You are on page 1of 453

‫ت َأ ِْلي ُ‬

‫ف‬
‫ه‬
‫و َرب ّ ِ‬ ‫ع ْ‬
‫ف ِ‬ ‫قير إلى َ‬ ‫ال َ‬
‫ف ِ‬

‫الله ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫غ َ‬
‫فر‬
‫مين‬
‫سل ِ ِ‬
‫م ْ‬
‫ع ال ُ‬
‫مي ِ‬
‫ج ِ‬
‫ول ِ َ‬
‫ديه َ‬
‫وِلوال َ‬
‫َ‬

‫ضا‬ ‫م َ‬
‫عر ً‬ ‫وجه الله تَعالى ل ُيريد به َ‬ ‫ن أراد َ طباعته ل َ‬ ‫َ ْ‬
‫عن‬ ‫ه َوجزاه الله عني و َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫نل ُ‬ ‫دنيا فقد أذِ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ظيم‬ ‫َ‬
‫م الَعلي العَ ِ‬ ‫ه الكري َ‬ ‫سأل الل َ‬ ‫خيًرا‪ ،‬أ ْ‬ ‫مسِلمين َ‬ ‫ال ُ‬
‫َ‬
‫ه َوأن‬ ‫مع َ ُ‬‫س ِ‬
‫ن َ‬ ‫ن قََرأه وَ َ‬
‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ي َن َْفع ِبه َ‬ ‫حيم أ ْ‬‫الّرؤف الّر ِ‬
‫ن ينتِفع ِبه‪ ،‬اللُهم‬ ‫م ْ‬‫سعى بهِ إ َِلى َ‬ ‫عليه أو َ‬ ‫دل َ‬ ‫من َ‬ ‫يأجر َ‬
‫جمِعين‬ ‫حِبه أ ْ‬‫ص ْ‬‫على آل ِهِ وَ َ‬ ‫مد وَ َ‬ ‫على مح ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ص ِ‬‫َ‬

‫عالى‬
‫ه تَ َ‬
‫ف لل ِ‬ ‫و ْ‬
‫ق ٌ‬ ‫َ‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫ن علينسسا باليمسسان والسسسلم‪،‬‬‫الحمسسد للسسه السسذي مسس ّ‬
‫وتفضل ببيان الشسسرائع والحكسسام‪ ،‬ووعسسد مسسن أطسساعه‬
‫واتبع رضاه الثواب في دار السلم‪.‬‬
‫وأوعسسسد مسسسن عصسسساه بالعقسسساب فسسسي دار الهسسسوان‬
‫والنتقام‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫نحمده على ما أفاض علينا مسسن النعسسام‪ ،‬ونشسسكره‬
‫ب على النام‪.‬‬ ‫شكُر المنعم واج ٌ‬ ‫ُ‬
‫ونشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك لسسه الملسسك‬
‫العلم‪.‬‬
‫دا عبسسده ورسسسوله ‪ ‬وعلسسى آلسسه‬ ‫ونشسسهد أن محم س ً‬
‫وأصحابه السادة العلم‪.‬‬
‫وبعد؛ فسسإني قسسد جمعسست بعسسون اللسسه وتسسوفيقه فسسي‬
‫مسا‬ ‫حك ً ً‬
‫مسا وأحكا ً‬ ‫كتابي هسذا فسوائد ومسواعظ ونصسائح و ِ‬
‫ووصايا وآداًبا وأخلًقا فاضلة من كلم الله جسسل جللسسه‬
‫ت أسماؤه‪ ،‬ومسسن كلم رسسسول اللسسه ‪ ،‬ومسسن‬ ‫س ْ‬‫وتقد ّ َ‬
‫كلم أئمة السلف‪ ،‬وصالح الخلسسف السسذي امتثلسسوا فسسي‬
‫أفعالهم وأقوالهم ما قاله اللسسه جسسل جللسسه‪ ،‬ومسسا قسساله‬
‫رسوله ‪.‬‬
‫وجمعت مما قاله الحكماء والعلماء والعباد والزهاد‬
‫عسسا جمسسة فسسي فنسسون مختلفسسة وضسسروب متفرقسسة‬ ‫أنوا ً‬
‫جهسسدي حسسسب‬ ‫ومعسساني مؤتلفسسة‪ ،‬بسسذلت فسسي ذلسسك ُ‬
‫درتي‪.‬‬ ‫مْعرفتي وقُ ْ‬
‫مث ِْلسسي غَْيسسُر والن ّ ْ‬
‫مس ُ‬
‫ل ي ُعْ سذ َُر فسسي الَق سد ِْر‬ ‫ن ُقسسد َْرهَ ِ‬‫لكسس ّ‬
‫مَل‬ ‫ح َ‬ ‫ة السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذي َ‬ ‫خافَي َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬‫َ‬

‫اللهم مالك الملك تسسؤتي الملسسك مسسن تشسساء وتنسسزع‬


‫الملك ممن تشاء‪ ،‬وتعسز مسن تشساء وتسذل مسن تشساء‬
‫بيدك الخير إنك على كل شيء قدير‪.‬‬
‫ة ول‬‫يا الله يا حي ويسسا قيسسوم يسسا مسسن ل تأخسسذه سسسن ٌ‬
‫نوم‪.‬‬
‫يا بديع السموات والرض‪.‬‬
‫فالق الحب والنوى ذا الجلل والكرام‪.‬‬
‫الواحد الحد الفرد الصمد الذي لسسم يلسسد ولسسم يولسسد‬
‫وا أحد‪.‬‬‫ولم يكن له كف ً‬

‫‪3‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫الملك القدوس السسسلم المسسؤمن المهيمسسن العزيسسز‬
‫الجبسار المتكسبر الخسالق البسارئ المصسور الول الخسر‬
‫ما‪.‬‬
‫الظاهر الباطن الذي أحاط بكل شيء عل ً‬
‫القوي العزيسسز الرحمسسن الرحيسسم الغفسسور السسودود ذا‬
‫العرش المجيد المبدؤ المعيد الفعال لما ُيريد‪.‬‬
‫صا لوجهسك الكريسسم وأن‬ ‫نسألك أن تجعل عملنا خال ً‬
‫جابة‪.‬‬
‫عائ َِنا باب القُبول وال َ‬
‫تفتح لد ُ َ‬
‫وأن تنفع بهذا الكتاب مسسن قسسرأه ومسسن سسسمعه وأن‬
‫ه أو أعان على طبعه‪.‬‬ ‫تأجر من طبع ُ‬
‫ب لطبعه وقًفا لوجهسسك الكريسسم ي ُسسوزع علسسى‬ ‫أو تسب ّ َ‬
‫من ينتفع به من المسلمين‪.‬‬
‫اللهسسسم صسسسل علسسسى محمسسسد وعلسسسى آلسسسه وصسسسحبه‬
‫أجمعين ‪...‬‬
‫عبدالعزيز آل محمد السلمان‬

‫‪4‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فصل في الحكمة‬
‫مللن‬
‫ة َ‬ ‫حك ْ َ‬
‫مل َ‬ ‫قال الله تبارك وتعالى‪ :‬ي ُل ْ‬
‫ؤِتي ال ِ‬
‫خي ْلًرا ك َِثيلًرا‬ ‫ُ‬
‫ي َ‬ ‫ف َ‬
‫قلدْ أوت ِل َ‬ ‫ة َ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ َ‬
‫ت ال ِ‬
‫ؤ َ‬ ‫من ي ُ ْ‬‫و َ‬ ‫شاءُ َ‬ ‫يَ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب ‪ ،‬وعسسن عبسسدالله بسسن‬ ‫ول ُللوا الل ْب َللا ِ‬ ‫ما ي َذّك ُّر إ ِل ّ أ ْ‬
‫و َ‬‫َ‬
‫عمر س رضي الله عنهما س قال‪ :‬قسسال رسسسول اللسسه ‪:‬‬
‫ن‬ ‫ة أفضس َ‬ ‫َ‬
‫مس ْ‬‫ل ِ‬ ‫م لخيسسه هديس ً‬ ‫دى المسسرُء المسسسل ُ‬ ‫»مسسا أهْس َ‬
‫دى« أخرجسسه‬ ‫دى وي َسُرد ُهُ بهسسا عسسن َر َ‬
‫مةٍ يزي ْد ُهُ بَها هُس َ‬‫حك َ‬
‫السسبيهقي فسسي »شسسعب اليمسسان«‪ ،‬وأبسسو نعيسسم فسسي‬
‫ت جوامسسع‬ ‫وقسسال –عليسسه الصسسلة والسسسلم‪» :-‬أوتي س ُ‬
‫ختصاًرا«‪.‬‬‫ةا ْ‬‫ت لي الحكم ُ‬ ‫صر ْ‬ ‫خت ُ َ‬ ‫الكلم وا ْ‬
‫في »الصحيحين«‪ :‬عن أبي هريسسرة ‪ ،‬عسسن النسسبي‬
‫ت بجوامع الكلم«‪.‬‬ ‫‪ ‬قال‪ُ» :‬بعث ُ‬
‫وعن ابسسن مسسسعود قسسال‪ :‬سسسمعت رسسسول اللسسه ‪‬‬
‫يقول‪» :‬ل حسد إل في اثنسستين‪ :‬رجسسل آتسساه اللسسه مسسال ً‬
‫ة‬ ‫كم س ً‬‫ح ْ‬ ‫فسلطه على هلكته في الحق‪ ،‬ورجل آتاه الله ِ‬
‫فهو يقضي بها ويعلمها« رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إن في التوراة أن الله قال لموسسسى –عليسسه‬
‫ظم الحكمة‬ ‫ع ّ‬ ‫وعلى نبينا أفضل الصلة والسلم‪َ » :-‬‬
‫فللإني ل أجعللل الحكمللة فللي قلللب عبللد إل‬
‫وأوردت أن أغفر له فتعلمها‪ُ ،‬ثم اعمللل بهللا‪،‬‬
‫ُثم ابذلها كي تنال بذلك كرامللتي فللي الللدنيا‬
‫والخرة«‪.‬‬
‫وخرج أبسسو يعلسسى الموصسسلي مسسن حسسديث عمسسر بسسن‬
‫ع‬
‫مس َ‬ ‫وا ِ‬
‫ج َ‬ ‫ت َ‬‫الخطاب ‪ ،‬عن النبي ‪ ‬قال‪» :‬إنسسي أوتي ْس ُ‬
‫الكلم وخواتمه واختصر لسسي الكلم اختصسساًرا«‪ ،‬وقسسال‬
‫‪» :‬أعطيسست جوامسسع الكلسسم واختصسسر لسسي الحسسديث‬
‫اختصاًرا«‪.‬‬
‫وقال لقمان‪ :‬إن القلب ليحيا بالكلمة مسسن الحكمسسة‬
‫ض بوابل المطر‪.‬‬ ‫كما تحيا الر ُ‬

‫‪5‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وقال أبان بن سليم‪ :‬كلمة حكمسسة مسسن أخيسسك خي سٌر‬
‫لك من مال يعطيك‪.‬‬
‫وقسسال بعسسض الحكمسساء‪ :‬الحكمسسة صسسديقة العقسسل‪،‬‬
‫وميزان العدل‪ ،‬وعين البيان‪ ،‬وروضة الرواح‪ ،‬ومزيحة‬
‫الهموم عن النفوس بإذن اللسسه‪ ،‬وأنسسس المسسستوحش‪،‬‬
‫وأمن الخائف‪ ،‬ومتجسسر الرابسسح‪ ،‬وحسسظ السسدنيا والخسسرة‬
‫بإذن الله لمسسن وفقسسه اللسسه‪ ،‬وسسسلمة العاجسسل والجسسل‬
‫لمن وفقه الله‪.‬‬
‫وقال آخر‪ :‬الحكمة نسسور البصسسار‪ ،‬وروضسسة الفكسسار‪،‬‬
‫ومطية الحلم‪ ،‬وكفيل النجاح‪ ،‬وضمين الخير والرشد‪،‬‬
‫والداعية إلى الصواب‪ ،‬والسفير بين العقل والقلوب‪.‬‬
‫ل تندرس آثارهسسا ول تعفسسو ربوعهسسا كسسل ذلسسك لمسسن‬
‫وفقه الله تعالى‪.‬‬
‫وروي عن الشعبي أنه قال‪ :‬لو أن رجل ً سافر مسسن‬
‫أقصى الشام إلى أقصى اليمن ليسسسمع كلمسسة واحسسدة‬
‫ينتفع بها فيما ُيستقبل من عمره ما رأيسست أن سسسفرهُ‬
‫قد ضاع‪.‬‬
‫وقال بعض العلماء‪ :‬من تفسسرد بسسالعلم لسسم ُتوحشسسه‬
‫الخلوة‪ ،‬ومن تسلى بالكتب لم تفته سسسلوة‪ ،‬وإن هسسذه‬
‫القلوب تمس ُ‬
‫ل كمسسا تمسسل البسسدان فسسابتغوا لهسسا طسسرائف‬
‫الحكمة‪.‬‬
‫والحكمة موقظة للقلوب من سنة الغفلة‪ ،‬ومنقذة‬
‫للبصائر من سنة الحيرة ومحييسسة لهسسا بسسإذن اللسسه مسسن‬
‫موت الجهالة ومستخرجة لها من ضيق الضسسللة لمسسن‬
‫وفقه الله تعالى‪ ،‬والله أعلم‪ ،‬وصلى الله على محمد‪.‬‬
‫حكم وفوائد ومواعظ‬
‫قيل لبعض العلمسساء‪ :‬لسسم تركسست مجالسسسة النسساس؟‬
‫قسسال‪ :‬مسسا بقسسي إل كسسبير يتحفسسظ عليسسك أو صسسغير ل‬
‫يوقرك‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسن سسسوء الدب فسسي المجالسسسة‪ :‬أن تقطسسع علسسى‬
‫جليسك حديثه أو تبدره إلى تمام ما ابتدأ به ُتريه أنك‬
‫احفظ له منه‪.‬‬
‫قسسال رسسسول اللسسه ‪» :‬المجسسال ُ‬
‫س بالمانسسة‪ ،‬وإنمسسا‬
‫يتجالس الرجلن بأمانة اللسه –عسسز وجسسل‪ -‬فسسإذا تفرقسسا‬
‫فليستُر كل منهما حديث صاحبه«‪.‬‬
‫روي عن عيسى س عليه السلم س أنه قال‪ :‬جالسسسوا‬
‫من ُتذكركم بالله رؤيته‪ ،‬ويزيسسد فسسي علمكسسم منطقسسه‪،‬‬
‫ويرغبكم في الخرة عمله‪.‬‬
‫قال مسعُر بن كدام‪ :‬رحمسن اللسه مسن أهسدى إلسي‬
‫عيسسوبي فسسي سسسترٍ بينسسي وبينسسه‪ ،‬فهسسو الناصسسح‪ ،‬فسسإن‬
‫النصيحة في المل تقريع‪.‬‬
‫مسسا ول تكسسسب منسسه‬ ‫إياك وكل جليسسس ل يفيسسدك عل ً‬
‫مسسا‬
‫خيًرا‪ ،‬وإيسساك وطسسول المجالسسسة لمسسن ل يفيسسدك عل ً‬
‫نافًعا‪ ،‬فإن السسسد إنمسسا يجسسترؤ عليهسا مسن أدام النظسسر‬
‫إليها‪.‬‬
‫ه وجيرانسسه لكسسثرة‬ ‫وقيل‪ :‬أزهسسد النسساس بالعسسالم أهلس ُ‬
‫التصال بينهم‪ ،‬كل شيء إذا تكسسرر يمسسل إل كلم اللسسه‬
‫وكلم رسله‪.‬‬
‫ة‬
‫جمسسي الكتسسب ي ُسسدرك مسسن ملل أو فتسسسوٌر أو سسسسآم ْ‬
‫قراهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫وقسسول المصسسطفى يسسا ذا‬
‫ة‬‫سسسسوى القسسسرآن فسسسافهم الشسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهام ْ‬
‫واسسسسسسسسسسستمع لسسسسسسسسسسي‬

‫وقال آخر‪ :‬يا ُبني ل ُتمكن الناس من نفسك‪ ،‬فسسإن‬


‫ة‪.‬‬
‫معاين ً‬
‫أجرأ الناس على السباِع أكثُرهم لها ُ‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫ه المنايسسا‬
‫ص فسسإن مسسات أغلتسس ُ‬ ‫ت حياة المسسرء ُترخ س ُ‬ ‫رأي ُ‬
‫ح‬
‫قسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدرهُ الطسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوائ ُ‬
‫كما ُيخلسسق الثسسوب الجديسسد كذا تخل سقُ المسسرء العيسسون‬
‫‪7‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ع‬
‫ابتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذاله اللوامسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬

‫وقال بعض العلماء يصف أهل بلده‪:‬‬


‫ب‬
‫ب فل ُيعج س ُ‬
‫يسسسسسرون العجيسسسسسب كلم وأمسسا القري س ُ‬
‫مغنيسسة الحسسي ل ُتطسسرب‬ ‫الغريسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسب ُ‬
‫وجسسسواُبهم عنسسسد تعنيفهسسسم‬

‫دون من المجلس‪.‬‬ ‫من التواضع الرضا بال ُ‬


‫ن مسسن التواضسسع‬ ‫ويروى عن ابن مسعود أنه قسسال‪ :‬إ ّ‬
‫دون من المجلس‪ ،‬وأن تبدأ السلم مسسن‬ ‫أن ترضى بال ُ‬
‫لقيت‪.‬‬
‫قال إبراهيم النخعي‪ :‬إن الرجل ليجلس مع القسسوم‬
‫ه الرحمة فتعم مسسن‬ ‫م بالكلم ُيريد الله به فتصيب ُ‬ ‫فيتكل ّ ُ‬
‫حوله‪.‬‬
‫م بسسالكلم‬ ‫وإن الرجسسل يجلسسس مسسع القسسوم فيتكلسس ُ‬
‫ه‪.‬‬
‫م من حول ُ‬ ‫ط الله به فتصيبه السخطة فتع ُ‬ ‫يسخ ُ‬
‫ب‬ ‫س فَي َ ِْ‬
‫كسسذ ُ‬ ‫ث النسسا َ‬ ‫ذي ُيحسسد ّ ُ‬ ‫ل ل ِّلسس ِ‬‫وقسسال ‪» :‬وَْيسس ٌ‬
‫ه«‪.‬‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ه ُثم وَي ْ ٌ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫حك َهُ ْ‬
‫م وَي ْ ٌ‬ ‫ض ِ‬
‫ل ِي ُ ْ‬
‫كن على حذر‬ ‫دا ف ُ‬‫قلت‪ :‬وفي زمننا هذا قد كثروا ج ً‬
‫ل بهم عافنا اللسسه وإيسساك مسسن شسسرهم‪،‬‬ ‫منهم ومن يتص ُ‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصلى الله على محمد‪.‬‬
‫فصل في حكم وفوائد ومواعظ ووصايا‬
‫ينبغي العتناء بها‬
‫دس‪.‬‬ ‫ل وعل وتق ّ‬ ‫ل السرور رضى الرب ج ّ‬ ‫أج ّ‬
‫ة العقيدة والفقه في الدين‪.‬‬ ‫أغنى الغنا صح ُ‬
‫ة بالشهوات‪.‬‬ ‫موكل ٌ‬‫القلوب الفارغة من طاعة الله ُ‬
‫أفضسسل أمسسر السسدين والسسدنيا وأشسسرفه العلسسم النسسافع‬
‫والعمل الصالح والعلم النافع ما جاء عن النبي ‪.‬‬
‫أفضل ما في الخسسرة رضسسى اللسسه ورؤيتسسه وسسسماع‬
‫كلمه‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ومما أوصى به بعضهم ما يل‪:‬‬
‫ك عسسن‬ ‫دان َ‬
‫ص ّ‬
‫ل تمل مع الهوى وحلوة الدنيا فإنهما ي ُ‬
‫ك وتكون كالغريق المشتغل عن التدبير‬ ‫الشغل بمعاد َ‬
‫ل بضسساعةٍ ثقيلسسة قسسد اغسستر بحسسسنها‬ ‫لخلص نفسه بحم ِ‬
‫وهي سبب عطبه‪.‬‬
‫مخالطسسة الخونسسة والفسسسقة‬ ‫وقسسال‪ :‬أبعسسدوا عسسن ُ‬
‫مبتغي الملهي والضلل وأصحاب البدع كالشسساعرة‬ ‫و ُ‬
‫والرافضة والمعتزلة والجهمية والصوفية المنحرفة‪.‬‬
‫م لنجسسذب َُهم‬ ‫مغفلين ُنخسسالط ُهْ َ‬ ‫واحذر أن تغتّر بقول ال ُ‬
‫إلى الستقامة وهذا غلط‪.‬‬
‫أهل البدع والفسسسقة وأصسسحاب الملهسسي كأصسحاب‬
‫الكورة والتلفاز والفيديو مجالستهم تضر وهم مرضاء‬
‫عقول‪.‬‬
‫والصحيح هو الذي يتضرر بمخالطة المريض‪ ،‬وأمسسا‬
‫ما قيل‪:‬‬ ‫المريض فل يبرأ بمخالطة الصحيح‪ ،‬وقدي ً‬
‫ن الصسسسحيحة‬ ‫ب إليهسسسا ولكسسس ّ‬ ‫ومسسا ينفسسع الجربسساء قُسسر ُ‬
‫ب‬‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَر ُ‬‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسحيحةٍ ت ُ ْ‬

‫دا‪ ،‬فسسإذا‬‫حا حسستى ُيصسساحب فاس س ً‬ ‫يبقى الصسسالح صسسال ً‬


‫ة حسستى‬ ‫حلوةً عذب س ً‬ ‫ن ُ‬
‫ه فسد مثل مياه النهار تكو ُ‬ ‫صاحب ُ‬
‫ت‬‫ت وامسستر ْ‬ ‫ط مسساء البحسسر‪ ،‬فسسإذا خسسالطته مُلحسس ْ‬ ‫ُتخسسال ِ َ‬
‫ت‪.‬‬‫وفسد ْ‬
‫ولكن الدعاية إلسسى مخالطسسة أهسسل المنكسسر لجسسذبهم‬
‫خَفاِء الُعقول‪.‬‬‫س َ‬
‫عة من إبليس وأتباعه ل ِ ُ‬ ‫خد ْ َ‬ ‫عنه ِ‬
‫مغّفسسل زعسسم أنسسه‬ ‫فكم أوقعوا في هذه الشبكة من ُ‬
‫يجسسسذبهم فجسسسذبوه وأغرقسسسوه وبقسسسي فسسسي الحسسسسرة‬
‫والندامة‪.‬‬
‫وقسسال‪ :‬اعلمسسوا واسسستيقنوا أن تقسسوى اللسسه سسسبحانه‬
‫وتعسسالى هسسي الحكمسسة الكسسبرى والنعمسسة الُعظمسسى‬
‫ب السسداعي إلسسى الخيسسر والفاتسسح لبسسواب الفهسسم‬ ‫والسب ُ‬
‫والعقل والخير‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسا ينف سعُ المسسرء فيسسه غي سُر‬ ‫ل بل زادٍ إلسسى‬ ‫ك َي ْ َ‬
‫ف الّرحيسس ُ‬
‫تقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسواهُ‬ ‫وطسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن‬
‫عسسذ ٌْر عنسسد‬
‫يسسوم القيامسسة ُ‬ ‫ده التقسسوى‬‫من لم يكسسن زا ُ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسولهُ‬ ‫فليسسسسسسسسسسسس لسسسسسسسسسسسه‬

‫دوا‬
‫وقال‪ :‬استشعروا الحكمة‪ ،‬وابتغوا الديانة‪ ،‬وعسسو ُ‬
‫أنفسكم الوقسساَر والسسسكينة‪ ،‬وتحلسسوا بسسالداب الحسسسنة‬
‫الجميلة‪ ،‬وتروّْوا في أموركم‪ ،‬ول تعجلوا ولسيما فسسي‬
‫مسيء‪.‬‬ ‫مجازاة ال ُ‬‫ُ‬
‫واجعلسسوا خشسسية اللسسه حشسسو جنسسوبكم فسسي الحكسسم‪،‬‬
‫واحذروا الّنفاق والريسساء ول ُتزكسسوا الخونسسة ول ُتخونسسوا‬
‫الزكياء‪.‬‬
‫وقسسال‪ :‬إذا جسسادلكم المخسسالُفون لكسسم فسسي السسدين‬
‫هم بمثسسل‬ ‫سوء القسسول فل تقسسابلو ُ‬‫ضة والغلظة و ُ‬ ‫بالفضا َ‬
‫ق والليسسن واللطسسف والدللسسة‬ ‫ذلك‪ ،‬بل قسسابُلو ُ‬
‫هم بسسالرف ِ‬
‫والهداية‪.‬‬
‫ل‬ ‫ع إ َِلى َ‬
‫س لِبي ِ‬ ‫قال اللسسه جسسل وعل لنسسبيه ‪: ‬ادْ ُ‬
‫هم ِبال ِّتي‬ ‫جاِدل ْ ُ‬‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫سن َ ِ‬‫ح َ‬ ‫ة ال َ‬ ‫عظَ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ َ‬‫ة َ‬ ‫حك ْ َ‬
‫م ِ‬ ‫ك ِبال ْ ِ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫َ‬
‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ِ‬
‫ي‬
‫هلل َ‬ ‫ع ِبللال ِّتي ِ‬ ‫فلل ْ‬ ‫وقسسال جل وعل وتقسسدس‪ :‬ادْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬‫ول ِل ّ‬‫ه َ‬ ‫وةٌ ك َلأن ّ ُ‬ ‫دا َ‬‫عل َ‬ ‫ه َ‬ ‫وب َي ْن َل ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ذي ب َي ْن َ َ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫أ ْ‬
‫هللا‬
‫قا َ‬ ‫مللا ي ُل َ ّ‬ ‫و َ‬‫صب َُروا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها إ ِل ّ ال ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ما ي ُل َ ّ‬ ‫و َ‬ ‫م* َ‬ ‫مي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫ظيم ٍ ‪.‬‬ ‫ع ِ‬ ‫ظ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ذو َ‬ ‫إ ِل ّ ُ‬
‫وقال عز من قائل في صفة أهل العبودية الخاصة‪:‬‬
‫َ‬ ‫ن َ َ‬ ‫ن ال ّ ل ِ‬
‫ض‬‫علللى الْر ِ‬ ‫شللو َ‬ ‫م ُ‬‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫مل ِ‬ ‫ح َ‬ ‫عب َللادُ الّر ْ‬ ‫و ِ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ما ‪،‬‬ ‫سللل ً‬‫قللاُلوا َ‬ ‫ن َ‬‫هُلو َ‬ ‫جللا ِ‬ ‫م ال َ‬ ‫ه ُ‬‫خللاطَب َ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ون ًللا َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫مللا ‪ ،‬وقسسال‬ ‫م لّروا ك َِرا ً‬ ‫و َ‬ ‫غ ِ‬‫مّروا ب ِللالل ّ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫وقال‪َ  :‬‬
‫وإ ِ َ‬
‫و‬
‫غلل ِ‬ ‫ن الل ّ ْ‬ ‫علل ِ‬ ‫م َ‬ ‫هلل ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫واّللل ِ‬ ‫جسسسل وعل وتقسسسدس‪َ  :‬‬
‫عوا‬ ‫م ُ‬ ‫سل ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ن ‪ ،‬وقال عسسز مسسن قسسائل‪َ  :‬‬ ‫ضو َ‬ ‫ر ُ‬‫ع ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫و لك ل ْ‬ ‫مالن َللا َ‬ ‫ع َ‬ ‫قللالوا لن َللا أ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عن ْل ُ‬‫ضللوا َ‬ ‫عَر ُ‬ ‫وأ ْ‬ ‫غل َ‬ ‫الل ْ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫هِلي َ‬ ‫جا ِ‬ ‫غي ال َ‬ ‫م ل َ ن َب ْت َ ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫م َ‬ ‫سل ٌ‬ ‫م َ‬ ‫مال ُك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫أَ ْ‬
‫‪10‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫كوت‬ ‫س ُ‬‫فخيٌر من إجاب َت ِهِ ال ُ‬ ‫ه‬
‫ه فل تجب ُ‬‫إذا نطقَ السفي ُ‬
‫ت عسسن الجسسواب ومسسا‬ ‫عيي س ُ‬ ‫ن‬
‫ت عن السسسفيهِ فظ س ّ‬ ‫سك َ ّ‬
‫َ‬
‫ت‬‫عييسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫أنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي‬

‫وقال حكيم‪ :‬أكثروا من الصسسمت فسسي المحافسسل ول‬


‫مسسا‬
‫تطلقسسوا ألسسسنتكم بحضسسرة المتحفظيسسن عليكسسم ب ِ َ‬
‫حا يضربونكم به وأقلسسوا المسسراء‬ ‫سى أن يجعلوه سل ً‬ ‫عَ َ‬
‫ل من القول‪.‬‬ ‫ذر والفض َ‬ ‫واله ْ‬
‫واحسسذروا مصسساحبة الشسسرار‪ ،‬وأصسسحاب البسسدع فسسي‬
‫الدين‪ ،‬والحساد‪ ،‬والمشتغلين على العسسداوة والحقسساد‬
‫والجهال‪.‬‬
‫وإذا هممتسسم بسسالخير فقسسدموا فعلسسه لئل يعارضسسكم‬
‫سواه فتوقفوا عنه‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫وإذا هممسست بسسأمر سسسوٍء وإذا هممسسست بسسسأمر خيسسسر‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل‬
‫فسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساتئد ْ فاعْ َ‬

‫وقسسال‪ :‬اتفقسسوا‪ ،‬وتحسسابوا فسسي اللسسه‪ ،‬وثسسابروا علسسى‬


‫العمال الصالحة من صيام وصلة مع الجماعة وزكاة‬
‫وحج ببصائر صافية ونية نقية صالحة غير متقسمة ول‬
‫مشوبة‪ ،‬وتوادوا على طاعة اللسسه عسسز وجسسل والتقسسوى‬
‫له‪ ،‬واسعوا للخير‪ ،‬وافعلوا لسسه‪ ،‬واجتهسسدوا فيسسه‪ ،‬واللسسه‬
‫أعلم‪ ،‬وصلى الله على محمد وآله وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫عبسساد اللسسه‪ :‬احرصسسوا علسسى تسسأديتكم لفسسرائض اللسسه‬
‫ب‬‫عجس ٍ‬‫بالكمال والتمام والخشوع والخضوع‪ ،‬من غيسسر ُ‬
‫ول استكبار‪ ،‬وإّياكم والتفاخر والتكاثر‪.‬‬
‫وعليكم بالسسسكينة والخبسسات والتواضسسع لتسسستثمروا‬
‫الخير من عمالكم‪ ،‬وتفوزوا برضاء ربكم‪.‬‬
‫وإذا فرط من النسان بادرة إثم بأن ارتكب منكسًرا‬
‫حا ول تحملسسه‬ ‫ة نصسسو ً‬‫فعليه أن ُيقلسسع فسسوًرا ويتسسوب توبس ً‬
‫ة منها على العودة إليها‪.‬‬ ‫السلم ُ‬
‫‪11‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫م‬‫فإنها وإن سترت عليه في الدنيا‪ ،‬فسسإن أمسسامه يسسو ُ‬
‫م المجازات على العمال‪ ،‬قال الله جل وعل‬ ‫الدين يو ُ‬
‫خْيلًرا َيلَرهُ *‬ ‫ة َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬ ‫قلا َ‬ ‫مث ْ َ‬‫ل ِ‬ ‫مل ْ‬ ‫ع َ‬
‫ملن ي َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫وتقدس‪َ  :‬‬
‫ه ‪.‬‬ ‫شًرا ي ََر ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬ ‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫سنة رسوله ‪.‬‬ ‫وأوصيكم بالتمسك بكتاب الله و ّ‬
‫ذي‬ ‫ك ِباّللل ِ‬‫س ْ‬‫م ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫قال الله جل وعل وتقدس‪َ  :‬‬
‫قيم ٍ ‪ ،‬وقسسال‬ ‫س لت َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ّ‬‫ص لَرا ٍ‬ ‫عَلى ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ك إ ِن ّ َ‬ ‫ي إ ِل َي ْ َ‬ ‫ُأو ِ‬
‫ح َ‬
‫‪» :‬عليكسسسم بسسسسنتي وسسسسنة الخلفسسساء الراشسسسدين‬
‫المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ«‪.‬‬
‫سسسنة‪ ،‬واقتسسدوا‬ ‫وتسسأدبوا بأدابهمسسا‪ ،‬أي الكتسساب وال ّ‬
‫جعلسسوا السسدنيا مطيسسة‬ ‫بالعلماء العاملين بعلمهسسم السسذي َ‬
‫للخرة‪.‬‬
‫واحذروا كل الحسسذر مسسن المتسسسمين بسسالعلم السسذين‬
‫هدفهم السسدنيا فقسسط‪ ،‬فضسسررهم عظيسسم وتحسسرزوا مسسن‬
‫ل إل طيًبا‪.‬‬ ‫ب ل يقب ُ‬ ‫المآكل الخبيثة‪ ،‬فإن الله طي ٌ‬
‫ب لعسسدم‬ ‫دنيئة‪ ،‬فإنهسسا سسسب ٌ‬ ‫واحتشسسموا المكاسسسب الس ّ‬
‫قبول الدعاء‪.‬‬
‫اجمعوا بين محبة الديانة والحكمة وقفوا نفوسسسكم‬
‫على تعلمها‪.‬‬
‫وإن قدرتم على أن يكون زمان مقامكم فسسي هسسذه‬
‫سسسنة‬‫الدنيا مصسسروًفا بأسسسره إلسسى العمسسل بالكتسساب وال ّ‬
‫فافعلوا‪.‬‬
‫ومتى كنتم بهذه الصسسفة سسسهل عليكسسم مسسا يصسسعب‬
‫على غيركم‪ ،‬وكان ما يحصل لكم من شرف الفضيلة‬
‫أنفع من ذخائر الموال؛ لن عسسروض السسدنيا تفنسسى ول‬
‫تبقى وثواب الله يبقى ول يفنى‪.‬‬
‫ة‬
‫حَيا َ‬‫ن ال َ‬ ‫ؤث ُِرو َ‬ ‫ل تُ ْ‬ ‫قال الله جل وعل وتقدس‪ :‬ب َ ْ‬
‫قللى ‪ ،‬وقسسال جسسل وعل‬ ‫وأ َب ْ َ‬‫خي ْلٌر َ‬ ‫خَرةُ َ‬ ‫وال ِ‬ ‫الدّن َْيا * َ‬
‫َ‬
‫ر ‪‬عبسساد اللسسه‬ ‫خي ٌْر ل ّلب ْلَرا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عندَ الل ّ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬ ‫وتقدس‪َ  :‬‬
‫سسساووا بيسسن ظسسواهركم وبسسواطنكم فسسي المخاطبسسات‬
‫بينكم‪ ،‬ول تكن ألسنتكم مخالفة لضمائركم‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ول ُتخسسالفوا السسرأي الصسسواب‪ ،‬ومشسساورة الُنصسسحاء؛‬
‫لتأمنوا من الندامة‪ ،‬ويسلموا من الملمة‪.‬‬
‫ولتكسسن أفسسواهكم مملسسوءة بحمسسد اللسسه‪ ،‬وذكسسره‪،‬‬
‫وشكره‪ ،‬والثناء عليه وتقديسه وتنزيهه عسسن النقسسائص‬
‫والعيوب‪.‬‬
‫وليكن همكم مصسسروًفا إلسسى طاعسسة ربكسسم سسسبحانه‬
‫وتعسسسالى‪ ،‬واجتهسسسدوا فسسسي دعسسسائه بقلسسسوب سسسسليمة‪،‬‬
‫واعتقادات مستقيمة‪.‬‬
‫يستجب لكم‪ ،‬ويبلغكم آمالكم‪ ،‬ويفتسسح لكسسم أبسسواب‬
‫الرشد فسسي مسسساعيكم ومتوجهسساتكم‪ ،‬ويعصسسمكم مسسن‬
‫سوء‪ ،‬ويحفظ أنفسكم من المكاره‪ ،‬وينجيكسسم‬ ‫أفكار ال ُ‬
‫من فخاخ الثام‪ ،‬ويرد ّ عنكم المخاوف‪ ،‬فما مسسن دابسسة‬
‫إل هو آخذ ٌ بناصيتها‪.‬‬
‫وقال‪ :‬اكتسبوا الصسسدقاء‪ ،‬وقسسدموا الختبسسار لهمسسن‬
‫قبسسل السسستنامة إليهسسم‪ ،‬ول تعجلسسوا بالثقسسة بهسسم قبسسل‬
‫الختبار‪ ،‬لئل يلحقكم النسسدم والسسسف‪ ،‬وتنسسالكم منهسسم‬
‫المضرة‪.‬‬
‫ن أموُرهم وتفّقسسد‬ ‫سم ّ‬ ‫أبسسسسل الرجسسسسال إذا أردت وتو ّ‬
‫م فبسسه اليسسدين قرْيسسَر عَْيسسن‬ ‫إخسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساءهُ ْ‬
‫دد‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬‫ت بسسذي المانسسة فا ْ‬ ‫فإذا ظفسر َ‬
‫والّتقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى‬

‫صسسحبة أهسسل الصسسلح تسسورث فسسي القلسسب الصسسلح‪،‬‬


‫وصحبة أهل الشر والفساد تورث في القلب الفساد‪.‬‬
‫ذرك من‬ ‫أخوك من عّرفك العيوب‪ ،‬وصديقك من ح ّ‬
‫الذ ُُنوب‪.‬‬
‫دا يغتسساب فسسي مجلسسسه‬‫كان بعض العلماء ل يدع أح ً‬
‫دا‪ ،‬يقول‪ :‬إن ذكرتم الله أعناكم‪ ،‬وإن ذكرتم الناس‬ ‫أح ً‬
‫تركناكم‪.‬‬
‫وقال آخر‪ :‬ل تكن ولًيا لله في العلنية وعسسدوهُ فسسي‬
‫السر‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وقال‪ :‬كل ما شغلك عن اللسسه عسسز وجسسل مسسن أهسسل‬
‫م‪.‬‬
‫شؤ ٍ‬‫ومال وولدٍ فهو عليك ُ‬
‫مهسسا وإذا‬
‫إذا كانت الخرة بالقلب جاءت السسدنيا تزاح ُ‬
‫كانت الدنيا بالقلب لم تزاحمها الخرة؛ لنهسسا كريمسسة‪،‬‬
‫فاجعل الخرة في قلبك‪.‬‬
‫ومسسن أعطسساه اللسسه فض سل ً فسسي دنيسسا فليحمسسد اللسسه‪،‬‬
‫ن بسسه علسسى أخيسسه‪،‬‬ ‫وليكثر من شكره وذكره‪ ،‬ول يفخر ّ‬
‫م‪.‬‬
‫ب والتعاظ ُ‬ ‫ول يتداخله الكبُر والعج ُ‬
‫ة الفحسسش‪،‬‬ ‫وقال‪ :‬ل تبدر منكسسم عنسسد الغضسسب كلم س ُ‬
‫فإنهسسا تزيسسد العسسار والمنقصسسة‪ ،‬وتلحسسقُ بكسسم العيسسب‬
‫والهجنة‪ ،‬وتجر عليكم المآثم والُعقوبة‪.‬‬
‫سنة السوء فسسي‬ ‫وقال‪ :‬خير الملوك شرًفا من بدل ُ‬
‫سسسنة‬
‫دل ال ّ‬ ‫سسسنة الصسسالحة‪ ،‬وشسسرهم مسسن ب س ّ‬ ‫مملكته بال ّ‬
‫سنة السيئة‪.‬‬ ‫الصالحة الحسنة بال ُ‬
‫ة عنسسد العسسسرة‬ ‫والدليل على غريزة الجود السماح ُ‬
‫ومعنى الُعسرة )الضيق والشدة(‪.‬‬
‫والدليل على غريسسزة السسورع الصسسدق عنسسد السسسخط‬
‫والُبعد عن الشبهات ومواضع الريب والكثار من ذكسسر‬
‫اللسسسه وحمسسسده وشسسسكره والتفسسستيش علسسسى المآكسسسل‬
‫والمشارب والملبس ونحوها بدقة‪.‬‬
‫والدليل على غريزة الحلم العفو عند الغضب‪.‬‬
‫مصسسيبة مسسن لسسم يكسسن عقسسل ول‬ ‫ومن أعظم الناس ُ‬
‫حكمة‪ ،‬ول له في الدب رغبة‪.‬‬
‫ل يبخسسل بسسالعلم علسسى مسسستحقيه إل جاهسسل قليسسل‬
‫العلسسم‪ ،‬وإن لسسم يكسسن قليسسل العلسسم فهسسو دنيسسء الهمسسة‬
‫ساد‪.‬‬
‫ح ّ‬
‫مسسن جسساز‬ ‫ومن جاد بالعلم والحكمسسة فهسسو أفضسسل م ّ‬
‫بالمال وأبقى لذكره؛ لن المال يفنسسى والعلسسم يبقسسى‪،‬‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫فصل يحتوي على حكم وآداب متنوعة‬
‫‪14‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسا ينبغسي للعسالم أن يطلسب طاعسة غيسره وطاعسة‬
‫نفسه ممتنعة عليه‪.‬‬
‫م‬‫ذا الت ّعْل ِي ْ ُ‬‫ن َ‬ ‫ك كا َ‬ ‫س َ‬ ‫معَّلم غيَرهُ هَل ّ ل ِن َْف ِ‬ ‫ل ال ُ‬ ‫َيا أّيها الرج ُ‬
‫م‬
‫سسسقي ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ح ب ِهِ وأن ْ َ‬‫ص ُ‬‫كيما ي َ ِ‬
‫سقام ِ عظت وأنت مسسن الرشسساد‬ ‫ذي ال ِ‬ ‫ف الدواَء ل ِ ِ‬ ‫ص ُ‬‫تَ ِ‬
‫م‬ ‫عسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدِي ْ ُ‬ ‫مسسسسسسسسسسسن الضسسسسسسسسسسسنى َ‬ ‫ِ‬
‫شسسادِ‬‫ح بالر ّ‬ ‫ت ت ُل َْقسس ُ‬
‫مسسا زِْلسس َ‬
‫عُُقولنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬

‫إذا وليسست أمسسًرا فأبعسسد عنسسك الشسسرار والفسسسقة‬


‫ب إليسسك رضسسيت‬ ‫عيوبهم ُتنسس ُ‬ ‫والمجرمين‪ ،‬فإن جميع ُ‬
‫أم سخطت‪.‬‬
‫عن المرء ل تسأل وسسسل فكسسسل قريسسسن بالمقسسسارن‬
‫عسسسسسسسسسسسن قرينسسسسسسسسسسسه يقتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدي‬

‫آخر‪:‬‬
‫ص سد ُْر الَقن َسساة‬ ‫شسسرقَ ْ‬
‫ت َ‬ ‫سسسوِء ي ُسْرِدي كما َ‬
‫ن ال ُ‬ ‫ن قَ ِ‬
‫ريس َ‬ ‫فسسإ ّ‬
‫دي مسسسسسسسسسسسسن السسسسسسسسسسسسد ّم ِ‬ ‫و َ‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساهِ ِ‬

‫الحكمة كالجواهر في الصسسدف فسسي قعسسور البحسسار‪،‬‬


‫ذاق‪.‬‬ ‫فل تنال إل بالغواصين الح ّ‬
‫ه عيوبه يفرح بما ظهر من محاسنه‪.‬‬ ‫العاقل ل تدعُ ُ‬
‫النصح بين الناس تقريع‪.‬‬
‫إعادة العتذار تذكير للسسذنب ومسسا عفسسا عسسن السسذنب‬
‫من وّيخ به‪.‬‬
‫ف عنسه‬ ‫ل الكس ُ‬ ‫رب كلم جوابه السسكوت‪ ،‬ورب عمس ٍ‬
‫أفضل‪ ،‬ورب خصومة العراض عنها أصوب‪.‬‬
‫ت‬‫مسسن كسسان ْ ْ‬ ‫ض تأكسسل َ‬ ‫ت والر ُ‬ ‫مسسن كسسان ْ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫السسدنيا ُتهيسس ُ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه تط ْعِ ُ‬ ‫ت ْ‬
‫كر ُ‬
‫سسسسادِ‬ ‫ج َ‬
‫نأ ْ‬ ‫سسسسي ْط َةِ ِ‬
‫مسسس ْ‬ ‫مَنسسا الغَْبسسراِء ول ِل ْب َ ِ‬‫َنمْيسسُر مسسن أ ّ‬
‫مي َُر‬
‫مْيرت ََنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ن َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫ِ‬
‫‪15‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬

‫أمر الدنيا أقصر من أن تتعادى فيسسه النفسسوس‪ ،‬وأن‬


‫تتفانا وأن تطاع فيه الضغائن والحقاد‪.‬‬
‫وقال‪ :‬ل يستطيع أحسسد أن يجسسد الخيسسر والحكمسسة إل‬
‫أن ُتخلسسص نفسسسه فسسي المعسساد‪ ،‬ول خلص لسسه إل أن‬
‫تكون له ثلثة أشياء‪ :‬وزير‪ ،‬وولي‪ ،‬وصديق‪.‬‬
‫فوزيره عقله‪ ،‬ووليه عفته‪ ،‬وصديقه عمله الصالح‪.‬‬
‫الجود أن تجود بمالسسك‪ ،‬وتصسسون نفسسسك عسسن مسسال‬
‫غيرك‪ ،‬وأقصى غاية الجود أن تجود بنفسك في سبيل‬
‫الله‪.‬‬
‫َ‬
‫صسسى‬‫س أقْ َ‬
‫جسسوْد ُ بسسالن ّْف ِ‬ ‫ن ظ َسسس ّ‬
‫ن وال ُ‬ ‫سإ ْ‬‫جسسسوْد ُ بسسسالن ّْف ِ‬
‫يَ ُ‬
‫جسسسسسسسسسسودِ‬
‫غاَيسسسسسسسسسسةِ ال َ‬‫ل بهسسسسسسسسسسسا َ‬
‫البخيسسسسسسسسسسس ُ‬

‫قابسل غضسسبك بحلمسك‪ ،‬وجهلسك بعلمسك‪ ،‬ونسسسيانك‬


‫بذكرك‪ ،‬وتزود مسسن الخيسسر وأنسست مقبسسل خيسسر مسسن أن‬
‫تتزود وأنت مدبر‪.‬‬
‫العجب ممن يحتمي من المآكل السسرديئة ول يسسترك‬
‫الذنوب مخافة رب العالمين‪ ،‬ويستحي من الخلسق ول‬
‫يسسستحق ممسسن ل تخفسسى عليسسه خائفسسة‪ ،‬قسسال تعسسالى‪:‬‬
‫ن الّللل ِ‬
‫ه‬ ‫م َ‬
‫ن ِ‬ ‫خ ُ‬
‫فو َ‬ ‫ول َ ي َ ْ‬
‫ست َ ْ‬ ‫س َ‬‫ن الّنا ِ‬
‫م َ‬‫ن ِ‬‫فو َ‬‫خ ُ‬‫ست َ ْ‬‫‪‬ي َ ْ‬
‫م ‪.‬‬‫ه ْ‬‫ع ُ‬‫م َ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬
‫َ‬
‫ف منسسه‬‫العمسسى خي سٌر مسسن الجهسسل؛ لن العمسسى يخسسا ُ‬
‫حفرة‪ ،‬والجهل يخاف منسسه الوقسسوع فسسي‬ ‫سقوط في ُ‬ ‫ال ُ‬
‫الهلك‪.‬‬
‫ينبغسسي للرئيسسس أن يبتسسدي بتقسسويم نفسسسه قبسسل أن‬
‫يبتدي بتقويم رعاياه‪.‬‬
‫ج قبسسل‬ ‫وإل كان بمنزلة من رام استقامة ظل معسسو ّ‬
‫تقويم عوده الذي هو ظل له‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ُ‬
‫ت‬
‫ت عنسسه فسسأن ْ َ‬ ‫ك فان ْهَهَسسا عسسن فسسإذا إن ْت ََهسس ْ‬‫سس َ‬‫إب ْسد َأ ب ِن َْف ِ‬
‫حك َُيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسم‬ ‫غَي َّهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا َ‬
‫م‬
‫مْنك وي َن َْفعُ الت ّْعلي ُ‬ ‫ل بالّرأي ِ‬ ‫ل مسسا تُقسسو ُ‬ ‫فهنسسا َ‬
‫ك ي ُْقبسس ُ‬
‫دى‬‫وي ُْقت َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬

‫سسسل‬ ‫ة الصحة تكسسون بسسإذن اللسسه بسسترك التكا ُ‬ ‫استدام ُ‬


‫عسسن الّتعسسب‪ ،‬وبسسترك المتلء مسسن الطعسسام والشسسراب‬
‫وترتيب المآكل‪.‬‬
‫م يعرض منه النسسوم‪،‬‬ ‫م والغم‪ ،‬فالغ ُ‬ ‫للقلب آفتان اله ّ‬
‫ض منه السهر‪.‬‬ ‫والهم يعر ُ‬
‫العلم كثير والعمر قصسسير فخسسذ مسسن العلسسم أحسسسنه‬
‫وما بلغك قليله إلى كثيره‪.‬‬
‫ة‬‫سسسن ْ‬‫ما حوى العلم من الخلسسق ل ولسسو حسساوله ألسسف َ‬
‫ل شسسسيءٍ‬ ‫مسسسن ك ُسسس ْ‬
‫أحسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد فاّتخسسسذ ْ ِ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م ك َب َ ْ‬
‫ح سرٍ زاخ سرٍ أ ْ‬ ‫إّنمسسا العِل ْس ُ‬

‫دنيا وأنهسا دار فنساء كيسف تلهيسه‬ ‫عجًبا لمن عرف ال ُ‬


‫عسسن دار البقسساء السستي فيهسسا مسسا ل عيسسن رأت ول أذن‬
‫سمعت ول خطر على قلب بشر‪.‬‬
‫إعطاء المريض ما يشتهيه أنفع له من أخذه كل ما‬
‫ل يشتهيه‪.‬‬
‫الدنيا تنصح تاركها وتغش طالبها‪ ،‬فنصيحتها لتاركها‬
‫ما ُتريه من تغيرها بأهلها وفتكها بهم ونكسسدها وكسسدرها‬
‫وغمومها وهمومها‪ ،‬وغشها لطالبها ما تذيبقه من لسسذة‬
‫منقلبها‪.‬‬ ‫سوء ُ‬ ‫ه مرارة طعمها و ُ‬‫ساعتها ثم تعقب ُ ُ‬
‫طالب السسدنيا كنسساظر السسسراب يحسسسبه سسسبًبا لريسسه‬
‫فيتعب نفسه في طلبه‪ ،‬فإذا جسساءه خسسانه ظنسسه وفسساته‬
‫ه وخسسسر‬ ‫أمله وبقي عطشسه ودامسست حسسسرته ونسدامت ُ ُ‬
‫طول عنائه‪.‬‬‫ُ‬
‫ب بجميع أحوالها‬ ‫معذ ّ ٌ‬
‫وقال آخر‪ :‬النسان في الدنيا ُ‬
‫غير باق عليه ما يصيُر إليه من أسبابها‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قليل التهنئة بما يجده من ملذها دائم النكد والكبد‬
‫والُغصص بمفارقة أحبابه فيها‪.‬‬
‫يا هذا الدنيا وراءك والخسسرة أمامسسك والطلسسب لمسسا‬
‫ة‪ ،‬إنما يعجب بالدنيا من ل فهم له السسدنيا‬ ‫وراءك هزيم ٌ‬
‫كأضغاث أحلم تسّر النائم‪.‬‬
‫ة‪ ،‬فأمسسا العاقسسل‬ ‫ُلعب خيسسال يحسسسبها الطفسسل حقيقس ً‬
‫فيفهمها‪.‬‬
‫َ‬
‫ة‬
‫حقي َْقس ِ‬‫هو في عل ْم ِ ال َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ل أك َْبسسَر لم ْ‬ ‫خَيسسا َ ال ِ‬
‫ظسس ِ‬ ‫ت َ‬‫َرأْيسس ُ‬
‫عْب َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرةٍ َراِقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي‬
‫حسسّر ُ‬
‫ك‬ ‫م َ‬‫ميًعسسا وت َْفنسسى وال ُ‬‫ج ْ‬‫مسسسّر َ‬
‫ح تَ ُ‬ ‫ص وأ ْ‬
‫شسسسَبا ٌ‬ ‫خو ٌ‬ ‫شسسس ُ‬ ‫ُ‬
‫ق‬
‫وت َن َْقضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ب َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬

‫قال ثابت بن قرة‪ :‬راحة الجسم في قلسسة الطعسسام‪،‬‬


‫وراحة الروح في قلة الثام‪ ،‬وراحة اللسسسان فسسي قلسسة‬
‫الكلم‪ ،‬قلت‪ :‬إل بذكر الله فكثرته أو ً‬
‫ل‪.‬‬
‫والسسذنوب للقلسسب بمنزلسسة السسسموم إن لسسم تهلكسسه‬
‫د‪ ،‬والضسسعيف ل يقسسوى علسسى مقاومسسة‬ ‫أضسسعفته ولُبسس ّ‬
‫العوارض‪ ،‬قال عبدالله بن المبارك‪:‬‬
‫ث السسذ ّ‬ ‫َ‬
‫مان َُهسسا‬‫ل إد ْ َ‬ ‫ت وقد ُيور ُ‬ ‫مْيسسس ُ‬ ‫ب تُ ِ‬‫ت السسسذ ُُنو َ‬‫َرأْيسسس ُ‬
‫صسسَيان َُها‬‫ع ْ‬ ‫ك ِ‬‫سسس َ‬
‫خْيسسٌر ل ِن َْف ِ‬
‫الُقلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوب و َ‬
‫حي َسسسساةُ‬
‫ب َ‬ ‫وت َسسسسْر ُ‬
‫ك السسسسذ ُُنو ِ‬
‫ب‬‫الُقلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسو ِ‬

‫كل شيء إذا كثر رخص إل العلم والعقل كلما كسسثر‬


‫أحدهما إل‪ ،‬والله أعلم‪ ،‬وصلى الله على محمسسد وآلسسه‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫دا للعقل أربعة‪ :‬اسسستخارة اللسسه‪ ،‬ثسسم‬
‫أشد المور تأيي ً‬
‫حسسسن‬ ‫مشاورةُ العلماء المخلصين‪ ،‬وتجربسسة المسسور‪ ،‬و ُ‬
‫التثبت والتوكل على الله‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫و أشسسدها ضسسرًرا علسسى العقسسل السسستبداد ُ بسسالرأي‪،‬‬
‫والتهاون والعجلة‪.‬‬
‫قال بعض العلمسساء‪ :‬إذا ظفسسر إبليسسس مسسن ابسسن آدم‬
‫بثلث لم يطلبه بغيرهن‪ :‬إذا أعجب بنفسسسه‪ ،‬واسسستكثر‬
‫عمله‪ ،‬ونسي ذنوبه‪.‬‬
‫ة مسسن أقسسل الشسسياء ول يسسزددن إل قلسسة‪ :‬درهسسم‬ ‫ثلث ٌ‬
‫ن‬
‫س به وتسسسك ُ‬ ‫حلل تنفُقه في حلل‪ ،‬وأخ في الله تأن ُ‬
‫إليه‪ ،‬وأمين تطمئن إليه وتستريح إلى الثقة به‪.‬‬
‫إذا عاديت أمًرا فل تعادي جميسسع أهلسسه‪ ،‬بسسل صسسادق‬
‫حا لك عليه‪ ،‬ويكف أذيته عنك‪.‬‬ ‫بعضهم‪ ،‬ليكن سل ً‬
‫قيل لبعضهم‪ :‬من السسذي يسسسلم غالب ًسسا مسسن النسساس‪،‬‬
‫قال‪ :‬من لم يظهر منه لهم خيٌر ول شر؛ لنه إذا ظهر‬
‫منسسه لهسم خيسٌر عسساداه شسسرارهم‪ ،‬وإن ظهسسر منسسه شسسر‬
‫عاداهُ خيارهم‪.‬‬
‫ن‬‫احرص على مجالسسسة الُعلمسساء المسسستقيمين‪ ،‬فسسإ ّ‬
‫العقول تلُقح الُعقسسول‪ ،‬واحسسذر مسسن علمسساء السسدنيا كسسل‬
‫الحذر فهو الذئاب الضارية‪.‬‬
‫ل تفني عمرك في البطالة ول بالكد فيما ل منفعسسة‬
‫لك به‪.‬‬
‫ولكنه أفنه فسسي الباقيسسات الصسسالحات لتفسسوز برضسسا‬
‫الله‪.‬‬
‫قال أحد الملسسوك لحسسد الحكمسساء‪ :‬مسسن تسسرى ن ُسسوّلي‬
‫ح‪ ،‬ول يمحك ُسسه‬ ‫القضسساء؟ قسسال لسسه‪ :‬مسسن ل يهُ سّزهُ المسسد ُ‬
‫م‬ ‫الغسسراء‪ ،‬ول تضسسجرهُ فدامسسة الغسسبي‪ ،‬ول يغسسره فهسس ُ‬
‫الذكي‪.‬‬
‫ث مسسن اللصسسوص؛ لن‬ ‫وقال آخسسر‪ :‬إن السسسعاة أخبس ُ‬
‫دات‪،‬‬ ‫اللصوص يسلبون الموال وهؤلء يسسسلبون المسسو ّ‬
‫ك والضراِر‪.‬‬ ‫ت‪ :‬ويوقعون في المهال ِ‬ ‫قل ُ‬
‫م بمالك قبل أن يتنّعم به غي ُسسرك واحسسرص علسسى‬ ‫تنعّ ْ‬
‫بذله فيما يقربك إلى الله والدار الخرة كبناء مسسساجد‬

‫‪19‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وبسسث ك ُت ْسسب دينيسةٍ تعيسسن علسسى فهسسم الكتسساب وال ّ‬
‫سسسنة‪،‬‬
‫واحذر أن يكون عوًنا على معاصي الله‪.‬‬
‫مسسن نزلسست بسسه مصسسيبة فسسأراد تخفيفهسسا وتمحيقهسسا‬
‫فليتصور أكسسثر ممسسا هسسي وأعظسسم تهسسن عليسسه وليرجسسو‬
‫ثوابها يرى الربح في القتصار عليها‪.‬‬
‫وليتصور سرعة زوالها فإنه لسسول كسسرب الشسسدة مسسا‬
‫ُرجيت ساعة الراحة‪.‬‬
‫وليعلم أن مدة مقامها كمدة مقام الضيف فليتفقد‬
‫حوائجه في كل لحظة فيا سرعة انقضاء مقامه‪.‬‬
‫قسال عمسسر بسن الخطسساب‪ :‬الفسواقُر فسسي ثلث‪ :‬جساُر‬
‫سوء فسسي دار مقسسام إن رأى حسسسنة سسسترها وإن رأى‬
‫ك )أي‬ ‫سسسيئة أذاعهسسا‪ ،‬وامسسرأة سسسوء إن دخلسست لسسسنت ْ َ‬
‫ن جسسائر‬ ‫سسسلطا ُ‬‫ت لم تأمنها‪ ،‬و ُ‬ ‫ة اللسان( وإن غب ْ َ‬ ‫سليط ُ‬
‫ن أحسنت لم يحمدك وإن أسأت قتلك‪.‬‬ ‫إ ْ‬
‫ن آدم رأسسسه‪:‬‬ ‫قال الحسن‪ :‬لسسول ثلث مسسا وضسسع اب س ُ‬
‫المرض‪ ،‬والفقر‪ ،‬والموت‪.‬‬
‫كدر العيش في ثلث‪ :‬الجار السوء‪ ،‬والولد العسساق‪،‬‬
‫والمرأة السيئة الخلق‪.‬‬
‫ث الضسسغائن والعسسداوات ويسسزرع‬ ‫حسسب السسدنيا ُيسسور ُ‬
‫ن الشسسر ويمنسسع السسبر ويسسسبب العقسسوق‬ ‫الحقسساد وُيكم س ُ‬
‫وقطيعة الرحم والظلم‪.‬‬
‫طالب الدنيا قصيُر الُعمر كثير الفكر فيما يضسسُر ول‬
‫ينفع‪.‬‬
‫طالب الدنيا كراكب البحر إن سلم‪ ،‬قيسسل‪ :‬مخسساطر‬
‫وإن عطب قيل مغرور‪.‬‬
‫شعًرا‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن‬ ‫ب فسسي الهسسالكي َ‬ ‫سس ٍ‬ ‫وذ ُوْ ن َ َ‬ ‫ن‬ ‫ك وابسس ُ‬ ‫ي هاِلسس ٌ‬ ‫حسس ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫كسس ُ‬ ‫أل ْ‬
‫ق‬
‫عَرِي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ك‬ ‫هال ِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫حس ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ن َسسائي ال َ‬ ‫من ْسزِ ٍ‬‫إلسسى َ‬ ‫ك‬ ‫ب السسدارِ إّنسس َ‬ ‫ل ل َِغرْيسس ِ‬ ‫فَُقسس ْ‬
‫حْيق‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫َ‬ ‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٌ‬
‫ل‬ ‫َرا ِ‬
‫ن‬ ‫خسسا َ‬ ‫ق أو د ُ َ‬ ‫شسسوا َ‬
‫حرِْيسس ٍ‬ ‫ظ َ‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫دنيا الد ّن ِّيسس ُ‬ ‫م السس ُ‬ ‫مسسا ت َْعسسدِ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫حرِي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسق‬ ‫َ‬ ‫أهْل ََهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫مسسوا‬ ‫من ْهُ ُ‬ ‫وتشسسجى فريًقسسا ِ‬ ‫كسسا فَْقسسد َ‬ ‫هال ِ ً‬‫جسسّرعُ فيهسسا َ‬ ‫تُ َ‬
‫بَفرْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسق‬ ‫ك‬‫هال ِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬
‫ك غَْيسسُر‬ ‫مسسا د ُن َْيسسا َ‬ ‫َقسسَراًرا فَ َ‬ ‫ذا مسسا‬ ‫دنَيا إ َ‬‫ب السس ُ‬ ‫سسس ِ‬ ‫ح َ‬ ‫فل ت َ ْ‬
‫ط َرِْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسق‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسك َن ْت ََها‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫عسسد ُوٍ فسسي ث َِيسسا ِ‬ ‫لسسه عسسن َ‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫ن السسسدنيا لسسسبي ْ ٌ‬ ‫حسسس َ‬‫مت َ َ‬‫إذا ا ْ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدِْيق‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَف ْ‬ ‫ت َك َ ّ‬
‫ق‬ ‫ضسسي ْ ِ‬‫م ِ‬ ‫ذى أهْل َُهسسا ب ِ َ‬ ‫ول ي ََتسسأ ّ‬ ‫ظلُلها‬ ‫ل ِ‬ ‫ك بدارٍ ل ي ََزا ُ‬ ‫علي ْ َ‬ ‫َ‬
‫صسسداهُ‬ ‫صسساِدي َ‬ ‫ول ي َن َْفسسعُ ال ّ‬ ‫ضسسي ِرضسساهُ‬ ‫مسسا ي َب ْل ُسغُ الّرا ِ‬ ‫فَ َ‬
‫برِي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسق‬ ‫ب ِب ُل َْغسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬
‫ة‬

‫مُنه‪ ،‬فمن خاف من‬ ‫من خاف من شيء عمل ما ُيؤ ّ‬


‫ب التوبسسة‬‫جسسو بسسه السسسلمة وبسسا ُ‬ ‫الموت فليعمسسل مسسا ير ُ‬
‫ب الخير مفتوحة‪ ،‬وقد حث الله ورسوله‬ ‫ح‪ ،‬وأبوا ُ‬
‫مفتو ٌ‬
‫عليها‪.‬‬
‫ف بكسسثرة‬ ‫ل ُيعر ُ‬ ‫العاقل يعرف بكثرة صمته‪ ،‬والجاه ُ‬
‫كلمه‪.‬‬
‫الكلم مملوك للنسان مسسا لسسم ينطسسق بسسه صسساحبه‪،‬‬
‫فإذا نطق به خرج عن ملكه له‪.‬‬
‫حسسسن الخلسسق يغطسسي غيسسره مسسن القبسسائح‪ ،‬وسسسوء‬ ‫ُ‬
‫الخلق يغطي غيره من المحاسن‪.‬‬
‫ت سلمته فسسي‬ ‫سن خلقه طابت عيشته ودام ْ‬ ‫من ح ُ‬
‫ه‪ ،‬ومن سسساء خلقسسه‬ ‫الغالب وتأكدت في النفوس محبت ُ‬
‫س منه‪.‬‬ ‫تنكدت عيشته ودامت بغضته ونفرت النفو ُ‬
‫ت‬ ‫و ُ‬
‫كنل َ‬ ‫ول َل ْ‬
‫قال الله جل وعل وتقدس لنبيه ‪َ : ‬‬
‫ك ‪.‬‬‫ول ِ َ‬‫ح ْ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ضوا ِ‬ ‫ب لن َ‬
‫ف ّ‬ ‫قل ْ ِ‬ ‫غِلي َ‬
‫ظ ال َ‬ ‫ظا َ‬ ‫ف ً‬
‫َ‬

‫‪21‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن مسسن‬ ‫ن الخُلق ُيؤدي غالًبا إلى السسسلمة ويسسؤم ُ‬ ‫س ُ‬‫ح ْ‬ ‫ُ‬
‫ب اللفسة ويبعسسث علسسى الفعسسل الجميسسل‪،‬‬ ‫الندامة وُيسب ُ‬
‫خل ُُقسسه‬
‫ن من الفرقة بإذن الله تعالى‪ ،‬ومسسن سسساء ُ‬ ‫ويؤم ُ‬
‫اجتمع عليه نكد الدنيا والخرة‪.‬‬
‫شعًرا‪:‬‬
‫خلق أبهسسى‬ ‫ن ال ُ‬‫س ُ‬
‫ح ْ‬‫مسسا كمال ً ف ُ‬ ‫لن كسسانت الفعسسال يو ً‬
‫لهلهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا وأكمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ل‬
‫مسسْرء فسسي‬ ‫جْهسسدِ ال َ‬‫ت ُ‬‫ت الرزاق رزقسسا ً فقلسس ُ‬ ‫ن كسسان َ ِ‬‫وإ ْ‬
‫مسسسسسسسس ُ‬
‫ل‬ ‫ج َ‬‫بأ ْ‬ ‫كسسسسسسسسس ِ‬ ‫درا ً ال َ‬‫مَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ّ‬‫ُ‬

‫فسسداُر ثسسواب اللسسه أعلسسى‬ ‫دنيا تعسسسد ّ‬ ‫وإن كسسسانت السسس ُ‬


‫وأنبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ل‬ ‫نفيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةٍ‬
‫ئ بالسسسيف فسسي‬ ‫ل امر ٍ‬ ‫فقت ُ‬ ‫ت‬ ‫ن للمسسو ِ‬ ‫ن كانت البدا ُ‬ ‫وإ ْ‬
‫اللسسسسسسسسسسسه أفضسسسسسسسسسسسل‬ ‫ت‬ ‫أنشسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسئ ْ‬
‫ك بسسه المسسرء‬ ‫ل مترو ٍ‬ ‫فما با ُ‬ ‫وإن كانت الموال للسسترك‬
‫ل‬‫يبخسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫جمعهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬

‫ن الخلق«‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫وقال ‪» :‬البر َ‬


‫وقال ‪» :‬إن من خياركم أحسنكم أخلًقا«‪.‬‬
‫وقال ‪» :‬ما مسسن شسسيء أثقسسل فسسي ميسسزان العبسسد‬
‫خُلق«‪.‬‬ ‫سن ال ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫المؤمن يوم القيامة من ُ‬
‫ة‪ ،‬قسسال‪:‬‬ ‫سئل ‪ ‬عن أكثر ما يسسدخل النسساس الجن س َ‬ ‫و ُ‬
‫خُلق«‪.‬‬ ‫ن ال ُ‬ ‫س ُ‬‫ح ْ‬ ‫»تقوى الله‪ ،‬و ُ‬
‫خل ًُقا«‪.‬‬‫سُنهم ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وقال ‪» :‬أكمل المؤمنين إيماًنا أ ْ‬
‫ة‬ ‫خل ُِق سهِ د ََر َ‬
‫جس َ‬ ‫ن ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫وقال ‪» :‬إن المؤمن ل َي ُد ْرِ ُ‬
‫ك بِ ُ‬
‫م«‪.‬‬
‫الصائ ِم ِ القائ ِ‬
‫منسسي‬‫ي وأقْ سَر بكسسم ِ‬ ‫حبكسسم إل س ّ‬ ‫ن مسسن أ َ‬ ‫وقسسال ‪» :‬إ ّ‬
‫سنكم أخلًقا«‪.‬‬ ‫ح ِ‬ ‫مة ِ أ َ‬‫م القيا ِ‬
‫سا يو َ‬ ‫جل ً‬
‫م ْ‬
‫َ‬
‫ة السوجه‪،‬‬ ‫خلق‪ :‬هسو طلقس ُ‬ ‫ُ‬ ‫سن ال ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫وقيل في تفسير ُ‬
‫ب الكلم‪ ،‬وقلسسة‬ ‫ف الذى‪ ،‬وطي س ُ‬ ‫وبسسذل المعسسروف‪ ،‬وك س ّ‬
‫الغضب‪ ،‬واحتمال الذى‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫صسسمت السسسماعُ عسسن مسسا ينف سعُ‬ ‫دنيا ُ‬ ‫ب ال س ُ‬‫حس ّ‬ ‫لجسسل ُ‬
‫ب عسسن ُنسسور‬ ‫دنيسسا وأخسسرى‪ ،‬وعميسست الُقُلسسو ُ‬ ‫النسسسان ُ‬
‫ة‪.‬‬
‫البصير ِ‬
‫ة‬
‫ح ِ‬ ‫سسسن شسسباب ِهِ وصسس ّ‬ ‫ح ْ‬‫ل أن ل يغسستّر ب ُ‬ ‫ينبغسسي للعاقِ س ِ‬
‫ه‪.‬‬
‫م ِ‬
‫س ِ‬
‫ج ْ‬‫ِ‬
‫ة الصحةِ السقم وربما أعقبه الموت‪.‬‬ ‫فإن عاقب َ‬
‫ب‬
‫ش سي ْ ِ‬ ‫م قَب ْس َ‬
‫ل ال ّ‬ ‫شسسسَباب نسسساعم فكسسم ت ََق سد ّ َ‬ ‫ل ت َغْسسسترر ب َ‬
‫ن‬‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّبا ُ‬ ‫ُ‬ ‫ل‬
‫خظسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬

‫ث‬ ‫متل قلب ُسسه مسسن ثل َ‬ ‫دنيا ا ْ‬


‫ب الس ُ‬‫حس ّ‬ ‫م نفسسسه ُ‬ ‫مسسن ألهْس َ‬
‫شغ ْ ٌ‬
‫ل‬ ‫من ْت ََهاه‪ ،‬و ُ‬‫ك غناه‪ ،‬وأمل ل يبلغُ ُ‬ ‫ل‪ :‬فقر ل ي ُد ْرِ ُ‬ ‫خل َ‬ ‫ِ‬
‫ك فََناه‪.‬‬ ‫ل ي ُد ْرِ ُ‬
‫ذهن بالحكمسسة‪،‬‬ ‫عمسساَرةُ ال س ِ‬ ‫ن ِ‬
‫ممسسا ينبغسسي وُيستحس س ُ‬
‫وجلُء العقسسل بسسالدب‪ ،‬وقمسعُ الغضسسب بسسالحلم‪ ،‬وقمسعُ‬
‫جب بالتواضع‪.‬‬ ‫كبر والعُ ْ‬ ‫ال ِ‬
‫ح‬ ‫ل المسسَر ِ‬ ‫ة‪ ،‬وتسسذلي ُ‬ ‫هسسدِ والعفسس ِ‬ ‫وقمسسع الشسسهوة بالُز ْ‬
‫حسسة‬ ‫ب َرا َ‬
‫سسس ُ‬ ‫عسسةِ ي ُك ْ ِ‬ ‫حسسرص بالقنا ِ‬ ‫كون‪ ،‬ورد ْعُ ال ِ‬ ‫سسس ُ‬ ‫بال ُ‬
‫ن‪.‬‬‫س والب َد َ ِ‬‫النف ِ‬
‫ة‬
‫ك الراح س َ‬ ‫ن لس َ‬ ‫ن لسسو لسسم َيك س ْ‬ ‫مها تكسس ْ‬ ‫ة فال َْز ْ‬ ‫هي القناع ُ‬
‫ن‬‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا الَبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد َ ِ‬ ‫مل ً‬ ‫ِ‬

‫آخر‪:‬‬
‫واء‬
‫سس َ‬ ‫ت ومال ُ‬
‫ك الدنيا َ‬ ‫إذا ك ُن ْ َ‬
‫ت في السسدنيا قَن ُسسوٍع َفأن ْ َ‬

‫آخر‪:‬‬
‫ن أن‬ ‫مس ْ‬‫ل ِ‬ ‫قَسذ َُر الحيسساةِ أقس ّ‬ ‫ل‬‫سسسؤا ِ‬ ‫ك عسسن ال ُ‬ ‫م ي َسد َي ْ َ‬‫كر ْ‬‫أ ْ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسأَل‬ ‫ت ْ‬ ‫فإّنمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫مل ً‬ ‫مشتمل ً بها ُ‬
‫مَتز ّ‬ ‫ت ُ‬ ‫وأبي ْ ُ‬ ‫ضسس َ‬
‫ل‬ ‫ي فَ ْ‬‫م إلسس ّ‬‫ضسس ّ‬‫ولَقسسد ْ أ ُ‬
‫خسسساُلني‬ ‫ف الِغنسسسي فت َ‬ ‫صسسس ُ‬ ‫تَ ِ‬ ‫عتي‬ ‫َقنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسول ً‬ ‫مت ّ‬ ‫ُ‬ ‫وأرى الُغسسسسسسسد ُوّ علسسسسسسسى‬
‫ن تسسسوكل ً‬ ‫مانيسسسا أفْن َي ْت ُُهسسس ّ‬‫وأ َ‬ ‫صسسسسسسسةِ َ‬
‫شسسسسسسساَرةً‬ ‫صا َ‬ ‫خ َ‬‫ال َ‬
‫‪23‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وإذا الَفت َسسى أفْن َسسى الل ّي َسسال َ‬
‫ي‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرةً‬ ‫ح ْ‬‫َ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصلى الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال لقمان لبنه‪ :‬يا بنسسي‪ ،‬أكسسثر مسسن ذكسسر اللسسه عسسز‬
‫ه‪ ،‬قسسال جسسل وعل‬ ‫ن اللسسه ذاكسسُر مسسن ذكسسر ُ‬ ‫وجسسل‪ ،‬فسسإ ّ‬
‫َ‬
‫م ‪.‬‬ ‫فاذْك ُُروِني أذْك ُْرك ُ ْ‬ ‫وتقدس‪َ  :‬‬
‫ك‪ ،‬وعملسسك خلسسف‬ ‫عين َي ْس َ‬
‫ك بيسسن َ‬ ‫ذنوب ُس َ‬‫ن ُ‬ ‫يا ُبنسسي‪ ،‬لتك س ُ‬
‫ك إلى الله‪ ،‬ول تستكثر عملك‪.‬‬ ‫ظهرك‪ ،‬وفّر من ذنوب َ‬
‫ك‬‫ت الخاطئ فل ت ُعَي ّسْرهُ واذ ْك ُسْر ذ ُُنوب َس َ‬ ‫يا بني‪ ،‬إذا رأي َ‬
‫مِلك‪.‬‬ ‫فإنما تسأل عن عَ َ‬
‫ه‬
‫مسس ُ‬‫ه من أطاعَ الله كفاهُ ما أه ّ‬ ‫يا ُبني‪ ،‬أطعْ الله فإن َ ُ‬
‫خل ِْق ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬ ‫م ُ‬
‫ص َ‬‫وع َ‬
‫ك بحبهسسا‬ ‫ل َقلب َس َ‬ ‫ش سغ ِ ْ‬ ‫ن إلى السسدنيا ول ت ُ ْ‬ ‫ي‪ ،‬ل ت َْرك َ ْ‬ ‫يا ُبن ّ‬
‫فإَنك لم تخلق لهسا ومسا خلسق اللسه خلًقسا أهسون عليسه‬
‫منها؛ لنه لم يجعل نعمتها ثواًبا للمطيعين ولم يجعسسل‬
‫ة للعاصين‪.‬‬ ‫بلها عُُقوب ً‬
‫ة بالقباح سةِ ل‬ ‫ت بين جمالها وفعاَلها فسسإذا الملح س ُ‬ ‫مي ّْز ُ‬
‫ت َِفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي‬
‫نل‬ ‫ت ل ََنسسا أ ْ‬ ‫حل ََفسس ْ‬ ‫مسسا َ‬ ‫كأن ّ‬ ‫ن ف َ‬ ‫ت لنسسسا أن ل تخسسسو َ‬ ‫حل ََفسسس ْ‬‫َ‬
‫عُُهود ََنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا تفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي‬

‫ُ‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬ ‫شل ْ‬ ‫مللن َ‬ ‫ما أوِتيت ُللم ّ‬ ‫وقال اللسسه جسسل وعل‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫خي ْلٌر‬
‫ه َ‬ ‫عن لدَ الل ّل ِ‬ ‫مللا ِ‬
‫و َ‬‫ها َ‬ ‫زين َت ُ َ‬‫و ِ‬
‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ع ال َ‬
‫مَتا ُ‬‫ف َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ن ‪ ،‬وقسسسال تعسسسالى‪ :‬ب َللل ْ‬ ‫قل ُلللو َ‬‫ع ِ‬‫فل َ ت َ ْ‬ ‫قلللى أ َ َ‬‫وأ َب ْ َ‬ ‫َ‬
‫قللى ‪،‬‬ ‫َ‬
‫وأب ْ َ‬ ‫تُ ْ‬
‫خي ْلٌر َ‬‫خلَرةُ َ‬‫وال ِ‬ ‫حَياةَ الدّن َْيا * َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫ؤث ُِرو َ‬
‫‪24‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وقال ‪» :‬من أصبح وهمسسه الخسسرة جمسسع اللسسه عليسسه‬
‫أمره وحفظ عليه ضسيعته وأتتسه السدنيا وهسي راغمسة«‬
‫الحديث‪.‬‬
‫وحقيقة الزهد خروج حب الدنيا والرغبسسة فيهسسا مسسن‬
‫القلب‪.‬‬
‫وهوان الدنيا علسسى العبسسد حسستى يكسسون إدبسسار السسدنيا‬
‫وقلة الشيء أحب إليه وآثر عنده من إقبالها وكثرتهسسا‬
‫هذا من حيث الباطن‪.‬‬
‫وأما من حيسسث الظسساهر فيكسسون متجافي ًسسا عنهسسا مسسع‬
‫القدرة عليها‪.‬‬
‫سسا‬ ‫ويكون مقتصسًرا مسن سسائر أمتعتهسا مسسأكل ً وملب ً‬
‫ومسكًنا وغير ذلك على مسسا لبسسد نسسه‪ ،‬قلسست‪ :‬هسسذا فسسي‬
‫عصرنا نادًرا الوجود كالكبريت الحمر‪.‬‬
‫كما قال ‪» :‬ليكسسن بلغ أحسسدكم مسسن السسدنيا كسسزاد‬
‫الراكب«‪.‬‬
‫ح بطول العافية‪ ،‬واكتسسم البلسسوى فسسإنه‬ ‫يا ُبني‪ ،‬ل ت َْفَر ْ‬
‫خٌر لك في المعاد‪.‬‬ ‫ه ذُ ْ‬ ‫من كنوز البر‪ ،‬واصبر عليها فإن ّ ُ‬
‫ي‪ ،‬عليسك بالصسبر واليقيسن ومجاهسدة نفسسك‪،‬‬ ‫يا ُبنس ّ‬
‫ن الصسسبر فيسسه الشسسوقُ )أي الشسسرف(‪ ،‬وفيسسه‬ ‫واعلسسم أ ّ‬
‫ة والزهادةُ والتَرُقب‪.‬‬ ‫الشفق ُ‬
‫فإذا صبرت عسسن محسسارم اللسسه وزهسسدت فسسي السسدنيا‬
‫ب‬‫ن أحسس ّ‬ ‫ت بالمصائب )أي مصائب الدنيا( لم يك ْ‬ ‫وتهاوَن ْ َ‬
‫ت تترقُبه‪.‬‬ ‫من الموت وأن ْ َ‬ ‫ك ِ‬‫إلي َ‬
‫س‪ ،‬ول‬ ‫م بذلك النسسا َ‬ ‫ف الله ول ت ُعْل ِ ْ‬ ‫خ ِ‬ ‫ة‪َ ،‬‬ ‫وإّياك والغْفل َ‬
‫س بما ل تعلسسم مسسن نفسسسك‪ ،‬ل تغسستر بقسسول‬ ‫يُغرّنك النا ُ‬
‫ك ل ُؤُْلؤةً وأنت تعلم أّنها ب َعَْر ٌ‬
‫ة‪.‬‬ ‫الجاهل إن في ي َد َ َ‬
‫ب المعسروف‪ ،‬كسثيَر‬ ‫ن ل َْيسن الجسانب‪ ،‬قرْيس ِ‬ ‫يا بني‪ ،‬كس ْ‬
‫ل الكلم إل فسسي الحسسق‪ ،‬كسسثير الُبكسساء قليسسل‬ ‫التفكر قلي َ‬
‫الفرح‪.‬‬
‫ت‬ ‫سسسسك َ ّ‬
‫ب ول تمسسساِر‪ ،‬و إذا َ‬ ‫صسسساخ ْ‬ ‫ح ول ت َ‬ ‫ول تمسسساز ْ‬
‫حك َ ٍ‬
‫م‪.‬‬ ‫ت فتكلم ب ِ ِ‬ ‫ت في تفكُر‪ ،‬وإذا تكلم َ‬ ‫فاسك ُ ْ‬
‫‪25‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ك‪ ،‬فإن مال َ‬
‫ك‬ ‫ل غير َ‬ ‫ح ما َ‬ ‫ك وتصل ْ‬ ‫ضي ّعْ مال َ‬ ‫يا بني‪ ،‬ل ت ُ َ‬
‫ت وراء‬ ‫ك مسسا تر ْ‬
‫كسس َ‬ ‫ل غيسسر َ‬ ‫ك‪ ،‬ومسسا َ‬ ‫سسس َ‬ ‫ت ِلنْف ِ‬ ‫دم َ‬
‫مسسا قسس ّ‬‫َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫َ‬
‫ظْهر َ‬
‫مسسك‬ ‫ت ول تجعسسل ه ّ‬ ‫كلْفس َ‬ ‫ك فيمسسا ُ‬ ‫مس َ‬
‫ل هَ ّ‬ ‫جع َ س ْ‬
‫يا بني‪ ،‬ا ْ‬
‫ك عن الخرة‪.‬‬ ‫دنيا فتشغل َ‬ ‫م لل ُ‬‫كفيت‪ ،‬ل تهْت َ ّ‬ ‫فيما ُ‬
‫ي‪ ،‬إذا أنعم الله عليك نعمسسة في سَر أثُرهَسسا‬ ‫وقال‪ :‬يا بن ّ‬
‫مسسن هُسسو‬ ‫ك إلسسى َ‬ ‫سسسان َ‬‫ح َ‬‫ك وإ ْ‬ ‫ضسسع َ‬
‫ك وتوا ُ‬ ‫كر َ‬ ‫ش ْ‬‫ك في ُ‬ ‫علي َ‬
‫دونك‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ب‪ ،‬ل ُترائي‬ ‫وقال‪ :‬لكل شيء آفة وآفة العمل الُعج ُ‬
‫ه‪.‬‬
‫الناس بما يعلم الله منك غير ُ‬
‫ول تعجبن بما تعمل وإن كثر‪ ،‬فإّنك ل تدري أيقبسسل‬
‫الله منك أم ل؟ والله أعلم وصسسلى اللسسه علسسى محمسسد‬
‫وآله وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫ل مسسن‬ ‫يا ُبني‪ ،‬أداءُ صلتك التي ُفرضت عليك أفض س ُ‬
‫كل ما تعمل‪.‬‬‫ُ‬
‫مسسا‬‫كنسست عال ً‬‫ما يذكرون اللسسه‪ ،‬إن ُ‬ ‫يا ُبني‪ :‬جالس قو ً‬
‫مسسوك‪ ،‬وإن نزلسست‬ ‫نفعسسك علمسسك‪ ،‬وإن كنسست جسساهل ً عَل ّ ُ‬
‫م فيه‪.‬‬ ‫ة أو رزقٌ شركته ُ‬ ‫عليهم رحم ٌ‬
‫ما ل يذكرون اللسسه‪ ،‬فسسإن كنسست‬ ‫يا ُبني‪ ،‬ل تجالس قو ً‬
‫ما لم ينفعك علمك شسسيًئا‪،‬‬ ‫جاهل ً زادوك‪ ،‬وإن كنت عال ً‬
‫ط شركتهم فيها‪.‬‬ ‫ة أو سخ ٌ‬ ‫وإن نزلت عليهم لعن ٌ‬
‫كم‬ ‫ح لكسسم قلسسوب ُ‬
‫وقال‪ :‬اعسستزلوا شسسرار النسساس تصسسل ْ‬
‫سكم‪.‬‬ ‫ب ُنفو ُ‬ ‫كم وتط ْ‬ ‫وتسترح أبدان ُ ُ‬
‫وقسسال‪ :‬اشسسكر لمسسن أنعسسم عليسسك وأنعسسم علسسى مسسن‬
‫كفسسرت‪ ،‬ول زوال لهسسا‬ ‫شكرك‪ ،‬فإنه ل بقاء للنعمسسة إذا ُ‬
‫إذا شكرت‪.‬‬
‫وقال‪ :‬لقاء أهل الخير عمارة القلوب‪.‬‬
‫وقال‪ :‬يا بني‪ ،‬إن الدنيا بحٌر عميقٌ وقد غسسرق فيهسسا‬
‫س كثير‪ ،‬فاجعل سفينتك فيها تقوى الله‪ ،‬والعمسسال‬ ‫نا ٌ‬
‫ص عليهسسا‬ ‫ل فيهسسا‪ ،‬والحسسر َ‬ ‫الصالحة بضاعتك التي تحم س ُ‬
‫‪26‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫جها‪ ،‬وكتاب الله دليلها‪ ،‬ورد ّ النفسسس‬ ‫ك‪ ،‬واليام مو ُ‬ ‫ح َ‬‫ري ُ‬
‫عن الهوى حبالهسسا‪ ،‬والمسسوت سسساحلها‪ ،‬والقيامسسة أرض‬
‫المتجر التي تخرج إليها‪ ،‬والله مال ُ‬
‫كها‪.‬‬
‫كسسد ّ‬ ‫ك بالسسسدنيا وجسسد ّ فسسي جمعَهسسا بال َ‬ ‫سسسس َ‬ ‫م ّ‬ ‫ن تَ َ‬
‫مسسس ْ‬ ‫يسسسا َ‬
‫ب‬‫وُزخُرفهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا والت ّعَسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬
‫ن‬‫مْعسسدِ ُ‬‫دار الَقسسرارِ وفيهسسا َ‬ ‫ت َ‬ ‫دارٍ أنسسس َ‬ ‫ت ِلسسس َ‬ ‫مسسسر َ‬ ‫هَّل عَ َ‬
‫ب‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسك ُن َُها الط َّلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫ت ْ‬
‫مسسن‬ ‫ت ِ‬‫مع ْ َ‬ ‫ي وقَد ْ َتمّزقَ ما َ‬
‫ج ّ‬ ‫هسس َ‬ ‫هسسا و ْ‬ ‫ل ترا َ‬ ‫ن قَِليسس ٍ‬ ‫فََعسس ْ‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسب‬ ‫نَ َ‬ ‫دائرةٌ‬

‫وروي عن ابن عباس س رضي الله عنهما س أنه قال‪:‬‬


‫صسسورةٍ عجسسوزٍ شسسمطاء‬ ‫ُيؤتى بالدنيا يوم القيامة على ُ‬
‫ة الخلقسسة ل يراهسسا أحسد ٌ إل‬ ‫شسوّهَ ُ‬ ‫م َ‬
‫ة ُ‬ ‫زرقاء‪ ،‬أنياُبها باديس ٌ‬
‫م‪ :‬أتعرُفسسون‬ ‫ق‪ ،‬فُيقال ل َُهسس ْ‬ ‫ف على الخلئ ِ‬ ‫شرِ ُ‬‫كرِهََها‪ ،‬فت ُ ْ‬
‫هذه؟‬
‫فيقال لهم‪ :‬هذه التي تفاخرُتم وتحاربُتم عليها‪ ،‬ثسسم‬
‫ب أيسسن أتبسساعي‬ ‫ل‪ :‬يسسا ر ّ‬ ‫مُر بهسسا إلسسى النسسار‪ ،‬فتقسسو ُ‬ ‫ُيسسؤ َ‬
‫وأصحابي وأحبابي؟ فيلحقون ََها‪.‬‬
‫ووجه إلقائها فسسي النسسار لينظسسر إليهسسا أهلهسسا فيسسرون‬
‫عل‪.‬‬ ‫لو َ‬ ‫هوانها على الله ج ّ‬
‫وذكر في الخبر عن عيسى س عليسسه السسسلم سسس‪ :‬أنسسه‬
‫ت يوم ٍ ماشًيا إذ ْ نظر إلى امرأةٍ عليها من كسسل‬ ‫كان ذا َ‬
‫ه عنها‪ ،‬فقسسالت‪ :‬اكشسسف عسسن‬ ‫زينةٍ فذهب لُيغطي وجه ُ‬
‫ج؟‬ ‫ك زو ٌ‬ ‫ت بامرأة أنا الدنيا‪ ،‬فقال لهسسا‪ :‬ألسس ِ‬ ‫ك فلس ُ‬ ‫وجه َ‬
‫ك أم كل ً‬ ‫ج كثير‪ ،‬فقال‪ :‬أكسسل طل َّق س ِ‬ ‫ه‪ :‬لي أزوا ٌ‬ ‫فقالت ل ُ‬
‫ت‪ ،‬فقال‪ :‬حزنت على أحسسد‬ ‫ل ك ُل ً قتل ُ‬ ‫ت؟ فقالت‪ :‬ب ْ‬ ‫قتل ِ‬
‫ن عليهسسم‬ ‫ي ول أحسسز ُ‬ ‫منهم؟ فقسسالت‪ :‬هسسم يحزنسسون علس ّ‬
‫ويبكون علي ول أبكي عليهم‪.‬‬
‫ج‬‫ها ل ت ََزوّ ُ‬‫ت أوَْلد َ َ‬ ‫سسسا بما قَت َل َ ْ‬ ‫ت السد ُن َْيا عَُروْ ً‬‫ولسسو كسان َ ِ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد َْتها‬ ‫و َ‬

‫‪27‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫آخر‪:‬‬
‫مسسا‬ ‫س أفْن َس ْ‬
‫ت بِ َ‬ ‫م ٍ‬ ‫م سو ْ ِ‬
‫وى ُ‬
‫س َ‬
‫ت السسسد ُن َْيا مسسسن ِ‬
‫ولسسسو كسسسان َ ِ‬
‫مَرهَسسسسسسسسسسا‬ ‫سسسسسسسسسسساء عُ ْ‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫س لسسسسسم ت ُ‬
‫كسسسسس ْ‬ ‫الْنسسسسس ِ‬

‫جل ً قسسسدم علسسسى النسسسبي ‪ ‬مسسسن أرض‪،‬‬ ‫وُروي أن ر ُ‬


‫فسأله عن أرضهم‪ ،‬فأخبرهُ عن سعتها وكسسثرة الّنعيسسم‬
‫فيها‪ ،‬فقال رسول الله ‪» :‬كيف تفعلون؟« قال‪ :‬إنا‬
‫نتخذ ألواًنا من الطعام ونأكلها‪ ،‬قسسال رسسسول اللسسه ‪:‬‬
‫»ثم تصير إلى ماذا؟« قال‪ :‬إلسسى مسسا تعلسسم يسسا رسسسول‬
‫طسسا‪ ،‬فقسسال رسسسول اللسسه ‪:‬‬ ‫اللسسه‪ ،‬يعنسسي بسسول ً وغائ ً‬
‫ل الدنيا«‪.‬‬ ‫»فكذلك مث ُ‬
‫مسسن‬‫ن فسسي العَسساَلم َ‬ ‫دت السسسد ُن َْيا علسسسى ل َسسو كسسا َ‬ ‫قَسسسد ْ ن َسسسا َ‬
‫مع‬‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ن َْفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَها ي َ ْ‬
‫ت مسسا يجم سعُ‬ ‫مٍع ب َسسدد ْ ُ‬
‫جسسا ِ‬‫ه و َ‬‫مر أفنيت ُس ُ‬ ‫ق بسسالعُ ْ‬
‫م واث ِس ِ‬ ‫ك َس ْ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصلى الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫ثم اعلم‪ :‬أن الدنيا عبارة عسسن كسسل مسسا يشسسغل عسسن‬
‫الله قبل الموت‪ ،‬فكلما لك فيه حظ وغسسرض ونصسسيب‬
‫وشهوة ولسسذة فسسي عاجسسل الحسسال قبسسل الوفسساة‪ ،‬فهسسي‬
‫الدنيا‪.‬‬
‫وليس كل ذلك مذموم‪ ،‬بل المسسذموم المنهسسي عسسن‬
‫محبته هو كل مسسا فيسسه حسسظ عاجسسل ول ثمسسرة لسسه فسسي‬
‫الخرة‪.‬‬
‫وإذا سمعت بذم الدنيا‪ ،‬فاعلم أنه ليس راجًعا إلسسى‬
‫َزمانهسسا السسذي الليسسل والنهسسار المتعاقبسسان إلسسى قيسسام‬
‫الساعة‪.‬‬
‫فإن الله سبحانه وتعسسالى جعلُهمسسا خلفسسة لمسسن أراد‬
‫أن يذكر أو أراد شكورا‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وليس الذم راجًعا إلى مكان الدنيا وهسسو الرض ول‬
‫من الشجر والزرع‪.‬‬ ‫إلى ما أنبته الله فيها ِ‬
‫فإن ذلك كله من نعم الله على عباده لما لُهم فيسسه‬
‫ل بذلك على‬ ‫ح والعتبار والستدل ِ‬ ‫من المنافِع والمصال ِ‬
‫وحدانّيسسة اللسسه وقسسدرته وعظمتسسه وحكمتسسه ورحمتسسه‬
‫بعباده‪.‬‬
‫فللي‬ ‫مللا ِ‬‫ق ل َك ُللم ّ‬
‫خل َل َ‬ ‫و ال ّل ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ه َ‬‫قال جسسل وعل‪ُ  :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ض‬
‫فللي الْر ِ‬ ‫و ِ‬‫عللا ‪ ،‬وقسسال تعسسالى‪َ  :‬‬ ‫مي ً‬‫ج ِ‬
‫ض َ‬ ‫الْر ِ‬
‫ن ‪.‬‬‫قِني َ‬
‫مو ِ‬ ‫ت ل ّل ْ ُ‬
‫آَيا ٌ‬
‫وإنمسسا المسسذموم أفعسسال بنسسي آدم مسسن المعاصسسي‬
‫الكبائر والصغائر كالشرك وترك الصلة وترك الزكسساة‬
‫أو الصوم أو الحج وكالكذب على الله أو علسسى رسسسله‬
‫أو كراهة ما أنزل الله أو قتل نفس بغير حق أو ظلسسم‬
‫أو شهادة زور‪.‬‬
‫واللواط وقذف المحصنات والسسسحر والزنسسا والربسسا‬
‫والتولي يوم الزحف والرياء والعقوق وقطيعة الرحسسم‬
‫وأكل مال اليتيم والسرقة والغصب والنميمة والغيبسسة‬
‫جب والخمر والدخان‪.‬‬ ‫والكبر والحسد والعُ ْ‬
‫واللهسسو واسسستعمال آلتسسه والجتمسساع مسسع الكفسسار‬
‫والتاركين للصلة ومسسواكلتهم واسسستخدامهم مزارعيسسن‬
‫أو سسسائقين أو خسسدامين خيسساطين أو فراشسسين أو نحسسو‬
‫ذلك‪.‬‬
‫نسأل الله الحي القيوم الذي ل تأخذه سنة ول نوم‬
‫أن يعصمنا وإخواننا المسسسلمين منهسسم وأن يتوفانسسا مسسا‬
‫ف مَعهم‪.‬‬ ‫أضل َّنا سْق ٌ‬
‫ومما يدخل في الدنيا المذمومة‪ ،‬ما قاد َ العبد َ إلسسى‬
‫المعاصي وشوقه إليها وألهاه عسسن ذكسسر اللسسه وأغفلسسه‬
‫عن الخرة‪.‬‬
‫وذلسسك كسساللعب بسسالكورة‪ ،‬والجلسسوس عنسسد التلفسساز‪،‬‬
‫والفيسسديو‪ ،‬والمسسذياع‪ ،‬وضسسياع السسوقت فسسي المجلت‪،‬‬

‫‪29‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫والجسسرائد‪ ،‬واللعسسب فسسي السسورق‪ ،‬والشسستغال بحظسسوظ‬
‫الدنيا‪ ،‬والعراض عن الله‪.‬‬
‫والتكاسسسل عسسن طسساعته والتفسساخر والتكسساثر فسسي‬
‫الموال والولد‪ ،‬وإيثار ملذات السسدنيا وشسسهواتها علسسى‬
‫الخرة‪.‬‬
‫جاء عن علسسي بسسن أبسسي طسسالب ‪ ‬أنسسه سسسمع رجل ً‬
‫دقها‪،‬‬ ‫صس َ‬
‫ن َ‬‫مس ْ‬‫ق لِ َ‬ ‫صسد ْ ِ‬
‫يسب الدنيا‪ ،‬فقال له‪ :‬إنها لسسدار ِ‬
‫ن تزود بها‪.‬‬ ‫وداُر عافية لمن فهم عنها‪ ،‬وداُر غنى ل َ ِ‬
‫م ْ‬
‫مصّلى ملئكتسسه‬ ‫ط وحيه‪ ،‬و ُ‬ ‫مسجد ُ أحباب الله‪ ،‬ومهب ُ‬
‫ه‪.‬‬
‫ومتجُر أوليائ ِ ِ‬
‫اكتسُبوا فيها الرحمة‪ ،‬وربحوا فيها الجنسسة‪ ،‬فمسسن ذا‬
‫م الدنيا وقد آذنسست بفراقهسسا‪ ،‬ونسسادت بعيبهسسا‪ ،‬ونعسست‬ ‫يذ ُ ُ‬
‫سسسرورها إلسسى‬ ‫تب ُ‬ ‫ت ببلئها وشسوّقَ ْ‬ ‫نفسها وأهلها‪ ،‬فمث ّل َ ْ‬
‫أهل السرور‪.‬‬
‫حَها آخسسرون‪ ،‬حسسدث ُْتهم‬ ‫م عند الندامسسة ومسد َ َ‬ ‫مَها قو ٌ‬ ‫فذ ّ‬
‫فصدقوا وذكرتهم فذكروا‪.‬‬
‫فيسسا أيهسسا المغسستر بالسسدنيا المغسستر بغرورهسسا‪ ،‬مسستى‬
‫استلمت إليك الدنيا‪ ،‬بل متى غرتسسك أبمضسساجِع آبسسائك‬
‫ك من البلى‪.‬‬ ‫مهات ِ َ‬ ‫ُ‬
‫م بمصارع أ ّ‬ ‫تحت الثرى‪ ،‬أ ْ‬
‫م‬
‫ت الظسسسسال ُ‬ ‫ك فسسسسأن َ‬ ‫ب إليسسسس َ‬ ‫ت على الدنيا ول ذ َن ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن َِق ْ‬
‫ذب‬ ‫ت المت ُك َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ّ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل ََف ْ‬ ‫أ ْ‬
‫واهَسسا‬ ‫ب فسسي هَ َ‬ ‫صس ٌ‬ ‫ن هُوَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل عََليهسسا ب ِ َ‬ ‫هسس ْ‬ ‫وهَب َْهسسا فََتسساةً َ‬
‫ب‬‫مَعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ ّ ُ‬ ‫ة ُ‬ ‫جَناَيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٌ‬ ‫ِ‬

‫ت بيدك تطلب لسسه الشسسفاء‬ ‫ض َ‬‫مّر ْ‬


‫ت بكفيك و َ‬ ‫كم قَل ّب ْ َ‬
‫ف‬
‫س سع َ ْ‬ ‫جت ِس َ‬
‫ك ولسسم ت ُ ْ‬ ‫وتسأل له الطبسساء فلسسم تظُفسسر بحا َ‬
‫دا ول‬ ‫كغ ً‬ ‫صرعَ َ‬
‫م ْ‬‫عه َ‬ ‫صَر ِ‬
‫م ْ‬‫ت لك الدنيا ب َ‬ ‫مثل َ ْ‬ ‫ك قد َ‬ ‫بطل ْب َت ِ َ‬
‫حَباُبك‪.‬‬
‫كأ ْ‬ ‫ك ول ينفعُ َ‬
‫ك ُبكاؤ َ‬ ‫عن َ‬ ‫ي ُْغني َ‬
‫ن رجب س رحمه الله س على كل علي بن أبسسي‬ ‫قال اب ُ‬
‫ن أميسسر المسسؤمنين ‪ ‬أن السسدنيا ل ت ُسسذم‬ ‫طالب ‪ :‬فَب َي ّ َ‬

‫‪30‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مطلًقا وأنها تحمد ُ بالنسبة إلى من تزود منها العمال‬
‫ط الوحي‪.‬‬ ‫الصالحة‪ ،‬وأن فيها مساجد ُ النبياء ومهب َ ُ‬
‫ة‬
‫وهي داُر التجارة للمؤمنين اكتس سُبوا فيهسسا الرحم س َ‬
‫ن كسسانت هسسذه‬ ‫مس ْ‬‫ة فهسسي نعسسم السسداُر ل ِ َ‬ ‫حوا بهسسا الجنس َ‬‫ورب ُ‬
‫صفُته‪.‬‬
‫وأمسسا مسسا ذكسسر مسسن أنهسسا ت َغُسسر وتخسسدعُ فإنهسسا ُتنسسادي‬
‫بمواعظها وتنصح بعبرها تبسسدي عيوبهسسا بمسسا ت ُسسرى مسسن‬
‫أهلها من مصارع الهلكى‪.‬‬
‫وتقلسسب الحسسوال مسسن الصسسحة إلسسى السسسقم‪ ،‬ومسسن‬
‫الشبيبة إلى الهرم‪ ،‬ومن الغنى إلى الفقر‪ ،‬ومن العسسز‬
‫محبها قد أعماه وأصمه حبها‪.‬‬ ‫إلى الذل؛ ولكن ُ‬
‫ل‬‫جُهسسوْ ُ‬ ‫مو َ‬‫عال ِ ٌ‬‫ب إليها َ‬ ‫جا َ‬ ‫م إنها الدنيا إلسسى الغَ سد ِْر أ َ‬ ‫ن َعَ ْ‬
‫ن‬
‫من ِي ْ َ‬
‫مْيسسسَر المسسسؤ ِ‬ ‫خّلسسسى أ ِ‬ ‫عسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوَةٌ و َ‬ ‫دَ ْ‬
‫ل‬ ‫ر عَِقْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ن الُزب َي ْس ِ‬
‫مسُرو بس ُ‬‫فََفسساَرقَ عَ ْ‬
‫ه‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسِقي َْق ُ‬ ‫َ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصلى الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫روي أن عبدالعزيز بن مروان س رحمه اللسسه س س قسسال‬
‫لما حضرته الوفسساة‪ :‬إئتسسوني بكفنسسي السسذي أكفسسن فيسسه‬
‫أنظر إليه فلما وضع بين يديه نظر إليه‪ ،‬فقسسال‪ :‬مسسالي‬
‫ف من الدنيا إل هسسذا‪ ،‬ثسسم ولسسى ظهسسره‬‫من كبير ما أخل ُ‬
‫فبكى وهو يقسسول‪ :‬أف لسسك مسسن دار وإن كسسان كسسثيرك‬
‫لقليسسل وإن كسسان طويلسسك لقصسسير وإن كن َسسا منسسك لفسسي‬
‫غرور‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫غيسسسسَر‬ ‫مسسسسًرا َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫فل ت َظ ُن َسسسس ّ‬ ‫علينسسا غيسسُر‬
‫ْ‬
‫ب َ‬ ‫مكسسُر السسذنو ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مظ ُْنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسو ِ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫مو ِ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسأ ُ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫مكسسسس ِ‬ ‫ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫ذات المَنسسسسى ُ‬ ‫َ‬ ‫مكسسر‬ ‫ْ‬ ‫ف علينسسا َ‬ ‫خسسو ُ‬ ‫ل الم َ‬ ‫ب َس ْ‬
‫ن‬‫جسسسسسسسسو ِ‬ ‫ض وال ُ‬ ‫السسسسسسسسبي ْ ِ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسنا‬ ‫أن ُْف ِ‬
‫س سُتوٍر‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫كرهَسسا ك ُس ّ‬ ‫م ْ‬‫مسسن َ‬ ‫ِ‬ ‫م َقسسسد ْ‬ ‫ي واليسسسا َ‬ ‫ن الليسسسال َ‬ ‫إ ّ‬
‫ن‬ ‫مك ُْنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسو ٍ‬ ‫و َ‬ ‫ت‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَف ْ‬ ‫كَ َ‬
‫ر‬
‫غيسسسس ِ‬ ‫ح َ‬ ‫صسسسسي ْ ٍ‬ ‫نواطًقسسسسا ب ََف ِ‬ ‫سسسَها‬ ‫مسسن َفرائ ِ ِ‬ ‫حد ّْثتَنا بأنا ِ‬ ‫و َ‬
‫ن‬ ‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسو ِ‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫مضسس َ‬ ‫مسسن َ‬ ‫ت َ‬ ‫شسسهَد َ ْ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وا ْ‬
‫مَنسسا‬ ‫ل ل ََقسسى ِ‬ ‫عسسن ذاك كسس ُ‬ ‫َ‬ ‫مّنسسسسسسسسسسسا فأْنبأَنسسسسسسسسسسسا‬ ‫ِ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُْفون‬ ‫ُ‬
‫و َ‬ ‫م‬ ‫مسسسسسا َرا َ‬ ‫سسسسسسوِْء إذا َ‬ ‫م ُ‬ ‫وأ ُ‬
‫صسسد ّ‬ ‫صسسد َ عنهسسا َ‬ ‫خلَفهسسا َ‬ ‫أ ْ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬ ‫مْرت َ ِ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫مْزُبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسو ِ‬ ‫َ‬ ‫صسسفي َْها‬ ‫ن فسسي ذاك ن ُ ْ‬ ‫ونحسس ُ‬
‫سسسفي ْهِ السسسَرأي‬ ‫كسسل َ‬ ‫ت ًَبسسا ل ُ‬ ‫موَد ّت ََنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مغُْبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسو ِ‬ ‫َ‬ ‫جهْل ً قَسد ْ‬ ‫كو إلسسى اللسسه َ‬ ‫َنشس ُ‬
‫م‬ ‫جهْل ولكسسن علس َ‬‫ْ‬ ‫ً‬ ‫س َ‬ ‫ل لي ْ َ‬ ‫بَ ْ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسّرر بن َسسسسسسسسسسسسا‬ ‫أ َ‬
‫ن‬ ‫مْفُتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسو ِ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ل ذي عَْق ً‬ ‫وى الَهوىَ ك ّ‬ ‫أغ َ َ‬
‫ل‬ ‫حا لسسسه أفَْعسسسا ُ‬ ‫حي ْ ً‬‫صسسس ِ‬ ‫إل َ‬ ‫ت تسسسسسسسسسسَرى‬ ‫سسسسسسسسسسس َ‬ ‫فَل َ ْ‬
‫ن‬ ‫جن ُسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫دنًيسسا‬ ‫شسسَتري ُ‬ ‫مَتسسى ن َ ْ‬ ‫حّتسسى َ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫ة ونسسسبيعُ الَفسسسوْ َ‬ ‫سسسسَفاهَ ً‬ ‫َ‬ ‫خَرة‬ ‫بسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسآ َ‬
‫ن‬ ‫بالسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ّوْ ِ‬ ‫عسسداءُ‬ ‫ل وال ْ‬ ‫ن َْبنسسي المَعاِقسس َ‬
‫خِليسسسد َ‬ ‫وقسسسد أب َسسسى قَب ْل َن َسسسا ت َ ْ‬ ‫خلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدَِنا‬ ‫يُ َ‬
‫ن‬ ‫قسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساُرو ِ‬ ‫مسسساَر‬ ‫سسسستنفقُ العْ َ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫ن َظ َسسس ُ‬
‫خوا‬ ‫سس ُ‬ ‫س ول ن َ ْ‬ ‫عنها الن ُُفسسو ُ‬ ‫ة‬‫طي َّبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬
‫ن‬ ‫بمسسسسسسسسسسسسا عُسسسسسسسسسسسسو ِ‬ ‫ه‬
‫ي َبعسد َ ميتس ِ‬ ‫حس ٌ‬ ‫خَر َ‬ ‫ومسسا تسسأ ّ‬
‫ن‬ ‫خَر ن َْق سد ٌ َبع سد َ عُُرب ُسسو ِ‬ ‫إل تأ ّ‬

‫ل فسي‬‫وكان المعتمسد بسن عبساد ملسك إشسبيلية يرُفس ُ‬


‫حلل الملك ويتقلب في أنواع النعيم والشسسرف‪،‬‬ ‫زاهي ُ‬
‫ه وقبسسض عليسسه وأسسسره‬ ‫ملك َس ُ‬
‫وبعسسد أن سسسلُبه تاشسسفين ُ‬
‫وسجنه في أغمات‪ ،‬دخلت عليه في السجن بناُته بعد‬
‫ن بعسسد مسسا انسستزع الملسسك مسسن‬ ‫مدة وكان يوم عيسسد وك ُس ّ‬
‫ُ‬
‫‪32‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫أبيهسسن يغزلسسن للنسساس بسسالجرة فسسي أغمسسات حسستى إن‬
‫ت لهل بيت صاحب الشرطة السذي كسان‬ ‫إحداهن غزل ْ‬
‫ن‬
‫في خدمة أيبها فيما مضى وهو فسسي سسسلطانه فراهُس ّ‬
‫في أطمارٍ رثةٍ وحالةٍ سيئةٍ يرثى له فصسسد عسسن قلبسسه‪،‬‬
‫فأنشد هذه البيات‪:‬‬
‫ت‬‫غمسسا ٍ‬ ‫ساءَ َ‬
‫ك العِي ْد ُ في أ ْ‬ ‫ضسسى فسسي العي َسسادِ فَ َ‬ ‫م َ‬ ‫فيمسسا َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوَرا‬ ‫ْ‬
‫مأ ُ‬‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُروًْرا َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫مل ِك ْس َ‬
‫ن‬ ‫ن ِللنسساس مسسا ي َ ْ‬ ‫ْ‬
‫ك فسسي الطمسسار ي َْغزل َ‬ ‫ت َسَرى ب ََنات ِس َ‬
‫مْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرا‬ ‫ة قِط ْ ِ‬ ‫جائعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬ ‫َ‬

‫ولما رجع السلطان محمد بن محمود بن ملكشسساه‬


‫ض السسسل‬ ‫من محاصرة بغداد إلى همسسذان أصسسابه مسسر ُ‬
‫فلم ينج منه‪.‬‬
‫وقبل وفاته بأيسسام أمسسر أن ُيعسسرض عليسسه جميسسع مسسا‬
‫يملكه ويقدر عليه وهو جالس في المنظرة‪.‬‬
‫فركسسب الجيسسش بكمسساله وأحضسسرت المسسوال كلهسسا‬
‫ه حتى جواريه وحظاياه‪.‬‬ ‫ومماليك ُ‬
‫ل يبكي ويقول‪ :‬هذه العساكر ل يدفعون عنسسي‬ ‫جع َ َ‬ ‫ف َ‬
‫مثقسسال ذرة مسسن أمسسر ربسسي ول يزيسسدون فسسي عمسسري‬
‫ة‪.‬‬
‫لحظ ً‬
‫ثم ندم وتأسسسف علسسى مسسا كسسان منسسه إلسسى الخليفسسة‬
‫المقتفي وأهل بغداد وحصارهم وأذيتهم‪.‬‬
‫ثسسم قسسال‪ :‬وهسسذه الخسسزائن والمسسوال والجسسواهر لسسو‬
‫ت بذلك جميعه له‪.‬‬ ‫ك الموت مني فداًء لجد ُ‬ ‫قبلهم مل ُ‬
‫وهسسذه الحظايسسا والجسسواري الحسسسان والممالسسك لسسو‬
‫ت بذلك جميعه له‪.‬‬ ‫ك الموت مني فداًء لجد ُ‬ ‫قبلهم مل ُ‬
‫عن ّللي‬
‫ك َ‬‫هل َل َ‬
‫ه* َ‬‫مللال ِي َ ْ‬
‫عن ّللي َ‬ ‫ما أ َ ْ‬
‫غن َللى َ‬ ‫ثم قال‪َ  :‬‬
‫ه ‪‬ثسسم َفسسّرق شسسيًئا مسسن ذلسسك الحواصسسل‬ ‫طان ِي َ ْ‬ ‫سللل ْ َ‬
‫ُ‬
‫والموال ثم توفي‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ساُء‬ ‫ف الدهرِ ن َ ّ‬ ‫صُروْ ِ‬ ‫ح وك ُُلنا ل ِ ُ‬ ‫ص سَبا ٌ‬ ‫سإ ْ‬ ‫يأتي علسسى النسسا ِ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساٌء‬ ‫م َ‬ ‫وإ ْ‬
‫س‬‫ة أو ن َسسا ٌ‬ ‫س َ‬
‫سي ْ َ‬
‫ضى الخ ِ‬ ‫ف َير َ‬ ‫داَر د ُن َْياَنا فأ ّ‬ ‫ت يا َ‬ ‫س ِ‬ ‫س ْ‬ ‫خ ِ‬ ‫َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساءُ‬ ‫خ َ‬ ‫ن أ ِ‬ ‫لمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫س‬‫ن النسسا ُ‬ ‫ت فيمسسا يظ س ُ‬ ‫ف وأن ْس ِ‬ ‫صسسسَنا ِ‬ ‫ت بأ ْ‬ ‫ل ََقسسسد ن َط ِْقسسس َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساءُ‬ ‫خْر َ‬ ‫ت لنسسسسسسسسسسا َ‬ ‫ضسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫العِ َ‬
‫ن فهسسي‬ ‫ت بَعيسس ٍ‬ ‫ن َنظسسر ِ‬ ‫ت وإ ْ‬ ‫مسسسا ك ُن ْسسس ِ‬
‫ت ي َوْ ً‬‫إذا ت َعَط ّْفسسس ِ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساءُ‬ ‫شو ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ة‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي َ ً‬ ‫َقا ِ‬
‫م عزةٌ في الملك‬ ‫ت له ُ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ك وأب َْناُء الملوك َ‬ ‫ن المُلو ُ‬ ‫أي ْ َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساء‬ ‫ن قَعْ َ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫و َ‬
‫مسسساءُ‬ ‫م فسسسإذا الن ّعْ َ‬ ‫مِهسسس ْ‬ ‫ت ب َِرغْ ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫مسسن الل ّس َ‬‫سسسيًرا ِ‬ ‫نسسالوا ي َ ْ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساءُ‬ ‫حُلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوا بأ َ‬ ‫واْرت َ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصلى على محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬


‫فصل‬
‫قيل‪ :‬إن حاتم الصم قال لولده‪ :‬إني أريسسد الحسسج‪،‬‬
‫فبكسسوا‪ ،‬وقسسالوا‪ :‬إلسسى مسسن تك ِل ْن َسسا‪ ،‬فقسسالت ابنتسسه‪ :‬لهسسم‬
‫اسكتوا‪ ،‬دعوه فليس هسسو بسسرّزاق‪ ،‬هسسو السسرزاق فبسساتوا‬
‫عا وجعلوا يوبخون البنت‪ ،‬فقالت‪ :‬اللهم ل ُتخجلني‬ ‫جيا ً‬
‫ل حساتم‬ ‫بينهم‪ ،‬فمّر أميُر البلد وطلسب مساءً فنساوله أهس ُ‬
‫دا فيسسه مسساء بسسارد فشسسرب‪ ،‬وقسسال‪ :‬داُر مسسن‬ ‫ك ُسسوًزا جديس ً‬
‫ة مسسن‬ ‫مى فيها منطق ً‬ ‫صم فر َ‬ ‫هذه؟ فقالوا‪ :‬داُر حاتم ال َ‬
‫ذهب‪ ،‬وقال لصحابه‪ :‬من أحبني فعسسل مثلسسي‪ ،‬فرمسسى‬
‫من حوله ك ُُلهم مثله فجعلت بنت حاتم تبكي‪ ،‬فقسسالت‬
‫سسعَ اللسسه علينسسا‪ ،‬فقسسالت‪:‬‬ ‫لها أمهسسا‪ :‬مسسا ُيبكيسسك وقسسد و ّ‬
‫مخُلوقٌ نظر إلينسسا فاسسستغنينا‪ ،‬أي فمسسا ظنسسك بالخسسالق‬
‫جل وعل الذي سخر لنا هذا المخلوق فعطفه علينا‪.‬‬
‫قيل لبعض العلماء‪ :‬كيف تركسست الصسسبيان؟ فقسسال‪:‬‬
‫م ذُّري ّل ً‬
‫ة‬ ‫هل ْ‬ ‫خل ْ ِ‬
‫ف ِ‬ ‫ن َ‬
‫مل ْ‬ ‫ن ل َل ْ‬
‫و ت ََرك ُللوا ِ‬ ‫ش ال ّل ِ‬
‫ذي َ‬ ‫خل َ‬‫ول ْي َ ْ‬
‫‪َ ‬‬
‫ول ً‬ ‫قوُلوا َ‬
‫ق ْ‬ ‫ول ْي َ ُ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫فل ْي َت ّ ُ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬ ‫فوا َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫خا ُ‬
‫فا َ‬‫عا ً‬‫ض َ‬
‫ِ‬
‫دا ‪‬تقوى الله لَنا ولُهم‪.‬‬ ‫دي ً‬‫س ِ‬ ‫َ‬
‫‪34‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قيل‪ :‬إنه كان عبدالله بن المبارك يتجر في البحسسر‪،‬‬
‫ويقسسول‪ :‬لسسول خمسسسة مسسا اتجسسرت‪ :‬سسسفيان الثسسوري‪،‬‬
‫وسفيان بن عيينة‪ ،‬والفضيل بسسن عيسساض‪ ،‬ومحمسسد بسسن‬
‫السماك‪ ،‬وابن علية‪.‬‬
‫وكان يخرج فيتجُر إلسسى خراسسسان فكلمسسا ربسسح مسسن‬
‫ل به‬ ‫شيء أخذ القوت للعيال ونفقة الحج والباقي يص ُ‬
‫ه الخمسة‪.‬‬ ‫إخوان ُ‬
‫ي ابسسن عليسسة القضسساء‪،‬‬ ‫فقدم سنة‪ ،‬فقيل له‪ :‬قد ول س ّ‬
‫صرة الستي كسان يصسُله بهسا فسي‬ ‫فلم يأته ولم يصله بال ّ‬
‫كل سنة‪.‬‬
‫فبلغ ابسسن عليسسة أن ابسسن المبسسارك قسسد قسسدم فركسسب‬
‫وتنكس على رأسه‪ ،‬فلم يرفع به عبدالله بن المبسسارك‬
‫سا ولم يكلمه فانصرف‪.‬‬ ‫رأ ً‬
‫ة‪» :‬بسسسم اللسسه‬ ‫فلما كان من الغسسد كتسسب إليسسه رقع س ً‬
‫الرحمن الرحيم‪ ،‬أسعدك الله بطاعته وتولك بحفظسسه‬
‫كنت منتظًرا لبرك وصلتك أتبرك‬ ‫وحاطك بحياطته قد ُ‬
‫دا علي فأي‬ ‫بها‪ ،‬وجئتك أمس فلم ُتكلمني ورأيُتك واج ً‬
‫شيء رأيت مني حتى اعتذر إليك منه«‪.‬‬
‫فلما وردت الرقعة على ابن المبسسارك دعسسا بالسسدواة‬
‫والقرطسساس ثسسم كتسسب إليسسه‪» :‬بسسسم اللسسه الرحمسسن‬
‫الرحيم«‪ ،‬وكتب إليه أبياًتا من الشعر‪:‬‬
‫ن وابسسسن‬ ‫ن رَِواَيات ُ َ‬ ‫َ‬
‫عسسسوْ ٍ‬‫ها عسسسن ابسسسن َ‬ ‫سْردِ َ‬‫ك في َ‬ ‫»أي ْ َ‬
‫س سْردها سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسْيرين‬ ‫ك فسسي َ‬‫ن رَِواَيات ُ ُ‬ ‫أي ْ َ‬
‫طين«‬ ‫سسسل ِ‬
‫ك أبسسواب ال ّ‬ ‫ل ِت َْر ِ‬

‫ن علية على البيات قام مسسن مجلسسس‬ ‫فلما وقف اب ُ‬


‫القضاء فوطئ بساط هارون الرشيد‪ ،‬فقال‪ :‬يسسا أميسسر‬
‫المؤمنين‪ ،‬الله الله ارحم شيبتي فسسإني ل أصسسبُر علسسى‬
‫القضاء‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فأعفسساهُ مسسن القضسساء‪ ،‬فلمسسا اتصسسل بعبسسدالله بسسن‬
‫حُفسسه بهسسا مسسع‬ ‫المبارك وجه إليه بالصرة التي كسسانت ي ُت ْ ِ‬
‫ُزملئه‪ .‬اهس‪.‬‬
‫عن الشعبي‪ ،‬قال‪ :‬جسساء رجلن إلسسى شسسريح‪ ،‬فقسسال‬
‫ت فيهسا عشسرة‬ ‫ت من هسذا داًرا فوجسد ُ‬ ‫أحدهما‪ :‬اشتري ُ‬
‫ت‬‫آلف درهم‪ ،‬فقسسال‪ :‬خسسذها‪ ،‬فقسسال لسسه‪ :‬إنمسسا اشسستري ُ‬
‫الداَر‪.‬‬
‫فقال للبائع‪ :‬فخذها أنت‪ ،‬فقال له‪ :‬ولسسم وقسسد بعتسسه‬
‫الدار بما فيها فأدار المر بينهما‪.‬‬
‫دا‬‫دا فأخبره‪ ،‬فقسسال‪ :‬مسسا كنسست أرى أن أح س ً‬ ‫فأتى زيا ً‬
‫هكذا بقي‪ ،‬وقال لشريح‪ :‬أدخل بيت المال فسسألق فسسي‬
‫كل جراب قبضة حتى تكون للمسلمين‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬كان مورث العجلي يتجر فيصيب المسسال فل‬
‫يسسأتي جمعسسة وعنسسده منسسه شسسيء يلقسسى الخ فيعطيسسه‬
‫أربعمسسائة أو خمسسسمائة أو ثلثمسسائة‪ ،‬فيقسسول‪ :‬ضسسعها‬
‫عندك حتى نحتاج إليها‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم يلقاه بعد ذلك‪ ،‬فيقسسول الخ‪ :‬ل حاجسسة لسسي‬
‫دا فشسسأنك‬ ‫فيها‪ ،‬فيقول‪ :‬والله إنا مسسا نحسسن بآخسسذيها أبس ً‬
‫بها‪ ،‬وعلى هذه الطريقة كان كثير مسسن السسسلف علسسى‬
‫حد قول الشاعر‪:‬‬
‫مسسسّر عَل َي ْهَسسسا وَهْسسس َ‬
‫و‬ ‫ب ل َك ِسسس ْ‬
‫ن يَ ُ‬ ‫ضُروْ ُ‬‫م ْ‬‫م ال َ‬
‫دره ُ‬ ‫ف ال ِ‬
‫ل َيأل ُ‬
‫من ْط َل ِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسقُ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّرت ََنا ُ‬
‫ُ‬

‫روي أن صسسحابًيا رأى طفل ً فسسي المسسسجد ُيصسسلي‬


‫ن مسسن أنسست؟‬‫ن‪ ،‬فقال له بعد صسسلته‪ :‬أبس ُ‬
‫بخشوٍع وإتقا ٍ‬
‫ضسسى أن‬‫فقال‪ :‬إني يتيم‪ ،‬فقدت أبي وأمي‪ ،‬فقال‪ :‬أتر َ‬
‫دا‪ ،‬فقال‪ :‬هل تطعمنسسي إذا جعسست؟ قسسال‪:‬‬ ‫ن لي ول ً‬‫تكو َ‬
‫ت؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قسسال‪:‬‬ ‫نعم‪ .‬قال‪ :‬وهل تكسوني إذا عري ُ‬
‫ي‪ ،‬وقسسال‪ :‬هسسذا‬
‫وهل ُتحييني إذا مت؟ فدهش الصسسحاب ُ‬
‫ليس إليه سبيل‪ ،‬فأشسساح الصسسبي بسسوجهه‪ ،‬وقسسال‪ :‬إذن‬

‫‪36‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫اتركني للذي خلقني ثم رزقني ثم يميتني ثم يحيينسسي‪،‬‬
‫فقال الصحابي‪ :‬لعمري من توكل على الله كفاه‪.‬‬
‫شكى أحدهم إلى عالم كثرة العيال وقلسسة السسرزق‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ارجع إلى بيتسسك‪ ،‬فمسسن ليسسس رزقسسه علسسى اللسسه‬
‫فاطرده عنك‪.‬‬
‫هدد الحجاج محمد بن علي ‪ ‬بكتاب‪ ،‬فكتب إليه‪:‬‬
‫»إن لله ثلثمائة وستين نظرة إلى خلقه وأنا أرجو أن‬
‫ي نظرة يمُنعني بها منك«‪.‬‬ ‫ينظر الله إل ّ‬
‫ن غيسسر‬ ‫من اّتكل على حسن اختيار الله له لسسم يتم س ّ‬
‫ما اختار الله عز وجل له‪.‬‬
‫التوكل اعتماد القلب على الله فسسي جلسسب المنسسافع‬
‫ودفع المضار مع الثقة بالله وفعل السباب‪.‬‬
‫ضسسساهُ‬ ‫مسسسا قَ َ‬ ‫م ّ‬
‫ب ِ‬ ‫مْهسسسَر ٌ‬ ‫ح فل َ‬ ‫ّ‬ ‫ن بالذي قَد ْ ُ ّ‬ ‫وك ُ ْ‬
‫خط باللوْ ِ‬
‫ه‬
‫طسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫خ ّ‬ ‫َراضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسًيا و َ‬
‫ت‬‫ن ت َعَسسسد ّي ْ َ‬
‫دى إ ْ‬‫ط وقسسسد ي َت َعَسسس ّ‬ ‫م سعَ السسرزق اشسسترا ُ‬ ‫وإن َ‬
‫ه‬‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسْرط َ ُ‬ ‫َ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ‬ ‫ما ِ‬ ‫الت ِ َ‬
‫حسسى إلسسى الط ّي ْس ِ‬
‫ر‬ ‫ه أوْ َ‬ ‫شسساَء أل َْقسسى فسسي فَسم ِ وَلكن ّس ُ‬ ‫ول َسوْ َ‬
‫ه‬ ‫طسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ه ل َْق َ‬ ‫الط ّْيسسسسسسسسسسرِ ُقسسسسسسسسسسوْت َ ُ‬

