You are on page 1of 4

‫األحكام الفقهية الخاصة بزكاة الفطر‬

‫الخطبة األولى‪ :‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬


‫أن‬ ‫ص ِلي وأ ُ َ‬
‫س ِل ُم على جميعِ أنبيائِه‪ ،‬وأشهد ُ ْ‬ ‫كل شيءٍ وم ِلي ِكه‪ ،‬وأ ُ َ‬
‫رب ِ‬‫الحمدُ هللِ ِ‬
‫ي عن آ ِل محم ٍد وأصحا ِبه‪.‬‬
‫ض َ‬‫وأن محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ‪ ،‬ور َ‬ ‫ال إله إال هللاُ َّ‬

‫أ َّما بعدُ‪ ،‬أيُّها المسلمون‪:‬‬


‫داركوها‬ ‫بق ِمنهُ إال أيَّا ٌم قليةٌ‪ ،‬فت َ َ‬ ‫شهر رمضان‪ ،‬ولم َي َّ‬ ‫األكثر ِمن ِ‬ ‫َ‬ ‫فلَقد قطعتُم‬
‫ت وال ُمنكراتِ‪،‬‬ ‫وتر ِك الخطيئا ِ‬ ‫واإلكثار ِمن الصالحاتِ‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫بالتوب ِة النَّصوحِ‪،‬‬
‫باب التوب ِة لم يُقفَ ْل بعدُ‪ ،‬وهللاُ‬ ‫ألن َ‬ ‫اس‪َّ ،‬‬ ‫وإحسان ال ُمعامل ِة مع النَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫سن ال ُخل ِ‬
‫ق‬ ‫و ُح ِ‬
‫األرض جميعًا‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬ ‫يُ ِحبُّ التوابينَ ‪ ،‬وأر َح ُم ِب ُكم ِمن أنف ِس ُكم وأه ِلي ُكم و َمن في‬
‫ف فيه الحسناتُ ‪ ،‬وتُكفَّ ُر‬ ‫وال تزالونَ تعيشونَ في ز َم ٍن فاض ٍل ُمباركٍ تُضا َع ُ‬
‫فيه الخطيئات‪ ،‬وتُرف ُع في ِه الدَّرجات‪ ،‬وقد قا َل هللاُ سبحانَهُ ُمبش ًِرا ل ُكم‬
‫غفُو ٌر‬ ‫َّللاَ َ‬
‫علَ ْي ِه إِ َّن َّ‬
‫وب َ‬ ‫َّللاَ يَت ُ ُ‬ ‫ظ ْل ِم ِه َوأ َ ْ‬
‫صلَ َح فَ ِإ َّن َّ‬ ‫و ُم َح ِف ًزا‪ { :‬فَ َم ْن ت َ َ‬
‫اب ِم ْن بَ ْع ِد ُ‬
‫صا ِل ًحا ث ُ َّم ا ْهتَدَى‬ ‫اب َوآ َم َن َوع َِم َل َ‬ ‫َر ِحي ٌم }‪ ،‬وقال تعالى‪َ { :‬وإِنِي لَغَفَّ ٌ‬
‫ار ِل َم ْن ت َ َ‬
‫ُون ِباللَّ ْي ِل‬
‫ي ملسو هيلع هللا ىلص قال‪ :‬قا َل هللاُ تعالى‪ (( :‬يَا ِعبَادِى إِنَّ ُك ْم ت ُ ْخ ِطئ َ‬ ‫أن النب َّ‬ ‫}‪ ،‬وص َّح َّ‬
‫ست َ ْغ ِف ُرونِى أ َ ْغ ِف ْر لَ ُك ْم ))‪.‬‬ ‫وب َج ِميعًا‪ ،‬فَا ْ‬ ‫َوالنَّ َه ِار‪َ ،‬وأَنَا أ َ ْغ ِف ُر الذُّنُ َ‬
‫أيُّها المسلمون‪:‬‬
‫وهي‬
‫َ‬ ‫ت عباد ٍة جليل ٍة واجبةٍ‪َ ،‬أَل‬‫لقد دخلتُم أو أوشكتُم على الدخو ِل في وق ِ‬
‫وأحكامها‪:‬‬
‫ِ‬ ‫طر‪ ،‬وهذ ِه جملةٌ ِمن مسائِ ِلها‬
‫زكاةُ ال ِف ِ‬
‫صغيرا‬
‫ً‬ ‫المسلم ال َحيِ‪ ،‬ذَ َك ًرا أو أ ُ ْنثى‪،‬‬
‫ِ‬ ‫طر على‬ ‫تجب زكاة ُ ال ِف ِ‬‫ُ‬ ‫المسألةُ األولى‪:‬‬
‫رضي هللاُ عنهُ ــ قا َل‪(( :‬‬ ‫َ‬ ‫عمر ــ‬
‫َ‬ ‫كبيرا‪ُ ،‬ح ًّرا أو عبدًا‪ِ ،‬لما ص َّح َّ‬
‫أن ابنَ‬ ‫أو ً‬
‫صاعًا ِم ْن ت َ ْم ٍر‪ ،‬أ َ ْو‬ ‫سلَّ َم َزكَاةَ ال ِف ْط ِر َ‬‫علَ ْي ِه َو َ‬
‫صلَّى هللاُ َ‬
‫َّللاِ َ‬
‫سو ُل َّ‬ ‫ض َر ُ‬ ‫فَ َر َ‬
‫ير ِم َن‬
‫ير َوال َك ِب ِ‬ ‫علَى العَ ْب ِد َوال ُح ِر‪َ ،‬والذَّك َِر َواأل ُ ْنثَى‪َ ،‬وال َّ‬
‫ص ِغ ِ‬ ‫ير َ‬ ‫صاعًا ِم ْن َ‬
‫ش ِع ٍ‬ ‫َ‬
‫ذهب عا َّمةُ الفقهاء‪.‬‬ ‫َ‬ ‫هؤالء جميعًا‬‫ِ‬ ‫ين ))‪ ،‬وإلى وجو ِبها على‬ ‫س ِل ِم َ‬
‫ال ُم ْ‬
‫طر عنهُ‪،‬‬ ‫جب إخرا ُج زكاةِ ال ِف ِ‬ ‫بطن أ ُ ِم ِه ال يَ ُ‬‫نين الذي في ِ‬ ‫المسألةُ الثانيةُ‪ :‬ال َج ُ‬
‫لف الصال ُح يُخرجونَها‬ ‫س ُ‬ ‫ق المذاهب األربعة‪ ،‬وكانَ ال َّ‬ ‫ستحب باتفا ِ‬ ‫ُ‬ ‫وإنَّما يُ‬
‫َان يُ ْع ِجبُ ُه ْم‪ :‬أ َ ْن‬
‫حيث ص َّح عن تلمي ِذ الصحاب ِة أبي قِالبَةَ أنَّهُ قا َل‪ (( :‬ك َ‬ ‫ُ‬ ‫عنهم‪،‬‬
‫علَى ا ْل َحبَ ِل فِي بَ ْط ِن أ ُ ِم ِه ))‪.‬‬
‫طوا َزكَاةَ ا ْل ِف ْط ِر َحتَّى َ‬ ‫يُ ْع ُ‬

