You are on page 1of 138

‫مع المعلمين‬

‫‪3‬‬

‫المقدمة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الحممممد لله الذي عل ّم بالقلم‪ ،‬عل ّم النسمممان مممما لم‬
‫يعلم‪ ،‬والصمملة والسمملم على النممبي الكرم‪ ،‬الذي د َّ‬
‫ل‬
‫م القوم‪.‬‬‫م َ‬
‫المة على الخير وسلك بها الطريق ال َ‬
‫أما بعد‬
‫حماةُ الثُّغور‪ ،‬ومربمممو الجيال‪،‬‬ ‫فإن المعلميمممن همممم ُ‬
‫ماُر المدارس‪ ،‬المسممتحقون لجممر‬ ‫سقَاةُ الغرس‪ ،‬وع ُ َّ‬ ‫و ُمم‬
‫الجهاد‪ ،‬وشكر العباد‪ ،‬والثواب من الله يوم المعاد‪.‬‬
‫ثم إن الحديث عن المعلمين ذو شجون؛ فلهم هموم‬
‫وشؤون‪ ،‬ولهم آمال وآلم‪ ،‬وعليهم واجبات وتبعات‪.‬‬
‫ولقمد يسمر الله أن جمعمت بعمض الخواطمر والنقول‬
‫فمي هذا الشأن؛ فأحببمت نشرهما فمي صمفحات؛ عسمى‬
‫أن تعم الفائدة بها‪.‬‬
‫ة المسمى التي‪:‬‬ ‫وقد جاءت تلك الصفحات حامل ً‬
‫مع المعلمين‬
‫فهممي تدور مممع المعلميممن فممي شجونهممم وشؤونهممم‪،‬‬
‫وفمي أدبهمم فمي أنفسمهم‪ ،‬وممع زملئهمم وطلبهمم‪ ،‬إلى‬
‫غير ذلك مما يدور في فلكهم‪.‬‬
‫م ممن الله عليكمم‪ ،‬وتحيات‬ ‫فيما معاشمر المعلميمن سمل ٌ‬
‫ْ‬
‫ت تُزجمى إليكمم‪ ،‬وثناء عليكمم يَأَرج كالمسمك ممن‬ ‫مباركا ٌم‬
‫ب لكم‪.‬‬ ‫مح ٍّ‬
‫ثمم إن هذه الصمفحات مهداة إليكمم فعسمى أن تنال‬
‫رضاكم‪ ،‬وتجد قبول ً عندكم‪.‬‬
‫فإلى تلك الصفحات‪ ،‬والله المستعان وعليه التكلن‪.‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬

‫مع المعلمين‬
‫‪ _1‬استحضار فضل العلم والتعليم‪:‬‬
‫فللعلم شأن جلل‪ ،‬وفضممل عظيممم‪ ،‬ومكانممة سممامقة‪،‬‬
‫فيحسمممن بالمعلميمممن أن يسمممتحضروا هذا المعنمممى‪،‬‬
‫ويضعوه نصممب أعينهممم وفممي سممويداء قلوبهممم؛ فممما‬
‫يقدمونمممه فمممي سمممبيل العلم يعلي ذكرهمممم‪ ،‬ويزكمممي‬
‫علومهم‪ ،‬ويعود بالنفع عليهم وعلى أمتهم‪.‬‬
‫ولهذا فل غرو أن تتظاهمممممممممممر آثار الشرع‪ ،‬وأقوال‬
‫السلف‪ ،‬وكلمات الحكماء في بيان فضل العلم ونشره‬
‫بين الناس‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫منْك ُُُ ْ‬
‫منُوا ِ‬
‫نآ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ذي َُُ‬ ‫ع الل ُُّ ُ‬ ‫ف ُُْ‬‫قال _تعالى_‪[ :‬يَْر َ‬
‫َ‬
‫ت] (المجادلة‪.)10 :‬‬ ‫جا ٍ‬ ‫م دََر َ‬ ‫ن أُوتُوا ال ْ ِ‬
‫عل ْ َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫َ‬
‫قال ابمن عباس _رضمي الله عنهمما_‪= :‬العلماء فوق‬
‫(‪)1‬‬
‫المؤمنين مائة درجة‪ ،‬ما بين الدرجتين مائة عام‪.+‬‬
‫ف‬
‫قال وهب ابن منبه ×‪= :‬يتشعب من العلم الشر ُ‬
‫وإن كان صممماحبه دَنِيَّاً‪ ،‬والعمممز وإن كان صممماحبه مهيناً‪،‬‬
‫والقرب وإن كان قصمممممميَّاً‪ ،‬والغنممممممى وإن كان فقيراً‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫والمهابة وإن كان وضيعاً‪.+‬‬
‫وقال أبمممو الوليمممد الباجمممي ×فمممي وصممميته لولديمممه‪:‬‬
‫=والعلم ل يفضمي بصماحبه إل إلى السمعادة‪ ،‬ول يقصمر‬
‫عمن درجمة الرفعمة والكراممة‪ ،‬قليله ينفمع‪ ،‬وكثيره يعلي‬
‫ويرفمع‪ ،‬كنمز يزكمو على كمل حال‪ ،‬ويكثمر ممع النفاق‪ ،‬ول‬
‫يغصممبه غاصممب‪ ،‬ول يُخاف عليممه سممارق ول محارب؛‬
‫فاجتهدا فممي تحصمميله‪ ،‬واسممتعذبا التعممب فممي حفظممه‬

‫‪ )(1‬تذكرة السامع والمتكلم لبن جماعة ص ‪.27‬‬


‫‪ )(2‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.34‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫والسممهر فممي درسممه‪ ،‬والنصممب الطويممل فممي جمعممه‪،‬‬
‫وواظبممما على تقييده وروايتمممه‪ ،‬ثمممم انتقل إلى فهممممه‬
‫(‪)1‬‬
‫ودرايته‪.+‬‬
‫وقال ابمن حزم ×‪= :‬لو لم يكمن ممن فضمل العلم إل‬
‫أن الجهال يهابونممك‪ ،‬وأن العلماء يجلونممك _ لكان ذلك‬
‫سمببا ً إلى وجوب طلبمه‪ ،‬فكيمف بسمائر فضله فمي الدنيما‬
‫والخرة؟‪.‬‬
‫ولو لم يكمن ممن نقمص الجهمل إل أن صماحبه يحسمد‬
‫العلماء‪ ،‬ويغبممط نظراءه مممن الجهال _ لكان ذلك سممباً‬
‫إلى وجوب الفرار عنمه‪ ،‬فكيمف بسمائر رذائله فمي الدنيما‬
‫(‪)2‬‬
‫والخرة؟‪.+‬‬
‫وعمن سفيان الثوري والشافعي _رضمي الله عنهمما_‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫=ليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم‪.+‬‬
‫قال ابن جماعة × بعد أن ساق جملة من الثار عن‬
‫السمملف فممي فضممل العلم‪= :‬وقممد ظهممر بممما ذكرنمما أن‬
‫الشتغال بالعلم لله أفضممل مممن نوال العبادات البدنيممة‬
‫من صلة‪ ،‬وصيام‪ ،‬وتسبيح‪ ،‬ودعاء‪ ،‬ونحو ذلك؛ لن نف عَ‬
‫س‪ ،‬والنوافمل البدنيمة مقصمورةٌ‬‫العلم يعمم صماحبه والنا َم‬
‫على صماحبها‪ ،‬ولن العلم مصمحح لغيره ممن العبادات؛‬
‫فهمي تفتقمر إليمه‪ ،‬وتتوقمف عليمه‪ ،‬ل يتوقمف همو عليهما‪،‬‬
‫ولن العلماء ورثمة النمبياء _عليهمم الصملة والتسمليم_‬
‫وليمس ذلك للمتعبديمن‪ ،‬ولن طاعمة العالم واجبمة على‬
‫غيره فيممه‪ ،‬ولن العلم يبقممى أثره بعممد موت صمماحبه‪،‬‬

‫‪ )(1‬النصمميحة الولديممة‪ ،‬نصمميحة أبممي الوليممد الباجممي لولديممه تحقيممق‬


‫إبراهيم باجس ص ‪.16‬‬
‫‪ )(2‬الخلق والسير في مداواة النفوس لبن حزم ص ‪.21‬‬
‫‪ )(3‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.36‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وغيُرهم ُ مممن النوافممل تنقطممع بموت صمماحبها‪ ،‬ولن فممي‬
‫(‪)1‬‬
‫بقاء العلم إحياءَ الشريعة‪ ،‬وحفظ معالم الملة‪.+‬‬
‫هذا شيء من فضل العلم‪ ،‬أما فضل نشر العلم وبثه‬
‫بيمن الناس فيكفمي فمي ذلك قول المصمطفى "‪= :‬إذا‬
‫ة‬
‫مات ابن آدم انقطع عمله إل من ثلث‪ :‬صدق ٍ‬
‫جاريُُة‪ ،‬أو علم ينتفُُع بُُه‪ ،‬أو ولد صُُالح يدعُُو‬
‫(‪)2‬‬
‫له‪.+‬‬
‫قال ابمن جماعمة × فمي هذا الحديمث‪ = :‬وأنما أقول‪:‬‬
‫إذا نظرت وجدت معانمممي الثلثمممة موجودة فمممي معلم‬
‫العلم؛ أمما الصمدقة فإقراؤه إياه العلم وإفادتمه إياه؛ أل‬
‫ترى إلى قوله " فمي المصمملي وحده‪= :‬مُن يتصُدق‬
‫على هذا‪.+‬‬
‫أي بالصمملة معممه؛ لتحصممل فضيلة الجماعممة‪ ،‬ومعلم‬
‫العلم يحصل للطالب المنتفع به فضيلة العلم التي هي‬
‫أفضمل ممن صملة فمي جماعمة‪ ،‬وينال بهما شرف الدنيما‬
‫والخرة‪.‬‬
‫منْت َفع به فظاهر؛ لنه كان سببا ً ليصاله‬‫وأما العلم ال ُ‬
‫ذلك العلم إلى كل من انتفع به‪.‬‬
‫وأما الدعاء الصالح له فالمعتاد المستقر على ألسنة‬
‫أهممل العلم والحديممث قاطبممة مممن الدعاء لمشايخهممم‬
‫وأئمتهم‪.‬‬
‫وبعمض أهمل العلم يدعون لكمل ممن يذكمر عنمه شيمء‬
‫ممن العلم‪ ،‬وربمما قرأ بعضهمم الحديمث بسمنده‪ ،‬فيدعمو‬
‫لجميمع رجال السمند؛ فسمبحان ممن اختمص ممن شاء ممن‬
‫(‪)3‬‬
‫عباده بما شاء من جزيل عطائه‪.+‬‬
‫‪ )(1‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.37‬‬
‫‪ )(2‬رواه مسلم (‪ ،)1631‬والترمذي (‪ ،)1376‬والنسائي (‪.)2880‬‬
‫‪ )(3‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.105_104‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫قال الشيممخ عبدالرحمممن ابممن سممعدي ×‪= :‬فالمعلم‬
‫مأجور على نفممس تعليمممه‪ ،‬سممواء أفهممم المتعلم أو لم‬
‫يفهمم؛ فإذا فهمم مما علممه‪ ،‬وانتفمع بمه بنفسمه أو نفمع بمه‬
‫غيره _ كان الجر جاريا ً للمعلم ما دام النفع متسلسلً‬
‫متصلً‪.‬‬
‫وهذه تجارة بمثلهممما يتنافمممس المتنافسمممون؛ فعلى‬
‫المعلم أن يسمعى سمعيا ً شديدا ً فمي إيجاد هذه التجارة؛‬
‫فهي من عمله وآثار عمله‪.‬‬
‫ما‬‫ب َ‬ ‫ونَكْت ُ ُ‬
‫وت َى َ‬ ‫ي ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ح ِ‬
‫ن نُ ْ‬ ‫قال _تعالى_‪[ :‬إِن َّا ن َ ْ‬
‫ح ُ‬
‫م] (يس‪.)12 :‬‬ ‫وآثَاَر ُ‬
‫ه ْ‬ ‫موا َ‬ ‫قدَّ ُ‬
‫َ‬
‫م]‪ :‬ممما‬‫ه ُْ‬ ‫موا] ممما باشروا عمله‪ ،‬و [آثَاَر ُ‬ ‫قدَّ ُ‬‫ما َ‬ ‫فممم[ َُ‬
‫ترتمب على أعمالهمم ممن المصمالح والمنافمع أو ضدهما‬
‫(‪)1‬‬
‫في حياتهم وبعد مماتهم‪.+‬‬
‫قال ابمممن جماعمممة ×‪= :‬واعلم أن الطالب الصمممالح‬
‫أعود ُ على العالِم بخيممر الدنيمما والخرة مممن أعممز الناس‬
‫عليه‪ ،‬وأقرب أهله إليه‪.‬‬
‫ولذلك كان علماء السمممملف الناصممممحون لله ودينممممه‬
‫يُلْقون شبمك الجتهاد لصميد طالب ينتفمع الناس بمه فمي‬
‫ن بعدهم‪.‬‬ ‫م ْ‬‫حياتهم و ِ‬
‫ولو لم يكممن للعالم إل طالب واحممد ينفممع الله بعلمممه‬
‫وهديممه لكفاه ذلك الطالب عنممد الله _تعالى_؛ فإنممه ل‬
‫يتصمل شيمء ممن علممه إلى أحمد فينتفمع بمه إل كان له‬
‫(‪)2‬‬
‫نصيب من الجر‪.+‬‬
‫‪ )(1‬الفتاوى السعدية ص ‪.451_450‬‬
‫‪ )(2‬تذكرة السممامع والمتكلم ص ‪ ،104‬وانظممر فممي فضممل العلم إلى‬
‫تذكرة السمممامع والمتكلم ص ‪ ،39_27‬ومفتاح دار السمممعادة لبمممن‬
‫القيممم ‪ ،157_1/48‬والعلم وأخلق أهله لسممماحة الشيممخ عبدالعزيممز‬
‫ابن باز ص ‪.16_3‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫فأكرم بالتعليممم مممن مهنممة‪ ،‬وأعظممم بممه مممن شرف‬
‫ومهمة‪.‬‬
‫ف أو أج َّ‬
‫ل‬ ‫ت أشر َم‬ ‫م َم‬
‫أعَل ِ ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫وعقول‬
‫الذي‬
‫لفضل العلم والتعليم ضمنا ً في‬ ‫ممممممممممممممممممممممنبيان‬
‫هذا وسيأتي مزيد‬
‫الفقرات التالية‪.‬‬
‫‪ _2‬استشعار المسؤولية‪:‬‬
‫فمسممؤولية التعليممم عظيمممة‪ ،‬والمانممة الملقاة على‬
‫عواتمق أهله كمبيرة؛ فمما طريمق المعلميمن بل حبةٍ‪ ،‬ول‬
‫مهمتهممم بيسمميرة؛ فلقممد تحملوا المانممة وهممي ثقيلة‪،‬‬
‫واسممتحقوا الرث وهممو ذو تبعات‪ ،‬وينتظممر منهممم ممما‬
‫ينتظره المدلج فممي الظلم مممن تباشيممر الصممبح؛ فإن‬
‫المممة ترجممو أن يبنممى بهممم جيممل قوي السممر‪ ،‬شديممد‬
‫العزائم‪ ،‬سديد الراء‪ ،‬متين العلم‪ ،‬متماسك الجزاء‪.‬‬
‫ول يقال هذا الكلم؛ تهويلً‪ ،‬وإنما يقال؛ ترويضا؛ فمن‬
‫وطمن نفسمه على المكروه هانمت عليمه الشدائد‪ ،‬ووجمد‬
‫كل شيء باسما جميل ً محبوباً‪.‬‬
‫وممن تخيمل الراحمة‪ ،‬وحكمم أخيلتهما فمي نفسمه‪ ،‬ثمم‬
‫ضهممممما كذب‬ ‫كذبتممممه المال _كان بيممممن عذابيممممن‪ ،‬أم َّ‬
‫َ (‪)2‬‬
‫المخيلة‪.‬‬
‫لَ‬
‫قال ابمن حزم ×‪= :‬وطمن نفسمك على مما تكره يَقِ ّ‬
‫م سمروُرك ويتضاعمف إذا آتاك مما‬ ‫مك إذا أتاك‪ ،‬ويعظ َم‬ ‫هَم ُّ‬
‫(‪)3‬‬
‫تحب مما لم تكن قدَّْرتَه‪.+‬‬

‫‪ )(1‬الشوقيات ‪.1/180‬‬
‫‪ )(2‬انظمر عيون البصمائر للشيمخ محممد البشيمر البراهيممي ص ‪_215‬‬
‫‪.219‬‬
‫‪ )(3‬الخلق والسير في مداواة النفوس ص ‪.26‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫فيا معاشر المعلمين‪ ،‬إنكم عاملون فمسؤولون عن‬
‫أعمالكمم‪ ،‬فمجزيون عنهما ممن الله‪ ،‬وممن الممة‪ ،‬وممن‬
‫التاريممخ‪ ،‬ومممن الجيممل الذي تقومون عليممه كيل ً بكيممل‪،‬‬
‫ووزنا ً بوزن؛ فإن أحسمنتم أحسمنتم لنفسمكم ولكمم ممن‬
‫الله فضل جزيل‪ ،‬ومن التاريخ والمة ثناء جميل‪.‬‬
‫وإن قصمرتم فقمد أسمأتم لنفسمكم ولمتكمم‪ ،‬وإن لمما‬
‫يبوء بمه المقصمرون ممن النداممة والمرارة مما يحلو معمه‬
‫بخع النفوس‪ ،‬وإتلف المهج‪.‬‬
‫وتلك همممي الحالة التمممي نعيمممذ أنفسمممنا _ معاشمممر‬
‫المعلمين _ بالله من تسبيب أسبابها‪ ،‬وتقريب وسائلها‬
‫‪.‬‬
‫كيممف وقممد نهممى ديننمما الحنيممف عممن التقصممير فممي‬
‫الواجبات‪ ،‬ونعممى التفريممط فممي الحقوق‪ ،‬وبيممن آثاره‬
‫وعواقبممه‪ ،‬وحممض على العمال فممي مواقيتهمما‪ ،‬وقبممح‬
‫الكسممل‪ ،‬والتواكممل‪ ،‬والضاعممة‪ ،‬فشرع لنمما بذلك كممل‬
‫شرائع الحزم والقوة وضبمممط الوقمممت والنفمممس مالم‬
‫يشرعه قانون‪ ،‬ولم تأت به عقلية‪.‬‬
‫جزِ منا عممن التَّهَوّي فممي‬ ‫ح َ‬ ‫خذ َممنا بذلك إل ليأخممذ ب ِ ُ‬ ‫وممما أ َ‬
‫جُّرعمم َ مرارة الندم‪ ،‬وحرارة‬ ‫الكسممل والبطالة‪ ،‬ويقينمما ت َ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫الحسرة‪.‬‬
‫َُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ؤدُّوا‬ ‫ن تُ َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫مُرك ُُ ْ‬ ‫ه يَأ ُ‬ ‫ن الل ُّ َ‬ ‫قال الله _ تعالى _‪[ :‬إ ُِ َّ‬
‫ها] (النساء‪.)58 :‬‬ ‫هل ِ َ‬‫ت إِلَى أ َ ْ‬ ‫مانَا ِ‬ ‫َ‬
‫ال َ‬
‫علَى‬ ‫ة َ‬ ‫مان َ َ‬ ‫َ‬ ‫وقال _ عممز وجممل _‪[ :‬إِن َُُّا َ‬
‫ضن َُُا ال َ‬ ‫عَر ْ‬
‫َُ‬ ‫سموات وال َر ض وال ْجبال َ َ‬
‫ها‬‫ملْن َُ َ‬‫ح ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫فأبَي ُْ َ‬ ‫ْ ُِ َ ِ َ ِ‬ ‫ال َُّ َ َ ِ َ‬
‫ه كَا َُُ‬
‫ن‬ ‫ن إِن َُُّ ُ‬ ‫سا ُ‬‫ها الِن ُُْ َ‬ ‫مل َُُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫و َ‬
‫ها َ‬ ‫من ُُْ َ‬
‫ن ِ‬‫ق َُُ‬ ‫ف ْ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫ش َ‬ ‫َ‬
‫هولً ] (الحزاب‪.)72 :‬‬ ‫ج ُ‬ ‫ً‬
‫ظلوما َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫‪ )(1‬انظر عيون البصائر ص ‪.289_288‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وقال النبي "‪ = :‬كلكم راع وكلكم مسؤول عن‬
‫(‪)1‬‬
‫رعيته‪.+‬‬
‫فيما معاشمر المعلميمن‪ ،‬إنكمم رعاة ومسمؤولون عمن‬
‫رعيتكمم‪ ،‬وإنكمم بناة وإن البانمي لمسمؤول عمما يقمع فمي‬
‫البناء من زيغ أو انحراف‪.‬‬
‫وقمع الطيمش فمي صمدور‬ ‫وإذا كان فمممي النابيمممب‬
‫صعَاد‬
‫ممممممممممممممممممممممممِ‬‫حيممممممممممممممممممممممممممف الولال ّم‬
‫أسماسها‬ ‫للناشئة‪ ،‬وعلى‬ ‫فالتعليمم همو التكويمن‬
‫يبنمممى مسمممتقبلهم فمممي الحياة؛ فإن كان هذا التكويمممن‬
‫صالحا ً كانوا صالحين لمتهم ولنفسهم‪ ،‬وإن كان مختلً‬
‫ناقصما ً زائغا ً بنيمت حياة الجيمل كله على فسماد‪ ،‬وسماءت‬
‫آثاره في المة وكانت المية أصلح لها‪ ،‬وأسلم عاقبة‪.‬‬
‫قال الحكيم العربي‪:‬‬
‫تَبَي َّن فيه تفريط الطبيب‬ ‫م على‬ ‫إذا ممما الجرح ر ّممَ‬
‫فسمممممممممممممممممممممممممماد‬
‫وقال شوقي‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫حول‬
‫ُ‬ ‫ظ‬‫وإذا المعلم سمماء لح َمم‬
‫على المعلميمن الكرام؛ فلينظروا‬ ‫بصمممممممممممممممممممممممميرةٍ‬
‫إن تبعمة ذلك تلقمى‬
‫أي موقف أوقفتهم القدار فيه‪ ،‬وليشدوا الحيازيم لداء‬
‫المانة على وجهها‪ ،‬وليعلموا أنهم إنما يبنون للمة من‬
‫كمل جيمل سماقا ً حتمى يعلو البناء ويشممخ‪ ،‬وإن البناء ل‬
‫يعلو قوياً‪ ،‬صمممحيحاً‪ ،‬متماسمممك الجزاء‪ ،‬متعاصممميا ً على‬
‫الهزات والزلزل _ إل إذا كان السمممممممماس قويا ً متيناً‪،‬‬
‫ً (‪)3‬‬
‫متمكنا ً ركينا‪.‬‬

‫‪ )(1‬رواه البخاري (‪ ،)1893‬ومسلم (‪.)1829‬‬


‫‪ )(2‬الشوقيات ‪.1/183‬‬
‫‪ )(3‬انظر آثار الشيخ محمد البشير البراهيمي ‪ 3/161‬و ‪ 157‬وعيون‬
‫البصائر ‪ 288‬و ‪.289‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫إذا كان المممر كذلك فإنممه ل يحسممن بنمما _ معاشممر‬
‫المعلميممن _ أن نتنصممل عممن المسممؤولية‪ ،‬أو أن نلقممي‬
‫بالتبعات على غيرنمما‪ ،‬فنلقممي بهمما على البيممت‪ ،‬وفسمماد‬
‫الزمان‪ ،‬وقلة المعين وما إلى ذلك ‪..‬‬
‫بل نقوم بما هو فرض علينا‪ ،‬ونؤدي المانة المنوطة‬
‫بنا على أكمل وجه وأتمه‪.‬‬
‫قال العلممة محممد البشيمر البراهيممي × فمي وصميته‬
‫للمعلميمن‪= :‬إنكمم تجلسمون ممن كراسمي التعليمم على‬
‫سوهُ ْ‬
‫م‬ ‫سوْ ُ‬
‫عروش ممالك‪ ،‬رعاياهممما أطفال الممممة؛ ف ُممم‬
‫بالرفمق والحسمان‪ ،‬وتَدََّرجوا بهمم ممن مرحلة كاملة فمي‬
‫ل منها‪.‬‬‫التربية إلى مرحلةٍ أكم َ‬
‫إنهممم أمانممة الله عندكممم‪ ،‬وودائع المممة بيممن أيديكممم‪،‬‬
‫سملمتهم إليكمم أطفالً؛ لتردوهما إليهما رجالً‪ ،‬وقدمتهمم‬
‫إليكمم هياكمل؛ لتنفخوا فيهما الروح‪ ،‬وألفاظاً؛ لتعمروهما‬
‫(‪)1‬‬
‫بالمعاني‪ ،‬وأوعية؛ لتملوها بالفضيلة و المعرفة‪.+‬‬
‫ومما يحسن التنبيه عليه في هذا الصدد أن مسؤولية‬
‫التربيممة والتعليممم ل تقتصممر على معلمممي الشريعممة أو‬
‫اللغة أو ما يدور في فلكهما‪.‬‬
‫بممل هممي عامممة‪ ،‬ومناطممة بكممل معلم ومرب؛ فالعلم‬
‫النافمع الذي دل عليمه الكتاب والسمنة همو كمل علم أثممر‬
‫الثمار النافعمة‪ ،‬وأوصمل إلى المطالب العاليمة‪ ،‬فكمل مما‬
‫زكمى العمال‪ ،‬ورقمى الرواح وهدى إلى السمبيل _ فهمو‬
‫ممن العلم النافمع‪ ،‬ل فرق فمي ذلك بيمن مما تعلق بالدنيما‬
‫أو بالخرة؛ فشرف الديمن لزم لشرف الدنيما‪ ،‬وسمعادة‬
‫المعاش مقترنة بسعادة المعاد‪.‬‬

‫‪ )(1‬آثار الشيخ محمد البشير البراهيمي ‪.3/161‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫والشريعمممة بكمالهممما وشمولهممما أمرت بتعلم جميمممع‬
‫العلوم النافعمة ممن العلم بالتوحيمد وأصمول الديمن‪ ،‬وممن‬
‫علوم الفقممممممه والحكام‪ ،‬ومممممممن العلوم العربيممممممة‪،‬‬
‫والجتماعيمممة‪ ،‬والقتصمممادية‪ ،‬والسمممياسية‪ ،‬والحربيمممة‪،‬‬
‫والطبيمة‪ ،‬إلى غيمر ذلك ممن العلوم التمي يكون بهما قوام‬
‫(‪)1‬‬
‫المة‪ ،‬وصلح الفراد و المجتمعات‪.‬‬
‫‪ _3‬لزوم التقوى بكل حال‪:‬‬
‫فالتقوى هممممي العدة فممممي الشدائد‪ ،‬والعون فممممي‬
‫الملمات‪ ،‬وهي مهبط الَّروْح والطمأنينة‪ ،‬ومتنزل الصبر‬
‫مرقاة العمممز‪ ،‬ومعراج السممممو إلى‬ ‫والسمممكينة‪ ،‬وهمممي ِ‬
‫ت القدام فمي المزالق‪ ،‬وتربمط‬ ‫السمماء‪ ،‬وهمي التمي تُثب ّ ِم ُ‬
‫على القلوب في الفتن‪.‬‬
‫فمما أحوجمك أخمي المعلم إلى تقوى الله _عمز وجمل_‬
‫ومما أجدرك بدوام مراقبمة ربمك فمي سمرك وعلنيتمك‪،‬‬
‫وفي أقوالك وأعمالك؛ فإنك أمين على ما أودعك الله‬
‫من العلوم‪ ،‬وما منحك من الحواس والفهوم‪.‬‬
‫ومممممن لزوم التقوى طهارة ُ الباطممممن مممممن الخلق‬
‫ة على شعائر السممممملم كإقاممممممة‬ ‫الرديئة‪ ،‬والمحافظ ُ‬
‫الصممملة فمممي المسممماجد‪ ،‬وإفشاء السممملم للخواص‬
‫والعوام‪ ،‬وممما يسممتتبع ذلك مممما سمميرد ذكره فممي ممما‬
‫(‪)2‬‬
‫سيأتي _إن شاء الله تعالى_‪.‬‬
‫‪ _4‬القبال على القرآن وقراءتُُه بتدبر‬
‫وتعقل‪:‬‬
‫‪ )(1‬انظر الدين الصحيح يحل جميع المشاكل للشيخ ابن سعدي ص‬
‫‪ ،20‬والدلئل القرآنيممة فممي أن العلوم النافعممة داخلة فممي الديممن‬
‫السملمي للشيمخ ابمن سمعدي ص ‪ ،6‬وانظمر ومضات فكمر للشيمخ‬
‫محمد الطاهر ابن عاشور ص ‪.134‬‬
‫‪ )(2‬انظر تذكرة السامع والمتكلم ص ‪ ،43‬وعيون البصائر ص ‪.291‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫فالقرآن هممو الذي ربممى المممة وأدبهمما‪ ،‬فزكممى منهمما‬
‫فط َمممممن‪ ،‬وجل‬
‫النفوس‪ ،‬وصمممممفى القرائح‪ ،‬وأذكمممممى ال ِ‬
‫المواهمممب‪ ،‬وأرهمممف العزائم‪ ،‬وأعلى الهممممم‪ ،‬وصمممقل‬
‫الملكات‪ ،‬وقوَّى الرادات‪ ،‬ومك ّ مَن للخيممر فممي النفوس‪،‬‬
‫وغرس اليمان فممممي الفئدة‪ ،‬ومل القلوب بالرحمممممة‪،‬‬
‫وحفمز اليدي للعممل النافمع‪ ،‬والرجمل للسمعي المثممر‪،‬‬
‫ثممم سمماق هذه القوى على ممما فممي الرض مممن شممر‬
‫وباطمل وفسماد فَطهرهما منمه تطهيراً‪ ،‬وعمرهما بالحمق‬
‫والصلح تعميراً‪.‬‬
‫والقرآن همممممو الذي جل العقول على النور اللهمممممي‬
‫فأصمبحت كشافمة عمن الحقائق العليما‪ ،‬وطهمر النفوس‬
‫مممن أدران السممقوط والسممفاف إلى الدنايمما فأصممبحت‬
‫ة على العظائم؛ فلم يزل بها‬ ‫م ً‬
‫مقْدِ َ‬
‫نزاعة إلى المعالي‪ُ ،‬‬
‫هذا القرآن حتممى أخرج مممن رعاة الن ّممَعم رعاة المممم‪،‬‬
‫م العلم ِ والحكمة‪.‬‬ ‫وأخرج من خمول المية أعل َ‬
‫س بأصحابها‬ ‫وبهذه الروح القرآنية اندفعت تلك النفو ُ‬
‫ن‬‫ن قبممل البلدان‪ ،‬وتمتلك بالعدل والحسمما ِ‬ ‫تفتممح الذا َمم‬
‫(‪)1‬‬
‫ح قبل الشباح‪.‬‬ ‫الروا َ‬
‫فحقيق علينا _معاشر المعلمين_ أن نقبل على كتاب‬
‫ربنمما _جممل وعل_ قراءةً‪ ،‬وتدبراً‪ ،‬وفهماً‪ ،‬وعقلً‪ ،‬واهتداءً‬
‫ل الخيرة‪ ،‬ونظفممر‬ ‫بهديممه‪ ،‬وتخلقا ً بأخلقممه؛ لنحظممى بأج ِّ‬
‫بحميد العاقبة‪.‬‬
‫‪ _5‬ملزمة ذكر الله _عز وجل_‪:‬‬
‫فبذكممر الله تطمئن القلوب‪ ،‬وتزكممو النفوس‪ ،‬وتزول‬
‫الهموم والغموم‪.‬‬

‫‪ )(1‬انظر آثار الشيخ محمد البشير البراهيمي ‪ 93_1/88‬و ‪،253_252‬‬


‫و ‪.298‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب]‬‫قلُو ُ ُ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫ه تَطْ َ‬
‫مئ ِ ُ ُّ‬ ‫ر الل ّ ُ ِ‬
‫ذك ْ ِ‬
‫قال _تعالى_‪[ :‬أل ب ِ ِ‬
‫(الرعد‪.)28 :‬‬
‫ثم إن ذكر الله يهون الصعاب‪ ،‬ويزيد في القوة‪ ،‬قال‬
‫ابممن القيممم × فممي معرض حديثممه عممن فضائل الذكممر‪:‬‬
‫=إن الذكمر يعطمي الذاكرة قوة‪ ،‬حتمى إنمه ليفعمل ممع‬
‫الذكر ما لم يظن فعله بدونه‪.‬‬
‫وقمد شاهدت ممن قوة شيمخ السملم ابمن تيميمة فمي‬
‫سممننه‪ ،‬وكلمممه‪ ،‬وإقداممه أمرا ً عجيباً‪ ،‬فكان يكتمب فمي‬
‫اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جمعة وأكثر‪.‬‬
‫وقممد شاهممد العسممكر مممن قوتممه فممي الحرب أمراً‬
‫(‪)1‬‬
‫عظيماً‪.+‬‬
‫زيادة على ذلك فإن ملزمممة الذكممر يعممد مممن أجممل‬
‫العمال إن لم يكن أجلها‪.‬‬
‫قال شيمخ السملم ابمن تيميمة ×‪= :‬ممما همو كالجماع‬
‫بيمن العلماء بالله وأمره أن ملزممة ذكمر الله دائما ً همو‬
‫(‪)2‬‬
‫أفضل ما شغل العبد به نفسه في الجملة‪.+‬‬
‫وأفضمممل الذكمممر بعمممد القرآن تلك الكلمات الربمممع‪:‬‬
‫سبحان الله‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬ول إله إل الله‪ ،‬والله أكبر‪.‬‬
‫وكذلك ل حول ول قوة إل بالله؛ فهذه الكلمممممة لهمممما‬
‫تأثير عجيب في ثبات القلب‪ ،‬ومعاناة الشغال‪ ،‬وركوب‬
‫(‪)3‬‬
‫الهوال‪.‬‬
‫‪ _6‬وقل ربي زدني علماً‪:‬‬
‫فل تستنكف من التعلم‪ ،‬ول تقنع بما لديك من العلم‪،‬‬
‫فالعلم أسماس ترفمع عليمه قواعمد السمعادة‪ ،‬ول تنفتمح‬

‫‪ )(1‬الوابل الصيب لبن القيم ص ‪.106‬‬


‫‪ )(2‬مجموع الفتاوى ‪.10/660‬‬
‫‪ )(3‬انظر الوابل الصيب لبن القيم ص ‪.107‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫كنوزه إل بتدقيممممق النظممممر ممممممن تصممممدى للفادة‬
‫والستفادة‪.‬‬
‫فيما أيهما المعلم المبارك أعيذك بالله ممن صمنيع بعمض‬
‫المعلميمن؛ فمما أن ينال الشهادة التمي تؤهله للتعليمم إل‬
‫وينبمممذ العلم وراءه ظهرياً‪ ،‬إمممما اشتغال ً عمممن العلم‪ ،‬أو‬
‫زهدا ً بممه‪ ،‬أو ظنا ً منممه أنممه قممد اسممتولى بالشهادة على‬
‫المد‪ ،‬وأدرك بها الغاية القصوى من العلم‪.‬‬
‫ومما همي إل مدة ثمم ينسمى كثيرا ً ممما تلقاه ممن العلم‬
‫أيام الطلب‪ ،‬وإذا تمادى بمه الممر كاد أن يعد َّ ممن جملة‬
‫العوام‪.‬‬
‫فمما ذلك المسملك بسمديد ول رشيمد؛ فلم يقمض حمق‬
‫العلم‪ ،‬بمممل لم يدر مممما شرف العلم ذلك الذي يطلبمممه‬
‫لينال بمممه رزقاً‪ ،‬أو ينافمممس بمممه قريناً‪ ،‬حتمممى إذا أدرك‬
‫وظيفة‪ ،‬أو أنس من نفسه الفوز على القرين _أمسك‬
‫عنانه ثانية‪ ،‬وتنحى عن الطلب جانباً‪.‬‬
‫وإنما ترفع الوطان رأسها‪ ،‬وتبرز في مظاهر عزتها‬
‫بهمممم أولئك الذيممن يقبلون على العلم بجممد وثبات‪ ،‬ول‬
‫ينقطعون عنممممه إل أن ينقطعوا عممممن الحياة‪ ،‬ل تحول‬
‫بينهممم وبيممن نفائس العلوم وعورةُ المسمملك‪ ،‬ول طول‬
‫مسمممافة الطريمممق‪ ،‬بعزم يبلى الجديدان وهمممو صمممارم‬
‫صمممقيل‪ ،‬وحرص ل يشفمممي غليله إل أن يغترفوا ممممن‬
‫(‪)1‬‬
‫العلوم بأكواب طافحة‪.‬‬
‫فالشتغال بالعلم‪ ،‬والتزود منه _يثبته‪ ،‬ويزيده‪ ،‬ويفتح‬
‫أبوابه‪.‬‬

‫‪ )(1‬انظممر السممعادة العظمممى للشيممخ محمممد الخضممر حسممين ص ‪2‬‬


‫ورسائل الصلح لمحمد الخضر حسين ‪ 1/85‬و ‪.89‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ولو لم يأت مممممممممن ذلك كله إل أن الشتغال بالعلم‬
‫يقطع عن الرذائل‪ ،‬ويوصل إلى الفضائل‪.‬‬
‫قال ابمممن حزم ×‪= :‬لو لم يكمممن ممممن فائدة العلم‬
‫والشتغال بمه إل أن يقطمع المشتغمل بمه عمن الوسماوس‬
‫المضنية‪ ،‬ومطارح المال التي ل تفيد غير الهم‪ ،‬وكفاية‬
‫م دا ٍمع إليممه‪،‬‬ ‫الفكار المؤلمممة للنفممس _لكان ذلك أعظ َم‬
‫(‪)1‬‬
‫فكيف وله من الفضائل ما يطول ذكره؟‪.+‬‬
‫قال سممعيد بممن جممبير ×‪= :‬ل يزال الرجممل عالما ً ممما‬
‫َ‬
‫تَعَل ّم‪ ،‬فإذا ترك العلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما‬
‫(‪)2‬‬
‫عنده _فهو أجهل ما يكون‪.+‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كيف ل وهذا رسول الله " وهو المعل ّم والمزك ّى من‬
‫ب‬‫ل َر ُُّ ُِ‬ ‫ق ْ‬ ‫و ُ‬‫الله _عمممز وجمممل_ يأمره الله أن يقول‪َ [ :‬‬
‫علْماً ] (طه‪.)114 :‬‬ ‫زدْنِي ِ‬ ‫ِ‬
‫قال المام الشافعي ×‪:‬‬
‫ت بيتا ً وهمممو ممممن‬ ‫وََردَّد ْممم ُ‬ ‫إذا هجممع النُّوَّام أسممبلت‬
‫ألطممممممممف الشعممممممممر‬ ‫عممممممممممممممممممممممممبرتي‬
‫(‪)3‬‬
‫عمري‬ ‫أليمس ممن الخسمران أن‬
‫ليالياً‬
‫قال أبممممو إسممممحاق اللبيري × فممممي فضممممل العلم‬
‫والمواظبة على طلبه‪:‬‬
‫ّممُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫حظ ك إ ْمم‬ ‫إلى ممما فيممه َ‬ ‫أبما بكرٍ دعوت ُمك لو أ َ‬
‫جبْت َما‬
‫عقلتممممممممممممممممممممممممممما‬
‫مطاعا ً إن نهيممممممت وإن‬ ‫إلى علم تكون بمه إِماماً‬
‫أمرتممممممممممممممممممممممممممما‬
‫وتهديمممممك السمممممبي َ‬
‫ل إذا‬ ‫وتجلو مممما بعينمممك ممممن‬
‫مممممممممممممممممممممممممما‬
‫ويكسمممممموك الجما َ‬ ‫ضللتم‬ ‫شاهمممممممممممممممممممممممما‬ ‫عَ َ‬
‫ل إذا‬ ‫وتحممل منمه فمي ناديمك‬
‫اغْتََربْت َممممممممممممممممممممممممما‬ ‫تاجاً‬
‫‪ )(1‬الخلق والسير ص ‪.21‬‬
‫‪ )(2‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.60‬‬
‫‪ )(3‬غذاء اللباب للسفاريني ‪.2/444‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫خُره لك إن‬ ‫ويبقممممممممى ذ ُ ْ‬ ‫حيَّاً‬‫ه ما دمت َ‬ ‫ينالك نَفْع ُ ُ‬
‫ذهبتممممممممممممممممممممممممممما‬
‫تصمميب بممه مقاتممل مممن‬ ‫مهَنَّد ُ ليس‬ ‫ب ال ُ‬
‫ض ُ‬ ‫هو العَ ْ‬
‫ضربتمممممممممممممممممممممممممما‬ ‫ينبممممممممممممممممممممممممممممو‬
‫صاً‬ ‫وكنز ل تخاف عليه ل ِ َّ‬
‫خفيمممف الحممممل يوجمممد‬
‫كنتممممممممممما‬ ‫حيمممممممممممث‬
‫التعلم واجتهدتممممما‬ ‫لثرت‬ ‫فلو قمد ذقمت ممن حلواه‬
‫طعماً‬
‫ول دنيمما بزخرفهمما فُتنتمما‬ ‫هوى‬
‫ً‬ ‫مممه‬ ‫م‬ ‫عن‬ ‫يشغلك‬ ‫ولم‬
‫أنيقممممٌم‬
‫مطاعمممممممممممممممممممممممم‬
‫كَلِفتمما‬ ‫(‪)1‬‬
‫خدٌْر بَِربَْرب ِممهِ‬
‫ول ِ‬ ‫ُ‬ ‫ول ألهاك عنممممه‬
‫ض‬ ‫ٍممممممممممممممممممممممممم‬ ‫رو‬
‫وليممس بأن طعمممت وأن‬ ‫ح‬ ‫ت الروح أروا ُمممم‬ ‫فَقُو ُمممم‬
‫شربتمممممممممممممممممممممممممما)‬ ‫المعانممممممممممممممممممممممي‬
‫(‪2‬‬
‫فإن أعطاكه الله أخذتا‬ ‫فواظب ْمه وخمذ بالجمد فيمه‬
‫(‪)3‬‬
‫ص‪:‬‬
‫ص الخل َ‬ ‫‪ _7‬الخل َ‬
‫فالخلص يرفمممع شأن العمال حتمممى تكون مراقمممي‬
‫للفلح‪ ،‬والخلص همو الذي يحممل على مواصملة عممل‬
‫الخيمر‪ ،‬وهمو الذي يجعمل فمي عزم الرجمل متانمة‪ ،‬ويربمط‬
‫على قلبه إلى أن يبلغ الغاية‪.‬‬
‫وكثيمر ممن العقبات ل يسماعدك على العممل لتذليلهما‬
‫إل الخلص‪.‬‬
‫ولول الخلص يضعمممه الله فمممي قلوب زاكيات لحرم‬
‫الناس من خيرات كثيرة تقف دونها عقبات‪.‬‬

