You are on page 1of 98

‫ش ّوقُ‬

‫الُ َ‬
‫إِلَى القِرَا َءةِ َوطَلَبِ العِلْمِ‬

‫تألِيفُ‬
‫علي بن ممّد العمران‬
‫الطبعة الثانية‬

‫مُلتقى أهل الديث‬


‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫قال أبو الوليد الباجي‪:‬‬


‫بأنّ جي َع حيات كَسا َعهْ‬ ‫إذا كنتُ أعل ُم عِ ْلمًا يقينًا‬
‫وأَ ْجعَلُها ف صلحٍ وطا َعهْ‬ ‫فَلِمْ ل أكُون ضَْنِنًا بِها‬
‫(( ترييب الدارك‪))8/125 :‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫مقدمة الطبعة الثانية‬


‫المد ل‪ ،‬اللهم ص ّل وسلّم على ممد عبدك ورسولك‪.‬‬
‫أما بعد‪ ،‬فل أظن قارىء هذا الكتاب قد فرغ من قراءته إل وهو يردّد بصدق قول العلمة القريزي‬
‫‪-‬رحه ال‪:1-‬‬
‫ومَّلتْ لقاءَ الناسٍ حتّى وإن جلّوا‬ ‫ضتْ نفسي عن اللهوِ جُملةً‬
‫وقد أعْر َ‬
‫فوائد علمٍ لستُ من ُشغْلِها أخْلُو‬ ‫وصارَ ‪-‬بمدال‪ -‬شُغلي وشاغلي‬
‫بصحّتِها قد جاءنا العق ُل والنقْلُ‬ ‫فطورًا يراعي كاتبٌ لفوائدٍ‬
‫فتزكو به نفسي وعن هّها تسْلُو‬ ‫وآون ًة للعل ِم صدريَ جامعٌ‬
‫وقد لقي الكتاب ‪-‬بمد ال تعال‪ -‬ف طبعته الول قبول حسنًا‪ ،‬وهذه طبعته الثانية ل تزيد عن‬
‫الول إل بتصحيح ما لبدّ من تصحيحه من خطأ أو نوه‪ ،‬وإل بزيادات قليلة ف الصفحات التية‪،32( :‬‬
‫‪ ،)87 ،76‬ول أحب أن أتوسّع ف الزيادات لا اشترطته على نفسي من الختصار‪ ،‬أسأل ال ‪-‬تعال‪ -‬أن‬
‫ينفع بذه الطبعة كما نفعَ بسابقتها‪.‬‬
‫والمد ل وحده‬
‫وكتب‬
‫علي بن ممد العِمران‬
‫‪16/1/1422‬هـ‬

‫‪ 1‬ف كتابه‪(( :‬دُرر العقود الفريدة))‪.)50 /1( :‬‬


‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬


‫م َقدّمَة الطبعة الول‬
‫المد ل‪ ،‬والصلة والسلم على رسول ال‪ ،‬وبعد ‪:‬‬
‫فهذه رسالة تُجلّي لنا جانبًا مهمّا من جوانب النم ّو العِلْمي‪ ،‬ورافدًا أساسًا من روافد التوسّع العرف‪.‬‬
‫شرِقةٍ من حياة العلماء‪ ،‬ضربوا فيها أروعَ المثلة‪ ،‬وأصدقَ‬
‫تكشف لنا هذه الرسالة عن صور ٍة مُ ْ‬
‫الباهي‪ ،‬وأجلى الدللت على حبهم للعلم‪ ،‬و َش َغفِهم به‪ ،‬وتفانيهم من أجل تصيله وطلبه‪.‬‬
‫هذه المثلة والباهي كثية ومتنوّعة‪ ،‬اصطفيتُ منها ما يتعلّق بياة العلماء مع الكتب‪ ،‬ف اهتمامهم‬
‫با قراءةً وإقراءً‪ ،‬ف تصيلهم لا شرا ًء واستنساخًا‪ ،‬ف شغفهم با‪ ،‬وحرصهم عليها‪ ،‬واصطحابا معهم َس َفرًا‬
‫وحضرًا‪ ،‬ف مواقف عجيبة‪ ،‬وصو ٍر ُمعْجِبة‪ ،‬ول عجبَ!!‪.‬‬
‫شقًا له من ك ّل عاشقٍ بعشوقه‪،‬‬
‫قال ابن القيم ‪-‬رحه ال‪(( :-‬وأما ُعشّاق العلم فأعظم شغفًا به وعِ ْ‬
‫شغَلُه عنه أج ُل صورةٍ من البشر))‪ 2‬اهـ‪.‬‬
‫وكثيٌ منهم ل َي ْ‬
‫صوّر العل ُم صورةً‪ ،‬لكانت أج َل من صورة الشمس والقمر))‪ 3‬اهـ ‪.‬‬
‫وقال ‪-‬أيضًا‪(( :-‬ولو ُ‬
‫ف به‪ ،‬وانقطعَ له؟‍‍!!‪.‬‬
‫أقول‪ :‬فكيف يُلم إذًا من عَشِقَ العلمَ‪ ،‬وكيف يُتعجّب من كَلِ َ‬
‫‪-1 -‬‬
‫س ما للعلم من سُموّ الكانة وشرف النلة‪ ،‬وما لامله من ذلك‪ ،‬ويزداد كلّ‬
‫ف على عامة النا ٍ‬
‫غي خا ٍ‬
‫ذلك تََبعًا لشرف العلوم‪ ،‬والتوسع فيه‪ ،‬وظهور أثره على حامله‪.‬‬
‫ولا كان فضل العلم بذا الظهور‪ ،‬ل يكن بنا حاجة إل إقامة الباهي‪ ،‬وَنصْب الدلة‪ ،‬على الشادة‬
‫به‪ ،‬وإظهار ماسنه‪ ،‬فكلّ ذلك مموعٌ ف كتب كَثية مفردة‪.4‬‬

‫‪(( 2‬روضة الحبي))‪( :‬ص‪ .)69 /‬وانظر فصلً ف ((لذة العلم)) ف ((أبد العلوم))‪ )1/100( :‬للقنوجي‪ .‬و((مداواة النفوس)) لبن‬
‫حزم‪.‬‬
‫‪ 3‬الصدر نفسه‪( :‬ص‪.)201 /‬‬
‫ل حفيلً ف (العلم وفضله وشرفه‪ ،‬وبيان عموم الاجة إليه‪ ،‬وتوقّف كمال العبد وناته ف معاشِه ومعادِه عليه) للمام‬
‫‪ 4‬انظر فصلً طوي ً‬
‫ابن قيم الوزية ف كتابه ((مفتاح دار السعادة))‪.)398 -3 /2 ،555 -219 /1( :‬‬
‫أقول‪ :‬وف بيان العلم وفضله مصنفات مفردة منها‪:‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫ـ‪2‬ـ‬
‫كان الباعث ل على تصنيف هذا الكتاب وتأليفه أمران‪:‬‬
‫الول‪ :‬ما رأيته ‪-‬ورآه غيي‪ -‬من ُعزُوف كثي من (طلبة العلم!!) ‪-‬ل سواهم‪ -‬عن إيلء كتب‬
‫العلم مكانتها‪ ،‬وإنزالا منلتها‪ ،‬فاشتغلوا عنها بغيها‪.‬‬
‫* فجماعة منهم ظنوا أنم قد بلغوا من العلم ما ل يُحتاج معه إل مزيد قراءةٍ واطلع‪ ،‬فقنعوا با‬
‫أحرزوه من ألقاب!! وشهادات!! ومناصب ووجاهة!!‪.‬‬
‫فما هو إل أن حاز ((اللقب)) حت أعرض عن الطّلَب‪ ،‬وقد كان يدّعي العكس‪ ،‬يقول‪ :‬دعون أضع‬
‫ه ّم ((اللقب)) ث ُأ ْمعِن ف الطلب! فما باله انقلب!!‪.‬‬
‫وياليته وقف هنا فحسب‪ ،‬لكنه اتكأ على أريكته وعرّض الوساد‪ ،‬وتنمّر على العباد‪ ،‬وانسلخ من‬
‫طلب العلم إل طلب الدنيا‪ ،‬فأصبح ((اللقب) حينئذٍ خديعة يدع با الرءُ نفسَه وغيه‪.‬‬
‫ولو كانت اللقاب تؤخذ عن أهليّ ٍة واستحقاق‪ ،‬لنان ال ْطبُ وانقطع الِطاب‪ ،‬لكن العكس هو‬
‫الواقع‪ ،‬فأصبحتْ أحيانًا تُباع وتُشْترى‪ ،‬وأحيانًا تُعطى لبحوثٍ هزيلة‪ ،‬وأحيانًا لبحوث منقولة عن غيها‪،‬‬
‫وهكذا ف سلسلة نكِدة من التخاذل العلمي‪ ،‬فهل يوثق بعد هذا بشهادةٍ أو لقب‪5‬؟!‪.‬‬
‫وما أصدق الشاعر ممد رضا الشِّبيْب العراقي ف قوله‪:‬‬
‫لمْ ِد ومَكْذوبُ الثّنا‬
‫باطلُ ا َ‬ ‫فتنةُ الناسٍ ‪-‬وُِقيْنا الفِتَنا‪-‬‬
‫صرَ ألقابٍ كِبارٍ وكُن‬
‫َع ْ‬ ‫ل تزلْ ‪-‬ويكَ يا عصرُ أَفِقْ‪-‬‬
‫((فضل العلم والعلماء)) لميد بن زياد (‪(( ،)310‬فرض طلب العلم)) للجري (‪(( ،)360‬جامع بيان العلم وفضله)) لبن عبدالب (‬
‫‪(( ،)463‬الث على حفظ العلم)) للعسكري‪ ،‬وابن عساكر‪ ،‬وابن الوزي‪ ،‬و((جواهر العقدين ف فضل الشرفي)) للسمهودي (‬
‫‪ ،)909‬و((التنبيه والعلم بفضل العلم والعلم‪ ،‬للعميي (‪ ،)1178‬و((تفضيل شرف العلم على شرف النسب)) لحمد سعيد صقر‬
‫(‪ ،،)1194‬و((إرشاد الطلب إل فضيلة العلم والعمل والداب)) لحمد بن مانع (‪.)1385‬‬
‫‪ 5‬لكن بعض الصالي ل يستطع التخلّصَ من ضغط الواقع ف اعتبار هذه (اللقاب السحرية‍‍!!) كل شيءٍ‪ ،‬فمع يقينه أنا ل شيء إل أنه‬
‫‪-‬دائمًا‪ -‬ل يستطيع أن يكتب اسه دون أن يسبقه بـ (اللقب)‪ ،‬وتال لو وضع قبل اسه ما شاء من ألقابٍ وشارات َلمَا أغناه ذلك‬
‫ب معه ك ّل شيءٍ‪.‬‬ ‫شيئًا! ولكنه اللقب‪ ،‬فمت سُِلبَ ُسلِ َ‬
‫وبعض هؤلء يُعبّر بطريقة أُخرى‪ ،‬فحالا يصل على شهادة ((اللقب)) إل ويسارع بوضعها ف مكان بارزٍ ف مكتبته ماطة بإطار جيل‪،‬‬
‫ولسان حاله يقول‪ :‬ل أب! لقد بلغتُ مرتبة الراسخي!!‪.‬‬
‫وفي َمتُها الّنقْش الذي ف إطارِها‬ ‫وكم من شهاداتٍ َيغُرّ جالُها‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫سعوا عنهم وغَضّو ال ْعيُنا‬ ‫حَكَمَ الناسُ على الناسِ با‬


‫‪6‬‬
‫أُذن َعيْنًا وعين ُأذُنا‬ ‫فا ْستَحالت ‪-‬وأَنا مِن بعضِهم‪-‬‬
‫* وجاعة منهم قنعوا بتابعة ما تتسارع شركات الاسوب ف إنتاجه‪ ،‬من أقراصٍ توي العشرات بل‬
‫الئات من الكتب ف جيع الفنون! وظنوا أن هذه تُغن عن شراء الكتب واقتنائها ومطالعتها و َدرْسها! وما عَلِم‬
‫هؤلء (أو َعلِموا ولكن‪ )...‬أنم قد ا ْستَسْمنوا ذا َورَم ونفخوا ف غي ضَرَم‪ ،‬فأنزلوا هذه اللة (الصمّاء)‪ 7‬منلةً‬
‫ليست لا‪ ،‬ووطّنوها مكانًا ما ينبغي لا‪ ،‬أرادوا با ‪-‬وهيهات‪ -‬أن يسبقوا الرّ ْكبَ‪ ،‬ويُحقّقوا السائل‪،‬‬
‫ب منه‪ :‬أن ينسبوا كل ذلك‬
‫ويستدركوا على العلماء‪ ،‬أرادوا كلّ ذلك= ِبلَمْسةٍ على ِزرّ! فيا ل العجب! وأعج ُ‬
‫الفضل إل أنفسهم (مت َوهّمي و ُم ْوهِمي)‪ ،‬فجَنَوا بذلك على أنفسهم‪ ،‬إذ حَسِبوا أنم على شيءٍ‪ ،‬وعلى العلم‪،‬‬
‫وعلى الناس!!‪.‬‬
‫المر الثان ‪-‬الداعي إل تأليف الكتاب‪ :-‬هو استثارة الِمَم‪ ،‬وشَحْذ الواطر‪ ،‬وتبصي طلب العلم‬
‫با كان عليه سلفهم من العلماء والئمة‪ ،‬ف صبهم وبذلم ف تصيل العلم وقراءته وإقرائه‪.‬‬
‫ول امْتِراءَ ف أثر هذه المثلة اليّة والصور الصادقة من حياة تلك الصفوة من العلماء‪ ،‬ف شَحْذ المة‬
‫وإيقاظها‪ ،‬كما ل تفى فائدتا ف التعرّف على طرائق أهل العلم ف القراءة والطالعة‪ ،‬والستبصار بباتم‬
‫وتاربم للوصول إل طريق ٍة مُثْلى وأسلوبٍ ُيحْتَذَى‪ ،‬وليس هذا من التغنّي بأماد الجداد والركون إليها‪،‬‬
‫شعِل ما خبا من‬
‫سهِم ف إيقاظ ما فََترَ من المم‪ ،‬وتُ ْ‬
‫ولكنه كشف لصفحة مطويّة من تارينا الجيد‪ ،‬علّها تُ ْ‬
‫العزائم‪ ،‬وقد قال بعضهم‪(( :‬الكايات جند من جنود ال يثبّت با من شاء من عباده))‪.8‬‬
‫‪-3-‬‬
‫إن الناظر ف ِسيَر العلماء َيخْلُص إل حقائق مهمة ونتائج واضحة‪ ،‬منها‪ :‬معرفتهم بقيمة هذه الثروة‬
‫الائلة‪ 9‬والكنوز العظيمة‪ ،‬لذا فقد أولوها عناي ًة فائق ًة وجهودًا ضخمة‪ ،‬ظهرت ف صورٍ عديدة ما ستكشف‬
‫هذه الرسالة عن بعضه‪.‬‬
‫‪ 6‬انظر‪(( :‬تقريب اللقاب العلمية))‪( :‬ص‪.)33 /‬‬
‫‪ 7‬ل ُيفْهَم من هذا أن الاسوب ل قيمة له ول فائدة منه‪ ،‬بل له فوائد كثية ُت َقدّر بقدرها ول تعدوا طَ ْورَها‪ ،‬ولست هنا لتعديد ماسنه‬
‫ول لتبيي مزاياه!!‪.‬‬
‫‪(( 8‬أزهار الرياض))‪.)22 /1( :‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫إن من واجبات أهل العلم اليوم‪ :‬تبصي النشى بأهّية هذا التراث الذي خلّفه الجداد‪ ،‬فهو ُعصَارة‬
‫عقولم لقرونٍ عديدة‪ ،‬وثرة جعهم وسهرهم لماد مديدة‪.‬‬
‫إن من واجباتم ‪-‬أيضًا‪ -‬النهوض بذا التراث‪ ،‬والِفاظ على هذه الترِكة الت ل َيقْدُرها قدرَها إل‬
‫هم‪ ،‬ول يستطيع الفاظَ عليها حقّا إل هم‪.‬‬
‫إن الفاظ على هذه الثروة ل يكون بجرّد َرصْفها ف خزائن أنيقة‪ ،‬ول بترتيبها وتزويقها وتنميقها‪،‬‬
‫ول بنشرها وتقيقها‪ ،‬كل! ليس بذلك فقط‪ ،‬لكن خي وسيلة لفظها‪ ،‬وأنع طريقة للحفاظ عليها هي‪ :‬بعث‬
‫الركة العلمية وإنائها‪ ،‬وإيقاظ المم وإعلئها‪ ،‬بيث نضيف ك ّل يوم إل صفوف القراء (والقراء حقّا) عددًا‬
‫جديدًا‪ ،‬يع ُكفُون عليها ويستجلون فوائدَها‪ ،‬فبهذه الطريقة‪ ،‬وبا َوحْدَها‪ ،‬تنمو وتكتمل ك ّل الوسائل الساعدة‬
‫شرٍ‪ ،)...‬وسيسعى طلبُ العلم و ُروّاد العرفة حثيثًا تُجاه إناء كلّ ذلك بدافعٍ ذات‬
‫(من َخزْن و َرصْفٍ وَن ْ‬
‫واقتناع شخصي‪ ،‬لنم أصبحوا ساعتئ ٍذ ف أمسّ الاجة إليها‪ ،‬ومن أعرف الناس بقيمتها‪.‬‬
‫فيوم كان العلماء يتنافسون ف اقْتِناء الكتب‪ ،‬ويتبارون ف تصيلها واستنساخها‪ ،‬ويعكُفون على‬
‫قراءتا وإقرائها (ما ستراه ف هذه الرسالة) يوم كانوا كذلك‪ ،‬نشِطَت حركةُ التأليف والنسخ‪ ،‬بل وجيع‬
‫ضروب خدمة الكتاب‪.10‬‬
‫فإذا أوجدنا القرّاء ُوجِد معهم كلّ شيءٍ‪ ،‬وإل فقل ل ‪-‬بربك‪ :-‬ما قيمة كل تلك الوسائل ول‬
‫مستفيد ول راغب ول طالب!!؟‪.‬‬
‫‪-4-‬‬
‫إ ّن ضعفَ المم عن القراءة وطلب العلم كان سببًا رئيسًا ف ضياع جزءٍ ليس بالقليل من هذه الثروة‪،‬‬
‫كما كان للجهل‪ ،‬وعدم الوعي بقيمتها‪ ،‬وانتشار الروب والفت= آثارٌ أخرى ل يُستهان با‪.‬‬

‫‪ 9‬هي هائلة ضخمة بقّ‪ ،‬وانظر فصلً ف بيان ذلك ف ((التراتيب الدارية))‪ )462 -452 /2( :‬للكتان‪ ،‬و((الفكر السّامي))‪/2( :‬‬
‫‪ )51 -48‬للحَجْوي‪ ،‬و((لحات من تاريخ الكتب والكتبات))‪( :‬ص‪ )41 -39 /‬للحلوجي‪ ،‬و((الكتاب ف الضارة السلمية))‪:‬‬
‫(ص‪ )244 -169 /‬ليحي البوري‪.‬‬
‫‪ 10‬انظر فصلً ف ((حال ملوك السلمي ف صيانة كتب السلف)) ف ((خزائن الكتب العربية))‪ )857 -855 /3( :‬لدي طرّازي‬
‫و((فصلً ف استكثار السلمي من نسخ الكتب)) فيه ‪-‬أيضًا‪.)899 -898 /3( :-‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وقد أنى المام ابن الوزي‪- )597( 11‬رحه ال‪ -‬باللئمة على ضعف الِمّة ف اندثار كثي من‬
‫كتب العلم‪ :‬قال‪(( :‬كانت هم القدماء من العلماء َعلِيّة‪ ،‬تد ّل عليها تصانيفهم‪ ،‬الت هي زبدة أعمارِهم‪ ،‬إل أن‬
‫أكثر تصانيفهم َدثَرت‪ ،‬لن هِمم الطلب ضعُفت‪ ،‬فصاروا يطلبون الختصرات ول ينشطون للمطوّلت‪ ،‬ث‬
‫اقتصروا على ما يدرسون به من بعضها‪ ،‬فدَثَرت الكتب ول تُنسخ))‪ 12‬اهـ‪.‬‬
‫فإن كان هذا هو تعليلُ ابنِ الوزيّ ف تلك الفترة‪ ،‬وهو يرى أبا الوفاء ابنَ عقيل النبلي (‪)513‬‬
‫صاحب كتاب ((الفنون)) ف (‪ 800‬ملد)‪ ،‬ويرى اب َن الشّاب النحوي (‪ )567‬صاحب التصانيف العديدة‬
‫والكتبة الضخمة‪ ،‬وأبا العلء الَمَذَان (‪ )569‬العلمة التفنن‪ ،‬عاشق الكتب‪ ،‬والوزير الصال العال ابن ُهبَية‬
‫‪13‬‬

‫(‪ )560‬صاحب اليادي البيضاء على العلم والعلماء‪ ،‬وغيهم‪ ،‬فماذا نقول إذًا ف عصرٍ قد اجتمع فيه إل‬
‫ضعفِ الِمَم‪ ،‬و َخوَر العزائم‪ ،‬سَيْ ٌل هادر من الُ ْلهِيات والشغلت عن القراءة‪ ،‬بل عن العلم جلةً!!‪.‬‬
‫وسنفقد الزيدَ من هذا التراث إذا نن انسقنا أمام تلك ا ُللْهيات‪ ،‬وشغلتنا تلك الصوارف بَِبرِيْقها‬
‫وَبهْرجها‪ ،‬فيا لا من خسارةٍ فادحة و َغبْن عظيم!! فهل يوزُ لطالبِ علمٍ أن يكون ُمعِينًا ‪-‬ولو بأقلّ القليل‪-‬‬
‫على ضياع شيءٍ من هذا التراث ؟!‪.‬‬
‫كلّ!!‪.‬‬
‫‪-5-‬‬
‫قسّمت هذه الرّسالة إل فصول‪:‬‬
‫الول‪ :‬ف ال ّ‬
‫ث على الزدياد من العلم والتبحّر فيه‪.‬‬
‫الثان‪ :‬حرص العلماء وشغفهم بالكتب‪ ،‬قراءةً وتصيلً‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ف قراءة الطوّلت ف مالسَ معدودة‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬ف تَكْرار قراءة الكتاب الواحد الرات الكثية‪.‬‬

‫‪ 11‬وقبله المام ابن جرير الطبي ف خبه الشهور ف تدوين التفسي والتاريخ‪ .‬وكذلك المام ابن عبدالب ف ((جامع بيان العلم))‪/1( :‬‬
‫‪ ،)21‬قال وهو يتحدّث عن دروس العلم‪(( :‬وإن كان ل َعمْري قد َدرَس منه الكثي بعدم العناية‪ ،‬وِقلّة الرّعاية‪ ،‬والشتغال بالدنيا‪،‬‬
‫وال َكلَب عليها)) اهـ‪ .‬ومثلهم الواحدي (‪ )468‬ف مقدمة كتابه ((الوجيز))‪.‬‬
‫‪(( 12‬صيد الاطر))‪( :‬ص‪.)557 -556 /‬‬
‫‪ 13‬والربعة حنابلة ‪-‬رحهم ال تعال‪.-‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫الامس‪ :‬ف تدريس الكتاب الواحد الرات الكثية‪.‬‬


‫السّادس‪ :‬ف نَسْخ ال ُكتُب وما تمّلوه ف ذلك‪.‬‬
‫السابع‪ :‬إيقاظاتٌ وتنبهات‪.‬‬
‫ونصوص هذه الرسالة ل أعلمها مموعةً ف كتاب‪ ،‬ول مدوّنة ف مكا ٍن واحدٍ‪ ،‬جعتُها من بطون‬
‫كتب السّيَر والتراجم‪ ،‬والتاريخ والطبقات‪ ،‬فضممتُ النظيَ إل نظيه‪ ،‬والقصةَ إل أُختها‪ ،‬بعد طول نظرٍ‬
‫وفحص‪ ،‬ل أقول هذا تكّثرًا ول تزيّدًا‪ ،‬لكن أقوله تدّثًا بالنعمة ودفعًا للظّنّة‪ ،‬وليس قصدي استيعاب كل ما‬
‫يكن أن تنطوي عليه هذه الفصول‪ ،‬إذ ماولة ذلك غي مُجْ ٍد ول مطلوب‪.14‬‬
‫ف ول مُسْتكب عن قبول استدراك أو ملحظة‪ ،15‬بل صَدْري أرحب لتقبّل ذلك من‬
‫وأنا غي مُسْتكن ٍ‬
‫ثناء مث ٍن أو مدح مادح!!‪.‬‬
‫أسأل الَ ‪-‬تعال‪ -‬أن يُحقّق ما َأمّلْته من هذا الكتاب‪ ،‬وأن يتقبل ذلك عنده بقبولٍ حسن‪ ،‬اللهم‬
‫علّمنا ما ينفعنا‪ ،‬وانفعنا با َعلّمتنا‪ ،‬وزِدنا عِلمًا‪ ،‬إنك على كل شيءٍ قدير‪ ،‬وصلى ال وسلم على عبده ورسوله‬
‫ممد وعلى آله وصحبه‪.‬‬
‫وكتب‬
‫علي بن ممد العِمْران‬
‫تريرًا ف ‪20/4/1420‬هـ‬
‫مكة الكرمة‪ ،‬ص‪.‬ب (‪)2928‬‬

‫جدٍ‪ ،‬فل ّن استيفاء ذلك يُضاعف حجم الكتاب‪ ،‬فنحتاج حينئذٍ إل مُشوّق يُشوّقنا إل قراءة ((الشوّق)) !!‪.‬‬‫‪ 14‬أما كونه غي مُ ْ‬
‫وأما كونه غي مطلوب‪ ،‬فلن ماولة ذلك ضرب من اليال‪ ،‬وسوءٌ ف التدبي‪ ،‬فهل ييط أحدٌ بكتب التاريخ ومُتعلّقاته!؟‪.‬‬
‫‪ 15‬هنا أشكر أخي الستاذ خالدًا الزهران‪ ،‬إذ زوّدن ببعض القَصص والخبار‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫الفصل الول‬
‫ف الثّ على الزدياد من العلم والتبحّر فيه‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫ف نزول أوّل آي ٍة ف القرآن‪ ،‬وهي قوله تعال‪( :‬ا ْقرَأْ بِاسْ ِم رَّبكَ الّذِي َخلَقَ) [العلق‪ ]1 /‬من الدّللت‬
‫والعان ما ل يكن حصرُه‪ ،‬ويُفهم من قوله‪( :‬ا ْقرَأْ) وهو فعل أمر من (َقرَأ) المر الازم الازم بالقراءة‪ ،‬والث‬
‫على تعلمها وتعليمها‪ ،16‬وف هذه اللفتة غَناء عن كلم كثي ف هذا الوضوع‪.‬‬
‫* أمر النب بالزيادة من العلم‬
‫ث جاءَ المرُ القرآن الخر‪ ،‬لتأكيد القضيّة وانلحث على طلب الزيد من العلم‪ ،‬فقال ال ‪-‬تعال‪:-‬‬
‫ب ِزدْنِي عِلْمًا) [طه‪.]114 /‬‬
‫ك وَ ْحُيهُ وَقُل ّر ّ‬
‫(وَل َتعْجَلْ بِاْل ُقرْآنِ مِن َقبْلِ أَن ُي ْقضَى إِلَْي َ‬
‫قال ابن القيم ‪-‬رحه ال‪(( :-‬وكفى بذا شرفًا للعلم‪ ،.‬أن أمرَ نبيّه أن يسأله الزيدَ منه))‪ 17‬اهـ‪.‬‬
‫وقال ابن كثي ف ((تفسيه))‪(( :18‬أي‪ :‬زدن منك علمًا‪ ،‬قال اب ُن عُيينة ‪-‬رحه ال‪ :-‬ول يزل ف زيادة‬
‫حتّى توفّاه ال ‪-‬عز وجل‪ ))-‬اهـ‪.‬‬
‫وقد قيل‪ :‬ما أمرَ الُ رسولَه بطلبِ الزيادة ف شيءٍ إل ف العلم‪.19‬‬
‫* خب نبّ ال موسى ف طلب الزيادة منه‬
‫والعال كلما ازداد علمًا‪ .‬ازداد معرفة بفضل العلم ومنلته ومكانته‪ ،‬وبقدار ما فاته منه ويفوت=‬
‫فتاقَت نفسُه ‪-‬حينئذٍ‪ -‬إل الزيد منه‪ ،‬ولو لقي ف ذلك اللقي‪.‬‬
‫ففي خب كليم ال موسى الذي قصّه القرآن الكري ف سورة الكهف اليات (‪ ،)82-60‬وذكره‬
‫قال‪(( :‬بينما موسى ف ملٍ من بن إسرائيل إذ جاءه‬ ‫ب لصحابه كما ف الصحيحي))‪ 20‬وفيه أن النب‬
‫الن ّ‬

‫‪ 16‬انظر‪(( :‬شواهد ف العجاز القرآن))‪( :‬ص‪ )84 /‬للستاذ عودة أبو عودة‪.‬‬
‫‪(( 17‬مفتاح دار السعادة))‪.)224 -223 /1( :‬‬
‫‪ ،)175 /3( 18‬وانظر‪(( :‬روح العان))‪ )269 /16( :‬لللوسي‪.‬‬
‫‪ 19‬انظر‪(( :‬الكشّاف))‪ ،)448 /2( :‬و((تفسي الازن))‪ ،)282 /3( :‬و((فتح الباري))‪ ،)170 /1( :‬و((ماسن التأويل))‪/11( :‬‬
‫‪.)197‬‬
‫فائدة‪ :‬قال الزمشري‪(( :‬هذه الية متضمّنة للتواضع ل والشكر له‪ ،‬عندما علم من ترتيب التعلّم‪ ،‬أي‪ :‬علمتن يا ربّ لطيفةٌ ف باب‬
‫التعلّم وأدبًا جيلً ما كان عندي‪ ،‬فزِدن علمًا إل علم‪ ،‬فإن لك ف كلّ شي ٍء حكمة وعلمًا)) اهـ‪(( .‬الكشاف))‪ ،)448 /2( :‬وعنه‬
‫ما بعده من التفاسي‪.‬‬
‫‪ 20‬البخاري رقم (‪ ،)74‬ومسلم رقم (‪ )2380‬من حديث أُب بن كعبٍ ‪-‬رضي ال عنه‪.-‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫رجل فقال‪ :‬هل تعلم أحدًا أعل َم منك؟ قال موسى‪ :‬ل‪ .‬فأوحى ال إل موسى‪ :‬بلى‪ ،‬عَبْدنا َخضِر‪ ،21‬فسألَ‬
‫موسى السّبيلَ إليه‪ ))...‬الديث‪.‬‬
‫قال أبو العبّاس القرطب‪(( :22‬وفيه من الفقه‪ :‬رِحْلة العالِمِ ف طلب الزدياد من العلم‪ ،‬والستعانة على‬
‫ذلك بالادم والصاحِب‪ ،‬واغتنام لقاء ال ُفضَلء والعلماء‪ ،‬وإن َبعُدت أقطارُهم‪ ،‬وذلك كان دأب السّلف‬
‫الصال‪ ،‬وبسبب ذلك وصلَ الرتلون إل الظ الراجح‪ ،‬وحصلوا على السّعي الناحج‪َ ،‬فرَسخت ف العلوم لم‬
‫أقدامٌ‪ ،‬وص ّح لم من الذّكر والجر أفضلُ القسام)) اهـ‪.‬‬
‫قال الافظ ابن حجر ف ((فتح الباري))‪(( :23‬وموسى ‪-‬عليه الصلة والسلم‪ -‬ل ينعه بلوغه من السّيادة‬
‫الح ّل العلى من طلب العلم وركوب البحر لجله‪ ...‬و[فيه ‪-‬أي الديث‪ :]-‬ركوب البحر ف طلب العلم‪،‬‬
‫بل ف طلب الستكثار منه)) اهـ‪.‬‬
‫وذكر الاوردي‪ 24‬عن ابن عباسٍ ‪-‬رضي ال عنهما‪ -‬قال‪ :‬لو كان أحدٌ يكتفي من العلم لكتفى منه‬
‫ت رُشْدًا) [الكهف‪.]66 /‬‬
‫ك عَلَى أَن ُتعَلّمَ ِن مِمّا عُلّ ْم َ‬
‫موسى ‪-‬على نبينا وعليه السلم‪ -‬لّا قال‪( :‬هَلْ أَتِّبعُ َ‬
‫أقول‪ :‬فهذه حال النبياء‪ ،‬والعلماءُ ورثتهم‪ ،‬ول َيرِثوا منهم إل العلم‪ ،‬فطلبوه وحصّلوه وتعبوا ف‬
‫سبيله‪ ،‬فأخذوا بظ وافرٍ‪.‬‬
‫* شيءٌ من حال الصحابة ف الزدياد منه‬
‫لقد لظَ الصحاب ُة ‪-‬رضي ال عنهم‪ -‬ماكان عليه قدوتم من ِحرْصٍ على العلم‪ ،‬فاقتفوا أثره‪،‬‬
‫وضربوا أمثلة نادرة ف الرص عليه والتفان من أجله‪.‬‬
‫فهذا عبدال بن مسعود ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬كان إذا تلى قولَه تعال‪( :‬وَقُل ّربّ ِزدْنِي ِعلْمًا) قال‪:‬‬
‫((اللهم ِزدْن عِلْمًا وإيانًا ويقينًا))‪.25‬‬

‫‪ 21‬بفتح أوله وكسر الثان‪ ،‬أو بكسر أوله وإسكان الثان‪ ،‬وجهان‪.‬‬
‫‪(( 22‬الفْهِم))‪ ،)196 /6( :‬وانظر ((مفتاح دار السعادة))‪ ،)488 -487 /1( :‬ففيه كلم نفيس لول طوله نقلته‪.‬‬
‫‪ ،)204 ،202 /1( 23‬وانظر ((عمدة القاري))‪ ،)2/64( :‬و((إكمال العلم))‪.)367 /7( :‬‬
‫سبَه ف ((البيان والتبيّن))‪ )258 /1( :‬إل قتادة‪.‬‬
‫‪ 24‬ف ((أدب الدنيا والدين))‪( :‬ص‪ ،)124 /‬وَن َ‬
‫‪ 25‬أخرجه سعيد بن منصور‪ ،‬و َعبْد بن حُميد كما ف ((الدر النثور))‪.)553 /4( :‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وقد بلغ ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬من شِدّة اجتهاده وطلبه أن قال‪(( :‬وال الذي ل إله غيه‪ ،‬ما أُنزلت سورةٌ‬
‫من كتاب ال إل أنا أعلم أين نزلت‪ ،‬ول أنزلت آيةٌ من كتاب ال إل أنا أعلم فيمن أُنزلت‪ ،‬ولو أعلم أحدًا‬
‫أعل َم من بكتاب ال تبُلغُه البل لركبتُ إليه))‪.26‬‬
‫وهذا أبو هريرة ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬حافظ الصحابة يصفه بالرص على العلم‪ ،‬فقد َعقَد البخاريّ ف‬
‫((صحيحه))‪( :27‬بابٌ الرصُ على الديث) وذكر فيه حديثَ أب هريرة ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬وسؤاله النب‬
‫عن أسْعد الناس بشفاعته؟ وقوله له‪(( :‬لقد ظننتُ يا أبا هريرةَ أن ل يسألن عن هذا الديثِ أحدٌ أوّ َل منكَ‪،‬‬
‫صكَ على الديثِ‪.))...‬‬
‫لِمَا رأيتُ من ِح ْر ِ‬
‫قال البدر العين ف ((عمدة القاري))‪(( :28‬فيه الرص على العلموالي‪ ،‬فإن الريص يبلغ برصه إل‬
‫البحث عن الغوامض ودقيق العان‪ ،‬لن الظواهر يستوي الناسُ ف السؤال عنها‪ ،‬لعتراضها أفكارهم‪ ،‬وما‬
‫لَطُفَ من العان ل يسأل عنها إل الراسخ فيكون ذلك سببًا للفائدة‪ ،‬ويترتب عليها أجرها وأجر من عمل با‬
‫إل يوم القيامة)) اهـ‪.‬‬
‫وهذا جابر بن عبدال النصاري ‪-‬رضي ال عنهما‪ -‬يرحل من الدينة النبوية إل مصر ‪-‬مَسِية شهر‬
‫على البعي‪ -‬من أجل ساع حديثٍ واحد‪ ،‬خاف أن يوتَ ول َيسْ َمعْه‪.29‬‬

‫‪ 26‬أخرجه البخاري رقم (‪ ،)5002‬ومسلم رقم (‪.)2463‬‬


‫‪(( 27‬الفتح))‪.)233 /1( :‬‬
‫‪.)128 /2( 28‬‬
‫‪ 29‬أخرجه أحد‪ ،)495 /3( :‬والبخاري ف ((الدب الفرد))‪( :‬ص‪ ،)287 /‬وعلّقه مزومًا به ف ((الصحيح)) (الفتح)‪،)208 /1( :‬‬
‫والاكم‪ ،)427 /2( :‬والطيب ف ((الرحلة))‪( :‬ص‪ )114 -109 /‬من طريق عبدال ابن ممد بن عقيل عن جابرٍ به‪ ،‬وابن عقيلٍ‬
‫مُتكلّم فيه من ِقبَل حفظه‪.‬‬
‫وله طريق أخرى عن الجّاج بن دينار‪ ،‬عن ممد بن النكدر‪ ،‬عن جابر به‪ .‬أخرجه الطبان ف ((مسند الشاميي))‪ ،)104 /1( :‬وتّام‬
‫ف ((الفوائد)) رقم (‪.)928‬‬
‫قال الافظ ف ((الفتح))‪(( :)209 /1( :‬إسناده صحيح))‪.‬‬
‫وله طريق ثالثة عن أب الارود العبسي عن جابر‪ .‬أخرجه الطيب ف ((الرحلة))‪( :‬ص‪ ،)115 /‬وضعفه الافظ ف ((الفتح))‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وأخرج الدارمي‪ 30‬بسن ٍد صحيح عن عبدال بن بريدة‪(( :‬أن رجلً من أصحاب النب رحلَ إل‬
‫َفضَالَة بن عُبيد وهو بصر‪ ،‬فقدمَ عليه‪ ،‬فقال‪ :‬أما إن ل آِتكَ زائرًا‪ ،‬ولكن سعتُ أنا وأنتَ حديثًا من رسول‬
‫ال رجوتُ أن يكون عندك منه علم‪...‬‬
‫وعدّد الافظ ف ((الفتح))‪ )210 /1( :‬أمثلة ث قال‪(( :‬وتتبّع ذلك يكثُر))‪.‬‬
‫وقد ألّف الطيبُ كتابه ((الرحلة ف طلب الديث)) فيمن رحل ف طلب حديث واحد‪.‬‬
‫* شيء ما جاء عن السّلف‬
‫وهكذا كان ذلك اليل الفريد قدوة لن بعدهم‪ ،‬ف عكوفهم على العلم‪ ،‬وطلبهم للستزادة منه‪،‬‬
‫فاحتذوا حذوهم‪ ،‬واقتفوا أثرهم‪ ،‬وشواهد ذلك ماثلة‪:‬‬
‫فهؤلء تلميذ ابن مسعود ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬ف الكوفة ‪-‬علقمة والسود وغيهم‪ -‬كانوا إذا سعوا‬
‫الديث والعلم من شيخهم‪ ،‬ل يشف ذلك ماف صدورهم من النهمة‪ ،‬فيحلون إل الدينة طَلبًا للعلوّ وزيادة‬
‫ف التثبت‪ ،‬وإمعانًا ف الطلب والتلقي من أفواه العلماء‪.31‬‬
‫ت أحفظَ منه (أي‪ :‬سفيان الثوري ‪ )161‬كنتُ إل سألته عن‬
‫قال يي بن سعيد القطان‪ :32‬ما رأي ُ‬
‫مسألةٍ أو عن حديثٍ ليس عنده‪ ،‬اشتدّ عليه‪.‬‬
‫فلم يقف العلماء ف طلبهم عند حدّ مدود‪ ،‬بل استوعبوا قدر الستطاعة والطاقة‪ ،‬فضربوا بذلك‬
‫أعجبَ المثلة‪ ،‬وأغربَ السّيَر‪.‬‬
‫ض َرمَوْت‬
‫قال العمش‪ :33‬كان ماهد (‪ )104‬ل يسمع بأُعجوبة إل ذهب لينظر إليها! ذهب إل َح ْ‬
‫ليى بئر برهوت‪ ،‬وذهب إل باب وعليه والٍ‪ ،‬فقال له ماهد‪ :‬تعرض َعلَ ّي هاروت وماروت‪...‬؟‪.‬‬
‫وذكر ابن حَزم‪ 34‬عن يي بن ماهد الزاهد قال‪ :‬كنتُ آخذ من ك ّل علم طَرفًا‪ ،‬فإن ساع النسان‬
‫قومًا يتحدثون وهو ل يدري ما يقول غُمّة عظيمة‪ ،‬أو كلمًا هذا معناه‪.‬‬

