Professional Documents
Culture Documents
احمد يوسف عقيله قصص قصيره
احمد يوسف عقيله قصص قصيره
خن ..ويدوس الحلزين طُرق الصباح لتخلو من رفقة ..رفيقي ُيد ّ ُ
الملونة..
ت حلزوناً.ـ انتبه ..لقد دس َ
يضحك :ـ اسم جميل لمخلوق لزج !
صَدفة ..إنه ل يحتمل ـ انظر ..هذا حلزون ملون ليزال في طور تكوين ال َ
صَدفة لتزال هشة . أي لمس ..فال َ
ـ العالم يتحدث عن حقوق النسان ..وأنت تبكي على ) البوزوّية ( !
ـ يا مولنا ..الحلزين كائنات وادعة ..غير مؤذية ..ل تلسع ..ل تعضّ ..
شة ..ل صوت لها ..خطواتها صامتة ..وهي فوق ذلك ثنائية رطبة ..ه ّ
الجنس ..ذكر وأنثى في نفس الن ..فإذا قتلتَ حلزوناً فأنت تقترف جريمة
مزدوجة !
ي قضية باسم الحلزين ؟! ـ هل سترفع ِف ّ
ف عن السخرية ..انتبه لخطواتك ..ول بأس بعد ذلك أن ـ أرجوك ُ ..ك ّ
تتحدث عن حقوق النسان ..والبنية التحتية ..وانقطاع الكهرباء اليومي ..
سل إليك وغلء البنزين ..والكلسيكو بين برشلونة وريال مدريد ..فقط أتو ّ
ت أدري لماذا ل ـ إذا كنت تريدنا أن نسير معاً ـ ل تدهس الحلزين ..لس ُ
ينظر الناس تحت أقدامهم ؟!
َتمّر سيارة مسرعة ..تقرمش قواقع الحلزين تحت إطاراتها ..تتلقى أعيننا
..ل أدري إن كان رفيقي يشمت بي ..يقول :
ـ لعله من الفضل أن تضع لفتة في منطقة عبور الحلزين ..لفتة كبيرة
عليها صورة حلزون ملّون .
ـ ها أنت تسخر من جديد ..حتى لو فعلنا فلن ينظر إليها أحد .أنهم دائمًا
مستعجلون ..ينبغي أن يكون ظهورالحلزين عقب مطر الخريف عيداً !
ـ على كل حال هو طريق للسيارات وليس للحلزين .
ـ الحلزون قبل السيارة .
أنظُر إلى الغربان تنغمس في الضباب ..تصعد مرة أخرى بأجنحة لمعة ..
الحلزين بصدفاتها المخططة بالحمر تنزلق بنعومة فوق العشب الند ّ
ي
طر الطريق . الذي يؤ ّ
(1
ست ُأّمه في جيبه نصف سر رهبة اليوم الّول في المدرسة د ّ ِ ...من أجل َك ْ
خبة ..طبطبت
ضّمْته ..طبعت على رقبته ُقبلة صا ِ
قرش أصفر لمع ُمَدّورَ ..
على الجيب.
)(2
سس
جهًا إلى المدرسة في طرف القرية ..تقوده ُأّمه ..يتح ّ حَمل حقيبته ُمتو ّ
َ ...
في جيبه نصف القرش ..يتتّبع نقوشه بإبهامه.
حين رأى رفاقه على الطريق نزع يده من يد ُأّمه بعصبّية ..ومضى دون أن
يلتفت إلى الخلف.
)(3
خطاه
ث ُ ح ّ َ ...نَقل نصف القرش إلى الجيب العلوي ..بالقرب من القلبَ ..
شتشَ ..قْرَم َ
ظِرينَ ..مّر من تحت الخّروبة ..خشخش الَق ّ إلى رفاقه اْلُمنت ِ
ط نصف القرش.. سَق َ
سَقط ..و َ
الوراق الصفراء تحت حذائه الجديد ..تَعّثرَ ..
ش أشبه بغابة.
