذي عزز مبدأ "ضمان املساواة بين املواطنين و املواطنات في الحقوق و
الواجبات و كذا تقلد املهام و الوظائف في الدولة.1
كما أضاف التعديل الدستوري لسنة 2008مبدأ توسيع حظوظ تمثيل املرأة في املجالس
املنتخبة من خالل املادة 31مكرر والتي منطوقها" تعمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية
ُ َ
للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في املجالس امل َنتخبة".2مع إقرار التعديل الدستوري لسنة 2016
انتقلت الدولة الى خطوة أكثر إنصافا (على املستوى الدستوري على األقل) بإقرار واختيار مبدأ
املناصفة كخطوة تتجاوز مبدأ توسيع حدود التمثيل وذلك من خالل املادة 36التي تنص على أن "
تعمل الدولة على ترقية التناصف بين الرجال و النساء في سوق الشغل.تشجع الدولة ترقية املرأة
في مناصب املسؤولية في الهيئات و اإلدارت العمومية وعلى مستوى املؤسسات" ،3ومبدأ التناصف
يشمل إذا املناصب ذات الطابع السياس ي التنفيذي بشكل خاص (الوالة ،الوزراء ،الدواوين ) ...
وهذا ما تجلى في طبيعة تشكيلة أخر حكومة قبل إستقالة رئيس الجمهورية في الثاني من شهر
أفريل ،2019و التي اشتملت على 04وزيرات (التربية ،البيئة ،التضامن ،البريد واالتصال) ،إضافة
الى انتهاج سياسية الكوتا النسائية 4كإصالح سياس ي من باب مراعاة مبدأ تكافؤ الفرص ،خاصة
في ظل الوزن الديمغرافي الكبير للنساء في الجزائر.
اخلامتة:
106
احلقوق السياسية للمرأة اجلزائرية يف ظل اإلصالحات
القانونية واحلراك االجتماعي.
دة -رمضاني فاطمة الزهراء
أستاذة باحثة يف القانون الدستوري والعلوم السياسية
جامعة ابي بكر بلقايد ،اجلزائر
مقدمة:
أصبحت قضية املرأة في الوقت الراهن محل اهتمام على كل املستويات ،فمن جهة
شكلت جزءا من الخطاب الدولي العاملي ،ودخلت ضمن الجهود األممية لتطوير سياسات التدبير
العمومي ،حيث تدعو دول العالم إلى اعتماد مقاربة النوع االجتماعي ،التي تدمج املواطن بشكل
عام ،وخاصة املرأة في هذه العملية ،من خالل عملية تمكينها في جل املجاالت ومنها السياس ي(.)1
ومن جهة أخرى ،تطرح في سياق الحديث عن تفعيل املشاركة السياسية للمواطنين
وتكريس الديمقراطية .باإلضافة إلى تركيز الحركة النسوية عبر خطاباتها على قضية املشاركة
السياسية للمرأة كأولوية ومدخل لعملية التغيير اإلجتماعي.
في الجزائر ،ومند سلسلة التعديالت الجزئية على دستور ،1996سواء بالقانون 19-08
( )2املقر لتوسيع حجم مشاركة املرأة في املجالس املنتخبة من خالل مادته 31مكرر ،والذي تعزز
بالقانون العضوي رقم 03 - 12املتعلق بإدراج نظام الكوطة في املجال السياس ي ،أو تعديل سنة
،)3(2016الذي استجاب ملطالب الحركة النسوية لتكريس مبدأ املساواة بين النساء والرجال
بإحداث نظام املناصفة ،والنساء الجزائريات تعشن لحظة تاريخية بامتياز.
فمجموع هذه اإلصالحات يصب في إطار دعم الديمقراطية ،والذي يرتبط بعملية
التغيير الشامل ملختلف القوانين (إصالح قانون االنتخاب ،قانون األحزاب ،)...والتي تقوم بدورها
108
وراء تحقيق "املساواة واإلنصاف"( ،)1وقد عبرت السلطة في الجزائر عن إرادتها الفعلية في النهوض
بوضعية املرأة ،وتحسين حقوقها وترقية موقعها على جميع األصعدة ،السيما منها السياس ي،
ويتجسد ذلك من خالل مصادقتها على العديد من االتفاقيات الدولية والعهود ،واالتفاقية
املناهضة لجميع أشكال التمييز ضد املرأة ،وكذا االتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق السياسية
للمرأة .كما كرست جهودها الداخلية الرامية لالرتقاء بمستقبل املرأة بإصدارها لترسانة من
التشريعات (املطلب األول) ،ومع ذلك ظلت مشاركة املرأة في الحياة السياسية بالجزائر ضعيفة ،إذ
تواجدت سياسيا فقط وفق النصوص القانونية ،لكنها كانت غائبة في املشاركة الفعلية،
فمشاركتها ال ّ
تعبر عن وضعها الحقيقي في املجتمع(.املطلب الثاني) ()2
تفوت الحكومة فرصة التعديالت الدستورية لسنة 2008للقيام بمزيد من ولذا لم ّ
االصالحات لصالح املرأة ،خاصة بإصدار النصوص القانونية التطبيقية املتعلقة بالجمعيات
واالحزاب السياسية .
املطلب األول:اإلقرار النظري ومتكني املرأة اجلزائرية من حقوقها السياسية.
يقول األمين العام لهيئة األمم املتحدة السابق ،السيد "بان كي مون" ّ
أن املقتضيات
الدستورية التي تضمن الشرعية ،في جميع دول العالمّ ،
تتأسس على أن تكون التزامات الحكومات
حيال تطبيق املواثيق
واالتفاقيات الدولية حول حقوق املرأة ،من املرجعيات األكيدة في عمليات رسم
السياسات وصناعة القرار فيها ( .)3فكيف اهتمت الجزائر بوضع املرأة و تطويره ،وترقية عملية
إدماجها في الحياة السياسية تماشيا مع التزاماتها الدولية ؟
أوال :أهم احلقوق السياسية للمرأة يف النصوص الدستورية و التشريعية .
كفلت الدساتير الجزائرية املتتالية ،املساواة لكل املواطنين في ممارسة حقوقهم
السياسية ،فقد ضمنت املرأة الجزائرية كل حقوقها من هذا الجانب(نظريا) .املستحدث في ظل
-1أحمد زايد وآخرون ،املرأة و قضايا املجتمع ،املكتب العربي الحديث ،مصر .2011
- 2بن يزة يوسف ،التمكين السياس ي للمرأة وأثره في تحقيق التنمية اإلنسانية في العالم العربي ،مذكرة ماجستير
غير منشورة في العلوم السياسية ،تخصص تنظيمات سياسية وإدارية ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة ،الجزائر،
، 2010ص.23
ّ
- 3تقرير حول تقدم نساء العالم "،2009/2008من يتحمل املسؤولية أمام املرأة؟ النوع االجتماعي واملساءلة"،
صندوق األمم املتحدة اإلنمائي للمرأة ،2009-2008 ،منشور في املوقع:
http://www.unifem.org/progress/2008/2008/media/POWW08_Report_Full_Text_ar.pdf
109
دستوري )1( 1989و )2( 1996هو إعطاء املواطنين واملواطنات الحق في إنشاء األحزاب السياسية،
األمر الذي لم يكن متاحا في دستوري )3( 1963و ،)4( 1976أما النقلة الجديدة املتعلقة بالحقوق
السياسية للمرأة كانت في 2008من خالل التعديل الجزئي لدستور ،1996وفقا ملادته 31مكرر
التي اعتمدت نظام الكوطة لضمان وصول ا ملرأة إلى املجالس املنتخبة ،هذا وتبنى تعديل 2016
مبدأ املناصفة.
وعن الحقوق السياسية املضمونة دستوريا للمرأة الجزائرية ،نجد حق التصويت
والترشيح من خالل املادة 62من دستور ،2016ثم املادة 3من القانون العضوي 10-16املتعلق
بنظام االنتخابات (.)5هذا وقد ساوى املؤسس الجزائري بين املرأة والرجل في تولي الوظائف العامة
(املادة 50من دستور.)1996كما أكد قانون الوظیفة العامة على املساواة في االلتحاق بالوظائف
العمومیة دون أي تمیيز على أساس الجنس( ،)6وهو ما أعيد تأكيده بموجب املادة 63من دستور
.2016وفي هذا الخصوص نشير إلى ما تضمنته الفقرة 2من املادة ": 36تشجع الدولة ترقية املرأة
في مناصب املسؤولية في الهيئات واإلدارات العمومية وعلى مستوى املؤسسات".
ثانيا :مضمون املشاركة السياسية للمرأة اجلزائرية.
تتواجد املرأة الجزائرية في مستويات املشاركة السياسية كقيادية ،ناشطة ،مواطنة
تقوم بالتصويت ،هامشية ليس لها دور في السياسية ،ومنعزلة عن املجال السياس ي .وتتمثل
كيفية مشاركتها السياسية من خالل عملها املؤثر في القرارات والسياسات ،وذلك من خالل العديد
من ا لقنوات واملؤسسات ،وتتضمن هذه املشاركة القيام ب:
- 1دستور الجزائر لسنة 1989الصادر باملرسوم الرئاس ي رقم 18 -89املؤرخ في 28فبراير سنة ،1989الجريدة
الرسمية رقم 09ل 01مارس .1989
- 2دستور الجزائر لسنة 1996الصادر بموجب املرسوم الرئاس ي438-96املؤرخ في 7ديسمبر ،1996الجريدة
الرسمية رقم 76ل 08ديسمبر .1996
- 3دستور الجزائر لسنة 1963مؤرخ في 08سبتمبر ،1963الجريدة الرسمية رقم 64ل سبتمبر .1963
- 4دستور الجزائر لسنة ،1976الصادر باألمر رقم 79-76املؤرخ في 22نوفمبر ،1976الجريدة الرسمية رقم ،94
ل 24نوفمبر .1976
- 5القانون العضوي رقم 10-16مؤرخ في 25اوت ،2016یتعلق بنظام االنتخابات ،الجريدة الرسمية رقم 50ل 28
أوت .2016
- 6أمـر رقم 133- 66مؤرخ في 02جوان ،1966یتضمن القانـون األسـاس ي العام للوظیفة العمومیة ،الجريدة
الرسمية رقم 47ل 08جوان ،1966املعدل باألمر رقم 03-06مؤرخ في 15يوليو 2006یتضمن القانـون األسـاس ي
العام للوظیفة العمومیة،الجريدة الرسمية عدد 46ل 16يوليو .2006
110
-العمل التوعوي لتغيير الصورة النمطية اتجاه املرأة داخل املجتمع.
-التواجد العددي للمرأة في األحزاب ،وفي املجالس الحكومية واملنتخبة والهيئات الدولية.
-اقتراح تعديالت قانونية من أجل تبني بعض مطالبها مثل التعديل الدستوري لسنة
.2016
-تتبع التعديالت ،واقتراح املساءلة في حالة التماس سوء نية في التنفيذ الفعلي للحقوق)1(.
-استعمال اإلعالم لإلخبار وإطالع الرأي العام والضغط.
-التكوين الكتساب املعارف السياسية.
-محاولة خلق شبكات كفعل تراكمي و ربطه بتنظيمات املجتمع املدني ،لرفع إيقاع املشاركة
السياسية للمرأة.
-محاولة بناء قيادات نسائية حقيقية تغييرية ،لها رؤيا ورسالة تضمن لها التأثير ،قادرة على
العمل اإلستباقي.
املط لبب ال ثباني :و قببع الت حبوالت اإل صببالحية املتعل قبة ببباحلقوق السيا سبية لل مببرأة
اجلزائرية
نحاول في هذه الفقرة إلقاء نظرة على واقع ووقع اإلصالحات التي أدخلت على قانون
األحزاب السياسية ،وقانون الجمعيات وقانون االنتخابات في ما يخص تواجد املرأة في السياسة ،و
التي جاءت تطبيقا للتعديل الدستوري لسنة .2008
أوال :إسهام املرأة اجلزائرية يف اجملالس احمللية املنتخبة وتواجدها يف مراكز صنع
القرار.
إن املمارسة العملية أثبتت ،عزوف املرأة عن مباشرة العمل السياس ي ،ففيما يخص
مشاركة املرأة في اتخاذ القرار ضئيلة جدا ،فلم تحظ النساء الجزائريات بالحق في املشاركة في
إبتداء من ،1982إذ تقلدت امرأتان فقط مناصب وزارية ،من الفترة ً التشكيالت الحكومية إال
املمتدة من 1982إلى غاية 1988من بين 33إلى 40وزيرا .هذا وقد عرفت الحكومة املشكلة
بموجب املرسوم الرئاس ي )2(154-14وجود 7وزيرات ضمن 32وزير )1(.واملنحنى البياني التالي
- 1خالد محمود العزب ،املشاركة السياسية للمرأة (رؤية شرعية وتنموية )،الطبعة األولى ،نشر مؤسسة تنوير
للتنمية،اليمن،2012 ،ص.123
- 2املرسوم الرئاس ي 154-14املؤرخ في 05مايو ،2014الجريدة الرسمية رقم 26ل 07مايو .2014
111
يوضح هذا الضعف امللموس في تواجدها في الحكومات املتتالية :
8
7
6
5
4
3
2
1
0
أما عن تقلد املرأة الجزائریة ملنصب رئیس الجمهوریة ،فلم تتمكن أیة امرأة من تقلده ،لكن
تمكنت رئیسة حزب العمال السیدة " لویزة حنون" من الترشح لالنتخابات الرئاسیة ل ،2004والتي
تعتبر سابقة لم تعرفه الدول العربیة األخرى( ،)3وهو ما مثلناه في هذا املخطط:
- 1حكومة ،2015عرفت 4نساء( املرسوم الرئاس ي 125-15املؤرخ في 14مايو ،2015الجريدة الرسمية 25ل
18مايو .)2015سنة 2016،5وزيرات ضمن حكومة تبون .أما حكومة أويحيى العاشرة ،فقد عرفت 4وزيرات .وفيما
يخص حكومة تصريف األعمال فعرفت 5نساء (.املرسوم الرئاس ي ،111-19جريدة رسمية 20ل31مارس)2019
- 2املنحنى من إعداد الدكتورة انطالقا من املعلومات املتوفرة على موقع الوزارة األولى حول الحكومات املتتالية.
- 3تحصلت على املرتبة الخامسة من أصل 06مترشحين .لتترشح لالنتخابات الرئاسیة لسنة 2009أین احتلت
املرتبة الثانیة ،ثم في انتخابات 2014أين تحصلت على املرتبة الخامسة.
112
8
7
6
5
4
3
2
1
0
منحنى بياني يوضح مرتبة املرأة الوحيدة املرشحة في االستحقاقات الرئاسية املتتالية
2004،2009،2014باملقارنة مع املترشحين الرجال)1(.
*و فيما يخص تواجد املرأة على مستوى املجالس الشعبية الوالئية والبلدية حاولنا أن
نمثله في الجدول و املخطط أدناه (:)2
املجالس الشعبية البلدية املجالس الشعبية الوالئية
املنتخبات املترشحات املنتخبات املترشحات
78 1281 65 905 االنتخابات املحلية 1997
- 1املنحنى من إعداد الدكتورة انطالقا من املعلومات املتوفرة على موقع وزارة الداخلية حول نتائج االنتخابات .
- 2الجدول من إعداد الدكتورة انطالقا من املعلومات املتوفرة على موقع وزارة الداخلية حول نتائج االنتخابات
113
10000
35000
8000
30000
6000 25000
20000
4000 15000
2000 10000
5000
0 0
1997 2002 2007 2012 1997 2002 2007 2012
منحنى بياني يوضح ولوج املرأة إلى منحنى بياني يوضح ولوج املرأة إلى
املجالس الوالئية ()1 املجالس البلدية
- 1املنحنيان البيانيان من إعداد الدكتورة انطالقا من املعلومات املتوفرة على موقع وزارة الداخلية خول نتائج
االنتخابات .
- 2القانون 06-12املؤرخ في 12يناير 2012يتعلق بالجمعيات ،الجريدة الرسمية 02ل15يناير .2012
- 3عروس الزبير"،الخلفية التاريخية ونضال جمعيات الحركة النسوية من أجل التغيير في الجزائر" ،مجلة مركز
اإلعالم والتوثيق لحقوق املرأة والطفل ciddefرقم ، 24الجزائر ،2012 ،ص .50
114
انضمت النساء ضمن :
-جمعيات خيرية.
-جمعيات تابعة لألحزاب :والتي تسعى من خاللها إلى التغلغل داخل املجتمع ،واستقطاب
عدد أكبر من املناصرين.
-هيئات نسائية التابعة للمنظمات املهنية :مثل لجنة املرأة في نقابة املحامين أو األطباء،
لجنة املرأة في الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق اإلنسان ......الخ.
ً ً
و قد أدت الجمعيات النسائية دورا مركزيا في التأطير والتحسيس والتعبئة ،لنشر ثقافة
املساواة بين الجنسين ،وجعلها في أجندة صانعي القرار ووضع الجميع أحزابا وحكومة أمام التحدي
القاض ي
باتخاذ موقف في ما يتعلق بتعديل قانون األسرة سنة )1(2005ومختلف التشريعات
الوطنية التمييزية.
كما برزت الحركة في عملها على النهوض باملشاركة النسائية في تدبير الشأن العام
واعتماد مقاربة النوع في السياسات العامة واتخاذ تدابير قانونية وسياسية مناهضة للعنف ضد
النساء ،وباالنضمام إلى االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان ورفع التحفظات التي وضعت على
ً ً
العديد منها. ..الخ ( ، )2كما كان انضمام الحركة النسائية إلى الشبكات الدولية أيضا عامال
ً
مساعدا في تعبئة الرأي العام الدولي والداخلي لصالح قضايا النساء ..و تمثلت استراتيجية الحركة
النسائية الجزائرية من خالل الجمعيات في االعتماد على:
-املنهجية االستباقية القائمة على مذكرات أعدتها ً
بناء على دراسات علمية.
-الترافع بناء على طرح اقتراحات وتصورات ملا ينبغي اتخاذه من تدابير إلحداث التغيير
املنشود.
-إعداد استراتيجيات موازية للمناصرة من خالل التعبئة العامة .
-العمل على خلق شبكات ،ليس فقط مع على الجمعيات النسائية الحاملة لنفس املشروع،
- 1ففي سنة 1979بدأت مظاهرات النساء أمام املجلس الشعبي الوطني ضد تبني وإقرار مشروع قانون األسرة ،وفي
،1979/03/08تم تشكيل أول جمعية مستقلة للنساء)LE Collectif des femmes indépendantes de () CFIU
،)l’université d’ ALGERوفي ديسمبر 1981نشر البيان األول للنساء بخصوص قانون األسرة .
- 2رفعت الجزائر تحفظها على اتفاقية سيداو بموجب املرسوم الرئاس ي 426-08املؤرخ في 28دیسمبر ،2008
الجريدة الرسمية رقم 05ل 21يناير .2009
115
بل كل تنظيمات املجتمع املدني (مثل تحالف الحركة مع التنسيقية الوطنية للزوايا).
-استخدام الخطابات لبناء الذات النسائية الطامحة للتغيير ،من خالل التركيز على
تحديد املفاهيم،
وتقسيم األدوار داخل املجتمع بناء على القدرات واملهارات ال على أساس الجنس.
-اعتمادها على مؤسسات إعالمية بهدف تنظيم حمالتها التحسيسية والتعبوية،
واستعمالها منصات التواصل االجتماعي .
-دور الجامعة في التأثير على الحركة النسائية ،ونشير هنا إلى العالقة غير التبادلية بين
الجامعة
والحركة النسائية املركزية( ،االتحاد العام للنساء الجزائريات) ،فهذه الحركة بقيت منغلقة
على نفسها في ما يخص التصريح باإلحصائيات التي قد يحتاج إليها الباحث في قيامه بدراساته حول
موضوع املرأة ،كما أنها ال تقوم بنشر أبحاثها ودراساتها.
ويوضح الجدول التالي بعض املواضيع التي تعنى بها بعض الجمعيات النسائية ،من أجل
دعم تواجد املرأة و مشاركتها السياسية)1(.
- 1الجدول من إعداد الدكتورة بناء على معلومات أدلى بها رئيسات الجمعيات عينات الدراسة بناء على مقابلة
رسمية بتاريخ 2019 /05/ 11
116
جدول ( ) 1يبين نشاط بعض الجمعيات النسائية حسب متغير املوضوع خالل سنة 2018
ما يالحظ هو إهتمام هذه الجمعيات النسائية بتوعية وتثقيف املرأة في القضايا
السياسية ،وحقوقها
ومحاولة بناء قيادات.
وهذا الجدول يوضح الطرق التي تعتمدها بعض الجمعيات لتوعية وتثقيف املرأة سياسيا
الذي يكون إما من خالل محاضرات أو أيام دراسية)1(.
دورات ملتقيات أيام دراسية محاضرات
تكوينية
4 1 جمعية نساء في إتصال
1 2 جمعية حماية وترقية حقوق املرأة
2 جمعية تجمع النساء الديمقراطيات
1 الجمعية النسائية للترقية وممارسة 2
املواطنة
جدول ( )2يبين نشاط الجمعيات عينة الدراسة حسب متغير املضمون خالل سنة
.2018
وفيما يلي جدول يوضح مضمون والطريقة التي تريد من خاللها بعض الجمعيات إدماج
املرأة في العمل واملشاركة السياسية بإعتمادها برامج في هذا الخصوص)2(.
--الجدول من إعداد الدكتورة بناء على معلومات أدلى بها رئيسات الجمعيات عينات الدراسة بناء على مقابلة
رسمية بتاريخ 20191 /05/ 11
--الجدول من إعداد الدكتورة بناء على معلومات أدلى بها رئيسات الجمعيات عينات الدراسة بناء على مقابلة
رسمية بتاريخ 2.2019 /05/ 11
117
البرامج املعتمدة إسم الجمعية الرقم
-تطوير نوعية النقاش حول املرأة محور
الديمقراطية.
-تعديل قانون اإلعالم ركيزة لتطوير ااملجتتمع جمعية نساء في إتصال 1
املدني.
-أبعاد املشاركة النسوية في التصويت.
-املجتمع املدني واإلنتخابات
-الحقوق األساسية للمرأة في التشريع. جمعية حماية وترقية حقوق املرأة 2
-التصويت :حق وشرف.
-ال ديمقراطية بدون املرأة.
-إقصاء املرأة يغذي الالديمقراطية وثقافة جمعية تجمع النساء الديمقراطيات 3
الالسلم
-من أجل مواطنة كاملة الجمعية النسائية للترقية وممارسة املواطنة 4
-التوعية القانونية للنساء
-املواطنة وآفاقها املستقبلية.
-دمج بعد النوع االجتماعي في التنمية
جدول ( ) 3يبن اإلستراتجيات املعتمدة من قبل بعض الجمعيات(من خالل أنظمتها
الداخلية) من أجل دفع تواجد املرأة في املجال السياس ي
تحليل الجداول:
إن فلسفة االهتمام بتكوين وتدريب املرأة سياسيا من أجل أداء أفضل ،هو اختيار
جديد بالنسبة لعدة جمعيات ،لكنه ال يمثل الشغل الشاغل لكل الجمعيات النسوية ،وهو ما
توضحه قلة البرامج التكوينية باملقارنة مع عدد املحاضرات واأليام الدراسية ،فهذه الجمعيات ال
تملك بالقدر الكافي البرامج التكوينية الحديثة التي تضمن الكفاءة العالية ،كما يدل أيضا على
صعوبة تركيز االهتمام في الظروف الحالية على مسألة التوجيه وبناء قوة املرأة علميا ،مما يعكس
صعوبة األداء السياس ي بالنسبة للنساء)1(.األمر الذي يبين مدى الحاجة إلى تطوير أسلوب
- 1ترجع السيدة خديجة دريس ي رئيسة جمعية "نساء في اتصال"أن سبب عدم القيام بدورات تكوينية ،هو
املصاريف الكبرى التي تطلبها ،علما أن قانون الجمعيات يمنع أخذ أموال من أطراف أجنبية ،وبالتالي في ظل نقص
موارد الجمعية تضطر إلى إلغاء الدورات التكوينية.
118
املشاركة في املجال السياس ي أي أسلوب اتخاذ القرار والقيادة وفق منهج علمي.
-أما عن تواجدها ضمن األحزاب السياسية :نجد أن القانون العضوي رقم 12-04املتعلق
باألحزاب السیاسیة ( )1أضاف الجدید في هذا املجال ،بوجوبیة تواجد تمثیل املرأة على كل
املستویات ومراحل تأسيس الحزب ،من أجل القضاء على الالمساواة الواقعیة بين الرجل واملرأة في
ممارسة هذه الحریة :
-1بالنسبة لالنخراط في األحزاب :تؤكد الفقرة األولى من نص املادة 10من القانون املشار
إليه،
أنه یمكن لكل جزائري وجزائریة بلغا سن الرشد القانوني االنخراط في حزب سیاس ي واحد.
-2بالنسبة ملرحلة التصریح بتأسیس الحزب السیاس ي :فقد نصت املادة 17على الشروط
الواجب توفرها في األعضاء املؤسسين لحزب سیاس ي ،ويــجب أن ت ـكــون ضــمن األع ـضــاء املـؤســسين
ن ـس ـبـة ممثلة من النساء.
-3بالنسبة للمؤتمر التأسیس ي للحزب :تفرض املادة / 24الفقرة األخيرة من القانون نسبة
من النساء ضمن املؤتمرین الذین یجتمعون على تحدید أدق وأهم تفاصیل الحزب السیاس ي
وهیئاته .كما أوجبت املادة 41تمثیل النساء في الهیئات القیادیة للحزب .و فما يخص واقع تواجد
املرأة في األحزاب السياسية ،فهو ما حاولنا الوقوف عليه بإجراء الدراسة التالية:
عدد الجهاز جهاز األحزاب
النساء في البرملان التنفيذي املداوالت
الحالي
161/50 33/5 %32.81 جبهة التحرير الوطني
100/32 20/03 %25.66 التجمع الوطني الديمقراطي
34/6 15/02 %18 حركة مجتمع السلم
11/4 31/15 %38 حزب العمال
9/3 24/02 %9.8 التجمع من أحل الثقافة
الديمقراطية
14/3 20/04 %4.96 جبهة القوى االشتراكية
- 1القانون 04-12املؤرخ في 12يناير 2012املتعلق باألحزاب السياسية ،الجريدة الرسمية رقم 02ل 15يناير
.2012
119
جدول( ) 1يوضح واقع إدماج املرأة في األحزاب السياسية إلى غاية آخر مؤتمر عادي لها)*(.
نالحظ أن بعض األحزاب السياسية ،تعمل وفق آليات جديدة تضمن تدعيم النساء ،فقد
أدمجت مسألة ترشيح النساء في القوائم املقدمة في تشريعيات ،2017تحت ضغط الخوف من
رفض القوائم ،لكن بالرغم من نظام الكوطة بعض األحزاب لم تقم بإدماج املرأة في أجهزتها
القيادية ،كما أن النتائج لم تحقق الغاية منه .
و رغم تزايد عدد األحزاب املشاركة في االستحقاقات املتتالية ،إال أن عدد تواجد املرأة في
البرملان ال يعكس تواجدها إال إبتداءا من ،2012وهو ما يبينه الجدول التالي:
عدد النساء املنتخبات في عدد األحزاب املشاركة سنة االنتخابات التشريعية
البرملان
195/0 49 1991
389/12 39 1997
389/27 23 2002
389/31 34 2007
462/146 45 2012
462/120 53 2017
جدول( ) 2يبين األحزاب املشاركة في التشريعيات املختلفة و عدد النساء املنتخبات(*)
يوضح( الجدول )3الجهود املبذولة من طرف األحزاب من أجل اعتماد برامج تدعم و تطور
دور املرأة تماشيا مع مستلزمات التحوالت الديمقراطية ،لكن واقعيا ،يبدو أن بعض األحزاب قد
اتخذت مواقف غير رشيدة باملقارنة مع ما تنص عليه برامجها.
جدول ( ) 3يبن االستراتجيات املعتمدة من قبل بعض األحزاب من أجل دفع تواجد املرأة
في املجال السياس ي(*)()1
يبرر بعض قيادييها أنه "ال يجب االستثمار من أجل ترشيحات مردوديتها غير مضمونة،
ففي مثل هذه العمليات االنتخابية األساسية في مسار كل حزب ،يؤخذ بعين االعتبار القرار الذي
يحقق رضا متخذيه داخل الحزب ،فبعد التفكير في كل االفتراضات والبدائل املمكنة ،يتخذ القرار
الذي يساعد في بناء نموذج واقعي من وجهة نظر قيادة الحزب ،وعليه كثيرا ما توضع قرارات
الحزب بشأن ترشيح النساء تحت املجهر ،إذ تؤهل حسب رأيه الرجال أكثر من النساء ( .)2ويرجع
السبب في نظرهم إلى ضعف درجة تحمل الصعوبات واملثابرة والعطاء لدى النساء بسبب
االلتزامات العائلية وغيرها.
- 1الجداول (*) ، 1،2،3من إعداد الدكتورة إعتمادا على النتائج املصرح بها ألعضاء قياديين في األحزاب عينة
الدراسة.
- 2جاء هذا على لسان السيد شهاب صديق الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي ،من خالل مقابلة
أجريناها معه ،بتاريخ .2019 /05/10
121
املبحث الثاني :تأثري احلراك االجتماعي للمرأة اجلزائرية على متكينها السياسي
الفعلي.
التمكين السياس ي هو عملية مركبة تتطلب تبني سياسات وإجراءات وهياكل مؤسسية
وقانونية ،بهدف
التغلب على أشكال عدم املساواة وضمان الفرص املتكافئة لألفراد في استخدام موارد
املجتمع وفي املشاركة السياسية ( .)1ويهدف التمكين السياس ي إلى القضاء على ثالثة نواقص :نقص
الحريات ،نقص املعرفة ،وإزالة التناقض البنيوي الوظيفي الذي يعاني منه التشريع ،و هذا
املجال ،كان محور نضال الحركة النسائية بعد خروج الجزائر من العشرية السوداء .وتعتبر
تعديالت قانوني الجنسية واألسرة في ،2005أهم االستحقاقات التي حصلت عليها النساء بهدف
ً ً ً
ترقيتهن سياسيا واجتماعيا وإنسانيا ،وتحققت مكاسب أكثر بعد تعديل الدستور عام ،2008
الذي جاءت مادته 31كمنحة من الرئيس.
وعلى إثر الحراك الذي شهده الشارع الجزائري في سنة ،)2( 2011املتزامن مع بداية
أحداث "الربيع العربي" ،أعلنت السلطة إجراء إصالحات سياسية ،والتي برز فيها مجددا دور
الحركة النسائية من خالل املشاورات واالقتراحات التي تقدمت بها لتعديل الدستور سنة .2016
(مطلب أول)
هذا وسجلت املرأة الجزائرية منذ انطالق الحراك الشعبي لسنة ،2019حضورا قويا في
مختلف املسيرات السلمية ،مكسرة طابو الخوف من التظاهر املمنوع مند ،2001معلنة خروجها
من قاعات الخطب واملحاضرات ،إلى املمارسة السياسية في الصفوف األولى بالشارع ،للمطالبة
بحقوقها وأداء واجبها الوطني ،بعيدا عن استغاللها كورقة انتخابية(.مطلب ثاني)
املطلب األول:احلراك االجتماعي للمرأة اجلزائرية بني الكوطة واملناصفة
أمام ضعف تمثيلية املرأة في املجالس التشريعية واملحلية ،ابتدعت العديد من الدول
- 1منيرة سالمي،يوسف قريش ي"،املقاوالتية النسوية في الجزائر واقع اإلنشاء وتحديات مناخ األعمال" ،مجلة أداء
املؤسسات الجزائرية ،صادرة عن مخبر أداء املؤسسات و االقتصاديات في ظل العوملة لجامعة قاصدي مرباح
ورقلة ،العدد ،5الجزائر،2014 ،ص.19
- 2خرج مئات الجزائريين في مظاهرات شعبية بالعاصمة ومدن أخرى في يناير ،2011محتجين على ارتفاع أسعار
املواد الغذائية ،وانتقلت موجة االحتجاجات إلى مختلف املدن الجزائرية ،خرج الرئيس على إثر ذلك في 15أبريل،
بخطاب إلى الشعب وعده فيه بإصالحات عميقة بدأها برفع حالة الطوارئ.
122
منذ عدة عقود خلت تقنية الحصص أو "الكوتا ( ،)1وهو ما تبناه املشرع بالقانون العضوي -12
03املحدد لكيفيات توسيع حظوظ تمثيل املرأة في املجالس املنتخبة ،الذي جاء تطبيقا للمادة
31مكرر من التعديل الدستوري لسنة :"2008تعمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية للمرأة
ّ
بتوسيع حظوظ تمثيلها في املجالس املنتخبة .وينص هذا القانون العضوي على أن أال يقل عدد
حرة أو مقدمة من حزب ،عن النسب املحددة فيه وفقا لعدد النساء في كل قائمة ترشيحاتّ ،
مقاعد كل والية .الحكم الجوهري لهذا القانون يتمثل في معاقبة القوائم التي ال تحترم النسب
املنصوص عليها فيه برفضها(.مادته )5
وقد كان لهذه التعديالت األثر الواضح في تطور نسبة ترشحها على مستوى املجلس الشعبي
الوطني ،وهو ما وضحناه من خالل الجدول التالي)2( :
النسبة املئوية عدد النساء الهيئة
% 05.07 197/ 10 املجلس التأسيس ي لسنة 1962
%1.47 136/ 2 املجلس الوطني لسنة 1963
%1.57 128/ 2 املجلس الوطني لسنة 1964
%12.9 77/10 املجلس الوطني لسنة 1980
%8.04 87/ 7 املجلس الوطني لسنة 1985
%2.37 295/ 7 املجلس الوطني لسنة 1987
%12,7 94/ 12 املجلس الوطني لسنة 1990
/ / املجلس االنتقالي لسنة 1992
% 3.15 178/ 12 املجلس اإلستشاري لسنة 1994
%3,68 380/14 املجلس الشعبي الوطني لسنة1997
%6.42 389/25 املجلس الشعبي الوطني لسنة 2002
%7.71 389/31 املجلس الشعبي الوطني لسنة 2007
%31.38 462/146 املجلس الشعبي الوطني لسنة 2012
%25,98 462/120 املجلس الشعبي الوطني لسنة2017
- 1عمار عباس؛ نصر الدين بن طيفور" ،توسيع حظوظ مشاركة املرأة الجزائرية في املجالس املنتخبة أو تحقيق
املساواة عن طريق التمييز االيجابي" ،مجلة األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية" ،العدد ،10الجزائر،
،2013ص .95-86
- 2الجدول من إعداد الدكتورة إنطالقا من معطيات عدد النساء في الدورات التشريعية املختلفة املنشورة في موقع
املجلس الشعبي الوطني.
123
35 31,52
30 25,98
25
20
15
10 6,2 7,7
2,9
5
0
2002- 2007- 2012- 2017-
2007 2012 2017 2022
تمثيل بياني يعكس نتائج الجدول ابتداء من أول انتخابات تشريعية تعددية)1(.
و لكن وبخالف ذلك يقص ي هذا القانون من مجاله التطبيقي مجلس األمة ،وهو ما
مثلناه:
10
9
8
7
6
5
4
3
2
1
0
منحنى بياني خاص بولوج املرأة إلى مجلس األمة ابتداء من عهدة 2002-1997إلى غاية
- 1الرسم البياني من إعداد الدكتورة انطالقا من معطيات عدد النساء في الدورات التشريعية املختلفة املنشورة في
موقع املجلس الشعبي الوطني.
