You are on page 1of 29

‫‪5‬‬ ‫تحف ـة المعلــم‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫تقديـم‬

‫إىل من يطَّلع أو يقرأ هذه الرسالة املرفقة‪ ،‬واليت هي بعنوان «حتفة‬


‫إيل أخي يف اهلل تعاىل الشيخ‪ /‬عبد الرمحن‬ ‫املعلم»‪ ،‬وقد أرسل هبا َّ‬
‫اليحىي وفقه اهلل تعاىل وإذا هبا جديرة باالهتمام والنشر والقراءة‬
‫والتطبيق العملي الصادق اخلالص املثمر‪ ،‬فإىل اجلميع أمحد اهلل تعاىل‬
‫وأُصلي وأُسلم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه‪.‬‬
‫علما هبذه الرسالة‪ ،‬فإن فيها نقاطًا‬
‫وأشكر اهلل تعاىل أن زادنا ً‬
‫مهمة لكل مدرس ومدرسة‪ ،‬ولكل مؤمن ومؤمنة عامة‪ ،‬وال شك أن‬
‫على املدرسني واملدرسات – حفظهم اهلل تعاىل – مسؤولية عظيمة‪،‬‬
‫وأهنم قد حتملوا أمانة كبرية‪ ،‬ولعل اهلل تعاىل أن يزيدهم هبذه الرسالة‬
‫جادا على أداء املسؤولية فـ «كلكم راع وكلكم‬ ‫علما وبصرية وعمالً ً‬‫ً‬
‫مسؤول عن رعيته»‪.‬‬
‫* فهل تساءلت أخي املدرس مع نفسك وحاسبتها‪ :‬كم سيتخرج‬
‫هذا العام – الذي أخذ يف التصرم والرحيل – على يديك من طلبة‬
‫علم يُرى أثر تعليمك يف سلوكهم‪ ،‬وأخالقهم‪ ،‬وكالمهم‪ ،‬وأبصارهم‪،‬‬
‫وأمساعهم؟ بل ويف صالهتم‪ ،‬وخشوعهم‪ ،‬وإعراضهم عن اللغو‬
‫وحلق الذكر‪ ،‬والطاعات؟ فإن‬‫واملنكرات‪ ،‬وسعيهم إىل املساجد‪ِ ،‬‬
‫الطالب نسخة من مدرسه وهو على شاكلته‪ ،‬وصدق رسول اهلل ‪:‬‬
‫سن في اإلسالم سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها‬‫«من َّ‬
‫تحف ـة المعلــم‬ ‫‪6‬‬

‫إلى يوم القيامة‪ ،‬ومن سن في اإلسالم سنة سيئة كان عليه وزرها‬
‫ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ال ينقص من أوزارهم شيئًا»‪.‬‬
‫شهرا أو‬
‫* لقد كان الدارسون من سلفنا يربك الواحد منهم ً‬
‫احدا أو عامني عند مدرسه وشيخه فإذا به قدوة‬
‫عاما و ً‬
‫شهرين أو ً‬
‫حسنة مبجرد أن تنظر إليه‪ ،‬فكيف إذا َو َعظ أو تكلم؟‪ ..‬وتتبع‬
‫احدا فقط فاشالً يف علمه‪ ،‬وعمله خترج؟‬
‫تدريس السلف هل جتد و ً‬
‫فاهلل اهلل يف اإلخالص والصدق وتربية النشء على ذلك وربط قلوهبم‬
‫باهلل تعاىل الذي علمك وعلمهم‪.‬‬
‫* وأشكره سبحانه على نعمة السمع الذي تسمع به العلم‪،‬‬
‫والعقل والقلب الذي تعقل به وتفقه به العلم‪ ،‬واللسان الذي أنطقه‬
‫اهلل تعاىل من قطعة حلم باحلكمة والعلم‪ ،‬قل للواحد منهم‪ :‬عينك َمن‬
‫حنوا‬
‫حيركها هذه احلركة الدائبة؟ قلبك الذي يدق يف الدقيقة الواحدة ً‬
‫من سبعني دقة ففي الساعة كم؟ ويف اليوم الواحد كم؟ بل كم هلل‬
‫تنس رقابة اهلل تعاىل الذي حرك قلبك‬ ‫َ‬ ‫تعاىل من نعم عليك؟ إذًا فال‬
‫ض إِنَّهُ َعلِيم بِ َذ ِ‬
‫ات‬ ‫السماو ِ‬
‫ات َو ْاْل َْر ِ‬ ‫وقلَّب طَرفك ‪‬إِ َّن اللَّهَ َعالِ ُم غَْي ِ‬
‫ٌ‬ ‫ب َّ َ َ‬ ‫ْ‬
‫الص ُدوِر‪[ ‬فاطر‪ ]83 :‬وأَنْ ِذرُهم يـوم ْاْلَ ِزفَ ِة إِ ِذ الْ ُقلُوب لَ َدى الْحنَ ِ‬
‫اج ِر‬ ‫ُّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ ْ َْ َ‬
‫ين ِم ْن َح ِم ٍ‬
‫يم َوَال َش ِفي ٍع يُطَاعُ * يَـ ْعلَ ُم َخائِنَةَ ْاْلَ ْعيُ ِن‬ ‫ِ ِِ‬
‫ين َما للظَّالم َ‬
‫ِِ‬
‫َكاظم َ‬
‫ور‪[ ‬غافر‪.]81 ،83 :‬‬ ‫َوَما تُ ْخ ِفي ُّ‬
‫الص ُد ُ‬
‫اسأل اهلل تعاىل بأمسائه وصفاته لنا أمجعني التوفيق وأداء األمانة‬
‫وأن جينِّبنا سبحانه طريق املغضوب عليهم الذين تعلموا ولكن مل‬
‫يعملوا‪ ،‬والضالني الذي جهلوا ومل يتعلموا – آمني‪.‬‬
‫* وعليك أخي يف اهلل أن تُ َذ ِّكر نفسك وإخوانك وطلبتك ومن‬
‫‪7‬‬ ‫تحف ـة المعلــم‬

‫يقتدي ويتأثر بسلوكك أن القدوة املطلقة هي مبن أرسله اهلل للناس‬


‫معلما – صلوات اهلل وسالمه عليه‪ .‬فإذا صدر منك خطأ أو سلوك‬ ‫ً‬
‫مشني فقل‪ :‬ال تقتدوا يب يف ذلك‪ .‬واستغفر اهلل من ذلك لئال تقع يف‬
‫حال من يُقتدى هبم يف السوء‪ ،‬وأخربهم أن اإلسالم بريء مما أُلصق‬
‫به من القدوات السيئة واألعمال املشينة‪ ،‬وصدق اهلل ومن أصدق من‬
‫سنَةٌ لِ َم ْن َكا َن يَـ ْر ُجو‬ ‫اهلل قيالً‪ :‬لََق ْد َكا َن لَ ُكم فِي رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه أ ْ‬
‫ُس َوةٌ َح َ‬ ‫ْ َُ‬
‫اللَّهَ َوالْيَـ ْوَم ْاْل َِخ َر َوذَ َك َر اللَّهَ َكثِ ًيرا‪[ ‬اْلحزاب‪.]18 :‬‬
‫* وتَ َذ َّكر وذَ ِّكر‪ ،‬بل انشر هذه الذكرى‪ ،‬فالدين النصيحة‪ ،‬الدين‬
‫غاشا‪،‬‬
‫س ويصبح كذلك وإال فقد أمسى وأصبح ً‬ ‫النصيحة‪ ،‬ومن مل ُُي ِ‬
‫كيف وقد بايع جرير بن عبد اهلل ‪ ‬رسول اهلل ‪ ‬على ذلك‪ ،‬بل‬
‫بايعه على أصرح من ذلك بأوضح عبارة بأن ينصح لكل مسلم‪،‬‬
‫والنصيحة لكل مسلم تستوجب النصح هلل تعاىل‪ ،‬ولكتابه‪ ،‬ولرسوله‪،‬‬
‫وهنارا‪.‬‬
‫وجهارا‪ ،‬ليالً ً‬
‫ً‬ ‫سرا‬
‫وعموما‪ً ،‬‬
‫ً‬ ‫خصوصا‬
‫ً‬ ‫ولعباده‬
‫* تذكر حال الداعية واملعلم األول يف سورة نوح وقد دعا وعلم‬
‫ت قَـ ْوِمي ل َْي ًال َونَـ َه ًارا * فَـلَ ْم يَ ِز ْد ُه ْم‬
‫ب إِنِّي َد َع ْو ُ‬ ‫عاما ‪‬قَ َ‬
‫ال َر ِّ‬ ‫‪ً 059‬‬
‫َصابِ َع ُه ْم فِي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُد َعائي إَِّال ف َر ًارا * َوإِنِّي ُكلَّ َما َد َع ْوتُـ ُه ْم لتَـغْف َر ل َُه ْم َج َعلُوا أ َ‬
‫استِ ْكبَ ًارا * ثُ َّم إِنِّي‬
‫استَ ْكبَـ ُروا ْ‬ ‫َص ُّروا َو ْ‬ ‫استَـغْ َ ِ‬
‫ش ْوا ثيَابَـ ُه ْم َوأ َ‬ ‫َآذَانِ ِه ْم َو ْ‬
‫ت ل َُه ْم إِ ْس َر ًارا * فَـ ُقل ُ‬
‫ْت‬ ‫َس َر ْر ُ‬
‫ت ل َُه ْم َوأ ْ‬ ‫َد َع ْوتُـ ُه ْم ِج َه ًارا * ثُ َّم إِنِّي أَ ْعلَْن ُ‬
‫استَـغْ ِف ُروا َربَّ ُك ْم إِنَّهُ َكا َن غََّف ًارا‪[ ‬نوح‪ ]81-5 :‬ومل يزل على ذلك‬ ‫ْ‬
‫حىت وقت نزول العذاب هبم‪ ،‬بل قال يف آخر حلظة‪:‬‬
‫ِ‬
‫ب َم َعنَا َوَال تَ ُك ْن َم َع الْ َكاف ِر َ‬
‫ين‪[ ‬هود‪ ،]21 :‬ولقد ذُكر‬ ‫‪‬يَا بُـنَ َّي ْارَك ْ‬
‫عنه ‪ ‬أنه كان ُحي َمل من قِبلهم ومن عصابتهم فيلقى يف قعر بيت‬
‫تحف ـة المعلــم‬ ‫‪8‬‬