‫‪(( 30‬السنن))‪ ،)151 /1( :‬والطيب ف ((الرحلة))‪( :‬ص‪ )125 -124 /‬كلها من طريق يزيد بن هارون عن الُريري به‪.‬‬
‫‪ 31‬وانظر ناذج أخرى ف كتاب الطيب السالف‪ ،‬و((سنن الدارمي))‪ ،)151 -149 /1( :‬و((فتح الباري))‪.)232 -231 /1( :‬‬
‫‪(( 32‬تذكرة الفاظ))‪.)204 /1( :‬‬
‫‪ 33‬الصدر نفسه‪.)62 /1( :‬‬
‫‪(( 34‬رسائل ابن حزم الندلسي))‪ )72 /4( :‬رسالة مراتب العلوم‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫قال أبو ممد (أي ابن حزم)‪(( :‬ولقد صدق ‪-‬رحه ال‪.))-‬‬
‫وهذا المام الدارقطن (‪- )385‬رحه ال‪ -‬وهو من هو تضّلعًا ف علوم الديث والفقه والقراءات‪،‬‬
‫إل أنه كان ُحفَ َظةً للخبار والنوادر والكايات‪.‬‬
‫قال الزهري‪ :35‬كان الدارقطن ذكيّا‪ ،‬إذا ذكر شيئًا من العلم (أيّ نوع كان) وجد عنده منه نصيب‬
‫وافِر‪ ،‬لقد حدّثن ممد بن طلحة النعال أنه حضر مع الدارقطن دعوةً‪ ،‬فجرى ذِكْر ا َلكَلَة‪ ،‬فاندفعَ الدارقطن‬
‫يورد نوادر الَ َكلَة حت قطع أكثر ليلته بذلك‪.‬‬
‫وقال المام ممد بن عبدالباقي النصاري (‪ )535‬عن نفسه‪(( :36‬حفظتُ القرآن ول سبع سني‪،‬‬
‫ت فيه‪ ،‬وحصّلتُ منه بعضه أو كله))‪.‬‬
‫وما من علمٍ ف عال ال إل وقد نظر ُ‬
‫ولا ُأسِر ف أيدي الروم قيّدوه‪ ،‬وجعلوا الغل ف عنقه‪ ،‬وأرادوا منه أن ينطق بكلمة الكفر فلم يفعل‪،‬‬
‫وتعلّم منها الطّ الرومي‪.‬‬
‫أقول‪ :‬وما سية ابن حز ٍم (‪ ،)456‬وشيخ السلم ابن تيمية (‪ ،)728‬وابن الوزير (‪ )840‬عنّا ببعيد‪،‬‬
‫وما خلفوه من تراثٍ خَيْر حافظ على ذلك وشهيد ‪.‬‬
‫وخذ مثا ًل للدللة على َسعَة اطلع شيخ السلم‪ ،‬قال الصفديّ‪- 37‬تلميذه‪(( :-‬أخبن الول علء‬
‫ت يومًا إليه أنا والشمس النفيس عامل بيت‬
‫الدين عليّ بن المدي ‪-‬وهو من كبار كُتّاب الساب‪ -‬قال‪ :‬دخل ُ‬
‫الال ‪-‬ول يكن ف وقته أكتبَ منه‪ -‬فأخذ الشيخ تقي الدين يسأله عن الرتفاع وعما بي الفَذْلكة واستقرار‬
‫لتْم والتوال‪ ،‬وما يُطلب‬
‫الملة من البواب‪ ،‬وعن الفَذْلكة الثانية و َخصْمها‪ ،‬وعن أعمال الستحقاق‪ ،‬وعن ا َ‬
‫من العامل‪ .‬وهو ييبُه عن البعض‪ ،‬ويسكت عن البعض‪ ،‬ويسأله عن تعليل ذلك؟ إل أن أوضح له ذلك وعلّله‪،‬‬
‫قال‪ :‬فلمّا خرجنا من عنده قال ل النفيس‪ :‬وال تعلّمت اليومَ منه مال كنت أتعلمه‪ .‬انتهى ما ذكره علءُ‬
‫الدين))‪.‬‬

‫‪(( 35‬تذكرة الفاظ))‪.)993 /3( :‬‬


‫‪(( 36‬الذيل على طبقات النابلة))‪.)194 /1( :‬‬
‫‪ 37‬ف ((الواف)) انظر‪(( :‬الامع لسية شيخ السلم))‪( :‬ص‪.)310 /‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫واستمع إل هذا الوصف العجيب‪ ،‬الذي ُيوِْقفُك على َسعَة اطلع شيخ السلم‪ ،‬ذكر السخاوي ف‬
‫((الواهر والدرر))‪ 38‬عن القاضي شس الدين بن الديري يقول‪(( :‬سعتُ الشيخَ علء الدين البسطامي ‪-‬ببيت‬
‫صفَتُه؟ فقال‬
‫القدس‪ -‬يقول وقد سأله‪ :‬هل رأيت الشيخ تق ّي الدين ابن تيميّة‪ ،‬فقال‪ :‬نعم‪ .‬قلتُ‪ :‬كيف كانت ِ‬
‫‪:‬‬
‫هل رأيتَ قُبّةَ الصّخرة؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬كان كقُبّة الصخرة مُل كتبًا لا لسان ينطق!!)) اهـ‪.‬‬
‫ت من فراغ وبطاله‪ ،‬ولكنه جُمِع بطول السّهر‪ ،‬واغتنام العمر‪،‬‬
‫ول ريبَ أن هذا التنوع العرف ل يتّأ ّ‬
‫ومنادمة الكتاب والستِغناء به عن الصّحاب والحباب‪.‬‬
‫* علماء يعرفون علومًا ل يعرفها أهل عصرهم‬
‫جبٌ ما وجدته ف تراجم بعض العلماء‪ ،‬وما ذُكر من َسعَة اطلعهم وتنوّع معارفهم‪،‬‬
‫وإن َتعْجَب َفعَ َ‬
‫بل تصريح جاع ٍة منهم بعرفتهم لعلومٍ ل يعرفها أه ُل عصرهم‪ ،‬بل ل يعرفون أساءها!! وإليك ما وجدت‪:‬‬
‫‪ -1‬كان ابن الشّاب النحوي النبلي ت (‪ )567‬يقول‪ :‬إن متقنٌ ف ثانية علوم‪ ،‬ما يسألن أحدٌ‬
‫عن علم منها‪ ،‬ول أجد لا أهلً!!‪.39‬‬
‫‪ -2‬وكان أبو البقاء السّبْكي ت (‪ )777‬يقول‪ :‬أعرف عشرين علمًا‪ ،‬ل يسألن عنها بالقاهرة‬
‫أحد‪.!!40‬‬
‫‪ -3‬وقال ممد بن أب بكر بن جَمَاعة ت (‪ :)819‬أعرف خسة عشر علمًا‪ ،‬ل يعرف علماء‬
‫عصري أساءها!!‪.41‬‬
‫‪ -4‬ويُروى أن ممد بن أحد بن عثمان بن عليم الالكي ت (‪ )842‬قال‪ :‬أعرف عشرين علمًا ما‬
‫سُئ ْلتُ عن مسأل ٍة منها!!‪.42‬‬

‫‪.)117 /1( 38‬‬


‫‪(( 39‬الذيل على طبقات النابلة))‪.)317 /1( :‬‬
‫‪(( 40‬درّة الِجال))‪.)132 /2( :‬‬
‫‪(( 41‬البدر الطالع))‪.)148 /2( :‬‬
‫‪(( 42‬البدر الطالع))‪ ،)113 /2( :‬وكان مع هذا ربا احتاج فيبيع بعض نفائس كتبه!‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫‪ -5‬وكان أحد بُو نافع الفاسي ت (‪ )1260‬يقول‪ :‬عندي أربعة وعشرون علمًا‪ ،‬ل يسألن عنها‬
‫أحدٌ!!‪.43‬‬
‫‪ -6‬وف ترجة أب الطيب عبدالنعم الكندي ت (‪ ،)435‬حكى بعضُهم أَنّه دخ َل عليه‪ ،‬فوجَدَه ينظر‬
‫ف اثن عشر علمًا‪ ،‬وكان له حظ من السابِ والندس ِة والعلوم القديةِ‪.44‬‬
‫‪ -7‬وانظر ما ذكره البت الؤرّخ‪ 45‬عن والده العلمة حسن البت الكبي ت (‪ )1188‬من تفنّنه ف‬
‫علوم الشرع‪ ،‬ث اعتكافه عشر سنوات (‪ )1154 -1144‬لدراسة (العلوم التجريبية) من الندسة والكيمياء‬
‫والفلك والصنائع الضارية كلّها‪ ،‬حت النّجارة والِراطة والِدادة والسّمكرة والتجليد والنقش والوازين‪ ،‬حت‬
‫صار بيته زا ِخرًا بكلّ أداةٍ ف صناعةٍ وك ّل آلةٍ‪...‬‬
‫فتزوّد من العلم والْحَق بالرّكب‪.‬‬
‫قال الاوردي ف ((أدب الدنيا والدين))‪- 46‬وهو يرشد الطالب‪(( :-‬ول َيقْنَع من العلم با أدرك‪ ،‬لن‬
‫القناعة فيه زهدٌ‪ ،‬والزّهد فيه تركٌ‪ ،‬والتركُ له جهلٌ!‪.‬‬
‫وقد قال بعض الكماء‪ :‬عليكَ بالعلمٍ والكثار منه‪ ،‬فإن قليلَه أشبه شيءٍ بقليل الي‪ ،‬وكثيه أشبه‬
‫شيءٍ بكثيه‪ ،‬ولن يعيب الي إل ال ِقلّة‪ ،‬فأمّا كثرتُه فإنا أُمنِية)) اهـ‪.‬‬

‫‪(( 43‬فهرس الفهارس))‪.)124 /1( :‬‬


‫‪(( 44‬ترتيب الدارك))‪ .)67 /8( :‬و((معال اليان))‪.)184 /3( :‬‬
‫‪(( 45‬تاريخ البت))‪ ،)397 /1( :‬وانظر‪(( :‬رسالة ف الطريق إل ثقافتنا))‪:‬‬
‫(ص‪ )85 -82 /‬للعلمة ممود شاكر ‪-‬رحه ال‪ -‬وهو مهم‪.‬‬
‫وذكر أبو الواهب النبلي ف ((مشيخته))‪( :‬ص‪ )89 /‬ف ترجة شيخه أيوب ابن أحد النفي اللوت ت (‪ )1071‬أنه كان يقول‪:‬‬
‫أعرف ثاني ِع ْلمًا!!‪.‬‬
‫أقول‪ :‬الظاهر أن هذه (الثماني) من علوم أهل التصوّف (العلوم الباطنة) الت هي َعيْن الهل بال وشرعه!!‪.‬‬
‫‪( 46‬ص‪.)125 /‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫ومن فوائد الستمرار ف طلبه ودوام التزيد منه ما ذكره ابن الوزي ف ((صيد الاطر))‪ 47‬قال‪:‬‬
‫((أفضل الشياء التزيّد من العلم‪ ،‬فإنه من اقتصرَ على ما يعلمه فظنّه كافيًا ا ْستَبَ ّد بِرأْيه‪ ،‬وصار تعظيمه لنفسه‬
‫مانعًا من الستفادة‪ .‬والذاكرة تبيّن له خطأه‪.))...‬‬
‫***‬

‫‪( 47‬ص‪.)158 /‬‬


‫وأنشد بعضهم ف طلب الستزادة من العلم‪ ،‬وعدم القتصار على فنّ‪:‬‬
‫احرص على كلّ عل ٍم تبلغ المل‬
‫النحلُ لا رَ َعتْ من كلّ فاكهةٍ‬
‫الشمع بالليل نورٌ ُيسْتضاءُ بول تواصل لعلمٍ واح ٍد كسل‬
‫سلَ‬
‫أبدت لنا الوهرين‪ :‬الشمعَ وال َع َ‬
‫والشهدُ يُبي بإذن البارىءِ العَِللَمن ((درة الِجال))‪.)49 /3( :‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫الستزادة من العلم‪ ...‬حت ف ساعة الحتضار‬


‫ساعة الحتضار ل يكن لحدٍ أن يصفَ حقيقتها أو يصلَ إل ُكنْهها‪ ،‬لكن الكلّ يعلم أنا ساعة‬
‫رهيبة ولظ ًة مُذهِلة‪ ،‬إنا ساعة النتقال والتحول من الدنيا إل الخرة‪ ،‬من الياة إل الوت‪ ،‬هل هناك ساعة‬
‫ل منها؟! كل‪.‬‬
‫ف الدنيا أرهب من هذه؟! هل هناك ساعة ف الدنيا أشد حرجًا وأكثر شغ ً‬
‫فما بالك بأناسٍ ف هذه (الساعة وف هذه اللحظة) يتذاكرون العلم‪ ،‬ويقيدون الفوائد‪ ،‬ويرصون على ذلك‬
‫كلّه‪ ،‬كأقوى ما يكونون صِحّةً‪ ،‬وكأش ّد ما يكونون َنشَاطًا!! نعم هذا ما حفظه لنا التاريخ وسطرته الكتب‪،‬‬
‫فثبت وصحّ ليبقى عِبْرة وعِظة لِلخالِفِ‪ ،‬وحاديًا يتعلل به الطالب‪.‬‬
‫وسرّ قدرتم على ذلك‪ ،‬شِدّة الّنهَمة‪ ،‬وسوّ المة‪.‬‬
‫قال العلمة ابن الوزي‪:48‬‬
‫حوْلُ هي الت‬
‫وهي الت َجَنتِ النّ ُ‬ ‫ل هةٌ ف العِلْم ما إن مثلُها‬

‫‪ 48‬انظر‪(( :‬ذيل الروضتي))‪( :‬ص‪ ،)25 /‬و((السي))‪ ،)379 /21( :‬ف قصيدة له‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫ُدعِيت إل نَيْل الكما ِل فَلّبتِ‬ ‫خُلِقت من العِلْق العظيمِ إل الُنَى‬


‫ب عِلْ ٍم وطالبُ دُنْيا))‪.49‬‬
‫شَبعَانِ‪ ،‬طال ُ‬
‫وهذا مصداق خب النبّ ‪(( :‬مَْنهُومانِ ل يَ ْ‬
‫ولا سُئِل المام أحد‪ :‬إل مت تطلب العلم؟ قال‪ :‬من الحبة إل القبة‪.‬‬
‫فإليك ما وجدنا من خبهم ف ذلك‪:‬‬
‫* خب أب يوسف القاضي (‪)182‬‬
‫ذكر القرشي ف ((الواهر ا ُلضِيّة))‪ ،50‬والول تقي الدين التميمي ف ((الطبقات السنية))‪ 51‬ف ترجة‬
‫إبراهيم بن الراح التميمي مولهم ‪-‬تلميذ أب يوسف وآخر من روى عنه‪ -‬قال‪(( :‬أتيته أعوده‪ ،‬فوجدته‬
‫مغمًى عليه‪ ،‬فلما أفاق قال ل‪ :‬يا إبراهيم! أيّهما أفضل ف رمي المار‪ ،‬أن َيرْميَها الرج ُل راجلً أو راكبًا؟‬
‫فقلت‪ :‬راكبًا‪ .‬فقال‪ :‬أخطأتَ!‪.‬‬
‫قلتُ‪ :‬ماشيًا‪ .‬قال‪ :‬أخطأتَ!‪.‬‬
‫قلت‪ :‬قل فيها ‪-‬يرضى ال عنك‪.-‬‬

‫‪ 49‬هذا الديث جاء من رواية جاعةٍ من الصحابة ‪-‬رضي ال عنهم‪ -‬وهم‪ :‬أنس‪ ،‬وابن عباس مرفوعًا وموقوفًا‪ ،‬وابن مسعود‪ ،‬وعائشة‪،‬‬
‫وأبو سعيد الدري‪ ،‬وابن عمر‪ .‬وجاء ‪-‬أيضًا‪ -‬من مرسل السن‪ ،‬وموقوفًا على كعب الحبار‪.‬‬
‫أحسنها من رواية أنسٍ وابن عباس‪ ،‬فالول أخرجه الاكم‪ ،)92 /1( :‬والبيهقي ف ((الشعب)) و((الدخل)) ‪-‬كما ف ((القاصد‪:‬‬
‫‪ -))434‬وابن عساكر ف ((تاريه))‪( :‬مطوط) من طريق أب عوانة‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن أنسٍ به‪.‬‬
‫قال الاكم‪(( :‬هذا حديث صحيح على شرط الشيخي ول يرجاه‪ ،‬ول أجد له علة)) ووافقه الذهب‪.‬‬
‫وحديث ابن عباس أخرجه إسحاق بن راهويه ف ((مسنده)) ‪-‬كما ف ((الطالب العالية))‪ -)321 /3( :‬وأبو خيثمة ف ((العلم)) رقم‬
‫(‪ ،)141‬والبزار (الكشف‪ ،)95 /1 :‬والطبان ف ((الكبي))‪ )77 -76 /11( :‬رقم (‪ ،)11095‬و((الوسط))‪،)6/313( :‬‬
‫وأحد ف ((الزهد))‪( :‬ص‪ ،)215 /‬والعسكري ف ((الث على حفظ العلم))‪ :‬كما ف ((القاصد))‪ ،‬وابن الوزي ف ((العلل))‪/1( :‬‬
‫‪.)94‬‬
‫كلهم من طريق ليث بن أب سُلَيم عن ماهد (ف الزهد‪ ،‬وعلل ابن الوزي‪ :‬عن طاووس‪ ،‬وف البزار‪ :‬على الشك عن طاووس أو‬
‫ماهد) عن ابن عباس ‪-‬وأحسبه قد رفعه‪ -‬عن النب بنحوه‪.‬‬
‫وفيه ليث بن أب سليم ضعيف الديث‪ ،‬وبه أعلّه اليثمي ف ((الجمع))‪ )140 /1( :‬والافظ ف ((الطالب))‪.)321 /3( :‬‬
‫وأخرجه الدارمي‪ )108 /1( :‬من طريق إساعيل بن أبان عن عبدال بن إدريس عن ليث عن طاووس عن ابن عباسٍ موقوفًا‪.‬‬
‫‪.)76 /1( 50‬‬
‫‪ )191 -190 /1( 51‬ول يرد فيه جوابه الثان‪(( :‬قلت‪ :‬ماشيًا‪.))...‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫قال‪ :‬أما ما يوقف عنده للدعاء‪ ،‬فالفضل أن يرميه راجلً‪ ،‬وأما ما كان ل يوقف عنده‪ ،‬فالفضل أن‬
‫يرميه راكبًا‪.52‬‬
‫صرَاخَ عليه‪ ،‬وإذا هو قد مات ‪-‬رحه ال‬
‫ث قمت من عنده‪ ،‬فما بلغتُ بابَ داره حت سعتُ ال ّ‬
‫تعال‪.))-‬‬
‫* خب أب ُزرْعة الرازي (‪)266‬‬
‫قال اب ُن أب حات ف ((تقدمة الرح والتعديل))‪ :53‬سعتُ أب يقول‪ :‬مات أبو زُرعة مطعونًا مبطونًا‬
‫يعرق جبينُه ف النع‪ ،‬فقلت لحمد بن مسلم (ابن وَارَة)‪ :‬ما تفظ ف تلقي الوتى‪ :‬ل إله إل ال؟ فقال ممد‬
‫بن مسلم‪ :‬يروى عن معاذ بن جبل‪.‬‬
‫فمن قبلِ أن يَسْتتم رفع أبو زرعة رأسه وهو ف النع‪ ،‬فقال‪ :‬روى عبدالميد بن جعفر‪ ،‬عن صال بن‬
‫أب عريب‪ ،‬عن كثي بن مرّة‪ ،‬عن معاذ عن النب ‪(( :‬من كان آخر كلمه‪ :‬ل إله إل ال دخ َل النة))‪.‬‬
‫فصار البيت ضجّة ببكا ِء من حضرَ‪.‬‬
‫* خب أب حات الرازي (‪)277‬‬
‫قال ابنه عبدالرحن ف ((تقدمة الرح والتعديل))‪ :54‬حضرتُ أب ‪-‬رحه ال‪ -‬وكان ف النع وأنا ل‬
‫أعلم‪ ،‬فسألته عن عُقبة بن عبدالغافر‪ ،‬يروي عن النب ‪ ،‬له صحبة؟ فقال برأسه‪ :‬ل‪ ،‬فلم أقنع منه‪ ،‬فقلتُ‪:‬‬
‫فهمتَ عن؟ له صحبة؟ قال‪ :‬هو تابعي‪.‬‬
‫قلت (ابن أب حات)‪ :‬فكان سيد عمله معرفة الديث‪ ،‬وناِقلَة الخبار‪ ،‬فكان ف عمره يُقتَبَس منه‬
‫ذلك‪ ،‬فأراد ال أن يُظهر عند وفاته ما كان عليه ف حياته)) اهـ‪.‬‬
‫* خب ابن جرير الطبي (‪)310‬‬

‫‪ 52‬انظر ((الجموع))‪ ،)168 /8( :‬و((أضواء البيان))‪ )308 /5( :‬وقال‪(( :‬وأظهر القوال ف السألة هو القتداء بالنب ‪ ،‬وهو قد‬
‫رمى جرة العقبة راكبًا‪ ،‬ورمى أيام التشريق ماشيًا ذهابًا وإيابًا وال تعال أعلم)) اهـ‪.‬‬
‫‪( 53‬ص‪.)345 /‬‬
‫‪( 54‬ص‪.)367 /‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫قال العاف الّن ْهرَوان ف ((الليس الصال))‪(( :55‬وحكى ل بعض بن الفرات‪ ،‬عن رجلٍ منهم أو من‬
‫غيهم‪ :‬أنه كان بضرة أب جعفر الطبي ‪-‬رحه ال‪ -‬قبل موته‪ ،‬وتوف بعد ساعة أو أقلّ منها‪ ،‬فذُ ِكرَ له هذا‬
‫الدعاء‪ ،56‬عن جعفر بن ممد ‪-‬عليهما السلم‪ -‬فاستدعى مبة وصحيفةً فكتبها‪ ،‬فقيل له‪ :‬أف هذه الال؟!‬
‫فقال‪ :‬ينبغي للنسان أن ل يدع اقتباس العل ِم حت يوت)) اهـ‪.‬‬
‫* خب ابن سعدون (‪)352‬‬
‫ذكر القاضي عِياض ف ((ترتيب الدارك))‪ 57‬ف ترجة أب بكر ممد بن وسيم بن سعدون الطّليطلي‬
‫أنه كان رأسًا ف كلّ فن‪ ،‬مُتق ّدمًا فيه‪ ...‬قال‪(( :‬ودَخَل عليه ‪-‬وهو ف النع‪ -‬بعضُ أصحابه‪ ،‬فناداه‪ ،‬فلم‬
‫جبْه‪ ،‬فقال الخر‪( :‬وَحِيلَ بَْيَنهُ ْم وَبَْينَ مَا يَشَْتهُونَ) [سبأ‪.]54 /‬‬
‫يُ ِ‬
‫ك ّمرِيبٍ)‪.58‬‬
‫فقال له أبو بكر حي ذلك‪ :‬نزلت ف الكفار‪ ،‬وفيها‪( :‬إِّنهُمْ كَانُوا فِي َش ّ‬
‫* خب مسرّة الضرمي (‪)373‬‬
‫لضْرمي ت (‪- )373‬وكان من‬
‫وذكر عياضٌ ف ((الدارك))‪- 59‬أيضًا‪ -‬ف ترجة مسرّة بن مسلم ا َ‬
‫ك َربّ‬
‫ضرَ ابتدأ القرآن‪ ،‬فانتهى ف (سورة طه) إل قوله تعال‪َ ( :‬وعَجِ ْلتُ إِلَْي َ‬
‫أهل العلم والزهد التام‪ -‬أنه لا احُْت ِ‬
‫لَِت ْرضَى) [طه‪ ،]84 /‬ففاضت نفسه‪.‬‬
‫* خب البَ ْيرُون‪ 60‬ال َفلَكِي (‪)440‬‬
‫لوَا َرزْمي ما كان عليه من‬
‫ذكر ياقوت ف ((إرشاد الريب))‪ 61‬ف ترجة أب الريان ممد ابن أحد ا ُ‬
‫حرصٍ ف تصيل العلوم‪ ،‬وتصنيف الكتب‪ ،‬ث ذلك له الفقيه ال َوْلوَال ّي قال‪ :‬دخلتُ على أب الرّيان وهنو‬
‫يود بنفسه‪ ،‬وقد حَشْرج نفسُه‪ ،‬وضاقَ به صدرُه‪ ،‬فقال ل ف تلك الالة‪ :‬كيف قلت ل يومًا حساب‬

‫‪.)222 /3( 55‬‬


‫‪ 56‬وهو قوله‪(( :‬يا سابق الفوت‪ ،‬ويا سامع الصوت‪ ،‬ويا كاسي العظام لمًا بعد الوت‪ ))...‬ث يدعو بسألته‪.‬‬
‫‪.)176 /6( 57‬‬
‫‪ 58‬انظر‪(( :‬تفسي ابن كثي))‪.)554 -552 /3( :‬‬
‫‪.)271 /6( 59‬‬
‫‪ 60‬قال ياقوت‪(( :)180 /17( :‬هذه النسبة معناها‪ :‬البّان‪ ،‬لن بيُن بالفارسية معناه برّا‪ ))...‬اهـ‪.‬‬
‫‪.)182 /17( 61‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫الدّات الفاسِدَة‪62‬؟ فقلت له ‪-‬إشفاقًا عليه‪ :-‬أف هذه الالةِ؟! قال ل‪ :‬يا هذا! ُأ َودّعُ الدنيا وأنا عال بذه‬
‫السألة أل يكون خيًا من أن أُخلّيها وأنا جاهلٌ با‪ .‬فأعدتُ ذلك عليه و َحفِظَ‪ ...‬وخرجتُ من ِعنْده‪ ،‬وأنا ف‬
‫صرَاخ)) اهـ‪.‬‬
‫الطريق‪ ،‬فسمعتُ ال ّ‬
‫* خب ابن روزْبَه (‪)633‬‬
‫سنِد أحد بن عبدال بن معطي الزائري ت (‪ )666‬ف ((ذيل التقييد))‪ 63‬للفاسي أنه‬
‫وف ترجة الُ ْ‬
‫سَم َع ((صحيح البخاري)) عَلَى علِيّ بن أب بكر بن ُروْزبة ف أربعة عشر ملسًا‪ ،‬وأنه قال لم يوم الَتْم‪:‬‬
‫اجتهدوا ف إكمال هذا الكتاب‪ ،‬فإنه ‪-‬وال‪ -‬ما بقي غيكم يسمعه عليّ‪ ،‬وتوف ف الليلة التصل ِة بذلك اليوم‪.‬‬
‫* خب ابن مالك صاحب اللفية (‪)672‬‬
‫وف كتاب ((الفَلَكة والفلوكون))‪ 64‬للدّلَجي ف ترجة المام أب عبدال جال الدين ممد بن عبدال‬
‫بن مالك النحوي العلمة‪ ،‬قال‪(( :‬كان كثي ال ْشغَال‪ 65‬والشتغال‪ ،‬حت أنه حفظ ف اليوم الذي مات فيه‬
‫خسة شواهد!!))‪.‬‬
‫* خب الصفي الندي (‪)715‬‬
‫ذكر الذهب ف ((معجم شيوخه))‪ 66‬ف ترجته أنه روى له حديثي قال‪(( :‬ليسا ها عندي‪ ،‬قرأتما‬
‫عليه وَنفَسُه يُحشرج ف الصدر‪ ،‬فتوف يومئ ٍذ عفا ال عنا وعنه آمي)) اهـ‪.‬‬
‫* خب الجّار (‪)730‬‬
‫وهذا العمّر العجوبة‪ ،‬شهاب الدين أبو العبّاس أحد بن أب طالب الجّار‪ ،‬مُسْند الدنيا‪ 67‬ت (‪73‬‬
‫‪ ،)0‬فقد ذكر الفاسيّ أن الطلب قد قرءوا عليه ف يومِ موته‪ ،‬وله مئة سنة وعشر سني تقريبًا!!‬

‫‪ 62‬يعن‪ :‬الدّات من ِقبَل الُم‪.‬‬


‫‪.)68 /2( 63‬‬
‫‪( 64‬ص‪.)69 /‬‬
‫‪ 65‬أي‪ :‬التدريس‪.‬‬
‫‪.)216 /2( 66‬‬
‫‪ 67‬هكذا حلّه الافظ تقيّ الدين الفاسي ف ((ذيل التقييد))‪ )61 -58 /2( :‬والب فيه‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫أقول‪ :‬فاتعظ بذه الِمم ال َعلِيّة‪ ،‬واْبكِ على تقصيك ودُُن ّو هِمّتك‪ ،‬واستدرك ما فرط من أمرك بالدّ‬
‫سرَى‪.‬‬
‫والعمل‪ ،‬ومداومة الدرس والنظر‪ ،‬فمن سار على الدرب وصل‪ ،‬وعند الصباح يَحْمَد القوم ال ُ‬
‫وقريب من هذا ما جاء ف ِسيَر بعض العلماء‪ ،‬فهم مع شدة تطلّبهم للعلم من بادِىء أمرهم حت أوفوا‬
‫فيه إل الغاية‪ ،‬فاستكثروا ما شاءوا‪ ،‬ومع تقدّم أعمارِهم ودن ّو آجالم هم مع ذلك= َيجِدون من الرغبة ف‬
‫العلم‪ ،‬والشغف به‪ ،‬أكثر ما يده الشّاب اليافِع الُمْتلىء ُق ّوةً ونشاطًا!!‪.‬‬
‫* خب ابن عقيل النبلي (‪)513‬‬
‫ففي ترجة‪ 68‬أب الوفاء ابن عقيل النبلي ت (‪- )513‬رحه ال‪ -‬أنه قال‪(( :‬إن لجد من ِحرْصي‬
‫شرِ الثمان‪69‬ن أشدّ ما كنت أجده وأنا ابنُ عشرين سنة))‪.‬‬
‫على العلم‪ ،‬وأنا ف َع ْ‬
‫* خب ابن الوزي (‪)597‬‬
‫وهذا العلمة التفنّن‪ ،‬صاحب التصانيف‪ ،‬أبو الفرج ابن الوزي (‪ )567‬يقرأ ف آخر عمره وهو ف‬
‫(الثماني) القراءات العشر على ابن الباقلن‪ ،‬مع ابنه يوسف‪.70‬‬
‫قال الذهب ‪-‬معّلقًا‪(( :-‬فانظر إل هذه المة العالية!)) اهـ‪.‬‬
‫* خب مرتضى الزبيدي (‪)1205‬‬
‫قال العلمة عبدالي الكَتّان ف ((فهرس الفهارس والثبات))‪ 71‬ف ترجة العلمة اللغوي الحدّث‬
‫ممد مرتضَى الزّبيدي‪(( :‬ومع كثرة شيوخ الترجَم كثر ًة َم ُهوْلَةً بالنسبة إل مشايه ومُعاصِريه= كان غي‬
‫مُكْتَفٍ با عنده‪ ،‬بل دائم التطلّب والخذ‪ ،‬ومكاتبة من بالفاق‪ ،‬حت أن رأيتُ بطّه ف كناشة ابن عبدالسلم‬
‫الناصري استدعاءً كتبَه لن يلقاه ابنُ عبدالسلم الذكور (وذكر نصّه‪ ،‬وفيه‪ :‬استجازة كل من يلقاه من الشيوخ‬
‫والعلماء بتاريخ ‪.)1197‬‬

‫‪ 68‬ف ((الذيل على طبقات النابلة))‪.)146 /1( :‬‬


‫‪ 69‬أي‪ :‬العشر الت فيها الثماني (من ‪ 71‬إل ‪.)79‬‬
‫‪(( 70‬السي))‪ .)377 /21( :‬وابن الباقلن هو‪ :‬عبدال بن منصور بن عمران أبو بكر ال ّربَعي الواسطي القرىء ت (‪ ،)593‬انظر‬
‫((معرفة القراء))‪ 870 /2( :‬رقم ‪.)827‬‬
‫‪.)537 -536 /1( 71‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫قال (الكتان)‪ :‬وإن تعجب فاعجب لذه المة‪ ،‬والِرص من هذا الافظ العظيم الشأن‪ ،‬وعدم شَبَعه‪،‬‬
‫وكثرة َنهَمِه‪ ،‬فإنه عاش بعدما كتب هذا الستدعاء نو الثمان سنوات‪.‬‬
‫وهذا نظ ُي ما وجدته من َكتْب اسم الافظ ابن البّار (‪ )658‬ف استدعا ٍء مؤرّخ بقريب من سنةِ‬
‫وفاته! ومنهومان ل يشبعان‪ :‬طالب علمٍ وطالب دنيا))‪ .‬انتهى كلم الكتان‪.‬‬
‫ن ما وقع لؤلء العلماء من النهمة الشديدة‪ ،‬والرص العظيم‪ ،‬والِمّة‬
‫ب والكتا ّ‬
‫أقول‪ :‬ولئن ع ّد الذه ّ‬
‫العالية= فََلعَمْري إن طلبه‪ ،‬والرص عليه‪ ،‬والذاكرة به ف ساعة الحتضار‪ ،‬ووقتِ النْعِ لعظم دللة من ذلك‬
‫وأوضح‪.‬‬
‫فلله تلك المم والعزائم!!‬
‫***‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫الفصل الثان‬
‫ِحرْص العلماء وشغفهم بالكتب‪ ،‬قراءةً وتصيلً‬
‫لقد أبدأ العلماء وأعادوا ف بيان قيمة كتب العلم‪ ،‬وعظيم أثرها‪ ،‬وجللة موقعها‪ ،‬ولم ف ذلك‬
‫عبارات مشهورة نثرًا وشعرًا‪ ،‬ند كثيًا منها ف مقدمة كتاب ((اليوان))‪ 72‬للجاحظ‪ ،‬وف ثنايا كتبه‪ ،‬وف‬
‫((تقييد العلم))‪ ،‬و((الامع‪ ))...‬للخطيب‪ ،‬و((جامع بيان العلم وفضله)) لبن عبدالب‪ ،‬وف مطاوي كتب‬
‫((أدب الطلب)) وكتب ((التراجم والسي)) ومقدّمات الصنفات الت تتحدث عن (خزائن الكتب)‪ 73‬فل نُعيد‬
‫ما قالوه‪ ،‬فهو مبتذلٌ ف مظانّه‪ ،‬إل أن ل أشأْ إخلء هذا الكتاب من لُمَ ٍع منه (وهو مَظِنّة ذلك)‪ ،‬فاخترتُ‬
‫بضع كلماتٍ أُراهِا من أحسنِ ما قيل‪:‬‬
‫قال الاحظ (‪ )255‬ف ((اليوان))‪(( :74‬من ل تكن نفقته الت ترج ف الكتب أل ّذ عنده من إنفاق‬
‫عُشّاق القِيان‪ ،‬والُسْتهترين‪ 75‬بالبنيان‪ ،‬ل يبلغ ف العلم مبلغًا رضيّا‪ ،‬وليس ينتفع بانفاقه حت ُيؤْثر اتاذ الكتب‬
‫إيثار العرابّ فرسَه باللب على عِياله‪ ،‬وحت يُؤمّل ف العلم ما يؤمّل العرابّ ف فرسِه))‪.‬‬

‫‪ 72‬وقد ُأفْرِدت هذه القدمة عن الكتاب من قدي‪ ،‬منها نسخة قدية بط ابن البواب‪ ،‬وأخرى بط الصفدي (‪ )764‬و ُعنْوِن لا بعناوين‬
‫متلفة‪ ،‬وأُفْرِدت حديثًا و ُطِبعَت‪.‬‬
‫‪ 73‬مثل كتاب فيليب دي طرّازي‪ ،‬وكوركيس عوّاد‪ ،‬وغيها‪.‬‬
‫‪.)55 /1( 74‬‬
‫ستَ ْهتِر‪ :‬ال ْولَع بالشيءِ النهمك فيه‪.‬‬
‫‪ 75‬ا ُل ْ‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وذكر المام أبو ممد بن حزم (‪ )456‬ف ((رسالة مراتب العلوم))‪َ 76‬دعَائِ َم العلم‪ ،‬فعدّ منها‬
‫ب من فائدة‪ 77‬وزيادة علمٍ يدَها فيه إذا احتاجَ إليه‪ ،‬ول سبيل إل حفظ‬
‫((الستكثارُ من الكتب‪ ،‬فلن يلوَ كتا ٌ‬
‫الرء لميع علمِه الذي يتصّ به‪ ،‬فإذ ل سبيل إل ذلك‪ ،‬فالكتب ِنعْم الِزانة له إذا ُطلِب‪.‬‬
‫ولول الكتب لضاعت العلوم ول توجَد‪ ،‬وهذا خطٌأ من ذمّ الكثار منها‪ ،‬ولو أُخِذَ برأيه‪ ،‬لتَِلفَت‬
‫العلوم‪ ،‬ولاذبم الهّال فيها‪ ،‬وادّعوا ما شاءوا!! فلول شهادة الكتب لستوت دعوى العال والاهل)) اهـ‪.‬‬
‫ض العلماء ف كثرة شراء الكتب‪ ،‬فقال‪:78‬‬
‫وعُذِلَ بع ُ‬
‫‪79‬‬
‫يينُك من مالٍ فقلتُ‪ :‬دعين‬ ‫وقائلةٍ أنفقتَ ف الكُْتبِ ما َحوَت‬
‫لخْ ِذ كتاب آمِنًا بيمين‬ ‫لعلّي أرى فيها كتابًا يَدُلّن‬
‫وف كلّ ما سيأت من الخبار والقصص لسا ٌن ناطق‪ ،‬وبيا ٌن مُشرق‪ ،‬لقيمة الكتب ومكانتها ف نفوس‬
‫هؤلءِ العلماء‪ ،‬وهي بذلك غنيّة عن أيّ تعليق‪.‬‬
‫* ولع ابن ُدرَيْد (‪ )321‬بالعلم والكتب‬
‫قال أبو نصر اليكال‪ :80‬تذاكرنا النتزهات يومًا وابن ُدرَيْد حاضر‪ ،‬فقال بعضُهم‪ :‬أنزه الماكن غُوطة‬
‫دمشق‪ .‬وقال آخرون‪ :‬بل نر الُبلّة‪ .‬وقال آخرون‪ :‬بل ُسغْد سرقند‪ .‬وقال بعضُهم‪ :‬نروان بغداد‪ .‬وقال‬
‫بعضُهم‪ :‬شِعب بوّان‪ .‬وقال بعضُهم‪ :‬نوبار بلخ‪.‬‬
‫فقال(أي ابن دريد)‪ :‬هذه منتزهات العيون فأين أنتم عن متنهات القلوب؟ قلنا‪ :‬وما هي يا أبا بكر؟‬
‫قال‪(( :‬عيون الخبار)) للقتب‪ ،‬و((الزهرة)) لبن داود‪ ،‬و((قلق الشتاق)) لبن أب طاهر‪ .‬ث أنشأ يقول‪:‬‬