‫‪ )(1‬الربرب‪ :‬القطيممع مممن البقممر الوحشممي‪ ،‬حيممث شبممه النسمماء‬


‫الجميلت بالبقر الوحشي‪.‬‬
‫‪ )(2‬ديوان أبمي إسمحاق اللبيري الندلسمي حققمه د‪ .‬محممد رضوان‬
‫الداية ص ‪.26‬‬
‫‪ )(3‬انظمر أدب الطلب للشوكانمي ص ‪ 133‬ورسمائل الصملح ‪،12_1/9‬‬
‫وآثار الشيمخ محممد البشيمر البراهيممي ‪ ،4/142‬والمدرس ومهارات‬
‫التوجيه للشيخ محمد الدويش ص ‪.45_44‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ومدار الخلص على أن يكون الباعمممث على العممممل‬
‫أولً امتثال أمر الله‪ ،‬وابتغاء وجهه _عز وجل_‪.‬‬
‫ول حرج على مممن يطمممح بعممد ذلك إلى شيممء آخممر‬
‫كالفوز بنعيم الخرة‪ ،‬والنجاة من أليم عذابها‪.‬‬
‫بمل ل يذهمب بالخلص بعمد ابتغاء وجمه الله أن يخطمر‬
‫ببال النسممان أن للعمممل الصممالح آثارا ً طيبممة فممي هذه‬
‫الحياة الدنيما‪ ،‬كطمأنينمة النفمس‪ ،‬وأمنهما ممن المخاوف‪،‬‬
‫وصيانتها من مواقف الهون‪ ،‬إلى غير ذلك من الخيرات‬
‫التمي تعقمب العممل الصمالح‪ ،‬ويزداد بهما إقبال النفوس‬
‫على الطاعات قوة إلى قوة‪.‬‬
‫والذي يرفع الشخص إلى أقصى درجات الفضل إنما‬
‫هممو الخلص الذي يجعله النسممان حليممف سمميرته‪ ،‬فل‬
‫يقدم على عمل إل وهو مستمسك بعروته الوثقى‪ ،‬ول‬
‫تبالغمُ إذا قلت‪ :‬إن النفمس التمي تتحرر ممن رق الهواء‬
‫ول تسمير إل على مما يمليمه عليهما الخلص همي النفمس‬
‫المطمئنممة باليمان‪ ،‬المؤدبممة بحكمممة الديممن ومواعظممه‬
‫ه على‬ ‫الحسمنة؛ فذلك الخلص همو الذي يسممو سملطان ُ‬
‫كممل سمملطان‪ ،‬ويبلغ أن يكون مبدأ ً راسممخا ً تصممدر عنممه‬
‫العمال بانتظام‪.‬‬
‫ثم إن العمل المثمر هو الذي ينبني على عقيدة؛ لئل‬
‫يتناقمض‪ ،‬ومما تدفعمه إرادة؛ لئل يتراجمع‪ ،‬ومما يحثمه جهاد؛‬
‫لئل يقمف‪ ،‬ومما يصمحبه تجرد؛ لئل يتهمم‪ ،‬ومما ينتشمر؛ لئل‬
‫يضيق فيضيع‪ ،‬وما تكون غايته الخير؛ لئل يكون فساداً‬
‫في الرض‪.‬‬
‫وذلك إنمممممممممما يكون بالخلص؛ فإن للخلص تأثيراً‬
‫َ‬
‫ت عليممه أموُره‪،‬‬ ‫عظيما ً فممي هذا الشأن؛ فمممن تَعَك ّمم َ‬
‫س ْ‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وتضايقت عليه مقاصده فليعلم أن بذنبه أصيب‪ ،‬وبقلة‬
‫إخلصه عوقب‪.‬‬
‫فإذا كان الخلص بهذه المثابمممممممة‪ ،‬وإذا كان له تلك‬
‫المآثممر فحقيممق علينمما _معاشممر المعلميممن_ أن نضعممه‬
‫نصمب أعيننما‪ ،‬وأن نجاهمد أنفسمنا على التحلي بمه‪ ،‬وأن‬
‫نربمي ممن تحمت أيدينما عليمه؛ لكمي يتخرجوا رجال ً يقوم‬
‫كل منهم بالعمل الذي يتوله بحزم وإتقان‪.‬‬
‫وإن مممما يعيممن على التحلي بالخلص أن تعلم أخممي‬
‫المعلم أن الخلص يثمممر لك أن تتمتممع بممما يتمتممع بممه‬
‫غيرك من مزايا مادية‪ ،‬وإجازات وترقيات‪ ،‬وتزيد عليهم‬
‫أن تتذوق عملك‪ ،‬وتعشمق مهمتمك‪ ،‬وتقبمل عليهما بكمل‬
‫ارتياح وسمرور‪ ،‬وأن جميمع سماعاتك التمي تقضيهما فمي‬
‫إعداد دروسمك‪ ،‬وفمي ذهابمك إلى المدرسمة وإيابمك منهما‬
‫مدخرة لك عند الله_عز وجل_‪.‬‬
‫أمممما الخرة _وهمممي المقصمممود العظمممم‪ ،‬والمطلب‬
‫السمممى _فهناك أي ثواب سممتناله‪ ،‬وأي أجمر ينتظرك؟‬
‫هذه أمور علمهما عنمد ربمي فمي كتاب ل يظمل ربمي ول‬
‫ينسى‪ ،‬والله يضاعف لمن يشاء‪.‬‬
‫‪ _8‬القدوة القدوة‪:‬‬
‫فالمعلم كممبير فممي عيون طلبممه‪ ،‬والطلب مولعون‬
‫بمحاكاتمه والقتداء بمه؛ لذلك كان لزاما ً على المعلميمن‬
‫أن يتصمفوا بمما يدعمو إليمه العل ُمم ممن الخلق والعمال؛‬
‫فهم أحق الناس بذلك وأهلُه؛ لما تميزوا به من العلوم‬
‫التي لم تحصل لغيرهم‪ ،‬ولنهم قدوة للناس‪.‬‬
‫فإذا كانوا كذلك أثَّروا على طلبهم‪ ،‬وانطبع من تحت‬
‫أيديهم على أخلق متينة‪ ،‬وعزائم قوية‪ ،‬ودين صحيح‪.‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وإن المعلم ل يسممممممتطيع أن يربممممممي تلميذه على‬
‫الفضائل إل إذا كان هو فاضلً‪ ،‬ول يستطيع إصلحهم إل‬
‫إذا كان بنفسمه صمالحاً؛ لنهمم يأخذون عنمه بالقدوة أكثر‬
‫مما يأخذون عنه بالتلقين‪.‬‬
‫ولقمممد كان السممملف الصمممالح _رضمممي الله عنهمممم_‬
‫مل بممه‬ ‫يسممتعينون بالعمممل على العلم؛ لن العلم إذا ع ُ م ِ‬
‫نما‪ ،‬واستقر‪ ،‬وكثرت بركته‪.‬‬
‫وإذا ترك العممل بمه ذهبمت بركتمه‪ ،‬وربمما صمار وبالً‬
‫على صمماحبه؛ فروح العلم‪ ،‬وحياتممه‪ ،‬وقوامممه إنممما هممو‬
‫بالقيام بممممه عملً‪ ،‬وتخلقاً‪ ،‬وتعليماً‪ ،‬ونصممممحاً؛ فالشرف‬
‫للعلم ل يثبممت إل إذا أنبممت المحامممد‪ ،‬وجلب السممعادة‪،‬‬
‫وأثمر عمل ً نافعاً‪.‬‬
‫َ ُ َ‬
‫ن‬ ‫ذي َُُُ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫ومممممما يحقممممق ذلك قوله _تعالى_‪َ [ :‬‬
‫مث‬
‫ر‬
‫ما ِ‬ ‫ل ال ْ ِ‬
‫ح َ‬ ‫ها ك َ َ‬
‫مث َ ِ‬ ‫ملُو َُُ‬
‫ح ِ‬ ‫م ل َُُ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫وَراةَ ث ُُُ َّ‬‫ملُوا الت َّ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ُ‬
‫فاراً ] (الجمعة‪.)5 :‬‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫م ُ‬
‫لأ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫فانظممر كيممف ذم الله الذيممن درسمموا التوراة‪ ،‬وأتوا‬
‫عليهمما تلوةً‪ ،‬ثممم أحجموا عممن العمممل بموجبهمما _فممي‬
‫ل الحمار يحممل‬ ‫مث َ َ‬
‫أسملوب بليمغ؛ فضرب فمي وصمفهم َ‬
‫السمممفار؛ ممممن حيمممث خلوهمممم عمممن المزيمممة‪ ،‬وعدم‬
‫اسممتحقاقهم للحاق بزمرة العلماء؛ إذ ل ميزة بيممن مممن‬
‫يحمل كتب الحكمة على غاربه وبين من يضعها داخل‬
‫صدره أو دماغه إذا صد َّ وجهه عن العمل بها‪.‬‬
‫وتنسممحب هذه المذمممة على كممل مممن حفممظ علماً‬
‫طاشممت بممه أهواؤه عممن اقتفائه بصممورة مممن العمممل‬
‫(‪)1‬‬
‫تطابقه‪.‬‬
‫‪ )(1‬انظر الفتاوى السعدية ص ‪ ،454_453‬وآثار الشيخ محمد البشير‬
‫‪ 3/157‬و ‪ ،163‬ومناهج الشرف للشيخ محمد الخضر حسين ص ‪_29‬‬
‫‪.30‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫قال اللبيري × في العلم‪:‬‬
‫وقال الناس إنممممك قممممد‬ ‫ل‬‫وإن أوتيممت فيممه طوي َ‬
‫سمممممممممممممممممممممممممبقت‬ ‫ع‬ ‫ٍممممممممممممممممممممممممممممم‬
‫ن سؤا َ‬ ‫با‬
‫بتوبي ٍخ علمت فهل عملتا‬ ‫عنه‬ ‫ل الله‬ ‫فل تأم ْ‬
‫وليمممس بأن يقال‪ :‬لقمممد‬ ‫س العلم تقوى الله‬ ‫فرأ ُمم‬
‫رأسممممممممممممممممممممممممممتا‬ ‫ً‬
‫العلما‬
‫ّمممممممممممممممممممممممممممم‬
‫إذاق مممممما لم يُفِدْك‬ ‫ح‬
‫ن لَوْ قَدْ‬
‫فخيٌر منممممه أ ْمممم‬
‫جهلتممممممممممممممممممممممممممما)‬
‫خيراً‬
‫(‪1‬‬
‫فهمتمممممممممممممممممممممممما‬ ‫ك فممي‬ ‫م َمم‬‫وإن ألقاك فَهْ ُ‬
‫مهاو‬
‫ٍ‬
‫قال الخطيممممممممب البغدادي ×‪= :‬فإن العلم شجرة‪،‬‬
‫والعمممل ثمرة‪ ،‬وليممس يعممد عالما ً مممن لم يكممن بعلمممه‬
‫(‪)2‬‬
‫عاملً‪.+‬‬
‫وقال‪= :‬فل تأنمس بالعممل مما دممت مسمتوحشا ً ممن‬
‫العلم‪ ،‬ول تأنممس بالعلم ممما كنممت مقصممرا ً فممي العمممل‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ل نصيبُك منهما‪.+‬‬ ‫ولكن اجمع بينهما وإن ق َّ‬
‫قال الشيمخ محممد البشيمر البراهيممي × فمي وصميته‬
‫للمعلميمن‪= :‬ثمم احرصموا على أن مما تلقونمه لتلمذتكمم‬
‫من القوال منطبقا ً على ما يرونه ويشهدونه منكم من‬
‫ف الحممس‪ ،‬طُلَعَ ٌ‬
‫ة‬ ‫العمال؛ فإن الناشممئ الصممغير مره ُمم‬
‫إلى مثممل هذه الدقائق التممي تغفلون عنهمما‪ ،‬ول ينالهمما‬
‫اهتمامكمم‪ ،‬وإنمه قوي الدراك للمعايمب والكمالت؛ فإذا‬
‫سنتم له الصبر‬ ‫زينتم له الصدق فكونوا صادقين‪ ،‬وإذا ح َّ‬
‫فكونوا من الصابرين‪.‬‬
‫واعلموا أن كمل نق شٍم تنقشونمه فمي نفوس تلمذتكمم‬
‫ممن غيمر أن يكون منقوشا ً فمي نفوسمكم‪ +‬فهمو زائل‪،‬‬

‫‪ )(1‬ديوان أبي إسحاق اللبيري ص ‪.27‬‬


‫‪ )(2‬اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي ص ‪.14‬‬
‫‪ )(3‬اقتضاء العلم العمل ص ‪.14‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وأن كل صبغ تنفضونه على أرواحهم من قبل أن يكون‬
‫متغلغل ً فمي أرواحكمم_ فهمو ل محالة ناصمل حائل‪ ،‬وأن‬
‫كل سحر تنفثونه؛ لستنزالهم غير الصدق _فهو باطل‪.‬‬
‫أل إن رأس مال التلميممذ هممو ممما يأخذه عنكممم مممن‬
‫الخلق الصالحة بالقدوة‪ ،‬وأما ما يأخذه عنكم بالتلقين‬
‫(‪)1‬‬
‫من العلم والمعرفة فهو ربح وفائدة‪.+‬‬
‫وقال فمي موطمن آخمر‪= :‬وأعيذكمم بالله يما أبنائي أن‬
‫تجعلوا اعتمادكمممم فمممي تربيمممة الصمممغار للرجولة على‬
‫البراممج والكتمب؛ فإن النظمم الليمة ل تبنمي عالماً‪ ،‬ول‬
‫تكوُّن أمة‪ ،‬ول تجدد حياة‪.‬‬
‫وإنمما همي ضوابمط وأعلم ترشمد إلى الغايمة‪ ،‬وتعيمن‬
‫ي‪.‬‬‫على الوصول إليها من طريق قاصد‪ ،‬وعلى نهج سو ٍ ّ‬
‫أممما العمدة الحقيقيممة فممي الوصممول إلى الغايممة مممن‬
‫التربيممة _فهممي ممما يفيممض مممن نفوسممكم على نفوس‬
‫تلميذكمم الناشئيمن ممن أخلق طاهرة قويممة يحتذونكمم‬
‫فيهما‪ ،‬ويقتبسمونها منكمم‪ ،‬ومما تبثونمه فمي أرواحهمم ممن‬
‫قوة عزم‪ ،‬وفممي أفكارهممم مممن إصممابة وتسممديد‪ ،‬وفممي‬
‫نزعاتهم من إصلح وتقويم‪ ،‬وفي ألسنتهم من إفصاح‬
‫وإبانة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وكل هذا مما ل تغني فيه البرامج غناء‪.+‬‬
‫وقال ×‪= :‬كونوا لتلميذكممممم قدوة صممممالحة فممممي‬
‫العمال‪ ،‬والحوال‪ ،‬والقوال‪ ،‬ل يرون منكمم إل الصمالح‬
‫ممن العمال والحوال‪ ،‬ول يسممعون منكمم إل الصمادق‬
‫من القوال‪.‬‬

‫‪ )(1‬عيون البصائر ص ‪.291‬‬


‫‪ )(2‬آثار الشيخ محمد البشير البراهيمي ‪.3/163‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وإن الكذب فمممي الحوال أضمممر على صممماحبه وعلى‬
‫المممة مممن الكذب فممي القوال؛ فالقوال الكاذبممة قممد‬
‫يُحترز منهممما‪ ،‬أمممما الحوال الكاذبمممة فل يمكمممن منهممما‬
‫(‪)1‬‬
‫الحتراز‪.+‬‬
‫وبعد هذا قد تقول _أيها المعلم الكريم_‪ :‬أن َّى لي أن‬
‫أكون قدوة ً وأنما مقصمر فمي نفسمي؟ وكيمف وأنما أعانمي‬
‫مممن بعممض النقائص ونفسممي تميممل بطبعهمما إلى بعممض‬
‫الخلق المرذولة؟‬
‫ل نفسمي بعمد؟ أل‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫وكيمف أنصمح للطلب وأنما لم أك ِّ‬
‫أخشمى أن أدخمل فمي وعيمد الله بقوله _عمز وجمل_‪[ :‬ي َا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن كَبَُر‬ ‫علُو َ‬‫ف َ‬‫ما ل ت َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قولُو َ‬
‫م تَ ُ‬‫منُوا ل ِ َ‬ ‫ن آَ َ‬‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫أي ُّ َ‬
‫عنْد الل ّ َ‬
‫ن] (الصف‪:‬‬ ‫علُو َ‬ ‫ما ل ت َ ْ‬
‫ف َ‬ ‫قولُوا َ‬ ‫ن تَ ُ‬‫هأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫قتا ً ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫‪.)3_2‬‬
‫أليس الحكيم العربي يقول‪:‬‬
‫هل لنفسمممممممممك كان ذا‬ ‫ل المعلم‬ ‫يممما أيهممما الرج ُ‬
‫م‬
‫ُممممممممممممممممممممممممم‬ ‫التعلي‬ ‫غيَره‬
‫ممت‬ ‫وتعالج المرضمممى وأنم‬ ‫تصف الدواء وأنت أولى‬
‫سممممممممممممممممممممممممممقيم‬ ‫بالدوا‬
‫فإذا انتهممت عنممه فأنممت‬ ‫ابدأ بنفسمك فانههما عمن‬
‫حكيممممممممممممممممممممممممممم)‬ ‫غيهممممممممممممممممممممممممممما‬
‫(‪2‬‬
‫التعليممممممممممممممممممممممم‬ ‫فهناك تعدل إن وعظمت‬
‫ويقتدى‬

‫‪)(1‬آثار الشيخ محمد البشير البراهيمي ‪.3/165‬‬


‫‪ )(2‬هذه البيات مختلف فممي نسممبتها؛ فهممي تنسممب لبممي السممود‬
‫الدؤلي‪ ،‬وتنسممب للمتوكممل الليثممي‪ ،‬وتنسممب إلى سممابق البربري‪،‬‬
‫وتنسب إلى أبي بكر العزرمي‪.‬‬
‫انظمر جمهرة المثال للعسمكري ‪ ،2/38‬وخزانمة الدب ‪ ،3/618‬وحليمة‬
‫‪،1/413‬‬ ‫المحاضرة ‪ ،1/305‬والغانمممي ‪ 12/188‬وبهجمممة المجالس‬
‫والحماسة البصرية ‪ ،2/15‬وقول على قول ص ‪.154‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫والجواب عمممن ذلك أن يقال لك‪ :‬ليمممس ممممن شرط‬
‫ة؛ فالعصمممة إنممما هممي للنممبياء _عليهممم‬ ‫القدوةِ العصممم ُ‬
‫السلم_ فيما يبلغون به عن ربهم‪.‬‬
‫ول يضيرك تقصميرك مما دممت مخلصما ً فمي نصمحك‪،‬‬
‫حريصمما ً على تكميممل نفسممك وغيرك؛ فالسممعي فممي‬
‫التكميمممل كمال‪ ،‬وممممن الذي يخلو ممممن النقائص؟ فأي‬
‫الرجال المهذب؟‬
‫(‪)1‬‬
‫معايبمممممممممممممممممممممممه‬ ‫وممممن ذا الذي ترضمممى‬
‫كلهمممممممما بحجة التقصير لما بقي ناصح‬ ‫سممممممممجاياه‬
‫الناس النصح‬ ‫ولو ترك‬
‫على وجمه الرض‪ ،‬ولو كان ممن شرط القدرة العصممة‬
‫لما بقي للناس قدوة بعد النبياء عليهم السلم‪.‬‬
‫فممن يعمظ العاصمين بعمد‬ ‫ظ فممي الناس‬ ‫إذا لم يعِمم ْ‬
‫محمممممممممممممممممممممممممممد‬
‫ُ‬ ‫ممممممن همممممو مذنمممممب‬
‫م الخيممر‬‫ض على الناس تَعَل ّمم ُ‬ ‫قال ابممن حزم × =فَْر ٌمم‬
‫والعمل به؛ فمن جمع المرين فقد استوفى الفضيلتين‬
‫م ُهم ولم يعممل بمه فقمد أحسمن فمي التعليمم‬ ‫معاً‪ ،‬وممن عَل ِ َ‬
‫وأسماء فمي ترك العممل بمه‪ ،‬فخلط عمل ً صمالحا ً وآخمر‬
‫(‪)2‬‬
‫سيئاً‪.+‬‬
‫ه عمن الشمر إل ممن ليمس فيمه منمه‬ ‫وقال‪= :‬ولو لم يَن ْم َ‬
‫شيمء‪ ،‬ول أممر بالخيمر إل ممن اسمتوعبه _لمما نهمى أحدٌ‬
‫عمن شمر‪ ،‬ول أممر بخيمر بعمد النمبي " وحسمبك بممن أدَّى‬
‫(‪)3‬‬
‫م حال‪.+‬‬ ‫رأيه إلى هذا فساداً‪ ،‬وسوءَ طبٍع‪ ،‬وذ َّ‬
‫وقال‪= :‬وقد صح عن الحسن أنه سمع إنسانا ً يقول‪:‬‬
‫ل يجب أن ينهى عن الشر إل من ل يفعله‪.‬‬

‫‪ )(1‬ديوان بشار بن برد ص ‪.45‬‬


‫‪ )(2‬الخلق والسير ص ‪.92‬‬
‫‪ )(3‬الخلق والسير ص ‪.92‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫فقال الحسمن‪ :‬ود َّ إبليمس لو ظفمر منما بهذه؛ حتمى ل‬
‫(‪)1‬‬
‫ينهى أحد عن منكر‪ ،‬ول يأمر بمعروف‪.+‬‬
‫ثممم إن ميممل النسممان بطبعممه إلى بعممض النقائص ل‬
‫ينافمممي التقوى إذا كان ل يغشمممى تلك النقائص‪ ،‬وكان‬
‫يجاهد نفسه على بغضها‪.‬‬
‫قال ابن حزم ×‪= :‬ل عيب على من مال بطبعه إلى‬
‫بعمض القبائح ولو أنمه أشمد العيوب‪ ،‬وأعظمم الرذائل مما‬
‫لم يظهره بقول أو فعل‪.‬‬
‫بل يكاد يكون أحمد ممن أعانه طبعه على الفضائل‪.‬‬
‫ول تكون مغالبممة الطبممع الفاسممد إل عممن قوة عقممل‬
‫(‪)2‬‬
‫فاضل‪.+‬‬
‫وممع ذلك فكلمما اقتربمت ممن الكمال‪ ،‬وحرصمت على‬
‫التخلص ممن النقائص _عظمم القتداء بمك‪ ،‬وزاد النتفاع‬
‫بحكمتمك؛ فل يعنمي مما سمبق أن تبقمى على عيوبمك دون‬
‫سمممعي لعلجهممما‪ ،‬ودون مجاهدة للترقمممي فمممي مدارج‬
‫الكمال‪.‬‬
‫‪ _9‬المانة العلمية‪:‬‬
‫=فالمانمة العلميمة زينمة العلم‪ ،‬وروحمه الذي يجعله‬
‫زاكي الثمر‪ ،‬لذيذ المطعم‪.‬‬
‫َ‬
‫وإذا قل ّمبت النظمر فمي تراجمم رجال العلم رأيمت بيمن‬
‫العالم الميممن وقرينممه غيممر الميممن بونا ً شاسممعاً‪ ،‬ترى‬
‫الول فمي مكانمة محفوفمة بالوقار‪ ،‬وانتفاع الناس منمه‬
‫في ازدياد‪.‬‬
‫وترى الثانمي فمي منزلة صماغرة‪ ،‬ونفوس طلبمة العلم‬
‫(‪)3‬‬
‫منصرفة عن الخذ منه أو متباطئة‪.+‬‬
‫‪ )(1‬الخلق والسير ص ‪.93‬‬
‫‪ )(2‬الخلق والسير ص ‪.79‬‬
‫‪ )(3‬رسائل الصلح ‪.1/15‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫فالرجممممل الذي يكون على جانممممب مممممن العلم‪ ،‬ول‬
‫يتصممرف فيممه بأمانممة حصممينة _ يرمقممه الناس بازدراء‪،‬‬
‫وتذهمب ثقتهمم بمه‪ ،‬فل يكادون ينتفعون بمما يمكنهمم أن‬
‫ينتفعوا به من معلوماته الصحيحة‪.‬‬
‫ولمما كان المعلم منمبريا ً لتعليمم الطلب والجابمة عمن‬
‫أسممئلتهم _كان لزاما ً عليممه أن يأخممذ نفسممه بالمانممة‬
‫العلمية؛ فإذا سئل عما يعلم أجاب بكل أمانة ووضوح‪.‬‬
‫وإذا سمئل عمما ل يعلم توقمف عمن الجابمة بأن يقول‪:‬‬
‫ل أدري‪ ،‬أو لعلي أراجممع المسممألة‪ ،‬أو أتأكممد منهمما‪ ،‬أو‬
‫أسأل عنها‪ ،‬أو نحو ذلك‪.‬‬
‫فالمعلم قمد يقمع فمي حال يرى أن العتراف بالجهمل‬
‫يذهمب بشيمء ممن احترام سمائليه‪ ،‬فيقمف بيمن داعييمن‪:‬‬
‫فضيلة المانممة تدعوه إلى أن يقول‪ :‬ل أدري‪ ،‬وحرصممه‬
‫مه في نفوس سائليه غ ير منقوص‬ ‫على أن يبقى احترا ُم‬
‫يدعوه إلى أن يستمد من غير الحقيقة جواباً‪.‬‬
‫وفمممي مثمممل هذه الحال يظهمممر مقدار صممملة المعلم‬
‫بالمانمة العلميمة؛ فإن كان راسمخا ً فيهما رسموخ الجبمل‬
‫تشتممد بممه العواصممف فل تزحزحممه قيممد شعرة _أجاب‬
‫داعيهما‪ ،‬واسمتيقن أن الحترام الحمق فمي الوقوف عنمد‬
‫حدودها‪.‬‬
‫وإن كانمت المانمة كلممة يقولهما بفممه‪ ،‬ويسممعها بأذنمه‬
‫دون أن تتخلل مسلك الروح منه _آثر لذة الحترام في‬
‫ذلك المشهد‪ ،‬وأجاب بما ليس له به علم‪.‬‬
‫ثم إذا أبديت في العلم لطلبك رأياً‪ ،‬ثم أراك الدليل‬
‫القاطممع أو الراجممح أن الحممق فممي غيممر ممما أبديممت _فل‬
‫تسمتوحش ممن الرجوع إلى الحمق؛ فلك فمي ذلك سملف‬
‫رفمع الله ذكرهمم‪ ،‬وكان ممما رفعهمم بمه وقوفُمهم عنمد‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫حدود المانمممة؛ فمقتضمممى المانمممة _والحالة هذه_ أن‬
‫تصمدع بمما اسمتبان لك أنمه الحمق‪ ،‬ول يمنعمك ممن الجهمر‬
‫بمه أن تنسمب إلى سموء النظمر فيمما رأيتمه سمالفاً؛ فمما‬
‫أنت إل بشر‪ ،‬وما كان لبشر أن يبرأ نفسه من الخطأ‪،‬‬
‫ً (‪)1‬‬
‫ي أنه لم يقل ولن يقول في حياته إل صوابا‪.‬‬ ‫ويدع َ‬
‫عه‬ ‫هذا وإن فمي توقمف النسمان عمما ل يعلم‪ ،‬ورجو ِم‬
‫(‪)2‬‬
‫إلى الحق إذا تبين _فوائد كثيرة منها‪:‬‬
‫أ_ أن هذا هُو الواجُب عليُه‪ :‬قال الله _تعالى_‪:‬‬
‫ع‬‫م َ‬‫س ْ‬‫ن ال ّ َُ‬ ‫م إ ِ ُ َّ‬‫عل ْ ُ ٌ‬‫ه ِ‬‫ك بُِ ِ‬‫س لَُ َ‬ ‫ما لَي ْ ُ َ‬ ‫ف َُ‬‫ق ُُ‬ ‫ول ت َ ْ‬ ‫[ َ‬
‫ولَئ ُُُُِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ؤادَ ك ُ ُّ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫ه‬
‫عن ُُُُْ ُ‬ ‫ن َ‬‫ك كَا َُُُُ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫والْب َُُُُ َ‬
‫صَر َ‬ ‫َ‬
‫سئُول ](السراء‪.)36 :‬‬ ‫ً‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ولهذا كانت المانة العلمية هي التي تحمل كبار أهل‬
‫العلم على أن يعلنوا في الناس رجوعهم عن كثير من‬
‫الجتهادات إذا تبينوا أنهم لم يقولوا فيها قول ً سديداً‪.‬‬
‫ق العظيممم ي ُممسأل عممما ل‬ ‫وكذلك فإن العالم ذا ال ُ ُمم‬
‫خل ِ‬
‫يعلم فل يجد في صدره حرجا ً أن يقول‪ :‬ل أدري‪.‬‬
‫وهذه سميرة علمائنما الجلء؛ يلقمى على الواحمد منهمم‬
‫ل فمي العلم الذي عل فيمه كعبمه‪ ،‬فإن لم يحضره‬ ‫السمؤا ُ‬
‫الجواب أطلق لسمانه بكلممة ل أدري غيمر متسمنكف ول‬
‫ل بما يكون لها من أثر في نفوس السامعين‪.‬‬ ‫مبا ٍ‬
‫وذلك كمال ل تحرص عليه إل نفوس زكية‪ ،‬قد ذللت‬
‫لها سبل المكارم تذليلً‪.‬‬
‫ب_ أن ذلك يفتح له باب العلم‪ :‬فإذا توقف في‬
‫جعتمه همو‪ ،‬أو‬ ‫مَرا َ‬‫ن ُ‬ ‫م ْم‬ ‫المسمألة أسمرع إليمه الجواب‪ ،‬إمما ِ‬
‫مممن مراجعممة غيره؛ فإن المتعلم إذا رأى معلمممه قممد‬
‫‪ )(1‬انظر رسائل الصلح ‪.17_1/16‬‬
‫‪ )(2‬انظممر تذكرة السممامع والمتكلم ص ‪ ،79_78‬والفتاوى السممعدية‬
‫ص ‪ ،453_452‬ورسائل الصلح ‪.21_1/17‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫توقمف فمي مسمألة مما _جد َّ واجتهمد فمي تحصميل علمهما؛‬
‫لتحاف معلمه بها‪ ،‬وما أحسن هذا الثر‪.‬‬
‫ة للقدر‪ :‬فإذا توقمف عمما‬ ‫جُُ _ أن فُي ذلك رفع ً‬
‫ل يعلممه‪ ،‬أو رجمع إلى الحمق بعمد أن تمبين له _كان ذلك‬
‫دليل ً على ثقته وأمانته فيما يجزم به من المسائل‪.‬‬
‫م على الكلم فيممما ل‬ ‫كممما أن مممن عرف منممه القدا ُ م‬
‫يعلم كان ذلك داعيا ً للَّريمب فمي كمل مما يتكلم بمه حتمى‬
‫في المور الواضحة‪.‬‬
‫وبتوقممف المعلم عممما ل يعلم يعلو قدره‪ ،‬وتزيممد ثقممة‬
‫الناس به‪.‬‬
‫سئِل فقال‪ :‬ل أدري خيممر مممن أن يقال‪:‬‬ ‫ن يقال‪ُ :‬م‬
‫ول ْم‬
‫سئل فقال خطلً‪ ،‬أو روى ما لم يكن واقعاً‪.‬‬
‫عممن ابممن عباس _رضممي الله عنهممما_‪= :‬إذا أخطممأ‬
‫(‪)1‬‬
‫العالم (ل أدري) أصيبت مقاتله‪.+‬‬
‫ونظمها بعضهم بقوله‪:‬‬
‫ويكره (ل أدري) أصمميبت‬ ‫وممن كان يهوى أن يَُرى‬
‫ً‬
‫مقاتلهقول المسممؤول (ل‬ ‫متصممممممممممممممممممممممدرا =اعلم أن‬
‫قال ابممن جماعممة ×‪:‬‬
‫أدري) ل يضمع ممن قدره كمما يظمن بعمض الجهلة‪ ،‬بمل‬
‫يرفعمه؛ لنمه دليمل عظيمم على عظمم محله‪ ،‬وقوة دينمه‪،‬‬
‫وتقوى ربممه‪ ،‬وطهارة قلبممه‪ ،‬وكمال معرفتممه‪ ،‬وحسممن‬
‫تثبته‪ ،‬وقد روينا ذلك عن جماعة من السلف‪.‬‬
‫وإنمما يأنمف ممن قول (ل أدري) ممن ضعفمت ديانتمه‪،‬‬
‫َ‬
‫وقل ّت معرفتمممه؛ لنمممه يخاف سمممقوطه ممممن أعيمممن‬
‫الحاضرين‪.‬‬

‫‪ )(1‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.78‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وهذه جهالة ورقممة ديممن‪ ،‬وربممما يشهممر خطؤه بيممن‬
‫الناس‪ ،‬فيقمع فيمما فَّر منمه‪ ،‬ويتصمف عندهمم بمما احترز‬
‫(‪)1‬‬
‫عنه‪.+‬‬
‫د_ أن فُُُي ذلك إرشادا ً للمتعلميُُُن‪ ،‬وتربي ً‬
‫ة‬
‫لهُم‪ :‬فإذا رأى المتعلمون ممن المعلم التوقمف فيمما ل‬
‫يعلم _كان ذلك تعليماً‪ ،‬وإرشادا ً لهمم؛ كمي يسملكوا هذه‬
‫الطريقة بل تحرج‪.‬‬
‫والقتداء بالحوال والعمال أبلغ مممممممممممممن القتداء‬
‫ب العلم عمما‬ ‫بالقوال؛ فإذا فات المعلم أن يجيمب طال َم‬
‫ه أن يعلمه خلقا ً شريفا ً وهو أل يتحدث في‬ ‫سأله لم يَفُت ْ ُ‬
‫العلم إل عممن علم وبصمميرة؛ فيسمملم بذلك مممن الثممم‪،‬‬
‫ويرفع مقامه من أن يرمى بضعف الرأي وقلة المانة‪.‬‬
‫قال ابمن جماعمة ×‪= :‬وقيمل‪ :‬ينبغمي للعالم أن يورث‬
‫(‪)2‬‬
‫أصحابه (ل أدري)؛ لكثرة ما يقولها‪.+‬‬
‫ولهذا فإن المسممائل التممي قال فيهمما كبار العلماء (ل‬
‫ة في الكثرة ما ل يحيط به حساب‪.‬‬ ‫أدري) بالغ ٌ‬
‫سل‬ ‫ُ‬
‫سأل رجل مالك بن أنس عن مسألة وذكر أنه أْر ِ‬
‫فيها مسيرة أشهر من المغرب‪.‬‬
‫فقال‪ :‬أخممبر الذي أرسمملك أنممه ل علم لي بهمما‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ومن يعلمها؟ قال‪ :‬من علمه الله‪.‬‬
‫وسأله آخر عن مسألة استودعه إياها أهل المغرب‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ما أدري ما هي‪.‬‬
‫فقال الرجل‪ :‬يا أبا عبدالله‪ ،‬تركت خلفي من يقول‪:‬‬
‫ليس على وجه الرض أعلم منك‪.‬‬

‫‪ )(1‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.79‬‬


‫‪ )(2‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.78‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫فقال مالك غير مستوحش‪ :‬إذا رجعت فأخبرهم أني‬
‫ل أحسن!‪.‬‬
‫وقال الكاتبون فمممي سممميرته‪ :‬لو شاء رجمممل أن يمل‬
‫صحيفته من قول مالك‪ :‬ل أدري لفعل‪.‬‬
‫وممن شواهمد أمانمة محممد بمن العرابمي أن محممد بمن‬
‫حمبيب سمأله فمي مجلس واحمد عمن بضمع عشرة مسمألة‬
‫ماح‪ ،‬فكان يقول‪ :‬ل أدري‪ ،‬ولم أسممع‪،‬‬ ‫ممن شعمر الط ِّرِ َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫أفأحدس لك برأيي‪.‬‬
‫فإذا كانمممت المانمممة فمممي العلم منبمممع حياة الممممم‪،‬‬
‫وأساس عظمتها _زيادة على أنها الخصلة التي تكسب‬
‫صمماحبها وقارا ً وجللة _كان حقا ً علينمما أن نربممي نشأنمما‬
‫من طلب العلم على المانة‪ ،‬وأن نتخذ كل وسيلة إلى‬
‫أن نخرجهممم أمناء فيممما يروون أو يصممفون‪ ،‬وذلك بأن‬
‫نتحرى المانممة فيممما نروي‪ ،‬ول نجيممب سممؤالهم إل بممما‬
‫ندري أو بقولنا‪ :‬ل ندري‪.‬‬
‫ستَبَنَّا بعد ُ أنمه مأخوذ ممن غيمر أصمل‬‫وإذا أوردنما رأيا ً ا ْم‬
‫قلنا لهمم فمي صراحة‪ :‬قمد أخطأنا فمي الفهم‪ ،‬أو خرجنا‬
‫على ما تقتضيه أصول العلم‪.‬‬
‫ة سمير‬ ‫ثمم علينما بعمد أن نقوم بحمق المانمة _ملحظ ُ‬
‫الطلب‪ ،‬فإذا وقعوا فيممما يدل على أنهممم غافلون عممن‬
‫رفعة شأن المانة‪ ،‬وغزارة فوائدها _أرشدناهم إلى أن‬
‫العلم بغيمر أمانمة شمر ممن الجهمل‪ ،‬وأن ذكاءً ل يصماحبه‬
‫صدق اللهجة نكبة في العقل‪.‬‬
‫قال شوقي‪:‬‬
‫ق‬ ‫جدُوهممم كَهْ م َ‬
‫ف الحقو ِ م‬ ‫تَ ِ‬ ‫ف‬
‫ربوا على النصمممممممما ِ‬
‫كهول‬ ‫ن الحمممممممممى‬ ‫فتيا َمممممممم‬

‫‪ )(1‬انظر رسائل الصلح ‪.1/18‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وهمو الذي يبنمي النفوس‬ ‫فهمو الذي يبنمي الطباع َم‬
‫عدولً‬ ‫ة‬
‫قويم ً‬
‫(‪)1‬‬
‫أصمممممممممممممممممممممممميل‬ ‫ج‬ ‫ِم‬ ‫أعو‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫م‬‫َ‬ ‫منطق‬ ‫ويقيمم‬
‫ق‬ ‫ٍمممممممممممممممممممممممم‬ ‫منط‬
‫العلماء‪:‬‬ ‫‪ _10‬احترام‬
‫ة لراء العلماء‪،‬‬ ‫فَيَرِد ُ فمممممممممممي الدرس كثيرا ً مناقش ٌ‬
‫واجتهاداتهمممم على اختلف مآخذهمممم واسمممتنباطاتهم؛‬
‫فجديمر بالمعلم أن يحترم آراء العلماء؛ ليتربمى الطلب‬
‫على محبمممممة العلم والعلماء‪ ،‬ولكمممممي يعرفوا للرجال‬
‫أقدارهم‪.‬‬
‫ول يعني احترام آراء العلماء أخذها بالقبول والتسليم‬
‫على أي حال‪ ،‬وإنمممما يراد بذلك عرضهممما بتثبمممت على‬
‫ميزان البحث العلمي الصحيح‪ ،‬ثم الفصل فيها من غير‬
‫تطاول عليهممما‪ ،‬ول انحراف عمممن سمممبيل الدب فمممي‬
‫تفنيدها‪.‬‬
‫فالفطر السليمة والنفوس الزاكية ل تجد من القبال‬
‫على حديث من يستخفه الغرور بما عنده مثل ما تجد‬
‫ن أحسن الدرس أدبه‪ ،‬وهذب‬ ‫م ْ‬
‫ث َ‬ ‫من القبال على حدي ِ‬
‫الدب منطقه‪.‬‬
‫وإذا كان الستاذ كمدرسة يتخرج في مجالس درسه‬
‫خلق كثيمر _فحقيمق عليمه أن يكون المثال الذي يشهمد‬
‫فيمممه الطلب كيمممف تناقمممش آراء العلماء ممممع صممميانة‬
‫ب بالنفس‪،‬‬ ‫جر القول الذي هو أثر العجا ِ‬ ‫اللسان من ه ُ ْ‬
‫ب بالنفمممس أثمممر ضعمممف لم تتناولْه التربيمممة‬ ‫والعجا ُممم‬
‫(‪)2‬‬
‫بتهذيب‪.‬‬
‫‪ _11‬البعد عن مواطن الّريب‪:‬‬

‫‪ )(1‬الشوقيات ‪.1/182‬‬
‫‪)(2‬انظر رسائل الصلح ‪.1/89‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫فأحرِ بالمعلم أن يعمز نفسمه‪ ،‬وأن يصمون علممه‪ ،‬وأن‬
‫يجانب مواطن الّريب‪ ،‬وأن يرتفع عن مواطن المهانة‪،‬‬
‫ت الخنمما‬ ‫فل يغشممى مجالس السممفل‪ ،‬ول يرتاد َ منتديا ِمم‬
‫والزور‪ ،‬ول يسمير إل على وفمق مما تمليمه عليمه المروءة‬
‫والحكمة‪.‬‬
‫قال الشيمخ محممد البشيمر البراهيممي × فمي وصماياه‬
‫للمعلميمن‪= :‬وأوصميكم باتقاء مواطمن الشبمه‪ ،‬واجتناب‬
‫مصممارع الفضيلة‪ ،‬وبإجرار اللسممنة عممن مراتممع الغيبممة‬
‫والنميمممة‪ ،‬وفطمهمما عممن مراضممع اللغممو واللجاج؛ فهممي‬
‫(‪)1‬‬
‫مفتاح باب الشر‪ ،‬وثقاب نار العداوة والبغضاء‪.+‬‬
‫وقال‪= :‬إن العاممة التمي ائتمنتكمم على أبنائهما تنظمر‬
‫إلى أعمالكم بالمرآة المكبرة؛ فالصغيرة من أعمالكم‬
‫كمبيرة‪ ،‬والخافتمة ممن أقوالكمم تسممعها جهيرة؛ فاحذروا‬
‫(‪)2‬‬
‫ثم احذروا‪.+‬‬
‫ولئن كانمت عزة النفمس جميلة رائعمة ممن كمل أحمد‬
‫ي من أهل العلم أجمل وأروع‪.‬‬ ‫فَلَهِ َ‬
‫ة من كل أحد _فلهمي من‬ ‫ة مطلوب ً‬ ‫ولئن كانت مرغوب ً‬
‫أهل العلم أولى وأحرى‪.‬‬
‫م‪ ،‬وأجدر بذي‬ ‫م‪ ،‬فرفممع العل َ م‬ ‫فأكرم بمممن رفعممه العل ُ م‬
‫العلم أن يكون ذا نفممس زكيممة‪ ،‬وسمماحة طاهرة نقيممة؛‬
‫حتى ل يكون الخلل حائل ً بينه وبين هداية الناس‪.‬‬
‫ورحمم الله القاضمي علي بمن عبدالعزيمز الجرجانمي إذ‬
‫يقول في عزة أهل العلم‪:‬‬
‫رأوا رجل ً عمممن موقمممف‬ ‫يقولون لي‪ :‬فيممممممممممك‬
‫أحجممممممممممممممممممما‬ ‫ْ‬ ‫الذ ِّ‬
‫ل‬ ‫وإنممممممممما‬ ‫ض‬
‫ٌمممممممم‬ ‫انقبا‬
‫س‬
‫ِ‬ ‫النف‬ ‫ُ‬ ‫ة‬ ‫عز‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫مت‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫أك‬ ‫ومن‬ ‫مم‬ ‫م‬ ‫داناه‬ ‫من‬‫م‬ ‫م‬ ‫الناس‬ ‫أرى‬
‫أُكْرِممممممممممممممممممممممممممما‬ ‫هان عندهمممممممممممممممممم‬
‫‪ )(1‬عيون البصائر ‪.291‬‬
‫‪ )(2‬عيون البصائر ‪.292‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ه لي‬ ‫بدا طمعممممٌ صي َّرت ُ‬ ‫ض حق َّ العلم ِ إن‬ ‫ولم أق ِ‬
‫َمممم ْ ُ َّ‬
‫ما‬ ‫سمممممممممممممممممممممممممممل‬
‫ول ك ُّ‬ ‫كلمممممممممممممممممممممما‬ ‫كان‬
‫وممممممما ك ُّ‬
‫قيمممممت‬ ‫نل‬
‫م ْممممم‬‫ل َ‬ ‫ق لح‬ ‫ٍمممممم‬ ‫بر‬ ‫ل‬
‫أرضاه منعمممممممممممممممممما‬ ‫ولك َ‬ ‫يسممممممممممممممممممممتفزني‬
‫إذا قيمل‪ :‬هذا منه ٌ‬
‫سم الحّرِ تحتممل‬ ‫نّم نف َ‬ ‫ل قلت‬
‫الظممممممممممممممممممممممممممما‬ ‫رى‬ ‫ُقمممممممممممممممممممممممد أ َ‬
‫م‬
‫ل العِدا في َممم‬ ‫ة أقوا ِ‬ ‫مخاف َ‬ ‫أنَهْنِهُهَما عمن بعمض مما ل‬
‫أولمممممممممممممممممممممممممممما‬ ‫يشينهمممممممممممممممممممممممما‬
‫ت لكمن‬ ‫ن ل قي ُم‬ ‫م ْم‬‫م َ‬ ‫خدِم َ‬ ‫ِل ْ‬ ‫ولم أبتذل فمممي خدممممة‬
‫خدمممممممممممممممممممممممممما‬ ‫َ‬ ‫ل ْ‬‫ُ‬ ‫مهجتمممممممممممممممي‬ ‫العلم‬
‫ولو عظ ّموه في النفوس‬ ‫أأشقى به غرسا ً وأجنيه‬
‫َ ّمممممممممممممممممممممممممَ‬
‫ما)‬ ‫لعَظ‬ ‫ة؟‬
‫ذل ً‬
‫(‪1‬‬
‫جهّمممممممممممممممممممممممَما‬ ‫تَ َ‬ ‫ن أهانوه فهانوا‬ ‫ولك ْممممممم‬
‫ودنسممممممممممممممممممممممموا‬
‫‪ _12‬ولزملئك عليك حق‪:‬‬
‫فمن حق زملئك عليك أن تَقْدُرهم حق قدرهم‪ ،‬وأن‬
‫تنصح لهم‪ ،‬وتحب لهم ما تحبه لنفسك‪ ،‬وتكره لهم ما‬
‫تكره لنفسك‪.‬‬
‫قال عليممه الصمملة والسمملم‪= :‬ل يؤمُُن أحدكُُم‬
‫(‪)2‬‬
‫حتى يحب لخيه ما يحب لنفسه‪.+‬‬
‫ومن حقهم أن تزيد في الجلل والتقدير من يكبرك‬
‫في السن والعلم‪ ،‬خصوصا ً مممن لهم فضل عليمك في‬
‫تعليمممك وتوجيهممك؛ فلهؤلء حممق خاص‪ ،‬وقيامممك بهذا‬
‫الحق دليل على نبلك وكرم أخلقك‪.‬‬
‫ومن حقهم عليك أن ترفع من أقدارهم‪ ،‬وأل تذكرهم‬
‫إل بخيممر‪ ،‬وأن تحسممن العشرة إذا اجتمعممت بهممم‪ ،‬وأن‬
‫تحفظ العهد والغيب إذا فارقتهم‪.‬‬

‫‪ )(1‬أدب الدنيا والد ين للماوردي ص ‪ ،83‬والبداية والنهاية لبن كثير‬


‫‪ ،11/355‬وخاص الخاص للثعالبي ص ‪.229_228‬‬
‫‪ )(2‬رواه البخاري ‪ ،1/9‬ومسلم (‪.)45‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ومممممن حقهممممم أن تدعممممو لهممممم‪ ،‬وأن تحرص على‬
‫مناصممحتهم‪ ،‬وعلى سممتر عيوبهممم‪ ،‬وأن يكون صممدرك‬
‫سليما ً لهم‪.‬‬
‫وممن حقهمم أن تقبمل نصميحتهم‪ ،‬وأن تحسمن الظمن‬
‫بهممم‪ ،‬وأن تحمممل كلمهممم على أحسممن المحامممل‪ ،‬وأن‬
‫تقيمل عثراتهمم إذا أخطأوا‪ ،‬وأن ل تعجمل بمعاتبتهمم إذا‬
‫زلوا‪.‬‬
‫على سمممممنن الطريمممممق‬ ‫ه‬
‫ل ذا الودِّ عثرت َه وقِف ْ ُ‬ ‫أقِ ْ‬
‫ه‬
‫المسمممممممممممممممممممتقيم ْْ‬
‫ه‬ ‫ه سمليم‬‫فقمد يهفمو وَنِيَّت ُم ُ‬ ‫معْتَبَةٍ إليمممه‬
‫ول تسمممرع ب ِ َ‬
‫وممن حقهمم أن تبادرهمم بالسملم‪ ،‬وأن ترد عليهمم إذا‬
‫حيوك بمثلها أو بأحسن منها‪.‬‬
‫ومممن حقهممم أن تحترم تخصممصاتهم وعلومهممم‪ ،‬وأل‬
‫تتدخممل فممي شؤونهممم الخاصممة التممي يكرهون أن يطلع‬
‫عليها أحد غيرهم‪.‬‬
‫وممممن حقهمممم أل تنتقمممد أحدا ً منهمممم أمام الطلب ل‬
‫تصممريحا ً ول تلميحاً؛ لن انتقادهممم أمام الطلب مدعاة‬
‫لزهد الطلب بكم جميعاً‪.‬‬
‫بممل اللئق بممك أن تذكرهممم بخيممر أمام الطلب‪ ،‬وأل‬
‫تسممح لحمد ممن الطلب أن ينال ممن أحمد ممن زملئك؛‬
‫فذلك أهيب لكم‪ ،‬وأرفع لقدركم‪.‬‬
‫ومن حقهم أن تحرص على جمع كلمتهم كما سيأتي‪.‬‬
‫وإن رأيمت ممن أحمد زملئك نشاطا ً فش ِّ‬
‫جعْمه‪ ،‬ونافسمه‬
‫في الخير‪.‬‬
‫وإن رأيمممت كسمممل ً وخمول ً فخمممذ بيده‪ ،‬واحرص على‬
‫نصحه‪ ،‬ول تجاره في صنيعه‪.‬‬
‫‪_13‬التعاون على البر والتقوى‪ :‬فممن أعظمم مما‬
‫يجمممب على المعلميمممن أن يتعاونوا على البر والتقوى‪،‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وأن يتواصوا بالحق وبالصبر‪ .‬فحري بالمعلم أن يتعاون‬
‫ممع مسمؤوليه‪ ،‬فيحسمن علقتمه بهمم‪ ،‬ويقوم بمما يسمند‬
‫إليممممه على أكمممممل وجممممه وأتمممممه‪ ،‬وأن يحرص على‬
‫مناصممحتهم فيممما يراه خللً‪ ،‬ويبدي رأيممه فيممما يرى أنممه‬
‫أفضممل مممما هممو معمول بممه‪ ،‬مممع مراعاة أل ينصممح أو‬
‫يقترح على شرط القبول‪ ،‬فيكممبر فممي نفسممه أل يؤخممذ‬
‫برأيه‪.‬‬
‫وممن التعاون أن يتعاون ممع الموجهيمن والمشرفيمن‪،‬‬
‫وأن يستمع لملحظاتهم وإرشاداتهم‪.‬‬
‫ول يمنمع ذلك ممن مناقشتهمم حول بعمض المور فمي‬
‫هدوء وسكينة بعيدا ً عن الملحاة والمماراة‪.‬‬
‫وممن التعاون فمي هذا الصمدد أن يتعاون ممع الطلب‬
‫_كمما سميأتي_ وممع أولياء أمورهمم فمي سمبيل السمعي‬
‫في رفعة الطلب‪.‬‬
‫وممن التعاون أن يقوم بحمق الزملء كمما مضمى‪ ،‬وأن‬
‫يحرص على جمع الكلمة كما سيأتي‪.‬‬
‫‪ _14‬الحرص على جمُُع الكلمُُة وإصُُلح ذات‬
‫البين‪:‬‬
‫فمممما يجممب على المعلميممن أن يجمعوا أمرهممم‪ ،‬وأن‬
‫يحرصمموا كممل الحرص على إصمملح ذات بينهممم؛ جمعاً‬
‫للكلمة‪ ،‬وإيثارا ً للمصلحة العامة‪.‬‬
‫فل يحسمممن بهمممم_ وهمممم القدوة_ أن يعتد َّ واحدهمممم‬
‫برأيه‪ ،‬وأن ينأى بجانبه عمن يخالفه‪.‬‬
‫وإل أصمممممبح التعليمممممم وقاعاتمممممه ميدانا ً للمهاترات‪،‬‬
‫ة لممن أراد الشماتمة‪،‬‬ ‫سب َّ ً‬
‫والخلفات‪ ،‬وصمار أهمل العلم ُم‬
‫حينها يفشلون وتذهب ريحهم‪.‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وربمما كان السمبب فمي ذلك أمورا ً تافهمة ل تسمتحق‬
‫ختَلَف ممن أجلهما‪ ،‬وقمد تكون مجرد أوهام ل حقيقمة‬ ‫أن ي ُ ْ‬
‫لها‪.‬‬
‫ثمم إن كان هناك ممن داع للخصمومة فلتكمن خصمومة‬
‫شريفمة دعما إليهما سمبب معقول‪ ،‬وتبودلت فيهما الحجمج‬
‫والبراهيممن مممن غيممر مهاترة أو مسممابة‪ ،‬وقامممت على‬
‫الوسمائل المكشوفمة الظاهرة ل الخفيمة الدنيئة‪ ،‬وخرج‬
‫كمل خصمم ممن الخصمومة شريفا ً لم تدنسمه الخصمومة؛‬
‫فهي كالصراع بين فارس نبيل وآخر مثله‪ ،‬ل بد لحربها‬
‫ممممن سمممبب قوي؛ فإذا تحاربممما خضعممما لدب الحرب‪،‬‬
‫وترفعمما عممن الصممغائر والسممفاسف وأسمماليب الخداع‬
‫(‪)1‬‬
‫والمراوغة‪ ،‬ثم إذا انتهى الصراع انتهت الخصومة‪.‬‬
‫ثمم إن حصمل خلف بيمن المعلميمن فيجمب أن ي ُمسعى‬
‫بالصمملح‪ ،‬وعلى المتخاصمممين أن يفرحوا بالصمملح‪ ،‬وأن‬
‫يسممتجيبوا لِدَاعيممه؛ فالجتماع رحمممة ورفعممة‪ ،‬والفرقممة‬
‫َ‬
‫حط ّة‪.‬‬ ‫عذاب و ِ‬
‫قال أبو الوليد الباجي × في وصيته لولديه‪= :‬واعلما‬
‫أنمي قمد رأيمت جماعمة ليمس لهمم أقدار ول أحوال‪ ،‬أقام‬
‫أحوالهم‪ ،‬ورفع أقداَرهم اتفاقُهم وتعاضدُهم‪.‬‬
‫وقمد رأيمت جماعمة كانمت أقدارهمم سمامية‪ ،‬وأحوالهمم‬
‫حقَ أحوالَهم‪ ،‬ووضع أقداَرهم اختلفُهم؛ فاحذرا‬ ‫م َ‬‫نامية‪َ ،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أن تكونا منهم‪.+‬‬
‫وقال الشيخ عبدالرحمن ابن سعدي ×‪= :‬ومن أهم‬
‫مممما يتعيمممن على أهمممل العلم _معلميمممن أو متعلميمممن_‬
‫ي فمي جممع كلمتهمم‪ ،‬وتأليمف القلوب على ذلك‪،‬‬ ‫السمع ُ‬

