You are on page 1of 86

‫التفسير‬

‫النبوي‬
‫للقرآن‬

‫تأليف‬
‫فضيلة الشيخ‬
‫سلمان بن فهد العودة‬
‫المشرف العام على موقع السلم اليوم‪‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪2‬‬
‫للقرآن‬
‫‪3‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫*‬
‫مقدمة‬
‫علَى عَبدِهِب الكِتَابَب َولَم‬ ‫(الحَمدُ ل الّذِي أَن َز َل َ‬
‫شدِيدًا مِن لَدُنهُب‬ ‫‪.‬‬
‫يَجعَل لَهُب عوَجًا َقيّمًا لِيُنذِرَ بَأسبًا َ‬
‫وَيُبَشّرَ المُؤمِنِينبَ الّذِينبَ يَع َملُونبَ الصبّا ِلحَاتِ أَنّ‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫لَهُم أَجرًا حَسبَنًا مَاكِثِينبَ فِيهبِ أَ َبدًا وَيُنذِ َر الّذِينبَ‬
‫خذَ ال َولَدًا) [الكهف‪.]4-1:‬‬ ‫قَالُوا ا ّت َ‬

‫* أصل هذه الرسالة محاضرة ألقيت في بريدة عام (‪1412‬هـ)‬


‫ثم قام المكتب العلمي بموقع السلم اليوم بإعدادها في هذا‬
‫الكتيب‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪4‬‬
‫للقرآن‬
‫والصــلة والســلم على رســوله القائل ‪-‬كمــا‬
‫فـي حديـث المقدام رضـي ال عنـه وغيره‪" :-‬أل‬
‫إني أوتيت القبرآن ومثله معه‪ ،‬أل يوشك رجبل‬
‫شبعان على أريكتببه أن يقول حيببن يأتيببه المببر‬
‫مبن أمري فيمبا أمرت ببه‪ ،‬أو فيمبا نهيبت عنبه‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬عندنبا كتاب ال حسببنا‪ ،‬أل وإن مبا حرم‬
‫رسببول ال صــلى ال عليــه وســلم كمببا حرم ال‬
‫تعالى"(‪.)1‬‬
‫أمّا بعد‪:‬‬
‫فإن مــن نعمــة ال تعالى على الناس أجمعيــن‬
‫أن توجــــد بيــــن أظهرهــــم كلمات ال المنـــــزلة‬
‫محفوظة من الزيادة والنقصان‪.‬‬
‫‪5‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫ولعل هذه أعظم نعمة يفيض ال تعالى خيرها‬
‫على البشــر أجمعيـن‪ ،‬أن يكون بيــن أيديهــم كتاب‬
‫محفوظ‪ ،‬يحكّمونــه فــي حياتهــم‪ ،‬ويحتكمون إليــه‬
‫فيمـا يقـع بينهـم مـن اختلف‪ ،‬وذلك بعد أن حُرّفـت‬
‫الكتــب الســماوية كالتوراة والنجيــل وغيرهــا‪،‬‬
‫وضاع أكثرهــــا‪ ،‬ولعبــــت بهــــا أيدي التغييــــر‬
‫والتبديل‪ ،‬قال تعالى‪َ ( :‬فوَي ٌل ِللّذِي نَ يَكتُبُونَ الكِتَابَ‬
‫ِبأَيدِيهِم ثُمّ َيقُولُونَب هَذَا مِن عِندِ ال لِيَش َترُوا بِهِب‬
‫ثَمَنًا َقلِيلً َفوَيلٌ لَهُم مِمّاب كَتَبَت أَيدِيهِم َووَيلٌ َلهُم‬
‫مِمّا يَكسِبُونَ) [البقرة‪.]79:‬‬
‫ولذلك كان علم التفســير مــن أعظــم العلوم على‬
‫الطلق؛ إذ هو الطريق إلى فهم معاني القرآن الكريم‬
‫ومراد ال سبحانه وتعالى من خلقه‪ ،‬ومن هنا اعتنى‬
‫العلماء ‪-‬ســـلفًا وخلفًــا‪ -‬بهذا العلم اهتمامًــا عظيمًــا‪،‬‬
‫وصنّفوا فيه الكثير من المصنفات‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪6‬‬
‫للقرآن‬
‫وقــد بدأت مســيرة تفســير كتاب ال تعالى فــي‬
‫عهــد النبوة؛ حيــث يعتــبر النــبي صــلى ال عليــه‬
‫وسـلم المرجـع الول فـي تفسـير كتاب ال تعالى‪،‬‬
‫فقـد فسـّر آيات الكتاب العزيـز بقوله وعمله صـلى‬
‫ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وســـوف نتناول فـــي هذه الرســـالة موضوع‪:‬‬
‫التفســير النبوي للقرآن الكريــم‪ ،‬وذلك مــن خلل‬

‫الفصل الول‪ :‬خصائص القرآن الكريم‪.‬‬


‫الفصبل الثانبي‪ :‬عناية المة بتفسير القرآن‬
‫‪..‬‬
‫الفصول التية‪:‬‬

‫الفصببببببببببل الثالث‪ :‬البلغ النبوي للقرآن‬ ‫‪.‬‬


‫الكريم‪.‬‬

‫الفصببل الرابببع‪ :‬تفســير الصــحابة للقرآن‬ ‫‪.‬‬


‫الكريم‪.‬‬

‫الكريم‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫الفصبل الخامبس‪ :‬أنواع بيان السـنة للقرآن‬
‫الكريم‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪8‬‬
‫للقرآن‬

‫الفصل الول‬
‫خصائص القرآن الكريم‬
‫إن القرآن الكـــــريم كلم ال تعالى‪ ،‬وهـــــذه‬
‫أعظـم مزايـا وخصـائص القــرآن الكريـم‪ ،‬فحسـبه‬
‫أنه كـلم ال‪.‬‬
‫وقـد وصـفه ال عـز وجـل بقوله‪( :‬وَإِنّهُب لَ ِكتَابٌب‬
‫طلُ مِن بَينِ يَدَي ِه وَل مِن خَلفِهِ‬ ‫‪.‬‬
‫عَزِيزٌ ل يَأتِيهِ البَا ِ‬
‫تَنبزِيلٌ مِن حَكِي ٍم حَمِيدٍ) [فصلت‪.]42 ،41:‬‬
‫وكمـــا جاء فـــي الحديـــث الذي رواه الترمذي‬
‫وغيره‪ ،‬أن النبي صلى ال عليه وسلم قال‪":‬فضل‬
‫القرآن على سببائر الكلم‪ ،‬كفضببل ال تعالى على‬
‫خلقه"(‪.)2‬‬
‫‪9‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫إذًا فكون القرآن كلم ال‪ ،‬فهذا يغنــــي عــــن‬
‫تعداد خصـــائص القرآن وفضائله ومزاياه‪ ،‬لكـــن‬
‫أجدنــــــــي مضطرّا إلى أن أشيــــــــر إلى ثلث‬
‫خصـائص لهذا القرآن؛ لبـد مـن ذكرهـا فـي مطلع‬
‫هذه الرسالة‪:‬‬
‫الخاصية الولى‪ :‬الحفظ‪:‬‬
‫قال تعالى‪( :‬إِنّابب نَحنببُ نَزّلنَبا الذّك َر وَإِنّابب لَهببُ‬
‫َلحَا ِفظُونَ) [الحجر‪.]9:‬‬
‫لقـد قيّضـ ال تعالى للقرآن منـذ نزل مـن يحفظـه‬
‫مــن الصــحابة ومــن بعدهــم فــي الصــدور وفــي‬
‫السـطور‪ ،‬وبلغـت عنايـة المسـلمين بالقرآن الكريـم‪،‬‬
‫وتدوينــه‪ ،‬وكتابتــه‪ ،‬وحفظــه‪ ،‬وضبطــه شيئًا يفوق‬
‫الوصــف‪ ،‬حتــى إن جميــع حروف القرآن وكلماتــه‬
‫مضبوطـة محفوظـة بقراءاتهـا المختلفـة ل يزاد فيهـا‬
‫ول ينقص‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪10‬‬
‫للقرآن‬
‫وقد ذكر بعض المفسرين ‪-‬كالقرطبي وغيره‪-‬‬
‫قصة طريفة تتعلق بحفظ القرآن الكريم‪.‬‬
‫وذلك أنـــه كان للمأمون ‪-‬وهـــو أميـــر إذ ذاك‪-‬‬
‫مجلس نظــر‪ ،‬فدخــل فــي جملة الناس رجــل حســن‬
‫الثوب‪ ،‬حسن الوجه‪ ،‬طيب الرائحة‪ ،‬فتكلم فأحسن‬
‫الكلم والعبارة‪ ،‬فلمــــــــــــا تقوّض المجلس دعاه‬
‫المأمون‪ ،‬فقال له‪ :‬إســـرائيلي؟ قال‪ :‬نعـــم‪ ،‬قال له‪:‬‬
‫أسلم حتى أفعل بك وأصنع‪ ،‬ووعده‪ ،‬فقال‪ :‬ديني‪،‬‬
‫ودين آبائي‪ ،‬وانصرف‪.‬‬
‫فلمّاـ كان بعـد سـنة جاء مسـلمًا‪ ،‬فتكلم فـي الفقـه‬
‫فأحســـــــن الكلم‪ ،‬فلمـــــــا تقوّض المجلس دعاه‬
‫المأمون‪ ،‬وقال‪ :‬ألســت صــاحبنا بالمــس؟ قال له‪:‬‬
‫بلى‪ ،‬قال‪ :‬فمـا كان سـبب إسـلمك؟ قال‪ :‬انصـرفت‬
‫مــن حضرتــك‪ ،‬فأحببتـُـ أن أمتحــن هذه الديان‪،‬‬
‫وأنت تراني حسن الخط‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫فعمدتـــُـ إلى التوراة‪ ،‬فكتبــــت ثلث نســــخ‪،‬‬
‫فزدت فيها ونقصت‪ ،‬وأدخلتها الكنيسة‪ ،‬فاشتريت‬
‫مني‪.‬‬
‫وعمدتـُـ إلى النجيــل‪ ،‬فكتبــت ثلث نســخ‪،‬‬
‫فزدت فيهـا ونقصـت‪ ،‬وأدخلتهـا البيعـة‪ ،‬فاشتريـت‬
‫مني‪.‬‬
‫وعمدتــــُـ إلى القرآن‪ ،‬فعملت ثلث نســـــخ‪،‬‬
‫وزدت فيهــــا ونقصــــت‪ ،‬وأدخلتهــــا الوراقيــــن‬
‫فتصــــــفحوها‪ ،‬فلمــــــا أن وجدوا فيهــــــا الزيادة‬
‫والنقصان‪ ،‬رموا بها فلم يشتروها‪ ،‬فعلمت أن هذا‬
‫كتاب محفوظ؛ فكان هذا سبب إسلمي(‪.)3‬‬

‫الخاصية الثانية‪ :‬الشمول والكمال‪:‬‬


‫فإن هذا الكتاب ‪-‬كمـا قال ال عـز وجـل فيـه‪:-‬‬
‫(تَفصِيلَ ُكلّ شَيءٍ) [يوسف‪.]111:‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪12‬‬
‫للقرآن‬
‫فما من أمر يحتاجه الناس في دينهم أو دنياهم‬
‫إل فــي القرآن بيانــه‪ ،‬ســواء بالنــص عليــه‪ ،‬أو‬
‫بدخوله تحــت قاعدة كليــة عامــة بينهــا ال تعالى‬
‫فـي كتابـه الكريـم‪ ،‬أو بالحالة على مصـدر آخـر؛‬
‫كالحالة على السـنة النبويـة‪ ،‬أو القياس الصـحيح‪،‬‬
‫أو إجماع أهل العلم‪ ،‬أو ما أشبه ذلك‪.‬‬
‫فما من قضية يحتاجها الناس في اجتماعهم‪ ،‬أو‬
‫أخلقهـم‪ ،‬أو عقائدهـم‪ ،‬أو اقتصـادهم‪ ،‬أو سـياستهم‪،‬‬
‫أو أمورهــم الفرديــة أو الجتماعيــة‪ ،‬الدنيويــة أو‬
‫الخرويــــة‪ ،‬إل وفــــي القرآن بيانهــــا إجمالً أو‬
‫تفصيلً‪.‬‬
‫فجاء القرآن بأصـول المسـائل؛ فأصـول العقائد؛‬
‫وأصـول الحكام فـي القرآن الكريـم‪ ،‬فالقرآن شامـل‬
‫كامل مهيمن على جميع شئون الحياة‪.‬‬
‫الخاصية الثالثة‪ :‬الحق المطلق‪:‬‬
‫‪13‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫إن القرآن الكريـم هـو الحـق المطلق الذي ل ريـب‬
‫فيـــه‪ ،‬قال تعالى‪َ ( :‬ذلِك بَب ال ِكتَاب بُب ل رَيب بَب فِيه بِب ُهدًى‬
‫ن) [البقرة‪.]2 :‬‬
‫لِل ُمّتقِي َ‬
‫فالقرآن حـق كله‪ ،‬وصـدق كله‪ ،‬فهـو ‪-‬فيمـا أخـبر‬
‫بـه عـن الماضـي أو الحاضـر أو المسـتقبل‪ -‬صـدق‪،‬‬
‫ويســتحيل اســتحالة مطلقــة قطعيــة ل تردد فيهــا أن‬
‫يتعارض خــبر القرآن مــع الواقــع‪ ،‬أو مــع التاريــخ‬
‫الماضي‪ ،‬أو مع ما يكتشفه العلم في المستقبل‪.‬‬
‫فنجزم ونقطــع بل تردد ‪-‬مــن منطلق إيماننــا بال‬
‫العظيم‪ -‬أن كل ما أخبر به القرآن عن المم السابقة‪،‬‬
‫مــــــن أخبار النــــــبياء‪ ،‬وأخبار المــــــم والدول‪،‬‬
‫والقصـــص والخبار فـــي الواقـــع‪ ،‬وفـــي الكون‪،‬‬
‫والفلك‪ ،‬والنجوم‪ ،‬والرض‪ ،‬والســــماء‪ ،‬والرحام‪،‬‬
‫والنفـس البشريـة‪ ...‬أنـه صـدق وحـق قطعـي ل تردد‬
‫فيه‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪14‬‬
‫للقرآن‬
‫ولذلك يستحيل أن يثبت العلم حقيقة تتناقض مع‬
‫مــا جاء فــي القرآن‪ ،‬ومــن ادّعــى أن هناك حقيقــة‬
‫علميـة تناقـض القرآن‪ ،‬فهـو إمـا أنـه لم يفهـم القرآن‬
‫حـق فهمـه‪ ،‬فظـن أنـه يناقـض العلم‪ ،‬أو لم يفهـم العلم‬
‫حق فهمه‪ ،‬فظن أنه يناقض القرآن‪.‬‬
‫أمـا أن توجـد حقيقـة علميـة تناقـض نصـّا قطعيّاـ‬
‫صريحًا‪ ،‬فهذا ل يمكن أن يكون بحال من الحوال؛‬
‫لن الذي أنزل القرآن هــــــــــو الذي خلق الكوان‪،‬‬
‫وأوجـد النسـان‪ ،‬فل يمكـن أن يخـبر عـن النسـان أو‬
‫عن الكوان إل فيما هو الحق والواقع‪( .‬أل يعلم من‬
‫خلق وهو اللطيف الخبير)‪.‬‬
‫وكذلك ما أخبر به ال عز وجل في القرآن من‬
‫الخبار المســـتقبلة فـــي آخـــر الدنيـــا‪ ،‬أو فـــي يوم‬
‫القيامة‪ ،‬فإنه لبد أن يكون حقّا ل شك فيه‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫فأخبار ال تعالى فـي القرآن صـدق ل ريـب فيهـا‪،‬‬
‫وأحكامــه فــي القرآن عدل ل ظلم فيهــا ؛ ولذلك يقول‬
‫ك صِدقًا َوعَد ًل) [النعام‪:‬‬
‫ال عز وجل‪َ ( :‬وَتمّت َكِل َم ُة َرّب َ‬
‫‪ ،]115‬صــدقًا فــي الخبار‪ :‬ماضيهــا‪ ،‬وحاضرهــا‪،‬‬
‫ومســتقبلها‪ ،‬وعد ًل فــي الحكام‪ :‬خاصــها وعامهــا‪،‬‬
‫فرعها وأصلها‪ ،‬فهو الحق المطلق الذي ل شك فيه‪.‬‬