‫قسسال النسسبي ‪ ‬لعبسسدالله بسسن عبسساس سس رضسسي اللسسه‬


‫عنهما س‪» :‬إني أعلمك كلمسات‪ :‬احفسسظ اللسه يحفظسك‪،‬‬
‫احفظ الله تجده تجاهك‪ ،‬إذا سألت فاسأل اللسسه‪ ،‬وإذا‬
‫استعنت فاستعن بالله‪ ،‬واعلم أن المسسة لسسو اجتمعسست‬
‫على أن ينفعسسوك بشسسيء‪ ،‬لسسم ينفعسسوك إل بشسسيء قسسد‬
‫كتبه الله لك‪ ،‬ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم‬
‫م‪،‬‬
‫ت القل ُ‬ ‫يضروك إل بشيء قد كتبه الله عليك‪ُ ،‬رفَعسس ِ‬
‫حف«‪.‬‬
‫ص ُ‬
‫ت ال ُ‬‫جّف ِ‬
‫و َ‬
‫قال بعضهم يوصي إخوانه‪:‬‬
‫إن الجنسسسة ل تنسسسال إل بالعمسسسل‪ ،‬اخلطسسسوا الرغبسسسة‬
‫بالرهبسسة‪ ،‬ودمسسوا علسسى صسسالح العمسسال‪ ،‬والقسسوا اللسسه‬
‫ج‪.‬‬‫بقلوب سليمة وأعمال صادقة من خاف أدل ْ‬
‫‪37‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ة‬‫سسسس ُ‬‫س َفري ْ َ‬ ‫وِبهسسسا النُفسسسو ُ‬ ‫دارِ‬ ‫مقي سم ِ ب س َ‬ ‫داُر د ُْنيسسا ل ِل ْ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫الْقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدارِ‬ ‫ف وَنهارهِ‬ ‫ل عاك ٍ‬ ‫ن لي ٍ‬ ‫ما ب َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ماِر‬ ‫َ‬ ‫طسسو ُ‬ ‫ُ‬
‫ن للعْ َ‬ ‫مْرَتشَفا ِ‬
‫ن ُ‬‫سا ِ‬
‫ن ََف َ‬ ‫ضسسى‬ ‫م َ‬ ‫ل الحيسساة إذا َ‬
‫ها‬‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسْير َ‬ ‫ك ََق ِ‬
‫سار‬ ‫كالعْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سا ِ‬‫سُر ِللن ْ َ‬ ‫والي ُ ْ‬ ‫ة‬
‫ب بسسالمراَر ِ‬ ‫ش َيعقس ُ‬ ‫والَعيس ُ‬
‫ف‬ ‫خل ّسسسس ُ‬ ‫م َ‬‫صسسسسْفوُ ِفيسسسسه ُ‬ ‫وال ّ‬ ‫حْلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوَهُ‬ ‫ُ‬
‫دارِ‬‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ال ْ‬ ‫ت‬ ‫ي ب ُن ِّيسسسا ُ‬ ‫وكأنمسسسا ت َْقضسسس ْ‬
‫لَفَنائَنا وَط ًَرا من الوْط َسسارِ‬ ‫دى‬ ‫السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّر َ‬
‫ر‬
‫جسسسس ِ‬ ‫ن الَف ْ‬ ‫كسسسسالّنوم ِ ب َْيسسسس َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫طي س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ال ُ‬ ‫كالط ّي ْ ِ‬ ‫مْرُء َ‬ ‫وال َ‬
‫حارِ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫وال ْ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُرهُ‬ ‫وع ْ‬
‫ب إلسسسى‬ ‫حسسسْر ٍ‬ ‫مسسسن َ‬ ‫ون َل َسسسوْذ ُ ِ‬ ‫ب‬ ‫طسسو ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫ت ال ُ‬ ‫ضاَءل َ َ‬ ‫ب تَ َ‬ ‫خط ْ ٌ‬ ‫َ‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَعاِر‬ ‫ست ِ ْ‬ ‫ا ْ‬ ‫ل َِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوْل ِهِ‬
‫ك‬ ‫ي الفات ِسسس َ‬ ‫سسسسعْ َ‬‫ن َ‬ ‫سسسسَعو َ‬ ‫يَ ْ‬ ‫دا‬ ‫مشسسسي ْ ً‬ ‫ن ب ََنسسسوا َ‬ ‫ن السسسذي َ‬ ‫إ ّ‬
‫جّبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسارِ‬ ‫ال َ‬ ‫وانثنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوا‬
‫جارِ‬ ‫ح َ‬‫سائ ِد َ ال ْ‬‫ن وَ َ‬ ‫سدي ْ َ‬ ‫مت َوَ ّ‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫ضسساَرةَ والن ّعِْيسس َ‬ ‫سسسلُبوا الن ّ َ‬ ‫ُ‬
‫مد ًَرا بَغيسرِ دث َسسارِ‬ ‫دوا َ‬ ‫س ُ‬ ‫وتو ّ‬ ‫حوا‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسب َ ُ‬ ‫فا ْ‬
‫ساَوى بذي القَْتاِر‬ ‫م ً‬ ‫وغَّنيه ُ‬ ‫م علسسسسى‬ ‫كسسسسوا ِديسسسساَرهُ ُ‬ ‫َتر ُ‬
‫داِئهم‬ ‫أعْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬
‫جسسسد ّ‬‫م ِ‬
‫ح ال ُ‬ ‫م َقسسسوّيه ُ‬ ‫خَلسسس َ‬
‫صسسسب ْ ٍ‬
‫مسسسن ُ‬ ‫لب ُسسسد ّ ِ‬ ‫م‬ ‫مسسسا ُ‬ ‫ح َ‬‫ط ال ِ‬ ‫َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساِري‬ ‫ال ّ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسْعيِفهم‬ ‫ب َ‬
‫مارِ‬
‫من العْ َ‬ ‫ما ِ‬‫ما ن َظ َ َ‬
‫باك َّر َ‬ ‫ى‬‫علسسس َ‬ ‫جُلنسسسا َ‬ ‫ف ي ُعْ ِ‬ ‫خسسسوْ ُ‬ ‫وال َ‬
‫هم‬ ‫آثسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسارِ ِ‬
‫ب المل َوَْين ِفيَنا ناث ٌِر‬ ‫وت ََعاقُ ُ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصلى الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫ل تستعين في حاجة بمن يبتغي مثلها فينسى الذي‬
‫م‪.‬‬
‫كلفته أو يتناساه‪ ،‬ويبدؤ بحاجته قبلها؛ لنها عنده أه ُ‬
‫ن ول الكآبسسسة‪ :‬الحقسسسود‪،‬‬
‫تسسسسعة ل ُيفسسسارقهم الحسسسز ُ‬
‫ي يخشسسى الفقسسر‪،‬‬ ‫والحسود‪ ،‬وجديسسد عهسدٍ بغنسساه‪ ،‬وغنس ٌ‬
‫‪38‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ه‪،‬‬ ‫ب رتبسسة يقصسسر عنهسسا قسسدر ُ‬ ‫وفقيسسر مسسديون‪ ،‬وطسسال ُ‬
‫وجليس أهل العلم وليسسس منهسسم‪ ،‬والمسسسجون‪ ،‬ومسسن‬
‫يطلب بثأر‪.‬‬
‫من اهتم بالدنيا ضيع نفسه‪ ،‬ومن اهتم بنفسه زهد‬
‫دنيا ل يخلو من الحزن في حالين‪:‬‬ ‫ب ال ُ‬‫في الدنيا‪ ،‬طال ُ‬
‫ه‬
‫ن على مسسا نسسال ُ‬ ‫حز ٌ‬ ‫ه‪ ،‬و ُ‬ ‫حزن على ما فاته كيف لم ينل ُ‬
‫يخشى أن يسلبه‪ ،‬وإن أمن سلبه أيقسسن بسستركه لغيسسره‬
‫بعد موته فهو مغموم ومحزون في جميع أحواله‪.‬‬
‫ومهما كان النسان آمًنا في سربه معافى في بدنه‬
‫وله قوت يومه وليلته فحزنه وغمه وكدره بسبب أمر‬
‫الدنيا علمة على نقصان عقله وجهله وحمسساقته‪ ،‬فسسإن‬
‫سسًفا علسسى مسسا مضسسى أو‬ ‫ذلك ل يخلو إمسسا أن يكسسون تأ ُ‬
‫حزن ًسسا علسسى سسسبب حاضسسر فسسي‬ ‫مسسستقبل أو ُ‬ ‫خوًفا من ُ‬
‫الحال‪.‬‬
‫فإن كان علسسى فسسائت‪ ،‬فالعاقسسل بصسسير بسأن الجسسزع‬
‫م ما انتكث‪.‬‬ ‫والحزن على ما فات ل يلم شعًثا ول ي َُر ّ‬
‫م عليسسه جهسسل؛ ولسسذلك‬ ‫م والهس ّ‬ ‫وما ل حيلة فيه فسسالغ ّ‬
‫ْ‬
‫ما‬ ‫عَلى َ‬‫وا َ‬‫س ْ‬‫يقول الله جل وعل وتقدس‪ :‬ل ِك َْيل ت َأ َ‬
‫م ‪.‬‬ ‫فات َك ُ ْ‬
‫َ‬
‫وقال الشاعر‪:‬‬
‫ن‬
‫حَز ُ‬ ‫ت ال َ‬ ‫ك الَفائ ِ َ‬ ‫ول ي َُرد ّ علي َ‬
‫وقال الخر‪:‬‬
‫ي فأجزعُ‬ ‫جدٍ عل ّ‬ ‫م ْ‬ ‫جَزعٌ ُ‬‫وهل َ‬
‫دا‬‫وإن كان تأسف على حاضر‪ ،‬فإما أن يكون حسسس ً‬
‫ه أو يكسسون حزن ًسسا للفقسسر‬ ‫ة إلسسى مسسن يعرفس ُ‬ ‫لوصول نعم ً‬
‫وفقدان المال والجاه وأسباب الدنيا‪.‬‬
‫وسبب هذا الجهل بغوائل الدنيا وتقلباتها وسمومها‬
‫وأكدارها‪.‬‬
‫دا‬ ‫مسسا وقاع س ً‬‫ولو عرفها حق معرفتها لشكر اللسسه قائ ً‬
‫ن المثَقلين‪.‬‬ ‫مخفين د ُوْ َ‬ ‫وماشًيا على كونه من ال ُ‬

‫‪39‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قال رسول اللسسه ‪» :‬مسسن أصسسبح منكسسم آ ِ‬
‫من ًسسا فسسي‬
‫مهِ فكأنمسسا‬ ‫ت يسسو ِ‬‫مَعاَفى في جسده‪ ،‬عنسسده قسسو َ‬ ‫ه‪ُ ،‬‬‫سْرب ِ ِ‬
‫ِ‬
‫رها« رواه الترمسسذي‪ ،‬وقسسال‪:‬‬ ‫حسسذاِفي ِ‬
‫حيزت لسسه السسدنيا ب ِ َ‬ ‫ِ‬
‫حديث حسن‪.‬‬
‫م عنسسي يسسا‬ ‫ت الَهسس ّ‬
‫حسس ُ‬ ‫إذا مسسا كسسان عنسسدي قُسسوت ط ََر ْ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعِي ْد ُ‬ ‫َ‬ ‫َيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوم ٍ‬
‫دا لسسسه رزق جديسسسد‬ ‫ولم تخطر هموم غدٍ ببسسال لن غسسس ً‬

‫عن ابن عباس وعمران بن الحصين ‪ ‬عن النسسبي‬


‫ت فسسي الجنسسةِ فرأيسست أك َْثسسَر أهِلهسسا‬
‫‪ ‬قسسال‪» :‬اطلعسس ُ‬
‫الُفَقراء« الحديث متفق عليه‪.‬‬
‫وعسسن أبسسي هريسسرة ‪ ‬قسسال‪ :‬قسسال رسسسول السسه ‪:‬‬
‫»يدخل الُفَقراُء الجنة قبل الغنيسساء بخمسسسمائة عسسام«‬
‫رواه الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫قال أحمد بن عاصسسم‪ :‬أنفسسع اليقيسسن مسسا عظسسم فسسي‬
‫عينيك ما بسسه أيقنسست‪ ،‬وأنفسسع الخسسوف مسسا حجسسزك عسسن‬
‫المعاصي‪ ،‬وأطال منك الحزن على ما فات‪ ،‬وألزمسسك‬
‫عمرك وخاتمة أمرك‪.‬‬ ‫الفكر في بقية ُ‬
‫وأنفع الصدق أن تقّر لله عز وجل بعيسسوب نفسسسك‪،‬‬
‫ب وتسسأتي مسسا‬ ‫ه ما ُتح ُ‬
‫وأنفعُ الحياء أن تستحي أن تسأل ُ‬
‫يكره‪.‬‬
‫وأنفع الصبر ما قواك علسسى خلف هسسواك‪ ،‬وأفضسسل‬
‫مجاهدتك نفسك لتردها إلى قبول الحق‪.‬‬ ‫الجهاد ُ‬
‫وا‬
‫ب العسسداء منسسك مجاهسسدة أقرُبهسسم منسسك د ُن ُس ّ‬‫وأوج ُ‬
‫صسسا وأعظمهسسم لسسك عسسداوةٌ وهسسو‬ ‫هم عنسسك شخ ً‬ ‫وأخفسسا ُ‬
‫إبليس‪.‬‬
‫ت‪ :‬فمسسا تسسرى فسسي النسسس بالنسساس؟ قسسال‪ :‬إن‬ ‫ُقلسس ُ‬
‫وجدت عاقل ً مأموًنا فأنس بسسه واهسسرب مسسن سسسائرهم‬
‫كهربك من السباع‪.‬‬
‫ت‪ :‬فما أفضل ما أتقرب به إلى الله عسسز وجسسل؟‬ ‫ُقل ُ‬
‫قال‪ :‬ترك معاصيه الباطنة‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت‪ :‬فما بال الباطنة أولسسى مسسن الظسساهرة؟ قسسال‪:‬‬ ‫قل ُ‬
‫ة‪.‬‬
‫لّنك إذا اجتنبت الباطنة بطلت الظاهرةُ والباطن ُ‬
‫ت‪ :‬فما أضر الطاعات لي؟ قال‪ :‬مسا نسسيت بهسا‬ ‫قل ُ‬
‫مساوئك‪ ،‬وجعلتها ُنصب عينيك إدلل ً بها وأمًنا‪.‬‬
‫قال‪ :‬وسمعته يقسول‪ :‬اسستكثر مسن اللسه عسز وجسل‬
‫صسسا إلسسى الشسسكر‪ ،‬و اسسستقلل‬ ‫لنفسك قليل السسرزق تخل ً‬
‫ل كسسثير الطاعسسة إزراًء علسسى‬ ‫من نفسسسك للسسه ع سّز وج س ّ‬
‫ضا للعفو‪.‬‬ ‫النفس وتعر ً‬
‫واسسستجلب شسسدة السستيقظ بشسسدة الخسسوف‪ ،‬وادفسسع‬
‫عظيم الحرص بإيثار القناعة‪ ،‬واقطسسع أسسسباب الطمسسع‬
‫بصحة اليأس‪ ،‬وسد سبيل الُعجب بمعرفة النفس‪.‬‬
‫واطلب راحة البدن بإجمسسام القلسسب‪ ،‬وتخلسسص إلسسى‬
‫خلطسساء‪ ،‬وتعسسرض لرقسسة القلسسب‬ ‫إجمام القلسسب بقلسسة ال ُ‬
‫بدوام مجالسة أهل الذكر‪ ،‬وبسسادر بانتهسساز الُبغيسسة عنسسد‬
‫إمكان الفرصة‪ ،‬وُأحذرك »سوف«‪.‬‬
‫طسسُر‬‫خ َ‬‫مهْل ً فهسسي أ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ت وإّيسسا َ‬ ‫كسسسال ْوَقْ ِ‬
‫ما َ‬ ‫صسسسارِ ً‬
‫ن َ‬ ‫و ُ‬
‫كسسس ْ‬
‫عَلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسستي‬ ‫سسسسسى ِ‬ ‫ت فسسسسي عَ َ‬ ‫مْق ُ‬‫فَسسسسال َ‬
‫ن‬‫سإ ْ‬ ‫سسسا فسسالن ّْف ُ‬‫جسسد ْ ن ََف ً‬
‫ف تَ ِ‬‫سسسوْ َ‬ ‫سْيف العَْزم ِ َ‬ ‫جذ ّ ب َ‬ ‫و ُ‬
‫ت‬ ‫جسسسسسسسسسسد ِ‬ ‫ت ّ‬‫جسسسسسسسسسسد ْ َ‬ ‫جسسسسسسسسسسسسد ْ ُ‬ ‫فسسسسسسسسسسسسإن ت َ ُ‬

‫عن الوزاعي أنه وعظ‪ ،‬فقال فسسي مسسوعظته‪ :‬أيهسسا‬


‫ووا بهسسذه النعسسم السستي أصسسبحتم فيهسسا علسسى‬ ‫الناس‪ ،‬تقس ّ‬
‫الهرب من نار الله الموقدة التي تطلع علسسى الفئدة‪،‬‬
‫مؤجلسسون‬ ‫فإنكم في دار الثواُء فيها قليسسل وأنتسسم فيهسسا ُ‬
‫خلئف مسسن بعسسد القسسرون السسذين اسسستقبلوا مسسن السسدنيا‬
‫أنفها وزهرتها‪ ،‬فهم كانوا أطسسول منكسسم أعمسساًرا وأم سد ّ‬
‫ما وأعظم آثاًرا فخددوا الجبال‪ ،‬وجابوا الصخور‪،‬‬ ‫أجسا ً‬
‫مؤيسسدين ببطسسش شسسديدٍ وأجسسسام‬ ‫ونقبسسوا فسسي البلد ُ‬
‫كالعماد‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسددهم وعفسست‬ ‫م والليالي أن طوت ُ‬ ‫فما لبثت اليا ُ‬
‫س‬
‫آثارهم وأخوت منزلهسسم وأنسسست ذكرهسسم‪ ،‬فمسسا تحس ُ‬
‫منهم من أحدٍ ول تسمع لهم ركًزا‪.‬‬
‫كانوا بلهو المل آمنين لبيات قوم غافلين أو لصباح‬
‫قوم نادمين‪ ،‬ثم إنكم قد علمتم الذي نسسزل بسسساحتهم‬
‫بياًتا من عقوبة الله عز وجل‪.‬‬
‫فأصسسبح كسسثير منهسسم فسسي ديسسارهم جسساثمين‪ ،‬وأصسسبح‬
‫الباقون ينظرون في آثار نقمة وزوال نعمة ومسسساكن‬
‫خاوية فيها آية للسسذين يخسسافون العسسذاب الليسسم وغيسسره‬
‫لمن يخشى‪.‬‬
‫دنيسسا‬
‫صو ُ‬‫م مسسن بعسسدهم فسسي أجسسل منقسسو ٍ‬ ‫وأصسسبحت ُ‬
‫مقبوضة في زمان قد ولى عفوه وذهب رخاؤه‪.‬‬
‫فلم تق منسسه إل حمسسة شسسر وصسسبابة كسسدر‪ ،‬وأهاويسسل‬
‫عبر‪ ،‬وعقوبات غير وإرسال فتن‪ ،‬وتتابع زلزل ورذالة‬
‫ف بهم ظهر الفساد ُ في البر والبحر‪.‬‬ ‫خل ٍ‬
‫ل وغ سّر بطسسول‬ ‫ه الم س ُ‬‫ها لمسسن خسسدع ُ‬‫فل تكونوا أشبا ً‬
‫الجل وتبلسسغ بالمسساني‪ ،‬نسسسأل اللسه أن يجعلنسسا وإيسساكم‬
‫ه‪ ،‬وعقل فمهد لنفسه‪.‬‬ ‫من وعى نذر ُ‬ ‫م ّ‬
‫كتب بعضهم إلى أخ ُيوصيه‪ :‬أما بعد‪ ،‬فإني أوصسسيك‬
‫بتقسسوى اللسسه‪ ،‬والعمسسل بمسسا علمسسك اللسسه عسسز وجسسل‪،‬‬
‫والمراقبسسة حيسسث ل يسسراك أحسسد إل اللسسه عسسز وجسسل‪،‬‬
‫والستعداد لما ليس لحد فيه حيلة‪ ،‬ول تنفسسع الندامسسة‬
‫عند ُنزوله‪.‬‬
‫فاحسسسر عسسن رأسسسك الغسسافلين‪ ،‬وانتبسسه مسسن رقسسدة‬
‫دا فسسإن السسدنيا ميسسدان‬ ‫المسسوتى‪ ،‬وشسسمر للسسسباق غسس ً‬
‫المسسسابقين‪ ،‬ول تغسستّر بمسسن أظهسسر الّنسسسك‪ ،‬وتشسساغل‬
‫بالوصف‪ ،‬وترك العمل بالموصوف‪.‬‬
‫واعلم يا أخي‪ :‬أنه لبد ّ لسسي ولسسك مسسن المقسسام بيسسن‬
‫يدي الله عز وجل‪ ،‬ولست آمن أن يسألني وإياك عن‬
‫وساوس الصدور‪ ،‬ولحظات العيون‪ ،‬وإصغاء السماع‪،‬‬
‫وما عسى أن ي َْعجز مثلي عن صفته‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫واعلم‪ :‬أنه مما ُوصف به منافقوا هسسذه المسسة أنهسسم‬
‫خالطوا أهل الدنيا بأبدانهم وطابقوهم عليها بأهوائهم‪،‬‬
‫ضسسا‬
‫وخضعوا لما طمعوا من نائلهم‪ ،‬وداهن بعضسسهم بع ً‬
‫في القول والفعل‪ ،‬فأشر وبطسسر قسسولهم‪ ،‬ومسّر خسسبيث‬
‫فعلهم‪ ،‬تركوا باطن العمل بل تصسسحيح فحرمهسسم اللسسه‬
‫تعالى بذلك الثمن الّربيح‪.‬‬
‫واعلم يا أخي‪ :‬أنه ل يجزي من العمسسل القسسول‪ ،‬ول‬
‫ة‪ ،‬ول مسسن التقسسوى ول مسسن التسسوّقي‬ ‫مسسن البسسذل العسسد ُ‬
‫التلُوم‪.‬‬
‫وقد صرنا فسسي زمسسان هسسذه صسسفة أهلسسه فمسسن كسسان‬
‫صسد ّ عسسن سسسواء السسسبيل‪،‬‬
‫كذلك فقد تعّرض للمقسست و ُ‬
‫وفقنا الله عّز وجل وإياك لما يحسسب ويرضسسى‪ ،‬انتهسسى‪.‬‬
‫والله أعلسسم‪ ،‬وصسسلى اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫فوائد ومواعظ‬
‫ل قُسسراء هسسذا الزمسسان كمثسسل‬ ‫قال مالك بن دينار‪ :‬مث ُ‬
‫عصفوٌر‪ ،‬فقسسال‪:‬‬‫خا ونصب فيه ُبرة فجاء ُ‬ ‫ل نصب ف ً‬ ‫رج ٍ‬
‫ما غّيبك في التراب؟ قال‪ :‬التواضع‪ ،‬قسسال‪ :‬لي شسسيء‬
‫انحنيت؟ قال‪ :‬من طول العبادة‪.‬‬
‫قسسال‪ :‬فمسسا هسسذه الُبسسروة المنصسسوبة فيسسك؟ قسسال‪:‬‬
‫أعددُتها للصائمين‪ ،‬فقال‪ :‬نعم الجار أنت‪.‬‬
‫فلما كان عند المغرب د ََنا العصفور ليأخذها فخنقه‬
‫خ‪.‬‬‫الف ّ‬
‫فقال العصفور‪ :‬إن كان العبسساد يخنقسسون خنقسسك فل‬
‫خير في العباد اليوم‪ ،‬ومّر والي البصر بمالك بن دينار‬
‫ه ويتبخسستر(‪ ،‬فصسساح بسسه‬ ‫والسسوالي يرف س ُ‬
‫ل )أي يج سّر ذيل س ُ‬
‫م خدم الوالي بمالك‪،‬‬ ‫مالك‪ :‬أقل من مشيتك هذه‪ ،‬فه ّ‬
‫فقال‪ :‬دعوه‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ثم قال‪ :‬ما أراك تعرفنسسي‪ ،‬فقسسال لسسه مالسسك‪ :‬ومسسن‬
‫أعرف بك مني أما أولك فنطفسسة مسسذرة‪ ،‬وأمسسا آخسسرك‬
‫ل البسسول والعسذرة‬ ‫فجيفة قذرة ثم أنت بين ذلسك تحمس ُ‬
‫فنكس الوالي رأسه ومشى‪.‬‬
‫عن مالك بن دينار قال‪ :‬قدمت من سفر لي فلمسسا‬
‫شسسار )السسذي يأخسسذ العشسسر‬ ‫ت بالجسسسر‪ ،‬قسسال الع ّ‬ ‫صسسر ُ‬
‫ضريبة(‪ :‬ل يخرجن أحد من السسسفينة ول يقسسومن أحسد ٌ‬
‫عنقي ثم وثبت‬ ‫من مكانه فأخذت ثوبي فوضعته على ُ‬
‫فإذا أنا على الرض‪.‬‬
‫ت‪ :‬ليس معي شيء‪،‬‬ ‫شار‪ :‬ما أخرجك؟ قل ُ‬ ‫فقال الع ّ‬
‫ت فسسي نفسسسي‪ :‬هكسسذا المسسر الخسسرة‬ ‫قال‪ :‬اذهب‪ ،‬فقل ُ‬
‫ف تعويق يوم القيامة( التعويسسق‬ ‫ل للمخ ِ‬ ‫)يعني ما يحص ُ‬
‫يحصل لهل الموال كل بحسبه‪.‬‬
‫وقال بعض العلماء‪ :‬ما يس سُر العاقسسل أن السسدنيا لسسه‬
‫ل عنه‬ ‫منذ خلقت إلى أن تفنى يتنعم فيها حلل ً ل يسأ ُ‬
‫ة‬‫حجسسب عسسن اللسسه عسسز وجسسل سسساع ً‬ ‫يوم القيامة‪ ،‬وأنسسه ُ‬
‫حجب أيام الدنيا وأيام الخرة‪.‬‬ ‫ة‪ ،‬فكيف بمن ُ‬ ‫واحد ً‬
‫من أكثر ذكر الموت كفسساهُ اليسسسير‪ ،‬ومسسن علسسم أن‬
‫ه )إل بسسذكر اللسسه وحمسسده‬ ‫ل كلمس ُ‬ ‫منطقه من عملسسه قس ّ‬
‫وشكره(‪.‬‬
‫ل يسسأتي علسسى النسساس‬ ‫عن الوزاعي‪ ،‬قال‪ :‬كسسان ُيقسسا ُ‬
‫م‬ ‫س أو درهسس ٌ‬‫ن أقل شيٍء في ذلك الزمان أخ مؤن ٌ‬ ‫زما ٌ‬
‫ل في سنة‪.‬‬ ‫من حلل‪ ،‬أو عم ٌ‬
‫ف إذا صدع الفجر أو قبلسسه بشسسيء‬ ‫وقال‪ :‬كان السل ُ‬
‫مقبلين على أنفسهم لو أن‬ ‫ن على رؤوسهم الطيُر ُ‬ ‫كأ ّ‬
‫ما )أي صديًقا أو قريًبا( لحدهم غاب عنه حيًنا ثسسم‬ ‫حمي ً‬
‫قدم ما التفت إليه‪.‬‬
‫فل يزالسسون كسسذلك حسستى يكسسون قريب ًسسا مسسن طلسسوع‬
‫الشمس‪ ،‬ثم يقوم بعضهم إلى بعض فيتحلقون‪ ،‬وأّول‬
‫ما ُيفيضون فيه أمُر معادهم‪ ،‬وما هسسم صسسائرون إليسسه‪،‬‬
‫ثم يتحلفون إلى الفقه والقرآن‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫من توفيق الله للنسسسان أن يكسسون لسسه إخسسوان فسسي‬
‫ه بمخسسالطتهم وتسسزداد طاعسساته ويسسزداد‬ ‫الله يزداد ُ علمس ُ‬
‫ظا لوقاته‪.‬‬ ‫حف ً‬
‫ص‬
‫ن أوقسسسسساَته ن َْقسسسسس ٌ‬
‫ن فسسسسسإ ّ‬ ‫خسسوا ٍ‬
‫نإ ْ‬ ‫من لسسم ي َك ُس ْ‬
‫ن ب َي ْس َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرا ُ‬‫خ ْ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّر و ُ‬ ‫يُ َ‬
‫حب َسساب‬
‫م الخيسساط مسسع ال ْ‬ ‫س ّ‬‫س َ‬‫ب الرض ما ِللن ّْف س ِ‬ ‫وأط ْي َ ُ‬
‫دان‬‫مْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬
‫فيسسسسسسسسسسسسه تقسسسسسسسسسسسسى َ‬
‫مسعَ العْسسداء‬ ‫س خضر الجنسسان َ‬ ‫ما ِللن ّْفسس ِ‬
‫ض َ‬ ‫ث الر ِ‬ ‫خب َ ُ‬‫وأ ْ‬
‫ذى نيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسران‬ ‫فيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه أ َ‬

‫عن عامر أن ابًنا لشريح قال لبيه‪ :‬بيني وبين قوم‬


‫خصومة فانظر فإن كان الحقُ لي خاصمتهم‪ ،‬وإن لم‬
‫يكن لي الحق لم أخاصمهم‪ ،‬فقص قصته عليه‪.‬‬
‫فقال‪ :‬انطلق فخاصمهم‪ ،‬فانطلق فخاصسسمهم إليسسه‬
‫فقضى على ابنه‪.‬‬
‫فقال له لما رجع إلى أهله‪ :‬والله لو لم أتقدم إليك‬
‫لم ألمك فضحتني‪.‬‬
‫ي من ملئ الرض‬ ‫فقال‪ :‬والله يا بني لنت أحب إل ّ‬
‫ي منسسك أخشسسى أن‬ ‫مثلهسسم؛ ولكسسن اللسسه هسسو أع سّز عل س ّ‬
‫أخبرك أن القضسساء عليسسك فتصسسالحهم فتسسذهب ببعسسض‬
‫حقهم‪ ،‬تأمل يا أخي‪ ،‬هل يوجد مثل العدل والورع؟‬
‫قيل لياس بن معاوية‪ :‬فيك أربسسع خصسسال‪ :‬دمامسسة‪،‬‬
‫وكثرة كلم‪ ،‬وإعجاب بنفسك‪ ،‬وتعجيل بالقضاء‪.‬‬
‫قال‪ :‬الدمامة فالمر فيهسسا إلسسى غيسسري‪ ،‬وأمسسا كسسثرة‬
‫الكلم فبصواب أتكلم أم بخطأ؟ قالوا‪ :‬بصواب‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فالكثار من الصواب أمثل )أي أحسن(‪ ،‬وأما إعجسسابي‬
‫م ما ترون مني؟ قسسالوا‪ :‬نعسسم‪ ،‬قسسال‪:‬‬ ‫بنفسي‪ ،‬أفيعجُبك ُ‬
‫فسسإن أح سقّ أن أعجسسب بنفسسسي‪ ،‬وأمسسا قسسولكم‪ :‬فسسإني‬
‫أتعجل القضاء‪ ،‬فكم هذه ‪-‬وأشار بأصابع يده؟ فقالوا‪:‬‬
‫خمسة‪ ،‬فقال‪ :‬أعجلتم أل قُل ْت ُسسم واح س ً‬
‫دا واثنيسسن وثلثسسة‬
‫وأربعة وخمسة‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قالوا‪ :‬ما نعد ّ شيًئا قد عرفناه‪ ،‬قال‪ :‬وأنا ما أحبسسس‬
‫شيًئا قد تبين لي فيه الحكم‪.‬‬
‫عن جعفر بن يحيى بسسن خالسسد السسبرمكي‪ ،‬قسسال‪ :‬مسسا‬
‫دا مثل عيسسسى بسسن يسسونس أرسسسلنا‬ ‫رأينا في الُقراء أح ً‬
‫إليه فأتانا بالرقة فاعتل قبل أن يرجع‪ ،‬فقلسست‪ :‬يسسا أبسسا‬
‫عمرو‪ ،‬قد أمر لك بعشرة آلف‪ ،‬فقسسال‪ :‬هسسي‪ ،‬فقلست‪:‬‬
‫م والله‬ ‫خمسون ألًفا‪ ،‬قال‪ :‬ل حاجة لي فيها‪ ،‬فقلت‪ :‬ل ِ َ‬
‫لهنئنكها هي والله مائة ألف‪.‬‬
‫سنة‬ ‫ت لل ّ‬ ‫قال‪ :‬ل والله ل يتحدث أهل العلم أني أكل ُ‬
‫ي‪ ،‬فأمسسا علسسى‬ ‫ثمًنا‪ ،‬أل كسسان هسسذا قبسسل أن ترسسسلوا إل س ّ‬
‫ة ماء ول هليلجة‪.‬‬ ‫الحديث فل والله ول شراب َ‬
‫ت أحمسسد بسسن حنبسسل‬ ‫وقال أبو بكر المسسرزوي‪ :‬سسسمع ُ‬
‫ُ‬
‫وذكر ورع عيسى بن يونس‪ ،‬قال‪ :‬قدم فأمر له بمائة‬
‫ألف‪ ،‬أو قال‪ :‬بمال فلم يقبل‪ ،‬وتدري ابسسن كسسم؟ كسسان‬
‫عيسى أراد أنه كان حدث السن‪.‬‬
‫وقسسال محمسسد بسسن المنكسسدر‪ :‬حسسج الرشسسيد فسسدخل‬
‫الكوفة فركب المين والمأمون إلى عيسى بن يونس‬
‫فحدثهما فأمر له المأمون بعشرة آلف درهم‪.‬‬
‫فسسأبى أن يقبلهسسا فظسسن أنسسه اسسستقلها‪ ،‬فسسأمر لسسه‬
‫بعشرين ألًفا‪ ،‬فقال عيسسسى‪ :‬ل واللسسه ول إهليلجسسة ول‬
‫شربة ماء على حديث رسول الله ‪ ،‬ولسسو ملت لسسي‬
‫هذا المسجد ذهًبا إلى السقف‪.‬‬
‫ن عبسسدالملك ذات يسسوم أحسسد‬ ‫طلب الخليفة هشام ب ُ‬
‫العلماء‪ ،‬فلما دخل عليه‪ ،‬قال‪ :‬السلم عليك يا هشام‪،‬‬
‫ثم خلع نعليه وجلس بجانبه‪.‬‬
‫فغضب هشام وهم بقتله ولمسسا تحسسدث معسسه وجسسده‬
‫ما كبيًرا‪.‬‬
‫عال ً‬
‫فلما انتهى الحديث عاتبه بقسسوله لسسه لقسسد سسسميتني‬
‫عني بالخلفة‪ ،‬وخلعت نعليسسك‬ ‫باسمي ولم ُتكّنني أو تد ْ ُ‬
‫وجلست بجانبي فلم فعلت ذلك‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫عسسك بالخلفسسة؛ لن النسساس لسسم‬ ‫فقسسال لسسه‪ :‬لسسم أد ُ‬
‫ينتخبوك ك ُّلهم‪.‬‬
‫وسسسميتك ولسسم أكن ّسسك؛ لن اللسسه جسسل وعل وتقسسدس‬
‫نادى النبياء بأسمائهم‪ ،‬فقال‪ :‬يا عيسى‪ ،‬يسسا إبراهيسسم‪،‬‬
‫يا موسى‪ ،‬يا نوح‪ ،‬يا داود‪.‬‬
‫َ‬
‫ب ‪.‬‬ ‫ه ٍ‬ ‫دا أِبي ل َ َ‬ ‫ت يَ َ‬‫وكّنى عدوه‪ ،‬فقال‪ :‬ت َب ّ ْ‬
‫خسسل بيسست‬ ‫ت نعلي بجانبك وأنا أخلعهما لمسسا أد ُ‬ ‫وخلع ُ‬
‫ربي‪.‬‬
‫ت أن رسسسول اللسسه ‪‬‬ ‫وجلست بجانبك؛ لني سسسمع ُ‬
‫مسسا فَل ْي ََتب سوّءْ‬
‫ل ِقيا ً‬ ‫جسسا ُ‬‫ل لسسه الر َ‬ ‫مث َس َ‬
‫سّرهُ أن ي ُ َ‬ ‫من َ‬ ‫قال‪َ » :‬‬
‫مْقعَد َهُ من النار«‪.‬‬ ‫َ‬
‫فكرهت لك النار فأمر له هشام بمسسال فلسسم يقبلسسه‬
‫وانصرف‪.‬‬
‫تأمل يا أخي‪ ،‬هذا الورع عن أخذ شيء من حطسسام‬
‫الدنيا على ما حدثهما به‪ ،‬وقال‪ :‬ل يتحدث أهل العلسسم‬
‫سنة ثمًنا‪.‬‬ ‫ت لل ّ‬ ‫أني أكل ُ‬
‫فما ظنسسك بمسسن يأكسسل بسسالكتب السستي تحتسسوي علسسى‬
‫اليات والحسساديث باسسسم تحقيسسق أو نشسسر ويحتكرهسسا‪،‬‬
‫نسأل الله العفو والعافيسسة فسسي السسدنيا والخسسرة‪ ،‬نعسسوذ‬
‫مللن‬ ‫ف َ‬ ‫بالله من عمى البصيرة‪ ،‬قسسال اللسسه تعسسالى‪ :‬أ َ َ‬
‫سًنا ‪.‬‬ ‫ح َ‬‫فَرآهُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫مل ِ ِ‬‫ع َ‬ ‫سوءُ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن لَ ُ‬‫ُزي ّ َ‬
‫ن مسسع‬ ‫م عي س ٌ‬ ‫ت كيف تنا ُ‬ ‫قال يوسف بن أسباط‪ :‬عجب ُ‬
‫ل قلب مع اليقين بالمحاسبة!!‬ ‫المخافة أو يغف ُ‬
‫من عرف وجوب حق الله عز وجل على عباده لم‬
‫دا إل بإعطاء المجهود من نفسه‪.‬‬ ‫تستحل عيناه أب ً‬
‫خلق الله تعالى القلسسوب مسسساكن للسسذكر‪ ،‬فصسسارت‬
‫مساكن للشهوات‪.‬‬
‫مفسدة للقلوب‪ ،‬وتلف للمسسوال‪ ،‬وإخلق‬ ‫الشهوات ُ‬
‫للوجسسوه‪ ،‬ول يمحسسو الشسسهوات مسسن القلسسوب إل خسسوف‬
‫مقلق‪.‬‬ ‫مزعج أو شوق ُ‬

‫‪47‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وقسسال‪ :‬الزهسد ُ فسسي الرياسسسة أشسسد مسسن الزهسسد فسسي‬
‫الدنيا‪.‬‬
‫وكان ُيقال‪ :‬اعمل عمل رجل ل ُينجيسسه إل اللسسه ثسسم‬
‫كتب له‪.‬‬ ‫عمله‪ ،‬وتوكل توكل رجل ل يصيبه إل ما ُ‬
‫اللهم عّرفني نفسي ول تقطع رجاءك من قلبي‪.‬‬
‫وقالت زوجته‪ :‬كسسان يقسسول اشسستهي مسسن ربسسي ثلث‬
‫ن؟ قال‪ :‬اشسستهي أن أمسسوت حيسسن‬ ‫ت‪ :‬وما هُ ّ‬ ‫خصال‪ُ ،‬قل ُ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ي ديس ٌ‬ ‫ن علس ّ‬ ‫أموت وليس في ملكي درهسسم‪ ،‬ول يكسسو ُ‬
‫ول على عظمي لحم‪.‬‬
‫كله‪ ،‬ولقد قال لي في مرضسسه‪ :‬أبقسسي‬ ‫فأعطي ذلك ُ‬
‫ت‪:‬‬ ‫عنسسدك نفقسسة؟ فقلسست‪ :‬ل‪ ،‬قسسال‪ :‬فمسساذا تريسسن؟ قلس ُ‬
‫أخرج هذه الخابيسسة للسسبيع‪ ،‬فقسسال‪ :‬يعلسسم النسساس بحالنسسا‬
‫ي‬ ‫عوها إل وثم حاجة شديدة‪ .‬فأخرج إلسس ّ‬ ‫ويقولون ما با ُ‬
‫ض إخسسوانه فبسساعه بعشسسرة‬ ‫شسسيًئا كسسان أهسسداه إليسسه بعس ُ‬
‫مسسا لحنسسوطي وأنفقسسي‬ ‫دراهم‪ ،‬وقال‪ :‬اعز لي منها دره ً‬
‫باقيها‪ ،‬فمات‪ ،‬وما بقي غير درهم‪.‬‬
‫ه‬
‫ن د ُوْن َ ُ‬ ‫ست َِقُروْ َ‬‫ه ل يَ ْ‬ ‫موْن َ ُ‬ ‫ه ي َُروْ ُ‬ ‫حد َهُ ي َعْب ُسد ُوْن ِ ُ‬ ‫عباد ٌ وَ ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫ل َِرب ّ ْ‬
‫س سن َد ُ القْسسوى السسذي‬ ‫هُ سوَ ال ّ‬
‫سنى السسذي‬ ‫صد ُ ال ْ‬ ‫مْق َ‬ ‫سسسسسسسسسسست َن َد ُْوا بسسسسسسسسسسه هُوَ ال َ‬ ‫ا ْ‬
‫ه‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُوْن َ ُ‬ ‫ضسسط َُر فسسي ي َْق ُ‬ ‫م ْ‬ ‫مسسد َ ال ُ‬ ‫إذا اعْت َ َ‬
‫مسسوا‬ ‫ولهُ ُ‬ ‫م ْ‬
‫وى َ‬ ‫سسس َ‬ ‫س ِ‬ ‫ب غَْيسسسسسسسسَرهُ فليسس َ‬ ‫خطسسسسسسسس ِ‬ ‫ال َ‬
‫ه‬‫ك ي َط ْل ُب ُسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوْن َ ُ‬ ‫س المُلسسو َ‬ ‫سد َ النا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َ‬ ‫وإ ْ‬
‫س من‬ ‫س لهم في النا ِ‬ ‫م َفلي ْ َ‬ ‫مل ْك َِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫بِ ُ‬
‫ه‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُوْن َ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫مال ِ ِ‬ ‫حة ٍ َ‬ ‫سا َ‬ ‫وا ب َ‬ ‫حل ّ ْ‬
‫وا َ‬ ‫م ْ‬ ‫لن ّهُ ُ‬
‫عن ْسسسسسسد َهُ‬ ‫دوا ِ‬ ‫مسسسسسسا أَرا ُ‬ ‫مه ْ َ‬ ‫ت السسسسذي فَ َ‬ ‫ه الُقسسسسو ُ‬ ‫حب ّت ُسسسس ُ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُوْن َ ُ‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫ي َْقَتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُوْن َ ُ‬
‫حْيسسسد ُهُ السسسوِْرد ُ السسسذي‬ ‫صل ِهِ قَد ُْر وتو ِ‬ ‫م من وَ ْ‬ ‫مَتى َفات َهُ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫َيرد ُوْن َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ذ َّرةٍ‬
‫م‬ ‫ك الَقسسد َْر هُ س ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ح َ‬ ‫ة َفبا الرو ِ‬ ‫م ل َل ْعَِبسساد َ ِ‬ ‫صسسط ََفاهُ ْ‬ ‫ل َِهسسذا ا ْ‬
‫ه‬ ‫ن ي َْفَتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُوُن َ ُ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫ن َ‬ ‫د ُوْ َ‬
‫دى‬ ‫مس َ‬ ‫ل ال َ‬ ‫م ط ُوْ َ‬ ‫م فَهُ ْ‬ ‫واهُ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ن السسسسوََرى ِ‬ ‫وا د ُوْ َ‬‫مسسسس ْ‬ ‫ت َوَل ّهُ ُ‬
‫‪48‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫َفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬
‫ولؤُهُ ي َعُْبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُوْن َ ُ‬
‫ه‬
‫ب الت َُقسسى‬ ‫طسسرٌز علسسى ثسسو ِ‬ ‫ِ‬
‫ه‬‫ي َْرَتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُوْن َ ُ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصلى الله على محمد وآله وسلم‪.‬‬


‫ت على عابد وإذا أه ُ‬
‫ل‬ ‫عن يزيد الرقاشي قال‪ :‬دخل ُ‬
‫بيته حوله فإذا هو مجهود قد أجهده الجتهاد‪.‬‬
‫قال‪ :‬فبكى أبوه فنظر إليه‪ ،‬ثم قسسال‪ :‬أيهسسا الشسسيخ‪،‬‬
‫ما الذي ُيبكيك؟ قال‪ :‬يا ُبني‪ ،‬أبكي فقسسدك‪ ،‬ومسسا أرى‬
‫من جهدك‪.‬‬
‫قسسال‪ :‬فبكسست أمسسه‪ ،‬فقسسال‪ :‬أيتهسسا الوالسسدة الشسسفيقة‬
‫الرقيقة‪ ،‬ما الذي يبكيك؟ قالت‪ :‬يا ُبنسسي‪ ،‬فراقسسك ومسسا‬
‫ل من الوحشة بعدك؟ قال‪ :‬فبكى أهله وصبيانه‪،‬‬ ‫أتعج ُ‬
‫فنظر إليهم‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا معشر اليتامى‪ ،‬بعد قليسسل مسسا‬
‫الذي ُيبكيكم؟ قالوا‪ :‬يا أبانا نبكي فراقسسك‪ ،‬ومسسا السسذي‬
‫تتعجل من الُيتم بعدك‪.‬‬
‫دنياي‪ ،‬أمسسا‬
‫قال‪ :‬فقال‪ :‬أقعدوني أرى كلكم يبكي ل س ُ‬
‫فيكم من يبكي لخرتي! أما فيكم من يبكي لما يلقاه‬
‫في التراب وجهي! أما فيكم من يبكي لمسألة منكسسر‬
‫ونكير وإّياي! أما فيكم من يبكسسي لوقسسوفي بيسسن يسسدي‬
‫الله ربي!‬
‫ة فمات‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ثم صرخ صرخ ً‬
‫عسسن عبسسدالرحمن بسسن يزيسسد بسسن جسسابر قسسال‪ :‬كسسان‬
‫عبدالرحمن بن يزيد بسسن معاويسسة خل ً لعبسسد الملسسك بسسن‬
‫‪49‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسروان‪ ،‬فلمسسا مسسات عبسسدالملك بسسن مسسروان وتصسسدع‬
‫الناس عن قبره وقسسف عليسسه‪ ،‬فقسسال‪ :‬أنسست عبسسدالملك‬
‫دني فأرجوك وتوعدني فأخافك أصسسبحت‬ ‫كنت تع ُ‬ ‫الذي ُ‬
‫وليس معك من ملكك غير ثوبك وليس لسسك منسسه غيسسر‬
‫أربعة أذرع في عرض ذراعين‪.‬‬
‫ثم انكفأ إلى أهله واجتهسد فسي العبسسادة حستى صسار‬
‫ن بالي‪ ،‬فسسدخل عليسسه بعسسض أهلسسه فعسساتبه فسسي‬ ‫كأنه ش ٌ‬
‫نفسه وإضراره بها‪ ،‬فقال للقائل‪ :‬أسسسألك عسسن شسسيء‬
‫تصدقني عنه؟ قال‪ :‬نعسسم‪ ،‬قسسال‪ :‬أخسسبرني عسسن حالتسسك‬
‫التي أنت عليها أترضاها للموت؟ )المعنى أترضسسى أن‬
‫يأتيسسك المسسوت وأنسست عليهسسا(‪ ،‬قسسال‪ :‬اللهسسم ل‪ .‬قسسال‪:‬‬
‫أفعزمسست علسسى انتقسسال منهسسا إلسسى غيرهسسا؟ قسسال‪ :‬مسسا‬
‫انتصحت رأيي في ذلك‪.‬‬
‫ت على حالك السستي‬ ‫ن من أن يأتيك المو ُ‬ ‫قال‪ :‬أفتأم ُ‬
‫أنت عليها؟ قال‪ :‬اللهم ل‪ ،‬قال‪ :‬حسسال مسسا أقسسام عليهسسا‬
‫عاقل‪ ،‬ثم انكفأ إلى مصله‪.‬‬
‫ما ولبسسس‬ ‫وروي أن سليمان بن عبدالملك تجمل يو ً‬
‫ثيابه واعتم بعمامسسة وعنسسدهُ جاريسسة‪ ،‬فقسسال لهسسا‪ :‬كيسسف‬
‫ترين الهيئة؟ فقالت‪ :‬أنت أجمل العرب لسسول‪ ،‬فطلسسب‬
‫منها أن تكمل الجواب وتصرح بما أضمرت‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫ن‬‫سسسا ِ‬
‫غي سَر أن ل ب ََقسساَء للن ْ َ‬ ‫ت َ‬‫م المتسساعُ ل َسوْ ك ُن ْس َ‬‫ت ن ِعْ َ‬‫أن ْ َ‬
‫ك فَسسا ِ‬
‫ن‬ ‫ت َب َْقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى يك ََرهُ النا ُ‬
‫س غَي َْر أن ّ َ‬
‫ب‬‫ن العُُيسسو ِ‬ ‫مسس ْ‬‫خْلسسقٌ ِ‬‫ت ِ‬ ‫أْنسس َ‬
‫وممسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬

‫فتكدر عليه ما كان فيه من البهَةِ والنعيم وما لبث‬


‫ما قلئل حتى ُتوفي‪.‬‬ ‫بعدها إل أيا ً‬
‫خسساِرف‬ ‫من َز َ‬ ‫واهُ ِ‬
‫ح َ‬‫ل وما قد َ‬ ‫ل ل ِّلذي قد غَسّرهُ ط ُسوْ ُ‬ ‫فَُق ْ‬
‫خسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد َعُ‬‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسره ت َ ْ‬ ‫عُ ِ‬
‫داِئع‬‫ل مسسا فيهسسا و َ‬ ‫جسسد ْ ُ‬
‫كسس ّ‬ ‫ن تَ ِ‬‫أفِ سقْ وان ْظ ِسسر السسدنيا بَعي س ِ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسْيرةٍ تْر ِ‬ ‫بَ ِ‬
‫‪50‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬

‫آخر‪:‬‬
‫ل‬ ‫حسسسسوْ َ‬ ‫كهسسسسا وَل ْهَسسسساَء َ‬
‫وت َت ُْر ُ‬ ‫س‬‫ث الن ّْف س َ‬ ‫ع ُ‬
‫ظ ب ِرٍ ت ُسوْرِ ُ‬ ‫وا ِ‬‫م َ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫مَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساب ِ ِ‬ ‫ال َ‬ ‫عْبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرةً‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫مسسن القل س ِ‬ ‫حَزان ًسسا م ِ‬ ‫جأ ْ‬‫ت ُهَي ّ ُ‬ ‫س‬
‫سأم ِ الن ّْفسس ُ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫ظإ ّ‬ ‫ع ُ‬ ‫موا ِ‬ ‫َ‬
‫َثسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ِرِ‬ ‫هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ْ‬
‫ذِكَر َ‬
‫ل‬‫ت أو ّ ُ‬ ‫ن المسسو َ‬ ‫فََبسسادِْر فسسإ ّ‬ ‫ن‬ ‫ك يسسسا َ‬
‫ذا الَفهْسسسم ِ إ ْ‬ ‫دون َ َ‬ ‫فَسسس ُ‬
‫زائ ِرِ‬ ‫ذا ن َُهسسسسسسسسسى‬‫ت َ‬ ‫ك ُْنسسسسسسسسس َ‬

‫روي عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه قال‪ :‬لن‬


‫ي مسسن أن‬ ‫ة من خشية الله عز وجل أحب إل ّ‬ ‫أدمع دمع ً‬
‫أتصدق بألف دينار‪.‬‬
‫ولما حضرت عامر بن قيسسس الوفسساة بكسسى‪ ،‬وقسسال‪:‬‬
‫صسسا علسسى السسدنيا؛‬
‫عا من الموت ول حر ً‬ ‫إني لم أبك جز ً‬
‫ولكن أبكي على عدم قضاء وطري مسسن طاعسسة ربسسي‬
‫وقيام الليل في أيام الشتاء‪.‬‬
‫وبكى أحد العباد عندما احتضر‪ ،‬وقسسال‪ :‬مسسا تأسسسفي‬
‫علسسسى دار الهمسسسوم والنكسسساد والحسسسزان والخطايسسسا‬
‫والذنوب‪ ،‬وإنما تأسفي على ليلة منتها ويوم أفطرتسسه‬
‫وساعة غفلت فيها عن ذكر الله‪.‬‬
‫ولما احتضر مسروق بن الجدع بكى‪ ،‬فقيل له‪ :‬ما‬
‫هذا الجزع؟ قال‪ :‬ما لي ل أجزع وإنما هسسي سسساعة ول‬
‫أدري أين يسلك بي وبين يسسدي طريقسسان ل أدري إلسسى‬
‫الجنة أم إلسسى النسسار‪ ،‬واللسسه أعلسسم‪ ،‬وصسسلى اللسسه علسسى‬
‫محمد وآله وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫الناس في القناعة والزهد أقسام‪ ،‬منهم من عمسسل‬
‫لدنياه وآخرته واسمتع من الدنيا بما رزقه الله ورضي‬

‫‪51‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ة محمسودة‪ ،‬قسال‬ ‫وقع به‪ ،‬وهذا عيش المؤمن والقناعس ُ‬
‫بعضهم‪:‬‬
‫ل‬
‫سسسسب ْ ِ‬
‫ت عسسسن ُ‬ ‫مسسسن َبسسسا َ‬ ‫مسسن أْر َ‬
‫غسسد ُ و َ‬ ‫ُيقوُلسسون لسسي َ‬
‫ف َنائ ِب ًسسسسسسسسسا‬
‫خسسسسسسسسساوُ ِ‬‫شسسسسسسسسسة الم َ‬ ‫عي ْ َ‬
‫س ِ‬‫النسسسسسسسسسا ِ‬
‫كسسم ِ اللسسه فسسي‬ ‫ح ْ‬
‫ف قََهسَر وصسساَر ب ُ‬ ‫ب عسارِ ٌ‬ ‫فَُقْلس ُ‬
‫ت ل ِب َْيس ٌ‬
‫ضسسسسسسسسسسًيا‬ ‫ق َرا ِ‬‫الَهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوى السسسسسسسسسسرز ِ‬

‫آخر‪:‬‬
‫سعَدِ‬ ‫من أ ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫تإ ً‬‫دي ل َك ُن ْ ُ‬ ‫عن ْ ِ‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ف قَْلبي على َ‬
‫ش سي ْئ َي ْ ِ‬ ‫يا ل َهْ َ‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرِ‬ ‫الب َ َ‬ ‫جمعَسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ل َسسسسسسسسسسسسسو ُ‬
‫حت ّسسى ي َن ْت َهِسسي‬
‫مةِ الِعلم ِ َ‬ ‫خد ْ َ‬ ‫و ِ‬ ‫شسّر‬ ‫ش ي َِقْينسي َ‬
‫ف عَْيس ٍ‬‫كفسا ِ‬ ‫َ‬
‫ري‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫عُ ُ‬ ‫ة‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسأل ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬

‫حيسساة السسدنيا‬ ‫مت َسساعَ ال َ‬ ‫ج سد َ َ‬ ‫القسم الثاني من الناس وَ َ‬


‫ه عسسن‬ ‫ضسسا زائل ً ولسسذة مؤقتسسة وشسساغل ً ل س ُ‬ ‫وزخرفهسسا عر ً‬
‫عبادة ربه والدار الخرة‪ ،‬فأخذ من الدنيا ما لب ُسد ّ منسسه‬
‫وعاش عيش الكفاف من الكسب الحلل‪.‬‬
‫وصرف معظم أوقاته لعبادة ربه طمًعا فسسي محبسسة‬
‫ك‬‫دنيا ُيحب ُس َ‬ ‫الله ورضاه عمل ً بقوله ‪» :‬اْزهَ سد ْ فسسي ال س ُ‬
‫ك الناس«‪ ،‬وهسسذا هسسو‬ ‫الله‪ ،‬وازهَد ْ فيما عند الناس ُيحب ُ َ‬
‫ف وقتسسه عكسسس مسسن ذهبسست‬ ‫السسذي عَسسرف كيسسف يصسسر ُ‬
‫طا‪.‬‬‫أعمارهم ُفر ً‬
‫ت‬ ‫وأهم الزهد في الدنيا أن ل تلقى لهسسا بسسال ً إ َ‬
‫ن أت َس ْ‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ت لم تأسف عليهسسا‪ ،‬وتخرجهسسا‬ ‫ن لم تأ ِ‬
‫ح بها‪ ،‬وإ ْ‬ ‫لم ت َْفَر ْ‬
‫من قلبك وتصسسرف رغبتسسك وفرحسسك إلسسى فضسسل اللسسه‬
‫ه‬
‫مت ِل ِ‬‫ح َ‬
‫وب َِر ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّل ِ‬‫ضل ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫ورحمته‪ ،‬قال تعالى‪ُ  :‬‬
‫ق ْ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬
‫ج َ‬‫ما ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫خي ٌْر ّ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬
‫حوا ُ‬ ‫فَر ُ‬ ‫فل ْي َ ْ‬
‫ك َ‬ ‫فب ِذَل ِ َ‬
‫َ‬
‫م مسسن النسساس ورعسسون ودرجسسة السسورع عاليسسة‪،‬‬ ‫وقس ٌ‬
‫ب الشبهات خوًفا من الوقوع فسي الحسرام‪،‬‬ ‫وهي اجتنا ُ‬
‫ل عن العبادة‪.‬‬ ‫ل من الحلل لئل ُيشغِ ْ‬ ‫والقل ُ‬
‫ك الدين وآفة الدين الطمع‪.‬‬ ‫والورعُ مل ُ‬

‫‪52‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وأهم ما فسسي الزهسسد والسسورع‪ ،‬الزهسسد فسسي الحسسرام‪،‬‬
‫ن الدب مع الله‪.‬‬ ‫حس ُ‬ ‫والورع عن الشبهات‪ ،‬و ُ‬
‫ن على رجسسل فسسي‬ ‫روي عن أبي حنيفة ‪ ‬أنه له دي ْ ٌ‬
‫بغسسداد فسسذهب إليسسه ومعسسه بعسسض تلميسسذه‪ ،‬وذلسسك فسسي‬
‫وسط النهار‪ ،‬والحُر شديد فطرق الباب على السسدائن‪،‬‬
‫ل‬‫وابتعد عن الباب لوجود سقيفة فوق البسساب لهسسا ظ س ٌ‬
‫حسّر الشسسمس‪ ،‬فقسسال لسسه أحسسد تلميسسذه‪ :‬لسسم‬ ‫يقي مسسن َ‬
‫ابتعدنا عن السقيفة ووقفنا في الشسسمس‪ ،‬فقسسال أبسسو‬
‫حنيفة‪ :‬لنا دين على صاحب السقيفة‪ ،‬ووقوفنسسا تحسست‬
‫ة ربا‪.‬‬ ‫السقيفة هو استفادة من الدين‪ ،‬وهذه ُ‬
‫شب ْهَ ُ‬
‫جاءت امرأة إلى عمرو بن قيس بثوب‪ ،‬فقالت‪ :‬يسسا‬
‫أبا عبدالله‪ ،‬اشتر هذا الثوب‪ ،‬واعلم أن غزله ضسسعيف‬
‫وكان إذا جاءه إنسان يعرضه عليسسه قسسال‪ :‬إن صسساحبته‬
‫أخبرتني أنه كسسان فسسي غزلسسه ضسسعف حسستى جسساء رجسسل‬
‫فاشتراه‪ ،‬وقال‪ :‬برأناك منه‪.‬‬
‫وبعث أبو حنيفة إلى حفص بن عبدالرحمن شريكه‬
‫ه‬
‫في التجارة وأعلمه أن ثوًبا من المبيع فيه عيًبا فسسبين ُ‬
‫للمشتري‪.‬‬
‫ص المتاع ونسي أن ُيبين العيب واستوفى‬ ‫فباع حف ُ‬
‫ل‪ ،‬وقيسسل‪ :‬إن الثمسسن كسسان ثلثيسسن ألًفسسا أو‬ ‫الثمسسن كسسام ً‬
‫خمسة وثلثين ألًفا‪ ،‬فبعث أبو حنيفة لشسسريكه وكّلفسسه‬
‫أن يبحسسث عسسن المشسستري فلسسم يهتسسدي إلسسى الرجسسل‪،‬‬
‫ففارق أبو حنيفة شريكه وتتاركسسا‪ ،‬ورفسسض أبسسو حنيفسسة‬
‫حّر ماله وتصد ّقَ به كام ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫أن ُيضيف الثمن إلى ُ‬
‫حلسسل مختلفسسة فيهسسا مسسا‬ ‫عبيسسد ُ‬‫وكان عند يونس بسسن ُ‬
‫قيمتها أربعمائة وفيها ما قيمتها مائتان‪.‬‬
‫دكان فجسساء أعرابسسي فطلسسب‬ ‫فخّلف ابن أخيه في ال ُ‬
‫ة بأربع مائة فعرض عليه مسسن السسذي قيمت ُسسه مائتسسان‬ ‫حل ّ ً‬
‫ُ‬
‫فاشتراها بأربعمائة‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ه ُيونس وهي على يده فعرفها‪ ،‬فقسسال لسسه‪:‬‬ ‫فاستقبل ُ‬
‫بكم اشتريتها؟ فقال‪ :‬بأربعمائة‪ ،‬فقال‪ :‬ل تساوي أكثر‬
‫ها‪.‬‬
‫من مائتين فارجع حتى تُرد ّ َ‬
‫فقسسال‪ :‬هسسذه فسسي لسسدنا ُتسسساوي خمسسسمائة وأنسسا‬
‫ارتضيُتها‪ ،‬فقال يونس‪ :‬انصرف معي‪ ،‬فإن النصح في‬
‫الدين خيٌر من الدنيا وما فيها‪ ،‬ثم أتى إلى الدكان ورد ّ‬
‫عليه مائتي درهم‪.‬‬
‫وخاصسسم ابسسن أخيسسه فسسي ذلسسك ووبخسسه‪ ،‬وقسسال‪ :‬أمسسا‬
‫استحييت أمسسا اتقيسست اللسسه تربسسح مثسسل الثمسسن وتسسترك‬
‫النصح للمسلمين‪.‬‬
‫ض بهسسا‪ ،‬قسسال‪ :‬فهل‬ ‫فقسسال‪ :‬مسسا أخسسذها إل وهسسو را ٍ‬
‫رضيت له بما ترضاهُ لنفسك‪.‬‬
‫وقيل لمجمع التيمي وقد جلسسب شسساته للسسبيع‪ :‬كيسسف‬
‫شاتك‪ ،‬قال‪ :‬ما أرضاها؟‬
‫وروي عن محمد بن المنكدر أن غلمه باع لعرابي‬
‫ب‬ ‫ة بعشرة‪ ،‬فلم يزل يطلسس ُ‬ ‫في غيبته ما ُيساوي خمس ً‬
‫ه‪.‬‬
‫العرابي ويسأل عنه حتى وجد ُ‬
‫فقال لسسه‪ :‬إن الُغلم قسسد غلسسط فباعسسك مسسا ُيسسساوي‬
‫ت‪ ،‬فقسسال‪ :‬وإن‬ ‫ة بعشرة‪ ،‬فقال‪ :‬يا هذا قد رضسسي ُ‬ ‫خمس ً‬
‫ت‪ ،‬فإنا ل نرضى لك إل ما نرضسساه لنفسسسنا‪ ،‬وَرد ّ‬ ‫رضي َ‬
‫عليه خمسة‪.‬‬
‫ولله در القائل‪:‬‬
‫ن الّتسسسسوُرعَ عنسسسسد هسسسسذا‬ ‫ت فل ت َظ ُّنسسي أ ّ‬ ‫وَل ََقسسد ْ عَل ِ ْ‬
‫مسس ُ‬
‫هم‬ ‫غَي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرهُ السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ّْر َ‬
‫ك ت َْقسسوى‬ ‫هنسسا َ‬
‫ن ُ‬ ‫ه فسساعْل َ ْ‬
‫م بسسأ ّ‬ ‫م ت ََرك ْت َ ُ‬
‫ت عليه ث ُ ّ‬ ‫فإذا قَدِْر َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل ِم ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ُ‬

‫دين‪.‬‬ ‫ح ّ‬
‫ك ال ِ‬ ‫م َ‬
‫وفي المثل السائر‪ :‬الدنيا َ‬
‫وعرض محمد بن واسع بسوق مرو حماًرا له على‬
‫البيع‪ ،‬فقال له رجل‪ :‬أترضاه ُ لي؟ قال‪ :‬لو رضيُته لسس َ‬
‫ك‬
‫ه‪.‬‬ ‫لَ ْ‬
‫م أّبع ُ‬
‫‪54‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وذكسسر أن جريسسر بسسن عبسسدالله ‪-‬وكسسان مسسن أفاضسسل‬
‫سا بثلثمسسائة‪ ،‬فلمسسا رأى‬ ‫ه فر ً‬‫م ُ‬
‫غل ُ‬ ‫الصحابة‪ -‬اشترى له ُ‬
‫جرير الفرس أعجبه‪ ،‬فذهب إلسسى صسساحبه‪ ،‬وقسسال لسسه‪:‬‬
‫إن فرسك خيٌر من ثلثمائة )أي تسوى أزيد( وما زال‬
‫يزيده في الثمن حتى أعطاه ثمانمائة‪.‬‬
‫تأمل يا أخي‪ ،‬هذا السسورع هسسل لسسه نظيسسر فسسي زمننسسا‬
‫شاشسسين‬ ‫الذي ساد فيه الغش‪ ،‬بّلغ يا أخسسي معشسسر الغ ّ‬
‫داعين‪.‬‬
‫والطماعين والغرارين والخ ّ‬
‫وروى ابن أبي حاتم بسنده أن أبسسا السسدرداء ‪ ‬لمسسا‬
‫رأى ما أحدث المسسسلمون فسسي الغوطسسة مسسن البنيسسان‪،‬‬
‫وغرس الشجار‪ ،‬قام خطيًبا في مسجدهم‪.‬‬
‫فنادى يا أهل دمشسسق‪ ،‬فسساجتمعوا إليسسه فحمسسد اللسسه‬
‫وأثنى عليه‪ ،‬ثم قال‪ :‬أل تسسستحيون! أل تسسستحيون! أل‬
‫تستحيون! تجمعون ما تأكلون وتبنون ما ل تسسسكنون‪،‬‬
‫وتؤمُلن ما ل ُتدركون‪.‬‬
‫إنه قد كان قبلكم قرون‪ ،‬يجمعن فُيوعون‪ ،‬ويبُنسسون‬
‫فيوثقون‪ ،‬وُيؤمُلون فُيطيلون‪.‬‬
‫فأصبح أملهم غروًرا وأصبح جمعهم ُبوًرا‪ ،‬وأصبحت‬
‫ن‬‫مسسساكنهم قبسسوًرا‪ ،‬أل إن عسساًدا ملكسست مسسا بيسسن عسسد ٍ‬
‫عمان خيل ً وركاب ًسسا‪ ،‬فمسسن يشسستري مسسي ميسسراث عسسادٍ‬ ‫و ُ‬
‫بدرهمين‪.‬‬
‫من ّسسسا الزيسسسغ‬ ‫شسسسْفي َْنا فَ ِ‬
‫ل وإن ُ‬ ‫ضسسسسَنا َنوي ْن َسسسسا ك ُسسسس ّ‬
‫مر ْ‬
‫إذا َ‬
‫ل‬‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسالحة والّزَلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫َ‬
‫م ُ‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫خفنسسسسا إذا أمّنا فما ي َْزكو لَنا عَ َ‬ ‫نرجسسسسو اللسسسسه إذا ِ‬
‫طه‬‫خ ُ‬‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫ون ُ ْ‬

‫كتب أبو الدرداء إلى مسلمة بن مخلد النصسساري‪:‬‬ ‫و َ‬


‫ه اللسسه‪،‬‬
‫أما بعد‪ ،‬فإن العبد إذا عمسسل بطاعسسة اللسسه أحب س ُ‬
‫ه‪ ،‬وإذا عمل بمعصيةِ الله‬ ‫ه إلى خلِق ِ‬
‫ه الله حب ّب َ ُ‬
‫فإذا أحب ُ‬
‫ه إلى خلقه‪.‬‬ ‫ه الله‪ ،‬فإذا أبغضه الله بغض ُ‬ ‫أبغض ُ‬

‫‪55‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ه‪ :‬أما بعسسد فلسسست فسسي شسسيءٍ‬ ‫وكتب مرةً إلى أخ ل ُ‬
‫من أمسسر السسدنيا إل مسسا قسسدمت لنفسسسك‪ ،‬فآثرهسسا علسسى‬
‫ذرك‬ ‫م علسى مسن ل يعس ُ‬ ‫مصلح مسن ولسدك فإنسك تقسد ُ‬ ‫ال ُ‬
‫وتجمع لمن ل يحمدك‪.‬‬
‫ة‬
‫ل فيه بطاعسس ِ‬ ‫ما عام ٌ‬ ‫وإنما تجمعُ لواحدٍ من اثنين‪ ،‬إ ّ‬
‫الله عز وجل‪ ،‬فيسعد بما شقيت به‪.‬‬
‫ل فيه بمعصية الله عز وجل‪ ،‬فيشقى بمسسا‬ ‫وإما عام ٌ‬
‫ت له‪.‬‬‫جمع َ‬
‫ه علسسى‬ ‫ل أن ت ُسسبّرد ل س ُ‬
‫وليس واللسسه واح سد ٌ منهمسسا أه س ٍ‬
‫ظهرك‪ ،‬وأن تؤثرهُ على نفسك‪.‬‬
‫ج لمن مضى منهم رحمة اللسسه‪ ،‬وثسسق لمسسن بقسسي‬ ‫أر ُ‬
‫منهم برزق الله عز وجل‪ ،‬والسلم‪.‬‬
‫ت‬‫وقيل لبي الدرداء‪ :‬مالك ل تشعر؟ قال‪ :‬قسسد قُل ْس ُ‬
‫سمعوا‪:‬‬ ‫فا ْ‬
‫دا‬
‫مسسسا أَرا َ‬ ‫مَناهُ وي َسسسأبى اللسسسه إل َ‬ ‫طى ُ‬ ‫ن ي ُعْ َ‬
‫ُيري ْد ُ المرُء أ ْ‬
‫ل مسسا‬ ‫وتقسسوى اللسسه أفضسس ُ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسست ََفادا‬ ‫ل المسسسسرُء فسسسساِئدتي ا ْ‬ ‫ي ََقسسسسو ُ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسالي‬ ‫و َ‬

‫وقال‪ :‬ما من أحد إل وفي عقلسه نقسسص عسسن حلمسه‬


‫دنيا بزيادة فسسي مسسال ظسسل‬ ‫ه ال ُ‬
‫وعلمه‪ ،‬وذلك أنه إذا أتت ُ‬
‫حا مسروًرا‪.‬‬ ‫فر ً‬
‫مرِهِ ل ُيحزُنه لك‪،‬‬ ‫ن في هدم عُ ُ‬ ‫و الليل والنهاُر دائَبا ِ‬
‫مٌر ينقص‪.‬‬ ‫ل يزيد وعُ ُ‬ ‫ل ظلُله‪ ،‬ما ينفعُ ما ٌ‬ ‫ظ ّ‬
‫ف لسانه‬ ‫معةِ المرِء المسلم بيُته يك ُ ُ‬ ‫وقال‪ :‬ن ِْعم صو َ‬
‫ه‪ ،‬و إيسساكم ومجسسالس السسسواق‪ ،‬فإنهسسا‬ ‫وفرجسسه وبصسسر ُ‬
‫ُتلهي وتلِغي‪.‬‬
‫ب مسسن المعسساد وتشسسسسسساغُلوا بسسسسسسالحرص‬ ‫ت القلو ُ‬‫خل َ ِ‬ ‫َ‬
‫وذكسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسره والطمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساع‬
‫ف والتلفسسساز‬ ‫ح ِ‬‫صسسس ْ‬
‫س مسسن تسسرى فسسسي ال ُ‬ ‫جال ُ‬ ‫تم َ‬‫صار ْ‬ ‫َ‬
‫وحسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسديثهم والمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذياع‬
‫‪56‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬

‫ن ُيقسسال‬
‫فأ ْ‬ ‫ف مسسا أخسسا ُ‬ ‫وعن أبي الدرداء قال‪ :‬أخسسو ُ‬
‫ت‪.‬‬
‫ت أم جهل َ‬ ‫لي يوم القيامة‪ :‬أعلم َ‬
‫ت ل تبقسسى آيسسة آمسسرةٌ أو زاجسسرةٌ إل‬ ‫ت‪ :‬علم ُ‬ ‫فإن ُقل ُ‬
‫ت بفرضسسيتها المسسرة ُ هسسل ائتمسسرت والزاجسسر هسسل‬ ‫أخسسذ ُ‬
‫ازدجرت‪.‬‬
‫شَبع ودعسساٍء‬ ‫س ل تَ ْ‬ ‫فأعوذ ُ بالله من علم ٍ ل ي َن َْفع ون ِْف ٍ‬
‫مع‪ ،‬رواه أحمد‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫ل يُ ْ‬
‫وقال‪ :‬لو تعلمون ما أنتم راؤون ب َعْ سد َ المسسوت‪ ،‬لمسسا‬
‫مسسا علسسى شسسهوة‪ ،‬ول شسسربُتم شسسراًبا علسسى‬ ‫أكلتسسم طعا ً‬
‫شسسهوة‪ ،‬ول دخلتسسم بيًتسسا تسسستظلون‪ ،‬ولخرجتسسم إلسسى‬
‫الصعدات تضربون صدوركم‪ ،‬وتبكون علسسى أنفسسسكم‪،‬‬
‫ضد ثم ُتوكل‪.‬‬ ‫ت أني شجرة ت ُعْ َ‬ ‫ولودد ُ‬
‫وعن جبير بن نفير قال‪ :‬لمسسا ُفتحسست قسسبرص فسسرق‬
‫بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعض‪ ،‬فرأيسسا أبسسا السسدرداء‬
‫سا وحدهُ يبكي‪.‬‬ ‫جال ً‬
‫فقلت‪ :‬يا أبا الدرداء‪ ،‬ما ُيبكيك فسسي يسسوم أعسسز اللسسه‬
‫جبير‪ ،‬مسسا أهسسون الخلسسق‬ ‫السلم وأهله؟ قال‪ :‬ويحك يا ُ‬
‫على الله عز وجل إذا تركوا أمره‪.‬‬
‫بينا هي أمة قاهرة ظاهرة لهسسم الملسسك تركسسوا أمسسر‬
‫الله فرأيتهم كما ترى‪.‬‬
‫مَنسسسى‬ ‫سسسسي وال ُ‬ ‫ة ت ُْلهسسسي وت ُن ْ ِ‬ ‫حَيسسا ِ‬
‫مَنسسى ال َ‬ ‫ك ُ‬‫خسسد َعَن ْ َ‬ ‫ل تَ ْ‬
‫فإنهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ت َظ ْل ِي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ل‬
‫ل‬‫م والب ََقاُء قَِلي ُ‬‫حت ْ ٌ‬
‫ت َ‬ ‫مو ُ‬ ‫ه فال َ‬ ‫ت َقب َ‬
‫ل ن ُُزول ِس ِ‬ ‫مو ِ‬ ‫ن ل ِل ْ َ‬‫وتأهّب َ ْ‬

‫فوائد ونصائح‬

‫‪57‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫اجعسسل مراقبتسسك لمسسن ل تغيسسب عسسن نظسسره إليسسك‪،‬‬
‫ه عنسسك واجعسسل‬ ‫واجعسسل شسسكرك لمسسن ل تنقط سعُ نعم س ُ‬
‫ملكه‪.‬‬ ‫ج عن ُ‬ ‫خضوعك لمن ل تخر ُ‬
‫ك إعراضسسك‬ ‫س َ‬‫وقال العمري‪ :‬إن من غفلتك عن نْف ِ‬
‫عن الله بأن تسسرى مسا ُيسسسخطه فتجسساوزه ول تسسأمر ول‬
‫تنهى خوًفا ممن ل يملك ضًرا ول نفًعا‪.‬‬
‫الشكر من أعلى المقامات وهو أعلسسى مسسن الصسسبر‬
‫والخوف والزهد‪ ،‬وهو مقصود لنفسه ولذلك ل ينقطع‬
‫في الجنة‪ ،‬وليس فيهسسا خسسوف‪ ،‬ول توبسسة ول صسسبر‪ ،‬ول‬
‫زهد‪.‬‬
‫والشسسكر دائم فسسي الجنسسة‪ ،‬ولسسذلك قسسال جسسل وعل‪:‬‬
‫َ‬
‫ن ‪،‬‬ ‫مي َ‬ ‫عللال َ ِ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ه َر ّ‬ ‫مدُ ل ِّللل ِ‬ ‫ح ْ‬‫ن ال َ‬ ‫مأ ِ‬ ‫ه ْ‬
‫وا ُ‬ ‫ع َ‬
‫خُر دَ ْ‬ ‫وآ ِ‬‫‪َ ‬‬
‫ذي‬ ‫ه ال ّل ِ‬‫ملدُ ل ِل ّل ِ‬‫ح ْ‬ ‫قللاُلوا ال َ‬ ‫و َ‬‫وقال عن أهل الجنسسة‪َ  :‬‬
‫كوٌر ‪.‬‬ ‫ش ُ‬ ‫فوٌر َ‬ ‫غ ُ‬ ‫ن َرب َّنا ل َ َ‬ ‫ن إِ ّ‬‫حَز َ‬ ‫عّنا ال َ‬‫ب َ‬ ‫ه َ‬ ‫أ َذْ َ‬
‫أما كيفية شكر اللسسه فيتسسم بسسأمور‪ ،‬أول ً‪ :‬أن يحمسسد‬
‫الله على نعمه بلسانه ويشكره‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬أن يعتقد أن هذه النعمة أو النعسسم آتيت ُسسه مسسن‬
‫ما منه وإحساًنا‪.‬‬ ‫الله تعالى كر ً‬
‫معاصسسيه‪ ،‬بسسل ُيطيسسع‬ ‫ن بهسسا علسسى َ‬ ‫ثالًثا‪ :‬أن ل يستعي َ‬
‫الله فيها‪.‬‬
‫عا‪ :‬أن يعرف فضل الله عليه وكرمه فيسسستحي‬ ‫راب ً‬
‫منه فل يعصه‪ ،‬والله أعلسسم‪ ،‬وصسسلى اللسه علسسى محمسسد‬
‫وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫ب حلوةَ الُزهسسد‬ ‫قسسال سسسهل بسسن عبسسدالله‪ :‬اسسستجل ْ‬
‫س‪،‬‬
‫حة اليسسأ ِ‬ ‫بقصر المل‪ ،‬واقطسسع أسسسباب الطمسسع بص س ّ‬
‫ض لرقة القلب بمجالسة أهل الذكر‪.‬‬ ‫وتعّر ْ‬
‫ن للسسه‬
‫حسسزن ُبطسسول الفكسسر‪ ،‬وتزي ّس ْ‬‫ح بسساب ال ُ‬
‫واسسستفت ْ‬
‫بالصدق في كل الحوال‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وإّيسساك والّتسسسويف‪ ،‬فسسإنه ُيغسسرقُ الهلكسسى‪ ،‬وإيسساك‬
‫والغفلة فإن فيها سواد القلب‪ ،‬واستجلب زيادة النعم‬
‫بعظيم الشكر‪.‬‬
‫ب مسسن‬ ‫معاذ‪ :‬عمل كالسسسراب‪ ،‬وقل س ٌ‬ ‫ن ُ‬ ‫وقال يحيى ب ُ‬
‫التقوى خراب‪ ،‬وذ ُُنوب ِبعدد الرمل والُتراب‪ ،‬ثم تطمع‬
‫في الكواعب التراب‪.‬‬
‫ن بغيسسر شسسراب‪ ،‬مسسا أكملسسك لسسو‬ ‫هيهات أنت سسسكرا ٌ‬
‫ك‪ ،‬وما أقواك لسسو‬ ‫جل َ َ‬‫بادرت أملك‪ ،‬ما أجّلك لو بادرت أ َ‬
‫خالفت هواك‪.‬‬
‫ت السسدنيا‬ ‫وقال يحيسسى بسسن معسساذ‪ :‬يسسا ابسسن آدم‪ ،‬طلبس َ‬
‫ت الخسسرة طلسسب مسسن ل‬ ‫طلب من لُبد له منها‪ ،‬وطلبس َ‬
‫حاجة له إليها‪.‬‬
‫كفيتها وإن لم تطلبها‪ ،‬والخسسرة بسسالطلب‬ ‫دنيا قد ُ‬ ‫وال ُ‬
‫منك تناُلها‪ ،‬فاعقل شأنك‪.‬‬
‫وقال‪ :‬مفاوُز الدنيا ُتقطعُ بالقدام‪ ،‬ومفسساوز الخسسرة‬
‫ُتقطعُ بالُقُلوب‪.‬‬
‫متمزقًسسا مسسا دام‬ ‫ل دين ُسسك ُ‬ ‫وقال‪ :‬يسسا ابسسن آدم‪ ،‬ل يسسزا ُ‬
‫حب الدنيا متعلًقا‪.‬‬ ‫قلُبك ب ُ‬
‫ق دِي َْننسسا َفل دي ِن َُنا ي َب َْقى ول ما ن َُرقّعُ‬
‫مزِي ْس ِ‬‫نرقع د ُن َْيان َسسا بت َ ْ‬
‫طسسوَبى ل ِعَْبسسدِ آثسسر اللسسه وجسساد بسسدنياه ِلمسسا ي َُتوّقسس ُ‬
‫ع‬ ‫فَ ُ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد َهُ‬ ‫و ْ‬

‫م وغمسسوم‬ ‫ن طويل‪ ،‬وهمسسو ٌ‬ ‫حْز ٌ‬


‫الدنيا لذةُ ساعة‪ ،‬يتبُعها ُ‬
‫وأنكاد‪ ،‬ومصائب ومتاعب‪.‬‬
‫والخرة صسسبٌر قليسسل‪ ،‬وسسسرور‪ ،‬ونعيسسم‪ ،‬ل نهايسسة لسسه‬
‫عل َل ُ‬
‫م‬ ‫فل َ ت َ ْ‬
‫لمن رضي الله عنسسه‪ ،‬قسسال اللسسه تعسسالى‪َ  :‬‬
‫مللا‬
‫جلَزاءً ب ِ َ‬
‫ن َ‬ ‫ة أَ ْ‬
‫عي ُل ٍ‬ ‫مللن ُ‬
‫قلّر ِ‬ ‫ي لَ ُ‬
‫هللم ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ما أ ُ ْ‬
‫خ ِ‬ ‫س ّ‬ ‫ف ٌ‬ ‫نَ ْ‬
‫ن ‪.‬‬‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬
‫كاُنوا ي َ ْ‬‫َ‬
‫ت مسسن رسسسول‬ ‫وعن سهل بن سعد ‪ ‬قسسال‪ :‬شسهد ُ‬
‫سا وصف فيه الجنة حتى انتهى‪ ،‬ثسسم قسسال‬ ‫الله ‪ ‬مجل ً‬
‫ت ول‬‫مع َ ْ‬
‫ن سس ِ‬
‫ت ول أذ ٌ‬
‫ن َرأ ْ‬
‫ما ل عيس ٌ‬
‫في آخرته‪» :‬فيها َ‬
‫‪59‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫جن ُللوب ُ ُ‬ ‫فى ُ‬ ‫جا َ‬‫خطر على قلب بشر«‪ ،‬ثم قرأ‪ :‬ت َت َ َ‬
‫م‬‫عَللل ُ‬ ‫فل َ ت َ ْ‬ ‫ع ‪‬إلسسى قسسوله تعسسالى‪َ  :‬‬ ‫ج ِ‬‫ضللا ِ‬
‫م َ‬ ‫ن ال َ‬
‫علل ِ‬‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن ‪ ‬رواه‬ ‫عي ُ ل ٍ‬
‫ةأ ْ‬ ‫ق لّر ِ‬‫مللن ُ‬ ‫ي لَ ُ‬
‫هللم ّ‬ ‫فل َ‬‫خ ِ‬‫مللا أ ْ‬
‫س ّ‬ ‫فل ٌ‬ ‫نَ ْ‬
‫البخاري‪.‬‬
‫وعن صهيب ‪ :‬أن رسول الله ‪ ‬قال‪» :‬إذا دخل‬
‫ن‬
‫دو َ‬ ‫أهل الجنة الجنة يقسسول اللسسه تبسسارك وتعسسالى‪ :‬ت ُرِي ْس ُ‬
‫خْلنا‬
‫جوهََنا! ألم ت ُد ْ ِ‬ ‫دكم؟ فيقولون‪ :‬ألم ت ُب َّيض و ُ‬ ‫شي ًْئا أزِي ْ ُ‬
‫َ‬
‫ب‪ ،‬فما أعْط ُسسوا‬ ‫ف الحجا َ‬ ‫ش ُ‬ ‫ة وتنجينا من النار‪ ،‬فيك َ‬ ‫الجن َ َ‬
‫َ‬
‫من النظرِ إلى َرِبهم«‪.‬‬ ‫ب إليهم ِ‬‫ح ّ‬ ‫شي ًْئا أ َ‬ ‫َ‬
‫حكم ووصايا‬
‫ب‪ ،‬وصديقك من حذرك من‬ ‫ك العُُيو َ‬‫من عَّرفَ َ‬ ‫أخوك َ‬
‫الذنوب‪ ،‬وعلى قدر خوفك من الله يهاُبك الخلق‪.‬‬
‫حبسسك للسسه ُيحبسسك الخلسسق‪ ،‬وعلسسى قسسدر‬ ‫وعلسسى قسسدر ُ‬
‫شغلك بالله يشتغل الخلقُ بأمرك‪.‬‬
‫ن‬
‫ن على ُنقصان ماله كيف ل يحسسز ُ‬ ‫عجب ممن يحز ُ‬
‫على ُنقصان عمره‪.‬‬
‫وقسسال‪ :‬أيهسسا المريسسدون‪ ،‬إن اضسسطررتم إلسسى طلسسب‬
‫دنيا‪ ،‬فاطلبوهسسا ول ُتحبوهسسا‪ ،‬واشسسغلوا بهسسا أبسسدانكم‪،‬‬ ‫الس ُ‬
‫وعلقوا بغيرها ُقلوبكم‪.‬‬
‫فإنهسسا دار ممسسر‪ ،‬وليسسست بسسدار مقسسر‪ ،‬السسزاد منهسسا‪،‬‬
‫ل في غيرها‪.‬‬ ‫والمقي ُ‬
‫مسسا‬
‫داَر َ‬
‫مْق س َ‬ ‫مل ُس ْ‬
‫وا ِ‬ ‫ن ل ل َوْ أن ّهُ ْ‬
‫م عَ ِ‬ ‫وا أ ْ‬‫مسس ْ‬ ‫الّنسساس َقسسد ْ عَل ِ ُ‬
‫وا‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫عَل ِ ُ‬ ‫ب ََقسسسسسساَء ل َُهسسسسسس ْ‬
‫م‬

‫عمسسره‬ ‫ل ُ‬‫سَنة‪ ،‬وك ُس ُ‬ ‫من قد ب َل َغَ أرب َِعين َ‬‫وقال آخر‪ :‬يا َ‬
‫ه‪ ،‬ثسسم ل ي َسد ِْري‬ ‫مت ْعًِبا في جمع المال ب َد َن َ ْ‬ ‫ة‪ ،‬يا ُ‬ ‫سن َ ْ‬
‫م وَ ِ‬ ‫نو ٌ‬
‫ة‪ ،‬إنهسسا بك َ ْ‬
‫سسسب َِها‬ ‫حن َ ْ‬‫مت َ ِ‬
‫م ْ‬
‫س ال ُ‬
‫م هذه الن ّْف َ‬‫ه‪ ،‬أعْل ِ ْ‬
‫خَزن َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫لِ َ‬
‫ة‪.‬‬
‫مْرت َهَن َ ْ‬‫ُ‬

‫‪60‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫أل يعتبر المغرور بمن قد دفنه‪ ،‬كم رأى مسسن جبسساٍر‬
‫فسسارق أهلسسه وأولده ومسسسكنه‪ ،‬انتب ُِهسسوا يسسا راحليسسن‬
‫بالقامة‪ ،‬يا هالكين بالسلمة‪.‬‬
‫م في كسسدره‪ ،‬أمسسا وعظكسسم‬ ‫أين من أخذ صفو ما أنت ُ‬
‫بسيره في سيره‪ ،‬بل قد حمل بريد النسسذار أخبسسارهم‪،‬‬
‫هم‪.‬‬ ‫وأراكم تصفح الثار آثار ُ‬
‫مِع‬‫سس َ‬
‫معَت ْسسه فا ْ‬
‫ج َ‬
‫ن ت َْفري ْقُ ما َ‬‫ك الّليسسسسسالي أ ّ‬ ‫حسسسسسد ّث َت ْ َ‬‫و َ‬
‫خَبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرا‬
‫مت ََها ال َ‬‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي َ‬
‫حذرٍ منهسسا فَق سد ْ وان َظ ُسْر إليهسسا تسسرى اليسسات‬ ‫ن على َ‬ ‫وك ُ ْ‬
‫ت والعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسبرا‬ ‫ح ْ‬‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫نَ َ‬

‫حبال الدنيا خيال تغُسسر الغ سّر‪ ،‬المتمسسسك بهسسا يلعسسب‬


‫بلعسساب الشسسمس وبيسست العنكبسسوت‪ ،‬السسدنيا كسسالمرأة‬
‫الفاجرة ل تثبت مع زوج‪.‬‬
‫ت‬
‫مس أفنسسس ْ‬ ‫مسسسو ِ‬
‫ولسسسو كسسسانت السسسد ُن َْيا مسسسن سسسسوى ُ‬
‫مَرهَسسسسسسسسا‬
‫سسسسسسسسساء عُ ْ‬
‫النسسسسسس لسسسسسم تكسسسسسن بما َ‬

‫ما فسسي دائرة الغيسسر‪ ،‬كسسم حضسسرت فيهسسا مسسن‬ ‫يا مقي ً‬
‫محتضر‪ ،‬وكم عاينت فيها مسسن قسسبر يتفسسر‪ ،‬لقسسد ألنسست‬ ‫ُ‬
‫ل صلدٍ وحجر‪ ،‬اسمع يا من إذا عامل خان‬ ‫ُ‬
‫مواعظها ك ّ‬
‫وظلم‪.‬‬
‫يا هذا أما علمت أن اللطف مع الضعيف أكسسثر لمسسا‬
‫كانت الدجاجة ل تحبو على الولد أخسسرج كاس سًيا‪ ،‬ولمسسا‬
‫كانت النملة ضعيفة البصسسر أعينسست بقسسوة الشسسم فبهسسا‬
‫تجد ُ ريح المطعوم من بعيد فتطلب‪.‬‬
‫كلمسسا أكسسل‬ ‫مختلسسف السسسنان ُ‬ ‫ولمسسا كسسان التمسسساح ُ‬
‫ج إلى شسساطئ البحسسر‬ ‫حصل بين أسنانه ما يؤذيه فيخر ُ‬
‫حا فسساه طالب ًسسا للراحسسة فيسسأتي طيسٌر فينقسسر مسسا بيسسن‬ ‫فات ً‬
‫حسسا عسسن‬ ‫أسسسنانه فيكسسون ذلسسك رزًقسسا للطسسائر وتروي ً‬
‫ساح‪.‬‬‫م َ‬‫الت ّ ْ‬

‫‪61‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫خلسسد دويبسسة عميسساء مسسن أقسسوى المخلوقسسات‬ ‫وهذه ال ُ‬
‫سمع‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫س‬
‫جي ٍْج ل ُيح س ّ‬ ‫ضس ِ‬
‫جمسسوٍع ل َيراهَسسا وهم في َ‬ ‫فهُسسم فسسي ُ‬
‫خْلسسسسسسسسسسسسد ُ‬
‫ن َدايسسسسسسسسسسسسةٍ بسسسسسسسسسسسسه ال ُ‬‫ابسسسسسسسسسسسس ُ‬

‫جسسةِ‬ ‫حا َ‬‫مَيسساء وقسست ال َ‬ ‫ة العَ ْ‬ ‫ت هسسذه الد ّوَي َْبسس َ‬ ‫مسس ْ‬ ‫قسسد أل ْهِ َ‬
‫ن ت ََفتسسح فاهسسا فيسسسقط السسذباب فيسسه فتتنسساول‬ ‫تأ ْ‬ ‫ل ِل ُْقو ِ‬
‫منه‪.‬‬
‫وهذه الطيار تترّنم ط ُسسول النهسسار فيقسسال للضسسفدع‪:‬‬
‫ك ل تنطقين‪ ،‬فتقول مسسع صسسوت الهسسزار‪ُ :‬يستبشسعُ‬ ‫مال ِ‬
‫صوتي‪.‬‬
‫جل وعل الخسسرس‬ ‫ل‪ :‬هذا الليل ولما خلق الله َ‬ ‫فُيقا ُ‬
‫معَ لئل يسمعُ مسسا يكسسره‬ ‫س ْ‬‫ب ال ّ‬ ‫سل َ‬ ‫ل يقدر على الكلم ُ‬
‫ل أخرس أطُروش‪.‬‬ ‫ه الجواب فك ُ ُ‬ ‫ول ُيمكن ِ ُ‬
‫ب عليهسسم‬ ‫ما تولع الجسسذام بأظفسسار أصسسحابه صسعُ َ‬ ‫ول ّ‬
‫ل فليسسس فسسي ثيسساب المجسسذوم‬ ‫من ِعَ منهم القمس ُ‬ ‫كف ُ‬ ‫الح ّ‬
‫قملة‪.‬‬
‫ه‬‫ع الل ّ ل ِ‬ ‫ص لن ْ َ‬ ‫سبحان من هذا ُلطفه وهذه حكمه‪ُ  ،‬‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ن ك ُل ّ‬ ‫سل َ‬ ‫ح َ‬ ‫ذي أ ْ‬ ‫ء ‪، ‬ال ّل ِ‬ ‫ي ٍ‬‫شل ْ‬ ‫ل َ‬‫ن ك ُل ّ‬ ‫قل َ‬ ‫ذي أت ْ َ‬ ‫ال ّل ِ‬
‫م‬ ‫ه ث ُل ّ‬
‫قل ُ‬ ‫خل ْ َ‬
‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬‫شل ْ‬ ‫ل َ‬ ‫طى ك ُل ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ه ‪ ،‬و ‪‬أ َ ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫دى ‪.‬‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫مسسن أدعيسسة المضسسطرين‪ :‬يسسا ود ُوْد ُ يسسا ذا العسسرش‬
‫مسسا ُتري ْسسد‪ ،‬أسسسألك‬ ‫ل لِ َ‬ ‫معِْيد‪ ،‬يسسا فَعَسسا ٌ‬ ‫مْبدئُ يا ُ‬ ‫المجيد‪ ،‬يا ُ‬
‫ك السستي‬ ‫ن عرشسسك وبُق سد َْرت ِ َ‬ ‫بنوُرِ وجهك السسذي مل أركسسا َ‬
‫قدرت بها على جميع خلقك‪.‬‬
‫وبرحمتك التي وسعت كل شيء ل إله إل أنسست‪ ،‬يسسا‬
‫مغِْيث أغثني‪.‬‬ ‫ُ‬
‫قيل لجعفر الصادق‪ :‬مالنا ندعوا فل يسسستجاب لنسسا؟‬
‫عون من ل تعرفونه‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لنكم تد ُ‬
‫عن سسسهم بسسن منجسساب قسسال‪ :‬غزونسسا مسسع العلء بسسن‬
‫الحضرمي دارين )قرية في بلد فسسارس( فسسدعا بثلث‬
‫‪62‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت‪ ،‬فاسُتجيبت له فيهن‪ :‬نزلنا منزل ً فطلب الماء‬ ‫دعوا ٍ‬
‫ليتوضأ فلم يجده‪ ،‬فقام فصلى ركعتين‪ ،‬وقسسال‪ :‬اللهسسم‬
‫سِقَنا غيًثا‬ ‫ك‪ ،‬اللهم أ ْ‬ ‫ل عد ّوَ َ‬ ‫دك وفي سبيلك ُنقات ُ‬ ‫إنا عبي ُ‬
‫ب‪ ،‬فسسإذا توضسسأنا لسسم يكسسن لحسدٍ فيسسه‬ ‫ُ‬
‫نتوضأ منه ونشر ُ‬
‫ت‬‫ل‪ ،‬فإذا نحن بماء حين أقلع ْ‬ ‫نصيب غيرنا‪ ،‬فسرنا قلي ً‬
‫ت إدواتي )إنسساء‬ ‫عنه السماء فتوضأنا منه وتزودنا ومل ُ‬
‫صسسغير مسسن جلسسد( وتركُتهسسا مكانهسسا حسستى أنظسسر هسسل‬
‫ت لصسسحابي‪:‬‬ ‫اسُتجيب لسسه أم ل؟ فسسسرنا قليل ً ثسسم قُل ْس ُ‬
‫ه لسسم‬ ‫ت إلسسى ذلسسك المكسسان فكسسأن ُ‬ ‫ت إدواتسسي‪ ،‬فجئ ُ‬ ‫نسسسي ُ‬
‫ط‪ ،‬ثم سرنا حتى أتينا دارين والبحر بيننسسا‬ ‫ه ماٌء ق ُ‬ ‫ُيصيب ُ‬
‫م إنسسا‬‫ي يسسا عظيس ُ‬ ‫م يسسا علس ُ‬ ‫م يا حلي ُ‬ ‫وبينهم‪ ،‬فقال‪ :‬يا علي ُ‬
‫ك‪ ،‬الهسم فاجعسل لنسا‬ ‫عسد ُوّ َ‬‫ل َ‬ ‫ك وفي سسبيلك ُنقاتس ُ‬ ‫عبيد ُ َ‬
‫ضسَنا مسسا ي َب ْل ُسغُ لبودنسسا‪،‬‬ ‫خ ْ‬‫حسسم البحسسر ف ُ‬ ‫إليهسسم سسسبي ً‬
‫ل‪ ،‬فتق ّ‬
‫ن فمسسات‬ ‫فخرجنا إليهسسم فلمسسا رجسسع أخسسذه وج سعُ البط س ِ‬
‫ه فلسسم نجسسده فلففنسساهُ فسسي ثيسسابه‬ ‫فطلبنسسا مسساء نغسسسل ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ودفنا ُ‬
‫ضسسنا‬‫ن بماء كسسثير‪ ،‬فقسسال بع ُ‬ ‫فسرنا غير بعيد فإذا نح ُ‬
‫سسسلناه‪ ،‬فرجعنسسا‬ ‫ض‪ :‬لسسو رجعنسسا فاسسستخرجناهُ فغ ّ‬ ‫لبعسس ٍ‬
‫ل مسسن القسسوم‪ :‬إنسسي‬ ‫ده‪ ،‬فقسسال رج س ٌ‬ ‫فطلبنسساهُ فلسسم نج س ُ‬
‫م أخسسف عليهسسم‬ ‫م يا حلي س ُ‬ ‫ي يا عظي ُ‬ ‫سمعته يقول‪ :‬يا عل ُ‬
‫دا‪،‬‬‫موتي ‪-‬أو كلمة نحوها‪ -‬ول ُتطل ِسسع علسسى عسسورتي أحس ُ‬
‫فرجعنا وتركناه‪ ،‬والله أعلم‪ ،‬وصلى الله علسسى محمسسد‬
‫وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫اعلم وفقنا الله وإيسساك أن العمسسال الصسسالحة ُتفيسد ُ‬
‫الراحة في الدنيا والتنعم في الخرة‪.‬‬
‫وعمارة السسدنيا تكسسسب التعسسب فيهسسا والشسسقاء بعسسد‬
‫مفارقتها‪.‬‬
‫ُ‬
‫دق‬ ‫ه بفناِء الدنيا زهد فيها ومن صسس ّ‬‫ومن صدق نفس ُ‬
‫نفسه ببقاء الخرة رغب فيها‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مث ّسسل‪ ،‬والّنمسسام‪،‬‬ ‫م َ‬‫احذر كل الحذر مسسن الكسسذاب‪ ،‬وال ُ‬
‫ساخر‪ ،‬والغشاش والحاسد‪ ،‬والعيان‪،‬‬ ‫سس‪ ،‬وال ّ‬ ‫متج ّ‬ ‫وال ُ‬
‫معجسسسب بنفسسسسه‪ ،‬والمتهسسسم بسسساللواط‪،‬‬ ‫والمتكسسسبر‪ ،‬وال ُ‬
‫والمتهسسم بالزنسسا‪ ،‬فسسإن هسسؤلء ُقربهسسم وخيسسم وضسسررهم‬
‫عظيم في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫ينبغسسي للعاقسسل أن يغتنسسم أوقسساته فسسي السسدنيا‪ ،‬إمسسا‬
‫دا فسسي‬‫ما وحمس ً‬ ‫بسبب ُيثمر راحة في الدنيا أو ُيثمر نعي ً‬
‫ب العاقل‪.‬‬ ‫الخرة‪ ،‬وهذا ما يتمناه اللبي ُ‬
‫ة فسسسالُعمُر‬ ‫مل ٌ‬‫شسسسا ِ‬‫ك َ‬ ‫ك عََليسسس َ‬ ‫م ل ت َْغسسسُرْر َ‬ ‫ن آد َ َ‬‫أَيسسسا اْبسسس َ‬
‫مْعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُوْد ُ‬ ‫ة َ‬ ‫عافيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٌ‬ ‫َ‬
‫مسسن الفسسات‬ ‫ل شسسيٍء ِ‬ ‫ن ب ُ‬
‫كسس ِ‬ ‫عسس َ‬ ‫كسسَزْرع ِ‬ ‫مسسا أنسست إل َ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسود ُ‬ ‫مْق ُ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرت ِهِ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ُ‬
‫ر‬
‫ل المسس ِ‬ ‫ت عنسسد َ كمسسا ِ‬ ‫ت فسسأن ْ َ‬ ‫مسسن الفسسا ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫م َ‬
‫س سل ِ ْ‬
‫فإن َ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسود ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫م ْ‬ ‫معَِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا َ‬ ‫ج َ‬‫أ ْ‬

‫قال بعضهم‪ :‬عجًبا لمن ل يهتم بمؤنسسة الشسستا حسستى‬


‫يقوى البرد‪ ،‬ول بمؤنة الصيف حتى يشتد الحسُر‪ ،‬ومسسن‬
‫ة‬
‫خلَر ِ‬‫فللي ال ِ‬ ‫و ِ‬‫هل َ‬ ‫ف ُ‬ ‫هسسذه صسسفته فسسي أمسسور السسدنيا ‪َ ‬‬
‫سِبيل ً ‪.‬‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫وأ َ َ‬
‫مى َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ع َ‬
‫هذا الطائر إذا علم أن النثى قد حملت أخسسذ ينقسسل‬
‫ت‬ ‫العيدان لبناء العسسش قبسسل الوضسسع أفسستراك مسسا علمس َ‬
‫ب رحيلك إلسسى القسسبر المظلسسم السسذي سسستنفرد فيسسه‬ ‫ُقر َ‬
‫وحدك وُيسد عليك فيه باللبن والطين‪.‬‬
‫فهّل عملت لك فراش تقسسوى‪ ،‬قسسال اللسسه جسسل وعل‬
‫ف َ‬
‫ن‬‫دو َ‬‫ه ُ‬‫م َ‬
‫م يَ ْ‬
‫ه ْ‬‫س ِ‬‫ف ِ‬ ‫لن ُ‬ ‫حا َ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ِ‬‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫وتقدس‪َ  :‬‬
‫‪.‬‬
‫ك‬ ‫مسسا لسسم ت َعُْقس َ‬
‫ت بهسسا َ‬ ‫ك ظ َِفْر َ‬ ‫سسساعَت ِ َ‬ ‫دنيا ب َ‬‫ت ََزوّد ْ مسسن ال س ُ‬
‫ق‬
‫السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسستي الَعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوائ ِ ُ‬
‫ت‬ ‫ك التسسي بسسه أن ْس َ‬ ‫مس َ‬ ‫ك ول َيو ُ‬ ‫ضسسي عَل ْْيسس َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ك ال َ‬ ‫م َ‬
‫فل ي َوْ ُ‬
‫ق‬
‫بَعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائدٍ َواِثسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬

‫‪64‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وهسسذا اليربسسوع ل يتخسسذ بيت ًسسا إل فسسي موضسسع طيسسب‬
‫مرتفع ليسلم من سيل أو حافر‪ ،‬ثم ل يجعلسسه إل عنسسد‬
‫أكمة أو صخرة لئل يضل عنسسه إذا عسساد إليسسه‪ ،‬وليجسسده‬
‫بسرعة عندما يحذر من شيء‪.‬‬
‫ثسسم يجعسسل لسسه أبواب ًسسا مسسن جهسسات‪ ،‬ويرقسسق بعضسسها‬
‫ليسهل عليه الخروج‪ ،‬فسسإذا أتسسي ن بسساب دفسسع برأسسسه‬
‫مأرق وخرج‪.‬‬
‫م‬
‫وهذا اليسسل يأكسسل الحيسسات فيشسستد عطشسسه فيحسسو ُ‬
‫ب لعلمه أن المسساء ُينفسسذ السسسموم‬ ‫حول الماء ول يشر ُ‬
‫إلى أماكن ل يبلغها الطعام‪.‬‬
‫ل سسسنة وهسسو سسسلحه‬ ‫ومن عادته أنه يسقط قرُنه ك ُ ّ‬
‫فيختفي إلى أن َينُبت فسبحان من أعطى كسسل شسسيء‬
‫خلقه ثم هدى‪.‬‬
‫وهذه الحية تختفي طسسول الشسستاء بسسالرض فتخسسرج‬
‫وقد عشى بصرها فتحكه بأصول الرازيانج؛ لنه يزيسسل‬
‫الغشاء‪ ،‬فسبحانه من حكيم عليم أعطسسى كسسل شسسيء‬
‫خلقه ثم هدى‪.‬‬
‫وهذا الفهسسد إذا سسمن علسم أنسه مطلسسوب وشسسحمه‬
‫يمنعُسسه مسسن الهسسرب فهسسو يسسستر نفسسسه إلسسى أن ينحسسل‬
‫جسمه ويزول الشحم‪ ،‬فسبحانه مسن إلسه بصسير بكسل‬
‫شيء‪.‬‬
‫وهذه النملة تدخر في الصيف للشتاء‪ ،‬فإذا خسسافت‬
‫ه أخرجته إلى الهسسوى‪ ،‬فسسإذا حسسذرت‬ ‫فساد الحب وتعُفن َ ُ‬
‫أن ينبت نقرت موضع القطمير‪.‬‬
‫وهو الشقُ في الحبسسة والنسسواة‪ ،‬فسسسبحانه مسسن إلسسه‬
‫حي قيوم ل تأخسسذه سسسنة ول نسسوم أحسساط بكسسل شسسيء‬
‫ما‪.‬‬
‫عل ً‬
‫وهسسذه السسسمكة إذا حبسسستها الشسسبكة قفسسزت بكسسل‬
‫قوتها لتقطع الحسسابس وأنست لسسو نهضست بقسسوة العسسزم‬
‫لنخرقت شبكة الهوى‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫اسسسمعْ يسسا مسسن ضسسيق علسسى نفسسسه الخنسساق بفعسسل‬
‫المعاصي‪ ،‬فما أبقى لعُسسذرٍ موضسًعا‪ ،‬يسسا مقهسسوًرا بغلبسسة‬
‫النفس قم عليها بسوط العزم‪ ،‬فإنها إن علمت منسسك‬
‫الجسسد ّ والجتهسساد والعسسزم الصسسادق استأسسسرت لسسك‪،‬‬
‫ح على ترك الحرام‪.‬‬ ‫فامنعها ملذوذها ليقع الصل ُ‬
‫ح‬ ‫صسس َ‬
‫ك الن ُ ْ‬‫ضسسا َ‬‫مح َ‬ ‫ما َ‬
‫ن هُ َ‬
‫ن وإ ْ‬ ‫س والشيطا َ‬ ‫ف الن َِف َ‬‫خال ِ ِ‬
‫و َ‬
‫ما فسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسات ّهِم ِ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ َ‬ ‫واعْ ِ‬
‫ن السم‬ ‫حْيث لم ي َد ْرِ أ ّ‬‫من َ‬ ‫مسسرِء ِ‬ ‫ت َلسسذ َةً ل ِل ْ َ‬‫سسسن ْ ْ‬
‫ح ّ‬‫كسسم َ‬
‫سسسسسسسسسسسم ِ‬ ‫ة فسسسسسسسسسسي الد ّ َ‬ ‫قات ِل َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬

‫ثم اعلم‪ :‬أن السسدنيا والشسسيطان خارجيسسان خارجسسان‬


‫عليك خارجان عنك‪ ،‬فالنفس عدو مباطن‪.‬‬
‫ومن آداب الجهاد ما أرشسسدنا إليسسه اللسسه‪ ،‬قسسال جسسل‬
‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫قللات ُِلوا ال ّل ِ‬‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫وعل وتقدس‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫كم ‪.‬‬ ‫ي َُلون َ ُ‬
‫ن واختفى‪ ،‬فمسسا‬ ‫م َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫وليس من بارز بالمحاربة ك َ َ‬
‫س حية تسعى‪ ،‬فهي حية تسعى أقل فعلها‬ ‫دامت النف ُ‬
‫صوًفا‪.‬‬ ‫ف التبذير كالخرقاء وجدت ُ‬ ‫تمزيقُ العمرِ بك ّ‬
‫ل بنفسك في بيت الفكر ساعة‪ ،‬وانظر هل هي‬ ‫أخ ُ‬
‫ها بلسسسان التسذكرة‪ ،‬وُقسل يسا نفس ُ‬
‫س‬ ‫معك أو عليك‪ ،‬نادِ َ‬
‫صابري عطش الهجير‪ ،‬يحصل الصوم وتحزمي تحسُزم‬
‫الجير فإنما هو يوم‪.‬‬
‫ب عسسسن‬ ‫صسسس ْ‬
‫ب تُ ِ‬ ‫صسسس ْ‬ ‫ن فان ْ َ‬ ‫مسسا ُ‬ ‫حر َ‬ ‫جسسد ّ وال ِ‬ ‫جسسد ّ بال ِ‬ ‫ال َ‬
‫ل‬
‫غاَيسسسة المسسس ِ‬ ‫ل َقرْيسسسب َ‬ ‫كسسسسسسسسسس ِ‬ ‫فسسسسسسسسسي ال َ‬
‫ل‬ ‫ض الَقسسو َ‬ ‫ود نَق س َ‬ ‫ضسسي وما ت َعَ س ّ‬ ‫ن الَفسستى مسسن بما ِ‬ ‫إ ّ‬
‫صسسسسسسسسًفا والَعمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل‬ ‫مت ّ ِ‬‫حسسسسسسسسْزم ِ ُ‬ ‫ال َ‬
‫ه‬
‫م ِ‬ ‫مسسن أي ّسسا ِ‬
‫ت ِ‬ ‫ت ي َُعود َ ما َفا َ‬ ‫عا ِ‬‫سسسسسسا َ‬ ‫ضسسسسسي ّعُ َ‬ ‫ول ي ُ َ‬
‫َ‬
‫ل‬‫ن الو ِ‬ ‫ن فََلسسسسسسسس ْ‬ ‫مسسسسسسسسا ِ‬ ‫الّز َ‬
‫ل ي َعَْتني بالذي فيه من‬ ‫ول ي َُعسسد ُ عُُيوًبسسا بسسالورى ب َ ْ‬
‫ل‬ ‫خل َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫دا ال َ‬ ‫أَبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬
‫مسسن وَث َْبسس ِ‬
‫ة‬ ‫ل ِ‬ ‫ج ٍ‬ ‫على وَ َ‬ ‫ح غَدٍ إل َ‬ ‫صب ْ ِ‬‫ل آمال ً ب ُ‬ ‫م ُ‬
‫ول يؤ ّ‬
‫‪66‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬

‫ل‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫ال َ‬


‫ضسسسح‬ ‫معَسسسالي أو َ‬ ‫لنهسسسا ل ِل ْ َ‬ ‫وى‬ ‫صسسد ُ عسسن الّتقسس َ‬ ‫ول ي َ ُ‬
‫ل‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسب ُ ِ‬ ‫ال ُ‬ ‫ه‬‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسْيرت َ ُ‬ ‫بَ َ‬
‫مسسوًرا‬ ‫ن مغ ُ‬‫ن كسسا َ‬‫عسسارٍ وإ ْ‬ ‫َ‬ ‫ه مما‬ ‫ض ُ‬
‫عْر َ‬‫ن ِ‬‫ص ْ‬‫من لم ي َ ُ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫حلسسسسسسسسسس ِ‬‫مسسسسسسسسسسن ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ي ُد َن ِ ُ‬

‫ك‬‫ك لسسو عَل ِسقَ ب َِثوب ِس َ‬ ‫ت د ُن ْي َسسا َ‬ ‫ك كما د َب ّسْر َ‬ ‫دبْر دين َ َ‬ ‫يا هذا َ‬
‫مار رجعت إلى وراء لتخلصه‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫م ْ‬‫ِ‬
‫هذا مسماُر الضرار قد تشبث بقلبك‪ ،‬فلسسو عسسدلت‬
‫ت‪.‬‬ ‫ص َ‬ ‫إلى الندم خطوتين تخل ّ ْ‬
‫م‪.‬‬‫ك َنا َ‬‫حّر َ‬‫ة‪ ،‬ك ُّلما ُ‬ ‫ي الغَْفل َ ِ‬ ‫صب ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ولكن هَي َْها َ‬
‫كل يوم تحضر المجلسسس وتسسسمع الموعظسسة‪ ،‬فسسإذا‬ ‫ُ‬
‫ت من ل ُيفلح‪.‬‬ ‫خرجت كما دخلت‪ ،‬قال الشيطان‪ :‬فدي ُ‬
‫ويحك إبك بكاء من يدري قيمة الفائت من الوقت‪.‬‬
‫يا هذا‪ ،‬اسمع كلم الناصح المخلص الذي يريد نفسسع‬
‫ة المصسسائب كسسدرةُ‬ ‫جميسسع المسسسلمين‪ ،‬السسدنيا حمالسس ُ‬
‫صة‬ ‫ث للبرية أنواع البلية مع كل لقمة غُ ّ‬ ‫المشارب تور ُ‬
‫ة‪:‬‬ ‫فما أحد ُ فيهسسا إل وهسسو فسسي كسسل غسسرض لسسهُم ٍ ثلثس ٍ‬
‫ة‪.‬‬
‫سهم نقمة‪ ،‬وسهم رزية‪ ،‬وسهم مني ّ ٍ‬
‫طسسوًْرا‬ ‫طسسوًْرا و َ‬ ‫خطُئه َ‬ ‫ل فَت ُ ْ‬ ‫من ك ُس ّ‬ ‫ت ِ‬ ‫ضُله الوقا ُ‬ ‫ت َُنا ِ‬
‫هلن‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ْب‬
‫م ُل ُ‬ ‫يتجللدد كللل يللوم‬ ‫بمللات ُ ِ‬ ‫ب‬ ‫ران ِ ٍ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫فمن كان معتب ً‬
‫َ‬
‫حلول الحوادث بأصحابها‪.‬‬
‫ومعتبًرا بما يتجدد كل يوم مسسن ارتجسساع النعسسم مسسن‬
‫حزنهسسم واغتمسسامهم بفقسسدها لسسم يأسسسف‬ ‫أربابها وشدة ُ‬
‫على فواتها‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية َ‬
‫شسسسَفى ال َْباب ََنسسسا‬ ‫ظ َ‬ ‫ِبسسسوَعْ ٍ‬
‫ه‬ ‫خط ْب ُس ُ‬ ‫أَرىَ الدهًرا أغَْنى َ‬
‫ه‬
‫طسسسسسسسسساب ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫عسسسسسسسسسن ِ‬
‫ب ِل ُب َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسابهِ‬
‫ك‬
‫ب‬ ‫دي الُقلسوُ َ‬ ‫ب ت َهْس ِ‬ ‫ه قُل ّس ٌ‬ ‫لَ ُ‬
‫شسسي ْ ِ‬ ‫مى عن وَ ِ‬ ‫إليها وت َعْ َ‬ ‫وادًيا‬
‫ه‬
‫ان ِْقلِبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫َ‬
‫وا‬ ‫ه وه ْ س َ‬ ‫ث إل أن ّس ُ‬ ‫هُسسو الليس ُ‬
‫ث عسسن‬ ‫ب الّلي َ‬ ‫غا َ‬ ‫طا فأ َ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫خسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسادٌِر‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫س غسسسسسسسسسساب ِ ِ‬ ‫أْنسسسسسسسسسس ِ‬
‫ة‬
‫م سَراَر ِ‬
‫حلوَةُ‬ ‫م َ‬ ‫سل َ ْ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ت لَ ْ‬ ‫هيها َ‬ ‫و َ‬
‫مسسن َ‬ ‫ب إليسسه ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫لِ َ‬ ‫ه‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهْدِ ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساب ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫مب َسساِديهِ ت َغُسّر وإّنمسسا‬ ‫مبي ْد ٌ َ‬ ‫ُ‬
‫ه‬
‫ة ب ِعَِقسساب ِ ِ‬ ‫مس ٌ‬ ‫مخُتو َ‬ ‫ه َ‬ ‫عواقُب َ ُ‬ ‫َ‬
‫س‬ ‫َ‬
‫ض‬ ‫مُلسسو ُ‬ ‫سسسسا َ‬ ‫مسسسن َ‬ ‫مسسسم ت َسسسَر َ‬ ‫أ ْ‬
‫ك الَر ِ‬ ‫ت ُ‬ ‫سسساَر ْ‬ ‫و َ‬ ‫ك قسسسسسسسادًرا‬ ‫مماِلسسسسسسس َ‬ ‫ال َ‬
‫ه‬
‫كسسسسسسسسساب ِ ِ‬ ‫ت رِ َ‬ ‫َتحسسسسسسسسس َ‬
‫شهْب َِها َلسسول ُ‬ ‫على ُ‬
‫ت‬ ‫كسساد ْ ْ‬ ‫ه الدنيا و َ‬ ‫ت لَ ُ‬ ‫دان َ ْ‬ ‫و َ‬
‫مسسود ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَهاب ِ ِ‬
‫ه‬ ‫حل ّسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫تُ ِ‬
‫ه‬ ‫صسسسن ُ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫مت ْ ُ‬‫سسسسل َ َ‬ ‫لقسسسد أ ْ‬
‫ه‬
‫سسسب ِ ِ‬ ‫عسسن ك َ ْ‬ ‫دا َ‬ ‫غسس ً‬ ‫داةَ َ‬ ‫غسس َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسون ُ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫و ُ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساب ِهِ‬ ‫باك ْت ِ َ‬
‫ه عنسسسد َ‬ ‫جت ْسسس ُ‬ ‫ة أن ْ َ‬ ‫ضسسس ٌ‬ ‫َفل فِ ّ‬
‫عنسسسد َ‬ ‫ب أغَْنسسساهُ ِ‬ ‫ول َذهسسس ٌ‬ ‫ه‬
‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫ضا ِ‬ ‫ان ِْف َ‬
‫ه‬
‫هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساب ِ ِ‬ ‫ذَ َ‬
‫ه‬ ‫ه وُّراُثسسس ُ‬ ‫صسسس ُ‬ ‫خ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫سسسسل َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ه بُترابسس ِ‬ ‫وأْفسسَرد َهُ أْتراُبسس ُ‬ ‫ه‬
‫بُتراِثسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬

‫ومهمللا أمعللن اللللبيب فكللره فللي أصللحاب‬


‫الدنيا وغفلتهم عن الخرة وكللثرة مصللائبهم‬
‫فيها‪ ،‬تسّلي عنها وهان عليه تركها‪.‬‬
‫وكسسان بعضسسهم يحضسسر دار المرضسسى لُيشسساهدهم‬
‫وُيشسسسساهد عللهسسسسم ومحنهسسسسم‪ ،‬ويحضسسسسر السسسسسجون‬
‫والمستشفيات والمقابر مساكن الموتى‪.‬‬
‫فيشاهد أربسساب العسسزاء وأسسسفُهم علسسى مسسا فرطسسوا‬
‫وعلى ما ل ينفع مع اشتغال الموتى بما هو فيه‪.‬‬
‫وكان يعود ُ إلى بيته بالحمسسد والشسسكر ط ُسسول النهسسار‬
‫على نعم الله عليه في تخليصه من البليا‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وينبغي للنسان أن ينظر إلى من دونه فسسي المسسال‬
‫والجاه ليشكر الله ويحمده‪ ،‬وينظر في الدين إلى من‬
‫هو فوقه ليجتهد وُيشمر ليلحقه‪.‬‬
‫وإبليسسس لعنسسه اللسسه إذا اسسستولى واسسستحوذ علسسى‬
‫كس هذا النظر وعكسه‪.‬‬ ‫النسان ن ّ‬
‫فإذا قيل له لم تتعاطى هذا الفعسسل القبيسسح‪ ،‬اعتسسذر‬
‫بعذرٍ قبيسٍح‪ ،‬وذلسسك بسسأن يقسسول‪ :‬فلن يتعسساطى مسسا هسسو‬
‫أعظم منه‪.‬‬
‫وإذا قيل له‪ :‬لم ل تقنع بهذا الموجود‪ ،‬يقسسول‪ :‬فلن‬
‫أغنى مني ول قنع فلم أصبر على ما ليس يصبر عنه‪.‬‬
‫وهذا عين الضلل والجهل‪.‬‬
‫داعسسة‪،‬‬ ‫دارة‪ ،‬خ ّ‬ ‫قال بعضهم‪ :‬إخواني الدنيا غّرارة‪ ،‬غ ّ‬
‫كارة‪ ،‬تظنها مقيمة وهي سسسيارة‪ ،‬وتظنهسسا مصسسالحة‪،‬‬ ‫م ّ‬
‫وهي قد شّنت على أهلها الغارة‪ ،‬فانتبه لها‪:‬‬
‫ص‬‫ل الت ّن ْغِْيسس ُ‬ ‫ن ما يأم ُ‬ ‫َيا أّيها ذا الذي قَسسد غَ سّرهُ ود ُوْ َ‬
‫ل‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ل وال َ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ال َ‬
‫وا‬ ‫حل ّسسس ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ل الّركسسس ْ‬ ‫من ْسسسز ِ‬ ‫دنيا ك َ‬ ‫أل تسسسرى إّنمسسسا السسس ُ‬
‫حل ُسسسسسسسسس ْ‬
‫و‬ ‫ت اْرت َ َ‬ ‫مسسسسسسسسس َ‬ ‫وزي ْن َت َُهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ث ُ ّ‬
‫كهسسا‬ ‫مل ُ‬ ‫وها كسسد ٌَر و ُ‬ ‫صسسّف ُ‬ ‫شسسَها و َ‬ ‫صسسد ٌ وعَي ْ ُ‬ ‫حُتوفَُهسسا َر َ‬ ‫ُ‬
‫ل‬‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ٌ د ُوَ ُ‬ ‫ن َ‬
‫ش ول‬ ‫ه عَْيسس ٌ‬ ‫سوغ ل َ ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫عسسا ِ‬ ‫ل ت ُْفسسزِعُ بالروّ َ‬ ‫ظسس ُ‬‫تَ َ‬
‫ل‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ َ ُ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساك ِن ََها َ‬ ‫َ‬
‫م السد ّهِْر‬ ‫سسَها ُ‬ ‫ل فيسسه ِ‬ ‫دى ت َظ َ ُ‬ ‫مَنايسسسا والسسسّر َ‬ ‫ه ل ِل ْ َ‬
‫كسسسأن ّ ُ‬
‫ل‬ ‫ظسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ض ت َن ْت َ ِ‬
‫غسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَر ٌ‬ ‫َ‬
‫ها‬ ‫عن ْسد َ َ‬‫ل ِ‬ ‫جس ٍ‬ ‫ل عَث َْرةِ رِ ْ‬ ‫ت وك ُ ُ‬ ‫ة والمسسو ُ‬ ‫س هارِب َ ٌ‬ ‫والنف ُ‬
‫ل‬ ‫جَلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ي َت ْب َعَُهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا َ‬
‫سسَعى‬ ‫ث مسا ي َ ْ‬ ‫مسسسا والَقب ُْر َوارِ ُ‬ ‫سسسسَعى ب ِ َ‬ ‫والمسسسرُء ي َ ْ‬
‫جسسسسسسسسسس ُ‬
‫ل‬ ‫ه الّر ُ‬ ‫وارِث ِهِ ل َسسسسسسسسسس ُ‬ ‫سسسسسسسسَعى ِلسسسسسسس َ‬ ‫يَ ْ‬