وبنظرة ُأفقّية بدا الَق ّ
)(4
سس خواء الجيب.. ) ...ألف ..باء ..تاء( ..العينان على السّبورة ..واليد تتح ّ
ق جرس نهاية اليوم. )ألف ..باء ..تاء( ..مضى دهر بأكمله قبل أن يد ّ
سل مع
صّعد نظرة تو ّ ث التراب بأظافره الداميةَ ..
حَر َ
ع إلى الخّروبةَ .. أسَر َ
جحةَ ..تَمّلكه
شنة ..وحين رأى الوراق الصفراء تتساقط متأر ِ خِالساق اْل َ
ن الخّروبة تفعل ذلك عن قصد لُتخفي اصفرار نصف الغضب ..فيبدو أ ّ
القرش.
)(5
حساباته ..تعامل
خطاه إلى أبعد من المدرسة ..انتفخت جيوبه ..و ِ
...قادته ُ
مع الكثير من النصاف ..أنصاف حلول ..أنصاف حقائق ..أنصاف ِرجال..
سس كثيرًا من النصاف المصقولة المدّورة ..تعّثر ِمرارًا ..وسقطت حّ
وَت َ
أشياء َلم يُعد يذكرها.
)(6
ف
...حين عاد ذات يوم إلى قريتهَ ..مّر من أمام الخّروبة اْلَهِرمةَ ..أوق َ
سرت الوراق الصفراء تحت حذائه ش ..تك ّ
خشخش الَق ّ سّيارته ..اقتربَ ..
ش.
سدًا بَأطراف أصابعه رؤوس الَق ّ حَنى ُمَم ّ
اللمع ..اْن َ
حَمر!
ط َأ ْ
خَّ
19/04/2009
)ط(
...يتطّلع إلى قطيع الماعز ..الراعي في الخلف ..الكلب في المقّدمة..
والتيوس في الوسط ..انعطف تجاهه أحد الكلب بسحنة غاضبة ..فأخذ
موقف الدفاع ..دار حوله الكلب وتشّممه من الخلف ..ثّم حرث الرض
بقوائمه الربع ..ومضى يلهث.
أعجبْته هيأة الفحل الَمهيبة ..لكّنه لم يعرف ماذا يفعل الفحل بالقرنين..
ل تيسًا حتى بدونن القرون زائدة عن الحاجة ..فالتيس يظ ّ وفّكر) :يبدو أ ّ
قرون(.
)أ(
ي ..فلسعه نبات الحّريق ..وأخذت ذّبابة خضراء ب الند ّ
...أخذ يلعق العش َ
تطوف حول أنفه ..ثم التصقت بوجهه ..فنفض ُأذنيه بفرقعة ..وشتم العالم
الطاِفح بالمزعجين ..انتحى جانبًا ..أقعى ..وبدأ يفّكر) :هناك أشياء كثيرة في
هذا العالم غير مفهومة ..لماذا لسعني العشب ..ولماذا بقيت وحدي ..ولماذا
س وأخذوهم بعيدًا ..منذ ذلك المساء لم أرهم ..صحيح حشروا إخوتي في كي ٍ
ن ُأّمي لم تنم ليلَتها ..أنا أتذّكر
أنني في تلك الليلة ارتويت من الحليب ..لك ّ
ت بالبرد ..وفي ذلك جيدًا ..كانت تقف من نومها فجأة ..حتى إنني شعر ُ
الصباح ظّلت ُممّددة بل حراك ..ثّم جاؤوا في المساء وجّروها من ساقيها
الخلفيتين ..انتظرُتها طيلة الليل ولم ترجع ..كم َأْكَره المساءات!(.
)ح(
...مشى على حاّفة الطريق الترابيُ ..متحاشيًا الِبَرك والماكن الموحلة..
ل صورته الباهتة في البركة الَعِكرة ..تطّلعل متأّم ً
ل رأسه يمينًا وشما ً
أما َ
ل على السيارة المسرعة ..فأطلقت نباحها إلى الضجيج ..نبح نباحًا متواص ً
أيضًا ..قذفت في وجهه المياه الَعِكرة ..وبّقعْته بالوحل قبل أن تختفي وراء
المنعطف.