‫خرب يظنون أنه قد مات‪ ،‬فيخرج عليهم يف اليوم الثاين مباشرة‬


‫يعلمهم ويدعوهم إىل اهلل تعاىل‪.‬‬
‫* وإبراهيم ‪ ‬يُرمى يف النار فيقول اهلل تعاىل هلا‪ُ  :‬كونِي بَـ ْر ًدا‬
‫َو َس َال ًما‪[ ‬اْلنبياء‪.]91 :‬‬
‫* ورحم اهلل حممد بن احلسن الشيباين حيث ذُكر عنه أنه كان‬
‫دؤوبًا يف العلم‪ ،‬فإذا فرت من فن انتقل إىل فن آخر من العلم النافع‪،‬‬
‫يل النوم باملاء كلما فرت‪ ،‬ويقول‪« :‬إن النوم من احلرارة»‪ ،‬فكان‬
‫وكان يز ُ‬
‫يطرده عنه باملاء‪.‬‬
‫إيل ومن أرسلها‪،‬‬ ‫* ويف اخلتام جزى اهلل من أوصل هذه الرسالة َّ‬
‫خريا – آمني‪ .‬واحلمد هلل رب العاملني‪ ،‬اللهم‬ ‫َّ‬
‫وألفها‪ ،‬ونشرها‪ ،‬ووزعها ً‬
‫صل وسلم وبارك على نبينا حممد‪ ،‬وعلى آله وصحبه أمجعني‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫والسالم عليكم وعلى كل من بَـلَغَته من املسلمني ورمحة اهلل وبركاته‪.‬‬
‫من أخيكم في اهلل جل جالله‬
‫أحمد بن محمد بن عبد اهلل الحواشي‬

‫****‬
‫‪0‬‬ ‫تحف ـة المعلــم‬

‫تحفة المعلم‬

‫احلمد هلل الذي ال إله إال هو‪ ،‬وهو للحمد أهل‪ ،‬وهو على كل‬
‫شيء قدير‪ ،‬والصالة والسالم على النذير البشري‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫* فإن الباعث على كتابة هذه الرسالة هو النصيحة هلل‪ ،‬اليت هي‬
‫ب حامل‬ ‫فر َّ‬
‫من ألزم اللوازم‪ ،‬ومن باب قوله عليه الصالة والسالم‪ُ « :‬‬
‫فقه إلى من هو أفقه منه» [رواه أبو داود من حديث زيد ‪ ،]‬وقد‬
‫كتبت لك هذه الرسالة يا أخي وأرجو من اهلل أن تلقى عندك قبوالً‬
‫واستحسانًا‪ ،‬وأن ينفعك اهلل هبا حىت يثمر تعليمك وعملك‪ ،‬وحيصل‬
‫بك االنتفاع‪.‬‬
‫اقي إىل اآلداب‪ ،‬ودرجات إىل العلم األكرب‬
‫* وملَّا كانت األيام مر َ‬
‫– كتبت لك هذه الرسالة‪ ،‬وقد انتخبت هذه الفضائل والنصائح من‬
‫أفواه الرجال‪ ،‬وبطون صحائف العلماء‪ ،‬وما يسنح به اخلاطر من اهلل‬
‫تعاىل‪ ،‬فخذها بقوة‪ ،‬وخذ نفسك بالعزائم وال ترتخص‪ ،‬فإن عجزت‬
‫فسل املوفِّق فإنه يؤيد بالعزائم‪.‬‬
‫َ‬
‫* فإليك هذه اآلداب الشرعية واملنح املرعية‪:‬‬
‫‪ -8‬من اْلداب المرعية التي ينبغي للمعلم مراعاتها‪ :‬القدوة‬
‫صالح لطالب‪ ،‬كما‬
‫ٌ‬ ‫الحسنة وضرورة توافرها يف املعلم‪ ،‬فإن صالحه‬
‫أن عيوهبم معقودة بعيوبه‪ ،‬فاحلسن عندهم ما فعل‪ ،‬والقبح عندهم ما‬
‫ترك‪ ،‬وقد ضرب املعلم األول عليه الصالة والسالم حبسن القدوة‬
‫تحف ـة المعلــم‬ ‫‪09‬‬

‫املثل األعلى‪ ،‬فله فيها القدح املعلى حىت كان العريب القح يراه‬ ‫احلسنة َ‬
‫فيقول‪« :‬واهلل ما هذا بوجه كاذب»‪ ،‬فيشهد له بالصدق مبجرد رؤيته‪،‬‬
‫فكيف مبن شاهد أخالقه وحسن تعليمه‪ ،‬وقد أتاه اهلل ذلك كله وأثىن‬
‫يم‪‬‬‫ك ل ََعلى ُخلُ ٍق َع ِظ ٍ‬‫عليه يف كتابه فقال سبحانه وتعاىل‪َ  :‬وإِنَّ َ‬
‫[القلم‪ ،]2 :‬وهو مع ذلك رجل أمي مل ُيارس التعليم‪ ،‬ومل يطالع‬
‫الكتب‪ ،‬فسبحان من أهلمه وعلَّمه ما مل يكن يعلم‪.‬‬
‫ومسة يتحلى هبا املعلم؛‬ ‫* وملا كانت القدوة احلسنة أهم خصلة ِ‬
‫َّ‬
‫ألهنا مثرة العلم والعمل‪ ،‬كان السلف يقصدون من العلماء من يتحلى‬
‫هبذه الصفة‪ ،‬يقول أحد السلف‪« :‬كان جيتمع يف جملس اإلمام أمحد‬
‫ُزَهاء مخسة اآلال‪ ،،‬وكان أقل من مخسمائة يكتبون‪ ،‬والباقون‬
‫يتعلمون منه حسن األدب وحسن السمت»‪.‬‬
‫* ويقول أبو بكر املطوعي‪« :‬كنت أختلف إىل اإلمام أمحد فما‬
‫احدا‪ ،‬إمنا أنظر إىل هديه وأخالقه وأدبه»‪.‬‬
‫كنت أكتب حديثًا و ً‬
‫* ومن هنا كانت القدوة احلسنة أعظم خصلة ومنحة‪ ،‬فإن مل‬
‫ينفع لفظ نفع مسَْت وهدي‪ ،‬فيدعو الناس إىل عمله بالصمت‬
‫والوقار؛ وهلذا تعمل هذه اخلصلة يف القلوب ما ال تعمله آال‪،‬‬
‫اخلطب واملواعظ‪ .‬وهذا الكالم موجه ملن أراد أن خيدم هذه األمة‬
‫أسا‪ ،‬ومل يفكر يف خدمة هذا الدين‬ ‫املباركة‪َّ ،‬أما من مل يرفع بذلك ر ً‬
‫فال على مثله يُلوى وال حيزن‪ ،‬ولن يلتفت إىل هذا الكالم أصالً‪،‬‬
‫ولكن كما قال الشاعر‪:‬‬
‫ـهل‬
‫ولك ـ ــن الرض ـ ــا باجله ـ ــل س ـ ـ ُ‬ ‫علوم ـ ــا ل ـ ــو دراه ـ ــا م ـ ــا قاله ـ ــا‬
‫ً‬
‫‪00‬‬ ‫تحف ـة المعلــم‬

