Professional Documents
Culture Documents
الأسبوع العاشر
الأسبوع العاشر
سورة النساء ( امسها ،عدد آياهتا ،مكان نزوهلا ،أسباب نزوهلا ،فضلها ،موضوعاهتا وحماورها)
الدرس العاشر:
ﭽ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ
ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ
ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯮﯯ ﭑﭒﭓﭔﭕ
ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ
1
قال الشوكاين رمحه اهلل :
ﭼ ﯬﯭﯮﯯ
ك.ك َوَما أُنْ ِز َل ِم ْن قَ ْبلِ َ
آمنُوا بِ َما أُنْ ِز َل إِلَْي َ
س ْاأل َْم ُر َك َما يَ ْزعُ ُمو َن أَنَّ ُه ْم َ ك) :لَْي َ قَ ْولُهُ( :فَال َوَربِّ َ
ك َال يُ ْؤِمنُو َن) س َم بَِق ْولِ ِهَ ( :وَربِّ َ
ف الْ َق َاستَ ْنَ َ
ثُ َّم ْ
ِ ِ ِ
وك) أي :يجعلوك َح َك ًما بَ ْي نَ ُه ْم في َجمي ِع أ ُُموِره ْمَ ،ال يُ َح ِّك ُمو َن أ َ
َح ًدا غَْي َر َك. ( َحتَّى يُ َح ِّك ُم َ
ط.
ف بَ ْي نَ ُه ْم َوا ْختَ لَ َ َي :ا ْختَ لَ َ (فِيما َش َج َر بَ ْي نَ ُه ْم) أ ِ
َيَ :ال ج ِْ :
اإلثْ ُم ،أ ْ ْح َر ُ
يل :ال َ
لَ ُّ ِ
كَ ،وق َ يل :ا َّ ت) الْحرج :الض ُ ِ
ِّيقَ :وق َ ض ْي َ َ َ ُ (ثُ َّم َال يَ ِج ُدوا فِي أَنْ ُف ِس ِه ْم َح َرجاً ِم َّما قَ َ
ت. يَ ِج ُدو َن فِي أَنْ ُف ِس ِه ْم إِثْ ًما بِِإنْ َكا ِرِه ْم َما قَ َ
ض ْي َ
ادا َال ي َخالُِفونَه فِي َشيء .ويسلَّمو َن لِح ْك ِم َ ِ ضائِ َ ِ ادوا ِأل َْم ِر َك َوقَ َ ِ
يما َال
ك تَ ْسل ً ُ ْ َُ َ ُ ُ ك انْقيَ ً ُ َي :يَ ْن َق ُسلِّ ُموا تَ ْسليماً) أ ْ ( َويُ َ
يُ ْد ِخلُو َن َعلَى أَنْ ُف ِس ِه ْم َش ًّكا َوَال ُش ْب َهةً فِ ِيه.
2
ِ َن َه َذا َش ِام ٌل لِ ُك ِّل فَ ْرد من ُك ِّل ُح ْكمَ ،ك َما يُ َؤيِّ ُد َذلِ َ
ك قَ ْولُهَُ ( :وما أ َْر َسلْنا م ْن َر ُسول إَِّال لِيُ َ
طاع بِِإ ْذ ِن والظَّ ِ
اه ُر :أ َّ َ
اللَّ ِه) فال يختص بالمقصودين بقوله( :ي ِري ُدو َن أَ ْن ي تَحا َكموا إِلَى الطَّاغُ ِ
وت). َ ُ ُ
السن َِّة.