‫‪1‬‬
‫موم‬
‫ع ِ‬ ‫طر عنه‪ِ ،‬لدخو ِل ِه في ُ‬ ‫جب إخرا ُج زكا ِة ال ِف ٍ‬ ‫ُ‬
‫المجنون يَ ُ‬ ‫المسألةُ الثالثةُ‪:‬‬
‫ين ))‪ ،‬وهو ِمن أنفُ ِس‬ ‫ض َزكَاةَ ا ْل ِف ْط ِر َ‬
‫علَى ك ُِل نَ ْف ٍس ِم َن ا ْل ُم ْ‬
‫س ِل ِم َ‬ ‫قو ِل ِه‪ (( :‬فَ َر َ‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ذهب األئمةُ األربعةُ‪ ،‬والظاهريةُ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫المسلمين‪ ،‬وإلى هذا‬
‫الفقير لهُ حاَلن‪:‬‬
‫ُ‬ ‫المسألةُ الرابعةُ‪ :‬المسل ُم‬

‫جب علي ِه زكاة ُ ال ِف ِ‬


‫طر‬ ‫األو ُل‪ْ :‬‬
‫أن يكونَ ُم ْعدَ ًما ال شي َء عنده‪ ،‬وهذا ال ت َ ُ‬ ‫الحا ُل َّ‬
‫ق العلماء‪.‬‬‫باتفا ِ‬
‫أن َيم ِل َك طعا ًما يزيدُ على ما يَكفي ِه و َيك ِفي َمن تَلز ُمهُ نفقتُهُ ِمن‬
‫الحا ُل الثاني‪ْ :‬‬
‫جب‬‫الطعام ِمن نُقود‪ ،‬وهذا ت َ ُ‬‫ِ‬ ‫أه ٍل و ِعيا ٍل ليلةَ العي ِد ويو َمهُ‪ ،‬أو ما َيقو ُم َ‬
‫مقام‬
‫أكثر اللعماء‪.‬‬
‫الفطر عندَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عليه زكاة ُ‬
‫ت البل ِد‬ ‫ب قُو ِ‬ ‫خر ُج ِمن غال ِ‬ ‫الفقهاء ت ُ َ‬
‫ِ‬ ‫أكثر‬
‫طر عندَ ِ‬ ‫المسألةُ الخامسةُ‪ :‬زكاة ُ ال ِف ِ‬
‫شعيرا‪ ،‬أو زبيبًا‪ ،‬أو بُ ًّرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫الذي يُعم ُل فيه بالكي ِل بالصاع‪ ،‬سواء كانَ ً‬
‫تمرا‪ ،‬أو‬
‫سا‪ ،‬أو‬ ‫صا‪ ،‬أو ُكسك ً‬ ‫فوال‪ ،‬أو ً‬
‫لوزا‪ ،‬أو ُح ُّم ً‬ ‫سا‪ ،‬أو ً‬ ‫أو ذُرة‪ ،‬أو دُخنًا‪ ،‬أو عد ً‬
‫ع َكي ٌل‬‫صا ُ‬‫ج في هذ ِه الزكا ِة‪ :‬صاعٌ‪ ،‬وال َّ‬ ‫خر ُ‬
‫قدار ما يُ َ‬‫وم ُ‬ ‫غير ذلك‪ِ ،‬‬ ‫أ ُ ْر ًزا‪ ،‬أو َ‬
‫عاصر ما بينَ‬
‫ِ‬ ‫بالوزن ال ُم‬
‫ِ‬ ‫معروف في عه ِد النبي ِ ملسو هيلع هللا ىلص وق ْبلَهُ وبعدَهُ‪ ،‬وهو‬
‫ٌ‬
‫جرام إلى الثالثة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الكيلوين وأربعِ مئ ِة‬
‫ِ‬