‫نعمة القرآن‪:‬‬
‫والقرآن هو الميزان والفيصل فيما يشتجر فيه‬
‫الناس ويختلفون فيــــه مــــن أمور الديــــن‪ ،‬وبذلك‬
‫تُعرف نعمــة ال تعالى بحفــظ هذا القرآن إلى هذا‬
‫الزمان‪ ،‬وأنــه نعمــة كــبرى على المســلمين؛ بــل‬
‫على البشرية كلها‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪16‬‬
‫للقرآن‬
‫وشكــــر هذه النعمــــة أن يكون القرآن هــــو‬
‫المهيمن على حياتنا‪ :‬أفرادًا‪ ،‬وأسرًا‪ ،‬ومجتمعات‪،‬‬
‫ودولً‪ ،‬وأممًا‪ ،‬بحيث يكون القرآن هو المحكّم في‬
‫كل أمورنا‪.‬‬
‫وإذا لم نفعل نكون كفرنا هذه النعمة‪ ،‬وعقوبة‬
‫كفران هذه النعمــة عقوبــة أليمــة‪ ،‬وهــي أن يُرفــع‬
‫هذا القرآن مـن بيـن أيدينـا‪ ،‬فل يبقـى فـي الرض‬
‫منه آية‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫روى ابن ماجة وغيره بسند صحيح من حديث‬
‫حذيفة رضي ال عنه أن النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬يدرس السلم كما يدرس وشي الثوب‪ ،‬حتى‬
‫ل يُدرى ما صيام‪ ،‬ول صلة‪ ،‬ول نسك‪ ،‬ول صدقة‪،‬‬
‫وليُسرى على كتاب ال عز وجل في ليلة‪ ،‬فل يبقى‬
‫فبببي الرض منبببه آيبببة"(‪ ،)4‬فيُنــــزع القرآن مـــن‬
‫المصـاحف ومـن صـدور الرجال؛ لنـه ل يُعمـل بـه‪،‬‬
‫فتعطلت منافعــه‪ ،‬فرفعــه ال تعالى تكريمًـا لكلمــه‬
‫العظيــم أن يوضــع عنــد مــن ل يســتعينون بــه‪ ،‬ول‬
‫يستحقونه‪.‬‬

‫***‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪18‬‬
‫للقرآن‬
‫الفصل الثاني‬
‫عناية المة بتفسير القرآن الكريم‬
‫نزل القرآن على رســول ال صــلى ال عليــه‬
‫وســــلم فتلقاه عنــــه أصــــحابه‪ ،‬ثــــم تلقاه عنهــــم‬
‫المسلمون‪ ،‬وعنوا به عناية كبيرة‪ ،‬وكان من أوجه‬
‫عنايتهم به عنايتهم بتفسيره‪.‬‬
‫عناية الصحابة بتفسير القرآن الكريم‪:‬‬
‫كان الصـــحابة يعنون بتفســـير القرآن‪ ،‬حتـــى‬
‫كان منهــم مــن اشتهــر بذلك(‪ ،)5‬فصــرفوا حياتهــم‬
‫ووقتهــم فــي فهــم معانــي القرآن الكريــم‪ ،‬ومــن‬
‫هؤلء‪:‬‬
‫‪ -‬عبد ال بن عباس(‪ )6‬رضي ال عنهما‪:‬‬
‫‪19‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫حبر المة‪ ،‬وترجمان القرآن(‪ ،)7‬وإمام المفسّرين‪،‬‬
‫الذي دعا له النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال‪" :‬اللهم‬
‫فقهبه فبي الديبن‪ ،‬وعلمبه التأويبل "(‪ ،)8‬وقـد ورد عنـه‬
‫فـي التفسـير مـا ل يحصـى كثرة‪ ،‬وهـو أحـد الربعـة‬
‫الذين جمعوا القرآن على عهد الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وكان من قراء الصحابة‪ ،‬وسيد الحفاظ(‪.)9‬‬
‫‪ -‬عبد ال بن مسعود(‪ )10‬رضي ال عنه‪:‬‬
‫قال رســول ال صــلى ال عليــه وســلم‪" :‬خذوا‬
‫القرآن مبن أربعبة‪ :‬مبن اببن أم عببد ‪-‬أي عبـد ال بـن‬
‫مسـعود‪ -‬فبدأ بـه‪ ،‬ومعاذ ببن جببل‪ ،‬وأببي ببن كعبب‪،‬‬
‫وسالم مولى أبي حذيفة"(‪.)11‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪20‬‬
‫للقرآن‬
‫وقال عبد ال بن مسعود‪" :‬وال‪ ،‬لقد أخذت من‬
‫فيّ رسول ال صلى ال عليه وسلم بضعًا وسبعين‬
‫سورة‪ ،‬وال لقد علم أصحاب النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم أني من أعلمهم بكتاب ال‪ ،‬وما أنا بخيرهم"‪،‬‬
‫ت فـي الحلق أسـمع مـا يقولون‪،‬‬
‫قال الراوي‪ :‬فجلسـ ُ‬
‫ت رادّا يقول غير ذلك(‪.)12‬‬
‫فما سمع ُ‬
‫وقال رضـــي ال عنـــه ‪-‬كمـــا فـــي الروايـــة‬
‫الصــــحيحة عنــــه‪" :-‬وال الذي ل إله غيره‪ ،‬مــــا‬
‫أنزلت سـورة مـن كتاب ال إل أنـا أعلم أيـن أنزلت‪،‬‬
‫ول أنزلت آية من كتاب ال إل أنا أعلم فيم أنزلت‪،‬‬
‫ولو أعلم أحدًا أعلم منـــي بكتاب ال تبلغـــه البـــل‬
‫لركبت إليه"(‪.)13‬‬
‫‪21‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫ومـن الصـحابة رضـي ال عنهـم مـن ورد عنـه‬
‫(‪)14‬‬
‫اليسـير فـي تفسـير القرآن الكريـم‪ ،‬ومـن هؤلء‬
‫(‪)15‬‬
‫عمر وعلي وأبي بن كعب و عبد ال بن عمر‬
‫رضي ال عنهم‪:‬‬
‫روى مالك فـي الموطّأ أن ابـن عمـر رضـي ال‬
‫عنـه مكـث فـي تعلم سـورة البقرة ثمانـي سـنين(‪،)16‬‬
‫فلمّاـ أتمّهـا نحـر َبدَنَة شكرًا ل تعالى‪ ،‬وهـو ل شـك‬
‫كان يتعلم البقرة ألفاظًــا ومعانـــي‪ ،‬وإل فصـــغار‬
‫الطلبة اليوم في المدارس البتدائية يحفظون سورة‬
‫البقرة فـي أسـبوع أو فـي شهـر‪ ،‬حاشـا ابـن عمـر أن‬
‫يحتاج إلى ثمانـي سـنين فـي حفـظ ألفاظهـا فحسـب؛‬
‫بل كان يتفهمها ويتلقاها ألفاظًا ومعاني‪.‬‬
‫عناية التابعين بتفسير القرآن الكريم‪:‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪22‬‬
‫للقرآن‬
‫وكذلك التابعون تلقوا التفســـير عـــن الصـــحابة‬
‫رضي ال عنهم‪ ،‬فكان منهم أئمة في التفسير كمجاهد‬
‫بـن جـبر المكـي(‪ ،)17‬الذي يقول فيـه سـفيان الثوري‪:‬‬
‫"إذا جاءك التفسير من مجاهد فحسبك به" (‪ ،)18‬وليس‬
‫هذا بغريـب؛ فقـد تلقـى عـن ابـن عباس‪ ،‬حتـى إنـه كان‬
‫يقول‪" :‬عرضتــــُـ القرآن على ابـــــن عباس ثلث‬
‫عرضات‪ ،‬مــن فاتحتـه إلى خاتمتـه‪ ،‬أوقفــه عنــد كـل‬
‫آية"(‪.)19‬‬
‫وكذلك ممن عرف بالتفسير من التابعين‪ :‬قتادة (‪،) 20‬‬
‫وعكرمـة (‪ ،) 21‬والسـدي (‪ ،) 22‬وغيرهـم كثيـر مـن التابعيـن‬
‫وأتباعهم (‪.) 23‬‬
‫المصنّفات في التفسير‪:‬‬
‫‪23‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫ثـم انتهـى المـر إلى الئمـة المصـنّفين‪ ،‬فصـنّفوا‬
‫مئات ‪-‬بل ألوف‪ -‬الكتب في تفسير كتاب ال تعالى‬
‫بمختلف الفنون‪ ،‬فأهل اللغة صنّفوا كتبًا في تفسير‬
‫القرآن مــــن النواحــــي اللغويــــة؛ فــــي العراب‪،‬‬
‫والبلغة‪ ،‬والبيان‪ ،‬والبديع‪ ،‬وغيرها(‪...)24‬‬
‫وأهــل الفقــه صــنّفوا كتبًـا فــي معانــي آيات‬
‫الحكام‪ ،‬وتفسـيرها‪ ،‬ودللتهـا‪ ،‬واختلف العلماء‬
‫فيها(‪.)25‬‬
‫وأهل الحديث صنّفوا كتبًا في جمع الروايات‬
‫التي وردت في تفسير معاني كتاب ال تعالى(‪.)26‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪24‬‬
‫للقرآن‬
‫وهكذا أهـل كـل فـن صـنّفوا كتبًا فـي التفسـير‪،‬‬
‫تتناول القرآن من الزاوية التي يحسنونها ويتحدثون‬
‫فيهــا‪ ،‬وهذه الكتــب لشــك فيهــا الغــث والســمين‪،‬‬
‫والقوي والضعيف‪ ،‬والجيد والرديء؛ بل إن بعض‬
‫الذين ف سّروا القرآن الكريم‪ ،‬فسروه ليوافق ما لديهم‬
‫من الغراض‪ ،‬سواء أكانت حقّا أم باطلً‪.‬‬
‫فالمعتزلة ‪-‬مثلً‪ -‬منهـم مـن فسـّر القرآن ليخدم‬
‫(‪)27‬‬
‫مذهبـه الفاسـد‪ ،‬كمـا فعـل القاضـي عبـد الجبار‬
‫فــي تفســيره(‪ ،)28‬وكمــا فعــل الزمخشري(‪ )29‬فــي‬
‫ل لمذهبــه فــي‬ ‫كشافــه ‪ ،‬حيــث جعــل القرآن دلي ً‬
‫العتزال(‪.)30‬‬
‫وكذلك بعــــض المتكلميــــن‪ ،‬فســــّروا القرآن‬
‫(‪)31‬‬
‫ليوافـق آراءهـم وأصـولهم‪ ،‬كمـا فعـل الرازي‬
‫في تفسيره الكبير(‪ ،)32‬والماتُريدي‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫ومـن الصـوفية مـن يفسـّر القرآن ليخدم مذهبـه‬
‫الصــوفي‪ ،‬كتفســير أبــي عبــد الرحمــن الســلمي‬
‫وغيره(‪.)33‬‬
‫وبعــض الفقهاء فس ـّروا آيات الحكام تفســيرًا‬
‫يخدم اتجاهاتهـم المذهبيـة‪ ،‬ويؤيـد مـا اختاروه مـن‬
‫القوال الفقهية‪.‬‬
‫ووُجـد مـن أرباب العلوم ‪-‬خاصـة المعاصـرين‪-‬‬
‫مـن يحاول أن يحمّلـ القرآن وألفاظـه مـا ل يحتمـل‬
‫مـن الدللة على أنواع العلوم العصـرية‪ ،‬كمـا فعـل‬
‫طنطاوي جوهري فــــــي تفســــــيره المســــــمّى‬
‫"بالجواهـر"(‪ ،)34‬والذي فيـه كـل شيـء إل التفسـير‪،‬‬
‫فهــو كتاب فــي الفلك‪ ،‬والعلوم الماديــة‪ ،‬والحياء‪،‬‬
‫والفيزياء‪ ،‬والجيولوجيـا‪ ،‬لكـن ليـس فيـه شيـء مـن‬
‫تفسير القرآن الكريم‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪26‬‬
‫للقرآن‬
‫وكمـا يفعـل بعـض الذيـن يتحدّثون عمّا يُسـمى‬
‫"العجاز العلمــي للقرآن"‪ ،‬فإن منهــم مــن يغلو‬
‫فيحمّل ألفاظ القرآن الكريم ومعانيه ما ل تحتمل؛‬
‫لتوافــق بعــض مكتشفات ومخترعات العلم؛ بــل‬
‫بعــض النظريات العلميــة التــي لم تصــل بعــد إلى‬
‫حد أن تكون حقيقة قطعية ثابتة‪.‬‬

