You are on page 1of 232

‫اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﻐﺎرﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺴﺎﻋﻲ اﻟﺘﻤﻜﻴﻦ وإﻛﺮاﻫﺎت اﻟﻮاﻗﻊ‬

‫ﻣﺮﻛﺰ ﺗﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﺪراﺳﺎت و اﻷﺑﺤﺎث‬


‫‪TAKAMUL Centre for Interdisciplinary Research and Studies‬‬

‫اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﻐﺎرﺑﻴﺔ‬
‫ﺑﻴﻦ ﻣﺴﺎﻋﻲ اﻟﺘﻤﻜﻴﻦ‬
‫وإﻛﺮاﻫﺎت اﻟﻮاﻗﻊ‬
‫‪-‬دراﺳﺎت ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ‪-‬‬

‫ﺗﻨﺴﻴﻖ‪:‬‬
‫ﺣﻧﺎن اﻟﻧﺣﺎس ‪ -‬ﻧﺟﺎة اﻟﻌﻣﺎري‬

‫ﺣﻨﺎن اﻟﻨﺤﺎس‪ -‬ﻧﺠﺎة اﻟﻌامري‬


‫ﺗﻨﺴﻴﻖ‬

‫‪2020‬‬
‫املرأة املغاربية بني مساعي التمكني‬
‫وإكراهات الواقع‬
‫‪-‬دراسات متكاملة‪-‬‬

‫تنسيق‬
‫‪-‬حنان النحاس‬ ‫‪ -‬نجاة العماري‬

‫طبع هذا الكتاب بدعم من‬


‫مؤسسة هانس زايدل‬
‫املرأة املغاربية بني مساعي التمكني‬
‫وإكراهات الواقع‬
‫قراءات متقاطعة‪--‬‬

‫تنسيق‬
‫‪ -‬نجاة العماري‬ ‫‪-‬حنان النحاس‬
‫‪2020‬‬

‫االيداع القانوني‪:‬‬

‫‪Dépôt Légal : 2020MO4658‬‬

‫ردمك‪:‬‬
‫‪ISBN : 978-9920-611-18-3‬‬

‫منشورات مركزتكامل‬
‫للدراسات واألبحاث‬
‫مطبعة‪ :‬قرطبة‪ ،‬أكادير‬

‫نشر وتوزيع‬

‫دار العرفان ‪ ،‬حي السالم أكادير‬

‫الهاتف‪05 28 23 88 55 :‬‬

‫البريد االلكتروني‪kortoba. lib@gmail. com :‬‬

‫©جميع الحقوق محفوظة‬


‫اللجنة العلمية‬

‫د‪.‬سعيد خمري‬
‫د‪.‬عبد الرحيم العالم‬
‫دة‪.‬سعاد كجي‬
‫د‪.‬عبد العزيز راجل‬
‫دة‪.‬أسماء فارح‬
‫دة‪.‬سميرة بوقويت‬
‫دة‪.‬مونية العلمي‬
‫د‪.‬عبد اإلله سطي‬
‫د‪.‬عبد هللا أبو عوض‬
‫دة‪.‬نور الهدى بوزقاو‬
‫دة‪.‬فاطمة الزهراء الرمضاني‬

‫التصحيح اللغوي‪:‬‬
‫عبد السالم املنصوري‬

‫‪3‬‬
4
‫املحتويات‪:‬‬
‫تقديـ ــم ‪7..............................................................................................................................‬‬
‫النساء‪ ،‬األمومة والتحوالت االجتماعية املعاصرة ( حالة ‪ :‬أمهات أطفال في وضعية إعاقة) ‪9....‬‬
‫خلود السباعي‬
‫الكوتا او نظام املحاصصة ‪ :‬قراءة في التجربتين املغربية والجزائرية ‪30....................................‬‬
‫صباح العمراني‬
‫قضايا املرأة في التناول العرفي والشعبي)( ‪-‬القوامة نموذجا‪54............................................... -‬‬
‫محمد توفيق الرقبي‬
‫هوية النساء املسيرات في الجزائر ‪74.....................................................................................‬‬
‫فؤاد منصوري‬
‫املرأة واملسألة االجتماعية في السياسات العمومية في الجزائر قراءة سيوسيوجندرية (‪-1999‬‬
‫‪90.............................................................................................................................)2018‬‬
‫حامي حسان‬
‫الحقوق السياسية للمرأة الجزائرية في ظل اإلصالحات القانونية والحراك االجتماعي‪107 ..... .‬‬
‫رمضاني فاطمة الزهراء‬
‫التنمية االجتماعية النسوية لتمكين املرأة اقتصاديا وتحقيق ريادتها في مجتمع األعمال وفق‬
‫مرئيات أهداف التنمية املستدامة لعام ‪133 ................................................................ 2030‬‬
‫ح ــمو محمد‬
‫مكانة املرأة الحسانية في املخيال االجتماعي بالصحراء‪ :‬محاولة لرصد التمثالت بين القيود‬
‫االجتماعية ورهان املكانة ‪152 ...............................................................................................‬‬
‫محمد الصافـي‬
‫تقرير حول الندوة الدولية في موضوع املرأة املغاربية في خضم التحوالت السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية ‪182 .............................................................................................‬‬
‫السعدية قجي‬

‫‪5‬‬
6
‫تقديـــــم‬
‫إن تطور مساهمة املرأة املغاربية في عملية التنمية مسألة تستحق التوقف واملتابعة‪ ،‬كما‬
‫تتطلب بدل جهود من طرف كل الفاعلين من أجل الحفاظ على مكتسباتها على مختلف األصعدة‬
‫بشكل يخدم خطط واستراتيجيات التنمية املغاربية الشاملة ‪.‬‬
‫ويمكن القول أن حركة املرأة املغاربية قد شهدت تطورا كبيرا تمثل في ارتفاع نسبة‬
‫مساهمتها في النشاط االقتصادي والعملي والثقافي‪ ،‬وارتفاع نسبة النساء املتعلمات الش يء الذي‬
‫أثر إيجابا على وعيها في الدفاع عن حقوقها ومكتسباتها عبر املؤسسات املهنية والحقوقية والتي‬
‫عرفت انتشارا واسعا في دول املغرب العربي‪.‬‬
‫وقد ارتبطت مظاهر التطور املشار إليها بتحوالت اجتماعية واقتصادية مهمة‪ ،‬إال أنها‬
‫اصطدمت بالبنى الثقافية والفكرية السائدة‪ ،‬بالرغم من إقرار عدد من القوانين والتشريعات‬
‫الخاصة بحماية حقوق املرأة والتي تحفز وتشجع تقدمها ومشاركتها في الحياة العامة‪.‬‬
‫وبالرغم من تشابه املالمح العامة لواقع املرأة املغاربية وتقارب نسب الحضور النسائي في‬
‫املشهد السياس ي واالقتصادي والثقافي‪ ،‬يبقى لكل بلد مغاربي مميزاته التاريخية والسياسية‬
‫والثقافية‪ ،‬حيث تتحكم عوامل كثيرة في تسريع أ و تبطيء مسار النهوض بأوضاع النساء في كل بلد‬
‫مغاربي‪ ،‬من بينها‪ :‬اإلرادة السياسية للحكومات‪ ،‬نضج وفعالية املجتمع املدني‪ ،‬وجرأة املشرع في‬
‫سن قوانين تضمن املساواة‪.‬‬
‫وفي خضم هذه التحوالت االجتماعية والثقافية راكمت دول املغرب العربي مسارا حقوقيا‬
‫وتشريعيا ساعد في تح سين وضعية املرأة‪ ،‬من قبيل تضمين الدساتير مبدأ املساواة بين الجنسين‪،‬‬
‫والتصديق على االتفاقيات الدولية الخاصة برفع كل أشكال التمييز ضد املرأة‪ ،‬وإصالح مدونات‬
‫االسرة واالحوال الشخصية‪ ،‬وتعديل قوانين الجنسية‪...‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬نجد أن الحركات النسائية ال زالت تطالب بتعديالت وإصالحات لبعض‬
‫مدونات ومجالت االحوال الشخصية‪ ،‬وال تزال نسبة كبيرة من النساء املغاربيات تعانين من الفقر‬
‫والهشاشة‪ ،‬ومحرومة من حقوق التعليم والتمكين االقتصادي‪ ،‬كما ال تزال الهوة كبيرة بين روح‬
‫التشريعات ونمط املمارسات التي تفرزها البنية الثقافية املهيمنة‪.‬‬
‫كما يبرز أيضا دور الفكر في تقوية موقع املرأة وإنصافها‪ ،‬مما يستدعي التساؤل حول الدور‬
‫الذي تقوم به النخب الفكرية والسياسية في تجويد الرؤية الناظمة لعالقة املرأة بمحيطها‪،‬‬
‫والتساؤل عن طبيعة وحدود األفكار املستنيرة التي يمكن أن تسهم في رفع ثقل التأويالت الدينية‬

‫‪7‬‬
‫والتاريخية عن املرأة الناتجة عن االحتكار الذكوري ألمور الدين واملجتمع من جهة‪ ،‬وتساعد على‬
‫مجابهة األفكار املهينة للمرأة‪.‬‬
‫إن الصعوبات التي تواجهها النساء املغربيـات فـي اقتحـام الحيـاة العامـة والسياسـية وفي‬
‫ضمان تكافؤ الفرص بين املـرأة والرجـل فـي الولـوج إلـى مواقـع القـرار فـي الـدول املغاربية ‪ ،‬كغيرها‬
‫من البلدان العربية‪ ،‬تستدعي مواصـلة الجهـود املبذولـة قصـد فهـم أعمـق للبناء االجتماعي والثقافي‬
‫للعالقات بين الجنسين فـي الحيـاة الخاصـة والعامـة واعتمـاد سياسات إصالحية تضمن املساواة‬
‫بين الفئات الرجالية والنسائية‪.‬‬
‫من هذا املنطلق يتوخى هذا الكتاب معالجة قضية املرأة املغاربية من أبعادها املختلفة‬
‫ووفق مقاربات عديدة‪ ،‬أهمها املقاربة الفكرية وذلك من أجل بحث موقع املرأة في التصورات‬
‫النظرية للنخب املغاربية‪ ،‬واملقاربة القانونية والتي من شأنها تقريب الصورة التي تشكلها الوثائق‬
‫الدستورية والنصوص القانونية عن املرأة في الدول املغاربية‪ ،‬واملقاربة الحقوقية من خالل‬
‫مقاربة مدى تمتع املرأة املغاربية بحقها في املشاركة السياسية وتفعيل قوتها االقتراحية ومدى‬
‫فعالية دورها في قيادة املجتمع املدني نحو املزيد من املكتسبات املدنية والحقوقية التي تصون‬
‫كرامتها ومكانتها االجتماعيتين‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫النساء‪ ،‬األمومة والتحوالت االجتماعية املعاصرة‬
‫( حالة ‪ :‬أمهات أطفال يف وضعية إعاقة)‬
‫دة‪.‬خلود السباعي‬
‫أستاذة علم النفس االجتماعي بكلية االداب احملمدية‬

‫امللخص ‪:‬‬
‫مثلت األمومة على اختالف الثقافات واألزمنة‪ ،‬خاصية مالزمة لكل أنثى‪ .‬وبناء على ذلك‪ ،‬تم‬
‫اختزال هوية املرأة ووجودها في دور األم‪ ،‬أي في الشخصية املعطاء املضحية بذاتها من أجل‬
‫اآلخرين‪ .‬مما حول األمومة إلى "أسطورة" تجسد التفاني والعطاء‪ ،‬كما حول هذه الخصال إلى‬
‫سمات غريزية ومحددات فطرية طبيعية لسيكولوجية النساء معرفيا‪ ،‬عاطفيا‪ ،‬وسلوكيا‪ .‬الش يء‬
‫الذي انعكس على سيكولوجية النساء‪ ،‬وساهم في خلق مجموعة من االضطرابات على مستوى‬
‫عالقتهن بذواتهن وتقييمهن ألنفسهن‪.‬‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬فإننا نود من خالل هذا العمل‪ ،‬الوقوف على ما تعيشه األمهات املعاصرات‬
‫من اكراهات في ظل هذه التمثالت السائدة عن األمومة من خالل طرحنا للتساؤالت التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬إلى أي حد ساهمت التحوالت الطارئة على حياة النساء املعاصرات‪ ،‬في‬
‫تغيير التمثالت السائدة حول األمومة واألدوار املنوطة بها ؟‬
‫إلى أي حد تمكنت النساء املعاصرات من تجاوز التمثالت السائدة عن‬ ‫‪-‬‬
‫األمومة ؟‬
‫كيف تعيش النساء املعاصرات األمومة ؟‬ ‫‪-‬‬
‫وسوف نحاول اإلجابة عن هذه التساؤالت من خالل وقوفنا على عينة من النساء األمهات‬
‫ألطفال في وضعية إعاقة‪ .‬وذلك استنادا إلى منهجية "دراسة الحالة"‪ ،‬واعتماد املقابالت املفتوحة‬
‫مع بعض األمهات‪ ،‬بغرض مالمسة ما يعانينه من إكراهات‪ ،‬ترتبط في جزء كبير منها باستمرارية‬
‫فعالية الصور النمطية والتمثالت املتوارثة عن "األمومة"‪ .‬مما قد يجعل من األمومة بالنسبة‬
‫لبعض النساء‪ ،‬عرقلة أمام تحقيق الذات‪ ،‬وعنوان للعنف والالمساواة الجندرية‪ .‬النساء‪ ،‬األمومة‬
‫والتحوالت االجتماعية املعاصرة ( حالة ‪ :‬أمهات أطفال في وضعية إعاقة)‬
‫مثلت األمومة على مر التاريخ واختالف الثقافات والشعوب‪ ،‬دورا طبيعيا ذا بعدين‬
‫أساسيين‪ ،‬بعد بيولوجي يرتبط باإلنجاب‪ ،‬وآخر سيكولوجي عاطفي يرتبط بما ينتج عن فعل‬

‫‪9‬‬
‫أو "ارتباط"‪ .‬حيث تم النظر إلى املرأة على أنها أم بالطبيعة‪ ،‬ومن ثمة تم‬ ‫اإلنجاب من "تعلق"‬
‫اعتبار األمومة سمة سيكولوجية غريزية تفيد التقبل والتفاني في الحب والتضحية والعطاء بدون‬
‫مقابل‪ .‬فتربى الفتاة بكيفية تدفعها نحو استدماج دور األم منذ طفولتها‪ ،‬وتحس بضرورة تقمص‬
‫هذا النموذج املسند لها وتدرك على أنها يجب أن تكون حنونة‪ ،‬صبورة‪ ،‬خدومة‪ ،‬كتومة ألن ذلك‬
‫من طبيعتها‪ .‬الش يء الذي سوف ينعكس على سيكولوجية النساء‪ ،‬وعلى تقديرهن لذواتهن‪،‬‬
‫وتقييمهن ألوضاعهن ووظائفهن في عالقتهن باألمومة‪.‬‬
‫إال أن السؤال الذي يطرح هنا هو‪ :‬هل توجد فعال عالقة طبيعية‪ ،‬ضرورية‪ ،‬وحتمية بين‬
‫كل من البعد البيولوجي والعاطفي في األمومة؟ هل هناك فعال عالقة طبيعية بين فعل اإلنجاب‬
‫وعاطفة التعلق أو االرتباط؟ ولعل ما يبرر طرح هذا السؤال‪ ،‬هو مالحظتنا للواقع اليومي والذي‬
‫يشهد بوجود مجموعة من الظواهر التي تتنافى وهذا البعد الغريزي‪ ،‬والتي نذكر من بينها على سبيل‬
‫املثال ‪:‬‬
‫‪ -‬وجود أمهات ال يرتبطن بالرضيع (األطفال املتخلى عنهم)‬
‫‪ -‬وجود نساء ال يرغبن في االنجاب‬
‫‪ -‬وجود نساء ال يتمكن من اإلنجاب وبالتالي ليس بإمكان كل امرأة أن تصبح أما‬
‫‪ -‬وجود نساء يتقمصن دور األمومة بما يتضمنه من مشاعر االرتباط والتعلق‪ ،‬رغم‬
‫عدم قدرتهن على االنجاب (األم البيولوجية واألم املربية)‬
‫وقد يقول البعض‪ ،‬بأن أغلب أحاديث وهواجس واهتمامات عدد كبير من النساء في هذا‬
‫العالم تتمحور حول األمومة وما يرتبط من مهام ومسؤوليا ت‪ ،‬إال أنه علينا طرح السؤال فيما إذا‬
‫كانت هذه املهام واملسؤوليات هي بالضرورة مصدر سعادة أو انشراح بالنسبة لألمهات ‪ .‬فهناك‬
‫عينات من النساء يعشن االرتباط باألبناء باعتباره "املحرك" األساس ي لحياتهن ومنبع إحساسهن‬
‫بالسعادة‪ ،‬وهناك من يعشن التعاسة والشقاء بسبب نفس االرتباط‪ .‬فأمام هذا التعدد الحاصل‬
‫على مستوى خطابات النساء‪ ،‬ومواقفهن املتضاربة بخصوص األمومة كواقع وكمعيش يومي‪،‬‬
‫نتوخى في هذا املجال العودة إلى التساؤل بخصوص مفهوم األمومة باعتبارها معطى بيولوجي‬
‫غريزي أم فعل ثقافي اجتماعي جندري؟‬
‫هل األمومة هي االنجاب ؟ أم أن األمومة هي الحضن والحب والتقبل ؟‬ ‫➢‬
‫ثم فيما إذا كانت األمومة ترتبط باإلنجاب‪ ،‬فعلينا أن نطرح السؤال في‬ ‫➢‬
‫االتجاه املقابل أيضا وهو‪ :‬هل كل إنجاب يمنح اإلحساس باألمومة؟ هل يكفي اإلنجاب‬

‫‪10‬‬
‫لكي تصبح األم أما سواء في عالقتها بذاتها أو في عالقتها باملجتمع؟‬
‫هل اإلنجاب كمعطى بيولوجي يمنح املرأة بالضرورة اإلحساس‬ ‫➢‬
‫بالسعادة والرض ى باألمومة على املستوى السيكولوجي ؟‬
‫لإلجابة عن هذه التساؤالت‪ ،‬يمكننا الوقوف عند الواقع اليومي لعدد من النساء‪ ،‬والذي‬
‫يتضمن أشكاال متعددة من اإلنجاب تتعارض وتحقيق املرأة لذاتها أو استمتاعها باألمومة‪ .‬ومن‬
‫بين األمثلة الدالة على ذلك‪ ،‬مجمل الحاالت التي يتم فيها اإلنجاب بكيفية غير مرغوب فيها من‬
‫طرف األم‪ .‬والتي نذكر من بينها حاالت اإلنجاب خارج إطار الزواج‪ ،‬أو اإلنجاب نتيجة اغتصاب أو‬
‫عالقة زوجية عنيفة‪ .‬كما يمكننا التساؤل أيضا بخصوص انجاب اإلناث في ثقافات تفضل إنجاب‬
‫الذكور‪ .. .‬مما يستنتج من خالله وجود سياقات نفسية اجتماعية‪ ،‬يتحقق فيها اإلنجاب كفعل‬
‫بيولوجي‪ ،‬دون أن يؤدي بالضرورة إلى تقبل املرأة كأم‪ ،‬أو تقبلها هي ذاتها لألمومة و انخراطها ضمن‬
‫عالقة "االرتباط" بكيفية مرغوبة تغذي إحساسها بالرض ى عن الذات سواء على املستوى‬
‫العاطفي أوالسلوكي‪.‬‬
‫ومن شأن هذه املالحظات أيضا‪ ،‬أن تدفع بنا إلى تعميق السؤال بخصوص الخاصيات‬
‫السيكولوجية املسندة لألم‪ ،‬وبما تتضمنه غريزيا من مشاعر الحب والتقبل والتضحية بالذات من‬
‫اجل اآلخرين‪ .‬فهل صحيح أن األم مخلوق "أسطوري" يمكنه أن يعطي بدون مقابل أو حوافز‬
‫تقتض ي ضرورة التبادل والتفاعل على مستوى املشاعر واألحاسيس ؟ هل صحيح أن األم مضحية‬
‫و صبورة ومعطاء بالطبيعة ؟‬
‫تلك مجموعة من التساؤالت التي أثارت وال تزال نقاشات على مستويات متعددة‪ ،‬أدت إلى‬
‫بروز تيارين متناقضين‪ ،‬يؤكد أحدهما على البعد البيولوجي والغريزي لألمومة لدى اإلنسان‪،‬‬
‫باعتبارها حدثا طبيعيا بعيدا عن كل من الثقافة والتاريخ‪ .‬مبرزا بأن األمومة هي استعداد طبيعي‬
‫لإل نجاب لدى املرأة كأنثى‪ ،‬يتبع طبيعيا بعمليات الرضاعة والعناية والحماية مما ينعكس على‬
‫الجوانب العاطفية واالنفعالية للمرأة ويكسبها خاصيات سيكولوجية معينة‪ .‬في حين يرى التيار‬
‫الثاني‪ ،‬بأن لألمومة لدى اإلنسان طابعا مختلفا‪ ،‬يجعل منها إنشاء ثقافيا وتعبيرا اجتماعيا جندريا‪،‬‬
‫ال يمكن فصله عن التاريخ والظروف السيكو اجتماعية والسياقية للمرأة األم‪.‬‬
‫ومن بين أبرز وأول التيارات التي أثارت هذا النقاش‪ ،‬الحركات النسوية التي انبثقت من‬
‫تخصصات متعددة في مقدمتها التاريخ‪ ،‬األنثروبولوجيا‪ ،‬البيولوجيا‪ ،‬الطب‪ ،‬علم االجتماع‪ ،‬وعلم‬
‫النفس‪ ،‬والتي سعت إلى دحض كل فكرة تقوم على أساس ربط األمومة بالطبيعة أو الغريزة‪ .‬مؤكدة‬
‫بأن األمومة هي "دور إجتماعي" ومن ثمة إنشاء اجتماعي رمزي‪ ،‬يأخذ معاني متعددة ضمن سياقات‬
‫‪11‬‬
‫‪1‬‬
‫سوسيوتاريخية مختلفة ‪ .‬حيث تولى املجتمع األبوي على مر التاريخ‪ ،‬تأسيس األدوار وتوزيعها ما‬
‫بين أدوار خارجية يقوم بها الذكور‪ ،‬وأدوار داخلية أسندت للنساء بفعل طبيعتهن البيولوجية التي‬
‫تقتض ي اإلنجاب والرضاعة‪ .‬الش يء الذي ربط النساء باملجاالت الداخلية واألعمال املنزلية‪ ،‬وسعى‬
‫إلى تكريس هذا الربط وتزكيته بالتنشئة االجتماعية التي تعلم الفتاة كيف تكرس حياتها من أجل‬
‫‪2‬‬
‫خدمة اآلخرين‪ .‬ولعل ذلك ما دعى ببعض التيارات النسوية املعاصرة واملمثلة في كل من ‪Betty‬‬
‫‪ ،Freidan, Juliet Michel, Shulamith Firestone, Adrienne Rich‬إلى تبني بعض املواقف‬
‫املتطرفة وصلت في بعض األحيان إلى رفض األمومة‪ ،‬واعتبارها سجنا وسببا في تأخر النساء‪،‬‬
‫وعرقلة في بناء هوية أنثوية متوازنة قادرة على إثبات حقها في املواطنة الكاملة‪.‬‬
‫ومن بين املؤشرات التي تدعو إلى دحض فكرة ربط األمومة بالبيولوجيا حسب هذه‬
‫التيارات‪ ،‬هو استمرارية حياة كل من الرضيع واألم والبيولوجية رغم انفصالهما‪ .‬فال الرضيع يموت‬
‫بسبب غياب رعاية األم البيولوجية‪ ،‬وال األم البيولوجية تصاب بالخلل أو تفقد حياتها إذا لم تعتن‬
‫بالطفل الذي أنجبته‪ .‬مما يدعو حسب هذه التيارات إلى ضرورة مقاربة األمومة في بعدها الواقعي‪،‬‬
‫اي "كمعيش" سيكواجتماعي يرتبط بظروف النساء‪ ،‬والذي قد يختلف جذريا باختالف أوضاعهن‬
‫‪3‬‬
‫وانتماءاتهن سواء على املستوى النفس ي أو االجتماعي ‪ .‬فهناك من األمهات من يشعرن بغاية‬
‫السعادة في ممارستهن لدور األمهات وهناك العكس‪ .‬مما يجعل من األمومة بمثابة تجربة خاصة‬
‫‪4‬‬
‫للمرأة بجسدها‪ ،‬بكينونتها‪ ،‬وبوجودها في بعده النفس ي واالجتماعي ‪ .‬مما يدفع من منظور علم‬
‫النفس االجتماعي‪ ،‬إلى ضرورة التساؤل بخصوص ما يمكن أن نطلق عليه "بسيكولوجية األمومة"‬
‫وعن مدى ارتباط األمومة بكل من الغريزة والطبيعة لدى النساء‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬ترفض‬

‫‪1- Barrantes –Valverde Maria, y Cubero, Maria- Fernando, « La maternidad como un constructo‬‬
‫‪social determinante en el rol de la feminidad », Wimb, Rev. Electronica de estudiantes, Esc,‬‬
‫‪psicologia, Univ de Costa Rica, 9(1), 2014, P.30.‬‬
‫‪2 - Palomar – Verea, Cristina, Maternidad : historia y cultura, La ventana, N°22 / 2005, P.‬‬
‫‪3 - Grenier-Torres,Chryselle, Infécondité et rapport de genre. Experiences de femmes infécondes‬‬
‫‪vivant à Bouaké entre contraintes et subjectivation (Cote d’Ivoire), In, L’Identité genré au cœur des‬‬
‫‪trensformations, Du corps séxué au corps genré, L’Harmattan, Paris, 2010, P. 178.‬‬
‫‪4 - Bourqia, Rahma, Femmes et fécondité, Afrique Orient, Casablanca, 1996, P.18.‬‬
‫‪12‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ ،1980 Badinter‬الحديث عن وجود "حب أمومي" بالفطرة‪ ،‬مشيرة بأن رعاية الطفل هي التي‬
‫تخلق حبه والرغبة في العناية به‪ .‬مؤكدة بأن وجود هذا "الحب األمومي" منذ القديم‪ ،‬ال يعني بأنه‬
‫موجود لدى سائر األمهات‪ .‬فالحب الذي تقدمه األمهات‪ ،‬هو نتاج فعل الثقافة وسيرورات التنشئة‬
‫الجندرية للفتيات‪ ،‬وليس بالضرورة معطى بيولوجيا‪.‬‬
‫وخالفا لهذه التيارات النسوية‪ ،‬نجد بعض التيارات السيكولوجية التي تنطلق من البعد‬
‫البيولوجي للتأكيد على أهمية العالقة أم‪ /‬رضيع‪ ،‬وحيوية طبيعة االرتباط والتعلق في بناء شخصية‬
‫الطفل‪ .‬وتمثل نظرية التحليل النفس ي منذ مؤسسها سيجموند فرويد ‪ ،‬أحد أهم هذه النظريات‪.‬‬
‫حيث يؤكد فرويد على أهمية وحيوية عامل االرتباط باألم‪ ،‬مشيرا بأنها املسئولة الحيوية عن توازن‬
‫شخصية الطفل وصحته النفسية‪ ،‬لتوقف كل الخبرات السيكولوجية الحميمية على "صورة‬
‫‪2‬‬
‫األم" ‪ .‬كما نلمس نفس املنحى مع كل من ‪Mélanie , Donald Winnicot , John Bowlby‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ . Klein‬حيث يشير‪ 4 Winnicott‬إلى أنه بالرغم من التعارض القائم بين املواقف‪ ،‬فال أحد يمكن‬
‫أن ينفي حضور كل من البعد البيولوجي املرتبط باإلنجاب‪ ،‬والبعد العاطفي املرتبط بالرعاية في‬
‫"األمومة"‪ .‬وذلك اعتبارا منه بأن األمومة تبدأ بالحمل واإلنجاب والرضاعة ‪ ...‬وتلك معطيات‬
‫بيولوجية‪ ،‬لكي تتبع بأساليب العناية‪ ،‬الرعاية واالهتمام‪.‬‬
‫إال أن مواقف التحليل النفس ي سوف تسير في اتجاه االنفتاح على الظروف الواقعية‬
‫للنساء‪ ،‬وتأثيرها على دور األمومة‪ .‬وهنا تحضر املحللة النفسية ‪ Nancy Chodorow‬التي تعتبر‬
‫من أحد أبرز من اهتم بموضوع األمومة‪ ،‬من خالل دراستها للعالقات األولية لكل من الذكور‬
‫‪5‬‬
‫واإلناث باألم‪ ،‬مبرزة مدى حيوية هذه العالقة في بناء الخاصيات السيكولوجية لدى كل منها ‪ .‬كما‬

‫‪1 - Cristina Palomar Verea, Maternidad : Istoria y cultura, La ventana, N°22, 2005, P.35.‬‬
‫‪ -‬خلود السباعي‪" ،‬سيكولوجية املرأة"‪ ،‬مجلة علوم التربية‪ ،‬العدد ‪ ،50‬دسمبر ‪ ،2011‬ص ‪2 .54‬‬
‫‪3 - Blaessinger, Rodrigo –Robles, “Maternidad : Un deseo femenino en la teoria Freudiana”, Revista‬‬
‫‪Nomadias, Nov, N°16, 2012, P.123.‬‬
‫‪4 - Agoudelo – Londono, Jesica et all, Ser mujer : entre la maternidad y identidad, Revista Poiesis, N°‬‬
‫‪31, Colombia, P. 308.‬‬
‫‪ -5‬خديجة العزيزي‪ ،‬األسس الفلسفسة للفكر النسوي الغربي‪ ،‬بيسان للنشر والتوزيع واإلعالم‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬يونيو ‪ ،2005‬ص ‪.206‬‬
‫‪13‬‬
‫تحضر كارين هورني‪ ،‬التي تعتبر من بين الباحثات املنتقدات ملواقف فرويد‪ ،‬وذلك برفضها‬
‫االنطالق من الخصائص البيولوجية كأساس للتمييز بين الجنسين‪ .‬وتقول كارين هورني منتقدة‬
‫فرويد‪" :‬إن املرأة هي التي تلد الذكر‪ ،‬ثم إن قدرة املرأة على اإلنجاب قد لعبت دورا هاما في أن يحسد‬
‫‪1‬‬
‫الرجل املرأة منذ القدم‪ ،‬ال أن تحسده املرأة بسبب امتالكه عضو التناسل" ‪ .‬فبدل االنطالق من‬
‫البيولوجيا لتفسير الخصائص السيكولوجية والتعامل مع االختالف التشريحي البيولوجي كقدر أو‬
‫مصير حتمي‪ ،‬كان على فرويد أن ينظر إلى الواقع التاريخي االجتماعي والثقافي‪ ،‬لكي يجعل منه نقطة‬
‫‪2‬‬
‫انطالق كل حديث عن الخاصيات السيكولوجية للمرأة ‪.‬‬
‫وتشير بعض الدراسات التي أجريت حول "االرتباط" ضمن مجال اإلعاقة ( ‪) Eyer 1992‬‬
‫بأن عالقة االرتباط بين اآلباء واألبناء ال تتحقق بكيفية آلية وذلك بصرف النظر عن وجود اإلعاقة‬
‫أو غيابها‪ .‬فاالرتباط بين الوالد والطفل ليس بمثابة رد فعل فوري‪ ....‬فعندما يستجيب األطفال إلى‬
‫‪3‬‬
‫محاوالت اآلباء إلطعامهم ومداعبتهم‪ ،‬يشعر الوالدان بالتعزيز ملشاعرهم ‪ .‬ويزداد االرتباط بعمق‬
‫عندما يبدأ األطفال في االبتسام وإصدار األصوات استجابة إليماءات الوالدين‪ .‬ولقد بين كل من‬
‫‪ Stone et Chesney 1978‬بأن فشل الطفل في أن يثير أمه‪ ،‬يؤدي إلى فشل األم في التفاعل مع‬
‫‪4‬‬
‫الطفل ‪.‬‬
‫ثم إلى جانب هذه االختالفات الواردة بين أقطاب نظريات التحليل النفس ي‪ ،‬برزت بعض‬
‫املواقف املعاصرة التي تنطلق بدورها مما هو بيولوجي‪ ،‬للحديث عن بعض الخاصيات‬
‫السيكولوجية األنثوية الناتجة عن األمومة‪ .‬فاملرأة تتوفر بيولوجيا على الرحم‪ ،‬وذلك ليس أمرا‬
‫اعتباطيا‪ .‬فالرحم هو عضو بيولوجي‪ ،‬يفيد بأنها أم بالطبيعة حتى وإن لم تنجب‪ .‬مما يؤكد بأن‬
‫الخاصيات البيولوجية ال يمكن أن تقف عند حدود ما هو بيولوجي وظيفي‪ .‬فالرحم ال تقف‬
‫أهميته عند وجوده كعضو فحسب‪ ،‬وإنما يتجاوز ذلك لكي يصبح مؤشرا يسمح بتسليط األضواء‬

‫‪ - 1‬محمد عوض خميس ‪،‬دفاعا عن املرأة ‪ ،‬دراسة نفسية اجتماعية جنسية ‪ ،‬العربي للنشر والتوزيع ‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ ،1985‬ص ‪. 57‬‬
‫‪ - 2‬خلود السباعي‪ ،‬األمومة ورهان الديموقراطية ‪ ،‬شبكة العلوم النفسية العربية‬
‫‪ - 3‬إيمان فؤاد الكاشف‪ ،‬إعداد األسرة والطفل ملواجهة اإلعاقة‪ ،‬دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،2001‬ص ‪,74‬‬
‫‪ - 4‬إيمان فؤاد الكاشف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪14‬‬
‫‪1‬‬
‫على الفوارق السيكولوجية ما بين الذكر واألنثى ‪ .‬على اعتبار أن أول ما يرمز إليه الرحم على‬
‫املستوى السيكولوجي‪ ،‬هو كونه مجال أنثوي مخصص لالحتضان وموضعة اآلخر‪ ،‬مجال لوجود‪،‬‬
‫وجلوس وإقامة ذات أخرى بداخل الجسد األنثوي ملدة غير هينة‪ .‬مما سوف يجعل من الهوية‬
‫األنثوية هوية مفعمة باآلخر‪ ،‬بسبب الترابط الحيوي ملا هو بيولوجي بما هو نفس ي عاطفي انفعالي‪.‬‬
‫وبناء على ذلك يمكننا القول بأنه إذا كان امتالك املرأة للرحم هو دليل على تمكينها بالطبيعة من‬
‫االستقبال واالحتضان واالنفتاح‪ ،‬فإن ذلك ال يمكن أن يتم دون أن تملك في الوقت ذاته حب هذا‬
‫‪2‬‬
‫االستقبال باعتباره أحد العناوين البارزة لوجودها وكينونتها ‪ .‬الش يء الذي من شأنه أن يحدد‬
‫بعض الخاصيات السيكولوجية لدى املرأة مقارنة بالرجل‪ ،‬ويطبع شخصيتها بسمات معينة سوف‬
‫‪3‬‬
‫تنعكس على عالقتها بذاتها وعالقتها باآلخرين‪ .‬ولقد أجريت في هذا املجال دراسات اهتمت بمفهوم‬
‫"الحميمية"‪ ،‬بينت مدى سعة هذا املفهوم وتعدد أبعاده لدى املرأة مقارنة بالرجل‪ .‬الش يء الذي‬
‫سوف ينعكس أيضا على مختلف األبعاد العالئقية لدى كل منهما‪ ،‬فيجعل من املرأة أكثر ميال إلى‬
‫ربط العالقة باآلخر وأكثر مهارة على هذا املستوى‪ ،‬مما يدفعها إلى بلورة عدد من امليكانيزمات‬
‫السيكولوجية الضرورية على هذا املستوى مقارنة بالرجل‪.‬‬
‫وإلى جانب هذه املواقف التي تنطلق من الدراسات السيكولوجية‪ ،‬ال يمكننا إغفال‬
‫حضور املنظومة الدينية والقيمية‪ ،‬والتي ساهمت بشكل كبير‪ ،‬في تزكية دور "األمومة" والرفع من‬
‫شأنه على املستوى القيمي واألخالقي‪ .‬فكل الديانات والقيم املصاحبة لها‪ ،‬تعلي من شأن ومكانة‬
‫األم‪ ،‬وتدعو إلى اإلعتراف بأهمية هذه املكانة إلى درجت جعلت منها أحد أبرز الشروط املقربة إلى‬
‫هلل‪ ،‬والضامنة للجنة في الحياة األخرى‪ .‬إال أن هذا التقدير الديني ملكانة األم قد تم استغالله‬
‫اجتماعيا واقتصاديا‪ ،‬ألجل تزكية الطابع الخدوم واملستسلم للمرأة باعتبارها أما‪ .‬الش يء الذي‬
‫يفسر سبب إسناد بعض الخاصيات السيكولوجية لألم إلى درجة أصبحنا معها أمام كائن‬
‫"أسطوري" ‪ ،‬تفوق طاقاته على التحمل والصبر والرغبة في العطاء طاقات البشر‪.‬‬

‫‪1- Carrasco, Alejandra. “Mujer, Cuerpo y psicología”, Estudios públicos, 60, Primavera 1995, P.239.‬‬
‫‪2- Carrasco, Alejandra. Ibid, P.240.‬‬
‫‪3 - Carrasco, Alejandra.Ibid, P.241.‬‬
‫‪15‬‬
‫‪1‬‬
‫ولعل ذلك ما أشارت إليه كارول بادينتير ‪ ، Badinter‬منبهة إلى أن هذا التهليل واالعتراف‬
‫باألمومة كدور تربوي منذ عهد روسو إلى اآلن‪ ،‬ال يعدو أن يكون سالحا ذو حدين‪ .‬على اعتبار أن‬
‫االعتراف بأهمية الدور التربوي لألم‪ ،‬قد حملها في املقابل مسؤولية التربية وتكوين املواطن الصالح‪،‬‬
‫ومنحها دورا ينبغي أن تحاسب عليه بدون استحضار دور األب‪ .‬كما ساهم من جانب ثان‪ ،‬في‬
‫حصر مهام النساء األمهات فيما هو منزلي عائلي وتركيز كل طموحاتهن في أبنائهن‪ .‬علما بأن‬
‫التطورات التاريخية للمجتمعات‪ ،‬تشهد بأن هذا التهليل والتكبير ملكانة األم واألمومة‪ ،‬ال نجد له‬
‫‪2‬‬
‫صدى واقعي في حياة األمهات ‪ .‬لكوننا ال نجد على أرض الواقع مؤشرات نلمس من خاللها اعترافا‬
‫اجتماعيا حقيقيا بدور األم‪ ،‬يرفع عمليا وإجرائيا من قيمة هذا الدور‪ ،‬وينصف ما تقوم به جل‬
‫النساء األمهات من مجهودات ألجل إسعاد وخدمة اآلخرين‪ .‬فلقد مثلت خدمات العناية والرعاية‬
‫املرتبطة باألمومة وال تزال في كثير من مناطق العالم‪ ،‬عمال طبيعيا‪ ،‬مرتبطا بغريزة األمومة‪ ،‬ومن‬
‫ثمة عمال ال مرئيا‪ .‬بل إنه كثيرا ما يتم ربطه برغبة النساء في اإلنجاب كاحتياج سيكولوجي‪ ،‬تسعى‬
‫‪3‬‬
‫من خالله األنثى إلى تحقيق الذات وتفجير إمكاناتها وطاقاتها ‪.‬‬
‫وعلى هامش هذه النقاشات‪ ،‬الزالت األمومة في التمثل املشترك‪ ،‬ترتبط بضرورة تحمل‬
‫املرأة مهمة رعاية وخدمة األبناء من الوالدة إلى الوفاة‪ .‬فلقد مثلت األم وال تزال مثاال لتجسيد‬
‫التفاني والعطاء والتضحية بدون حدود‪ ،‬بفعل توفرها بكيفية غريزية على ذلك‪ .‬مما جعل من‬
‫الصبر والتحمل والقدرة على املنح وخدمة اآلخر واجبات أساسية منهكة‪ ،‬انعكست بشكل سلبي‬
‫على سيكولوجية النساء‪ ،‬وعلى تقديرهن لذواتهن‪ ،‬وتقييمهن لوظائفهن في عالقتهن باألمومة‪ .‬وال‬
‫نلمس بالرغم من مختلف التحوالت الطارئة على حياة النساء‪ ،‬تغيرات هامة على هذا املستوى إن‬
‫لم يكن العكس هو الصحيح‪ .‬بل يمكن القول بأن التحوالت االجتماعية الطارئة على حياة النساء‬
‫قد غيرت جذريا من ظروف عيشهن‪ ،‬دون أن تغير من طبيعة هويتهن الجندرية في عالقتهن‬
‫باألمومة‪ .‬فبقدر ما تتطور أوضاع النساء ويصبحن متعلمات ومنخرطات في مهام ووظائف‬

‫‪1 - Norma. Fuller, Dilemas de la feminidad : Mujeres de clasé media en el Peru, Pontificia‬‬
‫‪Universidad Catolica del Peru , 1993. P.35.‬‬
‫‪ -2‬أليزابيث أي رانسوم‪ ،‬و نانس ي في ينجر‪ ،‬أمومة أكثر أمانا‪ ،‬التغلب على العقبات في الطريق إلى الرعاية‪ ،‬املكتب‬
‫املرجعي للسكان‪ ،‬فبراير ‪ ،2002‬مصر‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ - 3‬خلود السباعي‪" ،‬األمومة ورهان الديموقراطية"‪ ،‬املجلة العربية "نفسانيات"‪ ،‬العدد ‪ ،59‬خريف ‪.2018‬‬
‫‪16‬‬
‫اجتماعية‪ ،‬بقدر ما يتعين عليهن إثبات جدارتهن كأمهات وزوجات كما أثبتن جدارتهن على املستوى‬
‫املنهي‪ .‬وكلما تعلق األمر بنساء متمدرسات ومتعلمات ناجحات على املستوى املنهي‪ ،‬كلما صار من‬
‫املحتمل أن تتعمق معاناتهن السيكولوجية وخوفهن من الفشل أو عدم تأديتهن ألمومتهن بالشكل‬
‫املرغوب فيه اجتماعيا‪ .‬مما يدفع بهن إلى املزيد من البذل والعطاء والتضحية سواء على املستوى‬
‫املادي أو املعنوي‪ ،‬من أجل إثبات "األمومة الجيدة" للذات ولآلخرين‪.‬‬
‫ولعل ذلك ما يجعل األمهات املعاصرات الفئات األكثر معاناة على املستوى السيكولوجي‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫بسبب تمزقهن وتوزعهن ما بين طموحاتهن من جهة‪ ،‬واألمومة وااللتزامات املنزلية من جهة ثانية‪.‬‬
‫وكلما تكثفت معالم هذه االزدواجية‪ ،‬كلما شعرن باإلرهاق‪ ،‬ثقل املسؤولية‪ ،‬وتأنيب الضمير إزاء‬
‫أسرتهن وأطفالهن‪ .‬مما يقوي أسباب القلق والتوتر والتقدير السلبي للذات‪ ،‬ويساهم في الرفع من‬
‫‪2‬‬
‫معدالت األمراض النفسية والعقلية واالضطرابات الصحية بين النساء ‪ .‬فالنساء اليوم واألمهات‬
‫منهن على وجه الخصوص‪ ،‬األكثر طلبا للمساعدة السيكولوجية‪ ،‬واألكثر تعرضا لألمراض املزمنة‪،‬‬
‫كما أنهن يشكلن الفئات األكثر إقباال على استعمال املهدئات‪ .‬ولقد كانت نانس ي شودورو قد‬
‫قدمت منذ القرن املاض ي‪ ،‬تفسيرا سيكولوجيا واجتماعيا عن اإلفراط والتفريط في األمومة‪ ،‬وما‬
‫‪3‬‬
‫ينجم عن ذلك من مشكالت ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ولقد أثبتت بعض الدراسات التي أجريت في سويسرا مؤخرا ‪ ،‬مدى معاناة األمهات من‬
‫القلق‪ ،‬وذلك بسبب إحساسهن املستمر بأنهن مراقبات إجتماعيا‪ ،‬مما يزيد من تعميق أسباب‬
‫الشعور بالقلق والخوف املستمر من االخفاق وعدم بلوغ النموذج املثالي "لألم الجيدة"‪ .‬مما‬
‫نستنتج من خالله‪ ،‬بأنه إذا كانت األمومة قد مثلت على مر التاريخ حدثا طبيعيا ال يثير االنتباه‬
‫واالهتمام‪ ،‬فإنها قد أصبحت في عصرنا هذا‪ ،‬بؤرة اهتمام عدد من املتخصصين والخبراء على‬
‫مستويات متعددة‪ .‬فال تفتأ كل التخصصات املعنية بالصحة والتربية والتعليم من التركيز على‬
‫أهمية مرحلة الطفولة من خالل التأكيد بالدرجة األولى على دور ومسؤولية األم‪.‬‬

‫‪1 - Lesage, Sacha, Op.Cit, P.8.‬‬


‫‪2 - Matud –Aznar, M.Pilar, Salud, equidad y genero, Jornadas sobre salud , genero y calidad de vida,‬‬
‫‪Arona, Noviembre, 2006, P.‬‬
‫‪ -3‬خديجة العزيزي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.206‬‬
‫‪4- Salletti Cuesta, Lorena. “El concepto de maternidad”, Clepsydra, N°7, Enero 2008. P.174.‬‬
‫‪17‬‬
‫األمومة في ظل اإلعاقة ‪:‬‬
‫استنادا لهذه التمثالت املرتبطة بالصورة املثالية عن األم‪ ،‬وبما تتضمنه من مشاعر‬
‫"عفوية وغريزية" غيرية‪ ،‬وبما تتطلبه من وظائف ومهام‪ ،‬يأتي حديثنا عن نوع معين من األمهات أال‬
‫وهن أمهات األطفال في وضعية إعاقة‪ .‬هذه العينة من النساء التي لم يتم االنتباه إليها سوى مؤخرا‪.‬‬
‫حيث كان الحديث منصبا بالدرجة األولى على اإلعاقة وانعكاساتها على األسرة‪ ،‬لكي يتم االنتباه‬
‫فيما بعد بأن الحديث عن األسرة في عالقتها باإلعاقة‪ ،‬هو في كثير من الحاالت حديث مغلوط‪ .‬على‬
‫اعتبار أن الفئات األكثر ارتباطا بتقديم خدمات الرعاية والعناية هم في غالبية األحيان من الجنس‬
‫األنثوي‪ .‬وكلما تعلق األمر باألطفال‪ ،‬كلما برزت أهمية أدوار ومهام األمهات في تقديمها لخدمات‬
‫الرعاية واملرافقة والحضور الدائم إلى جانب الطفل أو الطفلة في وضعية إعاقة‪ .‬هذا ال يلغي‬
‫انخراط اآلباء أيضا‪ ،‬إال أن أولوية حضور األم تبقى واضحة وذلك على اختالف الثقافات‬
‫واملجتمعات‪ .‬ولعل ذلك ما يدفعنا إلى طرح بعض التساؤالت بخصوص مفهوم األمومة لدى هذه‬
‫العينات من النساء ‪:‬‬
‫كيف تعاش األمومة لدى هذه الفئات من النساء؟ كيف تمارس‬ ‫➢‬
‫وكيف تتمظهر ؟‬
‫كيف يتم تدبير هذا املعيش اليومي ؟ وما هي انعكاساته النفسية‬ ‫➢‬
‫واالجتماعية على األمهات؟‬
‫لإلجابة عن هذه التساؤالت‪ ،‬يتعين اإلشارة ولو بإيجاز لخصوصية وضع األمومة لدى هذه‬
‫العينات من األمهات‪ ،‬والتي تنطلق من ربط األمومة لديهن بوضعية "الصدمة"‪ .‬على اعتبار بأن كل‬
‫أم حامل إال ونجدها تحلم "بالطفل املأمول"‪ ،‬طفل مكتمل النمو‪ ،‬جميل الشكل بهي الطلعة‪،‬‬
‫مبتسم‪ ،‬تعلق عليه آماال مستقبلية عريضة قد تسعى من خاللها إلى تعويض ما افتقدته‪ ،‬سواء في‬
‫عالقتها بذاتها أو في عالقتها بزوجها‪ .‬إال أن حالة "الخسارة" أو "الفقدان" الحاصلة بسبب والدة‬
‫طفل في وضعية إعاقة‪ ،‬غالبا ما تحطم كل هذه اآلمال‪ ،‬وتجعل األم في حالة فزع وخوف وحزن‪.‬‬
‫حيث تمثل صدمة اإلصابة باإلعاقة منبع حزن وإحباط وألم ال يقل في كثير من األحيان عن ألم‬
‫‪1‬‬
‫اإلعالن عن املوت ‪ .‬مما يعرض األسرة بشكل عام واألمهات على وجه الخصوص‪ ،‬ملجموعة من‬
‫الصعوبات املادية واملعنوية التي يتعين مواجهتها‪ ،‬وتدبيرها بشكل أو بآخر ألجل ضمان استمرارية‬

‫‪ - 1‬السباعي خلود‪" ،‬األسرة‪ ،‬اإلعاقة‪ ،‬والدعم السيكواجتماعي"‪ ،‬وضعية اإلعاقة في املغرب‪ ،‬األبعاد النفسية‬
‫االجتماعية والتربوية‪ ،‬دراسات‪ ،‬نشر مقاربات‪ ،‬فاس‪ ،2017 ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪18‬‬
‫عيش هذا الطفل والتكفل به بصرف النظر عن طبيعة إعاقته أو درجتها‪.‬‬
‫ولقد تم االهتمام ضمن مختلف التيارات السيكولوجية بدراسة تأثيرات وقع صدمة والدة‬
‫طفل في وضعية إعاقة‪ ،‬على األوضاع النفسية واالجتماعية لألبوين بشكل عام‪ .‬حيث تم تعيين‬
‫وتشخيص مختلف املراحل التي يعيشها هؤالء‪ ،‬بدء من فترة اإلعالن عن النبأ وما ينتج عن ذلك من‬
‫ردود فعل عاطفية قوية‪ ،‬تتراوح ما بين الرفض واإلنكار وعدم االعتراف‪ ،‬مرورا بالقلق والكآبة‬
‫والغضب الداخلي والعداء الخارجي‪ ،‬وصوال إلى االعتراف وأخيرا إلى التكيف والسعي نحو التدبير‬
‫اليومي لإلعاقة‪.‬‬
‫في ظل هذه األوضاع السيكولوجية املفعمة بالرفض و اإلنكار والغضب أمام والدة طفل في‬
‫وضعية إعاقة‪ ،‬وفي ظل التمثالت االجتماعية التي تربط األمومة بالغيرية والقدرة الالمتناهية على‬
‫الحب والعطاء‪ ،‬تتموضع أغلب أمهات األطفال في وضعية إعاقة‪ .‬مما يتسبب في معاناتهن من‬
‫ضغوطات سيكواجتماعية مضاعفة‪ .‬ولقد قمنا في هذا املجال‪ ،‬بإجراء مجموعة من املقابالت مع‬
‫عدد من األمهات من مستويات تعليمية وأسرية مختلفة‪ ،‬تنتمي إلى أوساط سوسيواقتصادية‬
‫مختلفة أيضا‪ ،‬بينت مدى تشابه معاناة كل هؤالء األمهات على املستوى النفس ي واالجتماعي‪ .‬أما‬
‫فيما يتعلق باإلمكانيات املادية‪ ،‬فإنها تبقى ضرورية وحيوية‪ ،‬بحيث كلما توفرت اإلمكانيات كلما‬
‫ساهمت في التخفيف من وطأة اإلعاقة ‪ .‬إال أن ذلك ال ينفي وال يلغي مدى إحساس األمهات بالتعب‬
‫واإلرهاق والفشل في كثير من األحيان‪ .‬ولقد بينت بعض الدراسات التي قام بها كل من ‪Plant and‬‬
‫‪ Sanders‬على أن تقديم الرعاية وصعوبتها‪ ،‬ه ي من بين أكثر مصادر الضغط النفس ي على‬
‫‪1‬‬
‫األمهات ‪ .‬ويمكننا الوقوف على بعض من تلك املعاناة من خالل بعض املؤشرات التي نلخصها فيما‬
‫يلي ‪:‬‬

‫‪ . 1‬ربط الرعاية باألمومة ‪:‬‬


‫يمثل ربط أدوار الرعاية باألمومة‪ ،‬واعتبار األم املسؤولة األساسية عن رعاية الطفل‬
‫وتلبية مختلف احتياجاته‪ ،‬أحد أبرز التمثالت التي ترهق أمهات األطفال في وضعية إعاقة‪ .‬وذلك‬
‫بسبب ما تتطلبه "اإلعاقة" عموما من تقديم لخدمات رعائية وتربوية مضاعفة في كثير من األحيان‬
‫إن لم نقل كلها‪ .‬نظرا ملا تسببه اإلعاقة من عجز‪ ،‬يصبح معه الطفل أكثر توقفا على مساعدة األم‬

‫‪ - 1‬اللوزي صالح حمدان‪ ،‬متعب الفايز عبد الكريم‪" ،‬أثر وجود طفل معاق على الوالدين"‪ ،‬املجلة األردنية للعلوم‬
‫االجتماعية‪ ،‬املجلد ‪ ،1‬العدد‪ ،2008 ،1‬ص ‪.94‬‬
‫‪19‬‬
‫وحضوره ا بشكل مستمر لتلبية احتياجاته‪ ،‬بدءا من االحتياجات األولية الحيوية من قبيل األكل‪،‬‬
‫النظافة‪ ،‬اللباس‪ ،‬التنقل‪ ... ،‬وصوال إلى غيرها من الوظائف واملهام املرتبطة بالتعليم والتدريب‬
‫وحماية الذات ووقايتها من املخاطر‪ .‬وبالنظر إلى هذه الخصوصية الرعائية للطفل في وضعية‬
‫إعاقة وبما تقتضيه من خدمات زائدة‪ ،‬يتغير مفهوم الحياة في بعدها الشخص ي واألسري بالنسبة‬
‫لعدد كبير من األمهات‪ ،‬وفي مقدمتها تغير مفهوم الزمن‪ .‬حيث تلعب الخدمات الرعائية الروتنية‬
‫دورا حيويا في منح الزمن طابعا خاصا‪ ،‬يخرج فيه عن إيقاعه الطولي التعاقبي‪ ،‬لكي يأخذ طابعا‬
‫‪1‬‬
‫دائريا تشعر معه األم بأنها ضمن حلقة مفرغة ‪ .‬إذ غالبا ما تتشابه الخدمات وتتكرر بكيفية‬
‫روتينية‪ ،‬دون أن تطرأ على سلوكات الطفل أو وضعية إعاقته تغيرات ملموسة‪ ،‬وذلك بالرغم من‬
‫تطور سن الطفل ومرور الزمن‪.‬‬
‫ومن بين اإلكراهات التي تتعرض لها األمهات‪ ،‬الحاجة إلى إعادة هيكلة الزمن وتوزيعه لكي‬
‫يتم التكيف مع احتياجات الطفل‪ .‬بحيث يتعين إزالة عادات قديمة وتعويضها بأخرى جديدة‪،‬‬
‫تميل في غالبية األحيان إن لم نقل كلها إلى تقزيم الوقت "الحر"‪ ،‬أو أوقات "الزيارات" والعالقات‬
‫‪2‬‬
‫االجتماعية‪ ،‬وفي كثير من الحاالت وقت "الشغل"‪ ،‬لكي يتم تعويضه بأوقات الرعاية ‪ .‬وبناء على‬
‫ذلك‪ ،‬فإنه غالبا ما تفتقد هذه العينات من األمهات ما يمكن تسميته بالتوزيع الذاتي للزمن‪ ،‬بسبب‬
‫ارتباط زمنهن باحتياجات الطفل ومتطلباته‪ .‬فكل ما يدركنه عن الزمن‪ ،‬هو ضرورة تواجدهن‪،‬‬
‫وتفرغهن واستعدادهن الدائم للخدمة والحضور إلى جانب الطفل كلما دعت الضرورة إلى ذلك‪.‬‬
‫وبناء على هذه األوضاع التي تتطلب الحضور املستمر لألم‪ ،‬بينت جل الدراسات التي اهتمت‬
‫بانعكاسات اإلعاقة على األسرة‪ ،‬بأن نسبة هامة من األمهات ألطفال في وضعية إعاقة‪ ،‬يسعين إلى‬
‫تعطيل األنشطة الذاتية من قبيل ممارسة الرياضة أو ب عض الهوايات الشخصية‪ ،‬التقليص من‬
‫العالقات االجتماعية‪ ...‬كما أن نسبة هامة يتخلين عن الشغل ويقدمن استقالتهن عن الوظيفة‬

‫‪1 - Flora, Manuel, “Enfant handicapé, famille, travail, parentalité: une conciliation inpossible‬‬
‫‪?”Séminaire “Formes et engeux du lien social”, 2008 / 2009, Sous la direction de Dominique‬‬
‫‪Mansanti, Univ Pierre Mendes, Grenoble, P.38.‬‬
‫‪2 - AFIN, “experiencias de madres con hijos con discapacidad”, N°68, Enero 2015, P. 10.‬‬
‫‪20‬‬
‫‪1‬‬
‫ألجل التفرغ لرعاية الطفل‪ ،‬وذلك على خالف اآلباء ‪ .‬هذا دون أن نتحدث عن التغيرات الطارئة‬
‫على كيفية توزيعهن للزمن‪ ،‬سواء على مستوى اليوم أو الشهر أو السنة‪ ،‬وذلك تماشيا مع ما قد‬
‫تطرحه اإلعاقة من احتياجات نوعية‪ ،‬قد تغير من إيقاعات الليل والنهار‪ .‬كما تغيب فترات العطل‬
‫واالستجمام‪ ،‬واالحتفال ‪ ..‬ولقد أشارت إحدى األمهات إلى ذلك بقولها‪" :‬إذا كان اليوم يتضمن ‪24‬‬
‫ساعة‪ ،‬فإن تدبير الساعات والزمن يبقى مختلفا إلى درجة قد تتغير فيه معاني الليل والنهار"‪.‬‬
‫إال أن ما يثير االنتباه هنا‪ ،‬ويزيد من تعميق شكل املعاناة ودرجتها‪ ،‬هو إحساس عدد من‬
‫هؤالء األمهات بعدم "تمكنهن" من الشعور با لتعب أو التعبير عن ذلك‪ .‬وكما جاء على لسان عدد‬
‫منهن "ليس من حقنا أن نتعب‪ ،‬ليس لدينا وقت للتعب"‪ .‬مما يجعل عددا منهن يتحملن أعباء فوق‬
‫طاقتهن‪ ،‬وينسين أو يتناسين وضعهن الصحي وحاجتهن إلى الوقاية والعناية بصحتهن‪ .‬وكلما شعرت‬
‫األم بالتعب أو املرض على املستوى الفيزي ولوجي‪ ،‬كلما انعكس ذلك سلبا على وضعها النفس ي‪،‬‬
‫وساهم في الزيادة من إحساسها بالحزن والخوف والقلق على مستقبل الطفل ومآل العناية به‪.‬‬
‫الش يء الذي غالبا ما يدفع بعدد من األمهات وذلك بكيفية شعورية أو ال شعورية إلى عدم االهتمام‬
‫بصحتهن‪ ،‬وتجاهلهن ألعراض املرض والتقلي ل من أهميتها‪ .‬وتبقى األسباب الكامنة وراء هذه املعاناة‬
‫‪ ،‬مرتبطة إلى حد كبير باستدماج أغلب هؤالء األمهات للتمثالت االجتماعية التي تؤكد على أن‬
‫"األمومة" هي التضحية والصبر وعدم الشكوى‪ ،‬مما يجعل األم مرتبطة بالطفل خادمة وحيدة له‪.‬‬
‫بينما يخفف هذا العبء عن الرجل األب‪ ،‬الذي قد يعيش هذه األوضاع بشكل أقل حدة ومرارة‬
‫مقارنة باملرأة األم‪.‬‬
‫وفي هذا السياق املرتبط بالتمثالت االجتماعية لألمومة‪ ،‬تتحدث أمهات األطفال في وضعية‬
‫إعاقة عن معاناتهن من ضغوطات إضافية‪ ،‬ناتجة عن إحساسهن بوجود نوع من "الرقابة‬
‫االجتماعية املضاعفة"‪ .‬مما تصبح معه الصور النمطية "لألم الجيدة"‪ ،‬أكثر ضغطا وإيالما تدفع‬
‫باألمهات نحو املزيد من االحتراس من مالحظات اآلخرين والخوف من اتهامها بالتقصير أو اإلهمال‬
‫للطفل ألنه "معاق"‪ .‬فتجدهن حريصات على إظهار العناية واملبالغة فيها‪ ،‬وكأن األمر يتعلق برد‬
‫فعل سلوكي عن اتهامات يستشعرن وجودها في أعين ومالحظات اآلخرين‪ .‬وكما أشارت إحدى‬
‫املستجوبات ‪" :‬ملا أخرج مع ابني أالحظ نظرات اآلخرين تتفحصني وتراقب كيف أعامله ؟ هل أعتني‬
‫به ؟ هل أحبه فعال ؟"‪ .‬الش يء الذي يزيد من تعميق اإلحساس بالذنب لدى عينات واسعة من‬

‫‪1 - Baghdadli Amaria et autres, Education thérapeutique des parents d’enfants avec troubles du‬‬
‫‪specte autistique, Ed, ELSEVIER MASSON,Paris, 2015, P.23.‬‬
‫‪21‬‬
‫األمهات‪ ،‬كما يدفع بهن إل ى املزيد من االنعزال والتقوقع واالبتعاد عن مجاالت الحياة العمومية‪.‬‬
‫وهنا تصرح عدد من األمهات‪ ،‬بأن املشكلة ال تقف عند حدود اإلعاقة وما تقتضيه من خدمات و‬
‫إكراهات‪ ،‬وإنما في التمثالت االجتماعية والصور النمطية التي نحملها عن اإلعاقة من جهة‪ ،‬وعن‬
‫الصورة املثالية "لألم الجيدة" املجسدة لنبع الحب والحنان والتضحية الالمتناهية من جهة ثانية‪.‬‬
‫مما يدفع باألمهات إلى اإلفراط في العناية بالطفل‪ .‬الش يء الذي غالبا ما يساهم في شعورهن‬
‫باإلنهاك على املستوى النفس ي والجسدي‪ ،‬و ينعكس سلبا على استقاللية الطفل ويعرقل بنسبة‬
‫كبيرة إمكانيات اندماجه في محيطه‪.‬‬
‫ومن بين املعطيات التي قد تزيد من تعميق هذا الشعور بالخوف من رقابة اآلخرين‪ ،‬حضور‬
‫البعد الديني‪ .‬والذي غالبا ما يساهم في استدماج األمهات لهذه الرقابة‪ ،‬التي تصبح بمثابة جلد‬
‫داخلي للذات ومصدر قلق يحتاج إلى إثبات مستمر لقيامها بواجبها "كأم جيدة"‪ .‬حيث تصبح‬
‫إعاقة الطفل بمثابة اختبار مستمر لها‪ ،‬وامتحان يومي يتجاوز عالقتها بإبنها لكي يشمل عالقتها‬
‫بربها‪ .‬وهنا تتراوح مواقف األمهات ما بين نظرتهن لإلعاقة كاختبار سوف يحاسبن على كيفية‬
‫تدبيره‪ ،‬أو كهدية وتميز من هللا تمنحهن فرصة إضافية لكسب األجر والثواب‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى‬
‫أنه في كلتا الحالتين‪ ،‬تلعب هذه التمثالت دورا حيويا في تكثيف أساليب العناية على املستوى‬
‫الفزيولوجي‪ ،‬وتعميق أسباب الضغط والقلق على املستوى النفس ي‪.‬‬
‫وتعتبر هذه التمثالت أحد أبرز امليكانيزمات السيكولوجية التي تدفع بنسبة عالية من‬
‫األمهات إلى اإلفراط في الرعاية وخدمة الطفل‪ .‬مما يساهم في خلق "االعتمادية" لدى الطفل‪،‬‬
‫وعرقلة إمكانية تحقيقه الستقالليته وتنميته لقدراته‪ .‬وذلك فضال عما يمكن أن يخلقه االعتماد‬
‫على الغير من مشاعر االكتئاب ونقصان الدوافع‪ ،‬وغموض االتجاهات‪ ،‬واالتجاه إلى العزلة‬
‫‪1‬‬
‫واالنطواء‪ ،‬إلى أن يصاب بجمود االستجابة االنفعالية ‪ .‬ومن بين التمثالت املزكية لهذه االعتمادية‪،‬‬
‫اعتقاد كثير من األمهات بأنها تمثل "الشخص الوحيد" الذي يمكن أن يحسن رعاية الطفل‬
‫واالستجابة لطلباته‪ ،‬وبأنها الوحيدة القادرة على فهمه والتجاوب معه‪ ،‬وبالتالي فال يمكن ألحد أن‬
‫يعوضها في ذلك‪ .‬الش يء الذي يجعل الطفل بسبب تعوده على هذه العالقة الثنائية‪ ،‬أكثر ارتباطا‬
‫بأمه‪ ،‬رافضا تعويض خدماتها من طرف شخص ثان‪ .‬مما يزيد من معاناة األمهات‪ ،‬ويقلص من‬
‫الحاجة إلى املؤسسات املساعدة‪ ،‬ويخلق نوعا "مختال" من االرتباط الذي يصبح في حد ذاته عالقة‬

‫‪ - 1‬الكنوني رشيد‪ ،‬اإلعاقة باملغرب‪ ،‬عنف التمثالت وممكنات التغيير‪ ،‬نشر املدارس‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2017 ،‬ص‬
‫‪.142‬‬
‫‪22‬‬
‫‪1‬‬
‫مسببة للقلق ‪.‬‬
‫‪" . 2‬التغير" السريع ‪:‬‬
‫إذا كانت كل الدراسات السيكولوجية تؤكد بأن اإلعاقة تغير من النسق األسري و العالئقي‬
‫لألسرة‪ ،‬وبأن هذا التحول يجعلنا نتحدث عن ما قبل وما بعد اإلعاقة‪ ،‬فعلينا أن ندرك بأن األم هي‬
‫أول من يفرض عليها أن تغير من عاداتها وطريقة تدبيرها ألوضاع أسرتها‪ .‬بل يمكننا القول بأنها‬
‫تشكل العماد األساس ي لهذا التغيير وذلك لسببين أساسيين‪ ،‬أولهما‪ ،‬باعتبارها القائمة في غالبية‬
‫األحيان بمسؤوليات األسرة‪ ،‬وثانيهما باعتبارها من يتعين عليه تقديم املثال على مستوى التكيف‬
‫والوضع الجديد‪ .‬إال أن ما يرهق األمهات ليس التغيير في ذاته وإنما وتيرته‪ ،‬والتي غالبا ما تكون‬
‫سريعة ومفاجئة تجعل األم في حالة من التوهان‪ .‬هذا التوهان الذي غالبا ما ينتج عن الشعور‬
‫بالضغط أمام حاجتها إلى التأقلم مع وضع جديد لم تتمكن بعد من استيعابه‪ ،‬وضرورة مبادرتها‬
‫باإلعالن عن ذلك من خالل السلوك‪ .‬إذ غالبا ما تلعب األم دور "القاطرة"‪ ،‬التي تجر باقي أفراد‬
‫األسرة نحو نسق أسري جديد‪ ،‬ضمن أنماط جديدة أيضا من العيش والتفاعل‪ .‬ومن هنا تأكيد‬
‫الدراسات السيكولوجية على ضرورة مرافقة األسر بشكل عام‪ ،‬واألمهات على وجه الخصوص‪.‬‬
‫وذلك ضمن مقاربة "تشاركية بن ائية"‪ ،‬تنطلق من منح "الزمن للزمن"‪ .‬واملقصود بذلك منح اآلباء‬
‫مساحة زمنية ال يستهان بها‪ ،‬حتى يتمكنوا من تجاوز» ‪ « Chaos‬الذي ينتاب حياتهم بسبب‬
‫‪2‬‬
‫اإلعاقة ‪.‬‬
‫ويشير ‪ Mc Cubbin‬إلى ما تتطلبه هذه العملية من مجهودات سيكولوجية‪ ،‬وذلك باستناده‬
‫إلى مؤشرين أساسيين هما عاملي ‪ :‬الزمن و ‪ . La résilience‬موضحا ما تقتضيه إمكانية التكيف‬
‫والوضع الجديد من شروط ال تقف عند حدود توفير اإلمكانيات املادية الالزمة‪ ،‬وإنما هو عبارة عن‬
‫مجموعة من السلوكا ت العينية التي تعكس بلوغ مرحلة "التقبل"‪ .‬ويقصد "بالتقبل"‪ ،‬إمكانية بلوغ‬
‫اآلباء مرحلة ‪ .La résilience‬وتلك مرحلة تحتاج بالضرورة إلى متسع من الوقت‪ ،‬ونسبة ال يستهان‬
‫بها من السنين حتى تستقر العالقة ويثبت "التكيف" في أعماق النفس‪ .‬مما نلمس من خالله الفرق‬
‫العميق ما بين "التكيف" كسيرورة عملية‪ ،‬وما بين "التقبل" كميكانيزم يحتاج إلى سيرورة زمنية‬

‫‪1 - Baghdadli Amaria et autres, Education thérapeutique des parents d’enfants avec troubles du‬‬
‫‪specte autistique, Ed, ELSEVIER MASSON,Paris, 2015, P.‬‬
‫‪2 - Nader –Grosbois Nathalie, Psychologie du handicap, de boeck, 1° Ed, Paris, 2015.P.51.‬‬
‫‪23‬‬
‫وعاطفية‪ ،‬وليس مجرد مرحلة تأتي حتما بعد الصدمة و االنكار‪ .‬فهناك عدد من األسر التي‬
‫تتعايش وتدبر ظروف أبنائها بشكل جيد على املستوى املادي مما يعكس مدى نجاحها على مستوى‬
‫"التكيف"‪ ،‬إال أن ذلك ال يعني بالضرورة بلوغها مرحلة "تقبل" اإلعاقة على املستوى النفس ي‬
‫واالجتماعي‪.‬‬
‫وبصرف النظر عما قد تتطلبه ‪ La résilience‬من سيرورة زمنية‪ ،‬فإنه يتعين على األم أن‬
‫تتغير‪ ،‬فتنضج‪ ،‬وتبادر‪ ،‬وتواجه‪ ،‬وتبحث‪ ،‬وتتعلم‪...،‬عليها أن تصبح "واقعية"‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى‬
‫أن "جرعة الواقعية" يجب أن تحصل عليها دفعة واحدة وبسرعة‪ ،‬فتقبل بوجود اإلعاقة‪ ،‬وتغير‬
‫أهدافا بأهداف‪ ،‬وأحالما بأحالم‪ .‬عليها أن تتغير في ظرف زمني سريع إلى وضع لم تفكر فيه من قبل‪،‬‬
‫وهي من كان يحلم فقط باألمومة‪ ،‬فمنحتها الظروف أمومة مضاعفة ذات خصوصيات محملة‬
‫بعدد من املسؤوليات واألدوار‪.‬‬
‫ومن بين أبرز الخصوصيات املميزة ملفهوم "الواقعية" هنا‪ ،‬هو فهم األم بأنها تعيش وضعا‬
‫أموميا خاصا‪ ،‬أبرز ما يميزه أن "األمومة وحدها ال تكفي"‪ .‬فعليها أن تتقبل بعناء وألم بأنها ليست‬
‫كسائر األمهات‪ .‬فاألمومة عندها قد ال تنبع من خال ل عالقتها بالرضيع‪ ،‬وإنما هي في حاجة إلى‬
‫تدخل أشخاص آخرين كي تتعلم كيف تتعامل مع طفلها‪ .‬فغالبا ما نجد األم الحديثة العهد‬
‫بالوالدة لطفل في وضعية إعاقة‪ ،‬تنظر بعين األلم إلى باقي األمهات وهن يرضعن وينظفن ويحضن‬
‫أبنائهن بشكل سلس وتلقائي‪ ،‬بينما تعجز هي عن ذلك‪ .‬فينتابها الشعور باألس ى والحزن‪ ،‬ألن تحقق‬
‫مشروع األمومة بالنسبة لها غير كاف‪ ،‬وبأنه يقتض ي حتمية املساعدة من "الخارج"‪ .‬إنها ليست‬
‫كباقي األمهات‪ ،‬عليها أن تطلب املساعدة وتتعلم كيف تتصرف مع ابنها‪ ،‬كيف تحضنه‪ ،‬كيف‬
‫تطعمه‪ ...‬ألنه طفل له احتياجات ومتطلبات خاصة‪ .‬وتستمر هذه املشاعر باستمرار الزمن وتقدم‬
‫الطفل في السن‪ ،‬لكي تعيش نفس األسف وهي تنظر إلى الدخول املدرس ي‪ ،‬فترات اإلعالن عن‬
‫النتائج‪ ،‬االنخراط في األنشطة املوازية في املدرسة‪ ،‬فترات النجاح والتخرج‪... ،‬إلى غاية بلوغ مرحلة‬
‫الرشد ودخول عالم الشغل‪ ،‬االحتفال بفترة الخطوبة ثم الزواج وانتظار مجيء األحفاد‪.‬‬
‫‪ . 3‬التعلم واالنفتاح على عوالم معرفية وبيداغوجية جديدة ‪:‬‬
‫من أبرز وأهم األدوار التي توكل لآلباء‪ ،‬هي اعتبارهم أولياء أمور األبناء‪ .‬إنهم املصدر‬
‫املسؤول شرعيا ومدنيا عن كل املعلومات املتعلقة باألبناء‪ .‬وفي ظل هذه املسئولية الوالدية‪ ،‬يتولى‬
‫املجتمع توزيع املهام وفقا ملنظور جندري‪ ،‬يتم فيه ربط كل املسؤوليات املتعلقة بتربية وتعليم‬
‫وصحة األبناء باألمهات‪ .‬و بناء على ذلك‪ ،‬تمثل األمهات بالنسبة لألخصائيين في مجال اإلعاقة‬
‫وصحة الطفل بشكل عام‪ ،‬املصدر األساس ي في الحصول على كل املعلومات املرتبطة بالطفل‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫فاألم هي من يواجه األخصائيين على اختالفهم‪ .‬وهنا تطرح ضرورة إملامها بكل صغيرة وكبيرة‬
‫تخص ابنها‪ .‬فتسأل عن التواريخ واملالحظات والتفاصيل الدقيقة عن حالة الطفل‪ ،‬وأوضاعه‪ ،‬مما‬
‫يتطلب منها الدقة في التعبير‪ ،‬فهم املصطلحات الطبية واستيعابها‪ ،‬تذكر كل التعليمات ‪....‬بل قد‬
‫يتعين عليها أن تقدم في بعض األحيان "تقارير" مفصلة عن وضعية الطفل وتصرفها معه‪ .‬مما‬
‫يجعل من عالقتها بمختلف املختصين والطاقم الطبي والبيداغوجي‪ ،‬مصدرا آخر للقلق والتوتر‪.‬‬
‫فتشعر أمام كل هؤالء املختصين بما يمتلكونه من معارف وتقنيات علمية أن تثبت بأنها متتبعة‪،‬‬
‫حاضرة‪ ،‬ال تغيب عنها أية شائبة‪ .‬عليها أن تثبت بأنها "أم جيدة"‪ ،‬واألم الجيدة هي من تعرف‪ ،‬تفهم‪،‬‬
‫وتحدد بشكل دقيق كل احتياجات طفلها‪.‬‬
‫وبناء على ذلك تشعر نسبة هامة من األمهات‪ ،‬بضرورة انفتاحهن على املعلومات الطبية‬
‫واملصطلحات التقنية‪ .‬فيستشعرن بحاجت هن الحيوية إلى "التعلم" واالطالع واكتساب الخبرة‬
‫واالنفتاح‪ .‬وكلما تعلق األمر بأم متعلمة متمدرسة‪ ،‬كلما شعرت بتعاظم هذا الدور ووطأته‪ ،‬وغمرها‬
‫اإلحساس بأنها "غير معذورة" عن جهلها ببعض املعلومات املرتبط بطبيعة إعاقة طفلها‪ .‬ومن بين‬
‫املعطيات التي تساهم في تعميق إحساسها بالذنب على هذا املستوى‪ ،‬ما قد يبديه عدد من‬
‫األخصائيين من مالحظات‪ ،‬ناتجة عن حاجتهم إلى ضرورة التعاون مع األم سعيا نحو تحسين‬
‫أساليب التدخل واملرافقة‪.‬‬
‫‪ . 4‬تصنع الرضا وتمثيل دورالسعادة ‪:‬‬
‫أمام كل هذه اإلكراهات املادية والنفسية‪ ،‬يتعين على األم أن تبتسم وتسعى إلى الحفاظ‬
‫على نظام األسرة وانسجامه‪ ،‬من خالل لباس قناع ‪ . La normalité‬فتبذل كل جهدها لكي تقدم‬
‫أسرتها ملحيطها القريب أو البعيد‪ ،‬على أنها أسرة "عادية" كغيرها من األسر‪.‬علما بأن األسر التي‬
‫تتضمن أشخاصا في وضعية إعاقة‪ ،‬هي أسر تعيش االختالف في أشد صوره‪ .‬إال أن املجتمع بشكل‬
‫عام‪ ،‬والنسق األسري على وجه الخصوص‪ ،‬قلما يتقبل اإلعالن عن هذا االختالف‪ .‬وغالبا ما يتعين‬
‫على األم أن تكون في مقدمة من يلعب هذا الدور‪ ،‬لكي تسمح كما سبقت اإلشارة للنسق األسري‬
‫بالحفاظ على توازنه واستمراريته‪ .‬وتشير ‪ Patterson‬إلى أن األمهات يلعبن دورا حيويا في امتصاص‬
‫‪1‬‬
‫ضغط األسرة‪ ،‬حماية لباقي األفراد‪ ،‬مما يعرضهن ألمراض فزيولوجية ونفسية ‪ .‬ولعل ذلك‪ ،‬ما‬
‫يدفع بنسبة هامة من األمهات إلى تقمص دور األم السعيدة وارتداء لباس "التقبل" لإلعاقة‪ ،‬دون‬

‫‪ - 1‬إيمان فؤاد الكاشف‪ ،‬إعداد األسرة والطفل ملواجهة اإلعاقة‪ ،‬دار الطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪،2001 ،‬‬
‫ص ‪.140‬‬
‫‪25‬‬
‫أن تمنح نفسها حق التعبير عن غضبها أو حزنها‪ .‬علما بأن التعبير عن الغضب يبقى أمرا منتظرا إن‬
‫لم يكن طبيعيا في ظل وجود مجموعة من اإلكراهات التي تدعو إلى الغضب وفي مقدمتها‪ ،‬غياب‬
‫تصور الشفاء من اإلعاقة‪ ،‬غياب املساعدة والخدمات املناسبة‪ ،‬رفض املجتمع لإلعاقة وإحاطتها‬
‫بمجموعة من االتجاهات الوصمية‪ ،‬غموض مستقبل الطفل عند غياب األبوين‪ ،‬الشعور بالعياء‬
‫والعزلة‪ ...‬وتلك معطيات يبقى من املحتمل جدا أن تدفع نحو الشعور بالحزن واألس ى على الوضع‬
‫الحالي‪ .‬وال نستثني من هذا الوضع ‪ ،‬تلك العينات من األمهات اللواتي يتميزن بنسبة عالية من‬
‫الفاعلية والنشاط واالنخراط في املجتمع املدني‪ .‬فيكرسن جزء هاما من حياتهن ألجل البحث عن‬
‫البرامج والتقنيات الجديدة‪ ،‬أو يسعين نحو املرافعة والنضال من أجل حماية حقوق األطفال في‬
‫وضعية إعاقة‪.‬‬
‫فعلى حساب مشاعرهن وحقيقة أحاسيسهن‪ ،‬تضطر نسبة من األمهات إلى لعب دور األم‬
‫املبتهجة حفاظا على استمارية األسرة وضمانا لتوازنها الداخلي‪ .‬هذا فضال عما تعيشه بعض‬
‫األمهات من اتكالية مادية على الزوج‪ ،‬تجعلها في حالة وجود اإلعاقة أكثر خوفا من الطالق أو الهجر‬
‫أو االنفصال الذي ينهجه بعض األزواج في مثل هذه الظروف‪ .‬مما يساهم بشكل كبير في تعميق‬
‫معاناة هؤالء األمهات‪ ،‬ويساهم في زيادة تكثيف تحملهن ملسؤولية الطفل في وضعية إعاقة بكيفية‬
‫منفردة‪ .‬وذلك بما تقتضيه وضعية اإلعاقة بشكل عام‪ ،‬من مصاريف واحتياجات مادية هامة‪،‬‬
‫جعلت عددا م ن األشخاص مؤمنين بأن "اإلعاقة تفقر"‪ ،‬نظرا لتكاليفها املادية‪.‬‬
‫تحت ضغط هذه اإلكراهات‪ ،‬تبذل نسبة هامة من األمهات مجهودات سيكولوجية جبارة‬
‫من أجل تقمص نموذج "األم املثالية"‪ ،‬الصبورة املضحية‪ ،‬املحافظة على أسرتها انسجاما مع‬
‫الصورة النموذجية ملفهوم "األسرة العادية" ‪ . La normalité‬وذلك علما بأننا أمام أسرة تحتضن‬
‫االختالف‪ ،‬وتواجه مجموعة من اإلكراهات والصعوبات‪ ،‬التي يتعين طرحها واإلعالن عنها بدال من‬
‫إخفائها وتمويهها‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أنه من أهم وظائف األخصائي النفس ي في مجال اإلعاقة‪،‬‬
‫تشجيع اآلباء على التعبير عن االن فعال وعن غضبهم "العادي" من اإلعاقة‪ ،‬وعدم التعامل مع هذه‬
‫االنفعاالت على أنها سلبية‪ .‬ملا للتعبير عن االنفعاالت في هذا املجال‪ ،‬من دور تطهيري إيجابي‪،‬‬
‫مساعد على التخفيف من الضغط والوقاية من الشعور باالكتئاب‪.‬‬
‫خالصة‪:‬‬
‫تلك بعض من معالم معيش أمهات األطفال في وضعية إعاقة ذهنية‪ ،‬وهي كما نالحظ‬
‫تعكس واقعا مليئا باملعاناة املادية واملعنوية‪ ،‬والتي لم تنل حظها الكافي من االهتمام سواء على‬
‫مستوى الدراسات أو اهتمامات املعنيين بتدبير أمور اإلعاقة بشكل عام‪ .‬كل هذه املعطيات تزيد‬

‫‪26‬‬
‫من الضغوطات النفسية‪ ،‬والشعور بالقلق لدى األمهات‪ ،‬وترفع من احتمالية تعرض نسبة هامة‬
‫منهن لالكتئاب‪ .‬إذ يتعين على كل أم أن تواجه‪ ،‬تتحدى‪ ،‬تتعلم‪ ،‬تتسلح باألمل ‪ ..‬وذلك في ظل غياب‬
‫املرافقة‪ ،‬الدعم النفس ي‪ ،‬والعزلة املفروضة بما فيها العزلة عن الزوج أحيانا‪.‬‬
‫وتبقى األسباب الكامنة وراء معاناة هذه العينات من النساء متعددة ومرتبطة في جزء منها‬
‫بغياب أو ندرة اإلمكانات املادية‪ ،‬إال أنها تبقى مرتبطة في جانبها األعمق بمجموعة من التمثالت‬
‫االجتماعية الجندرية‪ .‬هذه التمثالت التي تربط األمومة بمجموعة من الصفات التي تتلخص في‬
‫التضحية وا لغيرية ونكران الذات‪ .‬فبالرغم مما طرأ على حياة النساء من تحوالت هامة على‬
‫مستويات متعددة‪ ،‬إال أنها لم تصل بعد إلى تغيير عدد من التمثالت التي الحقت النساء وكبلت‬
‫حياتهن على مر التاريخ‪.‬‬
‫بيبليوغرافيا ‪:‬‬
‫• أي رانسوم‪ ،‬إليزابيت‪ ،‬و نانس ي في ينجر‪ ،‬أمومة أكثر أمانا‪ ،‬التغلب على العقبات في الطريق إلى الرعاية‪ ،‬املكتب‬
‫املرجعي للسكان‪ ،‬فبراير ‪ ،2002‬مصر‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫• اللوزي صالح حمدان‪ ،‬متعب الفايز عبد الكريم‪" ،‬أثر وجود طفل معاق على الوالدين"‪ ،‬املجلة األردنية للعلوم‬
‫االجتماعية‪ ،‬املجلد ‪ ،1‬العدد‪ ،2008 ،1‬ص ‪.94‬‬
‫• الكنوني رشيد‪ ،‬اإلعاقة باملغرب‪ ،‬عنف التمثالت وممكنات التغيير‪ ،‬نشر املدارس‪ ،‬الدار البيضاء‪.2017 ،‬‬
‫• العزيزي‪ ،‬خديجة‪ ،‬األسس الفلسفسة للفكر النسوي الغربي‪ ،‬بيسان للنشر والتوزيع واإلعالم‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬يونيو ‪.2005‬‬
‫• السباعي‪،‬خلود‪" .‬األمومة ورهان الديموقراطية"‪ ،‬ا املجلة العربية "نفسانيات"‪ ،‬العدد ‪ ،59‬خريف ‪ .2018‬شبكة‬
‫العلوم النفسية العربية‪.‬‬
‫• السباعي خلود‪" ،‬األسرة‪ ،‬اإلعاقة‪ ،‬والدعم السيكواجتماعي"‪ ،‬وضعية اإلعاقة في املغرب‪ ،‬األبعاد النفسية‬
‫االجتماعية والتربوية‪ ،‬دراسات‪ ،‬نشر مقاربات‪ ،‬فاس‪.2017 ،‬‬
‫• السباعي‪ ،‬خلود‪" .‬سيكولوجية املرأة"‪ ،‬مجلة علوم التربية‪ ،‬العدد ‪ ،50‬دسمبر ‪ ،2011‬ص ‪.54‬‬
‫• محمد عوض خميس ‪،‬دفاعا عن املرأة ‪ ،‬دراسة نفسية اجتماعية جنسية ‪ ،‬العربي للنشر والتوزيع ‪ ،‬القاهرة‬
‫‪.1985‬‬
‫• فؤاد الكاشف‪ ،‬إيمان‪ ،‬إعداد األسرة والطفل ملواجهة اإلعاقة‪ ،‬دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.2001‬‬
‫‪• AFIN, “experiencias de madres con hijos con discapacidad”, N°68,‬‬
‫‪Enero 2015.‬‬
‫‪• Agoudelo – Londono, Jesica et all, Ser mujer : entre la maternidad y‬‬
‫‪identidad, Revista Poiesis, N° 31, Colombia.‬‬
‫‪• Baghdadli Amaria et autres, Education thérapeutique des parents‬‬
‫‪d’enfants avec troubles du specte autistique, Ed, ELSEVIER‬‬
‫‪27‬‬
MASSON,Paris, 2015.
• Barrantes –Valverde Maria, y Cubero, Maria- Fernando, « La
maternidad como un constructo social determinante en el rol de la
feminidad », Wimb, Rev. Electronica de estudiantes, Esc, psicologia,
Univ de Costa Rica, 9(1), 2014.
• Blaessinger, Rodrigo –Robles, “Maternidad : Un deseo femenino en la
teoria Freudiana”, Revista Nomadias, Nov, N°16, 2012.
• Bourqia, Rahma, Femmes et fécondité, Afrique Orient, Casablanca,
1996.
• Carrasco, Alejandra. “Mujer, Cuerpo y psicología”, Estudios públicos,
60, Primavera 1995.
• Cristina Palomar Verea, Cristina, “Maternidad : Istoria y cultura”, La
ventana, N°22, 2005.
• Fuller, Norma. Dilemas de la feminidad : Mujeres de clasé media en el
Peru, Pontificia Universidad Catolica del Peru , 1993.
• Flora, Manuel, “Enfant handicapé, famille, travail, parentalité: une
conciliation inpossible ?”Séminaire “Formes et enjeux du lien social”,
2008 / 2009, Sous la direction de Dominique Mansanti, Univ Pierre
Mendes, Grenoble.
• Grenier-Torres,Chryselle," Infécondité et rapport de genre".
Experiences de femmes infécondes vivant à Bouaké entre contraintes et
subjectivation", (Cote d’Ivoire), In, L’Identité genré au cœur des
trensformations, Du corps séxué au corps genré, L’Harmattan, Paris,
2010.
• Matud –Aznar, M.Pilar, "Salud, equidad y genero", Jornadas sobre
salud , genero y calidad de vida, Arona, Noviembre, 2006.
• Nader –Grosbois Nathalie, Psychologie du handicap, de boeck, 1° Ed,
Paris,2015.
• Salletti Cuesta, Lorena. “El concepto de maternidad”, Clepsydra, N°7,
Enero 2008.
• Palomar – Verea, Cristina," Maternidad : historia y cultura", La
ventana, N°22 / 2005.
: ‫شهادة أم طرح عليها السؤال بخصوص معيشها اليومي مع ابنها الذي يوجد في وضعية إعاقة‬
‫؟‬... ‫كيف أعيش‬
‫ كان ملفه الطبي أثقل وأكبر منه حجما‬، ‫منذ األسبوع األول لوالدة طفلي‬ ➢
.‫ يوم األولى تعرفت على عدد من األقسام في املستشفى‬15 ‫منذ‬ ➢
‫ لم آخذها أنا أمه‬... ‫ كان قد أخذ جرعات كبيرة من األدوية‬:‫في شهر‬ ➢
... ‫ اسجل فيه املقبول واملرفوض والتعليمات‬،‫ أصبحت أعيش بدفتر إلى جانبي‬: ‫في سن سنة‬ ➢
‫ألنها كثيرة وبدأت أنس ى وأخاف أن أخطأ في األدوية والجرعات‬
‫ أصبحت أشياؤه تحتل أمكنة كثيرة في املنزل أكثر منه‬: ‫ سنوات‬2 ‫في‬ ➢
‫ أصبحن ينادين علي باسمي وأنا كذلك‬،‫ كنت قد تعرفت على عدد من املمرضات‬:‫ سنوات‬3 ‫في‬ ➢
28
‫أنادي عليهن باسمهن‬
‫في ‪ 5‬سنوات ‪ :‬كنت قد تعرفت على كل املستشفيات العمومية في املدينة‬ ‫➢‬
‫ال أتذكر أيام شبابي خالل هذه السنوات‪ ،‬لم أكن أنظر إلى نفس ي في املرآة‪ ،‬لم أكن أختار ألوان مالبس ي‪،‬‬
‫وال املالبس التي تناسبني ‪...‬‬
‫حتى في األحالم تهاجمني اإلعاقة ‪...‬فأجد نفس ي مضطرة ألن أتعلم لغة الطب والبيداغوجيا وعلم النفس‬
‫يقولون ‪ :‬عليك أن تعلميه االستقاللية فأنت لست دائمة له‪ ،‬فيركبني الرعب من رأس ي إلى قدمي‪ ،‬كيف‬
‫أعلمه أن يعتمد على نفسه وكلي خوف وعدم ثقة‬
‫منذ أن رزقت بابني شعرت وكأنني ركبت في مركبة فضائية‪ ،‬لم أختر رحلتي أو سفري‪ ،‬وال أعرف وجتهي‪ ،‬ولم‬
‫يقبل أحد بمرافقتي‬
‫تحملت كثيرا من نظرات الشفقة كما سمعت كثيرا من عبارات التنويه‬
‫يسمونك بأسماء انت غير راغبة فيها‪ ،‬ال أعرف أمام هذه العبارات هل أفتخر أم أبكي‪.‬‬
‫ثم مع مرور الزمن ‪ ،‬يصل اليوم الذي تصبحين فيه بفعل االحتكاك والتعايش اليومي مع ابنك‪ ،‬تنظرين إلى‬
‫العالم بأعينه‪ ،‬فيتغير فهمك وتقييمك للعالم واآلخرين‪ .‬تشعرين بأنك قد أصبحت أنضج وأرقى وأجمل الجميالت‪،‬‬
‫تشعرين بثقة كبيرة في نفسك‪ ،‬ألن القدر قد اختار بأن يمنحك هذا التميز‪.‬‬
‫أن تكوني أما لطفل في وضعية إعاقة‪ ،‬معناه أن تكوني مستعدة للجري حتى ترافقي سيره البطيء‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫الكوتا او نظام احملاصصة ‪ :‬قراءة يف التجربتني املغربية‬
‫واجلزائرية‬
‫د‪ .‬صباح العمراني‬
‫باحة يف العلوم السياسية‬

