Professional Documents
Culture Documents
اجراءات التحكيم الداخلي و الدولي في مجال العقود الادارية
اجراءات التحكيم الداخلي و الدولي في مجال العقود الادارية
1
بن أحمد حورية
benah_h@yahoo.fr ،)جامعة تلمسان (الجزائر- كلية الحقوق و العلوم السياسية1
Abstract: :الملخــص
Arbitration in the field of التحكيم في مجال العقود اإلدارية من أهم
administrative contracts is one of the الوسائل القانونية التي تعتمد عليها الهيئات المعنية
most important legal means upon بإبرام الصفقات العمومية من أجل فض المنازعات
which the bodies concerned with the
سواء الداخلية التي تستلزم توافر الشروط الشكلية
conclusion of public transactions
depend on the settlement of internal إضافة،الخاصة بالمحكمون والخصومة التحكيمية
disputes, which require the إال أن التحكيم في العقود،إلى الشروط الموضوعية
availability of formal conditions for
اإلدارية الدولية يختلف من حيث تحديد القضاء
arbitrators and arbitration disputes,
in addition to the substantive .المختص و القانون الواجب التطبيق
conditions. However, arbitration in ، القانون، العقد، التحكيم:الكلمات المفتاحية
international administrative contracts . اإلجراءات،الشروط
differs in terms of The competent
judiciary and the applicable law.
Keywords: Arbitration, Contract,
Law, Conditions, Procedures
__________________________________________
benah_h@yahoo.fr : اإليميل، بن أحمد حورية:المؤلف المرسل
73
.
.1مقدمة:
عما هو مقرر بالنسبة
ال يختلف اختصاص القضاء اإلداري في مادة التحكيمّ ،
للقضاء العادي ،إال من ناحيتين ،بالنظر للقواعد القانونية الخاصة التي تحكم تصرفات
أشخاص القانون العام ، 1إذ تطبق نفس األحكام المتعلقة بالتحكيم المنصوص عليها في
المواد من 1006و 1031من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية أمام الجهات القضائية
اإلدارية ،وهي تشمل األحكام العامة للخصومة التحكيمية وأحكام التحكيم ،كما تطبق نفس
األحكام القانونية الواردة في المواد 1032إلى ،1038المتعلقة بتنفيذ أحكام التحكيم ،وطرق
الطعن فيها أمام القضاء اإلداري ،إال أنه ال يجوز لألشخاص المذكورة في المادة 800من
قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ،و هي الدولة والوالية والبلدية والمؤسسات العمومية ذات
الصبغة اإلدارية ،أن تجري تحكيما إال في الحاالت الواردة في االتفاقيات الدولية التي
صادقت عليها الجزائر وفي مجال الصفقات العمومية ،وهو ما ينسجم مع المادة 1006من
نفس القانون ،والتي تمنع هؤالء األشخاص من طلب التحكيم ،ولكن من جهة أخرى ،يالحظ
أن قانون الصفقات العمومية قد أدرج ضمن الهيئات المختصة بإبرام الصفقات العمومية تلك
المؤسسات التي يطبق عليها القانون التجاري ،والمقصود بها المؤسسات العمومية ذات
الطابع الصناعي والتجاري ،و في هذه الحالة نجد هذه األخيرة غير معنية باالستثناء الوارد
في المادة 1006من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ،كما يتم اللجوء إلى التحكيم
