Professional Documents
Culture Documents
الُ َ
إِلَى القِرَا َءةِ َوطَلَبِ العِلْمِ
تألِيفُ
علي بن ممّد العمران
الطبعة الثانية
(( 2روضة الحبي))( :ص .)69 /وانظر فصلً ف ((لذة العلم)) ف ((أبد العلوم)) )1/100( :للقنوجي .و((مداواة النفوس)) لبن
حزم.
3الصدر نفسه( :ص.)201 /
ل حفيلً ف (العلم وفضله وشرفه ،وبيان عموم الاجة إليه ،وتوقّف كمال العبد وناته ف معاشِه ومعادِه عليه) للمام
4انظر فصلً طوي ً
ابن قيم الوزية ف كتابه ((مفتاح دار السعادة)).)398 -3 /2 ،555 -219 /1( :
أقول :وف بيان العلم وفضله مصنفات مفردة منها:
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
ـ2ـ
كان الباعث ل على تصنيف هذا الكتاب وتأليفه أمران:
الول :ما رأيته -ورآه غيي -من ُعزُوف كثي من (طلبة العلم!!) -ل سواهم -عن إيلء كتب
العلم مكانتها ،وإنزالا منلتها ،فاشتغلوا عنها بغيها.
* فجماعة منهم ظنوا أنم قد بلغوا من العلم ما ل يُحتاج معه إل مزيد قراءةٍ واطلع ،فقنعوا با
أحرزوه من ألقاب!! وشهادات!! ومناصب ووجاهة!!.
فما هو إل أن حاز ((اللقب)) حت أعرض عن الطّلَب ،وقد كان يدّعي العكس ،يقول :دعون أضع
ه ّم ((اللقب)) ث ُأ ْمعِن ف الطلب! فما باله انقلب!!.
وياليته وقف هنا فحسب ،لكنه اتكأ على أريكته وعرّض الوساد ،وتنمّر على العباد ،وانسلخ من
طلب العلم إل طلب الدنيا ،فأصبح ((اللقب) حينئذٍ خديعة يدع با الرءُ نفسَه وغيه.
ولو كانت اللقاب تؤخذ عن أهليّ ٍة واستحقاق ،لنان ال ْطبُ وانقطع الِطاب ،لكن العكس هو
الواقع ،فأصبحتْ أحيانًا تُباع وتُشْترى ،وأحيانًا تُعطى لبحوثٍ هزيلة ،وأحيانًا لبحوث منقولة عن غيها،
وهكذا ف سلسلة نكِدة من التخاذل العلمي ،فهل يوثق بعد هذا بشهادةٍ أو لقب5؟!.
وما أصدق الشاعر ممد رضا الشِّبيْب العراقي ف قوله:
لمْ ِد ومَكْذوبُ الثّنا
باطلُ ا َ فتنةُ الناسٍ -وُِقيْنا الفِتَنا-
صرَ ألقابٍ كِبارٍ وكُن
َع ْ ل تزلْ -ويكَ يا عصرُ أَفِقْ-
((فضل العلم والعلماء)) لميد بن زياد ((( ،)310فرض طلب العلم)) للجري ((( ،)360جامع بيان العلم وفضله)) لبن عبدالب (
(( ،)463الث على حفظ العلم)) للعسكري ،وابن عساكر ،وابن الوزي ،و((جواهر العقدين ف فضل الشرفي)) للسمهودي (
،)909و((التنبيه والعلم بفضل العلم والعلم ،للعميي ( ،)1178و((تفضيل شرف العلم على شرف النسب)) لحمد سعيد صقر
( ،،)1194و((إرشاد الطلب إل فضيلة العلم والعمل والداب)) لحمد بن مانع (.)1385
5لكن بعض الصالي ل يستطع التخلّصَ من ضغط الواقع ف اعتبار هذه (اللقاب السحرية!!) كل شيءٍ ،فمع يقينه أنا ل شيء إل أنه
-دائمًا -ل يستطيع أن يكتب اسه دون أن يسبقه بـ (اللقب) ،وتال لو وضع قبل اسه ما شاء من ألقابٍ وشارات َلمَا أغناه ذلك
ب معه ك ّل شيءٍ. شيئًا! ولكنه اللقب ،فمت سُِلبَ ُسلِ َ
وبعض هؤلء يُعبّر بطريقة أُخرى ،فحالا يصل على شهادة ((اللقب)) إل ويسارع بوضعها ف مكان بارزٍ ف مكتبته ماطة بإطار جيل،
ولسان حاله يقول :ل أب! لقد بلغتُ مرتبة الراسخي!!.
وفي َمتُها الّنقْش الذي ف إطارِها وكم من شهاداتٍ َيغُرّ جالُها
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
إن من واجبات أهل العلم اليوم :تبصي النشى بأهّية هذا التراث الذي خلّفه الجداد ،فهو ُعصَارة
عقولم لقرونٍ عديدة ،وثرة جعهم وسهرهم لماد مديدة.
إن من واجباتم -أيضًا -النهوض بذا التراث ،والِفاظ على هذه الترِكة الت ل َيقْدُرها قدرَها إل
هم ،ول يستطيع الفاظَ عليها حقّا إل هم.
إن الفاظ على هذه الثروة ل يكون بجرّد َرصْفها ف خزائن أنيقة ،ول بترتيبها وتزويقها وتنميقها،
ول بنشرها وتقيقها ،كل! ليس بذلك فقط ،لكن خي وسيلة لفظها ،وأنع طريقة للحفاظ عليها هي :بعث
الركة العلمية وإنائها ،وإيقاظ المم وإعلئها ،بيث نضيف ك ّل يوم إل صفوف القراء (والقراء حقّا) عددًا
جديدًا ،يع ُكفُون عليها ويستجلون فوائدَها ،فبهذه الطريقة ،وبا َوحْدَها ،تنمو وتكتمل ك ّل الوسائل الساعدة
شرٍ ،)...وسيسعى طلبُ العلم و ُروّاد العرفة حثيثًا تُجاه إناء كلّ ذلك بدافعٍ ذات
(من َخزْن و َرصْفٍ وَن ْ
واقتناع شخصي ،لنم أصبحوا ساعتئ ٍذ ف أمسّ الاجة إليها ،ومن أعرف الناس بقيمتها.
فيوم كان العلماء يتنافسون ف اقْتِناء الكتب ،ويتبارون ف تصيلها واستنساخها ،ويعكُفون على
قراءتا وإقرائها (ما ستراه ف هذه الرسالة) يوم كانوا كذلك ،نشِطَت حركةُ التأليف والنسخ ،بل وجيع
ضروب خدمة الكتاب.10
فإذا أوجدنا القرّاء ُوجِد معهم كلّ شيءٍ ،وإل فقل ل -بربك :-ما قيمة كل تلك الوسائل ول
مستفيد ول راغب ول طالب!!؟.
-4-
إ ّن ضعفَ المم عن القراءة وطلب العلم كان سببًا رئيسًا ف ضياع جزءٍ ليس بالقليل من هذه الثروة،
كما كان للجهل ،وعدم الوعي بقيمتها ،وانتشار الروب والفت= آثارٌ أخرى ل يُستهان با.
9هي هائلة ضخمة بقّ ،وانظر فصلً ف بيان ذلك ف ((التراتيب الدارية)) )462 -452 /2( :للكتان ،و((الفكر السّامي))/2( :
)51 -48للحَجْوي ،و((لحات من تاريخ الكتب والكتبات))( :ص )41 -39 /للحلوجي ،و((الكتاب ف الضارة السلمية)):
(ص )244 -169 /ليحي البوري.
10انظر فصلً ف ((حال ملوك السلمي ف صيانة كتب السلف)) ف ((خزائن الكتب العربية)) )857 -855 /3( :لدي طرّازي
و((فصلً ف استكثار السلمي من نسخ الكتب)) فيه -أيضًا.)899 -898 /3( :-
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
وقد أنى المام ابن الوزي- )597( 11رحه ال -باللئمة على ضعف الِمّة ف اندثار كثي من
كتب العلم :قال(( :كانت هم القدماء من العلماء َعلِيّة ،تد ّل عليها تصانيفهم ،الت هي زبدة أعمارِهم ،إل أن
أكثر تصانيفهم َدثَرت ،لن هِمم الطلب ضعُفت ،فصاروا يطلبون الختصرات ول ينشطون للمطوّلت ،ث
اقتصروا على ما يدرسون به من بعضها ،فدَثَرت الكتب ول تُنسخ)) 12اهـ.
فإن كان هذا هو تعليلُ ابنِ الوزيّ ف تلك الفترة ،وهو يرى أبا الوفاء ابنَ عقيل النبلي ()513
صاحب كتاب ((الفنون)) ف ( 800ملد) ،ويرى اب َن الشّاب النحوي ( )567صاحب التصانيف العديدة
والكتبة الضخمة ،وأبا العلء الَمَذَان ( )569العلمة التفنن ،عاشق الكتب ،والوزير الصال العال ابن ُهبَية
13
( )560صاحب اليادي البيضاء على العلم والعلماء ،وغيهم ،فماذا نقول إذًا ف عصرٍ قد اجتمع فيه إل
ضعفِ الِمَم ،و َخوَر العزائم ،سَيْ ٌل هادر من الُ ْلهِيات والشغلت عن القراءة ،بل عن العلم جلةً!!.
وسنفقد الزيدَ من هذا التراث إذا نن انسقنا أمام تلك ا ُللْهيات ،وشغلتنا تلك الصوارف بَِبرِيْقها
وَبهْرجها ،فيا لا من خسارةٍ فادحة و َغبْن عظيم!! فهل يوزُ لطالبِ علمٍ أن يكون ُمعِينًا -ولو بأقلّ القليل-
على ضياع شيءٍ من هذا التراث ؟!.
كلّ!!.
-5-
قسّمت هذه الرّسالة إل فصول:
الول :ف ال ّ
ث على الزدياد من العلم والتبحّر فيه.
الثان :حرص العلماء وشغفهم بالكتب ،قراءةً وتصيلً.
الثالث :ف قراءة الطوّلت ف مالسَ معدودة.
الرابع :ف تَكْرار قراءة الكتاب الواحد الرات الكثية.
11وقبله المام ابن جرير الطبي ف خبه الشهور ف تدوين التفسي والتاريخ .وكذلك المام ابن عبدالب ف ((جامع بيان العلم))/1( :
،)21قال وهو يتحدّث عن دروس العلم(( :وإن كان ل َعمْري قد َدرَس منه الكثي بعدم العناية ،وِقلّة الرّعاية ،والشتغال بالدنيا،
وال َكلَب عليها)) اهـ .ومثلهم الواحدي ( )468ف مقدمة كتابه ((الوجيز)).
(( 12صيد الاطر))( :ص.)557 -556 /
13والربعة حنابلة -رحهم ال تعال.-
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
جدٍ ،فل ّن استيفاء ذلك يُضاعف حجم الكتاب ،فنحتاج حينئذٍ إل مُشوّق يُشوّقنا إل قراءة ((الشوّق)) !!. 14أما كونه غي مُ ْ
وأما كونه غي مطلوب ،فلن ماولة ذلك ضرب من اليال ،وسوءٌ ف التدبي ،فهل ييط أحدٌ بكتب التاريخ ومُتعلّقاته!؟.
15هنا أشكر أخي الستاذ خالدًا الزهران ،إذ زوّدن ببعض القَصص والخبار.
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
الفصل الول
ف الثّ على الزدياد من العلم والتبحّر فيه
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
ف نزول أوّل آي ٍة ف القرآن ،وهي قوله تعال( :ا ْقرَأْ بِاسْ ِم رَّبكَ الّذِي َخلَقَ) [العلق ]1 /من الدّللت
والعان ما ل يكن حصرُه ،ويُفهم من قوله( :ا ْقرَأْ) وهو فعل أمر من (َقرَأ) المر الازم الازم بالقراءة ،والث
على تعلمها وتعليمها ،16وف هذه اللفتة غَناء عن كلم كثي ف هذا الوضوع.
* أمر النب بالزيادة من العلم
ث جاءَ المرُ القرآن الخر ،لتأكيد القضيّة وانلحث على طلب الزيد من العلم ،فقال ال -تعال:-
ب ِزدْنِي عِلْمًا) [طه.]114 /
ك وَ ْحُيهُ وَقُل ّر ّ
(وَل َتعْجَلْ بِاْل ُقرْآنِ مِن َقبْلِ أَن ُي ْقضَى إِلَْي َ
قال ابن القيم -رحه ال(( :-وكفى بذا شرفًا للعلم ،.أن أمرَ نبيّه أن يسأله الزيدَ منه)) 17اهـ.
وقال ابن كثي ف ((تفسيه))(( :18أي :زدن منك علمًا ،قال اب ُن عُيينة -رحه ال :-ول يزل ف زيادة
حتّى توفّاه ال -عز وجل ))-اهـ.
وقد قيل :ما أمرَ الُ رسولَه بطلبِ الزيادة ف شيءٍ إل ف العلم.19
* خب نبّ ال موسى ف طلب الزيادة منه
والعال كلما ازداد علمًا .ازداد معرفة بفضل العلم ومنلته ومكانته ،وبقدار ما فاته منه ويفوت=
فتاقَت نفسُه -حينئذٍ -إل الزيد منه ،ولو لقي ف ذلك اللقي.
ففي خب كليم ال موسى الذي قصّه القرآن الكري ف سورة الكهف اليات ( ،)82-60وذكره
قال(( :بينما موسى ف ملٍ من بن إسرائيل إذ جاءه ب لصحابه كما ف الصحيحي)) 20وفيه أن النب
الن ّ
16انظر(( :شواهد ف العجاز القرآن))( :ص )84 /للستاذ عودة أبو عودة.
(( 17مفتاح دار السعادة)).)224 -223 /1( :
،)175 /3( 18وانظر(( :روح العان)) )269 /16( :لللوسي.
19انظر(( :الكشّاف)) ،)448 /2( :و((تفسي الازن)) ،)282 /3( :و((فتح الباري)) ،)170 /1( :و((ماسن التأويل))/11( :
.)197
فائدة :قال الزمشري(( :هذه الية متضمّنة للتواضع ل والشكر له ،عندما علم من ترتيب التعلّم ،أي :علمتن يا ربّ لطيفةٌ ف باب
التعلّم وأدبًا جيلً ما كان عندي ،فزِدن علمًا إل علم ،فإن لك ف كلّ شي ٍء حكمة وعلمًا)) اهـ(( .الكشاف)) ،)448 /2( :وعنه
ما بعده من التفاسي.
20البخاري رقم ( ،)74ومسلم رقم ( )2380من حديث أُب بن كعبٍ -رضي ال عنه.-
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
رجل فقال :هل تعلم أحدًا أعل َم منك؟ قال موسى :ل .فأوحى ال إل موسى :بلى ،عَبْدنا َخضِر ،21فسألَ
موسى السّبيلَ إليه ))...الديث.
قال أبو العبّاس القرطب(( :22وفيه من الفقه :رِحْلة العالِمِ ف طلب الزدياد من العلم ،والستعانة على
ذلك بالادم والصاحِب ،واغتنام لقاء ال ُفضَلء والعلماء ،وإن َبعُدت أقطارُهم ،وذلك كان دأب السّلف
الصال ،وبسبب ذلك وصلَ الرتلون إل الظ الراجح ،وحصلوا على السّعي الناحجَ ،فرَسخت ف العلوم لم
أقدامٌ ،وص ّح لم من الذّكر والجر أفضلُ القسام)) اهـ.
قال الافظ ابن حجر ف ((فتح الباري))(( :23وموسى -عليه الصلة والسلم -ل ينعه بلوغه من السّيادة
الح ّل العلى من طلب العلم وركوب البحر لجله ...و[فيه -أي الديث :]-ركوب البحر ف طلب العلم،
بل ف طلب الستكثار منه)) اهـ.
وذكر الاوردي 24عن ابن عباسٍ -رضي ال عنهما -قال :لو كان أحدٌ يكتفي من العلم لكتفى منه
ت رُشْدًا) [الكهف.]66 /
ك عَلَى أَن ُتعَلّمَ ِن مِمّا عُلّ ْم َ
موسى -على نبينا وعليه السلم -لّا قال( :هَلْ أَتِّبعُ َ
أقول :فهذه حال النبياء ،والعلماءُ ورثتهم ،ول َيرِثوا منهم إل العلم ،فطلبوه وحصّلوه وتعبوا ف
سبيله ،فأخذوا بظ وافرٍ.
* شيءٌ من حال الصحابة ف الزدياد منه
لقد لظَ الصحاب ُة -رضي ال عنهم -ماكان عليه قدوتم من ِحرْصٍ على العلم ،فاقتفوا أثره،
وضربوا أمثلة نادرة ف الرص عليه والتفان من أجله.
فهذا عبدال بن مسعود -رضي ال عنه -كان إذا تلى قولَه تعال( :وَقُل ّربّ ِزدْنِي ِعلْمًا) قال:
((اللهم ِزدْن عِلْمًا وإيانًا ويقينًا)).25
21بفتح أوله وكسر الثان ،أو بكسر أوله وإسكان الثان ،وجهان.
(( 22الفْهِم)) ،)196 /6( :وانظر ((مفتاح دار السعادة)) ،)488 -487 /1( :ففيه كلم نفيس لول طوله نقلته.
،)204 ،202 /1( 23وانظر ((عمدة القاري)) ،)2/64( :و((إكمال العلم)).)367 /7( :
سبَه ف ((البيان والتبيّن)) )258 /1( :إل قتادة.
24ف ((أدب الدنيا والدين))( :ص ،)124 /وَن َ
25أخرجه سعيد بن منصور ،و َعبْد بن حُميد كما ف ((الدر النثور)).)553 /4( :
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
وقد بلغ -رضي ال عنه -من شِدّة اجتهاده وطلبه أن قال(( :وال الذي ل إله غيه ،ما أُنزلت سورةٌ
من كتاب ال إل أنا أعلم أين نزلت ،ول أنزلت آيةٌ من كتاب ال إل أنا أعلم فيمن أُنزلت ،ولو أعلم أحدًا
أعل َم من بكتاب ال تبُلغُه البل لركبتُ إليه)).26
وهذا أبو هريرة -رضي ال عنه -حافظ الصحابة يصفه بالرص على العلم ،فقد َعقَد البخاريّ ف
((صحيحه))( :27بابٌ الرصُ على الديث) وذكر فيه حديثَ أب هريرة -رضي ال عنه -وسؤاله النب
عن أسْعد الناس بشفاعته؟ وقوله له(( :لقد ظننتُ يا أبا هريرةَ أن ل يسألن عن هذا الديثِ أحدٌ أوّ َل منكَ،
صكَ على الديثِ.))...
لِمَا رأيتُ من ِح ْر ِ
قال البدر العين ف ((عمدة القاري))(( :28فيه الرص على العلموالي ،فإن الريص يبلغ برصه إل
البحث عن الغوامض ودقيق العان ،لن الظواهر يستوي الناسُ ف السؤال عنها ،لعتراضها أفكارهم ،وما
لَطُفَ من العان ل يسأل عنها إل الراسخ فيكون ذلك سببًا للفائدة ،ويترتب عليها أجرها وأجر من عمل با
إل يوم القيامة)) اهـ.
وهذا جابر بن عبدال النصاري -رضي ال عنهما -يرحل من الدينة النبوية إل مصر -مَسِية شهر
على البعي -من أجل ساع حديثٍ واحد ،خاف أن يوتَ ول َيسْ َمعْه.29
وأخرج الدارمي 30بسن ٍد صحيح عن عبدال بن بريدة(( :أن رجلً من أصحاب النب رحلَ إل
َفضَالَة بن عُبيد وهو بصر ،فقدمَ عليه ،فقال :أما إن ل آِتكَ زائرًا ،ولكن سعتُ أنا وأنتَ حديثًا من رسول
ال رجوتُ أن يكون عندك منه علم...
وعدّد الافظ ف ((الفتح)) )210 /1( :أمثلة ث قال(( :وتتبّع ذلك يكثُر)).
وقد ألّف الطيبُ كتابه ((الرحلة ف طلب الديث)) فيمن رحل ف طلب حديث واحد.
* شيء ما جاء عن السّلف
وهكذا كان ذلك اليل الفريد قدوة لن بعدهم ،ف عكوفهم على العلم ،وطلبهم للستزادة منه،
فاحتذوا حذوهم ،واقتفوا أثرهم ،وشواهد ذلك ماثلة:
فهؤلء تلميذ ابن مسعود -رضي ال عنه -ف الكوفة -علقمة والسود وغيهم -كانوا إذا سعوا
الديث والعلم من شيخهم ،ل يشف ذلك ماف صدورهم من النهمة ،فيحلون إل الدينة طَلبًا للعلوّ وزيادة
ف التثبت ،وإمعانًا ف الطلب والتلقي من أفواه العلماء.31
ت أحفظَ منه (أي :سفيان الثوري )161كنتُ إل سألته عن
قال يي بن سعيد القطان :32ما رأي ُ
مسألةٍ أو عن حديثٍ ليس عنده ،اشتدّ عليه.
فلم يقف العلماء ف طلبهم عند حدّ مدود ،بل استوعبوا قدر الستطاعة والطاقة ،فضربوا بذلك
أعجبَ المثلة ،وأغربَ السّيَر.
ض َرمَوْت
قال العمش :33كان ماهد ( )104ل يسمع بأُعجوبة إل ذهب لينظر إليها! ذهب إل َح ْ
ليى بئر برهوت ،وذهب إل باب وعليه والٍ ،فقال له ماهد :تعرض َعلَ ّي هاروت وماروت...؟.
وذكر ابن حَزم 34عن يي بن ماهد الزاهد قال :كنتُ آخذ من ك ّل علم طَرفًا ،فإن ساع النسان
قومًا يتحدثون وهو ل يدري ما يقول غُمّة عظيمة ،أو كلمًا هذا معناه.