‫حظيت قضية التمكين السياس ي للمرأة وتعزيز مشاركتها الفعالة في الحياة العامة باهتمام‬
‫كبير على أجندة الدول والحكومات بشكل عام في العالم ‪ ،‬وذلك بسبب الواقع االجتماعي السائد‬
‫املتمثل في التهميش واالقصاء ورسوخ النظرة الدونية للمرأة ‪ ،‬كما أن مشاركة املرأة في الحياة‬
‫السياسية تعتبر مؤشرا ومقياسا على تقدم وتحضر املجتمع‪.‬‬
‫وتعتبر املرأة شريكا اساسيا في تحقيق اهداف التنمية ‪ ،‬وفي بناء املجتمع الديمقراطي ‪.‬‬
‫وتعني مشاركة املرأة في الحياة العامة ‪ :‬املشاركة االقتصادية في قوة العمل انتاجا واستهالكا‪،‬‬
‫واملشاركة االجتماعية في االسرة وعضوية مؤسسات املجتمع املدني ‪ ،‬واملشاركة النقابية في معرفة‬
‫قضايا العاملين وحقوقهم‪ ،‬واملشاركة السياسية في صنع القرار السياس ي وتنفيذه ‪.‬‬
‫ومطلب املشاركة السياسية للمرأة وتعظيم دورها في مواقع صنع القرار ‪ ،‬لم يعد مطلبا‬
‫خاصا باملرأة ‪ ،‬بل هو امر تحتمه متطلبات التنمية املجتمعية لضمان تعبير املرأة عن حقوقها‬
‫واحتياجاتها ‪.‬‬
‫ويمثل التفكير في سبل الرفع من اشراك املرأة في الشأن العام واملؤسسات السياسية‬
‫بصفة خاصة وفق مقاربة تركز على عنصر التكامل بين املرأة والرجل تحديا كبيرا باعتباره مدخال‬
‫يروم البحث عن التنمية ‪ ،‬ودافعا للحكومات لتبني خطط وبرامج تشجع على القيام بإجراءات‬
‫وتدابير تخول املرأة فرصا أكبر إلشراكها في السلطة وفي كافة مراحل اتخاذ القرار‪ ،‬وضمان حضور‬
‫فعال ومشاركة متساوية على مستوى أجهزة القرار لكل من الرجل واملرأة ‪.‬‬
‫ولكن أمام ضعف تمثيلية املرأة في الوظائف العامة واملناصب العمومية وعدم تمكنها من‬
‫ولوج مراكز القرار ‪ ،‬استقر التوجه الدولي على إبداع آليات تمكن املرأة من تعزيز مشاركتها في‬
‫مختلف املجاالت وعلى كافة املستويات ‪ ،‬فكانت "الكوتا" أو نظام املحاصصة كآلية لتوسيع‬
‫املشاركة للمجموعات االقل حظا في التمثيل ملنحها فرصا أفضل ‪ ،‬اهم تقنية اعتمدتها الدول‬
‫سواء املتقدمة منها او السائرة في طريق النمو لتجاوز ضعف تمثيلية املرأة‪ .‬ويطرح هذا النظام‬
‫جدال واسعا في االوساط السياسية حول مساهمة هذه االلية في تجاوز معضلة املشاركة‬
‫السياسية للمرأة‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫ولقد لقي موضوع املشاركة السياسية للمرأة في املغرب اهتماما كبيرا خالل العقدين‬
‫االخيرين من طرف الدولة وكل املهتمين بالديمقراطية وحقوق االنسان‪ ،‬حيث اعتبر مطلب إقرار‬
‫نظام الكوتا مطلبا مركزيا لدى مختلف التنظيمات النسائية منذ فترة التسعينات من خالل‬
‫املذكرات املطلبية ‪ ،‬اذ سيتم اعتماد هذا النظام في املغرب منذ سنة ‪. 2002‬‬
‫ونصت العديد من الدول العربية ومن بينها الجزائر في دساتيرها وأنظمتها القانونية على‬
‫املساواة بين املواطنين‪ ،‬وأورد البعض منها عددا من مظاهر هذه املساواة من قبيل الحقوق‬
‫السياسية؛ تولي الوظائف العمومية؛ تكافؤ الفرص‪ .‬غير أن الواقع ال يعكس هذه الوضعية‪ ،‬ذلك‬
‫أن التطور والتحسن الذي تعرفه املرأة في مختلف املجاالت ال تظهر نتائجه على واقع املرأة التي‬
‫ظلت تعاني اإلجحاف ‪ ،‬وبخاصة على مستوى املساهمة الفعالة في مراكز القرار جراء الضعف‬
‫امللحوظ في مشاركتها في عدد من املؤسسات السياسية ‪ ،‬ولتجاوز هذا الضعف ‪ ،‬تبنت هذه الدول‬
‫مبدأ الكوتا او املحاصصة ‪.‬‬
‫سنحاول في هذه الورقة االجابة على االشكالية الرئيسية واملتمثلة في مدى مساهمة آلية‬
‫الكوتا من تحقيق التمكين السياس ي للمرأة ؟‬
‫والتي تتفرع عنها مجموعة من االسئلة ‪ :‬هل ساهمت هذه اآللية في الرفع من للمشاركة‬
‫السياسية للمرأة ؟ ماهي اكراهات تنزيل نظام الكوتا في كل من التجربتين املغربية والجزائرية ؟‬
‫وتطرح هذه االشكالية مجموعة من الفرضيات ‪:‬‬
‫• ساهم تطبيق نظام الكوتا في كل من املغرب والجزائر من الرفع من نسبة‬
‫املشاركة السياسية للمرأة ‪.‬‬
‫• اعتماد الكوتا كآلية لحل إشكال التمثيلية السياسية للمرأة يستوجب بيئة‬
‫حاضنة تتوفر على عناصر جوهرية سياسية تسمح بتفعيل هذه اآللية من قبيل تعددية‬
‫حزبية‪ ،‬مناخ ديمقراطي‪ ،‬ربط املسؤولية باملحاسبة‪ ،‬محاربة املال السياس ي ‪.‬‬
‫وسنقسم هذه الورقة الى ثالث محاور ‪:‬‬
‫املحور االول ‪ :‬املقاربة املفاهيمية ‪ ،‬املنطلقات االساسية‪.‬‬
‫املحور الثاني‪ :‬دراسة مقارنة ‪ :‬عرض تجربتي املغرب والجزائر ‪.‬‬
‫املحور الثالث ‪ :‬تقييم نظام الكوتا في التجربتين ‪.‬‬
‫خاتمة‬

‫‪31‬‬
‫‪- 1‬احملور االول ‪:‬االطار املفاهيمي لنظام احملاصصة "الكوتا "‬
‫يرجع أصل مصطلح كوتا الى املعجم االنجليزي ويعني نصيب أو حصة نسبية ‪ ،‬كما يحمل‬
‫‪1‬‬
‫نفس املعنى في اللغة الفرنسية قسمة أو مقدار ‪ ،‬وليس له معنى في معجم اللغة العربية ‪ .‬وقد‬
‫أطلق هذا املصطلح ألول مرة في الواليات املتحدة االمريكية على سياسة تعويض الجماعات‬
‫املحرومة ‪ ،‬إما من قبل السلطات الحكومية او من قبل أصحاب العمل في القطاع الخاص ‪ .‬وكان في‬
‫األصل ناجما عن حركة الحقوق املدنية لألقلية السوداء ‪ ،‬وقد أطلقه الرئيس األمريكي كنيدي في‬
‫عام ‪ 1961‬ألول مرة ‪ ،‬وتبعه جونسون في برنامجه الذي كان يمثل جزءا من الحرب ضد الفقر سنة‬
‫‪ ،1965‬ثم اتسع مجال استخدامه ليشمل كل الفئات األقل حظا في التمثيل ‪ .‬وبالتالي فإن نظام‬
‫الكوتا نشأ في الدول الغربية وبالخصوص في أمريكا ليعالج مشكلة اجتماعية خاصة بالفئات‬
‫‪2‬‬
‫املهضومة واملهمشة ‪ ،‬وما فتئت أن طالبت به هيئات أخرى كالحركة النسائية‪.‬‬
‫يمثل نظام الكوتا النس ائية حسب بعض الباحثين شكال من أشكال التدخل االيجابي‬
‫‪3‬‬
‫ملساعدة املرأة على التغلب على العقبات التي تحد من مشاركتها السياسية مقارنة بأقرانها الرجال‬
‫‪ ،‬وتعني الكوتا بشكل مبسط تخصيص نسبة معينة للنساء في املؤسسات التمثيلية الوطنية‬
‫واملحلية وكذا في مراكز القرار وف ق تشريعات محددة ‪ ،‬أو االلتزام بها بشكل أخالقي ‪ .‬وبذلك يمكن‬
‫‪4‬‬
‫التمييز بين كوتا اختيارية إرادية تنبع من إيمان األحزاب بدور املرأة في العملية السياسية ‪ ،‬وأخرى‬
‫منصوص عليها في الدستور أو قانون االنتخابات أو قانون األحزاب وهي كوتا تشريعية ‪ .‬ومن جهة‬
‫ثانية ‪ ،‬يتم ا لتمييز بين كوتا مطبقة أثناء عملية الترشيح تهدف تسهيل ولوج النساء الى مواقع‬
‫استراتيجية ضمن املرشحين على لوائح األحزاب بما يضمن لهن فرصا متساوية النتخابهن ‪ ،‬وكوتا‬
‫تستهدف النتائج والتي تضمن نسبة معينة تخصص للنساء من خالل قوائم أو دوائر انتخابية‬

‫‪ - 1‬فاطمة الزهراء بابا أحمد‪":‬قراءة في تطبيق نظام كوطا املشاركة السياسية للمرأة باملغرب" مساهمة في مؤلف‬
‫جماعي بعنوان ‪:‬املرأة واملشاركة السياسية‪ .‬الطبعة االولى يوليوز ‪ 2008‬طوب بريس الرباط‪..‬ص‪.126:‬‬
‫‪ - 2.‬املعهد الدولي لألمم املتحدة للبحوث والتدريب في مجال النهوض باملرأة ومركز املرأة العربية للتدريب والبحوث‬
‫‪ ،‬تقرير حول النوع االجتماعي والسياسة في تونس‪ 2009.‬ص‪. 5 :‬‬
‫‪ - 3‬ستينا الرسورد و ريتا تافرون ‪ :‬النظم االنتخابية ونظام الكوطا "الخيارات املناسبة وغير املناسبة " ترجمة عماد‬
‫يوسف‪.‬مركز تصميم من أجل املساواة ‪، ،‬دون مكان نشر ‪. 2007‬ص‪..9 :‬‬
‫‪ 4‬نموذج االحزاب في الدول اإلسكندنافية‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫خاصة باملرأة ‪ .‬ورغم اعتبار الكوتا وسيلة لتوسيع مشاركة املرأة في العملية السياسية وفي مراكز‬
‫القرار ‪ ،‬إال ان هذه االلية أثارت مجموعة من النقاشات الفقهية والقانونية حول مدى شرعيتها‬
‫ومصداقيتها‪.‬‬
‫تشكل الكوتا في رأي املؤيدين أهم وسيلة لتمكين املرأة سياسيا واقتصاديا ‪ ،‬ولولوجها إلى‬
‫مواقع استراتيجية ال يمكن الوصول إليها في ظروف األمية والجهل وقوة العادات‪ ،‬وهي نافذة‬
‫الفرص التي إن ضيعتها املرأة تخسر عقودا وسنوات الزمة الحتالل أشواط متقدمة على مستوى‬
‫‪1‬‬
‫اتخاذ القرار ‪ ،‬فالكوتا إجراء مرحلي مخصص للنساء الى حين زوال املعيقات التي تحد من ولوج‬
‫املرأة الى الفضاء العام‪ ،‬وهي مدخل لالنتقال من الصيغة النظرية لتكافؤ الفرص الى واقع ملموس‪،‬‬
‫وتعويض للمرأة عن التمييز السياس ي الذي يطالها‪ ،‬وبما ان املقومات الثقافية والسياسية لعدد‬
‫من الدول ال تسمح بتكريس مشاركة فعالة للنساء من خالل مدخل املمارسة الديمقراطية املبني‬
‫على تكافؤ الفرص واملنافسة بصفة مباشرة مع الرجل ‪ ،‬فان مبدأ العدالة الذي يحتم تمثيل‬
‫نصف املجتمع في املؤسسات التمثيلية ‪ ،‬والقيمة التي يمكن ان يضفيها هذا التمثيل في تعزيز مكانة‬
‫املرأة داخل املجتمع ‪ ،‬يجعلها بحاجة إلى تحفيز ودعم قانوني استثنائي مرحلي يسمح بتطوير‬
‫الثقافة السياسية‪ ،‬والى تدليل العقبات أمام مشاركتها ‪ ،‬في أفق توفير املناخ الذي يسمح بانخراطها‬
‫في تنافس ندي مبني على الكفاءة‪.‬‬
‫في االتجاه املعاكس ‪ ،‬يرى رافضو الكوتا أنها آلية غير دستورية من حيث تعارضها مع مفهوم‬
‫املواطنة ‪ ،‬وتتنافى مع مبدأ املساوا ة وتتناقض مع تكافؤ الفرص ‪ .‬يعتبر هذا االتجاه نظام الكوتا غير‬
‫ديمقراطي ألنه يمنح املرأة حقوقا على اعتبار النوع ال الكفاءة بما له من تأثير سلبي على نضال املرأة‬
‫باتجاه التحسين الجدري ألحوالها وتعزيز مشاركتها في املستقبل‪ .‬ويجد رافضو الكوتا أن القوة التي‬
‫تمتلكه ا مجموعة من املبادئ الدستورية كاملساواة واالستحقاق والكفاءة واملواطنة‪ ،‬تؤسس مناعة‬
‫مؤسساتية ضد تطبيقه‪ ،‬وقد أثبتت العديد من التجارب الدولية عدم قدرتها على مأسسة هذا‬
‫‪2‬‬
‫املبدأ قانونيا إال في مراحل متقدمة ‪ .‬كما سجلت بعض الحركات النسائية اعتراضا على هذه اآللية‬

‫‪ 1‬فاطمة الزهراء بابا احمد ‪:‬مبدأ املناصفة ‪:‬التأسيس الدستوري ورهانات التنزيل ‪.‬مجلة مسالك عدد مزدوج ‪-23‬‬
‫‪. 2013/24‬ص‪66:‬‬
‫‪ 2‬على سبيل املثال في البرتغال تم رفض مجلس النواب ملشروع قانون يهدف إلى تكافؤ أفضل للفرص بين الرجال‬
‫والنساء عن طريق الكوطا سنة ‪ 1998‬كما عرفت ايطاليا ‪ ،‬الدفع بعدم دستورية قانونين ينصان على تخصيص‬
‫‪33‬‬
‫بك ونها انتقاصا وإهانة موجهة للمرأة‪ ،‬حيث ورد في مقال بجريدة لوموند ل "إليزابيت بادنتير" ‪:‬‬
‫"وأخيرا يضاف على اعتراض ي كمواطنة وشعوري باإلهانة كمناضلة نسائية‪ ،‬شعور عميق باإلهانة‬
‫‪1‬‬
‫‪ ،‬فهل نحن معاقات إلى هذه الدرجة ‪ ،‬حنى يتم فرضنا عن طريق اإلكراه الدستوري ‪ :‬الكوتا" ‪.‬‬
‫وبغض النظر عن هذه النقاشات ‪ ،‬فإن مطلب املشاركة السياسية للمرأة ملح ‪ ،‬بما في ذلك من‬
‫تعزيز للتنمية التي تركز على اإلنسان باعتباره وسيلة وهدفا بحيث يمكن اللجوء إلى الكوتا ليس‬
‫على مستوى النتائج بل في مستويات قبلية بإتاحة الشروط الضرورية لضمان تكافؤ الفرص كما‬
‫هو الحال في بعض الدول األوربية‪.‬‬
‫وقد لجأت العديد من الدول إلى اعتماد آلية الكوتا لتعزيز هذه املشاركة حيث تشير‬
‫التقارير الدولية إلى اتساع رقعة الدول التي تعتمد هذا النظام ‪ ،‬أزيد من ثمانين دولة من كل‬
‫القارات‪ ،‬سواء املتقدمة منها او السائرة في طريق النمو ‪ ،‬ورغم أن الدول الغربية كانت السباقة في‬
‫املجال الحقوقي بصفة عامة وفي مجال حقوق املرأة بصفة خاصة ‪ ،‬فان بعضها لم يستطع اعتماد‬
‫نظام الكوتا إال بعد مسار مطلبي توج باعتماده في تشريعاتها ( النموذج الفرنس ي) بينما عرفت دول‬
‫أخرى تبني االحزاب السياسية لنظام تخصيص عدد من املقاعد للنساء وفقا لتقدير هذه االحزاب‬
‫ذاتها (الدول االسكندينافية)‪.‬‬
‫أ‪-‬النموذج الفرنس ي‬
‫مرت التجربة الفرنسية بمرحلتين متميزتين في مسألة اقرار نظام الكوتا ‪ ،‬ففي سنة ‪،1982‬‬
‫حاول املشرع الفرنس ي إصدار قانون يهدف اعتماد نظام الكوتا في االنتخابات املحلية ‪ ،‬غير ان‬
‫موقف املجلس الدستوري الفرنس ي كان حاسما حيث اعتبر في قراره الصادر في ‪ 12‬نونبر ‪1982‬‬
‫"ان التمييز االيجابي مخالف ملبدأ املساواة امام القانون والذي تنص عليه املادة الثالثة في‬
‫الدستور والفصل السادس من االعالن العاملي لحقوق االنسان سنة ‪ ،1948‬وملفهوم سيادة االمة‬
‫الذي يتعارض مع اي تقسيم فئوي للناخبين والناخبات ‪ ،‬ويقتض ي ان يكون االقتراع عاما‬
‫‪2‬‬
‫ومتساويا "‪ .‬قوبلت هذه الخطوة بانتقادات في أوساط الحركات النسائية التي اعتبرت هذا املوقف‬
‫تشبثا باملساواة القانونية وليس الفعلية‪ ،‬ما حفز مختلف املطالبين بتمكين املرأة بتعبئة املجتمع‬

‫حصص للمرأة في لوائح الترشيح سنة ‪. 1993‬أنظر فاطمة الزهراء بابا احمد ‪ :‬مبدأ املناصفة ‪:‬التأسيس الدستوري‬
‫ورهانات التنزيل ‪.‬مجلة مسالك عدد مزدوج ‪. 2013/24-23‬ص ‪.67 :‬‬
‫‪ 1‬املرجع أعاله ص‪.68:‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬ادريس الكريني ‪ :‬الكوطا ودورها في تمكين املرأة ‪ ،‬مجلة مسالك عدد مزدوج ‪. 2013/24-23‬ص‪.52 :‬‬
‫‪34‬‬
‫ومختلف الفاعلين السياسيين لخوض مختلف االشكال النضالية للوصول الى هذا الهدف ‪ ،‬لتثمر‬
‫هذه النضاالت إنشاء مرصد املناصفة بين النساء والرجال سنة ‪ 1995‬بموجب املرسوم ‪95-1114‬‬
‫الصادر ب‪ 18‬اكتوبر ‪ ،1995‬واملعدل باملرسوم ‪ 98-922‬الصادر في ‪ 14‬اكتوبر ‪ . 1998‬ويهتم هذا‬
‫املرصد بتحليل املعطيات حول وضعية املرأة وتشجيع البرامج وتقديم االستشارات للدولة في مجال‬
‫تمكينها‪ .‬وفي خطوة متقدمة‪ ،‬تم تعديل املادة الثالثة من الدستور للتنصيص على أن "القانون‬
‫يشجع ولوج النساء والرجال بشكل متساو للواليات والوظائف االنتخابية " واملادة الرابعة التي‬
‫‪1‬‬
‫تنص على تحميل االحزاب مسؤولية تطبيق املبدأ وفق الشروط املحددة من طرف القانون ‪ ،‬ثم‬
‫صدر القانون رقم ‪ 493/2000‬بتاريخ ‪ 6‬يونيو ‪ 2000‬م والذي ينص على الولوج املتساوي للنساء‬
‫والرجال الى الوظائف التمثيلية ويفرض املناصفة في جميع االنتخابات التي تعتمد مبدأ االقتراع‬
‫باللوائح ‪ ،‬أي التمثيل النسبي ‪ ،‬فالقانون يفرض نسبة ‪ %50‬من املرشحين من كال الجنسين على‬
‫الالئحة‪ ،‬على أن تتشكل كل الئحة بالتناوب من مرشح من كل جنس من الجنسين‪ ،‬وإذا ما نقض‬
‫الحزب تلك األحكام سقطت قوائمه وسحبت من االنتخابات‪ .‬أما في االنتخابات التشريعية ‪ ،‬فان‬
‫‪2‬‬
‫األحزاب السياسية املخالفة تعاقب في حصتها من التمويل العمومي من الحكومة ‪ .‬وقد طبق‬
‫القانون في مارس ‪ 2001‬م ‪ ،‬وبذلك تكون فرنسا اول دولة في العالم تفرض املناصفة بموجب‬
‫القانون ‪ ،‬غير ان الدراسات واألبحاث تظهر أن الدول التي تعرف أعلى نسبة من حيث تواجد‬
‫‪3‬‬
‫النساء في املناصب التمثيلية تغيب فيها اي قوانين ملزمة في الشأن ‪.‬‬
‫ب ‪-‬الكوتا الحزبية ‪ :‬نموذج السويد‬
‫تمثل التجربة اإلسكندنافية تجربة متميزة في مجال الكوتا النسائية اذ تحتل املراتب االولى‬
‫على املستوى العاملي في مجال املشاركة السياسية للمرأة‪ ،‬وتصل فيها نسبة التمثيل النسائي في‬

‫‪www.observatoire-parite.gov.fr‬‬ ‫‪ - 1‬موقع مرصد املناصفة بين النساء والرجال على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ - 2‬لم تستطع فرنسا تحقيق املناصفة في نتائجها ‪ ،‬فاألحزاب ال تعمل على تقديم لوائح متشكلة من ‪ 50‬في املائة لكال‬
‫الجنسين بالتناوب ‪ ،‬وبالتالي تفضل معاقبتها في حصتها من التمويل العمومي ‪.‬‬
‫‪ - 3‬تحتل فرنسا الرتبة ‪ 46‬في مجال املشاركة السياسية للمرأة والرتبة ‪ 63‬في عدد البرملانيات والرتبة ‪ 34‬في مجال‬
‫استوزار النساء‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪SENGLER, Lauraans « :La place actuelle des femmes dans la presse écrite française » Mémoire‬‬
‫‪présenté sous la direction de Florence LE CAM en vue de l’obtention du titre de Master Année‬‬
‫‪académique 2011-2012 p :10‬‬
‫‪35‬‬
‫البرملان بين ‪ %36‬و‪، % 47‬السويد ‪ 45.3‬في املائة وفنلندا ب ‪ 37.5‬في املائة و ‪ 38‬في املائة في‬
‫‪1‬‬
‫الدنمارك ‪ .‬بدأت تجربة السويد منذ سنة ‪ 1972‬م ‪ ،‬حيث أخد الحزب الليبرالي السويدي املبادرة‬
‫عندما اقر الكوتا في قوائمه بنسبة ‪ ،%40‬وتاله في هذه الخطوة باقي االحزاب املمثلة في البرملان‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ووصل الحزب الديمقراطي االجتماعي الى املناصفة في قوائمه سنة ‪1994‬م ‪ ،‬ودفعت هذه االحزاب‬
‫بالنساء للعمل الحزبي من خالل حصول التنظيمات النسائية على نسبة من الدعم املقدم من‬
‫الدولة‪ ،‬هذه االحزاب تخصص مقاعد في لوائحها دون وجود أي أساس قانوني او الزام دستوري بل‬
‫هو نتيجة إرادة سياسية‪ ،‬وتتويجا ملسار ديمقراطي يؤمن بدور املرأة في العملية السياسية ‪ ،‬وهذا‬
‫يدل على نجاح املدخل الحزبي إذا كانت االرادة الكاملة للفاعل السياس ي في منح فرصة للمرأة في‬
‫املشاركة في الشأن العام‪.‬‬
‫احملور الثاني ‪:‬الكوتا يف التجربتني اجلزائرية واملغربية‬
‫نصت العديد من الدول العربية في دساتيرها وأنظمتها القانونية على املساواة بين‬
‫املواطنين‪ ،‬رجاال ونساء ‪ .‬وأورد البعض منها عددا من مظاهر هذه املساواة ‪ :‬من قبيل الحقوق‬
‫السياسية ؛ تولي الوظائف العمومية ؛ تكافؤ الفرص ‪ .‬غير أن الواقع ال يعكس هذه الوضعية‪،‬‬
‫ذلك أن التطور والتحسن الذي تعرفه املرأة في مختلف املجاالت ال تظهر نتائجه على واقع املرأة‬
‫التي ظلت تعاني اإلجحاف ‪ ،‬وبخاصة على مستوى املساهمة الفعالة في مراكز القرار‪ ،‬جراء‬
‫‪3‬‬
‫الضعف امللحوظ في مشاركتها في عدد من املؤسسات السياسية ‪.‬‬
‫تعد املرأة املصرية صاحبة اول تجربة برملانية في العالم العربي ‪ ،‬حيث ولجت املؤسسة‬
‫البرملانية منذ عام ‪ 1957‬بعد إقرار دستور ‪ 1956‬حق املرأة في االنتخاب والترشح‪ ،‬وكان تاريخ ‪14‬‬
‫يوليوز ‪ 1957‬هو بداية ولوج اول سيدتين الى البرملان‪ .‬وبعد ذلك تفاوت عدد املنتخبات في البرملان‬
‫‪4‬‬
‫بين ‪ 8‬و ‪ 3‬نساء الى غاية سنة ‪1979‬م ‪ ،‬حيث ارتأت الحكومة املصرية تخصيص ‪ 30‬مقعدا للنساء‬

‫‪- 1‬فريدة غالم اسماعيل ‪ :‬انظمة الكوتا وتفعيل املشاركة السياسية للمرأة ‪ ،‬وكالة اخبار املرأة ‪ ،‬املوقع االلكتروني ‪:‬‬
‫‪ .http://wonews.net/ar/index.php?act=post&id=195‬تمت زيارته يوم ‪ 15‬يونيو ‪. 2019‬‬
‫‪ - 2‬بثينة قروري‪ ،‬الكوطا النسائية ‪ :‬قراءة في التجارب الدولية‪ ،‬مساهمة في مؤلف جماعي بعنوان ‪:‬املرأة واملشاركة‬
‫السياسية‪ ،.‬الطبعة االولى يوليوز ‪ 2008‬طوب بريس الرباط‪..‬ص‪.112 :‬‬
‫‪ - 3‬صباح العمراني ‪ " :‬املرأة واملشاركة السياسية باملغرب " الطبعة االولى ‪ ،‬افريقيا الشرق ‪ 2018‬ص ‪. 156‬‬
‫‪ - 4‬كوتا نسائية في برملان مصر‪ ،‬جريدة الشرق االوسط عدد ‪ 11616‬ل ‪ 8‬شوال ‪ 17 ، 1491‬شتنبر ‪..2010‬‬
‫‪36‬‬
‫بموجب القانون رقم ‪ 188‬لعام ‪ ،1979‬وعرف البرملان انتخاب ‪ 35‬امرأة ‪ 30 :‬عن طريق الكوتا‬
‫وثالثة نساء باالنتخاب العام واثنتين بالتعيين‪ ،‬وارتفعت نسبة النساء املشاركات في املجالس‬
‫‪1‬‬
‫املحلية الى ما بين ‪ 10‬و ‪ 20‬في املائة ‪ ،‬ولكن املحكمة الدستورية املصرية قضت بعدم دستورية‬
‫قانون ‪ 1979/188‬ملا ينطوي عليه من تمييز على اساس الجنس ‪ ،‬ليتراجع عدد املنتخبات الى ‪18‬‬
‫عام ‪ 1987‬ثم الى ‪ 9‬عام ‪ 1995‬م (‪ 5‬باالنتخاب و‪ 4‬بالتعيين) ‪ ،‬ومع تراجع تمثيلية املرأة املصرية في‬
‫املؤسسات املنتخبة رغم تحقيقها مكاسب مهمة في الحياة العملية واإلدارات العمومية‪ ،‬ارتأت‬
‫الدولة املصرية العودة للعمل بالكوتا في االنتخابات البرملانية سنة ‪ 2010‬بموجب القانون‬
‫‪ 2009/149‬حيث تنص املادة ‪ 3‬منه على ‪" :‬تقسم جمهورية مصر العربية الى دوائر انتخابية‬
‫النتخاب ‪ 444‬عضوا كما تقسم الى دوائر اخرى النتخاب ‪ 64‬عضوا يقتصر فيها الترشيح على املرأة‬
‫‪ "...‬ولقد رأى البعض هذا االجراء مجرد تحايل من الحزب الحاكم للفوز باملزيد من املقاعد في‬
‫البرملان‪ ،‬ومع ما شاب االنتخابات البرملانية من ظواهر سلبية ‪ ،‬فقد استحوذ الحزب الحاكم على‬
‫املقاعد ال‪ ،64‬ما جعل من هذه التجربة مطية إلرضاء النخبة الحاكمة وليس دعما لحقوق املرأة‬
‫وانخراطها في العمل السياس ي‪ .‬وبعد ثورة ‪ 25‬يناير ‪ ،‬نص قانون انتخابات برملان ‪ 2011‬بترشيح‬
‫‪2‬‬
‫امرأة في كل قائمة حزبية ‪ ،‬ويعد هذا تراجعا قياسا بدور املرأة في التغيير في مصر‪.‬‬
‫وسنعرض لتجربتي املغرب والجزائر ‪.‬‬
‫أ‪-‬الكوتا في التجربة املغربية‬
‫عرف املشهد السياس ي املغربي مجموعة من التحوالت في تسعينيات القرن املاض ي‪ ،‬ما‬
‫اعتبر مؤشرا على تحول ديمقراطي‪ ،‬بدأت بوادره مع التعديل الدستوري لسنة ‪ ،1996‬وتجربة‬
‫حكومة التناوب السياس ي ‪ ،‬ما جعل املغرب يعيش محطة سياسية منفتحة على حقوق االنسان‬
‫بما فيها التوجه الى تعزيز مكانة املرأة من خالل الغاء بعض القوانين املجحفة في حقها ‪ ،‬واعتماد‬
‫آليات لتعزيز مكانتها في املشهد السياس ي‪ .‬في هذا االطار‪ ،‬جاء اعتماد املغرب لنظام الكوتا "الالئحة‬
‫الوطنية " في االنتخابات التشريعية و"الالئحة االضافية " في االنتخابات الجماعية‪.‬‬
‫رغم اقرار املشرع املغربي للحقوق السياسية للمرأة وملساواتها القانونية مع أخيها الرجل‬

‫‪ - 1‬نظام الكوطا ‪ :‬نماذج وتطبيقات حول العالم ‪.‬موقع نظرة ‪ 28،‬ابريل ‪www.nazra .org. . 2013‬‬
‫‪ - 2‬الفقرة الثانية من املادة‪ 3‬من قانون االنتخابات الصادر في نونبر ‪ . 2011‬مرسوم رقم ‪. 2011/108‬‬
‫‪http.//m.faway.yoo7.com‬‬
‫‪37‬‬
‫منذ دستور ‪ 1962‬م ‪ ،‬إال ان هذه املساواة تم اختزالها في حق التصويت حيث لم تتمكن املرأة من‬
‫ولوج املؤسسة البرملانية إال سنة ‪ 1993‬م ‪ ،‬فبعد ان كانت حصيلة ترشح ‪ 8‬نساء في انتخابات ‪1977‬‬
‫هي صفر ‪ ،‬وكذلك كانت نفس النتيجة سنة ‪ 1984‬رغم تضاعف عدد املرشحات‪ ،‬كانت سنة ‪1993‬‬
‫بداية ولوج املؤسسة التشريعية ‪ ،‬فتم انتخاب امرأتين من ‪ 36‬مرشحة ‪ .‬وعرفت سنة ‪ 1997‬نتيجة‬
‫مماثلة رغم التزايد امللحوظ في عدد املرشحات "‪ 87‬مرشحة " كما ولجت املرأة املناصب الحكومية‬
‫‪1‬‬
‫ككاتبة دولة ووزيرة ‪.‬‬
‫وقبيل االنتخابات البرملانية لسنة ‪ ،2002‬ومع أجواء االنفتاح الديمقراطي التي سبقت‬
‫االشارة اليها وتزايد املطالبة بتفعيل دور املرأة في تدبير الشأن العام ‪ ،‬تم تبني املغرب اسلوب‬
‫االقتراع بالتمثيل النسبي عن طريق الالئحة ملا يتيحه من تنافس االحزاب عن طريق البرامج وكذا‬
‫امكانية الرفع من التمثيلية السياسية للنساء‪ ،‬كما اعتمد نظاما خاصا بتمثيلية املرأة في مجلس‬
‫النواب عن طريق الالئحة الوطنية ‪ ،‬فقد نص القانون التنظيمي للبرملان في مادته االولى ‪:‬‬
‫"يتألف مجلس النواب من ‪ 325‬عضوا ينتخبون باالقتراع العام املباشر عن طريق االقتراع‬
‫بالالئحة وفق الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ 295-‬عضوا ينتخبون على صعيد الدوائر االنتخابية املحددة طبقا ألحكام املادة ‪ 2‬بعده؛‬
‫‪2‬‬
‫‪ 30-‬عضوا ينتخبون على الصعيد الوطني‪"...‬‬
‫ومع عدم تحديد النص القانوني صراحة على تخصيص هذه املقاعد للنساء ‪ ،‬حدث توافق‬
‫بين مختلف الفرقاء والفاعلين الحزبيين في إطار التزام سياس ي على تخصيص هذه الحصة لفائدة‬
‫النساء ‪ ،‬وقد تراجعت الحكومة على تقديم مشروع قانون خاص بالكوتا ‪ ،‬بعد ان تم رفض النص‬
‫‪3‬‬
‫من املجلس الدستوري ملسه باملساواة املنصوص عليها في الدستور ‪.‬‬

‫‪ 1‬فاطمة الزهراء بابا أحمد ‪ :‬قراءة في تطبيق نظام كوطا نسائية للمشاركة السياسية في املغرب ‪ ،‬مساهمة في‬
‫مؤلف جماعي بعنوان ‪:‬املرأة واملشاركة السياسية‪ .‬الطبعة االولى يوليوز ‪ 2008‬طوب بريس الرباط ‪.‬ص ‪.133‬‬
‫‪ -2‬ظهير شريف رقم ‪ 1.97.185‬صادر في فاتح جمادى األولى ‪ 4( 1418‬سبتمبر‪ )1997‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 31.97‬املتعلق بمجلس النواب‪.‬‬
‫‪- 3‬قرار املجلس الدستوري رقم ‪ 475‬الصادر يوم ‪ 25‬يونيو ‪، 2002‬للمزيد من االيضاحات ‪ :‬أحمد حضراني ‪،‬حول‬
‫القانون التنظيمي ملجلس النواب قراءة في السياق والنص النهائي‪ ،.‬مقال نشر باملجلة املغربية لإلدارة املحلية‬
‫والتنمية عدد ‪2002/38‬‬
‫‪38‬‬
‫واستطاعت ‪ 35‬امرأة الفوز في انتخابات سنة ‪ 2002‬من ‪ 266‬مرشحة ‪ 30 ،‬بفضل الالئحة‬
‫الوطنية بنسبة ‪ 10.8‬في املائة ليحتل املغرب املرتبة ‪ 70‬عامليا ‪ ،‬وسجلت هذه النسبة تراجعا طفيفا‬
‫في انتخابات ‪ 2007‬وذلك بفوز ‪ 4‬نساء فقط في اللوائح املحلية ‪.‬‬
‫في انتخابات ‪ 25‬يونيو ‪ ، 2011‬أدرج البرملان في القانون التنظيمي الجديد ملجلس النواب‬
‫الصادر في ‪ 4‬أكتوبر ‪ 2011‬كوتا نسائية ‪ ،‬باعتماد الئحة وطنية خصصت ‪ 60‬مقعدا للنساء و‪30‬‬
‫للشباب دون سن االربعين مع اقتصار الئحة الشباب على الذكور فقط ‪ .‬وصلت نسبة النساء‬
‫املنتخبات في مجلس النواب ‪ 16.7‬في هذه االنتخابات وذلك بفوز ‪ 60‬امرأة في الالئحة الوطنية و ‪7‬‬
‫‪1‬‬
‫نساء في اللوائح املحلية ‪.‬‬
‫لم تتجاوز نسبة النساء الفائزات على مستوى االنتخابات املحلية‪ 0.34 ،‬في املائة سنة‬
‫‪ )77( 1992‬امرأة‪ ،‬وعرفت سنة ‪ 1997‬نفس النسبة ‪ ،‬فازت ‪ 83‬مرشحة ‪،‬أما سنة ‪ ،2003‬فوصلت‬
‫نسبة ترشيح النساء الى ‪ 4.91‬في املائة من مجموع املرشحين الذي بلغ ‪ ، 122658‬وفازت ‪127‬‬
‫مرشحة من مجموع ‪ 23689‬بنسبة ‪ 0.53‬في املائة‪.‬‬
‫مع هذه النتائج التي توضح ضعف املشاركة السياسية ‪ ،‬عرفت الفترة الفاصلة بين‬
‫انتخابات ‪ 2003‬و ‪ 2009‬حراكا سياسيا ومؤسساتيا سبقت االشارة اليه ويهدف الرفع من مشاركة‬
‫املرأة في الحياة السياسية ‪ ،‬حيث تمت دعوة القطاعات الحكومية الى إدماج مقاربة النوع‬
‫‪2‬‬
‫االجتماعي في البرامج واملخططات القطاعية ‪ ،‬باإلضافة الى اعتماد تغييرات على مستوى امليثاق‬
‫الجماعي ‪ :‬احداث لجنة املساواة وتكافؤ الفرص (املادة ‪)14‬؛ ادماج مقاربة النوع االجتماعي في‬
‫املخطط الجماعي للتنمية (املادة ‪)36‬؛ وكذا تغييرات على مستوى قانون االنتخابات ‪ :‬احداث دائرة‬
‫انتخابية اضافية على مستوى كل جماعة حضرية او قروية او مقاطعة على اساس تخصيصها‬
‫للنساء (مدونة االنتخابات ‪ ) 204-2‬من أجل الرفع من نسبة النساء في املجالس املنتخبة الى ‪ 12‬في‬
‫املائة ؛ احداث صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء وكذا وضع نظام تحفيزي مالي لألحزاب‬
‫السياسية التي تخصص مراكز متقدمة للنساء‪.‬‬

‫‪.http://hadrani-gouvernancelocaldvp‬‬
‫‪ - 1‬التقرير النهائي عن االنتخابات التشريعية باملغرب ‪ 25 ،‬نونبر ‪. 2011‬املعهد الديمقراطي الوطني‬
‫‪www.ndi.org/fils/morocco-final-electionreport-061812-ara-pdf.‬‬
‫‪- 2‬منشور الوزير االول رقم ‪ 2007/4‬بتاريخ ‪ 8‬مارس ‪.2007‬‬
‫‪39‬‬
‫اذن ‪ ،‬لقد عرفت التمثيلية النسائية في انتخابات الجماعات املحلية (الجماعات الترابية)‬
‫طفرة مهمة بفضل هذه االصالحات حيث انتقلت من ‪ 0.56‬في املائة سنة ‪ 2003‬الى ‪ 12‬في املائة سنة‬
‫‪ ، 2009‬كما انتقلت نسبة النساء في منصب رئاسة املجالس الجماعية من ‪ 0.13‬باملائة الى ‪0.8‬‬
‫‪1‬‬
‫باملائة (‪ 12‬رئيسة جماعية ) ‪ .‬وتضاعف عدد املنتخبات في انتخابات ‪ 2015‬بفضل الكوتا كما‬
‫سبقت االشارة الى ذلك ‪.‬‬
‫التجربة الجزائرية‬ ‫ب‪-‬‬
‫عملت الجزائر على تشجيع املرأة على املشاركة في الحياة السياسية ‪ ،‬وذلك من خالل دعم‬
‫تواجدها في مراكز القرار ‪ ،‬التزاما منها باالتفاقيات الدولية التي صادقت عليها ‪ .‬وقد نصت كل‬
‫الدساتير التي عرفتها الجزائر على املساواة بين الرجل واملرأة في الحقوق والواجبات ‪ ،‬بدءا بالقانون‬
‫التأسيس ي لسنة ‪ ، 1963‬وهو اول تشريع للدولة الجزائرية املستقلة في املادة ‪ 12‬والتي نصت على‬
‫‪2‬‬
‫املساواة بين كل املواطنين في الحقوق والواجبات ‪ ،‬وفي نفس السياق‪ ،‬أكد دستور ‪ 1976‬في مادته‬
‫الثالثة على املساواة بين املواطنين في الحقوق والواجبات ( الفقرة الثانية ) ومنع أي تمييز على‬
‫اساس الجنس ( الفقرة الثالثة ) ‪ ،‬ونصت املادة ‪ 40‬من نفس الدستور على حماية الحقوق‬
‫السياسية واالقتصادية للمرأة ‪ ،‬وكرس دستور ‪ 1989‬هذه الحقوق في مواده ‪ 61 ،51‬و‪، 63‬وحافظ‬
‫دستور ‪ 1996‬على نفس املضامين مع تغيير ارقام املواد فقط حيث فنصت املادة ‪ 31‬منه‪:‬‬
‫“تستهدف املؤسسات ضمان مساواة كل املواطنين واملواطنات في الحقوق والواجبات وإزالة‬
‫العقبات التي تعوق تفتح شخصية اإلنسان‪ ،‬وتحول دون مشاركة الجميع في الحياة السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية والثقافية” واملادة ‪“ :32‬الحريات األساسية وحقوق اإلنسان واملواطن‬
‫مضمونةـ وتكون تراثا مشتركا بين جميع الجزائريين والجزائريات‪ ،‬واجبهم أن ينقلوه من جيل إلى‬
‫جيل كي يحافظوا على سالمة وعدم انتهاك حرمته”‪ .‬وفي دستور ‪ 2008‬بادر املؤسس الدستوري‬
‫بتكريس ترقية الحقوق السياسية للمرأة وذلك بموجب املادة ‪ 31‬مكرر ‪ ،‬التي تلزم الدولة على‬
‫العمل على ترقية الحقوق السياسية للمرأة وذلك بتوسيع حظوظ تمثيلها في املجالس املنتخبة‬
‫والتي جاء فيها ” تعمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية للمرآة بتوسيع حظوظ تمثيلها في‬

‫‪ 1‬الجماعات املحلية في ارقام موقع وزارة الداخلية ‪ ،‬االطالع على املوقع سنة ‪ 2013‬في اطار اعداد اطروحة‬
‫الدكتوراه ‪.‬‬
‫‪ - - 2‬ملعيني محمد ‪" :‬دور النظام االنتخابي في تفعيل املشاركة السياسية للمرأة في الجزائر ‪ :‬دراسة نظرية وقانونية‬
‫" مجلة املفكر ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسة بجامعة بسكرة ‪ . 2015‬العدد الثاني عشر ص ‪. 486‬‬
‫‪40‬‬
‫املجالس املنتخبة‪ ،‬يحدد قانون عضوي كيفيات تطبيق هذه املادة”‪ .‬وتطبيقا لهذه املادة صدر‬
‫‪1‬‬
‫القانون العضوي رقم ‪ 03-12‬املحدد لكيفيات توسيع حظوظ تمثيل املرآة في املجالس املنتخبة‬
‫والذي فرض على األحزاب السياسية إدراج نساء على قوائم مرشحيها لالنتخابات‪ ،‬مع تحديد‬
‫حصص أكبر للدوائر االنتخابية األكبر مساحة‪ ،‬كما صدر كذلك القانون العضوي ‪ 04/ 12‬يتعلق‬
‫باألحزاب السياسية الذي يلزم كل حزب سياس ي عند التصريح بتأسيسه‪ ،‬أن يكون من بين أعضائه‬
‫‪2‬‬
‫املؤسسين نسبة معينة من النساء‪ ،‬وهذا تشجيعا للمرأة على الولوج في عالم الحياة السياسية ‪.‬‬
‫تفعيال ملقتضيات هذه القوانين نص املشرع في املادة ‪ 2‬من القانون العضوي على فرض‬
‫نسب معينة خاصة بها في كل قائمة ترشيحات سواء كانت حرة أو مقدمة من طرف حزب أو عدة‬
‫أحزاب سياسية؛ وأن عدم االحتكام إلى نصوص هذا القانون يترتب عليه رفض قائمة الترشيحات‬
‫‪3‬‬
‫املخالفة للشرط املنصوص عليه في املادة ‪ 02‬سالفة الذكر ‪ ،‬حيث أكد املشرع على وجوب أن يبين‬
‫التصريح بالترشح املنصوص عليه في القانون العضوي املتعلق بنظام االنتخابات جنس املترشح‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫ونص على ضرورة أن يستخلف املترشح أو املنتخب بمترشح أو منتخب من نفس الجنس ‪،‬‬

‫‪ - 1‬القانون العضوي رقم ‪ 03- 12‬املؤرخ في ‪ 12‬يناير ‪. 2012‬ج ر ‪ 01‬الصادر في ‪ 14‬يناير ‪.2012‬‬
‫‪ - 2‬القانون العضوي ‪ 04-12‬املؤرخ في ‪ 12‬يناير ‪ 2012‬املتعلق باألحزاب السياسية ‪ ،‬ج ر ‪ 2‬الصادر ‪ 15‬يناير ‪.2012‬‬
‫‪ - 3‬تنص املادة ‪ 02‬من القانون العضوي ‪ ” : 03-12‬يجب أن ال يقل عدد النساء في كل قائمة ترشيحات حرة أو‬
‫مقدمة من طرف حزب أو عدة أحزاب سياسية عن النسب املحددة أدناه بحسب عدد املقاعد املتنافس عليها‪:‬‬
‫• انتخابات املجلس الشعبي الوطني ‪ -20%:‬عندما يكون عدد املقاعد يساوي أربعة ( ‪ ) 4‬مقاعد ‪-30 % .‬‬
‫عندما يكون عدد املقاعد يساوي أو يفوق خمسة ( ‪ ) 5‬مقاعد ‪ -35 % .‬عندما يكون عدد املقاعد يساوي أو‬
‫يفوق أربعة عشر ( ‪ ) 14‬مقعدا ‪ -40 % .‬عندما يكون عدد املقاعد يساوي أو يفوق اثنين و ثالثين ( ‪) 32‬‬
‫مقعدا ‪ -50% .‬بالنسبة ملقاعد الجالية الوطنية في الخارج‪.‬‬
‫• انتخابات املجالس الشعبية الوالئية ‪:‬‬
‫‪ -30 %‬عندما يكون عدد املقاعد ‪ 35‬و ‪ 39‬و ‪ 43‬و ‪ 47‬مقعدا ‪ -35 % .‬عندما يكون عدد املقاعد ‪ 51‬إلى ‪55‬‬
‫مقعدا ‪.‬‬
‫• انتخابات املجالس الشعبية البلدية‬
‫‪ % 30-‬في املجالس الشعبية البلدية املوجودة بمقرات الدوائر وبالبلديات التي يزيد عدد سكانها عن‬
‫عشرين ألف ( ‪ ) 20000‬نسمة‪.‬‬
‫‪ - 4‬ملعيني محمد ‪ " :‬دور النظام االنتخابي ‪ "..‬املرجع السابق ص ‪. 499‬‬
‫‪41‬‬
‫ولتفعيل هذه األحكام أدخلت السلطة التشريعية حافزا يتمثل في توفير مساعدة مالية خاصة‬
‫لألحزاب السياسية‪ ،‬وفقا لعدد املنتخبات في املجالس الشعبية البلدية والوالئية والبرملان‪ .‬وذلك‬
‫لتحفيز األحزاب السياسية على منح املزيد من الفرص للمرآة وضمان مشاركة جميع املواطنين‬
‫واملواطنات في العملية السياسية‪.‬‬
‫وذهب املشرع الدستوري في ترسيخ نظام الكوتا في التعديل الدستوري لسنة ‪ 2016‬في‬
‫املادة ‪ ، 35‬حيث لم يمس بالنصاب القانوني املخصص للمرأة في املجالس املنتخبة واكتفى بالنص‬
‫‪1‬‬
‫على مبدأ املناصفة بين الرجل واملرآة في مجاالت أخرى غير املجال السياس ي ‪.‬‬
‫وتعتبر االنتخابات التشريعية التي جرت يوم ‪ 23‬ماي سنة ‪ 2012‬أول انتخابات يتم فيها‬
‫تطبيق نظام الكوتا في الجزائر‪ ،‬تلتها فيما بعد وفي نفس السنة االنتخابات املحلية التي جرت يوم‬
‫‪12‬نوفمبر ‪ ،2012‬وبهذا تعتبر هاتين التجربتين فريدتين من نوعهما‪ ،‬تفتح الباب على مصراعيه‬
‫لحضور املرأة أكثر في املجالس املنتخبة‪.‬‬
‫ونتيجة لهذه التعديالت القانونية ‪ ،‬ارتفع عدد النساء املرشحات والفائزات في املجالس‬
‫املنتخبة في االنتخابات البرملانية ل ‪ 10‬ماي ‪ 2012‬حيث بلغ عدد النساء في البرملان الى ‪ 145‬امرأة من‬
‫‪2‬‬
‫اصل ‪ 462‬مقعد بنسبة ‪ 31.4‬بعدما كانت سنة ‪ 2007‬ال تتجاوز ‪ 7.71‬ب ‪ 30‬امرأة من اصل ‪. 389‬‬
‫ولوحظ نفس التحسن في املجالس الوالئية والشعبية مقارنة بانتخابات ‪ ، 2007‬حيث‬
‫حصلت املرأة على ‪ % 13.4‬من املقاعد في املجالس الوالئية ‪ ،‬و‪ % 0.74‬من املجالس الشعبية‬
‫البلدية ‪ ،‬اما في انتخابات ‪ ، 2012‬فقد بلغ عدد النساء في املجالس الوالئية ‪ 595‬امرأة و‪4120‬‬
‫‪3‬‬
‫ممثلة في املجاس البلدية وبالتالي اصبحت الجزائر تتصدر تصنيف الدول العربية وصنف‬
‫االتحاد البرملاني الدولي الجزائر من بين الدول ‪ 30‬االولى على مستوى املشاركة السياسية‪.‬‬
‫‪ - 3‬احملور الثالث ‪ :‬قراءة يف التجربتني املغربية واجلزائرية‬
‫ان استقراء التجربة في مجال الكوتا يطرح اشكاال اساسيا حول جدوى املدخل القانوني في‬
‫ترسيخ املشاركة السياسية للمرأة اذا لم تتم مواكبته بمقاربة شمولية تنطلق من تحقيق انتقال‬

‫‪ - 1‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 07 ،14‬مارس ‪.2016‬‬


‫‪- 2‬عزيزي جالل ‪" :‬دور نظام الكوتا في توسيع حظوظ تمثيل املرأة الجزائرية في املجالس املنتخبة " مجلة ابحاث‬
‫قانونية وسياسية ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية ‪ ،‬جامعة محمد بن الصديق جيجل ‪.‬ص ‪..274‬‬
‫‪ - 3‬نفس املرجع ‪ ،‬نفس الصفحة ‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫ديمقراطي حقيقي بانخراط كل فعاليات املجتمع‪.‬‬
‫أ‪-‬في املغرب‬
‫اعتبر مطلب إقرار نظام الكوتا م طلبا مركزيا لدى مختلف التنظيمات النسائية منذ فترة‬
‫‪1‬‬
‫التسعينات من خالل املذكرات املطلبية ‪ ،‬العتباره آلية تمكن املرأة من ولوج مراكز القرار وتحقيق‬
‫املساواة الفعلية ‪ ،‬وكذا إبراز كفاءة املرأة في تدبير الشأن العام في افق توفير ارضية سياسية‬
‫مواتية للتنافس ‪ ،‬إال أن الحصيلة املحدودة لهذا النظام تبرز عن وجود أسباب عميقة وإكراهات‬
‫حقيقية تحول دون اعتباره رافعة لتطوير املشاركة السياسية للمرأة ‪ ،‬اضافة الى مجموعة من‬
‫االنتقادات املوجهة لهذ اآللية ‪ ،‬فالالئحة الوطنية اصبحت وسيلة للريع السياس ي ولم تستطع ان‬
‫تفرز لنا كفاءا ت حزبية العتمادها على املصالح الشخصية والوالءات للنافذين في الحزب ‪ .‬فرغم‬
‫مساهمة نظام االقتراع بالالئحة واعتماد الكوتا في االنتخابات في توفير شروط افضل لتحسين‬
‫تمثيلية املرأة ‪ ،‬إال انها تنم عن معطى اساس ي‪ ،‬وهو ان حظوظ النساء في الفوز بمقعد خارج‬
‫الالئحة الوطني ة في االنتخابات البرملانية وخارج الدائرة االضافية في االنتخابات الجماعية تبقى‬
‫‪2‬‬
‫ضئيلة ‪ ،‬وهو ما تبينه نتائج االنتخابات السابقة ‪ ،‬مما يجعل التساؤل حول من يتحمل مسؤولية‬
‫هذه النتائج تساؤال مشروعا ‪ ،‬فهل تتقاسمها الدولة واملجتمع والدولة وهيئات املجتمع املدني ام ان‬
‫مسؤولية دعم التمثيل السياس ي للمرأة تقع على عاتق األحزاب املنوط بها تأطير املواطنين‬
‫واملواطنات وتكوينهم السياس ي وتعزيز انخراطهم في الحياة السياسية على أساس التعددية‬

‫‪- 1‬رسالة موجهة من جمعية اتحاد العمل النسائي الى املنظمات الحقوقية املغربية يوم االعالن عن امليثاق الوطني‬
‫لحقوق االنسان للمطالبة بإقرار الحقوق السياسية للمرأة؛‬
‫‪ -‬مذكرة مرفوعة من اثنتي عشرة منظمة نسائية الى الوزير االول تؤكد فيها على ضرورة احداث مجلس اعلى‬
‫للمرأة مع اعتماد آليات تمكن املرأة من الوصول الى مراكز القرار ؛‬
‫‪-‬املذكرة املطلبية لوصول النساء الى مراكز القرار واملسؤولية التي اعدتها الجمعية الديمقراطية لنساء املغرب‬
‫سنة ‪2001‬؛‬
‫‪ -‬املذكرة التي وجهتها هيئة التنسيق الوطنية لنساء عدد من االحزاب السياسية في يناير ‪ 2003‬الى السلطات‬
‫املختصة بهدف ضمان للنساء في االنتخابات املحلية ‪ .‬انظر‪ :‬جميلة املصلي ‪ :‬الحركة النسائية باملغرب املعاصر‬
‫اتجاهات وقضايا ‪ ،‬منشورات املركز املغربي للدراسات واألبحاث املعاصرة ‪ ،‬الطبعة االولى ‪ 2011‬طوب بريس‬
‫الرباط‪ .‬صفحة من ‪ 229‬الى ‪.231‬‬
‫‪ - 2‬صباح العمراني ‪ " :‬املرأة واملشاركة السياسية باملغرب " الطبعة االولى ‪ ،‬افريقيا الشرق ‪ 2018‬مرجع سابق ‪.‬ص‬
‫‪. 162‬‬
‫‪43‬‬
‫‪1‬‬
‫والتناوب بالوسائل الديمقراطية ‪ .‬وبالعودة الى النقاشات التي اثيرت ابان االنتخابات البرملانية ل‬
‫‪ 25‬نونبر ‪ 2011‬حول دور االحزاب في تعزيز تواجد املرأة في املؤسسة البرملانية ‪ ،‬فقد اقتصر تقديم‬
‫الالئحة الوطنية املخصصة للنساء والشباب على ‪ 19‬حزبا من مجموع ‪ 32‬حزب ‪ ،‬وعللت األحزاب‬
‫عدم تقديمها لالئحة الوطنية باستنفاذ كوادرها من النساء في اللوائح املحلية مع العلم ان نسبة‬
‫املرشحات في املجموع بلغ ‪ 22.87‬في املائة من مجموع املرشحين ‪ ،‬وبلغت نسبة النساء كوكيالت‬
‫لوائح ‪ 3.75‬في املائة من مجموع اللوائح (‪ 57‬وكيلة الئحة من مجموع ‪ 1521‬الئحة )‪ .‬وبالتالي فإن‬
‫هذه االحزاب لم تتخذ تدابير مباشرة في اللوائح املحلية لتبين عن انخراطها في مشروع مجتمعي‬
‫ديمقراطي يتبنى املساواة بين الجنسين‪ .‬وفي أسلوب اعتماد اللوائح ‪ ،‬فقد شكل التعيين في أغلبها‬
‫العنوان البارز لهذه اللوائح مما يحولها إلى مجال لتدبير العالقات الشخصية والزبونية والوالءات‬
‫والقرابات بعيدا عن منطق إفراز نخب نسائية قادرة على تمثيل املرأة املغربية‪.‬‬
‫ورغم ان القانون رقم ‪ 29/11‬ينص في الفصل ‪ 26‬على توسيع وتعميم مشاركة النساء‬
‫‪2‬‬
‫والشباب في التنمية السياسية ‪ ،‬فانه في الفقرة الثانية يتحدث عن سعي كل حزب سياس ي لبلوغ‬
‫‪3‬‬
‫نسبة الثلث لفائدة النساء داخل أجهزته في أفق املناصفة ‪ ،‬مما يثير التساؤل حول آليات تحديد‬
‫هذا القدر ‪ ،‬وهل هناك مؤشرات لقياس هذا السعي ‪ ،‬وما هو األفق الزمني لهذا السعي لتحقيق‬
‫الثلث ؟ يضاف إلى هذا ‪ ،‬ضعف موقع موضوع املشاركة السياسية للمرأة في انشغاالت الفاعل‬
‫السياس ي وأجندته السياسية ‪ ،‬ولكن ماذا بعد دستور ‪ 2011‬الذي اعتبر "دستور املناصفة " ؟‬
‫❖ انتخابات الجماعات الترابية ‪: 2015‬‬
‫عرف املغرب اجراء اول انتخابات محلية وجهوية بعد دستور ‪ 2011‬يوم ‪ 4‬شتنبر ‪، 2015‬‬
‫حيث شكلت النساء فعليا نسبة ‪ 21.94‬باملئة من مجموع الترشيحات لالنتخابات الجماعية‬

‫‪- 1‬الفصل ‪ 7‬من الدستور املغربي لسنة ‪. 2011‬‬


‫‪ - 2‬الحبيب الدقاق ‪ :‬مداخلة في ندوة "االحزاب السياسية في املغرب ‪ :‬متطلبا التطوير وتكريس االختيار‬
‫الديمقراطي " منظمة من طرف مركز دراسات حقوق االنسان والديمقراطية ‪ ،‬الرباط ايام ‪15-14-13‬‬
‫بالرباط‪ . 2013.‬صفحة ‪. 127‬‬
‫‪ - 3‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.166‬الصادر في ‪ 22‬اكتوبر ‪ 2011‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 11/29‬املتعلق باالحزاب‬
‫السياسية ‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪. 5172‬‬
‫‪44‬‬
‫‪1‬‬
‫و‪ 38.64‬باملائة بالنسبة لالنتخابات الجهوية ‪ .‬وعبرت نتائج االقتراع عن خطوة نوعية نحو تعزيز‬
‫التمثيلية النسائية في املجالس املنتخبة املحلية‪ ،‬حيث حصلت النساء في االنتخابات الجماعية على‬
‫‪ 6673‬مقعدا من ‪ 15‬ألف و‪ 28‬منتخبا جماعيا جديدا أي ما يعادل تقريبا ضعف العدد املسجل‬
‫‪2‬‬
‫خالل االقتراع الجماعي لسنة ‪ 2009‬وبنسبة ‪ 21.2‬في املائة ‪ .‬هذا التقدم النسبي من الناحية‬
‫العددية‪ ،‬لم يكن له صدى على مستوى وجود النساء في مواقع القرار كرئيسات جهات وجماعات‬
‫ومقاطعات‪ .‬وهو ما يؤكد الغياب شبه التام للنساء في الترشح لهذه املناصب ‪ .‬ومع كل االجراءات‬
‫القانونية والتحفيزية‪ ،‬جاءت نتيجة انتخابات رئاسة الجهات والعموديات وكذا تكوين مكاتب‬
‫الجماعات مخيبة لآلمال وتطرح من جديد مسألة توفر اإلرادة السياسية لدى الفاعل الرسمي‬
‫وكذا لدى األحزاب ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫وقد سجلت التقارير االولية للمالحظة االنتخابية لبعض الجمعيات حول االنتخابات‬
‫الجماعية والجهوية بعض املالحظات نعمل على ادراج بعضها ‪:‬‬
‫املالحظات الخاصة بالحملة االنتخابية‬
‫• إدارة الحملة ‪ :‬عدم إسناد إدارة الحمالت االنتخابية للنساء ‪.‬‬
‫• ضعف حضور النساء كوكيالت للوائح الجزء األول‪.‬‬
‫• ضعف حضور النساء في غالبية لوائح الجزء األول وهذه مالحظة عامة بالنسبة لكل‬
‫األحزاب السياسية مع استثناءات قليلة‪.‬‬
‫• حضور النساء في غالبية لوائح الجزء األول إذا ما تحقق ‪ ،‬فهو يقتصر على املراتب األخيرة‬
‫‪ ،‬مما يعزز فرضية وجود النساء فقط لتكملة الالئحة أو من أجل الديكور ‪.‬‬
‫انتخاب رؤساء الجهات و املجالس ‪2015 -09 -14‬‬
‫•كل املرشحين لرئاسة الجهات رجال باستثناء مرشحة من االصالة واملعاصرة عن جهة واد‬
‫الذهب ؛‬

‫‪- 1‬صباح العمراني ‪ " :‬املرأة واملشاركة السياسية باملغرب " الطبعة االولى ‪ ،‬افريقيا الشرق ‪. 2018‬مرجع سابق ‪.‬ص‬
‫‪. 99‬‬
‫‪ - 2‬نتائج االنتخابات الجماعية والجهوية ‪ ،‬بالغ لوزير الداخلية يوم ‪ 5‬شتنبر ‪ 2015‬مداع في القنوات الرسمية ‪.‬‬
‫‪ - 3‬فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق املرأة ‪ ،‬املجلس الوطني لحقوق االنسان ‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫•غياب مطلق للتمثيلية النسائية في رئاسة الجهات ‪ 0‬على ‪ 12‬؛‬
‫• لم يتم احترام الثلث في أغلب مكاتب الجهات ‪.‬‬
‫انتخاب رؤساء مجالس الجماعات من ‪ 15‬إلى ‪ 17‬سبتمبر ‪2015‬‬
‫•ضعف التمثيلية النسائية في الترشيح لرئاسة مجالس الجماعات ؛‬
‫ّ‬
‫ذكورية بامتياز ‪ ،‬باستثناء تسع جماعات ‪ ،‬سبع‬ ‫•تشكيلة رئاسة مجالس الجماعات‬
‫‪1‬‬
‫جماعات قروية واثنتين حضرية ‪.‬‬
‫•حضور النساء في مجالس الجماعة كنائبات فقط ؛‬
‫‪2‬‬
‫•عدم احترام الثلث كحد أدنى في تشكيلة كثير من مكاتب الجماعات الحضرية والقروية ‪.‬‬
‫االنتخابات البرملانية ‪: 2016‬‬
‫بالنظر الى نتائج االنتخابات التشريعية لسنة ‪ ، 2016‬ارتفع عدد النساء في مجلس النواب‬
‫الى ‪ 81‬امرأة بنسبة بلغت ‪ 20.5‬في املائة ‪ ،‬حيث انه باإلضافة الى الجزء املخصص للنساء في الالئحة‬
‫الوطنية والذي هو ‪ 60‬مقعد ‪ ،‬كان لتعديل القانون التنظي مي اثر واضح في الرفع من نسبة النساء‬
‫‪ ،‬اذ بالرغم من عدم اجبار االحزاب بإعمال مبدأ املناصفة في الجزء املخصص للشباب في الالئحة‬
‫الوطنية (االقتصار على التأكيد بان تكون مختلطة )‪ ،‬اال ان ‪ 11‬شابة استطاعت الوصول الى قبة‬
‫البرملان ‪ .‬بينما لم تستطع النساء تجاوز العشر مقاعد في اللوائح املحلية ‪.‬‬
‫‪ -‬هذه النسبة التي حققتها املرأة في االنتخابات التشريعية لسنة ‪ 2016‬تجعلها االضعف في‬

‫‪ - 1‬ترأست ثالث نساء فقط من من حزب التجمع الوطني لألحرار الجماعات اللواتي ترشحن فيها‪ ،‬وهن أمينة‬
‫بوهدود بجماعة الكفيفات إقليم تارودانت‪ ،‬وكلثوم نعيم بجماعة العطاطرة إقليم سيدي بنور‪ ،‬وفاطمة بوحميدي‬
‫بجماعة بجماعة بني سيدان الجبل إقليم الناظور‪.‬أما العدالة والتنمية فقد حصل الحزب ‪ ،‬على ثالث نساء‬
‫رئيسات هن عائشة إدبوش‪ ،‬رئيسة جماعة الدراركة نواحي أكادير ‪ ،‬ومحجوبة التريدي ‪ ،‬رئيسة جماعة بسيدي‬
‫بوعثمان إقليم الرحامنة‪ ،‬وسناء عكى‪ ،‬رئيسة جماعة القصبة بإقليم طاطا‪.‬حزب التقدم واالشتراكية ‪ ،‬لم يسجل‬
‫سوى وصول سيدة واحدة إلى رئاسة املجلس الجماعة‪ ،‬وهي حنان عدباوي‪ ،‬رئيسة جماعة تافراوت‪،‬وهو نفس األمر‬
‫بالنسبة لحزب األصلة واملعاصرة التي ترأس فيه اسم نسائي واحد فقط‪ ،‬وهو عائشة أي تحدو‪ ،‬التي تمكنت من‬
‫الوصول إلى املجلس الجماعي ألزيالل‪ ،‬وفي السياق نفسه‪ ،‬حازت إكرام بوعبيد من حزب جبهة القوى الديمقراطية‬
‫على رئاسة جماعة أوالد علي الطوالع التابعة إلقليم ابن سليمان‪ .‬من خالل تتبعي الخبار االنتخابات ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الفقرة السادسة من املادة ‪ 17‬من القانون التنظيمي ‪ 14-113‬املتعلق بالجماعات الترابية الناصة على أنه "‬
‫يتعين العمل على ان تتضمن الئحة ترشيحات نواب الرئيس عددا من املترشحات ال يقل عن ثلث نواب الرئيس"‬
‫‪46‬‬
‫محيطها املغاربي مقارنة بالجزائر وتونس وموريتانيا ‪.‬‬
‫‪-‬عدم وجود رغبة حقيقية لدى االحزاب حتى التي تسمي نفسها حداثية لتمكين املرأة حيث‬
‫تطغى املصالح الشخ صية للنافذين في الحزب ‪ ،‬ويظهر ذلك جليا في عدم تمكن النساء من اختراق‬
‫اللوائح املحلية ‪ ،‬حيث ال يتم ترشيح املرأة فيها اال لتكملة العدد ( ‪ 10‬نساء فقط استطعن الفوز‬
‫عن طريق اللوائح املحلية اغلبهن تنتمي الى الحزبين املتصدرين للنتائج )‪.‬‬
‫‪ -‬أن الحصيلة املحدودة لنظ ام الكوتا تبرز عن وجود أسباب عميقة وإكراهات حقيقية‬
‫تحول دون اعتباره رافعة لتطوير املشاركة السياسية للمرأة ‪ ،‬اضافة الى مجموعة من االنتقادات‬
‫املوجهة لهذ اآللية ‪ ،‬فالالئحة الوطنية اصبحت وسيلة للريع السياس ي ولم تستطع ان تفرز لنا‬
‫كفاءات حزبية العتمادها على املصالح الشخصية والوالءات للنافذين في الحزب ‪.‬‬
‫‪ -‬تعتبر نسبة كبيرة من النساء ان النقاش السياس ي والعمل السياس ي ال يدخل ضمن‬
‫اولياتهن والتي تتجه حول القوت اليومي وحول حاجيات اكثر الحاحا كتوفير ابسط الخدمات كاملاء‬
‫والصحة والتعليم ‪ ...‬يضاف اليها ما تعرفه هذه االنتخاب ات من فساد مالي وسياس ي كالتزوير وشراء‬
‫الدمم ‪ ،...‬ثم بعد ذلك تشويه إلرادة املواطنين بعقد تحالفات هجينة‬
‫ب‪-‬في الجزائر‬
‫كرس املشرع الجزائري بموجب القانونين العضوي ‪ 03-12‬املحدد لكيفيات توسيع‬
‫حظوظ تمثيل املرأة في املجالس املنتخبة والقانون الوضعي ‪ 04-12‬املتعلق باألحزاب‬
‫كوتا نسائية في الحاالت التالية ‪:‬‬
‫فرض كوتا نسائية اثناء عملية تأسيس االحزاب واثناء تقديم الترشيحات ‪ ،‬فقد اوجب‬
‫تواجد املرأة عند تأسيس الحزب ‪ ،‬تنص املادة ‪ 24‬من القانون العضوي ‪ 04-12‬على‬
‫ضرورة ان يتضمن عدد املؤتمرين نسبة ممثلة من النساء ‪ ،‬مفتوحة وغير مقيدة ولكنها‬
‫ضرورية لقبول تأسيس الحزب ‪ ،‬كما الزم املشرع كل حزب ان يضم ضمن هيئاته‬
‫القيادية نسبة من النساء وكذلك حدد نسبا سواء في قائمة الترشيحات في املجلس‬
‫الوطني او في املجالس الوالئية او املجالس الشعبية البلدية ‪.‬‬
‫فرض كوتا نسائية اثناء االعالن عن النتائج على اعتبار ان القانون العضوي ‪03-12‬‬
‫فرض تخصيص نسبا محددة حسب ترتيبهن في اللوائح ‪ ،‬غير ان القانون العضوي ‪-12‬‬
‫‪ 01‬املتعلق باالنتخابات فرض توزيع املقاعد حسب ترتيب املرشحين املذكورين في كل‬
‫قائمة ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫واعتبر املراقبون هذا االمر تعارضا بين القانونين الصادرين في نفس اليوم ونفس الجريدة‬
‫الرسمية مما الزم وزارة الداخلية للتدخل لحل هذا التعارض لحساب املقاعد التي تحصل عليها‬
‫النساء مهما كان ترتيبهن في الالئحة ‪.‬‬
‫الدفع ب عدم انسجام التمكين السياس ي للمرأة املكرس دستوريا في املادة ‪ 31‬والقاض ي بسعي‬
‫الدولة لترقية الحقوق السياسية لل مرأة وتوسيع حظوظها في التمثيل في املجالس املنتخبة مع‬
‫مبدأ املساواة ‪ ،‬حيث تنص املادة ‪ 32‬من التعديل الدستوري لسنة ‪“ :2008‬كل املواطنين‬
‫سواسية أمام القانون‪ ،‬وال يمكن أن يتذرع بأي تمييز يعود سببه إلى املولد‪ ،‬أو العرق‪ ،‬أو‬
‫الجنس‪ ،‬أو الرأي أو أي شرط أو ظرف آخر‪ ،‬شخ ص ي أو اجتماعي” ؛ مما اعتبر تناقضا ال‬
‫يتماش ى وطبيعة الشعب الجزائري‪ ،‬ويصطدم بعدة عوائق أهمها املناقضة الصارخة للمبادي‬
‫‪1‬‬
‫الكامنة في الدستور ‪.‬‬
‫تغليب املقاربة الكمية على حساب املقاربة النوعية واملردود الكيفي‪ ،‬أي التركيز على العدد‬
‫على حساب الكفاءة؛ فعلى الرغم من ارتفاع نسبة املرأة املتعلمة في املجتمع الجزائري‪ ،‬إال أن‬
‫ذلك لم ينعكس على فعالية أدائها داخل املجالس املنتخبة‪ ،‬وذلك لعزوف املرأة األكاديمية‬
‫ومجمل النساء ممن يمثلن النخبة في املجتمع عن الدخول في املعترك السياس ي بسبب تأثير‬
‫العديد من التصورات والرؤى السائدة خاصة االجتماعية منها‪.‬‬
‫تواجه األحزاب السياسية صعوبة في استكمال النسب املئوية من النساء ذوي الكفاءة‪ ،‬لذلك‬
‫تلجأ األحزاب إلى حشو القوائم االنتخابية بكل من ترشح نفسها للعمل السياس ي رغم‬
‫افتقادها ملقوماته وشروطه ومهما كان مستواها العلمي والثقافي‪ .‬وهو ما يستدعي وضع‬
‫سياسات الستقطاب وتأهيل املرآة املتعلمة لتولي هذه املناصب وتفعيل دورها وتمثيلها‬
‫السياس ي بما يتوافق وقيم ومعتقدات املجتمع‬
‫يعتبر اعتماد نظام الحصص النسائية آلية مرحلية مؤقتة لتحقيق مبتغى التمكين السياس ي‬
‫للمرآة‪ ،‬كأحد أهم االستراتيجيات إلرساء مبدأ املساواة بين الجنسيين‪ ،‬ضمن مسارات‬
‫العملية الديمقراطية واالصالحات السياسية‬

‫‪ - 1‬د‪ .‬نرجس صفو‪ :‬املشاركة السياسية للمرآة… بين نظام الكوتا وتكريس الحق في املساواة‪ ،‬الجزائر‪ .‬مقال نشر في‬
‫العدد ‪ 18‬من مجلة جيل حقوق اإلنسان الصادر بشهر أبريل ‪ ،2017‬ص ‪. 79‬‬
‫‪48‬‬
‫خامتة‬
‫إن االرتهان للمعالجة القانونية في موضوع املشاركة السياسية للمرأة وولوجها مراكز القرار‬
‫عبر تدخل الدولة بإقرار نظام الكوتا ‪ ،‬يختزل تمثيلية املرأة في عدد املناصب املحجوزة للعنصر‬
‫‪1‬‬
‫النسوي ‪ ،‬والتجربة تجعل من الصعب حصر التمكين السياس ي للمرأة في املعالجة القانونية ‪،‬‬
‫خاصة اذا ارتبط هذا اإلجراء بالنتائج بدال من أن يكون حاضرا على مستوى الترشيح ملا فيه من‬
‫إخالل بحرية اختيار الناخبين ‪.‬‬
‫إال انه ال يمكن اعتبار رفع حجم التمثيلية النسائية مؤشر على التطور الديمقراطي ‪ ،‬فقد‬
‫يتم استغالل التواجد العددي للمرأة في تحسين الصورة الديمقراطية لألنظمة وآلية للتسويق‬
‫السياس ي ‪،‬او استجابة لضغوطات خارجية تربط بين منح املساعدات وتحسين وضع النساء‪ ،‬وقد‬
‫يعكس الرفع من عدد املقاعد التي تحتلها املرأة دعم النظام لحركة نساء ضد نساء اخريات نتيجة‬
‫توازنات سياسية واعتبارات داخلية وخارجية‪.‬‬
‫أدى تبني نظام الكوتا إلى زيادة واضحة ومهمة في نسبة وجود املرأة في املجالس التمثيلية في‬
‫كل من الجزائر واملغرب ‪ ،‬لكن لم يركز هذا النظام على قاعدة القدرة والكفاءة في تمثيلها‪ ،‬وهو ما‬
‫يترجمه ضعف حضور املرأة " النخبة " في املجالس املنتخبة‪ ،‬ألن إشراكها كان حتمية وليس خيارا‪،‬‬
‫مما يجعل تمثيل املرأة تمثيال صوريا ال يعبر عن انشغاالتها الحقيقية‪ .‬كما ال يمكنها من خدمة‬
‫مجتمعها ألنها لن تستطيع التشريع داخل هيئة مختصة كالبرملان مثال‪.‬‬
‫من نافلة القول ان الكوتا شرط ضروري لحصول تغيير في قدرة املرأة على املشاركة‬
‫السياسية ‪،‬غير انه ال يشكل الحل الوحيد لحصول هذا التغيير ما لم تواكبه اجراءات وآليات‬
‫تضمن تطبيقا أمثل وناجع لهذا النظام ‪ .‬وتحقيق ذلك رهين بدمقرطة نظام الكوتا وتبني اسلوب‬
‫شفاف يوفر تكافؤ الفرص لكل القيادات النسائية بعيدا عن منطق الزبونية والعالقات‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل فرز الترشيحات بأسلوب ديمقراطي من طرف القواعد الحزبية ‪.‬‬
‫ومع هذه االهمية التي يكتسيها نظام املحاصصة او الكوتا ‪ ،‬يبقى طرح بعض االسئلة‬

‫‪ 1‬يتوضح من خالل التجربة املصرية ‪ ،‬انه بمجرد التوقف عن العمل بنظام الكوتا ‪ ،‬تراجعت نسبة حضور املرأة في‬
‫املجال السياس ي‪ ،‬كما ان الدول التي تعرف أكبر نسبة لتواجد املرأة في الواليات والوظائف االنتخابية كالدول‬
‫االسكندنافية ‪ ،‬تغيب فيها أي قوانين ملزمة في هذا الشأن سواء على مستوى الدستور أو على مستوى القوانين‬
‫االنتخابية‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫مشروعا في افق تظافر جهود الفاعلين الرسميين واملجتمع املدني إليجاد حلول واقعية للرفع من‬
‫مساهمة املرأة في البناء الديمقراطي ‪:‬‬
‫– بعد مساهمة النصوص القانونية في إحداث التطور النسبي الحاصل حاليا‪ ،‬أال يمكن‬
‫القول إن األمر اليوم يتجاوز اآللية القانونية واملجتمعية ويسائل الدولة واألحزاب بل يضعها وجها‬
‫لوجه أمام مسؤوليتها في قضية أصبح واضحا أنها متورطة تورطا كبيرا في ما يعترضها من إعاقات؟‬
‫– هل تشجيع النساء على اقتحام املنافسة السياسية واالنتخابية ينم بالضرورة عن جود‬
‫مشاريع سياسية تستحضر النساء كقضية وال تختزلهن في هويتهن كجنس أو تحصر حضورهن في‬
‫الكم والعدد‪ ،‬على الرغم من أهميته؟‬
‫– ثم أال يمكن في النهاية التنبيه إلى أن الكفاءات النسائية املغربية في مختلف املجاالت‬
‫ً‬
‫تختار‪ ،‬إراديا‪ ،‬في ظل الوضع والسياق السياس ي العام املتسم بمركزة السلطات‪ ،‬وواقع الفساد‬
‫واالستبداد‪ ،‬االبتعاد عن مواقع املنافسة االنتخابية؟‬
‫املراجع‬
‫الكتب‬
‫‪ -‬املعهد الدولي لألمم املتحدة للبحوث والتدريب في مجال النهوض باملرأة ومركز املرأة العربية‬
‫للتدريب والبحوث ‪ ،‬تقرير حول النوع االجتماعي والسياسة في تونس‪. 2009.‬‬
‫‪ -‬بثينة قروري‪ ،‬الكوطا النسائية ‪ :‬قراءة في التجارب الدولية‪ ،‬مساهمة في مؤلف جماعي بعنوان‬
‫‪:‬املرأة واملشاركة السياسية‪ ،.‬الطبعة االولى يوليوز ‪ 2008‬طوب بريس الرباط‪.‬‬
‫‪ -‬جميلة املصلي ‪ :‬الحركة النسائية باملغرب املعاصر اتجاهات وقضايا ‪ ،‬منشورات املركز املغربي‬
‫للدراسات واألبحاث املعاصرة ‪ ،‬الطبعة االولى ‪ 2011‬طوب بريس الرباط‪.‬‬
‫‪ -‬ستينا الرسورد و ريتا تافرون ‪ :‬النظم االنتخابية ونظام الكوطا "الخيارات املناسبة وغير املناسبة "‬
‫ترجمة عماد يوسف‪.‬مركز تصميم من أجل املساواة ‪، ،‬دون مكان نشر ‪. 2007‬‬
‫‪ -‬صباح العمراني ‪ " :‬املرأة واملشاركة السياسية باملغرب " الطبعة االولى ‪ ،‬افريقيا الشرق ‪. 2018‬‬
‫‪ -‬فاطمة الزهراء بابا أحمد ‪":‬قراءة في تطبيق نظام كوطا املشاركة السياسية للمرأة باملغرب"‬
‫مساهمة في مؤلف جماعي" املرأة واملشاركة السياسية"‪ : :‬الطبعة االولى يوليوز ‪2008‬‬
‫مقاالت‬

‫‪50‬‬
‫‪ -‬أحمد حضراني ‪،‬حول القانون التنظيمي ملجلس النواب قراءة في السياق والنص النهائي‪ ،‬مقال‬
‫نشر باملجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية عدد ‪2002/38‬‬
‫‪ -‬الحبيب الدقاق ‪ :‬مداخلة في ندوة "االحزاب السياسية في املغرب ‪ :‬متطلبا التطوير وتكريس‬
‫االختيار الديمقراطي " منظمة من طرف مركز دراسات حقوق االنسان والديمقراطية ‪ ،‬الرباط‬
‫ايام ‪ 15-14-13‬بالرباط‪. 2013.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬ادريس الكريني ‪ :‬الكوطا ودورها في تمكين املرأة ‪ ،‬مجلة مسالك عدد مزدوج ‪. 2013/24-23‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬نرجس صفو‪ :‬املشاركة السياسية للم رآة… بين نظام الكوتا وتكريس الحق في املساواة‪ .‬مقال‬
‫نشر في العدد ‪ 18‬من مجلة جيل حقوق اإلنسان الصادر بشهر أبريل ‪. 2017‬‬
‫‪ -‬عزيزي جالل ‪" :‬دور نظام الكوتا في توسيع حظوظ تمثيل املرأة الجزائرية في املجالس املنتخبة "‬
‫مجلة ابحاث قانونية وسياسية ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية ‪ ،‬جامعة محمد بن الصديق‬
‫جيجل ‪.‬‬
‫‪ -‬فاطمة الزهراء بابا احمد ‪ :‬مبدأ املناصفة ‪:‬التأسيس الدستوري ورهانات التنزيل ‪.‬مجلة مسالك‬
‫عدد مزدوج ‪. 2013/24-23‬‬
‫‪ -‬كوتا نسائية في برملان مصر‪ ،‬جريدة الشرق االوسط عدد ‪ 11616‬ل ‪ 8‬شوال ‪ 17 ، 1491‬شتنبر‬
‫‪.2010‬‬
‫‪ -‬ملعيني محمد ‪" :‬دور النظام االنتخابي في تفعيل املشاركة السياسية للمرأة في الجزائر ‪ :‬دراسة‬
‫نظرية وقانونية " مجلة املفكر ‪ ،‬العدد الثاني عشر ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسة بجامعة‬
‫بسكرة ‪. 2015‬‬
‫املواقع االلكترونية‬
‫فريدة غالم اسماعيل ‪ :‬انظمة الكوتا وتفعيل املشاركة السياسية للمرأة ‪ ،‬وكالة اخبار املرأة ‪ ،‬املوقع‬
‫االلكتروني ‪.http://wonews.net/ar/index.php?act=post&id=195 :‬‬
‫‪ -‬التقرير النهائي عن االنتخابات التشريعية باملغرب ‪ 25 ،‬نونبر ‪. 2011‬املعهد الديمقراطي الوطني‬
‫‪www.ndi.org/fils/morocco-final-electionreport-061812-ara-pdf.‬‬
‫‪ -‬الجماعات املحلية في ارقام موقع وزارة الداخلية املغرب ‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫‪ -‬الفقرة الثانية من املادة‪ 3‬من قانون االنتخابات املصري الصادر في نونبر ‪ . 2011‬مرسوم رقم‬
‫‪http.//m.faway.yoo7.com. 2011/108‬‬
‫‪ -‬موقع مرصد املناصفة بين النساء والرجال على الرابط التالي‪www.observatoire- :‬‬
‫‪parite.gov.fr‬‬
‫‪ -‬نظام الكوطا ‪ :‬نماذج وتطبيقات حول العالم ‪.‬موقع نظرة ‪ 28،‬ابريل ‪www.nazra .org. 2013‬‬
‫نصوص قانونية‬
‫‪-‬الفصل ‪ 7‬من الدستور املغربي لسنة ‪. 2011‬‬
‫‪ -‬الفقرة السادسة من املادة ‪ 17‬من القانون التنظيمي ‪ 14-113‬املتعلق بالجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.166‬الصادر في ‪ 22‬اكتوبر ‪ 2011‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪11/29‬‬
‫املتعلق باالحزاب السياسية ‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪. 5172‬‬
‫‪-‬ظهير شريف رقم ‪ 1.97.185‬صادر في فاتح جمادى األولى ‪ 4( 1418‬بتمبر‪ )1997‬بتنفيذ القانون‬
‫التنظيمي رقم ‪ 31.97‬املتعلق بمجلس النواب‪.‬‬
‫‪-‬قرار املجلس الدستوري رقم ‪ 475‬الصادر يوم ‪ 25‬يونيو ‪. 2002‬‬
‫‪-‬منشور الوزير االول رقم ‪ 2007/4‬بتاريخ ‪ 8‬مارس ‪.2007‬‬
‫‪ -‬القانون العضوي رقم ‪ 03- 12‬املؤرخ في ‪ 12‬يناير ‪. 2012‬ج ر ‪ 01‬الصادر في ‪ 14‬يناير ‪.2012‬‬
‫‪ -‬القانون العضوي ‪ 04-12‬املؤرخ في ‪ 12‬يناير ‪ 2012‬املتعلق باألحزاب السياسية ‪ ،‬ج ر ‪ 2‬الصادر‬
‫‪ 15‬يناير ‪.2012‬‬
‫‪ -‬بالغ لوزير الداخلية حول نتائج االنتخابات الجماعية والجهوية ‪ ،‬يوم ‪ 5‬شتنبر ‪ 2015‬مداع في‬
‫القنوات الرسمية ‪.‬‬
‫الرسائل واملذكرات املطلبية في التسعينات من القرن املاض ي‬
‫‪-‬رسالة موجهة من جمعية اتحاد العمل النسائي الى املنظمات الحقوقية املغربية يوم االعالن عن‬
‫امليثاق الوطني لحقوق االنسان للمطالبة بإقرار الحقوق السياسية للمرأة؛‬
‫‪ -‬مذكرة مرفوعة من اثنتي عشرة منظمة نسائية الى الوزير االول تؤكد فيها على ضرورة احداث‬

‫‪52‬‬
‫مجلس اعلى للمرأة مع اعتماد آليات تمكن املرأة من الوصول الى مراكز القرار ‪.‬‬
‫‪ -‬املذكرة املطلبية لوصول النساء الى مراكز القرار واملسؤولية التي اعدتها الجمعية الديمقراطية‬
‫لنساء املغرب سنة ‪2001‬؛‬
‫‪ -‬املذكرة التي وجهتها هيئة التنسيق الوطنية لنساء عدد من االحزاب السياسية في يناير ‪ 2003‬الى‬
‫السلطات املختصة بهدف ضمان للنساء في االنتخابات املحلية ‪.‬‬
‫‪ -‬فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق املرأة ‪ ،‬املجلس الوطني لحقوق االنسان ‪.‬‬
‫مرجع بالفرنسية‬
‫‪-SENGLER, Lauraans « :La place actuelle des femmes dans la presse écrite française » Mémoire‬‬
‫‪présenté sous la direction de Florence LE CAM en vue de l’obtention du titre de Master Année‬‬
‫‪académique 2011-2012 p :10‬‬

‫‪53‬‬
‫قضايا املرأة يف التناول العريف والشعيب)‪(1‬‬
‫‪-‬القوامة منوذجا‪-‬‬
‫د‪ .‬حممد توفيق الرقيب‬
‫استاذ وباحث يف قضايا األسرة واملرأة‬

‫مقدمة‬
‫ملا كانت األسرة اللبنة األولى والنواة األساسية للمجتمع‪ ،‬فقد أحيط أفرادها في نصوص‬
‫الوحي بكثير من االهتمام والرعاية ‪ ،‬وجعلت املودة والرحمة املنطلق والنهاية لعالقاتهما ‪،‬وذلك في‬
‫إطار التكامل وتوزيع األدوار ‪ ،‬فكلف الرجل بالقوامة حماية للمرأة وصيانة لها ‪ ،‬وخصت املرأة‬
‫بالحافظية حفظا لنفسها وللنسل وملال زوجها ‪.‬‬
‫يقول عز شأنه في سورة النساء ﴿ الرجال قوامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض‬
‫وبما أنفقوا من أموالهم‪ ،‬فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ هللا﴾[ النساء‪ ]34 :‬وقال‬
‫أيضا ﴿ولهن مثل الذي علهن باملعروف ‪ ،‬وللرجال عليهن درجة وهللا عزيز حكيم﴾‬
‫[ البقرة‪ .]226:‬ولقد شرع هللا تعالى هذه القوامة لتكون رعاية ومسؤولية ترتبط بما ألزم به‬
‫الزوج من تبعات وواجبات ؛ وهو تصور يقوم على أساس الدعوة إلى احترام التكامل وعدم الخلط‬
‫بين األدوار والوظائف‪.‬‬
‫وإذا كانت الشريعة اإلسالمية قد خصت املرأة دون الرجل ببعض األحكام‪ ،‬فإنها تبقى‬
‫استثناءات ترد على قاعدة املساواة التي تتأسس جوانبها املختلفة على وحدة األصل ووحدة املآل‬
‫والحساب يوم القيامة ‪ " .‬فالشريعة اإلسالمية في أحكامها تجري دائما وفقا لقانون التساوي‬
‫واالختالف ‪ ،‬فتساوي في األحكام بين املتماثلين في مناطها وتخالف في األحكام بين املختلفين في هذه‬
‫األحكام ‪ ،‬وهذا النهج القويم هو الذي يحقق املساواة الحقيقية بين املكلفين ‪،‬وهو مقتض ى العدل‬
‫وسنة هللا في التشريع كما هي سنة الثواب والعقاب‪.‬‬
‫ومما ال شك فيه أن قضية املرأة تضج باإلشكاالت بوجه عام‪ ،‬والسيما في عصرنا هذا الذي‬

‫‪ -1‬نقصد كل األشكال التعبيرية املنطوقة املتداولة والتي تخنزنها الثقافة الشعبية من حكايات وسرديات وأمثال‬
‫وحكم‪...‬‬
‫‪La problématique de femmes dans les approches traditionnelles et populaires –Exempe AL-‬‬
‫‪Qiouama-‬‬
‫‪54‬‬
‫تزاحمت فيه التغيرات وعلى شتى األصعدة‪.‬‬
‫إال أن املرأة في الواقع لم تحظ باالهتمام وطيب املعشر الالئقين بها‪ ،‬بل كانت محط حيف‬
‫وجور من جهات متعددة‪ ،‬وسلطت عليها صنوف القهر واإلذالل من الرجل‪ ،‬ومن املجتمع‪ ،‬بأعرافه‬
‫وتقاليده وثقافته‪.‬‬
‫وعبر التاريخ ورثت أعراف قبيحة وسيئة ‪ ،‬حتى اعتقد أن ها هي عين الحقيقة والصواب ‪،‬‬
‫و ترسخت هذه األعراف في محيط األسرة ‪ ،‬بسيادة تصورات خاطئة و أفهام سقيمة ‪،‬أساءت‬
‫اإلدراك و الفهم لعالقة الرجل باملرأة‪ ،‬بل صورت املرأة بشكل قبيح‪ ،‬ال يتماش ى وما أحيطت به من‬
‫رعاية عبر فهم خاطئ ومغال للقوامة ‪.‬‬
‫وتروم هذه املداخلة بيان الصورة التي ترسمها التمثالت الشعبية للقوامة ‪ ،‬في داللتها‬
‫وانعكاساتها على وضعية املرأة‪ ،‬من خالل الكشف عن تأثير هذه األعراف والتقاليد على السلوك‬
‫واملمارسة ‪،‬وأسباب هذه االنطباعات ومنشئها التاريخي‪ ،‬والقواعد األساسية الستيعاب القوامة‬
‫بشكل سليم ‪،‬ذلك أن ا لثقافة الشعبية كما هو معلوم‪ ،‬ال تكشف الخبايا النفسية لكل شعب‬
‫‪1‬‬
‫فحسب‪ ،‬بل هي بمثابة قوانين اجتماعية شبه ملزمة تسن املعايير التي يخضع لها الجميع‪. .‬‬

‫لتحقيق هذا املقصد تم تقسيم املوضوع إلى العناصر التالية ‪:‬‬


‫•مقدمة‬
‫•الثقافة الشعبية وقضية القوامة واملرأة‬
‫•أسباب انتشار األقوال الشعبية حول القوامة واملرأة‬
‫•منطلقات للفهم السليم للقوامة وقضايا املرأة‬
‫•خالصات وتوصيات‬
‫أوال‪ :‬الثقافة الشعبية وقضية القوامة واملرأة‬
‫‪2‬‬
‫إن قضية املرأة واألسرة وإن كانت تتمتع بخصوصية متميزة في بعض الحضارات ‪ ،‬ولدى‬

‫‪ - 1‬مجلة البيان‪-‬عدد‪ 355‬فبراير ‪" .2000‬املرأة في املأثورات الشعبية الكويتية" فاطمة يوسف العلي ص‪32-24‬‬
‫‪ - 2‬الحضارة في مفهومها الشامل تعني كل ماينشئه اإلنسان في حياته من أفكار وأشياء تتصل بأي جانب من‬
‫جوانب حياته املتعددة أي الروحية والعقلية والجسمية واملادية واملعنوية واملدنية والعسكرية‪– .‬املرأة املسلمة‬
‫وفقه الدعوة إلى هللا للدكتور علي عبد الحليم محمود ‪ /‬ط‪1992/3‬دار الوفاء –املنصورة ص ‪ .19:‬ويقول عنها‬
‫كذلك ول ديورانت في كتابه "قصة الحضارة"‪ :‬الحضارة نظام اجتماعي يعين اإلنسان على الزيادة في إنتاجه الثقافي‬
‫‪55‬‬
‫بعض الشعوب واألمم وتنفرد بأحكام مختلفة متباينة ؛ فإن منطق العصر الحديث وسرعة‬
‫االتصال والتواصل فيه‪ ،‬وتبادل األفكار الخبرات والتجارب ونمو التفاعل واملشاركة بين حضارات‬
‫مجتمعه ‪ ،‬كل ذلك جعل دراسة أية قضية هامة شائكة متشعبة الجوانب ‪ ،‬تتطلب مقاربة ونظرة‬
‫شمولية لهذه القضية الحساسة‪ ،‬كي توضع في سكتها الصحيحة لتجديد الفهم فيها وإغنائها ‪،‬‬
‫وبالتالي تجاوز العقبات التي من شأنها أن تلوث اإلدراك والفهم السليم‪.‬‬
‫ولقد شكل التاريخ –ومازال – مادة غنية لكل مهتم وباحث‪ ،‬وذلك باستجالء أطواره‬
‫ومميزات مراحله‪ ،‬ودراسة البنيات املشكلة للشعوب ولألمم ‪،‬ومعرفة معتقداتها وتقاليدها‬
‫وأعرافها وقوانينها‪ ،‬ونظرتهاإلى جملة من القضايا‪ ،‬خاصة التي لها ارتباط باملجتمع وباألسرة‪،‬‬
‫والعالقات السائدة فيها ‪.‬وقد حظيت املرأة من داخل األسرة بالحظ األوفر من هذا االهتمام‪ ،‬نظرا‬
‫ألهميتها ومركزيتها ودورها في تحديد مدى أفضلية املجتمع؛ لذا نلحظ الدراسات واألبحاث و‬
‫القراءات التاريخية العديدة لوضعيتها في املجتمعات ‪،‬والحضارات على اختالف تلك املقاربات‬
‫والقراءات‪.‬‬
‫إن رمزية خطاب األقوال الشعبية‪ ،‬يجد مبرره القوي‪ ،‬في ما يتميز به هذا النوع من‬
‫الخطاب‪ ،‬من خصائص‪ ،‬لعل أهمها‪ :‬انتشاره السريع بين مختلف الفئات االجتماعية‪ ،‬لسهولة‬
‫تمثله واستيعابه ‪،‬ولبنائه التركيبي ‪،‬وقدرته التعبيرية التي تجعله يعكس مختلف أنماط السلوك‬
‫البشري‪ ،‬ثم الستمرارية حضوره وانتق اله من جيل آلخر‪ ،‬إضافة إلى طبيعته املتميزة بالتكثيف‬
‫‪1‬‬
‫وبقدرته املجازية الكبيرة‬
‫وحتى إذا كانت األمثال الشعبية تبدو وكأنها ال ترتبط بزمن محدد‪ ،‬و أنها تنتمي إلى املاض ي‪،‬‬
‫إلى قرون خلت ‪،‬كما هو الحال مع أمثال ومأثورات عبد الرحمان املجذوب‪ ،‬التي تعود إلى القرن‬
‫العا شر‪ ،‬فال يعني ذلك أنها لم تعد تؤثر في الحاضر وفي املستقبل‪ ،‬بل العكس‪ ،‬وربما لكونها جزء‬
‫من املاض ي‪ ،‬فهي تمارس سحرا‪ ،‬وتأثيرا خطيرين على الذهنيات‪ ،‬وعلى السلوكات‪ ،‬من منطلق أنها‬