‫‪ )(1‬انظر فيض الخاطر لحمد أمين ‪.5/284‬‬


‫‪ )(2‬النصيحة الولدية ص ‪.27‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وحسممم أسممباب الشممر والعداوة والبغضاء بينهممم‪ ،‬وأن‬
‫يجعلوا هذا المر نصب أعينهم‪ ،‬يسعون له بكل طريق؛‬
‫لن المطلوب واحممممد‪ ،‬والقصممممد واحممممد‪ ،‬والمصمممملحة‬
‫م نْم‬
‫م نْم كان ِ‬‫مشتركمة‪ ،‬فيحققون هذا الممر بمحبمة كمل َ‬
‫ن له قدم فيه واشتغال أو نصح‪.‬‬ ‫م ْ‬
‫أهل العلم‪ ،‬و َ‬
‫ول يَدَعون الغراض الضارة تملكهممم وتمنعهممم مممن‬
‫هذا المقصممود الجليممل‪ ،‬فيحممب بعضهممم بعضاً‪ ،‬ويذب‬
‫بعضهمم عمن بعمض‪ ،‬ويبذلون النصمح لممن رأوه منحرفاً‬
‫عممممن الخرة‪ ،‬ويممممبرهنون على أن النزاع فممممي المور‬
‫الجزئيمة التمي تدعمو إلى ضمد المحبمة والئتلف _ل تقدم‬
‫(‪)1‬‬
‫على المور الكلية التي فيها جمع الكلمة‪.+‬‬
‫هذا وإن ممُُا يعيُُن على اجتماع الكلمُُة مُُا‬
‫يلي‪:‬‬
‫أ_ أن تسُُود روح التضحيُُة بيُُن المعلميُُن‪:‬‬
‫فالتضحيمة ممن أنبمل الخلق وأروعهما‪ ،‬وهمي ممن أعظمم‬
‫مما يكسمب القوة والترابمط‪ ،‬والممة المضحيمة تأكمل غيمر‬
‫المضحيممة بيسممر وسممهولة؛ لن المممة المضحيممة كتلة‬
‫واحدة متماسمممكة‪ ،‬وغيمممر المضحيمممة أفراد متفككمممة‪،‬‬
‫وشهوات متعددة‪ ،‬تتحارب أجزاؤهممممما‪ ،‬ويأكمممممل النزاع‬
‫والشهوات والنانية قواها‪.‬‬
‫ول تكون التضحيمة حتمى يتعود القلب لذة العطاء كمما‬
‫يتعود لذة الخذ‪.‬‬
‫فالتضحية أفق واسع تنعم فيه النفس بجمال السعة‪،‬‬
‫وبعد المدى‪.‬‬

‫‪ )(1‬الفتاوى السعدية ص ‪.445‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫والنانيمة أفمق ضي ّ ِمق تألم فيمه النفمس‪ ،‬بضيمق المكان‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وتنقبض من كثرة السدود والحدود‪.‬‬
‫ب_ إفشاء السُلم‪ :‬فهممو مجلبممة للمودة‪ ،‬ومدعاة‬
‫للمحبة‪.‬‬
‫عمممن أبمممي هريرة ÷ قال‪ :‬قال رسمممول الله "‪= :‬ل‬
‫تدخلوا الجنُُة حتُُى تؤمنوا‪ ،‬ول تؤمنوا حتُُى‬
‫تحابوا‪ ،‬أل أدلكُُُُُم على شيُُُُُء إذا فعلتموه‬
‫(‪)2‬‬
‫تحاببتم؟ أفشوا السلم بينكم‪.+‬‬
‫وقال أميمر المؤمنيمن عممر بمن الخطاب ÷‪= :‬إن ممما‬
‫صفِّي لك ود َّ أخيممك أن تبدأه بالسمملم إذا لقيتممه‪ ،‬وأن‬ ‫يُم َ‬
‫تدعوه بأحمممب السمممماء إليمممه‪ ،‬وأن توسمممع له فمممي‬
‫(‪)3‬‬
‫المجلس‪.+‬‬
‫جُُُ _ الشورى‪ :‬فالشورى تنمممي المعارف‪ ،‬وتقوي‬
‫الواصممر بيممن المتشاوريممن؛ لنهممم إذا تشاوروا شعروا‬
‫بأن أمرهممم واحممد‪ ،‬ومصمملحتهم مشتركممة‪ ،‬وإذا شعروا‬
‫بذلك قويت المحبة‪ ،‬وزالت العداوة‪.‬‬
‫ثممم إن اسممتشارتك لخيممك توحممي إليممه بمودتممك له‪،‬‬
‫وثقتك به‪ ،‬وذلك من أسباب اللفة‪.‬‬
‫م‬ ‫َ‬
‫ه ُُُْ‬
‫مُر ُ‬‫وأ ْ‬ ‫قال _تعالى_ فمممي وصمممف المؤمنيمممن‪َ [ :‬‬
‫م] (الشورى‪.)38 :‬‬ ‫ه ْ‬‫شوَرى بَيْن َ ُ‬ ‫ُ‬
‫وأمر _ عز وجل_ نبيه " أن يشاور أصحابه‪ ،‬مع وفور‬
‫عقله‪ ،‬وسداد رأيه‪.‬‬
‫ر] (آل‬ ‫َ‬ ‫و َ‬
‫م ِ‬
‫في ال ْ‬ ‫م ُُُُُِ‬ ‫ه ُُُُُْ‬
‫وْر ُ‬
‫شا ِ‬ ‫قال _تعالى_‪َ [ :‬‬
‫عمران‪.)159 :‬‬
‫ولهذا كان النبي " كثير المشاورة لصحابه‪.‬‬
‫‪ )(2‬انظر فيض الخاطر ‪.3/236‬‬
‫‪ )(2‬رواه مسلم (‪ ،)54‬وأبو داود (‪ ،)5193‬والترمذي (‪.)2688‬‬
‫‪ )(3‬بهجة المجالس لبن عبدالبر ‪.2/663‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫د_ الدعاء‪ :‬وذلك بسمممؤال الله بصمممدق أن يجممممع‬
‫القلوب على التقوى‪.‬‬
‫هُُُُُ _ أن ندرك أن الختلف فُُُُي الرأي ل‬
‫يوجب اختلف القلوب‪:‬‬
‫كما قيل‪:‬‬
‫سممممممممد للود‬ ‫واختلف‬
‫قضيمممممممممممة‬ ‫الرأي ل يفمممممم‬
‫وكما قيل‪:‬‬
‫ل وليممممممممممممس‬ ‫فمممممممممي الرأي‬
‫تضطغممن القلوب‬ ‫تضطغممن العقممو‬
‫‪ _15‬حسن الخلق‪:‬‬
‫وحسن الخلق يتمثل في بذل الجميل‪ ،‬وكف القبيح‪،‬‬
‫وأن يكون النسمان سمهل العريكمة‪ ،‬لي ّ ِمن الجانمب‪ ،‬طلْق‬
‫الوجه‪ ،‬قليل النفور‪ ،‬طيب الكلمة‪.‬‬
‫وجماع حسمن الخلق أن تصمل ممن قطعمك‪ ،‬وتعطمي‬
‫(‪)1‬‬
‫من حرمك‪ ،‬وتعفو عمن ظلمك‪.‬‬
‫وقمد جممع الله _عمز وجمل_ ذلك فمي آيمة واحدة‪ ،‬وهمي‬
‫قوله _تعالى_‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫ع ُُُُْ‬
‫ض َ‬ ‫ر ُُُُْ‬
‫ع ِ‬‫وأ ْ‬‫ف َ‬ ‫مْر بِال ْ ُ‬
‫عْر ُُُُِ‬ ‫وأ ُ‬‫و َ‬‫ف َ‬ ‫خذْ ال ْ َ‬
‫ع ْ‬ ‫[ ُ‬
‫ن] (العراف‪.)199 :‬‬ ‫هلِي َ‬ ‫جا ِ‬‫ال ْ َ‬
‫ولئن كان حسمن الخلق جميل ً ممن كمل أحمد فهمو ممن‬
‫المعلم أجمممممممل وأجمممممممل؛ فحري بالمعلم أن يتحلى‬
‫بمكارم الخلق‪ ،‬وجدير به أل يغفل ذلك من حسابه‪.‬‬
‫قال الزيات ×‪= :‬ولعمري ممما يؤتممى المعلم إل مممن‬
‫إغفاله هذه الجهمممة؛ فالدعاء‪ ،‬والتظاهمممر‪ ،‬والكمممبرياء‪،‬‬
‫‪ )(1‬انظمممر أدب الدنيممما والديمممن ص ‪ ،243‬ومجموع الفتاوى لشيمممخ‬
‫السملم ابمن تيميمة ‪ ،10/658‬ومدارج السمالكين لبمن القيمم ‪،2/294‬‬
‫والرياض الناضرة لبممممممممن سممممممممعدي ص ‪ ،68‬وسمممممممموء الخلق‬
‫مظاهره_أسبابه_علجه للكاتب ص ‪.80_79‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫والتفاخممممممر‪ ،‬والبذاءة‪ ،‬والتنادر‪ ،‬والكذب‪ ،‬والتحيممممممز‪،‬‬
‫والكسل‪ ،‬والتدليس _آفات العلم‪ ،‬وبليا المعلم‪.‬‬
‫وما استعبد النفس الشابة الحرة كالخلق الكريم‪ ،‬ول‬
‫سر تعليمها وتقويمها كالقدوة الحسنة‪ ،‬ناهيك بما يتبع‬ ‫ي َ َّ‬
‫ذلك مممن جمال الحدوثممة‪ ،‬واسممتفاضة الذكممر وهممما‬
‫يزيدان فممممممي قدرة المعلم واعتباره‪ ،‬ويغنيان الطلب‬
‫(‪)1‬‬
‫الجدد عن اختباره‪.+‬‬
‫هذا وإن ممن أجممل الخلق وأولهما خلق الحلم‪ ،‬فهمو‬
‫ممن أشرفهما وأحقهما بذوي اللباب‪ ،‬لمما فيمه ممن سملمة‬
‫العرض‪ ،‬وراحة الجسد‪ ،‬واجتلب الحمد‪.‬‬
‫وحد الحلم ضبط النفس عند هيجان الغضب‪ ،‬وليس‬
‫من شرطه أل يغضب الحليم‪.‬‬
‫وإنممما إذا ثار بممه الغضممب عنممد هجوم دواعيممه كممف‬
‫سورته بحزمه‪ ،‬وأطفأ ثائرته بحلمه‪.‬‬
‫هذا وسميأتي مزيمد بيان لحسمن الخلق فيمما يأتمي ممن‬
‫فقرات بإذن الله تعالى‪.‬‬
‫‪ _16‬التواضع‪:‬‬
‫فالتواضممع مممن أجمممل الخلق وأرفعهمما‪ ،‬وهممو _فممي‬
‫حقيقتممممه_ خفممممض الجناح‪ ،‬وبذل الحترام والعطممممف‪،‬‬
‫والتقدير لمن يستحقه‪.‬‬
‫والتواضمع خلق يرفمع ممن قدر صماحبه‪ ،‬ويكسمبه رضما‬
‫أهممل الفضممل ومودتهممم‪ ،‬كممما أنممه يبعممث صمماحبه على‬
‫السمتفادة ممن كمل أحمد‪ ،‬وينأى بمه عمن الكمبر والتعالي‪،‬‬
‫والستنكاف من قبول الحق والخذ به‪.‬‬
‫فإذا اتصممممف المعلم بالتواضممممع عل قدره‪ ،‬وتناهممممى‬
‫فضله‪ ،‬وكمل سؤدده‪.‬‬

‫‪ )(1‬في أصول الدب للزيات ص ‪.125_124‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫قال ابممن المبارك ×‪= :‬الغنممى فممي النفممس‪ ،‬والكرم‬
‫(‪)1‬‬
‫في التقوى‪ ،‬والشرف في التواضع‪.+‬‬
‫وكان يقال‪= :‬ثمرة القناعمة الراحمة‪ ،‬وثمرة التواضمع‬
‫(‪)2‬‬
‫المحبة‪.+‬‬
‫ثم إن التواضع مع المعلمين يغري الطلب باكتساب‬
‫الفضائل؛ ممن جهمة أنهمم يعجبون بمعلميهمم إذا رأوهمم‬
‫متواضعين‪ ،‬فيقودهم ذلك إلى محبتهم‪ ،‬والقتداء بهم‪.‬‬
‫كذلك فإن المتواضع يرفع من أقدار الناس‪ ،‬وينزلهم‬
‫منازلهمم‪ ،‬ويشعمر النوابمغ بقيمتهمم واسمتعداداتهم؛ كمي‬
‫يكونوا من أهل الشرف والمروءات‪.‬‬
‫* ومن صور التواضع التي يجمل بالمعلم أن‬
‫يرعاها ما يلي‪:‬‬
‫أ_ إلقاء السُُُُلم على طلبُُُُه‪ :‬فذلك ممممممما‬
‫يشعرهم بقيمتهم‪ ،‬وبتواضع معلميهم لهم‪.‬‬
‫ب_ الصُُغاء للطالب عنُُد المناقشُُة‪ :‬وذلك‬
‫بحسمن السمتماع إليمه‪ ،‬وإجابتمه عمما سمأل فمي رفمق‪،‬‬
‫وتلقمي مما يبديمه ممن الفهمم بإنصماف‪ ،‬فإن أخطمأ نبهمه‬
‫لوجه الخطأ‪ ،‬وإن قال صوابا ً تقبله منه بارتيا ٍح‪ ،‬وارتيا ُ‬
‫ح‬
‫جدَّا ً فمممي‬
‫المعلم لثار نجابمممة الطلب ممممما يزيدهمممم ِ‬
‫الطلب‪ ،‬ويشعرهم باستعدادهم لن يكونوا من النوابغ‪.‬‬
‫وإنمما ينبمغ الطالب متمى سمطع فمي نفسمه مثمل هذا‬
‫الشعور‪.‬‬
‫جُُ _ أل يحتقُُر الفائدة مُُن طلبُُه‪ :‬قال ابممن‬
‫جماعممة × فممي الدب الحادي عشممر مممن آداب العالم‪:‬‬

‫‪ )(1‬غذاء اللباب للسفاريني ‪.2/231‬‬


‫‪ )(2‬غذاء اللباب ‪.2/232‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫=أل يسمتنكف أن يسمتفيد ممما ل يعلممه مممن همو دونمه‬
‫منصباً‪ ،‬أو نسباً‪ ،‬أو سناً‪.‬‬
‫بمل يكون حريصما ً على الفائدة حيمث كانمت‪ ،‬والحكممة‬
‫(‪)1‬‬
‫ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها‪.+‬‬
‫قال‪= :‬وكان جماعممة مممن السمملف يسممتفيدون مممن‬
‫(‪)2‬‬
‫طلبتهم ما ليس عندهم‪.+‬‬
‫=قال الحميدي _وهممو تلميممذ الشافعممي_‪ :‬صممحبت‬
‫الشافعممي مممن مكممة إلى مصممر‪ ،‬فكنممت أسممتفيد منممه‬
‫(‪)3‬‬
‫المسائل‪ ،‬وكان يستفيد مني الحديث‪.+‬‬
‫=قال أحمممد بمن حنبممل‪ :‬قال الشافعممي‪ :‬أنتممم أعلم‬
‫بالحديممث منممي؛ فإذا صممح عندكممم الحديممث فقولوا لنمما‬
‫حتى آخذ به‪.+‬‬
‫د_ أل يزدري أحدا ً مُن الطلب‪ :‬حتمى الكسمالى‬
‫منهم‪ ،‬بل يحسن به أن ينزل إليهم‪ ،‬وأن يأخذ بأيديهم؛‬
‫كمي يرفعوا ممن شأنهمم؛ فمما يدريمه لعمل فمي ثياب ذلك‬
‫حتَقَرِ أسدا ً هصوراً‪.‬‬
‫م ْ‬
‫ال ُ‬
‫وممما ينبغمي التنمبيه عليمه أن التواضمع _كمما أنمه تنزه‬
‫عمن الكمبر_ ل يعنمي التذلل ول الضعمة‪ ،‬فالكمبر مذموم‪،‬‬
‫والضعممة والتذلل داخلن فممي المذموم‪ ،‬أممما التواضممع‬
‫فكان بين ذلك قواماً‪.‬‬
‫فالضعمة ترجمع إلى أن يغممط النسمان نفسمه حقهما‪،‬‬
‫ويضعها في مواضع أدنى مما تستحق أن يضعها‪.‬‬
‫والمتواضممع مممن يعرف قدره‪ ،‬ول يأبممى أن يرسممل‬
‫نفسه في وجوه الخير‪ ،‬وما يقتضيه حسن المعاشرة‪.‬‬

‫‪ )(1‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.60‬‬


‫‪ )(2‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.61‬‬
‫‪ )(3‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.61‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وإذا كان ممن يحتفمظ بالعزة‪ ،‬ول يصمرف وجهمه عمن‬
‫التواضمع همو الرجمل الذي يرجمى لنفمع الممة‪ ،‬ويسمتطيع‬
‫أن يخوض فممي كممل مجتمممع ضافممي الكرامممة‪ ،‬أنيممس‬
‫الملتقى‪ ،‬شديد الثقة بنفسه _كان حقا ً على من يتولى‬
‫تربيمة الناشمئ أن يتفقده فمي كمل طور‪ ،‬حتمى إذا رأى‬
‫فيه خمولً‪ ،‬وقلة احتراس من مواقع المهانة أيقظ فيه‬
‫الشعور بالعزة‪ ،‬والطموح إلى المقامات العل‪.‬‬
‫ف مممن‬ ‫وإذا رأى فيممه كممبرا ً عاتياً‪ ،‬وتيها ً مسممرفا ً خفّممَ َ‬
‫غلوائه‪ ،‬وساسه بالحكمة‪ ،‬حتى يتعلم أن المجد المؤثل‬
‫(‪)1‬‬
‫ل يقوم إل على دعائم العزة والتواضع‪.‬‬
‫‪ _17‬السخاء‪:‬‬
‫فالسمخاء بذل مما ينبغمي على الوجمه الذي ينبغمي ممن‬
‫نحو العلم والمال والجاه وغيرها من صور السخاء‪.‬‬
‫وبممما أن السممخاء يقوم على الرحمممة‪ ،‬وحممب الخيممر‬
‫للناس ونحممو ذلك كان متصممل ً بفضائل أخرى تعممد مممن‬
‫مقومات المروءة؛ فالسممخي فممي أغلب أحواله يأخمممذ‬
‫بالعفمممو‪ ،‬ويتحلى بالحلم‪ ،‬ويجري فمممي معاملتمممه على‬
‫النصاف‪ ،‬فيؤدي حقوق الناس من تلقاء نفسه‪.‬‬
‫ولتجدن السخي بحق متواضعاً‪ ،‬ل يطيش به كبر‪ ،‬ول‬
‫تستخفه الخيلء‪.‬‬
‫ولتجدن َّمه أقرب الناس إلى الشجاعمة‪ ،‬وعزة النفمس‪،‬‬
‫وإنممما يخسممر النسممان ذلك بشدة حرصممه على متاع‬
‫الحياة الدنيا‪.‬‬
‫قال أبو الطيب المتنبي‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫منعممممممممممممممممممممممممم‬ ‫فأحسن وجه في الورى‬
‫ن‬‫محسمممممممم ٍ‬ ‫ه ُ‬‫وج ُمممممممم‬
‫‪ )(1‬انظر رسائل الصلح ‪.130_1/129‬‬
‫‪ )(2‬ديوان المتنبي بشرح العبكبري ‪.4/141‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫أمما البخيمل فَلِفَراغ قلبمه ممن الرحممة‪ ،‬ولشحمه بالخيمر‬
‫شحا ً يعممي ويصمم _تجده قمد فقمد كثيرا ً ممن المكارم‪،‬‬
‫وجمع إلى الشح كثيرا ً من الرذائل‪.‬‬
‫قال عمرو بن الهتم‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫سممممممممممممممممممممممروق‬ ‫ذرينمي فإن الشمح يما أم‬
‫ممممممممممممممممممممممممممم‬
‫هيثم‬
‫بالسممخاء زكممت نفسممه‪ ،‬ولنممت‬ ‫فإذا اتصممف المرء‬
‫عريكتممه‪ ،‬وقاده سممخاؤه إلى أن يترقممى فممي المكارم‪،‬‬
‫وأن يتطهمر ممن المسماوئ والمعايمب؛ فالسمخي قريمب‬
‫من كل خير وبر‪.‬‬
‫ن أولى بالمعلم‬ ‫فإذا كان السممخاء بتلك المثابممة _فَ َ‬
‫م ْمم‬
‫أن يتصف بالسخاء في كافة وجوهه؟ وأن ينأى بنفسه‬
‫عن البخل في مختلف صوره؟‪.‬‬
‫فممُا يجمُل بالمعلم أن يتصُف بُه مُن وجوه‬
‫السخاء ما يلي‪:‬‬
‫أ_ السخاء بالعلم‪ :‬وهو من أعلى مراتب السخاء‪،‬‬
‫وهمو أفضمل ممن السمخاء بالمال؛ لن العلم أشرف ممن‬
‫المال‪.‬‬
‫والناس فممي السممخاء بالعلم مراتممب متفاوتممة‪ ،‬وقممد‬
‫اقتضت حكمة الله وتقديره النافذ أل ينفع به بخيلً‪.‬‬
‫ومممن السممخاء بالعلم أن تسممتقصي للسممائل جواباً‬
‫شافياً؛ فل يكون جوابك بقدر ما تدفع به الضرورة‪.‬‬
‫وممممن السمممخاء بالعلم أن ل تقتصمممر على مسمممألة‬
‫السممائل‪ ،‬بممل تذكممر له نظائرهمما‪ ،‬ومتعلقاتهمما‪ ،‬ومآخذهمما‬
‫بحيث تكفيه وتشفيه‪.‬‬

‫‪ )(1‬شعممر الزبرقان بممن بدر‪ ،‬وعمرو بممن الهتممم تحقيممق د‪ .‬سممعود‬


‫عبدالجبار ص ‪.92‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وممن السمخاء بالعلم أن تطرحمه لطلبمك طرحاً‪ ،‬وأل‬
‫تبخممل عليهممم بممما تسممتطيع بذله لهممم مممن العلم؛ فإن‬
‫العلم يزيممد بكثرة إنفاقممه وبذله‪ ،‬والبخيممل بممه ألم مممن‬
‫البخيل بالمال‪.‬‬
‫قال اللبيري × في العلم‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫شددتممممممممممممممممممممممما‬ ‫يزيممد بكثرة النفاق منمه‬
‫وقال ابمن حزم ×‪= :‬الباخمل بالعلم ألم ممن الباخمل‬
‫بالمال؛ لن الباخممل بالمال أشفممق مممن فناء ممما بيده‪،‬‬
‫والباخممل بالعلم بخممل بممما ل يَفْممنى على النفقممة‪ ،‬ول‬
‫(‪)2‬‬
‫يفارقه مع البذل‪.+‬‬
‫ب_ السُخاء بالنصُح‪ :‬قال الشيمخ عبدالرحممن ابمن‬
‫سممعدي‪= :‬ومممن آداب العالم والمتعلم النصممح‪ ،‬وبممث‬
‫العلوم النافعممة بحسممب المكان‪ ،‬حتممى لو تعلم مسممألة‬
‫واحدة ثمم بثهما كان ممن بركمة علممه‪ ،‬ولن ثمرات العلم‬
‫أن يأخذه الناس عنممك؛ فمممن شممح بعلمممه مات علمممه‬
‫بموته‪ ،‬وربما نسيه وهو حي‪ ،‬كما أن من بث علمه كان‬
‫حياة ثانيمة‪ ،‬وحفظا ً لمما عَل ِممه‪ ،‬وجازاه الله ممن جنمس‬
‫(‪)3‬‬
‫عمله‪.+‬‬
‫جُُ _ السُخاء بالمال‪ :‬فيسممخو المعلم بماله فممي‬
‫نحممو الهديممة‪ ،‬وإكرام المجديممن‪ ،‬ورفممد الضعفاء مممن‬
‫الطلب خصمموصا ً إذا كان المعلم موسممراً‪ ،‬أو كان ممما‬
‫يجود به ل يضره‪.‬‬

‫‪ )(1‬ديوان اللبيري ص ‪.26‬‬


‫‪ )(2‬الخلق والسير ص ‪.22‬‬
‫‪ )(3‬الفتاوى السعدية ص ‪.455‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫د_ السُخاء بالوقُت‪ ،‬وبالجاه‪ :‬وذلك فممي سمبيل‬
‫نفمع الطلب أو الزملء فيمما ينوبهمم وفيمما يعود بالنفمع‬
‫عليهم‪.‬‬
‫هُُُُ_ السُُُخاء فُُُي قضاء الحوائج وتفريُُُج‬
‫الكربات‪ ،‬وتخفيف اللم‪.‬‬
‫و_ السُُخاء بالعرض‪ :‬وذلك بأن يسمممخو بعرضمممه‬
‫لمممن نال منممه‪ ،‬فذلك مممما يحسمن بالمعلم؛ لنممه قممد ل‬
‫يسمملم مممن قدح الطلب‪ ،‬أو أولياء أمورهممم؛ فحري بممه‬
‫أن يسمممخو عليهمممم بذلك فيمممبيحهم‪ ،‬ويتصمممدق عليهمممم‬
‫بعرضه‪.‬‬
‫قال النبي "‪= :‬أيعجز أحدكم أن يكون مثل أبي‬
‫ضيغُُم أو ضمضُُم _شممك ابممن عبيممد_(‪ )1‬كان إذا‬
‫أصُُبح قال‪ :‬اللهُُم إنُُي قُُد تصُُدقت بعرضُُي‬
‫(‪)2‬‬
‫على عبادك‪.+‬‬
‫مك‪ ،‬فتمثممل‬ ‫قيممل للشعممبي‪ :‬فلن ينتقصممك‪ ،‬ويشت ِمم ُ‬
‫الشعبي بقول كثير عزة‪:‬‬
‫لعزة مممن أعراضنمما ممما‬ ‫هنيئا ً مريئا ً غيممممممممر داءٍ‬
‫اسممممممممممممممممممممممتحلت‬ ‫مخامممممممممممممممممممممممممر‬
‫‪ )(1‬هو محمد بن عبيد بن حساب‪.‬‬
‫‪ )(2‬أخرجممه أبممو داود (‪ ،)4886‬والعقيلي فممي الضعفاء ‪ .4/180‬وابممن‬
‫السممني فممي عمممل اليوم والليلة (‪ ،)65‬والخطيممب البغدادي فممي‬
‫موضمح أوهام الجممع والتفريمق ‪ 36_1/35‬كلهمم عمن أنمس‪ ،‬وضعفمه‬
‫العراقممي فممي تخريممج أحاديممث الحياء ‪ ،3/163‬وكذلك اللبانممي فممي‬
‫إرواء الغليل ‪= .8/32‬‬
‫=ولكمن له شاهمد عنمد أبمي هريرة‪ ،‬أخرجمه ابمن بشكوال فمي كتابمه‬
‫الغواممض والمبهمات (‪ )449‬ونصمه‪= :‬أن رجل ً ممن المسملمين قال‪:‬‬
‫اللهمم إنمي ليمس لي مال أتصمدق بمه؛ فأيمما رجمل ممن المسملمين‬
‫أصاب من عرضي شيئا ً فهو له صدقة‪ ،‬فأوحى الله إلى النبي " أنه‬
‫قد غفر له‪ .+‬قال ابن حجر في الصابة ‪( 2/500‬صحيح)‪.‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫تَقَل ّمممممممممممممممممممممممم ِ‬
‫ت‬ ‫أسميئي بنما أو أحسمني ل‬
‫ملومممممممممممممممممممممممممة سملمة الصمدر‪ ،‬وراحمة القلب‪،‬‬
‫وفمي هذا السمخاء ممن‬
‫والتخلص من معاداة الخلق _ما فيه‪.‬‬
‫ز_ السخاء بالصبر والحتمال والغضاء‪ :‬وهذه‬
‫مرتبمة شريفة من مراتب السمخاء؛ وهي أنفمع لصاحبها‬
‫ممممن الجود بالمال‪ ،‬وأعُّز له‪ ،‬وأنصمممر‪ ،‬وأملك لنفسمممه‪،‬‬
‫وأشرف لها‪ ،‬ول يقدر عليها إل النفوس الكبار‪ ،‬وسيأتي‬
‫مزيمد بيان لهذا عنمد الحديمث عمن رحابمة الصمدر‪ ،‬وقوة‬
‫الحتمال‪.‬‬
‫ح_ السُُخاء بالبشُُر والتبسُُم‪ ،‬والبشاشُُة‬
‫والب سطة‪ ،‬ومقابلة الناس بالطلقة‪ :‬فذلك فوق‬
‫السممخاء بالصممبر‪ ،‬والحتمال‪ ،‬والعفممو‪ ،‬وهممو الذي بلغ‬
‫بصماحبه درجمة الصمائم القائم‪ ،‬وهمو أثقمل مما يوضمع فمي‬
‫الميزان‪ ،‬وفيه من المنافع والمساّرِ وأنواع المصالح ما‬
‫(‪)2‬‬
‫فيه‪.‬‬
‫وسيأتي مزيد بيان له _إن شاء الله_‪.‬‬
‫هذه بعممض صممور السممخاء؛ فممما أحرانمما _معاشممر‬
‫المعلميمن_ أن نأخمذ أنفسمنا بالسمخاء فمي كافمة صموره‪،‬‬
‫وأل ننتظر المقابل لما نقدمه ونسخو به‪.‬‬
‫قال الرافعمي ×‪= :‬إن السمعادة النسمانية الصمحيحة‬
‫فممي العطاء دون الخممذ‪ ،‬وإن الزائفممة هممي الخممذ دون‬
‫(‪)3‬‬
‫العطاء‪ ،‬وذلك آخر ما انتهت إليه فلسفة الخلق‪.+‬‬

‫‪ )(1‬بهجة المجالس ‪.2/436‬‬


‫‪ )(2‬انظر تفصيل الحديث عن السخاء في الهمة العالية للكاتب ص‬
‫‪.182_166‬‬
‫‪ )(3‬وحي القلم ‪.3/13‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وكما يحسن بنا أن نأخذ أنفسنا بالسخاء فإنه حقيق‬
‫علينما أن نربمي نشأنما على هذا الخلق‪ ،‬وأن نلقنهمم أن‬
‫السخاء مرقاة السيادة والفلح‪.‬‬
‫كمما كان فرضا ً علينما أن ننذرهمم سموء المنقلب الذي‬
‫ينقلب إليه البخلء والمبذرون‪.‬‬
‫‪ _18‬التنزه عن الحسد‪:‬‬
‫فممن جميمل أخلق المعلميمن أن يتنزهوا عمن الحسمد‪،‬‬
‫وأن يؤثروا على أنفسممهم ولو كان بهممم خصمماصة؛ لن‬
‫الحسممد اعتراض على حكمممة الله‪ ،‬وشممح بالخيممر على‬
‫عباد الله‪.‬‬
‫فأعيذك بالله _أيها المعلم المبارك_ من الحسد؛ لن‬
‫الحاسممد ل تعلو بممه رتبممة‪ ،‬ول يهدأ له بال؛ فهممو دنيممء‬
‫مهين النفس‪ ،‬ولنه بحسده اشتغل بما ل يعنيه‪ ،‬فأضاع‬
‫ممما يعنيممه‪ ،‬وممما يعود عليممه بالخيممر والنفممع‪ ،‬فتراه يزري‬
‫بفلن‪ ،‬وينتقمممص فلناً؛ محاول ً بذلك تهديمممم أقدارهمممم‪،‬‬
‫والنهوض على أكتافهمم‪ ،‬وغاب عنمه أن الرافمع الخافمض‬
‫هو الله _عز وجل_‪.‬‬
‫فمممما يدل على نزاهممة النفممس وطهارة الطويممة _أن‬
‫يترفمع المرء عمن الحسمد‪ ،‬وأن يحمب لخوانمه مما يحمب‬
‫لنفسممه‪ ،‬فيفتممح المجالت أمامهممم‪ ،‬ويعطيهممم فرصممة‬
‫للبداع والحديممث ونحممو ذلك بعيدا ً عممن الثرة وحممب‬
‫التفرد بالخير‪.‬‬
‫وممما يجممل بمه فمي هذا الصمدد أن يفرح لنجاحهمم‪،‬‬
‫ويحزن لخفاقهممم‪ ،‬فذلك مممما يدل على رسمموخ القدم‬
‫في الفضيلة‪.‬‬
‫وبدل ً من الحسد خيرا ً للحاسد أن يرتقي بنفسه‪ ،‬وأن‬
‫يسعى للسير في المعالي سعيه‪.‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫قال ابمن المقفمع‪= :‬ليكمن مما تصمرف بمه الذى عمن‬
‫نفسمك أل تكون حسموداً؛ فإن الحسمد خلق لئيمم‪ ،‬وممن‬
‫لؤمه أنه موكل بالدنى فالدنى من القارب‪ ،‬والكفاء‪،‬‬
‫والمعارف‪ ،‬والخلطاء؛ فليكمن مما تعاممل بمه الحسمد أن‬
‫تعلم أن خير ما تكون حين تكون مع من هو خير منك‪،‬‬
‫ن غُنْما ً حسمنا ً لك أن يكون عشيرك وخليطمك أفضمل‬ ‫وأ َّم‬
‫منمك فمي العلم فتقتبمس ممن علممه‪ ،‬وأفضمل منمك فمي‬
‫القوة فيدفع عنك بقوته‪ ،‬وأفضل منك في المال فتفيد‬
‫مممن ماله‪ ،‬وأفضممل منممك فممي الجاه فتصمميب حاجتممك‬
‫بجاهمممه‪ ،‬وأفضمممل منمممك فمممي الديمممن فتزداد صممملحاً‬
‫(‪)1‬‬
‫بصلحه‪.+‬‬
‫‪ _19‬العتدال في الملبس‪:‬‬
‫فالمعلم قدوة‪ ،‬ومثال يُحتذى _كممما مممر_ آنفاً _ومممما‬
‫يحسمن بمه أن يعتدل فمي ملبسمه؛ لن الملبمس =عنوان‬
‫على انتماء الشخممص‪ ،‬بممل تحديد ٌ له‪ ،‬وهممل اللباس إل‬
‫وسميلة ممن وسمائل التعمبير عمن الذات؟ فكمن حذرا ً فمي‬
‫لباسممك؛ لنممه يُعبِّر لغيرك عممن تقويمممك فممي النتماء‪،‬‬
‫والتكوين والذوق‪.‬‬
‫ولهذا قيمممل‪ :‬الحليمممة فمممي الظاهمممر تدل على ميمممل‬
‫الباطن‪.‬‬
‫صنِّفونك ممن لباسمك‪ ،‬بمل إن كيفيمة اللبمس‬ ‫والناس ي ُم َ‬
‫ُ‬
‫تعطي الناظر تصنيف اللبس من الرصانة‪ ،‬والتَّعَقّل‪ ،‬أو‬
‫التمشيخ والرهبنة‪ ،‬أو التصابي وحب الظهور؛ فخذ من‬
‫اللباس ممما يزينممك ول يشينممك‪ ،‬ول يجعممل فيممك مقالً‬
‫(‪)2‬‬
‫لقائل‪ ،‬ول لمزا ً للمز‪.+‬‬

‫‪ )(1‬الدب الصغير والدب الكبير ص ‪.145_44‬‬


‫‪ )(2‬حلية طالب العلم للعلمة د‪ .‬بكر أبو زيد ص ‪.15_14‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫فالسمملم_ وإن عنممي بتزكيممة الرواح‪ ،‬وترقيتهمما فممي‬
‫مراقممي الفلح_ لم يبخممس الحواس حقهمما‪ ،‬بممل قضممى‬
‫للجسممام لبانتهمما مممن الزينممة والتجمممل بالقسممطاس‬
‫المستقيم‪.‬‬
‫فالتجمل والعناية بالمظهر_ في حد ذاته_ أمر حسن؛‬
‫فالله _عمز وجمل_ جميمل يحمب الجمال‪ ،‬ويحمب أن يُرى‬
‫أثر نعمته على عبده‪.‬‬
‫وإنممما المحذور هممو المبالغممة فممي التجمممل‪ ،‬وصممرف‬
‫الهممة للتأن ُّمق‪ ،‬واشتداد الكلف بحسمن البزة والمظهمر؛‬
‫فهذا الصنيع يقطع عن الهتمام بإصلح النفس‪ ،‬ويومئ‬
‫إلى نقص متأصل‪.‬‬
‫ة‬
‫قال عمممر بممن الخطاب ÷‪= :‬إياكممم لبسممتين‪ :‬لبس م ً‬
‫(‪)1‬‬
‫مشهورة‪ ،‬ولبسة محقورة‪.+‬‬
‫وقال بعمممض الحكماء‪= :‬البمممس ممممن الثياب مممما ل‬
‫(‪)2‬‬
‫يزدريك فيه العظماء‪ ،‬ول يعيبك الحكماء‪.+‬‬
‫وقيل‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الناس‬ ‫أممممممما الطعام فكممممممل‬
‫اشتهمممت‬ ‫لنفسمممك مممما‬
‫=واعلم أن المروءة أن يكون‬ ‫الماوردي ×‪:‬‬ ‫قال‬
‫النسان معتدل الحال في مراعاة لباسه من غير إكثار‬
‫أو اطراح؛ فإن اطراح مراعاتهمما‪ ،‬وترك تفقُّدهمما مهانممة‬
‫وذلة‪ ،‬وكثرة مراعاتهما‪ ،‬وصمرف الهممة إلى العنايمة لهما‬
‫دناءة ونقص‪.‬‬
‫وربمما توهمم ممن خل ممن فضمل‪ ،‬وعري ممن تمييمز أن‬
‫ذلك همو المروءة الكاملة‪ ،‬والسمميرة الفاضلة؛ لمما يرى‬

‫‪ )(1‬أدب الدنيا والدين ص ‪.354‬‬


‫‪ )(2‬أدب الدنيا والدين ص ‪.355‬‬
‫‪ )(3‬أدب الدنيا والدين ص ‪.355‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ميُّزه عممن الكثريممن‪ ،‬وخروجممه عممن جملة العوام‬ ‫مممن ت َ َ‬
‫المسترذلين‪.‬‬
‫وخفممي عليممه أنممه إذا تعدى طوره‪ ،‬وتجاوز قدره كان‬
‫(‪)1‬‬
‫أقبح لذكره‪ ،‬وأبعث على ذمه‪.+‬‬
‫قال المتنبي‪:‬‬
‫ل يعجبممن مضيما ً حسم ُ‬
‫ن‬
‫(‪)2‬‬
‫الكفمممممممممممممممممممممممن‬
‫بزتمممممممممممممممممممممممممممه‬
‫الشارع قد فوض في أ مر اللباس‬ ‫وخلصمة القول أن‬
‫إلى حكممم العادة‪ ،‬وممما يليممق بحال النسممان؛ فإذا جرت‬
‫العادة بلبس نوع من الثياب‪ ،‬وكان مستطيعا ً له‪ ،‬فعدل‬
‫ل منممه أو أبلى _قَب ُ مح بممه الحال‪،‬‬ ‫ف أسممف َ‬ ‫عنممه إلى صممن ٍ‬
‫وكره له؛ لن بذاذة اللباس ورِث َّمته ممما تقذفهما العيون‪،‬‬
‫وتنشمممز عنهممما الطباع‪ ،‬فتلقمممي بصممماحبها إلى الهوان‪،‬‬
‫واللتفات إليه بألحاظ الزدراء‪.‬‬
‫وأمما الخروج عمن المعتاد‪ ،‬والتطلع إلى مما همو أنفمس‬
‫وأغلى _فمرفوض كما مر‪.‬‬
‫قال المعري‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫والحمائل‬ ‫وإن كان فممممي لبممممس‬
‫الفتممممممممممممى شرف له‬
‫ستَحقُّون بمممن يتعدى طور‬ ‫بممل تجممد أكثممر الناس ي َمم ْ‬
‫أمثاله فمي ملبسمه‪ ،‬ويعدونمه سمفها ً فمي العقمل‪ ،‬وطيشاً‬
‫(‪)4‬‬
‫مع الهوى‪.‬‬
‫هذا وقمد عُلم بالتَّتَب ُّمع والسمتقراء أن كمل عرف خالف‬
‫الشرع فإنه ناقص مختل‪.‬‬

‫أدب الدنيا والدين ص ‪.354‬‬ ‫‪)(1‬‬


‫ديوان المتنبي ‪.4/213‬‬ ‫‪)(2‬‬
‫شرح ديوان سقط الزند للمعري ص ‪.57‬‬ ‫‪)(3‬‬
‫انظر مناهج الشرف ص ‪.51_50‬‬ ‫‪)(4‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫َ‬
‫(‪)5‬‬
‫مط ّرِدة ل تنتقض‪.‬‬ ‫وهذه قاعدة ُ‬
‫‪ _20‬العتدال في المزاح‪:‬‬
‫فالطلب ينتابهممم الكسممل‪ ،‬ويغلب عليهممم السممآمة‬
‫َ‬
‫والملل؛ فإذا لَط ّمف المعلم حرارة الدرس‪ ،‬وكسمر حدة‬
‫الجمد بشيمء ممن المزاح _كان ذلك باعثا ً على النشاط‪،‬‬
‫مجددا ً للهمة‪.‬‬
‫ولكن يراعي في ذلك ما يلي‪:‬‬
‫أ_ أل يكون المزاح كثيراً‪ :‬لن كثرة المزاح‬
‫ل بالمروءة‪ ،‬وتجرئ النذال‪.‬‬ ‫تسقط الهيبة‪ ،‬وتُخ ُّ‬
‫قال ابمممن جماعمممة × فمممي أدب المعلم‪= :‬ويتقمممي‬
‫المزاح‪ ،‬وكثرة َ الضحممك؛ فإنممه يقلل الهيبممة‪ ،‬ويسممقط‬
‫الحشمة كما قيل‪ :‬من مزح استخف به‪ ،‬ومن أكثر من‬
‫(‪)2‬‬
‫شيء عُرِف به‪.+‬‬
‫وقال أحد الشعراء‪:‬‬
‫جّرِي عليممممك الطفممممل‬ ‫يُ َ‬ ‫ح؛ فإنه‬ ‫فإياك إياك المزا َ‬
‫وال(‪3‬د َّ)ن ِمممممممممممممممس النذل‬
‫ذل‬ ‫ويذهمب ماء الوجمه بعمد‬
‫بهائه‬
‫ب_ أن يكون المزاح منضبطا ً فُُُُُُُُي حدود‬
‫سفُّوا‬
‫الدب واللياقُُُة‪ :‬فل يسمممممح للطلب أن ي َمممم ِ‬
‫بالمزاح‪ ،‬أو أن يتجاوزوا حدود الدب‪.‬‬
‫مزحا ً تضاف بممممممممه إلى‬ ‫ن وإذا مزحممت‬ ‫ح ْمم‬
‫ل تَمَز َ‬
‫الدب)‬ ‫سممممممممممممممممممموء‬ ‫ممممممممممممممممممممممن‬ ‫فل يكم‬
‫(‪4‬‬
‫الغضمممممممممممممممممممممب‬ ‫ة تعود‬ ‫واحذر ممازح ً‬
‫عداوةً‬
‫‪ )(5‬انظر الرياض الناضرة ص ‪.284‬‬
‫‪ )(2‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.67‬‬
‫‪ )(3‬بهجة المجالس ‪.572_2/571‬‬
‫‪ )(4‬بهجمممة المجالس ‪ 2/570‬وانظمممر الداب الشرعيمممة لبمممن مفلح‬
‫‪.2/223‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫غب فيه‪:‬‬ ‫جُ _ أن يتجنب المزاح مع من ل يَْر َ‬
‫ن يكون‬ ‫فقممد يمازح المعلم طالبا ً ل يتحمممل المزاح‪ ،‬كأ ْ م‬
‫شديممد الحياء‪ ،‬أو ذا نفممس متوترة قلقممة‪ ،‬أو نحممو ذلك‬
‫فإذا مازحمممه المعلم نفمممر ممممن الدرس‪ ،‬وثقمممل على‬
‫الحاضرين‪ ،‬وثقلوا عليه‪.‬‬
‫د_ أل يمازح السفهاء‪ :‬لنه قد يسمع منهمم مما ل‬
‫يرضيمه كمما سميأتي بعمد قليمل عنمد الحديمث عمن مجاراة‬
‫السفهاء‪.‬‬
‫هُُ _تجنُب الحراج‪ :‬فل يوقمع نفسمه فمي حرج‪ ،‬ول‬
‫يوقمع الطلب فمي حرج؛ بحيمث يكون المزاح فمي أمور‬
‫واضحة ل يترتب عليها ما يوقع الحرج‪.‬‬
‫و_ أل يسمح بالفوضى تعم الفصل‪.‬‬
‫ز_ أل يكون المزاح على حسُُُُُُاب وقُُُُُُت‬
‫الدرس‪.‬‬
‫وبالجملة فالمزاح فمي الكلم كالملح فمي الطعام؛ إن‬
‫عدم أو زاد عن الحد فهو مذموم‪.‬‬
‫ه بشيمء ممن‬ ‫م وعَل ِّل ْم ُ‬
‫ج ّمَ‬
‫يَ ِ‬ ‫أفِد ْ طبعَمممممممك المكدودَ‬
‫المزح‬
‫(‪)1‬‬
‫مممممممممممممممممممن الملح‬ ‫ةأعطيتمه المزح‬ ‫راح ً‬ ‫بالجدِّ‬
‫ولكمن إذا‬
‫فليكممممممممممممممممممممممممن‬
‫والعرب تقول فممي أمثالهمما‪= :‬النقباض عممن الناس‬
‫مكسمبة للعداوة‪ ،‬والفراط فممي النمس مكسممبة لقرناء‬
‫(‪)2‬‬
‫السوء‪.+‬‬