124
التعديل الجزئي ل )1(2018/12/28
باإلضافة لذلك كان الحضور املحتشم للمرأة الجزائرية واملتسبب في غياب الديمقراطية
التشاركية في الجزائر ،من األسباب التي دفعت الحركة النسائية لتقديم مقترح "نظام املناصفة" في
إطار املشاورات املتعلقة بإثراء الدستور .وبالفعل حظيت املرأة في دستور 2016بوضعية متميزة،
ومنظومة متكاملة بين الحقوق والواجبات ( )2خاصة بإضافة املادة ":36تعمل الدولة على ترقية
التناصف بين الرجال والنساء في سوق التشغيل .تشجع الدولة ترقية املرأة في مناصب املسؤولية
في الهيئات واإلدارات العمومية وعلى مستوى املؤسسات".
وبالرغم من أن نظام املناصفة لن يطبق في مجال االنتخابات املختلفة ،لكنه سيكون
غاية تعمل الدولة من أجل إزالة العقبات التي تعيق تواجد املرأة في املجاالت املختلفة ،فهي آلية
لدفع التحيز املمارس ضد املرأة للولوج لبعض املهن(.)3
فمن خالل اإلطالع على نتائج التقرير املعد من طرف الديوان الوطني لإلحصاء رقم 840
ٌ
لديسمبر 2018حول النشاط االقتصادي ،بلغ حجم السكان الناشطين اقتصاديا 12463000
نسمة ،منهم نسبة ٪ 19,5نساء ( )4(.)2435000وبالنسبة لطبيعة تواجد املرأة في مجاالت
النشاط التي عرفت تحسنا كبيرا خالل هذه السنة فحاولنا تبيينه من خالل الجدول التالي)5(:
- 1املخطط لبياني من إعداد الدكتورة انطالقا من معطيات عدد النساء في الدورات التشريعية املختلفة املنشورة
في موقع ا مجلس االمة.
- 2رمضاني فاطمة الزهراء" ،دراسة حول جديد التعديالت الدستورية في الجزائر ،"2016دار الناشر الجديد
الجامعي ،الجزائر ،2016 ،ص.26
- 3رمضاني فاطمة الزهراء" ،التمكين االقتصادي للمرأة الجزائرية وفقا للتعديل الدستوري ،"2016مجلة
املجلس الدستوري ،رقم ،07الجزائر ،2016،ص ،210و أيضاEléonore LEPINARD, L’égalité introuvable : :
parité, les féministes et la république, édition Presses de sciences, Paris, 2007. la
- 4التقرير منشور على املوقع:
http://www.ons.dz/IMG/emploi
- 5الجدول من إعداد الدكتورة إنطالقا من تقرير الديوان الوطني لإلحصاء رقم 840لديسمبر 2018حول النشاط
االقتصادي
125
عدد النساء طبيعة نشاط املرأة خالل سنة 2018
1961 عامالت حرات
1025 موظفات دائمات
483 موظفات غير دائمات و مساعدات
النساء العامالت املستحقات للمساعدة 57
االجتماعية
474
13.1٪ دون مستوى تعليمي
٪19.1 شهادة تكوين منهي البطاالت
وفيما يلي جدول يبين وجود النساء في الوظيف العمومي حسب السن()1
النسبة املئوية٪ السن
٪8.9 من 15سنة و أكثر
٪16.4 من 24-19سنة
٪19.1 34-25سنة
٪30.6 54-35سنة
٪6.5 64-55سنة
٪0.7 أكبر من 60سنة
يمكننا أن نحلل سبب ضعف تواجد النساء األقل من 24سنة ،إلى كون هذه املرحلة عادة
ما تكون فيها املرأة متمدرسة أو جامعية ،وعليه فنسبة تواجدها قليلة ،بينما تزداد هذه النسبة
من سن 25سنة إلى غاية 54سنة وهي الفترة التي عادة ما تكون فيها املرأة متخرجة من الجامعة إلى
غاية وصول سن التقاعد النسبي الذي يحدد ب 55سنة ،أما بعد هذا السن فيقل معدل تواجد
- 1الجدول من إعداد الدكتورة انطالقا من تقرير الديوان الوطني لإلحصاء رقم 840لديسمبر 2018حول النشاط
االقتصادي.
126
املرأة في الوظائف.
من خالل العديد من الدراسات نالحظ أن نظام املناصفة أستطاع أن يوفق النساء
للوصول لبعض املهن التي حرمت منها سواء بالنسبة للقطاع الخاص أو العام.
املطلب الثاني :حراك 2019وتصاحل املرأة مع السياسة:
يتعلق األمر في هذه الجزئية بحرية ال تقل أهمية عن ممارسة املرأة لحقها في التجمع من
خالل حريتها في التظاهر السلمي ،و املقصود بها است ــخدام الطريـق العـام مـن قب ــل عـ ـ ـ ــدد من
األشخاص ،إما بطريقة متحركة أو ثابتة ،بقصد التعبير بطريقة جماعية وعلنيـة ،مـن خـالل
حضورهم وعددهم ،ومواقفهم ،وهتافاهم ،عن رأي وإرادة مشترك ،وبخالف االجتمـاع العمـومي
فـإن املظـاهرة ال تقتـض ي نقاشـا وال تبـادل أفكـار ،وإنمـا تهدف إلى التعبير عن رفض لرأي أو ملوقف
سياسـي أو قـرار سياسـي ،أو تعبــر عـن رض ـ ـ ــاء أو قبول لذلك الرأي أو املوقف أو القرار )1(.وقـد
نظــم املـشرع الجزائــري هـذه الحريــة في القـانون 28-89املتعلــق باالجتماعـات العموميــة
واملظـاهرات)2(.
لقد ساهم الحراك الشعبي في كسر جدار الخوف لدى الجزائريين ،إذ تمكنوا من ممارسة
حرية،
طاملا حرموا منها بفعل األحداث األمنية املتعاقبة التي عرفتها الجزائر ابتداء من سنة
)3(،1991ال سيما بعد إقرار حالة الطوارئ بموجب املرسوم 44 - 92الذي يعطي الحق لوزير
الداخلية بفرض إغالق األماكن العامة و حظر أي تجمع أو تظاهرة ( .)4وبموجب قرار رئيس
الحكومة الصادر في 18يونيو ،2001تم حظر أي مسيرة سلمية أو تظاهرة بالعاصمة الجزائرية()5
.
- 1حسني الجندي"،جرائم االجتماعات العامة واملظاهرات والتجمهر (دراسة مقارنة)" ،دار النهضة العربية ،مصر،
، 2003-2002ص .28
- 2الجريدة الرسمية 4لسنة ،1989املعدل بالقانون رقم 19 - 91الصادر في ( 1991الجريدة الرسمية رقم ) 62
يفرض وجوب تقديم طلب إذن مسبق يتم إيداعه لدى السلطات املعنية قبل ثمانية أيام من التظاهرة أو االجتماع
املقرر.
-3املرسوم رقم 196 - 91الصادر في 5يونيو 1991ـ،الجريدة الرسمية 29لسنة .1991
-الجريدة الرسمية رقم 10لسنة4.1992
- 5قرار ال أثر له في الجريدة الرسمية ،تم اتخاذه عقب املسيرة الحاشدة التي نظمت في 14يونيو ،2001تم تعميمه
على أراض ي الجمهورية بمقتض ى السلطة التنظيمية للوالة في مجال الحفاظ على النظام العام.
127
مند بدأ الحراك الشعبي في 22فيفري ،2019والنساء الجزائريات بارزات فيه ،إذ
ساهمن في إخراج املمارسة السياسية الشعبية عن الصورة النمطية القديمة ،املمتازة باحتكار
الرجال ،وخرجت املرأة للمشاركة في املسيرات الشعبية السلمية ،فارضة نفسها كعنصر مهم في
املجتمع ،ال يتجزأ من شعب يقود هذا الحراك.
وقد كانت الجمعة الثانية للحراك املصادفة للثامن مارس نقطة انطالق وتحرر للكثير من
النساء ،اللواتي رفعن الراية الوطنية بهتافات رافضة استغاللهن ممن تعودوا ذلك في مختلف
املناسبات السياسية ،ضد االستبداد واملطالبة بالديمقراطية وتحسين األوضاع)1( .
ساهم الحراك الذي تشهده البالد ،في تغيير تفكير أغلب النساء الجزائريات ،فبعد أن كن
ال يهتممن بالسياسة ،ويعتبرنها مجاال مزعجا وثقيال ،تحولن إلى سياسيات بامتياز ،فال يفوتن
نشرات األخبار ،فيتابعن بدقة كل ما يجري عبر القنوات التلفزيونية ،يحضرن للمسيرات،
يساهمن في النقاشات السياسية ،فقد تمكن من مصالحتهن مع السياسة.
خامتة:
ال تزال عملية املساواة بين املرأة والرجل في حقوق املواطنة ،ومنها الحق في املشاركة
السياسية ،تطرح في الجزائر ،وقد حاولنا من خالل هذه الدراسة إجالء بعض الغموض عليها
وتوضيح ما حققته املرأة الجزائرية في املجال السياس ي .فصحيح أن املؤسس اعترف من خالل
الدساتير املتتالية والقوانين بحق املرأة في الترشح واالنتخاب في املجالس النيابية ،وتقلد الوظائف
العامة بما يحقق املساواة النظرية ،لكن ذلك لم يكن إيمانا من السلطة بدورها الراسخ في الحياة
السياسية ،بل جزءا من إستراتيجية سياسية إلضفاء الشرعية على النظام .فقد وضعت مواطنة
النساء في خدمة املصالح السياسية املتغيرة للدولة ،ولنأخذ التعديل الدستوري لسنة 2008
املتزامن مع اإلنتخابات الرئاسية كمثال ،فقد نص على توسيع املشاركة السياسية للمرأة في
املجالس املنتخبة ،لكن في املقابل لم نلمسه في التجديد النصفي ألعضاء مجلس األمة .ونفس
املالحظة بالنسبة لتبني نظام املناصفة ،في سنة ،2016الذي هدف إلى منح جرعة للنظام
السياس ي ،إذ لم يتخذ أي قانون إل ى غاية اليوم لتنفيذه ،باستثناء بعض التعليمات املوجهة إلى
اإلدارات العامة ،أو بعض الحوافز املالية للمؤسسات االقتصادية املدمجة للنساء ،كما ساهم
الحراك الذي تشهده البالد ،في كسر الصورة النمطية للمرأة الجزائرية في املساهمة الديمقراطية.
- 1د.رمضاني فاطمة الزهراء"،وجهة نظر قانونية حول صياغة دستور مستجيب للحراك" ،مقال مقدم للمشاركة
في امللتقى الوطني "نظرة وحلول دستورية ألزمة النظام السياس ي الجزائري على ضوء الحراك الشعبي"،كلية الحقوق
لجامعة علي لونيس ي البليدة ،2مخبر الحوكمة والتنمية املستدامة ،املنعقد في 30مايو ،2019ص.13
128
وقد كشفت الدراسة عن جملة من الفجوات :
*فإيجابية نظام الحصص يقابله تدني مستوى وكفاءة املرأة املنتخبة املقدمة في
التشريعيات.
*اعتماد نظام املناصفة لدعم وتشجيع تواجد املرأة في الوظائف ،يقابله محدودية في
تقلد مناصب صنع القرار.
*تنامي حضور املرأة في الحركة الجمعوية ،يقابله تدني حضورها في الهياكل الحزبية.
*تركيز األحزاب اهتمامها باملرأة كناخبة من أجل كسب أصواتها ،يقابله قلة االهتمام بها
كمرشحة وكمنتخبة.
*تركيز األحزاب والجمعيات على التعبئة العامة للنساء ،يقابله ضعف في التكوين
السياس ي للمرأة فيما يخص املهارات القيادية.
كما أظهرت املعطيات الواقعية ،ضعف تمثيل املرأة الجزائرية في الهياكل التمثيلية (لجان
البرملان ،لجان املجالس البلدية ،) ...بسبب عدم إهتمام األحزاب بترشيح املرأة لهذه املهام .وبينت
أيضا حضور املرأة الجزائرية في القضاء ،وهو ما يفسر تفوق املرأة في كل املجاالت إذا كان املعيار
هو الكفاءة.
وانتهت للقول أن املرأة الجزائریة لم تتمكن من التمتع الفعلي بحقوقها السیاسیة ،التي
كرستها جهود الدولة الجزائریة ،عبر مختلف النصوص ،التي ال تعدو أن تكون تزیینیة ،بالنظر
للمعوقات التي تعترض وجودها الفعلي.
وهكذا نصل إلى أنه رغم التأكد من صحة الفرضيات ال تي انطلقنا منها ،إذ ضمن تعديل
النصوص القانونية التواجد الفعلي للمرأة من خالل اإلحصائيات الواقعية ،ورغم كون بعض
املمارسات التحيزية واإلقصائية لتواجد املرأة في بعض املجاالت ومنها صنع القرار السياس ي كانت
وراء التعديل الدستوري لسنة 2016الذي تبنى نظام املناصفة ،إال أننا ال نزال بعيدين عن
التكريس الحقيقي للمشاركة السياسية
للمرأة ،وهذا ليس ناتج عن سياسة الدولة في هذا املجال أو حتى عن النصوص املتوفرة
فيها ،بل هو مرتبط بطبيعة التنشئة السياسية للمرأة ،وبظروف اهتمامها بالسياسية والحياة
العامة ،إلى جانب القيم الثقافية السائدة في املجتمع بسبب املوروث الثقافي والقبلي السلبي،
واستمرار النظرة الدونية للمرأة ،فاملرأة الجزائرية اليوم بحاجة إلى تضافر املجهودات من أجل
تمكين شامل ،ربما يمكن أن يساهم حراك 2019إيجابيا في تغيير الذهنيات املتزمتة ضد املرأة
129
مثلما ساهم في تغيير فكرها اتجاه العمل السياس ي.
قائمة املراجع:
النصوص القانونية:
-دستور الجزائر لسنة 1963مؤرخ في 08سبتمبر ،1963الجريدة الرسمية رقم 64ل
.1963
-دستور الجزائر لسنة ،1976الصادر باألمر رقم 79-76املؤرخ في 22نوفمبر ،1976
الجريدة الرسمية رقم 94ل .1976
-دستور الجزائر لسنة 1989الصادر باملرسوم الرئاس ي رقم -18 89املؤرخ في 28
فبراير ،1989الجريدة الرسمية رقم 09ل .1989
-دستور الجزائر لسنة 1996الصادر باملرسوم الرئاس ي438-96املؤرخ في 7ديسمبر،1996
الجريدة الرسمية رقم 76ل .1996
-القانون رقم 19 - 08املؤرخ في 15نوفمبر 2016 ،2008املتضمن التعديل الدستوري،
الجريدة الرسمية رقم 63ل. 2008
-القانون 01-16املؤرخ في 06مارس 2016املتضمن التعديل الدستوري ،الجريدة الرسمية
رقم 14ل .2016
-أمر رقم 03-96مؤرخ في 10ینایر سنة ،1996یتضمن االنضمام مع التحفظ على اتفاقیة
ضد املرأة لسنة ، 1979الجريدة الرسمية رقم 03ل .1996القضاء على جمیع أشكال التمیيز ّ
-القانون العضوي 04-12مؤرخ في 12ینایر ، 2012يتعلق األحزاب السياسية ،الجريدة
الرسمية 02ل .2012
-القانون العضوي رقم 10-16مؤرخ في 25اوت ،2016یتعلق بنظام االنتخابات ،الجريدة
الرسمية رقم 50ل .2016
-أمـر رقم 133- 66مؤرخ في 02جوان ،1966یتضمن القانـون األسـاس ي العام للوظیفة
العمومیة ،الجريدة الرسمية رقم 47ل .1966
-أمر رقم 03-06مؤرخ في 15يوليو 2006یتضمن القانـون األسـاس ي العام للوظیفة
العمومیة،الجريدة الرسمية عدد 46ل .2006
-القانون 06-12املؤرخ في 12يناير 2012يتعلق بالجمعيات ،الجريدة الرسمية 02ل .2012
-املرسوم الرئاس ي 426-08املؤرخ في 28دیسمبر سنة 2008املتضمن رفع التحفظ على
إتفاقية القضاء على جمیع أشكال التمیيز ّ
ضد املرأة،الجريدة الرسمية رقم 05ل .2009
130
-املرسوم الرئاس ي 154-14املؤرخ في 05مايو ،2014الجريدة الرسمية رقم 26ل .2014
-املرسوم الرئاس ي 125-15املؤرخ في 14مايو، 2015الجريدة الرسمية 25ل.2015
املراجع باللغة العربية:
مؤلفات:
-أحمد زايد وآخرون ،املرأة و قضايا املجتمع ،املكتب العربي الحديث ،مصر .2011
-رمضاني فاطمة الزهراء" ،دراسة حول جديد التعديالت الدستورية في الجزائر ،"2016دار
الناشر الجديد الجامعي للنشر والتوزيع ،الجزائر.2016،
خالد محمود العزب ،املشاركة السياسية للمرأة (رؤية شرعية وتنموية )،الطبعة األولى،
نشر مؤسسة تنوير للتنمية،اليمن.2012 ،
حسني الجندي"،جرائم االجتماعات العامة واملظاهرات والتجمهر (دراسة مقارنة)" ،دار
النهضة العربية ،مصر.2003-2002 ،
الرسائل الجامعية:
-بن يزة يوسف ،التمكين السياس ي للمرأة وأثره في تحقيق التنمية اإلنسانية في العالم
العربي ،مذكرة ماجستير غير منشورة في العلوم السياسية ،تخصص تنظيمات سياسية وإدارية،
جامعة الحاج لخضر ،باتنة ،الجزائر2010 ،
املجالت العلمية:
ظل النظم االنتخابية املعتمدة الفرص -بن شيخ عصام" ،تمكين املرأة املغاربية في ّ
والقيود" ،مجلة دفاتر السياسة والقانون ،جامعة ورقلة ،الجزائر.2011 ،
-رمضاني فاطمة الزهراء" ،التمكين االقتصادي للمرأة الجزائرية وفقا للتعديل الدستوري
،"2016مجلة املجلس الدستوري ،رقم ،07الجزائر.2016 ،
-عباس عمار ونصر الدين بن طيفور" ،توسيع حظوظ مشاركة املرأة الجزائرية في املجالس
املنتخبة أو تحقيق املساواة عن طريق التمييز االيجابي" ،مجلة األكاديمية للدراسات االجتماعية
واإلنسانية" ،العدد ،10الجزائر.2013 ،
-عروس الزوبير" ،الخلفية التاريخية ونضال جمعيات الحركة النسوية من أجل التغيير في
الجزائر" ،مجلة مركز اإلعالم والتوثيق لحقوق املرأة والطفل ciddefرقم ، 24الجزائر. 2012 ،
-منيرة سالمي ،يوسف قريش ي" ،املقاوالتية النسوية في الجزائر واقع اإلنشاء وتحديات مناخ
األعمال" ،مجلة أداء املؤسسات الجزائرية ،صادرة عن مخبر أداء املؤسسات واالقتصاديات في ظل
العوملة لجامعة قاصدي مرباح ورقلة ،العدد.2014 5 ،
131
امللتقيات العلمية:
-رمضاني فاطمة الزهراء"،وجهة نظر قانونية حول صياغة دستور مستجيب للحراك"،
مقال مقدم للمشاركة في امللتقى الوطني "نظرة وحلول دستورية ألزمة النظام السياس ي الجزائري
على ضوء الحراك الشعبي"،كلية الحقوق لجامعة علي لونيس ي البليدة ،2مخبر الحوكمة والتنمية
املستدامة ،املنعقد في 30مايو ،2019ص.13
مراجع باللغة األجنبية:
-Eléonore LEPINARD, L’égalité introuvable : la Parité, les féministes et la république, édition
Presses de sciences, Paris, 2007.
-Abdallah BENHMOU, Les droits politiques de la femme : contenu et conditions de mis en
oeuvre, Revue des sciences juridiques, administratives et politiquées, faculté de droit, université
Abou Bekr Belkaid, Tlemcen, n°.07, 2011.
مواثيق/تقارير/قرارات
-اتفاقية سيداو في موقع األمم املتحدة:
& http://treaties.un.org/Pages/ViewDetails.aspx?src=TREATY&mtdsg_no=IV-8&chapter = 4
lang=fr
-تقرير"بان كي مون"من يتحمل املسؤولية أمام املرأة؟ النوع االجتماعي و املساءلة ،صندوق األمم
املتحدة اإلنمائي للمرأة، 2009-2008،منشورفي املوقع:
http://www.unifem.org/progress/2008/2008/media/POWW08_Report_Full_Text_ar.pdf
مو اقع أنترنيت:
-http://www.ons.dz/IMG/emploi
-موقع وزارة العدل على الرابط التالي:
-https://www.mjustice.dz/
132
التنمية االجتماعية النسوية لتمكني املرأة اقتصاديا وحتقيق
ريادتها يف جمتمع األعمال
وفق مرئيات أهداف التنمية املستدامة لعام 2030
د .حـــمو حممد
أستاذ حماضر ورئيس قسم العلوم االقتصادية
جامعة الشلف -اجلزائر
-1شهيناز كشرود & عمر مرزوقي ،التمكين االقتصادي للمرأة الجزائرية :حق إنساني ورهان تنموي ،مجلة االجتهاد
للدراسات القانونية واالقتصادية ،الجزائر ،املجلد الثامن ،العدد األول2019 ،ص496
-2شهيناز كشرود & عمر مرزوقي ،مرجع سبق ذكره ،ص496
-3عبد الكريم جابر شنجار & شذى سالم دلى ،تمكين املرأة في العراق ودورها في النهوض باالقتصاد العراقي ،مجلة
القادسية للعلوم اإلدارية واالقتصادية ،العراق ،املجلد السابع عشر ،العدد الثاني ،2015 ،ص102
135
هذا املصطلح يستخدم كبديل ملفهوم التنمية في دراسات وبحوث املرأة.
-1مفهوم التمكين:
ويعرف التمكين بأنه عملية تهدف إلى مساعدة األفراد على تحقيق استقاللهم الذاتي وزيادة
ثقتهم بأنفسهم كم خالل زيادة معارفهم ومهاراتهم وتنمية قدراتهم.1
هذا وقد عرف تمكين املرأة على أنه عملية ( )Processوهدف ( ،)Goalفهو عملية تحدى
عالقات القوى السائدة والقائمة والحصول على التحكم األكثر في املوارد ومصادر القوة ،وهو
هدف ألن تمكين النساء يسعى إلى تحدي اإليديولوجيات األبوية (سيطرة الذكور وتبعية النساء)،
والتحول في األبنية واملؤسسات التي تكرس وتعزز من التميز النوعي ،كما يهدف التمكين إلى
مساعدة النساء الفقيرات على الحصول والتحكم في كل املصادر واملوارد املادية وغير املادية.2
تمكين املرأة ع ملية تصبح من خاللها املرأة واعية بالطريقة التي تؤثر من خاللها عالمات
القوة في حياتها ـ فتكسب الثقة بالنفس ،وتتصدى لكل أشكال عدم املساواة بينها وبين الرجل.
ويتضمن مصطلح التمكين معنى القوة ،فهو يعني إحكام السيطرة على النواحي املادية
املحيطة باملرأة بخالف امل صادر الفكرية ،وينعكس ذلك على معتقدات وقيم واتجاهات املرأة التي
تشكل حياتها وسلوكها ،والقوة في هذا املجال تعني األداة التي يحكم بها أو من خاللها الفرد سيطرته
على املوارد ،على النحو الذي يعكس العالقات االجتماعية ،3فإذا كان التمكين يعني زيادة قوة املرأة
إال أن تلك القوة ال تعني السيطرة على والخضوع والتأثير على اآلخرين ،بل تعني القوة املتولدة
البناءة ،التي تولد إمكانات وأفعال جديدة بدون حتمية السيطرة على اآلخر ،فالقوة في مجال
تمكين املرأة تعني:4
امتالك التحكم وزيادة التحكم ،والقدرة على االبتكار من منظورات نسوية ،فضال االعتراف
واحترام النساء كمواطنين متساويين في املشاركة وصنع القرار.
كما يعني مفهوم تمكين املرأة بأنه تفعيل دور املرأة من خالل تحسين أحوالها وأحوال
-1سعد هللا يسري شعبان ،مقياس تمكين املرأة املعيلة ،مجلة دراسات في الخدمة االجتماعية والعلوم االنسانيةـ
العدد الثالثون ،جامعو حلوان ،مصر ،2011ص.837
-2ثابت نشوى توفيق أحمد ،تمكين املرأة ودورها في عملية التنمية :دراسية اجتماعية بمدينة القاهرة ،حوليات
آداب عين شمس ،املجلد الثالث والثالثون ،مصر ،جوان ،2005ص 172
-3سعد هللا يسري شعبان ،مرجع سبق ذكره ،ص.838
-4ثابت نشوى توفيق أحمد ،مرجع سبق ذكره ،ص.173
136
أسرتها املعيشية في النواحي الصحية ،التعليمية ،مستوى الدخل ،املستوى الثقافي والسياس ي.1
ومنه فتمكين املرأة هو عملية شمولية تبدأ بإدراك املرأة ذاتها ،وشعورها بالسيطرة على
حياتها الخاصة وقدرتها على اتخاذ القرار أما على املستوى الجماعي فهو يشير إلى قدرة النساء على
املشاركة في عملية التنمية وخلق وعي مجتمعي بالحقوق الفردية والجماعية.
تأسيسا على ما سبق نجد ان تمكين املرأة يعني إعطاء فرصة لها التخاذ القرار ،وتحسين
أوضاعها االجتماعية حتى تستطيع مواجهة التحديات وتنجز أهدافها ،في ظل درجة من الوعي
والثقة بمكانتها في املجتمع ،وبما يؤهلها لتقلد مناصب في املجتمع كانت من قبل حكرا على الرجال،
وذلك على النحو ال ذي يحسن من نمط الحياة لدى النساء.
-2مفهوم وداللة التمكين االجتماعي:
عرف التمكين االجتماعي من ناحية أهدافه والتي تتمثل في ترسيخ الديمقراطية في الحقوق
والواجبات ،ومشاركة املرأة في التنمية املجتمعية على الصعيد املحلي والوطني ،وإعادة النظر في
دور املرأة في األسرة وممارسة الحقوق التي تقتضيها املواطنة.2
يرى (فشولر & هاشمي) بأن مؤشرات التمكين االجتماعي للمرأة تتمثل في :التحرر من
العنف ،سلوك وأسلوب معاملة البنات ،مؤشر التخطيط والنظرة إلى املستقبل ،زيادة مكانة املرأة
في األسرة ،مشاركة لزوج وأعضاء األسرة في أعمال املنزل ،شعور املرأة بالتقدير والعرفان من قبل
أفراد أسرتها ،مشاركة املرأة في أنشطة خارج املنزل.3
والتمكين االجتماعي للمرأة هو الزيادة املتحققة على قوة املرأة وأدوارها االجتماعية ،والتي
تتمتع بها ضمن العائلة واملجتمع عن طريق مشاركتها املتواصلة في البرامج التدريبية ،مما يكسبها
بعض املهارات عن طريق معرفتها في اتخاذ القرارات ،باإلضافة إلى مشاركتها بالقيام بأدوار
مجتمعية عن طريق العمل بشكل تطوعي ضمن برامج تنموية تخدم املجتمع ،على النحو الذي
-1حسن مصطفى ،استشراف مستقبل التمكين االجتماعي واالقتصادي والسياس ي للمرأة السعودية ،مجلة
الخدمة االجتماعية ،الجمعية املصرية لألخصائيين االجتماعيين ،مصر ،العدد الرابع والخمسون ،جوان ،2015
ص23
-2خلود العبد الكريم ،معوقات تمكين املرأة السعودية ثقافيا واجتماعيا وقانونيا،مجلة دراسات في الخدمة
االجتماعية والعلوم االنسانية ،جامعة حلوان ،مصر ،العدد السادس والثالثون ،أبريل ،2014ص 184
-3ثابت نشوى توفيق أحمد ،مرجع سبق ذكره ،ص.176
137
يساهم في تحسن مكانتها االجتماعية.1
كما يشير مفهوم التمكين ا الجتماعي للمرأة إلى أن إتاحة كل األسباب املوضوعية واملادية،
وتوفير اآلليات املناسبة ملشاركة املرأة في نشر الوعي بقضايا املجتمع ،والتحديات التي تواجهها،
وتقديم املقترحات واملشاركة في صنع القرارات التي تفض ي إلى تحقيق التنمية االجتماعية في كل
املجاالت.2
ثالثا -مرتكزات التمكني االجتماعي للمرأة:
التمكين االجتماعي عموما يركز على إعادة الترتيب أو التغيير الجذري للقيم ،واملعتقدات
املرتبطة بصنع القرار ،وستضمن إعطاء األمل في إحداث تغييرات وتحوالت في مؤسسات املجتمع،
تعزيز حرية الجماعات والكرامة ،كما أن التمكين االجتماعي يزيد من اإلحساس باملسؤولية
االجتماعية.3
ومنه فإن إشراك املرأة في إحداث التنمية يعد بداية التغيير والتحول ،بعد أن كان الرجل
يحتكر العمل التنموي ،واملرأة غائبة عن مواطن صنع القرار ،أصبحت املرأة إحدى محركات
التنمية ،فاملرأة إذا توافرت لها بيئة ستبدع وتب تكر ،ومن ثم فهي بحاجة إلى هذا الدعم االجتماعي
لتنميتها حتى تصبح كما مأمول منها.
يهدف التمكين أساسا إلى تدريب املرأة ورفع قدراتها القيادية واإلدارية في اتخاذ القرار
والتخطيط والتنفيذ واملشاركة واملساواة مع الرجل في الجهد التنموي ،وينسحب مضمون التمكين
للمرأة بالتركيز على الجوانب اآلتية:4
االجتماعي ٍ
-املشاركة السياسية وقوة صنع القرار ،ويقاس بنسبة حصص الذكور واإلناث في مقاعد
البرملان بمستوياته املختلفة؛
-1غسان أبو منديل وآخرون ،واقع التمكين االقتصادي للمرأة في قطاع غزة ،مركز شؤون املرأة ،غزة ،فلسطين،
،2014ص15
-2خلود العبد الكريم ،مرجع سبق ذكره ،ص.185
-3خلود العبد الكريم ،مرجع سبق ذكره ،ص200
-4ينظر في ذلك:
-البسيوني عبد هللا الجاد ،حق املرأة املصرية في التمكين االجتماعي :بحث تقييمي في سوسيولوجيا القانون ،مجلة
مصر املعاصرة ،الجمعية امل صرية لالقتصاد السياس ي واإلحصاء والتنشريع ،املجلد ،96العدد ،478مصر،
،2005ص ص.424-423
-غسان أبو منديل وآخرون ،مرجع سبق ذكره ،ص.15
138
-املشاركة االقتصادية وقوة صنع القرار ،وتقاس حصص الذكور واإلناث في تقلد املناصب
العليا ،وحصص الذكور واإلناث في املراكز املهنية والتكنولوجية؛
-السيطرة على املوارد االقتصادية وتقاس بالدخل املكتسب لكال من الذكور واإلناث.
-زيادة مشاركة املرأة في القضايا املجتمعية ،مع التأكيد على دورها الهام في تكوين القيم اإليجابية
على مستوى األسرة واملجتمع؛
-رفع مستوى الوعي للقضاء على كل أشكال التمييز ضد املرأة؛
العمل على توفير الخدمات التي تساعد املرأة على إحداث التوازن في مسؤوليتها ودورها التنموي.
كما توجد العديد من األهداف التي يسعى التمكين تحقيقها ومنها:1
تحقيق عادلة اجتماعية لتحقيق املساواة من خالل الدعم املتبادل ،مما يزيد من تماسك
املجتمع وزيادة الترابط والتخلص من عوامل زعزعة االستقرار؛
التمكين يبث الثقة في حياة النساء ليدخلوا مرحلة االستقالل والحرية الختيار قرار الحياة؛
تنمية قدرة املرأة لتغيير العالقة بين الدولة واملرأة واملنظمات النسائية لتكون أكثر كفاءة
من املشاركة الفعالة؛
تمكين النساء من التحكم أي توفير الخيارات والبدائل
توفير الفرص للنساء لدعم شبكات األمان االجتماعي
الوصول إلى زيادة حقيقية في دخول النساء مقارنة بالرجال
تمكين النساء من أن يشكلن قوة تفاوضية لتحسين مكانتهن في املجتمع
رابعا -مستوجبات حتقيق التمكني االجتماعي للمرأة:
إن تمكين املرأة اجتماعيا ال يقتصر على مشاركتها في النشاط االقتصادي ،بل يمتد إلى
مجمل العالقات االجتماعية واإلنتاجية التي تساهم في رفاهيتها وتقدمها ،فضال عن تقدير املجتمع
للمرأة االعتراف بها على أن ال يمكن تغييبها ،وقد الوصول إلى هذا املستوى يتطلب األمر ما يأتي:
-ضرورة تحسين أساليب تعليم املرأة وزيادة االستثمارات النسائية واالهتمام بتدريب
وتثقيف املرأة ملواكبة التغيرات التكنولوجية وغرس القدرات اإلنتاجية ،ودلت التجارب في هذا
املصدر :غسان أبو منديل وآخرون ،واقع التمكين االقتصادي للمرأة في قطاع غزة ،مركز
شؤون املرأة ،غزة ،فلسطين ،2014 ،ص16
ثانيا -مظاهر التمكني االقتصادي للمرأة:
إن توجه تمكين املرأة ليس عملية مباشرة وتلقائية وإنما هو عملية ذات جوانب متعددة
يتطلب التغيير فيها أمدا طويال فإن املرأة بحاجة إلى خدمات إدارية ومهنية فضال عن الخدمات
التنموية األخرى لتعزيز تمكينها في جميع جوانب الحياة ،هذا وتوجد ثالثة آليات رئيسية تساهم في
إحداث عملية التمكين االقتصادي للمرأة هي:
-زيادة الفرص االقتصادية املتاحة للمرأة ،عن طريق توزيع ميادين عمل النساء ،بجعل
األسواق مكانا لنجاح املرأة على مستوى السياسات وتمكينها من املنافسة بقوة في األسواق على
صعيد القدرة على تحديد الخيارات والقرارات؛
-رفع نسبة مساهمة املرأة في مواقع صنع القرار ورسم السياسات االقتصادية ،حيث أن
فعالية مشاركتها تتيح لها الفرصة للتأثير في القرارات املتخذة لصالحها ويعزز احتمال تحقيق هذه
النتيجة عند حضور عدد كبير من النساء - ،فضال عن ذلك فإن امتالك املرأة القدرة على اتخاذ
141
القرار يؤثر في قدرتها على بناء رأس مالها البشري واالستفادة من الفرص االقتصادية التي كانت في
السابق حكرا على الرجال؛
-توفير ظروف عمل الئقة كتوسيع نطاق الحماية االجتماعية ،خدمات الرعاية
االجتماعية ،على النحو الذي يعزز من املكانة االجتماعية للمرأة.
ومن منظور عام فإن التمكين االقتصادي للمرأة يترك جملة من اآلثار اإليجابية على
الوضع االقتصادي ،كما يبين الشكل اآلتي:
الشكل رقم 02يبين اآلثار االقتصادية للتمكين االقتصادي للمرأة
املصدر :القمة العاملية للتمكين االقتصادي للمرأة ،2019مؤسسة نماء لإلرتقاء باملرأة،
من على املوقع االلكتروني:
www.namawomen.ae
ثالثا -منظومة ريادة األعمال املفهوم ،مسات رائدات األعمال
لقد حاول العديد من الكتاب تحديد مفهوم ريادة األعمال ،حيث عرفها (داركر )Drucker-
بأنها عمل ينطوي على االبتكار ومنح املوارد املوجودة قدرات إنتاجية جديدة1؛ كما ان ريادة األعمال
تختلف باختالف النماذج التي تطبيقها ،واثبتت نجاحا ،بإضافة قيمة افتصادية واجتماعي ،ومن
ثم فريادة األعمال تعد حركة حياتية متسمرة وآلية من آليات إعمار األرض ،لهذا تتطلب إيالء
عناية هامة باإلنسان ،وذلك بتهيئة البية املناسبة له حتى يبدع ويبتكر ،باإلستفادة من الفرص
املتاحة في املجتمع ،وعلى النحو يتطلب األمر تشجيع ريادة األعمال كإستراتيجية أساسية للتنمية
االقتصادية.