‫وإنما تتألف الحضارة من عناصر أربع‪ :‬املوارد االقتصادية والنظم السياسية والتقاليد الخلقية ومتابعة العلوم‬
‫والفنون " ج‪ / 1‬املجلد‪/ / 1‬ط ‪ .1973 4‬ص‪3:‬‬
‫‪ - 1‬صورة املرأة بين املنظور الديني والشعبي والعلماني" علي افرفار" دار الطليعة –بيروت‪ 1996-‬ص‪.58-57‬‬
‫بتصرف‬
‫‪56‬‬
‫‪1‬‬
‫تمثل حكمة األجداد‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومتنوعة‬ ‫ّ‬
‫تتردد اليوم على ألسنتنا‪ ،‬كما ترددت على ألسنة أسالفنا أمثال عديدة‬ ‫و ّ‬
‫وتصورات معينة‪ ،‬طالت ميادين مختلفة من ميادين الحياة الخاصة باملرأة‪ ،‬و في كل املراحل‬
‫ومست أغراضا ّ‬
‫شتى في معاشها‪،‬ولم يكن استعمال هذه األمثال استخداما مجازفا أو‬ ‫ّ‬ ‫العمرية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اعتباطيا‪ ،‬بل كانت تتنزل في إطار ثقافي مخصوص ‪ ،‬هو إطار الثقافة التقليدية أو الثقافة‬
‫ّ‬
‫الشعبية‪.‬‬
‫وحملت تلك األمثال واألقوال ّ‬
‫تصورات الناس لعالقاتهم باملرأة ‪ ،‬كما اضطلعت بوظائف‬
‫السائدة بن األفراد‪ ،‬وما يعتريها من ّ‬
‫االجتماعية ّ‬
‫ّ‬ ‫تمثلت ّ‬ ‫ّ‬
‫توتر‬ ‫خاصة في رصد العالقات‬ ‫اجتماعية‬
‫وطبيعة العالقات داخل املجتمع‪2‬‬

‫ونالت قضايا املرأة حظا وافرا من الحضور في التناول الشعبي العرفي ‪،‬عبر قصص‬
‫وحكايات وأقوال وأمثال وحكم ‪ ،‬نسجت عبر حقب تاريخية في سياقات مختلفة‪ ،‬لتفرز لنا تصورا‬
‫ومخيلة شعبية ‪،‬تحمل في أغلبها صورة قاتمة عن مكانة املرأة وعن القوامة‪ ،‬فيتم تصويرها على‬
‫أنها استبداد واستعباد وحرية مطلقة ‪،‬وسيطرة ووصاية ‪ ،‬وش يء ملحق تابع ‪.‬‬
‫فشيوع األقوال واألمثال العامية التي تنتقص من املرأة‪ ،‬والتي تحمل في عمومها حكما‬
‫سلبيا ‪،‬وتعطي للرجل سلطة مطلقة‪ ،‬هي إذن تقاليد وأعراف وضعها الناس ولم يضعها رب الناس ‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫دحرجت الوضع الثقافي واالجتم اعي للمرأة و استبقت في معاملتها ظلمات الجاهلية األولى ‪ ،‬فهذه‬
‫الذاكرة الشعبية املوروثة تصور املرأة إما في صورتها العامة ‪،‬أو في موقعها االجتماعي وفي عالقتها‬
‫داخل األسرة والتدبير األسري ‪،‬أنها دون كرامة ‪،‬وأن قوامة الرجل تفسح له حق التصرف املطلق‬
‫وتقمص دور ال حاكم املستبد ‪ ،‬وعدم مشاورتها واألخذ برأيها ولو كان صائبا ‪.‬‬
‫ومن بين األمثال الشائعة في هذا املضمار والتي تضفي صفة دونية على املرأة قولهم‪ ":‬املرا‬
‫لفعة و متحزمة بإبليس"‪, ،‬وكذلك قولهم "املرا اللي ماتاكلش العصا من أحد الحد تقول ما قدها‬

‫‪ -1‬صورة املرأة في األمثال الشعبية ‪ :‬املرأة في مؤسسة الزواج كنموذج فوزي بوخريص‬
‫‪ https://www.aljabriabed.net/n63_05bukgris.(2).htm‬ماي ‪2019‬‬
‫‪ -‬الثقافة الشعبية مجلة فصلية علمية محكمة العدد‪ 42‬السنة الحادي عشر صيف ‪ 2018‬ص ‪ 47‬بتصرف ‪2‬‬
‫‪ - 3‬قضايا املرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة ملحمد الغزالي ط ‪ 1991 /- 3‬دار الشروق القاهرة – بيروت ص ‪.16‬‬
‫بتصرف ‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫حد "‪ ،‬حتى أنها ال تساهم برأيها في التدبير املنزلي األسري ‪ ،‬وحتى لو أسهمت به فال يأخذ به "املرا‬
‫‪1‬‬
‫شاورها‪ ,‬ال تدير بريها" ‪ ،‬فهذه الصورة تعكس الخلفية التي يتعامل بها املجتمع مع املرأة ‪ ،‬وبالتالي‬
‫فهي كيان ال قيمة له ‪،‬ومصدر للشؤم ومجمع الشر وال يرتاح بال االنسان إال عند موتها ( فموت‬
‫البنت ستر )و( دفن البنات من املكرمات )‪.‬‬
‫وهي مصدر الشقاء وحالها كحال بعض الحيوانات ‪ ،‬التي اعتبرها املثل الشعبي مصدر‬
‫‪2‬‬
‫للعناء ( اللي بغا العذاب يرافق النسا والكالب )‬
‫وهذه الصورة القاتمة تالحق املرأة في مراحل حياتها ‪ ،‬بدأ بالنبت والعانس واملتزوجة‬
‫واالرملة ‪،‬وغيرها من الحاالت ‪ ،‬ومن هذه األقوال املنتشرة نذكر ما يلي ‪:‬‬
‫•(البنت تأكل ما تشبع وتخدم ما تقنع)‪.‬‬
‫•(دار البنات خاوية)‪.‬‬
‫•( البنت إما رجلها وإما قبرها)‪.‬‬
‫• (لحم الهجالة مسوس وخا دير لو امللحة قلبي عافو)‪....‬‬
‫ً‬
‫لقد شكلت هذه املوروثات االجتماعية املهترئة عقوال متحجرة‪ ،‬منغلقة ضيقة األفق‪ ،‬رأت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫دستورا في التعامل مع‬ ‫في القوامة والزواج امتالكا ال مشاركة‪ ،‬وصيرت بعض األعراف الخاطئة‬
‫املرأة‪ ،‬فكان االستبداد هو شعار الرجل في التعامل معها ‪ ،‬واعتبر التعسف والشدة هي لون‬
‫التعامل األمثل مع الزوجة ‪ ،‬والصورة الحقيقة للقوامة ‪.‬‬
‫ويمكن أن نؤكد حقيقة سبق أن انتهت إليها الكثير من الدراسات التي خاضت في موضوع‬
‫‪3‬‬
‫"صورة املرأة في األمثال الشعبية" ‪ ،‬وهي أنه " حتى ولو كانت هناك أمثال تقدم صورة إيجابية عن‬
‫املرأة‪ ،‬فهي تظل مع ذلك محدودة العدد مقارنة مع غالبية األمثال التي ترسم صورة سلبية للمرأة‪،‬‬

‫‪ - 1‬للتفصيل أكثر في هذه النقطة انظر مجلة املناهل السنة ‪ 25‬عدد ‪64‬شعبان ‪ 1422‬ماي ‪ 2001‬مقال لحسن‬
‫أميلي ‪:‬املرأة املغربية في الذهنية من خالل األمثال لعامية ‪/‬مجلة تصدرها وزارة الثقافة واالتصال املغربية –انطالقا‬
‫من الصفحة ‪ 292‬انظر كذلك ديوان سيدي عبد الرحمن املجدوب ‪ -‬بدون تاريخ‬
‫‪ - 2‬املرأة أزمة الهوية وتحديات املستقبل احسان االمين ط األولى ‪ 2001‬دار الهادي لبنان ص ‪ 207‬وما بعدها ‪.‬‬
‫بتصرف‬
‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــورة امل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرأة ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي األمث ـ ـ ـ ـ ـ ــال الش ـ ـ ـ ـ ـ ــعبية ‪ :‬امل ـ ـ ـ ـ ـ ـرأة ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي مؤسسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ال ـ ـ ـ ـ ـ ــزواج كنم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوذج ف ـ ـ ـ ـ ـ ــوزي‬ ‫‪3‬‬
‫بوخريص ‪ https://www.aljabriabed.net/n63_05bukgris.(2).htm‬ماي ‪2019‬‬
‫‪58‬‬
‫‪1‬‬
‫وهذه الحقيقة ليست خاصة بالثقافة العربية‪ ،‬بل تكاد تكون كونية‪ ،‬وتكاد تكون تاريخية"‬

‫ثانيا ‪:‬أسباب انتشار األقوال الشعبية حول القوامة واملرأة‬


‫القوامة مصطلح شرعي لم يثر مشكالت في فهم الرعيل األول من املسلمين ‪،‬حيث كانت‬
‫الطاعة هلل ولرسوله محركا وموجها لسلوك املسلمين ومعامالتهم‪ ،‬وإن كانت مرحلة التراجع‬
‫الحضاري واالنحطاط الذي عاشه املسلمون قد ولد فقها ينبني أكثر على مبدأ سد الذريعة‬
‫والتوسع فيه‪ ،‬بل تم وضع أحاديث موضوعة ومكذوبة تفسد املعنى الشرعي للقوامة‪ ،‬وتصور املرأة‬
‫تصورا ناقصا ال يتناسب والتكريم الذي أحيطت به؛ وقد ولد هذا الفهم ثقافة شعبية وعرفا يعطي‬
‫للقوامة مدلوال آخر‪.‬‬
‫فقد وضعت الشريعة أسس الوحدة الرابطة بين الرجل واملرأة‪ ،‬وأقامتها على السكينة‬
‫واملودة والرحمة ‪،‬وقسمت الحقوق والواجبات بين طرفيها على أساس التكافل والتكامل بما يضمن‬
‫استمرار ذلك االرتباط بين الرجل واملرأة‪ ،‬إال أن هذا الفهم عرف انتكاسة مع تراجع األمة وانحطاط‬
‫املجتمع وانحباس الفقه وسد باب االجتهاد‪ ،‬وبالتالي تداول فتاوي ضيقة مقلدة‪ ،‬فنالت املرأة الحظ‬
‫األوفر من هذا االنكسار ‪،‬وتمثل ذلك في الصورة العامة التي رسمت للمرأة عبر فهم خاطئ ومغال‬
‫للقوامة ‪ ،‬بسب ما عاشته األمة من تراجعات وانتكاسات (السبب األول) ‪ ،‬وشيوع األخبار‬
‫واألحاديث املوضوعة ( السبب الثاني )‪ ،‬نتج عن ذلك ميالد ذاكرة شعبية وأعراف أساءت الفهم‬
‫واإلدراك لهذا املفهوم‪.‬‬
‫‪ -‬التراجع الحضاري واالنتكاسة التاريخية للمجتمع املسلم‬ ‫‪1‬‬
‫عرف تاريخ املجتمع املسلم تحوالت كبيرة و خطيرة أثرت على حياة املسلمين وفكرهم‬
‫وسلوكهم‪ ،‬وظهرت عصبيات ونعرات قبلية‪ ،‬وانقسم املسلمون وانفرط عقدهم … وال يمكن أن‬
‫نفهم واقع املسلمين املعاصر إال بفهم سديد ملا جرى من قبل‪ ،‬كما أننا ال يمكن أن نتكلم عن‬
‫قضايا املسلمين‪ ،‬كقضية املرأة والقوامة وغيرها من القضايا واملوضوعات‪ ،‬دون استصحاب هذه‬
‫التحوالت التي ينبغي أن تكون محددة لفكرنا وحركتنا في هذا الواقع الغريب والعجيب‪ .‬ولم يزداد‬
‫ً‬
‫وتعقيدا‪ ،‬إال بغياب هذه الرؤية التاريخية ملا حدث في أمس املسلمين‪.‬‬ ‫واقع املسلمين اليوم اضطر ًابا‬
‫فاملرأة لم تنحط لوحدها بل انحطت بانحطاط املجتمع ‪ ،‬وانحط املجتمع بانحطاط‬
‫الحكم وانتقاض عروته‪ ،‬وانحبس الفقه وسد باب االجتهاد‪ ،‬ودارت الفتوى في حلقة ضيقة مقلدة ‪،‬‬

‫‪ - 1‬نادية العشيري " صورة املرأة بين األمثال األندلسية واإلسبانية" دراسة بمجلة مكناسة(مجلة كلية اآلداب‬
‫والعلوم اإلنسانية‪-‬مكناس عدد ‪ 1996-10‬ص ‪.14 -7‬‬
‫‪59‬‬
‫ولم تلبث املرأة أن أصبحت سلعة في السوق وجارية في القصور وكما مهمال مختزال في الجسد‬
‫والهو واالستمتاع‪ ،‬ونقرأ في كتب التاريخ حكايات عن هذا الواقع املرير ‪،‬عن أرقام صادمة لحال‬
‫‪1‬‬
‫املرأة في القصور ‪ ،‬فقد كان عند الرشيد زهاء ألفي جارية وعند املتوكل أربعة آالف جارية ‪.‬‬
‫ويحكي االصفهاني في كتابه األغاني مثال ذلك ‪ ،‬مبينا صورة الترف والبذخ أكثر حين‬
‫يقول " أنهن‪ -‬أي الجواري‪ -‬كن من نفيس املتاع الذي يتهاداه الناس‪ ،‬وكان عدد الجواري يزيد على‬
‫عدد الحرائر في منازل كبار القوم واألثرياء ‪ ).‬وحين عاد موس ى بن نصير فاتح املغرب إلى دمشق كان‬
‫معه ‪ 30000‬جارية‪ ،‬أهدى عددا منهن إلى الوليد بن عبد امللك‪ .‬ويذكر أن سعيد أخو سليمان بن‬
‫عبد امللك اشترى جارية مشهورة بحسن غنائها بألف ألف دينار‪ ،‬أما يزيد بن عبد امللك فاشترى‬
‫املغنية “شامة” بعشرين ألف دينار‪ ،‬واشترى هارون الرشيد إحدى جواريه بمبلغ مئة ألف دينار‪،‬‬
‫وأحب محمد األمين بن هارون الرشيد أن يشترى جارية اسمها “بذل” من سيدها لكنه رفض ‪،‬فمأل‬
‫له قاربا من الذهب وأرسله إليه‪ ،‬لكنه رفض وفضل االحتفاظ بالجارية‪ ،‬وكان عند والدة جعفر‬
‫‪2‬‬
‫وحليها غير لبوس األخرى ّ‬
‫وحليها‪".‬‬ ‫كل واحدة ّ‬
‫منهن ّ‬ ‫البرمكي مائة وصيفة ‪،‬لباس ّ‬
‫‪3‬‬
‫وتزداد مالمح االنحطاط بكل تجلياته في عهد ملوك الطوائف‪ ،‬وهو" عصر مليء‬
‫باالضطراب والفوض ى ‪،‬والتناحر والقبلية الصارخة ‪،‬واالنانية الهدامة ‪ ...‬حتى أصبح في األندلس‬
‫‪4‬‬
‫عشرين أسرة حاكمة" ‪.‬‬
‫واملرأة أين كانت في كل هذا ؟ الجواب تقرأه في أشعار الغزل ‪،‬وأخبار الجواري والقصور‪،‬‬
‫ملهاة وسلعة في سوق النخاسة‪.‬‬
‫إن هذه الروايات والنقول التاريخية التي تمثل غيضا من فيض‪ ،‬تؤكد أننا لسنا أمام‬
‫حاالت شاذة أو نزوات استثنائية‪ ،‬وإنما هي حالة عامة من الترف واملتعة واملتاجرة باألجساد‬
‫والتفسخ واالنحالل ‪،‬طبعت أغلب مراحل تاريخنا السياس ي غيبت فيها املرأة‪ ،‬وحوصرت كل‬
‫املفاهيم والقضايا املتعلقة بها ‪ ،‬وسادت أفهام للقوامة وغيرها ‪،‬وتلبدت املعاني الجميلة‪ ،‬وتحولت‬

‫‪ - 1‬تاريخ دمشق البن عساكر علي بن الحسن ط ‪ 1995‬دار الفكر ‪316 /73‬‬
‫‪ - 2‬األغاني‪ -‬االصفهاني تحقيق احسان عباس وآخرون ط‪ 2008 3‬دار صادر بيروت ص‪88/ 9‬‬
‫‪ 3‬يمتد عصر ملوك الطوائف من سنة ‪ 422‬الى ‪484‬‬
‫‪ 4‬موسوعة التاريخ االسالمي أحمد شلبي ج ‪ 4‬ط ‪ 10‬مكتبة النهضة املصرية القاهرة ص‪114‬‬
‫‪60‬‬
‫الى عصا وقهر ‪،‬و رزع من تلك الحظة بذور احتقار املرأة وتهميشها وظلمها ‪،‬وهو ما سيستفحل‬
‫ويتعاظم جيل بعد جيل ‪ ،‬ويتولد معه فقه منحبس ‪،‬متوسع في استعمال سد الذرائع تحت وازعين‬
‫اثنين ‪:‬‬
‫كونها فتنة يجب عزلها واتقاؤها ‪.‬‬ ‫•‬
‫حمايتها من الفتنة والفساد الخارجين ‪.‬‬
‫•‬
‫فترتب عن ذلك أحكام أسفرت عن انحطاط املرأة وتجهيلها ‪ ،‬مما جعلها في عطلة بال‬
‫‪1‬‬
‫شغل‪ ،‬يغلب عليها الكسل وتغمرها السلبية ‪،‬والخمول النفس ي والعقلي ‪.‬‬
‫وإذا كانت هذه املبالغات تدل على انحطاط األمة وتراجعها ‪ ،‬فهي تعطي إشارة واضحة‬
‫وقوية إلى انحباس أفق الفقه وترهله وانسداد أبوابه‪ ،‬لتتضح الصورة أكثر في عصور التقليد‬
‫املتأخرة ‪،‬حيث " ازدادت مالمح التخوف من تغلب مظاهر الفساد‪ ،‬واملجون والفتنة في املجتمع ‪،‬‬
‫وساد منحى التحوط في االحكام االجتهادية القائمة على الحد من خروج النساء‪ ،‬وتقليص مشاركتهن‬
‫‪2‬‬
‫‪ ،‬وتبنى عدد من الخلفاء والعلماء ذلك التوجه التحوطي‪".‬‬ ‫في الحياة العامة‬
‫فتبلور بذلك أنماط من التفكير املبني على االحتياط‪ ،‬أسهم في إبعاد املرأة عن ساحة‬
‫الفعل‪ ،‬وسد باب االجتهاد ‪،‬وتقلص الفقه في حدود ضيقة‪ ،‬ملا وقع على العلماء من ضغط الحاكم ‪،‬‬
‫فهجر الفقهاء قضايا الحكم واملجتمع واخلو الساحة ‪ ،‬ففقه الحكم في تراثنا يكاد يكون قاعا‬
‫صفصفا‪ ،‬وفقه حقوق املرأة تابع ‪ ،‬ضاعت حقوقها مع حقوق الكافة ‪ ،‬فتقلص بذلك الفقه تحت‬
‫رادعين اثنين ‪:‬ضغط السلطان الحاكم بأمره ‪ ،‬وبعد املفتي و القاض ي عن املشهد العام‪ .‬فالفقه‬
‫الجامد واالجتهاد الجامد أدخل القوامة وغيرها من قضا يا املرأة في غيبوبة دائمة ‪ ،‬وترك املجال‬
‫لبروز وظهور تفسيرات وتأويالت بعيدة عن الحقيقة والصواب ‪،‬فظلمت املرأة باسم دين غائب عن‬
‫امليدان‪ ،‬مختزل في عبادات فردية وخالفات فقهية فرعية أكثر من أن تعد أو تحص ى‪ ،‬وصار‬
‫اإلسالم جسدا بال روح ‪،‬وأضحى موروثا من املوروثات‪ ،‬وغيبت مقاصد الشريعة وغاياتها الكبرى‪.‬‬
‫فحين نقلب صفحات املاض ي‪ ،‬نجد صدى قضية املرأة في كتب فقهائنا القدامى على شكل‬
‫متون حيض ‪،‬ونفاس وحواش ي و وفتاوي ‪-‬ال نقلل من قيمة فقهائنا العظام وال من فقههم معاذ‬

‫‪ - 1‬التعليل املقاصدي ‪:‬دراسة في أحكام األسرة عند مفسري الغرب االسالمي وفاء توفيق افريقيا الشرق ‪2018‬‬
‫ص ‪187‬‬
‫‪ - 2‬أثر العرف في فهم النصوص ‪ ،‬قضايا املرأة نموذجا العلواني رقية طه جابر ط‪ 1424 ،1‬ه ص ‪137‬‬
‫‪61‬‬
‫هللا‪ -‬تخفي وراءها انهزاما ‪،‬أو حتى تواطؤ بعض الفقهاء الذين شغلهم هاجس الخوف من تشتيت‬
‫األمة وتفريق كلمتها‪ ،‬فحوصروا في الحواش ي وتفسير الحواش ي ونقدها وتعديلها ونظمها‪.‬‬
‫وحصلت بذلك نتائج بعيدة الغور في جسم األمة اإلسالمية ‪،‬وفي عقلها وسلوكها‪ ،‬لعلنا‬
‫نجملها في ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬تشتت الدين في أفهام الناس وتمزقه في عقولهم‪ ،‬فلم تعد هناك قدرة على استيعاب‬
‫معالم الكمال الشمولي‪ ،‬وال معاني الوحدة اإليمانية العلمية‪ ،‬فنشبت صراعات بين املحدثين‬
‫واملتصوفة‪ ،‬وبين املتصوفة واملجاهدين‪ ،‬ونشأت نزعات بين أهل العقل وأهل النقل‪ ،‬وبين السنة‬
‫والشيعة‪ ،‬وهكذا انتصر كل ذي رأي لرأيه‪ ،‬وشايعه في ذلك أشياع وأتباع‪ ،‬فتكونت إذاك الفروع‬
‫املذهبية والفرق الدينية والتوجهات السياسية‪.‬‬
‫‪ -2‬استقالة العقل املسلم وانكفاؤه منزويا يتحرك في حدود ما يسمح به الحاكم‪ ،‬وهو ما‬
‫أدى إلى تضخيم جوانب علمية معينة (لها أهميتها طبعا)‪ ،‬كالفقه اليومي مقارنة مع جوانب علمية‬
‫أخرى‪ ،‬كالشأن العام والحكم وقضايا املجتمع مثال‪ ،‬واملتأمل في تاريخ العلوم اإلسالمية يبرز له‬
‫بشكل جلي هذا الحيز الكبير الذي تحتله مصنفات األحكام الشرعية الفقهية‪ ،‬وهذا الغياب‬
‫والصمت املطبقان تجاه قضايا السياسية الشرعية‪ ،‬لم يكن األمر أمر عجز عقلي علمي‪ ،‬إنما هو‬
‫االستبداد والظلم ‪،‬أينما حال أوقفا عجلة التفكير السليم‪،‬وبالتالي تداول فتاوى ضيقة مقلدة‬
‫‪،‬فنالت املرأة الحظ األوفر عبر فهم خاطئ ومغال لقوامة ‪ ،‬ونتج عن ذلك ذاكرة شعبية وأعراف‬
‫أساءت الفهم واالدراك للقوامة ‪.‬‬
‫‪-3‬ظهور انحراف في تطبيقات بعض العلوم‪ ،‬كعلم الكالم مثال‪ ،‬الذي بدأ أول ما بدأ جداال‬
‫عن الدين ‪،‬ومنافحة عن عقيدته ضد العقائد الضالة‪ ،‬التي تسربت مع امتداد الدولة اإلسالمية‬
‫وبدخول أقوام جدد إلى اإلسالم‪ ،‬ثم ما لبث أن زاغ عن سكته وحاد عن مبتدأ انطالقه‪ ،‬ليحمل‬
‫سالح التكفير والتعسير والتبديع في وجه العامة والخاصة‪1‬‬

‫وزاد من فداحة األمر ‪ ،‬م ا خلفته صدمة االستعمار الغربي من تأثير ثقافي وقيمي ‪،‬المس‬
‫لس ْلخ األمة عن ماضيها‪َ ،‬‬
‫وع ْزِلها عن‬ ‫النفس والقلب والعقل والفكر والهوية ‪ ،‬في ُمحاولة َ‬
‫واقعها‪َ ،‬وت ْهميش دورها الحضاري والتاريخي ‪.‬‬

‫‪ -2‬سوء فهم بعض النصوص الشرعية وتداول االحاديث املوضوعة‬

‫‪ - 1‬املرأة‪ :‬نظرات في الفكر والتاريخ سعيد موالي التاج ‪ https://www. aljamaa.net‬ماي ‪2019‬‬
‫‪62‬‬
‫ما أكثر ما يستشهد الناس بأحاديث ونصوص قرآنية‪ ،‬لينتقصوا من قدر املرأة‪ ،‬فيزيغون‬
‫الحديث عن سياقة ويعطونه داللته اللفظية املطلقة‪ ،‬يقرأون بعضه ويسكتون عن بعض ‪ ،‬فال‬
‫عجب يغلب سوء الظن باملرأة ‪،‬ويغلب املوروث من احتقارها ويقلد الالحق السابق‪ ،‬فيتأبد فينا‬
‫الفقه املنحبس ‪،‬ويحول بيننا والفقه الصحيح املستقي من املعين الصافي دون حجب‪.‬‬
‫و لعل فشو الجهل واألمية ‪،‬وتنامي وتداول بعض األقوال املكذوبة ‪ ،‬وسوء فهم بعض‬
‫النصوص القرآنية والحديثية ‪،‬كقول النبي ‪ ... « ‬ما رأيت ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل‬
‫‪1‬‬
‫الحازم من أحدكن‪»..‬‬
‫‪2‬‬
‫وقوله تعالى (الرجال قوامون على النساء ) ‪،‬زاد في تحريف مفهوم القوامة عن سكتها‬
‫وتقويض مدلولها الصحيح ‪،‬لتدل على معنى القهر واالستبداد وعدم املشورة ‪،‬فقد "فهم بعض‬
‫الرجال هذه القوامة تسلطا و استبدادا واسترقاقا وتكبرا ‪،‬فعاملوا نساءهم تبعا لهذا الفهم‬
‫‪3‬‬
‫السقيم و الخاطئ سوء معاملة ‪.‬‬
‫مما أعطى انطباعا أن للرجل أن يتصرف وفق إرادته املطلقة‪ ،‬بناء على الفهم الظاهري‬
‫الحرفي للنصوص‪.‬‬
‫ومما يؤسف في هذا الباب أن البعض يعتبر أن القسوة على املرأة والخشونة في معاملتها‬
‫ضربا من الرجولة والشهامة ‪ ،‬ويعتبر مالطفتها واإلقبال على مودتها ضربا من امليوعة يخش ى أن‬
‫‪4‬‬
‫يعرف به بين الرجال ‪ ،‬بسبب املوروث الثقافي الذي أسهم في تلبيد الصورة الجميلة للقوامة‪،‬‬

‫‪ - 1‬أخرجه البخاري في كتاب الحيض باب ترك الحائض الصوم رقم ‪ 304‬وكذلك في كتاب الزكاة باب الزكاة على‬
‫األقارب وقال النبي‪ ‬له أجر القرابة والصدقة رقم ‪ 1462‬ومسلم في كتاب اإليمان باب نقصان اإليمان ينقص‬
‫الطاعات وبيان إطالق لفظ الكفر في غبر الكفر هلل ككفر النعمة والحقوق رقم ‪ 132‬والترمذي في كتاب اإليمان‬
‫باب ما جاء في استكمال اإليمان وزيادته و نقصانه رقم ‪ 21613‬وابن ماجة في كتاب الفتن باب فتنة النساء رقم‬
‫‪ 4003‬وأحمد في مسند املكثرين من الصحابة رقم ‪.5091‬‬
‫‪ - 2‬سورة النساء اآلية ‪ 34،‬وغيرها من النصوص الحديثية واآليات القرآنية التي س يء فهما بقصد أو بال قصد‬
‫‪ --3‬تحفة العروس أو الزواج اإلسالمي السعيد ملحمد مهدي االستامبولي‪ .‬ط‪-1985/6:‬الرسالة اإلسالمية للنشر‬
‫ص ‪270‬‬
‫‪- - 4‬حقوق املرأة املسلمة حقوق املرأة املسلمة في املجتمع اإلسالمي –إلسماعيل بغدادي ط‪ -1991/1:‬املنظمة‬
‫اإلسالمية ص ‪307‬‬
‫‪63‬‬
‫حيث انتشر" الوضاعين والكذابين والقصاص والوعاظ‪ ،‬الذين روجوا أحاديث كثيرة منسوبة إلى‬
‫‪1‬‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم تحط من قيمة املرأة ‪ ،‬كقولهم ‪:‬‬
‫✓ » علقوا السوط حيث يراه أهل البيت فإنه أدب لهم «‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫✓ وكذلك قولهم » أجيعوا النساء جوعا غير مضر واعروهن عريا غير مبرح « ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫✓ ومنها أيضا قولهم »لوال النساء لعبد هللا حقا « ‪.‬‬
‫✓ وأيضا‪ »:‬النساء خلقن من ضعف وعورة فاستروا عوراتهن بالبيت‪ ،‬وأغلبوا ضعفهن‬
‫‪4‬‬
‫بالسكوت«‬
‫✓ » من كانت عنده ابنة فقد فدح ‪ ،‬من كان عنده اثنتان فال حج عليه ‪ ،‬ومن كانت عنده‬
‫ثالث فال صدقة عليه وال قرى ضيف‪ ،‬ومن كن عنده أربع فيا عباد هللا أعينوه ‪ ،‬أعينوه‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫اقرضوه‪ ،‬اقرضوه« ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫✓ »للمرأة ستران القبر والزوج ‪ ،‬قيل فأيهما أفضل ؟ قال ‪ :‬القبر « ‪.‬‬
‫وغيرها من األكاذيب املنسوبة إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪،‬وكلها أحاديث تدعو إلى‬
‫حبس املرأة و التضييق عليها ومنعها من حضور الجمع والجماعات و األعياد‪ ،‬مما أوقع املرأة في‬
‫ضرر بالغ نتيجة الفهم السقيم للقوامة‪ ،‬عبر تصرفات جائرة مستندة في ذلك آيات قرآنية ساء‬
‫فهمها‪ ،‬فيتم صياغتها في قالب تعسفي سلطوي‪ ،‬وفي منظومة تشمل التضييق املتعسف والغيرة في‬
‫غير شبهة ‪،‬والنقد غير املبرر‪ ،‬وتمتد أحيانا إلى اإلهانة بكل أشكالها‪ ،‬فيتم حمل القوامة على غير‬

‫‪ -1‬جامعة الصحوة اإلسالمية الدور ‪ 5‬حقوق املرأة وواجباتها في اإلسالم مقال ‪ :‬زينب النجاري حقوق املرأة املسلمة‬
‫بين شبهات الجاحدين وظلم الجامدين ط‪ 1999/1:‬مطبعة فضالة –املحمدية ‪ -‬ج‪ 3‬ص ‪ 308‬بتصرف‪.‬‬
‫‪ - 2‬الفوائد املجموعة في األحاديث املوضوعة ملحمد بن علي الشوكاني ط ‪ 1986 / I‬دراسة وتحقيق حمد عبد‬
‫الرحمن عوض‪ -‬دار الكتاب العربي ص ‪150‬‬
‫‪ - 3‬كتاب ا ملوضوعا ت البن الجوزي ط‪- 1983/2:‬تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان ‪ – .‬دار الفكر‪ .‬ج ‪ 2‬ص‪255‬‬
‫‪ - 4‬العلل املتناهية البن الجوزي ط‪ 1‬دار الكتب العلمية بيروت ‪ 1983‬ج ‪ 2‬ص ‪632‬‬
‫َ‬
‫‪ - 5‬املوضوعات البن الجوزي الجزء الثالث ط‪ 1‬مكتبة أضواء السلف الرياض ‪ 1997‬ص ‪75‬‬
‫‪ - 6‬نفسه ص ‪551‬‬
‫‪64‬‬
‫محملها‪ ،‬فتجد البعض يحسب القوامة في ارتفاع الصوت والسوط والسب واللعن‪ ،‬وبعضهم يظن‬
‫أنها التهديد والوعيد ‪،‬والنتيجة حلبة صراع منصوبة ليل نهار‪ ،‬وانحدار ما أن يبدأ حتى يتهاوى معه‬
‫البيت على رؤوس ساكنيه‪.‬‬
‫ومما تجدر اإلشارة إليه أنه مما ساهم في تفاقم هذه النظرة الدونية والفهم السقيم‬
‫للقوامة‪ ،‬انشار وشيوع األقوال واألمثال العامية ‪ (.‬وقد سبقت اإلشارة إليها )‬
‫وإن أهم ما ينبغي أن توجه إليه األنظار في هذا الزمان ضرورة التفرقة بين اإلسالم‬
‫و املسلمين ‪،‬ذلك أن الخلط بين الدين وممارسات معتنقيه نكانت له نتائج سيئة‪ ،‬أخطرها‬
‫ما يحدثه ذلك من لبس وغموض وحيرة وشك عند كثير من املسلمين‪ ،‬و بخاصة النساء ‪.‬‬
‫إن جهل املسلمين بأحكام اإلسالم وغياب صورته األصلية أهم سبب فيما يرتكب من‬
‫أخطاء‪ ،‬ومن هذه األخطاء سوء استعمال حق القوامة على املرأة ‪،‬فاهلل تعالى جعل القوامة للرجل‬
‫على املرأة وجعل للرجال على النساء درجة ‪،‬إال أنه جل شأنه أيضا أمر بمعاشرتهن باملعروف‪ ،‬و ال‬
‫ريب أن القوامة واجب على الرجل أكثر من كونها حقا له‪ ،‬ونجاحه في هذا الواجب يعتمد على‬
‫حسن سياسته و إدارته لألسرة بالشورى واملعروف و اإلحسان‪ ،‬فاإلدارة الناجحة ش يء أخر غير‬
‫السيطرة ‪ ،‬فاإلدارة تتطلب مهارة وحنكة وحزما وحكمة‪ ،‬أما السيطرة فال تتطلب إال الشدة‪،‬‬
‫والعنف وهو ما دخل في ش يء إال شانه‪.‬‬
‫كما أن استيعاب اآلية القرآنية أو الحديث النبوي ‪ ،‬يقتض ي البعد عن الفهم السطحي‬
‫التجزيئي املنحبس‪ ،‬وقراءتهما في سياقهما وأسباب النزول والورود ‪،‬وفي إطار التكامل املعرفي‬
‫والوظيفي ‪ ،‬وبدل أن تفهم املرويات في ضوئه فتستمد منه االضاءة للزوايا املعتمة والقضايا‬
‫امللتبسة‪ ،‬فتتضح الرؤيا ويرتفع االلتباس ‪ ،‬يحصل العكس ‪ ،‬فيفهم القرآن في ضوء النصوص‬
‫الجزئية والظنية ثبوتا أو داللة ‪ ،‬وفي ضوء األفهام البشرية النسبية ‪،‬مما ينتج عنه نظر باهت‬
‫‪1‬‬
‫ومضطرب وغير واضح ‪.‬‬
‫وأي انحراف على املنهج الصحيح يوقع المحالة في تشويه املعنى ‪ ،‬وتغليب الرأي املرجوح‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عن الراجح ‪،‬وقلب الحقائق وتزويرها عن حقيقتها ‪،‬فليست القوامة كتما ألنفاس النساء‪ ،‬ومنعا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫للمرأة من التعبير ّ‬
‫عما في نفسها‪ ،‬ليست القوامة احتقارا للمرأة وازدر ًاء لها وإهدارا لكرامتها‬
‫ً‬
‫وانتقاصا من قدرها‪ ،‬بل هي حف ظ ورعاية وصيانة وحماية وتكريم وكفاية وإنفاق‪.‬‬

‫‪ - 1‬األسرة في القرآن الكريم حصن بالعدل وحضن للفضل فريد شكري ط‪ 2‬مطبعة النجاح الجديدة الدار‬
‫البيضاء ‪ 2018‬ص ‪3‬‬
‫‪65‬‬
‫ثالثا ‪:‬منطلقات الستيعاب مفهوم القوامة وقضايا املرأة‬
‫ملا كان املجتمع البشري له أساس‪ ،‬وله بناء وله سكن ‪،‬فأساسه األسرة التي تقوم على‬
‫منهج الشرع ‪ ،‬هذه األسرة التي هي أقوى وأجل منظمات املجتمع ‪ ،‬فهي الخلية االجتماعية األولى‬
‫التي ينتظم من خالل سلوكياتها أفراد األسرة جميعا ‪،‬فهي املهد الطبيعي لإلنسانية التي تبني‬
‫أجيال متماسكة‪.‬‬
‫واألسرة بناء أساس ي في املجتمع‪ ،‬يخضع أفرادها إلى ضوابط تحدد السلوك ونوعية‬
‫العالقات بين بعضم ببعض ‪ ،‬ضوابط يحكمها ويحددها الشرع الحكيم ويوجه إليها ‪ ،‬لهذا جعل‬
‫العالقة الرابطة داخل األسرة هي املودة والرحمة والسكينة ‪.‬‬
‫ومما الشك فيه أن بين الرجل واملرأة اختالفا في طبيعة التركيب والتكوين سواء الجسدي‬
‫أو النفس ي ‪ ،‬وهذا يستتبعه‪ -‬وجوبا‪ -‬تفريقا واختصاصا في بعض املسؤوليات واإلحكام مما يناسب‬
‫فطرة وطبيعة كل واحد ‪،‬ومما يخدم مؤسسة األسرة؛ فكلف الرجل بالقوامة وما يستلزمها من‬
‫مقتضيات وتبعات وواجبات ‪.‬‬
‫القوامة من أهم دعائم نظام األسرة في التصور اإلسالمي‪ ،‬على اعتبار أن األسرة مجتمع‬
‫مصغر معقد األمور‪ ،‬فهي رعاية ومسؤولية ترتبط بما ألزم هللا به الزوج من وجبات اإلنفاق‪،‬‬
‫يقول تعالى ‪‬الرجال قوامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أمالهم‪،1 ‬‬
‫‪2‬‬
‫وتعني هذه اآلية تنظيم الشؤون األسرية بشكل يقوم على الشورى والتوزيع العادل ‪،‬وتضع‬
‫املسؤولية على الرجل حتى يحمي بيته من عواصف الفساد ‪ ،‬وتضع مسؤولية على املرأة إذ تعرف‬
‫ما عليها من واجب فتؤديه حق األداء ‪ ،‬وبذلك يتم االنسجام بين الطرفين ‪،‬وتسير األسرة املسلمة‬
‫‪3‬‬
‫بذلك مسيرة االستقرار والبعد عن املحظور ‪.‬أو الوقوع فيه ‪ ،‬فهي حماية لألسرة من أي مكروه وأي‬
‫اعتداء ‪ ،‬لكن هذا االختصاص من الرجل ال يجعل القوامة مساسا بشخصية املرأة ‪،‬أو االنتقاص‬
‫من أهليتها في التصرفات املالية أو غيرها‪.‬‬
‫وبالتالي فإذا قرأنا مفهوم القوامة في إطار الرعاية واملسؤولية كما يريدها الشرع الحكيم‪،‬‬
‫يتضح لنا أن القوامة أقرب إلى اإلدارة واإلشراف والتوجيه منها إلى التحكيم والسيطرة‪ ،‬وتكون‬

‫‪ - 1‬سورة النساء اآلية ‪34‬‬


‫‪ - 2‬سعادة األسرة لحسن السقرماني ط ‪ – 2002/1‬املطبعة والوراقة الوطنية – مراكش ص‪67:‬‬
‫‪ - 3‬حقيقة العالقة بين الرجل واملرأة للدكتور زهير محمد الزميلي ط‪ 1988/ 1‬دار الفرقان ‪ -‬األردن ص‪45 :‬‬
‫‪66‬‬
‫بالتالي بمثابة صالحيات مقابل مسؤوليات ‪،‬رعاية وحماية وإدارة شؤون األسرة ‪ ،‬ويكون الفضل‬
‫والتفضيل هنا تكليفا ال تشريفا‪ ،‬لرجل يتجاوب مع ما أودعه هللا فيه من استعداد فطري‪ ،‬ليقود‬
‫سفينة األسرة إلى بر األمان ‪،‬مشاركا في ذلك زوجه‪ ،‬و مفعال ملبدأ الشورى‪ ،‬وذلك لبلورة أسرة متينة‬
‫ومتراصة‪ ،‬وإدارة دفة الحياة الزوجية على وجه اإلحسان‪ ،‬والحرص الدائم على بذل النصح والخير‪،‬‬
‫والوقوف الحازم أمام أي انحراف‪.‬‬
‫فالقوامة تنطوي علي اإلرشاد والتوجيه والتهذيب والشورى ‪ ،‬وكل معاني التعاون والتآزر‬
‫واإلدارة الحسنة‪ ،‬ولهذا جعلها اإلسالم "مسؤولية وتكليف ‪،‬فهي تعطي للمرأة حقوقا وتفرض على‬
‫‪1‬‬
‫الرجل واجبات ‪،‬على أساس أنها إجراء تنظيمي ال تعني التبعية املطلقة واإللغاء‪ ،‬وليست القهر‬
‫وسلب اإلرادة ‪ ،‬بل في إطار التكامل واالتساق‪ ،‬واحترام االختصاصات التنظيمية ‪،‬ومن هنا "تكون‬
‫القوامة حماية ورعاية ومدافعة ال بخس فيها وال انتقاص‪ ،‬رئاسة لها تكاليف يتحملها الرجل بحكم‬
‫طبيعته ‪ ،‬وهي رعيتها باإلنفاق والتربية الحسنة والقدوة الكريمة ‪،‬والسلوك الحميد ‪ ،‬لتعيش‬
‫الزوجة و األوالد في كنف األسرة آمنين مطمئنين ‪.‬‬
‫فالقوامة لن تكتمل أبعادها ودالالتها‪ ،‬إال إذا تم إدراك أهمية الشورى كقيمة أساسية في‬
‫العالقات في منهج التعامل داخل األسرة املسلمة ‪ ،‬فهي " واحدة من الصفات املميزة للمؤمنين‬
‫واملؤمنات في كل ميادين التدبير وصناعة القرار ‪ ،‬واألسرة هي امليدان التأسيس ي لبناء التدابير‬
‫‪2‬‬
‫والقرارات على الرض ى ‪ ،‬الذي ال سبيل إليه إال باملشاركة الشورية في صنع القرارات‪ ، ،‬وتوجيه‬
‫دواليب األسرة ملا فيه الصالح ‪ ،‬لقطع الطريق ألي نزاع من شأنه أن يعصف بها ‪ ،‬وقد جاء هذا‬
‫التوجيه في صريح القرآن الذي نص على الشورى وإبداء الرأي في صياغة قرار الرضاعة وفطام‬
‫الطفل ‪ ،‬قال تعالى ‪ ‬والوالدات يرضعن أوالدهن حولين كاملين ملن أراد أن يتم الرضاعة وعلى‬
‫املولود له رزقهن وكسوتهن باملعروف ‪ ،‬ال تكلف نفس إال وسعها ال تضار والدة بولدها وال مولود له‬
‫بولده‪ ،‬وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصاال عن تراض منهما وتشاور فال جناح عليهما‪ ،3 ‬إنها "‬
‫حقوق موزعة على الزوجين ‪ :‬إرضاع على الزوجة ‪،‬ونفقة على الزوج ‪ ،‬دون إرهاق وال مشقة ‪ ،‬ودون‬
‫مضارة وإيذاء ‪ ،‬ثم تشاور في الرأي وتراض من جهة الرضاع أو الفطام ‪ ،‬إنها املشورة التي تشعر‬

‫‪ - 1‬مجلة الوعي اإلسالمي العدد‪ 384‬شعبان ‪ /1418-‬دجنبر‪ –– 1997‬الصادر عن وزارة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية بالكويت‪.‬‬
‫‪ - 2‬التحرير اإلسالمي للمرأة ملحمد عمارة ط‪ 2002/ 1:‬دار الشروق – القاهرة ص‪113:‬‬
‫‪ - 3‬سورة البقرة ‪231 :‬‬
‫‪67‬‬
‫املرأة بأنها ذات مسؤولية مشتركة‪ ،‬وأنها تعيش في جو حياة مشتركة ‪ ،‬يهمها صالحها ويوغر صدرها‬
‫‪1‬‬
‫فسادها‪ ،‬فتكتل قواها وتجمع أمرها على الحفظ والصيانة ‪ ،‬وكمال اإلشراف والرعاية ‪ ،‬بعيدا‬
‫عن القهر واالستبداد‪ ،‬اللذان يؤديان إلى خلخلة في إدارة شؤون العالقة الزوجية والرابطة األسرية‬
‫‪ ،‬إذ اإلدارة الناجحة لألسرة تتطلب مهارة وحنكة وحزما وحكمة ‪ ،‬ومن الحكمة االستشارة ‪،‬وتبادل‬
‫الرأي في بلورة رؤية واضحة تكون سببا للتقارب بين الزوجين ‪.‬‬
‫واإلحسان في املعاشرة يحمل كل دالالت املودة والرحمة والكلمة الطيبة والخلق الحسن‬
‫واالحترام املتبادل والتقدير ‪ ،‬كلها معاني مصاحبة للقوامة ال تنفك عنها‪ ،‬بل هي جوهر ولب‬
‫القوامة ‪ ،‬وبالتالي فإذا استشعر الزوج هذه املعاني ‪،‬وترسخت لديه الشك أنه يستقيم شمل‬
‫األسرة ‪ ،‬ومن شذ عن ذلك واستبد وتعالى وتجبر وجار ‪،‬فإن اإلسالم ال يرض ى منه ذلك ‪.‬‬
‫ولعل من أحسن ما تحدث عنه السنة في حسن العشرة واملودة ‪،‬ما رواه الشيخان في قصة‬
‫تقصها أمنا عائشة عن نسوة اجتمعن‪ ،‬فتذكر كل منهن زوجها بما فيه من عيوب ومحامد ‪ ،‬قطعة‬
‫أدبية غنية بفوائد اللغة و شوارد البالغة ‪ ...،‬استحسن رسول هللا ‪ ‬مغزاه‪ ،‬فوصلتنا القصة‬
‫مطبوعة بطابع القبول النبوي‪ ،‬لتعطينا نموذجا رفيعا من مالطفة الزوج ومداراته وتحببه ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وحسن عشرته ‪.‬قالت أمنا عائشة رض ي هللا عنها ‪ :‬قال رسول هللا ‪ « ‬كنت لك كأبي زرع الم زرع »‪.‬‬
‫ثم إن القوامة في عمقها تعاون وتآزر وتكامل بين الرجل واملرأة‪ ،‬هذه األخيرة التي لها‬
‫وظيفة مهمة وأساسية في توجيه هذه القوامة‪ ،‬انطالقا مما خصها هللا بها من حافظية ‪،‬التي هي‬
‫قرينة للقوامة قال تعالى ‪ ‬الرجال قوامون على النساء بما فضل هللا بعضهم على بعض وبما‬
‫‪3‬‬
‫أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ هللا‪، ‬قال بن جرير الطبري "‬
‫يعني حافظات ألنفسهن عند غيبة أزواجهن عنهن في فروجهن وأموالهن‪ ،‬وللواجب عليهن من حق‬
‫هللا في ذلك وغيره‪، ...‬وعن قتادة ‪ :‬حافظات ملا استودعهن هللا من حقه وحافظات لغيب أزواجهن ‪..‬‬

‫‪ –- 1‬اإلسالم عقيدة وشريعة ملحمد شلتوت ط‪ -1977/ 9‬دار الشروق القاهرة – بيروت ص‪/ 159 :‬بتصرف‪.‬‬
‫‪- 2‬أخرجه البخاري في كتاب النكاح باب حسن املعاشرة مع األهل رقم ‪ 5179‬ومسلم في فضائل الصحابة باب ذكر‬
‫حديث أم زرع رقم ‪ 2448‬للقاض ي عياض كتاب نفيس في شرح الحديث‪ :‬بغية الرائد فيما تضمنه حديث أم زرع من‬
‫الفوائد‬
‫‪- 3‬سورة النساء‪34:‬‬
‫‪68‬‬
‫‪1‬‬
‫وعن السدي ‪ :‬تحفظ على زوجها ماله وفرجها ‪ ،‬حتى يرجع كما أمرها هللا ‪.‬‬
‫ونجد في السنة بيانا نبويا للحافظية‪ ،‬قال رسول هللا ‪ « ‬ما استفد املؤمن بعد تقوى هللا‬
‫خير له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته ‪،‬وإن نظر إليها سرته ‪،‬وإن أقسم عليها أبرته‪ ،‬وإن غاب‬
‫‪2‬‬
‫عنها نصحته في نفسها وماله» ‪ ،‬ففي اآلية الكريمة والحديث النبوي الشريف تتميز مالمح‬
‫الحافظية في نطاق الحياة الزوجية ‪ ،‬والتي يمكن إجمالها فيما يلي ‪:‬جمال الخلق ‪،‬وحفظ األنساب‬
‫وحفظ الشرف والعفة ‪ ،‬وحفظ املال‪ ،‬عناصر أساسية وحاسمة في بناء األسرة حفاظا على الشرف‬
‫واألنساب ‪"،‬ألن النساء بفطرتهن يحفظن استمرار الجنس البشري‪ ،‬بما هن محضن لألجنة‬
‫وحضن للتربية‪، ...‬هن املحضن ألجسام األنام والراعيات لحياتهم‪ ،‬والواصلة الفطرية بين أطراف‬
‫البشرية ‪،‬والواسطة بين جيل وجيل‪.‬‬
‫فإذا اكتملت عناصر الحافظية والتحمت مع القوامة‪ ،‬فإن ذلك سينسج رابطة قوية‬
‫أساسها املودة والرحمة ‪،‬ويرسم صورة جميلة من التراحم واإليثار والتعاون ؛ ومن جهة أخرى‬
‫فهذه العناصر واملقومات التي تناولناها‪ ،‬لن يكون لها أثر إن لم يكن كل من الرجل واملرأة‪،‬‬
‫موصولين باهلل تعالى ‪،‬متهممين باآلخرة ومسارعين إلى نيل رض ى هللا تعالى ‪ ‬سابقوا إلى مغفرة من‬
‫‪3‬‬
‫ربكم وجنة عرضها كعرض السموات واألرض ‪ ‬وطلب مغفرته وعفوه ‪ ،‬ومتعاونين على عبادته‬
‫وطاعته ‪،‬متعهدين بتوثيق العالقة باهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬لتكون العالقة الزوجية ‪،‬أو العالقة بين‬
‫الرجل واملرأة بمثابة مدرسة للتربية اإليمانية املتطلعة إلى أرفع الدرجات عند هللا ‪.‬‬
‫كما ال يكتمل الفهم السليم للقوامة اال ‪:‬‬
‫‪ .1‬باستحضار مكانة الزواج باعتباره آية من آيات اله تعالى ( ميثاق غليظ) ومقاصده‬
‫الغائية ‪.‬‬
‫‪ .2‬أننا نتعبد هللا بالزواج ونتقرب إليه ‪،‬وهذا سيضفي على األسرة معاني الجمال والجالل‪.‬‬
‫‪ .3‬النظر إلى األسرة نظرة تكاملية قائمة على التعاون ‪،‬ال على الصراع والندية‪.‬‬
‫‪ .4‬االبتعاد عن الفقه املنحبس املنغلق التسطيحي االختزالي والتجزيئي‪.‬‬

‫‪ - 1‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن ملحمد بن جرير الطبري ط‪– 1984:‬دار الفكر بيروت ج‪ 4:‬ص‪. 60:‬‬
‫‪ - 2‬أخرجه ابن ماجة في كتاب النكاح باب أفضل النساء رقم ‪1857‬‬
‫‪ - 3‬سورة الحديد‪20:‬‬
‫‪69‬‬
‫‪ .5‬نحتاج إلى قراءة تجديدية للنصوص الشرعية ‪،‬وإلى اجتهاد يبصر األمور من شمولها‪،‬‬
‫ويستنبط األحكام من أصولها ‪،‬مع االستفادة من ذخائر أئمتنا األكابر ونخل تراثنا‬
‫الفقهي‪.‬‬
‫‪ .6‬قراءة شاملة مستوعبة للنصوص الشرعية ‪،‬مستحضرا فيها كليات الشريعة ومقاصدها‬
‫‪،‬وال تقف عند جزئيات القضايا والنوازل الغابرة ‪ ،‬حتى نتجاوز األحكام التي قزمت املرأة‬
‫وأردتها قعيدة البيوت سجينة الجدران في عطالة طويلة‪ ،‬تعرقلها عن ممارسة حافظيتها‬
‫‪1‬‬
‫كاملة شاملة‬
‫‪ .7‬القضايا األسرية عموما تحتاج إلى اجتهاد جماعي‪ ،‬نظرا لتداخل عناصرها وترابط بعضها‬
‫ببعض‪( .‬االجتماعي والثقافي والطبي واالجتماعي والنفس ي والسياس ي ‪)...‬‬
‫خالصات‬
‫القوامة في عمقها رحمة وتفاهم وشورى ‪،‬وليست تسلط وهيمنة‬ ‫✓‬
‫‪2‬‬
‫‪،‬أساسها ( عاشروهن باملعروف) ‪ ،‬كما قال تعالى " وخيركم خيركم ألهله " ‪،‬كما أخبر النبي‬
‫‪ ، ‬فالشورى قيمة أساسية ومنهج للتعامل داخل املحيط األسري ‪ ،‬ينطلق منها الرجل‬
‫وينتهي إليها ‪ ،‬وكذا االحسان في السلوك واملمارسة والقول والفعل ‪ ،‬مما يعطي لهذه‬
‫الرابطة نوعا من الدفء‪ ،‬وبعدا آخر سماته االحترام والتفاهم والتكامل والتعاون ‪ ،‬وال‬
‫يحصل هذا االحترام الخالص‪ ،‬والرحمة املتبادلة الوفية إال باإليمان بوجود عالقة‬
‫صداقة أبدية ‪،‬ورفقة دائمة سرمدية في زمن النهاية له‪ ،‬وتحت حياة ال حدود لها ‪،‬تربطها‬
‫عالقات محترمة مرموقة‪ ،‬وأخوة خالصة نقية وصداقة وفية نزيهة‪ ،‬إذ األسس‬
‫واملنطلقات اإليمانية تذيب جليد االختالفات‪ ،‬وتؤسس ألسرة فاضلة وفهم سليم للقوامة‬
‫قضايا املرأة – القوامة ‪ -‬في املتخيل الشعبي والتداول العرفي ‪،‬في‬ ‫✓‬
‫غالبها تعالج بنظرة سلب ية قدحية ‪،‬فيها انتقاص من املرأة ‪ ،‬وهذا يتنافى واملبادئ واألسس‬
‫التي رسمها التشريع للقوامة ‪ ،‬املبنية على الرعاية واملشاركة والحماية ‪،‬والتآزر والتعاون‬
‫والتكامل والتوادد بين الزوجين " ‪،‬فالقوامة تكليف ال تشريف‪ ،‬وأمانة و مسؤولية وإدارة‬

‫‪ - 1‬التعليل املقاصدي ص‪ 188‬بتصرف‬


‫‪ - 2‬سورة النساء‪19:‬‬
‫‪70‬‬
‫‪1‬‬
‫األسرة ورعاية لها ‪ ،‬وذود عن حماها ‪،‬وصبر ومصابرة وطاعة هلل تعالى"‬
‫كيان االسرة ليس رجال فقط ‪،‬وال امرأة فحسب‪ ،‬بل كيان متكامل‬ ‫✓‬
‫‪2‬‬
‫متداخل ‪ ،‬للرجل القوامة وللمرأة الحافظية ‪ ،‬وهاتين الوظيفتين ليستا منفصلتين‬
‫انفصال الجزر عن بعضها‪ ،‬بل متقاطعتان متداخلتان ‪،‬باعتبار أن مجال اشتغالهما‬
‫وا حد ‪،‬وهو البيت واألسرة ‪ ،‬ومن تم يستلزم حسن أداء املهمتين تشاركا ومشاورة كل من‬
‫برج تخصصه‪.‬‬
‫إن ما خالفت املرأة الرجل فيه من أحكام ‪،‬فذلك راجع الى الطبيعة‬ ‫✓‬
‫التكاملية ‪ ،‬وليس تنقيص خلقي تكويني في طبيعتها ‪ ،‬فقد ينقص الرجل في ش يء لتكمله‬
‫املرأة‪ ،‬وقد تنقص املرأة في ش يء ليكمله الرجل ‪ ،‬سعيا لتكوين الحاجة الفطرية الطبيعة‬
‫‪3‬‬
‫بينهما ‪،‬ورغبة في دوام االلتقاء وضمان استمرار الحياة الطيبة بشكل سوي وسليم ‪.‬‬
‫والحمد هلل رب العاملين‬
‫فهرس املصادر واملراجع‬
‫القرآن الكريم برواية ورش‬
‫‪ .1‬أثر العرف في فهم النصوص ‪ ،‬قضايا املرأة نموذجا العلواني رقية طه جابرط‪ 1424 ،1‬ه‬
‫‪ .2‬األسرة في القرآن الكريم حصن بالعدل وحضن للفضل فريد شكري ط‪ 2‬مطبعة النجاح الجديدة الدار‬
‫البيضاء ‪2018‬‬
‫‪ .3‬اإلسالم عقيدة وشريعة ملحمد شلتوت ط‪ -1977/ 9‬دار الشروق القاهرة – بيروت‬
‫‪ .4‬األغاني‪ -‬االصفهاني تحقيق احسان عباس وآخرون ط‪ 2008 3‬دار صادر بيروت‬
‫‪ .5‬بناء األسرة املسلمة في ضوء القرآن والسنة لخالد عبد الرحمن العك ط‪-2003/5‬دار املعرفة بيروت‪.‬‬
‫‪.6‬تاريخ دمشق البن عساكر علي بن الحسن ط ‪ 1995‬دار الفكر‬
‫‪ .7‬التحرير اإلسالمي للمرأة ملحمد عمارة ط‪ 2002/ 1:‬دار الشروق – القاهرة‬
‫‪ .8‬تحفة العروس أو الزواج اإلسالمي السعيد ملحمد مهدي االستانبولي ط‪-1985/6:‬الرسالة اإلسالمية للنشر‬

‫‪ - 1‬القوامة والحافظية رشيد كوهس‪ :‬الندوة الدولية الثانية كلية اآلداب عين الشق القيم األسرية في القرآن‬
‫الكريم مارس ‪ 2016‬ط ‪ 2017 1‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص‪ 196‬بتصرف‬
‫‪ - 2‬نفسه ص ‪197‬‬
‫‪ - 3‬سيماء املرأة في االسالم فريد االنصاري ط ‪ 2003 ، 1‬طوب بريس الرباط ص‪36‬‬
‫‪71‬‬
‫‪ .9‬التعليل املقاصدي دراسة في أحكام االسرة عند مفسري الغرب االسالمي وفاء توفيق افريقيا الشرق ‪2018‬أ‬
‫الثقافة الشعبية مجلة فصلية علمية محكمة العدد‪ 42‬السنة الحادي عشر صيف ‪2018‬‬ ‫‪.10‬‬
‫جامع البيان عن تأويل آي القرآن ملحمد بن جرير الطبري ط‪– 1984:‬دار الفكر بيروت‪.‬‬ ‫‪.11‬‬
‫الجامع الصحيح ‪ :‬سنن الترمذي ‪ -‬تحقيق وشرح أحمد شاكر – دار الفكر‬ ‫‪.12‬‬
‫‪ .13‬الجامع الصحيح للبخاري أبو عبد هللا محمد بن إسماعيل ط‪ 1:‬تحقيق محن الدين الخطيب – ترقيم‬
‫محمد فؤاد عبد الباقي –املطبعة السلفية القاهرة ‪.‬‬
‫‪ .14‬جامعة الصحوة اإلسالمية الدور ‪ 5‬حقوق املرأة وواجباتها في اإلسالم ج‪ 3‬حقوق املرأة املسلمة بين‬
‫شبهات الجاحدين وظلم الجامدين ‪ :‬زينب النجاري ط‪ 1999/1:‬مطبعة فضالة –املحمدية ‪-‬‬
‫حقوق املرأة املسلمة في املجتمع اإلسالمي –إلسماعيل بغدادي ط‪ -1991/1:‬املنظمة اإلسالمية‬ ‫‪.15‬‬
‫حقيقة العالقة بين الرجل واملرأة –للدكتور زهير محمد الزميلي ط‪ 1988/ 1‬دار الفرقان ‪ -‬األردن‬ ‫‪.16‬‬
‫ديوان سيدي عبد الرحمن املجدوب ‪ -‬بدون تاريخ‬ ‫‪.17‬‬
‫سعادة األسرة لحسن الشقرماني ط ‪ – 2002/1‬املطبعة والوراقة الوطنية – مراكش‬ ‫‪.18‬‬
‫سنن ابن ماجة ط‪ -1975:‬تعليق وتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي –دار احياء التراث العربي ‪.‬‬ ‫‪.19‬‬
‫سنن أبي داود – مراجعة وتعليق ‪ :‬محمد محي الدين عبد الحميد – دار الفكر ‪.‬‬ ‫‪.20‬‬
‫سيماء املرأة في االسالم فريد االنصاري ط ‪ 2003 ، 1‬طوب بريس الرباط‬ ‫‪.21‬‬
‫صحيح مسلم ط‪ 1991-1‬تعليق محمد فؤاد عبد الباقي – دار الحديث – القاهرة‪.‬‬ ‫‪.22‬‬
‫صورة املرأة بين املنظور الديني والشعبي والعلماني" علي افرفار "دار الطليعة –بيروت‪1996-‬‬ ‫‪.23‬‬
‫‪ .24‬صورة املرأة في األمثال الشعبية ‪ :‬املرأة في مؤسسة الزواج كنموذج فوزي بوخريص‬
‫‪ https://www.aljabriabed.net/n63_05bukgris.(2).htm‬ماي ‪2019‬‬
‫العلل املتناهية البن الجوزي ط‪ 1‬دار الكتب العلمية ‪1983‬بيروت‬ ‫‪.25‬‬
‫‪ .26‬الفوائد املجموعة في األحاديث املوضوعة ملحمد بن علي الشوكاني ط ‪ 1986 / I‬دراسة وتحقيق حمد‬
‫عبد الرحمن عوض دار الكتاب العربي‬
‫قصة الحضارة"‪ :‬ول ديورانت ج‪ / 1‬املجلد‪/ / 1‬ط ‪.1973 4‬‬ ‫‪.27‬‬
‫قضايا املرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة ملحمد الغزالي ط ‪ 1991 /- 3‬دار الشروق القاهرة – بيروت‬ ‫‪.28‬‬
‫‪ .29‬القيم األسرية في القرآن الكريم‪ -‬الندوة الدولية الثانية كلية اآلداب عين الشق مارس ‪ -2016‬القوامة‬
‫والحافظية رشيد كوهس ط ‪ 2017 1‬مطبعة النجاج الجديدة الدار البيضاء‬
‫كتاب ا ملوضوعا ت البن الجوزي ط‪- 1983/2:‬تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان ‪ – .‬دار الفكر‪.‬‬ ‫‪.30‬‬
‫مجلة البيان‪-‬عدد‪ 355‬فبراير ‪ -2000‬فاطمة يوسف العلي "املرأة في املأثورات الشعبية الكويتية"‪.‬‬ ‫‪.31‬‬
‫‪ .32‬مجلة املناهل السنة ‪ 25‬عدد ‪64‬شعبان ‪ 1422‬ماي ‪ 2001‬لحسن أميلي ‪:‬املرأة املغربية في الذهنية من‬
‫خالل األمثال لعامية ‪/‬مجلة تصدرها وزارة الثقافة واالتصال املغربية ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ .33‬مجلة الوعي اإلسالمي العدد‪ 384‬شعبان ‪ /1418-‬دجنبر‪– 1997‬الصادر عن وزارة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية بالكويت‪.‬‬
‫‪ .34‬مجلة مكناسة(مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪-‬مكناس عدد ‪ 1996-10‬نادية العشيري " صورة‬
‫املرأة بين األمثال األندلسية واإلسبانية"‬
‫املرأة أزمة الهوية وتحديات املستقبل احسان االمين ط األولى ‪ 2001‬دار الهادي لبنان‪.‬‬ ‫‪.35‬‬
‫املرأة املسلمة وفقه الدعوة إلى هللا للدكتور علي عبد الحليم محمود ط‪1992/3‬دار الوفاء –املنصورة ‪.‬‬ ‫‪.36‬‬
‫املرأة والدين واألخالق ‪-‬هبة رؤوف عزت – نوال السعداوي ط‪ 2000/ 1:‬دار الفكر – دمشق‪.‬‬ ‫‪.37‬‬
‫املرأة‪ :‬نظرات في الفكر والتاريخ سعيد موالي التاج ‪ https://www. aljamaa.net‬ماي ‪2019‬‬ ‫‪.38‬‬
‫مسند اإلمام أحمد ط‪ – 1978/2:‬املكتب اإلسالمي بيروت‪.‬‬ ‫‪.39‬‬
‫موسوعة التاريخ االسالمي أحمد شلبي ج ‪ 4‬ص‪ 114‬ط ‪ 10‬مكتبة النهضة املصرية القاهرة‬ ‫‪.40‬‬

‫‪73‬‬
‫هوية النساء املسريّات يف اجلزائر‬
‫د‪ :.‬فؤاد منصوري‬
‫قسم العلوم السياسية كلية احلقوق والعلوم السياسية ‪،‬‬
‫جامعة باجي خمتار عنابة اجلزائر‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫يعد تطور املجتمع وما يحدث فيه من تغيرات اجتماعية أحد أهم املواضيع املتناولة في علم‬
‫االجتماع‪ ،‬ويختلف تناول هذا املوضوع باختالف الباحثين وانتماءاتهم االبستيمولوجية والنظرية‪،‬‬
‫ومقابل هذا االختالف أجمعوا على أن التغير االجتماعي سنة من سنن الحياة البشرية ال يمكن‬
‫تجاوزها‪.‬‬
‫من هنا فإن التغي ر االجتماعي الحادث على وضعية املرأة في العالم والعالم العربـ ـ ـ ــي‬
‫بالخصوص‪ ،‬شكلت موضوعا خصبا للدارسين والباحثين في حقول العلوم االجتماعية تحديدا‬
‫حول ظاهرة خروج املرأة للعمل وانعكاسات عملها على األسرة واالتجاهات حول العمل واملجاالت‬
‫التي يمكن للمرأة االشتغال في إطارها‪ .‬كما ركزت هذه الدراسات على تنوعها وقلتها على الوضعية‬
‫واملكانة الجديدة للمرأة‪ ،‬ذلك أن تقلدها ملناصب نوعية كانت محظورة عليها نتيجة التقسيم‬
‫االجتماعي لألدوار بينها وبين الرجل‪ ،‬جعل من مسار هذه الدراسات تأخذ منحى آخر وهو دراسة‬
‫هذه الفئة السوسيو‪-‬مهنية ومحاولة استجالء عناصر تشكل هويتها‪.‬‬
‫فاملرأة املسيرة كفئة ضمن فئات سوسيو‪-‬مهنية تصطدم خالل ممارستها لفعل التسيير‬
‫بذهنيات كانت وال زالت ترفض املرأة في مثل هذه املواقع واملناصب –ضمنيا أو ظاهريا‪ -‬كون‬
‫املؤسسة الجزائرية االقتصادية الصناعية خصوصا تمثل عاملا رجاليا باألساس من جهة‪ ،‬ومجتمعا‬
‫مصغرا للمجتمع الجزائري من جهة أخرى‪ ،‬وبالتالي تحمل كل مقومات املجتمع الكبير –القيم‬
‫واملعايير‪ -‬هذه الثقافات تتفاعل جميعا لترسم مالمح هوية املرأة املسيرة في املؤسسة الصناعية‬
‫املتفاعلة مع التحوالت السياسية ‪ ،‬االقتصادية واالجتماعية على املستوى املحلي واإلقليمي‪.‬‬
‫‪-1‬مكانة املرأة في املخيال االجتماعي‪:‬‬
‫إن التغيرات االقتصادية واالجتماعية والسياسية التي مست بنية املجتمع الجزائري بعد‬
‫االستقالل صاحبت معها دخول املرأة إلى فضاءات كانت حكرا على الرجل‪ ،‬أي تغيرت صورتها‬
‫االجتماعية واالنساق القيمية املوروثة‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫وللبحث في هذه التغيرات الحادثة على وضعية املرأة يقتض ي منا العودة إلى املجتمع الذي‬
‫تعد صورة املرأة جزءا ال يتجزأ منه‪.‬‬
‫"ففي وقت ليس ببعيد يعد خروج املرأة للعمل في حد ذاته إشكاال مطروحا‪ ،‬وهذا يرد إلى‬
‫عوامل مختلفة منها‪:‬‬
‫موازين السياقات السوسيولوجية مع كل ما تخفيه من إكراهات (الذهنيات‪ ،‬ممارسة‬
‫اجتماعية تنقص من قيمة العمل النسائي‪1.")...‬‬

‫فمن جانب األسرة بدا االختالف بين البنات والذكور مقدرا منذ وقت مبكر وخاصة في‬
‫مجتمعنا التقليدي مهام للبنات‪ ،‬أشياء مباحة ألحد دون اآلخر‪ ،‬تفضيل ألحد منهما على اآلخر‬
‫والذي يعطي لآلخر اإلحساس بالدونية‪ ،‬ونتيجة لذلك يتولد اإلحساس بعدم التساوي‪.‬‬
‫كما تظهر املدرسة كوسط يؤكد بطريقة أكثر أو أقل وعيا على االختالفات بين الجنسين‪،‬‬
‫وذلك من خالل البرامج املوزعة التي تدعم عدم املساواة التدريجية بينهما‪ 2‬وتؤكد أن مكان املرأة هو‬
‫البيت أكثر من أي فضاء اجتماعي‪.‬‬
‫وبهذا املعنى‪:‬‬
‫"فإن مواقف اآلباء واملدرسين تؤثر بإفراط في االختيارات املدرسية واملهنية للبنات‬
‫وتوجيههن نحو املهام التقليدية "النسوية" ويبتعدن عن املهام التي تعتبر رجالية"‪( 3.‬حسب‬
‫التصورات املهيمنة)‪.‬‬
‫"كل هذه القيم املكتسبة من وسط العائلة واملدرسة تخترق كل طبقات املجتمع وتعبر عن‬
‫سلوك جماعي أو فردي للمواطنين‪4".‬‬

‫لكن رغم سلبيات املدرسة في تكريس التمييز الجنس ي إال أنه ال يمكن إنكار الجانب اإليجابي‬
‫لهذا الفضاء الذي يعد عامال جوهريا في مساعدة املرأة على اختراق فضاء العمل وبالتالي‪:‬‬
‫"بدأت الصورة االجتماعية في نظام القيم التقليدي تفقد بعض أهميتها إذ خلق التعليم‬

‫‪ 1‬حورية بن شبيرة‪ ،‬املرأة وقراءة الصحافة في الجزائر عند‪:‬‬


‫‪. Femmes et Développement, ouvrage collectif, CRASC, Oran, 1995,P 57‬‬
‫‪ Ibid, P 170‬بالتصرف عن‪2 :‬‬
‫‪3 Sekiou et Autres, Gestion des Ressources Humaines, les Editions 4L.INC, Montréal; 1993, p 679.‬‬
‫‪4 Femmes et Développement, Op.Cit , P 171.‬‬
‫‪75‬‬
‫اإلجباري جيال جديدا أكثر ثقافة"‪1.‬‬

‫أضف إلى ذلك النصوص القانونية التي أقرت املساواة بين الجنسين وحق املرأة في العمل‪،‬‬
‫وألغت التمييز القائم على أساس الجنس في التوظيف‪.‬‬
‫"غير أن هذا الحق اصطدم بمضايق ات من نوع موضوعي مرتبطة بقيود مالحظة في موضوع‬
‫التوظيف وأخرى من نوع ذاتي خاضعة لتطبيقات سوسيو ‪-‬ثقافية"‪2.‬‬

‫والجدير بالذكر أنه رغم أن هذين العاملين (التعليم‪ ،‬القانون) قد هيآ الظروف لخروج‬
‫املرأة إلى فضاء العمل‪ ،‬إال أنه كان امتدادا لوظيفتها في املنزل التي يغلب عليها طابع الخدمة‬
‫(التعليم‪ ،‬التمريض‪ )...‬أكثر من مهن أخرى و خاصة التصورية الصناعية منها‬
‫"ووفق شروط وصف ات مرتبطة بالنموذج التقليدي للمرأة أي‪ :‬الصبر‪ ،‬الطاعة‪ ،‬الدقة‬
‫والخضوع‪3 ".‬‬

‫فتميز النساء في بعض الوظائف أو القطاعات دون األخرى يمكن ربطه بطبيعة التكوين‬
‫النسوي نفسه ذلك أنهن أقل بروزا في املستوى الجامعي‪ ،‬خاصة في التخصصات التقنية (ال‬
‫يتوجهن إلى الرياضيات والعلوم الفيزيائية ولكن نحو اآلداب والفنون)‪4.‬‬

‫‪ -2‬إشكالية املرأة املسيرة في الجزائر‪ :‬أية هوية؟‬


‫إن عمل املرأة كان امتدادا لعملها داخل البيت‪ ،‬لكن رغم هذا التصور لم يمنعها من‬
‫الدخول إلى فضاء املصنع الذي يعد عمال رجاليا أكثر منه نسائيا حيث أن‪:‬‬
‫"أغلبية النساء في القطاع الصناعي تميل إلى ممارسة مهن إدارية ككاتبات وضاربات على‬
‫اآللة الراقنة ومنظفات"‪5.‬‬

‫إضافة إلى تقلد املناصب التصورية اإلدارية أكثر من التقنية‪.‬‬


‫وبهذا املعنى‪:‬‬

‫‪ 1‬عبد القادر العرابي‪ ،‬املرأة العربية بين التقليد والتحديد‪،‬مجلة املستقبل العربي‪ ،‬مركز الدراسات العربية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،1996 ،205‬ص‪.62‬‬
‫‪2 Femmes et Développements, Op.cit, P 214.‬‬
‫‪3 Ibid, P 230.‬‬
‫‪ 4‬بالتصرف عن‪Ibid, P 294. :‬‬
‫‪ 5‬عمر عسوس‪ ،‬املرأة والعمل في الجزائر‪ ،‬ندوة حول املرأة في املجتمع العربي‪ ،‬ليبيا‪( ،1985 ،‬دون ذكر الصفحة)‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫"فالنساء ال يزلن نادرات في مستوى التأطير (‪1.")...‬‬

‫و بمعنى آخر‪:‬‬
‫"فتواجدهن ينقص كلما ارتفعنا في السلم الهرمي ونسبة قليلة من اإلطارات نادرا ما‬
‫نجدهن رؤساء مصالح‪ ،‬وتعتبر من الحاالت االستثنائية أن يمنحن مناصب اإلدارة التي يشغلها‬
‫عامة الرجال الذين تكون لديهم فرص الترقية أكثر من النساء‪ ،‬وحتى وإن كن أكثر كفاءة فإنهن‬
‫أقل تأهيال للمناصب الرئاسية"‪2.‬‬

‫ولتحليل هذ ا املوضوع ينبغي التأكيد على أهمية ثقافة املجتمع التي تؤثر وتنتقل إلى‬
‫املؤسسة عن طريق الفاعلين فيها‪ ،‬ذلك أنهم‪ :‬ال يستطيعون التخلي عن هويتهم وثقافتهم عند‬
‫دخول املؤسسة‪:3‬‬
‫"فاألحكام النمطية املتعلقة بدور الجنسين بإمكانها أن تحد من فرص وصول النساء إلى‬
‫مواقع متقدمة في إدارة الكثير من املؤسسات"‪ 4‬كما يتعلق األمر بمسألة أخرى‪:‬‬
‫"الكثير من العامالت يتركن العمل بمجرد زواجهن أو عند إنجابهن املولود األول"‪5.‬‬

‫وبهذا املعنى ‪:‬‬


‫"فاالنقطاع عن العمل بسبب الزواج أو فترة الوالدة يمنعهن من االستفادة من الخبرة وال‬
‫يساعدهن على التطور في مهنهن ويمنعهن من احتالل مراكز عالية في التنظيمات"‪.6‬‬
‫لكن رغم هذه العوامل استطاعت فئة قليلة من النساء تجاوز األعمال الروتينية إلى‬

‫‪1 Jean Bonis, le Management comme Direction d'Acteur-maitriser la dynamique humaine de‬‬
‫‪l'entreprise, Editions d'organisation, Paris, 1984, P 66.‬‬
‫‪2 Claude Durbar et Pièrre Tripier, Sociologie des Professions, Armand Colin Editeur, Paris, 1998, P‬‬
‫‪63.‬‬
‫‪3 Kamel Abdellaziz Bouguerra, La culture d'entreprise en question, Revue Hommes et‬‬
‫‪Entreprises en Algerie, Revue Internationale de Gestion, Editée par le Cerise, N°1, Annaba, 1994, P‬‬
‫‪06.‬‬
‫‪4 Helbriegel, Sloun, Woodman, Management des Organisations, traduit par Michel Truchan, Sporta,‬‬
‫‪Deboeck université, Paris, 1989, P 44-45.‬‬
‫‪ 5‬بو عبد هللا لحسن‪ ،‬البعد الثقافي واإلجتماعي لسلوك العامل وعالقته بإدارة املؤسسة‪ ،‬ثقافة التسيير‪ ،‬أعمال‬
‫امللتقى الدولي املنعقد بالجزائر‪ ،‬د‪.‬م‪.‬ج ‪ ،‬الجزائر‪ ،1992 ،‬ص ‪.193‬‬
‫‪6 Sekiou et Autres, Op.cit, P 205.‬‬
‫‪77‬‬
‫االرتفاع في السلم الهرمي والتمركز في املناصب التسييرية السامية‪ ،‬غير أن‪:‬‬
‫"تمركز النساء في هذه املناصب يضع لهن باألخص مشكل بناء هوية جديدة‪ ،‬بين بعض‬
‫اإلدراك النسوي من قبل التربية وبعض مبادئ السلوكات الذكورية املفروضة من قبل التنظيم"‪1.‬‬

‫ونظرا لقلة الدراسات حول هوية هذه الفئة التي تعتبر جزءا من فضاء املؤسسة جاء‬
‫سؤالنا املركزي املؤطر لهذه الورقة كالتالي‪:‬‬
‫كيف تتحدد هوية النس اء املسيرات في الجزائر؟ ( حالة مؤسسة سيدار للحديد والصلب‪/‬‬
‫عنابة)‪.‬‬
‫وقد تفرع عن هذا االنشغال املركزي األسئلة الفرعية التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬كيف تتحدد الخصائص السوسيو‪-‬ثقافية للنساء املسيرات ؟‬
‫‪ -2‬كيف تتحدد الخصائص املهنية للنساء املسيرات ؟‬
‫‪ -3‬كيف يتحدد تصور املتعاونين عن هوية النساء املسيرات؟‬
‫‪ -3‬املفاهيم املركزية للدراسة‪:‬‬
‫‪ 1-3‬مفهوم الهوية‬
‫‪-‬التعريف األول‪:‬‬
‫يستعمل مفهوم الهوية لتفسير الخطابات التي تتعلق باألفراد حول عالقاتهم في العمل‪ ،‬في‬
‫جماعة مهنية في املؤسسة ولكن أيضا حول سيرهم السابقة‪2.‬‬

‫نالحظ أن هذا التعريف قد ركز على مؤشر وحيد للهوية متمثال في متغير السيرة املهنية‬
‫دون متغير السيرة االجتماعية‪.‬‬
‫‪-‬التعريف الثاني‪:‬‬
‫الهوية هي بماذا يحدد الفرد اجتماعيا‪ ،‬باالنتساب إلى العديد من املجموعات االجتماعية‪،‬‬
‫أصله الجغرافي‪ ،‬عائلته‪ ،‬مهنته‪ ،‬مؤسسته‪ ،‬ناديه (في وقت الفراغ)‪ ،‬انتماؤه الديني والسياس ي‪3.‬‬

‫نالحظ أن هذا التعريف قد حدد الهوية في عدة متغيرات متداخلة‪.‬‬

‫‪1 Jean François Chantal, L'individu dans l'organisation –Les dimensions oubliées- Les presses de‬‬
‫‪l'université Laval et les éditions ESKA, Canada, 1990, P 434.‬‬
‫‪2 Michel de Coster, François Pichaurt, Traité de Sociologie du travail, De Boeck université, Paris,‬‬
‫‪1998, P 395.‬‬
‫‪3 Philippe Bernoux, La sociologie des organisations, Editions du Seuil, Paris, 1985, P187..‬‬
‫‪78‬‬
‫‪-‬التعريف اإلجرائي للهوية‪:‬‬
‫تتحدد مالمح الهوية في دراستنا من خالل املكونات التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬مجموعة الخصائص السوسيو‪-‬ثقافية املتمثلة في‪:‬‬
‫الخصائص االجتماعية‪ ،‬املستوى التعليمي‪ ،‬التخصص‪ ،‬األصول الجغرافية‪ ،‬االجتماعية‬
‫والسياسية‪.‬‬
‫ب‪ -‬مجموعة الخصائص املهنية املتمثلة في‪:‬‬
‫املسار املنهي‪ ،‬االنتماء االجتماعي‪ ،‬النشاط النقابي والوضعية املهنية‪.‬‬
‫‪ 2-3‬مفهوم املرأة املسيرة‪:‬‬
‫‪-‬التعريف األول‪:‬‬
‫"هو ذلك الشخص الذي يستطيع القيام باألعمال وإنجاز املهام من خالل اآلخرين‪ ،‬فهو‬
‫مخطط ومنشط ومراقب ومنسق لجهود اآلخرين لبلوغ غرض مشترك‪ ،‬وعليه تعتبر من الناحية‬
‫األصولية مسيرا كل مسؤول عن أعمال‬
‫اآلخرين‪ ،‬والبد أن تكون للمسير سلطة معينة التخاذ القرارات"‪1.‬‬

‫نالحظ أن التعريف قد ركز على املهام الرئيسية التي تميز املسير (التخطيط‪ ،‬املراقبة‪،‬‬
‫التسيير‪ ،‬التنسيق) باإلضافة إلى تركيزه على ضرورة تمتع املسير بهامش من سلطة اتخاذ القرار‪.‬‬
‫‪-‬التعريف الثاني‪:‬‬
‫يعتبر املسير الشخص الذي له ميزات خاصة تتعلق بمهامه اإلدارية بمعنى‪ :‬التخطيط‪،‬‬
‫التنظيم واملراقبة‪ ،‬وله منصب رسمي في التنظيم كرئيس مصلحة مثال‪2.‬‬

‫نالحظ أن هذا التعريف قد ركز على املهام الرئيسية للمسير‪.‬‬


‫‪-‬التعريف اإلجرائي للمرأة املسيرة‪:‬‬
‫هي ذلك الشخص الذي يتقلد منصبا نوعيا (مدير‪ ،‬رئيس قسم‪ ،‬رئيس دائرة‪ ،‬رئيس‬
‫مصلحة) لها مجموعة من املتعاونين تقوم بمشاركتهم بمهام‪ :‬التنسيق‪ ،‬التنظيم‪ ،‬الرقابة والقيادة‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد رفيق الطيب‪ ،‬مدخل للتسير – أساليب‪ ،‬وظائف‪ ،‬تقنيات – ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬ج‪ ،1‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،1990‬ص‪.10‬‬
‫‪ 2‬بالتصرف عن‪Sékiou et Autres, Op.cit, P 9. :‬‬
‫‪79‬‬
‫‪ 3-3‬مفهوم املتعاون‪:‬‬
‫‪-‬التعريف األول‪:‬‬
‫هو ذلك الشخص الذي يكون تحت سلطة شخص آخر‪1.‬‬

‫‪-‬التعريف الثاني‪:‬‬
‫هو ذلك الشخص الذي يكون في وظيفته خاضع ألوامر شخص آخر‪ :‬تبعية العامل لرئيسه‬
‫(رئيس مصلحة مثال)‪2.‬‬

‫‪-‬التعريف اإلجرائي للمتعاون‪:‬‬


‫هو ذلك الشخص الذي يتولى تنفيذ املهام املوكلة له من طرف املسؤول املباشر له (املرأة‬
‫املسيرة في دراستنا)‪.‬‬
‫‪ -4‬التمش ي املنهجي للدراسة‪:‬‬
‫تمت الدراسة بمؤسسة سيدار "‪ "Sider‬وهي مجمع للحديد والصلب بمدينة عنابة (تعد‬
‫من أكبر التجمعات الصناعية في الجزائر)‪.‬‬
‫اشتملت عينة الدراسة على ‪ 96‬وحدة (‪ 19‬امرأة مسيرة و ‪ 77‬متعاونا) ولقد استخدمنا‬
‫املسح الشامل‪.‬‬
‫واعتمدنا في دراستنا على تقنية املقابلة بمختلف أنواعها إضافة إلى تقنية االستمارة‪:‬‬
‫استمارة موجهة للنساء املسيرات‪ 3‬واستمارة أخرى موجهة للمتعاونين‪( 4‬الذين يشتغلون ضمن‬
‫مسؤولية النساء املسيرات)‪.‬‬
‫‪ -5‬األدوار والكفاءات املنوطة باملسير‪:‬‬
‫إن املسيرين باإلضافة إلى دورهم في‪:‬‬
‫"تحديد األهداف وجمع وتعبئة املوارد البشرية واملواد واآلالت واملناهج ورؤوس األموال‪."...‬‬
‫فإنهم كذلك ‪:‬‬
‫"لهم املهام الرئيسية في الخلق واملحافظة على املحيط أين يكون األفراد الذين يعملون معا‬

‫‪1 Dictionnaire Français Larousse ,Paris , 2017, P 1124.‬‬


‫‪Ibid, P 1126. 2‬‬
‫أنظر املالحق‪ ،‬إستمارة النساء املسيرات‪ ،‬ص‪3.21‬‬
‫أنظر املالحق‪ ،‬إستمارة املتعاونين‪ ،‬ص‪4.26‬‬
‫‪80‬‬
‫بإمكانهم إنجاز مهامهم وتحقيق األهداف املسطرة"‪1.‬‬

‫ولقد حدد "مانتزبارغ" دور املسير في ثالثة أقسام‪2:‬‬

‫أ ‪-‬األدوار املتعلقة بالعالقات بين األفراد‪.‬‬


‫ب ‪-‬األدوار املتعلقة باإلعالم‪.‬‬
‫ج ‪-‬األدوار املتعلقة باتخاذ القرار‪.‬‬
‫أما بالنسبة لكفاءة املسير فقد أكد "فايول" على ضرورة امتالك الرئيس (املسير) للمعارف‬
‫العامة واملهنية والقدرات اإلدارية باإلضافة إلى الصفات الفيزيقية‪3.‬‬

‫كما يرى "كاتز" أنه ال يجب أن نحدد املسير املثالي من خالل خصائصه (الذكاء‪ ).... ،‬أو من‬
‫خالل املواقف (تعاوني‪ ).... ،‬ولكن من خالل الكفاءات التي يحددها في‪:‬‬
‫‪-‬الكفاءة التقنية‪ :‬وتشير إلى فهم محدد واختصاص محدد في مجال محدد من النشاط‪،‬‬
‫وتتطلب هذه الكفاءة معرفة متخصصة‪ ،‬قدرة تحليلية في ذلك التخصص وسهولة في استعمال‬
‫األدوات التقنية‪.‬‬
‫‪-‬الكفاءة اإلنسانية‪ :‬وهي قدرة املسير على العمل في جماعة وعلى خلق روح التعاون داخل‬
‫تلك الجماعة التي يقودها‪.‬‬
‫هذه الكفاءة تعبر عن الشكل الذي يدرك به الفرد مسؤوليه ونظرائه وأتباعه والطريقة التي‬
‫تقوده الى النتائج‪.‬‬
‫‪-‬الكفاءة الذهنية‪ :‬هذه الكفاءة مرتبطة بالقدرة على فهم املؤسسة على أساس أنها كل‪،‬‬
‫تستلزم هذه الكفاءة معرفة جيدة للترابطات بين وظائف التنظيم ومستلزماته‪.‬‬
‫إن تناول الباحثين ألدوار وكفاءات املسير هو ترجمة إلى كونه فاعل اجتماعي بغض النظر‬
‫عن جنسه‪ ،‬وباملقابل نجد ندرة النساء في مثل هذه الوظائف (وظائف التسيير)‪ :‬فماذا عن املرأة‬
‫والتسيير؟ ‪...‬‬

‫‪1 H.Koontz et Autres, Management: Principes et Méthodes de Gestion, Mc Graw-hill Editeurs,‬‬


‫‪Canada, 1980, P11.‬‬
‫‪2 Pierre Bergeron, La Gestion Moderne-theorie et cas-Gaeten Morin, Monréal, 1989, P 07.‬‬
‫‪3 O. Girault, Précis d'Organisation des entreprises-Organisation administrative, le travail‬‬
‫‪administratif- les éditions Foocher, Paris, 1970, P4.‬‬
‫‪81‬‬
‫‪ -6‬املرأة والتسيير‪ :‬جدلية التصورات‪:‬‬
‫معظم الدراسات التي جعلت من املرأة املسيرة موضوعا لها قد تناولت هذه االخيرة ضمن‬
‫ثنائية (رجل‪ ،‬امرأة)‪ ،‬حيث كانت تبحث في مدى قدرة املرأة على أداء وظيفة التسيير مقارنة‬
‫بالرجل‪ ،‬هذا إضافة الى كونها كأنت تحاول (الدراسات) اإلجابة على السؤال الرئيس ي‪:‬‬
‫هل للمرأة طريقة للتسيير تختلف عن الرجل؟‬
‫أو باألحرى‪ :‬هل هناك خصوصيات تميز تسيير املرأة عن تسيير الرجل؟‬
‫ولقد تمت اإلجابة من طرف تلك الدراسات على هذا السؤال من خالل تصورين‪:‬‬
‫‪ -1-6‬التصورالتمييزي‪:‬‬
‫يرى أصحاب هذا التصور أنه يوجد فرق بين تسيير املرأة وتسيير الرجل‪:‬‬
‫"ففي دراسة قامت بها "‪ "Judi Rosner‬حول أسلوب املرأة في التسيير مقارنة بأسلوب‬
‫الرجل‪ ،‬أكدت أن للمرأة املسيرة طريقتها في التسيير تختلف عن طريقة الرجل املسير‪1 ".‬‬

‫وتضيف "‪ "Rosner‬أن هذه االختالفا ت تظهر عندما يتكلم النساء والرجال عن طريقة‬
‫عملهم‪ ،‬إذ أن الرجال أكثر استعدادا للقيادة التصالحية وعالقاتهم مع معاونيهم تقدم كمنظومة‬
‫مصالحة في نظام قائم على املكافأة والعقاب‪ ،‬ويستعملون سلطة أكثر مما يمنحها لهم مركزهم في‬
‫التسلسل الهرمي‪.‬‬
‫أما النساء فيملن إلى التكيف مع أسلوب القيادة التحويلية فه ن يحرضن معاونيهن على‬
‫تشابه مصالحهم مع مصالح الجماعة ويستعملن الحوار في فرض سلطتهن في التسلسل الهرمي‪،‬‬
‫يعني ذلك أنهن يشجعن التسيير باملشاركة وتقسيم السلطة واالعالم‪2.‬‬

‫ويتفق كل ‪ Blain‬و ‪ Eagly‬و ‪ J.Rosner‬في اعتبار أن النساء‪:‬‬


‫ي ملن للتكيف مع النوع األكثر ديمقراطية و أكثر مشاركة من الرجال ‪.‬‬
‫ويرجعان هذه االختالفات إلى العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ -‬النساء أكثر تساهال في عالقاتهن االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬املرأة حسب معايير املجتمع ال يجب أن تقود‪.‬‬