‫***‬
‫‪27‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬

‫الفصل الثالث‬
‫البلغ النبوي للقرآن الكريم‬
‫إن هذا الخلف فـــي تفســـير القرآن الكريـــم‪،‬‬
‫يوجــب على المســلم الحريــص على معرفــة كلم‬
‫ال عز وجل أن يعود إلى المصدر الول والمنبع‬
‫الصــافي‪ ،‬أل وهــو ســنة الرســول عليــه الصــلة‬
‫والسـلم الصـحيحة الثابتـة‪ ،‬فهـي خيـر مـا يفسـّر‬
‫كتاب ال تعالى؛ لن الرســـول صـــلى ال عليـــه‬
‫علَيكبببببَ إِلّ‬‫وســـــلم أُمِ َر بالبلغ‪ ،‬قال تعالى‪( :‬إِن َ‬
‫البَلغببببببُ) [الشورى‪ ،]48:‬وقال‪( :‬ل ُتحَرّك بِهببببببِ‬
‫‪.‬‬
‫علَينَا جَمعَهُب وَقُرآنَهُب َفِإذَا‬ ‫‪.‬‬
‫جلَ بِهِب إِنّ َ‬‫ك لِتَع َ‬
‫لِسبَا َن َ‬
‫علَينَا َبيَانَهُب) [النسـان‪:‬‬ ‫‪.‬‬
‫قَرَأنَاهُب فَاتّبِع قُرآنَهُب ُثمّ ِإنّ َ‬
‫‪ ،]16‬وقال‪( :‬يَا أَيّهَا الرّسبُولُ َبلّغ مَا أُن ِزلَ ِإلَيكَب‬
‫ك وَإِن لَم تَفعَل فَمَا َبلّغ تَ ِر سَالَتَهُ) [المائدة‪:‬‬‫مِن رَبّ َ‬
‫‪.]67‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪28‬‬
‫للقرآن‬
‫فالرســـول عليـــه الصـــلة والســـلم مطالب‬
‫بالبلغ والبيان‪ ،‬لكن ما هو البلغ الذي طولب به‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم؟‬
‫إن البلغ النبوي للقرآن الكريـــــم يشتمـــــل على‬
‫المور التية‪:‬‬
‫أولً‪ :‬بلغ اللفاظ‪:‬‬
‫والمقصود به بلغ النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫للفاظ القرآن الكريـــم كمـــا نزلت‪ ،‬وكمـــا بلغـــه‬
‫جبريل إياها‪ ،‬دون زيادة أو نقص‪.‬‬
‫يقول ال عز وجل في سورة آل عمران‪َ( :‬لقَد‬
‫مَنّ ال عَلَى المُؤ ِمنِينَب إِذ َبعَثَب فِيهِم رَسبُو ًل مِن‬
‫علَيهِببم آيَاتِهببِب) [آل عمران‪،]164:‬‬ ‫أَنفُسببِبهِم يَتلُو َ‬
‫فالبلغ النبوي للفاظ القرآن الكريـم هـو المقصـود‬
‫علَيهِم آيَا ِت ِه)‪.‬‬
‫بقوله تعالى‪( :‬يَتلُو َ‬
‫‪29‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫وقــد كان النــبي صــلى ال عليــه وســلم شديــد‬
‫الحرص على بلغ ألفاظ القرآن الكريـم‪ ،‬حتـى إن‬
‫ابـــن عباس رضـــي ال عنهمـــا يقول ‪-‬كمـــا فـــي‬
‫الحديث المتفق عليه‪" :-‬كان رسول ال صلى ال‬
‫عليـه وسـلم يعالج مـن التنــزيل شدة‪ ،‬وكان يحرك‬
‫شفتيـــه"‪" ،‬فأنزل ال عـــز وجـــل‪( :‬ل ُتحَرّك بِه ببِ‬
‫علَينَبا جَمعَب ب ُه وَقُرآنَب بهُ)‬ ‫‪.‬‬
‫جلَ بِه بِ إِنّب َ‬
‫ك لِتَع َ‬‫لِس بَبا َن َ‬
‫[القيامــة‪ ،]17 ،16:‬قال‪ :‬جَمعــه فــي صــدرك ثــم‬
‫تقرؤه‪َ ( ،‬فإِذَا َقرَأنَاهبُب فَاتّبِبع قُرآنَهببُ) [القيامــة‪،]18:‬‬
‫قال‪ :‬فاســتمع له وأنصــت‪ ،‬ثــم إن علينــا أن تقرأه‪،‬‬
‫قال‪ :‬فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا أتاه‬
‫جبريــل عليــه الســلم اســتمع‪ ،‬فإذا انطلق جبريــل‬
‫قرأه النبي صلى ال عليه وسلم كما أقرأه"(‪.)35‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪30‬‬
‫للقرآن‬
‫وهذا البيان اللفظـي جزء مـن البلغ الذي أُمـر بـه‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ول شك أن الرسول‬
‫صــلى ال عليـه وسـلم بلّغ ألفاظ القرآن الكريـم بلغًا‬
‫تامّا‪ ،‬ولم يكتم شيئًا مما أُنزل عليه‪.‬‬
‫ولو كان الرسول صلى ال عليه وسلم كتم شيئًا‬
‫ممــا أُنزل عليــه‪ ،‬لكتــم هذه اليــة‪َ ( :‬وإِذ َتقُو ُل ِلّلذِي‬
‫علَيكَب زَوجَكَب‬ ‫علَيهِب أَمسبِك َ‬ ‫علَيهِب َوأَنعَمتَب َ‬
‫أَنعَمَب ال َ‬
‫ك مَا ال مُبدِيهِب َوتَخشَى‬ ‫وَاتّقِب ال َوتُخفِي فِي نَفسِب َ‬
‫النّاسَب وَال َأحَقّ أَن تَخشَاهُب) [الحزاب‪ ،]37:‬فهذه‬
‫اليــة فيهــا عتاب شديــد للرســول صــلى ال عليــه‬
‫وســلم‪ ،‬ثــم يقوم الرســول صــلى ال عليــه وســلم‬
‫فيقرؤهـا على الناس فـي الصـلة وفـي غيرهـا وهـو‬
‫المخاطب بها!!‬
‫‪31‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫‪.‬‬
‫عبَس بَب َوتَولّى أَن جَاءَه بُب‬ ‫أو يكتـــم هذه اليات‪َ ( :‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫العمَبى وَمَبا يُدرِيك َب َل َعلّهُب َي ّزكّى ب أَو َي ّذ ّك ُر َفتَن َفعَه ُب‬
‫ك‬‫علَي َ‬ ‫‪.‬‬
‫صدّى َومَا َ‬ ‫ت َل ُه َت َ‬‫‪.‬‬
‫ن استَغنَى َفأَن َ‬ ‫‪.‬‬
‫الذّكرَى َأمّا َم ِ‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫َأ ّل َي ّزكّىب َوَأمّاب مَن جَاءَكَب يَسبعَى َو ُه َو يَخشَى َفأَنتَب‬
‫عَن ُه َتَلهّى) [عبس‪ ،]10 -1 :‬ففيها عتاب شديد للرسول‬
‫صـلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومـع ذلك يتلو هذه اليات على‬
‫الناس كما نزلت عليه!!‬
‫إن ال تعالى اختار محمدًا صــــلى ال عليــــه‬
‫وســـلم على علم على العالميـــن‪ ،‬قال تعالى‪( :‬ال‬
‫أَعلَمبُ حَيثبُ يَج َعلُ رِسبَالَتَهُ) [النعام‪ ،]124:‬اختار‬
‫رجلً يعلم أنه لن يكتم شيئًا مما يوحى إليه‪ ،‬فحتى‬
‫اليات التـي عاتبـه ولمـه ال فيهـا على بعـض مـا‬
‫صدر منه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ينقلها للناس كما‬
‫ينقل اليات التي مُدح فيها!‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪32‬‬
‫للقرآن‬
‫فيقرأ على الناس قول ال جــل وعل له صــلى‬
‫خلُقٍب عَظِيمٍب) [القلم‪:‬‬ ‫ال عليـه وسـلم‪( :‬وَإِنّكَب لَ َعلَى ُ‬
‫‪ ،]4‬ويقرأ عليهــم قوله تعالى‪ُ ( :‬محَمّدٌ رَس بُولُ ال‬
‫علَى ال ُكفّارِ ُرحَمَاءُ بَينَهُببم‬
‫وَالّذِين ببَ مَعَه ببُ َأشِدّا ُء َ‬
‫تَرَاهُببم رُكّعًببا سببُبجّدًا يَبتَغُونبببَ فَضلً مِنبببَ ال‬
‫وَرِضوَانًا) [الفتح‪ ،]29:‬كما يقرأ اليات التي فيها‬
‫اللوم والعتاب‪ ،‬سواء بسواء‪.‬‬
‫إذًا يجزم كل موحّد يشهد أن ل إله إل ال وأن‬
‫محمدًا رسول ال؛ بأن النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫قـد بلّغ القرآن الكريـم بألفاظـه بلغًا تامّاـ ل ريـب‬
‫فيه‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬بلغ المعاني‪:‬‬
‫كان النـبي صـلى ال عليـه وسـلم شديـد الحرص‬
‫على البلغ اللفظي للقرآن الكريم‪ ،‬لكنه – صلى ال‬
‫عليــه وســلم – لم يكتــف ببلغ ألفاظــه ولكـن بلغهــم‬
‫معانيه أيضاً‪.‬‬
‫‪33‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫إن تبليغـه صـلى ال عليـه وسـلم لمعانـي كتاب‬
‫ال تعالى هـــي بنـــص كتاب ال تعالى جزء مـــن‬
‫مهمتـه فـي البلغ‪ ،‬فمـن مهمـة الرسـول صـلى ال‬
‫عليه وسلم ومسئوليته أن يبلّغ الناس ألفاظ القرآن‬
‫ومعانيه‪.‬‬
‫فبعــــد أن قال تعالى‪( :‬ل ُتحَرّك بِهبببِب لِسببببَا َنكَ‬
‫علَينَا جَمعَهُب وَقُرآنَهُب) [القيامـة‪،16:‬‬ ‫‪.‬‬
‫جلَ بِهِب إِنّ َ‬
‫لِتَع َ‬
‫‪ ،]17‬وهذا هــو البلغ اللفظـــي كمــا ســبق‪ ،‬قال‬
‫علَينَا بَيَانَهُب) [القيامـة‪ ،]19:‬أي‪:‬‬ ‫سـبحانه‪( :‬ثُمّ إِنّ َ‬
‫علينا أن نبين لك لفظه ومعناه‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪34‬‬
‫للقرآن‬
‫سهِم يَتلُو‬
‫وبعد أن قال تعالى‪َ ( :‬ر سُولً مِن أَنفُ ِ‬
‫علَيهِبببببببببم آيَاتِهببببببببببِ) [آل عمران‪ ،]164:‬قال‪:‬‬
‫َ‬
‫(وَيُزَكّيهِم)‪ ،‬والتزكية تعني أن الرسول صلى ال‬
‫عليــه وســلم يربــي أصــحابه على القرآن الكريــم‪،‬‬
‫بحيــــث يتحوّل القرآن مــــن مجرد كتاب مكتوب‬
‫ومقروء إلى واقـع حياة عمليـة‪ ،‬تتحقـق على ظهـر‬
‫الرض‪.‬‬
‫حتـى قال بعضهـم‪" :‬إن أصـحاب الرسـول صـلى‬
‫ال عليـه وسـلم‪ ،‬كان الواحـد منهـم كأنـه قرآن يمشـي‬
‫على الرض"‪ ،‬وهذا التعـبير ليـس بعيدًا‪ ،‬فإن عائشـة‬
‫رضـي ال عنهـا لمـا سـئلت عـن خلق الرسـول صـلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،‬قالت للسائل ‪-‬كما في مسلم وغيره‪:-‬‬
‫"أتقرأ القرآن؟"‪ ،‬قال‪" :‬نعـم"‪ ،‬قالت‪" :‬فإن خلق نـبي‬
‫ال صلى ال عليه وسلم كان القرآن"(‪.)36‬‬
‫‪35‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫فهذا معنـى قوله تعالى‪َ ( :‬وُي َزكّيهِم) أي‪ :‬يربيهـم‬
‫ويزكيهـــم بالعقائد الصـــحيحة‪ ،‬والخلق الفاضلة‪،‬‬
‫والســلوك الحســن‪ ،‬ويعدّهــم للدور العالمــي الذي‬
‫ينتظرهم لقيادة البشرية‪.‬‬
‫ثـــم قال تعالى‪َ ( :‬وُي َزكّيهِببم َوُي َعّل ُمهُمببُب ال ِكتَابببَب‬
‫وَالحِكمَةَ)‪ ،‬فما الكتاب؟ وما الحكمة؟‬
‫قال الشافعـي‪" :‬قال تعالى‪( :‬وَاذكُرنَب مَا يُتلَى‬
‫فِي بُيُوتِكُنّ مِن آيَاتِب ال وَالحِك َمةِ إِنّ ال كَانبَ‬
‫َلطِيفًببا خَبِيرًا) [الحزاب‪ ،]34:‬فذكـــر ال الكتاب‬
‫وهو القرآن‪ ،‬وذكر الحكمة‪ ،‬فسمعت من أرضى‬
‫مـن أهـل العلم بالقرآن يقول‪ :‬الحكمـة سـنة رسـول‬
‫ال"(‪.)37‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪36‬‬
‫للقرآن‬
‫إذن إذا تأملنـــا قول ال تعالى‪( :‬رَس ببُولً مِببن‬
‫علَيهِبم آيَاتِهبِب وَ ُيزَكّيهِبم وَيُ َعلّ ُمهُمببُ‬
‫أَنفُسبِبهِم يَتلُو َ‬
‫الكِتَابَب وَالحِكمَةَ) [آل عمران‪ ،]164 :‬فإننــا نلحـظ‬
‫علَيهِم آيَا ِت ِه)‪ ،‬أي‪ :‬يقرأ‬ ‫أنه في أول الية قال‪( :‬يَتلُو َ‬
‫عليهـــم القرآن ويتلو عليهـــم ألفاظـــه‪ ،‬وهـــو البيان‬
‫اللفظـــــــــــي للقرآن‪ ،‬فإذا ضبطوا القرآن وحفظوه‬
‫وأتقنوه‪ ،‬انتقـل إلى مرحلة أخرى‪ ،‬وهـي‪َ ( :‬وُي َعّل ُمهُمُب‬
‫ال ِكتَابَب)‪ ،‬يعنـي‪ :‬يفقههـم فـي معانـي القرآن‪ ،‬ويعلمهـم‬
‫معانــي مــا حفظوه وضبطوه‪ ،‬ثــم ينتقــل إلى مرحلة‬
‫ثالثــة‪ ،‬وهــي‪َ ( :‬وُي َزكّيهِم)‪ ،‬أي‪ :‬يؤدّبهــم بهذا الكتاب‬
‫حتى يعملوا به وهي التزكية‪.‬‬
‫‪37‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫ولذلك قال أبو عبد الرحمن الجهني(‪ :)38‬حدّثنا‬
‫من كان يقرئنا من أصحاب النبي صلى ال عليه‬
‫وسـلم‪ ،‬أنهـم كانوا يقترئون مـن رسـول ال صـلى‬
‫ال عليه وسلم عشر آيات‪ ،‬فل يأخذون في العشر‬
‫الخرى حتــــى يعلموا مــــا فــــي هذه مــــن العلم‬
‫والعمل‪ ،‬قالوا‪ :‬فعلمنا العلم والعمل(‪.)39‬‬
‫فمهمـة الرسـول صـلى ال عليـه وسـلم البلغ‬
‫اللفظـي والمعنوي‪ ،‬وقـد قام بمهمـة البلغ بشقيهـا‬
‫خير قيام‪ ،‬عليه الصلة والسلم‪.‬‬