(( 30السنن)) ،)151 /1( :والطيب ف ((الرحلة))( :ص )125 -124 /كلها من طريق يزيد بن هارون عن الُريري به.
31وانظر ناذج أخرى ف كتاب الطيب السالف ،و((سنن الدارمي)) ،)151 -149 /1( :و((فتح الباري)).)232 -231 /1( :
(( 32تذكرة الفاظ)).)204 /1( :
33الصدر نفسه.)62 /1( :
(( 34رسائل ابن حزم الندلسي)) )72 /4( :رسالة مراتب العلوم.
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
قال أبو ممد (أي ابن حزم)(( :ولقد صدق -رحه ال.))-
وهذا المام الدارقطن (- )385رحه ال -وهو من هو تضّلعًا ف علوم الديث والفقه والقراءات،
إل أنه كان ُحفَ َظةً للخبار والنوادر والكايات.
قال الزهري :35كان الدارقطن ذكيّا ،إذا ذكر شيئًا من العلم (أيّ نوع كان) وجد عنده منه نصيب
وافِر ،لقد حدّثن ممد بن طلحة النعال أنه حضر مع الدارقطن دعوةً ،فجرى ذِكْر ا َلكَلَة ،فاندفعَ الدارقطن
يورد نوادر الَ َكلَة حت قطع أكثر ليلته بذلك.
وقال المام ممد بن عبدالباقي النصاري ( )535عن نفسه(( :36حفظتُ القرآن ول سبع سني،
ت فيه ،وحصّلتُ منه بعضه أو كله)).
وما من علمٍ ف عال ال إل وقد نظر ُ
ولا ُأسِر ف أيدي الروم قيّدوه ،وجعلوا الغل ف عنقه ،وأرادوا منه أن ينطق بكلمة الكفر فلم يفعل،
وتعلّم منها الطّ الرومي.
أقول :وما سية ابن حز ٍم ( ،)456وشيخ السلم ابن تيمية ( ،)728وابن الوزير ( )840عنّا ببعيد،
وما خلفوه من تراثٍ خَيْر حافظ على ذلك وشهيد .
وخذ مثا ًل للدللة على َسعَة اطلع شيخ السلم ،قال الصفديّ- 37تلميذه(( :-أخبن الول علء
ت يومًا إليه أنا والشمس النفيس عامل بيت
الدين عليّ بن المدي -وهو من كبار كُتّاب الساب -قال :دخل ُ
الال -ول يكن ف وقته أكتبَ منه -فأخذ الشيخ تقي الدين يسأله عن الرتفاع وعما بي الفَذْلكة واستقرار
لتْم والتوال ،وما يُطلب
الملة من البواب ،وعن الفَذْلكة الثانية و َخصْمها ،وعن أعمال الستحقاق ،وعن ا َ
من العامل .وهو ييبُه عن البعض ،ويسكت عن البعض ،ويسأله عن تعليل ذلك؟ إل أن أوضح له ذلك وعلّله،
قال :فلمّا خرجنا من عنده قال ل النفيس :وال تعلّمت اليومَ منه مال كنت أتعلمه .انتهى ما ذكره علءُ
الدين)).
واستمع إل هذا الوصف العجيب ،الذي ُيوِْقفُك على َسعَة اطلع شيخ السلم ،ذكر السخاوي ف
((الواهر والدرر)) 38عن القاضي شس الدين بن الديري يقول(( :سعتُ الشيخَ علء الدين البسطامي -ببيت
صفَتُه؟ فقال
القدس -يقول وقد سأله :هل رأيت الشيخ تق ّي الدين ابن تيميّة ،فقال :نعم .قلتُ :كيف كانت ِ
:
هل رأيتَ قُبّةَ الصّخرة؟ قلت :نعم .قال :كان كقُبّة الصخرة مُل كتبًا لا لسان ينطق!!)) اهـ.
ت من فراغ وبطاله ،ولكنه جُمِع بطول السّهر ،واغتنام العمر،
ول ريبَ أن هذا التنوع العرف ل يتّأ ّ
ومنادمة الكتاب والستِغناء به عن الصّحاب والحباب.
* علماء يعرفون علومًا ل يعرفها أهل عصرهم
جبٌ ما وجدته ف تراجم بعض العلماء ،وما ذُكر من َسعَة اطلعهم وتنوّع معارفهم،
وإن َتعْجَب َفعَ َ
بل تصريح جاع ٍة منهم بعرفتهم لعلومٍ ل يعرفها أه ُل عصرهم ،بل ل يعرفون أساءها!! وإليك ما وجدت:
-1كان ابن الشّاب النحوي النبلي ت ( )567يقول :إن متقنٌ ف ثانية علوم ،ما يسألن أحدٌ
عن علم منها ،ول أجد لا أهلً!!.39
-2وكان أبو البقاء السّبْكي ت ( )777يقول :أعرف عشرين علمًا ،ل يسألن عنها بالقاهرة
أحد.!!40
-3وقال ممد بن أب بكر بن جَمَاعة ت ( :)819أعرف خسة عشر علمًا ،ل يعرف علماء
عصري أساءها!!.41
-4ويُروى أن ممد بن أحد بن عثمان بن عليم الالكي ت ( )842قال :أعرف عشرين علمًا ما
سُئ ْلتُ عن مسأل ٍة منها!!.42
-5وكان أحد بُو نافع الفاسي ت ( )1260يقول :عندي أربعة وعشرون علمًا ،ل يسألن عنها
أحدٌ!!.43
-6وف ترجة أب الطيب عبدالنعم الكندي ت ( ،)435حكى بعضُهم أَنّه دخ َل عليه ،فوجَدَه ينظر
ف اثن عشر علمًا ،وكان له حظ من السابِ والندس ِة والعلوم القديةِ.44
-7وانظر ما ذكره البت الؤرّخ 45عن والده العلمة حسن البت الكبي ت ( )1188من تفنّنه ف
علوم الشرع ،ث اعتكافه عشر سنوات ( )1154 -1144لدراسة (العلوم التجريبية) من الندسة والكيمياء
والفلك والصنائع الضارية كلّها ،حت النّجارة والِراطة والِدادة والسّمكرة والتجليد والنقش والوازين ،حت
صار بيته زا ِخرًا بكلّ أداةٍ ف صناعةٍ وك ّل آلةٍ...
فتزوّد من العلم والْحَق بالرّكب.
قال الاوردي ف ((أدب الدنيا والدين))- 46وهو يرشد الطالب(( :-ول َيقْنَع من العلم با أدرك ،لن
القناعة فيه زهدٌ ،والزّهد فيه تركٌ ،والتركُ له جهلٌ!.
وقد قال بعض الكماء :عليكَ بالعلمٍ والكثار منه ،فإن قليلَه أشبه شيءٍ بقليل الي ،وكثيه أشبه
شيءٍ بكثيه ،ولن يعيب الي إل ال ِقلّة ،فأمّا كثرتُه فإنا أُمنِية)) اهـ.
ومن فوائد الستمرار ف طلبه ودوام التزيد منه ما ذكره ابن الوزي ف ((صيد الاطر)) 47قال:
((أفضل الشياء التزيّد من العلم ،فإنه من اقتصرَ على ما يعلمه فظنّه كافيًا ا ْستَبَ ّد بِرأْيه ،وصار تعظيمه لنفسه
مانعًا من الستفادة .والذاكرة تبيّن له خطأه.))...
***
48انظر(( :ذيل الروضتي))( :ص ،)25 /و((السي)) ،)379 /21( :ف قصيدة له.
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
49هذا الديث جاء من رواية جاعةٍ من الصحابة -رضي ال عنهم -وهم :أنس ،وابن عباس مرفوعًا وموقوفًا ،وابن مسعود ،وعائشة،
وأبو سعيد الدري ،وابن عمر .وجاء -أيضًا -من مرسل السن ،وموقوفًا على كعب الحبار.
أحسنها من رواية أنسٍ وابن عباس ،فالول أخرجه الاكم ،)92 /1( :والبيهقي ف ((الشعب)) و((الدخل)) -كما ف ((القاصد:
-))434وابن عساكر ف ((تاريه))( :مطوط) من طريق أب عوانة ،عن قتادة ،عن أنسٍ به.
قال الاكم(( :هذا حديث صحيح على شرط الشيخي ول يرجاه ،ول أجد له علة)) ووافقه الذهب.
وحديث ابن عباس أخرجه إسحاق بن راهويه ف ((مسنده)) -كما ف ((الطالب العالية)) -)321 /3( :وأبو خيثمة ف ((العلم)) رقم
( ،)141والبزار (الكشف ،)95 /1 :والطبان ف ((الكبي)) )77 -76 /11( :رقم ( ،)11095و((الوسط))،)6/313( :
وأحد ف ((الزهد))( :ص ،)215 /والعسكري ف ((الث على حفظ العلم)) :كما ف ((القاصد)) ،وابن الوزي ف ((العلل))/1( :
.)94
كلهم من طريق ليث بن أب سُلَيم عن ماهد (ف الزهد ،وعلل ابن الوزي :عن طاووس ،وف البزار :على الشك عن طاووس أو
ماهد) عن ابن عباس -وأحسبه قد رفعه -عن النب بنحوه.
وفيه ليث بن أب سليم ضعيف الديث ،وبه أعلّه اليثمي ف ((الجمع)) )140 /1( :والافظ ف ((الطالب)).)321 /3( :
وأخرجه الدارمي )108 /1( :من طريق إساعيل بن أبان عن عبدال بن إدريس عن ليث عن طاووس عن ابن عباسٍ موقوفًا.
.)76 /1( 50
)191 -190 /1( 51ول يرد فيه جوابه الثان(( :قلت :ماشيًا.))...
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
قال :أما ما يوقف عنده للدعاء ،فالفضل أن يرميه راجلً ،وأما ما كان ل يوقف عنده ،فالفضل أن
يرميه راكبًا.52
صرَاخَ عليه ،وإذا هو قد مات -رحه ال
ث قمت من عنده ،فما بلغتُ بابَ داره حت سعتُ ال ّ
تعال.))-
* خب أب ُزرْعة الرازي ()266
قال اب ُن أب حات ف ((تقدمة الرح والتعديل)) :53سعتُ أب يقول :مات أبو زُرعة مطعونًا مبطونًا
يعرق جبينُه ف النع ،فقلت لحمد بن مسلم (ابن وَارَة) :ما تفظ ف تلقي الوتى :ل إله إل ال؟ فقال ممد
بن مسلم :يروى عن معاذ بن جبل.
فمن قبلِ أن يَسْتتم رفع أبو زرعة رأسه وهو ف النع ،فقال :روى عبدالميد بن جعفر ،عن صال بن
أب عريب ،عن كثي بن مرّة ،عن معاذ عن النب (( :من كان آخر كلمه :ل إله إل ال دخ َل النة)).
فصار البيت ضجّة ببكا ِء من حضرَ.
* خب أب حات الرازي ()277
قال ابنه عبدالرحن ف ((تقدمة الرح والتعديل)) :54حضرتُ أب -رحه ال -وكان ف النع وأنا ل
أعلم ،فسألته عن عُقبة بن عبدالغافر ،يروي عن النب ،له صحبة؟ فقال برأسه :ل ،فلم أقنع منه ،فقلتُ:
فهمتَ عن؟ له صحبة؟ قال :هو تابعي.
قلت (ابن أب حات) :فكان سيد عمله معرفة الديث ،وناِقلَة الخبار ،فكان ف عمره يُقتَبَس منه
ذلك ،فأراد ال أن يُظهر عند وفاته ما كان عليه ف حياته)) اهـ.
* خب ابن جرير الطبي ()310
52انظر ((الجموع)) ،)168 /8( :و((أضواء البيان)) )308 /5( :وقال(( :وأظهر القوال ف السألة هو القتداء بالنب ،وهو قد
رمى جرة العقبة راكبًا ،ورمى أيام التشريق ماشيًا ذهابًا وإيابًا وال تعال أعلم)) اهـ.
( 53ص.)345 /
( 54ص.)367 /
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
قال العاف الّن ْهرَوان ف ((الليس الصال))(( :55وحكى ل بعض بن الفرات ،عن رجلٍ منهم أو من
غيهم :أنه كان بضرة أب جعفر الطبي -رحه ال -قبل موته ،وتوف بعد ساعة أو أقلّ منها ،فذُ ِكرَ له هذا
الدعاء ،56عن جعفر بن ممد -عليهما السلم -فاستدعى مبة وصحيفةً فكتبها ،فقيل له :أف هذه الال؟!
فقال :ينبغي للنسان أن ل يدع اقتباس العل ِم حت يوت)) اهـ.
* خب ابن سعدون ()352
ذكر القاضي عِياض ف ((ترتيب الدارك)) 57ف ترجة أب بكر ممد بن وسيم بن سعدون الطّليطلي
أنه كان رأسًا ف كلّ فن ،مُتق ّدمًا فيه ...قال(( :ودَخَل عليه -وهو ف النع -بعضُ أصحابه ،فناداه ،فلم
جبْه ،فقال الخر( :وَحِيلَ بَْيَنهُ ْم وَبَْينَ مَا يَشَْتهُونَ) [سبأ.]54 /
يُ ِ
ك ّمرِيبٍ).58
فقال له أبو بكر حي ذلك :نزلت ف الكفار ،وفيها( :إِّنهُمْ كَانُوا فِي َش ّ
* خب مسرّة الضرمي ()373
لضْرمي ت (- )373وكان من
وذكر عياضٌ ف ((الدارك))- 59أيضًا -ف ترجة مسرّة بن مسلم ا َ
ك َربّ
ضرَ ابتدأ القرآن ،فانتهى ف (سورة طه) إل قوله تعالَ ( :وعَجِ ْلتُ إِلَْي َ
أهل العلم والزهد التام -أنه لا احُْت ِ
لَِت ْرضَى) [طه ،]84 /ففاضت نفسه.
* خب البَ ْيرُون 60ال َفلَكِي ()440
لوَا َرزْمي ما كان عليه من
ذكر ياقوت ف ((إرشاد الريب)) 61ف ترجة أب الريان ممد ابن أحد ا ُ
حرصٍ ف تصيل العلوم ،وتصنيف الكتب ،ث ذلك له الفقيه ال َوْلوَال ّي قال :دخلتُ على أب الرّيان وهنو
يود بنفسه ،وقد حَشْرج نفسُه ،وضاقَ به صدرُه ،فقال ل ف تلك الالة :كيف قلت ل يومًا حساب
الدّات الفاسِدَة62؟ فقلت له -إشفاقًا عليه :-أف هذه الالةِ؟! قال ل :يا هذا! ُأ َودّعُ الدنيا وأنا عال بذه
السألة أل يكون خيًا من أن أُخلّيها وأنا جاهلٌ با .فأعدتُ ذلك عليه و َحفِظَ ...وخرجتُ من ِعنْده ،وأنا ف
صرَاخ)) اهـ.
الطريق ،فسمعتُ ال ّ
* خب ابن روزْبَه ()633
سنِد أحد بن عبدال بن معطي الزائري ت ( )666ف ((ذيل التقييد)) 63للفاسي أنه
وف ترجة الُ ْ
سَم َع ((صحيح البخاري)) عَلَى علِيّ بن أب بكر بن ُروْزبة ف أربعة عشر ملسًا ،وأنه قال لم يوم الَتْم:
اجتهدوا ف إكمال هذا الكتاب ،فإنه -وال -ما بقي غيكم يسمعه عليّ ،وتوف ف الليلة التصل ِة بذلك اليوم.
* خب ابن مالك صاحب اللفية ()672
وف كتاب ((الفَلَكة والفلوكون)) 64للدّلَجي ف ترجة المام أب عبدال جال الدين ممد بن عبدال
بن مالك النحوي العلمة ،قال(( :كان كثي ال ْشغَال 65والشتغال ،حت أنه حفظ ف اليوم الذي مات فيه
خسة شواهد!!)).
* خب الصفي الندي ()715
ذكر الذهب ف ((معجم شيوخه)) 66ف ترجته أنه روى له حديثي قال(( :ليسا ها عندي ،قرأتما
عليه وَنفَسُه يُحشرج ف الصدر ،فتوف يومئ ٍذ عفا ال عنا وعنه آمي)) اهـ.
* خب الجّار ()730
وهذا العمّر العجوبة ،شهاب الدين أبو العبّاس أحد بن أب طالب الجّار ،مُسْند الدنيا 67ت (73
،)0فقد ذكر الفاسيّ أن الطلب قد قرءوا عليه ف يومِ موته ،وله مئة سنة وعشر سني تقريبًا!!
أقول :فاتعظ بذه الِمم ال َعلِيّة ،واْبكِ على تقصيك ودُُن ّو هِمّتك ،واستدرك ما فرط من أمرك بالدّ
سرَى.
والعمل ،ومداومة الدرس والنظر ،فمن سار على الدرب وصل ،وعند الصباح يَحْمَد القوم ال ُ
وقريب من هذا ما جاء ف ِسيَر بعض العلماء ،فهم مع شدة تطلّبهم للعلم من بادِىء أمرهم حت أوفوا
فيه إل الغاية ،فاستكثروا ما شاءوا ،ومع تقدّم أعمارِهم ودن ّو آجالم هم مع ذلك= َيجِدون من الرغبة ف
العلم ،والشغف به ،أكثر ما يده الشّاب اليافِع الُمْتلىء ُق ّوةً ونشاطًا!!.
* خب ابن عقيل النبلي ()513
ففي ترجة 68أب الوفاء ابن عقيل النبلي ت (- )513رحه ال -أنه قال(( :إن لجد من ِحرْصي
شرِ الثمان69ن أشدّ ما كنت أجده وأنا ابنُ عشرين سنة)).
على العلم ،وأنا ف َع ْ
* خب ابن الوزي ()597
وهذا العلمة التفنّن ،صاحب التصانيف ،أبو الفرج ابن الوزي ( )567يقرأ ف آخر عمره وهو ف
(الثماني) القراءات العشر على ابن الباقلن ،مع ابنه يوسف.70
قال الذهب -معّلقًا(( :-فانظر إل هذه المة العالية!)) اهـ.
* خب مرتضى الزبيدي ()1205
قال العلمة عبدالي الكَتّان ف ((فهرس الفهارس والثبات)) 71ف ترجة العلمة اللغوي الحدّث
ممد مرتضَى الزّبيدي(( :ومع كثرة شيوخ الترجَم كثر ًة َم ُهوْلَةً بالنسبة إل مشايه ومُعاصِريه= كان غي
مُكْتَفٍ با عنده ،بل دائم التطلّب والخذ ،ومكاتبة من بالفاق ،حت أن رأيتُ بطّه ف كناشة ابن عبدالسلم
الناصري استدعاءً كتبَه لن يلقاه ابنُ عبدالسلم الذكور (وذكر نصّه ،وفيه :استجازة كل من يلقاه من الشيوخ
والعلماء بتاريخ .)1197
قال (الكتان) :وإن تعجب فاعجب لذه المة ،والِرص من هذا الافظ العظيم الشأن ،وعدم شَبَعه،
وكثرة َنهَمِه ،فإنه عاش بعدما كتب هذا الستدعاء نو الثمان سنوات.
وهذا نظ ُي ما وجدته من َكتْب اسم الافظ ابن البّار ( )658ف استدعا ٍء مؤرّخ بقريب من سنةِ
وفاته! ومنهومان ل يشبعان :طالب علمٍ وطالب دنيا)) .انتهى كلم الكتان.
ن ما وقع لؤلء العلماء من النهمة الشديدة ،والرص العظيم ،والِمّة
ب والكتا ّ
أقول :ولئن ع ّد الذه ّ
العالية= فََلعَمْري إن طلبه ،والرص عليه ،والذاكرة به ف ساعة الحتضار ،ووقتِ النْعِ لعظم دللة من ذلك
وأوضح.
فلله تلك المم والعزائم!!
***
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
الفصل الثان
ِحرْص العلماء وشغفهم بالكتب ،قراءةً وتصيلً
لقد أبدأ العلماء وأعادوا ف بيان قيمة كتب العلم ،وعظيم أثرها ،وجللة موقعها ،ولم ف ذلك
عبارات مشهورة نثرًا وشعرًا ،ند كثيًا منها ف مقدمة كتاب ((اليوان)) 72للجاحظ ،وف ثنايا كتبه ،وف
((تقييد العلم)) ،و((الامع ))...للخطيب ،و((جامع بيان العلم وفضله)) لبن عبدالب ،وف مطاوي كتب
((أدب الطلب)) وكتب ((التراجم والسي)) ومقدّمات الصنفات الت تتحدث عن (خزائن الكتب) 73فل نُعيد
ما قالوه ،فهو مبتذلٌ ف مظانّه ،إل أن ل أشأْ إخلء هذا الكتاب من لُمَ ٍع منه (وهو مَظِنّة ذلك) ،فاخترتُ
بضع كلماتٍ أُراهِا من أحسنِ ما قيل:
قال الاحظ ( )255ف ((اليوان))(( :74من ل تكن نفقته الت ترج ف الكتب أل ّذ عنده من إنفاق
عُشّاق القِيان ،والُسْتهترين 75بالبنيان ،ل يبلغ ف العلم مبلغًا رضيّا ،وليس ينتفع بانفاقه حت ُيؤْثر اتاذ الكتب
إيثار العرابّ فرسَه باللب على عِياله ،وحت يُؤمّل ف العلم ما يؤمّل العرابّ ف فرسِه)).
72وقد ُأفْرِدت هذه القدمة عن الكتاب من قدي ،منها نسخة قدية بط ابن البواب ،وأخرى بط الصفدي ( )764و ُعنْوِن لا بعناوين
متلفة ،وأُفْرِدت حديثًا و ُطِبعَت.