‫‪1 Judy Rosner, Les Femmes ne Dirigent plus comme les Hommes, Revue Management N° 65, Paris,‬‬
‫‪2000, P28.‬‬
‫‪2 Ibid, P 31.‬‬
‫‪82‬‬
‫‪ -‬النساء منذ وقت قليل فقط وصلن املناصب السامية‪.‬‬
‫غير أن "‪ "Cycrthia Epstein‬ترجع ذلك إلى محيط عملهن وهو املؤسسات املتوسطة و التي‬
‫غالبا ما تشجع االدارة باملشاركة‪1.‬‬

‫يعتقد ‪ Charles Tavel‬أن‪:‬‬


‫الفرص املتاحة لوصول املرأة إلى وظائف معتبرة‪ ،‬يطرح مشكل تأثير العاطفة حيث أن‬
‫املرأة ال تستطيع أن تغيب فعل العاطفة في العمل‪2.‬‬

‫وهذا ما يؤكد قول البعض بأن االختالفات املوجودة بين الرجل واملرأة في نمط التسيير هي‬
‫كون املرأة أكثر إنسانية‪3.‬‬

‫‪ -2-6‬التصوراملساواتي‪:‬‬
‫هذا التصور يؤكد أصحابه على عدم وجود فرق بين تسيير املرأة وتسيير الرجل‪.‬‬
‫حيث خلص "توني ميالميد" من دراسة أجريت على (‪ )1200‬مديرة إلى أن الفروق املوجودة‬
‫بين الرجل واملرأة في املجتمع ال تعني بالضرورة حتمية وجود الفروق ذاتها في حقل الوظيفة والعمل‬
‫اإلداري‪ ،‬ويضيف أن املديرات يتفوقن على املدراء في األداء وا لكفاءة‪ ،‬ليصلن في بعض األحيان إلى‬
‫درجة متميزة وكبيرة من التسلط ومسك زمام األمور بقوة دون مناقشة ومشاورة‪4.‬‬

‫"فحضور النساء في قمة اإلدارة ينمي نوعيتها وفعاليتها‪5 "...‬‬

‫واملالحظ أن بعد التسيير أصبح بعدا رئيسيا من أبعاد هوية املرأة في املؤسسة والسيما‬
‫املرأة املسيرة‪ ،‬التي أصبحت تنادي بضرورة التعامل معها في املؤسسة على اساس أنها مسيرة قبل‬
‫أن تكون امرأة‪ ،‬و أصبح مجال التسيير من املجاالت التي تقتحمها ولم يعد حكرا على الرجل فقط‬
‫وخاصة في القطاع الصناعي‪.‬‬
‫‪ -7‬الخالصة‪:‬‬
‫إن التحقيق حول مالمح هوية النساء املسيرات ببعديها السوسيو ‪-‬ثقافي واملنهي قد خلص إلى‬
‫النتائج التالية‪:‬‬

‫‪1 Ibid, P 40.‬‬


‫‪2 Charles Tavel, l'ère de la personnalité – essai sur la stratégie créatrice- CNRS, Paris, 1975, P 242.‬‬
‫‪3 Jean Francois Chanlat, L'Individu dans l'Organisation, Edition ESKA, Paris, 1975, P 412.‬‬
‫‪ 4‬جريدة الصحافة‪ ،‬العدد ‪ ،226‬الجزائر‪ ،2000 ،‬ص ‪13‬‬
‫‪5 Guy Thuillier, les Femmes dans l'Administration depuis 1900, P.U.F, Paris, 1988, P167.‬‬
‫‪83‬‬
‫‪ 1-7‬الخصائص السوسيو‪-‬ثقافية‪:‬‬
‫‪ 1-1-7‬الخصائص االجتماعية‪:‬‬
‫إن غالبية النساء املسيرات تنتمين إلى فئة شابة بالنظر إلى ميدان العمل‪ ،‬كما أنهن‬
‫متزوجات وهذا ما يفند التصور الشائع أن النجاح املنهي يؤثر على الحياة االجتماعية للمرأة‪ ،‬ثم إن‬
‫متوسط عدد أوالدهن ال يتعدى األربع (‪ ،) 4‬مما يدل على اكتساب هذه الفئة لقيمة أو ثقافة‬
‫تنظيم النسل إلى حد ما‪.‬‬
‫أما عن أزواج النساء املسيرات فإنهم ذوو مستوى جامعي‪ ،‬وينتمون إلى شريحة متوسطة‬
‫مما يدل على التوافق االجتماعي املوجود بين النساء وأزواجهن‪.‬‬
‫‪ 2-1-7‬املستوى التعليمي والتخصص‪:‬‬
‫إن كل النساء املسيرات جامعيات ويميل تخصصهن إلى التخصصات التقنية‪ ،‬لكن هذا ال‬
‫ينفي أن شغل املناصب التسييرية أصبح يتجه نحو املتخصصين أيضا في العلوم اإلنسانية وليس‬
‫فقط نحو املتخصصين في العلوم الدقيقة‪.‬‬
‫‪ 3-1-7‬األصول الجغر افية واالجتماعية‪:‬‬
‫إن غالبية النساء املسيرات من خالل أصولهن الجغرافية واالجتماعية يظهرن كفئة وافدة‪،‬‬
‫ذلك أنهن ينحدرن من أصول خارج والية عنابة‪ ،‬ورغم املستوى التعليمي املنخفض للوالدين (اآلباء‬
‫ذوو مستوى إبتدائي‪ ،‬األمهات دون مستوى) لم يم نعهن من مواصلة تعليمهن‪ ،‬إضافة إلى أن آبائهن‬
‫يزاولون مهنا حرة في الغالب وهذا ما يوحي إلى املكانة املميزة التي يحتلها التعليم في املجتمع‪.‬‬
‫إن ما يمكن مالحظته أن معظم أمهات النساء املسيرات (دون مستوى وماكثات في البيت)‬
‫مما يؤكد أن ظاهرة التمييز القائم بين املرأ ة والرجل سواء من ناحية التعليم أو العمل لها‬
‫امتدادات تاريخية في املجتمع‪ ،‬وتؤكد على املكانة الثانوية للمرأة مقارنة بالرجل‪.‬‬
‫‪ 4-1-7‬النشاطات االجتماعية والسياسية‪:‬‬
‫إن ما نالحظه هو انعدام النشاطات االجتماعية والسياسية للنساء املسيرات‪ ،‬إذ أنهن ال‬
‫يمارسن أي نشاط سياس ي وغير منخرطات في أي جمعية‪ ،‬هذا ما يوحي بعدم تفرغ النساء املسيرات‬
‫ملثل هذه النشاطات جراء التزاماتهن املهنية والعائلية‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬أو عدم وعيهن بدور هذه‬
‫التنظيمات في نماء املجتمع‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬
‫كما كشف التحقيق امليداني أن اللغة الفرنسية هي اللغة املجادة واملفضلة في العمل‪ ،‬تأتي‬
‫‪84‬‬
‫بعدها اللغة العربية‪ ،‬أضف إلى ذلك اللغة اإلنجليزية التي تعتبر مجادة من طرف هذه الفئة بنسبة‬
‫معتبرة‪ ،‬لعل هذا ما يوحي بطبيعة املكانة التي أصبحت تحتلها هذه اللغة الحية تدريجيا‪.‬‬
‫أما عن العطلة األسبوعية فقد كشف التحقيق أن النساء املسيرات يقضينها في البيت‪،‬‬
‫ويرجع ذلك إلى انشغاالتهن املهنية طيلة ايام األسبوع (غياب عن البيت) تجبرهن على قضاء العطلة‬
‫األسبوعية في البيت (االهتمام بأمور األسرة)‪ ،‬في حين أن العطلة السنوية يقضينها في القيام‬
‫بالسفر او ببعض النشاطات األخرى‪.‬‬
‫كذلك فإن الهوايات املفضلة لهن هي السفر واملطالعة بالدرجة األولى‪.‬‬
‫‪ -2-7‬الخصائص املهنية‪:‬‬
‫‪ 1-2-7‬املساراملنهي‪:‬‬
‫لقد كشف التحقيق امليداني على أن غالبية النساء املسيرات يتقلدن منصب رئيس‬
‫مصلحة ذي طابع تقني‪-‬إداري‪ ،‬بمتوسط أقدمية (‪ )6‬سنوات‪ ،‬باإلضافة إلى أن متوسطة سنوات‬
‫عملهن باملؤسسة ستة عشر (‪ ) 16‬سنة‪ ،‬هذا ما سمح لغالبيتهن باالستفادة من تكوين أثناء‬
‫مسارهن املنهي باملؤسسة‪.‬‬
‫فسرت النساء املسيرات قلتهن في املناصب التسييرية بعاملين رئيسيين هما‪:‬‬
‫‪-1‬عدم تقبل الرجل املرأة كمسيرة وبذلك مسؤولة عليه‪.‬‬
‫‪-2‬عدم القدرة على التوفيق بين املسؤولية العائلية واملسؤولية املهنية‪.‬‬
‫فالنساء حتى يصلن إلى مناصب املسؤولية عليهن التنازل عن جزء من أنوثتهن‪ ،‬الزواج‬
‫وخاصة األمومة‪ ،‬وباإلضافة إلى ضرورة تكيفهن مع إكراهات التنظيم (كالرجال)‪.‬‬
‫كما أن غالبية النساء املسيرات قد صرحن بصعوبة وصولهن للمناصب التسييرية وأرجعن‬
‫ذلك إلى عدم تساوي فرص الترقية بين الجنسين وهذا ما يفسر صعوبة الحراك املنهي حسبهن‪:‬‬
‫"إن التنظيم عبر إديولوجيته‪ ،‬بناءه وثقافته يشكل ثقال في مسرح تفسيرات موقع النساء‬
‫اإلطارات‪1 "...‬‬

‫‪ 2-2-7‬االنتماء الفئوي املنهي والنشاط النقابي‪:‬‬


‫خلصت النتائج إلى أن الجماعة السوسيو‪-‬مهنية التي تشعر النساء املسيرات باالنتماء إليها‬
‫هي جماعة املسيرين (باعتبارهن أقلية)‪ ،‬هذا ما يوحي بالتوافق بين النساء املسيرات والفئة‬

‫‪1 F. Harel Giasson, Op.cit, P 47.‬‬


‫‪85‬‬
‫السوسيو‪-‬مهنية التي ينتمين إليها (املسيرون)‪.‬‬
‫أم ا عن نقابة املؤسسة فإن أغلبية النساء املسيرات منخرطات فيها غير أن هذا االنخراط‬
‫يعتبرنه شكليا ذلك أن النقابة حسبهن ال تقوم بالدور املنوط بها‪ ،‬بقدر ما هي تنظيم يسعى إلى‬
‫تحقيق مصالح قادته وليس املنخرطين فيه‪.‬‬
‫‪ 3-2-7‬الوضعية املهنية‪:‬‬
‫خلصت النتائج إلى أن متوسط دخل النساء املسيرات يبلغ ‪ 92.000‬دج‪ (:‬و هو دخل محدود‬
‫لفئة قيادية ) ‪.‬‬
‫أما عن عالقة النساء املسيرات باملتعاونين ففي غالبيتها جيدة‪ ،‬وفسرن ذلك بوجود االحترام‬
‫املتبادل‪ ،‬هذا ما جعل النزاعات تكون بصفة أحيانا‪.‬‬
‫إن النساء املسيرات أحيانا ما يشاركهن مسؤولهن في اتخاذ القرارات وإن وتيرة مشاركتهن‬
‫محدودة بالقرارات املتعلقة بشؤون منصب عملهن باإلضافة إلى أن غالبيتهن يؤخذ بآرائهن في‬
‫االجتماعات بصفة "أحيانا"‪ ،‬ويرجعن ذلك إلى أن آرائهن في نظر املسؤولين غير مفيدة‪ ،‬وهذا ما‬
‫يوحي بمحدودية تأثير النساء املسيرات على حياة املؤسسة‪.‬‬
‫أما عن عالقاتهن بمسؤوليهن ففي غالبيتها بين الجيدة واملتوسطة‪.‬‬
‫بالنسبة للضغوطات فقد صرحت غالبية النساء املسيرات بعدم تعرضهن لها‪.‬‬
‫باملقابل نجد نسبة منهن قد تعرضن لضغوطات من قبل زمالئهن من نفس الفئة‬
‫السوسيو‪-‬مهنية‪ ،‬وهو ما يفسر وجود الصراع بين األفراد حول االمتيازات (في شكله الخفي‬
‫واملعلن)‪.‬‬
‫ونجد أن غالبية النساء املسيرات ال تفكرن في ترك املنصب‪ ،‬هذا ما يوحي أن املرأة‬
‫أصبحت ال تنظر إلى التسيير على أنه مهمة رجالية‪ ،‬ولكن أصبحت تنظر إليه على أنه فضاء‬
‫لتحقيق الذات وبعد أساس ي من أبعاد هويتها‪.‬‬
‫أما عن امكانية وجود خصوصيات تميز املرأة املسيرة عن الرجل املسير‪ ،‬فقد صرحت‬
‫غالبيتهن أنهن يتميزن عن الرجل املسير بالعاطفة‪ ،‬وهذا ما يدعم التصور القائل بأن املرأة ال‬
‫تستطيع تغييب فعل العاطفة في العمل‪.‬‬
‫لعل هذا ما يمكن اعتباره عامال سلبيا بالنسبة للنساء املسيرات‪ ،‬ذلك أنهن في تحديدهن‬
‫للخصائص التي يجب أن تتوفر في املرأة املسيرة أكدن باإلضافة إلى قوة الشخصية على ضرورة‬
‫إبعاد املرأة املسي رة لفعل العاطفة ألنها تجر في غالب األحيان إلى التسيب في العمل‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪ 3-7‬تصور املتعاونين عن هوية املرأة املسيرة‪:‬‬
‫إن النساء املسيرات في تفاعل مستمر مع األفراد في التنظيم‪ ،‬وخاصة مع متعاونيهن‪ ،‬هذا‬
‫التفاعل املستمر واملباشر يلعب دورا في تحديد تصور املتعاونين عن هوية املرأة املسيرة‪.‬‬
‫فبالنسبة ملدى قدرة املرأة على تولي املناصب التسييرية صرح غالبية املتعاونين (نساء‪،‬‬
‫رجال) بقدرة املرأة على تولي مثل هذه املناصب‪ ،‬غير أن املتعاونين الرجال قد صرحوا بأن وصول‬
‫النساء إلى املناصب التسييرية هو أحيانا ما يكون نتيجة لكفاءتهن‪ ،‬ذلك أن وصولهن يكون عن‬
‫طريق الوساطة حسبهم‪ ،‬وهذا ما يعبر بشكل كبير عن عدم تقبلهم لهذه الفئة‪.‬‬
‫إن املتعاونين الرجال يختزلون دور املرأة إلى بعد رئيس ي وهو اعتبارها ربة بيت‪ ،‬ويظهر‬
‫هذا من خالل تفسيرهم لقلة تواجد النساء في املناصب التسييرية‪.‬‬
‫إال أن املتعاونات النساء يفسرن ذلك بعدم تقبل الرجل للمرأة كمسيرة وبالتالي كمسؤولة‬
‫عليه (مسألة ثقافية أساسا)‪.‬‬
‫إن النساء املسيرات يملن إلى تسهيل التوفيق بين الحياة العائلية والحياة املهنية وخاصة‬
‫للمتعاونين من النساء‪ ،‬فهن يبدين الرعاية والنصيحة لهن حتى في حياتهن الخاصة‪.‬‬
‫تجدر بنا اإلشارة إلى تواجد الصراعات في مستوى محدود عندما يتعلق األمر بتسيير املرأة‬
‫لهيئتها حسب غالبية أفراد العينة ولعل هذا ما يمكن رده إلى أن‪:‬‬
‫النساء أقل ميوال من الرجال في بناء عالقاتهن االجتماعية على عالقات السيطرة والتراتبية‪.‬‬
‫أما عن الخصائص التي تميز املرأة املسيرة عن الرجل املسير فقد حددها املتعاونون على‬
‫وجه الخصوص في متغي ر العاطفة وفي تحديدهم للخصائص التي يجب أن تتوفر في املرأة املسيرة‬
‫ركز املتعاونون (رجال‪ ،‬نساء) على ضرورة توفر الكفاءة التقنية‪.‬‬
‫لعل هذا ما يؤكد حسب املتعاونين على أن‪:‬‬
‫ما يميز النساء املسيرات عن الرجال املسيرين هو كون النساء يملن إلى الشك في كفاءتهن‬
‫أكثر من الرجال‪ ،‬لذا فإنهن يصرحن أمام متعاونيهن بعدم معرفتهن إن كن قادرات على توجيههم أم‬
‫ال‪ ،‬لذا فهن يطلبن من متعاونيهن أن يعملوا معا‪1.‬‬

‫وخالصة القول أن هوية املرأة املسيرة في الجزائر في تشكل دائم تفاعال مع التغيرات‬

‫‪1 Alain Laferté, Existe –t-il un mode de Mangement féminin?, www.lesechos.fr, consulté le‬‬
‫‪10/03/2019.‬‬
‫‪87‬‬
‫ مما يجرنا الى طرح‬، ‫ الثقافية والسياسية وهذا ما يضيف مالمح متجددة لهذه الهوية‬، ‫االجتماعية‬
‫ ما هي أهم التحديات املستقبلية املطروحة بالنسبة لهوية النساء املسيرات في ظل‬: ‫سؤال شرعي‬
‫التحوالت السوسيو اقتصادية العاصفة باملؤسسة االقتصادية ؟‬
‫ الهوامش‬/‫ قائمة املراجع‬-8
1. -Femmes et Développement, ouvrage collectif, CRASC, Oran, 1995,P 57
2. –Ibid, P 170 . - ‫بالتصرف عن‬- .
3. -Sekiou et Autres, Gestion des Ressources Humaines, les Editions 4L.INC, Montréal; 1993, p
679.
4. -Femmes et Développement, Op.Cit , P 171.
‫ مركز الدراسات‬،‫مجلة املستقبل العربي‬،‫ املرأة العربية بين التقليد والتحديد‬،‫عبد القادر العرابي‬- .5
.62‫ ص‬،1996 ،205 ‫ العدد‬،‫العربية‬
-Femmes et Développements, Op.cit, P 214. .6
-Ibid, P 230. .7
. : -‫بالتصرف عن‬-Ibid, P 294- .8
‫ (دون ذكر‬،1985 ،‫ ليبيا‬،‫ ندوة حول املرأة في املجتمع العربي‬،‫ املرأة والعمل في الجزائر‬،‫عمر عسوس‬- .9
.)‫الصفحة‬
10. -Jean Bonis, le Management comme Direction d'Acteur-maitriser la dynamique humaine
de l'entreprise, Editions d'organisation, Paris, 1984, P 66.
11. -Claude Durbar et Pièrre Tripier, Sociologie des Professions, Armand Colin Editeur, Paris,
1998, P 63.
12. -Kamel Abdellaziz Bouguerra, La culture d'entreprise en question, Revue Hommes et
Entreprises en Algérie, Revue Internationale de Gestion, Editée par le Cerise, N°1, Annaba,
1994, P 06.
13. -Helbriegel, Sloun, Woodman, Management des organisations, traduit par Michel Truchan,
Sporta, De Boeck université, Paris, 1989, P 44-45.
،‫ ثقافة التسيير‬،‫ البعد الثقافي واإلجتماعي لسلوك العامل وعالقته بإدارة املؤسسة‬،‫بو عبد هللا لحسن‬- .14
.193 ‫ ص‬،1992 ،‫ الجزائر‬، ‫ج‬.‫م‬.‫ د‬،‫أعمال امللتقى الدولي املنعقد بالجزائر‬
15. -Sekiou et Autres, Op.cit, P 205.
16. -Jean François Chantal, L'individu dans l'organisation –Les dimensions oubliées- Les
presses de l'université Laval et les éditions ESKA, Canada, 1990, P 434.

88
17. -Michel de Coster, François Pichaurt, Traité de Sociologie du travail, De Boeck université,
Paris, 1998, P 395.
18. -Philippe Bernoux, La sociologie des organisations, éditions du seuil, Paris, 1985, P187.
،1‫ ج‬،‫ تقنيات – ديوان املطبوعات الجامعية‬،‫ وظائف‬،‫ مدخل للتسير – أساليب‬،‫محمد رفيق الطيب‬- .19
.10‫ ص‬،1990 ،‫الجزائر‬
:-‫بالتصرف عن‬- Sékiou et Autres, Op.cit, P 9. - .20
21. -Dictionnaire Français Larousse, 2017, P 1124.-
Ibid, P 11 - .22
-21‫ ص‬،‫ إستمارة النساء املسيرات‬.23
-26‫ ص‬، ‫ إستمارة املتعاونين‬.24
25.-H.Koontz et Autres, Management : Principes et Méthodes de Gestion, Mc Graw-hill
Editeurs, Canada, 1980, P11.
26. -Pierre Bergeron, La Gestion Moderne-theorie et cas-Gaeten Morin, Monréal, 1989, P 07.-
27.-O. Girault, Précis d'Organisation des entreprises-Organisation administrative, le travail
administratif- les éditions Foocher, Paris, 1970, P4.26.
28.-Judy Rosner, Les Femmes ne Dirigent plus comme les Hommes, Revue Management N° 65,
Paris, 2000, P28.
29 .- Ibid, P 31.-
30 .-Ibid, P 40.-
31.-Charles Tavel, l'ère de la personnalité – essai sur la stratégie créatrice- CNRS, Paris, 1975, P
242.
32.-Jean François Chanlat, L'Individu dans l'Organisation, Editions ESKA, Paris, 1975, P 412.
13 ‫ ص‬،2000 ،‫ الجزائر‬،226 ‫ العدد‬،‫جريدة الصحافة‬--33.
34.-Guy Thuillier, les Femmes dans l'Administration depuis 1900, P.U.F, Paris, 1988, P167
35F.- Harel Giasson, Op.cit, P 47.-
36.-Alain Laferté, Existe –t-il un mode de Mangement féminin?, www.lesechos.fr, consulté le
10/03/2019.

89
‫املرأة واملسألة االجتماعية يف السياسات العمومية يف اجلزائر‬
‫قراءة سيوسيوجندرية (‪)2018- 1999‬‬
‫د‪.‬حامي حسان‬
‫أستاذ علم االجتماع بكلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫جامعة حممد ملني دباغني‪ ،‬اجلزائر‬

‫ملخص‪:‬‬
‫ستروم هذه الورقة واملوسومة بـ املرأة واملسألة االجتماعية في السياسات العمومية في‬‫ُ‬
‫الجزائر‪ ،‬تتبع مسار حضور املرأة في استراتيجيات الدولة الجزائرية وسياساتها العمومية في سياق‬
‫اإليفاء بمقتضيات املسألة االجتماعية وتحديدا ماتعلق بالتعليم‪ ،‬والشغل‪ ،‬والحماية االجتماعية‪،‬‬
‫إضافة الى جملة اإلصالحات التشريعية وآليات التمكين السياس ي للمرأة في مجال تسيير الشأن‬
‫العام‪ ،‬وذلك تحديدا في الفترة ما بين سنتي ‪ 1999‬و‪ ،2018‬وهي الفترة التي عرفت عودة تدخل‬
‫الدولة املُ َ‬
‫عمم في مسار التنمية بشكلها الريعي ‪.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫إن الرؤية العاملية االخذة في االتساع تن ُحو إلى اإلجماع على مكانة املرأة كأهم ُم ّ‬
‫قوم من‬
‫مقومات احترام أي مجتمع أو دولة لحقوق أفراده‪ ،‬وكذا على قبول املجتمع لكل مكوناته وأطيافه‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫ليه االجتماعيين‪.‬إن العالم العربي اليوم‪ ،‬وإضافة إلى جملة التحديات التي عرفها بعد موجة ما‬ ‫اع ِ‬
‫وف ِ‬
‫سواء أكانت هذه التحديات أمنية أواقتصادية أوسياسيه؛ فإن تحديا أخر‬ ‫ُيعرف "بالربيع العربي" ً‬
‫برز بشكل أكثر إلحاحا وهو مسألة املساواتية والنوع االجتماعي‪،‬كحتمية أصبحت تواجه كل‬
‫املجتمعات بشكل عام والحكومات بشكل خاص‪ ،‬وذلك بحكم تلك الضرورات الحداثية املؤثثة‬
‫ملساهمة املرأة في صياغة الحياة العامة كفاعل اقتصادي واجتماعي وحتى سياس ي‪ ،‬وذلك ً‬
‫عطفا‬
‫على احتاللها واختراقها ملكانتها في التعليم وآلة االنتاج والتسيير‪ ،‬كوضع طبيعي تحاول املرأة تكريسه‬
‫رغم إكراهات الثقافة واألعراف االجتماعية‪.‬‬
‫وإجبار ّي أيضا؛ مرحلة فاصلة وبداية‬‫لقد كان خروج املرأة للتعليم كحق دستوري بل َ‬
‫الب َنى الثقافية وشكل الروابط‬ ‫قطيعة حقيقية‪ ،‬ليس ملا ُي َخ ِلفه تعليم املرأة من اثار على ُ‬
‫ّ‬
‫طردي‬ ‫سوية نحو العمل‪ ،‬وذلك بشكل‬ ‫االجتماعية‪ ،‬بل كذلك ظهور ما يمكن أن نسميه مطلبية ِن ّ‬
‫مع ترقيها –أي املرأة‪ -‬في مراتب التعليم‪ ،‬خاصة في الحواضر التي مثلت دائما ذلك السياق واملجال‬
‫ُ ً‬
‫الذي يكون فيه خروج املرأة أكثر قبوال‪ .‬لقد كان هذا املكسب املرحلة األولى من مراحل إزالة‬
‫‪90‬‬
‫الفوارق بين الجنسين‪ ،‬و انتهاج مقاربة جندرية قبل إدماجها في مشروع التنمية –إن لم نقل‬
‫ّ‬
‫املجتمعي‪.‬‬ ‫إقحامها‪ -‬رغم إكراهات الواقع‬
‫إن الدارس لحال املرأة وعالقتها بمجال العمل ووضعها من التعليم والحماية‬
‫ُ‬
‫االجتماعية‪ ،‬وغيرها من أشكال املسألة االجتماعية في الجزائر منذ االستقالل‪ ،‬ليلحظ ذلك‬
‫التشابك الحاصل بين ماهو اقتصادي وسياس ي بما هو ثقافي ونفس ي وحتى سوسيولوجي‪ ،‬والذي‬
‫َُ‬
‫حدد دوائر بعينها وأدوار ُمنسجمة مع ما يقبله املجتمع املؤثث بفوقية ذكورية‪ ،‬فحتى توزيع السلطة‬
‫داخل العمل متوافق ما تلك القيم املجتمعية؛ أي حيازتها من طرف الرجل مقابل خضوع املرأة في‬
‫مكان العمل ومحدودية مشاركتها في اتخاذ القرار رغم كل ذلك الخطاب الرسمي التقدمي الذي‬
‫ساد منذ إقرار دستور ‪ 1976‬والتأكيد على مبدأ املساواة وعدم التمييز حسب الجنس فيه في أي‬
‫قطاع أو نشاط عمومي‪ ،‬وهو منهج سارت عليه الدولة لعقود من الزمن حتى وإن تباطئ خالل‬
‫سنوات املأساة الوطنية‪.‬‬
‫إن السياسات العمومية التي جاءت بعد سنة ‪ 1999‬خاصة االقتصادية منها‬
‫واالجتماعية والتي استهدفت إعادة تأهيل الدولة واملجتمع وإخراجهما من حالة التفكك التي‬
‫عرفاها أثناء سنوات اإلرهاب‪ ،‬استهدفت كذلك وفي كثير من حيثياتها إعادة بعث مشروع املساواتية‬
‫ُ‬
‫بين الرجل واملرأة في الشأن العام‪ ،‬وإضفاء مقاربة جندرية في كل برامجها املتعاقبة‪ ،‬تمددت على‬
‫مستويات التشريع وطرح املبادرات وتشكيل الهيئات املنوطة بذلك‪ ،‬وهي سيرورة طويلة من‬
‫َ‬
‫اإلصالحات ُتفاوتت قطاعيا وجغرافيا وحتى زمانيا‪ ،‬استهدفت كلها تمكين املرأة واالستجابة ملطلبية‬
‫داخلية للمرأة نحو التعليم والشغل والحماية االجتماعية‪ ،‬وكذا تعهدات دولية واتفاقيات أممية‬
‫تستهدف املساواتية و تكافؤ الفرص وتحسين وضع النساء في كل املجاالت‪.‬‬
‫تأسيسا على ما سبق فإن هذا الورقة ستروم بناء صورة موضوعية للحالة الجندرية في‬
‫إطار حيثيات املسألة االجتماعية‪ ،‬من خالل طرح تساؤل فحواه‪ :‬كيف عالجت السياسات‬
‫العمومية في الجزائر املسألة الجندرية في إطار ُمقتضيات املسألة االجتماعية‪ ،‬وتحديدا ما تعلق‬
‫بـالتعليم‪ ،‬والشغل‪ ،‬والحماية االجتماعية ؟‪ ،‬وما الذي ساهمت به اإلصالحات التشريعية فيما‬
‫ّ‬
‫خص مسألة التمكين السياس ي للمرأة في الجزائر في الفترة املمتدة بين سنة ‪ 1999‬و ‪2018‬؟‬
‫أوال‪ .‬يف إيتمولوجيا النوع االجتماعي و عالقته بالسياسات العمومية‪:‬‬
‫غالبا ما ارتبط موضوع الجندر في الدراسات السوسيولوجية بالبراديغمات الثقافية‬
‫التي تختلط فيها التفسيرات االنثربولوجية باإليديولوجيا‪ ،‬في إطار ذلك التنازع املعرفي الحاصل في‬
‫حقل املمارسة البحثية في العلوم االجتماعية؛ لذا فإن البحوث ذات العالقة بالجندر والسياسات‬
‫‪91‬‬
‫َ‬
‫العمومية وعالقة املرأة بالتنمية‪ ،‬تضع أمام الدارسين لها ت َح ِّد ِين أساسين هما "مسألة التحيز‪ ،‬إما‬
‫ُ‬ ‫النسوي أو لزاوية ُذ ّ‬
‫ّ‬
‫كورية معرفية وتحوير البحث الى ما تسميه دينيز‬ ‫لزاوية النضال والعمل‬
‫ّ‬
‫ليكينبي بالعلوم الذكورية" ‪ ،‬وذلك على خالف رواد املدارس السوسيولوجية الكالسيكية ككارل‬
‫‪1‬‬
‫ّ‬
‫ماركس ‪ Karl marx‬وماكس فيبر ‪ "max weber‬واللذين افتراضا أن العمليات التي قاما بوصفها‬
‫كانت ذات طابع حيادي اتجاه النوع مما يعني أنها عامة ولم تتأثر بمعاني النوع و اختالفاته"‪.2‬‬
‫لذا فإن الكثير من الدارسين ُليالحظ َم ّسحة من الغموض حين التأصيل للمفهوم‬
‫ُ‬ ‫ُومبتغياته‪َ ،‬وم ُّ‬
‫رد ذلك اللبس في فهم النوع االجتماعي عائد في األساس كما شرحه طارق دبلواني الى‬
‫ُ‬
‫"أنه لبس مقصود بغرض تمرير مفاهيمه دون االصطدام بأي معتقدات دينية أو موروثات‬
‫اجتماعية"‪.3‬‬
‫تاريخيا ومنذ إقرار األمم املتحدة التفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد املرأة‬
‫)‪(CEDAW‬في ديسمبر ‪1979‬؛ حضرت عبارة " إدراج ُبعد النوع في السياسات الرئيسية ‪gendre‬‬
‫صلب السياسات العمومية والتنموية في البلدان املوقعة عل هذه االتفاقية‪،‬‬ ‫‪ 4" maintseaming‬في ُ‬
‫لتكون فاتحة لتنزيل مفهوم النوع من علياء الحقل التجريدي إلى واقع املمارسة في إطار البرامج‬
‫القطاعية للدول‪ .‬سنة ‪ 1995‬صدر عن املؤتمر العاملي للمرأة ببيجين ما ُيعرف "بمنهاج بيجين"‬
‫الذي هدف الى تعميم الوعي بالنوع االجتماعي‪ ،‬حيث استهدف بشكل خاص قياس البيانات‬
‫الصادرة عن الدول والهيئات والحكومات فيما تعلق بمؤشرات التنمية حسب الجنس‪ ،‬بهدف‬
‫سس إلجراء املقارنات الدولية حسب النوع‪ ،‬بغرض تقييم التقدم الحاصل‬ ‫وضع تصور واضح ُوم َؤ َ‬
‫نحو املساواة بين الجنسين حسب املناطق واألقاليم والواليات "‪.5‬‬
‫إن إدراج مسألة النوع في السياسات العمومية تهدف في النهاية بطريقة مباشرة أو غير‬
‫وعي "مجتمعي بالحقوق الفردية والجماعية‪ ،‬والقدرة على انضمام النساء إلى‬‫مباشرة لخلق ّ‬

‫ّ‬
‫النسوي ممارسة و تطبيقا‪،‬ترجمة هالة كمال‪ ،‬ط‪( 1‬مصر‪،‬‬ ‫‪ 1‬شارلين ناجي هيس ي و آخرون‪ ،‬مدخل الى البحث‬
‫املركز القومي للترجمة‪ )2015،‬ص ‪. 65‬‬
‫‪ 2‬إيمي‪.‬أس وارتون‪ ،‬علم اجتماع النوع مقدمة في النظرية و البحث‪،‬ترجمة هاني خميس أحمد‬
‫عبدة‪،‬ط‪( 1‬مصر‪،‬املركز القومي للترجمة‪)2014،‬ص ‪.297‬‬
‫بثينية عثامنية‪ ،‬املرأة وقضية التعليم و العمل في الجزائر‪ ،‬مجلة الدراسات و النقد االجتماعي‪ ،‬العدد ‪23/22‬‬
‫خريف‪ ،‬شتاء ‪ 2006‬ص ‪3.81‬‬
‫‪ 4‬عائشة التايب‪ ،‬النوع و علم اجتماع العمل و املؤسسة‪،‬ط‪(،1‬مصر املنظمة العربية للمرأة‪ ،)2011،‬ص ‪.129‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪5.130‬‬
‫‪92‬‬
‫ّ‬
‫مصالحهن‪ ،‬والذي ينتهي بتمثيل أكثر‬ ‫مجموعات ضغط وحركات اجتماعية قادرة على تمثيل‬
‫للنساء في مراكز صنع القرار السياس ي واالقتصادي"‪ ،1‬وعليه فإن طرح مسألة النوع االجتماعي في‬
‫السياسات العمومية ال يمكن أن تكون ذات جدوى‪ ،‬وال يمكن أن تحمل انعكاسا إيجابيا؛ّ إال إذا‬
‫ُد ِفعت الحكومات وكل املؤسسات املعنية باملشاركة في الكشف عن أشكال التمييز من جهة‪ ،‬وأيضا‬
‫ُ‬
‫وبتعبير املختصين‪ ،‬عن الهيمنة املوجودة املمارسة داخل املجتمع من طرف الرجال أو املؤسسات‬
‫الدينية أو االجتماعية أو حتى الحكومية في بعض األحيان"‪2‬من جهة أخرى‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬املرأة وحتوالت دولة الرعاية يف اجلزائر‪:‬‬
‫لقد ارتبط مفهوم دولة الرعاية االجتماعية بمفهوم أساس ي هو مفهوم املسألة‬
‫االجتماعية الذي يتمظهر في بعدين أساسين "األول كمي ويتجلى في مؤشرات ومتغيرات قابلة‬
‫للقياس‪ ،‬كعدد الفقراء و درجاته وجيوبه‪ ،‬وكذا البطالة والقدرة على استيعاب العمالة في سوق‬
‫التشغيل‪ ،‬وكذا درجات التكفل الصحي وطبيعة األمراض‪ ،‬وفي مجال التعليم عدد من يلتحقون‬
‫بالجامعات و طبيعة التكوين املتخصص‪ ،‬أما البعد الكيفي فيتجلى في تلك الصور التي يحملها‬
‫ُ‬
‫املخيال املجتمعي حول مسألة االنتماء للمجتمع و االندماجية االجتماعية و السياسية"‪.3‬‬
‫لقد كان حضور مبدأ الرعاية دائما في سياق بناء دولة ما بعد االستقالل االجتماعية‪ ،‬وذلك‬
‫ُ‬
‫منذ النصوص األولى امل َؤ ِ ّسسة للدولة الجزائرية وتحديدا بيان أول نوفمبر ‪ ،1954‬والذي أكد على‬
‫أن هدف حرب التحرير كان من أجل" إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية االجتماعية ذات‬
‫السيادة ضمن إطار املبادئ اإلسالمية"‪ ،4‬ففي قراءة سريعة ملشروع التنمية في الجزائر يتضح لنا‬
‫أنه ّ‬
‫مر بثالثة تحوالت مفصليه‪:‬‬
‫كان التحول األول في السنوات التالية لالستقالل حين كانت الدولة‬ ‫‪.1‬‬
‫االجتماعية هي الحاضنة ملشروع التنمية‪ ،‬حيث كان فيها الفعل التنمو ّي في صورته‬
‫فعما بتلك الشحنة االيديولوجية والسياسية التي ُب ِن ّي عليها مشروع‬ ‫ّ‬
‫واملادية ُم ً‬ ‫االقتصادية‬

‫منيرة سالمي‪ ،‬املرأة و إشكالية التمكين االقتصادي في الجزائر‪،‬املجلة الجزائرية للتنمية االقتصادية‪،‬عدد‬
‫‪،05‬ديسمبر ‪ 2016‬ص ‪1851‬‬
‫‪ 2‬زنين بلقاسم » ‪,‬املرأة الجزائرية و التغيير ‪ :‬دراسة حول دور وأداء السياسات العمومية«‪ ،‬مجلة إنسانيات‪ ،‬العدد‬
‫‪ 58- 57‬لسنة ‪ ،2012‬تاريخ االطالع أفريل ‪ ، 2019‬متوفر على الرابط‬
‫‪http://journals.openedition.org/insaniyat/13678 ; DOI : 10.4000/insaniyat.13678‬‬
‫‪ 3‬نوي الجمعي‪ ،‬املسألة االجتماعية في برامج األحزاب السياسية في الجزائر دراسة سوسيوسياسية‪(،‬أطروحة‬
‫دكتوراه غير منشورة‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ )2010،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ 4‬بيان أول نوفمبر ‪1954‬‬
‫‪93‬‬
‫الدولة و املجتمع بعد سنة ‪.1965‬منذ تلك الحقبة تأسست تلك العالقة الناظمة بين‬
‫ريعي تمثلت فيه هذه الدولة في صورتها الراعية والحاكمة‬ ‫الفرد والدولة في سياق ّ‬
‫َبم ّسلكية االستجابة للمسألة االجتماعية (تعليم ‪،‬صحة‪ ،‬شغل‪ ،‬حماية اجتماعية )‪،‬‬
‫وذلك تحت وطأة تعاظم أعداد البروليتاريا الحضرية‪ ،‬حيث تم َد ّولنة كل أنماط الرعاية‬
‫االجتماعية والتضامن في سياق إبراز حالة من األبوية على املجتمع واألفراد فرضتها‬
‫ظروف داخلية و خارجية متداخلة‪.‬‬
‫لقد مثلت مرحلة االصالحات االقتصادية وخيار االنفتاح االقتصادي‬ ‫‪.2‬‬
‫َّ‬
‫التحول الثاني األبرز‪ ،‬وذلك تحت ضغط األزمة االقتصادية التي أملت بالبالد منذ سنة‬
‫‪ ،1986‬والتي تزامنت مع االستفتاء على دستور ‪ 1986‬الذي لم يخرج عن سياق منطق‬
‫الرعاية والحماية االجتماعية على مستوى النصوص الدستورية‪ ،‬وهي التي لم تتطابق مع‬
‫وضع تراجعت فيه قدرة الدولة على االيفاء بتراكمات الحاجات االجتماعية‪ ،‬خاصة‬
‫ُ‬
‫الشغل والسكن والتحويالت االجتماعية املرتبطة بالدعم االجتماعي لألسر‪ ،‬مما تسبب في‬
‫تحول الكثير منها الى حالة من الهشاشة االجتماعية‪ ،‬كان لها بالغ االثر على ِ‬
‫السلم‬
‫االجتماعي الذي ضمنته الدولة طيلة عقدين من الزمن‪.‬‬
‫أما التحول الثالث فقد كان مع بداية األلفية الثالثة‪ ،‬حيث ساهم‬ ‫‪.3‬‬
‫استقرار األوضاع األمنية وتصاعد أسعار النفط تدريجيا‪ ،‬إضافة الى شكل االستقرار‬
‫السياس ي واملؤسساتي الذي أتت به االنتخابات الرئاسية سنة ‪ ،1999‬وهي عوامل‬
‫ساهمت اقتصاديا في عودة تدخل الدولة بشكلها الريعي في الشأن التنموي بشكل كبير‪،‬‬
‫بجملة من البرامج العاجلة للدفع بعجلة االقتصاد والتنمية والتي انعكست آليا على‬
‫تحسين ظروف العمل وتحديدا االجور (الزيادات في االجور بأثر رجعي بداية من سنة‬
‫‪ ،) 2008‬والحفاظ على نظام الرعاية االجتماعية و دعم السلع االساسية‪.‬‬
‫لقد تجاوز ُجهد الرعاية والدعم االجتماعيين الذي اختارته الدولة الجزائرية لعقود‪ ،‬من‬
‫والع َوز؛ وذلك‬
‫الرؤى األممية واالستراتيجيات الدولية في محاربة الفقر َ‬
‫االستراتيجيات املحلية الى ُ‬
‫من خالل إنجاز خريطة الفقر فـي الجزائر من قبل وزارة التشغيل والتضامن الوطني‪ ،‬بالتعاون مع‬
‫كل أداة مرجعية تسمح‬ ‫برنامج األمم املتحدة اإلنمائي ‪ PNUD‬وهذا فـي ماي ‪ ،2001‬والذي َش َ‬
‫بتعميق فهم هذه الظاهرة لتقييمها والتعرف على جيوب الفقر وتوحيد الجهود للقضاء على الفقر‬
‫املدقع من خالل وضع وإعداد سياسات موجهة للتنمية الشاملة واملستدامة حسب خصوصية كل‬

‫‪94‬‬
‫منطقة"‪.1‬‬
‫إضافة الى ذلك تم وضع املخطط الوطني ملحاربة الفقر والتهميش الذي تم إعداده من قبل‬
‫وزارة التشغيل والتضامن الوطني عام ‪ ،2001‬وهو يعكس إرادة فـي تجسيد جهودها لتحسين‬
‫ضم من بين أهدافه الـ ‪ 12‬األخذ "بعين االعتبار‬ ‫شروط معيشة املواطنين األكثر حرمانا والذي ّ‬
‫مسألة النوع االجتماعي للمساهمة فـي توازن مالئم بين الجنسين على مستويات الحياة االجتماعية‬
‫والسياسية واالقتصادية وعلى هذا األساس تم تنظيم دورات لتكوين األطر النسائية في مجاالت‬
‫النوع االجتماعي ووضع إجراءات لتحسين الخدمات الصحية لألمومة والطفولة‪ ،‬ومحاربة العنف‬
‫والتمييز املمارس على املرأة"‪.2‬‬
‫ثالثا‪.‬املرأة و الشُغل من منطق املِنحِ اىل منطق املساواتية‪:‬‬
‫طبعا ُع ّدت مسألة التشغيل في السياسات العمومية للدول من أعقد املسائل‬
‫السلم االجتماعي‪ ،‬ومقتضيات التنمية خاصة ما تعلق‬ ‫االجتماعية إلحاحا لكونها من أهم أسس ّ‬
‫ِ‬
‫بموضوع الجندر واملساواة والتي زادتها مخرجات مؤسسات التعليم مشروعية ومطلبية‪ ،‬خاصة إذا‬
‫ما تعلق األمر بمردودها على االقتصاد الكلي للدول‪.‬حسب بيانات صندوق النقد الدولي فإن إدخال‬
‫مقاربة النوع االجتماعي في عملية التنمية يمكن أن يؤثر بشكل متمايز حسب وضعية كل بلد على‬
‫ِح َدته‪ ،‬غير أن األكيد هو أنه يقدم إضافة نوعية فيما تعلق باالقتصاد وسوق العمل‪" ،‬فالخسائر‬
‫في نصيب الفرد قد تصل في بعض املناطق بسبب الفجوات بين الجنسين الى ‪ ،%27‬ففي دراسة لـ‬
‫‪ DeAnne Aguirre‬و آخرون سنة ‪ 2012‬تؤكد على أن رفع نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة‬
‫إلى مستويات مشاركة الرجال من شأنه أن يرفع إجمالي الناتج املحلي في الواليات املتحدة األمريكية‬
‫إلى ‪ %5‬و في اليابان الى بنسبة ‪ %9‬و في مصر مثال الى ‪.3" %34‬‬
‫في الجزائر‪ ،‬بدا جليا أن حضور املرأة في سوق العمل كان منفصال عن كل تلك املنظومة‬
‫التشريعية املساندة لها؛ وإنما كان مرهونا بجملة التحوالت السوسيوثقافية واالقتصادية التي‬
‫طبعت املجتمع بداية من سبعينات القرن املاض ي ولعل أهمها قد يكون مفهوم ديمقراطية التعليم‬

‫‪ 1‬رد عل ــى االس ــتبيان املوج ــه للحكوم ــات بش ــأن تنفي ــذ منه ــاج بيج ــين(‪ ( 1995‬ونت ــائج ال ــدورة االس ــتثنائية الثالث ــة‬
‫والعش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرين للجمعي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة العام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة(‪ (2000‬مت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوفر عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرابط‬
‫‪https://www.un.org/womenwatch/daw/Review/responses/ALGERIA-Arabic.pdf‬‬
‫‪ 2.‬مرجع سابق‬
‫كاترين إيلببورغ و آخرون ‪ ،‬مذكرة مناقشات خبراء صندوق النقد الدولي‪ :‬املرأة و العمل و االقتصاد‪ ،‬سبتمبر‬
‫‪ ،2013‬ص ‪3 .5‬‬
‫‪95‬‬
‫وكذا حركة النزوح من األطراف الى امليتروبول ذات االستقطاب الواسع ملا توفره من فرص العمل و‬
‫الترقي االجتماعي‪ ،‬وعليه فإن املالحظ أن القطاع العمومي هو أكثر األمكنة جذبا للنساء(إذا‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫توافرت فيه فرص العمل) ملا يقدمه هذا القطاع من استقرار منهي و كذا لكونه يقدم مصفوفة من‬
‫ُ‬
‫الوظائف امل َهيكلة حسب هندسة اجتماعية مقبولة مجتمعيا وذكوريا ( التربية و التعليم‪ ،‬الصحة)‪.‬‬
‫حسب معطيات الديوان الوطني لإلحصاء‪ ،‬فقد بلغ حجم السكان الناشطين اقتصاديا‬
‫‪ 11.932.000‬نسمة مع حجم الفئة النسوية الذي بلغ ‪ 2.317.000‬أي ما يعادل ‪ % 19.4‬من إجمالي‬
‫هذه الفئة‪ .‬و بلغت نسبة النشاط االقتصادي لدى السكان البالغين من ‪ 15‬سنة فأكثر ‪.1% 41.8‬‬
‫وتتفاوت هذه النسبة حسب الجنس لتبلغ ‪ % 66.8‬لدى الذكور و ‪%16.4‬لدى اإلناث و ذلك في‬
‫سبتمبر ‪. 2015‬كما بلغ عدد البطالين حسب تعريف املكتب الدولي للعمل حجما قدر بـ‬
‫‪ 1.733.000‬فردا‪ ،‬كما بلغ معدل البطالة ‪ % 11.2‬على املستوى الوطني‪ ،‬مسجال بذلك ارتفاعا بلغ‬
‫‪ 0.6‬نقطة مقارنة بسبتمبر ‪ . 2014‬وبلغ ‪ % 9,9‬لدى الذكور و ‪ % 16.6‬لدى اإلناث‪.2‬‬
‫يقدم الجدول املوالي‪ 3‬مثال صورة عن مجاالت النشاط األساسية للجنسين في سوق العمل‬
‫حسب متغير مكان اإلقامة ريف‪/‬حضر‪ ،‬والذي يبين نزوع اإلناث الى العمل في القطاع العام‬
‫ُ‬
‫(‪ )%65.8‬وتحديدا في الوسط الحضري‪ ،‬وذلك ملا يقدمه من استقرار وملالئمته مع الحاجات‬
‫االجتما عية واملنظومة القيمية (إلى حد ما )‪ ،‬كما أن األمر مرتبط أيضا بإكراهات القطاع الخاص‬
‫خاصة غير الرسمي منه‪ ،‬والذي ال يوفر ضمانات مقبولة تحفز على العمل فيه‪ ،‬وهذا ما يفسر‬
‫انخراطا أكبر لإلناث في الوسط الريفي(‪ )%42.1‬في القطاع الخاص واملختلط وهذا ليس اختيارا‬
‫وإنما لنقص الفرص في القطاع العام أو لضعف مستوى ُ‬
‫األجور ‪.‬‬

‫‪ 1‬الديوان الوطني لإلحصاء النشاط االقتصادي و التشغيل و البطالة سبتمبر ‪ 2015‬متوفر على الرابط‬
‫‪http://www.ons.dz/IMG/pdf/emplar0915.pdf‬‬
‫مرجع سابق‪2.‬‬
‫‪3 ONS. Activité, Emploi et chômage en Septembre 2015, Donnés statistiques, N°726, ONS, Alger,‬‬
‫‪2014, p04‬‬
‫‪96‬‬
‫مجموع‬ ‫أنثى‬ ‫ذكر‬
‫الحضر‬
‫‪%45.5‬‬ ‫‪%65.8‬‬ ‫‪%40.1‬‬ ‫العمومي‬
‫‪%54.5‬‬ ‫‪%34.2‬‬ ‫‪%59.9‬‬ ‫خاص‪-‬مختلط‬
‫‪%100‬‬ ‫‪%100‬‬ ‫‪%100‬‬ ‫مجموع جزئي‬
‫الريف‬
‫‪%34.6‬‬ ‫‪%57.9‬‬ ‫‪%31.5‬‬ ‫العمومي‬
‫‪%65.4‬‬ ‫‪%42.1‬‬ ‫‪%68.5‬‬ ‫خاص‪-‬مختلط‬
‫‪%100‬‬ ‫‪%100‬‬ ‫‪%100‬‬ ‫مجموع جزئي‬
‫الكلي‬
‫‪%42‬‬ ‫‪%64.1‬‬ ‫‪%37.1‬‬ ‫عمومي‬
‫‪%58‬‬ ‫‪%35.9‬‬ ‫‪%62.9‬‬ ‫خاص‪-‬مختلط‬
‫‪%100‬‬ ‫‪%100‬‬ ‫‪%100‬‬ ‫املجموع‬

‫ً‬
‫نضيف ملمحا أخر ّميز حضور املرأة في عالم الشغل نهاية التسعينات‪ ،‬وهو دخول املرأة‬
‫على خط املساهمة املقاوالتية في االقتصاد الوطني بداية من منتصف التسعينيات مع استحداث‬
‫عدد من األدوات والوكاالت الخاصة بالتشغيل واالستثمار (الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب‪،‬‬
‫صغر)‪ ،‬في هذا السياق برزت‬‫الوكالة الوطنية لتطوير االستثمار‪ ،‬الوكالة الوطنية لتسيير القرض املُ ّ‬
‫ّ‬
‫النسوية كجمعية النساء‬ ‫كذلك عديد الهيئات والجمعيات املرتبطة أساسا باالستثمار واملقاوالتية‬
‫ّ‬
‫النسوية الجزائرية "أفكار")‪(AFCAR‬‬ ‫الجزائريات للتطوير (‪ )AFAD‬سنة ‪ ،1999‬وجمعية اإلطارات‬
‫النسوي في مجال االستثمار‪ ،‬كذلك نضيف إليهما‬ ‫ّ‬ ‫والتي اهتمت تحديدا بالدفع بالعمل املقاوالتي‬
‫ِ‬
‫جمعية الجزائريات املسيرات و سيدات األعمال التي اعتمدت سنة ‪.2005‬‬
‫لقد وصل عدد املتعاملين االقتصاديين من فئة النساء سنة ‪ 2010‬الى ما نسبته‬

‫‪97‬‬
‫ُ‬
‫‪،%8.6‬يتمركز أغلبهن في املدن الكبرى بعدد قدر بـ ‪،1110790‬أما في مجال قروض االستثمار فقد‬
‫بلغت نسبتها في إطار الوكالة الوطنية لتسيير القرض املصغر (التابع لوزارة التضامن الوطني و‬
‫األسرة ) ‪ ،%36.59‬الى غاية مارس ‪ 2019‬كما يشير اليه الجدول املوالي‪:2‬‬
‫النسبة‬ ‫العدد‬ ‫جنس املستفيد‬
‫‪%63.41‬‬ ‫‪561522‬‬ ‫ذكور‬
‫‪%36.59‬‬ ‫‪324036‬‬ ‫إناث‬
‫‪%100‬‬ ‫‪885558‬‬ ‫املجموع‬
‫إذن‪ ،‬لقد ساهمت السياسات العمومية في مجال التشغيل بشكل عام على إحداث تحول‬
‫عميق في عالقة املرأة بسوق العمل خالل العقدين املاضيين‪ ،‬فبعد أن كان خروجها سابقا‬
‫لضرورات معيشية أو نتيجة لضغط اجتماعي أو اقتصادي خاصة سنوات الثمانينيات‬
‫والتسعينات‪ ،‬بحكم تردي الوضع االقتصادي العام للبالد وتوسع دائرة الهشاشة االجتماعية‪ ،‬فإن‬
‫ما يميز انخراطها اليوم هو اطراد حضورها في القطاع العام‪ ،‬خاصة في املراكز القيادية ودخولها‬
‫مجال املقاوالتية واألعمال كتجاوز لضرورات املسألة االجتماعية الى البحث عن التميز و التقدير‪.‬‬
‫رابعا‪.‬املرأة و مسار املساواتية يف التعليم ‪:‬‬
‫لقد ساهم خيار ديمقراطية التعليم الذي ارتأته الدولة منذ االستقالل في إطار الدولة‬
‫َ‬ ‫االجتماعية‪ ،‬في تصاعد معدالت َ‬
‫مدرس بشكل ُمتسارع‪ ،‬وتحديدا بالنسبة لإلناث وهذا يعود في‬ ‫الت ُ‬
‫رأينا تاريخيا الى مسألة قانونية قهرت منظومة ثقافية سائدة خاصة في تلك املناطق الريفية‬
‫املتوجسة من خروج املرأة للتعليم؛ والقصد هنا هو إجبارية التعليم الذي شددت عليه الدولة منذ‬
‫السبعينات و الذي كانت له نتائج تراكمية عبر عقود من الزمن‪ ،‬أثر تحديدا على نسب التعليم‬
‫لدى الفتيات وبالتالي نسبة املشتغلين في حقل التربية والتعليم تاليا‪ ،‬وهذا ما يوضحه الجدول‬
‫التالي‪: 3‬‬

‫‪ 1‬منيرة سالمي‪،‬يوسف قريش ي‪،‬املقاوالتية النسوية في الجزائر واقع اإلنشاء و تحديات مناخ األعمال‪،‬مجلة‬
‫املؤسسات الجزائرية‪،‬العدد ‪ 2014/05‬ص ‪.95‬‬
‫‪ 2‬أرقام الوكالة الوطنية لتسيير القرض املصغر‪https://www.angem.dz/ar/article/prets-octroyes/#‬‬
‫‪ 3‬مليكة طيفاني ‪،‬واقع املشاريع التعليمية املوجهة للمرأة في الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية‪،‬املنظمة‬
‫الرابط‬ ‫على‬ ‫متوفرة‬ ‫للمرأة‪،‬دراسة‬ ‫العربية‬
‫‪http://www.arabwomenorg.org/Content/surveystudies/algeriaeducation.pdf‬‬
‫‪98‬‬
‫املتمدرسات في الجذع املشترك من‬ ‫املعلمات بـ ‪%‬‬ ‫العام الدراس ي‬
‫السنة األولى الى الثالثة بـ ‪%‬‬
‫‪55.70‬‬ ‫‪49.70‬‬ ‫‪2000-1999‬‬
‫‪56.15‬‬ ‫‪50.08‬‬ ‫‪2001-2000‬‬
‫‪56.24‬‬ ‫‪50.77‬‬ ‫‪2002-2001‬‬
‫‪56.73‬‬ ‫‪52.60‬‬ ‫‪2003-2002‬‬
‫‪57.01‬‬ ‫‪53.20‬‬ ‫‪2004-2003‬‬
‫إضافة الى ذلك ارتفعت كذلك نسب املشاركة في امتحان البكالوريا حتى وصلت سنة "‬
‫‪ 2004‬الى ‪ % 57.87‬مقابل ‪ % 42.13‬للذكور‪ ،‬كما أن معدالت النجاح في هذا االمتحان بلغت‬
‫‪44.53 %‬بالنسبة لإلناث و ‪% 36.36‬للذكور "‪ ،‬ليصل سنة ‪ 2018‬الى ‪ %65.29‬لإلناث مقابل‬
‫‪ %34.71‬للذكور‪.1‬‬
‫لقد أثر التصاعد التدريجي في نسب النجاح في البكالوريا على نسب االلتحاق بالجامعة‬
‫خاصة بعد تعميم الفضاءات الجامعية على مستوى كل الواليات إضافة الى املراكز الجامعية؛ التي‬
‫ساهمت في تخفيف األعباء على األسر والتقليل من كل املبررات املرتبطة بالذهنيات والفهوم‬
‫املسبقة حول انفصال البنت عن العائلة أو األسرة بغرض الدراسة‪ ،‬ويمكن تلمس هذا التطور من‬
‫خالل الشكل املوالي الذي يوضح أعداد الطلبة حسب الجنس بين سنتي ‪ 1992‬و ‪: 2017‬‬

‫‪ 1‬محمد صالي ‪،‬النمو الديموغرافي و خصائص سوق العمل في الجزائر‪. ،‬مجلة العلوم االنسانية و االجتماعية‬
‫‪،‬العدد ‪ 17‬ديسمبر ‪ .2014‬ص ‪.132‬‬
‫‪99‬‬
‫املصدر‪ :‬تقرير وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الجزائر‪ :‬خمسين سنة في خدمة‬
‫التنمية ‪.2012 – 1962‬‬
‫سلكت الدولة مسارا اخر كان ً‬
‫داعما ملسار ديمقراطية التعليم‪ ،‬وهو برنامج محو األمية‬
‫للكبار‪ ،‬والذي استهدف باألساس النساء في إطار االستراتيجية الوطينة ملحو األمية مع إنشاء‬
‫الديوان الوطني ملحو األمية بالشراكة مع هيئات متداخلة في هذا اإلطار‪ ،‬خاصة من مؤسسات‬
‫املجتمع املدني كجمعية اقرأ املنتشرة جغرافيا على املستوى الوطني‪ ،‬والتي استفادت من دعم‬
‫الدولة ماديا و في مجال الحمالت اإلعالمية‪ ،‬وهذا ما ساهم في رفع املنخرطات في مجال محو األمية‬
‫من ‪ 50535‬سنة ‪ 2000‬إلى ‪ 187048‬سنة ‪،12007‬لتصل نسبة األمية لـ ‪ % 9.44‬الى غاية سنة‬
‫‪ ،2018‬حيث أن ‪ % 90‬من املسجلين في أقسامها هم من فئة اإلناث حسب الديوان الوطني ملحو‬
‫األمية وتعليم الكبار ‪.‬‬
‫خامسا‪ .‬املرأة و احلماية االجتماعية ‪:‬‬
‫ُي ِحيلنا الخوض في قضايا املسألة االجتماعية أيضا‪ ،‬البحث في مطلب الحماية‬
‫االجتماعية‪ ،‬وتحديدا الحماية االجتماعية للمرأة واألسرة بحكم ارتباطهما بحتمية مجتمعية‬
‫وثقافية متالزمة‪ ،‬وفي هذا الصدد وفي إطار سياسية عمومية ممتدة في مسار الدولة االجتماعية في‬
‫الجزائر تم إنشاء املجلس الوطني لألسرة واملرأة من خالل املرسوم التنفيذي رقم ‪ 15-81‬مؤرخ في‬
‫‪ 17‬جمادى األولى عام ‪ 1436‬املوافق ‪ 8‬مارس سنة ‪ 2015‬والذي يعدل ويتمم املرسوم التنفيذي‬
‫رقم ‪ 06-421‬املؤرخ في أول ذي القعدة عام ‪ 1427‬املوافق ‪ 22‬نوفمبر سنة ‪ 2006‬واملتضمن إنشاء‬

‫‪ 1‬سالمة صابر العطار و آخرون‪ ،‬التجارب الناجحة في محو األمية‪ ،‬ورقة عمل في مقدمة للمنظمة العربية للتربية و‬
‫الثقافة و العلوم ‪ALESCO http://www.alecso.org/site-old/images/2017files/tlchargement.pdf‬‬
‫‪100‬‬
‫املجلس الوطني لألسرة واملرأة‪ ،‬تحت وصاية وزارة التضامن الوطني واألسرة وقضايا املرأة‪ ،1‬كهيئة‬
‫استشارية في قضايا املرأة وكل ما تعلق باألسرة‪ ،‬خاصة ما تعلق بالجانب القانوني في الهيئات‬
‫التشريعية‪.‬‬
‫أما ما تعلق بالفئات األكثر هشاشة اجتماعيا خاصة من النساء‪ ،‬فيمكن اإلشارة الى عديد‬
‫مراكز حماية األمومة و الطفولة املوجهة اليهم كفئات دون ُم ِعيل أو مأوي‪ ،‬وهي مسألة أخذتها‬
‫الدولة على عاتقها منذ اعتماد دستور ‪ 1976‬وتحديدا في مادته ‪ 65‬والتي منطوقها "األسرة هي‬
‫الخلية األساسية للمجتمع وتحظى بحماية الدولة واملجتمع‪ ،‬تحمي الدولة األمومة والطفولة‪...‬‬
‫بواسطة سياسة ومؤسسات مالئمة"‪2‬باإلضافة كذلك الى مسألة الحماية االجتماعية في العمل من‬
‫خالل نظام الضمان االجتماعي‪ ،‬ومنظومة التشريعات الخاصة بحقوق املرأة في عطل األمومة والتي‬
‫يكفلها قانون العمل‪.‬‬
‫غير أن ربط حاجات املرأة تحديدا بمسألة التضامن يطرح إشكاال حقيقا في منطق‬
‫السياسات العمومية في بعض مساراتها واملوجهة للمرأة التي ُيفترض أنها تعمل بمنطق التمكين‬
‫للمرأة ال بمنطق التضامن‪ ،‬أي ُيحيلنا هذا املعطى الى طرح افتراض مفاده أن هذه األجهزة هي في‬
‫النهاية اعتراف بصعوبة إخراج املرأة واقعيا من الفئات التي تحتاج الى الحماية االجتماعية للدولة‬
‫ً‬
‫حصرا‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬املرأة يف اجلزائر ومسار اإلصالح القانوني و التمكني السياسي ‪:‬‬
‫انخرطت الدولة في مسار املساواة بين الجنسين بداية من دستور ‪ ،1976‬وذلك تحت‬
‫نص املادة ‪ 42‬والتي منطوقها " يضمن الدستور كل الحقوق السياسية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية للمرأة الجزائرية"‪ ،3‬وهي مادة لم تؤكد على مبدأ املساواة بشكل واضح بل أشارت إليه‬
‫بسها مع دستور ‪ 1989‬في باب الحريات والحقوق في‬ ‫املادة السابقة لها بشكل ُمبهم‪ ،‬والذي ُر ِفع ُل ُ‬
‫مادته ‪ 28‬والتي نصها" كل الـمواطنين سواسية أمام القانون ‪ .‬وال يـمكن أن يتذرع بأي تـمييز‬
‫يعود سببه إلى الـمولد‪ ،‬والعرق‪ ،‬والجنس‪ ،‬أو الرأي‪ ،‬أو أي شــرط أو ظ ــرف آخر‪ ،‬شخص ي أو‬

‫‪ 1‬يمكن اإلطالع على مهام املجلس و أدواره من الولوج الى موقع وزارة التضامن الوطني و األسرة و قضايا املرأة وذلك‬
‫على الرابط ‪http://www.msnfcf.gov.dz/fr/‬‬
‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية دستور ‪ ،1976‬الفصل الرابع الحريا ت األساسية و حقوق اإلنسان و‬
‫املواطن‪2.‬‬
‫‪ 3‬الجمهورية الجزائريةالديمقراطية الشعبية‪ ،‬دستور‪ ،1976‬الفصل الرابع الحريات األساسية و حقوق اإلنسان‬
‫و املواطن‪.‬‬
‫‪101‬‬
‫اجتـماعي‪ ،‬واملادة ‪ 30‬ومنطوقها "تستهــدف الـمؤسس ــات ضمــان مساواة كل الـمــواطنين والـمواطنــات‬
‫ف ــي الـحقــوق والواجبــات بإزالــة العقب ــات التي تع ــوق تفتــح شخصية اإلنسان‪ ،‬وتـحول دون مشاركة‬
‫الـجميع الفعلية في الـحياة السياسيــة‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬واالجتماعية والثقافية "‪.1‬كما أكد دستور‬
‫ص مسألة الحقوق والحريات و املساواة بين املرأة‬ ‫‪ 1996‬على ما جاء به دستور ‪ 1989‬في ما َخ ّ‬
‫والرجل‪ ،‬وتحديدا في مادتيه ‪ 29‬و ‪. 230‬‬
‫بداية من سنة ‪ 1996‬انضمت الجزائر لعديد االتفاقيات الخاصة بتحسين وضع املرأة‬
‫وأهمها اتفاقية ‪) CEDAW‬اتفاقية منع كل أشكال التمييز ضد املرأة)‪ ،‬إضافة الى اتفاقية الحقوق‬
‫السياسية للمرأة سنة ‪ . 2004‬كما دعمت هذا املسار بجملة من األدوات و األجهزة التنفيذية و‬
‫الهيئات الرسمية املكلفة‪ ،‬كالوزارة املنتدبة املكلفة باألسرة و قضايا املرأة‪،‬و املجلس الوطني لألسرة‬
‫واملرأة‪ ،‬وكذا البرنامج املشترك من أجل مساواة الجندر واستقاللية املرأة الذي انطلق سنة ‪2010‬‬
‫والهادف لتحسين ولوج املرأة لعالم الشغل‪.‬‬
‫فأما على مستوى التشريعات املنظمة لسير العمل فقد انسحبت تلك املقاربة املساواتية‬
‫منع تشريع العمل طبقا‬ ‫على عديد القوانين املؤطرة لسيرورة العمل في املرافق العامة؛ حيث َي ُ‬
‫ألحكام الدستور أي شكل من أشكال التمييز‪ ،‬فالقانون رقم ‪ 133 - 66‬املؤرخ في ‪02‬يونيو ‪1966‬‬
‫املتعلق بالوظيف العمومي في مادته ‪ 05‬يمنع أي تمييز بين الجنسين في العمل‪ ،‬أما القانون ‪11-‬‬
‫‪90‬املؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪ 1990‬املعدل واملتمم املتعلق بعالقات العمل و املتعلق بمنح الوظائف‬
‫والترقية في املناصب كما نص عليه قانون العمل واالتفاقيات املبرمة بين وزارة العمل وكل قطاعات‬
‫النشاط سواء الخاص أو العمومي‪ ،‬سواء ما تعلق باملساواة في األجور ومنح الوظائف‪.3‬‬
‫املؤرخ في ‪ 19‬جمادى الثانية عام ‪ 1427‬املوافق ‪ 15‬يوليو سنة‬ ‫كما شدد األمر رقم ‪ّ 03-06‬‬
‫املتضمن القانون األساس ي العام للوظيفة العمومية على عدم جواز التمييز بين املوظفين‬ ‫ّ‬ ‫‪،2006‬‬
‫بسبب آرائهم أو جنسهم أو أصلهم أو بسبب أي ظرف من ظروفهم الشخصية أو االجتماعية" ‪،4‬‬
‫إضافة الى ضمانه للمساواة في األجر والترقيات وكرامة املرأة والحماية االجتماعية بما يتعلق‬

‫‪ 1‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬دستور ‪ ،1989‬الفصل الرابع‪ ،‬باب الحريات و الحقوق‪.‬‬
‫مرجع سابق‪2.‬‬
‫القانون رقم ‪ 11-90‬املؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪ 1990‬املتعلق بعالقات العمل‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 17‬عدد‪17‬‬
‫بتاريخ ‪3.1990-04-25‬‬
‫ّ‬
‫املتضمن القانون‬ ‫املؤرخ في ‪ 19‬جمادى الثانية عام ‪ 1427‬املوافق ‪ 15‬يوليو سنة ‪،2006‬‬ ‫‪ 4‬األمر رقم ‪ّ 03-06‬‬
‫األساس ي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،46‬بتاريخ ‪ 16‬جويلية ‪.2006‬‬
‫‪102‬‬
‫بخصوصيات املرأة كالحمل و االمومة‪،‬كما دعم القانون املتعلق بالتأمنيات االجتماعية رقم ‪-83‬‬
‫‪ 11‬املؤرخ في ‪ 2‬جويلية ‪ 1983‬منظومة الحماية للمرأة بحكم أنها عون من اعوان الدولة في إطار‬
‫الخدمة العمومية‪ ،‬و ذلك من خالل التأمين وحماية األمومة وكذا حوادث العمل والحق في‬
‫التقاعد‪.‬‬
‫أما على مستوى التمكين السياس ي وفي نطاق التشريع وتنظيم العمل السياس ي؛ فقد‬
‫تبنت مسلكية الدولة ومنذ إقرار دستور ‪ 1989‬مقاربة املساواتية وذلك بإعطاء الحق لكل‬
‫املواطنين و املواطنات بإنشاء الجمعيات ذات الطابع السياس ي‪ ،‬ليتكرس هذا الحق مع التعديل‬
‫الدستوري ‪ 1996‬الذي عزز مبدأ "ضمان املساواة بين املواطنين و املواطنات في الحقوق و‬
‫الواجبات و كذا تقلد املهام و الوظائف في الدولة‪.1‬‬
‫كما أضاف التعديل الدستوري لسنة ‪ 2008‬مبدأ توسيع حظوظ تمثيل املرأة في املجالس‬
‫املنتخبة من خالل املادة ‪ 31‬مكرر والتي منطوقها" تعمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية‬
‫ُ َ‬
‫للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في املجالس امل َنتخبة"‪.2‬مع إقرار التعديل الدستوري لسنة ‪2016‬‬
‫انتقلت الدولة الى خطوة أكثر إنصافا (على املستوى الدستوري على األقل) بإقرار واختيار مبدأ‬
‫املناصفة كخطوة تتجاوز مبدأ توسيع حدود التمثيل وذلك من خالل املادة ‪ 36‬التي تنص على أن "‬
‫تعمل الدولة على ترقية التناصف بين الرجال و النساء في سوق الشغل‪.‬تشجع الدولة ترقية املرأة‬
‫في مناصب املسؤولية في الهيئات و اإلدارت العمومية وعلى مستوى املؤسسات"‪ ،3‬ومبدأ التناصف‬
‫يشمل إذا املناصب ذات الطابع السياس ي التنفيذي بشكل خاص (الوالة‪ ،‬الوزراء‪ ،‬الدواوين ‪) ...‬‬
‫وهذا ما تجلى في طبيعة تشكيلة أخر حكومة قبل إستقالة رئيس الجمهورية في الثاني من شهر‬
‫أفريل ‪ ،2019‬و التي اشتملت على ‪ 04‬وزيرات (التربية‪ ،‬البيئة‪ ،‬التضامن‪ ،‬البريد واالتصال)‪ ،‬إضافة‬
‫الى انتهاج سياسية الكوتا النسائية‪ 4‬كإصالح سياس ي من باب مراعاة مبدأ تكافؤ الفرص‪ ،‬خاصة‬
‫في ظل الوزن الديمغرافي الكبير للنساء في الجزائر‪.‬‬
‫اخلامتة‪:‬‬

‫‪ 1‬دستور الجمهورية الجزائرية املؤرخ في ‪ 28‬نوفمبر‪ ، 1996‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 08 ، 76‬ديسمبر‪1996.‬‬


‫‪ 2‬دستور الجمهورية الجزائري ‪ ،‬القانون ‪ ،19-08‬املؤرخ في ‪ 15‬نوفمبر ‪ 2008‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪16 ، 63‬‬
‫نوفمبر ‪.2008‬‬
‫‪-286‬قانون رقم ‪ 01-16‬املؤرخ في ‪ 26‬جماى األولى عام ‪ 1437‬املوافق ‪ 6‬مارس ‪ 2016‬يتضمن التعديل الدستوري‪،‬‬
‫العدد ‪ 07 ،14‬مارس ‪.2016‬‬
‫‪ 4‬بن رحو بن عالل سهام‪،‬التمكين السياس ي للمرأة الجزائرية‪ ،‬دراسة في األطر النظرية و‬
‫امليدانية‪،‬ط‪(1‬أملانيا‪،‬املركز الديمقراطي العربي‪ ،)2018 ،‬ص ‪.208‬‬
‫‪103‬‬
‫تاريخيا يمكن القول أن املرحلة ما بين ‪ 1999‬و‪ 2018‬هي وريثة فترة األزمة السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية و حتى األمنية‪ ،‬أي كان من املستعجل اإليفاء بمتطلبات املسألة‬
‫االجتماعية خاللها‪ ،‬خاصة ما تعلق باملرأة كأهم شريحة تأثرت وبشكل عميق بتوابع تلك األزمة‬
‫املتعددة األوجه‪ ،‬لذا فقد ارتبطت العديد من السياسات العمومية ذات العالقة وتحديدا‬
‫بالتعليم‪ ،‬والتشغيل‪ ،‬واملقاوالتية‪ ،‬وكذا الحماية االجتماعية‪ ،‬وحتى الترقية السياسية‪ ،‬بخيار‬
‫تعزيز حضور املرأة في الشأن العمومي‪ ،‬والذي ارتسم عبر مسارات كانت آلية في بعض القطاعات‬
‫كالتربية والتعليم والتعليم العالي وذلك بحكم تلك الحتميات الديمغرافية و سياسة ديمقراطية‬
‫التعليم وإجباريته‪.‬‬
‫َُ‬
‫إضافة الى مسارات تشريعية أو فوقية(من لدن السلطة السياسية) و ليست مطلبية‪،‬‬
‫خاصة ما تعلق بميدان التشغيل واملقاوالتية واملشاركة في النشاط االقتصادي وكذا مرافقتها في‬
‫امليدان السياس ي سواء في األجهزة التشريعية أو التنفيذية في مستويات متعددة محليا ووطنيا‪ .‬غير‬
‫أن املتفحص لواقع املجتمع الجزائري ال يحتاج لكثير عناء لفهم جملة الكوابح الثقافية والرواسب‬
‫ُ‬
‫األبوية التي ال تزال تعاند تشكل ذلك الوعي ال ِنسو ّي بقضايا املرأة وحاجاتها املادية واملعنوية‪ ،‬التي‬
‫نصف و على رأسها املشاركة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يفترض أن تضمنها الدولة ملواطناتها في إطار املواطنة الكاملة وبشكل م ِ‬
‫في تدبير الشأن العام‪.‬‬
‫بيبليوغرافيا‪:‬‬
‫‪.1‬إيمي‪.‬أس وارتون‪ ،‬علم اجتماع النوع مقدمة في النظرية و البحث‪،‬ترجمة هاني خميس أحمد‬
‫عبدة‪،‬ط‪(1‬مصر‪،‬املركز القومي للترجمة‪.)2014،‬‬
‫‪.2‬بن رحو بن عالل سهام‪،‬التمكين السياس ي للمرأة الجزائرية‪ ،‬دراسة في األطر النظرية و‬
‫امليدانية‪،‬ط‪(1‬أملانيا‪،‬املركز الديمقراطي العربي‪.)2018 ،‬‬
‫‪ .3‬عائشة التايب‪ ،‬النوع و علم اجتماع العمل و املؤسسة‪،‬ط‪(،1‬مصر املنظمة العربية‬
‫للمرأة‪.)2011،‬‬
‫‪.4‬شارلين ناجي هيس ي و آخرون‪ ،‬مدخل الى البحث النسو ّي ممارسة و تطبيقا‪،‬ترجمة هالة كمال‪،‬‬
‫ط‪( 1‬مصر‪ ،‬املركز القومي للترجمة‪)2015،‬‬
‫‪.5‬بثينية عثامنية‪ ،‬املرأة وقضية التعليم والعمل في الجزائر‪ ،‬مجلة الدراسات والنقد االجتماعي‪،‬‬
‫العدد ‪ 23/22‬خريف‪ ،‬شتاء ‪.2006‬‬
‫‪.6‬مي الدباغ‪ ،‬أسماء رمضان‪ ،‬النوع االجتماعي‪ :‬نحو تأصيل املفهوم في الوطن العربي واستخدامه‬
‫فعالة‪ ،‬مجلة إضافات‪ ،‬العددان ‪ 24-23‬صيف وخريف ‪ ،2013‬مركز‬ ‫في صوغ سياسة عامة ّ‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫‪. 7‬منيرة سالمي‪ ،‬املرأة وإشكالية التمكين االقتصادي في الجزائر‪،‬املجلة الجزائرية للتنمية‬
‫االقتصادية‪،‬عدد ‪،05‬ديسمبر ‪. 2016‬‬
‫‪.8‬محمد صالي ‪،‬النمو الديموغرافي و خصائص سوق العمل في الجزائر‪. ،‬مجلة العلوم االنسانية و‬
‫االجتماعية ‪،‬العدد ‪ 17‬ديسمبر ‪.2014‬‬
‫‪. 9‬منيرة سالمي‪،‬يوسف قريش ي‪ ،‬املقاوالتية النسوية في الجزائر واقع اإلنشاء وتحديات مناخ‬
‫األعمال‪،‬مجلة املؤسسات الجزائرية‪ ،‬العدد ‪. 2014/05‬‬
‫‪.10‬زنين بلقاسم‪ » ،‬املرأة الجزائرية والتغيير‪ ،‬دراسة حول دور وأداء السياسات العمومية«‪ ،‬مجلة‬
‫إنسانيات‪ ،‬العدد ‪ 58- 57‬لسنة ‪ ،2012‬تاريخ االطالع أفريل ‪.2019‬‬
‫‪.11‬كاترين إيلببورغ وآخرون‪ ،‬مذكرة مناقشات خبراء صندوق النقد الدولي‪ :‬املرأة والعمل‬
‫واالقتصاد‪ ،‬سبتمبر ‪.2013‬‬
‫‪12. Addi lahouari, Les mutations de la société algérienne: famille et lien social dans‬‬
‫‪l'Algérie contemporaine, France, édition la découverte,1999.‬‬
‫‪.13‬نوي الجمعي‪ ،‬املسألة االجتماعية في برامج األحزاب السياسية في الجزائر دراسة‬
‫سوسيوسياسية‪(،‬أطروحة دكتوراة غير منشورة‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪)2010،‬‬
‫‪.14‬مليكة طيفاني ‪،‬واقع املشاريع التعليمية املوجهة للمرأة في الجمهورية الجزائرية الديموقراطية‬
‫الرابط‬ ‫على‬ ‫متوفرة‬ ‫للمرأة‪،‬دراسة‬ ‫العربية‬ ‫الشعبية‪،‬املنظمة‬
‫‪http://www.arabwomenorg.org/Content/surveystudies/algeriaeducation.pdf‬‬
‫‪.15‬الديوان الوطني لإلحصاء‪،‬حوصلة إحصائية أفريل ‪،2016‬التشغيل‪ ،‬متوفر على الرابط‬
‫‪http://www.ons.dz/IMG/Emploi_Avril_2016.pdf‬‬
‫‪.ONS. Activité, Emploi et chômage en Septembre 2015, Donnés statistiques, 16‬‬
‫‪.N°726, ONS, Alger, 2014‬‬
‫‪.17‬رد على االستبيان املوجه للحكومات بشأن تنفيذ منهاج بيجين(‪ ( 1995‬ونتائج الدورة‬
‫االستثنائية الثالثة والعشرين للجمعية العامة(‪ (2000‬متوفر على الرابط‬
‫‪https://www.un.org/womenwatch/daw/Review/responses/ALGERIA-Arabic.pdf‬‬
‫‪.18‬الجمهورية الجزائريةالديمقراطية الشعبية‪ ،‬دستور‪ ،1976‬الفصل الرابع الحريات األساسية‬
‫و حقوق اإلنسان و املواطن‪.‬‬
‫‪.19‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬دستور ‪ ،1989‬الفصل الرابع‪ ،‬باب الحريات و‬
‫الحقوق‪.‬‬
‫‪ .20‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬دستور ‪ ،1996‬الفصل الرابع‪ ،‬باب الحريات و‬
‫‪105‬‬
‫الحقوق‬
‫‪.21‬القانون رقم ‪ 11-90‬املؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪ 1990‬املتعلق بعالقات العمل‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫العدد ‪ 17‬عدد‪ 17‬بتاريخ ‪1990-04-25‬‬
‫املؤرخ في ‪ 19‬جمادى الثانية عام ‪ 1427‬املوافق ‪ 15‬يوليو سنة ‪،2006‬‬ ‫‪.22‬األمر رقم ‪ّ 03-06‬‬
‫ّ‬
‫املتضمن القانون األساس ي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،46‬بتاريخ ‪16‬‬
‫جويلية‪.‬‬
‫‪.23‬دستور الجمهورية الجزائري ‪ ،‬القانون ‪ ،19-08‬املؤرخ في ‪ 15‬نوفمبر ‪ 2008‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫العدد ‪ 16 ، 63‬نوفمبر ‪.2008‬‬
‫‪ .24‬قانون رقم ‪ 01-16‬املؤرخ في ‪ 26‬جماى األولى عام ‪ 1437‬املوافق ‪ 6‬مارس ‪ 2016‬يتضمن‬
‫التعديل الدستوري‪ ،‬العدد ‪ 07 ،14‬مارس ‪.2016‬‬

‫‪106‬‬
‫احلقوق السياسية للمرأة اجلزائرية يف ظل اإلصالحات‬
‫القانونية واحلراك االجتماعي‪.‬‬
‫دة‪ -‬رمضاني فاطمة الزهراء‬
‫أستاذة باحثة يف القانون الدستوري والعلوم السياسية‬
‫جامعة ابي بكر بلقايد ‪ ،‬اجلزائر‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫أصبحت قضية املرأة في الوقت الراهن محل اهتمام على كل املستويات‪ ،‬فمن جهة‬
‫شكلت جزءا من الخطاب الدولي العاملي‪ ،‬ودخلت ضمن الجهود األممية لتطوير سياسات التدبير‬
‫العمومي‪ ،‬حيث تدعو دول العالم إلى اعتماد مقاربة النوع االجتماعي‪ ،‬التي تدمج املواطن بشكل‬
‫عام‪ ،‬وخاصة املرأة في هذه العملية‪ ،‬من خالل عملية تمكينها في جل املجاالت ومنها السياس ي(‪.)1‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬تطرح في سياق الحديث عن تفعيل املشاركة السياسية للمواطنين‬
‫وتكريس الديمقراطية‪ .‬باإلضافة إلى تركيز الحركة النسوية عبر خطاباتها على قضية املشاركة‬
‫السياسية للمرأة كأولوية ومدخل لعملية التغيير اإلجتماعي‪.‬‬
‫في الجزائر‪ ،‬ومند سلسلة التعديالت الجزئية على دستور ‪ ،1996‬سواء بالقانون ‪19-08‬‬
‫(‪ )2‬املقر لتوسيع حجم مشاركة املرأة في املجالس املنتخبة من خالل مادته ‪ 31‬مكرر‪ ،‬والذي تعزز‬
‫بالقانون العضوي رقم ‪ 03 - 12‬املتعلق بإدراج نظام الكوطة في املجال السياس ي‪ ،‬أو تعديل سنة‬
‫‪ ،)3(2016‬الذي استجاب ملطالب الحركة النسوية لتكريس مبدأ املساواة بين النساء والرجال‬
‫بإحداث نظام املناصفة‪ ،‬والنساء الجزائريات تعشن لحظة تاريخية بامتياز‪.‬‬
‫فمجموع هذه اإلصالحات يصب في إطار دعم الديمقراطية‪ ،‬والذي يرتبط بعملية‬
‫التغيير الشامل ملختلف القوانين (إصالح قانون االنتخاب‪ ،‬قانون األحزاب‪ ،)...‬والتي تقوم بدورها‬

‫‪- 1‬عصام بن شيخ‪" ،‬تمكين املرأة املغاربية في ّ‬


‫ظل النظم االنتخابية املعتمدة الفرص والقيود"‪ ،‬مجلة دفاتر‬
‫السياسة والقانون‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،‬الجزائر‪ ،2011 ،‬ص‪.280‬‬
‫‪ - 2‬القانون رقم ‪ 19 - 08‬املؤرخ في ‪ 15‬نوفمبر ‪،2008‬املتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 63‬ل ‪16‬‬
‫نوفمبر‪. 2008‬‬
‫‪ - 3‬القانون‪ 01-16‬املؤرخ في ‪ 06‬مارس ‪ 2016‬املتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 14‬ل ‪ 07‬مارس‬
‫‪.2016‬‬
‫‪107‬‬
‫على اعتماد املقاربة التشاركية ‪ .‬والتمكين السياس ي للمرأة كان أهم اآلليات في مسار اإلصالحات‬
‫السياسية في إطار التنمية الشاملة‪ ،‬والتي يراعي من خاللها القضاء على معوقات املمارسة‬
‫السياسية للمرأة‪.‬‬
‫انطالقا من هذه املعطيات نطرح اإلشكالية التالية‪ :‬كيف يمكن لبعض املمارسات‬
‫الواقعية أن تجعل النصوص القانونية لصالح املرأة؟ ثم هل تمكنت التعديالت التي أدخلت على‬
‫النصوص القانونية (قواعد الدستور ثم التشريعات املختلفة) أن تفعل تواجد املرأة في الحياة‬
‫السياسية؟‬
‫لإلجابة عن ذلك اقترحنا فرضيتين أساسيتين ‪:‬‬
‫‪ -1‬بعض املمارسات التحيزية واإلقصائية لتواجد املرأة في بعض املجاالت و منها‬
‫صنع القرار السياس ي‪ ،‬و حراكها االج تماعي‪ ،‬كانت وراء تغيير النصوص‪ ،‬وتبني نظام املناصفة‬
‫خير مثال‪.‬‬
‫‪ -2‬إن تعديل النصوص القانونية (تعديلي الدستور في ‪ ،2008‬و ‪ 2016‬والنصوص‬
‫الصادرة في إطارهما) ضمن التواجد الفعلي للمرأة من خالل اإلحصائيات الواقعية‪.‬‬
‫وللتأكد من صحة أو دحد الفرضيتين‪ ،‬اعتمدنا املنهج الوصفي لوصف الظواهر املتعلقة‬
‫بموضوع البحث‪ ،‬والتحليلي الستخراج االستنتاجات ذات الداللة واملغزى بالنسبة ملشكلة البحث‪.‬‬
‫كما اعتمدنا على مناهج فرعية تتمثل في املنهج املقارن لتحليل وتفسير الظواهر‪ ،‬كأساس لفهم‬
‫املشاكل املعاصرة‪ ،‬واعتمدنا أيضا على توزيع بعض االستبيانات و إجراء بعض املقابالت مع بعض‬
‫رؤساء االحزاب و الجمعيات التي تدخل في إطار املنهج التجريبي و ذلك إلثراء البحث‪ ،‬ومحاولة‬
‫التنبؤ بما سيكون عليه املستقبل لألخذ بها‪ ،‬ذلك أنه ال يمكن اكتشاف ما في النظام القانوني من‬
‫نقص و فراغ إال من خالل مقارنته بنظم قانونية لدول أخرى وذلك بتقسيم بحثنا إلى نقطتين‬
‫أساسيتين‪:‬‬
‫املبحث األول‪:‬الحقوق السياسة للمرأة الجزائرية بين النصوص والواقع‪.‬‬
‫املبحث الثاني‪:‬تأثير الحراك االجتماعي للمرأة الجزائرية على تمكينها السياس ي الفعلي‪.‬‬
‫املبحث األول‪:‬احلقوق السياسة للمرأة اجلزائرية بني النصوص والواقع‪:‬‬
‫تدخل مسألة حقوق املرأة ضمن الجهود األممية لتطوير سياسات التدبير العمومي على‬
‫املستوى املحلي‪ ،‬حين تدعو دول العالم إلى اعتماد مقاربة النوع االجتماعي‪ ،‬التي تدمج املواطن‬
‫بشكل عام‪ ،‬وتدمج املرأة حين تعتمد على "التشخيص التشاركي املستجيب للنوع االجتماعي" سعيا‬

‫‪108‬‬
‫وراء تحقيق "املساواة واإلنصاف"(‪ ،)1‬وقد عبرت السلطة في الجزائر عن إرادتها الفعلية في النهوض‬
‫بوضعية املرأة‪ ،‬وتحسين حقوقها وترقية موقعها على جميع األصعدة‪ ،‬السيما منها السياس ي‪،‬‬
‫ويتجسد ذلك من خالل مصادقتها على العديد من االتفاقيات الدولية والعهود‪ ،‬واالتفاقية‬
‫املناهضة لجميع أشكال التمييز ضد املرأة‪ ،‬وكذا االتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق السياسية‬
‫للمرأة‪ .‬كما كرست جهودها الداخلية الرامية لالرتقاء بمستقبل املرأة بإصدارها لترسانة من‬
‫التشريعات (املطلب األول)‪ ،‬ومع ذلك ظلت مشاركة املرأة في الحياة السياسية بالجزائر ضعيفة‪ ،‬إذ‬
‫تواجدت سياسيا فقط وفق النصوص القانونية‪ ،‬لكنها كانت غائبة في املشاركة الفعلية‪،‬‬
‫فمشاركتها ال ّ‬
‫تعبر عن وضعها الحقيقي في املجتمع‪(.‬املطلب الثاني) (‪)2‬‬
‫تفوت الحكومة فرصة التعديالت الدستورية لسنة ‪ 2008‬للقيام بمزيد من‬ ‫ولذا لم ّ‬
‫االصالحات لصالح املرأة ‪ ،‬خاصة بإصدار النصوص القانونية التطبيقية املتعلقة بالجمعيات‬
‫واالحزاب السياسية ‪.‬‬
‫املطلب األول‪:‬اإلقرار النظري ومتكني املرأة اجلزائرية من حقوقها السياسية‪.‬‬
‫يقول األمين العام لهيئة األمم املتحدة السابق‪ ،‬السيد "بان كي مون" ّ‬
‫أن املقتضيات‬
‫الدستورية التي تضمن الشرعية‪ ،‬في جميع دول العالم‪ّ ،‬‬
‫تتأسس على أن تكون التزامات الحكومات‬
‫حيال تطبيق املواثيق‬
‫واالتفاقيات الدولية حول حقوق املرأة‪ ،‬من املرجعيات األكيدة في عمليات رسم‬
‫السياسات وصناعة القرار فيها (‪ .)3‬فكيف اهتمت الجزائر بوضع املرأة و تطويره‪ ،‬وترقية عملية‬
‫إدماجها في الحياة السياسية تماشيا مع التزاماتها الدولية ؟‬
‫أوال‪ :‬أهم احلقوق السياسية للمرأة يف النصوص الدستورية و التشريعية ‪.‬‬
‫كفلت الدساتير الجزائرية املتتالية‪ ،‬املساواة لكل املواطنين في ممارسة حقوقهم‬
‫السياسية‪ ،‬فقد ضمنت املرأة الجزائرية كل حقوقها من هذا الجانب(نظريا)‪ .‬املستحدث في ظل‬

‫‪-1‬أحمد زايد وآخرون‪ ،‬املرأة و قضايا املجتمع‪ ،‬املكتب العربي الحديث‪ ،‬مصر ‪.2011‬‬
‫‪ - 2‬بن يزة يوسف‪ ،‬التمكين السياس ي للمرأة وأثره في تحقيق التنمية اإلنسانية في العالم العربي‪ ،‬مذكرة ماجستير‬
‫غير منشورة في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص تنظيمات سياسية وإدارية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪، 2010‬ص‪.23‬‬
‫ّ‬
‫‪ - 3‬تقرير حول تقدم نساء العالم ‪"،2009/2008‬من يتحمل املسؤولية أمام املرأة؟ النوع االجتماعي واملساءلة"‪،‬‬
‫صندوق األمم املتحدة اإلنمائي للمرأة‪ ،2009-2008 ،‬منشور في املوقع‪:‬‬
‫‪http://www.unifem.org/progress/2008/2008/media/POWW08_Report_Full_Text_ar.pdf‬‬
‫‪109‬‬
‫دستوري ‪ )1( 1989‬و‪ )2( 1996‬هو إعطاء املواطنين واملواطنات الحق في إنشاء األحزاب السياسية‪،‬‬
‫األمر الذي لم يكن متاحا في دستوري ‪ )3( 1963‬و‪ ،)4( 1976‬أما النقلة الجديدة املتعلقة بالحقوق‬
‫السياسية للمرأة كانت في ‪ 2008‬من خالل التعديل الجزئي لدستور ‪ ،1996‬وفقا ملادته ‪31‬مكرر‬
‫التي اعتمدت نظام الكوطة لضمان وصول ا ملرأة إلى املجالس املنتخبة‪ ،‬هذا وتبنى تعديل ‪2016‬‬
‫مبدأ املناصفة‪.‬‬
‫وعن الحقوق السياسية املضمونة دستوريا للمرأة الجزائرية‪ ،‬نجد حق التصويت‬
‫والترشيح من خالل املادة ‪ 62‬من دستور ‪ ،2016‬ثم املادة ‪ 3‬من القانون العضوي ‪ 10-16‬املتعلق‬
‫بنظام االنتخابات (‪.)5‬هذا وقد ساوى املؤسس الجزائري بين املرأة والرجل في تولي الوظائف العامة‬
‫(املادة ‪ 50‬من دستور‪.)1996‬كما أكد قانون الوظیفة العامة على املساواة في االلتحاق بالوظائف‬
‫العمومیة دون أي تمیيز على أساس الجنس(‪ ،)6‬وهو ما أعيد تأكيده بموجب املادة ‪ 63‬من دستور‬
‫‪ .2016‬وفي هذا الخصوص نشير إلى ما تضمنته الفقرة ‪ 2‬من املادة ‪ ": 36‬تشجع الدولة ترقية املرأة‬
‫في مناصب املسؤولية في الهيئات واإلدارات العمومية وعلى مستوى املؤسسات‪".‬‬
‫ثانيا‪ :‬مضمون املشاركة السياسية للمرأة اجلزائرية‪.‬‬
‫تتواجد املرأة الجزائرية في مستويات املشاركة السياسية كقيادية‪ ،‬ناشطة‪ ،‬مواطنة‬
‫تقوم بالتصويت‪ ،‬هامشية ليس لها دور في السياسية‪ ،‬ومنعزلة عن املجال السياس ي ‪ .‬وتتمثل‬
‫كيفية مشاركتها السياسية من خالل عملها املؤثر في القرارات والسياسات‪ ،‬وذلك من خالل العديد‬
‫من ا لقنوات واملؤسسات‪ ،‬وتتضمن هذه املشاركة القيام ب‪:‬‬