اب َو ُّ وهذا في حياته صلّى اهلل عليه وسلمَ ،وأ ََّما بَ ْع َد َم ْوتِِه :فَ تَ ْح ِكيم الْكِتَ ِ
ُ
ِ ِ يد :ما تَ ْق َ ِ يد َّ ِ ِ وفِي َه َذا _ أي اآلية_ الْو ِع ِ
ْس َم ُس ْب َحانَهُ ف لَهُ ْاألَفْئ َدةُ .فَإنَّهُ أ ََّوًال أَق َ ودَ ،وتَ ْر ُج ُ ْجلُ َُع ُّر لَهُ ال ُ الَد َ َ َ
صالِ ِحي اإليما َن الَّ ِذي ُهو رأْس َم ِ ِ ِ بِنَ ْف ِس ِه ،م َؤِّك ًدا لِه َذا الْ َق ِ ِ
ال َ َ َ ُ س ِم ب َح ْرف النَّ ْف ِي بَْنَّ ُه ْم َال يُ ْؤمنُو َن ،فَ نَ َفى َع ْن ُه ُم ِْ َ َ َ ُ
ف ُس ْب َحانَهُ بِ َذلِ َ صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه وسلَّم ،ثُ َّم لَم ي ْكتَ ِ اد اللَّ ِه ،حتَّى تَحصل لَهم غَايةٌِ ،هي :تَح ِكيم رس ِ ِ ِعب ِ
ك َْ ََ َ ول اللَّه َ َ ْ ُ َ ُْ َ َ ْ ُ َُ َ
ود َح َرج، آخرُ ،هو َع َدم وج ِ
يم أ َْم ًرا َ َ َ ُ ُ ُ َّح ِك ِ
ض َّم إِلَى الت ْ ت ) فَ َ ض ْي َ ال( :ثُ َّم َال يَ ِج ُدوا فِي أَنْ ُف ِس ِه ْم َح َرجاً ِم َّما قَ َ َحتَّى قَ َ
ب َع ْن ِر ً ص ِم ِ
يم الْ َق ْل ِ ِ يم و ِْ ِ ِ أَي حرج ،فِي ص ُدوِرِهم ،فَ َال ي ُكو ُن مج َّر ُد الت ِ
ضا، اإل ْذ َعان َكافيًا َحتَّى يَ ُكو َن م ْن َ َّحك ِ َ ْ َُ َ ْ ُ ْ ََ
َي :يُ ْذ ِعنُوا سلِّ ُموا) أ ْ
ف بِه َذا ُكلِّ ِه ،بل َ ِ ِ
ض َّم إلَْيه قَ ْولَهَُ ( :ويُ َ َْ يب نَ ْفس ،ثُ َّم لَ ْم يَ ْكتَ ِ َ َواط ِْم ْئ نَانَ ،وانْثِ َال ِج قَ لْبَ ،و ِط ِ
يما ُن
اإل َ ت ِْ ال( :تَ ْسلِيماً ) فَ َال يَثْبُ ُ ض َّم إِلَْي ِه ال َْم ْ
ص َد َر ال ُْم َؤِّك َد فَ َق َ ك ،بَ ْل َ ف بِ َذلِ َاطنًا ،ثُ َّم لَم ي ْكتَ ِ
َْ
اهرا وب ِ وي ْن َق ُ ِ
ادوا ظَ ً َ َ ََ
سلِّ ُم لِ ُح ْك ِم اللَّ ِه َو َش ْر ِع ِه، ِ ِِ ِ
ص ْد ِره ب َما قُض َي َعلَْيهَ ،ويُ َ ج في َ
لِعبد حتَّى ي َقع ِم ْنهُ َه َذا التَّح ِكيم ،وَال ي ِج َد الْحر ِ
ََ َ ْ ُ َ َ َْ َ َ َ
َوبُهُ ُم َخالََفةٌ. يما َال يُ َخالِطُهُ َردٌّ َوَال تَ ُ ِ
تَ ْسل ً
ويقول السعدي:
فمن استكمل هذه
فالتحكيم في مقام اإلسالم ،وانتفاء الحرج في مقام اإليمان ،والتسليم في مقام اإلحسانَ .
فمن ترك هذا التحكيم المذكور غير ملتزم له فهو كافر،
المراتب وكملها ،فقد استكمل مراتب الدين كلهاَ .
ومن تركه ،مع التزامه فله حكم أمثاله من العاصين.