بالنسبة للعالقات االقتصادية والصفقات العمومية بمبادرة من الوزير المعني أو الوزراء
المعنيين ،عندما يكون التحكيم متعلقا بالدولة ،ويبادر الوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي،
عندما يتعلق التحكيم بالوالية والبلدية ،وبمبادرة من الممثل القانوني أو ممثل السلطة الوصية
عندما يتعلق التحكيم بمؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية(بربارة ، 2) 563 ،ولم يتحدث
المشرع الجزائري عن ممثل المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية في متن
المادة ،975ولم يشر حتى إلى النصوص الخاصة ،مما يدفعنا لالستنتاج أن هناك تعارض
بين نص المادة 6من ق.ص.ع.ت.م.ع ،وبين المادتين 975و 800من قانون اإلجراءات
المدنية و اإلدارية(خضري.3)72،
كما يقع على عاتق المتعاقدين مهمة تحديد اإلجراءات القانونية ونوعية هيئة التحكيم ،وكذا
القانون الواجب التطبيق وفقا للوقائع التي يقوم عليها النزاع ،وذلك وفقا لمجموعة من األحكام
74
إجراءات التحكيم الداخلي و الدولي في العقود اإلدارية
القانونية المتعلقة بتنفيذ األحكام الصادرة عن محكمة التحكيم ،وامكانية الطعن في أحكامها،4
والتحكيم هو عقد رضائي ملزم للجانبين ،مما يؤدي إلى ضرورة كتابته ،وذلك من أجل
اإلثبات ال الوجوب(خضري .5)73 ،وتختلف األحكام القانونية للتحكيم فيما إذا كان دوليا أو
داخليا ،و هذا ما يدفعنا لطرح اإلشكالية التالية :ما هي إجراءات التحكيم الداخلي و الدولي
في العقود اإلدارية؟
لإلجابة على اإلشكالية نقسم المقال لقسمين ،نتطرق في القسم األول إلجراءات
التحكيم الداخلي في مجال العقود اإلدارية ،ثم نتعرض إلجراءات التحكيم الدولي في مجال
العقود اإلدارية.
-1إجراءات التحكيم الداخلي في مجال الصفقات العمومية
التحكيم هو اتفاق أطراف النزاع اإلداري على طرح النزاع أمام هيئة تحكيمية من
أجل الفصل في المنازعات ،دون اللجوء للجهات القضائية اإلدارية المختصة قانونا ،واللجوء
لهذا اإلجراء ال يعني النزول أو التنازل عن حقه في القضاء ،ألن هذا الحق من الحقوق
األساسية التي ينص عليها الدستور ،إذ تعتبر من النظام العام ،ويتم تحديد األطر القانونية
المنظمة للتحكيم الداخلي في اتفاق أو شرط التحكيم.
1-1تحديد الشروط الشكلية للتحكيم في مجال الصفقات العمومية
إن أول تصرف تلجأ إليه األطراف المعنية هو تحديد هيئة التحكيم ،وذلك بموجب
إما اتفاق للتحكيم أو شرط التحكيم ،ويندرج ذلك ضمن الشروط الشكلية للتحكيم ،بحيث
يستند إلى طريقتين تعتمد عليهما األطراف المتنازعة من أجل تحديد جميع األحكام الخاصة
بالتحكيم ،إذ يتضمن هذا اإلجراء تحديد المحكم أو الهيئة التحكيمية بموجب اتفاق التحكيم أو
شرط التحكيم ،ويتم تعيين المحكمين من قبل المتنازعين أو من قبل رئيس المحكمة أو الجهة
القضائية الواقع بدائرة اختصاصها العقد.
-المحكمون
يتم تحديد المحكم أو هيئة التحكيم بموجب اتفاق التحكيم أو شرط التحكيم الذي
يتفق من خالله األطراف المتنازعة على عرض النزاع على التحكيم الداخلي أو الدولي.