‫‪ - 1‬دستور الجزائر لسنة ‪ 1989‬الصادر باملرسوم الرئاس ي رقم ‪18 -89‬املؤرخ في ‪ 28‬فبراير سنة‪ ،1989‬الجريدة‬
‫الرسمية رقم ‪ 09‬ل ‪ 01‬مارس ‪.1989‬‬
‫‪- 2‬دستور الجزائر لسنة ‪1996‬الصادر بموجب املرسوم الرئاس ي‪438-96‬املؤرخ في ‪ 7‬ديسمبر‪ ،1996‬الجريدة‬
‫الرسمية رقم ‪ 76‬ل ‪ 08‬ديسمبر ‪.1996‬‬
‫‪ - 3‬دستور الجزائر لسنة ‪ 1963‬مؤرخ في‪ 08‬سبتمبر‪ ،1963‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 64‬ل سبتمبر ‪.1963‬‬
‫‪- 4‬دستور الجزائر لسنة ‪ ،1976‬الصادر باألمر رقم ‪ 79-76‬املؤرخ في ‪ 22‬نوفمبر ‪ ،1976‬الجريدة الرسمية رقم ‪،94‬‬
‫ل‪ 24‬نوفمبر ‪.1976‬‬
‫‪- 5‬القانون العضوي رقم ‪ 10-16‬مؤرخ في ‪25‬اوت‪ ،2016‬یتعلق بنظام االنتخابات‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪50‬ل ‪28‬‬
‫أوت ‪.2016‬‬
‫‪ - 6‬أمـر رقم ‪ 133- 66‬مؤرخ في ‪ 02‬جوان ‪ ،1966‬یتضمن القانـون األسـاس ي العام للوظیفة العمومیة‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية رقم ‪ 47‬ل‪ 08‬جوان ‪،1966‬املعدل باألمر رقم ‪ 03-06‬مؤرخ في ‪ 15‬يوليو ‪ 2006‬یتضمن القانـون األسـاس ي‬
‫العام للوظیفة العمومیة‪،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 46‬ل‪ 16‬يوليو ‪.2006‬‬
‫‪110‬‬
‫‪-‬العمل التوعوي لتغيير الصورة النمطية اتجاه املرأة داخل املجتمع‪.‬‬
‫‪-‬التواجد العددي للمرأة في األحزاب‪ ،‬وفي املجالس الحكومية واملنتخبة والهيئات الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬اقتراح تعديالت قانونية من أجل تبني بعض مطالبها مثل التعديل الدستوري لسنة‬
‫‪.2016‬‬
‫‪ -‬تتبع التعديالت‪ ،‬واقتراح املساءلة في حالة التماس سوء نية في التنفيذ الفعلي للحقوق‪)1(.‬‬
‫‪-‬استعمال اإلعالم لإلخبار وإطالع الرأي العام والضغط‪.‬‬
‫‪-‬التكوين الكتساب املعارف السياسية‪.‬‬
‫‪-‬محاولة خلق شبكات كفعل تراكمي و ربطه بتنظيمات املجتمع املدني‪ ،‬لرفع إيقاع املشاركة‬
‫السياسية للمرأة‪.‬‬
‫‪-‬محاولة بناء قيادات نسائية حقيقية تغييرية‪ ،‬لها رؤيا ورسالة تضمن لها التأثير‪ ،‬قادرة على‬
‫العمل اإلستباقي‪.‬‬
‫املط لبب ال ثباني‪ :‬و قببع الت حبوالت اإل صببالحية املتعل قبة ببباحلقوق السيا سبية لل مببرأة‬
‫اجلزائرية‬
‫نحاول في هذه الفقرة إلقاء نظرة على واقع ووقع اإلصالحات التي أدخلت على قانون‬
‫األحزاب السياسية‪ ،‬وقانون الجمعيات وقانون االنتخابات في ما يخص تواجد املرأة في السياسة‪ ،‬و‬
‫التي جاءت تطبيقا للتعديل الدستوري لسنة ‪.2008‬‬
‫أوال‪ :‬إسهام املرأة اجلزائرية يف اجملالس احمللية املنتخبة وتواجدها يف مراكز صنع‬
‫القرار‪.‬‬
‫إن املمارسة العملية أثبتت‪ ،‬عزوف املرأة عن مباشرة العمل السياس ي‪ ،‬ففيما يخص‬
‫مشاركة املرأة في اتخاذ القرار ضئيلة جدا‪ ،‬فلم تحظ النساء الجزائريات بالحق في املشاركة في‬
‫إبتداء من ‪ ،1982‬إذ تقلدت امرأتان فقط مناصب وزارية‪ ،‬من الفترة‬ ‫ً‬ ‫التشكيالت الحكومية إال‬
‫املمتدة من ‪ 1982‬إلى غاية ‪ 1988‬من بين ‪ 33‬إلى ‪ 40‬وزيرا‪ .‬هذا وقد عرفت الحكومة املشكلة‬
‫بموجب املرسوم الرئاس ي ‪ )2(154-14‬وجود ‪ 7‬وزيرات ضمن ‪ 32‬وزير‪ )1(.‬واملنحنى البياني التالي‬

‫‪ - 1‬خالد محمود العزب‪ ،‬املشاركة السياسية للمرأة (رؤية شرعية وتنموية )‪،‬الطبعة األولى‪ ،‬نشر مؤسسة تنوير‬
‫للتنمية‪،‬اليمن‪،2012 ،‬ص‪.123‬‬
‫‪ - 2‬املرسوم الرئاس ي ‪ 154-14‬املؤرخ في ‪ 05‬مايو ‪ ،2014‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 26‬ل‪ 07‬مايو ‪.2014‬‬
‫‪111‬‬
‫يوضح هذا الضعف امللموس في تواجدها في الحكومات املتتالية ‪:‬‬
‫‪8‬‬
‫‪7‬‬
‫‪6‬‬
‫‪5‬‬
‫‪4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪1‬‬
‫‪0‬‬

‫منحنى بياني لولوج املرأة إلى الحكومة‬


‫(من ‪ 1997‬إلى غاية التعديل الجزئي املشكل لحكومة تصريف األعمال ) (‪)2‬‬

‫أما عن تقلد املرأة الجزائریة ملنصب رئیس الجمهوریة‪ ،‬فلم تتمكن أیة امرأة من تقلده‪ ،‬لكن‬
‫تمكنت رئیسة حزب العمال السیدة " لویزة حنون" من الترشح لالنتخابات الرئاسیة ل‪ ،2004‬والتي‬
‫تعتبر سابقة لم تعرفه الدول العربیة األخرى(‪ ،)3‬وهو ما مثلناه في هذا املخطط‪:‬‬

‫‪ - 1‬حكومة ‪ ،2015‬عرفت ‪ 4‬نساء( املرسوم الرئاس ي ‪125-15‬املؤرخ في ‪14‬مايو‪ ،2015‬الجريدة الرسمية ‪ 25‬ل‬
‫‪18‬مايو‪ .)2015‬سنة ‪ 2016،5‬وزيرات ضمن حكومة تبون‪ .‬أما حكومة أويحيى العاشرة‪ ،‬فقد عرفت‪ 4‬وزيرات‪ .‬وفيما‬
‫يخص حكومة تصريف األعمال فعرفت ‪ 5‬نساء‪ (.‬املرسوم الرئاس ي ‪ ،111-19‬جريدة رسمية ‪ 20‬ل‪31‬مارس‪)2019‬‬
‫‪ - 2‬املنحنى من إعداد الدكتورة انطالقا من املعلومات املتوفرة على موقع الوزارة األولى حول الحكومات املتتالية‪.‬‬
‫‪ - 3‬تحصلت على املرتبة الخامسة من أصل ‪ 06‬مترشحين‪ .‬لتترشح لالنتخابات الرئاسیة لسنة ‪ 2009‬أین احتلت‬
‫املرتبة الثانیة‪ ،‬ثم في انتخابات ‪ 2014‬أين تحصلت على املرتبة الخامسة‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫‪8‬‬
‫‪7‬‬
‫‪6‬‬
‫‪5‬‬
‫‪4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪1‬‬
‫‪0‬‬

‫منحنى بياني يوضح مرتبة املرأة الوحيدة املرشحة في االستحقاقات الرئاسية املتتالية‬
‫‪ 2004،2009،2014‬باملقارنة مع املترشحين الرجال‪)1(.‬‬
‫*و فيما يخص تواجد املرأة على مستوى املجالس الشعبية الوالئية والبلدية حاولنا أن‬
‫نمثله في الجدول و املخطط أدناه (‪:)2‬‬
‫املجالس الشعبية البلدية‬ ‫املجالس الشعبية الوالئية‬
‫املنتخبات‬ ‫املترشحات‬ ‫املنتخبات‬ ‫املترشحات‬
‫‪78‬‬ ‫‪1281‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪905‬‬ ‫االنتخابات املحلية ‪1997‬‬

‫‪147‬‬ ‫‪3679‬‬ ‫‪113‬‬ ‫‪2684‬‬ ‫االنتخابات املحلية‪2002‬‬


‫‪103‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪129‬‬ ‫‪/‬‬ ‫االنتخابات املحلية‪2007‬‬
‫‪3210‬‬ ‫‪4120‬‬ ‫‪595‬‬ ‫‪1838‬‬ ‫االنتخابات املحلية‪2012‬‬
‫‪14130‬‬ ‫‪41000‬‬ ‫‪148‬‬ ‫‪595‬‬ ‫االنتخابات املحلية‪2017‬‬
‫ومن أصل ‪ 1541‬بلدية في ‪ ،2017‬لم تحصل النساء على منصب الرئاسة إال في ‪ 4‬بلديات‪.‬‬

‫‪- 1‬املنحنى من إعداد الدكتورة انطالقا من املعلومات املتوفرة على موقع وزارة الداخلية حول نتائج االنتخابات ‪.‬‬
‫‪- 2‬الجدول من إعداد الدكتورة انطالقا من املعلومات املتوفرة على موقع وزارة الداخلية حول نتائج االنتخابات‬
‫‪113‬‬
‫‪10000‬‬
‫‪35000‬‬
‫‪8000‬‬
‫‪30000‬‬
‫‪6000‬‬ ‫‪25000‬‬
‫‪20000‬‬
‫‪4000‬‬ ‫‪15000‬‬
‫‪2000‬‬ ‫‪10000‬‬
‫‪5000‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬
‫‪1997‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪1997‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2012‬‬

‫منحنى بياني يوضح ولوج املرأة إلى‬ ‫منحنى بياني يوضح ولوج املرأة إلى‬
‫املجالس الوالئية (‪)1‬‬ ‫املجالس البلدية‬

‫كيف يمكن قراءة هذه النتائج؟‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫املالحظة األولى هي أن هذه النتائج تعكس تطورا اجتماعيا وثقافيا للمجتمع ّ‬
‫برمته‪ ،‬وتترجم‬
‫سجل على مستوى املؤسسات‬ ‫إرادة النخبة السياسية لتصحيح االختالل في الجنس االجتماعي املُ ّ‬
‫ُ َ‬
‫املنتخبة‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬مساهمة الجمعيات النسوية واألحزاب السياسية الجزائرية في دفع العمل السياس ي‬
‫للمرأة ‪.‬‬
‫ً‬
‫تعتبر حرية إنشاء أو االنضمام للجمعيات ضرورية من أجل توجيه املجتمع سياسيا‪،‬‬
‫اجتماعيا‬
‫واقتصاديا‪ ،‬وقد ضمنت املادة ‪ 33‬و ‪ 43‬من الدستور حق إنشاء الجمعيات‪ ،‬وتشجع الدولة‬
‫ازدهار الحركة الجمعوية ‪ .‬كما لم يفرق القانون ‪ 06-12‬بين األعضاء الراغبين في إنشاء جمعية (‪.)2‬‬
‫هذا وتعود خلفيات تأسيس الجمعيات النسوية في الجزائر‪ ،‬إلى فترة اعتماد قانون‬
‫األسرة الجزائري الذي ّ صودق عليه من طرف املجلس الشعبي الوطني عام ‪ )3( 1984‬حيث‬

‫‪ - 1‬املنحنيان البيانيان من إعداد الدكتورة انطالقا من املعلومات املتوفرة على موقع وزارة الداخلية خول نتائج‬
‫االنتخابات ‪.‬‬
‫‪- 2‬القانون‪ 06-12‬املؤرخ في ‪12‬يناير ‪ 2012‬يتعلق بالجمعيات‪ ،‬الجريدة الرسمية ‪ 02‬ل‪15‬يناير ‪.2012‬‬
‫‪ - 3‬عروس الزبير‪"،‬الخلفية التاريخية ونضال جمعيات الحركة النسوية من أجل التغيير في الجزائر"‪ ،‬مجلة مركز‬
‫اإلعالم والتوثيق لحقوق املرأة والطفل ‪ ciddef‬رقم ‪، 24‬الجزائر‪ ،2012 ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪114‬‬
‫انضمت النساء ضمن ‪:‬‬
‫‪-‬جمعيات خيرية‪.‬‬
‫‪-‬جمعيات تابعة لألحزاب‪ :‬والتي تسعى من خاللها إلى التغلغل داخل املجتمع‪ ،‬واستقطاب‬
‫عدد أكبر من املناصرين‪.‬‬
‫‪ -‬هيئات نسائية التابعة للمنظمات املهنية‪ :‬مثل لجنة املرأة في نقابة املحامين أو األطباء‪،‬‬
‫لجنة املرأة في الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق اإلنسان‪ ......‬الخ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫و قد أدت الجمعيات النسائية دورا مركزيا في التأطير والتحسيس والتعبئة‪ ،‬لنشر ثقافة‬
‫املساواة بين الجنسين‪ ،‬وجعلها في أجندة صانعي القرار ووضع الجميع أحزابا وحكومة أمام التحدي‬
‫القاض ي‬
‫باتخاذ موقف في ما يتعلق بتعديل قانون األسرة سنة ‪ )1(2005‬ومختلف التشريعات‬
‫الوطنية التمييزية‪.‬‬
‫كما برزت الحركة في عملها على النهوض باملشاركة النسائية في تدبير الشأن العام‬
‫واعتماد مقاربة النوع في السياسات العامة واتخاذ تدابير قانونية وسياسية مناهضة للعنف ضد‬
‫النساء‪ ،‬وباالنضمام إلى االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان ورفع التحفظات التي وضعت على‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫العديد منها‪. ..‬الخ (‪ ، )2‬كما كان انضمام الحركة النسائية إلى الشبكات الدولية أيضا عامال‬
‫ً‬
‫مساعدا في تعبئة الرأي العام الدولي والداخلي لصالح قضايا النساء‪ ..‬و تمثلت استراتيجية الحركة‬
‫النسائية الجزائرية من خالل الجمعيات في االعتماد على‪:‬‬
‫‪-‬املنهجية االستباقية القائمة على مذكرات أعدتها ً‬
‫بناء على دراسات علمية‪.‬‬
‫‪-‬الترافع بناء على طرح اقتراحات وتصورات ملا ينبغي اتخاذه من تدابير إلحداث التغيير‬
‫املنشود‪.‬‬
‫‪-‬إعداد استراتيجيات موازية للمناصرة من خالل التعبئة العامة ‪.‬‬
‫‪-‬العمل على خلق شبكات‪ ،‬ليس فقط مع على الجمعيات النسائية الحاملة لنفس املشروع‪،‬‬

‫‪ - 1‬ففي سنة ‪1979‬بدأت مظاهرات النساء أمام املجلس الشعبي الوطني ضد تبني وإقرار مشروع قانون األسرة‪ ،‬وفي‬
‫‪ ،1979/03/08‬تم تشكيل أول جمعية مستقلة للنساء)‪LE Collectif des femmes indépendantes de () CFIU‬‬
‫‪ ،)l’université d’ ALGER‬وفي ديسمبر ‪ 1981‬نشر البيان األول للنساء بخصوص قانون األسرة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬رفعت الجزائر تحفظها على اتفاقية سيداو بموجب املرسوم الرئاس ي ‪ 426-08‬املؤرخ في ‪ 28‬دیسمبر ‪،2008‬‬
‫الجريدة الرسمية رقم ‪ 05‬ل‪ 21‬يناير ‪.2009‬‬
‫‪115‬‬
‫بل كل تنظيمات املجتمع املدني (مثل تحالف الحركة مع التنسيقية الوطنية للزوايا)‪.‬‬
‫‪ -‬استخدام الخطابات لبناء الذات النسائية الطامحة للتغيير‪ ،‬من خالل التركيز على‬
‫تحديد املفاهيم‪،‬‬
‫وتقسيم األدوار داخل املجتمع بناء على القدرات واملهارات ال على أساس الجنس‪.‬‬
‫‪-‬اعتمادها على مؤسسات إعالمية بهدف تنظيم حمالتها التحسيسية والتعبوية‪،‬‬
‫واستعمالها منصات التواصل االجتماعي ‪.‬‬
‫‪-‬دور الجامعة في التأثير على الحركة النسائية‪ ،‬ونشير هنا إلى العالقة غير التبادلية بين‬
‫الجامعة‬
‫والحركة النسائية املركزية‪( ،‬االتحاد العام للنساء الجزائريات)‪ ،‬فهذه الحركة بقيت منغلقة‬
‫على نفسها في ما يخص التصريح باإلحصائيات التي قد يحتاج إليها الباحث في قيامه بدراساته حول‬
‫موضوع املرأة‪ ،‬كما أنها ال تقوم بنشر أبحاثها ودراساتها‪.‬‬
‫ويوضح الجدول التالي بعض املواضيع التي تعنى بها بعض الجمعيات النسائية‪ ،‬من أجل‬
‫دعم تواجد املرأة و مشاركتها السياسية‪)1(.‬‬

‫بناء القدرات‬ ‫في التثقيف املدني توعية بحقوق املرأة‬ ‫التأثير‬


‫و القيادات‬ ‫و أهميتها‬ ‫السياسة‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫جمعية نساء في إتصال‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫جمعية حماية وترقية‬
‫حقوق املرأة‬
‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫جمعية تجمع النساء‬
‫الديمقراطيات‬
‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫الجمعية النسائية للترقية ‪1‬‬
‫وممارسة املواطنة‬

‫‪- 1‬الجدول من إعداد الدكتورة بناء على معلومات أدلى بها رئيسات الجمعيات عينات الدراسة بناء على مقابلة‬
‫رسمية بتاريخ ‪2019 /05/ 11‬‬
‫‪116‬‬
‫جدول (‪ ) 1‬يبين نشاط بعض الجمعيات النسائية حسب متغير املوضوع خالل سنة ‪2018‬‬
‫ما يالحظ هو إهتمام هذه الجمعيات النسائية بتوعية وتثقيف املرأة في القضايا‬
‫السياسية‪ ،‬وحقوقها‬
‫ومحاولة بناء قيادات‪.‬‬
‫وهذا الجدول يوضح الطرق التي تعتمدها بعض الجمعيات لتوعية وتثقيف املرأة سياسيا‬
‫الذي يكون إما من خالل محاضرات أو أيام دراسية‪)1(.‬‬
‫دورات‬ ‫ملتقيات‬ ‫أيام دراسية‬ ‫محاضرات‬
‫تكوينية‬
‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫جمعية نساء في إتصال‬
‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫جمعية حماية وترقية حقوق املرأة‬
‫‪2‬‬ ‫جمعية تجمع النساء الديمقراطيات‬
‫‪1‬‬ ‫الجمعية النسائية للترقية وممارسة ‪2‬‬
‫املواطنة‬

‫جدول (‪ )2‬يبين نشاط الجمعيات عينة الدراسة حسب متغير املضمون خالل سنة‬
‫‪.2018‬‬
‫وفيما يلي جدول يوضح مضمون والطريقة التي تريد من خاللها بعض الجمعيات إدماج‬
‫املرأة في العمل واملشاركة السياسية بإعتمادها برامج في هذا الخصوص‪)2(.‬‬

‫‪--‬الجدول من إعداد الدكتورة بناء على معلومات أدلى بها رئيسات الجمعيات عينات الدراسة بناء على مقابلة‬
‫رسمية بتاريخ ‪20191 /05/ 11‬‬
‫‪--‬الجدول من إعداد الدكتورة بناء على معلومات أدلى بها رئيسات الجمعيات عينات الدراسة بناء على مقابلة‬
‫رسمية بتاريخ ‪2.2019 /05/ 11‬‬
‫‪117‬‬
‫البرامج املعتمدة‬ ‫إسم الجمعية‬ ‫الرقم‬
‫‪-‬تطوير نوعية النقاش حول املرأة محور‬
‫الديمقراطية‪.‬‬
‫‪-‬تعديل قانون اإلعالم ركيزة لتطوير ااملجتتمع‬ ‫جمعية نساء في إتصال‬ ‫‪1‬‬
‫املدني‪.‬‬
‫‪-‬أبعاد املشاركة النسوية في التصويت‪.‬‬
‫‪-‬املجتمع املدني واإلنتخابات‬
‫‪-‬الحقوق األساسية للمرأة في التشريع‪.‬‬ ‫جمعية حماية وترقية حقوق املرأة‬ ‫‪2‬‬
‫‪-‬التصويت ‪ :‬حق وشرف‪.‬‬
‫‪-‬ال ديمقراطية بدون املرأة‪.‬‬
‫‪-‬إقصاء املرأة يغذي الالديمقراطية وثقافة‬ ‫جمعية تجمع النساء الديمقراطيات‬ ‫‪3‬‬
‫الالسلم‬
‫‪-‬من أجل مواطنة كاملة‬ ‫الجمعية النسائية للترقية وممارسة املواطنة‬ ‫‪4‬‬
‫‪-‬التوعية القانونية للنساء‬
‫‪-‬املواطنة وآفاقها املستقبلية‪.‬‬
‫‪-‬دمج بعد النوع االجتماعي في التنمية‬
‫جدول (‪ ) 3‬يبن اإلستراتجيات املعتمدة من قبل بعض الجمعيات(من خالل أنظمتها‬
‫الداخلية) من أجل دفع تواجد املرأة في املجال السياس ي‬
‫تحليل الجداول‪:‬‬
‫إن فلسفة االهتمام بتكوين وتدريب املرأة سياسيا من أجل أداء أفضل‪ ،‬هو اختيار‬
‫جديد بالنسبة لعدة جمعيات‪ ،‬لكنه ال يمثل الشغل الشاغل لكل الجمعيات النسوية‪ ،‬وهو ما‬
‫توضحه قلة البرامج التكوينية باملقارنة مع عدد املحاضرات واأليام الدراسية‪ ،‬فهذه الجمعيات ال‬
‫تملك بالقدر الكافي البرامج التكوينية الحديثة التي تضمن الكفاءة العالية‪ ،‬كما يدل أيضا على‬
‫صعوبة تركيز االهتمام في الظروف الحالية على مسألة التوجيه وبناء قوة املرأة علميا‪ ،‬مما يعكس‬
‫صعوبة األداء السياس ي بالنسبة للنساء‪)1(.‬األمر الذي يبين مدى الحاجة إلى تطوير أسلوب‬

‫‪- 1‬ترجع السيدة خديجة دريس ي رئيسة جمعية "نساء في اتصال"أن سبب عدم القيام بدورات تكوينية‪ ،‬هو‬
‫املصاريف الكبرى التي تطلبها‪ ،‬علما أن قانون الجمعيات يمنع أخذ أموال من أطراف أجنبية‪ ،‬وبالتالي في ظل نقص‬
‫موارد الجمعية تضطر إلى إلغاء الدورات التكوينية‪.‬‬
‫‪118‬‬
‫املشاركة في املجال السياس ي أي أسلوب اتخاذ القرار والقيادة وفق منهج علمي‪.‬‬
‫‪-‬أما عن تواجدها ضمن األحزاب السياسية‪ :‬نجد أن القانون العضوي رقم ‪ 12-04‬املتعلق‬
‫باألحزاب السیاسیة (‪ )1‬أضاف الجدید في هذا املجال‪ ،‬بوجوبیة تواجد تمثیل املرأة على كل‬
‫املستویات ومراحل تأسيس الحزب‪ ،‬من أجل القضاء على الالمساواة الواقعیة بين الرجل واملرأة في‬
‫ممارسة هذه الحریة ‪:‬‬
‫‪ -1‬بالنسبة لالنخراط في األحزاب‪ :‬تؤكد الفقرة األولى من نص املادة ‪ 10‬من القانون املشار‬
‫إليه‪،‬‬
‫أنه یمكن لكل جزائري وجزائریة بلغا سن الرشد القانوني االنخراط في حزب سیاس ي واحد‪.‬‬
‫‪ -2‬بالنسبة ملرحلة التصریح بتأسیس الحزب السیاس ي‪ :‬فقد نصت املادة ‪ 17‬على الشروط‬
‫الواجب توفرها في األعضاء املؤسسين لحزب سیاس ي‪ ،‬ويــجب أن ت ـكــون ضــمن األع ـضــاء املـؤســسين‬
‫ن ـس ـبـة ممثلة من النساء‪.‬‬
‫‪-3‬بالنسبة للمؤتمر التأسیس ي للحزب‪ :‬تفرض املادة ‪ / 24‬الفقرة األخيرة من القانون نسبة‬
‫من النساء ضمن املؤتمرین الذین یجتمعون على تحدید أدق وأهم تفاصیل الحزب السیاس ي‬
‫وهیئاته ‪.‬كما أوجبت املادة ‪ 41‬تمثیل النساء في الهیئات القیادیة للحزب‪ .‬و فما يخص واقع تواجد‬
‫املرأة في األحزاب السياسية‪ ،‬فهو ما حاولنا الوقوف عليه بإجراء الدراسة التالية‪:‬‬
‫عدد‬ ‫الجهاز‬ ‫جهاز‬ ‫األحزاب‬
‫النساء في البرملان‬ ‫التنفيذي‬ ‫املداوالت‬
‫الحالي‬
‫‪161/50‬‬ ‫‪33/5‬‬ ‫‪%32.81‬‬ ‫جبهة التحرير الوطني‬
‫‪100/32‬‬ ‫‪20/03‬‬ ‫‪%25.66‬‬ ‫التجمع الوطني الديمقراطي‬
‫‪34/6‬‬ ‫‪15/02‬‬ ‫‪%18‬‬ ‫حركة مجتمع السلم‬
‫‪11/4‬‬ ‫‪31/15‬‬ ‫‪%38‬‬ ‫حزب العمال‬
‫‪9/3‬‬ ‫‪24/02‬‬ ‫‪%9.8‬‬ ‫التجمع من أحل الثقافة‬
‫الديمقراطية‬
‫‪14/3‬‬ ‫‪20/04‬‬ ‫‪%4.96‬‬ ‫جبهة القوى االشتراكية‬

‫‪- 1‬القانون ‪ 04-12‬املؤرخ في‪ 12‬يناير ‪ 2012‬املتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 02‬ل ‪15‬يناير‬
‫‪.2012‬‬
‫‪119‬‬
‫جدول(‪ ) 1‬يوضح واقع إدماج املرأة في األحزاب السياسية إلى غاية آخر مؤتمر عادي لها‪)*(.‬‬
‫نالحظ أن بعض األحزاب السياسية‪ ،‬تعمل وفق آليات جديدة تضمن تدعيم النساء‪ ،‬فقد‬
‫أدمجت مسألة ترشيح النساء في القوائم املقدمة في تشريعيات ‪ ،2017‬تحت ضغط الخوف من‬
‫رفض القوائم‪ ،‬لكن بالرغم من نظام الكوطة بعض األحزاب لم تقم بإدماج املرأة في أجهزتها‬
‫القيادية‪ ،‬كما أن النتائج لم تحقق الغاية منه ‪.‬‬
‫و رغم تزايد عدد األحزاب املشاركة في االستحقاقات املتتالية‪ ،‬إال أن عدد تواجد املرأة في‬
‫البرملان ال يعكس تواجدها إال إبتداءا من ‪ ،2012‬وهو ما يبينه الجدول التالي‪:‬‬

‫عدد النساء املنتخبات في‬ ‫عدد األحزاب املشاركة‬ ‫سنة االنتخابات التشريعية‬
‫البرملان‬
‫‪195/0‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪1991‬‬
‫‪389/12‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪1997‬‬
‫‪389/27‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪2002‬‬
‫‪389/31‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪462/146‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪2012‬‬
‫‪462/120‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪2017‬‬
‫جدول(‪ ) 2‬يبين األحزاب املشاركة في التشريعيات املختلفة و عدد النساء املنتخبات(*)‬
‫يوضح( الجدول ‪ )3‬الجهود املبذولة من طرف األحزاب من أجل اعتماد برامج تدعم و تطور‬
‫دور املرأة تماشيا مع مستلزمات التحوالت الديمقراطية‪ ،‬لكن واقعيا‪ ،‬يبدو أن بعض األحزاب قد‬
‫اتخذت مواقف غير رشيدة باملقارنة مع ما تنص عليه برامجها‪.‬‬

‫اسم البرنامج‬ ‫اسم الحزب‬ ‫الرقم‬


‫‪-‬برنامج التكفل بالقيادات النسوية الشابة‪.‬‬ ‫جبهة التحرير الوطني‬ ‫‪1‬‬
‫‪-‬برنامج املواطنات والعملية االنتخابية‪.‬‬
‫‪-‬تدريب املرشحات دعم لسياسة الحزب‬
‫‪-‬مشاركة املرأة في االنتخابات ‪ :‬ثقة وثقافة‪.‬‬ ‫التجمع الوطني الديمقراطي‬ ‫‪2‬‬
‫‪-‬مهارات املرشحات بناء لديمقراطية التجمع‪.‬‬
‫‪120‬‬
‫‪-‬االرتقاء بمشاركة البرملانيات‬
‫‪-‬املشاركة الفاعلة في االنتخاب دعم للسلم واألمن‪.‬‬ ‫حركة مجتمع السلم‬ ‫‪3‬‬
‫‪-‬املجتمع املدني ‪ :‬أصالة وتحديث‪.‬‬
‫‪-‬التأثير في السياسة من أجل املصالح واالهتمامات‬
‫الشعبية‬
‫‪-‬واجب االنتخاب ضد العنف الالتسامح والالعدالة‪.‬‬ ‫حزب العمال‬ ‫‪4‬‬
‫‪-‬ترقية املرأة وتدعيم املساواة في الحقوق الساسية‪.‬‬
‫‪-‬التصويت حق واجب ومسؤولية‪.‬‬ ‫جبهة القوى االشتراكية‬ ‫‪5‬‬
‫‪-‬املسؤولية الوطنية للمرشحات‪.‬‬
‫الثقافة ‪-‬صوت املرأة أساس مدنية سليمة‪.‬‬ ‫أحل‬ ‫التجمع من‬ ‫‪6‬‬
‫‪-‬بناء القدرات السياسية للمرشحات ضمان للمستقبل‪.‬‬ ‫الديمقراطية‬

‫جدول (‪ ) 3‬يبن االستراتجيات املعتمدة من قبل بعض األحزاب من أجل دفع تواجد املرأة‬
‫في املجال السياس ي(*)(‪)1‬‬
‫يبرر بعض قيادييها أنه "ال يجب االستثمار من أجل ترشيحات مردوديتها غير مضمونة‪،‬‬
‫ففي مثل هذه العمليات االنتخابية األساسية في مسار كل حزب‪ ،‬يؤخذ بعين االعتبار القرار الذي‬
‫يحقق رضا متخذيه داخل الحزب‪ ،‬فبعد التفكير في كل االفتراضات والبدائل املمكنة‪ ،‬يتخذ القرار‬
‫الذي يساعد في بناء نموذج واقعي من وجهة نظر قيادة الحزب‪ ،‬وعليه كثيرا ما توضع قرارات‬
‫الحزب بشأن ترشيح النساء تحت املجهر‪ ،‬إذ تؤهل حسب رأيه الرجال أكثر من النساء (‪ .)2‬ويرجع‬
‫السبب في نظرهم إلى ضعف درجة تحمل الصعوبات واملثابرة والعطاء لدى النساء بسبب‬
‫االلتزامات العائلية وغيرها‪.‬‬

‫‪- 1‬الجداول (*)‪ ، 1،2،3‬من إعداد الدكتورة إعتمادا على النتائج املصرح بها ألعضاء قياديين في األحزاب عينة‬
‫الدراسة‪.‬‬
‫‪ - 2‬جاء هذا على لسان السيد شهاب صديق الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي‪ ،‬من خالل مقابلة‬
‫أجريناها معه‪ ،‬بتاريخ ‪.2019 /05/10‬‬
‫‪121‬‬
‫املبحث الثاني ‪:‬تأثري احلراك االجتماعي للمرأة اجلزائرية على متكينها السياسي‬
‫الفعلي‪.‬‬
‫التمكين السياس ي هو عملية مركبة تتطلب تبني سياسات وإجراءات وهياكل مؤسسية‬
‫وقانونية‪ ،‬بهدف‬
‫التغلب على أشكال عدم املساواة وضمان الفرص املتكافئة لألفراد في استخدام موارد‬
‫املجتمع وفي املشاركة السياسية (‪ .)1‬ويهدف التمكين السياس ي إلى القضاء على ثالثة نواقص‪ :‬نقص‬
‫الحريات‪ ،‬نقص املعرفة‪ ،‬وإزالة التناقض البنيوي الوظيفي الذي يعاني منه التشريع‪ ،‬و هذا‬
‫املجال‪ ،‬كان محور نضال الحركة النسائية بعد خروج الجزائر من العشرية السوداء‪ .‬وتعتبر‬
‫تعديالت قانوني الجنسية واألسرة في ‪ ،2005‬أهم االستحقاقات التي حصلت عليها النساء بهدف‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ترقيتهن سياسيا واجتماعيا وإنسانيا‪ ،‬وتحققت مكاسب أكثر بعد تعديل الدستور عام ‪،2008‬‬
‫الذي جاءت مادته ‪ 31‬كمنحة من الرئيس‪.‬‬
‫وعلى إثر الحراك الذي شهده الشارع الجزائري في سنة ‪ ،)2( 2011‬املتزامن مع بداية‬
‫أحداث "الربيع العربي"‪ ،‬أعلنت السلطة إجراء إصالحات سياسية‪ ،‬والتي برز فيها مجددا دور‬
‫الحركة النسائية من خالل املشاورات واالقتراحات التي تقدمت بها لتعديل الدستور سنة ‪.2016‬‬
‫(مطلب أول)‬
‫هذا وسجلت املرأة الجزائرية منذ انطالق الحراك الشعبي لسنة ‪ ،2019‬حضورا قويا في‬
‫مختلف املسيرات السلمية‪ ،‬مكسرة طابو الخوف من التظاهر املمنوع مند ‪ ،2001‬معلنة خروجها‬
‫من قاعات الخطب واملحاضرات‪ ،‬إلى املمارسة السياسية في الصفوف األولى بالشارع‪ ،‬للمطالبة‬
‫بحقوقها وأداء واجبها الوطني‪ ،‬بعيدا عن استغاللها كورقة انتخابية‪(.‬مطلب ثاني)‬
‫املطلب األول‪:‬احلراك االجتماعي للمرأة اجلزائرية بني الكوطة واملناصفة‬
‫أمام ضعف تمثيلية املرأة في املجالس التشريعية واملحلية‪ ،‬ابتدعت العديد من الدول‬

‫‪ - 1‬منيرة سالمي‪،‬يوسف قريش ي‪"،‬املقاوالتية النسوية في الجزائر واقع اإلنشاء وتحديات مناخ األعمال"‪ ،‬مجلة أداء‬
‫املؤسسات الجزائرية‪ ،‬صادرة عن مخبر أداء املؤسسات و االقتصاديات في ظل العوملة لجامعة قاصدي مرباح‬
‫ورقلة‪ ،‬العدد‪ ،5‬الجزائر‪،2014 ،‬ص‪.19‬‬
‫‪- 2‬خرج مئات الجزائريين في مظاهرات شعبية بالعاصمة ومدن أخرى في يناير ‪ ،2011‬محتجين على ارتفاع أسعار‬
‫املواد الغذائية‪ ،‬وانتقلت موجة االحتجاجات إلى مختلف املدن الجزائرية‪ ،‬خرج الرئيس على إثر ذلك في ‪ 15‬أبريل‪،‬‬
‫بخطاب إلى الشعب وعده فيه بإصالحات عميقة بدأها برفع حالة الطوارئ‪.‬‬
‫‪122‬‬
‫منذ عدة عقود خلت تقنية الحصص أو "الكوتا (‪ ،)1‬وهو ما تبناه املشرع بالقانون العضوي ‪-12‬‬
‫‪ 03‬املحدد لكيفيات توسيع حظوظ تمثيل املرأة في املجالس املنتخبة‪ ،‬الذي جاء تطبيقا للمادة‬
‫‪31‬مكرر من التعديل الدستوري لسنة ‪ :"2008‬تعمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية للمرأة‬
‫ّ‬
‫بتوسيع حظوظ تمثيلها في املجالس املنتخبة‪ .‬وينص هذا القانون العضوي على أن أال يقل عدد‬
‫حرة أو مقدمة من حزب‪ ،‬عن النسب املحددة فيه وفقا لعدد‬ ‫النساء في كل قائمة ترشيحات‪ّ ،‬‬
‫مقاعد كل والية‪ .‬الحكم الجوهري لهذا القانون يتمثل في معاقبة القوائم التي ال تحترم النسب‬
‫املنصوص عليها فيه برفضها‪(.‬مادته ‪)5‬‬
‫وقد كان لهذه التعديالت األثر الواضح في تطور نسبة ترشحها على مستوى املجلس الشعبي‬
‫الوطني‪ ،‬وهو ما وضحناه من خالل الجدول التالي‪)2( :‬‬
‫النسبة املئوية‬ ‫عدد النساء‬ ‫الهيئة‬
‫‪% 05.07‬‬ ‫‪197/ 10‬‬ ‫املجلس التأسيس ي لسنة ‪1962‬‬
‫‪%1.47‬‬ ‫‪136/ 2‬‬ ‫املجلس الوطني لسنة ‪1963‬‬
‫‪%1.57‬‬ ‫‪128/ 2‬‬ ‫املجلس الوطني لسنة ‪1964‬‬
‫‪%12.9‬‬ ‫‪77/10‬‬ ‫املجلس الوطني لسنة ‪1980‬‬
‫‪%8.04‬‬ ‫‪87/ 7‬‬ ‫املجلس الوطني لسنة ‪1985‬‬
‫‪%2.37‬‬ ‫‪295/ 7‬‬ ‫املجلس الوطني لسنة ‪1987‬‬
‫‪%12,7‬‬ ‫‪94/ 12‬‬ ‫املجلس الوطني لسنة ‪1990‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫املجلس االنتقالي لسنة ‪1992‬‬
‫‪% 3.15‬‬ ‫‪178/ 12‬‬ ‫املجلس اإلستشاري لسنة ‪1994‬‬
‫‪%3,68‬‬ ‫‪380/14‬‬ ‫املجلس الشعبي الوطني لسنة‪1997‬‬
‫‪%6.42‬‬ ‫‪389/25‬‬ ‫املجلس الشعبي الوطني لسنة ‪2002‬‬
‫‪%7.71‬‬ ‫‪389/31‬‬ ‫املجلس الشعبي الوطني لسنة ‪2007‬‬
‫‪%31.38‬‬ ‫‪462/146‬‬ ‫املجلس الشعبي الوطني لسنة ‪2012‬‬
‫‪%25,98‬‬ ‫‪462/120‬‬ ‫املجلس الشعبي الوطني لسنة‪2017‬‬

‫‪ - 1‬عمار عباس؛ نصر الدين بن طيفور‪" ،‬توسيع حظوظ مشاركة املرأة الجزائرية في املجالس املنتخبة أو تحقيق‬
‫املساواة عن طريق التمييز االيجابي"‪ ،‬مجلة األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية"‪ ،‬العدد ‪،10‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،2013‬ص ‪.95-86‬‬
‫‪- 2‬الجدول من إعداد الدكتورة إنطالقا من معطيات عدد النساء في الدورات التشريعية املختلفة املنشورة في موقع‬
‫املجلس الشعبي الوطني‪.‬‬
‫‪123‬‬
‫‪35‬‬ ‫‪31,52‬‬
‫‪30‬‬ ‫‪25,98‬‬
‫‪25‬‬
‫‪20‬‬
‫‪15‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪6,2‬‬ ‫‪7,7‬‬
‫‪2,9‬‬
‫‪5‬‬
‫‪0‬‬
‫‪2002-‬‬ ‫‪2007-‬‬ ‫‪2012-‬‬ ‫‪2017-‬‬
‫‪2007‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫‪2022‬‬

‫تمثيل بياني يعكس نتائج الجدول ابتداء من أول انتخابات تشريعية تعددية‪)1(.‬‬
‫و لكن وبخالف ذلك يقص ي هذا القانون من مجاله التطبيقي مجلس األمة‪ ،‬وهو ما‬
‫مثلناه‪:‬‬
‫‪10‬‬
‫‪9‬‬
‫‪8‬‬
‫‪7‬‬
‫‪6‬‬
‫‪5‬‬
‫‪4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪1‬‬
‫‪0‬‬

‫منحنى بياني خاص بولوج املرأة إلى مجلس األمة ابتداء من عهدة ‪ 2002-1997‬إلى غاية‬

‫‪ - 1‬الرسم البياني من إعداد الدكتورة انطالقا من معطيات عدد النساء في الدورات التشريعية املختلفة املنشورة في‬
‫موقع املجلس الشعبي الوطني‪.‬‬
‫‪124‬‬
‫التعديل الجزئي ل ‪)1(2018/12/28‬‬

‫باإلضافة لذلك كان الحضور املحتشم للمرأة الجزائرية واملتسبب في غياب الديمقراطية‬
‫التشاركية في الجزائر‪ ،‬من األسباب التي دفعت الحركة النسائية لتقديم مقترح "نظام املناصفة" في‬
‫إطار املشاورات املتعلقة بإثراء الدستور‪ .‬وبالفعل حظيت املرأة في دستور ‪ 2016‬بوضعية متميزة‪،‬‬
‫ومنظومة متكاملة بين الحقوق والواجبات (‪ )2‬خاصة بإضافة املادة‪ ":36‬تعمل الدولة على ترقية‬
‫التناصف بين الرجال والنساء في سوق التشغيل‪ .‬تشجع الدولة ترقية املرأة في مناصب املسؤولية‬
‫في الهيئات واإلدارات العمومية وعلى مستوى املؤسسات‪".‬‬
‫وبالرغم من أن نظام املناصفة لن يطبق في مجال االنتخابات املختلفة‪ ،‬لكنه سيكون‬
‫غاية تعمل الدولة من أجل إزالة العقبات التي تعيق تواجد املرأة في املجاالت املختلفة‪ ،‬فهي آلية‬
‫لدفع التحيز املمارس ضد املرأة للولوج لبعض املهن(‪.)3‬‬
‫فمن خالل اإلطالع على نتائج التقرير املعد من طرف الديوان الوطني لإلحصاء رقم ‪840‬‬
‫ٌ‬
‫لديسمبر ‪ 2018‬حول النشاط االقتصادي‪ ،‬بلغ حجم السكان الناشطين اقتصاديا ‪12463000‬‬
‫نسمة‪ ،‬منهم نسبة ‪ ٪ 19,5‬نساء (‪ )4(.)2435000‬وبالنسبة لطبيعة تواجد املرأة في مجاالت‬
‫النشاط التي عرفت تحسنا كبيرا خالل هذه السنة فحاولنا تبيينه من خالل الجدول التالي‪)5(:‬‬

‫‪ - 1‬املخطط لبياني من إعداد الدكتورة انطالقا من معطيات عدد النساء في الدورات التشريعية املختلفة املنشورة‬
‫في موقع ا مجلس االمة‪.‬‬
‫‪- 2‬رمضاني فاطمة الزهراء‪" ،‬دراسة حول جديد التعديالت الدستورية في الجزائر‪ ،"2016‬دار الناشر الجديد‬
‫الجامعي‪ ،‬الجزائر‪ ،2016 ،‬ص‪.26‬‬
‫‪ - 3‬رمضاني فاطمة الزهراء‪" ،‬التمكين االقتصادي للمرأة الجزائرية وفقا للتعديل الدستوري ‪ ،"2016‬مجلة‬
‫املجلس الدستوري‪ ،‬رقم ‪ ،07‬الجزائر‪ ،2016،‬ص‪ ،210‬و أيضا‪Eléonore LEPINARD, L’égalité introuvable : :‬‬
‫‪parité, les féministes et la république, édition Presses de sciences, Paris, 2007. la‬‬
‫‪ - 4‬التقرير منشور على املوقع‪:‬‬
‫‪http://www.ons.dz/IMG/emploi‬‬
‫‪- 5‬الجدول من إعداد الدكتورة إنطالقا من تقرير الديوان الوطني لإلحصاء رقم ‪ 840‬لديسمبر ‪ 2018‬حول النشاط‬
‫االقتصادي‬
‫‪125‬‬
‫عدد النساء‬ ‫طبيعة نشاط املرأة خالل سنة ‪2018‬‬
‫‪1961‬‬ ‫عامالت حرات‬
‫‪1025‬‬ ‫موظفات دائمات‬
‫‪483‬‬ ‫موظفات غير دائمات و مساعدات‬
‫النساء العامالت املستحقات للمساعدة ‪57‬‬
‫االجتماعية‬
‫‪474‬‬
‫‪13.1٪‬‬ ‫دون مستوى تعليمي‬
‫‪٪19.1‬‬ ‫شهادة تكوين منهي‬ ‫البطاالت‬

‫وفيما يلي جدول يبين وجود النساء في الوظيف العمومي حسب السن(‪)1‬‬
‫النسبة املئوية‪٪‬‬ ‫السن‬
‫‪٪8.9‬‬ ‫من ‪15‬سنة و أكثر‬
‫‪٪16.4‬‬ ‫من ‪24-19‬سنة‬
‫‪٪19.1‬‬ ‫‪34-25‬سنة‬
‫‪٪30.6‬‬ ‫‪54-35‬سنة‬
‫‪٪6.5‬‬ ‫‪64-55‬سنة‬
‫‪٪0.7‬‬ ‫أكبر من ‪60‬سنة‬
‫يمكننا أن نحلل سبب ضعف تواجد النساء األقل من ‪24‬سنة‪ ،‬إلى كون هذه املرحلة عادة‬
‫ما تكون فيها املرأة متمدرسة أو جامعية‪ ،‬وعليه فنسبة تواجدها قليلة‪ ،‬بينما تزداد هذه النسبة‬
‫من سن ‪25‬سنة إلى غاية ‪54‬سنة وهي الفترة التي عادة ما تكون فيها املرأة متخرجة من الجامعة إلى‬
‫غاية وصول سن التقاعد النسبي الذي يحدد ب ‪55‬سنة‪ ،‬أما بعد هذا السن فيقل معدل تواجد‬

‫‪ - 1‬الجدول من إعداد الدكتورة انطالقا من تقرير الديوان الوطني لإلحصاء رقم ‪ 840‬لديسمبر ‪ 2018‬حول النشاط‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫‪126‬‬
‫املرأة في الوظائف‪.‬‬
‫من خالل العديد من الدراسات نالحظ أن نظام املناصفة أستطاع أن يوفق النساء‬
‫للوصول لبعض املهن التي حرمت منها سواء بالنسبة للقطاع الخاص أو العام‪.‬‬
‫املطلب الثاني ‪:‬حراك ‪ 2019‬وتصاحل املرأة مع السياسة‪:‬‬
‫يتعلق األمر في هذه الجزئية بحرية ال تقل أهمية عن ممارسة املرأة لحقها في التجمع من‬
‫خالل حريتها في التظاهر السلمي‪ ،‬و املقصود بها است ــخدام الطريـق العـام مـن قب ــل عـ ـ ـ ــدد من‬
‫األشخاص‪ ،‬إما بطريقة متحركة أو ثابتة‪ ،‬بقصد التعبير بطريقة جماعية وعلنيـة‪ ،‬مـن خـالل‬
‫حضورهم وعددهم‪ ،‬ومواقفهم‪ ،‬وهتافاهم‪ ،‬عن رأي وإرادة مشترك‪ ،‬وبخالف االجتمـاع العمـومي‬
‫فـإن املظـاهرة ال تقتـض ي نقاشـا وال تبـادل أفكـار‪ ،‬وإنمـا تهدف إلى التعبير عن رفض لرأي أو ملوقف‬
‫سياسـي أو قـرار سياسـي‪ ،‬أو تعبــر عـن رض ـ ـ ــاء أو قبول لذلك الرأي أو املوقف أو القرار ‪ )1(.‬وقـد‬
‫نظــم املـشرع الجزائــري هـذه الحريــة في القـانون ‪28-89‬املتعلــق باالجتماعـات العموميــة‬
‫واملظـاهرات‪)2(.‬‬
‫لقد ساهم الحراك الشعبي في كسر جدار الخوف لدى الجزائريين‪ ،‬إذ تمكنوا من ممارسة‬
‫حرية‪،‬‬
‫طاملا حرموا منها بفعل األحداث األمنية املتعاقبة التي عرفتها الجزائر ابتداء من سنة‬
‫‪ )3(،1991‬ال سيما بعد إقرار حالة الطوارئ بموجب املرسوم ‪ 44 - 92‬الذي يعطي الحق لوزير‬
‫الداخلية بفرض إغالق األماكن العامة و حظر أي تجمع أو تظاهرة (‪ .)4‬وبموجب قرار رئيس‬
‫الحكومة الصادر في ‪ 18‬يونيو‪ ،2001‬تم حظر أي مسيرة سلمية أو تظاهرة بالعاصمة الجزائرية(‪)5‬‬
‫‪.‬‬

‫‪- 1‬حسني الجندي‪"،‬جرائم االجتماعات العامة واملظاهرات والتجمهر (دراسة مقارنة)"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪، 2003-2002‬ص ‪.28‬‬
‫‪- 2‬الجريدة الرسمية ‪ 4‬لسنة ‪ ،1989‬املعدل بالقانون رقم ‪ 19 - 91‬الصادر في ‪( 1991‬الجريدة الرسمية رقم ‪) 62‬‬
‫يفرض وجوب تقديم طلب إذن مسبق يتم إيداعه لدى السلطات املعنية قبل ثمانية أيام من التظاهرة أو االجتماع‬
‫املقرر‪.‬‬
‫‪ -3‬املرسوم رقم ‪ 196 - 91‬الصادر في ‪ 5‬يونيو‪ 1991‬ـ‪،‬الجريدة الرسمية ‪29‬لسنة ‪.1991‬‬
‫‪-‬الجريدة الرسمية رقم ‪10‬لسنة‪4.1992‬‬
‫‪ - 5‬قرار ال أثر له في الجريدة الرسمية‪ ،‬تم اتخاذه عقب املسيرة الحاشدة التي نظمت في ‪ 14‬يونيو‪ ،2001‬تم تعميمه‬
‫على أراض ي الجمهورية بمقتض ى السلطة التنظيمية للوالة في مجال الحفاظ على النظام العام‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫مند بدأ الحراك الشعبي في ‪ 22‬فيفري ‪ ،2019‬والنساء الجزائريات بارزات فيه‪ ،‬إذ‬
‫ساهمن في إخراج املمارسة السياسية الشعبية عن الصورة النمطية القديمة‪ ،‬املمتازة باحتكار‬
‫الرجال‪ ،‬وخرجت املرأة للمشاركة في املسيرات الشعبية السلمية‪ ،‬فارضة نفسها كعنصر مهم في‬
‫املجتمع‪ ،‬ال يتجزأ من شعب يقود هذا الحراك‪.‬‬
‫وقد كانت الجمعة الثانية للحراك املصادفة للثامن مارس نقطة انطالق وتحرر للكثير من‬
‫النساء‪ ،‬اللواتي رفعن الراية الوطنية بهتافات رافضة استغاللهن ممن تعودوا ذلك في مختلف‬
‫املناسبات السياسية‪ ،‬ضد االستبداد واملطالبة بالديمقراطية وتحسين األوضاع‪)1( .‬‬
‫ساهم الحراك الذي تشهده البالد‪ ،‬في تغيير تفكير أغلب النساء الجزائريات‪ ،‬فبعد أن كن‬
‫ال يهتممن بالسياسة‪ ،‬ويعتبرنها مجاال مزعجا وثقيال‪ ،‬تحولن إلى سياسيات بامتياز‪ ،‬فال يفوتن‬
‫نشرات األخبار‪ ،‬فيتابعن بدقة كل ما يجري عبر القنوات التلفزيونية‪ ،‬يحضرن للمسيرات‪،‬‬
‫يساهمن في النقاشات السياسية‪ ،‬فقد تمكن من مصالحتهن مع السياسة‪.‬‬
‫خامتة‪:‬‬
‫ال تزال عملية املساواة بين املرأة والرجل في حقوق املواطنة‪ ،‬ومنها الحق في املشاركة‬
‫السياسية‪ ،‬تطرح في الجزائر‪ ،‬وقد حاولنا من خالل هذه الدراسة إجالء بعض الغموض عليها‬
‫وتوضيح ما حققته املرأة الجزائرية في املجال السياس ي‪ .‬فصحيح أن املؤسس اعترف من خالل‬
‫الدساتير املتتالية والقوانين بحق املرأة في الترشح واالنتخاب في املجالس النيابية‪ ،‬وتقلد الوظائف‬
‫العامة بما يحقق املساواة النظرية‪ ،‬لكن ذلك لم يكن إيمانا من السلطة بدورها الراسخ في الحياة‬
‫السياسية ‪ ،‬بل جزءا من إستراتيجية سياسية إلضفاء الشرعية على النظام‪ .‬فقد وضعت مواطنة‬
‫النساء في خدمة املصالح السياسية املتغيرة للدولة‪ ،‬ولنأخذ التعديل الدستوري لسنة ‪2008‬‬
‫املتزامن مع اإلنتخابات الرئاسية كمثال‪ ،‬فقد نص على توسيع املشاركة السياسية للمرأة في‬
‫املجالس املنتخبة‪ ،‬لكن في املقابل لم نلمسه في التجديد النصفي ألعضاء مجلس األمة‪ .‬ونفس‬
‫املالحظة بالنسبة لتبني نظام املناصفة‪ ،‬في سنة ‪،2016‬الذي هدف إلى منح جرعة للنظام‬
‫السياس ي‪ ،‬إذ لم يتخذ أي قانون إل ى غاية اليوم لتنفيذه‪ ،‬باستثناء بعض التعليمات املوجهة إلى‬
‫اإلدارات العامة‪ ،‬أو بعض الحوافز املالية للمؤسسات االقتصادية املدمجة للنساء‪ ،‬كما ساهم‬
‫الحراك الذي تشهده البالد‪ ،‬في كسر الصورة النمطية للمرأة الجزائرية في املساهمة الديمقراطية‪.‬‬

‫‪- 1‬د‪.‬رمضاني فاطمة الزهراء‪"،‬وجهة نظر قانونية حول صياغة دستور مستجيب للحراك"‪ ،‬مقال مقدم للمشاركة‬
‫في امللتقى الوطني "نظرة وحلول دستورية ألزمة النظام السياس ي الجزائري على ضوء الحراك الشعبي"‪،‬كلية الحقوق‬
‫لجامعة علي لونيس ي البليدة ‪،2‬مخبر الحوكمة والتنمية املستدامة ‪،‬املنعقد في ‪ 30‬مايو ‪ ،2019‬ص‪.13‬‬
‫‪128‬‬
‫وقد كشفت الدراسة عن جملة من الفجوات ‪:‬‬
‫*فإيجابية نظام الحصص يقابله تدني مستوى وكفاءة املرأة املنتخبة املقدمة في‬
‫التشريعيات‪.‬‬
‫*اعتماد نظام املناصفة لدعم وتشجيع تواجد املرأة في الوظائف‪ ،‬يقابله محدودية في‬
‫تقلد مناصب صنع القرار‪.‬‬
‫*تنامي حضور املرأة في الحركة الجمعوية‪ ،‬يقابله تدني حضورها في الهياكل الحزبية‪.‬‬
‫*تركيز األحزاب اهتمامها باملرأة كناخبة من أجل كسب أصواتها ‪ ،‬يقابله قلة االهتمام بها‬
‫كمرشحة وكمنتخبة‪.‬‬
‫*تركيز األحزاب والجمعيات على التعبئة العامة للنساء‪ ،‬يقابله ضعف في التكوين‬
‫السياس ي للمرأة فيما يخص املهارات القيادية‪.‬‬
‫كما أظهرت املعطيات الواقعية‪ ،‬ضعف تمثيل املرأة الجزائرية في الهياكل التمثيلية (لجان‬
‫البرملان‪ ،‬لجان املجالس البلدية‪ ،) ...‬بسبب عدم إهتمام األحزاب بترشيح املرأة لهذه املهام‪ .‬وبينت‬
‫أيضا حضور املرأة الجزائرية في القضاء‪ ،‬وهو ما يفسر تفوق املرأة في كل املجاالت إذا كان املعيار‬
‫هو الكفاءة‪.‬‬
‫وانتهت للقول أن املرأة الجزائریة لم تتمكن من التمتع الفعلي بحقوقها السیاسیة‪ ،‬التي‬
‫كرستها جهود الدولة الجزائریة‪ ،‬عبر مختلف النصوص‪ ،‬التي ال تعدو أن تكون تزیینیة‪ ،‬بالنظر‬
‫للمعوقات التي تعترض وجودها الفعلي‪.‬‬
‫وهكذا نصل إلى أنه رغم التأكد من صحة الفرضيات ال تي انطلقنا منها‪ ،‬إذ ضمن تعديل‬
‫النصوص القانونية التواجد الفعلي للمرأة من خالل اإلحصائيات الواقعية‪ ،‬ورغم كون بعض‬
‫املمارسات التحيزية واإلقصائية لتواجد املرأة في بعض املجاالت ومنها صنع القرار السياس ي كانت‬
‫وراء التعديل الدستوري لسنة ‪ 2016‬الذي تبنى نظام املناصفة‪ ،‬إال أننا ال نزال بعيدين عن‬
‫التكريس الحقيقي للمشاركة السياسية‬
‫للمرأة‪ ،‬وهذا ليس ناتج عن سياسة الدولة في هذا املجال أو حتى عن النصوص املتوفرة‬
‫فيها‪ ،‬بل هو مرتبط بطبيعة التنشئة السياسية للمرأة‪ ،‬وبظروف اهتمامها بالسياسية والحياة‬
‫العامة‪ ،‬إلى جانب القيم الثقافية السائدة في املجتمع بسبب املوروث الثقافي والقبلي السلبي‪،‬‬
‫واستمرار النظرة الدونية للمرأة‪ ،‬فاملرأة الجزائرية اليوم بحاجة إلى تضافر املجهودات من أجل‬
‫تمكين شامل‪ ،‬ربما يمكن أن يساهم حراك ‪ 2019‬إيجابيا في تغيير الذهنيات املتزمتة ضد املرأة‬

‫‪129‬‬
‫مثلما ساهم في تغيير فكرها اتجاه العمل السياس ي‪.‬‬
‫قائمة املراجع‪:‬‬
‫النصوص القانونية‪:‬‬
‫‪ -‬دستور الجزائر لسنة ‪ 1963‬مؤرخ في‪ 08‬سبتمبر‪ ،1963‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 64‬ل‬
‫‪.1963‬‬
‫‪-‬دستور الجزائر لسنة ‪ ،1976‬الصادر باألمر رقم ‪ 79-76‬املؤرخ في ‪ 22‬نوفمبر ‪،1976‬‬
‫الجريدة الرسمية رقم ‪ 94‬ل ‪.1976‬‬
‫‪ -‬دستور الجزائر لسنة ‪ 1989‬الصادر باملرسوم الرئاس ي رقم ‪-18 89‬املؤرخ في ‪28‬‬
‫فبراير ‪ ،1989‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 09‬ل ‪.1989‬‬
‫‪-‬دستور الجزائر لسنة ‪1996‬الصادر باملرسوم الرئاس ي‪438-96‬املؤرخ في ‪ 7‬ديسمبر‪،1996‬‬
‫الجريدة الرسمية رقم ‪ 76‬ل ‪.1996‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 19 - 08‬املؤرخ في ‪ 15‬نوفمبر ‪ 2016 ،2008‬املتضمن التعديل الدستوري‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية رقم ‪ 63‬ل‪. 2008‬‬
‫‪ -‬القانون‪ 01-16‬املؤرخ في ‪ 06‬مارس ‪ 2016‬املتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫رقم ‪ 14‬ل ‪.2016‬‬
‫‪-‬أمر رقم ‪ 03-96‬مؤرخ في ‪ 10‬ینایر سنة ‪ ،1996‬یتضمن االنضمام مع التحفظ على اتفاقیة‬
‫ضد املرأة لسنة ‪، 1979‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 03‬ل ‪.1996‬‬‫القضاء على جمیع أشكال التمیيز ّ‬
‫‪ -‬القانون العضوي ‪ 04-12‬مؤرخ في ‪ 12‬ینایر ‪، 2012‬يتعلق األحزاب السياسية‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية ‪02‬ل ‪.2012‬‬
‫‪-‬القانون العضوي رقم ‪ 10-16‬مؤرخ في ‪25‬اوت‪ ،2016‬یتعلق بنظام االنتخابات‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية رقم ‪ 50‬ل ‪.2016‬‬
‫‪ -‬أمـر رقم ‪ 133- 66‬مؤرخ في ‪ 02‬جوان ‪ ،1966‬یتضمن القانـون األسـاس ي العام للوظیفة‬
‫العمومیة‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 47‬ل ‪.1966‬‬
‫‪ -‬أمر رقم ‪ 03-06‬مؤرخ في ‪ 15‬يوليو ‪ 2006‬یتضمن القانـون األسـاس ي العام للوظیفة‬
‫العمومیة‪،‬الجريدة الرسمية عدد ‪46‬ل ‪.2006‬‬
‫‪-‬القانون‪ 06-12‬املؤرخ في ‪12‬يناير ‪ 2012‬يتعلق بالجمعيات‪ ،‬الجريدة الرسمية ‪ 02‬ل ‪.2012‬‬
‫‪-‬املرسوم الرئاس ي ‪ 426-08‬املؤرخ في ‪ 28‬دیسمبر سنة ‪2008‬املتضمن رفع التحفظ على‬
‫إتفاقية القضاء على جمیع أشكال التمیيز ّ‬
‫ضد املرأة‪،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 05‬ل ‪.2009‬‬

‫‪130‬‬
‫‪-‬املرسوم الرئاس ي ‪154-14‬املؤرخ في ‪05‬مايو ‪ ،2014‬الجريدة الرسمية رقم ‪26‬ل ‪.2014‬‬
‫‪-‬املرسوم الرئاس ي ‪125-15‬املؤرخ في ‪14‬مايو‪، 2015‬الجريدة الرسمية ‪25‬ل‪.2015‬‬
‫املراجع باللغة العربية‪:‬‬
‫مؤلفات‪:‬‬
‫‪-‬أحمد زايد وآخرون‪ ،‬املرأة و قضايا املجتمع‪ ،‬املكتب العربي الحديث‪ ،‬مصر ‪.2011‬‬
‫‪-‬رمضاني فاطمة الزهراء‪" ،‬دراسة حول جديد التعديالت الدستورية في الجزائر‪ ،"2016‬دار‬
‫الناشر الجديد الجامعي للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2016،‬‬
‫خالد محمود العزب‪ ،‬املشاركة السياسية للمرأة (رؤية شرعية وتنموية )‪،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫نشر مؤسسة تنوير للتنمية‪،‬اليمن‪.2012 ،‬‬
‫حسني الجندي‪"،‬جرائم االجتماعات العامة واملظاهرات والتجمهر (دراسة مقارنة)"‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.2003-2002 ،‬‬
‫الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ -‬بن يزة يوسف‪ ،‬التمكين السياس ي للمرأة وأثره في تحقيق التنمية اإلنسانية في العالم‬
‫العربي‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص تنظيمات سياسية وإدارية‪،‬‬
‫جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪2010 ،‬‬
‫املجالت العلمية‪:‬‬
‫ظل النظم االنتخابية املعتمدة الفرص‬ ‫‪-‬بن شيخ عصام‪" ،‬تمكين املرأة املغاربية في ّ‬
‫والقيود"‪ ،‬مجلة دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬جامعة ورقلة ‪ ،‬الجزائر‪.2011 ،‬‬
‫‪-‬رمضاني فاطمة الزهراء‪" ،‬التمكين االقتصادي للمرأة الجزائرية وفقا للتعديل الدستوري‬
‫‪ ،"2016‬مجلة املجلس الدستوري‪ ،‬رقم ‪،07‬الجزائر‪.2016 ،‬‬
‫‪-‬عباس عمار ونصر الدين بن طيفور‪" ،‬توسيع حظوظ مشاركة املرأة الجزائرية في املجالس‬
‫املنتخبة أو تحقيق املساواة عن طريق التمييز االيجابي"‪ ،‬مجلة األكاديمية للدراسات االجتماعية‬
‫واإلنسانية"‪ ،‬العدد ‪ ،10‬الجزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪-‬عروس الزوبير‪" ،‬الخلفية التاريخية ونضال جمعيات الحركة النسوية من أجل التغيير في‬
‫الجزائر"‪ ،‬مجلة مركز اإلعالم والتوثيق لحقوق املرأة والطفل ‪ ciddef‬رقم ‪ ، 24‬الجزائر‪. 2012 ،‬‬
‫‪-‬منيرة سالمي‪ ،‬يوسف قريش ي‪" ،‬املقاوالتية النسوية في الجزائر واقع اإلنشاء وتحديات مناخ‬
‫األعمال"‪ ،‬مجلة أداء املؤسسات الجزائرية‪ ،‬صادرة عن مخبر أداء املؤسسات واالقتصاديات في ظل‬
‫العوملة لجامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬العدد‪.2014 5 ،‬‬

‫‪131‬‬
‫امللتقيات العلمية‪:‬‬
‫‪-‬رمضاني فاطمة الزهراء‪"،‬وجهة نظر قانونية حول صياغة دستور مستجيب للحراك"‪،‬‬
‫مقال مقدم للمشاركة في امللتقى الوطني "نظرة وحلول دستورية ألزمة النظام السياس ي الجزائري‬
‫على ضوء الحراك الشعبي"‪،‬كلية الحقوق لجامعة علي لونيس ي البليدة ‪،2‬مخبر الحوكمة والتنمية‬
‫املستدامة ‪،‬املنعقد في ‪ 30‬مايو ‪ ،2019‬ص‪.13‬‬
‫مراجع باللغة األجنبية‪:‬‬
‫‪-Eléonore LEPINARD, L’égalité introuvable : la Parité, les féministes et la république, édition‬‬
‫‪Presses de sciences, Paris, 2007.‬‬
‫‪-Abdallah BENHMOU, Les droits politiques de la femme : contenu et conditions de mis en‬‬
‫‪oeuvre, Revue des sciences juridiques, administratives et politiquées, faculté de droit, université‬‬
‫‪Abou Bekr Belkaid, Tlemcen, n°.07, 2011.‬‬
‫مواثيق‪/‬تقارير‪/‬قرارات‬
‫‪ -‬اتفاقية سيداو في موقع األمم املتحدة‪:‬‬
‫& ‪http://treaties.un.org/Pages/ViewDetails.aspx?src=TREATY&mtdsg_no=IV-8&chapter = 4‬‬
‫‪lang=fr‬‬
‫‪-‬تقرير"بان كي مون"من يتحمل املسؤولية أمام املرأة؟ النوع االجتماعي و املساءلة‪ ،‬صندوق األمم‬
‫املتحدة اإلنمائي للمرأة‪، 2009-2008،‬منشورفي املوقع‪:‬‬
‫‪http://www.unifem.org/progress/2008/2008/media/POWW08_Report_Full_Text_ar.pdf‬‬
‫مو اقع أنترنيت‪:‬‬
‫‪-http://www.ons.dz/IMG/emploi‬‬
‫‪-‬موقع وزارة العدل على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪-https://www.mjustice.dz/‬‬

‫‪132‬‬
‫التنمية االجتماعية النسوية لتمكني املرأة اقتصاديا وحتقيق‬
‫ريادتها يف جمتمع األعمال‬
‫وفق مرئيات أهداف التنمية املستدامة لعام ‪2030‬‬
‫د‪ .‬حـــمو حممد‬
‫أستاذ حماضر ورئيس قسم العلوم االقتصادية‬
‫جامعة الشلف‪ -‬اجلزائر‬

‫ملخص مقرتح حبث‪:‬‬


‫ُجبلت النفس البشرية على العيش في عالم تسوده العدالة االجتماعية‪ ،‬ويرسخ مبدأ‬
‫ُ‬
‫اإلنصاف واملساواة بين الجنسين‪ ،‬على النحو الذي يمكن النساء من ُ‬
‫تبوأ املكانة التي تليق بهن‬
‫كشريك أساس ي في التنمية على أساس اإلنصاف واالستدامة‪ ،‬ورقما فاعال في معادلة تطوير‬
‫اقتصاد البلد‪ ،‬ومما ال شك فيه بأن لشقائق الرجال دورا ال يستهان به في سبيل إحداث التنمية‬
‫واملساهمة في بناء االقتصاد‪ ،‬وهو األمر الذي يستدعي ِإيالء ِعناية هامة للمرأة بدخولها إلى معترك‬
‫الحياة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬لتعزيز إمكانية حصول املرأة على الفرص االقتصادية‪ ،‬ورفع‬
‫نسبة مساهمة املرأة في موقع صنع القرار ورسم السياسة االقتصادية‪ ،‬من خالل بيئة اجتماعية‬
‫ُمواتية تمكنها اقتصاديا‪.‬‬
‫ُ‬
‫هذا وتعد التنمية االجتماعية النسوية مدخال هام لتعزيز مشاركة املرأة في االقتصاد‬
‫والنهوض باملرأة في املسارات املهنية املختلفة وتحقيق تكافؤ الفرص لرائدات األعمال على‬
‫الصعيدين املحلي والعاملي‪ ،‬كما تهدف إلى تعزيز التمكين االقتصادي للمرأة في إطار تنفيذ أهداف‬
‫التنمية املستدامة لعام ‪ ،2030‬هذه األهداف التي حملتها أجندة األمم املتحدة تركز على ضرورة‬
‫املساواة بين الجنسين والحد من حاالت عدم املساواة‪ ،‬فضال عن مرتكزات أخرى تشكل املرأة فيها‬
‫محور أساسيا‪ ،‬كالصحة والتعليم والعمل الالئق‪ ،‬حيث دلت التجارب في هذا املجال بأن النساء إذا‬
‫وجدن البيئة االجتماعية وأعطيت لهن الفرص االقتصادية تصلن إلى مجتمع الريادة وهذا ما يتفق‬
‫مع مرتكزات وأولويات التنمية املستدامة‪.‬‬
‫هذا وأن الدول العربية ومنها دول شمال إفريقيا بلغت مستوى ال بأس به في سبيل إحداث‬
‫بيئة اجتماعية مواتية لتمكين املرأة اقتصاديا استفادة من التجارب العاملية الناجحة في هذا‬
‫املجال‪ ،‬فالتجربة املغربية والجزائرية والتونسية تجارب ناجحة‪ ،‬حيث عملت هذه الدول على‬
‫تحقيق تنشئة اجتماعية للمرأة وإعطائها فرصة لتصبح مساهما فاعال في التنمية االقتصادية‪ ،‬وفي‬
‫‪133‬‬
‫هذا اإلطار أرست هذه الدول منظومة قانونية تكفل هذا الحق االجتماعي واالقتصادي للمرأة‬
‫وعملت على توفير كل املتطلبات التي تجعل من العنصر النسوي في هذه البلدان عنصرا رائدا في‬
‫مجتمعه‪ ،‬وذلك من منطلق حرص حكومات هذه الدول على تعزيز مكانة املرأة في املجتمع‪.‬‬
‫إشكالية البحث‪:‬‬
‫من منطلق أن تمكين املرأة حق إنساني ورهان تنموي‪ ،‬تحرص كل املجتمعات الحديثة على‬
‫تحقيق املساواة وتكافؤ الفرص بين الرجال والنساء في التنمية االقتصادية‪ ،‬واالرتقاء بالحياة‬
‫االجتماعية للمرأة وتنميتها‪ ،‬بما يستجيب لتطلعات وأهداف التنمية املستدامة التي تركز على‬
‫الحق في التنمية‪ ،‬وان هذا الحق ليس حكرا على الرجال‪ ،‬بل ال بد من إشراك املرأة في معترك الحياة‬
‫االقتصادية‪ ،‬وعليه سيتم بحث إشكالية‪ :‬ما هي املتطلبات االجتماعية لتمكين املرأة اقتصاديا‬
‫وتحقيق ريادتها في مجتمع األعمال استجابة ألهداف التنمية املستدامة لعام ‪2030‬؟‬
‫فرضية البحث‪:‬‬
‫َينطلق هذا البحث من فرضية َ‬
‫مفادها‪ :‬أن تمكين املرأة اقتصاديا يطلب بيئة اجتماعية‬
‫ُ‬
‫داعمة‪ ،‬تتشكل من عوامل ديموغرافية واجتماعية وثقافية‪ ،‬تشكل في مجموعها األساس‬
‫االجتماعي لتبوأ املرأة مكانتها في الحياة االقتصادية‪ ،‬بما في ذلك تذليل الصعوبات التي تحول دون‬
‫التمكين االقتصادي للمرأة‪.‬‬
‫محاورالبحث‪:‬‬
‫ستتم معالجة هذا املقترح البحثي وفق خطة تتضمن ثالثة محاور على النحو اآلتي‪:‬‬
‫املحور األول ‪ :‬مضامين التنمية االجتماعية النسوية ومستوجبات تحقيق التمكين‬
‫االجتماعي للمرأة؛‬
‫املحورالثاني ‪ :‬التمكين االقتصادي للمرأة ومنطلقات تحقيق ريادتها في مجتمع األعمال؛‬
‫املحور الثالث ‪ :‬املنطلقات االجتماعية للتمكين املرأة اقتصاديا وريادتها استجابة ألهداف‬
‫التنمية املستدامة لعام ‪.2030‬‬
‫احملور األول‪ :‬مضامني التنمية االجتماعية النسوية ومستوجبات حتقيق التمكني‬
‫االجتماعي للمرأة‬
‫حظيت املرأة باهتمام عامل ي وإقليمي للنهوض بها إيمانا بدورها في التنمية‪ ،‬حيث تعددت‬
‫سياسات تمكين املرأة وتنميتها اجتماعيا‪ ،‬بالتركيز على دورها اإلنتاجي واالجتماعي‪ ،‬وإدماجها في‬
‫التنمية‪ ،‬على النحو الذي يحسن من وضعها االجتماعي واالقتصادي‪ ،‬ويتيح لها املشاركة في جهود‬
‫التنمية‪.‬‬
‫‪134‬‬
‫أوال ‪ -‬مفهوم التنمية االجتماعية للمرأة‪:‬‬
‫ظهر مصطلح التنمية االجتماعية في أجندة األمم املتحدة عام ‪ ،1950‬كما كانت الحكومة‬
‫الهندية قد لفتت األنظار إلى أساليب وأهداف التنمية االجتماعية عام ‪ ،1951‬ومنذ عام ‪ 1955‬بدأ‬
‫االهتمام األممي بالتنمية االجتماعية عن طريق املجلس االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬والتنمية‬
‫االجتماعية تعبر عن عملية تغيير تلحق بالبناء االجتماعي ووظائفه بهدف إشباع الحاجات‬
‫االجتماعية لألفراد وتنظيم سلوكهم وتصرفاتهم‪.1‬‬
‫فالتنمية االجتماعية هي الجهود التي ُتبذل ألحداث سلسلة من املتغيرات الوظيفية‬
‫والهيكلية الالزمة لنمو املجتمع في الجوانب‪ :‬الزراعية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬الصناعية والتجارية‪ ،‬والتنمية‬
‫من هذا املنظور هي عملية تنظيمية بين أفراد املجتمع من جهة والهيئات الرسمية من جهة أخرى‪.2‬‬
‫لقد عد البنك الدولي تمكين املرأة من العناصر األساسية في عملية التنمية ومكافحة‬
‫الفقر‪ ،‬واصدر تقريرا يقول فيا أن تمكين املرأة هو هدف من أهداف التنمية لسببين‪ :‬الن تحقيق‬
‫العدالة االجتماعية هدف في حد ذاته والن تمكين املرأة هو الوسيلة لتحقيق أهداف أخرى‬
‫كمحاربة الفقر‪.3‬‬
‫هذا وإن إن الهدف من تنمية املرأة اجتماعيا يتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬العمل على إحداث التغيير اإليجابي املوجه املتوازن‪ ،‬وفق قيم املجتمع وتماشيا مع‬
‫الخطط التنموية؛‬
‫‪ -‬االهتمام باألسرة واألمومة والطفولة‪ ،‬والعمل على رفع وتحسين مستواهم اجتماعيا‬
‫واقتصاديا وثقافيا وصحيا؛‬
‫‪ -‬هذه التنمية تقوم على مبدأ املشاركة الجماعية اإليجابية‪ ،‬أي ال يمكن تغييب املرأة‪ ،‬بل‬
‫املهمة في أي مجتمع ملقاة على عاتق املرأة والرجل‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬مفهوم التمكني والتمكني االجتماعي للمرأة‪:‬‬
‫يعد التمكين من املفاهيم التي اكتسبت أهمية متزايدة مع ظهور أفكار تنادي بتفعيل دور‬
‫املجتمع املدني‪ ،‬والحركات النسوية الساعية إلى دعم مشاركة املرأة في الحياة العامة‪ ،‬حتى أصبح‬

‫‪ -1‬شهيناز كشرود & عمر مرزوقي‪ ،‬التمكين االقتصادي للمرأة الجزائرية ‪:‬حق إنساني ورهان تنموي‪ ،‬مجلة االجتهاد‬
‫للدراسات القانونية واالقتصادية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬املجلد الثامن‪ ،‬العدد األول‪2019 ،‬ص‪496‬‬
‫‪ -2‬شهيناز كشرود & عمر مرزوقي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪496‬‬
‫‪ -3‬عبد الكريم جابر شنجار & شذى سالم دلى‪ ،‬تمكين املرأة في العراق ودورها في النهوض باالقتصاد العراقي‪ ،‬مجلة‬
‫القادسية للعلوم اإلدارية واالقتصادية‪ ،‬العراق‪ ،‬املجلد السابع عشر‪ ،‬العدد الثاني‪ ،2015 ،‬ص‪102‬‬
‫‪135‬‬
‫هذا املصطلح يستخدم كبديل ملفهوم التنمية في دراسات وبحوث املرأة‪.‬‬
‫‪ -1‬مفهوم التمكين‪:‬‬
‫ويعرف التمكين بأنه عملية تهدف إلى مساعدة األفراد على تحقيق استقاللهم الذاتي وزيادة‬
‫ثقتهم بأنفسهم كم خالل زيادة معارفهم ومهاراتهم وتنمية قدراتهم‪.1‬‬
‫هذا وقد عرف تمكين املرأة على أنه عملية (‪ )Process‬وهدف (‪ ،)Goal‬فهو عملية تحدى‬
‫عالقات القوى السائدة والقائمة والحصول على التحكم األكثر في املوارد ومصادر القوة‪ ،‬وهو‬
‫هدف ألن تمكين النساء يسعى إلى تحدي اإليديولوجيات األبوية (سيطرة الذكور وتبعية النساء)‪،‬‬
‫والتحول في األبنية واملؤسسات التي تكرس وتعزز من التميز النوعي‪ ،‬كما يهدف التمكين إلى‬
‫مساعدة النساء الفقيرات على الحصول والتحكم في كل املصادر واملوارد املادية وغير املادية‪.2‬‬
‫تمكين املرأة ع ملية تصبح من خاللها املرأة واعية بالطريقة التي تؤثر من خاللها عالمات‬
‫القوة في حياتها ـ فتكسب الثقة بالنفس‪ ،‬وتتصدى لكل أشكال عدم املساواة بينها وبين الرجل‪.‬‬
‫ويتضمن مصطلح التمكين معنى القوة‪ ،‬فهو يعني إحكام السيطرة على النواحي املادية‬
‫املحيطة باملرأة بخالف امل صادر الفكرية‪ ،‬وينعكس ذلك على معتقدات وقيم واتجاهات املرأة التي‬
‫تشكل حياتها وسلوكها‪ ،‬والقوة في هذا املجال تعني األداة التي يحكم بها أو من خاللها الفرد سيطرته‬
‫على املوارد‪ ،‬على النحو الذي يعكس العالقات االجتماعية‪ ،3‬فإذا كان التمكين يعني زيادة قوة املرأة‬
‫إال أن تلك القوة ال تعني السيطرة على والخضوع والتأثير على اآلخرين‪ ،‬بل تعني القوة املتولدة‬
‫البناءة‪ ،‬التي تولد إمكانات وأفعال جديدة بدون حتمية السيطرة على اآلخر‪ ،‬فالقوة في مجال‬
‫تمكين املرأة تعني‪:4‬‬
‫امتالك التحكم وزيادة التحكم‪ ،‬والقدرة على االبتكار من منظورات نسوية‪ ،‬فضال االعتراف‬
‫واحترام النساء كمواطنين متساويين في املشاركة وصنع القرار‪.‬‬
‫كما يعني مفهوم تمكين املرأة بأنه تفعيل دور املرأة من خالل تحسين أحوالها وأحوال‬

‫‪ -1‬سعد هللا يسري شعبان‪ ،‬مقياس تمكين املرأة املعيلة‪ ،‬مجلة دراسات في الخدمة االجتماعية والعلوم االنسانيةـ‬
‫العدد الثالثون‪ ،‬جامعو حلوان‪ ،‬مصر ‪ ،2011‬ص‪.837‬‬
‫‪ -2‬ثابت نشوى توفيق أحمد‪ ،‬تمكين املرأة ودورها في عملية التنمية ‪:‬دراسية اجتماعية بمدينة القاهرة‪ ،‬حوليات‬
‫آداب عين شمس‪ ،‬املجلد الثالث والثالثون‪ ،‬مصر‪ ،‬جوان ‪ ،2005‬ص ‪172‬‬
‫‪ -3‬سعد هللا يسري شعبان‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.838‬‬
‫‪ -4‬ثابت نشوى توفيق أحمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.173‬‬
‫‪136‬‬
‫أسرتها املعيشية في النواحي الصحية‪ ،‬التعليمية‪ ،‬مستوى الدخل‪ ،‬املستوى الثقافي والسياس ي‪.1‬‬
‫ومنه فتمكين املرأة هو عملية شمولية تبدأ بإدراك املرأة ذاتها‪ ،‬وشعورها بالسيطرة على‬
‫حياتها الخاصة وقدرتها على اتخاذ القرار أما على املستوى الجماعي فهو يشير إلى قدرة النساء على‬
‫املشاركة في عملية التنمية وخلق وعي مجتمعي بالحقوق الفردية والجماعية‪.‬‬
‫تأسيسا على ما سبق نجد ان تمكين املرأة يعني إعطاء فرصة لها التخاذ القرار‪ ،‬وتحسين‬
‫أوضاعها االجتماعية حتى تستطيع مواجهة التحديات وتنجز أهدافها‪ ،‬في ظل درجة من الوعي‬
‫والثقة بمكانتها في املجتمع‪ ،‬وبما يؤهلها لتقلد مناصب في املجتمع كانت من قبل حكرا على الرجال‪،‬‬
‫وذلك على النحو ال ذي يحسن من نمط الحياة لدى النساء‪.‬‬
‫‪ -2‬مفهوم وداللة التمكين االجتماعي‪:‬‬
‫عرف التمكين االجتماعي من ناحية أهدافه والتي تتمثل في ترسيخ الديمقراطية في الحقوق‬
‫والواجبات‪ ،‬ومشاركة املرأة في التنمية املجتمعية على الصعيد املحلي والوطني‪ ،‬وإعادة النظر في‬
‫دور املرأة في األسرة وممارسة الحقوق التي تقتضيها املواطنة‪.2‬‬
‫يرى (فشولر & هاشمي) بأن مؤشرات التمكين االجتماعي للمرأة تتمثل في‪ :‬التحرر من‬
‫العنف‪ ،‬سلوك وأسلوب معاملة البنات‪ ،‬مؤشر التخطيط والنظرة إلى املستقبل‪ ،‬زيادة مكانة املرأة‬
‫في األسرة‪ ،‬مشاركة لزوج وأعضاء األسرة في أعمال املنزل‪ ،‬شعور املرأة بالتقدير والعرفان من قبل‬
‫أفراد أسرتها‪ ،‬مشاركة املرأة في أنشطة خارج املنزل‪.3‬‬
‫والتمكين االجتماعي للمرأة هو الزيادة املتحققة على قوة املرأة وأدوارها االجتماعية‪ ،‬والتي‬
‫تتمتع بها ضمن العائلة واملجتمع عن طريق مشاركتها املتواصلة في البرامج التدريبية‪ ،‬مما يكسبها‬
‫بعض املهارات عن طريق معرفتها في اتخاذ القرارات‪ ،‬باإلضافة إلى مشاركتها بالقيام بأدوار‬
‫مجتمعية عن طريق العمل بشكل تطوعي ضمن برامج تنموية تخدم املجتمع‪ ،‬على النحو الذي‬

‫‪ -1‬حسن مصطفى‪ ،‬استشراف مستقبل التمكين االجتماعي واالقتصادي والسياس ي للمرأة السعودية‪ ،‬مجلة‬
‫الخدمة االجتماعية‪ ،‬الجمعية املصرية لألخصائيين االجتماعيين‪ ،‬مصر‪ ،‬العدد الرابع والخمسون‪ ،‬جوان ‪،2015‬‬
‫ص‪23‬‬
‫‪ -2‬خلود العبد الكريم‪ ،‬معوقات تمكين املرأة السعودية ثقافيا واجتماعيا وقانونيا‪،‬مجلة دراسات في الخدمة‬
‫االجتماعية والعلوم االنسانية‪ ،‬جامعة حلوان‪ ،‬مصر‪ ،‬العدد السادس والثالثون‪ ،‬أبريل ‪ ،2014‬ص ‪184‬‬
‫‪ -3‬ثابت نشوى توفيق أحمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.176‬‬
‫‪137‬‬
‫يساهم في تحسن مكانتها االجتماعية‪.1‬‬
‫كما يشير مفهوم التمكين ا الجتماعي للمرأة إلى أن إتاحة كل األسباب املوضوعية واملادية‪،‬‬
‫وتوفير اآلليات املناسبة ملشاركة املرأة في نشر الوعي بقضايا املجتمع‪ ،‬والتحديات التي تواجهها‪،‬‬
‫وتقديم املقترحات واملشاركة في صنع القرارات التي تفض ي إلى تحقيق التنمية االجتماعية في كل‬
‫املجاالت‪.2‬‬
‫ثالثا ‪ -‬مرتكزات التمكني االجتماعي للمرأة‪:‬‬
‫التمكين االجتماعي عموما يركز على إعادة الترتيب أو التغيير الجذري للقيم‪ ،‬واملعتقدات‬
‫املرتبطة بصنع القرار‪ ،‬وستضمن إعطاء األمل في إحداث تغييرات وتحوالت في مؤسسات املجتمع‪،‬‬
‫تعزيز حرية الجماعات والكرامة‪ ،‬كما أن التمكين االجتماعي يزيد من اإلحساس باملسؤولية‬
‫االجتماعية‪.3‬‬
‫ومنه فإن إشراك املرأة في إحداث التنمية يعد بداية التغيير والتحول‪ ،‬بعد أن كان الرجل‬
‫يحتكر العمل التنموي‪ ،‬واملرأة غائبة عن مواطن صنع القرار‪ ،‬أصبحت املرأة إحدى محركات‬
‫التنمية‪ ،‬فاملرأة إذا توافرت لها بيئة ستبدع وتب تكر‪ ،‬ومن ثم فهي بحاجة إلى هذا الدعم االجتماعي‬
‫لتنميتها حتى تصبح كما مأمول منها‪.‬‬
‫يهدف التمكين أساسا إلى تدريب املرأة ورفع قدراتها القيادية واإلدارية في اتخاذ القرار‬
‫والتخطيط والتنفيذ واملشاركة واملساواة مع الرجل في الجهد التنموي‪ ،‬وينسحب مضمون التمكين‬
‫للمرأة بالتركيز على الجوانب اآلتية‪:4‬‬
‫االجتماعي ٍ‬
‫‪-‬املشاركة السياسية وقوة صنع القرار‪ ،‬ويقاس بنسبة حصص الذكور واإلناث في مقاعد‬
‫البرملان بمستوياته املختلفة؛‬

‫‪ -1‬غسان أبو منديل وآخرون‪ ،‬واقع التمكين االقتصادي للمرأة في قطاع غزة‪ ،‬مركز شؤون املرأة‪ ،‬غزة‪ ،‬فلسطين‪،‬‬
‫‪ ،2014‬ص‪15‬‬
‫‪ -2‬خلود العبد الكريم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.185‬‬
‫‪ -3‬خلود العبد الكريم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪200‬‬
‫‪ -4‬ينظر في ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬البسيوني عبد هللا الجاد‪ ،‬حق املرأة املصرية في التمكين االجتماعي ‪ :‬بحث تقييمي في سوسيولوجيا القانون‪ ،‬مجلة‬
‫مصر املعاصرة‪ ،‬الجمعية امل صرية لالقتصاد السياس ي واإلحصاء والتنشريع‪ ،‬املجلد ‪ ،96‬العدد ‪ ،478‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص ص‪.424-423‬‬
‫‪ -‬غسان أبو منديل وآخرون‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪138‬‬
‫‪-‬املشاركة االقتصادية وقوة صنع القرار‪ ،‬وتقاس حصص الذكور واإلناث في تقلد املناصب‬
‫العليا‪ ،‬وحصص الذكور واإلناث في املراكز املهنية والتكنولوجية؛‬
‫‪-‬السيطرة على املوارد االقتصادية وتقاس بالدخل املكتسب لكال من الذكور واإلناث‪.‬‬
‫‪-‬زيادة مشاركة املرأة في القضايا املجتمعية‪ ،‬مع التأكيد على دورها الهام في تكوين القيم اإليجابية‬
‫على مستوى األسرة واملجتمع؛‬
‫‪-‬رفع مستوى الوعي للقضاء على كل أشكال التمييز ضد املرأة؛‬
‫العمل على توفير الخدمات التي تساعد املرأة على إحداث التوازن في مسؤوليتها ودورها التنموي‪.‬‬
‫كما توجد العديد من األهداف التي يسعى التمكين تحقيقها ومنها‪:1‬‬
‫تحقيق عادلة اجتماعية لتحقيق املساواة من خالل الدعم املتبادل‪ ،‬مما يزيد من تماسك‬
‫املجتمع وزيادة الترابط والتخلص من عوامل زعزعة االستقرار؛‬
‫التمكين يبث الثقة في حياة النساء ليدخلوا مرحلة االستقالل والحرية الختيار قرار الحياة؛‬
‫تنمية قدرة املرأة لتغيير العالقة بين الدولة واملرأة واملنظمات النسائية لتكون أكثر كفاءة‬
‫من املشاركة الفعالة؛‬
‫تمكين النساء من التحكم أي توفير الخيارات والبدائل‬
‫توفير الفرص للنساء لدعم شبكات األمان االجتماعي‬
‫الوصول إلى زيادة حقيقية في دخول النساء مقارنة بالرجال‬
‫تمكين النساء من أن يشكلن قوة تفاوضية لتحسين مكانتهن في املجتمع‬
‫رابعا ‪ -‬مستوجبات حتقيق التمكني االجتماعي للمرأة‪:‬‬
‫إن تمكين املرأة اجتماعيا ال يقتصر على مشاركتها في النشاط االقتصادي‪ ،‬بل يمتد إلى‬
‫مجمل العالقات االجتماعية واإلنتاجية التي تساهم في رفاهيتها وتقدمها‪ ،‬فضال عن تقدير املجتمع‬
‫للمرأة االعتراف بها على أن ال يمكن تغييبها‪ ،‬وقد الوصول إلى هذا املستوى يتطلب األمر ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬ضرورة تحسين أساليب تعليم املرأة وزيادة االستثمارات النسائية واالهتمام بتدريب‬
‫وتثقيف املرأة ملواكبة التغيرات التكنولوجية وغرس القدرات اإلنتاجية‪ ،‬ودلت التجارب في هذا‬