-1سيف الدين على مهدي ،متطلبات وتحديات ريادة األعمال باململكة العربية السعودية ،ورقة بحثية قدمت في
املؤتمر السعودي الدولي لجمعيات ومراكز ريادة األعمال ،2014املنظم خالل الفترة 09 :سبتمبر – 11سبتمبر
،2014الرياض ،اململكة العربية السعودية ،ص109
142
استنادا إلى كتابات وممارسات في مجال عالم األعمال،يمكن إيجاز السمات الرئيسية
لرائدات األعمال في ما يأتي:
رغبة قوية وقدرة عالية على مواجهة املخاطر والتفاعل معها وتحملها
نتائجها ،وإرادة قوية الستشراف املستقبل ووضع رؤية وتحديد األهداف ،لكون ان
رائدات األعمال لهن السبق في االبتكار واإلبداع؛
صاحبات همة عالية ،وماهرات تفاوضية وقدرة فائقة على التأثير
واالقتناع واكتساب ثقة اآلخرين وتعاونهم؛
رابعا -الريادة السنوية يف جمتمع األعمال لتمكني املرأة اقتصاديا:
إن ريادة األعمال النسائية من شأنها أن تدعم تمكين املرأة ،وتعزز من مركزها االجتماعي
وذلك على النحو اآلتي:1
أن ريادة األعمال قد تكون وسيلة فعالة لخلق فرص عمل وتمكين املرأة اقتصاديا
واجتماعيا.
أن توفير بيئة داعمة لريادة األعمال النسوية يعد أحد العناصر املهمة لنجاح النساء،
وهو ما يتضمن مساعدة النساء للتعامل مع األدوار املتعددة املنوطة بهن وإشراك
الرجال ،واألسر ،واملجتمعات– حسب الحاجة -في تنمية ريادة األعمال النسائية.
أن دعم جمعيات ريادة األعمال النسائية قد يساعد في حشد التأييد وتعزيز
الخدمات املوجهة لرائدات األعمال.
أن التدريب على املساواة بين الجنسين واألعمال التجارية ً
معا قد ينعكس على ثقة
النساء وتمثيلهن.
أن تدريبات التوعية بقضايا املساواة بين الجنسين التي يتم تنظيمها ملوفري الخدمة
يمكن أن تساعد في تعزيز قدراتهم على تلبية احتياجات رواد األعمال من الجنسين
بصورة أفضل .
أن التدريبات على املهارات أو تمويلها قد ال يكفى وحده ،حيث تفتقر العديد من
النساء للثقة واأليمان بقدراتهن على املبادرة وتنظيم املشاريع .ويتمثل الحل في تجميع
-1الفريق الفني للعمل الالئق لدول شمال إفريقيا بمنظمة العمل الدولية ومكتب منظمة العمل الدولية ملصر
واريتريا ،تقييم تنمية ريادة األعمال النسائية في مصر ،منظمة العمل الدولية ،طبعة ،2017ص.6
143
الخدمات املقدمة لرائدات األعمال من خالل إقامة شراكات إستراتيجية.
خام سببا -م سببتوجبات ر يببادة األع مببال الن سببائية مببن منط لببق ا لببتمكني االقت صببادي
واالجتماعي للمرأة
إن لتطوير وتنمية ريادة العمال النسوية آثار على وضع املرأة اقتصاديا واجتماعيا ،على
النحو الذي يحقق ويجسد تمكينهن اقتصاديا واجتماعيا في مجتمع األعمال ،والشكل املوالي
يلخص ذلك:
الشكل رقم 03 :يبين منطلقات ريادة األعمال النسوية ومخرجاتها االجتماعية
واالقتصادية
املصدر :الفريق الفني للعمل الالئق لدول شمال إفريقيا ،مرجع سبق ذكره ،ص22
احملور الثالث :املنطلقات االجتماعية للتمكني ا ملبرأة اقت صباديا وريادت هبا ا سبتجابة
ألهداف التنمية املستدامة لعام .2030
ال تستطيع األمة مواصلة مسيرة التنمية االجتماعية واالقتصادية دون االستفادة من
مواهب املرأة املتعددة وطاقاتها الكبيرة ،وخصوص مهاراتها القيادية والريادية ،فاملرأة قادرة على
توفير مجموعة من املزايا في دورها كمسؤول حكومي ،ورئيس صناعي ،وأن تكون املثل األعلى،
144
خصوص في التفاني واإلخالص ،واالتصاالت ،واإلبداع ،وإدارة الوقت ،ومواجهة التحديات،
وااللتزام باالطالع على كل جديد ،وتعتبر هذه املزايا والفضائل ضرورات أساسية لبناء اقتصاد
قوي ،وضمان تحقيق التنمية املستدامة ،وذلك باالستفادة من قدرات املرأة وجهودها في املجال
التنموي ،خاصة وان مضامين التنمية املستدامة تقتض ي بأن يكون لكل إنسان رجل كان أو إمراة
الحق في التنمية ،مساهمة واستفادة ،وعليه فهذا الحق ال يكون حكرا على الرجال.
أوال -خصائص ريادة األعمال النسوية يف الدول العربية
تتسم ريادة األعمال النسوية في املنطقة العربية حسب تقرير منظمة التعاون االقتصادي
والتنمية ) (2014بالخصائص اآلتية:1
-تتمحور مشاركة املرأة العربية في العمل الريادي في الشركات الصغرى على غرار باقي
مناطق العالم.
-تركز األعمال الريادية للمرأة في املنطقة على األعمال التجارية املتعلقة باألنشطة
الشخصية واملوجهة للمستهلك كالصحة والجمال وفي أنشطة اإلنتاج التكنولوجي البسيط.
-معظم املشاريع الريادية للمرأة هي مشاريع في مرحلتها املبكرة وتشكل نسبة %30من بين
إجمالي الشركات الناشئة ،بينما تمثل املشاريع الريادية للمرأة في املرحلة املستقرة نسبة %20من
بين أصحاب الشركات الناضجة واملستقرة مع تسجيل تحيز اكبر ضد مشاركة املرأة في املشروعات
املستقلة في الدول العربية أكثر منه في املناطق األخرى.
-أشارت أبحاث البنك الدولي إلى أن نسبة املشروعات اململوكة للمرأة أي كان نوعها تتأثر
سلبا عند عدم مالئمة مناخ األعمال أكثر من تأثر رجال األعمال.
ثانيا -االستثمار يف املرأة لتحقيق تنمية مستدامة على نطاق عاملي:
إن لتمكين املرأة وتحسين حالتها هدفان مهمان في حد ذاتها ،وهما ضروريان لتحقيق
التنمية املستدامة ،وتحقيق املساواة واإلنصاف بين الرجل واملرأة وتمكينها من تحقيق إمكاناتها
الكاملة ،وإشراكها تماما في عمليات تقرير السياسات وصنع القرار ،وفي جميع جوانب الحياة
االقتصادية والسياسية والثقافية بصفتها صانعة القرار ،ومشاركة ومستفيدة في الجهود
التنموية ،ومن منطلق الحق في التنمية ،فإن إشراك املرأة في التنمية يتوافق ومرئيات أهداف
التنمية املستدامة لعام 2030التي أقرتها هيئة األمم املتحدة ،والشكل املوالي يبين دور ومكانة ريادة
-1حمدي باشا نادية & محاجبية نصيرة ،املرأة وريادة األعمال في الجزائر :التحديات وآليات التطوير ،مداخلة
مقدمة في امللتقى الوطني :تعزيز مشاركة املراة في رهانات التنمية املحلية ،تحديات وحلول ،املنظم بجامعة البليدة
،2يوم 02أبريل ،2017الجزائر ،كتاب أعمال امللتقى ،ص.114
145
األعمال النسوية:
الشكل رقم 02يبين دور ومكانة ريادة األعمال النسوية
املصدر :القمة العاملية للتمكين االقتصادي للمرأة ،2019مؤسسة نماء لإلرتقاء باملرأة،
من على املوقع االلكتروني:
www.namawomen.ae
146
ثالثا -حتديات ريادة األعمال النسوية يف الدول العربية ومنها اجلزائر:
إن ابرز التحديات التي تواجه رائدات األعمال في املنطقة العربية ومنها الجزائر تتعلق
بالعوائق الثقافية واالجتماعية يليها الحصول على التمويل واالفتقار للمعرفة وملهارات األعمال:1
-حيث تتمثل العوائق الثقافية واالجتماعية املرتبطة بالبيئة التي تنتمي إليها املرأة العربية
على العموم من حرية اختيارها ملهنتها مما يؤدي الى انخفاض معدالت مشاركتها في العملية
االقتصادية خاصة في مجال ريادة األعمال والذي ينظر اليه كمجال خاص بالرجال .ونظرا لضعف
ثقافة ريادة األعمال لدى النساء ولوجود عدد قليل من التجارب النسوية امللهمة ،ال تؤخذ رائدة
األعمال على محمل الجد من طرف عمالئهن ومورديهن وشركائهن مما يفقدهن الثقة في القدرة على
تأسيس املشاريع وإدارتها كما يتخوفن من املخاطرة لكونهن ال يحظين بدعم األسرة خاصة في
املرحلة املبكرة ملشاريعهن .كما ان ثقافة حصر دور املرأة داخل األسرة يجعلهن يكافحن للتوفيق
بين التزاماتهن األسرية والعملية ،ونظرا للعوائق االجتماعية والثقافية املختلفة ال تستطيع املرأة ان
تتنقل بحرية خاصة في املناطق الريفية مما يمنعها من الشروع في أعمال خارج املنزل ومن الوصول
لألسواق البعيدة عن املناطق املحلية القريبة.
-كما تواجه رائدات األعمال صعوبة في التمويل خاصة البنكي الفتقارهن للممتلكات التي
يمكن استخدامها
كضمانات للقروض ،حيث أن أغلب املشروعات التي أطلقتها النساء كانت بناء على قروض
مصرفية.
افتقار املرأة للمهارة ،عادة ما تفتقد املرأة رائدة األعمال للمهارات الالزمة في اإلدارة املالية
واملحاسبة والتسويق وفي تنظيم وتخطيط األعمال وكذلك محدودية خبراتها ومعرفتها باإلجراءات
القانونية مما يؤثر على إنشاء واستمرارية ونمو أعمالها.
-نقص الهياكل الداعمة للمرأة لبدء املشروع ولتطويره ،عادة ما تركز البرامج والخدمات
املتعلقة بالتمكين االقتصادي واالجتماعي للمرأة على تلبية احتياجاتها األساسية وعلى التدريب على
املوضوعات الفنية وإدارة األعمال والتكنولوجيا ،وتهمل الجانب املتعلق باملرافقة والنصح
والتوجيه التي تحتاجها رائدة األعمال عند بدء املشروع او عند تطويره .حيث يسجل نقص كبير في
فرص التواصل ضمن الشبكات املتخصصة وفي املناقشات املتعلقة بالسياسات كما ان مستوى
تمثيل رائدات األعمال في جمعيات األعمال يبقى منخفض.
-1حمدي باشا نادية & محاجبية نصيرة ،مرجع سبق ذركه ،ص.120
147
رابعا -متكني املرأة اقتصاديا لتبوئها مستويات ريادية وفق خطة التنمية املستدامة
لعام ( 2030اإلشارة إىل التجربة املغربية)
عبرت اململكة املغربية عن إرادة قوية لتطوير نماذج جديدة للتنمية البشرية ترتكز على
أسس جديدة تراعي احترام الكرامة اإلنسانية ،وتعزز اإلنصاف ومبادئ النمو الشامل ،في استجابة
ملضامين خطة التنمية املستدامة لعام ،2030التي تدعم إيالء عناية هامة للمرأة على كل
املستويات وفي كل املجاالت ،إحقاق لحقها في التنمية ،مساهمة واستفادة ،وذلك من اجل تقوية
وتطوير كفاءات منظمات املجتمع املدني املغربي ملواكبة ورصد تفعيل أهداف التنمية املستدامة في
أفق عام .2030
وفي هذا السياق قطعت اململكة املغربية األشواط في مسيرة تمكين النساء ،وضمن أولوياتها
تمكينهن اقتصاديا ،باعتباره محددا أساسيا للحد من هشاشة أوضاعهن ومدخال هاما لتجسيد
مساواة فعلية ،وبحث آليات تقليص الفوارق بينها وبين الرجل في مواقع البناء االقتصادي ،حيث
أن املرأة املغربية كانت وال زالت ،في قلب دينامكية اإلصالح ،وفي صلب الحراك والبناء االقتصادي
الذي تشهده اململكة ،تساهم إلى جانب الرجل في كل مجالت االقتصاد املفتوحة وتحقق فيها
مكتسبات تراكمية تعطيها مكانة على مستوى املشهد االقتصادي تتطلع ملزيد منها ،كمواطنة
وكفاعلة مسؤولة في تنمية اقتصاد اململكة.
حيث أوجدت اململكة املغربية بيئة مناسبة ملكافحة التمييز وتمكين النساء اقتصاديا،
وذلك بتوافر اإلرادة السياسية واملجتمعية ملكافحة التمييز وتمكين النساء ،وذلك من خالل
التدابير املتخذة من أجل تحقيق التنمية املستدامة والعدالة االجتماعية ،والتي تأتي ضمن
أولوياتها ترسيخ مبادئ اإلنصاف واملساواة بين الجنسين ،وتمكين النساء من تبوء املكانة الالئقة
بهن كشريكات أساسيات في التنمية وفاعالت رئيسيات في تطور اقتصاد اململكة وازدهاره ،وذلك
على مستوى مختلف مجاالت الحقوق والحريات املدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية
والثقافية والبيئية ،تحت القيادة الرشيدة لجاللة امللك محمد السادس ،الذي ما فتئ يؤكد على
أهمية رفع تحديات التنمية ،وجعلها في صلب السياسات الوطنية للمملكة ،والذي أطلق عام
2005املبادرة الوطنية للتنمية البشرية القائمة على استهداف الفئات واملناطق األكثر تضررا بغية
التصدي للعجز االجتماعي ،واكبها تبني إصالحات هيكلية عميقة ،وإطالق مخططات قطاعية
148
إستراتيجية ،وفتح ورشات تنموية كبرى.1
وفي سياق جهود اململكة املغربية في سبيل تعزيز مكانة املرأة وتمكينها في املجتمع بما يحقق
تطلعاتها وطموحاتها أطلقت الخطة الحكومية للمساواة " 2016 / 2012إكرام" في أفق املناصفة،
التي شكلت جوابا وطنيا التقت فيه مبادرات كل الفاعلين من أجل الرقي بأوضاع النساء املغربيات،
استنادا على مبادئ تتوافق تماما مع التطلع إلى بناء عالقات اجتماعية جديدة بين النساء والرجال
تضمن املشاركة الكاملة واملنصفة في مختلف املجاالت ،كما تضمن االستفادة املتساوية واملنصفة
من نتائج وثمار هذه املشاركة ،وذلك من خالل مجاالت عمل ثمانية هي:2
-مأسسة ونشر مبادئ اإلنصاف واملساواة والشروع في إرساء قواعد املناصفة؛
-مكافحة كل أشكال التمييز والعنف ضد النساء؛
-تأهيل منظومة التربية والتكوين على أساس اإلنصاف واملساواة؛
-تعزيز الولوج املنصف واملتساوي للخدمات الصحية؛
-تطوير البنيات التحتية األساسية لتحسين ظروف عيش النساء والفتيات؛
-التمكين االجتماعي واالقتصادي للنساء؛
-الولوج املتساوي واملنصف ملناصب اتخاذ القرار اإلداري والسياس ي واالقتصادي؛
-تحقيق تكافؤ الفرص بين الجنسين في سوق الشغل.
فضال عن تبنت اململكة املغربية إستراتيجية مأسسة املساواة بين الجنسين في الوظيفة
العمومية وخطة عمل تم تنفيذها بتعاون مع هيئة األمم املتحدة للمرأة ،والتي تهدف إلى تعزيز رؤية
قوية لوظيفة عمومية تضمن للمرأة وللرجل حقوقا متساوية في ولوج املناصب وتكافؤ الفرص في
حياتهم املهنية ،مع األخذ بعين االعتبار االحتياجات الخصوصية للنساء ،واملساواة في املعاملة بينهم
في الوظيفة العمومية.
ويعد التزام الدول ومنها اململكة املغربية بمرئيات خطة التنمية املستدامة في آفاق عام
2030من خالل اهتمام اململكة املغربية وحكومتها الرشيدة بأوضاع املرأة املغربية ،حيث ترى بأنه
ال معنى للتنمية املستدامة إذا كانت املرأة تعاني من مظاهر التخلق والحرمان ،وهذا تأكيدا على
دور الحكومة الرشيدة للمملكة في دعم مشاركة املرأة في التنمية ،قصد الوصول باملرأة املغربية إلى
-1تمكين املرأة في عالم اقتصادي متغير ،تقرير اململكة املغربية ،الدورة الواحدة والستون للجنة وضع املرأة ،مارس
،2017نيويورك ،من على املوقع االلكتروني ،www.social.gov.ma :ص11
-2نفس املرجع أعاله ،ص.14
149
مستوى رائدات األعمال ،وتصبح التجربة املغربية بحق تجربة رائدة يحتذي بها.
اخلامتة ومقرتحات البحث:
إن قضية املرأة من القضايا املهمة التي حظيت باهتمام العالم،نظرا ملكانتها ودورها في
املجتمع فهي نصف املجتمع،وأن أي مجتمع لن يتمكن من تحقيق أهدافه وتطلعاته نحو التقدم
والتنمية إذا كان نصفه معطال ،حيث تعد البيئة االجتماعية للمرأة مدخال هاما لتمكينها
اقتصاديا ،فاملرأة لها طاقات معطلة ال بد من استثمارها لتجسيد مشاركتها املجتمعية ،فهي املولد
الحقيق للثروة إلى جانب الرجل ،كما أن شعور املرأة باملواطنة واملشاركة االجتماعية من شأنه
تمهيد الطريق أمام ريادة األعمال االجتماعية لتحقيق تنمية مستدامة ويمكن أن تكون ريادة
األعمال االجتماعية السنوية طريقا نحو االندماج االجتماعي واالقتصادي والسياس ي ،ال سيما من
الشباب ،للنساء.
هذا ويعد تحقيق التمكين االقتصادي للمرأة اتجاها نحو تعزيز دورها املحوري في التنمية
الشاملة ،والرقي بمكانتها في وسط املجتمع ،ودعما لحقوقها وفق املتغيرات االجتماعية
واالقتصادية ،حيث أن جل امل واثيق الدولية ومنها ميثاق التنمية املستدامة الذي أطلقته األمم
املتحدة والذي ينص على الحق في التنمية ،يشكل عامال محفزا نحو االرتقاء بمكانة املرأة التي تليق
بها والتي تجعل منها مساهما محوريا في مناحي التنمية.
إن االهتمام بقضايا املرأة ومشاركتها وإسهاماتها في تنمية مجتمعاتها،جاء من منطلق أن
املرأة هي أحد الركائز األساسية لبناء الثروة البشرية ،وينبغي أن تتمحور حول تمكينها ودعم نفوذها
وتنظيم قدراتها وإعالء مكانتها وتغيير إدراكها لنفسها على نحو يجعلها قادرة على االختيار
ومساهمات املرأة في التنمية مرتبطة بتحسين وضعها االقتصادي واالجتماعي ،حيث أن تحفيز
املرأة ودعمها وتمكينها من شأنه الوصول بها إلى مستوى ريادي ،حيث يستعدي األمر تنمية ريادة
األعمال النسائية بما يحقق مكانتهن في مجتمع األعمال ،وعلى النحو الذي يجسد مرئيات خطط
التنمية املستدامة لعام .2030
ثانيا -مقترحات الورقة البحثية:
-االهتمام بالدورات التدريبية للنساء على النحو الذي يرفع من مهاراتهن وقدراتهن في العمل
االجتماعي واالقتصادي؛
-زيادة الفرص االقتصادية املتاحة للمرأة ،وذلك عن طريق توزيع ميادين عمل النساء،
-رفع نسبة مساهمة املرأة في مواقع صنع القرار ورسم السياسات االقتصادية ،وذلك من
شأنه أن يتيح لها الفرصة للتأثير في القرارات املتخذة لصالحها؛
150
القيادة الفعالة للسياسات والتنسيق من أجل تعزيز تنمية ريادة األعمال النسائية بما
يؤدي إلى املزيد من التمكين االقتصادي واالجتماعي للمرأة العربية بصورة عامة واملغربية على وجه
الخصوص؛
-التوعية بقدرة املرأة على اقتحام كافة األنشطة على ضوء التجارب الرائدة لسيدات
األعمال اللواتي حققن مستويات ريادية.
151
مكانة املرأة احلسانية يف املخيال االجتماعي بالصحراء:
حماولة لرصد التمثالت بني القيود االجتماعية ورهان املكانة
د .حممد الصافـي
أستاذ باحث يف التاريخ
األكادميية اجلهوية للرتبية والتكوين جلهة كلميم واد نون
مقدمة:
تحضر املرأة في املجتمع الصحراوي كاملسؤولة واملمررة األولى للثقافة بكافة جوانبها من
معايير وقيم وتصورات ،كما تكرس من خالل التربية التي تخضع لها ُوتخضع لها أوالدها ،التقسيم
الجندري ألدوار ووظائف وصفات الجنسين ،باعتبارها الكائن الناطق األكثر خضوع للتقاليد
واألعراف والعادات وبصفة عامة للموروث الثقافي .وبالنظر إلى عمق هذه التمثالت التي تتلقاها
املرأة حول نفسها من املنظومة الثقافية والقيمية للمجتمع واملؤسسة على املركزية الذكورية بكل
ما تحمله من تمييز وتكريس للهيمنة التي تكون كما بين ذلك بيير بورديو.
وبالعودة لتاريخ املجتمع الصحراوي قبل أن يستقر في املدن نجد أنه كانت توكل للرجال
باألساس أدوار اقتصادية تتعلق بإعالة األسرة والبحث عن مصادر العيش ،الش يء الذي منحهم
مراكز متميزة احتكروا من خاللها القدر األوفر من القوة والسلطة داخل النظام األسري ،فالسلطة
االقتصادية منحت لهم شرعية اجتماعية جعلت الرجل يحوز أدوار متعددة خارج البيت ،في حين
حصرت أدوار املرأة في أدوار محددة أصبحت حتمية اجتماعية هي دور الزوجة واألم ،فهي ال
تكتسب هوية اجتماعية معترف بها إال بعد هذين الدورين ،مما يحسن موقعها التفاوض ي في
النظام األبوي ،حيث تتنقل من تلقي قرارات األسرة إلى صياغتها.
إذا أردنا معرفة أي ش يء عن صورة املرأة الحسانية وأهمية الدور الذي لعبته في مجتمعها
القديم ال بد أن نعود إلى الحقل الثقافي كمنبع أول مهم وملهم ،كي نجمع منه حطام تلك الصورة
التي نبحث عنها والتي لم نجد عنها شيئا كثيرا مكتوبا ،إن عمال مثل هذا (جمع صورة املرأة
الصحراوية وأهمية دورها من الحقل الثقافي) يتطلب التنقيب في كل فروع الثقافة الشعبية وبدقة
وعدم جهل أو تجاوز أي مكون منها ،فيقينا ال بد من البحث في األدب الشفهي الصحراوي املحكي،
في العادات واألمثال واألقوال الشعبية وفي املعتقدات والطقوس التي ظل الصحراويون يمارسونها
ويعتقدون فيها إلى وقت قريب أو حتى إلى اليوم .إن أول ما يخرج به الباحث من أول قراءة حتى لو
كانت سطحية ألي موروث أو مكون أدبي شفهي أو من تحليل ألي طقس أو عادة صحراوية هي
152
والبين والذي ال يحتاج ألدنى مجهود حتى يتم فك رموزه أو حضور املرأة الكثيف ،الالفت ّ
ِ
طالسمه .ففي كل ما هو شفهي صحراوي أو في كل ما هو ثقافي شعبي مثلما اعتدنا على تسميته
(أدب ،شعر ،أمثال) تواجهنا ظاهرة وهي أن املرأة الحسانية أكثر حضورا من الرجل وصورتها أكثر
ألقا من صورته.
ما يبدو جليا وواضحا في األدب الشعبي الصحراوي الشفهي هو الحضور املميز والقوي
للمرأة الحسانية كبطلة في غالبية الحكايات والقصص الشعبية املتداولة ،ففي معظم -إن لم نقل
كل -الحكايات الشعبية الطويلة التي كانت تتداولها الصحراء وتنام على وقع حكيها ،كانت املرأة هي
العنصر املحرك لها وهي البطلة في كل هذه الحكايات الشعبية الشائعة في الصحراء ،وحتى في غيرها
نجد أن املرأة هي املرتكز واملحور فيها ،وهي التي تقوم بدور البطولة بدون منازع .كما أن لعب املرأة
لدور البطولة في األدب الصحراوي الشفهي يعكس محورية وأهمية دورها في الحياة العامة
ملجتمعها ،وأنها تستحق فعال أن ُتخلد في الثقافة واألدب.
إن الذي سيفاجئ أي باحث أو مجرد قارئ بسيط لألدب والثقافة الصحراوية هو أن املرأة
نالت الحظ األوفر من الذكر ومن الحضور ومن التميز ،وبمفردات العصر الحالي نقول بتجرد
ُ
كامل من أي مبالغة واعية أن املرأة الحسانية قديما قد أ ْس ِند لها دور البطولة في الثقافة واملوروث
األدبي الشعبي الصحراوي ،ففي كل ما وصل لنا بالتواتر من منتوج أدبي ثري ،كانت املرأة هي
البطلة والالعبة الرئيسية ،وهي العمود الفقري للحكايات ،القصص ،األمثال واألحاجي الشعبية
وفي الطقوس أيضا .كما أن الذي نستخلصه من حضور املرأة الحسانية في كل صنوف اإلبداع
األدبي والثقافي الصحراوي هو انعكاس ملكانتها جد املعتبرة في مجتمعها القديم والحديث ،ولم
يقتصر حضورها على األدب فقط بل نجد لها الكثير من الصور التي تستلزم الوقوف عندها في
العادات والتقاليد الصحراوية والطقوس وهو ما لم يحصل مع الرجل.
في مقابل ذلك تواجه املرأة الحسانية الكثير من العواقب ال تتمثل فقط في تجذر البنيات
الذكورية في تمثالت الجنسين ونظرتهم لها ،وال في العداء ضد األصوات النسوية وشيطنتها على
أهمية هذين األمرين ،بل أساسا في األسطورة التي نسجت عن وضع واستقاللية املرأة الحسانية
كامرأة تتمتع بمميزات قل نظيرها في املنطقة ،فهي تتوفر على جميع الحقوق من دراسة وعمل
وسفر وال توجد عليها وصاية قانونية واألهم من ذلك ال تعاني من العنف .لكن مساءلة هذا
الخطاب والبحث في مصداقيته تتأتى أساسا في النظر إليه من األعلى ،ويبدو أن هدم هذا الخطاب
رغم تجذره ليس بالصعب ،فالنظر في حياة الفتيات يبرز إلى أي مدى تحضر الوصاية األبوية من
الرجال واألكبر سنا من النساء بشكل واضح في تفاصيل حياتهن اليومية.
153
أما فيما يتعلق بالزواج فإن غالبية النساء الحسانيات غير راضيات بوضعهن الجديد خالل
هذه املرحلة ،بل سخطهن الخاص بمكانتهن في مجتمع ذكوري يمنح حرية أكبر للرجل ويتساهل
معه في أخطائه وخطاياه املتعلقة بسلوكاته وحياته الجنسية ويبرئه منها أحيانا ،لكن الفتاة تبقى في
هذه املرحلة خصوصا رهينة تمثالت ومعتقدات وأساطير متعلقة بواقعها املعاش وبكيانها
الجسدي ،بل شكلها الفيزيقي الذي يفرض عليها قيودا عائلية اجتماعية ورمزية ورقابة صارمة من
طرف األولياء واإلخوة الذكور .ويرتبط هذا النوع من املجتمعات التقليدية الذي تعيش فيه هذه
الفتاة ارتباطا وثيقا بالعادات والتقاليد واملعتقدات واألساطير التي تحمل والء لكل ما قدسه
األجداد مع جهل األغلبية سبب هذا الوالء والتقديس.
يتضح من مما سبق أن الصورة املرسومة للمرأة الحسانية في املخيال االجتماعي باملجتمع
الصحراوي تتأرجح بين بعدين أساسيا :بعد املكانة البيولوجية املتمثلة في دورها في اإلنجاب
وتناسل املجتمع ،وبعد املكانة االجتماعية التي تتأسس على البناء الثقافي ملحددات األنوثة بكل
ثقلها وقيودها وما يرتبط بها من تنميط يجعل املرأة نموذج وحيد يتالءم واملعايير املرسومة لها
بفعل التربية ،فهي مستقبل الزوجة واملربية وعليها أن تتصف بصفات الفتاة الصالحة املحتشمة
وترضخ للوصاية الذكورية التي تقدم وكأنها القدر الطبيعي الذي يجب أن تنقاد له النساء .وهذا
يفسر إلى حد ما الجنوح إلى إنتاج معرفة وصور خاطئة عن وضعية املرأة وشيطنة القراءات
النسوية.
إن حضور املرأة الحسانية القوي والبارز في مختلف امليادين جعلها ركيزة أساسية في بنية
املجتمع الصحراوي سواء زمن الترحال (البداوة) أو االستقرار (التمدن) ،وعلى الرغم مما اعترى
حياتها من تحوالت وتطورات وتغيرات جمة ،فإنها استطاعت أن تظل حريصة على الحفاظ عل
مكانتها واستثمار املتغيرات الطارئة حولها ،بما من شأنه املساهمة في تقوية حضورها وتعزيز
وجودها في مجتمعها الراهن.
عموما فالباحث في التراث الحساني غالبا ما تواجهه صعوبة إن لم نقل استحالة في إيجاد
ُ
دراسات تساءل صورة املرأة الصحراوية في هذا التراث ،فأغلب ما أنتج عن هذا املوضوع ال يخرج
عن إعادة إنتاج النسق القيمي التقليدي ،وكل ما يحمله من تنميط جندري ومغالطات حول دور
املرأة واملعايير التي تخضع لها حياتها.
تسعى هذه الدراسة إلى البحث في الصورة التي يرسمها الوعي الجمعي الصحراوي حول املرأة
الحسانية والتي تمررها هي نفسها في سيرورة التنشئة االجتماعية ،والكشف عن داللتها وانعكاساتها
على وضعيتها وحقوقها املدنية ،وكذا عن تأثيرها على مكانتها في املجتمع ،من خالل رصد التمثالت
154
واملعايير والقيم املتعلقة باملرأة في املخيال االجتماعي بين القيود ورهان املكانة ،وذلك باإلجابة على
التساؤالت التالية:
-هل حقيقة أن املرأة املنتمية ملجتمع صحراوي بدوي هي فعال على تلك الصورة النمطية
املوجودة في ذهن املجتمعات "املتحضرة" :متخلفة ،خاضعة لقانون املجتمع وال كلمة وال حق لها؟
أم أن دور املرأة في بعض مجتمعات الصحراء ومجتمعات البادية يمكن أن تكون أكثر ريادية منها في
مجتمعات متقدمة؟
-هل أن التخلف التقني املدني املوجود عند مجتمعات الصحراء يعكس دائما تخلفا ثقافيا
واجتماعيا ،بمعنى آخر أن أي مجتمع متخلف تقنيا هو بالضرورة متخلف أيضا ثقافيا واجتماعيا،
وكتحصيل حاصل تكون املرأة الحسانية ضحية؟
-ما هي الصورة التي يرسمها املخيال االجتماعي حول املرأة الحسانية باملجتمع الصحراوي؟
وما دورها ومكانتها في ذهنية املجتمع واملحيط؟
-أين تتجلى لنا مختلف التمثالت التي تتلقاها املرأة الحسانية حول نفسها من املنظومة
الثقافية والقيمية ملجتمعها؟ وهل زواج املرأة الحسانية مفتاح التخلص من مختلف القيود
العائلية والذكورية التي تتعرض لها؟
-وهل فعال أن املرأة الحسانية ال تمارس عليها وصاية وتمارس حياتها باستقاللية وال تعاني
من العنف؟
ـ املرأة الحسانية في الكتابات التاريخية:
تتميز حياة املرأة الحسانية في مجتمعها باالحترام ،والبعد عن الطابع الصدامي وكأنها
1
خلقت للتبجيل واإلكرام" ،فال تكلف وال تعنيف وال تثريب" على حد تعبير اإلمام محمد الشيخ،
وهذا األمر يظل حاصال رغم نفحات التغيير والتحول التي طرأت على مسار حياتها في الوقت
الراهن الناتج عن فعل االنتقال من واقع البداوة إلى حاصل االستقرار (التحضر) ،وبذلك تتبدى
بوضوح مظاهر الثابت واملتحول لديها .وهكذا يجمع الباحثون على ضعف الكتابات حول املجتمع
الصحراوي ،في مقابل سيادة الرواية الشفهية التي مثلت املصدر األساس ي للكتابات املحلية
واألجنبية ،ورغم ذلك سنحاول أن نستثمر ما تقدمه الكتابات املصدرية على نذرتها والرحالت
الشيخ بن الشيخ ماء العينين ،الجأش الربيط في النضال عن مغربية شنقيط وعربية املغاربة في -اإلمام محمد1
مركب وبسيط ،دار الفرقان ،الدار البيضاء ،1985 ،ص.39 .
155
االستكشافية واملونوغرافيات االستعمارية من إشارات ونتف حول املرأة الحسانية حتى نقارب
وضعيتها االجتماعية والتغيرات التي لحقتها بين مرحلتي الترحال واالستقرار.
- 1الكتابات العامة:
قليلة هي الدراسات واألبحاث التي تطرقت ملوضوع املرأة الحسانية ،وقد نستثني في ذلك
بعض الكتابات الكولونيالية ومذكرات الرحالة واملستكشفين الذين عبروا الصحراء أو مكثوا بها
لبعض الوقت ،ومن ذلك مثال الرحالة الشهير ابن بطوطة الذي جاب الصحراء خالل سنة 743هـ
في اتجاه والتة التي تعد من أقدم املناطق "البيضانية" شهرة ،حيث توقف بها أكثر من شهر وهو ما
أتاح له الفرصة ملعاينة بعض العادات والتقاليد املحلية لسكانها عن كثب ،وقد أحاط بكل
تفاصيلها في رحلته الرائعة ،إذ قدم وصفا دقيقا لبعض تفاصيل حياة املرأة البيضانية ،كمسألة
اإلرث الذي كان يتم من جهة األم وانتساب األبناء لخالهم ،إلى جانب اشتراط الزوجة على الزوج إذا
1
كان من خارج قبيلتها أن يستقر معها وأال تسافر معه" .
وقد دفعت وضعية املرأة الصحراوية بالرحالة ابن بطوطة إلى تفصيل القول في املكانة التي
2
تحتلها وللجمال الذي تتميز به قائال" :ولنسائهم الجمال الفائق ،وهن أعظم شأنا من الرجال" ،
وبهذا التوصيف يكون الرحالة قد عبر عن ميزتين مهمتين تتمثالن في عنصر الجمال واملكانة داخل
املجتمع ،ويضيف الرحالة إشارات معبرة عن قيمة املرأة وخصالها كلما استقر به املقام في مدينة
من املدن الصحراوية.