-شرط التحكيم:
75
د /بن أحمد حورية
نظّم المشرع الجزائري هذا النوع من التحكيم بموجب المادة ":1007شرط التحكيم
هو االتفاق الذي يلزم بموجبه األطراف في عقد متصل بحقوق متاحة بمفهوم المادة
1006أعاله ،لعرض النزاعات التي قد تثار بشأن هذا العقد على التحكيم" ،وألزم األطراف
بإثبات شرط التحكيم بالكتابة في االتفاقية األصلية أو في الوثيقة التي تسند إليها ،ويترتب
على مخالفة هذه الوسيلة البطالن ،كما نصت المادة 1008من نفس القانون على إلزامية
تضمين هذا الشرط تحت طائلة البطالن تعيين المحكم أو المحكمين ،أو تحديد كيفيات
تعيينهم ،وفي حالة اعتراض صعوبات أثناء تنصيب المحكم أو المحكمين من قبل األطراف
يعين المحكم أو المحكمين من قبل رئيس المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها المتنازعةّ ،
محل إبرام العقد أو محل تنفيذه ،وفي حالة معاينة بطالن شرط التحكيم يقوم رئيس المحكمة
بمعاينة األوجه القانونية لتعيين المحكمين ،والذين ينظرون في النزاعات المقدمة من قبل
يهمه التعجيل (المادة ،6)1010 ،1009ومن خالل هذه
األطراف أو من قبل الطرف الذي ّ
األحكام القانونية نالحظ أن المشرع الجزائري يعمل على مساعدة المتخاصمين من أجل
اللجوء إلى التحكيم حتى في حالة بطالن شرط التحكيم ،خاصة فيما يخص المنازعات
المتعلقة بالصفقات العمومية ،وهذا ما أشارت إليه المادة 1007من ق.إ.م.إ ،أما بالنسبة
لشرط التحكيم في عقود الصفقات العمومية أدرجه المشرع الفرعي الجزائري ،ضمن البيانات
اإللزامية الواجب تدوينها في وثيقة الصفقة العمومية ،طبقا للمادة 95من المرسوم الرئاسي
247-15السالف ذكره.
-اتفاق التحكيم:
عرف المشرع الجزائري اتفاق التحكيم في المادة 1011من ق.إ.م.إ ":هو االتفاق الذي يقبل
ّ
األطراف بموجبه عرض نزاع سبق نشوؤه على التحكيم" ،ويكون هذا االتفاق كتابيا ،ولكن
بدون ترتيب البطالن على مخالفة هذا الشرط ،وهذا ما أ ّكدت عليه المادة 1012من نفس
يتضمن هذا االتفاق تحت طائلة البطالن موضوع النزاع وأسماء المحكمين،
ّ القانون ،على أن
أو كيفية تعيينهم ،وفي حالة رفض المح ّكمين القيام بمهمة التحكيم يستبدلون بغيرهم ،بموجب
أمر من قبل رئيس المحكمة المختصة ،كما يمكن لألطراف أن يتفقا من أجل اللجوء للتحكيم
حتى أثناء سريان الخصومة أمام الجهات القضائية المختصة( المادة ،7)1013 ،1012
يفضل التسوية الودية على اإلجراءات القضائية التي تتّسم بالطول والتعقيد.8
وبالتالي له أن ّ
76
إجراءات التحكيم الداخلي و الدولي في العقود اإلدارية
يباشر المحكمون أعمالهم في الميعاد المحدد في اتفاق التحكيم ،فإذا لم يحصل ذلك ،فإن
مهمة المحكمين ال تتجاوز مدة أربعة أشهر تبدأ من تاريخ تعيينهم من قبل الخصوم ،أو من
9
مد هذا الميعاد باتفاق األطراف ،كما يجب على يوم إخطار محكمة التحكيم ،هذا ويجوز ّ
المحكمين أن يطبقوا القواعد المتعلقة باإلجراءات والمواعيد والشكليات أمام المحاكم ،ما لم
يتفق األطراف على خالف ذلك ،حيث يجوز لهم التنازل عن االستئناف وقت تعيين
المحكمين أو بعده ،مع العلم أن إجراءات التحقيق تكون في متناول المحكمين جميعا ،كما
يتعين عليهم في األخير تحرير المحاضر بصفة مشتركة ،إال إذا كان اتفاق التحكيم قد أجاز
لهم أن ينتدبوا واحدا منهم للقيام بذلك( المادة.10)1018
11
-الخصومة التحكيمية:
تطبق على الخصومة التحكيمية اآلجال واألوضاع القانونية المقررة أمام الجهات
ّ
12
القضائية ،ما لم يتفق األطراف على خالف ذلك( المادة ، )1019كما ال يمكن للمحكمين
التخلي عن مهمتهم إال إذا ط أر سبب من أسباب الرد( المادة ،13)1021 ،وفي حالة الطعن
بالتزوير في محرر رسمي أو تحريك أية دعوى عمومية متعلقة بجريمة من الجرائم المتعلقة
بالصفقات العمومية ،ففي هذه الحالة تعتبر مسألة أولية ،بحيث ال تملك محكمة التحكيم
الفصل في النزاع ،إال بعد الفصل في النزاع األولي.