‫ي عبدالله بن الزبيسسر‬
‫قال وهب بن كيسان‪ :‬كتب إل ّ‬
‫بموعظة‪:‬‬
‫‪69‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت ُيعرفسسون بهسسا‬ ‫أما بعد‪ ،‬فسسإن لهسسل التقسسوى علمسسا ٍ‬
‫ويعرُفونها من أنفسهم‪ :‬من صسسبر علسسى البلء ورضسسي‬
‫ل لحكم القرآن‪.‬‬ ‫شكرٍ للنعماء‪ ،‬وذ ُ ّ‬ ‫بالقضاء و ُ‬
‫وإنما المام كالسوق ما نفسسق فيهسسا حمسسل إليهسسا إن‬
‫نفق الحق عنده حمل إليه وجاء أهل الحسسق وإن نفسسق‬
‫عنده الباطل جاءه أهل الباطل‪.‬‬
‫قيل لبعضهم‪ :‬من يعرف كل العلم قال كل الناس‪،‬‬
‫ت‪ :‬هذا غلط واضح ما يعرف كل العلم إل الله جل‬ ‫ُقل ُ‬
‫ن ال ِ ْ‬ ‫ُ‬
‫علللم ِ‬ ‫مل َ‬‫ما أوِتيت ُللم ّ‬ ‫و َ‬‫وعل‪ ،‬قال عز من قائل‪َ  :‬‬
‫قِليل ً ‪.‬‬
‫إ ِل ّ َ‬
‫دي‬ ‫ض سع ْ خ س ّ‬ ‫طعن عمر ‪ ‬قسسال لبنسسه‪َ :‬‬ ‫قيل‪ :‬إنه لما ُ‬
‫ن بخسسده‬ ‫على الُتراب فوضعه فبكسسا حسستى لصسسق الطي س ُ‬
‫حمنسسي‬ ‫ل أمي إن لسم ير َ‬ ‫ي ووي ُ‬ ‫وعينه‪ ،‬وجعل يقول‪ :‬ويل ْ‬
‫ربي‪ ،‬ودخل عليه كعب وكان قد قسسال لسسه‪ :‬إنسسك ميسست‬
‫إلى ثلثة أيام فلما رآه أنشد‪:‬‬
‫ل مسسا‬ ‫ن الَقسسو َ‬
‫كأ ّ‬ ‫شسس ً‬ ‫ب ثلًثسسا ول َ‬ ‫داِني ك َْعسس ٌ‬‫عسس َ‬
‫وََوا َ‬
‫ب‬‫ه ك َْعسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ها َقسسسسسسسسسسال َ ُ‬ ‫ي َُعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ّ َ‬
‫حذاَر الذ ّْنب ي َت ْب َعُ ُ‬
‫ه‬ ‫ت ولكن ِ‬ ‫ذاَر المسسو ِ‬ ‫حس َ‬ ‫ومسسا بسسي ِ‬
‫ب‬ ‫ت السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ ّن ْ ُ‬ ‫ميسسسسسسسسسس ٌ‬ ‫إّنسسسسسسسسسسي ل َ َ‬

‫واعجًبا من خوف عمللر مللع كمللاله‪ ،‬وأمنللك‬


‫مع نقصانك‪ ،‬قيل لبللن عبللاس لل رضللي الللله‬
‫ي رجللل كللان عمللر؟ فقللال‪ :‬كللان‬ ‫عنهمللا للل‪ :‬أ ّ‬
‫كا‪.‬‬ ‫كالطائر الحذر الذي له بكل طريق شَر َ‬
‫ت معيسسن ينسسام فيسسه فكسسان‬ ‫وكان ‪ ‬لم يكن لسسه وقس ٌ‬
‫س وهسسو قاعسسد‪ ،‬فقيسسل لسسه‪ :‬يسسا أميسسر المسسؤمنين‪ ،‬أل‬ ‫ينع ُ‬
‫ت أمسسور‬ ‫ت بالنهار ض سي ّعْ ُ‬ ‫تنام؟ فقال‪ :‬كيف أنام! إن ُنم ُ‬
‫ت حظ ِسسي مسسن اللسسه‬ ‫ل ضسي ّعْ ُ‬ ‫ت بالل ّي ْ ُ‬
‫المسلمين‪ ،‬وإن نم ُ‬
‫عز وجل‪.‬‬
‫قال حماد بن سلمة‪ :‬ما أتينا سسسليمان السستيمي فسسي‬
‫ساعة ُيطاع الله عز وجل فيها إل وجدناه مطيًعا‪.‬‬
‫‪70‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فإن كان في ساعة صلة وجدناه مصلًيا‪ ،‬فسسإن لسسم‬
‫ضسسا أو‬‫دا مري ً‬ ‫تكن ساعة صلة وجسسدناه متوضسسأ أو عسسائ ً‬
‫ح في المسجد‪.‬‬ ‫دا ُيسب ّ ُ‬ ‫مشيًعا لجنازة أو قاع ً‬ ‫ُ‬
‫معتمر بن سليمان‬ ‫ت ُ‬‫وقال السود بن سالم‪ :‬سمع ُ‬
‫ت لنسسا كسسان أبسسي يكسسون فيسه‪،‬‬ ‫السستيمي قسسال‪ :‬سسسقط بيس ٌ‬
‫طا فكان فيه حتى مات‪ ،‬فقيل لسسه‪ :‬لسسو‬ ‫سطا ً‬ ‫فضرب فُ ْ‬
‫دا الموت‪.‬‬ ‫بنيته‪ ،‬فقال‪ :‬المر أعجل من ذاك غ ً‬
‫ن بأن َْفسسساس‬ ‫مسسسن الزمسسسا ِ‬ ‫مسسساٌر ِ‬ ‫ل أعْ َ‬‫من َسسساز َ‬
‫ت َب ْن ِسسسى ال َ‬
‫عات‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا َ‬‫ة و َ‬ ‫دمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٌ‬ ‫مه َ ّ‬
‫آخر‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ك فيها لسسو عََرْفسست‬ ‫م َ‬‫مَقا ُ‬ ‫ن َ‬ ‫دي َ‬‫أت َْبنسسسي ب َِنسسساء الخاِلسسس ِ‬
‫ل‬‫وإّنمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا قَل ِْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫مسسا يقتفيسسه‬ ‫مسسن كسسان يو ً‬ ‫ك لِ َ‬ ‫لقد كان في ظل الَرا ِ‬
‫ل‬ ‫حْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬‫ة َر َ‬ ‫ك َِفاي َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٌ‬

‫سدود الفهللم بكللثرة الشللواغل حضلْر‬ ‫م َ‬


‫فيا ُ‬
‫ة للموعظة‪ ،‬يا عبللد الطمللع طللالع‬ ‫قلبك لحظ ً‬
‫دار الحرار القنوعين‪.‬‬
‫دث‪.‬‬ ‫ما أطول غشية غفلتك فلمن ُنح ّ‬
‫قلبك في غلف غفلة وفطنتك في غشاوة غباوة‪.‬‬
‫منا يسسدور حسسول سسستور سسسمعك وموانسسع الهسسوى‬ ‫وكل ُ‬
‫ه أن يصل فلو قد وصل إلى القلب أثر‪.‬‬ ‫تحجب ُ‬
‫قيل‪ :‬إنه عضت رجل ً حية فلم يعلم أنهسسا حي ّس ٌ‬
‫ة فلسسم‬
‫يتغي ّْر‪.‬‬
‫ة مات؛ لنسسه حيسسن أخسسبر انفتحسست‬ ‫فلما أخبر أنها حي ّ ٌ‬
‫م إلى القلب‪.‬‬‫س ُ‬ ‫ه فوصل ال ّ‬ ‫م ُ‬‫مسا ّ‬
‫صر‪.‬‬‫فيا أعمى البصيرة‪ ،‬إمش مع من ي ُب ْ ِ‬
‫ويا أطرش‪ ،‬الهوى صاحب من يسمع‪.‬‬
‫جالس المخبتين والخاشعين والبكسسائين‪ ،‬فلعلسسك أن‬
‫تتأثر فتأثير الصحبة أمر ل يخفى‪.‬‬
‫يا من يشاهد ما يجري على الخائفين ول ينزعج‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ة لهسسم إذا رأيسست دمسسوع‬ ‫أقل الحالت أن تبكي رحم ً‬
‫الُثكلسسى والرملسسة واليسستيم‪ ،‬فلب ُسد ّ مسسن الرحمسسة إل أن‬
‫من نزعت من قلوبهم الرحمسسة‪ .‬واللسسه أعلسسم‪،‬‬ ‫تكون م ّ‬
‫وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل في فوائد نافعة لمن له عقل وفهم‬
‫اطلسسب فسسي الحيسساة العلسسم والمسسال‪ :‬العلسسم لزالسسة‬
‫الجهل عن نفسك وعن المؤمنين‪ ،‬والمال لسسستعماله‬
‫فيمسسا يرضسسي اللسسه ل للتكسساثر والتبسساهي تحسسرْز بهمسسا‬
‫الّرياسة على الناس‪.‬‬
‫لنهسسم ينقسسسمون إلسسى قسسسمين‪ :‬خسسواص وعسسوام‪،‬‬
‫ن‪ ،‬والعامسسة ُتفضسسلك بمسسا‬ ‫ضسُلك بمسسا ُتحس س ُ‬‫فالخاصة ُتف ّ‬
‫تملك‪.‬‬
‫حسسُنه وجسودته‪،‬‬ ‫سسرعة العمسل واطلسب ُ‬ ‫ل تطلسب ُ‬
‫َ‬ ‫قال اللسسه تبسسارك وتعسسالى‪ :‬ل ِيبل ُوك ُ َ‬
‫ن‬
‫سل ُ‬ ‫ح َ‬‫مأ ْ‬ ‫م أي ّك ُل ْ‬‫َ ْ َ ْ‬
‫مسسدة‬ ‫مل ً ‪‬والناس ل يسألون كم يسسوم اسسستغرقت ُ‬ ‫ع َ‬
‫َ‬
‫العمل وإنما يسأُلون عن جودة صنعته‪.‬‬
‫معلسسم زارع والنفسسوس مسسزارع‪ ،‬والدراسسسة مسساء‬ ‫ال ُ‬
‫التربية فمن لم تكن مزرعته نقية وماؤها متسسدفًقا لسسم‬
‫ينجح الزرع‪.‬‬
‫ن بسسإذن اللسسه ومرشسسد‬ ‫معلسسم يفيسسد بل لسسسا ٍ‬ ‫القسسدوةُ ُ‬
‫ناصح من غير بيان‪.‬‬
‫وهي مدرسة النسان العلمية التي يرسسسخ تعليمهسسا‬
‫في النفوس ويعلقُ بالفهام‪.‬‬
‫ما إلى أن يتعلموا بعيونهم أكسسثر‬ ‫والناس مائلون دائ ً‬
‫مما يتعلمون بآذانهم‪.‬‬
‫والمْرِئي يؤثُر أكثر من المقروء والمسموع‪.‬‬
‫وتعليم العمل أنفع من تعليم القول والرشاد ُيسسرى‬
‫الطريق‪ ،‬ولكن القدرة البكماُء تسيره فيه بإذن الله‪.‬‬
‫معلسسم مسسن الفصسساحة والبراعسسة فسسي‬ ‫ومهما أوتسسي ال ُ‬
‫تهذيب النفوس فليس ببالغ ما يبلغسسه زميسسل لسسه ُدونسسه‬
‫في المهارة وفوقه في السيرة‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ولهسذا قيسل‪ :‬خيسر النصسسح افعسل كمسا أفعسسل ل كمسا‬
‫أقول‪ ،‬ولما كانت غريزة التشسسبه أقسسوى فسسي الحسسداث‬
‫ينبغسسي أن ينشسسئوا فسسي بيئة صسسالحة لينشسسئوا نسسافعين‪،‬‬
‫ن بمن حولُهم‪ ،‬قال الله تعالى‬ ‫فإنهم يتشبهون ويتمثُلو َ‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫عب ُدُ ِ‬
‫كاَنت ت ّ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ها َ‬ ‫صدّ َ‬ ‫و َ‬ ‫عن بلقيس‪َ  :‬‬
‫ن ‪.‬‬ ‫ري َ‬‫ف ِ‬
‫كا ِ‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫ق ْ‬‫من َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ها َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫ولهذا قالوا‪ :‬انظر إلى الحشسسرات الصسسغيرة تتلسسون‬
‫ت به‪.‬‬ ‫ت الذي تقتا ُ‬ ‫بلون الّنبا ِ‬
‫ة البيتية أبلغ في نفوسهم‬ ‫ومن أجل ذلك كان الّتربي ُ‬
‫من التربية المدرسية‪.‬‬
‫فالبيت أصل المجتمسسع ومسسن ينسسوعه تنبعسسث الداب‬
‫والخلق؛ ولهذا يجب العتناء به‪.‬‬
‫وصسفات الوالسسدين تظهسسر فسسي أولدهمسا وأفعالهمسسا‬
‫المختلفة التي يمارسونها تحيسسا فسسي أولدهمسسا بعسسد أن‬
‫وا تعليمها الشفوي‪.‬‬ ‫يكونوا قد نس ْ‬
‫ونظرة واحدة من الب أو الم قد تبقى مؤثرة في‬
‫الولد مدى الحياة‪.‬‬
‫وعسسن نهشسسل بسسن كسسثير‪ ،‬عسسن أبيسسه قسسال‪ :‬أدخسسل‬
‫حجسسر هسسارون الرشسسيد‬ ‫مسسا إلسسى بعسسض ُ‬ ‫الشسسافعي يو ً‬
‫ليستأذن له ومعسسه سسسراج الخسسادم‪ ،‬فأقعسسده عنسسد أبسسي‬
‫ج‬‫عبدالصمد مؤدب أولد هارون الرشسسيد‪ ،‬فقسسال سسسرا ُ‬
‫للشافعي‪ :‬يا أبا عبدالله‪ ،‬هؤلء أولد ُ أميسسر المسسؤمنين‪،‬‬
‫وهذا مؤدبهم فلو أوصيته بهم‪ ،‬فأقبسسل عليهسسم‪ ،‬فقسسال‪:‬‬
‫ليكن أول ما تبدأ به من إصسسلح أولد أميسسر المسسؤمنين‬
‫ن‬ ‫حس ُ‬ ‫إصلحك نفسك‪ ،‬فإن أعيُنهم معقودةٌ بعينك‪ ،‬فال َ‬
‫ح عنسسدهم مسسا تكرهُسسه‪،‬‬ ‫ه‪ ،‬والقبي س ُ‬ ‫عنسسدهم مسسا تستحسسسن ُ‬
‫م‬ ‫وه ول تتر ُ‬
‫كه ُ‬ ‫علمهم كتاب الله ول ُتكرهُهم عليه فيمل ُ‬
‫ه‪ ،‬ومسسن‬ ‫م روهسسم مسسن الشسسعر أعف س ُ‬ ‫جسسروه‪ ،‬ث ُس ّ‬ ‫منسسه فيه ُ‬
‫الحديث أشرفه‪ ،‬ول ُتخرجهم من علم إلى غيره حسستى‬
‫ة للفهم‪.‬‬ ‫موه فإن ازدحام الكلم في السمع مضل ٌ‬ ‫ُيحك ُ‬

‫‪73‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫س عما اشتبه عليها وقبلت ما اتضح‬ ‫إذا وقفت النف ُ‬
‫ل على ذكائها وورعها‪.‬‬ ‫لها فهو دلي ٌ‬
‫س البرار تنفر من أعمال الُفجار‪.‬‬ ‫ُنفو ُ‬
‫ة لعمال البرار‪.‬‬ ‫متبرمة ومتكره ٌ‬ ‫س الشرار ُ‬ ‫ونفو ُ‬
‫م فسسي‬ ‫م فسسي العاقبسسة مسسذمو ٌ‬ ‫متبسسعُ الشسسهوات نسساد ٌ‬ ‫ُ‬
‫العاجلة‪ ،‬وتارك الشسسهوات سسسالم غسسانم فسسي العاجلسسة‪،‬‬
‫محمود مغتبط في الجلة‪.‬‬
‫من مال إلى الدنيا تعجل التعب فيهسسا‪ ،‬وكسسان علسسى‬
‫يقين من فنائه‪.‬‬
‫ه أهُلهسسا‪،‬‬ ‫ومن زهد فيهسسا اسسستراح مسسن عنائهسسا وأحب س ُ‬
‫مفارقتها‪.‬‬ ‫وأمن خوف العاقبة بعد ُ‬
‫ما أغفل من يتيقن بالرحيل عن السسدنيا‪ ،‬وهسسو دائب‬
‫جاد في عمارتها‪.‬‬
‫وجدير بالعاقل أن ل ُيجد ّ في عمسسارةِ شسسيء يسستركه‬
‫لغيره‪.‬‬
‫ن كالسسسسسهم ِ أو‬ ‫ضسسسسي ْ َ‬ ‫م َ‬‫من العسسوام ِ َ‬ ‫شٌر ِ‬ ‫لله عَ ْ‬
‫ل‬‫ج ِ‬‫ق في عَ َ‬ ‫هرةَ كالَبر ِ‬ ‫بسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬
‫ل‬‫م سعَ المسسا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م سَر عَن ّسسا ونح س ُ‬ ‫كذا تم سُر َليسسالي العُ ْ‬
‫ل‬ ‫شسسسسسسسسسسغُ ِ‬ ‫ة فسسسسسسسسسسي ُ‬ ‫راحلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬
‫مسسن‬ ‫ك ي ُسد ِْنينا ِ‬‫جهْل ً وذ َل ِس َ‬ ‫و َ‬ ‫ح في ل َهْس ٍ‬ ‫صب ِ ُ‬‫ي ون ُ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫م ِ‬ ‫نُ ْ‬
‫ل‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫سسسسسسسسسسسّر بسسسسسسسسسسه ال َ‬ ‫نُ َ‬
‫ي ول عليه إذ ْ مسّر فسسي الثسسام‬ ‫ضسسسس ُ‬‫م ِ‬ ‫والُعمسسسسُر ي َ ْ‬
‫ل‬ ‫سسسسسًفا والّزل َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫دري فسسسسوا أ َ‬ ‫َنسسسس ْ‬
‫مسسن‬ ‫م لنا شيًئا ِ‬ ‫دا كيف ولم ُنقد ْ‬ ‫ري غ ً‬ ‫شعْ ِ‬‫ت ِ‬ ‫يا ل َي ْ َ‬
‫ل‬ ‫العمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫ص به‬ ‫الخل ُ‬
‫ب‬ ‫جَزاء الذن ْ ِ‬ ‫س لي ب َ‬ ‫ك عمسا قسد فلي َ‬ ‫يسا رب عَْفسوَ َ‬
‫ل‬ ‫ن ِقبسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫مسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫دي ِ‬ ‫جن َْتسسسسسسسسسه يسسسسسسسسس ِ‬ ‫َ‬

‫حكم متنوعة‬
‫‪74‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن علسسى فقسسدان الطاعسسة مسسع عسسدم القيسسام‬ ‫حسسْز ُ‬ ‫ال ُ‬
‫والجتهاد في طلبها من علمات الغترار‪.‬‬
‫دا في شيء من أمر نفسك‬ ‫إذا أردت أن تشاور أح ً‬
‫فانظر كيف ُيدُر ذلك المستشار أمر نفسه‪.‬‬
‫فإن كان لم يصلح تدبير نفسسه ولسسم ُيكسسسبها خيسًرا‬
‫فأنت أحسسرى أن ل تنتفسسع بسسه ولسسست ألسسزم عليسسه مسسن‬
‫نفسه‪.‬‬
‫ن مسسن المسسال‬ ‫ة والذكُر الحسن أبقسسى وأحسس ُ‬ ‫الحكم ُ‬
‫ل والحكمسسة والسسذكر‬ ‫عنسسد العقلء؛ لن المسسال مضسسمح ٌ‬
‫ن باقيان‪.‬‬ ‫الحس ُ‬
‫سَفل والراذل‪.‬‬ ‫ل عند ال ُ‬‫وقد يكون الما ُ‬
‫وأما الحكمة والذكر الجميل فعند أهل الفضل‪.‬‬
‫ة‬
‫خصسسال‪ :‬قل س ُ‬‫ف فسسي الرجسسل مسسن ثلث َ‬ ‫العجُز ُيعسسر ُ‬
‫مخسسالفت ِهِ لمسسا يشسستهي‬ ‫ة ُ‬ ‫اهتمامه بمصسسالح نفسسسه وقل س ُ‬
‫كر ونضرٍ في العواقب‪.‬‬ ‫دون تف ّ‬ ‫وقبوُله الشيء ب ُ‬
‫دك‪.‬‬
‫كن مع والديك كما ُتحب أن يكون معك ول ُ‬ ‫ُ‬
‫ت‬‫ل لنفسك صرعة الموت وما قسسد عزمس َ‬ ‫يا هذا‪ ،‬مث ّ ْ‬
‫ه وقت الطلق‪.‬‬ ‫أن تفعل حينئذٍ وقت السرِ فافعل ُ‬
‫ومثل نفسك في زاوية من زوايا جهّنم وأنت تبكسسي‬
‫مطبقسسة وهسسي سسسوداء‬ ‫مغلقسسة وسسسقوفها ُ‬ ‫دا وأبوابهسسا ُ‬ ‫أب ً‬
‫مظلة‪.‬‬
‫س بسسه ول صسسديق تشسسكو إليسسه ول نسسوم‬ ‫ل رفيق تسسأن ُ‬
‫ب إل‬ ‫ح ول نفسسس ول طعسسام إل الّزُقسسوم ول شسسرا َ‬ ‫ُيريسس ُ‬
‫الحميم‪.‬‬
‫ن أيسسديُهم إلسسى‬‫ن أهسسل النسسار ليسسأكُلو َ‬ ‫قسسال ك َْعسسب‪ :‬إ ّ‬
‫مسسن الّندامسسة علسسى تفريطهسسم ومسسا يشسسعرون‬ ‫المناكب ِ‬
‫بذلك‪.‬‬
‫ك وازرع فسسي ربيسسع‬ ‫مسسر َ‬ ‫فسسانتبه يسسا غافسسل لغتنسسام عُ ِ‬
‫جدوبة أرض شخصك‪.‬‬ ‫ل ُ‬ ‫حياتك قب َ‬
‫خ سْر مسسن وقسست قُسسدرتك لزمسسن عجسسزك واعتسسبر‬ ‫واد ّ ِ‬
‫رحلك قبل رحيلك‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فكأنك بحرب الّتلف قد ْ قامت على ساق وانهزمت‬
‫ش المل‪.‬‬ ‫جيو ُ‬ ‫ُ‬
‫وإذا ملك الموت قد بارز الروح يجتذبها بخطاطيف‬
‫الشدائد من تيار الُعروق‪.‬‬
‫ل‪.‬‬
‫وقد أوثق كتاف الذبيح وحار البصر لشدة الهَوْ ِ‬
‫محتضسسر ومسسا نسسزل بسسه مسسن‬ ‫ل عسسن حسسال ال ُ‬ ‫ول تسسسأ ْ‬
‫الكروب والسكرات‪.‬‬
‫دا‬
‫ل زا ً‬ ‫صسس ْ‬‫فتيقظ يا مسكين وتهيأ لتلك السسساعة وح ّ‬
‫قبل العوِز‪.‬‬
‫مسسسن‬‫ن قَل ِْبسسسي ِ‬ ‫حسسسَز ُ‬ ‫وتي وب َعْ سد ُ فَي َ ْ‬ ‫أفَك ُّر في َ‬
‫مس ْ‬
‫خط ِي َْئتسسسسسسي‬ ‫ظيسسسسسسم ِ َ‬ ‫حتي عَ ِ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ْ َ‬ ‫فَ ِ‬
‫سسسسوء أفْعَسسسالي‬ ‫ق علسسسى ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما عَْيني و ُ‬ ‫كي د َ ً‬ ‫وت َب ْ ِ‬
‫حي ْل ََتسسسسسسسي‬ ‫ل َهَسسسسسسسسسسا الب ُك َسسسسسسسسسسا وقِّلسسسسسسسةِ ِ‬
‫ما عند َ اْقسستَرا ِ‬
‫ب‬ ‫سي ّ َ‬
‫ج ول ِ‬ ‫فما لي إل اللسسه ل أْر ُ‬
‫من ِي ّت ِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي‬ ‫غَْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرهُ َ‬
‫مّلسسسةِ السسسسلم‬ ‫ل َربسسسسي فسسسسي علسسسى ِ‬ ‫واسسسسسأ َ ُ‬
‫مّلسسسسسسسس ِ‬
‫ة‬ ‫ف ِ‬ ‫شسسسسسسسسَر َ‬ ‫من ًسسسسسسسا أ ْ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫وَفَسسسسسسساتي َ‬

‫يا عجًبا ربنا جللل وعل يتحبللب إلينللا بللالنعم‬


‫ي عنا وعن كل خلقه أهللل السللموات‬ ‫وهو غن ٌ‬
‫والرض‪.‬‬
‫ونتمقت ونتبغض إليه بالمعاصسسي ونحسسن محتسساجون‬
‫إليه‪ ،‬بل مضطرون إليه‪.‬‬
‫محبسسة اللسسه إيثسسار طسساعته وتجنسسب معاصسسيه‬ ‫علمسسة َ‬
‫متابعة رسوله ‪.‬‬ ‫و ُ‬
‫ي ك ُس ّ‬
‫ل‬ ‫حب ًسسا سسسهل عل س ّ‬
‫ت ربسسي ُ‬
‫قسسال بعضسسهم‪ :‬أحبب س ُ‬
‫مصيبة ورضاني في كل قضّية‪.‬‬ ‫ُ‬
‫فمسسا أبسسالي مسسع حسسبي إيسساه مسسا أصسسبحت عليسسه ومسسا‬
‫أمسيت وأرجو أن أكون من أحبابه‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قال أحسسد الشسسعراء أبيات ًسسا فسسي مخلسسوق ل تصسسلح إل‬
‫لرب العزة والجلل تبارك وتعالى‪ ،‬فعدلنا فيها ووجهنا‬
‫الطلب والتمني إلى الله‪:‬‬
‫م‬‫ضسسى والنسسا ُ‬ ‫ك َتر َ‬ ‫ول َي ْت َس َ‬
‫ك ت َعُْفسسو والحيسساةُ‬ ‫فَل َي َْتسس َ‬
‫ب‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬ ‫مريسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرة ِغ َ‬
‫ٌ‬ ‫ِ ْ َ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫مي‬
‫ِ‬ ‫عسسال‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫يسس‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‬‫و‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ين‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫و‬
‫ب‬ ‫را‬‫خسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس‬ ‫َ‬
‫ك‬‫ت الذي ب َْيني وب َي ْن َ َ‬ ‫ول َي ْ َ‬
‫َ ُ‬ ‫مر‬
‫عسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬
‫ٌ فكسسسسل السسسسذي فَسسسسوْ َ‬
‫ق‬
‫ك السود َ َيسا‬ ‫مْنس َ‬ ‫ت ِ‬‫ُ‬ ‫إذا ن ِْلس‬
‫ب‬ ‫ب ُتسسسسسسسرا ُ‬ ‫الُتسسسسسسسرا ِ‬ ‫خال ِقَ الوََرى‬ ‫َ‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصلى الللله علللى محمللد وآللله‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال سفيان الثوري‪ :‬ل يجتمع في هذا الزمان لحد‬
‫مال إل وعنده خمس خصسسال‪ :‬طسسول المسسل‪ ،‬وحسسرص‬
‫غالب‪ ،‬وشح شديد‪ ،‬وقلة الورع‪ ،‬ونسيان الخرة‪.‬‬
‫ة في سسستة مواضسسع‪ :‬المسسسجد ُ‬ ‫ستة أشياء هن غريب ٌ‬
‫ب فسسي‬ ‫ف غري ٌ‬‫غريب بين ناس ل يصلون فيه‪ ،‬والمصح ُ‬
‫منزل قوم ل يقرءون فيه‪ ،‬والقرآن غريب فسسي جسسوف‬
‫الفاسق‪ ،‬والمرأة المسلمة غريبة في يد رجسسل ظسسالم‬
‫ب فسسي يسسد‬‫ح غري س ٌ‬
‫م الصال ُ‬‫ل المسل ُ‬‫سيئ الخلق‪ ،‬والرج ُ‬
‫امرأةٍ رديئةٍ سيئة الخلق‪ ،‬والعالم غريسسب بيسسن قسسوم ل‬
‫يستمُعون إليه‪.‬‬
‫اعلم أن القلوب القاسية تعالج بأمور‪:‬‬
‫عمسسا هسسي عليسسه مسسن المعاصسسي‪ ،‬وذلسسك‬ ‫أول ً‪ :‬القلع َ‬
‫بحضسسسور مجسسسالس السسسوعظ والتسسسذكير والتخويسسسف‬
‫والترغيب‪ ،‬وأخبار الصالحين‪ ،‬والكثار مسسن مطالعسسة‬
‫ن ذلك ُيلين القلسسوب‬ ‫الكتب المحتوية على ذلك‪ ،‬فإ ّ‬
‫بإذن الله‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬ذكر الموت فيكسسثر مسسن ذكسسر هسسادم اللسسذات‪،‬‬
‫ومفرق الجماعات‪ ،‬ومميت البنين والبنات‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫يروى أن امرأة شكت إلى عائشسسة أم المسسؤمنين س س‬
‫رضي الله عنها س قسسساوة قلبهسسا‪ ،‬فقسسالت‪ :‬أكسسثري مسسن‬
‫ذكسسر المسسوت يسسرقُ قلبسسك‪ ،‬ففعلسست ذلسسك فسسرقّ قلبهسسا‪،‬‬
‫فجاءت تشكر عائشة‪.‬‬
‫ة‪،‬‬ ‫قال بعض العلماء‪ :‬يسسا مسسن يجسسد فسسي قلبسسه قسسسو ً‬
‫دا‪ ،‬فسسإن اللسسه تعسسالى يقسسول‪:‬‬ ‫احذر أن تكون نقضت عه ً‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫قُلوب َ ُ‬
‫عل َْنا ُ‬
‫ج َ‬
‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫عّنا ُ‬‫م لَ َ‬
‫ه ْ‬‫ق ُ‬‫ميَثا َ‬
‫هم ّ‬ ‫ض ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ما ن َ ْ‬ ‫فب ِ َ‬‫‪َ ‬‬
‫ة ‪.‬‬ ‫سي َ ً‬ ‫َ‬
‫قا ِ‬
‫ولما احتضر عمرو بن قيس الملئي بكى‪ ،‬فقال له‬
‫ض‬
‫كنت تبغسس ُ‬ ‫أصحابه‪ :‬علم تبكي من الدنيا فوالله لقد ُ‬
‫العيش أيام حياتك!! فقال‪ :‬والله ما أبكي على السسدنيا‬
‫إنما أبكي خوًفا أن أحرم خوف الخرة‪.‬‬
‫ق‪ ،‬قسسال‪ :‬مسسا أغفسسل‬ ‫سسسو ِ‬ ‫وكان إذا نظر إلسسى أهسسل ال ُ‬
‫هؤلء عما أعد ّ لُهم‪.‬‬
‫قال جاٌر لمسعر بن كدام‪ :‬بكى مسعر فبكت أمسسه‪،‬‬
‫مسساه؟ فقسسالت‪ :‬يسسا ُبنسسي‬ ‫فقال لها مسعر‪ :‬ما أبكاك يسسا أ ّ‬
‫م‬‫ت‪ ،‬فقسال‪ :‬يسا أمساه لمثسل مسا نهجس ُ‬ ‫ك تبكي فبكيس ُ‬ ‫رأيت َ‬
‫دا فلنطل البكسساء‪ ،‬قسسالت‪ :‬ومسسا ذاك؟ فسسانتحب‪،‬‬ ‫عليه غ ً‬
‫فقال‪ :‬القيامة وما فيها‪ ،‬قال‪ :‬ثم غلبه البكاء‪ ،‬فقام‪.‬‬
‫ت المسسسجد إل لمسسا‬ ‫وكان يقول‪ :‬لول أمي مسسا فسسارق ُ‬
‫لبد منه‪ ،‬وكسسان إذا دخسسل بكسسى‪ ،‬وإذا خسسرج بكسسى‪ ،‬وإن‬
‫صلى بكى‪ ،‬إن جلس بكى‪.‬‬
‫ولمسسا حضسسرته الوفسساة دخسسل عليسسه سسسفيان الثسسوري‬
‫ت‬ ‫م ّ‬ ‫ت أني ُ‬ ‫عا‪ ،‬فقال له‪ :‬تجزع فوالله لودد ُ‬ ‫فوجده جز ً‬
‫الساعة‪.‬‬
‫فقال مسعر‪ :‬أقعدوني فأعاد سسسفيان الكلم عليسسه‪،‬‬
‫سفيان‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬إنك لواثق بعملك يا ُ‬
‫لكني والله على شاهَقةِ جبسسل ل أدري أيسسن أهبسسط‪،‬‬
‫مني‪.‬‬ ‫ف لله ِ‬ ‫ت أخو َ‬ ‫فبكى سفيان‪ ،‬وقال‪ :‬أن َ‬
‫ضهم‪ :‬من غض بصرهُ عن المحارم وأمسسسك‬ ‫قال بع ُ‬
‫ه عسسن الشسسهوات وعمسسر بسساطنه بسسدوام المراقبسسة‬ ‫نفس ُ‬
‫‪78‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ود نفسسسه أكسسل الحلل لسسم‬
‫سسسنة وع س ّ‬
‫وظاهره باتبسساع ال ّ‬
‫ط له فراسة‪.‬‬ ‫خ ِ‬
‫تُ ْ‬
‫فصل في بعض ذكر فوائد الموت‬
‫اعلم أن في ذكر الموت فوائد عديدة من ذلك‪:‬‬
‫ن القلب القاسي‪.‬‬ ‫أول ً‪ :‬أنه يردعُ عن المعاصي‪ ،‬وُيلي ُ‬
‫ثانًيا‪ :‬ي ُسسذهب الفسسرح والسسسرور بالسسدنيا‪ ،‬وُيزه سد ُ فيهسسا‪،‬‬
‫وُيهون المصائب‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬التأثر فسسي مشسساهدة المحتضسسرين السسذي تخسسرج‬
‫أرواحهسسسم‪ ،‬فسسسإن فسسسي النظسسسر إليهسسسم ومشسسساهدة‬
‫سكراتهم عند نسسزع أرواحهسسم‪ ،‬وشسسخوص أبصسسارهم‬
‫عند نزعها‪ ،‬وعجزهم عن الكلم‪ ،‬عند تسُلل السسروح‬
‫من الجسد‪.‬‬
‫صسسورهم بعسسد خسسروج السسروح مسسا يقطسعُ عسسن‬ ‫وتأمل ُ‬
‫ع‬
‫س لذاتها ويطرد عن القلوب مسّراتها ويمنسس ُ‬ ‫الُنفو ِ‬
‫الجفسسون مسسن الن ّسسوم ويمن سعُ البسسدان مسسن الراحسسة‪،‬‬
‫ويبعث على الجد والجتهاد في العمل للخرة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫فروي أن الحسن البصري دخل على مريض يعوده‬
‫كربسسه‬ ‫فوجسسده فسسي سسسكرات المسسوت‪ ،‬فنظسسر إلسسى ُ‬
‫دة ما نزل به‪ ،‬فرجع إلى أهله بغير اللون السسذي‬ ‫وش ّ‬
‫خرج به من عندهم‪ ،‬فقالوا له‪ :‬الطعام‪ ،‬فلم يأكل‪،‬‬
‫ل أعمسسل لسسه‬ ‫عا ل أزا ُ‬ ‫ت مصسسر ً‬ ‫وقال‪ :‬فوالله لقد رأي ُ‬
‫حتى اللقاء‪.‬‬
‫عا‪ :‬مما يلين القلوب القاسية زيارةُ القبور‪.‬‬ ‫راب ً‬
‫مسسن القلسسوب مسسا ل يبلغسسه الول والثسساني‬ ‫فإنها ت َب ْل ُسغُ ِ‬
‫والثالث؛ لنها تذكر بالخرة‪.‬‬
‫سسسهم‬ ‫جّل ِ‬ ‫ظسسي ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ت ول وا ِ‬ ‫ولسسسم أَرى كسسسالموا ِ‬
‫ر‬
‫ظسسسسسسسًرا كالمقسسسسسسسسسسسسسسسسسسساب ِ ِ‬ ‫من ْ ِ‬
‫جسسسسسسسعَ َ‬ ‫أفْ َ‬
‫آخر‪:‬‬
‫ب‬ ‫ت الُترا ِ‬ ‫ح َ‬
‫حاُبها ت ْ‬ ‫ص َ‬
‫ن وأ ْ‬‫ث وه ُ س ّ‬ ‫دا ٌ‬‫جس َ‬‫كأ ْ‬‫وَعَظ َت ْ َ‬
‫ت‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوْ ُ‬
‫لللللللفيات‬ ‫لللللللارةُفس المستشل‬
‫خ‬
‫ت ُ‬ ‫مو ْ ُ‬‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل ُ‬
‫لللللللامس‪ :‬زي‬ ‫صس‬
‫الخل ُ‬
‫والمستوصفات فإنها تلين القللوب وتحلث‬
‫‪79‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫النسللان علللى حمللد الللله وشللكره وعلللى‬
‫علله علللى‬ ‫الجللد والجتهللاد فيمللا يعللودُ نف ُ‬
‫النسان في الخرة‪.‬‬
‫وي ظنسه بسالله ويستحضسر‬ ‫وينبغسي للنسسان أن ُيقس ّ‬
‫رحمته ورأفته ولطفه بعباده ولسيما عند الحتضار‪.‬‬
‫قال ‪» :‬ل يموتن أحسسدكم إل وهسسو يحسسسن الظسسن‬
‫بالله« رواه مسلم‪ ،‬في حديث أبي هريرة عن رسول‬
‫الله ‪ ‬أنه قال‪» :‬قال اللسه عسز وجسل‪ :‬أنسا عنسد ظسن‬
‫عبدي بي« الحديث متفق عليه‪.‬‬
‫حسن الظن برب العالمين الذي خلسسق‬ ‫ول ريب أن ُ‬
‫فسسسوى والسسذي قسسدر فهسسدى الحليسسم الكريسسم الجسسواد‬
‫الرحمسسن الرحيسسم السسرءوف بالعبسساد الغنسسي عنسسا وعسسن‬
‫أعمالنا وعن تعذيبنا عقابنا‪.‬‬
‫من أعظم ما نتقرب به إليه ومن أجزل مسسا نتسسوجه‬
‫به عليه‪.‬‬
‫ن ظننا برب العالمين مسسع‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫م من ُ‬ ‫أيّ عباد َةٍ أعظ ُ‬
‫ه‪.‬‬
‫معاملت ِهِ إّيانا بعَد ْ ل ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫الخوف ِ‬
‫فالعاقسل يكسون بيسن الخسوف والرجساء لكسن ُيغلسب‬
‫الرجاء عند الحتضار ويحسن الظسسن بسسالكريم الغفسسار‪،‬‬
‫ويستحضسسر أنسسه قسسادم علسسى أكسسرم الكرميسسن‪ ،‬وأجسسود‬
‫الجودين البر الرحيم‪.‬‬
‫وإن حصسسل أن يتلسسى عنسسد المحتضسسر آيسسات الرجسساء‬
‫وأحسساديث الرجسساء ليقسسوى ظنسسه بسسالله تعسسالى أجسسود‬
‫الجودين وأكرم الكرمين‪.‬‬
‫ل‬‫قل ْ‬ ‫ل وعل وتقسسدس‪ُ  :‬‬ ‫ومن آيات الرجاء قوله ج ّ‬
‫َ‬
‫عل َللى أن ُ‬ ‫َ‬
‫م لَ‬ ‫ه ْ‬ ‫سل ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫فوا َ‬ ‫س لَر ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ي ال ّل ِ‬ ‫عب َللاِد َ‬ ‫ي َللا ِ‬
‫ب‬ ‫ف لُر ال لذُّنو َ‬ ‫غ ِ‬
‫ه يَ ْ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫م ‪.‬‬ ‫حي ُ‬ ‫فوُر الّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫و ال َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫عا إ ِن ّ ُ‬‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫ء ‪،‬‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ت كُ ّ‬ ‫ع ْ‬ ‫س َ‬ ‫و ِ‬ ‫مِتي َ‬ ‫ح َ‬‫وَر ْ‬ ‫وقال تعالى‪َ  :‬‬
‫خ لَر‬‫هللا آ َ‬ ‫ه إ ِل َ ً‬‫ع الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ل َ ي َدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫وقوله‪َ  :‬‬
‫ق‬
‫ح ّ‬ ‫ه إ ِل ّ ب ِللال ْ َ‬ ‫م الل ّ ل ُ‬ ‫حّر َ‬ ‫س ال َِتي َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن الن ّ ْ‬ ‫قت ُُلو َ‬ ‫ول َ ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫‪80‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫َ‬ ‫الهمم العالية‬
‫مللا *‬ ‫ق أَثا ً‬ ‫ك ي َْللل َ‬ ‫ل ذَِللل َ‬ ‫علل ْ‬ ‫ف َ‬ ‫مللن ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ول َ ي َْزُنللو َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫في ل ِ‬ ‫خل لدْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫مل ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫و َ‬ ‫ب ي َل ْ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ه ال َ‬ ‫َ‬
‫فل ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ضا َ‬ ‫يُ َ‬
‫حا‬ ‫صللال ِ ً‬ ‫مل ً َ‬ ‫ع َ‬ ‫ل َ‬ ‫مل َ‬ ‫ع ِ‬‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫وآ َ‬ ‫ب َ‬ ‫من َتا َ‬ ‫هاًنا * إ ِل ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫و َ‬ ‫ّ‬ ‫ولئ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫كلا َ‬ ‫ت َ‬ ‫سلَنا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫سلي َّئات ِ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل اللل ُ‬ ‫ك ي َُبلدّ ُ‬ ‫فلأ ْ‬
‫ما ‪.‬‬ ‫حي ً‬ ‫فوًرا ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫فللُر‬ ‫غ ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫شَر َ‬ ‫فُر َأن ي ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫ه ل َ يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫وقوله‪ :‬إ ِ ّ‬
‫شاءُ ‪.‬‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ُ‬ ‫َ‬
‫ومن أحاديث الرجاء ما ورد عن عمر بن الخطسساب‬
‫‪ ‬قال‪ُ :‬قدم على رسول الله بسبي فإذا امسسرأة مسسن‬
‫س سْبي تسسسعى إذا وجسسدت صسسبًيا فسسي السسسبي أخسسذته‬ ‫ال ّ‬
‫ه‪ ،‬فقسسال رسسسول اللسسه ‪:‬‬ ‫فسسألزقته ببطنهسسا فأرضسسعت ُ‬
‫ها في النار؟« قلنا‪ :‬ل‬ ‫ة ول َد َ َ‬ ‫ح ً‬ ‫ن هَذ َهِ المرأةَ طاَر ِ‬ ‫»أترو َ‬
‫مسسن هسسذه‬ ‫م بعبسسادهِ ِ‬ ‫حس ُ‬ ‫يا رسول الله‪ ،‬فقسسال‪» :‬اللسسه أْر َ‬
‫دها« متفق عليه‪.‬‬ ‫ب ِوَل َ ِ‬
‫م علسسى النسساِر‬ ‫ح سّر َ‬ ‫ن الله َ‬ ‫وورد عنه ‪ ‬أنه قال‪» :‬فإ ّ‬
‫ه اللسسه« متفسسق‬ ‫ج َ‬‫من قال‪ :‬ل إله إل الله يبتغي بذلك و ْ‬ ‫َ‬
‫عليه‪.‬‬
‫ب‬ ‫كتسسا ٍ‬ ‫ب فسسي ِ‬ ‫خل ْسقَ ك َت َس َ‬ ‫خَلق اللسسه ال َ‬ ‫وقال ‪» :‬لما َ‬
‫ش‪ :‬إن رحمسستي تغلسسب غضسسبي«‪،‬‬ ‫فهو عنده فوق العر ِ‬
‫ت‬ ‫س سب ََق ْ‬ ‫غلبت غضسسبي«‪ ،‬وفسسي روايسسة‪َ » :‬‬ ‫وفي رواية‪َ » :‬‬
‫غضبي« متفق عليه‪.‬‬
‫وروي عن المام أحمد أنه لما حضرته الوفاة قسسال‬
‫ي أحاديث الرجاء؛ لن المؤمن‬ ‫عل ّ‬ ‫ق َ‬ ‫ْ‬
‫لولده عبدالله‪ :‬ال ِ‬
‫ن‬‫سس ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫إذا سمع آيات الرجسساء وأحسساديث الرجسساء قَ سوِيَ ُ‬
‫ظنه بربه عز وجل‪ ،‬واشتاق إلى لقسساء سسسيده ومسسوله‬
‫الذي هو أرحم به من والديه وأولده فعند ذلسك َتهسون‬
‫ت الموت إذا أَراد َ الله‪.‬‬ ‫عليه سكرا ُ‬
‫حَيسسا‬ ‫ب فَت َ ْ‬ ‫حسس ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ال ُ‬ ‫صسس َ‬ ‫ل وَ ْ‬ ‫كل ِ‬ ‫مسسسن َ‬ ‫ت ِ‬ ‫شسسستك َ ْ‬ ‫إذا ا ْ‬
‫تقويللة‬ ‫سسسسسسسسادِ‬ ‫على‬ ‫مي ْعَس‬ ‫الحرص ِ‬ ‫عنسسسسسسسسسد َ‬ ‫ها ِ‬
‫كل‬ ‫عسسسسسسد َ‬
‫يحرص َ‬ ‫أنهوْ َ‬ ‫سسسسسسسي ْرِ أ‬
‫والمهم‬ ‫ال ّ‬
‫وحسن ظنه برب العللالمين‪ ،‬ثللم أن للمللوت‬ ‫اعللللللللللللللللللللللللم‬

‫‪81‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت‬
‫جللاءَ ْ‬
‫و َ‬ ‫سكرات قال الله جل وعل وتقدس‪َ  :‬‬
‫د ‪.‬‬ ‫حي ُ‬‫ه تَ ِ‬
‫من ْ ُ‬
‫ت ِ‬ ‫ما َ‬
‫كن َ‬ ‫ق ذَل ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫ت ِبال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫و ِ‬ ‫سك َْرةُ ال َ‬
‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ضها على بعسسض‪ ،‬ففسسي‬ ‫وقيل‪ :‬إن العضاء يسلم بع ُ‬
‫عا‪» :‬إن العبد ل َي َُعالج‬ ‫تذكرة القرطبي‪ ،‬عن أنس مرفو ً‬
‫ضها على بعسسض‪،‬‬ ‫م ب َعْ َ‬ ‫سل َ ُ‬ ‫ه ل َي ُ َ‬
‫صل َ ُ‬‫مَفا ِ‬ ‫ب الموت‪ ،‬وإن َ‬ ‫ك َُر َ‬
‫ك إلسسى يسسوم ِ‬ ‫ك ت َُفسسارِقُِني وأفارِقُ س َ‬ ‫يقسسول‪ :‬السسسلم علي س َ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫القيام ِ‬
‫ضا‪.‬‬
‫أي ُيود ّعُ بعضها بع ً‬
‫مّنا‬ ‫ث ِ‬‫دا ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ف إلى ال ْ‬ ‫ث الليسسالي ت َُز ُ‬ ‫دا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫خلْقَنا ل ْ‬ ‫ُ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫عرائ ِ َ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا َ‬ ‫َفرائ ِ ً‬
‫ف أعسسواد َ المنايسسا‬ ‫ور وت ُسْردِ ُ‬ ‫من ّسسسسا ل ِل ُْقبسسسس ِ‬ ‫جهّسسسسُز ِ‬ ‫تُ َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساك ًِرا َفوارِ َ‬ ‫عَ َ‬
‫حسساوِ ُ‬
‫ل‬ ‫مسسا ن ُ َ‬ ‫ل عَ ّ‬ ‫جس ٌ‬ ‫دا أ َ‬ ‫خى لنسا مسن غَ ً‬ ‫ل أْر َ‬ ‫م ٌ‬ ‫إذا أ َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫حاب َ‬ ‫عن َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسان ِهِ َ‬ ‫ِ‬
‫ح‬‫ن أصسسب َ‬ ‫ث َرطيًبسسا ومسسا أ ْ‬ ‫ما اجُتس ّ‬ ‫ن لَ ّ‬ ‫ص َ‬ ‫أَرى الغُ ْ‬
‫سسسسسسسسا‬ ‫صسسسسسسسن ياب َ‬ ‫ه الغُ ْ‬ ‫وهسسسسسسسسسو بمسسسسسسسسسائ ِ ِ‬
‫خلسسودِ ونصبر ما شسسئنا فتسسوًرا‬ ‫شسسيد ُ ُقصسسوًرا ل ِل ْ ُ‬ ‫نَ ِ‬
‫ة د ََوارسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَفاهَ ً‬ ‫َ‬
‫من ّسسسا لسسسو‬ ‫ت ِ‬ ‫مسسسا َ‬ ‫مسسسن َ‬ ‫ت السدنيا إلينسا ب ِ َ‬ ‫وقسد َنعس ِ‬
‫سسسسسسسا‬ ‫كاي َ‬ ‫تأ َ‬ ‫صسسسسسساب َ ْ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَنا أ َ‬ ‫ن ُُفو َ‬
‫صَر أمثسسال ً فلسسم ن َسسر‬ ‫سسسَرى وقَي ْ َ‬ ‫ت كِ ْ‬ ‫ضسسَرب َ ْ‬ ‫لَقسسد َ َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ك وت ُّبعسسسسسسسا َقائ ِ َ‬ ‫الملسسسسسسسو َ‬
‫داد ُ إل‬ ‫ت مسسا َنسسْز َ‬ ‫ضسسح السسدنيا لن َسسا وهيهسسا َ‬ ‫وقسسد فَ َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ظسسسسسسا تقاعُ َ‬ ‫ع ً‬ ‫ت وا ِ‬ ‫المسسسسسسو ُ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصلى الله علللى محمللد وآللله‬


‫وصحبه وسلم‪.‬‬

‫فصل‬

‫‪82‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قال مالك بسسن دينسسار‪ :‬عجب ًسسا لمسسن يعلسسم أن المسسوت‬
‫مصيره والقبر مورده‪ ،‬كيف تقر بالسسدنيا عينسسه‪ ،‬وكيسسف‬
‫يطيب فيها عيشه‪ ،‬ثم يبكي حتى يسقط مغشًيا عليه‪.‬‬
‫قال الحارث بسسن سسسعيد‪ :‬كنسسا عنسسد مالسسك بسسن دينسسار‬
‫َ‬
‫هللا ‪‬‬ ‫زل َْزال َ َ‬
‫ض ِ‬ ‫ت الْر ُ‬ ‫زل َل ِ‬ ‫ذا ُزل ْ ِ‬ ‫وعنده قارئ يقرأ‪ :‬إ ِ َ‬
‫فجعسسل مالسسك ينتفسسض وأهسسل المجلسسس يبكسسون‪ ،‬حسستى‬
‫خي ْ لًرا‬‫ة َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬ ‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ل ِ‬‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫انتهى القارئ إلى‪َ  :‬‬
‫ه ‪ ،‬فجعسسل‬ ‫شًرا ي ََر ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬ ‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫م ْ‬
‫ل ِ‬ ‫ع َ‬
‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬‫ي ََرهُ * َ‬
‫حمسل بيسسن‬ ‫غشسسي عليسه‪ ،‬ف ُ‬ ‫مالك يبكسسي ويشسسهق حسستى ُ‬
‫القوم صريًعا‪.‬‬
‫واحسسترق بيتسسه فأخسسذ المصسسحف وأخسسذ القطيفسسة‬
‫فأخرجهما‪ ،‬فقيل له‪ :‬يا أبسسا يحيسسى‪ ،‬السسبيت‪ ،‬فقسسال‪ :‬مسسا‬
‫فيه إل السندانة ما ُأبالي أن يحترق‪.‬‬
‫وروي عنه أنسسه كسسان يقسسول‪ :‬إن اللسسه عسسز وجسسل إذا‬
‫ف عنسسه ضسسيعته‪،‬‬ ‫دا انتقصسسه مسسن دنيسساه وكسس ّ‬ ‫أحسسب عب س ً‬
‫ي‪ ،‬قال‪ :‬فهو متفرغٌ لخدمة‬ ‫ويقول‪ :‬ل تبرح من بين يد ّ‬
‫ربه عز وجل‪.‬‬
‫دا دفسسع فسسي نحسسره شسسيًئا مسسن السسدنيا‪،‬‬ ‫وإذا أبغض عب ً‬
‫ويقول‪ :‬أعزب من بين يدي فل أراك بين يدي‪ ،‬فسستراه‬
‫معلقُ القلب بأرض كذا وبتجارة كذا‪.‬‬
‫وروي عسسن أبسسي عبسسدالله السسبراثي أنسسه كسسان يقسسول‪:‬‬
‫حملتنا المطامعُ على أسوأ الصنائع نذل لمسسن ل يقسسدُر‬
‫ك لنسسا‬ ‫لنا على ضررٍ ول على نفٍع‪ ،‬ونخضعُ لمسسن ل يملس ُ‬
‫م أنسسي‬ ‫رزًقا ول حياةً ول موًتا ول نشسسوًرا‪ ،‬فكيسسف أزع س ُ‬
‫أعسسرف ربسسي ح سقّ معرفتسسه وأنسسا أصسسنع ذلسسك‪ ،‬هيهسسات‬
‫هيهات‪.‬‬
‫قيل‪ :‬إنه مر تسساجر بعشسسار فحبسسسوا عليسسه سسسفينته‪،‬‬
‫فجاء إلى مالك بن دينار‪ ،‬فذكر ذلسسك لسسه‪ ،‬قسسال‪ :‬فقسسام‬
‫مالك فمشى إلسسى العشسسار‪ ،‬فلمسسا رأوه‪ ،‬قسسالوا‪ :‬يسسا أبسسا‬
‫يحيى أل تبعث إلينا حاجتسسك؟ قسسال‪ :‬حسساجتي أن تخلسسوا‬
‫سفينة هذا الرجل‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قالوا‪ :‬قد فعلنا‪ ،‬قال‪ :‬وكسسان عنسسدهم كسسوز يجعلسسون‬
‫فيه ما يأخذون من الناس مسسن السسدراهم‪ ،‬فقسسالوا‪ :‬ادع‬
‫الله لنا يا أبا يحيى‪ ،‬قال‪ :‬قولوا للكوز يدعو لكم‪ ،‬كيف‬
‫أدعو لكم وألف يدعون عليكم‪ ،‬أترى ُيستجاب لواحسسد‬
‫ول يستجاب للف؟‬
‫وقسسال الربيسسع‪ :‬نصسسب المتقسسون الوعيسسد مسسن اللسسه‬
‫أمامهم فنظرت إليه قلوبهم بتصسسديق وتحقيسسق‪ ،‬فهسسم‬
‫واللسسه فسسي السسدنيا منغصسسون‪ ،‬ووقفسسوا ثسسواب العمسسال‬
‫الصالحة خلف ذلك‪.‬‬
‫فمتى سمعت أبصار القلوب وارتسساحت إلسى حلسول‬
‫ذلك فهم والله إلى الخرة متطلعون بين وعيسدٍ هسسائل‬
‫ووعدٍ حق صادق ل ينفكون من خوف وعيد إل رجعوا‬
‫إلى شوق موعود‪.‬‬
‫ت لهسسم‬‫جعلس ْ‬ ‫فهم كذلك وعلى ذلسسك‪ ،‬وفسسي المسسوت ُ‬
‫الراحة ثم يبكي‪.‬‬
‫دا أخمصسسوا لسسه الُبطسسون عسسن‬ ‫وقسسال‪ :‬إن للسسه عبسسا ً‬
‫جفون عن مناظر الثام‪.‬‬ ‫ضوا له ال ُ‬ ‫مطاعم الحرام وغ ّ‬
‫وأهمُلوا له العيون لما اختلط عليهسسم الظلم رجسساءَ‬
‫ض بين أطباقهم فُهم‬ ‫أن ُينير قُُلوبهم إذا تضمنتهم الر ُ‬
‫متطلعون‪.‬‬ ‫مكتِئبون وإلى الخرة ُ‬ ‫في الدنيا ُ‬
‫ة لهم في الدنيا وهسسم السسذين تق سّر‬ ‫فهم الذين ل راح َ‬
‫أعيُنهم بطلعةِ ملك الموت‪.‬‬
‫ة المال عن مبسسادرة‬ ‫وقال في كلم له‪ :‬قطعتنا غفل ُ‬
‫الجال فنحن في الدنيا حيسسارى ل ننتبسسه مسسن رقسسدةٍ إل‬
‫أعقبتنا في أثرها غفلة‪.‬‬
‫فيا إخوتاه‪ ،‬نشدكم بالله‪ ،‬هل تعلمون مؤمن ًسسا بسسالله‬
‫أغّر ولنقمته أقل حسسذًرا مسسن قسسوم ٍ هجمسست بهسم العسسبر‬
‫والمثال‪ ،‬ثم رجعوا عن ذلك إلى غير قلعةٍ ول نقلة‪.‬‬
‫فإن تحسن أيهسسا المسسرء ُيحسسسن إليسسك‪ ،‬وإن ُتسسسيء‬
‫ذر فما للناس‬ ‫فعلى نفسك بالُعتب فارجع فقد بّين وح ّ‬

‫‪84‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫زيلًزا‬
‫ع ِ‬ ‫ن الل ّل ُ‬
‫ه َ‬ ‫وك َللا َ‬
‫سسسل ‪َ ‬‬
‫حجسسة بعسسد الر ُ‬
‫على اللسسه ُ‬
‫ما ‪.‬‬ ‫كي ً‬
‫ح ِ‬
‫َ‬
‫نزل جماعة من العباد ذات ليلة على الساحل فهّيأ‬
‫مسسا ودع سُاهم إليسسه فجسساءوا فل ّ‬
‫مسسا‬ ‫لهم أحد ُ إخوانهم طعا ً‬
‫ُوضع الطعام بيسسن أيسسديهم إذا قسسائل ينشسسد وهسسو علسسى‬
‫ساحل البحر هذا البيت‪:‬‬
‫س غّيهسسا غَي ْسُر‬ ‫َ‬ ‫وتهلي ْ َ‬
‫ك عن دار الخلودِ ولذ ّةُ ن َْف س ٍ‬
‫منلله‬ ‫لوافِِع‬
‫نسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫مالطعام وما ذاقل‬ ‫ع ٌ‬ ‫ع‬
‫رف َِ‬‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫و‬ ‫القوم‬ ‫مط َس‬
‫فبكى‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ُلقم ً‬
‫ة‪.‬‬
‫مسسن أهِْلهسسا‬ ‫مك ُْروْهَِهسسا ِ‬ ‫ة ب َ‬ ‫دنيا الدنيس َ‬ ‫ك فالس ُ‬ ‫ُروَي ُسد َ َ‬
‫حابها‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ت و ِ‬ ‫م د َن َسسسسسسسسسس ْ‬ ‫ك َسسسسسسسسسس ْ‬
‫رها‬ ‫سسك ْ ِ‬ ‫مسسن ُ‬ ‫ق أفاقَ بهسسا ِ‬ ‫ل ََقسد ْ فسساقَ فسسي الفسسا ِ‬
‫حابَها‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ق و َ‬ ‫موَّفسسسسسسسس ٍ‬ ‫ل ُ‬‫كسسسسسسسس ُ‬ ‫ُ‬
‫م‬‫مسسن ب َْعسسدِهِ أ ْ‬ ‫ل أخل َّفَهسسا ِ‬ ‫معَ المسسوا ِ‬ ‫جسسا ِ‬‫ل َ‬ ‫سس ْ‬ ‫فَ َ‬
‫سسسسسسسسسسسَرى بهسسسسسسسسسسا‬ ‫ه َ‬ ‫صسسسسسسس ِ‬ ‫فيهسسسسسسسا بحر ِ‬
‫ب إذا مسسا‬ ‫خط ْ ٌ‬ ‫سسساد َ الَبراي َسسا ولو َناَبها َ‬ ‫سدِ َ‬ ‫وكم أ ِ‬
‫ره وَن َسسسسسسسسسسسى ِبهسسسسسسسسسسا‬ ‫بسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسب ِ‬
‫مّزقَت ْسسس ُ‬
‫ه‬ ‫خل َب ِهَسسسا قَسسسد ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫عْبسسسرةً ب ِ ِ‬ ‫ح فيهسسسا ِ‬ ‫صسسسب َ َ‬‫فأ ْ‬
‫لولسسسسسسسسي الن ُهَسسسسسسسسى وَناب َِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬

‫وقال بعللض العبللاد‪ :‬لللو يعلللم الخلئق مللا‬


‫دا‪ ،‬والله إني‬‫دا ما لذوا بعيش أب ً‬ ‫يستقبلون غ ً‬
‫لما رأيت الليل وهولة وشدت سواده‪.‬‬
‫ت به الموقف )أي موقف يوم القيامة( وشسسدة‬ ‫ذكر ُ‬
‫المر هنا ك وكل امرئ يومئذ تهمسسه نفسسسه يسسوم ‪‬ل ّ‬
‫عللن‬
‫ز َ‬
‫جلا ٍ‬
‫و َ‬ ‫ول ُللودٌ ُ‬
‫هل َ‬ ‫ول َ َ‬
‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ول َل ِ‬
‫د ِ‬ ‫عللن َ‬
‫وال ِلدٌ َ‬‫زي َ‬ ‫ج ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫شي ًْئا ‪.‬‬‫ه َ‬‫د ِ‬
‫وال ِ ِ‬‫َ‬
‫كانت إحسدى العابسدات تقسول‪ :‬طسوى أملسي طلسوع‬
‫الشمس وغروبها‪ ،‬فما من حركة ُتسمع‪ ،‬ول من قسسدم‬
‫ت أن الموت في أثرها‪.‬‬‫ُتوضع‪ ،‬إل ظنن ُ‬

‫‪85‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن دار أوذنوا بالنقلة )أي اعلمسسوا‬ ‫وكانت تقول‪ :‬سكا ُ‬
‫بالرتحسسال( وهسسم حيسسارى يركضسسون فسسي المهلسسة كسسأن‬
‫ن ليس لهسسم‪ ،‬والمعنسسي بسسالمر‬ ‫المراد غيرهم‪ ،‬أو التأذي ُ‬
‫سواهم‪.‬‬
‫آهٍ من عقسسول مسسا أنقصسسها‪ ،‬ومسن جهالسة مسسا أتمهسسا‪،‬‬
‫سسسا لهسسل المعاصسسي‪ ،‬مسساذا غ سّروا بسسه مسسن المهسسال‬ ‫بؤ ً‬
‫والستدراج؟ بسطوا آمالهم‪ ،‬فأضسساعوا أعمسسالهم ولسسو‬
‫نصبوا الجال وطووا المال خفت عليهم العمال‪.‬‬
‫ل‬‫حلو ِ‬‫وكانت تقول‪ :‬لم ينل المطيعون ما نالوا من ُ‬
‫الجنان ورضا الرحمن إل بتعب البدان لله والقيام لله‬
‫بحقه في المنشط والمكَره‪.‬‬
‫ت وهسب بسن‬ ‫وعن أبي سنان القسملي قال‪ :‬سسمع ُ‬
‫منبه‪ ،‬وأقبل على عطاء الخراساني‪ ،‬فقال‪» :‬ويحك يا‬ ‫ُ‬
‫عطسساء‪ ،‬ألسسم أخسسبرك أنسسك تحمسسل علمسسك إلسسى أبسسواب‬
‫الملوك وأبنسساء السسدنيا؟ وْيحضسسك يسسا عطسساء‪ ،‬تسسأتي مسسن‬
‫ه‪ ،‬وُيواري عنك غنسساه‪،‬‬ ‫ُيغلق عنك بابه‪ ،‬وُيظهر لك فقر ُ‬
‫ح لسك بسابه‪ ،‬وُيظهسر لسك غنساءه ويقسول‪:‬‬ ‫وتدع من يفتس ُ‬
‫َ‬
‫م ‪.‬‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬‫ج ْ‬‫ست َ ِ‬
‫عوِني أ ْ‬ ‫‪‬ادْ ُ‬
‫دون من الدنيا مع الحكمة‬ ‫ض بال ّ‬‫ك يا عطاء‪ ،‬اْر َ‬ ‫ح َ‬‫وي ْ َ‬
‫ول تسسرض بالسسدون مسسن الحكمسسة مسسع السسدنيا‪ ،‬ويحسسك يسسا‬
‫عطاء‪ ،‬إن كان ُيغنيسسك مسسا يكفيسسك فسسإن أدنسسى مسسا فسسي‬
‫ك بحسسر مسسن‬ ‫الدنيا يكفيك‪ ،‬ويحك يسسا عطسساء‪ ،‬إنمسسا بطن ُس َ‬
‫الُبحور ووادٍ من الدوية فليس يملؤه إل التراب«‪.‬‬
‫قال مقاتل بن صالح الخراساني‪ :‬دخلت على حماد‬
‫بن سلمة فإذا ليس في البيت إل حصير وهسسو جسسالس‬
‫ب فيسسه علمسسه ومطهسسرةٌ‬ ‫عليه ومصحف يقرأ فيه وجرا ٌ‬
‫يتوضأ منها‪.‬‬
‫فبينمسسا أنسسا عنسسده جسسالس إذا دقّ البسساب‪ ،‬فقسسال‪ :‬يسسا‬
‫ة أخرجسسي‪ ،‬فسسانظري مسسن هسسذا؟ فقسسالت‪ :‬رسسسول‬ ‫صبي ُ‬
‫محمد بن سليمان أمير البصرة‪ ،‬قال‪ُ :‬قولي له يسسدخل‬
‫ه كتاب ًسسا فسسإذا فيسسه‪» :‬بسسسم اللسسه‬ ‫وحسسده‪ ،‬فسسدخل فنسساول ُ‬
‫‪86‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫الرحمن الرحيم‪ ،‬من محمد بن سليمان إلى حماد بسسن‬
‫سلمة‪ ،‬أما بعسسد‪ ،‬فصسّبحك اللسسه بمسسا صسسبح بسسه أوليسساءه‬
‫وأهسسل طسساعته وقعسست مسسسألة فأتنسسا نسسسألك عنهسسا‬
‫والسلم«‪.‬‬
‫قال‪ :‬يا صبية‪ ،‬هلمي السسدواة‪ ،‬ثسسم قسسال لسسي‪ :‬اقلسسب‬
‫ك‬‫ح َ‬ ‫الكتاب )أي الورقة(‪ ،‬واكتب‪ :‬أما بعد‪ ،‬وأنسست فص سب ّ َ‬
‫الله بما صبح به أولياَءه وأهل طاعته‪.‬‬
‫دا‪.‬‬‫إنا أدركنا الُعلماء وهم ل يأتون أح ً‬
‫ما بدا لك‪.‬‬ ‫فإن كانت وقعت مسألة فأتنا واسألنا ع ّ‬
‫وإن أتيتنسسي فل تسسأتني إل وحسسدك ول تسسأتني بخيلسسك‬
‫حك ول أنصح نفسي والسلم‪.‬‬ ‫ورجلك فل أنص ُ‬
‫فبينما أنسسا عنسسده دق البسساب داق‪ ،‬فقسسال‪ :‬يسسا صسسبية‪،‬‬
‫محمسسد بسسن‬ ‫أخرجسسي فسسانظري مسسن هسسذا؟ فقسسالت‪ُ :‬‬
‫سليمان‪.‬‬
‫قال‪ :‬قولي لسسه ليسسدخل وحسسده‪ ،‬فسسدخل فسسسلم‪ ،‬ثسسم‬
‫جلس بين يديه‪.‬‬
‫ت ُرعًبا‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬مالي إذا نظرت إليك امتل ُ‬
‫ت‬ ‫د‪ :‬سسسمعت ثابت ًسسا الُبنسسان يقسسول‪ :‬سسسمع ُ‬ ‫فقال حمسسا ُ‬
‫ت رسسسول اللسسه ‪ ‬يُقسسول‪:‬‬ ‫أنس بن مالك يقول‪ :‬سمع ُ‬
‫هاَبه كس ُ‬
‫ل‬ ‫جل َ‬ ‫ه الله عَّز و َ‬ ‫ج َ‬
‫مهِ و ْ‬ ‫م إذا أَراد َ بعِل ْ ِ‬ ‫ن الَعال ِ َ‬
‫»إ ّ‬
‫ل‬ ‫مسسن ك ُس ِ‬ ‫ب ِ‬‫ن ي َك َت َن ِسَز بسسه الك ُن ُسسوَز هَسسا َ‬
‫شسسيٍء‪ ،‬وإذا أراد َ أ ْ‬
‫شيٍء«‪.‬‬
‫فقال‪ :‬أربُعون ألف درهم تأخذها تستعين بها علسسى‬
‫ما أنت عليه‪.‬‬
‫ه بها‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ارددها على من ظلمت ُ‬
‫قال‪ :‬والله ما أعطيتك إل ما ورثته‪.‬‬
‫قال‪ :‬ل حاجة لي فيها إزوها عني )أي أبعدها عني(‬
‫زوى الله عنك أوزارك‪.‬‬
‫قال‪ :‬فتقسمها‪ ،‬قال‪ :‬فلعلي إن عدلت في قسمتها‬
‫ض من لم ُيرزق منها لم يعدل إزوها عني‬ ‫أن يقول بع ُ‬
‫ذوى الله عنك أوزارك‪ .‬اهس‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫تأمسسل يسسا أخسسي‪ ،‬كيسسف يسسؤثر فسسي القلسسوب كلم‬
‫المخلصين الذين ل يريدون الدنيا وعروضها‪ ،‬قسسال أبسسو‬
‫ف‬ ‫ظ إل مسسن متقشس ٍ‬ ‫الوفاء بسسن عقيسسل‪ :‬ل يعمسسل السسوع ُ‬
‫ت‪ :‬ونظافة قلب(‪،‬‬ ‫متزهدٍ متورٍع في نظافة جسم ٍ )قل ُ‬ ‫ُ‬
‫خل ً‬‫ج بطين ًسسا فسساخر الثيسساب مسسدا ِ‬ ‫قسسال‪ :‬فأمسسا مسسن يخسسر ُ‬
‫ب إنمسسا ُيسسسمعُ مسسن‬ ‫ب لسسه الُقلسسو ُ‬‫للمراء فكيف تستجي ُ‬
‫هؤلء على سبيل الُفرجة‪ ،‬قلت‪ :‬والنتقاد والسسستهزاء‬
‫والسخرية‪.‬‬
‫وكان حماد س رحمه الله س س مشسسغول ً بنفسسسه إمسسا أن‬
‫يحدث‪ ،‬وإما أن يسبح ‪ ،‬وإما أن يصلي‪ ،‬كان قد قسسسم‬
‫النهار على هذه العمال‪.‬‬
‫ف بمعَسسسالي‬ ‫صسسس ْ‬ ‫ن أن لسسسم ي َت ّ ِ‬ ‫ل وغَْبسس ٌ‬ ‫جسسا ُ‬
‫م الر َ‬‫هُ ُ‬
‫سسسسسس ُ‬
‫ل‬ ‫ٌ‬
‫يسسسسسسسسسسا ُ‬
‫إليلله‬ ‫فشسللكا‬
‫ج‬‫م َر ُ‬ ‫عبيِفلهِ‬
‫لد ْ‬ ‫بنسسسسسسس‬
‫ص‬
‫يونس و ْ‬
‫ن‬
‫مسسسسسسسسسس ْ‬
‫إلى‬‫رجل ل ِ َ‬
‫ل‬ ‫ُجاء‬
‫م منه بذلك‪.‬‬ ‫قا من حاله ومعاشه واغتما ً‬ ‫ضي ً‬
‫فقال له يونس‪ :‬أيسّرك ببصرك هذا الذي ُتبصُر به‬
‫ف‪ ،‬قال‪ :‬ل‪.‬‬ ‫ة أل ٍ‬ ‫مائ ُ‬
‫ة ألسسف‪،‬‬ ‫قال‪ :‬فسمعك الذي تسمعُ به يسّرك به مائ ُ‬
‫قال‪ :‬ل‪.‬‬
‫قال‪ :‬فيداك يسّرك بهما مائة ألف‪ ،‬قال‪ :‬ل‪.‬‬
‫قال‪ :‬فرجلك‪ ،‬قال‪ :‬فذكره نعم الله عليه‪.‬‬
‫فأقبل عليه يونس‪ ،‬فقسسال‪ :‬أرى لسسك مئيسسن أو ُلوفًسسا‬
‫وأنت تشكو الحاجة‪.‬‬
‫وجاءته امرأة بجبةِ خز‪ ،‬فقالت له‪ :‬اشترها‪ ،‬فقسسال‪:‬‬
‫بكم تبيعينها؟ قالت‪ :‬بخمس مسسائة )‪ ،(500‬قسسال‪ :‬هسسي‬
‫خير من ذلك )يعني تسوى أزيد(‪.‬‬
‫قالت‪ :‬بستمائة )‪ ،(600‬قال‪ :‬هسسي خيسسر مسسن ذلسسك‪،‬‬
‫فلم يزل يقول هي خير مسسن ذلسسك حسستى بلغسست ألًفسسا )‬
‫‪ ،(1000‬وقد بذلتها له بخمسمائة )‪.(500‬‬
‫وكان يشتري البريسم من البصرة فيبعث به إلسسى‬
‫وكيله وكان وكيله يبعث إليه بالخز )أي الحريسسر( فسسإن‬

‫‪88‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫دا‬‫أخبر وكيله أن المتاع عنده زائد لم يشسستر منهسسم أب س ً‬
‫حتى يخبرهم أنه زائد‪ ،‬لئل يغتروا‪.‬‬
‫وإذا زاد عنسسدهم المتسساعُ قسسال لسسوكيله‪ :‬أخسسبر مسسن‬
‫تشتري لنا منه أن الشيء زائد عندنا‪.‬‬
‫مسسا حلل ً مسسن تجسسارة‬ ‫ل‪ :‬لسسو أصسسبت دره ً‬‫وكسسان يقسسو ُ‬
‫لشتريت به ب ًُرا ثم صيرته سوًقا ثم سقيته المرضى‪.‬‬
‫دلل‪ :‬بعَْها وابرأ من أنهسسا‬ ‫وأخرج شاة للبيع‪ ،‬وقال لل ّ‬
‫ب العلف وتنزع الوتد )أي أشرط علسسى المشسستري‬ ‫تقل ُ‬
‫هذا العيب( هل يوجسسد مثسسل هسسذا النصسسح والسسورع فسسي‬
‫زمننا‪.‬‬
‫وكسسان السسسلف –رحمهسسم اللسسه‪ -‬قسسد جمعسسوا خصسسال ً‬
‫حميدة منهسسا النصسسح للمسسة والصسسدع بسسالحق‪ ،‬ولسسو أدى‬
‫ذلك إلى ضسسررهم وبسسذل المسسال و الجسساه والمحافظسسة‬
‫محافظة أهل المسسوال علسسى‬ ‫على الوقات أعظم من ُ‬
‫أموالهم‪.‬‬
‫يقطعون الوقات إما بتعليم علم مما جاء به النسسبي‬
‫‪ ‬وإما بصلة‪.‬‬
‫وإما بالباقيات الصسسالحات ل إلسسه إل اللسسه وسسسبحان‬
‫والحمد لله والله أكبر ول حول ول قوة إل بالله العلي‬
‫العظيم أو نحو ذلك‪.‬‬
‫وأما أكثر أهل هسسذا الّزمسسان فقسسد ذهبسست أعمسسارهم‬
‫طا مضاعة عند قتالت الوقات فيما يضر ول ينفسسع‬ ‫ُفر ً‬
‫كالتلفزيون‪ ،‬والفيسسديو‪ ،‬والمسسذياع‪ ،‬والكسسورة‪ ،‬والسسورق‪،‬‬
‫والقيل والقال‪ ،‬والكذب‪ ،‬والغيبة‪ ،‬والنميمة‪ ،‬وما أشبه‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وقسسد اتسسسع فسسي زمننسسا الغيبسسة والنميمسسة والسسسعاية‬
‫بسبب التلفون؛ لنها بالزمان الول لب ُسد ّ مسسن اجتمسساع‬
‫البدان‪.‬‬
‫دا أن تجسسد الفطسسن اللسسوذعي المحاسسسب‬ ‫وين سد ُُر ج س ً‬
‫لنفسه على الحركات واللحظات الصسسائن لسسوقته عسسن‬
‫الضياع‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫س سهْوِ فيهسسا للوضسسيع‬ ‫في ال ّ‬ ‫ل الرفيسسعُ‬ ‫جسس ُ‬‫حِقسسر الر ُ‬‫ل يَ ْ‬
‫مَعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساذٌر‬ ‫َ‬ ‫ة‬‫َدقيقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬
‫ر‬
‫ل الكسسسبي ِ‬ ‫وصسسسغائُر الرجسسس ِ‬ ‫ر‬
‫صسسسغِي ْ ِ‬
‫ل ال ّ‬‫فكب َسسسائُر الرجسسس ِ‬
‫ك ََبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ُِر‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسِغيرةٌ‬ ‫َ‬

‫آخر‪:‬‬
‫مَتين َبل‬ ‫ن بالن ّعْ َ‬
‫ول ت ُغْب َن َ ْ‬ ‫ك‬ ‫مْنسس َ‬
‫مُر ِ‬‫ن العُ ْ‬ ‫ول ي َذ ْهَب ّ ّ‬
‫جهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدِ‬ ‫أ ْ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسب َهَْلل‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ب علسسسى الل ّسسس َ‬
‫ذا ِ‬ ‫أك َسسس ّ‬ ‫ت ن َسسا َ‬
‫ل‬ ‫ذا ِ‬‫هجَر الل ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫فَ َ‬
‫ض علسسسسى الَيسسسسدِ‬ ‫عسسسس َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫مسسسسسسسس ْ‬‫مِنسسسسسسسسى و َ‬ ‫ال ُ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصلى الله علللى محمللد وآللله‬


‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫ينبغسسي للنسسسان أن يكسسون دائم السسذكر للمسسوت ليل ً‬
‫ونهاًرا لئل يفجاءهُ قبل الستعداد والتأهب له كما هسسي‬
‫طريقة كثير من السلف‪.‬‬
‫س في ذكر الموت أقسام ثلثة‪:‬‬ ‫والنا ُ‬
‫دا‪.‬‬
‫قسم ل يذكره أب ً‬
‫ة‪.‬‬
‫وقسم يذكره ُرعًبا وخشي ً‬
‫وقسم يذكره عقل ً وحكمة‪.‬‬
‫القسم الول‪ :‬أحمق وهو الذي ل يتذكر المسسوت ول‬
‫يجري له على خساطر كسأّنه قسد ثبست فسي عقلسه أن ل‬
‫موت‪.‬‬
‫فل يحس هذه الحقيقة إل عند المشاهدة‪ ،‬ول يذكر‬
‫الموت إل ريثما تنقضي تلك المشاهدة كأن يشسستد بسسه‬
‫المسسرض أو يختطسسف المسسوت أحسسد أهلسسه أو جيرانسسه أو‬
‫يحصل عليه حادث يقربه من الهلك‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فهو ل يتفكر في المسوت ومسا يعقبسه إل نظسًرا فسي‬
‫حسسال مساله وأولده عنسسد مسسوته‪ ،‬ول ينظسسر ويتسسدبر فسسي‬
‫أحوال نفسه‪.‬‬
‫وعندما يرى جنازة يقول بلسانه‪» :‬إنا لله وإنا إليسسه‬
‫راجعون« ول يرجع إلى الله بأفعاله‪ ،‬بل يرجع بأقواله‬
‫فقط‪ ،‬وهذا على خطر عظيم‪.‬‬
‫ف‬
‫ما لخشية وقسسوعه وخسسو ٍ‬ ‫القسم الثاني‪ :‬يذكره دائ ً‬
‫من ُنزوله فيتولهم الرعب ويستولي عليهم الفزع‪.‬‬
‫وأكثر ما يذكرونه إذا خلسسوا مسسن أشسسغالهم وانتقلسسوا‬
‫إلى أوقات فراغهم فيكدر عليهم صفاء هناءتهم وأشد‬
‫مسسا يكسسون كسسدرهم ونكسسدهم إذا أقبلسست عليهسسم السسدنيا‬
‫وتتابعت عليهم النعم وازداوا من متاع السسدنيا وزينتهسسا‪،‬‬
‫مقيسسم للتسسوقي مسسن‬ ‫فتراهم في هم دائم ٍ وقلق وعنسساء ُ‬
‫الخطار والتحُرز مسسن أسسسباب الهلك ويتوهمسسون فسسي‬
‫ة وتجدهم مهتمين‬ ‫ص ً‬‫جرعةٍ غُ ّ‬ ‫ة وفي كل ُ‬ ‫ل لقمة تخم ً‬ ‫كُ ّ‬
‫ما بالفحص عن أبدانهم خوف الموت‪.‬‬ ‫دائ ً‬
‫القسم الثسسالث‪ :‬وهسسو السسذي وفقسسه اللسسه للسسستعداد‬
‫للموت والتأهب للقاء الله‪ ،‬فهذا ل يفارقه ذكُر الموت‬
‫كالمتنقل من محل إلى محل آخسسر أو كالمسسسافر مسسن‬
‫بلدٍ إلى بلدٍ لُيقيم فيها‪.‬‬
‫فإنه ل يفارقه ذكسسر مقصسسده‪ ،‬وذلسسك لنسسه يعلسسم أن‬
‫ذكسسر المسسوت يطسسرد ُ فضسسول المسسل‪ ،‬ويقطسسع المنسسى‪،‬‬
‫طغيسسان‪،‬‬‫ويهسسون المصسسائب‪ ،‬ويحسسول بيسسن النسسسان وال ُ‬
‫ومن فسسوائد ذكسسر المسسوت أن ُيولسد ُ القناعسسة بمسسا ُرزق‪،‬‬
‫والرضا بالميسور‪ ،‬والمبادرة إلى التوبة‪.‬‬
‫والعتنسساء بالوصسسية‪ ،‬والتخلسسص مسسن حقسسوق اللسسه‬
‫وحقوق عباده‪ ،‬وترك التحاسد‪ ،‬والحرص علسى السسدنيا‪،‬‬
‫والبتعاد عن الكسسبر والُعجسسب‪ ،‬ومسسن فسسوائد ذكسسره أنسسه‬
‫يزيد النشاط في العبادة‪.‬‬
‫فعلى العاقل أن يكثر من ذكره‪ ،‬ول يمهسسل نفسسسه‪،‬‬
‫بل يصبح كل يوم على تقدير الستعداد للرحلسسة؛ لنسسه‬
‫‪91‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ممكن‪ ،‬وهذا أمسسر متفسسق‬ ‫ما من وقت إل والموت فيه ُ‬
‫عليه‪.‬‬
‫والناس مختلفون فسسي كسسل الشسسياء إل المسسوت فل‬
‫س‬
‫فل ٍ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫خلف فيه‪ ،‬قسسال اللسسه تبسسارك وتعسسالى‪ :‬ك ُل ّ‬
‫ت ‪.‬‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ال َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ذائ ِ َ‬
‫َ‬
‫ول ت َك ُسسسن جسسساهل ً فسسسي‬
‫ل‬ ‫ك قَب ْسسس َ‬ ‫ح ل ِن َْفسسسس َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أك ْسسسد‬
‫مْرتاب ًسسسسسسسسا‬ ‫ق ُ‬ ‫مَهسسسل الحسسسسسسسس ِ‬
‫ت‬ ‫سر‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫سو‬ ‫س‬ ‫ول‬ ‫سا‬ ‫س‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫م‬‫ِ‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ٍ‬ ‫ت فسسسي َ‬ ‫المسسسو ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫حقاب ًسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫أ‬ ‫مسسسسسوُرود ٌ‬ ‫إن المني ّسسسسسة َ‬
‫مناهُلهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ْ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ِ‬
‫ب‬ ‫وفسسسي الل ّي َسسسالي وفسسسي ي َْزداد ُ فيها أولو اللبا ِ‬
‫ألباب ًسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫ة‬ ‫جربسسسسسسسس ٌ‬ ‫اليسسسسسسسسام ِ ت َ ْ‬
‫ن‬ ‫شعُر بعد َ سوادٍ كا َ‬ ‫وال ّ‬
‫صسسسير‬ ‫ب يَ ِ‬ ‫ب َعْسسسد َ الشسسسبا ِ‬
‫شسسسسسسسسسساَبا‬ ‫َقسسسسسسسسسسد ْ َ‬
‫س‬ ‫م‬ ‫شسس‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫ري‬ ‫سسس‬ ‫ل‬‫ٌ‬ ‫ليسس‬ ‫َ‬ ‫حنًيسسسسسسا‬ ‫من ْ َ‬ ‫ب ُ‬ ‫صسسسسسسل ْ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ْ ٌ‬ ‫َ َ ٌ‬ ‫س ول‬
‫داب َسسسسسسسسسسا‬ ‫حسسسسد ك َّرهسسسسسسسسسسا َ‬ ‫ي ُْفنسسسسي الن ُُفسسسسو َ‬
‫حّتسسسى ي َُعسسسود َ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ي ُب ِْقسسسسي علسسسسى أ َ‬
‫شسسسهود ُ‬ ‫لمسسسسستقر وميَقسسسسات َ‬
‫س غُّياًبسسسسسسسسا‬
‫ٍ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ُ َ‬
‫ة النسسسسسسسسا ِ‬ ‫در ٍ‬ ‫مَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ّ‬ ‫ُ‬
‫بالجسسسسسسسسارِ جسسسسسسسساًرا‬
‫م‬ ‫مسسن تَعسساِقرهُ اليسسا ُ‬ ‫و َ‬
‫حاًبا‬ ‫ب أصسسس َ‬ ‫ت ُْبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدِل ُه وبالصسسسحا ِ‬
‫ُ‬
‫ل‬ ‫منسسسه ل ِط ُسسسو ِ‬ ‫ت ِ‬
‫ْ‬
‫سسسسي ْ َ‬ ‫نسسا ك ُ ِ‬
‫ً‬ ‫جسسا وأوطا‬ ‫ً‬ ‫خّلسسوا ُبرو‬ ‫َ‬
‫واًبسسسسسسسسا‬ ‫الّنسسسسسسسسأي أث َْ‬ ‫َ‬
‫مْغتَرب ًسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫و ُ‬
‫مسسن‬ ‫ه َ‬ ‫حل ّس ُ‬ ‫مسسن َ‬ ‫س َ‬ ‫ضسسسي ّق ن َسسساٍء ول َي ْس َ‬
‫غَي ْب َسسسسسسسسسسسةٍ آب َسسسسسسسسسسسا‬ ‫ٍ‬ ‫ش َ‬ ‫ح ٍ‬ ‫مسسسو ِ‬ ‫ب ُ‬
‫ه‬ ‫ُ‬ ‫حل ّت ُسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫سسسا‬ ‫حّرا ً‬ ‫ق ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫سرا‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫دو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫مهِي ْسب عَظ ِي ْسم‬ ‫من َ‬ ‫م َ‬ ‫ك ْ‬
‫جاب ًسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ح ّ‬ ‫ك م ٍتخسسسسسسسسذِ وَ ُ‬
‫ٍ‬ ‫مل ْسسسسسسسس ِ ُ ّ ِ‬ ‫ال ُ‬
‫عْنسسد َهُ فسسي‬ ‫ومسسا ُيسسَرى ِ‬ ‫حى ذليل ً‬
‫صسسسِغيَر‬ ‫َ‬ ‫ضسسسس َ‬ ‫أ ْ‬
‫وابسسسسسسسسسا‬ ‫َ ّ‬ ‫ب‬ ‫قسسسسسسسسسبر‬ ‫َ‬ ‫ال‬
‫دا‬ ‫مْنفسسسسسسر ً‬ ‫ن ُ‬ ‫الشسسسسسسأ ِ‬
‫ي عن ِذي‬ ‫ّ‬ ‫الح‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ض‬
‫ْ‬ ‫فا‬ ‫وقَْبلسسس َ‬
‫ي إضسسسسسسسسسراًبا‬ ‫ي‬ ‫النسسسسسسسأ‬ ‫س َقسسسد ْ‬ ‫ك النسسسا ُ‬
‫ِ ْ‬ ‫كوا‬ ‫شوا وقد هل َ ُ‬ ‫عا ُ‬ ‫َ‬

‫‪92‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مللن‬ ‫ذلنا يوم يقوم الشهاد‪ ،‬وأ ّ‬ ‫اللهم ارحم ُ‬
‫خوفنا من فزع المعاد ووفقنا لمللا تنجينللا بلله‬
‫من العمال في ظلم اللحاد‪ ،‬ول تخزنا يللوم‬
‫القيامللة إنللك ل تخلللف الميعللاد‪ ،‬واغفللر لنللا‬
‫ولوالللدينا ولجميللع المسلللمين الحيللاء منهللم‬
‫والميتين برحمتك يا أرحللم الراحميللن‪ ،‬وصللل‬
‫الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫فصل‬
‫ذر‪ ،‬قسسال القرطسسبي‪ :‬ورد فسسي‬ ‫ثم اعلم أن للموت ن ُس ُ‬
‫الخبر أن بعسسض النبيسساء قسسال لملسسك المسسوت‪ :‬أمسسا لسسك‬
‫رسول تقدمه بين يديك يكون الناس على حذر منسسك‪،‬‬
‫سسسل كسسثيرة مسسن العلل‬ ‫قسسال‪ :‬نعسسم‪ ،‬لسسي واللسسه ُر ُ‬
‫والمراض والهرم وتغّير السمع والبصر والشيب‪.‬‬
‫ه إذا‬
‫فإذا لم يتذكر من نزل به ذلك ولم يتسسب نسساديت ُ ُ‬
‫سسسول ً بعسسد رسسسول وأنسسا النسسذير‬ ‫قبضُته ألم أقدم لسسك ر ُ‬
‫الذي ليس بعدي نذير‪.‬‬
‫قال بعضهم‪:‬‬
‫ل‬ ‫ت وَي َث ُْق ُ‬‫وا ٌ‬ ‫خط ْ َ‬‫ن وت َْقصُر ُ‬ ‫سسسسسسسَنا ٌ‬‫طأ ْ‬ ‫سسسسسسساقَ ُ‬ ‫تَ َ‬
‫عأبنساء‬
‫م ُ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسيسا َ‬
‫ل وملسك ُينسادي‪:‬‬ ‫م‬
‫نسسسسسساظ ٌِر َ‬
‫شمسسه ْ‬ ‫فتطلسع‬ ‫يوم ُ‬‫ضسسسسسسعُ‬ ‫وي َ‬
‫فما ْمن‬
‫الربعيسسن‪ ،‬هسسذا وقسست أخسسذ السسزاد أذهسسانكم حاضسسرة‬
‫وأعضاؤكم قوية شداد‪ ،‬يا أبناء الخمسين‪ ،‬قسد دنسا الخسذ‬
‫والحصاد‪ ،‬يا أبناء الستين‪ ،‬نسيتم العقاب وغفلتم عن رد ّ‬
‫الجواب‪.‬‬
‫مل ْت ََقى‬ ‫ه ال ُ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫حسوَ السداِر فََقد ْ َ‬
‫حا َ‬ ‫سساَر ن َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مس ْ‬‫و َ‬
‫ئ‬ ‫ن َقسسسسسسسسسسدِ‬ ‫ة وكسسسسسسسسسسأ ْ‬ ‫جسسسسسسسس ً‬ ‫ح ّ‬‫ن َ‬ ‫سسسسسسسسست ّي ْ َ‬ ‫ِ‬
‫»صحيح البخساري«‪ :‬أعسذر اللسه إلسى امسر ٍ‬ ‫وورد في‬
‫آخر أجله حتى بلغ سسستين سسسنة‪ ،‬وُروي أن ملسسك المسسوت‬
‫دخل على داُود س عليه السلم س‪ ،‬فقال‪ :‬من أنت؟ قسسال‪:‬‬
‫ل‬‫صسور‪ ،‬ول يقبس ُ‬ ‫ب الملسوك‪ ،‬ول يمتنسعُ مسن الُق ُ‬ ‫من ل يهسا ُ‬
‫شاء‪.‬‬ ‫الّر َ‬

‫‪93‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫د‪ ،‬قال‪ :‬يا‬ ‫ك الموت ولم أستعد ّ بع ُ‬ ‫ذا أنت مل ُ‬ ‫قال‪ :‬فإ ً‬
‫ن قريبسسك؟ قسسال‪ :‬ماتسسا‪،‬‬ ‫ن جارك؟ أين فل ٌ‬ ‫د‪ ،‬أين ُفل ٌ‬ ‫داوُ ُ‬
‫قال‪ :‬أما كان لك في هؤلء عبرة لتستعد‪.‬‬
‫ت‬ ‫م َ‬ ‫ل وما قَد ّ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬‫ن الّر ِ‬ ‫مسسا آ َ‬ ‫سسساهًِيا لهًِيسسا عَ ّ‬‫يسسا َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن َزادِ‬ ‫ه َ‬‫ُيسسسسسسسسسسسراد ُ ِبسسسسسسسسسسس ِ‬
‫ع‬
‫مس ْ‬ ‫دا َ‬ ‫ت غَ س ً‬ ‫ت أن ْس َ‬ ‫حا هِي ْهَسسا َ‬ ‫صسسسحي ْ ً‬
‫ج الب ََقسسساَء َ‬‫ت َسسسْر ُ‬
‫دا غسسسسسادِ‬ ‫غسسسسس َ‬ ‫مسسسسسن َ‬ ‫دا َ‬
‫ما أب َسسسسسسسسس َ‬
‫سسسسسسسسسسال ً‬‫َ‬

‫آخر‪:‬‬
‫صسسرام ِ‬ ‫تمضسسي الحيسساةُ وأبنسساُء فسسي غفلسسةٍ بان ْ ِ‬
‫الخسرة‬ ‫السدارعُِروا‬
‫شسسس‬ ‫مسسسا َ‬
‫رِ فسي‬ ‫مسسس‬‫علسى العُ ْ‬
‫النسسان‬ ‫ه‬
‫بسسسسسسسسس ِ‬
‫ض‬ ‫ن‬
‫الزمسسسسسسسسسا ِ‬
‫تعسر ُ‬ ‫قيسل‪ :‬إنهسا ُ‬
‫ت أيامه ولياليه في هيئة الخسزائن‪ ،‬كسل يسوم وليلسة‬ ‫ساعا ُ‬
‫أربع وعشرون خزانة بعدد ساعاتهما فيرى الساعة التي‬
‫عمل فيها بطاعة الله خزانة مملوءة نسوًرا فيفسرح بسذلك‬
‫دا‪ ،‬والسستي عمسسل فيهسسا بمعصسسية اللسسه مملسسوءة‬ ‫حا شدي ً‬ ‫فر ً‬
‫ظلمة‪ ،‬والتي لم يعمسسل فيهسسا بطاعسسة ول معصسسية يجسسدها‬ ‫ُ‬
‫فارغة ل شيء فيها‪.‬‬
‫فيعظسسم نسسدمه وحسسسرته إذا نظسسر إلسسى الفارغسسة‪،‬‬
‫ويتمنى لو ملها بذكر اللسسه جسسل وعل‪ ،‬قسسال جسسل وعل‬
‫مللُر‬ ‫َ‬ ‫ة إ ِذْ ُ‬ ‫وتقدس‪َ  :‬‬
‫ي ال ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ق ِ‬ ‫سَر ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫م ال َ‬ ‫و َ‬
‫م يَ ْ‬‫ه ْ‬ ‫ذْر ُ‬ ‫وأن ِ‬ ‫َ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ل َ يُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬‫ة َ‬ ‫فل َ ٍ‬ ‫غ ْ‬‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫مللا‬
‫س ّ‬ ‫فل ٍ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫ك ت َب ُْلو ك ُ ّ‬ ‫هَنال ِ َ‬‫وقال عز من قائل‪ُ  :‬‬
‫سل َ َ‬ ‫َ‬
‫حا مسسسروًرا‬ ‫ت ‪‬فالعامل بطاعة الله يكون فر ً‬ ‫ف ْ‬ ‫أ ْ‬
‫حه واغتباطه ويكاد فؤاده‬ ‫طا على الدوام يزيد فر ُ‬ ‫مغتب ً‬
‫يطير من شدة الفرح‪.‬‬
‫مسسا‬‫وعكسسسه العامسسل بمعاصسسي اللسسه يكسسون مغمو ً‬
‫حزنه وحسسسرُته ونسسدامُته إلسسى غيسسر‬ ‫محزوًنا قلًقا يزداد ُ‬
‫نهاية‪.‬‬
‫ففكر يسا أخسي‪ ،‬واخستر لنفسسك رحمنسا اللسه وإيساك‬
‫وجميع المسلمين ما ُدمسست فسسي قيسسد الحيسساة فسسي دار‬
‫الختيار لم تطوى صحيفتك‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فالبسسسدار البسسسدار فيمسسسا ينفعسسسك ويرفعسسسك وإيسسساك‬
‫والتسسسويف‪ ،‬فسسإنه شسسرٍ والنسسسان معسسرض للفسسات‬
‫والشواغل الكثيرة‪.‬‬
‫سا قبسسل خمسسس‪ :‬شسسبابك قبسسل‬ ‫قال ‪» :‬اغتنم خم ً‬
‫هرمك‪ ،‬وصحتك قبل سقمك‪ ،‬وفراغسسك قبسسل شسسغلك‪،‬‬
‫وغناك قبل فقرك‪ ،‬وحياتك قبل موتك«‪.‬‬
‫وأخرج الترمذي وحسسسنه والحسساكم وصسسححه‪ ،‬وابسسن‬
‫مسساجه عسسن النسسبي ‪ ،‬قسسال‪» :‬المسسؤمن يمسسوت بعسسرق‬
‫الجبين«‪ ،‬وقال ابن مسعود‪ :‬إن المسسؤمن يبقسسى عليسسه‬
‫خطايا ُيجازي بها عند الموت‪ ،‬فيعرق لذلك جبينه‪.‬‬
‫وقال سفيان‪ :‬كانوا يستحبونة العرق للموت‪ ،‬ومسسن‬
‫ثم قال علقمة لبعض أصحابه‪ :‬أحضرني فَِلقني ل إلسسه‬
‫إل الله‪ ،‬فإن عرق جبيني فبشرني‪.‬‬
‫ض العلماء‪ :‬وإنما يعرق جبينه حياًء من ربسسه‬ ‫قال بع ُ‬
‫لما اقترف من مخافته؛ لن مسسا سسسفل منسسه قسسد مسسات‬
‫وإنما بقيت منه قوة الحياة وحركاتها فيما عل‪.‬‬
‫والحياُء في العينين‪ ،‬والكافر في عما عن هذا كله‪،‬‬
‫ب في شغل عن هذا بما حل به‪.‬‬ ‫معذ ّ ُ‬ ‫موحد ال ُ‬ ‫وال ُ‬
‫ولما احتضر عمرو بن العسساص قسسال ابنسسه‪ :‬يسسا أبسست‪،‬‬
‫كنت تقول‪ :‬ليتني ألقسسى رجل ً عسساقل ً عنسسد المسسوت‬ ‫إنك ُ‬
‫ف لسي‬ ‫صس ْ‬ ‫د‪ ،‬وأنست ذلسك الرجسل ف ِ‬ ‫حتى يصسف مسا يجس ُ‬
‫ة‬
‫م أبر ٍ‬ ‫س من س ّ‬ ‫الموت‪ ،‬قال‪ :‬يا ُبني والله لكأني أنتف ُ‬
‫ك ُيجّر به من قدمي‪.‬‬ ‫ن شو ٍ‬ ‫ص َ‬‫وكأن غُ ْ‬
‫وقال‪ :‬أجد ُ كأن السموات أطبقت على الرض وأنا‬
‫غصسسن‬ ‫ينهما وكأن نفسي تخرج على ثقب لبرةٍ وكأن ُ‬
‫ب به من هامتي إلى قدمي‪.‬‬ ‫ك ُيجذ ُ‬ ‫شو ٍ‬
‫مسسسسا‬ ‫شسسسسَرجت يو ً‬ ‫ح ْ‬
‫ما ي ُغِْني الثراُء إذا َ‬
‫ك َ‬ ‫ل َعَ ْ‬
‫مَر َ‬
‫صسسسد ْ َُر‬
‫عجًبا‬ ‫ميت‪،‬سسسسا ال ّ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫ضسسساقَ به‬‫تسسسسسسسسسى و َ‬
‫على‬ ‫عسسسسسسسسسن الَف َ‬
‫بعضهم بكاء‬ ‫سمع‬
‫مسافرين يبكللون علللى مسللافر قللد‬ ‫من قوم ُ‬
‫بلغ منزله‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ي‬
‫قال عمر بن عبسسدالعزيز‪ :‬مسسا أحسسب أن تهسسون علس ّ‬
‫سكرات الموت؛ لنه آخر ما يؤجر عليه المؤمن‪.‬‬
‫سون ندموا على ما قدموا‪ ،‬وأهسسل‬ ‫أهل القبور محُبو ُ‬
‫منتظرون يقتتل ُسسون علسسى مسسا عليسسه أهسل القبسور‬ ‫الدور ُ‬
‫مون‪.‬‬ ‫متند ُ‬ ‫ُ‬
‫فل هسسؤلء إلسسى هسسؤلء يرجعسسون‪ ،‬ول هسسؤلء بهسسؤلء‬
‫معتبرون‪.‬‬
‫سئل بعضهم‪ :‬هل من علمة تدل على أن الله قسسد‬ ‫ُ‬
‫ك؟‬ ‫قَب ِل َ َ‬
‫فقسال‪ :‬إذا رأيسست اللسه عسز وجسسل قسسد عصسمك عسن‬
‫المعاصي ك ُّلها كرهها إليك‪ ،‬ووفقك لطاعته علمت أنه‬
‫ت‪ :‬لسسو قسسال قسسوي ظنسسك ورجسساؤك لكسسان‬ ‫قد قبلك‪ُ ،‬قل ُ‬
‫أولى‪ ،‬إن للسيئة ظلمة في القلب وشيًنا في السسوجه‪،‬‬
‫صسسا فسسي السسرزق‪ ،‬وبغضسسة فسسي‬ ‫ووهن ًسسا فسسي البسسدن‪ ،‬ونق ً‬
‫صا في العقل والدين‪ ،‬وأما الحسسسنة‬ ‫قلوب الخلق‪ ،‬ونق ً‬
‫طا فسسي البسسدن‪ ،‬وزيسسادة‬ ‫فإن لها نوًرا في الوجه‪ ،‬ونشا ً‬
‫في الرزق ومحبة في قلوب الخلق وزيادة في العقل‬
‫والدين‪.‬‬
‫ت‬ ‫كسسْر َ‬ ‫ك َلو فَ ّ‬ ‫عّز َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ك يسسسا وب َي ْ ُ‬ ‫مسسسرِ َ‬ ‫ب عُ ْ‬ ‫جسسسا ُ‬ ‫ح َ‬‫ِ‬
‫ك‬ ‫من ُْهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسو ُ‬ ‫ك َ‬ ‫مهْت ُسسسسسسو ُ‬ ‫مغْسسسسسسُروُر َ‬ ‫َ‬
‫و‬
‫مسسا وهْس َ‬ ‫ح َيو ً‬ ‫صسب ِ ُ‬‫ت لب ُسد ّ ي ُ ْ‬ ‫شسسس ْ‬ ‫م َ‬ ‫ك مسسسا قَ َ‬ ‫ك ََفسسسا َ‬
‫ك‬ ‫مُتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرو ُ‬ ‫ب ْ‬ ‫شسسس ٍ‬ ‫مسسسن ن َ َ‬ ‫ك َّفسسساك ِ‬
‫ح سُر‬ ‫ب منه الن ّ ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫خ ّ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫ه دَ ً‬ ‫علسسى َزل ِّتسس ِ‬ ‫ك َ‬ ‫للسسه َبسسا ٍ‬
‫ك‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُفو ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ما َ‬ ‫َنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد َ ً‬
‫كسسسرِ فسسسي‬ ‫ك الِف ْ‬ ‫ل وإِفسسس ُ‬ ‫جسسس ِ‬ ‫ك فسسسي ال َ‬ ‫شسسس ّ‬ ‫ل َ‬
‫ك‬ ‫مسسسسسسأُفو ُ‬ ‫ه اليسسسسسسات َ‬ ‫حُقسسسسس ُ‬ ‫المحُتسسسسسوم ِ ي َل ْ َ‬
‫ك‬‫وى مال ِسسس ٌ‬ ‫سسسست َ َ‬ ‫غيسسر فيهسسسا ا ْ‬ ‫دار َ‬ ‫ي َْقلى الّثواَء بسس َ‬
‫ك‬ ‫مل ُسسسسسسسو ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ة هُل ْك ًسسسسسسسا و َ‬ ‫َثاوَِيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬

‫‪96‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫موعظة‬
‫أُيها العبد‪ ،‬حاسب نفسك فسسي خلوتسسك وتفكسسر فسسي‬
‫مدتك‪ ،‬واعمل بجد واجتهاد في زمسسان‬ ‫سرعة إنقراض ُ‬
‫فراغك لوقت حاجتك وشدتك‪.‬‬
‫وتدّبر قبل الفعل ما ُيملى في صحيفتك وانظر هل‬
‫نفسك معك على الشيطان والهسسوى والسسدنيا أو عليسسك‬
‫في مجاهدتك‪.‬‬
‫س سعِد َ مسسن حاسسسبها وفسساز مسسن حاربهسسا وقسسام‬ ‫لقسسد َ‬
‫ت‬‫باستيفاء الحقوق منها وطالبها وكلما قصرت أو وَنسس ْ‬
‫ت جذبها‪.‬‬ ‫عاتبها وكلما توقَّف ْ‬
‫دان‬ ‫مسسن َ‬ ‫قسال –عليسسه الصسلة والسسلم‪» :-‬الكيسسس َ‬
‫جز من أتبسسع نفسسه‬ ‫سه وعمل لما بعد الموت‪ ،‬والعا ِ‬ ‫ن َْف َ‬
‫هواها وتمنى على الله الماني«‪.‬‬
‫وقسسال عمسسر‪ :‬حاسسسبوا أنفسسسكم قبسسل أن تحاسسسبوا‬
‫وطالبوها بالصدق في العمال قبل أن تطالبوا وزنسسوا‬
‫أعمسسالكم قبسسل أن توزنسسوا‪ ،‬فسسإنه أهسسون عليكسسم فسسي‬
‫ذ‬
‫مئ ِ ٍ‬ ‫الحسسساب غسسدا وتزينسسوا للعسسرض الكسسبر ‪َ‬يلل ْ‬
‫و َ‬
‫ة ‪.‬‬ ‫في َ ٌ‬
‫خا ِ‬
‫م َ‬‫منك ُ ْ‬
‫فى ِ‬ ‫ن ل َ تَ ْ‬
‫خ َ‬ ‫ضو َ‬
‫عَر ُ‬
‫تُ ْ‬
‫فصل‬
‫ن سسسعدٍ عسسن‬ ‫أخرج الحاكم فسسي »المسسستدرك« وابس ُ‬
‫عوانة بن الحكسسم‪ :‬أن عمسسرو بسسن العسساص كسسان يقسسول‪:‬‬
‫ت‬‫عجًبا لمن نزل به الموت‪ ،‬قال له ابنه عبدالله‪ :‬يا أب ِ‬
‫ل‪ :‬عجًبا لمن نزل به الموت وعقُله معه‬ ‫إنك ك ُن ْ َ‬
‫ت ت َُقو ُ‬
‫ف لنا الموت؟ قال‪ :‬يسسا ُبنسسي‪ ،‬أج س ّ‬
‫ل‬ ‫كيف ل يصُفه‪ ،‬فص ْ‬
‫من أن يوصف‪ ،‬ولكن سأصف لك منسسه شسسيًئا‪ ،‬أجسسدني‬
‫كسسأن علسسى عنقسسي جبسسال رضسسوى‪ ،‬وأجسسدني كسسأن فسسي‬
‫ج مسسن‬‫جوفي شوك السلن‪ ،‬وأجدني كأن نفسي تخسسر ُ‬
‫ثقب إبرة‪.‬‬
‫وقال عمر ‪ ‬لكعب‪ :‬أخبرني عن الموت؟ قال‪ :‬يا‬
‫أمير المؤمنين‪ ،‬هسسو مثسسل شسسجرةٍ كسسثيرة الشسسوك فسسي‬

‫‪97‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫جوف ابن آدم فليس منسسه عسسرق ول مفصسسل إل وفيسسه‬
‫ل شديد ُ الذراعين فهو ُيعالجها وينزعها‪.‬‬ ‫ج ٌ‬‫شوكة‪ ،‬ور ُ‬
‫وأخسسرج أبسسو نعيسسم فسسي »الحليسسة«‪ ،‬عسسن واثلسسة بسسن‬
‫موَْتسساكم‬ ‫ضسسروا َ‬ ‫ح ُ‬ ‫السسسقع‪ ،‬عسسن النسسبي ‪ ‬قسسال‪» :‬ا ْ‬
‫م‬ ‫حليس َ‬ ‫ن ال َ‬‫ة‪ ،‬فسسإ ّ‬ ‫هم بالجن ِ‬ ‫هم ل إله إل الله وَبشرو ُ‬ ‫ولِقُنو ُ‬
‫ن‬ ‫ص سَرِع‪ ،‬وإ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫حي ّسُر عنسسد ذلسسك ال َ‬ ‫ل والنسسساِء ي َت َ َ‬ ‫من الرجا ِ‬ ‫ِ‬
‫ب مسسا يكسسون مسسن ابسسن آدم عنسسد ذلسسك‬ ‫ن أقسسر ُ‬ ‫الشسسيطا َ‬
‫ة ملك الموت أشد ّ‬ ‫معاين ُ‬‫المصرع‪ ،‬والذي نفسي بيده ل ُ‬
‫من ألف ضربةٍ بالسيف‪ ،‬والذي نفسي بيسسده ل تخسسرج‬
‫ق منسسه علسسى‬ ‫ل عسسر ٍ‬ ‫س عبدٍ من الدنيا حتى ي َت َسسألم كس ُ‬ ‫ن َْف ُ‬
‫ه«‪.‬‬ ‫حَيال ِ ِ‬
‫ِ‬
‫صسَر البعيسد‪ ،‬ومسن‬ ‫قال بعضهم‪ :‬من خاف الوعيد ق ّ‬
‫ت قريب‪.‬‬ ‫طال أمله ضعف عمله وكل ما هو آ ٍ‬
‫واعلم يا أخي‪ ،‬أن كسسل مسسا يشسسغلك عسسن ربسسك فهسسو‬
‫عليك مشؤم‪.‬‬
‫مون‪،‬‬ ‫واعلم أن أهل القبور إنمسسا يفرحسسون بمسسا ُيقسد ّ ُ‬
‫مون على ما ُيخلُفون‪.‬‬ ‫ويند ُ‬
‫وأهل السسدنيا يقتتلسسون ويتنافسسسون فيمسسا عليسسه أهسسل‬
‫مون‪.‬‬ ‫القبور يند ُ‬
‫وقال مالك بن دينار‪ :‬إن الله جعل السسدنيا دار مفسسر‬
‫والخسسرة دار مقسسر‪ ،‬فخسسذوا لمقركسسم مسسن مفركسسم‪،‬‬
‫وأخرجسسوا السسدنيا مسسن قلسسوبكم قبسسل أن تخسسرج منهسسا‬
‫كوا أستاركم عند من يعلم أسراركم‪.‬‬ ‫أبدانكم‪ ،‬ول تهت ُ‬
‫خلقتسسم إنمسسا مثسسل السسدنيا‬ ‫ففي الدنيا حييتم ولغيرها ُ‬
‫سم أكله من ل يعرفه واجتنبه من عرفه‪.‬‬ ‫كال ُ‬
‫ن وفسسي جوفهسسا‬ ‫سسسها لي س ٌ‬ ‫ل الحيسسة م ّ‬ ‫ومثل السسدنيا مث س ُ‬
‫سسسم القاتسسل يحسسذرها ذووا العقسسول‪ ،‬ويهسسوى إليهسسا‬ ‫ال ّ‬
‫الصبيان بأيديهم‪.‬‬
‫مسرائي‪ ،‬قسال‪ :‬مستى‬ ‫وقال رجل لمالك بن دينار‪ :‬يسا ُ‬
‫عرفت إسمي؟ ما عرف اسمي غيُرك‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ب عبسسد بعقوبسسة أعظسسم مسسن قسسسوة‬ ‫ضسسر َ‬‫وقال‪ :‬مسسا ُ‬
‫القلب‪.‬‬
‫وقال‪ :‬إن العالم إذا أتيُته فسسي بيتسسه رأيسست حصسسيرةُ‬
‫للصلة ومصحفه ومطهرته في جانب البيت تسسرى أثسسر‬
‫الخرة‪.‬‬
‫وقال‪ :‬إن البرار لتغلسسي ُقلسسوبهم بأعمسسال السسبر وإن‬
‫جسسور واللسسه يسسرى‬ ‫الفجسسار تغلسسي قلسسوُبهم بأعمسسال الُف ُ‬
‫مومكم رحمكم الله‪.‬‬ ‫مومكم فانظروا ما هُ ُ‬ ‫هُ ُ‬
‫واقَِفْين‬ ‫ن السسس َ‬ ‫ت ولل ْ َ َ‬
‫ملكْيسسس ِ‬ ‫عسسسد َد ْ َ‬‫مسسسد ُ مسسسا أ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ل ِل َْقسسسسسسسبرِ والبلسسسسسسسى علسسسسسسسسسى الَقب ْسسسسسسسسس ِ‬
‫ر‬
‫م‬ ‫عسسوي عمسسا ُيسسذ َ ّ‬ ‫ع ول تر َ‬ ‫جس ُ‬ ‫ص سٌر ل ُترا ِ‬‫م ِ‬ ‫ت ُ‬ ‫وأن ْس َ‬
‫مسسسسسسسسسرِ‬ ‫مسسسسسسسسسن ال ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫َتوَبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬
‫ه زاًدا إلسسسى‬ ‫م ل َسسس ُ‬‫م ل ُتحسساِول فََقسسسد ّ ْ‬ ‫ك ي َسسو ٌ‬‫سي َأ ْت ِي ْ َ‬‫َ‬
‫ر‬
‫شسسسسسس ِ‬ ‫ث والن ّ ْ‬ ‫ه الب َْعسسسسسس ِ‬ ‫د َفَْعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬

‫قللال بعللض العلمللاء‪ :‬الشللياء المقتضللية‬


‫سوء الخاتمة والعيللاذ بللالله أربعللة‪ :‬التهللاون‬ ‫ل ُ‬
‫بالصلة‪ ،‬وشللرب الخمللر‪ ،‬وعقللوق الوالللدين‪،‬‬
‫وإيذاءُ المسلللمين‪ ،‬وزاد بعضللهم النظللر إلللى‬
‫الحداث‪.‬‬
‫مصسسله‬ ‫وعن أبي سعيد قال‪ :‬دخل رسول اللسسه ‪ُ ‬‬
‫سسسا يكتشسسرون )أي يضسسحكون(‪ ،‬فقسسال‪» :‬أمسسا‬ ‫فرأى نا ً‬
‫مسسا‬
‫كم عَ ّ‬ ‫ت لَ َ‬
‫ش سَغل ُ‬ ‫من ِذكرِ هسسادِم ِ اللسسذا ِ‬ ‫إنكم لو أكثرُتم ِ‬
‫أَرى«‪.‬‬
‫فأكثر ذكرها ذم اللذات الموت‪ ،‬فإنه لم يأت علسسى‬
‫القبر يوم إل يتكلم‪ ،‬فيقول‪ :‬أنا بيت الُغربة‪ ،‬وأنسسا بيسست‬
‫الوحدة‪ ،‬وأنا بيت الُتراب‪ ،‬وأنا بيت الدود‪.‬‬
‫فإذا دفن العبد المؤمن قال له القبر‪ :‬أهل ً ومرحًبا‪،‬‬
‫أما إن كنت لحب من يمشي على ظهري فإذا وليتك‬
‫اليوم وصسرت إلسسي فسسترى صسنيعي بسك فيتسسعُ مسد ّ‬
‫ب إلى الجنة‪.‬‬ ‫ه با ٌ‬
‫حل ُ‬
‫بصره وُيفت ُ‬
‫‪99‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫دفن العبد الفاجر أو الكافر قسسال لسسه القسسبر‪ :‬ل‬ ‫وإذا ُ‬
‫ل‪ ،‬أما إن كنت لبغض مسسن يمشسسي علسسى‬ ‫مرحًبا ول أه ً‬
‫ي فسترى صسسنيعي‬ ‫ظهري فإذا وليتك اليوم وصرت إل ّ‬
‫بك‪.‬‬
‫عه‪،‬‬ ‫قال‪ :‬فليسستئم عليسسه حسستى تلتقسسي وتختلسسف أضسسل ُ‬
‫ض سَها فسسي بعسسض‪،‬‬ ‫ل ب َعْ َ‬ ‫خس َ‬ ‫وقال ‪» :‬فسسي أصسسابعه و أد ْ َ‬
‫ض‬‫خ فسسي الر ِ‬ ‫دا ن ََفس َ‬ ‫ن واحس ً‬ ‫ن ت َن ّي ًْنا َلو أ ّ‬ ‫ض له ِتسُعو َ‬ ‫وُيقي ُ‬
‫شسسه حسستى‬ ‫خدِ ُ‬ ‫شسسه وت َ ْ‬ ‫دنيا فت َن ْهَ ُ‬ ‫ت ال ُ‬ ‫شي ًْئا ما ب َِقي َ ِ‬‫ت َ‬ ‫ما أن ْب َت َ ْ‬
‫ي ُْفضى به إلى الحساب«‪.‬‬
‫مسسن‬ ‫ة ِ‬ ‫ضس ٌ‬
‫مسسا َروْ َ‬ ‫قال‪ :‬وقال رسول الله ‪» :‬القبر إ ّ‬
‫حَفسسرِ النسسار« أخرجسسه‬ ‫مسسن ُ‬ ‫حْفسسَرةٌ ِ‬ ‫ِريسساض الجنسسة أو ُ‬
‫الترمذي‪.‬‬
‫من هذا‬ ‫وقال‪ :‬هذا حديث حسن غريب ل نعرفه إل ِ‬
‫الوجه‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن رجب‪ :‬لكن روي معناه من وجسوه‬
‫ذكر بعضها‪ .‬اهس‪.‬‬
‫ه‬
‫سسس ِ‬‫فتفكر يا مغرور بالموت وسكراته وصسسعوبة كأ ِ‬
‫ومرارته فيا للموت من وعدٍ ما أصدقه ومن حاكم ما‬
‫أعد له‪.‬‬
‫مْبكًيسسا ل ِل ُْعيسسون‬ ‫حسسا للقلسسوب و ُ‬ ‫مقّر ً‬ ‫ت ُ‬ ‫فكفسسى بسسالمو ِ‬
‫ما للذات وقاطًعا للمنيات‪.‬‬ ‫جماعات وهاذ ً‬ ‫مفرًقا ل ِل ْ َ‬ ‫و ُ‬
‫فهل تفكرت يا ابن آدم في يوم مصرعك وانتقالسسك‬
‫من موضعك‪ ،‬ونقلت مسسن سسسعة إلسسى ضسسيق‪ ،‬وفارقسسك‬
‫ق‪ ،‬وهجسسرك الخ والصسسديق‪ ،‬وأخسسذت‬ ‫الصاحب والرفي س ُ‬
‫من فرشك وغطائك إلى حفر وغطوك مسسن بعسسد ليسسن‬
‫ب ومدٍر‪.‬‬ ‫لحافك بترا ٍ‬
‫ض الد ُن َْيا فَن َل ُْهسسوا‬ ‫ت وت َعَْتر ُ‬ ‫ن ُسسسَزاعُ ل ِسسسذك ْرِ المسسسو ِ‬
‫ره ون َل ْعَسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ب‬ ‫ة ذِك ْسسسسسسسس ِ‬‫سسسسسسسسساع َ‬ ‫َ‬
‫ن إلسسسى‬ ‫عْرفَسسسا ٌ‬ ‫ب عليسسسه و ِ‬ ‫غال ِ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ن الش َ‬ ‫ن كأ ّ‬ ‫ي َِقي ْ ُ‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫سسسسسسسس ُ‬ ‫ل ي ُن ْ َ‬ ‫جهْسسسسسسس ِ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرِهِ ال َ‬ ‫أ ْ‬

‫‪100‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫آخر‪:‬‬
‫مسسسا‬‫دائ ً‬‫َيشسسسي ْد ُ وي َْبنسسسي َ‬ ‫ت فسسي‬ ‫ظسسرٍ ل ِْلمسسو ِ‬ ‫من ْت َ ِ‬‫و ُ‬
‫ن‬‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫ة‬
‫ظسسسسسسسسس ٍ‬ ‫ح َ‬
‫كسسسسسسسسسل ل َ ْ‬
‫مسسن‬ ‫ل َ‬ ‫وأعمسساُله أعْ َ‬
‫مسسا ُ‬ ‫ة‬‫حِقي َْقس ُ‬‫ن ت َب ْل ُسسوهُ َ‬
‫حي ْس َ‬‫ه ِ‬ ‫لَ ُ‬
‫ن‬ ‫س ي ُسسسسسسسسوقِ ُ‬‫ل َي ْسسسسسسسس َ‬ ‫ن‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوْقِ ٍ‬ ‫ُ‬
‫ل مسسا‬ ‫كسس ّ‬‫مسسذ ْهَب ِهِ فسسي ُ‬ ‫بَ َ‬ ‫ل‬ ‫جْهسس ِ‬ ‫كارٍ وكال ْ َ‬ ‫ن كإن ْ َ‬ ‫عيا ٌ‬ ‫ِ‬
‫ن‬
‫ي ََتيَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ه‬‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫عل ْ ُ‬

‫فيا جاع المال والمجتهد في البنيان ليس‬


‫ي للخللراب‬ ‫هل َ‬ ‫ل ِ‬ ‫لك مللن مالللك إل الكفللان ب َل ْ‬
‫ك للّتراب والمآب‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫س ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫و ِ‬
‫فأين الذي جمعته من المال أأنقسسذك مسسن الهسسوال‬
‫كل بل تتركه إلى من ل يحمدك وقسسدمت بسسأوزارٍ إلسسى‬
‫من ل يعذرك‪.‬‬
‫ن‬
‫خسسساز ٌ‬ ‫ت عليسسسه َ‬ ‫ك فسسسأن ْ َ‬ ‫ماِلسس َ‬
‫عا ل ِ َ‬
‫ما ً‬‫ج ّ‬ ‫ت َ‬ ‫إذا ك ُن ْ ْ‬
‫ن‬‫كا وأمي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬ ‫م ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ت‬ ‫وا وأن َسسس َ‬
‫ما إلى غير فيسسسأكله عَْفسسس ً‬ ‫مذ ْ ُ‬
‫مو ْ ً‬ ‫ُتؤد ّي ْهِ َ‬
‫ن‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدٍ د َفِي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫حا ِ‬‫َ‬

‫كان بعضهم يوبللخ نفسلله‪ ،‬فيقللول‪ :‬عمللل‬


‫ب‬‫ب مللن التقللوى خللرا‪ ،‬وذنللو ٌ‬ ‫سللراب وقلل ٌ‬ ‫كال ّ‬
‫بعدد الرمل والتراب‪.‬‬
‫ثسسم تطمسسع فسسي الكسسواعب التسسراب هيهسسات أنسست‬
‫سكرات بغير شراب‪.‬‬
‫ما أكملك لسسو بسسادرت أملسسك‪ ،‬مسسا أجل ّسسك لسسو بسسادرت‬
‫أجلك‪ ،‬ما أقواك لو خالفت هواك‪.‬‬
‫م عصمة الملوك؛ لنه يمُنعهسسم مسسن‬ ‫وقال آخر‪ :‬العل ُ‬
‫الظلسسم‪ ،‬ويسسدرهم إلسسى الحلسسم‪ ،‬ويصسسدهم عسسن الذيسسة‪،‬‬
‫ويعطفهم على الرعية‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فمن حقهم أن يعرفوا حقه‪ ،‬ويستنبطوا أهله‪ ،‬فأمسسا‬
‫المال فظل زائل وعارية مسترجعة‪ ،‬وليس في كثرته‬
‫فضيلة‪ ،‬إل لمن يسلطه الله على هلكته في الحق‪.‬‬
‫كمن ينفقه فسسي الجهسساد فسسي سسسبيل اللسسه‪ ،‬وعمسسارة‬
‫سخ من زكاته‪.‬‬ ‫المساجد وسائر المشاريع الدينية‪ ،‬ويَتن ّ‬
‫كسسان موسسسى بسسن جعفسسر بسسن محمسسد بسسن علسسي بسسن‬
‫الحسين ُيدعى العبد الصسسالح لجسسل عبسسادته واجتهسساده‬
‫مسسا إذا بلغسسه عسسن رجسسل أنسسه‬ ‫وقيامه بالليسسل‪ ،‬وكسسان كري ً‬
‫يؤذيه‪ ،‬بعث إليه بمال‪.‬‬
‫وبعث موسى إلى الرشيد من الحبسسس رسسسالة إنسسه‬
‫ه‬
‫لن ينقضي عني يوم من البلء إل انقضسسى عنسسك مع س ُ‬
‫م من الّرخاء حتى ُنفضي جميًعا إلى يسسوم ليسسس لسسه‬ ‫يو ٌ‬
‫انقضاء يخسُر فيه المبطلون‪.‬‬
‫ت‬‫داُر غُسسسسسرور آذ َن َسسسسس ْ‬ ‫دنيا محل ّسسة و َ‬ ‫خي إّنما ال س ُ‬ ‫أ ِ‬
‫ق‬
‫ة ب ِِفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرا ِ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬‫ن َغْ َ‬
‫ت‬ ‫ممسسا ِ‬ ‫ف سسساقٌ ل ِل ْ َ‬ ‫ل أن وت َل ْت َ ّ‬ ‫مسن َقبس ِ‬‫خي ِ‬ ‫تزّود أ ِ‬
‫ن الّثسسسسسسسرى ِبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬
‫ق‬ ‫سسسسسسسسك ُ َ‬
‫تَ ْ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصللل الللله علللى محمللد وآللله‬


‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫مسسن فسسوائد ذكسسر المسسوت أنسسه يسسورث الستشسسعار‬
‫بالنزعاج عسسن هسسذه السسدار الفانيسسة المملسسوءة بالكسسدار‬
‫والنكاد والهموم والغموم‪.‬‬
‫جه في كل لحظةٍ إلى‬ ‫ويحُثك ذكر الموت على التو ُ‬
‫الخرة بالسسستعداد لهسسا ثسسم إن النسسسان ل ينفسسك عسسن‬
‫ة‪.‬‬‫حن ٍ‬
‫ق وسعةٍ ونعمةٍ وم ْ‬ ‫حالتي ضي ٍ‬
‫فإن كان في حال ضيقةٍ ومحنةٍ فذكر الموت سهّ َ‬
‫ل‬
‫مصيبة إل والمسسوت أعظسسم‬ ‫عليه بعض ما هو فيه إذ ل ُ‬
‫منها وهو ذائقه ولُبد‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت‬
‫و ِ‬
‫مل ْ‬
‫ة ال َ‬ ‫ذائ ِ َ‬
‫قل ُ‬ ‫س َ‬
‫فل ٍ‬ ‫قسسال اللسسه تعسسالى‪ :‬ك ُل ّ‬
‫ل نَ ْ‬
‫‪‬وإن كان في حال سعةٍ ونعم ٍ‬
‫ة‪.‬‬
‫دنيا والركسسون‬ ‫فذكُر الموت يمنعه مسسن الغسسترار بال س ُ‬
‫إليهسسسا لتحقسسسق عسسسدم دوامهسسسا وتحقسسسق ذهابهسسسا عنسسسه‬
‫وانصرامها‪.‬‬
‫ة‬
‫حَيا ُ‬
‫م ال َ‬ ‫غّرن ّك ُ ُ‬ ‫فل َ ت َ ُ‬ ‫قال الله جل وعل وتقدس‪َ  :‬‬
‫غُروُر ‪.‬‬ ‫ه ال َ‬ ‫كم ِبالل ّ ِ‬ ‫غّرن ّ ُ‬‫ول َ ي َ ُ‬
‫الدّن َْيا َ‬
‫ت‬ ‫مسسسسا َزال َسسسس ْ‬ ‫ك َ‬ ‫مسسسسرؤٌ منسسسسا ود ُن َْي َسسسسا َ‬ ‫سسسسسيُء ا ْ‬ ‫يُ ِ‬
‫ق‬
‫مسسسسسس ُ‬ ‫سسسسسسسيُء وت ُوْ َ‬ ‫مسسسسسسسا ت ُ ِ‬ ‫دائ ِ ً‬
‫ض َ‬ ‫فَي ُب َْغسسسسسسس ُ‬
‫كسسسسل‬ ‫ل فمسسسسن ُ‬ ‫جْهسسسس ٍ‬ ‫خ ب َ‬ ‫واهَسسسا الشسسسي ُ‬ ‫سسسسّر هَ َ‬‫ا َ‬
‫ق‬
‫مسسسسسس ُ‬ ‫ل والَفسسسسسستى الّنسسسسسسواظر ت ُْر َ‬ ‫والكهسسسسسس ُ‬
‫ن آدم‬ ‫ن ابسسس َ‬ ‫ل ل َسسسوُدٍ ول َك ِسسس ّ‬ ‫ل أن يؤهّ َ‬ ‫وما هي أهْ ٌ‬
‫ق‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مث ْل َُهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا أ ْ‬ ‫ِ‬

