You are on page 1of 13

‫موقع واحة اليمان‬

‫‪www.waleman.com‬‬

‫دور المرأة‬
‫في إصلح المجتمع‬
‫محاضرة سمعية لسماحة الشيخ العلمة‬
‫أحمد بن حمد الخليلي حفظه ال‬

‫موقع واحة اليمان‬


‫‪www.waleman.com‬‬
‫‪info@waleman.com‬‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫منقول من مجلة رسالة المسجد ‪ ،‬التي تصدر عن مركز السلطان قابوس للثقافة السلمية‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫الحمد ل حق حمده حمدا كثيرا طيبا كما ينبغي لجلل وجهه وعظيم سلطانه ‪ ،‬سبحانه ل أحصي‬
‫ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه ‪ ،‬أستغفره وأتوب إليه وأومن به وأتوكل عليه ‪ ،‬وأشهد أن ل إله‬
‫إل ال وحده ل شريك له ‪ ،‬وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى ال وسلم عليه وعلى‬
‫آله وصحبه أجمعين وعلى تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ‪:‬‬

‫فأحيي بناتنا العزيزات المؤمنات الصالحات تحية السلم الخالدة ‪ ،‬الوارفة ضللها ‪ ،‬السلم عليكن‬
‫ورحمة ال وبركاته ‪.‬‬

‫وإنه لمن ما ينبغي للنسان أيا كان وهو يعيش في هذه الحياة الدينا ‪ ،‬ويعلم أن معيشته فيها محدودة‬
‫وأن فناءه فيها ليس فناء أبديا وإنما هو مرحلة في طريقه ينقلب بعدها إلى مصير خالد بحسب ما‬
‫قدم في هذه الحياة المحدودة من خير أو شر بحيث يجزى خيرا إن قدم خيرا ويجزى شرا إن قدم‬
‫شرا ‪ ،‬أن يعلم ما هي مسؤليته في هذه الحياة وما هي واجباته ‪.‬‬

‫ونحن نرى أن ال سبحانه وتعالى بين في كتابه الكريم حالة النسان وهو يقطع هذه المرحلة لينقلب‬
‫ن آمَنُوا وَعَ ِملُوا‬
‫ل الّذِي َ‬
‫ن َلفِي خُسْ ٍر إِ ّ‬
‫إلى ما بعدها إذ قال عز من قائل ‪ (( :‬وَالْ َعصْرِ إِنّ الِْنسَا َ‬
‫الصّالِحَاتِ َوتَوَاصَوْا بِا ْلحَقّ وَتَوَاصَوْا بِالصّبْرِ )) (سورة العصر) ‪ ،‬نعم إن ال تبارك‬
‫وتعالى هو الحق المبين ول يقول إل الحق وقد أقسم عز وجل في هذه السورة الكريمة بالعصر مع‬
‫اختلف المفسرين بكلمة العصر ‪ ،‬هل المراد بذلك الدهر وما حوى من عجائب التقلبات من حال‬
‫إلى حال ما في ذلك من دواعي العتبار ‪.‬‬

‫أو أن المراد بالعصر هو العصر الذي نزل فيه الوحي على نبينا محمد عليه أفضل الصلة والسلم‬
‫لشرفه على بقية العصور ‪ ،‬أو أن المراد بالعصر وقت العصر وهو وقت اعتبار لن النسان‬
‫يستقبل الليل ويودع النهار في ذلك الوقت ‪ ،‬أو أن المراد بالعصر صلة العصر لجل ما لها من‬
‫شأن فقد قيل بأنها الصلة الوسطى وأكد ذلك حديث مرفوع إلى النبي عليه وعلى آله وصحبه‬
‫أفضل الصلة والسلم ‪ ،‬أو أن المراد بالعصر الليل والنهار لما فيهما من دواعي العتبار وبواعث‬
‫الستعبار ‪ ،‬فإن الصروف التي تأتي بها الزمان إنما يفرزها تقلب الليل والنهار ‪.‬‬

‫مهما يكن المراد بالعصر فإن ال سبحانه وتعالى أقسم به في هذه السورة ‪ ،‬والمقسم عليه أن‬
‫النسان في خسر إل الذين جمعوا بين هذه السباب الربعة التي من استمسك بها فقد استمسك‬
‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬
‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬
‫بالعروة الوثقى التي ل انفصام لها وهي اليمان أول والعمل الصالح ثانيا والتواصي بالحق ثالثا‬
‫والتواصي بالصبر رابعا ‪ ،‬هذا يعني أن النسان أيا كان ذكرا كان أو أنثى مسؤوليته في هذه الحياة‬
‫علَى‬
‫مسؤولية جسيمة ‪ ،‬فهو يتحمل تبعة كبيرة ويضطلع أمانة عظمى (إِنّا عَ َرضْنَا الَْمَانَةَ َ‬
‫ن إِنّهُ كَانَ‬
‫ش َفقْنَ مِ ْنهَا َوحَ َملَهَا الِْنسَا ُ‬
‫ن أَن َيحْ ِملْنَهَا َوأَ ْ‬
‫السّمَاوَاتِ وَالَْرْضِ وَالْجِبَالِ َفأَبَيْ َ‬
‫ظلُومًا جَهُولً) (الحزاب‪.)72 :‬‬ ‫َ‬

‫فالنسان تحمل هذه المانة وجدير به أن يعرف كيف أداؤها ‪ ،‬وكيف يتكيف مع واقع الحياة وهو‬
‫يتحملها ‪ ،‬فعليه أول أن يصلح نفسه باليمان ‪ ،‬واليمان هو الذي يشرق في هذه النفس المؤمنة‬
‫ليبدد منها ظلمات الطبع وليعرفها بحقائق الوجود لن اليمان هو الذي يصلها بمبدئ الوجود‬
‫سبحانه ونعالى ويصلها بالدار الخرة التي إليها المنقلب والمعاد ‪ ،‬فاليمان هو الذي يحل ألغاز هذا‬
‫الوجود ‪ ،‬يعرف النسان من أين أتى وإلى أين ينتهي ‪ ،‬وماذا عليه أن يعمل للدار الخرة التي إليها‬
‫منقلبه ومعاده ‪ ،‬اليمان هو الذي يعرف النسان بذلك كله ‪ ،‬اليمان هو الذي يحل للنسان ألغاز‬
‫هذا الوجود ‪ ،‬فجدير بالنسان أن يستمسك به ‪.‬‬