73مثل كتاب فيليب دي طرّازي ،وكوركيس عوّاد ،وغيها.
.)55 /1( 74
ستَ ْهتِر :ال ْولَع بالشيءِ النهمك فيه.
75ا ُل ْ
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
وذكر المام أبو ممد بن حزم ( )456ف ((رسالة مراتب العلوم))َ 76دعَائِ َم العلم ،فعدّ منها
ب من فائدة 77وزيادة علمٍ يدَها فيه إذا احتاجَ إليه ،ول سبيل إل حفظ
((الستكثارُ من الكتب ،فلن يلوَ كتا ٌ
الرء لميع علمِه الذي يتصّ به ،فإذ ل سبيل إل ذلك ،فالكتب ِنعْم الِزانة له إذا ُطلِب.
ولول الكتب لضاعت العلوم ول توجَد ،وهذا خطٌأ من ذمّ الكثار منها ،ولو أُخِذَ برأيه ،لتَِلفَت
العلوم ،ولاذبم الهّال فيها ،وادّعوا ما شاءوا!! فلول شهادة الكتب لستوت دعوى العال والاهل)) اهـ.
ض العلماء ف كثرة شراء الكتب ،فقال:78
وعُذِلَ بع ُ
79
يينُك من مالٍ فقلتُ :دعين وقائلةٍ أنفقتَ ف الكُْتبِ ما َحوَت
لخْ ِذ كتاب آمِنًا بيمين لعلّي أرى فيها كتابًا يَدُلّن
وف كلّ ما سيأت من الخبار والقصص لسا ٌن ناطق ،وبيا ٌن مُشرق ،لقيمة الكتب ومكانتها ف نفوس
هؤلءِ العلماء ،وهي بذلك غنيّة عن أيّ تعليق.
* ولع ابن ُدرَيْد ( )321بالعلم والكتب
قال أبو نصر اليكال :80تذاكرنا النتزهات يومًا وابن ُدرَيْد حاضر ،فقال بعضُهم :أنزه الماكن غُوطة
دمشق .وقال آخرون :بل نر الُبلّة .وقال آخرون :بل ُسغْد سرقند .وقال بعضُهم :نروان بغداد .وقال
بعضُهم :شِعب بوّان .وقال بعضُهم :نوبار بلخ.
فقال(أي ابن دريد) :هذه منتزهات العيون فأين أنتم عن متنهات القلوب؟ قلنا :وما هي يا أبا بكر؟
قال(( :عيون الخبار)) للقتب ،و((الزهرة)) لبن داود ،و((قلق الشتاق)) لبن أب طاهر .ث أنشأ يقول:
،)282 /4( 81وانظر ((العقود الدريّة))( :ص )5 /له ،ونقل فيه هذا القول وأتّ منه عن بعض قدماء أصحاب الشيخ.
(( 82ابن تيمية السلفي))( :ص .)27 /وانظر كتابنا ((الامع لسية شيخ السلم))( :ص.)189 /
( 83ص.)70 /
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
قال ابن الوزي عن نفسِه ف ((صيد الاطر))-:84أثناء حديثه عن الطالعة والكثار منها(( :-وإن
أُخب عن حال :ما أشبع من مطالعة الكتب ،وإذا رأيت كتابًا ل أره ،فكأن وقعتُ على كن .ولقد نظرتُ ف
َثَبتِ الكتب الوقوفة ف الدرسة النّظَامية ،فإذا به يتوي على نو ستة آلف ملّد ،وف ثبت كتب أب حنيفة،
وكتب الُمَيدي ،وكتب شيخنا عبدالوهاب بن ناصر ،وكتب أب ممد بن الشّاب -وكانت أحالً -وغي
ذلك من ك ّل كتاب أقدر عليه.
ولو قلت :إن طالعتُ عشرين ألف ملد كان أكثر ،وأنا بع ُد ف الطّلب)) اهـ.
ّث ذَكَر ما استفاده من الطالعة.
وهذا ابنُ الوزي -أيضًا -يوصي العالَ وطالبَ العلم بقوله(( :85ليكن لك مكان ف بيتك تلو فيه،
وتادث سطور كتبك ،وتري ف حلبات فكرك)) اهـ.
* حرص ابن عقيل ( )513على الوقت وشغله بالطالعة والعلم
ذكر ابن رجب النبلي ف ((الذيل على طبقات النابلة)) 86ف ترجة ابنِ عقيل النبلي ،عن ابنِ
الوزي أنه قال عنه(( :كان دائم التشاغُل بالعلم ،حت إن رأيتُ َبطّه :إن ل يلّ ل أن أُضيع ساعةً من
عمري ،حت إذا تعطّل لسان عن مذاكرة ومناظرة ،وبصري عن مُطالعة ،أعملتُ فِكري ف حالة راحت وأنا
مُسْتَطرِحٌ ،فل أنض إل وقد خطر ل ما أسطره .وإن لجد من حِرصي على العلم وأنا ف عَشْر الثماني أشدّ
ما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة)) اهـ.
ونقلَ اب ُن رجب من ((الفنون)) لبن عقيل أنه قال عن نفسِه(( :أنا أقصر بغاية جهدي أوقات أكلي،
ف الكعك وتسيه بالاء على البز ،لجل ما بينهما من تفاوت الضغ ،توّفرًا على مطالعةٍ ،أو
حت أختار س ّ
تسطي فائدة ل أدركها فيه)) اهـ.
* إذا ل اشتغل بالعلم ،ماذا أصنع؟!.
ذكر المام القريزيّ ف ((القفّى الكبي)) 87العلم َة اب َن صدقة الموي ( )599أنه كان كثيَ
ت عليه يومًا وهو ف َس َربٍ تت
الشتغال بالعلم دائم التحصيل له .وذكر عن الافظ النذري أنه قال(( :دخل ُ
الرض ،لجل شدّة الر ،وهو شتغل .فقلتُ له :ف هذا الكان؟ وعلى هذه الال؟!.
فقال :إذا ل أشتغل بالعلم ،ماذا أصنع؟
قال النذري :إنه وُجِدَ ف َترِكَته مابر ثلث ،أحدها َتسَ ُع عَشَرة أرطال ،والخرى تسعة ،والثالثة
ثانية)).
* كتبه أحب إليه من وزنا ذهبًا
وف ترجة الافظ أب طاهر بن أب الصّقر ( )476ف ((النتظم)) 88لبن الوزي أنه قال عنه(( :كان
ل من وزنا ذهبًا))
من الوّالي ف الفاق ،والكثرين من شيوخ المصار ،وكان يقول :هذه كتب أحب إ ّ
اهـ.
ونقد ُأصِْيبَ ببعضها كما ذكر الذهب ف ((تاريخ السلم)) ،89أعظ َم الُ أجرَه ف مصيبته با.
* أُعجوبة ف حفظ الوقت والتوفّر على الطالعة
قال الافظ السخاوي ف ((الضوء اللمع)) 90ف ترجة أحد بن سليمان بن َنصْر ال البُلْقاسي ث
القاهري الشافعي التوف سنة ( )852ف ريعان شبابه(( :91وكان إمامًا علّمة قوي الافظ ِة حسنَ الفاهة،
مُشاركًا ف فنونٍ ،طلْقَ اللسان ،مبّا ف العلم والذاكرة والباحثة،
غي مُنفك عن التحصيل ،بيث إنه كان يُطالع ف مشيه ،ويُقرىء القراءات ف حال أكله خوفًا من ضياع وقته
ف غيه ،أُعجوبة ف هذا العن ،ل أعلمُ ف وقته من يُوازيه فيه ،طارحًا للتكلّف ،كثي التواضع مع الفقراء،
سهمًا 92على غيهم ،سريع القراءة جدّا)) اهـ.
* أعرفه أكثر من ( )50سنة إمّا يُطالع أو يكتب
صغَان ت (85
قال السخاوي ف ((الضوء اللمع)) 93ف ترجة ممد بن أحد ابن ممد العُمَري ال ّ
(( :)4كان إمامًا علّم ًة متقدمًا ف الفقه والصْلَي والعربية مشاركًا ف فنونٍ ،حسن التقييد ،عظيم الرغبة ف
الطالعة والنتقاء ،بيث بلغن عن أب الي بن عبدالقوي أنه قال :أعرفه أزْيَد من خسي سنة ،وما دخلتُ إليه
قطّ إل ووجدته يُطالع أو يكتب)) اهـ.
* كان ل ينفكُ من القراءة حت وهو ف المام
قال ابن القيم -رحه ال -ف ((روضة الحبي))- 94وهو يتكلم عن عِشْق العلم(( :-وحدثن أخو
لدّ (أبو البكات) إذا
شيخنا (يعن أحد ابن تيمية) عبدُالرحن ابن تيمية ،عن أبيه (عبدالليم) قال :كان ا َ
دخل اللء يقول ل :اقرأْ ف هذا الكتاب وا ْرفَعْ صوتكم حت اسعُ)) اهـ.
أقول :وهذا سندٌ كالشمس ،رحم ال الميع.
سهَر
* كان ل يَمَ ّل من الطالعة مع مزيد ال ّ
قال السخاوي ف ((الضوء اللمع)) 95ف ترجة أحد بن علي ابن إبراهيم اليت الشافعي ت (:)853
((برع ف الفقه وكُثرَ استحضارُه له ،بل وللكثي من ((شرح مسلم)) للنووي ،لدمان نظره فيه ...وكان ل
ي ّل من الطالعة والشتغال ،مع الي والدين والتواضع ،والد الَحْض ،والتقلّل الزائد ،والقتدار على َمزِيْد
السّهر)) اهـ.
* كان ل يُسافر إل وأحال الكتب معه يقرأ وينظر
● قال السخاوي ف ((الضوء اللمع)) 96ف ترجته المام اللغوي ممد بن يعقوب الفيوزآبادي ت
( )817أنه اقتن كتبًا نفيسَة (حت سعَه بعضهم يقول)(( :اشتريتُ بمسي ألف مثقالٍ ذهبًا كتبًا ،وكان ل
يُسافر إل وصحبته منها عدة أحال ،ويُخرج أكَثرَها ف كل منلةٍ فينظر فيها ث يعيدها إذا ارتل)) اهـ.
● ومثله السيد صلح بن أحد الؤيدي اليمان ت ( ،)1048قال عنه الشوكان ف ((البدر
الطالع))(( :97كان من عجائب الدهر وغرائبه ،فإن مموع عمره تسع وعشرون سنة ،وقد فاز من كل فنّ
بنصيبٍ وافر ...وصنّف ف هذا العصر القصي التصانيف الفيدة والفوائد الفريدة العديدة -وذكر عددًا منها ث
ليَم
شرَ الكتبَ ،والدمُ يصلحون ا ِ
ضرِبت دخ َل إليها ،ونَ َ
ضرَب خيم ُة الكتب ،وإذا ُ
قال :-وإذا سافر أول ما ُت ْ
الُخرى ،ول يزال ليله جيعه ينظر ف العلم ،ويُحرر ويُقرّر مع سلمة ذوقه ))...اهـ.
* ل يوجد إل وعنده كتاب ينظر فيه ،وقلم ُيصْلح به
قال الَنَدِي السكسكي ف ((السلوك ف طبقات العلماء واللوك)) 98ف ترجة أب الي بن منصور
الشماخي السعدي ت (- )680بعد ثنائه عليه(( :ول يكن له ف آخر عمره نظي بودة العلم ،وضبط
الكتب ،بيثُ ل يوجد لكتبه نظي ف الضبط.
أخبن جاعةٌ من أدركه أنه كان ل يوجد إل وعنده كتابٌ ينظر فيه ،ومبة وأقلم يصلح بما ما
وجَدَ ف الكتاب...
(مات سنة ،)680بعدَ أن جَمَعت خزانتُه من الكتب ما ل تمعه خزانة غيه من هو نظي له))...
اهـ.
* ملزمة الكتب حضرًا وسفرًا ،وحلها على ظهورهم ف رحلتم
وف هذا الباب عجائب وغرائب ،فرحم ال تلك الجساد ،وأنزلا منازل الرّضوان ،كِفاء ما عملوا،
وجزاء ما صبوا.
● وذكر الافظ الذهب ف ((سِيَر أعلمٍ النّبلء)) 104ف ترجة القاضي الرّا َم ُهرْمُزي لّا ذكر كتابه:
((الحدّث الفاصل)) قال(( :ف علوم الديث ،وما أحسنه من كتاب !105قيل :إنّ السَّلفِي كان ل يكادُ يُفارق
ض عمره ))-اهـ.
كُمّه -يعن ف بع ِ
ت مع
● وف ((سِيَر النبلءِ)) - 106أيضًا(( :-قال الافظ يي بن عبدالوهاب (ابن منده) :كن ُ
جنّة ،قال عمّي :كنت ها هنا م ّرةً ،فعرضَ ل شيخ جّال،
عمي عبيدال ف طريق َنيْسابور ،فلما بلغنا بِئر مَ َ
فقال :كنتُ قافلً من خراسان مع أب ،فلمّا وصلنا إل ها هنا ،إذا نن بأربعي وِ ْقرًا من الحال ،فظننا أنا
منسوج الثياب ،وإذا خيمة صغية فيها شيخ ،فإذا هو والدك ،فسأله بعضُنا عن تلك الحال؟ فقال :هذا متاعٌ
ق ّل من يرغبُ فيه ف هذا الزمان ،هذا حديث رسول ال )) اهـ.
● وف ((طبقات النابلة)) 107لبن أب َيعْلى ،و((تذكرة الفاظ)) 108للذهب ف ترجة إسحاق بن
منصور ال َكوْسَج ((( :)251عن حسان ابن ممد قال :سعتُ مشايَنَا يذكرون :أن إسحاق بن منصور بلغه
أن أحد بن حنبل رجع عن تلك السائل الت علّقها عنه .قال :فجم َع إسحاق بن منصور تلك السائل ف
ل إل بغداد وهي على ظهره .وعرض خُطوطَ أحد عليه ف كلّ
جِرابٍ ،وحلها على ظهره ،وخرج راج ً
مسأل ٍة استفتاه فيها ،فأقرّ له با ثانيًا .وُأعْجِب أحدُ بذلك من شأنه)) اهـ.
● وذكر ياقوت ف ((معجم الدباء)) ،109والقِفطي ف ((إنباه الرواة)) 110وعنه ابن خلكان ف
((الوفيات)) 111ف ترجة اللغوي ابن الطيب التّْبرِيْزي ( )502أنه حصلت له نسخة لكتاب الزهري (تذيب
اللغة) ف عدة ملدات ِلطَاف ،وأراد أخذها عن عالٍ باللغة ،فدُ ّل علي أب العلء العرّي ،فجعلها ف مِخْلةٍ،
ق من ظهره إليها.
وحلها على كتفه من تِبْريز إل العرّة -ول يكن له ما يستأجر به مركوبًا -فَنفَذَ العر ُ
وقيل :إنا ببعض الوقوف البغداذية وأن الاهل ببها إذا رآها يظن أنا غريقة ،وليس الذي با إل
َعرَق يي بن علي -رحه ال.-
* من استغن بجالسة كتبه عن مالطة الناس
● ابن البارك
ذكر الذهب ف ((السي))(( :112عن نُعيم بن حاد قال :كان ابن البارك يُكثر اللوسَ ف بيته ،فقيل
له :أل تستوحِش؟ فقال :كيف أستو ِحشُ وأنا مع النب وأصحابه؟!(( اهـ.
وأسند الطيب ف ((تقييد العلم)) 113عن ابن البارك قوله :من أحبّ أن يستفيد ،فلينظر ف كتبه.
● الذّهْلي
وف ((تاريخ بغداد))(( :114أن يي بن (ممد بن يي) ال ّذهْلي قال :دخلتُ على أب ف الصيف
الصائف وقتَ القائلة ،وهو ف بيت كتبه ،وبي يديه السّراج ،وهو يُصنّف ،فقلتُ :يا أبةِ! هذا وقتُ الصلة،
ودُخانُ هذا السّراج بالنهار ،فلو نفّسْت عن نفسك .قال :يا بُنّ تقولُ ل هذا وأنا مع رسول ال وأصحابه
والتابعي))؟!.
● ابن العراب
ساق ابن عبدالب بسنده ف ((جامع بيان العلم وفضله)) 115أن أحد بن ممد بن شجاع بعثَ غلمًا
من ِغلْمانه إل أب عبدال بن العراب -صاحب الغريب -يسأله الجيءَ إليه ،فعاد إليه الغلم ،فقال :قد سألته
ذلك ،فقال ل :عندي قوم من العراب ،فإذا قضَيتُ َأرَب منهم أتيتُ ،قال الغلم :وما رأيتُ عنده أحدًا ،إل
أن بي يديه كتبًا ينظر فيها ،فينظر ف هذا مرّة وف هذا مرة ،ث ما شعرنا حت جاء ،فقال له أبو أيوب :يا أبا
س بك ،ولقد قال ل الغلمُ :إنه ما رأى عندك أحدًا،
عبدال! سبحان ال العظيم ،تلّفت عنّا و َح َرمْتنا الُن َ
وقلتَ :أنا مع قومٍ من العراب ،فإذا قضيتُ َأرَب معهم أتيتُ ،فقال ابنُ العراب:
،)382 /8( 112وهو بنحوه ف ((تقييد العلم))( :ص ،)126 /و((تاريخ بغداد)) ،)156 /10( :و((الليس الصال))-163 /1( :
.)164
( 113ص.)140 /
،)419 /3( 114وانظر(( :السي)).)280 -279 /12( :
.)1228 -1227 /2( 115
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
● وقيل لرجلٍ :من يُؤِنسُكَ؟ فضربَ بيده إل كتبه ،وقال :هذه ،فقيل :مِن الناسِ؟ فقال :الذين
فيها.116
وإن قلّ ل مالٌ وولّى جاليا خليلي كتاب ل يَعاف وصاليا
أُغازله لو كان يدري غزاليا كتاب عَشيقي حي ل يب َق َمعْشَق
مدّث صدقٍ ل ياف ملليا كتاب جليسي ل أخاف ملله
يُفيض عليّ الال إن غاض ماليا كتاب بر ل يغيض عطاؤه
فمن ثَمّ إدلل ومنه دلليا كتاب دليلٌ ل على خي غايةٍ
قيل :إن هذه البيات -وغيها -كانت على باب خزانة المام أب بكر القفّال.117
● العاف النهروان
لرِيْري -نِسْب ًة إل مذهب ابن جرير الطبي -ت ( )390ف
وقال المام العافَى بن زكريا النهروان ا َ
كتابه(( :الليس الصال الكاف والنيس الناصح الشاف))(( :118وقد كان بعض من كان له ف الدنيا صِْيتٌ
ومكانة عاتبن على ملزمة النل ،وإغباب زيارتَه ،وإقلل ما عوّدته من اللام به وغِشيان حضرته ،فقال ل:
أما تستوحش الوِحْدَة؟ ونو هذا من القالة.
جاء ف ((سِيَر النبلء)) 122ف ترجة الستنصر بال أب العاص الكم بن عبدالرحن الُموي ،صاحب
الندلس أنه ((كان َجيّد السية ،وافر الفضيلة ...ذا غرامٍ بالطالعة وتصيل الكتب النفيسة الكثية حقّها
ف سِفر...
وباطلها ،بيثُ إنا قاربت نوًا من مئت أل ِ
جرُ فيها ما شاء ،حتّى ضاقت با خزائِنُه ،ل
وكان باذ ًل للذهب ف استجلب الكتب ،ويُعطي من يتّ ِ
لذّة له ف غي ذلك.
وكان الَ َكمُ موّثقًا ف نقلِه ،قلّ أن تد له كتابًا إل وله فيه نظرٌ وفائدة ،ويكتب اس َم مؤلفه ونَسبَه
ومولِدَه ،ويُغرب ويُفيد)) اهـ.
*الشتغال عن النوافل باتامِ مطالعة كتاب
وف ترجة المام تقي الدين ابن دقيق العيد ت ( )702من كتاب ((الطالع السعيد)) 123للُدفوي أنه
لا وصل إليه كتاب ((الشرح الكبي)) 124للمام الرافعي -وكان اشتراه بألف درهم -اشتغلَ بطالعته ،وصار
يقتصر من الصلوات على الفرائض فقط.125
* النكباب على النظر والقراءة حت ف الجالس الاصّة
قال اب ُن القاضي الِكْناسي ف (( ُدرّةِ الِجال)) 126ف ترجة ممد ابن عل ّي بن سليمان السّطّي ت (7
(( :)49وكان مُقبلً على ما َيعْنيه ،مُكِبّا على النظر والقراءةِ والتقييد ،ل تراه أبدًا إل على هذه الحوال حت
ف الجلس السلطان ))...اهـ.
،)16/230( 122وقد وصفه الذهب بقوله(( :وكان عالًا إخباريّا ،وقورًا ،نسيجَ وَ ْحدِه)) قال الذهب(( :ومن ماسنه أنه شدّد ف المر
ف مالكه ،وأْب َطلَه بالكلّية ،وأَ ْعدَمه ،وكان يتأدّب مع العلماء والعبّاد)) اهـ.
( 123ص ،)580 /وانظر(( :جواهر ال ِعقْدَين ف فضل الشرَفيْن)).)119 /1( :
124السمّى(( :فتح العزيز على كتاب الوجيز)) للمام أب القاسم عبدالكري بن ممد القزوين الرافعي ت ( )623ف فقه الشافعية ،وقد
طبع كاملً أخيًا.
125وفيه بثٌ.
.)135 /2( 126وقال عنه(( :وكان ُيعْتَب ِخزَانة مذهب مالك ،مع مشاركة تامة ف الديث والصلي واللسان)).