‫وكتب عمر بن عبدالعزيز إلللى بعللض أهللل‬


‫بيتلله‪ :‬أمللا بعللد‪ ،‬فإنللك إن استشللعرت ذكللر‬
‫ل فان‪.‬‬ ‫الموت في ليلك ونهارك بغض إليك ك ُ ّ‬
‫م سسسهام والنسساس أغسسراض‬ ‫وقال بعض العلماء‪ :‬اليا ُ‬
‫ل يسسوم بسسسهامه ويخترمسسك بليسساليه‬ ‫والسسدهر يرميسسك ك ُس ّ‬
‫وأيامه حتى يستغرق ويستكمل جميع أجسسزائك فكيسسف‬
‫تبقى سلمُتك مع وقوع اليام بك وسرعة الليالي في‬
‫ف لك عما أحدثت اليام فيك من النقص‬ ‫كش َ‬ ‫بدنك لو ُ‬
‫مم سَر‬ ‫ت َ‬ ‫لستوحشت من كل يوم ٍ يأتي عليك واسسستثقل َ‬
‫الساعات بك ولكن تدبيُر الله فوق كل تدبير‪.‬‬
‫م‬ ‫مط َْعسس َ‬ ‫مل َْقاهُ وَ َ‬
‫ة َ‬
‫م وََروْعَ َ‬ ‫ك الحمسسا َ‬ ‫ل ل ِعَي ْن َْيسس َ‬
‫مث ّ ْ‬
‫و َ‬
‫ه‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساب ِ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وَوَقَْعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫سست َن َْزل ً عسسن‬ ‫م ْ‬‫سي َْنزُلها ُ‬‫من ْت َهَسسسى َ‬
‫صسسساَرى ُ‬ ‫ن قُ َ‬ ‫وأ ّ‬
‫حْفسسسسسسسرةٌ قَُبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساب ِ ِ‬
‫ه‬ ‫حسسسسسسسي ُ‬ ‫ال َ‬

‫آخر‪:‬‬

‫‪103‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن‬ ‫ن فسسي الط ّسسي ب َي ْس َ‬ ‫حس ُ‬ ‫ون َ َ‬ ‫دا‬ ‫ن َط ْسسويْ ُ‬
‫س سب ُوًْتا وآحسسا ً‬
‫حسسسسسسسدِ‬ ‫ت وال َ‬ ‫سسسسسسسسب ِ‬ ‫ال ّ‬ ‫ها‬‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَر َ‬ ‫ون َن ْ ُ‬
‫مط ْسوِ ُ‬
‫ي‬ ‫خ َ‬
‫ل ال َ‬ ‫لب ُد ّ أن ي َسد ْ ُ‬ ‫مسسن‬ ‫ت ِ‬‫شسسئ ْ َ‬
‫فُعسسد ّ مسسا ِ‬
‫فسسسسسسسسسسي الَعسسسسسسسسسسد َدِ‬ ‫حسسسسدٍ‬‫نأ َ‬‫مسسسس ْ‬‫تو ِ‬‫سسسسسب ْ ٍ‬ ‫َ‬

‫وبالسللللو علللن غلللوائل اللللدنيا وأنكادهلللا‬


‫وتكديراتها وجد طعم لذاتها‪ ،‬وإنها لمللّر مللن‬
‫العلقم‪ ،‬و الصبر والمر والحنظللل إذا عجنهللا‬
‫الحكيم وقد أعيت الواصفون لعيوبها بظاهر‬
‫أفعالها وما تأتي به مللن العجللائب أكللثر ممللا‬
‫ذر منهللا‪ ،‬ومللع هللذا‬ ‫ظ والمحل ّ‬ ‫ُيحيط بلله الللواع ُ‬
‫فالقلب متعلق بها أعظم تعلق‪ ،‬قال الله جل‬
‫َ‬ ‫وعل‪ :‬ول َ يسللأ َل ْك ُ َ‬
‫ها‬‫مو َ‬ ‫سللأل ْك ُ ُ‬ ‫م * ِإن ي َ ْ‬ ‫وال َك ُ ْ‬ ‫ملل َ‬
‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫مللا اللسللان‬ ‫م ‪‬أ ّ‬‫غان َك ُ ْ‬ ‫ضل َ‬‫جأ ْ‬ ‫ر ْ‬
‫خ ِ‬ ‫خُلوا َ‬
‫وي ُ ْ‬ ‫م ت َب ْ َ‬‫فك ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫في ُ ْ‬
‫م الللدنيا‪ ،‬وأمللا القلللب فمحبتهللا فللي‬ ‫فيللذ ُ‬
‫سويدائه على حدّ قول الشاعر‪:‬‬
‫ن‬‫سسسا ِ‬ ‫ك فيهسسا ل ِل ّ َ‬ ‫ك ِللسسسد ّْنيا عَسسسد ٌُو وقَل ُْبسس َ‬ ‫سسسسان ُ َ‬ ‫لِ َ‬
‫ن‬
‫مَبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساي ِ ٌ‬ ‫ن ُ‬ ‫ح ٌ‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ك وِد ٌ في ُفؤادِ َ‬
‫ك‬ ‫من ْ َ‬ ‫ت ل ََها ِ‬ ‫ضسسّرها مسسا قُْلسس َ‬ ‫ومسسا َ‬
‫ن‬‫م ُ‬ ‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫صسسسسَفا َ‬ ‫فيهسسسسا وَقسسسسد ْ َ‬

‫آخر‪:‬‬
‫جسسعُ‬ ‫مو ْ َ‬‫سوى أم عمرو ُ‬ ‫ِ‬ ‫م د َْفسسر‬ ‫ب أّل أ ّ‬ ‫أَبى الَقل ْ ُ‬
‫م‬
‫ب هسسسسسسسائ ِ ُ‬ ‫القلسسسسسسس ِ‬ ‫مسسسسسسسسسسا آبسسسسسسسسسسى‬ ‫كَ َ‬
‫ن‬‫من ْهَسسسا د ُوْن َهُسسس ّ‬
‫مسسساني ِ‬
‫أ َ‬ ‫شسسسسسست ََهى‬ ‫م ْ‬ ‫هسسسسسسي ال ُ‬
‫م‬‫العَظ َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ِ ُ‬ ‫سَهى‬ ‫معَ ال ُ‬‫من ْت ََهى و َ‬ ‫وال ُ‬
‫دور‬ ‫صس ُ‬ ‫عليها وإل في ال ُ‬ ‫م ت ُل ِْفن َسسسا إّل وفِي ْن َسسسا‬
‫ول َسسس ْ‬
‫م‬ ‫خاِء ُ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫َ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ٌ‬ ‫حا ُ‬‫تَ َ‬

‫تنبيه‪:‬‬

‫‪104‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫اعلم يا أخي‪ ،‬أن الدنيا ل تذم لذاتها وكيف يسسذم مسسا‬
‫ن الله بسسه علسسى عبسساده ومسسا هسسو ضسسرورة فسسي بقسساء‬ ‫م ّ‬
‫الدمي وسبب في إعانته على تحصيل العلم والعبادة‬
‫من مطعسسم ومشسسرب وملبسسس ومسسسجد ُيصسسلى فيسسه‪،‬‬
‫وإنما المذموم أخسسذ الشسسيء مسسن غيسسر حلسسه أو تنسساوله‬
‫ف‬
‫على وجه السسسرف ل علسسى مقسسدار الحاجسسة‪ ،‬وُيصسسر ُ‬
‫النفس فيه ُبمقتضى ُرعوناتها ل بإذن الشرع فالعاقل‬
‫يجعلهسسا مطيسسة للخسسرة فينفقهسسا فسسي سسسبيل اللسسه فسسي‬
‫المشسساريع الدينيسسة مسسن طباعسسة مصسساحف كتسسب دينيسسة‬
‫وعمارة مساجد وبذل للفقراء الذين ل موارد لهم‪.‬‬
‫وقسسال آخسسر‪ :‬وقسسد استوصسسف السسدنيا وقسسدر بقائهسسا‪،‬‬
‫ك؛ لن‬ ‫فقال‪ :‬الدنيا وقتك الذي يرجعُ إليسسك فيسسه طرفس َ‬
‫ما مضى عنك فقد فاتك إدراكه‪ ،‬وما لم يأت فل علسسم‬
‫لك به‪ ،‬والدهُر يوم مقبل تنعاه ليلته وتطسسويه سسساعاته‬
‫وأحسسداثه تتسسوالى علسسى النسسسان بسسالتغيير والنقصسسان‬
‫ل بتشسستيت الجماعسسات وانخسسرام الشسسمل‬ ‫موك ّس ُ‬ ‫والدهر ُ‬
‫ل طويل والعمر قصير‪ ،‬و إلى اللسسه‬ ‫دول والم ُ‬ ‫وتنُقل ال ُ‬
‫تصير المور‪.‬‬
‫سسسست ٌْر‬ ‫ك ِ‬ ‫ن ذ ُهِْنسسس َ‬ ‫دو َ‬ ‫مسسا أم ُ‬ ‫ي أَتسسدْري َ‬ ‫يسسا آَدمسس ُ‬
‫ب‬ ‫جسسسسسسسا ُ‬ ‫ت بسسسسسسسسسه ل َْيسسسسسسس َ‬
‫س ي َن ْ َ‬ ‫مْنيسسسسسسسسس َ‬ ‫ُ‬
‫ه‬
‫م في س ِ‬ ‫ب وعسسا ٌ‬ ‫جدي ْ ٌ‬‫عام َ‬ ‫م وي َْفَنسسسى َ‬ ‫م وَيسسسو ٌ‬ ‫َيسسسو ٌ‬
‫ب‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬ ‫خ َ‬ ‫طوًيسسسسسسا إ ْ‬ ‫من ْ َ‬‫مسسسسسسُر ُ‬ ‫العُ ْ‬
‫عاقِ س ٌ‬
‫ل‬ ‫ن ب ََلهَسسا َ‬ ‫ك السسسسسد ُن َْيا فأْري َُها إ ْ‬‫فل ت َُغرّنسسسسس َ‬
‫ب‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬ ‫َ‬ ‫خُرفَِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫بُز ْ‬
‫موًرا‬ ‫جني أ ُ‬ ‫خْرقُ ي ْ‬ ‫م سوًْرا وال ُ‬ ‫جنسسي أ ُ‬ ‫م يَ ْ‬‫ح سْز ُ‬‫وال َ‬
‫ب‬ ‫ف ك ُّلهسسسسسسسسسا عسسسسسسسسسا ُ‬ ‫شسسسسسسسسَر ٌ‬ ‫ك ُل ّهَسسسسسسسسا َ‬

‫ه قللد تللوّلى وذهللب‪،‬‬


‫معظللم منل ُ‬‫أما عمرك كل يوم ُينتهب‪ ،‬أما ال ُ‬
‫إلى أي حين أنت في جمع اللورق واللذهب‪ ،‬تبخلل بالملال وأوقلات‬
‫ملا لنلزول الملوت فملا‬ ‫العمر تهب‪ ،‬يا من إذا خل تفكلر وحسلب‪ ،‬فأ ّ‬
‫ب‪.‬‬
‫قدر وحس ْ‬

‫‪105‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مقبسسل علسسى كرب سةٍ ل كسسالكرب‪ ،‬تطلسسب‬ ‫تأهب فإنك ُ‬
‫ف فسسي الصسسلة وإن‬ ‫طلسسب‪ ،‬وتقس ُ‬ ‫النجاة من غير باب ال ّ‬
‫شعب‪.‬‬ ‫ب في ُ‬ ‫م حاضٌر والقل ُ‬ ‫س ُ‬
‫ب‪ ،‬الج ْ‬ ‫صلتك لعج ْ‬
‫يو‬ ‫ب في حلب‪ ،‬الفهم أعجم ُ‬ ‫الجسد ُ بالعراق والقل ُ‬
‫دنيا‬
‫ب الس ُ‬ ‫حس ّ‬ ‫اللفظ لفظ العسسرب‪ ،‬وهسسذا يسسدل علسسى أن ُ‬
‫والهوى على قلبك قد غلب‪.‬‬
‫فكسسأنكم السسدنيا قسسد تسسولت‪ ،‬والنفسسوس الكريمسسة قسسد‬
‫هانت وذلت‪ ،‬وبكسسؤوس السسسى والتأسسسف قسسد انهلسست‬
‫ت‪.‬‬ ‫وعلت‪ ،‬وبحمول الظاعنين على السف قد استقل ّ ْ‬
‫ت قسسد تجل ّسست‪،‬‬ ‫مسستى ُيقسسال لهسسذه الغمسسرة السستي جل ّس ْ‬
‫فواعجًبا لنفس ما تنتبه وقد زلت‪.‬‬
‫م سذ ْ‬‫وبهَسسا ُ‬ ‫مط ْل ُ ْ‬‫ف َ‬ ‫ضى غَي ُْر وط َسْر ُ‬ ‫ن المنيةٍ ي َْق َ‬ ‫عَي ْ ُ‬
‫ن‬
‫سسسسسسسسَنا ُ‬ ‫ن وَ ْ‬ ‫ة َ‬
‫كسسسسسسسا َ‬ ‫طرَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫ح وُلسس ّ‬ ‫ْ‬
‫ن فسسالن ّطقُ صسسا ٍ‬ ‫حي ْس َ‬‫ه ِ‬ ‫من س ُ‬
‫ن ِ‬ ‫جهْل ً َتمك ّس َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫سسسسسسسك َْرا ُ‬ ‫موِْلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدهِ المسسسسسسرِء َ‬ ‫َ‬
‫قال أحد العلماء‪ :‬وجدت الدنيا شيئين‪ ،‬فشيء منها هو لي فلن‬
‫أعجله قبل أجله ولو طلبته بقوة السموات والرض‪.‬‬
‫ه فيمسسا مضسسى ول‬ ‫وشسسيٌء منهسسا هسسو لغيسسر فلسسم أنل س ُ‬
‫أرجوه فيما بقي ُيمنعُ الذي لي مسسن غيسسري كمسسا يمنسسع‬
‫الذي لغيري مني‪ ،‬ففي أي هذين أفني عمري‪.‬‬
‫ت من الدنيا شيئين‪ ،‬فشيٌء يسسأتي‬ ‫ووجدت ما أعطي ُ‬
‫ب عليه‪ ،‬وشيء يأتي أجلي قبسسل‬ ‫أجله قبل أجلي فأغل ُ‬
‫ت وأخلُفه لمن بعدي ففي أي هذين أعصي‬ ‫أجله فأمو ُ‬
‫ربي عز وجل‪.‬‬
‫وعن مصسسعب بسسن عبسسدالله قسسال‪ :‬سسسمع عسسامر بسسن‬
‫عبسسدالله المسسؤذن وهسسو يجسسود ُ بنفسسسه أي فسسي النسسزع‬
‫خ ُ‬
‫ذوا بيدي‪.‬‬ ‫ب من المسجد‪ ،‬فقال‪ُ :‬‬ ‫ومنزله قري ٌ‬
‫فقيل له‪ :‬إنك عليل‪ ،‬فقسسال‪ :‬أسسسمع داعسسي اللسسه فل‬
‫أجيبه‪ ،‬فأخذوا بيده‪ ،‬فدخل في صسسلة المغسسرب فركسسع‬
‫مع المام ركعة ثم مات‪ ،‬بلغ يا أخي الذي إذا سسسمعوا‬
‫داعي الله تلفلفوا بأرديتهم‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫كان لتاجر صاحب أكياس عبد صالح فقسسال لعبسسده‪:‬‬
‫افتقدنا بعض الكياس ففتسسش لعلسسك تجسسدها فلمسسا لسسم‬
‫يجدها‪ ،‬قال لعبده‪ :‬أتعرف مسسن هسسي عنسسده؟ قسسال‪ :‬ل‪،‬‬
‫وبعد ذلك حضرت الصلة‪ ،‬فصل التاجر وتسسذكرها فسسي‬
‫ت‬‫صلته وبعد إنتهاء الصلة‪ ،‬قال لمملسسوكه‪ :‬لقسسد ذكسسر ُ‬
‫ب فأت بها‪.‬‬ ‫من هي عنده‪ ،‬عند فلن اذه ْ‬
‫ب‬ ‫ت طسسال َ‬ ‫كن س َ‬ ‫م‪ ،‬أنت في صسسلتك ُ‬ ‫فقال الغلم‪ :‬يا ع ّ‬
‫ه للخلل فسسي‬ ‫ه حيث نب ّهَ ُ‬‫س أو طالب خالق‪ ،‬فأعتق ُ‬ ‫أكيا ٍ‬
‫صلته التي هي أول ما ُيحاسب عنه العبد‪.‬‬
‫كان أبو الدرداء يقسسول‪ :‬اللهسسم إنسسي أعسسوذ بسسك مسسن‬
‫تفرقسسة القلسسب‪ ،‬قيسسل‪ :‬ومسسا تفرقسسة القلسسب؟ قسسال‪ :‬أن‬
‫يوضع لي في كل وادٍ مال‪.‬‬
‫وقال سفيان الثوري‪ :‬بلغني أنسسه يسسأتي علسسى النسسسا‬
‫مسسن حسسب السسدنيا‬ ‫زمان تمتلئ قلوُبهم في ذلك الزمان ِ‬
‫فل تدخله الخشية‪.‬‬
‫عمسسر علسسى خربسسة‪،‬‬ ‫ت مع ابن ُ‬ ‫عن مجاهد قال‪ :‬مرر ُ‬
‫فقال‪ :‬يا مجاهسسد‪ ،‬نسساد يسسا خربسسة مسسا فعسسل أهلسسك؟ أيسسن‬
‫عمسسر‪ :‬ذهبسسوا وبقيسست‬ ‫ن ُ‬
‫ت‪ ،‬فقال اب س ُ‬ ‫أهلك؟ قال‪ :‬فنادي ُ‬
‫أعمالهم‪.‬‬
‫وعسسن الحسسسن قسسال‪ :‬مسسّر عمسسر ‪ ‬علسسى مزبلسس ٍ‬
‫ة‬
‫ن أصحابه تسسأذوا بهسسا‪ ،‬فقسسال‪ :‬هسسذه‬ ‫فاحتبس عندها فكأ ّ‬
‫دنياكم التي تحرصون عليها‪.‬‬ ‫ُ‬
‫منسسادٍ مسسن‬ ‫عن عمر بسسن الخطسساب ‪ ‬قسسال‪ :‬لسسو نسساد َ ُ‬
‫دا‬ ‫السماء أيها الناس‪ ،‬إنكم داخلون الجنة إل رجل ً واح ً‬
‫ت أن أكون ذلك الواحد‪.‬‬ ‫لخف ُ‬
‫منسسادٍ أيهسسا النسساس‪ ،‬إنكسسم داخلسسون النسسار إل‬ ‫ولو ناد ُ‬
‫ت أن أكون أنا ذلك الواحد‪.‬‬ ‫دا لرجو ُ‬‫جل ً واح ً‬
‫ر ُ‬
‫وقال عثمان ‪ :‬لو أني بين الجنة والنسسار ول أْدري‬
‫دا قبسسل أن‬ ‫ت أن أكسسون رمسسا ً‬ ‫إلى أيتهما ُيؤمُر بي لختر ُ‬
‫أعلم إلى أيتهما أصبر‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وعن عسسون بسسن ذكسسوان قسسال‪ :‬صسّلى بنسسا زرارةُ بس ُ‬
‫ن‬
‫مللدّث ُّر ‪ ‬حسستى‬ ‫َ‬
‫ها ال ُ‬ ‫أوفى صلة الصبح‪ ،‬فقرأ‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫كنسست‬‫ر ‪‬فخر مغشًيا‪ ،‬و ُ‬ ‫قو ِ‬‫في الّنا ُ‬‫قَر ِ‬‫ذا ن ُ ِ‬ ‫فإ ِ َ‬‫بلغ‪َ  :‬‬
‫فيمن حمله إلى داره‪.‬‬
‫وقال عبدالعلى التيمي‪ :‬شيئان قطعا عنسسي لسسذات‬
‫ف بين يدي الله‪.‬‬ ‫الدنيا ذكُر الموت‪ ،‬والوقو ُ‬
‫أتسسى رجسسل إلسسى خيسساط ليخيسسط لسسه ثوب ًسسا‪ ،‬فاجتهسسد‬
‫متقنسسة‪ ،‬ولمسسا جسساء‬ ‫ة جيسسدة و ُ‬ ‫ط لتكسسون الخياطسس ُ‬ ‫الخيسسا ُ‬
‫صاحب الثوب أعطاه الجرة وأخذ الثوب‪ ،‬وذهب‪.‬‬
‫وفي اليوم الثاني عاد الرجل وأتى الخيسساط‪ ،‬وقسسال‬
‫له‪ :‬وجسدت فسسي الخياطسسة بعسض العيسوب وأراه إياهسسا‪،‬‬
‫فبكى الخياط‪ ،‬فقال له الرجل‪ :‬ما قصدت أن أحزنسسك‬
‫ض بالثوب‪ ،‬فقال له الخيسساط‪ :‬ليسسس علسسى هسسذا‬ ‫وأنا را ٍ‬
‫أبكسسي لنسسي عملسست جهسسدي لتقسسن لسسك الخياطسسة‪ ،‬ثسسم‬
‫خرجت هذه العيوب فأنسسا أبكسسي علسسى طسساعتي لربسسي‪،‬‬
‫عمري فكم فيها من العُُيوب‪.‬‬ ‫وقد اجتهدت بها ُ‬
‫تأمل يا أخي‪ ،‬هذا التفكير لله دره‪.‬‬
‫ت أبسسا هريسسرة‬ ‫وعن أبي عثمان النهدي قسسال‪ :‬تضسي ّْف ُ‬
‫سبًعا‪ ،‬فكان هو وامرأته يتعقُبون الليسسل أثلث ًسسا‪ُ ،‬يصسسلي‬
‫هذا ثم يوقظ هذا‪ ،‬وُيصلي هذا ثم ُيوقظ هذا‪.‬‬
‫وعن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة‪ ،‬قسسال‪ :‬مسسا‬
‫وجعٌ أحب إلي مسسن الحمسسى؛ لنهسسا ُتطسسي كسسل مفصسسل‬
‫ل‬‫ه من الوجع‪ ،‬وإن الله تعالى ُيعطي كل مفصسس ٍ‬ ‫قسط ُ‬
‫ه من الجر‪.‬‬ ‫قسط ُ‬
‫عن عبدالرحمن بن مهدي قال‪ :‬ليلسسة بسسات سسسفيان‬
‫عندي فلما اشتد به المر جعل يبكي‪ ،‬فقال له رجسسل‪:‬‬
‫يا أبسسا عبسسدالله‪ ،‬أراك كسسثير السسذنوب‪ ،‬فرفسسع شسسيًئا مسسن‬
‫ن عنسسدي مسسن ذا إنسسي‬ ‫الرض‪ ،‬فقال‪ :‬والله لذ ُُنوبي أهو ُ‬
‫ُ‬
‫ب اليمان قبل الموت‪.‬‬ ‫ف أن أسل َ َ‬ ‫أخا ُ‬
‫قال ابن القيم‪:‬‬

‫‪108‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫و‬
‫سسسسسب ِْيل العَْفسسسس ِ‬ ‫ل َعََلسسسسى َ‬ ‫ب‬ ‫وفي السذ ُُنو َ‬ ‫خس ْ‬ ‫واللسسه مسسا َ‬
‫ن‬‫والغُْفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرا ِ‬ ‫فإن َّهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫حي‬ ‫حكسسسسي هسسسسذا السسسسوَ ْ‬ ‫تَ ْ‬ ‫سسسسَل َ‬
‫خ‬ ‫شسسسى ان ْ ِ‬ ‫خ َ‬‫ل َك ِّنمسسسا أ ْ‬
‫ن‬ ‫والُقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرآ ِ‬ ‫مسسسسسسسسسسسن‬ ‫ب ِ‬ ‫الَقل ْسسسسسسسسسسس ِ‬
‫ن‬ ‫من َسسا ِ‬
‫ة ال َ‬
‫من ّس َ‬ ‫ذا َ‬
‫ك بِ ِ‬ ‫ل كسسان َ‬ ‫ل‬‫رجسسسسا ِ‬ ‫ضسسسسا بسسسسآَراِء ال ِ‬‫ور ِ ً‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسها‬ ‫خر ِ‬ ‫و َ‬

‫قال وهيب‪ :‬عجًبا للعالم كيف ُتجيبسسه دواعسسي قلبسسه‬


‫ه فسسي القيامسسة‬ ‫ن لس ُ‬‫إلسسى ارتيسساح الضسسحك‪ ،‬وقسسد علسسم أ ّ‬
‫روعات ووقفات وفزعات‪.‬‬
‫وعن وهيب يقول الله عسسز وجسسل‪ :‬وعزتسسي وجللسسي‬
‫ت‬‫وعظمتي ما من عبد آثر هواي علسسى هسسواه إل أقْل َل ْس ُ‬
‫ت الفقر مسسن قلبسسه‬ ‫ت عليه ضيعته ونزع ُ‬ ‫همومه وجمع ُ‬ ‫ُ‬
‫ت الغنى بيسسن عينيسسه واتجسسرت لسسه مسسن وراء ك ُسسل‬ ‫وجعل ُ‬
‫ر‪.‬‬
‫تاج ٍ‬
‫وعزتي وجللي ما من عبد آثر هواهُ على هسسواي إل‬
‫ت الغنى مسسن‬ ‫ت همومه وفرقت عليه ضيعته ونزع ُ‬ ‫كثر ُ‬
‫قلبه‪ ،‬وجعلت الفقر بين عينيسسه ثسسم لسسم أبسسالي فسسي أي‬
‫أوديتها هلك‪.‬‬
‫وعن وهيب قال‪ :‬بلغني أن موسى س عليه السلم س‬
‫ك عسسن عبسسدك؟‬ ‫قسسال‪ :‬يسسا رب أخسسبرني عسسن آيسسة ِرضسسا َ‬
‫ئ لسسه طسساعتي‪،‬‬ ‫فأوحى الله تعالى إليه إذا رأيتنسسي أهي س ُ‬
‫ة رضاي عنه‪.‬‬ ‫معصيتي فذلك آي ُ‬ ‫وأصرفه عن َ‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫وعن حفص بن ميسرة قال‪ :‬قال أبسسو حسساتم‪ :‬عجب ًسسا‬
‫ل يسسوم مرحلسسة‪،‬‬ ‫لقوم يعملسسون لسسدار يرحلسسون عنهسسا ك ُس ّ‬
‫ويدعون أن يعملوا لدار يرحلون إليها كل يوم مرحلة‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وقال‪ :‬شسسيئان إذا عملسست بهمسسا أصسسبت خيسسر السسدنيا‬
‫ب‬ ‫ه الله‪ ،‬وتترك ما ُتح ُ‬ ‫والخرة‪ ،‬تحمل ما تكره إذا أحب ّ ُ‬
‫ه الله‪.‬‬ ‫إذا كره ُ‬
‫ل عن كثير من الخرة‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬يسيُر الدنيا ُيشغ ُ‬
‫ه‬‫ت أن يكون معك في الخرة فقسسدم ُ‬ ‫وقال‪ :‬ما أحبب َ‬
‫ه‬
‫ك فسسي الخسسرة فسساترك ُ‬ ‫ت أن يكون مع َ‬ ‫اليوم‪ ،‬وما كره َ‬
‫اليوم‪.‬‬
‫ك‬ ‫حج أبو جعفر فدعا ابن أبسسي ذئب‪ ،‬فقسسال‪ :‬نشسسدت ُ ُ‬
‫ت تراني أعد ُ‬
‫ل؟‬ ‫ل بالحق؟ ألس َ‬ ‫ت أعم ُ‬ ‫بالله ألس ُ‬
‫فقال ابن أبي ذئب‪ :‬أما إذا نشدتني بالله‪ ،‬فسسأقول‪:‬‬
‫اللهسسم ل أراك تعسسدل‪ ،‬وإنسسك لجسسائر‪ ،‬وإنسسك لتسسستعمل‬
‫الظلمة وتدعُ أهل الخير‪.‬‬
‫قال محمد بن عمر‪ :‬فحدثني محمد بن إبراهيم بن‬
‫ت عن عيسى بن علي‪ ،‬قالوا‪ :‬فظننسسا أن‬ ‫يحيى‪ ،‬وأخبر ُ‬
‫ف إلينسسا ثيابنسسا‬ ‫أبا جعفر سيعاجله بالعقوبة‪ ،‬فجعلنسسا نل س ُ‬
‫مخافة أن ُيصيبنا من دمسه‪ ،‬فجسزع أبسو جعفسر واغتسم‪،‬‬
‫وقال له‪ :‬قم فاخرج‪.‬‬
‫تأمسسل يسسا أخسسي‪ ،‬هسسل يوجسسد هسسذا الطسسراز ممسسن ل‬
‫م فسسي هسسذا‬ ‫دو ٌ‬
‫تأخذهم في الدنيا لومسسة لئم أظنسسه مع س ُ‬
‫الوقت ما فيه اليسسوم مسسن يصسسدعُ بسسالحق فل حسسول ول‬
‫قوة إل بالله العلي العظيم‪.‬‬
‫عبيد على المنصور‪ ،‬فقال‪ :‬أن اللسسه‬ ‫دخل عمرو بن ُ‬
‫دنيا بأسرها فاشتْر منه نفسك ببعضها وإنسسي‬ ‫أعطاك ال ُ‬
‫ض صبيحتها عن يوم القياة‪.‬‬ ‫ح ُ‬ ‫ة تتم ّ‬
‫لحذرك ليل ً‬
‫ما‬ ‫سسسل ً‬‫ثم قال له عن حاشسسيته‪ :‬إن هسسؤلء اتخسسذوك ُ‬
‫لشهواتهم‪ ،‬فأنت الخذ بالقرنين وهم يحلبون‪.‬‬
‫فاتق الله فإنسسك ميسست وحسسدك‪ ،‬ومحاسسسب وحسسدك‪،‬‬
‫ث وحدك‪ ،‬ولن يغنوا عنك هؤلء من ربك شيًئا‪.‬‬ ‫ومبعو ٌ‬
‫فقال له‪ :‬أعني بأصحابك فأستعين بهم دون هسسؤلء‬
‫فّرد عليه أظهر الحق يتبُعك أهله‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ه‪ :‬ألك حاجسسة؟ قسسال‪ :‬نعسسم‪ ،‬قسسال‪ :‬مسسا هسسي؟‬ ‫فقال ل ُ‬
‫ي حتى آتيك‪ ،‬إًذا ل نلتقسسي‪ ،‬قسسال‪ :‬عسسن‬ ‫قال‪ :‬أل تعث إل ّ‬
‫حاجتي سألت‪ ،‬ثم ذهب‪.‬‬
‫قال الحجاج ليحيى بن يعمر‪ :‬ما تقول فسسي واسسسط‬
‫)مدينة بناها الحجاج(‪ ،‬فقال لسسه‪ :‬مسسا أقسسول فيهسسا وقسسد‬
‫بنيتها من غير مالك وسيسك ُُنها غيُر أهلك‪.‬‬
‫ب‪ :‬ما حملك علسسى‬ ‫ظ وغض ٍ‬ ‫فقال له الحجاج في غي ٍ‬
‫ما ُقلت؟ قال‪ :‬ما أخذ اللسسه تعسسالى علسسى العلمساء مسسن‬
‫العهد أل يكتموا الناس حديًثا‪.‬‬
‫فقال له‪ :‬ألم تخش سيف الحجاج؟‬
‫ة اللسسه جسسل وعل فلسسم تسسدعْ‬ ‫فقال‪ :‬لقد ملتني خشي ُ‬
‫مكاًنا لخشية سواه‪.‬‬
‫ما‪ ،‬فقال‪ :‬أيهسسا النسساس‪،‬‬ ‫وقيل‪ :‬إن الحجاج خطب يو ً‬
‫الصبر عن محارم الله أيسر من الصسسبر علسسى عسسذاب‬
‫ج‪ ،‬مسسا‬ ‫الله‪ ،‬فقام إليه رجل فقسسال لسسه‪ :‬ويحس َ‬
‫ك يسسا حجسسا ُ‬
‫ل مثل‬ ‫ل وتقو ُ‬ ‫ل ما تفع ُ‬
‫أصفق وجهك وأقل حياءك تفع ُ‬
‫ك‪.‬‬‫ت وضل سعْي ُ َ‬ ‫خب ْئ َ َ‬
‫هذا الكلم ِ‬
‫خطبتسسه‪ ،‬قسسال‬ ‫فقال للحرس‪ :‬خذوه‪ ،‬فلما فرغ من ُ‬
‫ك يا حجاج‪ ،‬أنسست‬ ‫ي؟ فقال‪ :‬ويح َ‬ ‫له‪ :‬ما الذي جّرأك عل ّ‬
‫تجترئُ على الله ول أجترئُ عليك‪ ،‬ومن أنسست حسستى ل‬
‫أجترئُ عليك‪ ،‬وأنت تجترئُ على رب العالمين! فقال‪:‬‬
‫ه‪ ،‬فأطلق‪.‬‬ ‫خلوا سبيل ُ‬
‫ه‬
‫ن عبدالسلم على السسسلطان فسسوعظ ُ‬ ‫ودخل العُز ب ُ‬
‫ده في ذلك‪ ،‬فقسسال لسسه‪:‬‬ ‫ه ول ُ‬ ‫دد في الموعظة فعاتب ُ‬ ‫وش ّ‬
‫هذا اجتماع لله فل أكدُرهُ بشيٍء من عرض الدنيا‪.‬‬
‫يا ُبنسسي‪ ،‬لقسسد رأيسست السسسلطان فسسي تلسسك العظمسسة‪،‬‬
‫سه عليه فُتؤذيه‪.‬‬ ‫ت أن أهيُنه لئل تكُبر نف ُ‬ ‫فأرد ُ‬
‫خاط ُِبه‪ ،‬فصار‬ ‫ت هيبة الله تعالى إذ أ ُ‬ ‫ولقد استحضر ُ‬
‫ل من القط‪.‬‬ ‫السلطان أق ّ‬
‫ولو كانت بنفسسسي لسسديه حاجسسة مسسن حاجسسات السسدنيا‬
‫دنيا كّلها‪.‬‬ ‫لرأيُته ال ُ‬
‫‪111‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وأجبر أحد العلماء على أن يدخل على ملسسك مصسسر‬
‫وطلب منه أن يلبس ملبس خاصة فأبى‪ ،‬وقال‪ :‬كيف‬
‫ل به لربي في الصلة‪.‬‬ ‫س ل أتجم ُ‬ ‫ه بلبا ٍ‬
‫لل ُ‬ ‫أتجم ُ‬
‫دخل عباد الخواص على إبراهيسسم بسسن صسسالح ‪-‬وهسسو‬
‫أمير فلسطين‪ ،-‬فقال له‪ :‬يا شيخ‪ ،‬عظني‪ ،‬فقال‪ :‬بسسم‬
‫ض‬
‫ظك أصلحك الله‪ ،‬بلغني أن أعمال الحيسساء ُتعسسر ُ‬ ‫أع ُ‬
‫علسسى أقسساربهم مسسن المسسوتى فسسانظر مسسا ُيعسسرض علسسى‬
‫عه علسسى‬ ‫رسوله ‪ ‬من عملك فبكى حتى سالت دمو ُ‬
‫لحيته‪.‬‬
‫ت‪ :‬يسسا‬ ‫ي الرشيد ُ أن أحدثه‪ ،‬فقل ُ‬ ‫ه إل ّ‬‫ج َ‬
‫وقال مالك‪ :‬و ّ‬
‫أمير المؤمنين‪ ،‬إن العلسسم ي ُسسؤتى ول يسسأتي فصسسار إلسسى‬
‫مِعي‪.‬‬‫منزلي فاستند إلى الجدار َ‬
‫ن مسسن إجلل اللسسه‬ ‫ت لسسه‪ :‬يسسا أميسسر المسسؤمنين إ ّ‬ ‫فُقلس ُ‬
‫إجلل ذي الشيبة المسلم‪ ،‬فقسسام‪ ،‬فجلسسس بيسسن يسسدي‪،‬‬
‫ة‪ :‬يا أبسسا عبسسدالله‪ ،‬تواضسسعنا لعلمسسك‬ ‫قال‪ :‬فقال بعد مد ٍ‬
‫عيينسة فلسسم‬ ‫سسفيان بسسن ُ‬ ‫م ُ‬‫فانتفعنا به‪ ،‬وتواضع لنسا علس ُ‬
‫ننتفع به‪.‬‬
‫وروى البيهقي وغيره أن المهدي لما قسسدم المدينسسة‬
‫جا جسساءه مالسسك فسسسلم عليسسه‪ ،‬فسسأمر المهسسدي ابنيسسه‬ ‫حا ً‬
‫الهادي وهارون الرشيد أن يسمعا منه‪ ،‬فطلباه إليهما‬
‫فامتنع‪.‬‬
‫فعاتبه المهدي في ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬يا أميسسر المسسؤمنين‪،‬‬
‫إن للعلم نضارة‪ُ ،‬يؤتى أهُله‪.‬‬
‫وفسسي روايسسة‪ :‬العلسسم أهسسل أن ي ُسسوقر‪ ،‬وي ُسسوقَّر أهل ُسسه‪،‬‬
‫فأمرهما والداهما بالمصسسير إليسسه فسسسأله مؤدبُهمسسا أن‬
‫يقرأ عليهما‪ ،‬فقال‪ :‬إن أهل هذه البلدة يقرءون علسسى‬
‫معلسسم فسسإذا أخطسسوا‬ ‫ن علسسى ال ُ‬ ‫العالم كما يقسسرأ الصسسبيا ُ‬
‫ه المهدي في ذلسسك‪،‬‬ ‫هم فرجُعوا إلى الخليفة فعاتب ُ‬ ‫أفتا ُ‬
‫فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬سسسمعت ابسسن شسسهاب يقسسو ُ‬
‫ل‪:‬‬
‫سمعنا هذا العِْلم من رجسسال فسسي الروضسسة سسسعيد بسسن‬
‫المسسسيب وأبسسو سسسلمة وعسسروة والقاسسسم بسسن محمسسد‬
‫‪112‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وسالم بن عبدالله وعد آخرين كل هؤلء ُيقسسرأ عليهسسم‬
‫ول يقرؤون‪ ،‬فقال المهدي فسسي هسسؤلء‪ :‬قسسدوة صسسيُروا‬
‫إليه فأقرءوا عليه‪.‬‬
‫أراد الوليد أن يولي يزيسسد بسسن مرثسسد القضسساء‪ ،‬فبلسسغ‬
‫ذلك يزيسسد‪ ،‬فلبسسس فسسروةً وقلبهسسا فجعسسل الجلسسد علسسى‬
‫خسسبزة(‬ ‫جا وأخذ بيسسده رغيسسف )أي ُ‬ ‫ظهره والصوف خار ً‬
‫وعرًقسسا )أي عظسسم عليسسه لحسسم( وخسسرج بل رداء ول‬
‫خسسف ويمشسسي‬ ‫سوة )أي أصلع الرأس( ول نعل ول ُ‬ ‫قلن ُ‬
‫في السواق ويأكل‪ ،‬فقيل للوليد‪ :‬إن يزيد قد اختلسسط‬
‫ت‪:‬‬ ‫)أي خ سّرف(‪ ،‬وأخسسبر بمسسا فعسسل فسستركه الوليسسد‪ ،‬قل س ُ‬
‫وفعل يزيد يدل على ورعه وخوفه من تبعسسة القضسساء؛‬
‫لن القضسساء فيسسه خطسسر عظيسسم؛ ولهسسذا قسسال العلمسساء‪:‬‬
‫طه‬‫يحرم على مسسن ل ُيحسسسنه ولسسم تجتمسسع فيسسه شسسرو ُ‬
‫الدخول فيه‪.‬‬
‫وقال ‪» :‬القضاة ثلثة واحد في الجنة واثنان في‬
‫مسسن ُولسسي القضسساء فقسسد ذبسسح بغيسسر‬ ‫النار«‪ ،‬وقال ‪َ » :‬‬
‫سكين«‪ ،‬وقال ‪َ» :‬ليأتين على القاضي العسسدل يسسوم‬
‫مّنى أنه لم يقض بين اثنين في تمسسرة‬ ‫ساعة ي َت َ َ‬ ‫القيامة َ‬
‫قط«‪.‬‬
‫وفسسي لفسسظ ي ُسسدعى القاضسسي العسسدل يسسوم القيامسسة‬
‫فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقسسض بيسسن‬
‫مره قط‪.‬‬ ‫اثنين في ع ُ‬
‫ف البزار الرواية عن الكسائي‪ ،‬فلم يسسروي‬ ‫ترك خل ُ‬
‫عنه مع أنه كان أستاذه وهو بحاجة إليسسه فسسي تصسسنيفه‬
‫م َيرو عنه‪.‬‬ ‫م لَ ْ‬‫كتاب »القراءات«‪ ،‬ولما أن ضايُقوه ل ِ َ‬
‫ي الرشسسيد‪،‬‬ ‫قال‪ :‬لقد سمعُته يقول‪ :‬قسسال لسسي سسّيد ِ‬
‫ل أهلها هذا‬ ‫ت‪ :‬إن إنساًنا مقداُر الدنيا عنده أن ُيج ّ‬ ‫فقل ُ‬
‫الجلل لحريٌ أن ُيؤخذ عنه شيءٌ من العلم‪.‬‬
‫م‬
‫ه لمسسن ُيعظس ُ‬ ‫ن قلب ُس َ‬
‫ت‪ :‬لله درهُ حيسسث لسسم يطمئ ّ‬ ‫ُقل ُ‬
‫الدنيا‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فسسانظر رحمسسك اللسسه إلسسى شسسدة ورعهسسم وترُفعهسسم‬
‫مخالطة الملوك و أهسسل السسدنيا‪ ،‬وصسسيانة‬ ‫ههم عن ُ‬ ‫وتنُز ِ‬
‫العلم وإعزازه وبمثل هذه الخلق العطرة والصسسفات‬
‫م وأهله‪.‬‬‫م السل ُ‬ ‫الفاضلة عظ َ‬
‫دخل رجل على المأمون كسسان يمشسسي فسسي النسساس‬
‫ن أن‬ ‫دو َ‬ ‫فيسسأمرهم بسسالمعروف وينهسساهم عسسن المنكسسر ُ‬
‫ن‪،‬‬
‫يكون مأموًرا من قبل الخليفسسة‪ ،‬فاسسستدعاه المسسأمو ُ‬
‫مْر وتنهسسى وقسسد جعسسل اللسسه ذلسسك إلينسسا‪،‬‬ ‫م تأ ُ‬
‫وقال له‪ :‬ل ِ َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫مك ّن ّللا ُ‬‫ن ِإن ّ‬ ‫ونحن الذين قسسال اللسسه فيهسسم‪ :‬ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫ة َ‬ ‫ض أَ َ‬ ‫َ‬
‫م لُروا‬ ‫وا الّزك َللا َ َ‬
‫وأ َ‬ ‫وآت َل ُ‬‫ة َ‬ ‫صل َ‬
‫موا ال ّ‬ ‫قا ُ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫ِ‬
‫ر ‪‬؟ فقسسال الرجسسل‪:‬‬ ‫منك َل ِ‬‫ن ال ُ‬‫عل ِ‬
‫وا َ‬
‫هل ْ‬‫ون َ َ‬
‫ف َ‬‫عُرو ِ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫م ْ‬
‫ت يا أمير المؤمنين‪ ،‬أنت كما وصفت نفسك من‬ ‫صدق َ‬
‫ؤك وأعوان ُسسك فيسسه‪ ،‬ول‬ ‫سلطان والتمكن غير أنا أوليا ُ‬‫ال ُ‬
‫سسسنة رسسسوله ‪،‬‬ ‫ُينكر ذلك إل من جهل كتسساب اللسسه و ّ‬
‫ن‬
‫مُنلللو َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫قسسسال اللسسسه جسسسل وعل وتقسسسدس‪َ  :‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫مُرو َ‬
‫ض َيلللأ ُ‬
‫عللل ٍ‬
‫ول َِيلللاءُ ب َ ْ‬
‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ضللل ُ‬‫ع ُ‬‫ت بَ ْ‬ ‫مَنلللا ُ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ر ‪ ،‬وقسسال رسسسول‬ ‫َ‬
‫منكل ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫ْ‬
‫عل ِ‬‫ن َ‬ ‫و َ‬‫ه ْ‬‫وي َن ْ َ‬
‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬‫ِبال َ‬
‫ضا«‬ ‫ضه ب َعْ َ‬ ‫الله ‪» :‬المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بع ُ‬
‫سّر به‪ ،‬وقال‪ :‬مثلسسك يجسسوُز‬ ‫ُ‬
‫مه ِ و ُ‬‫ن بكل ِ‬ ‫ب المأمو ُ‬ ‫عج َ‬ ‫فأ ْ‬
‫ت عليسسه بأمرنسسا‬ ‫أن يأمر بالمعروف فامض على ما ك ُن ْس َ‬
‫وعن رأينا‪.‬‬
‫وهكسسذا حيسسن أحسسسن الرجسسل الحتجسساج بسسالُقرآن‬
‫دا مسن‬ ‫ة المسسأمون‪ ،‬ولسسم يجسد ْ ُبس ً‬ ‫جس ّ‬‫ح ّ‬ ‫ت ُ‬ ‫سنة انقطعس ْ‬ ‫وال ّ‬
‫إقرار الرجل على طريقته بسسالمر بسسالمعروف والنهسسي‬
‫عن المنكر‪.‬‬
‫وعكس هسسذا الرجسسل‪ ،‬دخسسل واعسسظ علسسى المسسأمون‬
‫فوعظه وأغلط عليه في القول‪ ،‬فقال له المأمون‪ :‬يا‬
‫جل‪ ،‬ارفُقْ فإن الله بعث من هُوَ خيٌر منك إلسسى مسسن‬ ‫ر ُ‬
‫هو شٌر مني‪ ،‬وأمسسره بسسالّرْفق‪ ،‬بعسسث موسسسى وهسسارون‬
‫ول ً ل ّي ًّنا‬‫ق ْ‬‫ه َ‬ ‫قول ل َ ُ‬ ‫ف ُ‬‫هما بقوله‪َ  :‬‬ ‫إلى فرعون‪ ،‬فأوصا ُ‬
‫َ‬
‫شى ‪.‬‬ ‫خ َ‬ ‫ه ي َت َذَك ُّر أ ْ‬
‫و يَ ْ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫لّ َ‬
‫‪114‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن السسدليل‬ ‫هنا كان موقف المأمون هسسو القسسوى؛ ل ّ‬ ‫و ُ‬
‫معه‪.‬‬
‫بعث المير طاهر بن عبدالله إلى محمد بسسن رافسسع‬
‫بخمسة آلف درهم على يد رسوله‪ ،‬فدخل عليسسه بعسسد‬
‫صلة العصر وهو يأكل الخبز مع الفجل‪ ،‬فوضع كيسسس‬
‫ث الميسُر طسساهر بهسسذا‬ ‫السسدراهم بيسسن يسسديه‪ ،‬فقسسال‪ :‬بعس َ‬
‫خسسذه ل‬ ‫خسسذه ُ‬ ‫المال إليك لُتنفقسسه علسسى أهلسسك‪ ،‬فقسسال‪ُ :‬‬
‫ج إليه‪ ،‬فإن الشمس قد بلغسست رؤوس الحيطسسان‪،‬‬ ‫أحتا ُ‬
‫ت الثمسسانين سسسنة‬ ‫ب بعد ساعة وأنا قد جاوز ُ‬ ‫وإنما تغر ُ‬
‫ش‪ ،‬فرد المال ولم يقبل‪ ،‬فأخذ الرسو ُ‬
‫ل‬ ‫إلى متى أعي ُ‬
‫ت‬‫المال وذهب ودخل على الشيخ ابنه‪ ،‬وقسسال‪ :‬يسسا أبس ِ‬
‫ليس لنا الليلة خبز‪.‬‬
‫قال‪ :‬فسسذهب بعسسض أصسسحابه خلسسف الرسسسول لي ُسسرد‬
‫المسسال إلسسى صسساحبه خوفًسسا مسسن أن يسسذهب ابن ُسسه خلسسف‬
‫الرسول فيأخذ المال‪.‬‬
‫ت فسسي‬ ‫ة تسسبي ُ‬ ‫صسسور‪ :‬أذك ُسْر ليلس ً‬ ‫وقال أحد ُ الزهسساد للمن ُ‬
‫ض عسسن يسسوم‬ ‫خ ُ‬ ‫ة تم ّ‬ ‫ة مثلها‪ ،‬واذكر ليل ً‬ ‫القبر لم تبت ليل ً‬
‫القيامة ل ليلة بعدها‪.‬‬
‫ه‪ ،‬وقسسال‪:‬‬ ‫ل فسسرد ّ ُ‬ ‫فأفحم المنصور قوُله فأمر ُله بما ٍ‬
‫ت إلى مالك ما وعظُتك‪.‬‬ ‫لو احتج ُ‬
‫ة بالشسسكر‪،‬‬ ‫لاه العهد‪ :‬استدم النعم َ‬ ‫وقال لبنه لما و ّ‬
‫والقدرة بالعفو‪ ،‬والنصر بالتواضع‪ ،‬والتسسألف بالطاعسسة‪،‬‬
‫ول تنس نصيبك من الدنيا‪ ،‬ونصيبك من رحمة الله‪.‬‬
‫مسسا هسسالني رأيسست‬ ‫ت منا ً‬ ‫ك‪ ،‬لقد رأي ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وقال للربيع‪ :‬وي ْ َ‬
‫ف في باب هذا القصر يقول‪:‬‬ ‫قائل ً وق َ‬
‫ش منسسسه أهل ُسسسه‬ ‫حسسس َ‬ ‫صسرِ قسسد وأو َ‬ ‫كأني بهسسذا الق ْ‬
‫من َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسازُله‬ ‫َبسسسسسسسسسساد َ أهُلسسسسسسسسسسه و َ‬
‫ث ي ُب ْن َسسي عليسسه‬ ‫جسد َ ٍ‬‫س القصسسر إلى َ‬ ‫صسساَر َرئ ِْيسس ُ‬
‫و َ‬
‫جَنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسادِل ُ ْ‬
‫ه‬ ‫ة َ‬‫جسسسسس ٍ‬‫مسسسسسن ب َعْسسسسسدِ ب َهْ َ‬
‫سا فللي المسللجد النبللوي الشللريف فللي‬ ‫وكان ابن أبي ذئب جال ً‬
‫المدينة فدخل أمير المؤمنين المهدي فلم يبللق أح لدٌ إل قللام‪ ،‬فلمللا‬

‫‪115‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وصل إلى ابن أبي ذئب لم ُيقم‪ ،‬قال المسلليب بللن زهيللر‪ُ :‬‬
‫قللم هللذا‬
‫م النللاس لللرب العللالمين‪ ،‬فقللال‬ ‫أمير المللؤمنين‪ ،‬فقللال‪ :‬إنمللا يقللو ُ‬
‫ة في رأسي‪.‬‬ ‫ل شعر ٍ‬ ‫ه فلقد قامت ك ُ ُ‬‫المهدي‪ :‬دع ُ‬
‫فهكذا الُعلماء المخلصون السسذين يحفسسظ اللسسه بهسسم‬
‫السلم ويرفع الله بهم المسلمين‪.‬‬
‫مل يا أخي‪ ،‬هل يوجد فسسي زمننسسا مثسسل هسسؤلء مسسا‬ ‫تأ ّ‬
‫ن ُيوجد ول رقم ثلثة ل حول ول قوة إل بالله‪.‬‬ ‫أظ ّ‬
‫حمسسى‬ ‫ث لسسم ت ُ ْ‬ ‫حْيسس ُ‬ ‫ن قُل ْس ُ‬
‫ت َزن ْسد َ الِعلسسم ك ََبسسى َ‬ ‫فسسإ ْ‬
‫مسسسسسسساهُ وأظلمسسسسسسسا‬ ‫ح َ‬ ‫ك َسسسسسسسسساب فإّنمسسسسسسسسسا ِ‬
‫مسسسسوهُ فسسسسي‬ ‫ل العلسسسم ِ ولسسسسو عَظ َ ُ‬ ‫ن أهسسس َ‬‫ول َسسسو أ ّ‬
‫س ل َعُظ ّ َ‬
‫مسسسسسسا‬ ‫صسسسسسسان َُهم النفسسسسسسو ِ‬ ‫صسسسسسساُنوهُ َ‬ ‫َ‬
‫حّتسسى‬
‫مسساِع َ‬ ‫ْ‬
‫حّيسساه بالط َ‬ ‫م َ‬ ‫ن أهسساُنوه فهسسانوا ُ‬ ‫ولكسس ّ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫جه ّ َ‬‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوا ت َ َ‬ ‫ودن ّ ُ‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله على محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫فصل في فوائد ومواعظ منوعة‬


‫علماءنا عفسسا اللسسه عن ّسسا‬‫ب بن الورد‪ :‬لو أن ُ‬ ‫قال وهي ُ‬
‫حوا للسه فسسي عبسساده‪ ،‬فقسسالوا‪ :‬يسسا عبساد َ اللسه‬ ‫وعنهم نص ُ‬
‫اسمُعوا ما ُنخبركم عن نبيكم ‪ ‬وصالح سسلفكم مسن‬
‫الزهد في الدنيا فاعملوا به‪ ،‬ول تنظسسروا إلسسى أعمالنسسا‬
‫ة‪ ،‬كاُنوا قد نصحوا لله في عبسساده‪ ،‬ولكنهسسم‬ ‫سل َ ِ‬
‫هذه الف ْ‬
‫هم فيه‪.‬‬ ‫يأبون إل أن يجّروا عباد الله إلى فتنهم وما ُ‬
‫ن مريسسم يقسسول‪ :‬يسسا معشسسر العلمسساء‪،‬‬ ‫وكان عيسى ب ُ‬
‫كم مثل الد ّفَْلى ُيعجب وردهُ من نظر إليسسه ويقتسس ُ‬
‫ل‬ ‫مثل ُ‬
‫ه من أكله‪ ،‬كلمكم دواٌء ُيسبرئ السداء‪ ،‬وأعمسالكم‬ ‫طعم ُ‬
‫ج مسسن أفسسواهكم‬ ‫ل السسدواء‪ ،‬والحكمسسة تخسسر ُ‬ ‫داٌء ل يقبسس ُ‬
‫وليس بينها وبيسسن آذانكسسم إل أربسعُ أصسسابع ثسسم ل تعيهسسا‬
‫قلوُبكم‪.‬‬
‫معشر العلمسساء‪ ،‬كيسسف يكسسون مسسن أهسسل العلسسم مسسن‬
‫خب َِر به ول يطلبه ليعمل به‪.‬‬ ‫م ل ِي ُ ْ‬‫ب الكل َ‬ ‫يطل ُ‬
‫العلم فوق ُرؤسكم‪ ،‬والعمل تحت أقدامكم‪.‬‬
‫فل أحراٌر كرام و لعبيد ٌ أتقياء‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وا‬
‫مسسسس ْ‬ ‫ن ذِك ْسسسسر َرب ّهِ ُ‬‫عَسسسس ْ‬ ‫ل بالسسدنيا‬ ‫شسساِغ ِ‬ ‫ل الم َ‬‫أه ُ‬
‫ن لهُوْن َسسسسسسا‬ ‫هو َ‬ ‫سسسسسسسا ُ‬ ‫َ‬ ‫وَْزين َت َِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫مسسسا‬ ‫م ّ‬‫ة ِ‬ ‫حسسس ً‬‫جلسسسوا َرا َ‬ ‫ُ‬ ‫ل َعَ ّ‬ ‫مسسا‬ ‫َلسسوْ أن ُّهسسم قَن ُِعسسوا ِ‬
‫م ّ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوَْنا‬ ‫ي َُقا ُ‬ ‫ي ُب َل ّغُُهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسم‬
‫مسسا‬‫م ّ‬‫شسساقَِها ِ‬ ‫ل عُ ّ‬ ‫يسسا وَي ْس َ‬ ‫خسسَرى‬ ‫ت السسداَر ال ْ‬ ‫ت َُفسسوّ ُ‬
‫ُيلقُوَْنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫وهسسسسسسسسي َفان َِيسسسسسسسس ٌ‬
‫ة‬
‫كّل ول هسسسم ل َهَسسسا فسسسي‬ ‫وا فسسي‬ ‫مسس ْ‬‫ل دارهسسم ل َهُ ُ‬
‫السسسسسسسد ّهْرِ َباقُوَْنسسسسسسسا‬ ‫ة‬‫السسسسسسسسد ّهْرِ َباقَِيسسسسسسس ٌ‬
‫ة‬‫وقللال بعللض العلمللاء‪ :‬اعلللم أن للعللالم العامللل بعلملله حقيق ل ً‬
‫علمللاء اللسللان المخلطيللن‬ ‫علمللات وأمللارات ُتفللرق بينلله وبيللن ُ‬
‫المتبعين للهوى المؤثرين للدنيا على الخرة‪ ،‬فمن علمللات العللالم‬
‫قا من خشللية‬ ‫فا وجل ً مشف ً‬ ‫عا خائ ً‬ ‫الحقيقي الممتاز‪ :‬أن يكون متواض ً‬
‫عجللب‬ ‫ُ‬ ‫وال‬ ‫لد‬
‫ل‬ ‫الحس‬ ‫لن‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫دا‬‫ً‬ ‫بعي‬ ‫منها‬ ‫عا باليسير‬ ‫دا في الدنيا قان ً‬ ‫الله زاه ً‬
‫سا للفقللراء المتمسللكين بللدينهم‬ ‫مداهنة‪ ،‬ملتم ً‬ ‫والغيبة والّنميمة وال ُ‬
‫الخالية بيوتهم من الملهي والمنكرات‪ ،‬الذين ليس لهللم مللوارد ول‬
‫حا لعبللاد الللله‬ ‫فهم بما يقدر عليه من مال وجللاه‪ ،‬ناص ل ً‬ ‫ع َ‬
‫س ِ‬
‫مساكن لي ُ ْ‬
‫ما بهللم‪ ،‬آملًرا بللالمعروف‪ ،‬فللاعل ً للله وناهي ًللا عللن‬ ‫ً‬ ‫رحي‬ ‫عليهم‬ ‫قا‬‫شفي ً‬
‫مللا للعبللادات‪ ،‬دال ً‬ ‫عا فللي الخيللرات ملز ً‬ ‫مجتنًبا للله ومسللار ً‬ ‫المنكر‪ ،‬و ُ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫لكين‬ ‫ل‬ ‫وس‬ ‫لار‬‫ل‬ ‫ووق‬ ‫لوأدة‬ ‫ل‬ ‫وت‬ ‫ت‬‫ٍ‬ ‫لم‬‫ل‬ ‫ص‬ ‫ذا‬ ‫لدى‪،‬‬ ‫ل‬ ‫اله‬ ‫لى‬ ‫ل‬ ‫إل‬ ‫لا‬
‫ل‬‫ً‬ ‫ي‬ ‫داع‬ ‫لر‪،‬‬ ‫على الخيل‬
‫ن الجللانب‪ ،‬مخفللوض الجنللاح‬ ‫ر‪ ،‬لّيلل َ‬‫صللدْ ِ‬ ‫ع ال ّ‬ ‫ن الخلق‪ ،‬واسلل َ‬ ‫سلل ُ‬‫ح َ‬
‫َ‬
‫صللا‬ ‫ً‬ ‫حري‬ ‫ول‬ ‫لاس‪،‬‬ ‫ل‬ ‫الن‬ ‫في‬ ‫عا‬
‫ً‬ ‫طام‬ ‫ول‬ ‫را‪،‬‬ ‫ً‬ ‫متجب‬ ‫ُ‬ ‫ول‬ ‫را‪،‬‬ ‫ً‬ ‫متكب‬ ‫ل‬ ‫للمؤمنين‪،‬‬
‫على الدنيا‪ ،‬ول مؤثًرا لها على الخرة‪.‬‬
‫كا بجمع المال‪ ،‬ول مانًعا له عسسن حقسسه‪ ،‬ول‬ ‫ول منهم ً‬
‫ما بالباطسسل‪ ،‬ول‬ ‫مخاص س ً‬ ‫مارًيا‪ ،‬ول ُ‬ ‫م َ‬
‫ظا‪ ،‬ول ُ‬ ‫ظا ول غلي ً‬ ‫ف ً‬
‫ضسسسي ّقَ الصسسسدِر‪ ،‬ول مسسسداهًنا‪ ،‬ول‬ ‫سسسسيئ الخلق‪ ،‬ول َ‬
‫ما للغنياء على الفقراء‪،‬‬ ‫شا‪ ،‬ول مقد ً‬ ‫عا‪ ،‬ول غشا ً‬ ‫مخاد ً‬
‫محًبا للوليات‪.‬‬ ‫مرائًيا‪ ،‬ول ُ‬ ‫ول ُ‬
‫متصسسًفا بجميسسع مسسا يحُثسسه عليسسه‬ ‫وبالجملسسة فيكسسون ُ‬
‫سنة‪ ،‬مؤتمًرا بمسسا يسسأمرانه بسسه مسسن الخلق‬ ‫الكتاب وال ّ‬
‫المحمودة والعمال الصالحة‪ ،‬مجانب ًسسا لمسسا ينهسسى عنسسه‬
‫ة رسول الله ‪ ‬من الخلق والعمال‬ ‫سن ُ‬
‫ب الله و ّ‬ ‫كتا ُ‬
‫المذمومة‪.‬‬
‫وهسسذه صسسفات ينبغسسي أن يتصسسف ويتحلسسى بهسسا كسسل‬
‫ن العالم وطالب العلسسم أولسسى أنسسي تصسسف‬ ‫مؤمن‪ ،‬إل أ ّ‬ ‫ُ‬
‫بها ويحافظ عليها ويدعو إليها‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وينبغي للعالم أن يكون حديثه مع العامة في حسسال‬
‫مخالطته لهم في بيان الواجبسسات المحرمسسات ونوافسسل‬
‫الطاعسسات وذكسسر الثسسواب والعقسساب علسسى الحسسسان‬
‫والساءة‪ ،‬ويكون كلمه بعبسسارة يعرفونهسسا ويفهمونهسسا‪،‬‬
‫سون لها‪.‬‬ ‫ويبين لهم المور التي هم ملب ِ ُ‬
‫كت حتى ُيسأل وهو يعلم أنهسسم‬ ‫ول ينبغي له أن يس ُ‬
‫جون إليه‪ ،‬أو مضطرون له‪ ،‬والله الموفق‪.‬‬ ‫محتا ُ‬ ‫ُ‬
‫وقسسال رجسسل لعبسسد العزيسسز بسسن أبسسي رواد‪ :‬كيسسف‬
‫ت واللسسه فسسي غفلسسة‬ ‫أصسسبحت؟ فبكسسى‪ ،‬وقسسال‪ :‬أصسسبح ُ‬
‫ت‬ ‫ب كسسثيرة ومسسؤئل لسس ُ‬ ‫عظيمةٍ عن المسسوت مسسع ذ ُن ُسسو ٍ‬
‫م ثم بكى‪.‬‬ ‫أدري علم أهج ُ‬
‫اليسسام ثلثسسة‪ :‬فسسأمس حكيسسم مسسؤدب تسسرك حكمتسسه‬
‫وأبقاها عليك‪ ،‬واليوم صديق موّدع كسسان عنسسك طويسسل‬
‫الغيبة حتى أتاك ولم تسسأته وهسسو عنسسك سسسريع الفسسراق‪،‬‬
‫دا ل تدري أتكون من أهله أو ل تكون‪.‬‬ ‫وغ ً‬
‫وكان ُيقال مسسن أشسسد النسساس حسسسرةً يسسوم القيامسسة‬
‫ضل عمل ً‬ ‫ثلثة‪ :‬رجل كان له عبد ٌ فجاء يوم القيامة أف َ‬
‫ل له مسسال فلسسم يتصسسدق منسسه فمسسات فسسورثه‬ ‫منه‪ ،‬ورج ٌ‬
‫مسسه فَعَل ّسسم‬ ‫ل عالم لم ينتفع بعل ِ‬ ‫غيرهُ فتصدقَ منه‪ ،‬ورج ٌ‬
‫غيرهُ فانتفعَ به‪.‬‬
‫ظ من قسبر‪ ،‬ول آنسس مسن‬ ‫م أَر أوْعَ َ‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬ل ْ‬
‫ة‪.‬‬
‫حد َ ِ‬ ‫م من الوَ ْ‬ ‫كتاب‪ ،‬ول أسل َ‬
‫فقيل لسسه‪ :‬قسسد جسساء فسسي الوحسسدةٍ مسسا جسساء‪ ،‬قسسال‪ :‬ل‬
‫ُتفسد ُ إل جاه ً‬
‫ل‪.‬‬
‫قيسسل‪ :‬كسسان مبسسدؤ توبسسة داود الطسسائي أنسسه دخسسل‬
‫المقبرة‪ ،‬فسمع امرأة عند قبر وهي تقول‪:‬‬
‫ت‬
‫جسسى وأن ْس َ‬ ‫ك ل ي ُْر َ‬‫ث ل َِقاؤُ َ‬ ‫ن ي َب َْعسس َ‬‫م إلسسى أ ْ‬ ‫مِقْيسس ٌ‬‫ُ‬
‫ب‬‫ه َقريسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫خلَقسسسسسسسسس ُ‬ ‫ْ‬ ‫ه َ‬ ‫اللسسسسسسسسس ُ‬
‫مسسسا ت َب َْلسسسى‬‫سسسسَلى ك َ َ‬‫ل َيسسوم ٍ وت ُ ْ‬ ‫ى في ك ُ ّ‬ ‫ت ََزي ْد ُ بل ً‬
‫ب‬ ‫حسسسسسسسبي ْ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫وَل َي ْل َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةِ وأْنسسسسسسس َ‬
‫آخر‪:‬‬
‫‪118‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن والُقُبسسوُر‬ ‫صو َ‬‫م ي َْنق ُ‬‫فَهُ ْ‬ ‫كسسسل أنسسساس مقسسسبٌر‬ ‫ل ُ‬
‫َتزيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫بِفَنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائهم‬
‫مل ْت ََقسسى‬
‫مسسا ال ُ‬
‫ن وأ ّ‬‫دا ٍ‬‫َفسس َ‬ ‫ما‬
‫تأ ّ‬ ‫موا ِ‬
‫جي َْزةُ ال َ‬
‫فُهم ِ‬
‫فب َعِْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسم‬ ‫مَزاَر ُ‬‫َ‬
‫وكان بعضلهم إذا وافلق أخلاه فلي اللله قلال‪ :‬نقصلت العملاُر‬
‫ل‬‫ل ما فعل جيرانك )يعني أهل القبللور(‪ ،‬ولعلل ّ‬
‫بعدك‪ ،‬واقتربت الجا ُ‬
‫مسكنه قريب من المقبرة‪ ،‬قلت‪ :‬وفي عصلرنا ملن اللذي فللاز فللي‬
‫الكورة؟ وما الذي ظهر في التلفاز؟‬
‫مسسا‬ ‫ن َ‬ ‫م ت َسَر فسسي البسساقي َ‬ ‫ول س ْ‬ ‫من‬ ‫خَبار َ‬ ‫معْ بأ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ك لم ت َ ْ‬ ‫كأن ْ َ‬
‫صسسسسسسسسسسن َعُ السسسسسسسسسسدهُر‬ ‫يَ ْ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫دك‬ ‫ح ب َعْس َ‬ ‫جسسا ُ‬ ‫ْ‬
‫ت ل ت َسد ِْري فَت ِل س َ‬ ‫ن ك ُن ْس َ‬
‫ل الريس ِ‬ ‫م َ‬ ‫عليها ِ‬ ‫ك‬ ‫فإ ْ‬
‫طسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫والَق ْ‬ ‫هم‬ ‫دَِيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساُر ُ‬
‫ه‬‫ض إل بالَفَناءِ ل َ ُ‬ ‫على الر ِ‬ ‫ك حي ّسسا‬ ‫ت عين َسسا َ‬ ‫ص سَر ْ‬ ‫هل أب ْ َ‬ ‫و َ‬
‫قَب ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫ل‬‫مْنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسزِ ٍ‬ ‫ب َ‬
‫م‬ ‫س َلهسسم إل إلسسى رّبه س ْ‬ ‫ول َي ْ َ‬ ‫ر‬
‫مَقسساب ِ‬ ‫حسسو ال َ‬ ‫ل الث َّرى ن َ ْ‬ ‫وأهَ ْ‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫نَ ْ‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّرعٌ‬ ‫ُ‬
‫هم‬ ‫سسست َرِد ّ ُ‬ ‫ن حّتسسى ي َ ْ‬ ‫مسسّرو َ‬ ‫يَ ُ‬ ‫ن‬ ‫معُسسو َ‬ ‫ج َ‬‫مسّروا أ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫علسسى ذا َ‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫ح ْ‬ ‫ال َ‬ ‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذا‬ ‫وه َ َ‬
‫ح‬ ‫من صال ٍ‬ ‫ت ِ‬ ‫م َ‬‫ن ما قَد ّ ْ‬ ‫ول َك ِ ّ‬ ‫مسسال ً‬ ‫ن السسوفَْر َ‬ ‫سسسب ّ‬ ‫ح َ‬ ‫فل ت َ ْ‬
‫وَْفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫ه‬
‫معْت َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫َ‬
‫ت منسسه هُسسو‬ ‫مسسا أوْل َي ْس َ‬ ‫ن َ‬ ‫ولك ّ‬ ‫س السسذي ي َب َْقسسى السسذي‬ ‫ول َي ْس َ‬
‫خُر‬ ‫السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ ّ ْ‬ ‫مع‬ ‫جسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫أنسسسسسسسسسسس َ‬
‫ن‬ ‫مسس ْ‬ ‫سا ل ِ َ‬
‫وى الَفْقرِ َيا ُبؤ ً‬ ‫س َ‬ ‫ِ‬ ‫ل لسسم‬ ‫موا ِ‬ ‫مُعوا ال ْ‬ ‫جا ِ‬ ‫ضى َ‬ ‫قَ َ‬
‫َزاد ُهُ الَفْقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫دوا‬ ‫ي َت َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسزو ّ‬
‫ع‬
‫ن ل ي َن َْف س ُ‬ ‫حي ْس َ‬‫وت َذ ْك ُُر َقوَلي ِ‬ ‫ن‬‫حي س َ‬ ‫حو ِ‬ ‫صس ُ‬ ‫ف تَ ّ‬ ‫س سو ْ َ‬ ‫َبلسسى َ‬
‫السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ ّك ُْر‬ ‫طسسسسسسسسا‬ ‫ف الغَ َ‬ ‫شسسسسسسسس ُ‬ ‫ي َن ْك َ ِ‬
‫سسسهم‬ ‫م أنف َ‬ ‫ح القسسوا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫إذا ن َ َ‬ ‫ن مْيلدِ الَفسسستى‬ ‫ومسسسا َبيسسس َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫عُ ْ‬ ‫وَوََفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسات ِهِ‬
‫ك الض سّيق‬ ‫وما هُسسو إل وقت ُس َ‬ ‫ل الذي‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫ن الذي َيأتي ك َ ِ‬ ‫ل ّ‬
‫الن ّسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسْزُر‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫دها ي َن َْفسس ُ‬ ‫مسسا َقلْيسسل ب َْعسس َ‬ ‫فع ّ‬ ‫ت حتى‬ ‫صب ًْرا على الوَقا ِ‬ ‫ف َ‬
‫الصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسبُر‬ ‫هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ُتحوَز َ‬
‫‪119‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصلى الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬

‫فصل‬
‫قال بعسض العلمسساء‪ :‬إذا بلغسسك عسسن صسسديق لسسك مسسا‬
‫تكره فإّياك أن ُتبادره بالعداوة وقطع الوليسسة فتكسسون‬
‫ه بشك؛ ولكن إلقه وُقل له بلغني عنك‬ ‫من أزال يقين ُ‬ ‫م ّ‬
‫ه المبّلغ‪ ،‬فإن أنكسسر ذلسسك‬‫يل ُ‬
‫م ْ‬‫كذا وكذا‪ ،‬واحذر أن ُتس ّ‬
‫ف عنه ول تزد على ذلسسك‬ ‫فادفع بالتي هي أحسن واع ُ‬
‫شيًئا‪.‬‬
‫ه فسسي ذلسسك وجهًسسا لعسسذر‬
‫وإن اعترف بذلك فرأيت ل ُ‬
‫ه‪ :‬ماذا أردت بما‬ ‫فاقبل منه‪ ،‬و إن لم ُترد ذلك‪ ،‬فق ْ‬
‫لل ُ‬
‫ه مسسن العسسذر فاقبسسل‬‫بلغني عنك‪ ،‬فإن ذكر مسسا لسسه وجس ٌ‬

‫‪120‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫منسسه‪ ،‬وإن لسسم تسسر لسسذلك وجًهسسا لعسسذرٍ وضسساق عليسسك‬
‫ك فحينئذٍ أثبتها عليه‪.‬‬ ‫المسل ُ‬
‫ثم أنت بعد ذلك بالخيار إن شئت كافأته بمثله مسسن‬
‫ب‬
‫ت عنسه‪ ،‬والعفسوُ أقسر ُ‬ ‫غيسر زيسادة‪ ،‬و إن شسئت عفسو َ‬
‫جللَزاءُ‬‫و َ‬‫للتقوى وأبلغ في الكرم؛ لقول الله تعالى‪َ  :‬‬
‫فللا وأ َصلل َح َ َ‬
‫ه ‪،‬‬ ‫جُر ُ‬‫ف لأ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ع َ‬‫ن َ‬ ‫مل ْ‬ ‫ف َ‬‫ها َ‬‫مث ْل ُ َ‬
‫ة ّ‬ ‫سي ّئ َ ٌ‬
‫ة َ‬‫سي ّئ َ ٍ‬
‫َ‬
‫وى ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ق َ‬‫ب ِللت ّ ْ‬ ‫قَر ُ‬‫فوا أ ْ‬ ‫ع ُ‬‫وأن ت َ ْ‬ ‫وقوله‪َ  :‬‬
‫ك بالمكافسسأة‪ ،‬فسسأفكر فيمسسا سسسبق‬ ‫فإن نازعتك نُفس َ‬
‫ه إحسسساًنا بهسسذه السسسيئة‪،‬‬ ‫لديك من الحسان فعاجل ل س ُ‬
‫ه السالف بهسسذه السسسيئة‪ ،‬فسسإنه‬ ‫ول تبخس باقي إحسان َ ُ‬
‫ظلم‪.‬‬
‫فوائد‬
‫قبول السعاية شٌر من السعاية؛ لن السعاية دللة‪،‬‬
‫والقبول إجازة‪ ،‬وليس من دل على شيء كمسسن قبسسل‬
‫وأجاز‪.‬‬
‫قال بعض العلماء‪ :‬ل ُتنزلن حاجتك من أغلق ُدونك‬
‫ه‬
‫ه؛ ولكسسن انزلهسسا بمسسن بسساب ُ‬ ‫جساب َ ُ‬ ‫ح ّ‬‫أبسسوابه وجعسل عليهسا ُ‬
‫ن‬‫ح لك إلى يوم القيامة أمسسرك أن تسسدعوهُ وضسسم َ‬ ‫مفتو ٌ‬
‫لك أن يستجيب لك‪.‬‬
‫َ‬
‫م ‪،‬‬ ‫ب ل َك ُل ْ‬‫ج ْ‬ ‫سلت َ ِ‬ ‫عللوِني أ ْ‬ ‫قال الله جل وعل‪ :‬ادْ ُ‬
‫عن ّللي‬ ‫عب َللاِدي َ‬ ‫ك ِ‬ ‫سلأ َل َ َ‬
‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬‫وقسسال تبسسارك وتعسسالى‪َ  :‬‬
‫ن ‪.‬‬ ‫قريب أ ُ‬
‫عا ِ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫ع إِ َ‬‫ِ‬ ‫دا‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ب‬‫ُ‬ ‫جي‬
‫ِ‬ ‫فإ ِّني َ ِ ٌ‬ ‫َ‬
‫هل‬ ‫سسسسل السسسذي أْبسسسواب ُ ُ‬ ‫ن إلسسسى ابسسسن آدم و َ‬ ‫سسسسأل َ ّ‬‫ل تَ ْ‬
‫ب‬‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ة تُ ْ‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬ ‫حا َ‬‫َ‬
‫سسسسأ ُ‬
‫ل‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫حْيسسس َ‬
‫م ِ‬ ‫ي آد َ‬ ‫ت وب َُنسسس ُ‬ ‫ب إن ت ََرك ْسسس َ‬ ‫ضسسس ُ‬
‫اللسسسه ي َغْ َ‬
‫ب‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ه ي َغْ َ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسؤال َ ُ‬ ‫ُ‬

‫قيل‪ :‬إنه عرض عثمان ‪ ‬على ابن عمسسر س س رضسسي‬


‫مسسا ألسسح عليسسه لقبسسول‬
‫الله عنهمسسا سس القضسساء فسسأبى‪ ،‬ول ّ‬
‫مذكًرا إياهُ بأن أباه كان يقضي‪ ،‬قال عبسسدالله‪:‬‬ ‫القضاء ُ‬
‫‪121‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫إن أبي كان يقضي‪ ،‬فإذا أشكل عليه سسسأل النسسبي ‪،‬‬
‫وإذا أشكل على النبي ‪ ‬سأل جبريسسل‪ ،‬وإنسسي ل أجسد ُ‬
‫من أسأل‪.‬‬
‫وكان ابن عمر إذا أعجبه شيء من ماله يقربه إلى‬
‫الله عز وجل‪ ،‬وكان عبيده قد عرفوا منه ذلك‪ ،‬فربمسسا‬
‫لزم أحسسدهم المسسسجد فسسإذا رآه ابسسن عمسسر علسسى تلسسك‬
‫الحال أعتقه‪.‬‬
‫فيقال له‪ :‬إنهم يخدعونك‪ ،‬فيقول‪ :‬من خدعنا بسسالله‬
‫انخدعنا له‪.‬‬
‫وكان له جارية يحبها كثيًرا فأعتقها وزوجها لمسسوله‬
‫مللا‬
‫م ّ‬ ‫ف ُ‬
‫قللوا ِ‬ ‫نافع‪ ،‬وقال‪َ :‬لن ت َن َللاُلوا الب ِلّر َ‬
‫حت ّللى ُتن ِ‬
‫ن ‪.‬‬‫حّبو َ‬
‫تُ ِ‬
‫واشترى مرة بعيًرا فأعجبه لما ركبسسه فسسأدخله فسسي‬
‫إبل الصدقة‪.‬‬
‫وأعطاه ابن جعفر في نافع عشرة آلف‪ ،‬فقال‪ :‬أو‬
‫خير من ذلك هو حر لوجه الله تعالى‪.‬‬
‫مسسا بسسأربعين ألًفسسا وأعتقسسه‪ ،‬فقسسال‬ ‫واشترى مسسرة غل ً‬
‫الغلم‪ :‬يا مولي قد أعتقتني فهب لي شيًئا أعيش بسسه‬
‫فأعطاه أربعين ألًفا‪.‬‬
‫واشترى مرة خمسة عبيسسد‪ ،‬فقسسام يصسسلي‪ ،‬فقسساموا‬
‫خلفسسه يصسسلون‪ ،‬فقسسال‪ :‬لمسسن صسسليتم هسسذه الصسسلة؟‬
‫فقسسالوا‪ :‬للسسه‪ ،‬فقسسال‪ :‬أنتسسم أحسسرار لمسسن صسسليتم لسسه‪،‬‬
‫فأعتقهم‪.‬‬
‫والمقصود أنه ما مات حتى أعتق ألف رقبة وربما‬
‫تصدق في المجلس الواحد بثلثين ألًفا‪.‬‬
‫وكانت تمضي عليه اليام الكسسثير والشسسهر ل يسسذوق‬
‫ما إل وعلى يديه يتيم‪.‬‬ ‫لح ً‬
‫دا شيًئا وما رزقني الله فل‬ ‫وكان يقول‪ :‬ل أسأل أح ً‬
‫أرده‪.‬‬
‫عن عبدالله بن زيد بن أسسسلم عسسن أبيسسه عسسن جسسده‬
‫س‬ ‫أسلم‪ ،‬قال‪ :‬بينما أنا مع عمر بن الخطاب وهسسو يعس ّ‬
‫‪122‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫)أي يسسدور علسسى السسبيوت والسسسواق يحسسرس النسساس‬
‫ويكشف عن أهل الريبسسة( إذ أعيسسا واتكسسأ علسسى جسسانب‬
‫ل لبنتهسا‪ :‬يسا‬ ‫جدار فسي جسوف الليسل‪ ،‬وإذا امسرأة تقسو ُ‬
‫ذقيه بالمسساء‪ ،‬فقسسالت‬ ‫ابنتاه ُقومي إلى ذلك اللبسسن فامس ُ‬
‫ة أميسر‬ ‫مس َ‬ ‫ُ‬
‫لهسا‪ :‬يسا أمتساه ومسا علمست مسا كسان مسن عز َ‬
‫المؤمنين اليوم؟ قالت‪ :‬وما كان من عزمتسسه يسسا ُبنيسسة‪،‬‬
‫ذقيه بالماء فإنك بموضع ل يراك‬ ‫قومي إلى اللبن فام ُ‬
‫عمر‪ ،‬فقالت الصبية لمها‪ :‬يا أمتاهُ مسسا‬ ‫منادي ُ‬ ‫مُر ول ُ‬ ‫عُ َ‬
‫ه في المل وأعصيه في الخلء‪.‬‬ ‫كنت لطيع ُ‬
‫مر يسمع كل ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬يا أسسسلم عل ّسسم البسساب‬ ‫وعُ ُ‬
‫ف الموضع‪ ،‬ثم مضى في عسسسسه حسستى أصسسبح‪،‬‬ ‫واعر ْ‬
‫فلما أصبح قال‪ :‬يا أسلم امسسض إلسسى الموضسسع فسسانظر‬
‫ل لهسسا؟ وهسسل لهُسسم مسسن بعسسل؟‬ ‫من القائلة ومن المقسسو ُ‬
‫م ل بعسسل لهسسا‪،‬‬ ‫فأتيت الموضع فنظرت‪ ،‬فإذا الجارية أي ّ ٌ‬
‫جل‪.‬‬ ‫وإذا ِتيك أمها وإذا ليس لُهم ر ُ‬
‫فأتيت عمر بن الخطاب فأخبرته‪ ،‬فدعا عمر ولسسده‬
‫ة‬
‫فجمعهسسم‪ ،‬فقسسال‪ :‬هسسل فيكسسم مسسن يحتسساج إلسسى امسسرأ ٍ‬
‫جه‪ ،‬ولو كان بأبيكم حركة إلسسى النسسساء مسسا سسسبقه‬ ‫أزو ُ‬
‫منكم أحد إلى هذه المرأة‪ ،‬فقال عبدالله‪ :‬لي زوجسسة‪،‬‬
‫وقال عبدالرحمن‪ :‬لي زوجة‪ ،‬وقال عاصم‪ :‬يا أبتسساهُ ل‬
‫جهسسا مسسن‬ ‫جني‪ ،‬فبعث إلسسى الجاريسسة فزوّ َ‬ ‫ة لي فزوّ ْ‬ ‫زوج َ‬
‫عمسَر بسسن‬ ‫ت ُ‬ ‫صسم ٍ بنت ًسسا وولسسدت البنس ُ‬ ‫عاصم فولسسدت ل َِعا ِ‬
‫عبدالعزيز س رحمه الله س‪.‬‬
‫دى لسسم‬ ‫ل ال سّر َ‬ ‫س قَب ْس َ‬‫ن ِبسسهِ يا ن َْف س ُ‬ ‫جَهازٍ ت َب ْل ُغِْيسس َ‬ ‫جهزي ب ِ َ‬ ‫تَ ّ‬
‫عبًثسسسسسسسسسسا‬ ‫خل َِقسسسسسسسسسسي َ‬ ‫ن ي َب َْقسسسى ت ُ ْ‬ ‫مسسس ْ‬ ‫دي ل ِ َ‬ ‫كسسس ّ‬ ‫ول ت ُ‬
‫مسسا‬‫ث الباقي و َ‬ ‫وت َْفت َِقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسري إن الّرد َ وار ُ‬
‫ب َورًثسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫صسسسي ْ ُ‬ ‫ن تُ ِ‬ ‫مسسسن كسسسان حي ْسسس َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫شسسي ْ َ‬‫ف ال ّ‬ ‫خسسا ُ‬ ‫ه أو الغَُبسساَر ي َ َ‬ ‫جب ْهََتسسسسسسس ُ‬ ‫س َ‬ ‫الشسسسسسسسم ُ‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعََثا‬ ‫ل كسسي ت َب َْقسسى وال ّ‬ ‫ف الظ ِس ّ‬ ‫وي َسسأل َ ُ‬
‫ما‬‫ما راغ ً‬ ‫ن ي َوْ ً‬ ‫سك ُ ُ‬ ‫ف يَ ْ‬‫سو ْ َ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسست ُ ُ‬ ‫بشا َ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ََثا‬ ‫حشسةٍ غَب ْسسراَء َ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫فسسي قَعْسرِ ُ‬
‫‪123‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت الَثسسرى فسسي‬ ‫حسس َ‬ ‫ة ي ُط ِْيسس ُ‬
‫ل تَ ْ‬ ‫مظ ْل ِ َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫قَعْرِهَسسسسسسسسسسا اللب َث َسسسسسسسسسسا‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫وقال في الفنون‪ :‬لقد عظم اللسسه الحيسسوان لسسّيما‬
‫ه الشسسرك عنسسد الكسسراه وخسسوف‬ ‫ث أبسساح ُ‬ ‫ابسسن آدم حي س ُ‬
‫ه‬
‫ر َ‬ ‫كلل ِ‬‫ن أُ ْ‬ ‫الضرر على نفسه‪ ،‬فقال جل وعل‪ :‬إ ِل ّ َ‬
‫ملل ْ‬
‫ن ‪.‬‬‫ما ِ‬‫لي َ‬
‫ن ِبا ِ‬ ‫مط ْ َ‬
‫مئ ِ ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫قل ْب ُ ُ‬‫و َ‬
‫َ‬
‫ك أن‬ ‫حس َ‬ ‫حرمته حتى أبا َ‬ ‫دم حرمة نفسك على ُ‬ ‫من ق ّ‬
‫تتوقى وُتحسامي عسن نفسسك بسذكره بمسا ل ينبغسي لسه‬
‫سبحانه‪.‬‬
‫ه‪.‬‬ ‫فحقيق أن تعظم شعائرهُ وتوّقر أوامرهُ وزواجر ُ‬
‫وعصم عرضك بإيجاب الحد بقذفك‪ ،‬وعصم مالسسك‬
‫بقطع مسلم في سرقته‪.‬‬
‫وأسقط شطر الصلة لجل مشقتك‪ ،‬وأقسسام مسسسح‬
‫سل الرجل إشسسفاًقا عليسسك مسسن مشسسقة‬ ‫ف مقام غَ ْ‬ ‫خ ّ‬ ‫ال ُ‬
‫دا لرمقسسك وحفظ ًسسا‬ ‫الخلع واللبسسس وأباحسسك الميتسسة سس ً‬
‫ل‪،‬‬‫لصحتك‪ ،‬وزجرك عن مضارك بحدٍ عاجل ووعيدٍ آج ٍ‬
‫وخرق العوائد لجلك وأنزل الكتب إليك‪.‬‬
‫ن بك مع هذا الكرام أن ترى علسسى مسسا نهسساك‬ ‫أيحس ُ‬
‫ضا ولسنته‬ ‫معر ً‬ ‫متنكًبا وعن داعيه ُ‬ ‫ما أمرك ُ‬ ‫كا وع ّ‬ ‫منهم ً‬ ‫ُ‬
‫مطيًعا‪.‬‬
‫دوك فيه ُ‬ ‫هاجًرا ولداعي ع ُ‬
‫ت وهسسو حسس ّ‬
‫ط‬ ‫ل أمره وأنت أن َ‬ ‫م ُ‬‫هو هُوَ وته ِ‬ ‫مك و ُ‬ ‫ُيعظ ُ‬
‫ُرنب عباده لجلك وأهبط إلسسى الرض مسسن امتنسسع مسسن‬
‫سجدةٍ يسجد ُ لبيك‪.‬‬
‫‪124‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ما طالت خسسدمته لسسك لسسترك صسسلة‪،‬‬ ‫هل عاديت خاد ً‬
‫ه من دارك للخلل بفرض أو لرتكسساب نهسسى‪،‬‬ ‫ل نفيت ُ‬‫ه ْ‬
‫انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وفي وقتنا هل أخرجت الملهي والمنكسسرات‬
‫واقين‬‫من بيتك؟ هسسل منعسست الجسسانب والجنبيسسات س س ّ‬
‫دمات من بيتك؟‬ ‫وخ ّ‬
‫فائدة‬
‫ة الناس إلى الشيء ومعرفته يسر‬ ‫كلما قويت حاج ُ‬ ‫ُ‬
‫الله أسبابه‪ ،‬كمسسا ُييسسُر مسسا كسسانت حسساجتهم إليسسه فسسي‬
‫أبدانهم أشد‪.‬‬
‫فلما كانت حاجتهم إلى النفس والهوى أعظم منها‬
‫إلى الماء كان مبذول ً لكل أحد في كل وقت‪.‬‬
‫ولما كانت حاجتهم إلى الماء أكثر من حاجتهم إلى‬
‫الُقوت كان وجود الماء أكثر لذلك‪.‬‬
‫فلمسسا كسسانت حسساجتهم إلسسى معرفسسة الخسسالق أعظسسم‬
‫ل ربسسوبيته وقسسدرته وعلمسسه ومشسسيئته‬ ‫كانت آيسساُته ودلئ ُ‬
‫وحكمته أعظم من غيرها‪.‬‬
‫ولما كانت حاجتهم إلى معرفة صسسدق الرسسسل بعسسد‬
‫ذلك أعظم من حاجتهم إلى غير ذلك‪.‬‬
‫أقسسام اللسسه مسسن دلئل صسسدقهم وشسسواهد ُنبسسوتهم‬
‫حسن حال مسسن اتبعهسسم وسسسعادته ونجسساته وبيسسان مسسا‬ ‫و ُ‬
‫يحصل له من العلم النافع والعمل الصالح‪.‬‬
‫وُقبح حال من خالفهم وشقاوتهم وجهله وظلمه ما‬
‫ه ُنوًرا‬ ‫ه لَ ُ‬
‫ل الل ّ ُ‬
‫ع ِ‬
‫ج َ‬ ‫من ل ّ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫و َ‬‫يظهر لمن تدبر ذلك ‪َ ‬‬
‫ر ‪.‬‬‫من ّنو ٍ‬‫ه ِ‬‫ما ل َ ُ‬‫ف َ‬‫َ‬
‫قال وهيب بن الورد‪ :‬بلغنا أن الخبيث إبليس تبسسدى‬
‫ليحيى ابن زكريا –عليهما السلم‪ -‬فقال له‪ :‬إني أريسسد‬
‫أن أنصسسحك! قسسال‪ :‬كسسذبت‪ ،‬أنسست ل تنصسسحني؛ ولكسسن‬
‫أخبرني عن بني آدم‪.‬‬
‫قال‪ :‬هسسم عنسسدنا علسسى ثلثسسة أصسسناف‪ ،‬أما صللنف‬
‫ه‬
‫منهم‪ :‬فهسسم أشسسد الصسسناف علينسسا ُنقبسسل حت ّسسى نْفت ِن ُس ُ‬
‫‪125‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ونسسستمكن منسسه‪ ،‬ثسسم يفسسزع إلسسى السسستغفار والتوبسسة‪،‬‬
‫سد ُ علينا كل شيء أدركنا منه‪ ،‬ثم نعود لسسه فيعسسود‬ ‫في ُْف ِ‬
‫ن‬‫ك منه حاجتنسسا فنحسس ُ‬ ‫فل نحن نيأس منه‪ ،‬ول نحن ُندر ُ‬
‫من ذلك في عََنا‪.‬‬
‫وأما الصنف الخر‪ُ :‬فهم بين أيدينا بمنزلة الكرة‬
‫في أيسسدي صسسبيانكم نتلقُفهُسسم كيسسف شسسئنا فقسسد كفونسسا‬
‫أنُفسهم‪.‬‬
‫مون ل‬ ‫وأما الصللنف الخللر‪ :‬فهسسم مثلسسك معصسسو ُ‬
‫نقدُر منهم على شيء‪.‬‬
‫ت منسسي علسسى‬ ‫فقال له يحيى‪ :‬علسسى ذاك هسسل قسسدر َ‬
‫شيء؟‬
‫مسسا تسسأكله‪،‬‬ ‫ت طعا ً‬ ‫م َ‬‫قال‪ :‬ل إل مرةً واحدةً فإنك ق سد ّ ْ‬
‫ت‬ ‫مس َ‬‫ت أكثر ممسسا ُتريسد ُ فَن ِ ْ‬ ‫فلم أزل أشهيه لك حتى أكل َ‬
‫م إليها‪.‬‬ ‫ك الليلة ولم تقم إلى الصلة كما ك ُْنت تقو ُ‬ ‫تل َ‬
‫ت مسسن طعسسام‬ ‫م ل شسسبع ُ‬ ‫جَر َ‬
‫قال‪ :‬فقال له يحيى‪ :‬ل َ‬
‫دا حتى أموت‪.‬‬ ‫أب ً‬
‫ك‪.‬‬ ‫ت آدمًيا ب َعْد َ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ص ْ‬ ‫م ل نَ َ‬ ‫جَر َ‬
‫فقال له الخبيث‪ :‬ل َ‬
‫شَقاَوتي وعََناِئي‬ ‫ل َ‬‫ج ِ‬ ‫طوا إّل ل ْ‬ ‫سل ّ ُ‬‫ت بأرب ِْع ما ُ‬ ‫إّني ب ُل ِي ْ ُ‬
‫ص وك ُل ُّهسسسسم‬ ‫خل ُ‬ ‫ف ال َ‬ ‫ك َْيسسسس َ‬
‫سسسي أعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدائي‬ ‫س والسسد ُن َْيا ون َّف ِ‬‫إب ْل ِْيسس ُ‬
‫وى‬ ‫والَهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫مواعظ وفوائد‬
‫ما أقبح الغفلة عن طاعسسة مسسن ل يغفسسل عسسن ب سّرك‬
‫وعن ذكر من أمرك بذكره‪.‬‬
‫ل عن كثير الخرة‪،‬‬ ‫قال أبو حازم‪ :‬يسيُر الدنيا ُيشغ ُ‬
‫ه‬‫وقال‪ :‬ما أحببت أن يكسسون معسسك فسسي الخسسرة فقسسدم ُ‬
‫ت أن يكون معك فسسي الخسسرة فسساترك َ ُ‬
‫ه‬ ‫اليوم‪ ،‬وما كرهْ َ‬
‫اليوم‪.‬‬
‫‪126‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫م‬
‫سس َ‬ ‫مسسن قنسِع بمسسا قَ َ‬ ‫صي ابَنه‪ :‬إنسسه َ‬ ‫ضهم ُيو ِ‬ ‫وقال بع ُ‬
‫مسن‬ ‫حقسر‪ ،‬و َ‬‫سسفهاَء ُ‬ ‫سستغنى‪ ،‬ومسن داخسل ال ُ‬ ‫اللسه لسه ا ْ‬
‫ط الُعلماَء وقّْر‪.‬‬ ‫خال َ‬
‫دخل مداخل السوء اتهم‪ ،‬يا بنسسي‪ ،‬قُسسل الحسسق‬ ‫ومن َ‬
‫ة فإنها ت َْزَرعُ الشحناء‪.‬‬‫م َ‬
‫ك والّنمي ْ َ‬‫لك أو عليك‪ ،‬وإّيا َ‬
‫وعنه ‪ ‬أنه قال‪ :‬من اشتاق إلى الجنة سارع إلسسى‬
‫الخيرات ومن أشفق من انتهى عسسن الشسسهوات ومسسن‬
‫ت عليه اللذات ومن عسسرف السسدنيا‬ ‫تيقن بالموت انهدم ْ‬
‫هانت عليه المصيبات‪.‬‬
‫ل العقيلي‪ :‬من أراد بعمله وجسسه اللسسه عسسز‬ ‫وقال بدي ُ‬
‫وجل أقبل الله عليه بوجهه وأقبل بُقُلوب العباد إليسسه‪،‬‬
‫ومن عمل لغير الله عز وجسسل صسسرف اللسسه عسسز وجسسل‬
‫ب العباد عنه‪.‬‬ ‫ف قلو َ‬ ‫عنه وجهه وصر َ‬
‫وقال محمد بن واسسسع‪ :‬إذا أقبسسل العبسسد بقلبسسه إلسسى‬
‫ل اللسسه عسسز وجسسل إليسسه بقلسسوب‬ ‫اللسسه عسسز وجسسل أقبسس َ‬
‫المؤمنين‪.‬‬
‫ت ابن واسسسع يقسسول‪:‬‬ ‫وقال الحارث بن نبهان‪ :‬سمع ُ‬
‫واصحاباه‪ ،‬ذهب أصحابي‪ ،‬فقلت‪ :‬يرحمك الله‪ ،‬أليسسس‬
‫ب يصسسومون النهسسار ويقومسسون الليسسل‬ ‫قسسد نشسسأ شسسبا ٌ‬
‫ويجاهدون في سبيل الله عز وجل‪ ،‬قال‪ :‬بلى‪ ،‬ولكسسن‬
‫ب‪.‬‬ ‫أخ وتفل أفسدهم الُعج ُ‬
‫حسسا‬‫قلت‪ :‬فكيف لو رأى شسسباب زماننسسا الحسسالقين لل ّ َ‬
‫المسبلين للثياب المخنفسين أصحاب الشنبات‪.‬‬
‫سئل بعضهم‪ :‬هسسل يعسسرف العبسد إذا تساب أن تسسوبته‬ ‫ُ‬
‫ت؟ قال‪ :‬ل أحكم في ذلسسك؛ ولكسسن لسسذلك‬ ‫ت أم ُرد ّ ْ‬ ‫ُقبل ْ‬
‫علمات‪ ،‬إحداها‪ :‬أن يسسرى نفسسسه غيسسر معصسسومة مسسن‬
‫دا‪،‬‬‫المعصية‪ ،‬ويرى في قلبه الفرح غائًبا والحزن شسساه ً‬
‫ل الخير‪ ،‬وُيباعد ُ أهل الشسسّر‪ ،‬ويسسرى القليسسل‬ ‫ب أه َ‬‫وُيقّر َ‬
‫من الدنيا كثيًرا‪ ،‬ويرى الكثير من عمسسل الخسسرة قلي ً‬
‫ل‪،‬‬
‫ويرى قلبه مشتغل ً بما ضمن مسسن اللسسه تعسسالى‪ ،‬فارغًسسا‬

‫‪127‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ظسسا للسسسانه دائم‬ ‫ن حاف ً‬ ‫عمسسا ضسسمن اللسسه لسسه‪ ،‬ويكسسو ُ‬
‫ة‪.‬‬
‫دام ِ‬ ‫الفكرة‪ ،‬لزم الغم والن ّ َ‬
‫وقال يحيى بن معسساذ‪ :‬مسسن أعظسسم الغسسترار عنسسدي‬
‫جاء الَعفو من غير ندامسسة‪،‬‬ ‫ب على َر َ‬ ‫التمادي في ال ُ‬
‫ذنو ُ‬
‫ب من الله تعالى بغير طاعة‪.‬‬ ‫وتوقّعُ الُقر ِ‬
‫ب دار المطيعيسسن‬ ‫وانتظسسار زرع الجنسسة ببسسذر وطلسس ُ‬
‫بالمعاصي‪ ،‬وانتظار الجزاء بغير عمسسل والتمنسسي علسسى‬
‫الله مع الفراط‪.‬‬
‫جري على‬ ‫ة ل تَ ْ‬
‫سِفي ْن َ َ‬
‫ن ال ّ‬‫ك إ ّ‬ ‫س سل ُ ْ‬
‫جوا النجسساةَ ولسسم ت َ ْ‬‫َتر ُ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسالك ََها الي َب َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس‬ ‫م َ‬
‫َ‬

‫وقال الحسن البصري‪ :‬فسسساد القلسسوب متولسسد مسسن‬


‫ستة أشياء‪ ،‬أولها‪ :‬يسذنبون برجساء التوبسسة‪ ،‬ويتعلمسون‬
‫صون‪ ،‬ويأكلون‬ ‫العلم ول يعملون به‪ ،‬وإذا عملوا ل ُيخل ُ‬
‫رزق اللسسه ول يشسسكرون‪ ،‬ول يرضسسون بقسسسمة اللسسه‪،‬‬
‫ويدفنون موتاهم ول يعتبرون‪.‬‬
‫عن أبي وائل قال‪ :‬خرجنا مع عبدالله بسسن مسسسعود‬
‫ومعنسسا الربسسبيع بسسن خيثسسم‪ ،‬فمررنسسا علسسى حسسداد‪ ،‬فقسسام‬
‫عبدالله ينظر حديدة في النار‪.‬‬
‫فنظر الربيع إليها فتمايل ليسقط‪ ،‬فمضى عبسسدالله‬
‫حتى أتينا على أتون على شاطئ الفرات‪.‬‬
‫فلما رآه عبدالله والنار تلتهب في جوفه قسسرأ هسسذه‬
‫َ‬
‫عوا ل َ َ‬
‫هللا‬ ‫م ُ‬
‫سل ِ‬
‫د َ‬ ‫عي ل ٍ‬ ‫مك َللا ٍ‬
‫ن بَ ِ‬ ‫مللن ّ‬
‫هم ّ‬ ‫ذا َرأت ْ ُ‬‫اليسسة‪ :‬إ ِ َ‬
‫فيًرا ‪‬إلى قوله‪ :‬ث ُُبوًرا ‪.‬‬ ‫وَز ِ‬ ‫غي ّ ً‬
‫ظا َ‬ ‫تَ َ‬
‫ن خيثسسم فاحتملنسساه فجئنسسا بسسه إلسسى‬ ‫فصعق الربيع بس ُ‬
‫أهله‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم رابطه عبدالله إلى الظهسسر فلسسم ُيفسسق‪ ،‬ثسسم‬
‫ه إلسسى المغسسرب‬ ‫ه إلى العصر فلم يفق‪ ،‬ثم رابطس ُ‬ ‫رابط ُ‬
‫فلم ُيفق‪ ،‬ثم إنه أفاق فرجع عبدالله إلى أهله‪.‬‬
‫عن سعيد بسسن جسسبير قسسال‪ :‬إن الخشسسية أن تخشسسى‬
‫الله حتى تحسسول خشسسيته بينسسك وبيسسن معصسسيتك فتلسسك‬
‫‪128‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫الخشية والذكر طاعة الله‪ ،‬فمن أطاع الله فقد ذكره‬
‫ومن لم يطعه فليس بذاكر وإن أكسسثر التسسسبيح وتلوة‬
‫القرآن‪.‬‬
‫كتب أبو الدرداء إلى سلمان س رضي الله عنهما سسس‪:‬‬
‫يا أخي‪ ،‬اغتنم صحتك وفراغك قبل أن ينسسزل بسسك مسسن‬
‫ى‪.‬‬
‫البلء ما ل يستطيعُ العباد ُ رّده واغتنم دعوة المبتل َ‬
‫ت رسسسول‬ ‫يا أخي‪ ،‬ليكن المسجد ُ بيتك‪ ،‬فإني سسسمع ُ‬
‫ت كسسل تقسسي‪ ،‬وقسسد ضسسمن‬ ‫الله ‪ ‬يقول‪» :‬المساجد ُ بي ُ‬
‫الله عسسز وجسسل لمسسن كسسانت المسسساجد بيسسوتهم بسسالروح‬
‫والرحمة‪ ،‬والجواز على الصراط إلى رضوان الله عسسز‬
‫وجل« حديث حسن‪ ،‬أخرجه الطبراني فسسي »الكسسبير«‬
‫و»الوسط«‪ ،‬والبزار‪ ،‬وقال‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫وروي عسن عيسسى سس عليسه السسلم سس‪ :‬ل تجالسسوا‬
‫الموتى فتموت قُل ُسسوبكم‪ ،‬قيسسل‪ :‬ومسسن المسسوتى؟ قسسال‪:‬‬
‫المحبون للدنيا‪.‬‬
‫ت من أحوال‬ ‫قال بعض العلماء‪ :‬من عجيب ما نقد ُ‬
‫حوا علسسى خسسراب السسديار‪ ،‬ومسسوت‬ ‫الناس‪ :‬كسسثرة مسسا نسسا ُ‬
‫القسسارب والسسسلف‪ ،‬والتحسسسر علسسى الرزاق بسسذم‬
‫الزمان وأهله‪ ،‬وذكر نكسد العيسش فيسه‪ ،‬وقسد رأوا مسن‬
‫سنن وظهور البسسدع وارتكسساب‬ ‫انهدام السلم وموت ال ُ‬
‫المعاصي وتقضي الُعمسسر فسسي الفسسارغ السسذي ل ُيجسسدي‬
‫والقبيح الذي ُيوبقُ ويؤذي‪.‬‬
‫فل أجد منهسسم مسسن نسساح علسسى دينسسه ول بكسسى علسسى‬
‫هره‪.‬‬‫ت دَ ْ‬‫سي على َفائ ِ ِ‬ ‫مرهِ ول آ َ‬ ‫ط عُ ُ‬
‫فارِ ِ‬
‫وما أرى لذلك سسسبًبا إل قلسسة مبسسالتهم فسسي الديسسان‬
‫دنيا في عيونهم‪ ،‬ضد مسسا كسسان عليسسه السسسلف‬ ‫وعظم ال ُ‬
‫حون على الدين‪ .‬اهس‪.‬‬ ‫الصالح يرضون بالبلغ وينو ُ‬
‫كتب عباد الخواص إلى إخوانه يعظهم‪ ،‬فقال‪ :‬إنكم‬
‫ل فيه الخشوع وحمسسل‬ ‫في زمان قد رق فيه الورع وق ّ‬
‫ن ُيعرفسسوا بحملسسه وكرهسسوا أن‬ ‫دوه فأحّبوا أ ْ‬ ‫مفس ُ‬ ‫العلم ُ‬
‫يعرفوا بإضاعة العمل به فنطقوا فيه بسسالهوى ليزينسسوا‬
‫‪129‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسا دخلسسوا فيسسه مسسن الخطسسر فسسذنوبهم ذنسسوب عظيمسسة‬
‫وتقصيرهم تقصير ل يعترف بسسه أحب ُسسوا السسدنيا وكرهسسوا‬
‫منزلة أهلها فشاركوهم في العيش وزايلوهم بسسالقول‬
‫)أي فارقوهم في القول(‪.‬‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫دا على خلق الله عز وجسسل‬ ‫الطريق إلى الله مسدو ً‬
‫إل على المقتفين آثار النبي ‪ ‬والتابعين لسنته‪ ،‬كمسسا‬
‫في رسول الل ّ ُ‬
‫ة‬
‫و ٌ‬‫س َ‬
‫هأ ْ‬‫ِ‬ ‫َ ُ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬‫كا َ‬ ‫قال تعالى‪ :‬ل َ َ‬
‫قدْ َ‬
‫ة ‪.‬‬
‫سن َ ٌ‬‫ح َ‬
‫َ‬
‫جسساهه زاد‬ ‫مسسن علمسسات توفيسسق العبسسد أنسسه إذا زاد َ‬
‫تواضعه‪ ،‬وإذا زاد ماله زاد سخاؤه‪ ،‬وإذا زاد عمره زاد‬
‫اجتهاده‪.‬‬
‫خمس خصال يعرف بها الجاهل‪ :‬الغضب فسسي غيسسر‬
‫شيء‪ ،‬والثقة بكل أحد‪ ،‬والكلم في غير نفع‪ ،‬والعظة‬
‫في غير موضعها‪ ،‬ول يعرف عد ُوّهُ من صديقه‪.‬‬
‫مسسن توفيسسق اللسسه للنسسسان أن يكسسون بيسسن قسسوم‬
‫صالحين‪ ،‬إن أمر بمعروف آزروه‪ ،‬وإن نهى عن منكسسر‬
‫أعاُنوه‪ ،‬وإن احتاج إلى شيء من الدنيا ساعدوه‪ ،‬وإن‬
‫مات دعوا له وشيعوه‪.‬‬
‫مخسسالطته كالغسسذاء ل‬ ‫الناس أربعة أقسام منهم من ُ‬
‫يستغنى عنسسه فسسي اليسسوم والليلسسة وهسسم العلمسساء بسسالله‬
‫وأمسسره ومكسسائد عسسدوه وأمسسراض القلسسوب وأدويتهسسا‬
‫الناصسسحون للسسه ولكتسسابه ولرسسسوله ولخلقسسه‪ ،‬فهسسؤلء‬
‫مخالطتهم ربح كلهسا‪ ،‬قلست‪ :‬وهسؤلء ينسدر وجسود أحسد‬
‫منهم‪ ،‬فهم مثسسل الكسسبريت الحمسسر‪ ،‬إن ظفسسرت بأحسسد‬
‫منهم ولو رقم ‪ 2‬فسسالزمه ليل ً ونهسساًرا ونسسم علسسى عتبسسة‬
‫بابه‪.‬‬
‫مخسسالطته كالسسدواء يحتسساج إليسسه عنسسد‬ ‫الثسساني‪ :‬مسسن ُ‬
‫حا فل حاجة لسسك فسسي خلطتسسه‪،‬‬ ‫المرض فما ُدمت صحي ً‬
‫‪130‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وهسسم مسسن ل يسسستغنى عسسن مخسسالطتهم فسسي مصسسلحة‬
‫المعاش وقيام ما أنت محتاج إليه‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬من مخالطته كالسسداء علسسى اختلف مراتبسسه‬
‫وأنواعه وقوته وضعفه‪ ،‬وهسسم مسسن فسسي خلطتسسه ضسسرر‬
‫ديني أو دنيوي‪.‬‬
‫ومتى ابتليت بواحد من هؤلء فعاشسسره بسسالمعروف‬
‫جا ومتى تمكنت من نقله إلسسى‬ ‫حتى يجعل الله لك فر ً‬
‫الخير فهي فرصة‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬من مخسسالطته الهلك والسسدمار وهسسو بمنزلسسة‬
‫السسسم وهسسم أهسسل البسسدع والضسسللة‪ ،‬قلسست‪ :‬كالجهميسسة‬
‫والمعتزلة والشاعرة والرافضة ونحوهم‪ ،‬ومسسن أضسسر‬
‫ما يكون في عصرنا الحالي الشاعرة والرافضة‪.‬‬
‫وقال س رحمه الله س‪ :‬حذار حسسذار مسسن أمريسسن لهمسسا‬
‫ب‬‫سوء العواقب َرد ّ الحق لمخالفة هسسواك فإنسسك تعسساق ُ‬
‫القلب‪.‬‬
‫سسسا ثاني ًسسا التهسساون‬
‫ورد ّ ما يسسرد ُ عليسسك مسسن الحسسق رأ ً‬
‫بالمر إذا حضر وقته فإنسسك تعسساقب بسسالتثبيط والقعسساد‬
‫والكسل‪.‬‬
‫القلب في سيره إلى الله بمنزلة الطائر‪ ،‬فالمحبسسة‬
‫رأسه والخوف والرجاء جناحاه‪.‬‬
‫فمسستى سسسلم السسرأس والجناحسسان فالطسسائر جيسسد‬
‫الطيران‪ ،‬ومتى قطع الرأس مات الطسسائر ومسسع عسسدم‬
‫ل صائد وكاسر‪.‬‬ ‫الجناحان فهو عرضة لك ُ ّ‬
‫الحياء خلق ناشئ عن حياة القلب ورؤية التقصسسير‬
‫في حقوق الله‪.‬‬
‫ويثمر الحياء اجتناب المحرمات والقيام بالواجبات؛‬
‫ولهذا قال النبي ‪» :‬الحياء ل يأتي إل بخير«‪.‬‬
‫كان بعضهم يقول في دعائه‪ :‬اللهم اغفر لي ريائي‬
‫معتي‪.‬‬ ‫وس ُ‬

‫‪131‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قال عون بن عبسسدالله‪ :‬صسسحبت الغنيسساء فلسسم يكسسن‬
‫دا أحسسسن ثياب ًسسا منسسي‬ ‫ما مني أن رأيت أح ً‬ ‫أحد أطول غ ً‬
‫حا مني‪ ،‬فصحبت الفقراء فاسترحت‪.‬‬ ‫وأطيب ري ً‬
‫دا تفسسرغ لعيسسب النسساس إل مسسن‬ ‫ب أح ً‬ ‫وقال‪ :‬ما أحس ُ‬
‫غفلةٍ غفلها عن نفسه‪.‬‬
‫وقال‪ :‬جالسوا التوابين‪ ،‬فإنهم أرق الناس قلوًبا‪.‬‬
‫وقال‪ :‬إن من كسسان قبلنسسا كسسانوا يجعلسسون للسسدنيا مسسا‬
‫فضل عن آخرتهم‪ ،‬وإنكم تجعلون لخرتكم مسسا فضسسل‬
‫عن دنياكم‪.‬‬
‫وقال عمرو بن مرة‪ :‬من طلب الخرة أضر بالدنيا‪،‬‬
‫ومسسن طلسسب السسدنيا أضسسر بسسالخرة‪ ،‬فاضسسروا بالفسساني‬
‫للباقي‪ ،‬وما كتب لك من الرزق سوف يأتيك‪.‬‬
‫ل‬‫وى عَْق س ٌ‬ ‫م سَرادِ الهَ س َ‬
‫دنيا وفسسي ُ‬ ‫حْرص علسسى ال س ُ‬ ‫س ِ‬ ‫للنا ِ‬
‫مي ُْر‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫وَتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ْب ِي ُْر وت َ ْ‬
‫ل منهسسسسم عسسسسن‬ ‫م فالعقسسسس ُ‬ ‫ة لله َرّبهسس ُ‬ ‫وإن أَتوا طاع ً‬
‫سسسسسسسوُْر‬ ‫ت مأ ُ‬ ‫لجسسل هسسذا وذاك الحسسرص الطاعسسسسسسا ِ‬
‫ديٌر‬ ‫م وتك ْ ِ‬ ‫صَفاءُ عيشاِتها هَ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫جسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫مزِ َ‬‫قَسسسسسسسسسسسد ْ ُ‬
‫مسسا‬ ‫ل عند َ‬ ‫ها بعَْق ٍ‬ ‫لم ي ُْرَزُقو َ‬
‫مَقسساِدير‬ ‫ت ل َك ِن ُّهم ُرزُِقوهَسسا بال َ‬ ‫م ْ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫قُ َ‬
‫ت‬ ‫ت بسسسأْقوا ِ‬ ‫طسسساَر الُبسسسَزا ُ‬‫لو كسسان عسسن قُسسوةٍ أو عَسسن َ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساِفير‬ ‫مَغال َب َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةٍ العَ َ‬ ‫ُ‬

‫كتب بعضهم إلى صديق له يشاروه في شيء مسسن‬


‫أمر السسدنيا‪ ،‬فكسسان الجسسواب‪ :‬اطلسسب السسدنيا علسسى قسسدر‬
‫مكثك فيها‪ ،‬واطلب الخرة على قدر حاجتك إليها‪.‬‬
‫قيسسل للحنسسف بسسن قيسسس‪ :‬أل تسسأتي المسسراء؟ قسسال‪:‬‬
‫فسساخرج جسسرة مكسسسورة فكبهسسا‪ ،‬فسسإذا فيهسسا كسسسر )أي‬
‫كسر خبز وتمر(‪ ،‬فقال‪ :‬من كان ُيجزيه مثسسل هسسذا مسسا‬
‫يصنع بإتيانهم‪.‬‬
‫ت مثسسل‬ ‫وقيل‪ :‬كان عامر بن قيسسس يقسسول‪ :‬مسسا رأي س ُ‬
‫ت مثل النار نام هاربُها‪.‬‬
‫الجنة نام طالُبها‪ ،‬وما رأي ُ‬
‫‪132‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وكان إذا جاء النهار‪ ،‬قسسال‪ :‬اذهسسب ح سّر النسسار الن ّسسوم‬
‫م حتى ُيمسي‪ ،‬وإذا جاء الليل قال‪ :‬مسسن خسساف‬ ‫فما ينا ُ‬
‫أدلج‪ ،‬وعند الصباح يحمد القوم السرى‪.‬‬
‫ي‬
‫حب ًسسا سسسهل عل س ّ‬ ‫ت الله عز وجل ُ‬ ‫وكان يقول‪ :‬أحبب ُ‬
‫مصيبة‪ ،‬ورضاني كل قضية‪ ،‬فمسسا أبسسالي مسسع حسسبي‬ ‫كل ُ‬
‫ت عليه وما أمسيت‪.‬‬ ‫إياهُ ما أصبح ُ‬
‫ة بسسن قُسسرة أحسسد إخسسوانه وقسسد جسساء مسسن‬ ‫لقي معاويس ُ‬
‫الكلء‪ ،‬فقال له معاويسة بسن قسرة‪ :‬مسا صسنعت؟ قسال‪:‬‬
‫اشتريت لهلي كذا وكذا‪ ،‬قال‪ :‬وأصبت من حلل‪.‬‬
‫ي‬‫ب إل ّ‬ ‫ت به أح ّ‬ ‫ت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬لن أغدو فيما غدو َ‬ ‫ُقل ُ‬
‫من أقوم الليل وأصوم النهار‪.‬‬
‫قيل لحسان بسسن أبسسي سسسنان‪ :‬كيسسف تجسسدك؟ قسسال‪:‬‬
‫بخير إن نجوت من النار‪ ،‬فقيل له‪ :‬ما تشتهي؟ قسسال‪:‬‬
‫ة بعيدةً مسسا بيسسن الطرفيسسن أحيسسي مسسا بيسسن طرفيهسسا‬ ‫ليل ً‬
‫ل هذا البيت‪:‬‬ ‫يعني بالتهجد وكان كثيًرا ما يتمث ُ‬
‫ع‬
‫ج ُ‬ ‫ه الو َ‬ ‫موْت َ ُ‬
‫ما َ‬
‫م يو ً‬
‫ة المسرِء فسي السد ُن َْيا ول ي َُقدِ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ص ّ‬‫ل َ‬
‫خُرهُ‬ ‫ت ُسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسؤ ِ‬

‫وكان من تجار أهل البصسسرة ولسسه شسسريك بالبصسسرة‬


‫جهُّز على شريكه بالبصرة ثسسم‬ ‫وحسان مقيم بالهواز ي ُ َ‬
‫يجتمعان على رأس السسسنة يتحاسسسبان‪ ،‬ثسسم يقتسسسمان‬
‫دق بما بقي‪.‬‬‫الربح‪ ،‬فكان يأخذ قوته من ربحه‪ ،‬ويتص ّ‬
‫وكان صاحبه يبنسسي السسدور‪ ،‬ويتخ سذ ُ الرضسسين‪ ،‬قسسال‪:‬‬
‫فقدم حسان البصرة ففرق ما أراد أن يفرق‪.‬‬
‫ل بيت لم تكن حاجتهم ظهرت‪ ،‬فقسسال‪:‬‬ ‫فذكر له أه ُ‬
‫خبرنا فاستقرض لهسسم ثلثمسسائة درهسسم فبعسسث بهسسا‬ ‫أما ت ُ‬
‫إليهم‪.‬‬
‫وقال امرأته‪ :‬كان يجيء فيدخل معي في فراشسسي‬
‫ثم يخادعني كما تخادع المرأة صبيها‪.‬‬
‫م‬
‫ه فخرج‪ ،‬ثم يقسسو ُ‬ ‫ل نفس ُ‬‫تس ّ‬ ‫فإذا علم أني قد نم ُ‬
‫فيصلي‪.‬‬
‫‪133‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ك‬‫ب نفسك‪ ،‬فقال‪ :‬اسكتي ويحسس ِ‬ ‫فقالت له‪ :‬كم ُتعذ ّ ُ‬
‫فيوشك أن أرق رقدةً ل أقوم منها زماًنا‪.‬‬
‫ت هذه؟ ثسسم أقبسسل علسسى‬ ‫ومر بغرفة‪ ،‬فقال‪ :‬متى ب ُن ِ ْ‬
‫مسسال يعنيسسك لعاقبن ّسسك بصسسوم‬ ‫نفسه‪ ،‬فقال‪ :‬تسسسألين ع ّ‬
‫سنة فصامها‪.‬‬
‫وكسسان يفتسسح بسساب حسسانوته فيضسسع السسدواة‪ ،‬وينشسسر‬
‫س‬
‫ه‪ ،‬ثسسم ُيصسسلي فسسإذا أحسس ّ‬ ‫الحسسساب‪ ،‬وُيرخسسي سسستر ُ‬
‫بالنسان قد جاء ُيقبل على الحسسساب‪ ،‬يريسسه أنسسه كسسان‬
‫فسسي الحسسساب‪ ،‬خوفًسسا مسسن الريسساء وكسسان يقسسول‪ :‬لسسول‬
‫ت‪.‬‬ ‫جْر ُ‬
‫المساكين ما ات ّ َ‬
‫وقال شميط بسسن عجلن‪ :‬بسسادروا بالصسسحة السسسقم‪،‬‬
‫وبسسالفراغ الشسسغل‪ ،‬وبسسادروا بالحيسساة المسسوت‪ ،‬ويقسسول‪:‬‬
‫بئس العبد خلق للعاقبة‪ ،‬فصدته العاجلة عسسن العاقبسسة‬
‫فزالت عنه العاجلة‪ ،‬وشقي في العاقبة‪.‬‬
‫ب مسسا ُيطغيسسك‬ ‫ويقول‪ :‬أعطيت ما يكفيك وأنت تطل ُ‬
‫ل بقليل تقنع ول بكثير تشبع‪.‬‬
‫كيف يعمل للخرة من ل تنقضي من الدنيا شهوته‪.‬‬
‫ق بسسدار‬ ‫مصسسد ٍ‬ ‫وكسسان يقسسول‪ :‬العجسسب كسسل العجسسب ل ُ‬
‫الحق‪ ،‬وهو يسعى لدار الغرور‪.‬‬
‫ن السسذي أخشسساه عنسسي‬ ‫مٌر وأ ّ‬ ‫مع َ ّ‬‫ل أّني ُ‬ ‫ما ُ‬‫خبّرني ال َ‬ ‫تُ َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسؤخر‬ ‫ة ُ‬ ‫ضي ّ ٌ‬
‫نق ِ‬ ‫مّر الَرْبعي َ‬ ‫فو َ‬ ‫فكي َ‬
‫كم قاط ٍِع ل ي ُغَّيسسُر‬ ‫ح ْ‬
‫يب ُ‬ ‫عل ّ‬ ‫َ‬
‫مَناَيسسسا‬ ‫َ‬
‫ب ال َ‬ ‫سسسسَبا ِ‬‫سسسسي ٌْر ل ْ‬‫ن أ َ‬ ‫جسساَز الربعْيسس َ‬ ‫مسسْرُء َ‬
‫إذا ال َ‬
‫معَْبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫فسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسإّنه و َ‬

‫آخر‪:‬‬
‫ن هُسسو‬ ‫ب لَ َ‬
‫مسس ْ‬ ‫مط ُْلسسو ٍ‬ ‫دنيا ثلًثا وإن َّهسسا ل ََغاي َس ُ‬
‫ة َ‬ ‫من ال ُ‬‫أري ْد ُ ِ‬
‫ب‬‫ة طسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسال ُ‬ ‫س عَِفي َْف ٌ‬
‫ن ونْف ٌ‬ ‫ت ِل َوَةُ قرآ ٍ‬
‫ل عليهسسسسا‬ ‫وإكثسسسساُر أعمسسسسا ٍ‬
‫ب‬ ‫أَواظ ِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬

‫‪134‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ك وقسسد‬ ‫ب ويضسسح ُ‬ ‫ل ويشسسر ُ‬ ‫ب مسرورٍ مغبسسون يأكس ُ‬ ‫ُر ّ‬
‫حقّ له في كتاب الله تز وجل أنه من وقود النار‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ن السيئات‪.‬‬ ‫من الغرور ذكُر الحسنات ونسيا ُ‬
‫كسسر‬ ‫متف ّ‬ ‫وقال بلل بن سعد‪ :‬يا أولي اللباب ليتف ّ‬
‫كر ُ‬
‫ه‪.‬‬‫فيما يبقى له وينفع ُ‬
‫ل به فُتضي ُّعوَنه‪.‬‬ ‫أما ما وكلكم الله عّز وج ّ‬
‫وأما ما تكفل لكم به فتطلبونه ما هكذا نعسست اللسسه‬
‫عبادة المؤمنين‪.‬‬
‫خلقتسسم لسسه‬ ‫أذووا عقول في طلب الدنيا وبلسسه عمسسا ُ‬
‫فكمسسا ترجسسون اللسسه بمسسا تسسؤدون مسسن طسساعته فكسسذلك‬
‫أشفقوا من عذاب الله بما تنتهكون من معاصيه‪.‬‬
‫ن فسسي أيسسام‬ ‫وقال‪ :‬عبسساد اللسسه إعلمسسوا أنكسسم تعملسسو َ‬
‫قصار لّيام ٍ طوال‪ ،‬وفسسي دار زوال لسسدار مقسسام‪ ،‬وفسسي‬
‫خل ْ ٍ‬
‫د‪.‬‬ ‫ن لدارِ نعيم و ُ‬ ‫حز ِ‬ ‫بو ُ‬ ‫دار نص ٍ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ومن لم يعمل على اليقين فل ي َت َعَ ّ‬
‫مخسسبر يخسسبركم أن شسسيًئا مسسن‬ ‫عباد الله‪ ،‬هل جاءكم ُ‬
‫أعمالك تقبل منكم أو شيًئا من أعمالكم غَُفر لكم!!‬
‫ة مسسن سسساعات‬ ‫قال أبو عمرو الوزاعي‪ :‬ليس ساع ٌ‬
‫مسسا‬
‫الدنيا إل وهي معروضة على العبد يسسوم القيامسسة يو ً‬
‫ة‪.‬‬
‫ة فساع ً‬ ‫ما وساع ً‬ ‫فيو ً‬
‫ول تمر به ساعة لم يسسذكر اللسسه فيهسسا إل وتقطعسست‬
‫ه عليها حسرات‪ ،‬فكيف إذا مسّرت بسه سساعة مسع‬ ‫نفس ُ‬
‫م!!‬‫م إلى يو ٍ‬ ‫ساعة ويو ٌ‬
‫ل رجسسل ل ينجيسسه إل اللسسه ثسسم‬ ‫مس َ‬
‫ل عَ َ‬ ‫مس ْ‬‫ابسسن آدم اعْ َ‬
‫ه‪ ،‬وتوكل توكل رجل ل يصيبه إل ما كتبه الله له‪.‬‬ ‫عمل ُ ْ‬
‫فصل‬
‫روي أن امرأة جاءت إلى المسسام أحمسسد بسسن حنبسسل‬
‫س الليل حاملين مشسساعل‬ ‫س ُ‬‫تسأل وتقول‪ :‬يمر بنا العَ َ‬
‫السلطان ويقفون أمام بيتنا‪ ،‬فهل يحل لسسي أن أغسسزل‬
‫عِلهم؟‬‫على ضوء مشا ِ‬

‫‪135‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فقال‪ :‬من أنت؟ قالت‪ :‬أخت بشر الحافي‪ ،‬فقسسال‪:‬‬
‫ل لك‪.‬‬ ‫ل َيح ُ‬
‫وروي عن المام النووي أنه كان يلبسسس مسسن غسسزل‬
‫دا ذات يوم فشسسعر‬ ‫صا جدي ً‬‫زوجته ونسجها‪ ،‬فلبس قمي ً‬
‫مسسدة اضسسطر معهسسا أن يخلسسع‬ ‫ت ُ‬
‫بحكةٍ شديدةٍ واسسستمر ْ‬
‫القميص‪ ،‬ثم سسسأل زوجتسسه‪ :‬كيسسف نسسسجتي القميسسص؟‬
‫ت بعضسسه علسسى ضسسوء الشسسارع‪،‬‬ ‫فسسذكرت أنهسسا نسسسج ْ‬
‫فتصدق به‪.‬‬
‫كتب غلم لحسان بن أبي سنان إليه مسسن الهسسواز‪:‬‬
‫ة‪ ،‬فاشستر السسكر فيمسسا‬ ‫إن قصسب السسكر أصسابته آفس ُ‬
‫قبلك‪ ،‬قسسال‪ :‬فاشسسترى مسسن رجسل‪ ،‬فلسم يسسأت عليسسه إل‬
‫القليل‪ ،‬فإذا فيما اشترى ربح ثلثين ألًفا‪.‬‬
‫قسسال‪ :‬فسسأتى صسساحب السسسكر‪ ،‬فقسسال‪ :‬يسسا هسسذا‪ ،‬إن‬
‫غلمسسي كسسان كتسسب إلسسي ولسسم أعلمسسك فسسأقلني فيمسسا‬
‫ت منك‪ ،‬قال‪ :‬قد أعلمتني الن وطيبته لك‪.‬‬ ‫اشتري ُ‬
‫قال‪ :‬فرجع حسان فلم يحتمل قلبسسه‪ ،‬فسسأتى البسسائع‪،‬‬
‫وقال‪ :‬يا هذا‪ ،‬إني لم آتي المر من وجهه‪ ،‬أي لنه لم‬
‫يخبره أن السكر زائد‪.‬‬
‫قال حسان للبسسائع‪ :‬فسسأحب أن تسسسترد هسسذا المسسبيع‪،‬‬
‫فما زال به حتى رده عليه‪.‬‬
‫دخسسل ابسسن محيريسسز حانوًتسسا بسسدانق وهسسو يريسسد أن‬
‫يشتري ثوًبا‪ ،‬فقال رجل لصاحب الحسسانوت‪ :‬هسسذا ابسسن‬
‫محيريسسز‪ ،‬فأحسسسن بيعسسه )أي سسسامحه(‪ ،‬فغضسسب ابسسن‬
‫محيريسسز وخسسرج‪ ،‬وقسسال‪ :‬إنمسسا نشسستري بأموالنسسا لسسسنا‬
‫نشتري بديننا‪.‬‬
‫حمل إلى محمسسد بسسن إسسسماعيل البخسساري بضسساعة‬
‫أنفذها إليه المراسل له‪ ،‬فاجتمع التجار إليسسه بالعشسسية‬
‫فطلبوها منه بربسسح خمسسسة آلف درهسسم‪ ،‬فقسسال لهسسم‪:‬‬
‫انصرفوا الليلة‪ ،‬فجاءه من الغد تجار فطلبوا منه تلسسك‬
‫البضاعة بربح عشرة آلف‪ ،‬فردهم‪ ،‬وقال‪ :‬إني نسسويت‬
‫البارحة أن أدفع إليهم بما طلبوا –يعني السسذين طلبسسوا‬
‫‪136‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫أول مسسرة‪ ،-‬ففعسسل‪ ،‬وقسسال‪ :‬ل أحسسب أن انقسسض ني ّسستي‪،‬‬
‫محافظسسة علسسى النيسسة‬ ‫فقنع بربسسح خمسسسة آلف درهسسم ُ‬
‫وترك ربح عشرة آلف السسدرهم تورعًسسا منسسه س س رحمسسه‬
‫الله س‪.‬‬
‫قسسال حذيفسسة المرعشسسي‪ :‬إنمسسا هسسي أربعسسة‪ :‬عينسساك‬
‫ولسانك وهواك وقلبك‪ ،‬فانظر عينيك ل تنظر بها إلسسى‬
‫ما ل يحل لك وانظر لسانك ل تقل به شيًئا يعلم اللسسه‬
‫ل علسسى‬ ‫خلفه من قلبك‪ ،‬وانظر قلبسسك ل يكسسن فسسي غس ٌ‬
‫أحد من المسلمين‪ ،‬وانظر هسسواك ل تهسسوى شسسيًئا –أي‬
‫مخالًفا لما جاء به النبي ‪.‬‬
‫وقال آخر‪ :‬كان عشرة ممن مضى من أهل العلسسم‬
‫ل يدخلون بطونهم إل ما يعرفون من الحلل‪.‬‬
‫صسسا‪ ،‬وأن تحسسب‬ ‫وقسسال آخسسر‪ :‬لُيكسسن عملسسك للسسه خال ً‬
‫للناس ما تحب لنفسسسك‪ ،‬وأن تتحسسرى فسسي مأكلسسك فل‬
‫يدخل بطنك إل حلل‪.‬‬
‫قسسال حذيفسسة المرعشسسي‪ :‬إيسساكم وهسسدايا الُفجسسار‬
‫والسفهاء‪ ،‬فإنكم إن قبلتموها ظنوا أنكسسم قسسد رضسسيُتم‬
‫فعلُهم‪.‬‬
‫شسسا مسسن تحلسسى بالعفسساف ورضسسي‬ ‫أنعسسم النسساس عي ً‬
‫بالكفاف وتجاوز ما ُيخاف إلى ما ل ُيخاف‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬طوبى للفقير فسسي السسدنيا والخسسرة‪ ،‬ل‬
‫جا في الدنيا ول زكاة عليسسه‪،‬‬ ‫يطلب السلطان منه خرا ً‬
‫وفي الخرة خفيف الحساب‪.‬‬
‫وقال آخر‪ :‬كوخ تتبسط فيه خيسسر مسسن قصسسر تبكسسي‬
‫فيه‪.‬‬
‫ومن تمام نعمة اللسسه عليسسك أن منعسسك مسسا يطغيسسك‬
‫ويحمُلك على الكبر والجبروت‪.‬‬
‫مسسق ُيغطسسي بسسه صسساحُبه عيسسوب‬ ‫ح ُ‬‫ب والكسسبُر ُ‬
‫العج س ُ‬
‫نفسه‪.‬‬
‫مثل الذي ل يجد ُ ما ُيفاخر به سوى الباء والجسسداد‬
‫مثل البطاطا أهم ما فيه مدفون تحت الرض‪.‬‬
‫‪137‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫رؤي رجل يطوف بالكعبة وحسسوله شسسرطة يمنعسسون‬
‫الناس حوله من الطسسواف لجلسسه‪ ،‬ثسسم رؤي بعسسد مسسدة‬
‫على جسر بغداد يسأل الناس‪ ،‬فعجب منسسه السسذي رآه‬
‫وسأله‪ ،‬فقال‪ :‬تكبرت في موضع يتواضع الناس فيسسه‪،‬‬
‫فأذلني في موضع يترفع الناس فيه‪.‬‬
‫مر الحسن بصبيان يأكلون كسر الخبز فاستضافوه‬
‫م‬
‫فنزل وأكل معهم‪ ،‬ثم حملهسسم إلسسى منزلسسه فسسأطعمه ُ‬
‫هم‪.‬‬ ‫وكسا ُ‬
‫وقال الفضل لهم‪ :‬لنهم لم يجدوا غير ما أطعمونسسا‬
‫ن نجد أكثر مما أعطيناهم‪.‬‬ ‫ونح ُ‬
‫وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يطوف على‬
‫العجائز يقضي حوائجهن‪ ،‬وقبله الصسسديق كسسان يتفقسسد‬
‫ضعفاء المسلمين‪ ،‬وقد ذكرنا عنهما في المسسوارد مسسن‬ ‫ُ‬
‫القصص ما فيه كفاية‪.‬‬
‫ل‬‫ن الّثسسواَء قليسس ُ‬ ‫خب ُّرنسسا أ ّ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫من ُسسو ِ‬‫صسسي لل َ‬ ‫ب النوا ِ‬ ‫شي ْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬
‫س‬‫مَعسساني للن ُُفسسو ِ‬ ‫مِثيسسُر ال َ‬ ‫ل ُ‬‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسو ُ‬ ‫َر ُ‬
‫ل‬ ‫ذو ُ‬ ‫عسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن كسسا َ‬ ‫دا وإ ْ‬ ‫ح إذا ن َسسا َ‬ ‫ص سي ْ ٌ‬ ‫فَ ِ‬
‫حسسول‬ ‫س يَ ُ‬
‫مو ولي َ‬ ‫ه ت َن ْ ُ‬ ‫مال ُ ُ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسامًتا وآ َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ْ‬
‫ن مّني ل ِلُقُبورِ َر ِ‬ ‫ه وقَد ْ آ َ‬ ‫موقن بفن َسسائ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫جًبا ِ‬ ‫فواعَ َ‬
‫ت‬ ‫أمسسسن ب َعْسسسد مسسسا جسسساوز َ‬
‫ل‬ ‫ضي وي َُزو ُ‬ ‫ها ي َن َْق ِ‬ ‫دارٍ ِغَنا َ‬ ‫ة ب َ‬ ‫جسسسسسسسسس ً‬ ‫ح ّ‬
‫ن ِ‬ ‫سسسسسسسسسسبعي َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ل‬ ‫جهُسسو ُ‬ ‫حب ّسسا لهسسا ل َ‬ ‫ها ُ‬ ‫ؤثُر َ‬ ‫ب فسسي وي ُ ِ‬ ‫مسسال ً وأرغَ س ُ‬ ‫لآ َ‬ ‫مس ُ‬ ‫أؤ َ ِ‬
‫خط َسساب‬ ‫ل عنسسد ال ِ‬ ‫مْقسسو ٌ‬ ‫ه ِ‬ ‫الغِن َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى ل َس ُ‬
‫ل‬ ‫طويسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫َ‬ ‫مه‬
‫ن امرًء د ُن َْياهُ أكبُر هّ ِ‬ ‫وإ ْ‬
‫ت‬ ‫صسسسسالحا ِ‬ ‫خب َسسسسٌر ِلل ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ل أوَْلسسى ل َسسسسه َ‬ ‫عالم ٍ والجهسس ُ‬ ‫م َ‬ ‫فك َ ْ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسول‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ و ُ‬ ‫ِبعل ِ ِ‬
‫ن‬ ‫ي فسسي الُعيسسو ِ‬ ‫ل تقسس ّ‬ ‫كسس ّ‬ ‫علسسوم ٍ ف ُ‬ ‫وكم من َقصيرٍ في ُ‬
‫جليسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل‬ ‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسثيرةٍ َ‬
‫ي‬ ‫خَفسسى عل س ّ‬ ‫ت ل يَ ْ‬ ‫ة اللسه فأصسسبح ُ‬ ‫خ ْ‬
‫شسي َ ُ‬ ‫م إل َ‬ ‫ما العلس ُ‬ ‫فَ َ‬
‫ل‬ ‫والت َّقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسبي ُ‬
‫واهْ‬ ‫سس َ‬ ‫مسسالي ِ‬ ‫ت السسذي َ‬ ‫ل فسسأن َ‬ ‫سسب ُ َ‬‫ب قد عّلمتنسسي ُ‬ ‫فيا ر ّ‬
‫‪138‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫الُهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدى ي ُن ِْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ل‬
‫ب لسسي منسس َ‬
‫ك‬ ‫ب هسس ْ‬ ‫فيسسا ر ّ‬
‫مسسسسسا علسسسسسى الّتقسسسسسى‬
‫عْز ً‬

‫قال المغيسسرة بسسن حسسبيب‪ :‬قسسال عبسسدالله بسسن غسسالب‬


‫الحسسداني‪ :‬لمسسا بسسرزوا للعسسدو علم آسسسى مسسن السسدنيا‪،‬‬
‫فوالله ما فيها للبيب جذ ٌ‬
‫ل‪.‬‬
‫مباشرتي السهر بصفحة وجهي‪،‬‬ ‫والله لول محبتي ل ُ‬
‫مراوحسسة بيسسن‬ ‫وافسسترش الجبهسسة لسسك يسسا سسسيدي‪ ،‬وال ُ‬
‫حلول رضسسوانك‪،‬‬ ‫كو ُ‬‫ظلم الليل رجاَء ثواب ِ َ‬‫العضاء في ُ‬
‫لقد كنت متمنًيا لفراق الدنيا وأهلها‪.‬‬
‫ثم كسر جفن سفيه‪ ،‬ثم تقسسدم فقاتسسل حسستى قتسسل‪،‬‬
‫ن به لرمقات‪ ،‬فمات دون‬ ‫مل من المعركة وإ ّ‬ ‫ح ِ‬
‫قال‪ :‬ف ُ‬
‫العسكر‪.‬‬
‫فلما دفن أصابوا من قسسبره رائحسسة المسسسك‪ ،‬قسسال‪:‬‬
‫س‬
‫فرآه رجل من إخوانه في منامه‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا فسسرا ٍ‬
‫ما صنعت؟ قال‪ :‬خير الصنيع‪.‬‬
‫م؟‬‫قال‪ :‬إلى ما صرت؟ قسسال‪ :‬إلسسى الجنسسة‪ ،‬قسسال‪ :‬ب ِس َ‬
‫جد وظمأ الهواجر‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بحسن اليقين وطول الته ّ‬
‫قسسال‪ :‬فمسسا هسسذه الرائحسسة الطيبسسة السستي توجسسد مسسن‬
‫قبرك؟‬
‫‪139‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قسسال‪ :‬تلسسك رائحسسة التلوة والظمسسأ‪ ،‬قسسال‪ :‬قلسست‪:‬‬
‫ج عنسسك‬ ‫خسسر ْ‬ ‫أوصسسني‪ ،‬قسسال‪ :‬اكسسسب لنفسسسك خي سًرا ل ت َ ْ‬
‫الليالي واليام عُط ُ ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ن بسسل‬ ‫متي ْ ِ‬‫ن َبسسالن ّعْ َ‬
‫مسسسُر منسسسك ول ت ُغْب ََنسس ْ‬ ‫ول ي َسسسذ ْهَب َ ّ‬
‫ن العُ ْ‬
‫جِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدِ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسب َهْل ََل ا ْ‬ ‫َ‬
‫ض‬‫ت ع َس ّ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ب علسسى الل ّس َ‬ ‫ل أك َس ّ‬
‫ت نسسا َ‬ ‫ذا ِ‬‫جسسر الّلسس َ‬‫ن هَ َ‬ ‫مسس ْ‬ ‫فَ َ‬
‫مسسسسسسسسسسن علسسسسسسسسسسسسى الَيسسسسسسسسسسسسدِ‬ ‫مَنسسسسسسسسسسى و َ‬ ‫ال ُ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫عبٌر ومواع ٌ‬
‫ظ‬
‫قيل‪ :‬إنه مرض بعض العلماء وكف بصره واعسستراه‬
‫مسسسكنات‪ ،‬فسسدخل عليسسه أحسسد تلمسسذته‬ ‫ألسسم ل يهسسدأ بال ُ‬
‫ه على الصبر على مسسا‬ ‫فوجده يبكي‪ ،‬فبدأ يواسيه ويحث ُ ُ‬
‫أصابه‪.‬‬
‫فقال له‪ :‬أنا ل أبكي ضجًرا من ألمي ولكنني أبكي‬
‫حا وسروًرا؛ لن الله وجدني أهل ً لن يبتليني‪ ،‬وقسسد‬ ‫فر ً‬
‫قال رسول الله ‪ ‬حين سأله سعد بسسن أبسسي وقسساص‪:‬‬
‫أي النسساس أشسسد ّ بلًء؟ فقسسال‪» :‬النبيسساء ثسسم المثسسل‬
‫فالمثل«‪.‬‬
‫فيبتلى الرجل على حسب دينسسه‪ ،‬فسسإن كسسان رقيسسق‬
‫الدين ابُتلي على حسب ذاك‪ ،‬وإن كسسان صسسلب السسدين‬
‫ابتلى على حسب ذاك فما تزال البليسسا بالرجسسل حسستى‬
‫يمشي على الرض وما عليه خطيئة‪.‬‬
‫ن أبسسي وقسساص ‪ ،‬وكسسان مجسساب‬ ‫وكف بصُر سعد ُ ب ُ‬
‫دوا‪.‬‬
‫عو لُهم فيستفي ُ‬ ‫الدعوة تأتي الناس ليد ُ‬
‫فقال لهم أحدهم‪ :‬يسسا عسم‪ ،‬إنسك تسسدعو للنساس فلسو‬
‫دعوت لنفسك َليُرد ّ الله عليسسك بصسسرك‪ ،‬فقسسال ‪ :‬يسسا‬
‫ن مسسن بصسسري‪ ،‬فالرضسسا‬ ‫ي‪ ،‬قضاُء اللسسه عنسسدي أحسس ُ‬ ‫ُبن ّ‬
‫درجته أعلى من درجسسة الصسسبر‪ ،‬وقّلمسسا يبلغهسسا إل مسسن‬
‫آتاه الله إيماًنا كامل ً وصبًرا عظي ً‬
‫ما‪.‬‬
‫‪140‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فترى الراضي مسروًرا بما هو فيه سسسواء كسسان مسسا‬
‫أصابه علة أو مرض أو فقر أو نحو ذلك؛ لنهسسا حسسدثت‬
‫بمشيئة الله‪.‬‬
‫وقيسل‪ :‬إنسه لمسا أصسيب جيسش السسلم بعسد وقعسة‬
‫مس َ‬
‫ل‬ ‫ل دُ ّ‬‫مسسوك بالطسساعون‪ ،‬كسسان المصسساب بسسه ُيقب ّس ُ‬ ‫الير ُ‬
‫الطاعون في يده ويحمد الله؛ لنه إذا مات بالطاعون‬
‫يكتسسسب درجسسة الشسسهادة‪ ،‬فقسسد قسسال ‪» :‬الطسساعون‬
‫رضا‬ ‫ك ال ِ‬‫سأل َ‬ ‫شهادة لكل مسلم«‪ ،‬ومن أدعيته ‪» :‬أ ْ‬
‫بالقضاِء«‪.‬‬
‫وقال زين العابدين‪ :‬الرضا بالقضسساء أرفسسع درجسسات‬
‫اليقين‪.‬‬
‫طلب الخليفة من أبي حازم أن يرفع إليه حوائجه‪،‬‬
‫ن‬‫فكت إليه هيهات رفعت حسسوائجي إلسسى مسسن ل يخسستز ِ‬
‫الحوائج‪ ،‬فما أعطاني منهسسا قنعسست ومسسا أمسسسك عنسسي‬
‫رضيت‪ ،‬وقال شميط بن عجلن‪ :‬يعمد أحسسدهم فيقسسرأ‬
‫مَها‬
‫ض ّ‬ ‫القرآن ويطلب العلم حتى إذا علمه أخذ الدنيا ف َ‬
‫إلى صدره وحملها على رأسه‪.‬‬
‫فنظر إليه ثلثة ضسسعفاء‪ :‬امسسرأة ضسسعيفة‪ ،‬وأعرابسسي‬
‫جاهل‪ ،‬وأعجمي‪ ،‬فقالوا‪ :‬هذا أعلم بالله منا لو لم يسسر‬
‫فسسي السسدنيا ذخيسسرة مسسا فعسسل هسسذا فرغبسسوا فسسي السسدنيا‬
‫وجمعوها‪ ،‬فصار هو السبب في جمعهم لها‪.‬‬
‫وقال‪ :‬رأس المؤمن ديُنه حيثما زال معسه ل يخلُفسه‬
‫الرجال‪ ،‬ول يأمن عليسسه الرجسسال‪ ،‬وقسسال‪ :‬إن اللسسه عسسز‬
‫وجل وسم الدنيا بالوحشة ليكون أنس المطيعين به‪.‬‬
‫دن مسسن السسدنيا‪،‬‬ ‫متمسّر ُ‬
‫وكان يقول‪ :‬النسساس رجلن‪ ،‬ف ُ‬
‫ومتنعم فيها‪ ،‬فانظر أيّ الرجلين أنسست‪ ،‬إن تطيسسع اللسسه‬
‫حسسسن عبسسادته‪ ،‬وتتقسسرب إليسسه بالعمسسال‬ ‫عسسز وجسسل وت ُ‬
‫الصالحة فطوبى لك‪.‬‬
‫أم تحب طول البقاء لتأكل وتشرب‪ ،‬وتجمسسع السسدنيا‬
‫دت لسه‬ ‫وتثمرها وتنعسم زوجتسك وولسدك فلسبئس مسا أر ْ‬
‫البقاء‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وكان يقول‪ :‬إذا وصسسف المسسؤمنين أتسساهم عسسن اللسسه‬
‫تبسسارك وتعسسالى أمسسر صسسرفهم عسسن الباطسسل فأسسسهروا‬
‫العيسسن وأجسساعوا البطسسون‪ ،‬وأظمئوا الكبسساد‪ ،‬وأنفقسسوا‬
‫المسسوال‪ ،‬واهتضسسموا التالسسد والطسسارف فسسي طلسسب مسسا‬
‫يقربهم إلى الله عسسز وجسسل‪ ،‬وفسسي طلسسب النجسساة ممسسا‬
‫خوفهم به‪.‬‬ ‫َ‬
‫ن المؤمن اّتخذ كتاب اللسسه عسسز وجسسل‬ ‫وكان يقول‪ :‬إ ّ‬
‫مرآة )أي قدوة يقتدي به( فمّرة ينظسسر إلسسى مسسا نعست‬
‫ن‪.‬‬‫مغتّري ْ َ‬
‫الله به ال ُ‬
‫ومرة ينظر إلى الجنة وما أعد الله عز وجل فيها‪.‬‬
‫تلقسساه حزين ًسسا كالسسهم المرمسسي بسه شسسوًقا إلسى مسسا‬
‫ه الله عّز وجل منه‪.‬‬ ‫شوق ُ‬
‫وكان يقول‪ :‬إن المؤمن أبصر الدنيا فأنزلها منزلتها‬
‫ل‪ ،‬والله مسسا‬‫فإن هي أقبلت عليه‪ ،‬قال‪ :‬ل مرحًبا ول أه ً‬
‫أراك جئت بخير وما فيك مسسن خيسسر إل أن تطلسسب بسسك‬
‫الجنة‪ ،‬وُيفتدى بك من النار‪.‬‬
‫فإن هي أدبسسرت‪ ،‬قسسال‪ :‬عليسسك العفسساء‪ ،‬وعلسسى مسسن‬
‫ك الحمد لله الذي خسسار لسسي وصسسرف عنسسي فتنتسسك‬ ‫يّتبعُ ِ‬
‫وشغلك‪.‬‬
‫سسُهم‬ ‫وكان يقول‪ :‬أهسسل السسدنيا حيسارى سسكارى فار ُ‬
‫ض وراجلهسسم يسسسعى سسسعًيا ل غنيهسسم يشسسبع ول‬ ‫يركسس ُ‬
‫فقيرهم يقنع‪.‬‬
‫ب‬‫وكان يقول‪ :‬إذا وصسسف المقبسسل علسسى السسدنيا‪ ،‬دائ ُ‬
‫ده‪.‬‬
‫ه وجل ُ‬‫ج ُ‬‫البطنة‪ ،‬قليل الفطنة‪ ،‬إنما همه بطنه وفر ُ‬
‫مسستى أصسسبح فأكسسل وأشسسرب وألهسسو وألعسسب‪ ،‬مسستى‬
‫أمسي فأنام‪ ،‬جيفة بالليل ب ّ‬
‫طال بالنهار‪.‬‬
‫خلقت‪ ،‬أم بهذا ُأمسسرت أم بهسسذا تطلسسب‬ ‫ويحك ألهذا ُ‬
‫ب من النار‪.‬‬ ‫الجنة وتهر َ‬
‫وكان يقول‪ :‬إن العافية سترت البّر والفسساجر‪ ،‬فسسإذا‬
‫جلن‪ .‬فجساءت البليسا‬ ‫جاءت البليا اسستبان عنسدها السر ُ‬
‫ت ماله وخادمه ودابتسسه‪ ،‬حسستى جسساع‬ ‫إلى المؤمن فأذهب ْ‬
‫‪142‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫بعد الشبع ومشى بعد الركوب وخسسدم نفسسسه بعسسد أن‬
‫ما‪.‬‬ ‫كان مخدو ً‬
‫فصبر ورضي بقضاء الله عز وجل‪ ،‬وقال‪ :‬هذا نظر‬
‫دا‪.‬‬
‫من الله عز وجل لي هذا أهون لحسابي غ ً‬
‫وجاءت البليا إلسسى الفسساجر فسسأذهبت مسساله وخسسادمه‬
‫ع‪ ،‬وقال‪ :‬مالي والله بهذا طاقة‪.‬‬ ‫ودابته‪ ،‬فجزع وهل َ‬
‫ص سب ٌْر مسسن‬
‫ت نفسي عادةً مالي عنها َ‬ ‫والله لقد عود ُ‬
‫مض والحار والبارد ول ِْين العيش‪.‬‬ ‫حا ِ‬ ‫حل ْوِ وال َ‬
‫ال ُ‬
‫فإن هو أصابه مسسن الحلل‪ ،‬وإل طلبسه مسسن الحسسرام‬
‫والظلم لُيعود إليه ذلك العيش‪.‬‬
‫ل ابتكسر الخيسر فسسي‬ ‫وكان يقول‪ :‬الناس ثلثة‪ :‬فرج ٌ‬
‫حداثة سنه ثم داوم عليه حتى خرج من السسدنيا‪ ،‬فهسسذا‬
‫ب‪.‬‬‫المقّر ُ‬
‫مَره ُ بالذنوب وطول الغفلة ثم راجع‬ ‫ورجل ابتكر ع ُ‬
‫توبة‪ ،‬فهذا صاحب يمين‪.‬‬
‫ورجل ابتكر الشّر في حداثة سّنه ثم لم يسسزل فيسسه‬
‫حتى خرج من الدنيا‪ ،‬فهذا صاحب شمال‪.‬‬
‫وكان يقول‪ :‬أيها المغتر بطسسول صسسحته‪ ،‬أمسسا رأيسست‬
‫ميًتا قط من غير سقم! أيها المغتر بطول المهلة‪ ،‬أما‬
‫ذا قط من غير عدة! أبالصحة تغسسترون! أم‬ ‫رأيت مأخو ً‬
‫بطول العافية تمرحون‪ ،‬أم المسسوت تسسأمنون! أم علسسى‬
‫الملك تجترؤن!‬
‫إن ملك الموت إذا جاء لم يمنعه منك ثروةُ مالسسك‪،‬‬
‫ت‬‫ول كثرة احتشادك‪ ،‬أما علمت أن ساعة المسسوت ذا ُ‬
‫صص وندامة على التفريط‪.‬‬ ‫ب شديدٍ وغُ َ‬ ‫كر ٍ‬
‫دا عمسسل لسسساعة المسسوت‪،‬‬ ‫ثم يقول‪ :‬رحسسم اللسسه عب س ً‬
‫دا‬‫دا عمل لما بعد الموت‪ ،‬رحسسم اللسسه عب س ً‬ ‫رحم الله عب ً‬
‫نظر لنفسه قبل نزول الموت‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬للبكسساء دواعسسي‪ ،‬أحسسدها‪ :‬الفكسسرة فسسي‬
‫الذنوب‪ ،‬فإن أجابت النفس إلى ذلسسك وإل نقلهسسا إلسسى‬
‫موقف العرض‪ ،‬وتلك الشدائد والهوال‪.‬‬
‫‪143‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ب‬ ‫فإن أجابت على ذلسسك وإل فسساعرض عليهسسا الّتقل ُس َ‬
‫في أطباق النيران‪.‬‬
‫قال يحيى بن سعيد لرجل‪ :‬اقرأ‪ ،‬فقسسرأ ‪‬حلللم ‪‬‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫مي َ‬
‫قللات ُ ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫صلل ِ‬
‫ف ْ‬‫م ال َ‬‫و َ‬‫ن َيلل ْ‬‫السسدخان‪ ،‬فلمسسا بلسسغ ‪‬إ ِ ّ‬
‫ن ‪ ‬صعق يحيى وغشي عليه وسقط وأصسساب‬ ‫َ‬
‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ج َ‬
‫أ ْ‬
‫ب فقار ظهره وسال الدم وتّقرح محسسل الصسسدمة‪،‬‬ ‫البا ُ‬
‫ثم عاد إلى فراشه وجعل ُيرد ّد ُ الية ثم مسسا زالسست بسسه‬
‫القرحة حتى مات س رحمه الله س‪.‬‬
‫ت‬ ‫كن س ُ‬‫قال أحسسد أقربسساء ربسساح بسسن عمسسرو القيسسسي‪ُ :‬‬
‫أدخل عليسسه فسسي المسسسجد وهسسو يبكسسي‪ ،‬وأدخسسل عليسسه‬
‫ت لسه‪ :‬أنست دهسرك فسسي مسأتم‪،‬‬ ‫البيت وهو يبكي‪ ،‬فقلس ُ‬
‫فبكسسى ثسسم قسسال‪ :‬يح سقُ لهسسل المصسسائب والسسذنوب أن‬
‫يكونوا هكذا‪.‬‬
‫طسان مسن‬ ‫ح ّ‬ ‫وكان يقول‪ :‬إلى كسم يسا ليسسل يسا نهسساُر ت ُ‬
‫أجلي وأنا غافل عما ُيراد ُ بي إنا لله إنا لله‪.‬‬
‫غشى على مسروق في يسسوم صسسائف وهسسو صسسائم‪،‬‬
‫فقالت ابنته‪ :‬أفطر‪ ،‬قال‪ :‬ما أردت بي‪ ،‬قالت‪ :‬الرفق‪،‬‬
‫قال‪ :‬يا ُبنية إنما أطلب الرفق لنفسي فسسي يسسوم كسسان‬
‫مقداره خمسين ألف سنة‪.‬‬
‫مسسا أهبسسط آدم أوحسسى اللسسه‬ ‫قال الحسن البصسسري‪ :‬ل ّ‬
‫إليه أربعٌ فيهن جماع المر لك ولولدك من بعدك‪.‬‬
‫أما واحدة‪ :‬فلي‪.‬‬
‫وأما الثانية‪ :‬فلك‪.‬‬
‫وأما الثالثة‪ :‬فبيني وبينك‪.‬‬
‫ما الرابعة‪ :‬فبينك وبين الناس‪.‬‬ ‫وأ ّ‬
‫ما التي لي فتعبدني ول تشرك بي شيًئا‪.‬‬ ‫أ ّ‬
‫ه أفقر ما تكون إليه‪.‬‬ ‫ما التي لك فعملك أجزيك ُ‬ ‫وأ ّ‬
‫وأما التي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلي الجابة‪.‬‬
‫ب أن‬ ‫حب ُُهم بما ُتح ّ‬ ‫ن الناس فُتصا ِ‬ ‫وأما التي بينك وبي َ‬
‫ُيصاحُبو َ‬
‫ك به‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫أربعٌ من حصل عليها واجتمعت عنده اجتمع له خير‬
‫الدنيا والخرة‪ :‬امرأة صالحة عفيفة‪ ،‬وصسسديقٌ موافسسق‬
‫على طاعة اللسسه‪ ،‬ومسسال مسسن حلل واسسسع ينفقسسه فسسي‬
‫مراضي الله‪ ،‬وعمل صالح‪.‬‬
‫ك‪،‬‬‫جَهسساَز َ‬ ‫هيء َ‬ ‫ل‪ ،‬فقال‪َ » :‬‬ ‫أوصى رسول الله ‪ ‬رج ً‬
‫ف مسسن‬ ‫خل َس َ‬
‫دم زادك‪ ،‬وك ُسسن وصسسي نفسسسك‪ ،‬فسسإنه ل َ‬ ‫وق ِ‬
‫ل« اهس‪.‬‬‫ج ّ‬‫من الله عَّز و َ‬ ‫وض ِ‬ ‫ع َ‬
‫التقوى‪ ،‬ول ِ‬
‫ض سي ّعَْته‬
‫ن َ‬‫مسسن اللسسه إ ْ‬
‫ضسسي ّعََته ومسسا ِ‬
‫ل شسسيٍء إذا َ‬ ‫من ك ِ‬ ‫ِ‬
‫ض‬
‫عسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوَ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫عسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسو ٌ‬
‫َ‬

‫ك ب سذِك ْرِ المسسوت فسسإنه‬ ‫علي ْ َ‬


‫صْيه‪َ » :‬‬ ‫وقال ‪ ‬لرجل ي ُوْ ِ‬
‫ك بكسسثرة السسدعاء‪ ،‬فإنسسك ل‬ ‫ك عمسسا سسسواه وعلي س َ‬ ‫َيشسسغل َ‬
‫ك‪ ،‬وأكسسثر مسسن الشسسكر فسسإنه‬ ‫ب ل َس َ‬‫جا ُ‬ ‫س ست َ َ‬
‫تسسدري مسستى ي ُ ْ‬
‫زيادة«‪.‬‬
‫قال أعشى قيس‪:‬‬
‫صسسى‬ ‫ن أو َ‬ ‫حْيسس َ‬‫صسساةَ ن َّبسسي اللسسه ِ‬ ‫أجسسدك لسسم تسسسمعْ و َ‬
‫دا‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهَ َ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدٍ وأ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫مس ْ‬ ‫ت َ‬‫ت َبع سد َ المسسو ِ‬ ‫من ولقَي ْس َ‬ ‫ل بَزادٍ ِ‬ ‫ت لم ترح ْ‬ ‫إذا أن ْ َ‬
‫دا‬‫الت َُقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى قَسسسسسسسسسسسسد ت َسسسسسسسسسسسسَزو ّ‬
‫ت الذي كسسان‬ ‫صد َ ل ِل ْ َ‬
‫مو ْ ِ‬ ‫ن فَت ُْر ِ‬ ‫ن ل تَ ُ‬
‫كسسو َ‬ ‫ت علسسى أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫َنسسدِ ْ‬
‫دا‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫مْثلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ أْر َ‬ ‫كَ ِ‬

‫مُر بن عبدِ قَْيس برجل من أعوان السلطان‬ ‫عا ِ‬


‫مّر َ‬
‫َ‬
‫وهو يجر ذمًيا و الذمي يستغيث‪ ،‬فأقبل على السسذمي‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أد ّْيت جزيتك‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬فأقبل عليه‪ ،‬فقال‪ :‬ما‬
‫س دار الميسسر‪ ،‬قسسال‪:‬‬ ‫ب بسسه يكنس ُ‬ ‫تريد منسسه؟ قسال‪ :‬أذهس ُ‬
‫ك له بهسسذا‪،‬‬ ‫س َ‬ ‫ب نف ُ‬ ‫ل تطي ْ ُ‬ ‫فأقبل على الذمي‪ ،‬فقال‪ :‬ه ْ‬
‫قال‪ُ :‬يشغلني عن صنعتي‪.‬‬
‫ه‪ ،‬قال‪ :‬ل‬ ‫عه‪ ،‬قال‪ :‬د َعْ ُ‬ ‫ه‪ ،‬قال‪ :‬ل أد َ ُ‬‫قال للرجل‪ :‬د َعْ ُ‬
‫ة محمسسد وأنسسا‬ ‫مس ُ‬
‫خَفر ذ ّ‬‫ه‪ ،‬فقال‪ :‬ل ت ُ ْ‬‫أدعه‪ ،‬فوضعَ كساء ُ‬
‫ه منه‪.‬‬ ‫حي‪ ،‬ثم خل ّ َ‬
‫ص ُ‬
‫‪145‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قالت المرأة التي نسسزل عليهسسا عسسامر بسسن عبسسدالله‪:‬‬
‫مون ول أراك تنسسام؟ قسسال‪ :‬ذكسسر‬ ‫مالي أرى النسساس ينسسا ُ‬
‫جهنم ل يدعني أن أنام‪.‬‬
‫وقال عامر بن عبد قيس‪ :‬أربع آيات في كتاب الله‬
‫إذا ذكْرُتهن ل أبالي على ما أصبحت أو أمسيت‪:‬‬
‫فل َ‬ ‫ة َ‬ ‫ملل ٍ‬ ‫ح َ‬‫مللن ّر ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ِللّنللا ِ‬ ‫ح الّللل ُ‬ ‫فَتلل ِ‬ ‫مللا ي َ ْ‬ ‫‪َ  -1‬‬
‫ن‬ ‫مل ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل لَل ُ‬ ‫سل َ‬ ‫مْر ِ‬‫فل َ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫س ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ها َ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫س َ‬ ‫م ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ه ‪.‬‬ ‫د ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫بَ ْ‬
‫ه إ ِل ّ‬ ‫ف ل َل ُ‬ ‫شل َ‬ ‫كا ِ‬‫فل َ َ‬‫ضّر َ‬ ‫ه بِ ُ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫س َ‬ ‫س ْ‬‫م َ‬ ‫وِإن ي َ ْ‬ ‫‪َ  -2‬‬
‫و ‪.‬‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫سًرا ‪.‬‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ٍ‬‫ع ْ‬ ‫عدَ ُ‬ ‫ه بَ ْ‬‫ل الل ّ ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ج َ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫‪َ  -3‬‬
‫عل َللى الل ّل ِ‬ ‫ض إ ِل ّ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫فللي الْر ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫داب ّل ٍ‬ ‫مللن َ‬ ‫مللا ِ‬ ‫و َ‬ ‫‪َ  -4‬‬
‫ها ‪.‬‬ ‫ق َ‬ ‫رْز ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫وقال‪ :‬عليك بما ُيرغُبك في الخسسرة‪ ،‬وُيزه سد ُك فسسي‬
‫الدنيا‪ ،‬وُيقّرُبك إلى الله عز وجل‪.‬‬
‫ت‪ :‬مسسا هسسو؟ فقسسال‪ :‬ت َْقصسُر عسن‬ ‫صى‪ُ ،‬قلس ُ‬ ‫مو ّ‬ ‫قال‪ :‬ال ُ‬
‫مك‪ ،‬وتشحذ إلى الخسسرة نّيتسسك‪ ،‬وُتصسد ّقُ ذلسسك‬ ‫الدنيا ه ّ‬
‫بفعلك‪.‬‬
‫ب إليسسك مسسن‬ ‫ت كسسذلك لسسم يكسسن شسسيٌء أحس ّ‬ ‫فإن ك ُن ْس َ‬
‫الموت‪ ،‬ول شيء أبغض إليك من الحياة‪.‬‬
‫ن مثسسل‬ ‫ت ل أحس سُبك ُتحس س ُ‬ ‫كن ُ‬ ‫فقلت‪ :‬يا أبا عبدالله ُ‬
‫ت أنسسي ل‬ ‫ت أحس سُنه ودد ْ ُ‬ ‫هذا‪ ،‬فقال‪ :‬كم من شيء ك ُن ْس ُ‬
‫أحسُنه‪.‬‬
‫ن مسسن الخيسسر إذا لسسم أعمسسل‬ ‫وما يغني عني ما أحس ُ‬
‫به‪ ،‬وكان يشترط على رفقائه أن ُينفسسق عليهسسم بقسسدر‬
‫طاقته‪.‬‬
‫عن الحسن قال‪ :‬كان عسسامر بسسن قيسسس إذا صسسلى‬
‫حى في ناحية المسسسجد‪ ،‬فقسسال‪ :‬مسسن أقسسرئه؟‬ ‫الصبح تن َ ّ‬
‫قال‪ :‬فيأتيه قوم فيقرئهم‪ ،‬حسستى إذا طلعسست الشسسمس‬
‫وأمكنته الصلة قام ُيصلي إلى أن ينتصف النهسسار‪ ،‬ثسسم‬
‫ل‪.‬‬ ‫يرجعُ إلى منزله فيقي ْ ُ‬
‫‪146‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ثم يرجعُ إلى المسجد إذا زالسست الشسسمس فيصسسلي‬
‫حتى يصلي الظهر‪ ،‬ثم يصلي إلى العصر‪ ،‬فسسإذا صسسلى‬
‫حى في ناحية المسجد‪.‬‬ ‫العصر تن ّ‬
‫ثم قال‪ :‬من أقرئه؟ قال‪ :‬فيأتيه قوم فُيقرئُهم حتى‬
‫إذا غربت الشمس صسسلى المغسسرب‪ ،‬ثسسم يصسسلي حسستى‬
‫يصلي العشاء الخرة‪ ،‬ثسسم يرجسسع إلسسى منزلسسه فيتنسساول‬
‫ة‪ ،‬ثسسم يقسسوم‬‫ة خفيف س ً‬
‫أحد رغيفيه‪ ،‬فيأكل ثم يهجع هجع ً‬
‫فإذا أسحر تناول رغيفه الخر فأكله‪ ،‬ثم شسسرب عليسسه‬
‫شربة من ماء ثسسم يخسسرج إلسسى المسسسجد‪ ،‬وكسسان يأخسسذ‬
‫دا مسسن‬
‫عطاءه فيجعله في طسسرف ردائه فل يلقسسى أح س ً‬
‫المساكين يسأل إل أعطاه‪ ،‬وكان يتجسسوز فسسي الصسسلة‬
‫دا خشية الرياء‪.‬‬ ‫النافلة إذا جاءه أح ً‬
‫وقال بعضهم‪ :‬جلست إليه وهو يصلي فتجسسوز فسسي‬
‫صلته )أي خففها(‪ ،‬وقال لمن جاءه‪ :‬أرحنسسي بحاجتسسك‬
‫فإني أبادر‪.‬‬
‫ت‪ :‬وما تبادر؟ قسسال‪ :‬ملسسك المسسوت رحمسسك‬ ‫قال‪ُ :‬قل ُ‬
‫ت عنه وقام يصلي‪ .‬والله أعلم‪ ،‬وصل‬ ‫الله‪ ،‬قال‪ :‬فقم ُ‬
‫الله على محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫ت أرحس ُ‬
‫ل إلسسى‬ ‫كنس ُ‬‫عن أنس‪ ،‬عن أبي العالية‪ ،‬قسسال‪ُ :‬‬
‫ل ما أتفقدهُ من أمره صلته‪،‬‬ ‫م‪ ،‬فأو ُ‬‫الرجل مسيرة أيا ٍ‬
‫ت منسسه‪ ،‬وإن‬ ‫ت وسسسمع ُ‬ ‫فإن وجدته يقيمها وُيتمهسسا أقمس ُ‬
‫ت‪ :‬هو لغير‬ ‫وجدته يضيعها رجعت ولم أسمع منه‪ ،‬وقل ُ‬
‫الصلة أضيع‪.‬‬
‫ن المبسسارك فيمسسا يقسسري مسسن المسسال فسسي‬ ‫ب ابس ُ‬‫عُسسوت َ َ‬
‫ل فسسي أهسسل بلسسده كسسذلك‪ ،‬فقسسال‪ :‬إنسسي‬ ‫البلدان ول يفع ُ‬
‫ل وصسسدقٌ طلبسسوا الحسسديث‬ ‫ن قوم ٍ لهم فضس ٌ‬ ‫ف مكا َ‬ ‫أعر ُ‬
‫وأحسنوا الطلب فاحتاجوا‪.‬‬
‫هم بثسسوا العلسسم‬ ‫هم ضاع علمهم وإن أعن ّسسا ُ‬ ‫فإن تركنا ُ‬
‫لمة محمد ‪ ‬ول أعلسسم بعسسد النبسسوة أفضسسل مسسن بسسث‬
‫العلم‪.‬‬
‫‪147‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ف إلى ابن المبارك ويقوم بحوائجه‬ ‫كان شاب يختل ُ‬
‫ويسمع منه الحديث‪ ،‬فقدم عبدالله الّرقة مسسّرة‪ ،‬فلسسم‬
‫ل‪ ،‬فخسسرج فسسي النفيسسر‬ ‫مسسستعج ً‬‫يرى ذلك الشاب وكان ُ‬
‫ل مسسن غزوتسسه ورجسسع إلسسى الرقسسة‬ ‫إلى الجهاد‪ ،‬فلما قف ُ‬
‫سأل عن الشاب‪ ،‬فقالوا‪ :‬إنه محبوس بدين ركبه‪.‬‬
‫فقال عبدالله‪ :‬وكم مبلغ دينه؟ قالوا‪ :‬عشسسرة آلف‬
‫درهم‪ ،‬فلم يزل يسسسأل عسسن صسساحب السسدين حسستى د ُ ّ‬
‫ل‬
‫عليسسه‪ ،‬فسسدعا بسسه ليل ً ووزن لسسه عشسسرة آلف درهسسم‪،‬‬
‫دا ما دام حًيا عبدالله‪ ،‬وقال‪ :‬إذا‬ ‫وحلفه أن ل ُيخبرا أح ً‬
‫أصبحت فأخرج الرجل من الحبس‪.‬‬
‫ت‬‫صى الله‪ ،‬تمنيسس ُ‬ ‫قال بعضهم‪ :‬لول أني أكره أن ُيع َ‬
‫ي واغتابني‪.‬‬ ‫أن ل يبقى في هذا المصر أحد إل وقع ف ّ‬
‫فسسأي شسسيء أهنسسأ مسسن حسسسنةٍ يجسسدها الرجسسل فسسي‬
‫صحيفته يوم القيامة لم يعملها ولم يعلم بها‪.‬‬
‫دنيا‬‫ت آمركسسم بسسترك الس ُ‬ ‫وقال يحيى بسسن معسساذ‪ :‬لسس ُ‬
‫ك الذنوب‬ ‫ك الدنيا فضيلة وتر ُ‬ ‫آمركم بترك الذنوب‪ ،‬تر ُ‬
‫فريضة وأنتم إلى إقامسسة الفريضسسة أحسسوج منكسسم إلسسى‬
‫الحسنات‪.‬‬
‫ن يفضحه يوم موته ميراثسه ويسسوم‬ ‫م ْ‬‫وقال‪ :‬ل تكن م ّ‬
‫حشره ميزاُنه‪.‬‬
‫وقال إبراهيسسم الخسسواص‪ :‬دواء القلسسب فسسي خمسسسة‬
‫أشياء‪ :‬قسسراءة القسسرآن بالتسسدبر‪ ،‬وخلء البطسسن‪ ،‬وقيسسام‬
‫الليل‪ ،‬والتضرع عند السحر‪ ،‬ومجالسة الصالحين‪.‬‬
‫سسسه اللسسه‬
‫وقال‪ :‬على قدر إعزاز المرء لمر الله ُيلب ُ‬
‫عزه ويقيم له العز في قلوب المؤمنين‪.‬‬ ‫من ِ‬
‫وقال يوسف بن الحسسسين‪ :‬علسسى قسسدر خوفسسك مسسن‬
‫الله يهابك الخلق‪ ،‬وعلى قدر حبك الله يحبك الخلسسق‪،‬‬
‫ل الخلقُ بأمرك‪.‬‬ ‫شغلك بأمر الله ُيشغ ُ‬ ‫وعلى قدر ُ‬
‫سسسئل عسسن الصسسحبة مسسع اللسسه عسسز‬ ‫وقال آخر‪ :‬وقسسد ُ‬
‫وجل‪ ،‬قال‪ :‬بحسن الدب ودوام الهيبة والمراقبة‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫س سّنته ولسسزوم ظسساهر‬ ‫والصحبة مع الرسسسول بإتبسساع ُ‬
‫الحكم‪.‬‬
‫والصحة مع أولياء الله بالحترام والخدمة‪.‬‬
‫خلق‪.‬‬‫والصحبة مع الهل والولد بحسن ال ُ‬
‫والصحبة مع الخوان بدوام البشر لهسسم والنبسسساط‬
‫ما‪.‬‬
‫معهم ما لم يكن إث ً‬
‫والصحة مع الجهال بالسسدعاء لهسسم والرحمسسة عليهسسم‬
‫ورؤية نعمة الله عليك إذ ْ عافاك مما ابتلهم به‪.‬‬
‫جلسسس أحسسد العلمسساء للت ّسسذكير حسستى طسسال سسسكوته‬
‫سسسكوتك شسسيًئا‪،‬‬‫فنسساداه رجسسل مسسا تسسرى أن تقسسول فسسي ُ‬
‫فأنشأ يقول‪:‬‬
‫و‬
‫س وه ْ س َ‬
‫داِوي النسسا َ‬
‫ب يُ َ‬‫س ط َْبي ٌ‬
‫مُر النسسا َ‬ ‫ي َيسسأ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫غيسسُر ت ِِقسس ّ‬
‫ض‬‫مريسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫بسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسالت َّقى َ‬

‫ت بالُبكاء والضجيج‪.‬‬ ‫فارتفعت الصوا ُ‬


‫سئل بعضهم‪ :‬ما علمة العارف؟ قسسال‪ :‬أن ل ي َْفسستُر‬ ‫ُ‬
‫من ذكر الله ول يمل من حقه ول يستأنس بغيره‪.‬‬
‫وقال أبا يزيد البسطامي‪ :‬الناس كلهم يهربون من‬
‫الحساب ويتجسسافون عنسسه‪ ،‬وأنسسا أسسسأل اللسسه تعسسالى أن‬
‫ن‬‫م قال لعله أن يقول لي فيمسسا ب َي ْس َ‬ ‫يحاسبني‪ ،‬فقيل‪ :‬ل ِ َ‬
‫ل ل َب ّْيك‪.‬‬ ‫دي‪ ،‬فأقو ُ‬ ‫ذلك يا عَب ْ ِ‬
‫ي من الدنيا وما فيها‪،‬‬ ‫فقوله لي يا عبدي‪ ،‬أعجب إل ّ‬
‫ثم بعد ذلك يفعل بي ما يشاء‪ ،‬وقال أبو يعلى‪:‬‬
‫طسسسؤ‬ ‫صسسسي أ َ‬ ‫م ِ‬
‫خ ُ‬
‫ت بأ ْ‬ ‫ش سَرًفا وَت ِي ْهَسسا و ِ‬
‫كسسسد ْ ُ‬ ‫دني َ‬ ‫ما زا َ‬ ‫م ّ‬ ‫وَ ِ‬
‫ك يسسا الث َُرّيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ت قَوِْلسس َ‬ ‫حسس َ‬
‫ي تَ ُ‬ ‫خسسوْل ِ ْ‬‫دُ ُ‬
‫ي ن َب َِيسسا‬
‫مد َ ل ِ ْ‬
‫ت أح َ‬ ‫صّير َ‬
‫ن َ‬ ‫عبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسادي وأ ْ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله على محمد وآله وسلم‪.‬‬


‫فصل‬
‫قال أحسسد العلمسساء‪ :‬ل يكسسن هسسم أحسسدهم فسسي كسسثرة‬
‫العمسسل؛ ولكسسن ليكسسن همسسه فسسي إحكسسامه وإتقسسانه‬
‫‪149‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وتحسينه‪ ،‬فإن العبد قد ُيصلي وهسسو يعصسسي اللسسه فسسي‬
‫صلته‪ ،‬وقد يصوم وهو يعصي الله في صيامه‪.‬‬
‫وقيل لخر‪ :‬كيف أصبحت‪ ،‬فبكسسى‪ ،‬وقسسال‪ :‬أصسسبحت‬
‫في غفلةٍ عظيمسسة عسسن المسسوت مسسع ُذنسسوب كسسثيرة قسسد‬
‫أحاطت بي‪ ،‬وأجل يسرع كل يوم في عمري‪ ،‬ومسسوئل‬
‫ت أدري علما أهجم ثم بكى‪.‬‬ ‫لس ُ‬
‫دا )أي‬ ‫وقال آخر‪ :‬ل تغتسم إل مسن شسيء يضسُرك غس ً‬
‫ع‬
‫دا‪ ،‬وأنف س ُ‬ ‫في الخسسرة( ول تفسسرح بشسسيء ل يسسسرك غس ً‬
‫ك‬ ‫مْنسس َ‬
‫ن ِ‬‫حْز َ‬‫الخوف ما حجزك عن المعاصي‪ ،‬وأطال ال ُ‬
‫ك الِفك ْسَر فسسي َبقي سةِ‬ ‫مس َ‬‫على ما فاتك من الطاعة‪ ،‬وأل َْز َ‬
‫عمرك‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وقال آخر‪ :‬عليك بصحبة من ُتذكُرك الله عز وجسسل‬
‫ُرؤيُته‪ ،‬وتقسسع هيبت ُسسه علسسى باطنسسك‪ ،‬ويزي سد ُ فسسي عملسسك‬
‫منطُقه‪.‬‬
‫ك في الدنيا عمله‪ ،‬ول تعصي الله مسسا ُدمسست‬ ‫وُيزهِد ُ َ‬
‫في ُقربه‪ ،‬يعظك بلسان فعله ول يعظك بلسان قوله‪.‬‬
‫قال إسسسرافيل‪ :‬حضسسرت ذي النسسون المصسسري وهسسو‬
‫ذو‬ ‫في الحبس‪ ،‬وقد دخل الشرطي بطعام لسسه‪ ،‬فقسسام ُ‬
‫النون فنفض يده )أي قبضها عن الطعام(‪.‬‬
‫فقيل له‪ :‬إن أخاك جاء بسسه‪ ،‬فقسسال‪ :‬إنسسه علسسى يسسدي‬
‫ظالم‪ ،‬قال‪ :‬وسمعت رجل ً سأله ما الذي أتعب العبسساد‬
‫وأضعفهم؟‬
‫ف الحسسساب‪،‬‬ ‫ة السسزاد‪ ،‬وخسسو ُ‬ ‫فقال‪ :‬ذكر المقام وقل س ُ‬
‫ض‬ ‫ل عقسسولهم‪ ،‬والعسسر ُ‬ ‫ن العمال وتذه ُ‬ ‫ب أبدا ُ‬ ‫ولم ل تذو ُ‬
‫على الله جل وعل أمامهم‪ ،‬وقراءة كتبهم بين أيديهم‪.‬‬
‫ف بين يسسدي الجبسسار ينتظسسرون أمسسرهُ‬ ‫والملئكة وقو ٌ‬
‫فسسي الخيسار والشسسرار‪ ،‬ثسسم مّثلسسوا هسسذا فسسي نفوسسسهم‬
‫وجعُلوه ُنص َ‬
‫ب أعْي ُن ِِهم‪.‬‬
‫وقال‪ :‬سقم الجسد فسسي الوجسساع‪ ،‬وسسسقم القلسسوب‬
‫في الذنوب‪ ،‬فكمسسا ل يجسسد الجسسسد لسسذة الطعسسام عنسسد‬
‫سقمه‪ ،‬كذلك ل يجد القلب حلوة العباد مع الذنوب‪.‬‬
‫‪150‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫سلبها من حيسسث ل‬ ‫وقال‪ :‬من لم يعرف قدر النعم‪ُ ،‬‬
‫يعلم‪.‬‬
‫ما خلع الله على عبد خلعة أحسن ول أشسسرف مسسن‬
‫العقل ول قلده قلدة أجمل من العلم ول زينسسة بزينسسة‬
‫أفضل من الحلم وكمال ذلك التقوى‪.‬‬
‫ما يسسستحيون مسسن اللسسه فسسي‬ ‫وقال آخر‪ :‬أدركت أقوا ً‬
‫سواد الله من طول الهجعة‪ ،‬إنما هو على الجنب فإذا‬
‫خسسذي حظ ّسسك مسسن‬ ‫تحّرك قال لنفسه‪ :‬ليس لك قومي ُ‬
‫الخرة‪.‬‬
‫وقال أبو هاشسم الزاهسد‪ :‬إن اللسه عسسز وجسل وسسم‬
‫س المريدين به دونها‪ ،‬ولي ُْقبل‬ ‫الدنيا بالوحشة‪ ،‬ليكن أن ُ‬
‫ل المعرفسسة بسسالله‬ ‫المطيُعون له بسسالعراض عنهسسا‪ ،‬وأهس ُ‬
‫مشتاقون‪.‬‬ ‫شون‪ ،‬وإلى الخرة ُ‬ ‫ح ُ‬‫ست َوْ ِ‬
‫م ْ‬
‫فيها ُ‬
‫ج من دار‬ ‫ونظر أبو هاشم إلى شريك القاضي يخر ُ‬
‫يحيى بن خالد‪ ،‬فبكى‪ ،‬وقال‪ :‬أعسوذ بسسالله مسن علسم ٍ ل‬
‫ينفع‪.‬‬
‫وقال أسود بن سالم‪ :‬ركعتان أصسسليهما أحسسب إلسسي‬
‫من الجنة بما فيها‪ ،‬فقيل له‪ :‬هذا خطأ‪.‬‬
‫عونا من كلمكم‪ ،‬رأيت الجنة رضا نفسي‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬د ُ‬
‫ي‬‫ب إل س ّ‬
‫وركعتين أصليهما رضا ربي‪ ،‬ورضسساء ربسسي أح س ّ‬
‫من رضا نفسي‪ ،‬تأمل يا أخي دّقة هذا الفهم لله دره‪.‬‬
‫وقال وهيب‪ :‬اليمان قائد‪ ،‬والعمل سائق‪ ،‬والنفس‬
‫سسسق السسسائقٌ لسسم‬ ‫بينُهما حرون‪ ،‬فإذا قاد القائد ُ ولسسم ي ُ‬
‫ُيغن ذلك شيًئا‪.‬‬
‫وإذا ساق السسسائق ولسسم يقسسد القسسائد لسسم يغسسن ذلسسك‬
‫س‬
‫ه النف س ُ‬ ‫شيًئا‪ ،‬وإذا قاد َ القسسائد ُ وسسساقَ السسسائقُ ابتعت ْس ُ‬
‫عا وطاب العمل‪.‬‬ ‫طو ً‬
‫س بسادري‬ ‫قال بعضهم يوبخ نفسسه ويعظهسا‪ :‬يسا نفس ُ‬
‫بالوقات قبل إنصسسرامها‪ ،‬واجتهسسد فسسي حراسسسة ليسسالي‬
‫الحياة وأيامها‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فكأنك بالقبور قد تشققت‪ ،‬وبالمور وقد تحققسست‪،‬‬
‫وبوجوه المتقين وقد أشرقت‪ ،‬وبرؤوس العصاة وقسسد‬
‫وَللل ْ‬
‫و َتللَرى إ ِِذ‬ ‫أطرقسسست‪ ،‬قسسال تعسسالى وتقسسسدس‪َ  :‬‬
‫م َرب ّن َللا‬‫هل ْ‬ ‫عن لدَ َرب ّ ِ‬
‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫سل ِ‬
‫ءو ِ‬ ‫سللوا ُر ُ‬
‫ن َناك ِ ُ‬‫مللو َ‬‫ر ُ‬
‫ج ِ‬
‫م ْ‬‫ال ُ‬
‫حا إ ِّنللا‬ ‫ملل ْ‬ ‫عَنا َ‬ ‫َ‬
‫صللال ِ ً‬ ‫ل َ‬ ‫ع َ‬
‫عَنللا ن َ ْ‬
‫ج ْ‬
‫فاْر ِ‬ ‫م ْ‬‫سلل ِ‬‫و َ‬‫صللْرَنا َ‬‫أب ْ َ‬
‫دوا‪ ،‬وأمسسا‬ ‫ن ‪‬يا نفس‪ ،‬أما الورعُسسون فقسسد ج س ّ‬ ‫قُنو َ‬ ‫مو ِ‬ ‫ُ‬
‫الخائفون فقد استعدوا‪ ،‬وأما الصسسالحون فقسسد فرحسسوا‬
‫وراحوا‪ ،‬وأما الواعظون فقد نصحوا وصاحوا‪.‬‬
‫العلسسم ل يحصسسل إل بالنصسسب والمسسال ل يجمسسع إل‬
‫بالتعب‪ ،‬أيها العبسسد الحريسسص علسسى تخليسسص نفسسسه إن‬
‫عزمت فبادر وإن هممت فثسسابر‪ ،‬واعلسسم أنسسه ل ي ُسسدرك‬
‫العز والمفاخر من كان في الصف الخر‪.‬‬
‫دوا د ُوَْنه‬ ‫سو َ‬
‫ش ّ‬ ‫جهْد َ الن ُُفو ِ‬ ‫د َّبسسسسسوا إلسسسسسى المجسسسسسدِ ُ‬
‫ن قسسسد َبلُغسسسوا الُزَرا‬ ‫عو َ‬
‫والسسسسا ُ‬
‫مسسن وافَسسى‬ ‫ج سد َ َ‬‫م ْ‬‫عان َقَ ال َ‬‫ل و َ‬ ‫مس ّ‬ ‫حت ّسسى َ‬ ‫ساوََرْوا المجد َ َ‬ ‫و َ‬
‫صسسسسسسسسسسَبرا‬ ‫ن َ‬ ‫مسسسسسسسسسس ْ‬ ‫هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسم و َ‬ ‫أك ْث َُر ُ‬
‫حّتى ْتلَعسسق‬ ‫ن ت َب ْل ُغَ المجد َ َ‬ ‫ت لَ ْ‬‫مًرا أن ْ َ‬
‫ب المجد َ ت َ ْ‬‫س ِ‬‫ح َ‬ ‫ل تَ ْ‬
‫آكُلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه ال ّ‬
‫صسسسسسسسب َِرا‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫اعلم وفقنا الله وإّياك وجميع المسلمين‬
‫ظلم العبد نفسه يكسسون بسترك مسا ينفعهسا وهسسي‬ ‫أن ُ‬
‫محتاجة إليه‪ ،‬وذلك فعل مسسا أمسسر اللسسه بسسه وبفعسسل مسسا‬ ‫ُ‬
‫يضرها‪ ،‬وذلك المعاصي كلها‪.‬‬
‫كما أن ظلم الغير كذلك إما بمنسسع حقسسه أو التعسسدي‬
‫عليه‪ ،‬فإن الله أمسسر العبسساد بمسسا ينفعهسسم ونهسساهم عمسسا‬
‫يضرهم‪.‬‬
‫وجاء القرآن بالمر بالصلح والنهسسي عسسن الفسسساد‪،‬‬
‫والصلح كله طاعة والفساد كله معصية‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وقد ل يعلسسم كسسثير مسسن النسساس ذلسسك علسسى حقيقتسسه‬
‫فعلى المؤمن أن يأمر بكل مصسسلحة وينهسسي عسسن كسسل‬
‫مفسدة‪.‬‬
‫وكل ما أمر الله به راجع إلى العدل وكل مسسا نهسسى‬
‫عنه راجع إلى الظلم‪.‬‬
‫والظلسسم السسذي حرمسسه اللسسه علسسى نفسسسه أن يسسترك‬
‫محسسسن فل يجزيسسه بهسسا‪ ،‬أو ُيعساقب السسبري‬ ‫حسسسنات ا ل ُ‬
‫على ما لم يفعله من السيئات‪.‬‬
‫أو يعاقب هسسذا بسسذنب غيسسره‪ ،‬أو يحكسسم بيسسن النسساس‬
‫بغير العدل ونحو ذلك مما ينزه اللسسه جسسل وعل عنسسه و‬
‫ذلك لكمال عدله وحمده‪.‬‬
‫مسسن أسسسباب قسسوت اليمسسان ونسسوره سسسماع القسسرآن‬
‫وتدبره ومعرفة أحوال النبي ‪ ‬ومعجزاته‪ ،‬ونظر في‬
‫آيات اللسسه والتفكسسر فسسي ملكسسوت السسسموات والرض‪،‬‬
‫والتأمل في أحوال نفس النسسسان‪ ،‬ومثسسل رؤيسسة أهسسل‬
‫اليمان والنظر في أحوالهم ونحو ذلك‪.‬‬
‫ح‬ ‫جد َ والت ّْبري َ‬ ‫ست َْعذُبوا الو ْ‬ ‫ل َواصسسسُلوا وا ْ‬ ‫جسسسا ٍ‬ ‫للسسسه د َّر رِ َ‬
‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرا‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهََرا والِف َ‬ ‫ال ّ‬
‫سسساد َةٌ‬ ‫م َ‬ ‫مسسوا هُس ْ‬ ‫ل إذا ن َظ َْر ت َهُ ُ‬ ‫دى والل ّْيسس ُ‬ ‫م الُهسس َ‬ ‫جو ُ‬ ‫م نُ ُ‬ ‫فُهُ ْ‬
‫ي َعْرِفُُهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسم ُبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرَرا‬
‫ت َقسسد ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫واهُ ول ِّلسس َ‬ ‫سسس َ‬‫مسسا ِ‬ ‫ر عَ ّ‬ ‫ه بالسسسذ ّك ْ ِ‬ ‫دا وَْقتسسس ُ‬ ‫ل غَسسس َ‬ ‫ك ُسسس ّ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرا‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسست َغِل ً هَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫مسسن الِعصسسيان‬ ‫جنسساهُ ِ‬ ‫مسسا َ‬ ‫م ّ‬ ‫جسدٍ ِ‬ ‫ح فسي و ْ‬ ‫صسرِ ُ‬ ‫سي وي ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫َ‬
‫ذعَرا‬ ‫مْنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ق ُ‬ ‫وفسسسسسسسسسسسي قَلسسسسسسسسسسس ٍ‬
‫خي َْر‬ ‫ي يا َ‬ ‫ب فاغِْفرهُ ل ْ‬ ‫ت بالذ ّن ْ ِ‬ ‫جئ ُ‬ ‫دي قَ سد ْ ِ‬ ‫سسي ّ ِ‬ ‫ل يسسا َ‬ ‫ي َُقو ُ‬
‫مسسسسسسسسسسسسن غََفسسسسسسسسسسسسرا‬ ‫معَْترًفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا َ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫دي فسسي ك ُس ّ‬ ‫سسي ّ ِ‬‫مسسسا ل ولم أط ِعْ َ‬ ‫ذنًبسسسا عَظ ِي ْ ً‬ ‫ت َ‬ ‫مْلسسس ُ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسَرا‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسا أ َ‬ ‫ه َ‬ ‫أط ِي ْسسسسسسسسسسسسقُ ل َسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫عني َوقد ْ‬ ‫ما قد عََفا َ‬ ‫طال َ‬ ‫سست َْرهُ يا َ‬ ‫ه وهْوَ ُيرخسسي ِ‬ ‫صي ْت ُ ُ‬ ‫عَ َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَترا‬ ‫َ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫كر ً‬ ‫َ‬
‫ن ك ُْربسس ٍ‬
‫ة‬ ‫مسس ْ‬ ‫ت به ِ ِ‬ ‫ست َغَث ْ ُ‬‫ل إذا ا ْ‬ ‫ن لسسي فسسي ك ُس ّ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫طال َ َ‬ ‫و َ‬

‫‪153‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرا‬ ‫نَ َ‬ ‫َنائ َِبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةٍ‬
‫ي‬
‫ول َ‬ ‫مسس ْ‬‫ك يسسا َ‬‫ت َباَبسس َ‬‫َوافَْيسس ُ‬ ‫ت‬‫جن َْيسس ُ‬ ‫مسسا َ‬‫م ّ‬‫ب ِ‬ ‫وإّننسسي َتسسائ ِ ٌ‬
‫معَْتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذَرا‬ ‫ُ‬ ‫وَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ْ‬
‫ت‬‫م ُ‬ ‫سسساب إذا قُ سد ّ ْ‬ ‫ح َ‬
‫م ال ِ‬ ‫ي َوْ َ‬ ‫ل عُسسسذ ِْري ثسسسم‬ ‫ل ت َْقب َسسس َ‬‫ل َعَسسس َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرا‬ ‫مْنك ِ‬ ‫ُ‬ ‫جب ُُرنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي‬ ‫تَ ْ‬
‫ت‬ ‫جئ ْ ُ‬‫دي قَ سد ْ ِ‬ ‫س سي ّ ِ‬
‫ك يسسا َ‬‫إلي س َ‬ ‫ما‬ ‫ل َراجًيا ك ََر ً‬ ‫ت بذ ُ‬ ‫وقَد ْ أت َي ْ ُ‬
‫مْفت َِقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرا‬ ‫ُ‬

‫اللهم أجرنسا مسن النسار وأدخلنسا الجنسسة مسسع البسرار‬


‫برحمتك يا عزيز يا غفار‪ ،‬اللهسسم اسسستر عوراتنسسا وأمسسن‬
‫روعاتنا وأقلنا مسسن عثراتنسسا ول تفضسسحنا بيسسن يسسديك يسسا‬
‫أرحم الراحمين‪ ،‬وصل الله على محمد وآلسسه وصسسحبه‬
‫أجمعين‪.‬‬

‫فصل‬
‫قسال محمسسد بسسن مهسدي‪ :‬واللسه ل تجسد فقسسد شسيء‬
‫ت أنا وأخي شريكين فأصبنا‬ ‫ه ابتغاء وجه الله‪ُ ،‬‬
‫كن ُ‬ ‫تركت ُ‬
‫مال ً كثيًرا‪ ،‬فدخل قلبي مسسن ذلسسك شسسيء فسستركُته للسسه‬
‫ت منه‪ ،‬فمسسا خرجسست مسسن السسدنيا حسستى رد ّ اللسسه‬ ‫وخرج ُ‬
‫ي وإلسسى ولسسدي‪ ،‬زوج أخسسي‬ ‫ه إل س ّ‬
‫ي ذلك المال عسسامت ُ‬ ‫عل ّ‬
‫ي‪ ،‬وزّوجت ابنتي من ابنه‪.‬‬ ‫ت من بن ّ‬‫ثلث بنا ٍ‬
‫ومات أخي فورثه أبي ومات أبي فورثته أنا‪ ،‬فرجع‬
‫ي وإلى ولدي في الدنيا‪.‬‬ ‫ذلك كله إل ّ‬

‫‪154‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫عن عطاء الحسن الخرساني أنه كان يقول‪ :‬إني ل‬
‫مستوصسسون بهسسا‪ ،‬وأنتسسم عليهسسا‬ ‫أوصيكم بسسدنياكم أنتسسم ُ‬
‫حراص‪.‬‬
‫وإنما أوصيكم بآخرتكم‪ ،‬فخذوا من دار الفناء لسسدار‬
‫البقسساء‪ ،‬واجعلسسوا المسسوت كشسسيء ذقُتمسسوه‪ ،‬فسسوالله‬
‫لتسسذوقُّنه‪ ،‬واجعلسسوا الخسسرة كشسسيء نزلتمسسوه فسسوالله‬
‫لتنُزل ُّنها‪ ،‬وهي دار الناس كلهم‪ ،‬ليس من النسساس أحسسد‬
‫يخرج لسفر إل أخذ له أهبته‪ ،‬فمن أخذ لسفره السسذي‬
‫ه اغتبط‪.‬‬ ‫ح ُ‬‫ُيصل ُ‬
‫ه نسسدم‪ ،‬فسإذا‬‫ومن خرج إلى سفر لم يأخسذ لسه أهبتس ُ‬
‫ل‪ ،‬وإذا ظمئ لم يجد ماء يتروى به‪،‬‬ ‫أضحى لم يجد ظ ً‬
‫وإنما سسسفُر السسدنيا منقطسسع‪ ،‬وأكيسسس النسساس مسسن قسسام‬
‫ع‪.‬‬
‫يتجّهز لسفر ل ينقط ُ‬
‫خسسا لسسه‪ :‬اعلسسم أنسسك تلقسسى مسسا‬
‫وقسسال آخسسر يوصسسي أ ً‬
‫أسلفت ول تلقى مسسا خلفسست فمهسسد لنفسسسك‪ ،‬فإنسسك ل‬
‫مسسه‬ ‫تدري متى يفجسسؤك أم سُر ربسسك‪ ،‬قسسال‪ :‬فأبكسساني كل ُ‬
‫ي الدنيا‪.‬‬‫ون عل ّ‬ ‫وه ّ‬
‫قيل للقمان الحكيم‪ :‬ما بلغ بسسك مسسا نسسرى )ُيريسسدون‬
‫الفضل(‪ ،‬قال‪ :‬صدقُ الحديث‪ ،‬وأداء المانة‪ ،‬وترك مسسا‬
‫ل يعني‪.‬‬
‫عن جابر الجعفي‪ ،‬قال‪ :‬قال لي محمد بن علي بن‬
‫الحسسسين‪ :‬يسسا جسسابر‪ ،‬إنسسي لمحسسزون‪ ،‬وإنسسي لمشسستغ ُ‬
‫ل‬
‫شغل قلبك؟‬ ‫حزُنك؟ وما ُ‬ ‫القلب‪ ،‬قلت‪ :‬وما ُ‬
‫ص ديسسن‬‫ه صافي خال ُ‬ ‫قال‪ :‬يا جابر‪ ،‬إنه من دخل قلب ُ‬
‫ما سواه‪.‬‬ ‫هع ّ‬ ‫الله شغل ُ‬
‫يا جابر‪ ،‬ما السسدنيا مسسا عسسسى أن تكسسون هسسل هسسو إل‬
‫ب لبسته أو امرأة أصبتها‪.‬‬ ‫ه أو ثو ٌ‬ ‫ب ركبت ُ‬ ‫مرك ٌ‬
‫يا جابر‪ ،‬إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى السسدنيا لبقسساءٍ‬
‫فيها‪ ،‬ولم يأمنوا قدوم الخرة عليها‪ ،‬ولم يصمُهم عسسن‬
‫ذكر ما سمعوا بآذانهم من الفتنة‪ ،‬ولم يعمهم عن نور‬
‫الله ما رأوا بأعينهم من الزينة‪ ،‬ففازوا بثواب البرار‪.‬‬
‫‪155‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫إن أهل التقوى أيسر أهسسل السسدنيا مؤونسسة وأكسسثرهم‬
‫كروك‪ ،‬وإن ذكرت أعانوك‪.‬‬ ‫لك مُعونة‪ ،‬إن نسيت ذ ّ‬
‫قسسوالين بحسسق‪ ،‬قسسوامين بسسأمر اللسسه‪ ،‬فسسأنزل السسدنيا‬
‫ل نزلت به وارتحلت منسسه‪ ،‬أو كمسسال أصسسبته فسسي‬ ‫كمنز ٍ‬
‫منامك فاستيقظت وليس معسسك منسسه شسسيء‪ ،‬واحفسسظ‬
‫الله تعالى ما استرعاك من دينه وحكمته‪.‬‬
‫ت‬‫كر في ذنبك‪ ،‬وُتب إلى ربسسك‪ ،‬ي َن ُْبسس ُ‬ ‫قال بعضهم‪ :‬ف ّ‬
‫الورعُ في قلبك‪ ،‬واقطع الطمع إل من ربك‪ ،‬ذم مولنا‬
‫دنا فيهسسا‬ ‫هسس َ‬
‫السسدنيا فمسسدحناها‪ ،‬وأبغضسسها فأحببناهسسا‪ ،‬وز ّ‬
‫كم إلى هسسذه الغسسرارة‬ ‫ها‪ ،‬ورغبنا في طلبها‪ ،‬دعت ُ‬ ‫فآثْرَنا َ‬
‫مناديهسسا خسسدعتكم بُغرورهسسا‬ ‫مسسسرعين ُ‬ ‫دواعيها فأجبتم ُ‬
‫تتمُرون في زهراتها وزخارفهسسا‪ ،‬قسسال اللسسه جسسل وعل‪:‬‬
‫حَياةُ الدّن َْيا ‪.‬‬ ‫م ال َ‬ ‫غّرن ّك ُ ُ‬ ‫فل َ ت َ ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫أتى الحسن بكوز من ماء لُيفطر عليسسه فلمسسا أدنسساه‬
‫إلى فيه بكى‪ ،‬وقال‪ :‬ذكرت أمنية أهل النسسار‪ ،‬قسسولهم‪:‬‬
‫ماِء ‪ ،‬وذكرت ما أجيبوا بسسه‪:‬‬ ‫ن ال َ‬ ‫عل َي َْنا ِ‬
‫م َ‬ ‫ضوا َ‬ ‫في ُ‬ ‫‪‬أ َ ِ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫ري َ‬
‫ف ِ‬ ‫عَلى ال َ‬
‫كا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬‫م ُ‬‫حّر َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫‪‬إ ِ ّ‬
‫وقسسال كعسسب الحبسسار‪ :‬لن أبكسسي مسسن خشسسية اللسسه‬
‫فتسيل دموعي على وجنسستي أحسسب إلسسي مسسن أتصسسدق‬
‫بوزني ذهًبا‪.‬‬
‫وعن إبراهيم بن الشعث قال‪ :‬كنسسا إذا خرجنسسا مسسع‬
‫الفضيل في جنازة ل يزال يعسسظ ويسسذكر ويبكسسي حسستى‬
‫ب إلسسى الخسسرة حسستى يبلسسغ‬ ‫لكسسأنه يسسودع أصسسحابه ذاه س ٌ‬
‫المقابر‪.‬‬
‫فيجلسسس فكسسأنه بيسسن المسسوتى جلسسس مسسن الحسسزن‬
‫والبكاء حتى يقوم وكأنه رجع من الخرة يخبر عنها‪.‬‬
‫وكسسان يقسسول‪ :‬الخسسوف أفضسسل مسسن الرجسساء مسسا دام‬
‫حا‪ ،‬فإذا نزل بسسه المسسوت فالرجسساء أفضسسل‬ ‫الرجل صحي ً‬
‫من الخوف‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫يقول‪ :‬إذا كان في صحته محسًنا عظم رجاؤه عنسسد‬
‫الموت وحسن ظنه )أي بالله(‪ ،‬وإذا كسسان فسسي صسسحته‬
‫مسيًئا ساء ظنه عند الموت ولم يعظم رجاؤه‪.‬‬
‫ح‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫هره ص ِ‬ ‫ظا ُ‬‫ت َ‬ ‫جل بريٍء من الفا ِ‬ ‫ت عن َر ُ‬ ‫خب ََر َ‬‫إذا أ ْ‬
‫م فسسالقوَ ُ‬
‫ل‬ ‫ن قسساُلوا ن ََعسس ْ‬ ‫فسسإ ْ‬
‫ح‬‫ي رْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫مس ٌ‬‫ل هُوَ آد ِ‬ ‫ه هَ ْ‬ ‫سل ُْهم عَن ْ ُ‬ ‫فَ َ‬
‫ح‬ ‫جريس ُ‬ ‫مُعنسسا َ‬ ‫ج َ‬ ‫سست َِتارٍ وعنسسد اللسسه أ ْ‬ ‫لا ْ‬ ‫هس ُ‬ ‫ضَنا أ ْ‬ ‫ولكن ب َعْ ُ‬
‫ح‬ ‫ت ت َُف سوْ ُ‬
‫سس ْ‬ ‫علينسسا بأن ذ ُُنوبنسسا لي ْ َ‬ ‫خالقنسسا َ‬ ‫ومن إنعسسام َ‬
‫حَنا هُُروًبا فُسسسسراَدى فسسسسي الَفل مسسسسا‬ ‫صب َ ْ‬‫تل ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫فَل َوْ فا َ‬
‫ح‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَتري ُ‬ ‫حا ن ْ‬ ‫صل ً‬‫ل َ‬ ‫ح ٍ‬ ‫من ْت َ ِ‬‫كل ُ‬ ‫وضاقَ ب ِ ُ‬
‫ح‬‫سسسي ُ‬ ‫ذنوب ِهِ الب َل َد ُ الَف َ‬
‫ن ُ‬‫ل ِن َت ْ ِ‬

‫المعاصي تنقسم إلى قسمين‪ :‬قسم ذنوب جسوارح‬


‫ظاهرة‪ ،‬مثل القذف‪ ،‬والغيبسسة‪ ،‬والظلسسم‪ ،‬والغتصسساب‪،‬‬
‫والقتل‪ ،‬والزنا‪ ،‬واللواط‪ ،‬والسرقة ونحو ذلك‪.‬‬
‫والقسسسسم الثسسساني‪ :‬وهسسسي ذنسسسوب القلسسسوب‪ ،‬وهسسسن‬
‫المهلكسسسات القاصسسسمات‪ ،‬ومنهسسسا‪ :‬الشسسسرك‪ ،‬والشسسسك‪،‬‬
‫والنفاق‪ ،‬والكفسسر‪ ،‬والغسسترار بسسالله‪ ،‬والمسسن مسسن مكسسر‬
‫الله‪ ،‬والقنوط من رحمة الله‪.‬‬
‫ومنهسسا احتقسسار السسذنوب والتهسساون بهسسا والتسسسويف‬
‫بالتوبة والنابة والصرار على المعاصي والرياء والتيه‬
‫والكسسبر والعجسسب والخيانسسة والغسسدر والحسسسد والغسسل‬
‫والحقد والبغض‪.‬‬
‫وسوء الظن والجفاء والقطيعة والعقوق والقسسسوة‬
‫والشح والحرص والشره علسسى مسسا ل ينبغسسي الحسسرص‬
‫والشره عليه‪.‬‬
‫ومنهسسا‪ :‬الطغيسسان بالمسسال والقسسوة والجسساه واحتقسسار‬
‫النعم والحتقار بمصائب الدين‪ ،‬ومنها الستهانة بعلسسم‬
‫الله ونظره وسمعه وإطلعه‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬قلة الحياء من الله عز وجل وتقسسدس وقلسسة‬
‫الحياء ممن على اليمين وعلى الشمال مسسن الملئكسسة‬
‫‪157‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫عند فعلك ما يكرهه الله ونحو ذلك من الذنوب السستي‬
‫ل يسلم منها إل من عصمه الله‪.‬‬
‫موعظة‬
‫قسسال ابسسن الجسسوزي‪ :‬يسسا عجًبسسا كيسسف أنسسس بالسسدنيا‬
‫مفارقها! وأمن النار واردها! كيف يغُفل مسسن ل ُيغفسسل‬
‫ح بالدنيا من يومه يهدم شهره‪ ،‬وشهره‬ ‫عنه! كيف يفر ُ‬
‫مره! كيف يلهو مسسن يقسسوده‬ ‫يهدم سنته وسنُته تهدم ع ُ‬
‫مره إلى أجله وحياته إلى موته!‬ ‫عُ ُ‬
‫إخواني‪ :‬الدنيا في إدبار‪ ،‬وأهُلها منها في اسسستكثار‪،‬‬
‫صد ُ إل الندم‪.‬‬ ‫والزارع فيها غير التقي ل يح ُ‬
‫ضسسح السسد ُن َْيا‬ ‫دا ومسسا أفْ َ‬ ‫جسس ّ‬ ‫ح المسسوت ِلل سد ّن َْيا ِ‬ ‫ضس َ‬ ‫مسسا أفْ َ‬
‫َوزي ْن َت َِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا لهْل ِي َْهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫ك بسسسادٍ فسسسي‬ ‫ها َلسسس َ‬
‫ن علسسسى السسسدنيا فَُعسسسذ ُْر َ‬ ‫جَعسسس ّ‬ ‫ل ت َْر ِ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساوِي َْها‬ ‫م َ‬ ‫بلِئمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةٍ َ‬
‫م إليهسسا ل ن َُعادي ْهَسسا‬ ‫سست َن ِي ْ ُ‬‫ن وت ُْفن ِسسي الهسسل ون َ ْ‬ ‫ت ُْفني الب َن ِي ْ َ‬
‫ة فيهسسا‬ ‫غب ً‬‫داوة إل َر ْ‬ ‫ة ول العَ َ‬ ‫داِئبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬
‫ل السسذي‬ ‫ما ي َزِي ْسد ُك ُ ُ‬
‫موا قَت ْس ُ‬ ‫فَ َ‬
‫ت‬‫قَت ََلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬

‫آخر‪:‬‬
‫ن‬‫مَباي ُ‬
‫ن ُ‬ ‫ك فيها ل ِل ّ َ‬
‫سا ِ‬ ‫وقَل ْب ُ َ‬ ‫عسسسسد ٌُو‬
‫ك للسسسسد ُْنيا َ‬‫سسسسسان ُ َ‬‫لِ َ‬
‫ك ود ٌ فسسي فُسسؤاد َ‬
‫ك‬ ‫من ْس َ‬‫ل َهَسسا ِ‬ ‫ن‬
‫ح ٌ‬‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫م َ‬‫ُ‬
‫ن‬
‫م ُ‬‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫َ‬ ‫ت فيهسسا‬ ‫ها مسسا قُل ْس َ‬
‫ضسّر َ‬‫وما َ‬
‫صسسسسسسسسسسسَفا‬ ‫وقَسسسسسسسسسسسسد ْ َ‬

‫آخر‪:‬‬
‫ن‬
‫حسسس ُ‬ ‫ما ون َ ْ‬ ‫سسسسعَُها َ‬
‫شسسست َ ً‬ ‫ولسسسم أرى كالسسسد ُن َْيا َنسسس ُ‬
‫ذم وُنو ِ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُروَْفها عَْبيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ َ‬
‫ها‬ ‫ُ‬

‫آخر‪:‬‬
‫م ولسسسم أَرى كالسسسد ُن َْيا ُتسسسذ َ ّ‬
‫م‬ ‫هم وهُسسسس ْ‬
‫ن د ُن ْي َسسسسا ُ‬
‫مو َ‬‫ي َسسسسذ ُ ُ‬
‫‪158‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫جل ُِبونهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا وت ُط َْلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ب‬ ‫يَ ْ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫اعلم وفَّقنا الله وإّياك أن الصلة عماد الدين وأجل‬
‫مبسساني السسسلم بعسسد الشسسهادتين‪ ،‬ومحلهسسا مسسن السسدين‬
‫محل الرأس مسسن الجسسسد‪ ،‬فكمسسا أنسسه ل حيسساة لمسسن ل‬
‫صلةَ له‪.‬‬‫نل َ‬ ‫م ْ‬
‫ن لِ َ‬
‫رأس له فكذلك ل دي ْ َ‬
‫جعلنا الله وإياكم من المحافظين عليها الخاشسسعين‬
‫فيهسسا السسدائمين عليهسسا المقيميسسن لهسسا‪ ،‬قسسال جسسل وعل‪:‬‬
‫ء‬
‫شللا ِ‬‫ح َ‬ ‫ن ال َ‬
‫ف ْ‬ ‫عل ِ‬
‫هللى َ‬ ‫صلللةَ ت َن ْ َ‬‫ن ال ّ‬ ‫صلةَ إ ِ ّ‬
‫قم ِ ال ّ‬ ‫وأ َ ِ‬‫‪َ ‬‬
‫ر ‪ ،‬وقسسال عَ سّز مسسن قسسائل‪ :‬اللللم * ذَل ِل َ‬
‫ك‬ ‫منك َل ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ن * اّللل ِ‬
‫ذي َ‬ ‫قيلل َ‬ ‫دى ل ّل ْ ُ‬
‫مت ّ ِ‬ ‫هلل ً‬‫ه ُ‬
‫فيلل ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫ب ل َ َرْيلل َ‬ ‫الك َِتللا ُ‬
‫ة ‪ ،‬وقسسال‪:‬‬ ‫صللل َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مللو َ‬ ‫قي ُ‬‫وي ُ ِ‬‫ب َ‬ ‫غي ْ ِ‬‫ن ِبللال ْ َ‬ ‫مُنللو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫يُ ْ‬
‫ول َ‬‫ة َ‬‫صللل َ‬ ‫مللوا ال ّ‬ ‫قي ُ‬ ‫وأ َ ِ‬
‫ه َ‬‫قللو ُ‬ ‫وات ّ ُ‬‫ه َ‬ ‫ن إ ِل َْيلل ِ‬‫مِنيِبيلل َ‬‫‪ُ ‬‬
‫ن ‪.‬‬ ‫كي َ‬ ‫ر ِ‬‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬‫كوُنوا ِ‬ ‫تَ ُ‬
‫فالنابة هي الرجوع إلى الله‪ ،‬والتقوى هسسي امتثسسال‬
‫أوامر الله واجتناب نسسواهيه‪ ،‬والقامسسة للصسسلة التيسسان‬
‫بها على الوجه الذي أمر الله به‪.‬‬
‫ن‬
‫ذي َ‬‫ن * ا ل ّل ِ‬
‫من ُللو َ‬
‫ؤ ِ‬‫م ْ‬
‫ح ال ُ‬ ‫ق لدْ أ َ ْ‬
‫فل َل َ‬ ‫ل وعل‪َ  :‬‬ ‫قال ج ّ‬
‫ن‬‫ذي َ‬‫وال ّ ِ‬
‫ن ‪‬إلى قوله‪َ  :‬‬ ‫عو َ‬ ‫ش ُ‬‫خا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫صلت ِ ِ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬
‫ه ْ‬‫ُ‬
‫ن ‪ ،‬وقال رسول الله‬ ‫ظو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫م يُ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صل َ َ‬
‫عَلى َ‬
‫وات ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ُ‬
‫‪» :‬صسسلوا كمسسا رأيتمسسوني أصسسلي« فالمصسسلي علسسى‬
‫التبسساع والقتسسداء برسسسول اللسسه ‪ ‬فسسي صسسلته علسسى‬
‫علماء المة من السلف والخلسسف ‪‬‬ ‫الوجه الذي نقله ُ‬
‫صِلي المعدود ُ عند الله مسسن المقيميسسن للصسسلة‬ ‫م َ‬
‫هو ال ُ‬
‫والمحافظين عليها‪.‬‬
‫ة باطنسسة ل كمسسال‬ ‫صسسورةٌ ظسساهرةٌ وحقيق س ٌ‬ ‫وللصسسلة ُ‬
‫للصلة ول تمام لها إّل بإقامتهما جميًعا‪.‬‬
‫‪159‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫صسسورتها الظسساهرة فهسسي القيسسام والقسسراءة‬ ‫فأمسسا ُ‬
‫والركسسوع والسسسجود ونحسسو ذلسسك مسسن وظسسائف الصسسلة‬
‫الظاهرة‪.‬‬
‫وأمسسا حقيقتهسسا الباطنسسة فمثسسل الخشسسوع والخبسسات‬
‫ب وكمال الخلص‪.‬‬ ‫حضور القل ِ‬ ‫و ُ‬
‫والتدبر والتفهم لمعاني القسسراءة ومعسساني التسسسبيح‬
‫ونحو ذلك وظائف الصلة الباطنة‪.‬‬
‫فظسساهر الصسسلة حفسسظ البسسدن والجسسوارح وبسساطن‬
‫الصلة حفظ القلب‪.‬‬
‫ومن المحافظة علسسى الصسسلة والقامسسة لهسسا كمسسال‬
‫الطهارة والحتياط فيها في البدن والثوب والمكان‪.‬‬
‫قسسال –عليسسه الصسسلة والسسسلم‪» :-‬الطهسسور شسسطر‬
‫اليمان«‪ ،‬وفي الحديث الخر‪» :‬الطهور مفتاح الصلة‬
‫مسسسن غيسسسر وسوسسسسة ول‬ ‫وإسسسسباِغ الوضسسسوء وتثليثسسسه ِ‬
‫إسراف«‪.‬‬
‫ة فسسي الطهسسارة والصسسلة مسسن عمسسل‬ ‫فإن الوسوسس َ‬
‫ل علمه‪.‬‬ ‫س بها على من ضُعف عقُله وق ّ‬ ‫الشيطان ُيلب ّ ُ‬
‫مسسن توضسسأ‬ ‫وقسسد وردت الحسساديث الصسسحيحة‪» :‬أن َ‬
‫خس َ‬
‫ل‬ ‫مسسن أعضسسائه ود َ َ‬ ‫ت خطاياه ِ‬ ‫ج ْ‬
‫ن الوضوء خر َ‬ ‫س َ‬
‫ح َ‬‫فأ ْ‬
‫من الذنوب«‪.‬‬ ‫في الصلة نقًيا ِ‬
‫مة لها المبسسادرة‬ ‫من المحافظة على الصلة والقا َ‬ ‫و ِ‬
‫ل وأجر عظيم‪.‬‬ ‫بها في أول مواقيتها‪ ،‬وفي ذلك فض ٌ‬
‫وهو دليل على محبة العبد لربه وعلسسى المسسسارعة‬
‫في مرضا ته ومحابه‪ ،‬قال ‪» :‬أول السسوقت رضسسوان‬
‫الله وآخره عفو الله«‪.‬‬
‫وقبيح بالمؤمن العاقل أن يدخل عليه وقت الصلة‬
‫وهو على شغل مسسن أشسسغال السسدنيا فل يسستركه ويقسسوم‬
‫إلى فريضة الله التي كتبها الله عليه فيؤديها‪.‬‬
‫ومسسا يفعسسل ذلسسك إل مسسن عظمسست غفلتسسه‪ ،‬وقلسست‬
‫معرفُته بالله وعظمته وضُعفت رغبته فيمسسا أعسد ّ اللسسه‬
‫لوليائه في الدار الخرة‪.‬‬
‫‪160‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وأما تأخيرها وقتها فل يجوُز وفيه إثم عظيم‪.‬‬
‫ومن المحافظة على الصلة والقامة لها الخشسسوع‬
‫م معانيهسسسا‬ ‫حضسسسور القلسسسب وتسسسدُبر القسسسراءة وفهسسس ُ‬ ‫و ُ‬
‫ضسسع للسسه عنسسد الركسسوع‬ ‫ضسسوع والتوا ُ‬ ‫خ ُ‬‫واستشسسعاُر ال ُ‬
‫والسجود‪.‬‬
‫وامتلُء القلب بتعظيم الله وإجللسسه وتقديسسسه عنسسد‬
‫التكبير والتسبيح وجميع أجزاء الصلة‪.‬‬
‫والحرص والجتهاد في دفع الخسسواطر والهسسواجيس‬
‫في شؤون الدنيا والعراض عسسن حسسديث النفسسس فسسي‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ن تأديتهسسا كمسسا أمسسر‬‫حسس ُ‬ ‫ويكون همه فسسي الصسسلة و ُ‬
‫الله‪.‬‬
‫فإن الصلة مع الغفلسسة وعسسدم الخشسسوع والحضسسور‬
‫قليلة الجدوى‪.‬‬
‫فاجتهد في تدّبر ما تقسسول مسسن كلم ربسسك واحسسرص‬
‫على الطمأنينة فيها‪.‬‬
‫فسسإن السسذي ل يتسسم الركسسوع والسسسجود فسسي الصسسلة‬
‫سارق لها كما ورد في الحسسديث وورد أن مسسن حسسافظ‬
‫عليها وأتمهسسا تخسسرج بيضسساء تقسسول‪ :‬حفظسسك اللسسه كمسسا‬
‫حفظني‪.‬‬
‫ل‪:‬‬‫والذي ل يتم الصلة تخسرج سسوداء مظلمسة تقسو ُ‬
‫ب‬‫ف الثسسو ُ‬‫ك الله كما ضسسيعتني‪ ،‬ثسسم تلسسف كمسسا ُيلس ُ‬ ‫ضي ّعَ َ‬
‫ه‪.‬‬‫ب بها وجهُ ُ‬ ‫الخلق فيضر ُ‬
‫ظ الناس‪ ،‬فقال‪ :‬يسسا‬ ‫ل حاتم الصم واقًفا يع ُ‬ ‫رأى ُرج ٌ‬
‫ن أن ُتصسسلي؟ قسسال‪:‬‬ ‫ظ النسساس أفتحس س ُ‬ ‫م‪ ،‬أراك تع س ُ‬ ‫حات ُ‬
‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬كيف ُتصلي؟‬
‫خسسل‬ ‫قسسال‪ :‬أقسسوم بسسالمر‪ ،‬وأمشسسي بالسسسكينة‪ ،‬و أد ُ‬
‫بالهيبسسة‪ ،‬وأكسسبُر بالعظمسسة‪ ،‬واقسسرأ بالترتيسسل‪ ،‬واجلسسس‬
‫مها إلسسى‬ ‫للتشهد بالتمسسام وأسسسلم علسسى السسسنة‪ ،‬وأسسسل ُ‬
‫ربي‪ ،‬وأحفظها أيام حياتي‪ ،‬وأرجع بالّلوم على نفسي‪،‬‬

‫‪161‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫جسسو أن ُتقبسسل منسسي‪ ،‬وأنسسا‬ ‫ف أن ل ُتقبل منسسي‪ ،‬وأر ُ‬ ‫وأخا ُ‬
‫بين الرجا والخوف‪.‬‬
‫م من سألني وأحمسسد ُ ربسسي‬ ‫واشكر من عّلمني وأعل ّ ُ‬
‫إذ هداني‪.‬‬
‫قال له محمد بن يوسف‪ :‬مثلك يصلح أن يعظ‪.‬‬
‫روي أن زين العابسسدين بسسن علسسي بسسن الحسسسين ‪:‬‬
‫كان يتغّير عند الوضسسوء ويصسسفر لسسونه‪ ،‬فسسإذا قسسام إلسسى‬
‫ة‪.‬‬
‫الصلة أخذُته رعْد َ ٌ‬
‫مسسن‬ ‫دي َ‬ ‫ن بيسسن ي س َ‬
‫فقيل له في ذلسسك‪ ،‬فقسسال‪ :‬أتسسدُرو َ‬
‫أُقوم؟‬
‫وقال أبو بكر الوراق‪ :‬ربما انصرف من الصلة وأنا‬
‫مسسن‬ ‫ف ِ‬ ‫ل انصسسر َ‬ ‫ج ٍ‬‫ل وعل ول حياَء ر ُ‬ ‫استحي من الله ج ّ‬
‫زنا‪.‬‬
‫ال ِ‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫مواعظ‬
‫ل مسّرة‬ ‫جس ٌ‬ ‫عن أبي بكر بن عياش قسسال‪ :‬قسسال لسسي ر ُ‬
‫ص رقبتك ما اسسستطعت فسسي السسدنيا مسسن‬ ‫ب خل ّ ْ‬ ‫وأنا شا ّ‬
‫رقّ الخرة‪.‬‬
‫دا‪ ،‬قسسال أبسسو بكسسر‪:‬‬ ‫فإن أسير الخرة غير مفكوك أب ً‬
‫دا‪.‬‬ ‫فما نسيُتها أب ً‬
‫صسسوف وسسسراويل‬ ‫م الليسسل فسسي قبسساء ُ‬ ‫وكسسان يقسسو ُ‬
‫عكازة يضُعها فسسي صسسدره فيتكيسُء عليهسسا حيسسن كسسبُر‬ ‫و ُ‬
‫سسسفرِ إلسسى‬ ‫صسسى بال ّ‬ ‫ل العَ َ‬ ‫مسس ُ‬
‫ح ْ‬‫ه وُيسسذك ّرِهُ َ‬ ‫حيسسي لي ْل ََتسس ْ‬ ‫في ُ ْ‬
‫الخرة‪.‬‬
‫قال بعضهم‪:‬‬
‫مسسن‬‫ت ِ‬ ‫حل ْس ُ‬
‫ي ول ان ّسسي ن َ َ‬ ‫علس ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ض سع ْ َ‬
‫صسسا ل ال ّ‬ ‫ت العَ َ‬ ‫مل ْس ُ‬‫ح َ‬ ‫َ‬
‫مل ََهسسسسسسسسسا الك ِب َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسْر‬ ‫ح ْ‬ ‫ب َ‬ ‫جسسسسسسسسس َ‬ ‫أو ْ َ‬
‫علسسى‬ ‫م َ‬‫مْقي ِس َ‬‫ن ال ُ‬
‫مهَسسا أ ّ‬
‫ي لعْل ِ َ‬ ‫سسس َ‬ ‫ت ن َْف ِ‬
‫مسس ُ‬ ‫ولك ِن ِّنسسي أْلز ْ‬
‫‪162‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَفْر‬
‫َ‬ ‫مل ََهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫ح ْ‬
‫َ‬

‫قال بعض أصحاب وكيع بن الجسسراح‪ :‬كسسان ل ينسسام‬


‫حتى يقرأ ثلث القرآن ثم يقوم في آخسسر الليسسل فيقسسرأ‬
‫ل‪ ،‬ثم يجلس فيأخذ في الستغفار حسستى يطلسسع‬ ‫ص َ‬
‫مَف ّ‬
‫ال ُ‬
‫الفجر فيصلي ركعتين‪.‬‬
‫وعن عاصم قال‪ :‬سمعت شقيق بسسن سسسلمة يقسسول‬
‫ف‬
‫ف عنسي إن تعس ُ‬ ‫وهو ساجد‪ :‬رب اغفسْر لسي‪ ،‬رب اعس ُ‬
‫عني تعف عني تطوّل ً من فضلك‪ ،‬وإن تعذبني ُتعذبني‬
‫غير ظالم لي‪ ،‬قال‪ :‬ثم يبكي حسستى أسسسمع نحيبسسه مسسن‬
‫وراء المسجد‪.‬‬
‫عن خيثمة قال‪ :‬كان ُيعجبهم أن يموت الرجل عنسسد‬
‫خيرٍ يعمله إما حج‪ ،‬وإما عمرةٌ وإما غزاة‪ ،‬وإما صسسيام‬
‫رمضان‪.‬‬
‫قال الربيسسع بسسن أبسسي راشسسد وقسسد رأى رجل ً مري ً‬
‫ضسسا‬
‫يتصدق بصدفة فقسسسمها بيسسن جيرانسسه‪ ،‬فقسسال‪ :‬الهسسدايا‬
‫مسسا حسستى مسسات‪،‬‬ ‫أمام الزيارة فلسسم يلبسسث الرجسسل إل أيا ً‬
‫فبكى عند ذلك الربيع بن أبسسي راشسسد‪ ،‬وقسسال‪ :‬أحسسسن‬
‫والله بالموت وعلم أنه ل ينفعه من مسساله إل مسسا قسسدم‬
‫بين يديه‪.‬‬
‫قال أحمد بن عبدالله بن يونس‪ :‬كان معسسروف بسسن‬
‫واصل التيمي إمام مسجد بني عمرو بن سعد‪.‬‬
‫قيل‪ :‬إنه كسسان يختسسم القسسرآن فسسي كسسل ثلث سسسفًرا‬
‫ه في صسسلته؛‬ ‫وحضًرا وأنه أم قومه ستين سنة لم يس ُ‬
‫مه‪.‬‬
‫لنها كانت ته ّ‬
‫مبتلسسى‬‫وقال عبدالملك بن أبجر‪ :‬ما من النسساس إل ُ‬
‫شك ُْره أو ُ‬
‫مب َْتلى ببلي ّةٍ لُينظسسر كيسسف‬ ‫بعافية لُينظر كيف ُ‬
‫صبُره‪.‬‬
‫وفي الخسسبر يسسأتي علسسى النسساس زمسسان يكسسون هلك‬
‫ه بسسالفقر‬ ‫الرجل على يد زوجته وأبسسويه وولسسده ُيعيرون س ُ‬

‫‪163‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ويكلفونه ما ل يطيق فيدخل في المداخل التي يذهب‬
‫فيها دنه فيهلك‪ ،‬قلت‪ :‬هذا حاصل في عصرنا فتأمل‪.‬‬
‫سليمان التيمي‪ ،‬قال‪ :‬ص سّلى إلسسى‬ ‫عن معمر مؤذن ُ‬
‫سليمان التيمي العشاء الخرة‪ ،‬وسسسمعته يقسسرأ‪:‬‬ ‫جنبي ُ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫ه ال ُ‬ ‫د ِ‬‫ذي ب ِي َ ِ‬‫ك ال ّ ِ‬ ‫‪‬ت ََباَر َ‬
‫وهُ ُزل ْ َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ف ً‬ ‫ما َرأ ْ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫قال‪ :‬فلما أتى على هذه الية ‪َ ‬‬
‫فلُروا ‪‬جعسسل ُيرد ّد ُهَسسا حسستى‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫جوهُ اّلل ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ت َ‬ ‫سيئ َ ْ‬ ‫ِ‬
‫ف أهل المسجد وانصرفوا‪ ،‬قال‪ :‬فخرجت وتركُته‪.‬‬ ‫خ ّ‬
‫قال‪ :‬وعدت لذان الفجر فإذا هو في مقامه‪ ،‬قسسال‪:‬‬
‫ما‬‫فل َ ّ‬‫ت‪ ،‬فسسإذا هسسو لسسم يجزهسسا وهسسو يقسسول‪َ  :‬‬ ‫مع ْ ُ‬ ‫فتس ّ‬
‫َ‬
‫فُروا ‪.‬‬ ‫ن كَ َ‬
‫ذي َ‬ ‫جوهُ ال ّ ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ت َ‬ ‫سيئ َ ْ‬
‫ة ِ‬ ‫ف ً‬ ‫وهُ ُزل ْ َ‬ ‫َرأ ْ‬
‫ت )أي يثنسسون عليسسه(‪ ،‬قسسال‪ :‬ل‬ ‫وقيسسل لسسه‪ :‬أنسست أن س َ‬
‫تقولوا هكذا ل أدري ما يبدو لي مسسن ربسسي عسسز وجسسل‪،‬‬
‫م‬‫مللا ل َل ْ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّل ِ‬ ‫مل َ‬ ‫هللم ّ‬‫دا ل َ ُ‬ ‫وب َ َ‬ ‫ت الله يقسسول‪َ  :‬‬ ‫سمع ُ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫سُبو َ‬‫حت َ ِ‬ ‫كوُنوا ي َ ْ‬ ‫يَ ُ‬
‫دثني‬ ‫مسُر حس ّ‬ ‫معْت َ ِ‬‫ت قسال لبنسسه‪ :‬يسسا ُ‬ ‫ما حضرهُ المسسو ُ‬ ‫ول ّ‬
‫ن الظ ّسسن‬ ‫ص لعلي ألقى الله عّز وجل وأنسسا حس س ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫بالّر َ‬
‫به‪.‬‬
‫ن فَْرقَسسد‬ ‫عتبسسة ب س ُ‬ ‫عن العمش قال‪ :‬قال عمرو بسسن ُ‬
‫ت الله ثلًثا فأعطاني اثنتين وانتظر الثالثة‪ ،‬سألته‬ ‫سأل ْ ُ‬ ‫َ‬
‫هدني في الدنيا فما أبسسالي مسسا أقبسسل ومسسا أدبسسر‪،‬‬ ‫أن ُيز ّ‬
‫وسألته أن ُيقوّْيني على الصلة فرزقني منها‪ ،‬وسألته‬
‫الشهادة فأنا أرجوها‪.‬‬
‫مص سّرف يقسسول فسسي دعسسائه‪ :‬اللهسسم‬ ‫كان طلحة بسسن ُ‬
‫سمعتي‪.‬‬ ‫اغفر لي ريائي و ُ‬
‫خليد العصري‪ :‬كلنا قد أيقن بالموت وما نسسرى‬ ‫قال ُ‬
‫دا‪ ،‬وكلنا قد أيقن بالجنة وما نرى لها عام ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫له مستع ً‬
‫وكلنا قسسد أيقسسن بالنسسار ومسسا نسسرى لهسسا خائًفسسا‪ ،‬فعلم‬
‫تعرجون‪ ،‬وما عسيتم تنتظرون‪ ،‬الموت فهو أول وارد‬
‫عليكم من الله بخير أو بشر‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫إخواني‪ ،‬إنكم تغدون وتروحون في آجال قد غيبسست‬
‫عنكم ل تدرون متى تهجم عليكم فالوحا الوحا والنجسسا‬
‫سرع‪.‬‬ ‫م ْ‬‫ب ُ‬ ‫النجا فالطال ُ‬
‫ث فيسسسه‬ ‫دا ِ‬‫حسسس َ‬
‫ظ بال ْ‬ ‫ن وُنسسسوقَ ُ‬ ‫مسسا ِ‬ ‫ف الّز َ‬‫صسسْر ُ‬ ‫َيجسسد ّ بنسسا َ‬
‫ل ون َغُْفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ل‬ ‫ون َْهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُز ُ‬
‫ل أو‬ ‫ج ٌ‬ ‫سسسستعْ َ‬ ‫م ْ‬‫ب ُ‬ ‫سسسسَتل ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ن أْو و ُ‬ ‫ع ٌ‬ ‫س إل ظسسا ِ‬ ‫مسسا النسسا ُ‬ ‫و َ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ل‬ ‫مؤ ّ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوَد ّعٌ ُ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫من ْسسزل ً ب َسسا َ‬ ‫َ‬
‫مسسا قَطعْن َسسا َ‬ ‫ل إذا َ‬ ‫مَنسسازِ ٌ‬‫م إل َ‬ ‫وما هَذِهِ اليا ُ‬
‫ل‬ ‫مْنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسز ُ‬ ‫ب جمي ْعَن َسسا َ‬ ‫ما ي ُغِ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫فََناٌء ُ‬
‫مل ٌ‬
‫ت‬ ‫مسسا َ‬‫خ سٌر َ‬ ‫ش من ّسسا آ ِ‬ ‫ت إذا عسسا َ‬ ‫ب لسسي كْنسس ُ‬ ‫ح ٍ‬ ‫صسسا ِ‬‫وكسسم َ‬
‫أكسسسسسسسسسسرهُ فَْقسسسسسسسسسسد َهُ أوّ ُ‬
‫ل‬
‫ه مّنسسسسي الَفَنسسسساءُ‬ ‫م ُ‬‫سسسسسل ّ َ‬ ‫تَ َ‬
‫ل‬‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫مع َ ّ‬‫ال ُ‬

‫اسمعوا عظة الزمان إن كنتم تسسسمعون‪ ،‬وتسسأملوا‬


‫تقّلب الحوال إن كنتم ُتبصرون‪.‬‬
‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬لو سمع الخلئق صوت النياحة‬
‫ب منهسسم‬ ‫على الدنيا من ألسنة الفناء لتساقطت القلو ُ‬
‫حزًنا‪.‬‬
‫ت‬ ‫ة الجن سةِ ل َس َ‬
‫ذاب ِ ِ‬ ‫ن اليمان ن ُْزهَ س َ‬ ‫ل بعي ِ‬‫ولو رأت العقو ُ‬
‫س شوًقا إليها‪.‬‬ ‫الُنفو ُ‬
‫ت‬ ‫ة لخالِقهسسا لتخل َّعسس ْ‬ ‫ب المحبسس َ‬ ‫ولسسو أدركسست القلسسو ُ‬
‫صل َُها ولها فسبحان مسسن أغفسسل الخليقسسة عسسن ك ُن ْس ِ‬
‫ه‬ ‫مَفا ِ‬ ‫َ‬
‫هم الوصف عن حقائق هذه النباء‪.‬‬ ‫هذه الشياء وألها ُ‬
‫حظ ُُهم‬ ‫ما َ‬ ‫حِقُر َقو ً‬‫سى وي َ ْ‬ ‫جوهَرِ الشياء يأ َ‬ ‫ل من َ‬ ‫من َنا َ‬
‫ض‬
‫عسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَر ُ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ب ُغْي َت َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ن‬‫ف ل يسسدُرو َ‬ ‫خسسارِ ِ‬ ‫ب الّز َ‬ ‫حس ّ‬ ‫مسسن قسسوم ٍ ُ‬ ‫ب ِ‬ ‫جسس ُ‬
‫إنسسي لعْ َ‬
‫ض‬‫مسسسسسسسسسسسا الغسسسسسسسسسسسر ُ‬ ‫م َ‬ ‫يشسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُفهُ ُ‬
‫م بهسسسا‬ ‫حل ٌ‬ ‫ل وأ ْ‬ ‫م ب َل َسسسى عُُقسسسو ٌ‬ ‫حل َ‬ ‫أل عُُقسسسسسسسسسسسول أل أ ْ‬
‫ض‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَر ُ‬ ‫م َ‬ ‫هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬‫جُر ُ‬‫ت َْز ُ‬

‫‪165‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫اللهم تقبل توبتنا‪ ،‬واغسل حوبتنا‪ ،‬وأجسسب دعوتنسسا‪،‬‬
‫س سل ُ ْ‬
‫ل‬ ‫جت َن َسسا‪ ،‬واهْسسد ُقلوبنسسا‪ ،‬وس سد ّد ْ ألسسسنتنا‪ ،‬وا ْ‬‫ح ّ‬
‫وثبسست ُ‬
‫دورنا‪.‬‬ ‫ص ُ‬ ‫ة ُ‬ ‫سخيم َ‬
‫واغفر لنا ولوالدينا وجميسسع المسسسلمين برحمتسسك يسسا‬
‫أرحم الراحمين‪ ،‬وصل الله على محمد وآلسسه وصسسحبه‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫فوائد ومواعظ‬
‫اعلم يا أخي‪ ،‬أن الناس عند المسسوت ثلثسسة أقسسسام‪،‬‬
‫الول‪ :‬ذو بصيرة علم أن النسسسان وإن طسسال عمسسره‬
‫في الدنيا فهو كخطفسة بسرق لمعست فسي السسماء ثسم‬
‫خسسروج‬ ‫عادت للختفاء‪ ،‬فل يثقل على العاقل اللبيبي ال ُ‬
‫من الدنيا إل بقدر ما يفوته من خدمة ربسه عسسز وجسسل‪،‬‬
‫من ما يقربه إليسسه‪ ،‬والشسسفاق ممسسا يقسسول أو‬ ‫والزدياد ِ‬
‫يقال له‪.‬‬
‫م تجزع؟ قال‪ :‬لنسسي‬ ‫ما قيل له‪ :‬ل ِ َ‬ ‫كما قال بعضهم ل ّ‬
‫ه‪ ،‬وأقسسدم علسسى ربسسي جسسل وعل‬ ‫ك طريًقا لم أعهد ْ ُ‬ ‫أسل ُ ُ‬
‫ول أدري ما أقول وما يقال لي‪.‬‬
‫ل هذا الشخص ل ينُفر من الموت‪ ،‬بل إذا عجَز‬ ‫ومث ْ ُ‬
‫عن العبادة رّبما أشتاقَ إليه‪.‬‬
‫ك الحياة‬ ‫ضهم في مناجاته‪ :‬إلهي إني سألت ُ َ‬ ‫وقال بع ُ‬
‫ت‬‫ت في البعسسد عنسسك‪ ،‬وزهسسد ُ‬ ‫في دار الممات فقد رغب ُ‬
‫في القرب منك‪.‬‬
‫ب ِلقسساَء اللسسه‬ ‫حس ّ‬ ‫فقد قال نبُيك وصسسفُيك ‪َ » :‬‬
‫مسسن أ َ‬
‫من ك َرِهَ ل َِقاَء الله ك َرِهَ الله لقاءه«‪.‬‬ ‫ب الله ل َِقاَءهُ و َ‬ ‫ح ّ‬‫أ َ‬
‫متلطسسخ السسسريرة‬ ‫ل رديسسء البصسسيرة ُ‬ ‫الثاني‪ :‬رجسس ٌ‬
‫منكٌر للبعث‪ ،‬قد رضي بالحياة الدنيا‬ ‫ك في الدنيا ُ‬ ‫منهم ٌ‬ ‫ُ‬
‫من الخرة‪.‬‬ ‫واطمأن بها ويئس ِ‬
‫ن لَ‬‫ذي َ‬ ‫ن اّللل ِ‬ ‫فهسسذا مصسسيرهُ كمسسا ذكسسر اللسسه‪ :‬إ ِ ّ‬
‫م لأ َّنوا‬‫واطْ َ‬‫ة ال لدّن َْيا َ‬‫حي َللا ِ‬‫ضللوا ِبال ْ َ‬‫وَر ُ‬ ‫قاءََنا َ‬ ‫ن لِ َ‬‫جو َ‬ ‫ي َْر ُ‬
‫ول َئ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ن*أ ْ‬ ‫فُلو َ‬ ‫غللا ِ‬‫ن آَيات َِنللا َ‬ ‫علل ْ‬
‫م َ‬ ‫هلل ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫واّللل ِ‬‫هللا َ‬ ‫بِ َ‬
‫ْ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫سُبو َ‬ ‫كاُنوا ي َك ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫م الّناُر ب ِ َ‬ ‫ه ُ‬‫وا ُ‬‫مأ َ‬ ‫َ‬
‫‪166‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫حا وآخسسر‬‫مسسن خلطسسوا عمل ً صسسال ً‬ ‫القسم الثالث‪َ :‬‬
‫ضسسا مصسسيرهم كمسسا‬ ‫سيًئا واعترفوا بسسذنوبهم‪ ،‬وهسسؤلء أي ً‬
‫ن‬
‫خلُرو َ‬‫وآ َ‬‫ل وعل وتقسسدس‪َ  :‬‬ ‫ذكر الله‪ ،‬قسسال اللسسه ج س ّ‬
‫سي ًّئا‬
‫خَر َ‬ ‫وآ َ‬
‫حا َ‬‫صال ِ ً‬ ‫مل ً َ‬ ‫ع َ‬
‫طوا َ‬ ‫خل َ ُ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فوا ب ِذُ ُ‬ ‫عت ََر ُ‬
‫نوب ِ ِ‬
‫َ‬
‫ا ْ‬
‫م‬
‫حيلل ٌ‬ ‫فوٌر ّر ِ‬ ‫ه َ‬
‫غ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫م إِ ّ‬‫ه ْ‬ ‫ب َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ه أن ي َُتو َ‬ ‫سى الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬
‫ثم اعلم أن طول العمر محبوب ومطلوب إذا كسسان‬
‫فسسي طاعسسة اللسسه؛ لقسسوله –عليسسه الصسسلة والسسسلم‪:-‬‬
‫سسن عملسه« وكلمسا كسان‬ ‫»خيركم من طال عمره وح ُ‬
‫العمر أطول في طاعسسة اللسسه‪ ،‬كسسانت الحسسسنات أكسسثر‬
‫والدرجات أرفع‪.‬‬
‫وأما طوله في غير طاعة‪ ،‬أو فسسي المعاصسسي‪ ،‬فهسسو‬
‫شر وبلء‪ ،‬تكثر السيئات‪ ،‬وتضاعف الخطيئات‪.‬‬
‫دنيا ليستكثر‬ ‫ب طول البقاء في ال ُ‬ ‫ومن زعم أنه يح ُ‬
‫من العمال الصالحة المقربة إلسسى اللسسه تعسسالى‪ ،‬فسسإن‬
‫مشمًرا فيها ومجانًبسسا لمسسا‬ ‫صا عليها و ُ‬ ‫كان مع ذلك حري ً‬
‫يشغل عنها من أمور الدنيا فهو بالصادقين أشبه‪.‬‬
‫س سوًّفا فيهسسا أي العمسسال‬ ‫م َ‬ ‫وإن كان متكاسل ً عنها و ُ‬
‫الصالحة‪ ،‬فهسسو مسسن الكسساذبين المتعلّليسسن بمسسا ل ُيغنسسي‬
‫عنه‪.‬‬
‫لن من أحب أن يبقى لجل شيء وجدته في غاية‬
‫ه وُيحال بيُنه وبيَنه‪.‬‬ ‫ة أن يفوت ُ‬ ‫الحرص عليه مخاف َ‬
‫حّله الدنيا ول يمكن فسسي‬ ‫ما والعمل الصالح م َ‬ ‫ولسي ّ َ‬
‫غيرها؛ لن الخرة داُر جزاء وليست بدار عمل‪.‬‬
‫فتفكر يا أخي في ذلك عسى الله أن ينفعنا وإّيسساك‬
‫مر وبسسادر بالعمسسال‬ ‫واستعن بالله واصبر واجتهسسد وش س ّ‬
‫الصالحة قبل أن ُيحال بينك وبينها فل تجد إليها سبي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ض للفسسات‬ ‫ن حذر من مفاجأة الجسسل فإنسسك غسسر ٍ‬ ‫وك ُ ْ‬
‫س مالك السسذي‬ ‫ب لسهام المنايا وإنما رأ ُ‬ ‫ف منصو ُ‬ ‫وهد ٌ‬
‫ك الله أن تشتري به سعادة البسسد هسسذا‬ ‫ك إن وفََق َ‬ ‫يمكن ُ َ‬
‫مر‪.‬‬ ‫العُ ْ‬
‫‪167‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫َ‬
‫ملا ي َت َلذَك ُّر‬ ‫مْر ُ‬
‫كلم ّ‬ ‫ع ّ‬ ‫و ل َل ْ‬
‫م نُ َ‬ ‫قال الله جل وعل‪ :‬أ َ‬
‫من ت َذَك َّر ‪‬الية‪ ،‬فإّياك أن تنفق أوقاته وأيسسام ُ‬
‫ه‬ ‫ه َ‬
‫في ِ‬
‫ِ‬
‫سه فيما ل خير فيه ول منفعسسة فيطسسول‬ ‫وساعاته وأنفا َ‬
‫ك بعد الموت‪.‬‬ ‫حزن ُ َ‬
‫مك و ُ‬ ‫سر َ‬
‫ك وند َ ُ‬ ‫تح ّ‬
‫ق في غَْيسس ِ‬
‫ر‬ ‫ل عليه من النفا ِ‬ ‫س المسسسسسا ِ‬ ‫إذا كسسسسسان رأ ُ‬
‫ب‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬
‫حت َرِْز وا ِ‬‫ك فسسسسسسسسا ْ‬‫مسسسسسسسسرِ َ‬
‫عُ ْ‬