‫‪ 76‬ضمن ((رسائل ابن حزم))‪.)77 /4( :‬‬


‫‪ 77‬وهذه القاعدة (لن يلو كتابٌ من فائدة) ذكرها ابن الوزي ‪-‬أيضًا‪ -‬ف ((صيد الاطر))‪( :‬ص‪ )411 /‬وهو يُرشد الطالب قال‬
‫((وليجتهد ف مالسة العلماء‪ ...‬وتصيل الكتب‪ ،‬فل يلو كتابٌ من فائدة)) اهـ‪ .‬وانظر فلسفة عباس العقّاد لذه القاعدة ف كتابه‬
‫((أنا))‪( :‬ص‪ )89 /‬وهو ترجته لنفسه‪ُ ،‬جمِع بعد موته‪ .‬وذكرها وفصل القول فيها الستاذ ممود الطناحي ف ((الوجز))‪( :‬ص‪-24 /‬‬
‫‪ )35‬وهو مهم‪.‬‬
‫‪ 78‬هو سلمان بن عبدالميد ابن الموي النبلي (ت ‪ )805‬من شيوخ الافظ ابن حجر‪ ،‬ذكره ف ((الجتمع))‪،)601 /1( :‬‬
‫و((السحب الوابلة))‪ ،)406 /2( :‬و((الوهر النضد)) رقم ‪.53‬‬
‫‪ 79‬وقع ف ((الوهر))‪ ،‬وحاشية السحب‪(( :‬وعين))! وهو تريف‪.‬‬
‫‪(( 80‬إرشاد الريب))‪ )139 /18( :‬لياقوت‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫س تثّ وكأس ُتصَبْ‬


‫وكأ ٌ‬ ‫ومَن تكُ نزهَتهُ قينةٌ‬
‫تلقي العيون و َدرْس الكتبْ‬ ‫فنهتُنا واسترا َحتُنا‬
‫* ولع شيخ السلم ابن تيمية (‪ )728‬بالطالعة‪ ،‬وشغفه بالبحث‬
‫قال الافظ ابن عبدالادي (‪- )744‬تلميذه‪ -‬ف ((متصر طبقات علماء الديث))‪- 81‬وذكر طرفًا من‬
‫صفاته‪(( :-‬ل تكاد نفسُه تشبع من العلم‪ ،‬ول تروى من الطالعة‪ ،‬ول تلّ من الشتغال‪ ،‬ول تكلّ من البحث‪،‬‬
‫وقَلّ أن يدخل ف عل ٍم من العلوم ف بابٍ من أبوابه إل ويُفتح له من ذلك الباب أبواب‪ ،‬ويستدرك أشياء ف‬
‫ذلك العلم على حُذّاق أهله))‪.‬‬
‫وقال الشيخ ممد خليل الراس‪(( :82‬كان لبن تيمية بصر نافذ ونفس ُطَلعَة ل تكاد تشبع من العلم‪،‬‬
‫ول تكل من البحث‪ ،‬ول تروى من الطالعة‪ ،‬مع التوفر على ذلك وقطع النفس له وصرف المة نوه‪ ،‬حت إنه‬
‫ل ينقطع عن البحث والتأليف طيلة حياته ف الشام أو ف مصر‪ ،‬ف السجن أو ف البيت‪ ،‬بل إنه كان يتوجّع ألًا‬
‫وحسرة حينما أخرجوا الكتب والوراق من عنده ف ُأ ْخرَيات أيامه‪ ))...‬اهـ‪.‬‬
‫* قراءة شيخ السلم وهو مريض‬
‫قال المام ابن القيم ف ((روضة الحبّي))‪ :83‬وحدّثن شيخنا ‪-‬يعن اب َن تيمية‪ -‬قال‪ :‬ابتدأن مرضٌ‪،‬‬
‫فقال ل الطبيب‪ :‬إن مُطالعتك وكلمك ف العلم يزيد الرض‪ ،‬فقلت له‪ :‬ل أصب على ذلك‪ ،‬وأنا أحاكمك إل‬
‫علمك‪ ،‬أليست النفس إذا فرحت و ُسرّت وَقوِيت الطبيع ُة فدفعت الرضَ؟ فقال‪ :‬بلى‪ ،‬فقلت له‪ :‬فإن نفسي‬
‫تُس ّر بالعلم فتقوى به الطبيعةُ فأج ُد راحةً‪ ،‬فقال‪ :‬هذا خارجٌ عن علجنا‪ ))...‬اهـ‪.‬‬
‫وقال اب ُن القيم أيضًا‪(( :‬وأعرف من أصابه مرض من صداعٍ وحُمّى وكان الكتاب عند رأسه‪ ،‬فإذا‬
‫وجد إفاق ًة قرأ فيه‪ ،‬فإذا ُغِلبَ وضعَه‪ ،‬فدخل عليه الطبيبُ يومًا وهو كذلك فقال‪ :‬إن هذا ل يلّ لك فإنك‬
‫تُعي على نفسك وتكون سببًا ِل َفوْت مطلوبك)) اهـ‪.‬‬
‫* قراءة ابن الوزي (‪ 20( )597‬ألف) ملدًا وهو َب ْعدُ ف الطلب‬

‫‪ ،)282 /4( 81‬وانظر ((العقود الدريّة))‪( :‬ص‪ )5 /‬له‪ ،‬ونقل فيه هذا القول وأتّ منه عن بعض قدماء أصحاب الشيخ‪.‬‬
‫‪(( 82‬ابن تيمية السلفي))‪( :‬ص‪ .)27 /‬وانظر كتابنا ((الامع لسية شيخ السلم))‪( :‬ص‪.)189 /‬‬
‫‪( 83‬ص‪.)70 /‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫قال ابن الوزي عن نفسِه ف ((صيد الاطر))‪-:84‬أثناء حديثه عن الطالعة والكثار منها‪(( :-‬وإن‬
‫أُخب عن حال‪ :‬ما أشبع من مطالعة الكتب‪ ،‬وإذا رأيت كتابًا ل أره‪ ،‬فكأن وقعتُ على كن‪ .‬ولقد نظرتُ ف‬
‫َثَبتِ الكتب الوقوفة ف الدرسة النّظَامية‪ ،‬فإذا به يتوي على نو ستة آلف ملّد‪ ،‬وف ثبت كتب أب حنيفة‪،‬‬
‫وكتب الُمَيدي‪ ،‬وكتب شيخنا عبدالوهاب بن ناصر‪ ،‬وكتب أب ممد بن الشّاب ‪-‬وكانت أحالً‪ -‬وغي‬
‫ذلك من ك ّل كتاب أقدر عليه‪.‬‬
‫ولو قلت‪ :‬إن طالعتُ عشرين ألف ملد كان أكثر‪ ،‬وأنا بع ُد ف الطّلب)) اهـ‪.‬‬
‫ّث ذَكَر ما استفاده من الطالعة‪.‬‬
‫وهذا ابنُ الوزي ‪-‬أيضًا‪ -‬يوصي العالَ وطالبَ العلم بقوله‪(( :85‬ليكن لك مكان ف بيتك تلو فيه‪،‬‬
‫وتادث سطور كتبك‪ ،‬وتري ف حلبات فكرك)) اهـ‪.‬‬
‫* حرص ابن عقيل (‪ )513‬على الوقت وشغله بالطالعة والعلم‬
‫ذكر ابن رجب النبلي ف ((الذيل على طبقات النابلة))‪ 86‬ف ترجة ابنِ عقيل النبلي‪ ،‬عن ابنِ‬
‫الوزي أنه قال عنه‪(( :‬كان دائم التشاغُل بالعلم‪ ،‬حت إن رأيتُ َبطّه‪ :‬إن ل يلّ ل أن أُضيع ساعةً من‬
‫عمري‪ ،‬حت إذا تعطّل لسان عن مذاكرة ومناظرة‪ ،‬وبصري عن مُطالعة‪ ،‬أعملتُ فِكري ف حالة راحت وأنا‬
‫مُسْتَطرِحٌ‪ ،‬فل أنض إل وقد خطر ل ما أسطره‪ .‬وإن لجد من حِرصي على العلم وأنا ف عَشْر الثماني أشدّ‬
‫ما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة)) اهـ‪.‬‬
‫ونقلَ اب ُن رجب من ((الفنون)) لبن عقيل أنه قال عن نفسِه‪(( :‬أنا أقصر بغاية جهدي أوقات أكلي‪،‬‬
‫ف الكعك وتسيه بالاء على البز‪ ،‬لجل ما بينهما من تفاوت الضغ‪ ،‬توّفرًا على مطالعةٍ‪ ،‬أو‬
‫حت أختار س ّ‬
‫تسطي فائدة ل أدركها فيه)) اهـ‪.‬‬
‫* إذا ل اشتغل بالعلم‪ ،‬ماذا أصنع؟‍‍!‪.‬‬

‫‪( 84‬ص‪.)557 /‬‬


‫‪(( 85‬صيد الاطر))‪( :‬ص‪.)318 /‬‬
‫‪.)146 -145 /1( 86‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫ذكر المام القريزيّ ف ((القفّى الكبي))‪ 87‬العلم َة اب َن صدقة الموي (‪ )599‬أنه كان كثيَ‬
‫ت عليه يومًا وهو ف َس َربٍ تت‬
‫الشتغال بالعلم دائم التحصيل له‪ .‬وذكر عن الافظ النذري أنه قال‪(( :‬دخل ُ‬
‫الرض‪ ،‬لجل شدّة الر‪ ،‬وهو شتغل‪ .‬فقلتُ له‪ :‬ف هذا الكان؟ وعلى هذه الال؟!‪.‬‬
‫فقال‪ :‬إذا ل أشتغل بالعلم‪ ،‬ماذا أصنع؟‬
‫قال النذري‪ :‬إنه وُجِدَ ف َترِكَته مابر ثلث‪ ،‬أحدها َتسَ ُع عَشَرة أرطال‪ ،‬والخرى تسعة‪ ،‬والثالثة‬
‫ثانية))‪.‬‬
‫* كتبه أحب إليه من وزنا ذهبًا‬
‫وف ترجة الافظ أب طاهر بن أب الصّقر (‪ )476‬ف ((النتظم))‪ 88‬لبن الوزي أنه قال عنه‪(( :‬كان‬
‫ل من وزنا ذهبًا))‬
‫من الوّالي ف الفاق‪ ،‬والكثرين من شيوخ المصار‪ ،‬وكان يقول‪ :‬هذه كتب أحب إ ّ‬
‫اهـ‪.‬‬
‫ونقد ُأصِْيبَ ببعضها كما ذكر الذهب ف ((تاريخ السلم))‪ ،89‬أعظ َم الُ أجرَه ف مصيبته با‪.‬‬
‫* أُعجوبة ف حفظ الوقت والتوفّر على الطالعة‬
‫قال الافظ السخاوي ف ((الضوء اللمع))‪ 90‬ف ترجة أحد بن سليمان بن َنصْر ال البُلْقاسي ث‬
‫القاهري الشافعي التوف سنة (‪ )852‬ف ريعان شبابه‪(( :91‬وكان إمامًا علّمة قوي الافظ ِة حسنَ الفاهة‪،‬‬
‫مُشاركًا ف فنونٍ‪ ،‬طلْقَ اللسان‪ ،‬مبّا ف العلم والذاكرة والباحثة‪،‬‬

‫‪.)394 -393 /7( 87‬‬


‫وقال النذري‪(( :‬إنه كان يأخذ الكتاب بالثمن اليسي ول يزال يدمه حتّى يصي من المّهات))‪ .‬ومثله شيخ علماء دمياط عبدالرحن‬
‫الضري‪ ،‬فقد أنفق سنتي ف إصلح نسخته الطية من ((البهان)) لمام الرمي وترتيب أوراقها ومعرفة موضع اللل فيها وكتابة‬
‫نسخة منها‪ ،‬انظر مقدمة ((البهان))‪( :‬ص‪ ،)82 /‬و((الدرة الضيّة))‪( :‬ص‪.)17 /‬‬
‫‪.)9 /9( 88‬‬
‫‪ 89‬وفيات (‪( ،)476‬ص‪.)176 /‬‬
‫‪ ،)311 /1( 90‬و((القبس الاوي))‪ )153 /1( :‬للشمّاع‪ ،‬و((نظم العِقيان))‪( :‬ص‪.)43 -42 /‬‬
‫‪ 91‬ولد سنة (‪ ،)824‬وتوف سنة (‪ )852‬وعمره (‪ )28‬سنة‪ ،‬وهو ما فاتن ذِكره ف كتاب ((العلماء الذين ل يتجاوزوا سِن ال ُشدّ))‪،‬‬
‫وسأذكره مع غيه ف طبعةٍ لحقة إن شاء ال تعال‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫غي مُنفك عن التحصيل‪ ،‬بيث إنه كان يُطالع ف مشيه‪ ،‬ويُقرىء القراءات ف حال أكله خوفًا من ضياع وقته‬
‫ف غيه‪ ،‬أُعجوبة ف هذا العن‪ ،‬ل أعلمُ ف وقته من يُوازيه فيه‪ ،‬طارحًا للتكلّف‪ ،‬كثي التواضع مع الفقراء‪،‬‬
‫سهمًا‪ 92‬على غيهم‪ ،‬سريع القراءة جدّا)) اهـ‪.‬‬
‫* أعرفه أكثر من (‪ )50‬سنة إمّا يُطالع أو يكتب‬
‫صغَان ت (‪85‬‬
‫قال السخاوي ف ((الضوء اللمع))‪ 93‬ف ترجة ممد بن أحد ابن ممد العُمَري ال ّ‬
‫‪(( :)4‬كان إمامًا علّم ًة متقدمًا ف الفقه والصْلَي والعربية مشاركًا ف فنونٍ‪ ،‬حسن التقييد‪ ،‬عظيم الرغبة ف‬
‫الطالعة والنتقاء‪ ،‬بيث بلغن عن أب الي بن عبدالقوي أنه قال‪ :‬أعرفه أزْيَد من خسي سنة‪ ،‬وما دخلتُ إليه‬
‫قطّ إل ووجدته يُطالع أو يكتب)) اهـ‪.‬‬
‫* كان ل ينفكُ من القراءة حت وهو ف المام‬
‫قال ابن القيم ‪-‬رحه ال‪ -‬ف ((روضة الحبي))‪- 94‬وهو يتكلم عن عِشْق العلم‪(( :-‬وحدثن أخو‬
‫لدّ (أبو البكات) إذا‬
‫شيخنا (يعن أحد ابن تيمية) عبدُالرحن ابن تيمية‪ ،‬عن أبيه (عبدالليم) قال‪ :‬كان ا َ‬
‫دخل اللء يقول ل‪ :‬اقرأْ ف هذا الكتاب وا ْرفَعْ صوتكم حت اسعُ)) اهـ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬وهذا سندٌ كالشمس‪ ،‬رحم ال الميع‪.‬‬
‫سهَر‬
‫* كان ل يَمَ ّل من الطالعة مع مزيد ال ّ‬
‫قال السخاوي ف ((الضوء اللمع))‪ 95‬ف ترجة أحد بن علي ابن إبراهيم اليت الشافعي ت (‪:)853‬‬
‫((برع ف الفقه وكُثرَ استحضارُه له‪ ،‬بل وللكثي من ((شرح مسلم)) للنووي‪ ،‬لدمان نظره فيه‪ ...‬وكان ل‬
‫ي ّل من الطالعة والشتغال‪ ،‬مع الي والدين والتواضع‪ ،‬والد الَحْض‪ ،‬والتقلّل الزائد‪ ،‬والقتدار على َمزِيْد‬
‫السّهر)) اهـ‪.‬‬
‫* كان ل يُسافر إل وأحال الكتب معه يقرأ وينظر‬

‫‪ 92‬ف ((القبس))‪(( :‬شهمًا)) بالعجمة‪.‬‬


‫‪ ،)85 -84 /7( 93‬و((الذيل التام))‪.)98 /2( :‬‬
‫‪( 94‬ص‪.)70 /‬‬
‫‪.)6 /2( 95‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫● قال السخاوي ف ((الضوء اللمع))‪ 96‬ف ترجته المام اللغوي ممد بن يعقوب الفيوزآبادي ت‬
‫(‪ )817‬أنه اقتن كتبًا نفيسَة (حت سعَه بعضهم يقول)‪(( :‬اشتريتُ بمسي ألف مثقالٍ ذهبًا كتبًا‪ ،‬وكان ل‬
‫يُسافر إل وصحبته منها عدة أحال‪ ،‬ويُخرج أكَثرَها ف كل منلةٍ فينظر فيها ث يعيدها إذا ارتل)) اهـ‪.‬‬
‫● ومثله السيد صلح بن أحد الؤيدي اليمان ت (‪ ،)1048‬قال عنه الشوكان ف ((البدر‬
‫الطالع))‪(( :97‬كان من عجائب الدهر وغرائبه‪ ،‬فإن مموع عمره تسع وعشرون سنة‪ ،‬وقد فاز من كل فنّ‬
‫بنصيبٍ وافر‪ ...‬وصنّف ف هذا العصر القصي التصانيف الفيدة والفوائد الفريدة العديدة ‪-‬وذكر عددًا منها ث‬
‫ليَم‬
‫شرَ الكتبَ‪ ،‬والدمُ يصلحون ا ِ‬
‫ضرِبت دخ َل إليها‪ ،‬ونَ َ‬
‫ضرَب خيم ُة الكتب‪ ،‬وإذا ُ‬
‫قال‪ :-‬وإذا سافر أول ما ُت ْ‬
‫الُخرى‪ ،‬ول يزال ليله جيعه ينظر ف العلم‪ ،‬ويُحرر ويُقرّر مع سلمة ذوقه‪ ))...‬اهـ‪.‬‬
‫* ل يوجد إل وعنده كتاب ينظر فيه‪ ،‬وقلم ُيصْلح به‬
‫قال الَنَدِي السكسكي ف ((السلوك ف طبقات العلماء واللوك))‪ 98‬ف ترجة أب الي بن منصور‬
‫الشماخي السعدي ت (‪- )680‬بعد ثنائه عليه‪(( :‬ول يكن له ف آخر عمره نظي بودة العلم‪ ،‬وضبط‬
‫الكتب‪ ،‬بيثُ ل يوجد لكتبه نظي ف الضبط‪.‬‬
‫أخبن جاعةٌ من أدركه أنه كان ل يوجد إل وعنده كتابٌ ينظر فيه‪ ،‬ومبة وأقلم يصلح بما ما‬
‫وجَدَ ف الكتاب‪...‬‬
‫(مات سنة ‪ ،)680‬بعدَ أن جَمَعت خزانتُه من الكتب ما ل تمعه خزانة غيه من هو نظي له‪))...‬‬
‫اهـ‪.‬‬
‫* ملزمة الكتب حضرًا وسفرًا‪ ،‬وحلها على ظهورهم ف رحلتم‬
‫وف هذا الباب عجائب وغرائب‪ ،‬فرحم ال تلك الجساد‪ ،‬وأنزلا منازل الرّضوان‪ ،‬كِفاء ما عملوا‪،‬‬
‫وجزاء ما صبوا‪.‬‬

‫‪.)81 /10( 96‬‬


‫‪ .)295 -293 /1( 97‬وذكر الشوكان أنّ له قصائد طنّانة يعجز أهلُ العمار الطويلة عن اللحاق به فيها‪ ،‬وأن له ((ديوان شعر)) كله‬
‫غُرَر و ُدرَر‪.‬‬
‫‪.)30 /2( 98‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫ت الدمَ ف طلب الديث‬


‫● ذكر الذهب ف ((تذكرة الفّاظ)) ‪ 99‬عن ابن طاهر القدسي أنه قال‪ :‬بُ ْل ُ‬
‫مرتي‪ ،‬مرّةً ببغداد‪ ،‬ومرة بكة‪ .‬كنتُ أمشي حفيًا ف ال ّر فلحقن ذلك‪ ،‬وما ركبتُ دابّة قط ف طلب الدث‪،‬‬
‫وكنت أحل كتب على ظهري‪ ،‬وما سألتُ ف حال الطلبِ أحدًا‪ ،‬كنتُ أعِيشُ على ما يأت)) اهـ‪.‬‬
‫● وذكر الذهب ‪-‬أيضًا‪ -‬ف ((التذكرة)) ‪ 100‬عن الدغول أنه قال‪(( :‬أربعُ ملّداتٍ ل تُفارقن سفرًا‬
‫وحضرًا‪ ،‬كتاب ا ُلزَن‪ ،‬وكتاب العَيْن‪ ،‬والتاريخ للبخاري‪ ،‬وكليلة ودِمْنة))‪.101‬‬
‫● وف ترجة المام الافظ السن بن أحد الَمَذان ف ((الذيل على طبقات النابلة)) ‪ 102‬عن‬
‫تلميذه الافظ عبدالقادر الرّهاوي أنه قال عنه‪(( :‬وكان عفيفًا من حبّ الال‪ ،‬مهينًا له‪ ،‬باع جيعَ ما ورثه‬
‫‪-‬وكان من أبناء التّجار‪ -‬فأنفقَه ف طلب العلمِ‪ ،‬حت سافر إل بغداد وأصبهان مرّات ماشيًا يمل كتبه على‬
‫ظهره)) اهـ‪.‬‬
‫ولا استقرّ ف بلده ‪-‬بعد عودته من رحلته‪ -‬عملَ دارًا للكتب وخزانةً وقفَ جيعَ كتبه فيها‪ ،‬وكان قد‬
‫حصّل الصولَ الكثية‪ ،‬والكتبَ الكِبار الِسَان بالطوط العتبة‪.‬‬
‫● وف ((الرقبَة العُلْيا)) ‪ 103‬لب السن الالقي ف ترجة القاضي أحد بن يزيد ‪-‬الموي مِن وَلَد‬
‫َبقِيّ بن ملد القرطب ت (‪ :)625‬أنه ألّف كتابًا ف اليات التشابات‪ ،‬قيل‪ :‬إنه من أحسن شيءٍ ف بابه‪،‬‬
‫وكان ل يُفارقه ف َسفَر ول ف َحضَر‪.‬‬

‫‪.)1243 /4( 99‬‬


‫‪.)824 /3( 100‬‬
‫‪ 101‬كتاب الزن‪ :‬هو متصره الشهور ف فقه الشافعي‪.‬‬
‫ب معجمي‪.‬‬‫كتاب العي‪ :‬هو للخليل بن أحد الفراهيدي ف اللغة‪ ،‬أول كتا ٍ‬
‫كتاب التاريخ‪ :‬للمام البخاري‪ ،‬وله ثلثة تواريخ‪ ،‬ولعل القصود هنا‪ :‬الكبي‪ ،‬وشُهْرته أظهر من أن تُذكَر‪ ،‬قال السخاوي ف ((العلن‬
‫بالتوبيخ))‪( :‬ص‪(( :)79 /‬لو ل يكن من شرف هذا الفن ‪-‬أي التاريخ‪ -‬إل كتابة البخاري لـ ((تاريه)) ف الليال ا ُلقْمرة ف الروضة‬
‫‪-‬الشريفة‪ -‬وصلته ركعتي لكل ترجةٍ‪َ :‬لكَفى)) اهـ‪.‬‬
‫وكليلة و ِدمْنة‪ :‬لبن القفّع‪ ،‬ف الدب والكايات‪.‬‬
‫‪.)326 /1( 102‬‬
‫‪(( 103‬الرقَبةُ العُلْيا فيمن يستحق القضاء وال ُفتْيا))‪( :‬ص‪.)118 -117 /‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫● وذكر الافظ الذهب ف ((سِيَر أعلمٍ النّبلء)) ‪ 104‬ف ترجة القاضي الرّا َم ُهرْمُزي لّا ذكر كتابه‪:‬‬
‫((الحدّث الفاصل)) قال‪(( :‬ف علوم الديث‪ ،‬وما أحسنه من كتاب‪ !105‬قيل‪ :‬إنّ السَّلفِي كان ل يكادُ يُفارق‬
‫ض عمره‪ ))-‬اهـ‪.‬‬
‫كُمّه ‪-‬يعن ف بع ِ‬
‫ت مع‬
‫● وف ((سِيَر النبلءِ)) ‪- 106‬أيضًا‪(( :-‬قال الافظ يي بن عبدالوهاب (ابن منده)‪ :‬كن ُ‬
‫جنّة‪ ،‬قال عمّي‪ :‬كنت ها هنا م ّرةً‪ ،‬فعرضَ ل شيخ جّال‪،‬‬
‫عمي عبيدال ف طريق َنيْسابور‪ ،‬فلما بلغنا بِئر مَ َ‬
‫فقال‪ :‬كنتُ قافلً من خراسان مع أب‪ ،‬فلمّا وصلنا إل ها هنا‪ ،‬إذا نن بأربعي وِ ْقرًا من الحال‪ ،‬فظننا أنا‬
‫منسوج الثياب‪ ،‬وإذا خيمة صغية فيها شيخ‪ ،‬فإذا هو والدك‪ ،‬فسأله بعضُنا عن تلك الحال؟ فقال‪ :‬هذا متاعٌ‬
‫ق ّل من يرغبُ فيه ف هذا الزمان‪ ،‬هذا حديث رسول ال )) اهـ‪.‬‬
‫● وف ((طبقات النابلة))‪ 107‬لبن أب َيعْلى‪ ،‬و((تذكرة الفاظ))‪ 108‬للذهب ف ترجة إسحاق بن‬
‫منصور ال َكوْسَج (‪(( :)251‬عن حسان ابن ممد قال‪ :‬سعتُ مشايَنَا يذكرون‪ :‬أن إسحاق بن منصور بلغه‬
‫أن أحد بن حنبل رجع عن تلك السائل الت علّقها عنه‪ .‬قال‪ :‬فجم َع إسحاق بن منصور تلك السائل ف‬
‫ل إل بغداد وهي على ظهره‪ .‬وعرض خُطوطَ أحد عليه ف كلّ‬
‫جِرابٍ‪ ،‬وحلها على ظهره‪ ،‬وخرج راج ً‬
‫مسأل ٍة استفتاه فيها‪ ،‬فأقرّ له با ثانيًا‪ .‬وُأعْجِب أحدُ بذلك من شأنه)) اهـ‪.‬‬
‫● وذكر ياقوت ف ((معجم الدباء))‪ ،109‬والقِفطي ف ((إنباه الرواة))‪ 110‬وعنه ابن خلكان ف‬
‫((الوفيات))‪ 111‬ف ترجة اللغوي ابن الطيب التّْبرِيْزي (‪ )502‬أنه حصلت له نسخة لكتاب الزهري (تذيب‬
‫اللغة) ف عدة ملدات ِلطَاف‪ ،‬وأراد أخذها عن عالٍ باللغة‪ ،‬فدُ ّل علي أب العلء العرّي‪ ،‬فجعلها ف مِخْلةٍ‪،‬‬
‫ق من ظهره إليها‪.‬‬
‫وحلها على كتفه من تِبْريز إل العرّة ‪-‬ول يكن له ما يستأجر به مركوبًا‪ -‬فَنفَذَ العر ُ‬

‫‪.)73 /16( 104‬‬


‫‪ 105‬وقال الذهبّ بعدُ‪ :‬وكتابُه الذكور يُنبء عن إمامته‪.‬‬
‫‪.)37 /17( 106‬‬
‫‪.)114 /1( 107‬‬
‫‪.)524 /2( 108‬‬
‫‪.)28 -26 /20( 109‬‬
‫‪.)29 -28 /4( 110‬‬
‫‪ ،)192 /6( 111‬وانظر ((الفلكة والفلوكون))‪( :‬ص‪.)71 /‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وقيل‪ :‬إنا ببعض الوقوف البغداذية وأن الاهل ببها إذا رآها يظن أنا غريقة‪ ،‬وليس الذي با إل‬
‫َعرَق يي بن علي ‪-‬رحه ال‪.-‬‬
‫* من استغن بجالسة كتبه عن مالطة الناس‬
‫● ابن البارك‬
‫ذكر الذهب ف ((السي))‪(( :112‬عن نُعيم بن حاد قال‪ :‬كان ابن البارك يُكثر اللوسَ ف بيته‪ ،‬فقيل‬
‫له‪ :‬أل تستوحِش؟ فقال‪ :‬كيف أستو ِحشُ وأنا مع النب وأصحابه؟‍!(( اهـ‪.‬‬
‫وأسند الطيب ف ((تقييد العلم))‪ 113‬عن ابن البارك قوله‪ :‬من أحبّ أن يستفيد‪ ،‬فلينظر ف كتبه‪.‬‬
‫● الذّهْلي‬
‫وف ((تاريخ بغداد))‪(( :114‬أن يي بن (ممد بن يي) ال ّذهْلي قال‪ :‬دخلتُ على أب ف الصيف‬
‫الصائف وقتَ القائلة‪ ،‬وهو ف بيت كتبه‪ ،‬وبي يديه السّراج‪ ،‬وهو يُصنّف‪ ،‬فقلتُ‪ :‬يا أبةِ! هذا وقتُ الصلة‪،‬‬
‫ودُخانُ هذا السّراج بالنهار‪ ،‬فلو نفّسْت عن نفسك‪ .‬قال‪ :‬يا بُنّ تقولُ ل هذا وأنا مع رسول ال وأصحابه‬
‫والتابعي))؟!‪.‬‬
‫● ابن العراب‬
‫ساق ابن عبدالب بسنده ف ((جامع بيان العلم وفضله))‪ 115‬أن أحد بن ممد بن شجاع بعثَ غلمًا‬
‫من ِغلْمانه إل أب عبدال بن العراب ‪-‬صاحب الغريب‪ -‬يسأله الجيءَ إليه‪ ،‬فعاد إليه الغلم‪ ،‬فقال‪ :‬قد سألته‬
‫ذلك‪ ،‬فقال ل‪ :‬عندي قوم من العراب‪ ،‬فإذا قضَيتُ َأرَب منهم أتيتُ‪ ،‬قال الغلم‪ :‬وما رأيتُ عنده أحدًا‪ ،‬إل‬
‫أن بي يديه كتبًا ينظر فيها‪ ،‬فينظر ف هذا مرّة وف هذا مرة‪ ،‬ث ما شعرنا حت جاء‪ ،‬فقال له أبو أيوب‪ :‬يا أبا‬
‫س بك‪ ،‬ولقد قال ل الغلمُ‪ :‬إنه ما رأى عندك أحدًا‪،‬‬
‫عبدال! سبحان ال العظيم‪ ،‬تلّفت عنّا و َح َرمْتنا الُن َ‬
‫وقلتَ‪ :‬أنا مع قومٍ من العراب‪ ،‬فإذا قضيتُ َأرَب معهم أتيتُ‪ ،‬فقال ابنُ العراب‪:‬‬

‫‪ ،)382 /8( 112‬وهو بنحوه ف ((تقييد العلم))‪( :‬ص‪ ،)126 /‬و((تاريخ بغداد))‪ ،)156 /10( :‬و((الليس الصال))‪-163 /1( :‬‬
‫‪.)164‬‬
‫‪( 113‬ص‪.)140 /‬‬
‫‪ ،)419 /3( 114‬وانظر‪(( :‬السي))‪.)280 -279 /12( :‬‬
‫‪.)1228 -1227 /2( 115‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫ألِبّاءُ مأمونون َغيْبًا ومَشْهدا‬ ‫لنا جُلَساءٌ ما َنمَلّ حديثَهم‬


‫وعقلً وتأديبًا ورأيًا مُسَدّدا‬ ‫يُفيدوننا من علمهم عل َم ما مضى‬
‫ول يُّتقَى منهم لسانًا ول يدا‬ ‫بِل فتنةٍ تُخشى ول سوء ِعشْرةٍ‬
‫ت مُفنّدا‬
‫وإن قلتَ‪ :‬أحياءٌ فلس َ‬ ‫فإن قلتَ‪ :‬أمواتٌ فل أنتَ كا ِذبٌ‬

‫● وقيل لرجلٍ‪ :‬من يُؤِنسُكَ؟ فضربَ بيده إل كتبه‪ ،‬وقال‪ :‬هذه‪ ،‬فقيل‪ :‬مِن الناسِ؟ فقال‪ :‬الذين‬
‫فيها‪.116‬‬
‫وإن قلّ ل مالٌ وولّى جاليا‬ ‫خليلي كتاب ل يَعاف وصاليا‬
‫أُغازله لو كان يدري غزاليا‬ ‫كتاب عَشيقي حي ل يب َق َمعْشَق‬
‫مدّث صدقٍ ل ياف ملليا‬ ‫كتاب جليسي ل أخاف ملله‬
‫يُفيض عليّ الال إن غاض ماليا‬ ‫كتاب بر ل يغيض عطاؤه‬
‫فمن ثَمّ إدلل ومنه دلليا‬ ‫كتاب دليلٌ ل على خي غايةٍ‬
‫قيل‪ :‬إن هذه البيات ‪-‬وغيها‪ -‬كانت على باب خزانة المام أب بكر القفّال‪.117‬‬
‫● العاف النهروان‬
‫لرِيْري ‪-‬نِسْب ًة إل مذهب ابن جرير الطبي‪ -‬ت (‪ )390‬ف‬
‫وقال المام العافَى بن زكريا النهروان ا َ‬
‫كتابه‪(( :‬الليس الصال الكاف والنيس الناصح الشاف))‪(( :118‬وقد كان بعض من كان له ف الدنيا صِْيتٌ‬
‫ومكانة عاتبن على ملزمة النل‪ ،‬وإغباب زيارتَه‪ ،‬وإقلل ما عوّدته من اللام به وغِشيان حضرته‪ ،‬فقال ل‪:‬‬
‫أما تستوحش الوِحْدَة؟ ونو هذا من القالة‪.‬‬

‫‪(( 116‬تقييد العلم))‪( :‬ص‪.)125 /‬‬


‫‪(( 117‬تقييد العلم))‪( :‬ص‪.)127 /‬‬
‫‪.)164 /1( 118‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫س يقصد مالست‪ ،‬ويؤثر مساجلت‪ ،‬ف أحسن أُنسٍ وأجلِه‪،‬‬


‫فقلتُ له‪ :‬أنا ف منل إذا خلوتُ من جلي ٍ‬
‫ص العلم الكماء‪ ،‬وإل غيهم‬
‫وأعله وأنبلِه‪ ،‬لنن أنظر ف آثار اللئكة والنبياء‪ ،‬والئمة والعلماء‪ ،‬وخوا ّ‬
‫من اللفاء والوزراء‪ ،‬واللوك والعظماء‪ ،‬والفلسفة والدباء‪ ،‬وال ُكتّاب والبلغاء‪ ،‬والرّجّاز والشعراء‪ ،‬وكأنن‬
‫مُجَاِلسٌ لم‪ ،‬ومستأنسٌ بم‪ ،‬وغي ناءٍ عن ماضرتم‪ ،‬لوقوف على أنبائهم‪ ،‬ونظري فيما انتهى إلّ من حِكَمهم‬
‫وآرائهم)) اهـ‪.‬‬
‫* ما تزوّج‪ ،‬ل يشتغل إل بالعبادة والطالعة‬
‫قال الذهب ف ((سي النبلء))‪ 119‬ف ترجة عيسى بن أحد اليونين ت (‪(( :)654‬ل يشتغل إل‬
‫بالعبادة والطالعة‪ ،‬وما تزوج‪ ،120‬بل َعقَد على عجو ٍز تدمه)) اهـ‪.‬‬
‫* إما أن ينسخ‪ ،‬أو ُي َدرّس‪ ،‬أو يقرأ‬
‫وف ((تبيي كذب الفتري))‪ 121‬لبن عساكر أنه قال ف ترجة الفقيه ُسلَيْم بن أيوب الرازي‪:‬‬
‫((حُدّثتُ عنه أنه كان ياسِب نفسَه على النفاس‪ ،‬ل يدع وقتًا يضي عليه بغي فائدة‪ ،‬إما ينسخ أو يُدَرس أو‬
‫يقرأ‪ ...‬ولقد حدثن عنه شيخُنا أبو الفراج السفرايين أنه نزل يومًا إل داره ورجع‪ ،‬فقال‪ :‬قد قرأتُ جزءًا ف‬
‫طريقي))‪.‬‬
‫وقال‪ :‬إنه كان يُحرّك شفتيه إل أن َي ُقطّ القلم‪.‬‬
‫* ل لذة له ف غي جَمْع الكتب وتصيلها‬