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
ونوه عن أب العباس اللغوي العروف بَث ْعلَب ت ( ،)291فقد جاء ف كتاب(( :الث على طلب
العلم والجتهاد ف جَمْعه)) 127لب هللٍ العَسْكري قال(( :وحَكيَ عن ثعلب أنه كان ل يُفارقه كتابٌ
س َو َرةٍ يضعُ فيها كتابًا ويقرأ)).
ط عليه أن يوسعَ له مقدا َر مِ ْ
يَ ْدرُسه ،فإذا دعاه رجل إل دعوةٍَ ،شرَ َ
* ثلثة ل ُيعْلم أكثر منهم مبة ف القراءة
ذكر ياقوت الموي ف ((إرشاد الريب)) 128ف ترجة الاحظ قال(( :وحدّث أبو ِهفّان قال :ل أر
ت مَنْ أحبّ الكتبَ والعلومَ أكثر من الاحظ ،فإنن ل يقع بيده كتابٌ قطّ إل استوف قراءتَه
قط ول سع ُ
كائنًا ما كان ،حت إنّه كان يكْتري دكاكي الورّاقي ويبيتُ فيها للنظر.
والفتح بن خاقان ،فإنه كان يضر لجالسة التوكّل ،فإذا أراد القِيام لاجةٍ أخرجَ كتابًا من كُمه أو
خفّه وقرأه ف ملس التوكل إل حِي َعوْده إليه حت ف اللء.
وإساعيل بن إسحاق القاضي ،فإن ما دخلتُ إليه إل رأيتُه يَنظر ف كتابٍ ،أو يُقلب كتبًا أو
ينقضها)) اهـ.
* ف القبة أو مع الكتاب
قال الاحظ ف كتاب ((اليوان))(( :129قال اب ُن داحة :كان عبدُال ابن عبدالعزيز بن عبدال بن
عمر بن الطاب ،ل ياِلسُ الناسَ ،وين ُل مقُبرَة من القابر ،وكان ل يكاد يُرى إل وف يده كتابٌ يقرؤه،
فسُئل عن ذلك ،وعن نزوله القُبرَة؟ فقال:
ل أرَ أوْعظ من قَبْر ،ول أمنعَ من كتابٍ ،ول أسلَ َم مِن ال َوحْدة .فقيل له :قد جاء ف الوَحْدة ما جاء!
130
فقال :ما أفْسَدَها للجاهل وأصلحها للعاقل!
* ملسة بي كتبه أفخم وأنبل من ملسه بي حاشيته
قال الاحظ ف ((اليوان))(( :131ولقد دخلتُ على إسحاق بن سليمان ف إ ْمرَته ،فرأيتُ
السّماطَي 132والرجال مُثُولً كأنّ على رءوسهم الطي ،ورأيتُ فِرشته وِبزّته ،ث دخلتُ عليه وهو معزول ،وإذا
هو ف بيت كتبِه ،وحواليه السفاط والرّقوق ،والقماطِر والدفاتر والساطر والحابِر ،فما رأيته قط أفخمَ ول
أنبلَ ،ول أهيبَ ول أجزلَ منه ف ذلك اليوم ،لنه جعَ مع الهابَةِ الحبّةَ ،ومع الفخام ِة اللوةَ ،ومع السّو َددِ
الِكمةَ)) اهـ.
* أربعون عامًا ل ينام إل والكتاب على صدره
قال الاحظ ف ((اليوان))(( :133سعتُ السن اللؤلؤي 134يقولَ :غَبرَتْ أربعي عامًا ما ِق ْلتُ ول
ِبتّ ول اتكأتُ إل والكتابُ موضوعٌ على صدري)).
* إذا غلبَه النومُ أمسكَ كتابًا ليطرده
لهْم :135إذا غشين النّعاس ف غي وقت نومٍ -وبئس الشيءُ النومُ الفاضِلُ عن الاجة-
((قال ابن ا َ
قال :فإذا اعتران ذلك تناولتُ كتابًا من كتب الِكَم ،فأج ُد اهتزازي للفوائد ،والريية الت تعترين عند ال ّظفَر
ببعض الاجة ،والذي َيغْشى قلب من سرور الستبانة وعزّ التبيي 136أشدّ إيقاظًا من نيق المي وهَدّة الَ ْدمِ)).
شغَفِ والتعلّ ِق بالكتابِ والعلم! فإذا غَلَبه النّعاس طردَه باستجلب الكتب
أقول :فهذا غاي ٌة ف ال ّ
والنظر فيها ،فيهتزّ لفوائدها ،ويَ ْط َربُ لِكَمها.
فأين هذا من (طُلبٍ!) يستجلبون النومَ بالنظر ف الكتب؟! فاختلف الالي وتبايُن النتيجتي تََبعٌ
لختلف مكانة العلم والكتب عند الفريقي.!!137
(( 138الكمال ف معرفة الرجال)) ف رجال الكتب الستة ،ل يزال مطوطًا ،وهو أصل ((تذيب الكمال)) للمِزّي وفروعه ،انظر
مطوطاته ف ((الفهرس الشامل)).)1302 /2( :
( 139ص.)47 /
-170 /1( ،)110 /1( 140ط ابن حزم).
141ذكر السخاوي عن شيخه عجائب ف القراءة ،والكتابة ،وا ِلمّة ف تصيل العلومُ ،سقْنا طرفًا منها ف تفاريق كتابنا هذا -رحم ال
الميع.-
،)328 /1( 142ووقع فيه(( :المدان)) بالدال الهملة ،وهو خطأ.
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
وما يدلك على عظيم َشغَفه بالكتب ،وبذله ف تصيلها كلّ نفيس حت داره الت يسكنها!! ما ف
كتاب ابن رجب عن المام طلحة ال َعلْثي قالِ(( :بيْعت كتبُ ابنِ الواليقي ف بغداد ،فحضرها الافظُ أبو
العلْ ا َلمَذَان ،فنادَوا على قطعةٍ منها :ستي دينارًا ،فاشتراها الافظ أبو العلء بستي دينارًا ،والنظار من يوم
الميس إل يوم الميس.
فخرج الافظ ،واستقبل طري َق هَمَذَان ،فوصل ،فنادى على دارٍ له ،فبلغت ستي دينارًا .فقال :بيعوا.
قالوا :تبلغ أكثر من ذلك .قال :بيعوا .فباعوا الدار بستي دينارًا ف َقَبضَها ،ث رجع إل بغداد .فدخلها يوم
الميس ،فوفّى ثنَ الكتب ،ول يشعر أحدٌ باِلهِ إل بعد مُدّة)) اهـ.
وما يُؤثر -أيضًا -ف بيع العلماء بيوتم من أجل شراء الكتب ،ما ذكره ابن رجبٍ -أيضًا -ف ((ذيل
الطبقات)) 143ف ترجة العلمة النحوي عبدال بن أحد العروف بابن الشّاب ت ( )567عن اب ِن النجار
قال:
إنه ل يَمُت أحدٌ من أهل العلم وأصحاب الديث ،إل وكان يشتري كتبه كلّها ،فحصلت أُصول
الشايخ عنده.
وذَ َكرَ عنه :أنه اشترى يومًا كتبًا بمس مئة دينارٍ ول يكن عنده شيءٌ ،فاستمهلهم ثلثة أيامٍ ،ث
مضى ونادى على داره ،فبلغت خس مئة دينار ،فََنقَد صاحبَها وباعه بمس مئة دينار ،ووفّى ثن الكتب،
وبقيت له (لصاحب الكتب) الدار.144
صبٍ مفروشة ،وف صدرها ألواح من صفّة كبية منفردة ،وبا بواري َق َ
ووصفها القِفْطي بقوله(( :وكانت له دار عتيقة ...وله منها ُ
الشب ،مرصوص عليها كتب له ،أقامت ِعدّة سني ما أُزيل عنها الغُبار ،وكانت تلك البواريّ قد استترت با عليها من التراب ،يقعد
ف جانب منها ،والباقي على تلك الالة .وقيل :إن الطيور عششت فوق الكتب وف أثنائها)) اهـ(( .إنباه الرواة)) .)100 /2( :وما
فعله ابنُ الشّاب ،يُعد من مسوّغات ذِكْرِه با يكره ،ول ُي َعدّ ذلك غيبة ،بل هو نصيحة واجبة ،كما نبّه عليه السخاوي ف ((العلن
بالتوبيخ))( :ص.)88 /
،)150 -149 /1( 145وانظر ((سي النبلء)).)313 /12( :
وزوجته خبيةٌ به ،طويلة ال ِعشْرة معه ،فقد سُئل الزبي :مُنذ كم زوجتك معك؟ قال :ل تسألن ،ليس ترِدُ القيامة أكثر كِباشًا منها،
ضحّيتُ عنها سبعيَ َكْبشًا(( .تاريخ بغداد)).)471 /8( :
.)162 /1( 146
147وإذ قد ذُكر الغرام بالنساءِ والكتب ،فهذا القاضي برهان الدين الزرعي النبلي ت ( )741كان مُغرمًا بالواري التركيات ،قال
الصفدي ف(( :أعيان العصر))(( :)45 /1( :كنتُ أراه جُمعةً ف سوق الواري ،وجُمعةً ف سوق الكتب ،ليجمع بذلك بي الدّر
والدراري!!)) اهـ.
.)111 /2( 148
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
ل ونارًا ،ما يضي عليه ساعة إل وواحد يقرأ عليه ،أو مُطَالع له ،حت ذكر ل أنه بالليل تقرأ
والشغال ،149لي ً
له زوجته ف كتب الدب وغيها)).
*التحسّر على الكتب وجعلها بنلة الولد
وذكر ابن رجب ف ((الذيل)) 150ف ترجة عبدالصمد بن أحد ابن أب الَيْش البغدادي العلمة التفنّن
ت ( )676أنه صنّف خُطبًا انفرد بِفنّها وأُسلوبا وما فيها من الصّنْعة والفصاحة ،وجع منها شيئًا كثيًا،
ذهبَ ف واقعة بغداد 151مع كتبٍ له أُخرى بطّه وأُصوله ،حت كان يقول(( :ف قلب حَسْرتان :ولدي
وكُتُب)) (وكانا قد ُفقِدا جيعًا ف واقعة بغداد).
* ل يشي إل وف يده كتاب
وكان كثي من مشاهي العلماء ل يشي إل وف يده كتب أو أجزاء يُطالعها ،وذلك لزيد شغفهم
بالقراءة والطلع ،وعظيم حرصهم على أوقاتم من الضياع.
● قال الذهب ف ((السي))(( :152قال ابنُ البنوسي :كان الافظ الطيب يشي وف يده ُج ْزءٌ
يُطالعه)).
● وف ((تذكرة الفاظ)) 153للذهب ف ترجة أب داود السجستان صاحب ((السنن))(( :قال ابنُ
دَاسَة :كان لب داود كُمّ واسع وكمّ ضيّق ،فقيل له ف ذلك؟ فقال :الواسع للكتب ،والخر ل يُحتاج إليه)).
● وف ترجة العلمة النحوي أحد بن يي العروف بثَعْلَب ت ( )291من كتاب ((وفيات
ب وفاته :أنه خرج من الامع يوم المعة بعد العصر ،وكان قد
العيان)) 154لبن خَلّكان قال(( :كان سب َ
لقه صَمَمٌ ل يسمع إل بعد تعب ،وكان ف يده كتاب ينظر فيه ف الطريق ،فصدمَتْه فرسٌ ،فألقَْتهُ ف ُه ّوةٍ،
فأُخرج منها وهو كالختلط ،فحُمِل إل منله على تلك الال وهو يتأوّه مِن رأسه ،فمات ثان يومٍ)) اهـ.
● وذكر العسكري ف ((الث على طلب العلم)) :155أن أبا بك ٍر الياط -العلمة النحوي ممد بن
أحد البغدادي ت ( -)320كان يَ ْد ُرسُ جيعَ أوقاته ،حت ف الطريق ،وكان ربّما سقَط ف ُجرْف أو خبطته
دابّة)).
● وتقدم معنا خب المام ُسلَيم الرازي .156
● وكان كثي من العلماء يُقرأ عليه الكتاب وهو يشي ف الطريق صِيانة للوقت ،وحبّا ف الفادة،
كما هو الال ف ترجة الافظ أب نعيم الصبهان صاحب ((اللية)) ت ( )430كما ف ((تذكرة
الفاظ)).157
● وكذلك ف ترجة المام علم الدين السخاوي القرىء ( )643كما ف ترجة من كتاب
((طبقات القراء الكبار)).158
أقول :ومن شهدناه على هذه الال ف القراءة عليه واستفتائه وهو يشي شيخنا وشيخ مشاينا العلمة
عبدالعزيز بن باز (- )1420رحه ال تعال -فقد كان ذلك ديدنه وهِجّيْراه ،بنفسٍ منشرحة ووجهٍ طَلِق،
فجزاه ال عن العلم وأهله خيًا.
* استوف مكتبته قراءة ،وفيها ( )700ملد
ففي ترجة أب بكر بن أحد تقي الدين ابن قاضي شُهبة 159من ((الضوء اللمع)) 160قال(( :وكتب
بطه الكثي ،بيث لو قال القائل :إنه كتب مئت ملد ل يتجاوز ،وخطه فائق دقيق.
وبِيْع ف تركته نو سبع مئة ملد ،كاد أن يستوفيها مطالعة)) اهـ.
● قال ابن خلكان ف ترجة الشريف الرتضى أب القاسم علي بن الطاهر ت ( )436ف كتابه:
((وفيات العيان))(( :165حكى الطيب أبو زكريا يي بن علي التّبْريزي اللغوي ،أن أبا السن علي بن أحد
ل ْودَة ،فدعته
ابن علي بن سلّك الفال الديب ،كانت له نسخة بكتاب ((المهرة)) لبن ُدرَيْد ف غاية ا َ
الاجة إل بيعها فباعها ،واشتراها الشريف الرتضى أبو القاسم -الذكور -بستي دينارًا ،وتصفّحها فوجدَ با
أبياتًا بط بائعها أب السن الفال ،وهي:
لقد طا َل َوجْدي بعدَها وحنين ستُ با عِشرينَ حو ًل َوِبعْتُها
أنِ ْ
ولو خلّدتن ف السجون ديون وما كان ظَنّي أَنّن سأَبيعها
صِغارٍ عليهم تَسَْتهِ ّل شُؤون ف وافتقا ٍر وصِبْيَةٍ
ولكن لضع ٍ
مقالة مكويّ الفؤادِ َحزِينِ: فقلتُ ول َأمْلك سوابق َعبْرةٍ
كرائ َم من ربّ ب ّن ضنيِ)) اهـ ت يا أمّ مالكٍ
ج الاجا ُ
((وقد تُخر ُ
● وذكر السخاوي ف ((الضوء)) 166ف ترجة إبراهيم بن علي بن أحد جال الدين ال َق ْلقَشندي
القاهري أنه باع كتَبهُ أو جلّها ،قال :وقَاسَى مال ُيعَبّر عنه ،وتألّمنا له ف ذلك!.
* صور من العصر الديث *
بعد هذا التطواف ف رحاب العلماء ف قرون غابرة وأقطارٍ متباعدة ،كأنّي بقائل يقول :تلك أمة قد
خلت ،وجيل قد ذهب ،فهل لك ف أمثلة قريبة وناذج حيّة؟
فنقول :نعم ،وما أكثرها!
* فهذا الشيخ العلمة جال الدين القاسي الدمشقي ( )1332يقول عن نفسِه وهو يتكلم على علوّ
الِمّة ف كتابه ((الفضل البي))(( :167وقد اتفق ل بمده تعال قراءة ((صحيح مسلم)) بتمامه رواي ًة ف
أربعي يومًا ،وقراءة ((سنن ابن ماجه)) كذلك ف واحدٍ وعشرين يومًا ،وقراءة ((الوطّأ)) كذلك ف تسعة
عشر يومًا ،وقراءة ((تذيب التهذيب)) 168مع تصحيح سهو القلم فيه وتَحْشيته ف نو عشرة أيام.
فدع عنك أيّها اللئم الكسلَ ،واحرص على عزيز وقتك بدرس العلم وإحسان العمل)) اهـ.
وذكر فيه- 169أيضًا -أنه قرأ ((تاريخ دمشق)) لبن عساكر ( ،)571وقد طبع هذا التاريخ الن ف
سبعي ملّدًا.170
* وهذا الشيخ ممد بدر الدين السن ( )1354العلمة الحدّث (حفظ الصحيحي غيبًا بأسانيدها،
ونو (( 20ألف)) بيت من التون العلمية) ،171كان شديد التشاغل بالعلم والعكوف على طلبه والنقطاع
إليه ،حت بلغ من ذلك شيئًا عظيمًا ،قال الشيخ علي الطنطاوي- 172رحه ال(( -بل كان يلس ف الليل
ليقرأ ،فإذا غلبه النّعاس اتكأ برأسه على وسائد ُأعِدت له ،فأغفى ساعتي أو ثلثًا من الليل متقطعات ،ومن
النهار ساعة)).
وقال(( :كان يقرأ دائمًا ل يشغله عن القراءة إل أن يكون نائمًا أو ف صلة أو درس ،أو ف طريقه
من السجد إل البيت ،ما فارق الكتب قطّ ،ول استعان على النظر بنظارة ،وقد مات حديد البصر صحيحه،
وما أحبّ ف الدنيا غي الكتب ...فكان يشتري الكتابَ يسمعُ به ولو كان مطبوعًا ف أقصى الند ،ويشتري
الخطوط ولو بوزنه ذهبًا ،ول يدع كتابًا حت يقرأه ،أو يتصفحه تصفّح التثبّت.))...
* ومثالٌ حيّ كان بي أظهرنا لشهور مضت هو العلّمة الديب البليغ صاحب القلم النيق والعبارة
الرشيقة 173الشيخ علي الطنطاوي (- )1420رحه ال تعال -له مقال ف ((الذكريات)) 174عنوانه ((شغلي
الدائم الطالعة)) ذكر فيه ولعه الدائم بالطالعة من صغره وهو ف الدرسة البتدائية بدون إرشاد ُمرْشِد ول
تعليم ُمعَلّم ث قال(( :فأنا اليوم ،وأنا بالمس ،كما كنت ف الصغر ،أمضي يومي أكثره ف الدار أقرأ ،وربا مرّ
عل ّي يوم أقرأ فيه ثلثئة صفحة ،ومعدّل قراءت مئة صفحة من سنة ( )1340إل هذه السنة (.)1402
اثنان وستون سنة .احسبوا كم يومًا فيها ،واضربوها بئة ،تعرفوا كم صفحة قرأت .أقرأ ف كل
موضوع ،حت ف الوضوعات العلمية.))...
وله ف ((الذكريات))- 175أيضًا -حديث عن قراءته ومقدارها ،مع اشتغاله بالقضاء ف دمشق (كل
يوم ثلثون قضية) مع الشراف على مالس التحكيم ،والعمل رئيسًا لثلثة مالس ،الوقاف ،واليتام،
والجلس العلى للكليّات الشرعية ،مع إلقاء دروس ف الكلية ،والثانوية للبني والبنات ،وكان إل جانب ذلك
خطيب جعة ،وماضرًا ف النوادي ،وله أحاديث ف الذاعة ،وكتابة يومية ف إحدى الرائد .كان يصنع هذا
كله!!.
ومع ذلك كان يقرأ كل يوم يومٍ مئتي أو ثلثئة صفحة ،قال(( :وأنا مستمر على ذلك من يوم
تعلمت القراءة ،وأنا صغي ،أي :من نو سبعي سنة إل قليلً ،أصرف فضل وقت كله ف القراءة)).
ولو ذهبتُ استقصي أخبارَ علماء هذا القرن النصرم لاء كتابًا برأْسِه!! لكن حسب هنا ما ذكرت،
وكفى به عب ًة لعْتَبِر ،ومن أراد التوسّع فلياجع تراجم أهل هذا القرن وهي كثية.176
الفصل الثالث
ف قراءة الطوّلت ف مالسَ معدودات
كان من عادة العلماء َعقْد مالس لقراءة الطوّلت على اختلف الفنون (خاصة كتب الديث
السندة) ،فكان الناسُ يأخذونا عن مؤلّفيها أو عمن اتصلت بم روايتها ،بالسّماع لميعها تارة ،أو بسماع
ص عقدُ تلك الجالسِ وإساعِ الطوّلت طردًا مع
شيءٍ منها ،والجازة بباقيها ،أو بالجازة لميعها ،وتناق َ
سرَت نوعية الكتب القروءة ف كتب الديث ،خاصّة الشهورة منها ،أو
تأخّر الزمن (لعوامل كثية) وانْحَ َ
لكتب بعض مشاهي الؤلّفي.
وهذه الجالس قد ت ُطوْل وقد َت ْقصُر بسب الغرض من القراءة وتفرّغ الشيخ ،واستعداد الطالب،
وموضوع الكتاب.177
ول شك أن قراءة هذه الطوّلت ف مالسَ معدودة يتطلّب عددًا من الصفات ف الشيخ والطالب ،من
البة بالكتاب القروء ،وشدة التَيقّظ ،وفصالة اللسان ،وسرعة القراءة ،وقبل ذلك وبعده = الرغبة الكيدة،
والمة العالية ،والصب الميل .فمن تلّى بذلك كلّه ،لنَ له الديدُ و َسهُل عليه الصعبُ(( ،فإن العزي َة والحبةَ
تُ ْذ ِهبُ الشقةَ ،وتُطِيبُ السيَ)).178
وهذا َسرْد ما وقفنا عليه من ذلك:
* الطيب البغدادي (* )463
-قراءة صحيح البخاري ف ثلثة مالس.
177ففي ((ثتب ال ُفلّن))( :ص )19 /أنم قرأوا ((الوطأ)) باستحضارِ ومراجعةِ النتقى ،والستذكار ،وال َقبَس ،وشرح الزرقان،
وغيها ،وفيه( :ص )35 /أنم قرأوا ((البخاري)) باستحضارِ ومراجعةِ فتح الباري ،وشرح ابن بطّال ،وشرح الكرمان ،والشارق،
وإرشاد الساري وغيها.