‫قال محمد بن القاسم خادم محمد بن أسلم‪ ،‬قسسال‬


‫ت فسسي صسسلب‬ ‫محمد بن أسلم‪ :‬مالي ولهذا الخلق ُ‬
‫كن س ُ‬
‫دي‪.‬‬ ‫ح ِ‬
‫أبي و ْ‬
‫دي‪.‬‬
‫ح ِ‬
‫ثم صرت في بطن أمي و ْ‬
‫دي‪.‬‬ ‫ح ِ‬
‫ت الدنيا و ْ‬ ‫خل ْ ُ‬
‫ثم د َ َ‬
‫ثم أدخل في قبري وحدي‪.‬‬
‫ثم يأتيني منكر ونكير فيسألني وحدي‪ ،‬فإن صرت‬
‫إلى خير صرت وحدي‪.‬‬
‫ثم يوضع عملي وذنوبي في الميزان وحدي‪.‬‬
‫ت وحدي‪.‬‬ ‫ت إلى الجنة ُبعث ُ‬ ‫وإن ُبعث ْ ُ‬
‫ت وحدي‪ ،‬فما لي وللناس‪.‬‬ ‫ت إلى النار بعث ُ‬ ‫وإن ُبعث ُ‬
‫ت‬‫ثم تفكر ساعة فوقعت عليه الّرعْد َةُ حسستى خشسسي ُ‬
‫أن يسُقط‪ ،‬قال‪ :‬وسمعته يحلف كذا وكذا مرة يقول‪:‬‬
‫ت‪.‬‬‫ث ل يراني ملكاي لفعل ُ‬ ‫ت أن أتطوع حي ُ‬ ‫لو قدر ُ‬
‫ولكني ل أستطيع ذلك خوًفا من الرياء‪.‬‬
‫كسسوًزا مسسن‬‫وكان يدخل بيته وُيغلقُ بابه ويدخل معه ُ‬
‫ماء فلم أدري ما يصنع‪.‬‬
‫ه‪،‬‬‫ه أم ُ‬
‫ت ابًنا له صغيًرا يحكي ُبكاءهُ فنهت ُ‬ ‫حتى سمع ُ‬
‫ت لها‪ :‬ما هذا البكاء؟‬ ‫فقل ُ‬
‫فقسسالت‪ :‬إن أبسسا الحسسسن يسسدخل هسسذا السسبيت فيقسسرأ‬
‫القرآن ويبكي فيسمعه الصبي فيحكيه )أي يقلده(‪.‬‬
‫وكان إذا أراد أن ُيخرج غسسسل وجهسسه واكتحسسل لئل‬
‫ُيرى عليه أثُر الُبكاِء‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫بلغ يا أخي الذين يذكرون أعمالهم للناس مسن حسج‬
‫ة‪.‬‬
‫وصدقة وصيام رياًء وسمع ً‬
‫ث إليهسسم‬ ‫طيهم ويكسوهم فيبع ُ‬ ‫ما وي ُعْ ِ‬ ‫وكان يصل قو ً‬
‫ويقول للرسول‪ :‬انظسسر أن ل يعلمسسوا مسسن بعثسسه إليهسسم‬
‫ويأتيهم هو بالليل فيذهب به إليهم ويخفى نفسه‪.‬‬
‫ول يعلمون من الذي أعطاهم ول أعلسسم أنسسه وصسسل‬
‫دا بأقل من مائة درهم إل أن ل يمكنه ذلك‪.‬‬ ‫أح ً‬
‫ت عليه قبل موته بأربعة أيسسام‪ ،‬فقسسال‪ :‬يسسا أبسسا‬ ‫ودخل ُ‬
‫صن َعَ الله بأخيك من الخير قد ْ َنسسَز َ‬
‫ل‬ ‫عبدالله‪ ،‬أبشر بما َ‬
‫ن الله علي أنه ليسسس عنسدي درهسسم‬ ‫م ّ‬‫ت وقد َ‬ ‫بي المو ُ‬
‫ُيحاسبني الله عليه‪.‬‬
‫ب‪ ،‬فلم يسسدع‬ ‫ضعِْفي فإني ل أطيقُ الحسا َ‬ ‫وقد علم َ‬
‫عندي شيًئا ُيحاسسسبني اللسه عليسسه ثسم أغلسسق البساب ول‬
‫تأذن لحدٍ علي حتى أموت‪.‬‬
‫ج ن السسدنيا وليسسس أدعُ ميراث ًسسا غيسسر‬ ‫واعلم أني أخسسر ُ‬
‫كسائي‪ ،‬وإنائي الذي أتوضأ فيه وكتبي‪.‬‬
‫مسسا‪ ،‬فقسسال‪:‬‬ ‫صرةٌ فيهسسا نحسسو ثلثيسسن دره ً‬ ‫وكانت معه ُ‬
‫ل لسسي‬ ‫ح ّ‬ ‫ب له ول أعلم شيًئا أ َ‬ ‫هذا لبني أهداهُ إليه قري ٌ‬
‫ت وماُلك لبيك«‪.‬‬ ‫منه؛ لن النبي ‪ ‬قال‪» :‬أن ْ َ‬
‫طوا على جنازتي لبدي وغطسسوا‬ ‫س ُ‬‫فك َّفُنوني منها واب ْ ُ‬
‫طوهُ مسسسكيًنا يتوضسسأ‬ ‫دقوا بإنائي أع ُ‬ ‫ي بكساِئي وتص ّ‬ ‫عل ّ‬
‫منه ثم مات باليوم الرابع س رحمه الله س‪.‬‬
‫قيل‪ :‬إنه مرض قيس أحد الكرماء فاستبطأ إخوانه‬
‫فسسي عيسسادته‪ ،‬فسسسأل عنهسسم‪ ،‬فقسسالوا‪ :‬إنهسسم يسسستحيون‬
‫دين‪.‬‬ ‫ك عليهم من ال ّ‬ ‫لمال َ‬
‫فقال‪ :‬أخزى الله مال ً يمنعُ الخوان عن الزيارة‪.‬‬
‫س عليه مال فهسسو‬ ‫منادًيا ينادي من كان ل َِقي ْ ٍ‬ ‫ثم أمر ُ‬
‫ح ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫منه في ِ‬
‫واده‪.‬‬ ‫ة داره بالعشى لكثرة عُ ّ‬ ‫ت عتب ُ‬ ‫كسر ْ‬ ‫ف ُ‬
‫ج‪،‬‬‫وأتسسى رجسسل صسسديًقا ودقّ عليسسه البسساب فلمسسا خسسر َ‬
‫ي‪.‬‬
‫عل ّ‬ ‫ن َ‬ ‫قال‪ :‬لماذا جئتني؟ قال‪ :‬لربعمائة درهم د َي ْ ٌ‬
‫‪169‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فدخل الدار ووزن له أربعمسسائة درهسسم وسسسلمها لسسه‬
‫ودخل الدار يبكي‪.‬‬
‫فقسسالت امرأتسسه‪ :‬هّل تعللسست واعتسسذرت حيسسن ش س ّ‬
‫ق‬
‫عليك الجابة؟‬
‫حسساله‬‫ت عنه ولسسم أتفّقسد ْ َ‬ ‫فقال‪ :‬إنما أبكي لني غفل ُ‬
‫ج أن ُيفاجئني به‪.‬‬ ‫حتى احتا َ‬ ‫َ‬
‫ت يسسوم‬ ‫دوي قسسال‪ :‬انطلق س ُ‬ ‫حذيفسسة العَ س َ‬ ‫وحكسسي عسسن ُ‬
‫موك لطلب ابن عم لي ومعي شيء من ماٍء وأنسسا‬ ‫الير ُ‬
‫ه فسسإذا‬ ‫ل إن كان به رم سقٌ سسسقيته ومسسسحت وجه س ُ‬ ‫أقو ُ‬
‫ل يقول‪:‬‬ ‫ج ٌ‬
‫م فإذا َر ُ‬ ‫ي ن َعَ ْ‬‫ك فأشار إل ّ‬ ‫ت‪ :‬أسقي َ‬ ‫أنابه‪ ،‬فقل ُ‬
‫ن عمي‪ :‬انطلقْ إليه‪.‬‬ ‫ه‪ ،‬فقال اب ُ‬ ‫آ ْ‬
‫ت‪:‬‬‫ن العسساص‪ ،‬فقل س ُ‬ ‫م بس ُ‬ ‫ت إليسسه فسسإذا هُ سوَ هشسسا ُ‬ ‫فجئ ُ‬
‫م آخر يقول‪ :‬آه‪ ،‬فقال‪ :‬انطلق بسسه‬ ‫ك فسمعَ هشا ُ‬ ‫اسقي َ‬
‫مات‪.‬‬ ‫إليه فجئت إليه فإذا هو قد َ‬
‫ضا قد مات‪.‬‬ ‫ثم رجعت إلى هشام فإذا هو أي ً‬
‫مي فإذا هو قد مات‪.‬‬ ‫ت إلى ابن ع ّ‬ ‫ثم رجع ُ‬
‫ح‬ ‫خي و وحسسادي المسسوت بسسالروا ِ‬ ‫م ذا السسسترا ِ‬ ‫إلسسسى ك َسسس ْ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسادي‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسادي َ‬ ‫الت ّ َ‬
‫مسسادِ‬
‫ج َ‬‫ض سَنا ول َك ِّنسسا أشسسد ّ مسسن ال َ‬ ‫دا لت ّعَ ْ‬ ‫مسسا ً‬
‫ج َ‬ ‫فلسسو ك ُن ّسسا َ‬
‫ل‬‫صسسسِغي إلسسسى قَسسسو ِ‬ ‫ت ومسسسا ن ُ ْ‬ ‫ل وقس ً‬ ‫ة ك ُس ّ‬‫مني ّس ُ‬ ‫ت َُناِدينسسا ال َ‬
‫مَنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساِدي‬ ‫س الُنفسسسوس إلسسسى ال ُ‬ ‫وأنفسسسا ُ‬
‫ديسسادِ‬
‫ب إلى اْز َ‬ ‫ن الذ َُنو َ‬ ‫ص ولك ّ‬ ‫ان ْت َِقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ٍ‬
‫حصسسادِ‬ ‫دواؤُهُ غيَر ال َ‬ ‫س َ‬ ‫ه فلي َ‬ ‫مسسسسا السسسسّزْرعُ َقسسسساَرن َ ُ‬ ‫إذا َ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسِفَراٌر‬ ‫ا ْ‬
‫مَناديهسسا ُينسساِدي‬ ‫دى وبسسالخرى ُ‬ ‫ب وقد ت َب َ ّ‬ ‫كأّنك بالمشي ِ‬

‫وقالوا‪:‬‬
‫مك ُ ُ‬
‫م إلسسى ي َسوْم ِ الت ّن َسسادِ‬ ‫سل َ‬
‫َ‬ ‫ضسسى فسساقَْرْوا عليسسه‬
‫قَ سد ْ قَ َ‬

‫ن بسسن عبسسدالله فسسي‬


‫ت عو َ‬‫عن أبي معشر قال‪ :‬رأي ُ‬
‫دموعه‪.‬‬ ‫هب ُ‬
‫ح وجه ُ‬‫مجلس أبي حازم يبكي ويمس ُ‬
‫‪170‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ك؟ قسال‪ :‬بلغنسي‬ ‫ع َ‬‫مو ِ‬ ‫ك بسد ُ‬ ‫جه َ َ‬‫فقيل له‪ :‬لم تمسح و ْ‬
‫أنه ل تصيب دموع النسان مكاًنا من جسده إل حسسرم‬
‫الله عز وجل ذلك المكان على النار‪.‬‬
‫جاجة ُيؤّثر فيها جمي ُ‬
‫ع‬ ‫ب التائب بمنزلة الُز َ‬ ‫وقال‪ :‬قل ُ‬
‫م إلسى‬ ‫هس ْ‬ ‫ما أصابها‪ ،‬فالموعظة إلى قلسوبهم سسرْيعة و ُ‬ ‫َ‬
‫الرقة أقرب‪.‬‬
‫ه إلسسى‬ ‫ب تائب دعته توبت ُ ُ‬ ‫فداُووا القلوب بالتوبة فلُر ّ‬
‫ه عليهسسا‪ ،‬وجالسسسوا التسسوابين‪ ،‬فسسإن‬ ‫الجنسسة حسستى أوفسسدت ْ ُ‬
‫رحمة الله إلى التوابين أقرب‪.‬‬
‫ل‪ :‬أيسسن الزاهسدون فسسي‬ ‫جل ً يقسو ُ‬ ‫سمع المسسسعودي ر ُ‬
‫الدنيا الراغبون فيما عند الله؟ فقسسال‪ :‬اقلسسب المعنسسى‬
‫وضع يدك على من شئت‪.‬‬
‫عن صالح المري‪ ،‬قسسال‪ :‬كسسان عطسساء السسسلمي قسسد‬
‫ت لسسه‪ :‬إنسسك قسسد‬ ‫ف قسسال‪ :‬قل س ُ‬ ‫ضسسع َ‬ ‫أض سّر بنفسسسه حسستى ُ‬
‫شسسيًئا فل تسسرد ّ‬ ‫ك َ‬ ‫ف َلسس َ‬ ‫مت َك َِلسس ٌ‬‫ك وأنسسا ُ‬ ‫ت بنفسسس َ‬ ‫ضسسَرْر َ‬‫أ ْ‬
‫متي‪ ،‬قال‪ :‬أفعل‪.‬‬ ‫كرا َ‬
‫ت وسسسمًنا‬ ‫قال‪ :‬فاشتريت سويًقا من أجودِ ما وجسسد ُ‬
‫ة ولينُتها وأرسلُتها مع ابني وكوًزا من‬ ‫شريب ً‬‫ت له ُ‬ ‫فجعل ُ‬
‫ت له‪ :‬ل تبرح حتى يشرب ََها‪ ،‬فرجع‪ ،‬فقال‪ :‬قد‬ ‫ماٍء‪ ،‬وُقل ُ‬
‫شربَها‪.‬‬
‫جَعهسا ولسسم‬ ‫ت لسه نحوهسا فر ّ‬ ‫فلما كان من الغد جعلس ُ‬
‫ي‬ ‫ت‪ :‬سبحان الله رددت عل س ّ‬ ‫يشرْبها فأتيُته فلمُته‪ ،‬فقل ُ‬
‫ك‪ ،‬ويقويسسك علسسى الصسسلة‬ ‫كرامسستي إن هسسذا ممسسا ُيعي ْن ُس َ‬
‫وعلى ذكر الله‪.‬‬
‫ل‬ ‫ك اللسسه قسسد شسسربُتها أو َ‬ ‫سسوُْء َ‬ ‫قال‪ :‬يا أبسسا بشسسر ل ي ُ‬
‫ت نْفسسي علسى أن تسسسيغَها‬ ‫مرة‪ ،‬فلما كان الغسد ُ راود ُ‬
‫ت ذلك‪.‬‬ ‫فما قَدِْر ُ‬
‫ه‬ ‫عل ُ‬
‫جّر ُ‬‫ت هذه اليسسة‪ :‬ي َت َ َ‬ ‫ت أن أشربها ذكر ُ‬ ‫إذا أرد ُ‬
‫مللا‬ ‫م َ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ول َ ي َ َ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬
‫كا ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫ت ِ‬ ‫و ُ‬
‫م ْ‬‫ه ال َ‬
‫وي َأِتي ِ‬
‫ه َ‬‫غ ُ‬
‫سي ُ‬‫كادُ ي ُ ِ‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ب غِليظ ‪.‬‬ ‫ذا ٌ‬‫ع َ‬
‫وَراِئه َ‬ ‫من َ‬ ‫و ِ‬‫ت َ‬ ‫مي ّ ٍ‬‫و بِ َ‬ ‫ه َ‬
‫ُ‬

‫‪171‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت لنفسسسي‪ :‬أرانسسي‬ ‫فبكى صالح عند هذه‪ ،‬وقال‪ :‬قل ُ‬
‫في وادٍ وأنت في آخر‪.‬‬
‫ت علسسى السسسلمي وقسسد‬ ‫وقال العلء بن محمد‪ :‬دخل ُ‬
‫غشي عليه‪ ،‬فقلت لمرأته‪ :‬ما شأن عطسساء؟ فقسسالت‪:‬‬ ‫ُ‬
‫مْغشًيا عليه‪.‬‬‫ت جارتنا التنور فنظر إليه فخّر ُ‬ ‫جر ْ‬ ‫س ّ‬
‫ت أهسسل النسسار ومسسا ينسسزل بهسسم مسسن‬ ‫وقسسال‪ :‬إذا ذكسسر ُ‬
‫سي بهم‪.‬‬ ‫ت لي ن َْف ِ‬ ‫عذاب الله وعقابه َتمث ّل َ ْ‬
‫ب فسسي‬ ‫دها إلسسى عُُنقهسسا وتسسسح ُ‬ ‫ل يس ُ‬ ‫س تغ ّ‬ ‫فكيف ل ِن َْف ٍ‬
‫النار‪ ،‬أل تصيح فتبكي!‬
‫كي! وما أقل غنسساُء الُبكسساء‬ ‫وكيف لنفس تعذب أل تب ْ ِ‬
‫عن أهله إن لم يرحمهم الله!‬
‫وقال له بشر بن منصسسور‪ :‬مسسا هسسذا الحسسزن؟ قسسال‪:‬‬
‫عنقي والقسسبر بيسستي‪ ،‬وفسسي القيامسسة‬ ‫ك الموت في ُ‬ ‫ويح َ‬
‫موقفي‪ ،‬وعلى جسر جهنم طريقسسي‪ ،‬وربسسي مسسا أدري‬
‫س فُغشي عليه‪.‬‬ ‫ما يصنع بي‪ ،‬ثم تنّف َ‬
‫عمسسر بسسن درهسسم لعطسساء‪ :‬حسستى مسستى نسسسهو‬ ‫وقسسال ُ‬
‫ف فصسساح عطسساء‬ ‫ونلعب وملك الموت في طلبنا ل ي َك ُس َ‬
‫مْغشًيا عليه‪.‬‬ ‫خّر َ‬ ‫ة َ‬ ‫ح ً‬‫صي َ‬
‫واجتمع الناس وقعد عمر عند رأسه فلم يزل على‬
‫حمل‪.‬‬ ‫حاله حتى المغرب ثم أفاق ف ُ‬
‫قيل‪ :‬إن أبا عثمان المنتخب أنشد نور السسدين أبيات ًسسا‬
‫س بسسه نسسور السسدين فسسي ملكسسه مسسن‬ ‫متلب ٌ‬ ‫ن ما هو ُ‬ ‫تتضم ُ‬
‫المكوس والضرائب وفيها تخويف وتحسسذير شسسديد لسسه‬
‫كانت هذه البيات سبًبا لوضعها عن الناس‪:‬‬

‫‪172‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسسةِ والسسسسماءُ‬ ‫يسسسوم الِقَيا َ‬ ‫ك أيها المغُْروُْر‬ ‫ل وُقُوْفَ َ‬ ‫مث ّ ْ‬ ‫ِ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوُر‬ ‫تَ ُ‬ ‫ت إلسسى‬ ‫ل إذا ن ُِقْلسس َ‬ ‫ماذا تقو ُ‬
‫منك ٌَر ون َك ِْيسسُر‬ ‫ك ُ‬ ‫جاَء َ‬ ‫دا و َ‬ ‫فْر ً‬ ‫ى‬ ‫الِبلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬
‫ب‬ ‫دا ذ َل ِي ْل ً والحسسسسسسا ُ‬ ‫فَسسسسسْر ً‬ ‫ت‬ ‫ل إذا وقَْفسسس َ‬ ‫مسسساذا تقسسسو ُ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ُْر‬ ‫عَ ِ‬ ‫ف‬ ‫موِْقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬ ‫بِ َ‬
‫ل‬ ‫سسس ٌ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ب ُ‬ ‫سسسا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫يسسوم ال ِ‬ ‫م‬ ‫صسسوْ ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫ك ال ُ‬ ‫ت فِْيسس َ‬ ‫وت َعَل َّقسس ْ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُروُْر‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ت فسسسسسسسسسسسي‬ ‫وأْنسسسسسسسسسسس َ‬
‫مْقُبوُر‬ ‫سد ٌ َ‬ ‫مو َ ّ‬ ‫ق الُقُبورِ ُ‬ ‫ضي ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫جن ُسسسوْد ُ‬ ‫ك ال ُ‬ ‫ت عَن ْسسس َ‬ ‫وت ََفّرقَسسس ْ‬
‫م أ ميسسُر‬ ‫ما ول قال النا ُ‬ ‫ي َوْ ً‬ ‫ت فسسسسسسسسسسسي‬ ‫وأْنسسسسسسسسسسس َ‬
‫ت‬ ‫فسسي عَسساَلم المسسوتى وأن ْس َ‬ ‫ت‬ ‫مسسسا وَل ِْيسسس َ‬ ‫ك َ‬ ‫ت أنسسس َ‬ ‫وَوَدِد ْ ْ‬
‫حِقي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫َ‬ ‫ة‬
‫ولَيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬
‫ك فسسي النسسام ِ‬ ‫َقلًقسسا ومالسس َ‬ ‫ن‬ ‫هسس َ‬ ‫ت ب َْعسسد َ الِعسسّز َر ْ‬ ‫وب َِقْيسس َ‬
‫مجْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫ُ‬ ‫حِفي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرةً‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫م َ‬ ‫سس ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫بو ْ‬ ‫خ سَرا ِ‬ ‫عَسسافي ال َ‬ ‫حزِي ًْنسسا‬ ‫ت عُْرَياًنسسا َ‬ ‫شسسْر َ‬ ‫ح ِ‬ ‫و ُ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوُْر‬ ‫مع ْ ُ‬ ‫ال َ‬ ‫باك ِي ًسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫ج سوُْر‬ ‫مه ْ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫مَعسسذ ّ ٌ‬ ‫ت ُ‬ ‫دا وأن ْ َ‬ ‫أب ً‬ ‫ك‬ ‫حَيسسا وقَل ُْبسس َ‬ ‫نت ْ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ضسسي ْ َ‬‫أَر ِ‬
‫م ت َْبسسد ُْو‬ ‫وم المعسسادِ وَْيسسو َ‬ ‫َيسس ْ‬ ‫س‬
‫دار ٌ‬ ‫َ‬
‫الُعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوُْر‬ ‫واك‬ ‫سس َ‬ ‫ظى ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ضي ْ َ‬ ‫أَر ِ‬
‫بُقْرِبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ‬
‫جو بَها‬ ‫ة ت َن ْ ُ‬
‫ج ً‬‫ح ّ‬ ‫ك ُ‬ ‫س َ‬ ‫مهّد ْ ل ِن َْف ِ‬ ‫َ‬

‫دا‬
‫فلما سمع نور الدين هذه البيات بكى بكاًء شدي ً‬
‫وأمسسر بوضسسع الضسسرائب والمكسسوس فسسي سسسائر البلد‬
‫وكتب إلى الناس ليكون منهم في حل مما كسسان أخسسذ‬
‫منهم‪ ،‬ويقول لهم‪ :‬إنما صرف ذلك في قتال أعدائكم‬
‫من الكفرة والسسذب عسسن بلدكسسم ونسسسائكم وأولدكسسم‪،‬‬
‫وكتب ذلك إلى سائر ممسسالكه وبلسسدان سسسلطانه وأمسسر‬
‫الوعاظ أن يستحلوا له من التجار‪ ،‬والله أعلم‪ ،‬وصسسل‬
‫الله على محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫‪173‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسن السسدنيا إل علسسى‬ ‫قال محمد بن واسع‪ :‬ما آسى ِ‬
‫ثلث‪ :‬صسساحب إذا اعسسوججت قسسومني‪ ،‬وصسسلة فسسي‬
‫ت مسسن‬ ‫ضِلها‪ ،‬وقو ٍ‬ ‫جماعة ُيحمل عني سهوها وأفوُز بّف ْ‬
‫الدنيا ليس لحد فيه منة‪ ،‬ول لله عز وجسسل علسسي فيسسه‬
‫تبعة‪.‬‬
‫ة وتعب ّسسد‪،‬‬ ‫كان بالكوفة رجل قد خرج عن د ُن ًْيا واسسسع ً‬
‫فقال الفضيل لعبدالله بن المبارك‪ :‬إن هاهنا رجل ً من‬
‫دنيسا واسسعة فسامض بنسا إليسه‬ ‫متعبدين قد خرج عسن ُ‬ ‫ال ُ‬
‫ننظسسر عقلسسه‪ ،‬فجسساءوا إليسسه وهسسو عليسسل وعليسسه عبسساءةٌ‬
‫ة لبنة فسلم عليه ابن المبارك‪ ،‬ثسسم‬ ‫وتحت رأسه قطع ُ‬
‫ه‪ :‬يا أخي‪ ،‬بلغنا أنسسه مسسا تسسرك عبسد ٌ شسسيًئا للسسه إل‬ ‫قال ل ُ‬
‫ك؟‬ ‫ض َ‬
‫ه الله ما هو أكثر منه فما عوّ َ‬ ‫ض ُ‬
‫عو ُ‬
‫ن المبسسارك‪:‬‬ ‫مسسا أنسسا فيسسه‪ ،‬فقسسال ابسس ُ‬ ‫ضسسا ب َ‬ ‫قسسال‪ :‬الّر َ‬
‫ك‪ ،‬وقاما على ذلك‪.‬‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫َ‬
‫ك‬‫خا له في اللسه‪ ،‬فقسال‪ :‬ل ي ُل ْهِي َّنس َ‬ ‫وأوصى بعضهم أ ً‬
‫النسساس عسسن ذات نفسسسك‪ ،‬فسسإن المسسر يخلسسص إ ليسسك‬
‫دونهم ولم أر شيًئا أحسن طلًبا ول أسرع إدراك ًسسا مسسن‬
‫حسنة حديثة لذنب قديم‪.‬‬
‫قال خليد العصري‪ :‬كلنا قد أيقن بالموت وما نسسرى‬
‫ل‪،‬‬ ‫دا‪ ،‬وكلنا قد أيقن بالجنة وما نرى لهسسا عسسام ً‬ ‫له مستع ً‬
‫وكلنسسا قسسد أيقسسن بالنسسار ومسسا نسسرى لسسه خائًفسسا‪ ،‬فعلم‬
‫تعرجون‪.‬‬
‫وما عسيتم تنتظرون الموت فهو أول وارد عليكسسم‬
‫من الله بخير أو شر‪ ،‬فيا اخوتسساه‪ ،‬سسسيروا إلسسى ربكسسم‬
‫سيًرا جمي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫وقال آخر‪ :‬ابسسن آدم لسو رأيسست يسسيَر مسا بقسي مسن‬
‫ت‬ ‫جو من أملسسك ولرغب س َ‬ ‫ت في طول ما تر ُ‬ ‫أجلك‪ ،‬لزهد َ‬
‫حي َِلك‪.‬‬‫كو ِ‬ ‫ص َ‬ ‫حْر ِ‬‫من ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫صْر َ‬
‫في الزيادة من عملك‪ ،‬ولق ّ‬
‫ك‬ ‫ك أهُْلس َ‬ ‫سسِلم َ‬ ‫ك‪ ،‬وا ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل قسد َ ُ‬ ‫م َ‬
‫ك إذا َز ّ‬ ‫ك َنسد َ ُ‬‫وإنما ي َل َْقا َ‬
‫حبْيب‪،‬‬ ‫ك ال َ‬ ‫ف عن َ‬ ‫صر َ‬ ‫ك‪ ،‬وَتبَرا منك القريب‪ ،‬وان ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ش ُ‬ ‫ح َ‬ ‫و َ‬
‫عائد ول في حسناتك زائد‪.‬‬ ‫فل أنت إلى د ُْنياك َ‬
‫‪174‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫نل‬ ‫مس ْ‬ ‫م سه ٍ ك َ َ‬‫ون َعُسسود ُ فسسي عَ َ‬ ‫ب‬ ‫طسسسو ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫مَنسسسا ال ُ‬‫دا ُتفهّ ُ‬ ‫أَبسسس ً‬
‫م‬‫ي َْفَهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ك ُُروَْر َ‬
‫ل ي َْرقُسسم وَعْظ َسسه‬ ‫فسسي الظ س ِ‬ ‫ت‬ ‫مَعنا الِعظسسا ُ‬ ‫سسسا ِ‬‫م َ‬‫ت َل َْقسسى َ‬
‫م‬ ‫مسسسسسسسسسسسن َيرُقسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫َ‬ ‫كأنمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫درج‬ ‫خيسسسسُر وُيسسسس ْ‬ ‫ي ُْقسسسسَرا ال ِ‬ ‫ن‬
‫ف اليسسسام ِ نحسسس ُ‬ ‫حائ ُ‬ ‫صسسس َ‬‫و َ‬
‫م‬‫المتقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ّ ُ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسطورها‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫م عليها أعْظ ُ ُ‬ ‫م ٌ‬
‫ظم رِ َ‬ ‫وبأعَ ُ‬ ‫ل‬‫حسسسدٍ ي َُهسسسا ُ‬ ‫َ‬
‫حسسسد ٌ علسسسى ل ْ‬ ‫لَ ْ‬
‫م‬ ‫مسسسا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫حهم ال ِ‬ ‫عسسساد ٌ أطسسسا َ‬ ‫ه‬‫ح ُ‬
‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسْري ُ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫جْرهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫وُ ُ‬ ‫ن‬ ‫ن ذا َتوّقسسساه المنسسسو ُ‬ ‫مسسس ْ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫م ُ‬ ‫مت َ ّ‬
‫ك و ُ‬ ‫مال ِ ٌ‬‫ن و َ‬ ‫من ْذَِرا ِ‬
‫وال ُ‬ ‫وقَْبلن َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫حسسّرقٌ‬ ‫م َ‬‫لحَقسسا و ُ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫والت ّّبعا ِ‬

‫سيُء في صلته‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫جل ً ي ُ ِ‬


‫رأى مالك بن دينار َر ُ‬
‫ما أرحمني لعياله‪.‬‬
‫فقيل له‪ُ :‬يسيُء هذا صلته وترحم عياله‪ ،‬قال‪ :‬إنه‬
‫كبيرهم ومنه يتعلمون‪.‬‬
‫وقسسال سسسهل بسسن عبسسدالله‪ :‬اسسستجلب حلوة الزهسسد‬
‫بقصر المل‪ ،‬واقطسسع أسسسباب الطمسسع بصسسحة اليسسأس‪،‬‬
‫وتعرض لرقة القلب بمجالسة أهل الذكر‪.‬‬
‫واسسستفتح بسساب الحسسزن بطسسول الفكسسر‪ ،‬وتزي ّسسن للسسه‬
‫بالصدق في كل الحوال‪.‬‬
‫وإيسساك والتسسسويف فسسإنه يغسسرقُ الهلكسسى‪ ،‬وإيسساك‬
‫والغفلة فإن فيها سواد القلب‪ ،‬واستجلب زيادة النعم‬
‫بعظيم الشكر‪.‬‬
‫كان السلف أحرص ما يكونون على أوقاتهم؛ لنهم‬
‫يعرفون قيمة الوقت وأنسسه إذا فسسات ل ُيسسستدرك فهسسو‬
‫ل صالح‪.‬‬ ‫أعز شيء ُيغار عليه أن ينقضي بدون عم ٍ‬
‫فالوقت ينقضي وينصرم بنفسسسه‪ ،‬فمسسن غفسسل عسسن‬
‫دت‬ ‫نفسسسسه تصسسسرمت أوقسسساته وعظسسسم فسسسواته واشسسست ّ‬
‫حسراُته‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فكيف حاُله إذا علم عند تحقق الفسسوات مقسسدار مسسا‬
‫جوع فحيل بينه وبينه‪ ،‬وطلب تنسساول‬ ‫أضاع‪ ،‬وطلب الر ُ‬
‫س الفائت في اليوم الجديد‪.‬‬ ‫الفائت‪ ،‬وكيف ُيرد ُ الم ُ‬
‫قاُلوا آمّنا به َ‬
‫م‬‫هل ُ‬‫وأن ّللى ل َ ُ‬
‫ِ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫قال الله جل وعل‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫د ‪ ‬ومنع مما يحبه ويرضيه‪.‬‬ ‫عي ٍ‬‫ن بَ ِ‬ ‫كا ٍ‬‫م َ‬‫من ّ‬‫ش ِ‬
‫و ُ‬ ‫الت َّنا ُ‬
‫وعلم أن مسسا اقتنسساه ليسسس للعاقسسل ممسسا ينبغسسي أن‬
‫يقتنيه‪ ،‬وحيل بينه وبين ما يشتهيه‪.‬‬
‫فيا لها من حسرة ما إلى رد مثلها من سبيل‪.‬‬
‫كان الحسن يقسسول‪ :‬أصسسول الشسسر ثلثسسة‪ :‬الحسسرص‪،‬‬
‫والحسد‪ ،‬والكبر‪.‬‬
‫فسسالكبر منسسع إبليسسس مسسن السسسجود لدم‪ ،‬والحسسرص‬
‫أخرج آدم من الجنة‪ ،‬والحسد حمل ابن آدم على قتل‬
‫أخيه‪.‬‬
‫وقال غيره‪ :‬ليس لثلث حيلة فقر ُيخسسالطه كسسسل‪،‬‬
‫خصومة ُيداخلها حسد‪ ،‬ومرض ُيداخله هرم‪.‬‬ ‫و ُ‬
‫ثلثة ينبغسسي مسسداراتهم‪ :‬الملسسك المسسسلط‪ ،‬والمسسرأة‬
‫الحمقى‪ ،‬والمريض‪.‬‬
‫وقال آخر‪ :‬ل نسسوم أثقسسل مسسن الغفلسسة ول رق أملسسك‬
‫من الشهوة‪ ،‬ولول ثقل الغفلة لم تظفر بك الشهوة‪.‬‬
‫وقال آخر‪ :‬يا ابن آدم‪ ،‬مالك تأسف على مفقسسود ل‬
‫يرده عليك الفوت‪ ،‬ومالك تفرح بموجود ل يتركه فسسي‬
‫يديك الموت‪.‬‬
‫ة‪.‬‬‫ب مزدحمة على عاقبةٍ مبهم ٍ‬ ‫وكان يقول‪ :‬ذنو ٌ‬
‫إلهي أرحمني لقدرتك علي ولحاجتي إليك‪.‬‬
‫ي يسسا‬‫عل ّ‬ ‫إلهي ضيعت بالذنب نفسي فارددها بالعفو َ‬
‫أجود الجودين‪.‬‬
‫يا من يغضب علسسى مسسن ل يسسسأل ل تمنسسع مسسن قسسد‬
‫سألك‪.‬‬
‫وقيل لخر وهو يجود بنفسه‪ ،‬قل‪ ،‬فقال‪ :‬اللهم إني‬
‫نصحت خلقك ظاهًرا‪ ،‬وغششت نفسي باطًنسسا‪ ،‬فهسسب‬
‫ك ثم خرجت روحه‪.‬‬ ‫خل ِْق َ‬
‫حي ل َ‬ ‫ص ِ‬ ‫لي غشي لنفسي‪ ،‬لن ُ ْ‬
‫‪176‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وقال آخر‪ :‬من لسسم يسسزن أفعسساله وأحسسواله فسسي كسسل‬
‫سنة ولم يتهم خواطره فل تعده في‬ ‫وقت بالكتاب وال ّ‬
‫ديوان الرجال‪.‬‬
‫وقال‪ :‬حسن أدب الظاهر عنوان علسسى حسسن أدب‬
‫البسساطن؛ لن النسسبي ‪ ‬قسال‪» :‬لسسو خشسسع القلسسب هسسذا‬
‫حه«‪.‬‬‫ت جوار ُ‬ ‫لخشع ْ‬
‫سئل عن الرجال‪ ،‬فقال‪ :‬القائمون بوفاء العهسسود‪،‬‬ ‫و ُ‬
‫دوا الّللل َ‬
‫ه‬ ‫هل ُ‬
‫عا َ‬
‫مللا َ‬ ‫صدَ ُ‬
‫قوا َ‬ ‫جا ٌ‬
‫ل َ‬ ‫قال الله تعالى‪ِ  :‬‬
‫ر َ‬
‫ه ‪.‬‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫َ‬
‫سلف عسسرف تقصسسيره وتخلفسسه‬ ‫من نظر في سير ال ّ‬
‫عن درجات الرجال‪.‬‬
‫وقيسسل لحمسسدون‪ :‬مسسا بسسال كلم السسسلف أنفسسع مسسن‬
‫كلمنا‪ ،‬قال‪ :‬لنهم تكلموا لعز السلم ونجاة النفسسوس‬
‫ورضسسا الرحمسسن‪ ،‬ونحسسن نتكلسسم لعسسز النفسسوس وطلسسب‬
‫الدنيا ورضا الخلق‪.‬‬
‫ت‪ :‬فكيف لو رأى أهل هذا الزمان وما أصيبوا به‬ ‫ُقل ُ‬
‫كاُلب على الدنيا والفتنان بزخارِفها ومغرياتهسسا‬ ‫من الت َ‬ ‫ِ‬
‫فل حول ول قوة إل بالله العلي العظيم‪.‬‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫ب ل يصسسلح ول يفلسسح ول‬ ‫قسسال شسسيخ السسسلم‪ :‬القلس ُ‬
‫يسسسسر ول يلتسسسذ ول يطيسسسب ول يسسسسكن ول يطمئن إل‬
‫حبه والنابة إليه‪ ،‬ولسسو حصسسل لسسه ك ُسسل مسسا‬ ‫بعبادة ربه و ُ‬
‫ن ولم يسكن‪ ،‬إذ فيسسه‬ ‫يلتذ ُ به من المخلوقات لم يطمئ ّ‬
‫فقر ذاتي إلسسى ربسسه مسسن حيسسث هُسسو معبسسود ُهُ ومحبسسوُبه‬
‫ومطلوُبه‪ ،‬وذلك يحصسسل لسسه الفسسرح والسسسرور واللسسذةُ‬
‫ن والطمأنينة‪.‬‬
‫سكو ُ‬‫ة وال ُ‬‫والنعم ُ‬
‫وهذا ل يحصسسل إل بإعانسسة اللسسه لسسه‪ ،‬ول يقسسدر علسسى‬
‫ما مفتقٌر إلسسى حقيقسسة‬ ‫تحصيل ذلك له إل الله‪ ،‬فهو دائ َ‬
‫إّياك نعبد ُ وإّياك نستعين‪.‬‬
‫‪177‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ب‬ ‫فهو مفتقٌر إليه من حيث هسسو المطلسسوب المحبسسو ُ‬
‫ل عليه‪.‬‬ ‫ن به المتوك ُ‬ ‫مستعا ُ‬ ‫ث هو ال ُ‬ ‫المعبود ُ ومن حي ُ‬
‫ب لسه سسواهُ‬ ‫هلر ّ‬ ‫ه غيرهُ وهسسو رّبس ُ‬ ‫فهو إلهه ل إله ل ُ‬
‫م عبوديُته إل بهذين‪.‬‬ ‫ول تت ُ‬
‫وقال‪ :‬إعراض القلب عن الطلب من اللسسه والرجسسا‬
‫له يوجب إنصراف قلبه عن العبودية لله لسسسيما مسسن‬
‫كان يرجو المخلوق ول يرجو الخالق‪.‬‬
‫دا إما على رئاسسسته وجنسسوده‬ ‫بحيث يكون قلبه معتم ً‬
‫وأتباعه وإما على أهله وأصدقائه وإما على أمسسواله أو‬
‫ل‬‫وك ّ ْ‬ ‫غيرهم ممن مات أو يمسسوت‪ ،‬قسسال تعسسالى‪َ  :‬‬
‫وت َ َ‬
‫ت ‪.‬‬ ‫مو ُ‬ ‫ذي ل َ ي َ ُ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫عَلى ال َ‬
‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫وقال‪ :‬على كل مؤمن أن ل يتكلم فسسي شسسيء مسسن‬
‫الدين إل تبًعا لما جاء بسسه الرسسسول ‪ ‬ول يتقسسدم بيسسن‬
‫يديه‪.‬‬
‫بل ينظر ما قال فيكون قسسوله تبعًسسا لقسسوله‪ ،‬وعملسسه‬
‫تبًعا لمره‪ ،‬فمن قول الله وقسسول رسسسوله يتعلسسم وبسسه‬
‫يتكلم‪.‬‬
‫وكل من خالف ما جاء بسسه الرسسسول لسسم يكسسن عنسسد‬
‫علم بذلك ول عدل‪ ،‬بل ل يكون عنده إل جهل وظلسسم‬
‫م‬ ‫هل ُ‬‫مللن ّرب ّ ِ‬ ‫هم ّ‬‫جاءَ ُ‬‫قدْ َ‬ ‫ول َ َ‬‫وظن وما تهوى النفس ‪َ ‬‬
‫دى ‪.‬‬ ‫ه َ‬‫ال ُ‬
‫وقال س رحمه الله س‪ :‬من ابتلسسي ببلٍء قلسسبي أزعجسسه‬
‫م التضسسرع‬ ‫م دواء له قوةُ اللتجاء إلى اللسسه ودوا ُ‬ ‫فأعظ ُ‬
‫دعاء‬ ‫دعاء بأن يتعلم الدعيسسة المسسأثورة ويتسسوخى ال س ُ‬ ‫وال ُ‬
‫في مظان الجابة‪.‬‬
‫ل آخسسر الليسسل وأوقسسات الذان والقامسسة وفسسي‬ ‫مثسس ُ‬
‫م إلى ذلك الستغفار‪.‬‬ ‫ض ّ‬ ‫سجوده وأدبار الصلوات وي ُ‬
‫وليتخذ ْ ورًدا من الذكار طرفي النهسسار وعنسسد النسسوم‬
‫ض له من الموانع والصوارف‪.‬‬ ‫وليصبْر على ما يعر ُ‬
‫فإنه لب ُد ّ أن ُيؤيده الله بسسروح منسسه ويكتسسب اليمسسان‬
‫في قلبه‪.‬‬
‫‪178‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وليحسسرص علسسى إكمسسال الفسسرائض مسسن الصسسلوات‬
‫الخمس بباطنه وظاهره فإنها عمود الدين‪.‬‬
‫وليكسسن هجيسسراه ل حسسول ول قسسوة إل بسسالله العلسسي‬
‫العظيم‪.‬‬
‫فإنه بها يحمل الثقال ويكابد الهسسوال وينسسال رفيسسع‬
‫الحوال‪.‬‬
‫ول يسأم من الدعاء والطلب‪ ،‬فإن العبد ُيسسستجاب‬
‫له ما لم يعجل‪.‬‬
‫وليعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مسسع الكسسرب‬
‫وأن مع الُعسر يسرا‪.‬‬
‫وقال ابن القيم‪ :‬مراقبة السسرب علسسم العبسسد وتيقنسسه‬
‫بسسإطلع اللسسه علسسى ظسساهره وبسساطنه فاسسستدامته لهسسذا‬
‫العلم واليقين هي المراقبة‪.‬‬
‫وهي ثمرة عمله بأن الله سبحانه رقيب عليه ناظر‬
‫إليه سامع لقوله ومطلع على عملسسه كسسل وقسست وكسسل‬
‫لحظة‪.‬‬
‫م اليمان من رضى بسسالله‬ ‫قال النبي ‪» :‬ذاقَ ط َعْ َ‬
‫ل«‪.‬‬ ‫رًبا‪ ،‬وبالسلم ديًنا‪ ،‬وبمحمد رسو ً‬
‫ت بسسالله‬‫وقال‪» :‬من قال حيسسن يسسسمع الن ّسسداَء رضسسي ُ‬
‫رًبا‪ ،‬وبالسلم ديًنا‪ ،‬وبمحمد نبّيا غفرت ذنوبه«‪.‬‬
‫وهذا الحديثان عليهما مدار مقامات الدين وإليهمسسا‬
‫ي َن ْت َِهي‪.‬‬
‫من ََها الرضسسا بربسسوبيته سسسبحانه وألسسوهيته‬ ‫ضسس ّ‬
‫وقسسد ت َ‬
‫والرضا برسوله والرضا بدينه والتسليم له‪.‬‬
‫ب‬‫حًقسسا‪ ،‬وقسسال‪ :‬الد ُ‬ ‫ومن اجتمعت له فهو الصسسديق َ‬
‫اجتماعُ خصال الخير في العبد‪ ،‬وهي ثلثة أنواع‪:‬‬
‫ت إلسسى غيسسره‬ ‫ه أن يلتف َ‬ ‫صون قلب ُ‬ ‫أدب مع الله بأن ي َ ُ‬
‫أو تتعّلق إرادته بما يمقُته عليسسه‪ ،‬ويصسسون معسساملته أن‬
‫يشوبها بنقيصه‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وأدب مسع الرسسسول بكمسسال النقيساد‪ ،‬وتلقسى خسسبره‬
‫بالقبول والتصديق وأن ل يعارضه ب غيره بسسوجه مسسن‬
‫الوجوه‪.‬‬
‫وأدب مع الخلق بمعاملتهم علسسى اختلف مراتبهسسم‬
‫بما يليق بهم ويناسب حالتهم‪.‬‬
‫وقال س رحمه الله س‪ :‬المقبول من العمسسل قسسسمان‪،‬‬
‫أحسسدهما‪ :‬أن ُيصسسلي العبسسد ويعمسسل سسسائر الطاعسسات‪،‬‬
‫وقلبه متعلق بالله عز وجسسل ذاكسسر اللسسه علسسى السسدوام‬
‫فعمله في أعلى المراتب‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن يعمل العبد العمال على العادة والغفلة‬
‫وينوي بها الطاعة والتقرب إلى الله‪.‬‬
‫فأركانه مشغولة بالطاعة وقلبه له عسسن ذكسسر اللسسه‬
‫ب عليسسه‬‫مثسسا ٌ‬
‫لو ُ‬ ‫وكذلك سائر أعماله‪ ،‬فهذا عمله مقُبو ٌ‬
‫بحسبه‪.‬‬
‫وقال العارف‪ :‬ل يأمر الناس بترك السسدنيا فسسإنهم ل‬
‫يقدرون على تركها ولكن يسسأمرهم بسسترك السسذنوب مسسع‬
‫إقامتهم على دنياهم‪.‬‬
‫ب‬‫وكيف يؤمر بفضيلة من ترك فريضسسة‪ ،‬فسسإن صسعُ َ‬
‫عليهم ترك الذنوب فاجتهد أن تحبب الله إليهم بسسذكر‬
‫نعمه وصفات كماله‪.‬‬
‫فإن القلسسوب مفطسسورة علسسى محبتسسه‪ ،‬فسسإذا تعلقسست‬
‫بحبه هان عليها ترك الذنوب والقلل منها‪.‬‬
‫ب ورؤي َةِ النفس‪.‬‬ ‫ج ِ‬‫سد َ للعمال من العُ ْ‬‫ل شيء أفْ َ‬
‫ول شسسيء أصسسلح لهسسا مسسن شسسهود العبسسد منسسة اللسسه‬
‫وتوفيقه والستعانة به والفتقار إليسسه وإخلص العمسسل‬
‫له‪.‬‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫وقال ابن القيم س رحمه الله س‪:‬‬
‫العقبات التي يتدرج منها الشيطان لغواء العبد‪:‬‬
‫العقبة الولى‪:‬‬
‫‪180‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫عقبسسة الكفسسر بسسالله ولقسسائه وبصسسفات كمسساله وبمسسا‬
‫أخبرت بسسه رسسسله عنسسه‪ ،‬فسسإنه إن ظفسسر بسسه فسسي هسسذه‬
‫العقبة بردت نار عداوته واستراح‪.‬‬
‫فإن اقتحم هذه العقبة ونجا منهسسا ببصسسيرة الهدايسسة‬
‫وسلم معه نور اليمان طلبه على‪.‬‬
‫العقبة الثانية‪:‬‬
‫وهي عقبة البدعة إمسسا باعتقسساد خلف الحسسق السسذي‬
‫أرسل الله به رسوله وأنزل به كتابه‪ ،‬وإما بالتعبد بمسسا‬
‫لم يأذن به الله‪ ،‬من الوضاع والرسوم المحدثسسة فسسي‬
‫دين التي ل يقبل الله منها شيًئا‪.‬‬‫ال ّ‬
‫والبسسدعتان فسسي الغسسالب متلزمتسسان قسسل أن تنفسسك‬
‫إحداهما عن الخرى‪ ،‬كما قال بعضهم‪ :‬تزوجت بدعسسة‬
‫القوال ببدعسة العمسال‪ ،‬فاشستغل الزوجسان بسالعرس‬
‫فلم يفجأهم إّل وأولد الّزنا يعيشون في بلد السلم‪،‬‬
‫تضج منهم العباد والبلد إلى الله تعالى‪.‬‬
‫وقسسال شسسيخنا‪ :‬تزوجسست الحقيقسسة الكسسافرة بالبدعسسة‬
‫دنيا والخرة‪.‬‬ ‫الفاجرة فتوّلد بينهما خسران ال ّ‬
‫سسسنة‬‫فإن قطسسع هسسذه العقبسسة وخلسسص منهسسا بنسسور ال ّ‬
‫واعتصم منها بحقيقة المتابعة وما مضى عليه السلف‬
‫الخيار من الصحابة والتابعين لهم بإحسان‪.‬‬
‫وهيهات أن تسسسمح العصسسار المتسسأخرة بواحسسد مسسن‬
‫هذا الضرب‪ ،‬فإن سسسمحت بسسه نصسسب لسسه أهسسل البسسدع‬
‫وه الغوائل‪ ،‬وقسسالوا‪ :‬مبتسسدع محسسدث‪ ،‬فسسإذا‬ ‫الحبائل ويغ ْ‬
‫وفقه الله لقطع هذه العقبة طلبه على‪:‬‬
‫العقبة الثالثة‪:‬‬
‫سنها‬‫وهي عقبة الكبائر‪ ،‬فإن ظفر فيها زيّنها له وح ّ‬
‫وف به وفتح له باب الرجسساء‪ ،‬وقسسال لسسه‪:‬‬ ‫في عينه وس ّ‬
‫اليمان هو التصديق نفسه فل تقدح فيه العمسسال )أي‬
‫أعمال الفسوق والعصيان(‪.‬‬
‫ة طالمسسا أهلسسك‬ ‫ُ‬
‫وربما أجرى على لسانه وأذنه كلم س ً‬
‫بها الخلق وهي قوله‪» :‬ل يضر مع التوحيد ذنسسب‪ ،‬كمسسا‬
‫‪181‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ل ينفسسع مسسع الشسسرك حسسسنة« والظفسسر بسسه فسسي عقبسسة‬
‫البدعة أحب إليه‪ ،‬لمناقضتها الدين‪ ،‬ودفعها لمسسا بعسسث‬
‫الله به رسوله‪.‬‬
‫وصاحبها ل يتسسوب منهسسا‪ ،‬ول يرجسسع عنهسسا بسسل يسسدعو‬
‫سنة‪.‬‬‫الخلق إليها‪ ،‬والجتهاد على إطفاء نور ال ّ‬
‫وتولية من عزله الله ورسوله‪ ،‬وعزل من وله الله‬
‫ورسسسوله‪ ،‬واعتبسسار مسسا رّده اللسسه ورسسسوله‪ ،‬ورد مسسا‬
‫اعتبره‪ ،‬وموالة من عاداه‪ ،‬ومعاداة من واله وإثبسسات‬
‫ما نفاه‪ ،‬ونفي ما أثبته‪.‬‬
‫وتكذيب الصادق وتصديق الكاذب‪ ،‬ومعارضة الحق‬
‫بالباطل وقلب الحقائق بجعسسل الحسسق بسساطل ً والباطسسل‬
‫ة الحسسق علسسى‬ ‫حًقسسا‪ ،‬واللحسساد فسسي ديسسن اللسسه‪ ،‬وتعمي س ُ‬
‫القلوب وطلب العوج لصراط اللسسه المسسستقيم‪ ،‬وفتسسح‬
‫باب تبديل الدين جملة‪.‬‬
‫فسسإن البسسدع تسسستدرج بصسسغيرها إلسسى كبيرهسسا‪ ،‬حسستى‬
‫ينسلخ صسساحبها مسسن السسدين كمسسا تنسسسل الشسسعرة مسسن‬
‫العجين‪.‬‬
‫فمفاسسسد البسسدع ل يقسسف عليهسسا إل أربسساب البصسسائر‪،‬‬
‫ل‬
‫ع ِ‬‫ج َ‬ ‫من ل ّ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫و َ‬‫والعميان ضالون في ظلمة العمى ‪َ ‬‬
‫ر ‪.‬‬‫من ّنو ٍ‬‫ه ِ‬‫ما ل َ ُ‬ ‫ه ُنوًرا َ‬
‫ف َ‬ ‫ه لَ ُ‬
‫الل ّ ُ‬
‫فإن قطع هذه العقبة بعصمة اللسسه أو بتوبسسة نصسسوح‬
‫تنجيه منها طلبه على‪:‬‬
‫العقبة الرابعة‪:‬‬
‫وهي عقبة الصغائر فكال له منها بالُقفزان‪ ،‬وقسسال‪:‬‬
‫ما عليك إذا اجتنسسب الكبسسائر مسسا غشسسيت اللمسسم أو مسسا‬
‫علمسست أنهسسا تكّفسسر باجتنسساب الكبسسائر وبالحسسسنات‪ ،‬ول‬
‫ون عليه أمرها حتى يصر عليها‪.‬‬ ‫يزال يه ّ‬
‫فيكسسون مرتكسسب الكسسبيرة الخسسائف الوجسسل النسسادم‬
‫أحسن حال ً منه‪ ،‬فالصرار على السسذنب أقبسسح منسسه ول‬
‫كبيرة مع التوبة والستغفار‪ ،‬ول صغيرة مع الصرار‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وقد قال ‪» :‬إّياكم ومحقرات الذنوب« ثم ضرب‬
‫لسسذلك مثل ً بقسسوم نزلسسوا بفلة مسسن الرض فسسأعوزهم‬
‫الحطسسب‪ ،‬فجعسسل هسسذا يجيسسء بعسسود وهسسذا بعسسود حسستى‬
‫جمعوا حطًبا كثيًرا فأوقدوا ناًرا وأنضجوا خبزتهم‪.‬‬
‫فكذلك فإن محقسسرات السسذنوب تتجمسسع علسسى العبسسد‬
‫وهو يستهين بشأنها حتى تهلكه‪.‬‬
‫فإن نجا من هذه العقبسسة بسسالتحرز والتحفسسظ ودوام‬
‫سيئة الحسنة طلبه على‪:‬‬ ‫التوبة والستغفار وأتبع ال ّ‬
‫العقبة الخامسة‪:‬‬
‫وهي عقبة المباحسسات السستي ل حسسرج علسسى فاعلهسسا‪،‬‬
‫فشغله بها عن الستكثار من الطاعات‪ ،‬وعن الجتهاد‬
‫في التزود لمعاده ثم طمع فيه أن يستدرجه منها إلى‬
‫ترك السنن‪ ،‬إلى ترك الواجبات‪.‬‬
‫وأقسسل مسسا ينسسال منسسه‪ :‬تفسسويته الربسساح والمكاسسسب‬
‫وت‬ ‫العظيمة والمنازل العالية‪ ،‬ولو عرف السعر ما فسس ّ‬
‫على نفسه شيًئا من القربات؛ ولكنه جاهل بالسعر‪.‬‬
‫فإن نجا من هسسذه العقبسسة ببصسسيرة تامسسة ونسسور هسساد‬
‫ومعرفة بقدر الطاعات والستكثار منها وقلسسة المقسسام‬
‫على الميناء وخطر التجارة وكرم المشتري‪ ،‬وقدر مسسا‬
‫ن بأنفاسسسه أن‬ ‫وض بسسه الّتجسسار فبخسسل بأوقسساته وضس ّ‬
‫يعس ّ‬
‫تذهب في غير ربح‪ ،‬طلبه العدو على‪:‬‬
‫العقبة السادسة‪:‬‬
‫وهسسي عقبسسة العمسسال المرجوحسسة المفضسسولة مسسن‬
‫سسسنها فسسي عينسسه وزيّنهسسا لسسه و‬
‫الطاعات فأمره بهسسا وح ّ‬
‫أراه ما فيها من الفضل والربح‪ ،‬ليشغله بمسا عمسا هسو‬
‫حا‪.‬‬
‫أفضل منها وأعظم كسًبا ورب ً‬
‫ما عجز عن تخسيره أصل الثواب طمسسع فسسي‬ ‫لنه ل ّ‬
‫تخسسسيره كمسساله وفضسسله‪ ،‬ودرجسساته العاليسسة‪ ،‬فشسسغله‬
‫بالمفضسسول عسسن الفاضسسل وبسسالمرجوح عسسن الراجسسح‪،‬‬
‫ب إليسسه‪ ،‬وبالمرضسسي عسسن‬ ‫وبسسالمحبوب للسسه عسسن الح س ّ‬
‫الرضى له‪.‬‬
‫‪183‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ولكن أين أصحاب هذه العقبسسة؟ فهسسم الفسسراد فسسي‬
‫ل‪.‬‬ ‫العالم‪ ،‬والكثرون قد ظفر بهم في العقبات الوَ ْ‬
‫فإن نجا منها بفقه في العمال ومراتبها عنسسد اللسسه‬
‫ومنازلها في الفضل‪ ،‬ومعرفة مقاديرها والتمييسسز بيسسن‬
‫عاليهسسسا وسسسسافلها ومفضسسسولها وفاضسسسلها ورئيسسسسها‬
‫ومرؤوسها وسيدها ومسودها‪.‬‬
‫سسسا‬
‫سسسا ومرؤو ً‬ ‫دا ورئي ً‬
‫دا ومسو ً‬‫فإن في العمال سي ً‬
‫وذروة وما دونسسا‪ ،‬كمسسا فسسي الحسسديث الصسسحيح‪» :‬سسسيد‬
‫الستغفار أن يقول العبسسد‪ :‬اللهسم أنست َرب ّسسي ل إلسه إل‬
‫أنت« الحديث‪.‬‬
‫وفي الحديث الخر‪» :‬الجهسساد ذروة سسسنا م المسسر«‬
‫وفي الثسسر الخسسر‪» :‬إن العمسسال تفسساخرت فسسذكر كسسل‬
‫عمل منها مرتبتسسه وفضسسله وكسسان للصسسدقة مزيسسة فسسي‬
‫ن«‪.‬‬
‫الفخر عليه ّ‬
‫ول يقطع هذه العقبة إل أهل البصائر والصدق مسسن‬
‫أولي العلم السائرين على جادة التوفيسسق‪ ،‬قسسد أنزلسسوا‬
‫العمال منازلها وأعطوا كل ذي حقّ حّقه‪.‬‬
‫فإذا نجا منها أحد لم يبق هناك عقبة يطلبسسه العسسدو‬
‫عليها سوى واحدة لبد منها‪ ،‬ولو نجسسا منهسسا أحسسد لنجسسا‬
‫منها رسول الله وأنبياؤه وأكرم الخلق عيه‪.‬‬
‫وهي عقبة تسليط جنسسده عليسسه بسسأنواع الذى باليسسد‬
‫واللسسسان والقلسسب علسسى حسسسب مرتبتسسه فسسي الخيسسر‪،‬‬
‫ت مرتبته أجلب عليسسه العسسدو بخيلسسه وظسساهر‬ ‫فكّلما عل ْ‬
‫عليه بجنده‪ ،‬وسّلط عليه حزبه وأهله بأنواع التسليط‪.‬‬
‫وهذه العقبة ل حيلسسة لسسه فسسي التخلسسص منهسسا‪ ،‬فسسإنه‬
‫كلما جد ّ في الستقامة والدعوة إلى الله والقيسسام لسسه‬
‫سفهاء به‪ ،‬فهو فسسي هسسذه‬ ‫بأمره جد ّ العدوّ في إغراء ال ّ‬
‫س لمة الحرب‪ ،‬وأخذ في محاربة العسسدّو‬ ‫العقبة قد ل َب ِ َ‬
‫لله وبالله‪.‬‬
‫فعبوديته فيها عبودية خواص العارفين وهي تسمى‬
‫مسسة‪،‬‬ ‫عبودية المراغمة ول ينتبه لها إل أولو البصائر الّتا ّ‬
‫‪184‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ب إلسى اللسه مسن مراغمسة ولّيسه لعسدّوه‬‫ول شسيء أحس ّ‬
‫وإغاظته له‪ .‬اهس‪.‬‬
‫فصل‬
‫سسسا فسسي القسسول‬ ‫كان الصدق في صدر السسسلم أسا ً‬
‫صسسا فيمسسا يتعلسسق بالسسدين‬ ‫والعلسسم والمعاملسسة‪ ،‬وخصو ً‬
‫وحفظ الحديث‪.‬‬
‫م السسدين‬ ‫فقسسد ورثسست عسسن الُعلمسساء الوائل علسسو ُ‬
‫ة كمسسا أنزلسست علسسى رسسسول اللسسه ‪‬‬ ‫مل س ً‬
‫مضسسبوطة كا ِ‬
‫دث عنها‪.‬‬ ‫وح ّ‬
‫علمسساُء السسدين وجسسامُعوا أحسساديث النسسبي ‪‬‬ ‫وكسسان ُ‬
‫يتحرون صدق المحدث بشكل عجيب‪.‬‬
‫يدرسون حياته ويتحققون من أقواله وأعماله وأنسسه‬
‫يأكل من كسب يسسده ولسسم يسسدخل علسسى سسسلطان فسسي‬
‫صحبة أو وظيفة‪.‬‬
‫وأنه ُيطبقُ تعاليم الدين كاملة ولم تعهد عليه كذبة‬
‫حَياته‪ ،‬فعندها ُيؤخذ ُ عنه الحديث النبوي‪.‬‬ ‫في َ‬
‫ل على ما ذكر عن المام أحمد س رحمه الله سسس‬ ‫ومثا ُ‬
‫أنه سمع بوجود حديث عند عالم بدمشق مسافر إليه‬
‫مد ّةً يسسسأل عسسن‬ ‫من بغداد حتى وصل دمشق فمكث ُ‬
‫معاملته وكلمه‪.‬‬ ‫العالم وعن أخلقه و ُ‬
‫حتى إذا وثق من صدقه أتاه مبكًرا بعد أن اغتسسسل‬
‫ن‬
‫مسس ْ‬‫وتطيسسب ولبسسس أحسسسن ثيسسابه إجلل ً للحسسديث ول َ‬
‫يحمله‪.‬‬
‫جسسا مسسن بيتسسه‬‫ولما اقترب من بيته وجسسد العسسالم خار ً‬
‫ب رزقه‪.‬‬ ‫يقود حماره ُ وقد كان حمال ً يكتس ُ‬
‫فرفض الحمار أن يسير معسسه فحسساول أن يجسسره أو‬
‫يسوقه بمختلف الوسائل ويأبى الحمار‪.‬‬
‫ن‬‫ه للحمسسار لي ُسسوهمه أ ّ‬ ‫دم ُ‬
‫جبتسسه وقس ّ‬
‫فجمع له طسسرف ُ‬
‫في الجّبة شعيًرا أو نحوه فتبعه الحمار‪.‬‬
‫فنظر المام أحمد إلى الجبة فوجدها خالية ما فيها‬
‫شيء‪.‬‬
‫‪185‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن لسسه كسسذُبه‬ ‫ث تبي ّ َ‬ ‫فترك أحمد ُ العالم والخذ عنه حي ُ‬
‫على الحمار‪.‬‬
‫من على الحديث الشريف‪ .‬اهس‪.‬‬ ‫فل ُيؤت َ َ‬
‫وأخطسسر الكسسذب الكسسذب علسسى اللسسه ورسسسله‪ ،‬قسسال‬
‫ن‬
‫من ُللو َ‬‫ؤ ِ‬ ‫ن ل َ يُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ّ ل ِ‬ ‫ذ َ‬ ‫ري الك َل ِ‬ ‫فت َل ِ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫تعسسالى‪ :‬إ ِن ّ َ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫م ال َ‬ ‫ول َئ ِ َ‬ ‫بآيات الل ّه ُ‬
‫كاِذُبو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ َ ِ‬
‫ط‪.‬‬‫ةق ْ‬ ‫بك ْ‬
‫ذب ً‬ ‫ل‪ :‬إن ربعي بن حراش لم يكذ ْ‬ ‫قِي ْ َ‬
‫وكان له ابنان عاصيان على الحجاج‪ ،‬فطلبهما فلم‬
‫يعثر عليهما‪.‬‬
‫فقيل للحجاج‪ :‬إن أباهما لم يكسسذب كذبسسة قسسط‪ ،‬لسسو‬
‫أرسلت إليه فسألته عنهمسا‪ ،‬فاسستدعا أباهمسا‪ ،‬فقسال‪:‬‬
‫أين أبناؤك؟‬
‫هما في البيت فاستغرب الحجاج‪.‬‬ ‫قال‪ُ :‬‬
‫وقال لبيهما‪ :‬ما حملك على هذا وأنا أريد ُ قتلُهما‪.‬‬
‫ة‪ ،‬فقال‬ ‫ت أن ألقى الله تعالى بكذب ٍ‬ ‫فقال‪ :‬لقد كره ُ‬
‫الحجاج‪ :‬قد عفونا عنهما بصدقك‪.‬‬
‫جلين من أصحاب ابن الشعث فأمر‬ ‫أتى الحجاج بر ُ‬
‫دا‪.‬‬
‫بقتلهما‪ ،‬فقال أحدهما‪ :‬إن لي عندك ي ً‬
‫مسسك‬ ‫مسسا أ ّ‬ ‫ن الشسسعث يو ً‬ ‫قال‪ :‬وما هي؟ قال‪ :‬ذكر اب س ُ‬
‫ت عليه‪ ،‬فقال‪ :‬ومن يشسسهد ُ لسك؟ قسسال‪ :‬صسساحبي‬ ‫فردد ُ‬
‫هذا فسأله‪ ،‬فقال‪ :‬نعم )أي صدق(‪.‬‬
‫فقسسال‪ :‬مسسا منعسسك أن تفعسسل كمسسا فعسسل صسساحبك‬
‫مثله(‪.‬‬ ‫م لم ُتدافِعْ عَّني ِ‬ ‫)المعنى ل ِ َ‬
‫ك( فقال‪ :‬أطلُقوا هذا‬ ‫ض َ‬ ‫ك )أي لني أبغ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫فقال‪ُ :‬بغ ُ‬
‫لصدقِهِ وهذا لفعل ِهِ فأطلقوهما‪.‬‬
‫فانظر يا أخي‪ ،‬كيف ُينجي الله الصادقين‪ ،‬قال الله‬
‫َ‬
‫كوُنوا‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ها ال ّ ِ‬ ‫جل وعل‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫ع ال ّ‬ ‫م َ‬
‫َ‬
‫سن إذا تعلق به نفسسع‬‫ّ‬ ‫تنبيه‪ :‬اعلم أن الصدق إنما يح ُ‬
‫ح الغيبسسة‬ ‫ول يلحسسق ضسسرُرهُ بأحسسد‪ ،‬ومسسن المعلسسوم قبسس ُ‬
‫صد ًْقا‪.‬‬ ‫سَعاية وإن كانتا ِ‬ ‫والنميمة وال ّ‬
‫‪186‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسا‬
‫ولذلك قيل‪ :‬كفى بالسسسعاية والغيبسسة والنميمسسة ذ ً‬
‫ن الصدق يقبح فيها‪.‬‬ ‫أ ّ‬
‫رحل المام أحمد س رحمه الله س إلى ما وراء النهسسر‬
‫ة‪ ،‬قيسسل لسسه‪ :‬إن هنسساك مسسن يرويهسسا‬ ‫ليروي أحاديث ُثلثي ً‬
‫م كلًبا‪ ،‬فسّلم علسسى الشسسيخ‬ ‫خا ُيطع ُ‬‫ويحفظها فوجد شي ً‬
‫فرد ّ عليه السلم‪ ،‬ثم اشسستغل الشسسيخ بإطعسسام الكلسسب‬
‫خ علسسى‬ ‫ث أقبل الشسسي ُ‬ ‫فوجد المام أحمد في نفسه حي ُ‬
‫خ مسسن إطعسسام‬ ‫الكلب ولم ُيقبل عليه‪ ،‬فلما فسسرغ الشسسي ُ‬
‫الكلب التفت إلى المام أحمد‪ ،‬وقال له‪ :‬كأنك وجدت‬
‫في نفسك حيث أقبلت على الكلب ولم أقبل عليسسك‪،‬‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬حدثني أبسسو الزنسساد عسسن العسسرج‪ ،‬عسسن‬
‫مسسن‬ ‫أبي هريرة‪ :‬أن النبي ‪ ‬قال‪» :‬مسسن قَط َسعَ َر َ‬
‫جسساَء َ‬
‫جسساَءه ُ منسسه يسسوم القيامسسة فلسم َيلسسج‬ ‫ه َر َ‬ ‫اْرتجاهُ قَط َعَ اللس ُ‬
‫ضنا هذه ليست بأرض كلب‪ ،‬وقد قصسسدني‬ ‫الجنة« وأْر ُ‬
‫ه‪ ،‬فقسسال المسسام‬ ‫ت أن أقطسسع رجسساء ُ‬ ‫هذا الكلسسب‪ ،‬فخف س ُ‬
‫أحمد‪ :‬هذا الحديث ي َك ِْفْيني ثم رجع‪.‬‬
‫مر عبدالله بن جعفر علسسى عبسسد فسسي ُبسسستان معسسه‬
‫ة أقسسراص شسسعير‪ ،‬فأتسساه كلسسب فرمسسى إليسسه بسسأول‬ ‫ثلث س ُ‬
‫ُقرص‪ ،‬ثم رمى بالثاني‪ ،‬ثم بالثالث‪ ،‬فسأله جعفُر‪ :‬مسسا‬
‫ت‪ ،‬قسسال‪ :‬مسسا حملسسك‬ ‫ك؟ فقال‪ :‬هو ما رأي َ‬ ‫م َ‬ ‫ت يو ِ‬ ‫هو ُقو ُ‬ ‫ُ‬
‫ت الكلب علسسى نفسسسي؛ لنسسه أتسسى‬ ‫على هذا؟ قال‪ :‬آثر ُ‬
‫من بعيد جائًعا‪.‬‬
‫ل في يومك؟ قال‪ :‬أطسسويه بل طعسام‪،‬‬ ‫قال‪ :‬وما تفع ُ‬
‫فاشترى الُبستان واشسسترى العبسسد مسسن سسسيده وأعتقسسه‬
‫ه الُبستان‪.‬‬ ‫ووهب َ ُ‬
‫خرج عبدالله بسسن المبسسارك إلسسى الحسسج مسسع جماعسسة‬
‫وبعد مسيرهم مرحلة خرج في الصسسباح مسسن الخيمسسة‪،‬‬
‫فوجد صبية آتت إلسسى مطسسرح القمامسسة وأخسسذت منهسسا‬
‫ملقاةً ميتة وذهبت بها فتبعها عبدالله فوجسسدها‬ ‫دجاجة ُ‬
‫مهلهلة أي خلقسسة وفيهسسا ولسد ٌ صسسغير‪،‬‬ ‫دخلت في خيمةٍ ُ‬
‫م أخسسذت الدجاجسسة الميتسسة؟ فقسسالت‪ :‬أنت ُسسم‬ ‫فقال لها‪ :‬ل ِ َ‬
‫‪187‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫رميتموها‪ ،‬فقال‪ :‬أل تعلمين أنه ل يحل أكلها؟ فقالت‪:‬‬
‫إنها تحل لنا لشدة فقرنا‪ ،‬فذهب عبدالله بن المبسسارك‬
‫ك؟ قال‪ :‬ألف دينسسار‪،‬‬ ‫إلى وكيله‪ ،‬وقال له‪ :‬ما الذي مع َ‬
‫صسُلنا إلسسى بلسسدنا وادفسسع للنسسثى‬ ‫قال‪ :‬أبسسق منهسسا مسسا ُيو ِ‬
‫ج في العام المقبل إن شاء الله‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫الباقي وسن ُ‬
‫صسسوف‪،‬‬ ‫ة ُ‬ ‫جب ّ ُ‬
‫دخل محمد بن واسع على أمير وعليه ُ‬
‫فقال المير‪ :‬ما الذي دعاك إلى لبسسس هسسذه فسسسكت‪،‬‬
‫م ُتجبني؟‬ ‫م لَ ْ‬‫فقال المير‪ :‬ل ِ َ‬
‫دا فأزكي نفسسسي أو أقسسول‬ ‫فقال‪ :‬أكره أن أقول ُزهْ ً‬
‫فقًرا فأشكو ربي‪.‬‬
‫قال ابسن رجسب‪ :‬دخلسوا علسى بعسض الصسحابة فسي‬
‫ل وجهسسه‪،‬‬ ‫مرضه ووجهه يتهّلل فسألوه عن سسسبب تهل ُس ُ‬
‫تل‬ ‫كنس ْ‬‫مل أوثقُ عندي مسسن خصسسلتين ُ‬ ‫فقال‪ :‬ما من عَ َ‬
‫ما للمسلمين‪.‬‬ ‫أتكلم فيما ل يعنيني‪ ،‬و كان قلبي سلي ً‬
‫جن ْسدِيٌ إلسسى بلسسده فوجسسد إبراهيسسم بسسن أدهسسم‪،‬‬ ‫أتسسى ُ‬
‫دله على المقبرة‪ ،‬فظسسن أنسسه‬ ‫فسأله‪ :‬أين الُعمران؟ ف ّ‬
‫ه‪ ،‬فقيسسل للجنسسدي‪ :‬هسسذا‬ ‫ه حتى أدما ُ‬ ‫يستهزئ به‪ ،‬فضرب ُ‬
‫مسسا‬‫م‪ :‬ل ّ‬‫المير بن أدهم‪ ،‬فعاد يعتذر إليه‪ ،‬فقسسال إبراهي س ُ‬
‫م‪،‬‬‫ل الله لك الجنسسة‪ ،‬قسسال‪ :‬ول ِس َ‬ ‫ت أسأ ُ‬ ‫ت تضربني كن ُ‬ ‫ُ‬
‫كن ُ‬
‫ت‬‫قال‪ :‬لنك ظلمتني فصسسبرت حيسسن ضسسربتني‪ ،‬فخملس ُ‬
‫ل علي فسألك لك الجنة‪.‬‬ ‫رجاء الجنة‪ ،‬فكان لك فض ٌ‬

‫‪188‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن ت َْبيسسد ُ‬ ‫خري ْ َ‬ ‫مه في ال َ‬ ‫مَعال ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ضسساعَ‬ ‫ن َ‬ ‫دي ِ‬ ‫ولسسول رواةُ السس ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫مسسَرا ُ‬ ‫ق وال َ‬ ‫ل أْفسس ٍ‬ ‫إلسسى كسس ّ‬ ‫ت‬ ‫ح ْ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسب َ َ‬ ‫َوأ ْ‬
‫ك َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسؤُد ْد ُ‬ ‫معِهَسسا‬ ‫ج ْ‬
‫جُرْوا فسي َ‬ ‫هسا َ‬ ‫موا َ‬ ‫هُ ُ‬
‫ل وهُسسو‬ ‫ح الن ّْقس ِ‬ ‫حي ْ ُ‬‫م صس ِ‬ ‫فسسدا َ‬ ‫وت ََبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساد َُرْوا‬
‫جدِي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫َ‬ ‫ة‬
‫ل السسسّرَوا ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫موا بت َعْسسس ِ‬ ‫وقسسسا ُ‬
‫حْفظ ََهسسسا‬ ‫حسسسّرْوا ِ‬ ‫حسسسد ُوْد ٌ ت َ َ‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫حِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫جْر ِ‬ ‫و َ‬
‫وعُُهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسود ُ‬ ‫ع‬
‫شسسَرائ ِ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ح ْ‬ ‫صسس ّ‬ ‫م َ‬ ‫بت َب ْل ِي ْغِِهسس ْ‬
‫حُقسوْد ُ‬ ‫فلم ي َب ْقَ إل عانسد ٌ و َ‬ ‫دِي ْن ِن َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫سسسستطاعُ‬ ‫وعَْنهسسسم َروَْوا ل ي ُ ْ‬ ‫م‬ ‫من ْهُ س ْ‬ ‫ل الن ّْقسسل ِ‬ ‫ح له ْ س ِ‬ ‫صس ّ‬ ‫و َ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوْد ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ُ‬ ‫م‬‫جه ُ ْ‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫كو ِ‬ ‫شسس ُ‬ ‫ظهسسارِ ال ّ‬ ‫مرِْيسسد ٌ ل ِ‬ ‫ُ‬ ‫ة‬ ‫حاب َ َ‬ ‫صسسس َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫سسسسب ُُهموا أ ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫و َ‬
‫مري ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫َ‬ ‫وا‬ ‫ب َل ُّغسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫ل‬ ‫ضسسل ِ‬ ‫جسسودِ ال ّ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫س لِ َ‬ ‫فَل َْيسس َ‬ ‫ن‬ ‫ذا الي َِقي ْس ِ‬ ‫عن هَ س َ‬ ‫حاد َ َ‬ ‫من َ‬ ‫فَ َ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوْد ُ‬ ‫وُ ُ‬ ‫فمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسارقٌ‬
‫مكي ْد ُ‬ ‫ت َ‬ ‫خَزيا ِ‬ ‫م ْ‬
‫مو بال ُ‬ ‫فكيدهُ ُ‬ ‫دى‬ ‫جسسساَء الُهسسس َ‬ ‫ن إذا َ‬ ‫ولكسسس ْ‬
‫ود َْليُلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ه‬
‫ة‬
‫ديان َسسسس ِ‬ ‫داُء ال ِ‬ ‫م أعْسسسس َ‬ ‫ن َرا َ‬ ‫وإ ْ‬
‫ها‬ ‫ك َْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد َ َ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫فوائد وحكم ومواعظ وآداب منوعة‬
‫مطابًقسسا‬
‫مسسا ُ‬
‫مي ًْزا جاز ً‬
‫ف بها ت َ ْ‬
‫ص ُ‬ ‫العلم صفة يميز المت ّ ِ‬
‫للواقع‪ ،‬وله ثلث مراتب‪:‬‬
‫المرتبة الولى‪ :‬علم اليقين أو خبر اليقين‪ ،‬وهسسو‬
‫انكشاف المعلوم للقلب بحيث أنه ل يشك فيه‪.‬‬
‫ة عيسسن اليقيسسن‪ ،‬ونسسسبتها‬ ‫المرتبللة الثانيللة‪ :‬مرتب س ُ‬
‫للعين كنسبة الولى للقلب‪.‬‬
‫المرتبللة الثالثللة‪ :‬حسسق اليقيسسن‪ ،‬وهسسي مباشسسرة‬
‫المعلوم وإدراكه التام‪.‬‬
‫فالولى‪ :‬كعلمك أن في هذا البستان ماء‪.‬‬
‫‪189‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫والثانية‪ :‬كرؤيتك إياه‪.‬‬
‫والثالثة‪ :‬كالشرب منه‪.‬‬
‫ت مؤمن ًسسا حًقسسا‪ ،‬فقسسال‬ ‫ومن هذا قول حارثسسة أصسسبح ُ‬
‫رسول اللسسه ‪» :‬إن لكسسل حسسق حقيقسسة‪ ،‬فمسسا حقيقسسة‬
‫ت نفسسسي عسسن السسدنيا وشسسهواتها‬ ‫إيمانك؟« قال‪ :‬عزفس ْ‬
‫ت نهسساري‪ ،‬وكسسأني أنظسسر إلسسى‬ ‫ت ليلسسي واظمسسأ ُ‬ ‫سسَهر ُ‬ ‫فأ ْ‬
‫عسسرش ربسسي بسسارًزا‪ ،‬وكسسأني أنظسسر إلسسى أهسسل الجنسسة‬
‫يتزاورون فيها‪ ،‬وإلسسى أهسسل النسسار يتعسساوون فيهسسا‪ ،‬قسسال‬
‫ور اللسه اليمسان فسي‬ ‫ت فالزم‪ ،‬عَب ْد ٌ َنس ّ‬ ‫النبي ‪» :‬عََرفْ َ‬
‫قلبه«‪.‬‬
‫مسّر أبسسو هريسسرة ‪ ‬بسسسوق المدينسسة فوقسف عليهسا‪،‬‬ ‫َ‬
‫فقال‪ :‬يا أهل السوق‪ ،‬ما أعجزكم؟ قالوا‪ :‬وما ذاك يسسا‬
‫م‬
‫م وأنت س ُ‬ ‫أبا هريرة‪ ،‬قال‪ :‬ميراث رسول اللسسه ‪ ‬ي ُْق َ‬
‫سس ُ‬
‫هنا أل تذهبون فتأخذون نصيبكم فيسسه؟ قسسالوا‪ :‬وأيسسن‬ ‫ها ُ‬
‫عا‬‫هو يا أبا هريرة؟ قال‪ :‬في المسجد‪ ،‬فخرجسسوا سسسرا ً‬
‫ووقف أبو هريسرة لهسم حستى رجُعسوا‪ ،‬فقسال لهسم‪ :‬مسا‬
‫لكم؟ فقالوا‪ :‬يا أبا هريرة‪ ،‬قسسد أتينسسا المسسسجد فسسدخلنا‬
‫فيه فلم نرى شيًئا يقسم‪.‬‬
‫دا؟‬ ‫فقال لهم أبو هريرة‪ :‬وما رأيت في المسجد أح ً‬
‫ما يقرؤون القسسرآن‪،‬‬ ‫ما يصلون‪ ،‬وقو ً‬ ‫قالوا‪ :‬بلى رأينا قو ً‬
‫ما يتذاكرون الحلل والحرام‪.‬‬ ‫وقو ً‬
‫فقال لهم أبو هريرة‪ :‬ويحكم فذاك ميسسراث محمسسد‬
‫‪ ،‬رواه الطبراني في »الوسط«‪.‬‬
‫وعن ابن مسعود ‪ ،‬قال‪ :‬كيسسف بكسسم إذا لبسسستكم‬
‫سنة‬ ‫فتنة يربو فيها الصغير‪ ،‬ويهرم فيها الكبير‪ ،‬وتتخذ ّ‬
‫ما‪ ،‬قيل‪ :‬هذا منكر!!‬ ‫فإن غيرت يو ً‬
‫ُ‬
‫ت‬‫ت أمنسساؤكم وكث ُسسر ْ‬ ‫قال‪ :‬ومتى ذلك؟ قسسال‪ :‬إذا قَل ّس ْ‬
‫ه لغيسسر‬ ‫ت قُّراؤكم وت ُُفّقس َ‬ ‫ت فَُقهاؤكم وك َُثر ْ‬ ‫أمراؤكم وقَل ّ ْ‬
‫ت‪ :‬هسسذا‬ ‫السسدين والتمسسست السسدنيا بعمسسل الخسسرة‪ ،‬قلسس ُ‬
‫موجود الن بكثرة‪ ،‬فتأمل ودّقق النظر!!‬

‫‪190‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وروى أبو نعيم وغيره عن كميل بن زياد عن علسسي‬
‫بن أبي طالب أنسسه قسسال‪ :‬النسساس ثلثسسة‪ :‬عسسالم ربسساني‪،‬‬
‫ومتعلم علسسى سسسبيل النجسساة‪ ،‬وهمسسج رعسساع أتبسساع كسسل‬
‫ناعق يميلون مع كل صائح لم يستضسسيئوا بنسسور العلسسم‬
‫ولم يلجوا إلى ركن وثيق‪.‬‬
‫ما في فضل العلم إلى أن قال‪ ...» :‬إن‬ ‫ثم ذكر كل ً‬
‫ت لسه‬ ‫مسسا ‪-‬وأشسسار إلسسى صسسدره‪ -‬لسسو أصسسب ُ‬ ‫ما ج ً‬ ‫هاهنا لعل ً‬
‫مستعمل ً آلسسة السسدين‬ ‫ب لقًنا غير مأمون ُ‬ ‫ة‪ ،‬بل أصي ُ‬ ‫حمل ً‬
‫جسهِ علسى‬ ‫ج ِ‬ ‫ح َ‬
‫للدنيا ومستظهًرا بنعم الله على عبساده ب ُ‬
‫دا لحملسسة الحسسق ل بصسسيرةَ فسسي أحنسسائه‬ ‫أوليائه‪ ،‬أو مقل ً‬
‫ذا‬‫ينقدح الشك في قلبه لول عارض من شسسبهة‪ ،‬أل ل َ‬
‫ة‪ ،‬أو‬ ‫شسهْوَ ِ‬ ‫ما بالل ّسسذة سسسلس القيسسادِ لل ّ‬ ‫ول ذاك‪ ،‬أو من ُْهو ً‬
‫ما بالجمع والّدخسار‪ ،‬ليسس مسن ُرعساة السدين فسي‬ ‫مغر ً‬ ‫ُ‬
‫شيء‪.‬‬
‫ت‬‫ة‪ ،‬كسسذلك يمسسو ُ‬ ‫م السسسائم ُ‬ ‫ب شسسبًها بهمسسا النعسسا ُ‬ ‫أقر ُ‬
‫ه‪.‬‬‫ملي ْ ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫ت َ‬
‫م بمو ِ‬ ‫العِل ْ ُ‬
‫مسسا‬‫ض من قائم لله بحججسسه إ ّ‬ ‫اللهم بلى ل تخُلو الر ُ‬
‫ظاهًرا مشهوًرا‪ ،‬أو خائًفا مغموًرا‪.‬‬
‫ج الله وبيناُته كم ذا وأين أولئك والله‬ ‫حج ُ‬ ‫لئل تبطل ُ‬
‫مون عند الله قد َْرا‪.‬‬ ‫القّلون عد ََدا‪ ،‬العظ ُ‬
‫ه وبي ّن َسساته‪ ،‬حسستى ي ُوْدِعُوْهَسسا‬ ‫جس ُ‬ ‫حج َ‬‫ظ اللسسه بهسسم ُ‬ ‫يحف س ُ‬
‫عوها في قُُلوب أشباههم‪.‬‬ ‫هم‪ ،‬ويزر ُ‬ ‫ظراَء ُ‬ ‫نُ َ‬
‫هجسسم بهسسم علسسى حقيقسسة البصسسيرة‪ ،‬وباشسسروا روح‬
‫وا بمسسا‬ ‫سس ْ‬‫اليقين واستلنوا ما استوعرهُ المترُفون‪ ،‬وأن ُ‬
‫هلون‪.‬‬ ‫استوحش منه الجا ِ‬
‫متعلقسسة بالمحسسل‬ ‫حهسسا ُ‬‫وصسسحبوا السسدنيا بأبسسدان أروا ُ‬
‫دعاةُ إلسسى‬ ‫العلى‪ ،‬أولئك خلفسساء اللسسه فسسي أرضسسه‪ ،‬والس ُ‬
‫دينه‪ ،‬آه أل شوًقا إلى رؤيتهم«‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ب‬ ‫حسْر ُ‬ ‫ن ت َْغلسسي ال َ‬‫حي ْس ِ‬‫علسسى ِ‬ ‫ي‬‫حِقي ِْق ّ‬ ‫لقد َنشَرْوا العِل ْ َ‬
‫م ال َ‬
‫ل‬ ‫ي المراجسسسسسسسسس ِ‬ ‫غَل ْسسسسسسسسس َ‬ ‫فسسسسسسسسسسسي السسسسسسسسسسسورى‬
‫مُتسسسون‬ ‫مسسسن ُ‬ ‫عسسسّز ِ‬
‫مَنسسساب ِرِ ِ‬ ‫ض‬ ‫وَقسسد ْ َ َ‬
‫َ‬ ‫خطُبسسوا فسسي الر ِ‬
‫ل‬‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسواهِ ِ‬ ‫ال ّ‬ ‫علسسسسسى‬ ‫مسسسسسن َ‬ ‫ق ِ‬ ‫بسسسسسالح ِ‬
‫ت‬ ‫مسسسا ِ‬ ‫سسسسَفهم بالمك ُْر َ‬ ‫سَفا ِ‬ ‫َ‬ ‫هات‬ ‫سسسسسسسسَفا َ‬ ‫أَزالسسسسسسسوا َ‬
‫ل‬‫جلئ ِ ِ‬ ‫ال َ‬ ‫شسسسسسسُعوب وَقسسسسسساب َُلوا‬ ‫ال ُ‬
‫س الت َّقسسى‬ ‫ت علسسى أ ّ‬ ‫مسس ْ‬ ‫أقْي ِ َ‬ ‫سوم ِ‬ ‫دوا على تلك الر ُ‬ ‫وشا ُ‬
‫ل‬‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ِ ِ‬ ‫والَف َ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسارةً‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫أل ل َي ْت ََنا ن َْبنسسي ب َن َسساَء الَوائ ِ َ‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫ت أوائ ُ‬ ‫ك قَسسسد ْ كسسسان ْ‬ ‫كسسسذل َ‬
‫سسسا ك ُس ُ‬
‫ل‬ ‫دارِ ً‬
‫ص سَبح منهسسا َ‬ ‫فأ َ‬ ‫مَنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫قَوْ ِ‬
‫ل‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ما غسسساد َُرْوا‬ ‫سسسسوْ ً‬
‫ي ُر ُ‬ ‫حي ِسسس ْ‬ ‫ون ُ ْ‬
‫لعِْتبارَِنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله على محمد وآله وسلم‪.‬‬


‫فصل‬
‫قيل‪ :‬إن القاضسسي أبسسا الطيسسب صسسعد مسسن سسسميرية‬
‫)مركوب بحري( وهسسو فسسي عشسسر المسسائة ‪ 100‬سسسنة‪،‬‬
‫فقفز منها إلى الشط‪.‬‬
‫فقال له بعض من حضسسر‪ :‬يسسا شسسيخ‪ ،‬ل تفعسسل هسسذا‪،‬‬
‫فإن أعضاءك تضعف وربما أورثت هسذه القفسزة فتًقسا‬
‫في بطنك‪ ،‬فقال‪ :‬يا هذا‪ ،‬إن هسسذه أعضسساؤنا حفظناهسسا‬
‫عن معاصي الله فحفظها الله علينا‪ ،‬فسي حسديث ابسن‬
‫عباس قال له ‪» :‬احفظ الله يحفظك«‪.‬‬
‫ل أصسسدقاؤه‪،‬‬ ‫قال بعضهم‪ :‬من نّقر علسسى النسساس ق س ّ‬
‫ؤه‪ ،‬ومسسن نقسسر علسسى‬ ‫ومن نقسسر علسسى ذ ُن ُسسوبه طسسال ُبكسسا ُ‬
‫عه‪.‬‬ ‫جو ُ‬ ‫مطعمه طال ُ‬
‫مشاورة العلمسساء‪ ،‬والنسساة‬ ‫دا للعقل ُ‬
‫أشد الشياء تأيي ً‬
‫في المور والعتبار بالتجارب وأشدها ضسسرًرا بالعقسسل‬
‫الستبداد بالرأي‪ ،‬والتهاون بالمور‪ ،‬والعجلة ومشاورة‬
‫سخفاء العقول والنساء‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن فسسي‬ ‫دو َ‬ ‫ب مسسن ورثسسة المسسوتى كيسسف ل يزه س ُ‬ ‫العج س ُ‬
‫الدنيا‪.‬‬
‫أوصى رجل بنيه‪ ،‬فقال‪ :‬يسسا بنسسي‪ ،‬عليكسسم بالُنسسسك‪،‬‬
‫ب‬‫دكم بالبخسسل‪ ،‬قيسسل‪ :‬مقتصسسد ل ُيح س ُ‬ ‫فإنه إذا ابُتلي أح ُ‬
‫ي‪ ،‬قيسسل‪ :‬يكسسره كسسثرةَ الكلم‬ ‫السراف‪ ،‬وإن ابتلى بالع ّ‬
‫م علسسى‬ ‫جْبن‪ِ ،‬قيسسل‪ :‬ل ي ُْقسدِ ُ‬ ‫فيما ل يعنيه‪ ،‬وإن ابُتلي بسسال َ‬
‫شبهة‪.‬‬
‫ة عسسن نعسسم اللسسه عليسسه‬ ‫أكثر ما يكون النسسسان غفل س ً‬
‫حينما يكون مغموًرا بتلك النعسسم ول يعسسرف فضسسلها إل‬
‫بعد زوالها‪.‬‬
‫فالنسان ل يعرف فضل هسسذه النعمسسة العظيمسسة إل‬
‫عند فقسسدها ومثلسسه السسسمع والكلم والشسسهوة للطعسسام‬
‫دوا‬ ‫ع ّ‬
‫وِإن ت َ ُ‬ ‫والنكاح وسائر نعم الله التي قال عنها‪َ  :‬‬
‫ها ‪ ‬فعلسسى النسسسان أن يسسسأل‬ ‫صللو َ‬‫ح ُ‬‫ه ل َ تُ ْ‬‫ة الل ّ ِ‬‫م َ‬
‫ع َ‬
‫نِ ْ‬
‫شكره‪.‬‬ ‫الله أن يلهمه ذكره وحمده و ُ‬
‫والشكُر يكون بأمور‪ ،‬منها‪ :‬أن يحمد اللسسه بلسسسانه‬
‫وأن يشكره‪ ،‬ثانًيا‪ :‬أن يعتقد أن النعم كلهسسا مسسن اللسسه‬
‫فضل ً وإحساًنا‪.‬‬
‫عا‪ :‬أن يطيع اللسسه‬ ‫ثالًثا‪ :‬أن ل يعصي الله فيها‪ ،‬راب ً‬
‫سا‪ :‬أن ُيقبل على طاعة الله بجدٍ واجتهاٍد‪.‬‬ ‫فيها‪ ،‬خام ً‬
‫ة الصادقين بين أهل الّرَياَء والنفاق‪.‬‬ ‫غرب ُ‬
‫ن الخلق‪.‬‬ ‫سي ّي ِي ْ َ‬‫وغربة العلماء بين أهل الجهل و َ‬
‫سسسل ُِبوا‬ ‫وغربة علماء الخرة بين علماء الدنيا الذين ُ‬
‫ش سهَْرة و الظهسسور والريسساء‬ ‫حّبوا ال ّ‬‫الخشية والشفاق وأ َ‬
‫والسمعة‪.‬‬
‫وغربة الزاهسسدين بيسسن الراغسسبين فيمسسا ينفسذ ُ وليسسس‬
‫بباق‪.‬‬
‫سسساق والمرج سةِ وأهسسل‬ ‫وغربة أهل الصسسلح بيسسن الُف ّ‬
‫المنكرات‪ ،‬كأهل التلفسساز والفيسسديو والكسسورة والسسدخان‬
‫قي الّلحا‪ ،‬والله أعلم‪ ،‬وصل الله على محمد وآله‬ ‫وحال ِ‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫‪193‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فصل‬
‫قسسال أحسسد العلمسساء‪ :‬مسسن صسسفات العسسالم المطبسسق‬
‫للشرع‪ :‬أن يأمن شره من خالطه‪ ،‬ويأمسل خيسره مسن‬
‫صاحبه‪ ،‬ول يؤاخسسذ بسسالعثرات‪ ،‬ول ُيشسسيع السسذنوب عسسن‬
‫غيره‪ ،‬ول ُيفشي سّر من عاداه‪ ،‬ول ينتصسسر منسسه بغيسسر‬
‫ل للحسسق‪ ،‬عزي سٌز فسسي‬ ‫حسسق ويعفسسو ويصسسفح عنسسه‪ ،‬ذلي س ٌ‬
‫ن‬
‫مس ْ‬‫الباطل‪ ،‬كاظم للغيظ عمن آذاه‪ ،‬شسسديد البغسسض ل ِ َ‬
‫صى موله‪.‬‬ ‫عَ َ‬
‫يجيب السفيه بالصمت عنه‪ ،‬والعالم بالقبول منسسه‪،‬‬
‫ل مسسداهن‪ ،‬ول مشسساحن‪ ،‬ول مختسسال‪ ،‬ول فخسسور‪ ،‬ول‬
‫حسود‪ ،‬ول جاف‪ ،‬ول فسسظ‪ ،‬ول غليسسظ‪ ،‬ول طعسسان‪ ،‬ول‬
‫ه من المنكسسرات‬ ‫ل بيت ُ ُ‬ ‫خا ٍ‬
‫لعان‪ ،‬ول مغتاب‪ ،‬ول سباب‪َ ،‬‬
‫والكافرين والكافرات‪ ،‬يخالط من الخوان من عسساونه‬
‫علسسى طاعسسة ربسسه ونهسساه عمسسا يكسسره مسسوله‪ ،‬ويخسسالق‬
‫ه‪ ،‬إ بقسساًء علسسى دينسسه‪ ،‬سسسليم‬ ‫بالجميل من ل يأمن شّر ُ‬
‫مسسن الغسسل والحسسسد‪ ،‬يغلسسب علسسى قلبسسه‬ ‫القلب للعبسساد ِ‬
‫ن الظن بالمؤمنين في كل ما أمكن فيه العذر‪.‬‬ ‫حس ُ‬
‫ب زوال النعسسم عسسن أحسسد مسسن العبسساد‪ ،‬يسسداري‬ ‫ل ُيحس ّ‬
‫ل غيسسره‬ ‫جهل من عامله برفقسسه‪ ،‬إذا تعجسسب مسسن جه س ِ‬
‫ن جهله فيما بينه وبين ربه أكثر‪.‬‬ ‫ذكر أ ّ‬
‫ل يتوقع له بائقة‪ ،‬ول يخاف منه غائلة‪ ،‬النسساس منسسه‬
‫في راحة‪ ،‬ونفسه منه في جهد‪.‬‬
‫ضا أن يكون شسساكًرا للسسه ولسسه ذاك سًرا‪،‬‬ ‫ومن صفته أي ً‬
‫مناجسساة‬ ‫م القلب ب ُ‬ ‫من َعَ ُ‬
‫دائم الذكر بحلوة حب المذكور ُ‬
‫موقًرا مسسن‬ ‫الرحمن ي َعُد ُ نفسه مع شدةِ اجتهاده مذنًبا ُ‬
‫المعاصي والثام‪.‬‬
‫ومع الستمرار على حسن العمل مقصًرا لجأ إلسسى‬
‫الله فقوى ظهره ووثق بالله فلم يخف غيره مسسستغن‬
‫بالله عن كل شيء ومفتقر إلى الله فسسي كسسل شسسيء‬
‫أنسه بالله وحده ووحشته ممن يشغله عن ربه‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ما خاف توكيد الحجة مشفق علسسى مسسا‬ ‫إن ازداد عل ً‬
‫مضى من صالح عمله أن ل يقبل منه همسسه فسسي تلوة‬
‫سسسنن الرسسسول ‪‬‬ ‫كلم الله الفهم عن مسسوله‪ ،‬وفسسي ُ‬
‫الفقه لئل يضيع ما أمر به‪.‬‬
‫س أهسسل السسدنيا فسسي‬ ‫سنة ل ُينسسافِ ُ‬‫متأدب بالقرآن وال ّ‬ ‫َ‬
‫عّزهَسسا ول يجسسزعُ مسسن ذلهسسا يمشسسي علسسى الرض هون ًسسا‬ ‫ِ‬
‫سسسكينة والوقسسار ومشسستغل قلبسسه بسسالفهم والعتبسسار‬ ‫بال ّ‬
‫والتفكير فيما يقربه إلى الله‪.‬‬
‫إن فرغ قلبه عن ذكر الله فمصيبة عنسسده عظيمسسة‪،‬‬
‫وإن أطاع الله عز وجل بغيسسر حضسسور فهسسم فخسسسران‬
‫عنده مبين‪.‬‬
‫م لها‬ ‫مّته ٌ‬
‫م بداء نفسه و ُ‬ ‫يذكر الله مع الذاكرين‪ ،‬عال ٌ‬
‫صل‪.‬‬ ‫منف ِ‬ ‫ل وعن غيره ُ‬ ‫متص ٌ‬ ‫شغُْله بالله ُ‬ ‫في كل حال ُ‬
‫فإن قال قسسائل‪ :‬فهسسل لهسسذا النعسست السسذي نعسست بسسه‬
‫سنة أو أثر‬ ‫العلماء ووصفتُهم به أصل في القرآن أو ال ّ‬
‫عمن تقدم‪.‬‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬‫قيسسل لسسه‪ :‬نعسسم‪ ،‬قسسال اللسسه جسسل وعل‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ن‬
‫خ لّرو َ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫هل ْ‬ ‫ذا ي ُت ْل َللى َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ه إِ َ‬ ‫مللن َ‬
‫قب ْل ِل ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ُأوُتوا ال ِ‬
‫عل ْ َ‬
‫ن‬ ‫ن َرب َّنللا ِإن َ‬
‫كللا َ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬
‫ن ُ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫وي َ ُ‬ ‫دا * َ‬ ‫ج ً‬ ‫س ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫قا ِ‬ ‫ل ِل َذْ َ‬
‫ن‬ ‫ن ي َب ْك ُللو َ‬
‫قللا ِ‬‫ن ل ِل َذْ َ‬
‫خلّرو َ‬ ‫وي َ ِ‬‫عللول ً * َ‬ ‫م ْ‬
‫ف ُ‬ ‫علدُ َرب ّن َللا ل َ َ‬ ‫و ْ‬‫َ‬
‫عا ‪.‬‬ ‫شو ً‬ ‫خ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫زيدُ ُ‬ ‫وي َ ِ‬ ‫َ‬
‫وصف العلماء بالبكاء والخشسسية والطاعسسة والتسسذلل‬
‫فيما بينه وبينهم‪ .‬اهس بتصرف واختصار‪.‬‬
‫جْنسد ٌ مسن جنسود اللسه‬
‫قال أحسد العلمساء‪ :‬الحكايسات ُ‬
‫ب العسسارفين مسسن عبسساده‪ ،‬وقسسال‪:‬‬‫ُيثبسست اللسسه بهسسا قلسسو َ‬
‫وك ُل ً‬
‫مصداق ذلك قول الله جل وعل لرسوله ‪َ : ‬‬
‫ؤادَ َ‬
‫ك‬ ‫ه ُ‬
‫فلل َ‬ ‫ما ن ُث َب ّ ُ‬
‫ت بِ ِ‬ ‫ل َ‬
‫س ِ‬ ‫ن َأنَبا ِ‬
‫ء الّر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫ك ِ‬ ‫ص َ‬ ‫نّ ُ‬
‫ق ّ‬
‫‪‬كان يقال‪ :‬من أعطسسي أربعًسسا لسسم يمنسسع أربعًسسا‪ :‬مسسن‬
‫أعطى الشكر لسسم يمنسسع المزيسسد‪ ،‬قسسال تعسسالى‪ :‬ل َِئن‬
‫َ‬
‫زيدَن ّك ُ ْ‬
‫م ‪.‬‬ ‫مل ِ‬‫شك َْرت ُ ْ‬
‫َ‬

‫‪195‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ومن أعطى التوبة لسسم يمنسسع القبسسول‪ ،‬قسسال تعسسالى‪:‬‬
‫ه ‪‬ومسسن‬ ‫عب َللاِد ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫عل ْ‬ ‫ة َ‬ ‫وب َل َ‬ ‫ل الت ّ ْ‬ ‫قب َل ُ‬ ‫ذي ي َ ْ‬ ‫و ا ل ّل ِ‬ ‫هل َ‬ ‫و ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫أعطسسى المشسسورة لسسم يمنسسع الصسسواب‪ ،‬ومسسن أعطسسى‬
‫الستخارة لم يمنع الخيرة‪.‬‬
‫هذه قصيدة لبعضهم فيها غلو صلحنا مسسا فيهسسا مسسن‬
‫سا‪:‬‬‫الغلط العتقادي وجعلنا على ما فيه تصليح أقوا ً‬
‫م‬ ‫ظسس ُ‬ ‫خيرِ أعْ َ‬ ‫ها وََبادِْر فَِفي الّتا ِ‬ ‫دا َ‬ ‫ن هُ س َ‬ ‫س عَ س ْ‬ ‫ض ل ِن َْف ٍ‬ ‫ت َي َّق ْ‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي َةِ‬ ‫خ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ول ْ‬ ‫َتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬
‫ل‬ ‫ن غَي ّهَسسا ك ُس ّ‬ ‫مس ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫شسسسدٍ وَقْد ْ ب َل َغَس ْ‬ ‫م ل ت َل ْسسسو ى ل ُِر ْ‬ ‫حت ّسسسا َ‬ ‫فَ َ‬
‫عَنان ََهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ب ُغْي َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةِ‬ ‫ِ‬
‫دى‬ ‫ت ل ِل ُْهسسس َ‬ ‫سسسس ْ‬ ‫هسسسا فَل َي ْ َ‬ ‫ن ن ََها َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة لِ َ‬ ‫م ٌ‬ ‫وا َ‬ ‫سوِء ل َ ّ‬ ‫ماَرةٌ بال ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫ة‬
‫مئ ِّنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫مط ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ن الت َّقسسى‬ ‫وا ُ‬ ‫خس َ‬ ‫لإ ْ‬ ‫عن الِفعْس ِ‬ ‫س َ‬ ‫مسسًرا فَل َْيسس َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫مَعسس ْ‬ ‫إذا أْز َ‬
‫مَبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّرةِ‬ ‫هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا َوال َ‬ ‫ي َُرد ّ َ‬
‫ة‬
‫مّر ِ‬ ‫ل َ‬ ‫مّرةٍ ي َث ِْنيهِ في ك ُ ّ‬ ‫خي ْسرِ فسسي أُبو ُ‬ ‫ل ال َ‬ ‫مسّر فِعْس ُ‬ ‫ن َ‬ ‫َوإ ْ‬
‫َبال ِهَسسسسسسسسسسسا أن ْث َن َسسسسسسسسسسسى‬
‫ت‬ ‫عي س ُ‬ ‫ت وَل َسوْ أن ّسسي د ُ ِ‬ ‫ت ل َط َسساَر ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ل َسسسوْ قُسسسد ّ َ‬ ‫َولسسسي قَسسسد َ ٌ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةِ ل ُِقْرَبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةِ‬ ‫ظل َ‬ ‫لِ ُ‬
‫ن‬ ‫مسسا ُ‬ ‫مى ِفيَهسسا الّز َ‬ ‫ل َر َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ل وَرِ ْ‬ ‫جس ٌ‬ ‫ن رِ ْ‬ ‫ذي رِ ْ َ‬ ‫ت ك َس ِ‬ ‫ل َك ْن ْ ُ‬
‫جلي ْس ِ‬
‫ت‬‫ة َفشسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل ّ ِ‬ ‫ح ٌ‬ ‫حي َ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ن لِهيسس ٍ‬ ‫مسس ْ‬ ‫مسسا أَنسسا ِفيسسهِ ِ‬ ‫مسسسسا و َ‬ ‫ت َ‬ ‫مسسسسا َرأ ْ‬ ‫َ‬
‫وََقاَئلسسسسةٍ ل ّ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساَبني وََزفَْرتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي‬ ‫أ َ‬
‫ح‬ ‫ط وإن ك َث ُسَر ول ت َْيأ َ‬ ‫ك ل ت َْقن ُس ْ‬ ‫ُروَي ْسد َ َ‬
‫ل َروْ ٍ‬ ‫ن ن َْيسس ِ‬ ‫مسس ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫سسس ْ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةِ‬ ‫ح َ‬ ‫طسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا وَر ْ‬ ‫خ َ‬ ‫ال َ‬
‫مةِ‬ ‫شد ّةِ أْز َ‬ ‫ج إل ب ِ‬ ‫صسب ُّر ول فََر ٌ‬ ‫سسٌر والت ّ َ‬ ‫سسرِ ي ُ ْ‬ ‫معَ العُ ْ‬ ‫َ‬
‫عي سد َ‬ ‫ولى أ ِ‬ ‫مس ْ‬ ‫ما د َعَسسى ال َ‬ ‫َ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرةٌ فَل ّ‬ ‫نُ ْ‬
‫ة«‬ ‫جّنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫هسسل ل َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫مسسا َ‬ ‫ل أعْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫عا ِ‬ ‫م َ‬ ‫»وك َ ْ‬
‫شسسسسَرى‬ ‫ن الب ُ ْ‬ ‫مسسسس َ‬ ‫ت ِ‬ ‫حسسسس ِ‬ ‫من َ ْ‬ ‫جهَّنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسم ٍ َ‬ ‫َ‬
‫حة ِ‬ ‫صسسسسسسسي َ‬ ‫ن الن ّ ِ‬ ‫سسسسسسسس ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫خي ْسًرا وَ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫وزي ِ‬ ‫جس ِ‬ ‫ت لهَسسا ُ‬ ‫فَُقل ْس ُ‬
‫ج‬ ‫ن ت َُفسّر َ‬ ‫حيل َسستي فسسي أ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫علسسسسسسسسسسسى السسسسسسسسسسسذي وَ َ‬
‫ن ك ُْرَبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسستي‬ ‫م َ‬ ‫جاةِ ِ‬ ‫ل ِللن ّ َ‬ ‫سبي ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫فَهَ ْ‬
‫‪196‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن َبسسواٍر‬ ‫مسس ْ‬
‫م ِ‬ ‫سسسل َ ْ‬
‫ك تَ ْ‬‫ِلرّبسس َ‬ ‫السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّرَدى‬
‫ة«‬ ‫خي ْب َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫و َ‬ ‫م‬‫سا وَقُ ْ‬ ‫ب ن َْف ً‬ ‫ت فَط ِ ْ‬ ‫»فََقال َ ْ‬
‫كسسل‬ ‫ه ُ‬ ‫ت عَْنسس ُ‬ ‫طسس ْ‬ ‫ح ّ‬‫إليسسه فَ ُ‬ ‫جًهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫مت َوَ ّ‬
‫ُ‬
‫طيئ َ ِ‬
‫ة«‬ ‫خ ِ‬ ‫َ‬ ‫ة‬
‫مسس ِ‬‫ح َ‬‫ن َر ْ‬ ‫مسس ْ‬ ‫س ِ‬ ‫م آيسس ٌ‬ ‫كسس ْ‬ ‫»فَ َ‬
‫ل‬ ‫كسس ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬‫ل َبني الزّل ِ‬ ‫ي ُِقي َ‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫فالت ْ َ‬
‫ة«‬ ‫عَث ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَر ِ‬ ‫ل‬ ‫صسسسد ْهُ بسسسذ ّ‬ ‫ك َفأقْ ِ‬ ‫»فَسسسد َي ْت ُ َ‬
‫مسسسن الث َسسسام ِ ت َوْب َسسس َ‬
‫ة‬ ‫جن ْسسسوهُ ِ‬ ‫َ‬ ‫َفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسإنه‬
‫ت«‬ ‫خبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫مسسن‬ ‫ن ِ‬ ‫مسسا أتسسوهُ ت َسساِئبي ْ َ‬ ‫»إذا َ‬
‫السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذي‬

‫فصل‬
‫عن أبسسي السسدرداء قسسال‪ :‬إن السسذين ألسسسنتُهم رطبسسة‬
‫ل أحدهم الجنة وهو يضحك‪.‬‬ ‫بذكر الله عّز وجل يدخ ُ‬
‫س‬
‫ه النسسا ُ‬ ‫ن ثابت ُيريسسد الجمعسسة فاسسستقبل ُ‬
‫خرج زيد ُ ب ُ‬
‫راجعيسسن‪ ،‬فسسدخل داًرا‪ ،‬فقيسسل لسسه‪ ،‬فقسسال‪ :‬إنسسه مسسن ل‬
‫يستحي من الناس ل يستحي من الله‪.‬‬
‫ة حتى أصبح أو قارب الصسسبح‬ ‫صلى تميم الداري ليل ً‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ب ال ّ ل ِ‬
‫ذي َ‬ ‫س َ‬
‫ح ِ‬‫م َ‬‫ة وُيرددهسسا ويبكسسي‪ :‬أ ْ‬‫وهو يقرؤ آي س ً‬

‫‪197‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫َ‬ ‫الهمم العالية‬
‫مُنللوا‬
‫نآ َ‬ ‫كاّللل ِ‬
‫ذي َ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫هلل ْ‬ ‫ج َ‬
‫ت أن ن ّ ْ‬‫سللي َّئا ِ‬‫حللوا ال ّ‬‫جت ََر ُ‬
‫ا ْ‬
‫ت ‪.‬‬
‫حا ِ‬ ‫مُلوا ال ّ‬
‫صال ِ َ‬ ‫ع ِ‬‫و َ‬‫َ‬
‫وقام مرة بعد َ أن صلى العشاء في المسسسجد فم سّر‬
‫ن ‪ ‬فمسسا خسسرج منهسسا‬ ‫حو َ‬ ‫كال ِ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬‫بهذه الية ‪َ ‬‬
‫حتى سمع أذان الصبح‪.‬‬
‫وسسسأله رجسسل عسسن صسسلته بالليسسل‪ ،‬فغضسسب غض سًبا‬
‫دا‪ ،‬ثم قال‪ :‬والله لركعة أصليها في جسسوف الليسسل‬ ‫شدي ً‬
‫ُ‬
‫ه‬
‫صسس ُ‬ ‫صلي الليل كُله‪ ،‬ثم أقُ ّ‬ ‫ي من أن أ ّ‬ ‫ب إل ّ‬ ‫في سرٍ أح ّ‬
‫مسسر‬ ‫م سّرةٍ وكسسم اعْت َ َ‬ ‫من َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ج ّ‬ ‫دكم َ‬ ‫من ي َعُ ّ‬ ‫على الناس ب َل ّغَْ َ‬
‫ة‪.‬‬
‫من الرياِء والسمع ِ‬ ‫ذره ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫و َ‬
‫سنة خيٌر من كثير في بدعسسة‪،‬‬ ‫وقال آخر‪ :‬قليل في ُ‬
‫سك‪.‬‬ ‫ل عمل مع تقوى‪ ،‬أقوى الُقوة غلبُتك نف َ‬ ‫كيف يق ُ‬
‫ومسسن عجسسز عسسن أدب نفسسسه كسسان عسسن أدب غيسسره‬
‫ل شيء‪.‬‬ ‫أعجز‪ ،‬ومن خاف الله خافه ك ُ‬
‫ك علسسى‬ ‫ك فاب ْ ِ‬‫من مال َ‬ ‫وقال‪ :‬إن اغتممت بما ين ُْقص ِ‬
‫من عمرك في غير طاعة الله‪.‬‬ ‫ص ِ‬ ‫ما ي َن ُْق ُ‬
‫ل حتى يؤثر دينه علسسى شسسهوته ولسسن‬ ‫ل رج ٌ‬ ‫م َ‬‫ولن يك ْ ُ‬
‫يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه‪.‬‬
‫ومن علمة الستدراج العمى عن عُيوب النفس‪.‬‬
‫سسّقثه يعتم سد ُ‬ ‫كان الربيع بن خيثسسم بعسسد مسسا سسسقط ِ‬
‫علسسى رجليسن إلسى المسسجد‪ ،‬وكسان أصسحاب عبسدالله‬
‫ص الله لك لو صليت في بيتك‪.‬‬ ‫خ َ‬ ‫يقولون له‪ :‬لقد ر ّ‬
‫ي‬ ‫ت الذان حسس ّ‬ ‫ل‪ :‬إنه كما تقولون ولكني سمع ُ‬ ‫فيقو ُ‬
‫على الفلح‪ ،‬فمن سمع منكم فليجبسسه ولسسو زحًفسسا ولسسو‬
‫وا‪.‬‬ ‫حب ً‬
‫قال بعضهم‪ :‬يا أخي‪ ،‬إن الشفقة لم تزل بسسالمؤمن‬
‫حسستى أوفسسدته علسسى خيسسر حسسال‪ ،‬وإن الغفلسسة لسسم تسسزل‬
‫ه إلى شرِ حال‪.‬‬ ‫بالفاجر حتى أسلمت ُ‬
‫ئ ل يدري مسسا عاقبسسة أمسسره‪ ،‬ومسسا‬ ‫عمرِ امر ٍ‬ ‫وما خيُر ُ‬
‫ة‬‫حفظ منه‪ ،‬ولئن كسسانت الرغبسس ُ‬ ‫ل ما ُ‬ ‫ش ل يكم ُ‬ ‫خيُر عي ٍ‬

‫‪198‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫في الدنيا هي المسسستولية علسسى قلوبنسسا كمسسا اسسستولت‬
‫سْرَنا‪.‬‬ ‫دا في القيامة وخ ِ‬ ‫على أبداننا لقد خبنا غ ً‬
‫مرض خيثمة وثقل وجاءته امرأته‪ ،‬فجلسسست عنسسده‬
‫فبكت‪ ،‬فقال لها‪ :‬ما يبكيك؟ الموت لبد منه‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫ت منسسك‬ ‫ي حرا‪ ،‬فقال لها‪ :‬مسسا كسسل هسسذا أرد ُ‬ ‫ل عل ّ‬‫الرجا ُ‬
‫دا وهسسو أخسسي‪ ،‬وهسسو رجسسل‬ ‫جل ً واح س ً‬ ‫ت أخسساف ر ُ‬ ‫إنما كنس ُ‬
‫ب فسسي بيسستي‬ ‫ت أن يشر َ‬ ‫فاسق يتناول الشراب‪ ،‬فكره ُ‬
‫ل ثلث‪.‬‬ ‫الشراب بعد إذ القرآن ُيتلى فيه ك ّ‬
‫وعن العمش عن خيثمة‪ ،‬قال‪ :‬تقول الملئكسسة‪ :‬يسسا‬
‫رب عبدك المؤمن تزوي عنه السسدنيا‪ ،‬وتعرضسسه للبلء‪،‬‬
‫قال‪ :‬فيقول للملئكة‪ :‬اكشسسفوا لهسسم عسسن ثسسوابه‪ ،‬فسسإذا‬
‫رأوا ثوابه‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رب ل يضره ما أصابه في الدنيا‪.‬‬
‫قسسال‪ :‬ويقولسسون عبسسدك الكسسافر تسسزوي عنسسه البلء‬
‫وتبسط له الدنيا‪ ،‬قال‪ :‬فيقول للملئكة‪ :‬اكشفوا لهسسم‬
‫عسسن عقسسابه‪ ،‬قسسال‪ :‬فسسإذا رأوا عقسسابه‪ ،‬قسسالوا‪ :‬يسسا رب ل‬
‫ينفعه ما أصابه من الدنيا‪.‬‬
‫ولما نزل بابن إدريس الموت بكت ابنُته‪ ،‬فقسسال‪ :‬ل‬
‫ة آلف‬ ‫ت القرآن فسسي هسسذا السسبيت أربعس َ‬ ‫تبكي فقد ختم ُ‬
‫ختمة‪.‬‬
‫دنيا‬ ‫قسسال عبسسدالله بسسن مسسسعود ‪ :‬ذهسسب صسسفو ال س ّ‬
‫ة لكل مسلم‪.‬‬ ‫وبقي كدرها‪ ،‬فالموت اليوم تحف ٌ‬
‫ه‪ ،‬فقسسال‪ :‬واللسسه لقسسد صسسحبنا‬ ‫ن أصسسحاب ُ‬ ‫وعظ الحسس ُ‬
‫ة ليسسس‬ ‫ما كاُنوا يقوُلون‪ :‬ليس لنا في السسدنيا حاج س ٌ‬ ‫أقوا ً‬
‫حهم‪.‬‬ ‫لها خلقنا‪ ،‬فطلبوا الجنة بُغدوهم وروا ِ‬
‫نعسسم‪ ،‬واللسسه حسستى أهرقسسوا فيهسسا دمسساءهم فسسأفلحوا‬
‫شه ول‬ ‫دهم ثوًبا ول يْفتر ُ‬ ‫ونجحوا هنيًئا لهم ل يطوى أح ُ‬
‫سا خائًفا إذا دخل على أهلسه‬ ‫ما ذليل ً متباي ً‬ ‫تلقى إل صائ ً‬
‫إن قُِرب إليه شسسيء أكل ُسسه وإل سسسكت ل يسسسألُهم عسسن‬
‫شيٍء ما هذا؟ وما هذا؟ ثم قال‪:‬‬
‫حي َسساءِ‬‫ت ال ْ‬ ‫مي ّس ُ‬ ‫ت َ‬‫ما المي س ُ‬‫ح إن ّ َ‬ ‫سسسترا َ‬‫مسسات فا ْ‬ ‫مسسن َ‬‫س َ‬ ‫لي َ‬
‫ت‬ ‫مْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬
‫بِ َ‬
‫‪199‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬

‫قال حذيفة في مرضه الذي مسسات فيسسه‪ :‬لسسول أنسسي‬


‫ل يسوم ٍ مسن‬ ‫أرى أن هذا اليوم آخُر يوم مسن السدنيا وأو ُ‬
‫الخرة لم أتكلم به‪.‬‬
‫اللهم إّنك تعلم أني كنت أحب الفقر علسسى الغنسسى‪،‬‬
‫ب المسسوت علسسى الحيسساة‬ ‫ة على العِسسز وأحس ّ‬ ‫ب العُْزل َ َ‬
‫وأح ّ‬
‫دم‪ ،‬ثم مات ‪.‬‬ ‫ح من ن ِ‬ ‫ب جاء على فاقة ل أفل َ‬ ‫حبي ٌ‬
‫ه تسسرك‬ ‫ه‪ ،‬ومن أحّبسس ُ‬ ‫ه أحب ّ ُ‬
‫ضهم‪ :‬من عرف رب ّ ُ‬ ‫قال بع ُ‬
‫الدنيا إل لما لب ُد ّ له منه‪.‬‬
‫ل ول ُيغفس ُ‬
‫ل‬ ‫ح نفسسسي كيسسف أغفس ُ‬ ‫وقال آخسسر‪ :‬يسسا ويس َ‬
‫ل ورائي!‬ ‫عني! أم كيف تهُنؤني معيشتي واليوم الثقيس ُ‬
‫عجبي بدار في غيرها قراري وخلدي!‬ ‫أم كيف يشتد ُ ُ‬
‫ن أبسسي‬ ‫وعن عون بن ذكوان قال‪ :‬صلى بنا زرارةُ ب ُ‬
‫فللي‬ ‫ق لَر ِ‬ ‫ذا ن ُ ِ‬‫ف لإ ِ َ‬‫أوفسسى صسسلة الصسسبح حسستى بلسسغ‪َ  :‬‬
‫ه إلى داره‪.‬‬ ‫ت فيمن حمل ُ‬ ‫ر ‪ ‬فخّر ميًتا وكن ُ‬ ‫قو ِ‬ ‫الّنا ُ‬
‫قال الشيخ تقي الدين‪ :‬من تمسسام نعمسسة اللسسه علسسى‬
‫عباده المؤمنين أن ينزل بهم مسسن الشسسدة والضسسر مسسا‬
‫يلجئهسسم إلسسى توحيسسده فيسسدعونه مخلصسسين لسسه السسدين‬
‫دا غيره‪.‬‬ ‫ويرجونه ول يرجون أح ً‬
‫فتتعلق قلوبهم به ل بغيره فيحصل لهم من التوكل‬
‫عليسسسه والنابسسسة إليسسسه وحلوة اليمسسسان وذوق طعمسسسه‬
‫والبراءة من الشرك ما هو أعظم مسسن زوال المسسرض‬
‫دب والضر‪ .‬اهس‪.‬‬ ‫ج ْ‬‫والخوف وال ُ‬
‫شَقاوَةِ أربعسسة‪ :‬نسسسيان السسذنوب الماضسسية‬ ‫علمات ال ّ‬
‫وهي عند الله محفوظة‪ ،‬وذكر الحسنات الماضسسية ول‬
‫ت أم ُرّدت‪ ،‬ونظسسره إلسسى مسسن فسسوقه فسسي‬ ‫يسسدري أقبل س ْ‬
‫دونه في الدين‪.‬‬ ‫الدنيا‪ ،‬ونظره إلى من ُ‬
‫وعلمات السسسعادة أربعسسة‪ :‬ذكسسر السسذنوب الماضسسية‪،‬‬
‫ونسيان الحسنات الماضية‪ ،‬ونظره إلى من فوقه في‬
‫دونه في الدنيا‪.‬‬ ‫الدين‪ ،‬ونظره إلى من ُ‬

‫‪200‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ب السسدين وهسسو داعيسسة إلسسى‬
‫ب أد ُ‬ ‫قسسال بعضسسهم‪ :‬الد ُ‬
‫ب إلى السعادة وزاد ٌ من التقوى‪.‬‬ ‫التوفيق‪ ،‬وسب ٌ‬
‫وهو أن تعلسسم شسسرائع السسسلم وأداء الفسسرائض وأن‬
‫خذ لنفسك بحظهسسا مسسن النافلسسة وتزيسسد ذلسسك بصسسحة‬ ‫تأ ُ‬
‫ضسسا‬
‫مبغ ً‬
‫سا فيه ُ‬‫مناف ً‬
‫حب الخير ُ‬ ‫النية وإخلص النفس و ُ‬
‫عا عنه‪.‬‬
‫للشر ناز ً‬
‫مجانبسة للشسر‬ ‫ة في ثوابه و ُ‬ ‫ويكون طلبك للخير رغب ً‬
‫ة من عقابه فتفسسوز بسسالثواب وتسسسلم مسسن العقسساب‬ ‫رهب ً‬
‫موبقسسات وآثسسرت الحسسسنات‬ ‫ذلك إذا اعتزلت ُركسسوب ال ُ‬
‫المنجيات‪ .‬والله أعلم‪ ،‬وصسسل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫حكم وفوائد منوعة‬
‫ف من عالم ترك الناس علمه لفساد‬ ‫ما شيء أضع ُ‬
‫طريقته‪ ،‬ومسسا شسسيء أضسسعف مسسن جاهسسل أخسسذ النسساس‬
‫بجهلسسه لنظرهسسم إلسسى عبسسادته السستي بناهسسا علسسى غيسسر‬
‫أساس‪.‬‬
‫كان أحد الحكماء قليل الكل خشن اللباس‪ ،‬فكتب‬
‫ب أن الرحمة لكل ذي‬ ‫إليه بعض الفلسفة‪ :‬أنت تحس ُ‬
‫ُروح واجبة وأنت ذو روح ول ترحمها بترك قلسسة الكسسل‬
‫وخشن اللباس‪.‬‬
‫فكتب إليه‪ :‬عاتبتني على لبس الخشن وقد يعشق‬
‫النسان القبيحة ويترك الحسناء وعسساتبتني علسسى قلسسة‬
‫الكل وأنا إنمسسا أريسد ُ أن أكسسل لعيسسش وأنسست ُتريسسد أن‬
‫تعيش لتأكل والسلم‪.‬‬
‫ت السبب في قلسسة‬ ‫فكتب إليه الفيلسوف‪ :‬قد عرف ُ‬
‫الكل فما السبب في قلة الكلم‪.‬‬
‫ت إلسسى مفسسارقته‬ ‫مسسا مسسا احتجس ُ‬
‫فكتب الحكيم إليه‪ :‬أ ّ‬
‫وتركه للناس فليس لك‪ ،‬والشغل بما ليس لك عبث‪.‬‬
‫وقد خلق الحقّ سبحانه وتعالى لسسك أ ُ‬
‫ذنيسسن ولسسساًنا‬
‫ضسسعف مسسا تقسسول ل لتقسسول أكسسثر ممسسا تسسسمع‬ ‫لتسسسمعَ ِ‬
‫والسلم‪.‬‬
‫‪201‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫دعت على زوجها‬ ‫تقدمت امرأة إلى قاضي الري فا ّ‬
‫بصداقها خمسمائة دينار‪ ،‬فسسأنكر فجسساءت ببينسسة تشسسهد‬
‫لها به‪.‬‬
‫فقالوا‪ُ :‬نريد أن تسُفر لنا عن وجهها حتى نعلم أنها‬
‫الزوجة أم ل‪.‬‬
‫موا على ذلك قسال السزوج‪ :‬ل تفعلسوا هسي‬ ‫م ُ‬
‫فلما ص ّ‬
‫صادقة فيما تدعيه‪.‬‬
‫ه عسسن النظسسر إلسسى‬ ‫ن زوجت َس َ‬
‫صسسو َ‬
‫فأقر بمسسا أدعسست لي ُ‬
‫وجهها‪.‬‬
‫فقسسالت المسسرأة حيسسن عرفسست ذلسسك منسسه وأنسسه أقسّر‬
‫ل مسسن‬‫حس ّ‬ ‫جهََها عن نظر الرجال إليه‪ :‬هو في ِ‬ ‫نو ْ‬‫صو َ‬ ‫لي ُ‬
‫صداقي الذي عليه في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫مغْت َسسر فل‬‫خل قلُبه من ذكر أخطسسار أربعسسة فهسسو ُ‬ ‫من َ‬ ‫َ‬
‫يأمن الشقاء‪:‬‬
‫الول‪ :‬خطر الميثاق حين قال‪ :‬هسسؤلء فسسي الجنسسة‬
‫ول أبالي‪ ،‬وهؤلء في النار ول أبالي‪ ،‬فل يعلم فسسي أي‬
‫الفريقين كان‪.‬‬
‫خل ِسقَ فسسي ظلمسسات ثلث‪ ،‬فنسسادى‬ ‫والثللاني‪ :‬حيسسن َ‬
‫الملك بالشقاوة والسسسعادة‪ ،‬ول يسسدري أمسسن الشسسقياء‬
‫هو أم من السعداء‪.‬‬
‫والثللالث‪ :‬ذكسسُر هسسول المطلسسع‪ ،‬فل يسسدري أيبشسسر‬
‫برضاء الله أم بسخطه‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬يوم يصسسدر النسساس أشسستاًتا‪ ،‬فل يسسدري أي‬
‫الطريقين يسلك به‪ .‬اهس‪.‬‬
‫قال علي بن الموفق‪ :‬كان لي جار مجوسي اسمه‬
‫ت أعرض عليسسه السسسلم‪ ،‬فيقسسول‪ :‬نحسسن‬ ‫شهريار‪ ،‬فكن ُ‬
‫على الحق‪ ،‬فمات على المجوسية‪ ،‬فرأيته في النوم‪،‬‬
‫ت له‪ :‬ما الخبر؟ فقال‪ :‬نحن في قعر جهنم‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫فقل ُ‬
‫ت‪:‬‬‫م منكم‪ ،‬قال‪ :‬قل ُ‬ ‫ت‪ :‬تحتكم قوم؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قو ٌ‬ ‫قل ُ‬
‫مّنا‪ ،‬قال‪ :‬الذين يقولسسون إن القسسرآن‬ ‫من أي الطوائف ِ‬
‫مخلوق‪ .‬اهس من »طبقات الحنابلة« المجلد )‪.(2‬‬
‫‪202‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قيل للعمش‪ :‬قد أحببت العلسسم بكسسثرة مسسن يأخسسذه‬
‫عنك؟ قال‪ :‬ل تعجبوا‪ ،‬فإن ثلثا منهم يموتون قبسسل أن‬
‫يدركوا وثلًثا يلزمون السلطان فهم شٌر من الموتى‪.‬‬
‫ومن الثلسسث الثسسالث قليسسل مسسن يفلسسح‪ ،‬وقسسال‪ :‬ش سّر‬
‫المراء أبعدهم من العلماء‪ ،‬وشّر العلماء أقرُبهم مسسن‬
‫المراء‪.‬‬
‫وقال آخر‪ :‬اجتنب صحبة ثلثة أصناف مسسن النسساس‪:‬‬
‫مسسداهنين‪ ،‬والمتصسسوفة‬ ‫الجبسسابرة الغسسافلين‪ ،‬والُقسسراء ال ُ‬
‫الجاهلين‪.‬‬
‫وقال الخليل بن أحمد‪ :‬أيامي أربعة‪ :‬يوم ألقى فيه‬
‫م فسسائدتي‬ ‫من هو أعلسسم منسسي فسسأتعلم منسسه‪ ،‬فسسذاك يسسو ٌ‬
‫وغنيمتي‪ ،‬ويوم ألقى فيه من أنا أعلم منه فذاك يسسوم‬
‫أجري‪ ،‬ويوم ألقى فيه من هسسو مثلسسي فسسأذاك ُِرهُ فسسذلك‬
‫م دْرسي‪ ،‬ويوم ألقى فيه من هسسو دونسسي وهسسو يسسرى‬ ‫يو ُ‬
‫أنه فوقي فل أكلمه وأجعله يوم راحتي‪.‬‬
‫قسسال ابسسن المسسسيب‪ :‬لقسسد أتسسى علسسي ثمسساُنون سسسنة‬
‫ي وأنسسا أعشسو بسالخرى وصسساحبي‬ ‫ت إحسسدى عينس ّ‬‫وذهبس ْ‬
‫أعمى وأصم ُيريد ُ ذكره ُ و إني أخاف من فتنة النساء‪.‬‬
‫وقسسال عبسسادة بسسن الصسسامت‪ :‬أل ترونسسي ل أقُسسوم إل‬
‫دا )يعني إنسه يسساعد علسسى القيسام( ول آكسسل إل مسسا‬ ‫رفْ ً‬
‫ن( وقد مات صسساحبي منسسذ‬ ‫سخ ّ‬ ‫ُلوقَ لي )يعني مالّين و ُ‬
‫ه(‪.‬‬
‫زمان )يعني ذكر ُ‬
‫ت بامرأة ل تحل لسسي وأن لسسي‬ ‫وما يسرني أني خلو ُ‬
‫ة أن يسسأتيني الشسسيطان‬ ‫س مخافس َ‬ ‫ما تطلعُ عليسسه الشسسم ُ‬
‫ي؛ لنسسه ل سسسمع لسسه ول بصسسر‪ ،‬وكسسان مسسن‬ ‫كه عل ّ‬‫فيحر ُ‬
‫السلف في السوق ل ينظر إل إلى قدمه‪.‬‬
‫ت على بيت مسسال‬ ‫وقال سعيد بن المسيب‪ :‬لو أتمن ُ‬
‫ت‬‫ت على امسسرأة سسسوداَء لخف س ُ‬ ‫ت المانة‪ ،‬ولو أتمن ُ‬ ‫لدي ُ‬
‫أن ل أؤدي المانة فيها‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وكسسذلك المسسال ل يسسؤتمن عليسسه أصسسحاب النفسسس‬
‫الحريصة على أخذه‪ ،‬وهذا كله يبين أن النفس تخسسون‬
‫ه الله‪.‬‬ ‫أمانتها إل من عصم ُ‬
‫س‬‫ن السسسسرأ ِ‬ ‫ك ل َسسسسو ُ‬ ‫ب وخان َسسسس َ‬ ‫ك مشسسن اليسسام ِ ن َسسا ٌ‬ ‫فَ سَرا َ‬
‫ب‬ ‫شسسسسسسسسي َ ُ‬ ‫سأ ْ‬ ‫ب والسسسسسسسسرأ ُ‬ ‫خَلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬
‫س‬ ‫مَرامسسسي النفسسس ِ‬ ‫مةٍ ب َْعيسسسد َ‬ ‫ح هِ ّ‬ ‫م َ‬ ‫جا ِ‬‫ك َ‬ ‫فحّتام ل ت َن َْف ُ‬
‫ب‬ ‫ت أقْسسسسسسسسَر ُ‬ ‫ت فيسسه والمسسسسسسسسو ُ‬ ‫س سّرث بعَي ْسسش أن ْس َ‬ ‫تُ َ‬
‫ت‬ ‫ب السسدنيا وأنسس َ‬ ‫سسست َعْذِ ُ‬ ‫ص وت َ ْ‬ ‫من ََغسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ّ‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫مَعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ ّ ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫م َ‬ ‫سس َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ك والوْقَسسا ُ‬ ‫ت ُغَذ ّي ْ َ‬
‫ت‬ ‫عا ُ‬ ‫ك والسسسسسسا َ‬ ‫سسسسسسقي ْ َ‬ ‫ذي وت َ ْ‬ ‫ت َغَْتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬
‫ب‬ ‫شسسسسسسسسَر ُ‬ ‫ك تَ ْ‬ ‫حسسسسسسسس َ‬ ‫مت َل َِفًتا ُروْ َ‬ ‫ب من آفات َِها ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫وت َعْ َ‬
‫ك‬ ‫مسسُر اللسسه فِعُْلسس َ‬ ‫ن إلي َْهسسا ل َعَ ْ‬ ‫طسس ُ‬ ‫شسسر ت ّب ْ ِ‬ ‫سسسب َُها بالب ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫وت ْ‬
‫ب‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ة أعْ َ‬ ‫خّلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬
‫ك عسسن في َظ َْهسسسُر منهسسسا غَْيسسسُر مسسسا‬ ‫مْتسس َ‬ ‫ت أعْ َ‬ ‫ضسسي ْ ْ‬ ‫إذا َر ِ‬
‫ب‬‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫دى ت َت َ َ‬ ‫ق الُهسسسسسسسسس َ‬ ‫طسسسسسسسسسُر ِ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫حيسس َ‬ ‫ب بها ْ‬ ‫ن ذي ْ ل ُ ّ‬ ‫شسسَباب فما ظ ّ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫سل َْبها ثو َ‬ ‫وفي َ‬
‫ب‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ة ت َغْ َ‬ ‫دلَلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٌ‬ ‫َ‬
‫عا‬ ‫دا ً‬ ‫خس َ‬ ‫ك علسسى أنهسسا ت ُعْط ِسسي ِ‬ ‫ش سي ْب ُ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ضى بأن ي َن ْهَسسا َ‬ ‫أت َْر َ‬
‫ب‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل ِ ُ‬ ‫والحجسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا وت َ ْ‬
‫مسسسعَ اليسسسام ِ ت َل ْهُسسسو‬ ‫ت َ‬ ‫ك وأن ْسسس َ‬ ‫معْ ِلسسد ُن َْيا َ‬ ‫ك ل َتسسس َ‬ ‫أجسسد ّ َ‬
‫ب‬ ‫دا وت َل ْعَسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫وعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫ج السسسّريّ والب َسسسْر ُ‬ ‫ول ت َت َسسسر ّ‬
‫ب‬ ‫خل ّسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ُ‬