‫على أن هذا اليمان ليس أمرا مثاليا يعيش في عالم النظريات ول يتجلى في عالم الواقع ‪ ،‬فهو أمر‬
‫مثالي واقعي ‪ ،‬وواقعي مثالي ‪ ،‬لن اليمان يتجلى في سلوك المؤمن فلذلك ذكر ال سبحانه وتعالى‬
‫مع اليمان العمل الصالح ‪ ،‬والعمل الصالح هو ما كان وفق أمره سبحانه وتعالى ‪ ،‬فتحديد الصالح‬
‫من الطالح والخير من الشر والنافع من الضار إنما ذلك يعود إلى أوامر ال سبحانه وتعالى ونواهيه‬
‫‪ ،‬فكل ما كان وفق أمره سبحانه فهو صالح ‪ ،‬وكل ما كان مخالفا لمره فهو طالح ‪.‬‬

‫ول دخل لعقل البشر في ذلك ‪ ،‬فإن العقول تتأثر بالمؤثرات النفسية والمؤثرات الجتماعية وهي‬
‫مؤثرات شتى ‪ ،‬ولكن المؤمن الذي رضي بال ربا وبالسلم دينا وبالقرآن منهجا وطريقا وبمحمد‬
‫صلى ال عليه وسلم هادبا ودليل يستعلي على كل هذه المؤثرات مهما كانت ‪ ،‬فهو يستعلي على‬
‫نزعات نفسه ونزغاتها وهو يستعلي على المؤثرات البيئية والجتماعية فلذلك يسير في الدرب‬
‫السليم مهما كان تصادمه مع الواقع ‪ ،‬ومهما أدى به ذلك إلى أن يتنكر له مجتمعه وأن تتنكر له‬
‫بيئته لنه يرى رضوان ال سبحانه وتعالى فوق كل اعتبار ‪ ،‬فال أولى بأن يطاع (وَمَا كَانَ‬
‫ن أَمْرِهِمْ َومَن يَعْصِ‬
‫ن لَهُ ُم ا ْلخِيَرَةُ مِ ْ‬
‫لِمُؤْمِنٍ َولَ مُؤْمِ َن ٍة إِذَا َقضَى الُّ وَرَسُولُ ُه أَمْرًا أَن يَكُو َ‬
‫ضلّ ضَلَلً مّبِينًا) (الحزاب‪. )36/‬‬ ‫الَّ وَرَسُولَ ُه َفقَ ْد َ‬

‫ولذلك نجد المؤمنين والمؤمنات في العصور السابقة عندما أكرم ال سبحانه وتعالى هذه النسانية‬
‫بإخراجها من الظلمات إلى النور ومن الباطل إلى الحق زمن الغي إلى الرشد ومن الفساد إلى‬
‫الصلح ومن الخطر إلى السلمة إذ بعث فيها نبيا كريما وأنزل عليها ذكرا حكيما نجد هؤلء‬
‫المؤمنين والمؤمنات في ذلك العصر استعلوا على هذه النوازع بأسرها واستعلوا على هذه‬
‫المؤثرات بأسرها ‪ ،‬فكان المؤمن وكانت المؤمنة يخرجان عن الطريق المألوف إلى طريق لم يكن‬
‫مألوفا في البيئة التي نشئا فيها ‪ ،‬والمثال الواضح الذي يدل على هذا ما ذكرته أم المؤمنين عائشة‬
‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬
‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬
‫‪-‬رضوان ال تعالى عليها‪ -‬عن نساء النصار أن النبي عليه أفضل الصلة والسلم عندما أنزل‬
‫ال سبحانه وتعالى عليه ما أنزل في سورة النور وذلكم قوله سبحانه ‪َ ( :‬وقُل ّللْمُؤْمِنَاتِ يَ ْغضُضْ َ‬
‫ن‬
‫ن إِلّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا َولْ َيضْرِبْنَ ِبخُمُرِهِنّ‬ ‫ن فُرُوجَهُنّ َولَ يُبْدِينَ زِينَتَهُ ّ‬ ‫حفَظْ َ‬‫ن أَ ْبصَارِهِنّ وَ َي ْ‬ ‫مِ ْ‬
‫ن أَوْ‬
‫ن أَ ْو أَبْنَائِهِ ّ‬
‫ن أَ ْو آبَاء بُعُولَتِهِ ّ‬
‫ن أَ ْو آبَائِهِ ّ‬
‫ل لِبُعُولَتِهِ ّ‬‫ن إِ ّ‬
‫علَى جُيُوبِهِنّ وَلَ يُبْدِينَ زِينَتَهُ ّ‬ ‫َ‬
‫ن أَوْ مَا َملَكَتْ‬ ‫ن أَوْ ِنسَائِهِ ّ‬
‫ن أَوْ بَنِي َأخَوَاتِهِ ّ‬ ‫ن أَوْ بَنِي ِإخْوَانِهِ ّ‬ ‫ن أَ ْو ِإخْوَانِهِ ّ‬‫أَبْنَاء بُعُولَتِ ِه ّ‬
‫علَى‬ ‫ن لَمْ يَظْهَرُوا َ‬ ‫ل الّذِي َ‬
‫ط ْف ِ‬
‫ن الرّجَالِ أَ ِو ال ّ‬ ‫ن أَ ِو التّابِعِينَ غَيْ ِر أُ ْولِي الِْرْبَةِ ِم َ‬ ‫أَيْمَانُهُ ّ‬
‫لّ جَمِيعًا‬‫خفِينَ مِن زِينَتِ ِهنّ وَتُوبُوا ِإلَى ا ِ‬ ‫ن لِيُ ْعلَمَ مَا ُي ْ‬
‫ت النّسَاء وَلَ َيضْرِبْنَ ِبأَ ْرجُلِهِ ّ‬ ‫عَوْرَا ِ‬
‫ن لَ َعلّكُمْ ُت ْفلِحُونَ) (النور‪.)31/‬‬ ‫أَيّهَا الْمُؤْمِنُو َ‬

‫لما أنزل ال سبحانه وتعالى ذلك على نبيه عليه أفضل الصلة والسلم انقلب رجالهن إليهن يتلون‬
‫عليهن ما أنزل ال سبحانه وتعالى في كتابه ‪ ،‬فكان الرجل يتلو ذلك على امرأته وعلى أمه وعلى‬
‫أخته وعلى بنته فقمن إلى مروطهن وشققنهن واعتجرن بها وأصبحن وراء رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان ‪.‬‬

‫نعم إن هذه المسارعة إلى طاعة ال سبحانه وتعالى ما هي إل دليل رسوخ اليمان في النفس‬
‫وتحكمه في العقل والقلب وسيطرته على الفكر والوجدان وعلى الحاسيس والمشاعر ‪ ،‬فلذلك‬
‫كانت هذه النقلة العظيمة من حياة الجاهلية إلى حياة السلم واليمان ‪ ،‬من حياة الفساد إلى حياة‬
‫الصلح ‪ ،‬من حياة النحطاط إلى حياة الرقي ‪.‬‬