َ
روايات في سبب نزول اآلية:
صا ِر ِ السنَ ِنَ ،وغَْي ُرُه ْم َع ْن َع ْب ِد اللَّ ِه بْ ِن ُّ
الزبَ ْي ِر :أ َّ يَ ،وُم ْسلِ ٌمَ ،وأ َْه ُل ُّ ج الْبُ َخا ِر ُّ
اص َم َر ُج ًال م َن ْاألَنْ َ الزبَ ْي َر َخ ََن ُّ َوأَ ْخ َر َ
ْح َّرةَِ ،وَكانَا ِ ِ ِ ِ قَ ْد َش ِه َد ب ْدرا مع النبي صلّى اهلل عليه وسلَّم ،إِلَى رس ِ ِ
صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم في ش َراج م َن ال َ ول اللَّه َ َُ ََ َ َ ً
صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه ال رس ُ ِ
ول اللَّه َ
ِ
اء يَ ُم ُّر ،فََْبَى َعلَْيه ،فَ َق َ َ ُ ي َس ِّر ِح ال َْم َ صا ِر ُّ ان بِ ِه كِ َال ُه َما النَّ ْخ َل .فَ َق َ
ال ْاألَنْ َ
يس ِقي ِ
َْ َ
صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ال :يا رس َ ِ
ول اللَّه َ ي َوقَ َ َ َ ُ صا ِر ُّ
ب ْاألَنْ َ
ِ
اء إِلَى َجا ِر َك ،فَ غَض َ
ِ
اس ِق يَا ُزبَ ْي ُر ،ثُ َّم أ َْرس ِل ال َْم َ َو َسلَّ َمْ :
اء َحتَّى س ال َْم َ احبِ ِاس ِق يَا ُزبَ ْي ُر ثُ َّم ْ الْ : صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ثُ َّم قَ َ ك؟ فَ تَ لَ َّو َن وجهُ رس ِ ِ
ول اللَّه َ َْ َُ أَ ْن َكا َن ابْ َن َع َّمتِ َ
ول اللَّ ِه صلّى اهلل عليه َو َسلَّ َم لِ ُّ
لزبَ ْي ِر َح َّقهُ َوَكا َن استَ ْو َعى َر ُس ُ اء إِلَى َجا ِر َكَ ،و ْ
ِ
ْج ْد ِر ،ثُ َّم أ َْرس ِل ال َْم َ
ِ
يَ ْرج َع إِلَى ال َ
ِ الزب ي ِر بِرأْي أَر َ ِ ِ صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ ْب َل ذَلِ َ رس ُ ِ
َ
َح َف َي ،فَ لَ َّما أ ْ صا ِر ِّ اد فيه َس َعةً لَهُ َول َْْنْ َ ار َعلَى ُّ َ ْ َ َ ك أَ َش َ ول اللَّه َ َُ
ب َه ِذهِ ْاآليَةَ سُ َح َ الزبَ ْي ُرَ :ما أ ْ
ال ُّ ْح ْك ِم ،فَ َق َ يح ال ُ
ِ
لزبَ ْي ِر َح َّقهُ في َ
ص ِر ِ استَ ْو َعى لِ ُّرسول اهلل صلّى اهلل عليه وسلمْ ،
وك فِيما َش َج َر بَ ْي نَ ُه ْم). ك َال يُ ْؤِمنُو َن َحتَّى يُ َح ِّك ُم َ ك( :فَال َوَربِّ َ ت إَِّال فِي ذَلِ َ نَ َزلَ ْ
3
ص َم إِلَى َن سبب نُز ِ ِ وأَ ْخرج ابن أَبِي حاتم ،وابن مر َدوي ِه ِمن طَ ِر ِيق اب ِن لَ ِهيعةَ َع ِن ْاأل ِ
ول ْاآليَة :أَنَّهُ ا ْختَ َ َس َود :أ َّ َ َ َ ُ ْ َ ْ َْ َْ ْ َ َ َ ُْ
ض ُّي َعلَْي ِهُ :ر َّدنَا إِلَى عُ َم َر ،فَ َرد ُ صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َر ُج َال ِن فَ َق َ
ال الْم ْق ِ رس ِ ِ
َّه َما ،فَ َقتَ َل ضى بَ ْي نَ ُه َما ،فَ َق َ َ ول اللَّه َ َُ
صلَّى اهلل عليه وسلّم دم المقتول. ِ عُ َم ُر الَّ ِذي قَ َ
ال ُر َّدنَاَ ،ونَ َزلَت ْاآليَةُ ،فَْ َْه َد َر النَّبِ ُّي َ
َن الَّ ِذي قَ تَ لَهُ عُ َم ُر َكا َن ُمنَافِ ًقاَ ،و ُه َما
ول َع ْن َم ْك ُحول فَ َذ َك َر نَ ْح َوهَُ ،وبَيَّ َن أ َّ ُص ِ ِ وأخرجه التِّرِم ِذ ُّ ِ