يتبادل األطراف مذكرات تتضمن الدفوع والطلبات والمستندات قبل انقضاء أجل
التحكيم المحدد بمدة 15يوما على األقل ،واال فصل المحكم بناءا على ما قدم إليه خالل
هذا األجل ،ويجب على هذا األخير أن يفصل في النزاع وفقا لقواعد القانون ،كما يمكن أن
ينتهي النزاع قبل الفصل فيه ،وذلك بناء على األسباب التالية:
-وفاة أحد المحكمين أو رفضه القيام بمهمته بمبرر أو تنحيته أو حصول مانع له ،ما لم
يوجد شرط مخالف ،أو إذا اتفق األطراف على استبداله من قبل المح ّكم أو المحكمين
الباقيين ،وفي حالة غياب االتفاق تطبق أحكام المادة 1009من ق.إ.م.إ.
-انتهاء المدة المقررة للتحكيم ،فإذا لم تشترط المدة فبانتهاء مدة أربعة أشهر.
-بفقد الشيء موضوع النزاع أو انقضاء الدين المتنازع فيه.
14
-بوفاة أحد أطراف العقد التحكيمي (.المادة)1024 ،
77
د /بن أحمد حورية
تجري مداوالت المحكين في سرية ،كما تصدر أحكام التحكيم بأغلبية األصوات،
تمسك بها كل طرف ويجب على هيئة التحكيم أن تبرز في حكمها ملخصا للوقائع التي ّ
وحججه المنطقية والقانونية ،مع مالحظة أن المشرع الجزائري لم يلزم هذه الهيئة بسرد جميع
أقوال الطرفين ،وانما يكتفي بعرض موجز للوقائع ،بشرط عدم اختزال الوقائع المهمة في
النزاع ،والهدف من هذا التقييد هو التعرف على نطاق عمل هيئة التحكيم وامكانية الرقابة
القضائية عليها ،ويتضمن الحكم الصادر عن محكمة التحكيم البيانات التالية:اسم ولقب
المحكم أو المحكمين ،تاريخ صدور الحكم ،مكان صدوره ،أسماء وألقاب األطراف وموطن
كل منهم وتسمية األشخاص المعنوية ومقرها االجتماعي ،إضافة إلى أسماء وألقاب
15
المحامين أو من مثل أو ساعد األطراف عند االقتضاء(.المادة )1028
يتم التوقيع على حكم التحكيم من قبل جميع المحكمين ،إال أنه قد تمتنع األقلية عن التوقيع
مما يلزم بقية المحكمين باإلشارة لذلك ،ويرتب الحكم آثاره القانونية باعتباره موقع من قبل
جميع المحكمين ،ويتخلى المحكمون عن النزاع بعد الفصل فيه ،إال أنه يمكن للمحكم أن
يصحح األخطاء المادية واإلغفاالت التي يراها تعتري الحكم التحكمي ،وتصبح هذه األحكام
ّ
حائزة لحجية الشيء المقضي فيه بمجرد صدورها.
-تنفيذ حكم التحكيم والطعن فيه
تصدر هيئة التحكيم أحكاما تحكيمية الغرض منها الفصل في النزاع وتنفيذه ،ولكن
مما يدفع بأحدهما إلى الطعن من أجل
قد ال يرضى أحد األطراف بما أصدرته هذه الهيئةّ ،
إعادة النظر في القضية.