‫بيوم أو يومين‪ِ ،‬ل َما‬ ‫طر ق ْب َل العي ِد ٍ‬ ‫خر َج زكاة ُ ال ِف ِ‬ ‫أن ت ُ َ‬ ‫يجوز ْ‬
‫ُ‬ ‫المسألةُ السادسةُ‪:‬‬
‫ون قَ ْب َل ال ِف ْط ِر ِبيَ ْو ٍم أ َ ْو‬ ‫ط َ‬ ‫ص َّح عن تلمي ِذ الصحاب ِة نافعٍ أنَّهُ قا َل‪ (( :‬كَانُوا يُ ْع ُ‬
‫الفطر بعدَ صالةِ‬ ‫ِ‬ ‫يوم عي ِد‬ ‫خر َج في ِ‬ ‫أن ت ُ َ‬‫العلماء ْ‬
‫ِ‬ ‫يَ ْو َم ْي ِن ))‪ ،‬واألفض ُل باتفا ِ‬
‫ق‬
‫رضي هللاُ عنهُ ــ قا َل‪(( :‬‬ ‫َ‬ ‫عمر ــ‬‫َ‬ ‫أن ابنَ‬ ‫فجر ِه وق ْب َل صال ِة العيد‪ِ ،‬ل َما ص َّح َّ‬ ‫ْ‬
‫سلَّ َم َزكَاةَ ال ِف ْط ِر‪َ ،‬وأ َ َم َر بِ َها أ َ ْن ت ُ َؤدَّى قَ ْب َل‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬
‫صلَّى هللاُ َ‬ ‫َّللاِ َ‬
‫سو ُل َّ‬ ‫ض َر ُ‬ ‫فَ َر َ‬
‫نتهي صالة ُ‬ ‫تأخيرها حتى ت َ َ‬ ‫ِ‬ ‫صالَ ِة ))‪ ،‬و ِليَ ْحذَ ِر المسل ُم ِمن‬ ‫اس إِلَى ال َّ‬ ‫ُخ ُروجِ النَّ ِ‬
‫رضي هللاُ عنهُ ــ قا َل‪َ (( :‬م ْن أَدَّا َها قَ ْب َل‬ ‫َ‬ ‫عباس ــ‬ ‫ٍ‬ ‫ثبت َّ‬
‫أن ابنَ‬ ‫العيد‪ ،‬فقد َ‬
‫ت‬‫ص َدقَا ِ‬ ‫ص َدقَةٌ ِم َن ال َّ‬ ‫ص َال ِة فَ ِه َي َ‬ ‫ص َال ِة فَ ِه َي َزكَاةٌ َم ْقبُولَةٌ‪َ ،‬و َم ْن أَدَّا َها بَ ْع َد ال َّ‬
‫ال َّ‬
‫الشمس فقد أثِ َم‪ ،‬وكانَ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬
‫وغرب ِ‬ ‫َ‬ ‫ضى يو ُم العي ِد‬ ‫))‪ ،‬و َمن أ َّخ َرها عمدًا حتى انق َ‬
‫ذر‬
‫ع ٍ‬ ‫ب ُ‬ ‫جهال أو بسب ِ‬ ‫العلماء‪ ،‬و َمن أ َّخ َرها نسيانًا أو ً‬ ‫ِ‬ ‫ق‬‫محر ٍم باتفا ِ‬
‫ُمرتكبًا ِل َّ‬
‫خر ُجهُ‬ ‫وليس عندَهُ ما يُ ِ‬ ‫َ‬ ‫فر‬‫س ٍ‬ ‫يكون في َ‬ ‫ُ‬ ‫حتى انتهت صالة ُ العي ِد ويو ُمهُ‪ ،‬ك َمن‬
‫خرجوها واعتمدوا هُم‬ ‫أن يُ ِ‬ ‫خر ُج إليه‪ ،‬أو اعتمدَ على أه ِل ِه ْ‬ ‫أو لم يَج ْد َمن ت ُ َ‬
‫فر َ‬
‫ط‬ ‫خرجها متى ع ِل َم أو تذ َّك َر‪ ،‬وال إثْ َم عليه‪ ،‬وتُعتبَ ُر زكاة‪ ،‬و َمن َّ‬ ‫عليه‪ ،‬فإنَّه يُ ِ‬