‫‪ُ -1‬ينظر في ذلك‪:‬‬


‫‪ -‬حسن مصطفى‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.28-27‬‬
‫‪ -‬شهيناز كشرود & عمر مرزوقي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪497‬‬
‫‪139‬‬
‫املجال بأن النساء أكثر تفوقا على الرجال في الدراسة واكتساب املعارف؛ وهذا راجع للدوافع‬
‫الذاتية امليوالت بقصد ضمان وظيفة في املستقبل‪ ،‬وقد يعود في بعض األحيان لنزعة في النساء‬
‫تدفعها للتفوق والتميز عن الرجال؛‬
‫‪ -‬زيادة مساهمة املرأة في األنشطة االقتصادية وتحسين األحوال االقتصادية للمرأة؛‬
‫‪ -‬إطالق طاقات املرأة التي تتفق مع قدراتها‪ ،‬وما ينعكس على تطوير ذاتها وحياتها؛‬
‫‪ -‬تعزيز شعور املرأة باالنتماء للمجتمع الذي تعيش فيه‪ ،‬فال تكون مهمشة‪ ،‬بل تكون‬
‫شريكة للرجل على النحو الذي يمكنها من التصدي للمشكالت التي توجه املجتمع؛‬
‫‪ -‬اإلملام بحقوق املرأة القانونية والسياسة واالجتماعيةـ‪ ،‬فأغلب الدساتير الدولية أولت‬
‫مكانة للمرأة‪ ،‬حتى في الدول التي كان حيز املرأة ضيق في دساتيرها‪ ،‬تفطنت إلى طاقات املرأة في‬
‫املجتمع‪ ،‬ومن ثم طوعت وحينت منظومتها القانونية والتشريعية على النحو الذي يبرز املرأة‬
‫ويضمن لها مكانتها في املجتمع جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل‪.‬‬
‫احملور الثاني‪ :‬التمكني االقتصادي للمرأة ومنطلقات حتق يبق ريادت هبا يف جمت مبع‬
‫األعمال؛‬
‫أوال ‪ -‬عرض مفهوم التمكني االقتصادي للمرأة ومشتمالته‪:‬‬
‫كما عرف برنامج األمم املتحدة اإلنمائي التمكين االقتصادي املرأة بأنه يشمل‪:1‬‬
‫‪ -‬توفير الفرص االقتصادية مثل توسيع فرص االستخدام والتوظيف الذاتي والريادية‬
‫وتشجيع العمل الالئق واملنتج‪ ،‬وتحسين فرص الوصول للتمويل‪.‬‬
‫‪ -‬الوضع القانوني والحقوقي مثل تحسين حقوق املرأة في امللكية‪ ،‬امليراث‪ ،‬ملكية وحرية‬
‫التصرف باألرض‪.‬‬
‫‪ -‬التعبير والدمج واملشاركة في عملية صنع القرارات االقتصادية مثل تطوير آليات لتعزيز‬
‫مشاركة املرأة في هيئات صنع القرار‪.‬‬
‫والتمكين االقتصادي للمرأة يتحقق بتوافر العناصر اآلتي ذكرها في الشكل املوالي‪:‬‬

‫‪ -1‬غسان أبو منديل وآخرون‪ ،‬مرجع سبق ذكره ص‪16‬‬


‫‪140‬‬
‫الشكل رقم‪ 01 :‬يبين عناصرالتمكين االقتصادي للمرأة‬

‫املصدر‪ :‬غسان أبو منديل وآخرون‪ ،‬واقع التمكين االقتصادي للمرأة في قطاع غزة‪ ،‬مركز‬
‫شؤون املرأة‪ ،‬غزة‪ ،‬فلسطين‪ ،2014 ،‬ص‪16‬‬
‫ثانيا ‪ -‬مظاهر التمكني االقتصادي للمرأة‪:‬‬
‫إن توجه تمكين املرأة ليس عملية مباشرة وتلقائية وإنما هو عملية ذات جوانب متعددة‬
‫يتطلب التغيير فيها أمدا طويال فإن املرأة بحاجة إلى خدمات إدارية ومهنية فضال عن الخدمات‬
‫التنموية األخرى لتعزيز تمكينها في جميع جوانب الحياة‪ ،‬هذا وتوجد ثالثة آليات رئيسية تساهم في‬
‫إحداث عملية التمكين االقتصادي للمرأة هي‪:‬‬
‫‪ -‬زيادة الفرص االقتصادية املتاحة للمرأة‪ ،‬عن طريق توزيع ميادين عمل النساء‪ ،‬بجعل‬
‫األسواق مكانا لنجاح املرأة على مستوى السياسات وتمكينها من املنافسة بقوة في األسواق على‬
‫صعيد القدرة على تحديد الخيارات والقرارات؛‬
‫‪ -‬رفع نسبة مساهمة املرأة في مواقع صنع القرار ورسم السياسات االقتصادية‪ ،‬حيث أن‬
‫فعالية مشاركتها تتيح لها الفرصة للتأثير في القرارات املتخذة لصالحها ويعزز احتمال تحقيق هذه‬
‫النتيجة عند حضور عدد كبير من النساء‪ - ،‬فضال عن ذلك فإن امتالك املرأة القدرة على اتخاذ‬
‫‪141‬‬
‫القرار يؤثر في قدرتها على بناء رأس مالها البشري واالستفادة من الفرص االقتصادية التي كانت في‬
‫السابق حكرا على الرجال؛‬
‫‪ -‬توفير ظروف عمل الئقة كتوسيع نطاق الحماية االجتماعية‪ ،‬خدمات الرعاية‬
‫االجتماعية‪ ،‬على النحو الذي يعزز من املكانة االجتماعية للمرأة‪.‬‬
‫ومن منظور عام فإن التمكين االقتصادي للمرأة يترك جملة من اآلثار اإليجابية على‬
‫الوضع االقتصادي‪ ،‬كما يبين الشكل اآلتي‪:‬‬
‫الشكل رقم ‪ 02‬يبين اآلثار االقتصادية للتمكين االقتصادي للمرأة‬

‫املصدر‪ :‬القمة العاملية للتمكين االقتصادي للمرأة ‪ ،2019‬مؤسسة نماء لإلرتقاء باملرأة‪،‬‬
‫من على املوقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪www.namawomen.ae‬‬
‫ثالثا ‪ -‬منظومة ريادة األعمال املفهوم‪ ،‬مسات رائدات األعمال‬
‫لقد حاول العديد من الكتاب تحديد مفهوم ريادة األعمال‪ ،‬حيث عرفها (داركر ‪)Drucker-‬‬
‫بأنها عمل ينطوي على االبتكار ومنح املوارد املوجودة قدرات إنتاجية جديدة‪1‬؛ كما ان ريادة األعمال‬
‫تختلف باختالف النماذج التي تطبيقها‪ ،‬واثبتت نجاحا‪ ،‬بإضافة قيمة افتصادية واجتماعي‪ ،‬ومن‬
‫ثم فريادة األعمال تعد حركة حياتية متسمرة وآلية من آليات إعمار األرض‪ ،‬لهذا تتطلب إيالء‬
‫عناية هامة باإلنسان‪ ،‬وذلك بتهيئة البية املناسبة له حتى يبدع ويبتكر‪ ،‬باإلستفادة من الفرص‬
‫املتاحة في املجتمع‪ ،‬وعلى النحو يتطلب األمر تشجيع ريادة األعمال كإستراتيجية أساسية للتنمية‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫‪ -1‬سيف الدين على مهدي‪ ،‬متطلبات وتحديات ريادة األعمال باململكة العربية السعودية‪ ،‬ورقة بحثية قدمت في‬
‫املؤتمر السعودي الدولي لجمعيات ومراكز ريادة األعمال ‪ ،2014‬املنظم خالل الفترة‪ 09 :‬سبتمبر – ‪ 11‬سبتمبر‬
‫‪ ،2014‬الرياض‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬ص‪109‬‬
‫‪142‬‬
‫استنادا إلى كتابات وممارسات في مجال عالم األعمال‪،‬يمكن إيجاز السمات الرئيسية‬
‫لرائدات األعمال في ما يأتي‪:‬‬
‫رغبة قوية وقدرة عالية على مواجهة املخاطر والتفاعل معها وتحملها‬
‫نتائجها‪ ،‬وإرادة قوية الستشراف املستقبل ووضع رؤية وتحديد األهداف‪ ،‬لكون ان‬
‫رائدات األعمال لهن السبق في االبتكار واإلبداع؛‬
‫صاحبات همة عالية‪ ،‬وماهرات تفاوضية وقدرة فائقة على التأثير‬
‫واالقتناع واكتساب ثقة اآلخرين وتعاونهم؛‬
‫رابعا ‪ -‬الريادة السنوية يف جمتمع األعمال لتمكني املرأة اقتصاديا‪:‬‬
‫إن ريادة األعمال النسائية من شأنها أن تدعم تمكين املرأة‪ ،‬وتعزز من مركزها االجتماعي‬
‫وذلك على النحو اآلتي‪:1‬‬
‫أن ريادة األعمال قد تكون وسيلة فعالة لخلق فرص عمل وتمكين املرأة اقتصاديا‬
‫واجتماعيا‪.‬‬
‫أن توفير بيئة داعمة لريادة األعمال النسوية يعد أحد العناصر املهمة لنجاح النساء‪،‬‬
‫وهو ما يتضمن مساعدة النساء للتعامل مع األدوار املتعددة املنوطة بهن وإشراك‬
‫الرجال‪ ،‬واألسر‪ ،‬واملجتمعات– حسب الحاجة ‪-‬في تنمية ريادة األعمال النسائية‪.‬‬
‫أن دعم جمعيات ريادة األعمال النسائية قد يساعد في حشد التأييد وتعزيز‬
‫الخدمات املوجهة لرائدات األعمال‪.‬‬
‫أن التدريب على املساواة بين الجنسين واألعمال التجارية ً‬
‫معا قد ينعكس على ثقة‬
‫النساء وتمثيلهن‪.‬‬
‫أن تدريبات التوعية بقضايا املساواة بين الجنسين التي يتم تنظيمها ملوفري الخدمة‬
‫يمكن أن تساعد في تعزيز قدراتهم على تلبية احتياجات رواد األعمال من الجنسين‬
‫بصورة أفضل ‪.‬‬
‫أن التدريبات على املهارات أو تمويلها قد ال يكفى وحده‪ ،‬حيث تفتقر العديد من‬
‫النساء للثقة واأليمان بقدراتهن على املبادرة وتنظيم املشاريع ‪.‬ويتمثل الحل في تجميع‬

‫‪ -1‬الفريق الفني للعمل الالئق لدول شمال إفريقيا بمنظمة العمل الدولية ومكتب منظمة العمل الدولية ملصر‬
‫واريتريا‪ ،‬تقييم تنمية ريادة األعمال النسائية في مصر‪ ،‬منظمة العمل الدولية‪ ،‬طبعة ‪ ،2017‬ص‪.6‬‬
‫‪143‬‬
‫الخدمات املقدمة لرائدات األعمال من خالل إقامة شراكات إستراتيجية‪.‬‬
‫خام سببا ‪ -‬م سببتوجبات ر يببادة األع مببال الن سببائية مببن منط لببق ا لببتمكني االقت صببادي‬
‫واالجتماعي للمرأة‬
‫إن لتطوير وتنمية ريادة العمال النسوية آثار على وضع املرأة اقتصاديا واجتماعيا‪ ،‬على‬
‫النحو الذي يحقق ويجسد تمكينهن اقتصاديا واجتماعيا في مجتمع األعمال‪ ،‬والشكل املوالي‬
‫يلخص ذلك‪:‬‬
‫الشكل رقم‪ 03 :‬يبين منطلقات ريادة األعمال النسوية ومخرجاتها االجتماعية‬
‫واالقتصادية‬

‫املصدر‪ :‬الفريق الفني للعمل الالئق لدول شمال إفريقيا‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪22‬‬
‫احملور الثالث‪ :‬املنطلقات االجتماعية للتمكني ا ملبرأة اقت صباديا وريادت هبا ا سبتجابة‬
‫ألهداف التنمية املستدامة لعام ‪.2030‬‬
‫ال تستطيع األمة مواصلة مسيرة التنمية االجتماعية واالقتصادية دون االستفادة من‬
‫مواهب املرأة املتعددة وطاقاتها الكبيرة‪ ،‬وخصوص مهاراتها القيادية والريادية‪ ،‬فاملرأة قادرة على‬
‫توفير مجموعة من املزايا في دورها كمسؤول حكومي‪ ،‬ورئيس صناعي‪ ،‬وأن تكون املثل األعلى‪،‬‬
‫‪144‬‬
‫خصوص في التفاني واإلخالص‪ ،‬واالتصاالت‪ ،‬واإلبداع‪ ،‬وإدارة الوقت‪ ،‬ومواجهة التحديات‪،‬‬
‫وااللتزام باالطالع على كل جديد‪ ،‬وتعتبر هذه املزايا والفضائل ضرورات أساسية لبناء اقتصاد‬
‫قوي‪ ،‬وضمان تحقيق التنمية املستدامة‪ ،‬وذلك باالستفادة من قدرات املرأة وجهودها في املجال‬
‫التنموي‪ ،‬خاصة وان مضامين التنمية املستدامة تقتض ي بأن يكون لكل إنسان رجل كان أو إمراة‬
‫الحق في التنمية‪ ،‬مساهمة واستفادة‪ ،‬وعليه فهذا الحق ال يكون حكرا على الرجال‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬خصائص ريادة األعمال النسوية يف الدول العربية‬
‫تتسم ريادة األعمال النسوية في املنطقة العربية حسب تقرير منظمة التعاون االقتصادي‬
‫والتنمية )‪ (2014‬بالخصائص اآلتية‪:1‬‬
‫‪ -‬تتمحور مشاركة املرأة العربية في العمل الريادي في الشركات الصغرى على غرار باقي‬
‫مناطق العالم‪.‬‬
‫‪ -‬تركز األعمال الريادية للمرأة في املنطقة على األعمال التجارية املتعلقة باألنشطة‬
‫الشخصية واملوجهة للمستهلك كالصحة والجمال وفي أنشطة اإلنتاج التكنولوجي البسيط‪.‬‬
‫‪ -‬معظم املشاريع الريادية للمرأة هي مشاريع في مرحلتها املبكرة وتشكل نسبة ‪ %30‬من بين‬
‫إجمالي الشركات الناشئة‪ ،‬بينما تمثل املشاريع الريادية للمرأة في املرحلة املستقرة نسبة ‪ %20‬من‬
‫بين أصحاب الشركات الناضجة واملستقرة مع تسجيل تحيز اكبر ضد مشاركة املرأة في املشروعات‬
‫املستقلة في الدول العربية أكثر منه في املناطق األخرى‪.‬‬
‫‪ -‬أشارت أبحاث البنك الدولي إلى أن نسبة املشروعات اململوكة للمرأة أي كان نوعها تتأثر‬
‫سلبا عند عدم مالئمة مناخ األعمال أكثر من تأثر رجال األعمال‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬االستثمار يف املرأة لتحقيق تنمية مستدامة على نطاق عاملي‪:‬‬
‫إن لتمكين املرأة وتحسين حالتها هدفان مهمان في حد ذاتها‪ ،‬وهما ضروريان لتحقيق‬
‫التنمية املستدامة‪ ،‬وتحقيق املساواة واإلنصاف بين الرجل واملرأة وتمكينها من تحقيق إمكاناتها‬
‫الكاملة‪ ،‬وإشراكها تماما في عمليات تقرير السياسات وصنع القرار‪ ،‬وفي جميع جوانب الحياة‬
‫االقتصادية والسياسية والثقافية بصفتها صانعة القرار‪ ،‬ومشاركة ومستفيدة في الجهود‬
‫التنموية‪ ،‬ومن منطلق الحق في التنمية‪ ،‬فإن إشراك املرأة في التنمية يتوافق ومرئيات أهداف‬
‫التنمية املستدامة لعام ‪ 2030‬التي أقرتها هيئة األمم املتحدة‪ ،‬والشكل املوالي يبين دور ومكانة ريادة‬

‫‪ -1‬حمدي باشا نادية & محاجبية نصيرة‪ ،‬املرأة وريادة األعمال في الجزائر ‪:‬التحديات وآليات التطوير‪ ،‬مداخلة‬
‫مقدمة في امللتقى الوطني‪ :‬تعزيز مشاركة املراة في رهانات التنمية املحلية‪ ،‬تحديات وحلول‪ ،‬املنظم بجامعة البليدة‬
‫‪ ،2‬يوم ‪ 02‬أبريل ‪ ،2017‬الجزائر‪ ،‬كتاب أعمال امللتقى‪ ،‬ص‪.114‬‬
‫‪145‬‬
‫األعمال النسوية‪:‬‬
‫الشكل رقم ‪ 02‬يبين دور ومكانة ريادة األعمال النسوية‬

‫املصدر‪ :‬القمة العاملية للتمكين االقتصادي للمرأة ‪ ،2019‬مؤسسة نماء لإلرتقاء باملرأة‪،‬‬
‫من على املوقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪www.namawomen.ae‬‬

‫‪146‬‬
‫ثالثا ‪ -‬حتديات ريادة األعمال النسوية يف الدول العربية ومنها اجلزائر‪:‬‬
‫إن ابرز التحديات التي تواجه رائدات األعمال في املنطقة العربية ومنها الجزائر تتعلق‬
‫بالعوائق الثقافية واالجتماعية يليها الحصول على التمويل واالفتقار للمعرفة وملهارات األعمال‪:1‬‬
‫‪ -‬حيث تتمثل العوائق الثقافية واالجتماعية املرتبطة بالبيئة التي تنتمي إليها املرأة العربية‬
‫على العموم من حرية اختيارها ملهنتها مما يؤدي الى انخفاض معدالت مشاركتها في العملية‬
‫االقتصادية خاصة في مجال ريادة األعمال والذي ينظر اليه كمجال خاص بالرجال ‪.‬ونظرا لضعف‬
‫ثقافة ريادة األعمال لدى النساء ولوجود عدد قليل من التجارب النسوية امللهمة‪ ،‬ال تؤخذ رائدة‬
‫األعمال على محمل الجد من طرف عمالئهن ومورديهن وشركائهن مما يفقدهن الثقة في القدرة على‬
‫تأسيس املشاريع وإدارتها كما يتخوفن من املخاطرة لكونهن ال يحظين بدعم األسرة خاصة في‬
‫املرحلة املبكرة ملشاريعهن ‪.‬كما ان ثقافة حصر دور املرأة داخل األسرة يجعلهن يكافحن للتوفيق‬
‫بين التزاماتهن األسرية والعملية‪ ،‬ونظرا للعوائق االجتماعية والثقافية املختلفة ال تستطيع املرأة ان‬
‫تتنقل بحرية خاصة في املناطق الريفية مما يمنعها من الشروع في أعمال خارج املنزل ومن الوصول‬
‫لألسواق البعيدة عن املناطق املحلية القريبة‪.‬‬
‫‪ -‬كما تواجه رائدات األعمال صعوبة في التمويل خاصة البنكي الفتقارهن للممتلكات التي‬
‫يمكن استخدامها‬
‫كضمانات للقروض‪ ،‬حيث أن أغلب املشروعات التي أطلقتها النساء كانت بناء على قروض‬
‫مصرفية‪.‬‬
‫افتقار املرأة للمهارة‪ ،‬عادة ما تفتقد املرأة رائدة األعمال للمهارات الالزمة في اإلدارة املالية‬
‫واملحاسبة والتسويق وفي تنظيم وتخطيط األعمال وكذلك محدودية خبراتها ومعرفتها باإلجراءات‬
‫القانونية مما يؤثر على إنشاء واستمرارية ونمو أعمالها‪.‬‬
‫‪-‬نقص الهياكل الداعمة للمرأة لبدء املشروع ولتطويره‪ ،‬عادة ما تركز البرامج والخدمات‬
‫املتعلقة بالتمكين االقتصادي واالجتماعي للمرأة على تلبية احتياجاتها األساسية وعلى التدريب على‬
‫املوضوعات الفنية وإدارة األعمال والتكنولوجيا‪ ،‬وتهمل الجانب املتعلق باملرافقة والنصح‬
‫والتوجيه التي تحتاجها رائدة األعمال عند بدء املشروع او عند تطويره ‪.‬حيث يسجل نقص كبير في‬
‫فرص التواصل ضمن الشبكات املتخصصة وفي املناقشات املتعلقة بالسياسات كما ان مستوى‬
‫تمثيل رائدات األعمال في جمعيات األعمال يبقى منخفض‪.‬‬

‫‪ -1‬حمدي باشا نادية & محاجبية نصيرة‪ ،‬مرجع سبق ذركه‪ ،‬ص‪.120‬‬
‫‪147‬‬
‫رابعا ‪ -‬متكني املرأة اقتصاديا لتبوئها مستويات ريادية وفق خطة التنمية املستدامة‬
‫لعام ‪( 2030‬اإلشارة إىل التجربة املغربية)‬
‫عبرت اململكة املغربية عن إرادة قوية لتطوير نماذج جديدة للتنمية البشرية ترتكز على‬
‫أسس جديدة تراعي احترام الكرامة اإلنسانية‪ ،‬وتعزز اإلنصاف ومبادئ النمو الشامل‪ ،‬في استجابة‬
‫ملضامين خطة التنمية املستدامة لعام ‪ ،2030‬التي تدعم إيالء عناية هامة للمرأة على كل‬
‫املستويات وفي كل املجاالت‪ ،‬إحقاق لحقها في التنمية‪ ،‬مساهمة واستفادة‪ ،‬وذلك من اجل تقوية‬
‫وتطوير كفاءات منظمات املجتمع املدني املغربي ملواكبة ورصد تفعيل أهداف التنمية املستدامة في‬
‫أفق عام ‪.2030‬‬
‫وفي هذا السياق قطعت اململكة املغربية األشواط في مسيرة تمكين النساء‪ ،‬وضمن أولوياتها‬
‫تمكينهن اقتصاديا‪ ،‬باعتباره محددا أساسيا للحد من هشاشة أوضاعهن ومدخال هاما لتجسيد‬
‫مساواة فعلية‪ ،‬وبحث آليات تقليص الفوارق بينها وبين الرجل في مواقع البناء االقتصادي‪ ،‬حيث‬
‫أن املرأة املغربية كانت وال زالت‪ ،‬في قلب دينامكية اإلصالح‪ ،‬وفي صلب الحراك والبناء االقتصادي‬
‫الذي تشهده اململكة‪ ،‬تساهم إلى جانب الرجل في كل مجالت االقتصاد املفتوحة وتحقق فيها‬
‫مكتسبات تراكمية تعطيها مكانة على مستوى املشهد االقتصادي تتطلع ملزيد منها‪ ،‬كمواطنة‬
‫وكفاعلة مسؤولة في تنمية اقتصاد اململكة‪.‬‬
‫حيث أوجدت اململكة املغربية بيئة مناسبة ملكافحة التمييز وتمكين النساء اقتصاديا‪،‬‬
‫وذلك بتوافر اإلرادة السياسية واملجتمعية ملكافحة التمييز وتمكين النساء‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫التدابير املتخذة من أجل تحقيق التنمية املستدامة والعدالة االجتماعية‪ ،‬والتي تأتي ضمن‬
‫أولوياتها ترسيخ مبادئ اإلنصاف واملساواة بين الجنسين‪ ،‬وتمكين النساء من تبوء املكانة الالئقة‬
‫بهن كشريكات أساسيات في التنمية وفاعالت رئيسيات في تطور اقتصاد اململكة وازدهاره‪ ،‬وذلك‬
‫على مستوى مختلف مجاالت الحقوق والحريات املدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية والبيئية‪ ،‬تحت القيادة الرشيدة لجاللة امللك محمد السادس‪ ،‬الذي ما فتئ يؤكد على‬
‫أهمية رفع تحديات التنمية‪ ،‬وجعلها في صلب السياسات الوطنية للمملكة‪ ،‬والذي أطلق عام‬
‫‪2005‬املبادرة الوطنية للتنمية البشرية القائمة على استهداف الفئات واملناطق األكثر تضررا بغية‬
‫التصدي للعجز االجتماعي‪ ،‬واكبها تبني إصالحات هيكلية عميقة‪ ،‬وإطالق مخططات قطاعية‬

‫‪148‬‬
‫إستراتيجية‪ ،‬وفتح ورشات تنموية كبرى‪.1‬‬
‫وفي سياق جهود اململكة املغربية في سبيل تعزيز مكانة املرأة وتمكينها في املجتمع بما يحقق‬
‫تطلعاتها وطموحاتها أطلقت الخطة الحكومية للمساواة ‪" 2016 / 2012‬إكرام" في أفق املناصفة‪،‬‬
‫التي شكلت جوابا وطنيا التقت فيه مبادرات كل الفاعلين من أجل الرقي بأوضاع النساء املغربيات‪،‬‬
‫استنادا على مبادئ تتوافق تماما مع التطلع إلى بناء عالقات اجتماعية جديدة بين النساء والرجال‬
‫تضمن املشاركة الكاملة واملنصفة في مختلف املجاالت‪ ،‬كما تضمن االستفادة املتساوية واملنصفة‬
‫من نتائج وثمار هذه املشاركة‪ ،‬وذلك من خالل مجاالت عمل ثمانية هي‪:2‬‬
‫‪ -‬مأسسة ونشر مبادئ اإلنصاف واملساواة والشروع في إرساء قواعد املناصفة؛‬
‫‪ -‬مكافحة كل أشكال التمييز والعنف ضد النساء؛‬
‫‪ -‬تأهيل منظومة التربية والتكوين على أساس اإلنصاف واملساواة؛‬
‫‪ -‬تعزيز الولوج املنصف واملتساوي للخدمات الصحية؛‬
‫‪ -‬تطوير البنيات التحتية األساسية لتحسين ظروف عيش النساء والفتيات؛‬
‫‪ -‬التمكين االجتماعي واالقتصادي للنساء؛‬
‫‪ -‬الولوج املتساوي واملنصف ملناصب اتخاذ القرار اإلداري والسياس ي واالقتصادي؛‬
‫‪ -‬تحقيق تكافؤ الفرص بين الجنسين في سوق الشغل‪.‬‬
‫فضال عن تبنت اململكة املغربية إستراتيجية مأسسة املساواة بين الجنسين في الوظيفة‬
‫العمومية وخطة عمل تم تنفيذها بتعاون مع هيئة األمم املتحدة للمرأة‪ ،‬والتي تهدف إلى تعزيز رؤية‬
‫قوية لوظيفة عمومية تضمن للمرأة وللرجل حقوقا متساوية في ولوج املناصب وتكافؤ الفرص في‬
‫حياتهم املهنية‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار االحتياجات الخصوصية للنساء‪ ،‬واملساواة في املعاملة بينهم‬
‫في الوظيفة العمومية‪.‬‬
‫ويعد التزام الدول ومنها اململكة املغربية بمرئيات خطة التنمية املستدامة في آفاق عام‬
‫‪ 2030‬من خالل اهتمام اململكة املغربية وحكومتها الرشيدة بأوضاع املرأة املغربية‪ ،‬حيث ترى بأنه‬
‫ال معنى للتنمية املستدامة إذا كانت املرأة تعاني من مظاهر التخلق والحرمان‪ ،‬وهذا تأكيدا على‬
‫دور الحكومة الرشيدة للمملكة في دعم مشاركة املرأة في التنمية‪ ،‬قصد الوصول باملرأة املغربية إلى‬

‫‪ -1‬تمكين املرأة في عالم اقتصادي متغير‪ ،‬تقرير اململكة املغربية‪ ،‬الدورة الواحدة والستون للجنة وضع املرأة‪ ،‬مارس‬
‫‪ ،2017‬نيويورك‪ ،‬من على املوقع االلكتروني‪ ،www.social.gov.ma :‬ص‪11‬‬
‫‪ -2‬نفس املرجع أعاله‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪149‬‬
‫مستوى رائدات األعمال‪ ،‬وتصبح التجربة املغربية بحق تجربة رائدة يحتذي بها‪.‬‬
‫اخلامتة ومقرتحات البحث‪:‬‬
‫إن قضية املرأة من القضايا املهمة التي حظيت باهتمام العالم‪،‬نظرا ملكانتها ودورها في‬
‫املجتمع فهي نصف املجتمع‪،‬وأن أي مجتمع لن يتمكن من تحقيق أهدافه وتطلعاته نحو التقدم‬
‫والتنمية إذا كان نصفه معطال‪ ،‬حيث تعد البيئة االجتماعية للمرأة مدخال هاما لتمكينها‬
‫اقتصاديا‪ ،‬فاملرأة لها طاقات معطلة ال بد من استثمارها لتجسيد مشاركتها املجتمعية‪ ،‬فهي املولد‬
‫الحقيق للثروة إلى جانب الرجل‪ ،‬كما أن شعور املرأة باملواطنة واملشاركة االجتماعية من شأنه‬
‫تمهيد الطريق أمام ريادة األعمال االجتماعية لتحقيق تنمية مستدامة ويمكن أن تكون ريادة‬
‫األعمال االجتماعية السنوية طريقا نحو االندماج االجتماعي واالقتصادي والسياس ي‪ ،‬ال سيما من‬
‫الشباب‪ ،‬للنساء‪.‬‬
‫هذا ويعد تحقيق التمكين االقتصادي للمرأة اتجاها نحو تعزيز دورها املحوري في التنمية‬
‫الشاملة‪ ،‬والرقي بمكانتها في وسط املجتمع‪ ،‬ودعما لحقوقها وفق املتغيرات االجتماعية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬حيث أن جل امل واثيق الدولية ومنها ميثاق التنمية املستدامة الذي أطلقته األمم‬
‫املتحدة والذي ينص على الحق في التنمية‪ ،‬يشكل عامال محفزا نحو االرتقاء بمكانة املرأة التي تليق‬
‫بها والتي تجعل منها مساهما محوريا في مناحي التنمية‪.‬‬
‫إن االهتمام بقضايا املرأة ومشاركتها وإسهاماتها في تنمية مجتمعاتها‪،‬جاء من منطلق أن‬
‫املرأة هي أحد الركائز األساسية لبناء الثروة البشرية‪ ،‬وينبغي أن تتمحور حول تمكينها ودعم نفوذها‬
‫وتنظيم قدراتها وإعالء مكانتها وتغيير إدراكها لنفسها على نحو يجعلها قادرة على االختيار‬
‫ومساهمات املرأة في التنمية مرتبطة بتحسين وضعها االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬حيث أن تحفيز‬
‫املرأة ودعمها وتمكينها من شأنه الوصول بها إلى مستوى ريادي‪ ،‬حيث يستعدي األمر تنمية ريادة‬
‫األعمال النسائية بما يحقق مكانتهن في مجتمع األعمال‪ ،‬وعلى النحو الذي يجسد مرئيات خطط‬
‫التنمية املستدامة لعام ‪.2030‬‬
‫ثانيا‪ -‬مقترحات الورقة البحثية‪:‬‬
‫‪ -‬االهتمام بالدورات التدريبية للنساء على النحو الذي يرفع من مهاراتهن وقدراتهن في العمل‬
‫االجتماعي واالقتصادي؛‬
‫‪ -‬زيادة الفرص االقتصادية املتاحة للمرأة‪ ،‬وذلك عن طريق توزيع ميادين عمل النساء‪،‬‬
‫‪ -‬رفع نسبة مساهمة املرأة في مواقع صنع القرار ورسم السياسات االقتصادية‪ ،‬وذلك من‬
‫شأنه أن يتيح لها الفرصة للتأثير في القرارات املتخذة لصالحها؛‬
‫‪150‬‬
‫القيادة الفعالة للسياسات والتنسيق من أجل تعزيز تنمية ريادة األعمال النسائية بما‬
‫يؤدي إلى املزيد من التمكين االقتصادي واالجتماعي للمرأة العربية بصورة عامة واملغربية على وجه‬
‫الخصوص؛‬
‫‪ -‬التوعية بقدرة املرأة على اقتحام كافة األنشطة على ضوء التجارب الرائدة لسيدات‬
‫األعمال اللواتي حققن مستويات ريادية‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫مكانة املرأة احلسانية يف املخيال االجتماعي بالصحراء‪:‬‬
‫حماولة لرصد التمثالت بني القيود االجتماعية ورهان املكانة‬
‫د‪ .‬حممد الصافـي‬
‫أستاذ باحث يف التاريخ‬
‫األكادميية اجلهوية للرتبية والتكوين جلهة كلميم واد نون‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تحضر املرأة في املجتمع الصحراوي كاملسؤولة واملمررة األولى للثقافة بكافة جوانبها من‬
‫معايير وقيم وتصورات‪ ،‬كما تكرس من خالل التربية التي تخضع لها ُوتخضع لها أوالدها‪ ،‬التقسيم‬
‫الجندري ألدوار ووظائف وصفات الجنسين‪ ،‬باعتبارها الكائن الناطق األكثر خضوع للتقاليد‬
‫واألعراف والعادات وبصفة عامة للموروث الثقافي‪ .‬وبالنظر إلى عمق هذه التمثالت التي تتلقاها‬
‫املرأة حول نفسها من املنظومة الثقافية والقيمية للمجتمع واملؤسسة على املركزية الذكورية بكل‬
‫ما تحمله من تمييز وتكريس للهيمنة التي تكون كما بين ذلك بيير بورديو‪.‬‬
‫وبالعودة لتاريخ املجتمع الصحراوي قبل أن يستقر في املدن نجد أنه كانت توكل للرجال‬
‫باألساس أدوار اقتصادية تتعلق بإعالة األسرة والبحث عن مصادر العيش‪ ،‬الش يء الذي منحهم‬
‫مراكز متميزة احتكروا من خاللها القدر األوفر من القوة والسلطة داخل النظام األسري‪ ،‬فالسلطة‬
‫االقتصادية منحت لهم شرعية اجتماعية جعلت الرجل يحوز أدوار متعددة خارج البيت‪ ،‬في حين‬
‫حصرت أدوار املرأة في أدوار محددة أصبحت حتمية اجتماعية هي دور الزوجة واألم‪ ،‬فهي ال‬
‫تكتسب هوية اجتماعية معترف بها إال بعد هذين الدورين‪ ،‬مما يحسن موقعها التفاوض ي في‬
‫النظام األبوي‪ ،‬حيث تتنقل من تلقي قرارات األسرة إلى صياغتها‪.‬‬
‫إذا أردنا معرفة أي ش يء عن صورة املرأة الحسانية وأهمية الدور الذي لعبته في مجتمعها‬
‫القديم ال بد أن نعود إلى الحقل الثقافي كمنبع أول مهم وملهم‪ ،‬كي نجمع منه حطام تلك الصورة‬
‫التي نبحث عنها والتي لم نجد عنها شيئا كثيرا مكتوبا‪ ،‬إن عمال مثل هذا (جمع صورة املرأة‬
‫الصحراوية وأهمية دورها من الحقل الثقافي) يتطلب التنقيب في كل فروع الثقافة الشعبية وبدقة‬
‫وعدم جهل أو تجاوز أي مكون منها‪ ،‬فيقينا ال بد من البحث في األدب الشفهي الصحراوي املحكي‪،‬‬
‫في العادات واألمثال واألقوال الشعبية وفي املعتقدات والطقوس التي ظل الصحراويون يمارسونها‬
‫ويعتقدون فيها إلى وقت قريب أو حتى إلى اليوم‪ .‬إن أول ما يخرج به الباحث من أول قراءة حتى لو‬
‫كانت سطحية ألي موروث أو مكون أدبي شفهي أو من تحليل ألي طقس أو عادة صحراوية هي‬

‫‪152‬‬
‫والبين والذي ال يحتاج ألدنى مجهود حتى يتم فك رموزه أو‬ ‫حضور املرأة الكثيف‪ ،‬الالفت ّ‬
‫ِ‬
‫طالسمه‪ .‬ففي كل ما هو شفهي صحراوي أو في كل ما هو ثقافي شعبي مثلما اعتدنا على تسميته‬
‫(أدب‪ ،‬شعر‪ ،‬أمثال) تواجهنا ظاهرة وهي أن املرأة الحسانية أكثر حضورا من الرجل وصورتها أكثر‬
‫ألقا من صورته‪.‬‬
‫ما يبدو جليا وواضحا في األدب الشعبي الصحراوي الشفهي هو الحضور املميز والقوي‬
‫للمرأة الحسانية كبطلة في غالبية الحكايات والقصص الشعبية املتداولة‪ ،‬ففي معظم‪ -‬إن لم نقل‬
‫كل‪ -‬الحكايات الشعبية الطويلة التي كانت تتداولها الصحراء وتنام على وقع حكيها‪ ،‬كانت املرأة هي‬
‫العنصر املحرك لها وهي البطلة في كل هذه الحكايات الشعبية الشائعة في الصحراء‪ ،‬وحتى في غيرها‬
‫نجد أن املرأة هي املرتكز واملحور فيها‪ ،‬وهي التي تقوم بدور البطولة بدون منازع‪ .‬كما أن لعب املرأة‬
‫لدور البطولة في األدب الصحراوي الشفهي يعكس محورية وأهمية دورها في الحياة العامة‬
‫ملجتمعها‪ ،‬وأنها تستحق فعال أن ُتخلد في الثقافة واألدب‪.‬‬
‫إن الذي سيفاجئ أي باحث أو مجرد قارئ بسيط لألدب والثقافة الصحراوية هو أن املرأة‬
‫نالت الحظ األوفر من الذكر ومن الحضور ومن التميز‪ ،‬وبمفردات العصر الحالي نقول بتجرد‬
‫ُ‬
‫كامل من أي مبالغة واعية أن املرأة الحسانية قديما قد أ ْس ِند لها دور البطولة في الثقافة واملوروث‬
‫األدبي الشعبي الصحراوي‪ ،‬ففي كل ما وصل لنا بالتواتر من منتوج أدبي ثري‪ ،‬كانت املرأة هي‬
‫البطلة والالعبة الرئيسية‪ ،‬وهي العمود الفقري للحكايات‪ ،‬القصص‪ ،‬األمثال واألحاجي الشعبية‬
‫وفي الطقوس أيضا‪ .‬كما أن الذي نستخلصه من حضور املرأة الحسانية في كل صنوف اإلبداع‬
‫األدبي والثقافي الصحراوي هو انعكاس ملكانتها جد املعتبرة في مجتمعها القديم والحديث‪ ،‬ولم‬
‫يقتصر حضورها على األدب فقط بل نجد لها الكثير من الصور التي تستلزم الوقوف عندها في‬
‫العادات والتقاليد الصحراوية والطقوس وهو ما لم يحصل مع الرجل‪.‬‬
‫في مقابل ذلك تواجه املرأة الحسانية الكثير من العواقب ال تتمثل فقط في تجذر البنيات‬
‫الذكورية في تمثالت الجنسين ونظرتهم لها‪ ،‬وال في العداء ضد األصوات النسوية وشيطنتها على‬
‫أهمية هذين األمرين‪ ،‬بل أساسا في األسطورة التي نسجت عن وضع واستقاللية املرأة الحسانية‬
‫كامرأة تتمتع بمميزات قل نظيرها في املنطقة‪ ،‬فهي تتوفر على جميع الحقوق من دراسة وعمل‬
‫وسفر وال توجد عليها وصاية قانونية واألهم من ذلك ال تعاني من العنف‪ .‬لكن مساءلة هذا‬
‫الخطاب والبحث في مصداقيته تتأتى أساسا في النظر إليه من األعلى‪ ،‬ويبدو أن هدم هذا الخطاب‬
‫رغم تجذره ليس بالصعب‪ ،‬فالنظر في حياة الفتيات يبرز إلى أي مدى تحضر الوصاية األبوية من‬
‫الرجال واألكبر سنا من النساء بشكل واضح في تفاصيل حياتهن اليومية‪.‬‬
‫‪153‬‬
‫أما فيما يتعلق بالزواج فإن غالبية النساء الحسانيات غير راضيات بوضعهن الجديد خالل‬
‫هذه املرحلة‪ ،‬بل سخطهن الخاص بمكانتهن في مجتمع ذكوري يمنح حرية أكبر للرجل ويتساهل‬
‫معه في أخطائه وخطاياه املتعلقة بسلوكاته وحياته الجنسية ويبرئه منها أحيانا‪ ،‬لكن الفتاة تبقى في‬
‫هذه املرحلة خصوصا رهينة تمثالت ومعتقدات وأساطير متعلقة بواقعها املعاش وبكيانها‬
‫الجسدي‪ ،‬بل شكلها الفيزيقي الذي يفرض عليها قيودا عائلية اجتماعية ورمزية ورقابة صارمة من‬
‫طرف األولياء واإلخوة الذكور‪ .‬ويرتبط هذا النوع من املجتمعات التقليدية الذي تعيش فيه هذه‬
‫الفتاة ارتباطا وثيقا بالعادات والتقاليد واملعتقدات واألساطير التي تحمل والء لكل ما قدسه‬
‫األجداد مع جهل األغلبية سبب هذا الوالء والتقديس‪.‬‬
‫يتضح من مما سبق أن الصورة املرسومة للمرأة الحسانية في املخيال االجتماعي باملجتمع‬
‫الصحراوي تتأرجح بين بعدين أساسيا‪ :‬بعد املكانة البيولوجية املتمثلة في دورها في اإلنجاب‬
‫وتناسل املجتمع‪ ،‬وبعد املكانة االجتماعية التي تتأسس على البناء الثقافي ملحددات األنوثة بكل‬
‫ثقلها وقيودها وما يرتبط بها من تنميط يجعل املرأة نموذج وحيد يتالءم واملعايير املرسومة لها‬
‫بفعل التربية‪ ،‬فهي مستقبل الزوجة واملربية وعليها أن تتصف بصفات الفتاة الصالحة املحتشمة‬
‫وترضخ للوصاية الذكورية التي تقدم وكأنها القدر الطبيعي الذي يجب أن تنقاد له النساء‪ .‬وهذا‬
‫يفسر إلى حد ما الجنوح إلى إنتاج معرفة وصور خاطئة عن وضعية املرأة وشيطنة القراءات‬
‫النسوية‪.‬‬
‫إن حضور املرأة الحسانية القوي والبارز في مختلف امليادين جعلها ركيزة أساسية في بنية‬
‫املجتمع الصحراوي سواء زمن الترحال (البداوة) أو االستقرار (التمدن)‪ ،‬وعلى الرغم مما اعترى‬
‫حياتها من تحوالت وتطورات وتغيرات جمة‪ ،‬فإنها استطاعت أن تظل حريصة على الحفاظ عل‬
‫مكانتها واستثمار املتغيرات الطارئة حولها‪ ،‬بما من شأنه املساهمة في تقوية حضورها وتعزيز‬
‫وجودها في مجتمعها الراهن‪.‬‬
‫عموما فالباحث في التراث الحساني غالبا ما تواجهه صعوبة إن لم نقل استحالة في إيجاد‬
‫ُ‬
‫دراسات تساءل صورة املرأة الصحراوية في هذا التراث‪ ،‬فأغلب ما أنتج عن هذا املوضوع ال يخرج‬
‫عن إعادة إنتاج النسق القيمي التقليدي‪ ،‬وكل ما يحمله من تنميط جندري ومغالطات حول دور‬
‫املرأة واملعايير التي تخضع لها حياتها‪.‬‬
‫تسعى هذه الدراسة إلى البحث في الصورة التي يرسمها الوعي الجمعي الصحراوي حول املرأة‬
‫الحسانية والتي تمررها هي نفسها في سيرورة التنشئة االجتماعية‪ ،‬والكشف عن داللتها وانعكاساتها‬
‫على وضعيتها وحقوقها املدنية‪ ،‬وكذا عن تأثيرها على مكانتها في املجتمع‪ ،‬من خالل رصد التمثالت‬
‫‪154‬‬
‫واملعايير والقيم املتعلقة باملرأة في املخيال االجتماعي بين القيود ورهان املكانة‪ ،‬وذلك باإلجابة على‬
‫التساؤالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬هل حقيقة أن املرأة املنتمية ملجتمع صحراوي بدوي هي فعال على تلك الصورة النمطية‬
‫املوجودة في ذهن املجتمعات "املتحضرة"‪ :‬متخلفة‪ ،‬خاضعة لقانون املجتمع وال كلمة وال حق لها؟‬
‫أم أن دور املرأة في بعض مجتمعات الصحراء ومجتمعات البادية يمكن أن تكون أكثر ريادية منها في‬
‫مجتمعات متقدمة؟‬
‫‪ -‬هل أن التخلف التقني املدني املوجود عند مجتمعات الصحراء يعكس دائما تخلفا ثقافيا‬
‫واجتماعيا‪ ،‬بمعنى آخر أن أي مجتمع متخلف تقنيا هو بالضرورة متخلف أيضا ثقافيا واجتماعيا‪،‬‬
‫وكتحصيل حاصل تكون املرأة الحسانية ضحية؟‬
‫‪ -‬ما هي الصورة التي يرسمها املخيال االجتماعي حول املرأة الحسانية باملجتمع الصحراوي؟‬
‫وما دورها ومكانتها في ذهنية املجتمع واملحيط؟‬
‫‪ -‬أين تتجلى لنا مختلف التمثالت التي تتلقاها املرأة الحسانية حول نفسها من املنظومة‬
‫الثقافية والقيمية ملجتمعها؟ وهل زواج املرأة الحسانية مفتاح التخلص من مختلف القيود‬
‫العائلية والذكورية التي تتعرض لها؟‬
‫‪ -‬وهل فعال أن املرأة الحسانية ال تمارس عليها وصاية وتمارس حياتها باستقاللية وال تعاني‬
‫من العنف؟‬
‫ـ املرأة الحسانية في الكتابات التاريخية‪:‬‬
‫تتميز حياة املرأة الحسانية في مجتمعها باالحترام‪ ،‬والبعد عن الطابع الصدامي وكأنها‬
‫‪1‬‬
‫خلقت للتبجيل واإلكرام‪" ،‬فال تكلف وال تعنيف وال تثريب" على حد تعبير اإلمام محمد الشيخ‪،‬‬
‫وهذا األمر يظل حاصال رغم نفحات التغيير والتحول التي طرأت على مسار حياتها في الوقت‬
‫الراهن الناتج عن فعل االنتقال من واقع البداوة إلى حاصل االستقرار (التحضر)‪ ،‬وبذلك تتبدى‬
‫بوضوح مظاهر الثابت واملتحول لديها‪ .‬وهكذا يجمع الباحثون على ضعف الكتابات حول املجتمع‬
‫الصحراوي‪ ،‬في مقابل سيادة الرواية الشفهية التي مثلت املصدر األساس ي للكتابات املحلية‬
‫واألجنبية‪ ،‬ورغم ذلك سنحاول أن نستثمر ما تقدمه الكتابات املصدرية على نذرتها والرحالت‬

‫الشيخ بن الشيخ ماء العينين‪ ،‬الجأش الربيط في النضال عن مغربية شنقيط وعربية املغاربة في ‪ -‬اإلمام محمد‪1‬‬
‫مركب وبسيط‪ ،‬دار الفرقان‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1985 ،‬ص‪.39 .‬‬
‫‪155‬‬
‫االستكشافية واملونوغرافيات االستعمارية من إشارات ونتف حول املرأة الحسانية حتى نقارب‬
‫وضعيتها االجتماعية والتغيرات التي لحقتها بين مرحلتي الترحال واالستقرار‪.‬‬
‫‪ - 1‬الكتابات العامة‪:‬‬
‫قليلة هي الدراسات واألبحاث التي تطرقت ملوضوع املرأة الحسانية‪ ،‬وقد نستثني في ذلك‬
‫بعض الكتابات الكولونيالية ومذكرات الرحالة واملستكشفين الذين عبروا الصحراء أو مكثوا بها‬
‫لبعض الوقت‪ ،‬ومن ذلك مثال الرحالة الشهير ابن بطوطة الذي جاب الصحراء خالل سنة ‪743‬هـ‬
‫في اتجاه والتة التي تعد من أقدم املناطق "البيضانية" شهرة‪ ،‬حيث توقف بها أكثر من شهر وهو ما‬
‫أتاح له الفرصة ملعاينة بعض العادات والتقاليد املحلية لسكانها عن كثب‪ ،‬وقد أحاط بكل‬
‫تفاصيلها في رحلته الرائعة‪ ،‬إذ قدم وصفا دقيقا لبعض تفاصيل حياة املرأة البيضانية‪ ،‬كمسألة‬
‫اإلرث الذي كان يتم من جهة األم وانتساب األبناء لخالهم‪ ،‬إلى جانب اشتراط الزوجة على الزوج إذا‬
‫‪1‬‬
‫كان من خارج قبيلتها أن يستقر معها وأال تسافر معه" ‪.‬‬
‫وقد دفعت وضعية املرأة الصحراوية بالرحالة ابن بطوطة إلى تفصيل القول في املكانة التي‬
‫‪2‬‬
‫تحتلها وللجمال الذي تتميز به قائال‪" :‬ولنسائهم الجمال الفائق‪ ،‬وهن أعظم شأنا من الرجال" ‪،‬‬
‫وبهذا التوصيف يكون الرحالة قد عبر عن ميزتين مهمتين تتمثالن في عنصر الجمال واملكانة داخل‬
‫املجتمع‪ ،‬ويضيف الرحالة إشارات معبرة عن قيمة املرأة وخصالها كلما استقر به املقام في مدينة‬
‫من املدن الصحراوية‪.‬‬
‫في معرض حديثه عن مكانة وخصال املرأة الصنهاجية التي هي من مكونات املجتمع‬
‫الحساني‪ ،‬يتوقف الرحالة عند ثقافة الصحراء ويستغرب من بعض العادات حيث يقول‪" :‬وشأن‬
‫هؤالء عجيب‪ ،‬وأمرهم غريب‪ ،‬فأما رجالهم فال غيرة لديهم وال ينتسب أحدهم إلى أبيه بل ينتسب‬
‫‪3‬‬
‫لخاله‪ ،‬إال أبناء أخته دون بنيه" ‪ ،‬ومن البديهي أن يستغرب ابن بطوطة مما وقف عليه من‬
‫سلوكيات فهي أمور طارئة عليه‪ ،‬فاملرأة في شمال املغرب كانت تمنع من مخالطة الرجال أو الخروج‬
‫لوحدها‪ ،‬حيث عرفت فتاوى فقهاء املدينة بالصرامة مقارنة بفقه البادية‪ ،‬ومن بينها القول بأن‬

‫‪ - 1‬ابن بطوطة‪ ،‬تحفة النظار في غرائب األمصار وعجائب األسفار‪ ،‬تحقيق علي املنتصر‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزء‬
‫الثاني‪ ،‬بيروت‪ ،1982 ،‬ص‪.770 .‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.245 .‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ن‪ .‬ص‪.‬‬
‫‪156‬‬
‫"للمرأة في عمرها ثالث خرجات‪ :‬خرجة لبيت زوجها حين تهدى إليه‪ ،‬وخرجة ملوت أبيها‪ ،‬وخرجة‬
‫‪1‬‬
‫لقبرها" ‪.‬‬
‫يتناول ابن بطوطة العالقة بين الرجل واملرأة في املجتمع الصحراوي‪ ،‬وتتجه معظم تأويالته‬
‫إلى منطق املقارنة بين الشمال والجنوب‪ ،‬فمن خالل اإلشارات التي يقدمها نفهم أن االختالط بين‬
‫الجنسين في املجال الصحراوي معلوم للجميع‪ ،‬بل أنه أمر شائع حيث يقول‪" :‬وأما نساؤهم فال‬
‫يحتشمن من الرجال وال يحتجبن مع مواظبتهم على الصلوات‪ ،‬من أراد التزوج منهم تزوج لكنهن ال‬
‫‪2‬‬
‫يسافرن مع الزوج‪ ،‬ولو أرادت إحداهن ذلك ملنعها أهلها" ‪.‬‬
‫ولئن كان هذا املجال قد حظي بالتفاتة بعض الدارسين بعد رحلة ابن بطوطة فإنها تظل‬
‫تتميز باحتشام كبير إزاء حديثها عن املرأة الحسانية‪ ،‬اللهم إذا استثنينا تلك اإلسهامات التي وردت‬
‫في مضان بعض الفتاوى والنوازل كتلك التي قدمها الونشريس ي في كتابه القيم "املعيار املعرب عن‬
‫فتاوى علماء إفريقية واألندلس واملغرب"‪ ،‬ونوازل العالمة ابن األعمش العلوي الشنقيطي (ت‬
‫‪1107‬هـ‪1625/‬م)‪ ،‬الذي أفاد بجملة من الفتاوى التي تهم بعض القضايا املتعلقة بحياة املرأة‬
‫الصحراوية الشنقيطية‪.‬‬
‫غير أن هذه املؤلفات لم تكن سوى بداية فتح نقاش حول موضوع املرأة وشؤونها‪ ،‬إذ‬
‫سرعان ما برزت دراسات جديدة تكشف جانبا من حجم مشاركتها وإسهامها العلمي‪ ،‬حيث أشار في‬
‫هذا السياق املؤرخ أبو العباس أحمد بن خالد الناصري إلى أحد الوجوه النسائية التي سطع نجمها‬
‫في الدرس العلمي والفقهي واألدبي وهي زوجة السلطان املولى إسماعيل "خناثة بنت بكار" التي ذكر‬
‫‪3‬‬
‫أنها "كانت ذات جمال وفقه وأدب" ‪.‬‬
‫وهي نفس الشهادة التي تحدث عنها بإسهاب املؤرخ عبد الرحمان بن زيدان حيث قدم‬
‫مجموعة من املعلومات التي تعبر عن رفعتها األخالقية ونبوغها العلمي واألدبي وحنكتها السياسية‪،‬‬
‫حيث يقول في هذا الصدد‪" :‬فما نعلم واحدة من الحرائر التي دخلت دار الخالفة من أزواج موالنا‬

‫‪ - 1‬أبو عبد هللا العبدري‪ ،‬املدخل البن الحاج‪ ،‬مكتبة دار التراث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.246 .‬‬
‫‪ - 2‬ابن بطوطة‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.245 .‬‬
‫‪ - 3‬أحمد بن خالد الناصري‪ ،‬االستقصاء ألخبار دول املغرب األقص ى‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬مطبعة دار الكتاب‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،1956 ،‬ص‪.82 .‬‬
‫‪157‬‬
‫‪1‬‬
‫السلطان تشبه هذه السيدة وال تضاهيها همة وصيانة وعفافا ورزانة وعقل ومثانة دين" ‪ .‬إلى‬
‫جانب هذه الشخصية أورد املختار السوس ي في موضع آخر حديثا عن مريم الصحراوية في قوله‪:‬‬
‫"مريم هذه قرينة الشاعر محمد سالم ولد عبد الفتاح فكانت هذه السيدة العاملة حين نزلت مع‬
‫‪2‬‬
‫زوجها في إليغ تعلم البنات" ‪.‬‬
‫بيد أن هذا الحديث عن هذه النماذج من النسوة الحسانيات قد خصه الدكتور عباس‬
‫الجراري بمبحث رائع عرض فيه لصفوة من النوابغ في كتابه "ثقافة الصحراء" مثل‪" :‬زينب‬
‫النفزاوية" زوجة يوسف بن تاشفين‪ ،‬وقد اشتهرت بالجمال والرياسة والعلم‪" ،‬صفية بنت املختار"‬
‫كانت عاملة بالتجويد والتفسير والسيرة النبوية‪ ،‬و"هند" زوج الشيخ ماء العينين كانت عاملة‬
‫مشاركة‪ ،‬و"ميمونة بنت الشيخ الحضرمي" كانت راوية لألشعار وعاملة مشاركة‪ ،‬وأختها "ربيعة"‬
‫‪3‬‬
‫كانت أديبة وناقدة‪ ،‬وهما حفيدتان للشيخ ماء العينين ‪...‬‬
‫عموما فإن من أهم الدراسات التي لفتت االنتباه إلى الدور العلمي للمرأة الحسانية نذكر‬
‫العالم السوس ي الكبير محمد بن أحمد املانوزي (ت ‪1365‬هـ‪1940/‬م) الذي أشار إلى أن "فيهن‬
‫عاملات وأديبات وأقلهن بضاعة في الفقه التي معها املرشد املعين البن عاشر وأرجوزة القرطبي‪ ،‬ومن‬
‫األديبات من تحفظ قصائد املعلقات السبع‪ ،‬وغيرها من أيام العرب‪ ،‬وفيهن مدرسات للعلم في‬
‫جميع األوقات وجميع األنصبة‪ ،‬وقد شاهدنا امرأة وسطا تملي عليهن الشيخ خليال بال شارح‬
‫فخاضت في شرح متنه‪ ...‬وحولها من آخذات العلم ما يزيد عن ستين امرأة ويحضرن أيضا مجالس‬
‫‪4‬‬
‫العلماء الذكور كثيرا" ‪ .‬فضال عن تلك اللمحة املقتضبة التي أفردها الدكتور محمد الغربي حول‬
‫الحديث عن مكانة املرأة ووضعيتها داخل املجتمع الحساني في كتابه "الساقية الحمراء ووادي‬
‫‪5‬‬
‫الذهب" في جزئه الثاني‪ ،‬حيث أشار إلى األدوار التي تضطلع بها ‪ ،‬من خالل تتبعه ألهم املراحل التي‬

‫‪ - 1‬ابن زيدان عبد الرحمان‪ ،‬إتحاف أعالم الناس بجمال حاضرة مكناس‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬املطبعة‬
‫الوطنية‪ ،‬الرباط‪ ،1990 ،‬ص‪.17 .‬‬
‫‪ - 2‬محمد املختار السوس ي‪ ،‬املعسول‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬مطبعة النجاح‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1960 ،‬ص‪.57 .‬‬
‫‪ - 3‬عباس الجراري‪ ،‬ثقافة الصحراء‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1978 ،‬ص‪.30 -28 .‬‬
‫‪ - 4‬محمد املختار السوس ي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.89 .‬‬
‫‪ - 5‬محمد الغربي‪ ،‬الساقية الحمراء ووادي الذهب‪ ،‬دار الكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1979 ،‬ص‪.152 .‬‬
‫‪158‬‬
‫‪1‬‬
‫تمر فيها تربية الفتاة على يد أمها وصلتها بالتربية اإلسالمية ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الكتابات املحلية‪:‬‬
‫إن حضور الحديث عن وضعية املرأة الحسانية وحياتها في الكتابات املحلية ال يقل أهمية‬
‫عن باقي الدراسات السابقة‪ ،‬حيث تظل اإلشارات الواردة في ثناياها تتميز بالخجل والقصور اللهم‬
‫إذا استثنينا بعض الجهود املحدودة مثل "كتاب البادية" للشيخ محمد املامي الذي قدم عرضا‬
‫مطوال حول بعض تفاصيل الواقع االجتماعي والثقافي والسياس ي بأرض البيضان‪ ،‬يتخلله حديث‬
‫عن بعض العادات والقضايا التي تهم حياة املرأة الحسانية كعادات التجميل املتمثلة في ظاهرتي‬
‫‪2‬‬ ‫َّ َ‬
‫"الت ْبالح" وثقب األذنين‪ ،‬إذ اعتبرهما "أمرا مهما في إصالح األبدان وتهيئتها تهيئة الئقة" ‪ .‬إلى جانب‬
‫هذه الدراسة‪ ،‬أورد محمد بن املختار الكنتي في كتابه "الطرائق والتالئد في كرامات الشيخين‬
‫‪3‬‬
‫الوالدة والوالد" سردا حول نسب ومولد والديه معا في الباب األول من كتابه‪ ،‬فيما خص بقية‬
‫األبواب الستة لوالده متوجا كتابه بخاتمة عرض فيها حديثا مطوال عن كرامات والدته الجليلة‪.‬‬
‫وعالوة على هاتين الدراستين خص املحقق محمد فال بن عبد اللطيف لكتاب أحمد سالم‬
‫بن سيدي محمد املعنون "بأنساب بن اعمر ايديقيب" تراجم مهمة لبعض األسماء املذكورة في متن‬
‫نظم العالمة بما فيهم النساء "موليا عناية خاصة ل ذكر أمهات املترجم لهن وحتى جداتهن وذلك‬
‫‪4‬‬
‫حسب اإلمكان" ‪ .‬ويظهر هذا االهتمام طبيعة االلتفاتة التي ميزت هذا الباحث عن أقرانه في‬
‫التناول العرض ي لقيمة املرأة ومكانتها في املجتمع البيضاني‪ ،‬وبعض تفاصيل حياتها العلمية‪،‬‬
‫األدبية‪ ،‬الدينية وغيرها‪...‬‬
‫إضافة إلى ذلك عمل ا لشيخ محمد اإلمام بن الشيخ ماء العينين في كتابه "الجأش الربيط في‬
‫النضال عن مغربية شنقيط وعربية املغاربة في مركب وبسيط" على تناول املرأة من وجهة خاصة‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.153 .‬‬


‫‪ - 2‬محمد املامي بن البخاري الشيخ‪ ،‬كتاب البادية‪ ،‬منشورات زاوية الشيخ محمد املامي‪ ،‬نواكشوط‪ ،2007 ،‬ص‪.‬‬
‫‪.81‬‬
‫‪ - 3‬الكنتي الشيخ سيدي محمد‪ ،‬الطرائف والتالئد من كرامات الشيخين الوالدة والوالد‪ ،‬تحقيق عابدين بن باب‬
‫أحمد بن حم األمين‪ ،‬املعهد املوريتاني للبحث العلمي‪ ،‬نواكشوط‪ ،1993 - 1992 ،‬ص‪.12 .‬‬
‫‪ - 4‬بن سيدي محمد أحمد سالم‪ ،‬كتاب أنساب بني اعمر ايديقيب‪ ،‬تحقيق محمد فال بن عبد اللطيف‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت ‪ ،2001‬ص‪.4 .‬‬
‫‪159‬‬
‫بناء على تحديد ميز فيه بين نساء فئة حسان والزوايا واللحمة‪ ،‬حيث يقول في هذا الصدد‪" :‬وتمتاز‬
‫نساء الزوايا بالقراءة فهن يشاركن الرجل في العلم واالشتغال بسائر العلوم مع الصيانة وعدم‬
‫‪1‬‬
‫التبذل" ‪.‬‬
‫فيما عرض الباحث الخليل النحوي في كتابه "بالد شنقيط املنارة والرباط" لبعض مالمح‬
‫الحياة العلمية واإلشعاع الثقافي والجهادي والديني لبالد البيضان من خالل الجامعات البدوية‬
‫املتنقلة املعروفة محليا "باملحضرة"‪ ،‬وذلك من خالل التركيز على الجانب التعليمي للمرأة الحسانية‬
‫ودورها في التربية والتنشئة‪ ،‬حيث يقول في هذا السياق‪" :‬وقد كان من نتائج هذا االهتمام بتعليم‬
‫املرأة أن لعبت دور املدرسة األولى لتربية النشء فتلقن الطفل دروسه األولى من تعلم الحروف‬
‫الهجائية إلى تلقين القصص التاريخية‪ ،‬والقاعدة العامة أن وراء كل رجل عالم امرأة مهدت له‬
‫‪2‬‬
‫السبيل لاللتحاق باملحضرة في مرحلتها املتوسطة" ‪ .‬مشيرا في ذات السياق إلى بعض النساء اللواتي‬
‫سطع نجمهن في مجال التدريس باملحضرة مثل "خديجة بنت محمد العاقل" وهي عاملة جليلة‬
‫‪3‬‬
‫وشيخة محضرة أخذت عن والدها وأخذ عنها علماء أجالء" ‪.‬‬
‫أما بخصوص بعض عادات املرأة الحسانية فقد أثار الباحث محمد املختار ولد السعد إلى‬
‫أن "امللحفة تعتبر لباس املرأة الحسانية الوحيد التي تتباين نوعيتها حسب املنزلة االجتماعية‪ ،‬في‬
‫‪4‬‬
‫حين ترتدي الفتاة الصغيرة الدراعة أو إزارا أو شيئا من هذا القبيل دون امللحفة" ‪ .‬بيد أن ما‬
‫نالحظه حول هذه الكتابات املحلية أنها لم تتطرق للمرأة الحسانية بشكل مباشر‪ ،‬وإنما جاء‬
‫حديثها عنها في إطار أحكام وفتاوى كانت تعالج مسائل الزواج والطالق وبعض العادات‬
‫االجتماعية‪ ،‬وبالتالي فهي مصادر مهمة ملحاولة رصد مكانة املرأة داخل املجتمع الحساني‪.‬‬
‫‪ - 3‬الوثائق املحلية‪:‬‬
‫قد تختلف الرؤية املحلية مع منطوق الوثائق األجنبية‪ ،‬وقد تجافيها من حيث صيغ التعبير‬

‫‪ - 1‬اإلمام محمد الشيخ بن الشيخ ماء العينين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.37 .‬‬
‫‪ - 2‬النحوي الخليل‪ ،‬بالد شنقيط املنارة والرباط‪ ،‬املنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪ ،1987 ،‬ص‪.289 .‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.512 .‬‬
‫‪ - 4‬ولد السعد محمد املختار‪ ،‬إمارة الترارزة وعالقاتها التجارية والسياسية مع الفرنسيين من ‪ 1703‬إلى ‪،1860‬‬
‫الجزء األول‪ ،‬منشورات معهد الدراسات اإلفريقية‪ ،‬سلسلة بحوث ودراسات رقم ‪ ،11‬الرباط‪ ،2002 ،‬ص‪.215 .‬‬
‫‪160‬‬
‫وزوايا النظر‪ ،‬غير أنها تتفق معها في التعبير عن خصوصية موقع املرأة ودورها في املنطقة‪ ،‬فالرواية‬
‫التاريخية صريحة في أن املرأة ضمن هذا الحيز كانت ذات أهلية اجتماعية كاملة "تفعل ما شاءت‬
‫‪1‬‬
‫من غير اعتراض عليها وال مراقبة" ‪.‬‬
‫وعلى املستوى السياس ي يتحدث املؤرخون عن أن النساء في هذه املنطقة كن حاضرات في‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫املشهد يعزلن ويولين ‪ ...‬وكن يورثن السلطة ألبنائهن بينما ال يتاح ذلك إلخوتهن ‪.‬‬
‫وفي تقاليد اإلفتاء (املنظومة القانونية التقليدية) رخص فقهاء البادية املوريتانية االختالط‬
‫‪4‬‬
‫املتعارف في أعراف الناس ما لم يخرج عن ضوابط الشرع والعالقات املتوازنة داخل املجتمع ‪،‬‬
‫فالرجال والنساء معا تستدعي منهم ظروف االنتقال ‪ -‬دائما ‪ -‬والتعرض لألوضاع االستثنائية ‪ -‬غالبا‬
‫‪ -‬أن يتبادلوا األدوار في عديد األحيان‪ ،‬بل إن ثنائية الذكورة واألنوثة ربما تنتفي عند البدوي من‬
‫‪5‬‬
‫حيث الوظائف االجتماعية تبعا ملقتضيات الواقع اليومي‪.‬‬
‫ومع أن العوائق الطبيعية وظروف الصراعات القبلية فضال عن معطيات الثقافة العربية‬
‫الوافدة (خصوصا ابتداء من الهجرات الحسانية) لم تسمح بتفتق مواهب النساء بنفس املستوى‬
‫الذي كان للرجال‪ ،‬فإن نظرة سريعة على سير العلماء في هذه األرض ترينا ما للنساء من دور علمي‬
‫وتربوي ملحوظ‪ ،‬إذ ال تخلوا أغلب األسانيد العلمية في حلقة من حلقاتها من اسم امرأة‪ .‬وتبعا‬
‫لذلك عرفت هذه البالد نساء تصدرن لتدريس مختلف الفنون من منطق وعقيدة وفقه وأدب‬
‫وتاريخ‪ ،‬هذا فضال عن دورهن الرائد في تحفيظ القرآن وتدريس املتون األولية كنظم ابن عاشر‬
‫ومختصر األخضري وكاألجرومية ونظمها‪ ،‬ومن ذلك نسوق املثال التالي‪:‬‬
‫ـ الشاعرة "اللة عيشة بنت األزرك (ق ‪13-12‬هـ‪19-18/‬م)‪ :‬زوجة الشيخ سيد املختار الكنتي‪،‬‬
‫تقتصر معظم ترجماتها على أنها كانت تضطلع بمهمة تدريس النساء بالزاوية الكنتية‪ ،‬إال أن طريقة‬

‫‪ - 1‬املختار بن حامد‪ ،‬حياة موريتانيا‪ :‬الحياة الثقافية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬تونس‪ ،1990 ،‬ص‪.‬‬
‫‪.179‬‬
‫‪ - 2‬الناني ولد الحسين‪ ،‬صحراء امللثمين‪ :‬دراسة لتاريخ موريتانيا وتفاعلها مع محيطها اإلقليمي خالل العصر‬
‫الوسيط‪ ،‬دار املدار اإلسالمي‪ ،2007 ،‬ص‪.165 .‬‬
‫‪ - 3‬محمد املامي بن البخاري الشيخ‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.204 .‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.108 .‬‬
‫‪ - 5‬املختار بن حامد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.180 .‬‬
‫‪161‬‬
‫ذكرها في كتاب "الطرائف والتالئد في مناقب الشيخين الوالدة والوالد" البنها الشيخ سيدي محمد‬
‫تظهر أنها كانت شيخة له وليست مجرد والدة‪ ،‬ومن هنا يمكن اعتبارها شيخة للنساء بالغلبة ال‬
‫بالحصر‪ .‬تقول في إحدى قصائدها ذات الطابع الديني طلبا لحضور الكروب واختفاء اآلالم (وهو‬
‫دعاء ينشد عند الطلق من أجل والدة يسيرة) ما يلي‪:‬‬
‫إليك أنبت بما قد جنيت ‪ ...‬واآلن شكوت ملن هو هللا ‪ ///‬جعلت ارتجائي إلى ذي القضاء ‪...‬‬
‫مجيب الدعاء من قبل انقضاه‬
‫حمدت املحمود وأنتم شهود ‪ ...‬من يحيي املوؤد سألت رضاه ‪ ///‬خشيت املعاص ي وأخذ‬
‫النواص ي ‪ ...‬إلهي خالص ي أنت تواله‬
‫دعوت املجيب وهولي قريب ‪ ...‬وليس الطيب سوى مناداه ‪ ///‬ذكرت العيوب وماض ي‬
‫الذنوب ‪ ...‬يا قابل الثوب يا من هو هللا‬
‫‪ - 4‬الكتابات األجنبية‪:‬‬
‫حظيت املرأة الحسانية في ثنايا األبحاث الكولونيالية بالتفاتة دراسية ملحوظة تباين‬
‫حجمها من باحث آلخر‪ ،‬ولعل من أبرز الدراسات التي تضمنت بعض اإلشارات حول املرأة نذكر‬
‫على سبيل املثال الباحثة األنثروبولوجية الفرنسية صوفي كراتيني‪ Sophie Caratini‬التي خصت‬
‫قبيلة الرقيبات (الرگيبات) بمجموعة من الدراسات تضمنت في متنها حديثا عن حياة املرأة وتربيتها‬
‫بهذه القبيلة‪ ،‬حيث تقول في هذا الباب‪" :‬في تراب الرقيبات تتجول النساء بين العشائر والبطون‬
‫من أرض مفضلة إلى أخرى (‪ )...‬فالنساء ينتق لن من نسل األبناء الصغار‪ ،‬نحو نسل األبناء الكبار‬
‫الذين أثروا التحالف معهم (‪ )...‬إن كل امرأة تتطلع إلى أن يتزوجها ابن عم كبير‪ ،‬ألن أبناءها‬
‫سيحتلون مرتبة أفضل من تلك التي يخولها لها زواجها من ابن عم صغير‪ ،‬وفي الواقع فإن معظم‬
‫‪1‬‬
‫الزيجات تتم مع ابنة خال أو ابنة ع م حسب التصنيف ألن الجد املرجعي واحد بالنسبة للجميع" ‪.‬‬
‫وتضيف الباحثة صوفي كراتيني أن املرأة في املجتمع الصحراوي "ال تشارك في الحروب‪،‬‬
‫ويحظر ذهابها إلى األسواق‪ ،‬كما أنها ال تشارك في االجتماعات وتبدو ملتصقة بالخيمة حتى زواجها‪،‬‬

‫‪ - 1‬صوفي كراتيني‪ ،‬توزيع املجال والتراتبية لدى الرقيبات‪ ،‬ترجمة جماعة من الباحثين‪ ،‬منشورات رابطة أدباء‬
‫املغرب‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرباط‪ ،2001 ،‬ص‪.194 .‬‬
‫‪162‬‬
‫‪1‬‬
‫والفتاة الصغيرة تظل قريبة من أبويها" ‪ ،‬مما يبين أن أدوار املرأة ال تتجاوز فضاء الخيمة وهذا‬
‫معناه سلطة الرجل على الفضاء الخارجي‪.‬‬
‫إن تناول الباحثة لوضعية املرأة بقبيلة الرقيبات‪ ،‬ومن خاللها باقي القبائل الصحراوية‬
‫تقوم على معالجة دقيقة تحاول البحث في العالقات القرابية‪ ،‬وكيفية تجدد وإنتاج التحالف‬
‫وتمتين أواصر القرابة بالقبيلة‪ ،‬انطالقا من عنصر املرأة في ضوء عرف الزواج‪ ،‬حيث تقول في هذا‬
‫الصدد‪" :‬إن هناك زواجا لحميا يسير إيديولوجية اإلخوة‪ ،‬انطالقا من التضامن والتماسك القبلي‪،‬‬
‫موجها يبدأ من الصغار (مجموعة تعطي النساء) نحو الكبار (مجموعة تأخذ النساء) وهذا الزواج‬
‫‪2‬‬
‫يساعد عكس األول على إعادة إنتاج التراتبية الداخلية" داخل القبيلة بالصحراء‪.‬‬
‫إلى جانب صوفي كراتيني هناك دراسات أخرى همت بعض الجوانب من حياة املرأة‬
‫الحسانية على الرغم مما يعتريها من أحكام ومحدودية في رصد املعلومات‪ ،‬نذكر منها أبحاث‬
‫الفرنس ي‪ :‬بريزون ‪ ،Perysone‬جواكيم كاتيل ‪ Joachim Cattell‬ودوفورست ‪ Defurst‬وغيرهم‪...‬‬
‫لكن من بين أهم هذه األبحاث هناك دراسات الجغرافي الفرنس ي كاميل دولز ‪ Camille Douls‬التي‬
‫تتضمن إشارات مهمة عن واقع املرأة عند الرحل في املجتمع الحساني‪ ،‬حيث يقول‪" :‬إن الرحل رغم‬
‫بربريتهم وقسوتهم ينقلبون داخل خيامهم إلى قلوب مفعمة بالرحمة تجاه املرأة واألوالد‪ ،‬وهم ضد‬
‫التعدد‪ ،‬واملرأة عندهم تتمتع بقدر كبير من الحرية‪ ،‬وألنهم يعيشون في فضاء واحد (يقصد الرجل‬
‫واملرأة) فإنهم يتقاسمون الحياة بمتاعبها وأعمالها وبينهم وحدة وتوحد‪ ،‬وكذلك فاملرأة تتمتع بنفس‬
‫االمتيازات التي يستفيد منها الرجل وهي مساوية له وتقوم مقامه في حالة غيابه‪ ،‬وتسير شؤون‬
‫‪3‬‬
‫خيمتها (أوالد وخدم ومتاع) وعندهم ميزة تعليم اإلناث منذ الصغر مثل الذكور‪. "...‬‬
‫أما الرحالة الفرنس ي اآلخر "روني كايي" فيبالغ في وصف نساء املنطقة قائال بأنهن ال يجلسن‬
‫‪4‬‬
‫حتى لتناول طعامهن !!‪ ،‬ومع ما في هذا الوصف من كاريكاتورية قد يغديها موقف هذا الرحالة من‬

‫‪1 - Sophie Caratini, A Propos du mariage “arabe” Discours endogame et pratiques exogames:‬‬
‫‪l’exemple des Rgaybat du Nord-Ouest Saharien, Homme, N° 110, 1989, p. 33.‬‬
‫‪ - 2‬صوفي كراتيني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.194 .‬‬
‫‪ - 3‬العالية ماء العينين‪ ،‬اإلبداع النسائي في األدب الحساني‪" :‬التبراع" نموذجا‪ ،‬ضمن ندوة الثقافة الحسانية‪،‬‬
‫سلسلة ندوات ومحاضرات رقم ‪ ،8‬منشورات معهد الدراسات اإلفريقية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرباط‪ ،2003 ،‬ص‪.46 .‬‬
‫‪René Caillié, Voyage à Tombouctou, Tome I, La Découvert Poche, 2007, p. 141. - 4‬‬
‫‪163‬‬
‫املجتمع املحلي‪ ،‬فإنها على كل حال تبرز موقعا اجتماعيا تحتل النساء فيه وضعية املخدوم املدلل‪،‬‬
‫وهي وضعية لصيقة ظلت بتفكير الحساني وترجمتها األعراف واملأثورات الشفوية‪.‬‬
‫والدليل على هذه املكانة ما صرحت به الكتابات األوربية خالل القرن ‪ ،20‬ومنه ما كتبه‬
‫اإلسباني "كول أندري" ‪ Coll Andres‬عن املرأة الصحراوية التي أثنى على مكانتها باملجتمع بما نصه‪:‬‬
‫"إن املرأة داخل الخيمة لها سلطة على األبناء وكذا على الزوج‪ ،‬فالزوجة ليس وضعها مماثال ملا يقع‬
‫في الشمال من أعمال شاقة‪ ،‬فهذا الزوج يقدرها كثيرا ويعمل من أجلها وأجل العائلة‪ ،‬فهي‬
‫‪1‬‬
‫املحافظة على املال في الخيمة وهي التي تقوم باقتناء الحاجيات وتعتني باملنزل كمالكة له" ‪.‬‬
‫لقد تميزت املرأة في املجتمعات الرعوية (املجتمعات القائمة على الرعي والترحال من خالل‬
‫تربية املاشية وتتبع املراعي كما هو شأن املجتمع الصحراوي) بمكانية مميزة زمن الترحال‪ ،‬وقد‬
‫توقف الرحالة واملستكشفون سواء املحليين أو األجانب على قيمة املرأة ودورها في املجتمع‪،‬‬
‫فالرحالة الفرنس ي "كاميل دولز" أغرق في وصف املرأة الصحراوية قائال‪" :‬إنهن في األغلب جميالت‬
‫ولهن عيون كبيرة مذهلة يصفها الشعراء العرب مقارنينها بعيون الغزالن‪ ،‬وأسنانهن عجيبة وشكل‬
‫‪2‬‬
‫أجسادهن بشكل عام طابعها الجمال الوحش ي الجذاب" ‪ .‬فالتفاتة كاميل دولز هاته تبرز بقوة‬
‫مكانة املرأة الحسانية داخل النظام األسري باعتبارها مسؤولة عن تدبير خيمتها‪ ،‬وتقاسم زوجها‬
‫بعض األدوار داخل وخارج الخيمة بنوع من االنسجام واالحترام املتبادل‪ ،‬فوضعية املرأة هاته عند‬
‫رحل الصحراء جعلت كاميل يقر بشهادة مفادها وجود قواسم مشتركة بينها وبين املرأة األوربية في‬
‫وضعيتها كما سنتها املؤسسات الحديثة‪.‬‬
‫ـ املرأة الحسانية بين القيود االجتماعية ورهان املكانة‪:‬‬
‫إذا كان البعض يرى حرية لدى الفتاة الحسانية في مرحلة ما قبل الزواج‪ ،‬فاألبحاث تشير‬
‫إلى أن معظم الفتيات الحسانيات غبر راضي ات عن وضعهن في هذه الحالة‪ ،‬بل سخطهن الخاص‬
‫بمكانتهن في مجتمع ذكوري يمنح حرية أكبر للفتى ويتساهل معه في أخطائه وخطاياه املتعلقة‬
‫بسلوكاته وحياته الجنسية ويبرئه منها أحيانا‪ ،‬ما يشجع مواقف الالمسؤولية‪ ،‬لكن الفتاة تبقى في‬

‫‪ - 1‬محمد دحمان‪ ،‬الكتابات التاريخية اإلسبانية حول منطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب‪ :‬قراءة سوسيو‬
‫تاريخية‪ ،‬مجلة املناهل‪ ،‬العدد ‪ ،90 - 89‬منشورات وزارة الثقافة‪ ،‬الرباط‪ ،‬يونيو ‪ ،2011‬ص‪.70 .‬‬
‫‪ - 2‬كاميل دولز‪ ،‬خمسة أشهر لدى البيضان‪ ،‬ترجمة وتقديم حسن الطالب‪ ،‬منشورات مركز الدراسات‬
‫الصحراوية‪ ،‬الرباط‪ ،2015 ،‬ص‪.107 .‬‬
‫‪164‬‬
‫هذه املرحلة خصوصا رهينة تمثالت ومعتقدات وأساطير متعلقة بواقعها املعاش وبكيانها‬
‫الجسدي‪ ،‬بل شكلها الفيزيقي الذي يفرض عليها قيودا عائلية اجتماعية ورمزية ورقابة صارمة من‬
‫طرف األولياء واإلخوة الذكور‪ .‬ويرتبط هذا النوع من املجتمعات التقليدية الذي تعيش فيه هذه‬
‫الفتاة ارتباطا وثيقا بالعادات والتقاليد وامل عتقدات واألساطير التي تحمل والء لكل ما قدسه‬
‫األجداد‪ ،‬مع جهل األغلبية سبب هذا الوالء والتقديس‪.‬‬
‫ونجد الفتيات أكثر اهتماما بالزواج الذي ترى فيه الفتاة مفتاح التخلص من هذه القيود‪،‬‬
‫وبخاصة القيود العائلية والذكورية‪ ،‬وفرصة للدخول إلى عالم الجنسانية الواسع واملشروع‪ ،‬فهي‬
‫تتمنى الزواج بسبب القيود العائلية التي تعانيها مما يجعلها تترقب أي طلب للزواج وبأي شخص‬
‫كان يخلصها من تلك القيود‪ ،‬فيصبح بذلك الزواج في هذه الحالة الحل الوحيد الذي يجعل الفتاة‬
‫تتخطى هذه العقبة وتدخل باب الحياة الجنسانية‪ ،‬إضافة إلى انعكاسات الزواج على ذهنية‬
‫املتزوجة التي ترى مكانتها تسمو اجتماعيا ويصبح لها شأن يجعلها تنظر إلى غير املتزوجة‪ ،‬وإن كانت‬
‫أكبر منها سنا‪ ،‬نظرة تعال إلى حد مناداتها بالتصغير فتصبح هكذا العزباء "لعزيبة"‪.‬‬
‫ومن املؤكد فعال أن املرأة الحسانية ترى وزنها يزيد ومكانتها تعلو بزواجها في مجتمع ينظر إلى‬
‫الزوجة واألم نظرة تثمين واعتبار‪ ،‬ويجعلها تعلو سلم الترتيب االجتماعي واملعنوي والرمزي على‬
‫حساب الفتاة العازبة التي ال يكمن طموحها إال في الزواج‪ .‬كما تتفاوت القيمة االجتماعية بين‬
‫العذراء وغير العذراء حسب نوع املجتمع‪ ،‬فالرجل املقبل على الزواج يفضل في غالب األحيان أن‬
‫تكون زوجته بكرا‪ ،‬ما يمنحها قيمة أكبر من غيرها ويثبت عفتها في التمثالت السائدة‪.‬‬
‫تضفي العذرية على املرأة في نظر الرجل جماال يميزها عن غير العذراء وتضمن سالمة بدن‬
‫‪1‬‬
‫من يجامع البكر وحبها ووالئها له‪ ،‬وتعتبر املجتمعات العربية اإلسالمية من املجتمعات التي تمنح‬
‫العذراء قيمة خاصة‪ .‬والواقع أن البكر تجد نفسها مرغمة في إطار الزواج على قبول الجماع‬
‫واالفتضاض ولو لم يمتلئ قلبها بحب العريس‪ ،‬ألن هذا من واجبها وإن كان قلبها ملك رجل آخر‪ ،‬وال‬
‫‪2‬‬
‫تقدم البكر عذريتها هدية إال ملن يمتلئ قلبها بحبه بمنحه ما يمثل صفاءها‪ .‬وال تملك "الثيب" ما‬

‫‪ - 1‬البكر‪ :‬العذراء‪ ،‬واملصدر البكارة‪ ،‬والبكارة‪ :‬العذرة‪.‬‬


‫‪ - 2‬الثيب‪ :‬التي تزوجت وفارقت زوجها بأي وجه كان بعد أن مسها‪ ،‬وقد ثيبت املرأة تثيبا وهي مثيب مأخوذة من ثاب‬
‫يثوب إذا رجع‪ ،‬كأن الثيب بصدد العود والرجوع إلى النكاح‪ ،‬قال ابن األثير‪" :‬وقد يطلق الثيب على املرأة البالغة وإن‬
‫كانت بكرا‪ ،‬مجازا واتساعا"‪ .‬ينظر‪ :‬محمد عبد الرحمن يونس‪ ،‬الجنس والسلطة في ألف ليلة وليلة‪ ،‬مؤسسة‬
‫االنتشار العربي‪ ،‬بيروت‪ ،1998 ،‬ص‪.69 - 68 .‬‬
‫‪165‬‬
‫يعادل هدية البكر ملحبوبها في املخيلة الشعبية‪ ،‬ألن الرغبة في مجامعة البكر لدى الرجل هو‬
‫الرغبة في امتالك ما قد يفقد خالل ما سمي "املرة األولى"‪ ،‬أي االتصال األول خالل ليلة الدخلة‪،‬‬
‫بمنحه عذريتها وجسدها بل حياتها‪ ،‬مما قد يعزز رغبته ا لقوية في امتالكها وسلبها حريتها الذاتية‪،‬‬
‫لذلك فالرجل يفتخر باكتشاف زوجته بكرا ليلة زفافه‪ ،‬ألن هذا دليل على أنه األول في حياتها‪ ،‬لم‬
‫يسبقه أحد إلى امتالك جسدها‪ ،‬وهذه النزعة لدى الرجل تعبر عن حب التسلط الذي تربى عليه في‬
‫إطار مجتمع يتميز بالهيمنة الذكورية‪.‬‬
‫تمثل البكر في التمثالت السائدة النقاء والجمال‪ ،‬إضافة إلى اعتبارها أفضل صحيا بنظر‬
‫الرجل الذي سيجامعها‪ ،‬وترجع نزعة الرجل إلى السيطرة في عالقته مع املرأة إلى تمثالت اجتماعية‬
‫تحمله على التسلط والهيمنة وحب امتالك ما ال يكون قد سبقه إليه غيره‪ ،‬ما يجعله أول من فتح‬
‫ذلك الصندوق املغلق وامتالك محتواه بدون منازع‪.‬‬
‫لكن املجتمع الحساني يتميز عن املجتمعات التي سبق وصفها بمميزات ال يمكن للمالحظ‬
‫أن يتجاهلها‪ ،‬خاصة تلك املميزات املتعلقة بموقف هذا املجتمع من البكر والثيب املقبلتين على‬
‫الزواج‪ ،‬واملالحظ أن الفتاة الحسانية املقبلة على الزواج ملزمة بالبرهنة على سالمة بكارتها إلثبات‬
‫شرف عائلتها وحسن تربيتها وأخالقها وفحولة زواجها‪ .‬وإذا كانت العذرية تحظى بقيمة معتبرة في‬
‫املجتمع الحساني كغيره من مجتمعات أخرى‪ ،‬فهذا ال يقلل من قيمة ومكانة الثيب لدى الرجال‬
‫الذين يضعون في املقام األول سمعتها الحسنة وشرفها‪ ،‬ويجدر بنا أن نسجل هنا أن هذا املجتمع‬
‫يضع ترتيبا وسلما يجعل فيه املرأة املتزوجة (ملرة املتعرسة) في املقام األول قبل الثيب (الهجالة)‬
‫التي تتبعها العزباء‪.‬‬
‫‪ - 1‬املرأة الحسانية املتزوجة (ملرة املتعرسة)‪:‬‬
‫يقصد بها املرأة املتزوجة املسماة بالحسانية "مرت راجل" أو "أعيال راجل" التي تحظى‬
‫بقيمة اجتماعية معتبرة والتي من الواجب احترامها‪ ،‬ألنها أصبحت مسؤولة وربة أسرة‪ ،‬حيث إنها‬
‫تملك سلطة داخل بيتها من خالل القيام بوظائف وأدوار كالتدبير والتسيير واالستقبال واإلكرام‪،‬‬
‫إلى جانب وظيفة اإلنجاب األساسية‪ ،‬وفي حالة ما إذ جمع رجل بين زوجتين أو أكثر فإن الزوجة‬
‫األولى املسماة بالحسانية "أم العايلة" تبقى األعلى شأنا وقيمة ولها كامل الصالحيات على اإلشراف‬
‫في التسيير والتدبير‪.‬‬
‫وبجب اإلشارة إلى ذلك التمييز بين الزوجات الذي يضعه املجتمع الحساني من خالل‬
‫تسميتهن‪ ،‬فتسمى الزوجة األولى "املرأة اللولة" أو "أم العايلة"‪ ،‬بينما تسمى الزوجة الثانية "الظرة"‬

‫‪166‬‬
‫‪1‬‬
‫بمعنى الضرة ‪ ،‬وهي دائما املرأة غير املرغوب فيها‪ ،‬ألنها تجلب حسب املعتقدات السائدة الشؤم‬
‫والضرر للعائلة التي تدخل عليها‪.‬‬
‫‪ - 2‬املرأة الحسانية املطلقة (الهجالة)‪:‬‬
‫يقال باللهجة املحلية "الهجالة" للمرأة املطلقة‪ ،‬أي املرأة التي تزوجت من قبل لكنها طلقت‪،‬‬
‫وهي الثانية من حيث الترتيب حسب القيمة االجتماعية‪ ،‬ألن الرجل الحساني يفضل التزوج‬
‫بالثيب‪ ،‬ويرجع سبب هذا التفضيل إلى خبرة "الهجالة" الجنسانية وتجاوزها العوائق التي تعترض‬
‫البكر في هذا امل جال‪ ،‬من أهمها الخجل الذي قد يؤثر سلبا في حياة أغلبية الفتيات ذوات الخبرة‬
‫املحدودة عند الزواج‪ .‬ولقد جاء في كتاب "النزوع الجنس ي األنثوي" لجاك أندريه أن فرويد "كان‬
‫‪2‬‬
‫ينطلق على نحو ما من نصيحة أن جرت العادة على أن الزواج الثاني يكون أفضل" ‪.‬‬
‫فاملرأة املطلقة (الهجالة) تجعل الرجل مطمئنا ومرتاحا بتخفيف أعبائه الكثيرة ليلة زفافه‪،‬‬
‫حيث هو غير مطالب بإثبات قدرته على فض غشاء البكارة وإظهار رجولته‪ ،‬كما أنه لن يضيع وقتا‬
‫لترويضها على الحياة الزوجية والجنسية‪ .‬بقول الرجل الحساني في هذا الصدد يمدح فيه‬
‫"الهجالة" كقول أحدهم إن طالق املرأة يزيدها شهرة عند الرجال بتفضيلهم لها بسبب خبرتها‬
‫الجنسية‪:‬‬
‫تـهـجـالك ذل هــون شـاع زادك ع ـنــد الــرجــالــة‬
‫بـيــك أل يـخـتـيـروك قـاع ال ــرجــال ــة ه ـج ــال ــة‬
‫ومما يجعل املرأة الحسانية في موقف يمكنها من مواجهة أزمات نفسية واجتماعية قد‬
‫تحطم مصير حياة املرأة في بيئات أخرى غير البيئة الحسانية‪ ،‬تلك املواقف والتمثالت الخاصة‬
‫بفك الرابطة الزوجية والتي تحفظ لها مكانتها في املجتمع‪ .‬فهناك عادة خاصة باملجتمع الحساني‬
‫تجعل أهل املرأة املطلقة يستقبلونها بدون تذمر ويحتفلون بالحدث عند نهاية عدة الطالق‪ ،‬فيقام‬
‫لها حفل ال تقل حرارته عن حرارة حفل الزفاف‪ ،‬وذلك تعبيرا عن ما ُيعتبر في حالتها تخلصا من‬
‫حياة زوجية أصبحت غير مرغوب فيها‪ ،‬وقد يكون الحفل الذي ُينظم بهذه املناسبة فرصة إلعالن‬
‫أحد املعجبين بها عن رغبته في الزواج بها‪ ،‬ألن املرأة املط لقة تبقى في نظر الرجل الحساني هي املرأة‬