-تنفيذ حكم التحكيم :القاعدة العامة أن القرار التحكيمي سواء كان نهائي أو جزئي أو
تحضيري ينفذ بموجب أمر صادر من رئيس المحكمة ،التي صدر في دائرتها القرار
التحكيمي ،ولهذا الغرض يوضع أصل القرار في كتابة الضبط لدى المحكمة المختصة من
يتحمل األطراف نفقات إيداع العرائض والوثائق
ّ يهمه التعجيل ،على أن
قبل الطرف الذي ّ
وأصل حكم التحكيم ،وفي حالة رفض تنفيذ األمر بالتنفيذ من قبل أي شخص يمكن للخصوم
استئناف هذا األمر خالل خمسة عشر( )15يوم من تاريخ الرفض أمام المجلس
القضائي(.المادة ، 16) 1036وفي األخير يسلّم رئيس أمناء الضبط نسخة رسمية ممهورة
بالصيغة التنفيذية من حكم التحكيم ،لمن يطلبها من أطراف النزاع(المادة ،17)1036 ،ولكن
78
إجراءات التحكيم الداخلي و الدولي في العقود اإلدارية
79
د /بن أحمد حورية
80
إجراءات التحكيم الداخلي و الدولي في العقود اإلدارية
أمام محكمة التحكيم ،تاركين أمر تنظيمها إلى هيئة التحكيم ،ويترتب على ذلك تحديد
القانون الواجب التطبيق سواء كان اإلجرائي أو الموضوعي ،ضرورة تحديد بعض المسائل
ذات الصلة ،وهي لغة التحكيم ،مكانه ،طرق اإلثبات واجراءات الخصومة.
1-2تحديد القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم:
القاعدة العامة أن تحديد القانون الذي يحكم إجراءات التحكيم قد يكون باختيار أطراف
التحكيم سواء في اتفاقهم األصلي أو الالحق أو قد يغفل أطراف اتفاق التحكيم مسألة اختيار
23
تتصدى لتحديده وفق لما تراه مناسبا.
ّ مما يجعل المحكمة
القانون اإلجرائي ّ ،
-تطبيق قانون إرادة األطراف:
يتميز التحكيم بأنه نظام اتفاقي أساسه إرادة األطراف واختيارهم له طريقا لحسم نزاعاتهم ،
ّ
وقد اعترفت ج ّل التشريعات الوطنية والدولية ولوائح مراكز التحكيم الدائمة بحرية األطراف
نصت المادة 1019على في اختيار القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم ،حيث ّ
تطبق على الخصومة التحكيمية اآلجال واألوضاع المقررة أمام
وتم تكريسه ّ ":
هذا المبدأ ّ
الجهات القضائية ما لم يتفق األطراف على خالف ذلك "
ومن خالل النص أعاله ،يتضح أن المشرع الجزائري أعطى األولوية التفاق األطراف في
تحديد القانون الذي يحكم اإلجراءات المتبعة أثناء النزاعات المعروضة عليها.
-تصدي هيئة التحكيم لتحديد القانون الواجب التطبيق على اإلجراءات.
إن خصوصية التحكيم في مجال الصفقات العمومية ذات البعد الدولي ،رتّبت
العديد من المشاكل القانونية المتعلقة بالقانون الواجب التطبيق ،السيما أن أغلب أحكام
التحكيم جعلت من مبدأ حسن النية أعلى من أحكام القانون الوطني ،وذلك بقصد التهرب من
حدده اتفاق التحكيم.
تطبيق هذا القانون ،الذي ّ
2-2األسس النظرية لمبدأ تطبيق القانون الوطني :
حال
كان إخضاع العقود ذات الطابع الدولي إلى القانون الداخلي للدولة المستقبلة لالستثمار ّ
تقليديا في كل الحاالت المتعلقة به ،والمقصود به خضوع العقود اإلدارية للقواعد القانونية
التي تحكم العالقة التعاقدية ،ومختلف العالقات والمنازعات الناتجة عليها.