‫‪ _21‬محاسبة النفس‪:‬‬
‫فممما يجمب علينما _معاشمر المعلميمن_ أن نقمف ممع‬
‫أنفسممنا‪ ،‬وأن ننقممد ذواتنمما؛ سممعيا ً فممي الكمال‪ ،‬وحرصمماً‬
‫‪ )(1‬أدب الدنيا والدين ص ‪.311‬‬
‫‪ )(2‬المثال لبي عبيد ص ‪.202‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫على النهوض بما أنيط بنا من أعمال؛ إذ ل يليق بنا أن‬
‫نزكمممي أنفسمممنا بالقوال دون الفعال‪ ،‬ونُبَّرِأهممما ممممن‬
‫العيوب والنقائص؛ لن هذا عيممن الجهممل‪ ،‬وآيممة الغفلة؛‬
‫فالصمملح ل يتأتممى بتجاهممل العيوب‪ ،‬ول بإلقاء السممتار‬
‫عليها؛ فنحن في تحمل المانة أمام رب العالمين يعلم‬
‫ممما نخفممي مممن النيات‪ ،‬وممما نعلن مممن العمال‪ ،‬وأمام‬
‫تاريمخ ل يغادر سميئة ول حسمنة إل أحصماها؛ فلنحاسمب‬
‫أنفسمنا قبمل أن نحاسمب‪ ،‬ولنجعمل ممن ضمائرنما علينما‬
‫ً (‪)1‬‬
‫رقيبا‪.‬‬
‫هذا ومما يعين على محاسبة النفس وتلفي العيوب‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫أ_ القرار بالنقُُص‪ :‬قال ابممن حزم ×‪= :‬لو علم‬
‫(‪)2‬‬
‫الناقص نقصه لكان كاملً‪.+‬‬
‫َ‬
‫وقال‪= :‬ل يخلو مخلوق من عيب‪ ،‬فالسعيد من قل ّت‬
‫(‪)3‬‬
‫عيوبه ودقَّت‪.+‬‬
‫ب_ أن نعرف عيوبنُُا‪ :‬فمعرفممة الداء تعيممن على‬
‫وصممف الدواء‪ ،‬قال ابممن المقفممع‪= :‬مممن أشممد عيوب‬
‫النسمان خفاءُ عيوبمه عليمه؛ فإن ممن خفمي عليمه عيب ُمه‬
‫خفيت عليه محاسن غيره‪.‬‬
‫ن غيره _فلن‬ ‫ب نفسمه‪ ،‬ومحاسم ُ‬ ‫وممن خفمي عليمه عي ُم‬
‫يقلع عمن عيبمه الذي ل يعرف‪ ،‬ولن ينال محاسمن غيره‬
‫(‪)4‬‬
‫التي ل يبصر أبداً‪.+‬‬
‫وقال محمود الوراق ×‪:‬‬

‫انظر عيون البصائر ص ‪.293‬‬ ‫‪)(1‬‬


‫الخلق والسير ص ‪.38‬‬ ‫‪)(2‬‬
‫الخلق والسير ص ‪.38‬‬ ‫‪)(3‬‬
‫الدب الصغير والدب الكبير ص ‪.84‬‬ ‫‪)(4‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وحرصمممممممممممممممممممممه‬ ‫أتممممم الناس أعرفُممممهم‬
‫=واعلم يقينا ً أنمه ل يسملم إنسم ٌّ‬ ‫بنقصممممممممممممممممممممممممه‬
‫ي‬ ‫وقال ابمن حزم ×‪:‬‬
‫ممن نقمص حاشما النمبياء _صملوات الله عليهمم_ فممن‬
‫ب نفسممه فقممد سممقط‪ ،‬وصممار مممن‬ ‫خفيممت عليممه عيو ُ م‬
‫السمخف‪ ،‬والرذالة‪ ،‬والخسمة‪ ،‬وضعمف التمييمز والعقمل‪،‬‬
‫وقلة الفهمم بحيمث ل يتخلف عنمه متخلف ممن الراذل‪،‬‬
‫وبحيمث ليمس تحتمه منزلة ممن الدناءة؛ فليتدارك نفسمه‬
‫بالبحمث عمن عيوبمه‪ ،‬والشتغال بذلك عمن العجاب بهما‪،‬‬
‫وعممن عيوب غيره التممي ل تضره ل فممي الدنيمما ول فممي‬
‫(‪)2‬‬
‫الخرة‪.+‬‬
‫جُُ _ أن نسُعى فُي الخلص مُن العيوب‪ :‬فل‬
‫يكفمي مجرد معرفمة العيوب‪ ،‬بمل ل بمد ممن السمعي فمي‬
‫الخلص منها‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن تََزك ّى] (العلى‪.)14 :‬‬ ‫م ْ‬ ‫ح َ‬ ‫فل َ َ‬
‫قدْ أ ْ‬ ‫قال _تعالى_‪َ [ :‬‬
‫َ‬ ‫قدْ أ َ ْ‬
‫ها] (الشمس‪.)9 :‬‬ ‫ن َزك ّا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ح َ‬ ‫فل َ َ‬ ‫وقال‪َ [ :‬‬
‫ميََّز عيوب نفسممه‪،‬‬ ‫قال ابممن حزم ×‪= :‬العاقممل مممن َ‬
‫فغالبهما‪ ،‬وسمعى فمي قمعهما‪ ،‬والحممق همو الذي يجهمل‬
‫عيوب نفسمه إمما لقلة علممه وتمييزه‪ ،‬وضعمف فكرتمه؛‬
‫وإمما لنمه يُقَدِّر أن عيوبمه خصمال‪ ،‬وهذا أشمد عيمب فمي‬
‫(‪)3‬‬
‫الرض‪.+‬‬
‫د_ حسُُن التعاهُُد للنفُُس‪ :‬قال ابممن المقفممع‪:‬‬
‫سك بما تكون به للخير أهلً؛ فإنك‬ ‫=ليحسن تعاهدُك نَفْ َ‬

‫‪ )(1‬أقوال مأثورة وكلمات جميلة د‪ .‬محمد الصباغ ص ‪.514‬‬


‫‪ )(2‬الخلق والسير ص ‪.66_65‬‬
‫‪ )(3‬الخلق والسير ص ‪.65‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫إن فعلت ذلك أتاك الخيمممر يطلبمممك كمممما يطلب الماء‬
‫(‪)2()1‬‬
‫السيل إلى الحدورة‪.+‬‬
‫وقال ابممن حزم ×‪= :‬إهمال سمماعة يفسممد رياضممة‬
‫(‪)3‬‬
‫سنة‪.+‬‬
‫ة لساءة‬ ‫هُ _ أل نجعل إساءة المس مسوغ ً‬
‫اليوم‪ ،‬ول إسُُُاءة فلن مُُُن الناس مسُُُوغة‬
‫صيَدَ‪ ،‬ول‬
‫لساءتنا‪ :‬قال ابن حزم ×‪= :‬لم أَر لبليس أ ْ‬
‫أقبمح‪ ،‬ول أحممق ممن كلمتيمن ألقاهما على ألسمنة دعاتمه‪،‬‬
‫إحداهما‪ :‬اعتذار من أساء بأن فلنا ً أساء قبله‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬استسهال النسان أن يسيء اليوم؛ لنه قد‬
‫أسماء أممس‪ ،‬أو أن يسميء فمي وجمه مما؛ لنمه قمد أسماء‬
‫في غيره‪.‬‬
‫فقممد صممارت هاتان الكلمتان عذرا ً مسممهلتين للشممر‪،‬‬
‫خلَتيمممن له فمممي حمممد مممما يعرف‪ ،‬ويحممممل‪ )4( ،‬ول‬ ‫مد ْ ِ‬
‫و ُ‬
‫(‪)5‬‬
‫ينكر‪.+‬‬
‫و_ الطلع على الجديُد والمفيُد فيمُا يخدم‬
‫التربيُة والتعليُم‪ :‬فذلك ممما ينممي المهارة‪ ،‬ويعيمن‬
‫على الرتقاء بالمستوى‪.‬‬
‫‪ _22‬رحابة الصدر‪ ،‬وقوة الحتمال‪:‬‬
‫ن المعلم إلى رحابمممة الصمممدر وقوة‬ ‫م َممم‬
‫ن أحوج ِ‬
‫م ْممم‬ ‫و َ‬
‫الحتمال؛ إذ هممو فممي كممل صممباح يغدو بممه إلى التعليممم‬
‫ض لما يستثيره‪ ،‬ويحرك دواعي الغضب فيه؛ فإذا‬ ‫معََّر ٌ‬ ‫ُ‬
‫ي‪ ،‬وربممما‬ ‫لم يكممن رحممب الصممدر‪ ،‬قوي الحتمال َ‬
‫شقِمم َ‬
‫الحدورة‪ :‬المنخفض من الرض‪.‬‬ ‫‪)(1‬‬
‫الدب الصغير والدب الكبير ص ‪.90‬‬ ‫‪)(2‬‬
‫الخلق والسير ص ‪.33‬‬ ‫‪)(3‬‬
‫مل‪.‬‬
‫ج ُ‬
‫يحمل هكذا في الصل‪ ،‬ولعلها‪ :‬ي َ ْ‬ ‫‪)(4‬‬
‫الخلق والسير ص ‪.31‬‬ ‫‪)(5‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ة‬
‫أشقمى غيره؛ ذلك أن ممن أكمبر أسمباب الشقاوة رخاو َ‬
‫النفممس‪ ،‬وانزعاجهمما العظيممم للشيممء الحقيممر‪ ،‬فممما أن‬
‫يصماب المرء بالتافمه ممن الممر حتمى تراه حرج الصمدر‪،‬‬
‫لهيممف القلب‪ ،‬كاسممف الوجممه‪ ،‬ناكممس البصممر‪ ،‬تتناجممى‬
‫الهموم في صدره‪ ،‬فتقض مضجعه‪ ،‬وتؤرق جفنه‪ ،‬وهي‬
‫وأكثر منها لو حدثت لمن هو أقوى منه احتمال ً لم يلق‬
‫لهما بالً‪ ،‬ولم تحرك منمه سماكناً‪ ،‬ونام ملء جفونمه رض َ‬
‫يّم‬
‫البال‪ ،‬قرير العين‪.‬‬
‫ومما يعين على رحابة الصدر وقوة الحتمال ما يلي‪:‬‬
‫أ_ سُعة الفُق‪ :‬فيحسمن بالمعلم أن يكون ذا أفمق‬
‫واسمع؛ فذلك ممن أسمباب سمعادته‪ ،‬وأدائه لمهمتمه كمما‬
‫ينبغممي؛ ذلك أن الخطممأ والقصممور ملزم للطالب قلممما‬
‫ينفممك عنممه‪ ،‬وبخاصممة فممي هذا الوقممت‪ ،‬وحيممن يدرك‬
‫المعلم ذلك يضع الخطاء في حجمها الطبيعي‪.‬‬
‫ول يتسممنى للمعلم أن يعمممل ذلك إل إذا كان واسممع‬
‫الفق‪.‬‬
‫أممممما ضيقممممُ الفممممق فجبان رعديممممد‪ ،‬يخاف المور‬
‫الصمغيرة‪ ،‬ويشتمد فزعمه ممن الحوادث التافهمة الحقيرة‪،‬‬
‫ويغضب أشد الغضب للكلمة النابية‪ ،‬ويصل إلى أقصى‬
‫حمد ممن الغضمب للحوادث اليوميمة التمي يكفمي لمرورهما‬
‫غممض الطرف عنهمما‪ ،‬ويمكممن بقليمل مممن سممعة العقمل‪،‬‬
‫ورحابة الصدر أن ينظر إليها‪ ،‬ويبتسم من حدوثها‪.‬‬
‫ولكنه يمعن في اللم منها؛ لضيق أفقه‪ ،‬وقلة تحمله‪.‬‬
‫فالذي يؤمممل أن يسممير الناس كممما يشتهممي‪ ،‬ويعملوا‬
‫على وفمق مما يريمد فخيٌر له أل ينتظمر طويلً؛ لنمه قمد‬
‫رام مستحيلً‪.‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ولكممن خيممر مممن ذلك أن تأخممذ الناس كممما هممم‪ ،‬وأن‬
‫تتلقى شرورهم‪ ،‬وأعمالهم الصغيرة بصدر رحب‪ ،‬وأفق‬
‫واسع‪ ،‬ونفس مطمئنة‪.‬‬
‫ل احتماله تنغصممت‬ ‫وبالجملة فمممن ضاق صممدره‪ ،‬وق َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫حياته‪ ،‬ولم يصدر عنه خير كثير‪ ،‬أو عمل كبير‪.‬‬
‫قال الرافعمممي ×‪= :‬إذا اسمممتقبلت العالم بالنفمممس‬
‫الواسممعة رأيممت حقائق السممرور تزيممد وتتسممع‪ ،‬وحقائق‬
‫الهموم تصممغر وتضيممق‪ ،‬وأدركممت أن دنياك إذا ضاقممت‬
‫(‪)2‬‬
‫فأنت الضيِّق ل هي‪.+‬‬
‫ب_التغاضُُُُي‪ :‬فالتغاضمممممي ممممممن أخلق الكابر‬
‫والعظماء؛ وهممو مممما يعيممن المعلم على قوة التحمممل‬
‫ورحابة الصدر؛ وينأى به عن مواضع الغضب‪ ،‬واستثارة‬
‫العصماب؛ فيحسمن بالمعلم أن يتغاضمى عمن كثيمر ممن‬
‫المور‪ ،‬خصوصا ً مما يحدث من الطلب؛ فيجمل به أن‬
‫يضرب صممفحا ً عمممن بعممض المور التممي يسمممعه فيمممه‬
‫التغاضمي‪ ،‬كمما يجممل بمه أل يفسمر كمل مما يحدث ممن‬
‫الطلب على أنه يصدر من منطلق عدواني‪.‬‬
‫قال السموأل‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ي تركته فكفيت‬ ‫ت وغ ٍ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬
‫معْت ُ ُ‬‫س ِ‬
‫ب شتممممم ٍ َمممم‬ ‫ر ّممممَ‬
‫مم‬ ‫م‬
‫َمممممممممممممممممممممصا َ‬
‫العبدي‪ْ :‬‬ ‫فَت‬
‫مثَقِّ ُ‬
‫ب‬ ‫وقال ال ُ‬
‫أُذ ُممني عنممه وممما بممي مممن‬ ‫ت‬‫وكلمم ٍ سميءٍ قمد وَقََر ْم‬
‫مممممممممممممممممممممممممممم‬ ‫صم‬
‫ل أني كما كان زعم‬ ‫جاه ٌ‬ ‫فَتَعََّزيمت؛ خشاةً أن يرى‬

‫‪ )(1‬انظممر فيممض الخاطممر ‪ ،3/194‬و ‪ 180 ،171_5/170‬والمدرس ص‬


‫‪ ،57‬والهمة العالية ص ‪.81_80‬‬
‫‪ )(2‬وحي القلم ‪.1/50‬‬
‫‪ )(3‬الصممعيات للصممعي تحقيمق الشيمخ أحممد شاكمر وعبدالسملم‬
‫هارون ص ‪.85‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ض الصمممممممفح‬ ‫ولَبَعْممممممم ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫ظلم‬
‫مممممممممممممن‬‫والعراض عم‬
‫المؤمنيمن علي بمن أبمي طالب ÷‬ ‫ينسمب لميمر‬ ‫وممما‬
‫قوله‪:‬‬
‫ُ‬
‫وإنمي على ترك الغموض‬ ‫ض عينمي عمن أمور‬ ‫م ُم‬ ‫أغَ ِّ‬
‫قديمممممممممممممممممممممممممممر‬ ‫كثيرة‬
‫تعاممممى وأغضمممى المرء‬ ‫ى أغضممي‬ ‫ً‬ ‫عم‬ ‫مممن‬ ‫وممما‬
‫ممممممممممير‬
‫علينممممما فممممي‬
‫ممممممممممو بص‬
‫وهموليممممس‬ ‫لربمممممممممما‬
‫ولكمممممممممنعن أشياءَ لو‬
‫سك ُ ُ‬
‫ت‬ ‫وأ ْ‬
‫َ‬
‫أميممممممممممممممممممر)‬ ‫المقال‬ ‫ت قلتهممممممممما‬‫ُممممممممم‬ ‫شئ‬
‫(‪2‬‬
‫خممممممممممممممممممممممبيُر‬ ‫نفسي باجتهادي‬ ‫صبُِّر‬
‫أ َ‬
‫وطاقتممممممممممممممممممممممي‬
‫على تحمُُُُل الطلب فُُُُي‬ ‫جُُُُُ _ التدرب‬
‫المناقشة‪ :‬وذلك بأن نتل قى مناقشاتهم بصدر رحب‪،‬‬
‫ول نقتممل آراءهممم بالكلمات الجارحممة‪ ،‬أو نتعسممف فممي‬
‫ف‬
‫ردهما‪ ،‬فندافعهما بمما نعتقمد فمي أنفسمنا أنمه غيمر كا ٍم‬
‫لدفاعها‪.‬‬
‫بممل يحسممن بنمما أن نرجممع إلى فهممم الطالب إذا كان‬
‫أقرب للصممممواب؛ فذلك مممممن أدل الدلة على فضيلة‬
‫المعلم وعلو مرتبتمه‪ ،‬وحسمن خلقمه‪ ،‬وإخلصمه لله _عمز‬
‫وجل_‪.‬‬
‫وإذا لم نصممممل إلى هذه الحال فَلْنُعَوِّد ْ أنفسممممنا على‬
‫ت تعطممممي الملكات‪ ،‬والتمرينات‬ ‫ذلك؛ فإن المزاول ِمممم‬
‫(‪)3‬‬
‫ترقي صاحبها لدرج الكمالت‪.‬‬

‫‪ )(1‬المفضليات للمفضممل الضممبي‪ .‬تحقيممق الشيممخ أحمممد شاكممر‬


‫وعبدالسلم هارون ص ‪.294‬‬
‫‪ )(2‬ديوان المام علي ص ‪.106‬‬
‫‪ )(3‬انظر رسائل الصلح ‪ ،1/21‬والفتاوى السعدية ‪.450‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫=وإنمُُا العلم بالتعلم‪ ،‬وإنمُُا الحلم بالتحلم‪،‬‬
‫عطَُُه‪ ،‬ومُُن يتوقَُُّ الشَّر‬
‫حَّر الخيُُر ي ُ ْ‬
‫ومُُن يَت َ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫يوقه‪.+‬‬
‫=يقمص علينما التاريمخ أن فمي السماتذة ممن يحرص‬
‫على أن يرتقمي طلبمه فمي العلم إلى الذروة‪ ،‬ول يجمد‬
‫في نفسه حرجا ً من أن يظهر عليه أحدُهم في بحث أو‬
‫محاورة‪.‬‬
‫‪ )(4‬هذا الحديث أخرجه الخطيب في تاريخه ‪.9/127‬‬
‫قال المناوي فممي فيممض القديممر ‪= :2/570‬قال الحافممظ العراقممي‪:‬‬
‫سنده ضعيف انتهى‪.‬‬
‫ولم يممبين وجممه ضعفممه؛ لن فيممه إسممماعيل بممن مجالد‪ ،‬وليممس‬
‫محمود‪.+‬‬
‫وأخرجمه الطمبراني فمي الكمبير ‪ )929 ( 19/95‬ممن حديمث معاويمة ÷‬
‫بلفظ‪= :‬يا أيها الناس‪ ،‬إنما العلم بالتعلم‪ ،‬والفقه بالتفقه‪ ،‬ومن يرد‬
‫الله به خيرا ً يفقه في الدين‪ ،‬وإنما يخشى الله من عباده العلماء‪.‬‬
‫م‪ ،‬وعتبمة ابمن‬‫س َّ‬
‫راو لم ي ُم َ‬
‫ٍ‬ ‫قال الهيثممي فمي المجممع ‪= :1/128‬فيمه‬
‫أبممي حكيممم وثقممه أبممو حاتممم‪ ،‬وأبممو زرعممة‪ ،‬وابممن حبان‪ ،‬وضعفممه‬
‫جماعة‪.+‬‬
‫وقال المناوي فمي فيمض القديمر ‪+ :2/570‬قال ابمن حجمر‪ :‬إسمناده‬
‫حسمن؛ لن فيمه مبهماً‪ ،‬اعتضمد لمجيئه ممن وجمه آخمر‪ ،‬وروى البزار‬
‫نحوا ً من حديث ابن مسعود موقوفاً‪ ،‬ورواه أبو نعيم مرفوعاً‪= .+‬‬
‫=وأخرجممه الطممبراني فممي الوسممط ‪ )2684( 3/320‬وأبممو نعيممم فممي‬
‫الحلية ‪ ،5/174‬والخطيمب في تاريخه ‪ 5/201‬من حديث أ بي الدرداء‬
‫÷ بلفممظ‪= :‬إنممما العلم بالتعلم‪ ،‬وإنممما الحلم بالتحلم‪ ،‬ومممن يتحممر‬
‫ق الشر يوقَه‪.‬‬ ‫َ‬
‫الخير يعطه‪ ،‬ومن يت ّ ِ‬
‫ثلث ممن كمن فيمه لم يسمكن الدرجات العل _ول أقول لكمم الجنمة_‬
‫من تَكَهَّن‪ ،‬أو تُكُهِّن له‪ ،‬أو استسقم‪ ،‬أو ردّه من سفرٍ تطيٌُّر‪.+‬‬
‫وقال الطممبراني‪ :‬لم يروِ هذا الحديممث عممن سممفيان إل محمممد بممن‬
‫الحسن‪.‬‬
‫وقال أبمو نعيمم‪ :‬غريمب ممن حديمث الثوري عمن عبدالملك تفرد بمه‬
‫محمد بن الحسن‪.‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫يذكرون أن العلممة أبما عبدالله الشريمف التلمسماني‬
‫كان يحممل كلم الطلبمة على أحسمن وجوهمه‪ ،‬ويمبرزه‬
‫في أحسن صوره‪.‬‬
‫ويروى أن أبممما عبدالله _هذا_ كان قمممد تجاذب ممممع‬
‫م فمي مسمألة‪ ،‬وطال‬ ‫أسمتاذه أبمي زيمد ابمن المام الكل َم‬
‫البحممث اعتراضا ً وجواباً‪ ،‬حتممى ظهممر أبممو عبدالله على‬
‫أسمتاذه أبمي زيمد‪ ،‬فاعترف له السمتاذ بالصمابة‪ ،‬وأنشمد‬
‫مداعباً‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫رمانممممممممممممممممممممي‪+‬‬ ‫أعلممه الرمايمة كمل يوم‬
‫ة‬
‫والذي يقرأ مثمل هذه السمير تهتمز فمي نفسمه عاطف ُ‬
‫احترام لمممن أقممر بالخطممأ‪ ،‬أو اعترف لخصمممه بخصمملة‬
‫حمممد‪ ،‬وربممما كان إكبارهممم لمممن أقممر بالخطممأ فوق‬
‫إكبارهم لمن خالفه فأصاب‪.‬‬
‫وسمبب هذا الكبار عظممة النصماف‪ ،‬وعزة ممن يأخمذ‬
‫نفسه بها في كل حال‪.‬‬
‫د_ أن نضُع أنفسُنا موضُع طلبنُا‪ :‬فهذا يدعمو‬
‫للتماس المعاذيممر‪ ،‬والكممف عممن إنفاذ الغضممب‪ ،‬والبعممد‬
‫عن إساءة الظن‪.‬‬
‫فإذا وضعنما أنفسممنا موضممع طلبنمما وجدنما ممما يسموغ‬
‫صر بذلك عممن الجهممل‪ ،‬ونحتفممظ‬ ‫بعممض أخطائهممم‪ ،‬فَنُقْ م ِ‬
‫بهدوئنمما؛ فيوم كنمما طلبا ً ماذا يدور فممي خلدنمما؟ ومممن‬
‫المعلم الذي يغدو في معاملته بألبابنا؟‬
‫إنه ذلك الذي يعذرنا‪ ،‬ول يسيء الظن كثيرا ً بنا‪.‬‬
‫قال ابممن المقفممع‪= :‬أعدل السممير أن تقيممس الناس‬
‫(‪)2‬‬
‫بنفسك؛ فل تأتي إليهم إل ما ترضى أن يؤتى إليك‪.+‬‬
‫‪ )(1‬انظر رسائل الصلح ‪.1/44‬‬
‫‪ )(2‬الدب الصغير والدب الكبير ص ‪.73‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وقال ابممن حزم ×‪= :‬مممن أراد النصمماف فليتوهممم‬
‫(‪)1‬‬
‫نفسه مكان خصمه؛ فإنه يلوح له وجه تعسفه‪.+‬‬
‫قال الخطابي ×‪:‬‬
‫مثمل ما ترضمى‬ ‫ارض للناس‬
‫لنفسمممممممممممك‬ ‫جميعاً‬
‫كلهمممممممم أبناء‬ ‫ممممما الناس‬ ‫إنمم‬
‫جنسمممممممممممك‬ ‫جميعاً‬
‫(‪)2‬‬
‫كحسممممممممك‬ ‫س‬
‫فلهمممم نف ٌممم‬
‫مممممممممك‬
‫كنفسم‬
‫المعينمة على رحابمة الصمدر‪ ،‬وقوة‬ ‫المور‬ ‫هذه بعمض‬
‫الحتمال؛ فإذا أخمذ بهما المعلم دل ذلك على علو قدره‪،‬‬
‫ونباوة محله‪ ،‬وصممار مممن الموصمموفين بالحلم والعلم‪،‬‬
‫ومن اتصف بهذين الوصفين حاز من العلياء كل مكان‪.‬‬
‫كان عمر بن عبدالعزيز × يتمثل بهذه الكلمات‪:‬‬
‫َ‬
‫ن إذا همما‬ ‫للمرء زي ٌم‬ ‫خل ّمممممتا‬
‫الحلم والعلم َ‬
‫اجتمعمممممممممممممممممما‬ ‫كرممممممممممممممممممممممم‬
‫ٍ‬
‫إل بجم ٍمممع بذا وذاك‬ ‫مممتتم‬ ‫صممممنوان ل يسم‬
‫معمممممممممممممممممممممما‬ ‫هما‬ ‫سن ُ‬
‫ممممممممممممممممم‬ ‫ح‬
‫ُ‬
‫علم فحاز السممممناء‬ ‫سمما‬ ‫كمم ْمممن وضيمع‬
‫وارتفعممممممممممممممممما‬ ‫م والممممم‬‫وممممنالحل ُمممم‬
‫بممممه‬
‫(‪)3‬‬
‫فاتضعممممممممممممممما‬ ‫رفيمممع البنممما‬
‫أضاعهمممممممممممممممممما‬
‫‪ _23‬المحافظة على الوقت‪:‬‬
‫ل مما يصمان عمن‬‫ج ِّ‬ ‫َ‬
‫نأ َ‬‫م ْم‬
‫فالوقمت همو عممر النسمان‪ ،‬و ِ‬
‫ن يحافممظ على‬‫م ْم‬ ‫الضاعممة والهمال‪ ،‬والحكيممم الخممبير َ‬
‫وقتمه‪ ،‬فل يتخذه وعاء لبخمس الشياء‪ ،‬وأسمخف الكلم‪،‬‬
‫صُره على المسماعي الحميدة التمي ترضمي الله‪،‬‬ ‫بمل يَقْم ُ‬
‫وتنفع الناس؛ فكل ساعة من ساعات عمرك قابلة لن‬
‫‪ )(1‬الخلق والسير ص ‪.80‬‬
‫‪ )(2‬أقوال مأثورة ص ‪.456‬‬
‫‪ )(3‬الكتاب الجامممع لسمميرة عمممر بممن عبدالعزيممز الخليفممة الخائف‬
‫الخاشع للملء‪ ،‬تحقيق د‪ .‬محمد البورنو ‪.2/594‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫تضمع فيهما حجرا ً يزداد بمه صمرح مجدك ارتفاعاً‪ ،‬ويقطمع‬
‫بها قومك في السعادة باعا ً أو ذراعاً‪.‬‬
‫فإن كنمت حريصما ً على أن يكون لك المجمد السممى‪،‬‬
‫ولقوممك السمعادة العظممى _فَدَع الراحمة جانباً‪ ،‬واجعمل‬
‫بينك وبين اللهو حاجباً‪.‬‬
‫وإذا رجعنمما البصممر فممي تاريممخ النوابممغ الذيممن رفعوا‬
‫للحكمممة لواءً _وجدناهممم يبخلون بأوقاتهممم أن يصممرفوا‬
‫(‪)1‬‬
‫شيئا ً منها في غير درس‪ ،‬أو بحث‪ ،‬أو تحرير‪.‬‬
‫قال ابممن عقيممل الحنبلي ×‪= :‬إنممي ل يحممل لي أن‬
‫أضيمع سماعة ممن عمري حتمى إذا تعطمل لسماني عمن‬
‫مذاكرة أو مناظرة‪ ،‬وبصمممري عمممن مطالعمممة _أعملت‬
‫فكري فممي حال راحتممي وأنمما مسممتطرح‪ ،‬فل أنهممض إل‬
‫(‪)2‬‬
‫وقد خطر لي ما أسطره‪.+‬‬
‫وقال‪= :‬إنمي أقْمصر بغايمة جهدي أوقات أكلي‪ ،‬حتمى‬
‫سيه بالماء على الخبز؛ لجل ما‬ ‫ح ِّ‬ ‫أختار س َّ‬
‫ف الكعك وت َ َ‬
‫بينهمممما ممممن تفاوت المضمممغ؛ توفرا ً على مطالعمممة‪ ،‬أو‬
‫(‪)3‬‬
‫تسطير فائدة لم أدركها فيها‪.+‬‬
‫ولهذا خلف × آثارا ً عظيمممة؛ فله كتاب الفنون‪ ،‬الذي‬
‫(‪)4‬‬
‫قيل عنه‪ :‬إنه بلغ ثمانمائة مجلدة‪.‬‬
‫فإذا كان الوقممممت بهذه المكانممممة فأجدر بالمعلم أن‬
‫يحافمظ عليمه أشمد المحافظمة‪ ،‬وأل ينفمق سماعات عمره‬
‫إل بمما يعود عليمه وعلى طلبمه بالنفمع‪ ،‬وأن يحذر غايمة‬
‫الحذر من إضاعة الوقت بما ل ينفع فضل ً عما يضر‪.‬‬

‫انظر السعادة العظمى ص ‪.66‬‬ ‫‪)(1‬‬


‫ذيل طبقات الحنابلة لبن رجب الحنبلي ‪.146_1/145‬‬ ‫‪)(2‬‬
‫ذيل طبقات الحنابلة ‪.1/146‬‬ ‫‪)(3‬‬
‫انظر ذيل طبقات الحنابلة ‪.1/156‬‬ ‫‪)(4‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ومما يحسن تنبيه المعلمين عليه في هذا الشأن أن‬
‫يتجنبوا ما يلي‪:‬‬
‫أ_ التأخُُر عُُن الدرس بل مسُُوغ‪ :‬فذلك ينتممج‬
‫عنممه الخلل بالمانممة‪ ،‬وترك الطلب فوضممى بل رقيممب‬
‫ول حسيب‪.‬‬
‫كمما ينتمج عنمه إضاعمة الدرس‪ ،‬وحرمان الطلب ممن‬
‫الفائدة‪.‬‬
‫ب_ الغياب بل عذر‪ :‬فل يجوز أن يغيممممب بل عذر؛‬
‫لن فممممي ذلك تفريطا ً وإخللً‪ ،‬كممممما أن فيممممه إحراجاً‬
‫للزملء‪ ،‬وإثقال ً عليهم بحمل حصص النتظار‪.‬‬
‫جُُُُ _شغُُُل الدرس بمُُُا ل ينفُُُع‪ :‬وذلك كأن‬
‫يتشعمب المعلم فمي أحاديمث ل طائل تحتهما‪ ،‬ول فائدة‬
‫ترجى من ورائها‪.‬‬
‫د_ قلة الستفادة من الجتماعات‪ :‬فالمعلمون‬
‫كثيرا ً مما يجتمعون‪ ،‬ويلتقمي بعضهمم ببعمض‪ ،‬واللئق بهمم‬
‫أن يكون اجتماعهم غنيمة يتعلم فيها بعضهم من بعض‪،‬‬
‫ويتطارحون المسممائل العلميممة النافعممة‪ ،‬ويتحدثون عممن‬
‫مشكلت الطلب وحلولهممما‪ ،‬ومحاولة الرتقاء بالطلب‬
‫إلى الكممل والمثمل‪ ،‬أو مما شاكمل ذلك ممما ينبغمي لهمم‬
‫أن يأخذوا به؛ فهذا هو اللئق بهم‪ ،‬والمؤمل فيهم؛ إذ ل‬
‫يليمق بهمم أن تضيمع أوقاتهمم سمدى‪ ،‬فضل ً عمن أن تضيمع‬
‫ب‬‫بالقيممل والقال‪ ،‬والشتغال بالناس؛ فذلك مممما يَذْهَمم ُ‬
‫ببهجة العلم ونوره‪.‬‬
‫بمل يجممل بهمم أن يترفعوا عمن السمترسال فمي أمور‬
‫الحياة العامممة‪ ،‬كالغراق فممي الحديممث عممن النسمماء‪،‬‬
‫وأخبار المتزوجين‪ ،‬أو الحديث عن الطعمة‪ ،‬وألوانها‪.‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫قال الحنممف بممن قيممس ÷‪= :‬جنبوا مجالسممنا ذكممر‬
‫صافا ً لفرجه‬ ‫النساء والطعام؛ إني أبغض الرجل يكون و َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫وبطنه‪.+‬‬
‫وقال الشيخ محمد الخضر حسين ×‪= :‬وإنه ليعظم‬
‫فمي عينمك الرجمل بادئ الرأي‪ ،‬حتمى تحسمبه واحدا ً ممن‬
‫رجال المممة؛ فممما يروعممك إل وقممد أخممذ يسمموق إليممك‬
‫خص لك هيئاتهمما يحللهمما تحليلً‬ ‫ش ّ مِ‬‫حديممث الطعمممة‪ ،‬وي ُ َ‬
‫كيماوياً‪ ،‬ثم يطبخها بلسانه مرة أخرى‪.‬‬
‫وإن لِفِقْمهِ النفمس أثرا ً عظيما ً فمي تعديمل المخاطبات‬
‫(‪)2‬‬
‫وتحسين العادات‪.+‬‬
‫هُُ _ تأجيُل العمال عُن وقتهُا الحاضُر‪ :‬إمما‬
‫هروبا ً منهممما‪ ،‬أو تكاسمممل ً فمممي أدائهممما‪ ،‬فهذا ل يحسمممن‬
‫مل‬ ‫بالمعلم؛ فالعممل الذي يؤجمل ق َّ‬
‫ل أن يُعْممل‪ ،‬وإذا عُم ِ‬
‫ل أن يُعْممل بإتقان كمما لو كان فمي وقتمه‪ ،‬وإذا عممل‬ ‫فق َّ‬
‫في غير وقته ولو بإتقان أث َّر _في الغالب_ على أعمال‬
‫أخرى‪.‬‬
‫فينبغمي للمعلم أن يحزم أمره‪ ،‬وأن يؤدي عمله بكمل‬
‫َ‬
‫جد‪ ،‬وأن يغتنم كل فرصة ولو قل ّت؛ ليعمل بها ما تيسر‬
‫ولو كان قليلً؛ فذلك ممما يبعمث نشاطمه‪ ،‬ويريحمه ممن‬
‫تراكم العمال‪.‬‬
‫قال ابممن المقفممع‪= :‬إذا تراكمممت عليممك العمال فل‬
‫روح بالروغان منهما؛ فإنمه ل راحمة لك إل فمي‬ ‫تلتممس ال َّ ْ‬
‫إصدارها‪.‬‬
‫وإن الصبر عليها هو الذي يخففها عنك‪ ،‬والضجر هو‬
‫(‪)3‬‬
‫الذي يراكمها عليك‪.+‬‬
‫‪ )(1‬سير أعل م النبلء للذهبي ‪.4/94‬‬
‫‪ )(2‬السعادة العظمى ص ‪.270‬‬
‫‪ )(3‬الدب الصغير والدب الكبير ص ‪.152‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وقال ابمن حزم ×‪= :‬ل تحقمر شيئا ً ممن عممل غدٍ أن‬
‫ل؛ فإن قليمممل العمال‬ ‫تحققمممه بأن تعجله اليوم وإن ق َّ‬
‫يجتمممع كثيرهمما‪ ،‬وربممما أعجممز أمرهمما عنممد ذلك فيبطممل‬
‫(‪)1‬‬
‫الكل‪.+‬‬
‫ولقد أحسن من قال‪:‬‬
‫ه‬
‫م ِ من الدقيق ْ‬ ‫احرص على‬
‫مممممم‬‫النفممممع َ اله ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫ه‬‫الحقيق ْممممممم‬ ‫س‬‫سها تن َمم‬ ‫إن تَن ْمم‬
‫مممممممممممممممممم‬ ‫اله‬
‫‪ _24‬حسن ْالمنطق‪:‬‬
‫فحسمن المنطمق‪ ،‬وروعمة البيان ممن مظاهمر المروءة‬
‫الصادقة‪ ،‬ومن أعظم السباب الداعية لقبول الحق‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ولهذا قيل‪= :‬كلما كان اللسان أبين كان أحمد‪.+‬‬
‫بمل لقمد =ذكمر الله _تبارك وتعالى_ جميمل بلئه فمي‬
‫تعليمم البيان‪ ،‬وعظيمم نعمتمه فمي تقويمم اللسمان‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫م ُُُ‬ ‫عل ّ َ‬
‫ن َ‬
‫سا َ‬ ‫خل َُُ َ‬
‫ق الِن َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫قْرآ َُُ‬ ‫عل ُُّ َ‬
‫ن َ‬
‫م ُُُ‬
‫ح َ‬‫[الَّر ْ‬
‫ن] (الرحمن‪.)4_1:‬‬ ‫الْبَيَا َ‬
‫ومدح القرآن بالبيان والفصمماح‪ ،‬وبحسممن التفصمميل‬
‫ماه‬ ‫واليضاح‪ ،‬وبجودة الفهام وحكممممممة البلغ‪ ،‬وسممممم َّ‬
‫(‪)4‬‬
‫ماه قرآناً‪.+‬‬ ‫فرقاناً‪ ،‬كما س َّ‬
‫ولهذا يحسممن بالمعلم _وأداتممه الولى اللسممان_ أن‬
‫يهذب ألفاظممه‪ ،‬وأن يجمممل كلمممه؛ ليقممع موقعممه فممي‬
‫القلوب‪ ،‬وليفهم الطلب عنه ما يريد تبيانه‪.‬‬

‫‪ )(1‬الخلق والسير ص ‪.28_27‬‬


‫‪ )(2‬الحديقمة لمحمب الديمن الخطيمب ‪ ،2/123‬وانظمر تفصميل الحديمث‬
‫عمن الوقمت والمحافظمة عليمه فمي الهممة العاليمة للكاتمب ص ‪_241‬‬
‫‪.254‬‬
‫‪ )(3‬البيان والتبيين للجاحظ ‪.1/11‬‬
‫‪ )(4‬البيان والتبيين ‪.1/8‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫كمممل ذلك مشروط بأل يتقصمممد حوشمممي الكلم‪ ،‬ول‬
‫يتعمد التقعير فيه‪.‬‬
‫وبالجملة فليحرص على تجنمممب السمموقي القريممب‪،‬‬
‫والحوشمي الغريمب؛ حتمى يكون كلممه حال ً بيمن حاليمن‪،‬‬
‫كما قال بعض الشعراء‪:‬‬
‫ً (‪)1‬‬
‫صممممممممممممممممممممممممعبا‬ ‫عليممك بأوسمماط المور؛‬
‫مممممممممممممممممممممممممما‬
‫فإنهم‬
‫العسمكري ×‪= :‬وأجود الكلم مما يكون‬ ‫قال أبمو هلل‬
‫جزل ً سممممهلً‪ ،‬ل ينغلق معناه‪ ،‬ول يسممممتبهم مغزاه‪ ،‬ول‬
‫يكون مكدودا ً مسمتكرهاً‪ ،‬ومتوعرا ً متقعِّراً‪ ،‬ويكون بريئاً‬
‫من الغثاثة‪ ،‬عاريا ً من الرثاثة‪.‬‬
‫والكلم إذا كان لفظه غثَّاً‪ ،‬ومعرضه رثَّا ً _كان مردوداً‬
‫ى وأنبله‪ ،‬وأرفعمممممممممممممممممه‪،‬‬ ‫ل معن ً‬‫ولو احتوى على أج ِّ‬
‫(‪)2‬‬
‫وأفضله‪.+‬‬
‫نظمر معاويمة ÷ إلى ابمن عباس _رضمي الله عنهمما_‬
‫فأتبعه بصره ثم قال متمثلً‪:‬‬
‫ن اللسمان‬ ‫مصميب ولم يث ِم‬ ‫إذا قال لم يترك مقالً‬
‫جر‬
‫على هُ ْ ِ‬ ‫لقائل‬
‫(‪)3‬‬
‫ممممممممممممممممممممممقر‬
‫الصم‬ ‫ف بالقول اللسممان‬ ‫صّرِ ُ‬
‫ي ُم َ‬
‫انتحممممممممممممممممممممى‬
‫=وممن أحسمن ماقيمل فمي مدح‬ ‫إذاقال ابمن عبدالبر ×‪:‬‬
‫البلغممة مممن النظممم قول حسممان ابممن ثابممت فممي ابممن‬
‫عباس‪:‬‬
‫وفتَّاق أبكار الكلم‬ ‫ت إذا مما الصممت‬ ‫صممو ٌ‬
‫مِ)‬
‫َ‬
‫المخت ّمممممممممممممممممممممممم(‪4‬‬ ‫زي ّمممممممممممممممممممممَن أهله‬
‫والدمممممممممممممممممممممممم‬
‫ِ‬ ‫وعممى ممما وعممى القرآن‬
‫ممممممن كمممممل حكممممممة‬
‫‪ )(1‬العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده لبن رشيق القيرواني‬
‫‪ 1/199‬وانظر البيان والتبيين ‪.1/255‬‬
‫‪ )(2‬كتاب الصناعتين لبي هلل العسكري ص ‪.67‬‬
‫‪ ) (3‬بهجة المجالس ‪ ،1/58‬والتمهيد لبن عبدالبر ‪.5/179‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫‪ _25‬الصغاء للمتحدث والنصات للسائل‪:‬‬
‫فل يليق بالمعلم أن يترك الصغاء لمحدثه _خصوصاً‬
‫الطالب_ سممواء بمقاطعتممه‪ ،‬أو منازعتممه الحديممث‪ ،‬أو‬
‫بالشاحة بالوجه عنه‪ ،‬أو إجالة النظر يمنة ويسرة‪.‬‬
‫كل ذلك مما ينافي أدب المحادثة؛ فينبغي للمعلم أن‬
‫يتجافى عنه؛ فإن إقباله على محدثه دليل على ارتياحه‬
‫له‪ ،‬وأنسه بحديثه‪.‬‬
‫بمل إن المتحدث البارع همو المسمتمع البارع‪ ،‬وبراعمة‬
‫السمتماع تكون بالذن‪ ،‬وطرف العيمن‪ ،‬وحضور القلب‪،‬‬
‫وإشراقة الوجه‪ ،‬وبتحريك الرأس ونحو ذلك‪.‬‬
‫قال ابن عباس _رضي الله عنهما_‪= :‬لجليسي عل َّ‬
‫ي‬
‫ثلث‪ :‬أن أرميممه بطرفممي إذا أقبممل‪ ،‬وأن أوسممع له فممي‬
‫(‪)1‬‬
‫المجلس إذا جلس‪ ،‬وأن أصغي إليه إذا تحدث‪.+‬‬
‫ومما ينبغي للمعلم في هذا الصدد أن ينصت للسائل‬
‫إذا سأل‪ ،‬قال ابن جماعة في أدب المعلم‪= :‬أن يلزم‬
‫مورده‬ ‫النصاف في بحثه وخطابه‪ ،‬ويسمع السؤال من ُ‬
‫على وجهممه وإن كان صممغيراً‪ ،‬ول يترفممع عممن سممماعه‬
‫(‪)2‬‬
‫فيحرم الفائدة‪.+‬‬
‫وممما يجممل بمه أن يلطمف العاجمز عمن البانمة عمن‬
‫سمؤاله‪ ،‬قال ابمن جماعمة ×‪= :‬وإذا عجمز السمائل عمن‬
‫تقرير ما أورده‪ ،‬أو تحرير العبارة فيه؛ لحياءٍ‪ ،‬أو قصور‪،‬‬
‫ووقع على المعنى _عبر عن مراده‪ ،‬وبين وجه إيراده‪،‬‬

‫‪ )(4‬التمهيممد ‪ ،5/178‬وانظممر أخطاء فممي أدب المحادثممة والمجالسممة‬


‫للكاتب ص ‪.103_99‬‬
‫‪ )(1‬عيون الخبار لبن قتيبة ‪.1/306‬‬
‫‪ )(2‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.78‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ورد على ممن أورد عليمه‪ ،‬ثمم يجيمب بما عنده‪ ،‬أو يطلب‬
‫(‪)1‬‬
‫ذلك من غيره‪ ،‬ويتروى فيما يجيب به رده‪.+‬‬
‫ومممما يجمممل بممه _أيضاً_ أل يجيممب إل بعممد أن ينتهممي‬
‫السممائل مممن سممؤاله‪ ،‬قال عمممر ابممن عبدالعزيممز ×‪:‬‬
‫=خصمملتان ل تعدمانممك مممن الجاهممل‪ :‬كثرة اللتفات‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وسرعة الجواب‪.+‬‬
‫أممما إذا خشممي المعلم أن يكون فممي إكمال السممؤال‬
‫منافاة للذوق‪ ،‬أو توقممع حصممول مفسممدة خصمموصا ً إذا‬
‫كان الطالب ممممن ل يبالي بممما يقول _فل على المعلم‬
‫أن يقاطعه‪ ،‬ويصرفه عن سؤاله‪.‬‬
‫‪ _26‬تدريُُُُُب الطلب على أسُُُُُاليب الكلم‬
‫وآدابه وطرائقه‪:‬‬
‫لن ذلك ممما ينممي عقمل الطالب‪ ،‬ويزيده رغبمة فمي‬
‫الكشف عن حقائق المور‪.‬‬
‫كمما أن ذلك ممما يكسمبه الثقمة فمي نفسمه‪ ،‬ويورثمه‬
‫الجرأة والشجاعمممممة الدبيمممممة‪ ،‬ويشعره بالسمممممعادة‬
‫والطمأنينة‪ ،‬والقوة والعتبار‪.‬‬
‫وذلك ممممما يعده للبناء والعطاء‪ ،‬ويؤهله لن يعيمممش‬
‫كريماً‪ ،‬شجاعاً‪ ،‬صريحا ً في طرح آرائه‪.‬‬
‫أممما التقصممير فممي ذلك فيورث آثارا ً عكسممية‪ ،‬ويجممر‬
‫على الطالب أضرارا ً قمد تؤثمر فمي مسمتقبله‪ ،‬ومسميرة‬
‫حياتمه؛ فقمد يعجمز عمن الكلم‪ ،‬وقمد يصماب ببعمض عيوب‬
‫النطق من فأفأة‪ ،‬وتمتمةٍ وغيرها‪.‬‬