‫‪.)300 /23( 119‬‬


‫ث عليه‪ ،‬وقد يُخرج عن هذا الصل لعوارض ُمدَوّنة ف أماكنها‬
‫‪ 120‬ل يُفهم من هذا الدعوة إل ترك الزواج‪ ،‬بل الصل الترغيب فيه وال ّ‬
‫من كتب الفقه‪.‬‬
‫‪( 121‬ص‪ ،)263 /‬و((سي النبلء))‪.)646 /17( :‬‬
‫والفقيه ُسَليْم الرازي من طلب ال ِعلْم على ِكبَر السّن‪ ،‬فقد طلبه بعد سنّ الربعي‪ ،‬كما ذكر ابن عساكر ف كتابه السابق‪( :‬ص‪/‬‬
‫‪.)262‬‬
‫ويُحفظ مثل هذا لعددٍ من العلماء‪ ،‬أذكر منهم‪ :‬صال بن كيسان‪ ،‬انظر‪(( :‬تذيب التهذيب))‪ ،)400 /4( :‬والعز بن عبدالسلم‪ ،‬كما‬
‫ف ((طبقات الشافعية))‪ ،)212 /8( :‬وطبقات الفسرين‪ ،)321 /1( :‬وعلي بن حزة الكِسائي النحوي‪ ،‬كما ف ((تاريخ بغداد))‪( :‬‬
‫لعْدي والذّبيان‪ ،‬انظر‪(( :‬الشعر والشعراء))‪( :‬ص‪ )61 ،131 /‬على التوال‪.‬‬‫‪ .)404 /11‬وكذلك عدد من الشعراء‪ ،‬كالنابغتي ا َ‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫جاء ف ((سِيَر النبلء))‪ 122‬ف ترجة الستنصر بال أب العاص الكم بن عبدالرحن الُموي‪ ،‬صاحب‬
‫الندلس أنه ((كان َجيّد السية‪ ،‬وافر الفضيلة‪ ...‬ذا غرامٍ بالطالعة وتصيل الكتب النفيسة الكثية حقّها‬
‫ف سِفر‪...‬‬
‫وباطلها‪ ،‬بيثُ إنا قاربت نوًا من مئت أل ِ‬
‫جرُ فيها ما شاء‪ ،‬حتّى ضاقت با خزائِنُه‪ ،‬ل‬
‫وكان باذ ًل للذهب ف استجلب الكتب‪ ،‬ويُعطي من يتّ ِ‬
‫لذّة له ف غي ذلك‪.‬‬
‫وكان الَ َكمُ موّثقًا ف نقلِه‪ ،‬قلّ أن تد له كتابًا إل وله فيه نظرٌ وفائدة‪ ،‬ويكتب اس َم مؤلفه ونَسبَه‬
‫ومولِدَه‪ ،‬ويُغرب ويُفيد)) اهـ‪.‬‬
‫*الشتغال عن النوافل باتامِ مطالعة كتاب‬
‫وف ترجة المام تقي الدين ابن دقيق العيد ت (‪ )702‬من كتاب ((الطالع السعيد))‪ 123‬للُدفوي أنه‬
‫لا وصل إليه كتاب ((الشرح الكبي))‪ 124‬للمام الرافعي ‪-‬وكان اشتراه بألف درهم‪ -‬اشتغلَ بطالعته‪ ،‬وصار‬
‫يقتصر من الصلوات على الفرائض فقط‪.125‬‬
‫* النكباب على النظر والقراءة حت ف الجالس الاصّة‬
‫قال اب ُن القاضي الِكْناسي ف (( ُدرّةِ الِجال))‪ 126‬ف ترجة ممد ابن عل ّي بن سليمان السّطّي ت (‪7‬‬
‫‪(( :)49‬وكان مُقبلً على ما َيعْنيه‪ ،‬مُكِبّا على النظر والقراءةِ والتقييد‪ ،‬ل تراه أبدًا إل على هذه الحوال حت‬
‫ف الجلس السلطان‪ ))...‬اهـ‪.‬‬

‫‪ ،)16/230( 122‬وقد وصفه الذهب بقوله‪(( :‬وكان عالًا إخباريّا‪ ،‬وقورًا‪ ،‬نسيجَ وَ ْحدِه)) قال الذهب‪(( :‬ومن ماسنه أنه شدّد ف المر‬
‫ف مالكه‪ ،‬وأْب َطلَه بالكلّية‪ ،‬وأَ ْعدَمه‪ ،‬وكان يتأدّب مع العلماء والعبّاد)) اهـ‪.‬‬
‫‪( 123‬ص‪ ،)580 /‬وانظر‪(( :‬جواهر ال ِعقْدَين ف فضل الشرَفيْن))‪.)119 /1( :‬‬
‫‪ 124‬السمّى‪(( :‬فتح العزيز على كتاب الوجيز)) للمام أب القاسم عبدالكري بن ممد القزوين الرافعي ت (‪ )623‬ف فقه الشافعية‪ ،‬وقد‬
‫طبع كاملً أخيًا‪.‬‬
‫‪ 125‬وفيه بثٌ‪.‬‬
‫‪ .)135 /2( 126‬وقال عنه‪(( :‬وكان ُيعْتَب ِخزَانة مذهب مالك‪ ،‬مع مشاركة تامة ف الديث والصلي واللسان))‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫ونوه عن أب العباس اللغوي العروف بَث ْعلَب ت (‪ ،)291‬فقد جاء ف كتاب‪(( :‬الث على طلب‬
‫العلم والجتهاد ف جَمْعه))‪ 127‬لب هللٍ العَسْكري قال‪(( :‬وحَكيَ عن ثعلب أنه كان ل يُفارقه كتابٌ‬
‫س َو َرةٍ يضعُ فيها كتابًا ويقرأ))‪.‬‬
‫ط عليه أن يوسعَ له مقدا َر مِ ْ‬
‫يَ ْدرُسه‪ ،‬فإذا دعاه رجل إل دعوةٍ‪َ ،‬شرَ َ‬
‫* ثلثة ل ُيعْلم أكثر منهم مبة ف القراءة‬
‫ذكر ياقوت الموي ف ((إرشاد الريب))‪ 128‬ف ترجة الاحظ قال‪(( :‬وحدّث أبو ِهفّان قال‪ :‬ل أر‬
‫ت مَنْ أحبّ الكتبَ والعلومَ أكثر من الاحظ‪ ،‬فإنن ل يقع بيده كتابٌ قطّ إل استوف قراءتَه‬
‫قط ول سع ُ‬
‫كائنًا ما كان‪ ،‬حت إنّه كان يكْتري دكاكي الورّاقي ويبيتُ فيها للنظر‪.‬‬
‫والفتح بن خاقان‪ ،‬فإنه كان يضر لجالسة التوكّل‪ ،‬فإذا أراد القِيام لاجةٍ أخرجَ كتابًا من كُمه أو‬
‫خفّه وقرأه ف ملس التوكل إل حِي َعوْده إليه حت ف اللء‪.‬‬
‫وإساعيل بن إسحاق القاضي‪ ،‬فإن ما دخلتُ إليه إل رأيتُه يَنظر ف كتابٍ‪ ،‬أو يُقلب كتبًا أو‬
‫ينقضها)) اهـ‪.‬‬
‫* ف القبة أو مع الكتاب‬
‫قال الاحظ ف كتاب ((اليوان))‪(( :129‬قال اب ُن داحة‪ :‬كان عبدُال ابن عبدالعزيز بن عبدال بن‬
‫عمر بن الطاب‪ ،‬ل ياِلسُ الناسَ‪ ،‬وين ُل مقُبرَة من القابر‪ ،‬وكان ل يكاد يُرى إل وف يده كتابٌ يقرؤه‪،‬‬
‫فسُئل عن ذلك‪ ،‬وعن نزوله القُبرَة؟ فقال‪:‬‬
‫ل أرَ أوْعظ من قَبْر‪ ،‬ول أمنعَ من كتابٍ‪ ،‬ول أسلَ َم مِن ال َوحْدة‪ .‬فقيل له‪ :‬قد جاء ف الوَحْدة ما جاء!‬
‫‪130‬‬
‫فقال‪ :‬ما أفْسَدَها للجاهل وأصلحها للعاقل!‬
‫* ملسة بي كتبه أفخم وأنبل من ملسه بي حاشيته‬

‫‪( 127‬ص‪.)77 /‬‬


‫‪ ،)75 /16( 128‬وأسنده الطيب ف ((تقييد العلم))‪( :‬ص‪ )140 -139 /‬بسياق آخر ‪-‬قريب‪ -‬عن البّد‪.‬‬
‫‪ .)62 /1( 129‬وأسنده الطيب ف ((تقييد العلم))‪( :‬ص‪ ،)142 /‬وابن عبدالب ف ((الامع))‪.)1231 /2( :‬‬
‫‪ 130‬سئل أبو الوفاء بن عقيل النبلي‪(( :‬ما تقول ف عُزلة الاهل؟ فقال‪َ :‬خبَال ووبال‪ ،‬تضرّه ول تنفعه‪ .‬فقيل له‪ :‬فعزلة العال؟ قال‪ :‬مالك‬
‫ولا‪ ،‬معها حِذاؤها وسِفاؤها‪ ،‬ترِد الاء وترعى الشجر‪ ،‬إل أن يلقاها ربّها)) ((ذيل الطبقات))‪ ،)1/161( :‬وانظر‪(( :‬العزلة)) للخطاب‪،‬‬
‫وابن الوزير‪ ،‬والعودة‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫قال الاحظ ف ((اليوان))‪(( :131‬ولقد دخلتُ على إسحاق بن سليمان ف إ ْمرَته‪ ،‬فرأيتُ‬
‫السّماطَي‪ 132‬والرجال مُثُولً كأنّ على رءوسهم الطي‪ ،‬ورأيتُ فِرشته وِبزّته‪ ،‬ث دخلتُ عليه وهو معزول‪ ،‬وإذا‬
‫هو ف بيت كتبِه‪ ،‬وحواليه السفاط والرّقوق‪ ،‬والقماطِر والدفاتر والساطر والحابِر‪ ،‬فما رأيته قط أفخمَ ول‬
‫أنبلَ‪ ،‬ول أهيبَ ول أجزلَ منه ف ذلك اليوم‪ ،‬لنه جعَ مع الهابَةِ الحبّةَ‪ ،‬ومع الفخام ِة اللوةَ‪ ،‬ومع السّو َددِ‬
‫الِكمةَ)) اهـ‪.‬‬
‫* أربعون عامًا ل ينام إل والكتاب على صدره‬
‫قال الاحظ ف ((اليوان))‪(( :133‬سعتُ السن اللؤلؤي‪ 134‬يقول‪َ :‬غَبرَتْ أربعي عامًا ما ِق ْلتُ ول‬
‫ِبتّ ول اتكأتُ إل والكتابُ موضوعٌ على صدري))‪.‬‬
‫* إذا غلبَه النومُ أمسكَ كتابًا ليطرده‬
‫لهْم‪ :135‬إذا غشين النّعاس ف غي وقت نومٍ ‪-‬وبئس الشيءُ النومُ الفاضِلُ عن الاجة‪-‬‬
‫((قال ابن ا َ‬
‫قال‪ :‬فإذا اعتران ذلك تناولتُ كتابًا من كتب الِكَم‪ ،‬فأج ُد اهتزازي للفوائد‪ ،‬والريية الت تعترين عند ال ّظفَر‬
‫ببعض الاجة‪ ،‬والذي َيغْشى قلب من سرور الستبانة وعزّ التبيي‪ 136‬أشدّ إيقاظًا من نيق المي وهَدّة الَ ْدمِ))‪.‬‬
‫شغَفِ والتعلّ ِق بالكتابِ والعلم! فإذا غَلَبه النّعاس طردَه باستجلب الكتب‬
‫أقول‪ :‬فهذا غاي ٌة ف ال ّ‬
‫والنظر فيها‪ ،‬فيهتزّ لفوائدها‪ ،‬ويَ ْط َربُ لِكَمها‪.‬‬
‫فأين هذا من (طُلبٍ!) يستجلبون النومَ بالنظر ف الكتب؟! فاختلف الالي وتبايُن النتيجتي تََبعٌ‬
‫لختلف مكانة العلم والكتب عند الفريقي‪.!!137‬‬

‫‪.)62 -61 /1( 131‬‬


‫صفّي من النود وغيهم‪.‬‬ ‫‪َ 132‬‬
‫‪.)53 -52 /1( 133‬‬
‫‪ 134‬الكوف‪ ،‬صاحب أب حنيفة ‪-‬رحه ال‪.-‬‬
‫‪ 135‬نقله عنه الاحظ ف ((اليوان))‪.)53 /1( :‬‬
‫‪ 136‬قال العلمة عبدُالسلم هارون‪ :‬لعلها‪(( :‬التبيّن))‪.‬‬
‫‪ 137‬وينطبق على هؤلء الكُسال ‪-‬ال كثّرهم ال‪ -‬ما ذكره الاحظ ف ((البيان والتبيّن))‪ )170 /1( :‬قال‪(( :‬قال رجل لالد بن‬
‫صفوان (أحد بلغاء العرب وفصحائها)‪ :‬ما ل إذا رأيتكم تتذاكرون الخبار‪ ،‬وتتدارسون الثار‪ ،‬وتتناشدون الشعار‪ ،‬وقعَ َعَليّ النوم؟!‬
‫قال‪ :‬لنك حارٌ ف ِمسْلخِ إنسان)) اهـ‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫ض ُعفَ بصرُه من كثرة الطالعة‬


‫* َ‬
‫وف ترجة الافظ عبدالغن القدسي صاحب ((الكمال))‪ 138‬ت (‪ )600‬من كتاب ((ذيل‬
‫الروضتي))‪ 139‬لب شامة القدسي قال‪(( :‬وكان قد ضعف بصره من كثرة الطالعة والبكاء‪ ،‬وكان أوحدَ‬
‫زمانه ف علم الديث)) اهـ‪.‬‬
‫* هته ف الطالعة والقراءة‬
‫قال السخاوي ف ((الواهر والدرر))‪ 140‬عن شيخه ابنِ حجر‪(( :‬إنا كانت هته الطالعة والقراءة‬
‫والسّماع والعبادة والتصنيف والفادة‪ ،‬بيث ل يكن يُخْلي لظةً من أوقاته عن شيءٍ من ذلك‪ ،‬حت ف حال‬
‫أكْلِه وتوجّهه وهو سالك‪ ،‬كما حكى ل ذلك بعض رُ ْفقَته الذين كانوا معه ف رحلته‪ ،‬وإذا أراد ال أمرًا هيّأ‬
‫أسباَبهُ‪.141‬‬
‫وقد سعته ‪-‬رحه ال‪ -‬يقول غيَ مرّة‪ :‬إنن لتعجّب من يلس خاليًا عن الشتغال!!)) اهـ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬رحم ال القائل ‪-‬وهو أبو بكر الشهرزوري‪:-‬‬
‫قد عَلَت جهدها فما يتدَانَى‬ ‫هِمّت ُدوْنا السّها والزّبانا‬
‫تتفان اليامُ أو أَتَفانَى‬ ‫فأنا مُْت َعبٌ ُمعَنّى إل أن‬
‫* مع الكتب حت ف النّة‬
‫ذكر ابنُ رجب ف ((ذيل الطبقات))‪ 142‬عن ابنِ الوزي أنه قال عن المام أب العلء الَمَذَان الافظ‬
‫ت (‪(( :)569‬بلغن أنه رُئيَ ف النام ف مدينةٍ جيع جدرانا من الكتب‪ ،‬وحوله كتب ل تُحَ ّد وهو مُشْتَغل‬
‫بطالعتها‪ .‬فقيل له‪ :‬ما هذه الكتب؟! قال‪ :‬سألتُ ال أن يُشغلن با كنتُ أشتغل به ف الدنيا‪ ،‬فأعطان))‪.‬‬

‫‪(( 138‬الكمال ف معرفة الرجال)) ف رجال الكتب الستة‪ ،‬ل يزال مطوطًا‪ ،‬وهو أصل ((تذيب الكمال)) للمِزّي وفروعه‪ ،‬انظر‬
‫مطوطاته ف ((الفهرس الشامل))‪.)1302 /2( :‬‬
‫‪( 139‬ص‪.)47 /‬‬
‫‪ -170 /1( ،)110 /1( 140‬ط ابن حزم)‪.‬‬
‫‪ 141‬ذكر السخاوي عن شيخه عجائب ف القراءة‪ ،‬والكتابة‪ ،‬وا ِلمّة ف تصيل العلوم‪ُ ،‬سقْنا طرفًا منها ف تفاريق كتابنا هذا ‪-‬رحم ال‬
‫الميع‪.-‬‬
‫‪ ،)328 /1( 142‬ووقع فيه‪(( :‬المدان)) بالدال الهملة‪ ،‬وهو خطأ‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وما يدلك على عظيم َشغَفه بالكتب‪ ،‬وبذله ف تصيلها كلّ نفيس حت داره الت يسكنها!! ما ف‬
‫كتاب ابن رجب عن المام طلحة ال َعلْثي قال‪ِ(( :‬بيْعت كتبُ ابنِ الواليقي ف بغداد‪ ،‬فحضرها الافظُ أبو‬
‫العلْ ا َلمَذَان‪ ،‬فنادَوا على قطعةٍ منها‪ :‬ستي دينارًا‪ ،‬فاشتراها الافظ أبو العلء بستي دينارًا‪ ،‬والنظار من يوم‬
‫الميس إل يوم الميس‪.‬‬
‫فخرج الافظ‪ ،‬واستقبل طري َق هَمَذَان‪ ،‬فوصل‪ ،‬فنادى على دارٍ له‪ ،‬فبلغت ستي دينارًا‪ .‬فقال‪ :‬بيعوا‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬تبلغ أكثر من ذلك‪ .‬قال‪ :‬بيعوا‪ .‬فباعوا الدار بستي دينارًا ف َقَبضَها‪ ،‬ث رجع إل بغداد‪ .‬فدخلها يوم‬
‫الميس‪ ،‬فوفّى ثنَ الكتب‪ ،‬ول يشعر أحدٌ باِلهِ إل بعد مُدّة)) اهـ‪.‬‬
‫وما يُؤثر ‪-‬أيضًا‪ -‬ف بيع العلماء بيوتم من أجل شراء الكتب‪ ،‬ما ذكره ابن رجبٍ ‪-‬أيضًا‪ -‬ف ((ذيل‬
‫الطبقات))‪ 143‬ف ترجة العلمة النحوي عبدال بن أحد العروف بابن الشّاب ت (‪ )567‬عن اب ِن النجار‬
‫قال‪:‬‬
‫إنه ل يَمُت أحدٌ من أهل العلم وأصحاب الديث‪ ،‬إل وكان يشتري كتبه كلّها‪ ،‬فحصلت أُصول‬
‫الشايخ عنده‪.‬‬
‫وذَ َكرَ عنه‪ :‬أنه اشترى يومًا كتبًا بمس مئة دينارٍ ول يكن عنده شيءٌ‪ ،‬فاستمهلهم ثلثة أيامٍ‪ ،‬ث‬
‫مضى ونادى على داره‪ ،‬فبلغت خس مئة دينار‪ ،‬فََنقَد صاحبَها وباعه بمس مئة دينار‪ ،‬ووفّى ثن الكتب‪،‬‬
‫وبقيت له (لصاحب الكتب) الدار‪.144‬‬

‫‪.)319 /1( 143‬‬


‫‪ 144‬إل أنم ذكروا ف ترجته أمورًا تُخِل بقاموس العلم‪.‬‬
‫* فذكر ياقوت ف ((إرشاد الريب))‪ :)51 /12( :‬أنه كان إذا حَضَر سوق ال ُكتُبِ‪ ،‬وأراد شِراء كتابٍ‪ ،‬غَافَل الناسَ وقطعَ منه ورقةً‪،‬‬
‫وقال‪ :‬إنه مقطوع ليأخذَه بثمنٍ بسٍ!‪.‬‬
‫وذكر ذلك الذهب ف ((السي))‪ ،)527 /20( :‬قال‪ :‬ولعلّه تاب‪ .‬وذكر منامًا!‪.‬‬
‫* وذكر ياقوت ‪-‬أيضًا‪ -‬أنه كان إذا استعار من أحدٍ كتابًا وطالبه به‪ ،‬قال‪َ :‬دخَلَ بي ال ُكتُب فل أقدر عليه!!‪.‬‬
‫* وأشار السمعان إل ممل ذلك‪ ،‬فقال‪(( :‬وجع الصول الِسَان من أيّ وجهٍ اتفق له)) وزاد‪ :‬وكان يضنّ با!!‪.‬‬
‫إل أن ال ِقفْطي ف ((إنباه الرواة))‪ )101 /2( :‬ذم ُمقْتنيات ابن الشّاب من الكتب فقال‪(( :‬وكان ل يقتن من الكتب إل أردأها‬
‫صورة‪ ،‬وأرخصها ثنًا))‪ ،‬وهذا مالف لا سبق!‪.‬‬
‫ضنّه بالكتب على أهلها= تفرّقت بعدَه‪ ،‬وبِيعَ أكثرها‪ ،‬ول يبق‬ ‫أقول‪ :‬فلهذه المور متمعةٍ= تايله ف تصيل الكتب‪ ،‬وجحْده العا ِريّة‪ ،‬و َ‬
‫إل عُشرها‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫* الكتب أشد من ثلث ضرائر‬


‫أخرج الطيبُ ف ((الامع لخلق الراوي والسامع))‪ 145‬عن الزّبي ابن أب بكر بكّا ٍر قال‪ :‬قالت ابنة‬
‫أخت لهلنا‪ :‬خال خيُ رجلٍ لهله‪ ،‬ل يتخذ ضرّةً ول يشتري جارية‪ .‬قال‪ :‬تقولُ الرأ ُة (أي زوجته)‪ :‬وال‬
‫َلهَذه الكتب أشدّ عليّ من ثلثِ ضرائر!!)) اهـ‪.‬‬
‫* حت أحلم اليقظة ف الكتب‬
‫ذكر السّمهودي ف ((جواهر ال ِعقْدَين ف فضل الشرَفَيْن))‪ 146‬عن شيخه أب زكريا الُنَاوي (‪)871‬‬
‫ب مع‬
‫قال‪ :‬أخبن شيخُنا الشيخ ولّ الدين (يعن أبا ُزرْعة بن الافظ زين الدين العِراقي) مذاكرةً‪ :‬أنه رك َ‬
‫ص من الكاريّة من طائفة الريافة‪ ،‬قال‪ :‬فقلتُ ف نفسي ‪-‬وقد خاضت ف المل‪ :-‬لو كان ل أربعُ‬
‫شخ ٍ‬
‫زوجاتٍ ف أربع مساكن‪ ،‬وف كلّ مسكنٍ من الكتب الت احتاجها نظي ما ف بقيّة الساكن‪ 147))...‬اهـ‪.‬‬
‫* ل تضي عليه ساعة إل ف اشتغالٍ بالعلم‬
‫نقل ابن رجب ف ((ذيل الطبقات))‪ 148‬ف ترجة العلمة أب البقاء عبدال بن السي العُ ْكبَري ت (‪6‬‬
‫‪ )16‬عن ابن النجار قولَه‪(( :‬قرأتُ عليه كثيًا من مصنّفاته‪ ،‬وصحبته مدّة طويلة‪ ...‬وكان مُحِبّا للشتغال‬

‫صبٍ مفروشة‪ ،‬وف صدرها ألواح من‬ ‫صفّة كبية منفردة‪ ،‬وبا بواري َق َ‬
‫ووصفها القِفْطي بقوله‪(( :‬وكانت له دار عتيقة‪ ...‬وله منها ُ‬
‫الشب‪ ،‬مرصوص عليها كتب له‪ ،‬أقامت ِعدّة سني ما أُزيل عنها الغُبار‪ ،‬وكانت تلك البواريّ قد استترت با عليها من التراب‪ ،‬يقعد‬
‫ف جانب منها‪ ،‬والباقي على تلك الالة‪ .‬وقيل‪ :‬إن الطيور عششت فوق الكتب وف أثنائها)) اهـ‪(( .‬إنباه الرواة))‪ .)100 /2( :‬وما‬
‫فعله ابنُ الشّاب‪ ،‬يُعد من مسوّغات ذِكْرِه با يكره‪ ،‬ول ُي َعدّ ذلك غيبة‪ ،‬بل هو نصيحة واجبة‪ ،‬كما نبّه عليه السخاوي ف ((العلن‬
‫بالتوبيخ))‪( :‬ص‪.)88 /‬‬
‫‪ ،)150 -149 /1( 145‬وانظر ((سي النبلء))‪.)313 /12( :‬‬
‫وزوجته خبيةٌ به‪ ،‬طويلة ال ِعشْرة معه‪ ،‬فقد سُئل الزبي‪ :‬مُنذ كم زوجتك معك؟ قال‪ :‬ل تسألن‪ ،‬ليس ترِدُ القيامة أكثر كِباشًا منها‪،‬‬
‫ضحّيتُ عنها سبعيَ َكْبشًا‪(( .‬تاريخ بغداد))‪.)471 /8( :‬‬
‫‪.)162 /1( 146‬‬
‫‪ 147‬وإذ قد ذُكر الغرام بالنساءِ والكتب‪ ،‬فهذا القاضي برهان الدين الزرعي النبلي ت (‪ )741‬كان مُغرمًا بالواري التركيات‪ ،‬قال‬
‫الصفدي ف‪(( :‬أعيان العصر))‪(( :)45 /1( :‬كنتُ أراه جُمعةً ف سوق الواري‪ ،‬وجُمعةً ف سوق الكتب‪ ،‬ليجمع بذلك بي الدّر‬
‫والدراري!!)) اهـ‪.‬‬
‫‪.)111 /2( 148‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫ل ونارًا‪ ،‬ما يضي عليه ساعة إل وواحد يقرأ عليه‪ ،‬أو مُطَالع له‪ ،‬حت ذكر ل أنه بالليل تقرأ‬
‫والشغال‪ ،149‬لي ً‬
‫له زوجته ف كتب الدب وغيها))‪.‬‬
‫*التحسّر على الكتب وجعلها بنلة الولد‬
‫وذكر ابن رجب ف ((الذيل))‪ 150‬ف ترجة عبدالصمد بن أحد ابن أب الَيْش البغدادي العلمة التفنّن‬
‫ت (‪ )676‬أنه صنّف خُطبًا انفرد بِفنّها وأُسلوبا وما فيها من الصّنْعة والفصاحة‪ ،‬وجع منها شيئًا كثيًا‪،‬‬
‫ذهبَ ف واقعة بغداد‪ 151‬مع كتبٍ له أُخرى بطّه وأُصوله‪ ،‬حت كان يقول‪(( :‬ف قلب حَسْرتان‪ :‬ولدي‬
‫وكُتُب)) (وكانا قد ُفقِدا جيعًا ف واقعة بغداد)‪.‬‬
‫* ل يشي إل وف يده كتاب‬
‫وكان كثي من مشاهي العلماء ل يشي إل وف يده كتب أو أجزاء يُطالعها‪ ،‬وذلك لزيد شغفهم‬
‫بالقراءة والطلع‪ ،‬وعظيم حرصهم على أوقاتم من الضياع‪.‬‬
‫● قال الذهب ف ((السي))‪(( :152‬قال ابنُ البنوسي‪ :‬كان الافظ الطيب يشي وف يده ُج ْزءٌ‬
‫يُطالعه))‪.‬‬
‫● وف ((تذكرة الفاظ))‪ 153‬للذهب ف ترجة أب داود السجستان صاحب ((السنن))‪(( :‬قال ابنُ‬
‫دَاسَة‪ :‬كان لب داود كُمّ واسع وكمّ ضيّق‪ ،‬فقيل له ف ذلك؟ فقال‪ :‬الواسع للكتب‪ ،‬والخر ل يُحتاج إليه))‪.‬‬
‫● وف ترجة العلمة النحوي أحد بن يي العروف بثَعْلَب ت ( ‪ )291‬من كتاب ((وفيات‬
‫ب وفاته‪ :‬أنه خرج من الامع يوم المعة بعد العصر‪ ،‬وكان قد‬
‫العيان))‪ 154‬لبن خَلّكان قال‪(( :‬كان سب َ‬

‫‪ 149‬أي‪ :‬للتعلّم والتعليم‪.‬‬


‫‪.)292 /2( 150‬‬
‫‪ 151‬واقعة هجوم التتار عليها‪ ،‬وسقوط اللفة العباسية سنة (‪.)656‬‬
‫أقول‪َ :‬يكْثر ذِكْر هذه الواقعة عند الديث عن الكتب وما أُتلِفَ منها‪ ...‬ويستكثر الناسُ من إيراد أخبار التتار وما فعلوه‪ ،‬لكن أعجبتن‬
‫لفتة لتاج الدين السبكي ف ((طبقاته))‪ )312 /1( :‬فبعد أن ذكر بضعَ صفحاتٍ من أخبارهم قال‪(( :‬ويكفي الفقيه ما أوردناه‪،‬‬
‫فأوقات طالب العلم أشرف أن تضيع ف أخبارهم‪ ،‬إل للعتبار با‪ ،‬وما أوردناه عبةً للمعتبين‪ ،‬وكافٍ للمتعظي)) اهـ‪.‬‬
‫‪.)281 /18( 152‬‬
‫‪.)592 /2( 153‬‬
‫‪.)104 /1( 154‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫لقه صَمَمٌ ل يسمع إل بعد تعب‪ ،‬وكان ف يده كتاب ينظر فيه ف الطريق‪ ،‬فصدمَتْه فرسٌ‪ ،‬فألقَْتهُ ف ُه ّوةٍ‪،‬‬
‫فأُخرج منها وهو كالختلط‪ ،‬فحُمِل إل منله على تلك الال وهو يتأوّه مِن رأسه‪ ،‬فمات ثان يومٍ)) اهـ‪.‬‬
‫● وذكر العسكري ف ((الث على طلب العلم))‪ :155‬أن أبا بك ٍر الياط ‪-‬العلمة النحوي ممد بن‬
‫أحد البغدادي ت (‪ -)320‬كان يَ ْد ُرسُ جيعَ أوقاته‪ ،‬حت ف الطريق‪ ،‬وكان ربّما سقَط ف ُجرْف أو خبطته‬
‫دابّة))‪.‬‬
‫● وتقدم معنا خب المام ُسلَيم الرازي ‪.156‬‬
‫● وكان كثي من العلماء يُقرأ عليه الكتاب وهو يشي ف الطريق صِيانة للوقت‪ ،‬وحبّا ف الفادة‪،‬‬
‫كما هو الال ف ترجة الافظ أب نعيم الصبهان صاحب ((اللية)) ت (‪ )430‬كما ف ((تذكرة‬
‫الفاظ))‪.157‬‬
‫● وكذلك ف ترجة المام علم الدين السخاوي القرىء (‪ )643‬كما ف ترجة من كتاب‬
‫((طبقات القراء الكبار))‪.158‬‬
‫أقول‪ :‬ومن شهدناه على هذه الال ف القراءة عليه واستفتائه وهو يشي شيخنا وشيخ مشاينا العلمة‬
‫عبدالعزيز بن باز (‪- )1420‬رحه ال تعال‪ -‬فقد كان ذلك ديدنه وهِجّيْراه‪ ،‬بنفسٍ منشرحة ووجهٍ طَلِق‪،‬‬
‫فجزاه ال عن العلم وأهله خيًا‪.‬‬
‫* استوف مكتبته قراءة‪ ،‬وفيها (‪ )700‬ملد‬
‫ففي ترجة أب بكر بن أحد تقي الدين ابن قاضي شُهبة‪ 159‬من ((الضوء اللمع))‪ 160‬قال‪(( :‬وكتب‬
‫بطه الكثي‪ ،‬بيث لو قال القائل‪ :‬إنه كتب مئت ملد ل يتجاوز‪ ،‬وخطه فائق دقيق‪.‬‬
‫وبِيْع ف تركته نو سبع مئة ملد‪ ،‬كاد أن يستوفيها مطالعة)) اهـ‪.‬‬

‫‪( 155‬ص‪.)77 /‬‬


‫‪( 156‬ص‪.)51 /‬‬
‫‪.)1094 /3( 157‬‬
‫‪.)1105 /3( 158‬‬
‫سلَفِه بابن قاضي شُ ْهبَة‪ ،‬لكون النجم والد جده أقامَ قاضيًا بشُهْبة السوداء أربعي سنة‪.‬‬
‫‪ 159‬معروف ك َ‬
‫‪.)23 /11( 160‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫* يقطع الليل جيعه ف القراءة على السّراج‬


‫● ذكر القاضي عياض ف ((ترتيب الدارك))‪ 161‬ف ترجة المام الفقيه أب ممد عبدال بن إسحاق‬
‫العروف بابن التّبّان ت (‪ )371‬أنه قال عن َنفْسِه‪ :‬كنت أول ابتدائي أدرس الليل كلّه‪ ،‬فكانت أُمي تنهان عن‬
‫ح وأقبلتُ‬
‫القراءة بالليل‪ ،‬فكنت آخذ الصباح وأجعله تت الفنة وأتعمّد النوم‪ ،‬فإذا رَقَ َدتْ أخرجتُ الصبا َ‬
‫على الدرس‪.‬‬
‫ف َم ّرةٍ)) اهـ‪.‬‬
‫قال القاضي‪ :‬وكان كثي الدرس‪ ،‬ذكر أنه َد َرسَ كتابًا أل َ‬
‫● وذكر الوزير القِفْطي ف ((إنباه الرواة)) ‪ 162‬ف ترجة أب القاسم ابن أب منصور النحوي اللب‬
‫حبَه وجالسَه_‪(( :‬أنه كان شديد الجتهاد ف طلب‬
‫العروف بابن الَْبرَان ت (‪- )628‬وكان الوزير قد صَ ِ‬
‫الفوائد من صفحات الصّحف‪ ،‬فلزمَ الطالعةَ ليلً ونارًا‪ ،‬وتَلزّم الفظَ لبعض ما يرّ به ف أثناء ذلك‪.‬‬
‫قال‪ :‬ولقد حكى ل الشريف أبو هاشم بن أب حامد‪ ...‬صديقي ‪-‬رحه ال‪ -‬قال‪ :‬أخبن جارٌ له‪،‬‬
‫لبْران النحوي ف زمن الصيف‪ ،‬يقوم ف الليل الخي ف سطحه‪ ،‬وََيقِدُ سراجًا ف موضعٍ خالٍ‬
‫قال‪ :‬رأيتُ ابن ا َ‬
‫ل دائمًا ف كلّ ليلة‪ ،‬ل يشغله الرّ ول ال َقرّ عن الطالع ِة والستفادة))‬
‫من الواء‪ ،‬ويقعد للمطالعة وقتًا طوي ً‬
‫اهـ‪.‬‬
‫* الشغف بميع الكتب ومعرفته با‬
‫ذكر الافظ ابن حجر ف ((الدرر الكامنة))‪ 163‬ف ترجة شافع بن علي الكنان ت (‪(( :)730‬أنه‬
‫كان يُحب جع الكتب‪ ،‬حت أنه لا مات ترك نو العشرين‪ 164‬خزانة ملى من الكتب النفيسة‪.‬‬
‫وكان من شدّة حُبّه للكتب‪ ،‬إذا لس الكتابَ يقول‪(( :‬هذا الكتاب الفلن‪ ،‬ملكتُه ف الوقت الفلن‪،‬‬
‫ب منه أيّ ملّد كان‪ ،‬قام إل الزانة فتناوله كأنه كما وضعه فيها))‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫وإذا طُِل َ‬
‫* التَألّم والَسْرة على بيع الكتب‬

‫‪.)78 /1( 161‬‬


‫‪.)165 /4( 162‬‬
‫‪ ،)184 /2(: 163‬وترجته مطوّلة ف ((أعيان العصر))‪.)512 -501 /2( :‬‬
‫‪ 164‬ف ((العيان))‪(( :‬ثان عشرة))‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫● قال ابن خلكان ف ترجة الشريف الرتضى أب القاسم علي بن الطاهر ت (‪ )436‬ف كتابه‪:‬‬
‫((وفيات العيان))‪(( :165‬حكى الطيب أبو زكريا يي بن علي التّبْريزي اللغوي‪ ،‬أن أبا السن علي بن أحد‬
‫ل ْودَة‪ ،‬فدعته‬
‫ابن علي بن سلّك الفال الديب‪ ،‬كانت له نسخة بكتاب ((المهرة)) لبن ُدرَيْد ف غاية ا َ‬
‫الاجة إل بيعها فباعها‪ ،‬واشتراها الشريف الرتضى أبو القاسم ‪-‬الذكور‪ -‬بستي دينارًا‪ ،‬وتصفّحها فوجدَ با‬
‫أبياتًا بط بائعها أب السن الفال‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫لقد طا َل َوجْدي بعدَها وحنين‬ ‫ستُ با عِشرينَ حو ًل َوِبعْتُها‬
‫أنِ ْ‬
‫ولو خلّدتن ف السجون ديون‬ ‫وما كان ظَنّي أَنّن سأَبيعها‬
‫صِغارٍ عليهم تَسَْتهِ ّل شُؤون‬ ‫ف وافتقا ٍر وصِبْيَةٍ‬
‫ولكن لضع ٍ‬
‫مقالة مكويّ الفؤادِ َحزِينِ‪:‬‬ ‫فقلتُ ول َأمْلك سوابق َعبْرةٍ‬
‫كرائ َم من ربّ ب ّن ضنيِ)) اهـ‬ ‫ت يا أمّ مالكٍ‬
‫ج الاجا ُ‬
‫((وقد تُخر ُ‬
‫● وذكر السخاوي ف ((الضوء))‪ 166‬ف ترجة إبراهيم بن علي بن أحد جال الدين ال َق ْلقَشندي‬
‫القاهري أنه باع كتَبهُ أو جلّها‪ ،‬قال‪ :‬وقَاسَى مال ُيعَبّر عنه‪ ،‬وتألّمنا له ف ذلك!‪.‬‬
‫* صور من العصر الديث *‬
‫بعد هذا التطواف ف رحاب العلماء ف قرون غابرة وأقطارٍ متباعدة‪ ،‬كأنّي بقائل يقول‪ :‬تلك أمة قد‬
‫خلت‪ ،‬وجيل قد ذهب‪ ،‬فهل لك ف أمثلة قريبة وناذج حيّة؟‬
‫فنقول‪ :‬نعم‪ ،‬وما أكثرها!‬
‫* فهذا الشيخ العلمة جال الدين القاسي الدمشقي (‪ )1332‬يقول عن نفسِه وهو يتكلم على علوّ‬
‫الِمّة ف كتابه ((الفضل البي))‪(( :167‬وقد اتفق ل بمده تعال قراءة ((صحيح مسلم)) بتمامه رواي ًة ف‬

‫‪.)165 /4( 165‬‬


‫‪.)316 /3( 166‬‬
‫‪( 167‬ص‪ ،)54 -53 /‬وذكر القاسيّ ‪-‬أيضًا‪ -‬هذه القراءة ف كتابه ((قواعد التحديث))‪( :‬ص‪ ،)263 /‬وكان تاريخ هذه القراءة ف‬
‫سنت (‪.)1316 ،1315‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫أربعي يومًا‪ ،‬وقراءة ((سنن ابن ماجه)) كذلك ف واحدٍ وعشرين يومًا‪ ،‬وقراءة ((الوطّأ)) كذلك ف تسعة‬
‫عشر يومًا‪ ،‬وقراءة ((تذيب التهذيب))‪ 168‬مع تصحيح سهو القلم فيه وتَحْشيته ف نو عشرة أيام‪.‬‬
‫فدع عنك أيّها اللئم الكسلَ‪ ،‬واحرص على عزيز وقتك بدرس العلم وإحسان العمل)) اهـ‪.‬‬
‫وذكر فيه‪- 169‬أيضًا‪ -‬أنه قرأ ((تاريخ دمشق)) لبن عساكر (‪ ،)571‬وقد طبع هذا التاريخ الن ف‬
‫سبعي ملّدًا‪.170‬‬
‫* وهذا الشيخ ممد بدر الدين السن (‪ )1354‬العلمة الحدّث (حفظ الصحيحي غيبًا بأسانيدها‪،‬‬
‫ونو ((‪ 20‬ألف)) بيت من التون العلمية)‪ ،171‬كان شديد التشاغل بالعلم والعكوف على طلبه والنقطاع‬
‫إليه‪ ،‬حت بلغ من ذلك شيئًا عظيمًا‪ ،‬قال الشيخ علي الطنطاوي‪- 172‬رحه ال‪(( -‬بل كان يلس ف الليل‬
‫ليقرأ‪ ،‬فإذا غلبه النّعاس اتكأ برأسه على وسائد ُأعِدت له‪ ،‬فأغفى ساعتي أو ثلثًا من الليل متقطعات‪ ،‬ومن‬
‫النهار ساعة))‪.‬‬
‫وقال‪(( :‬كان يقرأ دائمًا ل يشغله عن القراءة إل أن يكون نائمًا أو ف صلة أو درس‪ ،‬أو ف طريقه‬
‫من السجد إل البيت‪ ،‬ما فارق الكتب قطّ‪ ،‬ول استعان على النظر بنظارة‪ ،‬وقد مات حديد البصر صحيحه‪،‬‬
‫وما أحبّ ف الدنيا غي الكتب‪ ...‬فكان يشتري الكتابَ يسمعُ به ولو كان مطبوعًا ف أقصى الند‪ ،‬ويشتري‬
‫الخطوط ولو بوزنه ذهبًا‪ ،‬ول يدع كتابًا حت يقرأه‪ ،‬أو يتصفحه تصفّح التثبّت‪.))...‬‬
‫* ومثالٌ حيّ كان بي أظهرنا لشهور مضت هو العلّمة الديب البليغ صاحب القلم النيق والعبارة‬
‫الرشيقة‪ 173‬الشيخ علي الطنطاوي (‪- )1420‬رحه ال تعال‪ -‬له مقال ف ((الذكريات))‪ 174‬عنوانه ((شغلي‬
‫الدائم الطالعة)) ذكر فيه ولعه الدائم بالطالعة من صغره وهو ف الدرسة البتدائية بدون إرشاد ُمرْشِد ول‬