‫***‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪38‬‬
‫للقرآن‬

‫الفصــــل الــرابع‬
‫تفسير الصحابة للقرآن الكريم‬
‫إن أصــحاب النــبي صــلى ال عليــه وســلم كانوا‬
‫عربًــا‪ ،‬يعرفون بالســـليقة معانـــي الكلم العربـــي‪،‬‬
‫فبمجرد سـماعهم الكلم العربـي يفقهونـه؛ ولذلك كان‬
‫الكفار فـي مكـة يعرفون عموم معانـي الكلم العربـي‬
‫والقرآن‪ ،‬وال عــز وجــل يقول عــن القرآن‪َ( :‬ن َز َل بِهِب‬
‫ن‬ ‫‪.‬‬
‫ن ِبِلسَا ٍ‬ ‫ن المُن ِذرِي َ‬
‫ن ِم َ‬‫ك ِلَتكُو َ‬ ‫‪.‬‬
‫علَى قَلِب َ‬
‫ن َ‬‫ح المِي ُ‬‫الرّو ُ‬
‫ع َربِيّبب ُمبِينبببٍب) [الشعراء‪ ،]195 -193 :‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫َ‬
‫ن قَو ِم ِه) [إبراهيم‪،]4 :‬‬ ‫( َومَا أَرسَلنَا مِن َرسُو ٍل ِإ ّل ِبِلسَا ِ‬
‫ومن هنا فإن العرب ‪-‬حتى الكفار منهم‪ -‬فهموا القرآن‬
‫من حيث الجملة؛ ولذلك ردوه حيث خالف أهواءهم‪.‬‬
‫‪39‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫وكانوا أيضًا يفهمون معنـى‪" :‬ل إله إل ال"‪،‬‬
‫فلمّاـ سـمعوا قوله صـلى ال عليـه وسـلم‪" :‬يبا أيهبا‬
‫الناس‪ ،‬قولوا ل إله إل ال"(‪ ،)40‬عرفوا أن‬
‫معناها‪ :‬ل عبودية إل ل‪ ،‬فل معبود بحق إل ال‪،‬‬
‫ول أحـد يسـتحق العبادة إل ال؛ ولذلك رفضوهـا‪،‬‬
‫وقالوا‪َ( :‬أجَ َع َل ال ِلهَةَ ِإلَهًبا وَاحِدًا إِنّب هَذَا لَشَيءٌ‬
‫عجَابٌ) [ص‪.]5:‬‬ ‫ُ‬
‫إن المام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه‬
‫ال قارن بيــــن مســــلمي هذا الزمان ومشركــــي‬
‫الوليـن‪ ،‬فقال‪ :‬إن الوليـن كانوا أعلم بمعنـى "ل‬
‫إله إل ال" ممــن ينســبون إلى الســلم فــي هذا‬
‫الزمان‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪40‬‬
‫للقرآن‬
‫فأبو جهل وأبو لهب يفهمون معانيها في اللغة‬
‫العربية‪ ،‬لكن كثيرًا من المنتسبين إلى السلم في‬
‫هذا العصـر ومنـذ عصـور يقولون‪ :‬ل إله إل ال‪،‬‬
‫ول يفهمون منها حتى المعنى الذي فهمه أبو جهل‬
‫وأبـو لهـب‪ .‬يفهـم كثيـر مـن المسـلمين معنـى ل إله‬
‫إل ال أي ل خالق إل ال‪ ،‬ل رازق إل ال‪ .‬وهذا‬
‫جزء مــن معناهــا‪ ،‬لكــن المعنــى الصــلي الذي‬
‫أنكره المشركون هو إفراد ال في العبادة‪.‬‬
‫فالصحابة كانوا عربًا أقحاحاً‪ ،‬يفهمون معاني‬
‫الكلم؛ ولذلك فهموا كثيرًا مــــن القرآن الكريــــم‬
‫بمجرد تلوة الرســول صــلى ال عليــه وســلم له‪،‬‬
‫كمــا أن العربــي اليوم يفهــم بالســليقة مــن القرآن‬
‫الكريــم أشياء كثيرة ل يحتاج معهــا إلى الرجوع‬
‫إلى كتب التفسير‪.‬‬
‫‪41‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫ت كلم ال تعالى عــن‬ ‫فأنــت ‪-‬مثلً‪ -‬إذا ســمع َ‬
‫الجنة‪ ،‬عن النار‪ ،‬عن الرسل‪ ،‬عن القرآن الكريم‪،‬‬
‫عــن المواريــث‪ ...‬فهمــت معناهــا مباشرة بمجرد‬
‫ســـماعها‪ ،‬والصـــحابة رضـــي ال عنهـــم كانوا‬
‫يفهمون أيضًا وراء ذلك أشياء كثيرة‪.‬‬
‫أسببباب اختلف الصببحابة فببي فهببم القرآن‬
‫الكريم‪:‬‬
‫إن الصــحابة الكرام كانوا أكثــر الناس فهمًــا‬
‫لكتاب ال عـــز وجـــل‪ ،‬ومـــع ذلك فإنهـــم كانوا‬
‫يتفاوتون في فهمهم للقرآن الكريم لسباب كثيرة؛‬
‫ولذلك كانوا يســـألون الرســـول صـــلى ال عليـــه‬
‫وســلم عــن أشياء مــن القرآن ممــا يحتاجون إلى‬
‫بيانه‪ ،‬فيبينه لهم‪ ،‬ومن أسـباب اختلفهم ‪ -‬رضـي‬
‫ال عنهم ‪ -‬في فهمهم للكتاب العزيز‪:‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪42‬‬
‫للقرآن‬
‫أولً‪ :‬تفاوتهم في مداركهم وعقولهم‪:‬‬
‫فإن ال تعالى قســـــّم بيـــــن الخلق أرزاقهـــــم‬
‫وأخلقهم وعقولهم؛ فهذا عقله كبير عبقري نابغة‪،‬‬
‫وآخر دون ذلك‪.‬‬
‫وأصـحاب النـبي صــلى ال عليـه وسـلم كانوا‬
‫يشتركون فـي قدر مـن العلم بالقرآن‪ ،‬إل أن بعضهـم‬
‫كان يفوق بعضًا في ذلك‪.‬‬
‫وفـي الصـحيحين أن عليّاـ رضـي ال عنـه سـئل‪:‬‬
‫هـل عندكـم شيـء مـن الوحـي إل مـا فـي كتاب ال؟‬
‫فقال‪ " :‬والذي فلق الحبـة وبرأ النسـمة‪ ،‬مـا أعلمـه إل‬
‫ل فـــي القرآن‪ ،‬ومـــا فـــي هذه‬
‫فهمًــا يعطيـــه ال رج ً‬
‫الصحيفة" ‪-‬إشارة إلى صحيفة معلّقة في سيفه‪ ،-‬فقال‬
‫السائل‪":‬وما في هذه الصحيفة؟"‪ ،‬قال‪" :‬العقل ‪-‬يعني‬
‫الديات‪ ،-‬وفكاك السير‪ ،‬وأل يُقتل مسلم بكافر"(‪.)41‬‬
‫‪43‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫ل فـــي‬
‫والشاهـــد قوله‪" :‬إل فهمًــا يعطيـــه ال رج ً‬
‫القرآن"‪ ،‬إذًا قـد يُؤتـى أحـد الصـحابة ‪-‬أو غيرهـم‪ -‬مـن‬
‫الفهم ما لم يؤته غيره‪.‬‬
‫وفي الصحيح أن ابن عباس رضي ال عنهما‬
‫وضـع للنـبي صـلى ال عليـه وسـلم طهوره‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫"مبببن وضبببع هذا؟" قالوا‪" :‬ابـــن عباس"‪ ،‬وكان‬
‫شابّا ـ دون الحُلُم فــي ذلك الوقــت‪ ،‬فأُعجــب النــبي‬
‫صلى ال عليه وسلم بعمله وذكائه وأدبه‪ ،‬فدعا له‬
‫قائلً‪" :‬اللهببببم فقّههببببُ فببببي الديببببن‪ ،‬وعلمببببه‬
‫التأويل"(‪ ،)42‬فكان ابن عباس رضي ال عنهما ل‬
‫يشـق له غبار فـي فهمـه لكتاب ال تعالى‪ ،‬وله فـي‬
‫ذلك قصـص وأخبار‪ ،‬لعـل مـن أعجبهـا وأطرفهـا‬
‫قصته مع نافع بن الزرق الخارجي‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪44‬‬
‫للقرآن‬
‫وذلك أنـه سـأل ابـن عباس عـن أشياء كثيرة فـي‬
‫كتاب ال عــز وجــل‪ ،‬وكلّمـا أجابــه قال‪ :‬هــل تعرف‬
‫ذلك العرب في كلمها؟ فيقول‪ :‬نعم‪ ،‬ثم يستشهد ابن‬
‫عباس بأبيات من أبيات العرب‪ ،‬وهي من محفوظه‪،‬‬
‫وهي عجب من العجب(‪.)43‬‬
‫ولتفاوتم ف مداركهم تد الختلف بينهم‪ ،‬فقد اختلف‬
‫الصحابة ف معان آيات كثية‪ ،‬وفهم بعضهم من معان اليات‬
‫خلف ما تدل عليه‪ ،‬كما ستأت الشارة إل ذلك‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬اختلفهم ف فهم اللغة العربية‪:‬‬
‫فإنم وإن كانوا عربًا إل أنم متفاوتون ف التوسع ف‬
‫فهم اللغة العربية‪ ،‬وألفاظها‪ ،‬ومعانيها‪.‬‬
‫‪45‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫ولذلك جاء فب تفسبي الطببي وغيه‪ :‬أن عمبر ببن‬
‫الطاب قرأ قول ال تعال‪( :‬ثُمّضض َشقَقنَضضا الرضضضَ‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫شَقّ ا َفأَنبَتنَا فِيهَا حَبّ ا وَعِنَبًا وَقَضبًا وَزَيتُونًا وَنَخلً‬
‫‪.‬‬
‫وَ َحدَائِ قَ غُلبًا َوفَا ِك َهةً َوَأبّ ا) [ع بس‪ ،]31-26:‬فقال‪:‬‬
‫"قد عرفنا الفاكهة‪ ،‬فما البّ؟"‪ ،‬ث رجع إل نفسه وقال‪:‬‬
‫"وال إن هذا لو التكَلّف ياعمر!"(‪.)44‬‬
‫بّ‪ ،‬أي نوع مببن أنواع النباتات‬
‫فمببا كان يعرف البب‬
‫هو؟ (‪.)45‬‬
‫و ف روا ية‪ :‬أن أ با ب كر ر ضي ال ع نه سئل عن هذه‬
‫ال ية‪ ،‬فقال‪" :‬أي أرض تقل ن‪ ،‬وأي ساء تظل ن‪ ،‬إن قلت‬
‫ف كتاب ال تعال ما ل أعلم؟"(‪.)46‬‬
‫فكانوا يتفاوتون ف فهم هم لل غة العرب ية‪ ،‬ك ما كانوا‬
‫يتفاوتون ف فهمهم لراد ال تعال بالية‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪46‬‬
‫للقرآن‬
‫وهذا عدي بـن حاتـم رضـي ال عنـه لمّاـ سـمع‬
‫قول ال تعالى‪( :‬وَ ُكلُوا وَاشرَبُوا حَتّىب يَتَبَيّنَب لَكُمُب‬
‫الخَيط بُ البيَض بُ مِن بَ الخَيط بِ الس بوَدِ مِن بَ الفَجرِ)‬
‫[البقرة‪ ،]187:‬فهـــــم أن الخيـــــط هـــــو الحبـــــل‬
‫المعروف‪ ،‬فلمّاـ نام وضـع تحـت وسـادته حبليـن‪:‬‬
‫أحدهما أبيض والخر أسود‪ ،‬فلما قام لكي يتسحر‬
‫وضــع الخيطيــن بجواره‪ ،‬وصــار يأكــل وينظــر‬
‫حتى أسفر‪ ،‬وصار يعرف البيض من السود‪.‬‬
‫فلمّاـ أصـبح غدا إلى الرسـول صـلى ال عليـه‬
‫وسلم وأخبره بالخبر‪ ،‬فقال له النبي صلى ال عليه‬
‫(‪)47‬‬
‫وسـلم‪" :‬إنمبا ذلك سبواد الليبل وبياض النهار"‬
‫‪-‬الخيــط البيــض هــو النهار والخيــط الســود هــو‬
‫الليــل‪ ،-‬فإذا بان لك النهار ‪-‬يعنــي طلع الصــبح‪-‬‬
‫فأمسِك‪.‬‬
‫‪47‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫فهذا مـن اختلفهـم فـي فهـم مراد ال تعالى؛ لن‬
‫اللغـة العربيــة تحتمــل أن يكون الخيــط هــو الحبــل‪،‬‬
‫ويحتمل أن يكون المقصود هو الليل والنهار‪ ،‬فعديّ‬
‫فهـم الول‪ ،‬فـبيّن له الرسـول عليـه الصـلة والسـلم‬
‫أن المراد هــو المعنــى الثانــي‪ ،‬ول شــك أن بقيــة‬
‫الصــحابة لم يفهموا هذا المعنــى الذي فهمــه عدي؛‬
‫ولذلك لم يقعوا في المر الذي وقع فيه‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬اختلفهبم فبي معرفبة التواريبخ والحداث‬
‫والخبار والعلوم الخرى التبي يستفاد منها في فهبم‬
‫القرآن الكريم‪:‬‬
‫وف صحيح مسلم عن الغية بن شعبة‪ :‬أن النب صلى ال‬
‫عليبه وسبلم بعثبه إل نصبارى نران يدعوهبم إل السبلم‬
‫ويعلّمهم‪ ،‬فكان من ضمن ما قرأ عليهم الغية بن شعبة سورة‬
‫ك‬
‫ت هَارُو َن مَا كَا َن َأبُو ِك ام َرَأ سَو ٍء َومَا كَانَت ُأّم ِ‬
‫مري‪( :‬يَا أُخ َ‬
‫َبِغيّا ) [مري‪ ،]28 :‬فقال النصارى‪" :‬يا مغية‪ ،‬كيف يقول‪ :‬يا‬
‫أخت هارون‪ ،‬ومري بينها وبي هارون قرون متطاولة؟!"‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪48‬‬
‫للقرآن‬
‫فتحيّرب الغية رضبي ال عنبه ول يسبتطع أن ييبهبم‪،‬‬
‫فجاء للنب صلى ال عليه وسلم وسأله‪ ،‬فقال له النب صلى‬
‫ال عليبه وسبلم‪" :‬كانوا يسضمّون بأنضبيائهم والصضالي‬
‫قبلهضضم"(‪ ،)48‬فحلّ له الشكال‪ ،‬وبيّنبب له أن هارون‬
‫الذكور ف الية ليس هارون أخا موسى؛ بل هارون آخر‬
‫سوه عل يه؛ لن م كانوا ي سمون بأ ساء ال نبياء؛ ولذلك‬
‫يكثر مثلً ف اليهود اسم موسى وهارون‪.‬‬
‫ول شبك أن الغية لو كان يعلم هذا لاب سبأل النبب‬
‫صلى ال عل يه و سلم ع نه‪ ،‬ل كن لّ ا سأله الن صارى و قع‬
‫عنده الشكال‪ ،‬فسبأل عنبه النبب صبلى ال عليبه وسبلم‪،‬‬
‫فأجابه‪.‬‬