178العبارة بي القوسي لبن القيم ف ((الفوائد))( :ص.)255 /
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
ليْري ت ()430
قال الطيب ف ((تاريخ بغداد)) 179ف ترجة إساعيل بن أحد ابن عبدال الضرير ا ِ
أنه خاطبه ((ف قراءة كتاب ((الصحيح)) -وكان سَ ِمعَه من الكُشْمِْيهَن 180عن ال َفرَبْزي- 181فأجابن إل
ذلك ،فقرأتُ جيعَه عليه ف ثلثة مالس ،اثنان منها ف ليلتي ،كنتُ ابتدىء بالقراءة وقتَ صلةِ الغرب،
وأقطعها عند صلة الفجر.
وقبل أن أقرأ الجلس الثالث َعبَر الشيخُ إل الانب الشرقي مع القافلة ونز َل الزيرةَ بسوقِ يي،
فمضيتُ إليه مع طائفةٍ من أصحابنا -كانوا حضروا قراءت عليه ف الليلتي الاضيتي -وقرأتُ عليه ف الزيرة
ح َوةِ النهار إل الغرب ،ث من الغرب إل وقتِ طلوع الفجر ،ففرغتُ من الكتاب ،ورحلَ 182الشيخُ ف
من ضَ ْ
صبيحة تلك الليلة مع القافلة)) اهـ.
أقول :فلله تلك المم ما أسقها وأعلها! فهل سعت بثل هذه المم والعزائم؟! فاليومُ الثالث جيعُه
ف القراءة ( من ضحوةِ إل الغرب ،ومن الغرب إل الفجر) ،فبمثل هذه المة بلغ الطيب إل ما بلغ ،حت
دُعي بـ ((حافظ الشرق)) ،وصار بثل هذه المة عمدة الحدثي ومعوّلم ،بل صاروا عِيالً على كتبه كما
قال ابنُ نقطة.183
-ما قيل حول هذه القصة.
قال الافظ الذهب ف ((السّي))-184معّلقًا(( :-قلت :هذه وال القراءةُ الت ل يُسْمَع قطّ بأ ْسرَعَ
منها)).
وقال -أيضًا -ف ((تاريخ السلم))(( :185وهذا شيءٌ ل أعل ُم أحدًا ف زماننا َيسْتَطيعُه)).
وف ((الواهر والدرر ف ترجة شيخ السلم ابن حجر)) 186للسخاوي ،أنه سأل شيخه -أي ابن
حجر(( -هل وقعَ لكم استيفاءُ يومٍ ف القراءة؟ (يعن :مثل ما وقع للخطيب) فقال :ل ،ولكن قراءت
((الصحيح)) ف عشرة مالس لو كانت متواليةً لنقصت عن هذه اليام ،ولكن أين الثريّا من الثرى ،فإنّ
لوْدة والفادة وإبلغ السّامعي)) اهـ.
الطيب -رحه ال -قراءته ف غايةٍ من الصّحة وا َ
وسيأت استيفاء ما وقع للحافظ ابن حجر من ذلك ،وهو عجيب!.
-قراءة ((صحيح البخاري)) ف خسة أيام.
قال الذهب ف ((تذكرة الفاظ)) 187نقلً عن أب سعدٍ السمعان(( :كان الطيب -حجّة حسن
الط ،كثي الضبط ،فصيحًاُ ،ختِمَ به الفّاظ ،وقرأ بكة على كرية(( 188الصحيحَ)) ف خسة أيامٍ)) اهـ.
* عبدال بن سعيد بن لُبّاج الموي (* )436
-إقراء مسلم ف أسبوع.
جاور ابنُ لُبّاج بك َة سني طويلة ،واختصّ بصحبة أب ذر َعبْد ابن أحد الروي -راوي الصحيح-
وأكثر عنه ،ث رج َع إل الندلس ،قال ابن بَشْ ُكوَال ف ((الصّلَة))(( :189ولق بقرطبة ...سنة ثلثٍ وثلثي
وأربع مئة ،فقرىء عليه ((مسندُ مسلم بن الجاج الصحيحُ)) ف نو جُمعة ،بامع قرطبة ف موعِدَين طويَليْن
َحفِيلَي ،كل يوم موعد غدوة ،وموعد عَشيّة)) اهـ.
* الؤْتَمن السّاجي (* )507
-قراءة ((الحدّث الفاصل)) ف ملس.
قال الذهب ف ((السي))(( :190قال السّلَفيّ :كان الؤتنُ ل ُتمَلّ قراءتُه ،قرأ لنا على ابن الطيوري
كتابَ ((الفاصل)) 191للرّامَهرمزي ف ملسٍ.
* طلحة بن مظفّر ال َعلْثي 192النبلي (* )593
-قراءة ((صحيح مسلم)) ف ثلثة مالس.
جاء ف ترجته ف ((الذيل على طبقات النابلة)) 193و((طبقات الفسرين)) :194أنه قرأ ((-صحيحَ
مسلم)) ف ثلثةِ مالس.
صفَه الافظ النذري بُسْن القراءة
وكان طلحةُ بن مظفّر عالًا متفنّنًا ف علومٍ كثية زاهدًا َو ِرعًا ،و َ
وفصاحتها ،فمن ذلك أنه كان يقرأ كتاب ((المهرة)) لبن ُدرَيْد على ابن القصّار ،فمِنْ سرعة قراءته
وفصاحتها قال اب ُن القصّار :هذا طلحةُ يفظ هذا الكتاب؟! قالوا :ل.
* ال ِعزّ بن عبدالسلم (* )660
-قراءة ((نِهاية الَ ْطلَب)) 195ف ثلثة أيام.
قال ابن َفهْد ف ((لظ اللاظ))(( :196قال شيخنا الافظُ برها ُن الدين (أي :اللب :)841وحُكيَ
ل أن الشيخ عز الدين بن عبدالسلم كان يرج إل السجد يوم الربعاء ومعه ((ناية إمام الرمي)) ،فيمكث
بالسجد يوم الربعاء ويوم الميس ويوم المعة إل قُبيل الصلة ،فينظر ف هذا الوقت ((النهايةَ)).
فاسْتَْبعَد هذا بعضُ العلماء(( ،فقال الشيخ سِراج الدين البُلقين :ول استبعد ،لن الشيخ عز الدين ل
شكِل عليه منها شيءٌ ،ول يتاج إل أن يتأمّل منها إل شيئًا قليلً ،أو ما هذا معناه ))...اهـ.
يُ ْ
* ابن البّار (* )658
-قراءة ((مسلم)) ف ستة أيام.
ذكر الذهب ف ((سي أعلم النبلء)) 197ف ترجة الحدّث العمّر أب ممد عبدال بن ممد الَجْري
الندلسي ت ( )591أن الافظ أبا عبدال بن البّار 198ت ( )658قرأ عليه ((صحيحَ مسلم)) ف ستة أيام.
* شيخ السلم ابن تيميّة (* )728
-قراءة ((الغَيْلنيات)) 199ف ملسٍ واحد.
قال تلميذه الافظ ابن عبدالادي ( )744ف ((متصر طبقات علماء الديث- 200وهو يُعدّد
مسموعات ومقروءات شيخه(( :-وقرأ بنفسه الكثي ،ولزم السماع مُ ّدةَ سِني ،وقرأ ((الغَيْلنيات)) ف
ملسٍ)) اهـ.
وقد وصف اب ُن عبدالادي شي َخ السلم ابن تيميّة بصفاتٍ تدل على ما بلغه هذا المام من مبة العلم
والنكباب على تصيله فقال:
((ل تكادُ نفسُه تشبَعُ من العِلم ،ول َترْوى من الطالعة ،ول تَ َم ّل من ال ْشتِغال ،ول تك ّل من
البحث)) اهـ.
وتقدم شيءٌ من خبه ،رحم ال الميع رحة واسعة وأسكنهم فسيح جنّاته.
* الافظ ا ِلزّي (* )742
-وهذا الافظ أبو الجاج الِزي يقرأ ((العجم الكبي)) للطبان بضور الافظ البزال ف ستي
ملسًا.201
* الافظ شس الدين الذهب (* )748
-قراءة ((سية ابن هشام)) ف ( )6أيام.
ذكر المام الذهب عن نفسه :202أنه قرأ ((سية ابن هشام)) على أب العال الَبرْقوهي 203ف ستةِ أيامٍ
فقط.
* سراج الدين ابن اللقّن (* )804
-قراءة الجلدين ف الحكام ف يومٍ واحد.
وف ((لظ اللاظ)) بعد -حكاية العزّ ابن عبدالسلم التقدمة -قال البهان اللب :فذكرتُ هذه
الِكاية لشيخنا سراج الدين اب ُن اللقّن ،فقال ل عقيب ذلك :أنا نظرتُ ملّدين من ((الحكام)) 204للمحبّ
الطبي ف يومٍ واحدٍ)) اهـ.
* سراج الدين الُبلْقين (* )805
-قراءة الجلد من كتب الفقه ف يومٍ.
قال الافظ ابن حجر العسقلن ف كتابه ((الجْمَع الؤسّس)) 205نقلً عن البهان اللب أنه قال:
سعتُه يقول -أي :البُلقين -ربا طالعتُ الجلّد كاملً ف اليوم الواحد من كتب الفقه.
* الافظ زين الدين العِراقي (* )806
-قراءة ((مسلم)) ف ستةِ مالس.
قال الافظ تقي الدين الفاسي ف ((ذيل التقييد))(( :206وسع -أي العراقي(( -صحي َح مسلم))
بقراءته 207ف سِتة مالس على ممد بن إساعيل بن البّاز بدمشق)).
ونوه ف ((لظ اللاظ)) 208لبن فهد ،وزاد(( :ف ستة مالس متوالية ،قرأ ف آخر ملسٍ منها أكثر من ثلث
الكتاب ،وذلك بضور الافظ زين الدين ابن رَجَب ،209وهو معارض بنسخته)) اهـ.
وابنُ البّاز ( )756هذا قال الافظ ابن حجر ف ((الدرر الكامنة)) 210نقلً عن العِراقي قال :إنه
كان مُسْنِد الفاق ف زمانه ،وتفرّد برواية مسلم بالسماع التصل ...وكان صبورًا على السّماع ،يتكسّب
بالنسج ،قال :فكنّا نقرأ عليه وهو يعمل ف منله من بُكرةٍ إل العصر.
-قراءة ((السند)) ف ثلثي ملسًا.
جاءَ -أيضًا -ف ((ذيل التقييد)) 211أن الافظ العراقي قرأ ((مسند المام أحد)) على ابن البّاز
-التقدّم -ف ثلثي ِمْيعَادًا.
* مد الدين الفيوزآبادي (* )817
-قراءة ((مسلم)) ف أربعة عشر ملسًا.
،)297 /2( 205و((لظ اللاظ))( :ص )202 /متّصِل بب العِزّ بن عبدالسلم السّالف.
.)170 /1( ،)9 /3( 206
207أي :العِراقي نفسه.
( 208ص.)223 /
209وكان سِنّ الافظ ابن رجب آنذاك دون العشرين ،لنه مولود سنة ( ،)736وتوف ابن الباز سنة ( )756فيكون عمر ابن رجب
حي وفاته عشرين سنة ،ول شك أن القراءة كانت قبل ذلك.
.)384 /3( 210
.)170 /1( ،)3/9( 211
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
قال السخاوي ف ((الضوء اللمع)) 212ف ترجة مد الدين(( :وقرأ ((مسلمًا)) على البيان بالسجد
القصى ف أربعة عشر ملسًا)).
-قراءة ((مسلم)) ف ثلثة أيام.
215
ذكر السخاوي ف ((الضوء اللمع)) ،213و((الواهر والدرر)) ،214وا َلقّري ف ((أزهار الرياض))
أن الفيوزآبادي قرأ ((صحيح مسلم)) بدمشق بي بابَي الّنصْر وال َفرَج ،تُجَاه َنعْل 216النب على شيخه ناصر
الدين أب عبدال ممد بن َج ْهبَل ،217ف ثلثة أيامٍ ،وقال ذاكرًا ذاك ُمفْتخرًا به:
بوفِ دمشقَ الشامِ جوفَ السلمِ ل ((جامعَ مسلمِ))
قرأتُ بم ِد ا ِ
بضرةِ ُحفّاظٍ مشاهيَ أعلمِ على ناصرِ الدين المامِ ابنِ َج ْهبَلِ
218
قراءةَ ضبطٍ ف ثلث ِة أيّامِ وتّ بتوفيقِ الل ِه بفضِْلهِ
وقال ا َلقّري عن هذه القراءة السّريعة مع الضبط[(( :إنا] من أغرب ما منحَ ال تعال الجدَ مؤلف
((القاموس))! ...فسُبحانَ الانح الذي يؤت فضله من يشاء!)).
واعتب السخاوي أن ما وقع لشيخه الافظِ ابن حجر من قراءة ((صحيح مسلم)) ف أربعة أيام سوى
ملس التم أَجَلّ ما وقع للفيوزآبادي .وسيأت استيفاء ذلك عند الكلم على الافظ ابن حجر ومقروءاته.
* الافظ ابن َحجَر العسقلن (* )852
وما وقع للحافظ -رحه ال -من ذلك عجيب! وهو يدلّ على هة عاليه ،و َجلَد غي معهود ،وتفرّغ
تام ،يف ذلك تيسي إلي ،وتوفيق ربّان.
.)80 /10( 212
.)80 /10( 213
.)104 -103 /1( 214
.)48 /3( 215
صفَة النعل النبوية ،وأنشأ قصيدة فيه حي شاهدها،
216ترّفت ف ((أزهار الرياض)) إلَ(( :بغْل))! ولب اليُمن بن عساكر جُزء ف ِ
انظر(( :مِلْ ال َعيْبة)) )219 -218 /5( :لبن رُشيد ،و((فتح التعال ف صفة النّعال)) للمقّري ،و((التبّك))( :ص)352 /
للجديع ف ثبوت النعل ونوها.
217التوف سنة ( ،)764له ترجة ف ((ذيل التقييد)) ،)177 /1( :و((الدرر الكامنة)) .)392 /3( :وترّفت ((ابن َجهْبل)) ف
((الواهر والدرر)) إل(( :ابن جهيل)) -بالياء.-
218هذه البيات الثلثة جعلها مقّقو ((الواهر -بطبعتيه))نثرًا ،ول يتفطنوا لكونا شِعرًا!! وهي مالفة لا هنا ف بعض العبارات.
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
وقد وصف تقيّ الدين الفاسي -صاحبُ ابنِ حجر ورفيقه -قراءَتَه بأنا سريعة ،219وكذا وصفها
السخاوي بالسرعة والُسْن ،220وشبّهها بقراءة الطيب.
-قراءة ((السند)) ف ثلثةٍ وخسي ملسًا.
قال الافظ ف كتابه(( :الَجْمَع الؤسّس لل ُمعْجم ا ُل َف ْهرِس)) 221ف ترجة شيخه عبدِال بن عمر بن
علي الندي أبَ العال ت ((( :)807وكان صبورًا على إساع الديث ،ل يل ول ينعس ول يتضجّر...222
قرأت عليه ((مُسْند أحد)) جيعه بزياداته ...223وكَمُلت قراءت عليه للمسند كله ف ثلث ٍة وخسي ملسًا))
اهـ.
وقال ف ((إنباء الغمر))(( :224قرأتُ عليه ((مسند أحد)) ف مدةٍ يسية ف مالسَ طوال ،وكان ل
يضجر ...وف الملة ،ل يكن ف شيوخ الرواية من شيوخنا أحسن أدا ًء ول أصْغَى للحديث منه)) اهـ.
-قراءة ((البخاري)) ف عشرة مالس.
قال السخاوي ف ((الواهر والدرر))(( :225ومن الكتب الكِبار الت قرأها ف مدةٍ لطيفة(( :صحيح
البخاري)) ،ح ّدثَ به الماعةَ من لفظه بالانِقاه البيبسية ف عشرة مالس ،كل ملسٍ منها أربع ساعات))
اهـ.
وذلك بعد سنة (.)820
(( 219ذيل التقييد)) ،)119 /2( :ووقعت هذه اللفظة ((سريع)) ف ((عُنوان الزّمان ف تراجم الشيوخ والقران))( :ق 23 /أ-
كوبريلي) للبقاعي(( :بديع القراءة)) ،وهو ينقل عن الفاسيّ ،فل أظن ذلك إل تصحيفًا.
(( 220الواهر والدرر)).)105 -103 /1( :
.)32 ،27 /2( 221
222ذكر الافظ ف ترجته أنه مرض مرة ،قال :فصعدنا إل غرفته عائدين ،فأذنَ لنا ف القراءة ،فقرأتُ عليه من ((السند)) فمرّ ف الال
حديث أب سعيد -رضي ال عنه_ ف رُقية جبيل ،فوضعتُ يدي عليه ف حالِ القراءةِ ونويتُ رُقيته ،فاتفقَ أنه ُشفِي ،حت نزلَ إلينا ف
اليعاد الثان ُمعَاف)) اهـ(( .الجمع)).)28 /2( :
أقول :فتامّل -رحك ال -ف احتمال الشيخ وتّلدِه ،وحِرص التلميذ وفِطْنته ،وتوفيق ال وعنايته.
223أي :زيادات ابنه عبدال ،وقد طبعت مستقلة عن ((السند)) ف ملد.
.)241 /5( 224
.)104 /1( 225
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
ث سأل السخاويّ شيخَه :هل وقع له استيفاء يومٍ كاملٍ ف القراءة ،كما وقع للخطيب؟ فقال :ل،
ولكن قراءت ((الصحيح)) ف عشرة مالس ،لو كانت متوالية لَنقَصت عن هذه اليام ،ولكن أين الثّريا من
ب -رحه ال -قراءته ف غاية من الصحة والودة والفادة وإبلغ السامعي .انتهى كلم
الثّرى؟! فإن الطي َ
الافظ.
ضعًا ،وإل فقراءته -أيضًا-
قال السخاوي :إنا استدر َك -رحه الَ -جرْيًا على عادتنا ف التأدّب وتوا ُ
كانت كذلك ،وهكذا كان دأبه :هضْم نفسِه على جاري عادة أهل العلمِ والدين.226
-قراءة ((مسلم)) ف خسة مالس.
قال الافظ ف ((الجمع الؤسّس)) 227ف ترجة ممد بن ممد ابن عبداللطيف بن ال ُك َويْك ت (82
(( :)1وقرأتُ عليه ((صحيح مسلم)) ف خسة مالس)) اهـ.
وقال ف ((إنباء الغمر))(( :228وقرأتُ عليه كثيًا من الرويّات بالجازة والسماع ،من ذلك ((صحيح مسلم))
لتْم)) اهـ.
ف أربعة مالس سِوى ملس ا َ
وَفصّل السخاوي صِفة القراءة ووقتها فقال :229وقرأ ((صحيح مسلم)) ...ف أربعة مالس سِوى
لتْم ،230وذلك ف نو يومَيْن وشيء ،فإنه كان اللوس من بُكْرة النهار إل الظهر ،))...وكان سنة (8
ملس ا َ
.)13
وعلى هذا الِسَاب اعتب السخاوي أن ما وقع لشيخه ابن حجر أجلّ ما وقع للفيوزآبادي من قراءة
((صحيح مسلم)) ف ثلثة أيام على ابن َجهْبَل.231
ولقد أتعبَ هذا الرجلُ العلماءَ بتتبّع ما ِزيْه ،ونقض شبهاته ومبا ِغيْه ،فجزاهم ال عن السلم خيًا ،وأ ْربَى هذه الكتب(( :كتاب
التنكيل)) للعلمة عبدالرحن بن يي العلمي اليمان ت (- )1386رحه ال ،-فما هو إل أن رأى ((طليعته)) حت شَ ِرقَ به.
* فخرّ صَريعًا لليدين ولل َفمِ *
فكيف لو رآه بكامله؟! ولقد رآه أتباعُه من َبعْده ،فما حاروا جوابًا!!.
( 237ق 20 /أ -كوبريلي).
238كان دخوله الشام ف ( /21رمضان )802 /وخروجه منها ف /1( :مرم )803 /فكانت مدة إقامته با مئة يوم .ووقع ف
((الواهر)) ف تاريخ دخوله الشام(( :حادي عشر))! وهو خطأ صوابه(( :حادي ِعشْري)) فلو صح ما هو مثبت ،لكانت ُمدّة بقائه با
مئة يوم وعشرة أيام ،وهذا خلف النصوص عليه.
239قال الذهب ف ((السي))(( :)558 /20( :والزء عشرون ورقة)) اهـ .وقد يكون أقل أو أكثر ،وانظر(( :توثيقُ النصوصِ
وضبطُها))( :ص.)229 /
240ترّفت ف النسخة الطية إل(( :بطريق))! و((الختارة)) لضياء الدين القدسي ت ( .)643وهذا الكتاب الذي ألفه الافظ غَرِق
مع ما غَرِق من كتبه الت بطه ف رحلته الثانية إل اليمن سنة ( ،)806وكان ما غرق فيها(( :أطرف الزي)) و((أطراف مسند
أحد)) ،و((أطراف الختارة)) ،وترتيب مسندي عبد بن حيد والطيالسي .انظر(( :الواهر والدرر)).)90 /1( :
241لعل القصود :كتابة الطِباق.