‫ونحن بحمد ال نشاهد هذه الصور ماثلة أمامنا الن وغير الن ‪ ،‬هذه الصور التي تدل على‬
‫اليمان الراسخ واليقين الصادق والرغبة فيما عند ال والتفاني من أجل طاعته تعالى ‪ ،‬وإنما نسأل‬
‫ال سبحانه وتعالى أن يبارك في هذه المؤمنات الصالحات القانتات بأن يزيدهن هدى وصلحا‬
‫وتقوى وإخلصا وبرا ووفاء وأن يهيء لهن من أمرهن رشدا إنه تعالى على كل شيء قدير ‪.‬‬

‫ثم مع هذا ل بد أن يكون المؤمنون والمؤمنات جميعا حاملين رسالة الحق إلى الخلق ‪ ،‬فإن هذه‬
‫الرسالة رسالة يضطلع بها الجميع ‪ ،‬ينوء أوزارها الذكور والناث ‪ ،‬ليست خاصة بالذكور دون‬
‫الناث ‪ ،‬ولذلك ذكر ال سبحانه وتعالى فيما ذكره من أسباب النجاة التي ل بد من التمسك بها‬
‫التواصي بالحق ‪ ،‬فإن التواصي بالحق سبب لسلمة في الدنيا وفي الخرة ‪ ،‬وهذا واضح فيما‬
‫وصف ال سبحانه وتعالى به المؤمنين والمؤمنات جميعا بحيث يكونون كما يقول عليه أفضل‬
‫الصلة والسلم ‪( :‬ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو‬
‫تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) ‪ ،‬فلذلك يحرص كل مؤمن وتحرص كل مؤمنة على إبلغ‬
‫رسالة الحق إلى الخلق حتى يكثر فريق المؤمنين والمؤمنات ولجل أن يعم الخير في البشرية‬
‫بأسرها ‪.‬‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬
‫فإن من لم يكن واصل إلى درجة أن يحب من الخير لغيره ما يحبه لنفسه فليس هو من اليمان في‬
‫شيء ‪ ،‬فإن الرسول عليه أفضل الصلة والسلم يقول ‪( :‬ل يؤمن أحدكم حتى يحب لخيه ما يحبه‬
‫لنفسه) ومعنى ذلك أن من شأن كل مؤمن ومن شأن كل مؤمنة أن يريد عموم الخير وشيوعه في‬
‫جميع المؤمنين والمؤمنات مع كونهما يريدان لجميع الناس أن يكونوا من فريق المؤمنين‬
‫والمؤمنات ‪.‬‬

‫فإن هداية الناس إلى الحق من أقرب القربات إلى ال سبحانه وتعالى وهي وراثة النبوة ‪ ،‬فإن هذه‬
‫الرسالة هي رسالة النبوة ‪ ،‬فما من رسول من رسل ال سبحانه إل وقد ابتعثه ال بهذا ‪ ،‬فإن ال عز‬
‫ل أَنَا فَاعْبُدُونِ)‬‫ل ِإلَ َه إِ ّ‬
‫ل إِلّ نُوحِي ِإلَيْ ِه أَنّهُ َ‬
‫سلْنَا مِن قَ ْبِلكَ مِن رّسُو ٍ‬ ‫وجل يقول ‪( :‬وَمَا أَ ْر َ‬
‫عبُدُو ْا الّ وَاجْتَنِبُواْ‬ ‫ل أَنِ ا ْ‬ ‫ل أُمّةٍ رّسُو ً‬
‫(النبياء‪ ، )25/‬ويقول ‪َ ( :‬وَلقَدْ بَ َعثْنَا فِي ُك ّ‬
‫الطّاغُوتَ ) (النحل‪.)36/‬‬

‫فدعوة المرسلين هي دعوة إلى ال ودعوة إلى اجتناب الطاغوت ‪ ،‬وهكذا شأن المؤمنين والمؤمنات‬
‫دائما يحرصون على شيوع هذه الدعوة ويذيعوها فيما بين الناس جميعا ‪ ،‬وأن يكون الناس جميعا‬
‫من حزب ال ل من حزب الطاغوت ‪.‬‬

‫وال سبحانه وتعالى بين أن هذه الصلة التي تكون بين المؤمنين والمؤمنات صلة قربى والتراحم‬
‫والعطف وحب الخير والتفاني من أجل الصلح والصلح ل تكون إل مع المر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر ‪ ،‬فإن المر بالمعروف والنهي عن المنكر هي أولى الصفات التي وصف بها‬
‫ال سبحانه وتعالى المؤمنين والمؤمنات بعد ما وصفهم بأن بعضهم أولياء بعض فهو تعالى يقول ‪:‬‬
‫ن الْمُنكَ ِر‬
‫(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَ ْعضُهُ ْم أَ ْولِيَاء بَعْضٍ َيأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَ ِ‬
‫ن الّ وَرَسُولَ ُه أُ ْولَـ ِئكَ سَيَ ْرحَمُهُ ُم الّ) (التوبة‪/‬‬
‫ن الزّكَاةَ وَيُطِيعُو َ‬ ‫ن الصّلَةَ وَيُؤْتُو َ‬ ‫وَ ُيقِيمُو َ‬
‫‪. )71‬‬

‫نعم هذا هو شأن المؤمنين والمؤمنات جميعا فهم دائما يحرصون على أن تكون حبال الموالة بينهم‬
‫ممدودة فلذلك يرتبطون بهذه الموالة التي تشد بعضهم إلى بعض ‪ ،‬وهم بجانب ذلك يحرصون‬
‫على القيام بما يحفظ هذا الولء فيما بينهم وبما يحفظ لهذه الرسالة العظمى مكانتها فلذلك يأمرون‬
‫بالمعروف وينهون عن المنكر بجانب مسارعتهم بأنفسهم إلى امتثال أوامره سبحانه ولذلك وصفهم‬
‫ال سبحانه وتعالى فيما وصفهم به بعد هذا بأنهم يقيمون الصلة ويؤتون الزكاة ويطيعون ال‬
‫ورسوله ‪ ،‬فذكر إقام الصلة هنا لن الصلة هي في مقدمة ما يأمر ال تعالى به من العمال وما‬
‫يتواصى به المؤمنون والمؤمنات وهي من العبادات العملية ‪ ،‬ثم إيتاء الزكاة ‪ ،‬والزكاة عبادة مالية‬
‫‪.‬‬