‫‪ - 1‬الضرة‪ :‬امرأة زوجها‪ ،‬وهما ضرتان‪ ،‬جمع ضرائر (بينهم داء الضرائر) أي الحسد‪.‬‬
‫‪ - 2‬جاك أندريه‪ ،‬النزوع الجنس ي األنثوي‪ ،‬ترجمة إسكندر معصب‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫بيروت‪ ،2009 ،‬ص‪.51 .‬‬
‫‪167‬‬
‫املفضلة لخبرتها املكتسبة خالل الزواج األول‪ ،‬والتي تكون قد مكنتها من التحرر من الخجل الذي‬
‫تربت عليه ومن الخوف الذي ُزرع فيها وهي فتاة‪ .‬هكذا يرى املجتمع الحساني في املرأة املطلقة امرأة‬
‫اكتسبت توازنا نفسيا وتجربة تجعلها ذات استقاللية‪ ،‬ومكانة تمنحها حرية اختيار شريك لحياتها‪،‬‬
‫وتحمل صالحياتها في مجال الرغبة والتمتع والتفاعل الجنس ي‪.‬‬
‫في املجتمع الحساني القديم نرى صورة أخرى للمطلقة مختلفة تماما عن الصورة التي‬
‫ترسم لها مجتمعات أخرى‪ ،‬ونرى نظرة أخرى لها ال تمت بش يء إلى ما رأينا‪ ،‬فاملطلقة الصحراوية‬
‫تعود مكرمة محترمة إلى بيت أهلها‪ ،‬وبدل أن ينبذها املجتمع يحتفل ويحتفي بها‪ ،‬في الصحراء تعود‬
‫ُ‬
‫املطلقة مع أبنائها إلى بيت وأسرة والديها لتعيش بينهم كما كانت مدللة معززة خاصة إذا طلقت من‬
‫زوجها األول‪.‬‬
‫إن استقبال املطلقة بحفاوة في الصحراء من طرف األسرة واملجتمع يرجع إلى عدة عوامل‬
‫مختلفة منها‪:‬‬
‫‪ .‬أوال‪ :‬أن املجتمع يشعر بما قد يخلفه الطالق من وقع نفس ي على املطلقة فيحاول‬
‫التخفيف عنها‬
‫ُ‬
‫‪ .‬ثانيا‪ :‬يحس األبوان ببعض املسؤولية تجاه فشل زواج ابنتهم خاصة إذا طلقت من زوجها‬
‫األول‪ ،‬فكما رأينا من قبل كانت البنت حفاظا على العفة تعتبر أن تدخلها في زواجها للمرة األولى هو‬
‫عيب ال يغفر‪ ،‬املجتمع من جانبه كان أيضا يحرض البنت الثيب بواسطة الكثير من العادات‬
‫والتقاليد أن تحزن للزواج بدل أن تفرح‪.‬‬
‫إن عادات مثل هذه جعلت كلمة الوالدين هي الفصل في تزويج البنت زواجها األول‪ ،‬أي أن‬
‫الوالدين هما املسؤوالن عن اختيار الزوج األول‪ ،‬وكنتيجة لذلك إذا صلح الزواج فهو مسؤوليتهما‬
‫وإذا انتهى بالطالق فهو مسؤوليتهما‪ ،‬أيضا فاستقبال املطلقة بحفاوة في املجتمع الحساني يرجع في‬
‫غالب األحيان إلى أن ال مسؤولية لها في اختيار الزوج األول‪ .‬كما أن الطالق في هذا املجتمع هو‬
‫ظاهرة وهو في نفس الوقت سهل للغاية‪ ،‬هو ظاهرة ألن نساء الصحراء قديما كن متشددات في‬
‫تعاملهن مع تجاوزات أزواجهن‪ ،‬وكن أيضا حساسات لكل ما يتعلق بقضية كرامتهن‪ ،‬فمثال كلمة‬
‫واحدة في غير محلها من الزوج قد تدفع املرأة رغبة منها في الحفاظ على كرامتها إلى طلب الطالق من‬
‫زوجها‪ ،‬كان أيضا سهال ألن املرأة ال تخاف تبعاته‪ ،‬فاملطلقة ستعود إلى خيمة والديها لتعيش معهم‪،‬‬
‫ولن تتشرد أو تتعرض لتحقير أو تجريح وستتزوج‪.‬‬
‫يضاف كذلك إلى أن سبب طلب الطالق من طرف املرأة باإلضافة إلى أنه قد يكون ملجرد‬
‫كلمة بذيئة من طرف الزوج‪ ،‬قد يحدث أيضا بسبب مجرد إشاعة أو خبر سمعته حول رائحة‬
‫‪168‬‬
‫عالقة ما لزوجها مع نساء أخريات‪ ،‬ففي الكثير من األحيان يقال إن فالنة طلبت الطالق ألن "زوجها‬
‫َّ‬
‫طول عليها العين" (أي أصبح ينظر إلى نساء أخريات غيرها)‪ ،‬وال تكمن سهولة الطالق في كل ما‬
‫ذكرنا فقط‪ ،‬فهو سهل أيضا ألنه يمكن أن يحدث بين ليلة وضحاها‪ ،‬أي أنه ال يحتاج إلى إجراءات‬
‫إدارية وال إلى انتظار أو أية تعقيدات مهما كان نوعها‪ ،‬فيكفي فقط حتى يتم الطالق أن يقول الزوج‬
‫لزوجته أنت طالق ويكتب رسالة طالقها ويعطيها لها أو ألحد أقاربها أو للقاض ي‪ ،‬ورغم أن اإلسالم‬
‫يشترط في الطالق تكرار كلمة "أنت طالق" ثالث مرات من طرف الزوج إال أن رسالة الطالق املكتوبة‬
‫ضرورية عند املجتمع الحساني‪ ،‬فإذا حدث الطالق لفظيا فقط ال يصدقه الناس‪ ،‬وحتى الزوجة‬
‫حين يقول لها زوجها "أنت طالق" تقول له‪" :‬أعطيني رسالتي ذريك أباش اتجد علي"‪ ،‬أي أعطيني‬
‫رسالة طالقي حتى أصدق‪ .‬كان الناس أيضا حين يسمعون أن امرأة لها ذرية وعالقتها جيدة دائما مع‬
‫ُ‬
‫زوجها طلقت يقولون‪" :‬نقرأ رسالة طالقها ما صدقت"‪ ،‬أي‪ :‬أقرأ رسالة طالقها ما صدقت ذلك‪.‬‬
‫وعموما كانت املطلقة في املجتمع الحساني تعود مكرمة ومعززة إلى أهلها ويتم استقبالها‬
‫بحفاوة في بي ت أهلها وتعود كما كانت ابنتهم ومنهم‪ ،‬وليس هذا فقط‪ ،‬فاملجتمع كان يولي عناية‬
‫خاصة أيضا بأبناء البنات ويفضلهم في الحفاوة والتكريم على أبناء األبناء‪ ،‬ففي الثقافة الشعبية‬
‫أن "اللي جاع أيكيس أخوالوا واللي خاف إكيس أعمامو"‪ ،‬واملقصود من أحس بالحاجة عليه أن‬
‫يذهب إلى أخواله ومن أحس بالخوف فليذهب إلى أعمامه‪.‬‬
‫‪ - 3‬العزباء‪:‬‬
‫تحتل العزباء مرتبة دون مرتبة املرأة املتزوجة واملرأة املطلقة‪ ،‬وذلك لقلة خبرتها االجتماعية‬
‫والجنسية‪ ،‬فاملرأة املحظوظة في املجتمع الحساني هي املرأة املتزوجة أو املرأة التي سبق لها وأن‬
‫تزوجت‪ ،‬خالفا للفتا ة العزباء التي ال يزال الغموض يخيم على مصيرها باحتمال تقلص فرصها في‬
‫الزواج‪.‬‬
‫ترى البكر أنها مقيدة بما تحمله من مميزات فيزيولوجية مرتبطة بجسدها وما تتحمله من‬
‫مسؤولية متعلقة باسم املجموعة التي تنتمي إليها عائلة أو قبيلة‪ ،‬ألن عدم دخولها الحياة الزوجية‬
‫يجعلها ف ي محطة مركزية حساسة في املجتمع‪ .‬كما أن الرجل في مثل هذا املجتمع يجد نفسه ملزما‬
‫في فترة من حياته من الزواج من فتاة عذراء حسب االعتقاد السائد الذي يجعل املتزوج ببكر‬
‫يستفيد من شفاعتها يوم القيامة شرط أن تكون صالحة‪.‬‬
‫إن االرتباط بعذراء نزيهة وصالحة يمنح نوعا من الطهارة للزوج الذي يقترن بها عكس الزواج‬
‫بالثيب التي قد استفاد من طهارتها زوجها األول‪ ،‬هذا كله برهان على قيمة العذرية غير املعلن عنها‬
‫بطريقة مباشرة وجلية والتي رغم إعاقتها املسار املعاش للزوجين في مرحلته األولى خاصة‪ ،‬تعطي‬
‫‪169‬‬
‫أمال في حالة طهارتها في النجاة يوم اآلخرة‪.‬‬
‫هكذا نرى الرجل الحساني يلجأ غالبا إلى الزواج بالعزباء في حالة ما إذا سبق له أن تزوج‬
‫بثيب‪ ،‬ما يؤكد رغبته في التمتع بكل حرية بحياة جنسية مالئمة ال تعيق أمله في ما يتعلق بطموحاته‬
‫األخروية‪ ،‬ألن اآلخرة تبقى في النظرة السائدة املكان األنسب للتمتع بحوريات الجنة ذات العذرية‬
‫الخالدة‪.‬‬
‫ـ صورة املرأة الحسانية من خالل األمثال الشعبية‪:‬‬
‫تعد األمثال من التعبيرات اللغوية والثقافية املوجزة تركيبيا‪ ،‬وأحد مصادر الحكمة والتربية‬
‫والتثقيف التي يتداولها أفراد املجتمع فيما بينهم من أجل ضرب املوعظة والعبرة لضبط السلوك‬
‫‪1‬‬
‫وتقويم االعوجاج‪ ،‬ولهذا "فهي تشكل مورد الثقافة اللغوية واالجتماعية" ‪.‬‬
‫وتعتبر األمثال الشعبية من "أهم روافد األدب الحساني‪ ،‬فهي صيغ قولية وعبارات إنشائية‬
‫وحصيلة إرث قولي يعبر عن حقائق مألوفة وأعراف اجتماعية وظواهر ثقافية سائدة داخل‬
‫املجتمع‪ .‬من ثم فاألمثال الشعبية الحسانية ترتكز على األشياء الجوهرية والثابتة في حياة وتجارب‬
‫الناس‪ ،‬وترسم صورة ذاكرتهم الفردية والجماعية التي تتجدد وتتحول في ارتباطها باألرض‬
‫‪2‬‬
‫واملحيط‪. "...‬‬
‫وتعكس األمثال الشعبية الحسانية حياة املجتمع البيضاني بمختلف تجلياتها‪ ،‬فنقرأ فيها‬
‫ثقافته‪ ،‬كما نجد ضمنها معتقداته الدينية‪ ،‬هذا فضال عن املثل واألخالق التي تشبت بها هذا‬
‫املجتمع والتي تشكلت والتأم نسيجها على مر قرون من الزمن‪ .‬كما أن املجتمع نفسه بمكوناته‬
‫وتشكالته السياسية واالجتماعية التقليدية‪ ،‬واألجيال وصراعها والرجل واملرأة وعالقاتهما‬
‫املتعددة‪ ،‬وإح ساسات الفرد وطموحاته تتجلى في األمثال‪ .‬ولئن كانت هذه األمثال تغطي كل مناحي‬
‫حياة املجتمع البيضاني الدينية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬السياسية والثقافية فهي بذلك تعكس‬
‫وبحق ذهنية هذا املجتمع على مختلف املستويات وتمثالته حول األشياء‪.‬‬
‫لقد استقطبت األمثال كل هذه الحيثيات في أسلوب موجز ولغة أدبية وتصوير فني رفيع‪،‬‬

‫‪ - 1‬العجمي فاتح شيب‪ ،‬دراسات في الثقافة واملوروث‪ :‬االنتشار العربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬القاهرة‪ ،2008 ،‬ص‪-149 .‬‬
‫‪.150‬‬
‫‪ - 2‬إبراهيم الحيسن‪ ،‬الشفهي والبصري في املوروث األدبي والجمالي الحساني‪ ،‬سلسلة أبحاث‪ ،‬منشورات وزارة‬
‫الثقافة‪ ،‬مطبعة دار املناهل‪ ،‬الرباط‪ ،2010 ،‬ص‪.71 .‬‬
‫‪170‬‬
‫جعل األدباء الفصحاء ينهلون من هذا املعين ويغوصون في هذا الرافد الغني‪.‬‬
‫‪ - 1‬صورة التقدير واالحترام‪:‬‬
‫َ‬ ‫الس ْات َرة ْ‬
‫تس ْتر َم ْرت ْين‪ :‬أي أن املرأة املتخلقة والنموذج تستر مرتين إزاء مفاتنها أوال‪ ،‬وحيال‬ ‫* َّ‬
‫زوجها ثانيا‪ ،‬بحيث ال تبدي لآلخرين سوى محاسنها‪ ،‬وذلك احترازا من ألسنة الناس وحفاظا على‬
‫‪1‬‬
‫العرض وعرى بيت الزوجية ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫* أ ِ ّل ْأبال ْمنات ما تعرف الناس أ ْين َت مات‪ :‬ومعناه أن من ليس له بنات ال تعرف الناس متى‬
‫مات‪ ،‬وهو مثل يضرب للتنويه بمكانة البنات في املجتمع البيضاني خاصة لدى والديهن‪ ،‬فهن‬
‫مصدر العطف والحنان الذي ال يجاريهن فيه األوالد‪ ،‬ويتبدى ذلك في حجم النحيب الذي يصدرنه‬
‫عند فقدان والديهن مما يثير أنظار ومسمع أهل الجوار لتعزيتهن‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ َ َ ْ َ ْ َ ْ ْ َ ْ ُ َ‬
‫وال َنا ل َع ْاد أطو ْ‬ ‫ْ َ ََْ ْ ْ َ َ‬
‫يل‪ :‬ومعناه إذا قالت لك‬ ‫ِ‬ ‫حاس أل تبارك أمعاه واطلب م‬ ‫* ملرا لگالتلك أجهر ِ‬
‫املرأة احفر بئرا‪ ،‬فما عليك إال أن تتمثل لذلك وتسأل هللا أال يكون طويال‪ ،‬وفي هذا املثل مبالغة في‬
‫ضرورة احترام الرجل لرأي املرأة‪ ،‬وعدم معاندتها‪.‬‬
‫َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ََْ ْ ْ ْ َ‬
‫مايم ل ْج َو ْاد وأن َع َاي ْل لكال ْب‪ :‬أي أن النساء في املجتمع البيضاني يمثلن عمائم‬ ‫* لعليات أع‬
‫الكرام‪ ،‬فمن يعاملهن من الرجال معاملة حسنة تليق بمكانتهن املحترمة في مجتمعهن يصنف‬
‫ضمن األفاضل‪ ،‬ومن يعاملهن عكس ذلك يدخل في خانة الكالب واللئام‪.‬‬
‫ش املَ ْع ُل َ‬
‫ومة َما ْيط ْ‬
‫يح‪ :‬أي أن مكانة املرأة الكريمة التي تعرف بحسن الضيافة والجود‬ ‫* ْد َب ْ‬
‫ِ‬
‫(خاصة إذا كان زوجها غائبا) دائما متميزة بين أفراد القبيلة الذين يعترفون لها بحسن صنيعها‪.‬‬
‫ْ‬
‫اجل رزقو تحت اگ َد ُامه‪ :‬أي أن املرأة البيضانية ال تخرج للبحث‬ ‫* ملْ َرا ْر َز ْق َها َت ْح ْت َگ ْاي َم ْت َها َّ‬
‫والر َ‬
‫عن الرزق‪ ،‬وغير مطالبة بذلك‪ ،‬عكس الرجل الذي يتوجب عليه أن يبحث عن الرزق أينما كان‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ َّ َ‬
‫* َع َّزة الط ْفلة َم ْن أ ْم َها‪ :‬أي أن الفتاة البيضانية إذا كانت محبوبة من طرف أهلها خاصة من‬
‫أعمامها فذلك من حسن معاملة أمها ألصهارها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ات ْاف َر ْ‬
‫أل ما ُ‬ ‫ْ‬
‫اس َها اتر ْاه ف َم ْن ْت َها‪ :‬أي أن املرأة البيضانية ما لم تجده في نفسها حتما‬ ‫* مل َرا ِ ّ ر‬
‫سيتحقق في ابنتها بفعل تصميمها على تربيتها وحسن رعايتها‪.‬‬
‫* اللي أمعاه املرة أمعاه موالنا‪ ،‬ومعناه أن للمرأة بركة ويمنا وأن البيت ال بد له منها‬
‫َّ‬ ‫الضفي َرة َت ْ‬ ‫َ ّ َ‬
‫بات ْت عليه ْ‬
‫ص َب ْح ْع ِليه الل ْح َية‪ :‬أي أن كل ما يشغل تفكير املرأة‪ ،‬إال والرجل‬ ‫ِ‬ ‫* أ ِل‬

‫‪ - 1‬علي أفرفار‪ ،‬صورة املرأة بين املنظور الديني والشعبي والعلماني‪ ،‬دار الطليعة ‪ ،‬بيروت‪ ،1996 ،‬ص‪.58 - 57 .‬‬
‫‪171‬‬
‫يعمل على تحقيقه لها‪ ،‬وهذا ما يدل على املكانة املتميزة التي تحظى بها املرأة البيضانية لدى زوجها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫* مل َرا تكد تبني ياسر من لخيام والراجل ما اكد يبني وحدة‪ :‬املراد من هذا القول أن الرجل‬
‫رغم قوته الجسدية وادعائه التفوق على املرأة في كل ش يء إال أنه يفتقد قوة طبيعية أخرى ال‬
‫تمتلكها إال املرأة هي قوة الصبر والجلد‪ ،‬فكما نعرف جميعا فإن نسج وصناعة خيمة من الوبر هو‬
‫مهمة في غاية الصعوبة والتعقيد وتحتاج زمنا طويال من املعاناة وبرودة األعصاب‪ ،‬وإذا كنا نعتقد‬
‫أن هذا ليس هو التفسير املقصود لهذا القول فإنه من جهة أخرى قد يعني وهذا هو األرجح‪ ،‬أن‬
‫املرأة بصبرها ولباقتها تستطيع أن تنظم وتتحكم في تسيير مخيم عائلة كبيرة من األبناء والبنات‬
‫وهو ما ال يستطيع الرجل القيام به‪.‬‬
‫* خيمة ما فيها امرأة يموت ضيفها من الجوع‪ :‬إن املعنى املضمر في هذا املثل هو أن أية‬
‫خيمة ال توجد فيها امرأة فإن الحياة والكرم وحسن الضيافة معدومة فيها‪ ،‬وحتى لو كان الرجل‬
‫موجودا في الخيمة وموجود األكل وكل ش يء إال أن هناك بعض الخدمات املهمة التي ال تقوم بها إال‬
‫املرأة وحدها‪ ،‬إنه اعتراف ضمني من طرف املجتمع أن دور العائلة ال يكتمل في املجتمع إال بحضور‬
‫املرأة‪.‬‬
‫‪ - 2‬صورة االنتقاص‪:‬‬
‫ْ ْ ّ‬
‫واط ْ‬ ‫َْ‬
‫يح على رأسها‪ :‬أي أن املرأة البيضانية عندما تقحم نفسها في مجال‬ ‫* ملباركة تنهض ِ‬
‫خاص بالرجال كالقتال والحروب وغيرها‪ ،‬فإنها حتما ستفشل وتسقط على رأسها مهما كانت قوتها‬
‫‪1‬‬
‫ومكانتها في القبيلة‪ ،‬وهذا املثل يخص النساء اللواتي ينتمين إلى فئة حسان (أهل ملدافع) ‪.‬‬
‫* ملرا لعظيمة َت ْب َ‬
‫گ فالدار ْام ِگ َيمة‪ :‬أي أن املرأة إذا كانت عصبية املزاج أو حمقاء أو شريرة‬
‫سيتركها الزوج واألهل والجيران وتبقى وحدها في الدار‪ ،‬ألن محيطها لن يطيقها‪ ،‬مما يجعل التفاهم‬
‫والتعايش معها صعب التحقق واملنال‪.‬‬
‫گ بلية ما سببها أولية‪ :‬واملعنى ال توجد مشكلة إال واملرأة كانت سببها‬ ‫* َما َخ َال ْ‬
‫ْ َ‬
‫اح ْت عليه أن َوالة‪ :‬وهو قول سائر يضرب لكل من ازدادت لديه أنثى‪ ،‬واملقصود بـ‬ ‫* َط َ‬
‫"أنوالة" في اللهجة الحسانية املطبخ التابع للخيمة الذي تكون أسواره من أغصان الشجر اليابسة‪.‬‬
‫َ‬
‫* ش َاو ْر ملرا وال ِ ّأد ْير ْب َر ْاي َها‪ :‬أي استشر املرأة في أمورك وبعض شؤونك‪ ،‬لكن ال تأخذ بهذه‬

‫‪ - 1‬ولد البكاي بابا أحمد‪ ،‬جامع التراث الشعبي‪ :‬لغن وأزوان واألمثال الحسانية مع مضاربها في كيفان‪ ،‬املطبعة‬
‫الجديدة‪ ،‬موريتانيا‪ ،2002 ،‬ص‪.153 .‬‬
‫‪172‬‬
‫االستشارة في أفعالك‪.‬‬
‫َ‬ ‫* َأزْي ْن َأ َر ْاي ُه ْم ْي َر َّو ْح ْل َ‬
‫ص ْد َرة ِف َيها ل ْف َعة‪ :‬أي أن أحسن آراء النساء قد يقودك إلى شجرة بها‬
‫أفعى‪ ،‬واملقصود باملثل هو أن نصيحة املرأة ال تعود عليك بالخير أبدا‪.‬‬
‫تتبع الطفلة ْأمها‪ :‬أي أنه عندما يكون سلوك الفتاة س يء فإن‬‫لى فمها ْ‬ ‫الگد َرة ْع َ‬ ‫* ْاكف ْ‬
‫ِ‬
‫املسؤول عن ذلك هو األم ألنها تقلدها في كل ش يء‪.‬‬
‫* اتواس ي الطفلة اللي أكبر من أخالقتها‪ :‬معناه أن الطفلة تفعل ما هو أشنع من والدتها‪،‬‬
‫وهذا املثل يعكس نظرة املجتمع املتضايقة بميالد البنات‪.‬‬
‫* ملرا أخير فالها من احجابها‪ :‬معناه تفاؤل املرأة أفضل من تعويذاتها‪ ،‬من األمثال التي‬
‫تعكس نظرة املجتمع القديم للمرأة‪ ،‬يضرب لحث املرأة على التفاؤل‪.‬‬
‫* ملرا اللي خص من عقلها اديرو فحب الرجال‪ :‬ما نقص من عقل املرأة تعوضه بحب‬
‫الرجال‪ ،‬يضرب به لحث املرأة على عدم التفاني في حب الرجال‪.‬‬
‫* ملرا زرباية‪ :‬املرأة شجرة مقطوعة من توجه إلى جهتها غلبته‪ ،‬ومن أعطاها بظهره استطاع‬
‫جرها‪ ،‬يضرب لعدم الخضوع للنساء‪.‬‬
‫اع‪ :‬أي أن املبالغة في إعطاء هامش من الحرية للفتاة قد يجعلها‬ ‫للط ْف َلة ْش َب ْر َت َّط َام ْذ َر ْ‬
‫َّ‬ ‫* ْ‬
‫اع ِط‬
‫تتجاوز ح دودها‪ ،‬ولهذا يجب تقييد حريتها من طرف أسرتها للحفاظ على عرض وكرامة العائلة‬
‫كلها‪.‬‬
‫ْ َ ّ ُّ ْ َ َ ْ َ ْل ُّ ْ‬ ‫َ‬
‫الصوف‪ :‬أي أن املرأة التي تكثر من التجوال والتنقل ال تجد الوقت‬ ‫* ملرا ِلي الطوف ما تغز‬
‫الكافي لغزل الصوف أو القيام بأعمالها املنزلية‪ ،‬وبالتالي فهي ال يرجى منها أي خير‪.‬‬
‫فالفلون َو ْم َشات ْت َل َّود َّ‬
‫ُّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ َ ْ ْ َ َّ‬
‫للنار‪ :‬وهو مثل قيل في حق امرأة‬ ‫دارت الخ ْب َزة‬ ‫البك ْار‬ ‫* شطارت منت‬
‫تدعى "بنت البكار" كانت تدعي املهارة والحذاقة وهي في حقيقة األمر على العكس من ذلك ساذجة‪،‬‬
‫فصارت حادثة طهيها للخبز مضربا لكل امرأة تفتخر بنفسها وقدرتها على القيام باألعمال املنزلية‬
‫‪1‬‬
‫على أحسن وجه في حين أنها ال تتقن عمل أي ش يء ‪.‬‬
‫َ‬ ‫* َملْرَا َش ْي ْف َرة َّ‬
‫والراجل سافر ْام َعاه‪ :‬أي أن املرأة ال يمكن أن تعرف حقيقتها إال من خالل‬
‫املجاورة‪ ،‬عكس الرجل الذي يعرف منذ الوهلة األولى خاصة في السفر‪.‬‬

‫‪ - 1‬أخت البنين بنت محمد األمين بن اباه السباعي‪ ،‬قيد األوابد في األمثال الحسانية ذات الفوائد‪ ،‬مطبعة األطلس‪،‬‬
‫نواكشوط‪ ،‬ص‪.123 .‬‬
‫‪173‬‬
‫يح ْم ُدو َّ‬
‫الن ْع َمة‪ :‬أي أن املرأة ال تقتنع بما لديها‪ ،‬بل هي تتطلع دائما إلى‬ ‫س َما َ‬ ‫* ُلو َّلية ْ‬
‫والف َر ْ‬
‫ِ‬
‫أشياء أخرى‪ ،‬فكلما تحقق لها مطلب كلما رغبت في نشدان غيره‪.‬‬
‫‪ - 3‬صورة املرأة الحسانية في مؤسسة الزواج‪:‬‬
‫الن َد َايم‪ :‬أي أن إكثار الفتاة من رفض الخطاب الذين يطلبون يدها‬ ‫* ْرد َل ْع َم َايم يورث ْ‬
‫للزواج قد يورث لها الندم الحقا‪ ،‬حينها تبقى بدون أي عريس‪.‬‬
‫َ ْ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫* َما ْك َث ْر ْر َج ْ‬
‫ال املَ ْش ُد َ‬
‫ودة َوما گل ُهم إال تخالت‪ :‬ما أكثر رجال املتزوجة وما أقلهم إذا طلقت‪،‬‬
‫فاملرأة املتزوجة يطمع فيها الكثير من الرجال‪ ،‬وإذا طلقت نفروا منها جميعا‪.‬‬
‫اج ْل َس ْر َو ُ‬
‫ال‪ :‬أي أن من يتزوج بابنة عمه تكن له الغطاء الكامل وتحافظ على‬ ‫* َم ْن ْت َع ْم َّ‬
‫الر َ‬
‫شرفه وعرضه وأواصر قرابة دم عائلته وقبيلته‪.‬‬
‫َّ ْ‬ ‫بض َب ْخ َال ْلها َ‬ ‫ْ‬
‫إلى َما َوال ل َها‪ :‬أي ال يأخذ أو يمسك بطرف لحافها (امللحفة) رجل إال‬ ‫يگ ْ‬ ‫* ما‬
‫ورجع ليتزوجها‪ ،‬يضرب للمرأة املحظوظة‪.‬‬
‫َ َّ‬
‫* لعليات ْي ُم ُوتو َوي ْتخال ْو‪ :‬وهو مثل يضرب للنساء املطلقات ملواساتهن في محنة الطالق‪،‬‬
‫وتذكيرهن بأن املوت أشنع من هذا األخير‪ ،‬وذلك للتخفيف عنهن من آثار ذلك على نفسيتهن‪.‬‬
‫ماه َزْين املَ ْن َزل‪ :‬أي أن طول ُّ‬
‫التري ث ال يؤدي إال إلى االختيار األحسن‪،‬‬ ‫* ُطو ُل املَ ْر َيث َما فيه ُ‬
‫ِ‬
‫ومعنى ذلك أن على املرأة التروي قبل أخذ قرارها إزاء الزواج‪.‬‬
‫َ َ‬
‫ش راجل َع ْن غ َاية ثا ِني‪ :‬أي أن املرأة إذا طلقت من رجل معين قد تجد آخرا يتزوجها‪،‬‬ ‫* يم ِ‬
‫َْ‬
‫وقد تجد معه السعادة التي لم تكن قد حظيت بها مع سابقه‪.‬‬
‫گد ُأمو‪ :‬أي من أراد املنفعة والخير لنفسه‪ ،‬فليتزوج امرأة بسن والدته‪،‬‬ ‫أل ْب َغا َه ُّمو إج ْيبها ْ‬ ‫* ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألنها ستكون له الزوجة واألم واملعين في اآلن نفسه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫* ملرا ْبال أوالد ِكيف الخ ْي َمة بال أوتاد‪ :‬أي أن املرأة العاقر ال تستطيع الصمود أمام تقلبات‬
‫الزمن‪ ،‬فاألوالد مثل أوتاد الخيمة ضمانة الستقرارها‪ ،‬مهما كانت قوة الظروف املعاكسة‪ ،‬مما يعني‬
‫أن وجود املرأة في بيت الزوجية ال يعني شيئا دون إنجاب األوالد‪.‬‬
‫ْ َ ُ ْ َ َُ َ‬
‫الت ل ْخال أال ِه َّي‪ :‬أي أن الخيمة التي ال امرأة فيها أو ربة‪ ،‬أفضل منها الخالء‪،‬‬ ‫* خيمة بال م‬
‫وفي املثل تبيان واضح لقيمة املرأة في الخيمة والحياة الزوجية‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫* َول ْد َع ِ ّمي َب ْن َع ْاي ُلو وال َب َّرا ِني ْب ْح َم ْاي ُلو‪ :‬أي أن زواج البنت من ابن عمها أو من أحد أفراد‬
‫قبيلتها وإن كان فقيرا أفضل بكثير من زواجها بغريب من خارج القبيلة ولو كان ثريا‪.‬‬
‫َْ ْ َ ّ َ َْ‬
‫صل ْح َه ِ ّمي‪ :‬أي أن زواج املرأة من ابن عمها أصلح وأنسب لها من غيره‪ ،‬لكونه‬ ‫* ولد ع ِمي ي‬
‫‪174‬‬
‫الراعي ملصلحتها‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬
‫* ملرا ف ْبل ْد ْام َن ْي ْن َسال ْت َما ِهي ف ْبلد ْام َن ْين ْارَبات‪ :‬أي أن املكان الذي تتزوج فيه املرأة وتنجب‬
‫فيه األوالد الذي هو مكان تواجد أصهارها‪ ،‬يصبح هو مأواها وليس املكان الذي ولدت فيه أو‬
‫ترعرعت في أحضانه بين والديها‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وال ْن َواص ي وال َد ْيگة َم ْن َديگات ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬
‫لع َرب‪ :‬أي أن النساء عندما يتزوجن فإما‬ ‫ِ‬ ‫* ه َما أال گص ِ‬
‫اص ي‬
‫‪1‬‬
‫أن يكن مصدر خير ألزواجهن‪ ،‬أو مصدر شر وبالء عليهم ‪.‬‬
‫َ‬
‫سابك تخطب لولدك‪ :‬ألن الولد يبحث ويسأل عن التي يريد الزواج بها‪ ،‬أما‬ ‫* اخطب ملنتك‬
‫الفتاة فال يمكنها أن تفعل ذلك‪ ،‬لذلك فوالدها هو املسؤول عن اختيار شريك حياتها‪.‬‬
‫َ‬
‫* ضرسك إال وجعتك اكلعها ومنتك إال كبرت ودعها‪ :‬أي أن البنت عندما تكبر مصيرها‬
‫الزواج ومغادرة بيت أبيها‪.‬‬
‫* اللي يدور الالمة خصو يتعامى‪ :‬أي من أرادت أن تحافظ على بيت الزوجية وحسن‬
‫العشرة عليها أن تسامح وتغض الطرف عن بعض األشياء‪.‬‬
‫* ًلبار والسالمة وال عرس الندامة‪ :‬أي أن العنوسة وراحة البال أفضل من زواج ُيندم عليه‬
‫أشد الندم‬
‫* دار الطافيالت خالية‪ :‬أي أن من له الفتيات فقط دون الفتيان سيبقى منزله خاليا ألنهن‬
‫سيتزوجن يوما ما ويذهبن ملنازل أزواجهن‪.‬‬
‫* الطفلة إال بارت على سعدها دارت‪ :‬أن الفتاة ال بد أن تتزوج مهما انتظرت‪ ،‬واذا كانت‬
‫رزينة قد تفوز برجل ميسور الحال‪.‬‬
‫الح ْمية سوسة ومنتها ناموسة‪ :‬يقال في حق أخت الزوج وابنتها‪ ،‬صفة للعالقة التي تكون‬ ‫* َ‬
‫في الغالب متوترة بين الزوجة وشقيقة زوجها‪.‬‬
‫َّ ْ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ ْ َ ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫* َما خالگ َفالنار انويرة وال فلعاليات اطفيلة‪ :‬أي ال يوجد في النار نار صغيرة وال في النساء‬
‫طفلة بريئة‪ ،‬وهذا املثل يقال عند الخطوبة أو الزواج لإلقرار بأن الفتاة متى ما طلبت للعرس ال‬
‫يجب االعتماد في تبرير الرفض بكونها صغيرة السن أو ما شابه ذلك‪.‬‬
‫ـ املرأة الحسانية من خالل املعتقد الشعبي‪:‬‬

‫‪ - 1‬محمذن بن سيد ابراهيم السباعي‪ ،‬تهذيب األفكار في أدب الشعر الحساني املختار‪ ،‬املطبعة الجديدة‪،‬‬
‫نواكشوط‪ ،1992 ،‬ص‪.78 .‬‬
‫‪175‬‬
‫فيما وصل إلينا من تراث شفوي قديم ومعقد يستوقفنا أيضا أن هذا املجتمع مثله طبعا‬
‫مثل كل باقي املجتمعات الصحراوية كانت له معتقداته الخاصة به التي ابتدعها في بيئته‪ ،‬األكثر من‬
‫ذلك أن حضور املرأة وصورتها في املعتقد الصحراوي وفي الخرافات مثله مثل حضورها في األدب هو‬
‫أكثر بكثير من حضور الرجل‪ .‬ويعتقد الصحراويون اعتقادا يدعمه العلم أن ذكاء املرأة يسبق ذكاء‬
‫الرجل وأن قدراتها الجسدية والعقلية تنمو قبل الرجل بكثير‪ ،‬في هذا الصدد يقول الحكماء‬
‫الصحراويون‪" :‬الطفلة تسبق خالقتها" (البنت تسبق عمرها)‪ ،‬ويقولون أيضا "ما في النار نويرة وال‬
‫في النساء صغيرة"‪ ،‬أي أن أبسط شرارة من النار (نويرة) قد تشعل غابة أو مدينة‪ ،‬كذلك املرأة حتى‬
‫لو كانت صغيرة فهي قادرة على فعل ما يفوق سنها‪ .‬هناك تفسير آخر لهذا املثل يقول‪" :‬إن البنت‬
‫تستطيع أن تحمل وتتزوج وهي صغيرة السن"‪.‬‬
‫حين يموت الزوج كان الصحراويون يتركون الخيمة مبنية كأنما لم يحدث أي ش يء‪ ،‬أما حين‬
‫تموت الزوجة فإن الخيمة حتى لو كان الزوج حيا وكان هناك األبناء‪ُ ،‬تطرح وتفكك وتبنى في مكانها‬
‫خيمة أخرى لكن بركيزة واحدة بدل ركيزتين‪ ،‬وحين نقوم بقراءة لهذا املعتقد يمكن أن نصل إلى ما‬
‫يلي‪ :‬أن املجتمع كان يعتقد أن موت الزوج ال يؤثر على سير الحياة في العائلة وأن األم وحدها يمكن‬
‫ُ‬
‫أن تبقى تسير شؤون العائلة رغم صعوبة ذلك‪ .‬أما موت املرأة الذي كان يرافقه تفكيك الخيمة‬
‫‪1‬‬
‫فإن معناه الجلي أن العائلة بدون األم ال تستطيع أن تواصل االستمرار في القيام بدورها الطبيعي ‪.‬‬
‫في هذا املعتقد اعتراف مهم من طرف املجتمع الحساني القديم بدور املرأة واألم على وجه‬
‫الخصوص بجعل الحياة تسير بوضع طبيعي‪ .‬إن املعنى الخفي لبناء خيمة صغيرة بركيزة واحدة بعد‬
‫موت الزوجة هو اعتراف جماعي أن املرأة رمز لكبر الخيمة ورمز أنها هي ركيزتها األساسية‪ ،‬وأن دور‬
‫الرجل في تماسك األسرة هو ثانوي‪.‬‬
‫في أوقات الجفاف حين تحترق الصحراء وتجف منابع اآلبار وال يسقط املطر كان‬
‫الصحراويون يلجؤون إلى االستسقاء وإلى األطفال والنساء‪ ،‬كان الرجال يوزعون السكر والتمر على‬
‫األطفال ويطلبون منهم أن يخرجوا إلى الخارج لطلب السماء بعضا من املطر‪ ،‬وحين ال ينفع مع‬
‫الجفاف استسقاء وال ضراعة األطفال كانت النساء الصحراويات تتدخلن في اللحظة األخيرة‪،‬‬
‫يخترن من بينهن أجمل واحدة ف ي لفريك (املخيم) ويطلبن منها أن تخرج وترفع وجهها إلى السماء‬

‫‪ -‬فاطمة محمد محمود‪ ،‬املرأة في السياق االجتماعي‪ :‬مالحظات أولية بشأن منزلة ودور املرأة في مجتمع البيضان‪1 ،‬‬
‫ضمن ندوة "مكانة املرأة بين اإلسالم والتقاليد"‪ ،‬منتدى الفكر اإلسالمي وحوار الثقافات‪ ،‬نواكشوط‪ ،2006 ،‬ص‪.‬‬
‫‪.81‬‬
‫‪176‬‬
‫وتطلب املطر‪ .‬في بعض املناطق األخرى من الصحراء كانت النساء حين ال يسقط املطر يخرجن إلى‬
‫خارج لفريك (املخيم) وفي أيديهن جلود الخرفان يضربن بها بعضهن البعض ظنا منهن أن ذلك قد‬
‫يجعل املطر يسقط‪ ،‬وحين ال ينفع ش يء من ذلك كله تلجأ النساء إلى صناعة دمية كبيرة تسمى‬
‫"تاغنجة" ثم يمررن بها من وسط املخيم وهن يغنين‪ :‬تاغنجة شقت ملراح‪ ،‬يا ربي سيل بطاح‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ومعناها‪ :‬مرت تاغنجة من وسط الحي‪ ،‬يا ربنا أنزل املطر ‪.‬‬
‫أما حين ينزل املطر بغزارة وتحدث الفيضانات كان الصحراويون يلجؤون أيضا إلى النساء‬
‫ليطلبن منهن التدخل‪ ،‬وإذا كان طلب نزول املطر كان يتطلب خروج امرأة جميلة إلى الخارج لتولي‬
‫وجهها شطر السماء‪ ،‬فإن منع هطوله بغزارة كان يتطلب أن تختار النساء من بينهن واحدة غير‬
‫جميلة ويطلبن منها أن ترفع وجهها إلى السماء تطلب إيقاف الهطول‪ ،‬فاملرأة غير الجميلة التي‬
‫ُيعتمد عليها إليقاف املطر تسمى "حابسة السحاب"‪.‬‬
‫هذا وكان الزوج إذا غاب في رحلة يقول إخوته‪" :‬إديرو عند ظن زوجتو وال إديرو في ظن‬
‫أمو"‪ ،‬بمعنى "اللهم اجعله عند ظن زوجته وال تجعله عند ظن والدته"‪ ،‬ورغم أن األم غريزيا‬
‫وطبيعيا تحب ولدها أكثر مما تحبه زوجته إال أن املعتقد الشعبي الحساني ينحى منحا آخر‪ ،‬إذا‬
‫غاب رجل ما فإن زوجته وأمه بديهيا سيفكران فيه لكن بطريقة مختلفة‪ :‬األم ستقول أنه ربما‬
‫يتعرض ملكروه أو يمرض أو حتى يموت‪ ،‬أما الزوجة فإن أكثر ما يساورها أن زوجها في غيابه ربما‬
‫يتزوج وربما يجد امرأة أخرى فتعجبه ويبقى معها‪ ،‬ومن هنا يبرز ملاذا يفضل الناس ظن وتمني‬
‫الزوجة (أفراح دائما) على ظن الوالدة (الخوف)‪.‬‬
‫تضمن عادات املجتمع الحساني كذلك للمرأة الكثير من الكرامة‪ ،‬فمثال ضرب املرأة من‬
‫طرف الرجل (زوج‪ ،‬أب‪ ،‬أخ) هو عيب وعار عند الصحراويين‪ ،‬فإذا قام شخص ما بعمل مشين‬
‫يقال له‪" :‬هذا اللي عدلت أخير منو تبط امرأة" (ال يوجد ما هو أسوأ من هذا ما عدا ضرب‬
‫النساء)‪.‬‬
‫إن العالقة بين الزوج وزوجته في املجتمع الحساني هي عالقة حساسة جدا‪ ،‬فاملرأة املتزوجة‬
‫ال تسمح للرجل أبسط إهانة حتى لو كانت تافهة أو شفهية‪ ،‬ففي مجتمعات أخرى قد يكفي اعتذار‬
‫شفهي من الرجل حتى تسمح له املرأة وتنس ى إهانته لها‪ ،‬قد يحدث أيضا الكثير من التعسف ضد‬
‫الزوجة وتبقى مع زوجها وهما في حالة عدم توافق‪ ،‬عند املجتمع الحساني القديم كانت العالقة جد‬

‫‪ - 1‬منت البرناوي لعزيزة‪ ،‬املرأة البيضانية من خالل األمثال الحسانية‪ ،‬منشورات مختبر علم االجتماع‪ ،‬موريتانيا‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،2010 ،‬ص‪.76 .‬‬
‫‪177‬‬
‫حساسة وتؤثر عليها أبسط إشارة أو كلمة‪ .‬إن الرجل الذي ُيعنف زوجته أو يعاملها معاملة سيئة‬
‫يفقد صفة الرجولة ويحتقره الرجال اآلخرون وينظرون إليه نظرة غير طبيعية‪ ،‬في هذا اإلطار‬
‫يقولون‪" :‬إن النساء أكثر من الرجال ألن أولئك الرجال الذين يضربون نساءهم أو يعاملنهم معاملة‬
‫‪1‬‬
‫سيئة هم ليسوا رجاال وليسوا نساء" ‪.‬‬
‫في املاض ي كان ضرب املرأة في الصحراء أو على األقل رفع اليد نحوها يعني الطالق ويفقد‬
‫الزواج شرعيته‪ ،‬فإذا سمع الناس مثال أن رجال ضرب زوجته يقولون‪" :‬حرمت عليه زوجته"‪ ،‬يعني‬
‫‪2‬‬ ‫ُ‬
‫أن رباط الزواج ألغي كنتيجة لضرب الزوجة ‪ ،‬وال يقف األمر عند هذا الحد‪ ،‬فاملرأة حين تذهب إلى‬
‫أنسابها أو تذهب مع زوجها تقوم أمها بتحريضها أن ال تتساهل في كرامتها وال تترك أحدا يهينها‪ ،‬وهي‬
‫ثقافة اجتماعية تجعل املرأة حساسة جدا ملوضوع الكرامة‪ ،‬فإذا قال لها زوجها كلمة في غير محلها‬
‫‪3‬‬
‫أو سبها فإن أبسط ما تقوم به الزوجة هو العودة إلى والديها ‪.‬‬
‫وبذلك تنتصر ثقافة املجتمع للمرأة املظلومة فتتم معاقبة الزوج‪ ،‬فال تعود الزوجة إلى بيتها‬
‫إال بعد أن يعتذر الزوج ويأتي بوفد من الشهود ويعقل جمال أمام خيمة والديها ويقطع عرقوبيه‬
‫كعالمة أنه يجب أن ينحر في ذلك املكان تكريما للزوجة الغاضبة‪ ،‬يتم نحر الجمل ويحدث التراض ي‬
‫بشرط أن ال يعود الزوج إلى تعنيف أو توبيخ زوجته‪ .‬إن نحر جمل من أجل ترضية امرأة هو عقاب‬
‫رادع لكل رجل يفكر أن يسيئ إلى زوجته ولو بكلمة‪ ،‬وكخالصة كان املجتمع الحساني قديما سباقا‬
‫‪4‬‬
‫إلى تقدير املرأة وإعطائها حقوقها كاملة خاصة ما يتعلق بالكرامة ‪.‬‬
‫خامتة‪:‬‬
‫لقد تم تداول املرأة بشدة في التاريخ االجتماعي للمجتمع الحساني كنموذج للمجتمعات‬
‫الرعوية التقليدية‪ ،‬وقد شغلت الفقهاء‪ ،‬فهي تالزم نوازلهم واجتهاداتهم الفقهية من خالل تناولهم‬

‫‪ - 1‬إبراهيم الحسين‪ ،‬املرأة في األمثال الحسانية‪ ،‬منشورات مركز الدراسات واألبحاث الحسانية‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2013 ،‬ص‪.109 .‬‬
‫‪ - 2‬العالية ماء العينين‪ ،‬مالمح من حياة املرأة الصحراوية‪ ،‬ندوة الصحراء من خالل التراث والتاريخ‪ ،‬جمعية فاس‬
‫سايس‪ ،‬العيون‪ ،‬ص‪.64 .‬‬
‫‪3 - Odette du Puigaudeau, Art et Coutumes des Maures, Hespéris Tamuda, volume 4, 1968, p. 167.‬‬
‫‪ - 4‬محمد دحمان‪ ،‬املرأة واملجتمع في الساقية الحمراء ووادي الذهب‪ ،‬مجلة دعوة الحق‪ ،‬وزارة الثقافة والشؤون‬
‫اإلسالمية‪ ،‬الرباط‪ ،2011 ،‬ص‪.87 .‬‬
‫‪178‬‬
‫لوقائع تحاول التأسيس للعالقة بين الجنسين في منحى يتجه إلى تكريس العادات والتقاليد املحلية‪.‬‬
‫كما أن األمثال الشعبية حرص ت على جعل املرأة موضوعا دسما تستدمجه األجيال عبر الزمن‪،‬‬
‫وهذا معناه أن للمرأة أهمية كبرى في األدب الشعبي‪ ،‬وقد خاضت الكتابات التاريخية األجنبية‬
‫واملحلية (املونوغرافيات االستعمارية‪ ،‬الرحالت االستكشافية‪ ،‬األبحاث امليدانية‪ ،‬النوازل الفقهية)‬
‫في قضايا املرأة وحاولت أن تستشف مكانتها ودورها في املجتمع‪.‬‬
‫إن تناول موضوع املرأة الحسانية وكل جوانبه املعرفية املتعددة يستوجب على الباحث‬
‫اإلحاطة ببعض املداخل املنهجية املهمة‪ ،‬فليس باملقدور معالجة املوضوع أو إدراكه أو الغوص فيه‬
‫بشكل عام ومنتظم دون أن يولي أهمية بالغة للجانب النظري املؤطر له حتى يتمكن من استيعاب‬
‫بعض اإلشارات التاريخية واالثنية والثقافية حول محيط ومجتمع الدراسة الذي يشتغل عليه‪.‬‬
‫فاملرأة الحسانية تتميز بخصوصيات تجعلها متفردة عن باقي قريناتها في بعض املناطق املجاورة‪،‬‬
‫وهو تميز واختالف تظهر صوره بالواقع وامللموس في بعض مظاهر حياتها سواء في حالتي الترحال أو‬
‫االستقرار‪ ،‬فضال عن ملبسها وزينتها‪ ،‬وطبيعة الروابط التي تجمعها بمحيطها (الزوج‪ ،‬األبناء‪،‬‬
‫القبيلة‪ ،)...‬فمكانتها داخل املجتمع تتأسس عرفيا على نظام قرابي اجتماعي وثقافي يحفظ حضورها‬
‫ومشاركتها في تدبير شؤونها الداخلية والخارجية‪ ،‬مما يجعلها عنصرا فعاال يساهم في بناء وتماسك‬
‫املجتمع البيضاني وصون وحدته وظيفيا‪.‬‬
‫وما من شك في أن للمرأة في الثقافة العربية اإلسالمية حضورا كبيرا‪ ،‬وقد تضاعف هذا‬
‫الحضور لدى املجتمع الحساني الذي احتفى باملرأة احتفاء ما هو بالقليل‪ ،‬فكان يعتني بخدمتها‬
‫موف را لها كل أسباب املتعة والراحة‪ ،‬جاعال منها أعظم مصنع للتربية وإنتاج األبناء‪ ،‬فهي أميرة‬
‫األسرة وسيدة البيت‪ ،‬وقد أصبح هذا التكريم لدى املجتمع الحساني تقليدا متبعا وعرفا الزما‪،‬‬
‫فالجميع مطالب أن يعطف على املرأة ويعاملها بكل إكبار وتقدير وبكل مودة واحترام‪ ،‬وذلك ما‬
‫عبرت عنه لهجة القوم (الحسانية) في ألفاظ يسيرة ودالالت عميقة تنصف النساء وترفع من‬
‫شأنهن‪.‬‬
‫لقد اضطلعت املرأة الحسانية بمكانة متميزة رفعت من شأنها وكرامتها‪ ،‬فحظيت باحترام‬
‫من لدن اآلباء واألزواج واإلخوة واألوالد‪ ،‬وسائر أفراد املجتمع الذي أوالها عناية خاصة‪ ،‬فحق لها‬
‫بذلك أن تكون سيدة البيت ونصف املجتمع من خالل األدوار املتعددة التي اضطلعت بها في‬
‫حياتها‪ ،‬بدءا بتربية األجيال‪ ،‬وخدمة الزوج واإلحسان إلى أهله وذويه‪ ،‬ومساعدته على مواجهة‬
‫نكبات الدهر ونوائبه‪ ،‬في فضاء اتسم بشح كبير في املوارد الطبيعية وشظف العيش وقساوة‬
‫الظروف املناخية‪.‬‬
‫‪179‬‬
‫الببليوغرافيا‪:‬‬
‫‪ -‬إبراهيم الحسين‪ ،‬املرأة في األمثال الحسانية‪ ،‬منشورات مركز الدراسات واألبحاث الحسانية‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪.2013 ،‬‬
‫‪ -‬إبراهيم الحيسن‪ ،‬الشفهي والبصري في املوروث األدبي والجمالي الحساني‪ ،‬سلسلة أبحاث‪ ،‬منشورات وزارة‬
‫الثقافة‪ ،‬مطبعة دار املناهل‪ ،‬الرباط‪.2010 ،‬‬
‫‪ -‬ابن بطوطة‪ ،‬تحفة النظار في غرائب األمصار وعجائب األسفار‪ ،‬تحقيق علي املنتصر‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزء‬
‫الثاني‪ ،‬بيروت‪.1982 ،‬‬
‫‪ -‬ابن زيدان عبد الرحمان‪ ،‬إتحاف أعالم الناس بجمال حاضرة مكناس‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬املطبعة‬
‫الوطنية‪ ،‬الرباط‪.1990 ،‬‬
‫‪ -‬أبو عبد هللا العبدري‪ ،‬املدخل البن الحاج‪ ،‬مكتبة دار التراث‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬أحمد بن خالد الناصري‪ ،‬االستقصاء ألخبار دول املغرب األقص ى‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬مطبعة دار الكتاب‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪.1956 ،‬‬
‫‪ -‬أخت البنين بنت محمد األمين بن اباه السباعي‪ ،‬قيد األوابد في األمثال الحسانية ذات الفوائد‪ ،‬مطبعة األطلس‪،‬‬
‫نواكشوط‪.‬‬
‫‪ -‬اإلمام محمد الشيخ بن الشيخ ماء العينين‪ ،‬الجأش الربيط في النضال عن مغربية شنقيط وعربية املغاربة في‬
‫مركب وبسيط‪ ،‬دار الفرقان‪ ،‬الدار البيضاء‪.1985 ،‬‬
‫‪ -‬العالية ماء العينين‪ ،‬اإلبداع النسائي في األدب الحساني‪" :‬التبراع" نموذجا‪ ،‬ضمن ندوة الثقافة الحسانية‪،‬‬
‫سلسلة ندوات ومحاضرات رقم ‪ ،8‬منشورات معهد الدراسات اإلفريقية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرباط‪.2003 ،‬‬
‫‪ -‬العالية ماء العينين‪ ،‬مالمح من حياة املرأة الصحراوية‪ ،‬ندوة الصحراء من خالل التراث والتاريخ‪ ،‬جمعية فاس‬
‫سايس‪ ،‬العيون‪.‬‬
‫‪ -‬العجمي فاتح شيب‪ ،‬دراسات في الثقافة واملوروث‪ :‬االنتشار العربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬القاهرة‪.2008 ،‬‬
‫‪ -‬الكنتي الشيخ سيدي محمد‪ ،‬الطرائف والتالئد من كرامات الشيخين الوالدة والوالد‪ ،‬تحقيق عابدين بن باب‬
‫أحمد بن حم األمين‪ ،‬املعهد املوريتاني للبحث العلمي‪ ،‬نواكشوط‪.1993 - 1992 ،‬‬
‫‪ -‬املختار بن حامد‪ ،‬حياة موريتانيا‪ :‬الحياة الثقافية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬تونس‪.1990 ،‬‬
‫‪ -‬الناني ولد الحسين‪ ،‬صحراء امللثمين‪ :‬دراسة لتاريخ موريتانيا وتفاعلها مع محيطها اإلقليمي خالل العصر‬
‫الوسيط‪ ،‬دار املدار اإلسالمي‪.2007 ،‬‬
‫‪ -‬النحوي الخليل‪ ،‬بالد شنقيط املنارة والرباط‪ ،‬املنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪.1987 ،‬‬
‫‪ -‬بن سيدي محمد أحمد سالم‪ ،‬كتاب أنساب بني اعمر ايديقيب‪ ،‬تحقيق محمد فال بن عبد اللطيف‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت ‪.2001‬‬
‫‪ -‬جاك أندريه‪ ،‬النزوع الجنس ي األنثوي‪ ،‬ترجمة إسكندر معصب‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫بيروت‪.2009 ،‬‬

‫‪180‬‬
‫‪ -‬صوفي كراتيني‪ ،‬توزيع املجال والتراتبية لدى الرقيبات‪ ،‬ترجمة جماعة من الباحثين‪ ،‬منشورات رابطة أدباء‬
‫املغرب‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرباط‪.2001 ،‬‬
‫‪ -‬عباس الجراري‪ ،‬ثقافة الصحراء‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪.1978 ،‬‬
‫‪ -‬علي أفرفار‪ ،‬صورة املرأة بين املنظور الديني والشعبي والعلماني‪ ،‬دار الطليعة ‪ ،‬بيروت‪.1996 ،‬‬
‫‪ -‬فاطمة محمد محمود‪ ،‬املرأة في السياق االجتماعي‪ :‬مالحظات أولية بشأن منزلة ودور املرأة في مجتمع البيضان‪،‬‬
‫ضمن ندوة "مكانة املرأة بين اإلسالم والتقاليد"‪ ،‬منتدى الفكر اإلسالمي وحوار الثقافات‪ ،‬نواكشوط‪.2006 ،‬‬
‫‪ -‬كاميل دولز‪ ،‬خمسة أشهر لدى البيضان‪ ،‬ترجمة وتقديم حسن الطالب‪ ،‬منشورات مركز الدراسات‬
‫الصحراوية‪ ،‬الرباط‪.2015 ،‬‬
‫‪ -‬محمد الغربي‪ ،‬الساقية الحمراء ووادي الذهب‪ ،‬دار الكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‪.1979 ،‬‬
‫‪ -‬محمد املامي بن البخاري الشيخ‪ ،‬كتاب البادية‪ ،‬منشورات زاوية الشيخ محمد املامي‪ ،‬نواكشوط‪.2007 ،‬‬
‫‪ -‬محمد املختار السوس ي‪ ،‬املعسول‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬مطبعة النجاح‪ ،‬الدار البيضاء‪.1960 ،‬‬
‫‪ -‬محمد دحمان‪ ،‬الكتابات التاريخية اإلسبانية حول منطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب‪ :‬قراءة سوسيو‬
‫تاريخية‪ ،‬مجلة املناهل‪ ،‬العدد ‪ ،90 - 89‬منشورات وزارة الثقافة‪ ،‬الرباط‪ ،‬يونيو ‪.2011‬‬
‫‪ -‬محمد دحمان‪ ،‬املرأة واملجتمع في الساقية الحمراء ووادي الذهب‪ ،‬مجلة دعوة الحق‪ ،‬وزارة الثقافة والشؤون‬
‫اإلسالمية‪ ،‬الرباط‪.2011 ،‬‬
‫‪ -‬محمد عبد الرحمن يونس‪ ،‬الجنس والسلطة في ألف ليلة وليلة‪ ،‬مؤسسة االنتشار العربي‪ ،‬بيروت‪.1998 ،‬‬
‫‪ -‬محمذن بن سيد ابراهيم السباعي‪ ،‬تهذيب األفكار في أدب الشعر الحساني املختار‪ ،‬املطبعة الجديدة‪،‬‬
‫نواكشوط‪.1992 ،‬‬
‫‪ -‬منت البرناوي لعزيزة‪ ،‬امل رأة البيضانية من خالل األمثال الحسانية‪ ،‬منشورات مختبر علم االجتماع‪ ،‬موريتانيا‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪.2010 ،‬‬
‫‪ -‬ولد البكاي بابا أحمد‪ ،‬جامع التراث الشعبي‪ :‬لغن وأزوان واألمثال الحسانية مع مضاربها في كيفان‪ ،‬املطبعة‬
‫الجديدة‪ ،‬موريتانيا‪.2002 ،‬‬
‫‪ -‬ولد السعد محمد املختار‪ ،‬إمارة الترارزة وعالقاتها التجارية والسياسية مع الفرنسيين من ‪ 1703‬إلى ‪،1860‬‬
‫الجزء األول‪ ،‬منشورات معهد الدراسات اإلفريقية‪ ،‬سلسلة بحوث ودراسات رقم ‪ ،11‬الرباط‪.2002 ،‬‬
‫‪- Odette du Puigaudeau, Art et Coutumes des Maures, Hespéris Tamuda, volume 4, 1968.‬‬
‫‪- René Caillié, Voyage à Tombouctou, Tome I, La Découvert Poche, 2007.‬‬
‫‪- Sophie Caratini, A Propos du mariage “arabe” Discours endogame et pratiques exogames:‬‬
‫‪l’exemple des Rgaybat du Nord-Ouest Saharien, Homme, N° 110, 1989.‬‬

‫‪181‬‬
‫تقرير حول الندوة الدولية يف موضوع املرأة املغاربية يف خضم‬
‫التحوالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫ذة‪ .‬السعدية قجي‬
‫باحثة يف علم االجتماع‬
‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية باحملمدية‬

‫نظمت هذه الندوة العلمية من طرف كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫باملحمدية‪ ،‬بشراكة مع مركز تكامل للدراسات واألبحاث ومؤسسة هانس زايدل‪ ،‬حول موضوع "‬
‫املرأة املغاربية والتحوالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية ‪ :‬الو اقع واملأمول " ‪ ،‬وذلك‬
‫يومي ‪ 18‬و‪ 19‬يونيو ‪.2019‬‬

‫هذه الندوة عرفت مشاركة عدد مهم من الباحثات والباحثين من مشارب وتخصصات‬
‫علمية مختلفة‪ ،‬ساهموا بمداخالت علمية قامت بإلقاء الضوء على أوضاع املرأة املغاربية من زوايا‬
‫مختلفة‪ ،‬منها القانونية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬الجمعوية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬والسياسية‪.‬‬

‫لقد قامت الباحثات والباحثون بعرض تجارب بلدانهم بخصوص املسألة النسائية وواقع‬
‫أوضاع النساء بها الش يء الذي مكن في بعض الحاالت من استجالء نقاط التقارب واالختالف في‬
‫تجارب الدول‪ .‬كما ساعد ذلك أيضا على توفير نظرة شمولية حول األوضاع الراهنة للمرأة بدول‬
‫املغارب ( موريتانيا‪ ،‬املغرب‪ ،‬الجزائر‪ ،‬وتونس )‪.‬‬

‫ويمكن لالختصار الذي يفرضه هذا التقرير التركيبي حصر محتويات املداخالت التي وصل‬
‫عددها إلى سبعة عشر مداخلة في املستويات التالية ‪:‬‬

‫مستوى التشريعات والقانونية‪.‬‬

‫املستوى السوسيو اقتصادي‪.‬‬

‫مستوى األوضاع السوسيوثقافية‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫مستوى املشاركة في التنظيمات الجمعوية والحقوقية‪.‬‬

‫على مستوى التشريعات والقوانين ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫أشارت املداخالت إلى عدد مهم من التغيرات التي عرفها الوضع القانوني للمرأة باملغرب‬

‫باعتبارها زوجة وأما‪ ،‬وذلك عبر قراءة في مدونة األسرة الصادرة سنة ‪ .2004‬تغيرات ذهبت‬
‫في اتجاه اإلقرار بمبدأ املساواة بين األزواج رغم انه يضل من الصعب القول ببلوغ وتحقق هذا‬
‫الهدف‪ .‬تغيرات شملت أيضا وضعها القانوني بصفتها أما من خالل مسؤوليتها املشتركة وتعاونها مع‬
‫الشريك في تسيير شؤون األسرة والبيت‪ .‬ويضل التطور في األوضاع امرأ مؤكدا لكنه لم يكتمل بعد‬
‫ألنه الزال مكبوحا في املخيال االجتماعي بالتقاليد املتوارثة التي تنهل كثيرا من املوروث الديني‪.‬‬

‫أما في تونس فاملسار اإلصالحي بدأ بشكل مبكر حيث تم سن مدونة األسرة حوالي منتصف‬
‫القرن املاض ي‪ .‬هذا املعطى منح املرأة التونسية على مستوى التشريعات وضعا متقدما قياسا إلى‬
‫مثيالتها بالدول العربية األخرى وصلت اليوم إلى حدود املساواة في مسألة اإلرث‪ .‬كما ساهمت في‬
‫ذلك مجموعة من العوامل األخرى كالتاريخية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والدينية املعتدلة‪.‬‬

‫في الجزائر تؤكد املداخالت أن هناك أيضا مجموعة من التحوالت االيجابية التي عرفتها‬
‫النصوص القانونية لصالح املرأة ( تمثيلية في حدود ‪ 145‬مقعدا ‪ /‬توسيع حضور النساء في املجالس‬
‫املنتخبة ‪ /‬حضور املسألة االجتماعية في السياسات العمومية )‪.‬‬

‫لكن واقع الحال يبقى متأخرا إلى حد ما ويحتاج كما هو الشأن في باقي الدول املغاربية إلى‬
‫ثورة فكرية تساهم فيها جميع وسائط التنشئة االجتماعية‪.‬‬

‫وعلى العموم فهناك مكتسبات قانونية ( نظام املحاصصة نموذجا ) لكنها غير مكتملة في‬
‫بعض األحيان‪ ،‬كما أنها تحتاج إلى آليات لتفعيلها على ارض الواقع‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫‪ -2‬على املستوى السوسيو اقتصادي ‪:‬‬

‫تشير املداخالت إلى اختالف مهم في املكانة وفي املستوى االقتصادي للنساء املغاربيات‬
‫عموما‪ .‬هناك نساء بالبيت‪ ،‬نساء عامالت‪ ،‬نساء مسيرات للمقاوالت‪ ،‬وبمستويات تعليمية مختلفة‬
‫ومتباينة‪.‬‬

‫في موريتانيا مثال النساء يساهمن ب ‪ ./. 27‬في سوق الشغل ( مقاولة ) رغم أن هذه النسبة‬
‫ال يشمل العامالت منهن في قطاع الفالحة‪ ،‬كما أن عددا مهما يعملن بالقطاعات الغير املهيكلة ( مع‬
‫وجود اختالفات بين الجنوب والشمال)‪ .‬والنساء عموما يطمحن إلى االندماج االقتصادي قصد‬
‫مساعدة أنفسهن على النهوض بأوضاعهن االجتماعية‪.‬‬

‫في الجزائر نجد كذلك أن النصوص القانونية مساعدة على تقدمهن وتحسن أوضاعهن‬
‫لكن الزالت هنالك عوائق اجتماعية وانثربولوجية تحول دون بلوغ ذلك‪ ،‬أفكار جماعية تفضل‬
‫مكوث املرأة في البيت واالكتفاء برعاية شؤونه وشؤون شاغليه وذلك تماشيا مع ما تمليه التقاليد‬
‫واألعراف السائدة واملتوارثة‪ .‬باإلضافة إلى العامل الثقافي هناك مشكلة صعوبة الحصول على تمويل‬
‫املشاريع واملبادرات الفردية التي تواجه املقاولة النسائية‪ ،‬وهو ما يستدعي العمل من خالل مختلف‬
‫الوسائط لتمكين النساء اقتصاديا في الدول املغارب‪ ،‬ذ لك أن هذا التمكين االقتصادي من شانه‬
‫أن يدفع إلى تحقيق املساواة والكرامة الجتماعية ويعزز أيضا من اإلنتاجية العامة وهو األمر الذي‬
‫من الواجب أن تقوم به الدولة ومؤسسات املجتمع املدني‪.‬‬

‫‪ -3‬على مستوى األوضاع السوسيو ثقافية ‪:‬‬

‫الجانب السوسيو ثقافي كان جانبا حاضرا في جل املداخالت العلمية الواردة سواء كان ذلك‬
‫بشكل مركزي أو عبر اإلشارة إليه بشكل عرض ي‪.‬‬

‫فقد أكدت كل التدخالت على التأثير املهم للمسألة الثقافية على أوضاع النساء بكل البلدان‬
‫املغاربية‪ .‬ذلك انه وعلى الرغم من التقدم األكيد في النصوص والتشريعات القانونية فان واقع‬
‫الحال الزال محدودا بسبب النظرة االجتماعية االختزالية للمرأة‪ ،‬وأشكال التعليب التي يخصها بها‬
‫املجتمع والتي تحد من أدوارها‪ ،‬واألحكام الجاهزة واألمثال الشعبية التي تواجه بها عند كل محاولة‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫فهي ثقافيا مخلوق يختص باألمومة وباإلنجاب بشكل " فطري " وال اختياري‪ ،‬ويتم ربط أفق‬
‫طموحاتها حصرا بما هو منزلي مع معاداة ورفض كل اهتمام خارج ذلك كالعمل والكسب مثال‪ ،‬وهو‬
‫ما ولد لديها مجموعة من الضغوطات الصحية العضوية والنفسية‪.‬‬

‫بل إن حتى تواجدها في املجال العام الزال في بعض املناطق الزال محط رفض ومساءلة‬
‫اجتماعية‪ ،‬واألمر نفسه با لنسبة للمرأة في املناطق الصحراوية باملغرب حيث تتجدر البنيات‬
‫الذكورية التي تبقيها رهينة تمثالت ومعتقدات تفرض عليها رقابة صارمة من أقاربها الذكور مما قد‬
‫يدفعها إلى الزواج بأسرع ما يمكن بغض النظر عن صفات الشريك‪ ،‬وذلك قصد االنتقال إلى صفة‬
‫األمومة التي تتمتع فيها بهبة اكبر‪.‬‬

‫واقترحت املداخالت ألجل تغيير الثقافة السائدة حول املرأة العمل على مستوى مختلف‬
‫وسائط التنشئة االجتماعية ‪ :‬األسرة ‪ -‬املدرسة ‪ -‬اإلعالم ‪ -‬املجتمع املدني‪ -‬وغيرها قصد التمكن من‬
‫التأثير في أسلوب التفكير السائد ومنح فرص اكبر للنساء ليعملن بفاعلية اكبر‪.‬‬

‫‪ -4‬على مستوى املشاركة في التنظيمات الجمعوية والحقوقية ‪:‬‬

‫أشارت املداخالت إلى وجود حركة حقوقية نسائية قوية في املغرب ساهمت والزالت في الدفع‬
‫إلى تحسين أوضاع املرأة‪ ،‬إال أنها اعتبرت بان النتائج تضل محدودة بسب االشتغال املوزع‪ ،‬وتغير‬
‫األطر املؤسساتية‪ ،‬والترا فع الذي يغيب فيه عنصر التنسيق‪ .‬فبعد أن كانت املطالب بخصوص‬
‫تمثيلية النساء السياسية في حدود الثلث تم االكتفاء بنسبة ضعيفة‪ ،‬بل حتى هاته النسبة‬
‫الضعيفة تضل رهينة في اختيارها وانتقائها باعتبارات ذاتية أو إيديولوجية أو سياسية‪ -‬حزبية‪،‬‬
‫وهو ما يقلب رأسا على عقب كل املجهودات املبذولة من لدن القوى الجمعوية في هذا الخضم‪.‬‬

‫كما أن حضور النساء املتزايد في الحركات االحتجاجية على اختالف أشكالها وأهدافها (‬
‫حراك الريف ‪ /‬الحراك بالجزائر نموذجان ) يشكل قيمة مضافة في التغيير الديمقراطي ويقوي من‬
‫الديناميات التي تدفع إلى إعادة النظ ر في األنظمة وتصحيحيها‪ ،‬والتأثير في الثقافة السائدة التي‬
‫الزالت تتأرجح بين ما هو تقليدي وما هو حداثي‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫وقد تكللت عن مجموع هذه املداخالت العلمية الوازنة نقاشات موسعة ساهم فيها عدد من‬
‫الطلبة الباحثين املستفيدين من أشغال هذه الندوة الدولية املنعقدة بمدينة املحمدية‪ .‬مداخالت‬
‫أدت إلى تعميق النقاش وعرض مزيد من الرؤى واألفكار‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﻐﺎرﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺴﺎﻋﻲ اﻟﺘﻤﻜﻴﻦ وإﻛﺮاﻫﺎت اﻟﻮاﻗﻊ‬
‫ﻣﺮﻛﺰ ﺗﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﺪراﺳﺎت و اﻷﺑﺤﺎث‬
‫‪TAKAMUL Centre for Interdisciplinary Research and Studies‬‬

‫اﻟﻤﺮأة اﻟﻤﻐﺎرﺑﻴﺔ‬
‫ﺑﻴﻦ ﻣﺴﺎﻋﻲ اﻟﺘﻤﻜﻴﻦ‬
‫وإﻛﺮاﻫﺎت اﻟﻮاﻗﻊ‬
‫‪-‬دراﺳﺎت ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ‪-‬‬

‫ﺗﻨﺴﻴﻖ‪:‬‬
‫ﺣﻧﺎن اﻟﻧﺣﺎس ‪ -‬ﻧﺟﺎة اﻟﻌﻣﺎري‬

‫ﺣﻨﺎن اﻟﻨﺤﺎس‪ -‬ﻧﺠﺎة اﻟﻌامري‬


‫ﺗﻨﺴﻴﻖ‬

‫‪2020‬‬
SOMMAIRE:

Statut de la femme marocaine à l’épreuve de l’espace et du droit ...................................3


Souad RAJEB et Mostafa YAHYAOUI

La protection de la femme contre les violences en droit pénal marocain .......................36


Nadia AZDDOU

1
2
Statut de la femme marocaine à l’épreuve de l’espace
et du droit
Souad RAJEB, Professeure de Droit,
FSJES –Mohammedia
Mostafa YAHYAOUI, Professeur en
Géographie Sociale et Politique, FLHS-
Mohammedia
Université Hassan II- Casablanca
« (…) la géographie du monde ne commence-t-elle pas
dans une géographie psychique, l’espace du dehors ne se
trouve-t-il pas déjà prédéterminé dans un espace du
dedans? 1»
(Wunenburger, 1996, p.399)
Résumé
Aujourd’hui avec les évolutions épistémologiques et les nouveaux
paradigmes de la géographie moderne, il est largement reconnu que la
connaissance peut-être «située/ localisée géographiquement», reflétant ses
contextes culturel, politique et intellectuel ainsi que les valeurs personnelles de
ceux et celles qui sont engagés dans sa création. Cette reconnaissance présente une
perspective particulièrement intéressante pour la conquête des pistes
géographiques face aux contraintes souvent posées par l’appropriation patriarcale
de la culture du « genre » dans les localités marocaines dites « conservatrices ».
Comment le " genre " se connecte-t-il avec les zones géographiques que
nous produisons? Quel est le lien entre la "perception de la femme" et le milieu
géographique que les acteurs reproduisent et pratiquent quotidiennement ? Dans
quelle mesure peut-on accorder une équivalence géographique au genre au
Maroc ?
Au cœur de cet article, se pose l’ambition de mieux comprendre le lieu, le
pourquoi et le comment du développement d’une culture du genre social au
Maroc. Pour ce, une comparaison, en particulier, entre deux contextes
géographiques différents, a été mobilisée: d’une part, la région de l’Oriental
(Périphérie, aire de notre enquête empirique), d’autre part, la région de Casablanca
(Centre). L’objectif étant de démontrer :
(1) Dans quelle mesure, les valeurs et normes culturelles concernant les
femmes, les hommes, les relations entre les sexes, la féminité et la masculinité ne
sont pas fondamentales, exclusivement, dans les processus de construction des
sociétés humaines; Dans quelle mesure participent-elles, de surcroit, à façonner la

1 Jean-Jacques Wunenburger, «Imagination géographique et psycho-géographie », publié dans J. Poirier et J.-J.


Wunenburger (dir.), Lire l’espace, Bruxelles, Ousia, 1996, p. 399.

3
production et la pratique des espaces et des lieux -d'un niveau individuel, relevant
de l’intime à un niveau holiste- ?
(2) Et comment peut-on considérer le genre une composante clé de
l’organisation des rapports sociaux dans toute géographie de proximité sociale ?
D’où l’utilité pour la recherche géographique de reconnaître que « l’égalité
basée sur le genre » est une base d'analyse essentielle pour décrypter les processus
de production et de reproduction de l’espace social.
Le statut de la femme dans la société locale est particulièrement dépendant
des intersections et des influences mutuelles de la "géographie de proximité
sociale" et du "genre". Chacun d’eux est profondément impliqué dans la
construction de l'autre. La géographie de ‘proximité sociale’, sous ses différentes
formes d’organisation de la vie sociale, influence la formation culturelle des
rapports entre les sexes. Le genre exerce une influence profonde sur la
reproduction de cette géographie.
Mots clés : Genre, espace social, contexte, lieu, égalité homme-femme,
géographie, rapports socio-spatiaux, culture locale
Abstract
Today with the epistemological evolutions and new paradigms of modern
geography, it is widely recognized that knowledge may be "situated/
geographically located", reflecting its cultural, political and intellectual contexts as
well as the personal values of those who are engaged in its creation. This
recognition presents a particularly interesting perspective for the conquest of
geographical tracks in the face of the constraints often posed by the patriarchal
appropriation of the culture of "gender" in the so-called "conservative" Moroccan
localities.
How does "gender" connect with the geographic areas we produce? What is
the link between the "perception of women" and the geographical environment
that actors reproduce and practice daily? To what extent can gender equivalence
be granted in Morocco?
At the heart of this article is the ambition to better understand the place, the
why and the how of the development of a culture of social gender in Morocco. For
this, a comparison, in particular, between two different geographical contexts, was
mobilized: on the one hand, the Oriental region (Periphery, area of our empirical
investigation), on the other hand, the region of Casablanca (Centre). The objective
is to demonstrate:
(1) To what extent cultural values and norms concerning women, men,
gender relations, femininity and masculinity are not fundamental, exclusively, in
the processes of building human societies; To what extent do they contribute, in
addition, to shaping the production and practice of spaces and places - from an
individual level, from intimacy to a holistic level?

4
(2) And how can gender be considered a key component of the organization
of social relations in any geography of social proximity?
Hence the need for geographic research to recognize that "gender-based
equality" is an essential basis of analysis for deciphering the processes of
production and reproduction of the social space.
The status of women in local society is particularly dependent on the
intersections and mutual influences of "social proximity geography" and "gender".
Each of them is deeply involved in the construction of the other. The geography of
'social proximity', in its different forms of organization of social life, influences
the cultural formation of the relations between the sexes. Gender has a profound
influence on the reproduction of this geography.
Key words: gender, social space, context, location, gender equality,
geography, socio-spatial relationships, local culture
Introduction
Partant de l’hypothèse théorique suivante : les valeurs et normes culturelles
concernant les femmes, les hommes, les relations entre les sexes1, la féminité et la
masculinité ne sont pas fondamentales, exclusivement, dans les processus de
construction des sociétés humaines. Elles façonnent la production et la pratique
d'espaces et de lieux d'un niveau individuel- intime à un niveau collectif plus
global2. Le domicile, l'entreprise, le quartier, l’espace public, le marché du travail,
la ville, l'État-nation ou le marché mondial: tous ces espaces sont étroitement et
inextricablement caractérisés par des activités spécifiques des femmes et des
hommes, par des relations de domination sexo-spécifiques et par des significations
symboliques faisant référence au genre.
Le genre projeté comme composante clé de l’organisation des rapports
sociaux dans toute géographie de ‘proximité sociale’, mobilisera la conviction sur
l’utilité de reconsidérer la recherche géographique moderne. L’égalité basée sur le
genre3 deviendrait un cadre d'analyse fondamental pour décrypter les processus de

1 Le sexe est ici envisagé comme l’« ensemble des pratiques interactives interindividuelles variées impliquant
directement ou non la composante sexuelle de l’organisme humain.»
Nicolas Boivin, « Territoires hédonistes du sexe : Pour une géographie des subjectivations », publié dans
Géographie et cultures, Les espaces des masculinités, n°83, 2012, p.87.
2 Maria Dolors Garcia Ramon et Janice Monk, « Gender and geography: World views and practices » dans
Belgeo, Revue belge de géographie, N°3, 2014, p. 9.
3 Ici, notre utilisation de deux concepts « genre » et « l’égalité basée sur le genre » est tirée de l’ouvrage de Naila
Kabeer, Gender Mainstreaming in Poverty Eradication and the Millennium Development Goals , publié par le
Centre canadien de recherches pour le développement international en 2003 :
Le genre « fait référence aux règles, normes, coutumes et pratiques par lesquelles les différences biologiques entre
hommes et femmes se traduisent en différences socialement construites entre hommes et femmes et entre garçons
et filles. Il en résulte que les deux sexes sont valorisés différemment et qu’ils ont des chances et des chances
inégalées dans la vie. »
Et l’égalité basée sur le genre « est à la fois une égalité du traitement devant la loi et une égalité des chances…
Cela inclut également l'égalité réelle et l'égalité de représentation et du pouvoir. L’égalité réelle signifie que les
circonstances et les caractéristiques différentes des hommes et des femmes doivent être prises en compte pour
éviter des résultats inéquitables liés au genre. Par exemple, dans le cas où un homme et une femme ont tous deux
les qualifications requises pour une profession donnée, cette dernière peut ne pas être en mesure de l'exercer s'il
5
production et de reproduction de l’espace social, prolongeant ainsi les frontières de
la réflexion autour de la géographie.
« L'espace social qui doit être entendu dans deux sens, celui
peu exigeant de la projection des rapports sociaux sur l'espace
géographique (l'espace n'est alors que le reflet des rapports
économiques) et celui plus complexe de l'interférence entre rapports
sociaux et rapports spatiaux, n'explique pas le sens existentiel ou
phénoménologique qui renvoie aux valeurs et aux usages culturels que
l'homme inscrit dans l'espace. 1»
Partant de la conviction que la science géographique, traditionnellement
centrée sur l’étude des contextes socio-spatiaux spécifiques à différentes échelles,
est capable, aujourd’hui, d’apporter une contribution substantielle à la réflexion
sur le genre et sur l’évolution du statut de la femme dans la société marocaine,
renforçant ainsi sa nature interdisciplinaire. Désormais, il est largement reconnu
que la connaissance est «située», reflétant, ainsi, ses contextes culturel, politique et
intellectuel ainsi que les valeurs personnelles de celles et ceux qui sont engagés
dans sa création. Cette reconnaissance est une perspective particulièrement
intéressante pour le renouveau générationnel de la recherche géographique
marocaine.
1. Problématique et éléments méthodologiques
Les intersections et influences mutuelles de la ‘géographie’ et du ‘genre’
sont profondes et multiples. Chacune est profondément impliquée dans la
construction de l'autre. Nous tenterons tout au long de ce travail de mettre la
lumière sur l’influence qu’exerce la géographie, sous ses différentes formes, sur la
formation des relations de genre et le contrôle exercé par la culture locale dans le
processus de cette formation. Ici nous utilisons le concept de la culture locale dans
le sens développé par Fatima Sadiqi (2016):
« La culture peut être définie de manière large comme un
système de pratiques, de rituels, de croyances et de valeurs ayant un
impact significatif sur la vie sociale au sein d’une communauté.
Toutes les cultures contrôlent leurs membres, mais elles diffèrent par
le degré de contrôle qu'elles imposent aux individus. La culture (..) est
d'un type qui contraint fortement le comportement des hommes et des
femmes. La force de ce contrôle vient du fait qu’il est canalisé à
travers de puissants composants culturels qui régulent de près la vie
des hommes et des femmes à travers la mise en place de puissantes
institutions sociales. Huit de ces composantes ont un impact direct sur
la perception du genre: histoire, géographie, islam, oralité,

n'y a pas de service de garde disponible. L’égalité de représentation signifie qu’il faut veiller à ce que les femmes
et les hommes puissent faire eux-mêmes des choix de vie. »
1 Guy Di Méo, Géographie sociale et territoires. Editions Nathan, Paris, 1998, p.21.

6
multilinguisme, organisation sociale, statut économique et système
politique.1 »
1.1 Problématique
D’un point de vue historique, les inégalités spatiales en termes de
dynamiques du développement territorial, va développer une culture du genre
totalement différente d’une région à une autre. D’une part, le travail agricole et
minier dans la région de l’Oriental, par exemple, n’a pas aidé à l’émergence,
localement, d’une culture du genre importante, comparativement avec celle
résultant du travail d’usine, de l’adhésion au mouvement syndical et de la forte
industrialisation de la région de Casablanca. D’autre part, le genre a exercé une
influence profonde sur la production de cette ‘géographie’. Les salaires bas des
femmes dans les régions à culture syndicale féministe peu développée, va rendre
ces territoires plus attractifs à des catégories entreprises. De la même manière
l’analyse et la lecture de la violence dans les espaces publics va ressortir des
intersections et influences mutuelles de la géographie et du genre. Certes l'espace
est un reflet sur la manière dont le genre est construit, mais, ce dernier, va
largement participer à créer ses propres formes géographiques. La femme, tout en
subissant une discrimination spatiale et en rejetant les espaces ou le contrôle social
fléchit (celui de la domination protectrice), va participer à la sublimation d’une
territorialité conforme à son sens du propre (intériorisés de part son éducation), de
la douceur et de la beauté (la qualité de vie urbaine dans la métropole : boulevards
propres, artères bien agencées…)2.
Quel est le lien entre la "perception de la femme" et le milieu géographique
que les acteurs reproduisent et pratiquent quotidiennement ? Dans quelle mesure
peut-on accorder une équivalence géographique au genre au Maroc ?
Dans la présente contribution, nous présenterons quelques résultats d’une
enquête terrain sur le genre réalisée le début de 2013 dans la région de l’Oriental,
et ce en mettant l'accent sur les attitudes3, les positions4 et perception5 des femmes

1 Fatima Sadiqi, Women, Gender and Language in Morocco, Leiden and Boston, MA: Brill, 2003, p.165.
2 Armand Frémont, la région espace vécu, Editions Flammarion, 1999, pp. 88-96.
3 Par attitude, on entend l’ensemble des réactions que soulève un changement, un événement ou une nouveauté.
L’attitude d’une personne face à un phénomène est motivée essentiellement par son éducation et son
environnement social. A partir de cette définition et pour dégager les attitudes des Marocains face à l’évolution des
rôles de la femme dans la société, les questions posées aux enquêtés ont porté sur l’égalité d’accès des femmes et
des hommes à l’instruction, le droit de celles-ci au travail, leur accès à la gestion d’entreprises et leur présence
dans les institutions.
4 Par position, on entend le comportement d’une personne, la manière dont elle organise son existence par rapport
à un fait. Ce comportement se construit à partir des valeurs auxquelles l’individu adhère. Par exemple, on attend
d’un père de famille qui se dit favorable à l’éducation des filles qu’il envoie ses propres filles à l’école, s’il en a les
moyens. Selon cette définition et pour appréhender les positions des enquêtés, les questions posées sont liées au
droit de la femme à une liberté vestimentaire sans restrictions, à l’appréciation des dispositions du nouveau code
de la famille, au droit pour la femme à disposer librement de son revenu et à la disposition des enquêtés à voter
pour une femme.
5 Par perception, il est entendu la détection, l’enregistrement et la prise de conscience de changements qui
surviennent dans la réalité. Ce processus dépend largement du degré d’attention que porte un individu à son
environnement. Les questions ont porté sur la présence des femmes dans les espaces publics, leur accès à
l’instruction, aux activités rémunérées, à la direction d’entreprises ainsi que sur les soins apportés par les mères à
7
dans la vie publique.
Afin de mettre en évidence certaines des interconnexions spécifiques de la
géographie et du genre, notamment celles qui concernent l’espace et le lieu nous
nous étayerons, également, sur les résultats livrés par les enquêtes menées par le
Haut Commissariat au Plan (HCP) entre 2006 et 20151.
1.2 Objet et aire de l’enquête empirique
Le genre et le statut de la femme dans la société marocaine ont fait l’objet
de remous spectaculaire cette dernière décennie. Il est au cœur des réformes que
l’Etat a inaugurées ces quinze dernières années. Cette gestation est à double
itinéraire : d’une part une évolution due aux bouleversements s'opérant au
quotidien dans le système de valeurs de la société ; et d’autre part une évolution de
la réglementation y afférente. D’où l’utilité de tracer une courbe de synergie entre
le discours juridique et les systèmes de production de l’espace social à même de
nous renseigner sur le degré de fusion des deux construits dans la vie publique.
Dans ce cadre, il faut rappeler que le suivi de l’évolution de la perception
sociétale de la femme fait l’objet de combats sans relâche, notamment de la part
des organismes non gouvernementaux féministes nationaux et internationaux.
L’importance des contraintes socio-culturelles, la volonté d’introduire les
changements comportementaux recommandés par la Convention sur l’Elimination
de la Discrimination à l’Egard des Femmes (CEDAW), votée par l’Assemblée
Générale des Nations Unies en 1979 et la Plate-forme d’Action de Pékin adoptée
en 1995 lors de la Quatrième Conférence Mondiale sur les Femmes, et le désir de
mettre en pratique ces réformes et de promouvoir l’égalité homme-femme dans la
vie quotidienne, expliquent cet engouement.
Le Maroc s’est doté d’un ensemble de textes marquant des avancées
juridiques considérables à ce sujet. Le Maroc a ratifié la plupart des instruments
internationaux généraux et spécifiques qui contribuent à instaurer et à promouvoir
le principe de l’égalité entre les hommes et les femmes. De nouvelles réformes et
orientations sont visibles au nouveau du Code de la Famille marocain, entré en
vigueur le 5 février 2004, de la nouvelle législation sur la nationalité de 2007, de la
nouvelle constitution qui comporte 18 dispositions relatives aux droits des femmes
et de la loi organique relatif à la nomination aux postes supérieurs (qui la
complète), du plan gouvernemental pour l’égalité (hommes/femmes), de la loi
organique sur la régionalisation avancée. L’action gouvernementale va
accompagner cette dynamique2.

leurs enfants.

1 Haut Commissariat au Plan, La femme marocaine sous le regard de son environnement social. Enquête réalisée
en 2006, citée dans le rapport ETAT DES LIEUX DE LA PARITE FEMME-HOMME AU MAROC, Avril 2016.
2 L’Agenda pour l’égalité 2011-2015", élaboré en collaboration avec 25 départements ministériels s’articule
autour de 9 domaines prioritaires, 30 objectifs stratégiques et 100 mesures pour l’égalité entre les hommes et les
femmes dans 25 secteurs d’action publique.

8
La lutte contre les violences faites aux femmes va accélérer le lancement de
plusieurs initiatives et plusieurs actions ont été menées dans ce sens, en plus des
réformes introduites dans le code pénal1.
Néanmoins, malgré ces avancées, des discriminations et violations des
droits des femmes subsistent encore, le Maroc se classant, selon le Global Gender
Gap au 133ème rang après la Tunisie (123ème rang), l’Algérie (126ème rang) et
l’Egypte (129ème rang)2.
Nous avons tenté, donc, dans cette étude, de rapporter un nouvel élément
sur l’évaluation de la situation sociétale de la femme marocaine à travers la
perception sociale de son statut dans un espace donné. Il s’agit, de restituer l'image
que s’en font les hommes et les femmes dans l’espace public permettant de
dégager la spécificité de la région de l’oriental. Il s’agira, à l’occasion, de mesurer
la profondeur des intersections et influences mutuelles de la "géographie" et du
"genre".
Carte 1. Localisation géographique de l’aire de l’enquête empirique

Au cours de ce travail, nous avons orienté notre intérêt, à travers l’analyse


qualitative des données émanant d’une enquête terrain, pour faire connaissance

Le PGE, adopté le 06 juin 2013 par le conseil du Gouvernement, est composé de 8 axes déclinés en 24 objectifs
traduits en 156 mesures.

1 Elles concernent notamment l’adoption en 2002 d’une stratégie nationale de lutte contre les violences à l’égard
des femmes et d’un plan opérationnel pour sa mise en œuvre, dans le cadre d’un partenariat entre l’État et la
société civile.

Le lancement en 2008 du programme TAMKINE, programme multisectoriel de lutte contre les violences basées
sur le genre, par l’autonomisation des femmes et des filles. Ce programme vise la convergence des actions de
lutte contre les violences de genre en ciblant la dimension territoriale.

2 Forum Economique Mondial, The Global Gender Gap Report 2014, publié par World Economic Forum, 2014.
Version électronique : http://www3.weforum.org/docs/GGGR14/GGGR_CompleteReport_2014.pdf
9
avec les diverses réactions qu'engendrait la situation évolutive du Maroc,-
notamment celle portant sur les transformations juridiques- d'analyser
l'interpénétration des modèles traditionnels et des nouveaux idéaux dans l’espace
public, de préciser ce qui, dans les mentalités originales et souvent conflictuelles
qui en sont issues, constitue des aspirations dynamiques ou, au contraire, des zones
de freinage.
En d’autres termes, Quels sont les rapports qu’entretient la femme
marocaine avec le milieu extérieur ? Quelle est la place réelle qu’elle occupe dans
l’espace public ? Dans quelle mesure pourrait-on avancer l’existence de
changements par rapport à la perception du statut de la femme dans l’espace
public, en particulier dans sa composante orientale? Comment les individus se
représentent-ils la femme dans l'ensemble des aspects de la vie sociale ? Et
comment perçoivent-ils la mutation de son statut?
Pour répondre à ces interrogations, nous sommes partis de l’hypothèse
suivante : Les aspirations profondes des sociétés locales (Cas de la population
vivant dans la région Orientale du Maroc) échappent à la catégorisation normative
souvent souhaitée par « l’élite centrale » et peuvent soit freiner, soit accélérer les
changements du statut réel de la femme dans l’espace public1.
Cette hypothèse soutient qu'une compréhension plus enracinée et nuancée
de la réalité vécue par les femmes exige de perfusionner la lecture juridique par
une analyse sociogéographique. Dans ce qui suit nous utilisons des outils de la
géographie critique - espace, lieu et échelle - pour documenter les décideurs
politiques sur une population assez négligée dans les politiques publiques.
Ici, nous abordons la perception2 de la femme dans la société locale, en
mettant en avant les valeurs de sa représentation sociale dans l’espace public. En
effet, ce qui caractérise cette analyse c'est qu'elle a porté sur l’interprétation des
données discursives collectées autour de valeurs immatérielles sur la présence de
la femme dans l’espace public, c'est-à-dire sur des productions cognitives ; elle
posera bien sûr le problème fondamental du langage, produit de ces opérations
cognitives et moyen permettant au chercheur, de parvenir à ces « faits de
conscience» en tant que savoirs à sens commun sur la femme, génériques de la
culture locale3.

1 Lisa R Pruitt, « Gender, Geography », publié dans Berkeley, Journal of Gender, Law & Justice, Volume 33,
Issue 2,Septembre 2008, p.339-342.
2 Ici le terme de la ‘perception’ « (…) renvoie à une réalité présente dans l’action tandis que la représentation
renvoie à une réalité absente et reconstruite à partir des caractéristiques à la fois individuelles, sociale, et du
milieu ».
Sandrine Depeau,. « De la représentation sociale à la cognition spatiale et environnementale : La notion de
« représentation » en psychologie sociale et environnementale », publié dans les Acts de Séminaire organisé par
l’UMR ESO, Université RENNES II sur la notion de représentation, ESO, N°25, 2006, p. 12-13.
3 Serge Moscovici et Miles Hewstone, “Social representations and social explanations: From the ‘naive’ to the
‘amateur’ scientist”, publié dans M. Hewstone (Ed.), Attribution theory: Social and functional extensions,
Oxford: Basil Blackwell, 1983, p. 98-125.
10
Cette analyse envisage la nature sociale de ces productions discursives. Ces
dernières sont spécifiques à une «pensée sociale sur la femme en usage» et sont
affectées par les contextes de la communication. Ce qui suppose de s’arrêter sur la
manière, à travers laquelle, les personnes dans l’aire de l’enquête, perçoivent les
faits, les situations et les rôles qui vont s’ordonner dans cette représentation de
leadership de la femme et son statut dans la vie publique.
Enfin, les comportements sociaux et les attitudes des sujets sont,
généralement, orientés suivant une série de perceptions, sans, que les intéressés
puissent, forcément, les relier les unes les autres. Notre analyse repose sur une
reconstruction de l’image sociale de la femme en reliant les attitudes,
comportement et perceptions des personnes enquêtées en s’appuyant sur quatre
sources d’informations, comme l’illustre le graphique suivant :
Graphique 1. Les déterminants de l’évaluation de la représentation
sociale de la femme dans la présente étude

Comme l’illustre le graphique 1, nous proposons dans cette étude une


évaluation portant sur la mise en relief de la cohérence entre les quatre niveaux de
mesure de l’évolution du statut de la femme, en tant que, changements produits au
fur et à mesure, spontanément, au rythme octroyé par les acceptations
psychoculturelles des individus constituants la société locale : Niveau (1) les textes
juridiques, Niveau (2) les effets sociétaux produits par ces textes, Niveau (3) la
représentation socio-spatiale1 et le Niveau (4) les thèmes du décodage de cette
perception.