‫***‬
‫‪49‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬

‫الفصـــل الخــامس‬
‫أنواع بيان السنة للقرآن الكريم‬
‫إن الرسـول صـلى ال عليـه وسـلم قـد بَيّن فـي‬
‫ســنته كــل مــا يحتاج إلى بيانــه مــن القرآن‪ ،‬وهــل‬
‫بيّنه كله أو بعضه؟‬
‫مـن العلماء مـن يقول‪ :‬لم يـبين الرسـول عليـه‬
‫ل كمــا يقول‬ ‫الصــلة والســلم مــن القرآن إل قلي ً‬
‫السـيوطي‪ ،‬ويسـتدلون بحديـث مروي عـن عائشـة‬
‫رضـي ال عنهـا‪" :‬أن النـبي صـلى ال عليـه وسـلم‬
‫كان ل يفســــّر شيئًا مــــن القرآن برأيــــه إل آيًـــا‬
‫بعدد"(‪ ،)49‬وهذا الحديـــث ل يصـــح‪ ،‬رواه البزار‬
‫وغيره وهـو معلول‪ ،‬فـي إسـناده محمـد بـن جعفـر‬
‫الزبيري‪ ،‬وهو ضعيف ل يُحتج بحديثه‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪50‬‬
‫للقرآن‬
‫ومــن العلماء مـن يقول‪ :‬إن رســول ال صــلى‬
‫ال عليـه وسـلم بيّنـ القرآن كله‪ ،‬ومقصـودهم بأنـه‬
‫بيّنـــ مـــا يحتاج إلى بيان‪ ،‬فهناك آيات ل تحتاج‬
‫إلى بيان لنها بيّنة بنفسها‪.‬‬
‫يقول ابـن عباس رضـي ال عنهمـا ‪-‬كمـا ذكـر‬
‫الطبري وغيره‪ :-‬التفسير أربعة أوجه‪:‬‬
‫وجــه تعرفــه العرب مــن كلمهــا‪ ،‬فإذا قرئ‬
‫على العرب فإنهم يفهمونه‪.‬‬
‫وتفسـير ل يُعذر أحـد بجهالتـه‪ ،‬وذلك كتفسـير‬
‫اليات في الحكام والعقائد التي يحتاج الناس إلى‬
‫معرفتها‪.‬‬
‫وتفسـير تعلمـه العلماء‪ ،‬وهـي المعانـي الخفيـة‬
‫التي ليفقهها عامة الناس‪.‬‬
‫وتفسير ل يعلمه إل ال تعالى‪.‬‬
‫‪51‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫فهذه أربعة أنواع من التفسير‪.‬‬
‫والخلصـة أن الرسـول صـلى ال عليـه وسـلم‬
‫قـد بيّنـ كـل مـا يحتاج الناس إلى بيانـه مـن القرآن‬
‫الكريم في سنته‪.‬‬
‫وبشكــل عام فإن الســنة النبويــة تفســير للقرآن‬
‫الكريـــم‪ ،‬وأنواع بيان الســـنة للقرآن على أربعـــة‬
‫أضرب‪:‬‬
‫الول‪ :‬بيان القرآن بالقول (بالنص)‪:‬‬
‫وذلك بأن يبيّن الرسول صلى ال عليه وسلم القرآن بقوله‪،‬‬
‫وهذا كثي ج ّدا‪ ،‬حت صنّف فيه العلماء مصنفات مستقلة‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫تفسي عبد بن حيد (‪ ،)50‬وتفسي ابن مردويه (‪ ،)51‬وتفسي ابن‬
‫أب حات(‪ ،)52‬وتفسي الطبي(‪ ،) 53‬وجع السيوطي من ذلك‬
‫أشياء طيبة ف كتابه‪" :‬الدر النثور ف التفسي بالأثور"(‪.)54‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪52‬‬
‫للقرآن‬
‫وكث ي من ك تب ال سنة تفرد بابًا خا صّا بالتف سي‪ ،‬فمثلً‪:‬‬
‫"جا مع الصول" لبن الث ي(‪ )55‬خ صّص ملدًا تقريبًا للمروي‬
‫عن النب صلى ال عليه وسلم ف تفسي القرآن ف الكتب الستة‪،‬‬
‫و هي‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬و صحيح م سلم‪ ،‬و سنن أ ب داود‪،‬‬
‫و سنن الترمذي‪ ،‬و سنن الن سائي‪ ،‬ومو طأ مالك‪ ،‬ول ي ستقص؛‬
‫بل فرّق بعضها ف مواضع أخرى‪ ،‬وهو قريب من ملد كامل‪.‬‬
‫إذًا فقد بيّن الرسول صلى ال عليه وسلم وفسّر أشياء‬
‫كثية من القرآن الكري بقوله ولفظه‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪:‬‬
‫أ‪ -‬ما جاء ف ال صحيحي عن ك عب بن عجرة ف‬
‫تفسي قوله تعال‪( :‬فَمَن كَا َن مِنكُم َمرِيضًا أَو بِهِ َأذًى مِن‬
‫ُسضكٍ) [البقرة‪:‬‬
‫صض َد َقةٍ أَو ن ُ‬
‫صضيَا ٍم أَو َ‬
‫َأسضِه َففِدَيةٌ م ِن ِ‬
‫ر ِ‬
‫سكٍ) يتاج‬ ‫ص َد َقةٍ أَو نُ ُ‬
‫‪ ،]196‬فقوله‪( :‬مِن صِيَا ٍم أَو َ‬
‫إل تفسي‪ ،‬فهو ممل‪ ،‬ما الصيام؟ ما مقداره؟ ما الصدقة؟‬
‫ما النسك؟‬
‫‪53‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫قال كعبب‪" :‬كان بب أذى مبن رأسبي فحُملت إل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ما ك نت أرى أن ال هد بلغ م نك ما أرى‪ ،‬أت د‬
‫صيَا ٍم أَو‬
‫شاة؟ فقلت‪ :‬ل‪ ،‬فنبزلت هذه الية‪َ ( :‬ففِدَيةٌ مِن ِ‬
‫ك)‪ ،‬قال‪ :‬صضوم ثل ثة أيام‪ ،‬أو إطعام سضتة‬ ‫صَضَدَقةٍ أَو نُسُض ٍ‬
‫م ساكي‪ ،‬ن صف صاع طعامًا ل كل م سكي"(‪ .)56‬فبيّن‬
‫عليه الصلة والسلم تفسي هذه الية ف هذا الديث‪.‬‬
‫ب‪ -‬قوله تعال‪( :‬يَو َم يَأتِي بَعضُ آيَاتِ َربّكَ ل يَنفَ ُع‬
‫نَفسًا إِيَاُنهَا لَم تَكُن آمَنَت مِن قَب ُل أَو كَسَبَت فِي إِيَانِهَا‬
‫خَيًا) [النعام‪.]158:‬‬
‫بيّن ها ر سول ال صلى ال عل يه و سلم بأن ذلك ح ي‬
‫تطلع الش مس من مغرب ا‪ ،‬فقال‪" :‬ل تقوم ال ساعة ح ت‬
‫تطلع الش مس من مغرب ا‪ ،‬فإذا طل عت من مغرب ا آ من‬
‫َعض نَفسضًا إِيَانُهَا لَم‬
‫الناس كلهضم أجعون‪ ،‬فيومئذ (ل يَنف ُ‬
‫تَكُن آمَنَت مِن قَبلُ أَو َكسَبَت فِي إِيَاِنهَا خَيًا)"(‪.)57‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪54‬‬
‫للقرآن‬
‫ج‪ -‬كذلك ما ورد ف صحيح م سلم عن عق بة بن‬
‫عامر رضي ال عنه قال‪" :‬سعت رسول ال صلى ال عليه‬
‫و سلم و هو على ال نب يقول‪َ ( :‬وأَ ِعدّوا لَهُم مَا ا ستَطَعتُم‬
‫مِن ُق ّوةٍ)‪ ،‬أل إن القوة الرمضي‪ ،‬أل إن القوة الرمضي‪ ،‬أل‬
‫إن القوة الرمي"(‪.)58‬‬
‫فف سّر القوة بالر مي؛ والراد الر مي ب كل ش يء سواء كان‬
‫بال سهام ك ما ف وقت هم‪ ،‬أو بالدفع ية والطائرات وال صواريخ ف‬
‫وقتنا هذا‪.‬‬
‫د ‪ -‬ما جاء ف الصحيحي من حديث عائشة رضي ال‬
‫ب أن رسبول ال صبلى ال عليبه وسبلم قال‪" :‬ليضس أحضد‬ ‫عنه ا‬
‫ياسب يوم القيامة إل هلك"‪ ،‬فقالت عائشة رضي ال عنها‪:‬‬
‫" يا ر سول ال‪ ،‬أل يس قد قال ال تعال‪َ( :‬فَأّم ا مَن أُوِت َي ِكتَاَب ُه‬
‫سيًا)؟ " فقال رسول ال صلى‬ ‫ب ِحسَابًا َي ِ‬
‫ف ُيحَا َس ُ‬ ‫‪.‬‬
‫ِبَيمِيِن ِه َفسَو َ‬
‫ال عليبه وسبلم‪" :‬إناض ذلك العرض‪ ،‬وليضس أحضد يناقضش‬
‫الساب يوم القيامة إل ُعذّب"(‪.)59‬‬
‫‪55‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫فببيّن صبلى ال عليبه وسبلم أن القصبود بالسباب‬
‫اليسبي‪ ،‬هبو أن تعرض على العببد أعماله وذنوببه ول‬
‫يناقش فيها‪ ،‬وإلّ لو نوقش الساب عُذّب‪.‬‬
‫ه ب ‪ -‬و ما جاء ف ال صحيحي من حد يث الباء‪ ،‬ف‬
‫ت ال اّلذِي نَ آمَنُوا بِالقَو ِل الثّابِ تِ‬ ‫تف سي قوله تعال‪( :‬يُثَبّ ُ‬
‫فِي الَيَاةِ الدّنيَا وَفِي الخِ َرةِ)‪.‬‬
‫قال صلى ال عل يه و سلم‪" :‬إذا أُق عد الؤ من ف قبه‪،‬‬
‫أُتض‪ ،‬ثض شهضد أن ل إله إل ال‪ ،‬وأن ممدا رسضول ال‪،‬‬
‫ت)"(‪.)60‬‬
‫ت ال اّلذِينَ آ َمنُوا بِالقَو ِل الثّاِب ِ‬
‫فذلك قوله‪ُ( :‬يَثّب ُ‬
‫وأمثلة ذلك كثية جدّا‪.‬‬
‫الثانبي‪ :‬مبا جاء فبي السبنة النبويبة اسبتنباطًا‬
‫واستقراء من القرآن الكريم‪:‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪56‬‬
‫للقرآن‬
‫أحيانًــا تكون المعانـــي الواردة فـــي النصـــوص‬
‫ل لمعانــي آيات الكتاب العزيــز‪ ،‬وهذا‬‫النبويــة تفصــي ً‬
‫الضرب لطيــف‪ ،‬فتأتــي إلى معنــى جاء فــي الســنة‬
‫فتســتخرج مــن القرآن مــا يدل عليــه‪ ،‬وهذا أســلوب‬
‫لطيف عُني به الحافظ ابن كثير في تفسيره‪.‬‬
‫وبعض طلبة العلم في هذا العصر يحاولون أن‬
‫يجمعوا كتابًا يشمـل كـل مـا ورد فـي السـنة النبويـة‬
‫ممـا يعتـبر مسـتخرجًا مـن القرآن الكريـم اسـتنباطًا‬
‫من النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومن لطيف ذلك‪:‬‬
‫أ ‪ -‬قوله صـــلى ال عليـــه وســـلم ‪-‬كمـــا فـــي‬
‫الصـحيح‪" :-‬أقرب مبا يكون العببد مبن رببه وهبو‬
‫سباجد"(‪ ،)61‬ففـي القرآن الكريـم آيـة تدل على هذا‬
‫المعنـى‪ ،‬وهـي قوله تعالى‪َ ( :‬كلّ ل ُتطِعهُب وَاسبجُد‬
‫وَاقتَرِب) [العلق‪.]19:‬‬
‫‪57‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫ب ‪ -‬أيضًا قوله صلى ال عليه وسلم ‪-‬كما في‬
‫صـحيح مسـلم‪" :-‬إذا دخبل الرجبل بيتبه‪ ،‬فذكبر ال‬
‫عند دخوله وعند طعامه‪ ،‬قال الشيطان‪ :‬ل مبيت‬
‫لكبببم ول عشاء‪ ،‬وإذا دخبببل فلم يذكبببر ال عنبببد‬
‫دخوله‪ ،‬قال الشيطان‪ :‬أدركتبببم المببببيت‪ ،‬وإذا لم‬
‫يذكبببر ال عنبببد طعامبببه‪ ،‬قال‪ :‬أدركتبببم المببببيت‬
‫والعشاء"(‪.)62‬‬
‫فاليـــة التـــي تدل على هذا المعنـــى هـــي قوله‬
‫ك‬
‫ت مِنهُبم بِص بَو ِت َ‬
‫تعالى‪( :‬وَاس بتَفزِز مَن ِب اس ب َتطَع َ‬
‫ك َوشَارِكهُم فِي الموَا ِل‬ ‫جِل َ‬
‫ك َو َر ِ‬‫علَيهِم ِبخَيِل َ‬
‫َوأَجلِب َ‬
‫وَالول ِد َوعِدهُم) [السراء‪ ،]64:‬فمن مشاركته في‬
‫الموال‪ ،‬أن يأكـــل الشيطان ويشرب وينام معـــك‪،‬‬
‫إذا لم تذكر ال تعالى‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪58‬‬
‫للقرآن‬
‫ج‪ -‬أيضًا قوله صـلى ال عليـه وسـلم يوم الحزاب‪:‬‬
‫"شغلونا عن الصلة الوسطى صلة العصر‪ ،‬مل ال‬
‫بيوتهبم وقبورهبم نارًا "(‪ ،) 63‬والحديـث نفسـه جاء فـي‬
‫صـحيح مسـلم عـن ابـن مسـعود(‪ ،)64‬فكأن الحديـث‬
‫تفســير للصــلة الوســطى الواردة فــي قوله تعالى‪:‬‬
‫ت وَالصّل ِة الوُسطَى) [البقرة‪:‬‬
‫صَلوَا ِ‬
‫علَى ال ّ‬
‫(حَا ِفظُوا َ‬
‫‪.]238‬‬
‫وفــي القرآن الكريــم آيــة تدل على هذا وهــي‬
‫قوله تعالى‪( :‬يَا أَ ّيهَا الّذِينَ آمَنُوا لِيَستَأذِنكُ ُم الّذِينَ‬
‫حلُمَب مِنكُم ثَلثَب‬ ‫َملَكَت أَيمَانُكُم وَالّذِينَب لَم يَبلُغُوا ال ُ‬
‫ضعُونَ ثِيَابَكُم‬‫مَرّاتٍ مِن قَبلِ صَل ِة الفَج ِر َوحِينَ تَ َ‬
‫مِنببَب الظّهِي َر ِة وَمِببن بَعدِ صبببَلةِ ال ِعشَاءِ) [النور‪:‬‬
‫‪.]58‬‬
‫‪59‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫ويمكـن أن يسـتأنس بهذه اليـة على أن الرسـول‬
‫صـلى ال عليـه وسـلم فهـم أن الصـلة الوسـطى هـي‬
‫صــلة العصــر مــن القرآن الكريــم‪ ،‬فهذه اليــة تدل‬
‫على أن الوقات تبتدئ بالفجــر وتنتهــي بالعشاء…‬
‫إذًا يكون الوقـت الوسـط هـو العصـر‪ ،‬وقبله الفجـر‬
‫والظهــر‪ ،‬وبعده المغرب والعشاء‪ ،‬فقــد بدأ ال تعالى‬
‫بقوله‪( :‬قَب ِل صبَل ِة الفَج ِر)‪ ،‬وانتهـى بقوله‪( :‬وَمِن بَع ِد‬
‫ص بَل ِة ال ِعشَا ِء)‪ ،‬فأول الوقات هــو الفجــر وآخرهــا‬
‫العشاء‪.‬‬
‫ولذلك كان مســلك بعــض الفقهاء وكثيــر مــن‬
‫المحدّثيـن فـي ذكـر المواقيـت فـي كتـب الفقـه‪ ،‬أن‬
‫يبدأوا بميقات صلة الفجر‪ ،‬ثم الظهر‪ ،‬ثم العصر‪،‬‬
‫ثم المغرب‪ ،‬ثم العشاء‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪60‬‬
‫للقرآن‬
‫د – ومنـــه أن بنـــي ســـلمة ‪-‬وهـــم حـــي مـــن‬
‫النصـار‪ -‬أرادوا أن يتحولوا بمنازلهـم قرب مسـجد‬
‫رسـول ال – صـلى ال عليـه وسـلم‪ ،‬فلمّاـ علم بذلك‬
‫النـبى صـلى ال عليـه وسـلم‪ ،‬قال‪" :‬يبا بنبي سبلمة‪،‬‬
‫دياركببم تكتببب آثاركببم"(‪ ،)65‬يعنــي‪ :‬الزموا دياركــم‬
‫وابقوا فيها‪.‬‬
‫وكأنه صلى ال عليه وسلم كره أن يخلوا أنحاء‬
‫المدينـة‪ ،‬وأحـب أن يكون أهـل الخيـر منتشريـن فـي‬
‫البلد‪ ،‬ول يكونون موجوديــن فقــط حول المســجد‪،‬‬
‫وتخلو بقية الحياء عنهم‪.‬‬
‫وقــد يكون صــلى ال عليــه وســلم فهــم ذلك‬
‫واســـتنبطه مـــن قوله تعالى‪( :‬إِنّاببب نَحن ببُ نُحيِببي‬
‫المَوتَى وَنَكتُب بُ مَا قَدّمُوا وَآثَارَهُم) [يــس‪،]12:‬‬
‫فمن الثار التي تُكتب خطى النسان إلى المسجد‬
‫ذهابًا وإيابًا‪.‬‬
‫‪61‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫هـــ‪ -‬أيضًا قوله صــلى ال عليــه وســلم ‪" :-‬ل‬
‫يمبببس القرآن إل طاهبببر"(‪ ،)66‬والحديـــث حســـن‬
‫بمجموع طرقـــه وله مـــا يشهـــد له‪ ،‬والمقصـــود‬
‫بالطاهـــر على الراجـــح مـــن أقوال أهـــل العلم‬
‫الطاهر من الحدثين الكبر والصغر‪.‬‬
‫فقد يكون الرسول صلى ال عليه وسلم استنبط‬
‫‪.‬‬
‫ذلك مــن قوله تعالى‪ِ( :‬إنّهُب َلقُرآنٌب َكرِيمٌب فِي ِكتَابٍب‬
‫‪.‬‬
‫ط ّهرُونبَب تَنزِي ٌل مِبن رَبّب‬ ‫‪.‬‬
‫مَكنُونبٍب ل َيمَسبّب ُه ِإ ّل ال ُم َ‬