‫وم ْن نظر إىل حال الصحابة فلن يرتدد يف أن رسول اهلل ‪ ‬نيب‬
‫* َ‬
‫ورسول من عند اهلل‪ ،‬وقد ذكر العلماء أن التلميذ صورة من شيخه‪،‬‬
‫فإذا كان الشيخ صاحلًا فالتلميذ صورة منه‪ ،‬وإذا كان فاس ًقا كانوا‬
‫فاسقني‪.‬‬
‫‪ -1‬ومن اْلداب المرعية التي ينبغي للمعلم مراعاتها‪ :‬عدم‬
‫تنفير الطالب من العلم وتكريههم فيه؛ فكم من معلم بسوء تربيته وتعليمه‬
‫وعالجه لألخطاء جعل بعض الطلبة يفشلون يف حياهتم ودراستهم‪ ،‬فأصبحوا‬
‫بعد اهلرب من املدرسة مصدر شر وبالء على اجملتمع‪.‬‬
‫* فهناك من املعلمني من جتد َس ْوطه قبل تعليمه وتوجيهه‪،‬‬
‫وهتديده قبل ترغيبه‪ ،‬وسبه ولعنه قبل توجيهه‪ ،‬وإذا كان هذا حال‬
‫املعلم وسلوكه فقل يل بربك‪ :‬كيف يعطي الشيء من هو فاقده؟‬
‫وكيف يوجه من حيتاج إىل توجيه؟ إن التعليم ليس فقط تلقني‬
‫املعلومات! فلو كان األمر كذلك لرتكنا كل فصيح يصيح؛ ولكنه‬
‫توجيه وتعليم وتربية‪ .‬هل تعر‪ ،‬معىن الرتبية؟ إن من معانيها «التغري‬
‫والتحسني والتأديب» ومن هنا كاد املعلم أن يكون رسوالً‪.‬‬
‫* وملا كان األمر هبذه املثابة‪ ،‬فينبغي أن يكون املعلم على جانب‬
‫َّ‬
‫كبري من احلرص والشفقة والرمحة‪ ،‬فإن الطالب حباجة ماسة إىل معلم‬
‫ال يضيق صدره جبهلهم وضعفهم ونقضهم‪ ،‬ولو مل يكن الرسول ‪‬‬
‫رحيما ورءوفًا باملؤمنني ما تألَّفت القلوب حوله‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬فَبِ َما‬
‫ً‬
‫ْب َالنْـ َفضُّوا ِم ْن‬ ‫ت فَظًّا غَلِي َ‬
‫ظ الْ َقل ِ‬ ‫َر ْح َم ٍة ِم َن اللَّ ِه لِْن َ‬
‫ت ل َُه ْم َولَ ْو ُك ْن َ‬
‫استَـغْ ِف ْر ل َُه ْم‪[ ‬آل عمران‪.]851 :‬‬ ‫ف َع ْنـ ُه ْم َو ْ‬
‫ك فَا ْع ُ‬‫َح ْولِ َ‬
‫تحف ـة المعلــم‬ ‫‪01‬‬

‫* فالطالب حباجة ماسة إىل َكنَف رحيم‪ ،‬وإىل رعاية وبشاشة‬


‫ومساحة‪ ،‬وهذه هي مهمة الرسل؛ ولذا كانت مهمة املعلم صعبة‪،‬‬
‫فليس األمر فقط أن يلقي املعلم درسه ويتعهد حل الواجبات دون أن‬
‫يوجه وينصح وحياول يف اإلصالح ما استطاع مع كثرة الدعاء هلم‬
‫بالصالح والتوفيق واالستغفار هلم والعفو عنهم‪ ،‬فاملعلم الناصح َم ْن‬
‫حاول مراعاة هذه اآلية اليت هي من كنوز القرآن‪َ ،‬وُوفِّ َق إىل استخراج‬
‫ما فيها من كنوز‪ ،‬وأنفق منها – فغنم وربح يف تعليمه‪ ،‬وقد أشرنا إىل‬
‫استَـغْ ِف ْر ل َُه ْم‪ .‬فكن‬ ‫وخصوصا قوله تعاىل‪ :‬فَا ْع ُ‬
‫ف َع ْنـ ُه ْم َو ْ‬ ‫ً‬ ‫هذه اآلية‬
‫رحيما مبن حتت يدك من الطالب‪ ،‬ساعيًا يف اإلصالح ما‬ ‫رؤوفًا ً‬
‫استطعت‪ ،‬ولك أن تتأمل الفرق بني من هو متصف هبذه اآلية وبني‬
‫بالسب والشتم والدعاء على الطالب وتَن ُقصهم‬ ‫ِّ‬ ‫دائما‬
‫من يعلو صوته ً‬
‫وذمهم يف كل جملس‪.‬‬
‫أخي المعلم‪:‬‬
‫* البد أن تغري من طريقة تعليمك‪ ،‬وتدعو اهلل أن يوفقك إىل‬
‫صربا‪ ،‬فإن األمر‬ ‫الصالح‪ ،‬وأن ُيدك بصرب‪ ،‬وقل‪ :‬ربنا أفرغ علينا ً‬
‫اصبِ ْر َك َما‬
‫حيتاج إىل صرب‪ ،‬وقد أمر اهلل رسوله بالصرب فقال تعاىل‪ :‬فَ ْ‬
‫الر ُس ِل‪[ ‬اْلحقاف‪ ،]85 :‬وقال تعاىل‪َ  :‬ولََق ْد‬ ‫صبَـ َر أُولُو ال َْع ْزِم ِم َن ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َد َم م ْن قَـ ْب ُل فَـنَ ِس َي َول َْم نَ ِج ْد لَهُ َع ْزًما‪[ ‬طه‪ ،]885 :‬وهلذا‬
‫َع ِه ْدنَا إِلَى آ َ‬
‫كان الرسول ‪ ‬يسأل اهلل العزُية على الرشد‪.‬‬
‫يسره لك‪ ،‬فأكثِر‬ ‫* واعلم أن اهلل إن علم منك احلرص على اخلري َّ‬
‫من الدعاء واالستغفار لك ولطالبك حىت يثمر تعليمك وعلمك‪،‬‬
‫‪01‬‬ ‫تحف ـة المعلــم‬

‫فإن نازعتك نفسك وقالت لك‪« :‬من يفعل مثل هذا؟» فأقول لك‬
‫بأن العالَّمة الشهيد الشيخ أمحد الصغري رمحه اهلل املتوىف بنجران‪ ،‬كان‬
‫يوما على‬
‫يدرس يف املعهد العلمي بصامطة‪ ،‬فيُذكر بأنه دخل ً‬
‫الطالب ففوجئ بأن الطالب مل حيلوا الواجب‪ ،‬فاسرتجع وتوجه إىل‬
‫القبلة وصلى ركعتني ولعله كان يدعو هلم‪ .‬وقد ذكر هذه القصة أحد‬
‫تالمذته‪.‬‬
‫تنس قوله تعاىل‪ :‬إِ ْن يَـ ْعلَ ِم اللَّهُ فِي قُـلُوبِ ُك ْم َخ ْيـ ًرا يُـ ْؤتِ ُك ْم‬
‫* وال َ‬
‫َخ ْيـ ًرا‪[ ‬اْلنفال‪ ،]01 :‬فال ينظر اهلل إىل قلبك إال وهو يفيض باخلري‬
‫وحيب اخلري للناس‪ ،‬حىت أنه لينبغي للمعلم أن يدعو ألخيه املعلم‬
‫والواعظ إذا رآه يتكلم وحصل به النفع‪ ،‬فيدعو له بالتوفيق والتسديد‪.‬‬
‫* وقد حقق هذا املعىن بعض الدعاة‪ ،‬فرتاهم جيوبون البلدان‬
‫مبوعظة واحدة‪ ،‬وإذا تكلم الواحد منهم رفعوا له أيديهم بالدعاء‬
‫وحسن التوفيق‪ ،‬فحصل به النفع‪ .‬وهكذا ينبغي للمعلم والداعية إذا‬
‫ُ‬
‫رأى أخاه يتكلم أن يبسط يديه بالدعاء له بالتوفيق والتسديد؛ ألنه‬
‫ُيثل الدعوة‪ ،‬وإياك أن تكون ممن حيب ألخيه أن يتعثر‪ ،‬فإهنا عالمة‬
‫على عدم الصدق‪ ،‬وحب التصدر‪.‬‬
‫‪ -8‬ومن اْلداب المرعية والتي ينبغي للمعلم مراعاتها في‬
‫تعليمه‪ :‬قوله عليه الصالة والسالم ووصيته ْلبي موسى ومعاذ ابن‬
‫يسرا وال‬
‫جبل ملا أرسلهما إىل قوم كافرين من أهل الكتاب‪ِّ « :‬‬
‫وبشرا وال ِّ‬
‫تنفرا» [رواه البخاري رحمه اهلل تعالى]‪.‬‬ ‫تعسرا‪ِّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫* يقول اإلمام ابن حجر رمحه اهلل‪« :‬جيب أن يكون تعليم املعلم‬
‫تحف ـة المعلــم‬ ‫‪01‬‬

‫بالتدرج؛ ألن الشيء إذا كان ابتداؤه سهالً ُحبِّب إىل من يدخل فيه‬
‫وتَـلَقَّاه بانبساط‪ ،‬وكانت عاقبته غالبًا إىل ازدياد‪ ،‬خبال‪ ،‬ضده»‪.‬‬
‫* فتأمل هذا احلديث والكالم عليه‪ ،‬مث تأمل حال من يدخل‬
‫على الطالب يف بداية العام أو الدرس‪ ،‬فيتهدد الطالب بصعوبة‬
‫الدرس‪ ،‬أو بصعوبة املادة وقلة الناجحني عنده‪ ،‬وصعوبة األسئلة اليت‬
‫فيكرههم يف العلم من أول يوم‪ ،‬وتقل رغبتهم يف العلم‪ ،‬وقد‬
‫يضعها‪ِّ ،‬‬
‫ُحيَ ِّملهم من أول يوم واجبات منزلية كثرية مع أن التدرج أمر مطلوب‪.‬‬
‫أخي المعلم‪:‬‬
‫* إن التيسري والتبشري أمر مطلوب عند املعلم‪ ،‬حىت تُـَر ِّغب‬
‫الطالب يف العلم واملواصلة فيه‪ ،‬فهذه القلوب تتنافر تنافر الوحش‪،‬‬
‫فتألَّْفها بالتبشري والتيسري والتوسط يف التعليم؛ لتحسن طاعتها ويدوم‬
‫نشاطها‪ ،‬وكن وسطًا بني الرتغيب والرتهيب‪ ،‬والشدة واللني‪ ،‬وخلط‬
‫احللوة مع املرة‪ ،‬وهذا من منهج اخلليفة الراشد‪ ،‬فقد كان مع ما فيه‬
‫منهجا تربويًا إلخوانه‪ ،‬فيخلط هلم احللو‬
‫من الشدة على نفسه يضع ً‬
‫املرة من احلق‪ ،‬فأخا‪،‬‬ ‫مع املر يقول‪« :‬واهلل إين ألريد أن أخرج هلم َّ‬
‫أن ينفروا‪ ،‬فاصربوا حىت جتيء احللوة من الدنيا‪ ،‬فأخرجها معها‪ ،‬فإذا‬
‫نفروا هلذه سكنوا هلذه» َّ‬
‫ألن املقصود دعوة الناس إىل اخلري ال إلقامة‬
‫احلجة فقط‪.‬‬