في معرض حديثه عن مكانة وخصال املرأة الصنهاجية التي هي من مكونات املجتمع
الحساني ،يتوقف الرحالة عند ثقافة الصحراء ويستغرب من بعض العادات حيث يقول" :وشأن
هؤالء عجيب ،وأمرهم غريب ،فأما رجالهم فال غيرة لديهم وال ينتسب أحدهم إلى أبيه بل ينتسب
3
لخاله ،إال أبناء أخته دون بنيه" ،ومن البديهي أن يستغرب ابن بطوطة مما وقف عليه من
سلوكيات فهي أمور طارئة عليه ،فاملرأة في شمال املغرب كانت تمنع من مخالطة الرجال أو الخروج
لوحدها ،حيث عرفت فتاوى فقهاء املدينة بالصرامة مقارنة بفقه البادية ،ومن بينها القول بأن
- 1ابن بطوطة ،تحفة النظار في غرائب األمصار وعجائب األسفار ،تحقيق علي املنتصر ،الطبعة الثانية ،الجزء
الثاني ،بيروت ،1982 ،ص.770 .
- 2نفسه ،ص.245 .
- 3نفسه ،ن .ص.
156
"للمرأة في عمرها ثالث خرجات :خرجة لبيت زوجها حين تهدى إليه ،وخرجة ملوت أبيها ،وخرجة
1
لقبرها" .
يتناول ابن بطوطة العالقة بين الرجل واملرأة في املجتمع الصحراوي ،وتتجه معظم تأويالته
إلى منطق املقارنة بين الشمال والجنوب ،فمن خالل اإلشارات التي يقدمها نفهم أن االختالط بين
الجنسين في املجال الصحراوي معلوم للجميع ،بل أنه أمر شائع حيث يقول" :وأما نساؤهم فال
يحتشمن من الرجال وال يحتجبن مع مواظبتهم على الصلوات ،من أراد التزوج منهم تزوج لكنهن ال
2
يسافرن مع الزوج ،ولو أرادت إحداهن ذلك ملنعها أهلها" .
ولئن كان هذا املجال قد حظي بالتفاتة بعض الدارسين بعد رحلة ابن بطوطة فإنها تظل
تتميز باحتشام كبير إزاء حديثها عن املرأة الحسانية ،اللهم إذا استثنينا تلك اإلسهامات التي وردت
في مضان بعض الفتاوى والنوازل كتلك التي قدمها الونشريس ي في كتابه القيم "املعيار املعرب عن
فتاوى علماء إفريقية واألندلس واملغرب" ،ونوازل العالمة ابن األعمش العلوي الشنقيطي (ت
1107هـ1625/م) ،الذي أفاد بجملة من الفتاوى التي تهم بعض القضايا املتعلقة بحياة املرأة
الصحراوية الشنقيطية.
غير أن هذه املؤلفات لم تكن سوى بداية فتح نقاش حول موضوع املرأة وشؤونها ،إذ
سرعان ما برزت دراسات جديدة تكشف جانبا من حجم مشاركتها وإسهامها العلمي ،حيث أشار في
هذا السياق املؤرخ أبو العباس أحمد بن خالد الناصري إلى أحد الوجوه النسائية التي سطع نجمها
في الدرس العلمي والفقهي واألدبي وهي زوجة السلطان املولى إسماعيل "خناثة بنت بكار" التي ذكر
3
أنها "كانت ذات جمال وفقه وأدب" .
وهي نفس الشهادة التي تحدث عنها بإسهاب املؤرخ عبد الرحمان بن زيدان حيث قدم
مجموعة من املعلومات التي تعبر عن رفعتها األخالقية ونبوغها العلمي واألدبي وحنكتها السياسية،
حيث يقول في هذا الصدد" :فما نعلم واحدة من الحرائر التي دخلت دار الخالفة من أزواج موالنا
- 1أبو عبد هللا العبدري ،املدخل البن الحاج ،مكتبة دار التراث ،القاهرة ،ص.246 .
- 2ابن بطوطة ،املصدر السابق ،ص.245 .
- 3أحمد بن خالد الناصري ،االستقصاء ألخبار دول املغرب األقص ى ،الجزء السادس ،مطبعة دار الكتاب ،الدار
البيضاء ،1956 ،ص.82 .
157
1
السلطان تشبه هذه السيدة وال تضاهيها همة وصيانة وعفافا ورزانة وعقل ومثانة دين" .إلى
جانب هذه الشخصية أورد املختار السوس ي في موضع آخر حديثا عن مريم الصحراوية في قوله:
"مريم هذه قرينة الشاعر محمد سالم ولد عبد الفتاح فكانت هذه السيدة العاملة حين نزلت مع
2
زوجها في إليغ تعلم البنات" .
بيد أن هذا الحديث عن هذه النماذج من النسوة الحسانيات قد خصه الدكتور عباس
الجراري بمبحث رائع عرض فيه لصفوة من النوابغ في كتابه "ثقافة الصحراء" مثل" :زينب
النفزاوية" زوجة يوسف بن تاشفين ،وقد اشتهرت بالجمال والرياسة والعلم" ،صفية بنت املختار"
كانت عاملة بالتجويد والتفسير والسيرة النبوية ،و"هند" زوج الشيخ ماء العينين كانت عاملة
مشاركة ،و"ميمونة بنت الشيخ الحضرمي" كانت راوية لألشعار وعاملة مشاركة ،وأختها "ربيعة"
3
كانت أديبة وناقدة ،وهما حفيدتان للشيخ ماء العينين ...
عموما فإن من أهم الدراسات التي لفتت االنتباه إلى الدور العلمي للمرأة الحسانية نذكر
العالم السوس ي الكبير محمد بن أحمد املانوزي (ت 1365هـ1940/م) الذي أشار إلى أن "فيهن
عاملات وأديبات وأقلهن بضاعة في الفقه التي معها املرشد املعين البن عاشر وأرجوزة القرطبي ،ومن
األديبات من تحفظ قصائد املعلقات السبع ،وغيرها من أيام العرب ،وفيهن مدرسات للعلم في
جميع األوقات وجميع األنصبة ،وقد شاهدنا امرأة وسطا تملي عليهن الشيخ خليال بال شارح
فخاضت في شرح متنه ...وحولها من آخذات العلم ما يزيد عن ستين امرأة ويحضرن أيضا مجالس
4
العلماء الذكور كثيرا" .فضال عن تلك اللمحة املقتضبة التي أفردها الدكتور محمد الغربي حول
الحديث عن مكانة املرأة ووضعيتها داخل املجتمع الحساني في كتابه "الساقية الحمراء ووادي
5
الذهب" في جزئه الثاني ،حيث أشار إلى األدوار التي تضطلع بها ،من خالل تتبعه ألهم املراحل التي
- 1ابن زيدان عبد الرحمان ،إتحاف أعالم الناس بجمال حاضرة مكناس ،الجزء الثالث ،الطبعة الثانية ،املطبعة
الوطنية ،الرباط ،1990 ،ص.17 .
- 2محمد املختار السوس ي ،املعسول ،الجزء الثالث ،مطبعة النجاح ،الدار البيضاء ،1960 ،ص.57 .
- 3عباس الجراري ،ثقافة الصحراء ،دار الثقافة ،الدار البيضاء ،1978 ،ص.30 -28 .
- 4محمد املختار السوس ي ،املرجع السابق ،ص.89 .
- 5محمد الغربي ،الساقية الحمراء ووادي الذهب ،دار الكتاب ،الدار البيضاء ،1979 ،ص.152 .
158
1
تمر فيها تربية الفتاة على يد أمها وصلتها بالتربية اإلسالمية .
- 2الكتابات املحلية:
إن حضور الحديث عن وضعية املرأة الحسانية وحياتها في الكتابات املحلية ال يقل أهمية
عن باقي الدراسات السابقة ،حيث تظل اإلشارات الواردة في ثناياها تتميز بالخجل والقصور اللهم
إذا استثنينا بعض الجهود املحدودة مثل "كتاب البادية" للشيخ محمد املامي الذي قدم عرضا
مطوال حول بعض تفاصيل الواقع االجتماعي والثقافي والسياس ي بأرض البيضان ،يتخلله حديث
عن بعض العادات والقضايا التي تهم حياة املرأة الحسانية كعادات التجميل املتمثلة في ظاهرتي
2 َّ َ
"الت ْبالح" وثقب األذنين ،إذ اعتبرهما "أمرا مهما في إصالح األبدان وتهيئتها تهيئة الئقة" .إلى جانب
هذه الدراسة ،أورد محمد بن املختار الكنتي في كتابه "الطرائق والتالئد في كرامات الشيخين
3
الوالدة والوالد" سردا حول نسب ومولد والديه معا في الباب األول من كتابه ،فيما خص بقية
األبواب الستة لوالده متوجا كتابه بخاتمة عرض فيها حديثا مطوال عن كرامات والدته الجليلة.
وعالوة على هاتين الدراستين خص املحقق محمد فال بن عبد اللطيف لكتاب أحمد سالم
بن سيدي محمد املعنون "بأنساب بن اعمر ايديقيب" تراجم مهمة لبعض األسماء املذكورة في متن
نظم العالمة بما فيهم النساء "موليا عناية خاصة ل ذكر أمهات املترجم لهن وحتى جداتهن وذلك
4
حسب اإلمكان" .ويظهر هذا االهتمام طبيعة االلتفاتة التي ميزت هذا الباحث عن أقرانه في
التناول العرض ي لقيمة املرأة ومكانتها في املجتمع البيضاني ،وبعض تفاصيل حياتها العلمية،
األدبية ،الدينية وغيرها...
إضافة إلى ذلك عمل ا لشيخ محمد اإلمام بن الشيخ ماء العينين في كتابه "الجأش الربيط في
النضال عن مغربية شنقيط وعربية املغاربة في مركب وبسيط" على تناول املرأة من وجهة خاصة
- 1اإلمام محمد الشيخ بن الشيخ ماء العينين ،املرجع السابق ،ص.37 .
- 2النحوي الخليل ،بالد شنقيط املنارة والرباط ،املنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ،تونس ،1987 ،ص.289 .
- 3نفسه ،ص.512 .
- 4ولد السعد محمد املختار ،إمارة الترارزة وعالقاتها التجارية والسياسية مع الفرنسيين من 1703إلى ،1860
الجزء األول ،منشورات معهد الدراسات اإلفريقية ،سلسلة بحوث ودراسات رقم ،11الرباط ،2002 ،ص.215 .
160
وزوايا النظر ،غير أنها تتفق معها في التعبير عن خصوصية موقع املرأة ودورها في املنطقة ،فالرواية
التاريخية صريحة في أن املرأة ضمن هذا الحيز كانت ذات أهلية اجتماعية كاملة "تفعل ما شاءت
1
من غير اعتراض عليها وال مراقبة" .
وعلى املستوى السياس ي يتحدث املؤرخون عن أن النساء في هذه املنطقة كن حاضرات في
3 2
املشهد يعزلن ويولين ...وكن يورثن السلطة ألبنائهن بينما ال يتاح ذلك إلخوتهن .
وفي تقاليد اإلفتاء (املنظومة القانونية التقليدية) رخص فقهاء البادية املوريتانية االختالط
4
املتعارف في أعراف الناس ما لم يخرج عن ضوابط الشرع والعالقات املتوازنة داخل املجتمع ،
فالرجال والنساء معا تستدعي منهم ظروف االنتقال -دائما -والتعرض لألوضاع االستثنائية -غالبا
-أن يتبادلوا األدوار في عديد األحيان ،بل إن ثنائية الذكورة واألنوثة ربما تنتفي عند البدوي من
5
حيث الوظائف االجتماعية تبعا ملقتضيات الواقع اليومي.
ومع أن العوائق الطبيعية وظروف الصراعات القبلية فضال عن معطيات الثقافة العربية
الوافدة (خصوصا ابتداء من الهجرات الحسانية) لم تسمح بتفتق مواهب النساء بنفس املستوى
الذي كان للرجال ،فإن نظرة سريعة على سير العلماء في هذه األرض ترينا ما للنساء من دور علمي
وتربوي ملحوظ ،إذ ال تخلوا أغلب األسانيد العلمية في حلقة من حلقاتها من اسم امرأة .وتبعا
لذلك عرفت هذه البالد نساء تصدرن لتدريس مختلف الفنون من منطق وعقيدة وفقه وأدب
وتاريخ ،هذا فضال عن دورهن الرائد في تحفيظ القرآن وتدريس املتون األولية كنظم ابن عاشر
ومختصر األخضري وكاألجرومية ونظمها ،ومن ذلك نسوق املثال التالي:
ـ الشاعرة "اللة عيشة بنت األزرك (ق 13-12هـ19-18/م) :زوجة الشيخ سيد املختار الكنتي،
تقتصر معظم ترجماتها على أنها كانت تضطلع بمهمة تدريس النساء بالزاوية الكنتية ،إال أن طريقة
- 1املختار بن حامد ،حياة موريتانيا :الحياة الثقافية ،الجزء الثاني ،الدار العربية للكتاب ،تونس ،1990 ،ص.
.179
- 2الناني ولد الحسين ،صحراء امللثمين :دراسة لتاريخ موريتانيا وتفاعلها مع محيطها اإلقليمي خالل العصر
الوسيط ،دار املدار اإلسالمي ،2007 ،ص.165 .
- 3محمد املامي بن البخاري الشيخ ،املصدر السابق ،ص.204 .
- 4نفسه ،ص.108 .
- 5املختار بن حامد ،املرجع السابق ،ص.180 .
161
ذكرها في كتاب "الطرائف والتالئد في مناقب الشيخين الوالدة والوالد" البنها الشيخ سيدي محمد
تظهر أنها كانت شيخة له وليست مجرد والدة ،ومن هنا يمكن اعتبارها شيخة للنساء بالغلبة ال
بالحصر .تقول في إحدى قصائدها ذات الطابع الديني طلبا لحضور الكروب واختفاء اآلالم (وهو
دعاء ينشد عند الطلق من أجل والدة يسيرة) ما يلي:
إليك أنبت بما قد جنيت ...واآلن شكوت ملن هو هللا ///جعلت ارتجائي إلى ذي القضاء ...
مجيب الدعاء من قبل انقضاه
حمدت املحمود وأنتم شهود ...من يحيي املوؤد سألت رضاه ///خشيت املعاص ي وأخذ
النواص ي ...إلهي خالص ي أنت تواله
دعوت املجيب وهولي قريب ...وليس الطيب سوى مناداه ///ذكرت العيوب وماض ي
الذنوب ...يا قابل الثوب يا من هو هللا
- 4الكتابات األجنبية:
حظيت املرأة الحسانية في ثنايا األبحاث الكولونيالية بالتفاتة دراسية ملحوظة تباين
حجمها من باحث آلخر ،ولعل من أبرز الدراسات التي تضمنت بعض اإلشارات حول املرأة نذكر
على سبيل املثال الباحثة األنثروبولوجية الفرنسية صوفي كراتيني Sophie Caratiniالتي خصت
قبيلة الرقيبات (الرگيبات) بمجموعة من الدراسات تضمنت في متنها حديثا عن حياة املرأة وتربيتها
بهذه القبيلة ،حيث تقول في هذا الباب" :في تراب الرقيبات تتجول النساء بين العشائر والبطون
من أرض مفضلة إلى أخرى ( )...فالنساء ينتق لن من نسل األبناء الصغار ،نحو نسل األبناء الكبار
الذين أثروا التحالف معهم ( )...إن كل امرأة تتطلع إلى أن يتزوجها ابن عم كبير ،ألن أبناءها
سيحتلون مرتبة أفضل من تلك التي يخولها لها زواجها من ابن عم صغير ،وفي الواقع فإن معظم
1
الزيجات تتم مع ابنة خال أو ابنة ع م حسب التصنيف ألن الجد املرجعي واحد بالنسبة للجميع" .
وتضيف الباحثة صوفي كراتيني أن املرأة في املجتمع الصحراوي "ال تشارك في الحروب،
ويحظر ذهابها إلى األسواق ،كما أنها ال تشارك في االجتماعات وتبدو ملتصقة بالخيمة حتى زواجها،
- 1صوفي كراتيني ،توزيع املجال والتراتبية لدى الرقيبات ،ترجمة جماعة من الباحثين ،منشورات رابطة أدباء
املغرب ،مطبعة املعارف الجديدة ،الطبعة األولى ،الرباط ،2001 ،ص.194 .
162
1
والفتاة الصغيرة تظل قريبة من أبويها" ،مما يبين أن أدوار املرأة ال تتجاوز فضاء الخيمة وهذا
معناه سلطة الرجل على الفضاء الخارجي.
إن تناول الباحثة لوضعية املرأة بقبيلة الرقيبات ،ومن خاللها باقي القبائل الصحراوية
تقوم على معالجة دقيقة تحاول البحث في العالقات القرابية ،وكيفية تجدد وإنتاج التحالف
وتمتين أواصر القرابة بالقبيلة ،انطالقا من عنصر املرأة في ضوء عرف الزواج ،حيث تقول في هذا
الصدد" :إن هناك زواجا لحميا يسير إيديولوجية اإلخوة ،انطالقا من التضامن والتماسك القبلي،
موجها يبدأ من الصغار (مجموعة تعطي النساء) نحو الكبار (مجموعة تأخذ النساء) وهذا الزواج
2
يساعد عكس األول على إعادة إنتاج التراتبية الداخلية" داخل القبيلة بالصحراء.
إلى جانب صوفي كراتيني هناك دراسات أخرى همت بعض الجوانب من حياة املرأة
الحسانية على الرغم مما يعتريها من أحكام ومحدودية في رصد املعلومات ،نذكر منها أبحاث
الفرنس ي :بريزون ،Perysoneجواكيم كاتيل Joachim Cattellودوفورست Defurstوغيرهم...
لكن من بين أهم هذه األبحاث هناك دراسات الجغرافي الفرنس ي كاميل دولز Camille Doulsالتي
تتضمن إشارات مهمة عن واقع املرأة عند الرحل في املجتمع الحساني ،حيث يقول" :إن الرحل رغم
بربريتهم وقسوتهم ينقلبون داخل خيامهم إلى قلوب مفعمة بالرحمة تجاه املرأة واألوالد ،وهم ضد
التعدد ،واملرأة عندهم تتمتع بقدر كبير من الحرية ،وألنهم يعيشون في فضاء واحد (يقصد الرجل
واملرأة) فإنهم يتقاسمون الحياة بمتاعبها وأعمالها وبينهم وحدة وتوحد ،وكذلك فاملرأة تتمتع بنفس
االمتيازات التي يستفيد منها الرجل وهي مساوية له وتقوم مقامه في حالة غيابه ،وتسير شؤون
3
خيمتها (أوالد وخدم ومتاع) وعندهم ميزة تعليم اإلناث منذ الصغر مثل الذكور. "...
أما الرحالة الفرنس ي اآلخر "روني كايي" فيبالغ في وصف نساء املنطقة قائال بأنهن ال يجلسن
4
حتى لتناول طعامهن !! ،ومع ما في هذا الوصف من كاريكاتورية قد يغديها موقف هذا الرحالة من
1 - Sophie Caratini, A Propos du mariage “arabe” Discours endogame et pratiques exogames:
l’exemple des Rgaybat du Nord-Ouest Saharien, Homme, N° 110, 1989, p. 33.
- 2صوفي كراتيني ،املرجع السابق ،ص.194 .
- 3العالية ماء العينين ،اإلبداع النسائي في األدب الحساني" :التبراع" نموذجا ،ضمن ندوة الثقافة الحسانية،
سلسلة ندوات ومحاضرات رقم ،8منشورات معهد الدراسات اإلفريقية ،الطبعة األولى ،الرباط ،2003 ،ص.46 .
René Caillié, Voyage à Tombouctou, Tome I, La Découvert Poche, 2007, p. 141. - 4
163
املجتمع املحلي ،فإنها على كل حال تبرز موقعا اجتماعيا تحتل النساء فيه وضعية املخدوم املدلل،
وهي وضعية لصيقة ظلت بتفكير الحساني وترجمتها األعراف واملأثورات الشفوية.
والدليل على هذه املكانة ما صرحت به الكتابات األوربية خالل القرن ،20ومنه ما كتبه
اإلسباني "كول أندري" Coll Andresعن املرأة الصحراوية التي أثنى على مكانتها باملجتمع بما نصه:
"إن املرأة داخل الخيمة لها سلطة على األبناء وكذا على الزوج ،فالزوجة ليس وضعها مماثال ملا يقع
في الشمال من أعمال شاقة ،فهذا الزوج يقدرها كثيرا ويعمل من أجلها وأجل العائلة ،فهي
1
املحافظة على املال في الخيمة وهي التي تقوم باقتناء الحاجيات وتعتني باملنزل كمالكة له" .
لقد تميزت املرأة في املجتمعات الرعوية (املجتمعات القائمة على الرعي والترحال من خالل
تربية املاشية وتتبع املراعي كما هو شأن املجتمع الصحراوي) بمكانية مميزة زمن الترحال ،وقد
توقف الرحالة واملستكشفون سواء املحليين أو األجانب على قيمة املرأة ودورها في املجتمع،
فالرحالة الفرنس ي "كاميل دولز" أغرق في وصف املرأة الصحراوية قائال" :إنهن في األغلب جميالت
ولهن عيون كبيرة مذهلة يصفها الشعراء العرب مقارنينها بعيون الغزالن ،وأسنانهن عجيبة وشكل
2
أجسادهن بشكل عام طابعها الجمال الوحش ي الجذاب" .فالتفاتة كاميل دولز هاته تبرز بقوة
مكانة املرأة الحسانية داخل النظام األسري باعتبارها مسؤولة عن تدبير خيمتها ،وتقاسم زوجها
بعض األدوار داخل وخارج الخيمة بنوع من االنسجام واالحترام املتبادل ،فوضعية املرأة هاته عند
رحل الصحراء جعلت كاميل يقر بشهادة مفادها وجود قواسم مشتركة بينها وبين املرأة األوربية في
وضعيتها كما سنتها املؤسسات الحديثة.
ـ املرأة الحسانية بين القيود االجتماعية ورهان املكانة:
إذا كان البعض يرى حرية لدى الفتاة الحسانية في مرحلة ما قبل الزواج ،فاألبحاث تشير
إلى أن معظم الفتيات الحسانيات غبر راضي ات عن وضعهن في هذه الحالة ،بل سخطهن الخاص
بمكانتهن في مجتمع ذكوري يمنح حرية أكبر للفتى ويتساهل معه في أخطائه وخطاياه املتعلقة
بسلوكاته وحياته الجنسية ويبرئه منها أحيانا ،ما يشجع مواقف الالمسؤولية ،لكن الفتاة تبقى في
- 1محمد دحمان ،الكتابات التاريخية اإلسبانية حول منطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب :قراءة سوسيو
تاريخية ،مجلة املناهل ،العدد ،90 - 89منشورات وزارة الثقافة ،الرباط ،يونيو ،2011ص.70 .
- 2كاميل دولز ،خمسة أشهر لدى البيضان ،ترجمة وتقديم حسن الطالب ،منشورات مركز الدراسات
الصحراوية ،الرباط ،2015 ،ص.107 .
164
هذه املرحلة خصوصا رهينة تمثالت ومعتقدات وأساطير متعلقة بواقعها املعاش وبكيانها
الجسدي ،بل شكلها الفيزيقي الذي يفرض عليها قيودا عائلية اجتماعية ورمزية ورقابة صارمة من
طرف األولياء واإلخوة الذكور .ويرتبط هذا النوع من املجتمعات التقليدية الذي تعيش فيه هذه
الفتاة ارتباطا وثيقا بالعادات والتقاليد وامل عتقدات واألساطير التي تحمل والء لكل ما قدسه
األجداد ،مع جهل األغلبية سبب هذا الوالء والتقديس.
ونجد الفتيات أكثر اهتماما بالزواج الذي ترى فيه الفتاة مفتاح التخلص من هذه القيود،
وبخاصة القيود العائلية والذكورية ،وفرصة للدخول إلى عالم الجنسانية الواسع واملشروع ،فهي
تتمنى الزواج بسبب القيود العائلية التي تعانيها مما يجعلها تترقب أي طلب للزواج وبأي شخص
كان يخلصها من تلك القيود ،فيصبح بذلك الزواج في هذه الحالة الحل الوحيد الذي يجعل الفتاة
تتخطى هذه العقبة وتدخل باب الحياة الجنسانية ،إضافة إلى انعكاسات الزواج على ذهنية
املتزوجة التي ترى مكانتها تسمو اجتماعيا ويصبح لها شأن يجعلها تنظر إلى غير املتزوجة ،وإن كانت
أكبر منها سنا ،نظرة تعال إلى حد مناداتها بالتصغير فتصبح هكذا العزباء "لعزيبة".
ومن املؤكد فعال أن املرأة الحسانية ترى وزنها يزيد ومكانتها تعلو بزواجها في مجتمع ينظر إلى
الزوجة واألم نظرة تثمين واعتبار ،ويجعلها تعلو سلم الترتيب االجتماعي واملعنوي والرمزي على
حساب الفتاة العازبة التي ال يكمن طموحها إال في الزواج .كما تتفاوت القيمة االجتماعية بين
العذراء وغير العذراء حسب نوع املجتمع ،فالرجل املقبل على الزواج يفضل في غالب األحيان أن
تكون زوجته بكرا ،ما يمنحها قيمة أكبر من غيرها ويثبت عفتها في التمثالت السائدة.
تضفي العذرية على املرأة في نظر الرجل جماال يميزها عن غير العذراء وتضمن سالمة بدن
1
من يجامع البكر وحبها ووالئها له ،وتعتبر املجتمعات العربية اإلسالمية من املجتمعات التي تمنح
العذراء قيمة خاصة .والواقع أن البكر تجد نفسها مرغمة في إطار الزواج على قبول الجماع
واالفتضاض ولو لم يمتلئ قلبها بحب العريس ،ألن هذا من واجبها وإن كان قلبها ملك رجل آخر ،وال
2
تقدم البكر عذريتها هدية إال ملن يمتلئ قلبها بحبه بمنحه ما يمثل صفاءها .وال تملك "الثيب" ما
166
1
بمعنى الضرة ،وهي دائما املرأة غير املرغوب فيها ،ألنها تجلب حسب املعتقدات السائدة الشؤم
والضرر للعائلة التي تدخل عليها.
- 2املرأة الحسانية املطلقة (الهجالة):
يقال باللهجة املحلية "الهجالة" للمرأة املطلقة ،أي املرأة التي تزوجت من قبل لكنها طلقت،
وهي الثانية من حيث الترتيب حسب القيمة االجتماعية ،ألن الرجل الحساني يفضل التزوج
بالثيب ،ويرجع سبب هذا التفضيل إلى خبرة "الهجالة" الجنسانية وتجاوزها العوائق التي تعترض
البكر في هذا امل جال ،من أهمها الخجل الذي قد يؤثر سلبا في حياة أغلبية الفتيات ذوات الخبرة
املحدودة عند الزواج .ولقد جاء في كتاب "النزوع الجنس ي األنثوي" لجاك أندريه أن فرويد "كان
2
ينطلق على نحو ما من نصيحة أن جرت العادة على أن الزواج الثاني يكون أفضل" .
فاملرأة املطلقة (الهجالة) تجعل الرجل مطمئنا ومرتاحا بتخفيف أعبائه الكثيرة ليلة زفافه،
حيث هو غير مطالب بإثبات قدرته على فض غشاء البكارة وإظهار رجولته ،كما أنه لن يضيع وقتا
لترويضها على الحياة الزوجية والجنسية .بقول الرجل الحساني في هذا الصدد يمدح فيه
"الهجالة" كقول أحدهم إن طالق املرأة يزيدها شهرة عند الرجال بتفضيلهم لها بسبب خبرتها
الجنسية:
تـهـجـالك ذل هــون شـاع زادك ع ـنــد الــرجــالــة
بـيــك أل يـخـتـيـروك قـاع ال ــرجــال ــة ه ـج ــال ــة
ومما يجعل املرأة الحسانية في موقف يمكنها من مواجهة أزمات نفسية واجتماعية قد
تحطم مصير حياة املرأة في بيئات أخرى غير البيئة الحسانية ،تلك املواقف والتمثالت الخاصة
بفك الرابطة الزوجية والتي تحفظ لها مكانتها في املجتمع .فهناك عادة خاصة باملجتمع الحساني
تجعل أهل املرأة املطلقة يستقبلونها بدون تذمر ويحتفلون بالحدث عند نهاية عدة الطالق ،فيقام
لها حفل ال تقل حرارته عن حرارة حفل الزفاف ،وذلك تعبيرا عن ما ُيعتبر في حالتها تخلصا من
حياة زوجية أصبحت غير مرغوب فيها ،وقد يكون الحفل الذي ُينظم بهذه املناسبة فرصة إلعالن
أحد املعجبين بها عن رغبته في الزواج بها ،ألن املرأة املط لقة تبقى في نظر الرجل الحساني هي املرأة
- 1الضرة :امرأة زوجها ،وهما ضرتان ،جمع ضرائر (بينهم داء الضرائر) أي الحسد.
- 2جاك أندريه ،النزوع الجنس ي األنثوي ،ترجمة إسكندر معصب ،املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،
بيروت ،2009 ،ص.51 .
167
املفضلة لخبرتها املكتسبة خالل الزواج األول ،والتي تكون قد مكنتها من التحرر من الخجل الذي
تربت عليه ومن الخوف الذي ُزرع فيها وهي فتاة .هكذا يرى املجتمع الحساني في املرأة املطلقة امرأة
اكتسبت توازنا نفسيا وتجربة تجعلها ذات استقاللية ،ومكانة تمنحها حرية اختيار شريك لحياتها،
وتحمل صالحياتها في مجال الرغبة والتمتع والتفاعل الجنس ي.
في املجتمع الحساني القديم نرى صورة أخرى للمطلقة مختلفة تماما عن الصورة التي
ترسم لها مجتمعات أخرى ،ونرى نظرة أخرى لها ال تمت بش يء إلى ما رأينا ،فاملطلقة الصحراوية
تعود مكرمة محترمة إلى بيت أهلها ،وبدل أن ينبذها املجتمع يحتفل ويحتفي بها ،في الصحراء تعود
ُ
املطلقة مع أبنائها إلى بيت وأسرة والديها لتعيش بينهم كما كانت مدللة معززة خاصة إذا طلقت من
زوجها األول.
إن استقبال املطلقة بحفاوة في الصحراء من طرف األسرة واملجتمع يرجع إلى عدة عوامل
مختلفة منها:
.أوال :أن املجتمع يشعر بما قد يخلفه الطالق من وقع نفس ي على املطلقة فيحاول
التخفيف عنها
ُ
.ثانيا :يحس األبوان ببعض املسؤولية تجاه فشل زواج ابنتهم خاصة إذا طلقت من زوجها
األول ،فكما رأينا من قبل كانت البنت حفاظا على العفة تعتبر أن تدخلها في زواجها للمرة األولى هو
عيب ال يغفر ،املجتمع من جانبه كان أيضا يحرض البنت الثيب بواسطة الكثير من العادات
والتقاليد أن تحزن للزواج بدل أن تفرح.
إن عادات مثل هذه جعلت كلمة الوالدين هي الفصل في تزويج البنت زواجها األول ،أي أن
الوالدين هما املسؤوالن عن اختيار الزوج األول ،وكنتيجة لذلك إذا صلح الزواج فهو مسؤوليتهما
وإذا انتهى بالطالق فهو مسؤوليتهما ،أيضا فاستقبال املطلقة بحفاوة في املجتمع الحساني يرجع في
غالب األحيان إلى أن ال مسؤولية لها في اختيار الزوج األول .كما أن الطالق في هذا املجتمع هو
ظاهرة وهو في نفس الوقت سهل للغاية ،هو ظاهرة ألن نساء الصحراء قديما كن متشددات في
تعاملهن مع تجاوزات أزواجهن ،وكن أيضا حساسات لكل ما يتعلق بقضية كرامتهن ،فمثال كلمة
واحدة في غير محلها من الزوج قد تدفع املرأة رغبة منها في الحفاظ على كرامتها إلى طلب الطالق من
زوجها ،كان أيضا سهال ألن املرأة ال تخاف تبعاته ،فاملطلقة ستعود إلى خيمة والديها لتعيش معهم،
ولن تتشرد أو تتعرض لتحقير أو تجريح وستتزوج.
يضاف كذلك إلى أن سبب طلب الطالق من طرف املرأة باإلضافة إلى أنه قد يكون ملجرد
كلمة بذيئة من طرف الزوج ،قد يحدث أيضا بسبب مجرد إشاعة أو خبر سمعته حول رائحة
168
عالقة ما لزوجها مع نساء أخريات ،ففي الكثير من األحيان يقال إن فالنة طلبت الطالق ألن "زوجها
َّ
طول عليها العين" (أي أصبح ينظر إلى نساء أخريات غيرها) ،وال تكمن سهولة الطالق في كل ما
ذكرنا فقط ،فهو سهل أيضا ألنه يمكن أن يحدث بين ليلة وضحاها ،أي أنه ال يحتاج إلى إجراءات
إدارية وال إلى انتظار أو أية تعقيدات مهما كان نوعها ،فيكفي فقط حتى يتم الطالق أن يقول الزوج
لزوجته أنت طالق ويكتب رسالة طالقها ويعطيها لها أو ألحد أقاربها أو للقاض ي ،ورغم أن اإلسالم
يشترط في الطالق تكرار كلمة "أنت طالق" ثالث مرات من طرف الزوج إال أن رسالة الطالق املكتوبة
ضرورية عند املجتمع الحساني ،فإذا حدث الطالق لفظيا فقط ال يصدقه الناس ،وحتى الزوجة
حين يقول لها زوجها "أنت طالق" تقول له" :أعطيني رسالتي ذريك أباش اتجد علي" ،أي أعطيني
رسالة طالقي حتى أصدق .كان الناس أيضا حين يسمعون أن امرأة لها ذرية وعالقتها جيدة دائما مع
ُ
زوجها طلقت يقولون" :نقرأ رسالة طالقها ما صدقت" ،أي :أقرأ رسالة طالقها ما صدقت ذلك.
وعموما كانت املطلقة في املجتمع الحساني تعود مكرمة ومعززة إلى أهلها ويتم استقبالها
بحفاوة في بي ت أهلها وتعود كما كانت ابنتهم ومنهم ،وليس هذا فقط ،فاملجتمع كان يولي عناية
خاصة أيضا بأبناء البنات ويفضلهم في الحفاوة والتكريم على أبناء األبناء ،ففي الثقافة الشعبية
أن "اللي جاع أيكيس أخوالوا واللي خاف إكيس أعمامو" ،واملقصود من أحس بالحاجة عليه أن
يذهب إلى أخواله ومن أحس بالخوف فليذهب إلى أعمامه.
- 3العزباء:
تحتل العزباء مرتبة دون مرتبة املرأة املتزوجة واملرأة املطلقة ،وذلك لقلة خبرتها االجتماعية
والجنسية ،فاملرأة املحظوظة في املجتمع الحساني هي املرأة املتزوجة أو املرأة التي سبق لها وأن
تزوجت ،خالفا للفتا ة العزباء التي ال يزال الغموض يخيم على مصيرها باحتمال تقلص فرصها في
الزواج.
ترى البكر أنها مقيدة بما تحمله من مميزات فيزيولوجية مرتبطة بجسدها وما تتحمله من
مسؤولية متعلقة باسم املجموعة التي تنتمي إليها عائلة أو قبيلة ،ألن عدم دخولها الحياة الزوجية
يجعلها ف ي محطة مركزية حساسة في املجتمع .كما أن الرجل في مثل هذا املجتمع يجد نفسه ملزما
في فترة من حياته من الزواج من فتاة عذراء حسب االعتقاد السائد الذي يجعل املتزوج ببكر
يستفيد من شفاعتها يوم القيامة شرط أن تكون صالحة.