)م(
طوم.. شجيرة َب ّ ...ابتعد عن الطريق ..استلقى باسطًا ذراعيه بالقرب من ُ
أغمض عينيه وبدأ يحلم ..حلم بأّنهم بنوا له ِوجارًا واسعًا نظيفًا ..بسقف
أحمر ُمحّدب ..وأصبح بإمكانه أن يتفّرج على المطر لّول مّرة دون أن
طخه الوحل ..ويستطيع أن يستلقي دون أن يركله أحد أو ُيصاب بالَبَلل أو ُيل ّ
خرته ..وإذا مّروا بالقرب من الِوجار مشوا على أمشاط َينهشه في مؤ ّ
أقدامهم حتى ل يوقظوه! بل وقّدموا له حساًء ساخناً يتصاعد منه البخار
طع اللحم ..وقد كان يعتقد أّنه من غير المعقول ي ..وتعوم فيه ِق َ شه ّ الحاّر ال ّ
أن ُيقّدموا له َهْبرة ..أخذ يلغ الحساَء على مهل حتى ل ينفد بسرعة ..وترك
غللة البخار إلى أن تزدحم في قاع الطبق.. طع اللحم العائمة تحت ُ ِق َ
خرته ..فنهض مذعورًا ..وقبل أن يتلّقى صَدَمه شيء بعنف في مؤ ّ وفجأةَ ..
اللكزة الثانية من الحذاء قفز عاويًا ..نظر إلى ُبَقع الوحل المتيّبسة على
س بأّنه كان سلوكًا سيقانه وجانبيه ..وعبثًا حاول استعادة حلمه الحسائي ..أح ّ
خاليًا من الحكمة ..بل وحماقة ..أن يلغ الحساَء على مهل ..وينتظر حتى
ف لّنه لم يزدرد ولو َهْبرة واحدةس َ
طع اللحم في القاع ..وَأ ِ تتراكم ِق َ
ي أثر للحساء ..ثّم قالصغيرة ..لعق جوانب فمه ..لعّله يجد في لعابه أ ّ
ُمعّزيًا نفسه) :أكل الَهْبرة على كل حال ليس ممتعًا ..فأنت تزدردها مّرًة
واحدة ..وتبقى صفر الفم واليدينَ ..أّما العظمة فهي تبقى بين أسنانك فترًة
ت أن تكسرها فأنت تجد فيها طويلة ..وتمنحك ُمتعَة الَقرقضة ...وإذا استطع َ
ن البشر للسف ل يكتفون بسلخ الَهْبر ..بل شيئًا من الداخل يمكن َلعقه ..لك ّ
صونها ..يتركونها ُمجّرد أنفاق خاوية ..وأحيانًا يكسرون الِعظام أيضًا ..يم ّ
خوائها من
ن واحدٍة إلى َ
يرفعونها بينهم وبين الشمس ..ويتطّلعون بعي ٍ
الداخل!(.
)ر(
َ ...أْقَعى ..أخذ ينظر إلى غربان المساء تطير ُمتأّنية في دوائر ..تعبر بينه
س باللم في ظهره ..وأدرك أنّ وبين الشمس ُمنحدرًة إلى الودية ..أح ّ
ث نفسه) :تكونخرات تركل الحلم أيضًا ..وحّد َ الحذية التي تركل المؤ ّ
سائرًا على جانب الطريق ..أو نائمًا في أمان ال ..وفجأة يتشمّم أحدهم
ضها أو يركلها ..ل أدري متى يأتي ذلك اليوم الذي تكون فيه خرتك أو يع ّ مؤ ّ
طا أحمر؟!(.خّخرات َ المؤ ّ
)(2005
ب الصباح
غرا ُ
ُ
27/01/2009
1
س ُتشرق من خلف الغيم على الودية الباردة ..صاح ...الشتاء ..الشم ُ
ب وحيد ..مسرعاً نحو الديك ُمفتِتحًا الفجر ..من فوق بيتنا يعبر غرا ٌ
سها
خْفق جناحيه ..ترفع ُأّمي رأ َ
الجنوب ..ينعق دون أن يلتفتُ ..كّنا نسمع َ
ُمبتسمًة للفأل الحسن وتهمس) :غراب فريد ..صبح سعيد(.