حيث في حالة غياب أي نص أو بند يشير إلى القانون الواجب التطبيق ،يلجأ المحكم
لتطبيق القانون الوطني ،األمر الذي أ ّكدته محكمة العدل الدولية الدائمة في حكمها الشهير
81
د /بن أحمد حورية
في قضية القروض العربية والب ارزيلية ،بقولها ":أن كل عقد ليس بين الدول باعتبارها
أشخاصا للقانون الدولي العام ،يجد أساسه في القانون الداخلي " (عالق.24)161 ،
نصت المادة 41من هذه االتفاقية و قد أخذت بهذا المبدأ أيضا اتفاقية البنك الدولي ،حيث ّ
على ما يلي " :تفصل المحكمة في النزاع طبقا للقواعد القانونية التي يقرها طرفا النزاع ،إذا
لم يتفق الطرفان على مثل هذه المبادئ فإن المحكمة تطبق قانون الدولة المتعاقدة الطرف
في النزاع ،بما في ذلك القواعد المتعلقة بتنازع القوانين ،باإلضافة إلى المبادئ الدولية
المتعلقة بالموضوع".
و على هذا األساس يبقى تطبيق القانون الداخلي يتم بصراحة في حالة إدراجه ضمن بنود
العقد شرطا أو اتفاقا ،غير أنه في حالة نشوء نزاع بينهما يخضع للقانون الداخلي ،و يتم
ذلك في الحاالت التالية:
-االختيار الصريح للقانون الجزائري :وهو األمر الشائع بالنسبة ألغلبية العقود المبرمة مع
المتعامل األجنبي ،ومن بينها العقد المبرم بين الشركة الوطنية لتسير وتنمية الصناعات
الغذائية ومؤسسة " جنرال إنبياتي " االيطالية ،حيث يهدف إلى توريد و تركيب مصنع لحفظ
الخضروات بالمحمدية ،وغيرها من العقود المتعلقة بالصفقات العمومية.
-تطبيق القانون الجزائري باعتباره قانون ضبط وأمن ،تستند هذه الحالة على أساس أن
تطبيق القواعد المتصلة بالنظام العام واآلداب العامة والموضوعة وفق المشاريع الوطنية
التنموية ،ألن المناداة بتطبيق القانون الوطني ال تتعلق فقط ب ق .ص.ع ،وانما هي
مرتبطة بسلسلة من التنظيمات والقوانين المتصلة ،التي تش ّكل في مجملها الرقابة القانونية ،و
على رأسها استيفاء الضرائب من المتعامل العمومي األجنبي ،دفع أجور العمال ،التأمين
على المشروع واقتطاعات الضمان االجتماعي ،وكذا احترام حركة رؤوس األموال من والى
الخارج ،باإلضافة إلى ضرورة احترام الظروف االجتماعية للعمل(عالق.25)162 ،
الخاتمة:
في األخير يمكن لنا أن نقول أن التحكيم لم يلعب أي دور في الصفقات العمومية بسبب
عدم ضبط إجراءاته وعدم اإلعالن عن قائمة المحكمين ،26كما يالحظ أن نظام التحكيم رغم
إجازته من قبل المشرع في مجال الصفقات العمومية ،وتنظيمه بالعديد من النصوص
82
إجراءات التحكيم الداخلي و الدولي في العقود اإلدارية
القانونية سواء تلك المتعلقة بالتحكيم الداخلي أو التحكيم الدولي ،إال أنه ال يزال يراوح مكانه
نظ ار لألسباب التالية:
-عدم تحديد الهيئات المعنية بالتحكيم في الجزائر ،و اإلعالن عن قائمة المحكمين.
التردد فيس تطبيقه
-وتفضيل القانون الوطني على القانون األجنبي و ّ
-عدم استقرار القوانين و الخوف من التعديالت التي تطالها.
الهوامش:
1
-بربارة عبد الرحمان ،شرح قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،ط ،2.منشورات بغدادي ،الجزائر،2009 ،
ص.562
2
-بربارة عبد الرحمان ،نفس المرجع ،ص.563.
3
-خضري حمزة ،منازعات الصفقات العمومية في التشريع الجزائري ،مذكرة ماجستير-القانون العام ،-جامعة
بسكرة-كلية الحقوق والعلوم السياسية ،2005-2004 ،-ص.72.
4
-خضري حمزة ،نفس المرجع ،ص.72.
- 5خضري حمزة ،نفس المرجع ،ص.73.
6
-أنظر المادة 1009و 1010من ق.إ.م.إ.