إن االرتباط بعذراء نزيهة وصالحة يمنح نوعا من الطهارة للزوج الذي يقترن بها عكس الزواج
بالثيب التي قد استفاد من طهارتها زوجها األول ،هذا كله برهان على قيمة العذرية غير املعلن عنها
بطريقة مباشرة وجلية والتي رغم إعاقتها املسار املعاش للزوجين في مرحلته األولى خاصة ،تعطي
169
أمال في حالة طهارتها في النجاة يوم اآلخرة.
هكذا نرى الرجل الحساني يلجأ غالبا إلى الزواج بالعزباء في حالة ما إذا سبق له أن تزوج
بثيب ،ما يؤكد رغبته في التمتع بكل حرية بحياة جنسية مالئمة ال تعيق أمله في ما يتعلق بطموحاته
األخروية ،ألن اآلخرة تبقى في النظرة السائدة املكان األنسب للتمتع بحوريات الجنة ذات العذرية
الخالدة.
ـ صورة املرأة الحسانية من خالل األمثال الشعبية:
تعد األمثال من التعبيرات اللغوية والثقافية املوجزة تركيبيا ،وأحد مصادر الحكمة والتربية
والتثقيف التي يتداولها أفراد املجتمع فيما بينهم من أجل ضرب املوعظة والعبرة لضبط السلوك
1
وتقويم االعوجاج ،ولهذا "فهي تشكل مورد الثقافة اللغوية واالجتماعية" .
وتعتبر األمثال الشعبية من "أهم روافد األدب الحساني ،فهي صيغ قولية وعبارات إنشائية
وحصيلة إرث قولي يعبر عن حقائق مألوفة وأعراف اجتماعية وظواهر ثقافية سائدة داخل
املجتمع .من ثم فاألمثال الشعبية الحسانية ترتكز على األشياء الجوهرية والثابتة في حياة وتجارب
الناس ،وترسم صورة ذاكرتهم الفردية والجماعية التي تتجدد وتتحول في ارتباطها باألرض
2
واملحيط. "...
وتعكس األمثال الشعبية الحسانية حياة املجتمع البيضاني بمختلف تجلياتها ،فنقرأ فيها
ثقافته ،كما نجد ضمنها معتقداته الدينية ،هذا فضال عن املثل واألخالق التي تشبت بها هذا
املجتمع والتي تشكلت والتأم نسيجها على مر قرون من الزمن .كما أن املجتمع نفسه بمكوناته
وتشكالته السياسية واالجتماعية التقليدية ،واألجيال وصراعها والرجل واملرأة وعالقاتهما
املتعددة ،وإح ساسات الفرد وطموحاته تتجلى في األمثال .ولئن كانت هذه األمثال تغطي كل مناحي
حياة املجتمع البيضاني الدينية ،االجتماعية ،االقتصادية ،السياسية والثقافية فهي بذلك تعكس
وبحق ذهنية هذا املجتمع على مختلف املستويات وتمثالته حول األشياء.
لقد استقطبت األمثال كل هذه الحيثيات في أسلوب موجز ولغة أدبية وتصوير فني رفيع،
- 1العجمي فاتح شيب ،دراسات في الثقافة واملوروث :االنتشار العربي ،الطبعة األولى ،القاهرة ،2008 ،ص-149 .
.150
- 2إبراهيم الحيسن ،الشفهي والبصري في املوروث األدبي والجمالي الحساني ،سلسلة أبحاث ،منشورات وزارة
الثقافة ،مطبعة دار املناهل ،الرباط ،2010 ،ص.71 .
170
جعل األدباء الفصحاء ينهلون من هذا املعين ويغوصون في هذا الرافد الغني.
- 1صورة التقدير واالحترام:
َ الس ْات َرة ْ
تس ْتر َم ْرت ْين :أي أن املرأة املتخلقة والنموذج تستر مرتين إزاء مفاتنها أوال ،وحيال * َّ
زوجها ثانيا ،بحيث ال تبدي لآلخرين سوى محاسنها ،وذلك احترازا من ألسنة الناس وحفاظا على
1
العرض وعرى بيت الزوجية .
ْ َ َ َ
* أ ِ ّل ْأبال ْمنات ما تعرف الناس أ ْين َت مات :ومعناه أن من ليس له بنات ال تعرف الناس متى
مات ،وهو مثل يضرب للتنويه بمكانة البنات في املجتمع البيضاني خاصة لدى والديهن ،فهن
مصدر العطف والحنان الذي ال يجاريهن فيه األوالد ،ويتبدى ذلك في حجم النحيب الذي يصدرنه
عند فقدان والديهن مما يثير أنظار ومسمع أهل الجوار لتعزيتهن.
ْ َ َ َّ ْ َ َ ْ َ ْ َ ْ ْ َ ْ ُ َ
وال َنا ل َع ْاد أطو ْ ْ َ ََْ ْ ْ َ َ
يل :ومعناه إذا قالت لك ِ حاس أل تبارك أمعاه واطلب م * ملرا لگالتلك أجهر ِ
املرأة احفر بئرا ،فما عليك إال أن تتمثل لذلك وتسأل هللا أال يكون طويال ،وفي هذا املثل مبالغة في
ضرورة احترام الرجل لرأي املرأة ،وعدم معاندتها.
َْ َ ْ ََْ ْ ْ ْ َ
مايم ل ْج َو ْاد وأن َع َاي ْل لكال ْب :أي أن النساء في املجتمع البيضاني يمثلن عمائم * لعليات أع
الكرام ،فمن يعاملهن من الرجال معاملة حسنة تليق بمكانتهن املحترمة في مجتمعهن يصنف
ضمن األفاضل ،ومن يعاملهن عكس ذلك يدخل في خانة الكالب واللئام.
ش املَ ْع ُل َ
ومة َما ْيط ْ
يح :أي أن مكانة املرأة الكريمة التي تعرف بحسن الضيافة والجود * ْد َب ْ
ِ
(خاصة إذا كان زوجها غائبا) دائما متميزة بين أفراد القبيلة الذين يعترفون لها بحسن صنيعها.
ْ
اجل رزقو تحت اگ َد ُامه :أي أن املرأة البيضانية ال تخرج للبحث * ملْ َرا ْر َز ْق َها َت ْح ْت َگ ْاي َم ْت َها َّ
والر َ
عن الرزق ،وغير مطالبة بذلك ،عكس الرجل الذي يتوجب عليه أن يبحث عن الرزق أينما كان.
َ ْ َّ َ
* َع َّزة الط ْفلة َم ْن أ ْم َها :أي أن الفتاة البيضانية إذا كانت محبوبة من طرف أهلها خاصة من
أعمامها فذلك من حسن معاملة أمها ألصهارها.
ْ ات ْاف َر ْ
أل ما ُ ْ
اس َها اتر ْاه ف َم ْن ْت َها :أي أن املرأة البيضانية ما لم تجده في نفسها حتما * مل َرا ِ ّ ر
سيتحقق في ابنتها بفعل تصميمها على تربيتها وحسن رعايتها.
* اللي أمعاه املرة أمعاه موالنا ،ومعناه أن للمرأة بركة ويمنا وأن البيت ال بد له منها
َّ الضفي َرة َت ْ َ ّ َ
بات ْت عليه ْ
ص َب ْح ْع ِليه الل ْح َية :أي أن كل ما يشغل تفكير املرأة ،إال والرجل ِ * أ ِل
- 1علي أفرفار ،صورة املرأة بين املنظور الديني والشعبي والعلماني ،دار الطليعة ،بيروت ،1996 ،ص.58 - 57 .
171
يعمل على تحقيقه لها ،وهذا ما يدل على املكانة املتميزة التي تحظى بها املرأة البيضانية لدى زوجها.
ُ ْ
* مل َرا تكد تبني ياسر من لخيام والراجل ما اكد يبني وحدة :املراد من هذا القول أن الرجل
رغم قوته الجسدية وادعائه التفوق على املرأة في كل ش يء إال أنه يفتقد قوة طبيعية أخرى ال
تمتلكها إال املرأة هي قوة الصبر والجلد ،فكما نعرف جميعا فإن نسج وصناعة خيمة من الوبر هو
مهمة في غاية الصعوبة والتعقيد وتحتاج زمنا طويال من املعاناة وبرودة األعصاب ،وإذا كنا نعتقد
أن هذا ليس هو التفسير املقصود لهذا القول فإنه من جهة أخرى قد يعني وهذا هو األرجح ،أن
املرأة بصبرها ولباقتها تستطيع أن تنظم وتتحكم في تسيير مخيم عائلة كبيرة من األبناء والبنات
وهو ما ال يستطيع الرجل القيام به.
* خيمة ما فيها امرأة يموت ضيفها من الجوع :إن املعنى املضمر في هذا املثل هو أن أية
خيمة ال توجد فيها امرأة فإن الحياة والكرم وحسن الضيافة معدومة فيها ،وحتى لو كان الرجل
موجودا في الخيمة وموجود األكل وكل ش يء إال أن هناك بعض الخدمات املهمة التي ال تقوم بها إال
املرأة وحدها ،إنه اعتراف ضمني من طرف املجتمع أن دور العائلة ال يكتمل في املجتمع إال بحضور
املرأة.
- 2صورة االنتقاص:
ْ ْ ّ
واط ْ َْ
يح على رأسها :أي أن املرأة البيضانية عندما تقحم نفسها في مجال * ملباركة تنهض ِ
خاص بالرجال كالقتال والحروب وغيرها ،فإنها حتما ستفشل وتسقط على رأسها مهما كانت قوتها
1
ومكانتها في القبيلة ،وهذا املثل يخص النساء اللواتي ينتمين إلى فئة حسان (أهل ملدافع) .
* ملرا لعظيمة َت ْب َ
گ فالدار ْام ِگ َيمة :أي أن املرأة إذا كانت عصبية املزاج أو حمقاء أو شريرة
سيتركها الزوج واألهل والجيران وتبقى وحدها في الدار ،ألن محيطها لن يطيقها ،مما يجعل التفاهم
والتعايش معها صعب التحقق واملنال.
گ بلية ما سببها أولية :واملعنى ال توجد مشكلة إال واملرأة كانت سببها * َما َخ َال ْ
ْ َ
اح ْت عليه أن َوالة :وهو قول سائر يضرب لكل من ازدادت لديه أنثى ،واملقصود بـ * َط َ
"أنوالة" في اللهجة الحسانية املطبخ التابع للخيمة الذي تكون أسواره من أغصان الشجر اليابسة.
َ
* ش َاو ْر ملرا وال ِ ّأد ْير ْب َر ْاي َها :أي استشر املرأة في أمورك وبعض شؤونك ،لكن ال تأخذ بهذه
- 1ولد البكاي بابا أحمد ،جامع التراث الشعبي :لغن وأزوان واألمثال الحسانية مع مضاربها في كيفان ،املطبعة
الجديدة ،موريتانيا ،2002 ،ص.153 .
172
االستشارة في أفعالك.
َ * َأزْي ْن َأ َر ْاي ُه ْم ْي َر َّو ْح ْل َ
ص ْد َرة ِف َيها ل ْف َعة :أي أن أحسن آراء النساء قد يقودك إلى شجرة بها
أفعى ،واملقصود باملثل هو أن نصيحة املرأة ال تعود عليك بالخير أبدا.
تتبع الطفلة ْأمها :أي أنه عندما يكون سلوك الفتاة س يء فإنلى فمها ْ الگد َرة ْع َ * ْاكف ْ
ِ
املسؤول عن ذلك هو األم ألنها تقلدها في كل ش يء.
* اتواس ي الطفلة اللي أكبر من أخالقتها :معناه أن الطفلة تفعل ما هو أشنع من والدتها،
وهذا املثل يعكس نظرة املجتمع املتضايقة بميالد البنات.
* ملرا أخير فالها من احجابها :معناه تفاؤل املرأة أفضل من تعويذاتها ،من األمثال التي
تعكس نظرة املجتمع القديم للمرأة ،يضرب لحث املرأة على التفاؤل.
* ملرا اللي خص من عقلها اديرو فحب الرجال :ما نقص من عقل املرأة تعوضه بحب
الرجال ،يضرب به لحث املرأة على عدم التفاني في حب الرجال.
* ملرا زرباية :املرأة شجرة مقطوعة من توجه إلى جهتها غلبته ،ومن أعطاها بظهره استطاع
جرها ،يضرب لعدم الخضوع للنساء.
اع :أي أن املبالغة في إعطاء هامش من الحرية للفتاة قد يجعلها للط ْف َلة ْش َب ْر َت َّط َام ْذ َر ْ
َّ * ْ
اع ِط
تتجاوز ح دودها ،ولهذا يجب تقييد حريتها من طرف أسرتها للحفاظ على عرض وكرامة العائلة
كلها.
ْ َ ّ ُّ ْ َ َ ْ َ ْل ُّ ْ َ
الصوف :أي أن املرأة التي تكثر من التجوال والتنقل ال تجد الوقت * ملرا ِلي الطوف ما تغز
الكافي لغزل الصوف أو القيام بأعمالها املنزلية ،وبالتالي فهي ال يرجى منها أي خير.
فالفلون َو ْم َشات ْت َل َّود َّ
ُّ ْ َ ْ َ َ ْ ْ َ َّ
للنار :وهو مثل قيل في حق امرأة دارت الخ ْب َزة البك ْار * شطارت منت
تدعى "بنت البكار" كانت تدعي املهارة والحذاقة وهي في حقيقة األمر على العكس من ذلك ساذجة،
فصارت حادثة طهيها للخبز مضربا لكل امرأة تفتخر بنفسها وقدرتها على القيام باألعمال املنزلية
1
على أحسن وجه في حين أنها ال تتقن عمل أي ش يء .
َ * َملْرَا َش ْي ْف َرة َّ
والراجل سافر ْام َعاه :أي أن املرأة ال يمكن أن تعرف حقيقتها إال من خالل
املجاورة ،عكس الرجل الذي يعرف منذ الوهلة األولى خاصة في السفر.
- 1أخت البنين بنت محمد األمين بن اباه السباعي ،قيد األوابد في األمثال الحسانية ذات الفوائد ،مطبعة األطلس،
نواكشوط ،ص.123 .
173
يح ْم ُدو َّ
الن ْع َمة :أي أن املرأة ال تقتنع بما لديها ،بل هي تتطلع دائما إلى س َما َ * ُلو َّلية ْ
والف َر ْ
ِ
أشياء أخرى ،فكلما تحقق لها مطلب كلما رغبت في نشدان غيره.
- 3صورة املرأة الحسانية في مؤسسة الزواج:
الن َد َايم :أي أن إكثار الفتاة من رفض الخطاب الذين يطلبون يدها * ْرد َل ْع َم َايم يورث ْ
للزواج قد يورث لها الندم الحقا ،حينها تبقى بدون أي عريس.
َ ْ َ َّ ْ * َما ْك َث ْر ْر َج ْ
ال املَ ْش ُد َ
ودة َوما گل ُهم إال تخالت :ما أكثر رجال املتزوجة وما أقلهم إذا طلقت،
فاملرأة املتزوجة يطمع فيها الكثير من الرجال ،وإذا طلقت نفروا منها جميعا.
اج ْل َس ْر َو ُ
ال :أي أن من يتزوج بابنة عمه تكن له الغطاء الكامل وتحافظ على * َم ْن ْت َع ْم َّ
الر َ
شرفه وعرضه وأواصر قرابة دم عائلته وقبيلته.
َّ ْ بض َب ْخ َال ْلها َ ْ
إلى َما َوال ل َها :أي ال يأخذ أو يمسك بطرف لحافها (امللحفة) رجل إال يگ ْ * ما
ورجع ليتزوجها ،يضرب للمرأة املحظوظة.
َ َّ
* لعليات ْي ُم ُوتو َوي ْتخال ْو :وهو مثل يضرب للنساء املطلقات ملواساتهن في محنة الطالق،
وتذكيرهن بأن املوت أشنع من هذا األخير ،وذلك للتخفيف عنهن من آثار ذلك على نفسيتهن.
ماه َزْين املَ ْن َزل :أي أن طول ُّ
التري ث ال يؤدي إال إلى االختيار األحسن، * ُطو ُل املَ ْر َيث َما فيه ُ
ِ
ومعنى ذلك أن على املرأة التروي قبل أخذ قرارها إزاء الزواج.
َ َ
ش راجل َع ْن غ َاية ثا ِني :أي أن املرأة إذا طلقت من رجل معين قد تجد آخرا يتزوجها، * يم ِ
َْ
وقد تجد معه السعادة التي لم تكن قد حظيت بها مع سابقه.
گد ُأمو :أي من أراد املنفعة والخير لنفسه ،فليتزوج امرأة بسن والدته، أل ْب َغا َه ُّمو إج ْيبها ْ * ّ
ِ ِ
ألنها ستكون له الزوجة واألم واملعين في اآلن نفسه.
َ َ
* ملرا ْبال أوالد ِكيف الخ ْي َمة بال أوتاد :أي أن املرأة العاقر ال تستطيع الصمود أمام تقلبات
الزمن ،فاألوالد مثل أوتاد الخيمة ضمانة الستقرارها ،مهما كانت قوة الظروف املعاكسة ،مما يعني
أن وجود املرأة في بيت الزوجية ال يعني شيئا دون إنجاب األوالد.
ْ َ ُ ْ َ َُ َ
الت ل ْخال أال ِه َّي :أي أن الخيمة التي ال امرأة فيها أو ربة ،أفضل منها الخالء، * خيمة بال م
وفي املثل تبيان واضح لقيمة املرأة في الخيمة والحياة الزوجية.
َ ْ
* َول ْد َع ِ ّمي َب ْن َع ْاي ُلو وال َب َّرا ِني ْب ْح َم ْاي ُلو :أي أن زواج البنت من ابن عمها أو من أحد أفراد
قبيلتها وإن كان فقيرا أفضل بكثير من زواجها بغريب من خارج القبيلة ولو كان ثريا.
َْ ْ َ ّ َ َْ
صل ْح َه ِ ّمي :أي أن زواج املرأة من ابن عمها أصلح وأنسب لها من غيره ،لكونه * ولد ع ِمي ي
174
الراعي ملصلحتها.
َ َ َّ َ َ
* ملرا ف ْبل ْد ْام َن ْي ْن َسال ْت َما ِهي ف ْبلد ْام َن ْين ْارَبات :أي أن املكان الذي تتزوج فيه املرأة وتنجب
فيه األوالد الذي هو مكان تواجد أصهارها ،يصبح هو مأواها وليس املكان الذي ولدت فيه أو
ترعرعت في أحضانه بين والديها.
َ َ
وال ْن َواص ي وال َد ْيگة َم ْن َديگات ْ َّ ْ َ ُ
لع َرب :أي أن النساء عندما يتزوجن فإما ِ * ه َما أال گص ِ
اص ي
1
أن يكن مصدر خير ألزواجهن ،أو مصدر شر وبالء عليهم .
َ
سابك تخطب لولدك :ألن الولد يبحث ويسأل عن التي يريد الزواج بها ،أما * اخطب ملنتك
الفتاة فال يمكنها أن تفعل ذلك ،لذلك فوالدها هو املسؤول عن اختيار شريك حياتها.
َ
* ضرسك إال وجعتك اكلعها ومنتك إال كبرت ودعها :أي أن البنت عندما تكبر مصيرها
الزواج ومغادرة بيت أبيها.
* اللي يدور الالمة خصو يتعامى :أي من أرادت أن تحافظ على بيت الزوجية وحسن
العشرة عليها أن تسامح وتغض الطرف عن بعض األشياء.
* ًلبار والسالمة وال عرس الندامة :أي أن العنوسة وراحة البال أفضل من زواج ُيندم عليه
أشد الندم
* دار الطافيالت خالية :أي أن من له الفتيات فقط دون الفتيان سيبقى منزله خاليا ألنهن
سيتزوجن يوما ما ويذهبن ملنازل أزواجهن.
* الطفلة إال بارت على سعدها دارت :أن الفتاة ال بد أن تتزوج مهما انتظرت ،واذا كانت
رزينة قد تفوز برجل ميسور الحال.
الح ْمية سوسة ومنتها ناموسة :يقال في حق أخت الزوج وابنتها ،صفة للعالقة التي تكون * َ
في الغالب متوترة بين الزوجة وشقيقة زوجها.
َّ ْ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ ْ َ ْ َ َ َ
* َما خالگ َفالنار انويرة وال فلعاليات اطفيلة :أي ال يوجد في النار نار صغيرة وال في النساء
طفلة بريئة ،وهذا املثل يقال عند الخطوبة أو الزواج لإلقرار بأن الفتاة متى ما طلبت للعرس ال
يجب االعتماد في تبرير الرفض بكونها صغيرة السن أو ما شابه ذلك.
ـ املرأة الحسانية من خالل املعتقد الشعبي:
- 1محمذن بن سيد ابراهيم السباعي ،تهذيب األفكار في أدب الشعر الحساني املختار ،املطبعة الجديدة،
نواكشوط ،1992 ،ص.78 .
175
فيما وصل إلينا من تراث شفوي قديم ومعقد يستوقفنا أيضا أن هذا املجتمع مثله طبعا
مثل كل باقي املجتمعات الصحراوية كانت له معتقداته الخاصة به التي ابتدعها في بيئته ،األكثر من
ذلك أن حضور املرأة وصورتها في املعتقد الصحراوي وفي الخرافات مثله مثل حضورها في األدب هو
أكثر بكثير من حضور الرجل .ويعتقد الصحراويون اعتقادا يدعمه العلم أن ذكاء املرأة يسبق ذكاء
الرجل وأن قدراتها الجسدية والعقلية تنمو قبل الرجل بكثير ،في هذا الصدد يقول الحكماء
الصحراويون" :الطفلة تسبق خالقتها" (البنت تسبق عمرها) ،ويقولون أيضا "ما في النار نويرة وال
في النساء صغيرة" ،أي أن أبسط شرارة من النار (نويرة) قد تشعل غابة أو مدينة ،كذلك املرأة حتى
لو كانت صغيرة فهي قادرة على فعل ما يفوق سنها .هناك تفسير آخر لهذا املثل يقول" :إن البنت
تستطيع أن تحمل وتتزوج وهي صغيرة السن".
حين يموت الزوج كان الصحراويون يتركون الخيمة مبنية كأنما لم يحدث أي ش يء ،أما حين
تموت الزوجة فإن الخيمة حتى لو كان الزوج حيا وكان هناك األبناءُ ،تطرح وتفكك وتبنى في مكانها
خيمة أخرى لكن بركيزة واحدة بدل ركيزتين ،وحين نقوم بقراءة لهذا املعتقد يمكن أن نصل إلى ما
يلي :أن املجتمع كان يعتقد أن موت الزوج ال يؤثر على سير الحياة في العائلة وأن األم وحدها يمكن
ُ
أن تبقى تسير شؤون العائلة رغم صعوبة ذلك .أما موت املرأة الذي كان يرافقه تفكيك الخيمة
1
فإن معناه الجلي أن العائلة بدون األم ال تستطيع أن تواصل االستمرار في القيام بدورها الطبيعي .
في هذا املعتقد اعتراف مهم من طرف املجتمع الحساني القديم بدور املرأة واألم على وجه
الخصوص بجعل الحياة تسير بوضع طبيعي .إن املعنى الخفي لبناء خيمة صغيرة بركيزة واحدة بعد
موت الزوجة هو اعتراف جماعي أن املرأة رمز لكبر الخيمة ورمز أنها هي ركيزتها األساسية ،وأن دور
الرجل في تماسك األسرة هو ثانوي.
في أوقات الجفاف حين تحترق الصحراء وتجف منابع اآلبار وال يسقط املطر كان
الصحراويون يلجؤون إلى االستسقاء وإلى األطفال والنساء ،كان الرجال يوزعون السكر والتمر على
األطفال ويطلبون منهم أن يخرجوا إلى الخارج لطلب السماء بعضا من املطر ،وحين ال ينفع مع
الجفاف استسقاء وال ضراعة األطفال كانت النساء الصحراويات تتدخلن في اللحظة األخيرة،
يخترن من بينهن أجمل واحدة ف ي لفريك (املخيم) ويطلبن منها أن تخرج وترفع وجهها إلى السماء
-فاطمة محمد محمود ،املرأة في السياق االجتماعي :مالحظات أولية بشأن منزلة ودور املرأة في مجتمع البيضان1 ،
ضمن ندوة "مكانة املرأة بين اإلسالم والتقاليد" ،منتدى الفكر اإلسالمي وحوار الثقافات ،نواكشوط ،2006 ،ص.
.81
176
وتطلب املطر .في بعض املناطق األخرى من الصحراء كانت النساء حين ال يسقط املطر يخرجن إلى
خارج لفريك (املخيم) وفي أيديهن جلود الخرفان يضربن بها بعضهن البعض ظنا منهن أن ذلك قد
يجعل املطر يسقط ،وحين ال ينفع ش يء من ذلك كله تلجأ النساء إلى صناعة دمية كبيرة تسمى
"تاغنجة" ثم يمررن بها من وسط املخيم وهن يغنين :تاغنجة شقت ملراح ،يا ربي سيل بطاح،
1
ومعناها :مرت تاغنجة من وسط الحي ،يا ربنا أنزل املطر .
أما حين ينزل املطر بغزارة وتحدث الفيضانات كان الصحراويون يلجؤون أيضا إلى النساء
ليطلبن منهن التدخل ،وإذا كان طلب نزول املطر كان يتطلب خروج امرأة جميلة إلى الخارج لتولي
وجهها شطر السماء ،فإن منع هطوله بغزارة كان يتطلب أن تختار النساء من بينهن واحدة غير
جميلة ويطلبن منها أن ترفع وجهها إلى السماء تطلب إيقاف الهطول ،فاملرأة غير الجميلة التي
ُيعتمد عليها إليقاف املطر تسمى "حابسة السحاب".
هذا وكان الزوج إذا غاب في رحلة يقول إخوته" :إديرو عند ظن زوجتو وال إديرو في ظن
أمو" ،بمعنى "اللهم اجعله عند ظن زوجته وال تجعله عند ظن والدته" ،ورغم أن األم غريزيا
وطبيعيا تحب ولدها أكثر مما تحبه زوجته إال أن املعتقد الشعبي الحساني ينحى منحا آخر ،إذا
غاب رجل ما فإن زوجته وأمه بديهيا سيفكران فيه لكن بطريقة مختلفة :األم ستقول أنه ربما
يتعرض ملكروه أو يمرض أو حتى يموت ،أما الزوجة فإن أكثر ما يساورها أن زوجها في غيابه ربما
يتزوج وربما يجد امرأة أخرى فتعجبه ويبقى معها ،ومن هنا يبرز ملاذا يفضل الناس ظن وتمني
الزوجة (أفراح دائما) على ظن الوالدة (الخوف).
تضمن عادات املجتمع الحساني كذلك للمرأة الكثير من الكرامة ،فمثال ضرب املرأة من
طرف الرجل (زوج ،أب ،أخ) هو عيب وعار عند الصحراويين ،فإذا قام شخص ما بعمل مشين
يقال له" :هذا اللي عدلت أخير منو تبط امرأة" (ال يوجد ما هو أسوأ من هذا ما عدا ضرب
النساء).
إن العالقة بين الزوج وزوجته في املجتمع الحساني هي عالقة حساسة جدا ،فاملرأة املتزوجة
ال تسمح للرجل أبسط إهانة حتى لو كانت تافهة أو شفهية ،ففي مجتمعات أخرى قد يكفي اعتذار
شفهي من الرجل حتى تسمح له املرأة وتنس ى إهانته لها ،قد يحدث أيضا الكثير من التعسف ضد
الزوجة وتبقى مع زوجها وهما في حالة عدم توافق ،عند املجتمع الحساني القديم كانت العالقة جد
- 1منت البرناوي لعزيزة ،املرأة البيضانية من خالل األمثال الحسانية ،منشورات مختبر علم االجتماع ،موريتانيا،
الطبعة األولى ،2010 ،ص.76 .
177
حساسة وتؤثر عليها أبسط إشارة أو كلمة .إن الرجل الذي ُيعنف زوجته أو يعاملها معاملة سيئة
يفقد صفة الرجولة ويحتقره الرجال اآلخرون وينظرون إليه نظرة غير طبيعية ،في هذا اإلطار
يقولون" :إن النساء أكثر من الرجال ألن أولئك الرجال الذين يضربون نساءهم أو يعاملنهم معاملة
1
سيئة هم ليسوا رجاال وليسوا نساء" .
في املاض ي كان ضرب املرأة في الصحراء أو على األقل رفع اليد نحوها يعني الطالق ويفقد
الزواج شرعيته ،فإذا سمع الناس مثال أن رجال ضرب زوجته يقولون" :حرمت عليه زوجته" ،يعني
2 ُ
أن رباط الزواج ألغي كنتيجة لضرب الزوجة ،وال يقف األمر عند هذا الحد ،فاملرأة حين تذهب إلى
أنسابها أو تذهب مع زوجها تقوم أمها بتحريضها أن ال تتساهل في كرامتها وال تترك أحدا يهينها ،وهي
ثقافة اجتماعية تجعل املرأة حساسة جدا ملوضوع الكرامة ،فإذا قال لها زوجها كلمة في غير محلها
3
أو سبها فإن أبسط ما تقوم به الزوجة هو العودة إلى والديها .
وبذلك تنتصر ثقافة املجتمع للمرأة املظلومة فتتم معاقبة الزوج ،فال تعود الزوجة إلى بيتها
إال بعد أن يعتذر الزوج ويأتي بوفد من الشهود ويعقل جمال أمام خيمة والديها ويقطع عرقوبيه
كعالمة أنه يجب أن ينحر في ذلك املكان تكريما للزوجة الغاضبة ،يتم نحر الجمل ويحدث التراض ي
بشرط أن ال يعود الزوج إلى تعنيف أو توبيخ زوجته .إن نحر جمل من أجل ترضية امرأة هو عقاب
رادع لكل رجل يفكر أن يسيئ إلى زوجته ولو بكلمة ،وكخالصة كان املجتمع الحساني قديما سباقا
4
إلى تقدير املرأة وإعطائها حقوقها كاملة خاصة ما يتعلق بالكرامة .
خامتة:
لقد تم تداول املرأة بشدة في التاريخ االجتماعي للمجتمع الحساني كنموذج للمجتمعات
الرعوية التقليدية ،وقد شغلت الفقهاء ،فهي تالزم نوازلهم واجتهاداتهم الفقهية من خالل تناولهم
- 1إبراهيم الحسين ،املرأة في األمثال الحسانية ،منشورات مركز الدراسات واألبحاث الحسانية ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،2013 ،ص.109 .
- 2العالية ماء العينين ،مالمح من حياة املرأة الصحراوية ،ندوة الصحراء من خالل التراث والتاريخ ،جمعية فاس
سايس ،العيون ،ص.64 .
3 - Odette du Puigaudeau, Art et Coutumes des Maures, Hespéris Tamuda, volume 4, 1968, p. 167.
- 4محمد دحمان ،املرأة واملجتمع في الساقية الحمراء ووادي الذهب ،مجلة دعوة الحق ،وزارة الثقافة والشؤون
اإلسالمية ،الرباط ،2011 ،ص.87 .
178
لوقائع تحاول التأسيس للعالقة بين الجنسين في منحى يتجه إلى تكريس العادات والتقاليد املحلية.
كما أن األمثال الشعبية حرص ت على جعل املرأة موضوعا دسما تستدمجه األجيال عبر الزمن،
وهذا معناه أن للمرأة أهمية كبرى في األدب الشعبي ،وقد خاضت الكتابات التاريخية األجنبية
واملحلية (املونوغرافيات االستعمارية ،الرحالت االستكشافية ،األبحاث امليدانية ،النوازل الفقهية)
في قضايا املرأة وحاولت أن تستشف مكانتها ودورها في املجتمع.
إن تناول موضوع املرأة الحسانية وكل جوانبه املعرفية املتعددة يستوجب على الباحث
اإلحاطة ببعض املداخل املنهجية املهمة ،فليس باملقدور معالجة املوضوع أو إدراكه أو الغوص فيه
بشكل عام ومنتظم دون أن يولي أهمية بالغة للجانب النظري املؤطر له حتى يتمكن من استيعاب
بعض اإلشارات التاريخية واالثنية والثقافية حول محيط ومجتمع الدراسة الذي يشتغل عليه.
فاملرأة الحسانية تتميز بخصوصيات تجعلها متفردة عن باقي قريناتها في بعض املناطق املجاورة،
وهو تميز واختالف تظهر صوره بالواقع وامللموس في بعض مظاهر حياتها سواء في حالتي الترحال أو
االستقرار ،فضال عن ملبسها وزينتها ،وطبيعة الروابط التي تجمعها بمحيطها (الزوج ،األبناء،
القبيلة ،)...فمكانتها داخل املجتمع تتأسس عرفيا على نظام قرابي اجتماعي وثقافي يحفظ حضورها
ومشاركتها في تدبير شؤونها الداخلية والخارجية ،مما يجعلها عنصرا فعاال يساهم في بناء وتماسك
املجتمع البيضاني وصون وحدته وظيفيا.
وما من شك في أن للمرأة في الثقافة العربية اإلسالمية حضورا كبيرا ،وقد تضاعف هذا
الحضور لدى املجتمع الحساني الذي احتفى باملرأة احتفاء ما هو بالقليل ،فكان يعتني بخدمتها
موف را لها كل أسباب املتعة والراحة ،جاعال منها أعظم مصنع للتربية وإنتاج األبناء ،فهي أميرة
األسرة وسيدة البيت ،وقد أصبح هذا التكريم لدى املجتمع الحساني تقليدا متبعا وعرفا الزما،
فالجميع مطالب أن يعطف على املرأة ويعاملها بكل إكبار وتقدير وبكل مودة واحترام ،وذلك ما
عبرت عنه لهجة القوم (الحسانية) في ألفاظ يسيرة ودالالت عميقة تنصف النساء وترفع من
شأنهن.
لقد اضطلعت املرأة الحسانية بمكانة متميزة رفعت من شأنها وكرامتها ،فحظيت باحترام
من لدن اآلباء واألزواج واإلخوة واألوالد ،وسائر أفراد املجتمع الذي أوالها عناية خاصة ،فحق لها
بذلك أن تكون سيدة البيت ونصف املجتمع من خالل األدوار املتعددة التي اضطلعت بها في
حياتها ،بدءا بتربية األجيال ،وخدمة الزوج واإلحسان إلى أهله وذويه ،ومساعدته على مواجهة
نكبات الدهر ونوائبه ،في فضاء اتسم بشح كبير في املوارد الطبيعية وشظف العيش وقساوة
الظروف املناخية.
179
الببليوغرافيا:
-إبراهيم الحسين ،املرأة في األمثال الحسانية ،منشورات مركز الدراسات واألبحاث الحسانية ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى.2013 ،
-إبراهيم الحيسن ،الشفهي والبصري في املوروث األدبي والجمالي الحساني ،سلسلة أبحاث ،منشورات وزارة
الثقافة ،مطبعة دار املناهل ،الرباط.2010 ،
-ابن بطوطة ،تحفة النظار في غرائب األمصار وعجائب األسفار ،تحقيق علي املنتصر ،الطبعة الثانية ،الجزء
الثاني ،بيروت.1982 ،
-ابن زيدان عبد الرحمان ،إتحاف أعالم الناس بجمال حاضرة مكناس ،الجزء الثالث ،الطبعة الثانية ،املطبعة
الوطنية ،الرباط.1990 ،
-أبو عبد هللا العبدري ،املدخل البن الحاج ،مكتبة دار التراث ،القاهرة.
-أحمد بن خالد الناصري ،االستقصاء ألخبار دول املغرب األقص ى ،الجزء السادس ،مطبعة دار الكتاب ،الدار
البيضاء.1956 ،
-أخت البنين بنت محمد األمين بن اباه السباعي ،قيد األوابد في األمثال الحسانية ذات الفوائد ،مطبعة األطلس،
نواكشوط.