‫‪ )(1‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.78‬‬


‫‪ )(2‬عيون الخبار ‪.2/39‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وقمد يصاب بمرض‪ ،‬وقمد يعانمي من مشكلت‪ ،‬فيزداد‬
‫مرضمه‪ ،‬وتتضاعمف مشكلتمه؛ بسمبب عجزه عمن البانمة‬
‫عما أصابه‪.‬‬
‫وقمد يظلم‪ ،‬أو توجمه له تهممة‪ ،‬فيؤخمذ بهما وهمو بريمء‬
‫منها؛ لعجزه عن الدفاع عن نفسه‪.‬‬
‫وقمممد تضطره الحال لن يتحدث أمام زملئه‪ ،‬فيعلوه‬
‫الخجمل‪ ،‬ويرى أن اللفاظ ل تسمعفه‪ ،‬فيشعمر بالنقمص‪،‬‬
‫خصوصا ً إذا وجد من يسخر به‪.‬‬
‫ولهذا كان حريا ً بالمعلميممممن أن يعنوا بهذا الجانممممب‪،‬‬
‫ويرعوه حمق رعايتمه‪ ،‬فيحسمن بهمم إذا خاطبهمم الطلب‬
‫أن يقبلوا عليهممم‪ ،‬وأن يصممغوا إلى حديثهممم‪ ،‬وأن يجيبوا‬
‫عممن أسممئلتهم‪ ،‬وأن ينأوا عممن كممل ممما يشعممر باحتقار‬
‫الطلب وازدرائهم‪.‬‬
‫‪ _27‬الترسُل فُي الكلم‪ ،‬والتوسُط فُي رفُع‬
‫الصوت وخفضه‪:‬‬
‫قال ابممن جماعممة ×‪= :‬ول يسممرد الكلم سممرداً‪ ،‬بممل‬
‫(‪)1‬‬
‫يرتله‪ ،‬ويرتبه‪ ،‬ويتمهل فيه؛ ليفكر فيه هو وسامعه‪.+‬‬
‫وقال‪= :‬أل يرفممع صمموته زائدا ً على قدر الحاجممة‪ ،‬ول‬
‫(‪)2‬‬
‫يخفضه خفضا ً ل يحصل معه كمال الفائدة‪.+‬‬
‫وقال‪= :‬والولى أل يجاوز صموته مجلسمه‪ ،‬ول يقصمر‬
‫عن سماع الحاضرين؛ فإن حضر فيهم ثقيل السمع فل‬
‫(‪)3‬‬
‫بأس بعلو صوته بقدر ما يسمعه‪.+‬‬
‫‪ _28‬تجنب تكرار الحديث بل داع‪:‬‬

‫‪ )(1‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.75‬‬


‫‪ )(2‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.64‬‬
‫‪ )(3‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.75‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫فتكرار الحديممث‪ ،‬أو القصممة بل داع لذلك يعممد مممن‬
‫عيوب الكلم؛ لنممه مممما يورث المللة‪ ،‬ويولد السممآمة‪،‬‬
‫مما يجعل الذواق تمجه‪ ،‬والذان تستك من سماعه‪.‬‬
‫كذلك ل يحسممممن بالمعلم أن يردد بعممممض العبارات‬
‫بصورة كثيرة؛ فربما أخذها الطلب عليه‪ ،‬وسموه بها‪.‬‬
‫قال الحكيم‪:‬‬
‫ممن الحديمث بمما يمضمي‬ ‫إذا تحدثممممت فممممي قوم‬
‫ومممممممممممما يأتمممممممممممي‬ ‫لتؤنسمممممممممممممممممممممهم‬
‫(‪)1‬‬
‫المعادات‬ ‫فل تكرر حديثا ً إن‬
‫طبعهممممممممممممممممممممممممم‬
‫=واستعيد ابن عباس ÷ حديثا ً فقال‪ :‬لول أني أخاف‬
‫جد َّمته‬ ‫أن أغمض ممن بهائه‪ ،‬وأريمق ممن مائه‪ ،‬وأ ُ ْ‬
‫خل ِمقَ ممن ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫_لعَدْتُه‪.+‬‬
‫أممما إذا دعممت الحاجممة لتكرار الحديممث فل باس فممي‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪ _29‬الحذر من إحراج الطالب في السؤال‪:‬‬
‫فسمؤال المعلم طلبمه عمما يعنيهمم بعيدا ً عمما يوقعهمم‬
‫فممي الحرج _ حسممن مطلوب‪ ،‬بممل هممو مممن مقومات‬
‫الدرس‪.‬‬
‫ولكمن ينبغمي للمعلم أل يحرج الطالب بالسمئلة‪ ،‬كأن‬
‫يسمأله عمن أممر خاص‪ ،‬ل يود أن يطلع عليمه أحمد ممن‬
‫الناس‪ ،‬أو أن يسمأله عمن أمور يُخشمى أن تكون الجابمة‬
‫ة للمعلم؛ فلربمممما عََّرض المعلم نفسمممه‬ ‫عنهممما محرج ً‬
‫موبِّخ‪.‬‬ ‫مسكت ُ‬ ‫لموقف محرج‪ ،‬أو لرد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سألُوا‬ ‫منُوا ل ت َ ُ ْ‬ ‫نآ َ‬‫ذي َ ُ‬ ‫ها ال ّ ِ‬‫قال _تعالى_‪[ :‬ي َ ُا أي ّ ُُ َ‬
‫م] (المائدة‪.)101 :‬‬ ‫ؤك ُ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫م تَ ُ‬‫ن تُبْدَ لَك ُ ْ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫شيَاءَ إ ِ ْ‬ ‫ع ْ‬
‫َ‬

‫‪ )(1‬إصلح المجتمع للبيحاني ص ‪.360‬‬


‫‪ )(2‬زهر الداب للحصري ‪.1/196‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫قال ابمن عبدالبر ×‪= :‬قال تميمم بمن نصمر بمن سميار‬
‫لعرابي‪ :‬هل أصابتك تخمة؟‬
‫(‪)1‬‬
‫قال‪ :‬أما من طعامك فل‪.+‬‬
‫=وكان الفرزدق مرة ينشمد‪ ،‬والكميمت صمبي‪ ،‬فأجاد‬
‫الستماع إليه‪.‬‬
‫سُّرك أني أبوك؟‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا بني‪ ،‬أي َ ُ‬
‫قال‪ :‬أممما أبممي فل أرى بممه بدلً‪ ،‬ولكممن يسممرني أنممك‬
‫(‪)2‬‬
‫أمي‪ ،‬فأفحمه حتى غص بريقه‪.+‬‬
‫قال الحكيم‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫يصمممممممممممممممممممممممرع‬ ‫ود ِع السؤال عن المور‬
‫وبحثهمممممممممممممممممممممممما‬
‫‪ _30‬صُُُيانة الدرس عُُُن اللغُُُط‪ ،‬وتجنُُُبيه‬
‫البذيء من اللفاظ‪:‬‬
‫فالمروءة تقتضمممي أن يصمممون المعلم درسمممه ممممن‬
‫(‪)4‬‬
‫اللغط؛ فإن الغلط تحت اللغط‪.‬‬
‫والمروءة تأممر صماحبها أن ينزه لسمانه ممن الفحمش‪،‬‬
‫وأن يطهره مممن البذاءة‪ ،‬وأن يجله مممن ذكممر العورات؛‬
‫فإن ممممن سممموء الدب أن تفلت اللفاظ البذيئة ممممن‬
‫المرء غير عابئ بمواقعها وآثارها‪.‬‬
‫والمروءة _كذلك_ تحفممظ لسممان صمماحبها مممن أن‬
‫يلفظ مثلما يلفظ أهل الخلعة من سفه القول‪:‬‬
‫إن السمفاه بذي المروءة‬ ‫وحذارِ ممن سمفه يشينمك‬
‫زاري‬ ‫وصمممممممممممممممممممممممممفُه‬

‫‪ )(1‬أدب المجالسة وحمد اللسان لبن عبدالبر ص ‪.101‬‬


‫‪ )(2‬العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده ‪.79_2/78‬‬
‫‪ )(3‬عيممن الدب والسممياسة وزيممن الحسممب والرياسممة لعلي بممن‬
‫عبدالرحمن بن هذيل ص ‪.277‬‬
‫‪ )(4‬انظر تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.75‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وعظماء الرجال يلتزمون في أحوالهم جميعا ً أل تبدر‬
‫منهممم كلمممة نابيممة‪ ،‬ويتحرجون مممن صممنوف الخلق أن‬
‫(‪)1‬‬
‫يكونوا سفهاء أو متطاولين‪.‬‬
‫ش‪،‬‬‫قال المام النووي ×‪= :‬ومممما ينهممى عنممه الفح ُمم‬
‫وبذاءةُ اللسان‪.‬‬
‫والحاديث الصحيحة فيه كثيرة ومعروفة‪.‬‬
‫ومعناه‪ :‬التعممممبير عممممن المور المسممممتقبحة بعبارة‬
‫صريحة‪ ،‬وإن كانت صحيحة‪ ،‬والمتكلم بها صادقاً‪.‬‬
‫ت‪ ،‬ويعمبر عنهما‬ ‫وينبغمي أن يسمتعمل فمي ذلك الكنايا ُم‬
‫بعبارة جميلة يفهم بها الغرض‪.‬‬
‫وبهذا جاء القرآن العزيمممممز‪ ،‬والسمممممنن الصمممممحيحة‬
‫المكرمة‪.‬‬
‫م لَيْل َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ث‬‫ف ُُُ‬ ‫صيَام ِ الَّر َ‬ ‫ة ال ُُِّ‬ ‫ل لَك ُُُ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫قال _تعالى_‪[ :‬أ ِ‬
‫م] (البقرة‪.)187 :‬‬ ‫سائِك ُ ْ‬ ‫إِلَى ن ِ َ‬
‫ضى‬ ‫ف َُُ‬ ‫قدْ أ َ ْ‬‫و َ‬‫ه َ‬ ‫خذُون َُُ ُ‬ ‫ف تَأ ْ ُ‬ ‫وكَي ُُْ َ‬ ‫وقال _تعالى_‪َ [ :‬‬
‫ض] (النساء‪.)21 :‬‬ ‫ٍ‬ ‫م إِلَى ب َ ْ‬
‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ضك ُ‬ ‫ع ُ‬‫بَ ْ‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫ن طَل ّ ْ‬
‫ن‬
‫لأ ْ‬ ‫قب ْ ِ‬‫ن َ‬ ‫م ُْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه َُّ‬‫مو ُ‬ ‫قت ُ ُ‬ ‫وإ ُِ ْ‬
‫وقال _تعالى_‪َ [ :‬‬
‫ن] (البقرة‪.)237 :‬‬ ‫ه َّ‬ ‫سو ُ‬ ‫م ُّ‬‫تَ َ‬
‫واليات والحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة‪.‬‬
‫قال العلماء‪ :‬فينبغي أن يستعمل في هذا وما أشبهه‬
‫ممن العبارات التمي يسمتحيا ممن ذكرهما بصمريح اسممها‬
‫_الكنايات المفهممة‪ ،‬فَيُكَن ّ ِمي عمن جماع المرأة بالفضاء‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫والدخول والمعاشرة‪ ،‬والوقاع‪ ،‬ونحوها‪.+‬‬

‫‪ )(1‬انظر أخطاء في أدب المحادثة والمجالسة ص ‪.99_95‬‬


‫‪ )(2‬الذكار للنووي ص ‪.234‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫قال‪= :‬وكذلك يُكَن ّممممَى عممممن البول‪ ،‬والتغوط بقضاء‬
‫الحاجممممة‪ ،‬والذهاب إلى الخلء‪ ،‬ول يصممممرح بالخراءة‪،‬‬
‫والبول‪ ،‬ونحوهما‪.‬‬
‫وكذلك ذكمممر العيوب كالبرص‪ ،‬والبخمممر‪ ،‬والصمممنان‪،‬‬
‫وغيرها _يعبر عنها بعبارات جميلة‪ ،‬يفهم منها الغرض‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ويلحق بما ذكر من المثلة ما سواه‪.+‬‬
‫قال القاسمممي ×‪= :‬إياك وممما يسممتقبح مممن الكلم؛‬
‫فإنه يُنَفِّر عنك الكرام‪ ،‬ويؤثب عليك اللئام‪.+‬‬
‫وعن عبدالله بن مسعود ÷ قال‪ :‬قال رسول الله "‪:‬‬
‫َ‬
‫=ليُُُُُس المؤمُُُُُن بالطّعان‪ ،‬ول اللعان‪ ،‬ول‬
‫(‪)2‬‬
‫الفاحش البذيء‪+‬‬
‫وممما يدخمل فمي ذلك مما كان مسمتنكر الظاهمر‪ ،‬وإن‬
‫كان معناه سليما ً بعد تدقيق النظر فيه‪.‬‬
‫قال الماوردي ×‪= :‬وممما يجري مجرى فحممش القول‬
‫وهُجره‪ ،‬ولزوم تنكبمه _مما كان شنيمع البديهمة‪ ،‬مسمتنكر‬
‫الظاهمر‪ ،‬وإن كان عقمب التأممل سمليماً‪ ،‬وبعمد الكشمف‬
‫(‪)3‬‬
‫والرويَّة مستقيماً‪.+‬‬
‫ثم ساق × أمثلة لذلك‪.‬‬

‫‪ )(1‬الذكار للنووي ص ‪.234‬‬


‫‪ )(2‬أخرجممه أحمممد ‪ ،1/404‬والترمذي (‪ ،)1977‬والبخاري فممي الدب‬
‫المفرد (‪ ،)232‬والبغوي فممي شرح السممنة (‪ ،)355‬وابممن أبممي شيبممة‬
‫‪ 11/18‬كلهم عن ابن مسعود‪.‬‬
‫وقال الترمذي‪= :‬حسن غريب‪ ،+‬وصححه الشيخ أحمد شاكر في‬
‫شرحه للمسند (‪ ،)3839‬وصححه اللباني في صحيح الدب المفرد‬
‫(‪.)237‬‬
‫‪ )(3‬أدب الدنيا والدين ص ‪.284‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وممممما تجدر الشارة إليمممه أنمممه ل ينبغمممي التصمممريح‬
‫ة _كممما‬‫ة ممما لم تدع حاج ٌ‬
‫بالعبارات المسممتكرهة صممراح ً‬
‫مر_‪.‬‬
‫أما إذا دعت الحاجة للتصريح بصريح السم فل بأس‬
‫بذلك‪ ،‬بل هو المتعين‪.‬‬
‫قال النووي × بعمد أن تحدث عمن أنمه ينبغمي تجنمب‬
‫الفحمممش وبذاءة اللسمممان‪= :‬واعلم أن هذا كله إذا لم‬
‫ة إلى التصممريح بصممريح اسمممه؛ فإن دعممت‬ ‫تدعممُ حاج ٌ‬
‫الحاجممة لغرض البيان والتعليممم‪ ،‬وخيممف أن المخاطممب‬
‫يفهمم المجاز‪ ،‬أو يفهمم غيمر المراد _صمرح حينئذ ٍ باسممه‬
‫الصريح؛ ليحصل الفهام الحقيقي‪.‬‬
‫وعلى هذا يحممل مما جاء فمي الحاديمث ممن التصمريح‬
‫بمثممل هذا؛ فإن ذلك محمول على الحاجممة كممما ذكرنمما؛‬
‫فإن تحصمميل الفهام فممي هذا أولى مممن مراعاة مجرد‬
‫(‪)1‬‬
‫الدب وبالله التوفيق‪.+‬‬
‫‪ _31‬ل تتحدث عن نفسك إل إذا دعت الحاجة‪:‬‬
‫فمممن آفات المعلميممن أن منهممم مممن يجعممل الدرس‬
‫ميدانا ً لسمرد سميرته الذاتيمة بمناسمبة أو بغيمر مناسمبة‪،‬‬
‫وربممما سمممايره الطلب وجاملوه‪ ،‬فظممن أن ذلك دلي ُ‬
‫ل‬
‫فضله‪ ،‬وآية إعجابهم بشخصه‪.‬‬
‫فل تحفمممل _أيهممما المعلم المفضال_ بالحديمممث عمممن‬
‫نفسك‪ ،‬واجعل أعمالك تتحدث عنك؛ فذلك أبلغ وأكرم‪.‬‬
‫ثمم إن كان عندك ممن فضمل فثمق بأن الله سمينشره‪،‬‬
‫ولن تُظلم فتيلً‪.‬‬
‫إن الجميمممل إذا أخفيتمممه‬ ‫يخفمممي محاسمممنه والله‬
‫ظهرا‬ ‫يظهرهممممممممممممممممممممممما‬

‫‪ )(1‬الذكار ص ‪.235_234‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ثمم إن الصمل فمي مدح النسمان نفسمه المنمع؛ لقوله‬
‫_عز وجل_‪[ :‬فل تزكوا أنفسكم] (النجم‪.)32 :‬‬
‫وتزكية النفس داخلة في باب الفتخار غالباً‪.‬‬
‫فإن وجمد مما يقتضمي الحديمث عمن النفمس أو تزكيتهما‬
‫_إممما لتعريممف النسممان بنفسممه‪ ،‬وإممما لدفممع تهمممة‪ ،‬أو‬
‫لتوضيممح أمممر مبهممم‪ ،‬أو كان المرء بيممن قوم ل يعرفون‬
‫صدَع قناة عزته‪ ،‬أو نحو ذلك _فإن‬ ‫مقامه؛ فخشي أن ت ُ ْ‬
‫الحديمث عمن النفمس أو تزكيتهما _والحالة هذه_ جائز ل‬
‫غبار عليه‪.‬‬
‫قال النووي ×‪= :‬واعلم أن ذكمممر محاسمممن نفسمممه‬
‫ضربان‪ :‬مذموم‪ ،‬ومحبوب‪.‬‬
‫فالمذموم أن يذكمممممممممممر للفتخار‪ ،‬وإظهار الرتفاع‪،‬‬
‫والتميز على القران‪ ،‬وشبه ذلك‪.‬‬
‫والمحبوب أن يكون فيممه مصمملحة دينيممة‪ ،‬وذلك بأن‬
‫يكون آمرا ً بالمعروف‪ ،‬أو ناهيا ً عمممن منكرٍ‪ ،‬أو ناصمممحاً‬
‫بمصممممملحة‪ ،‬أو معلما ً أو مؤدباً‪ ،‬أو واعظاً‪ ،‬أو مذكراً‪ ،‬أو‬
‫مصمملحا ً بيممن اثنيممن‪ ،‬أو يدفممع عممن نفسممه شراً‪ ،‬أو نحممو‬
‫ذلك‪ ،‬فيذكممر محاسممنه‪ ،‬ناويا ً بذلك أن يكون هذا أقرب‬
‫إلى قبول قوله‪ ،‬واعتماد مممممما يذكره‪ ،‬وقمممممد جاء لهذا‬
‫(‪)1‬‬
‫المعنى ما ل يحصى من النصوص‪.+‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ثم ساق × أمثلة لذلك‪.‬‬
‫قال ابممن المقفممع‪= :‬وإن آنسممت مممن نفسممك فضلً‬
‫ج من أن تذكره‪ ،‬أو تبديه‪ ،‬واعلم أن ظهوره منك‬ ‫فَتحَّر ْ‬
‫بذلك الوجه يقرر لك في قلوب الناس من العيب أكثر‬
‫مما يقرر لك من الفضل‪.‬‬

‫‪ )(1‬الذكار ص ‪.247_246‬‬
‫‪ )(2‬الذكار ص ‪.247‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫واعلم أنممك إن صممبرت ولم تعجممل ظهممر ذلك منممك‬
‫بالوجه الجميل المعروف عند الناس‪.‬‬
‫ول يخفيممن عليممك أن حرص الرجممل على إظهار ممما‬
‫عنده‪ ،‬وقلة وقاره فمممي ذلك _باب ممممن أبواب البخمممل‬
‫واللؤم‪ ،‬وأن خيمممممممممر العوان على ذلك السمممممممممخاءُ‬
‫(‪)1‬‬
‫والتكرم‪.+‬‬
‫ح؛ فإن كممل مممن‬ ‫قال ابممن حزم ×‪= :‬إياك والمتدا َمم‬
‫يسمعك ل يصدقك وإن كنت صادقاً‪ ،‬بل يجعل ما سمع‬
‫(‪)2‬‬
‫منك من ذلك أول معايبك‪.+‬‬
‫مل طلبُُُُك وزملءك همومُُُُك‬ ‫ح ُُُُّ‬‫‪ _32‬ل ت ُ َ‬
‫وأوزارك‪:‬‬
‫فل أحممد فممي هذه الدنيمما يخلو مممن الهموم‪ ،‬ول أحممد‬
‫تواتيه المور دائما ً كما يريد‪.‬‬
‫سّر‬
‫ويوم ن ُمممساء ويوم ن ُممم َ‬ ‫م علينممما ويوم لنممما‬ ‫فيو ٌ مم‬
‫ولكمن الناس يتفاضلون فمي تلقمي المور واسمتقبالها؛‬
‫مه‪ ،‬دون أن يكتفمي بمه‬ ‫مل غيَره ه َّم‬
‫ح ّ ِم‬
‫فممن الناس ممن ي ُ َ‬
‫م غيره‪.‬‬‫وحده‪ ،‬فضل ً عن أن يتحمل هو همو َ‬
‫فتراه إذا غضب حمله غضبه على التقطيب في وجه‬
‫ن أغضبه‪ ،‬وسوءِ اللفظ لمن ل ذنب له‪ ،‬والعقوبة‬ ‫م ْ‬
‫غير َ‬
‫لمن ل يريد به إل دون ذلك‪.‬‬
‫ثم يبلغ به المر إذا رضي أن يتبرع بالمر ذي الخطر‬
‫لمن ليس بمنزلة ذلك عنده‪ ،‬ويعطي من لم يكن يريد‬
‫(‪)3‬‬
‫إعطاءه‪ ،‬ويكرم من لم يرد إكرامه‪.‬‬

‫‪ )(1‬الدب الصغير والدب الكبير ص ‪.135‬‬


‫‪ )(2‬الخلق والسير ص ‪.77‬‬
‫‪ )(3‬انظر الدب الصغير والدب الكبير ص ‪.105‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ومما هذا الصمنيع ممن الكياسمة فمي شيمء‪ ،‬بمل همو ممن‬
‫ة والمروءةَ‪،‬‬ ‫الخرق المذموم‪ ،‬وممممممما ينافمممممي الحكم َ‬
‫ل في سائر الحوال‪.‬‬ ‫والعتدا َ‬
‫وإل فمممما ذنمممب غيرك إذا لم تواتمممك المور؟‪ ،‬وماذا‬
‫مك إل زيادة الهممم‬ ‫سمميترتب على تحميلك الخريممن ه ّممَ‬
‫عليك وعليهم؟‬
‫ولهذا كان حري ّمممممًا بالمعلم أن يحرص على إسمممممعاد‬
‫نفسمممه‪ ،‬وعلى إدخال السمممرور والبهجمممة على زملئه‬
‫وطلبه‪ ،‬فيقبل عليهم بوجه وضاح‪ ،‬وجبين مشرق‪ ،‬وأن‬
‫يوطمممن نفسمممه على ذلك مهمممما نابمممه ممممن خطوب؛‬
‫فالسممرور بعتمممد على النفممس أكثممر مممن اعتماده على‬
‫الظروف الخارجيمة‪ ،‬وفمي الناس ممن ينعمم فمي الشقاء‪،‬‬
‫وفيهم من يشقى في النعيم‪.‬‬
‫ويخطممئ كثيممر مممن الناس حيممن يظممن أن أسممباب‬
‫سَّر‬
‫السمرور كلهما فمي الظروف الخارجيمة‪ ،‬فيشترط؛ لِي ُم َ‬
‫ة‪ ،‬وظروفا ً مواتيممة؛ فإذا لم تحصممل‬ ‫مالً‪ ،‬وبنيممن‪ ،‬وصممح ً‬
‫قال على الدنيممممما العفاء‪ ،‬فلزم العبوس‪ ،‬واسمممممتعذب‬
‫التقطيب‪ ،‬فتنغص ونغص على من حوله‪.‬‬
‫بمل إن هناك ممن ل يسمتطيع التبسمم بكمل مما يملك‪،‬‬
‫وهناك من يبتسم من أعماقه بأتفه ثمن وبل ثمن‪.‬‬
‫وهناك نفوس تستطيع أن تخلق من كل شيء شقاءً‬
‫ونكداً‪ ،‬وهناك نفوس تسممممتطيع أن توجممممد مممممن اللم‬
‫ض سعادة وأنساً‪ ،‬ومن أحكم ما قالته العرب‪:‬‬ ‫م ِّ‬‫م ِ‬
‫ال ُ‬
‫وفؤاده ممممممن حره يتأوه‬ ‫ولربممما ابتسممم الكريممم‬
‫ينغمصالذى‬
‫مممممممممممممممممممممن‬
‫على نفسمه وعلى ممن حوله ممن‬ ‫وهناك ممن‬
‫كلممة يسممعها أو يؤولهما تأويل ً سميئاً‪ ،‬أو ممن عممل تافه ٍم‬
‫حدث له أو منمه‪ ،‬أو ممن ربمح خسمره‪ ،‬أو ممن ربمح كان‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ينتظره فلم يحدث‪ ،‬فتراه بعمد ذلك وقمد اسمودت الدنيما‬
‫في نظره‪ ،‬ثم هو يسودها على من حوله‪.‬‬
‫وهؤلء عندهمممم قدرة على المبالغمممة فمممي الشمممر‪،‬‬
‫والمعان فممي اللم‪ ،‬فيجعلون مممن الحبممة قبممة‪ ،‬ومممن‬
‫البذرة شجرة‪ ،‬وليمممس عندهمممم قدرة على الخيمممر‪ ،‬فل‬
‫يفرحون بممما أوتوا ولو كان كثيراً‪ ،‬ول ينعمون بممما نالوا‬
‫ولو كان عظيماً‪.‬‬
‫ومممما هكذا تورد البمممل‪ ،‬ومممما هكذا تسمممتقبل أحداث‬
‫الحياة‪.‬‬
‫ولهذا كان مممن النعممم الكممبرى على المرء أن يُمنممح‬
‫القدرة على السممرور يسممتمتع بممه إن كانممت أسممبابُه‪،‬‬
‫ويوجدهما قدر المسمتطاع إن لم تكمن؛ فذلك ممما يبعمث‬
‫الروح‪ ،‬ويذكممي الهمممة؛ فالرجممل المبتهممج بالحياة يزيده‬
‫ابتهاجمه قوةً إلى قوتمه؛ فيكون أقدر على الجمد وحسمن‬
‫النتاج‪ ،‬ومقابلةِ الصمعاب ممن الرجمل المنقبمض الصمدر‪،‬‬
‫الممتلئ بالهم والغم‪.‬‬
‫والتجربممة شاهممد على أن المسممتبشرين الباسمممين‬
‫ة‪ ،‬وأقدرهم على الجد والنشاط‪،‬‬ ‫س صح ً‬‫للحياة خيُر النا ِ‬
‫وأقربهمم إلى النجاح والفلح؛ فالبتسمام للحياة يضيئهما‪،‬‬
‫ويعيممن على احتمال متاعبهمما؛ فالعمممل الشاق يخممف‬
‫حمله بالنفس المشرقة المتفائلة‪.‬‬
‫ولهذا فمما أحرى بالمعلم أن يتحلى بتلك الصمفة‪ ،‬وأن‬
‫يأخممذ نفسممه بهمما؛ فالمبتسمممون للحياة ليسمموا أسممعد‬
‫الناس حال ً لنفسممهم فحسممب‪ ،‬وإنممما يسممعد بهممم مممن‬
‫(‪)1‬‬
‫حولهم‪.‬‬

‫‪ )(1‬انظر الهمة العالية ص ‪.218_212‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫هذا وإن ممما يعيمن على السمرور والسمعادة‪ ،‬وتحممل‬
‫الهموم زيادة على ما مضى ما يلي‪:‬‬
‫أ_ التدرب على البشُُُر والطلقُُُة وتجنُُُب‬
‫العبوس والتقطيُُب‪ :‬فعممن سممعيد بممن عبدالطائي‬
‫قال‪ :‬كان عمر بن عبدالعزيز يتمثل بهذه البيات‪:‬‬
‫م‬ ‫س جميعا ً ولقِهِممممممممممم ْ‬ ‫الق َم بالبشمر ممن لقيمت‬
‫ه‬
‫ْممممممممممممممممممممم ْم‬ ‫بالطلق‬
‫طيِّبا ً‬ ‫النمممممممممممما‬ ‫مممممممممممممن‬
‫ه‬ ‫طعمه لذيذ المذاق‬ ‫ن منهمم بمه جناءَ ثمارٍ‬ ‫ج ِم‬‫تَ ْ‬
‫س فإن العبوس رأس‬ ‫س عن‬ ‫ه والعبو َ‬ ‫ود ِع التِّي ْ َ‬
‫ه)‬
‫ْمممممممممممممممممممممم‪1‬م‬ ‫الحماق‬ ‫النممممممممممممممممممممممممممممما‬
‫(‬
‫ه‬
‫الصممممممممممممممممممممداق ْ‬ ‫ت أن تعادي‬ ‫كلمممما شئ َممم‬
‫عاديممممممممممممممممممممممممممم‬
‫وقال أبو جعفر المنصور‪= :‬إن أحببت أن يكثر الثناء‬
‫الجميممل عليممك مممن الناس بغيممر نائل _فالقهممم ببشممر‬
‫(‪)2‬‬
‫حسن‪.+‬‬
‫=وقيل للعتابي‪ :‬إنك تلقى الناس كلهم بالبشر!‬
‫قال‪ :‬دفممع ضغينممة بأيسممر مؤونممة‪ ،‬واكتسمماب إخوان‬
‫(‪)3‬‬
‫بأيسر مبذول‪.+‬‬
‫وقال محمد بن حازم‪:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫الطليممممممممممممممممممق‬ ‫وما اكتسب المحامد‬
‫حامدوهممممممممممممممممما‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫صممممممممممممدق المودة‬ ‫البشممر يكسممب أهله‬
‫ه‬
‫ممممممممممممممممم‪5‬م)‬ ‫والمحب ْم‬
‫(‬
‫ه‬
‫والمسمممممممممممممممب ْ‬ ‫والتيمه يسمتدعي لصما‬

‫الكتاب الجامع ‪.2/594‬‬ ‫‪)(1‬‬


‫عين الدب والسياسة ص ‪.154‬‬ ‫‪)(2‬‬
‫بهجة المجالس ‪.2/665‬‬ ‫‪)(3‬‬
‫بهجة المجالس ‪.2/298‬‬ ‫‪)(4‬‬
‫عين الدب والسياسة ص ‪.153‬‬ ‫‪)(5‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫قال ابممن عقيممل الحنبلي‪= :‬البشممر مؤنممس للعقول‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ومن دواعي القبول‪ ،‬والعبوس ضده‪.+‬‬
‫ب_ اسُتحضار الجُر المترتُب على التبسُم‪:‬‬
‫فالنسمان إذ تبسمم أدخمل السمرور على إخوانمه‪ ،‬وبذلك‬
‫ينال الجر من الله _عز وجل_‪.‬‬
‫قال النمممبي "‪= :‬تبسُُُمك فُُُي وجُُُه أخيُُُك‬
‫(‪)2‬‬
‫صدقة‪.+‬‬
‫ن مُُُن المعروف شيئاً‪ ،‬ولو‬ ‫وقال‪= :‬ل تحقر َُُُّ‬
‫(‪)3‬‬
‫أن تلقى أخاك بوجه طلق‪.+‬‬
‫ج _ أن تسُُُتحضر أن التبسُُُم للحياة دليُُُل‬
‫على الحزم وقوة العزيمة‪:‬‬
‫ولهذا إذا أراد الدباء أن يبالغوا فممممممممممي الثناء على‬
‫الممدوح‪ ،‬ويممبينوا عظممم همتممه واسممتسهاله للصممعاب‬
‫_وصممفوه بأنممه يتبسممم فممي أحلك المواقممف وأشدهمما‬
‫خطراً‪.‬‬
‫قال أبو الطيب المتنبي يمدح سيف الدولة‪:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫باسممممممممممممممممممممممممم‬ ‫تممر بمك البطال كلممى‬
‫ة‬
‫هزيم ً‬
‫طرد الهُُم ومحاربُُة الكآبُُة‪ :‬فالسممتسلم‬ ‫د_‬
‫للحزن‪ ،‬والسممترسال مممع الهممم‪ ،‬والخوف الشديممد مممن‬
‫توقع المكروه‪ ،‬والفراط في تقدير اللم _مما يضعف‬
‫القلب‪ ،‬ويقلل النتاج‪ ،‬ويضاعممف اللم؛ فحارب الكآبممة‬
‫ممن نفسمك‪ ،‬وادرأ الهمم مما اسمتطعت إلى ذلك سمبيلً‪،‬‬

‫‪ )(1‬الفنون لبن عقيل ‪.2/635‬‬


‫‪ )(2‬أخرجممه الترمذي (‪ )956‬وقال‪= :‬هذا حديممث حسممن غريممب‪+‬‬
‫وصححه اللباني في الصحيحة (‪ )272‬وصحيح الجامع (‪.)2905‬‬
‫‪ )(3‬رواه مسلم (‪.)2626‬‬
‫‪ )(4‬ديوان المتنبي بشرح العكبري ‪.2/387‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وابتسم للحياة‪ ،‬وابتهج بها من غير إسراف تزدد حياتك‬
‫قوة‪ ،‬وتشعر بالسرور والسعادة‪.‬‬
‫هُُ _ أل نزهُد بالسُعادة الحاضرة فُي سُبيل‬
‫السُعادة المنتظرة‪ :‬فنحمن _معاشمر المعلميمن_ إذا‬
‫ملنا بمجيء الجازة؛ لنسعد بها‪،‬‬ ‫كنا في أيام الدراسة أ َّ‬
‫وإذا حلت الجازة تذكرنما الدراسمة‪ ،‬وقلنما سمتأتي ومعهما‬
‫الهم والنصب‪.‬‬
‫وهكذا نُفَّرِط بالسعادة دائماً‪ ،‬وربما ينطبق علينا قول‬
‫القائل‪:‬‬
‫أشد ُّ الغ ّممم‬
‫ً (‪)1‬‬
‫انتقال‬ ‫م ِ عندي فمممي‬
‫سمممممممممممممممممممممممممرور‬
‫وقول الخر‪:‬‬
‫عسمى الدهُر يأتمي بعدهما‬ ‫ب ليالي الهجممممر ل‬ ‫ح ّممممُ‬‫أُ ِ‬
‫ممممممممممممممممممممممممال‬
‫ل محكماً‬ ‫بوصمك َّ‬ ‫فرحا ً بهممممممممممممممممممممما‬
‫ٍ‬ ‫مممم‬
‫م‬ ‫وص‬ ‫ل‬ ‫أرى‬ ‫م الوصمممال؛‬ ‫وأكره أيا َممم‬
‫بزوال نسممعد ممما دامممت‬ ‫لننممممممممممممممممممممممممممي‬
‫وكان حريا ً بنمما بدل ً‬
‫مممن ذلك أن‬
‫أسمباب السمعادة موجودة‪ ،‬وأن نسمعى فمي إيجادهما إذا‬
‫لم توجد‪ ،‬فنسعد في يومنا وفي غدنا‪ ،‬وبعد غدنا بإذن‬
‫الله‪.‬‬
‫قال المنفلوطي ×‪= :‬السبب في شقاء النسان أنه‬
‫دائما ً يزهد في سعادة يومه‪ ،‬ويلهو عنها بما يتطلع إليه‬
‫ه كان‬ ‫س ُ‬
‫م َم‬ ‫مممن سممعادة غده‪ ،‬فإذا جاء غدُه اعتقممد أن أ ْ‬
‫خيرا ً ممممن يوممممه؛ فهمممو ل ينفمممك شقيا ً فمممي حاضره‬
‫(‪)2‬‬
‫وماضيه‪.+‬‬
‫ر السفهاء‪:‬‬ ‫‪ _33‬ل تُجا ِ‬

‫‪ )(1‬اليت للمتنبي انظر ديوانه بشرح العكبري ‪.3/224‬‬


‫‪ )(2‬الحديقة ‪.6/143‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫فقمد يوجمد ممن الطلب ممن يؤذي بلحمن منطقمه‪ ،‬ول‬
‫يعينممه الدرس بقليممل ول كثيممر؛ فلربممما اسممتثار المعلم‪،‬‬
‫وآذاه بسفالته وسفاهته‪.‬‬
‫ولهذا كان مممن الحكمممة أن يُعرض المعلم عممن هؤلء‬
‫وأمثالهمم‪ ،‬فل يجاريهمم ول يمازحهمم‪ ،‬ول يتحدث معهمم‬
‫إل بقدر ممما تدعممو إليممه الحاجممة مممن سمملم‪ ،‬أو رده‪ ،‬أو‬
‫إجابة لسؤال أو نحو ذلك‪.‬‬
‫وبهذا يحفظ المعلم على نفسه عزتها؛ إذ يرفعها عن‬
‫الطائفة التي تلذ المهاترة والقذاع‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫والعرب تقول‪= :‬إن من ابتغاء الخير اتقاء الشر‪.+‬‬
‫وقال بعض الحكماء‪:‬‬
‫حيَّاكهممما‬
‫ب تحيةٍ َ‬ ‫إل جوا َممم‬ ‫ن إلى السممفيه‬ ‫ل ترجع ّممَ‬
‫خطابممممممممممممممممممممممممة‬
‫فمتمممى تحّرِك ْمممه تحر ْ مم‬
‫(‪)2‬‬
‫حراكهمممممممممممممممممممممما‬ ‫ك‬
‫جيفة‬
‫ثمم ً إذا ابتليمت بسمفيه يبتدرك بالسمفه فل تجاره ِم فمي‬
‫سمفه‪ ،‬بمل أعرض عنمه‪ ،‬وترفمع عمن سمبابه؛ فذلك ممن‬
‫شرف النفس‪ ،‬ومما يقطع دابر السفه‪.‬‬
‫قال بعض الشعراء‪:‬‬
‫سم إن بمي‬ ‫ل أنا ُ‬ ‫حتمى يقو َ‬ ‫ض عمن أشياءَ‬ ‫إنمي لُعْْر ُم‬
‫َممممممممممممممممممممممممممما)‬ ‫مق‬
‫ح ُ‬
‫ُ‬ ‫أسممممممممممممممممممممممممعها‬
‫(‪3‬‬
‫صممممممممممممممممممممممممدقا‬ ‫ب سمفيهٍ ل‬ ‫أخشمى جوا َم‬
‫خلق له‬
‫قال ابممن المقفممع‪= :‬واعلم أنممك سممتبتلى مممن أقوام‬
‫بسممفهٍ سمميطلع منممك حقداً‪ ،‬فإن عارضتممه أو كافأتممه‬
‫بالسمفه فكأنمك رضيمت مما أتمى بمه‪ ،‬فأحببمت أن تحتذي‬
‫على أمثاله‪.‬‬
‫‪ )(1‬المثال لبي عبيد ص ‪.159‬‬
‫‪ )(2‬الحلم لبن أبي الدنيا ص ‪.32‬‬
‫‪ )(3‬عيون الخبار ‪.1/284‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫فإن كان ذلك عندك مذموما ً فَحقّم ِمقْ ذمممك إياه بترك‬
‫معارضته‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فأما أن تذمه‪ ،‬وتمتثله فليس في ذلك سداد‪.+‬‬
‫وقال‪= :‬غيمر أنمي قمد علممت موطنما واحدا إن قدرت‬
‫أن تتقبل فيه الجد بالهزل أصبت الرأي‪ ،‬وظهرت على‬
‫القران‪.‬‬
‫متَوََّرد ٌ بالسمفه والغضمب‪ ،‬وسموء‬ ‫َ‬
‫(‪)2‬‬
‫وذلك أن يتورد ك‬
‫اللفمظ _ تجيبمه إجابمة الهازل المداعمب برحمب(‪ )3‬الذرع‪،‬‬
‫(‪)4‬‬
‫وطلقة من الوجه‪ ،‬وثبات من المنطق‪.+‬‬
‫ول يعنممي ذلك أن تدع الطالب دون علج أو عقوبممة‪،‬‬
‫وإنما تحرص على أل يتسفه عليك أمام الطلب‪.‬‬
‫وإل فإنه يعالج ويعاقب‪ ،‬إما بالمناصحة الفردية‪ ،‬وإما‬
‫تحرص على أل يتسفه عليك أمام الطلب‪.‬‬
‫وإل فإنه يعالج ويعاقب‪ ،‬إما بالمناصحة الفردية‪ ،‬وإما‬
‫باسمتدعائه خارج الفصمل‪ ،‬وإمما بالتفاهمم فمي شأنمه ممع‬
‫الدارة أو المشرفيمن‪ ،‬وإمما ممع ولي أمره‪ ،‬أو ماشاكمل‬
‫ذلك من أنواع العلج‪.‬‬
‫بمل لقمد تقتضمي الحكممة أن تجازيمه فمي الفصمل أمام‬
‫زملئه إن ظننمت أن ذلك سميردعه‪ ،‬ولم تخمش مفسمدة‬
‫كبرى تحصل من جراء ذلك‪.‬‬
‫قال الخطابممممي ×‪= :‬أنشدنممممي ابممممن مالك‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أنشدني الدغولي في سياسة العامة‪:‬‬
‫م من‬ ‫فعِرضك للجهال غُن ْ ٌ‬ ‫ل جهلَك‬ ‫إذا أمممممن الجها ُ‬
‫الغُمممممممممممممممممممممممممممنم‬ ‫مرة‬
‫‪ )(1‬الدب الصغير والدب الكبير ص ‪.155‬‬
‫‪ )(2‬يتوردك‪ :‬يعنمممي يحملك على أن تغتاظ وتغضمممب؛ لتتخلى عمممن‬
‫اتزانك‪.‬‬
‫‪ )(3‬رحب الذرع‪ :‬سعة العلم‪ ،‬وقوة التبصر‪.‬‬
‫‪ )(4‬الدب الصغير والدب الكبير ص ‪.33‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ه مثله غيُر‬ ‫فأنمممت سمممفي ٌ‬
‫(‪)5‬‬
‫إذا نزا‬
‫حلمبيمممممممممن العداوة‬ ‫ذي ِ‬
‫بمنزلة‬ ‫ض للسممممفيه‬ ‫ول تتعر ْمممم‬
‫سلم‬ ‫وال ّم (‪)1‬‬
‫مممممممممممممممممممممممِ‬ ‫ودارِه‬
‫بالحزم‬ ‫ت‬
‫فيخشاك تارا ٍمممممممممممم‬
‫تكثر العتاب والنتقاد‪:‬‬ ‫ويرجوك مرةً‬
‫‪ _34‬ل‬
‫فل يحسمن بالمعلم أن يكون كثيمر العتاب‪ ،‬مبالغا ً فمي‬
‫تقريمع الطلب‪ ،‬خصموصا ً عنمد الخطاء اليسميرة أو غيمر‬
‫المقصممودة؛ لن الناس يكرهون مممن يؤنممب فممي غيممر‬
‫مواطمن التأنيمب‪ ،‬وينفرون مممن يبالغ فمي التوبيمخ دون‬
‫تروٍّ وتؤدة؛ فلربمممما اسمممتبان له بعد ُ أن ثممممة اجتهاداً‬
‫صحيحاً‪ ،‬أو أنه مخطئ في عتابه وتأنيبه‪.‬‬
‫ثمم إن كثرة التأنيمب قمد تحرج الطالب‪ ،‬وربمما أصميب‬
‫بخيبمة أممل‪ ،‬وفقد ٍ للثقمة بنفسمه‪ ،‬وربمما قاده ذلك إلى‬
‫ترك الدراسة إلى غير رجعة‪.‬‬
‫فعلى المعلم أن يعتدل فمي توبيخمه وعتابمه‪ ،‬وأل يوبمخ‬
‫إل عند الحاجة لذلك‪.‬‬
‫كذلك يحسمن بالمعلم أل يكون كثيمر النتقاد‪ ،‬ل ينظمر‬
‫إل الخطاء وحدهمما‪ ،‬دونممما نظممر إلى الصممواب؛ فمممن‬
‫المعلميمن ممن إذا أخطمأ زميله أو مسمئولة فمي تصمرف‬
‫ما‪ ،‬أو في علج مشكلة معينة _أكثر من انتقاده وذمه‪.‬‬
‫وهذا ل يحسممن بالمعلم‪ ،‬بممل اللئق بممه أن يلتمممس‬
‫العذر لخوانه‪ ،‬وأن يضع نفسه موضعهم؛ فماذا سيصنع‬
‫لو وقع فيما وقعوا فيه؟‬
‫ول يعنمي ذلك أل يبدي الملحظات‪ ،‬أو أن يسمعى فمي‬
‫إصلح الخطاء‪.‬‬