ي في نَ َواد ِر ْاأل ُ ْ
صةُ غَ ِريبَةٌَ ،وابْ ُن لَ ِه َيعةَ فيه ضعف. ُم ْر َس َال ِنَ ،وال ِْق َّ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭽ
ﭼ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ
َن ( َكتَْبنا) فِي َم ْعنَى :أ ََم ْرنَا. ص َد ِريَّةٌ ،أ َْو تَ ْف ِسي ِريَّةٌَ ،أل َّ
ف ْامتِنَاعَ ،و(أَ ْن)َ :م ْ (لَ ْو)َ :ح ْر ُ
ودين ِمن الْي ه ِ
ود َما فَ َعلَهُ إَِّال ِ ِ ْخر ِ
وج م َن الدِّيَا ِر َعلَى َه ُؤَالء ال َْم ْو ُج َ َ َ ُ ب الْ َق ْت َل َوال ُ ُ َ َن اللَّهَ ُس ْب َحانَهُ لَ ْو َكتَ َ َوال َْم ْعنَى :أ َّ
يل ِم ْن ُه ْم. ِ ِ
ين َما فَ َعلَهُ إ َّال الْ َقل ُ
ِِ
ك َعلَى الْ ُم ْسلم َ ب َذلِ َ الْ َقلِ ِ
يل م ْن ُه ْم ،أ َْو :لَ ْو َكتَ َ ُ
اهد فِي قَ ولِ ِه( :ولَو أَنَّا َكتَْبنا َعلَْي ِهم أ ِ
َن اقْتُ لُوا أَ ْخرج َعب ُد بن حميد ،وابن ج ِرير ،وابن أَبِي حاتِم َعن مج ِ
ْ ْ َْ ْ َُ َ َ َ ْ ْ ُ ُ َْ َ ْ ُ َ َ ْ ُ
ضا. وسى أَ ْن يَ ْقتُ َل بَ ْع ُ
ض ُه ْم بَ ْع ً اب ُم َ َص َح َ ودَ ،ك َما أ ََم َر أ ْ س ُك ْم) ُه ْم يَ ُه ُ أَنْ ُف َ
وج ال َْم ْدلُوِل
ْخ ُر ِ وب الَّ ِذي َد َّل َعلَْي ِه ( َكتَْب نَا) أ َْو إِلَى الْ َق ْت ِل َوال ُ اج ٌع إِلَى ال َْم ْكتُ ِ َّمير فِي قَ ولِ ِه( :فَ علُوهُ) ر ِ ِ
َ َ ْ َوالض ُ
َعلَْي ِه َما بِال ِْف ْعلَْي ِن.
ِ ِ َّ ِ ِ ور :بِ َّ ِ ِ
يسى بْ ُن عُ َم َر: الرفْ ِع َعلَى الْبَ َدلَ .وقَ َرأَ َع ْب ُد الله بْ ُن َعامرَ ،وع َ ْج ْم ُه ُ
يل) قَ َرأَهُ ال ُ قَ ْولُهُ( :إ َّال قَل ٌ
ب َعلَى ِاال ْستِثْ نَ ِاء. ِ
إَِّال قَل ًيال :بِالن ْ
َّص ِ
صلَّى اهلل عليه َو َسلَّ َم (لَكا َن) اد لِرس ِ ِ
ول اللَّه َ
ِ ِ ِ
الَ ْر ِع َواالنْقيَ َ ُ وعظُو َن بِ ِه) ِم ِن اتِّ بَ ِاع َّ قَ ْولُهَُ ( :ولَ ْو أَنَّ ُه ْم فَ َعلُوا َما يُ َ
الدنْ يَا َو ْاآل ِخ َرةِ. ك ( َخ ْيراً لَ ُه ْم ) فِي ُّ ذَلِ َ
ِ ِ
ْح ِّق فَ َال يضطربون في أمر دينهم. ( َوأَ َش َّد تَثْبِيتاً) ألَقْ َدام ِه ْم َعلَى ال َ
ﭽ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭼ
ِ ِ َجراً َع ِظيماً ) (ولَ َه َديْ ُ ِ ْت فِعلِ ِهم لِما يوعظُو َن بِ ِه ( َآلتَ ي ِ
ج
ناه ْم صراطاً ُم ْستَقيماً) َال ع َو َ َ ناه ْم م ْن لَ ُدنَّا أ ْ
ْ ُ َيَ :وق َ ْ ْ َ ُ َ ( َوإِذاً) أ ْ
ْخي ِر الَّ ِذي ي نَالُه م ِن امتثَل ما أ ُِمر بِ ِه ،وانْ َق َ ِ فِ ِيه ،لِي ِ
اد ل َم ْن يَ ْدعُوهُ إِلَى ال َ
ْحقِّ. َ ُ َ َْ َ َ َ َ صلُوا إِلَى ال َ ْ َ
4
ﭼ ﭵﭶﭷﭸ ﭽ
يقول السعدي:
ثم رتب ما يحصل لهم على فعل ما يوعظون به ،وهو أربعة أمور:
(أحدها) الخيرية في قوله ﴿:لَ َكا َن َخيْ ًرا ل َُه ْم﴾ أي :لكانوا من األخيار المتصفين بْوصافهم من أفعال الخير التي
أمروا بها ،أي :وانتفى عنهم بذلك صفة األشرار.