‫والنسان إن كان في أعماله وكان في تصرفاته في ماله بحسب أوامر ال سبحانه وتعالى فقد تقدس‬
‫وتطهر ‪ ،‬وأتبع ذلك وصفهم بأنهم يطيعون ال ورسوله وهذه الطاعة مطلقة في الوامر وفي‬
‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬
‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬
‫النواهي ‪ ،‬فهم يطيعون ال ورسوله في كل أمر أمرهم به ال ورسوله وفي كل نهي نهاهم عنه ال‬
‫ورسوله ‪ ،‬فهم يسارعون إلى طاعة ال سبحانه وتعالى ‪.‬‬

‫وعلينا أن نتبين هنا مكانة المرأة في السلم ‪ ،‬فإن مكانة المرأة مكانة مهمة جدا ‪ ،‬فهي ل تنحط عن‬
‫مكانة أخيها الرجل ولذلك أشركهما ال سبحانه وتعالى في الضطلع بهذا المر العظيم والقيام‬
‫بهذا الواجب المقدس ونشر هذا الخير العميم بين الناس ‪ ،‬هم أي المؤمنون والمؤمنات يحرصون‬
‫على المر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬فعلى المرأة أن تتبين مكانتها في السلم وأن تتبين‬
‫رسالتها في هذه المة السلمية ‪ ،‬هي مطالبة بأن تضطلع بأمانة الحق وإبلغ هذه المانة إلى‬
‫الخلق ‪.‬‬

‫عليها أن تحرص على المر بالمعروف والنهي عن المنكر كما يجب ذلك على الرجل ‪ ،‬ومعنى‬
‫ذلك أن تقوم بإبلغ دعوة ال سبحانه وتعالى إلى خلقه ‪ ،‬وهذه أمانة عظيمة ومسؤولية كبرى المة‬
‫بأسرها مسؤولة عنها ‪ ،‬فإن ال سبحانه وتعالى بين أن هذا الواجب إنما هو واجب على جميع أفراد‬
‫ن ِإلَى ا ْلخَيْرِ وَ َيأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ‬
‫المة عندما قال عز من قائل ‪َ ( :‬ولْتَكُن مّنكُ ْم أُمّةٌ يَدْعُو َ‬
‫ن الْمُنكَرِ َوأُ ْولَـ ِئكَ هُ ُم الْ ُم ْفلِحُونَ) (آل عمران‪ ، )104 /‬فالية الكريمة تدل على أن‬ ‫وَيَنْهَ ْونَ عَ ِ‬
‫هذا الواجب إنما هو واجب على جميع أفراد المة وليس ذلك خاصا بطائفة دون أخرى ‪.‬‬

‫وليس قوله سبحانه وتعالى ‪( :‬مّنكُمْ) مفيدا للتبعيض بحيث يقال ‪ :‬إن بعض المة هي مطالبة بأن‬
‫تقوم بالدعوة إلى ال والمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون سائرها ‪ ،‬بل الجميع مشتركون في‬
‫ذلك ‪ ،‬إذ (من) هنا ليست للتبعيض وإنما هي للبيان ‪ ،‬أي لتكون فيكم ومن أفرادكم هذه المة بحيث‬
‫يكون جميع هؤلء الفراد أمة هذا شأنها ‪ ،‬والدليل على ذلك أن ال سبحانه وتعالى حصر الفلح‬
‫ه ُم الْمُ ْفِلحُونَ) ‪ ،‬فالفلح إنما انحصر في هذه‬
‫في هذا الصنف من الناس عندما قال ‪َ ( :‬وأُ ْولَـ ِئكَ ُ‬
‫الطائفة التي تتآمر بالمعروف وتتناهى عن المنكر وتدعوا إلى ال سبحانه لنها قامت بما عليها من‬
‫الواجب ‪.‬‬

‫والمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬فكل من ذلك أمر وراءه تبعات عظيمة ‪ ،‬فإن الدعوة إلى‬
‫ال ليست بالمر السهل إنما طريق الدعوة طريق وعر ولكن على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة أن‬
‫يتحليا بالصبر ولذلك كان التواصي بالصبر أمرا ل بد منه وكان سببا من أسباب النجاة ‪ ،‬فإن‬
‫الضطلع بنفس الواجبات التكليفية على اختلفها ل يمكن أن يتم إل مع التحلي بالصبر ‪ ،‬إذ لهذه‬
‫النفوس نوازع ‪ ،‬فالنفس تريد أن تطمئن إلى الراحة وأن تركن إلى الرفاهية وأل تكلف صاحبها‬
‫شططا في هذا المر ‪.‬‬

‫ولكن ليس المر بحسب التمني فإن هذه الحياة ليست حياة راحة وطمأنينة وإنما هي حياة عمل‬
‫وكفاح والدار الخرة هي دار الطمأنينة ودار الخلود ودار الراحة ودار السلمة من كل الفات ‪،‬‬
‫والداعية قد يقدم نفسه ثمنا لهذه الدعوة التي يقوم بها ‪ ،‬وقد حصل ذلك في تاريخ المؤمنين‬
‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬
‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬
‫والمؤمنات في العهود السالفة ‪ ،‬وطريق الدعوة مفروش بالجمر وبأشواك القتاد وليس مفروشا‬
‫بالعطور والياسمين والورود ‪ ،‬كيف وال سبحانه وتعالى عندما ذكر الدعوة ذكر وجوب الصبر‬
‫على ما يلقاه الداعية ‪ ،‬فال عز وجل حكى عن لقمان قوله في وصيته لبنه ‪َ ( :‬وأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ‬
‫علَى مَا َأصَا َبكَ) (لقمان‪ ، )31/‬فإن الصبر ل بد منه في هذا الطريق‬ ‫ن الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ َ‬
‫وَانْهَ عَ ِ‬
‫الوعر الشائك ‪.‬‬