‫‪2‬‬
‫انتهت صالة ُ العيد أخر َجها بعدَ الصالةِ‪ ،‬ومعه حتى إلى‬
‫ْ‬ ‫خر ْجها حتى‬
‫فلم يُ ِ‬
‫يوم العيد‪.‬‬
‫شمس ِ‬
‫ِ‬ ‫روب‬
‫غ َ‬ ‫ُ‬

‫خر َج‬ ‫أن ت ُ َ‬ ‫طر نقودًا‪ ،‬بل َيجب ْ‬ ‫خر َج زكاة ُ ال ِف ِ‬ ‫أن ت ُ َ‬
‫يجوز ْ‬ ‫ُ‬ ‫المسألةُ السابعةُ‪ :‬ال‬
‫وكذلك فع َل أصحابُهُ في‬ ‫َ‬ ‫وأخر َجها طعا ًما‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ضها‬ ‫فر َ‬ ‫ي ملسو هيلع هللا ىلص َ‬ ‫طعا ًما‪َّ ،‬‬
‫ألن النب َّ‬
‫غير ِه إال بدلي ٍل شر ِعي ٍ‬ ‫ض إلى ِ‬ ‫فر َ‬ ‫يجوز العُدو ُل ع َّما َ‬‫ُ‬ ‫زَ َمنِ ِه وبعد وفاتِ ِه‪ ،‬وال‬
‫َّنانير قد كانت موجودة ً في عهدِه ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬وعه ِد أصحابه‬ ‫وال يُو َجد‪ ،‬والدرا ِه ُم والد ُ‬
‫ي محم ٍد‬ ‫وخير ال َهدي ِ َهد ُ‬
‫ُ‬ ‫خرجوها إال ِمن الطعام‪،‬‬ ‫ِمن بعدِه‪ ،‬ومع ذلك فلم يُ ِ‬
‫ٌ‬
‫مالك‬ ‫الفقهاء‪ِ ،‬منهم‪:‬‬
‫ِ‬ ‫جزئهُ عندَ ِ‬
‫أكثر‬ ‫ملسو هيلع هللا ىلص وأصحا ِب ِه‪ ،‬و َمن أخر َجها نقودًا لم ت ُ ِ‬
‫ي وأحمد‪ ،‬و َمن أخر َجها طعا ًما أجزأَتهُ عندَ جميعِ العلماء‪ ،‬وقال‬ ‫والشافع ُّ‬
‫الشافعي ــ رحم ُهما هللاُ ــ‪« :‬ولم يُ ِج ْز‬‫ُّ‬ ‫ووي‬‫المالكي والنَّ ُّ‬
‫ُّ‬ ‫ياض‬
‫الفقيهان ِع ٌ‬
‫ِ‬
‫العلماء إخرا َج القيم ِة»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عا َّمةُ‬