7
-المادتين 1012و 1013من ق.إ.م.إ.
8
-يستلزم اتفاق التحكيم في المنازعات المعروضة على القضاء العادي توافر شروط موضوعية تتضمن صحة
التراضي من جميع العيوب التي قد تشوبه ،ومحل ممكن ومشروع ،وأن يستند إلى سبب مشروع ،شأنه في ذلك
شأن باقي التصرفات القانونية سواء كانت المدنية أو اإلدارية.
9
-المادة 1018من ق.إ.م.إ السالف ذكره.
10
-المادة 2/ 1018و 3من ق.إ.م.إ.
12
-انظر المادة 1019من ق.إ.م.إ المذكور أعاله.
13
-انظر المادة 1021من ق.إ.م.إ والتي أحالت إلى أسباب الرد والواردة في المادة 1016من نفس القانون
وتتمثل فيما يلي:
-عندما ال تتوافر فيه المؤهالت المتفق عليها بين األطراف.
-عندما يوجد سبب رد منصوص عليه في نظام التحكيم الموافق عليه من قبل األطراف.
تتبين من الظروف شبهة مشروعة في استقالليته ،السيما بسبب وجود مصلحة أو عالمة اقتصادية أو
-عندما ّ
عائلية مع أحد األطراف مباشرة أو عن طريق وسيط.
83
د /بن أحمد حورية
15
-انظر المادة 1028من ق.إ.م.إ.
-16انظر المادة 1035من ق.إ.م.إ.
17
-انظر المادة 1036من نفس القانون.
18
-انظر المادة 1032من نفس القانون.
19
-انظر المادة 1033من ق.إ.م.إ.
- 20خضري حمزة ،المرجع السابق ،ص.74.
21
- Ahmed MAHIOU,L’arbitrage en Algérie, Revue Algérienne, n :4, 1989,p.720.
22
- Mohammed BEDJAOUI, Un remarquable dans la législation algérienne relative
a l’arbitrage international, bulletin de la cour international d’arbitrage de la C.C.I,
n :2, 1993, p.58.
- 23انظ ر الفصل السادس من ق.إ.م.إ المعنون ب"في األحكام الخاصة بالتحكيم التجاري الدولي ،من المادة
1039إلى غاية 1061من نفس القانون.
-24عالق عبد الوهاب ،الرقابة على الصفقات العمومية في التشريع الجزائر ،مذكرة ماجستير في القانون
العام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة بسكرة .2004 ،ص. 161 .
-25عالق عبد الوهاب ،المرجع السابق ،ص. 162 .
-26بوضياف عمار ،شرح تنظيم الصفقات العمومية ،ديوان المطبوعات الجامعة ،الجزائر ،ص.346 .
وتختلف األحكام القانونية للتحكيم فيما إذا كان دوليا أو داخليا ،بحيث نتطرق فيما يلي إلى إجراءات التحكيم
في كال النوعين ،والمجاالت التي تخضع له.
-قائمة المراجع
-1الكتب باللغة العربية
-1بربارة عبد الرحمان ،شرح قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،ط ،2.منشورات بغدادي،
الجزائر.2009 ،
-2بوضياف عمار ،شرح تنظيم الصفقات العمومية ،ديوان المطبوعات الجامعة ،الجزائر.
-2المقاالت باللغة الفرنسية
84
إجراءات التحكيم الداخلي و الدولي في العقود اإلدارية
-3مذكرات الماجستير
-1خضري حمزة ،منازعات الصفقات العمومية في التشريع الجزائري ،مذكرة ماجستير-
القانون العام ،-جامعة بسكرة-كلية الحقوق والعلوم السياسية.2005-2004 ،-
-2عالق عبد الوهاب ،الرقابة على الصفقات العمومية في التشريع الجزائر ،مذكرة ماجستير
في القانون العام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة بسكرة.2004 ،
-4القوانين
-1القانون رقم 09-08المتضمن قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية.
-2المرسوم الرئاسي 247-15المتضمن قانون الصفقات العمومية و تفويضات المرفق
العام.
85