(الثاني) حصول التثبيت والثبات وزيادته ،فإن اهلل يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا به من اإليمان ،الذي هو
القيام بما وعظوا به ،فيثبتهم في الحياة الدنيا عند ورود الفتن في األوامر والنواهي والمصائب ،فيحصل لهم
ثبات يوفقون لفعل األوامر وترك الزواجر التي تقتضي النفس فعلها ،وعند حلول المصائب التي يكرهها العبد.
فيوفق للتثبيت بالتوفيق للصبر أو للرضا أو للَكر .فينزل عليه معونة من اهلل للقيام بذلك ،ويحصل له الثبات
على الدين ،عند الموت وفي القبر.
﴿وإِذًا َآلتَيْ نَ ُاه ْم ِم ْن لَ ُدنَّا أ َْج ًرا َع ِظ ًيما﴾ أي :في العاجل واآلجل الذي يكون للروح والقلب والبُدن ،ومن
(الثالث) قوله َ :
النعيم المقيم مما ال عين رأت ،وال أذن سمعت ،وال خطر على قلب بَر.
(الرابع) الهداية إلى صراط مستقيم .وهذا عموم بعد خصوص ،لَرف الهداية إلى الصراط المستقيم ،من
ي إلى ِ
كونها متضمنة للعلم بالحق ،ومحبته وإيثاره والعمل به ،وتوقف السعادة والفالح على ذلك ،فمن ُهد َ
صراط مستقيم ،فقد ُوفِّ َق لكل خير واندفع عنه كل شر وضير.
ﭹ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﭽ
ﭼ ﮉ ﮊ ﮋﮌ
الر ُس ِاع ِة اللَّ ِه َو َّ ض ِل طَ َ ف ،لِب ي ِ قَ ْولُهَُ ( :وَم ْن يُ ِط ِع اللَّهَ َو َّ
ول. ان فَ ْ ول ) َك َال ٌم ُم ْستَ ْنَ ٌ َ َ الر ُس َ
ين. ِِ
ك ) إِلَى ال ُْمطيع َ ارةُ بَِق ْولِ ِه( :فَُْولئِ َ
اإل َش َ َو ِْ
ص ِ ول ال ِ َّ ِ
َع َّد اللَّهُ لَ ُه ْم.
ول إِلَى َما أ َ ين أَنْ َع َم اللَّهُ َعلَْي ِه ْم) بِ ُد ُخ ِ َ
ْجنَّةَ ،وال ُْو ُ ( َم َع الذ َ
ض َالءُ أَتْ بَ ِاع ْاألَنْبِيَ ِاء. يلُ :ه ْم فُ َ الص ْد ِقَ ،كما تُِفي ُدهُ ِّ ِ
الصيغَةُ َوق َ َ ِّيق :ال ُْمبَالِ ُغ فِي ِّ الصد ُ َو ِّ
ادةُ. ت لَ ُه ُم َّ
الَ َه َ الَ َه َد ِاءَ :م ْن ثَبَتَ َْو ُّ
الصالِ َح ِة.