‫قال ابن الجوزي س رحمه الله س‪ :‬إخواني اليام لكسسم‬


‫مطايا‪ ،‬فأين الُعدة قبسسل المنايسسا؟ أيسسن النفسسة مسسن دار‬
‫الذايا؟ أين العزائم؟ أترضون الدنايا؟‬
‫ن بلية الهوى ل تشبه البليا وإن خطيئة الصرار ل‬ ‫إ ّ‬
‫كالخطايسسا‪ ،‬وإن سسسرّية المسسوت ل كالسسسرايا‪ ،‬وقضسسية‬
‫اليام ل كالقضايا‪ ،‬وملك الموت ل يقبل الهدايا‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فيا مستورين ستطهر الخبايا‪ ،‬أيها المستوطن بيت‬
‫ك‪ ،‬أيها المسرور بقصسسوره‪ ،‬تهيسسأ‬ ‫غروره‪ ،‬تأهب لزعاج ْ‬ ‫ُ‬
‫جك‪.‬‬ ‫لخرا ْ‬
‫دتك وقسسم فسسي قضسساء حاجتسسك قبسسل فسسراق‬ ‫خ سذ ْ عُ س ّ‬ ‫ُ‬
‫أولدك‪ ،‬وأزواجسسك‪ ،‬مسسا السسدنيا دار مقامسسك‪ ،‬بسسل محث ًسسا‬
‫لدلجك‪.‬‬
‫م‬ ‫سَقا ُ‬ ‫ة و َ‬ ‫ح ٌ‬‫ص ّ‬‫س ِ‬ ‫م وي ُؤْ ٌ‬ ‫ت َتم سُر علسسى ن َعِي ْ ٌ‬ ‫هر ت َسساَرا ٌ‬ ‫وللد ّ ْ‬
‫الَفت َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى‬
‫م‬ ‫ب ومَل ُ‬ ‫معْت ِ ٌ‬ ‫س عليها َ‬ ‫ك فسسي السسدنيا فل فلي َ‬ ‫ن َيسس ُ‬ ‫مسس ْ‬ ‫و َ‬
‫ي َعَْتبّنهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ومسساذا السسذي ت َب ْغِْيسسهِ فَْهسس َ‬
‫و‬
‫م‬
‫طسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ذا ُ‬ ‫مسسا َ‬ ‫ك مسسا السسدنيا و َ‬ ‫أجسسد ّ َ‬
‫م‬ ‫وا ُ‬ ‫ك فيها راعًيا وسسس َ‬ ‫مَتاعَُهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ولت َ ُ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ك السسدنيا وأْنسس َ‬ ‫ت َلسس َ‬ ‫داَنسس ْ‬ ‫وَ َ‬
‫م‬‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬ ‫ها هَن ِي ًْئا لهلها هُ َ‬ ‫ما َ‬‫فَد َعَْها ون َعْ َ‬
‫ك‬ ‫حْتسسسم ٍ َبعسسسد ذا َ‬ ‫سب َ‬‫أل َْيسسس َ‬
‫م‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مسسسور ِ‬ ‫مَقاليسسسد َ ال ُ‬ ‫ن َ‬ ‫هَسسسب إ ّ‬
‫س‬‫ن المنايسسسا والن ُُفسسسو ِ‬ ‫ملك ْت ََهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا وب َي ْسسس َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ت د َهْسسسًرا ِلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَزا ُ‬ ‫ت بالل ّسسسذا ِ‬ ‫مت ّعْسسس َ‬ ‫و ُ‬
‫م‬ ‫غل ُ‬ ‫سسسي ّد ٌ و ُ‬ ‫حاد َ عنها َ‬ ‫طسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةٍ وما َ‬ ‫بغِب ْ َ‬
‫ة‬‫مْريسسس ٌ‬ ‫ن ومسسسا كسسسان فيهسسسا ِ‬ ‫خل ُوْدِ ت ََباي ُ ٌ‬ ‫ن البَراَيا وال ُ‬ ‫فَب َي ْ َ‬
‫م‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬ ‫خ َ‬ ‫و ِ‬
‫مَرْقى الَفْرقَدِْين‬ ‫م فَوْقَ َ‬ ‫مَها ل َهُ ْ‬ ‫حك ْ ِ‬ ‫مل ُ‬ ‫ة ان َْقاد َ النا ُ‬ ‫ضي ّ ٌ‬ ‫قَ ِ‬
‫م‬ ‫مَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ضسسي الُعقسسو ُ‬ ‫ة ت َْق ِ‬ ‫ض سُروْرِي ّ ٌ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫حسسا ُ‬ ‫ن زِ َ‬ ‫عتاب ِِهم ل ِل ْعَسساك ِِفي ْ َ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ْقَِها بأ ْ‬ ‫ب ِ‬
‫س فيسسه‬ ‫واًبسسا ل َْيسس َ‬ ‫ج َ‬‫عليهسسم َ‬ ‫ل َ‬ ‫حسسسا ِ‬ ‫ل الرض عسسسن َ‬ ‫سسسس ِ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ت ك ََل ُ‬ ‫خل َسسسس ْ‬ ‫ك السسسستي َ‬ ‫الملسسسسو ِ‬
‫ى‬ ‫مْرم س ً‬ ‫ش عَسسن َ‬ ‫م ومسسا طسسا َ‬ ‫ن ت ََراكثسس ٌ‬ ‫وافِدِي ْ َ‬ ‫م ل ِل ْ َ‬ ‫واب ِهِ ْ‬ ‫بأب ْ َ‬
‫م‬ ‫سسسسسسسسسسسَها ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ل َُهسسسسسسسسسس ّ‬
‫م‬ ‫مَقا ُ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫من ْزِ ٌ‬ ‫ف وأقَْفَر منهم َ‬ ‫سُيو ِ‬ ‫سَرار ال ُ‬ ‫ك عن أ ْ‬ ‫تجب ْ َ‬
‫قيسسام‬ ‫حسستى ال ِ‬ ‫ت فليسسس لهسسم َ‬ ‫جسسسسسسسسسسَر ْ‬ ‫السسسسسسسسسستي َ‬
‫صد َت ُْهم ن َِبال َُها ِقيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسام‬ ‫ن المَناَيا أقْ َ‬ ‫بأ ّ‬
‫‪205‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ق الُر َ‬
‫غسام ِ‬ ‫ن أط َْبسا ِ‬ ‫فَُهس ْ‬
‫م ب َْيس َ‬
‫م‬‫ن ُرغَسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬ ‫سسساقَ الغسسابري َ‬ ‫م َ‬ ‫سسي ُْقوا َ‬‫و ِ‬
‫إلسسسسسسسسسسى السسسسسسسسسسّرَدى‬
‫مسسسسا‬ ‫حل ً غَْيسسسسَر َ‬ ‫حُلسسسسوا َ‬
‫م َ‬ ‫و َ‬
‫ه‬
‫ي َعَْهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُوْن َ ُ‬
‫ن‬‫ب المُنسسو ِ‬ ‫م بهسسم رْيسس ُ‬ ‫أَلسس ّ‬
‫م‬‫فََغسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسال َهُ ْ‬

‫اللهم يا عظيم العفو يا واسسسع المغفسسرة يسسا قريسسب‬


‫الرحمة يا ذا الجلل والكرام فر ْ‬
‫غنا لما خلقتنا لسسه‪ ،‬ول‬
‫تشغلنا بما تكفلت لنا به‪ ،‬وهب لنا العافيسة فسي السسدنيا‬
‫والخسسرة‪ ،‬واغفسسر لنسسا ولوالسسدينا وجميسسع المسسسلمين‬
‫برحمتك يا أرحم الراحميسسن‪ ،‬وصسسل اللسه علسسى محمسسد‬
‫وآله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫فصل‬
‫‪206‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫اعلم أن المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬تسسارةً‬
‫ل على رجاء ثوابه‪ ،‬وتارة على خوف العقاب فسسي‬ ‫ُيحم ُ‬
‫تركه‪ ،‬وتارة الغضب لله‪ ،‬وتارة النصسسيحة للمسسسلمين‬
‫والرحمة لهم‪.‬‬
‫ورجسساء إنقسساذهم ممسسا أوقعسسوا أنفسسسهم فيسسه مسسن‬
‫دنيا والخسسرة وتسسارة‬ ‫التعرض للعقوبسسة وغضسسبه فسسي ال س ّ‬
‫يحمل عليه إجلل ً لله وعظمته ومحبتسسه وأنسسه أهسسل أن‬
‫صى وأن يسسذكر فل ينسسسى وأن يشسسكر فل‬ ‫ُيطاع فل ي ُعْ َ‬
‫يكفر‪.‬‬
‫وأن ُيفتدى من انتهاك محارمه بالنفوس والموال‪،‬‬
‫ت أن الخل ْقَ كلهم أطاعوا‬ ‫كما قال بعض السلف‪ :‬ودِد ْ ُ‬
‫رض بالمقاريض‪.‬‬ ‫مي قُ ِ‬ ‫ح ِ‬‫الله وأن ل َ ْ‬
‫وكان عبدالملك بن عمر بن عبدالعزيز يقول لبيه‪:‬‬
‫ك القدور في الله تعالى‪.‬‬ ‫ت بي وب َ‬ ‫ت أني غل ْ‬ ‫ودِد ْ ُ‬
‫هان عليه كل ما‬ ‫ظ هذا المقام والذي قبله َ‬ ‫من لح َ‬ ‫و َ‬
‫َيلقى من الذى في الله تعسسالى وربمسسا د َعَسسا لمسسن آذاه‬
‫ما ضربه قومه فجعل يمسسسح‬ ‫كما قال ذلك النبي ‪ ‬ل َ ّ‬
‫الدم عن وجهه‪ ،‬ويقول‪» :‬اللهم اغفر لقسسومي‪ ،‬فسسإنهم‬
‫ل يعلمون« اهس‪.‬‬
‫أتت امرأة إلى عمر بن الخطاب‪ ،‬فقالت‪ :‬يسسا أميسسر‬
‫المؤمنين‪ ،‬إن زوجي يصوم النهسسار ويقسسوم الليسسل وأنسسا‬
‫أكره أن أشكوه وهو يعمل بطاعة الله عز وجل‪.‬‬
‫ت ت ُك َسسرر عليسسه‬
‫جسسك فجعل س ْ‬ ‫ج زو ُ‬ ‫م السسزو ُ‬‫فقال لها‪ :‬ن ِعْ َ‬
‫ب السسسدي‪،‬‬ ‫القول وهو يكرر عليها الجواب‪ ،‬فجاء كع س ُ‬
‫فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬هذه المرأة تشكو زوجها في‬
‫ت‬‫مباعدته إّياها عسسن فراشسسه‪ ،‬فقسسال عمسسر‪ :‬كمسسا فهمس َ‬ ‫ُ‬
‫ي بزوجهسسا‪ ،‬فسسأتي بسسه‪،‬‬ ‫كلمها‪ ،‬فاقض بينهما‪ ،‬فقال عل س ّ‬
‫م‪،‬‬‫فقال له‪ :‬إن امرأتك هذه تشكوك‪ ،‬قال‪ :‬أفسسي طعسسا ٍ‬
‫أم شراب‪ ،‬قال‪ :‬ل‪.‬‬
‫فقالت المرأة‪:‬‬

‫‪207‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫شسسي‬ ‫خليلي عسسن فَِرا ِ‬ ‫أل َْهى َ‬ ‫م‬‫حكي س ُ‬ ‫ضسسي ال َ‬ ‫يسسا أّيهسسا الَقا ِ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسجد ُهُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُهُ‬‫ُر ْ‬
‫ب ول‬ ‫ضسسا كْعسس ٌ‬ ‫فسساقْ َ‬
‫ض الَق َ‬ ‫جِعي تعب ُد ُهُ‬ ‫ض َ‬
‫م ْ‬‫هدي في َ‬ ‫َز ّ‬
‫ت ُسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَردد ُهْ‬
‫م سرِ الِنسسساء‬ ‫ت فسسي أ ْ‬ ‫سس ُ‬ ‫وَل َ ْ‬ ‫نهسساُرهُ ول َي ُْلسسه مسسا ي َْرُقسسد ُهْ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُهُ‬‫ح َ‬‫أ ْ‬

‫جَها‪:‬‬‫فقال َزوْ ُ‬
‫مسسا قَ سد ْ‬‫مرؤ أذ ْهََلنسسي َ‬
‫أني ا ْ‬ ‫شسها وفسي‬ ‫دني فسي ُفر ِ‬ ‫َزهّ َ‬
‫َنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَز ْ‬
‫ل‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫ل‬ ‫ح َ‬‫ال َ‬
‫ف‬‫خوِي ْس ٌ‬
‫وفسسي كتسساب اللسسه ت َ ْ‬ ‫ل وفسسي‬ ‫حس ِ‬‫س سوَْرةِ الن ّ ْ‬
‫فسسي ُ‬
‫ل‬‫جل َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫َ‬ ‫ل‬‫طسسسسسسسسو ْ‬‫سسسسسسسسسب ْع ال ّ‬
‫ِ‬ ‫ال ّ‬

‫فقال كعب‪:‬‬
‫ن عََق ْ‬
‫ل‬ ‫م ْ‬
‫صي َُبها في أْرب ٍَع ل ِ َ‬ ‫جس ْ‬
‫ل نَ ْ‬ ‫حًقا ي َسسا َر ُ‬ ‫علي ْ َ‬
‫ك َ‬ ‫ن لَها َ‬
‫إ ّ‬

‫ك العِل َ ْ‬
‫ل‬ ‫ك وَد َعْ عَن ْ َ‬ ‫ذا َ‬‫فأعْط َِها َ‬
‫ل لك النساَء مثنى‬ ‫ثم قال‪ :‬إن الله عز وجل قد أح ّ‬
‫ن‬‫ن تعَب ّسسد فيه س ّ‬ ‫ة أيسسام وليسسالُيه ّ‬ ‫وُثلث وُربسساع‪ ،‬فلسسك ثلث س ُ‬
‫لربك‪.‬‬
‫ب‬ ‫فقال عمر‪ :‬والله مسسا أدري مسسن أي أمريسسك أعجس ُ‬
‫حكمك بينُهما‪ ،‬اذهسسب فقسسد‬ ‫أمن فهمك أمرهما أم من ُ‬
‫وّليُتك قضاء البصرة‪.‬‬
‫قال بعض العلماء‪ :‬أنا أخاف من النسساء أكسسثر ممسسا‬
‫أخاف من كيسسد الشسسيطان؛ لن اللسسه سسسبحانه وتعسسالى‬
‫فا ‪ ،‬وقسسال‬ ‫عي ً‬ ‫ضل ِ‬‫ن َ‬ ‫ن ك َللا َ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬
‫ن ك َي ْدَ ال ّ‬
‫يقول‪ :‬إ ِ ّ‬
‫م ‪.‬‬ ‫ظي ٌ‬ ‫ع ِ‬‫ن َ‬ ‫ن ك َي ْدَك ُ ّ‬ ‫سبحانه في النساء‪ :‬إ ِ ّ‬
‫كسسان بعسسض العلمسساء يقسسول‪ :‬إذا رأيسست الليسسل مقبل ً‬
‫ت وأقسسسول أخل ُسسسو بربسسسي‪ ،‬وإذا رأيسسست الصسسسباح‬ ‫فرحسسس ُ‬
‫ت كراهة لقاء من ُيشغلني عن ربي‪.‬‬ ‫استوحش ُ‬

‫‪208‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قسسال ابسسن عبسساس‪ :‬غسسي واد فسسي جهنسسم‪ ،‬وإن أوديسسة‬
‫جهنم لتستعيذ من حره‪ ،‬أعد الله ذلك الوادي للزانسسي‬
‫المصر على الزنسسا‪ ،‬والشسسارب الخمسسر المسسدمن عليسسه‪،‬‬
‫ولكل الربا الذي ل ينزع عنه‪ ،‬ولهل العقوق‪ ،‬ولشاهد‬
‫دا ليس منه‪.‬‬ ‫الزور ولمرأة أدخلت على زوجها ول ً‬
‫قال عمر بن ذر‪ :‬لما رأى العابدون الليل قسسد هجسسم‬
‫عليهسسم‪ ،‬ونظسسروا إلسسى أهسسل الغفلسسة قسسد سسسكنوا إلسسى‬
‫فرشهم ورجعوا إلى ملذهم‪ ،‬قاموا إلى اللسسه سسسبحانه‬
‫مستبشرين بمسسا قسسد وهبهسسم اللسسه مسسن‬ ‫وتعالى فرحين ُ‬
‫د‪ ،‬فاسسستقبلوا الليسسل بأبسسداِنهم‬ ‫جسس ِ‬ ‫طسسول الّته ُ‬ ‫السسسهر و ُ‬
‫ه بصفاح وجوههم‪ ،‬فانقضى عنهسسم اللي س ُ‬
‫ل‬ ‫وباشر ظلمت َ ُ‬
‫ت أبسسدانهم مسسن‬ ‫من التلوة ول مل ّس ْ‬ ‫ذاتُهم ِ‬‫وما انقضت ل ّ‬
‫طول العبادة‪ ،‬فأصبح الفريقان وقد ولى بربٍح وغبن‪.‬‬
‫فاعملوا لنفسسسكم فسسي هسسذا الليسسل وسسسواده‪ ،‬فسسإن‬
‫المغبون من غبن خير الدنيا والخرة‪.‬‬
‫م ُ‬
‫طسسوْ َ‬
‫ل‬ ‫ن نسسا َ‬
‫م ْ‬ ‫سَرى فَ َ‬ ‫سي ُْر ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ل َ‬
‫طا َ‬ ‫ة الّلي ِ‬‫يا ُرفَْق َ‬
‫ل‬‫صسسسسسسسسسسسس ِ‬
‫وا لسسسسسسسسسسسسم ي َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫فسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساغْت َن ِ ُ‬

‫اجتمع الزهسسري وأبسسو حسسازم الزاهسسد بالمدينسسة عنسسد‬


‫بعض بنسسي أميسسة لمسسا حسسج‪ ،‬وسسسمع الزهسسري كلم أبسسي‬
‫حازم وحكمه فأعجبه ذلك‪ ،‬وقال‪ :‬هو جاري منسسذ كسسذا‬
‫وكذا وما جالسُته ول عرفت أن هذا عنسسده‪ ،‬فقسسال لسسه‬
‫ت مسسن‬ ‫أبو حازم‪ :‬أجسسل إنسسي مسسن المسسساكين‪ ،‬ولسسو كنس ُ‬
‫الغنياء لعرفتني‪ ،‬فوبخه بذلك‪.‬‬
‫ت الله أحببتني؛ ولكسسن‬ ‫وفي رواية أنه قال‪ :‬لو أحبب َ‬
‫نسيت الله فنسسستيني‪ُ ،‬يشسسير إلسسى أن مسسن أحسسب اللسسه‬
‫ب المساكين من أهل العلم والحكمة لجل محبتسسه‬ ‫أح ّ‬
‫لله تعالى‪ ،‬ومن غفل عن الله غفسسل عسسن أوليسسائه مسسن‬
‫المساكين‪.‬‬
‫وقد كان علماء السسسلف يأخسسذون العلسسم عسسن أهلسسه‬
‫والغالب عليهم المسكنة وعسسدم المسسال والرفعسسة فسسي‬
‫‪209‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫الدنيا ويدعون أهل الرياسات والوليات إذا لم يكونسسوا‬
‫أه ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ل‪ ،‬فإن الرئاسة ل تمنسسع‪ ،‬بسسل تزيسسد‬ ‫وأما إذا كانوا أه ً‬
‫العالم شرًفا وحسن اعتقاد ويكون علمه أنفذ؛ لنسسه ل‬
‫لطمع‪ ،‬كالخلفاء الربعة ‪.‬‬
‫و قال ابسسن الجسسوزي‪ :‬إخسسواني‪ ،‬إن السسذنوب تغطسسي‬
‫على القلوب‪ ،‬فإذا أظلمت مرآة القلب لسسم يبسسن فيهسسا‬
‫وجه الهدى‪ ،‬ومن علم ضرر الذنب استشعر الندم‪.‬‬
‫ت سقط‪ ،‬كم أثبت لسسه عمسسل‬ ‫مل ْ‬‫يا من أعماله إذا ُتؤ ّ‬
‫فلما عدم الخلص سقط‪ ،‬يا حاضر الذهن في السسدنيا‪،‬‬
‫ه فسسي الحسسساب فسسإذا‬ ‫مس ُ‬‫ط‪ ،‬يجعل ه ّ‬ ‫فإذا جاء الدين خل ْ‬
‫صلى اختلط‪.‬‬
‫يا ساكًتا عن الصسسواب فسسإذا تكلسسم لغسسط‪ ،‬يسسا قريسسب‬
‫م ْ‬
‫ط‪.‬‬ ‫الجل وهو يجري من الزلل على ن َ‬
‫ط‪ ،‬يسسا‬‫شسسم ْ‬‫م ال ّ‬
‫ن العظسسم ول كل ُ‬ ‫يا من ل يعظسسه وهس ُ‬
‫مسسن ل يرعسسوى ول ينتهسسي‪ ،‬بسسل علسسى منهسساج الخطيئة‬
‫فقط‪ ،‬ويحك بادر هذا الزمان فالصحة غنيمة والعافية‬
‫لق ْ‬
‫ط‪.‬‬
‫ه عليك واخسسترط‪ ،‬أيسسن‬ ‫ل سيف ُ‬ ‫فكأنك بالموت قد س ّ‬
‫العزيسسز فسسي السسدنيا؟ أيسسن الغنسسي المغتبسسط؟ خي ّسسم بيسسن‬
‫القبور‪ ،‬وضسسرب فسسسطاطه فسسي الوسسسط‪ ،‬وبسسات فسسي‬
‫اللحد كالسير المرتبط‪.‬‬
‫واستلبت ذخائره ففرغ الصندوق والسفط‪ ،‬وتمزق‬
‫الجلسسد المستحسسسن وتمعسسط الشسسعر فكسسأنه مسسا رجلسسه‬
‫وكأنه ما امتشط ورضسسي وُّراث ُسسه بمسسا أصسساُبوه وجعل ُسسوا‬
‫نصبه السخط‪.‬‬
‫وفرقوا ما كان يجمعه بكف البخسسل والقنسسط ووقسسع‬
‫ث أن سسسعد بسسن‬ ‫ح سد ّ َ‬‫في قفر ل ماء فيه ول حنط وكم ُ‬
‫ذر مسسن المعاصسسي‪،‬‬ ‫حس ّ‬ ‫معاذ فسسي القسسبر انضسسغط‪ ،‬وكسسم ُ‬
‫وأخبر أن آدم بلقمة زل فهبط‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت‬ ‫سوم السستي طسساب َ ْ‬ ‫ن الج ُ‬ ‫أي َ‬ ‫ت‬ ‫نسسادِ الُقصسسوَر السستي أق سوَ ْ‬
‫طاعمهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫مهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫معال ِ ُ‬ ‫َ‬
‫مهسسا‬ ‫ع ُ‬ ‫دنياهُ ونا ِ‬‫ضُر ُ‬ ‫ألهاه نا ِ‬ ‫ك‬ ‫ك وأبناُء الملو ِ‬ ‫ملو ُ‬‫ُ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫أي ْ َ‬
‫ف‬ ‫خسسو ٍ‬ ‫مسسن َ‬ ‫نو ِ‬ ‫سد ُ الَعري س ِ‬ ‫أ ْ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن‬ ‫و َ‬
‫مَها‬‫ُتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسال ُ ِ‬ ‫ن السسسود ُ السستي كسساَنت‬ ‫أي س َ‬
‫ب لخان َْتهسسسسا‬ ‫ل ََهسسسسا العَُقسسسسا ُ‬ ‫ُتحاِذرهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫مَهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫َقوادِ ُ‬ ‫ش السستي كسسانت‬ ‫جيسسو ُ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫أي َ‬
‫ى‬
‫ن ُرْتبُتسسسسه الكسسسسبر َ‬ ‫وأْيسسسس َ‬ ‫ت‬ ‫ضسسسسسسسسس ْ‬ ‫َلسسسسسسسسسو اعَْتر َ‬
‫مهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫وخاد ُ‬ ‫مسسن كسسان‬ ‫جسساب و َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫أي س َ‬
‫مراعيهسسا‬ ‫ت فسسي َ‬ ‫كمسسا َلهسس ْ‬ ‫ب َلسسسسسسسسسس ُ‬
‫ه‬ ‫الحجسسسسسسسسسسا ُ‬
‫مها‬ ‫وائ ِ ُ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫َ‬ ‫مسسا ل َس ُ‬
‫ه‬ ‫ن السسذين ل َهْسسوا ع ّ‬ ‫أي س َ‬
‫م‬ ‫تأ ْ‬ ‫ل السسسدَنانيُر أغَنسسس ْ‬ ‫هسسس ْ‬ ‫َ‬ ‫خِلقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوا‬ ‫ُ‬
‫مَهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫د ََراهِ ُ‬ ‫مسسن‬ ‫ن السسبُيوت السستي ِ‬ ‫أيسس َ‬
‫م‬ ‫تأ ْ‬ ‫سسسسّرةُ أغَْنسسس ْ‬ ‫ل ال ِ‬ ‫هسسس ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ج ْ‬ ‫سسسسسسسسسجدٍ ُنسسسسسسسسس َ‬ ‫عَ ْ‬
‫مَها‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَراِغ ُ‬ ‫َ‬ ‫سسسسسّرةُ ت َْعلوهسسسسا‬ ‫ن ال ِ‬ ‫أيسسسس َ‬
‫صسسم ٍ المغسسروِر‬ ‫ع َ‬ ‫ول َيسسَرى ِ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسراِغمها‬
‫مها‬ ‫عاصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ل‬ ‫ل كسساَنت قب س ُ‬ ‫ذي المَعاقِ ُ‬ ‫ه ِ‬
‫ة‬‫م ً‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫عا ِ‬ ‫َ‬

‫اللهم أنقذنا من سسنة الغفلسة ووفقنسا لغتنسسام أيسسام‬


‫المهلة واغفر لنا ولوالدينا وجميع المسلمين برحمتسسك‬
‫يسسا أرحسسم الراحميسسن‪ ،‬وصسسل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه‬
‫وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال ابن الجوزي‪ :‬إنما فضسسل العقسسل علسسى الحسسس‬
‫بسسالنظر فسسي العسسواقب‪ ،‬فسسإن الحسسس ل يسسرى الحاضسسر‬
‫والعقل يلحظ الخرة ويعمل على ما يتصور أن يقع‪.‬‬
‫مح العواقب‪.‬‬ ‫فل ينبغي للعاقل أن يغفل عن تل ُ‬
‫فمسسن ذلسسك أن التكاسسسل فسسي طلسسب العلسسم وإيثسسار‬
‫ب حسسسرات دائمسسة ل تفسسي لسسذةُ‬‫عاجسسل الراحسسة ي ُسسوج ُ‬
‫البطالة بمعشار تلك الحسرة‪.‬‬
‫‪211‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ومسسن ذاك أن النسسسان قسسد يجهسسل بعسسض العلسسم‬
‫سّنه‪.‬‬
‫فيستحي من السؤال والطلب لكبَر ِ‬
‫ولئل ي ُسسرى بعيسسن الجهسسل فيلقسسى مسسن الفضسسيحة إن‬
‫سئل عن ذلك أضعاف ما آثر من الحيا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ومن ذلك أن الطبع يطالب بالعمل بمقتضى الحالة‬
‫الحاضرة مثل جواب جاهل وقت الغضب‪.‬‬
‫ثم يقع الندم في ثاني الحسسال علسسى أن لسسذة الحلسسم‬
‫أوفسسى مسسن النتقسسام‪ ،‬وربمسسا أثسسر الحقسسد مسسن الجاهسسل‬
‫فتمكن فبالغ في الذى له‪.‬‬
‫ومن ذلك أن يعادي بعض الناس ويسسأمن أن يرتفسسع‬
‫المعادى فيؤذيه وإنما ينبغي أن يضمر عداوة العدو‪.‬‬
‫صا فيفشي إليه أسراره ثم‬ ‫ومن ذلك أن يحب شخ ً‬
‫يقع بينهما عداوة فيظهر ذلك عليه‪.‬‬
‫ة فصسسعد المنسسبر فمسسا حمسسد اللسسه ول‬ ‫ولي رجل تبال س ً‬
‫أثنى عليه حتى قال‪ :‬إن المير أعزنا الله وإياه ولنسسي‬
‫بلدكم هذه‪ ،‬وإني والله ما أعسسرف مسسن الحسسق موضسسع‬
‫مسسا‬
‫جعْت ُهُ َ‬
‫طي‪ ،‬ولسسن أوتسسي بظسسالم ول مظلسسوم إل أو َ‬ ‫سو ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ضرًبا‪ ،‬فكانوا يتعاملون بسسالحق بينهسسم ويتصسسالحون ول‬
‫يرتفعون إليه‪.‬‬
‫ومن ذلك أن يسسرى المسسال الكسسثير فينفسسق ناسسًيا أن‬
‫ذلك يفنى فيقع له في ثاني الحال حوائج فيلقسسى مسسن‬
‫الندم أضعاف ما التذ ّ به في النفقة‪.‬‬
‫فينبغي لمن رزق مال ً أن يصور كبر السن والعجسسز‬
‫عن الكسب‪ ،‬ويتصور ذهسساب الجسساه فسسي الطلسسب مسسن‬
‫الناس ليحفظ ما معه‪.‬‬
‫م علسسى‬ ‫ومن ذلك أن ينبسط ذو دولة‪ ،‬فإذا عُزِ َ‬
‫ل ند َ‬
‫مسسا فعسسل‪ ،‬وإنمسسا ينبغسسي أن ُيصسسور العسسزل ويعمسسل‬
‫بمقتضاه‪.‬‬
‫م‬
‫ومن ذلك أن يؤثر لذة مطعم فيشبع فيفسسوته قيسسا ُ‬
‫الليل‪ ،‬أو يؤثر لذة النسسوم فيفسسوته التهجسسد‪ ،‬أو يأكسسل أو‬
‫يجامع بشره فيمرض‪.‬‬
‫‪212‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت‬‫مل س ْ‬‫ح َ‬
‫أو يشتهي جماع سوداء وينسسسى أنهسسا ربمسسا َ‬
‫فجاءت بنت سوداء‪ ،‬فكسسم مسسن حسسسرةٍ تقسعُ لسه علسسى‬
‫ت‪.‬‬
‫مدى الزمان‪ ،‬كلما رأى تلك البن َ‬
‫وقد كان في زمننا من جامع سسسوداء فجسساءت بولسسد‬
‫أسسسود فافتضسسح بسسه منهسسم صسساحب المخسسزن وقاضسسي‬
‫القضاة الدامغاني‪ ،‬وكان تاجًرا قد ولد له ابسسن أسسسود‪،‬‬
‫فلما رآه قال‪ :‬لعن الله شهوتي‪.‬‬
‫ومسسن ذلسسك الشسستغال بصسسورة العلسسم‪ ،‬وإنمسسا ي ُسسراد‬
‫العمل بسه والخلص فسسي طلبسه فيسسذهب الزمسسان فسي‬
‫حب الصيت وطلب مسسدح النسساس فيقسسع الخسسسران إذا‬
‫ت‪ :‬ما أكثر هسسذا فسسي وقتنسسا‪،‬‬ ‫ل ما في الصدور‪ُ ،‬قل ُ‬ ‫ص َ‬
‫ح ّ‬
‫ُ‬
‫نسسسسأل اللسسسه الحسسسي القيسسسوم أن يعصسسسمنا وإخواننسسسا‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫ومسسن ذلسسك إقنسساع العلسسم بطسسرف مسسن العلسسم فسسأين‬
‫مزاحمة الكاملين والنظر في عواقب أحوالهم‪.‬‬
‫ومن ذلسسك الكثسسار مسسن الجمسساع ناسسًيا مغبتسسه وأنسسه‬
‫يضعف البسدن ويسسؤذي‪ ،‬فسسالطبع يسرى اللسسذة الحاضسسرة‬
‫والعقل يتأمل‪.‬‬
‫ت راحسسة‬ ‫مسسا مسسن حسسر شسسديد فتعجل س ُ‬
‫ولقسسد جئت يو ً‬
‫البرودة فنزعت ثسسوبي فأصسسابني زكسسام أشسسرفت منسسه‬
‫س‬
‫على الموت‪ ،‬ولو صبرت ساعة ربحت ما لقيت فِق ْ‬
‫دع العْقل يتلمح عواقب َِها‪ ،‬والله أعلم‪،‬‬ ‫كل لذة عاجلة و َ‬
‫وصل الله على محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫قسسال ابسسن رجسسب سسس رحمسسه اللسسه سسس فسسي »شسسرح‬
‫الخمسين«‪» :‬فالحاصل من هذه الحاديث كلها أن ما‬
‫حرم الله النتفاع به‪.‬‬
‫حا به فسسي‬ ‫فإنه يحرم بيعه وأكل ثمنه كما جاء مصر ً‬
‫الرواية المتقدمة أن الله إذا حّرم شيًئا حّرم ثمنه‪.‬‬
‫ة تطسسرد ُ فسسي كسسل مسسا كسسان‬
‫ة جامع س ٌ‬
‫ة عام ٌ‬
‫وهذه كلم ٌ‬
‫مسسا‪ ،‬وهسسو قسسسمان‪:‬‬ ‫المقصسسود مسسن النتفسساع بسسه حرا ً‬
‫‪213‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫أحسدهما‪ :‬مسا كسان النتفساع بسه حاصسل ً مسع بقساء عينسه‬
‫كالصنام‪ ،‬فإن منفعتها المقصودة منها الشسسرك بسسالله‬
‫وهو أعظم المعاصي على الطلق‪.‬‬
‫ويلتحسسق بسسذلك مسسا كسسانت منفعتسسه محرمسسة ككتسسب‬
‫الشسسرك والسسسحر والبسسدع والضسسلل‪ ،‬وكسسذلك الصسسور‬
‫المحرمة وآلت الملهي المحرمسسة كسسالطنبور وكسسذلك‬
‫شراء الجواري للغناء‪.‬‬
‫وفي »المسند«‪ :‬عن أبي أمامة عن النبي ‪ ‬قال‪:‬‬
‫»إن الله بعثني رحمسسة وهسسدى للعسسالمين‪ ،‬وأمرنسسي أن‬
‫أمحق المزامير والكبارات« يعني البرابط والمعسسازف‬
‫والوثان التي كانت تعبد في الجاهلية‪.‬‬
‫ب عبد ٌ من عبيدي جرعة‬ ‫وأقسم ربي بعزته ل يشر ُ‬
‫مع سذ ًّبا أو‬‫من خمر إل سقيته مكانها من حميسسم جهنسسم ُ‬
‫مغفوًرا له ول يسقاها صبًيا صسسغيًرا إل سسسقيته مكانهسسا‬
‫من حميم جهنم معذًبا أو مغفوًرا له‪.‬‬
‫ول يدعها عبد من عبيسسدي مسسن مخسسافتي إل سسسقيته‬
‫ن‬
‫ن ول شسسراؤهُ ّ‬ ‫إياها في حظيرة القدس ول يحل بيعُهُ ّ‬
‫ول تعليمهن ول تجارة فيهن وأثمانهن حرام« اهس‪.‬‬
‫م‬‫ذكر ابن القيم في »الهدي«‪ :‬أنه من صسسح لسسه يسسو ُ‬
‫جمعته وسلم سلمت له سائر جمعتسسه‪ ،‬ومسسن صسسح لسسه‬
‫رمضان وسلم سلمت له سائر سنته‪ ،‬ومن صحت لسسه‬
‫جته وسلمت له صح له سائر عمره‪ ،‬فيسسوم الجمعسسة‬ ‫ح ّ‬
‫ميزان السبوع‪ ،‬ورمضان ميزان العام‪ ،‬والحج ميسسزان‬
‫العمر‪.‬‬
‫وصى بعضهم ابنه‪ ،‬فقال‪ :‬عليسسك بالمشسساورة فإنسسك‬
‫م عنسسك‬ ‫واجد في الرجال من ينصح لسسك الكسسي ويحس س ُ‬
‫مسسستكن ول يسسدع لسسك فسسي عسسدوك‬ ‫داء وُيخرج لسسك ال ُ‬‫ال ّ‬
‫صَنها‪.‬‬‫فرصة إل انتهزها ول لعدوك فيك فرصة إل ح ّ‬
‫علسسو مكانسسك‬ ‫ول يمنعك شدة رأيسسك فسسي ظنسسك‪ ،‬ول ُ‬
‫في نفسك من أن تجمع إلسى رأيسك رأي غيسرك‪ ،‬فسإن‬
‫ت ن ََفْيت‪.‬‬
‫م َ‬
‫م ْ‬
‫نذ َ‬‫أحمدت أجتنيت وإ ّ‬
‫‪214‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ل‪ ،‬منها‪ :‬أنسسه إن وافسسق رأيسسك‬ ‫فإن في ذلسسك خصسسا ً‬
‫ه علسسى‬ ‫ازداد شسسدةً عنسسدك‪ ،‬وإن خسسالف رأيسسك عرضسست ُ‬
‫معتلًيا لما رأيسست قبلسست‪ ،‬وإن رأيتسسه‬ ‫نظرك‪ ،‬فإن رأيته ُ‬
‫ت‪.‬‬‫متضًعا عنه استغني َ‬
‫ومنها‪ :‬أنه يجدد لك النصسسيحة ممسسن شسساروت وإن‬
‫صر‪.‬‬‫أخطأ ويمحض لك مودته وإن ق ّ‬
‫ح عنسسد‬ ‫إذا كان الرأي عند من ل ُيقبل منسسه‪ ،‬والسسسل ُ‬
‫ل عنسسد مسسن ل ينفقسسه ضسساعت‬ ‫مسسن ل يسسستعمله‪ ،‬والمسسا ُ‬
‫المور‪.‬‬
‫وأوصى آخر ابنه‪ ،‬فقال‪ :‬يا بني‪ ،‬كن على حذر مسسن‬
‫اللئيم إذا أكرمته ومن الكريم إذا أهنته‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫ت‬
‫ن أهَْنسسس َ‬ ‫ذى إ ْ‬ ‫شسسسى ال َ َ‬‫خ َ‬ ‫ذى عنسد َ إك ْسَرام ت َ ْ‬‫ش ال َ‬
‫خس َ‬‫وا ْ‬
‫ذا الن ُب َسسسسسسسسسل‬ ‫الل ِّئيسسسسسسسسسسسم كمسسسسسسسسسسسا ال ُ‬
‫حسسسسسسسسسّر َ‬

‫وكسسن علسسى حسسذر مسسن الجاهسسل إذا صسساحبته‪ ،‬ومسسن‬


‫الفاجر إذا خاصمته‪.‬‬
‫ومسسن الرشسسد مشسساورة الناصسسح ومسسدارة العسسدو‬
‫والحاسد‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫ت‬‫ما ِ‬
‫دا َ‬
‫ما ِللن ّ َ‬ ‫ما قَِلي ٍ‬
‫ل ن َدِي ْ ً‬ ‫مسسن لسسم عَ ّ‬ ‫داَرى و َ‬
‫دارِ َ‬
‫مسسن ي َس ْ‬
‫َ‬
‫ف ُيسسسسسَرى‬ ‫سسسسسسو َ‬
‫در َ‬ ‫َيسسسسس ْ‬

‫ف‬
‫يا ب ُّني‪ ،‬احذر الحسسسد فسإنه ُيفسسد ُ السدين وُيضسسع ُ‬
‫النفس ويعقب الندم‪ ،‬واللسسه أعلسسم‪ ،‬وصسسل اللسسه علسسى‬
‫محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫فصل‬
‫ومن وصايا أبي حنيفة لبي يوسسسف‪ :‬ل تتكلسسم بيسسن‬
‫يدي العامة إل بما تسسسأل عنسسه‪ ،‬قلسست‪) :‬أو فيمسسا يعسسود‬
‫عليهم بما ينفعهم وإن لم يسألوا(‪.‬‬
‫‪215‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ول تكثر الخروج إلى السوق‪ ،‬ول تكلسسم المراهقيسسن‬
‫فإنهم فتنة )قلت إل لضرورة أو حاجة(‪.‬‬
‫ول تمش في قارعة الطريق مع المشايخ والعامة‪،‬‬
‫دمتهم ازدري بعلمسسك‪ ،‬وإن أخرتهسسم ازدري‬ ‫فإنك إن ق ّ‬
‫ن منك‪.‬‬‫س ّ‬‫ث أنهم أ َ‬ ‫بك من حي ُ‬
‫قال النبي ‪» :‬من لسسم يرحسسم صسسغيرنا ولسسم يسسوقر‬
‫مّنا«‪.‬‬
‫س ِ‬
‫كبيرنا فلي َ‬
‫ول تقعسسد علسسى قسسوارع الطريسسق فسسإن دعسساك ذلسسك‬
‫فاقعد في المسجد‪.‬‬
‫ت‪ :‬إل‬‫ول تأكسسسل فسسسي السسسسواق والمسسسساجد‪ ،‬قلسسس ُ‬
‫لضرورة أو حاجة‪.‬‬
‫ول ترض لنفسك من العبادات إل بأكثر مما يفعلسسه‬
‫غيرك وتعاطاها‪ ،‬فإن العامة إذا لم يروا منسسك القبسسال‬
‫عليهسسا أكسسثر ممسسا يفعلسسون اعتقسسدوا فيسسك قلسسة الرغبسسة‬
‫واعتقدوا أن علمك ل ينفعك إل ما نفعهم الجهل الذي‬
‫هم فيه‪.‬‬
‫وإذا دخلسست بلسسدة فيهسسا أهسسل العلسسم فل تتخسسذها‬
‫لنفسك‪ ،‬بل كن كواحد من أهلها ليعلموا أنك ل تقصد‬
‫جسساههم ول يخرجسسون عليسسك بسسأجمعهم ويطعنسسون فسسي‬
‫مذهبك وتصير مطعوًنا عندهم بل فائدة‪.‬‬
‫وإن اسسسسستفتوك فل تناقشسسسسهم فسسسسي المنسسسساظرة‬
‫والمطارحات‪.‬‬
‫ول تذكر لهم شيًئا إل عن دليل واضح‪.‬‬
‫ول تطعن في أساتذتهم فإنهم يطعنون فيك‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫إل أن يكونوا مبتدعين كالشاعرة والمعتزلة والجهمية‬
‫والرافضة فيحذر عنهم‪.‬‬
‫وكن من الناس على حذر‪.‬‬
‫وكن لله تعالى في سرك كما أنت له في علنيتك‪.‬‬
‫ول يصلح أمر العلم إل بعد أن يجعل سره كعلنيته‪.‬‬
‫وإذا أولك السلطان عمل ً فل تقبل ذلك منه إل بعد‬
‫أن تعلم أنه إنما ُيوليك ذلك لعلمك‪.‬‬
‫‪216‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وإياك أن تتكلم في مجلس النظر على خوف‪ ،‬فإن‬
‫ث الخلل في اللفاظ‪ ،‬والكلل في اللسان‪.‬‬ ‫ذلك ُيور ُ‬
‫وإياك أن تكثر الضحك‪ ،‬فإنه يميت القلب‪.‬‬
‫ت لقول الله تعسسالى‪:‬‬ ‫ول تمش إل على طمأنينة‪ ،‬قل ُ‬
‫َ‬ ‫ن َ َ‬ ‫ن ال ّ ل ِ‬
‫ض‬
‫علللى الْر ِ‬ ‫شللو َ‬‫م ُ‬‫ن يَ ْ‬‫ذي َ‬ ‫مل ِ‬ ‫ح َ‬
‫عب َللادُ الّر ْ‬ ‫و ِ‬ ‫‪َ ‬‬
‫وًنا ‪.‬‬ ‫ه ْ‬‫َ‬
‫جسسول ً فسسي المسسور‪ ،‬قلسست‪ :‬إل فيمسسا حسسث‬ ‫ول تكسسن ع ُ‬
‫الشارع على السراع والمبادرة فيه‪.‬‬
‫وإذا تكلمت فل تكسسثر التصسسويت‪ ،‬ول ترفسسع صسسوتك‪،‬‬
‫قلت‪ :‬لنه يسسدل علسسى قلسسة العقسسل‪ ،‬قسسال اللسسه تعسسالى‪:‬‬
‫م‬‫هل ْ‬‫ت أ َك ْث َُر ُ‬‫جلَرا ِ‬‫ح ُ‬
‫ء ال ُ‬
‫وَرا ِ‬‫من َ‬ ‫ك ِ‬ ‫دون َ َ‬‫ن ي َُنا ُ‬‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬ ‫‪‬إ ِ ّ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫قُلو َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ل َ يَ ْ‬
‫ون وقلة الحركة‪ ،‬ليتحّققَ عنسسد‬ ‫واتخذ لنفسك السك ُ‬
‫الناس ثباُتك‪ ،‬ولنه يدل على رزانة العقل‪.‬‬
‫موا‬‫وأكثر من ذكر الله تعالى فيما بين الناس‪ ،‬ليتعل ّ ُ‬
‫ذلك منك‪ ،‬قلت‪ :‬وليكون لسسه مثسسل أجسسورهم؛ لحسسديث‪:‬‬
‫ل على خير فله مثل أجر فاعله«‪.‬‬ ‫»من د َ‬
‫واتخسسذ لنفسسسك ورًدا خلسسف الصسسلوات تقسسرأ فيسسه‬
‫القرآن‪ ،‬وتذكر الله تعالى وتحمده وتشكره‪.‬‬
‫مسسا معسسدودةً مسسن كسسل شسسهر تصسسوم فيهسسا‪،‬‬ ‫واتخذ أيا ً‬
‫ليقتدي بك غيرك‪.‬‬
‫دنياك وإلى ما أنت فيسه‪ ،‬فسسإن اللسه‬ ‫ول تطمئن إلى ُ‬
‫سائلك عن جميع ذلك‪.‬‬
‫وإذا عرفت إنساًنا بالشر فل تذكره به‪ ،‬بسسل اطلسسب‬
‫منسسه خيسًرا فسساذكره بسسه‪ ،‬إل فسسي بسساب السسدين فإنسسك إن‬
‫عرفت في دينسسه ذلسسك فسساذكره للنسساس كسسي ل يتبعسسوه‬
‫وليحسسذروه‪ ،‬قسسال –عليسسه الصسسلة والسسسلم‪» :-‬اذكسسروا‬
‫الفاجر بما فيه حتى يحذره الناس«‪ ،‬وإن كان ذا جسساه‬
‫ومنزلة فاذكر ذلك ول تبال من جاهه‪ ،‬فإن الله تعالى‬
‫معينك وناصرك وناصر الدين‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪217‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فإذا فعلت ذلك مرة هابوك ولم يتجاسر أحد علسسى‬
‫إظهار البدعة في الدين‪.‬‬
‫دا مسسن أهسسل الهسسواء إل علسسى سسسبيل‬ ‫ول تجالس أح ً‬
‫الدعوة إلى الدين ول تشاتم‪.‬‬
‫وإذا أذن المؤذن فتأهب لدخول المسجد لئل تتقدم‬
‫ت‪ :‬بسسل للمبسسادرة إلسسى أداء الفريضسسة‬ ‫عليك العامة‪ ،‬قل ُ‬
‫وليقتدي بك غيرك‪.‬‬
‫ول تتخذ دارك في جوار السلطان‪.‬‬
‫ت‪ :‬إل‬ ‫وما رأيت على جارك فاستره فإنه أمانة‪ُ ،‬قلس ُ‬
‫مجاهًرا بالمعاصي‪.‬‬ ‫أن يكون ُ‬
‫ت‪ :‬إل أن يكسسون فيهسسا‬ ‫ول تظهر أسسسرار النسساس‪ ،‬قلس ُ‬
‫ضرٌر على مسلم‪.‬‬
‫ومن استشارك في شيء فأشر عليسسه بمسسا يقربسسك‬
‫إلى الله تعالى‪.‬‬
‫وإيسساك والبخسسل فسسإنه تنقسسص بسسه المسسروءة ول تكسسن‬
‫سسسا ول غياًبسسا ول‬‫ت‪ :‬ول جاسو ً‬ ‫عسسا ول كسسذاًبا‪ ،‬قلسس ُ‬ ‫طما ً‬
‫شا ول صاحب مقابلة‪.‬‬ ‫ما ول غشا ً‬ ‫نما ً‬
‫وأظهر غنى القلب مظهًرا في نفسك قلة الحسسرص‬
‫والرغبة وأظهر مسسن نفسسسك الغنسسى‪ ،‬ول تظهسسر الفقسسر‬
‫وإن كنت فقيًرا‪.‬‬
‫ت منزلته‪.‬‬ ‫مةٍ فإن من ضعفت همته ضعف ْ‬ ‫وكن ذا هِ َ‬
‫وإذا مشيت مع الطريق فل تتلفت يميًنا ول شما ً‬
‫ل‪،‬‬
‫ت‪ :‬إل لضسسرورة أو‬ ‫بسسل داوم النظسسر فسسي الرض‪ ،‬قلسس ُ‬
‫حاجة‪.‬‬
‫ول تماكس بالحبات والدوانق وحقر الدنيا المحقرة‬
‫عند أهل العلم )أي علماء الخرة العاملون بعلمهسسم ل‬
‫علماء الدنيا(‪.‬‬
‫ك ليمكنسسك القبسسال علسسى العلسسم‪،‬‬ ‫ك غيسَر َ‬ ‫ل أمسسور َ‬‫َوو ّ‬
‫وإيسساك أن تكلسسم المجسسانين ومسسن ل يعسسرف المنسساظرة‬
‫والحجسسة مسسن أهسسل العلسسم والسسذين يطلبسسون الجسساه‬
‫ويستغرقون بذكر المسائل فيمسسا بيسسن النسساس‪ ،‬فسسإنهم‬
‫‪218‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫يطلبون تخجيلك ول يبسسالون منسسك وإن عرفُسسوك علسسى‬
‫الحق‪.‬‬
‫وإذا دخلت على قوم كبار فل ترتفع عليهسسم مسسا لسسم‬
‫يرفعوك لئل يلحق بك منهم أذية‪.‬‬
‫وإذا كنت في قوم فل تتقدم عليهم في الصلة مسسا‬
‫لم يقسسدموك علسسى وجسسه التقسسدير‪ ،‬قلسست‪ :‬إل أن يكسسون‬
‫أقرأهم لكتاب الله فيتقدم‪ .‬اهس‪.‬‬
‫ة‬
‫ك آي َل ً‬‫عل َل َ‬‫ج َ‬ ‫ول ِن َ ْ‬‫قال ابن عباس فسسي أمسسر عزيسسر ‪َ ‬‬
‫س ‪ :‬يعني لبني إسرائيل وذلك أنه كان يجلسسس‬ ‫ّ‬
‫للّنا ِ‬
‫مع بنيه وهم شيوخ وهسسو شسساب؛ لنسسه مسسات وهسسو ابسسن‬
‫أربعين سنة‪ ،‬فبعثه الله شاًبا كهيئته يوم مات‪.‬‬
‫وقيل في معنى ما قاله ابن عباس‪:‬‬
‫و‬
‫ن اب ْن ِسهِ فهْ س َ‬ ‫س شسساب مسسن ومن قَب ْل ِسهِ اب س ُ‬ ‫سسسود ُ َرا ٍ‬ ‫وأ ْ‬
‫قب ِْلسسسسسسسسسسسسهِ ابُنسسسسسسسسسسسسه أك َْبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬
‫س‬‫سسسوداُء والسسرأ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫حي َُتسس ُ‬ ‫ب علسسى ول ِ ْ‬ ‫خا يدِ ّ‬ ‫شي ً‬ ‫ه ْ‬‫ي ََرى اب ْن َ ُ‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَقُر‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا أ ْ‬ ‫العَ َ‬
‫ي‬‫صسسب ِ ُ‬
‫شسسي ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ي َُقوم ك َ َ‬
‫ما ي َ ْ‬ ‫ضس ُ‬ ‫ل ول فَ ْ‬ ‫حي ْس ٌ‬ ‫ما لب ِن ِسسه َ‬ ‫و َ‬
‫ُقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوّةٍ فَْيعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسثُر‬
‫جسسسسريْ ول‬ ‫ن ل يَ ْ‬ ‫س وعشسسسسري َ‬ ‫ي َُعسسسد ّ ابُنسسسه فسسسي النسسسا ِ‬
‫خَتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫ة َيتب َ ْ‬ ‫جسسسسسسسسس ٌ‬‫نح ّ‬ ‫سسسسسسسسسسعِي ْ َ‬ ‫تِ ْ‬
‫ن فسسي‬ ‫سسسُعو َ‬ ‫مّرهَسسا ولبسسن إب ِِنسسه ت َ ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫مُر أب ِي ْهِ أْرب َعُوْ َ‬ ‫وعُ ْ‬
‫س عَّبسسسسسسسسسروا‬ ‫ن النسسسسسسسسسا ِ‬ ‫لإ ْ‬ ‫معُْقسسو ِ‬‫فما هو فسسي ال َ‬
‫ت ل َتسسسسسسد ِْري‬ ‫ن ك ُْنسسسسسس َ‬ ‫دارِي ًسسسسسسسسسسسا وإ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ك ُن ْسسسسسسسسسسس َ‬
‫ل ت ُْعسسسسسسسسذ َُر‬ ‫جْهسسسسسسسس ِ‬ ‫فِبال َ‬

‫عن بعسسض أصسسحاب جعفسسر الصسسادق قسسال‪ :‬دخلسست‬


‫علسسى جعفسسر وموسسسى بيسسن يسسديه وهسسو يوصسسيه بهسسذه‬
‫ل‬
‫الوصية فكان مما حفظت منها أنه قال‪ :‬يا ُبني‪ ،‬اقب س ٍ‬
‫وصسسيتي‪ ،‬واحفسسظ مقسسالتي‪ ،‬فإنسسك إن حفظتهسسا تعسسش‬
‫دا‪.‬‬
‫دا وتمت حمي ً‬
‫سعي ً‬

‫‪219‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫يا بني‪ ،‬إنه من قنع بما قسم الله له استغنى ومسسن‬
‫مد ّ عينه إلى ما في يسسد غيسسره مسسات فقيسًرا‪ ،‬ومسسن لسسم‬
‫ض بما قسم الله عّز وج ّ‬
‫ل له اّتهم الله تعسسالى فسسي‬ ‫ير َ‬
‫قضائه‪.‬‬
‫ومن استصغر زّلة نفسه استعظم زلة غيره‪ ،‬ومسسن‬
‫استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه‪ ،‬يسسا بنسسي‪ ،‬مسسن‬
‫ت بيته‪ ،‬ومسسن سسسل‬ ‫ت عورا ُ‬ ‫كشف حجاب غيره انكشف ُ‬
‫سيف البغي ُقتل به‪.‬‬
‫ومسسن احتفسسر لخيسسه بئًرا سسسقط فيهسسا‪ ،‬ومسسن داخسسل‬
‫حقر‪ ،‬ومن خسسالط العلمسساء وقّسْر‪ ،‬ومسسن دخسسل‬ ‫السفهاء ُ‬
‫مداخل السوء أتهم‪.‬‬
‫يا بني‪ُ ،‬قل الحق لك وعليك‪ ،‬وإياك والنميمة فإنهسسا‬
‫تزرعُ الشحناء في قلوب الرجال‪ ،‬يسسا بنسسي‪ ،‬إذا طلبسست‬
‫الجود فعليك بمعاِدنه‪ .‬واللسسه أعلسسم‪ ،‬وصسسل اللسسه علسسى‬
‫محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫ومن نصيحة والد لولده‬
‫اعمل أن من تفكر فسسي السسدنيا قبسسل أن يوجسسد رأى‬
‫ة‪ ،‬فسسإذا تفكسسر فسسي يسسوم القيامسسة علسسم أنسسه‬
‫مدةً طويلس ً‬
‫خمسون ألف سنة‪ ،‬فإذا تفكر في اللبث في الجنة أو‬
‫ه‪.‬‬
‫النار علم أنه ل نهاية ل ُ‬
‫فإذا أعاد إلى النظر في مقدار بقائه فرضنا سسستين‬
‫ل‪ ،‬فسسإنه يمضسسي منهسسا ثلثسسون سسسنة ي النسسوم‪،‬‬ ‫سسسنة مث ً‬
‫صبا‪.‬‬‫ونحو من خمس عشر في ال ّ‬
‫فسسإذا حسسسب البسساقي كسسان أكسسثر فسسي الشسسهوات‬
‫والمطاعم والمكاسب‪ ،‬فإذا خلص ما للخرة وجد فيه‬
‫من الرياء والغفلة كثيًرا‪ ،‬فماذا تشتري الحياة البديسسة‬
‫ن هذه الساعات؟‬ ‫وإنما الثم ُ‬
‫ي لنفسسك‪ ،‬وانسدم علسى مسا مضسى مسن‬ ‫فانتبه يا بن ُ‬
‫تفريطسسك‪ ،‬واجتهسسد فسسي لحسساق الكسساملين مسسا دام فسسي‬
‫غصنك ما دامت فيه ُرطوبة‪.‬‬ ‫الوقت سعة‪ ،‬واسق ُ‬

‫‪220‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت‬
‫ت فكفى بها عظة‪ ،‬ذهب ْ‬ ‫ك التي ضاع ْ‬ ‫واذكر ساعت َ‬
‫ب الفضسسائل‪ ،‬وقسسد كسسان‬ ‫لذةُ الكسل فيها وفاتت مرات س ُ‬
‫السلف الصالح رحمهم الله يحبون جمسسع ك ُسسل فضسسيلة‬
‫ويبكون على فوات واحدةٍ منها‪.‬‬
‫قال إبراهيم بن أدهم س رحمه الله س دخلنا على عاد‬
‫مريض‪ ،‬وهو ينظر إلى رجليه ويبكسسي‪ ،‬فقلنسسا‪ :‬مسسا لسسك‬
‫ي ليلسسة‬
‫صسسمُته‪ ،‬وعل س ّ‬
‫ي يوم مضى ما ُ‬ ‫تبكي؟ فقال‪ :‬عل ّ‬
‫ذهبت ما قمتها‪ .‬والله أعلم‪ ،‬وصل الله على محمد‪.‬‬

‫حكم وآداب ومواعظ‬


‫قسسال الحسسسن البصسسري فسسي قسسول اللسسه جسسل وعل‪:‬‬
‫شُروا ‪‬نزلت في الثقلء‪.‬‬ ‫فانت َ ِ‬‫م َ‬ ‫مت ُ ْ‬
‫ع ْ‬ ‫ذا طَ ِ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫وقال السري أحسد رجسال الحسديث‪ :‬ذكسر اللسه جسل‬
‫وعل الُثقلء فسسي القسسرآن فسسي قسسوله تعسسالى‪َ  :‬‬
‫ف لإ ِ َ‬
‫ذا‬
‫شُروا ‪.‬‬ ‫فانت َ ِ‬ ‫م َ‬
‫مت ُ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫طَ ِ‬
‫ل‪ ،‬قال‪ :‬اللهم اغفر‬ ‫وكان أبو هريرة إذا استثقل رج ً‬
‫حَنا منه‪.‬‬ ‫لنا وله وأرِ ْ‬
‫وكان حماد بن سسسلمة إذا رأى مسسن يسسستثقُله قسسال‪:‬‬
‫ن ‪.‬‬ ‫مُنو َ‬‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ب إ ِّنا ُ‬
‫ذا َ‬‫ع َ‬ ‫عّنا ال َ‬
‫ف َ‬ ‫ش ْ‬ ‫‪َ‬رب َّنا اك ْ ِ‬
‫قيل لبي عمرو الشيباني‪ :‬لماذا يكون الثقيل أثقل‬
‫على النسان من الحمل الثقيسسل؟ فقسسال‪ :‬لن الثقيسسل‬
‫س‬
‫ه الرأ ُ‬ ‫ل ما يحتمل ُ‬ ‫ب ل يحتم ُ‬ ‫يقعد على القلب‪ ،‬والقل ُ‬
‫ل‪.‬‬
‫ن من الث َِق ِ‬ ‫والبد ُ‬
‫قال حبيب بن أوس‪:‬‬
‫جَفسسسان‬ ‫ت ال ْ‬ ‫مسسس ِ‬ ‫ت السسسدنيا ك َ َ‬
‫مسسسا ت َب َّر َ‬ ‫مسسس ِ‬ ‫مسسسن ت َب َّر ِ‬ ‫يسسسا َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهَدِ‬ ‫بط َل ْعَِتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه بال ّ‬
‫مشسسي‬ ‫من ب ُغْسسض ط َل ْعَت ِسهِ ي َ ْ‬ ‫خَتال ً ِ‬
‫م ْ‬ ‫ض ُ‬‫شي على الر ِ‬ ‫َيم ِ‬
‫دي‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُبه علسسسسسسسسسسى ك َِبسسسسسسسسسس ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫فأ ْ‬
‫‪221‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬

‫قيل لبي مسلم‪ :‬ما كان سبب خروج الدولسة عسن‬


‫بني أمية؟ قال‪ :‬لنهم أبعدوا أولياءهم ثقة بهم وأدنسسوا‬
‫أعداءهم تألًفسسا لهسسم‪ ،‬فلسسم يصسسر العسد ُوّ صسسديًقا بالسسدنو‬
‫وصار الصديق عدًوا بالبعاد‪.‬‬
‫نظسسر عبسسدالملك بسسن مسسروان عنسسد مسسوته وهسسو فسسي‬
‫قصره إلى قصارٍ يضرب بالثوب في المغسسسلة‪ ،‬قسسال‪:‬‬
‫ت قصاًرا ولم أتقلد الخلفة‪.‬‬ ‫يا ليتني كن ُ‬
‫م‬
‫فبلغ كلمه أبا حاتم‪ ،‬فقال‪ :‬الحمد لله الذي جعلهس ُ‬
‫إذا حضرهم الموت يتمنون ما نحن فيسسه‪ ،‬وإذا حضسسرنا‬
‫الموت لم نتمنى ما هم فيهم‪.‬‬
‫عن وهب بن منبه قال‪ :‬قال الحواريون‪ :‬يا عيسى‪،‬‬
‫من أولياء الله الذين ل خوف عليهم ول هم يحزنسسون؟‬
‫فقال‪ :‬الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر النسساس‬
‫إلى ظاهرها‪ ،‬والذين نظروا إلى آجل الدنيا حين نظسسر‬
‫النسساس إلسسى عاجلهسسا فأمسساتوا مسسا خشسسوا أن يميتهسسم‪،‬‬
‫كوا ما علموا أن سيتركهم‪ ،‬فصار استكثارهم منها‬ ‫وتر ُ‬
‫حهسسم بمسسا أصسسابوا‬ ‫استقل ً‬
‫ل‪ ،‬وذكرهسسم إياهسسا فوات ًسسا‪ ،‬وفر ُ‬
‫حزًنا‪ ،‬فما عارضهم منها رفضوه‪ ،‬أو مسسن رفعتهسسا‬ ‫منها ُ‬
‫بغير الحق وضعوه‪.‬‬
‫خلقت الدنيا عندهم فلم يجسسددوها‪ ،‬وخربسست بينهسسم‬
‫حُيوها‪.‬‬
‫فلم يعمروها‪ ،‬وماتت في صدورهم فليسوا ي ُ ْ‬
‫مونها فيبنون بها آخرتهسسم‪ ،‬ويبيعونهسسا فيشسسترون‬ ‫يهد ُ‬
‫بها ما يبقسسى لهسسم‪ ،‬رفضسسوها وكسسانوا برفضسسها فرحيسسن‪،‬‬
‫وباعوها وكانوا ببيعها رابحين‪.‬‬
‫نظروا إلى أهلهسسا صسسرعى قسسد حلسست بهسسم المثلت‪،‬‬
‫فأحيوا ذكر الموت وأمسساتوا ذكسسر الحيسساة‪ ،‬يحبسسون اللسسه‬
‫ويحبون ذكره ويستضيئون بنوره‪.‬‬
‫لهم خبر عجيب‪ ،‬و عندهم الخبر العجيب‪ ،‬بهم قسسام‬
‫الكتاب وبه قاموا‪ ،‬وبهسسم نطسسق الكتسساب‪ ،‬وبسسه نطقسسوا‪،‬‬
‫‪222‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫علم الكتاب وبه علموا فليسوا يرون نائل ً مع ما‬ ‫وبهم ُ‬
‫ن مسسا‬ ‫نسسالوا ول أماًنسسا دون مسسا يرجسسون ول خوًفسسا ُ‬
‫دو َ‬
‫يحذرون‪ ،‬رواه المام أحمد‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫قصص ومواعظ رائعة ومطالب عالية‬
‫عن عمارة بن خزيمة النصاري أن عمه حدثه وهو‬
‫سسسا مسسن‬ ‫من أصحاب النبي ‪ :‬أن النسسبي ‪ ‬ابتسساع فر ً‬
‫أعرابسسي فاسسستتبعه النسسبي ‪ ‬ليقضسسيه ثمسسن فرسسسه‪،‬‬
‫فأسسسرع النسسبي ‪ ‬المشسسي وأبطسسأ العرابسسي‪ ،‬فطفسسق‬
‫رجسسال يعترضسسون العرابسسي فيسسساومون بسسالفرس ول‬
‫يشعرون أن النبي ‪ ‬ابتاعه‪.‬‬
‫حتى زاد بعضهم العرابي فسسي السسسوم علسسى ثمسسن‬
‫الفرس الذي ابتاعه به النبي ‪.‬‬
‫ت مبتاعًسسا‬ ‫فنادى العرابي النسسبي ‪ ،‬فقسسال‪ :‬إن كنس َ‬
‫هذا الفرس فابتعه وإل بعته‪.‬‬
‫فقام النبي ‪ ‬حيسسن سسسمع نسسداء العرابسسي‪ ،‬فقسسال‪:‬‬
‫»أو ليس قد ابتعته منك؟« قال العرابي‪ ،‬ل‪ ،‬والله ما‬
‫بعُتك‪.‬‬
‫فقسسال النسسبي ‪» :‬بلسسى قسسد ابتعت ُسسه منسسك« فطفسسق‬
‫ذون بالنبي ‪ ‬والعرابي‪ ،‬وهمسسا يتراجعسسان‪،‬‬ ‫الناس يلو ُ‬
‫دا يشهد أني بايعتك‪.‬‬ ‫م شهي ً‬ ‫فطفق العرابي يقول‪ :‬هل ّ‬
‫ك إن‬ ‫فمن جاء من المسلمين قسسال للعرابسسي‪ :‬وي ْل َس َ‬
‫النبي ‪ ‬لم يكن ليقول إل حًقا‪.‬‬
‫مراجعسسة النسسبي ‪‬‬ ‫حسستى جسساء خزيمسسة فاسسستمع ل ُ‬
‫م‬
‫مراجعسسة العرابسسي‪ ،‬وطفسسق العرابسسي يقسسول‪ :‬هلسس ّ‬ ‫و ُ‬
‫دا أني بايعُتك‪.‬‬ ‫شهي ً‬
‫فقال خزيمة‪ :‬أنا أشهد أنك قد بايعته‪ ،‬فأقبل النسسبي‬
‫خزيمة‪ ،‬فقال‪» :‬بم تشهد؟« قال‪ :‬بتصسسديقك‬ ‫‪ ‬على ُ‬
‫خزيمة شسسهادة‬ ‫ي ‪ ‬شهادة ُ‬ ‫يا رسول الله‪ ،‬فجعل النب ُ‬
‫رجلين‪.‬‬
‫وقد روي في بعض طرق هذا الحديث أن النبي ‪‬‬
‫مَعنسسا؟« قسسال‪ :‬يسسا‬ ‫شسسهد ُ ولسسم تكسسن َ‬‫م تَ ْ‬
‫قال لخزيمة‪» :‬ب ِ َ‬
‫‪223‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ك بمسسا‬ ‫رسول الله‪ ،‬أنا أصدقك بخبر السماَء أفل أصد ّقُ َ‬
‫ل؟‬‫ت َُقو ُ‬
‫قسسال الخطسسابي‪ :‬ووجسسه هسسذا الحسسديث أن النسسبي ‪‬‬
‫مه إذ كان النبي ‪ ‬صادًقا باًرا‬ ‫حكم على العرابي بعل ِ‬
‫وجرت شهادة ُ خزيمة في ذلك مجرى التوكيد؛ لقسسوله‬
‫‪ ‬والستظهار بها على خصمه‪.‬‬
‫فصسسارت فسسي التقسسدير مسسع قسسول رسسسول اللسسه ‪‬‬
‫كشهادة رجلين في سائر القضايا س رحمه الله س‪.‬‬
‫قال الواقدي عن أشياخ لسسه‪ :‬إن شسسيبة بسسن عثمسسان‬
‫مسسا‬ ‫ت أعجب م ّ‬ ‫ث عن إسلمه‪ ،‬فيقول‪ :‬ما رأي ُ‬ ‫كان ُيحد ّ ُ‬
‫ضللت‪.‬‬ ‫ؤنا من ال ّ‬ ‫ك ُّنا فيه من ل ُُزوم ما مضى عليه آبا ُ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ة‪ ،‬قلس ُ‬ ‫فلما كان عام الفتح ودخل النسسبي ‪ُ ‬‬
‫عنسسو ً‬
‫حنيسسن فعسسسى إن‬ ‫أسسسيُر مسسع ُقريسسش إلسسى هسسوازن ب ُ‬
‫اختلطوا أن ُأصيب من محمدٍ غرةً فأثسساُر منسسه فسسأكون‬
‫ل‪ :‬ولسسو لسسم يبسسق‬ ‫ت بثأر ُقريش ك ُّلها‪ ،‬وأقو ُ‬ ‫أنا الذي قم ُ‬
‫دا‪.‬‬‫دا ما اتبعته أب ً‬ ‫من العرب والعجم أحد ٌ إل اتبع محم ً‬
‫فلما اختلط الناس اقتحم رسول الله ‪ ‬عن بغلته‬
‫ت‬ ‫ُ‬
‫ف فسسدنوت أريسد ُ مسسا أريسد ُ منسسه ورفعس ُ‬ ‫وأصلت السسسي َ‬
‫ظ مسسن نسسارٍ كسسالبرق حت ّسسى كسساد‬ ‫سيفي‪ ،‬فرفع لي شسسوا ٌ‬
‫يمحشسسني‪ ،‬فوضسسعت يسسدي علسسى بصسسري خوفًسسا عليسسه‪،‬‬
‫ن‬‫فالتفت إلي رسول الله ‪ ‬ونسساداني‪» :‬يسسا شسسيب‪ ،‬اد ْ ُ‬
‫م‬ ‫مني«‪ ،‬فسسدنوت منسسه فمسسسح صسسدري‪ ،‬وقسسال‪» :‬الله س ُ‬
‫من الشيطان«‪.‬‬ ‫عذهُ ِ‬ ‫أ ِ‬
‫ي مسسن سسسمعي‬ ‫ب إل س ّ‬ ‫فوالله لهَ سوُ كسسان سسساعتئذٍ أح س ّ‬
‫وبصري ونفسي‪ ،‬وأذهب الله عز وجل ما كان بي‪.‬‬
‫ب‬ ‫ت أمسسامه أضسسر ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ل«‪ ،‬فتقسد ّ ْ‬ ‫ن فََقات ِس ْ‬‫ثسسم قسسال‪» :‬اد ْ ُ‬
‫ه بنفسسسي ك ُس ّ‬
‫ل‬ ‫ب أن أقي س ُ‬ ‫م أنسسي أح س ّ‬ ‫بسيفي‪ ،‬اللسسه يعل س ُ‬
‫ت‬ ‫شيء‪ ،‬ولو لقيت تلك الساعة أبي لو كان حًيا لوقع ُ‬
‫به السيف‪.‬‬
‫ل واحسسد‬ ‫فلمسسا تراجسسع المسسسلمون وكسسروا ك سّرة رج س ٍ‬
‫ة رسول الله ‪ ،‬فاستوى عليها فخرج فسسي‬ ‫ت بغْل َ َ‬
‫قّرب ْ ُ‬
‫‪224‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫معسسسكره‬ ‫كل وجه‪ ،‬ورجع إلى ُ‬ ‫أثرهم حتى تفرُقوا في ُ‬
‫ت عليه‪ ،‬فقال‪» :‬يسسا ش سْيب‪ ،‬السسذي‬ ‫ه‪ ،‬فدخل ُ‬ ‫فدخل خباء ُ‬
‫ت بنفسك«‪.‬‬ ‫أراد الله بك خيٌر مما أرد َ‬
‫ن‬‫ثم حدثني بكل ما أضمرت في نفسي مما لم أك ُ ْ‬
‫ت‪ :‬فإني أشهد ُ أن ل إله إل اللسسه‬ ‫أذكُرهُ لحدٍ قط‪ ،‬فقل ُ‬
‫ت‪ :‬اسسستغفر لسسي يسسا رسسسول‬ ‫ل الله‪ ،‬ثسسم قل س ُ‬ ‫وأنك رسو ُ‬
‫الله‪ ،‬فقال‪» :‬غفر الله لك«‪.‬‬
‫وعن أنس بسسن مالسسك قسسال‪ :‬قسسال رسسسول اللسسه ‪:‬‬
‫م‬
‫سس َ‬ ‫مَري ْسسن لسسو أقْ َ‬
‫ض سّعف ِذي ط ِ ْ‬ ‫مت َ َ‬
‫ض سِعيف ُ‬ ‫»كم مشن َ‬
‫ن مالك«‪.‬‬ ‫ه‪ ،‬منهم البراُء ب ُ‬ ‫على الله لبر ُ‬
‫وإن البراء لقي زحًفسسا مسسن المشسسركين وقسسد أوجسسع‬
‫المشركون فسسي المسسسلمين‪ ،‬فقسسالوا لسسه‪ :‬يسسا بسسراُء‪ ،‬إن‬
‫ك«‬ ‫ت على اللسسه لبسسر َ‬ ‫م َ‬‫س ْ‬‫رسول الله قال‪» :‬إنك لو أقْ َ‬
‫ت عليسسك يسسا رب لمسسا‬ ‫فأقسم على الله‪ ،‬فقال‪ :‬أقسسسم ُ‬
‫منحوا أكتافُهم‪.‬‬ ‫منحتنا أكتافهم ف ُ‬
‫سسسوس فسسأوجُعوا فسسي‬ ‫ثسسم التقسسوا علسسى قنطسسرة ال ُ‬
‫ك‪ ،‬فقال‪ :‬أقسسسمت‬ ‫م على رب َ‬ ‫المسلمين‪ ،‬فقالوا‪ :‬أقس ْ‬
‫عليك يا رب لما منحتنا أكتسسافهم وألحقتنسسي بنبيسسك ‪،‬‬
‫دا‪ .‬والله أعلم‪.‬‬ ‫منحوا أكتافهم‪ ،‬وُقتل البراء شهي ً‬ ‫ف ُ‬

‫فصل‬
‫أرسل عمر إلى الكوفة من يسأل عن سعد فكسسان‬
‫سئل عنه رجل من بنسسي‬ ‫الناس يثنون عليه خيًرا حتى ُ‬
‫عبس‪ ،‬فقال‪ :‬أما إذا أنشدتمونا عن سعد فإنه كسسان ل‬
‫يخسسرج فسسي السسسرية ول يعسسدل بالرعيسسة ول يقسسسم‬
‫بالسوية‪.‬‬
‫فقال سعد‪ :‬اللهم إن كان كاذًبا قسسام ريسساء وسسسمعة‬
‫فأطل عره وعظم فقره وعرضه للفتن‪.‬‬

‫‪225‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فكان ُيرى وهو شسسيخ كسسبير قسسد تسسدّلى حاجبسساه مسسن‬
‫ن فسسي الطرقسسات‪،‬‬ ‫هسس ّ‬
‫الكسسبر يتعسسرض للجسسواري يغمُز ُ‬
‫ويقول‪ :‬شيخ كبير مفُتون أصابتني دعوة سْعد‪.‬‬
‫وكذا سعيد بن زيد كان مجسساب السسدعوة‪ ،‬فقسسد روي‬
‫أن أروى بنسست أوس اسسستعدت مسسروان علسسى سسسعيد‪،‬‬
‫وقالت‪ :‬سرق من أرضي وأدخله في أرضه‪.‬‬
‫فقال سعيد‪ :‬اللهم إن كانت كاذبة فسسأذهب بصسسرها‬
‫وأقُتلها في أرضها‪ ،‬فذهب بصُرها وماتت في أرضها‪.‬‬
‫ض العُب ّسساد فسسدخلنا‬‫قال إبراهيم بن أدهم‪ :‬مرض بع س ُ‬
‫ت لسسه‪ :‬علسسى‬ ‫عليه نُعوده‪ ،‬فجعل يتنفس ويتأسف‪ ،‬فقل ُ‬
‫ماذا تتأسف؟ قال‪ :‬علسسى ليلسسة نمُتهسسا‪ ،‬ويسسوم أفطرتسسه‪،‬‬
‫ت فيها عن ذكر الله عز وجل‪.‬‬ ‫وساعةٍ غفل ُ‬
‫ض العباد عند موته‪ ،‬فقيل له‪ :‬مسسا يُبكيسسك؟‬ ‫وبكى بع ُ‬
‫ت فيهسسم‪ ،‬ويسسذكر‬ ‫فقسسال‪ :‬أن يصسسوم الصسسائمون ولسسس ُ‬
‫ت‬‫ت فيهسسم‪ ،‬ويصسسلي المصسسلون ولسس ُ‬ ‫السسذاكرون ولسس ُ‬
‫فيهم‪ .‬تأمل يا أخي‪ ،‬هذه الماني لله دره‪.‬‬
‫مليكة قال‪ :‬لما كان يوم الفتسسح ركسسب‬ ‫عن ابن أبي ُ‬
‫ب بهسسم البح سُر‪،‬‬ ‫ة بن أبي جهل البحسسر هارب ًسسا فخس ّ‬ ‫عكرم ُ‬
‫عون اللسسسه‬ ‫فجعلسسست الصسسسّراِري )أي الملحسسسون( يسسسد ُ‬
‫ه‪ ،‬فقال‪ :‬ما هسسذا؟ قسسالوا‪ :‬هسسذا مكسسان ل ينفسسع‬ ‫دون َ ُ‬ ‫ح ُ‬
‫وُيو ّ‬
‫ه محمسدٍ السسذي يسسدعونا إليسسه‪،‬‬ ‫فيه إل الله‪ ،‬قال‪ :‬هذا إلس ُ‬
‫فارجُعوا بنا‪ ،‬فرجع فأسلم‪.‬‬
‫وعن مصعب بن سعد‪ ،‬عن عكرمة بن أبسسي جهسسل‪،‬‬
‫ب‬ ‫حًبسسا بسسالراك ِ‬
‫مْر َ‬‫قسسال‪ :‬قسسال النسسبي ‪ ‬يسسوم جئتسسه‪َ » :‬‬
‫ر«‪ ،‬قلسست‪ :‬واللسسه يسسا‬ ‫ب المهسساج ِ‬‫حًبا بسسالراك ِ‬ ‫مْر َ‬
‫ر‪َ ،‬‬ ‫مَهاج ِ‬ ‫ال ُ‬
‫ت مثلها‬ ‫ة أنفقُتها عليك إل أنفق ُ‬ ‫رسول الله‪ ،‬ل أدعُ نفق ً‬
‫في سبيل الله‪.‬‬
‫وعن عبدالله بسسن أبسسي مليكسسة أن عكرمسسة بسسن أبسسي‬
‫جسساني‬ ‫جهل كان إذا اجتهد في اليمين قال‪ :‬ل والسسذي ن ّ‬
‫مصسسحف علسسى وجهسسه‪ ،‬ويقسسول‪:‬‬ ‫يوم بدٍر‪ ،‬وكان يضعُ ال ُ‬
‫ب ربي‪.‬‬ ‫ب ربي‪ ،‬كتا ُ‬ ‫كتا ُ‬
‫‪226‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫موك في خلفة أبي بكسسر‪،‬‬ ‫استشهد عكرمة يوم الير ُ‬
‫دوا فيسسه بضسًعا وسسسبعين مسسن بيسسن ضسسربةٍ وطعنسةٍ‬ ‫فوج ُ‬
‫ة‪.‬‬
‫ورمي ٍ‬
‫قسسال الزبيسسر‪ :‬وحسسدثني عمسسي مصسسعب بسسن عبسسدالله‬
‫قال‪ :‬جاء السلم وداُر النسسدوة بيسسد حكيسسم بسسن حسسزام‪،‬‬
‫مسسن معاويسسة بسسن أبسسي سسسفيان بمسسائة ألسسف‬ ‫فباعها بعد ُ ِ‬
‫درهم‪.‬‬
‫ت مكرمسسة قريسسش؟‬ ‫فقال له عبدالله بن الزبير‪ :‬بع َ‬
‫م إل التقوى‪ ،‬يا ابسسن أخسسي‪،‬‬ ‫م‪ :‬ذهبت المكار ُ‬ ‫فقال حكي ُ‬
‫إنسسي اشستريت بهسسا داًرا فسسي الجنسة‪ ،‬أشسهدك أنسسي قسد‬
‫جعلتها في سبيل الله‪.‬‬
‫ج حكيم بن حزام‬ ‫وعن أبي بكر بن سليمان قال‪ :‬ح ّ‬
‫معه مائة بدنة قد أهسسداها وجّللهسسا الحسسبرة وكّفهسسا عسسن‬
‫ة فسسي أعنسساِقهم‬ ‫ف يوم عرفس َ‬ ‫ة وصي ٍ‬ ‫أعجازها ووّقف مائ َ‬
‫عتقاء الله عسسّز‬ ‫سها‪ُ » :‬‬ ‫ضة قد ُنقش في ُرؤُ ِ‬ ‫ه‪ ،‬الف ّ‬ ‫أطوق ُ‬
‫ل عن حكيسسم بسسن حسسزام«‪ ،‬وأعتقهسسم وأهسسدى ألسسف‬ ‫وج ّ‬
‫شاة‪.‬‬
‫وعن محمد بن سسسعد يرفعسسه‪ :‬أن حكيسسم بسسن حسسزام‬
‫ل كلها‬ ‫ما‪ ،‬فقال هل ابنه‪ :‬ما ُيبكيك؟ قال‪ :‬خصا ٌ‬ ‫بكى يو ً‬
‫ت فسسي‬ ‫سسسبق ُ‬‫أبكاني‪ :‬أما أولها‪ :‬فبط سُء إسسسلمي حسستى ُ‬
‫د‪ ،‬فقلت‪ :‬ل‬ ‫ت يوم بدر واح ٍ‬ ‫مواطن كلها صالحة‪ ،‬ونجو ُ‬
‫دا من مكة ول أوضعُ مع ُقريش ما بقيت‪.‬‬ ‫أخرج أب ً‬
‫فأقمت بمكة ويأبى الله عز وجل أن يشرح صدري‬
‫للسلم‪ ،‬وذلك أني أنظُر إلسى بقايسا مسسن قريسسش لهسم‬
‫أسسسنان متمسسسكين لمسسا هسسم عليسسه مسسن أمسسر الجاهليسسة‬
‫فأقتدي بهم‪ ،‬ويا ليت أني لم أقتد بهم‪ ،‬فما أهلكنا إل‬
‫القتداء بآبانا و ُ‬
‫كبرائنا‪.‬‬
‫ت أنسسا‬
‫ت أفك سُر‪ ،‬فخرج س ُ‬ ‫فلما غزا النبي ‪ ‬مكة جعل ُ‬
‫س أبا سفيان‪،‬‬ ‫وأبو سفيان نستروح الخبر‪ ،‬فلقي العبا ُ‬
‫ت بيسستي‪،‬‬ ‫ت فسسدخل ُ‬ ‫فسسذهب بسسه إلسسى النسسبي ‪ ‬ورجعسس ُ‬

‫‪227‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ي ودخسسل النسسبي ‪ ‬مكسسة فسسآمن النسساس‪،‬‬ ‫فسسأغلقُته عل س ّ‬
‫ت معه إلى حنين‪.‬‬ ‫فجئُته فأسلمت وخرج ُ‬
‫عروة أن حكيم بن حزام أعتق فسسي الجاهليسسة‬ ‫وعن ُ‬
‫مائة رقبة‪ ،‬وفي السلم مائة رقبة وحمل علسسى مسسائة‬
‫بعير‪.‬‬
‫قال ابن سعد‪ :‬قال محمد بن عمر‪ :‬قدم حكيم بسسن‬
‫حزام المدينة ونزلها وبنسسى بهسسا داًرا‪ ،‬ومسسات بهسسا سسسنة‬
‫أربع وخمسين وهو ابن مائة وعشرين سسسنة س س رحمسسه‬
‫الله س‪.‬‬
‫جل َي ْب ِي ْب ًسسا كسسان امسسرأ مسسن‬ ‫عن أبي برزة السسسلمي أن ُ‬
‫النصار وكان أصحاب النبي ‪ ‬إذا كسسان لحسسدهم أي ّسسم‬
‫م النسسبي ‪ :‬هسسل‬ ‫ج لها( لم يزوجها حتى ُيعل س َ‬ ‫)أي ل زو َ‬
‫م ل؟‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ه فيها حاج ً‬ ‫ل ُ‬
‫جل مسسن النصسساِر‪:‬‬ ‫فقال رسول الله ‪ ‬ذات يوم ٍ لر ُ‬
‫ة عَْين‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ك«‪ ،‬قال‪ :‬نعم ونعم ُ‬ ‫جني اب ْن َت َ َ‬ ‫ن‪َ ،‬زوّ ْ‬ ‫»يا فَُل ُ‬
‫ن؟ قسسال‪:‬‬ ‫مسس ْ‬ ‫ها« قسسال‪ :‬ل ِ َ‬ ‫سسسي أْريسسد ُ َ‬ ‫ت ل ِن َْف ِ‬ ‫سسس ُ‬ ‫»إنسسي ل َ ْ‬
‫مَرها )أي‬ ‫ب«‪ ،‬قال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬حتى أسسستأ ِ‬ ‫جل َي ْب ِي ْ ْ‬‫»ل ُ‬
‫مهّسسا‪ ،‬فأتاهسسا‪ ،‬فقسسال‪ :‬إن رسسسول اللسسه ‪‬‬ ‫ها( وأ َ‬ ‫أشسساوُر َ‬
‫ج رسسو َ‬
‫ل‬ ‫ة عَْيسن‪َ ،‬زوِ ْ‬ ‫مس ُ‬ ‫م ون ِعْ ِ‬ ‫ك‪ ،‬قسالت‪َ :‬نعس َ‬ ‫ب ابنت ِ‬ ‫خط ُ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن؟‬ ‫مسس ْ‬‫دها‪ ،‬قالت‪ :‬فل ِ َ‬ ‫الله ‪ ،‬قال‪ :‬إنه ليس لنفسه ُيري ُ‬
‫مُر الله ل‬ ‫جليبيب؟ ل لعَ ْ‬ ‫حل َْقي أل ُ‬ ‫جَليبيب‪ ،‬قالت‪َ :‬‬ ‫قال‪ :‬ل ُ‬
‫جليبًيا‪.‬‬ ‫ج ُ‬ ‫أَزوِ ُ‬
‫فلما قام أبوها ليسسأتي النسسبي ‪ ،‬قسسالت الفتسساةُ مسسن‬
‫خدِرها لبوْيها‪ :‬من خطبني إليكما؟ قسسال‪ :‬رسسسول اللسسه‬
‫ه؟‬‫ن علسسى رسسسول اللسسه ‪ ‬أمسسَر ُ‬ ‫دو َ‬ ‫‪ ،‬قسسالت‪ :‬أفسستُر ُ‬
‫ن ُيضي َّعني‪.‬‬ ‫ه لَ ْ‬ ‫اد ْفَُعوني إلى رسول الله فإن ّ ُ‬
‫ك ِبهسسا‪،‬‬ ‫فسسذهب أبوهسسا إلسسى النسسبي ‪ ،‬فقسسال‪ :‬شسسأن َ َ‬
‫جليبيًبا‪.‬‬ ‫جَها ُ‬ ‫فزوّ َ‬
‫قال إسسسحاق بسسن عبسسدالله بسسن أبسسي طلحسسة لثسسابت‪:‬‬
‫أتدري ما دعا لها به النبي ‪‬؟ قال‪ :‬ومسسا دعسسا لهسسا بسسه‬
‫النبي س عليه السلم س؟‬
‫‪228‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ل‬ ‫جع َ س ْ‬ ‫ص سّبا ول ت ْ‬ ‫خي سَر َ‬ ‫ب عََليهسسا ال َ‬ ‫صس ّ‬ ‫قسسال‪» :‬اللهسسم ُ‬
‫دا«‪.‬‬ ‫دا ك َ ّ‬ ‫شَها ك َ ّ‬ ‫عي َ‬ ‫َ‬
‫ل الله ‪ ‬فسسي‬ ‫ه‪ ،‬فبينما رسو ُ‬ ‫ت‪ :‬فزّوجها إّيا ُ‬ ‫قال ثاب ُ‬
‫د؟« قالوا‪ :‬نفقسد ُ‬ ‫ح ٍ‬
‫من أ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ل ت َْفِق ُ‬ ‫مغزى له‪ ،‬قال‪» :‬هَ ْ‬
‫ن‬ ‫دو َ‬ ‫ل ت َْفِقس ُ‬ ‫ُفلًنا ونفقد ُ فلًنا ونفقد ُ فلًنا‪ ،‬ثم قسسال‪» :‬هَس ْ‬
‫د؟« قالوا‪ :‬نفقسسد فلن ًسسا ونفقسسد فلن ًسسا‪ ،‬ثسسم قسسال‪:‬‬ ‫ح ٍ‬ ‫من أ َ‬ ‫ِ‬
‫د؟« قالوا‪ :‬ل‪ ،‬قال‪» :‬لكني أفق سد ُ‬ ‫ح ٍ‬ ‫من أ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ل ت َْفِق ُ‬ ‫»ه َ ْ‬
‫جل َي ْب ِي ًْبا‪ ،‬فطلُبوه في القتلى«‪ ،‬فنظسسروا فوج سد ُوْهُ إلسسى‬ ‫ُ‬
‫م ثم قتُلوه‪ ،‬فقال رسول الله ‪:‬‬ ‫جنب سبعةٍ قد قتله ُ‬
‫من ّسسي‬ ‫َ‬
‫»هذا مني وأنا منه‪ ،‬أقَت َ َ‬
‫ة! ثم قتلوه‪ ،‬هسسذا ِ‬ ‫ل سبع ً‬
‫وه هذا منسسي وأنسسا منسسه«‪،‬‬ ‫ة! ثم قتل ْ‬ ‫ل سبع ً‬ ‫ه‪ ،‬أقت َ‬ ‫من ْ ُ‬‫وأنا ِ‬
‫ه ما‬ ‫فوضعه رسول الله ‪ ‬على ساعديه‪ ،‬ثم حفُرْوا ل ُ‬
‫له سرِير إل ساعدي رسول الله ‪ ‬حتى وضسسعه فسسي‬
‫قبره‪.‬‬
‫لله در هذه النفس فمسسا أعّزهسسا‪ ،‬وهسسذه الهمسسم مسسا‬
‫أرفعها!‬
‫غي سَر‬ ‫ت َ‬ ‫ع سّز المسسو ِ‬ ‫ة عليهسسم و ِ‬ ‫ض الحيسسا ِ‬ ‫مسسا َرأَوا ب َْعسس َ‬ ‫وَل َ ّ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّرم ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ُ‬ ‫مذلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬ ‫َ‬
‫م ت ُذ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ذوُقوا العَْيسس َ‬ ‫ن َيسس ُ‬
‫مم ِ‬ ‫ةل ْ‬‫مي ْت َ ً‬
‫ش عليه وماُتوا ِ‬ ‫وا أ ْ‬ ‫أْبسس ْ‬
‫م واقسسسسسسسسسسعٌ‬ ‫والسسسسسسسسسسذ َ ّ‬
‫ح‬‫صسسي ْ‬ ‫مسسن فَ ِ‬ ‫ب العاِدي ِ‬ ‫كل ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫سسسسسسدِ إ ْ‬ ‫ب ِلل ْ‬ ‫جسسسسس ٌ‬ ‫ول عَ َ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسم ِ‬ ‫ت بهسسسسسسسسسسا وأع َ‬ ‫ظ َِفسسسسسسسسسسَر ْ‬
‫سسسام‬ ‫ح َ‬ ‫ي فسسي ُ‬ ‫ف عل س ّ‬ ‫حت ْس ُ‬ ‫ت و َ‬ ‫ي سسسسَق ْ‬ ‫شسسس ّ‬‫ح ِ‬ ‫ةو ْ‬ ‫حْربسسس ُ‬ ‫فَ َ‬
‫حمسسسسسسسسسزةَ السسسسسسسسسرَدى ابسسسسسسسسسسسن ُ ْ‬
‫ملجسسسسسسسسسسسم ِ‬ ‫َ‬

‫فصل‬
‫روى مسلم في أفراده من حديث أنس بسسن مالسسك‬
‫قال‪ :‬انطلق رسول الله ‪ ‬وأصسسحابه إلسسى بسسدر حسستى‬
‫سبقوا المشسسركين‪ ،‬وجسساء المشسسركون‪ ،‬فقسسال رسسول‬
‫ت‬
‫ضسسسها السسسسموا ُ‬‫اللسسسه ‪» :‬قومسسسوا إلسسسى جنسسسةٍ عَْر ُ‬
‫ض«‪.‬‬
‫والر ُ‬
‫‪229‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مْير بن الحمسسام النصسساري‪ :‬يسسا رسسسول اللسسه‪،‬‬ ‫قال عُ َ‬
‫ضها السموات والرض؟! قال‪» :‬نعم«‪ ،‬قسسال‪:‬‬ ‫جنةٍ عَْر ُ‬
‫خ يا رسول الله‪ ،‬فقال‪» :‬ما يحملسسك علسسى قولسسك‬ ‫خ بَ ٍ‬‫بَ ٍ‬
‫جسساَء أن‬ ‫خ؟« قسسال‪ :‬ل‪ ،‬واللسسه يسسا رسسسول اللسسه إل َر َ‬ ‫خ بَ ِ‬‫بَ ِ‬
‫من أهلها‪ ،‬قال‪» :‬فإنك من أهلها«‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫أكو َ‬
‫ن‪ ،‬ثسسم‬ ‫قال‪ :‬فأخرج تمرات من قرنسسه فجعسسل يسسأك ُُله ّ‬
‫ل َتمراتسسي هسسذه إنهسسا لحيسساةٌ‬ ‫ت حتى آك ُ َ‬ ‫ن حضي ِي ْ ُ‬ ‫قال‪ :‬إ ْ‬
‫ه من التمر‪ ،‬ثم قاتسسل حسستى‬ ‫طويلة‪ ،‬فرمى بما كان مع ُ‬
‫ُقتل‪.‬‬
‫مسسوح الخسسروج‬ ‫قال الواقدي‪ :‬لما أراد عمرو بسسن الج ُ‬
‫إلى أحد‪ ،‬منعه بُنوه‪ ،‬وقالوا‪ :‬قد عذرك الله‪ ،‬فجاء إلى‬
‫النبي ‪ ،‬فقال‪ :‬إن بني يريدون حبسي عسسن الخسسروج‬
‫معك وإني لرجو أن أطأ بعرجتي ]هسسذه[ فسسي الجنسسة‪،‬‬
‫ذرك الله«‪ ،‬ثم قال لبنيسسه‪» :‬ل‬ ‫ما أنت فقد ع َ‬ ‫فقال‪» :‬أ ّ‬
‫عليكسسم أن ل تمنعسسوه لعسسل اللسسه عسسز وجسسل يرزقسسه‬
‫الشهادة« فخلوا سبيله‪.‬‬
‫خَزام‪ :‬كأني انظسسر‬ ‫قالت امرأته هند بنت عمرو بن ُ‬
‫إليه مول ًّيا‪ ،‬قد أخذ درقته‪ ،‬وهو يقول‪ :‬اللهسسم ل تردنسسي‬
‫إلى خربي‪ ،‬وهي منازل بني سلمة‪.‬‬
‫ت إليسسه حيسسن انكشسسف‬ ‫قسسال أبسسو طلحسسة‪ :‬فنظسسر ُ‬
‫المسلمون ثم ثابوا‪ ،‬وهسسو فسسي الّرعيسسل الول‪ ،‬لكسسأني‬
‫أنظر إلى ظلع في رجله‪ ،‬وهو يقول‪ :‬أنا والله مشتاق‬
‫إلى الجنة!‬
‫خّلد ]وهو[ ي َْعدو ]معه[ في إْثسسره‬ ‫ثم انظر إلى ابنه َ‬
‫حتى قتل جميًعا‪.‬‬
‫موح وعبدالله‬ ‫دفن عمرو بن الج ُ‬ ‫وفي الحديث‪ :‬أنه ُ‬
‫ل‬‫عمسسر وأبسسو جسسابر فسسي قسسبر واحسسد‪ ،‬فخسّرب السسسي ُ‬ ‫بن ُ‬
‫ُقبورهم‪ ،‬فحفر عنهم بعد ست وأربعين سسسنة فوجسسدوا‬
‫لم يتغيروا كأنهم ماتوا بالمس‪.‬‬
‫سا مع رسول اللسسه‬ ‫جلو ً‬ ‫عن أنس بن مالك قال‪ :‬كنا ُ‬
‫ة«‬ ‫جّنس ِ‬
‫ل ال َ‬ ‫هس ِ‬‫نأ ْ‬ ‫مس ْ‬
‫ل ِ‬ ‫ج ٌ‬
‫مر ُ‬ ‫‪ ،‬فقال‪» :‬ي َط ْل ُعُ الن علي ْك ُ ْ‬
‫‪230‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ضسسوئه قسد ْ‬ ‫ه مسسن و ُ‬ ‫ف لحيت ُ‬ ‫من النصار تنظ ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫فطلعَ ر ُ‬
‫علق نعليه بيده الشمال‪.‬‬
‫ل ذلسك‪ ،‬فطلسع‬ ‫مث ْس َ‬ ‫د‪ ،‬قسال النسبي ‪ِ :‬‬ ‫فلما كان الغس ُ‬
‫ل المّرة الولى‪.‬‬ ‫ل مث ْ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ذلك الر ُ‬
‫ل مقسسالته‬ ‫مْثسس َ‬‫ث‪ ،‬قال النبي ‪ِ ‬‬ ‫فلما كان اليوم الثال ُ‬
‫ضا فطلع ذلك الرجل على مثل حسساله الولسسى‪ ،‬فلمسسا‬ ‫أي ً‬
‫ن عمسرو‪ ،‬فقسال‪ :‬إنسي ل‬ ‫ه عبدالله ابس ُ‬ ‫قام النبي ‪ ‬تبع ُ‬
‫ل عليسسه ثلث ًسسا‪ ،‬فسسإن‬ ‫خس ُ‬ ‫ت أنسسي ل أد ُ‬ ‫ت أبسسي‪ ،‬فأقسسسم ُ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ت‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫ضي فَعَل ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ك حتى ت َ ْ‬ ‫ت أن تؤوَيني إلي َ‬ ‫رأي ْ َ‬
‫ه تلسسك‬ ‫ه بات معسس ُ‬ ‫ث أن ُ‬ ‫قال أنس‪ :‬فكان عبدالله ُيحد ّ ُ‬
‫ه‬‫م من الليل شسسيًئا غيسسر أنس ُ‬ ‫م يَرهُ يُقو ُ‬ ‫الثلث الليالي فل ْ‬
‫إذا تعاّر تقّلب على فراشه ذكَر الله عسسز وجسسل‪ ،‬وكسسبر‬
‫حتى لصلة الفجر‪.‬‬
‫ل إل خي سًرا‪،‬‬ ‫ه يقسسو ُ‬ ‫قال عبدالله‪ :‬غيَر أني لسسم أسسسمع ُ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ن أحتق سَر عمل س ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ث الليسسالي‪ ،‬وك ِسد ْ ُ‬ ‫ما مضت الثل ُ‬ ‫فل ّ‬
‫ب ول‬ ‫ت‪ :‬يا عبدالله‪ ،‬لم يكن بينسسي وبيسسن أبسسي غض س ٌ‬ ‫قل ُ‬
‫ت رسول اللسسه ‪ ‬يقسسول لسسك ثلث‬ ‫ة‪ ،‬ولكن سمع ُ‬ ‫جَر ٌ‬ ‫هُ ْ‬
‫مسسن أهسسل الجنسسة«‬ ‫ل ِ‬ ‫جس ٌ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫م ال َ‬ ‫مسسرات‪» :‬ي َط ْل ُسعُ عليك ُس ُ‬
‫ت أن آوي إليسسك‪،‬‬ ‫ت‪ ،‬فسسأرد ُ‬ ‫ت أنسست ثلث مسسّرا ٍ‬ ‫فطلعسس َ‬
‫ت كسسبيَرا‬ ‫فانظر ما عمُلك‪ ،‬فأقتدي بك‪ ،‬فلم أَرك عملسس َ‬
‫ل‪ ،‬فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله ‪‬؟ قسسال‪:‬‬ ‫م ٍ‬ ‫عَ َ‬
‫عاني‪ ،‬فقال‪ :‬ما هُوَ إل‬ ‫ت دَ َ‬ ‫ما ول ّي ْ ُ‬ ‫ت‪ ،‬فل ّ‬ ‫ما هو إل ما رأي ْ َ‬
‫مسسن‬ ‫حسسدٍ ِ‬‫ت غيسسَر أنسسي ل أجسسد ُ فسسي نفسسسي ل َ‬ ‫مسسا رأْيسس َ‬
‫دا على غيرٍ أعطسساهُ اللسسه‬ ‫سد ُ أح ً‬ ‫ح ُ‬ ‫شا ول أ ْ‬ ‫المسلمين ِغ ّ‬
‫ه‪.‬‬‫إّيا ُ‬
‫ك‪ ،‬رواه أحمسسد‬ ‫ت ب ِس َ‬ ‫فقال عبسسدالله‪ :‬هسسذه السستي بلغ س ْ‬
‫بإسناد على شرط البخاري ومسلم والنسائي‪.‬‬
‫عن نافع عسسن ابسسن عمسسر أن رسسسول اللسسه ‪ ‬بعسسث‬
‫حد َْير‪ ،‬وكسسانت تلسسك السسسنة‬ ‫شا فيهم رجل يقال له‪ُ :‬‬ ‫جي ً‬
‫ل‬ ‫دهسسم رسسسو ُ‬ ‫قد أصابتهم سنة مسسن قلسسة الطعسسام‪ ،‬فزو َ‬
‫حديًرا‪.‬‬ ‫ن ي َُزوّد َ ُ‬ ‫يأ ْ‬ ‫س َ‬‫الله ‪ ‬ون َ ِ‬
‫‪231‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فخرج حدير صابًرا محتسًبا‪ ،‬وهو فسسي آخسسر الركسسب‬
‫يقول‪ :‬ل إله إل الله‪ ،‬والله أكبر‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬وسبحان‬
‫الله‪ ،‬ول حول ول قوة إل بالله‪ ،‬ويقول‪ :‬نْعم الّزاد هسسو‬
‫ددها وهو في آخر الركب‪.‬‬ ‫ياَرب‪ ،‬فهو ير ّ‬
‫قال‪ :‬فجاء جبريل إلى النبي ‪ ،‬فقال له‪ :‬إن رب س ّ‬
‫ي‬
‫ت أن‬ ‫ت أصحابك ونسسسي َ‬ ‫أرسلني إليك ُيخبرك أنك زوّد ْ َ‬
‫حد َي ًْرا‪ ،‬وهو في آخر الركب‪ ،‬يقول‪ :‬ل إله إل الله‬ ‫تزوّد َ ُ‬
‫والله أكبر وسبحان الله والحمد للسسه‪ ،‬فسسدعا النسسبي ‪‬‬
‫حدير وأمره إذا انتهسسى إليسسه حفسسظ‬ ‫رجل ً فدفع إليه زاد ُ‬
‫عليه مسسا ي ُُقسسول‪ ،‬وإذا دفسسع إليسه السزاد حفسظ عليسه مسسا‬
‫يقول‪ ،‬ويقول له‪ :‬إن رسسسول اللسسه ‪ُ ‬يقسسرئك السسسلم‬
‫ك‪ ،‬وإن‬ ‫ي أن ي َسُزوّد َ َ‬
‫سس َ‬
‫ورحمة الله‪ ،‬وُيخبرك أنه كسسان ن ِ َ‬
‫ي جبريسسل يسسذكّرني بسسك‪،‬‬ ‫ربي تبارك وتعالى أرسسسل إل س ّ‬
‫كره جبريل وأعلمه مكانك‪.‬‬ ‫فذ ّ‬
‫فانتهى إليه وهو يقول‪ :‬ل إلسسه إل اللسسه و اللسسه أكسسبر‬
‫وسبحان الله والحمد لله ول حسسول ول قسسوة إل بسسالله‪،‬‬
‫ويقول‪ :‬نعم الزاد هذا يا رب‪ ،‬قال‪ :‬فدنا منه‪ ،‬ثم قسسال‬
‫ة الله وقد‬ ‫له‪ :‬إن رسول الله ‪ُ ‬يقرئك السلم ورحم َ‬
‫أرسلني إليك بزادٍ معسسي‪ ،‬ويقسسول‪ :‬إنسسي إنمسسا نسسسيُتك‪،‬‬
‫ي جبريل مسسن السسسماء ي ُسسذك ُّرني بسسك‪ ،‬قسسال‪:‬‬ ‫فأرسل إل ّ‬
‫فحمد الله وأثنى عليه‪ ،‬وصلى على النبي ‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬الحمد لله رب العالمين‪ ،‬ذكرني ربسسي مسسن‬
‫جسسوعي‬ ‫حسسم ُ‬ ‫ت‪ ،‬ومن فوق عرشه‪ ،‬ور ِ‬ ‫فوق سبع سموا ٍ‬
‫حسسديًرا ل‬ ‫حديًرا فاجعسسل ُ‬ ‫ب كما لم تنس ُ‬ ‫وضعفي‪ ،‬يا ر ّ‬
‫ينساك‪.‬‬
‫قال‪ :‬فحفظ ما قال‪ ،‬ورجع إلسسى النسسبي ‪ ‬فسسأخبره‬
‫بما سمع منه حين أتاه‪ ،‬وبما قال حيسسن أخسسبره‪ ،‬فقسسال‬
‫رسسسول اللسسه ‪» :‬أمسسا إنسسك لسسو رفعسست رأسسسك إلسسى‬
‫ت لكلمسسه ذلسسك نسسوًرا سسساطًعا مسسا بيسسن‬ ‫السسسماء لرأي س َ‬
‫السماء والرض«‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسا ل‬ ‫عن محمد بن سعد قال‪ :‬كان ذو البجسسادين يتي ً‬
‫مال له‪ ،‬فمات أبوه ولم يورثه شيًئا‪ ،‬وكفله عمه حتى‬
‫أيسر‪ ،‬فلما قدم النبي ‪ ‬المدينة جعلت نفسسه تتسسوق‬
‫ت‬ ‫إلسسى السسسلم ول يقسسدُر عليسسه مسسن عمسسه حسستى مضس ْ‬
‫م‪ ،‬إنسسي قسسد‬ ‫الس سُنون والمشسساهد‪ ،‬فقسسال لعمسسه‪ :‬يسسا ع س ّ‬
‫دا‪ ،‬فأذن لي فسسي‬ ‫ت إسلمك فل أراك تريد محم ً‬ ‫انتظر ُ‬
‫دا ل أترك بيسسدك‬ ‫ت محم ً‬ ‫السلم‪ ،‬فقال‪ :‬والله لئن اتبع َ‬
‫ه إل نزعُْته منك‪ ،‬حتى ثوبيك‪.‬‬ ‫ت أعطيت ُك َ ُ‬ ‫شيًئا ك ُن ْ ُ‬
‫ر‪،‬‬ ‫ك عبسسادة الحج س ِ‬ ‫دا وتسسار ٌ‬ ‫قال‪ :‬فأنا والله متبعٌ محم ً‬
‫ه‪ ،‬فأخذ ما أعطاه حتى ج سّرد َهُ مسسن‬ ‫خذ ْ ُ‬ ‫وهذا ما بيدي فَ ُ‬
‫دا لها باثنين فأتزر بواحدٍ‬ ‫ت بجا ً‬ ‫إزاره‪ ،‬فأتى أمه فقطع ْ‬
‫وارتدى بالخر‪ ،‬ثم أقبسسل إلسسى المدينسسة وكسسان بورقسسان‬
‫ر‪.‬‬
‫ح ِ‬‫س َ‬ ‫فاضطجع في المسجد في ال ّ‬
‫ح الناس إذا انصرف من‬ ‫ل الله ‪ ‬يتصف ُ‬ ‫وكان رسو ُ‬
‫ت؟« فانتسسسب لسسه‪،‬‬ ‫ن أن ْس َ‬ ‫مس ْ‬ ‫الصبح فنظر إليه‪ ،‬فقال‪َ » :‬‬
‫ت عبسد ُ اللسسه ذ ُْو‬ ‫دالعّزى‪ ،‬فقسسال‪» :‬أنس َ‬ ‫وكسسان اسسسمه عبس ُ‬
‫ي َقري ًْبا«‪ ،‬فكسسان يكسسون‬ ‫من َ‬ ‫ل ِ‬ ‫دين«‪ ،‬ثم قال‪» :‬ان ْزِ ْ‬ ‫جا َ‬ ‫الب َ‬
‫ضَيافِهِ حتى َقرأ قرآًنا كثيًرا‪ ،‬فلما خرج النسسبي ‪‬‬ ‫في أ ْ‬
‫ط النسبي ‪‬‬ ‫ك‪ ،‬قسال‪ :‬اد ْعُ لسي بالشسهادة‪ ،‬فربس َ‬ ‫إلى ت َُبو َ‬
‫مرة‪ ،‬وقسسال‪» :‬اللهسسم إنسسي أحسسرم‬ ‫سس ُ‬ ‫حي َ‬ ‫ده ل َ ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫على ع ُ‬
‫ه على الكفار«‪.‬‬ ‫م ُ‬ ‫دَ َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫س هذا أَرد ْ ُ‬ ‫فقال‪ :‬لي َ‬
‫ك‬ ‫خ سذ َت ْ َ‬
‫ت غازي ًسسا فأ َ‬ ‫جس َ‬ ‫خَر ْ‬ ‫قسسال النسسبي ‪» :‬إنسسك إذا َ‬
‫ت‬ ‫ك فسسأن ْ َ‬ ‫داب ّت ُس َ‬
‫ك َ‬ ‫ص ست ْ َ‬ ‫ت شهْيد‪ ،‬أو وَقَ َ‬ ‫ك فأن ْ َ‬ ‫مى فََقَتلت ْ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ال ُ‬
‫ما ثم ُتوَفي‪.‬‬ ‫ك أيا ً‬ ‫موا بتُبو َ‬ ‫شِهيد« فأقا ُ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫مسس َ‬ ‫ل الله ‪ ‬و َ‬ ‫ت رسو َ‬ ‫ن الحارث‪ :‬حضر ُ‬ ‫لب ُ‬ ‫قال بل ُ‬
‫ة من نار عند القبر واقًفا بها‪.‬‬ ‫شْعل ٌ‬ ‫ن ُ‬ ‫بلل المؤذ ُ‬
‫كما«‬ ‫خا ُ‬‫يأ َ‬ ‫دنيا إل ّ‬ ‫وإذا رسول الله ‪ ‬وهو يقول‪» :‬أ ْ‬
‫د‪ ،‬قسال‪» :‬اللهسم إنسي قسد‬ ‫حس ِ‬‫شسّقهِ فسي الل ّ ْ‬ ‫هيسأه ل ِ ِ‬ ‫فلما َ‬
‫ض عنه«‪.‬‬ ‫ت عنه راضًيا فاْر َ‬ ‫سي ُ‬ ‫م َ‬ ‫أ ْ‬
‫د‪.‬‬ ‫ب الل ّ ْ‬
‫ح ِ‬ ‫ت صاح َ‬ ‫كن ُ‬ ‫ن مسعود‪َ :‬ليتني ُ‬ ‫فقال اب ُ‬
‫‪233‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وعن أبي وائل‪ ،‬عن عبدالله قال‪ :‬والله لكأني أرى‬
‫رسول الله ‪ ‬في غزوة تبوك وهو في قسسبر عبسسدالله‬
‫عمسسر يقسسول‪» :‬أد ْن َِيسسا إلسسي‬ ‫ذي البجسسادين‪ ،‬وأُبسسو بكسسر و ُ‬
‫ما«‪.‬‬‫خاك ُ َ‬
‫أ َ‬
‫ج‬
‫ده ثسسم خ سَر َ‬ ‫ه في ل َ ْ‬
‫حس ِ‬ ‫وأخذهُ من القبلةِ حتى أسكن ُ‬
‫ل‪ ،‬فلما فرغ من دفنه استقبل‬ ‫م َ‬ ‫ي ‪ ‬وَوَل َّياهُ َ‬
‫ما العَ َ‬ ‫النب ُ‬
‫ت عنسسه‬‫القبلة رافعًسسا يسسديه يقسسول‪» :‬اللهسسم إنسسي أمسسسي ُ‬
‫ض عنه«‪.‬‬ ‫راضًيا فاْر َ‬
‫ت أنسسي مكسسانه‪ ،‬ولقسسد‬ ‫ل‪ ،‬فسسوالله لسسودد ُ‬‫وكان ذلسسك لي ً‬
‫سسَنة‪ .‬واللسه أعلسسم‪ ،‬وصسل‬ ‫س عشَر َ‬ ‫ه بخم َ‬ ‫ت قبل ُ‬‫أسلم ُ‬
‫الله على محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫ة رسول اللسسه ‪‬‬ ‫عن محمد بن سعد قال‪ :‬أتى واثل ُ‬
‫فصلى معه الصسسبح‪ ،‬وكسسان رسسسول اللسسه ‪ ‬إذا صسسلى‬
‫دنسا مسن واثلسة‪ ،‬قسال‪:‬‬ ‫ه‪ ،‬فلمسا َ‬ ‫ح أصسحاب ُ‬ ‫وانصرف تصّف َ‬
‫»من أنت؟« فأخبره‪.‬‬
‫ت أبسايع‪ ،‬فقسسال رسسول‬ ‫ك؟ قال‪ :‬جئ ُ‬ ‫فقال‪ :‬ما جاء ب َ‬
‫ت؟« قسسال‪ :‬نعسسم‪ ،‬قسسال‪:‬‬ ‫ت وك َرِهْ س َ‬ ‫الله ‪» :‬فيما أ ْ‬
‫حب َب ْس َ‬
‫ه‪.‬‬
‫م‪ ،‬فأسلم وَباي َعَ ُ‬ ‫ت؟« قال‪ :‬ن َعَ ْ‬ ‫»ِفيما أط َْق َ‬
‫ج‬ ‫خ سَر َ‬ ‫وكان رسول الله ‪ ‬يتجهُز يومئذٍ إلى ت َُبو َ‬
‫ك فَ َ‬
‫حسساله‪،‬‬ ‫ة إلى أهل ِسهِ فَل َِقسسي أب َسساهُ السسسقعَ فلمسسا َرأى َ‬ ‫واثل ُ‬
‫مسسك‬ ‫قال‪ :‬قد فعلتها؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال أبوه‪ :‬والله ل أكل ُ‬
‫دا‪.‬‬
‫أب ً‬
‫فأتى عمه فسّلم عليسسه‪ ،‬فقسسال‪ :‬قَسد ْ فَعَل ْت َهَسسا؟ قسسال‪:‬‬
‫ه أيسر من ملمة أبيه‪ ،‬وقال‪ :‬لم يك ُسسن‬ ‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬فلم ُ‬
‫ر‪.‬‬‫ينبغي لك أن تسبقنا بأم ٍ‬
‫ت‬ ‫م ْ‬ ‫ه فخرجت إليسسه وسسسل ّ َ‬ ‫فسمعت أخت واثلة كلم ُ‬
‫ة؟‬ ‫حية السلم‪ ،‬فقال واثلة‪ :‬أّني لك هذا يا أخي ّ ُ‬ ‫عليه بت ّ‬
‫ت‪.‬‬
‫ت كلمك وكلم عمك فأسلم ُ‬ ‫قالت‪ :‬سمع ُ‬
‫ن رسسسول اللسسه ‪‬‬ ‫فقال‪ :‬جهّزي أخاك جهاز غازٍ فسسإ ّ‬
‫حقَ برسسسول اللسسه ‪ ‬ق سد ْ‬ ‫ه فل ِ‬ ‫على جناح سفر‪ ،‬فجهزت ُ‬
‫‪234‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫س وهسسم علسسى‬ ‫من النسسا ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫ك وبقي غُّبرا ٌ‬ ‫ل إلى تُبو َ‬ ‫م َ‬ ‫تح ّ‬
‫خوص‪.‬‬ ‫ش ُ‬ ‫ال ُ‬
‫ق بني قينقاع‪ :‬مسسن يحمُلنسسي ولسسه‬ ‫جَعل ُينادي بسو ِ‬ ‫فَ َ‬
‫ة بي‪.‬‬ ‫جل ً ل ُرحل َ‬ ‫تر ُ‬ ‫كن ُ‬‫مي؟ قال‪ :‬و ُ‬ ‫سه ِ‬
‫ن عجسسرة‪ ،‬فقسسال‪ :‬أنسسا أحمل ُسسك‬ ‫بب ُ‬ ‫قال‪ :‬فدعاني كع ُ‬
‫ك‬ ‫م َ‬ ‫ك أسوةُ يسسدي وس سهْ ُ‬ ‫ة بالنهار ويد ُ َ‬ ‫ة بالليل وعُْقب ً‬ ‫عقب ً‬ ‫ُ‬
‫لي‪ ،‬قال واثلة‪ :‬نعم‪.‬‬
‫قسسال واثلسسة‪ :‬جسسزاهُ اللسسه خي سًرا لقسسد كسسان يحمُلنسسي‬
‫ه ويرفعُ لي حسستى إذا بعسسث رسسسول‬ ‫ل مع ُ‬ ‫دني وآك ُ ُ‬ ‫ويزي ْ ُ‬
‫ة‬
‫م ِ‬ ‫الله ‪ ‬خالد بن الوليد إلى أكِيدرِ بن عبدالملك بدوْ َ‬
‫دل‪.‬‬ ‫جن ْ َ‬ ‫ال َ‬
‫ت معسسه‪ ،‬فأصسسبنا‬ ‫ج كعب في جيش خالد وخرج س ُ‬ ‫خر َ‬
‫ت قلئص‬ ‫فيًئا كثيًرا فقسسسمه خالسد ُ بيننسسا فأصسسابني سس ُ‬
‫ت بها خيمة كعب بن عجسسرة‪،‬‬ ‫ت أسوُقها حتى جئ ُ‬ ‫فأقبل ُ‬
‫ت‪ :‬اخسسُرج رحمسسك اللسسه فسسانظر إلسسى قلئصسسك‬ ‫فقلسس ُ‬
‫فاقبضها‪.‬‬
‫فخرج وهو يبتسم ويقول‪ :‬بارك اللسسه لسسك فيهسسا مسسا‬
‫ك وأنا أريد ُ أن آخذ منك شيًئا‪.‬‬ ‫حملت َ‬
‫عن بشر بن عبدالله عن واثلة بن السقع ‪ ‬قال‪:‬‬
‫ك ُّنا أصحاب الصفة في مسجد رسول الله ‪ ‬وما فينا‬
‫ب‪.‬‬‫ل له ثو ٌ‬ ‫رج ٌ‬
‫طرقًسسا مسسن الغبسسار‪ ،‬إذ‬ ‫جُلودنا ُ‬ ‫ولقد اتخذ العرقُ في ُ‬
‫ش سْر ُفقسسراءُ‬ ‫خسسرج علينسسا رسسسول اللسسه ‪ ،‬فقسسال‪» :‬لْيب ِ‬
‫المهاجرين« ثلًثا‪.‬‬
‫م‬
‫ت أخسسد ُ‬ ‫عن نعيسسم بسسن ربيعسسة بسسن كعسسب قسسال‪ :‬كن س ُ‬
‫رسول الله ‪ ‬وأقوم لسسه فسسي حسسوائجه نهسساري أجمسسع‪،‬‬
‫حتى ُيصلي رسول الله ‪ ‬العشاء الخرة‪.‬‬
‫ل‪ :‬لعلهسسا أن‬ ‫س على بسابه إذا دخسسل بيتسه‪ ،‬أقسو ُ‬ ‫فأجل ُ‬
‫ل أسسسمعه‬ ‫تحسسدث لرسسسول اللسسه ‪ ‬حاجسسة‪ ،‬فمسسا أزا ُ‬
‫سبحان الله‪ ،‬سبحان الله‪ ،‬سبحان الله وبحمسسده حسستى‬
‫ل فارجعُ أو تغُلبني عيني فأرُقد‪.‬‬ ‫أم ّ‬