-اإلمام محمد الشيخ بن الشيخ ماء العينين ،الجأش الربيط في النضال عن مغربية شنقيط وعربية املغاربة في
مركب وبسيط ،دار الفرقان ،الدار البيضاء.1985 ،
-العالية ماء العينين ،اإلبداع النسائي في األدب الحساني" :التبراع" نموذجا ،ضمن ندوة الثقافة الحسانية،
سلسلة ندوات ومحاضرات رقم ،8منشورات معهد الدراسات اإلفريقية ،الطبعة األولى ،الرباط.2003 ،
-العالية ماء العينين ،مالمح من حياة املرأة الصحراوية ،ندوة الصحراء من خالل التراث والتاريخ ،جمعية فاس
سايس ،العيون.
-العجمي فاتح شيب ،دراسات في الثقافة واملوروث :االنتشار العربي ،الطبعة األولى ،القاهرة.2008 ،
-الكنتي الشيخ سيدي محمد ،الطرائف والتالئد من كرامات الشيخين الوالدة والوالد ،تحقيق عابدين بن باب
أحمد بن حم األمين ،املعهد املوريتاني للبحث العلمي ،نواكشوط.1993 - 1992 ،
-املختار بن حامد ،حياة موريتانيا :الحياة الثقافية ،الجزء الثاني ،الدار العربية للكتاب ،تونس.1990 ،
-الناني ولد الحسين ،صحراء امللثمين :دراسة لتاريخ موريتانيا وتفاعلها مع محيطها اإلقليمي خالل العصر
الوسيط ،دار املدار اإلسالمي.2007 ،
-النحوي الخليل ،بالد شنقيط املنارة والرباط ،املنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ،تونس.1987 ،
-بن سيدي محمد أحمد سالم ،كتاب أنساب بني اعمر ايديقيب ،تحقيق محمد فال بن عبد اللطيف ،الجزء
األول ،الطبعة األولى ،بيروت .2001
-جاك أندريه ،النزوع الجنس ي األنثوي ،ترجمة إسكندر معصب ،املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،
بيروت.2009 ،
180
-صوفي كراتيني ،توزيع املجال والتراتبية لدى الرقيبات ،ترجمة جماعة من الباحثين ،منشورات رابطة أدباء
املغرب ،مطبعة املعارف الجديدة ،الطبعة األولى ،الرباط.2001 ،
-عباس الجراري ،ثقافة الصحراء ،دار الثقافة ،الدار البيضاء.1978 ،
-علي أفرفار ،صورة املرأة بين املنظور الديني والشعبي والعلماني ،دار الطليعة ،بيروت.1996 ،
-فاطمة محمد محمود ،املرأة في السياق االجتماعي :مالحظات أولية بشأن منزلة ودور املرأة في مجتمع البيضان،
ضمن ندوة "مكانة املرأة بين اإلسالم والتقاليد" ،منتدى الفكر اإلسالمي وحوار الثقافات ،نواكشوط.2006 ،
-كاميل دولز ،خمسة أشهر لدى البيضان ،ترجمة وتقديم حسن الطالب ،منشورات مركز الدراسات
الصحراوية ،الرباط.2015 ،
-محمد الغربي ،الساقية الحمراء ووادي الذهب ،دار الكتاب ،الدار البيضاء.1979 ،
-محمد املامي بن البخاري الشيخ ،كتاب البادية ،منشورات زاوية الشيخ محمد املامي ،نواكشوط.2007 ،
-محمد املختار السوس ي ،املعسول ،الجزء الثالث ،مطبعة النجاح ،الدار البيضاء.1960 ،
-محمد دحمان ،الكتابات التاريخية اإلسبانية حول منطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب :قراءة سوسيو
تاريخية ،مجلة املناهل ،العدد ،90 - 89منشورات وزارة الثقافة ،الرباط ،يونيو .2011
-محمد دحمان ،املرأة واملجتمع في الساقية الحمراء ووادي الذهب ،مجلة دعوة الحق ،وزارة الثقافة والشؤون
اإلسالمية ،الرباط.2011 ،
-محمد عبد الرحمن يونس ،الجنس والسلطة في ألف ليلة وليلة ،مؤسسة االنتشار العربي ،بيروت.1998 ،
-محمذن بن سيد ابراهيم السباعي ،تهذيب األفكار في أدب الشعر الحساني املختار ،املطبعة الجديدة،
نواكشوط.1992 ،
-منت البرناوي لعزيزة ،امل رأة البيضانية من خالل األمثال الحسانية ،منشورات مختبر علم االجتماع ،موريتانيا،
الطبعة األولى.2010 ،
-ولد البكاي بابا أحمد ،جامع التراث الشعبي :لغن وأزوان واألمثال الحسانية مع مضاربها في كيفان ،املطبعة
الجديدة ،موريتانيا.2002 ،
-ولد السعد محمد املختار ،إمارة الترارزة وعالقاتها التجارية والسياسية مع الفرنسيين من 1703إلى ،1860
الجزء األول ،منشورات معهد الدراسات اإلفريقية ،سلسلة بحوث ودراسات رقم ،11الرباط.2002 ،
- Odette du Puigaudeau, Art et Coutumes des Maures, Hespéris Tamuda, volume 4, 1968.
- René Caillié, Voyage à Tombouctou, Tome I, La Découvert Poche, 2007.
- Sophie Caratini, A Propos du mariage “arabe” Discours endogame et pratiques exogames:
l’exemple des Rgaybat du Nord-Ouest Saharien, Homme, N° 110, 1989.
181
تقرير حول الندوة الدولية يف موضوع املرأة املغاربية يف خضم
التحوالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية
ذة .السعدية قجي
باحثة يف علم االجتماع
كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية باحملمدية
نظمت هذه الندوة العلمية من طرف كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
باملحمدية ،بشراكة مع مركز تكامل للدراسات واألبحاث ومؤسسة هانس زايدل ،حول موضوع "
املرأة املغاربية والتحوالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية :الو اقع واملأمول " ،وذلك
يومي 18و 19يونيو .2019
هذه الندوة عرفت مشاركة عدد مهم من الباحثات والباحثين من مشارب وتخصصات
علمية مختلفة ،ساهموا بمداخالت علمية قامت بإلقاء الضوء على أوضاع املرأة املغاربية من زوايا
مختلفة ،منها القانونية ،الثقافية ،االجتماعية ،الجمعوية ،االقتصادية ،والسياسية.
لقد قامت الباحثات والباحثون بعرض تجارب بلدانهم بخصوص املسألة النسائية وواقع
أوضاع النساء بها الش يء الذي مكن في بعض الحاالت من استجالء نقاط التقارب واالختالف في
تجارب الدول .كما ساعد ذلك أيضا على توفير نظرة شمولية حول األوضاع الراهنة للمرأة بدول
املغارب ( موريتانيا ،املغرب ،الجزائر ،وتونس ).
ويمكن لالختصار الذي يفرضه هذا التقرير التركيبي حصر محتويات املداخالت التي وصل
عددها إلى سبعة عشر مداخلة في املستويات التالية :
182
مستوى املشاركة في التنظيمات الجمعوية والحقوقية.
أشارت املداخالت إلى عدد مهم من التغيرات التي عرفها الوضع القانوني للمرأة باملغرب
باعتبارها زوجة وأما ،وذلك عبر قراءة في مدونة األسرة الصادرة سنة .2004تغيرات ذهبت
في اتجاه اإلقرار بمبدأ املساواة بين األزواج رغم انه يضل من الصعب القول ببلوغ وتحقق هذا
الهدف .تغيرات شملت أيضا وضعها القانوني بصفتها أما من خالل مسؤوليتها املشتركة وتعاونها مع
الشريك في تسيير شؤون األسرة والبيت .ويضل التطور في األوضاع امرأ مؤكدا لكنه لم يكتمل بعد
ألنه الزال مكبوحا في املخيال االجتماعي بالتقاليد املتوارثة التي تنهل كثيرا من املوروث الديني.
أما في تونس فاملسار اإلصالحي بدأ بشكل مبكر حيث تم سن مدونة األسرة حوالي منتصف
القرن املاض ي .هذا املعطى منح املرأة التونسية على مستوى التشريعات وضعا متقدما قياسا إلى
مثيالتها بالدول العربية األخرى وصلت اليوم إلى حدود املساواة في مسألة اإلرث .كما ساهمت في
ذلك مجموعة من العوامل األخرى كالتاريخية ،والثقافية ،واالجتماعية ،والدينية املعتدلة.
في الجزائر تؤكد املداخالت أن هناك أيضا مجموعة من التحوالت االيجابية التي عرفتها
النصوص القانونية لصالح املرأة ( تمثيلية في حدود 145مقعدا /توسيع حضور النساء في املجالس
املنتخبة /حضور املسألة االجتماعية في السياسات العمومية ).
لكن واقع الحال يبقى متأخرا إلى حد ما ويحتاج كما هو الشأن في باقي الدول املغاربية إلى
ثورة فكرية تساهم فيها جميع وسائط التنشئة االجتماعية.
وعلى العموم فهناك مكتسبات قانونية ( نظام املحاصصة نموذجا ) لكنها غير مكتملة في
بعض األحيان ،كما أنها تحتاج إلى آليات لتفعيلها على ارض الواقع.
183
-2على املستوى السوسيو اقتصادي :
تشير املداخالت إلى اختالف مهم في املكانة وفي املستوى االقتصادي للنساء املغاربيات
عموما .هناك نساء بالبيت ،نساء عامالت ،نساء مسيرات للمقاوالت ،وبمستويات تعليمية مختلفة
ومتباينة.
في موريتانيا مثال النساء يساهمن ب ./. 27في سوق الشغل ( مقاولة ) رغم أن هذه النسبة
ال يشمل العامالت منهن في قطاع الفالحة ،كما أن عددا مهما يعملن بالقطاعات الغير املهيكلة ( مع
وجود اختالفات بين الجنوب والشمال) .والنساء عموما يطمحن إلى االندماج االقتصادي قصد
مساعدة أنفسهن على النهوض بأوضاعهن االجتماعية.
في الجزائر نجد كذلك أن النصوص القانونية مساعدة على تقدمهن وتحسن أوضاعهن
لكن الزالت هنالك عوائق اجتماعية وانثربولوجية تحول دون بلوغ ذلك ،أفكار جماعية تفضل
مكوث املرأة في البيت واالكتفاء برعاية شؤونه وشؤون شاغليه وذلك تماشيا مع ما تمليه التقاليد
واألعراف السائدة واملتوارثة .باإلضافة إلى العامل الثقافي هناك مشكلة صعوبة الحصول على تمويل
املشاريع واملبادرات الفردية التي تواجه املقاولة النسائية ،وهو ما يستدعي العمل من خالل مختلف
الوسائط لتمكين النساء اقتصاديا في الدول املغارب ،ذ لك أن هذا التمكين االقتصادي من شانه
أن يدفع إلى تحقيق املساواة والكرامة الجتماعية ويعزز أيضا من اإلنتاجية العامة وهو األمر الذي
من الواجب أن تقوم به الدولة ومؤسسات املجتمع املدني.
الجانب السوسيو ثقافي كان جانبا حاضرا في جل املداخالت العلمية الواردة سواء كان ذلك
بشكل مركزي أو عبر اإلشارة إليه بشكل عرض ي.
فقد أكدت كل التدخالت على التأثير املهم للمسألة الثقافية على أوضاع النساء بكل البلدان
املغاربية .ذلك انه وعلى الرغم من التقدم األكيد في النصوص والتشريعات القانونية فان واقع
الحال الزال محدودا بسبب النظرة االجتماعية االختزالية للمرأة ،وأشكال التعليب التي يخصها بها
املجتمع والتي تحد من أدوارها ،واألحكام الجاهزة واألمثال الشعبية التي تواجه بها عند كل محاولة.
184
فهي ثقافيا مخلوق يختص باألمومة وباإلنجاب بشكل " فطري " وال اختياري ،ويتم ربط أفق
طموحاتها حصرا بما هو منزلي مع معاداة ورفض كل اهتمام خارج ذلك كالعمل والكسب مثال ،وهو
ما ولد لديها مجموعة من الضغوطات الصحية العضوية والنفسية.
بل إن حتى تواجدها في املجال العام الزال في بعض املناطق الزال محط رفض ومساءلة
اجتماعية ،واألمر نفسه با لنسبة للمرأة في املناطق الصحراوية باملغرب حيث تتجدر البنيات
الذكورية التي تبقيها رهينة تمثالت ومعتقدات تفرض عليها رقابة صارمة من أقاربها الذكور مما قد
يدفعها إلى الزواج بأسرع ما يمكن بغض النظر عن صفات الشريك ،وذلك قصد االنتقال إلى صفة
األمومة التي تتمتع فيها بهبة اكبر.
واقترحت املداخالت ألجل تغيير الثقافة السائدة حول املرأة العمل على مستوى مختلف
وسائط التنشئة االجتماعية :األسرة -املدرسة -اإلعالم -املجتمع املدني -وغيرها قصد التمكن من
التأثير في أسلوب التفكير السائد ومنح فرص اكبر للنساء ليعملن بفاعلية اكبر.
أشارت املداخالت إلى وجود حركة حقوقية نسائية قوية في املغرب ساهمت والزالت في الدفع
إلى تحسين أوضاع املرأة ،إال أنها اعتبرت بان النتائج تضل محدودة بسب االشتغال املوزع ،وتغير
األطر املؤسساتية ،والترا فع الذي يغيب فيه عنصر التنسيق .فبعد أن كانت املطالب بخصوص
تمثيلية النساء السياسية في حدود الثلث تم االكتفاء بنسبة ضعيفة ،بل حتى هاته النسبة
الضعيفة تضل رهينة في اختيارها وانتقائها باعتبارات ذاتية أو إيديولوجية أو سياسية -حزبية،
وهو ما يقلب رأسا على عقب كل املجهودات املبذولة من لدن القوى الجمعوية في هذا الخضم.
كما أن حضور النساء املتزايد في الحركات االحتجاجية على اختالف أشكالها وأهدافها (
حراك الريف /الحراك بالجزائر نموذجان ) يشكل قيمة مضافة في التغيير الديمقراطي ويقوي من
الديناميات التي تدفع إلى إعادة النظ ر في األنظمة وتصحيحيها ،والتأثير في الثقافة السائدة التي
الزالت تتأرجح بين ما هو تقليدي وما هو حداثي.
185
وقد تكللت عن مجموع هذه املداخالت العلمية الوازنة نقاشات موسعة ساهم فيها عدد من
الطلبة الباحثين املستفيدين من أشغال هذه الندوة الدولية املنعقدة بمدينة املحمدية .مداخالت
أدت إلى تعميق النقاش وعرض مزيد من الرؤى واألفكار.
186
اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﻐﺎرﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺴﺎﻋﻲ اﻟﺘﻤﻜﻴﻦ وإﻛﺮاﻫﺎت اﻟﻮاﻗﻊ
ﻣﺮﻛﺰ ﺗﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﺪراﺳﺎت و اﻷﺑﺤﺎث
TAKAMUL Centre for Interdisciplinary Research and Studies
اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﻐﺎرﺑﻴﺔ
ﺑﻴﻦ ﻣﺴﺎﻋﻲ اﻟﺘﻤﻜﻴﻦ
وإﻛﺮاﻫﺎت اﻟﻮاﻗﻊ
-دراﺳﺎت ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ -
ﺗﻨﺴﻴﻖ:
ﺣﻧﺎن اﻟﻧﺣﺎس -ﻧﺟﺎة اﻟﻌﻣﺎري
2020
SOMMAIRE:
1
2
Statut de la femme marocaine à l’épreuve de l’espace
et du droit
Souad RAJEB, Professeure de Droit,
FSJES –Mohammedia
Mostafa YAHYAOUI, Professeur en
Géographie Sociale et Politique, FLHS-
Mohammedia
Université Hassan II- Casablanca
« (…) la géographie du monde ne commence-t-elle pas
dans une géographie psychique, l’espace du dehors ne se
trouve-t-il pas déjà prédéterminé dans un espace du
dedans? 1»
(Wunenburger, 1996, p.399)
Résumé
Aujourd’hui avec les évolutions épistémologiques et les nouveaux
paradigmes de la géographie moderne, il est largement reconnu que la
connaissance peut-être «située/ localisée géographiquement», reflétant ses
contextes culturel, politique et intellectuel ainsi que les valeurs personnelles de
ceux et celles qui sont engagés dans sa création. Cette reconnaissance présente une
perspective particulièrement intéressante pour la conquête des pistes
géographiques face aux contraintes souvent posées par l’appropriation patriarcale
de la culture du « genre » dans les localités marocaines dites « conservatrices ».
Comment le " genre " se connecte-t-il avec les zones géographiques que
nous produisons? Quel est le lien entre la "perception de la femme" et le milieu
géographique que les acteurs reproduisent et pratiquent quotidiennement ? Dans
quelle mesure peut-on accorder une équivalence géographique au genre au
Maroc ?
Au cœur de cet article, se pose l’ambition de mieux comprendre le lieu, le
pourquoi et le comment du développement d’une culture du genre social au
Maroc. Pour ce, une comparaison, en particulier, entre deux contextes
géographiques différents, a été mobilisée: d’une part, la région de l’Oriental
(Périphérie, aire de notre enquête empirique), d’autre part, la région de Casablanca
(Centre). L’objectif étant de démontrer :
(1) Dans quelle mesure, les valeurs et normes culturelles concernant les
femmes, les hommes, les relations entre les sexes, la féminité et la masculinité ne
sont pas fondamentales, exclusivement, dans les processus de construction des
sociétés humaines; Dans quelle mesure participent-elles, de surcroit, à façonner la
3
production et la pratique des espaces et des lieux -d'un niveau individuel, relevant
de l’intime à un niveau holiste- ?
(2) Et comment peut-on considérer le genre une composante clé de
l’organisation des rapports sociaux dans toute géographie de proximité sociale ?
D’où l’utilité pour la recherche géographique de reconnaître que « l’égalité
basée sur le genre » est une base d'analyse essentielle pour décrypter les processus
de production et de reproduction de l’espace social.
Le statut de la femme dans la société locale est particulièrement dépendant
des intersections et des influences mutuelles de la "géographie de proximité
sociale" et du "genre". Chacun d’eux est profondément impliqué dans la
construction de l'autre. La géographie de ‘proximité sociale’, sous ses différentes
formes d’organisation de la vie sociale, influence la formation culturelle des
rapports entre les sexes. Le genre exerce une influence profonde sur la
reproduction de cette géographie.
Mots clés : Genre, espace social, contexte, lieu, égalité homme-femme,
géographie, rapports socio-spatiaux, culture locale
Abstract
Today with the epistemological evolutions and new paradigms of modern
geography, it is widely recognized that knowledge may be "situated/
geographically located", reflecting its cultural, political and intellectual contexts as
well as the personal values of those who are engaged in its creation. This
recognition presents a particularly interesting perspective for the conquest of
geographical tracks in the face of the constraints often posed by the patriarchal
appropriation of the culture of "gender" in the so-called "conservative" Moroccan
localities.
How does "gender" connect with the geographic areas we produce? What is
the link between the "perception of women" and the geographical environment
that actors reproduce and practice daily? To what extent can gender equivalence
be granted in Morocco?
At the heart of this article is the ambition to better understand the place, the
why and the how of the development of a culture of social gender in Morocco. For
this, a comparison, in particular, between two different geographical contexts, was
mobilized: on the one hand, the Oriental region (Periphery, area of our empirical
investigation), on the other hand, the region of Casablanca (Centre). The objective
is to demonstrate:
(1) To what extent cultural values and norms concerning women, men,
gender relations, femininity and masculinity are not fundamental, exclusively, in
the processes of building human societies; To what extent do they contribute, in
addition, to shaping the production and practice of spaces and places - from an
individual level, from intimacy to a holistic level?
4
(2) And how can gender be considered a key component of the organization
of social relations in any geography of social proximity?
Hence the need for geographic research to recognize that "gender-based
equality" is an essential basis of analysis for deciphering the processes of
production and reproduction of the social space.
The status of women in local society is particularly dependent on the
intersections and mutual influences of "social proximity geography" and "gender".
Each of them is deeply involved in the construction of the other. The geography of
'social proximity', in its different forms of organization of social life, influences
the cultural formation of the relations between the sexes. Gender has a profound
influence on the reproduction of this geography.
Key words: gender, social space, context, location, gender equality,
geography, socio-spatial relationships, local culture
Introduction
Partant de l’hypothèse théorique suivante : les valeurs et normes culturelles
concernant les femmes, les hommes, les relations entre les sexes1, la féminité et la
masculinité ne sont pas fondamentales, exclusivement, dans les processus de
construction des sociétés humaines. Elles façonnent la production et la pratique
d'espaces et de lieux d'un niveau individuel- intime à un niveau collectif plus
global2. Le domicile, l'entreprise, le quartier, l’espace public, le marché du travail,
la ville, l'État-nation ou le marché mondial: tous ces espaces sont étroitement et
inextricablement caractérisés par des activités spécifiques des femmes et des
hommes, par des relations de domination sexo-spécifiques et par des significations
symboliques faisant référence au genre.
Le genre projeté comme composante clé de l’organisation des rapports
sociaux dans toute géographie de ‘proximité sociale’, mobilisera la conviction sur
l’utilité de reconsidérer la recherche géographique moderne. L’égalité basée sur le
genre3 deviendrait un cadre d'analyse fondamental pour décrypter les processus de
1 Le sexe est ici envisagé comme l’« ensemble des pratiques interactives interindividuelles variées impliquant
directement ou non la composante sexuelle de l’organisme humain.»
Nicolas Boivin, « Territoires hédonistes du sexe : Pour une géographie des subjectivations », publié dans
Géographie et cultures, Les espaces des masculinités, n°83, 2012, p.87.
2 Maria Dolors Garcia Ramon et Janice Monk, « Gender and geography: World views and practices » dans
Belgeo, Revue belge de géographie, N°3, 2014, p. 9.
3 Ici, notre utilisation de deux concepts « genre » et « l’égalité basée sur le genre » est tirée de l’ouvrage de Naila
Kabeer, Gender Mainstreaming in Poverty Eradication and the Millennium Development Goals , publié par le
Centre canadien de recherches pour le développement international en 2003 :
Le genre « fait référence aux règles, normes, coutumes et pratiques par lesquelles les différences biologiques entre
hommes et femmes se traduisent en différences socialement construites entre hommes et femmes et entre garçons
et filles. Il en résulte que les deux sexes sont valorisés différemment et qu’ils ont des chances et des chances
inégalées dans la vie. »
Et l’égalité basée sur le genre « est à la fois une égalité du traitement devant la loi et une égalité des chances…
Cela inclut également l'égalité réelle et l'égalité de représentation et du pouvoir. L’égalité réelle signifie que les
circonstances et les caractéristiques différentes des hommes et des femmes doivent être prises en compte pour
éviter des résultats inéquitables liés au genre. Par exemple, dans le cas où un homme et une femme ont tous deux
les qualifications requises pour une profession donnée, cette dernière peut ne pas être en mesure de l'exercer s'il
5
production et de reproduction de l’espace social, prolongeant ainsi les frontières de
la réflexion autour de la géographie.
« L'espace social qui doit être entendu dans deux sens, celui
peu exigeant de la projection des rapports sociaux sur l'espace
géographique (l'espace n'est alors que le reflet des rapports
économiques) et celui plus complexe de l'interférence entre rapports
sociaux et rapports spatiaux, n'explique pas le sens existentiel ou
phénoménologique qui renvoie aux valeurs et aux usages culturels que
l'homme inscrit dans l'espace. 1»
Partant de la conviction que la science géographique, traditionnellement
centrée sur l’étude des contextes socio-spatiaux spécifiques à différentes échelles,
est capable, aujourd’hui, d’apporter une contribution substantielle à la réflexion
sur le genre et sur l’évolution du statut de la femme dans la société marocaine,
renforçant ainsi sa nature interdisciplinaire. Désormais, il est largement reconnu
que la connaissance est «située», reflétant, ainsi, ses contextes culturel, politique et
intellectuel ainsi que les valeurs personnelles de celles et ceux qui sont engagés
dans sa création. Cette reconnaissance est une perspective particulièrement
intéressante pour le renouveau générationnel de la recherche géographique
marocaine.
1. Problématique et éléments méthodologiques
Les intersections et influences mutuelles de la ‘géographie’ et du ‘genre’
sont profondes et multiples. Chacune est profondément impliquée dans la
construction de l'autre. Nous tenterons tout au long de ce travail de mettre la
lumière sur l’influence qu’exerce la géographie, sous ses différentes formes, sur la
formation des relations de genre et le contrôle exercé par la culture locale dans le
processus de cette formation. Ici nous utilisons le concept de la culture locale dans
le sens développé par Fatima Sadiqi (2016):
« La culture peut être définie de manière large comme un
système de pratiques, de rituels, de croyances et de valeurs ayant un
impact significatif sur la vie sociale au sein d’une communauté.
Toutes les cultures contrôlent leurs membres, mais elles diffèrent par
le degré de contrôle qu'elles imposent aux individus. La culture (..) est
d'un type qui contraint fortement le comportement des hommes et des
femmes. La force de ce contrôle vient du fait qu’il est canalisé à
travers de puissants composants culturels qui régulent de près la vie
des hommes et des femmes à travers la mise en place de puissantes
institutions sociales. Huit de ces composantes ont un impact direct sur
la perception du genre: histoire, géographie, islam, oralité,
n'y a pas de service de garde disponible. L’égalité de représentation signifie qu’il faut veiller à ce que les femmes
et les hommes puissent faire eux-mêmes des choix de vie. »
1 Guy Di Méo, Géographie sociale et territoires. Editions Nathan, Paris, 1998, p.21.
6
multilinguisme, organisation sociale, statut économique et système
politique.1 »
1.1 Problématique
D’un point de vue historique, les inégalités spatiales en termes de
dynamiques du développement territorial, va développer une culture du genre
totalement différente d’une région à une autre. D’une part, le travail agricole et
minier dans la région de l’Oriental, par exemple, n’a pas aidé à l’émergence,
localement, d’une culture du genre importante, comparativement avec celle
résultant du travail d’usine, de l’adhésion au mouvement syndical et de la forte
industrialisation de la région de Casablanca. D’autre part, le genre a exercé une
influence profonde sur la production de cette ‘géographie’. Les salaires bas des
femmes dans les régions à culture syndicale féministe peu développée, va rendre
ces territoires plus attractifs à des catégories entreprises. De la même manière
l’analyse et la lecture de la violence dans les espaces publics va ressortir des
intersections et influences mutuelles de la géographie et du genre. Certes l'espace
est un reflet sur la manière dont le genre est construit, mais, ce dernier, va
largement participer à créer ses propres formes géographiques. La femme, tout en
subissant une discrimination spatiale et en rejetant les espaces ou le contrôle social
fléchit (celui de la domination protectrice), va participer à la sublimation d’une
territorialité conforme à son sens du propre (intériorisés de part son éducation), de
la douceur et de la beauté (la qualité de vie urbaine dans la métropole : boulevards
propres, artères bien agencées…)2.
Quel est le lien entre la "perception de la femme" et le milieu géographique
que les acteurs reproduisent et pratiquent quotidiennement ? Dans quelle mesure
peut-on accorder une équivalence géographique au genre au Maroc ?
Dans la présente contribution, nous présenterons quelques résultats d’une
enquête terrain sur le genre réalisée le début de 2013 dans la région de l’Oriental,
et ce en mettant l'accent sur les attitudes3, les positions4 et perception5 des femmes
1 Fatima Sadiqi, Women, Gender and Language in Morocco, Leiden and Boston, MA: Brill, 2003, p.165.
2 Armand Frémont, la région espace vécu, Editions Flammarion, 1999, pp. 88-96.
3 Par attitude, on entend l’ensemble des réactions que soulève un changement, un événement ou une nouveauté.
L’attitude d’une personne face à un phénomène est motivée essentiellement par son éducation et son
environnement social. A partir de cette définition et pour dégager les attitudes des Marocains face à l’évolution des
rôles de la femme dans la société, les questions posées aux enquêtés ont porté sur l’égalité d’accès des femmes et
des hommes à l’instruction, le droit de celles-ci au travail, leur accès à la gestion d’entreprises et leur présence
dans les institutions.
4 Par position, on entend le comportement d’une personne, la manière dont elle organise son existence par rapport
à un fait. Ce comportement se construit à partir des valeurs auxquelles l’individu adhère. Par exemple, on attend
d’un père de famille qui se dit favorable à l’éducation des filles qu’il envoie ses propres filles à l’école, s’il en a les
moyens. Selon cette définition et pour appréhender les positions des enquêtés, les questions posées sont liées au
droit de la femme à une liberté vestimentaire sans restrictions, à l’appréciation des dispositions du nouveau code
de la famille, au droit pour la femme à disposer librement de son revenu et à la disposition des enquêtés à voter
pour une femme.
5 Par perception, il est entendu la détection, l’enregistrement et la prise de conscience de changements qui
surviennent dans la réalité. Ce processus dépend largement du degré d’attention que porte un individu à son
environnement. Les questions ont porté sur la présence des femmes dans les espaces publics, leur accès à
l’instruction, aux activités rémunérées, à la direction d’entreprises ainsi que sur les soins apportés par les mères à
7
dans la vie publique.
Afin de mettre en évidence certaines des interconnexions spécifiques de la
géographie et du genre, notamment celles qui concernent l’espace et le lieu nous
nous étayerons, également, sur les résultats livrés par les enquêtes menées par le
Haut Commissariat au Plan (HCP) entre 2006 et 20151.
1.2 Objet et aire de l’enquête empirique
Le genre et le statut de la femme dans la société marocaine ont fait l’objet
de remous spectaculaire cette dernière décennie. Il est au cœur des réformes que
l’Etat a inaugurées ces quinze dernières années. Cette gestation est à double
itinéraire : d’une part une évolution due aux bouleversements s'opérant au
quotidien dans le système de valeurs de la société ; et d’autre part une évolution de
la réglementation y afférente. D’où l’utilité de tracer une courbe de synergie entre
le discours juridique et les systèmes de production de l’espace social à même de
nous renseigner sur le degré de fusion des deux construits dans la vie publique.
Dans ce cadre, il faut rappeler que le suivi de l’évolution de la perception
sociétale de la femme fait l’objet de combats sans relâche, notamment de la part
des organismes non gouvernementaux féministes nationaux et internationaux.
L’importance des contraintes socio-culturelles, la volonté d’introduire les
changements comportementaux recommandés par la Convention sur l’Elimination
de la Discrimination à l’Egard des Femmes (CEDAW), votée par l’Assemblée
Générale des Nations Unies en 1979 et la Plate-forme d’Action de Pékin adoptée
en 1995 lors de la Quatrième Conférence Mondiale sur les Femmes, et le désir de
mettre en pratique ces réformes et de promouvoir l’égalité homme-femme dans la
vie quotidienne, expliquent cet engouement.
Le Maroc s’est doté d’un ensemble de textes marquant des avancées
juridiques considérables à ce sujet. Le Maroc a ratifié la plupart des instruments
internationaux généraux et spécifiques qui contribuent à instaurer et à promouvoir
le principe de l’égalité entre les hommes et les femmes. De nouvelles réformes et
orientations sont visibles au nouveau du Code de la Famille marocain, entré en
vigueur le 5 février 2004, de la nouvelle législation sur la nationalité de 2007, de la
nouvelle constitution qui comporte 18 dispositions relatives aux droits des femmes
et de la loi organique relatif à la nomination aux postes supérieurs (qui la
complète), du plan gouvernemental pour l’égalité (hommes/femmes), de la loi
organique sur la régionalisation avancée. L’action gouvernementale va
accompagner cette dynamique2.
leurs enfants.
1 Haut Commissariat au Plan, La femme marocaine sous le regard de son environnement social. Enquête réalisée
en 2006, citée dans le rapport ETAT DES LIEUX DE LA PARITE FEMME-HOMME AU MAROC, Avril 2016.
2 L’Agenda pour l’égalité 2011-2015", élaboré en collaboration avec 25 départements ministériels s’articule
autour de 9 domaines prioritaires, 30 objectifs stratégiques et 100 mesures pour l’égalité entre les hommes et les
femmes dans 25 secteurs d’action publique.
8
La lutte contre les violences faites aux femmes va accélérer le lancement de
plusieurs initiatives et plusieurs actions ont été menées dans ce sens, en plus des
réformes introduites dans le code pénal1.
Néanmoins, malgré ces avancées, des discriminations et violations des
droits des femmes subsistent encore, le Maroc se classant, selon le Global Gender
Gap au 133ème rang après la Tunisie (123ème rang), l’Algérie (126ème rang) et
l’Egypte (129ème rang)2.
Nous avons tenté, donc, dans cette étude, de rapporter un nouvel élément
sur l’évaluation de la situation sociétale de la femme marocaine à travers la
perception sociale de son statut dans un espace donné. Il s’agit, de restituer l'image
que s’en font les hommes et les femmes dans l’espace public permettant de
dégager la spécificité de la région de l’oriental. Il s’agira, à l’occasion, de mesurer
la profondeur des intersections et influences mutuelles de la "géographie" et du
"genre".
Carte 1. Localisation géographique de l’aire de l’enquête empirique
Le PGE, adopté le 06 juin 2013 par le conseil du Gouvernement, est composé de 8 axes déclinés en 24 objectifs
traduits en 156 mesures.
1 Elles concernent notamment l’adoption en 2002 d’une stratégie nationale de lutte contre les violences à l’égard
des femmes et d’un plan opérationnel pour sa mise en œuvre, dans le cadre d’un partenariat entre l’État et la
société civile.
Le lancement en 2008 du programme TAMKINE, programme multisectoriel de lutte contre les violences basées
sur le genre, par l’autonomisation des femmes et des filles. Ce programme vise la convergence des actions de
lutte contre les violences de genre en ciblant la dimension territoriale.
2 Forum Economique Mondial, The Global Gender Gap Report 2014, publié par World Economic Forum, 2014.
Version électronique : http://www3.weforum.org/docs/GGGR14/GGGR_CompleteReport_2014.pdf
9
avec les diverses réactions qu'engendrait la situation évolutive du Maroc,-
notamment celle portant sur les transformations juridiques- d'analyser
l'interpénétration des modèles traditionnels et des nouveaux idéaux dans l’espace
public, de préciser ce qui, dans les mentalités originales et souvent conflictuelles
qui en sont issues, constitue des aspirations dynamiques ou, au contraire, des zones
de freinage.
En d’autres termes, Quels sont les rapports qu’entretient la femme
marocaine avec le milieu extérieur ? Quelle est la place réelle qu’elle occupe dans
l’espace public ? Dans quelle mesure pourrait-on avancer l’existence de
changements par rapport à la perception du statut de la femme dans l’espace
public, en particulier dans sa composante orientale? Comment les individus se
représentent-ils la femme dans l'ensemble des aspects de la vie sociale ? Et
comment perçoivent-ils la mutation de son statut?
Pour répondre à ces interrogations, nous sommes partis de l’hypothèse
suivante : Les aspirations profondes des sociétés locales (Cas de la population
vivant dans la région Orientale du Maroc) échappent à la catégorisation normative
souvent souhaitée par « l’élite centrale » et peuvent soit freiner, soit accélérer les
changements du statut réel de la femme dans l’espace public1.
Cette hypothèse soutient qu'une compréhension plus enracinée et nuancée
de la réalité vécue par les femmes exige de perfusionner la lecture juridique par
une analyse sociogéographique. Dans ce qui suit nous utilisons des outils de la
géographie critique - espace, lieu et échelle - pour documenter les décideurs
politiques sur une population assez négligée dans les politiques publiques.
Ici, nous abordons la perception2 de la femme dans la société locale, en
mettant en avant les valeurs de sa représentation sociale dans l’espace public. En
effet, ce qui caractérise cette analyse c'est qu'elle a porté sur l’interprétation des
données discursives collectées autour de valeurs immatérielles sur la présence de
la femme dans l’espace public, c'est-à-dire sur des productions cognitives ; elle
posera bien sûr le problème fondamental du langage, produit de ces opérations
cognitives et moyen permettant au chercheur, de parvenir à ces « faits de
conscience» en tant que savoirs à sens commun sur la femme, génériques de la
culture locale3.