ال َّ الصالِ ِحين :أَ ْه ِل ْاألَ ْعم ِ
َ َو َّ َ
ص ْحبَتِ ِه. ِ ب ،والْمراد بِ ِه الْم ِ الرفْ ِق ،و ُهو لِين ال ِ يق :مْ ُ ِ
ك بِ ُ بِ ،ال ْرت َفاقِ َ صاح ُ ْجان ِ َ ُ َ ُ ُ َ ْخوذٌ م َن ِّ َ َ ُ َ الرف ُ َ
و َّ ِ
َ
5
روايات في سبب نزول اآلية:
َةَ سنَهَُ ،ع ْن َعائِ َ ْجن َِّةَ ،و َح َّ ِِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ج الطَّبَ َران ُّيَ ،وابْ ُن َم ْر َد َويْهَ ،وأَبُو نُ َع ْيم في الْحلْيَةَ ،والضِّيَاءُ ال َْم ْقدس ُّي في ص َفة ال َ
ِ
أَ ْخ َر َ
كب إِلَ َّي ِم ْن نَ ْف ِسيَ ،وإِنَّ َ َح ُّ
ك َأل َ ول اللَّ ِه! إِنَّ َ
ال :يَا َر ُس َ صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَ َق َاء َر ُج ٌل إِلَى النَّبِ ِّي َ
تَ :ج َ قَالَ ْ
ت َم ْوتِيكَ ،وإِذَا ذَ َك ْر َُصبِ ُر َحتَّى آتِ َي فََْنْظَُر إِلَْي َت فََْذْ ُك ُر َك فَ َما أ ْ ب إِلَ َّي ِمن ولَ ِدي ،وإِنِّي َألَ ُكو ُن فِي الْب ْي ِ َح ُّ
َ َ ْ َ َأل َ
ْجنَّةَ َخ َِ ُ
يت أَ ْن َال أَ َر َ
اك ،فَ لَ ْم يَ ُر َّد ْت ال َ ينَ ،وإِنِّي إِذَا َد َخل ُ ِ
ت َم َع النَّبيِّ َ ْجنَّةَ ُرفِ ْع َ
ْت ال َك إِذَا َد َخل َ وموتك عرفت أَنَّ َ
ين أَنْ َع َم َّ ِ
ك َم َع الذ َ ول فَُْولئِ َ
الر ُس َ يل بِ َه ِذهِ ْاآليَِة َ ( :وَم ْن يُ ِط ِع اللَّهَ َو َّ ِ َّ
صلى اللهُ عليه َو َسل َم َحتَّى نَ َز َل ج ْب ِر ُ
َعلَْي ِه النَّبِ ُّي َ َّ َّ
اللَّهُ َعلَْي ِه ْم ) ْاآليَةَ.
ج الطَّبَ َرانِ ُّي َوابْ ُن َم ْر َد َويْ ِه َع ِن ابْ ِن َعبَّاس نحوه. َوأَ ْخ َر َ
قال البغوي:
َحبَّهَُ ،وفِ ِيه بَيَا ٌن أَنَّ ُه ْم لَ ْن يَنَالُوا اع رس َ ِ ﴿ذَلِ َك الَْف ْض ُل ِم َن اللَّ ِه َوَك َفى بِاللَّ ِه َعلِ ًيما﴾ أ ِ ِ ِ ِ ِ
ول اللَّه َوأ َ يل :بِ َم ْن أَطَ َ َ ُ َي :بثَ َواب ْاآلخ َرةَ ،وق َ ْ
ض ِل اللَّ ِه َع َّز َو َج َّل.
وها بَِف ْ اعتِ ِه ْمَ ،وإِنَّ َما نَالُ َ
الد َر َجةَ بِطَ َْك َّتِل َ
َح ٌد ِم ْن ُك ْم بِ َع َملِ ِه" ،قَالُواَ :وَال ول اللَّ ِه ﷺ" :قَا ِربُوا َو َسد ُ
ِّدوا َوا ْعلَ ُموا أَنَّهُ َال يَ ْن ُجو أ َ ال َر ُس ُ ال :قَ َ َع ْن أَبِي ُه َريْ َرةَ قَ َ
ضل(" "وَال أَنَا إَِّال أَ ْن يَتَ غَ َّم َدنِي اللَّهُ بَِر ْح َمة ِم ْنهُ َوفَ ْ
الَ : ول اللَّ ِه؟ قَ َت يَا َر ُس َ أَنْ َ
قال السعدي:
﴿ذَلِ َك الَْف ْض ُل﴾ الذي نالوه ِ﴿م َن اللَّ ِه﴾ فهو الذي وفقهم لذلك ،وأعانهم عليه ،وأعطاهم من الثواب ما ال تبلغه
أعمالهم.
﴿وَك َفى بِاللَّ ِه َعلِ ًيما﴾ يعلم أحوال عباده ومن يستحق منهم الثواب الجزيل ،بما قام به من األعمال الصالحة التي
َ
6