‫* وهلذا يقول اإلمام ابن القيم رمحه اهلل‪« :‬والطبيب احلاذق يعلم‬
‫مصرا»‪ ،‬ويقول‪« :‬وهلذا‬
‫قصرا ويهدم ً‬ ‫كيف يطب النفوس‪ ،‬فال يعمر ً‬
‫‪05‬‬ ‫تحف ـة المعلــم‬

‫للم َحاسيب‪ ،‬وكانت تعتمد على الرتهيب فإذا قرأ‬ ‫ملَّا ظهرت الرعاية ُ‬
‫فلما اشتغل هبا العباد‬
‫العبد مثالً باب الرياء يئس من النَّجاة منه‪َّ ،‬‬
‫عطَّلت منهم مساجد كانوا يعمروهنا بالعبادة»‪.‬‬
‫فالبد من مراعاة الرتغيب والرتهيب‪ ،‬واملدح والذم‪ ،‬حىت يف‬‫* َّ‬
‫البد من ذكر بعض‬ ‫تقومي املعلم‪ ،‬فال تذكر له سلبياته فقط‪ ،‬بل َّ‬
‫حماسنه مع التنبيه غري املباشر يف حق البعض‪ ،‬واالبتداء بالتلميح دون‬
‫التصريح‪ ،‬والتلطف يف اخلطاب‪ ،‬ومراعاة حسن األسلوب ومكانتهم‪،‬‬
‫واختيار أفضل الطرق إىل القلوب؛ ألن اهلد‪ ،‬اإلصالح‪ ،‬فاحبث عن‬
‫األسلوب األمثل‪ ،‬وعدم ازدراء أو تسفيه رأي من أمامك‪َّ .‬‬
‫فإن كل‬
‫ذلك مما يؤلف القلوب الناشزة‪ ،‬وتُرد به القلوب النافرة‪ ،‬ويدين من‬
‫مساع القول الصاحل؛ فيثمر تقوُيك وتعليمك‪.‬‬
‫* فينبغي للمعلم احلرص على توجيه الطالب‪ ،‬وتعليمهم‪،‬‬
‫وكسبهم أكثر من تنفريهم‪ ،‬فإن املنهجية السديدة يف التعليم والتوجيه‬
‫هي البحث عن الطريق السليم يف حل وعالج األخطاء‪ ،‬كأنك أمام‬
‫غريق‪ ،‬والنُصح بالشكل الذي يـَُر ِّغب يف احلق وال ينفر منه‪.‬‬
‫‪ -2‬ومن اْلداب المرعية التي ينبغي للمعلم مراعاتها‪ :‬أن‬
‫منتظما ومرتبًا‪ ،‬يفتتحه حبمد اهلل‪،‬‬
‫ً‬ ‫يكون مجلسه هادئًا‪ ،‬وحديثه‬
‫والصالة والسالم على رسوله ‪ ،‬مع مراعاة هذه اآلداب أثناء‬
‫فالبد أن يقول أو يكتب «عز وجل»‪،‬‬ ‫مر بلفظ اجلالل َّ‬‫حديثه‪ ،‬فإذا َّ‬
‫أو «تعاىل» وما أشبه ذلك‪ ،‬وكذلك األمر عندما ُير بذكر الرسول ‪‬‬
‫يكتبها كاملة وال يرمز هلا حبر‪ ،،‬سواء كان ذلك أثناء كالمه أو‬
‫تحف ـة المعلــم‬ ‫‪06‬‬

‫كتابته‪.‬‬
‫يرتضى عنه‪ ،‬فمن الناس من‬ ‫بذكر صحايب َّ‬
‫فالبد أن َّ‬ ‫مر ِ‬ ‫* وإذا َّ‬
‫يذكر مثالً «معاوية» ذدون أن يقول‪َّ »« :‬‬
‫فالبد من الرتضي عن‬
‫الصحابة ‪ ‬أمجعني‪ ،‬وال يسأم من تكرار ذلك فإنه يدل على تعظيم‬
‫املعلم هلم إذا أكثر من الرتضي عنهم‪ ،‬وفيه تعليم للطالب على ذلك‪،‬‬
‫كثريا؛ ألن امللَك يقول‪« :‬ولك ُيثل‬
‫خريا ً‬
‫ومن أغفل هذا فقد ُحرم ً‬
‫ذلك» [ذكره اإلمام النووي رحمه اهلل في شرح مقدمة صحيح اإلمام‬
‫مسلم]‪.‬‬
‫* وكذلك عند ذكر العلماء والصاحلني‪ ،‬فينبغي للمعلم عند ذكرهم أن‬
‫الرتحم على من مات منهم‪ ،‬فمن حنن‬ ‫يذكرهم بوصف التعظيم واإلجالل و ُّ‬
‫لوال اهلل‪ ،‬مث العلماء الذين نقلوا لنا ومجعوا كل ما حنتاجه من معرفة احلالل‬
‫جل وعال‪ .‬وكان بعض العلماء كلما استفاد فائدة‬ ‫واحلرام‪ ،‬وما يقربنا إىل ربنا َّ‬
‫من عامل أكثر من الرتحم عليه‪ ،‬وهذا أقل الواجب يف حقهم علينا‪ .‬فإذا‬
‫صلب العمل بالعلم ورََّّب الطالب‬
‫عمل املعلم هبذا األدب الذي هو من ُ‬
‫عليه‪ ،‬وشجعهم على التأدب به – قيَّض اهلل له يف املستقبل من يرتحم‬
‫ألن اجلزاء من جنس العمل‪ ،‬وهذا قرض يُرد بامليزان‪ ،‬ومن مل يكن‬ ‫عليه؛ َّ‬
‫عنده فقه نفس‪ ،‬أو معرفة هبذا الكالم‪ ،‬فإنَّه يفوته ربح عظيم وهو ال يشعر‪.‬‬
‫* فإذا مجع املعلم بني هذه اآلداب‪ ،‬وبني حسن الدخول يف‬
‫الدرس‪ ،‬مراعيًا التدرج يف إيصال املعلومات‪ ،‬فيبدأ باألسهل‪ ،‬عارفًا مبا‬
‫حمضرا هلا – حصل اخلري والنفع الكثري‪ ،‬وإن ختم جملسه هبذا‬
‫يشرحه‪ً ،‬‬
‫الدعاء فحسن‪ .‬ذكر احلافظ أبو طاهر السلفي أن اخللعي كان إذا‬
‫‪07‬‬ ‫تحف ـة المعلــم‬

‫مسِّع عليه احلديث خيتم جملسه هبذا الدعاء «اللهم ما مننت به ِ‬


‫فأِتَّه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وما أنعمت به فال تسلبه‪ ،‬وما سرتته فال هتتكه‪ ،‬وما علمته فاغفره»‪،‬‬
‫أو دعاء كفَّارة اجمللس‪.‬‬
‫‪ -5‬ومن اْلداب المرعية التي ينبغي للمعلم مراعاتها‪ :‬عدم‬
‫سلب مادته روح اإلسالم‪ ،‬فإنَّه قد يدخل بعض املعلمني على طالبه‬
‫وخيرج من عندهم وما ذكر اهلل‪ ،‬وال صلى على رسول اهلل ‪ ،‬وال‬
‫اعوجاجا‪ ،‬مع أنه يرى بعض التصرفات‬
‫ً‬ ‫وجه أو َّقوم‬
‫أحدا‪ ،‬وما َّ‬
‫صح ً‬ ‫نَ َ‬
‫غري السليمة! وحالته هذه ليست ليوم أو يومني‪ ،‬بل طوال تدريسه‪،‬‬
‫وكأن األمر ال يعنيه‪ ،‬ويظن أنَّه ال يُسأل عن هذه اجملالس يوم‬
‫القيامة!!‬
‫مهمته‪ ،‬وهي الرتبية‪.‬‬
‫* فينبغي للداعية استغالل كل فرصة يف أداء َّ‬
‫درس ما زلت أحفظه بكل‬ ‫يقول بعض املشايخ – أعزهم اهلل تعاىل‪ٌ « :‬‬
‫عاما‪ ،‬وهو درس يتجلى أمام عيين كلما رأيت‬ ‫وضوح بعد عشرين ً‬
‫ترددا يقود إىل إضاعة فرصة‪ ،‬أو تكاسالً يؤدي إىل تفويت منفعة‪،‬‬ ‫ً‬
‫ولطاملا رأيت مواقف ازداد فيها العالج صعوبة حىت كاد يستعصي‬
‫أحيانًا بسبب التأخر يف التحرك اإلجيايب‪ ،‬مثل التأخر يف كنس قطع‬
‫الزجاج املتناثر على األرض مما يتسبب يف جرح بليغ‪ ،‬أو الرتدد يف‬
‫عالج عيب يف الطبع لدى أحد األطفال كاألنانية أو العدوانية حبجة‬
‫أنه طفل صغري‪ ،‬مث إذا كرب معه يصبح عالجه من املستحيالت»‪.‬‬
‫عظيما يف التوجيه والنُصح‪ ،‬فعليه أال‬
‫* ومن هنا كان دور املعلم ً‬
‫يسلب درسه روح اإلسالم‪ ،‬فإن فعل فهذه عالمة على عدم اهتمام‬
‫تحف ـة المعلــم‬ ‫‪08‬‬