1 Lisa R Pruitt, « Gender, Geography », publié dans Berkeley, Journal of Gender, Law & Justice, Volume 33,
Issue 2,Septembre 2008, p.339-342.
2 Ici le terme de la ‘perception’ « (…) renvoie à une réalité présente dans l’action tandis que la représentation
renvoie à une réalité absente et reconstruite à partir des caractéristiques à la fois individuelles, sociale, et du
milieu ».
Sandrine Depeau,. « De la représentation sociale à la cognition spatiale et environnementale : La notion de
« représentation » en psychologie sociale et environnementale », publié dans les Acts de Séminaire organisé par
l’UMR ESO, Université RENNES II sur la notion de représentation, ESO, N°25, 2006, p. 12-13.
3 Serge Moscovici et Miles Hewstone, “Social representations and social explanations: From the ‘naive’ to the
‘amateur’ scientist”, publié dans M. Hewstone (Ed.), Attribution theory: Social and functional extensions,
Oxford: Basil Blackwell, 1983, p. 98-125.
10
Cette analyse envisage la nature sociale de ces productions discursives. Ces
dernières sont spécifiques à une «pensée sociale sur la femme en usage» et sont
affectées par les contextes de la communication. Ce qui suppose de s’arrêter sur la
manière, à travers laquelle, les personnes dans l’aire de l’enquête, perçoivent les
faits, les situations et les rôles qui vont s’ordonner dans cette représentation de
leadership de la femme et son statut dans la vie publique.
Enfin, les comportements sociaux et les attitudes des sujets sont,
généralement, orientés suivant une série de perceptions, sans, que les intéressés
puissent, forcément, les relier les unes les autres. Notre analyse repose sur une
reconstruction de l’image sociale de la femme en reliant les attitudes,
comportement et perceptions des personnes enquêtées en s’appuyant sur quatre
sources d’informations, comme l’illustre le graphique suivant :
Graphique 1. Les déterminants de l’évaluation de la représentation
sociale de la femme dans la présente étude
Denise Jodelet, Les représentations sociales. Editions Presses Universitaires de France « Sociologie
d'aujourd'hui», 2003, p. 49.
En d’autres termes, la représentation socio-spatiale est une superstructure regroupant « (..) les idées, les valeurs,
les images et les mythes, les formes de pouvoir qui régissent la société dans ses espaces. Elle convoque la
mémoire, les représentations sociales, d’essence culturelle, qui animent les êtres humains dans leur rencontre
inévitable et créatrice avec les lieux. »
Guy Di Méo, Introduction à la géographie sociale. Editions Armand Colin, Paris, 2014, p.130.
1 Brian Graham et Catherine Nash, "A shared future: territoriality, pluralism and public policy in Northern
Ireland." Publié dans Political Geography 25, 2006, p. 262.
2 Setha Low et Neil Smith, The Politics of Public Space. Editions Routledge, New York, 2006, pp. 3-4.
12
subordination conventionnelle de la femme (clubs masculins, cafés, immensités de
terrains vacants au centre ou à la périphérie de la ville, bâtiments désertés). D’où
l’édification de ‘frontières latentes’ obstruant la libre circulation du genre à
l’intérieur de l’espace urbain ou autre.
Au cœur de cette réflexion se pose l’utilité de présenter quelques éléments
de l’analyse de la particularité de l’occupation et de l’organisation des fonctions
entre les deux sexes dans l’espace public. Il s’agit de considérer, principalement,
les attitudes à l’égard de la présence de la femme dans l’espace public avec un
statut de leadership. Une liste réduite a été proposée aux personnes enquêtées, à
savoir : élue locale, parlementaire, ministre, gouverneur ou wali, caïd. La
perception de la société locale sur l’accès des femmes aux divers postes de
responsabilités est très nuancée.
Les postes de responsabilité les moins appréciés pour la femme sont les
postes d’agent d’autorité, c'est-à-dire celui de Caïd (49%), suivi par celui de
Gouverneur ou Wali (56%). Dans la conscience collective, ces métiers renvoient à
la structure politique, économique et administrative traditionnelle marocaine « le
Makhzen », antérieur au « protectorat » français, et qui est réputé pour son
caractère conservateur « masculin ». Ce refus s’inscrit en prolongement à ce
modèle traditionnel, nonobstant le fait que le Maroc a autorisé, depuis plus d’une
dizaine d’année, l’accès des femmes aux postes de Caïd et de Gouverneur. Par ce
regard défavorable à l’exercice de la femme du métier d’agent d’autorité, la
société locale rejette le fait que la femme soit « un arbitre à la fois neutre et doté
d'une autorité, chargé à la fois de "régler" à juste titre "les litiges et d'exercer"
l'autorité "dans le maintien de l'ordre public1 ».
Les réponses extrapolées par les sujets interrogés, nous indiquent que le
poste d'Elue locale (omniprésent au côté de l'agent d'autorité) se positionne mieux,
en terme d’appréciation, avec 61% de répondants favorables.
Le poste de parlementaire vient en tête de groupe en termes d’appréciation.
Ainsi, 72% des personnes interrogées ont accepté que la femme occupe ce poste.
Rappelons, que ce poste est perçu dans la conscience collective comme étant celui
qui enregistre le plus de préjugés relatifs à la passivité et qui mobilise le minimum
de proximité avec la population et s’exerce au niveau central loin de l’espace
régional.
En reproduisant un croisement horizontal, par rapport à la somme des OUI
ou des Non, la même tendance se confirme. Les postes de responsabilité les plus
souhaités pour la femme sont les fonctions où les rapports de proximité avec la
population sont les plus réduit, voire inexistant, ministre ou parlementaire –
puisque s’exerçant au niveau central et loin du territoire local.
Pour beaucoup de personnes enquêtées il semble fondé et « normal » que les
1 Michel Foucault, Power/Knowledge: Selected Interviews and Other Writings 1972– 1977, London: Harvester
Press, 1980, p.6.
13
femmes soient bien moins représentées que les hommes dans les postes de
responsabilité publique nécessitant une proximité et un exercice de pouvoir, les
confrontant directement, aux citoyens. A fortiori parce que, moins investies de
force d’engagement, de leadership ou d’autorité, elles prendraient moins de
risques. Par ailleurs, la compréhension du pouvoir et de l’autorité est importante
pour apprécier les obstacles culturels entravant le renouvellement des rôles des
femmes dans la société et la culture marocaines.
« Le concept d'autorité a des composantes à la fois
sociologiques et psychologiques et il est lié à deux autres concepts: le
pouvoir et la légitimité. Souvent défini comme une capacité
personnelle ou sociale à atteindre certaines fins, le pouvoir est
essentiel à l'autorité, obtenue d'abord par la sanction sociale, puis par
la légitimation individuelle (intériorisation psychologique du pouvoir
par les membres d'une société. Une combinaison de pouvoir et de
légitimité sanctionne l'autorité aux niveaux individuel et social.1 »
Selon le même raisonnement, les femmes, dans le contexte social de
l’enquête, seraient moins réactives aux contraintes de ces postes, précisément sur
le plan de la disponibilité et de l’adaptation aux difficultés du quotidien, surtout
face à des situations et des demandes sociales complexes. La liste de ces
«handicaps» n’étant pas exhaustive.
Cette définition patriarcale de la femme remontée par les résultats de cette
enquête terrain2 est confirmée par les enquêtes menées par le HCP3 au niveau
national. Seuls 32,2% des Hommes et 36.6% des Femmes considèrent que les
femmes gèrent les entreprises aussi bien que les hommes. Selon un rapport du
ministère de la fonction publique et de la modernisation de l’administration4, plus
on monte dans la hiérarchie administrative, moins on trouve de
femmes :14% dans les emplois supérieurs, 10% parmi les chefs de division et
16% chez les chefs de services. En d’autres termes, 76% de femmes
« responsables » sont chefs de service, 18% sont chefs de division, 4% sont
directeurs centraux. Les femmes aux postes de responsabilité sont plus
nombreuses au niveau central que dans les régions (déconcentré). En effet 26,08%
de femmes responsables (contre 73,92% d’hommes) exercent au niveau central
alors que celles qui exercent au niveau déconcentré constituent 10,58% (contre 89,
42% d’hommes). La variable « poste de responsabilité » permet de tirer certaines
1 Fatima Sadiqi, « The Feminization of Authority in Morocco », Chapitre 16, Gender and Power: Toward
Equality and Democratic Governance, édité par Mino Vianello and Mary Hawkesworth, 2015, pp. 406-407.
2 Souad Rajeb et Mostafa Yahyaoui, Enquête sur la violence à l’égard des femmes dans la région de l’Oriental
marocain, Publication de la Fondation Hassan II pour les marocains résidents à l’étranger, février 2013.
3 HCP, Dynamique sociale et évolution des statuts de la femme au Maroc : Etude thématique publiée dans
Réflexion Prospection Maroc 2030, mai 2007.
Version électronique : https://www.hcp.ma/Reflexion-prospective-Maroc-2030-Etudes-thematiques
4 Ministère de la Fonction Publique et de la Modernisation de l’Administration, La place des femmes
fonctionnaires aux postes de responsabilité dans l’administration publique au Maroc, mai 2016.
Version électronique : https://www.mmsp.gov.ma/uploads
14
constatations sur le genre et la mobilité.
Dans la même perspective, notre enquête terrain sur l’Oriental proposait aux
sujets interrogés de suggérer trois emplois qui seraient les mieux adaptés aux
femmes (Métiers traditionnels ou modernes, demandant ou non une qualification
professionnelle, donnant droit à un salaire médiocre ou relativement élevé,
relevant de l’économie traditionnelle ou moderne).
Parmi les métiers les plus prisés, émergent les métiers suivants: secrétaire,
institutrice, médecin, infirmière, sage femme, ouvrière d'usine, commerçante,
agent de service, fonctionnaire, avocate, juge, ingénieur. Une lecture rétrospective
et comparative des données de notre enquête et celle réalisée en 1962 par Nelly
Forget1 nous permettra de mesurer l’évolution sociétale sur la perception de
certains métiers.
Dans les deux enquêtes, les choix communs relatifs aux métiers les plus
adaptés à la femme, font ressortir trois grandes catégories de métiers, avec des
taux d’appréciations relativement similaires.
La première catégorie à trait aux métiers qui sont fréquemment rejetés dans
les deux études : Gardienne de hammam et artiste.
Un second groupe de professions laisse émerger un écart considérable entre
l’étude réalisée en 1962 et la présente. Ce groupe de métiers ne recueille pas les
mêmes pourcentages d’appréciations dans les deux enquêtes objet de comparaison.
Il s’agit, en l’occurrence, des métiers de « secrétaire, maallema (maîtresse de
broderie), vendeuse, ouvrière d'usine ». Dans l’enquête internationale réalisée en
1962, Nelly Forget notera que ce groupe de métier enregistrera 65% de taux
d’appréciation ; au moment où, ce même groupe de métiers ne recueillera guère
plus que 16% d’approbation (en terme de convenance professionnelle à la femme)
selon les données extrapolées de notre milieu d’enquête.
Enfin, certaines professions, que nous regroupant sous la rubrique,
« Fonctionnaire, institutrice, médecin, sage-femme, infirmière » font l’objet de
consensus dans les deux enquêtes. 90% des sujets interrogés dans l’enquête de
1962 et 74%des sujets interrogés appartenant à la société locale, objet de notre
étude, considèrent que ces métiers semblent le mieux convenir à la femme.
Il ressort des deux études une certaine constante : les métiers les plus prisés
sont des professions qui s'inscrivent dans le cadre de l'économie moderne.
Comment peut-on expliquer cette durabilité statique de la perception
sociétale sur les métiers qui semblerait le mieux convenir aux femmes ?
Dans les deux enquêtes, les professions ayant décrochées les préférences
des sujets interrogés s'inscrivent dans le cadre de l'économie moderne ; elles
1 FORGET, Nelly. Attitudes à l'égard du travail professionnel de la femme au Maroc, in Images de la femme dans
la société, dossier publié dans la Revue internationale des sciences sociales, Revue trimestrielle, vol. XIV, n° 1,
Paris : UNESCO, 1962, p.99.
15
supposent une scolarisation poussée, s'exercent en dehors du domicile et
représentent une rupture avec les modes de vie traditionnels.
Cependant, sont-elles si éloignées du rôle traditionnellement imparti à la
femme dans l’esprit collectif ?
Ces résultats pourraient s’expliquer par une certaine tendance laissant
cantonner la femme dans un secteur d'activités restreint, la laissant s’enfermer
dans l'archétype de la femme maternelle, douce, compréhensive. Ce rôle
rappelons-le s’inscrit en continuité avec le modèle traditionnel.
Par ailleurs, touts ces métiers renvoient une image de la femme dans toute
sa symbolique:
- La douceur et l’empathie comme déterminant dans le choix des
carrières médico-sociales ;
- L’éducation et la pédagogie privilégiant l’appréciation des métiers
d’enseignement ;
- Le sens de l’organisation et de l’arrangement comme déterminants
pour une carrière dans la fonction publique.
En somme, cette étude comparative, aura permis, à travers les motifs
d’opposition au travail professionnel de la femme, chez les réfractaires du travail
féminin, de déceler des niveaux de similitudes entre la société locale (milieu
enquêté) et la société marocaine, objet d’étude en 1962.
Un troisième croisement permettra de souligner le prolongement de cette
constante au niveau national. En effet, le rapport publié par le HCP, en 20151,
relèvera que le taux de féminisation de l’administration publique a atteint 39,4%
en 2013 contre 38,6% en 2012, 37% en 2010 et 34% en 2002 et le taux de
féminisation des effectifs varie selon les administrations. Les trois ministères les
plus féminisés sont la Santé, où plus de la moitié des fonctionnaires sont des
femmes, la Solidarité et les Affaires générales. A l’inverse, les ministères les
moins féminisés sont l’Equipement, l’Intérieur et l’Agriculture.
Nous sommes, donc, devant une situation évoluant à un rythme dicté et
orchestré par des pouvoirs diffus et anonymes (traditions, coutumes…) au sein de
la société (et non par le pouvoir institutionnel). Cette vérité est criante lorsque les
sujets interrogés, dans cette étude terrain, sont sollicités de répondre à la question
suivante : Quelles sont selon vous les raisons pour qu’une femme accède aux
postes de responsabilité ? Plus de 88% de leurs réponses varient entre le mérite
(50%) et les réseaux familiaux (38%).
L’étude à mis en lumière un changement sociétal local considérable par
rapport à l’image de la femme. Il est légitime de déduire, à travers un taux
1 HCP, Le Maroc entre Objectifs du Millénaire pour le Développement et Objectifs de Développement Durable.
Les acquis et les défis, Rapport Nationalt, 2015, p. 44-45.
Version électronique : https://odd.hcp.ma/attachment/635656/
16
sensiblement faible portant sur des considérations « physiques» (9%) dans le choix
de la femme aux postes de responsabilité, et un taux assez élevé des
considérations relatives aux « compétence, mérite, qualités morales et
intellectuelles » (50%) que :la femme semble projetée dans une société
méritocratique ou les compétences et le mérite sont les maîtres mots.
Néanmoins, l’enquête nous renvoie une autre réalité. Cette acceptation
sociale ne peut être interprétée comme une rupture totale avec le référent collectif
sur l’image de la femme.
D’après les réponses afférentes aux qualités d’une femme au poste de
responsabilité, il apparait que la société locale est beaucoup plus orientée vers une
image du modèle « réservé » de la femme et moins exposé au modernisme,
puisque : 55% de l’échantillon conditionnent cette ascension professionnelle de la
femme par l’exigence du voile (25%), le comportement (20%) et l’habillement
« correct » et « réservé » (10%).
Cette exigence se rattachant à la moralité de la femme responsable, trouve
sa justification dans un certain « conformisme » par rapport aux valeurs culturelles
et religieuses de la représentation sociale de la femme dans la société locale.
L’étude nous a permis, à ce stade, d’avancer, prudemment, que la femme au
travail n’est pas perçue dans l’absolu, à travers ses qualités et ses compétences,
mais demeure prisonnière des clichés et des « formats préétablis » requérant une
certaine « obéissance » aux valeurs morales et culturelles imposées par la société
locale.
En d’autres termes, et en reprenant la littérature du « féminisme » au Maroc,
nous pouvons dire que dans la vie courante, la femme a encore des obstacles
culturels l’empêchant d’atteindre, aisément, les postes de responsabilité à pieds
d’égalité avec les hommes. Ceci peut se justifier à la fois par la pression du
préjugé d’infériorité par rapport à l’homme, mais aussi par une intolérance vis-à-
vis de l’image « libérée » du carcan social dans lequel la femme a été enfermée
depuis des siècles.
L’analyse de données de cette étude montre que les femmes responsables,
au niveau national, sont en moyenne largement plus diplômées que les hommes.
Seulement 1,2% d’entre elles ont un niveau inférieur à Bac+3 contre 3,44% pour
les hommes responsables. De même, 62,32% des femmes occupant des postes de
responsabilité ont un niveau Bac+5 et plus, contre seulement 53,31% des hommes.
La « sur-diplômation» des femmes est un phénomène très marqué aux postes de
niveau 1 puisque 60,66% des femmes chefs de service et 64,29% des femmes
chefs de division ont au moins un diplôme Bac+5, contre 48,61% et 54,26% des
hommes respectivement. On peut donc supposer soit que l’exigence éducative est
plus forte pour les femmes que pour les hommes quand il s’agit de les nommer
dans de postes de responsabilité, soit que la plupart des femmes ne se portent
candidates à ce type de poste que si elles peuvent se prévaloir d’un diplôme élevé.
17
D’autre part, pour les femmes, au niveau national, le mariage est un obstacle
dans l’accès aux postes de décision. Les fonctionnaires sont dans leur grande
majorité des personnes mariées (79,86%). Les célibataires viennent en seconde
position avec 15,28%. Les catégories « divorcés » et «veufs» sont très minoritaires
(4,86%). Le pourcentage des hommes mariés est bien plus élevé que celui des
femmes mariées (83,45% contre 60,94%). Par contre, les célibataires sont bien
plus nombreux parmi les femmes. Ainsi, si 33,52% de femmes responsables sont
célibataires, seulement 11,82% d’hommes responsables le sont. Il semble donc que
le célibat favorise l’accès aux postes de responsabilité pour les femmes, tandis que
le mariage le favorise davantage pour les hommes1.
2.2 Violence, genre et pouvoir symbolique
Dans l’enquête menée dans l’Oriental, la violence à l’égard des femmes dans
les espaces d’enseignement est moins ressentie dans la société locale. 42% des
personnes interrogées considèrent que la violence dans l’enseignement concerne
plus les filles que les garçons. Alors qu’une tranche assez importante (57%) ne
conçoit pas que les filles puissent être exposées à l’école à ces actes. Cette donnée
s’explique par le fait que l’aire de l’enquête est réputée, d’une part, par son
conservatisme ‘HACHMA et LWQAR’ (pudeur et humilité) qui impose un certain
respect mutuel entre les habitants du même quartier ou du douar. De même, la vie
en communauté est perçue comme un espace ‘sécurisé’ imperméable à toute
intrusion de mauvaises conduites. Ici le respect des filles du voisin symbolise le
respect des normes de la communauté. Le quartier s’érige alors comme forteresse
édifiant des ‘frontières latentes’. Tout en se proposant espace extérieur, il n’en
demeure pas moins un espace de limite et de contrôle qui renvoie à la domination
traditionnellement subie par le genre2. Le quartier, d’autre part reproduit des
rapports sociaux de domination. C’est un espace, idéal, de ressources sociales,
placé sous le contrôle de fait d’une collectivité et de ses valeurs. La circulation
dans l’espace public, (à l’extérieur du travail), risque très souvent de se résumer à
une circulation d’une zone à l’autre du quartier. Cette circulation ne fait, en
définitive, que marquer l’assujettissement des femmes vis-à-vis des contraintes de
temps qui les dépassent et qui les poussent à rationaliser l’efficience du travail
gratuit qu’elles consacrent à leur famille. A ce propos les résultats de l’enquête de
HCP, 2009 sont riches d’enseignement. Dans une Journée type des femmes et des
hommes âgés de 15 ans et plus, la femme consacre 5 heures travail domestique en
soins donnés aux autres membres du ménage alors que les hommes n’y consacrent
que 43 minutes.
Sur les inégalités homme-femme âgés de 15 ans et plus devant la charge de
travail, les hommes consacrent 88% au travail professionnel et 12% au travail
1 Pierre Bourdieu, « Sur le pouvoir symbolique », publié dans les Annales, 32/3, mai-juin 1977, p.405.
2 Ministère de la Fonction Publique et de la Modernisation de l’Administration, La place des femmes
fonctionnaires aux postes de responsabilité dans l’administration publique au Maroc, rapport précité, p. 57-59.
20
(donc 12,58% de chefs de service). Les femmes chefs de division constituent
6,61% seulement. Au niveau central, 30,22% de femmes sont chefs de service et
18,08% chefs de division. C’est combien dire que les femmes sont plus
représentées dans les postes de responsabilité dans le central. Quand aux régions,
si le le taux de féminisation des postes de responsabilité dans les régions reste
faible (13,17%) seulement, il n’en demeure pas moins profondément différenciés.
Les 2 régions qui viennent en tête du classement sont la région « Rabat-Salé-
Zemmour –Zaers » avec 21,76% et « Le Grand Casablanca » avec 18,44%. Plus
on s’éloigne des régions « centrales », plus le taux de féminisation régional des
postes de responsabilité baisse. La région de l’oriental fait partie des régions qui
sont en situation problématique. Son taux de féminisation des postes de
responsabilité étant insignifiant.
Le recensement général du HCP de 2014 a montré une faible ancienneté des
femmes dans les postes de responsabilité, ce qui signifie que l’accès des femmes
aux postes de responsabilité est récent. D’autre part, les femmes n’acceptent la
mobilité géographique que quand le poste de responsabilité est de niveau 2,
décisionnel, avec des avantages qui compensent souvent le sacrifice de la vie
familiale. L’accès des femmes aux postes de responsabilité provoque des
bouleversements dans l’organisation de la société et dans les psychologies
(féminines et masculines) patriarcales. Pour Adrian Adams,
« Le travail de la femme hors du foyer, qui est un des traits les
plus caractéristiques des sociétés modernes, est apparu d’abord dans
les classes les plus modestes, sous l’empire de la nécessité… très
rares sont les ouvrières conscientes d’avoir conquis par leur travail
une condition supérieure à celle que la société traditionnelle assignait
à la femme.1»
Patriarcalement définie comme un être second, secondaire, mineur et
inférieur, la femme ne peut être facilement pensée comme l’égale de l’homme
dans l’exercice de la responsabilité et du pouvoir. Cette égalité n’a pas d’ancrage
social et historique dans la tradition, et encore moins l’inconscient collectif,
largement irrationnel. Bien entendu, la définition patriarcale de la femme qui
l’exclut des responsabilités publiques ne se trouve pas avec la même force dans
tous les Etats et dans toutes les sociétés. Plus l’Etat est non démocratique, plus la
société est sous-développée, et plus les femmes sont patriarcalement définies
comme « êtres créées pour le foyer ».
Plus on s’éloigne du centre2 (les régions de Rabat et de Casablanca), plus le
taux de féminisation des postes de responsabilité baisse. Comment expliquer la
faiblesse générale de la représentation des femmes dans les postes de
responsabilité ?
1 Adrian Adams, Casablanca, Essai sur la transformation de la société marocaine au contact de l’Occident,
Editions du Centre National de la Recherche Scientifique, Paris, Tome II, 1968, p. 752.
2 Dans l’histoire de développement de l’Etat au Maroc, la distinction centre / périphérie sous-tend de nombreuses
relations de pouvoir et, par conséquent, "la métropole reste le siège du pouvoir politique, économique et culturel.
21
Pour répondre à cette question, nous avons estimé plus adapté de
l’approcher dans une optique de la géographie sociale et culturelle.
Dans cette section nous démontrerons comment la géographie a participé à
la construction du genre et par la suite comment le genre a été profondément
impliqué, d’une manière conflictuelle, dans la production des nouvelles références
de l’imaginaire géographique1.
3.1 Géographie et genre : Une construction réciproque
De la signification symbolique des espaces / lieux aux messages clairement
différenciés par le genre qu’ils transmettent, à l’exclusion directe par la violence,
les lieux ne sont pas seulement générateurs du sentiment de ‘mal à l’aise’ chez les
femmes, mais aussi de ‘murs amovibles’. Ils sont portés par la question du sens, ils
fondent la pratique sociale, ils reflètent ‘l’idéologie productiviste’2 et affectent la
manière dont le genre est construit et compris, notamment dans les espaces urbains
dominé par l’élément masculin.
« Uniquement en raison de leur condition de sexe et de genre,
les femmes sont confrontées à des limites dans leurs pratiques
quotidiennes. Ce mur (..) est très précisément identifié et nommé. Il se
confond avec le périmètre aisément repérable. Leur espace est borné,
psychologiquement et matériellement borné. 3»
La limitation de la mobilité des femmes, à la fois en termes d'identité et
d'espace, a été dans certains contextes culturels, au Maroc, un moyen crucial de
subordination. De plus, les deux choses - la limitation de la mobilité dans l'espace,
la tentative de consignation / confinement dans des lieux particuliers, d'une part, et
la limitation de l'identité, d'autre part - ont été étroitement liées.
La fin des années soixante dix a vu l'expansion, au Maroc, des relations de
production capitalistes. Il s’agissait d’un processus géographiquement inégal et
différencié, et les différences économiques entre les régions qui en résultent sont
bien connues: l’accélération du rythme des activités manufacturières (la
prédominance de la chimie et de la parachimie qui ont absorbé presque 40 % de
l’investissement total prévu pour 1973-1985, l’agro-alimentaire 23,3 % et le textile
et le cuir 22 %), les bouleversements sociaux et économiques de l’organisation de
l’agriculture, etc4. Chacune était à la fois le reflet et le fondement de la période de
1 Mario Bédard, Le paysage. Un projet politique. Québec, Presses de l’Université du Québec, 2009 p.5.
Mario Bédard, « L’apport structurel de l’imaginaire géographique dans l’inconscient collectif : le cas du mont
Orford», publié dans les Cahiers de géographie du Québec, vol. 52, n° 147, 2008, p. 523-541
2 Henri Lefebvre, La production de l’espace, Collection « Ethnosociologie », Editions Anthropos, Paris, 4ème
édition (2000), 1985, pp. 83- 96.
3 Guy Di Méo, Les murs invisibles : Femmes, genre et géographie sociale, Editions ARMAND COLIN/
RECHERCHE, Paris, 2011, p.105.
4 Larabi Jaidi, « L’industrialisation de l’économie marocaine : acquis réels et modalités d’une remise en cause »,
publié dans le Maroc actuel : une modernisation ou miroir de la tradition, sous la direction de Jean-
Claude Santucci, Collection : Connaissance du monde arabe, Éditeur : Institut de recherches et d’études sur les
mondes arabes et musulmans, Éditions du CNRS, Aix-en-Provence, 1992, pp. 93-95.
22
domination que l’économie marocaine a connue dans le cadre de la division
internationale du travail. Le programme d’ajustement structurel (1983-1993) tout
en participant à une évolution de l’espace-produit du Maroc (le graphique 2), ne
provoquera, au demeurant, guère les mutations attendues sur la structure des
exportations marocaines. Cette dernière n’a connu que des changements modérés
en termes de sophistication et de diversification, puisque le pays se positionne
essentiellement dans des produits à faible complexité, tels que le textile et l’agro-
alimentaire, alors que sa présence au niveau des produits à fort contenu
technologique reste insuffisante malgré la production de biens
d’équipements. Dans cette division spatiale du travail, différentes régions du Maroc
ont joué différents rôles. Leurs structures économiques et leurs structures d’emploi
se sont également développées selon des voies différentes.
Graphique 2 : Evolution de l’espace- produit au Maroc1
1 « La politique industrielle du Maroc : Histoire, constat et défis », publié dans la Revu électronique
Discovery Morocco, 25 décembre 2017
http://discoverymorocco.net/politique-industrielle-maroc-histoire-constat-defis/
23
domaines, «capitalisme» et «patriarcat» ont été articulés ensemble, adaptés l'un à
l'autre, de différentes manières.
C'est ce processus que nous souhaitons examiner ici. Schématiquement, les
formes contrastées de développement économique dans différentes régions du pays
ont présenté des conditions distinctes pour le maintien de la domination masculine.
Notre identification de cette domination s’appuie sur la définition proposée par
Max Weber :
« Par « domination », nous entendrons donc ici le fait qu’une
volonté affirmée (un «ordre ») du ou des « dominant » cherche à
influencer l’action d’autrui (du ou des « dominés ») et l’influence
effectivement, dans la mesure où, à un degré significatif d’un point de
vue social, cette action se déroule comme si les dominés avaient fait
un contenu de cet ordre, en tant que tel, la maxime de leur action
(« obéissance»)1 ».
De manière extrêmement schématique, le capitalisme a présenté au patriarcat
différent défis selon les régions du pays. La question était de savoir de quelle
manière les conditions de la domination masculine seraient reformulées dans le
contexte de ces conditions modifiées. De plus, ce processus d'accommodation entre
le capitalisme et le patriarcat a produit une synthèse différente des deux dans des
lieux différents. C’est une synthèse qui se voit clairement dans la nature des
relations entre les sexes et dans la vie des femmes.
Nous avons choisi d’examiner ces interactions en comparant la relation du
genre avec le système de production industriel à Casablanca et celui de l’Oriental.
Il s’agit de deux systèmes de production où non seulement différentes «industries»
au sens sectoriel, mais aussi différentes formes de production sociales ont dominé:
les mines de (charbon, plan, zinc, fer…) dans l’Oriental, le travail en usine de
textile (cas d’exemple) à Casablanca. L’agriculture est demeurée le référent
économique commun (dans les deux régions) de production sociale.
Pour comprendre, il faudra remonter à l’histoire de l’industrialisation2 de
Casablanca qui en impactant sur le lieu va influencer la culture du genre dans ce
territoire et le distinguer des autres régions. L’apparition précoce des
établissements manufacturiers et de l'industrie de transformation à Casablanca va
2 Ce qui explique, entre autres, le faible taux de syndicalisme de la femme au Maroc. D’après les statistiques
disponibles, Sur un nombre total de 320.000 membres en 2006, 57.600 sont des femmes, soit seulement 12%.
Cette présence syndicale féminine est surtout concentrée à Casablanca et à Rabat dans les services ((banques,
sécurité sociale et protection sociale, distribution d’eau et d’électricité, textile confection, formation
professionnelle, agro-alimentaire, santé et établissements publics).
Confédération Syndicale Internationale, Maroc – Conscientisation et visibilité, Publication CSI, Vision Syndicale,
Janvier 2007, pp.2-4.
3 HCP, Les indicateurs sociaux du maroc. Publié par le HCP, 2018, p.71.
25
d'activité économique des femmes parmi les plus bas1 au niveau national. Ce qui
soulève toute la question de la culture de genre localement. De nombreuses
personnes, écrivant à la fois en géographie et en sociologie, ont commenté la
charge de travail domestique liée à l’épouse ou à la mère dans les milieux à faible
taux d’activité économique, notamment, dans les régions minières. Ils ont
également expliqué que la longueur et l'irrégularité du travail posté rendait difficile
pour l'autre partenaire d'un couple de rechercher également un emploi rémunéré en
dehors du domicile. Des recherches approfondies ont été menées sur la
construction de formes particulières de masculinité autour d’emplois tels que
l’exploitation minière. Et toutes ces enquêtes, et d’autres encore, indiquaient une
explication plus profonde de la raison pour laquelle, plus que dans la plupart des
autres régions du pays, il existait une culture de l’homme en tant que soutien de
famille et des femmes en tant que femme au foyer2.
La construction de la ‘maison’ en tant que lieu de résidence de la femme a
par ailleurs été intégrée dans ces vues du lieu lui-même en tant que source de
stabilité, de fiabilité et d'authenticité. Les idéalisations occasionnelles de la maison
chez les hommes, ont souvent construit cette vision autour de ‘femme maternant’,
personne vivante engagée dans les travaux domestiques, les ennuis et les plaisirs
de la vie. Une femme non pas activement engagée dans sa propre histoire, mais
dans son histoire d'autrui, comme centre symbolique stable - fonctionnant comme
un point d'ancrage pour les autres.
Avec la vague de la fermeture des bassins miniers dans l’Oriental de
nouvelles interactions vont modifier la culture du genre. Les emplois perdus
étaient masculins. Les nouveaux emplois créés par la vague de décentralisation des
services étaient en grande partie occupés par des femmes. Les travailleuses étaient
bon marché. Elles étaient prêtes à accepter les bas salaires, fruit de nombreuses
années de négociations sur le ‘salaire familial’. Cela va propulser, entre autre, des
emplois créés dans les secteurs de l’industrie agrico-alimentaire, par exemple, à
Berkane, Nador et de Taourirt, notamment. Les femmes étaient également plus
disponibles que les hommes pour le travail à temps partiel ou moins technique, ne
nécessitant pas une formation professionnelle pointue, conséquence de la
soumission et de la division du travail domestique établie de longue date au sein
du ménage. Ces deux déterminants étaient caractéristiques de la remise en
question du modèle établi des relations entre les sexes, dans le lieu du domicile et
dans l’espace plus large du marché du travail, et ce à l’échelle nationale. Ainsi,
l’Oriental va enregistrer un très bas taux de syndicalisation des femmes. Ceci est
dû prioritairement à leur très faible intégration dans l'emploi salarié. En effet, les
1 En 2018, l'analyse spatiale de l'emploi féminin au milieu urbain révèle que l’Oriental s’affiche parmi les régions
à plus bas taux d'emploi féminin (n’excedant guére les 11,1%). En revanche, la région de Casablanca enregistre le
taux d'emploi parmi les plus élevé, soit 22,2%.
Enquête nationale sur l'emploi, Haut Commissariat au Plan (Direction de la Statistique). (1) Pour les définitions des
concepts et indicateurs utilisés, se référer au glossaire disponible sur le site web du HCP : http://www.hcp.ma
2 Doreen Massey, Space, Place, and Gender. Editions University of Minnesota Press, Minneapolis, 1994, pp. 191-
210.
26
femmes étaient pour la première fois depuis des décennies ‘libérées’ sur le marché
du travail. Elles avaient besoin d'un emploi rémunéré, particulièrement, face à
l'insuffisance des opportunités de travail pour les hommes. Cette « libéralisation »
va s’accélérer, grâce à une charge de travail domestique moins contraignante -
pour les empêcher d’intégrer l’emploi rémunéré-. De plus, ces femmes avaient été
construites au fil des ans, précisément en raison de la spécificité de la culture du
genre locale dans un type de main-d'œuvre recherché par le secteur de services en
cours d’évolution.
C’est ainsi que le genre a été profondément impliqué dans la construction de
la géographie. De plus, il y avait encore une fois une évaluation différente de la
politique de développement territorial1. En effet, cette politique ne pouvait plus
être considérée comme le facteur dominant dans l’explication de la
décentralisation de l’emploi, car la force de travail qui faisait partie intégrante de
l’attraction des entreprises nouvelles avait été créée non par cette politique mais
par le déclin simultané des emplois des hommes et en raison de la culture du genre
précédente. Il est certainement vrai que la dynamique de développement territorial
initiée depuis la fin de la première décennie du XXI siècle, n'a créé que des
emplois faiblement rémunérés, mais d'un autre côté, certains emplois ont apporté
des avantages, qui n'avaient pas été reconnus auparavant. Plus important encore, il
a permis aux femmes de gagner un revenu indépendant. En outre, le fait même de
créer des emplois a commencé à perturber certaines des anciennes relations entre
hommes et femmes.