.)102 -101 /1( 242
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
هذا وقد علّق -رضي ال عنه -ف غضون هذه الدة بطه ،من الجزاء الديثية ،والفوائد النثرية،
والسماعات الت يُلحقها ف تصانيفه ،ونوها :ثان ملدات فأكثر ،وأطراف كتاب ((الختارة)) للحافظ ضياء
الدين ممد بن عبدالواحد القدسي ف ملد ضخمٍ ،لو ل يكن له عَمَلٌ ف طول هذه الدّة إل هي ،لكانت
كافية ف جللته)) اهـ.
* الافظ الدّيَمِي (* )908
-قراءة ((البخاري)) ف أربعة أيّام.
قال السخاويّ ف ((الضوء اللمع)) 243ف ترجة عثمان بن ممد أب عَمْرو الدّيَمِ ّي الشافعي ت (90
)8لا عدّد مقروءاته ف رحلته الدنيّة(( :وقرأ وهو هناك ((الصحيح)) 244بتمامِه ف الروضة الشريفة ف أربعة
أيامٍ)) اهـ.
* العلّمة القَسْطَلّن (* )923
-قراءة ((البخاري)) ف خسة مالس.
قال السخاوي ف ((الضوء اللمع)) 245ف ترجة أحد بن ممد بن أب بكر القسطلن صاحب:
((إرشاد الساري)) ت ( )923عند َتعْداد مقروءاته(( :وقرأ ((الصحيح)) بتمامه ف خسةِ مالس على
النّشاوي)) اهـ.
* إبراهيم البِقاعي النبلي (* )935
-قراءة ((البخاري)) ف ستة أيام و((مسلم)) ف خسة.
ي علّق على هذا بقوله(( :وما َحمِدت منه هذا))!. ،)141 /5( 243إل أن السخاو ّ
أقول :ل يُفصِح عن السبب! ولعله ِلمَا بينهما من النافسة ،ومن شعر السيوطي الشهور قوله:
قل للسخاوي إن َتعْرو َك ُمشْكلةٌ
والافظ ال ّدَيمِي غيثُ الزمانِعلمي كبح ٍر مِنَ المواجِ مُ ْلتَطمِ
فخذ غرفًا من البحرِ أو رشفًا من ال ّديَمِ
244أي :للبخاري ،وهو الراد إذا ُأطْلِق.
،)103 /2( 245وانظر(( :البدر الطالع)).)102 /1( :
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
ذكر النجم ال َغزّي ف ((الكواكب السائرة ف أعيان الئة العاشرة)) 246ف ترجة إبراهيم البقاعي أنه قرأ
على والده (البدر الغزي) البخاريّ كلملً ف ستة أيام ،سنة ( ،)930و((صحيح مسلم)) كاملً ف سنة
إحدى وثلثي ف خسة أيا ٍم متفرّقة -ف عشرين يومًا.-
* وف ترجة الشيخ ابن باز السمّاة بـ ((الناز)) أن أحد الطلبة قرأ على الشيخ ((سنن النسائي)) ف
سبعة وعشرين ملسًا.
***
إل هنا وأقول :لعلّي قد أطلتُ فأمْلَ ْلتُ ،وما زال ف ال ِوفَاظ الكثيُ والكثيُ ،لكن فيما تقدم كفاية لن
ألقى السمع وهو شهيد ،والكثار ل ينفع العيون العُمي ول الذان الصّمّ ول القلوب الغُلْف!!.
لكن لبدّ ل هنا من الشارة إل كتابي اثني 247فيهما َخَبرُ ما ل أذكره هنا ما وقع للعلماء من ذلك.
الول :كتاب ((ِف ْهرِس الفهارس والثبات ومعجم العاجم والشيخات والسلسلت)) للعلمة
عبدالي بن عبدالكبي الكتان ت ( )1049 -1043 /2( :)1382فقد ذكر من تلك الخبار عددًا صالًا
(منه ما ذكرته ومنه ما ل أذكره) ث قال ف خاتة بثه:
((وجامع هذه الشّذْرة ممد عبدالي الكتان ،قرأ ((صحيح البخاري)) تدريسًا بعنة القرويي وغرها
قراءةَ تقيق وتدقيق ف نو خسي ملسًا ،ل يدع شا ّذةً ول فا ّذةً تتعلّق بأبوابه ومل الشاهد منها إل أتى
عليها ،مع غي ذلك من اللطائف الستجادة ،ولعلّه أغرب وأعجب من كلّ ما سبق!! وال خالق ال ُقوَى
والقدر!)) اهـ.
الثان :كتاب ((ذيل التقييد لرواة السنن والسانيد)) للحافظ تقي الدين الفاسي ت ( )832وهذه
مواضعها،69 ،48 /3( ،)269 ،226 ،134 ،73 ،68 /2( ،)308 ،225 ،221 ،156 /1( :
.)329 ،283 ،244 ،182
الفصل الرابع
ف تَكْرار قراءة الكتاب الواحد الرات الكثية
تدثنا ف ما مضى عن شغف العلماء بالكتب ،وملزمتهم لقراءتا وإقرائها ليلهم مع نارهم ،ف حلهم
وترحالم ،وهذه صورة أخرى من صور الشغف والتعلّق بالكتب ،وهي النكباب والعكوف على قراءة كتبٍ
بعينها ،فما إن ينتهي من استيفاء الكتاب قراءةً ،حت يبدأ فيه من جديد ،فيقرؤه م ّرةً بعد مرّة ،فهو كالالّ
ا ُلرْتَحِل.
وغَنِيّ عن الذكر كم هو ثقيل على النفس أن يُعيدَ الرءُ كتابًا قرأه مرة واحدة! فكيف بقراءته
مرّات!!.
ولذلك كان من وصايا الشيوخ :248أنك إذا قرَأت كتابًا فل تفكر ف العودة إليه مرةً أُخرى ،لن
هذه الشعور سيؤدّي بك إل التفريط ف فوائد كثية ،أملً ف استيفائها ف القراءة الثانية.
وعلى كل حال ،فالسألة تعوّد ،فمن تع ّودَ قراءةَ الكتاب الواحد مراتٍ ،فَبِها ،ومن ل ،فليستوف
غرضَه من الكتاب ف أول مرة ،مع أن ُمعَاودة مطالعة الكتاب الواحد مرّات -خاصة مع تباعد وقت القراءة-
ُيوْقفك على مسائل وفوائد ل تكن لتقف عليها ف أوّل قراءتك ،وذلك لتوسع مداركك وزيادة فهمك ،وهذا
أمر مرّب ،وسيأتيك خب الزن مع ((الرسالة)) للشافعي.
ب واحدٍ ثلث مرات أنفع من قراءة ثلثة كتب ف الوضوع نفسه.
وقد قيل :249إن قراءة كتا ٍ
ب معيّنة وأُولعوا با ،حت استظهرها
فهذا ذكر ما وقع لنا خبه من العلماء الذين عكفوا على قراءة كت ٍ
بعضهم أو كاد ،فمع ذلك أصبحت سيهم وهجّياهم ل يُفارقون قراءتا.
* قراءة ((الرسالة)) للشافعي ( )50سنة.
248
هذه وصيّة الشيخ العلمة ممد بن عثمان النبلي ت ( )1308لتلميذه العلمة عبدالقادر بن بدران ،ذكرها ف آخر
كتابه ((الدخل إل مذهب المام أحد بن حنبل))( :ص.)488 /
249
تُنسَب للعقاد.
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
ذكر اب ُن السّبكي ف ((طبقات الشافعية الكبى)) 250ف ترجة الربيع ابن سليمان الزن صاحب
الشافعي ( )264قال (( :قال الناطي :قال ا ُلزَن :أنا انظر ف كتاب ((الرسالة)) منذ خسي سنة ،ما أعلم
أن نظرتُ فيه م ّرةً إل وأنا أستفيد شيئًا ل أكن عرفته )) اهـ.
* قراءة البخاري ( )700مرة.
جاء ف ترجة المام غالب بن عبدالرحن بن غالب بن تام ابن عَطيّة الحارب ت ( )518من
كتاب ((الغُنية)) 251للقاضي عياض ،و((الصلة)) 252لبن بشكُوال قال(( :قرأتُ بط بعض أصحابنا أنه سع
أبا بكر بن عطية يذكر أنه كرّر ((صحيح البخاري)) سبع مئة مرّة)) اهـ.
* قراءة البخاري ( )150مرّة.
وف ((إنباء الغمر)) 253ف ترجة سليمان بن إبراهيم بن عمر نفيس الدين العلوي اليمن ت ()825
ع ومُقابلة))...
قال(( :فذكر ل أنه مَرّ على ((صحيح البخاري)) مئة وخسي مرة ما بي قراءة وساعٍ وإسا ٍ
اهـ.
وجاء ف ((فهرس الفهارس)) 254نقلً عن ((طبقات الواص)) للشرجي أنه أتى على الصحيح (38
)0مرة ،قراءة وإقراء وإساعًا.
وجاء ف ((البدر الطالع)) 255أنه قرأ البخاري أكثر من خسي مرة .فالظاهر أن الشوكان ل يعد
السماع والساع والقابلة.
* قرأ البخاري أكثر من ( )40مرة.
250
(.)99 /2
251
(ص.)255 /
252
( ،)433 /2والنص منه.
253
( ،)474 /7و((الجمع الؤسس)).)116 /3( :
254
(.)1044 /2
255
(.)265 /1
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
وف ترجة أحد بن عثمان بن ممد بن الكُلُوتات ت ( )835من ((الجمع الؤسّس)) 256قال(( :ث
حُّببَ إليه طلب الديث ،فابتدأ ف القراءة من سنة تسع وسبعي (وسبع مئة) وهلُمّ جرّا ما فََت َر ولوَنَا ،فلعله
قرأ ((البخاري)) أكثر من أربعي مرّة)).
ي أكثر من ( )100مرة.
* قرأ البخار ّ
وف ترجة أب بكر بن ممد بن عبدال بن مقبل القاهري النفي العروف بالتّاجر ت ( )805من
((الضوء اللمع))(( :257قال البهان اللب -تلميذه :-أنه أخبه أنه قرأ ((صحيح البخاري)) إل سنة ثاني
-أي وسبع مئة -خسًا وتسعي مرة ،وقرأه بعد ذلك مرارًا كثيًا)) اهـ.
* قرأ البخاري على 30شيخًا.
ففي (( ُدرّة الجال)) 258لبن القاضي الكناسي ،ف ترجة عثمان ابن ممد بن عثمان التو ْزرَي ت (7
)13أنه قرأ البخاري على أزيد من ثلثي رجلً من أصحاب البوصيي.
* قرأ البخاري على شيخ واحد أكثر من ( )20مرة.
وف ((إنباء الغمر)) 259ف ترجة أسعد بن ممد بن ممود الشيازي ت ( )803أنه قرأ ((صحيح
البخاري)) على شس الدين الكرمان أكثر من عشرين مرّة.
* قرأ البخاري أكثر من ( ،)60ومسلم أكثر من (.)20
وف ترجة البهان اللب ت ( )840من ((الضوء اللمع)) :260أنه قرأ البخاريّ أكثر من ستي
مرة ،ومسلمًا نو العشرين ،سوى قراءته لما ف الطلب ،أو قراءتما من غيه عليه.
* قرأ ((البخاري)) أكثر من ( )50مرة.
256
(.)51 /3
257
(.)79 /11
258
(.)209 /3
259
(.)263 /4
260
(.)141 /1
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
قال الكتان ف ((فهرس الفهارس))(( :261وجدت ف ثَبَت الشهاب أحد بن قاسم البون :رأيتُ خطّ
الفيوزآبادي ف آخر جز ٍء من صحيح المام البخاري قال :إنه قرأ صحيح البخاري أزي َد من خسي مرّة))
اهـ.
* قرأ ((الهذب)) أكثر من ( )40مرة.
ذكر عمر بن سَمُرة العدي ف ((طبقات فقهاء اليمن)) 262ف ترجة المام الفقيه يي بن أب الي
العِمْران ت ( )558أنه قال عن نفسِه(( :إنه ل يُعلّق ((الزوائد على الهذب)) إل بعد أن حفظه غيبًا على
المام عبدال بن أحد الَمْدان ،ث أعاده ف أُحاظه (قرية باليمن) ،ث طالعه بعد ذلك كلّه قبل التصنيف أربعي
مرة أو أكثر.
وكان -رحه ال -يُطالع الزءَ من تزئة أح ٍد وأربعي من ((الهذّب)) ف اليوم والليلة أربع عشرة
مرة ،لكلّ فص ٍل منه)) اهـ.
* قراءة معجم الُدباء ( )8مرات.
قال الشيخ العلمة عبدالعزيز اليمن الراجكوت ت ( )1398عن نفسه(( :قرأتُ ((معجم الدباء))
-لياقوت -على القل سبع أو ثان مرّات ،وأُفضّله على كتاب ((وَفَيات العيان)) 263اهـ.
* قرأ ((التوضيح)) ( )70مرة ،و((شرح ابن ا ُلصَنّف)) أكثر من ( )30مرة.
261
(.)1046 /2
262
(ص.)178 /
ولل ِعمْران طريقة ف التدريس جديرة بالنظر والتأمّل انظرها ف الصدر السابق.
263
((ملة الجمع العلمي الندي)).)355 /10( :
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
وف ((الضوء اللمع)) 264ف ترجة إبراهيم بن حجّاج بن مرز ابن مالك أبو إسحاق البناسي ت (8
)36قال السخاوي(( :وحُكي أنه قرأ ((التوضيح)) 265أكثر من سبعي مرة ،وابن الصنّف 266ما ينيف
على الثلثي)).
* قرأ ((الدوّنة)) ( )1000مرة.
تقدّم 267خبُ ابن التبّان ،وكيف جلده وصبه على القراءة والطلب ،وقول القاضي عياض(( :وكان
كثي الدرس ،ذكر أنه َد َرسَ كتابًا ألف مرة)) -يعن :الدوّنة.-
* كان يدرس الكتاب ألف مرة.
ذكر أبو ال َعرَب التميمي ف ((طبقات علماء إفريقية وتونس)) 268ف ترجة عباس بن الوليد الفارسي
ف مرة.
ت ( )218أنه وُجد ف آخر بعض كتبهَ :درَسْتُه أل َ
* قراءة عد ٍد من الكتب مرات عديدة.
ذكر القاضي عياض ف ((ترتيب الدارك)) 269ف ترجة المام أب بكر البري ت ( )375أنه قال
عن نفسِه(( :قرأتُ متصر ابن عبدالكم خس مئة مرة ،والسدية خسًا وسبعي مرة ،والوطأ خسًا وأربعي
مرة ،ومتصر البقي سبعي مرة ،والبسوط ثلثي مرة)) اهـ.
* قراءة البخاري والكشاف مرات كثية.
264
(.)38 /1
265
((التوضيح)) هو نفسه ((أوضح السالك إل ألفية ابن مالك)) لبن هشام النصاري ت ( ،)762وهو أحد الكتب الت
نثرت اللفية ،وعليه شروح وحواشي كثية.
266
القصود به بدر الدين أب عبدال ممد بن مالك ابن صاحب اللفية ،اشتهر شرحه بشرح ابن الصنف .قال حاجي
خليفه ف ((الكشف))(( :)151 /1( :وهو شرح منقّح ...خطّأ واِلدَهُ ف بعض الواضع.))...
267
(ص.)63 /
268
(ص.)224 /
269
(.)186 /6
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
قال الُحِبّي ف ((خلصة الثر)) 270ف ترجة العلّمة علي بن عبدالواحد بن ممد النصاري أبو
جلْماسِي الزائري ت ( )1057أنه ((بلغ الغاية القُصوى ف الرواية والحفوظات وكثرة القراءة،
السن السّ ِ
وحكى بعض تلمذته أنه قرأ ((الستة)) على مشايه دراية ،وقرأ ((البخاري)) سبع عشرة مرّة بالدرس ،قراءة
بثٍ وتدقيق ،ومرّ على ((الكشّاف)) من أوّله إل آخره ثلثي مرة ،منها قراءة ومنها مُطالعة)) اهـ.
وكان بعضهم من شدة ملزمتهم للكتاب يكاد أن يستظهره ويهذه عن ظهر قلب.
ففي ترجة عبدال بن ممد بن َفرْحون الَيعْمَري ت ( )769أنه قال عن نفسه(( :لزمتُ تفسيَ ابنِ
عطية حت كدت أحفظه)).271
وف ترجة أب القاسم بن علي بن مسعود الشاطب أنه كاد يفظ ((صحيح البخاري)) من كثرة
التكرار له ف كل رمضان.272
ومن ذلك -أيضًا -ما ذكره السخاوي ف ((الضوء)) 273ف ترجة عثمان بن عبدال أب عَمرو
ا َلقْسي ت ((( )877أنه أكثر من ملزمة الرور على الكتب الربعة(( :التنبيه)) و((النهاج)) و((البهجة))
وأصلها ،قراءةً وإقراءً ،حت صارت له با مَلكة قوية)).
وف ترجة أحد بن عمر الناشري اليمان :274أنه اشتهر بعرفة كتاب ((الوسيط)) 275حت كان
ي صفحةٍ هي ،بعد أن ُأصِْيبَ بالعَمَى.
يعرفُ أين مكان السألة فيه ،وف أ ّ
***
270
(.)173 /3
271
((درة الجال)).)50 /3( :
272
الصدر نفسه.)285 /3( :
273
(.)131 /5
274
من كتاب (( ِهجَر العلم ومَعَاقِله ف اليمن)) 2167 /4( :رقم .)8
275
للغزال ف فقه الشافعية ،وله البسيط والوجيز واللصة ،وقد قيل:
نقّح الذهبَ حَبْرٌ
ل خَلصَهْبَِبسِيطٍ ووسِيْطٍأحسن ا ُ
ووجي ٍز وخُلصَهْ
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
الفصل الامس
ف تدريس الكتاب الواحد الرات الكثية
كثيًا ما ينتخب العال كتابًا أو كتبًا ف فنون العلم ،ويُدْمن على قراءتا وإقرائها لطلبه ،ويكون هو
قبل ذلك قد أخذه عن شيوخه وترّس فيه وخََبرَه ،بيث ل تفى عليه جهور مسائله ،وغالب غوامضه
ومشكلته ،فيكون هو الرجع وعليه العوّل ف حلّ ذلك.
بل قد يبلغ المر إل أن يَُلقّب العال بذلك الكتاب ،كما وقع للشيخ الفقيه جال الدين أحد بن ممد
الواسطي الُشْمُومي الشافعي ت ( ،)729فقد ُلقّب بـ ((الوجيزي)) لفظه كتاب ((الوجيز)) 276وعنايته
به ،277كما ُلقّب المام الزركشي ( )795بـ ((النهاجي)) 278نِسب ًة إل ((منهاج الطالبي)) للمام
النووي ،لعنايته به وإتقانه له فهمًا وشرحًا.
وقد وقع للعلماء من ذلك شيءٌ كثي ،وهو دا ّل على صَبْرهم ف نشر العلم وتعليم الناس ،ودالّ
-أيضًا -على أهية هذه الطريقة (أعن الداومة على كتابٍ بعينه) ف ترسيخ العلم ،واستحضار مسائل الفنّ،
276
للغزّال.
277
((أعيان العصر)).)379 /1( :
278
((إنباء الغمر)).)138 /3( :
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
وعدم تشتت الذهن ،وهو مع ذلك دائم الطالعة ف الفن مضيف إليه ما يتاجه من َتدْليل وتعقيب وتنكيت
وتقيق .
فإل شيءٍ من ذلك:
* إقراء ((الهذّب)) ( )25مرة.
ففي ترجة الفقيه كمال الدين عمر بن عبدالرحيم ابن العَجَمي الشافعي ت ( :)642أنه أْلقَى
كتاب ((الهذب)) 279للشيازي ف فقه الشافعيةِ خسًا وعشرين مرّة.280
* إقراء ((مسلم)) أكثر من 60مرة.
وهذا المام الثقة عبدالغافر بن ممد الفارسي 281ت ( ،)448كان ملزمًا لقراء ((صحيح مسلم)
َفقُرىء عليه أكثر من ستي م ّرةً ،فقد قرأه عليه الافظ السن بن أحد السمرقندي نّيفًا وثلثي مرة ،وقرأه
عليه أبو سعد الَبحِيي نّيفًا وعشرين م ّرةً.
قال الافظ الذهب(( :هذا سِوى ما قرأه عليه الشاهي من الئمة)) 282اهـ.
* أقرأ ((القْنِع)) ( )100مرة.
قال الافظ ابن رجب ف ترجة المام الفقيه الزاهد إساعيل ابن ممد ابن إساعيل بن الفرّاء الرّان ث
الدمشقي النبلي ت ( :)729أنه ((كان له خبة تامة بالذهب ،يُقرىء ((القنع)) و((الكاف)) ويعرفهما،
وكتب بطه ((الغن)) و((الكاف)) وغيَها.
ويقال :إنه أقرأ ((القنع)) 283مئة مرّة 284اهـ.
279
مطبوع ف ستّ ملدات ،وهو الذي شرحه النووي بالجموع.
280
((سِيَر النبلء)).)216 /23( :
281
هو جدّ المام عبدالغافر بن إساعيل بن عبدالغافر بن ممد الفارسي ،صاحب ((السياق لتاريخ نيسابور)).
282
((سي النبلء)).)20 /18( :
283
للحنابلة ِعدّة كتب بذا السم ،لكن القصود هنا كتاب موفق الدين ابن قدامة القدسي ت ( ،)620وهذا الكتاب
عمدة النابلة من زمن مؤلّفه إل يومنا .انظر(( :الدخل الفصّل)) )722 /2( :لشيخنا بكر أبو زيد.
284
((الذيل على طبقات النابلة)).)409 /2( :
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
285
(.)366 /8
286
انظر(( :الضوء اللمع)).)68 /8( :
287
ف فقه الشافعية ،للقاضي شهاب الدين ابن الباعون ( ،)810نظم ،انظر ((كشف الظنون))( :ص.)1122 /
288
( )135 /8مادة (نزل) ،وعنه ((هجر العلم)).)1774 /3( :
289
((القدي)) ليس من أساء ال!.