‫إن من اليهود والنصارى من عنده‬ ‫ألمته‪َّ ،‬‬


‫هذا املعلم بدينه‪ ،‬ونُصحه َّ‬
‫غرية واهتمام بدينه الباطل أكثر ممن كان مثل هذا الصنف الذين –‬
‫عاما يف كل معلم‪ ،‬لكن‬ ‫األمة‪ .‬وليس هذا األمر ً‬
‫ال كثَّرهم اهلل – يف َّ‬
‫يوجد أصنا‪ ،‬من هذه النماذج الذين هدفهم الرئيسي الراتب والتنزه‬
‫واللعب‪.‬‬
‫* فينبغي للمعلم أن يتقي اهلل‪ ،‬ويراعي أثناء تدريسه بث روح‬
‫اإلسالم يف مادته‪ ،‬حىت يف ضرب األمثلة‪ ،‬فيذكر مثالً عن صحايب‬
‫ويتكلم عنه قليالً؛ َّ‬
‫ألن أصل التعليم هو ربط القلوب باهلل العظيم‪،‬‬
‫وما أحوج الطالب إىل معلم يغرس آداب اإلسالم وأخالقه يف قلوهبم‬
‫مع استغالل كل فرصة يف بث روح اإلسالم وترسيخ هذا الدين يف‬
‫القلوب‪ ،‬فمثالً إذا ترك بعض الطالب حل واجب تقول مثالً‪ :‬من‬
‫صلى الفجر يف مجاعة هذا اليوم نساحمه‪ ،‬مث تتكلم عن صالة الفجر‬
‫أن من صالها يف مجاعة كان يف ذمة اهلل حىت ُيسي‪ ،‬ومعىن‬ ‫قليالً‪ ،‬و َّ‬
‫يف ذمة اهلل أي يعصمه من املعاصي ويوفقه‪ ،‬أو تقول‪ :‬من ختم القرآن‬
‫هذا الشهر؟ أو صلى قيام الليل؟ أو الضحى؟ أو أي موضوع تريد أن‬
‫تتكلم عنه‪.‬‬

‫‪ -9‬ومن اْلداب المرعية التي ينبغي للمعلم مراعاتها‪ :‬تعليم‬


‫الطالب آداب العلم‪ ،‬وهذا خاص يف بداية كل عام أو فصل دراسي‪،‬‬
‫فإن تعلُّم األدب حق ودين‪ ،‬فكل علم بال أدب كطعام بال ملح‪ ،‬يقول‬
‫اإلمام ابن املبارك‪« :‬طلبنا األدب ملا فاتنا املؤدبون؛ ألن األدب قوام‬
‫‪00‬‬ ‫تحف ـة المعلــم‬

‫الدين‪ ،‬وأدب العلم أكثر من العلم»‪ ،‬ويقول رمحه اهلل‪« :‬إذا ُوصف يل‬
‫رجل له علم األولني واآلخرين ال أتأسف على فوات لقائه‪ ،‬وإذا مسعت‬
‫رجالً له أدب النفس أِتىن لقاءه وأتأسف على فواته» وقال‪« :‬ال ينبل‬
‫الرجل بنوع من العلم ما مل يزين علمه باألدب»‪.‬‬
‫* فإذا تبني هذا‪ ،‬فينبغي للمعلم أن يتعلم األدب ويـُ َعلِّم الطالب‬
‫آداب العلم‪ ،‬فيعلمهم أدب الطالب مع معلمه ويف درسه وأدبه مع‬
‫كتابه ومع زميله‪ ،‬ويبني هلم أدب الطالب حىت يف كيفية السؤال‪ ،‬فال‬
‫علي كذا‪ ،‬أو‪ :‬كيف‬ ‫يسأل معلمه بطريقة االعرتاض‪ ،‬بل يقول‪ :‬أَ ْش َكل َّ‬
‫جنمع بني كالمك وكذا ‪،‬ما رأيك؟ ويتخري األلفاظ احلسنة يف األمور‬
‫اليت يستحي من ذكرها‪ ،‬فيُـلَ ِّمح وال يصرح‪ ،‬كما علَّمنا ربُّنا يف كتابه‬
‫ِّساءَ‪[ ‬المائدة‪.]9 :‬‬
‫كما يف قوله تعاىل‪ :‬أ َْو َال َم ْستُ ُم الن َ‬
‫* فمن الناس من ال يراعي هذا األدب حبُ َجة «ال حياء يف الدين»‪،‬‬
‫وهذا ليس بصحيح؛ وهلذا ملا جاءت امرأة تسأل الرسول ‪ ‬عن كيفية‬
‫معرفة الطُّهر؟ فقال‪« :‬خذي قطعة ممسكة» فلم تفهم فقالت‪ :‬كيف؟‬
‫فأعاد عليها نفس اإلجابة‪ ،‬حىت أخذهتا عائشة رضي اهلل عنها وبيَّنت هلا‬
‫ذلك‪ .‬وكذلك حسن إجابته عليه الصالة والسالم مع األعراب إذا سألوه‪،‬‬
‫وعلم إصالح اللسان واخلطاب‪ ،‬وإصابة مواقعه‪ ،‬وحتسني ألفاظه – هو‬
‫من شعبة األدب العام الذي ينبغي مراعاته‪.‬‬
‫* ومن اآلداب اليت ينبغي تعلمها‪ :‬أدب الطالب مع كتاب اهلل‪،‬‬
‫وذلك باحرتامه أثناء القراءة‪ ،‬واجتناب الضحك‪ ،‬واللغط‪ ،‬واحلديث‬
‫استَ ِمعُوا لَهُ‬ ‫أثناء التالوة‪ ،‬امتثاالً لقوله تعاىل‪َ  :‬وإِ َذا قُ ِر َ‬
‫ئ الْ ُق ْرآَ ُن فَ ْ‬
‫تحف ـة المعلــم‬ ‫‪19‬‬

‫وأَنْ ِ‬
‫صتُوا ل ََعلَّ ُك ْم تُـ ْر َح ُمو َن‪[ ‬اْلعراف‪ .]112 :‬وقد كان عمر ‪ ‬إذا‬ ‫َ‬
‫قرأ القرآن ال يتكلم حىت يفرغ مما أراد أن يقرأه‪.‬‬
‫* ومن املعاين الرتبوية‪ :‬تعليم الطالب وهنيه – وهذا خاص بالولد‬
‫واملتعلم أو التلميذ – أن ينادي أباه أو معلمه أو شيخه بامسه‪ .‬ذكره‬
‫اإلمام النووي رمحه اهلل يف كتاب األذكار‪ ،‬وقال‪« :‬رويناه يف كتاب ابن‬
‫السين عن أيب هريرة ‪ ‬أن رسول اهلل ‪ ‬رأى رجالً معه غالم فقال‪:‬‬
‫«يا غالم‪ ،‬من هذا؟» فقال‪ :‬أيب‪ .‬قال‪« :‬ال تمش أمامه‪ ،‬وال تستبر‬
‫له‪ ،‬وال تجلس قبله‪ ،‬وال تَ ْدعه باسمه» ّأماَ قوله‪« :‬ال تسترب له»‬
‫زجرا على فعلك القبيح»‪.‬‬
‫أي‪ :‬ال تغضبه أو تفعل فعالً جيعله يسبك ً‬
‫* ومنها أن يلفت نظر الطالب إىل حسن اختيار األصحاب‪،‬‬
‫فإن الصاحب ساحب‪َّ ،‬إما إىل جنة‪ ،‬أو إىل نار‪.‬‬
‫فهذه أمور ينبغي للمعلم أال يغفلها أثناء تدريسه‪ ،‬وهناك آداب‬
‫كثرية ال يتسع اجملال لذكرها فراجع «منهاج املسلم»‪.‬‬
‫‪ -0‬ومن اْلداب المرعية التي ينبغي للمعلم مراعاتها‪ :‬مزج‬
‫تعليمه بالرقائق‪ ،‬وحث الطالب على مطالعة سري األوائل من السلف‬
‫والعُبَّاد‪ ،‬فإن ذلك من أعظم السباب لرقة القلوب‪ ،‬فإن العلم النافع‬
‫هو فهم األصول ومعرفة املعبود وعظمته وما يستحقه؛ وذلك بالنظر‬
‫يف سرية الرسول ‪ ‬وصحابته ‪ ‬أمجعني – والتأدب بآداهبم وفهم‬
‫ما نُِقل عنهم‪.‬‬
‫للمعلم مراعاة هذه اخلصلة العظيمة‪ ،‬فإن أصل املقاصد‬
‫* فينبغي ُ‬
‫يف التعليم ربط القلوب بعالم الغيوب‪ ،‬بشرط أن تكون هذه الرقائق‬
‫‪10‬‬ ‫تحف ـة المعلــم‬