‫وعندما ذكر ال سبحانه سبيل الرسول عليه أفضل الصلة والسلم وسبيل أتباعه وأنه الدعوة إلى‬
‫ال على بصيرة بين كيف كانت هذه الدعوة في سالف العصور فقد قال تعالى ‪ُ ( :‬قلْ هَـ ِذهِ سَبِيلِي‬
‫ن الْ ُمشْرِكِينَ) (يوسف‪/‬‬ ‫ن الّ وَمَا أَ َناْ مِ َ‬
‫ن اتّبَعَنِي َوسُ ْبحَا َ‬ ‫علَى َبصِيرَ ٍة أَ َناْ وَمَ ِ‬ ‫أَدْعُو ِإلَى الّ َ‬
‫ن أَ ْهلِ ا ْلقُرَى َأفَلَمْ‬
‫ك إِلّ ِرجَالً نّوحِي ِإلَيْهِم مّ ْ‬ ‫سلْنَا مِن قَ ْبِل َ‬
‫‪ )108‬ثم أتبع ذلك قوله ‪( :‬وَمَا أَ ْر َ‬
‫ض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِ َب ُة الّذِينَ مِن قَ ْبلِهِمْ َولَدَا ُر الخِرَ ِة خَيْرٌ ّللّذِينَ‬ ‫يَسِيرُواْ فِي الَرْ ِ‬
‫سلُ وَظَنّواْ أَنّهُ ْم َقدْ كُذِبُو ْا جَاءهُمْ َنصْرُنَا فَ ُنجّيَ مَن‬ ‫س الرّ ُ‬
‫ن حَتّى إِذَا اسْتَ ْيأَ َ‬ ‫ا ّتقَواْ َأفَلَ تَ ْع ِقلُو َ‬
‫للْبَابِ مَا‬ ‫لّ ْولِي ا َ‬
‫صصِهِمْ عِبْرَةٌ ُ‬ ‫ن فِي َق َ‬‫ن َلقَدْ كَا َ‬ ‫ن ا ْلقَوْ ِم الْمُجْرِمِي َ‬
‫نّشَاء وَلَ يُرَدّ َب ْأسُنَا عَ ِ‬
‫يءٍ وَهُدًى وَ َرحْ َم ًة ّلقَوْمٍ‬ ‫ق الّذِي بَ ْينَ يَدَ ْيهِ وَ َت ْفصِيلَ ُكلّ شَ ْ‬ ‫ن حَدِيثًا ُيفْتَرَى َولَـكِن َتصْدِي َ‬ ‫كَا َ‬
‫يُؤْمِنُونَ ) (يوسف‪.)12/‬‬

‫نعم ذكر ال سبحانه وتعالى أنه بعث من المرسلين رجال يتحملون أمانة إيصال هذه الرسالة إلى‬
‫الخلق ‪ ،‬ولكن هل كان المر ميسورا بحيث كان هذا التبليغ غير محفوف بالمكاره؟ ‪ .‬ل ‪ ،‬بل كان‬
‫محفوفا بمكاره عظيمة ولذلك وصل المر بالمرسلين أنفسهم مع رسوخ إيمانهم وقوة يقينهم وعلو‬
‫هممهم ومتانة صلتهم بال سبحانه وتعالى وصل المر بهم إلى مشارفة اليأس ‪ ،‬وهناك تداركتهم‬
‫ألطاف ال سبحانه وتعالى وغمرهم فضله وأتاهم نصره فنجي من نشاء ول يرد بأس ال سبحانه‬
‫عن القوم المجرمين ‪.‬‬

‫وهكذا الشأن في كل عصر من العصور ‪ ،‬وهذا واضح في التاريخ فإن القائمين بالدعوة اصطدموا‬
‫ببيئاتهم واصطدموا بالمحيطات البشرية من حولهم ‪ ،‬فقد يصطدم الداعية أول ما يصطدم بأقرب‬
‫الناس إليه ‪ ،‬يكون ذلك بين الب وأبيه والخ وأخيه والزوج وزوجه والقريب وقريبه ‪ ،‬وهذا‬
‫واضح في تاريخ النبوات ‪ ،‬فإبراهيم عليه السلم وقف في سبيل دعوته أبوه ويبدو أنه بسبب قرابته‬
‫منه وصلته به كان أول من جحد الحق الذي جاء به إبنه ‪ ،‬فقد حكى ال سبحانه وتعالى من أمرهما‬
‫ما حكاه في كتابه ‪ ،‬كذلك نوح عليه السلم كان من جملة الذين خالفوا أمره وخرجوا عن طاعته‬
‫ن أَ ْهِلكَ إِنّهُ عَ َملٌ غَيْ ُر صَالِحٍ‬
‫ابنه ‪ ،‬ولذلك قال ال سبحانه وتعالى فيه ‪( :‬قَالَ يَا نُوحُ إِنّ ُه لَيْسَ مِ ْ‬
‫ن ا ْلجَاهِلِينَ) (هود‪ ، )46/‬وكذلك كان‬ ‫ك أَن تَكُونَ مِ َ‬ ‫ظَ‬ ‫علْ ٌم إِنّي أَعِ ُ‬
‫س َلكَ ِبهِ ِ‬
‫سَألْنِ مَا لَيْ َ‬
‫فَلَ تَ ْ‬
‫شأن نوح ولوط عليهما السلم مع امرأيتهما وقد ضرب ال سبحانه وتعالى بهاتين المرأتين مثل‬
‫للذين كفروا ‪.‬‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬
‫وكذلك كان شأن امرأة فرعون ‪-‬رضي ال تعالى عنها وأخزى فرعون‪ -‬مع زوجها فإنها واجهت‬
‫من التحدي و ذهبت نفسها ضحية الحق وشهيدة الدعوة إليه ولكن مع ذلك ثبتت وصمدت ولم تألو‬
‫جهدا في نصح ذلك الطاغية مع ما كان عليه من الطغيان ‪.‬‬

‫هذا يدل على أن المرأة تستطيع أن تتحدى جميع التحديات وأن تقف أمام منيع العقبات وقوف‬
‫الصامدين عندما تتحلى باليمان وتتسلح به ‪.‬‬

‫وكذلك شأن نبينا عليه أفضل الصلة والسلم ‪ ،‬فإن أول من تنكر لدعوته صلوات ال وسلمه عليه‬
‫عمه أبو لهب الذي قال له عندما جهر صلى ال عليه وسلم بالدعوة ‪ :‬تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا‬
‫‪ ،‬وقد أنزل ال سبحانه ما أنزل من الوعيد الشديد في أبي لهب ‪.‬‬

‫وهكذا شأن المؤمنين والمؤمنات ‪ ،‬وأنتم تعلمون أن أول شهيد في تاريخ هذه المة امرأة وهي‬
‫سمية رضي ال تعالى عنها التي كان الرسول صلى ال عليه وسلم يمر بها وبزوجها وبأبناؤهم‬
‫يعذبون ويقول لهم ‪( :‬صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة) ‪.‬‬

‫وهكذا أدت المرأة واجبها وبلغت رسالتها وقدمت نفسها ضحية في هذا السبيل لتنعم بالخلود في دار‬
‫النعيم ‪.‬‬