‫‪ 168‬ف ((قواعد التحديث))‪(( :‬تقريب التهذيب))‪.‬‬


‫‪( 169‬ص‪.)363 /‬‬
‫‪ 170‬مع خرومٍ ف أثنائه‪ ،‬لعلها تبلغ ملدات‪ ،‬ث ُطبِعت هذه الروم ف عشرة ملدات‪.‬‬
‫‪ 171‬قاله عَصْ ِريّه الزّركلي ف ((العلم))‪.)158 /7( :‬‬
‫‪(( 172‬رجال من التاريخ))‪( :‬ص‪.)382 -381 /‬‬
‫‪ 173‬أسلوبه الذي يكتب به ل يُقلّد فيه أحدًا‪ ،‬بل قلده فيه مقلّدون‪.‬‬
‫‪.)165 -159 /1( 174‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫تعليم ُمعَلّم ث قال‪(( :‬فأنا اليوم‪ ،‬وأنا بالمس‪ ،‬كما كنت ف الصغر‪ ،‬أمضي يومي أكثره ف الدار أقرأ‪ ،‬وربا مرّ‬
‫عل ّي يوم أقرأ فيه ثلثئة صفحة‪ ،‬ومعدّل قراءت مئة صفحة من سنة (‪ )1340‬إل هذه السنة (‪.)1402‬‬
‫اثنان وستون سنة‪ .‬احسبوا كم يومًا فيها‪ ،‬واضربوها بئة‪ ،‬تعرفوا كم صفحة قرأت‪ .‬أقرأ ف كل‬
‫موضوع‪ ،‬حت ف الوضوعات العلمية‪.))...‬‬
‫وله ف ((الذكريات))‪- 175‬أيضًا‪ -‬حديث عن قراءته ومقدارها‪ ،‬مع اشتغاله بالقضاء ف دمشق (كل‬
‫يوم ثلثون قضية) مع الشراف على مالس التحكيم‪ ،‬والعمل رئيسًا لثلثة مالس‪ ،‬الوقاف‪ ،‬واليتام‪،‬‬
‫والجلس العلى للكليّات الشرعية‪ ،‬مع إلقاء دروس ف الكلية‪ ،‬والثانوية للبني والبنات‪ ،‬وكان إل جانب ذلك‬
‫خطيب جعة‪ ،‬وماضرًا ف النوادي‪ ،‬وله أحاديث ف الذاعة‪ ،‬وكتابة يومية ف إحدى الرائد‪ .‬كان يصنع هذا‬
‫كله!!‪.‬‬
‫ومع ذلك كان يقرأ كل يوم يومٍ مئتي أو ثلثئة صفحة‪ ،‬قال‪(( :‬وأنا مستمر على ذلك من يوم‬
‫تعلمت القراءة‪ ،‬وأنا صغي‪ ،‬أي‪ :‬من نو سبعي سنة إل قليلً‪ ،‬أصرف فضل وقت كله ف القراءة))‪.‬‬
‫ولو ذهبتُ استقصي أخبارَ علماء هذا القرن النصرم لاء كتابًا برأْسِه!! لكن حسب هنا ما ذكرت‪،‬‬
‫وكفى به عب ًة لعْتَبِر‪ ،‬ومن أراد التوسّع فلياجع تراجم أهل هذا القرن وهي كثية‪.176‬‬

‫‪.)269 -267 /6( 175‬‬


‫‪ 176‬مثل‪(( :‬العاصرون)) لحمد كُرْدْ عَلي‪ ،‬و((نزهة الواطر)) الجلد الثامن‪ ،‬لعبدالي السن‪ ،‬و((العلم)) للزركلي تراجم التأخرين‪،‬‬
‫و((ذيول العلم))‪ ،‬و((علماء ومفكرون عرفتهم)) للمَجْذوب‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫ف قراءة الطوّلت ف مالسَ معدودات‬
‫كان من عادة العلماء َعقْد مالس لقراءة الطوّلت على اختلف الفنون (خاصة كتب الديث‬
‫السندة)‪ ،‬فكان الناسُ يأخذونا عن مؤلّفيها أو عمن اتصلت بم روايتها‪ ،‬بالسّماع لميعها تارة‪ ،‬أو بسماع‬
‫ص عقدُ تلك الجالسِ وإساعِ الطوّلت طردًا مع‬
‫شيءٍ منها‪ ،‬والجازة بباقيها‪ ،‬أو بالجازة لميعها‪ ،‬وتناق َ‬
‫سرَت نوعية الكتب القروءة ف كتب الديث‪ ،‬خاصّة الشهورة منها‪ ،‬أو‬
‫تأخّر الزمن (لعوامل كثية) وانْحَ َ‬
‫لكتب بعض مشاهي الؤلّفي‪.‬‬
‫وهذه الجالس قد ت ُطوْل وقد َت ْقصُر بسب الغرض من القراءة وتفرّغ الشيخ‪ ،‬واستعداد الطالب‪،‬‬
‫وموضوع الكتاب‪.177‬‬
‫ول شك أن قراءة هذه الطوّلت ف مالسَ معدودة يتطلّب عددًا من الصفات ف الشيخ والطالب‪ ،‬من‬
‫البة بالكتاب القروء‪ ،‬وشدة التَيقّظ‪ ،‬وفصالة اللسان‪ ،‬وسرعة القراءة‪ ،‬وقبل ذلك وبعده = الرغبة الكيدة‪،‬‬
‫والمة العالية‪ ،‬والصب الميل‪ .‬فمن تلّى بذلك كلّه‪ ،‬لنَ له الديدُ و َسهُل عليه الصعبُ‪(( ،‬فإن العزي َة والحبةَ‬
‫تُ ْذ ِهبُ الشقةَ‪ ،‬وتُطِيبُ السيَ))‪.178‬‬
‫وهذا َسرْد ما وقفنا عليه من ذلك‪:‬‬
‫* الطيب البغدادي (‪* )463‬‬
‫‪ -‬قراءة صحيح البخاري ف ثلثة مالس‪.‬‬

‫‪ 177‬ففي ((ثتب ال ُفلّن))‪( :‬ص‪ )19 /‬أنم قرأوا ((الوطأ)) باستحضارِ ومراجعةِ النتقى‪ ،‬والستذكار‪ ،‬وال َقبَس‪ ،‬وشرح الزرقان‪،‬‬
‫وغيها‪ ،‬وفيه‪( :‬ص‪ )35 /‬أنم قرأوا ((البخاري)) باستحضارِ ومراجعةِ فتح الباري‪ ،‬وشرح ابن بطّال‪ ،‬وشرح الكرمان‪ ،‬والشارق‪،‬‬
‫وإرشاد الساري وغيها‪.‬‬
‫‪ 178‬العبارة بي القوسي لبن القيم ف ((الفوائد))‪( :‬ص‪.)255 /‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫ليْري ت (‪)430‬‬
‫قال الطيب ف ((تاريخ بغداد))‪ 179‬ف ترجة إساعيل بن أحد ابن عبدال الضرير ا ِ‬
‫أنه خاطبه ((ف قراءة كتاب ((الصحيح)) ‪-‬وكان سَ ِمعَه من الكُشْمِْيهَن‪ 180‬عن ال َفرَبْزي‪- 181‬فأجابن إل‬
‫ذلك‪ ،‬فقرأتُ جيعَه عليه ف ثلثة مالس‪ ،‬اثنان منها ف ليلتي‪ ،‬كنتُ ابتدىء بالقراءة وقتَ صلةِ الغرب‪،‬‬
‫وأقطعها عند صلة الفجر‪.‬‬
‫وقبل أن أقرأ الجلس الثالث َعبَر الشيخُ إل الانب الشرقي مع القافلة ونز َل الزيرةَ بسوقِ يي‪،‬‬
‫فمضيتُ إليه مع طائفةٍ من أصحابنا ‪-‬كانوا حضروا قراءت عليه ف الليلتي الاضيتي‪ -‬وقرأتُ عليه ف الزيرة‬
‫ح َوةِ النهار إل الغرب‪ ،‬ث من الغرب إل وقتِ طلوع الفجر‪ ،‬ففرغتُ من الكتاب‪ ،‬ورحلَ‪ 182‬الشيخُ ف‬
‫من ضَ ْ‬
‫صبيحة تلك الليلة مع القافلة)) اهـ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬فلله تلك المم ما أسقها وأعلها‍! فهل سعت بثل هذه المم والعزائم؟‍! فاليومُ الثالث جيعُه‬
‫ف القراءة ( من ضحوةِ إل الغرب‪ ،‬ومن الغرب إل الفجر)‪ ،‬فبمثل هذه المة بلغ الطيب إل ما بلغ‪ ،‬حت‬
‫دُعي بـ ((حافظ الشرق))‪ ،‬وصار بثل هذه المة عمدة الحدثي ومعوّلم‪ ،‬بل صاروا عِيالً على كتبه كما‬
‫قال ابنُ نقطة‪.183‬‬
‫‪ -‬ما قيل حول هذه القصة‪.‬‬
‫قال الافظ الذهب ف ((السّي))‪-184‬معّلقًا‪(( :-‬قلت‪ :‬هذه وال القراءةُ الت ل يُسْمَع قطّ بأ ْسرَعَ‬
‫منها))‪.‬‬
‫وقال ‪-‬أيضًا‪ -‬ف ((تاريخ السلم))‪(( :185‬وهذا شيءٌ ل أعل ُم أحدًا ف زماننا َيسْتَطيعُه))‪.‬‬

‫‪.)314 /6( 179‬‬


‫ش ِميْهَن)) إحدى قرى مَرْو‪ ،‬ضبطها ف ((النساب))‪- )75 /5( :‬بكسر اليم‪ ،-‬وف ((معجم البلدان))‪ )463 /4( :‬لياقوت‪:‬‬ ‫‪ُ (( 180‬ك ْ‬
‫بفتح اليم‪.‬‬
‫‪ 181‬راوية البخاري‪ ،‬وفاؤه فيها الوجهان الفتح والكسر‪.‬‬
‫‪ 182‬وكان مرتلً من َنيْسابور إل مكة‪ ،‬مصطحبًا معه كتبه ‪-‬وكانت وقر بعي‪.-‬‬
‫‪(( 183‬التقييد لرواة السنن والسانيد))‪.)170 /1( :‬‬
‫‪.)280 -279 /18( 184‬‬
‫‪ 185‬وََفيَات (‪( ،)463‬ص‪.)99 /‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وف ((الواهر والدرر ف ترجة شيخ السلم ابن حجر))‪ 186‬للسخاوي‪ ،‬أنه سأل شيخه ‪-‬أي ابن‬
‫حجر‪(( -‬هل وقعَ لكم استيفاءُ يومٍ ف القراءة؟ (يعن‪ :‬مثل ما وقع للخطيب) فقال‪ :‬ل‪ ،‬ولكن قراءت‬
‫((الصحيح)) ف عشرة مالس لو كانت متواليةً لنقصت عن هذه اليام‪ ،‬ولكن أين الثريّا من الثرى‪ ،‬فإنّ‬
‫لوْدة والفادة وإبلغ السّامعي)) اهـ‪.‬‬
‫الطيب ‪-‬رحه ال‪ -‬قراءته ف غايةٍ من الصّحة وا َ‬
‫وسيأت استيفاء ما وقع للحافظ ابن حجر من ذلك‪ ،‬وهو عجيب!‪.‬‬
‫‪ -‬قراءة ((صحيح البخاري)) ف خسة أيام‪.‬‬
‫قال الذهب ف ((تذكرة الفاظ))‪ 187‬نقلً عن أب سعدٍ السمعان‪(( :‬كان الطيب ‪-‬حجّة حسن‬
‫الط‪ ،‬كثي الضبط‪ ،‬فصيحًا‪ُ ،‬ختِمَ به الفّاظ‪ ،‬وقرأ بكة على كرية‪(( 188‬الصحيحَ)) ف خسة أيامٍ)) اهـ‪.‬‬
‫* عبدال بن سعيد بن لُبّاج الموي (‪* )436‬‬
‫‪ -‬إقراء مسلم ف أسبوع‪.‬‬
‫جاور ابنُ لُبّاج بك َة سني طويلة‪ ،‬واختصّ بصحبة أب ذر َعبْد ابن أحد الروي ‪-‬راوي الصحيح‪-‬‬
‫وأكثر عنه‪ ،‬ث رج َع إل الندلس‪ ،‬قال ابن بَشْ ُكوَال ف ((الصّلَة))‪(( :189‬ولق بقرطبة‪ ...‬سنة ثلثٍ وثلثي‬
‫وأربع مئة‪ ،‬فقرىء عليه ((مسندُ مسلم بن الجاج الصحيحُ)) ف نو جُمعة‪ ،‬بامع قرطبة ف موعِدَين طويَليْن‬
‫َحفِيلَي‪ ،‬كل يوم موعد غدوة‪ ،‬وموعد عَشيّة)) اهـ‪.‬‬
‫* الؤْتَمن السّاجي (‪* )507‬‬
‫‪ -‬قراءة ((الحدّث الفاصل)) ف ملس‪.‬‬

‫‪.)104 /1( 186‬‬


‫‪ ،)1138 /3( 187‬و((تاريخ السلم))‪ :‬وفيات (‪( ،)463‬ص‪ ،)92 /‬و((الواف بالوََفيَات))‪.)192 /7( :‬‬
‫‪ 188‬هي‪ :‬كرية بنت أحد الروزيّة ت (‪- )463‬وهي سنة موت الطيب‪ ،-‬سعت ((صحيح البخاري)) من ال ُكشْ ِميْهنّ‪ ،‬وكانت عالةً‬
‫فاضل ًة ُمتَثبّتةً‪ ،‬بلغ عمرها مئة سنة‪ ،‬ماتت ول تتزوّج‪ .‬انظر‪(( :‬النتظم))‪ ،)136 -135 /16( :‬و((السّي))‪.)235 -233 /18( :‬‬
‫‪.)265 /1( 189‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫قال الذهب ف ((السي))‪(( :190‬قال السّلَفيّ‪ :‬كان الؤتنُ ل ُتمَلّ قراءتُه‪ ،‬قرأ لنا على ابن الطيوري‬
‫كتابَ ((الفاصل))‪ 191‬للرّامَهرمزي ف ملسٍ‪.‬‬
‫* طلحة بن مظفّر ال َعلْثي‪ 192‬النبلي (‪* )593‬‬
‫‪ -‬قراءة ((صحيح مسلم)) ف ثلثة مالس‪.‬‬
‫جاء ف ترجته ف ((الذيل على طبقات النابلة))‪ 193‬و((طبقات الفسرين))‪ :194‬أنه قرأ ‪((-‬صحيحَ‬
‫مسلم)) ف ثلثةِ مالس‪.‬‬
‫صفَه الافظ النذري بُسْن القراءة‬
‫وكان طلحةُ بن مظفّر عالًا متفنّنًا ف علومٍ كثية زاهدًا َو ِرعًا‪ ،‬و َ‬
‫وفصاحتها‪ ،‬فمن ذلك أنه كان يقرأ كتاب ((المهرة)) لبن ُدرَيْد على ابن القصّار‪ ،‬فمِنْ سرعة قراءته‬
‫وفصاحتها قال اب ُن القصّار‪ :‬هذا طلحةُ يفظ هذا الكتاب؟! قالوا‪ :‬ل‪.‬‬
‫* ال ِعزّ بن عبدالسلم (‪* )660‬‬
‫‪ -‬قراءة ((نِهاية الَ ْطلَب))‪ 195‬ف ثلثة أيام‪.‬‬

‫‪.)310 /19( 190‬‬


‫‪ 191‬اسه‪(( :‬الحدّث الفاصل بي الراوي والواعي)) للرّامهُ ْرمُزِي (نو ‪ ،)360‬طبع بتحقيق ممد عجاج الطيب ف (‪ )465‬صفحة‪،‬‬
‫وهو أول كتاب مفرد ف علوم الديث‪.‬‬
‫‪ 192‬بفتح الهملة وسكون اللم‪ ،‬قيّده النذري ف ((الت ْكمِلة لوفيات النقلَة))‪ ،)295 /1( :‬وعنه ابنُ رجب‪.‬‬
‫‪.)390 /1( 193‬‬
‫‪.)266 /1( 194‬‬
‫‪(( 195‬نِهاية الطلب ف دِراية الذهب)) ف فقه الشافعيّة لمام الرمي الوين (‪ ،)478‬قال ابن خلكان ف ((الوفيات))‪:)168 /3( :‬‬
‫((ل يؤلّف ف السلم مثله))‪ ،‬ومثله قال عبدالغفّار الفارسي ف ((السّياق لتاريخ َنيْسابور) نقله التاج السبكي ف ((طبقاته))‪/5( :‬‬
‫‪ )178 -177‬ول أجده ف مطوطة ((السياق))‪( :‬ق‪48 /‬ب) ف ترجة الوين‪ .‬واعتدل! السّبكيّ فقال‪(( :‬ل يُصنّف ف الذهب‬
‫مثلُها فيما أجزمُ به)) اهـ ((الطبقات))‪.)171 /5( :‬‬
‫وهو كتاب كبي‪ ،‬ذكر ف ((كشف الظنون))‪( :‬ص‪ )1990 /‬عن ابن النجار‪ :‬أنه يكون ف أربعي ملدًا‪( ،‬وقيل‪ :‬أقل من ذلك‪،‬‬
‫ولعل الختلف من أجل تفاوت الّنسّاخ)‪ .‬ومتصره ف سبعة‪ ،‬لبن أب َعصْرون اليمن (‪.)585‬‬
‫وقد أخذ الستاذ عبدالعظيم الديب (وهو خبي بالوين) على عاتقه مؤَنةً إخراج هذا الكتاب‪ ،‬وذلك من نو عقدين من الزمان! ولّا‬
‫يظهر إل يومنا هذا!!‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫قال ابن َفهْد ف ((لظ اللاظ))‪(( :196‬قال شيخنا الافظُ برها ُن الدين (أي‪ :‬اللب ‪ :)841‬وحُكيَ‬
‫ل أن الشيخ عز الدين بن عبدالسلم كان يرج إل السجد يوم الربعاء ومعه ((ناية إمام الرمي))‪ ،‬فيمكث‬
‫بالسجد يوم الربعاء ويوم الميس ويوم المعة إل قُبيل الصلة‪ ،‬فينظر ف هذا الوقت ((النهايةَ))‪.‬‬
‫فاسْتَْبعَد هذا بعضُ العلماء‪(( ،‬فقال الشيخ سِراج الدين البُلقين‪ :‬ول استبعد‪ ،‬لن الشيخ عز الدين ل‬
‫شكِل عليه منها شيءٌ‪ ،‬ول يتاج إل أن يتأمّل منها إل شيئًا قليلً‪ ،‬أو ما هذا معناه‪ ))...‬اهـ‪.‬‬
‫يُ ْ‬
‫* ابن البّار (‪* )658‬‬
‫‪ -‬قراءة ((مسلم)) ف ستة أيام‪.‬‬
‫ذكر الذهب ف ((سي أعلم النبلء))‪ 197‬ف ترجة الحدّث العمّر أب ممد عبدال بن ممد الَجْري‬
‫الندلسي ت (‪ )591‬أن الافظ أبا عبدال بن البّار‪ 198‬ت (‪ )658‬قرأ عليه ((صحيحَ مسلم)) ف ستة أيام‪.‬‬
‫* شيخ السلم ابن تيميّة (‪* )728‬‬
‫‪ -‬قراءة ((الغَيْلنيات))‪ 199‬ف ملسٍ واحد‪.‬‬
‫قال تلميذه الافظ ابن عبدالادي (‪ )744‬ف ((متصر طبقات علماء الديث‪- 200‬وهو يُعدّد‬
‫مسموعات ومقروءات شيخه‪(( :-‬وقرأ بنفسه الكثي‪ ،‬ولزم السماع مُ ّدةَ سِني‪ ،‬وقرأ ((الغَيْلنيات)) ف‬
‫ملسٍ)) اهـ‪.‬‬

‫‪( 196‬ص‪.)201 /‬‬


‫‪.)253 /21( 197‬‬
‫‪ 198‬ترجته ف ((عنوان الدراية))‪( :‬ص‪ )309 /‬للغبين‪ ،‬و((السي))‪.)336 /23( :‬‬
‫‪(( 199‬الغيلنيات)) هي تلك الجزاء الحد عشر‪ ،‬السموعة لب طالب ممد بن ممد بن إبراهيم بن َغيْلن (‪ )440‬من حديث أب‬
‫بكر ممد بن عبدال بن إبراهيم الشافعي (‪ )354‬تريج الافظ أب السن الدارقطن (‪ ،)385‬وهي من أجود الحاديث وأعلها‪،‬‬
‫وعدد أحاديثها نو ألف ومئت حديث‪.‬‬
‫وقد طُبعت ((الغيلنيات)) ثلث طبعات متلفة! خِلل سنتي!! أجودها طبعة دار ابن الوزي‪.‬‬
‫‪ ،)282 -281 /4( 200‬و((الامع لسية شيخ السلم))‪( :‬ص‪ )188 /‬لكاتبه بالشتراك مع عُزَير شس‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وقد وصف اب ُن عبدالادي شي َخ السلم ابن تيميّة بصفاتٍ تدل على ما بلغه هذا المام من مبة العلم‬
‫والنكباب على تصيله فقال‪:‬‬
‫((ل تكادُ نفسُه تشبَعُ من العِلم‪ ،‬ول َترْوى من الطالعة‪ ،‬ول تَ َم ّل من ال ْشتِغال‪ ،‬ول تك ّل من‬
‫البحث)) اهـ‪.‬‬
‫وتقدم شيءٌ من خبه‪ ،‬رحم ال الميع رحة واسعة وأسكنهم فسيح جنّاته‪.‬‬
‫* الافظ ا ِلزّي (‪* )742‬‬
‫‪ -‬وهذا الافظ أبو الجاج الِزي يقرأ ((العجم الكبي)) للطبان بضور الافظ البزال ف ستي‬
‫ملسًا‪.201‬‬
‫* الافظ شس الدين الذهب (‪* )748‬‬
‫‪ -‬قراءة ((سية ابن هشام)) ف (‪ )6‬أيام‪.‬‬
‫ذكر المام الذهب عن نفسه‪ :202‬أنه قرأ ((سية ابن هشام)) على أب العال الَبرْقوهي‪ 203‬ف ستةِ أيامٍ‬
‫فقط‪.‬‬
‫* سراج الدين ابن اللقّن (‪* )804‬‬
‫‪ -‬قراءة الجلدين ف الحكام ف يومٍ واحد‪.‬‬
‫وف ((لظ اللاظ)) بعد ‪-‬حكاية العزّ ابن عبدالسلم التقدمة‪ -‬قال البهان اللب‪ :‬فذكرتُ هذه‬
‫الِكاية لشيخنا سراج الدين اب ُن اللقّن‪ ،‬فقال ل عقيب ذلك‪ :‬أنا نظرتُ ملّدين من ((الحكام))‪ 204‬للمحبّ‬
‫الطبي ف يومٍ واحدٍ)) اهـ‪.‬‬
‫* سراج الدين الُبلْقين (‪* )805‬‬
‫‪ -‬قراءة الجلد من كتب الفقه ف يومٍ‪.‬‬

‫‪ 201‬انظر ((معجم ساعات البزال))‪( :‬ق‪232 /‬أ) نسخة الظاهرية بط البزال‪.‬‬


‫‪ 202‬ف ((تاريخ السلم))‪( :‬ق‪ )135 /‬نقلً عن ((الذهب ومنهجه ف تاريخ السلم))‪( :‬ص‪ )94 /‬للدكتور بشار عوّاد‪.‬‬
‫‪ 203‬ترجته ف ((معجم الشيوخ))‪ )37 /1( :‬للذهب‪ ،‬و((أعيان العصر))‪ ،)171 /1( :‬وغيها‪.‬‬
‫‪ 204‬كتاب ف الديث‪ ،‬قال السبكي ف ((طبقاته))‪(( :)19 /8( :‬الكتاب الشهور البسوط‪ ،‬د ّل على فضلٍ كبي)) اهـ‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫قال الافظ ابن حجر العسقلن ف كتابه ((الجْمَع الؤسّس))‪ 205‬نقلً عن البهان اللب أنه قال‪:‬‬
‫سعتُه يقول ‪-‬أي‪ :‬البُلقين‪ -‬ربا طالعتُ الجلّد كاملً ف اليوم الواحد من كتب الفقه‪.‬‬
‫* الافظ زين الدين العِراقي (‪* )806‬‬
‫‪ -‬قراءة ((مسلم)) ف ستةِ مالس‪.‬‬
‫قال الافظ تقي الدين الفاسي ف ((ذيل التقييد))‪(( :206‬وسع ‪-‬أي العراقي‪(( -‬صحي َح مسلم))‬
‫بقراءته‪ 207‬ف سِتة مالس على ممد بن إساعيل بن البّاز بدمشق))‪.‬‬
‫ونوه ف ((لظ اللاظ))‪ 208‬لبن فهد‪ ،‬وزاد‪(( :‬ف ستة مالس متوالية‪ ،‬قرأ ف آخر ملسٍ منها أكثر من ثلث‬
‫الكتاب‪ ،‬وذلك بضور الافظ زين الدين ابن رَجَب‪ ،209‬وهو معارض بنسخته)) اهـ‪.‬‬
‫وابنُ البّاز (‪ )756‬هذا قال الافظ ابن حجر ف ((الدرر الكامنة))‪ 210‬نقلً عن العِراقي قال‪ :‬إنه‬
‫كان مُسْنِد الفاق ف زمانه‪ ،‬وتفرّد برواية مسلم بالسماع التصل‪ ...‬وكان صبورًا على السّماع‪ ،‬يتكسّب‬
‫بالنسج‪ ،‬قال‪ :‬فكنّا نقرأ عليه وهو يعمل ف منله من بُكرةٍ إل العصر‪.‬‬
‫‪ -‬قراءة ((السند)) ف ثلثي ملسًا‪.‬‬
‫جاءَ ‪-‬أيضًا‪ -‬ف ((ذيل التقييد))‪ 211‬أن الافظ العراقي قرأ ((مسند المام أحد)) على ابن البّاز‬
‫‪-‬التقدّم‪ -‬ف ثلثي ِمْيعَادًا‪.‬‬
‫* مد الدين الفيوزآبادي (‪* )817‬‬
‫‪ -‬قراءة ((مسلم)) ف أربعة عشر ملسًا‪.‬‬

‫‪ ،)297 /2( 205‬و((لظ اللاظ))‪( :‬ص‪ )202 /‬متّصِل بب العِزّ بن عبدالسلم السّالف‪.‬‬
‫‪.)170 /1( ،)9 /3( 206‬‬
‫‪ 207‬أي‪ :‬العِراقي نفسه‪.‬‬
‫‪( 208‬ص‪.)223 /‬‬
‫‪ 209‬وكان سِنّ الافظ ابن رجب آنذاك دون العشرين‪ ،‬لنه مولود سنة (‪ ،)736‬وتوف ابن الباز سنة (‪ )756‬فيكون عمر ابن رجب‬
‫حي وفاته عشرين سنة‪ ،‬ول شك أن القراءة كانت قبل ذلك‪.‬‬
‫‪.)384 /3( 210‬‬
‫‪.)170 /1( ،)3/9( 211‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫قال السخاوي ف ((الضوء اللمع))‪ 212‬ف ترجة مد الدين‪(( :‬وقرأ ((مسلمًا)) على البيان بالسجد‬
‫القصى ف أربعة عشر ملسًا))‪.‬‬
‫‪ -‬قراءة ((مسلم)) ف ثلثة أيام‪.‬‬
‫‪215‬‬
‫ذكر السخاوي ف ((الضوء اللمع))‪ ،213‬و((الواهر والدرر))‪ ،214‬وا َلقّري ف ((أزهار الرياض))‬
‫أن الفيوزآبادي قرأ ((صحيح مسلم)) بدمشق بي بابَي الّنصْر وال َفرَج‪ ،‬تُجَاه َنعْل‪ 216‬النب على شيخه ناصر‬
‫الدين أب عبدال ممد بن َج ْهبَل‪ ،217‬ف ثلثة أيامٍ‪ ،‬وقال ذاكرًا ذاك ُمفْتخرًا به‪:‬‬
‫بوفِ دمشقَ الشامِ جوفَ السلمِ‬ ‫ل ((جامعَ مسلمِ))‬
‫قرأتُ بم ِد ا ِ‬
‫بضرةِ ُحفّاظٍ مشاهيَ أعلمِ‬ ‫على ناصرِ الدين المامِ ابنِ َج ْهبَلِ‬
‫‪218‬‬
‫قراءةَ ضبطٍ ف ثلث ِة أيّامِ‬ ‫وتّ بتوفيقِ الل ِه بفضِْلهِ‬
‫وقال ا َلقّري عن هذه القراءة السّريعة مع الضبط‪[(( :‬إنا] من أغرب ما منحَ ال تعال الجدَ مؤلف‬
‫((القاموس))!‪ ...‬فسُبحانَ الانح الذي يؤت فضله من يشاء!))‪.‬‬
‫واعتب السخاوي أن ما وقع لشيخه الافظِ ابن حجر من قراءة ((صحيح مسلم)) ف أربعة أيام سوى‬
‫ملس التم أَجَلّ ما وقع للفيوزآبادي‪ .‬وسيأت استيفاء ذلك عند الكلم على الافظ ابن حجر ومقروءاته‪.‬‬
‫* الافظ ابن َحجَر العسقلن (‪* )852‬‬
‫وما وقع للحافظ ‪-‬رحه ال‪ -‬من ذلك عجيب! وهو يدلّ على هة عاليه‪ ،‬و َجلَد غي معهود‪ ،‬وتفرّغ‬
‫تام‪ ،‬يف ذلك تيسي إلي‪ ،‬وتوفيق ربّان‪.‬‬
‫‪.)80 /10( 212‬‬
‫‪.)80 /10( 213‬‬
‫‪.)104 -103 /1( 214‬‬
‫‪.)48 /3( 215‬‬
‫صفَة النعل النبوية‪ ،‬وأنشأ قصيدة فيه حي شاهدها‪،‬‬
‫‪ 216‬ترّفت ف ((أزهار الرياض)) إل‪َ(( :‬بغْل))! ولب اليُمن بن عساكر جُزء ف ِ‬
‫انظر‪(( :‬مِلْ ال َعيْبة))‪ )219 -218 /5( :‬لبن رُشيد‪ ،‬و((فتح التعال ف صفة النّعال)) للمقّري‪ ،‬و((التبّك))‪( :‬ص‪)352 /‬‬
‫للجديع ف ثبوت النعل ونوها‪.‬‬
‫‪ 217‬التوف سنة (‪ ،)764‬له ترجة ف ((ذيل التقييد))‪ ،)177 /1( :‬و((الدرر الكامنة))‪ .)392 /3( :‬وترّفت ((ابن َجهْبل)) ف‬
‫((الواهر والدرر)) إل‪(( :‬ابن جهيل)) ‪-‬بالياء‪.-‬‬
‫‪ 218‬هذه البيات الثلثة جعلها مقّقو ((الواهر ‪ -‬بطبعتيه))نثرًا‪ ،‬ول يتفطنوا لكونا شِعرًا!! وهي مالفة لا هنا ف بعض العبارات‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وقد وصف تقيّ الدين الفاسي ‪-‬صاحبُ ابنِ حجر ورفيقه‪ -‬قراءَتَه بأنا سريعة‪ ،219‬وكذا وصفها‬
‫السخاوي بالسرعة والُسْن‪ ،220‬وشبّهها بقراءة الطيب‪.‬‬
‫‪ -‬قراءة ((السند)) ف ثلثةٍ وخسي ملسًا‪.‬‬
‫قال الافظ ف كتابه‪(( :‬الَجْمَع الؤسّس لل ُمعْجم ا ُل َف ْهرِس))‪ 221‬ف ترجة شيخه عبدِال بن عمر بن‬
‫علي الندي أبَ العال ت (‪(( :)807‬وكان صبورًا على إساع الديث‪ ،‬ل يل ول ينعس ول يتضجّر‪...222‬‬
‫قرأت عليه ((مُسْند أحد)) جيعه بزياداته‪ ...223‬وكَمُلت قراءت عليه للمسند كله ف ثلث ٍة وخسي ملسًا))‬
‫اهـ‪.‬‬
‫وقال ف ((إنباء الغمر))‪(( :224‬قرأتُ عليه ((مسند أحد)) ف مدةٍ يسية ف مالسَ طوال‪ ،‬وكان ل‬
‫يضجر‪ ...‬وف الملة‪ ،‬ل يكن ف شيوخ الرواية من شيوخنا أحسن أدا ًء ول أصْغَى للحديث منه)) اهـ‪.‬‬
‫‪ -‬قراءة ((البخاري)) ف عشرة مالس‪.‬‬
‫قال السخاوي ف ((الواهر والدرر))‪(( :225‬ومن الكتب الكِبار الت قرأها ف مدةٍ لطيفة‪(( :‬صحيح‬
‫البخاري))‪ ،‬ح ّدثَ به الماعةَ من لفظه بالانِقاه البيبسية ف عشرة مالس‪ ،‬كل ملسٍ منها أربع ساعات))‬
‫اهـ‪.‬‬
‫وذلك بعد سنة (‪.)820‬‬

‫‪(( 219‬ذيل التقييد))‪ ،)119 /2( :‬ووقعت هذه اللفظة ((سريع)) ف ((عُنوان الزّمان ف تراجم الشيوخ والقران))‪( :‬ق‪ 23 /‬أ‪-‬‬
‫كوبريلي) للبقاعي‪(( :‬بديع القراءة))‪ ،‬وهو ينقل عن الفاسيّ‪ ،‬فل أظن ذلك إل تصحيفًا‪.‬‬
‫‪(( 220‬الواهر والدرر))‪.)105 -103 /1( :‬‬
‫‪.)32 ،27 /2( 221‬‬
‫‪ 222‬ذكر الافظ ف ترجته أنه مرض مرة‪ ،‬قال‪ :‬فصعدنا إل غرفته عائدين‪ ،‬فأذنَ لنا ف القراءة‪ ،‬فقرأتُ عليه من ((السند)) فمرّ ف الال‬
‫حديث أب سعيد ‪-‬رضي ال عنه_ ف رُقية جبيل‪ ،‬فوضعتُ يدي عليه ف حالِ القراءةِ ونويتُ رُقيته‪ ،‬فاتفقَ أنه ُشفِي‪ ،‬حت نزلَ إلينا ف‬
‫اليعاد الثان ُمعَاف)) اهـ‪(( .‬الجمع))‪.)28 /2( :‬‬
‫أقول‪ :‬فتامّل ‪-‬رحك ال‪ -‬ف احتمال الشيخ وتّلدِه‪ ،‬وحِرص التلميذ وفِطْنته‪ ،‬وتوفيق ال وعنايته‪.‬‬
‫‪ 223‬أي‪ :‬زيادات ابنه عبدال‪ ،‬وقد طبعت مستقلة عن ((السند)) ف ملد‪.‬‬
‫‪.)241 /5( 224‬‬
‫‪.)104 /1( 225‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫ث سأل السخاويّ شيخَه‪ :‬هل وقع له استيفاء يومٍ كاملٍ ف القراءة‪ ،‬كما وقع للخطيب؟ فقال‪ :‬ل‪،‬‬
‫ولكن قراءت ((الصحيح)) ف عشرة مالس‪ ،‬لو كانت متوالية لَنقَصت عن هذه اليام‪ ،‬ولكن أين الثّريا من‬
‫ب ‪-‬رحه ال‪ -‬قراءته ف غاية من الصحة والودة والفادة وإبلغ السامعي‪ .‬انتهى كلم‬
‫الثّرى؟! فإن الطي َ‬
‫الافظ‪.‬‬
‫ضعًا‪ ،‬وإل فقراءته ‪-‬أيضًا‪-‬‬
‫قال السخاوي‪ :‬إنا استدر َك ‪-‬رحه ال‪َ -‬جرْيًا على عادتنا ف التأدّب وتوا ُ‬
‫كانت كذلك‪ ،‬وهكذا كان دأبه‪ :‬هضْم نفسِه على جاري عادة أهل العلمِ والدين‪.226‬‬
‫‪ -‬قراءة ((مسلم)) ف خسة مالس‪.‬‬
‫قال الافظ ف ((الجمع الؤسّس))‪ 227‬ف ترجة ممد بن ممد ابن عبداللطيف بن ال ُك َويْك ت (‪82‬‬
‫‪(( :)1‬وقرأتُ عليه ((صحيح مسلم)) ف خسة مالس)) اهـ‪.‬‬
‫وقال ف ((إنباء الغمر))‪(( :228‬وقرأتُ عليه كثيًا من الرويّات بالجازة والسماع‪ ،‬من ذلك ((صحيح مسلم))‬
‫لتْم)) اهـ‪.‬‬
‫ف أربعة مالس سِوى ملس ا َ‬
‫وَفصّل السخاوي صِفة القراءة ووقتها فقال‪ :229‬وقرأ ((صحيح مسلم))‪ ...‬ف أربعة مالس سِوى‬
‫لتْم‪ ،230‬وذلك ف نو يومَيْن وشيء‪ ،‬فإنه كان اللوس من بُكْرة النهار إل الظهر‪ ،))...‬وكان سنة (‪8‬‬
‫ملس ا َ‬
‫‪.)13‬‬
‫وعلى هذا الِسَاب اعتب السخاوي أن ما وقع لشيخه ابن حجر أجلّ ما وقع للفيوزآبادي من قراءة‬
‫((صحيح مسلم)) ف ثلثة أيام على ابن َجهْبَل‪.231‬‬