‫الدعاة‪ ،‬فليس كل قصة تقال‪ ،‬مع احرتام املقابل‪،‬‬ ‫مشاعة يف أوساط ُ‬


‫وعفة اللسان‪ ،‬وجتنب األلفاظ املذمومة‪ ،‬واستخدام الكنايات‪،‬‬
‫والتلميح دون التصريح كما علَّمنا ربُّنا يف كتابه‪ .‬فمثالً عندما ذكر‬
‫ِّساءَ‪[ ‬المائدة‪،]9 :‬‬ ‫اجلماع أو دواعيه قال تعاىل‪ :‬أ َْو َال َم ْستُ ُم الن َ‬
‫وخصوصا إذا كان ذا‬‫ً‬ ‫أحدا فقدم طلب العفو عنه‪،‬‬ ‫كذلك إذا عاتبت ً‬
‫جاللة‪ ،‬فإن اهلل عاتب نبيه كذلك‪ ،‬فقال سبحانه وتعاىل‪َ  :‬ع َفا اللَّهُ‬
‫ك لِ َم أ َِذنْ َ‬
‫ت ل َُه ْم‪[ ‬التوبة‪.]28 :‬‬ ‫َع ْن َ‬
‫* وهذه آداب ينبغي للمعلم مراعاهتا أثناء كالمه‪ ،‬واجتناب‬
‫األلفاظ القاسية‪ ،‬ومراعاة الرفق‪ ،‬والتمهيد لألمر املستغرب باحلسىن‪،‬‬
‫والتلميح دون التصريح‪.‬‬
‫* وباجلملة التلطف أثناء الكالم بكل الوسائل الطبية للوصول إىل‬
‫املقصود دون تنازل أو ِتلق أو مداهنة‪ ،‬حىت تتألف القلوب حولك‪،‬‬
‫مع التحرز من القصص اليت تشيع الفاحشة أوالً؛ َّ‬
‫ألهنا من إشاعة‬
‫الفاحشة‪.‬‬
‫* أضف إىل ذلك أن الطالب يأخذ بشر ما يسمع‪ ،‬فعليك‬
‫بالقصص اليت ترقق القلوب وتربطها باهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬فيضبط هذا‬
‫االنفتاح هبذه القيود‪ ،‬حىت حيصل النفع ويثمر تعليمك‪ ،‬واهلل اهلادي‬
‫إىل سواء السبيل‪.‬‬
‫‪ -3‬ومن اْلداب المرعية التي ينبغي للمعلم ومن أراد أن‬
‫صب نفسه للدعوة وخدمة هذا الدين‪ :‬احلرص على العلم والتزود‬ ‫يُـنَ ِّ‬
‫منه‪ ،‬فالعلم يصعد باهلمة‪ ،‬ويصفي النية‪ ،‬ويورث صاحبه الفقه مبراتب‬
‫األعمال‪ ،‬ويبصره حبيل إبليس‪ ،‬وال تظن أن العلم حيصل مبجرد‬
‫تحف ـة المعلــم‬ ‫‪11‬‬

‫التخرج‪ ،‬أو أنَّه قاصر على فئة معينة‪ ،‬بل أكابر العلماء طالب علم‬
‫حىت ُيوتوا‪ ،‬فكم من عامل مات والقلم والكتاب يف يده‪ ،‬بل إن اهلل مل‬
‫ب ِز ْدنِي‬
‫يأمر نبيه بالتزود من شيء إال من العلم فقال تعاىل‪َ  :‬وقُ ْل َر ِّ‬
‫ِعل ًْما‪[ ‬طه‪ .]882 :‬وهلذا كان يستفتح ‪ ‬كل يوم هبذا الدعاء‪:‬‬
‫نافعا ورزقًا طيبًا وعمالً متقبالً»‪ ،‬فطلب‬ ‫علما ً‬ ‫«اللهم إني أسألك ً‬
‫شافعا‪.‬‬
‫أوالً العلم النافع الذي يكون له عند ربِّه ً‬
‫* واعلم أن أخذ العلم عن الكتب ال يكفي ما مل يساعد التوفيق‬
‫ويرزق العبد بعامل ربَّاين‪ ،‬فإن الصبابة ال يعرفها إال من يعانيها‪ ،‬وإن‬
‫العلوم ال يدريها إال من أخذها عن أهلها وصحب راويها‪ ،‬كذلك‬
‫ينبغي للمعلم البعد عن األشخاص املثبطني والتحول عن البيئة املثبطة‬
‫اليت تدعو إىل الكسل واخلمول وإيثار الدون فإن على املرء هجرها‪:‬‬
‫َأمــا لــك عــن دار اهل ـوان رحيـ ُـل‬ ‫تقول ابنةُ ُس ْعدى وهـي تلـومين‬
‫‪ -1‬ومن اْلداب المرعية للمعلم‪ :‬ضرورة إخالص النية هلل‬
‫وحده‪ ،‬فإن النية َم ِطيَّة‪ ،‬فمن الناس من يـُ َعلِّم من أجل الراتب‪ ،‬فإذا‬
‫قُطع عنه الراتب مل يـُ َعلِّم‪ ،‬ولو ُخصم عليه شيء نقص من تعليمه‬
‫بقدر ما نقص‪ ،‬ومنهم من يطلب التعليم ليعلم‪ ،‬ومن هنا جاء قوله‬
‫عليه الصالة والسالم‪« :‬فمن كانت هجرته إلى اهلل ورسوله‪ ،‬فهجرته‬
‫إلى اهلل ورسوله‪ ،‬ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها‪،‬‬
‫فهجرته على ما هجر إليه»‪ .‬وهذه هجرة من مل يشم رائحة العرفان‪،‬‬
‫ومل يذق طعم اإلُيان‪.‬‬
‫* فكل امرئ على شيئني‪ :‬على قصده‪ ،‬وشاكلته‪ ،‬وهي اليت تورده‬
‫‪11‬‬ ‫تحف ـة المعلــم‬

‫وتصدره‪ ،‬فراجع نيتك وصححها واستعن باهلل‪ ،‬فإن غلبك اهلوى‬


‫فابعث رائد االنكسار والعجز واالفتقار‪ ،‬فإنه عند املنكسرة قلوهبم‪،‬‬
‫وس ْلهُ تيسري اإلخالص والصدق‪ ،‬فإنه صعب وعسري إال على من‬ ‫َ‬
‫يسره اهلل له عليه‪ ،‬وليس بينك وبني من مل خيلص إال هذه النية‪ ،‬وهي‬ ‫َّ‬
‫من مكنونات الصدور اليت ال يعلمها إال العليم بذات الصدور‪،‬‬
‫صل ما يف الصدور‪.‬‬‫وحي َّ‬
‫ويظهر ذلك يوم يُبعثر ما يف القبور ُ‬
‫‪ -81‬ومن اْلداب المرعية للمعلم‪ :‬استخدام أقصر الطرق‬
‫في إيصال المعلومات مع مراعاة سهولة اْلسلوب الذي يتناسب‬
‫غرسا‪،‬‬
‫مع قدرة الطالب‪ ،‬فيرتك وحشي الكالم وغريبه‪ ،‬فإن لكل تربة ً‬
‫قابسا‪ ،‬فالبس لكل‬
‫البسا‪ ،‬ولكل علم ً‬‫أساسا‪ ،‬ولكل ثوب ً‬ ‫ولكل بناء ً‬
‫وضع األمور يف نصاهبا‪ ،‬فال حتدث العلم غري أهله‪ ،‬وال‬
‫حالة لبوسها‪َ ،‬‬
‫ِتنع العلم أهله فتأمث‪ ،‬وال حتدث باحلكمة عند السفهاء فيكذبوك‪،‬‬
‫وكن كالطبيب يضع العالج يف مكانه‪ ،‬يقول ابن مسعود ‪« :‬ما‬
‫وما حديثًا ال تبلغه عقوهلم إال كان لبعضهم فتنة»‬ ‫أنت مبُ َحدِّث ق ً‬
‫فاإلمساك عن بعض العلوم واألخبار أوىل‪ ،‬وعليك بغرس اإلُيان يف‬
‫القلوب‪ ،‬فإن معاجلة كل فتنة أمر يطول‪.‬‬
‫* ُمثَّ عليك بتسهيل املادة على الطالب ليحبها؛ ألنَّه األصل يف‬
‫التعليم‪ ،‬فليس املقصود فقط االمتحان‪ ،‬فبهذا حتصل الثمرة‪ ،‬ويعم‬
‫اخلري‪ ،‬ويكون لك نصيب من وراثة احلبيب عليه أفضل الصالة وأمت‬
‫التسليم‪.‬‬
‫‪ -88‬ومن اْلداب المرعية للمعلم – وهو من أهم هذه‬
‫تحف ـة المعلــم‬ ‫‪11‬‬