‫العَاَلمِينبَب) [الواقعـــة‪ ،]80-77 :‬فقوله‪ِ( :‬إنّهبُب َلقُرآنبٌب‬
‫َكرِيمبٌب) كــل مــا بعده وصــف له‪ ،‬فهــو (فِبي ِكتَاب ٍب‬
‫ط ّهرُونبَب)‪ ،‬وهــو‬ ‫مَكنُونبٍب)‪ ،‬وهــو (ل َيمَسبّب ُه ِإ ّل ال ُم َ‬
‫(تَنزِي ٌل مِن رَبّ العَاَلمِينَب)؛ ولذلك اسـتدل أهـل العلم‬
‫على تحريـم مـس المصـحف لغيـر المتوضـئ بهذه‬
‫الية‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬بيان أسباب نزول القرآن الكريم‪:‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪62‬‬
‫للقرآن‬
‫ول شك أن من يعلم سبب نزول القرآن يكون‬
‫أقدر على فهـم اليات‪ ،‬وربطهـا بسـبب النــزول‪،‬‬
‫ومعرفــــة على أي وجــــه أُنزلت‪ ،‬وأضرب على‬
‫ذلك بعض المثلة‪:‬‬
‫‪63‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫أ‪ -‬ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن‬
‫الزهري عــن عروة بــن الزبيــر أنــه قال‪" :‬ســألت‬
‫عائشـة رضـي ال عنهـا‪ ،‬فقلت لهـا‪ :‬أرأيـت قول ال‬
‫حجّ‬ ‫شعَا ِئ ِر ال َفمَن َ‬‫تعالى‪ِ( :‬إنّ الصّبفَا وَالمَر َو َة مِن َ‬
‫علَيه ِب أَن َي ّطوّفَب ِبهِمَبا )‬
‫جنَاح َب َ‬ ‫البَيت َب َأ ِو اع َت َم َر فَل ُ‬
‫ل‬ ‫[البقرة‪ ،]158 :‬فوال مـــا على أحــــد جناح أن‬
‫يطُوف بالصفا والمروة‪ ،‬قالت‪ :‬بئس ما قلت يا ابن‬
‫أختـي‪ ،‬إن هذه لو كانـت كمـا أوّلتهـا عليـه‪ ،‬كانـت‪ :‬ل‬
‫جناح عليــه أن ل يتطوف بهمــا‪ ،‬ولكنهــا أُنزلت فــي‬
‫النصـار‪ ،‬كانوا قبـل أن يسـلموا يهلّون لمناة الطاغيـة‪،‬‬
‫شلّل‪ ،‬فكان من أه ّل يتحرج‬ ‫التي كانوا يعبدونها عند ال ُم َ‬
‫أن يطوف بالصفا والمروة‪ ،‬فلما أسلموا سألوا رسول‬
‫ال صـلى ال عليـه وسـلم عـن ذلك‪ ،‬قالوا‪ :‬يـا رسـول‬
‫ال‪ ،‬إنــا كنــا نتحرج أن نطوف بيــن الصــفا والمروة‪،‬‬
‫شعَاِئ ِر ال)‬‫فأنزل ال تعالى‪( :‬إِنّ الصّبفَا وَالمَر َو َة مِن َ‬
‫الية‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪64‬‬
‫للقرآن‬
‫قالت عائشة رضي ال عنها‪ :‬وقد سنّ رسول‬
‫ال صـلى ال عليـه وسـلم الطواف بينهمـا‪ ،‬فليـس‬
‫لحد أن يترك الطواف بينهما‪.‬‬
‫ت أبا بكر بن عبد الرحمن فقال‪ :‬إن هذا‬ ‫ثم أخبر ُ‬
‫ت رجا ًل مـن أهـل‬‫لعلم مـا كنـت سـمعتُه‪ ،‬ولقـد سـمع ُ‬
‫العلم يذكرون‪ :‬أن الناس ‪-‬إل مـن ذكرت عائش ُة ممـن‬
‫كان يهل بمناة‪ -‬كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة‪،‬‬
‫فلمـا ذكـر ال تعالى الطواف بالبيـت ولم يذكـر الصـفا‬
‫والمروة في القرآن‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬كنا نطوف‬
‫بالصــفا والمروة‪ ،‬وإن ال أنزل الطواف بالبيــت فلم‬
‫يذكر الصفا‪ ،‬فهل علينا من حرج أن نطوف بالصفا‬
‫والمروة؟ فأنزل ال تعالى‪( :‬إن الصببفا والمروة مببن‬
‫شعائر ال) الية‪.‬‬
‫‪65‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫قال أبـــو بكـــر‪ :‬فأســـم ُع هذه اليـــة نزلت فـــي‬
‫الفريقيـــن كليهمـــا؛ فـــي الذيـــن كانوا يتحرجون أن‬
‫يطوفوا بالجاهليـة بالصـفا والمروة‪ ،‬والذيـن يطوفون‬
‫ثـم تحرجوا أن يطوفوا بهمـا فـي السـلم‪ ،‬مـن أجـل‬
‫أن ال تعالى أمر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا‪،‬‬
‫حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت"(‪.)67‬‬
‫إذن اليــــــة نزلت لمريــــــن‪ :‬الول‪ :‬لتقول‬
‫للنصـار‪ :‬طوفوا بيـن الصـفا والمروة خلفًا لمـا‬
‫كنتــم تفعلونــه فــي الجاهليــة يوم أن كنتــم تُهلّون‬
‫لمناة‪.‬‬
‫والثانـي‪ :‬لتقول للمهاجريـن ولسـائر المسـلمين‪:‬‬
‫طوفوا بالصــفا والمروة وإن كنتــم تطوفون بهمــا‬
‫فـي الجاهليـة؛ لن هذا مـن شعائر ال‪ ،‬وليـس مـن‬
‫عادات الجاهلية‪.‬‬
‫فمعرفـة سـبب النــزول هاهنـا تـبيّن معنـى اليـة‬
‫بيانًا شافيًا‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪66‬‬
‫للقرآن‬
‫جنَاحٌب أَن تَب َتغُوا‬
‫علَيكُبم ُ‬
‫ب‪ -‬قوله تعالى‪( :‬لَيس َب َ‬
‫ع َرفَاتٍب فَاذ ُكرُوا ال‬
‫ل مِن َربّكُم َفِإذَا َأفَضتُم مِن َ‬ ‫فَض ً‬
‫حرَامِ) [البقرة‪ ،]198:‬ما هو المقصود‬ ‫عِن َد المَش َع ِر ال َ‬
‫بالفضــل؟ يحتمــل أن يكون هــو الذكــر‪ ،‬والدعاء‪،‬‬
‫والجـر‪ ...‬واليـة شاملة جامعـة لهذا كله‪ ،‬لكـن مـن‬
‫معاني الفضل التجارة في الحج‪.‬‬
‫وقـــد جاء عـــن ابـــن عباس رضـــي ال تعالى‬
‫عنهمــا أنــه قال‪ :‬كانــت عكاظ ومجنــة وذو المجاز‬
‫أســـواقًا فـــي الجاهليـــة‪ ،‬فتأثّموا أن يتّجروا فـــي‬
‫جنَاحٌب أَن تَب َتغُوا‬
‫علَيكُم ُ‬
‫المواسـم‪ ،‬فنــزلت‪( :‬لَيسَب َ‬
‫ل مِن َربّكُم) فـي مواسـم الحـج"(‪ ،)68‬أي ليـس‬ ‫فَض ً‬
‫عليهـم جناح أن يذهبوا للحـج ويتاجروا فيـه‪ ،‬فـبيّن‬
‫ب النـزول معنى الية‪.‬‬ ‫سب ُ‬
‫‪67‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫علَى التّقوَى‬ ‫س َ‬ ‫ج‪ -‬قوله تعالى‪( :‬لَمَس بجِدٌ أُس بّ َ‬
‫حقّ أَن َتقُو مَ فِي هِ فِي هِ ِرجَالٌ ُيحِبّو نَ‬
‫مِن َأ ّولِ يَو مٍ َأ َ‬
‫طهّرِينببببَ) [التوبــــة‪:‬‬ ‫طهّرُوا وَال ُيحِبّببب ال ُم ّ‬ ‫أَن َي َت َ‬
‫‪ ،]108‬ما المقصود بالتطهر؟‬
‫ثبـت عنـد أبـي داود والترمذي وابـن ماجـة مـن‬
‫حديـث أبـي هريرة رضـي ال عنـه‪ ،‬وهـو حديـث‬
‫صـحيح بمجموع طرقـه‪ ،‬أن هذه اليـة نزلت فـي‬
‫أهــــل قباء‪ ،‬قال‪" :‬كانوا يســــتنجون بالماء"(‪،)69‬‬
‫يعني‪ :‬يستخدمون الماء في الستنجاء‪.‬‬
‫وفـي روايـة عنـد البزار‪" :‬أنهـم كانوا يتبعون‬
‫الحجارة بالماء"(‪ ،)70‬وهذه روايـــة ضعيفـــة جدّا‪.‬‬
‫فلم يكونوا يتبعون الحجارة بالماء‪ ،‬يعنــــــــــــــي‬
‫يسـتنجون بالحجارة ثـم الماء؛ بـل كانوا يسـتنجون‬
‫بالماء ل بالحجارة‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪68‬‬
‫للقرآن‬
‫علَى‬‫ن فِببي النّا ِر َ‬ ‫د‪ -‬قوله تعالى‪( :‬يَومببَب يُسببب َحبُو َ‬
‫‪.‬‬
‫ُوجُو ِههِم ذُوقُوا مَسّب سَبَق َر ِإنّا ُك ّل شَي ٍء َخلَقنَاهُب ِب َق َد ٍر)‬
‫[القمر‪.]49 ،48 :‬‬
‫هذه اليــة يســتدل بهــا أهــل الســنة والجماعــة‬
‫على إثبات القدر‪ ،‬وأن كل شيء بقدر‪ ،‬أي بقضاء‬
‫مـن عنـد ال تعالى‪ ،‬وقـد رأيـت بعـض مـن ينكـر‬
‫ذلك‪ ،‬يقول‪ :‬إن معنـــى اليـــة خلقناه بقدر‪ ،‬يعنـــي‬
‫مقدرًا مفصـلً مناسـبًا لوانــه وزمانــه‪ ،‬ول مانــع‬
‫بأن يكون هذا جزءًا مـن معنـى اليـة‪ ،‬لكـن أيضًا‬
‫بقدر يعني‪ :‬مكتوب عند ال تعالى‪.‬‬
‫والذي يفصـل فـي هذا ويـبيّن المعنـى الصـحيح‬
‫للقدر‪ ،‬ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة‬
‫قال‪" :‬جاء مشركـو قريـش يخاصـمون رسـول ال‬
‫صــلى ال عليــه وســلم فــي القدر‪ ،‬فنـــزلت‪( :‬يَومبَ‬
‫علَى ُوجُوهِهِبم ذُوقُوا مَسببّ‬ ‫يُسببحَبُونَ فِبي النّا ِر َ‬
‫خلَقنَاهُ ِبقَدَرٍ)"(‪.)71‬‬
‫سقَرَ إِنّا ُكلّ شَي ٍء َ‬
‫َ‬ ‫‪.‬‬
‫‪69‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫الرابع‪ :‬بيان القرآن بالفعل‪:‬‬
‫قال بعــض الئمــة المهتديــن فــي هذا العصــر‬
‫‪-‬لمّاـ سـئل عـن تفسـير القرآن‪ :-‬أعظـم كتاب يُفهـم‬
‫منه تفسير القرآن هو سيرة النبي صلى ال عليه‬
‫وســلم؛ لن ســيرة النــبي صــلى ال عليــه وســلم‬
‫عبارة عـن ترجمـة عمليـة للقرآن الكريـم‪ ،‬بأقواله‪،‬‬
‫وأفعاله‪ ،‬وتقريراته عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫ولذلك لمــا ســئلت عائشــة رضــي ال عنهــا عــن‬
‫خلقه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬قالت‪" :‬فإن خلق نبي ال‬
‫صــلى ال عليــه وســلم كان القرآن"(‪ )72‬ويقول جابر‬
‫أيضًا في حديثه الطويل في سياق حجة النبي صلى‬
‫ال عليـه وسـلم‪" :-‬ورسـو ُل ال صـلى ال عليـه وسـلم‬
‫بيــن أظهرنــا‪ ،‬وعليــه ينـــزل القرآن‪ ،‬وهــو يعرف‬
‫تأويله‪ ،‬ومـا عمـل بـه مـن شيـء عملنـا بـه" (‪ ،)73‬يعنـي‬
‫في الحج وغير الحج‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪70‬‬
‫للقرآن‬
‫ومــن أمثلة أعمال الرســول صــلى ال عليــه‬
‫وسلم التي هي تفسير للقرآن‪:‬‬
‫أ ‪ -‬صلته عليه الصلة والسلم‪ ،‬فقد صلّى وقال‪:‬‬
‫"صببلوا كمببا رأيتمونببي أصببلي "(‪ ،)74‬فالصــلة كلهــا‬
‫داخلة تحـت قوله تعالى‪َ ( :‬وَأقِيمُوا الصبّل َة) [البقرة‪43 :‬‬
‫]‪ ،‬وصلته تفسير لهذه الية‪.‬‬
‫ب ‪ -‬حجه عليه الصلة والسلم‪ ،‬فقد حجّ وأدى‬
‫المناسـك كلهـا؛ مـن الحرام‪ ،‬والطواف‪ ،‬والسـعي‪،‬‬
‫والوقوف‪ ،‬والنحر‪ ،‬وغيرها‪ ،...‬وقال‪" :‬خذوا عني‬
‫مناسككم"(‪ ،)75‬فكل أعمال الرسول صلى ال عليه‬
‫وسـلم فـي الحـج داخلة فـي تفسـير قوله تعالى‪( :‬وَل‬
‫ت) [آل عمران‪.]97:‬‬ ‫ج البَي ِ‬
‫حّ‬
‫س ِ‬
‫علَى النّا ِ‬
‫َ‬
‫ج ‪ -‬وهكذا بيّنـ لنـا أحكام الصـيام بعمله صـلى‬
‫ال عليــه وســلم‪ ،‬فكلهــا داخلة تحــت قوله تعالى‪:‬‬
‫علَيكُمُ الصّيَامُ) [البقرة‪.]183:‬‬
‫ب َ‬
‫(كُتِ َ‬
‫‪71‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫د‪ -‬وبيّنـ لنـا مقاديـر الزكاة‪ ،‬فكلهـا تفسـير لقوله‬
‫تعالى‪( :‬وَآتُوا الزّكَاةَ) [البقرة‪.]43:‬‬
‫هـ‪ .‬ومن المثلة التفصيلية لذلك‪:‬‬
‫يقول ال تعالى‪َ( :‬أقِم ِب الص بّل َة ِل ُدلُوك ِب الشّمس ِب‬
‫ق اللّي ِل َوقُرآنَب الفَج ِر إِنّ قُرآنَب الفَج ِر كَانَب‬
‫ِإلَى غَسَب ِ‬
‫مَشهُودًا) [الســراء‪ ،]78:‬هذه اليــة تحدد مواقيــت‬
‫الصلوات الخمس‪.‬‬
‫وقد أتاه صلى ال عليه وسلم سائل يسأله عن‬
‫مواقيـت الصـلة‪ ،‬فلم يرد عليـه شيئًا‪ :‬فأقام الفجـر‬
‫حين انشق الفجر‪ ،‬والناس ل يكاد يعرف بعضهم‬
‫بعضًا‪ ،‬ثم أمره فأقام بالظهر حين زالت الشمس‪،‬‬
‫والقائل يقول‪" :‬قد انتصف النهار" وهو كان أعلم‬
‫منهم‪ ،‬ثم أمره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة‪ ،‬ثم‬
‫أمره فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس‪ ،‬ثم أمره‬
‫فأقام العشاء حين غاب الشفق‪.‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪72‬‬
‫للقرآن‬
‫ثـم أخّرـ الفجـر مـن الغـد‪ ،‬حتـى انصـرف منهـا‬
‫والقائل يقول‪" :‬قد طلعت الشمس أو كادت"‪ ،‬ثم أخّر‬
‫الظهر حتى كان قريبًا من وقت العصر بالمس‪ ،‬ثم‬
‫أخّرـ العصـر حتـى انصـرف منهـا والقائل يقول‪" :‬قـد‬
‫احمرّت الشمـس"‪ ،‬ثـم أخّرـ المغرب حتـى كان عنـد‬
‫سـقوط الشفـق‪ ،‬ثـم أخّرـ العشاء حتـى كان ثلث الليـل‬
‫الول‪ ،‬ثـم أصـبح فدعـا السـائل‪ ،‬فقال‪" :‬الوقبت بيبن‬
‫هذين"(‪.)76‬‬
‫و‪ -‬ومثله أيضًا‪ :‬قول ال عز وجل عن السعي‬
‫علَيهِب أَن‬
‫جنَاحَب َ‬
‫بيـن الصـفا والمروة فـي الحــج‪( :‬فَل ُ‬
‫ف ِبهِمبا) [البقرة‪ ،]185:‬وهذا يدل على أنـه ل‬ ‫َيطّبب ّو َ‬
‫يحرم السعي بين الصفا والمروة ول يجب أيضًا‪،‬‬
‫علِم أنه واجب؛‬ ‫لكن لما فعله صلى ال عليه وسلم ُ‬
‫ولذلك قالت عائشـة رضـي ال عنهـا ‪-‬كمـا سـبق‪:-‬‬
‫"مـا أتـم ال حـج امرئ ول عمرتـه‪ ،‬لم يَطُف بيـن‬
‫الصفا والمروة"(‪.)77‬‬
‫‪73‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫فكــل أفعاله وأقواله صــلى ال عليــه وســلم هــي‬
‫بيان للقرآن الكريـم؛ ولذلك قال الشافعـي رحمـه ال‪:‬‬
‫"كل ما حكم به رسول ال صلى ال عليه وسلم فهو‬
‫مما فهمه من القرآن"(‪.)78‬‬
‫وبذلك نعلم أن القرآن والســــــنة متلزمان ‪ ،‬ل‬
‫يفترقان إلى يوم القيامـة‪ ،‬ول يُسـتغنى بأحدهمـا عـن‬
‫الخر‪ ،‬وأنه ل يمكن أن نفهم القرآن إل على ضوء‬
‫السنة‪.‬‬
‫نســأل ال تعالى أن يرزقنــا الفقــه فــي كتابــه‬
‫والعمـل بـه‪ ،‬وصـلى ال وسـلم على نبينـا محمـد‪،‬‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫***‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪74‬‬
‫للقرآن‬