‫‪ )(5‬نزا‪ :‬وثب وأراد الشر‪.‬‬


‫‪ )(1‬العزلة للخطابي ص ‪.207_206‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وإنممما يعنممي أن يكون ذا نظرة متوازنممة‪ ،‬وأن يكون‬
‫واقعيا ً في علجه‪ ،‬ونظرته للخرين‪ ،‬وأن يكون منصفاً؛‬
‫فما أجمل النصاف!‬
‫‪ _35‬ل تنتظر الشكر إل من خالقك‪:‬‬
‫ل ريب أن شكر الناس من شكر الله‪ ،‬ول يشكر الله‬
‫من ل يشكر الناس‪.‬‬
‫ول ريب _أيضاً _ أن شكر المحسن على إحسانه أمر‬
‫مطلوب‪ ،‬وأنه مما يزيده إقبال ً على عمله‪.‬‬
‫ولكمممن قمممد يحصمممل فمممي بعمممض الحيان أن يُقَاب َ َ‬
‫ل‬
‫ن فمي عمله‪ ،‬المجد ُّ فيمما أسمند إليمه بشيمء ممن‬ ‫المحسم ُ‬
‫جحود الفضمممل‪ ،‬ونكران الجميمممل؛ ممممما قمممد يضعمممف‬
‫عزيمته‪ ،‬ويوهن قواه‪.‬‬
‫فيمما أيهمما المعلم المفضال‪ ،‬إذا مرت بممك تلك الحال‪،‬‬
‫ط قدرك‪ ،‬ورد فضلك باليميمممن‬ ‫ف‪ ،‬ولم تُعْممم َ‬‫ص ْ‬
‫فلم تُن ْممم َ‬
‫ك‬‫وبالشمال _فل يحملْك ذلك على قلة الخلص‪ ،‬وتَْر ِمممم‬
‫إتقان العمل‪.‬‬
‫بمل انتظمر الشكمر ممن خالقمك؛ فعملك فمي كتاب عنمد‬
‫ربي‪ ،‬ل يضل ربي ول ينسى‪.‬‬
‫ثمم اعلم أن جمال الشيمء فيمه ل فيمما يقال عنمه‪ ،‬أي ًّما‬
‫كان القائلون‪.‬‬
‫قال ابممن حزم × بعممد أن تحدث عممن مذاهممب الناس‬
‫ت العممل للخرة سمالما ً ممن كمل‬ ‫فمي طرد الهمم‪= :‬وجد ُم‬
‫موصمل ً إلى طرد الهمم على‬ ‫عيمب‪ ،‬خالصما ً ممن كمل كدر ُ‬
‫الحقيقة‪.‬‬
‫ووجدت العامممل للخرة إن امتحممن بمكروه فممي تلك‬
‫سُّر؛ إذ رجاؤه في عاقبة ما ينال‬ ‫السبيل لم يهتم‪ ،‬بل ي ُ َ‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ن له على ما يطلب‪ ،‬وزايد في الغرض الذي إياه‬ ‫به عو ٌ‬
‫يقصد‪.‬‬
‫ووجدتمه إن عاقمه عمما همو بسمبيله عائق ٌم لم يهتمم؛ إذ‬
‫ليس مؤاخذا ً بذلك؛ فهو غير مؤثر في ما يطلب‪.‬‬
‫سَّر‪ ،‬وإن‬ ‫ة ُ‬‫سَّر‪ ،‬وإن نكبته نكب ٌ‬ ‫ورأيته إن قصد بالذى ُ‬
‫سمَّر‪ ،‬فهمو فمي سمرور أبداً‪ ،‬وغيره‬ ‫تعمب فيمما سملك فيمه ُ‬
‫بخلف ذلك أبداً؛ فاعلم أنممه مطلوب واحممد وهممو طرد‬
‫الهم‪ ،‬وليس له إل طريق واحد وهو العمل لله _تعالى_‬
‫(‪)1‬‬
‫فما عدا هذا فضلل وسخف‪.+‬‬
‫‪ _36‬ل تكثر الشكوى‪:‬‬
‫فكثيرا ً ممما يشكممو المعلمون أعباء التدريممس‪ ،‬وتنك ّرُ‬
‫ََ َ‬
‫الناس‪ ،‬ومكابدة الطلب‪ ،‬ومرأى دفاتممر الواجبات‪ ،‬وممما‬
‫إلى ذلك مما يعاني منه المعلمون‪.‬‬
‫وهذا مما عمبر عنمه بعمض الدباء ممن المعلميمن؛ فهذا‬
‫الشاعممر إبراهيممم طوقان يقول معارضا ً أميممر الشعراء‬
‫أحمد شوقي في قصيدته التي يقول مطلعها‪:‬‬
‫كاد المعلم أن يكون‬ ‫قمم للمعلم وفّ ِمه التبجيل‬
‫مممممممممممممممممممممممممول‬
‫من‪،‬‬ ‫رسممممبينا ً حال المعلميم‬‫يقول طوقان معارضا ً شوقي ّ مًا‪،‬‬
‫ومدى ما يعانون‪:‬‬
‫(قممممممم للمعلم وفّممممم ِمه‬ ‫شوقممي يقول وممما درى‬
‫التبجيل)‬ ‫بمصممممممممممممممممممممميبتي‬
‫ممن كان للنشمء الصمغار‬ ‫اقعد ْ فديت ُممك هممل يكون‬
‫ج ً‬‫مب َ َّ‬
‫خليل المعلم أن يكون‬ ‫(كاد‬ ‫ل يقلقنممممي الميممممر‬ ‫ويكاد‬ ‫ُ‬
‫رسممممممممممممممممممممممممول)‬ ‫بقوله‬
‫لقضممممممى الحياةَ شقاوةً‬ ‫لو جرب التعلي َمم شوقمي‬
‫وخمول‬ ‫ة‬
‫سممممممممممممممممممممممممماع ًً‬
‫مرأى الدفاتممممممممر بكرةً‬ ‫ة‬ ‫ب المعلممممم ِ غم‬‫حسمممم ُ‬
‫وأصممممممممممممممممممممممممميل‬ ‫ة‬
‫وكآب ً‬
‫‪ )(1‬الخلق والسير ص ‪.63‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وجمد العممى نحمو العيون‬ ‫ة على مائةٍ إذا همممي‬ ‫مائ ٌ‬
‫سمممممممممممممممممممممممممممبيل‬
‫ك بالعيون‬ ‫وأبيمك(‪ )1‬لم أ ُم‬ ‫ت‬‫صل ِّح ْ‬
‫مممليح‬ ‫التصمم‬
‫ُمممممممممممممممممممممم‬
‫ولَو آن فممممي‬
‫يرتجمممممممممممممممممى‬ ‫نفعا ً‬
‫بخيلوأتخمممذ الكتاب دليل‬ ‫مثل ً‬ ‫ة‬
‫ة نحوي ً‬ ‫لكمن أصمل ِّح غلط ً‬
‫مفَمممممصلً‬
‫أو بالحديمممممث ُ‬ ‫مسممتشهدا ً بالغممر مممن‬
‫تفصممممممممممممممممممممممممميل‬ ‫آياتمممممممممممممممممممممممممممه‬
‫مممما ليمممس ملتبسممما ً ول‬ ‫وأغوص فممممي الشعممممر‬
‫مبذول‬ ‫وأنتقمممممممي‬
‫وذويمه ممن أهمل القرون‬ ‫القديمممممممم سميبويه ممن‬
‫وأكاد أبعمث‬
‫الولى‬ ‫البلى‬
‫رفمممممع المضاف إليمممممه‬ ‫فأرى بعممممممممد ذلك كله‬
‫والمفعولممما بيممن البنوك‬
‫ووقعممت‬ ‫ت يوماً‬ ‫ح ُ‬
‫ص ْ‬‫ل تعجبوا إن ِ‬
‫قتيل (‪)2‬‬ ‫ة‬ ‫صممممممممممممممممممممممممميح ً‬
‫طويل‬ ‫النتحار‬ ‫يممما ممممن يريمممد‬
‫وجدتممممممممممممممممممممممممه‬
‫البارع السمتاذ عبدالله بمن سمليم‬ ‫وهذا أخونما الديمب‬
‫شيد يقول‪:‬‬ ‫الُّر َ‬
‫ويممما بؤس ممممن يمسمممي‬ ‫أروح وأغدو بالدفاتممممممر‬
‫الدفاتر‬ ‫ن‬ ‫قري‬ ‫مثقلً‬
‫ِ‬
‫صمابر‬ ‫وعزممة‬ ‫بهممة وقَّا ٍد‬
‫َمممممممممممممممم‬ ‫ل‬ ‫مق عليهمما أعينممي ك َّ‬ ‫أريم‬
‫ض على‬ ‫ح َّ‬
‫ضا‬ ‫بلهجممممة‬ ‫التلميمذ‬ ‫بيمن‬ ‫ة‬ ‫وقف‬ ‫ليلةٍ‬
‫وكمم‬
‫ٍمممم‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫الحرب هادر‬ ‫قُمت ُممممممممممممممممممممممممممها‬
‫وأهدر عمري بيمممن جمممد‬ ‫أمّزِق سمماعاتي لترقيممع‬
‫وذاكممممممممممممممممممممممممممر‬ ‫ممممممممممممممممممممممممم‬ ‫وقتهم‬
‫شيوخا ً كبحمممممممر بالللئ‬ ‫وأحسممب أنممي بالتلميممذ‬
‫زاخر‬ ‫مبدِ ٌ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫ة‬ ‫وإذ ِبصمياحي كان صمفق َ‬ ‫ر‬
‫ِّ‬ ‫ش‬ ‫بعممد‬ ‫مممن‬ ‫م‬
‫م‬‫ُم‬ ‫فألقاه‬
‫خاسممممممممممممممممممممممممممر‬
‫ِ‬ ‫علمةٍ‬‫عصمممممممممممممممممممممممماب‬
‫(زوام ُ‬
‫الباعمر)‬ ‫بجيِّدهما إل كعلم‬ ‫ل للشعار ل‬
‫عندهممممممممممممممممممممممممم‬
‫‪ )(1‬قوله وأبيممك‪ :‬لو قال بدل ً عنممه‪( :‬والله) ل سممتقام معناه‪ ،‬كممما‬
‫يستقيم وزنه‪.‬‬
‫‪ )(2‬ديوان إبراهيم طوقان ص ‪.437_435‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫والحقيقمة أن طريمق المعلميمن عسميرة‪ ،‬وأن مهمتهمم‬
‫ليست بيسيرة خصوصا ً في هذه الزمان‪.‬‬
‫وإذا شكوا فما حالهم إل كما قال الول‪:‬‬
‫س عند‬ ‫ض الكأ ُ‬ ‫ن تفي ُ‬ ‫ولك ْ‬ ‫ت ومممما الشكوى‬ ‫شكو ُممم‬
‫امتلئهمممممممممممممممممممممممما‬ ‫ولكمنعادةٌ‬
‫لمثلي‬
‫ممن‬ ‫مهمما يمك ممن شيمء فإنمه ل ينبغمي الكثار‬
‫الشكوى‪ ،‬ول بثها لكل أحد؛ لنها _في الغالب_ ل تجدي‬
‫نفعاً‪ ،‬ول تطفئ لوعة‪.‬‬
‫=ولهذا رأى بعممض السمملف رجل ً يشكممو إلى رجممل‬
‫فاقتمه وضرورتمه‪ ،‬فقال‪ :‬يما هذا‪ ،‬والله مما زدت على أن‬
‫(‪)1‬‬
‫شكوت من يرحمك إلى من ل يرحمك‪.+‬‬
‫صممبر الكريممم فإنممه بممك‬ ‫ة فاصممبر‬ ‫وإذا عرتممك بلي ٌ‬
‫أعلم‬ ‫لهممممممممممممممممممممممممممممما‬
‫(‪)2‬‬
‫ل يرحمممممممممممممممممممممم‬ ‫وإذا شكوت إلى ابمممممن‬
‫إنممممممممممممممممممممممما‬ ‫آدم‬
‫مممن حاجممة لبممث الشكوى لحممد‬ ‫ثممم إن كان هناك‬
‫المخلصممين‪ ،‬أو لمممن يهمهممم المممر؛ طلبا ً للنصمميحة‪ ،‬أو‬
‫المشورة‪ ،‬أو إصلح الوضع وتيسير المهمة _فل بأس‪.‬‬
‫وإل فلماذا نثير انتباه الذين ل يعنيهم أمرنا‪ ،‬ول ننتظر‬
‫منهمم أي فائدة لنما؛ فنفضمح بذلك أنفسمنا‪ ،‬ونُبِي ْمن عمن‬
‫ضعفنمما وخورنمما فممي سممبيل الحصممول على شفقممة‪ ،‬أو‬
‫عطممف ليممس له مممن نتيجممة سمموى ازدياد الحسممرة‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وتفاقم المصيبة‪.‬‬
‫جد َّ فمي‬‫فيما معاشمر المعلميمن‪ ،‬أولى لنما ثمم أولى أن ن َ ِ‬
‫أمورنممما‪ ،‬وأن نأخمممذ بالسمممباب المعينمممة لنممما على أداء‬

‫‪ )(1‬الفوائد لبن القيم ص ‪.131‬‬


‫‪ )(2‬مدارج السالكين ‪.2/160‬‬
‫‪ )(3‬انظمر السمعادة العظممى ص ‪ ،179‬وطريمق النجاح د‪ .‬بول جاغمو‪،‬‬
‫تلخيص د‪ .‬بهيج شعبان ص ‪.87‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫أعمالنا؛ فذلك أنفع من الشكوى التي قد تزري بنا‪ ،‬ول‬
‫تنفعنا‪.‬‬
‫ثممم إنكممم _معاشممر المعلميممن_ رجال‪ ،‬ومتممى رغممب‬
‫سودٌ‪ ،‬ومتممى عاش‬ ‫الرجال فممي راحممة البال؟ وإنكممم ل ُ م‬
‫(‪)1‬‬
‫سد على التدليل‪ ،‬وهو يشعر أن التدليل تذليل؟‬ ‫ال َ‬
‫فالراحة الكبرى‪ ،‬والسعادة العظمى إنما تكون بالجد‬
‫والجتهاد؛ فأْروح الناس أتعمممب الناس‪ ،‬وأتعمممب الناس‬
‫أروح الناس‪:‬‬
‫تنال إل على جسممر مممن‬ ‫بصمرت بالراحمة الكمبرى‬
‫التعممممممممممممممممممممممممممب‬ ‫أرهممممممممممممممممممممما‬ ‫فلم‬
‫ندع‬ ‫الكسممل‪ ،‬وألِفْممنا البطالة فلن‬ ‫أممما إذا ركن ّممَا إلى‬
‫الشكوى مهمما أوتينما ممن وسمائل الراحمة؛ ولهذا ل تكاد‬
‫مَّر الشكوى‬ ‫تجلس إلى أحد من الناس إل وتسمع منه ُ‬
‫والنين‪ ،‬وكثرة التوجع من حرقة لذعة من هذه الحياة‪.‬‬
‫ليممت شعري هذه الدنيمما‬ ‫كممل مممن لقيممت يشكممو‬
‫لمممممممممممممممممممممممممممممن‬ ‫هممممممممممممممممممممممممممممه‬
‫ترى الغن َّ‬
‫ي على ما هو فيه من رفاهية العيش ورغده‬
‫يشكمو كثرة مطالبه‪ ،‬وتعَدُّد َ واجبات الحياة التي تتطلب‬
‫معْدَى‬ ‫المزيممد؛ فالكماليات عنممد غيره واجبات عنده‪ ،‬ل َ‬
‫عنها ول محيص‪.‬‬
‫حظ ِّمه فمي‬
‫وترى الفقيمر يشكمو همو الخمر حاله‪ ،‬ويألم ل ِ َ‬
‫الحياة‪ ،‬وقمد يشتمد بمه اللم كلمما نظمر إلى الغنياء فمي‬
‫الدنيما‪ ،‬وقارن بيمن حاله وحالهمم‪ ،‬ونسمي أنمه لو قنمع بمما‬
‫(‪)2‬‬
‫قسم الله له لكان أغنى الناس‪.‬‬
‫حممممل المعلميمممن ثقيمممل‪ ،‬وأمانتهمممم‬ ‫وبالجملة فإن ِ‬
‫عظيمة‪ ،‬ونردد مع شوقي قوله‪:‬‬

‫‪ )(1‬انظر عيون البصائر ص ‪.292‬‬


‫‪ )(2‬انظر مجلة نور السلم‪ ،‬العدد ‪ ،4‬السنة السادسة ص ‪.20‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ثقيل‬ ‫إنمي لعذركمم وأحسمب‬
‫ممممممممممممممممممممممممم‬‫عبئكم‬
‫ونردد معه أيضاً ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫خيٌْر كافل ً ووكيل‬
‫فالله َ‬ ‫فَكِلوا إلى الله النجاح‬
‫وثابروا‬
‫‪ _37‬الحذر من اليأس‪:‬‬
‫فكثيممر مممن معلمينمما يبذل النصممح‪ ،‬والعلم والتوجيممه‬
‫للطلب؛ فإذا رأى منهممممممم إعراضا ً أو قلة اسممممممتجابة‬
‫لنداءات النصمح‪ ،‬أو نظمر إلى مما غرق فيمه بعمض أبنائنما‬
‫ممن التشبمه بالمخالفيمن فمي عادات ل تغنمي ممن الرقمي‬
‫شيئا ً _عد َّ ذلك قضاءً ممممبرماً‪ ،‬وتملكمممه خاطمممر اليأس‪،‬‬
‫حتى ينتكث من التعرض لدوائهم ومحاولة إصلحها‪.‬‬
‫ولكممن الذي يعرف علة هذا التسممرع‪ ،‬ويكون قممد قرأ‬
‫التاريخ؛ ليعتبر _يرى المر أهون من أن يصل بالنفوس‬
‫ه اليأس من إصلحها‪.‬‬ ‫إلى التردد في نجاح الدعوة‪ ،‬بَل ْ َ‬
‫فل ينبغممممي _معاشممممر المعلميممممن_ أن ينطلي على‬
‫فطنتكم المتيقظة زخرف تلك القضية‪:‬‬
‫فسد الزمان ول دواء له‬
‫ُ‬
‫صقُ بألسنتكم لُكْن َة‪ ،‬وتُطْف ِئ من عزائمكم تَوَقّداً‪،‬‬ ‫فَتُل ْ ِ‬
‫حدَّةً ونشاطاً‪.‬‬ ‫فتفقدون منها ِ‬
‫بل ينبغي لكل واحد منا أن يعمل ما في قدره‪ ،‬وأن‬
‫يكون ذا نظرة واسممعة متفائلة‪ ،‬وأل يتعجممل النتائج‪ ،‬أو‬
‫ح لليأس أن يتسملل إلى ُروْمعه؛ فاليأس ممن أكمبر‬ ‫يسمم َ‬
‫المعوقات‪ ،‬وأشد المثبطات‪.‬‬
‫فإذا لم تظهممر نتائج التربيممة عاجل ً ظهرت آجلً‪ ،‬وإذا‬
‫ه‪ ،‬ولم يسممتطر شرره؛‬ ‫ف وقعُم ُ‬ ‫لم يذهممب الشممر كلُّه خ ّمَ‬
‫فالتربيمة الصمحيحة الجادة ل تذهمب سمدى‪ ،‬ومما سمطع‬
‫‪ )(1‬الشوقيات ‪.1/183‬‬
‫‪ )(2‬الشوقيات ‪.1/184‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫اليمان فمي نفمس إل كانمت كالبلد الطيمب يخرج نباتمه‬
‫بإذن ربه؛ فابذر فيها من الحكمة والموعظة الحسنة ما‬
‫ة‪ ،‬وأعمالً‬ ‫ت صمممالح ً‬ ‫شئت أن تبذر‪ ،‬فل تُريمممك إل نيا ٍممم‬
‫عون َُُ َُُ‬ ‫راضي ً َ َ‬
‫ن]‬ ‫عو َُُ‬ ‫ن الَّزا ِ‬
‫ر ُ‬ ‫ح ُُُ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ة [أأنْت ُُُ ْ‬
‫م تَْزَر ُ‬
‫(الواقعة‪.)64 :‬‬
‫وكثيرا ً مما يسمتخف الناس بالممر تلقمى له الخطبمة‪ ،‬أو‬
‫تؤلف له المقالة‪ ،‬فإذا تتابممع الترغيممب فيممه أو التحذيممر‬
‫ن الناصح الواحد_ أخذ الناس يُعْنون بشأنه‪،‬‬ ‫م َ‬ ‫منه _ولو ِ‬
‫ويتداعون إلى العمل به‪ ،‬أو القلع عنه‪.‬‬
‫ول ندري _معاشمر المعلميمن_ لعمل ممن بيمن الطلب‬
‫مجددا ً أو نابغة؛ فالطالب واحد من رجال المة‪ ،‬إل أنه‬
‫ن تحتها‬ ‫ت لنا عنه وهو كا ٌّ‬ ‫شفَ ْ‬ ‫مستتر بثياب الصبا‪ ،‬فلو ك َ‬
‫ف الرجال القوامين‪.‬‬ ‫لربما رأيناه في مصا ِ ّ‬
‫ولكمن جرت سمنة الله أل تتَفَت َّمقَ أزرار تلك السمتار إل‬
‫بالتربيممة شيئا ً فشيئاً‪ ،‬ول تؤخممذ إل بالسممياسات الجيدة‬
‫(‪)1‬‬
‫على وجه التدريج‪.‬‬
‫فمما علينما إل أن نبذل السمباب‪ ،‬وندخمل البيوت ممن‬
‫البواب‪ ،‬ثمممممم بعمممممد ذلك ندع النتائج والتقديرات لرب‬
‫الرباب ومسبب السباب‪.‬‬
‫وممما اقترن العزم الصممحيح بالتوكممل على مممن بيده‬
‫ملكوت كمل شيمء إل كانمت العاقبمة رشدا ً وفلحا ً [فَإِذ َا‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ت فَتَوَك َّ ْ‬
‫ن] (آل‬ ‫ب ال ْ ُ‬
‫متَوَ ِكّلِي َم‬ ‫ح ُّم‬ ‫ن الل ّم َ‬
‫ه يُ ِ‬ ‫ل عَلَى الل ّمهِ إ ِم ّ‬ ‫م َم‬
‫عََز ْ‬
‫عمران‪.)159:‬‬
‫وما جمع قوم بين التوكل على الله والخذ بالسباب‬
‫إل أحرزوا الكفاية لن يعيشوا أعزة سعداء‪.‬‬

‫‪ )(1‬انظمممر الدعوة إلى الصممملح لمحممممد الخضمممر حسمممين ص ‪،20‬‬


‫ورسائل الصلح ‪ ،1/50‬والسعادة العظمى ص ‪ 321‬و ‪.323‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وما بذل أحد جهده‪ ،‬وسعى في المور النافعة سعيه‪،‬‬
‫واسمتعان بالله عليهما‪ ،‬وأتاهما ممن أبوابهما ومسمالكها _إل‬
‫وأدرك مقصموده؛ فإن لم يدركمه كله أدرك بعضمه‪ ،‬وإن‬
‫لم يدرك منمممه شيئا ً لم يلُم نفسمممه‪ ،‬ولم يذهمممب عملُه‬
‫سدىً خصوصا ً إذا ثابر عليه ولم يتضجر‪.‬‬
‫ن َروْمٍح وفمي‬ ‫م ْم‬
‫س ِ‬‫ول يأ َم‬ ‫ول بُعْد َ فممي خيممر وفممي‬
‫ن‬
‫النفس‪:‬إيما ُممممممممممممممممم‬
‫القلب‬ ‫الله مطمعمممممممممممممممممم‬
‫‪ _38‬علو الهمة‪ ،‬وكِب ٌَُر‬
‫فعلو الهممة وكمبر النفمس خلق عظيمم‪ ،‬وغايمة نمبيلة‪،‬‬
‫تتعشقه النفوس الكريمة‪ ،‬وتهفو إلى التحلي به الفطر‬
‫القويمة‪.‬‬
‫وعلو الهمممة مممن السممس الخلقيممة الفاضلة‪ ،‬وإليممه‬
‫يرجع مجموعة من الظواهر الخلقية كالجد في المور‪،‬‬
‫والترفع عن الصغائر‪ ،‬وكالطموح إلى المعالي‪.‬‬
‫فمما يحسن بالمعلم أن يكون ذا همة عالية‪ ،‬ونفس‬
‫ماحمة‪ ،‬ل ترضمى بالدون‪ ،‬ول تقنمع ممن الخيمر‬ ‫كمبيرة ط َ َّ‬
‫بالقليممل‪ ،‬ول تقممف فممي السممعي للفضائل عنممد حممد؛‬
‫فالقناعمة إنمما تحصمل فيمما يقيمم الجسمم‪ ،‬ل فيمما يقيمم‬
‫المة‪ ،‬وفي أمور المعاش ل في أمور المعاد‪.‬‬
‫قال يحيمى بمن معاذ ×‪= :‬لو كانمت الدنيما تمبرا ً يفنمى‪،‬‬
‫والخرة خزفا ً يبقمى _لكان ينبغمي للعاقمل إيثار الخزف‬
‫الباقي على التبر الفاني؛ فكيف والدنيا خزف‪ ،‬والخرة‬
‫(‪)1‬‬
‫ق؟‪.+‬‬ ‫تبٌر با ٍ‬
‫وإن آيممة المممة المهيأة للخيممر أل تفرغ مممن مأثرة إل‬
‫لتبدأ مأثرة‪ ،‬ول تنفمض أيديهما ممن عممل إل تضعهما فمي‬
‫عمل آخر‪.‬‬

‫‪ )(1‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.47‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ثممم إن عظيممم الهمممة ل يشغممل باله أمممر صممغير‪ ،‬ول‬
‫يقلق فكره عممل يسمير‪ ،‬ول يضيمع وقتمه فمي مناقشمة‬
‫السفاسف والمحقرات‪.‬‬
‫صى على أولي‬ ‫بمممل يقوم بجلئل العمال التمممي تَتَعَممم َّ‬
‫القوة ممممن الرجال‪ ،‬وممممع ذلك ل يتمممبرم ول يقلق‪ ،‬ول‬
‫يشكمو كثرة العباء‪ ،‬والتبعات‪= ،‬له قلب ل يتعمب فيبلغ‬
‫منزلة إل ابتدأ التعمب؛ ليبلغ منزلة أعلى منهما‪ ،‬وله فكمر‬
‫كلما جهد فأدرك حقيقة كانت الحقيقة أن يجهد فيدرك‬
‫(‪)1‬‬
‫غيرها‪.+‬‬
‫وتأتممي على قدر الكريممم‬ ‫على قدر أهممممممل العزم‬
‫المكارم (‪)2‬‬ ‫م‬
‫العزائ ُمممممممم‬ ‫تأتممممممممي‬
‫العظائم‬ ‫الصمغير‬ ‫فمي عيمن‬ ‫وتكمبر‬
‫صمممممممممممممممممممممممغارها‬
‫ولقمممد جرت سمممنة ُالله أل ينهمممض بأصمممر المقاصمممد‬
‫الجليلة‪ ،‬ويرممممممممي إلى الغايات البعيدة _غيُر النفوس‬
‫التمممي عظمممم حجمهممما‪ ،‬وكمممبرت هممهممما‪ ،‬فلم تتعلق‬
‫بسفاسف المال‪ ،‬ول محقرات العمال‪.‬‬
‫س طاب عنصرها‪ ،‬وشرف وجدانها أن‬ ‫وإذا علمت نف ٌ‬
‫مطمح الهمم إنما هي غاية وحياة وراء حياتها الطبيعية‬
‫_لم تقف بسعيها عند حد غذاء يقوتها‪ ،‬وكساء يسترها‪،‬‬
‫ومسكن تأوي إليه‪.‬‬
‫بمل ل تسمتفيق جهدهما‪ ،‬ول يطمئن بهما قراُرهما إل إذا‬
‫بلغت مجدا ً يصعد بها إلى أن تختلط بكواكب الجوزاء‪.‬‬
‫وإلى هذا المعنممى الجميممل يشيممر قول نابغممة بنممي‬
‫جعدة‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫مظهرا‬ ‫بلغنمممما السممممماء مجداً‬
‫وجودا ً وسمممممممممممممؤدداً‬
‫‪ )(1‬وحي القلم ‪.2/83‬‬
‫‪ )(2‬ديوان المتنبي ‪.379_3/378‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫نعممم يورد هذا الخلق صمماحبه موارد التعممب والعناء‪،‬‬
‫ولكن التعب في سبيل الوصول إلى النهاية من معالي‬
‫المور يشبمه الدواء الممر‪ ،‬فيسميغه المريمض كمما يسميغ‬
‫الشراب عذبا ً زللً‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫تَلَذ ُّ له المروءةُ وهي تؤذي الغرام‬
‫=فالمكارم منوطمممة بالمكاره‪ ،‬والسمممعادة ل ي ُمممعبر‬
‫إليها إل على جسر من المشقة؛ فل تقطع مسافاتها إل‬
‫(‪)2‬‬
‫في سفينة الجد والجتهاد‪.+‬‬
‫ولذلك لما كان مجد الخرة أعظم المجد كان ابتغاؤه‬
‫م الكمممبر للمؤمنيمممن‬ ‫أعظمممم الغايات‪ ،‬وكان همممو اله ّمممَ‬
‫الصمممادقين ذوي الهممممم العليمممة‪ ،‬والنفوس الكمممبير ة‬
‫الزكية‪.‬‬
‫أمما الدنيما فإنهما _فمي نظرهمم مهمما بلغمت أمجادهما_‬
‫قليلة القيممة فمي جنمب الخرة؛ لذلك فهمم يحاولون أن‬
‫يبتغوا فيمما آتاهمم الله الداَر الخرة ممع أنهمم ل ينسمون‬
‫نصيبهم من الدنيا‪.‬‬
‫فاسممتصغار متاع الدنيما‪ ،‬وتحقيمر لذائذهما فمي نفوس‬
‫الناس يرفعهمم عمن السمتغراق فيهما‪ ،‬ويُكْبِر بهممهمم أن‬
‫يولوا وجوههمم شطرهما أينمما كانوا؛ فل يكمن طموحمك‬
‫_أيهمممما المعلم المفضال_ مقتصممممرا ً على مطعممممم‪ ،‬أو‬
‫ملبس‪ ،‬أو ترقية‪ ،‬أو زيادة ثم تقف عند هذه الغاية‪.‬‬
‫قال حاتم الطائي‪:‬‬
‫ممممن العيمممش أن يلقمممى‬ ‫لحمى الله صمعلوكا ً مناه ُم‬
‫لبوسمممممممممممممما ً ومطعماً‬ ‫مه‬ ‫وه ّمممممممممممممممممممممممممُ‬

‫‪ )(3‬جمهرة أشعار العرب لبي زيد القرشي ص ‪.364‬‬


‫‪ )(1‬ديوان المتنبي ‪.4/75‬‬
‫‪ )(2‬مفتاح دار السعادة لبن القيم ‪.1/109‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫(‪)1‬‬
‫مبهممممممممممممممممممممممممما‬ ‫ص تعذيبا ً وأن‬‫م َم‬ ‫خ ْ‬
‫يرى ال ِ‬
‫ةالنسمان ليعيمش مجانبا ً للزينمة‪،‬‬ ‫يلقمممممممممممممممممممَ شبع‬
‫ترغيمب ً‬ ‫ول يعنمي ذلك‬
‫ميت الرادة عن التعلق بشهواته على الطلق‪.‬‬
‫وإنممما يقصممد مممن ذلك حكممم أخرى‪ ،‬ومنهمما تعديممل‬
‫شَره ِم‬ ‫النفمس الشاردة‪ ،‬وانتزاع مما فمي طبيعتهما ممن ال َّ‬
‫والطمع؛ لئل يخرجا بها عن قصد السبيل‪ ،‬ويَتَطَو ُّحا بها‬
‫في الكتساب إلى طرق غير لئقة‪.‬‬
‫َّ‬
‫كمما ل يعنمي ذلك أل تحرص على الترقمي فمي سملم‬
‫الوظيفة أو المرتبة العلمية‪ ،‬مما يزداد به علمك‪ ،‬وتعلو‬
‫بممه مرتبتممك وشرفممك‪ ،‬فيكثممر بذلك النتفاع بعلمممك‪،‬‬
‫والستفادة من جاهك‪.‬‬
‫ل‪ ،‬بممممممل إن ذلك حسممممممن مطلوب إذا كان الهدف‬
‫السمممى والغايممة القصمموى _نيممل رضمما الله‪ ،‬والحرص‬
‫على نشر العلم‪ ،‬وتربية الجيال على الخير‪.‬‬
‫=وإذا اطلعمت على أثمر يقتضمي البعمد عمن الوجاهمة‬
‫فإنمه مصمروف إلى الحرص فمي طلبهما‪ ،‬والتصمنع لحراز‬
‫سمعة في المجامع الحافلة‪ ،‬والبلد القاصية‪.‬‬
‫وأممما إذا اندفعممت همممة الرجممل إلى المكارم بجاذب‬
‫ابتغاء الفضيلة‪ ،‬وطفممممق ذكره يتسممممع على حسممممب‬
‫مسماعيه الحميدة _فذلك خيمر له ممن العزلة‪ ،‬والختباء‬
‫في زوايا الخمول‪.‬‬
‫قال _تعالى_ فيممما قصممه مممن قول إبراهيممم _عليممه‬
‫ن]‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬
‫في ال ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫صدْ ٍ‬ ‫ن ِ‬‫سا َ‬
‫ل لِي ل ِ َ‬ ‫ع ْ‬
‫ج َ‬
‫وا ْ‬‫السلم_‪َ [ :‬‬
‫(الشعراء‪.)85 :‬‬

‫‪ )(1‬ديوان حاتم الطائي ص ‪.45‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫علْن َُُا‬
‫ج َ‬
‫وا ْ‬
‫وقال فممي سممياق أقوال لقوم صممالحين‪َ [ :‬‬
‫ماماً ] (الفرقان‪+)2(.)75 :‬‬‫ن إِ َ‬
‫قي َ‬‫مت َّ ِ‬
‫لِل ْ ُ‬
‫وبعمد أن اسمتبان لنما أن كمبر الهممة سمجية ممن سمجايا‬
‫الديمن التمي تصمدر عنهما العمال العظيممة‪ ،‬وتضمم تحمت‬
‫م ل نأخذ بها في أنفسنا؟ ولم‬ ‫جناحيها فضائل شتى _فَل ِ َ‬
‫ل نعقممل عليهمما نفوس أبنائنمما؟ ونرشحهممم بلبانهمما فممي‬
‫أدوار التربيممممة الولى؛ ليسممممتشعروا بالداب المضيئة‪،‬‬
‫ويتجلببوا بالقوانين العادلة‪ ،‬ولنا حياة طيبة في العاجل‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وعطاءٌ غيُر مجذوذٍ في الجل؟‬
‫‪ _39‬العناية بالنصيحة وأساليبها‪:‬‬
‫فللنصميحة منزلة عاليمة فمي ديمن السملم؛ فالديمن همو‬
‫النصميحة كمما جاء ذلك فمي حديمث تميمم الداري ÷ أن‬
‫النمبي " قال‪= :‬الديُن النصُيحة ثلثاً ‪ +‬قلنما‪ :‬لممن يما‬
‫رسممممول الله؟ قال‪= :‬لله‪ ،‬ولكتابُُُه‪ ،‬ولرسُُُوله‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ولئمة المسلمين‪ ،‬وعامتهم‪.+‬‬
‫والتقصير في النصيحة ل يجوز من أي مسلم‪ ،‬فضلً‬
‫ن يظمن أن‬ ‫م ْم‬
‫عمن معلم الناس الخيمر؛ فممن المعلميمن َ‬
‫مهمتممممه تقتصممممر على إكمال المقرر‪ ،‬وإعداد دفاتممممر‬
‫التحضير‪ ،‬وحشو الذهان بالمعلومات‪.‬‬
‫وإذا قصمر بشيمء ممن ذلك شعمر بالتقصمير‪ ،‬وتأنيمب‬
‫الضمير‪.‬‬
‫ول ريب أن التقصير في مثل هذه المور خلل ينبغي‬
‫للمعلم تفاديه‪.‬‬
‫‪ )(2‬مناهج الشرف ص ‪.54_53‬‬
‫‪ )(1‬انظر تفصيل ذلك في الهمة العالية للكاتب ص ‪ ،127_101‬وآثار‬
‫الشيمخ محممد البشيمر البراهيممي ‪ ،4/102‬والسمعادة العظممى ص‬
‫‪.212_209‬‬
‫‪ )(2‬رواه مسلم (‪.)55‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ل الكمبَر همو التقصمير فمي توجيمه الطلب‬ ‫ن الخل َ‬ ‫ولك َّم‬
‫ونصمممحهم؛ وإل فمممما الهدف ممممن التعليمممم إل تزكيمممة‬
‫الطلب‪ ،‬وتربيتهمم على الكمالت‪ ،‬ممع معالجمة مما همم‬
‫فيه من النحرافات؟‬
‫ولهذا كان لزاما ً على المعلم أن يُعنممممى بالنصمممميحة‬
‫وأسماليبها؛ فالمعلم المخلص يزرع بيمن طلبمه نصمائحه‪،‬‬
‫فيرد الناد َّ منهممم عممن المحجممة برفممق‪ ،‬ويقوده بزمام‬
‫الحجة إلى حظيرة الحق‪.‬‬
‫والطلب يرتاحون لنصمح المعلم الميمن ارتيا َحم الربمى‬
‫لقطر الهواتن‪ ،‬ويسيغونه إساغة الظمآن للماء القراح‪.‬‬
‫ب‬‫وممما تجدر الشارة إليمه أن يراعمي المعلم أسمالي َ‬
‫النصممميحة حسمممب مممما تقتضيمممه المقامات‪ ،‬ومقتضيات‬
‫الحوال؛ ذلك أن الناصمح فمي ديمن الله يحتاج إلى علم‬
‫وعقممل‪ ،‬ورويممة حسممنة‪ ،‬واعتدال مزاج وتؤدة‪ ،‬وإن لم‬
‫تكممن فيممه هذه الخصممال كان الخطممأ أسممرع إليممه مممن‬
‫الصواب‪.‬‬
‫وما من مكارم الخلق أدق ُّ ول أخفى‪ ،‬ول أعظم من‬
‫(‪)1‬‬
‫النصيحة‪.‬‬
‫ل المعلم‬ ‫َ‬ ‫وممما يحسمن مراعاتمه فمي النصميحة أل يم ّ‬
‫مممن إسممدائها‪ ،‬وأل ينصممح على شرط القبول؛ فلربممما‬
‫وجدت آذانا ً مصميخة‪ ،‬وأفئدة مصمغية ولو بعمد حيمن؛ فل‬
‫يحسمن بمه إذاً أن يممل؛ لشعوره بعدم جدوى النصميحة‪،‬‬
‫ض من تُوَ َّ‬
‫جه إليهم‪.‬‬ ‫ن بع ِ‬‫م ْ‬‫أو لبغضةٍ يراها ِ‬
‫ة‬
‫ض َ‬
‫وقممممد يسممممتفيد البَغْ َ‬ ‫وكمم سمقت فمي آثارهمم‬
‫المتنصمممممممممممممممممممممممح‬ ‫ممممممممممن نصممممممممميحة‬

‫‪ )(1‬انظمر تخريمج الوصمايا ممن خبايما الزوايما لصمديق خان ص ‪،143‬‬


‫ورسائل الصلح ‪.1/223‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫قال ابممن حزم ×‪= :‬ل تنصممح على شرط القبول‪ ،‬ول‬
‫تشفمع على شرط الجابمة‪ ،‬ول تهمب على شرط الثابمة‪،‬‬
‫لكممن على اسممتعمال الفضممل‪ ،‬وتأديممة ممما عليممك مممن‬
‫(‪)1‬‬
‫النصيحة‪ ،‬والشفاعة‪ ،‬وبذل المعروف‪.+‬‬
‫ومممممما يدعممممو لقبول النصمممميحة أن تتنوع طرقهمممما‬
‫وأسمماليبها‪ ،‬فمممن تلك السمماليب اسممتعمال النصمميحة‬
‫الخاصة؛ فالطالب يلمس من خللها الشفقة‪ ،‬وتستطيع‬
‫أن تقول فيها ما ل تستطيع قوله في العامة‪.‬‬
‫ل المداراة فمممي‬‫وممممن السممماليب الناجعمممة اسمممتعما ُ‬
‫النصيحة؛ فذلك من جميل النصح‪.‬‬
‫والمداراة ترجممع إلى حسمممن اللقاء‪ ،‬وطيمممب الكلم‪،‬‬
‫والتودد للناس‪ ،‬وتجنمب مما يشعمر بغضمب أو مللة‪ ،‬كمل‬
‫ذلك من غير ما ثلم للدين في جهة من الجهات‪.‬‬
‫قال ابممن بطال ×‪= :‬المداراة مممن أخلق المؤمنيممن‪،‬‬
‫وهممي خفممض الجناح للناس‪ ،‬وترك الغلظ عليهممم فممي‬
‫(‪)2‬‬
‫القول‪ ،‬وذلك من أقوى أسباب اللفة‪.+‬‬
‫وإليك نبذةً من استعمال المداراة في النصيحة‪.‬‬
‫أ_ ممن المداراة فمي النصميحة أن تثنمي على الطالب‬
‫بمما فيمه إذا قصمدت بذلك أن تحمله إلى مما همو أرفمع‪،‬‬
‫وأن تقصره عما هو فيه من القبيح‪.‬‬
‫ب_ ومممممن ذلك أن تذكممممر الطلب بسممممالف أمجاد‬
‫المسمملمين؛ حتممى تبعثهممم إلى اتباعهممم‪ ،‬والسممير على‬
‫منوالهم‪.‬‬
‫جمم _ وممن ذلك أن تذكمر الطالب بسملفه همو‪ ،‬سمواء‬
‫كان أباه‪ ،‬أو جده‪ ،‬إذا كان ذلك السملف ذا فضمل وعلم؛‬

‫‪ )(1‬الخلق والسير ص ‪.41‬‬


‫‪ )(2‬فتح الباري لبن حجر العسقلني ‪.10/545‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫فإن تََردُّد َ اسممم سمملفه الفاضممل على سمممعه مممما يثيممر‬
‫همته‪ ،‬ويرهف عزمه لن يظفر بما ظفر به سلفه من‬
‫منزلة شامخة‪ ،‬وذكر مجيد‪.‬‬
‫د_ وممن المداراة فمي النصميحة أن تثيمر فمي الطلب‬
‫نخوتهم وشيمتهم ومروءتهم‪.‬‬
‫مد َ إلى إلقاء النصممميحة بيمممن‬‫همممم _ وممممن ذلك أن تَعْ َ‬
‫الطلب؛ فل تسممتهل حديثممك بمواجهتهممم بممما يكرهون؛‬
‫خشية نفورهم وإعراضهم‪.‬‬
‫وإنمما تبتدئ بمما يخمف عليهمم سمماعه ممن المعانمي‬
‫الحائمممة حول الغرض‪ ،‬ثممم تعممبر عممن المعنممى المراد‬
‫بلفظ مجمل‪ ،‬ثم تدنو من إيضاحه شيئا ً فشيئاً‪ ،‬حتى ل‬
‫تُفصمممح عنمممه إل وقمممد ألفتمممه نفوسمممهم‪ ،‬وهدأت إليمممه‬
‫خواطرهمم؛ فذلك التدرج ممن حسمن السمياسة وجميمل‬
‫المداراة‪.‬‬
‫و_ ومن المداراة بالنصيحة أن تُعَّرِض بالشيء‪ ،‬وأنت‬
‫تريمد غيره‪ ،‬ممن باب قول العرب فمي المثمل المشهور‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ك أعني واسمعي يا جارة‪.+‬‬ ‫=إيا ِ‬
‫مثال ذلك‪ :‬أن تتعممد طالبا ً بالنصميحة‪ ،‬فتخشمى بادرةَ‬
‫غضبه إن أنت كاشفته بخطئه‪ ،‬فتسلك في نصحه سبلً‬
‫س كممبرياءه‪ ،‬أو أن‬ ‫أخرى دون أن تثيممر غضبممه‪ ،‬أو تم ّممَ‬
‫تخجله؛ لكونمك اطلعمت على خطئه‪ ،‬فبدل ً ممن مواجهتمه‬
‫مباشرة بإمكانمك أن تداريمه‪ ،‬وتوصمل له مما تريمد بعدة‬
‫طرق ل يشعر معها أنك تريد نصحه‪.‬‬
‫ومممن تلك السممبل أن تذكممر له حالة أخرى مشابهممة‬
‫لحالتمه‪ ،‬وقمد حدثمت لشخمص آخمر وقمع فيمما وقمع فيمه‬

‫‪ )(1‬المثال لبي عبيد ص ‪.65‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫صمماحبك مممن خطممأ‪ ،‬ثممم تخلص إلى ذم ذلك الخطممأ‪،‬‬
‫وتقبيحه‪ ،‬والتنفير منه‪ ،‬والتحذير من الوقوع فيه‪.‬‬
‫كأن تقول له‪ :‬إن أحداً‪ ،‬أو فلنا ً مممن الناس يتعاطممى‬
‫ن‪ ،‬والدخان فيممه كذا وكذا‪ ،‬ويخشممى عليممه إن لم‬ ‫الدخا َم‬
‫يترك الدخان أن يقمع له كذا وكذا‪ ،‬ثمم تبدأ بذم الدخان‪،‬‬
‫وتقبيحه‪.‬‬
‫ومن تلك السبل أن تستشير الذي وقع في خطأ في‬
‫كيفيممممة علج ذلك الخطممممأ‪ ،‬فتقول له‪ :‬إن كثيرا ً مممممن‬
‫الطلب قممد وقعوا فممي بعممض الخطاء‪ ،‬فممما رأيكممم إن‬
‫كانوا مجموعة في كيفية علج ذلك الخطأ‪ ،‬ثم تنفذ من‬
‫خلل ذلك إلى التحذير من الخطأ‪.‬‬
‫وممن تلك السمبل أن تسمتحث ممن وقمع فمي خطمأ مما‬
‫على نصممح فلن مممن الناس سممواء كان ذلك زميله‪ ،‬أو‬
‫أخاه الصممغير أو غيرهممما‪ ،‬فتقول لذاك‪ :‬انصممح أخاك أو‬
‫زميلك؛ لعله يتقبل منك‪ ،‬ويقلع عن ذلك المر‪ ،‬ثم تبين‬
‫له وجه ذلك الخطأ وسبل علجه‪.‬‬
‫إلى غيمر ذلك ممن الطرق المناسمبة التمي ل تريمد ممن‬
‫خللها سوى لفت نظر منصوحك‪ ،‬وإشعاره بخطئه من‬
‫طرف خفي‪.‬‬
‫ز_ وممممن المداراة فمممي النصممميحة أن تثنمممي بحضرة‬
‫المسمميء على مممن فعممل خلف فعله؛ فهذا داعيممة إلى‬
‫(‪)1‬‬
‫الحسان وترك الساءة‪.‬‬
‫ح_ ومممن المداراة فممي النصمميحة أن تعرف أن ناسمماً‬
‫بأعيانهممم قممد وقعوا فممي مخالفممة ممما‪ ،‬فترغممب فممي‬
‫إرشادهممم‪ ،‬ولفممت أنظارهممم إلى خطئهممم‪ ،‬فتتحامممى‬
‫ذكرهممم بأعيانهمممم‪ ،‬خشيممة نفورهممم أو إحراجهممم‪ ،‬أو‬