Mais au-delà de ces métiers qui avaient en commun la séparation spatiale de
la maison et du lieu du travail une autre forme d’organisation dominante du travail
rémunéré (notamment de la couture) était le travail à domicile (broderie, textile
traditionnel…). Le travail salarié était effectué à domicile (l’Initiative Nationale
pour le Développement Humain (INDH) va accentuer le processus à travers les
activités génératrices de revenus (AGR) autour de la valorisation des métiers
traditionnels de la femme).
La femme travailleuse restera confinée dans l’espace privatisé du domicile,
et individualisé, isolée des autres travailleuses.
Une autre influence -pas des moins importantes- proviendra du mode de vie
dans le rural de l’Oriental. Ce dernier demeurera fortement conservateur -
socialement, et politiquement-. L’espace rural ne se radicalisera pas comme ce fut
le cas dans l’espace urbain : espace d’émancipation professionnelle des femmes
(fonctionnaires et employées dans le secteur privé). Dans ce même rural, les
relations entre les sexes ont continué inchangées. La femme a servi sa famille.
« La femme rurale constitue une main d'oeuvre familiale
permanente ou occasionnelle et joue un rôle vital dans le travail
1 Ici, la politique de développement territorial est considérée comme des interventions d’une autorité investie de la
puissance publique et de légitimité gouvernementale sur un domaine spécifique du territoire (Yves Meny et Jean -
ClaudeThoenig, Politiques publiques, Paris, Editions PUF, 1989, p. 129).
27
agricole et domestique. Certains travaux sont du seul ressort des
femmes : l'élevage et l'entretien des cultures maraîchères. La femme
rurale est également responsable de la sécurité alimentaire de sa
famille dans le sens où elle a la charge de la plupart des activités de
transformation et de stockage des aliments. La femme rurale est le
membre le plus confronté à la gestion des dénuements sociaux1 ».
Ainsi, comme nous avons démontré ci-dessus, les articulations distinctes
entre l’Oriental et Casablanca, ont modifié le sens et l’évolution de «la question de
genre» elle-même, et toute présomption d’alliances faciles entre les femmes dans
ces deux régions était donc compromise intenable. Les nouvelles couches d'activité
économique ou d'inactivité qui se sont superposées à l'ancien sont, tout comme
l'ancien, différentes selon les endroits.
D’une part, l'impact des changements plus récents a été lui-même modelé
par les différentes conditions existantes, l'héritage accumulé du passé, pour
produire des combinaisons distinctes qui en résultent. "Le local" a eu un impact sur
le fonctionnement du "national.
D’autre part, à lire les résultats de l’enquête, et ceux du HCP, la vie
métropolitaine elle-même semble faire peser une telle menace sur le contrôle
patriarcal. En termes généraux, il est clair que le contrôle spatial, qu'il soit imposé
par le pouvoir de la convention ou du symbolisme ou par la simple menace de
violence, peut être un élément fondamental de la constitution du genre sous ses
formes (très variées).
Il ressort des résultats de l’enquête menée dans la région de l’oriental que le
travail de la femme est toléré sous condition de « conformisme » par rapport aux
normes sociétales. A cet égard, le discours social court-circuitera la femme en
situation de « libre choix», pour ne tolérer que la femme en situation de « liberté
de travail conditionnée » pour éviter le risque du « pêché social et moral ». Dans
l’imaginaire collectif, le milieu professionnel est un lieu de tentation « non
maitrisé », pour la femme dont la capacité de résistance est altérée par son
tempérament inné « doux » et « fragile ». L’évidence de ce préjugé social est
mieux exposée, lorsqu’il s’agit de questionner les sujets sur leurs choix de la
femme ou de l’homme aux postes de responsabilité.
L'échantillon se montre plus conformiste aux préjugés du modèle
traditionnel; les avis des sujets interrogés font preuve d’une discrimination
systématique à l'égard des femmes, puisque 66% d’entre eux préfèrent l’homme
aux postes de responsabilité.
Les attitudes vis-à-vis des responsabilités domestiques restent également
traditionnelles: Les relations entre les hommes et les femmes au niveau national
1 Rachida Nafaa, « Femmes rurales marocaines et développement : inventaire du savoir-faire féminin dans la
gestion des ressources », publié dans la revue électronique de l’Institut de recherche pour le développement, 2010,
p. 375.
URL Source : http://www.beep.ird.fr
28
n’ont apparemment guère été touchées par les nouveaux emplois, et encore moins
ont été «chamboulées». Le travail domestique des femmes reste en grande partie lié
aux personnes dont elles s'occupent dans leur ménage, leur mari, leurs parents et /
ou leurs enfants. Le travail domestique prend beaucoup de temps car la plupart des
travaux sont effectués à la main et sont fournis à des moments différents aux
différents membres du ménage.
3.2 Le genre producteur de la territorialité
Pourtant les femmes ayant le temps et l’audace de sortir de leur quartier de
référence, vont reproduire d’autres ’frontières latentes’ au-delà du quartier. Elles
vont se confiner dans les territoires du commerce et les lieux réhabilités et
sécurisés, propres, ouverts et clair (à l’image de ce qu’elles ont été éduquées à
apprécier) de jour et rarement, si ce n’est jamais, la nuit. La rencontre des
‘frontières latentes’ devient dès lors une caractéristique d’autant plus associée au
genre. Ces frontières ferment parfois les territoires ceux de l’intérieur résidentiels
mais aussi ceux du quartier ou d’autres micro territoires de la vie. Elles bornent et
barricadent des espaces urbains et autres ignorés ou refusées par la femme. Or ces
frontières ne sont pas statiques parfois elles se déplacent sinon disparaissent selon
le principe mobile du genre. Deux processus expliquent cette mobilité des
frontières : (1) Les effets d’âge, les conditions sociales, d’éducation et de
formation, d’expériences plus ou moins différenciée des espaces géographiques
figurent comme autant de facteurs susceptibles de rapprocher ou d’éloigner, de
fissurer voire d’éliminer les ‘frontières latentes’. (2) Inversement, l’urbanisme et
les aménagements de l’espace urbain détiennent également le pouvoir de repousser
ces frontières voir de les effacer. Les aménagements qui vont dans ce sens sont
ceux qui participent à l’ouverture de l’espace, à sa clarification son
embellissement à sa propreté et à sa sécurité.
Les espaces que la femme rejette, paradoxalement, s’inscrivent dans les
aires urbaines où fléchit le contrôle social, idéologique et politique imposé par le
genre, celui de la domination protectrice 1.
Or, les filles éduquées à éviter et à effacer toute souillure, ont horreur du
sale et du laid et son allergique à l’insécurité. Ce refus du sale et du laid est à
l’origine de la peur du genre (auquel appartient les femmes) de l’insécurité, du
risque d’agression, de compromission aussi par la fréquentation (souillure
corporelle et morale) de lieus de mauvaises réputation.
Les garçons sont élevés dans l’esprit de leur supériorité sur les filles.
L’apprentissage commence très tôt au foyer, quand les parents et surtout la mère,
apprennent aux fils à dominer les sœurs et à les soumettre à leurs caprices et à leur
autorité. La drague excessive et le harcèlement s’expliquent aussi par le mythe de
la virilité entretenu par les hommes mais aussi et surtout par les mères. Les mères
conditionnent leurs garçons. Très tôt, ils comprennent qu’ils sont des hommes, des
1 Guy Di Méo, Les murs invisibles : Femmes, genre et géographie sociale, Ouvrage précité, p.323.
29
mâles qui ne doivent pas être faibles sinon ils seront assimilés à des femmes. Les
pleurs, la mollesse, attirent les moqueries des mères. Le garçon finit par
s’identifier à la virilité, qui passe par un corps fort, une personnalité qui dégage
l’autorité et la mainmise sur son entourage féminin. Alors que la fille est éduquée
pour être une parfaite épouse et une parfaite femme vertueuse. Dans ce sens, 14%
des personnes enquêtées, soutiendra que la femme doit, pour sortir, être
accompagnée ou avoir la permission du mari. Quasiment, les mêmes taux sont
enregistrés par rapport à la perception de la présence de la femme, la nuit, dans la
rue. 64% des personnes enquêtées ont des préjugés favorables à la présence des
femmes dans la rue, la nuit.
A ce stade, il existe une corrélation positive ou parallèle avec les enquêtés
qui acceptent l'occupation de la rue et l’espace public par la femme (66%). Ceci se
justifie chez les sujets enquêtés par le fait que la société en encourageant la
sexualité pré-maritale des garçons et en interdisant celle des filles, pose un
problème d’offre et de demande ; ce qui accentue la frustration masculine et son
agressivité à l’égard des femmes. Draguer et harceler les filles devient une activité
et un moyen de prouver sa virilité.
Les femmes sont très souvent rendues coupables de leur attrait sur les
hommes, même si leur but n’est pas de chercher à séduire. En effet, 42% des sujets
enquêtés ne tolèrent pas la présence des femmes dans la rue de nuit, justement
pour éviter toute sorte de danger: harcèlement, agression, insécurité.
Le comportement des garçons fait que la rue se transforme en lieu de
souffrance pour la femme. Dès lors qu’une fille est dans la rue, elle est menacée
par toute sorte de violence : la drague, le harcèlement, le viol et la délinquance.
D'autre part, 25% des personnes enquêtés qui ne tolèrent pas la présence des
femmes dans la rue de nuit, considèrent qu’elle doit être accompagnée ou avoir la
permission. Il est symptomatique de constater, encore une fois, que la maison, la
réclusion est jugée le mieux convenir à la femme ; 22% préfèreraient que la
femme reste à la maison parce que sa présence le soir dans la rue est mal vue.
Alors que 11% renvoient leur refus vers des considérations diffuses, d’ordre
religieux ou relevant des traditions marocaines et locales. En creusant davantage
sur le danger de la rue sur la sécurité de la femme, nous avons, au cours de
l’enquête, cherché à comprendre si la drague et le harcèlement transformaient la
rue en espace de souffrance pour la femme et pourquoi ?
68% des sujets interrogés confirment que la drague et le harcèlement
transforment la rue en espace de souffrance pour la femme. Ces comportements
relèvent de la violence et sont vécus comme tels par les femmes lorsqu’ils se
répètent plusieurs fois l’année, de la part d’une ou plusieurs personnes, lorsqu’ils
se systématisent à chaque passage de la femme dans un quartier ou dans les
transports en commun. A ces stades s’ajoutent les violences verbales explicites, les
violences physiques et sexuelles qui semblent plus évidente à mesurer. L’enquête
montre que les femmes souffrent de ces comportements qui les maintiennent dans
un statut spécifique de femme et dans une position minorée. En effet, C’est ainsi
30
que l’hypothèse selon laquelle la violence masculine puise sa source dans « le
contrôle social » est confirmée par l’enquête.
Jugées provocante dans leur tenue, dans leurs attitudes et dans leurs tenues,
les femmes sont punies de leur audace de ne pas rester chez elle. Dans de
nombreux moment, de plus en plus de femmes tentent d’échapper à la maîtrise
masculine et la réponse qui leur est trop fréquemment opposée se nourrit de
violences, souvent verbales ou psychologiques. Les hommes se sont arrogés, très
souvent, le pouvoir de contrôler leurs sorties, fréquentations, voire même leurs
déplacements dans l’espace public en y exerçant collectivement un contrôle social
fort. Les personnes interrogées renvoient cette souffrance à un sentiment
d'infériorité et de vulnérabilité.
Ces résultats de l’enquête terrain coïncident avec ceux enregistrés par le
HCP, 2009, au niveau national. En effet, le Taux de prévalence de la violence à
l’égard des femmes dans les Etablissement d’enseignement et de formation est de
24,2%, alors que dans les lieux de travail il est de l’ordre de 16%. Cependant la
violence à l’égard des femmes tous contextes confondus (Psychologiques, V.
Physiques, Sexuelles, Atteintes à la liberté individuelle, Inapplication de la loi, V.
Economiques) atteint 62,8%.
La violence et la menace de violence constituent ainsi, un moyen de
contrôle exercé sur la mobilité des femmes et leur utilisation des espaces publics.
Ceci dit, l’enquête a démontré que les femmes n’exercent par leurs droits dans
l’espace public de la même manière que les hommes. Il faut entendre ici ces droits
dont le sens développé par Montesquieu et qui les considère comme fabriques de
la coutume et des mœurs. Du point de vue de la spatialité, « il n’y a pas de société
non plus où les femmes ne tentent pas de corriger ces inégalités qu’elles
participent pourtant largement à reproduire »1.
Conclusion
Les principales remontées de l’enquête nous renseignent sur le fait que le
statut de la femme dans la société locale est particulièrement dépendant des
intersections et des influences mutuelles de la "géographie de proximité sociale" et
du "genre". Chacun d’eux est profondément impliqué dans la construction de
l'autre. La géographie de proximité sociale, sous ses différentes formes
d’organisation de la vie sociale, influence la formation culturelle des rapports entre
les sexes. Le genre a exercé une influence profonde sur la production de cette
géographie.
L'une des premières observations soulignées ici est que les relations entre
les sexes varient dans l'espace : d’un territoire à un autre (il est reconnu depuis
longtemps qu'elles varient dans le temps). Ainsi "la place d'une femme" utilise les
vues de l'espace et du lieu pour examiner les variations de la construction et de la
1 Safâa Monqid, Femmes dans la ville, Rabat : de la tradition à la modernité urbaine, in Collection « Géographie
sociale », Editions Presses Universitaires de Rennes, Préface de Sylvette DENEFLE, 2014, p.9.
31
reconstruction dans le temps des relations de genre dans cinq territoires différents
de la région de l’Oriental (Nador, Berkane, Oujda, Jerada et Taourirt) et dans la
région de Casablanca. La preuve de la variation est surprenante (et cela ne
concerne qu’une région), et c'est une variation qui persiste, bien que sous une
forme qui change continuellement, jusqu'à ce jour. En outre, la persistance de la
définition patriarcale de la femme et sa marginalisation des responsabilités
publiques et professionnels met à mal le cadre recherché par le nouveau concept
de l’autorité - c’est-à-dire dans l’un des secteurs et lieux symboliques de l’avenir
de la réforme des structures de l’Etat. En d’autres termes, hier comme aujourd’hui,
les relations entre les sexes peuvent varier assez systématiquement, entre des
régions fortement différenciées culturellement, mais aussi entre des cultures
locales très proches les unes des autres.
L’égalité basée sur le genre dépend-elle uniquement de la législation ?
L’enquête terrain a démontré qu’il ne suffit pas de changer les textes de lois, et
modifier l’ordonnancement juridique. Il s’agit plutôt de débarrasser la société de
l’approche rétrograde et paternaliste sur les rôles de la femme, afin de permettre à
celle-ci d’intégrer un espace public et privé d’expression libre à l’égal de l’homme.
Ceci passe par la production d’un déterminisme socio-spatial (promotion d’une
culture par la société civile, les médias, les réseaux sociaux, les manuels
pédagogiques, l’art, etc…), par une appropriation des sociétés locales – à la
périphérie- d’une approche, qui ne serai pas l’exclusivité du niveau central. Il
s’agit, en fait de débarrasser le genre de la culture de la cité et faire du genre une
culture relevant de l’espace du quotidien. Il s’agit, donc de lutter contre le désert
civique. L’égalité basée sur le genre serait, alors perçue comme un ensemble de
droits subjectifs que la conscience collective ressent comme indispensable au
respect dû à la dignité de la personne. L’égalité deviendrait, ainsi, le produit
spontané de la conscience collective, autrement dit le pur produit d’un
déterminisme social, et in fine, la concrétisation juridique d’une forme de demande
ou de conscience sociale. Sans cette mutation, il semble presque impossible de
lutter contre des stéréotypes ancrés dans des valeurs socioculturelles et religieuses,
souvent acceptées et propagées par les femmes elles-mêmes.
« Les stéréotypes sur les femmes au Maroc peuvent être
caractérisés comme des croyances culturelles incomplètes et inexactes
que certaines personnes ont à leur sujet et qui sont codées à la fois
dans les expressions linguistiques et dans les discours sous-jacents.
La culture marocaine populaire utilise des représentations puissantes
pour véhiculer et maintenir ces stéréotypes. Bien qu'il existe des
stéréotypes positifs, la plupart des stéréotypes sur les femmes au
Maroc sont négatifs et reflètent les dictés patriarcaux sous-jacents qui
structurent les relations de genre dans les cultures marocaines. Les
femmes marocaines ne sont toutefois pas des destinataires passifs et
32
des transmetteurs de stéréotypes; ils utilisent des stratégies pour se
défendre. 1»
Enfin la géographie sociale empruntant, en l’occurrence les chemins
méthodologiques du genre, prouve ainsi son utilité en matière d’approfondissement
de nos connaissances tant sur l’espace vécu que sur les rapports sociaux en général
et de domination en particulier. Cette géographie des spatialités et des territorialités
perfectionne notre intelligibilité du social. L'intentionnalité à propos de l'espace et
du lieu, nous aide à éviter de confondre l'idée d'une expérience universelle des
femmes avec l'expérience des femmes de la «cité»2.
Bibliographie
ADAMS A., Casablanca, Essai sur la transformation de la société marocaine au
contact de l’Occident, Editions du Centre National de la Recherche Scientifique, Paris,
Tome II, 1968.
BÉDARD M., « L’apport structurel de l’imaginaire géographique dans l’inconscient
collectif : le cas du mont Orford», publié dans les Cahiers de géographie du Québec, vol.
52, n° 147, 2008.
BÉDARD M., Le paysage. Un projet politique. Québec, Presses de l’Université du
Québec, 2009.
BOIVIN N., « Territoires hédonistes du sexe : Pour une géographie des
subjectivations », publié dans Géographie et cultures, Les espaces des masculinités, n°83,
2012.
BOURDIEU P., « Sur le pouvoir symbolique », publié dans les Annales, 32/3, mai-
juin 1977.
CHING B, et CREED G., « Recognizing rusticity : identity and the power of
place », dans Introduction to Knowing your place: rural identity and cultural hierarchy,
Editions Routledge, 1997.
CONFEDERATION SYNDICALE INTERNATIONALE, Maroc –
Conscientisation et visibilité, Publication CSI, Vision Syndicale, Janvier 2007.
DAMAMME A., Le genre à l’épreuve du développement au Maroc : Discours et
pratiques concernant la place des femmes dans les projets. Thèse de doctorat en
géographie, Université d’Orléans, 2005.
DEPEAU S. .
, « De la représentation sociale à la cognition spatiale et environnementale :
La notion de « représentation » en psychologie sociale et environnementale », publié dans les
Acts de Séminaire organisé par l’UMR ESO, Université RENNES II sur la notion de
représentation, ESO, N°25, 2006.
1 Fatima Sadiqi, « Stereotypes and women in Moroccan culture », publié dans cadernos pagu, n.30 Janvier-juin
2008, p.11.
2 Barbara Ching et Gerald W Creed, « Recognizing rusticity : identity and the power of place », dans
Introduction to Knowing your place: rural identity and cultural hierarchy, Editions Routledge, 1997, p. 1-38.
33
DI MÉO G., Géographie sociale et territoires. Editions Nathan, Paris, 1998.
DI MEO G., Introduction à la géographie sociale. Editions Armand Colin, Paris,
2014.
DI MEO G., Les murs invisibles : Femmes, genre et géographie sociale, Editions ARMAND COLIN/
34
LOW S, et SMITH N., The Politics of Public Space. Editions Routledge, New York,
2006.
MASSEY D., Space, Place, and Gender. Editions University of Minnesota Press,
Minneapolis, 1994.
MENY Y, et THOENIG J.-C., Politiques publiques, Paris, Editions PUF, 1989.
MINISTERE DE LA FONCTION PUBLIQUE ET DE LA MODERNISATION DE
L’ADMINISTRATION, La place des femmes fonctionnaires aux postes de responsabilité
dans l’administration publique au Maroc, mai 2016.
MONQID S., Femmes dans la ville, Rabat : de la tradition à la modernité urbaine,
in Collection « Géographie sociale », Editions Presses Universitaires de Rennes, Préface de
Sylvette DENEFLE, 2014.
MOSCOVICI S, et HEWSTONE M., “Social representations and social
explanations: From the ‘naive’ to the ‘amateur’ scientist”, publié dans M. Hewstone (Ed.),
Attribution theory: Social and functional extensions, Oxford: Basil Blackwell, 1983.
NAFAA R., « Femmes rurales marocaines et développement : inventaire du savoir-
faire féminin dans la gestion des ressources », publié dans la revue électronique de l’Institut
de recherche pour le développement, 2010.
PIVETEAU A, ASKOUR K, et TOUZANI H., Les trajectoires d'industrialisation
au Maroc : une mise en perspective historique, document de travail 2/2013 publié par
Laboratoire Economie des Institutions et Développement, Académie Hassan II des Sciences
et Techniques, Université Mohammed V- Rabat, 2013.
PRUITT L-. R., « Gender, Geography », publié dans Berkeley, Journal of Gender,
Law & Justice, Volume 33, Issue 2, Septembre 2008.
RAJEB S, et YAHYAOUI M., Enquête sur la violence à l’égard des femmes dans la
région de l’Oriental marocain, Publication de la Fondation Hassan II pour les marocains
résidents à l’étranger, février, 2013.
SADIQI F., « The Feminization of Authority in Morocco », Chapitre 16, Gender
and Power: Toward Equality and Democratic Governance, édité par Mino Vianello and
Mary Hawkesworth, 2015.
SADIQI F., Women, Gender and Language in Morocco, Leiden and Boston, MA:
Brill, 2003.
SADIQI F., « Stereotypes and women in Moroccan culture », publié dans cadernos
pagu, n.30 Janvier-juin 2008.
WEBER M., La domination. Editions La Découverte, Paris, 2013.
WUNENBURGER J.-J., «Imagination géographique et psycho-géographie », publié
dans J. Poirier et J.-J. Wunenburger (dir.), Lire l’espace, Bruxelles, Ousia, 1996.
35
La protection de la femme contre les violences en droit
pénal marocain
Le principe d’égalité, consacré aussi bien dans les textes internationaux1 que
ceux nationaux2, signifie que tous les citoyens sont égaux devant la loi sans
distinction de race, d’âge, de couleur ou de sexe. En d’autres termes, il implique
que tous les citoyens (hommes et femmes) jouissent des mêmes droits et sont
assujettis aux mêmes obligations.
Néanmoins, en dépit de la reconnaissance de l’égalité entre l’homme et la
femme dans les textes internationaux des droits de l’homme ainsi que dans les
législations nationales, notamment dans les constitutions, l’inégalité de genre
persiste dans la réalité à cause de nombreux facteurs sociaux.
Pour sa part, le législateur marocain affirme l’égalité de genre dans la
Constitution3 et prévoit de nombreuses dispositions visant à améliorer la condition
de la femme comme en droit social ou en droit de la famille.
Toutefois, en dépit de cette protection juridique, la femme continue à souffrir
d’une inégalité de fait et à subir des violences morales et physiques de la part de
l’homme, générées par la situation socio-économique, l’impact des traditions,
l’analphabétisme ou la pauvreté.
Notons que les atteintes portées aux femmes sont en augmentation constante
même s’il est difficile de donner des chiffres exacts relatifs au nombre de femmes
violentées dans la mesure où on constate qu’il y a encore dans notre société une
certaine réticence à révéler les agressions dont elles sont victimes, notamment dans
le cadre familial4.
1 Le principe d’égalité entre hommes et femmes est consacré, notamment, par le Déclaration
universelle des droits de l’homme
2 Entre 2015 et 2017, les gouvernements de 65 économies du monde ont adopté 87 réformes
législatives et règlementaires en faveur de l’égalité des sexes.
3 l’article 19 de la Constitution dispose : « L'homme et la femme jouissent, à égalité, des droits et
libertés à caractère civil, politique, économique, social, culturel et environnemental, énoncés dans le
présent titre et dans les autres dispositions de la Constitution, ainsi que dans les conventions et
pactes internationaux dûment ratifiés par le Royaume et ce, dans le respect des dispositions de la
Constitution, des constantes et des lois du Royaume. L'Etat marocain œuvre à la réalisation de la
parité entre les hommes et les femmes. Il est créé, à cet effet, une Autorité pour la parité et la lutte
contre toutes formes de discrimination. »
4 L’association “Voix de femmes marocaines” a relayé dans le premier rapport annuel du Réseau
Lddf-Injad contre la violence du genre (dont elle est membre auprès d’une vingtaine d’autres
36
A cet égard, le législateur marocain a, depuis quelques années, établi un
dispositif pénal spécial visant à protéger les femmes contre toute forme de
violence.
Dès lors, il serait légitime de se demander si ces règles pénales sont
efficientes ou pas. Permettent-elles de protéger efficacement la femme victime de
violences ? Comportent-elles des lacunes ? Ne nécessitent-elles pas certaines
améliorations ?
Pour répondre à ces questions, nous démontrerons dans une première partie
quelques manifestations légales de la protection pénale de la femme contre les
violences et, dans une seconde partie, nous traiterons les lacunes de ce dispositif
pénal de protection ainsi que la nécessité d’une nouvelle intervention législative
pour y remédier.
1 Code pénal
38
acte risque une peine d’emprisonnement d’un à cinq ans et d’une amende. Il est
patent que le législateur cherche à protéger les femmes profanes et non averties des
complications et des risques inhérents à cet acte à savoir les risques de perforation
de l'utérus ou de l’intestin, les risques d’hémorragie, d’infection ou des problèmes
relatifs à la fertilité future.
C- Les atteintes à l’intégrité sexuelle de la femme
Il s’agit d’un phénomène très ancien qui reste quand même fréquent dans
toutes les sociétés. Toute personne, particulièrement la femme, est exposée à cette
agression sexuelle qui porte une atteinte grave à son intégrité physique et
psychologique.
Afin de lutter contre ces atteintes, le législateur réprime, dans l’article 486 et
suivant du CP, d’une réclusion de 5 à 10 ans, l’auteur d’un viol1 et aggrave sa
sanction, notamment, lorsque la victime est vulnérable (mineure, incapable,
handicapée, dépourvue de ses facultés mentales ou enceinte) ou lorsque l’acte a
engendré un résultat particulier à savoir la défloration.
Aussi, le législateur protège les femmes, dans l’article 484 et suivant du CP,
contre tout attentat à la pudeur2 (avec ou sans violences) autre que le viol dont les
femmes, notamment, (majeures, mineures, incapables, handicapées) peuvent être
victimes. Cet article vise, principalement, toute atteinte sexuelle autre que le viol
comme l’attouchement, les baisers ou tout rapport sexuel anormal.
Dans le même sens, l’article 498 et suivant du CP, appréhende la traite des
êtres humains dont les femmes et les mineurs sont les premières victimes. En effet,
cet article sanctionne d’une peine privative de liberté, toute exploitation sexuelle de
quelque manière qu’elle soit, des femmes comme le proxénétisme.
D- les atteintes à l’intégrité psychique de la femme
Ces violences sont très répandues dans les sociétés même si elles ne donnent
pas lieu souvent à des poursuites au motif qu’elles sont très difficiles à prouver. La
situation est, encore, plus grave, lorsqu’elles sont subies par, des personnes faibles,
à savoir les femmes.
1 Notons que le viol implique une relation sexuelle. Il s’agit de tout acte de pénétration sexuelle car
c’est cet acte qui va distinguer le viol d’autres agressions sexuelles. En outre, c’est l’auteur qui doit
pénétrer sa victime. Si cet acte est accompli par la victime sur une personne suite aux menaces de
cette dernière, la qualification de viol devra être exclue au profit de la qualification d’agression
sexuelle (ex. une femme qui oblige un homme à avoir une relation sexuelle avec elle. L’homme ne
peut par la suite déposer plainte pour viol après la relation sexuelle). Aussi, l’acte de pénétration doit
être de nature sexuelle c’est-à-dire un acte de pénétration normale par le sexe et dans le sexe.
2 Il faut remarquer que concernant les actes de pénétration sexuelle qui ne peuvent être qualifiés de
viol (un rapport sexuel forcé imposé par un homme à un autre homme ou un rapport sexuel forcé
imposé par une femme à une autre….), le ministère public les poursuit comme attentat à la pudeur
pour ne pas laisser l’auteur d’un tel comportement sans répression.
39
Certes, le législateur a tenté de faire face à ces violences en prévoyant des
sanctions pénales contre certains agissements comme le chantage (article 538 1),
l’extorsion (article 5372), les menaces3 (article 425 et suivants) ou la
discrimination, notamment, en raison du sexe (article 431-2).
Toutefois, un vide juridique persistait, quand même, en matière de violences
morales basées sur le genre. Il fallait attendre la nouvelle loi 103-13 pour compléter
cet arsenal en appréhendant, expressément, certaines atteintes à l’intégrité morale
de la femme.
En effet, cette loi réprime pour la première fois, les injures et les
diffamations sexistes. Elle les érige en des infractions autonomes sanctionnées
respectivement dans les articles 444-1 et 444-2 du CP, par des peines d’amende.
Aussi, le législateur s’intéresse à « l’harcèlement sexuel». Avant la loi 103-
13, le code pénal ne reconnaissait le harcèlement sexuel que lorsqu’il était combiné
avec un abus d’autorité conférée par une fonction. Cette définition excluait toute
autre manifestation d’harcèlement.
Fort heureusement, la nouvelle loi alourdit, non seulement, la sanction
prévue pour le harcèlement dans son ancienne version (la peine maximale devient
de 3 ans d’emprisonnement au lieu de 2 ans), mais élargit, également, son champ
d’application. En effet, elle appréhende le harcèlement qui se réalise dans un lieu
public ainsi que celui qui se réalise par des moyens de communication. La loi
double la peine si l’auteur est un collègue de travail ou une personne en charge du
maintien de l’ordre et de la sécurité dans les espaces publics (article 503-1-1).
En outre, le législateur est venu, dans les articles 425 à 429 issus de la loi
103-13, aggraver les peines encourues en cas de menaces écrites ou verbales (avec
ou sans ordre) de commettre un crime ou un délit contre les personnes ou les biens
lorsque l’auteur est un conjoint, conjoint divorcé ou financé.
1 La Cour d’appel de Tanger a, en 2018, condamné un mari à deux ans de prison ferme, d’une
amende de 2.000 dirhams et d’une somme de 30.000 dirhams à verser à la victime pour la
dédommager Âgé de 25 ans et originaire de la ville de Larache, le mari condamné était poursuivi pour
avoir contraint son épouse à avoir des rapports non consentis en ayant recours à la force. Dans le
cadre de sa plainte, son épouse a, notamment, été en mesure de procurer un certificat médical
constatant de graves déchirures vaginales provoquées suite à un rapport violent, la nuit où la jeune
femme a été déflorée. Toutefois, on regrette que la condamnation ait été prononcée sur la base des
articles 400 et 485 du code pénal /www.huffpostmaghreb.com, consulté le 4 juin 2019.
2 En vertu de l’article 392 du code pénal, l’auteur d’un meurtre encourt la réclusion perpétuelle.
Toutefois, le législateur a prévu des circonstances aggravantes où l’auteur encourt la peine de mort :
En premier lieu, il s’agit des circonstances prévues dans l’alinéa 2 de l’article 392 et qui sont :
*le meurtre ayant précédé, accompagné ou suivi un autre crime. Le meurtre, dans cette hypothèse,
doit avoir des liens de connexité avec une autre infraction qui ne peut être qu’un crime ou un vol
qualifié par exemple ;
*le meurtre ayant pour objet soit de préparer, faciliter ou exécuter un autre crime ou un délit, soit de
favoriser la fuite ou d’assurer l’impunité des auteurs ou complices de ce crime ou de ce délit ;
42
en raison de leur sexe ou à des femmes enceintes, handicapées ou mentalement
faibles.
De même, il n’aggrave pas la sanction dans l’hypothèse où l’auteur du
meurtre est un conjoint, un ex conjoint ou un fiancé.
C- Les lacunes relatives aux atteintes à la famille
La criminalisation des mères célibataires via l’article 4901 du CP est un
problème qui fait couler beaucoup d’encre dans notre société dans la mesure où
elle crée un désastre social irrémédiable.
En effet, étant donné que la naissance de l’enfant constitue la preuve
irréfragable de l’existence d’une relation sexuelle hors les liens de mariage, elle
engendrerait une situation absurde consistant à pénaliser de façon unilatérale les
mamans non mariées.
Cette situation constitue une injustice pour les femmes dans la mesure où le
père biologique n’aura pas à être inquiété à l’exception de l’hypothèse de
l’existence de fiançailles préalables connues et approuvées par les deux familles,
ayant abouties à la grossesse de la fiancée.
D- Les lacunes relatives aux atteintes à l’intégrité
psychique de la femme
Malgré l’apport majeur de la loi 103-13 en matière d’harcèlement sexuel
dans la mesure où elle vient étendre son champ d’application à de nouvelles
situations, toutefois, on regrette que le législateur n’ait pas donné une définition
précise de l’acte d’harcèlement sexuel. Cette situation constitue une source
d’insécurité juridique.
Aussi, on peut reprocher au législateur d’exiger la condition relative à la
répétition de l’acte d’harcèlement sexuel pour que l’infraction soit constituée et
punie. En effet, cette situation ne permettrait pas une protection efficace de la
dignité de la victime, notamment de la femme. Il s’en suit que l’auteur d’un acte
En deuxième lieu, il s’agit du meurtre commis avec préméditation. Celle-ci fait du meurtre un
assassinat. Elle est définie dans l’article 394 du CP « la préméditation consiste dans le dessein
(projet), formé avant l’action, d’attenter à la personne d’un individu déterminé, ou même de celui qui
sera trouvé ou rencontré, quand même ce dessein dépendrait de quelque circonstance ou de quelque
condition ». Il faut donc que l’auteur ait conçu à l’avance son projet d’homicide et ait réfléchi au
moyen de le réaliser ;
En troisième lieu, il s’agit du meurtre commis avec guet-apens. Celui-ci fait du meurtre un assassinat.
Il est défini dans l’article 395 du CP « le guet-apens consiste à attendre plus ou moins de temps dans
un univers ou divers lieux un individu, soit pour lui donner la mort, soit pour exercer sur lui des actes
de violences ».
En quatrième lieu, il s’agit du parricide. Il est défini dans l’article 396 du CP « quiconque donne
intentionnellement la mort à son père, à sa mère, ou tout autre ascendant est coupable de parricide et
puni de la peine de mort ». L’énumération du texte est limitative ; ainsi ne constitue pas un parricide
le meurtre de son beau-père ou de sa belle-mère par le gendre ou la bru.
1 Cet article prévoit une peine d’emprisonnement d’un mois à un an, toutes personnes, de sexe
différent, entretenant des relations sexuelles, sans être unies par des liens de mariage.
43
isolé d’harcèlement sexuel c’est-à-dire réalisé, pour la première fois, ne peut être
inquiété. Il sera à l’abri de toute répression pénale.
E- Les lacunes relatives aux atteintes à la vie privée
Un vide juridique demeure en matière d’atteinte à la vie privée. En effet,
l’article 447-1 du CP, ne prévoit de sanctions que lorsque l’image de la personne a
été enregistrée contre son gré dans un lieu privé. A contrario, il n’existe pas de
répression lorsque l’enregistrement de l’image d’une personne, notamment une
femme, se réalise dans un lieu public accessible sans condition (comme un jardin
ou un super marché) ou avec celle-ci (paiement place de théâtre…). Ainsi, du
moment que la personne enregistre l’image d’autrui sans la diffuser, elle reste à
l’abri de toute poursuite pénale. Cette situation n’est pas sans tolérer un certain
voyeurisme.
En conclusion, il faut reconnaître que le Maroc dispose d’un arsenal
juridique assez protecteur de la femme. Néanmoins, une nouvelle intervention
législative s’avère nécessaire pour lutter plus efficacement contre toute forme de
violences infligées à la femme.
44