‫فهرس‬
‫الموضوع‬
‫الصفحة‬
‫‪75‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬

‫‪3‬‬ ‫مقبدمة ‪..........................................‬‬

‫‪6‬‬ ‫الفصببل الول‪ :‬خصببائص القرآن الكريببم‬


‫‪.......‬‬
‫‪7‬‬ ‫الخاصــــــــــية الولى‪ :‬الحفـــــــــــظ‬
‫‪.....................‬‬
‫‪9‬‬ ‫الخاصــــية الثانيــــة‪ :‬الشمول والكمال‬
‫‪............‬‬
‫الخاصــــية الثالثــــة‪ :‬الحــــق المطلق ‪10‬‬
‫‪..................‬‬

‫الفصبببل الثانبببي‪ :‬عنايبببة المببة بتفسبببير ‪14‬‬


‫القرآن الكريم‬
‫عنايـة الصـحابة بتفسـير القرآن الكريـم ‪14‬‬
‫‪........‬‬
‫عنايـة التابعيـن بتفسـير القرآن الكريـم ‪16‬‬
‫‪..........‬‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪76‬‬
‫للقرآن‬
‫المصــــــــنفات فــــــــي التفســـــــــير ‪17‬‬
‫‪.......................‬‬

‫الفصبببببببل الثالث‪ :‬البلغ النبوي للقرآن ‪20‬‬


‫الكريم ‪.‬‬
‫أولً‪ :‬بلغ اللفاظ ‪21 ...........................‬‬
‫ثانيًــــــــــــــا‪ :‬بلغ المعانــــــــــــــي ‪24‬‬
‫‪.............................‬‬

‫الفصببل الرابببع‪ :‬تفســير الصــحابة للقرآن ‪28‬‬


‫الكريم ‪..‬‬
‫أسباب اختلف الصحابة في فهم القرآن ‪30‬‬
‫الكريم‬
‫الفصل الخامس‪ :‬أنواع بيان السنة للقرآن ‪37‬‬
‫الكريم‬
‫الول‪ :‬بيان القرآن بالقول (بالنــــص) ‪39‬‬
‫‪.........‬‬
‫‪77‬‬ ‫التفسير النبوي‬
‫للقرآن‬
‫الثاني‪ :‬ما جاء في السنة النبوية استنباطًا‬
‫واســــتقرا ًء مــــن القرآن الكريــــم‬
‫‪42‬‬ ‫‪........................‬‬
‫الثالث‪ :‬بيان أســــــــباب نزول القرآن ‪47‬‬
‫الكريم ‪....‬‬
‫الرابـــــــــع‪ :‬بيان القرآن بالفعـــــــــل ‪52‬‬
‫‪...................‬‬

‫‪57‬‬ ‫فهبرس ‪..........................................‬‬

‫‪59‬‬ ‫الهوامش ‪...................................‬‬

‫***‬
‫التفسير النبوي‬ ‫‪78‬‬
‫للقرآن‬

‫الهــوامش‬
‫أخرجــه أحمــد ( ‪ ،)17174‬والدارمــي ( ‪ ،)606‬وأبــو داود ( ‪ ،)4594‬والترمذي ( ‪،)2664‬‬ ‫‪1‬‬

‫وابـن ماجـة ( ‪ ،)12‬والمروزي فـي السـنة ( ‪ ،)244‬والطـبراني فـي مسـند الشامييـن (‪،)1061‬‬
‫من حديث المقدام بن معديكرب الكندي‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن غريب من هذا الوجه‪ .‬اهـ‪،‬‬
‫وقد صححه الشيخ اللباني في صحيح الجامع ( ‪.)2643‬‬
‫أخرجــه الدارمـي (‪ ،)3399‬وعبــد ال بـن أحمــد فـي الســنة (‪ ،)128‬والترمذي ( ‪،)2926‬‬ ‫‪2‬‬

‫والبيهقـي فـي شعـب اليمان ( ‪ ،)2015‬مـن حديـث أبـي سـعيد الخدري رضـي ال عنـه‪ .‬وقال‬
‫الترمذي‪ :‬حديـث حسـن غريـب‪ .‬اهــ‪ ،‬وقال المباركفوري فـي تحفـة الحوذي ( ‪ :)8/197‬قال‬
‫الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث‪ :‬رجاله ثقات إل عطية العوفي ففيه ضعف اهـ‪ .‬قلت‪:‬‬
‫وفي سنده محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني وهو أيضًا ضعيف‪ .‬قال الحافظ في تهذيب‬
‫التهذيب في ترجمته‪ :‬قال الذهبي‪ :‬حسّن الترمذي حديثه فلم يَحسُن‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫تفسير القرطبي ( ‪.)6 ،10/5‬‬
‫‪4‬‬
‫أخرجـه ابـن غزوان فـي الدعاء ( ‪ ،)15‬وابـن ماجـة ( ‪ ،)4049‬ونعيـم بـن حماد فـي الفتـن (‬
‫‪ ،)1665‬والبزار ( ‪ ،)2838‬والحــاكم ( ‪ ،)8460‬والبيهقـي فـي شعـب اليمــــان ( ‪،)2028‬‬
‫والخطيب البغدادي في تــاريخ بغداد ( ‪ ،)1/400‬من حديث حذيفة بن اليمان رضي ال عنه‪.‬‬
‫قال الحاكم‪ :‬حديث صحيح على شرط مسلم‪ ،‬وقال البوصيري في مصباح الزجاجة ( ‪4/194‬‬
‫)‪ :‬إسناد صحيح رجاله ثقات‪.‬اهـ‪ ،‬وقد صحح الحديث اللباني في صحيح الجامع ( ‪.)8077‬‬
‫اشتهـر بالتفسـير مـن الصـحابة عشرة‪ :‬الخلفاء الربعـة‪ ،‬وابـن مسـعود‪ ،‬وابـن عباس‪ ،‬وأبيّـ بـن‬ ‫‪5‬‬

‫كعب‪ ،‬وزيد بن ثابت‪ ،‬وأبو موسى الشعري‪ ،‬وعبد ال بن الزبير‪ .‬وأكثر من روي عنه من‬
‫الخلفاء الربعة هو علي بن أبي طالب رضي ال عنه‪ ،‬والرواية عن الثلثة الولين قليلة جدّا‪.‬‬
‫انظر‪ :‬التقان ( ‪.)2/493‬‬
‫عبـد ال بـن العباس بـن عبـد المطلب بـن عبـد مناف القرشـي الهاشمـي‪ ،‬أبـو العباس‪ ،‬ابـن عـم‬ ‫‪6‬‬

‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬ولد قبل الهجرة بثلث سنوات‪ ،‬وتوفي رضي ال عنه سنة (‬
‫‪)68‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬الصابة ( ‪.)151-4/141‬‬
‫‪7‬‬
‫أخرج ابـن أبــي شيبـة فـي المصـنف ( ‪ ،)32220‬وأحمـد فــي فضائل الصــحابة ( ‪،)1556‬‬
‫والحاكم في المستدرك ( ‪ ،)6291‬والبيهقي في المدخل إلى السنن ( ‪ ،)126‬عن ابن مسعود‬
‫رضـي ال عنـه أنـه قال‪" :‬نعـم ترجمان القرآن ابـن عباس"‪ .‬قال الحاكـم‪ :‬حديـث صـحيح على‬
‫شرط الشيخين ولم يخرجاه‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ ،)143‬ومسلم ( ‪ ،)2477‬من حديث عبد ال بن عباس رضي ال عنهما‪.‬‬
‫انظر‪ :‬الصابة ( ‪.)151-4/141‬‬ ‫‪9‬‬

‫عبـد ال بـن مسـعود بـن غافـل الهذلي‪ ،‬أحـد السـابقين الوليـن‪ ،‬أسـلم قديمًا‪ ،‬وهاجـر الهجرتيـن‪،‬‬ ‫‪10‬‬

‫وشهد بدرًا والمشاهد بعدها‪ ،‬ولزم النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وحدّث عنه بالكثير‪ .‬قال النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم‪" :‬من سرّه أن يقرأ القرآن غضّا كما نزل‪ ،‬فليقرأ على قراءة ابن أم عبد"‬
‫أي‪ :‬ابن مسعود‪.‬‬
‫توفي رضي ال عنه بالمدينة سنة ( ‪)32‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬الصابة ( ‪.)235-4/233‬‬
‫أخرجه مسلم ( ‪ )2464‬من حديث عبد ال بن عمرو رضي ال عنهما‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪12‬‬
‫رواه البخاري ( ‪ ،)5000‬ومسلم ( ‪ ،)2462‬عن عبد ال بن مسعود رضي ال عنه‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ ،)5002‬ومسلم ( ‪ ،)3463‬عن ابن مسعود رضي ال عنه‪.‬‬
‫ومنهم أيضًا‪ :‬أنس بن مالك‪ ،‬وأبو هريرة‪ ،‬وجابر ابن عبد ال النصاري‪ ،‬وعبد ال بن عمرو‬ ‫‪14‬‬

‫بن العاص رضي ال عنهم‪.‬‬


‫‪15‬‬
‫عبد ال بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي‪ ،‬أبو عبد الرحمن المكي‪ ،‬أسلم قديمًا‬
‫وهو صغير وهاجر مع أبيه‪ ،‬واستصغر في أحد ثم شهد الخندق وبيعة الرضوان والمشاهد‬
‫بعدها‪ ،‬توفي سنة ( ‪)73‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬تهذيب التهذيب ( ‪.)288 ،5/287‬‬
‫‪16‬‬
‫الموطأ ( ‪.)477‬‬
‫‪17‬‬
‫مجاهد بن جبر‪ ،‬المام شيخ القراء والمف سّرين‪ ،‬أبو الحجاج المكي السود مولى السائب بن‬
‫أبــي الســائب المخزومــي القارئ‪ ،‬روى عــن ابــن عباس فأكثــر وأطاب‪ ،‬وعنــه أخــذ القرآن‬
‫والتفسير والفقه‪ ،‬توفي وهو ساجد سنة ( ‪)104‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬سير أعلم النبلء ( ‪456-449 / 4‬‬
‫)‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫انظر‪ :‬تفسير ابن كثير ( ‪.)1/6‬‬
‫‪19‬‬
‫أخرجـه ابـن سـعد فـي الطبقات ( ‪ ،)2/395‬وابـن أبـي شيبـة ( ‪ ،)30287‬وأحمـد فـي فضائل‬
‫الصـحابة ( ‪ ،)1867‬والدارمـي ( ‪ ،)1160‬والطـبري فـي التفسـير ( ‪ ،)2/395‬والحاكـم فـي‬
‫المستدرك ( ‪ ،)3105‬وأبو نعيم في الحلية ( ‪ ،)3/279‬عن مجاهد رحمه ال‪.‬‬
‫قتادة بـن دعامـة بـن قتادة بـن عزيـز‪ ،‬وقيـل‪ :‬قتادة بـن دعامـة ابـن عكابـة‪ ،‬حافـظ العصـر‪ ،‬قدوة‬ ‫‪20‬‬

‫المف سّرين والمحدّثين‪ ،‬أبو الخطاب السدوسي البصري الضرير الكمه‪ ،‬كان من أوعية العلم‬
‫وممـن يضرب بـه المثـل فـي قوة الحفـظ‪ .‬قال معمـر‪ :‬سـمعت قتادة يقول‪ :‬مـا فـي القرآن آيـة إل‬
‫وقد سمعت فيهـا شيئًا‪ .‬وكان رحمـه ال يختم القرآن في سبع‪ ،‬وإذا جاء رمضان ختـم في كـل‬
‫ثلث‪ ،‬فإذا جاء العشر ختم كل ليلة‪ .‬قال أحمد بن حنبل‪ :‬كان قتادة عالمًا بالتفســير وباختلف‬
‫العلماء‪ .‬توفي بواسط ســنة ( ‪)117‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬سير أعلم النبلء ( ‪)282-269/ 5‬‬
‫عكرمة الحبر العالم أبو عبد ال البربري ثم المدني الهاشمي‪ ،‬مولى ابن عباس‪ .‬قال عكرمة‪:‬‬ ‫‪21‬‬

‫طلبت العلم أربعين سنة‪ ،‬وكان ابن عباس يضع الكبل في رجلي على تعليم القرآن والسنن‪،‬‬
‫وعـن الشعـبي قال‪ :‬مـا بقـي أحـد أعلم بكتاب ال مـن عكرمـة‪ ،‬وكان الحسـن إذا قدم عكرمـة‬
‫البصـرة أمسـك عـن التفسـير والفتيـا مـا دام عكرمـة بالبصـرة‪ .‬مات رحمـه ال بالمدينـة سـنة (‬
‫‪)107‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬تذكرة الحفاظ ( ‪.)96 ،1/95‬‬
‫‪22‬‬
‫السّدي إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة المام المفسّر‪ ،‬أبو محمد الحجازي ثم الكوفي‬
‫العور السـدي‪ ،‬أحـد موالي قريـش‪ .‬قال إسـماعيل بـن أبـي خالد‪ :‬كان السـدي أعلم بالقرآن مـن‬
‫الشعبي رحمهما ال‪ ،‬وم ّر إبراهيم النخعي بالسدي وهو يف سّر‪ ،‬فقال‪ :‬إنه ليف سّر تفسير القوم‪.‬‬
‫مات سنة ( ‪)127‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬سير أعلم النبلء ( ‪.)265 ،5/264‬‬
‫‪23‬‬
‫اشتهر بالتفسير من التابعين كثيرون‪ ،‬فمنهم‪:‬‬
‫‪ -‬أهل مكة‪ :‬وهم أتباع ابن عباس‪ ،‬كمجاهد‪ ،‬وعكرمة‪ ،‬وعطاء بن أبي رباح‪.‬‬
‫‪ -‬أهـل المدينـة‪ :‬وهـم أتباع أبيّـ بـن كعـب‪ ،‬كزيـد بـن أسـلم‪ ،‬وأبـي العاليـة‪ ،‬ومحمـد بـن كعـب‬
‫القرظي‪.‬‬
‫‪ -‬أهل الكوفة‪ :‬وهم أتباع عبد ال بن مسعود‪ ،‬كقتادة‪ ،‬وعلقمة‪ ،‬والشعبي‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬البحر المحيط لبي حيان‪ ،‬والكشاف للزمخشري‪ ،‬والبسيط للواحدي‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫ومــن ذلك‪ :‬أحكام القرآن للجصــاص‪ ،‬وأحكام القرآن لبــن العربــي‪ ،‬والجامــع لحكام القرآن‬
‫للقرطبي‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬جامع البيان للطبري‪ ،‬والكشف والبيان عن تفسير القرآن للثعالبي‪ ،‬ومعالم التنـزيل‬
‫للبغوي‪ ،‬وتفسير القرآن العظيم لبن كثير‪.‬‬
‫هو أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار ابن أحمد بن الخليل الهمداني السرباذي‬ ‫‪27‬‬