‫‪ 226‬ث ذكر حادثة تدلّ على ما ذكر‪ ،‬فلتراجع‪.‬‬


‫‪ ،)478 /2( 227‬وانظر‪(( :‬ذيل التقييد))‪ ،)119 /2( :‬و((عنوان الزمان))‪( :‬ق‪ 23 /‬أ‪ -‬كوبريلي) للبقاعي‪.‬‬
‫‪.)342 /7( 228‬‬
‫‪(( 229‬الواهر والدرر))‪.)103 /1( :‬‬
‫‪ 230‬لطيفة‪ :‬ذكر السخاوي ‪-‬ف الكتاب التقدّم‪ -‬لطيفةً وقعت يوم التم ‪-‬ملخّصها‪ :-‬أن الضابط للقراءة التمس من الافظ ابن حجر‬
‫‪-‬وهو القارىء‪ -‬أن ُيعِيد بعض القراءة من أول الكتاب (لعله ِلفَوْت وقع لبعضهم) فأجابه وشرع ف القراءة‪ .‬فكلما رام الوقوف‪ ،‬يقول‬
‫له الضابط‪ :‬وأيضًا‪ ...‬وهو يقرأ ‪-‬وقد تعب‪ -‬إل أن مرّ بقوله ف الديث‪(( :‬وال ل أزيد على هذا ول أنقص))‪ ،‬فاهتبلها وأغلق‬
‫الكتاب وأقسم ‪-‬أيضًا‪ -‬أل يزيد على هذا ول ينقص‪.‬‬
‫‪ 231‬انظر ما تقدم ص‪.79 -78 /‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫‪ -‬قراءة ((السنن الكبى)) للنسائي ف عشرة مالس‪.‬‬


‫شرَف (ابن ال ُكوَيك) الذكور ف‬
‫قال السخاوي ف ((الواهر))‪(( :232‬وكذا قرأ كتاب النسائي الكبي على ال ّ‬
‫عشرة مالس‪ ،‬كلّ ملسٍ منها نو أربع ساعات‪ ،‬وسعه بقراءته الفضلء والئمة‪ ...‬وانتهى ف يومِ عاشوراء‬
‫سنة أربع عشرة وثان مئة)) اهـ‪.‬‬
‫‪ -‬قراءة ((السنن)) لبن ماجه ف أربعة مالس‪.‬‬
‫قال السخاوي ف ((الوهر))‪- 233‬أيضًا‪[(( :-‬و] قد قرأ ((السنن)) لبن ماجه ف أربعة مالس))‬
‫اهـ‪.‬‬
‫‪ -‬قراءة ((العجم الصغي)) للطبان ف ملس واحد‪.‬‬
‫قال الافظ ف ((الجمع الؤسّس))‪ 234‬ف ترجة عمر بن ممد ابن أحد البالِسِي ث الصالي ت (‪80‬‬
‫ت عليه ((العجم الصغي)) للطبان‪ ،‬قرأته عليه ف ملسٍ واحدٍ بي الظهر‬
‫ت عليه الكثي‪ ...‬فمما قرأ ُ‬
‫‪(( :)3‬قرأ ُ‬
‫والعصر)) اهـ‪.‬‬
‫وعدّ السخاويّ‪ 235‬وابنُ فهدٍ هذه القراءة أسرعَ شيءٍ وقع للحافظ اب ِن حجر‪ ،‬ذلك أن هذا الكتاب‬
‫يشتمل على نوٍ من ألف وخس مئة حديث‪ ،‬لنه ‪-‬أي الطبان‪ -‬خرّج فيه عن ألف شيخٍ‪ ،‬عن كل شيخٍ‬
‫حديثًا أو حديثي‪.236‬‬

‫‪.)104 /1( 232‬‬


‫‪.)103 /1( 233‬‬
‫‪ ،)324 /2( 234‬وانظر‪(( :‬ذيل التقييد))‪ ،)119 /2( :‬و((لظ اللاظ))‪( :‬ص‪.)336 /‬‬
‫‪(( 235‬الواهر والدرر))‪.)104 /1( :‬‬
‫‪ 236‬إل أن هذه النحة اللية ل َت ُرقْ لزاهد الكوثري ت (‪ ،)1371‬فعدّها منةً وذمّا! ول يكتفِ بذلك‪ ،‬بل اتذها سبيلً للقدح ف علوم‬
‫الافظ ابن حجر ‪-‬رحه ال‪ !!-‬وهذا من فَرْط تعصّبه‪.‬‬
‫سدًا وُبغْضًا‪ :‬إنّه َلذَميمُ‬
‫َح َ‬ ‫كضَرائِرِ السناءِ ُقلْنَ لوجهِها‬
‫فلو كان القارىء أو القروء له تعلّق بذهبِ أب حنيفة ‪-‬رحه ال‪ ،-‬لعدّه من الكرامات الت ُيَتبَجّحُ با ف الحافل والكتب!!‪.‬‬
‫ول يستغرب هذا الطعن عليه ‪-‬أيضًا‪ ،-‬لنه طعن عليه با هو أعظم من هذا‪ ،‬بل با تقشع ّر منه جلود الؤمني!! عامله ال با يستحق‪.‬‬
‫أنْ رَمَى فيه َسفِيهٌ بجر‬ ‫ل يضر البحر أمسى زاخرًا‬
‫وانظر ما أجاب به الستاذ عبدالستار الشيخ بصوص هذه القضية ف كتابه‪ :‬الافظ ابن حجر العسقلن أمي الؤمني ف الديث))‪:‬‬
‫(ص‪ 290 -289 /‬الاشية)‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وكانت هذه القراءة ف رحلته الشامية‪.‬‬


‫‪ -‬قراءة ألف جزءٍ حديثي‪ ،‬وكتابة (‪ )10‬ملدات ف مئة يوم‪.‬‬
‫قال البهان البِقاعي ف ((عنوان الزمان ف تراجم الشيوخ والقران))‪(( 237‬سعتُ شيخَنا صاحبَ‬
‫الترجة (أي‪ :‬الافظ ابن حجر) غ َي مرّة يقول‪ :‬إنه أقام ف دمشق إذ ذاك (أي‪ :‬ف رحلته الشامية)‪ 238‬مئة يوم‪،‬‬
‫ف جزءٍ‪ 239‬حديثي‪ ،‬لو ُجلّدت لكانت تقارب مئة ملد‪ ،‬وكتب فيها عشر ملدات‪ ،‬منها‪:‬‬
‫فسمعَ با نو أل َ‬
‫[أطراف]‪ 240‬الختارة))‪.‬‬
‫قلت (البقاعي)‪ :‬هذا مع قضاءِ أشغاله‪ ،‬والتنقّل ف أحواله‪ .‬وكتاب ٍة بيّنة وتطبيق‪ 241‬ما طبقه من‬
‫الجزاء‪ ،‬وهذه كرامة ل شكّ فيها‪ ،‬فال تعال ينفعنا به آمي)) اهـ‪.‬‬
‫وذكر السخاوي ف ((الواهر والدرر))‪ 242‬خبَ هذه الرّحلة‪ ،‬وما وقعَ له فيها من قراءةٍ للكتب ف‬
‫أقصرِ مدّة‪ ،‬ث قال‪(( :‬فمن هذه الكتب ما يكون ملّدةً ضخمة‪ ،‬ومنها ما يكون ملّدة لطيفة‪ ،‬فتكون نو‬
‫الثلثي ملدًا ضخمة‪ ،‬تكون نو أربع مئة وخسي جزءًا حديثيّة‪ ،‬خارجًا عن الجزاء الديثية‪ ،‬وهي تزيد على‬
‫هذا القَدْر‪.‬‬

‫ولقد أتعبَ هذا الرجلُ العلماءَ بتتبّع ما ِزيْه‪ ،‬ونقض شبهاته ومبا ِغيْه‪ ،‬فجزاهم ال عن السلم خيًا‪ ،‬وأ ْربَى هذه الكتب‪(( :‬كتاب‬
‫التنكيل)) للعلمة عبدالرحن بن يي العلمي اليمان ت (‪- )1386‬رحه ال‪ ،-‬فما هو إل أن رأى ((طليعته)) حت شَ ِرقَ به‪.‬‬
‫* فخرّ صَريعًا لليدين ولل َفمِ *‬
‫فكيف لو رآه بكامله؟! ولقد رآه أتباعُه من َبعْده‪ ،‬فما حاروا جوابًا!!‪.‬‬
‫‪( 237‬ق‪ 20 /‬أ‪ -‬كوبريلي)‪.‬‬
‫‪ 238‬كان دخوله الشام ف (‪ /21‬رمضان‪ )802 /‬وخروجه منها ف‪ /1( :‬مرم‪ )803 /‬فكانت مدة إقامته با مئة يوم‪ .‬ووقع ف‬
‫((الواهر)) ف تاريخ دخوله الشام‪(( :‬حادي عشر))! وهو خطأ صوابه‪(( :‬حادي ِعشْري)) فلو صح ما هو مثبت‪ ،‬لكانت ُمدّة بقائه با‬
‫مئة يوم وعشرة أيام‪ ،‬وهذا خلف النصوص عليه‪.‬‬
‫‪ 239‬قال الذهب ف ((السي))‪(( :)558 /20( :‬والزء عشرون ورقة)) اهـ‪ .‬وقد يكون أقل أو أكثر‪ ،‬وانظر‪(( :‬توثيقُ النصوصِ‬
‫وضبطُها))‪( :‬ص‪.)229 /‬‬
‫‪ 240‬ترّفت ف النسخة الطية إل‪(( :‬بطريق))‍! و((الختارة)) لضياء الدين القدسي ت (‪ .)643‬وهذا الكتاب الذي ألفه الافظ غَرِق‬
‫مع ما غَرِق من كتبه الت بطه ف رحلته الثانية إل اليمن سنة (‪ ،)806‬وكان ما غرق فيها‪(( :‬أطرف الزي)) و((أطراف مسند‬
‫أحد))‪ ،‬و((أطراف الختارة))‪ ،‬وترتيب مسندي عبد بن حيد والطيالسي‪ .‬انظر‪(( :‬الواهر والدرر))‪.)90 /1( :‬‬
‫‪ 241‬لعل القصود‪ :‬كتابة الطِباق‪.‬‬
‫‪.)102 -101 /1( 242‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫هذا وقد علّق ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬ف غضون هذه الدة بطه‪ ،‬من الجزاء الديثية‪ ،‬والفوائد النثرية‪،‬‬
‫والسماعات الت يُلحقها ف تصانيفه‪ ،‬ونوها‪ :‬ثان ملدات فأكثر‪ ،‬وأطراف كتاب ((الختارة)) للحافظ ضياء‬
‫الدين ممد بن عبدالواحد القدسي ف ملد ضخمٍ‪ ،‬لو ل يكن له عَمَلٌ ف طول هذه الدّة إل هي‪ ،‬لكانت‬
‫كافية ف جللته)) اهـ‪.‬‬
‫* الافظ الدّيَمِي (‪* )908‬‬
‫‪ -‬قراءة ((البخاري)) ف أربعة أيّام‪.‬‬
‫قال السخاويّ ف ((الضوء اللمع))‪ 243‬ف ترجة عثمان بن ممد أب عَمْرو الدّيَمِ ّي الشافعي ت (‪90‬‬
‫‪ )8‬لا عدّد مقروءاته ف رحلته الدنيّة‪(( :‬وقرأ وهو هناك ((الصحيح))‪ 244‬بتمامِه ف الروضة الشريفة ف أربعة‬
‫أيامٍ)) اهـ‪.‬‬
‫* العلّمة القَسْطَلّن (‪* )923‬‬
‫‪ -‬قراءة ((البخاري)) ف خسة مالس‪.‬‬
‫قال السخاوي ف ((الضوء اللمع))‪ 245‬ف ترجة أحد بن ممد بن أب بكر القسطلن صاحب‪:‬‬
‫((إرشاد الساري)) ت (‪ )923‬عند َتعْداد مقروءاته‪(( :‬وقرأ ((الصحيح)) بتمامه ف خسةِ مالس على‬
‫النّشاوي)) اهـ‪.‬‬
‫* إبراهيم البِقاعي النبلي (‪* )935‬‬
‫‪ -‬قراءة ((البخاري)) ف ستة أيام و((مسلم)) ف خسة‪.‬‬

‫ي علّق على هذا بقوله‪(( :‬وما َحمِدت منه هذا))!‪.‬‬ ‫‪ ،)141 /5( 243‬إل أن السخاو ّ‬
‫أقول‪ :‬ل يُفصِح عن السبب! ولعله ِلمَا بينهما من النافسة‪ ،‬ومن شعر السيوطي الشهور قوله‪:‬‬
‫قل للسخاوي إن َتعْرو َك ُمشْكلةٌ‬
‫والافظ ال ّدَيمِي غيثُ الزمانِعلمي كبح ٍر مِنَ المواجِ مُ ْلتَطمِ‬
‫فخذ غرفًا من البحرِ أو رشفًا من ال ّديَمِ‬
‫‪ 244‬أي‪ :‬للبخاري‪ ،‬وهو الراد إذا ُأطْلِق‪.‬‬
‫‪ ،)103 /2( 245‬وانظر‪(( :‬البدر الطالع))‪.)102 /1( :‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫ذكر النجم ال َغزّي ف ((الكواكب السائرة ف أعيان الئة العاشرة))‪ 246‬ف ترجة إبراهيم البقاعي أنه قرأ‬
‫على والده (البدر الغزي) البخاريّ كلملً ف ستة أيام‪ ،‬سنة (‪ ،)930‬و((صحيح مسلم)) كاملً ف سنة‬
‫إحدى وثلثي ف خسة أيا ٍم متفرّقة ‪-‬ف عشرين يومًا‪.-‬‬
‫* وف ترجة الشيخ ابن باز السمّاة بـ ((الناز)) أن أحد الطلبة قرأ على الشيخ ((سنن النسائي)) ف‬
‫سبعة وعشرين ملسًا‪.‬‬
‫***‬
‫إل هنا وأقول‪ :‬لعلّي قد أطلتُ فأمْلَ ْلتُ‪ ،‬وما زال ف ال ِوفَاظ الكثيُ والكثيُ‪ ،‬لكن فيما تقدم كفاية لن‬
‫ألقى السمع وهو شهيد‪ ،‬والكثار ل ينفع العيون العُمي ول الذان الصّمّ ول القلوب الغُلْف!!‪.‬‬
‫لكن لبدّ ل هنا من الشارة إل كتابي اثني‪ 247‬فيهما َخَبرُ ما ل أذكره هنا ما وقع للعلماء من ذلك‪.‬‬
‫الول‪ :‬كتاب ((ِف ْهرِس الفهارس والثبات ومعجم العاجم والشيخات والسلسلت)) للعلمة‬
‫عبدالي بن عبدالكبي الكتان ت (‪ )1049 -1043 /2( :)1382‬فقد ذكر من تلك الخبار عددًا صالًا‬
‫(منه ما ذكرته ومنه ما ل أذكره) ث قال ف خاتة بثه‪:‬‬
‫((وجامع هذه الشّذْرة ممد عبدالي الكتان‪ ،‬قرأ ((صحيح البخاري)) تدريسًا بعنة القرويي وغرها‬
‫قراءةَ تقيق وتدقيق ف نو خسي ملسًا‪ ،‬ل يدع شا ّذةً ول فا ّذةً تتعلّق بأبوابه ومل الشاهد منها إل أتى‬
‫عليها‪ ،‬مع غي ذلك من اللطائف الستجادة‪ ،‬ولعلّه أغرب وأعجب من كلّ ما سبق!! وال خالق ال ُقوَى‬
‫والقدر!)) اهـ‪.‬‬
‫الثان‪ :‬كتاب ((ذيل التقييد لرواة السنن والسانيد)) للحافظ تقي الدين الفاسي ت (‪ )832‬وهذه‬
‫مواضعها‪،69 ،48 /3( ،)269 ،226 ،134 ،73 ،68 /2( ،)308 ،225 ،221 ،156 /1( :‬‬
‫‪.)329 ،283 ،244 ،182‬‬

‫‪ ،)76 /2( 246‬وانظر‪(( :‬شذرات الذهب))‪.)206 -205 /8( :‬‬


‫‪ 247‬ومباحث متفرقة ف بعض الكتب‪ ،‬مثل‪(( :‬معجم الصدف))‪( :‬ص‪ ،)241 ،190 ،54 /‬و((الفضل البي))‪( :‬ص‪،)213 -211 /‬‬
‫و((قواعد التحديث))‪( :‬ص‪ )263 -262 /‬كلها للقاسي‪ ،‬و((خلصة الثر))‪.)73 -72 /1( :‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫الفصل الرابع‬
‫ف تَكْرار قراءة الكتاب الواحد الرات الكثية‬
‫تدثنا ف ما مضى عن شغف العلماء بالكتب‪ ،‬وملزمتهم لقراءتا وإقرائها ليلهم مع نارهم‪ ،‬ف حلهم‬
‫وترحالم‪ ،‬وهذه صورة أخرى من صور الشغف والتعلّق بالكتب‪ ،‬وهي النكباب والعكوف على قراءة كتبٍ‬
‫بعينها‪ ،‬فما إن ينتهي من استيفاء الكتاب قراءةً‪ ،‬حت يبدأ فيه من جديد‪ ،‬فيقرؤه م ّرةً بعد مرّة‪ ،‬فهو كالالّ‬
‫ا ُلرْتَحِل‪.‬‬
‫وغَنِيّ عن الذكر كم هو ثقيل على النفس أن يُعيدَ الرءُ كتابًا قرأه مرة واحدة! فكيف بقراءته‬
‫مرّات!!‪.‬‬
‫ولذلك كان من وصايا الشيوخ‪ :248‬أنك إذا قرَأت كتابًا فل تفكر ف العودة إليه مرةً أُخرى‪ ،‬لن‬
‫هذه الشعور سيؤدّي بك إل التفريط ف فوائد كثية‪ ،‬أملً ف استيفائها ف القراءة الثانية‪.‬‬
‫وعلى كل حال‪ ،‬فالسألة تعوّد‪ ،‬فمن تع ّودَ قراءةَ الكتاب الواحد مراتٍ‪ ،‬فَبِها‪ ،‬ومن ل‪ ،‬فليستوف‬
‫غرضَه من الكتاب ف أول مرة‪ ،‬مع أن ُمعَاودة مطالعة الكتاب الواحد مرّات ‪-‬خاصة مع تباعد وقت القراءة‪-‬‬
‫ُيوْقفك على مسائل وفوائد ل تكن لتقف عليها ف أوّل قراءتك‪ ،‬وذلك لتوسع مداركك وزيادة فهمك‪ ،‬وهذا‬
‫أمر مرّب‪ ،‬وسيأتيك خب الزن مع ((الرسالة)) للشافعي‪.‬‬
‫ب واحدٍ ثلث مرات أنفع من قراءة ثلثة كتب ف الوضوع نفسه‪.‬‬
‫وقد قيل‪ :249‬إن قراءة كتا ٍ‬
‫ب معيّنة وأُولعوا با‪ ،‬حت استظهرها‬
‫فهذا ذكر ما وقع لنا خبه من العلماء الذين عكفوا على قراءة كت ٍ‬
‫بعضهم أو كاد‪ ،‬فمع ذلك أصبحت سيهم وهجّياهم ل يُفارقون قراءتا‪.‬‬
‫* قراءة ((الرسالة)) للشافعي (‪ )50‬سنة‪.‬‬

‫‪248‬‬
‫هذه وصيّة الشيخ العلمة ممد بن عثمان النبلي ت (‪ )1308‬لتلميذه العلمة عبدالقادر بن بدران‪ ،‬ذكرها ف آخر‬
‫كتابه ((الدخل إل مذهب المام أحد بن حنبل))‪( :‬ص‪.)488 /‬‬
‫‪249‬‬
‫تُنسَب للعقاد‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫ذكر اب ُن السّبكي ف ((طبقات الشافعية الكبى))‪ 250‬ف ترجة الربيع ابن سليمان الزن صاحب‬
‫الشافعي (‪ )264‬قال‪ (( :‬قال الناطي‪ :‬قال ا ُلزَن‪ :‬أنا انظر ف كتاب ((الرسالة)) منذ خسي سنة‪ ،‬ما أعلم‬
‫أن نظرتُ فيه م ّرةً إل وأنا أستفيد شيئًا ل أكن عرفته )) اهـ‪.‬‬
‫* قراءة البخاري (‪ )700‬مرة‪.‬‬
‫جاء ف ترجة المام غالب بن عبدالرحن بن غالب بن تام ابن عَطيّة الحارب ت (‪ )518‬من‬
‫كتاب ((الغُنية))‪ 251‬للقاضي عياض‪ ،‬و((الصلة))‪ 252‬لبن بشكُوال قال‪(( :‬قرأتُ بط بعض أصحابنا أنه سع‬
‫أبا بكر بن عطية يذكر أنه كرّر ((صحيح البخاري)) سبع مئة مرّة)) اهـ‪.‬‬
‫* قراءة البخاري (‪ )150‬مرّة‪.‬‬
‫وف ((إنباء الغمر))‪ 253‬ف ترجة سليمان بن إبراهيم بن عمر نفيس الدين العلوي اليمن ت (‪)825‬‬
‫ع ومُقابلة‪))...‬‬
‫قال‪(( :‬فذكر ل أنه مَرّ على ((صحيح البخاري)) مئة وخسي مرة ما بي قراءة وساعٍ وإسا ٍ‬
‫اهـ‪.‬‬
‫وجاء ف ((فهرس الفهارس))‪ 254‬نقلً عن ((طبقات الواص)) للشرجي أنه أتى على الصحيح (‪38‬‬
‫‪ )0‬مرة‪ ،‬قراءة وإقراء وإساعًا‪.‬‬
‫وجاء ف ((البدر الطالع))‪ 255‬أنه قرأ البخاري أكثر من خسي مرة‪ .‬فالظاهر أن الشوكان ل يعد‬
‫السماع والساع والقابلة‪.‬‬
‫* قرأ البخاري أكثر من (‪ )40‬مرة‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫(‪.)99 /2‬‬
‫‪251‬‬
‫(ص‪.)255 /‬‬
‫‪252‬‬
‫(‪ ،)433 /2‬والنص منه‪.‬‬
‫‪253‬‬
‫(‪ ،)474 /7‬و((الجمع الؤسس))‪.)116 /3( :‬‬
‫‪254‬‬
‫(‪.)1044 /2‬‬
‫‪255‬‬
‫(‪.)265 /1‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وف ترجة أحد بن عثمان بن ممد بن الكُلُوتات ت (‪ )835‬من ((الجمع الؤسّس))‪ 256‬قال‪(( :‬ث‬
‫حُّببَ إليه طلب الديث‪ ،‬فابتدأ ف القراءة من سنة تسع وسبعي (وسبع مئة) وهلُمّ جرّا ما فََت َر ولوَنَا‪ ،‬فلعله‬
‫قرأ ((البخاري)) أكثر من أربعي مرّة))‪.‬‬
‫ي أكثر من (‪ )100‬مرة‪.‬‬
‫* قرأ البخار ّ‬
‫وف ترجة أب بكر بن ممد بن عبدال بن مقبل القاهري النفي العروف بالتّاجر ت (‪ )805‬من‬
‫((الضوء اللمع))‪(( :257‬قال البهان اللب ‪-‬تلميذه‪ :-‬أنه أخبه أنه قرأ ((صحيح البخاري)) إل سنة ثاني‬
‫‪-‬أي وسبع مئة‪ -‬خسًا وتسعي مرة‪ ،‬وقرأه بعد ذلك مرارًا كثيًا)) اهـ‪.‬‬
‫* قرأ البخاري على ‪ 30‬شيخًا‪.‬‬
‫ففي (( ُدرّة الجال))‪ 258‬لبن القاضي الكناسي‪ ،‬ف ترجة عثمان ابن ممد بن عثمان التو ْزرَي ت (‪7‬‬
‫‪ )13‬أنه قرأ البخاري على أزيد من ثلثي رجلً من أصحاب البوصيي‪.‬‬
‫* قرأ البخاري على شيخ واحد أكثر من (‪ )20‬مرة‪.‬‬
‫وف ((إنباء الغمر))‪ 259‬ف ترجة أسعد بن ممد بن ممود الشيازي ت (‪ )803‬أنه قرأ ((صحيح‬
‫البخاري)) على شس الدين الكرمان أكثر من عشرين مرّة‪.‬‬
‫* قرأ البخاري أكثر من (‪ ،)60‬ومسلم أكثر من (‪.)20‬‬
‫وف ترجة البهان اللب ت (‪ )840‬من ((الضوء اللمع))‪ :260‬أنه قرأ البخاريّ أكثر من ستي‬
‫مرة‪ ،‬ومسلمًا نو العشرين‪ ،‬سوى قراءته لما ف الطلب‪ ،‬أو قراءتما من غيه عليه‪.‬‬
‫* قرأ ((البخاري)) أكثر من (‪ )50‬مرة‪.‬‬

‫‪256‬‬
‫(‪.)51 /3‬‬
‫‪257‬‬
‫(‪.)79 /11‬‬
‫‪258‬‬
‫(‪.)209 /3‬‬
‫‪259‬‬
‫(‪.)263 /4‬‬
‫‪260‬‬
‫(‪.)141 /1‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫قال الكتان ف ((فهرس الفهارس))‪(( :261‬وجدت ف ثَبَت الشهاب أحد بن قاسم البون‪ :‬رأيتُ خطّ‬
‫الفيوزآبادي ف آخر جز ٍء من صحيح المام البخاري قال‪ :‬إنه قرأ صحيح البخاري أزي َد من خسي مرّة))‬
‫اهـ‪.‬‬
‫* قرأ ((الهذب)) أكثر من (‪ )40‬مرة‪.‬‬
‫ذكر عمر بن سَمُرة العدي ف ((طبقات فقهاء اليمن))‪ 262‬ف ترجة المام الفقيه يي بن أب الي‬
‫العِمْران ت (‪ )558‬أنه قال عن نفسِه‪(( :‬إنه ل يُعلّق ((الزوائد على الهذب)) إل بعد أن حفظه غيبًا على‬
‫المام عبدال بن أحد الَمْدان‪ ،‬ث أعاده ف أُحاظه (قرية باليمن)‪ ،‬ث طالعه بعد ذلك كلّه قبل التصنيف أربعي‬
‫مرة أو أكثر‪.‬‬
‫وكان ‪-‬رحه ال‪ -‬يُطالع الزءَ من تزئة أح ٍد وأربعي من ((الهذّب)) ف اليوم والليلة أربع عشرة‬
‫مرة‪ ،‬لكلّ فص ٍل منه)) اهـ‪.‬‬
‫* قراءة معجم الُدباء (‪ )8‬مرات‪.‬‬
‫قال الشيخ العلمة عبدالعزيز اليمن الراجكوت ت (‪ )1398‬عن نفسه‪(( :‬قرأتُ ((معجم الدباء))‬
‫‪-‬لياقوت‪ -‬على القل سبع أو ثان مرّات‪ ،‬وأُفضّله على كتاب ((وَفَيات العيان))‪ 263‬اهـ‪.‬‬
‫* قرأ ((التوضيح)) (‪ )70‬مرة‪ ،‬و((شرح ابن ا ُلصَنّف)) أكثر من (‪ )30‬مرة‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫(‪.)1046 /2‬‬
‫‪262‬‬
‫(ص‪.)178 /‬‬
‫ولل ِعمْران طريقة ف التدريس جديرة بالنظر والتأمّل انظرها ف الصدر السابق‪.‬‬
‫‪263‬‬
‫((ملة الجمع العلمي الندي))‪.)355 /10( :‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وف ((الضوء اللمع))‪ 264‬ف ترجة إبراهيم بن حجّاج بن مرز ابن مالك أبو إسحاق البناسي ت (‪8‬‬
‫‪ )36‬قال السخاوي‪(( :‬وحُكي أنه قرأ ((التوضيح))‪ 265‬أكثر من سبعي مرة‪ ،‬وابن الصنّف‪ 266‬ما ينيف‬
‫على الثلثي))‪.‬‬
‫* قرأ ((الدوّنة)) (‪ )1000‬مرة‪.‬‬
‫تقدّم‪ 267‬خبُ ابن التبّان‪ ،‬وكيف جلده وصبه على القراءة والطلب‪ ،‬وقول القاضي عياض‪(( :‬وكان‬
‫كثي الدرس‪ ،‬ذكر أنه َد َرسَ كتابًا ألف مرة)) ‪-‬يعن‪ :‬الدوّنة‪.-‬‬
‫* كان يدرس الكتاب ألف مرة‪.‬‬
‫ذكر أبو ال َعرَب التميمي ف ((طبقات علماء إفريقية وتونس))‪ 268‬ف ترجة عباس بن الوليد الفارسي‬
‫ف مرة‪.‬‬
‫ت (‪ )218‬أنه وُجد ف آخر بعض كتبه‪َ :‬درَسْتُه أل َ‬
‫* قراءة عد ٍد من الكتب مرات عديدة‪.‬‬
‫ذكر القاضي عياض ف ((ترتيب الدارك))‪ 269‬ف ترجة المام أب بكر البري ت (‪ )375‬أنه قال‬
‫عن نفسِه‪(( :‬قرأتُ متصر ابن عبدالكم خس مئة مرة‪ ،‬والسدية خسًا وسبعي مرة‪ ،‬والوطأ خسًا وأربعي‬
‫مرة‪ ،‬ومتصر البقي سبعي مرة‪ ،‬والبسوط ثلثي مرة)) اهـ‪.‬‬
‫* قراءة البخاري والكشاف مرات كثية‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫(‪.)38 /1‬‬
‫‪265‬‬
‫((التوضيح)) هو نفسه ((أوضح السالك إل ألفية ابن مالك)) لبن هشام النصاري ت (‪ ،)762‬وهو أحد الكتب الت‬
‫نثرت اللفية‪ ،‬وعليه شروح وحواشي كثية‪.‬‬
‫‪266‬‬
‫القصود به بدر الدين أب عبدال ممد بن مالك ابن صاحب اللفية‪ ،‬اشتهر شرحه بشرح ابن الصنف‪ .‬قال حاجي‬
‫خليفه ف ((الكشف))‪(( :)151 /1( :‬وهو شرح منقّح‪ ...‬خطّأ واِلدَهُ ف بعض الواضع‪.))...‬‬
‫‪267‬‬
‫(ص‪.)63 /‬‬
‫‪268‬‬
‫(ص‪.)224 /‬‬
‫‪269‬‬
‫(‪.)186 /6‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫قال الُحِبّي ف ((خلصة الثر))‪ 270‬ف ترجة العلّمة علي بن عبدالواحد بن ممد النصاري أبو‬
‫جلْماسِي الزائري ت (‪ )1057‬أنه ((بلغ الغاية القُصوى ف الرواية والحفوظات وكثرة القراءة‪،‬‬
‫السن السّ ِ‬
‫وحكى بعض تلمذته أنه قرأ ((الستة)) على مشايه دراية‪ ،‬وقرأ ((البخاري)) سبع عشرة مرّة بالدرس‪ ،‬قراءة‬
‫بثٍ وتدقيق‪ ،‬ومرّ على ((الكشّاف)) من أوّله إل آخره ثلثي مرة‪ ،‬منها قراءة ومنها مُطالعة)) اهـ‪.‬‬
‫وكان بعضهم من شدة ملزمتهم للكتاب يكاد أن يستظهره ويهذه عن ظهر قلب‪.‬‬
‫ففي ترجة عبدال بن ممد بن َفرْحون الَيعْمَري ت (‪ )769‬أنه قال عن نفسه‪(( :‬لزمتُ تفسيَ ابنِ‬
‫عطية حت كدت أحفظه))‪.271‬‬
‫وف ترجة أب القاسم بن علي بن مسعود الشاطب أنه كاد يفظ ((صحيح البخاري)) من كثرة‬
‫التكرار له ف كل رمضان‪.272‬‬
‫ومن ذلك‪ -‬أيضًا‪ -‬ما ذكره السخاوي ف ((الضوء))‪ 273‬ف ترجة عثمان بن عبدال أب عَمرو‬
‫ا َلقْسي ت (‪(( )877‬أنه أكثر من ملزمة الرور على الكتب الربعة‪(( :‬التنبيه)) و((النهاج)) و((البهجة))‬
‫وأصلها‪ ،‬قراءةً وإقراءً‪ ،‬حت صارت له با مَلكة قوية))‪.‬‬
‫وف ترجة أحد بن عمر الناشري اليمان‪ :274‬أنه اشتهر بعرفة كتاب ((الوسيط))‪ 275‬حت كان‬
‫ي صفحةٍ هي‪ ،‬بعد أن ُأصِْيبَ بالعَمَى‪.‬‬
‫يعرفُ أين مكان السألة فيه‪ ،‬وف أ ّ‬
‫***‬

‫‪270‬‬
‫(‪.)173 /3‬‬
‫‪271‬‬
‫((درة الجال))‪.)50 /3( :‬‬
‫‪272‬‬
‫الصدر نفسه‪.)285 /3( :‬‬
‫‪273‬‬
‫(‪.)131 /5‬‬
‫‪274‬‬
‫من كتاب (( ِهجَر العلم ومَعَاقِله ف اليمن))‪ 2167 /4( :‬رقم ‪.)8‬‬
‫‪275‬‬
‫للغزال ف فقه الشافعية‪ ،‬وله البسيط والوجيز واللصة‪ ،‬وقد قيل‪:‬‬
‫نقّح الذهبَ حَبْرٌ‬
‫ل خَلصَهْ‬‫بَِبسِيطٍ ووسِيْطٍأحسن ا ُ‬
‫ووجي ٍز وخُلصَهْ‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫الفصل الامس‬
‫ف تدريس الكتاب الواحد الرات الكثية‬
‫كثيًا ما ينتخب العال كتابًا أو كتبًا ف فنون العلم‪ ،‬ويُدْمن على قراءتا وإقرائها لطلبه‪ ،‬ويكون هو‬
‫قبل ذلك قد أخذه عن شيوخه وترّس فيه وخََبرَه‪ ،‬بيث ل تفى عليه جهور مسائله‪ ،‬وغالب غوامضه‬
‫ومشكلته‪ ،‬فيكون هو الرجع وعليه العوّل ف حلّ ذلك‪.‬‬
‫بل قد يبلغ المر إل أن يَُلقّب العال بذلك الكتاب‪ ،‬كما وقع للشيخ الفقيه جال الدين أحد بن ممد‬
‫الواسطي الُشْمُومي الشافعي ت (‪ ،)729‬فقد ُلقّب بـ ((الوجيزي)) لفظه كتاب ((الوجيز))‪ 276‬وعنايته‬
‫به‪ ،277‬كما ُلقّب المام الزركشي (‪ )795‬بـ ((النهاجي))‪ 278‬نِسب ًة إل ((منهاج الطالبي)) للمام‬
‫النووي‪ ،‬لعنايته به وإتقانه له فهمًا وشرحًا‪.‬‬
‫وقد وقع للعلماء من ذلك شيءٌ كثي‪ ،‬وهو دا ّل على صَبْرهم ف نشر العلم وتعليم الناس‪ ،‬ودالّ‬
‫‪-‬أيضًا‪ -‬على أهية هذه الطريقة (أعن الداومة على كتابٍ بعينه) ف ترسيخ العلم‪ ،‬واستحضار مسائل الفنّ‪،‬‬
‫‪276‬‬
‫للغزّال‪.‬‬
‫‪277‬‬
‫((أعيان العصر))‪.)379 /1( :‬‬
‫‪278‬‬
‫((إنباء الغمر))‪.)138 /3( :‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وعدم تشتت الذهن‪ ،‬وهو مع ذلك دائم الطالعة ف الفن مضيف إليه ما يتاجه من َتدْليل وتعقيب وتنكيت‬
‫وتقيق ‪.‬‬
‫فإل شيءٍ من ذلك‪:‬‬
‫* إقراء ((الهذّب)) (‪ )25‬مرة‪.‬‬
‫ففي ترجة الفقيه كمال الدين عمر بن عبدالرحيم ابن العَجَمي الشافعي ت (‪ :)642‬أنه أْلقَى‬
‫كتاب ((الهذب))‪ 279‬للشيازي ف فقه الشافعيةِ خسًا وعشرين مرّة‪.280‬‬
‫* إقراء ((مسلم)) أكثر من ‪ 60‬مرة‪.‬‬
‫وهذا المام الثقة عبدالغافر بن ممد الفارسي‪ 281‬ت (‪ ،)448‬كان ملزمًا لقراء ((صحيح مسلم)‬
‫َفقُرىء عليه أكثر من ستي م ّرةً‪ ،‬فقد قرأه عليه الافظ السن بن أحد السمرقندي نّيفًا وثلثي مرة‪ ،‬وقرأه‬
‫عليه أبو سعد الَبحِيي نّيفًا وعشرين م ّرةً‪.‬‬
‫قال الافظ الذهب‪(( :‬هذا سِوى ما قرأه عليه الشاهي من الئمة))‪ 282‬اهـ‪.‬‬
‫* أقرأ ((القْنِع)) (‪ )100‬مرة‪.‬‬
‫قال الافظ ابن رجب ف ترجة المام الفقيه الزاهد إساعيل ابن ممد ابن إساعيل بن الفرّاء الرّان ث‬
‫الدمشقي النبلي ت (‪ :)729‬أنه ((كان له خبة تامة بالذهب‪ ،‬يُقرىء ((القنع)) و((الكاف)) ويعرفهما‪،‬‬
‫وكتب بطه ((الغن)) و((الكاف)) وغيَها‪.‬‬
‫ويقال‪ :‬إنه أقرأ ((القنع))‪ 283‬مئة مرّة‪ 284‬اهـ‪.‬‬

‫‪279‬‬
‫مطبوع ف ستّ ملدات‪ ،‬وهو الذي شرحه النووي بالجموع‪.‬‬
‫‪280‬‬
‫((سِيَر النبلء))‪.)216 /23( :‬‬
‫‪281‬‬
‫هو جدّ المام عبدالغافر بن إساعيل بن عبدالغافر بن ممد الفارسي‪ ،‬صاحب ((السياق لتاريخ نيسابور))‪.‬‬
‫‪282‬‬
‫((سي النبلء))‪.)20 /18( :‬‬
‫‪283‬‬
‫للحنابلة ِعدّة كتب بذا السم‪ ،‬لكن القصود هنا كتاب موفق الدين ابن قدامة القدسي ت (‪ ،)620‬وهذا الكتاب‬
‫عمدة النابلة من زمن مؤلّفه إل يومنا‪ .‬انظر‪(( :‬الدخل الفصّل))‪ )722 /2( :‬لشيخنا بكر أبو زيد‪.‬‬
‫‪284‬‬
‫((الذيل على طبقات النابلة))‪.)409 /2( :‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫* أقرأ ((الاوي)) (‪ )30‬مرة‪.‬‬