‫وكان ما كان من أثر المرأة في إثارة الهمم وحفز العزائم وتقوية الرادة في الرجال ‪ ،‬في الزواج‬
‫والبناء من أجل مواصلة طريق الحق ‪ ،‬وكان للسلم تأثير عظيم في فكر المرأة المسلمة وتغيير‬
‫مجرى حياتها من وضع إلى نقيضه ‪ ،‬وهذا واضح في تاريخ أخت صخر الخنساء التي بكت‬
‫صخرا في الجاهلية حتى فقدت بصرها والتي كانت ترثيه بمراثي عظيمة من أجل أن يخلد ذكره ‪،‬‬
‫ولكنها عندما أسلمت كان أمرها بخلف ذلك ‪ ،‬فقد جمعت أبناءها جميعا وحفزتهم للجهاد في سبيل‬
‫ال وأمرتهم بتوطين النفوس على الصبر حتى يلقوا ال سبحانه وتعالى ‪ ،‬وأخبرتهم بأنهم أبناء‬
‫رجل واحد كما أنهم أبناء امرأة واحدة ‪ ،‬لم تخن أباهم ولم تفضح خالهم ‪ ،‬وأمرتهم بأن يمضوا قدما‬
‫في مجالدة العدو ‪ ،‬وعندما وصلها نبأ استشهادهم جميعا لم تزد على حمد ال سبحانه الذي قبلهم‬
‫منها ‪ ،‬وهكذا كان شأن المرأة المسلمة التي مل اليمان قلبها ولمس برد اليقين شغافه ‪ ،‬فهي‬
‫واصلت هذا الطريق غير لوية على شيء ‪.‬‬

‫والن المة المسلمة هي أحوج ما تكون إلى المرأة المؤمنة الداعية التي قبل كل شيء تدعو‬
‫أسرتها وتربي أبناءها وبناتها على التقوى والصلح والستقامة والبر واليمان ومواجهة التحديات‬
‫على اختلفها ‪ ،‬ول ريب أن المرأة استهدفت ول يستغرب عندما أقول أنها استهدفت أكثر مما‬
‫يستهدف الرجل من قبل المجرمين والظالمين ‪ ،‬أُري ًد لها أن تكون سلعة تباع في أسواق الشهوات‬
‫وأُريدً أن تكون أداة للتسلي وأريد لها أن تنحط إلى دركات الهون ‪.‬‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬
‫ولكن المرأة المؤمنة الواعية بحمد ال سبحانه وتعالى فاقت من رقدتها واستيقظت لهذه المؤامرة‬
‫الحقيرة ‪ ،‬وقد استغلت المرأة نفسها من أجل أن تنزل نفسها إلى هذه الدركات استغلل خطيرا ‪ ،‬فما‬
‫هذه الدعوى التي أشيعت في أوساط العالم دعوى تحرير المرأة إل وسيلة من هذه الوسائل ‪.‬‬

‫المرأة حررها السلم عندما جعلها في مصاف الرجال ‪ ،‬بل أحيانا قدم حقها على حق الرجل ‪،‬‬
‫فقدم حق الم على حق الب ‪ ،‬فقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى ال عليه وسلم عندما‬
‫أتاه آت وقال له ‪ :‬يا رسول ال أي الناس أحق بحسن صحابتي؟ قال له ‪( :‬أمك)‪ ،‬قال له ‪ :‬ثم من؟‬
‫قال له ‪( :‬أمك)‪ ،‬قال له ثم من؟ قال له ‪( :‬أمك) ‪ ،‬قال له ثم من؟ قال له ‪( :‬أبوك ‪ ،‬ثم القرب‬
‫فالقرب) ‪ ،‬فذكر حق الم ثلث مرات وأتبع ذلك ذكر الب مرة واحدة معطوفا على حق الم بثم‬
‫التي تقتضي المهلة والترتيب ‪ ،‬وهذا يدل على ما للم من مكانة في السلم ‪.‬‬

‫ب لِمَنْ َيشَاء إِنَاثًا‬


‫كذلك امتن ال سبحانه وتعالى بالناث قبل أن يمتن بالذكور عندما قال ‪( :‬يَ َه ُ‬
‫عقِيمًا) (الشورى‪/‬‬ ‫ب لِمَن يَشَاء الذّكُو َر أَوْ يُزَ ّوجُهُمْ ُذكْرَانًا َوإِنَاثًا وَ َيجْ َعلُ مَن يَشَاء َ‬
‫وَيَ َه ُ‬
‫ظلّ‬‫‪ ، )50-49‬فنعى على أولئك الذين كانوا يمتعضون من النثى ( َوإِذَا بُشّ َر َأحَدُهُمْ بِالُنثَى َ‬
‫ن أَمْ‬‫علَى هُو ٍ‬‫ن ا ْلقَوْمِ مِن سُوءِ مَا ُبشّرَ بِ ِه أَيُ ْمسِكُهُ َ‬
‫َوجْهُهُ ُمسْوَدّا وَ ُهوَ كَظِيمٌ يَ َتوَارَى مِ َ‬
‫ب أَلَ سَاء مَا َيحْكُمُونَ وإذا بشر أحدهم بالنثى ظل وجهه مسودا وهو‬ ‫يَ ُدسّ ُه فِي التّرَا ِ‬
‫كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب أل‬
‫ساء ما يحكمون) (النحل‪.)59-58 /‬‬

‫فالمرأة المسلمة ليست بحاجة إلى تحرير ‪ ،‬إنما بحاجة المرأة غير المسلمة إلى أن تتحرر من‬
‫عادات الجاهلية ومن أسر تلكم الجاهلية لتنعم بما تنعم به المرأة المؤمنة من العيش في ظلل‬
‫السلم الوارفة ‪ ،‬في ظلل الكرامة والعزة والشموخ ‪ ،‬المرأة كما قلت استغلت في هذه الجاهلية‬
‫الحديثة الن استغلل سيئا ول أدل على ذلك من كونها اتخذت وسيلة لترويج البضائع ‪ ،‬فكل شيء‬
‫يروج له بصورة امرأة ‪ ،‬وقد يصل هذا الترويج إلى أن تكون المرأة عرضة لخلع جلباب الحياء‬
‫عنها بحيث تصور صورة هي أقبح ما تكون ‪ ،‬قد تكون أحيانا في حالة يستحي النسان حتى من‬
‫ذكرها ‪.‬‬

‫هذا دليل على ما خطط لهذه المرأة في تاريخ الجاهلية الحديثة ‪ ،‬وقد استغلت المرأة نفسها في تاريخ‬
‫الجاهلية الحديثة استغلل سيئا لزّ بها لزّا في هذه المضائق ووجدت نفسها في هذه المهانة ‪ ،‬وبسبب‬
‫تغرير الخرين لها ظنت أنها على شيء ‪ ،‬فهؤلء الذين يزعمون أنهم يحررون المرأة الن إلى‬
‫ماذا يدعون؟ ‪.‬‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬
‫يدعون المرأة إلى أن تتناسى أسرتها وأن تنتمي إلى أسرة زوجها عندما تتزوج زوجا ‪ ،‬وهل هذا‬
‫من تكريم المرأة أو من إذابة هويتها وشخصيتها؟ هذه هي الحالة المتبعة في المجتمعات الغربية‬
‫وفي المجتمعات المستغربة في الرض السلمية ‪ ،‬بهذا يتبين ما يراد لهذه المرأة ‪.‬‬