‫اْلداب‪ :‬تشجيع المواهب والعبقريات املخبوءة حىت تظهر وتؤيت‬


‫ب طالب تزدريه األعني يكون إذا ُش ِّجع وأخذ بيده عاملا من‬
‫مثرها‪ُ ،‬فر َّ‬
‫ً‬
‫أكابر العلماء‪ ،‬أو أديبًا من أعاظم األدباء‪ ،‬وكم من عامل وأديب‬
‫نتيجة التثبيط واالحتقار ُحرم النَّاس علمه‪ ،‬وذلك نتيجة التعليم من‬
‫بعض املعلمني‪.‬‬
‫فمما يُذكر أن العالمة الشيخ سليم البخاري رمحه اهلل تعاىل مات‬
‫ومل يصنف رسالة فما فوقها – على جالله قدره وسعة علمه وشدة‬
‫بيانه – وسب ذلك أنه صنف رسالة يف أول طلبه يف املنطق وكتبها‬
‫بلغة سهلة وعذبة‪ ،‬مث عرضها على شيخه‪ ،‬فسخر منه وأنَّبه وقال له‪:‬‬
‫لغ من قَ ْدرك أن تصنف وأنت أنت؟! مث أخذ الرسالة‬ ‫أيها املغرور‪ ،‬أَبَ َ‬
‫فسجرها املدفأة‪ ،‬فكانت أول مصنفات العالمة وآخرها‪.‬‬
‫وقل يل باهلل عليك‪ :‬إذا قوبلت مثل هذه املواهب مبثل هذا‬
‫التشجيع فمن كان عنده نصف موهبة دفنها‪ .‬سبحان اهلل! الكفَّار‬
‫يشجعون أنصا‪ ،‬املواهب وما دوهنا‪ ،‬فال ريب أن حصلوا على خري‬
‫كثري؛ وهلذا ينبغي للمعلم أال يغفل هذه اخلصلة فإهنا تفتح الطريق‬
‫كثريا‪ ،‬ومن أجل هذا‬‫خريا ً‬
‫للعبقريات وجتين األمة من وراء هذا العمل ً‬
‫أنشأت أمريكا ‪ 799‬معهد تشر‪ ،‬عليها ‪ 199‬جامعة‪ ،‬وعقدوا‬
‫املؤِترات والندوات لتخطيط وتنظيم ورعاية النابغني‪ ،‬وذلك بعد أن‬
‫أطلق الروس أول مركبة فضائية سنة (‪0057‬م)‪ ،‬وكان األمريكان‬
‫جهودا جادة إال بعد هذه‬
‫ً‬ ‫يعتربون رعاية النابغني ترفًا تربويًا ومل يبذلوا‬
‫احلادثة‪ ،‬مع أن املسلمني األوائل قد سبقوا الكفار يف هذه النقطة‬
‫بقرون كثرية‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫تحف ـة المعلــم‬

‫* فينبغي للمعلم أال يغفل عن هذا اجلانب‪ ،‬بل جيب عليه أن‬
‫يشجع أنصا‪ ،‬العبقريات‪ ،‬ويهتم هبم‪ ،‬فكم من معلم حيسن رعايته‬
‫تنس قول‬ ‫وتوجيهه أخرج لألمة عاملًا‪ ،‬أو أديبًا‪ ،‬أو خطيبًا؟! وال َ‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫م ـ ـ ــن عل ـ ـ ــيم وش ـ ـ ــاعر وحك ـ ـ ــي ِم‬ ‫لــيس خيلــو زمــا ُن شــعب ذليــل‬
‫‪ -81‬ومن اْلداب المرعية للمعلم‪ :‬االجتهاد في الدعوة إىل‬
‫اهلل سواء كان ذلك داخل املدرسة‪ ،‬أو خارجها‪ ،‬فيحرص على نشر‬
‫اخلري وتعليم الناس ما علَّمه اهلل من الفقه‪ ،‬يف جمالسهم ومساجدهم‪،‬‬
‫فقد كان السلف يدأبون يف نشر اخلري ونُصح الناس حىت قال بعض‬
‫من صحب سفيان الثوري رمحه اهلل‪« :‬أنه كان ال يكاد يفرت لسانه‬
‫عن األمر باملعرو‪ ،‬والنهي عن املنكر»‪.‬‬
‫* وكيف ال حيرص اإلنسان على الدعوة وقد علَّمه اهلل ما مل يكن‬
‫يعلم؟!‬

‫حنوا من عشرين سنة‬ ‫* إن الدعوة هي زكاة عمر العبد‪ ،‬فقد مكث ً‬


‫يتعلم‪ ،‬فبعد أن بلغ فيه األمر ووصل إىل هذا املكان الذي ُح ِرمه كثري ممن‬
‫هم أفصح وأذكى منه وجعل اهلل مراده بني يديه‪ ،‬فماذا سيصنع جتاه دينه‬
‫ف ِم ْن بَـ ْع ِد ِه ْم َخل ٌ‬
‫ْف‬ ‫وأمته؟ وإيَّاك أن تكون ممن قال اهلل فيهم‪ :‬فَ َخلَ َ‬
‫ض َه َذا ْاْلَ ْدنَى َويَـ ُقولُو َن َسيُـغَْف ُر لَنَا َوإِ ْن يَأْتِِه ْم‬ ‫ِ‬
‫اب يَأْ ُخ ُذو َن َع َر َ‬ ‫َوِرثُوا الْكتَ َ‬
‫اب أَ ْن َال يَـ ُقولُوا َعلَى اللَّ ِه‬ ‫ض ِم ْثـلُهُ يأْ ُخ ُذوهُ أَلَم يـ ْؤ َخ ْذ َعلَي ِهم ِميثَا ُق ال ِ‬
‫ْكتَ ِ‬ ‫َع َر ٌ‬
‫ْ ْ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬
‫ْح َّق َو َد َر ُسوا َما ِف ِيه‪[ ‬اْلعراف‪.]891 :‬‬ ‫إَِّال ال َ‬
‫تحف ـة المعلــم‬ ‫‪16‬‬

‫أيها المعلم‪:‬‬
‫* إن اهلل قد أخذ عليك امليثاق‪ ،‬فما لك تنبذ الوحي خلف‬
‫ظهرك؟ ماذا قدمت؟ هل وجهت ونصحت؟ هل فكرت كيف‬
‫دى؟ يا هذا‪ ،‬إن األمر شديد‪،‬‬ ‫شخصا‪ ،‬أم األمر عندك ُس ً‬
‫ً‬ ‫تكسب‬
‫الص َعدات جتأر إىل‬
‫واهلل لو تعلم ما حتملت من األمانة خلرجت إىل َّ‬
‫اهلل‪ ،‬أوالد املسلمني بني يديك فما أنت صانع؟ أقول لك‪ :‬قلِّص‬
‫إرادتك فيما أنت فيه‪ ،‬واستقبل زمانك‪ ،‬ودع اهلزل‪ ،‬أ َِمثْ َ‬
‫لك يرضى مبثل‬
‫هذه احلياة؟! أكل وشرب‪ ،‬فأين الغرية اليت يف قلبك على دينك؟!‬
‫أمثله يضيق به الفضاء فلم تعر‪ ،‬كيف تصل إىل القلوب؟ سبحان‬
‫اهلل! يفسد أبناء املسلمني بني يديك وأنت بارد القلب!!‬
‫* فاغتنموا رمحكم اهلل عملكم يف الدعوة إىل اهلل اليت يرتتب‬
‫عليها إعالء كلمة اهلل‪ ،‬ونصرة دينه‪ ،‬ومراغمة أعدائه‪ ،‬فإهنا من‬
‫موجبات رمحته ومغفرته‪.‬‬
‫‪ -88‬ومن اْلداب المرعية للمعلم في استخدام العقاب‬
‫البدني‪ ،‬بعد أن يقدم ِّ‬
‫املريب أسلوب التشجيع والتجاهل عن بعض‬
‫التقصري يف بعض األوقات‪ ،‬مع حسن اإلشارة والتلميح دون‬
‫جهرا دون شتم أو‬
‫سرا‪ ،‬فإن أصر عاتبه ً‬‫التصريح‪ ،‬فإن أصر عاتبه ًّ‬
‫صغارا علق‬
‫سب أو حتقري لذاته‪ ،‬فإن ِتادى يهدد بالضرب‪ ،‬وإن كانوا ً‬
‫السوط حبيث يرونه‪ ،‬فإن مل تنفع كل هذه الوسائل يلجأ إىل الضرب‬
‫بشروطه‪:‬‬
‫‪ -0‬أال يضرب قبل سن العاشرة كما يف احلديث‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫تحف ـة المعلــم‬