‫كل حال‪.‬‬ ‫ً‬


‫وأصيال‪ ،‬وعلى ِ‬ ‫وظاهرا وباطنًا‪ ،‬وبُكرة ً‬
‫ً‬ ‫والحمدُ هللِ َّأو ًال ِ‬
‫وآخ ًرا‬
‫الخطبة الثانية‪ :‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الحمدُ هللِ‪ ،‬وسال ٌم على ِعبا ِد ِه الذين اص َ‬
‫طفى‪.‬‬
‫أ َّما بعدُ‪ ،‬أيُّها المسلمون‪:‬‬
‫الحديث معكُم ُمت َّ ِص ًال عن مسائ ِل زكا ِة ال ِفطر‪ ،‬فأقو ُل مستعينًا باللِ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫فال َيزا ُل‬
‫العلماء‪ ،‬وال‬
‫ِ‬ ‫ق‬
‫الفطر باتفا ِ‬
‫ِ‬ ‫ف ِلزكاةِ‬ ‫المسألةُ الثامنةُ‪ :‬فقرا ُء المسلمينَ َم ْ‬
‫ص ِر ٌ‬
‫أكثر‬
‫ذهب ُ‬‫َ‬ ‫غير المسلمينَ حتى ولو كانوا فقراء‪ ،‬وإلى هذا‬ ‫طى ِل ِ‬ ‫أن تُع َ‬
‫يجوز ْ‬
‫ُ‬
‫ألن المنقو َل ً‬
‫عمال عن النبي ِ صلى‬ ‫والشافعي وأحمد‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫مالك‬ ‫الفقهاء‪ِ ،‬منهم‪:‬‬
‫فقراء المسلمين‪.‬‬
‫ِ‬ ‫هللا عليه وسلم وأصحا ِبه إخرا ُجها على‬
‫ون ِمن أه ِل ِه‬ ‫طر عن نفسِه وع َّمن َي ُم ُ‬ ‫الرج ُل زكاة َ ال ِف ِ‬ ‫خر ُج َّ‬ ‫المسألةُ التاسعةُ‪ :‬يُ ِ‬
‫وغير ِهم‪ ،‬ت َبعًا للنفقة‪ ،‬وقد ص َّح َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ويُ ْن ِف ُق علي ِهم ِمن زوج ٍة وأبناءٍ وبناتٍ‪،‬‬
‫ص َدقَةَ ا ْل ِف ْط ِر ع َْن ك ُِل َم ْن ت َ ُمو ُن‬ ‫ج َ‬ ‫رضي هللاُ عنها ــ‪ (( :‬كَانَتْ ت ُ ْخ ِر ُ‬ ‫َ‬ ‫أسما َء ــ‬
‫رضي هللاُ عنهُ ــ‪ (( :‬ك َ‬
‫َان‬ ‫َ‬ ‫عمر ــ‬ ‫َ‬ ‫أن ابنَ‬ ‫ير ))‪ ،‬وص َّح َّ‬ ‫ير أ َ ْو َكبِ ٍ‬ ‫ِم ْن َ‬
‫ص ِغ ٍ‬
‫يع أ َ ْه ِل ِه َ‬ ‫يُ ْع ِطي َ َ‬
‫ع َّم ْن يَعُو ُل ))‪.‬‬ ‫ير ِه ْم‪َ ،‬‬ ‫ير ِه ْم َو َك ِب ِ‬ ‫ص ِغ ِ‬ ‫ص َدقَة ا ْل ِف ْط ِر ع َْن َج ِم ِ‬
‫نفس المدين ِة أو القَري ِة أو‬ ‫خر ُج العبدُ زكاة َ ال ِفطر في ِ‬ ‫المسألةُ العاشرةُ‪ :‬يُ ِ‬