‫ونحن نرى في تاريخ ما سمي بتحرير المرأة كيف كانت الوضاع ‪ ،‬المرأة في جميع الوساط‬
‫السلمية كانت معززة ومكرمة ‪ ،‬كانت معززة وهي بنت ‪ ،‬ومعززة وهي أم ‪ ،‬ومعززة وهي‬
‫زوجة ‪ ،‬ومصونة في جميع أحوالها حتى جاء شياطين الرجال وأرادوا لها ما أرادوه من الهوان‬
‫وأنزلوها إلى حيث ما أنزلوها من الدرك الهابط ‪.‬‬

‫هم استغلوها بنفسها بهذه الدعاية ‪ ،‬ونحن عندما ننظر من الظروف التي أحاطت بهذه الدعوات‬
‫نرى أنها كانت أليمة ‪ ،‬ظروف فيها من الخبث ما فيها ‪ ،‬حسب علمي أول امرأة كانت تخرج عن‬
‫القيود التي كانت مفروضة على المرأة المسلمة في المجتمعات السلمية الشاعرة عائشة هانم‬
‫التيموري ‪ ،‬من الذي أخرجها؟‬

‫أخرجها أبوها ‪ ،‬ولعل وراء أبيها من وراءه ‪ ،‬وكانت أمها تقف ضد ذلك ‪ ،‬ولكن أباها الذي كان‬
‫يجتمع عنده الكثير من الكتاب وكانوا يكتبون باللغة العربية وبالفارسية وبالتركية ‪ ،‬كان يشجعها‬
‫على أن تحضر عند هؤلء الكتاب ‪.‬‬

‫نحن ل نستنكر أن تتعلم المرأة ‪ ،‬ندعوها إلى التعلم ‪ ،‬والمرأة العالمة خير من المرأة الجاهلة‬

‫الم العالمة هي التي تربي أبناءها على العلم والصلح والتقوى ولكن ل على أساس خلع العذار‬
‫وانتهاك الحرمات والتجاوز للحدود وتحطيم قيود الفضيلة ‪ ،‬ظلت هذه المرأة هكذا بين تشجيع الب‬
‫على ذلك واعتراض الم عليها ‪ ،‬ثم بعد ذلك كانت لها زميلة خاطبت المرأة المصرية خطابا عجيبا‬
‫استغلت بعض الخلف الموجود في الحكام الشرعية استغلل سيئا من أجل تبرير ما تدعو إليه ‪،‬‬
‫وهي الشاعرة (ل أعرف بالضبط ما هو السم لنه غير واضح في هذه النسخة ولكن كتبته كما‬
‫هو) ملك حفني ناصف التي خاطبت المرأة المصرية بهذه البيات ‪:‬‬

‫سيري كسير السحب ل تأني ول تتعجل ** ل تكسي أرض الشوارع بالزار المسبل‬

‫أما السفور فحكمه في الشرع ليس بمعضل ** ذهب الئمة فيه بين محرم ومحلل‬

‫ويجوز بالجماع عند قصد تاهل‬

‫لننظر كيف استغلت هذه المرأة الخلف الفقهي من أجل تبرير ما تدعو إليه ‪ ،‬قال بأن السفور ليس‬
‫بمعضل في الشرع لن علماء السلم اختلفوا فيه بين مبيح ومحرم ‪ ،‬ماهو السفور الذي أبيح؟ إنما‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬
‫هو سفور الوجه على رأي كثير من العلماء ل السفور الذي يتبعه أن تكشف المرأة عن ساعديها‬
‫وعن ساقيها وعن نحرها وتبدي مفاتنها وتكون عرضة للشيطان وأغوائه ‪ ،‬وتكون عرضة لذئاب‬
‫الرجال ‪ ،‬ليس ذلك مما أباحه السلم ‪.‬‬

‫ويجوزبالجماع عند قصد تأهل ‪ ،‬أي عند قصد الزواج ‪ ،‬نعم يجوز بالجماع عند قصد الزواج أن‬
‫يرى الخطيب من خطيبته وجهها وكفيها فقط ل أن يرى ما فوق ذلك ‪ ،‬فما دعت إليه ليس هو من‬
‫الصحة في شيء ‪ ،‬ثم انتهى هذا المر بموت هاتين المرأتين وبتوقف هذه الحملة المسعورة ضد‬
‫المرأة المسلمة ‪ ،‬ولكن ما إن رجعت الميرة نازلي فاضل التي تربت في فرنسا ‪ ،‬وكانت كلمتها‬
‫الكلمة الولى عند اللورد كرومر في مصر ‪ ،‬وكان تأثيرها تأثيرا بالغا حتى في السياسة المصرية ‪.‬‬

‫ما إن رجعت من رحلتها إلى فرنسا حتى فتحت صالونا تستقبل فيه الرجال ويتداولون ما يتداولون‬
‫من الحاديث وكان من بين الذين يغشون هذا الصالون قاسم أمين ‪ ،‬قاسم أمين هذا اعترض على‬
‫كاتب ألماني انتقد وضع المرأة المسلمة ‪ ،‬انتقد خمسة أشياء في حياة المرأة المسلمة ‪ ،‬أولها ‪ :‬أنها ل‬
‫تتزوج إل زوجا واحدا ‪ ،‬بينما الرجل يتزوج أكثر من امرأة ‪ ،‬المر الثاني ‪ :‬أنها ترث نصف ما‬
‫يرث الرجل ‪ ،‬والمر الثالث ‪ :‬أن الطلق بيد الرجل ل بيدها ‪ ،‬المر الرابع ‪ :‬أن المرأة المسلمة ل‬
‫يجوز لها أن تتزوج كتابيا بينما الرجل المسلم يجوز له أن يتزوج كتابية ‪ ،‬المر الخامس ‪ :‬أن‬
‫المرأة مقيدة بقيود الحجاب الشرعي ‪.‬‬