1 L’emprunt du terme « socio-spatiale » renvoie à une reconstruction de la représentation sociale de la femme en


fonction des phénomènes directement observables au quotidien. Bien évidemment, ce travail nécessite une mise en
situation dans un contexte géographique témoin et non de critères extérieurs à lui.
« L’observation des représentations sociales est, en effet, chose aisée en de multiples occasions. Elles circulent
dans les discours, sont portées par les mots, véhiculées dans les messages et les images, cristallisées dans les
conduites et les agencements matériels ou spatiaux. »
11
2. La perception de la femme dans la vie publique
L’analyse de l’espace public tel qu’il est vécu, utilisé et pratiqué par les
femmes, nous enseigne que malgré l’évolution de leur statut dans la société, le
contexte local révèle et reproduit les inégalités entre les femmes et les hommes.
L’enquête nous a montré comment chacun des deux sexes vit au sein de la société
selon la culture sociale, les normes et les valeurs que l’espace collectif lui dicte.
2.1 Femme et espace public
L’espace public est défini en opposition à l’espace privé comme un
environnement ‘extérieur’ et comporte aussi bien des espaces familiers
qu’inconnus, des endroits fréquentés régulièrement occasionnellement, ou jamais.
Il est synonyme de l’anonymat et il reflète l’importance persistante du lieu pour les
réseaux sociaux et les liens mentaux et émotionnels, tandis que le contrôle de
l’espace est toujours considéré comme crucial pour l’identité, le pouvoir et la
politique. Cela reste également un facteur clé de la domination en général 1.
« Par "espace public", nous entendons la gamme de lieux
sociaux proposés par la rue, le quartier le centre commercial... Il
englobe la tension palpable entre le lieu et le vécu à toutes les échelles
de la vie quotidienne.
(..) L’espace public est traditionnellement différencié de
l’espace privé par les règles d'accès, de la source et de la nature du
contrôle sur l'entrée dans un espace, les comportements individuels et
collectifs sanctionnés dans des espaces spécifiques. Alors que l’espace
privé est délimité et protégé par des règles statutaires d’utilisation de
la propriété privée, l’espace public, bien que loin d’être libre de toute
réglementation, est généralement conçu pour être ouvert à une
participation plus ou moins grande du public. 2»
Il s’agit des lieux d’éducation, de la rue, et de services publics... Les espaces
et les lieux, ainsi que leurs sens (et des éléments connexes tels que notre degré de
mobilité) sont soumis à une approche sexo-spécifique. De plus, ils sont sexués de
multiples façons, qui varient selon les cultures régionales et au fil du temps. Et
cette mixité de l'espace et du lieu reflète et a des effets sur la manière dont le genre
est construit et compris dans les sociétés dans lesquelles nous vivons. Certains
endroits sont conçus ou ont pour effet de, fermement faire connaître la

Denise Jodelet, Les représentations sociales. Editions Presses Universitaires de France « Sociologie
d'aujourd'hui», 2003, p. 49.
En d’autres termes, la représentation socio-spatiale est une superstructure regroupant « (..) les idées, les valeurs,
les images et les mythes, les formes de pouvoir qui régissent la société dans ses espaces. Elle convoque la
mémoire, les représentations sociales, d’essence culturelle, qui animent les êtres humains dans leur rencontre
inévitable et créatrice avec les lieux. »
Guy Di Méo, Introduction à la géographie sociale. Editions Armand Colin, Paris, 2014, p.130.
1 Brian Graham et Catherine Nash, "A shared future: territoriality, pluralism and public policy in Northern
Ireland." Publié dans Political Geography 25, 2006, p. 262.
2 Setha Low et Neil Smith, The Politics of Public Space. Editions Routledge, New York, 2006, pp. 3-4.

12
subordination conventionnelle de la femme (clubs masculins, cafés, immensités de
terrains vacants au centre ou à la périphérie de la ville, bâtiments désertés). D’où
l’édification de ‘frontières latentes’ obstruant la libre circulation du genre à
l’intérieur de l’espace urbain ou autre.
Au cœur de cette réflexion se pose l’utilité de présenter quelques éléments
de l’analyse de la particularité de l’occupation et de l’organisation des fonctions
entre les deux sexes dans l’espace public. Il s’agit de considérer, principalement,
les attitudes à l’égard de la présence de la femme dans l’espace public avec un
statut de leadership. Une liste réduite a été proposée aux personnes enquêtées, à
savoir : élue locale, parlementaire, ministre, gouverneur ou wali, caïd. La
perception de la société locale sur l’accès des femmes aux divers postes de
responsabilités est très nuancée.
Les postes de responsabilité les moins appréciés pour la femme sont les
postes d’agent d’autorité, c'est-à-dire celui de Caïd (49%), suivi par celui de
Gouverneur ou Wali (56%). Dans la conscience collective, ces métiers renvoient à
la structure politique, économique et administrative traditionnelle marocaine « le
Makhzen », antérieur au « protectorat » français, et qui est réputé pour son
caractère conservateur « masculin ». Ce refus s’inscrit en prolongement à ce
modèle traditionnel, nonobstant le fait que le Maroc a autorisé, depuis plus d’une
dizaine d’année, l’accès des femmes aux postes de Caïd et de Gouverneur. Par ce
regard défavorable à l’exercice de la femme du métier d’agent d’autorité, la
société locale rejette le fait que la femme soit « un arbitre à la fois neutre et doté
d'une autorité, chargé à la fois de "régler" à juste titre "les litiges et d'exercer"
l'autorité "dans le maintien de l'ordre public1 ».
Les réponses extrapolées par les sujets interrogés, nous indiquent que le
poste d'Elue locale (omniprésent au côté de l'agent d'autorité) se positionne mieux,
en terme d’appréciation, avec 61% de répondants favorables.
Le poste de parlementaire vient en tête de groupe en termes d’appréciation.
Ainsi, 72% des personnes interrogées ont accepté que la femme occupe ce poste.
Rappelons, que ce poste est perçu dans la conscience collective comme étant celui
qui enregistre le plus de préjugés relatifs à la passivité et qui mobilise le minimum
de proximité avec la population et s’exerce au niveau central loin de l’espace
régional.
En reproduisant un croisement horizontal, par rapport à la somme des OUI
ou des Non, la même tendance se confirme. Les postes de responsabilité les plus
souhaités pour la femme sont les fonctions où les rapports de proximité avec la
population sont les plus réduit, voire inexistant, ministre ou parlementaire –
puisque s’exerçant au niveau central et loin du territoire local.
Pour beaucoup de personnes enquêtées il semble fondé et « normal » que les

1 Michel Foucault, Power/Knowledge: Selected Interviews and Other Writings 1972– 1977, London: Harvester
Press, 1980, p.6.
13
femmes soient bien moins représentées que les hommes dans les postes de
responsabilité publique nécessitant une proximité et un exercice de pouvoir, les
confrontant directement, aux citoyens. A fortiori parce que, moins investies de
force d’engagement, de leadership ou d’autorité, elles prendraient moins de
risques. Par ailleurs, la compréhension du pouvoir et de l’autorité est importante
pour apprécier les obstacles culturels entravant le renouvellement des rôles des
femmes dans la société et la culture marocaines.
« Le concept d'autorité a des composantes à la fois
sociologiques et psychologiques et il est lié à deux autres concepts: le
pouvoir et la légitimité. Souvent défini comme une capacité
personnelle ou sociale à atteindre certaines fins, le pouvoir est
essentiel à l'autorité, obtenue d'abord par la sanction sociale, puis par
la légitimation individuelle (intériorisation psychologique du pouvoir
par les membres d'une société. Une combinaison de pouvoir et de
légitimité sanctionne l'autorité aux niveaux individuel et social.1 »
Selon le même raisonnement, les femmes, dans le contexte social de
l’enquête, seraient moins réactives aux contraintes de ces postes, précisément sur
le plan de la disponibilité et de l’adaptation aux difficultés du quotidien, surtout
face à des situations et des demandes sociales complexes. La liste de ces
«handicaps» n’étant pas exhaustive.
Cette définition patriarcale de la femme remontée par les résultats de cette
enquête terrain2 est confirmée par les enquêtes menées par le HCP3 au niveau
national. Seuls 32,2% des Hommes et 36.6% des Femmes considèrent que les
femmes gèrent les entreprises aussi bien que les hommes. Selon un rapport du
ministère de la fonction publique et de la modernisation de l’administration4, plus
on monte dans la hiérarchie administrative, moins on trouve de
femmes :14% dans les emplois supérieurs, 10% parmi les chefs de division et
16% chez les chefs de services. En d’autres termes, 76% de femmes
« responsables » sont chefs de service, 18% sont chefs de division, 4% sont
directeurs centraux. Les femmes aux postes de responsabilité sont plus
nombreuses au niveau central que dans les régions (déconcentré). En effet 26,08%
de femmes responsables (contre 73,92% d’hommes) exercent au niveau central
alors que celles qui exercent au niveau déconcentré constituent 10,58% (contre 89,
42% d’hommes). La variable « poste de responsabilité » permet de tirer certaines

1 Fatima Sadiqi, « The Feminization of Authority in Morocco », Chapitre 16, Gender and Power: Toward
Equality and Democratic Governance, édité par Mino Vianello and Mary Hawkesworth, 2015, pp. 406-407.
2 Souad Rajeb et Mostafa Yahyaoui, Enquête sur la violence à l’égard des femmes dans la région de l’Oriental
marocain, Publication de la Fondation Hassan II pour les marocains résidents à l’étranger, février 2013.
3 HCP, Dynamique sociale et évolution des statuts de la femme au Maroc : Etude thématique publiée dans
Réflexion Prospection Maroc 2030, mai 2007.
Version électronique : https://www.hcp.ma/Reflexion-prospective-Maroc-2030-Etudes-thematiques
4 Ministère de la Fonction Publique et de la Modernisation de l’Administration, La place des femmes
fonctionnaires aux postes de responsabilité dans l’administration publique au Maroc, mai 2016.
Version électronique : https://www.mmsp.gov.ma/uploads
14
constatations sur le genre et la mobilité.
Dans la même perspective, notre enquête terrain sur l’Oriental proposait aux
sujets interrogés de suggérer trois emplois qui seraient les mieux adaptés aux
femmes (Métiers traditionnels ou modernes, demandant ou non une qualification
professionnelle, donnant droit à un salaire médiocre ou relativement élevé,
relevant de l’économie traditionnelle ou moderne).
Parmi les métiers les plus prisés, émergent les métiers suivants: secrétaire,
institutrice, médecin, infirmière, sage femme, ouvrière d'usine, commerçante,
agent de service, fonctionnaire, avocate, juge, ingénieur. Une lecture rétrospective
et comparative des données de notre enquête et celle réalisée en 1962 par Nelly
Forget1 nous permettra de mesurer l’évolution sociétale sur la perception de
certains métiers.
Dans les deux enquêtes, les choix communs relatifs aux métiers les plus
adaptés à la femme, font ressortir trois grandes catégories de métiers, avec des
taux d’appréciations relativement similaires.
La première catégorie à trait aux métiers qui sont fréquemment rejetés dans
les deux études : Gardienne de hammam et artiste.
Un second groupe de professions laisse émerger un écart considérable entre
l’étude réalisée en 1962 et la présente. Ce groupe de métiers ne recueille pas les
mêmes pourcentages d’appréciations dans les deux enquêtes objet de comparaison.
Il s’agit, en l’occurrence, des métiers de « secrétaire, maallema (maîtresse de
broderie), vendeuse, ouvrière d'usine ». Dans l’enquête internationale réalisée en
1962, Nelly Forget notera que ce groupe de métier enregistrera 65% de taux
d’appréciation ; au moment où, ce même groupe de métiers ne recueillera guère
plus que 16% d’approbation (en terme de convenance professionnelle à la femme)
selon les données extrapolées de notre milieu d’enquête.
Enfin, certaines professions, que nous regroupant sous la rubrique,
« Fonctionnaire, institutrice, médecin, sage-femme, infirmière » font l’objet de
consensus dans les deux enquêtes. 90% des sujets interrogés dans l’enquête de
1962 et 74%des sujets interrogés appartenant à la société locale, objet de notre
étude, considèrent que ces métiers semblent le mieux convenir à la femme.
Il ressort des deux études une certaine constante : les métiers les plus prisés
sont des professions qui s'inscrivent dans le cadre de l'économie moderne.
Comment peut-on expliquer cette durabilité statique de la perception
sociétale sur les métiers qui semblerait le mieux convenir aux femmes ?
Dans les deux enquêtes, les professions ayant décrochées les préférences
des sujets interrogés s'inscrivent dans le cadre de l'économie moderne ; elles

1 FORGET, Nelly. Attitudes à l'égard du travail professionnel de la femme au Maroc, in Images de la femme dans
la société, dossier publié dans la Revue internationale des sciences sociales, Revue trimestrielle, vol. XIV, n° 1,
Paris : UNESCO, 1962, p.99.
15
supposent une scolarisation poussée, s'exercent en dehors du domicile et
représentent une rupture avec les modes de vie traditionnels.
Cependant, sont-elles si éloignées du rôle traditionnellement imparti à la
femme dans l’esprit collectif ?
Ces résultats pourraient s’expliquer par une certaine tendance laissant
cantonner la femme dans un secteur d'activités restreint, la laissant s’enfermer
dans l'archétype de la femme maternelle, douce, compréhensive. Ce rôle
rappelons-le s’inscrit en continuité avec le modèle traditionnel.
Par ailleurs, touts ces métiers renvoient une image de la femme dans toute
sa symbolique:
- La douceur et l’empathie comme déterminant dans le choix des
carrières médico-sociales ;
- L’éducation et la pédagogie privilégiant l’appréciation des métiers
d’enseignement ;
- Le sens de l’organisation et de l’arrangement comme déterminants
pour une carrière dans la fonction publique.
En somme, cette étude comparative, aura permis, à travers les motifs
d’opposition au travail professionnel de la femme, chez les réfractaires du travail
féminin, de déceler des niveaux de similitudes entre la société locale (milieu
enquêté) et la société marocaine, objet d’étude en 1962.
Un troisième croisement permettra de souligner le prolongement de cette
constante au niveau national. En effet, le rapport publié par le HCP, en 20151,
relèvera que le taux de féminisation de l’administration publique a atteint 39,4%
en 2013 contre 38,6% en 2012, 37% en 2010 et 34% en 2002 et le taux de
féminisation des effectifs varie selon les administrations. Les trois ministères les
plus féminisés sont la Santé, où plus de la moitié des fonctionnaires sont des
femmes, la Solidarité et les Affaires générales. A l’inverse, les ministères les
moins féminisés sont l’Equipement, l’Intérieur et l’Agriculture.
Nous sommes, donc, devant une situation évoluant à un rythme dicté et
orchestré par des pouvoirs diffus et anonymes (traditions, coutumes…) au sein de
la société (et non par le pouvoir institutionnel). Cette vérité est criante lorsque les
sujets interrogés, dans cette étude terrain, sont sollicités de répondre à la question
suivante : Quelles sont selon vous les raisons pour qu’une femme accède aux
postes de responsabilité ? Plus de 88% de leurs réponses varient entre le mérite
(50%) et les réseaux familiaux (38%).
L’étude à mis en lumière un changement sociétal local considérable par
rapport à l’image de la femme. Il est légitime de déduire, à travers un taux

1 HCP, Le Maroc entre Objectifs du Millénaire pour le Développement et Objectifs de Développement Durable.
Les acquis et les défis, Rapport Nationalt, 2015, p. 44-45.
Version électronique : https://odd.hcp.ma/attachment/635656/
16
sensiblement faible portant sur des considérations « physiques» (9%) dans le choix
de la femme aux postes de responsabilité, et un taux assez élevé des
considérations relatives aux « compétence, mérite, qualités morales et
intellectuelles » (50%) que :la femme semble projetée dans une société
méritocratique ou les compétences et le mérite sont les maîtres mots.
Néanmoins, l’enquête nous renvoie une autre réalité. Cette acceptation
sociale ne peut être interprétée comme une rupture totale avec le référent collectif
sur l’image de la femme.
D’après les réponses afférentes aux qualités d’une femme au poste de
responsabilité, il apparait que la société locale est beaucoup plus orientée vers une
image du modèle « réservé » de la femme et moins exposé au modernisme,
puisque : 55% de l’échantillon conditionnent cette ascension professionnelle de la
femme par l’exigence du voile (25%), le comportement (20%) et l’habillement
« correct » et « réservé » (10%).
Cette exigence se rattachant à la moralité de la femme responsable, trouve
sa justification dans un certain « conformisme » par rapport aux valeurs culturelles
et religieuses de la représentation sociale de la femme dans la société locale.
L’étude nous a permis, à ce stade, d’avancer, prudemment, que la femme au
travail n’est pas perçue dans l’absolu, à travers ses qualités et ses compétences,
mais demeure prisonnière des clichés et des « formats préétablis » requérant une
certaine « obéissance » aux valeurs morales et culturelles imposées par la société
locale.
En d’autres termes, et en reprenant la littérature du « féminisme » au Maroc,
nous pouvons dire que dans la vie courante, la femme a encore des obstacles
culturels l’empêchant d’atteindre, aisément, les postes de responsabilité à pieds
d’égalité avec les hommes. Ceci peut se justifier à la fois par la pression du
préjugé d’infériorité par rapport à l’homme, mais aussi par une intolérance vis-à-
vis de l’image « libérée » du carcan social dans lequel la femme a été enfermée
depuis des siècles.
L’analyse de données de cette étude montre que les femmes responsables,
au niveau national, sont en moyenne largement plus diplômées que les hommes.
Seulement 1,2% d’entre elles ont un niveau inférieur à Bac+3 contre 3,44% pour
les hommes responsables. De même, 62,32% des femmes occupant des postes de
responsabilité ont un niveau Bac+5 et plus, contre seulement 53,31% des hommes.
La « sur-diplômation» des femmes est un phénomène très marqué aux postes de
niveau 1 puisque 60,66% des femmes chefs de service et 64,29% des femmes
chefs de division ont au moins un diplôme Bac+5, contre 48,61% et 54,26% des
hommes respectivement. On peut donc supposer soit que l’exigence éducative est
plus forte pour les femmes que pour les hommes quand il s’agit de les nommer
dans de postes de responsabilité, soit que la plupart des femmes ne se portent
candidates à ce type de poste que si elles peuvent se prévaloir d’un diplôme élevé.

17
D’autre part, pour les femmes, au niveau national, le mariage est un obstacle
dans l’accès aux postes de décision. Les fonctionnaires sont dans leur grande
majorité des personnes mariées (79,86%). Les célibataires viennent en seconde
position avec 15,28%. Les catégories « divorcés » et «veufs» sont très minoritaires
(4,86%). Le pourcentage des hommes mariés est bien plus élevé que celui des
femmes mariées (83,45% contre 60,94%). Par contre, les célibataires sont bien
plus nombreux parmi les femmes. Ainsi, si 33,52% de femmes responsables sont
célibataires, seulement 11,82% d’hommes responsables le sont. Il semble donc que
le célibat favorise l’accès aux postes de responsabilité pour les femmes, tandis que
le mariage le favorise davantage pour les hommes1.
2.2 Violence, genre et pouvoir symbolique
Dans l’enquête menée dans l’Oriental, la violence à l’égard des femmes dans
les espaces d’enseignement est moins ressentie dans la société locale. 42% des
personnes interrogées considèrent que la violence dans l’enseignement concerne
plus les filles que les garçons. Alors qu’une tranche assez importante (57%) ne
conçoit pas que les filles puissent être exposées à l’école à ces actes. Cette donnée
s’explique par le fait que l’aire de l’enquête est réputée, d’une part, par son
conservatisme ‘HACHMA et LWQAR’ (pudeur et humilité) qui impose un certain
respect mutuel entre les habitants du même quartier ou du douar. De même, la vie
en communauté est perçue comme un espace ‘sécurisé’ imperméable à toute
intrusion de mauvaises conduites. Ici le respect des filles du voisin symbolise le
respect des normes de la communauté. Le quartier s’érige alors comme forteresse
édifiant des ‘frontières latentes’. Tout en se proposant espace extérieur, il n’en
demeure pas moins un espace de limite et de contrôle qui renvoie à la domination
traditionnellement subie par le genre2. Le quartier, d’autre part reproduit des
rapports sociaux de domination. C’est un espace, idéal, de ressources sociales,
placé sous le contrôle de fait d’une collectivité et de ses valeurs. La circulation
dans l’espace public, (à l’extérieur du travail), risque très souvent de se résumer à
une circulation d’une zone à l’autre du quartier. Cette circulation ne fait, en
définitive, que marquer l’assujettissement des femmes vis-à-vis des contraintes de
temps qui les dépassent et qui les poussent à rationaliser l’efficience du travail
gratuit qu’elles consacrent à leur famille. A ce propos les résultats de l’enquête de
HCP, 2009 sont riches d’enseignement. Dans une Journée type des femmes et des
hommes âgés de 15 ans et plus, la femme consacre 5 heures travail domestique en
soins donnés aux autres membres du ménage alors que les hommes n’y consacrent
que 43 minutes.
Sur les inégalités homme-femme âgés de 15 ans et plus devant la charge de
travail, les hommes consacrent 88% au travail professionnel et 12% au travail

1 Ministère de la Fonction Publique et de la Modernisation de l’Administration, La place des femmes


fonctionnaires aux postes de responsabilité dans l’administration publique au Maroc, rapport précité, 2015, p. 51-
54.
2 Safâa Monqid, Femmes dans la ville, Rabat : de la tradition à la modernité urbaine. Editions Presse
Universitaires de Rennes, 2014, pp. 105-149.
18
domestique, alors que la femme consacre 21%au travail professionnel et 79%% au
travail domestique. Ce confinement du genre dans l’espace quartier, et la
sublimation de l’aspect sécuritaire renvoie à la figure géographique classique du
territoire communautaire. Or, les études de la géographie urbaine ont démontrées
que pour que la ville fonctionne et puisse optimiser ses ressources, il faut libérer les
espaces pour produire l’interaction et l’hybridation.
En s’arrêtant sur les motifs fondant l’idée que les actes de violence
concernent à l’école plus les filles que les garçons, 65% d’entre eux trouvent que
ces actes se manifestent dans ce que nous regroupant sous l’intitulé ‘Vulnérabilité,
faiblesse et incapacité à se défendre’. L’âge est un facteur déterminant dans la
violence puisque 21% des personnes interrogés considèrent qu’elle est due à
l’adolescence et à l’harcèlement de la part des garçons. Rappelons à cet égard que
la plupart des établissements d’éduction et d’enseignement sont mixtes, dans la
région. Le Maroc ayant, dès l’indépendance, opté pour la mixité du système
éducatif. Cela n’allait pas sans difficultés, les parents mécontents retiraient leurs
filles, très tôt de l’école, dès la puberté ; et dès que les effectifs le permettaient des
écoles séparées ont été crées. Les cas de violences se rapportant à la provocation de
la femme à travers soit son comportement ou son vestimentaire sont moins
fréquentes 14%. Les agressions verbales sont plus répétitives 88% et plus
courantes. Les agressions physiques à l’égard de la femme dans les espaces
d’enseignement sont beaucoup moins (12%) fréquentes. D’autre part, une panoplie
de formes de violence à l’égard des femmes dans la rue en particulier et dans
l’espace public en général se manifeste. Jusqu’aux années 50, la rue et l’espace
public étaient exclusivement réservés aux hommes. Les femmes qui s’y
aventuraient étaient considérées comme frivoles. Seules, les vieilles femmes, aux
corps usés et asexués, pouvaient sortir de chez elles sans être suspectées. Depuis
les années 60, les femmes occupent la rue et les lieux publics pour des raisons
nobles, au même titre que les hommes. Mais la perception des femmes dans la rue
n’a pas beaucoup évolué. L’enquête va révéler que le seuil de tolérance de la
présence de la femme dans l’espace public en général ne dépasse guère les 66% des
personnes interrogées.
En poussant la question plus loin, pour vérifier les degrés de tolérance quant
à la présence de la femme dans la rue, plus du tiers des enquêtés pensent que la
femme ne devrait jouir de ce droit qu'en cas de besoin ou d'urgence (ils évoquent
l'utilité pour occuper les lieux public), certains d'entre eux conditionnent même ce
droit par la nécessité d'être accompagnée ou voilée. L’exploitation de l’espace rue
par la femme, même quand il est toléré par la société locale, demeure très
strictement conditionnée, par une mosaïque de liens la soumettant à un quasi
couvre feu culturel.
Cependant 54% des personnes interrogées font de ce droit un droit
fondamental et considèrent que la femme peut jouir au même titre que l’homme de
ce droit. Pour cette catégorie de personnes interrogées, l’exploitation de l’espace
rue par la femme, relève de sa liberté individuelle, s’inscrivant ainsi, par rapport à
19
un référent universel en matière de libertés publiques et de droits de l’homme. En
se conformant aux modèles traditionnels, seule la femme claustrée est honorable.
Et comme l’illustre le graphique suivant, 71% des sujets interrogés, refusant de
voir la femme occuper l’espace rue, justifient ce refus par une vision conservatrice
assignant la femme à résidence ; « l’utilité de la femme est dans son foyer et pas
ailleurs » soutiendront-ils.
Toute femme dans la rue peut être, également, perçue par les hommes
comme une proie potentielle pour la drague. Dans ce sens, 15% des personnes
interrogées, soutiennent que leur refus de voir la femme occuper l’espace rue, se
justifie par le souci de lui éviter le danger ou le harcèlement. Même si les femmes
ont les mêmes responsabilités que les hommes, elles doivent obéir à un couvre-feu
culturel. De jour, mais surtout de nuit la présence des femmes dans la rue est
suspecte et donne le droit aux hommes de les harceler.
Ceci étant, l’implantation de la culture du genre dans les sociétés locales,
dite « conservatrice », nécessite non seulement « l’immigration des idées »,
comme dit Marx, mais aussi un temps d’adaptation et d’innovation des stratégies
de « dissolution » progressive du « pouvoir symbolique » de la culture locale.
« (..) les situations d’« immigration » imposent avec une force
particulière la mise au jour de l’horizon de référence qui, dans les
situations ordinaires, peut demeurer à l’état implicite. Mais il va de
soi que le fait de rapatrier ce produit d’exportation implique de
graves dangers de naïveté et de simplification- et aussi de grands
risques, puisqu’il livre un instrument d’objectivation. Toutefois, en un
état du champ où l’on voit le pouvoir partout, comme en d’autres
temps on se refusait à le reconnaître là où il crève les yeux, il n’est
pas inutile de rappeler que, sans jamais en faire, par une autre
manière de le dissoudre, une sorte de « cercle dont le centre est
partout et nulle part » (..) le pouvoir symbolique est en effet ce
pouvoir invisible qui peut s’exercer qu’avec la complicité de ceux qui
ne veulent pas savoir qu’ils le subissent ou même qu’ils l’exercent. 1 »
3. Territoires et Genre
L’enquête publiée par le Ministère de la Fonction Publique et de la
Modernisation de l’Administration renseigne sur le fait que les femmes aux postes
de responsabilité sont plus nombreuses au niveau central que dans les régions
(déconcentré)2. En effet 26,08% de femmes responsables (contre 73,92%
d’hommes) exercent au niveau central alors que celles qui exercent au niveau
déconcentré constituent 10,58% (contre 89, 42% d’hommes). La variable « poste
de responsabilité » permet de tirer certaines constatations. Au niveau déconcentré,
les hommes monopolisent quasiment le poste de chef de service avec 87,42%

1 Pierre Bourdieu, « Sur le pouvoir symbolique », publié dans les Annales, 32/3, mai-juin 1977, p.405.
2 Ministère de la Fonction Publique et de la Modernisation de l’Administration, La place des femmes
fonctionnaires aux postes de responsabilité dans l’administration publique au Maroc, rapport précité, p. 57-59.
20
(donc 12,58% de chefs de service). Les femmes chefs de division constituent
6,61% seulement. Au niveau central, 30,22% de femmes sont chefs de service et
18,08% chefs de division. C’est combien dire que les femmes sont plus
représentées dans les postes de responsabilité dans le central. Quand aux régions,
si le le taux de féminisation des postes de responsabilité dans les régions reste
faible (13,17%) seulement, il n’en demeure pas moins profondément différenciés.
Les 2 régions qui viennent en tête du classement sont la région « Rabat-Salé-
Zemmour –Zaers » avec 21,76% et « Le Grand Casablanca » avec 18,44%. Plus
on s’éloigne des régions « centrales », plus le taux de féminisation régional des
postes de responsabilité baisse. La région de l’oriental fait partie des régions qui
sont en situation problématique. Son taux de féminisation des postes de
responsabilité étant insignifiant.
Le recensement général du HCP de 2014 a montré une faible ancienneté des
femmes dans les postes de responsabilité, ce qui signifie que l’accès des femmes
aux postes de responsabilité est récent. D’autre part, les femmes n’acceptent la
mobilité géographique que quand le poste de responsabilité est de niveau 2,
décisionnel, avec des avantages qui compensent souvent le sacrifice de la vie
familiale. L’accès des femmes aux postes de responsabilité provoque des
bouleversements dans l’organisation de la société et dans les psychologies
(féminines et masculines) patriarcales. Pour Adrian Adams,
« Le travail de la femme hors du foyer, qui est un des traits les
plus caractéristiques des sociétés modernes, est apparu d’abord dans
les classes les plus modestes, sous l’empire de la nécessité… très
rares sont les ouvrières conscientes d’avoir conquis par leur travail
une condition supérieure à celle que la société traditionnelle assignait
à la femme.1»
Patriarcalement définie comme un être second, secondaire, mineur et
inférieur, la femme ne peut être facilement pensée comme l’égale de l’homme
dans l’exercice de la responsabilité et du pouvoir. Cette égalité n’a pas d’ancrage
social et historique dans la tradition, et encore moins l’inconscient collectif,
largement irrationnel. Bien entendu, la définition patriarcale de la femme qui
l’exclut des responsabilités publiques ne se trouve pas avec la même force dans
tous les Etats et dans toutes les sociétés. Plus l’Etat est non démocratique, plus la
société est sous-développée, et plus les femmes sont patriarcalement définies
comme « êtres créées pour le foyer ».
Plus on s’éloigne du centre2 (les régions de Rabat et de Casablanca), plus le
taux de féminisation des postes de responsabilité baisse. Comment expliquer la
faiblesse générale de la représentation des femmes dans les postes de
responsabilité ?

1 Adrian Adams, Casablanca, Essai sur la transformation de la société marocaine au contact de l’Occident,
Editions du Centre National de la Recherche Scientifique, Paris, Tome II, 1968, p. 752.
2 Dans l’histoire de développement de l’Etat au Maroc, la distinction centre / périphérie sous-tend de nombreuses
relations de pouvoir et, par conséquent, "la métropole reste le siège du pouvoir politique, économique et culturel.
21
Pour répondre à cette question, nous avons estimé plus adapté de
l’approcher dans une optique de la géographie sociale et culturelle.
Dans cette section nous démontrerons comment la géographie a participé à
la construction du genre et par la suite comment le genre a été profondément
impliqué, d’une manière conflictuelle, dans la production des nouvelles références
de l’imaginaire géographique1.
3.1 Géographie et genre : Une construction réciproque
De la signification symbolique des espaces / lieux aux messages clairement
différenciés par le genre qu’ils transmettent, à l’exclusion directe par la violence,
les lieux ne sont pas seulement générateurs du sentiment de ‘mal à l’aise’ chez les
femmes, mais aussi de ‘murs amovibles’. Ils sont portés par la question du sens, ils
fondent la pratique sociale, ils reflètent ‘l’idéologie productiviste’2 et affectent la
manière dont le genre est construit et compris, notamment dans les espaces urbains
dominé par l’élément masculin.
« Uniquement en raison de leur condition de sexe et de genre,
les femmes sont confrontées à des limites dans leurs pratiques
quotidiennes. Ce mur (..) est très précisément identifié et nommé. Il se
confond avec le périmètre aisément repérable. Leur espace est borné,
psychologiquement et matériellement borné. 3»
La limitation de la mobilité des femmes, à la fois en termes d'identité et
d'espace, a été dans certains contextes culturels, au Maroc, un moyen crucial de
subordination. De plus, les deux choses - la limitation de la mobilité dans l'espace,
la tentative de consignation / confinement dans des lieux particuliers, d'une part, et
la limitation de l'identité, d'autre part - ont été étroitement liées.
La fin des années soixante dix a vu l'expansion, au Maroc, des relations de
production capitalistes. Il s’agissait d’un processus géographiquement inégal et
différencié, et les différences économiques entre les régions qui en résultent sont
bien connues: l’accélération du rythme des activités manufacturières (la
prédominance de la chimie et de la parachimie qui ont absorbé presque 40 % de
l’investissement total prévu pour 1973-1985, l’agro-alimentaire 23,3 % et le textile
et le cuir 22 %), les bouleversements sociaux et économiques de l’organisation de
l’agriculture, etc4. Chacune était à la fois le reflet et le fondement de la période de

1 Mario Bédard, Le paysage. Un projet politique. Québec, Presses de l’Université du Québec, 2009 p.5.
Mario Bédard, « L’apport structurel de l’imaginaire géographique dans l’inconscient collectif : le cas du mont
Orford», publié dans les Cahiers de géographie du Québec, vol. 52, n° 147, 2008, p. 523-541
2 Henri Lefebvre, La production de l’espace, Collection « Ethnosociologie », Editions Anthropos, Paris, 4ème
édition (2000), 1985, pp. 83- 96.
3 Guy Di Méo, Les murs invisibles : Femmes, genre et géographie sociale, Editions ARMAND COLIN/
RECHERCHE, Paris, 2011, p.105.
4 Larabi Jaidi, « L’industrialisation de l’économie marocaine : acquis réels et modalités d’une remise en cause »,
publié dans le Maroc actuel : une modernisation ou miroir de la tradition, sous la direction de Jean-
Claude Santucci, Collection : Connaissance du monde arabe, Éditeur : Institut de recherches et d’études sur les
mondes arabes et musulmans, Éditions du CNRS, Aix-en-Provence, 1992, pp. 93-95.

22
domination que l’économie marocaine a connue dans le cadre de la division
internationale du travail. Le programme d’ajustement structurel (1983-1993) tout
en participant à une évolution de l’espace-produit du Maroc (le graphique 2), ne
provoquera, au demeurant, guère les mutations attendues sur la structure des
exportations marocaines. Cette dernière n’a connu que des changements modérés
en termes de sophistication et de diversification, puisque le pays se positionne
essentiellement dans des produits à faible complexité, tels que le textile et l’agro-
alimentaire, alors que sa présence au niveau des produits à fort contenu
technologique reste insuffisante malgré la production de biens
d’équipements. Dans cette division spatiale du travail, différentes régions du Maroc
ont joué différents rôles. Leurs structures économiques et leurs structures d’emploi
se sont également développées selon des voies différentes.
Graphique 2 : Evolution de l’espace- produit au Maroc1

Mais la propagation des rapports de production capitalistes s'est également


accompagné d'autres changements. En particulier, cela a perturbé les relations
existantes entre les femmes et les hommes. L'ancienne forme patriarcale de
production nationale a été déchirée, le modèle établi de relations entre les sexes a
été remis en question. Ce processus a également varié dans son ampleur et sa
nature selon les régions du pays, et l’un des facteurs déterminants de cette variation
a été la nature des structures économiques émergentes. Dans chacun de ces

1 « La politique industrielle du Maroc : Histoire, constat et défis », publié dans la Revu électronique
Discovery Morocco, 25 décembre 2017
http://discoverymorocco.net/politique-industrielle-maroc-histoire-constat-defis/
23
domaines, «capitalisme» et «patriarcat» ont été articulés ensemble, adaptés l'un à
l'autre, de différentes manières.
C'est ce processus que nous souhaitons examiner ici. Schématiquement, les
formes contrastées de développement économique dans différentes régions du pays
ont présenté des conditions distinctes pour le maintien de la domination masculine.
Notre identification de cette domination s’appuie sur la définition proposée par
Max Weber :
« Par « domination », nous entendrons donc ici le fait qu’une
volonté affirmée (un «ordre ») du ou des « dominant » cherche à
influencer l’action d’autrui (du ou des « dominés ») et l’influence
effectivement, dans la mesure où, à un degré significatif d’un point de
vue social, cette action se déroule comme si les dominés avaient fait
un contenu de cet ordre, en tant que tel, la maxime de leur action
(« obéissance»)1 ».
De manière extrêmement schématique, le capitalisme a présenté au patriarcat
différent défis selon les régions du pays. La question était de savoir de quelle
manière les conditions de la domination masculine seraient reformulées dans le
contexte de ces conditions modifiées. De plus, ce processus d'accommodation entre
le capitalisme et le patriarcat a produit une synthèse différente des deux dans des
lieux différents. C’est une synthèse qui se voit clairement dans la nature des
relations entre les sexes et dans la vie des femmes.
Nous avons choisi d’examiner ces interactions en comparant la relation du
genre avec le système de production industriel à Casablanca et celui de l’Oriental.
Il s’agit de deux systèmes de production où non seulement différentes «industries»
au sens sectoriel, mais aussi différentes formes de production sociales ont dominé:
les mines de (charbon, plan, zinc, fer…) dans l’Oriental, le travail en usine de
textile (cas d’exemple) à Casablanca. L’agriculture est demeurée le référent
économique commun (dans les deux régions) de production sociale.
Pour comprendre, il faudra remonter à l’histoire de l’industrialisation2 de
Casablanca qui en impactant sur le lieu va influencer la culture du genre dans ce
territoire et le distinguer des autres régions. L’apparition précoce des
établissements manufacturiers et de l'industrie de transformation à Casablanca va

1 Max Weber, La domination. Editions La Découverte, Paris, 2013, p.49.


2 Ici le concept d’industrialisation « renvoie au processus ouvert et de long terme qui modifie la base productive
de l’économie, initialement agricole et rurale, ainsi que l’organisation de la production, initialement artisanale.
L’industrialisation se traduit donc dans l’économie globale par une importance croissante d’unités de production
nouvelles, des industries, au sein desquelles est organisée une double division du travail : d’une part, entre la
conception et la fabrication et, d’autre part, au sein même de la fabrication. Dans une acception large, le
processus concerne par réaction en chaîne de très nombreuses branches et touche les trois grands secteurs de
l’économie (primaire, secondaire et tertiaire). Il renvoie, pour chaque activité, à une dynamique de croissance
fondée sur des transformations et des changements décisifs impliquant, entre autres mais nécessairement, la
maîtrise des nouvelles technologies, la mécanisation et une organisation spécialisée du travail ».
Alain Piveteau, Khadija Askour et Hanane Touzani, Les trajectoires d'industrialisation au Maroc : une mise en
perspective historique, document de travail 2/2013 publié par Laboratoire Economie des Institutions et
Développement, Académie Hassan II des Sciences et Techniques, Université Mohammed V- Rabat, 2013, p.2
24
accélérer la séparation spatiale de la maison et du lieu du travail rendant, de la sorte
les femmes, économiquement, actives. Le fait de s’échapper des limites spatiales
de la maison devient grâce aux exigences du capitalisme et de l’économie locale
une réalité, surmontant deux angoisses : Celle de saper la volonté des femmes
d’assumer leurs rôles domestiques et celle de l’entrée dans un autre monde, public -
un mode de vie non définie par la famille ou le mari.
A Casablanca, la nature particulière de l'économie locale ainsi que la
concentration et la domination de certaines parties de la production à l’usine, de
textiles notamment, étaient une condition du développement et de la solidarité du
mouvement des ouvrières.
Ainsi, le statut retrouvé des femmes en tant que sources de revenus leur
confère un pouvoir qui modifie la division du travail reproductif dans l'espace privé
du ménage, tout en leur conférant un pouvoir accru dans les différents espaces
publics de la communauté.
« Les changements se sont donc produits à plusieurs échelles, et
ces changements se sont répercutés sur des échelles encore plus
élevées alors que quelques femmes assumaient des rôles de leadership
dans les mouvements associatif, politique et syndical au niveau local,
régional, national et international1. »
D’ailleurs, lorsque la bataille dans laquelle ces dernières se sont engagées
s'est déplacée au niveau national, le mouvement régional s'est retrouvé relativement
isolé. Les revendications que les femmes – ouvrières et fonctionnaires- de
Casablanca et Rabat ont jugées si importantes n'ont pas eu le même effet ou n'ont
pas pu être mobilisées de la même manière dans d'autres parties du pays2. Pour
mieux appréhender cette non généralisation de cette culture du genre local sur la
totalité du territoire national, nous retracerons une autre culture du genre
développée par une géographie différente : la région de l’oriental.
L’Oriental marqué par son passé minier et son faible taux de participation au
PIB national (le taux enregistré en 2018 est de 4,9%)3 va enregistrer un taux

1 Aurélie Damamme, Le genre à l’épreuve du développement au Maroc : Discours et pratiques concernant la


place des femmes dans les projets. Thèse de doctorat en géographie, Université d’Orléans, 2005, pp. 117-123.

2 Ce qui explique, entre autres, le faible taux de syndicalisme de la femme au Maroc. D’après les statistiques
disponibles, Sur un nombre total de 320.000 membres en 2006, 57.600 sont des femmes, soit seulement 12%.
Cette présence syndicale féminine est surtout concentrée à Casablanca et à Rabat dans les services ((banques,
sécurité sociale et protection sociale, distribution d’eau et d’électricité, textile confection, formation
professionnelle, agro-alimentaire, santé et établissements publics).

Confédération Syndicale Internationale, Maroc – Conscientisation et visibilité, Publication CSI, Vision Syndicale,
Janvier 2007, pp.2-4.

Version électronique : https://issuu.com/ituc

3 HCP, Les indicateurs sociaux du maroc. Publié par le HCP, 2018, p.71.
25
d'activité économique des femmes parmi les plus bas1 au niveau national. Ce qui
soulève toute la question de la culture de genre localement. De nombreuses
personnes, écrivant à la fois en géographie et en sociologie, ont commenté la
charge de travail domestique liée à l’épouse ou à la mère dans les milieux à faible
taux d’activité économique, notamment, dans les régions minières. Ils ont
également expliqué que la longueur et l'irrégularité du travail posté rendait difficile
pour l'autre partenaire d'un couple de rechercher également un emploi rémunéré en
dehors du domicile. Des recherches approfondies ont été menées sur la
construction de formes particulières de masculinité autour d’emplois tels que
l’exploitation minière. Et toutes ces enquêtes, et d’autres encore, indiquaient une
explication plus profonde de la raison pour laquelle, plus que dans la plupart des
autres régions du pays, il existait une culture de l’homme en tant que soutien de
famille et des femmes en tant que femme au foyer2.
La construction de la ‘maison’ en tant que lieu de résidence de la femme a
par ailleurs été intégrée dans ces vues du lieu lui-même en tant que source de
stabilité, de fiabilité et d'authenticité. Les idéalisations occasionnelles de la maison
chez les hommes, ont souvent construit cette vision autour de ‘femme maternant’,
personne vivante engagée dans les travaux domestiques, les ennuis et les plaisirs
de la vie. Une femme non pas activement engagée dans sa propre histoire, mais
dans son histoire d'autrui, comme centre symbolique stable - fonctionnant comme
un point d'ancrage pour les autres.
Avec la vague de la fermeture des bassins miniers dans l’Oriental de
nouvelles interactions vont modifier la culture du genre. Les emplois perdus
étaient masculins. Les nouveaux emplois créés par la vague de décentralisation des
services étaient en grande partie occupés par des femmes. Les travailleuses étaient
bon marché. Elles étaient prêtes à accepter les bas salaires, fruit de nombreuses
années de négociations sur le ‘salaire familial’. Cela va propulser, entre autre, des
emplois créés dans les secteurs de l’industrie agrico-alimentaire, par exemple, à
Berkane, Nador et de Taourirt, notamment. Les femmes étaient également plus
disponibles que les hommes pour le travail à temps partiel ou moins technique, ne
nécessitant pas une formation professionnelle pointue, conséquence de la
soumission et de la division du travail domestique établie de longue date au sein
du ménage. Ces deux déterminants étaient caractéristiques de la remise en
question du modèle établi des relations entre les sexes, dans le lieu du domicile et
dans l’espace plus large du marché du travail, et ce à l’échelle nationale. Ainsi,
l’Oriental va enregistrer un très bas taux de syndicalisation des femmes. Ceci est
dû prioritairement à leur très faible intégration dans l'emploi salarié. En effet, les

1 En 2018, l'analyse spatiale de l'emploi féminin au milieu urbain révèle que l’Oriental s’affiche parmi les régions
à plus bas taux d'emploi féminin (n’excedant guére les 11,1%). En revanche, la région de Casablanca enregistre le
taux d'emploi parmi les plus élevé, soit 22,2%.
Enquête nationale sur l'emploi, Haut Commissariat au Plan (Direction de la Statistique). (1) Pour les définitions des
concepts et indicateurs utilisés, se référer au glossaire disponible sur le site web du HCP : http://www.hcp.ma
2 Doreen Massey, Space, Place, and Gender. Editions University of Minnesota Press, Minneapolis, 1994, pp. 191-
210.
26
femmes étaient pour la première fois depuis des décennies ‘libérées’ sur le marché
du travail. Elles avaient besoin d'un emploi rémunéré, particulièrement, face à
l'insuffisance des opportunités de travail pour les hommes. Cette « libéralisation »
va s’accélérer, grâce à une charge de travail domestique moins contraignante -
pour les empêcher d’intégrer l’emploi rémunéré-. De plus, ces femmes avaient été
construites au fil des ans, précisément en raison de la spécificité de la culture du
genre locale dans un type de main-d'œuvre recherché par le secteur de services en
cours d’évolution.
C’est ainsi que le genre a été profondément impliqué dans la construction de
la géographie. De plus, il y avait encore une fois une évaluation différente de la
politique de développement territorial1. En effet, cette politique ne pouvait plus
être considérée comme le facteur dominant dans l’explication de la
décentralisation de l’emploi, car la force de travail qui faisait partie intégrante de
l’attraction des entreprises nouvelles avait été créée non par cette politique mais
par le déclin simultané des emplois des hommes et en raison de la culture du genre
précédente. Il est certainement vrai que la dynamique de développement territorial
initiée depuis la fin de la première décennie du XXI siècle, n'a créé que des
emplois faiblement rémunérés, mais d'un autre côté, certains emplois ont apporté
des avantages, qui n'avaient pas été reconnus auparavant. Plus important encore, il
a permis aux femmes de gagner un revenu indépendant. En outre, le fait même de
créer des emplois a commencé à perturber certaines des anciennes relations entre
hommes et femmes.
Mais au-delà de ces métiers qui avaient en commun la séparation spatiale de
la maison et du lieu du travail une autre forme d’organisation dominante du travail
rémunéré (notamment de la couture) était le travail à domicile (broderie, textile
traditionnel…). Le travail salarié était effectué à domicile (l’Initiative Nationale
pour le Développement Humain (INDH) va accentuer le processus à travers les
activités génératrices de revenus (AGR) autour de la valorisation des métiers
traditionnels de la femme).
La femme travailleuse restera confinée dans l’espace privatisé du domicile,
et individualisé, isolée des autres travailleuses.
Une autre influence -pas des moins importantes- proviendra du mode de vie
dans le rural de l’Oriental. Ce dernier demeurera fortement conservateur -
socialement, et politiquement-. L’espace rural ne se radicalisera pas comme ce fut
le cas dans l’espace urbain : espace d’émancipation professionnelle des femmes
(fonctionnaires et employées dans le secteur privé). Dans ce même rural, les
relations entre les sexes ont continué inchangées. La femme a servi sa famille.
« La femme rurale constitue une main d'oeuvre familiale
permanente ou occasionnelle et joue un rôle vital dans le travail

1 Ici, la politique de développement territorial est considérée comme des interventions d’une autorité investie de la
puissance publique et de légitimité gouvernementale sur un domaine spécifique du territoire (Yves Meny et Jean -
ClaudeThoenig, Politiques publiques, Paris, Editions PUF, 1989, p. 129).
27
agricole et domestique. Certains travaux sont du seul ressort des
femmes : l'élevage et l'entretien des cultures maraîchères. La femme
rurale est également responsable de la sécurité alimentaire de sa
famille dans le sens où elle a la charge de la plupart des activités de
transformation et de stockage des aliments. La femme rurale est le
membre le plus confronté à la gestion des dénuements sociaux1 ».
Ainsi, comme nous avons démontré ci-dessus, les articulations distinctes
entre l’Oriental et Casablanca, ont modifié le sens et l’évolution de «la question de
genre» elle-même, et toute présomption d’alliances faciles entre les femmes dans
ces deux régions était donc compromise intenable. Les nouvelles couches d'activité
économique ou d'inactivité qui se sont superposées à l'ancien sont, tout comme
l'ancien, différentes selon les endroits.
D’une part, l'impact des changements plus récents a été lui-même modelé
par les différentes conditions existantes, l'héritage accumulé du passé, pour
produire des combinaisons distinctes qui en résultent. "Le local" a eu un impact sur
le fonctionnement du "national.
D’autre part, à lire les résultats de l’enquête, et ceux du HCP, la vie
métropolitaine elle-même semble faire peser une telle menace sur le contrôle
patriarcal. En termes généraux, il est clair que le contrôle spatial, qu'il soit imposé
par le pouvoir de la convention ou du symbolisme ou par la simple menace de
violence, peut être un élément fondamental de la constitution du genre sous ses
formes (très variées).
Il ressort des résultats de l’enquête menée dans la région de l’oriental que le
travail de la femme est toléré sous condition de « conformisme » par rapport aux
normes sociétales. A cet égard, le discours social court-circuitera la femme en
situation de « libre choix», pour ne tolérer que la femme en situation de « liberté
de travail conditionnée » pour éviter le risque du « pêché social et moral ». Dans
l’imaginaire collectif, le milieu professionnel est un lieu de tentation « non
maitrisé », pour la femme dont la capacité de résistance est altérée par son
tempérament inné « doux » et « fragile ». L’évidence de ce préjugé social est
mieux exposée, lorsqu’il s’agit de questionner les sujets sur leurs choix de la
femme ou de l’homme aux postes de responsabilité.
L'échantillon se montre plus conformiste aux préjugés du modèle
traditionnel; les avis des sujets interrogés font preuve d’une discrimination
systématique à l'égard des femmes, puisque 66% d’entre eux préfèrent l’homme
aux postes de responsabilité.
Les attitudes vis-à-vis des responsabilités domestiques restent également
traditionnelles: Les relations entre les hommes et les femmes au niveau national

1 Rachida Nafaa, « Femmes rurales marocaines et développement : inventaire du savoir-faire féminin dans la
gestion des ressources », publié dans la revue électronique de l’Institut de recherche pour le développement, 2010,
p. 375.
URL Source : http://www.beep.ird.fr
28
n’ont apparemment guère été touchées par les nouveaux emplois, et encore moins
ont été «chamboulées». Le travail domestique des femmes reste en grande partie lié
aux personnes dont elles s'occupent dans leur ménage, leur mari, leurs parents et /
ou leurs enfants. Le travail domestique prend beaucoup de temps car la plupart des
travaux sont effectués à la main et sont fournis à des moments différents aux
différents membres du ménage.
3.2 Le genre producteur de la territorialité
Pourtant les femmes ayant le temps et l’audace de sortir de leur quartier de
référence, vont reproduire d’autres ’frontières latentes’ au-delà du quartier. Elles
vont se confiner dans les territoires du commerce et les lieux réhabilités et
sécurisés, propres, ouverts et clair (à l’image de ce qu’elles ont été éduquées à
apprécier) de jour et rarement, si ce n’est jamais, la nuit. La rencontre des
‘frontières latentes’ devient dès lors une caractéristique d’autant plus associée au
genre. Ces frontières ferment parfois les territoires ceux de l’intérieur résidentiels
mais aussi ceux du quartier ou d’autres micro territoires de la vie. Elles bornent et
barricadent des espaces urbains et autres ignorés ou refusées par la femme. Or ces
frontières ne sont pas statiques parfois elles se déplacent sinon disparaissent selon
le principe mobile du genre. Deux processus expliquent cette mobilité des
frontières : (1) Les effets d’âge, les conditions sociales, d’éducation et de
formation, d’expériences plus ou moins différenciée des espaces géographiques
figurent comme autant de facteurs susceptibles de rapprocher ou d’éloigner, de
fissurer voire d’éliminer les ‘frontières latentes’. (2) Inversement, l’urbanisme et
les aménagements de l’espace urbain détiennent également le pouvoir de repousser
ces frontières voir de les effacer. Les aménagements qui vont dans ce sens sont
ceux qui participent à l’ouverture de l’espace, à sa clarification son
embellissement à sa propreté et à sa sécurité.
Les espaces que la femme rejette, paradoxalement, s’inscrivent dans les
aires urbaines où fléchit le contrôle social, idéologique et politique imposé par le
genre, celui de la domination protectrice 1.
Or, les filles éduquées à éviter et à effacer toute souillure, ont horreur du
sale et du laid et son allergique à l’insécurité. Ce refus du sale et du laid est à
l’origine de la peur du genre (auquel appartient les femmes) de l’insécurité, du
risque d’agression, de compromission aussi par la fréquentation (souillure
corporelle et morale) de lieus de mauvaises réputation.
Les garçons sont élevés dans l’esprit de leur supériorité sur les filles.
L’apprentissage commence très tôt au foyer, quand les parents et surtout la mère,
apprennent aux fils à dominer les sœurs et à les soumettre à leurs caprices et à leur
autorité. La drague excessive et le harcèlement s’expliquent aussi par le mythe de
la virilité entretenu par les hommes mais aussi et surtout par les mères. Les mères
conditionnent leurs garçons. Très tôt, ils comprennent qu’ils sont des hommes, des

1 Guy Di Méo, Les murs invisibles : Femmes, genre et géographie sociale, Ouvrage précité, p.323.
29
mâles qui ne doivent pas être faibles sinon ils seront assimilés à des femmes. Les
pleurs, la mollesse, attirent les moqueries des mères. Le garçon finit par
s’identifier à la virilité, qui passe par un corps fort, une personnalité qui dégage
l’autorité et la mainmise sur son entourage féminin. Alors que la fille est éduquée
pour être une parfaite épouse et une parfaite femme vertueuse. Dans ce sens, 14%
des personnes enquêtées, soutiendra que la femme doit, pour sortir, être
accompagnée ou avoir la permission du mari. Quasiment, les mêmes taux sont
enregistrés par rapport à la perception de la présence de la femme, la nuit, dans la
rue. 64% des personnes enquêtées ont des préjugés favorables à la présence des
femmes dans la rue, la nuit.
A ce stade, il existe une corrélation positive ou parallèle avec les enquêtés
qui acceptent l'occupation de la rue et l’espace public par la femme (66%). Ceci se
justifie chez les sujets enquêtés par le fait que la société en encourageant la
sexualité pré-maritale des garçons et en interdisant celle des filles, pose un
problème d’offre et de demande ; ce qui accentue la frustration masculine et son
agressivité à l’égard des femmes. Draguer et harceler les filles devient une activité
et un moyen de prouver sa virilité.
Les femmes sont très souvent rendues coupables de leur attrait sur les
hommes, même si leur but n’est pas de chercher à séduire. En effet, 42% des sujets
enquêtés ne tolèrent pas la présence des femmes dans la rue de nuit, justement
pour éviter toute sorte de danger: harcèlement, agression, insécurité.
Le comportement des garçons fait que la rue se transforme en lieu de
souffrance pour la femme. Dès lors qu’une fille est dans la rue, elle est menacée
par toute sorte de violence : la drague, le harcèlement, le viol et la délinquance.
D'autre part, 25% des personnes enquêtés qui ne tolèrent pas la présence des
femmes dans la rue de nuit, considèrent qu’elle doit être accompagnée ou avoir la
permission. Il est symptomatique de constater, encore une fois, que la maison, la
réclusion est jugée le mieux convenir à la femme ; 22% préfèreraient que la
femme reste à la maison parce que sa présence le soir dans la rue est mal vue.
Alors que 11% renvoient leur refus vers des considérations diffuses, d’ordre
religieux ou relevant des traditions marocaines et locales. En creusant davantage
sur le danger de la rue sur la sécurité de la femme, nous avons, au cours de
l’enquête, cherché à comprendre si la drague et le harcèlement transformaient la
rue en espace de souffrance pour la femme et pourquoi ?
68% des sujets interrogés confirment que la drague et le harcèlement
transforment la rue en espace de souffrance pour la femme. Ces comportements
relèvent de la violence et sont vécus comme tels par les femmes lorsqu’ils se
répètent plusieurs fois l’année, de la part d’une ou plusieurs personnes, lorsqu’ils
se systématisent à chaque passage de la femme dans un quartier ou dans les
transports en commun. A ces stades s’ajoutent les violences verbales explicites, les
violences physiques et sexuelles qui semblent plus évidente à mesurer. L’enquête
montre que les femmes souffrent de ces comportements qui les maintiennent dans
un statut spécifique de femme et dans une position minorée. En effet, C’est ainsi
30
que l’hypothèse selon laquelle la violence masculine puise sa source dans « le
contrôle social » est confirmée par l’enquête.
Jugées provocante dans leur tenue, dans leurs attitudes et dans leurs tenues,
les femmes sont punies de leur audace de ne pas rester chez elle. Dans de
nombreux moment, de plus en plus de femmes tentent d’échapper à la maîtrise
masculine et la réponse qui leur est trop fréquemment opposée se nourrit de
violences, souvent verbales ou psychologiques. Les hommes se sont arrogés, très
souvent, le pouvoir de contrôler leurs sorties, fréquentations, voire même leurs
déplacements dans l’espace public en y exerçant collectivement un contrôle social
fort. Les personnes interrogées renvoient cette souffrance à un sentiment
d'infériorité et de vulnérabilité.
Ces résultats de l’enquête terrain coïncident avec ceux enregistrés par le
HCP, 2009, au niveau national. En effet, le Taux de prévalence de la violence à
l’égard des femmes dans les Etablissement d’enseignement et de formation est de
24,2%, alors que dans les lieux de travail il est de l’ordre de 16%. Cependant la
violence à l’égard des femmes tous contextes confondus (Psychologiques, V.
Physiques, Sexuelles, Atteintes à la liberté individuelle, Inapplication de la loi, V.
Economiques) atteint 62,8%.
La violence et la menace de violence constituent ainsi, un moyen de
contrôle exercé sur la mobilité des femmes et leur utilisation des espaces publics.
Ceci dit, l’enquête a démontré que les femmes n’exercent par leurs droits dans
l’espace public de la même manière que les hommes. Il faut entendre ici ces droits
dont le sens développé par Montesquieu et qui les considère comme fabriques de
la coutume et des mœurs. Du point de vue de la spatialité, « il n’y a pas de société
non plus où les femmes ne tentent pas de corriger ces inégalités qu’elles
participent pourtant largement à reproduire »1.
Conclusion
Les principales remontées de l’enquête nous renseignent sur le fait que le
statut de la femme dans la société locale est particulièrement dépendant des
intersections et des influences mutuelles de la "géographie de proximité sociale" et
du "genre". Chacun d’eux est profondément impliqué dans la construction de
l'autre. La géographie de proximité sociale, sous ses différentes formes
d’organisation de la vie sociale, influence la formation culturelle des rapports entre
les sexes. Le genre a exercé une influence profonde sur la production de cette
géographie.
L'une des premières observations soulignées ici est que les relations entre
les sexes varient dans l'espace : d’un territoire à un autre (il est reconnu depuis
longtemps qu'elles varient dans le temps). Ainsi "la place d'une femme" utilise les
vues de l'espace et du lieu pour examiner les variations de la construction et de la

1 Safâa Monqid, Femmes dans la ville, Rabat : de la tradition à la modernité urbaine, in Collection « Géographie
sociale », Editions Presses Universitaires de Rennes, Préface de Sylvette DENEFLE, 2014, p.9.
31
reconstruction dans le temps des relations de genre dans cinq territoires différents
de la région de l’Oriental (Nador, Berkane, Oujda, Jerada et Taourirt) et dans la
région de Casablanca. La preuve de la variation est surprenante (et cela ne
concerne qu’une région), et c'est une variation qui persiste, bien que sous une
forme qui change continuellement, jusqu'à ce jour. En outre, la persistance de la
définition patriarcale de la femme et sa marginalisation des responsabilités
publiques et professionnels met à mal le cadre recherché par le nouveau concept
de l’autorité - c’est-à-dire dans l’un des secteurs et lieux symboliques de l’avenir
de la réforme des structures de l’Etat. En d’autres termes, hier comme aujourd’hui,
les relations entre les sexes peuvent varier assez systématiquement, entre des
régions fortement différenciées culturellement, mais aussi entre des cultures
locales très proches les unes des autres.
L’égalité basée sur le genre dépend-elle uniquement de la législation ?
L’enquête terrain a démontré qu’il ne suffit pas de changer les textes de lois, et
modifier l’ordonnancement juridique. Il s’agit plutôt de débarrasser la société de
l’approche rétrograde et paternaliste sur les rôles de la femme, afin de permettre à
celle-ci d’intégrer un espace public et privé d’expression libre à l’égal de l’homme.
Ceci passe par la production d’un déterminisme socio-spatial (promotion d’une
culture par la société civile, les médias, les réseaux sociaux, les manuels
pédagogiques, l’art, etc…), par une appropriation des sociétés locales – à la
périphérie- d’une approche, qui ne serai pas l’exclusivité du niveau central. Il
s’agit, en fait de débarrasser le genre de la culture de la cité et faire du genre une
culture relevant de l’espace du quotidien. Il s’agit, donc de lutter contre le désert
civique. L’égalité basée sur le genre serait, alors perçue comme un ensemble de
droits subjectifs que la conscience collective ressent comme indispensable au
respect dû à la dignité de la personne. L’égalité deviendrait, ainsi, le produit
spontané de la conscience collective, autrement dit le pur produit d’un
déterminisme social, et in fine, la concrétisation juridique d’une forme de demande
ou de conscience sociale. Sans cette mutation, il semble presque impossible de
lutter contre des stéréotypes ancrés dans des valeurs socioculturelles et religieuses,
souvent acceptées et propagées par les femmes elles-mêmes.
« Les stéréotypes sur les femmes au Maroc peuvent être
caractérisés comme des croyances culturelles incomplètes et inexactes
que certaines personnes ont à leur sujet et qui sont codées à la fois
dans les expressions linguistiques et dans les discours sous-jacents.
La culture marocaine populaire utilise des représentations puissantes
pour véhiculer et maintenir ces stéréotypes. Bien qu'il existe des
stéréotypes positifs, la plupart des stéréotypes sur les femmes au
Maroc sont négatifs et reflètent les dictés patriarcaux sous-jacents qui
structurent les relations de genre dans les cultures marocaines. Les
femmes marocaines ne sont toutefois pas des destinataires passifs et

32
des transmetteurs de stéréotypes; ils utilisent des stratégies pour se
défendre. 1»
Enfin la géographie sociale empruntant, en l’occurrence les chemins
méthodologiques du genre, prouve ainsi son utilité en matière d’approfondissement
de nos connaissances tant sur l’espace vécu que sur les rapports sociaux en général
et de domination en particulier. Cette géographie des spatialités et des territorialités
perfectionne notre intelligibilité du social. L'intentionnalité à propos de l'espace et
du lieu, nous aide à éviter de confondre l'idée d'une expérience universelle des
femmes avec l'expérience des femmes de la «cité»2.
Bibliographie
ADAMS A., Casablanca, Essai sur la transformation de la société marocaine au
contact de l’Occident, Editions du Centre National de la Recherche Scientifique, Paris,
Tome II, 1968.
BÉDARD M., « L’apport structurel de l’imaginaire géographique dans l’inconscient
collectif : le cas du mont Orford», publié dans les Cahiers de géographie du Québec, vol.
52, n° 147, 2008.
BÉDARD M., Le paysage. Un projet politique. Québec, Presses de l’Université du
Québec, 2009.
BOIVIN N., « Territoires hédonistes du sexe : Pour une géographie des
subjectivations », publié dans Géographie et cultures, Les espaces des masculinités, n°83,
2012.
BOURDIEU P., « Sur le pouvoir symbolique », publié dans les Annales, 32/3, mai-
juin 1977.
CHING B, et CREED G., « Recognizing rusticity : identity and the power of
place », dans Introduction to Knowing your place: rural identity and cultural hierarchy,
Editions Routledge, 1997.
CONFEDERATION SYNDICALE INTERNATIONALE, Maroc –
Conscientisation et visibilité, Publication CSI, Vision Syndicale, Janvier 2007.
DAMAMME A., Le genre à l’épreuve du développement au Maroc : Discours et
pratiques concernant la place des femmes dans les projets. Thèse de doctorat en
géographie, Université d’Orléans, 2005.
DEPEAU S. .
, « De la représentation sociale à la cognition spatiale et environnementale :
La notion de « représentation » en psychologie sociale et environnementale », publié dans les
Acts de Séminaire organisé par l’UMR ESO, Université RENNES II sur la notion de
représentation, ESO, N°25, 2006.

1 Fatima Sadiqi, « Stereotypes and women in Moroccan culture », publié dans cadernos pagu, n.30 Janvier-juin
2008, p.11.
2 Barbara Ching et Gerald W Creed, « Recognizing rusticity : identity and the power of place », dans
Introduction to Knowing your place: rural identity and cultural hierarchy, Editions Routledge, 1997, p. 1-38.
33
DI MÉO G., Géographie sociale et territoires. Editions Nathan, Paris, 1998.
DI MEO G., Introduction à la géographie sociale. Editions Armand Colin, Paris,
2014.
DI MEO G., Les murs invisibles : Femmes, genre et géographie sociale, Editions ARMAND COLIN/

RECHERCHE, Paris, 2011.

FORGET N., « Attitudes à l'égard du travail professionnel de la femme au Maroc »,


in Images de la femme dans la société, dossier publié dans la Revue internationale des
sciences sociales, Revue trimestrielle, vol. XIV, n° 1, Paris : UNESCO, 1962.
FORUM ECONOMIQUE MONDIAL, The Global Gender Gap Report 2014, publié
par World Economic Forum, 2014.
FOUCAULT M., Power/Knowledge: Selected Interviews and Other Writings 1972–
1977, London: Harvester Press, 1980.
FRÉMONT A., la région espace vécu, Editions Flammarion, 1999.
GARCIA RAMON M.-D, et MONK J., « Gender and geography: World views and
practices » dans la Revue belge de géographie, N°3, 2014.
Graham B, et Nash C., "A shared future: territoriality, pluralism and public policy in
Northern Ireland." Publié dans Political Geography 25, 2006.
HCP, Dynamique sociale et évolution des statuts de la femme au Maroc : Etude
thématique publiée dans Réflexion Prospection Maroc 2030, mai 2007.
HCP, La femme marocaine sous le regard de son environnement social. Enquête
réalisée en 2006, citée dans le rapport ETAT DES LIEUX DE LA PARITE FEMME-
HOMME AU MAROC, Avril 2016.
HCP, Le Maroc entre Objectifs du Millénaire pour le Développement et Objectifs de
Développement Durable. Les acquis et les défis, Rapport Nationalt, 2015.
HCP, Les indicateurs sociaux du maroc. Publié par le HCP, 2018.
JAIDI L., « L’industrialisation de l’économie marocaine : acquis réels et modalités
d’une remise en cause », publié dans le Maroc actuel : une modernisation ou miroir de la
tradition, sous la direction de Jean-Claude Santucci, Collection : Connaissance du monde
arabe, Éditeur : Institut de recherches et d’études sur les mondes arabes et musulmans,
Éditions du CNRS, Aix-en-Provence, 1992.
JODELET D., Les représentations sociales. Editions Presses Universitaires de
France « Sociologie d'aujourd'hui», 2003.
KABEER N., Gender Mainstreaming in Poverty Eradication and the Millennium
Development Goals, publié par le Centre canadien de recherches pour le développement
international, 2003.
LEFEBVRE H., La production de l’espace, Collection « Ethnosociologie », Editions Anthropos, Paris, 4ème édition (2000), 1985.

34
LOW S, et SMITH N., The Politics of Public Space. Editions Routledge, New York,
2006.
MASSEY D., Space, Place, and Gender. Editions University of Minnesota Press,
Minneapolis, 1994.
MENY Y, et THOENIG J.-C., Politiques publiques, Paris, Editions PUF, 1989.
MINISTERE DE LA FONCTION PUBLIQUE ET DE LA MODERNISATION DE
L’ADMINISTRATION, La place des femmes fonctionnaires aux postes de responsabilité
dans l’administration publique au Maroc, mai 2016.
MONQID S., Femmes dans la ville, Rabat : de la tradition à la modernité urbaine,
in Collection « Géographie sociale », Editions Presses Universitaires de Rennes, Préface de
Sylvette DENEFLE, 2014.
MOSCOVICI S, et HEWSTONE M., “Social representations and social
explanations: From the ‘naive’ to the ‘amateur’ scientist”, publié dans M. Hewstone (Ed.),
Attribution theory: Social and functional extensions, Oxford: Basil Blackwell, 1983.
NAFAA R., « Femmes rurales marocaines et développement : inventaire du savoir-
faire féminin dans la gestion des ressources », publié dans la revue électronique de l’Institut
de recherche pour le développement, 2010.
PIVETEAU A, ASKOUR K, et TOUZANI H., Les trajectoires d'industrialisation
au Maroc : une mise en perspective historique, document de travail 2/2013 publié par
Laboratoire Economie des Institutions et Développement, Académie Hassan II des Sciences
et Techniques, Université Mohammed V- Rabat, 2013.
PRUITT L-. R., « Gender, Geography », publié dans Berkeley, Journal of Gender,
Law & Justice, Volume 33, Issue 2, Septembre 2008.
RAJEB S, et YAHYAOUI M., Enquête sur la violence à l’égard des femmes dans la
région de l’Oriental marocain, Publication de la Fondation Hassan II pour les marocains
résidents à l’étranger, février, 2013.
SADIQI F., « The Feminization of Authority in Morocco », Chapitre 16, Gender
and Power: Toward Equality and Democratic Governance, édité par Mino Vianello and
Mary Hawkesworth, 2015.
SADIQI F., Women, Gender and Language in Morocco, Leiden and Boston, MA:
Brill, 2003.
SADIQI F., « Stereotypes and women in Moroccan culture », publié dans cadernos
pagu, n.30 Janvier-juin 2008.
WEBER M., La domination. Editions La Découverte, Paris, 2013.
WUNENBURGER J.-J., «Imagination géographique et psycho-géographie », publié
dans J. Poirier et J.-J. Wunenburger (dir.), Lire l’espace, Bruxelles, Ousia, 1996.

35
La protection de la femme contre les violences en droit
pénal marocain

Mme Nadia AZDDOU


Professeure Habilitée à la FSJES de Aïn
Chock- Casablanca

Le principe d’égalité, consacré aussi bien dans les textes internationaux1 que
ceux nationaux2, signifie que tous les citoyens sont égaux devant la loi sans
distinction de race, d’âge, de couleur ou de sexe. En d’autres termes, il implique
que tous les citoyens (hommes et femmes) jouissent des mêmes droits et sont
assujettis aux mêmes obligations.
Néanmoins, en dépit de la reconnaissance de l’égalité entre l’homme et la
femme dans les textes internationaux des droits de l’homme ainsi que dans les
législations nationales, notamment dans les constitutions, l’inégalité de genre
persiste dans la réalité à cause de nombreux facteurs sociaux.
Pour sa part, le législateur marocain affirme l’égalité de genre dans la
Constitution3 et prévoit de nombreuses dispositions visant à améliorer la condition
de la femme comme en droit social ou en droit de la famille.
Toutefois, en dépit de cette protection juridique, la femme continue à souffrir
d’une inégalité de fait et à subir des violences morales et physiques de la part de
l’homme, générées par la situation socio-économique, l’impact des traditions,
l’analphabétisme ou la pauvreté.
Notons que les atteintes portées aux femmes sont en augmentation constante
même s’il est difficile de donner des chiffres exacts relatifs au nombre de femmes
violentées dans la mesure où on constate qu’il y a encore dans notre société une
certaine réticence à révéler les agressions dont elles sont victimes, notamment dans
le cadre familial4.

1 Le principe d’égalité entre hommes et femmes est consacré, notamment, par le Déclaration
universelle des droits de l’homme
2 Entre 2015 et 2017, les gouvernements de 65 économies du monde ont adopté 87 réformes
législatives et règlementaires en faveur de l’égalité des sexes.
3 l’article 19 de la Constitution dispose : « L'homme et la femme jouissent, à égalité, des droits et
libertés à caractère civil, politique, économique, social, culturel et environnemental, énoncés dans le
présent titre et dans les autres dispositions de la Constitution, ainsi que dans les conventions et
pactes internationaux dûment ratifiés par le Royaume et ce, dans le respect des dispositions de la
Constitution, des constantes et des lois du Royaume. L'Etat marocain œuvre à la réalisation de la
parité entre les hommes et les femmes. Il est créé, à cet effet, une Autorité pour la parité et la lutte
contre toutes formes de discrimination. »
4 L’association “Voix de femmes marocaines” a relayé dans le premier rapport annuel du Réseau
Lddf-Injad contre la violence du genre (dont elle est membre auprès d’une vingtaine d’autres
36
A cet égard, le législateur marocain a, depuis quelques années, établi un
dispositif pénal spécial visant à protéger les femmes contre toute forme de
violence.
Dès lors, il serait légitime de se demander si ces règles pénales sont
efficientes ou pas. Permettent-elles de protéger efficacement la femme victime de
violences ? Comportent-elles des lacunes ? Ne nécessitent-elles pas certaines
améliorations ?
Pour répondre à ces questions, nous démontrerons dans une première partie
quelques manifestations légales de la protection pénale de la femme contre les
violences et, dans une seconde partie, nous traiterons les lacunes de ce dispositif
pénal de protection ainsi que la nécessité d’une nouvelle intervention législative
pour y remédier.

I- Les manifestations légales de la protection pénale de la


femme contre les violences
Conscient que la violence à l’égard des femmes constitue l’une des
violations des droits de l’homme la plus dévastatrice, le législateur appréhende et
sanctionne par des peines privatives de liberté un ensemble d’agissements
volontaires pouvant portant atteinte à l’intégrité physique, psychique, sexuelle de la
femme ; à sa vie privée ainsi qu’à l’ordre de famille.
A- Les atteintes à l’intégrité physique de la femme
Afin de lutter plus efficacement contre les violences physiques infligées à la
femme, le législateur est venu, dans la loi 103-131, modifier et compléter le
dispositif prévu, jusqu’à lors, dans le code pénal.
Ainsi, il a complété l’article 404 lequel aggrave la répression des coups et
blessures volontaires lorsqu’ils sont subis par certaines victimes. En effet, alors
que l’article, dans son ancienne version, aggravait la répression, notamment, dans
le cadre des violences conjugales lesquelles exigent un lien de mariage établi entre
l’auteur et la victime, il vient, dans la nouvelle version, aggraver, aussi, les peines
en cas de violences basées sur le genre, faites aux femmes en raison « de leur sexe,
de leur handicap, de leur faiblesse mentale ou de leur état de grossesse ».

associations et de centres d’écoutes), présenté le 23 novembre 2018 à Rabat, au cours d’une


conférence de presse, un état des lieux des violences à l’égard des femmes sur la base des données
recueillies en 2017 par les différents centres du réseau. Ainsi, 10.559 cas de violences ont été
enregistrés. La violence psychologique représente 47%, totalisant ainsi 4.978 des cas, les violences
économique et sociale concernent 24,82% des femmes, soit 2.621. Et c’est à la troisième position que
se trouve la violence physique avec 16,32% des cas, soit 1.721 femmes. En dernière position arrivent
les violences juridiques et sexuelles avec respectivement 6,02% et 5,68% du total, c’est-à-dire 636 et
600 cas enregistrés. www.huffpostmaghreb.com, consulté le 4 juin 2019.
1 La loi n°103-13 relative à la lutte contre les violences faites aux femmes, a été promulguée par un
Dahir n°1-18-19 du 5 Joumada II 1439 (22/02/2018), publiée au Bulletin Officiel (BO) n°6655 du 23
Joumada II 1439 (12 Mars 2018).
37
Cet article élargit l’aggravation de la répression aussi bien lors de violences
conjugales que lorsque la victime est « un fiancé ou un conjoint divorcé ».
Indéniablement, le fiancé, l’époux et le conjoint divorcé ne peuvent être que des
femmes, partie faible, compte tenu de la différence morphologique entre les
hommes et les femmes.
Dans le même sens, le législateur s’est intéressé à la question des suicides
des femmes et a modifié et complété l’article 407 dans la loi 103-13. Ainsi, il
double la peine prévue dans le premier alinéa de l’article, à l’encontre de toute
personne qui aide, sciemment une femme en raison de son sexe, à se suicider.
B- Les atteintes aux intérêts familiaux
On peut, à première vue, penser que les questions familiales relèvent,
exclusivement, du droit civil et que le droit pénal doit se désintéresser de la famille
afin de préserver les relations familiales. Néanmoins, avec la prolifération de
certains agissements dont les auteurs et les victimes présentent un lien de parenté,
on constate que le droit pénal s’immisce, chaque jour, dans la vie privée familiale.
En effet, de la lecture du code pénal, il ressort que le législateur appréhende et
sanctionne une panoplie de comportements afin de préserver la famille.
En premier lieu, on peut citer l’article 479 du code pénal qui sanctionne d’un
mois à un an et/ou une amende, notamment, le mari qui sachant sa femme enceinte
l’abandonne volontairement pendant plus de deux mois sans motif grave.
En deuxième lieu, il y a l’article 526-1 du CP1, issu de la nouvelle loi 103-
13, qui sanctionne d’un mois à six mois d’emprisonnement et/ou une amende de
2.000 à 10.000 dh, le fait de dilapider les fonds ou les biens dans le but d'échapper
au paiement de pensions alimentaires ou d'autres fonds dus en conséquence d'un
divorce. Indéniablement, le législateur cherche à sanctionner le mari qui veut nuire
à l’autre conjoint ou aux enfants en organisant sa déconfiture pour ne pas régler la
pension alimentaire.
En troisième lieu, l’article 480-1 du CP, issu de la nouvelle loi, réprime d’un
mois à trois mois et/ou une amende 2.000 à 5.000 dh, l'expulsion et le refus de
ramener une épouse au domicile conjugal.
En quatrième lieu, l’article 503-2-1 du CP, issu de la loi 103-13, est venu,
pour la première fois, sanctionner d’un emprisonnement de six mois à un an et/ou
une amende de 10.000 à 30.000 dh, quiconque qui, via le recours aux violences et
aux menaces, force une personne à se marier. Cet article double la peine lorsque la
victime est une femme. Indéniablement, le législateur cherche à lutter contre les
comportements de certains parents ou proches qui exercent une pression
psychologique ou physique pour forcer leurs filles à se marier contre leur gré,
notamment, dans les zones rurales.
Enfin, le législateur appréhende, dans l’article 449 du CP, l’avortement qu’il
soit consenti ou non par la femme enceinte ou supposée enceinte. L’auteur de cet

1 Code pénal
38
acte risque une peine d’emprisonnement d’un à cinq ans et d’une amende. Il est
patent que le législateur cherche à protéger les femmes profanes et non averties des
complications et des risques inhérents à cet acte à savoir les risques de perforation
de l'utérus ou de l’intestin, les risques d’hémorragie, d’infection ou des problèmes
relatifs à la fertilité future.
C- Les atteintes à l’intégrité sexuelle de la femme
Il s’agit d’un phénomène très ancien qui reste quand même fréquent dans
toutes les sociétés. Toute personne, particulièrement la femme, est exposée à cette
agression sexuelle qui porte une atteinte grave à son intégrité physique et
psychologique.
Afin de lutter contre ces atteintes, le législateur réprime, dans l’article 486 et
suivant du CP, d’une réclusion de 5 à 10 ans, l’auteur d’un viol1 et aggrave sa
sanction, notamment, lorsque la victime est vulnérable (mineure, incapable,
handicapée, dépourvue de ses facultés mentales ou enceinte) ou lorsque l’acte a
engendré un résultat particulier à savoir la défloration.
Aussi, le législateur protège les femmes, dans l’article 484 et suivant du CP,
contre tout attentat à la pudeur2 (avec ou sans violences) autre que le viol dont les
femmes, notamment, (majeures, mineures, incapables, handicapées) peuvent être
victimes. Cet article vise, principalement, toute atteinte sexuelle autre que le viol
comme l’attouchement, les baisers ou tout rapport sexuel anormal.
Dans le même sens, l’article 498 et suivant du CP, appréhende la traite des
êtres humains dont les femmes et les mineurs sont les premières victimes. En effet,
cet article sanctionne d’une peine privative de liberté, toute exploitation sexuelle de
quelque manière qu’elle soit, des femmes comme le proxénétisme.
D- les atteintes à l’intégrité psychique de la femme
Ces violences sont très répandues dans les sociétés même si elles ne donnent
pas lieu souvent à des poursuites au motif qu’elles sont très difficiles à prouver. La
situation est, encore, plus grave, lorsqu’elles sont subies par, des personnes faibles,
à savoir les femmes.

1 Notons que le viol implique une relation sexuelle. Il s’agit de tout acte de pénétration sexuelle car
c’est cet acte qui va distinguer le viol d’autres agressions sexuelles. En outre, c’est l’auteur qui doit
pénétrer sa victime. Si cet acte est accompli par la victime sur une personne suite aux menaces de
cette dernière, la qualification de viol devra être exclue au profit de la qualification d’agression
sexuelle (ex. une femme qui oblige un homme à avoir une relation sexuelle avec elle. L’homme ne
peut par la suite déposer plainte pour viol après la relation sexuelle). Aussi, l’acte de pénétration doit
être de nature sexuelle c’est-à-dire un acte de pénétration normale par le sexe et dans le sexe.
2 Il faut remarquer que concernant les actes de pénétration sexuelle qui ne peuvent être qualifiés de
viol (un rapport sexuel forcé imposé par un homme à un autre homme ou un rapport sexuel forcé
imposé par une femme à une autre….), le ministère public les poursuit comme attentat à la pudeur
pour ne pas laisser l’auteur d’un tel comportement sans répression.

39
Certes, le législateur a tenté de faire face à ces violences en prévoyant des
sanctions pénales contre certains agissements comme le chantage (article 538 1),
l’extorsion (article 5372), les menaces3 (article 425 et suivants) ou la
discrimination, notamment, en raison du sexe (article 431-2).
Toutefois, un vide juridique persistait, quand même, en matière de violences
morales basées sur le genre. Il fallait attendre la nouvelle loi 103-13 pour compléter
cet arsenal en appréhendant, expressément, certaines atteintes à l’intégrité morale
de la femme.
En effet, cette loi réprime pour la première fois, les injures et les
diffamations sexistes. Elle les érige en des infractions autonomes sanctionnées
respectivement dans les articles 444-1 et 444-2 du CP, par des peines d’amende.
Aussi, le législateur s’intéresse à « l’harcèlement sexuel». Avant la loi 103-
13, le code pénal ne reconnaissait le harcèlement sexuel que lorsqu’il était combiné
avec un abus d’autorité conférée par une fonction. Cette définition excluait toute
autre manifestation d’harcèlement.
Fort heureusement, la nouvelle loi alourdit, non seulement, la sanction
prévue pour le harcèlement dans son ancienne version (la peine maximale devient
de 3 ans d’emprisonnement au lieu de 2 ans), mais élargit, également, son champ
d’application. En effet, elle appréhende le harcèlement qui se réalise dans un lieu
public ainsi que celui qui se réalise par des moyens de communication. La loi
double la peine si l’auteur est un collègue de travail ou une personne en charge du
maintien de l’ordre et de la sécurité dans les espaces publics (article 503-1-1).
En outre, le législateur est venu, dans les articles 425 à 429 issus de la loi
103-13, aggraver les peines encourues en cas de menaces écrites ou verbales (avec
ou sans ordre) de commettre un crime ou un délit contre les personnes ou les biens
lorsque l’auteur est un conjoint, conjoint divorcé ou financé.

E- Les atteintes à la vie privée de la femme


Certes, le code pénal comporte quelques dispositions relatives à la protection
de la vie privée (violation de domicile, secret de correspondance…). Toutefois, il
s’est avéré qu’elles ne sont pas adaptées aux infractions commises par l’usage de
nouvelles technologies. En effet, le texte n’appréhende pas tous les faits qui se

1 Cet article prévoit « quiconque au moyen de la menace écrite ou verbale, de révélations ou


d’imputations diffamatoires, extorque, soit la remise de fonds ou valeurs, soit la signature ou remise
des écrits prévus à l’article précédent, est coupable de chantage et puni de l’emprisonnement d’1 à 5
ans et d’une amende de 200 à 2000 dirhams ».
2 Cet article dispose « quiconque par(au moyen de ) force, violences ou contraintes extorque la
signature ou la remise d’un écrit, d’un acte, d’un titre, d’une pièce quelconque contenant ou opérant
obligation, disposition ou décharge, est puni de la réclusion de 5 à 10 ans ».
3 Les menaces peuvent être classées en 3 catégories : les menaces écrites commises sans ordre ni
condition, celles écrites commises avec ordre de remplir une condition et enfin celles qui ne sont que
verbales.
40
posent dans la vie quotidienne des citoyens, en général et, des femmes, en
particulier.
C’est ainsi que l’article 447-1 a vu le jour dans la nouvelle loi. Il vient
réprimer, expressément, et pour la première fois toute personne qui « (…)
sciemment par tout moyen, intercepte, enregistre, diffuse distribue des paroles, ou
d’informations émises dans un cadre privé ou confidentiel sans le consentement de
leurs auteurs ». De même, il réprime celui qui « (…) capte, enregistre, diffuse ou
distribue la photographie d’une personne se trouvant dans un lieu privé, sans son
consentement ».
Pour sa part, l’article 447-2 sanctionne, pour la première fois, « toute
personne qui diffuse ou distribue un montage composé de paroles ou de la
photographie d’une personne sans son consentement ou procède à la diffusion ou
la distribution de fausses allégations ou de faits mensongers en vue de porter
atteinte à la vie privée des personnes ou de la diffamer ».
L’article 447-3 a, pour mérite d’aggraver la peine lorsque la victime est une
femme. Il est patent que le législateur cherche, dans ces articles, à préserver la
dignité de la femme.
F- Les mesures de sûreté personnelles
La nouvelle loi prévoit l'émission d'injonctions restrictives qui interdisent à
une personne accusée de violences de contacter, d'approcher ou de communiquer
avec la victime. Mais celles-ci ne peuvent être émises que dans le cadre de
poursuites pénales ou après une condamnation pénale. En outre, ces injonctions
peuvent être levées si les époux se réconcilient. Cette situation peut engendrer
l’alourdissement des pressions sur les femmes pour qu'elles renoncent à de telles
mesures.
II- Les lacunes du dispositif pénal de protection de la
femme contre les violences
Certes, le législateur n’a pas cessé d’améliorer son arsenal juridique pénal en
vue d’assurer une protection efficace de la femme via soit, l’aggravation des peines
de certaines infractions existantes dans le code pénal lorsque la victime est une
femme, soit la création de nouvelles infractions autonomes sanctionnant des
comportements sexistes. Toutefois, quelques lacunes demeurent.
A- Les lacunes relatives aux atteintes à l’intégrité sexuelle
de la femme
La première lacune qu’on peut avancer concernant le dispositif de protection
de la femme contre les atteintes sexuelles est relative à l’absence de pénalisation
des violences sexuelles imposées par le mari à son épouse.
En effet, il semblerait que le législateur ne considère pas, explicitement, le
viol et l’attentat à la pudeur avec violence, subis par l’épouse comme un crime ou
un délit. Il est patent que le législateur manifeste une certaine réticence à
s’immiscer dans la vie du couple afin de préserver certains intérêts supérieurs à
41
savoir l’unité et la stabilité de la famille. En dépit du souci louable du législateur,
son mutisme est critiquable car il ne tient pas compte du droit de l’épouse de
disposer de son corps quand elle le souhaite. En outre, cette situation donne un
large pouvoir d’appréciation au juge pénal qui sera amené à prendre en
considération des éléments très subjectifs1.
De même, le législateur ne donne pas une définition précise des notions de
viol (pénétration sexuelle dans le sexe par le sexe) et d’attentat à la pudeur,
généralement, subies par des femmes (pénétration buccale, anale ou vaginale d’un
objet).
Il est regrettable que le législateur ne définisse pas ces notions et se contente
d’en poser les sanctions. Cette situation donne, encore une fois, un large pouvoir
d’appréciation au juge pénal.
Or, en vertu du principe de la légalité de délits et des peines ainsi que du
principe de l’interprétation stricte de la loi pénale, cette dernière se doit d’être la
plus précise pour des impératifs de sécurité juridique.
Aussi, on peut regretter que le législateur n’appréhende pas expressément
l’inceste comme circonstance aggravante dans les agressions sexuelles. Il se
contente, dans l’article 487 du CP, d’aggraver les sanctions lorsque les auteurs de
ces agissements sont, notamment, des ascendants de la victime ou des personnes
ayant autorité sur elle. Il s’en suit qu’aucune aggravation de la peine n’est prévue
pour les auteurs qui présentent des liens de parenté avec la victime et qui ne
répondent pas à ces conditions à l’instar des frères et des oncles.
B- Les lacunes relatives aux atteintes à l’intégrité physique
de la femme
Il est fort dommageable que le législateur n’aggrave pas, dans la loi 103-13,
la peine encourue en cas d’atteinte à la vie 2 basée sur le genre, faites aux femmes

1 La Cour d’appel de Tanger a, en 2018, condamné un mari à deux ans de prison ferme, d’une
amende de 2.000 dirhams et d’une somme de 30.000 dirhams à verser à la victime pour la
dédommager Âgé de 25 ans et originaire de la ville de Larache, le mari condamné était poursuivi pour
avoir contraint son épouse à avoir des rapports non consentis en ayant recours à la force. Dans le
cadre de sa plainte, son épouse a, notamment, été en mesure de procurer un certificat médical
constatant de graves déchirures vaginales provoquées suite à un rapport violent, la nuit où la jeune
femme a été déflorée. Toutefois, on regrette que la condamnation ait été prononcée sur la base des
articles 400 et 485 du code pénal /www.huffpostmaghreb.com, consulté le 4 juin 2019.

2 En vertu de l’article 392 du code pénal, l’auteur d’un meurtre encourt la réclusion perpétuelle.
Toutefois, le législateur a prévu des circonstances aggravantes où l’auteur encourt la peine de mort :
En premier lieu, il s’agit des circonstances prévues dans l’alinéa 2 de l’article 392 et qui sont :
*le meurtre ayant précédé, accompagné ou suivi un autre crime. Le meurtre, dans cette hypothèse,
doit avoir des liens de connexité avec une autre infraction qui ne peut être qu’un crime ou un vol
qualifié par exemple ;
*le meurtre ayant pour objet soit de préparer, faciliter ou exécuter un autre crime ou un délit, soit de
favoriser la fuite ou d’assurer l’impunité des auteurs ou complices de ce crime ou de ce délit ;
42
en raison de leur sexe ou à des femmes enceintes, handicapées ou mentalement
faibles.
De même, il n’aggrave pas la sanction dans l’hypothèse où l’auteur du
meurtre est un conjoint, un ex conjoint ou un fiancé.
C- Les lacunes relatives aux atteintes à la famille
La criminalisation des mères célibataires via l’article 4901 du CP est un
problème qui fait couler beaucoup d’encre dans notre société dans la mesure où
elle crée un désastre social irrémédiable.
En effet, étant donné que la naissance de l’enfant constitue la preuve
irréfragable de l’existence d’une relation sexuelle hors les liens de mariage, elle
engendrerait une situation absurde consistant à pénaliser de façon unilatérale les
mamans non mariées.
Cette situation constitue une injustice pour les femmes dans la mesure où le
père biologique n’aura pas à être inquiété à l’exception de l’hypothèse de
l’existence de fiançailles préalables connues et approuvées par les deux familles,
ayant abouties à la grossesse de la fiancée.
D- Les lacunes relatives aux atteintes à l’intégrité
psychique de la femme
Malgré l’apport majeur de la loi 103-13 en matière d’harcèlement sexuel
dans la mesure où elle vient étendre son champ d’application à de nouvelles
situations, toutefois, on regrette que le législateur n’ait pas donné une définition
précise de l’acte d’harcèlement sexuel. Cette situation constitue une source
d’insécurité juridique.
Aussi, on peut reprocher au législateur d’exiger la condition relative à la
répétition de l’acte d’harcèlement sexuel pour que l’infraction soit constituée et
punie. En effet, cette situation ne permettrait pas une protection efficace de la
dignité de la victime, notamment de la femme. Il s’en suit que l’auteur d’un acte

En deuxième lieu, il s’agit du meurtre commis avec préméditation. Celle-ci fait du meurtre un
assassinat. Elle est définie dans l’article 394 du CP « la préméditation consiste dans le dessein
(projet), formé avant l’action, d’attenter à la personne d’un individu déterminé, ou même de celui qui
sera trouvé ou rencontré, quand même ce dessein dépendrait de quelque circonstance ou de quelque
condition ». Il faut donc que l’auteur ait conçu à l’avance son projet d’homicide et ait réfléchi au
moyen de le réaliser ;
En troisième lieu, il s’agit du meurtre commis avec guet-apens. Celui-ci fait du meurtre un assassinat.
Il est défini dans l’article 395 du CP « le guet-apens consiste à attendre plus ou moins de temps dans
un univers ou divers lieux un individu, soit pour lui donner la mort, soit pour exercer sur lui des actes
de violences ».
En quatrième lieu, il s’agit du parricide. Il est défini dans l’article 396 du CP « quiconque donne
intentionnellement la mort à son père, à sa mère, ou tout autre ascendant est coupable de parricide et
puni de la peine de mort ». L’énumération du texte est limitative ; ainsi ne constitue pas un parricide
le meurtre de son beau-père ou de sa belle-mère par le gendre ou la bru.
1 Cet article prévoit une peine d’emprisonnement d’un mois à un an, toutes personnes, de sexe
différent, entretenant des relations sexuelles, sans être unies par des liens de mariage.
43
isolé d’harcèlement sexuel c’est-à-dire réalisé, pour la première fois, ne peut être
inquiété. Il sera à l’abri de toute répression pénale.
E- Les lacunes relatives aux atteintes à la vie privée
Un vide juridique demeure en matière d’atteinte à la vie privée. En effet,
l’article 447-1 du CP, ne prévoit de sanctions que lorsque l’image de la personne a
été enregistrée contre son gré dans un lieu privé. A contrario, il n’existe pas de
répression lorsque l’enregistrement de l’image d’une personne, notamment une
femme, se réalise dans un lieu public accessible sans condition (comme un jardin
ou un super marché) ou avec celle-ci (paiement place de théâtre…). Ainsi, du
moment que la personne enregistre l’image d’autrui sans la diffuser, elle reste à
l’abri de toute poursuite pénale. Cette situation n’est pas sans tolérer un certain
voyeurisme.
En conclusion, il faut reconnaître que le Maroc dispose d’un arsenal
juridique assez protecteur de la femme. Néanmoins, une nouvelle intervention
législative s’avère nécessaire pour lutter plus efficacement contre toute forme de
violences infligées à la femme.

44

You might also like