290
انظر(( :أعيان العصر)) ،)670 /2( :و((الدرر الكامنة)) ،)299 /2( :و((طبقات الفسرين))،)219 /1( :
و((الطبقات السنية)) )85 /4( :للتميمي.
291
(.)147 /1
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
وجاء ف ((ترتيب الدارك)) 292للقاضي عياض ف ترجة يي ابن هلل القرطب ت ( :)367أنه
كان مقصودًا ف السماع ،دؤوبًا عليه ،ل ُيرَ ف الحدّثي أصب منه على الواظبة لذلك ،كان يلس كل يومٍ
لستماع ((الدوّنة)) من الظهر إل الليل ،فيستوعب قراءتا كل شهرين ،تادى على ذلك عمره.
* درّس ((التذكرة)) ( )40مرة.
قال ممد بن ممد بن زَبَارة ف ((مُلْحق البدر الطالع)) 293عن القاضي إدريس بن جابر العَْي َزرِي
اليمن :أنه درّس كتاب ((التذكرة)) زيادة على أربعي مرة.
* إقراء عد ٍد من الكتب مراتٍ عديدة.
وجاء ف ترجة العلمة الحدّث أب عبدال ممد التاودي ابن سودة الرّي الفاسي ت ( )1209من
كتاب ((ِفهْرس الفهارس)) 294للكتان أنه:
كان مُثابرًا على إقراء ((صحيح البخاري)) حت جاوزت ختماتُه الربعي مرة ،فلم يكن يدعه ،ل
سيما ف شهر رمضان ،يفتتحه ف أول يو ٍم منه ،ويتمه آخره .وله عليه حاشية تسمّى بـ ((زاد الجد
الساري)) نو أربع ملدات.
وأقرأ ((اللفية)) ف النحو نوًا من ثلثي مرّة ،وربا أقرأها ف الشهر الواحد بَ ْدءًا وخَتْمًا.
وأقرأ ((متصر خليل)) نو ثلثي مرة.
أمّا ((ال ُج ّرمِيّة)) ،فلم يزل يُقرئها خصوصًا للصّغار من أعقابه وأبناء أه الودّة إل وفاته)) اهـ.
* إلقاء الختصرات ف أ ْقصَر ُمدّة.
ع وقتٍ
وقد كان بعضُ العلماء لزيد اعتنائهم ببعض الكتب ،ومارستهم لا يُلقونا دروسًا ف أسر ِ
وأقصرِ مُدة ،مع مزيد الثابرة والهد ،فمن ذلك:
* درّس ((الدوّنة)) ف شهر.
292
(.)301 /6
293
(.)52 /2
294
( ،)258 -256 /1وقد جاوز عمره التسعي -رحه ال.-
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
ذكر القاضي عِياض ف ((الدارك)) :295ف ترجة أب إسحاق البنيان -أحد الئمة -ت ()369
أنه قال :لقد كنا نتمع ،ولقد ألقينا ((الدوّنة)) ف شهر ،ندرس النهار وُنلْقي الليل ،فما علمتُ أنا نِمْنا ذلك
الشهر.
* إلقاء ((الاوي)) مرات ف شهر.
ففي ترجة المام العلمة الفت علي بن عبدال بن أب السن التّبْريزي الشافعي ت ( )746من
كتاب(( :أعيان العصر)) 296عن ابن رافع السّلّمي 297أنه (أي :التّبيزي) أقرأ ((الاوي)) للماوردي ُكلّه ف
نِصف شهر.
ث قال الصفديّ :وسعتُ غيَ واحدٍ من الصريي أنه أقرأ ((الاوي)) من أوّله إل آخره ف شه ٍر واحدٍ
تِسْع 298مرّات.
* إلقاء ((الاوي)) ف أيامٍ يسية.
قال الافظ ابن َحجَر العسقلن ف ((الجمع الؤسّس)) 299ف ترجة شيخه سراج الدين عمر بن
رسلن الُبلْقين ت ((( :)805ذكر ل ولده قاضي القضاة جلل الدين أنه كان يُلْقي ((الاوي)) دروسًا ف
أيامٍ يسيةٍ ،من أغربا أنه ألقاه ف ثانية أيامٍ)) اهـ.
295
(.)226 /6
296
(.)409 /3
297
ترجم له ابنُ رافعٍ ف ((الوفيات)) ،)17 -16 /2( :وليس فيه ما َن َقلَه الصفديّ ،فلعله من ((معجم الشيوخ)) ،وهو
كتاب كبي ف عداد الفقود.
298
كذا ف ((أعيان العصر)) ،وف ((الدرر الكامنة))- )73 /3( :وهو ينقل عن الصفدي -و((بُغية الوعاة))،)171 /2( :
و((طبقات الفسرين))(( :)412 /1( :سبع)) بتقدي السي .فال أعلم.
299
(.)299 /2
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
جاء ف ((فهرس الفهارس))- 300أيضًا -ف ترجة أب رأس ا ُلعَسْكري ممد بن أحد بن عبدالقادر
الزائري ت ( :)1239أنه كان مُْتقِنًا لميع العلوم عارفًا بالذاهب الربعة ،مُح ّققًا لذهب مالكٍ غايةً ،ل
سيما ((متصر خليل))َ ،فَلهُ فيه اللَكة التامة ،بيث ُيلْقيه على طلَبته ف أربعي يومًا ،و((اللصة)) ف عشرة
أيامٍ.
الفصل السادس
ف نسخ الكتب وما تمّلوه ف ذلك
عاش أكثر أهل العلم ف سالف الدهر وآِنفِه عِيْشةَ الكفاف ،فلم يكن ههم جع الال ول طلب
الدنيا ،ورُزقوا من القناعة ما أورث غِنَى النفسِ ،فكان أحدهم غنيّا من غي مال ،عزيزًا من غي حَ ِميّة ول
عَشِية ،وكانت تلك العيشة خي ُم ِعيٍ لم على النماع ف طلب العلم وعدم اللتفات إل غيه ،لنه ل يقبل
الشركة.
ولا كان حالُهم كذلك = ل يكن لم ما يستطيعون به اقتناء ما يتاجون إليه من كتب وأسفار ،ول
يكن لديهم ما يكن به استئجار من ينسخ ،فكانوا إما أن يستعيوا الكتب 301أو ينسخوها بأنفسهم.
300
( . )150 /1وحلّه الكتان بـ ((حافظ الغرب الوسط ورحّالته)).
(لطيفة) :كان يُذكر أبو رأسٍ هذا بقوّةِ الافظ ِة و َسعَة الطلع ،فاّت ِهمَ ،فاجتمع جاع ٌة من تلميذه فركّبوا اسًا نط َق كلّ واحدٍ
منهم برفٍ منه ،وجعلوه اسًا للكٍ ،وسألوا الشيخَ عنه ،فأملى لم ترجتَه وسِيْرته وأعمالَه ،فاتفقوا أن الشي َخ كاذبٌ!!.
س عليهم ،فعلموا أنب تاريي على نو ما كان أمله الشيخ أبو رأ ٍ ولا طالت الدّة ،وقف أحدُهم على السم والسية ف كتا ٍ
الشيخَ صادق وهم مقصّرون متهمون الشيخ ما هو منه بريءٌ.
قال الكتان :وهذه حالة كبار الفاظ مع القاصرين والاهلي.
301
لذا ورد الترغيبُ ف إعارة الكتب لستحقيها ،و َعقَد العلماءُ لذلك فصولً ف ثنايا كتبهم ،وأوردوا فيه من ال َقصَص
والكايات والشعار الكثي والكثي ،من الانبي ا ُلعِيْر والستعي.
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
هذا عدا ما يكتبونه من تأليفهم الاصة ،كما نسخ الافظ الزّي كتابيه الضخمي (تفة الشراف،
ب المرَ نفسِه ف أضخم كتبه (تاريخ السلم ،وسي
وتذيب الكمال) بيده أكثر من مرّة ،302وفعل الذه ّ
النبلء) وغيها ،وهكذا.
وربا افتقر العال فباع نسخته الت بطه ،كما وقع لب علي اليان( ،)303وللمزي 304وغاير واحد.
والناظر ف تراجهم وسيهم يعلم مقدار ما بذلوه من أوقات طويلة ،وجهود جبارة ،وصب جيل ف
نسخ الكتب الكبار ،والوامع الضخمة ،الت ينوء بنسخ أقلها اليوم الطالب الُجِدّ ،فإل ناذج منها:
سهْمي ف ((تاريخ جرجان)) :305سعتُ أبا بكر الساعيلي وأبا أحد بن عدي يقولن:
قال ال ّ
إساعيل بن زيد (صاحبُ حديثٍ جوّال) كان يكتب ف ليلةٍ سبعي ورقة بطّ دقيق.
وذكر ابن رجب ف ((الذيل على طبقات النابلة)) 306ف ترجة عبدالوهاب الناطي الافظ عن ابن
سخَتَه.
السمعان أنه قال عنه(( :جع الفوائد ،وخرّج التخاريج ،لعله ما بقي جز ٌء مرويّ إل وقد حصّلَ نُ ْ
ونسخ الكتب الكبار مثل(( :الطبقات لبن سعد)) ،و((تاريخ الطيب)) ،وكان متف ّرغًا للتحديث ،إما أن يقرأ
عليه أو ينسخ شيئًا.
306
(.)202 /1
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
وف ترجة الافظ عبدالقادر الرّهاوي ت ( )612من ((الذيل)) 307أنه(( :كتب بطه الكثيَ ،من
الكتب والجزاء ،وأقام بدمشق بدرسة ابن النبلي مدة ،حت نسخ ((تاريخ ابن عساكر)) ،وسعه عليه))
اهـ.
وفيه– 308أيضًا -ف ترجة أحد بن عبدالدائم القدسي ت ((( :)668وكان يكتب خطّا حسنًا،
ويكتب سريعًا ،فكتب ما ل يوصَف كثرة من الكتب الكبار والجزاء النثورة لنفسه وبالُجرة ،حت كان
يكتب ف اليوم –إذا تفرّغ -تسع كراريس أو أكثر ،ويكتب –مع اشتغاله بصاله -الكراسي والثلثة.
لرَقي)) ف ليلة واحدة ،وكتب ((تاريخ الشام)) لبن عساكر مرتي ،و((الغن)) للشيخ
ب ((ا ِ
وكت َ
موفّق الدين مرّات.
وذكر أنه كتب بيده أْلفَي مُجلّدة ،وأنه لزم الكتابة أزيد من خسي سنة)) اهـ.
5ـ وف ((تذكرة الفاظ)) 309للذهب ف ترجة أب عبدال الُمَيْدي الندلسي ت (:)488
((قال يي بن البناء :كان الُميدي من اجتهاده ينسخ بالليل ف الرّ ،فكان يلس ف إجّانة ماءٍ 310يتبّد به))
اهـ.
6ـ وف ((التذكرة))– 311أيضًا -ف ترجة أب الفضل ممد بن طاهر القدسي ت (:)507
وقال السّلَفي :سعتُ ابنَ طاهر يقول :كتبتُ ((الصحيحي)) و((سنن أب داود)) سبع مرات بالجرة،
و((سنن ابن ماجه)) عشر مراتٍ بالرّي)) اهـ.
سبحان ال!! ينسخ هذه الكتب هذا العدد من الرات ،ولو كُلّف أحدنا قراءَتَها بنحو هذا العدد
لعجز ،فل قوّة إل بال .
307
(.)84 /2
308
(.)279 /2
309
(.)1219 /4
310
إناء تُغسل فيه الثياب.
311
(.)1243 /4
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
7ـ وف ((التذكرة))– 312أيضًا -ف ترجة الؤتن الساجي ت ( )507أنه(( :أقام َبرَاة نو
عشر سني ،وقرأ الكثي ،وكتب ((جامع الترمذي)) ست مرات ،وكان فيه صَلَف وقناعة و ِعفّة واشتغال با
يعنيه)).
8ـ وف ((ذيل الطبقات)) 313لبن رجب ف ترجة أب الفرج ابن الوزي صاحب التصانيف ت
( )597أنه(( :كان ل يضيع من زمانه شيئًا ،يكتب ف اليوم أربع كراريس ،ويرتفع له كل سنة من كتابته
ما بي خسي ملدًا إل ستي .
وقال سِبْطُه(( :314إنه سعه على النب ف آخر عمره يقول :كتبتُ بإصبع ّي هاتي ألفي مُجلّدة)).
9ـ وف ((ترتيب الدارك)) 315للقاضي عياض ،ف ترجة المام أب بك ٍر البري الالكي ت (37
)5عن أب القاسم الوهران –أحد تلميذه وله جزء ف ترجته -قال(( :سعتُه يقول :كتبت بطي
((البسوط)) و((الحكام)) لساعيل –القاضي الالكي ،-وأسْ ِمعَة اب ِن القاسم وأشهبَ واب ِن وهبٍ ،و((موطأ
مالك)) ،و((موطأ ابن وهب)) ،ومن كتب الفقه والديث نو ثلثة آلف جزءٍ بِخَطّي ،ول يكن ل قط
شغل إل العلم)) اهـ.
10ـ وف ((الدارك))– 316أيضًا -ف ترجة سعيد بن خلف ال البصري قال(( :وكتب بيده
كثيًا من الدواوين ،قلّما رأيتُ كتابًا مشهورًا ف الذهب إل وقع إلّ بطه ،وسواءٌ ذلك من كتب التفسي أو
غيها)) اهـ.
11ـ وف ترجة ممد بن مُ َكرّم –بضم اليم وفتح الكاف وتشديد الرّاء ث ميم -العروف بابن
منظور صاحب ((لسان العرب)) أنه :اختصر كتبًا كثية ،من الطوّلت وغيها.
312
(.)1247 /4
313
(.)412 /1
314
((الذيل)).)410 /1( :
315
(.)186 -185 /6
316
(.)86 -85 /8
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
فاختصر ((تاريخ بغداد)) ،و((ذيله)) لبن النجار ،و((تاريخ دمشق)) لبن عساكر ،و((مفردات ابن
حصْري ،و((اليوان)) للجاحظ،
البيطار)) ،و((الغان)) –ورتبه على الروف -و((زهر الداب)) لل ُ
و((اليتيمة)) للثعالب ،و((الذخية)) لبن بسّام ،و((نشوار الحاضرة)) للتنوخي.
وكتب بطه شيئًا كثيًا ،ترك منه بعد موته خس مئة ملّد.
قال ابن فضل ال العمري :إنه ل يزل يكتب ويسهر الليل ف الكتابة حت كان يقضي الليال الطوال
جعَة .وكان يتخذ إل جانبه إناءً فيه ماء ،فإذا غلبه
كلها سهرًا ،ل يلم فيها بِ َكرَى ،ول يطعم عينه فيها ِبهَ ْ
317
سهَر ،وكاد يصرعه الكرى = أخذَ من الاء َفسَكب ف عينيهَ ،فعَمِيَ ف آخر عمره.
ال ّ
12ـ وف ((الرد الوافر)) 318لبن ناصر الدين الدمشقي ،لا ذكر ممد بن إبراهيم ابن الهندس
قال(( :كتب الكثي ورحل ودأب ...ونسخ ((تذيب الكمال)) 319تأليف ا ِلزّي مرتي ،ونسخ كتاب
((الطراف))– 320تفة الشراف -لل ِمزّي –أيضًا -بطّه الواضح السن)) اهـ.
13ـ ذكر أبو سعد السمعان ف ((التحبي ف العجم الكبي))– 321وهو من عجيب ما رآه -ف
ترجة أب عبدال السي بن أحد البيهقي أنه اتفق أن لقته ِعلّةَ(( ،فقُطِعت أصابعه العشر ،ول يبقَ له إل
الكفّان فحسب ،ومع هذا كان يأخذ القل َم بكفّيْه ويضع الكاغِ َد على الرض ،ويُمسكه ِبرِجْل ،ويكتب بكفيه
317
انظر ((القفى)) ،)288 ،286 /7( :و((الدرر الكامنة)) ،)262 /4( :و((بغية الوعاة)).)248 /1( :
318
(ص.)78 /
319
وهذه النسخة ف دار الكتب الصرية ( -26مصطلح) كتبها سنة ( )712وعليها خط الؤلف الافظ الزي،
والعلئي .أورد الزركلي ف ((العلم)) )298 /5( :نوذجًا منها.
320وهذه النسخة سبعة أجزاء ،ل يبق منها إل الزء السادس ،انظر نبذةً
عنها ف ((مقدمة تفة الشراف)) )25 -23 /2( :لعبدالصمد شرف
الدين.
321
(.)223 /1
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
خطّا حسنًا مقروءًا مبينًا ،وربا كان يكتب ف كل يومٍ خس طاقات 322من الكاغد ،وهذا من عجيب ما
رأيته)) اهـ.
14ـ وف ((التحبي))– 323أيضًا -ف ترجة أب ممد الواري أنه كان فقيهًا مفتيًا ،سريع القلم،
نسخ بطه ((الذهب الكبي)) 324للجوين أكثر من عشرين مرّة ،وكان يكتبه ويبيعه.
15ـ وذكر النووي ف ((بستان العارفي)) 325عن شيخه أب إسحاق إبراهيم بن عيسى الراوي
قال :سعتُ الشيخ عبدالعظيم –النذري -رحه ال يقول:
كتبتُ بيدي تسعيَ ملّدةً ،وكتبت 326سبع مئة ُج ْزءٍ ،كلّ ذلك من علوم الديث ،تصنيفٍ وغيِه،
وكتب من مصنفاته وغيها أشياء كثية.
قال الراوي :ول أرَ ول أسع أحدًا أكثر اجتهادًا منه ف الشتغال ،كان دائم الشتغال ف الليل
والنهار.
16ـ ذكر الصفدي ف ((أعيان العصر)) 327ف ترجة العلمة شهاب الدين الّنوَيري ت ()733
أنه(( :كتب كثيًا ،كتب ((البخاري)) مرّاتٍ ،كتبه ثان مرات ،وكان يكتب النسخة ويقابلها ،وينقل الطّباق
عليها ويلدها ،ويبيعها بسبع مئة درهم وبألف.
وكان يكتب ف النهار الطويل ثلث كراريس … ،وجع تاريًا كبيًا 328ف ثلثي ملدة ،رأيتُه
بطّه)) اهـ.
322
الطاقة نو ( )10ورقات ،انظر(( :توثيق النصوص))( :ص.)233 -231 /
323
(.)423 /1
324
وهو(( :نِهاية الَ ْطلَب)) وقد تقدّم التعريف به (ص.)74 /
325
(ص.)197 /
326
ف الطبوعة(( :وكتب ذلك من))! والصواب ما أَثبتُ.
327
(.)281 /1
328
ل ف ( )33ملدًا.
وهو(( :ناية الرب)) ،طُبع كام ً
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
17ـ وذكر ف ((أعيان العصر))– 329أيضًا -ف ترجة أحد بن ممد بن أب الواهب ت (72
)3قال(( :قيل :إنه كتب خس كراريس ف يومٍ ،وهذا أمر قلّ أن ُيعْهد ف قوم)).
هذا فيض من غيض ،وقليل من كثي ،فقد اجتمع عندي أخبارٌ من هذا النمط لو نََثرْتُها للت
صفحات وصفحات.
َل ِزدْنا ف القا ِل مَن ا ْسَتزَادا ولول أن يُظنّ بنا غُُل ّو
لكن ل أحب أن أُفوّت الفائدة على القارىء ،فرأيت أن أشي إل مواضع ذلك ف مصادره دون
ترتيبٍ.
((البدر الطالع))(( ،)94 /2( )420 ،357 ،106 /1( :ملحق البدر الطالع))/2( :
(( ،)83السي))(( ،)248 /23( ،)248 /16( :أعيان العصر))،170 ،169 ،48 /1( :
(( ،)415إشارة التعيي))( :ص(( ،)43 /الواهر والدرر))(( ،)107 /1( :معرفة القراء الكبار))( :
(( ،)265 /1الطبقات السنية))(( ،)71 /3( :القفى))(( ،)417 /7( :ذيل التقييد))/1( :
(( ،)178التحبي ف العجم الكبي)).)134 /2( ،)590 ،390 /1( :
***
الفصل السابع
إيقاظات وتنبيهات
الول :ما هي العلوم الت ينبغي التبحّر فيها؟
ل شك أن الناس قدرات ومواهب ،فينبغي للنسان أن ينظر بعي البصية فيما يكن أن يسنه ويُبْدع
فيه (وقيمة كل امرىءٍ ما يسنه) ،فيكرّس فيه جهدَه ويستنفد فيه وُ ْسعَه ،ويكون مع ذلك ذا هة عالية ،فإن
329
(.)327 /1
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
((من َشغَلَ نفسَه بأدن العلوم وتركَ أعلها –وهو قادر عليه ،-كان كزارع ال ّذرَة ف الرض الت يود فيها
شعْراء 330حيثُ يزكو النخل والزيتون)).
الُبرّ ،وكغارس ال ّ
أمّا ((من مال بطبعه إل علمٍ ما –وإن كان أدن من غيه -فل يشغلها بسواه ،فيكون كغارس
النارجيل 331بالندلس ،وكغارس الزيتون بالند ،وكلّ ذلك ل يُنجب)) ،كما قال ابن حزم– 332رحه ال.-
لكن السؤال ،ما هي أجلّ العلوم؟
أجل العلوم ما قرّبك من خالقك ،وما أعانك على الوصول إل رضاه ،وهذه هي علوم الكتاب
والسنة.