‫فانبرى قاسم أمين يدافع عن وضع المرأة المسلمة وكرامة المرأة المسلمة وأن المرأة المسلمة‬
‫راضية بحكم السلم قانعة به ‪ ،‬وليست كالنساء المستغربات اللواتي خدعن ببريق الحضارة‬
‫الغربية ‪ ،‬فوشى به واش إلى الميرة نازلي فاضل بأنه قصدها فيما قال ‪ ،‬فصبت عليه جام‬
‫غضبها ‪ ،‬وما كان له أن ينقذ نفسه مما تصوره ورطة وقع فيها إل أن يؤلف كتابا يدعو فيه إلى‬
‫تحرير المرأة ‪ ،‬فألف كتابه في تحرير المرأة ‪ ،‬وكان هذا الكتاب مثار فتنة عظيمة ‪ ،‬وتأسف هو‬
‫بنفسه على تأليفه وعرف أنه وقع في ورطة عظيمة عندما ألف هذا الكتاب ‪ ،‬وامرأته أدلت‬
‫بتصريح قالت فيه ‪ :‬إن هذه الدعوة كانت دعوة هدامة ‪ ،‬دعوة إلى الشر ‪.‬‬

‫ثم هدأت العواصف إلى عصر سعد زغلول الذي دعا إلى ما يسمى بتحرير المرأة ‪ ،‬ودعا إلى‬
‫سفور المرأة ‪ ،‬وألقى خطبة أمام الجماهير وكانت زوجته حاضرة ورفع عنها الحجاب أمام‬
‫الجماهير ليكون قدوة لغيره في رفع الحجاب عن النساء المسلمات ‪ ،‬وهنا وقع الخصام بين كثير‬
‫من النساء المغرورات وبين أسرهن ‪ ،‬فوقع الخصام بين البنت وأبيها وبين المرأة وزوجها ‪ ،‬بحيث‬
‫يقلن بأن المير نزع الحجاب عن أم المصريين ‪ ،‬وهل نحن أولى من أم المصريين باللتزام بهذا‬
‫الحجاب؟ ‪ ،‬وأليست هي في مكان التقدير والحترام؟ ‪ ،‬ولما سمع بهذا الصراع الذي حصل في‬
‫البيوت والسر ما بين الجانبين دعا إلى اجتماع آخر وأحضر فتاة وسيمة شابة لتلقي خطابا أمام‬
‫الجماهير وهي في بداية خطابها كانت محجبة ‪.‬‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬
‫فقام إليها ونزع الحجاب عنها أمام الجماهير فصفق له الغوغاء واصطلى الناس سعير هذه الفتنة ‪،‬‬
‫ولكن هو نفسه قدم الثمن باهضا ‪ ،‬وهكذا شأن كل أحد يدعو إلى ما يخالف أمر ال سبحانه وتعالى‬
‫ل بد له من أن يقدم الضريبة باهضة ‪ ،‬فقد كانت قريبة له تربت في بيته وكانت هذه القريبة كما‬
‫يصفها بعض الكتاب الذين كتبوا في هذه القضية كانت ملكة جمال وكان لها أخ تربى أيضا في بيته‬
‫يسمى إبراهيم ‪ ،‬فذهب أخوها إلى فرنسا ليدرس الدب الفرنسي بإيعاز من سعد زغلول نفسه ‪،‬‬
‫وقريبته تزوجها أحد البشاوات المصريين وكان كما يقولون مليونيرا فذهب لقضاء شهر العسل إلى‬
‫باريس حامل معه زوجته التي هي كما يقولون ملكة جمال ‪.‬فماذا كانت النتيجة؟ ‪.‬‬

‫جاء في يوم من اليام أخوها إليها ليزورها وقد نزع منه كل ما في الرجل من صفات الغيرة‬
‫والشهامة إذ لم تبق في قلبه غيرة قط ‪ ،‬جاء ومعه صديق ألماني كان زميل له في دراسة الدب‬
‫الفرنسي ‪ ،‬فعرّف بين صديقه وبين أخته فطلب الصديق أن يراقص الخت أمام أخيها ‪ ،‬ولجل أن‬
‫يثبت هذا الخ بأنه مدني ومتحضر وأنه من الفريق المتقدم شجع أخته على ذلك فراقصها ‪ ،‬في‬
‫أثناء هذه المراقصة كان يقول لها ‪ :‬يا سيدتي هاتان العينان هما اللتان كنت أبحث عنهما طول‬
‫حياتي ولم أجدهما إل في جبينك ‪ ،‬فغرس في قلبها بذرة الغرام ‪.‬‬

‫ثم أتى إليها في اليوم الثاني وقد نظم قصيدتين باللغة الفرنسية ‪ ،‬إحدى القصيدتين يتغزل فيها في‬
‫محاسنها ‪ ،‬والقصيدة الثانية تصف ما في نفسه من لوعة الغرام تجاهها ‪ ،‬وقال لها في قصيدته هذه‬
‫ما معناه ‪ :‬هل تسمحين يا سيدتي أن أكون خادما صغيرا في مملكة قلبك الواسعة؟ ‪ ،‬فردت عليه ‪:‬‬
‫بأنك أنت صاحب الجللة في هذه المملكة ‪ ،‬لست خادما صغيرا ‪.‬‬

‫وكانت نتيجة ذلك أنه عندما جاء إليها زوجها رفضته وقالت ‪ :‬إنني وجدت صاحبي الذي أبحث‬
‫عنه ‪ ،‬والتحقت بذلك الشاب اللماني وعاد زوجها خائبا إلى مصر وعرض مشكلته على سعد‬
‫زغلول ‪ ،‬فكتب إليها سعد زغلول يأمرها بأن تعود سريعا إلى مصر فما كان منها إل أن رفضت‬
‫هذا المر ‪ ،‬وقالت بأن سعد زغلول ل يتزعم قلبها وإنما زعيم هذا القلب هواه فهي تستسلم لهواه ‪،‬‬
‫وهكذا كانت النتيجة ‪ ،‬كانت النتيجة انخراطا في سلك الفساد والرتماء في أحضان الفحشاء والبعد‬
‫عن القيم والفضائل ‪.‬‬

‫ونحن نحمد ال سبحانه وتعالى على أن عشنا حتى وجدنا المرأة المؤمنة المسلمة تعود إلى الحق‬
‫وتعود إلى الرشد ‪ ،‬ولكن مع هذا ل بد أن تقدم الثمن مهما كان غلؤه ‪ ،‬فهي لبد من أن تدعو إلى‬
‫هذا الخير وأن تصبر وأن تصابر لجل أن تنجو من الخسران الذي توعد ال سبحانه ونعالى به‬
‫جنس البشر ‪ ،‬إل من آمن وعمل صال وكان من الذين تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ‪.‬‬

‫فأسأل ال سبحانه وتعالى أن يجعلنا جميعا من هذا الفريق وأن يلهمنا رشدنا وأن يصلح أمرنا إنه‬
‫على كل شيء قدير وبالجابة جدير ‪ ،‬نعم المولى ونعم النصير ‪ ،‬وصل ال وسلم على سيدنا محمد‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫والسلم عليكم ورحمة ال وبركاته ‪.‬‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬

You might also like