‫‪ )(1‬انظر الخلق والسير ص ‪.62‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫إعراضهممم فتلجممأ إلى التعريممض مممن باب‪= :‬ممما بال‬
‫أقوام‪+‬‬
‫ة حول أممر مما‪ ،‬وهمي كذا‬ ‫فتشيمر إلى أن هناك ملحظ ً‬
‫وكذا‪ ،‬أو تقول‪ :‬إن ناسممممممما ً يعملون كذا وكذا وهمممممممم‬
‫مجانبون للصواب‪ ،‬والدليل كذا وكذا‪.‬‬
‫ويوممممئ إلى هذا السممملوب مممما كان يفعله النمممبي "‬
‫عندمما يبلغمه أن بعمض أصمحابه قمد وقعوا فمي خطمأ مما‪،‬‬
‫فيسمملك _عليممه الصمملة والسمملم_ هذا السمملوب فممي‬
‫علجهم أحياناً‪.‬‬
‫جاء فمي صمحيح البخاري أن النمبي " قال‪= :‬مُا بال‬
‫أقوام يرفعون أبصُُُارهم إلى السُُُماء فُُُي‬
‫(‪)1‬‬
‫الصلة‪+‬‬
‫وقال‪= :‬مُُُُُُُا بال أقوام يشترطون شروطاً‬
‫(‪)2‬‬
‫ليست في كتاب الله‪.+‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وقال‪= :‬ما بال دعوى الجاهلية‪+‬‬
‫وقال‪= :‬مُا بال العامُل نبعثُه‪ ،‬فيأتُي فيقول‪:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫هذا لك وهذا ‪.+...‬‬
‫مهمما الذكياء‪،‬‬
‫حك ِ ُ‬‫وبالجملة فالمدارة خصمملة شريفممة‪ ،‬ي ُ ْ‬
‫ول يتعدى حدود َممممها الفضلء؛ فهممممي ترجممممع إلى ذكاء‬
‫الشخممص وحكمتممه؛ فهممو الذي يراعممي فممي مقدارهمما‬
‫وطريقتها ما ينبغي أن يكون‪.‬‬
‫‪ _40‬الحزم من غير عسف‪:‬‬
‫فمممما ينبغممي للمعلم أن يتصممف بممه‪ ،‬ومممما يدل على‬
‫نجاحمه فمي أداء مهمتمه _أن يكون حازما ً جاداً؛ لن فمي‬
‫‪.1/183‬‬ ‫البخاري‬ ‫‪)(1‬‬
‫‪.1/117‬‬ ‫البخاري‬ ‫‪)(2‬‬
‫‪.1/60‬‬ ‫البخاري‬ ‫‪)(3‬‬
‫‪.8/114‬‬ ‫البخاري‬ ‫‪)(4‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫الحزم ضبطا ً للطلب‪ ،‬وكبحا ً لممما عندهممم مممن جماح‪،‬‬
‫كما أن فيه حفظا ً للوقت‪ ،‬وإبقاءً لهيبة المعلم والعلم‪.‬‬
‫ومممما يعيممن المعلم على الحزم أن يكون حازما ً مممع‬
‫نفسه‪.‬‬
‫ومن حزمه مع نفسه أن يعد الدرس جيداً‪ ،‬وأن يلقيه‬
‫كما ينبغي‪.‬‬
‫م بكمل شاردة وواردة فيمه‬ ‫فإذا أعمد الدرس جيداً‪ ،‬وأل َم َّ‬
‫_كان مممن أثممر ذلك عليممه وثوق مُ الطلب بممما يقول‪،‬‬
‫وظهور التجديممد فيممما يعمممل‪ ،‬وتنويممع الدرس على ممما‬
‫يحب‪.‬‬
‫وإذا ألقمى الدرس كمما ينبغمي _كأن يربطمه بالدروس‬
‫السابقة‪ ،‬ويسيَر فيه خطوةً خطوة‪ ،‬ثم يلخصه بطريقة‬
‫السمئلة _مل الوقمت على الطلب‪ ،‬فلم يَعُد ْ فيمه فراغ ٌم‬
‫لعبث عابث‪ ،‬ول تجني سفيه‪.‬‬
‫وإذا حرك أذهانهممم بالتشويممق‪ ،‬والتطممبيق‪ ،‬والسممؤال‬
‫_لم يصبهم سأم ول ضيق‪.‬‬
‫م طلب َمه عمن أنفسمهم وعمن‬ ‫وممن هنما يُشغمل المعل ُم‬
‫نفسمه‪ ،‬فل يفرغون لصمطياد نكتمة‪ ،‬ول للتماس غميزة؛‬
‫إذ ليممس أعون للمعلم على حفممظ نظام الفصممل مممن‬
‫ملء الوقمت بالمفيمد الممتمع‪ ،‬ول أضممن لجودة شرحمه‪،‬‬
‫وحسممن اسممتماع التلميممذ مممن فهممم الموضوع وجودة‬
‫إلقائه‪.‬‬
‫وممما يعينمه على الحزم أل يسممح لطالب بأن يسميء‬
‫للفصل أو لحد من زملئه‪.‬‬
‫وممن ذلك أن يتابعهمم فمي واجباتهمم‪ ،‬وأن ينجمز الوعمد‬
‫إذا وعد أحدا ً من تلميذه‪.‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وبالجملة فالحزم مطلوب‪ ،‬وهمو ممن علمات النجاح‪،‬‬
‫ومممن مقومات المروءة‪ ،‬بشرط أل يصممل إلى التسمملط‬
‫والسممتبداد‪ ،‬والشدة المفرطممة‪ ،‬والصممرامة المتعديممة‬
‫لطوارها؛ لن تلك الطريقة تفسد الجيل‪ ،‬وتغرس فيمه‬
‫رذائل مهلكممة؛ إذ تسمملب مممن الطالب جميممع عزائمممه‬
‫وسمممائر إرادتمممه‪ ،‬وتحمله على الكذب والنفاق‪ ،‬وتغرس‬
‫فيممه الجبمن والخور‪ ،‬وتُبَغّمِض إليمه العلم والقراءة‪ ،‬كمما‬
‫أنهما تحول بينمه وبيمن عزة النفمس‪ ،‬ومما يتبعهما ممن قوة‬
‫الجأش‪ ،‬وأصممالة الرأي‪ ،‬وإرسممال كلمممة الحممق عندممما‬
‫يقتضيهمما المقام؛ فيكون ألعوبممة بيممن معاشريممه كالكرة‬
‫المطروحمة يتلقفونمه رجل ً رجلً‪ ،‬وآلة يسمتعملونها فيمما‬
‫يشتهون‪.‬‬
‫ة مع بعض النفوس التي ل‬ ‫ولئن كانت الشدة مطلوب ً‬
‫حها غيُر الشدة _فإن من النفوس ما ل يأسرها‬ ‫يَُرد ُّ جما َ‬
‫إل الجميل من القول‪ ،‬ول يَُرد ُّ جماحها إل بزمام الرفق‬
‫(‪)1‬‬
‫والملطفة‪ ،‬وهذا ما سيتبين في الفقرة التالية‪.‬‬
‫‪ _41‬الرفق من غير ضعف‪:‬‬
‫وكمما يحسمن الحزم‪ ،‬فكذلك يحسمن الرفمق والليمن‪،‬‬
‫قال النمبي _عليمه الصملة والسملم_‪= :‬إن الله رفيُق‬
‫(‪)2‬‬
‫يحب الرفق في المر كله‪.+‬‬
‫وقال‪= :‬إن الرفق ل يكون في شيء إل زانه‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ول ينزع من شيء إل شانه‪.+‬‬

‫‪ )(1‬انظممر السممعادة العظمممى ص ‪ ،99‬وآثار الشيممخ محمممد البشيممر‬


‫البراهيمي ‪ ،3/163‬وفي أصول الدب للزيات ‪.125‬‬
‫‪ )(2‬رواه البخاري ‪ ،7/80‬ومسلم (‪.)2165‬‬
‫‪ )(3‬رواه مسلم (‪.)2594‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫فيجمممل بالمعلم أن يكون رفيقا ً بطلبممه‪ ،‬رحيما ً بهممم‪،‬‬
‫مشفقا ً عليهممم‪ ،‬محسممنا ً إليهممم‪ ،‬صممابرا ً على بعممض ممما‬
‫يصدر من جفائهم وسوء أدبهم‪.‬‬
‫ول يعنممي ذلك ترك الحبممل على الغارب للطالب‪ ،‬فل‬
‫يؤمممر ول ينهممى‪ ،‬ول يؤدب ول يعاقممب؛ بحجممة رحمتممه‪،‬‬
‫والرفق به‪.‬‬
‫ل‪ ،‬ليممس المممر كذلك؛ فترك تأديبممه وتوجيهممه خطممل‬
‫وخلل‪ ،‬وخرق وجهل‪ ،‬وتفريط وإضرار‪.‬‬
‫وذلك مما ينمي فيه الميوعة‪ ،‬ويقتل منه الرجولة‪.‬‬
‫والحكمممة تقتضممي أن يكون المعلم حازما ً مممن غيممر‬
‫عسممف‪ ،‬لي ِّنا ً رفيقا ً مممن غيممر ضعممف؛ فالحزم والرفممق‬
‫رضيعا لبان‪ ،‬يجتمعان ول يتنافيان‪.‬‬
‫وبالجملة =فالتربيممة النافعممة ممما كانممت أثرا ً لمحبممة‬
‫يطفممئ البأس شيئا ً مممن حرارتهمما‪ ،‬وصممرامة تلطممف‬
‫(‪)1‬‬
‫الشفقة نبذة من شدتها‪.+‬‬
‫‪_42‬تربية الطلب على الكمالت‪:‬‬
‫فمممن أهممم ممما تؤدى بممه رسممالة التعليممم أن يحرص‬
‫المعلمون على تربية طلبهم على كريم الخلل وحميد‬
‫الخصمال‪ ،‬ممع الحرص الشديمد على تجنيبهمم مما ينافمي‬
‫ذلك مممن مسمماوئ الخلق ومرذول العمال؛ فإن لذلك‬
‫الصمنيع أبلغ الثمر فمي نفوس الطلب؛ فبسمببه ينشؤون‬
‫محمبين للفضيلة‪ ،‬متعشقيمن للبطولة‪ ،‬متصمفين بمعالي‬
‫المور ومكارم الخلق‪ ،‬مبغضيمممن لسمممفساف المور‪،‬‬
‫نافرين من مساوئ الخلق‪.‬‬
‫قال الشيممخ محمممد البشيممر البراهيمممي فممي وصمماياه‬
‫للمعلمين‪= :‬أنتم حراس هذا الجيل‪ ،‬والمؤتمنون عليه‪،‬‬

‫‪ )(1‬السعادة العظمى ص ‪.99‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫والقوَّامون على بنائه‪ ،‬وأنتم بناةُ عقوله ونفوسه؛ فابنوا‬
‫عقوله على أسمماس مممن الحقيقممة‪ ،‬وابنوا نفوسممه على‬
‫صممممخرة مممممن الفضائل النسممممانية‪ ،‬وأشربوه عرفان‬
‫قيمتهما؛ فإن ممن لم يعرف قيممة الثميمن أضاعمه‪ ،‬وقمد‬
‫م فممي عصممركم فكان ممما ترون مممن‬ ‫ت هذه القي ُمم‬‫غُبِن َمم ْ‬
‫فوضى واختلط‪.‬‬
‫ربوهم على ما ينفعهم‪ ،‬وينفع الوطن بهم؛ فهم أمانة‬
‫الوطن عندكم‪ ،‬وودائع المة بين أيديكم‪.‬‬
‫ربوهمم على التحاب فمي الخيمر‪ ،‬والتآخمي فمي الحمق‪،‬‬
‫والتعاون على الحسممممان‪ ،‬والصممممبر إل على الضيممممم‪،‬‬
‫والقدام إل على الشمر‪ ،‬واليثار إل بالشرف‪ ،‬والتسمامح‬
‫(‪)1‬‬
‫إل بالكرامة‪.+‬‬
‫وقال × فممي موضممع آخممر‪= :‬ربوهممم على الفضائل‪،‬‬
‫ربوهمممم على الرجولة وبعمممد الهممممة‪ ،‬وعلى الشجاعمممة‬
‫والصممممبر‪ ،‬وعلى النصمممماف واليثار‪ ،‬وعلى البسمممماطة‬
‫واليسمممر‪ ،‬وعلى العفمممة والمانمممة‪ ،‬وعلى السمممتقلل‬
‫والعتداد بالنفمممممس‪ ،‬وعلى العزة والكراممممممة‪ ،‬وعلى‬
‫(‪)2‬‬
‫التحابب والتسامح‪.+‬‬
‫هذا وقمممد مضمممى شيمممء ممممن ذكمممر تلك الكمالت‪،‬‬
‫وسيأتي مزيد بيان لذلك فيما يلي من وقفات‪.‬‬
‫‪_43‬تربيتهم على العتزاز بالدين‪:‬‬
‫فأجممل ممما يربممى عليممه الطلب أن يربوا على الديممن‬
‫القويمممم‪ ،‬والعقيدة الصمممحيحة؛ حتمممى ينشأوا معتزيمممن‬
‫حولً‪.‬‬
‫بالسلم ل يرضون به بدلً‪ ،‬ول يبغون عنه ِ‬

‫‪ )(1‬عيون البصائر ص ‪.299‬‬


‫‪ )(2‬آثار الشيخ محمد البشير البراهيمي ‪.3/165‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وإن ممما ل يقبمل جدل ً ول حوارا ً أن ممن اتفمق له فمي‬
‫خدر الغرارة أن يربمى على أدب الشريعمة‬ ‫ن الصمبا‪ ،‬و ِ‬ ‫ك ِم ِ ّ‬
‫البيضاء‪ ،‬حتممممى يتعود وتصممممبح تلك الداب له ملكممممة‬
‫وسليقة _كان هو السعيد الكامل‪ ،‬وما عليه إل أن يكثر‬
‫مممن حمممد الله على تلك الموهبممة العظيمممة‪ ،‬والمنممة‬
‫الجليلة‪.‬‬
‫وإن ممممن تربيتهمممم على العتزاز بالديمممن أن يقادوا‬
‫بزمام التربيممة إلى مواقممع العممبر مممن تاريخهممم‪ ،‬وإلى‬
‫مواطن القدوة الصالحة من سلفهم‪ ،‬وإلى منابت العز‬
‫والمجد من مآثر أجدادهم الولين‪.‬‬
‫قال الشيمخ محممد البشيمر البراهيممي ×‪= :‬ربوهمم‬
‫على أن يعيشوا بالروح فممممممي ذلك الجممممممو المشرق‬
‫بالسممملم وآدابمممه وتاريخمممه ورجاله‪ ،‬ذلك الجمممو الذي‬
‫قّ ل يشوبه‬ ‫يستوي ماضيه ومستقبله في أنهما طرفا ح ٍ‬
‫الباطل‪ ،‬وحاشيتا جديدٍ ل يبليه الزمن‪.‬‬
‫وعلى أن يعيشوا بالبدن فممممي الزمممممن الذي يديممممن‬
‫ل بالبأس‪ ،‬وعلى أن يعيشوا بالروح فممممممي‬ ‫بالقوة‪ ،‬ويُدِ ُّ‬
‫ذلك الزممن المشرق العاممر بالحمق والخيمر والفضيلة‪،‬‬
‫وعلى أن يلبسممموا لبوس عصمممرهم الذي يبنمممي الحياة‬
‫على قاعدتيمن‪ :‬إن لم تكمن آكل ً كنمت مأكولً؛ وكمن قوياً‬
‫(‪)1‬‬
‫تحترم‪.+‬‬
‫وإذا وصملت التربيمة الدينيمة إلى النفوس ممن طريقهما‬
‫الصمحيح‪ ،‬وقام على التربيمة معلمون ربانيون مخلصمون‬
‫_رسخت الفضائل في نفوس الطلب‪ ،‬وقَّرت بها قرار‬
‫ذات الصمدع تحمت ذات الرجمع‪ ،‬فل ترى ممن جَّراء تلك‬
‫التربيممة إل حياء وعفافاً‪ ،‬وأمانممة وصممدقاً‪ ،‬واسممتصغاراً‬

‫‪ )(1‬عيون البصائر ص ‪.300‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫للعظائم‪ ،‬وغيرة على الحقائق والمصمممالح‪ ،‬ومممما شئت‬
‫بعد ُ من عزة النفس وكبر الهمة‪.‬‬
‫تلك الخصمال التمي ل تنبمت أصمولها‪ ،‬ول تعلو فروعهما‬
‫إل أن يتفيمممأ عليهممما ظلل الهدايمممة ذات اليميمممن وذات‬
‫الشمال‪.‬‬
‫وكممم أخرجممت مدارس السمملم‪ ،‬ومجالس القواميممن‬
‫على هدايتممه مممن رجال يلقون السممود فيصممرعونها‪،‬‬
‫ويجارون الرياح فيسبقونها‪ ،‬يخفضون أجنحتهم؛ تواضعاً‬
‫للمستضعفين‪ ،‬ويرفعون رؤوسهم؛ عزة على الجبارين‪،‬‬
‫تعترضهمم الخطار فيخوضون غمارهما‪ ،‬وتعتمل عقول أو‬
‫قلوب فيضعون الدواء موضمممممع عللهممممما‪ ،‬عدل كأنمممممه‬
‫القسممطاس المسممتقيم‪ ،‬وسممخاء كأنممه الغيممث النافممع‬
‫العميم‪ ،‬وحرص في طلب العلم وإن كان بمناط الثريا‪،‬‬
‫وطموح إلى المعالي وإن انتبذت وراء الفلك الدَّوَّار‬
‫مكانا ً قصي ّا‪.‬‬
‫ً (‪)1‬‬

‫‪ _44‬تربيتهم على نبذ التقليد العمى‪:‬‬


‫ف بذلك‪ ،‬وأقبمح مما فمي هذا‬ ‫لن ممن الطلب ممن يَكْل َم ُ‬
‫تقليمممد الكفار فمممي توافمممه المور‪ ،‬ومسممماوئ الخلق‪،‬‬
‫ُ‬
‫كتقليدهمممم فمممي الملبمممس‪ ،‬وتصمممفيف الط َّررِ‪ ،‬وقمممص‬
‫الشعور؛ ظنا ً منهم أن هذا الصنيع رقي وتطور‪.‬‬
‫وهذه حقيقمممة تغيممب عممن أذهان فئة مممن الشعوب‬
‫الخذة بالنهوض؛ فإذا رأوا أمممة ذات معارف وسممطوة‬
‫تهافتوا على محاكاتها من غير تدبر واحتراس‪.‬‬
‫وربممما سممبقوا إلى ممما يعممد مممن سممقط متاعهمما‪،‬‬
‫ومسمتهجن عاداتهما _فصمبوا هممهمم فمي تقليدهما فيمه‪،‬‬
‫فزادوا شعبهممممممم وهنا ً على وهممممممن‪ ،‬وكانوا كالعثرات‬

‫‪ )(1‬انظر رسائل الصلح ‪ 1/6‬و ‪.42‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫تعترضه فتعوقمه عمن السمير‪ ،‬أو تجعل سميره في القمل‬
‫بطيئاً‪.‬‬
‫ومتمى كثمر فمي الشعمب أمثال هؤلء الذيمن ل يميزون‬
‫ة مممن الحسممنة _فقممد الشعممب‬ ‫فممي محاكاتهممم السمميئ َ‬
‫هدايته‪ ،‬وتجرد من أصالته وتميزه‪.‬‬
‫ول يفلح شعمب نكمث يده ممن الديمن الحمق‪ ،‬ول يعتمز‬
‫شعب نظر إلى تاريخه وأصالته بازدراء‪.‬‬
‫ول يقدم على هذه التبعيمممممة إل أممممممة تدثرت الذلة‪،‬‬
‫وسهل على أفرادها الهوان‪.‬‬
‫وإل فالمة العزيزة هي التي تعرف مقدار ما تعطي‪،‬‬
‫ومقدار ما تأخذ‪ ،‬ونوع ما تعطي‪ ،‬ونوع ما تأخذ‪ ،‬فتفرق‬
‫بيممن محاكاة الجنممبي المحمودة‪ ،‬ومحاكاتممه المنبوذة‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫سالكة طريقا ً وسطا ً يكفل سعادة الولى والخرة‪.‬‬
‫قال الشيخ محمد البشير البراهيمي ×‪= :‬هناك أمم‬
‫تقدمتكممم فممي العلم والمعرفممة والنظام؛ فخذوا مممن‬
‫مباديها العبرة‪ ،‬وخذوا من مصايرها العِظَة‪.‬‬
‫عبَْرةَ العمبر لكمم فيهما أن العلم _وإن تشعَّب َم ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫ت‬ ‫وإن ِ‬
‫صي ُّ ُ‬
‫ه‬ ‫س لهما عَم ِ‬‫سل َ َ‬ ‫عندهما أغصمانُه‪ ،‬وتفرعمت أفنانمه‪ ،‬وأ ْم‬
‫ن عنهما فتيل ً ممما‬ ‫حتمى فتحت به مغلقات الكون _لم يُغْم ِ‬
‫تغني الخلق والفضائل‪.‬‬
‫ه مفسممدا ً عممن الفسمماد‪ ،‬ولم يََزعممْ‬ ‫إن العلم لم يَن ْمم َ‬
‫ت فمممي نفوس القوياء‬ ‫مجرما ً عمممن الجرام‪ ،‬ولم ي ُ ِ‬
‫م ْممم‬
‫غرائز العدوان والبغي على الضعفاء‪.‬‬

‫‪ )(1‬انظر رسائل الصلح ‪.1/154‬‬


‫‪ )(2‬يعني العلم المادي‪.‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫بل ما زاد المتجردين من الفضيلة إل ضراوةً بالبشر‪،‬‬
‫وتفننا ً فمممي الثمممم؛ فاجعلوا الفضيلة رأس مال نفوس‬
‫(‪)1‬‬
‫تلمذتكم‪ ،‬واجعلوا العلم ربحاً‪.+‬‬
‫‪ _45‬تربيتهم على صحة التفكير والحكم على‬
‫الشياء‪:‬‬
‫فصمحة التفكيمر والحكمم ِ على الشياء‪ ،‬وجودةُ التصمورِ‬
‫ق ليست منوطة بموهبة الذكاء‪.‬‬ ‫والتصدي ِ‬
‫بمل همي منوطمة بتربيمة النفمس منمذ الصمغر على حمب‬
‫الخيمر والحمق‪ ،‬والتجرد ممن الشرور والهواء‪ ،‬والهتمام‬
‫بإدراك المور ممن جميمع وجوههما‪ ،‬وإدراك الفروق بيمن‬
‫المشتبهات عند التباسها‪.‬‬
‫وإذا تربمى الفكمر منمذ الصمغر على صمحة التفكيمر نشمأ‬
‫صماحبه جيمد التصمور‪ ،‬سمديد الحكمم‪ ،‬محبا ً للحمق سمواء‬
‫كان له أو عليه‪.‬‬
‫وإذا كانت الثانية بات الرجل وليس فيه من الرجولية‬
‫(‪)2‬‬
‫إل اسمها‪.‬‬
‫قال الشيمخ البراهيممي فمي وصميته للمعلميمن‪= :‬بينوا‬
‫لهممممممممممم الحقائق‪ ،‬واقرنوا الشباه بالشباه‪ ،‬واجمعوا‬
‫النظائر إلى النظائر‪ ،‬وبينوا لهمم العلل والسمباب؛ حتمى‬
‫ملَك َ ُ‬
‫ة التعليممل؛ فإن‬ ‫تنبممت فممي نفوسممهم مممن الصممغر َ‬
‫الغفلة عن السباب هي إحدى المهلكات لمتكم‪ ،‬وهي‬
‫ت لهما هذه الحيرة المسمتولية على شواعرهما‪،‬‬ ‫جَّر ْم‬
‫التمي َ‬
‫وهذا التردد الضارب على عزائمهما‪ ،‬وهذا اللتباس بيمن‬
‫المتضادات في نظرها‪.‬‬

‫‪ )(1‬آثار الشيخ محمد البشير البراهيمي ‪.3/159‬‬


‫‪ )(2‬انظر الحديقة ‪.210_6/209‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ت‬ ‫امزجوا لهمممممم العلم بالحياة‪ ،‬والحياة بالعلم يأ ِممممم‬
‫التركيب بعجيبه‪ ،‬ول تعمروا أوقاتهم كلها بالقواعد‪...‬‬
‫وإنممما القواعممد أسمماس‪ ،‬وإذا أنفقممت العمار فممي‬
‫(‪)1‬‬
‫القواعد فمتى يتم البناء‪.+‬‬
‫وقال‪= :‬ربوهم على استخدام المواهب الفطرية من‬
‫عقممل وفكممر وذهممن‪ ،‬وعلى صممدق التصممور‪ ،‬وصممحة‬
‫الدراك‪ ،‬ودقمممممة الملحظمممممة‪ ،‬والوقوف عنمممممد حدود‬
‫(‪)2‬‬
‫الواقع‪.+‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ _46‬العناية بالمواهب‪ ،‬ورعاية النوابغ‪:‬‬
‫فمممما يدل على فطنممة المعلم وبعممد همتممه‪ ،‬وحرصممه‬
‫على أن يخرج للممة رجال أفذاذا ً ينفعونهما‪ ،‬وتفاخمر بهمم‬
‫غيرها من المم _أن يكون معنيًّا بذوي المواهب‪ ،‬راعياً‬
‫لذوي النبوغ ممممممن الطلب؛ فشأن المعلم العبقري أن‬
‫يقبمل على التلميمذ المتقمد ذكاءً‪ ،‬ويأخمذ بيده فمي طريمق‬
‫التحصيل‪ ،‬حتى يعرف كيف يكون عبقريًّا‪.‬‬
‫وإن مما يهيئ الطلب ذوي المواهب لن يكونوا من‬
‫العباقرة النابغين ما يلي‪:‬‬
‫م فيهُُم‬ ‫و َُُّ‬
‫س ُ‬ ‫ن تُت َ َ‬
‫م ُُْ‬
‫أ_ إذكاء همُُم النوابُُغ و َ‬
‫العبقريُة‪ :‬ذلك أن العبقريمة تقوم على الذكاء والجمد‬
‫في طلب العلم‪ ،‬ثم على كبر الهمة؛ فمن لم يكن ذكياً‬
‫لم يكمن حظمه ممن العلم إل أن يحفمظ مما أنتجتمه قرائح‬
‫جد َّ فممي طلب العلم‪ ،‬ولم‬ ‫العلماء مممن قبله‪ ،‬ومممن لم ي َ ِ‬
‫يُغَذ َّ بثمرات القرائح المبدعمممة بقمممي ذكاؤه مقصممموراً‬
‫محصورا ً في دائرة ضيقة‪ ،‬قل يقوى على أن يحلق في‬
‫سماء العلوم؛ ليبلغ الغاية السامية‪.‬‬
‫‪ )(1‬عيون البصائر ص ‪.300‬‬
‫‪ )(2‬عيون البصائر ص ‪.299‬‬
‫‪ )(3‬انظر رسائل الصلح ‪.180_1/179‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وممن لم تكمن همتمه فمي العلم كمبيرة لم يكفمه ذكاؤه‪،‬‬
‫ول جده فمممممي الطلب لن يكون عبقرياً؛ فقمممممد يكون‬
‫صغَُر همته يحجم به‬ ‫الرجل ذكيا ً مجدا ً في التحصيل‪ ،‬و ِ‬
‫أن يوجممه ذكاءه على نقممد بعممض الراء‪ ،‬أو ابتكار آراء‬
‫ت فممي أحممد طلبممك النبوغ فأكممبر‬ ‫م َ‬ ‫جديدة؛ فإذا تَوَمم َّ‬
‫س ْ‬
‫بهمتمه‪ ،‬عسمى أن يكون عبقريا ً ينفمع الممة‪ ،‬ويكون لك‬
‫الجر‪.‬‬
‫=روى الذيممن دونوا ترجمممة المام الفاتممح أسممد بممن‬
‫الفرات _أنمه لمما كان يأخمذ العلم عمن المام محممد بمن‬
‫الحسمن الشيبانمي تلميمذ المام أبمي حنيفمة كان إذا رأى‬
‫تلميذه أسد بن الفرات غلب عليه النوم وهو يسهر في‬
‫تلقممي العلم عنممه نضممح على وجهممه رشاشا ً مممن الماء؛‬
‫ليجدد نشاطمه؛ شفقمة عليمه‪ ،‬ورغبمة منمه فمي أن ينهمض‬
‫(‪)1‬‬
‫إلى مستوى المامة في العلم‪.+‬‬
‫ش َّم‬
‫ب‬ ‫ب_ تقديُر النوابُغ‪ :‬فممن مهيئات النبوغ أن ي َ ِ‬
‫ي بيممن قوم يقدرون النوابممغ قدرهممم؛ فإذا نظممر‬ ‫اللمع ّ مُ‬
‫َ َ‬
‫جل ّة‪ ،‬وأقبلوا عليممه باحتفاء‬ ‫القوم إلى النابغممة بعيممن الت ّ ِ‬
‫_هفت نفسه لكل فضيلة‪ ،‬ورنت عينه إلى كل بطولة‪،‬‬
‫وزاد قوة على الجمد فمي الطلب‪ ،‬والسمعي إلى أقصمى‬
‫درجات الكمال‪.‬‬
‫ول عجمب أن يظهمر النابغون ببلد الندلس؛ فقمد كان‬
‫َ‬
‫مه‪ ،‬ويرفعون ممن رفعمه‬ ‫عل ْم ُ‬
‫أهلهما يعظمون ممن عَظ ّممه ِ‬
‫أدبمه‪ ،‬وكذلك سميرتهم فمي رجال الحروب يقدمون ممن‬
‫قدَّمته شجاعته‪ ،‬وعظمت في الحروب مكايده‪.‬‬
‫جُُُ _ إعطاء النوابُُغ فرصُُة للبداع وإظهار‬
‫المواهُُب‪ :‬فذلك مممما يكسممب العتبار‪ ،‬والثقممة فممي‬

‫‪ )(1‬في رحاب الزهر لمحمد الخضر حسين ص ‪.93‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫النفمس؛ =فهذا الشيمخ ابمن التلمسماني أحمد كبار علماء‬
‫شمال أفريقيما سمأله السملطان عمن مسمألة‪ ،‬فقال‪ :‬إن‬
‫تلميذي فلنا ً يحسممن الجواب عنهمما‪ ،‬فوجممه السمملطان‬
‫السمؤال إلى تلميمذ ابمن التلمسماني‪ ،‬فأحسمن الجواب‪،‬‬
‫فأجازه‪ ،‬وأحسن منزلته‪.‬‬
‫وكان ابن التلمساني أعلم من تلميذه فيما سأله عنه‬
‫السملطان‪ ،‬ولكنمه؛ لعتباره تلميذه بمنزلة ولده أراد أن‬
‫يُنَوِّه بممممه فممممي حضرة السمممملطان كممممما لو كان ولده‬
‫(‪)1‬‬
‫حقاً‪.+‬‬
‫د_ مراعاة التوازن فُي المديُح والطراء‪ :‬لن‬
‫ممن الطلب ممن يزيده المديمح إقبال ً وجدَّاً‪ ،‬ومنهمم ممن‬
‫يبعمممث فيمممه المديمممح تعاليا ً وغرورا ً وتيهاً‪ ،‬وهذا راجمممع‬
‫لحكمة المعلم ومعرفته بطبائع النفوس‪.‬‬
‫قال الشيممخ البراهيمممي × فممي وصمماياه للمعلميممن‪:‬‬
‫=هناك حدود مشتركة بين الضار والنافع في أعمالكم‪،‬‬
‫فتبينوهمما‪ ،‬ثممم اعملوا على قَدْرهمما‪ ،‬ول تجاوزا حدَّا ً إلى‬
‫حمد‪ ،‬فتضروا ممن حيمث قصمدتم النفمع؛ فمدح المجتهمد‬
‫ك للنشاط كما هو مدعاة للغرور‪.‬‬ ‫مذ ٍ‬
‫من تلمذتكم ُ‬
‫ن لفظة مدح مقدرة أو مبالٍغ فيها‬ ‫والفصل بينهما رهي ُ‬
‫منكم‪.‬‬
‫ن تخمدوا نشاطا ً خيٌر مممن أن تشعلوا غرورا ً فممي‬ ‫ول ْم‬
‫نفممس التلميممذ؛ إن النشاط قممد يعاود‪ ،‬ولكممن الغرور ل‬
‫يزايمممل‪ ،‬وإن الغرور لعضمممل داء فمممي عصمممركم‪ ،‬وإن‬
‫صمنفكم لكثمر الصمناف قابليمة لهذا الداء؛ لمما فيمه ممن‬
‫إيهام بالكمال فمممي موضمممع النقمممص‪ ،‬وتمويمممه للتخلف‬

‫‪ )(1‬في رحاب الزهر ص ‪.93‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫سات‬ ‫ح ّمممَ‬‫م َ‬
‫بالتقدم‪ ،‬وتغطيمممة للسممميئ بالحسمممن‪ ،‬وهذه َ‬
‫الغرور في نفوس المغرورين‪.‬‬
‫ة‪ ،‬والصمراع بينهمما‬ ‫ضاح ٌ‬ ‫والغرائز ضاريمة‪ ،‬والتجارب ف َّ‬
‫كان ومما زال ول يزال؛ فاحذروا الزلة فمي هذا المزلق‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ذّروا تلمذتكم منها بالقول والعمل‪.+‬‬ ‫وح ِ‬
‫هُُُ _ فتُُح المجال لهُُم فُُي البحُُث‪ :‬فمممن‬
‫مهيئات النبوغ أن ينشمأ الذكمي فمي درس أسمتاذ يطلق‬
‫له العنان فممي البحممث‪ ،‬ويرده إلى الصممواب برفممق إذا‬
‫أخطأ‪ ،‬ويثني عليه إذا ناقش فأصاب المرمى‪.‬‬
‫و_ مراعاة الميول والتوجيُُُه لمُُُا يناسُُُب‪:‬‬
‫فهناك ممن الطلب ممن همو شديمد الذكاء‪ ،‬كمبير الهممة‬
‫ومع ذلك ل تجده يبدع ول يتفوق‪.‬‬
‫والسمبب فمي ذلك أنمه لم يُراع َم ميوله‪ ،‬ولم يوجمه إلى‬
‫مما يناسمبه؛ فعقول الناس تختلف‪ ،‬ومشاربهمم ل تألف؛‬
‫فكل يميل إلى ما يلئمه‪ ،‬وقد علم كل أناس مشربهم‪.‬‬
‫فإذا وجممه الطالب إلى ممما يلئمممه ويناسممب ميوله‬
‫ورغبته أبدع أيما إبداع‪ ،‬وأصبح عضوا ً نافعا ً بعد أن كان‬
‫عضوا ً أشمممل؛ فل يعنمممي كون الطلب ل يبدعون فمممي‬
‫(‪)2‬‬
‫شيء أنهم ل يصلحون لي شيء‪.‬‬
‫لمممممما همممممو مخلوق له‬ ‫ل‬‫ولكنهممممممممما القدار ك ٌّ‬
‫ب‬ ‫ومقروجهة هو موليها‪.‬‬
‫ُممممممممممممممممممممممم‬ ‫ميسمممممممممممممممممممممممممٌر‬
‫شاكلته‪ ،‬ولكل‬ ‫فكل يعمل على‬
‫هذا وإن مما يحسن التنبيه عليه في هذه الوقفة أن‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫م َ‬
‫ل َ‬ ‫العناية بالمواهب ورعاية النوابغ _ل تعني أن يُهْ َ‬
‫هممممم أق ُّ‬
‫ل ذكاءً ونبوغاً؛ فالعالَم ل يحتاج إلى خارقممممي‬
‫الذكاء والنوابغ فحسب‪ ،‬بل يحتاج إلى غيرهم كذلك‪.‬‬
‫‪ )(1‬عيون البصائر ص ‪.299‬‬
‫‪ )(2‬انظر قوة الرادة وطرق تنميتها د‪.‬صلح مراد ص ‪.34‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ل يزخممممر الوادي بغيممممر‬ ‫م أقاصميهم إليمك؛‬ ‫م ْم‬
‫ض ُ‬
‫فا ْ‬
‫شعاب‬ ‫فإنمممممممممممممممممممممممممممه‬
‫الطلب عموماً؛ كمممي‬ ‫يؤخمممذ بأيدي‬ ‫ولهذا ينبغمممي أن‬
‫يسممتعملوا ذكاءهممم خيممر اسممتعمال ولو كان قليلً‪ ،‬وأن‬
‫يُفيدوا من مواهبهم ولو كانت محدودة‪.‬‬
‫نعمم إن النسمان ل يقدر أن يكون فمي الذكاء مائة إذا‬
‫خلق ذكاؤه في قوة عشرين‪.‬‬
‫ولكنمه قادر على اسمتعماله خيمر اسمتعمال حتمى يفيمد‬
‫أكثمممر مممممن ذكاؤه مائة إذا همممو أهمله ولم يحسمممن‬
‫اسممتعماله‪ ،‬كمصممباح الكهرباء إذا نُظ ّ ِمف مممما علق بممه‪،‬‬
‫ة كان خيرا ً من مصباح قوته‬ ‫وكانت قوته عشرين شمع ً‬
‫مائة إذا عَلَت ْ ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫ه التربة وأهمل شأنه‪.‬‬
‫‪ _47‬معالجة النحرافات‪:‬‬
‫فلقممد طرأ على الخلق انحراف غريممب‪ ،‬وأخممذ يَدِب‬
‫فممي نفوس الناشئة دبيممب السممم الناقممع فممي جسممم‬
‫اللسمميع؛ فلقممد وجدت دعوات تدعممو إلى تمزيممق رداء‬
‫العفاف والكرامممة‪ ،‬مخادعممة الشباب باسممم الحريممة أو‬
‫الفممن الجميممل‪ ،‬ول جمال إل مممع الفضيلة‪ ،‬ول حريممة إل‬
‫لمن يلقى الناس بعرض سليم‪.‬‬
‫قال الشيمخ محممد البشيمر البراهيممي × فمي وصماياه‬
‫للمعلميممن‪= :‬فممي زمنكممم عارض مممن انحلل الخلق‪،‬‬
‫ل في الشهوات‪،‬‬ ‫وبعض أسبابه في الواجدين السترسا ُ‬
‫ف إليها‪...‬‬
‫وبعض أسبابه في المعدمين التشو ُ‬
‫فعالجوا هذا الداء قبممل حصمموله فممي نفوس الصممغار‬
‫بتقويمة العزائم والرادات فيهمم‪ ،‬وبتعويدهمم الصموم عمن‬
‫الشهوات‪ ،‬وبتحممبيب العمممل إليهممم حتممى إذا انتهوا إلى‬
‫الحياة العمليممة اقتحموا ميادينهمما بنفوس غيممر نفوسممنا‪،‬‬
‫‪ )(1‬انظر فيض الخاطر ‪ 129_6/127‬و ‪.244‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫م غيمر عزائمنما‪ ،‬وإرادات غيمر‬ ‫وهممم غيمر هممنما‪ ،‬وعزائ َم‬
‫إراداتنممما‪ ،‬وقدرة على كبمممح الغرائز الشهوانيمممة غيمممر‬
‫(‪)1‬‬
‫قدرتنا‪.+‬‬
‫وممن النحرافات التمي تحتاج إلى معالجمة _مما ينشمأ‬
‫عليه الطلب من غرائز ناقصة‪ ،‬يزيدها الهمال وفقدان‬
‫التربيممة الصممالحة نقصمما ً وشناعممة‪ ،‬وتعالجهمما التربيممة‬
‫الحكيمة كما تعالج المراض‪.‬‬
‫فإذا لم تعالج فمي الصمغر اندملت فمي نفوسمهم كمما‬
‫يندمل الجرح على فساد‪ ،‬وجفت كما يجف العود على‬
‫عوج؛ فجديمممر يالمعلميمممن أن يضعوا أيديهمممم على تلك‬
‫النقائص‪ ،‬وأن يتعمدوهممممما بالصممممملح والتقويمممممم‪ ،‬أو‬
‫بالتشذيب والتعديل‪.‬‬
‫فمممن النقائص اللزمممة للصممغار‪ :‬الخوف‪ ،‬والغضممب‪،‬‬
‫وسرعة التأثر والنفعال‪ ،‬وسرعة التصديق بكل شيء‪،‬‬
‫وإفشاء ما تسمعه آذانهم وتراه عيونهم‪.‬‬
‫أممما الخوف فمنشؤه أوهام تحوكهمما بعممض المهات‬
‫لصممغيرها منممذ الرضاعممة‪ ،‬تسممتعين بهمما على إسممكات‬
‫حد ّممته‪ ،‬فتراهمما تخيفممه بالغول‪ ،‬أو‬‫الطفممل أو تسممكين ِ‬
‫البعبع‪ ،‬وربما أخافته بالطبيب أو المعلم‪ ،‬وهي ل تدري‬
‫ماذا تجنمي عليمه ممن تلك الوهام‪ ،‬ول أي مرض عضال‬
‫ابتلته به صغيراً؛ ليتجرع غصصه كبيراً‪.‬‬
‫س ممن نفوس الطلب‪،‬‬ ‫ث هذه الغرا ُم‬ ‫جت َم َّ‬
‫والعلج أن ت ُ ْ‬
‫بتقويممة الرادة فيهممم‪ ،‬وبتنميممة الحقائق فممي أذهانهممم‪،‬‬
‫وبمداواة كمل نقيصمة بتقويمة ضدهما فمي نفوسمهم‪ ،‬وبيان‬
‫أضرارهمممما بالتصمممموير العملي على قدر ممممما تحتمله‬
‫عقولهم‪.‬‬

‫‪ )(1‬عيون البصائر ص ‪.299_298‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وممن أنجمع الدويمة ترويضهمم على الصمبر‪ ،‬والصمدق‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫والتسامح‪ ،‬والشجاعة‪.‬‬
‫وأعظمم الدويمة أن يتفقهوا فمي الديمن؛ فإن السملم‬
‫(‪)2‬‬
‫دين ينير العقول بالحجة‪ ،‬ويهذب النفوس بالحكمة‪.‬‬
‫وممن النقائص الملزممة للطلب قلة النصماف‪ ،‬وحمب‬
‫الستئثار بخصال الحمد‪.‬‬
‫فمممن أراد أن يطبممع ناشئا ً على خلق النصمماف نَقّ مَب‬
‫عن علتي الحسد والغلو في حب الذات؛ فإن وجد لهما‬
‫فممي نفممس الناشممئ أثرا ً راوضممه بالحكمممة والموعظممة‬
‫الحسمنة؛ حتمى يتهيمأ الناشمئ لن يكون على هذا الخلق‬
‫العظيم‪.‬‬
‫وعلج الحسد بأمور منها أن يعلم أن النعم إنما تصل‬
‫من علم الغيوب‪ ،‬ل راد لفضله‪ ،‬ول معقب لحكمه‪.‬‬
‫ومنهمما أن يعلم المرء بأن الرافممع الخافممض هممو الله‬
‫_عز وجل_‪.‬‬
‫هذا وقد مر الحديث عن الحسد في وقفة ماضية‪.‬‬
‫وإذا كان منشمأ الحرص على النفراد بخصمال الحممد‬
‫هممو الغلوَّ فممي حممب الذات _كان على المربممي تهذيممب‬
‫عاطفممة حممب الذات فممي نفممس الناشممئ‪ ،‬حتممى تكون‬
‫معتدلة تجلب له الخير‪ ،‬وتأبى أن ينال غيره بمكروه‪.‬‬
‫خلُص مممن‬ ‫وإذا شفممي الناشممئ مممن مرض الحسممد‪ ،‬و َ‬
‫لوثمة الغلو فمي حمب الذات _لم يبمق بينمه وبيمن فضيلة‬
‫النصماف‪ ،‬إل أن تعرض عليمه شيئا ً ممن آثارهما الطيبمة‪،‬‬
‫خفِّين بهمما‬
‫ست َ ِ‬
‫وتذكره بممما يدرك المحروميممن منهمما والم ْم‬
‫من خسارة وهوان‪.‬‬
‫‪ )(1‬انظمر آثار الشيمخ محممد البشيمر البراهيممي ‪ ،165_3/164‬والفكمر‬
‫التربوي عند ابن تيمية د‪ .‬ماجد عرسان الكيلني ص ‪.170‬‬
‫‪ )(2‬انظر رسائل الصلح ‪ 1/22‬و ‪.25‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ومممن أقبممح النقائص _إن لم تكممن أقبحهمما نقيصممة‬
‫ل من يسلم من تلك النقيصة من الناشئة‪.‬‬ ‫الكذب _وق ِّ‬
‫فتراهمم يكذبون فمي أغلب مما يقولون‪ ،‬فيكذبون كمي‬
‫يتخلصممموا ممممن المواقمممف المحرجمممة‪ ،‬ويكذبون خوف‬
‫العقاب إذا أخطأوا‪ ،‬ويكذبون كمممي يحصممملوا على مممما‬
‫يريدون‪ ،‬ويكذبون في تصوير المور على غير حقيقتها‪،‬‬
‫إلى غيمر ذلك ممن مسموغات الكذب‪ ،‬بمل ربمما كذبوا بل‬
‫مسوغ أصلً‪.‬‬
‫وممما يعالج بمه الكذب أن تمبين مفاسمده‪ ،‬وأن تشهمر‬
‫محاسممن الصممدق‪ ،‬ومممن ذلك أن يُشجممع على الصممدق‪،‬‬
‫ويعاقب على الكذب‪.‬‬
‫ومممن ذلك أن يقال للناشممئ‪ :‬إذا فعلت أمرا ً تسممتحق‬
‫عليه عقوبة فل تكذب‪ ،‬ول تحاول إلصاق الذنب بغيرك‪،‬‬
‫فربمممما قام البرهان على كذبمممك فتسمممتحق العقوبمممة‬
‫مضاعفة‪ :‬عقوبة الذنب‪ ،‬وعقوبة الكذب‪.‬‬
‫ومما هذه العقوبة من عقوبة ربمك الذي يعلم مما تكنه‬
‫في صدرك‪.‬‬
‫ومممما يمكممن أن يقال له‪ :‬إذا كذبممت نجوت‪ ،‬حيممث ل‬
‫يوجد شاهد عليك فقلما تنجو في غيرها إذا ظهر كذبُك‬
‫بشهادة ممن رآك‪ ،‬إلى غيمر ذلك ممما يمكمن أن يعالج بمه‬
‫(‪)1‬‬
‫الكذب‪.‬‬
‫هذا وإن ممما يعيمن على معالجمة النحرافات‪ ،‬وإصملح‬
‫النقائص عموما ً ما يلي‪:‬‬
‫أ_ أن نعطُي المسُيء فرصُة لصُلح نفسُه‬
‫ن إذا‬ ‫َم‬
‫وتصُحيح خطئه‪ :‬لن ممن عيوبنما فمي التربيمة أ ْ‬
‫‪ )(1‬انظمممر وصمممايا الباء للبناء‪ ،‬أو الدروس الوليمممة فمممي الخلق‬
‫المرضية للشيخ محمد شاكر ص ‪ ،50_49‬وانظر الكذب مظاهره _‬
‫علجه للكاتب‪.‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫كذب طالب مرة _على سمممبيل المثال_ ناديناه باسمممم‬
‫الكذاب‪ ،‬وإذا سمرق ناديناه باسمم السمارق‪ ،‬وإذا تكاسمل‬
‫ناديناه باسم الكسول‪.‬‬
‫وهكذا ينشممممأ ظانا ً أن هذه النقائص ضربممممة لزب ل‬
‫تزول عنه ول تنمحي‪.‬‬
‫والذي تقتضيممه الحكمممة وأصممول التربيممة أن يعطممى‬
‫فرصة لصلح نفسه‪ ،‬وأن يساعد على ذلك‪.‬‬
‫ب_ التربيُُة بالعقوبُُة‪ :‬والمراد بالعقوبمممة ههنممما‬
‫معناها الشامل‪ ،‬ل كما ي ُظن أنها مقتصرة على العقاب‬
‫البدني؛ فمن العقوبة أن يُعََّرض بالطالب‪ ،‬ومنها إظهار‬
‫السمخط عليمه‪ ،‬ومنهما قطمع المديمح عنمه‪ ،‬ومنهما عتابمه‬
‫وتوبيخمه‪ ،‬ومنهما العقاب البدنمي إذا أتمى مما يوجبمه‪ ،‬على‬
‫أن يكون عقابا ً يؤلممممه ول يضره‪ ،‬وعلى أل يكون ناتجاً‬
‫عن سورة جهل أو ثورة غضب‪.‬‬
‫ومما يحسن في هذا أن يراعى التدرج بالعقوبة‪.‬‬
‫ج‬
‫وإصلح الخطاء عن طريق التربية بالعقوبة والتدر ُ‬
‫فمي ذلك كان معروفا ً عنمد السملف وقمد أشار إلى ذلك‬
‫بعض من تكلموا على آداب العالم والمتعلم‪.‬‬
‫قال الغزالي ×‪= :‬أن يزجمممممممر المتعلم بطريمممممممق‬
‫التعريممض ممما أمكممن‪ ،‬ول يصممرح‪ ،‬وبطريممق الرحمممة ل‬
‫(‪)1‬‬
‫بطريق التوبيخ‪.+‬‬
‫وقال ابن جماعة ×‪= :‬ويوقفه مع ذلك على ما صدر‬
‫منمه بنصمح وتلطمف‪ ،‬ل بتعنيمف وتعسمف؛ قاصمدا ً بذلك‬
‫حسن تربيته‪ ،‬وتحسين خلقه‪ ،‬وصلح شأنه‪.‬‬