‫الشافعـي‪ ،‬شيـخ المعتزلة‪ .‬توفـي سـنة ( ‪)415‬هــ‪ .‬انظـر‪ :‬طبقات المفسـرين للسـيوطي ص ‪،59‬‬
‫‪.60‬‬
‫‪28‬‬
‫ويسمى تنـزيه القرآن عن المطاعن‪ ،‬ونجد فيه تأثر مؤلفه العظيم بمذهبه العتزالي‪ ،‬فل يكاد‬
‫يمر بآية تعارض مذهبه إل صرفها عن ظاهرها‪ ،‬ومال بها إلى ناحية مذهبه‪.‬‬
‫أبو القاسم‪ ،‬محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي‪ ،‬المـام الحنفي المعتزلي‪ ،‬الملقّب‬ ‫‪29‬‬

‫بجار ال‪ ،‬توفي سنة ( ‪)538‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬طبقات المفسرين للسيوطي ص ‪.121 ،120‬‬
‫‪30‬‬
‫وهذا التفسير (الكشاف) محشو بالبدعة‪ ،‬وعلى طريقة المعتزلة من إنكار الصفات والرؤية‪،‬‬
‫والقول بخلق القرآن‪ ،‬وإنكار أن ال تعالى مريـــد للكائنات‪ ،‬وخالق لفعال العباد‪ ،‬وغيـــر ذلك‬
‫من أصول المعتزلة‪.‬‬
‫ومع ذلك فهو تفسير لم يُسبق إليه؛ لما أبان فيه من وجوه العجاز في غير ما آية من القرآن‪،‬‬
‫ولما أظهر فيه من جمال النظم القرآني وبلغته‪.‬‬
‫أبو عبد ال‪ ،‬محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي‪ ،‬المام فخر الدين الرازي القرشي‬ ‫‪31‬‬

‫البكري‪ ،‬الشافعـي المفسـّر المتكلّم‪ .‬توفـي سـنة ( ‪)606‬هــ‪ .‬انظـر‪ :‬طبقات المفسـرين للسـيوطي‬
‫ص ‪.115‬‬
‫‪32‬‬
‫ويســمى مفاتيــح الغيــب‪ ،‬قال الســيوطي‪" :‬وقــد مل تفســيرَه ‪-‬أي الرازي‪ -‬بأقوال الحكماء‬
‫والفلسفة وشبهها‪ ،‬وخرج من شيء إلى شيء؛ حتى يقضي الناظر العجب من عدم مطابقة‬
‫المورد للية‪ ،‬قال أبو حيان في البحر‪ :‬جمع المام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة ل‬
‫حاجـة بهـا فـي علم التفسـير؛ ولذلك قال بعـض العلماء‪ :‬فيـه كـل شيـء إل التفسـير!"‪ .‬انظـر‪:‬‬
‫التقان ( ‪.)2/501‬‬
‫‪33‬‬
‫ومـن تفاسـير الصـوفية أيضًا‪ :‬تفسـير القرآن العظيـم للتسـتري‪ ،‬وعرائس البيان فـي حقائق‬
‫القرآن للشيرازي‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫الجواهر في تفسير القرآن الكريم للشيخ طنطاوي جوهري‪ ،‬فيه خروج بالقرآن عن قصده‪،‬‬
‫وانحراف به عن هدفه‪ ،‬وهو أحد التفاسير المعاصرة التي تمثل التجاه العلمي لتفسير القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬ومن هذه التفاسير أيضًا‪" :‬كشف السرار النورانية القرآنية" للمام الفاضل محمد بن‬
‫أحمـد السـكندراني‪ ،‬و"طبائع السـتبداد ومصـارع السـتبعاد" للكواكـبي‪ ،‬و"إعجاز القرآن"‬
‫للرافعي‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ ،)7524‬ومسلم ( ‪ ،)448‬عن عبد ال بن عباس رضي ال عنهما‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫أخرجه مسلم ( ‪ )746‬عن أم المؤمنين عائشة رضي ال عنها‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫الرسالة للشافعي ص ‪.78 ،77‬‬
‫‪38‬‬
‫زيد بن خالد الجهني‪ ،‬اختلف في كنيته وفي وقت وفاته اختلفًا كثيرًا‪ ،‬فقيل‪ :‬أبا عبد الرحمن‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬أبا طلحة‪ ،‬وقيل‪ :‬أبا زرعة‪ ،‬كان صاحب لواء جهينة يوم الفتح‪ ،‬توفي بالمدينة سنة (‬
‫‪)68‬هـ‪ ،‬وقيل‪ :‬بـل مات بمصـر سنة ( ‪)50‬هــ‪ ،‬وقيـل‪ :‬توفي بالكوفة فـي آخـر خلفة معاوية‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬توفي سنة ( ‪)78‬هـ‪ ،‬وقيل‪ :‬سنة ( ‪)72‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬الستيعاب ( ‪.)2/549‬‬
‫‪39‬‬
‫أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ( ‪.)29929‬‬
‫‪40‬‬
‫حديث صحيح أخرجه أحمد ( ‪ ،)16023‬والحــاكم ( ‪ )38،39‬من طرق‪ ،‬عن ربيعة بن عباد‬
‫الدؤلي‪.‬‬
‫وأخرجـه ابـن أبـي شيبـة فـي المصـنف ( ‪ ،)36565‬وابـن حبان ( ‪ ،)14/518‬وابـن خزيمـة (‬
‫‪ ،)159‬والضياء فـي المختارة ( ‪ ،)143‬وغيرهـم‪ ،‬مـن حديـث طارق بـن عبـد ال المحاربـي‬
‫رضي ال عنه‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ ،)3047‬ومسلم ( ‪ ،)1370‬من حديث أبي جحيفة السوائي رضي ال عنه‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫تقدّم تخريجه‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫انظر‪ :‬التقان ( ‪.)377-1/347‬‬
‫‪44‬‬
‫أخرجـه ســـعيد بـن منصـور ( ‪ ،)43‬وابـن أبـي شـــيبة ( ‪ ،)30105‬والطـبري فـي التفسـير (‬
‫‪ ،)61-30/59‬والحاكم ( ‪ ،)3897‬عن عمر بن الخطاب رضي ال عنه‪ .‬وقال الحاكم‪ :‬حديث‬
‫صحيح‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫الب‪ :‬هو ما تأكله البهائم من العشب والنبات‪ .‬انظر‪ :‬تفسير الطبري ( ‪.)30/59‬‬ ‫‪45‬‬
‫‪46‬‬
‫أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ( ‪ ،)30103‬والخطيب البغدادي في الجامع لداب الراوي‬
‫وأخلق السامع ( ‪.)2/193‬‬
‫‪47‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ ،)1916‬ومسلم ( ‪ ،)1090‬من حديث عدي بن حاتم رضي ال عنه‪.‬‬
‫وأخرجه البخاري ( ‪ ،)1917‬ومسلم ( ‪ ،)1091‬من حديث سهل بن سعد رضي ال عنه بدون‬
‫ذكر اسم عدي رضي ال عنه‪ ،‬ولفظ الحديث‪" :‬كان الرجل يأخذ خيطًا أبيض وخيطًا أسود"‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫أخرجه مسلم ( ‪ )2135‬من حديث المغيرة بن شعبة رضي ال عنه‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫أخرجه البـزار ‪-‬كما في المجمع‪ ،)6/303 ( -‬وأبو يعلى ( ‪ ،)4528‬والخطيب البغدادي في‬
‫تاريخ بغداد ( ‪ ،)13/253‬وابن القيسـراني في المؤتلف والمختلف ( ‪.)1/171‬‬
‫هـو المام الحافـظ الحجـة أبـو محمـد عبـد بـن حميـد بـن نصـر الكسـي ويقال له‪ :‬الكشـي بالفتـح‪،‬‬ ‫‪50‬‬

‫يقال‪ :‬اسمه عبد الحميد‪ .‬توفي سنة ( ‪)249‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬سير أعلم النبلء ( ‪.)236 ،12/235‬‬
‫هو الحافظ المجود العلمة ومحدث أصبهان‪ ،‬أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك‬ ‫‪51‬‬

‫بـن موسـى بـن جعفـر الصـبهاني‪ ،‬المتوفـى سـنة ( ‪)410‬هــ‪ ،‬وتفسـيره فـي القرآن فـي سـبع‬
‫مجلدات‪ .‬انظر‪ :‬سير أعلم النبلء ( ‪.)310-17/308‬‬
‫هو المام الحافظ شيخ السلم أبو محمد عبد الرحمن ابن الحافظ الكبير أبي حاتم محمد بن‬ ‫‪52‬‬

‫إدريـس بـن المنذر التميمـي الحنظلي الرازي‪ .‬توفـي سـنة ( ‪)327‬هــ‪ .‬انظـر‪ :‬تذكرة الحفاظ (‬
‫‪.)831-3/829‬‬
‫‪53‬‬
‫جامع البيان في تفسير القرآن للمام أبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب‬
‫الطبري‪ ،‬رأس المفسّرين على الطلق‪.‬‬
‫ويعتبر هذا التفسير أج ّل التفاسير‪ ،‬لم يؤلّف مثله‪ ،‬كما ذكره العلماء قاطبة‪ ،‬ومنهم النووي في‬
‫تهذيبه؛ وذلك لنه جمع فيه بين الرواية والدراية‪ ،‬ولم يشاركه في ذلك أحد ل قبله ول بعده‪.‬‬
‫انظر‪ :‬طبقات المفسّرين للسيوطي ص ‪ ،96 ،95‬والتقان له ( ‪.)502 ،2/501‬‬
‫كما يعتبر هذا التفسير المرجع الول عند المفسّرين الذين عنوا بالتفسير النقلي‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫الدر المنثور في التفسير بالمأثور‪ ،‬للمام الحافظ جلل الدين أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي‬
‫بكر بن محمد السيوطي الشافعي المتوفى سنة ( ‪)911‬هـ‪.‬‬
‫وفي هذا الكتاب سرد السيوطي الروايات عن السلف في التفسير بدون أن يعقّب عليها‪ ،‬فهو‬
‫كتاب جامـع فقـط لمـا يروى عـن السـلف فـي التفسـير‪ ،‬أخذه السـيوطي مـن البخاري‪ ،‬ومسـلم‪،‬‬
‫والنسائي‪ ،‬والترمذي‪ ،‬وأحمد‪ ،‬وأبي داود‪ ،‬وابن جرير‪ ،‬وابن أبي حاتم‪ ،‬وعبد بن حميد‪ ،‬وابن‬
‫أبي الدنيا‪ ،‬وغيرهم ممن تقدمه ودوّن التفسير‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫جامـع الصـول لحاديـث الرسـول‪ ،‬لبـي السـعادات مبارك بـن محمـد المعروف بابـن الثيـر‬
‫الجزري الشافعي‪ ،‬المتوفى سنة ( ‪)606‬هـ‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ ،)1815‬ومسلم ( ‪ ،)1201‬من حديث كعب بن عجرة رضي ال عنه‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ ،)4636‬ومسلم ( ‪ ،)157‬من حديث أبي هريرة رضي ال عنه‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫أخرجه مسلم ( ‪ )1917‬من حديث عقبة بن عامر رضي ال عنه‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ ،)6537‬ومسلم ( ‪ ،)2876‬من حديث أم المؤمنين عائشة رضي ال عنها‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ ،)1369‬ومسلم ( ‪ ،)2871‬من حديث البراء بن عازب رضي ال عنه‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫أخرجه مسلم ( ‪ )482‬من حديث أبي هريرة رضي ال عنه‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫أخرجه مسلم ( ‪ )2018‬من حديث جابر بن عبد ال رضي ال عنهما‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ ،)6396‬ومسلم ( ‪ ،)627‬من حديث علي بن أبي طالب رضي ال عنه‪.‬‬
‫أخرجه مسلم ( ‪ )628‬من حديث عبد ال بن مسعود رضي ال عنه‪.‬‬ ‫‪64‬‬

‫‪65‬‬
‫أخرجه مسلم ( ‪ )665‬من حديث جابر بن عبد ال رضي ال عنهما‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫أخرجـه البيهقـي فـي شعـب اليمان ( ‪ ،)2111‬والللكائي فـي شرح أصـول العتقاد ( ‪،)572‬‬
‫وابـن الجوزي فـي التحقيـق فـي أحاديـث الخلف ( ‪ ،)260‬مـن حديـث أبـي بكـر بـن محمـد بـن‬
‫عمرو بن حزم عن أبيه عن جده رضي ال عنه‪.‬‬
‫وأخرجه مالك في الموطأ ( ‪ ،)468‬وأبو داود في المراسيل ( ‪ ،)2111‬من حديث أبي بكر بن‬
‫محمد ابن عمرو بن حزم من قوله مرسلً‪.‬وقال ابن عبد البر‪ :‬ل خلف عن مالك في إرسال‬
‫هذا الحديث‪ ،‬وقد روي مسندًا من وجه صالح‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫وأخرجه الطبراني ( ‪ ،)3135‬والحاكم ( ‪ ،)6051‬من حديث حكيم بن حزام‪.‬‬
‫وأخرجه الطبراني في الكبير ( ‪ ،)13217‬والصغير ( ‪ ،)1162‬من حديث عبد ال بن عمر‬
‫رضـي ال عنهمـا‪ .‬وأورده الهيثمـي فـي مجمـع الزوائد ( ‪ )1/276‬وقال‪ :‬رواه الطـبراني فـي‬
‫الصغير والكبير ورجاله موثقون‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ ،)1643‬ومسلم ( ‪ ،)1277‬من حديث الزهري عن عروة بن الزبير عن‬
‫أم المؤمنين عائشة رضي ال عنها‪.‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ )4519‬من حديث عبد ال بن عباس رضي ال عنهما‪.‬‬ ‫‪68‬‬

‫‪69‬‬
‫أخرجـه أبـو داود ( ‪ ،)45‬والترمذي ( ‪ ،)3100‬وابـن ماجـة ( ‪ ،)357‬مـن حديـث أبـي هريرة‬
‫رضي ال عنه‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث غريب من هذا الوجه‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫‪70‬‬
‫أخرجه البزار (كما في نصب الراية‪ ،)1/217 -‬قال البزار‪ :‬هذا الحديث ل نعلم أحدًا رواه‬
‫عن الزهري إل محمد بن عبد العزيز‪ ،‬ول يُعلم أحد روى عنه إل ابنه‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫أخرجه مسلم ( ‪ )2656‬من حديث أبي هريرة رضي ال عنه‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫تقدم تخريجه‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ ،)1651‬ومسلم ( ‪ ،)1218‬من حديث جابر بن عبد ال رضي ال عنه‪.‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ ،)631‬ومسلم ( ‪ ،)674‬من حديث مالك بن الحويرث رضي ال عنه‪.‬‬ ‫‪74‬‬

‫‪75‬‬
‫أخرجه مسلم ( ‪ ،)1777‬والبيهقي في السنن الكبرى ( ‪ ،)9307‬وغيرهما‪ ،‬وهذا لفظ البيهقي‪،‬‬
‫من حديث جابر بن عبد ال رضي ال عنهما‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫أخرجه مسلم ( ‪ )614‬من حديث أبي موسى الشعري رضي ال عنه‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫أخرجه البخاري ( ‪ ،)1790‬مسلم ( ‪ ،)1277‬من حديث أم المؤمنين عائشة رضي ال عنها‪.‬‬
‫‪78‬‬
‫انظر‪ :‬التقان ( ‪.)2/467‬‬

You might also like