قال الافظ ابن رجب –رحه ال(( :-333فالذي يتعيّن على السلم العتناءُ به والهتمامُ :أن يبحثَ
عمّا جاء عن ال ورسوله ،rث يتهد ف فهم ذلك ،والوقوف على معانيه ،ث يشتغل بالتصديق بذلك إن كان
من المور العِلْمية .وإن كان من المور العَمَلية ،بذ َل وُ ْسعَه ف الجتهاد ف ِفعْل ما يستطيعه من الوامر،
واجتناب ما يُنهى عنه ،وتكون هته مصروفة بالكُلّية إل ذلك ،ل إل غيه.
ب rوالتابعي لم بإحسان ف طلبِ العلم النافع من الكتاب والسنة))
وهكذا كان حالُ أصحاب الن ّ
اهـ.
وقال الافظ ابن حجر– 334رحه ال ف بيان الراد من العلم الطلوب التزود منه[(( :-هو] الذي
يفيد معرفةَ ما يب على الكلّف من أمر عباداته ومعاملته ،والعلم بال وصفاته ،وما يب له من القيام بأمره،
وتنيهه عن النقائص ،ومدار ذلك على التفسي والديث والفقه)) اهـ.
330
ضرب من المضيات ،ليس له ورق ترص عليه البل.
331
هو :جوز الند.
332
ف ((رسالة مداواة النفوس)) )344 /1( :ضمن ((رسائل ابن حزم)) وما بي القواس منه.
333
لكَم)) 244 /1( :وما بعدها).
ف ((جامع العلوم وا ِ
334
((فتح الباري)).)171 -170 /1( :
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
وعلى هذا النحو تدور عبارات الئمة ف بيان العلم النافع الذي ينبغي التبحّر فيه ،والرص عليه،
والستكثار منه ،335فل نطيل بنقل نصوصهم .
وينبغي أن ننبّه هنا إل أن اكتمال اللكة ف العلوم السابقة الذكر (علوم القاصد) مرهونٌ باكتمال
الفهم والستيعاب لعدد من العلوم اللية الساعدة ،كعلوم العربية ،وأصول الفقه ،والصطلح ،...فبعض تلك
العلوم يب تعلّمه وجوبَ الوسائل ،إذ يتوقف فهم كلم ال ورسوله على فهم بعض مسائلها ،فهي من
قبيل(ما ل يتم الواجب إل به) ،فهذا ما يب ،وأما ما ل يب ،فما ل تأثي له ،وما ل ينبن عليه عمل ،ول
ريب أنه بقدار َأخْذ العالِ من العلوم الساعدة ،وتكنه منها –خاصّة فيما يتوقّف فهم الطاب عليه ،وليس من
ضلَة ،-يكون أقدر على الجتهاد والستنباط ،336فإن العلوم اخ ٌذ بعضها برقاب
الباث القررة أو الت هي َف ْ
بعضٍ.337
***
الثان :الوازنة بي قراءة الكتب والخذ عن الشيوخ
أَخْذ العلم له طريقان:
أحدها :طريق الشافهة ،وهو أخذه عن أهله العلماء به ،وهذا هو الصل الصيل ف َتَلقّي العلوم،
وهذه طريقة السلف ،قبل تدوين الكتب وبعدها ،وليس هنا مال الديث عن هذه الطريقة.
الثانية :أخذه عن الكتب والصنفات ،وهي دواوين العلم وخزائنه .وهاهنا يُنبّه إل أمور:
لبُد من الوازنة والزاوجة بي أخذ العلم من الكتب وأخذه من العلماء ،فإن العلم وإن كان موْدعًا ف بطون
حهُ بأيدي الرجال ،كما ف القولة الشهورة.338
الكتب ،إل أن مفاتِ َ
335
انظر(( :إعلم الوقّعي)) ،)5 /1( :و((فضل علم السلف على علم اللف))( :ص.)65 -64 ،69 -67 /
و((مسائل ف طلب العلم وأقسامه))( :ص )205 /للذهب ضمن ((ست رسائل)) و((الفوائد))( :ص.)254 ،111 /
336
انظر ((مفتاح دار السعادة)) )486 -482 /1( :وهو مهم.
337
ذكر الشاطب ف ((الوافقات)) )53 /5( :عن الرمي أنه قال(( :أنا منذ ثلثي سنة أفت الناس ف الفقه من ((كتاب
سيبويه)) اهـ .وانظر شرح الشاطب لذا القول.
338
((الوافقات)) ،)140 /1( :وف ((السي)) )114 /7( :ف ترجة الوزاعي قال(( :كان هذا العلم كريًا ،يتلقاه
الرّجال بينهم ،فلما دخل ف الكتب ،دخل فيه غي أهله)) .وانظر شرح الذهب لا.
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
وابن القيم ( ،)751وابن كثي ( ،)774وابن رجب ( ،)795والعراقي ( ،)806والافظ ابن حجر (
،)852وغيهم.343
وعليه ،فاحذر كتبَ أهل البدع والضللة ف القدي والديث ،قال شيخ السلم –رحه ال-
((...ولذا ُكرِه لن ل يكون له نق ٌد وتييزٌ النظرَ ف الكتب الت يَكثُر فيها الكذبُ ف الرواية ،والضللة ف
الراء ككتب أهل البدع ،و ُكرِه تلقّي العلم من ال ُقصّاص وأمثالم ،الذين يكثر الكذبُ ف كلمهم ،وإن كانوا
يقولونه صِدْقًا كثيًا)) 344اهـ.
***
الثالث :التعرف على أنواع القراءة
من الفيد أن يتعرّف الطالبُ على أنواع القراءة ،ويُنمّي قُدُراته ليكتسب الزيد من مهارات القراءة،
وف ذلك بوثٌ ودراسات كثية ،ولكن ننبّه هنا إل أمور:
1ـ لبد أوّ ًل من النظر ف نوعية الكتاب القروء ،فليس ك ّل كتابٍ أستطيع أن أُطبّق عليه قواعد
القراءة السريعة ،فمثلً كتب الفقه أو الصول أو الصطلح لبدّ من قراءتا قراءةً متأنّيَة ،ليتمكن القارىء من
استيعابا وفهمها ،فالقراءة هنا قراءة َد ْرسٍ وفهم.
2ـ إذا تكّن الطالبُ من ف ّن ما ،وأَلَمّ بمهور مسائله واصطلحاته ،فل حرج عليه حينئذٍ ف قراءة
ما يستجد له من كتب الفن قراءةً سريعة ،يلتقط فيها ما يدّ له من مباحث وفوائد وغي ذلك ،فتختلف
ص إل آخر بسب التمكّن من الفن والعرفة به ،فليست قراءة التخصّص ف الفقه لكتاب
القراءة من شخ ٍ
((الغن)) مثلً كقراءة غي الختصّ ،وهكذا.
3ـ كتب التاريخ والدب والسي والتراجم والوسوعات الضخمة ،وكتب العارف العامة= هذا
ت على أكثر هذه
لرْد ،وموضوع القراءة السريعة ،فيستطيع الطالب ا ُلجِد أن يأ َ
الصنف من الكتب هو مادة ا َ
الكتب مُطالعةً345 ،مع تدوين ما يعنّ له من فوائد ونكات ومباحث ف غي مظانّها .ف أوراق خاصة (كما
343
وانظر ((حلية طالب العلم))( :ص.)55 /
344
((منهاج السنة)).)468 /2( :
345
انظر الطريقة الت ذكرها أبو عبدالرحن بن عقيل ف ((الفنون الصغرى -السفر الامس)) ف قراءة مثل هذه الكتب.
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
سيأت بعد قليل) ،أما من تعان هذا النوع من القراءة ،وأراد تطبيقه على بعض الكتب الدسة والراجع الصيلة
الهمة ،مثل(( :التمهيد)) ،و((فتح الباري)) ،و((تاج العروس)) ،و((تفسي القرطب)) ،و((أضواء البيان))،
وغيها ،فلن يرج بالفائدة الت كان يرجوها ،فلهذا النوع من الكتب نوع خاص من القراءة.
***
الرابع :تقييد الفوائد
إذا انرط الطالبُ ف سِلْك ال ُقرّاء وانضم إل ناديهم ،فل بُ ّد له من استثمار قراءته وتوظيفها ،ليجنَ
منها ما تنّى ،ول يضيع تعبه سدى ،ول طريقة أنفع ول أنع لتحقيق ذلك من الكتابة والتقييد .فيقيد الفائدة
الستجادة ،والنقل العزيز ،والتحرير الُدَلّل ،والترتيب البتكر ،وطرائف النقول والِكَم ،ودقائق الستنباطات،
ولطائف الشارات ،والشباه والنظائر ،وغيها.
فك ّل نوع من هذه الفوائد له ف عقل الطالب الاد وَقلْبه مكانه الاصّ به اللئق بثله ،فمعرفة اقتناص
الفوائد شيء ،وسرعة اقتناصها والحتفاظ با شيء ثانٍ ،ث معرفة توظيفها ووضعها ف مكانا اللئق با شيءٌ
ثالث ،فإذا أجتمعت هذه الثلثة استكملَ الطالبُ فوائ َد القراءة وجن ثرتَها.
قال المام النووي– 346وهو يرشد الطالب إل تعليق النفائس والغرائب ما يراه ف الطالعة أو يسمعه
من شيخه(( :-ول يتقرن فائدة يراها أو يسمعها ف أيّ ف ّن كانت ،بل يُبادِر إل كتابتها ،ث يواظب على
مطالعة ما كتبه ))...اهـ.
وقال– 347أيضًا(( :-ول يؤخّر تصيل فائدة –وإن قَلّت -إذا تكّن منها ،وإنْ أمِ َن حصولا بعد
حصّل غيَها)) اهـ.
ساعة ،لن للتأخيِ آفاتٌ ،ولنه ف الزمن الثان يُ َ
فهذه نصيحة غالية ،وَلفْتَةٌ من إمام ،فتمسّك با ُتفْلِح.
سرَته على فوائد فاته تقييدُها فشردت ،أو اتكل على حافظته فخانته
فكم من عا ٍل أبدى أ َسفَه وحَ ْ
(والفظ خوّان) ،فهذا المام اب ُن حجر (حافظ عصره) فاتَه تقيي ُد شيءٍ من الفوائد فتأسّف عليه ،قال تلميذه
346
((الجموع)).)39 /1( :
347
الصدر نفسه.)38 /1( :
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
السخاوي ف ((الواهر والدرر))(( :348أما التفسي ،فكان فيه آيةٌ من آيات ال تعال ،بيث كان يُ ْظهِر
التأسّفَ ف إهال تقييد ما يقع له من ذلك ما ل يكون منقولً ...وف أواخر المر صار بعض طلبته يعتن
بكتابة ذلك)).
وصدق القائل(( :وكم َحسَراتٍ ف بطونِ القابرِ)).
وأنت إذا نظت ف سِيَر العلماء ،وكيف حرصهم على اغتنام الزمان وتقييد الفوائد رأيتَ عجبًا!.
لفْظ) يستيقظ مراتٍ كثية ف الليل لُيقَيّد الفوائد ،قال
* فهذا المام البخاري –رحه ال( -جَبَ ُل ا ِ
راويته ال َفرَبري(( :كنت مع ممد بن إساعيل بنله ذات ليلةٍ ،فأحصيت عليه أنه قام وأ ْسرَجَ يستذكر أشياءَ
يُعلّقها ف ليلةٍ ثان عشرة مرّة)).349
ي –لّا كانا بصر -أنه كان يرج ف
* وهذا المام الشافعي ( )204يكي عنه صاحبُه الُمَيْد ّ
بعض الليال فإذا مصباح منل الشافعي مُسْرج ،فيصعد إليه ((فإذا ِقرْطاس و َدوَاة ،فأقولَ :مهْ يا أبا عبدال!
خفْت أن يذهب عََليّ ،فأمرت بالصباح وكتبته)).350
فيقول :تفكّرت ف معن حديث –أو ف مسألة -ف ِ
* وقد مرّ معنا خب أب الوفاء بن عقيل النبلي ،فل نعيدُه.351
* وذكر ابنُ البّار الافظُ ف ((معجم أصحاب الصدف)) 352ف ترجة العلّمة أب القاسم ابن ورد
التميمي ( )540أنه كان ل ُيوْتى بكتابٍ إل نظر أعله وأسفله ،فإن وجد فيه فائدة نقلَها ف أوراق عنده،
حت جع من ذلك موضوعًا.
348
(.)611 /2
349
((السي)).)404 /12( :
350
((آداب الشافعي ومناقبه))( :ص )45 -44 /لبن أب حات.
351
(ص.)40 /
352
(ص.)25 /
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
353
* وذكر الافظ ابن حجر ف ترجة المام الزركشي ( )794صاحب ((البحر الحيط)) وغيه
أنه كان يتردد إل سوق الكتب ،فإذا حضره أخَ َذ يُطَالع ف حانوت الكتب طول ناره ،ومعه ظهور أوراق
يُعلّق فيها ما يعجبه ،ث يرجع فينقله إل تصانيفه.
وقد دوّن كثي من العلماء هذه الفوائد ف كتب مفردة ،مثل(( :الفنون)) لبن عقيل وهو من أضخم
الكتب ،و((الفوائد العونية)) للوزير ابن هبية ،و((صيد الاطر)) وغيه لبن الوزي ،و((قيد الوابد)) ف (
400ملد) للدعول ،و((عيون الفوائد)) لبن النجار ف ( 6أسفار) ،و((بدائع الفوائد)) و((الفوائد)) لبن
القيم ،و((التذكرة)) للكندي ف ( 50ملدًا) ،و((ممع الفوائد ومنبع الفرائد)) للمقريزي كالتذكرة له ف نو
( 100ملد) 354وتذكرة السيوطي ف أنواع الفنون ف 50ملدًا ،وتذكرة الصفدي ف ملدات كثية أكثر
من ( )30منها أجزاء مطوطة .وغيها كثي.
ول يتوهّم ّن أحدٌ لجل ثنائنا وإشادتنا بتقييد العلم وتدوين الفوائد ،أنّا نُقلّل من أهية الفظ ونط من
شأنه ،كلّ ،إذ ل تعارض بينهما بمد ال تعال ،وهل من ذكرنا خبهم –قريبًا -ف حِرصهم على التقييد...
إل من أكابر الفّاظ!!.
والمد ل الذي بنعمته تتم الصالات.
***
353
((الدرر الكامنة)).)398 -397 /3( :
354
وقيل (.)80
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
فهرس الصادر
-أ-
1ـ آداب الشافعي ومناقبه ،لبن أب حات الرازي ،تقيق عبدالغن عبدالالق ،دار الكتب العلمية.
2ـ أدب الدنيا والدين ،للماوردي ،تقيق شريف سكر ورفيقه ،دار إحياء العلوم.
3ـ الدب الفرد ،للبخاري ،دار الكتب العلمية.
4ـ إرشاد الريب ف معرفة الديب ،لياقوت الموي ،تقيق مرجليوث ،دار إحياء التراث العرب.
5ـ أزهار الرياض ف أخبار القاضي عياض ،للمقّري ،طبع الغرب.
6ـ إشارة التعيي ف طبقات النحاة واللغويي ،لعبدالباقي اليمان ،تقيق عبدالجيد دياب ،مؤسسة اللك
فيصل اليية.
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
7ـ أضواء البيان ف تفسي القرآن بالقرآن ،للمي الشنقيطي ،مكتبة ابن تيمية.
8ـ العلم ،للزركلي ،دار العلم للمليي.
9ـ إعلم الوقعي عن رب العالي ،لبن القيم ،دار اليل.
10ـ العلن بالتوبيخ لن ذم أهل التاريخ ،للسخاوي ،تقيق فرانز روزنثال ،مؤسسة الرسالة.
11ـ أعيان العصر وأعوان النصر ،للصفدي ،تقيق علي أبو زيد ورفاقه ،دار الفكر ومركز جعة الاجد.
12ـ إكمال العلم بفوائد مسلم ،للقاضي عياض ،تقيق يي إساعيل ،دار الوفاء.
13ـ أنا ،للعقاد ،الكتبة العصرية.
14ـ إنباء الغمر بأبناء العمر ،للحافظ ابن حجر ،دائرة العارف العثمانية.
15ـ إنباه الرواة على أنباء النحاة ،للوزير القِفطي ،تقيق أبو الفضل إبراهيم ،دار الفكر العرب ومؤسسة
الكتب الثقافية.
16ـ النساب ،للسمعان ،دار النان.
-ب-
17ـ البدر الطالع بحاسن من بعد القرن السابع ،للشوكان ،مكتبة ابن تيمية.
18ـ بستان العارفي ،للنووي ،دار البشائر.
19ـ بغية الوعاة ف طبقات اللغويي والنحاة ،للسيوطي ،تقيق أبو الفضل إبراهيم ،الكتبة العصرية.
20ـ البيان والتبيّن ،للجاحظ ،تقيق عبدالسلم هارون ،مصورة دار الفكر.
-ت-
21ـ تاج العروس من جواهر القاموس ،للزبيدي ،مصورة عن طبعة بولق.
22ـ تاريخ السلم ووفيات الشاهي والعلم ،للذهب ،تقيق عمر عبدالسلم تدمري ،دار الكتاب
العرب.
23ـ تاريخ بغداد ،للخطيب البغدادي ،دار الكتب العلمية.
24ـ تاريج جرجان ،للسهمي ،تقيق عبدالرحن العلمي ،دار اليل.
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
45ـ الامع لسية شيخ السلم ابن تيمية ،لعلي العمران ،وممد عزير شس ،دار عال الفوائد.
46ـ الرح والتعديل ،لبن أب حات ،دائرة العارف العثمانية.
47ـ الليس الصال الكاف والنيس الناصح الشاف ،للنهروان ،تقيق الول وإحسان عباس ،عال الكتب.
48ـ جواهر العقدين ف فضل الشرفي ،للسمهودي ،طبع العراق.
49ـ الواهر الضيّة ف طبقات النفية ،للقرشي ،تقيق اللو ،مؤسسة الرسالة.
50ـ الواهر والدرر ف ترجة الافظ ابن حجر ،للسخاوي ،طبعة مصر ،وطبعة دار ابن حزم تقيق
إبراهيم باجس.
-حـ -
51ـ الافظ ابن حجر أمي الؤمني ف الديث ،لعبدالستار الشيخ ،دار القلم.
52ـ الث على طلب العلم والجتهاد ف جَمْعه ،للعسكري ،الكتب السلمي.
53ـ حلية طالب العلم ،لبكر أبو زيد ،دار الراية.
54ـ اليوان ،للجاحظ ،تقيق عبدالسلم هارون ،الباب اللب.
-خـ -
55ـ خزائن الكتب العربية ف الافقي ،لفيليب دي طرازي ،طبع لبنان.
56ـ خلصة الثر ف أعيان القرن الادي عشر ،للمحب ،دار الكتاب السلمي.
-د-
57ـ الدرر الكامنة ف أعيان الئة الثامنة ،لبن حجر ،تقيق كرنكو.
58ـ الدر النثور ف التفسي بالأثور ،للسيوطي ،دار الكتب العلمية.
59ـ درة الِجَال ف غرة أساء الرجال ،للمكناسي ،تقيق ممد الحدي أبو النور.
-ذ-
60ـ الذكريات ،لعلي الطنطاوي ،دار النارة بدة.
61ـ الذهب ومنهجه ف تاريخ السلم ،لبشار عواد ،مصر.
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
-ك-
115ـ الكتاب ف الضارة السلمية ،ليحي البوري ،دار الغرب.
116ـ الكشاف ،للزمشري ،دار العرفة.
117ـ كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ،لاجي خليفة ،دار الكتب العلمية.
118ـ الكواكب السائرة ف أعيان الئة العاشرة ،للغزي ،دار الكتب العلمية.
-ل-
119ـ لظ اللاظ بذيل طبقات الفاظ ،لبن فهد ،دار إحياء التراث العرب.
120ـ لحات من تاريخ الكتب والكتبات ،لعبدالستار اللوجي ،دار الثقافة.
-م-
121ـ ملة الجمع العلمي الندي ،الند.
122ـ ممع الزوائد ومنبع الفوائد ،للهيثمي ،مؤسسة العارف.
123ـ الجمع الؤسّس للمعجم الفهرس ،لبن حجر ،تقيق يوسف الرعشلي ،دار العرفة.
124ـ الجموع ،للنووي ،دار الفكر.
125ـ ماسن التأويل ،للقاسي ،تقيق ممد فؤاد عبدالباقي ،دار الفكر.
126ـ متصر طبقات علماء الديث لبن عبدالادي ،تقيق إبراهيم الزيبق ورفيقه ،مؤسسة الرسالة.
127ـ الدخل إل مذهب المام أحد بن حنبل ،لبن بدران ،تقيق التركي ،مؤسسة الرسالة.
128ـ الدخل الفصل إل فقه المام أحد بن حنبل ،لبكر أبو زيد ،دار العاصمة.
129ـ الرقبة ال ُعلْيا فيمن يستحق القضاء والفتيا لب السن الالقي ،الكتب التجاري للطباعة.
130ـ مسائل ف طلب العلم وأقسامه ،للذهب ،ضمن ست رسائل للذهب ،تقيق جاسم الدوسري ،الدار
السلفية.
131ـ الستدرك على الصحيحي ،للحاكم ،دائرة العارف العثمانية.
132ـ السند ،للمام أحد ،الكتب السلمي.
المشوق إلى القراءة وطلب العلم
ّ
5
152ـ هجر العلم ومعاقله ف اليمن ،للقاضي إساعيل الكوع ،دار الفكر.
-و-
153ـ الواف بالوفيات ،للصفدي ،نشر جعية الستشرقي.
154ـ الوفيات ،لبن رافع السلمي ،تقيق صال مهدي عباس ورفيقه ،مؤسسة الرسالة.
155ـ وفيات العيان وأنباء أبناء الزمان ،لبن خلكان ،تقيق إحسان عباس ،دار الفكر.
***