‫‪ )(1‬إحياء علوم الدين ‪.1/57‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫فإن عرف لذكائه بالشارة فل حاجممممة إلى صممممريح‬
‫العبارة‪ ،‬وإن لم يفهممم إل بصممريحها أتممى بهمما‪ ،‬وراعممى‬
‫(‪)1‬‬
‫التدريج بالتلطف‪.+‬‬
‫وقال‪= :‬أن يراقمممب أحوال الطلبمممة فمممي آدابهمممم‪،‬‬
‫وهديهمم‪ ،‬وأخلقهمم باطنا ً وظاهراً‪ ،‬فممن صمدر منمه ممن‬
‫ذلك ممما ل يليممق مممن ارتكاب محرم أو مكروه‪ ،‬أو ممما‬
‫يؤدي إلى فسمماد حال‪ ،‬أو ترك اشتغال‪ ،‬أو إسمماءة أدب‬
‫فمي حمق الشيمخ أو غيره‪ ،‬أو كثرة كلم بغيمر توجيمه ول‬
‫فائدة‪ ،‬أو حرص على الكلم‪ ،‬أو معاشرة ممممن ل تليمممق‬
‫عشرتمه أو غيمر ذلك‪ ...‬عَّرض الشيمخ بالنهمي عمن ذلك‬
‫معَي ِّن له‪ ،‬فإن‬
‫معَّرِض به ول ُ‬ ‫ن صدر منه غير ُ‬ ‫م ْ‬
‫بحضور َ‬
‫لم ينتمممه نهاه عمممن ذلك جهراً‪ ،‬ويغلظ القول عليمممه إن‬
‫ب به كل سامع‪،‬‬ ‫اقتضاه الحال؛ لينزجر هو وغيره‪ ،‬ويتأد َ‬
‫فإن لم ينتممه فل بأس حينئذ ٍ بطرده أو العراض عنممه ل‬
‫سميما إذا خاف على بعمض رفقائه وأصمحابه ممن الطلبمة‬
‫(‪)2‬‬
‫موافقته‪.+‬‬
‫جُ _ حسن التعاهد للطلب‪ :‬لن المربي يتعامل‬
‫مع النفوس‪ ،‬والنفوس تحتاج إلى صبر ومراوضة‪.‬‬
‫قال ابن حزم ×‪= :‬واعلم أن رياضة النفس أصعب‬
‫سد إذا سمجنت فمي البيوت‬ ‫ُم‬
‫سد؛ لن ال ْ‬ ‫ممن رياضمة ال ْم‬
‫من شرهمما‪ ،‬والنفممس _وإن‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫التممي تتخذهمما لهمما الملوك أ ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫سجنت_ لم يؤمن شرها‪.+‬‬
‫د _ محاولة التعرف على مُا يدور فُي أذهان‬
‫الطلب‪ :‬إمما عمن طريمق صمناديق القتراحات‪ ،‬أو عمن‬
‫طريمممق السمممتبيانات‪ ،‬أو عمممن طريمممق الحوار الهادف‬
‫‪ )(1‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.89‬‬
‫‪ )(2‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.102_101‬‬
‫‪ )(3‬الخلق والسير ص ‪.73‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫الهادئ بيمن الطلب والمعلميمن‪ ،‬أو عمن طريمق السمئلة‬
‫التممي يكتبهمما الطلب‪ ،‬أو نحممو ذلك مممن الطرق التممي‬
‫يعرف من خللها ما يدور في أذهان الطلب‪.‬‬
‫وبعد ذلك يسعى في العلج العام أو الخاص‪.‬‬
‫هُُ _ تجنُبيهم أسُباب النحراف‪ :‬وممن ذلك منمع‬
‫الطلب مممن المبالغممة فممي التجمممل داخممل المدرسممة‪،‬‬
‫وخصمموصا ً الحداث‪ ،‬ومحاولة إقناعهممم بالتممي أحسممن‪،‬‬
‫وإل أخذوا بالحزم‪.‬‬
‫ومممن ذلك تفريممق الكبار عممن الصممغار‪ ،‬ومممن ذلك‬
‫التعرف على من تدور حولهم الشبه ومحاولة إصلحهم‬
‫ونصممحهم‪ ،‬وإعطاؤهممم فرصممة للتصممحيح‪ ،‬وإن أعيممت‬
‫الحيلة‪ ،‬وخشمي ممن تعدي ضررهمم _نظمر فمي عقوبات‬
‫أشد حسبما تقتضيه الحال؛ فلكل مقام مقال‪.‬‬
‫‪ _48‬العدل بين الطلب‪:‬‬
‫فالعدل قوام الحياة‪ ،‬والسممموات والرض ممما قامممت‬
‫إل بالعدل‪.‬‬
‫م فَاعْدِلُوا] (النعام‪.)152 :‬‬ ‫قال _تعالى_‪[ :‬وَإِذ َا قُلْت ُ ْ‬
‫نم (‪ )7‬أَل َّ تَطْغَوْا‬
‫ميَزا َ‬‫ضع َم ال ْ ِ‬
‫ماءَ َرفَعَهَما وَوَ َ‬ ‫وقال‪[ :‬وَال َ‬
‫سّم َ‬
‫َ‬
‫سُروا‬ ‫خ ِم‬‫ط وَل ت ُ ْ‬
‫س ِ‬ ‫ن بِالْقِم ْ‬‫موا الْوَْز َم‬ ‫ن (‪ )8‬وَأقِي ُ‬ ‫فِمي ال ْ ِ‬
‫ميَزا ِم‬
‫ن (‪( ))9‬الرحمن)‪.‬‬ ‫ميَزا َ‬‫ال ْ ِ‬
‫قال ابممن حزم ×‪= :‬وجدت أفضممل نعممم الله تعالى‬
‫على المرء أن يطبعممه على العدل وحبممه‪ ،‬وعلى الحممق‬
‫(‪)1‬‬
‫وإيثاره‪.+‬‬
‫وقال‪= :‬وأمممما ممممن طبمممع على الجور واسمممتسهاله‪،‬‬
‫وعلى الظلم واستخفافه _فلييأس من أن يصلح نفسه‪،‬‬

‫‪ )(1‬الخلق والسير ص ‪.37‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫أو يقوم طباعه أبداً‪ ،‬وليعلم أنه ل يفلح في دين ول في‬
‫(‪)1‬‬
‫خلق محمود‪.+‬‬
‫وقال الشيمخ محممد الطاهمر بمن عاشور ×‪= :‬والعدل‬
‫ممممما تواطأت على حسمممنه الشرائع اللهيمممة‪ ،‬والعقول‬
‫الحكيمممممة‪ ،‬وتمدَّح بادعاء القيام بممممه عظماءُ المممممم‪،‬‬
‫وسممجلوا تمدُّحهممم على نقوش الهياكممل مممن كلدانيممة‪،‬‬
‫ومصرية‪ ،‬وهندية‪.‬‬
‫وحسممن العدل بمعزل عمممن هوى يغلب عليهمما فممي‬
‫قضيمة خاصمة‪ ،‬أو فمي مبدأ خاص تنتفمع فيمه بمما يخالف‬
‫(‪)2‬‬
‫العدل بدافع إحدى القوتين‪ :‬الشاهية والغاضبة‪.+‬‬
‫ومن جميل ما يأخذ به المعلم نفسه خلق العدل مع‬
‫الطلب؛ فممن العدل معهمم أل تأخمذ فكرة عمن طالب‬
‫ثم تحصره بها‪ ،‬فل تقبل بعد ذلك منه عدل ً ول صرفاً‪.‬‬
‫ومممن العدل معهممم أل تسمممع كلما ً عممن طالب ثممم‬
‫تأخذه بالقبول دونما تمحيص‪.‬‬
‫وممن العدل بينهمم العدل فمي الدرجات‪ ،‬وفمي إعطاء‬
‫الفرصة للجابة‪ ،‬وفي توزيمع النظر بينهم و ما إلى ذلك‬
‫مع مراعاة الفروق الفردية‪.‬‬
‫قال ابممن جماعممة ×‪= :‬أن ل يظهممر للطلبممة تفضيممل‬
‫بعضهمممم على بعمممض عنده فمممي مودة‪ ،‬أو اعتناء ممممع‬
‫تسماويهم فمي الصمفات ممن سمن أو فضيلة‪ ،‬أو تحصميل‪،‬‬
‫أو ديانمة؛ فإن ذلك ربمما يوحمش منمه الصمدر‪ ،‬وينفمر منمه‬
‫القلب‪.‬‬
‫فإن كان بعضهممم أكثممر تحصمميلً‪ ،‬أو أشممد اجتهاداً‪ ،‬أو‬
‫أبلغ اجتهاداً‪ ،‬أو أحسممن أدباً‪ ،‬فأظهممر إكرامممه وتفضيله‪،‬‬
‫‪ )(1‬الخلق والسير ص ‪.37‬‬
‫‪ )(2‬أصمول النظام الجتماعمي فمي السملم للطاهمر بمن عاشور ص‬
‫‪.186‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وبي ّمَن أن زيادة إكرامممه لتلك السممباب _فل بأس بذلك؛‬
‫(‪)1‬‬
‫لنه ينشط ويبعث على التصاف بتلك الصفات‪.+‬‬
‫قال شوقي‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ضئيل‬ ‫وإذا المعلم لم يكمممممممن‬
‫عدل ً مشممممممممممممممممممى‬
‫‪ _49‬أحبب طلبك يحبوك‪:‬‬
‫فإذا أردت أيها المعلم أن يحبك طلبك فأحببهم‪ ،‬وإذا‬
‫رغبممت بأن يعاملوك وكأنممك أب لهممم فعاملهممم وكأنهممم‬
‫أبناء لك؛ فإن ممن الطباع اللزممة للطلب أنهمم يحبون‬
‫مممن يتحبممب لهممم‪ ،‬ويميلون إلى مممن يحسممن إليهممم‪،‬‬
‫ويأنسمون بمممن يعاملهمم بالرفمق‪ ،‬ويقابلهمم بالبشاشمة‬
‫والبشر؛ فما لم يشعر الطالب أن معلمه يحبه‪ ،‬ويحب‬
‫الخيممر له فلن يقبممل على التلقممي منممه‪ ،‬ولو أيقممن أن‬
‫الخير عنده‪ ،‬وأيُّ خير يمكن أن يتم بغير حب؟‬
‫فواجممب المربممي الحاذق المخلص إذا أراد أن يصممل‬
‫إلى نفوس طلبمممه ممممن أقرب طريمممق‪ ،‬وأن يصممملح‬
‫نزعاتهم بأيسر كلفة‪ ،‬وأن يحملهم على طاعته وامتثال‬
‫أمره بأسمهل وسميلة _أن يتحبمب إليهمم‪ ،‬ويقابلهمم بوجمه‬
‫متهلل‪ ،‬ويبادلهمم التحيمة بأحسمن منهما‪ ،‬ويحادثهمم بلطمف‬
‫وبشاشمة‪ ،‬ويظهمر لهمم ممن الحنان والعطمف مما يحملهمم‬
‫على محبته‪.‬‬
‫فإذا أحبوه أطاعوا أمره‪ ،‬وإذا أطاعوا أمره وصل في‬
‫توجيههممم فممي الصممالحات إلى ممما يريممد‪ ،‬وتمكممن مممن‬
‫حملهم على الستقامة‪ ،‬وطَبْعِهم على الخير والفضيلة‪.‬‬
‫فإذا ملك نفوسمممهم بهذه الطريقمممة حبمممب إليهمممم‬
‫المدرسمممممة‪ ،‬والقراءة والعلم؛ فالطالب ل يفلح فمممممي‬
‫‪ )(1‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.100‬‬
‫‪ )(2‬الشوقيات ‪.1/183‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫التربية‪ ،‬ول ينجح في الدراسة إل إذا أحب معلمه كحبه‬
‫لبويه‪ ،‬وأحب المدرسة كحبه لبيته‪.‬‬
‫وكثيرا ً مما ترى ممن الطلب الذيمن يربيهمم معلموهمم‬
‫على هذه الطريقممة الحكيمممة _يباهممي أحدهممم تِْرب َمممه‬
‫مه ومعلمممه‪ ،‬ويباهممي زميله مممن مدرسممة أخرى‬ ‫س ِ‬
‫بِقِمم ْ‬
‫بمدرسمته كمما يتباهون فمي العادة بالباء والبيوت‪ ،‬ومما‬
‫(‪)1‬‬
‫ذلك إل أثر من آثار المعاملة من المعلم‪.‬‬
‫هذا وممما يرسمخ المحبمة وينميهما بيمن المعلم وطلبمه‬
‫_زيادة على ما مضى _ ما يلي‪:‬‬
‫أ_ العناية بمصالح الطلب وأحوالهم‪ :‬قال ابن‬
‫(‪)2‬‬
‫جماعة ×‪= :‬وينبغي أن يعنى بمصالح الطالب‪.+‬‬
‫وقال‪= :‬ويؤنسهم بسؤالهم عن أحوالهم وأحوال من‬
‫(‪)3‬‬
‫يتعلق بهم‪.+‬‬
‫ب_ الصُبر على بعُض مُا يصُدر مُن الطلب‪:‬‬
‫فإن لذلك أثرا ً فمي محبمة الطلب لمعلمهمم؛ إذ يدركون‬
‫أن ذلك نابع من محبته لهم‪ ،‬وشفقته عليهم‪.‬‬
‫قال المام النووي ×‪= :‬ويجريمممه مجرى ولده فمممي‬
‫الشفقة عليه‪ ،‬والصبر على جفائه‪ ،‬وسوء أدبه‪ ،‬ويعذره‬
‫فمي سموء أدب وجفوة تعرض منمه فمي بعمض الحيان؛‬
‫(‪)4‬‬
‫فإن النسان معرض للنقائص‪.+‬‬
‫جُُُُ _ احترام الطلب ومراعاة مشاعرهُُُم‪:‬‬
‫فالمعلم النبيمممل ذو المروءة والدب _همممو ممممن يحترم‬
‫طلبممه‪ ،‬ويراعممي مشاعرهممم‪ ،‬فل يؤذيهممم بكلمممة‪ ،‬أو‬
‫‪ )(1‬انظر آثار الشيخ محمد البشير البراهيمي ‪.162_3/161‬‬
‫‪ )(2‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.89‬‬
‫‪ )(3‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.107‬‬
‫‪ )(4‬المجموع شرح المهذب للنووي ‪ ،1/30‬وانظمممر تذكرة السمممامع‬
‫والمتكلم ص ‪.89‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫إشارة‪ ،‬بل يحفظ عليهم عزتهم وكرامتهم طالما أنهم‬
‫يسيرون على حد الدب‪.‬‬
‫قال ابممن عباس _رضممي الله عنهممما_‪= :‬أعممز الناس‬
‫ي‪ ،‬أمما والله إن‬ ‫ي جليسمي الذي يتخطمى الناس إل َّم‬ ‫عل ّمَ‬
‫(‪)1‬‬
‫ي‪.+‬‬‫الذباب يقع عليه فيشق عل َّ‬
‫وقال الحنممف بممن قيممس ×‪= :‬لو جلسممت إلى مائة‬
‫(‪)2‬‬
‫لحببت أن ألتمس رضا كل واحد منهم‪.+‬‬
‫وقال بعضهممم‪= :‬صممحبت الربيممع بممن خثيممم عشريممن‬
‫(‪)3‬‬
‫عاما ً ما سمعت منه كلمة تعاب‪.+‬‬
‫ولقمد كان رسمول الله " أكرم الناس لجلسمائه‪ ،‬فقمد‬
‫سه‬
‫كان يعطمي كمل واحمد منهمم نصميبه‪ ،‬ول يحسمب جلي ُم‬
‫(‪)4‬‬
‫أن أحدا ً أكرم عليه منه‪.‬‬
‫د _ التعرف على أسُُُُُُُماء الطلب‪ :‬لن ذلك‬
‫يشعرهم بقيمتهم واعتبارهم‪.‬‬
‫قال ابمن جماعمة ×‪= :‬وينبغمي أن يسمتعلم أسمماءهم‬
‫(‪)5‬‬
‫وأنسابهم ومواطنهم‪ ،‬وأحوالهم‪.+‬‬
‫هُُُ _ مخاطبتهُُم بكناهُُم وأحُُب السُُماء‬
‫إليهم‪ :‬وفي هذا مزيد احترام وتقدير لهم‪.‬‬
‫قال ابمن جماعمة‪= :‬وينبغمي أن يخاطمب كُل ً منهمم ول‬
‫سيما الفاضل المتميز بكنيته ونحوها من أحب السماء‬
‫إليمه‪ ،‬ومما فيمه له تعظيمم وتوقيمر؛ فعمن عائشمة _رضمي‬

‫‪ )(1‬عيون الخبار ‪ ،1/307‬وأدب المجالسممة وحمممد اللسممان ص ‪،33‬‬


‫وبهجة المجالس ‪.1/45‬‬
‫‪ )(2‬بهجة المجالس ‪.1/45‬‬
‫‪ )(3‬سير أعلم النبلء للذهبي ‪.4/259‬‬
‫‪ )(4‬انظر دلئل النبوة لبي نعيم ص ‪.555‬‬
‫‪ )(5‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.101_100‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫الله عنهما_ =كان رسمول الله " يكنمي أصمحابه؛ إكراماً‬
‫(‪)2()1‬‬
‫لهم‪.+‬‬
‫و_ اسُتشارتهم ببعُض المور‪ :‬فذلك ممما يزرع‬
‫الثقمة فمي نفوس الطلب‪ ،‬وممما ينممي اللفمة والمحبمة‬
‫بينهم وبين معلمهم‪.‬‬
‫ز_ معرفُُُة الطبائع وفهُُُم العقليات‪ :‬فبذلك‬
‫تعاممممل الطالب بمممما يوائممممه‪ ،‬وتعالجمممه بالدواء الذي‬
‫يلئمه‪.‬‬
‫ة الله‬ ‫سن َّ ُ‬
‫ح_ صفاء السريرة للطلب‪ :‬فقد جرت ُ‬
‫ت صالحاته _أحدقت إليه‬ ‫أن من صفت سريرته‪ ،‬وغَُزَر ْ‬
‫ً (‪)3‬‬
‫ه ودَّا ً وانعطافا‪.‬‬‫الضمائر الحرة‪ ،‬وأوْلَت ْ ُ‬
‫فإذا كان المعلم صمممافي السمممريرة سمممليم الصمممدر‬
‫للطلب أحبمممه الطلب‪ ،‬وعلموا منمممه الخلص لهمممم‪،‬‬
‫والرحمممممة بهممممم‪ ،‬ولو كان يؤدبهممممم ويعاقبهممممم على‬
‫أخطائهم‪.‬‬
‫فل ينبغممممي أن يسممممتهان بإضمار المحبممممة للطلب‬
‫والشفقة عليهم؛ بحجة أنهم ل يدركون ذلك‪.‬‬
‫ل؛ بممل إنهممم يدركون ويميزون‪ ،‬ويلحظون ذلك مممن‬
‫نظرات العيون‪.‬‬
‫وصدق من قال‪:‬‬
‫حتمممى ترى ممممن ضميمممر‬ ‫والعيممن تنطممق والفواه‬
‫تبيانمممممممممممممممممما)‬ ‫القلب‬ ‫صممممممممممممممممممممممممامتة‬
‫(‪4‬‬
‫كانممممممممممممممممممممممممممما‬ ‫العيمممن تبدي الذي فمممي‬
‫نفممممممممس صمممممممماحبها‬
‫ومن قال‪:‬‬
‫رواه مسلم ‪.1/271‬‬ ‫‪)(1‬‬
‫تذكرة السامع والمتكلم ص ‪.107‬‬ ‫‪)(2‬‬
‫انظر مناهج الشرف ص ‪.53‬‬ ‫‪)(3‬‬
‫الخصائص لبن جني ‪.1/247‬‬ ‫‪)(4‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ن وحبيب ُمها‬ ‫ضهما لك بَي ّ ِم ٌ‬ ‫فَبَغِي ْ ُ‬
‫ن على القلوب‬ ‫إن العيو َم‬
‫مممممممممممممممممممممممد‬ ‫شواهم‬
‫ن قلوبها‬ ‫ج ُّ‬ ‫ما ت ُ ِ‬ ‫حدَّث َ ْ‬
‫ت ع َ َّ‬ ‫وَت َ َ‬
‫ن‬‫وإذا تلحظمممت العيو ُممم‬
‫تفاوضمممممممممممممممممممممت‬
‫(‪)1‬‬
‫ومريبهممممممممممممممممممممما‬ ‫ة‬
‫ن والفواه ُم صمامت ٌ‬ ‫يَنْطِقْم َ‬
‫فممممممممممممممممممممممممممممما‬
‫ومن قال‪:‬‬
‫ل ما في قلبه من‬ ‫م ِ‬‫ست ْ‬
‫وا ْ‬ ‫ن المرء عمممما‬ ‫ل تسمممأل َّ‬
‫قلبكممممممممممممممممممممممممممما)‬ ‫عنده‬
‫(‪2‬‬
‫حب ّممممممممممممممممممممممم ِمكا‬
‫بِ ُ‬ ‫إن كان بغضا ً كان‬
‫عندك مثل ُممممممممممممممممممه‬
‫هذه بعض المور التي ُ تحبب المعلم لطلبه‪ ،‬وتحببهم‬
‫به‪.‬‬
‫فإذا أحببممت الطلب وأحبوك وجدت سممعادتك بينهممم‬
‫أكثر مما تجدها في البيت وبين الصحاب‪.‬‬
‫‪ _50‬مراعاة أدب الغربة‪:‬‬
‫فالمعلمون فمممممي هذه الزمان كثيرا ً مممممما يتغربون‪،‬‬
‫خصوصا ً في بداية التحاقهم بسلك التعليم‪.‬‬
‫فإذا رمتمك الغربمة _أيهما المعلم الحمبيب_ فمي بلد مما؛‬
‫س فيه فأحضر النية الصالحة‪ ،‬واحتسب غربتك‬ ‫كي تُدَّرِ َ‬
‫ونأيك عن أهلك‪ ،‬واحرص على أن يكثر النتفاع بعلمك‬
‫وحكمتك؛ حتى يكون نفعك متعديا ً قدر المستطاع‪.‬‬
‫ثممم عليممك بالداب السممنية؛ فهممي كمال النسممانية‪،‬‬
‫فيجممب على النسممان أن يحتفممظ بهمما فممي وطنممه كممما‬
‫يحتفظ بها في غربته‪.‬‬

‫‪ )(1‬البيات لمحمود الوراق‪ ،‬انظر ديوانه تحقيق د‪ .‬وليد قصاب ص‬


‫‪.84‬‬
‫‪ )(2‬ديوان محمد الوراق ص ‪.156‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ن رام‬ ‫م ْمم‬ ‫بو َ‬‫ن يولون الغري َمم‬ ‫م ْمم‬
‫ن الحكماء َ‬ ‫م َمم‬ ‫بممل إن ِ‬
‫ة‪ ،‬فيؤكدون عليمه الحتفاظ بالداب‬ ‫الغربمة عنايمة خاصم ً‬
‫الشريفة‪ ،‬كما قالوا‪ :‬يا غريبا ً كن أديباً‪.‬‬
‫ومن هذا القبيل وصية عبدالملك بن سعيد الندلسي‬
‫لبنممه يحيممى عنممد عزمممه على الرحلة إلى بلد الشرق‪،‬‬
‫تلك الوصية التي يقول فيها‪:‬‬
‫مرتقبا ً رحماه ُم فمي أوبت ْم‬
‫ك‬ ‫ن فمممي‬ ‫ك الرحم َممم‬ ‫أُوْدِع ُممم َ‬
‫غربتممممممممممممممممممممممممك‬
‫حب ْ َ‬ ‫فل تُط ِ ْ‬
‫والله مشتاقمممممممممممٌ إلى‬ ‫ل النوى‬ ‫ل َ‬
‫طلعتممممممممممممممممممممممممك‬ ‫إننمممممممممممممممممممممممممممي‬
‫وقال‪:‬‬
‫وإنمما تعرف ممن شيمتمك‬ ‫ل ذي‬ ‫وليممس يُدَرى أصمم ُ‬
‫ونبهه لداب سامية فقال‪:‬‬ ‫ة‬
‫غرب ٍ‬
‫ن عممن‬ ‫وامممش الهوينمما مظهراً‬
‫واب ِممغ رضمما العي ِمم‬
‫هيئت ْمممممممممممممممممممممممممم‬
‫ك‬ ‫ةُّ‬
‫عف ً‬
‫تجعلْه فممي الغربممة مممن‬ ‫ضي لعذر فل‬ ‫ل مما يُفْم ِ‬ ‫وك‬
‫إِْربَت ِمممممممممممممممممممممممممم ْ‬
‫ك‬ ‫ً‬ ‫ول تجادل حاسممممدا ً‬
‫هيبتممك‬ ‫فإنممه أدعممى إلى‬ ‫أبدا‬
‫(‪)1‬‬
‫وانطمممق بحيمممث العِممم ُّ‬
‫ي‬
‫سممممممممممممممممممممممكتتك‬
‫حبالمعلم مراعاته حال غربته ما‬ ‫مسممممممممممممممممممممممتقب‬
‫يحسن ٌ‬ ‫وهذا وإن مما‬
‫يلي‪:‬‬
‫أ_ أن يسُُُتحضر فوائد الغربُُُة‪ ،‬وأن يحرص‬
‫على الستفادة منها‪:‬‬
‫فللغربمة فوائد كثيرة‪ ،‬وممن أنفمس مما يكتسمبه الرجمل‬
‫في غربته أن يعلم أشياء لم يكن يعلمها من قبل؛ فكم‬
‫مممممن عالم لم يبلغ المقام الذي يشار إليممممه بالبنان إل‬
‫بالرحلة‪.‬‬

‫‪ )(1‬الرحلت لمحمد لخضر حسين ص ‪.18‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫كممما أن فممي الغربممة عونا ً على التمكممن مممن بعممض‬
‫الخلق السممامية‪ ،‬مثممل خلق الصممبر؛ لكثرة ممما يلقيممه‬
‫الراحل من متاعب بدنية وآلم نفسية‪.‬‬
‫ومثممل خلق المداراة؛ فإن البعيممد عممن وطنممه أشممد‬
‫شعورا ً بالحاجمممة إلى الدب مممممن يعيمممش بيمممن قوم‬
‫سبه ومكانممة بيتممه ممما يجعممل صممراحته‬ ‫ح َم‬
‫يعرفون مممن َ‬
‫خفيفة على أسماعهم‪.‬‬
‫كما أن الراحل ل يخلو من أن يلقي في رحلته رجالً‬
‫مثُل ً عاليممة فممي مكارم الخلق‪ ،‬فيزداد بالقتداء‬ ‫صمماروا ُ‬
‫بهم كمال ً على كمال‪.‬‬
‫ب_ أن يكون ذا فطنُة مسُتيقظة‪ :‬فممما ينبغمي‬
‫مة صماحبه‪ ،‬ول يربمي‬ ‫التنمبيه عليمه أن السمفر ل يذكمي هِم َّ‬
‫ة الدب إل إذا قارنتممه فطنممة مسممتيقظة‪ ،‬تبحممث‬ ‫ملَك َ َ‬
‫له َ‬
‫عمن أسمرار الجتماع‪ ،‬وتدقمق النظمر فمي تمييمز الحسمن‬
‫من المعيب؛ لن من الناس من ل يزيدهم الغتراب إل‬
‫خورا ً في طباعهم‪ ،‬وانحلل ً في عقدة إيمانهم‪.‬‬
‫بمل إن منهمم ممن غمسموا وجوهمم فمي الشرور حتمى‬
‫نضمب منهما ماء الحياء‪ ،‬وانسممدل عليهما مممن السممماجة‬
‫ف‪.‬‬
‫قناع كثي ٌ‬
‫فالسفر النافع إذا ً ليس مبارحة الوطان كيفما اتفق‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ول بالجولن بالبلدان كيفما كان الحال‪.‬‬
‫جُ ُ _ الحرص على إفادة الخريُُن‪ :‬فتجممد مممن‬
‫المعلميمممن ممممن إذا تغربوا أو اضطروا إلى الغربمممة _ل‬
‫يأبهون بمسألة إفادة الناس‪ ،‬ونشر الخير بينهم‪.‬‬
‫بممل إن مممن آفاتهممم أنهممم إذا تغربوا كثرت بطالتهممم‪،‬‬
‫ونفد صبرهم‪ ،‬وقل أو عدم في الناس أثرهم‪.‬‬

‫‪ )(1‬انظر رسائل الصلح ‪ 85_2/75‬والسعادة العظمى ‪.132_129‬‬


‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ومما ذلك إل لضعمف هممهمم‪ ،‬وركونهمم إلى الملذات‬
‫العاجلة‪.‬‬
‫وإل لو اسممتشعروا المسممؤولية‪ ،‬وشمروا عممن سمماعد‬
‫الجممد لسممعدوا وأسممعدوا؛ فهذا الشيممخ الداعيممة عبدالله‬
‫القرعاوي × لممما رحممل إلى جنوب المملكممة العربيممة‬
‫السمممعودية _دعممما إلى الله‪ ،‬وحرص على نشمممر العلم‬
‫ورفمع الغشاوة‪ ،‬والجهمل‪ ،‬فنفمع الله بمه نفعا ً عظيما ً تُرى‬
‫(‪)1‬‬
‫آثاُره إلى يومنا هذا‪.‬‬
‫د _ الحسُُان إلى الزملء فُُي الغربُُة‪ :‬فإذا‬
‫كنممت فممي غربتممك‪ ،‬ولم تصممطحب معممك أهلك‪ ،‬وكنممت‬
‫ن‬
‫م ْم‬
‫تسمكن ممع مجموعمة ممن زملئك _فأحسمن صمحبة َ‬
‫معمك‪ ،‬وقمم على خدمتهمم‪ ،‬ول تنتظمر شكرهمم‪ ،‬واحذر أ‬
‫ن عليهم بما تقوم به من عمل‪.‬‬ ‫ن تم َّ‬
‫ثمم إن خدموك فمي أممر‪ ،‬وأحسمنوا عشرتمك فاشكمر‬
‫لهم صنيعهم‪.‬‬
‫بل يحسن بك أن تصبر على بعض ما تلقاه منهم من‬
‫جفاء‪.‬‬
‫بمل يحسمن بمك أن تكون لهمم نعمم النيمس والسممير؛‬
‫مل الجفاء‪،‬‬ ‫ح ّمممُ‬
‫يجدون عندك ممممن حسمممن العشرة‪ ،‬وت َ َ‬
‫وكرم النفس _ما ينسيهم أهليهم؛ فذلك مما يدل على‬
‫رسوخ القدم في الفضيلة‪.‬‬
‫هُُ _ التودد للناس‪ :‬فممما يحسمن بمك حال غربتمك‬
‫أن تتودد للناس‪ ،‬وأن تنزل أهممممل البلد الذيممممن حللت‬
‫بينهم منازلهم؛ فذلك مما يُعَط ِّف القلوب إليك‪ ،‬ويصيخ‬
‫السمماع لقولك؛ فمراعاة عقول الناس ونزعاتهمم فيمما‬

‫‪ )(1‬انظمر‪ :‬الشيمخ عبدالله بمن محممد القرعاوي ودعوتمه فمي جنوب‬


‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬تأليف موسى السهلي‪.‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ل يقعمممد حقا ً ول يقيمممم باطل ً _مظهمممر ممممن مظاهمممر‬
‫النسانية المهذبة‪.‬‬
‫كمما أنمه دليمل على جودة النظمر فمي سمياسة المور‪،‬‬
‫وعلى حسن التصرف في تقدير وسائل الخير؛ فالرجل‬
‫العاقمل الحكيمم الحازم يحكمم هذا الممر‪ ،‬وينتفمع بمه عنمد‬
‫ن‬
‫م ْمممم‬
‫ن عقول َ‬ ‫لقائه بالطبقات المختلفممممة‪ ،‬فتراه يَزِمممم ُ‬
‫ن صممدورهم‪ ،‬وتنزع إليهممم‬ ‫يلقونممه‪ ،‬ويحسممن ممما تُك ِمم ُّ‬
‫نفوسمممهم‪ ،‬فيصممماحبهم وهمممو على بصممميرة ممممما وراء‬
‫ل وسمرائر وعواطمف‪ ،‬فيتيسمر له أن‬ ‫ألسمنتهم ممن عقو ٍ‬
‫يسممايرهم إل أن ينحرفوا عممن الرشممد‪ ،‬ويتحامممى ممما‬
‫يؤلمهم إل أن يتألموا من صوت الحق‪.‬‬
‫وكمما أن هذا الممر عائد إلى اللمعيمة التمي همي فمي‬
‫أصممملها موهبمممة إلهيمممة _فهمممو كذلك يأتمممي بالدربمممة‬
‫والممارسمة‪ ،‬وتدبر سمير أعاظمم الرجال‪ ،‬والنظمر فمي‬
‫مجاري الحوادث باعتبار؛ فهذا مممما يقوي هذه الخصمملة‬
‫(‪)1‬‬
‫ويرفع من شأنها‪.‬‬
‫و_ ل تخالف الناس فيمُا ل يضرك فُي دنياك‬
‫ول أخراك‪ :‬فممن جميمل المعاشرة أن ترميمك الغربمة‬
‫في بلدٍ ما‪ ،‬فتجد أن خلئق أهلها وعاداتهم على غير ما‬
‫تعرف‪ ،‬فتترك كثيرا ً ممممما كنمممت تعرف‪ ،‬وتأخمممذ بمممما‬
‫يأخذون به؛ فإن ذلك من جميل المعاشرة‪ ،‬ومن حسن‬
‫المداراة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أرضهممممممممممممممممممممممم‬ ‫فدارهممم ممما دمممت فممي‬
‫دارهمممممممممممممممممممممممممم‬

‫‪ )(1‬انظر رسائل الصلح ‪.1/95‬‬


‫‪ )(2‬عين الدب والسياسة ص ‪.155‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وكل هذا مشروط بأل يكون فيما تأتي أو تذر محذور‬
‫م المر‬ ‫شرعي؛ فإن كان ثم محذور شرعي تَعَي َّن تقدي ُ‬
‫الشرعي على كل عادة وعُرف‪.‬‬
‫ة الجليمس السميء‪،‬‬ ‫قال ابمن حزم ×‪= :‬إياك ومرافق َ‬
‫ومسماعدة أهمل زمانمك فيمما يضرك فمي أخراك أو فمي‬
‫دنياك‪ ،‬وإن قمل؛ فإنمك ل تسمتفيد بذلك إل النداممة حيمث‬
‫ن سماعدته‪ ،‬بمل يشممت‬ ‫م ْم‬
‫ل ينفعمك الندم‪ ،‬ولن يحمدك َ‬
‫بمك‪ ،‬وأقمل مما فمي ذلك _وهمو المضمون_ أنمه ل يبالي‬
‫بسوء عاقبتك‪ ،‬وفساد مغبتك‪.‬‬
‫ة أهمل زمانمك فيمما‬ ‫ة الجليمس‪ ،‬ومعارض َ‬ ‫وإياك ومخالف َ‬
‫ل يضرك فمممي دنياك ول فمممي أخراك وإن قمممل؛ فإنمممك‬
‫تستفيد بذلك الذى والمنافرة والعداوة‪.‬‬
‫وربممما أدى ذلك إلى المطالبممة والضرر العظيممم دون‬
‫(‪)1‬‬
‫منفعة أصلً‪.+‬‬
‫قال أحد الحكماء‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫الواحده‬ ‫إن جئت أرضا ً أهلهممممممما‬
‫غربتُك إل بخيُر‪ :‬فذلك دا ٌّ‬ ‫كلهممممممممممممممممممممممممممم‬
‫ل على‬ ‫ز_ ل تَذْكُْر بلد‬
‫وفائك‪ ،‬وكرم معدنمممك‪ ،‬وحسمممن عشرتمممك‪ ،‬وإشراقمممة‬
‫نفسمك؛ لن ممن الناس ممن إذا تغرب أسماء إلى نفسمه‬
‫وإلى أهمل بلده بقلة نفعمه‪ ،‬وبسموء عشرتمه‪ ،‬وأسماء إلى‬
‫ممن يتغرب عندهمم بذمهمم وذكمر معايبهمم‪ ،‬والتأوه ممن‬
‫البقاء بين ظهرانيهم‪.‬‬
‫وممما ذلك المسمملك برشيممد؛ إذ هممو دال على ضيممق‬
‫العطن‪ ،‬وقلة الوفاء‪ ،‬وسوء العشرة‪.‬‬

‫‪ )(1‬الخلق والسير ص ‪.61‬‬


‫‪ )(2‬عين الدب والسياسة ص ‪.279‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫ت‬‫فاللئق بك _أيها المعلم القدير_ أن تذكر من تَغََّرب ْ َ‬
‫م داع لذكر شيء من أخطائهم‬ ‫عندهم بخير‪ ،‬وإن كان ث َ َّ‬
‫فليكمن لجمل الصملح والتصمحيح‪ ،‬ل لجمل الغممز واللممز‬
‫والتجريح‪.‬‬
‫وإنك لتعجب حين تسأل زميلين يُدَّر ِسان في بلد ٍ ما‬
‫عن ذلك البلد‪ ،‬فتجد أن أحدهما يمدح والخر يقدح‪ ،‬مع‬
‫م‪ ،‬ولكممن اختلفممت‬ ‫م هُ م ُ‬‫أن البلد هممو هممو‪ ،‬وأن الناس هُم ُ‬
‫النظرة؛ لختلف النفس والطبائع‪.‬‬
‫‪ _51‬ل تنس طلبك بعد تخرجهم‪:‬‬
‫فمممما يجمممل بممك أن إذا تخرج طلبممك أل تنسمماهم‪،‬‬
‫وذلك بأن تفتمح صمدرك لهمم‪ ،‬وأن تحسمن اسمتقبالهم إذا‬
‫هممم زاروك‪ ،‬وأن تعاملهممم وكأنهممم أبناء لك قممد كممبروا‬
‫وشبوا عن الطوق؛ فذلك من كرم النفس‪ ،‬ومن حسن‬
‫الوفاء‪.‬‬
‫بمممل يحسمممن أن تبادر إلى السمممؤال عنهمممم‪ ،‬وبذل‬
‫الشفاعمة لهمم‪ ،‬بمل والتكرم فمي زيارتهمم؛ فذلك دليمل‬
‫التواضع وآية السماحة‪.‬‬
‫‪ _52‬وماذا بعد التقاعد؟‬
‫فإذا كمبرت بمك السمن‪ ،‬أو رغبمت فمي ترك العممل فمي‬
‫سلك التعليم‪ ،‬فتقاعدت عن العمل _فل يحسن بك أن‬
‫تركمممن إلى الكسمممل والبطالة‪ ،‬فتعيمممش على هاممممش‬
‫الحياة‪ ،‬خلوا ً ممن كمل مسمؤولية‪ ،‬وكأنمك هممل مضاع أو‬
‫ى مزدرى‪.‬‬ ‫لق ً‬
‫بممل يحسممن بممك أن تجممد وتجتهممد فممي مجالت أخرى‬
‫تنفمع بهما نفسمك والمسملمين‪ ،‬كأن تُعنمى بتربيمة أولدك‬
‫أكثمر وأكثمر‪ ،‬وكأن تقبمل على الله بالعممل الصمالح أكثمر‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫وإِلَى َرب ُُِّ َ‬
‫ك‬ ‫ب َ‬
‫ص ْ‬ ‫ت َ‬
‫فان َُُ‬ ‫فَر ْ‬
‫غ َُُ‬ ‫فإِذَا َ‬
‫مممن ذي قبممل [ َ‬
‫ب] (الشرح)‪.‬‬ ‫فاْر َ‬
‫غ ْ‬ ‫َ‬
‫وممممما يجممممل بمممك أن تشارك فمممي بعمممض العمال‬
‫والمجالت الخيريممة‪ ،‬ومممما يجمممل بممك أل تبخممل على‬
‫إخوانمك المعلميمن بنصمح‪ ،‬أو توجيمه‪ ،‬أو إفادة ممن خمبرة‬
‫سابقة‪.‬‬
‫ومممما يجمممل _أيضاً_ أن تقبممل على البحممث والقراءة‬
‫والطلع؛ لتستفيد من وقت الفراغ الذي حصل لك‪.‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬

‫الخاتمة‬
‫سر الله جمعممه‪ ،‬وأعان على إتمامممه‪ ،‬فله‬ ‫هذا ممما ي ّممَ‬
‫الحممد وله الشكمر‪ ،‬كمما أشكمر كمل ممن أعان على هذا‬
‫العممل‪ ،‬وأسمأل الله أن يجعله فمي ميزان حسمناتِهِ يوم‬
‫يلقاه‪.‬‬
‫وأخيرا ً ألتممس العذر ممن إخوانمي المعلميمن إن كان‬
‫ل‪ ،‬أو عتاب؛ فممما أنمما إل واحممد‬‫ل‪ ،‬أو إمل ٍ‬ ‫هناك مممن إثقا ٍ‬
‫ل يدي من رابطتهم‪.‬‬ ‫س َّ‬
‫منهم‪ ،‬وأكره شديدا ً أن أ ُ‬
‫كمممما آممممل منهمممم أن يمدوا أخاهمممم بملحوظاتهمممم‬
‫واستدراكاتهم‪ ،‬ولهم الدعاء والشكر‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وسلم على‬
‫المرسلين‪.‬‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصملى الله وسملم على نبينما محممد وآله‬
‫وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫محمد بن إبراهيم الحمد‬
‫‪27/12/1417‬هم‬
‫الزلفي ‪11932‬‬
‫ص‪.‬ب ‪460‬‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫الفهرس‬

‫‪3‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪4‬‬ ‫مع المعلمين‬
‫‪4‬‬ ‫‪ _1‬استحضار فضل العلم والتعليم‬
‫‪8‬‬ ‫‪ _2‬استشعار المسؤولية‬
‫‪12‬‬ ‫‪ _3‬لزوم التقوى بكل حال‬
‫‪ _4‬القبال على القرآن وقراءتُُُُه بتدبر‬
‫‪12‬‬ ‫وتعقل‬
‫‪13‬‬ ‫‪ _5‬ملزمة ذكر الله _عز وجل_‬
‫‪ _6‬وقل ربي زدني علماً‬
‫‪14‬‬
‫‪16‬‬ ‫ص‬
‫ص الخل َ‬‫‪ _7‬الخل َ‬
‫‪18‬‬ ‫‪ _8‬القدوة القدوة‬
‫‪24‬‬ ‫‪ _9‬المانة العلمية‬
‫* فوائد كثيرة في التوقف عما ل يُعلم‪،‬‬
‫‪26‬‬ ‫والرجوع إلى الحق إذا تبيَّن‬
‫‪30‬‬ ‫‪ _10‬احترام العلماء‬
‫‪31‬‬ ‫‪ _11‬البعد عن مواطن الّريب‬
‫‪32‬‬ ‫‪ _12‬ولزملئك عليك حق‬
‫‪33‬‬ ‫‪_13‬التعاون على البر والتقوى‬
‫‪ _14‬الحرص على جمُع الكلمُة وإصُلح‬
‫‪34‬‬ ‫ذات البين‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫* مُن المور التُي تعيُن على اجتماع‬
‫‪36‬‬ ‫الكلمة‬
‫‪37‬‬ ‫‪ _15‬حسن الخلق‬
‫‪39‬‬ ‫‪ _16‬التواضع‬
‫* صور من التواضع التي يجمل بالمعلم‬
‫‪39‬‬ ‫أن يرعاها‬
‫‪41‬‬ ‫‪ _17‬السخاء‬
‫* مُُن المور التُُي يجمُُل بالمعلم أن‬
‫‪43‬‬ ‫يتصف بها من وجوه السخاء‬
‫‪46‬‬ ‫‪ _18‬التنزه عن الحسد‬
‫‪47‬‬ ‫‪ _19‬العتدال في الملبس‬
‫‪50‬‬ ‫‪ _20‬العتدال في المزاح‬
‫* من المور التي ينبغي أن تراعى في‬
‫‪50‬‬ ‫المزاح‬
‫‪52‬‬ ‫‪ _21‬محاسبة النفس‬
‫* مُن المور التُي تعيُن على محاسُبة‬
‫‪52‬‬ ‫النفس وتلفي العيوب‬
‫‪54‬‬ ‫‪ _22‬رحابة الصدر‪ ،‬وقوة الحتمال‬
‫* مُُن المور التُُي تعيُُن على رحابُُة‬
‫‪55‬‬ ‫الصدر وقوة الحتمال‬
‫‪60‬‬ ‫‪ _23‬المحافظة على الوقت‬
‫* مُُُن المور التُُُي يحسُُُن تنُُُبيه‬
‫المعلميُُن عليهُُا فُُي شأن المحافظُُة‬
‫‪61‬‬ ‫على الوقت‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫‪63‬‬ ‫‪ _24‬حسن المنطق‬
‫‪65‬‬ ‫‪ _25‬الصغاء للمتحدث والنصات للسائل‬
‫‪ _26‬تدريُب الطلب على أسُاليب الكلم‬
‫‪66‬‬ ‫وآدابه وطرائقه‬
‫‪ _27‬الترسُل فُي الكلم‪ ،‬والتوسُط فُي‬
‫‪67‬‬ ‫رفع الصوت وخفضه‬
‫‪68‬‬ ‫‪ _28‬تجنب تكرار الحديث بل داع‬
‫‪ _29‬الحذر مُُُن إحراج الطالب فُُُي‬
‫‪68‬‬ ‫السؤال‬
‫‪ _30‬صُيانة الدرس عُن اللغُط‪ ،‬وتجنُبيه‬
‫‪69‬‬ ‫البذيء من اللفاظ‬
‫‪ _31‬ل تتحدث عُن نفسُك إل إذا دعُت‬
‫‪72‬‬ ‫الحاجة‬
‫مل طلبُك وزملءك همومُك‬ ‫ح ُّ‬
‫‪ _32‬ل ت ُ َ‬
‫‪74‬‬ ‫وأوزارك‬
‫مُُن المور التُُي تعيُُن على السُُرور‬
‫‪76‬‬ ‫والسعادة‪ ،‬وتحمل الهموم‬
‫‪79‬‬ ‫ر السفهاء‬ ‫‪ _33‬ل تُجا ِ‬
‫‪82‬‬ ‫‪ _34‬ل تكثر العتاب والنتقاد‬
‫‪83‬‬ ‫‪ _35‬ل تنتظر الشكر إل من خالقك‬
‫‪84‬‬ ‫‪ _36‬ل تكثر الشكوى‬
‫‪88‬‬ ‫‪ _37‬الحذر من اليأس‬
‫‪90‬‬ ‫‪ _38‬علو الهمة‪ ،‬وكِبَُر النفس‬
‫‪94‬‬ ‫‪ _39‬العناية بالنصيحة وأساليبها‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫* نبذةً مُُن اسُُتعمال المداراة فُُي‬
‫‪96‬‬ ‫النصيحة‬
‫‪99‬‬ ‫‪ _40‬الحزم من غير عسف‬
‫‪100‬‬ ‫‪ _41‬الرفق من غير ضعف‬
‫‪101‬‬ ‫‪_42‬تربية الطلب على الكمالت‬
‫‪103‬‬ ‫‪_43‬تربيتهم على العتزاز بالدين‬
‫‪104‬‬ ‫‪ _44‬تربيتهم على نبذ التقليد العمى‬
‫‪ _45‬تربيتهُم على صحة التفك ير والح كم‬
‫‪106‬‬ ‫على الشياء‬
‫‪107‬‬ ‫‪ _46‬العناية بالمواهب‪ ،‬ورعاية النوابغ‬
‫مُُُن المور التُُُي تهيُُُئ للطلب ذوي‬
‫المواهُُُُُب لن يكونوا مُُُُُن العباقرة‬
‫‪107‬‬ ‫النابغين‬
‫‪111‬‬ ‫‪ _47‬معالجة النحرافات‬
‫* مُن المور التُي تعيُن على معالجُة‬
‫‪114‬‬ ‫النحرافات‪ ،‬وإصلح النقائص‬
‫‪117‬‬ ‫‪ _48‬العدل بين الطلب‬
‫‪118‬‬ ‫‪ _49‬أحبب طلبك يحبوك‬
‫* من المور التي ترسخ المحبة وتنميها‬
‫‪119‬‬ ‫بين المعلم وطلبه‬
‫‪123‬‬ ‫‪ _50‬مراعاة أدب الغربة‬
‫* مُُن المور التُُي تحسُُن بالمعلم‬
‫‪124‬‬ ‫مراعاتها حال غربته‬
‫مع المعلمين‬
‫‪3‬‬
‫‪128‬‬ ‫‪ _51‬ل تنس طلبك بعد تخرجهم‬
‫‪128‬‬ ‫‪ _52‬وماذا بعد التقاعد؟‬
‫‪130‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪131‬‬ ‫الفهرس‬

You might also like