‫وقت إخراجِ الزكاةِ‪ ،‬وعلى هذا َج َرى عم ُل‬ ‫َ‬ ‫البادي ِة التي هو موجودُ فيها‬
‫‪3‬‬
‫النَّبي ِ ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬وأصحابِ ِه‪ ،‬وقال اإلما ُم أبو عُبي ٍد ــ رحمهُ هللاُ ــ‪« :‬والعلما ُء اليو َم‬
‫كل بل ٍد ِمن البلدان‪ ،‬أو ماءٍ ِمن الميا ِه‪ُّ ،‬‬
‫أحق‬ ‫أن أه َل ِ‬‫عون على‪َّ :‬‬ ‫جم َ‬ ‫ُم ِ‬
‫ذلك»‪ ،‬وقا َل الفقيهُ‬ ‫دام في ِهم ِمن ذَوي الحاج ِة واحدٌ‪ ،‬فما فوقَ َ‬ ‫بصدَقتِهم‪ ،‬ما َ‬
‫صدق ِة‬ ‫أكثرهم‪ :‬أنَّه ال ي ُ‬
‫جوز تَنقي ُل ال َّ‬ ‫المالكي ــ رحمهُ هللاُ ــ‪« :‬وعن َد ِ‬
‫ُّ‬ ‫ابنُ ُرش ٍد‬
‫الرياض‬
‫ِ‬ ‫سكن مدينةَ‬
‫ضرور ٍة»‪ ،‬وعلي ِه‪ :‬ف َمن كان َي ُ‬ ‫ِمن بل ٍد إلى بل ٍد إال ِمن َ‬
‫سكن القاهرة َ‬ ‫فقراء مكةَ‪ ،‬و َمن كان َي ُ‬ ‫ِ‬ ‫وليس على‬
‫َ‬ ‫فليُخرجْ زكاتَهُ على فقرا ِئها‪،‬‬
‫خرجْ‬ ‫شنطن فليُ ِ‬ ‫سكن وا ُ‬
‫وليس في اإلسكندرية‪ ،‬و َمن كانَ يَ ُ‬ ‫َ‬ ‫خرجْ زكاتَهُ فيها‬ ‫فليُ ِ‬
‫فقراء مدين ِة نُيويورك المسلمين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وليس على‬
‫َ‬ ‫زكاتَهُ على فقرائِها المسلمينَ ‪،‬‬
‫وإقباال على طاعتِ َك‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ارزقنا توبةً نصو ًحا‪ ،‬وقلوبًا تخش ُع ِل ِ‬
‫ذكر َك‪،‬‬ ‫الله َّم‪ُ :‬‬
‫وبُعدًا عن المعاصي وأماكنِها وقنواتِها ودعاتِها‪ ،‬الله َّم ارفعِ الض َُّّر عن‬
‫كل أرض‪ ،‬الله َّم تقبَّل صيا َمنا وقيا َمنا وزكاتَنا‪،‬‬ ‫تضررينَ ِمن المسلمينَ في ِ‬ ‫ال ُم ِ‬
‫وبرضوانِ َك والجنَّ ِة‪،‬‬
‫قبورهم‪ِ ،‬‬ ‫وأكرم ُهم بالنَّعيم في ِ‬
‫ْ‬ ‫الله َّم ارحم موتانا‪،‬‬
‫وأص ِلح أه ِلينا‪ ،‬واجعل ُهم ِمن عبادَ َك الصالحينَ ‪ ،‬إنَّ َك يا ربَّنا لَسمي ُع الد ِ‬
‫ُّعاء‪،‬‬
‫وأستغفر هللاَ ِلي ول ُكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وأقو ُل هذا‪،‬‬

‫‪4‬‬

You might also like