‫وف ترجة الفقيه ممد بن عبدالقادر بن عمر السّنجاري العروف بالسكاكين الشافعي ت (‪)838‬‬
‫من كتاب ((إنباء الغمر))‪ 285‬للحافظ ابن حجر ‪-‬عصريّه‪ :-‬أنه كان مشهورًا بِخِبْرةِ كتاب ((الاوي))‬
‫وحُسْن تقريره‪ ،286‬بيث قيل‪ :‬إنه أقرأه ثلثي مرّة))‪.‬‬
‫* تدريس ((العباب))‪ )800( 287‬مرة‪.‬‬
‫ذكر الزبيدي ف ((تاج العروس))‪ 288‬أن عبدالقدي‪ 289‬بن عبدالرحن ابن حسي النّزيلي اليمان‬
‫درّس ((العُباب)) ف الفقه ثان مئة مرّة‪.‬‬
‫* ألقى ((الكشاف)) (‪ )8‬مرات‪.‬‬
‫وهذا الشيخ العال الزاهد صال بن عبدال بن جعفر بن الصبّاغ الكوف النفي ت (‪ )727‬كان‬
‫فريدًا ف علوم التفسي وغيها‪ ،‬وقد ألقى ((الكشاف)) للزمشري دروسًا من صدره ثان مرّات‪ ،‬مع بثٍ‬
‫وتدقيق‪ ،‬وإيرادٍ وتشكيك‪.290‬‬
‫* إقراء البخاري مرات كثية‪.‬‬
‫ذكر السخاوي ف ((الضوء اللمع))‪ 291‬ف ترجة الشيخ إبراهيم ابن ممد بن صدّيق الريري أنه لا‬
‫جاور بكة والدينة‪ ،‬أقرأ البخاري أربع مرات بالدينة‪ ،‬وبكة أزيد من عشرين مرة‪.‬‬
‫* إقراء ((الدوّنة)) كل شهرين مرة‪.‬‬

‫‪285‬‬
‫(‪.)366 /8‬‬
‫‪286‬‬
‫انظر‪(( :‬الضوء اللمع))‪.)68 /8( :‬‬
‫‪287‬‬
‫ف فقه الشافعية‪ ،‬للقاضي شهاب الدين ابن الباعون (‪ ،)810‬نظم‪ ،‬انظر ((كشف الظنون))‪( :‬ص‪.)1122 /‬‬
‫‪288‬‬
‫(‪ )135 /8‬مادة (نزل)‪ ،‬وعنه ((هجر العلم))‪.)1774 /3( :‬‬
‫‪289‬‬
‫((القدي)) ليس من أساء ال!‪.‬‬
‫‪290‬‬
‫انظر‪(( :‬أعيان العصر))‪ ،)670 /2( :‬و((الدرر الكامنة))‪ ،)299 /2( :‬و((طبقات الفسرين))‪،)219 /1( :‬‬
‫و((الطبقات السنية))‪ )85 /4( :‬للتميمي‪.‬‬
‫‪291‬‬
‫(‪.)147 /1‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وجاء ف ((ترتيب الدارك))‪ 292‬للقاضي عياض ف ترجة يي ابن هلل القرطب ت (‪ :)367‬أنه‬
‫كان مقصودًا ف السماع‪ ،‬دؤوبًا عليه‪ ،‬ل ُيرَ ف الحدّثي أصب منه على الواظبة لذلك‪ ،‬كان يلس كل يومٍ‬
‫لستماع ((الدوّنة)) من الظهر إل الليل‪ ،‬فيستوعب قراءتا كل شهرين‪ ،‬تادى على ذلك عمره‪.‬‬
‫* درّس ((التذكرة)) (‪ )40‬مرة‪.‬‬
‫قال ممد بن ممد بن زَبَارة ف ((مُلْحق البدر الطالع))‪ 293‬عن القاضي إدريس بن جابر العَْي َزرِي‬
‫اليمن‪ :‬أنه درّس كتاب ((التذكرة)) زيادة على أربعي مرة‪.‬‬
‫* إقراء عد ٍد من الكتب مراتٍ عديدة‪.‬‬
‫وجاء ف ترجة العلمة الحدّث أب عبدال ممد التاودي ابن سودة الرّي الفاسي ت (‪ )1209‬من‬
‫كتاب ((ِفهْرس الفهارس))‪ 294‬للكتان أنه‪:‬‬
‫كان مُثابرًا على إقراء ((صحيح البخاري)) حت جاوزت ختماتُه الربعي مرة‪ ،‬فلم يكن يدعه‪ ،‬ل‬
‫سيما ف شهر رمضان‪ ،‬يفتتحه ف أول يو ٍم منه‪ ،‬ويتمه آخره‪ .‬وله عليه حاشية تسمّى بـ ((زاد الجد‬
‫الساري)) نو أربع ملدات‪.‬‬
‫وأقرأ ((اللفية)) ف النحو نوًا من ثلثي مرّة‪ ،‬وربا أقرأها ف الشهر الواحد بَ ْدءًا وخَتْمًا‪.‬‬
‫وأقرأ ((متصر خليل)) نو ثلثي مرة‪.‬‬
‫أمّا ((ال ُج ّرمِيّة))‪ ،‬فلم يزل يُقرئها خصوصًا للصّغار من أعقابه وأبناء أه الودّة إل وفاته)) اهـ‪.‬‬
‫* إلقاء الختصرات ف أ ْقصَر ُمدّة‪.‬‬
‫ع وقتٍ‬
‫وقد كان بعضُ العلماء لزيد اعتنائهم ببعض الكتب‪ ،‬ومارستهم لا يُلقونا دروسًا ف أسر ِ‬
‫وأقصرِ مُدة‪ ،‬مع مزيد الثابرة والهد‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫* درّس ((الدوّنة)) ف شهر‪.‬‬

‫‪292‬‬
‫(‪.)301 /6‬‬
‫‪293‬‬
‫(‪.)52 /2‬‬
‫‪294‬‬
‫(‪ ،)258 -256 /1‬وقد جاوز عمره التسعي ‪-‬رحه ال‪.-‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫ذكر القاضي عِياض ف ((الدارك))‪ :295‬ف ترجة أب إسحاق البنيان ‪-‬أحد الئمة‪ -‬ت (‪)369‬‬
‫أنه قال‪ :‬لقد كنا نتمع‪ ،‬ولقد ألقينا ((الدوّنة)) ف شهر‪ ،‬ندرس النهار وُنلْقي الليل‪ ،‬فما علمتُ أنا نِمْنا ذلك‬
‫الشهر‪.‬‬
‫* إلقاء ((الاوي)) مرات ف شهر‪.‬‬
‫ففي ترجة المام العلمة الفت علي بن عبدال بن أب السن التّبْريزي الشافعي ت (‪ )746‬من‬
‫كتاب‪(( :‬أعيان العصر))‪ 296‬عن ابن رافع السّلّمي‪ 297‬أنه (أي‪ :‬التّبيزي) أقرأ ((الاوي)) للماوردي ُكلّه ف‬
‫نِصف شهر‪.‬‬
‫ث قال الصفديّ‪ :‬وسعتُ غيَ واحدٍ من الصريي أنه أقرأ ((الاوي)) من أوّله إل آخره ف شه ٍر واحدٍ‬
‫تِسْع‪ 298‬مرّات‪.‬‬
‫* إلقاء ((الاوي)) ف أيامٍ يسية‪.‬‬
‫قال الافظ ابن َحجَر العسقلن ف ((الجمع الؤسّس))‪ 299‬ف ترجة شيخه سراج الدين عمر بن‬
‫رسلن الُبلْقين ت (‪(( :)805‬ذكر ل ولده قاضي القضاة جلل الدين أنه كان يُلْقي ((الاوي)) دروسًا ف‬
‫أيامٍ يسيةٍ‪ ،‬من أغربا أنه ألقاه ف ثانية أيامٍ)) اهـ‪.‬‬

‫‪295‬‬
‫(‪.)226 /6‬‬
‫‪296‬‬
‫(‪.)409 /3‬‬
‫‪297‬‬
‫ترجم له ابنُ رافعٍ ف ((الوفيات))‪ ،)17 -16 /2( :‬وليس فيه ما َن َقلَه الصفديّ‪ ،‬فلعله من ((معجم الشيوخ))‪ ،‬وهو‬
‫كتاب كبي ف عداد الفقود‪.‬‬
‫‪298‬‬
‫كذا ف ((أعيان العصر))‪ ،‬وف ((الدرر الكامنة))‪- )73 /3( :‬وهو ينقل عن الصفدي‪ -‬و((بُغية الوعاة))‪،)171 /2( :‬‬
‫و((طبقات الفسرين))‪(( :)412 /1( :‬سبع)) بتقدي السي‪ .‬فال أعلم‪.‬‬
‫‪299‬‬
‫(‪.)299 /2‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫جاء ف ((فهرس الفهارس))‪- 300‬أيضًا‪ -‬ف ترجة أب رأس ا ُلعَسْكري ممد بن أحد بن عبدالقادر‬
‫الزائري ت (‪ :)1239‬أنه كان مُْتقِنًا لميع العلوم عارفًا بالذاهب الربعة‪ ،‬مُح ّققًا لذهب مالكٍ غايةً‪ ،‬ل‬
‫سيما ((متصر خليل))‪َ ،‬فَلهُ فيه اللَكة التامة‪ ،‬بيث ُيلْقيه على طلَبته ف أربعي يومًا‪ ،‬و((اللصة)) ف عشرة‬
‫أيامٍ‪.‬‬

‫الفصل السادس‬
‫ف نسخ الكتب وما تمّلوه ف ذلك‬
‫عاش أكثر أهل العلم ف سالف الدهر وآِنفِه عِيْشةَ الكفاف‪ ،‬فلم يكن ههم جع الال ول طلب‬
‫الدنيا‪ ،‬ورُزقوا من القناعة ما أورث غِنَى النفسِ‪ ،‬فكان أحدهم غنيّا من غي مال‪ ،‬عزيزًا من غي حَ ِميّة ول‬
‫عَشِية‪ ،‬وكانت تلك العيشة خي ُم ِعيٍ لم على النماع ف طلب العلم وعدم اللتفات إل غيه‪ ،‬لنه ل يقبل‬
‫الشركة‪.‬‬
‫ولا كان حالُهم كذلك = ل يكن لم ما يستطيعون به اقتناء ما يتاجون إليه من كتب وأسفار‪ ،‬ول‬
‫يكن لديهم ما يكن به استئجار من ينسخ‪ ،‬فكانوا إما أن يستعيوا الكتب‪ 301‬أو ينسخوها بأنفسهم‪.‬‬

‫‪300‬‬
‫(‪ . )150 /1‬وحلّه الكتان بـ ((حافظ الغرب الوسط ورحّالته))‪.‬‬
‫(لطيفة)‪ :‬كان يُذكر أبو رأسٍ هذا بقوّةِ الافظ ِة و َسعَة الطلع‪ ،‬فاّت ِهمَ‪ ،‬فاجتمع جاع ٌة من تلميذه فركّبوا اسًا نط َق كلّ واحدٍ‬
‫منهم برفٍ منه‪ ،‬وجعلوه اسًا للكٍ‪ ،‬وسألوا الشيخَ عنه‪ ،‬فأملى لم ترجتَه وسِيْرته وأعمالَه‪ ،‬فاتفقوا أن الشي َخ كاذبٌ!!‪.‬‬
‫س عليهم‪ ،‬فعلموا أن‬‫ب تاريي على نو ما كان أمله الشيخ أبو رأ ٍ‬ ‫ولا طالت الدّة‪ ،‬وقف أحدُهم على السم والسية ف كتا ٍ‬
‫الشيخَ صادق وهم مقصّرون متهمون الشيخ ما هو منه بريءٌ‪.‬‬
‫قال الكتان‪ :‬وهذه حالة كبار الفاظ مع القاصرين والاهلي‪.‬‬
‫‪301‬‬
‫لذا ورد الترغيبُ ف إعارة الكتب لستحقيها‪ ،‬و َعقَد العلماءُ لذلك فصولً ف ثنايا كتبهم‪ ،‬وأوردوا فيه من ال َقصَص‬
‫والكايات والشعار الكثي والكثي‪ ،‬من الانبي ا ُلعِيْر والستعي‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫هذا عدا ما يكتبونه من تأليفهم الاصة‪ ،‬كما نسخ الافظ الزّي كتابيه الضخمي (تفة الشراف‪،‬‬
‫ب المرَ نفسِه ف أضخم كتبه (تاريخ السلم‪ ،‬وسي‬
‫وتذيب الكمال) بيده أكثر من مرّة‪ ،302‬وفعل الذه ّ‬
‫النبلء) وغيها‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫وربا افتقر العال فباع نسخته الت بطه‪ ،‬كما وقع لب علي اليان(‪ ،)303‬وللمزي‪ 304‬وغاير واحد‪.‬‬
‫والناظر ف تراجهم وسيهم يعلم مقدار ما بذلوه من أوقات طويلة‪ ،‬وجهود جبارة‪ ،‬وصب جيل ف‬
‫نسخ الكتب الكبار‪ ،‬والوامع الضخمة‪ ،‬الت ينوء بنسخ أقلها اليوم الطالب الُجِدّ‪ ،‬فإل ناذج منها‪:‬‬
‫سهْمي ف ((تاريخ جرجان))‪ :305‬سعتُ أبا بكر الساعيلي وأبا أحد بن عدي يقولن‪:‬‬
‫قال ال ّ‬
‫إساعيل بن زيد (صاحبُ حديثٍ جوّال) كان يكتب ف ليلةٍ سبعي ورقة بطّ دقيق‪.‬‬
‫وذكر ابن رجب ف ((الذيل على طبقات النابلة))‪ 306‬ف ترجة عبدالوهاب الناطي الافظ عن ابن‬
‫سخَتَه‪.‬‬
‫السمعان أنه قال عنه‪(( :‬جع الفوائد‪ ،‬وخرّج التخاريج‪ ،‬لعله ما بقي جز ٌء مرويّ إل وقد حصّلَ نُ ْ‬
‫ونسخ الكتب الكبار مثل‪(( :‬الطبقات لبن سعد))‪ ،‬و((تاريخ الطيب))‪ ،‬وكان متف ّرغًا للتحديث‪ ،‬إما أن يقرأ‬
‫عليه أو ينسخ شيئًا‪.‬‬

‫‪ 302‬انظر‪(( :‬ذيل تاريخ السلم))‪( :‬ق‪ 114 /‬أ‪-‬ب) للذهب‪،‬‬


‫و((طبقات علماء الديث))‪ ،)267 /4( :‬و((طبقات الشافعية‬
‫الكبى))‪ ،)417 /10( :‬لنه ربا ا ْفتَقَر فباعهما‪.‬‬
‫‪ ) )303‬انظر‪(( :‬التكملة لكتاب الصلة))‪ )16 /4( :‬فقد باع نسخته من‬
‫((سنن أب داود)) بطه‪ ،‬الت قرأها على ابن عبدالب‪ ،‬وقابلها وأتقنها‪.‬‬
‫‪304‬‬
‫((الدرر الكامنة))‪.)461 /4( :‬‬
‫‪305‬‬
‫(ص‪.)143 /‬‬

‫‪306‬‬
‫(‪.)202 /1‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وف ترجة الافظ عبدالقادر الرّهاوي ت (‪ )612‬من ((الذيل))‪ 307‬أنه‪(( :‬كتب بطه الكثيَ‪ ،‬من‬
‫الكتب والجزاء‪ ،‬وأقام بدمشق بدرسة ابن النبلي مدة‪ ،‬حت نسخ ((تاريخ ابن عساكر))‪ ،‬وسعه عليه))‬
‫اهـ‪.‬‬
‫وفيه‪– 308‬أيضًا‪ -‬ف ترجة أحد بن عبدالدائم القدسي ت (‪(( :)668‬وكان يكتب خطّا حسنًا‪،‬‬
‫ويكتب سريعًا‪ ،‬فكتب ما ل يوصَف كثرة من الكتب الكبار والجزاء النثورة لنفسه وبالُجرة‪ ،‬حت كان‬
‫يكتب ف اليوم –إذا تفرّغ‪ -‬تسع كراريس أو أكثر‪ ،‬ويكتب –مع اشتغاله بصاله‪ -‬الكراسي والثلثة‪.‬‬
‫لرَقي)) ف ليلة واحدة‪ ،‬وكتب ((تاريخ الشام)) لبن عساكر مرتي‪ ،‬و((الغن)) للشيخ‬
‫ب ((ا ِ‬
‫وكت َ‬
‫موفّق الدين مرّات‪.‬‬
‫وذكر أنه كتب بيده أْلفَي مُجلّدة‪ ،‬وأنه لزم الكتابة أزيد من خسي سنة)) اهـ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ وف ((تذكرة الفاظ)) ‪309‬للذهب ف ترجة أب عبدال الُمَيْدي الندلسي ت (‪:)488‬‬
‫((قال يي بن البناء‪ :‬كان الُميدي من اجتهاده ينسخ بالليل ف الرّ‪ ،‬فكان يلس ف إجّانة ماءٍ‪ 310‬يتبّد به))‬
‫اهـ‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ وف ((التذكرة))‪– 311‬أيضًا‪ -‬ف ترجة أب الفضل ممد بن طاهر القدسي ت (‪:)507‬‬
‫وقال السّلَفي‪ :‬سعتُ ابنَ طاهر يقول‪ :‬كتبتُ ((الصحيحي)) و((سنن أب داود)) سبع مرات بالجرة‪،‬‬
‫و((سنن ابن ماجه)) عشر مراتٍ بالرّي)) اهـ‪.‬‬
‫سبحان ال!! ينسخ هذه الكتب هذا العدد من الرات‪ ،‬ولو كُلّف أحدنا قراءَتَها بنحو هذا العدد‬
‫لعجز‪ ،‬فل قوّة إل بال ‪.‬‬

‫‪307‬‬
‫(‪.)84 /2‬‬
‫‪308‬‬
‫(‪.)279 /2‬‬
‫‪309‬‬
‫(‪.)1219 /4‬‬
‫‪310‬‬
‫إناء تُغسل فيه الثياب‪.‬‬
‫‪311‬‬
‫(‪.)1243 /4‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫‪ 7‬ـ وف ((التذكرة))‪– 312‬أيضًا‪ -‬ف ترجة الؤتن الساجي ت (‪ )507‬أنه‪(( :‬أقام َبرَاة نو‬
‫عشر سني‪ ،‬وقرأ الكثي‪ ،‬وكتب ((جامع الترمذي)) ست مرات‪ ،‬وكان فيه صَلَف وقناعة و ِعفّة واشتغال با‬
‫يعنيه))‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ وف ((ذيل الطبقات))‪ 313‬لبن رجب ف ترجة أب الفرج ابن الوزي صاحب التصانيف ت‬
‫(‪ )597‬أنه‪(( :‬كان ل يضيع من زمانه شيئًا‪ ،‬يكتب ف اليوم أربع كراريس‪ ،‬ويرتفع له كل سنة من كتابته‬
‫ما بي خسي ملدًا إل ستي ‪.‬‬
‫وقال سِبْطُه‪(( :314‬إنه سعه على النب ف آخر عمره يقول‪ :‬كتبتُ بإصبع ّي هاتي ألفي مُجلّدة))‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ وف ((ترتيب الدارك))‪ 315‬للقاضي عياض‪ ،‬ف ترجة المام أب بك ٍر البري الالكي ت (‪37‬‬
‫‪ )5‬عن أب القاسم الوهران –أحد تلميذه وله جزء ف ترجته‪ -‬قال‪(( :‬سعتُه يقول‪ :‬كتبت بطي‬
‫((البسوط)) و((الحكام)) لساعيل –القاضي الالكي‪ ،-‬وأسْ ِمعَة اب ِن القاسم وأشهبَ واب ِن وهبٍ‪ ،‬و((موطأ‬
‫مالك))‪ ،‬و((موطأ ابن وهب))‪ ،‬ومن كتب الفقه والديث نو ثلثة آلف جزءٍ بِخَطّي‪ ،‬ول يكن ل قط‬
‫شغل إل العلم)) اهـ‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ وف ((الدارك))‪– 316‬أيضًا‪ -‬ف ترجة سعيد بن خلف ال البصري قال‪(( :‬وكتب بيده‬
‫كثيًا من الدواوين‪ ،‬قلّما رأيتُ كتابًا مشهورًا ف الذهب إل وقع إلّ بطه‪ ،‬وسواءٌ ذلك من كتب التفسي أو‬
‫غيها)) اهـ‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ وف ترجة ممد بن مُ َكرّم –بضم اليم وفتح الكاف وتشديد الرّاء ث ميم‪ -‬العروف بابن‬
‫منظور صاحب ((لسان العرب)) أنه‪ :‬اختصر كتبًا كثية‪ ،‬من الطوّلت وغيها‪.‬‬

‫‪312‬‬
‫(‪.)1247 /4‬‬
‫‪313‬‬
‫(‪.)412 /1‬‬
‫‪314‬‬
‫((الذيل))‪.)410 /1( :‬‬
‫‪315‬‬
‫(‪.)186 -185 /6‬‬
‫‪316‬‬
‫(‪.)86 -85 /8‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫فاختصر ((تاريخ بغداد))‪ ،‬و((ذيله)) لبن النجار‪ ،‬و((تاريخ دمشق)) لبن عساكر‪ ،‬و((مفردات ابن‬
‫حصْري‪ ،‬و((اليوان)) للجاحظ‪،‬‬
‫البيطار))‪ ،‬و((الغان)) –ورتبه على الروف‪ -‬و((زهر الداب)) لل ُ‬
‫و((اليتيمة)) للثعالب‪ ،‬و((الذخية)) لبن بسّام‪ ،‬و((نشوار الحاضرة)) للتنوخي‪.‬‬
‫وكتب بطه شيئًا كثيًا‪ ،‬ترك منه بعد موته خس مئة ملّد‪.‬‬
‫قال ابن فضل ال العمري‪ :‬إنه ل يزل يكتب ويسهر الليل ف الكتابة حت كان يقضي الليال الطوال‬
‫جعَة‪ .‬وكان يتخذ إل جانبه إناءً فيه ماء‪ ،‬فإذا غلبه‬
‫كلها سهرًا‪ ،‬ل يلم فيها بِ َكرَى‪ ،‬ول يطعم عينه فيها ِبهَ ْ‬
‫‪317‬‬
‫سهَر‪ ،‬وكاد يصرعه الكرى = أخذَ من الاء َفسَكب ف عينيه‪َ ،‬فعَمِيَ ف آخر عمره‪.‬‬
‫ال ّ‬
‫‪ 12‬ـ وف ((الرد الوافر))‪ 318‬لبن ناصر الدين الدمشقي‪ ،‬لا ذكر ممد بن إبراهيم ابن الهندس‬
‫قال‪(( :‬كتب الكثي ورحل ودأب‪ ...‬ونسخ ((تذيب الكمال))‪ 319‬تأليف ا ِلزّي مرتي‪ ،‬ونسخ كتاب‬
‫((الطراف))‪– 320‬تفة الشراف‪ -‬لل ِمزّي –أيضًا‪ -‬بطّه الواضح السن)) اهـ‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ ذكر أبو سعد السمعان ف ((التحبي ف العجم الكبي))‪– 321‬وهو من عجيب ما رآه‪ -‬ف‬
‫ترجة أب عبدال السي بن أحد البيهقي أنه اتفق أن لقته ِعلّة‪َ(( ،‬فقُطِعت أصابعه العشر‪ ،‬ول يبقَ له إل‬
‫الكفّان فحسب‪ ،‬ومع هذا كان يأخذ القل َم بكفّيْه ويضع الكاغِ َد على الرض‪ ،‬ويُمسكه ِبرِجْل‪ ،‬ويكتب بكفيه‬

‫‪317‬‬
‫انظر ((القفى))‪ ،)288 ،286 /7( :‬و((الدرر الكامنة))‪ ،)262 /4( :‬و((بغية الوعاة))‪.)248 /1( :‬‬

‫‪318‬‬
‫(ص‪.)78 /‬‬
‫‪319‬‬
‫وهذه النسخة ف دار الكتب الصرية (‪ -26‬مصطلح) كتبها سنة (‪ )712‬وعليها خط الؤلف الافظ الزي‪،‬‬
‫والعلئي‪ .‬أورد الزركلي ف ((العلم))‪ )298 /5( :‬نوذجًا منها‪.‬‬

‫‪ 320‬وهذه النسخة سبعة أجزاء‪ ،‬ل يبق منها إل الزء السادس‪ ،‬انظر نبذةً‬
‫عنها ف ((مقدمة تفة الشراف))‪ )25 -23 /2( :‬لعبدالصمد شرف‬
‫الدين‪.‬‬
‫‪321‬‬
‫(‪.)223 /1‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫خطّا حسنًا مقروءًا مبينًا‪ ،‬وربا كان يكتب ف كل يومٍ خس طاقات‪ 322‬من الكاغد‪ ،‬وهذا من عجيب ما‬
‫رأيته)) اهـ‪.‬‬
‫‪ 14‬ـ وف ((التحبي))‪– 323‬أيضًا‪ -‬ف ترجة أب ممد الواري أنه كان فقيهًا مفتيًا‪ ،‬سريع القلم‪،‬‬
‫نسخ بطه ((الذهب الكبي))‪ 324‬للجوين أكثر من عشرين مرّة‪ ،‬وكان يكتبه ويبيعه‪.‬‬
‫‪ 15‬ـ وذكر النووي ف ((بستان العارفي))‪ 325‬عن شيخه أب إسحاق إبراهيم بن عيسى الراوي‬
‫قال‪ :‬سعتُ الشيخ عبدالعظيم –النذري‪ -‬رحه ال يقول‪:‬‬
‫كتبتُ بيدي تسعيَ ملّدةً‪ ،‬وكتبت‪ 326‬سبع مئة ُج ْزءٍ‪ ،‬كلّ ذلك من علوم الديث‪ ،‬تصنيفٍ وغيِه‪،‬‬
‫وكتب من مصنفاته وغيها أشياء كثية‪.‬‬
‫قال الراوي‪ :‬ول أرَ ول أسع أحدًا أكثر اجتهادًا منه ف الشتغال‪ ،‬كان دائم الشتغال ف الليل‬
‫والنهار‪.‬‬
‫‪ 16‬ـ ذكر الصفدي ف ((أعيان العصر))‪ 327‬ف ترجة العلمة شهاب الدين الّنوَيري ت (‪)733‬‬
‫أنه‪(( :‬كتب كثيًا‪ ،‬كتب ((البخاري)) مرّاتٍ‪ ،‬كتبه ثان مرات‪ ،‬وكان يكتب النسخة ويقابلها‪ ،‬وينقل الطّباق‬
‫عليها ويلدها‪ ،‬ويبيعها بسبع مئة درهم وبألف‪.‬‬
‫وكان يكتب ف النهار الطويل ثلث كراريس‪ … ،‬وجع تاريًا كبيًا ‪328‬ف ثلثي ملدة‪ ،‬رأيتُه‬
‫بطّه)) اهـ‪.‬‬

‫‪322‬‬
‫الطاقة نو (‪ )10‬ورقات‪ ،‬انظر‪(( :‬توثيق النصوص))‪( :‬ص‪.)233 -231 /‬‬
‫‪323‬‬
‫(‪.)423 /1‬‬
‫‪324‬‬
‫وهو‪(( :‬نِهاية الَ ْطلَب)) وقد تقدّم التعريف به (ص‪.)74 /‬‬
‫‪325‬‬
‫(ص‪.)197 /‬‬
‫‪326‬‬
‫ف الطبوعة‪(( :‬وكتب ذلك من))! والصواب ما أَثبتُ‪.‬‬
‫‪327‬‬
‫(‪.)281 /1‬‬
‫‪328‬‬
‫ل ف (‪ )33‬ملدًا‪.‬‬
‫وهو‪(( :‬ناية الرب))‪ ،‬طُبع كام ً‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫‪ 17‬ـ وذكر ف ((أعيان العصر))‪– 329‬أيضًا‪ -‬ف ترجة أحد بن ممد بن أب الواهب ت (‪72‬‬
‫‪ )3‬قال‪(( :‬قيل‪ :‬إنه كتب خس كراريس ف يومٍ‪ ،‬وهذا أمر قلّ أن ُيعْهد ف قوم))‪.‬‬
‫هذا فيض من غيض‪ ،‬وقليل من كثي‪ ،‬فقد اجتمع عندي أخبارٌ من هذا النمط لو نََثرْتُها للت‬
‫صفحات وصفحات‪.‬‬
‫َل ِزدْنا ف القا ِل مَن ا ْسَتزَادا‬ ‫ولول أن يُظنّ بنا غُُل ّو‬
‫لكن ل أحب أن أُفوّت الفائدة على القارىء‪ ،‬فرأيت أن أشي إل مواضع ذلك ف مصادره دون‬
‫ترتيبٍ‪.‬‬
‫((البدر الطالع))‪(( ،)94 /2( )420 ،357 ،106 /1( :‬ملحق البدر الطالع))‪/2( :‬‬
‫‪(( ،)83‬السي))‪(( ،)248 /23( ،)248 /16( :‬أعيان العصر))‪،170 ،169 ،48 /1( :‬‬
‫‪(( ،)415‬إشارة التعيي))‪( :‬ص‪(( ،)43 /‬الواهر والدرر))‪(( ،)107 /1( :‬معرفة القراء الكبار))‪( :‬‬
‫‪(( ،)265 /1‬الطبقات السنية))‪(( ،)71 /3( :‬القفى))‪(( ،)417 /7( :‬ذيل التقييد))‪/1( :‬‬
‫‪(( ،)178‬التحبي ف العجم الكبي))‪.)134 /2( ،)590 ،390 /1( :‬‬
‫***‬

‫الفصل السابع‬
‫إيقاظات وتنبيهات‬
‫الول‪ :‬ما هي العلوم الت ينبغي التبحّر فيها؟‬
‫ل شك أن الناس قدرات ومواهب‪ ،‬فينبغي للنسان أن ينظر بعي البصية فيما يكن أن يسنه ويُبْدع‬
‫فيه (وقيمة كل امرىءٍ ما يسنه)‪ ،‬فيكرّس فيه جهدَه ويستنفد فيه وُ ْسعَه‪ ،‬ويكون مع ذلك ذا هة عالية‪ ،‬فإن‬

‫‪329‬‬
‫(‪.)327 /1‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫((من َشغَلَ نفسَه بأدن العلوم وتركَ أعلها –وهو قادر عليه‪ ،-‬كان كزارع ال ّذرَة ف الرض الت يود فيها‬
‫شعْراء‪ 330‬حيثُ يزكو النخل والزيتون))‪.‬‬
‫الُبرّ‪ ،‬وكغارس ال ّ‬
‫أمّا ((من مال بطبعه إل علمٍ ما –وإن كان أدن من غيه‪ -‬فل يشغلها بسواه‪ ،‬فيكون كغارس‬
‫النارجيل‪ 331‬بالندلس‪ ،‬وكغارس الزيتون بالند‪ ،‬وكلّ ذلك ل يُنجب))‪ ،‬كما قال ابن حزم‪– 332‬رحه ال‪.-‬‬
‫لكن السؤال‪ ،‬ما هي أجلّ العلوم؟‬
‫أجل العلوم ما قرّبك من خالقك‪ ،‬وما أعانك على الوصول إل رضاه‪ ،‬وهذه هي علوم الكتاب‬
‫والسنة‪.‬‬
‫قال الافظ ابن رجب –رحه ال‪(( :-333‬فالذي يتعيّن على السلم العتناءُ به والهتمامُ‪ :‬أن يبحثَ‬
‫عمّا جاء عن ال ورسوله ‪ ،r‬ث يتهد ف فهم ذلك‪ ،‬والوقوف على معانيه‪ ،‬ث يشتغل بالتصديق بذلك إن كان‬
‫من المور العِلْمية‪ .‬وإن كان من المور العَمَلية‪ ،‬بذ َل وُ ْسعَه ف الجتهاد ف ِفعْل ما يستطيعه من الوامر‪،‬‬
‫واجتناب ما يُنهى عنه‪ ،‬وتكون هته مصروفة بالكُلّية إل ذلك‪ ،‬ل إل غيه‪.‬‬
‫ب ‪ r‬والتابعي لم بإحسان ف طلبِ العلم النافع من الكتاب والسنة))‬
‫وهكذا كان حالُ أصحاب الن ّ‬
‫اهـ‪.‬‬
‫وقال الافظ ابن حجر‪– 334‬رحه ال ف بيان الراد من العلم الطلوب التزود منه‪[(( :-‬هو] الذي‬
‫يفيد معرفةَ ما يب على الكلّف من أمر عباداته ومعاملته‪ ،‬والعلم بال وصفاته‪ ،‬وما يب له من القيام بأمره‪،‬‬
‫وتنيهه عن النقائص‪ ،‬ومدار ذلك على التفسي والديث والفقه)) اهـ‪.‬‬

‫‪330‬‬
‫ضرب من المضيات‪ ،‬ليس له ورق ترص عليه البل‪.‬‬
‫‪331‬‬
‫هو‪ :‬جوز الند‪.‬‬
‫‪332‬‬
‫ف ((رسالة مداواة النفوس))‪ )344 /1( :‬ضمن ((رسائل ابن حزم)) وما بي القواس منه‪.‬‬
‫‪333‬‬
‫لكَم))‪ 244 /1( :‬وما بعدها)‪.‬‬
‫ف ((جامع العلوم وا ِ‬
‫‪334‬‬
‫((فتح الباري))‪.)171 -170 /1( :‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وعلى هذا النحو تدور عبارات الئمة ف بيان العلم النافع الذي ينبغي التبحّر فيه‪ ،‬والرص عليه‪،‬‬
‫والستكثار منه‪ ،335‬فل نطيل بنقل نصوصهم ‪.‬‬
‫وينبغي أن ننبّه هنا إل أن اكتمال اللكة ف العلوم السابقة الذكر (علوم القاصد) مرهونٌ باكتمال‬
‫الفهم والستيعاب لعدد من العلوم اللية الساعدة‪ ،‬كعلوم العربية‪ ،‬وأصول الفقه‪ ،‬والصطلح‪ ،...‬فبعض تلك‬
‫العلوم يب تعلّمه وجوبَ الوسائل‪ ،‬إذ يتوقف فهم كلم ال ورسوله على فهم بعض مسائلها‪ ،‬فهي من‬
‫قبيل(ما ل يتم الواجب إل به)‪ ،‬فهذا ما يب‪ ،‬وأما ما ل يب‪ ،‬فما ل تأثي له‪ ،‬وما ل ينبن عليه عمل‪ ،‬ول‬
‫ريب أنه بقدار َأخْذ العالِ من العلوم الساعدة‪ ،‬وتكنه منها –خاصّة فيما يتوقّف فهم الطاب عليه‪ ،‬وليس من‬
‫ضلَة‪ ،-‬يكون أقدر على الجتهاد والستنباط‪ ،336‬فإن العلوم اخ ٌذ بعضها برقاب‬
‫الباث القررة أو الت هي َف ْ‬
‫بعضٍ‪.337‬‬
‫***‬
‫الثان‪ :‬الوازنة بي قراءة الكتب والخذ عن الشيوخ‬
‫أَخْذ العلم له طريقان‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬طريق الشافهة‪ ،‬وهو أخذه عن أهله العلماء به‪ ،‬وهذا هو الصل الصيل ف َتَلقّي العلوم‪،‬‬
‫وهذه طريقة السلف‪ ،‬قبل تدوين الكتب وبعدها‪ ،‬وليس هنا مال الديث عن هذه الطريقة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أخذه عن الكتب والصنفات‪ ،‬وهي دواوين العلم وخزائنه‪ .‬وهاهنا يُنبّه إل أمور‪:‬‬
‫لبُد من الوازنة والزاوجة بي أخذ العلم من الكتب وأخذه من العلماء‪ ،‬فإن العلم وإن كان موْدعًا ف بطون‬
‫حهُ بأيدي الرجال‪ ،‬كما ف القولة الشهورة‪.338‬‬
‫الكتب‪ ،‬إل أن مفاتِ َ‬
‫‪335‬‬
‫انظر‪(( :‬إعلم الوقّعي))‪ ،)5 /1( :‬و((فضل علم السلف على علم اللف))‪( :‬ص‪.)65 -64 ،69 -67 /‬‬
‫و((مسائل ف طلب العلم وأقسامه))‪( :‬ص‪ )205 /‬للذهب ضمن ((ست رسائل)) و((الفوائد))‪( :‬ص‪.)254 ،111 /‬‬
‫‪336‬‬
‫انظر ((مفتاح دار السعادة))‪ )486 -482 /1( :‬وهو مهم‪.‬‬
‫‪337‬‬
‫ذكر الشاطب ف ((الوافقات))‪ )53 /5( :‬عن الرمي أنه قال‪(( :‬أنا منذ ثلثي سنة أفت الناس ف الفقه من ((كتاب‬
‫سيبويه)) اهـ‪ .‬وانظر شرح الشاطب لذا القول‪.‬‬
‫‪338‬‬
‫((الوافقات))‪ ،)140 /1( :‬وف ((السي))‪ )114 /7( :‬ف ترجة الوزاعي قال‪(( :‬كان هذا العلم كريًا‪ ،‬يتلقاه‬
‫الرّجال بينهم‪ ،‬فلما دخل ف الكتب‪ ،‬دخل فيه غي أهله))‪ .‬وانظر شرح الذهب لا‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫حصّل الطالب قاعدةَ‬