2
...تحت تأثير الفأل الحسن تسرع ُأّمي حافيةُ ..تطعم الكلب ..تشرع في
حْرق
ت ُمبّكر ..من باب ) َ
شه للدجاجة حتى تبيض في وق ٍ
تحميص القمح لتر ّ
المراحل(!
شبعان
ب ال ّ
حّماس ..وفي الخارج الكل ُ
سَمُع صوت القمح يتقافز في ال َ
َأ ْ
ينبح على الضباب.
3
حّماس فوقعق ..يتقاُفز القمح في ال َ ...يتكّرر عبوُر الغراب الوحيد الزا ِ
ل صباح
ن الدجاجة التي تشبع ك ّ وطأة الجمر ..ينبح الكلب على الضباب ..لك ّ
َقمحًا ساخنًا َلم َتمنح بيضَتها الولى بعد.
4
ن دجاجتنا ل تبيض عندنا ..فتشهق صافقةً ...أخيرًا ..تكتشف ُأّمي أ ّ
صلت غير
شيت لها َكيلة َقمح ساخن ..وما ح ّيديها) :كسب الحرام ..ر ّ
ي َلْذع النار ..والدحي للجيران(. الّروث! ِل ّ
شْمس
عْين ال ّ
َ
11/04/2009
2
...في إحدى المّرات ُيخرج من جيبه بيضة ..يطلب من أفراد الشرطة أن
يجعلوها تقف على سطح الطاولة الصقيل ..يضعها فوق الطاولة فتتدحرج..
ظرًا.
ُيثّبتها بسّبابته منت ِ
3
ل كبيرًا أعمى ..هل تعرفون الغربال ...ذات صباح يلتقط ضابطنا غربا ً
العمى؟ إّنه ذلك النوع من الغرابيل ذي العيون الضّيقة جّدا ..لغربلة
طي
سّكر المطحون أو الحّناء ..لقد قّرر ضابطنا أن ُيغ ّ
الشياء الدقيقة كال ّ
عْين الشمس بالغربال. َ
4
عْين
...في الضحى ..ضابطنا ُيدير وجهه إلى الشرق ..يرفع الغربال في َ
الشمس ..يرفض تناول إفطاره ..حّتى إّنه َوّبخ الشرطي الذي دعاه إلى
الفطار:
ـ هذا وقت فطور يا حيوان؟
5
عْين الشمس ..ظهيرة ...ينتصف النهار ..ضابطنا يضع الغربال في َ
قائظة ..صافية ..ل مزنة فيها ..وجهه متجّهمَ ..يُنّز عرقًا ..يَوّبخ العري َ
ف
الذي يدعوه إلى الغداء:
ـ هذا وقت غداء يا خرقة؟
ويعاقبه أيضًا:
ـ اعتبر نفسك نايب عريف!
6
...بعد العصر ..ضابطنا ُيدير وجهه ناحية الغرب ..يخفض غرباله قلي ً
ل
ط الفق يتمّوج أمام عينيه.
خِّبمحاذاة صدره ..يداه ترتعشانَ ..
7
...حاشت قطعان القريةُ ..أوقِدت التنانْير ..بدأت النساء في حلب
ن ..يسمعن صوت الشخب في السطل وهن ملتفتات ناحية ضابطنا أبقاره ّ
جراءَ ..يمّر غراب بينه وبين الشمس الغاربة ..يسقط الذي تنبح عليه ال ِ
شْمس(.
ضْربة َ
مغشّيا عليه ..قال الطبيب في تقريرهَ ) :
8
ُ ...يفيق ضابطنا في اليوم التالي ..معصوب الرأس ..جبهته ُمتقّرحة..
يفتح عينيه ببطء ..أفراد الشرطة يتحّلقون حولهُ ..يهّنئونه لّنه استطاع أن
عْين الشمس بغربال! طي َُيغ ّ
21/01/2009
2
سيل ..ينشق بأنفه ..يقضم الشوكولتةُ ..يمّرر ...طفل يراقب رغوة ال ّ
لسانه فوق شفتيهُ ..يغمض عينيه استمتاعًا.