‫املريب أن الضرب وسيلة عالج‪ ،‬فليست وسيلة إهانة‬


‫‪ -1‬أن يعلم ِّ‬
‫وحتقري وتشويه لنفسيته‪ ،‬وليست وسيلة انتقامية يفرغ شحنة غضبه‪،‬‬
‫وعليه فال يـٌ ْق ِدم على الضرب وهو غضبان‪.‬‬
‫مربحا‪ ،‬وال يزيد على ثالث‬
‫شديدا ً‬
‫ً‬ ‫‪ -1‬أال يكون الضرب‬
‫ضربات‪ ،‬وأن يتوقَّى الوجه واألماكن احلساسة‪ ،‬وال يُ َّ‬
‫كرر يف موضع‬
‫واحد‪.‬‬
‫‪ -1‬أن يتناسب العقاب مع حجم اخلطأ ونوعه‪.‬‬
‫أخريا كما قال الشاعر العميثل عبد اهلل بن خليد الشاعر البليغ‪:‬‬ ‫و ً‬
‫ودا ِر واحلـ ـ ــم‬ ‫ِ‬
‫ـفح وكـ ـ ــا‪َ ،‬‬ ‫واصـ ـ ـ ْ‬ ‫اص ـ ـ ـ ُـدق وع ـ ـ ــف وب ـ ـ ــر واص ـ ـ ــرب‬ ‫ْ‬
‫ـزمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـِـ ـ‬
‫وجـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدـ ـ ـ ـ ـ ـوـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ـ ـ ـواـ ـ ـ ـ ـمح ـ ـ ــج ِـلع‬ ‫واشح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫ـفـ ـ ـ ـ ـ ـوـلِـ ـ ـ ــنـ ـ ـ ـ ـ ـوـتـ ـ ـ ـ ـ ـَّـ‬
‫ـأن ـ ـ ـ ـ ـوـاـ ـ ـرـفـ ـ ـ ــقـ ـ ـ ـ ـ ـوـ ـ ـ ـاتئِـ ْدـل‬ ‫احتم ـ ـ‬
‫والطُ‬
‫املهـ ـيـ ـ ِع‬
‫َس ـ ـ ـ ـِّــد ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـْـ‬
‫َّهجـ ـ ـ ـا ـ ـ ـ ـألـ ـ ـ ـَـ‬ ‫وهادـف ـِــد ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫يتـ ـ ـ ـلـ ـل ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫وُ‬ ‫ـت‬
‫فلق ـ ـ ـ ــد نص ـ ـ ـ ــحتُك إن قبل ـ ـ ـ ـ َ‬
‫نص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيحيت‬
‫وصايا مهمة في ختام هذه التحفة‪:‬‬
‫‪ -0‬ما رأيت مثل التحبب للطالب وكسب ودهم لتوصيل ما‬
‫عندك من مهوم وأفكار توجيهية‪.‬‬
‫‪ -1‬التغاضي عن األخطاء اليسرية وقبول العذر عند بعض‬
‫التصرفات من الطالب‪.‬‬
‫‪ -1‬اختيار الفرصة املناسبة إلنفاذ ما عندك‪ ،‬فإن استغالل‬
‫دائما وبدون مناسبة‬
‫الفرص يكون له وقع عند السامع؛ ألن املوعظة ً‬
‫كثريا‪.‬‬
‫قد ال جتدي ً‬
‫تحف ـة المعلــم‬ ‫‪18‬‬

‫‪ -1‬األمر األهم من هذا كله زاد الليل‪ ،‬فمن ال زاد له بالليل ال‬
‫يكون له أثر بالنهار‪.‬‬
‫أخريا إن َمن َسبَـَر أحوال الرسول ‪ ‬يف التعليم جيد العجب‬‫‪ً -5‬‬
‫العجاب؛ فمرة ينادي الشخص بامسه مر ًارا كما فعل مع ابن عباس‪ :‬يا‬
‫غالم‪ ،‬مث يرتكه فرتة مث يناديه حىت إذا هيَّأه لتلقي املعلومات أعطاه ما‬
‫عنده‪ .‬ومرة يسأل أصحابه عن شجرة مثل املؤمن‪ ،‬ومرة يستغل‬
‫املواقف فمر على جدي ميت فسأهلم من يشرتيه بدينار فقالوا‪ :‬لو‬
‫كان حيًّا مل نأخذه بدينار‪ ،‬فقال‪« :‬للدنيا أهون عند اهلل من هذا‬
‫على أهله»‪ ،‬ومرة يسأل معا ًذا ما حق اهلل على العباد؟ مث يعطيه‬
‫جالسا مع أصحابه فرمى بثالثة أحجار‪ ،‬واحد تلو‬ ‫اإلجابة‪ ،‬ومرة كان ً‬
‫اآلخر‪ ،‬مث سأهلم عن خرب هذه األحجار مث قال‪ :‬هذا اإلنسان وهذا‬
‫أجله واآلخر أمله‪ .‬وهلذا جيد املعلم عند قراءة سرية الرسول ‪‬‬
‫األساليب املتنوعة يف إيصال ما عنده من خري‪ ،‬وهلذا ينبغي للمعلم أن‬
‫ينوع أساليبه يف التعليم فليس اهلد‪ ،‬إلقاء املعلومات فقط‪ ،‬ولكن‬
‫العربة هي ترسيخ املعلومات وإيصاهلا هلم باألسلوب املناسب لكل‬
‫سن‪.‬‬
‫وختاما ال تدخر عمارة جملسك بذكر اهلل والدعوة إليه ونشر‬
‫ً‬ ‫*‬
‫العلم‪ .‬والكالم الطويل تضيق عنه هذه الرسالة‪ ،‬فهي ال تعدو أن‬
‫تكون مقدمة موجزة يف جتديد فكر املعلم وتبصري املريب‪ ،‬ومل أكمل‬
‫املسح الشامل لتلك العلل واألسباب والظواهر الرتبوية اليت ينبغي‬
‫مراعاهتا مكتفيًا هبذه اإلشارة‪ ،‬يقينًا مين بأن املسلم سيجد يف‬
‫عما يصفون‪،‬‬‫رب العزة َّ‬
‫مصحفه أكثر مما سأنقله له‪ ،‬سبحان ربِّك ِّ‬
‫‪10‬‬ ‫تحف ـة المعلــم‬

‫وسالم على املرسلني‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملني‪ ،‬حامدين هلل‪ ،‬مثنني‬


‫عليه مبا هو أهله ومبا أثىن به على نفسه‪.‬‬
‫محدا ُيأل السموات‪ ،‬وُيأل األرض‪ ،‬وُيأل ما شاء من‬ ‫واحلمد هلل ً‬
‫محدا طيبًا مبارًكا فيه كما حيب ربُّنا ويرضى‪ ،‬وكما ينبغي‬
‫شيء بعد‪ً ،‬‬
‫ستغىن‬
‫لكرم وجهه وعز جالله غري مكفي وال مكفور وال مودع وال ُم ً‬
‫عنه ربُّنا‪ ،‬ونسأله أن يُوِزعنا شكر نعمته‪ ،‬وأن يوفقنا ألداء حقه‪ ،‬وأن‬
‫خالصا لوجهه الكرمي‪،‬‬
‫ً‬ ‫جيعل ما قصدنا له يف هذه الرسالة وغريها‬
‫ونصيحة لعباده‪ ،‬ومبلغًا إىل مرضاته‪ ،‬وأن يبارك يل يف هذا العمل‪.‬‬
‫أيها القارئ الكريم‪:‬‬
‫* كما قال بعض الصحابة‪« :‬أقبل احلق ممن قاله وإن كان‬
‫ورد الباطل على من قاله وإن كان حبيبًا»‪ ،‬وما وجدت فيه‬ ‫بغيضا‪ُ ،‬‬
‫ً‬
‫من خطأ فإن قائله مل يَأْ ُل جهد اإلصابة‪ ،‬واحلمد هلل ِّ‬
‫رب العاملني ويل‬
‫التوفيق‪ ،‬وصلى اهلل وسلم وبارك على خامت املرسلني وعلى آله أمجعني‪.‬‬

‫كتبه الفقير إلى عفو ربِّه ومغفرته‬


‫عبد الرحمن اليحيى‬
‫ص‪.‬ب‪ – 11192 :‬أبها – الواديين‬
‫تحف ـة المعلــم‬ ‫‪19‬‬

‫****‬
‫‪10‬‬ ‫تحف ـة المعلــم‬

‫الفهرس‬

‫تقديـم ‪5 ......................................................‬‬
‫حتفة املعلم ‪0 ..................................................‬‬
‫‪ -0‬من اآلداب املرعية اليت ينبغي للمعلم مراعاهتا‪ :‬القدوة احلسنة‬
‫‪0 ........................................................‬‬
‫‪ -1‬ومن اآلداب املرعية اليت ينبغي للمعلم مراعاهتا‪ :‬عدم تنفري‬
‫الطالب من العلم ‪00 ......................................‬‬
‫‪ -1‬ومن اآلداب املرعية واليت ينبغي للمعلم مراعاهتا ‪01 ........‬‬
‫‪ -1‬ومن اآلداب املرعية اليت ينبغي للمعلم مراعاهتا‪ :‬أن يكون‬
‫جملسه هادئًا ‪05 ...........................................‬‬
‫‪ -5‬ومن اآلداب املرعية اليت ينبغي للمعلم مراعاهتا‪ :‬عدم سلب‬
‫مادته روح اإلسالم ‪07 .....................................‬‬
‫‪ -6‬ومن اآلداب املرعية اليت ينبغي للمعلم مراعاهتا‪ :‬تعليم ‪08 ......‬‬
‫‪ -7‬ومن اآلداب املرعية اليت ينبغي للمعلم مراعاهتا‪ :‬مزج تعليمه‬
‫بالرقائق ‪19 ...............................................‬‬
‫صب‬‫‪ -8‬ومن اآلداب املرعية اليت ينبغي للمعلم ومن أراد أن يـُنَ ِّ‬
‫نفسه للدعوة وخدمة هذا الدين‪10 ......................... :‬‬
‫‪ -0‬ومن اآلداب املرعية للمعلم‪11 ......................... :‬‬
‫‪ -09‬ومن اآلداب املرعية للمعلم‪11 ....................... :‬‬
‫تحف ـة المعلــم‬ ‫‪11‬‬

‫‪ -00‬ومن اآلداب املرعية للمعلم ‪11 ........................‬‬


‫‪ -01‬ومن اآلداب املرعية للمعلم‪15 ....................... :‬‬
‫‪ -01‬ومن اآلداب املرعية للمعلم يف استخدام العقاب ‪16 .....‬‬
‫وصايا مهمة يف ختام هذه التحفة‪17 ....................... :‬‬
‫الفهرس ‪10 ...................................................‬‬

‫****‬

You might also like