‫فل أقلّ من أخذ متصر ف كلّ عل ٍم على عال به متخصّص فيه‪ ،339‬فبعد أن يُ َ‬
‫الفن وأصوله‪ ،340‬فَ ْليَبْ ِن عليه حينئذٍ‪ ،‬مع التدرّج والترقّي بالقراءة ف مطوّلته وشروحه‪ ،‬وليحرص مع ذلك‬
‫كلّه على مُسَائَلةِ أهل الفن ومذاكرتم‪ ،‬فإنه كما قال المام النووي ((مذاكرة حَاذِقٍ ف الف ّن ساع َة أنفع من‬
‫الطالعة والفظ ساعاتٍ بل أيّامًا))‪.341‬‬
‫ول ينبغي للطالب أن يبالغ ف مقدار القراءة والخذ عن الشيوخ ليقيسَ نفسَه با سلف من العصور‪،‬‬
‫إذ كان الشيخ والطالب ف تفرّغ تَامّ للقراءة والقراء‪ ،‬مع قطع العلئق والعوائق‪ ،‬وتام الهلية من الهتي‪،‬‬
‫وهذا من نقص العلم وقبضه‪ ،‬إذ قبضه بقبض العلماء‪ ،‬وإل فالكتب أكثر انتشارًا وتداو ًل من ذي قبل‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ينبغي التمعّن ف اختيار الت الذي ُيرَاد حفظه أو درسه‪ ،‬ليكون مناسبًا للطّالب من أغلب‬
‫الوجوه على القل‪ ،‬حت ل ينتقل منه إل غيه‪ ،‬فإن كثرة التنقل ف الكتب دليل على ملل الطالب وعدم فلحه‬
‫غالبًا‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ليحرص الطالب أشدّ الرص على كتب التقدمي والحققي من أهل العلم‪ ،‬أما التقدمي‪،‬‬
‫فواضح‪ ،‬وأمّا الحققي‪ ،‬فل يلو كلّ عصر من قائم ل بجة من أولئك العلماء الحققي‪ ،342‬أصحاب‬
‫التصانيف النافعة الحرّرة‪ ،‬ف كل الفنون السلمية‪ ،‬وتتاز هذه الكتب بالتأصيل العلمي‪ ،‬وتدليل السائل‪،‬‬
‫وتريرها‪ ،‬والعتناء با َينْبَن عليه عملٌ‪ ،‬والبعد عن الجادلت اللفظية‪ ،‬والُمَاحكات الكلمية الت ل أثر لا ف‬
‫العلم نفسِه‪ ،‬وهذه بعض المثلة من عصور متلفة ليستدل با على غيها‪:‬‬
‫(كابن جرير (‪ ،)310‬والطيب البغدادي (‪ ،)463‬وابن عبدالب (‪ ،)463‬والبغوي (‪،)516‬‬
‫وابن قدامة (‪ ،)620‬والنووي (‪ ،)676‬وابن دقيق العيد (‪ ،)702‬وشيخ السلم ابن تيمية (‪،)728‬‬
‫‪339‬‬
‫أَخْذ العلم على التخصّص فيه هو الول وال ْسلَم‪ ،‬ول تصدّق إذا قيل لك‪ :‬إن فلنًا متخصّص ف ك ّل فنّ أو ف أغلب‬
‫حدَثي أول وأحرى‪ ،‬ومن يدّعي العرفة بميع الفنون فأحد رجلي‪ ،‬إما منا ٍد على نفسِه‬
‫الفنون! هذا ف القدماء‪ ،‬وف ا ُل ْ‬
‫بالهالة‪ ،‬أو ل يدري ما التخصّص!!‪.‬‬
‫‪340‬‬
‫وهو ما عبّر عنه الشاطب بقوله‪(( :‬أن يصل له من َفهْم مقاصد ذلك العلم الطلوب‪ ،‬ومعرفة اصطلحات أهله‪ ،‬ما يتمّ‬
‫له به النظر ف الكتب)) اهـ ((الوافقات))‪.)147 /1( :‬‬
‫‪341‬‬
‫((شرح مسلم))‪.)48 /1( :‬‬
‫‪342‬‬
‫انظر صفة العال الحقق ف ((الوافقات))‪.)145 -139 /1( :‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫وابن القيم (‪ ،)751‬وابن كثي (‪ ،)774‬وابن رجب (‪ ،)795‬والعراقي (‪ ،)806‬والافظ ابن حجر (‬
‫‪ ،)852‬وغيهم‪.343‬‬
‫وعليه‪ ،‬فاحذر كتبَ أهل البدع والضللة ف القدي والديث‪ ،‬قال شيخ السلم –رحه ال‪-‬‬
‫((‪...‬ولذا ُكرِه لن ل يكون له نق ٌد وتييزٌ النظرَ ف الكتب الت يَكثُر فيها الكذبُ ف الرواية‪ ،‬والضللة ف‬
‫الراء ككتب أهل البدع‪ ،‬و ُكرِه تلقّي العلم من ال ُقصّاص وأمثالم‪ ،‬الذين يكثر الكذبُ ف كلمهم‪ ،‬وإن كانوا‬
‫يقولونه صِدْقًا كثيًا))‪ 344‬اهـ‪.‬‬
‫***‬
‫الثالث‪ :‬التعرف على أنواع القراءة‬
‫من الفيد أن يتعرّف الطالبُ على أنواع القراءة‪ ،‬ويُنمّي قُدُراته ليكتسب الزيد من مهارات القراءة‪،‬‬
‫وف ذلك بوثٌ ودراسات كثية‪ ،‬ولكن ننبّه هنا إل أمور‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ لبد أوّ ًل من النظر ف نوعية الكتاب القروء‪ ،‬فليس ك ّل كتابٍ أستطيع أن أُطبّق عليه قواعد‬
‫القراءة السريعة‪ ،‬فمثلً كتب الفقه أو الصول أو الصطلح لبدّ من قراءتا قراءةً متأنّيَة‪ ،‬ليتمكن القارىء من‬
‫استيعابا وفهمها‪ ،‬فالقراءة هنا قراءة َد ْرسٍ وفهم‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ إذا تكّن الطالبُ من ف ّن ما‪ ،‬وأَلَمّ بمهور مسائله واصطلحاته‪ ،‬فل حرج عليه حينئذٍ ف قراءة‬
‫ما يستجد له من كتب الفن قراءةً سريعة‪ ،‬يلتقط فيها ما يدّ له من مباحث وفوائد وغي ذلك‪ ،‬فتختلف‬
‫ص إل آخر بسب التمكّن من الفن والعرفة به‪ ،‬فليست قراءة التخصّص ف الفقه لكتاب‬
‫القراءة من شخ ٍ‬
‫((الغن)) مثلً كقراءة غي الختصّ‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ كتب التاريخ والدب والسي والتراجم والوسوعات الضخمة‪ ،‬وكتب العارف العامة= هذا‬
‫ت على أكثر هذه‬
‫لرْد‪ ،‬وموضوع القراءة السريعة‪ ،‬فيستطيع الطالب ا ُلجِد أن يأ َ‬
‫الصنف من الكتب هو مادة ا َ‬
‫الكتب مُطالعةً‪345 ،‬مع تدوين ما يعنّ له من فوائد ونكات ومباحث ف غي مظانّها‪ .‬ف أوراق خاصة (كما‬
‫‪343‬‬
‫وانظر ((حلية طالب العلم))‪( :‬ص‪.)55 /‬‬
‫‪344‬‬
‫((منهاج السنة))‪.)468 /2( :‬‬
‫‪345‬‬
‫انظر الطريقة الت ذكرها أبو عبدالرحن بن عقيل ف ((الفنون الصغرى‪ -‬السفر الامس)) ف قراءة مثل هذه الكتب‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫سيأت بعد قليل)‪ ،‬أما من تعان هذا النوع من القراءة‪ ،‬وأراد تطبيقه على بعض الكتب الدسة والراجع الصيلة‬
‫الهمة‪ ،‬مثل‪(( :‬التمهيد))‪ ،‬و((فتح الباري))‪ ،‬و((تاج العروس))‪ ،‬و((تفسي القرطب))‪ ،‬و((أضواء البيان))‪،‬‬
‫وغيها‪ ،‬فلن يرج بالفائدة الت كان يرجوها‪ ،‬فلهذا النوع من الكتب نوع خاص من القراءة‪.‬‬
‫***‬
‫الرابع‪ :‬تقييد الفوائد‬
‫إذا انرط الطالبُ ف سِلْك ال ُقرّاء وانضم إل ناديهم‪ ،‬فل بُ ّد له من استثمار قراءته وتوظيفها‪ ،‬ليجنَ‬
‫منها ما تنّى‪ ،‬ول يضيع تعبه سدى‪ ،‬ول طريقة أنفع ول أنع لتحقيق ذلك من الكتابة والتقييد‪ .‬فيقيد الفائدة‬
‫الستجادة‪ ،‬والنقل العزيز‪ ،‬والتحرير الُدَلّل‪ ،‬والترتيب البتكر‪ ،‬وطرائف النقول والِكَم‪ ،‬ودقائق الستنباطات‪،‬‬
‫ولطائف الشارات‪ ،‬والشباه والنظائر‪ ،‬وغيها‪.‬‬
‫فك ّل نوع من هذه الفوائد له ف عقل الطالب الاد وَقلْبه مكانه الاصّ به اللئق بثله‪ ،‬فمعرفة اقتناص‬
‫الفوائد شيء‪ ،‬وسرعة اقتناصها والحتفاظ با شيء ثانٍ‪ ،‬ث معرفة توظيفها ووضعها ف مكانا اللئق با شيءٌ‬
‫ثالث‪ ،‬فإذا أجتمعت هذه الثلثة استكملَ الطالبُ فوائ َد القراءة وجن ثرتَها‪.‬‬
‫قال المام النووي‪– 346‬وهو يرشد الطالب إل تعليق النفائس والغرائب ما يراه ف الطالعة أو يسمعه‬
‫من شيخه‪(( :-‬ول يتقرن فائدة يراها أو يسمعها ف أيّ ف ّن كانت‪ ،‬بل يُبادِر إل كتابتها‪ ،‬ث يواظب على‬
‫مطالعة ما كتبه‪ ))...‬اهـ‪.‬‬
‫وقال‪– 347‬أيضًا‪(( :-‬ول يؤخّر تصيل فائدة –وإن قَلّت‪ -‬إذا تكّن منها‪ ،‬وإنْ أمِ َن حصولا بعد‬
‫حصّل غيَها)) اهـ‪.‬‬
‫ساعة‪ ،‬لن للتأخيِ آفاتٌ‪ ،‬ولنه ف الزمن الثان يُ َ‬
‫فهذه نصيحة غالية‪ ،‬وَلفْتَةٌ من إمام‪ ،‬فتمسّك با ُتفْلِح‪.‬‬
‫سرَته على فوائد فاته تقييدُها فشردت‪ ،‬أو اتكل على حافظته فخانته‬
‫فكم من عا ٍل أبدى أ َسفَه وحَ ْ‬
‫(والفظ خوّان)‪ ،‬فهذا المام اب ُن حجر (حافظ عصره) فاتَه تقيي ُد شيءٍ من الفوائد فتأسّف عليه‪ ،‬قال تلميذه‬

‫‪346‬‬
‫((الجموع))‪.)39 /1( :‬‬
‫‪347‬‬
‫الصدر نفسه‪.)38 /1( :‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫السخاوي ف ((الواهر والدرر))‪(( :348‬أما التفسي‪ ،‬فكان فيه آيةٌ من آيات ال تعال‪ ،‬بيث كان يُ ْظهِر‬
‫التأسّفَ ف إهال تقييد ما يقع له من ذلك ما ل يكون منقولً‪ ...‬وف أواخر المر صار بعض طلبته يعتن‬
‫بكتابة ذلك))‪.‬‬
‫وصدق القائل‪(( :‬وكم َحسَراتٍ ف بطونِ القابرِ))‪.‬‬
‫وأنت إذا نظت ف سِيَر العلماء‪ ،‬وكيف حرصهم على اغتنام الزمان وتقييد الفوائد رأيتَ عجبًا!‪.‬‬
‫لفْظ) يستيقظ مراتٍ كثية ف الليل لُيقَيّد الفوائد‪ ،‬قال‬
‫* فهذا المام البخاري –رحه ال‪( -‬جَبَ ُل ا ِ‬
‫راويته ال َفرَبري‪(( :‬كنت مع ممد بن إساعيل بنله ذات ليلةٍ‪ ،‬فأحصيت عليه أنه قام وأ ْسرَجَ يستذكر أشياءَ‬
‫يُعلّقها ف ليلةٍ ثان عشرة مرّة))‪.349‬‬
‫ي –لّا كانا بصر‪ -‬أنه كان يرج ف‬
‫* وهذا المام الشافعي (‪ )204‬يكي عنه صاحبُه الُمَيْد ّ‬
‫بعض الليال فإذا مصباح منل الشافعي مُسْرج‪ ،‬فيصعد إليه ((فإذا ِقرْطاس و َدوَاة‪ ،‬فأقول‪َ :‬مهْ يا أبا عبدال!‬
‫خفْت أن يذهب عََليّ‪ ،‬فأمرت بالصباح وكتبته))‪.350‬‬
‫فيقول‪ :‬تفكّرت ف معن حديث –أو ف مسألة‪ -‬ف ِ‬
‫* وقد مرّ معنا خب أب الوفاء بن عقيل النبلي‪ ،‬فل نعيدُه‪.351‬‬
‫* وذكر ابنُ البّار الافظُ ف ((معجم أصحاب الصدف))‪ 352‬ف ترجة العلّمة أب القاسم ابن ورد‬
‫التميمي (‪ )540‬أنه كان ل ُيوْتى بكتابٍ إل نظر أعله وأسفله‪ ،‬فإن وجد فيه فائدة نقلَها ف أوراق عنده‪،‬‬
‫حت جع من ذلك موضوعًا‪.‬‬

‫‪348‬‬
‫(‪.)611 /2‬‬
‫‪349‬‬
‫((السي))‪.)404 /12( :‬‬
‫‪350‬‬
‫((آداب الشافعي ومناقبه))‪( :‬ص‪ )45 -44 /‬لبن أب حات‪.‬‬
‫‪351‬‬
‫(ص‪.)40 /‬‬
‫‪352‬‬
‫(ص‪.)25 /‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫‪353‬‬
‫* وذكر الافظ ابن حجر ف ترجة المام الزركشي (‪ )794‬صاحب ((البحر الحيط)) وغيه‬
‫أنه كان يتردد إل سوق الكتب‪ ،‬فإذا حضره أخَ َذ يُطَالع ف حانوت الكتب طول ناره‪ ،‬ومعه ظهور أوراق‬
‫يُعلّق فيها ما يعجبه‪ ،‬ث يرجع فينقله إل تصانيفه‪.‬‬
‫وقد دوّن كثي من العلماء هذه الفوائد ف كتب مفردة‪ ،‬مثل‪(( :‬الفنون)) لبن عقيل وهو من أضخم‬
‫الكتب‪ ،‬و((الفوائد العونية)) للوزير ابن هبية‪ ،‬و((صيد الاطر)) وغيه لبن الوزي‪ ،‬و((قيد الوابد)) ف (‬
‫‪ 400‬ملد) للدعول‪ ،‬و((عيون الفوائد)) لبن النجار ف (‪ 6‬أسفار)‪ ،‬و((بدائع الفوائد)) و((الفوائد)) لبن‬
‫القيم‪ ،‬و((التذكرة)) للكندي ف (‪ 50‬ملدًا)‪ ،‬و((ممع الفوائد ومنبع الفرائد)) للمقريزي كالتذكرة له ف نو‬
‫(‪ 100‬ملد)‪ 354‬وتذكرة السيوطي ف أنواع الفنون ف ‪ 50‬ملدًا‪ ،‬وتذكرة الصفدي ف ملدات كثية أكثر‬
‫من (‪ )30‬منها أجزاء مطوطة‪ .‬وغيها كثي‪.‬‬
‫ول يتوهّم ّن أحدٌ لجل ثنائنا وإشادتنا بتقييد العلم وتدوين الفوائد‪ ،‬أنّا نُقلّل من أهية الفظ ونط من‬
‫شأنه‪ ،‬كلّ‪ ،‬إذ ل تعارض بينهما بمد ال تعال‪ ،‬وهل من ذكرنا خبهم –قريبًا‪ -‬ف حِرصهم على التقييد‪...‬‬
‫إل من أكابر الفّاظ!!‪.‬‬
‫والمد ل الذي بنعمته تتم الصالات‪.‬‬
‫***‬

‫‪353‬‬
‫((الدرر الكامنة))‪.)398 -397 /3( :‬‬
‫‪354‬‬
‫وقيل (‪.)80‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫فهرس الصادر‬
‫‪-‬أ‪-‬‬
‫‪ 1‬ـ آداب الشافعي ومناقبه‪ ،‬لبن أب حات الرازي‪ ،‬تقيق عبدالغن عبدالالق‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أدب الدنيا والدين‪ ،‬للماوردي‪ ،‬تقيق شريف سكر ورفيقه‪ ،‬دار إحياء العلوم‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الدب الفرد‪ ،‬للبخاري‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ إرشاد الريب ف معرفة الديب‪ ،‬لياقوت الموي‪ ،‬تقيق مرجليوث‪ ،‬دار إحياء التراث العرب‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ أزهار الرياض ف أخبار القاضي عياض‪ ،‬للمقّري‪ ،‬طبع الغرب‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ إشارة التعيي ف طبقات النحاة واللغويي‪ ،‬لعبدالباقي اليمان‪ ،‬تقيق عبدالجيد دياب‪ ،‬مؤسسة اللك‬
‫فيصل اليية‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫‪ 7‬ـ أضواء البيان ف تفسي القرآن بالقرآن‪ ،‬للمي الشنقيطي‪ ،‬مكتبة ابن تيمية‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ العلم‪ ،‬للزركلي‪ ،‬دار العلم للمليي‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ إعلم الوقعي عن رب العالي‪ ،‬لبن القيم‪ ،‬دار اليل‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ العلن بالتوبيخ لن ذم أهل التاريخ‪ ،‬للسخاوي‪ ،‬تقيق فرانز روزنثال‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ أعيان العصر وأعوان النصر‪ ،‬للصفدي‪ ،‬تقيق علي أبو زيد ورفاقه‪ ،‬دار الفكر ومركز جعة الاجد‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ إكمال العلم بفوائد مسلم‪ ،‬للقاضي عياض‪ ،‬تقيق يي إساعيل‪ ،‬دار الوفاء‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ أنا‪ ،‬للعقاد‪ ،‬الكتبة العصرية‪.‬‬
‫‪ 14‬ـ إنباء الغمر بأبناء العمر‪ ،‬للحافظ ابن حجر‪ ،‬دائرة العارف العثمانية‪.‬‬
‫‪ 15‬ـ إنباه الرواة على أنباء النحاة‪ ،‬للوزير القِفطي‪ ،‬تقيق أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬دار الفكر العرب ومؤسسة‬
‫الكتب الثقافية‪.‬‬
‫‪ 16‬ـ النساب‪ ،‬للسمعان‪ ،‬دار النان‪.‬‬
‫‪-‬ب‪-‬‬
‫‪ 17‬ـ البدر الطالع بحاسن من بعد القرن السابع‪ ،‬للشوكان‪ ،‬مكتبة ابن تيمية‪.‬‬
‫‪ 18‬ـ بستان العارفي‪ ،‬للنووي‪ ،‬دار البشائر‪.‬‬
‫‪ 19‬ـ بغية الوعاة ف طبقات اللغويي والنحاة‪ ،‬للسيوطي‪ ،‬تقيق أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬الكتبة العصرية‪.‬‬
‫‪ 20‬ـ البيان والتبيّن‪ ،‬للجاحظ‪ ،‬تقيق عبدالسلم هارون‪ ،‬مصورة دار الفكر‪.‬‬
‫‪-‬ت‪-‬‬
‫‪ 21‬ـ تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬للزبيدي‪ ،‬مصورة عن طبعة بولق‪.‬‬
‫‪ 22‬ـ تاريخ السلم ووفيات الشاهي والعلم‪ ،‬للذهب‪ ،‬تقيق عمر عبدالسلم تدمري‪ ،‬دار الكتاب‬
‫العرب‪.‬‬
‫‪ 23‬ـ تاريخ بغداد‪ ،‬للخطيب البغدادي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ 24‬ـ تاريج جرجان‪ ،‬للسهمي‪ ،‬تقيق عبدالرحن العلمي‪ ،‬دار اليل‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫‪ 25‬ـ تاريخ عجائب الثار ف التراجم والخبار‪ ،‬للجبت‪ ،‬دار اليل‪.‬‬


‫‪ 26‬ـ التبك أنواعه وأحكامه‪ ،‬للجديع‪ ،‬مكتبة الرشد‪.‬‬
‫‪ 27‬ـ تبيي كذب الفتري على أب السن الشعري‪ ،‬لبن عساكر‪ ،‬دار الكتاب العرب‪.‬‬
‫‪ 28‬ـ التحبي ف العجم الكبي‪ ،‬للسمعان‪ ،‬تقيق منية ناجي سال‪ ،‬العراق‪.‬‬
‫‪ 29‬ـ تفة الشراف بعرفة الطراف‪ ،‬للمزي‪ ،‬تقيق عبدالصمد شرف الدين‪ ،‬الكتب السلمي والدار‬
‫القيمة‪.‬‬
‫‪ 30‬ـ تذكرة الفاظ‪ ،‬للذهب‪ ،‬تقيق العلمي‪ ،‬دار إحياء التراث العرب‪.‬‬
‫‪ 31‬ـ التراتيب الدارية‪ ،‬لعبدالي الكتان‪ ،‬دار الكتاب العرب‪.‬‬
‫‪ 32‬ـ ترتيب الدارك لعرفة أعلم مذهب مالك‪ ،‬للقاضي عياض‪ ،‬وزارة الوقاف بالغرب‪.‬‬
‫‪ 33‬ـ تغريب اللقاب العلمية‪ ،‬لبكر أبو زيد‪ ،‬دار الراية‪.‬‬
‫‪ 34‬ـ تفسي الازن‪ ،‬للخازن‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ 35‬ـ تفسي القرآن العظيم‪ ،‬لبن كثي‪ ،‬دار العرفة‪.‬‬
‫‪ 36‬ـ تقييد العلم‪ ،‬للخطيب البغدادي‪ ،‬تقيق يوسف العش‪ ،‬دار الوعي حلب‪.‬‬
‫‪ 37‬ـ التقييد لرواة السنن والسانيد‪ ،‬لبن نقطة‪ ،‬مصورة عن الندية‪.‬‬
‫‪ 38‬ـ التكملة لكتاب الصلة‪ ،‬لبن البّار‪ ،‬دار العرفة بالغرب‪.‬‬
‫‪ 39‬ـ التكملة ل َوفَيات النقلة‪ ،‬للمنذري‪ ،‬تقيق بشار عواد‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪ 40‬ـ تذيب التهذيب‪ ،‬لبن حجر‪ ،‬دائرة العارف العثمانية‪.‬‬
‫‪ 41‬ـ توثيق النصوص وضبطها‪ ،‬لوفّق بن عبدالقادر‪ ،‬الكتبة الكية‪.‬‬
‫‪ 42‬ـ ابن تيميّة السّلفي‪ ،‬لحمد خليل الراس‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ -‬جـ ‪-‬‬
‫‪ 43‬ـ جامع بيان العلم وفضله‪ ،‬لبن عبدالب‪ ،‬تقيق الزّهيي‪ ،‬دار ابن الوزي‪.‬‬
‫‪ 44‬ـ جامع العلوم والكم‪ ،‬لبن رجب النبلي‪ ،‬تقيق شعيب الرناووط ورفيقه‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫‪ 45‬ـ الامع لسية شيخ السلم ابن تيمية‪ ،‬لعلي العمران‪ ،‬وممد عزير شس‪ ،‬دار عال الفوائد‪.‬‬
‫‪ 46‬ـ الرح والتعديل‪ ،‬لبن أب حات‪ ،‬دائرة العارف العثمانية‪.‬‬
‫‪ 47‬ـ الليس الصال الكاف والنيس الناصح الشاف‪ ،‬للنهروان‪ ،‬تقيق الول وإحسان عباس‪ ،‬عال الكتب‪.‬‬
‫‪ 48‬ـ جواهر العقدين ف فضل الشرفي‪ ،‬للسمهودي‪ ،‬طبع العراق‪.‬‬
‫‪ 49‬ـ الواهر الضيّة ف طبقات النفية‪ ،‬للقرشي‪ ،‬تقيق اللو‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪ 50‬ـ الواهر والدرر ف ترجة الافظ ابن حجر‪ ،‬للسخاوي‪ ،‬طبعة مصر‪ ،‬وطبعة دار ابن حزم تقيق‬
‫إبراهيم باجس‪.‬‬
‫‪ -‬حـ ‪-‬‬
‫‪ 51‬ـ الافظ ابن حجر أمي الؤمني ف الديث‪ ،‬لعبدالستار الشيخ‪ ،‬دار القلم‪.‬‬
‫‪ 52‬ـ الث على طلب العلم والجتهاد ف جَمْعه‪ ،‬للعسكري‪ ،‬الكتب السلمي‪.‬‬
‫‪ 53‬ـ حلية طالب العلم‪ ،‬لبكر أبو زيد‪ ،‬دار الراية‪.‬‬
‫‪ 54‬ـ اليوان‪ ،‬للجاحظ‪ ،‬تقيق عبدالسلم هارون‪ ،‬الباب اللب‪.‬‬
‫‪ -‬خـ ‪-‬‬
‫‪ 55‬ـ خزائن الكتب العربية ف الافقي‪ ،‬لفيليب دي طرازي‪ ،‬طبع لبنان‪.‬‬
‫‪ 56‬ـ خلصة الثر ف أعيان القرن الادي عشر‪ ،‬للمحب‪ ،‬دار الكتاب السلمي‪.‬‬
‫‪-‬د‪-‬‬
‫‪ 57‬ـ الدرر الكامنة ف أعيان الئة الثامنة‪ ،‬لبن حجر‪ ،‬تقيق كرنكو‪.‬‬
‫‪ 58‬ـ الدر النثور ف التفسي بالأثور‪ ،‬للسيوطي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ 59‬ـ درة الِجَال ف غرة أساء الرجال‪ ،‬للمكناسي‪ ،‬تقيق ممد الحدي أبو النور‪.‬‬
‫‪-‬ذ‪-‬‬
‫‪ 60‬ـ الذكريات‪ ،‬لعلي الطنطاوي‪ ،‬دار النارة بدة‪.‬‬
‫‪ 61‬ـ الذهب ومنهجه ف تاريخ السلم‪ ،‬لبشار عواد‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫‪ 62‬ـ ذيل تاريخ السلم‪ ،‬للذهب‪ ،‬مطوط نسخة ليدن‪.‬‬


‫‪ 63‬ـ الذيل التام على دول السلم‪ ،‬للسخاوي‪ ،‬تقيق إساعيل مروة‪ ،‬دار العروبة الكويت‪.‬‬
‫‪ 64‬ـ ذيل التقييد لرواة السنن والسانيد‪ ،‬للفاسي‪ ،‬تقيق ممد صال الراد‪ ،‬جامعة أم القرى‪.‬‬
‫‪ 65‬ـ ذيل الروضتي ف أخبار الدولتي‪ ،‬لب شامة القدسي‪ ،‬دار اليل‪.‬‬
‫‪ 66‬ـ الذيل على طبقات النابلة‪ ،‬لبن رجب‪ ،‬تقيق الفقي‪ ،‬دار العرفة‪.‬‬
‫‪-‬ر‪-‬‬
‫‪ 67‬ـ رجال من التاريخ‪ ،‬لعلي الطنطاوي‪ ،‬دار النارة جدة‪.‬‬
‫‪ 68‬ـ الرحلة ف طلب الديث‪ ،‬للخطيب البغدادي‪ ،‬تقيق نور الدين عتر‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫‪ 69‬ـ رسالة ف الطريق إل ثقافتنا‪ ،‬لحمود شاكر‪ ،‬دار الاني‪.‬‬
‫‪ 70‬ـ رسالة مداواة النفوس‪ ،‬لبن حزم‪ ،‬ضمن رسائل ابن حزم‪ ،‬تقيق إحسان عباس‪ ،‬الؤسسة العربية‪.‬‬
‫‪ 71‬ـ رسالة مراتب العلوم‪ ،‬لبن حزم‪ ،‬ضمن رسائل ابن حزم‪ ،‬تقيق إحسان عباس‪ ،‬الؤسسة العربية‪.‬‬
‫‪ 72‬ـ روح العان‪ ،‬لللوسي‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ 73‬ـ روضة الحبي‪ ،‬لبن القيم‪ ،‬تقيق أحدعبيد‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪-‬ز‪-‬‬
‫‪ 74‬ـ الزهد‪ ،‬للمام أحد‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪-‬س‪-‬‬
‫‪ 75‬ـ السلوك ف طبقات العلماء واللوك‪ ،‬للجندي‪ ،‬تقيق ممد الكوع‪ ،‬مكتبة الرشاد‪.‬‬
‫‪ 76‬ـ سنن الدارمي‪ ،‬للدارمي‪ ،‬تقيق الزمرل‪ ،‬دار الكتاب العرب‪.‬‬
‫‪ 77‬ـ السياق لتاريخ نيسابور‪ ،‬لعبدالغافر الفارسي (مطوط)‪.‬‬
‫‪ 78‬ـ سي أعلم النبلء‪ ،‬للذهب‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪ 79‬ـ شذرات الذهب ف أخبار من ذهب‪ ،‬لبن العماد‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ 80‬ـ شرح صحيح مسلم‪ ،‬للنووي‪ ،‬الطبعة الصرية‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫‪ 81‬ـ الشعر والشعراء‪ ،‬لبن قتيبة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬


‫‪ 82‬ـ شواهد العجاز القرآن‪ ،‬لعودة أبو عودة‪ ،‬دار عمار والبيارق‪.‬‬
‫‪-‬ص‪-‬‬
‫‪ 83‬ـ صحيح البخاري‪ ،‬للبخاري‪ ،‬مع الفتح‪.‬‬
‫‪ 84‬ـ صحيح مسلم‪ ،‬لسلم‪ ،‬الباب اللب‪.‬‬
‫‪ 85‬ـ الصلة‪ ،‬لبن بشكوال‪ ،‬تقيق السين‪ ،‬دار الاني‪.‬‬
‫‪ 86‬ـ صيد الاطر‪ ،‬لبن الوزي‪ ،‬طبعة دار الكتاب العرب‪ ،‬وطبعة دار اليقي تقيق عبدالرحن الب‪.‬‬
‫‪-‬ض‪-‬‬
‫‪ 87‬ـ الضوء اللمع لهل القرن التاسع‪ ،‬للسخاوي‪ ،‬طبعة القدسي‪.‬‬
‫‪-‬ط‪-‬‬
‫‪ 88‬ـ الطالع السعيد‪ ،‬للدفوي‪ ،‬الدار الصرية للتأليف والترجة‪.‬‬
‫‪ 89‬ـ طبقات النابلة‪ ،‬لبن أب يعلى‪ ،‬تقيق حامد الفقي‪ ،‬دار العرفة‪.‬‬
‫‪ 90‬ـ الطبقات السنية ف طبقات النفية‪ ،‬للتميمي‪ ،‬تقيق اللو‪ ،‬دار الرفاعي‪.‬‬
‫‪ 91‬ـ طبقات الشافعية الكبى‪ ،‬للسبكي‪ ،‬تقيق الطناحي واللو‪ ،‬الباب اللب‪.‬‬
‫‪ 92‬ـطبقات علماء أفريقية وتونس‪ ،‬لب العرب التميمي‪ ،‬تقيق علي الشاب‪ ،‬ونعيم الاف‪ ،‬الدار التونسية‪.‬‬
‫‪ 93‬ـ طبقات فقهاء اليمن‪ ،‬للجعدي‪ ،‬تقيق فؤاد السيد‪ ،‬دار القلم‪.‬‬
‫‪ 94‬ـ طبقات الفسرين‪ ،‬للداوودي‪ ،‬تقيق علي ممد عمر‪.‬‬
‫‪-‬ع‪-‬‬
‫‪ 95‬ـ العقود الدرية من مناقب شيخ السلم أحد بن تيمية‪ ،‬لبن عبدالادي‪ ،‬تصوير مكتبة العارف‬
‫الطائف‪.‬‬
‫‪ 96‬ـ العلل التناهية ف الحاديث الواهية‪ ،‬لبن الوزي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ 97‬ـ العلم‪ ،‬لب خيثمة‪ ،‬تقيق اللبان‪ ،‬دار الرقم‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫‪ 98‬ـ عمدة القاري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬للعين‪ ،‬النيية‪.‬‬


‫‪ 99‬ـ عنوان الدراية‪ ،‬للغبين‪ ،‬تقيق عادل نويهض‪ ،‬دار الفاق الديدة‪.‬‬
‫‪ 100‬ـ عنوان الزمان ف تراجم الشيوخ والقران‪ ،‬للبِقاعي‪ ،‬مطوط نسخة كوبريلي‪.‬‬
‫‪-‬غ‪-‬‬
‫‪ 101‬ـ الغنية‪ ،‬للقاضي عياض‪ ،‬تقيق ممد بن عبدالكري‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪.‬‬
‫‪-‬ف‪-‬‬
‫‪ 102‬ـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬دار الريان للتراث‪.‬‬
‫‪ 103‬ـ فضل علم السلف على علم اللف‪ ،‬لبن رجب‪ ،‬تقيق العجمي‪ ،‬دار البشائر‪.‬‬
‫‪ 104‬ـ الفضل البي ف شرح الربعي‪ ،‬للقاسي‪ ،‬تقيق البيطار‪ ،‬دار النفائس‪.‬‬
‫‪ 105‬ـ الفكر السامي ف تاريخ الفقه السلمي‪ ،‬للحجوي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ 106‬ـ الفلكة والفلوكون‪ ،‬للدّلي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ 107‬ـ الفنون الصغرى‪ ،‬لب عبدالرحن بن عقيل الظاهري‪ ،‬النادي الدب بالطائف‪.‬‬
‫‪ 108‬ـ الفوائد‪ ،‬لبن القيم‪ ،‬مكتبة دار البيان‪.‬‬
‫‪ 109‬ـ فوائد تام‪ ،‬لتمام الرازي‪ ،‬تقيق حدي السلفي‪ ،‬مكتبة الرشد‪.‬‬
‫‪ 110‬ـ الفهرس الشامل للتراث العرب الخطوط‪ ،‬صدر عن جامعة آل البيت بالردن‪.‬‬
‫‪ 111‬ـ فهرس الفهارس والثبات ومعجم العاجم والشيخات والسلسلت‪ ،‬للكتان‪ ،‬تقيق إحسان عباس‪،‬‬
‫دار الغرب‪.‬‬
‫‪-‬ق‪-‬‬
‫‪ 112‬ـ القبس الاوي لدرر ضوء السخاوي‪ ،‬للشماعي‪ ،‬تقيق إساعيل مروة‪ ،‬دار صادر‪.‬‬
‫‪ 113‬ـ قطف الثمر ف رفع أسانيد الصنفات ف الفنون والثر‪ ،‬للفُلّن‪ ،‬تقيق عامر صبي‪ ،‬دار الشروق‬
‫جدة‪.‬‬
‫‪ 114‬ـ قواعد التحديث‪ ،‬للقاسي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫‪-‬ك‪-‬‬
‫‪ 115‬ـ الكتاب ف الضارة السلمية‪ ،‬ليحي البوري‪ ،‬دار الغرب‪.‬‬
‫‪ 116‬ـ الكشاف‪ ،‬للزمشري‪ ،‬دار العرفة‪.‬‬
‫‪ 117‬ـ كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون‪ ،‬لاجي خليفة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ 118‬ـ الكواكب السائرة ف أعيان الئة العاشرة‪ ،‬للغزي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪-‬ل‪-‬‬
‫‪ 119‬ـ لظ اللاظ بذيل طبقات الفاظ‪ ،‬لبن فهد‪ ،‬دار إحياء التراث العرب‪.‬‬
‫‪ 120‬ـ لحات من تاريخ الكتب والكتبات‪ ،‬لعبدالستار اللوجي‪ ،‬دار الثقافة‪.‬‬
‫‪-‬م‪-‬‬
‫‪ 121‬ـ ملة الجمع العلمي الندي‪ ،‬الند‪.‬‬
‫‪ 122‬ـ ممع الزوائد ومنبع الفوائد‪ ،‬للهيثمي‪ ،‬مؤسسة العارف‪.‬‬
‫‪ 123‬ـ الجمع الؤسّس للمعجم الفهرس‪ ،‬لبن حجر‪ ،‬تقيق يوسف الرعشلي‪ ،‬دار العرفة‪.‬‬
‫‪ 124‬ـ الجموع‪ ،‬للنووي‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ 125‬ـ ماسن التأويل‪ ،‬للقاسي‪ ،‬تقيق ممد فؤاد عبدالباقي‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ 126‬ـ متصر طبقات علماء الديث لبن عبدالادي‪ ،‬تقيق إبراهيم الزيبق ورفيقه‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪ 127‬ـ الدخل إل مذهب المام أحد بن حنبل‪ ،‬لبن بدران‪ ،‬تقيق التركي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪ 128‬ـ الدخل الفصل إل فقه المام أحد بن حنبل‪ ،‬لبكر أبو زيد‪ ،‬دار العاصمة‪.‬‬
‫‪ 129‬ـ الرقبة ال ُعلْيا فيمن يستحق القضاء والفتيا لب السن الالقي‪ ،‬الكتب التجاري للطباعة‪.‬‬
‫‪ 130‬ـ مسائل ف طلب العلم وأقسامه‪ ،‬للذهب‪ ،‬ضمن ست رسائل للذهب‪ ،‬تقيق جاسم الدوسري‪ ،‬الدار‬
‫السلفية‪.‬‬
‫‪ 131‬ـ الستدرك على الصحيحي‪ ،‬للحاكم‪ ،‬دائرة العارف العثمانية‪.‬‬
‫‪ 132‬ـ السند‪ ،‬للمام أحد‪ ،‬الكتب السلمي‪.‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫‪ 133‬ـ مسند الشاميي‪ ،‬للطبان‪ ،‬تقيق حدي السلفي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬


‫‪ 134‬ـ مشيخة أب الواهب النبلي‪ ،‬لب الواهب‪ ،‬تقيق ممد مطيع الافظ‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ 135‬ـ الطالب العالية بزوائد السانيد الثمانية‪ ،‬لبن حجر‪ ،‬دار الوطن‪.‬‬
‫‪ 136‬ـ معجم أصحاب أب علي الصدف‪ ،‬لبن البار‪ ،‬دار صادر‪.‬‬
‫‪ 137‬ـ العجم الوسط‪ ،‬للطبان‪ ،‬تقيق الطحان‪ ،‬مكتبة العارف الرياض‪.‬‬
‫‪ 138‬ـ معجم البلدان‪ ،‬لياقوت الموي‪ ،‬دار إحياء التراث‪.‬‬
‫‪ 139‬ـ معجم الشيوخ‪ ،‬للذهب‪ ،‬تقيق ممد اليلة‪ ،‬مكتبة الصديق‪.‬‬
‫‪ 140‬ـ العجم الكبي‪ ،‬للطبان‪ ،‬تقيق حدي السلفي‪ ،‬العراق‪.‬‬
‫‪ 141‬ـ معرفة القراء الكبار‪ ،‬للذهب‪ ،‬تقيق أحد خان‪ ،‬مؤسسة اللك فيصل اليية‪.‬‬
‫‪ 142‬ـ مفتاح دار السعادة‪ ،‬لبن القيم‪ ،‬تقيق علي عبدالميد‪ ،‬دار ابن عفان‪.‬‬
‫‪ 143‬ـ الفهم على صحيح مسلم‪ ،‬لب العباس القرطب‪ ،‬دار ابن كثي‪ ،‬والكلم الطيب‪.‬‬
‫‪ 144‬ـ القاصد السنة ف الحاديث الشتهرة على اللسنة للسخاوي‪ ،‬دار الجرة بيوت‪.‬‬
‫‪ 145‬ـ القفى الكبي‪ ،‬للمقريزي‪ ،‬تقيق اليعلوي‪ ،‬دار الغرب‪.‬‬
‫‪ 146‬ـ ملء العيبة با جُمع بطول الغَيْبة‪ ،‬لبن رُشيْد الفهري‪ ،‬تقيق ممد بالوجة‪ ،‬دار الغرب‪.‬‬
‫‪ 147‬ـ ملحق البدر الطالع‪ ،‬لحمد زبارة‪ ،‬مكتبة ابن تيمية‪.‬‬
‫‪ 148‬ـ النتظم ف أخبار اللوك والمم‪ ،‬لبن الوزي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ 149‬ـ منهاج السنة النبوية ف نقض كلم الشيع والقدرية‪ ،‬لبن تيمية‪ ،‬تقيق ممد رشاد سال‪ ،‬جامعة‬
‫المام‪.‬‬
‫‪ 150‬ـ الوافقات‪ ،‬للشاطب‪ ،‬تقيق مشهور حسن سلمان‪ ،‬دار ابن عفان‪.‬‬
‫‪-‬ن‪-‬‬
‫‪ 151‬ـ نظم العقيان ف أعيان العيان‪ ،‬للسيوطي‪ ،‬الكتبة العلمية‪.‬‬
‫‪ -‬هـ ‪-‬‬
‫المشوق إلى القراءة وطلب العلم‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫‪ 152‬ـ هجر العلم ومعاقله ف اليمن‪ ،‬للقاضي إساعيل الكوع‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪-‬و‪-‬‬
‫‪ 153‬ـ الواف بالوفيات‪ ،‬للصفدي‪ ،‬نشر جعية الستشرقي‪.‬‬
‫‪ 154‬ـ الوفيات‪ ،‬لبن رافع السلمي‪ ،‬تقيق صال مهدي عباس ورفيقه‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪ 155‬ـ وفيات العيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬لبن خلكان‪ ،‬تقيق إحسان عباس‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫***‬

You might also like