3
...أستذري تحت الصخرة المشرفة على مجرى الوادي ..أعرف هذه
جّر
اللحظة جّيدا ..في الَبْرد ..تحت المطر ..لوح شكولتة رقيق ..مقرمشَ ..ي ُ
السعادة من ُأذنيها.
4
...يْنزلق الطفل ..يسقط لوح الشوكولتة ..الغلف اللمع يطفو فوق
طخ ُكّفيه وُركبتيه..
سيل ..يجري الطفل بمحاذاة الغلف ..يتعّثر ..الوحل يل ّ
ال ّ
تتناسل المسافة ..يقف ..يلهث ..ينفث البخار ..يرسل بصره مع امتداد
سيل ..غلف الشوكولتة يومض قبل أن يتوارى في انعطافة الوادي. ال ّ
5
...الطفل من خلل دموعه يكتب رسالة إلى ال ..يضعها في زجاجة..
سيل.
يرسلها مع ال ّ
6
ض الرسالة:
ط الزجاجة ..أف ّ
...أنحدُر إلى مضيق الوادي ..ألتق ُ
ي لوح الشوكولطة ..أو أرسل لي لوحًا آخر من الجّنة ..فقد عد إَل ّ
)يا َرّبيَ ..أ ِ
جّنة مليئة بالشياء
ن لديك َ
ل شيء ..وأ ّ
أخَبَرنا الُمَعّلم أّنك قادر على ك ّ
الحلوة(.
7
...أصعُد إلى رأس الوادي ..أضُع لوح شوكولتة في الزجاجة ملفوفًا
سيل.
بورقة ..أرسلها مع ال ّ
8
ح غامر ..يفضّ الورقة ُمرتِعشًا ..يقرأ
...الطفل يلتقط الزجاجة بفر ٍ
الرسالة:
9
ي ..أتظاهُر ِبمسح
عدًا بالُقرب مّني ..يقفُ ..يطيل النظَر إَل ّ
َ ...يمّر صا ِ
حذائيُ ..يقهقه:
شْبرقُ ..يضيف:
شجيرات ال ّ
أواصل مسح حذائي على ُ
07/05/2007
1
...أحد المساءات الربيعية ..في تلك اللحظة التي يكون فيها قرص
الشمس في متناول كّفيك ..اللحظة التي تتوّهج فيها التنانير ..وتنعقد حَُزم
ف تحت الصخرة ..غائبة طة تتمّدد في تجوي ٍالدخان فوق الوادي ..كانت الِق ّ
عن الوعي ..بلغ اللم ُمنتهاه ..حتى تلشى الحساس باللم.
2
ت ..وهي
ت نظرًة على صغارها الُعميان ..لقد ارتو ْ
في الصباح ..أْلق ْ
س رأسه في حضن الخر. الن مستغِرقة في نوٍم عميق ..كل واحد يد ّ
ارتعشت وهي تتصّور ذلك ..أخذت ُتضّيق الفتحة ..كّومت التراب في
المدخلُ ..ثّم...
ـ ماذا يفعل هذا الثعلب الملعون هنا..؟ إنه يتشّمم كل شيء ..ل يجب أن
يراني.
ل ..تلتقط أنفاسها ..لعقت صدرهاُ ..ثّم أطلعت رأسها منت قلي ً
مكث ْ
الفتحة.
ن رائحته ل تزال قوية.
ـ اختفى الثعلب ..لك ّ
رفعت أنفها في كل التجاهات..
ن أنه يخدعني ..صغاري لن
صد من خلف الصخرة ..يظ ّ
ـ آه ..المخادع يتر ّ
يكونوا ُلقمة سهلًة لحد.
3
سس الثداء ..لم يغمض ...في آخر الليل أخذت القطيطات تموء ..وتتح ّ
لم جفن.لُ
ـ ماذا أفعل لحمايتهم..؟ ماذا أفعل لدفع الخطر عن العائلة..؟ إذا خرجتُ
ت قتلهم الجوع ..ذلك السافل ..يغرز أسنانه في صدون ..إذا بقي ُ
اْلتهمهم الُمتر ّ
ن المر ل يعنيه ..لو
عنقي ..يقذف في أحشائي عائلة كاملةُ ..ثّم يختفي ..كأ ّ
أنه يأتي الن لتناوبنا الحراسة ..ولكن ل مناص من الخروج غدًا ..لُبّد من
الخروج في نهاية المطاف ..لن أسمح لهم بدفننا أحياء.
4
ف عنفي الفجر ..رفعت نفسها بوهن من بين صغارها ..التي لم َتُك ّ
خَرج ..جّفت الثداء ..الجوع ينهشها.. المواء طوال الليل ..زحفت ناحية الَم ْ
سر الَبيض في العشاش الدافئة ..والزقزقات الولى كانت تسمع تك ّ
صيفيرات الوليدة ..أخرجت رأسها ..استرابت.. للُع َ
ـ كالعادة ..المور على أسوأ ما ُيرام ..الثعلب فوق الصخرة ..البومة في
صدونجوار ..إنهم يتر ّ ن الفعى تكمن في ال ِ أعلى الشجرة ..ول شك أ ّ
صغاري من فوق ومن تحت.
خيار ..سّدت
أغمضت عينيهاُ ..ثّم ..قررت أن تعود ..ل يزال هناك ِ
المدخل بكومة من التراب ..وغابت في ظلمة الصخرة.
5
...عند ارتفاع الضحى ..بدأت كومة التراب تتحّرك ..انتصبت ُأذنا
الثعلب ..أدارت البومة رأسها ..تكّورت الفعى ..انزاح التراب ..برز
المخلبان ..الرأس ..الكتفان ..انضغط الجسد مقذوفاً إلى الخارجُ ..منتِفخة..
تتمايل ..أثداؤها تُنّز بالحليب ..انحدرت مع الوادي ..تمشي بهدوء ..ل يبدو
عليها أثر للخوف ..أو القلق.
22/01/2007
16/01/2007
هذا كتاب تفاصيل كما يقتضي العنوان )سهاري( ..جمع سهراية ..وهي
سع معناها ..سهاري تحفل صة ..مأخوذة من السهرُ ..ثّم تو ّ
حديث الليل خا ّ
ن المفتي طبيب فكتابته ليست مجرد توثيق ..بل فيها الكثير بالتفاصيل ..ول ّ
من التشخيص ..دون إصدار أحكام قطعّية ..ونلمس فيها أيضاً شيئًا من
ن المفتي قضى شطرًا من طفولته في درنة ..لكن دون الحنين ..ربما ل ّ
انسياق عاطفي ُيبعده عن الموضوعية.
من اهتمام المفتي بالتفاصيل اختيار عناوين) :سهاري درنة() ..هدرزة في
ن لكل مدينة خصوصيتها في اللهجة.بنغازي( ..ل ّ
)سهاري درنة( ليس مجرد تاريخ اجتماعي للمدينة ..بل تاريخ عامُ ..كِتب
بلغة أدبية شّفافة ..أقرب إلى سرد القصص )السهاري( ..بعيدًا عن اللغة
الجافة المعهودة للمؤرخين ..واستشهد فيه بالوثائق ـ كما هو متوّقع ـ وكذلك
شْعر وغناوي الَعَلم وحّتى رسائل النترنت ..فكل شيء بالصَور وقصائد ال ّ
من الممكن أن ُيصبح وثيقة ذات أهمية عند المفتي.
سب لمحمد المفتي أنه لم يكتب التاريخ بطريقة تقليدية ..لكنه بطريقة ما حَُي ْ
ُيعيد كتابة التاريخ بنَفس جديد ..أو ُيعيد قراءته على القل ..أو بتعبير أكثر
دّقة ُيعيد رؤية التاريخ من زاوية متروكة ..بأسلوب أقل ما ُيقال فيه أّنه
ل.
ن هذه هي الغاية من أي أسلوب في الكتابة ..المتاع أو ًممتع ..ل ّ
Naje4004@yahoo.com