‫‪235‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسا لمسسا رأى مسسن حّفسستي )أي العنايسسة‬ ‫فقسسال لسسي يو ً‬
‫طسك‪،‬‬ ‫سسْلني أعْ ِ‬ ‫ة‪َ ،‬‬‫والخدمة( له وخدمتي إّياه‪ ،‬يسا ربيعس ُ‬
‫مك‬ ‫ت‪ :‬انظر في أمري يا رسول الله ثم أعل ُ‬ ‫قال‪ :‬فقل ُ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ت أن السسدنيا‬ ‫ت فسسي نفسسسي فعلمسس ُ‬ ‫فقسسال‪ :‬ففكسسر ُ‬
‫ة وأن لسسي فيهسسا رزقًسسا سسسيأتيني‪ ،‬قسسال‪:‬‬ ‫ة وزائل س ٌ‬ ‫مْنقطع ٌ‬ ‫ُ‬
‫ت‪ :‬أسأل رسول الله ‪ ‬لخرتسسي‪ ،‬فسسإنه مسسن اللسسه‬ ‫فقل ُ‬
‫عّز وجل بالمنزل السسذي هسسو بسسه‪ ،‬فجئت ُسسه‪ ،‬فقسسال‪» :‬مسسا‬
‫ل اللسسه أن‬ ‫ك يسسا رسسسو َ‬‫ت‪ :‬أسسسأل ُ َ‬ ‫ة؟« فقل س ُ‬ ‫ت يا َرِبيعَ ُ‬ ‫فَعَل ْ َ‬
‫ن‬
‫مس ْ‬ ‫مسسن النسسار‪ ،‬فقسسال‪َ » :‬‬ ‫ك فَي َعْت َِقني ِ‬ ‫تشفعَ لي إلى َرب ِ َ‬
‫ت‪ :‬ل والذي بعثسسك بسسالحق‬ ‫ك بهذا يا ربيعة؟« فقل ُ‬ ‫مَر َ‬‫أ َ‬
‫كنت‬ ‫كو ُ‬ ‫ت سلني أعط َ‬ ‫ما قل َ‬ ‫ما أمرني به أحد ٌ ولكنك ل ّ‬
‫ت فسسي أمسسري‪،‬‬ ‫من الله بسسالمنزل السسذي أنسست بسسه نظسسر ُ‬
‫ن لسسي فيهسسا رزقًسسا‬ ‫ة وأ ّ‬ ‫ت أن الدنيا منقطعة وزائل ُ‬ ‫فعرف ُ‬
‫سيأتيني‪.‬‬
‫ت‪ :‬أسأل رسول الله ‪ ‬لخرتي‪ ،‬قال‪ :‬فصمت‬ ‫فقل ُ‬
‫عّني‬ ‫ل فأ ِ‬ ‫ل‪ ،‬ثم قال لي‪» :‬إني فاع ٌ‬ ‫رسول الله ‪ ‬طوي ً‬
‫جود«‪.‬‬ ‫س ُ‬‫ك بكثرةِ ال ُ‬ ‫على ن َْفس َ‬
‫وأخرجا فسسي »الصسسحيحين« مسسن حسسديث قيسسس بسسن‬
‫سا في مسجد المدينة في نسساس‬ ‫عبادة قال‪ :‬كنت جال ً‬
‫فيهم بعض أصحاب النبي ‪ ،‬فجاء رجسسل فسسي وجهسسه‬
‫ل مسسن أهسسل‬ ‫ض القسسوم‪ :‬هسسذا رجس ُ‬ ‫أثُر خشوع‪ ،‬فقال بعس ُ‬
‫الجنة‪ ،‬فصلى ركعتين تجوَّز فيهما‪ ،‬ثسسم خسسرج فسسابتعُته‪،‬‬
‫ت فأخبرُته‪.‬‬ ‫فدخل منزله فدخل ُ‬
‫فقسسسال‪ :‬ل ينبغسسسي لحسسسدٍ أن يقسسسول مسسسا ل يعلسسسم‪،‬‬
‫ت ُرؤًيا على عهد رسول اللسسه‬ ‫ما ذاك؟ رأي ُ‬ ‫وسأحدثك ل ِ َ‬
‫‪ ‬فقصصتها عليه‪ ،‬رأيتني في روضة‪ ،‬وسط الروضة‬
‫عمسسود مسسن حديسسد‪ ،‬أسسسفُله فسسي الرض وأعلهُ فسسي‬
‫ت‪ :‬ل‬ ‫عروة‪ ،‬فقيل لي‪ :‬إرقسسه‪ ،‬فقلسس ُ‬ ‫السماء‪ ،‬في أعله ُ‬
‫مسسا‪ ،‬فقسسال‪ :‬بثيسسابي‬ ‫ف يعني خاد ً‬ ‫ع‪ ،‬فجاءني منص ٌ‬ ‫أستطي ُ‬
‫ت بالعروة‪ ،‬فقصصسستها علسسى رسسسول‬ ‫من خلفي‪ ،‬فأخذ ُ‬
‫‪236‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسود ُ‬ ‫ك العَ ُ‬‫ة السسسلم‪ ،‬وذا َ‬ ‫الله ‪ ،‬فقال‪» :‬تلك الروض ُ‬
‫ت‬ ‫ة‪ ،‬العُسسروة السسوثقى‪ ،‬وأن ْس َ‬ ‫مود ُ السلم‪ ،‬وتلك العُسسرو ُ‬ ‫عَ ُ‬
‫ل عبسسدالله بسسن‬ ‫علسسى السسسلم حسستى تمسسوت« والرج س ُ‬
‫سلم‪.‬‬
‫ت المدينة‬ ‫وعن أبي ُبردة بن أبي موسى قال‪ :‬قدم ُ‬
‫ت‬ ‫ع‪ ،‬فجلسس ُ‬ ‫ل متخش ٌ‬ ‫ت عبدالله بن سلم‪ ،‬فإذا رج ٌ‬ ‫فأتي ُ‬
‫ن‬‫حسسا َ‬‫ت إلينسسا وقَسد ْ َ‬‫سس َ‬‫جل َ ْ‬
‫ك َ‬ ‫ن أخسسي إنس َ‬‫إليه‪ ،‬فقال‪ :‬يا ب َ‬
‫ن؟ والله أعلسسم‪ ،‬وصسسل اللسسه علسسى محمسسد‬ ‫منا‪ ،‬أفتأذ َ ُ‬‫ِقيا ُ‬
‫وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫بعث عمر بن الخطاب عمير بن سسسعد عسسامل ً علسسى‬
‫حمص فمكث حول ً ل يأتيه خبره‪ ،‬فقسال عمسسر لكساتبه‪:‬‬
‫أكتب إلى عمير‪ ،‬فوالله ما أراه إل قد خاننا‪ ،‬إذا جاءك‬
‫ت مسسن فيسسء‬ ‫كتسسابي هسسذا‪ ،‬فأقبسسل وأقبسس ْ‬
‫ل بمسسا جسسبي َ‬
‫المسلمين حين تنظر في كتابي هذا‪.‬‬
‫ه‬
‫قال‪ :‬فأخذ عمير جرابه فوضسسع فيسسه زاده وقصسسعت ُ‬
‫ه‪ ،‬ثم أقبل يمشي من حمسسص‬ ‫وعلق إداوته وأخذ عنزت ُ‬
‫حتى قدم المدينة‪.‬‬
‫ه وطسسالت‬ ‫حب لونه واغسسبر وجه س ُ‬ ‫قال‪ :‬فقدم وقد ش ُ‬
‫شعرُته‪ ،‬فدخل علسسى عمسسر‪ ،‬فقسسال‪ :‬السسسلم عليسسك يسسا‬
‫أمير المؤمنين ورحمسسة اللسسه‪ ،‬قسسال عمسسر‪ :‬مسسا شسسأنك؟‬
‫قال‪ :‬ما ترى من شأني ألست تراني صحيح البدن ظ‬
‫ها بُقرونها؟‬‫جّر َ‬ ‫اهر الدم‪ ،‬معي الدنيا أ ُ‬
‫ن عمسر أنسه جساءهُ بمسال‪،‬‬ ‫مَعك؟ وظ ّ‬ ‫قال عمر‪ :‬وما َ‬
‫ل‬‫قال‪ :‬معسسي جرابسسي أجعسسل فيسسه زادي‪ ،‬وقصسسعتي آكس ُ‬
‫فيها‪ ،‬وإدواتي أحمل فيها وضوئي وشسسرابي‪ ،‬وعنزتسسي‬
‫أتوكأ عليها وأجاهد بها عدًوا إن عرض لي‪ ،‬فسسوالله مسسا‬
‫الدنيا إل تبعٌ لمتاعي‪.‬‬
‫ت تمشي؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬أما كان‬ ‫قال عمر‪ :‬فجئ َ‬
‫لك أحد ٌ يتبرعُ لك بدابةٍ تركُبهسسا؟ قسسال‪ :‬مسسا فعلسسوا ومسسا‬

‫‪237‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫سألتهم ذلسك‪ ،‬فقسال عمسسر‪ :‬بئس المسسلمون خرجست‬
‫عندهم‪.‬‬ ‫من ِ‬
‫عمير‪ :‬اتق الله يا عمسسر‪ ،‬قسسد نهسساك اللسسه عسسن‬ ‫فقال ُ‬
‫الغيبة‪ ،‬وقد رأيتهم يصلون صسسلة الغسسداة‪ ،‬قسسال عمسسر‪:‬‬
‫فأين بعثتك؟ وأي شيء صنعت؟ قال‪ :‬وما سسسؤالك يسسا‬
‫أمير المؤمنين؟‬
‫قال عمر‪ :‬سبحان الله‪ ،‬فقال عمير‪ :‬أمسسا إنسسي لسسول‬
‫غمك ما أخبرُتك‪ ،‬بعثتني حتى أتيسست البلسسد‬ ‫أخشى أن أ ُ‬
‫صلحاء أهلها فوليتهم جبايسسة فيئهسسم حسستى إذا‬ ‫ت ُ‬ ‫فجمع ُ‬
‫ك‬‫ك منسسه شسسيء لتيت ُس َ‬ ‫ضَعه ولو مالس َ‬ ‫جمُعوهُ وضعُْته موا ِ‬
‫به‪.‬‬
‫جد ُّدوا لُعمير‬ ‫قال‪ :‬فما جئتنا بشيء؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪َ :‬‬
‫ه لسسك ول لح سدٍ‬ ‫دا‪ ،‬قسسال‪ :‬إن ذلسسك شسسيٌء ل أعمل س ُ‬ ‫عَهْ س ً‬
‫ت‬ ‫س سَلم‪ ،‬لق سد ْ قل س ُ‬
‫ل لسسم أ ْ‬‫ت ب َس ْ‬
‫سسسلم ُ‬
‫بعسسدك‪ ،‬واللسسه مسسا َ‬
‫ض سَتني لسسه يسسا عمسسر‪،‬‬ ‫لنصراني أخزاك الله‪ ،‬فهذا ما عّر ْ‬
‫ت معك‪.‬‬ ‫خلْف ُ‬‫وإن أشقى أيامي يوم ُ‬
‫ثم استأذنه فأذن له فرجع إلى منزلسسه وبينسسه وبيسسن‬
‫المدينة أميال‪ ،‬فقال عمر حين انصرف عمير‪ :‬ما أراه‬
‫إل قد خاننا‪.‬‬
‫فبعث رجل ً يقال له الحارث‪ ،‬وأعطسساه مسسائة دينسسار‪،‬‬
‫وقال‪ :‬انطلق إلى عمير حسستى تنسسزل بسسه كأن ّسسك ض سْيف‬
‫دا‬ ‫فإن رأيت أثر شسسيء فأقبسسل‪ ،‬وإن رأيسست حسسال ً شسسدي ً‬
‫فادفع إليه هذه المائة الدينار‪.‬‬
‫فسسانطلق الحسسارث فسسإذا هسسو عميسسر جسسالس يفلسسي‬
‫بقميصه إلسسى جنسسب الحسسائط‪ ،‬فقسسال لسسه عميسسر‪ :‬انسسزل‬
‫مسسن أيسسن جئت؟‬ ‫ه‪ ،‬فقسسال‪ِ :‬‬ ‫رحمك الله‪ ،‬فنزل ثسسم سسسأل ُ‬
‫فقال‪ :‬من المدينة‪.‬‬
‫حا‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬كيف تركت أمير المؤمنين؟ فقسسال‪ :‬صسسال ً‬
‫قال‪ :‬فكيف تركت المسلمين؟ قسسال‪ :‬صسسالحين‪ ،‬قسسال‪:‬‬
‫س ُيقيم الحدود؟‬ ‫ألي ْ َ‬

‫‪238‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قال‪ :‬بلى ضرب ابًنا لسسه علسسى فاحشسسة فمسسات مسسن‬
‫ضربه‪ ،‬فقال عمير‪ :‬اللهم أعن عمر فإني ل أعلمه إل‬
‫دا حّبه لك‪.‬‬ ‫شدي ً‬
‫ة مسن‬ ‫قال‪ :‬فنزل به ثلثة أيام وليس لهسم إل ُقرصس ٌ‬
‫د‪،‬‬
‫جه ْ س ُ‬‫هم ال َ‬ ‫ه بها ويطوون حسستى أتسسا ُ‬ ‫صون ُ‬ ‫خ ّ‬‫شعير كانوا ي ُ‬
‫حسسول‬ ‫ت أن تت ّ‬ ‫ك قَد ْ أجعتنسسا فسسإ ْ‬
‫ن رأي ْس َ‬ ‫عميُر‪ :‬إن َ‬ ‫فقال له ُ‬
‫ل‪.‬‬‫عّنا فافْعَ ْ‬
‫ث بهسا‬ ‫دنانير فدفعها إليه‪ ،‬فقسسال‪ :‬بعس َ‬ ‫قال‪ :‬فأخرج ال ّ‬
‫أميُر المسسؤمنين فاسسستعن هسسا‪ ،‬قسسال‪ :‬فصسساح‪ ،‬وقسسال‪ :‬ل‬
‫ها‪.‬‬‫حاجة لي فيها فُرد ّ َ‬
‫ه امرأته‪ :‬إن احتجت إليها وإل فضعها فسسي‬ ‫فقالت ل ُ‬
‫مواضعها‪.‬‬
‫فقال عمير‪ :‬والله ما لي شيٌء أجعُلها فيه‪ ،‬فشّقت‬
‫ة فجعلهسسا فيهسسا‪ ،‬ثسسم‬ ‫ه خرق ً‬ ‫المرأةُ أسفل درعها فأعطت ُ‬
‫شهداء والُفقراء‪.‬‬ ‫سمَها بين أبناِء ال ُ‬ ‫خرج فق ّ‬
‫ه ُيعطيه منها شيًئا‪ ،‬فقال‬ ‫ن أن ّ‬ ‫ل يظ ُ‬ ‫ثم رجع والرسو ُ‬
‫له عمير‪ :‬أقرئ مني أمير المؤمنين السلم‪.‬‬
‫عمسسر‪ ،‬فقسسال‪ :‬مسسا رأيسست؟ قسسال‪:‬‬ ‫فرجع الحارث إلى ُ‬
‫دا‪ ،‬قسسال‪ :‬فمسسا صسسنع‬ ‫رأيت يا أمير المؤمنين‪ ،‬حال ً شسسدي ً‬
‫بالدنانير؟ قال‪ :‬ل أدري‪.‬‬
‫م سُر‪ :‬إذا جسساءك كتسسابي هسسذا فل‬ ‫قال‪ :‬فكتسسب إليسسه عُ َ‬
‫تضعه من يدك حتى ُتقبل‪.‬‬
‫عمر‪ ،‬فدخل عليه‪ ،‬فقسسال لسسه عمسسر‪ :‬مسسا‬ ‫فأقبل إلى ُ‬
‫ت ما صنعت‪ ،‬وما سؤالك‬ ‫ت بالدنانير؟ قال‪ :‬صنع ُ‬ ‫صنع َ‬
‫عنها؟ قال‪ :‬أنشد ُ عليك لُتخبرني ما صنعت بها‪.‬‬
‫دمُتها لنفسي‪ ،‬قال‪ :‬رحمسسك اللسسه‪ ،‬فسسأمر لسسه‬ ‫قال‪ :‬ق ّ‬
‫م فل حاجة‬ ‫ق من طعام وثوبين‪ ،‬فقال‪ :‬أما الطعا ُ‬ ‫بوس ٍ‬
‫لي فيه قد تركت في المنزل صاعين من شعير‪.‬‬
‫خسسذ‬ ‫إلى أن آكل ذلك قسسد جسساء اللسسه بسسالرزق ولسسم يأ ُ‬
‫ما‬‫م فلن عاريسسة‪ ،‬فأخسسذهُ َ‬ ‫نأ ّ‬ ‫طعام وأمسسا الّثوبسسان فسسإ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ورجعَ إلى منزله‪.‬‬
‫‪239‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فلم يلبث أن هلك س رحمه اللسسه سس فبلسسغ ذلسسك عمسسر‬
‫فشسسق عليسسه وترحسسم عليسسه وخسسرج يمشسسي ومعسسه‬
‫المشاؤون إلى بقيع الغرَقد‪.‬‬
‫ن كل رجل منكم أمنية‪ ،‬فقسسال‬ ‫فقال لصحابه‪ :‬ليتم ّ‬
‫رجل‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬وددت أن عندي مسسال ً فسسأعتق‬
‫لوجه الله كذا وكذا‪.‬‬
‫وقال آخر‪ :‬وددت أن عندي مال ً فأنفق فسسي سسسبيل‬
‫الله‪.‬‬
‫وقال آخر‪ :‬وددت أن لسسي قسسوة فأميسسح بسسدلو زمسسزم‬
‫لحجاج بيت الله‪.‬‬
‫فقال عمر بسسن الخطسساب‪ :‬وددت أن لسسي رجل ً ِ‬
‫مث ْس َ‬
‫ل‬
‫ن بسسه فسسي أعمسسال المسسسلمين س س‬ ‫عمير بن سعدٍ أستعي ُ‬
‫رحمه الله ورضي الله عنه س ‪.‬‬
‫ب إذ ْ ظ َسسس ّ‬
‫ل‬ ‫وا ِ‬‫دافَعُ بسسسالب ْ َ‬
‫مَرْيسسسسسسسسسسن ي ُسسس َ‬ ‫ب ِذي ط ِ ْ‬ ‫أل ُر ّ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسًرا‬ ‫مع ْ ِ‬ ‫ث أغَْبسسسسسسسسسرا ُ‬ ‫شسسسسسسسسسعَ َ‬ ‫أ ْ‬
‫ن‬‫حسسسَزان أ ْ‬ ‫مسسسن ال ْ‬ ‫كسسساد ُ ِ‬‫ل يَ َ‬ ‫ف الله في ُ‬
‫كسس ّ‬ ‫خا ُ‬ ‫مط ِي ْعٌ ي َ َ‬ ‫ُ‬
‫طسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرا‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرهِ ي َت ََف ّ‬ ‫أ ِ‬
‫ب‬ ‫جسسسا َ‬ ‫حرًيسسسا أن ي ُ َ‬ ‫مسسا عليسسه وكسسسان َ‬ ‫ن ي َوْ ً‬ ‫م ْ‬ ‫وَل َسوْ أقْ َ‬
‫سس َ‬
‫جب َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرا‬ ‫أب َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّرهُ وي ُ ْ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫عسسن ابسسن قمسسادين قسسال‪ :‬لسسم يكسسن أحسسد مسسن ك ُسسبراء‬
‫قريش الذين تأخر إسلمهم‪ ،‬فأسلموا يوم فتح مكسسة‪،‬‬
‫ة‪ ،‬ول أقبسسل علسسى مسسا‬ ‫ما ول صسسدق ً‬ ‫أكسسثر صسسلةً ول صسسو ً‬
‫يعنيه من أمر الخرة من سهيل بسسن عمسسرو‪ ،‬حسستى إن‬
‫ب لسسونه‪ ،‬وكسسان كسسثير البكسساء رقيًقسسا عنسسد‬ ‫ح َ‬
‫كان لقد ش ُ‬
‫قراءة القرآن‪.‬‬
‫ه‬
‫معسساذ بسسن جبسسل حسستى ُيقسسرئ ُ‬ ‫ف إلسسى ُ‬ ‫لقد ُرئي يختلس ُ‬
‫معاذ ُ من مكة‪ ،‬فقال لسسه‬ ‫القرآن وهو بمكة‪ ،‬حتى خرج ُ‬
‫ف إلسسى هسسذا‬ ‫ن الخطسساب‪ :‬يسسا أبسسا يزيسسد‪ ،‬تختل س ُ‬ ‫ضسسراُر ب س ُ‬
‫‪240‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ل‬ ‫الخزرجي ُيقرُئك القرآن؟ أل يكون اختلفك إلى ر ُ‬
‫ج ٍ‬
‫من قريش؟‬ ‫ك ِ‬‫م َ‬
‫من قو ِ‬
‫ص سَنع )يشسسير‬ ‫فقال‪ :‬يا ضرار هذا الذي صنع بنسسا مسسا َ‬
‫سْبق‪.‬‬‫ل ال َ‬ ‫إلى الكبر والعجب( حتى سبقنا ك ّ‬
‫م أمسَر‬‫ف ]إليسه[ لقسد وضسعَ السسل ُ‬ ‫أيْ لعمري اختلس ُ‬
‫ما كانوا ل ُيذكرون في‬ ‫الجاهلية ورفعَ الله بالسلم قو ً‬
‫مَنا‪.‬‬ ‫معَ أولئك فتقد ّ ْ‬ ‫الجاهلية فليتنا كّنا َ‬
‫عمر بن الخطاب ‪‬‬ ‫حضر باب ُ‬ ‫وعن الحسن قال‪َ :‬‬
‫ث وبلل‪ ،‬وتلسسك المسسوالي‬ ‫ل بسسن عمسسرو‪ ،‬و الحسسار ُ‬ ‫سسسهي ُ‬ ‫ُ‬
‫الذين شهدوا بدًرا‪ ،‬فخرج آذن عمر‪ ،‬فأذن لهم وتسسرك‬
‫هؤلء‪.‬‬
‫ن لهسسؤلء‬ ‫سفيان‪ :‬لم أر كسساليوم قسسط‪ ،‬يسسأذ ُ‬ ‫فقال أبو ُ‬
‫ت إلينا؟‬ ‫ن على بابه ل يلتف ْ‬ ‫العبيد ونح ُ‬
‫جل ً عسساق ً‬
‫ل‪ ،‬أيهسسا‬ ‫ن عمسسرو‪ :‬وكسسان ر ُ‬ ‫فقسسال سسسهيل ب س ُ‬
‫كنُتم‬‫القوم إني والله لقد أرى الذي في وجوهكم‪ ،‬إن ُ‬
‫غضاًبا فاغضُبوا على أنفسكم‪.‬‬
‫عوا وأبطأُتم‪ ،‬فكيف بكسسم‬ ‫سر ُ‬
‫دعيُتم فأ ْ‬ ‫مو ُ‬‫دعي القو ُ‬ ‫ُ‬
‫عوا يوم القيامة وُتركُتم؟‬ ‫إذا د ُ ُ‬
‫ما ل ترون‬ ‫أما والله لما سبقوكم إليه من الفضل م ّ‬
‫أشد ّ عليكم فوًتا من بابكم هذا الذي كنتم تنافسسسونهم‬
‫ه وانطلق‪.‬‬ ‫ض ثوب ُ‬ ‫عليه‪ ،‬قال‪ :‬ونف َ‬
‫قال الحسن‪ :‬وصسسدق واللسسه سسسهيل‪ ،‬ل يجعسسل اللسسه‬
‫دا أسرع إليه كعبدٍ أبطسسأ عنسسه‪ .‬واللسسه أعلسسم‪ ،‬وصسسل‬ ‫عب ً‬
‫الله على محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫وعن أبسسي قدامسسة السرخسسسي قسسال‪ :‬قسسام العمسسري‬
‫ت‪ ،‬فقال‬ ‫ت وفعل َ‬‫للخليفة على الطريق‪ ،‬فقال له‪ :‬فعل َ‬
‫ل بكذا وتعمل بكذا‪ ،‬فقال لسسه‬ ‫له‪ :‬ماذا تريد؟ قال‪ :‬تعم ُ‬
‫م‪.‬‬
‫م‪ ،‬نعم يا ع ّ‬
‫م يا ع ّ‬
‫هارون‪ :‬نع ْ‬

‫‪241‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وعن سعيد بن سليمان قال‪ :‬كنت بمكة في زقسساق‬
‫الشطوى وإلى جنبي عبدالله بن عبدالعزيز العمسسري‪،‬‬
‫وقد حج هارون الرشيد‪.‬‬
‫فقسال لسه إنسسان‪ :‬يسسا أبسسا عبسدالرحمن هسسو ذا أميسسر‬
‫المؤمنين يسعى قد أخلى له المسعى‪ ،‬قسسال العمسسري‬
‫للرجل‪ :‬ل جزا ك الله عني خيًرا‪ ،‬كلفتنسسي أم سًرا كنسست‬
‫عنه غنًيا‪ ،‬ثم تعّلق نعليه )أي لبسهما(‪.‬‬
‫وقام فتبعته وأقبل هارون الرشيد من المروة يريد‬
‫ك‬ ‫الصفا‪ ،‬فصاح به‪ :‬يا هارون‪ ،‬فلما نظر إليه‪ ،‬قال‪ :‬لبي َ‬
‫صفا‪ ،‬فلما رقيه‪ ،‬قال‪ :‬ارم بطرفك‬ ‫م‪ ،‬قال‪ :‬اْرقَ ال ّ‬ ‫يا ع ّ‬
‫هم؟ قال‪ :‬ومسسن‬ ‫ت‪ ،‬قال‪ :‬كم ُ‬ ‫إلى البيت‪ ،‬قال‪ :‬قد فعل ُ‬
‫مث ْل ُُهم؟ قال‪ :‬خلسسقٌ ل‬ ‫ُيحصيهم؟ قال‪ :‬فكم في الناس ِ‬
‫ُيحصيهم إل الله‪.‬‬
‫ل‬‫ل واحسدٍ منهسسم ُيسسسأ ُ‬ ‫ن ك ُس ّ‬
‫قال‪ :‬اعلم أُيها الرجسسل أ ّ‬
‫ل عنهسم كّلهسم‬ ‫صسة نفسسه وأنست وحسدك تسسأ ُ‬ ‫عسن خا ّ‬
‫س وجعُلوا‬ ‫فانظر كيف تكون؟ قال‪ :‬فبكى هارون وجل َ‬
‫منديل ً منديل ً للدموع‪.‬‬ ‫طونه ِ‬ ‫ُيع ُ‬
‫عم‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫قال الُعمري‪ :‬وأخرى أقولها‪ ،‬قال‪ :‬قُ ْ‬
‫ل يا َ‬
‫ج سَر‬
‫ح ْ‬‫ف فسسي مسساله فيسسستحقّ ال َ‬ ‫سر ُ‬ ‫والله إن الرجل لي ُ ْ‬
‫ف فسسي مسسال المسسسلمين؟ ثسسم‬ ‫س سرِ ُ‬ ‫عليه‪ ،‬فكيف بمن ي ُ ْ‬
‫مضى وهارون يبكي‪.‬‬
‫ت محمسسسد بسسسن‬ ‫قسسسال محمسسسد بسسسن خلسسسف‪ :‬سسسسمع ُ‬
‫عبدالرحمن يقول‪ :‬بلغني أن هارون الرشيد قال‪ :‬إني‬
‫ج كل سنة ما يمنعنسسي إل رجسسل مسسن ول سدِ‬ ‫ب أن أح ّ‬ ‫لح ّ‬
‫عمر ثم ُيسمعني ما أكره‪.‬‬
‫ه في المسسسعى‬ ‫وقد روي لنا من طريق آخر أنه لقي ُ‬
‫هوت إليسسه الجنسساد فكّفهسسم عنسسه‬ ‫فأخذ بلجسسام دابت ّسسه فسسأ ْ‬
‫الرشيد فكلمه فإذا دموع الرشيد تسيل علسسى معرفسسة‬
‫دابّته‪.‬‬

‫‪242‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ة‪ ،‬فقسسال‪ :‬يسسا هسسارون‪،‬‬ ‫ثسسم انصسسرف‪ ،‬وأنسسه لقيسسه مسّر ً‬
‫ل منك‬ ‫ت‪ ،‬فجعل يسمعُ منه‪ ،‬ويقول‪ :‬مقبو ٌ‬ ‫ت وفعل َ‬ ‫فعل َ‬
‫يا عم على الرأس والعين‪.‬‬
‫ت‬‫فقسسال‪ :‬يسسا أميسسر المسسؤمنين مسسن حسسال النسساس كيس َ‬
‫ت‪ ،‬فقال‪ :‬عن غير علمي وأمسسري وخسسرج العمسسري‬ ‫وكي َ‬
‫إلسسى الرشسسيد مسّرة ليعظسسه فلمسسا نسسزل الكوفسسة زحسسف‬
‫العسكر حتى لو كان نزل بهم مائة ألف من العدوّ مسسا‬
‫ل إليه‪.‬‬ ‫زادوا على هيبته‪ ،‬ثم رجع ولم يص ْ‬
‫وعن أبي يحيسسى الزهسسري‪ ،‬قسسال‪ :‬قسسال عبسسدالله بسسن‬
‫دث أنسسي‬ ‫عبدالعزيز الُعمري عند موته‪ :‬بنعمة ربي أحسس ّ‬
‫من لحاء شجرٍ فتلتسسه‬ ‫لم أصبح أملك إل سبعة دراهم ِ‬
‫دنيا أصسسبحت تحسست‬ ‫دث‪ :‬لو أن ال ّ‬ ‫بيدي‪ ،‬وبنعمة ربي أح ّ‬
‫قدمي ما يمنعني أخذها إل أن أزيل قسسدمي عنهسسا‪ ،‬مسسا‬
‫أزلتها‪.‬‬
‫موسى بن ُنصير في الناس في سنة ‪93‬‬ ‫استسقى ُ‬
‫طوا بإفريقية فأمرهم بصيام ثلثسسة أيسسام‪ ،‬ثسسم‬ ‫حين أقح ُ‬
‫ن‬‫مّيز أهل الذمة عن المسلمين وفَ سّرقَ بي س َ‬ ‫خرج بهم و َ‬
‫ج وهسسو‬ ‫جي ْ ِ‬‫ضسس ِ‬
‫مَر بالُبكاء واْرتَفاع ال ّ‬ ‫البهاِئم وأولدها ثم أ َ‬
‫ف النهار‪ ،‬ثسسم ن سَزل‪ ،‬فقي ْسسل‬ ‫عو الله تعالى حتى انتص َ‬ ‫ي َد ْ ُ‬
‫نل‬ ‫ت لمير المؤمنين؟ فقسسال‪ :‬هسسذا مسسوط ٌ‬ ‫َله‪ :‬أل دعو َ‬
‫هم الله عّز وجل لمسسا‬ ‫كر فيه إل الله عّز وجل فسقا ُ‬ ‫يذ َ‬
‫قال ذلك‪.‬‬
‫حبيش إلى عبدالملك بن مسسروان كتاب ًسسا‬ ‫كتب زر بن ُ‬
‫ك يسسا أميسسر‬ ‫مَعسس َ‬‫ه فيسسه فكسسان فسسي آخسسر‪ :‬ول ي ُط ْ ِ‬ ‫يع ُ‬
‫ظسس ُ‬
‫المؤمنين في طول الحياة ما ي َظ ْهَُر مسسن صسسحة بسسدنك‬
‫فأنت أعلى بنفسك واذكْر ما تكّلم به الولون‪.‬‬
‫ها‬‫سسساد ُ َ‬
‫ج َ‬ ‫مسسن ك ِب َسسر أ ْ‬ ‫ت أْولد ُهَسسا وبليت ِ‬ ‫ل وَل َد َ ْ‬ ‫جا ُ‬‫ذا الر َ‬ ‫إ َ‬
‫ها‬
‫صسساد ُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ذي ُزوْعٌ قَد ْ د ََنا َ‬ ‫هسسا ف ِ‬‫مَها ت َعَْتاد ُ َ‬‫سَقا ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫جعَل َ ْ‬ ‫وَ َ‬

‫‪243‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ل طسسرف‬ ‫فلما قرأ عبدالملك الكتب بكسسى حسستى ب س ّ‬
‫ثوبه بدموعه‪ ،‬ثم قال‪ :‬صدق زٌر ولسسو كتسسب إلينسسا بغيسسر‬
‫هذا كان أرفق بنا‪.‬‬
‫آخر‪:‬‬
‫ش قَسد ْ‬‫حّيا العَي ْس ِ‬ ‫مْفرق فَ ُ‬
‫م َ‬ ‫ب قَد ْ ب ِ َ‬ ‫ت ب ُُروْقَ ال ّ‬
‫شي ْ ِ‬ ‫ذا َرأي ْ َ‬ ‫إ َ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ت ك َل َ َ‬ ‫م ْ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫بَ َ‬
‫ل‬ ‫مسسن العمسسا ِ‬ ‫ن قَد ْ أعَسد ّ ِ‬‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫جل ٍ‬ ‫ب بسسسإ ْ‬
‫شسسسي ْ َ‬
‫م ِ‬‫ي َل َْقسسسى ال َ‬
‫حا‬ ‫صسسسسسسسسسسسسل ُ‬ ‫رمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةٍ مسسسسسسسسسسسسا َ‬ ‫وت َك ْ ِ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫وعن الفضل بن الربيسسع قسسال‪ :‬حسسج أميسسر المسسؤمنين‬
‫عا‪ ،‬فقلسست‪ :‬يسسا أميسسر‬
‫الرشسسيد فأتسساني‪ ،‬فخرجسست مسسسر ً‬
‫ي أتيتسسك‪ ،‬فقسسال‪ :‬ويحسسك قسد ْ‬ ‫المؤمنين‪ ،‬لو أرسسسلت إلس ّ‬
‫ك في نفسي شيء‪ ،‬فانظر لي رجل ً أسأله‪ ،‬فقلت‪:‬‬ ‫حا َ‬
‫َ‬
‫هاهنا سفيان بن عيينة‪.‬‬
‫فقال‪ :‬امض بنا إليه‪ ،‬فأتيناه فقرعت الباب‪ ،‬فقسسال‪:‬‬
‫عا‪،‬‬‫من ذا؟ فقلت‪ :‬أجب أمير المؤمنين‪ ،‬فخسسرج مسسسر ً‬
‫فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬لو أرسلت إلي أتيتك‪ ،‬فقسسال‬
‫له‪ :‬خذ لما جئناك له رحمك الله‪.‬‬
‫فحدثه ساعة ثم قال له‪ :‬عليسسك ديسسن؟ قسسال‪ :‬نعسسم‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أبا عباس اقسسض دينسسه‪ ،‬فلمسسا خرجنسسا‪ ،‬قسسال‪ :‬مسسا‬
‫أغنى عني صاحبك شيًئا‪ ،‬انظر لي رجل ً أسأله‪.‬‬
‫فقلت له‪ :‬هاهنا عبدالرزاق بن همسسام‪ ،‬قسسال‪ :‬امسسض‬
‫بنا إليه فأتيناه فقرعت الباب‪ ،‬فقال‪ :‬من هذا؟ قلسست‪:‬‬
‫أجب أمير المؤمنين‪.‬‬
‫عا‪ ،‬فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬لو أرسلت‬ ‫فخرج مسر ً‬
‫إلي أتيتك‪ ،‬قال‪ :‬خذ لما جئناك له‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فحادثه ساعة‪ ،‬ثم قال له‪ :‬عليك دين؟ قسسال‪ :‬نعسسم‪،‬‬
‫قال‪ :‬أبا عباس‪ ،‬اقض دينه‪ ،‬فلما خرجنا قال‪ :‬ما أغنى‬
‫صاحبك شيًئا انظر لي رجل ً أسأله‪.‬‬
‫ل بن عياض‪ ،‬قال‪ :‬امض بنا إليه‪،‬‬ ‫ضي ْ ُ‬
‫قلت‪ :‬هاهنا الُف َ‬
‫فأتينسساه فسسإذا هسسو قسسائم يصسسلي يتلسسو آيسسة مسسن القسسرآن‬
‫يرددها‪ ،‬فقال‪ :‬اقرع الباب‪ ،‬فقرعت الباب‪ ،‬فقال‪ :‬من‬
‫هذا؟ فقلت‪ :‬أجب أمير المؤمنين‪ ،‬فقال‪ :‬مالي ولمير‬
‫المسسؤمنين؟ فقلسست‪ :‬سسسبحان اللسسه أمسسا عليسسك طاعسسة!‬
‫أليس قد روى النبي ‪ ‬أنه قال‪» :‬ليسسس للمسسؤمن أن‬
‫ُيذل نفسه« فنزل ففتح الباب‪ ،‬ثم ارتقى إلى الغرفسسة‬
‫فأطفأ المصباح ثم التجأ إلى زاوية من زوايا البيت‪.‬‬
‫ف‬
‫فسسدخلنا فجعلنسسا نجسسول عليسسه بأيسسدينا فسسسبقت كس ّ‬
‫هارون قبلي إليه‪ ،‬فقال‪ :‬يا لها من كف مسسا ألينهسسا إن‬
‫دا من عذاب الله عز وجل‪.‬‬ ‫نجت غ ً‬
‫فقلت في نفسي‪ :‬ليكلمنسسه الليلسسة بكلم نقسسي مسسن‬
‫قلب تقي‪ ،‬فقال له‪ :‬خذ لمسا جئنسساك لسسه رحمسسك اللسسه‪،‬‬
‫فقال‪ :‬إن عمر بن عبسسدالعزيز لمسسا ولسسي الخلفسسة دعسسا‬
‫سالم بن عبدالله‪ ،‬ومحمد بن كعسسب القرظسسي ورجسساء‬
‫بسسن حيسسوة‪ ،‬فقسسال لهسسم‪ :‬إنسسي قسسد ابُتليسست بهسسذا البلء‬
‫ي‪ ،‬فعسسسد ّ الخلفسسسة بلء وعسسسددتها أنسسست‬ ‫فأشسسسيروا علسسس ّ‬
‫وأصحابك نعمة‪.‬‬
‫دا‬‫فقال له سالم بسسن عبسسدالله‪ :‬إن أردت النجسساة غ س ً‬
‫صم عن السسدنيا وليكسسن إفطسسارك مسسن‬ ‫من عذاب الله ف ُ‬
‫الموت‪.‬‬
‫وقال له محمد بن كعب القرظي‪ :‬إن أردت النجاة‬
‫من عسسذاب اللسسه‪ ،‬فليكسسن كسسبير المسسسلمين عنسسدك أب ًسسا‬
‫دا فسسوقر أبسساك‬ ‫خسسا وأصسسغرهم عنسسدك ول س ً‬ ‫وأوسسسطهم أ ً‬
‫وأكرم أخاك وتحنن على ولدك‪.‬‬
‫دا مسسن‬ ‫وقال له رجاء بن حيوة‪ :‬إن أردت النجسساة غس ً‬
‫ب‬‫ب للمسسسلمين مسسا ُتح س ّ‬ ‫عسسذاب اللسسه عسسز وجسسل فسسأح ّ‬
‫مت إذا شئت‪.‬‬ ‫لنفسك واكره لهم ما تكره لنفسك ثم ُ‬
‫‪245‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وإني أقول لك‪ :‬إني أخاف عليك أشد ّ الخوف يسسوم‬
‫تزل فيه القدام‪ ،‬فهل معسسك رحمسسك اللسسه مسسن يشسسير‬
‫عليك بمثل هذا؟‬
‫غشي عليسسه‪ ،‬فقلسست‬ ‫دا حتى ُ‬ ‫فبكى هارون بكاء شدي ً‬
‫ن أم الربيسسع‬‫له‪ :‬ارفق بسسأمير المسسؤمنين‪ ،‬فقسسال‪ :‬يسسا اب س ْ‬
‫تقتله أنت وأصحابك وأرُفق به أنا ثم أفاق‪ ،‬فقال لسسه‪:‬‬
‫دني رحمك الله‪.‬‬ ‫ز ْ‬
‫فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬بلغني أن عامل ً لعمسسر بسسن‬
‫كرك‬ ‫عبدالعزيز شكا إليه‪ ،‬فكتب إليه عمر‪ :‬يا أخي‪ ،‬أذ ّ‬
‫طول سهر أهل النار في النار مع خلسسود البسسد‪ ،‬وإيسساك‬
‫أن ُينصسسرف بسسك مسسن عنسسد اللسسه فيكسسون آخسسر العهسسد‬
‫وانقطاع الرجاء‪.‬‬
‫قال‪ :‬فلما قرأ الكتاب طوى البلد حتى قسسدم علسسى‬
‫عمر بن عبدالعزيز‪ ،‬فقال له‪ :‬ما أقدمك؟ قال‪ :‬خلعت‬
‫دا حسستى ألقسسى اللسسه‬ ‫قلبي بكتابك‪ ،‬ل أعود إلى ولية أبس ً‬
‫عز وجل‪.‬‬
‫دا‪ ،‬ثم قال لسسه‪ :‬زدنسسي‬ ‫قال‪ :‬فبكى هارون بكاًء شدي ً‬
‫رحمك الله‪ ،‬فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬إن العبسساس عسم‬
‫المصطفى ‪ ‬جاء إلسسى النسسبي ‪ ،‬فقسسال‪ :‬يسسا رسسسول‬
‫اللسسه‪ ،‬أمرنسسي علسسى إمسسارة‪ ،‬فقسسال لسسه النسسبي ‪» :‬إن‬
‫المارة حسرة وندامة يوم القيامة‪ ،‬فإن استطعت أن‬
‫ل تكون أميًرا فافعل«‪.‬‬
‫دا‪ ،‬وقال لسسه‪ :‬زدنسسي رحمسسك‬ ‫فبكى هارون بكاء شدي ً‬
‫حسن الوجه أنت الذي يسألك الله عسسز‬ ‫الله‪ ،‬فقال‪ :‬يا َ‬
‫وجل عن هذا الخلق يوم القيامسة‪ ،‬فسإن اسستطعت أن‬
‫تقي هسسذا السسوجه مسسن النسسار فافعسسل‪ ،‬وإيسساك أن تصسسبح‬
‫ش لحد من رعيتك‪ ،‬فإن النسسبي‬ ‫وُتمسي وفي قلبك غ ٌ‬
‫ح رائحة الجنة«‪.‬‬ ‫شا لم ير ْ‬ ‫‪ ‬قال‪» :‬من أصبح لهم غا ً‬
‫فبكى هارون‪ ،‬وقال له‪ :‬عليك د َْين؟ قال‪ :‬نعم َديسسن‬
‫لربي يحاسبني عليه‪ ،‬فالويل لسسي إن سسسألني‪ ،‬والويسسل‬

‫‪246‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫لي إن ناقشني‪ ،‬والويل لي إن لم ألهم حجسستي‪ ،‬قسسال‪:‬‬
‫إنما أعني دْين العباد‪.‬‬
‫حسسده‬‫قال‪ :‬إن ربي لم يأمرني بهذا‪ ،‬أمر ربسسي أن أو ّ‬
‫ن‬
‫جل ّ‬‫ت ال ِ‬ ‫خل َ ْ‬
‫قل ُ‬ ‫مللا َ‬ ‫وأطيع أمره‪ ،‬فقال عّز وجسسل‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫ُ‬
‫ق‬
‫مللن ّرْز ٍ‬‫هللم ّ‬‫من ْ ُ‬
‫ريلدُ ِ‬‫مللا أ ِ‬‫ن* َ‬ ‫دو ِ‬ ‫س إ ِل ّ ل ِي َ ْ‬
‫عب ُل ُ‬ ‫لن َ‬ ‫وا ِ‬ ‫َ‬
‫ذو‬‫و اللّرّزاقُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫هل َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن اللل َ‬ ‫ن * إِ ّ‬
‫مللو ِ‬
‫ع ُ‬‫ريدُ أن ي ُط ِ‬ ‫ما أ ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫مِتي ُ‬ ‫ة ال َ‬
‫و ِ‬‫ق ّ‬‫ال ُ‬
‫فقال له‪ :‬هذه ألف دينار خذها فأنفقها على عيالسسك‬
‫ك‬‫وتقوّ بها على عبادتك‪ ،‬فقال‪ :‬سسسبحان اللسسه أنسسه أد ُل ّس َ‬
‫على طريق النجاة وأنت تكافئني بمثل هسسذا؟ سسسلمك‬
‫الله ووفقك‪.‬‬
‫ثم صمت فلم يكلمنا فخرجنا من عنده فلما ضسسربا‬
‫على الباب‪ ،‬قال هارون‪ :‬أبسسا عبسساس إذا د َل َل َْتنسسي علسسى‬
‫رجل فد ُّلني على مثل هذا‪ ،‬هذا سيد المسلمين‪.‬‬
‫فدخلت عليه امرأة من نسائه‪ ،‬فقسسال‪ :‬يسسا هسسذا قسسد‬
‫ترى ما نحسسن فيسسه مسسن ضسسيق الحسسال فلسسو قبلسست هسسذا‬
‫المال فتفرجنا به‪ ،‬فقسسال لهسسا‪ :‬مثلسسي ومثلكسسم كمثسسل‬
‫حسسروه‬ ‫سبه فلما كبرِ ن ْ َ‬ ‫قوم ٍ كان لهم بعير يأكلون من ك ْ‬
‫فأكُلوا لحمه‪.‬‬
‫ما سمع هارون هسسذا الكلم قسسال‪ :‬نسسدخل فعسسسى‬ ‫فل َ‬
‫أن يقبل المال فلما علم الفضسسيل خسسرج فجلسسس فسسي‬
‫السطح على باب الغرفة‪ ،‬فجاء هسسارون فجلسسس إلسسى‬
‫جنبسسه فجعسسل يكلمسسه فل يجيبسسه فبينسسا نحسسن كسسذلك إذ‬
‫خرجت جارية سوداء‪ ،‬فقالت‪ :‬يا هذا قد أتعبت الشي َ‬
‫خ‬
‫منذ الليلة فانصرف رحمك اللسسه‪ ،‬فانصسسرف‪ ،‬تأمسسل يسسا‬
‫م السسدنيا إذا‬ ‫حط َسسا َ‬‫مسسن ي َسسرد ُ ُ‬
‫من ِن ِسسا َ‬
‫جد فسسي َز َ‬
‫أخي‪ ،‬هل ُيو َ‬
‫ض عليه ل حول ول قوة إل بسسالله العلسسي العظيسسم‪،‬‬ ‫عر َ‬ ‫ُ‬
‫ب َل ّغْ يا أخي من يأكلون بسسالكُتب الدينيسسة باسسسم تحقيسسق‬
‫ع الللدّن َْيا‬ ‫مَتا ُ‬
‫ل َ‬ ‫ق ْ‬‫ر‪ ،‬وقل لهم قال الله تعالى‪ُ  :‬‬ ‫ونش ٍ‬
‫ل ‪.‬‬ ‫قِلي ٌ‬ ‫َ‬

‫‪247‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫حسسق‬ ‫ن ط َرِي ْسقَ ال َ‬ ‫سال ِ ُ‬
‫كو َ‬ ‫وال ّ‬ ‫حسسق‬ ‫طري ْسقَ ال َ‬‫ن َ‬ ‫اعْل َس ْ‬
‫م بسسأ ّ‬
‫أْفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَراد ُ‬ ‫من َْفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرد ٌ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫مهَسسل يمشسوُ َ‬ ‫م علسسى َ‬ ‫فَهُس ُ‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫ن ول ُتطلسسسس ْ‬ ‫ل َيطلُبسسسسو َ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساد ُ‬ ‫قُ ّ‬ ‫عيُهم‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬‫م َ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫حسس ّ‬ ‫ق ال َ‬ ‫فَ ُ ُ‬ ‫س في غَْفلةٍ عَ ّ‬
‫جلُهم عن طريسس ِ‬ ‫ما لسسه‬ ‫والنا ُ‬
‫ُرّقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساد ُ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُْوا‬ ‫قَ َ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫دخل سليمان بن عبدالملك المدينة فأقام بها ثلًثا‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أما هاهنا رجل ممن أدرك أصحاب رسول اللسسه‬
‫‪ ‬يحدثنا؟ فقيل له‪ :‬هاهنا رجل‪ ،‬يقال له‪ :‬أبسو حسازم‪،‬‬
‫فبعث إليه فجاء‪ ،‬فقال سليمان‪ :‬يا أبا حسسازم‪ ،‬مسسا هسسذا‬
‫الجفاء؟ فقال له أبسسو حسسازم‪ :‬وأيُ جفسساٍء رأيسست منسسي؟‬
‫فقال له‪ :‬أتاني وجوه المدينة كلهم ولم تأتني‪.‬‬
‫فقال‪ :‬مسسا جسسرى بينسسي وبينسسك معرفسسة آتيسسك عليهسسا‪،‬‬
‫قال‪ :‬صدق الشيخ يا أبا حسسازم مسسا لنسسا نكسسره المسسوت؟‬
‫قال‪ :‬لنكسسم عمرتسسم دنيسساكم وخربتسسم آخرتكسسم‪ ،‬فسسأنتم‬
‫تكرهون أن تنقلوا من العمسسران إلسسى الخسسراب‪ ،‬قسسال‪:‬‬
‫صدقت‪.‬‬
‫يا أبا حازم‪ ،‬فكيف القدوم على الله تعسسالى؟ قسسال‪:‬‬
‫حسسا‬‫أمسسا المحسسسن فكالغسسائب يقسسدم علسسى أهلسسه فر ً‬
‫مسروًرا‪ ،‬وأمسسا المسسسيء فكسسالبق يقسسدم علسسى مسسوله‬
‫خائًفا محزوًنا‪.‬‬
‫فبكى سليمان‪ ،‬وقال‪ :‬ليت شعريّ ما لنا عنسسد اللسسه‬
‫يا أبا حازم‪ ،‬فقال أبو حازم‪ :‬اعرض نفسك على كتاب‬
‫الله‪ ،‬فإنك تعلم ما لك عند الله‪.‬‬
‫قال‪ :‬يا أبا حازم‪ ،‬وأنسسي أصسسيب تلسسك المعرفسسة مسسن‬
‫في‬ ‫ن ال َب َْراَر ل َ ِ‬
‫كتاب الله‪ ،‬قال‪ :‬عند قوله تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫حيم ٍ ‪.‬‬
‫ج ِ‬
‫في َ‬ ‫جاَر ل َ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫ف ّ‬ ‫وإ ِ ّ‬
‫عيم ٍ * َ‬
‫نَ ِ‬
‫‪248‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قال‪ :‬يا أبا حازم‪ ،‬فأين رحمة الله‪ ،‬قال‪ :‬قريب من‬
‫المحسنين‪.‬‬
‫من تعلسسم‬ ‫قال‪ :‬يا أبا حازم من أعقل الناس؟ قال‪َ :‬‬
‫الحكمة وعلمها الناس‪.‬‬
‫قال‪ :‬فمن أحمق الناس؟ قال‪ :‬من حط نفسه فسسي‬
‫هوى رجل وهو ظالم فباع آخرته بدنيا غيره‪.‬‬
‫قال‪ :‬فما أسمع الدعاء؟ قال‪ :‬دعاء المخبتين‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فما أزكا الصدقة؟ قال‪ :‬جهد المقل‪.‬‬
‫قال‪ :‬يا أبا حسساتم مسسا تقسسول فيمسسا نحسسن فيسسه‪ ،‬قسسال‪:‬‬
‫أعفني من هذا‪ ،‬قال سليمان‪ :‬نصيحة تلقيها‪.‬‬
‫مسسن‬ ‫سا أخذوا هذا المر عنسسوة ِ‬ ‫قال أبو حازم‪ :‬إن نا ً‬
‫غير مشاورة المسلمين ول إجماع من رأيهم فسفكوا‬
‫دنيا ثسسم ارتحلسسوا عنهسسا فليسست‬ ‫فيها الدماء على طلب ال ُ‬
‫شعري ما قالوا وما قيل لهم‪.‬‬
‫ت يا شيخ‪.‬‬ ‫فقال بعض جلسائهم‪ :‬بئس ما قل َ‬
‫ت إن اللسسه أخسسذ الميثسساق علسسى‬ ‫فقال أبو حازم‪ :‬كذب ْ َ‬
‫العلماء ليبيننه للناس ول يكتمونه‪.‬‬
‫ب منسسا‬ ‫قسسال سسسليمان‪ :‬يسسا أبسسا حسسازم‪ ،‬أصسسبحنا ُتصسسي ُ‬
‫م؟‬ ‫ك‪ ،‬قال‪ :‬أعوذ بالله من ذلسسك‪ ،‬قسسال‪ :‬ول ِس َ‬ ‫ب من َ‬‫ونصي ُ‬
‫قال‪ :‬أخاف أن أركن إليكم شسسيًئا قليل ً فَي ُسسذيقني اللسسه‬
‫ت‪.‬‬‫ف المما ِ‬ ‫ف الحياة وضع َ‬ ‫ضع َ‬
‫ث‬‫ي‪ ،‬قسسال‪ :‬اتسسق اللسسه أن يسسراك حيس ُ‬ ‫قال‪ :‬فأشْر علس ّ‬
‫ث أمرك‪.‬‬ ‫نهاك أو يفقدك حي ُ‬
‫قال‪ :‬يا أبا حسسازم‪ ،‬ادع لنسسا بخيسسر‪ ،‬فقسسال‪ :‬اللهسسم إن‬
‫كان سليمان وليك فيسره للخير وإن كسسان غيسسر ذلسسك‬
‫خذ ْ إلى الخير بناصيته‪.‬‬ ‫ف ُ‬
‫خذ ْ هسسذا يسسا‬ ‫فقال‪ :‬يا غلم هات مائة دينار‪ ،‬ثم قال‪ُ :‬‬
‫أبا حازم‪ ،‬قال‪ :‬ل حاجة لي بها لسسي ولغيسسري فسسي هسسذا‬
‫المال أسوة فإن واسيت بيننا وإل فل حاجة لسسي فيهسسا‬
‫مسسن كلمسسي أيْ ثمًنسا‬ ‫ت ِ‬‫إني أخاف أن يكون لما سسمع َ‬
‫له‪.‬‬
‫‪249‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ب بأبي حسسازم‪ ،‬فقسسال الزهسسري‪:‬‬ ‫فكأن سليمان أعج َ‬
‫إنه لجاري منذ ثلثين سنة ما كلمته قط‪.‬‬
‫ت اللسه فنسسيتني‪ ،‬قسال‬ ‫فقال أبو حسازم‪ :‬إنسك نسسي َ‬
‫شُتمني؟‬ ‫الزهري‪ :‬أت ْ‬
‫قال سليمان‪ :‬بل أْنت شتمت نفسسسك‪ ،‬أمسسا علمسست‬
‫أن للجار على الجار حًقا‪.‬‬
‫قال أبو حسسازم‪ :‬إن بنسسي إسسسرائيل لمسسا كسسانوا علسسى‬
‫الصسسواب كسسانت المسسراء تحتسساج إلسسى العلمسساء وكسسانت‬
‫العلماء تفر بدينها من المراء‪.‬‬
‫فلمسسا رأى قسسوم مسسن أراذل النسساس تعلمسسوا العلسسم‬
‫وأوتوا به المراء استغنت المراء عن العلماء واجتمسع‬
‫طوا وهلكوا‪.‬‬ ‫القوم على المعصية فسق ُ‬
‫ولسو كسان علماؤنسا هسؤلء يصسونون علمهسم لكسانت‬
‫ي‬
‫المراء تهابهم وتعظمهم‪ ،‬فقال الزهسسري‪ :‬كأنسسك إي ّسسا ّ‬
‫تريد وبي تعرض‪ ،‬قال‪ :‬هو ما تسمع‪ .‬اهس‪.‬‬
‫أحضر الرشيد رجل ً ليوليه القضاء‪ ،‬فقال له‪ :‬إني ل‬
‫ت بفقيه‪.‬‬ ‫أحسن القضاء ول َ ْ‬
‫س ُ‬
‫قسسسال الرشسسسيد‪ :‬فيسسسك ثلث خلل‪ :‬لسسسك شسسسرف‪،‬‬
‫والشرف يمنع صاحبه من الدناءة‪ ،‬وفيك حلم يمنعسسك‬
‫من العجلة‪ ،‬ومن لم يعجل قل خطسسؤه‪ ،‬وأنسست تشسساور‬
‫م‬‫في أمرك‪ ،‬ومن شاور كثر صوابه‪ ،‬وأما الفقسسه فنظ ُس ُ‬
‫ه عليه فوله فما وجد فيه م ْ‬
‫طعًنا‪.‬‬ ‫إليك من تتفق ُ‬
‫دخسسل يزيسسد الرقاشسسي علسسى عمسسر بسسن عبسسدالعزيز‪،‬‬
‫عظ ِْني يا يزيد‪ ،‬قال‪ :‬اعلم يا أمير المؤمنين‪،‬‬ ‫فقال له‪ِ :‬‬
‫أنك أول خليفة تموت‪ ،‬فبكى عمر‪ ،‬ثم قال‪ :‬زدنسسي يسسا‬
‫يزيد‪ ،‬قال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬ليس بينسسك وبيسسن آدم إل‬
‫مّيت فبكى عمر‪ ،‬وقال‪ :‬زدنسسي يسسا يزيسسد‪ ،‬قسسال‪ :‬يسسا‬ ‫ب َ‬
‫أ ٌ‬
‫أمير المؤمنين‪ ،‬ليس بين الجنة والنار منزلة‪ ،‬فسسسقط‬
‫عمر مغشًيا عليه س رحمه الله س‪.‬‬
‫وقال الرشيد لبن السماك‪ :‬عظنسسي وكسان فسي يسد‬
‫الرشسسيد شسسربة مسسن مسساء‪ ،‬فقسسال‪ :‬يسسا أميسسر المسسؤمنين‪،‬‬
‫‪250‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت تفسسديها‬ ‫ة أك ُن ْس َ‬‫شسْرب َ َ‬ ‫ت عَن ْس َ‬
‫ك هسسذه ال ّ‬ ‫حبسس ْ‬ ‫ت لسسو ُ‬ ‫أرأي ْس َ‬
‫جهَسسا‬ ‫خرو ُ‬ ‫ك ُ‬‫س عَن ْس َ‬ ‫حب ِس َ‬
‫بملكك؟ قال‪ :‬نعسسم‪ ،‬قسسال‪ :‬فلسسو ُ‬
‫ك؟ قال‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫مل ْك ِ َ‬
‫ديها ب ُ‬
‫ت ت َْف ِ‬‫أك ُن ْ َ‬
‫ة‪،‬‬‫ة ماء ول ب َوْل َ َ‬ ‫قال‪ :‬ل خير في ملك ل ُيساوي شرب َ‬
‫فبكى الرشيد‪.‬‬
‫عظني‪ ،‬فقال‪ :‬يسسا‬ ‫ف قد أسلم‪ِ :‬‬ ‫سُق ٍ‬ ‫وقال علي ‪ ‬ل ْ‬
‫أمير المؤمنين‪ ،‬إن كان الله معك فمسسن تخسساف‪ ،‬قسسال‪:‬‬
‫أحسنت زدني‪.‬‬
‫قال‪ :‬هب إن الله غفر ذنوب المسسسيئين أليسسس قسسد‬
‫فاتهم ثواب المحسنين‪ ،‬قال‪ :‬حسبي حسبي‪.‬‬
‫وقسسال سسسليمان بسسن عبسسدالملك لحميسسد الطويسسل‪:‬‬
‫ت إذا عصسسيت‬ ‫عظني‪ ،‬قال‪ :‬يا أمير المسسؤمنين‪ ،‬إن ك ُن ْس َ‬
‫الله تعالى ظننسست أنسسه يسسراك فقسسد إجسسترأت علسسى رب‬
‫عظيم‪ ،‬وإن كننت تظن أنه ل يراك فقد كفسسرت بسسرب‬
‫كريم‪ .‬والله أعلم‪ ،‬وصل الله على محمد وآله وصحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫عن أبي هريرة‪ ،‬عن النبي ‪ ‬أنه قال‪» :‬كسسل عيسسن‬
‫باكية يوم القيامسسة إل عيسسن غضسست عسسن محسسارم اللسسه‪،‬‬
‫وعين سهرت في سبيل الله‪ ،‬وعين يخرج منهسسا مثسسل‬
‫رأس الذباب من خشية الله« يعني دمعسسة مثسسل رأس‬
‫الذباب‪.‬‬
‫قال ابسن مسسعود ‪ :‬أفسرس النسساس ثلثسسة‪ :‬عزيسز‬
‫َ‬
‫ه ‪ ،‬والمرأة‬ ‫مث ْ َ‬
‫وا ُ‬ ‫مي َ‬ ‫مصر حين قال لمرأته‪ :‬أك ْ ِ‬
‫ر ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫جْرهُ إ ِ ّ‬
‫ست َأ ِ‬
‫تا ْ‬ ‫التي قالت لبيها عن موسى‪َ :‬يا أب َ ِ‬
‫ْ‬
‫ن ‪ ،‬وأبسسو بكسسر‬ ‫مي ل ُ‬ ‫ي ال َ ِ‬‫و ّ‬ ‫ت ال َ‬
‫قل ِ‬ ‫جْر َ‬
‫س لت َأ َ‬
‫نا ْ‬ ‫م ِ‬‫خي َْر َ‬
‫َ‬
‫الصديق حين استخلف عمر بن الخطاب س رضي اللسسه‬
‫عنهما س‪.‬‬
‫قال شقيق البلخي لحاتم الصم‪ :‬قد صحبتني مسسدة‬
‫ت مني؟ قال‪ :‬ثمان مسائل‪:‬‬ ‫فماذا تعل ّ ْ‬
‫م َ‬
‫‪251‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ص‬‫الولى‪ :‬نظسسرت إلسسى الخلسسق فسسإذا كسسان لشسسخ ٍ‬
‫ب‪ ،‬عنسسدما يصسسل إلسسى القسسبر يفسسارقه‪ ،‬فجعلسست‬ ‫محبسسو ٌ‬
‫محبوبي حسناتي لتكون معي في القبر‪.‬‬
‫هللى‬ ‫ون َ َ‬‫والثانية‪ :‬نظرت إلى قول اللسسه تعسسالى‪َ  :‬‬
‫وى ‪ ‬فاجتهدت في دفع الهوى عسسن‬ ‫ه َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫ع ِ‬ ‫س َ‬ ‫ف َ‬ ‫الن ّ ْ‬
‫سي حتى استقرت على طاعة الله تعالى‪.‬‬ ‫ن َْف ِ‬
‫وأما الثالثة‪ :‬فإني رأيت كل مسسن معسسه شسسيء لسسه‬
‫ما‬ ‫قيمة عنده يحفظه‪ ،‬فنظرت فسسي قسسوله تعسسالى‪َ  :‬‬
‫ق ‪ ‬فكلما وقسسع معسسي‬ ‫ه َبا ٍ‬ ‫عندَ الل ّ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬‫فدُ َ‬ ‫م َين َ‬ ‫عندَك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫جهُْته إليه ليبقى عنده‪.‬‬ ‫شيء له قيمة و ّ‬
‫وأما الرابعة‪ :‬فسسإني رأيسست النسساس يرجعسسون إلسسى‬
‫ت إلسسى قسسول اللسسه‬ ‫المال والحسسسب والشسسرف‪ ،‬فنظسسر ُ‬
‫م ‪.‬‬ ‫قاك ُ ْ‬ ‫ه أ َت ْ َ‬ ‫عندَ الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬‫مك ُ ْ‬‫ن أك َْر َ‬
‫َ‬
‫تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫وأما الخامسلة‪ :‬فسسإني رأيسست النسساس يتحاسسسدون‬
‫هللم‬ ‫مَنا ب َي ْن َ ُ‬ ‫س ْ‬‫ق َ‬ ‫ن َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ت في قول الله تعالى‪ :‬ن َ ْ‬ ‫فنظر ُ‬
‫ت الحسد‪.‬‬ ‫م ‪‬فترك ُ‬ ‫ه ْ‬‫شت َ ُ‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ّ‬
‫وأما السادسة‪ :‬فسسإني رأيتهسسم يتعسسادون‪ ،‬فنظسسرت‬
‫و‬ ‫ع لدُ ّ‬‫م َ‬ ‫ن ل َك ُل ْ‬ ‫طا َ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫فسسي قسسول اللسسه تعسسالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ت‬ ‫ت عسسسداوتهم واتخسسسذ ُ‬ ‫وا ‪‬فسسسترك ُ‬ ‫علللدُ ً‬ ‫ذوهُ َ‬ ‫خللل ُ‬ ‫فات ّ ِ‬ ‫َ‬
‫الشيطان عدًوا‪.‬‬
‫والسللابعة‪ :‬رأيتهسسم يسسذلون أنفسسسهم فسسي طلسسب‬
‫ة‬
‫داب ّ ٍ‬‫من َ‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬‫الرزق‪ ،‬فنظرت في قول الله تعالى‪َ  :‬‬
‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫ض إ ِل ّ َ‬ ‫َ‬
‫ت بمسسا‬ ‫هللا ‪ ‬فاشسستغل ُ‬ ‫ق َ‬ ‫رْز ُ‬‫ه ِ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫ِ‬
‫له علي وتركت ما لي عنده‪.‬‬
‫وأما الثامنة‪ :‬فإني رأيتهم متوكلين على تجسسارتهم‬
‫ت على الله تعالى‪.‬‬ ‫وصنائعهم وصحة أبدانهم فتوكل ُ‬
‫فائدة‬
‫اعلم أن ذكر الله تارة يكون لعظمتسسه فيتولسسد منسسه‬
‫الهيبسسة فسسالجلل‪ ،‬وتسسارة يكسسون لقسسدرته فيتولسسد منسسه‬
‫الخسسوف والحسسزن‪ ،‬وتسسارة لنعمتسسه فيتولسسد منسسه الحمسسد‬
‫‪252‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫والشسسكر؛ ولسسذلك قيسسل‪ :‬ذكسسر النعمسسة شسسكرها‪ ،‬وتسسارة‬
‫لفعاله الباهرة فيتولد منه العبر‪ ،‬فحق علسسى المسسؤمن‬
‫دا من ذكره على أحد هذه الوجه‪.‬‬ ‫ك أب ً‬‫أن ل ين َْف ّ‬
‫سأل بعضهم وكيًعا عسسن مقسسدمه هسسو وابسسن إدريسسس‬
‫من د َعَسسا‬ ‫وحفص على هارون الرشيد‪ ،‬فقال‪ :‬كان أول َ‬
‫به أنا‪.‬‬
‫فقال لي هسسارون‪ :‬يسسا وكيسسع‪ ،‬إن أهسسل بلسسدك طلبسسوا‬
‫موا وقسسد رأيسست أن‬ ‫ك لي فيمسسن س س ّ‬ ‫مو ْ َ‬
‫س ُ‬‫مني قاضًيا و َ‬
‫أشركك في أمانتي‪.‬‬
‫ت‪ :‬يا أميسسر المسسؤمنين‪ ،‬أنسسا شسسيخ كسسبير وإحسسدى‬ ‫فقل ُ‬
‫ي ذاهبسسة والخسسرى ضسسعيفة‪ ،‬فقسسال هسسارون‪ :‬اللهسسم‬ ‫عين ّ‬
‫غفًرا خذ عهدك أيها الرجل وامض‪.‬‬
‫ت صادًقا إنه‬ ‫فقلت‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬والله لئن ك ُن ْ ُ‬
‫ت كاذًبا فما ينبغسسي أن‬ ‫لينبغي أن ل ُيقبل مني ولئن ُ‬
‫كن ُ‬
‫ت‪.‬‬‫ذاًبا‪ ،‬فقال‪ :‬اخُرج فخرج ُ‬ ‫تولي القضاء ك ّ‬
‫ودخل ابن إدريس فسمعنا وقع ركبتيه على الرض‬
‫ما خفًيا‪.‬‬ ‫ك وما سمعناه ُيسلم إل سل ً‬ ‫حين بَر َ‬
‫فقال له هارون‪ :‬أتدري لما دعوُتك؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قسسال‪:‬‬
‫موك لسسي‬ ‫إن أهل بلدك طلبسسوا منسسي قاضسًيا وإنهسسم سس ّ‬
‫موا‪.‬‬ ‫فيمن س ّ‬
‫وقسسد رأيسست أن أشسسركك فسسي أمسسانتي وأدخل ُسسك فسسي‬
‫ك‬‫خل فيه من أمسسر هسسذه المسسة فخ سذ ْ عهسسد َ‬ ‫صالح ما أد ُ‬
‫ض‪.‬‬
‫وام ِ‬
‫ن رأيُتك‬ ‫ت أني لم أك ُ ْ‬ ‫فقال له ابن إدريس‪ :‬وأنا ودد ُ‬
‫م معسسه‬ ‫ص فقبل عهده‪ ،‬فسسأتى خسساد ٌ‬ ‫فخرج‪ ،‬ثم دخل حف ُ‬
‫ة آلف‪.‬‬ ‫ة أكياس في كل كيس خمس ُ‬ ‫ثلث ُ‬
‫م‪ ،‬ويقسسو ُ‬
‫ل‬ ‫ك السسسل َ‬ ‫فقال‪ :‬إن أمير المسسؤمنين ي ُْقسسرؤ َ‬
‫ة فاستعيُنوا بهذه‬ ‫ؤن ٌ‬ ‫لكم‪ :‬قد لزمتكم في شخوصكم م ُ‬
‫في سفركم‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ع‪ ،‬فقلست‪ :‬أقسرئ أميسر المسؤمنين السسلم‪،‬‬ ‫قال وكي ُ‬
‫ب أميسسر المسسؤمنين‪،‬‬ ‫ت مني بحيسسث يحس ُ‬ ‫وُقل له قَد ْ وقع ْ‬
‫مستغن عنها‪.‬‬ ‫وأنا ُ‬
‫هسسا‬
‫مّر من هاهنسسا أي ُرد ّ َ‬ ‫ن إدريس فصاح به ُ‬ ‫وأما اب ُ‬
‫ص‪ .‬لله در وكيع وابن إدريس من رقسسم )‪(1‬‬ ‫وقبلها حف ُ‬
‫في »الزهد«‪.‬‬
‫ة إلى ابن إدريس مسسن بيننسسا عافانسسا‬ ‫جت الرقع ُ‬ ‫وخر َ‬
‫ك سألناك لن تدخل في أعمالنسسا فلسسم تفعسسل‬ ‫الله وإّيا َ‬
‫ووصلناك من أموالنا فلم تقبل‪.‬‬
‫فإذا جاءك ابني المأمون فحدثه إن شاء الله‪.‬‬
‫فقال للرسول‪ :‬إذا جاءنسسا مسسع الجماعسسة حسسدثناه إن‬
‫شاء الله‪,.‬‬
‫قام صالح بن عبدالجليل بين يدي المهسسدي‪ ،‬فقسسال‪:‬‬
‫سّهل علينا مسسا تسسوعَّر علسسى غيرنسسا ن الوصسسول‬ ‫إنه لما ُ‬
‫إليه‪ُ ،‬قمنا مقام الداء عنهم‪ ،‬وعن رسول الله ‪.‬‬
‫ضسةِ المسسر والنهسسي‪،‬‬ ‫بإظهار ما في أعناقنسسا مسسن فري َ‬
‫ما حيسسن اتسسسمت‬ ‫ذر الكتمسسان‪ ،‬ولسسي ّ َ‬ ‫عنسسد انقطسساع عُس ْ‬
‫ة كتابه بإيثار الحق‬ ‫مل ّ َ‬
‫ح َ‬
‫ت الله و َ‬‫بميسم الّتواضع وَوَعَد ْ َ‬
‫على ما سواه‪.‬‬
‫فجمعنا وإّياك مشهد ٌ من مشسساهد التمحيسسص‪ ،‬ليتسسم‬
‫مؤدينا على موعود الداء وقابلنا على موعود القبول‪،‬‬ ‫ُ‬
‫أو يزيسسسدنا تمحيسسسص اللسسسه إيانسسسا فسسسي اختلف السسسسر‬
‫والعلنية‪.‬‬
‫وقسسد كسسان أصسسحاب رسسسول اللسسه ‪ ‬يقولسسون‪ :‬مسسن‬
‫حجب الله عنه العلم عسسذبه اللسسه علسسى الجهسسل وأشسسد‬
‫منه من أقبل عليه العلم وأدبر عنه‪ ،‬ومن أهسسدى اللسسه‬
‫ما فلم يعمسسل بسسه‪ ،‬فقسسد رغسسب عسسن هديسسة اللسسه‬ ‫إليه عل ً‬
‫وقصر بها‪.‬‬
‫ك من ألسنتنا قبول تحقيسسق‬ ‫دى الله إلي َ‬ ‫ما أهْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫فاقْب َ ْ‬
‫وعمل‪ ،‬ل قبول سمعة ورياء‪ ،‬فإنه ل يعدمك منا إعلم‬

‫‪254‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫لما تجهل أو مسسواطئة علسسى مسسا تعمسسل أو تسسذكير مسسن‬
‫غفلة‪.‬‬
‫طن الله عز وجل نبيه ‪ ‬على نزولها تعزيسسة‬ ‫فقد و ّ‬
‫ة مسسن المخسسرج‪،‬‬ ‫صا من التمادي ودللس ً‬ ‫عما فات وتمحي ً‬
‫ن ن َْز ٌ‬
‫غ‬ ‫شي ْ َ‬
‫طا ِ‬ ‫ن ال ّ‬‫م َ‬
‫ك ِ‬‫غن ّ َ‬
‫ما َينَز َ‬ ‫فقال جل وعل‪َ  :‬‬
‫وإ ِ ّ‬
‫عذْ ِبالل ّ ِ‬
‫ه ‪.‬‬ ‫ست َ ِ‬ ‫َ‬
‫فا ْ‬
‫اطلع الله على قلبسسك مسسا ُينسوُّرهُ علسسى إيثسسار الحسسق‬
‫ومنابسسذة الهسسواء ول حسسول ول قسسوة إل بسسالله العلسسي‬
‫العظيم‪ ،‬خرج أحد ُ الزهاد في يوم عيد فسسي هيئة رثسسة‪،‬‬
‫فقيل له‪ :‬أتخرج في هذا اليسسوم فسسي مثسسل هسسذه الهيئة‬
‫والناس يتزينون‪ ،‬فقال له‪ :‬إني أريد أن أرافقك‪ ،‬فقال‬
‫له إبراهيم‪ :‬على أن أكون أملك لشيئك منسسك‪ ،‬فقسسال‪:‬‬
‫ل‪ ،‬فقال إبراهيم‪ :‬أعجبني صدقك‪ ،‬والله أعلم‪ ،‬وصسسل‬
‫الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫قام عمرو بن عبيد بين يدي المنصور‪ ،‬فقال لسسه‪:‬ن‬
‫إن الله أعطاك الدنيا بأسرها فاشسستر نفسسسك ببعضسسها‬
‫ة تمخض عن يوم ل ليلة بعده‪.‬‬ ‫واذكر ليل ً‬
‫فوحم أبو جعفر ن قوله‪ ،‬فقال له الربيع‪ :‬يا عمرو‪،‬‬
‫ت أمير المؤمنين‪ ،‬فقال عمسسرو‪ :‬إن هسسذا صسسحبك‬ ‫م َ‬ ‫غَ َ‬
‫م ْ‬
‫دا‬‫مسسا واح س ً‬ ‫عشرين سنة لم ير لك عليه أن ينصسسحك يو ً‬
‫سسسنة‬ ‫وما عمل وراء بابك بشسسيء مسسن كتسساب اللسسه ول ّ‬
‫نبيه‪.‬‬
‫ت لك‪ :‬خاتمي فسسي‬ ‫قال أبو جعفر‪ :‬فما أصنع قد قل ُ‬
‫يدك فتعال وأصحابك فاكفني‪ ،‬قال عمرو‪ :‬أد ْعُن َسسا بعَ سد ْ‬
‫سَنا ب َِعونك‪.‬‬
‫خ أن ُْف ُ‬‫ِلك َتس ُ‬
‫ببابك ألف مظلمة أرد ُد ْ منها شيًئا نعلم أنك صادق‪.‬‬
‫سئل بعضهم‪ :‬أيّ شيء أشد على النفسسس؟ فقسسال‪:‬‬ ‫ُ‬
‫الخلص؛ لنه ليس للن ّْفس فيه نصيب‪.‬‬
‫وقسسسال آخسسسر‪ :‬أعسسسز شسسسيء فسسسي السسسدنيا الخلص‬
‫دا به وجه الله خال‬ ‫)والخلص أن يكون العمل مقصو ً‬
‫‪255‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت‪ :‬هذا‬ ‫من الرياء وجميع المفسدات والمنقصات(‪ ،‬قل ُ‬
‫ظ دائم ٍ في كل العمال‪.‬‬ ‫يحتاج إلى تيق ٍ‬
‫ت أستبشسسع ول أسسستنكر مسسا يسسرد‬ ‫قال بعضسسهم‪ :‬لسس ُ‬
‫ت أصل ً وهو أن الدنيا داُر‬ ‫علي من اللم؛ لني قد أصل ُ‬
‫ب وأن كلسه شسر‪،‬‬ ‫هم ٍ وغسم ٍ وبلٍء وفتنسةٍ وكسدرٍ ومصسائ ٍ‬
‫ولبد أن يلقى النسان بكل مسسا يكسسره وإن تلقسساه بمسسا‬
‫يحب فهو فضل‪ ،‬وإل فالصل الول وهسسو كسسثرة النكسسد‬
‫والهموم والحزان والذى‪.‬‬
‫ل الَبلِء إلى‬ ‫سَلمني طو ُ‬ ‫س الض سُر حسستى وأ ْ‬ ‫مس ّ‬ ‫ت َ‬ ‫ت َعَوّد ْ ُ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسب ْرِ‬‫الْفت ُسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه ال ّ‬
‫ض سي ْقُ بسسه‬‫ما قد ي َ ِ‬ ‫صد ِْري للَذى ك َْثسرةُ وكان قَ ِ‬
‫دي ً‬ ‫سع َ َ‬ ‫وَوَ ّ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ِْري‬ ‫َ‬ ‫ذى‬ ‫ال َ‬

‫دخل ابن السماك علسسى الرشسسيد‪ ،‬فقسسال لسسه‪ :‬اتسسق‬


‫الله وحده ل شريك له واعلسسم أنسسك واقسسف بيسسن يسسدي‬
‫ف إلى إحدى منزلتين ل ثالث لهما جنة‬ ‫صر ٌ‬
‫من ْ َ‬
‫ربك ثم ُ‬
‫أو نار‪.‬‬
‫فبكى الرشيد حتى خضل لحيته‪ ،‬فأقبل الفضل بسسن‬
‫الربيع على ابن السسسماك‪ ،‬فقسسال‪ :‬سسسبحان اللسسه وهسسل‬
‫يتخالسسج شسسك فسسي أن أميسسر المسسؤمنين مصسسروف إلسسى‬
‫الجنة إن شاء الله لقيامه بحق الله وعدله في عباده‪.‬‬
‫قال‪ :‬فلم يحفل ابن السماك بقوله ولم يلتفت إليه‬
‫وأقبل على الرشيد‪ ،‬وقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬إن هسسذا‬
‫يعني الفضل بن الربيع ليس والله معك ول عندك في‬
‫ذلك اليوم‪ ،‬قلت‪ :‬ولو كان عنده ومعه ماذا يفيسسد؛ لن‬
‫الحكم لله وحده‪.‬‬
‫دا‬‫فاتق الله وانظر لنفسك‪ ،‬فبكى هارون بكاًء شدي ً‬
‫حتى أشفقوا وأفحم الفضل فلم ي َْنطق بحرف‪.‬‬
‫كسسان يحيسسى بسسن يحيسسا النيسسسابوري يحضسسر مجلسسس‬
‫ب‬‫مسسا مسسن ذه س ً‬
‫مالك‪ ،‬فانكسر قلمه فناوله المأمون قل ً‬
‫فامتنعَ عن قبوله‪.‬‬
‫‪256‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ك؟ قال‪ :‬يحيى بن يحيى‬ ‫م َ‬
‫فقال له المأمون‪ :‬ما اس ُ‬
‫النيساُبوري‪ ،‬فقال‪ :‬ت َْعرُفني؟ قال‪ :‬نعم أنت المسسأمون‬
‫ن أمير المؤمنين‪ ،‬قال‪ :‬فكتب المسسأمون علسسى ظهسسر‬ ‫اب ُ‬
‫مسسا فسسي‬ ‫ت يحيسسى بسسن يحيسسا النيسسسابوري قل ً‬ ‫جزئه‪ :‬نسساول ُ‬
‫ه‪.‬‬
‫مجلس مالك فلم يقبل ُ‬
‫فلما أفضت الخلفة إليه بعث إلى عامله بنيسسسابور‬
‫وأمره أن يولي يحيى بسسن يحيسسى القضسساء فبعسسث إليسسه‬
‫يستدعيه‪.‬‬
‫فقال بعض الناس‪ :‬إنه يمتنع من الحضسسور‪ ،‬فسسذهب‬
‫إليه الرسول فأنفذ إليه كتسساب المسسأمون فقسسرئ عليسسه‬
‫فامتنع من القضسساء‪ ،‬فسسرد ّ إليسسه ثاني ًسسا‪ ،‬وقسسال‪ :‬إن أميسسر‬
‫ت تمتنع عليه؟ فقال‪ُ :‬قسسل‬ ‫المؤمنين يأمرك بشيء وأن َ‬
‫مسسا وأنسسا شسساب فلسسم أقبلسسه‬ ‫لمير المؤمنين نسساولتني قل ً‬
‫فتجبُرني الن على القضاء وأنا شيخ‪.‬‬
‫ت امتنسساعه‬ ‫فرفع الخبر إلى المأمون‪ ،‬قال‪ :‬قد علم ُ‬
‫ولي‬ ‫جل ً فس ُ‬‫ولكن ُنولي القضسساء رجل ً يختسساره‪ ،‬فاختسسار ر ُ‬
‫القضاء‪.‬‬
‫سسا‬‫شسسا كسان جال ً‬ ‫ودخل على يحيى فضم يحيسسى فرا ً‬
‫ه الشسسيخ ألسسم‬ ‫عليه كراهية أن يجمعه وإّياه‪ ،‬فقسسال‪ :‬أي ّس ُ‬
‫تخترني؟‬
‫ت لك تقل ّد َ القضاء‪.‬‬ ‫ت اختاره وما ُقل ُ‬ ‫قال‪ :‬إنما قل ُ‬
‫عن محمد بن عبدالكريم المروزي‪ ،‬قال‪ :‬لمسسا ولسسي‬
‫يحيى بن أكثم القضاء كتب إليه أخوه من م سُرو وكسسان‬
‫دا‪:‬‬‫زاه ً‬
‫شسسى‬ ‫ح َ‬
‫مسسن تمسسرة ت ُ ْ‬ ‫ريسسسش الملسسسح ألسسذ ّ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ةب َ‬‫مسسس ٌ‬‫ول َُق َ‬
‫تأكلهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا بُزن ُْبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوِْر‬
‫ق‬
‫ت عُْنسس َ‬ ‫خ د َّقسس ْ‬‫حّبسسةِ الَفسس ّ‬
‫ك ك َ‬ ‫مل ْسسسس ِ‬
‫ت ل ِل ْ َ‬
‫ة قَّرب ْسسسس ْ‬‫َوأكلسسسس ٌ‬
‫ور‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُف ْ‬ ‫حَبها عُ ْ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫َ‬

‫‪257‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫عبيسدة بسن أبسي‬ ‫قسال ابسن سسيرين‪ :‬كنسا عنسد أبسي ُ‬
‫حذيفة في قبة له وبين يسسديه كسسانون فيسسه نسسار فجسساءه‬
‫رجل فجلس معه فساره بشيء ل ندري ما هو‪.‬‬
‫فقال له أبو عبيدة‪ :‬ضع لي أصبعك في هذه النسسار‪،‬‬
‫فقال‪ :‬سبحان الله تأمرني أن أضع أصبعي‪ ،‬فقال أبسسو‬
‫عبيدة‪ :‬أتبخل علي بأصبع من أصابعك فسسي نسسار السسدنيا‬
‫وتسألني أن أضع لك جسدي كله في نار جهنم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فظننا أنه دعاه للقضاء‪.‬‬
‫بنى أحد الغنياء داًرا وكان في جواره بيسست لعجسسوز‬
‫جسا إليسه لملصسقته‬ ‫يساوي عشرين دينساًرا وكسان محتا ً‬
‫سع به‪ ،‬فبذل لها فيه مأتي دينار فلم تبعه‪.‬‬ ‫لداره ليتو ّ‬
‫ث‬‫فقيل له‪ :‬إن القاضي يحجر عليسسك بسسسفهك حي س ُ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ت مأتي دينار لما ُيساوي عشسسرين دينسساًرا‪ ،‬قسسال ْ‬ ‫ترك ِ‬
‫جسسر القاضسسي علسسى مسسن يشسستري بمسسأتين مسسا‬ ‫ح ُ‬‫م يَ ْ‬ ‫م لَ ْ‬‫لِ َ‬
‫يساوي عشرين ديناًرا‪.‬‬
‫ت‬ ‫مت القاضي ومسسن معسسه جميعًسسا وتسسرك السسبي َ‬ ‫ح َ‬‫فأف َ‬
‫في يدها حتى ماتت‪.‬‬
‫مت ََعبسد ٌ بالبصسسرة فعُسسرض عليسسه القضسساء‬ ‫كسسان رجسسل ُ‬
‫ما‪ ،‬فقال‪ :‬من أراد أن يستودع‬ ‫فتوله‪ ،‬فلقيه الجنيد يو ً‬
‫ماه‪ ،‬فسسإنه كتسسم‬ ‫ن ل يفشسسيه فعليسسه بفلن وسس ّ‬ ‫مس ْ‬ ‫سًرا ل ِ َ‬
‫ب الدنيا أربعين سنة حتى قدر عليه‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬
‫قال رجل لداود الطائي‪ :‬أوصسسني‪ ،‬فسسدمعت عينسساه‪،‬‬
‫وقال‪ :‬يا أخي‪ ،‬إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس‬
‫مرحلة بعد مرحلة‪ ،‬حتى ينتهي ذلك إلى آخر سفرهم‪،‬‬
‫دا لمسسا بيسن يسسديك‬ ‫ل يسوم زا ً‬ ‫م ُ‬
‫كس ّ‬ ‫فإن استطعت أن ُتقد ّ َ‬
‫فافعل‪ ،‬فإن انقطاع السفر عن قريب‪ ،‬والمر أعجسس ُ‬
‫ل‬
‫من ذلك‪ ،‬فتزود لنفسك واقض ما أنت قسساض‪ ،‬فكأنسسك‬
‫دا‬ ‫ك‪ ،‬إني لقول لك هسسذا‪ ،‬ومسسا أعلسسم أح س ً‬ ‫بالمر قد بغت َ‬
‫أشد ّ تقصيًرا مني!! ثم قام وتركه‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ف‬‫سسسو َ‬ ‫ل َ‬ ‫مسسا َقلي س ٍ‬ ‫ت عَ ّ‬‫وأن ْس َ‬ ‫ل‬‫يا لهًيا بالمنايا غَّرةُ الم ُ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ل‬ ‫ت َْرت َ ِ‬ ‫حسسسسوقَ بل زادٍ‬ ‫تبغسسسسي الل ُ ُ‬
‫مُروا‬ ‫شس ّ‬‫ن لمسسا َ‬ ‫إن المخّفي َ‬ ‫ه‬
‫م ُ‬‫ت َُقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ّ ُ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُلوا‬ ‫وَ َ‬ ‫ن إلسسسسى السسسسدنيا‬ ‫ل تركنسسسس ّ‬
‫ل السسدنيا‬ ‫مسسن عاجسس ِ‬ ‫ت ِ‬
‫فسسأن ْ َ‬ ‫وُزخرفهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫ل‬‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسست َن َْتق ُ‬ ‫َ‬ ‫دا يسسأتي‬ ‫جسسو غس ً‬‫ت َتر ُ‬ ‫صسَبح َ‬
‫أ ْ‬
‫خسساَنه‬ ‫ل َقسسد ْ َ‬ ‫ب ِذي أمسس ٍ‬ ‫وُر ّ‬ ‫وبعسسسسسسسسسسسسد َ غسسسسسسسسسسسسدٍ‬
‫ل‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ال َ‬ ‫ت‬‫شسسسباُبك قَسسسد ْ ول ّسسس ْ‬ ‫هسسسذا َ‬
‫ش سْيبك ل لهَ سوٌ ول‬ ‫مسسا ب َعْسد َ َ‬ ‫بشاشسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُته‬
‫ل‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ل بالسسدنيا وقسسد‬ ‫مسساذا التعل ّس ُ‬
‫ة فسسي طّيهسسا‬ ‫ح ً‬ ‫صسس ّ‬‫لهْل َِهسسا ِ‬ ‫ت‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَر ْ‬ ‫نَ َ‬
‫عل َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ل‬ ‫ِ‬

‫ماك يقول‪ :‬يا ابن آدم‪ ،‬أنت في‬ ‫س ّ‬


‫كان محمد بن ال ّ‬
‫صسْلب‪ ،‬ثسسم فسسي‬‫حبس منذ كنت‪ ،‬أنت محبسسوس فسسي ال ّ‬
‫مساط‪ ،‬ثسم فسي المكتسب‪ ،‬ثسم تصسير‬ ‫البطن‪ ،‬ثم في الق ّ‬
‫سسسا‪ ،‬فسسي الك سد ّ علسسى العيسسال‪ ،‬فسساطلب لنفسسسك‬
‫محبو ً‬
‫ضا!‬
‫حْبس أي ً‬
‫الراحة بعد الموت‪ ،‬ل تكون في َ‬
‫وكان أبو حازم يقسسول‪ :‬اضسسمنوا لسسي اثنيسسن‪ ،‬أضسسمن‬
‫لكم الجنة‪ :‬عمل ً بما تكرهون إذا أحبه الله‪ ،‬وتر ً‬
‫كا لمسسا‬
‫تحبون إذا كرهه الله‪.‬‬
‫ل عمل كرهت الموت لجله فاتركه‪،‬‬ ‫وقال‪ :‬انظر ك ّ‬
‫ت‪ .‬واللسسه أعلسسم‪ ،‬وصسسل اللسسه علسسى‬‫مس ّ‬ ‫ول يضرك متى ِ‬
‫محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫فصل‬
‫قيسسسل‪ :‬إن رجل ً نسسسادى المسسسأمون باسسسسمه فغضسسسب‬
‫ن‬
‫عوني باسسسمي‪ ،‬فقسسال‪ :‬نحس ُ‬
‫ن‪ ،‬وقسسال لسسه‪ :‬أتسسد ُ‬
‫مو ُ‬
‫المأ ُ‬
‫عوا اللسسه جسسل جللسسه باسسسمه‪ ،‬فسسسكت المسسأمون‪،‬‬ ‫نسسد ُ‬
‫وقضى حاجة الرجل وأنعم عليه‪.‬‬
‫‪259‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫حكي أن المأمون كان يجلس للمظالم يوم الحسسد‪،‬‬
‫س قسسد‬‫فنهض ذات يسسوم مسسن مجلسسس نظسسره و الشسسم ُ‬
‫ة‪ ،‬وقالت‪:‬‬ ‫زالت‪ ،‬فتلقته امرأةٌ في ثياب رث ٍ‬
‫ق‬
‫ش سْر َ‬ ‫مسسا ب ِسهِ قَ سد ْ أ َ‬
‫ه وي َسسا إما ً‬ ‫دى ل َس ُ‬ ‫ف ي ُهْ س َ‬ ‫صس ٍ‬
‫من ْت َ ِ‬‫خي َْر ُ‬‫َيا َ‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ الب ََلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫الّر َ‬
‫ه‬
‫وى ب ِس ِ‬ ‫دا عََليهَسسا فمسسا ت َْقس َ‬
‫ك عَ َ‬ ‫مل ْس ِ‬‫حِفي ْسد َ ال ُ‬‫كو غليسسه َ‬ ‫ش ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫ة أ َ‬ ‫مَلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٌ‬ ‫أْر َ‬
‫ل‬ ‫هسس ُ‬ ‫عنهسسا ال ْ‬ ‫مسسا ت ََفسسّرقَ َ‬ ‫عا ب َْعسسد َ ل َ ّ‬
‫ضسسيا ً‬ ‫منهسسا َ‬ ‫فسساب ْت َّز ِ‬
‫من ْعَت َِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا والوَلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫ِ‬

‫مفك سًرا فسسي مقالتهسسا ثسسم رفسسع‬ ‫فسسأطرق المسسأمون ُ‬


‫رأسه‪ ،‬وقال مجيًبا لها‪:‬‬
‫ن‬ ‫حسْز ُ‬ ‫ب هَسسذا ال ُ‬ ‫ح القل َ‬ ‫ل وأقَْر َ‬ ‫عْيسس َ‬‫ت ِ‬ ‫ن مسسا قُْلسس ِ‬ ‫مسسن د ُوْ ِ‬ ‫ِ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫جَلسسسسسسسسسد ُ والك َ َ‬ ‫الصسسسسسسسسسب ُْر وال َ‬
‫م فسسسي‬ ‫صسسس َ‬
‫خ ْ‬‫ري ال َ‬ ‫ضسسس ِ‬‫ح ِ‬ ‫ر وأ ْ‬‫ن صسسسلةِ الظهسسس ِ‬ ‫هسسسذا أوا ُ‬
‫عسسسسسد ُ‬ ‫ذي أ ِ‬ ‫رفي الَيسسسسسوم ِ السسسسس ِ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫فان ْ َ‬
‫س‬ ‫جِلسس ُ‬ ‫ك منه وإّل الم ْ‬ ‫صْف ِ‬ ‫ت إن أن ْ ِ‬ ‫س السسسسسسب ُ‬ ‫المجلسسسسس ُ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫س ل ََنسسسا ال َ‬ ‫جلسسسو ُ‬ ‫ضسسسى ال ُ‬ ‫ي ُْق َ‬

‫فانصسسسرفت وحضسسسرت يسسسوم الحسسسد أّول النسسساس‪،‬‬


‫فوقفت في مجلس المتظلمين‪ ،‬فقسال لهسا المسأمون‪:‬‬
‫ن‬
‫س بس ُ‬‫م على رأسك العبسسا ُ‬ ‫مك؟ فقالت‪ :‬القائ ُ‬ ‫خص ُ‬ ‫من َ‬
‫أميسسر المسسؤمنين‪ ،‬فقسسال‪ :‬المسسأمون لقاضسسيه يحيسسى بسسن‬
‫ت معسسه‬ ‫أكثسسم‪ :‬أجلسسسها معسسه‪ ،‬وانظسسر بينهمسسا‪ ،‬فأجلسس ْ‬
‫والمسسأمون ينظسسر إليهسسا فجعسسل كلمهسسا يعل ُسسو‪ ،‬فزجرهسسا‬
‫جسساب‪ ،‬فقسسال المسسأمون‪ :‬دعَْهسسا فسسإن الحسسق‬ ‫ح ّ‬
‫ض ال ُ‬‫بع س ُ‬
‫أنطقهسسا والباطسسل أخرسسسه‪ ،‬وأمسسر بسسرد ّ ضسسياعها إليسسه‪،‬‬
‫ففعل المأمون في النظر بينُهما ما يلزم‪.‬‬
‫ورد ّ النظسسر بمحضسسر منسسه إلسسى مسسن كفسساه محسساورة‬
‫حجة‪ ،‬وباشسسر بنفسسسه‬ ‫المرأة في استيضاح الدعوى وال ُ‬
‫جة‪.‬‬‫ك المح ّ‬ ‫م‪ ،‬وإلزام ابنه الحقَ وسلو َ‬ ‫حك ِ‬ ‫تنفيذ َ ال ُ‬
‫‪260‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قسسال المسسأمون لبسسن إدريسسس‪ :‬يسسا عسسم‪ ،‬إلسسى جسسانب‬
‫مسسسجدك دار إن أذنسست لنسسا اشسستريناها ووسسسعنا بهسسا‬
‫المسجد‪.‬‬
‫فقال‪ :‬ما لي إلى هذا حاجة قد أجزأ من كان قبلي‬
‫وهسسو يجزونسسي‪ ،‬فنظسسر إلسسى قرح سةٍ فسسي ذراع الشسسيخ‪،‬‬
‫متطببين وأودية‪ ،‬أتسسأذن أن يجيئك مسسن‬ ‫ن معنا ُ‬ ‫فقال‪ :‬إ ّ‬
‫ُيعالجك؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قد ظهر بي مثل هذا وبرأ‪.‬‬
‫فأمر له بمال‪ ،‬فأبى أن يقبله‪ ،‬تأمسسل يسسا أخسسي‪ ،‬هسسل‬
‫يوجد مثل هسسذا فسسي عصسسرنا مسسا أظسسن يوجسسد ول رقسسم‬
‫ما نزل بابن إدريس الموت بكت ابنته‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫ثلثة‪ ،‬ول ّ‬
‫ت القرآن في هذا البيت أربعسسة آلف‬ ‫ل تبكي فقد ختم ُ‬
‫ختمة‪.‬‬
‫طا عند التلفسساز‬ ‫بلغ يا أخي من ضاعت أعمارهم فر ً‬
‫والمسسسذياع والكسسسورة والجسسسرائد والمجلت والسسسورق‬
‫والملهي‪ ،‬والقيل والقال‪.‬‬
‫قسسال عبسسدالعلى بسسن حمسساد أحسسد رجسسال الحسسديث‪:‬‬
‫ت على بشر بن منصور وهو في المسسوت‪ ،‬فرأيتسسه‬ ‫دخل ُ‬
‫ج مسسن‬ ‫ست َْبشًرا‪ ،‬فقلت‪ :‬ما هذا السسسرور؟ قسسال‪ :‬أخسُر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫م علسسى رب‬ ‫بين الحاسدين والباغين والمغتابين‪ ،‬وأق سد َ ُ‬
‫العالمين ول أفرح‪.‬‬
‫قيسسل لبعسسض الصسسالحين وهسسو يجسسود ُ بنفسسسه‪ :‬كيسسف‬
‫ل مسسن يريسد ُ‬ ‫تجسسدك؟ وكيسسف حاُلسك؟ فقسسال‪ :‬كيسف حسا ُ‬
‫مسسؤنس‪،‬‬ ‫شسسا بل ُ‬ ‫دا بل زاد‪ ،‬ويدخل قسسبًرا موح ً‬ ‫سفًرا بعي ً‬
‫جة!!‬‫ح ّ‬
‫ل بل ُ‬ ‫وينطلق إلى رب ملك عاد ٍ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫م ت َد ْرِ في أيّ الم َ‬
‫كسسان َي ْ ِ‬ ‫ي ول َ ْ‬‫ن وه ْ س َ‬
‫م الَعي س ُ‬
‫ف َتنسسا ُ‬ ‫وك َي ْس َ‬
‫ريسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرةٌ ت َْنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسزِ ُ‬
‫ل‬ ‫قَ ِ‬

‫موعظة‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قال الله جل وعل‪َ  :‬‬
‫صللا ِ‬
‫وِلي الب ْ َ‬ ‫عت َب ُِروا َيا أ ْ‬
‫فا ْ‬
‫‪‬العتبار‪ :‬النظر في المسسور ليعسسرف بهسسا شسسيء مسسن‬
‫غير جنسها‪ ،‬والبصار‪ :‬العقول‪ ،‬والمعنى‪ :‬ت َد َب ُّرْوا‪.‬‬
‫‪261‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫إخواني‪ ،‬الدنيا دار عسسبرة مسسا وقعست فيهسسا حسسبرة إل‬
‫وردفتها عبرة أين من عاشرناه كثيًرا وألفنا؟ أين مسسن‬
‫ملنا إليه بالوداد وانعطفنا؟ أين من ذكرناه بالمحاسن‬
‫ووصفنا؟ ما نعرفهم لو عنهم كشسسفنا مسسا ينطقسسون لسو‬
‫هم والحفنا‪.‬‬‫سألنا ُ‬
‫وسنصيُر كما صسساروا فليتنسسا أنفصسسفنا‪ ،‬كسسم أغمضسسنا‬
‫من أحبابنا على كرههم جفنا؟ كم ذكرتنا مصارعُ مسسن‬
‫فنى من يفنى؟ كم عزيز أحببنا دفناهُ وانصسسرفنا؟ كسسم‬
‫س أضجعناهُ في اللحد وما وقفنا؟ كم كريم علينسا‬ ‫مؤن ٍ‬‫ُ‬
‫إذا مررنا عليه انحرفنا؟‬
‫ه‬
‫ما لنا نتحّققُ الحقّ فإذا أيقّنا صدفنا‪ ،‬أما ضسّر أهلس ُ‬
‫ب مصسسيرنا‬ ‫التسويف‪ ،‬وها نحن قد سسوّْفنا‪ ،‬أمسسا الت ُسسرا ُ‬
‫فلماذا منه أنفنا‪ ،‬إلم تغّرنا السلمة وكأن قد تلفنا‪.‬‬
‫ف في‬ ‫ه التل ُ‬
‫أين حبيبنا الذي كان وانتقل؟ أما غمس ُ‬
‫ل أما خل في لحده بالعمل‪ ،‬أين مسسن جسسّر‬ ‫بحره وارتح ْ‬
‫ذيل الخيلء غافل ً ورفل أما سسسافر عنسسا وإلسسى الن مسسا‬
‫قف ْ‬
‫ل‪.‬‬
‫أين من تنعم في قصره وفي قبره قد نزل‪ ،‬فكسسأن‬
‫بالدار مسسا كسسان‪ ،‬وفسسي اللحسسد لسسم يسسزل‪ ،‬أيسسن الجبسسابرة‬
‫الكاسرة الول الذين كنزوا الكنوز الُعتاة الول‪ ،‬ملسسك‬
‫دول‪.‬‬
‫هم والدنيا ُ‬‫الموال سوا ُ‬

‫‪262‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫حيَلتي وقد اْنجَلى عّنسسي‬ ‫ول ِ ْ‬ ‫طرُقهسسا‬ ‫ف يَ ْ‬‫جًبا ل َِعيني ك َي ْ َ‬ ‫عَ َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرا‬ ‫ال ِ‬ ‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرى‬ ‫ال َ‬
‫م‬ ‫فأ ْ‬ ‫حَتسس ِ‬ ‫م ال ْ‬ ‫سسسها ُ‬ ‫حسسوي ِ‬ ‫نَ ْ‬ ‫ت‬ ‫ه قَد ْ فُوّقَ ْ‬ ‫م أن ّ ُ‬ ‫أل ْهُوْ وأعل َ ُ‬
‫حْينسسسسسسسسسسسي ك َسسسسسسسسسسسَرى‬ ‫َ‬ ‫ت بَتوب َسةٍ وإَناب َسةٍ‬ ‫م ُ‬ ‫م ْ‬‫وإذا هَ َ‬
‫ت‬ ‫دنيا فعُ سد ْ ُ‬ ‫ي ال س ُ‬ ‫تل ّ‬ ‫ض ْ‬ ‫عر َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ت وقَد ْ رأيسس ُ‬ ‫مع ْ ُ‬ ‫س ِ‬‫كم قد َ‬
‫الَقْهَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَري‬ ‫ظسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ع ً‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬
‫َ‬
‫ع‬
‫م ُ‬ ‫سس َ‬‫نأ ْ‬ ‫حي َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ت أعق ُ‬ ‫ل َوْ ك ُن ْ ُ‬ ‫جسساُروا‬ ‫وا و َ‬ ‫َ‬
‫ن السسذين طغَ س ْ‬ ‫أي ْ َ‬
‫أوْ أَرى‬ ‫واعَتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد َْوا‬
‫سسَتخّفوا‬ ‫وعَت ْسسوا وط َسساُلوا وا ْ‬ ‫مَقاِليسسد‬ ‫س أعْط َت ْهُ س ْ‬
‫م َ‬ ‫أوَ ل َي ْس َ‬
‫بسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسالوََرى‬ ‫الُعل‬
‫ت لهسسم‬ ‫ضسسعَ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫حسستى لقسسد َ‬ ‫حَبالهسسا لك ِن ّهَسسا‬ ‫كوا ب ِ‬ ‫سس ُ‬ ‫وتم َ‬
‫شسسسسسسسسسسَرى‬ ‫سسسسسسسسسسسد ُ ال ّ‬ ‫أ ْ‬ ‫خل َسد َْتهم َبع سد َ سسسال ِ ِ‬
‫ف‬ ‫مسسا أ ْ‬
‫ت لهم منها وثيقات‬ ‫م ْ‬ ‫ص َ‬ ‫فَ َ‬ ‫رِفَْعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةٍ‬
‫الُعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرى‬ ‫وإلسسسى البل َسسسى قسسسد ن ُّقل ُسسسوا‬
‫خ‬ ‫شسسمارِي ْ ِ‬ ‫مسسن َ‬ ‫بل أن َْزل َت ْهُسسم ِ‬ ‫ت‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوّهَ ْ‬ ‫وت َ َ‬
‫السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ َّرى‬ ‫مآلِهم‬ ‫ك بحالهم و َ‬ ‫خَبروْ َ‬ ‫ل َوْ أ ْ‬
‫ت‬ ‫ن َتحسسس َ‬ ‫ك المحاسسسس ُ‬ ‫ت ِْلسسس َ‬
‫ق الّثسسسسسسسسسرى‬ ‫طبسسسسسسسسسا ِ‬ ‫أ َ‬ ‫مسسن ل َْيسس َ‬
‫س ي َْفنسسى‬ ‫هم َ‬ ‫أفَْنسسا ُ‬
‫ك ما عليهم قَد ْ‬ ‫ك د َهَْر َ‬ ‫أْبكا َ‬ ‫مْلكثسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ه‬ ‫ُ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرى‬ ‫َ‬ ‫ف عسسسسن السسسسدنيا‬ ‫صسسسسرِ ْ‬ ‫فا ْ‬
‫طشسسسة الك ُْبسسسَرى إذا‬ ‫ذو الب َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك إنمسسسسسسسسسا‬ ‫عسسسسسسسسس َ‬ ‫طما َ‬ ‫ِ‬
‫خسسسسسسسسسسسذ َ الُقسسسسسسسسسسسَرى‬ ‫أ َ‬ ‫س سَرى عنهسسا فمسسا‬ ‫ل ال ّ‬ ‫صس ِ‬ ‫و ِ‬
‫ث ُيفَترى‬ ‫حدِي ْ ٌ‬ ‫دا َ‬ ‫ها أب َ ً‬ ‫مي َْعاد ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬‫مسسسسسسسسسسس ْ‬
‫ك ِ‬ ‫جي ْسسسسسسسسسسس َ‬‫ي ُن ْ ِ‬
‫سسسَرى‬ ‫ة ال ّ‬ ‫صل ُ‬ ‫موا َ‬ ‫آفاِتها إل ُ‬

‫قال يحيى بن أكثسسم‪ :‬كسسان للمسسأمون وهسسو أميسسر إذ‬


‫ذاك مجلس نظر فدخل في جملة الناس رجل يهودي‬
‫حسن الثوب حسن الوجه طيب الرائحة‪ ،‬قال‪ :‬فتكلم‬
‫فأحسن الكلم والعبارة‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فلما تقسسوض المجلسسس دعسساه المسسأمون‪ ،‬فقسسال لسسه‪:‬‬
‫إسرائيلي؟ قسسال‪ :‬نعسسم‪ ،‬قسسال‪ :‬أسسسلم حسستى أفعسسل بسسك‬
‫وأصنع ووعده‪ ،‬فقال‪ :‬ديني ودين آبائي‪ ،‬وانصرف‪.‬‬
‫ما فتكلسسم علسسى‬ ‫مسسسل ً‬ ‫قال‪ :‬فلما كان بعد سنة جسساء ُ‬
‫الفقسسه‪ ،‬فأحسسسن الكلم فلمسسا تقسسوض المجلسسس دعسساه‬
‫حَبنا بسسالمس؟ قسسال‪ :‬بلسسى‪،‬‬ ‫ت صا ِ‬ ‫المأمون‪ ،‬وقال‪ :‬ألس َ‬
‫ب إسسسلمك؟ قسسال‪ :‬انصسسرفت مسسن‬ ‫قال‪ :‬فما كسسان سسسب ُ‬
‫حضرتك‪ ،‬فأحببت أن أمتحن هذه الديان‪ ،‬وأنت تراني‬
‫ت ثلث ُنسخ‪،‬‬ ‫ت إلى التوراة‪ ،‬فكتب ُ‬ ‫ن الخط‪ ،‬فعمد ُ‬ ‫حس ُ‬
‫ت وأدخلتهسسا الكنيسسسة فاشسستريت‬ ‫ت فيهسسا ونقص س ُ‬ ‫فسسزد ُ‬
‫ق‬
‫حّقس َ‬ ‫ت تصسّرفت وطسسافت مسسا ُ‬ ‫مني‪ ،‬المعنى‪ :‬مسسا بسسار ْ‬
‫فيها‪.‬‬
‫ت‬ ‫ث نسسسخ فسسزد ُ‬ ‫ت ثل َ‬ ‫ت إلسسى النجيسسل‪ ،‬فكتب س ُ‬ ‫وعمد ُ‬
‫ت وأدخلُتهسسا البيعسسة فاشسستريت منسسي أي‬ ‫فيهسسا ونقصسس ُ‬
‫كالتوراة‪.‬‬
‫ت‬ ‫ث نسسسخ وزِد ْ ُ‬ ‫ت ثل َ‬ ‫ت إلسسى القسسرآن‪ ،‬فعمل س ُ‬ ‫وعمد ُ‬
‫حوها‪.‬‬ ‫ت وأدخلُتها الوّراقين فتصف ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫فيها ونَق َ‬
‫فلما وجدوا فيها الزيادة والنقصسسان رمسسوا بهسسا فلسسم‬
‫ب محفسسوظ‪ ،‬فكسسان هسسذا‬ ‫ت أن هذا كتا ٌ‬ ‫يشتروها‪ ،‬فعلم ُ‬
‫سبب إسلمي‪.‬‬
‫ت تلسسك السسسنة‪ ،‬فلقيسست‬ ‫قال يحيى بن أكثم‪ ،‬فحجج ُ‬
‫عيينسسة‪ ،‬فسسذكرت لسسه الخسسبر‪ ،‬فقسسال لسسي‪:‬‬ ‫سسسفيان بسسن ُ‬ ‫ُ‬
‫ت‪ :‬فسسي أي‬ ‫مصسسداقُ هسسذا فسسي كتسساب اللسسه‪ ،‬قسسال‪ :‬قل س ُ‬
‫موضع؟ قال‪ :‬في قوله تعالى فسسي التسسوراة والنجيسسل‪:‬‬
‫ه ‪‬فجعسسل حفظ س ُ‬
‫ه‬ ‫ب الل ّ ِ‬ ‫من ك َِتا ِ‬ ‫ظوا ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ست ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫‪‬ب ِ َ‬
‫ن ن َّزل ْن َللا‬
‫حل ُ‬‫إليهسسم‪ ،‬فضسساع‪ ،‬وقسسال عسسز وجسسل‪ :‬إ ِن ّللا ن َ ْ‬
‫ن ‪‬فحفظسسه اللسسه جسسل وعل‬ ‫ظو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬‫ه لَ َ‬ ‫وإ ِّنا ل َ ُ‬ ‫الذّك َْر َ‬
‫علينا فلم َيضع‪ .‬اهس‪.‬‬
‫ْ‬
‫ه‬‫ضسسا قسسوله تعسسالى‪ :‬ل َ ي َأِتي ِ‬ ‫ت‪ :‬ومسسن الدلسسة أي ً‬ ‫قل ُ‬
‫ه ‪.‬‬ ‫ف ِ‬ ‫خل ْ ِ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ول َ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ي َدَي ْ ِ‬‫ن ب َي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫الَباطِ ُ‬

‫‪264‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قيل للحسين بن الفضل‪ :‬هل تجد في القسرآن مسسن‬
‫جهل شيًئا عسساداه؟ قسسال‪ :‬نعسسم فسسي موضسسعين‪ :‬ب َل ْ‬
‫ل‬
‫م‬‫وإ ِذْ ل َ ل ْ‬
‫ه ‪ ،‬وقوله‪َ  :‬‬ ‫عل ْ ِ‬
‫م ِ‬ ‫طوا ب ِ ِ‬‫حي ُ‬ ‫م يُ ِ‬‫ما ل َ ْ‬‫ك َذُّبوا ب ِ َ‬
‫م ‪.‬‬‫دي ٌ‬
‫ق ِ‬ ‫ف ٌ‬
‫ك َ‬ ‫ذا إ ِ ْ‬‫ه َ‬‫ن َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫سي َ ُ‬
‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫دوا ب ِ ِ‬‫هت َ ُ‬
‫يَ ْ‬
‫قال عثما ن بسسن مسسرة الخسسولني‪ :‬لمسسا ابتسسدأ الوليسسد‬
‫حا من‬ ‫ببناء مسجد دمشق وجد في حائط المسجد لو ً‬
‫حجارة فيه كتابة باليونانية‪ ،‬فعرضه على جماعسسة مسسن‬
‫أهل الكتاب فلم يقدروا على قراءته‪.‬‬
‫منبسسه‪ ،‬فقسسال‪ :‬مكتسسوب فسسي‬ ‫هب بسسن ُ‬ ‫فوجه به إلى وَ ْ‬
‫أيام سليمان ابن داود –عليهما وعلسسى نبينسسا السسسلم‪،-‬‬
‫فقرأه‪ ،‬فإذا فيه‪» :‬بسم الله الرحمن الرحيم‪ .‬يسسا ابسسن‬
‫آدم‪ ،‬لو عاينت م ا بقي من يسير أجلك لزهدت فيمسسا‬
‫صسسرت عسسن رغبتسسك وحيلسسك‪،‬‬ ‫بقي من طول أملسسك‪ ،‬وق ّ‬
‫ت بك قسسدمك وأسسسلمك أهلسسك‬ ‫وإنما تلقى ندمك إذا زل ْ‬
‫وحشمك‪ ،‬وانصرف عنك الحسسبيب‪ ،‬وودعسسك القريسسب‪،‬‬
‫ت تدعى فل تجيب‪ ،‬فل أنت إلى أهلك عائد ول‬ ‫ثم صْر َ‬
‫في عملك زائد‪ ،‬فسساغتنم الحيسساة قبسسل المسسوت والقسسوة‬
‫قبل الفوت‪ ،‬وقبل أن ُيؤخذ منك بالكظم ويحال بينسسك‬
‫ن سليمان بن داود‪.‬‬ ‫م َ‬‫بز َ‬‫كت َ‬ ‫وبين العمل« و ُ‬
‫فسسأمر الوليسسد أن يكتسسب بالسسذهب علسسى الزورد فسسي‬
‫حائط المسجد‪ :‬ربنا الله ل نعبد إل الله‪ ،‬أمر ببناء هذا‬
‫المسجد وهدم الكنيسة التي كانت فيه عبدالله الوليد‬
‫أمير المؤمنين‪ ،‬فسسي ذي الحجسسة سسسنة سسسبع وثمسسانين‪،‬‬
‫وهذا الكلم مكتوب بالذهب في مسسسجد دمشسسق إلسسى‬
‫وقتنا هذا وهو سنة اثنين وثلثين وثلثمائة‪ .‬والله أعلم‬
‫وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫وقال صالح بن أحمد بن حنبل‪ :‬ورد كتاب علي بسسن‬
‫جسسه‬
‫الجهم‪ :‬أن أمير المؤمنين –يعنسسي المتوكسسل‪ -‬قسسد و ّ‬
‫ة‪ ،‬ومعسه جسائزة ويسأمرك‬ ‫صسّر ٍ‬
‫إليك يعقوب المعروف ب ُ‬
‫‪265‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫بالخروج‪ ،‬فالله الله أن تستعفى أو ترد المال‪ ،‬فيتسع‬
‫ل لمن ُيبغضك‪.‬‬ ‫القو ُ‬
‫فلما كان من الغد ورد يعقوب فدخل عليه‪ ،‬فقسسال‪:‬‬
‫يا أبا عبدالله‪ ،‬أمير المسؤمنين ُيسرئك السسلم‪ ،‬ويقسول‪:‬‬
‫س ُبقربسسك وأن أتسسبرك بسسدعائك‪ ،‬وقسسد‬ ‫ت أن آن َ‬ ‫قد أحبب ُ‬
‫ة على سفرك‪.‬‬ ‫ت إليك عشرة آلف درهم معون ً‬ ‫جه ُ‬ ‫و ّ‬
‫صّرةً فيهسسا بسسدرة نحسسو مسسائتي دينسسار والبسساقي‬ ‫أخرج ُ‬
‫دها يعقسسوب‪ ،‬وقسسال لسسه‪:‬‬ ‫صحاح‪ ،‬فلم ينظر إليها ثم ش س ّ‬
‫دا حتى أبصر ما تعزم عليه وانصرف‪.‬‬ ‫أعود ُ غ ً‬
‫درة‪ ،‬فلمسسا‬‫جانة خضسسراء فكببُتهسسا علسسى الب س ْ‬ ‫فجئت بإ ّ‬
‫كان عند المغرب قال‪ :‬يا صالح‪ ،‬خذ هذا صّيرة عندك‪،‬‬
‫فصيّرتها عند رأسي فوق البيت‪ ،‬فلما كسسان سسسحًرا إذا‬
‫ت إليسسه‪ ،‬فقسسال‪ :‬مسسا‬ ‫ت فصسسعد ُ‬ ‫هو ينادي‪ :‬يا صالح‪ ،‬فقم ُ‬
‫نمت ليلتي هذه‪.‬‬
‫ت من‬ ‫ت؟ فجعل يبكي‪ ،‬وقال‪ :‬سلم ُ‬ ‫م يا أب ِ‬‫فقلت‪ :‬ل ِ َ‬
‫هؤلء حتى إذا كان فسسي آخسسر عمسسري ُبليسست بهسسم‪ ،‬قسسد‬
‫ت‪.‬‬
‫عزمت على أن أفّرق هذا الشيء إذا أصبح ُ‬
‫فقلت‪ :‬ذاك إليك‪ ،‬فلما أصبح‪ ،‬قال‪ :‬جئني يا صسسالح‬
‫بميزان‪ ،‬وقال‪ :‬وجهوا إلى أبناء المهسساجرين والنصسسار‪،‬‬
‫ثم قال‪ :‬وجه إلى فلن يفرق فسسي ناحيسسة‪ ،‬وإلسسى فلن‬
‫فلم يزل حتى فّرقا كلها ونفضت الكيس‪ ،‬ونحسسن فسسي‬
‫حالة الله تعالى بها عليم‪.‬‬
‫ما‪ ،‬فنظسسر‬ ‫فجاء ُبني لي‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبت أعطني دره ً‬
‫ي فأخرجت قطعة فأعطيته وكتسسب صسساحب البريسسد‪:‬‬ ‫إل ّ‬
‫دق‬ ‫إنسسه قسسد تصسسدق بالسسدراهم مسسن يسسومه حسستى تصسس ّ‬
‫بالكيس‪.‬‬
‫قال علي بن الجهم‪ :‬فقلت‪ :‬يا أمير المسسؤمنين‪ ،‬قسسد‬
‫علم الناس أنه قد قبل منك‪ ،‬وما يصنع أحمد بالمال؟‬
‫ي‪.‬‬‫وإنما ُقوُته رغيف‪ ،‬فقال لي‪ :‬صدقت يا عل ّ‬
‫عن محمد بن موسى بن حماد الزيدي‪ ،‬قال‪ :‬حم َ‬
‫ل‬
‫الحسن بن عبدالعزيز الحروي من ميراثسسه مسسن مصسسر‬
‫‪266‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مائة ألسسف دينسسار‪ ،‬فحمسسل إلسسى أحمسسد بسسن حنبسسل ثلثسسة‬
‫ف دينار‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبسسا عبسسدالله‬ ‫أكياس في كل كيس أل ُ‬
‫ن بها على عائلتك‪.‬‬ ‫ل فخذها فاستع ْ‬ ‫هذه ميراث حل ٌ‬
‫وعن إسحاق بن راهويه‪ ،‬قال‪ :‬لما خسسرج أحمسسد بسسن‬
‫حنبسسل إلسسى عبسسدالرزاق انقطعسست بسسه النفقسسة‪ ،‬فسسأكرى‬
‫نفسه من بعض الجمالين‪ ،‬إلى أن وافى صنعاء‪ ،‬وقسسد‬
‫مسسن‬ ‫كان أصحابه فعرضوا عليه المواسسساة فلسسم يْقب َسسل ِ‬
‫أحد شيًئا‪.‬‬
‫ت عبسدالرزاق –وذكسر‬ ‫وعسن الرمسادي‪ ،‬قسال‪ :‬سسمع ُ‬
‫ه‪ ،-‬فقال‪ :‬بلغني أن نفقته‬ ‫ت عينا ُ‬ ‫أحمد بن حنبل فدمع ْ‬
‫ت عشرةَ دنانير وأقمُته خلف البسساب‪ ،‬ومسسا‬ ‫نفدت فأخذ ُ‬
‫ت‪ :‬إنسه ل تجتمسع عنسسدنا السدنانير‬ ‫د‪ ،‬وُقلس ُ‬
‫معي ومعه أح ٌ‬
‫ت الساعة عند النساء عشرة دنانير‪ ،‬فخسسذها‬ ‫وقد وجد ُ‬
‫م وقسسال‬ ‫س َ‬ ‫جو أل تنفقها حتى يتهيأ عندنا شيء‪ ،‬فَتب ّ‬ ‫فأر ُ‬
‫ت منك‪.‬‬ ‫ت شيًئا من الناس قبل ُ‬ ‫لي‪ :‬يا أبا بكر‪ ،‬لو قبل ُ‬
‫ت علسسى‬ ‫وعن صالح بن أحمد بن حنبل‪ ،‬قسسال‪ :‬دخل س ُ‬
‫ن‬‫أبي في أيسام الواثسق واللسه يعلسم فسي أي حالسة نحس ُ‬
‫س عليسسه‪ ،‬قسسد‬ ‫وخرج لصلة العصر‪ ،‬وكان له جلسسد يجلس ُ‬
‫أتت عليه سنون كثيرةٌ حتى قد بلى فسسإذا تحتسسه كتساب‬
‫فيه‪» :‬بلغني يا أبا عبدالله مسسا أنسست فيسسه مسسن الضسسيق‪،‬‬
‫ت إليسسك بأربعسسة آلف‬ ‫وما عليك من الدين‪ ،‬وقسسد وجه س ُ‬
‫سسعْ بهسسا‬‫درهم على يسسدي فلن لتقضسسي بهسسا دينسسك وُتو ّ‬
‫هسو‬ ‫ة‪ ،‬إنمسسا ُ‬ ‫مسسن صسسدقةٍ ول زكسسا ٍ‬ ‫على عيالك‪ ،‬وما هسسي ِ‬
‫شيء ورُثته من أبي« ‪.‬‬
‫ت لسه‪ :‬يسا‬ ‫فقرأت الكتاب ووضعته‪ ،‬فلمسسا دخسسل‪ ،‬قلس ُ‬
‫أبت‪ ،‬مسا هسذا الكتساب؟ فساحمر وجهسه‪ ،‬وقسال‪ :‬رفعُتسه‬
‫منك‪ ،‬ثم قال‪ :‬تذهب بجوابه إلى الرجل‪ ،‬وكتب‪:‬‬
‫ي‬
‫صسسل كتابسسك إل س ّ‬ ‫»بسسسم اللسسه الرحمسسن الرحيسسم‪ .‬و َ‬
‫ونحن في عافية‪ ،‬فأمسسا السسدين فسسإنه لرجسسل ل ُيرهقنسسا‪،‬‬
‫وأما عيالنا فهم بنعمة الله والحمد لله«‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قسسال صسسالح‪ :‬وأمسسر المتوكسسل أن ُتشسسترى لنسسا دار‪،‬‬
‫ن‬
‫فقال‪ :‬يا صالح‪ ،‬لئن أقررت لهمن بشسسراء دار لتكسسون ّ‬
‫ة بيني وبينك فلم يزل يدفع شري السسدار حسستى‬ ‫القطيع ُ‬
‫اندفع‪.‬‬
‫وقال الشافعي لحمد بن حنبل وهو يتردد إليه فسي‬
‫جملة‪ :‬مسسن يأخسسذ عنسسه العلسسم أل تقبسسل قضسساء اليمسسن‪،‬‬
‫دا‪.‬‬
‫عا شدي ً‬‫فامتنع من ذلك امتنا ً‬
‫وذلك أن الرشيد قال للشسسافعي‪ :‬إن اليمسسن يحتسساج‬
‫إلى قاضي‪.‬‬
‫وبالتالي قال أحمد ‪ ‬للشافعي‪ :‬إني أختلف إليسسك‬
‫لجسسل العلسسم المزهسسد فسسي السسدنيا‪ ،‬فتسسأمرني أن ألسسي‬
‫القضاء ولول العلم لسسم أكملسسك بعسسد اليسسوم‪ ،‬فاسسستحي‬
‫الشافعي منه‪.‬‬
‫وروي أنسسه كسسان ل يصسسلي خلسسف عمسسه إسسسحاق ول‬
‫ضسسا؛ لنهسسم أخسسذوا جسسائزة‬ ‫خلسسف بنيسسه ول يكلمهسسم أي ً‬
‫السلطان‪.‬‬
‫ومكث مرةً ثلثة أيام ل يجسسد مسسا يسسأكله حسستى بعسسث‬
‫إلى بعض أصحابه فاستقرض منه دقيًقا فعسسرف أهل ُسسه‬
‫حاجته إلى الطعام فعجلوا‪ ،‬وعجنوا وخبزوا له سريًعا‪.‬‬
‫فقال‪ :‬ما هذه العجلة كيف خبزُتم؟ فقسسالوا‪ :‬وجسسدنا‬
‫تن ُسسور بيسست صسسالح مسسسجوًرا فخبزنسسا لسسك فيسسه‪ ،‬فقسسال‪:‬‬
‫ارفعوا ولم يأكل وأمر بسد بسسابه إلسسى دار صسسالح؛ لن‬
‫صالح أخذ جائزة السلطان وهو المتوكل على الله‪.‬‬
‫وقال ابنه عبدالله‪ :‬مكث أبي بالعسكر عند الخليفة‬
‫ستة عشر يومًنا لم يأكل فيها إل ربع مد سويق يفطر‬
‫بعد كل ثلث ليال على قبضة منه حتى رجع إلى بيتسسه‬
‫ولم ترجع إليه نفسه إل بعد ستة أشسسهر‪ .‬للسسه دره مسسا‬
‫أورعه وأزهده‪ ،‬العفاف‪.‬‬
‫قال البيهقي‪ :‬وقد كان الخليفة ي َْبعث إليسسه المسسائدة‬
‫فيها أشياء كثيرة مسسن النسسواع‪ ،‬وكسسان أحمسسد ل يتنسساول‬
‫منها شيًئا‪.‬‬
‫‪268‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قال‪ :‬وبعث المأمون مرة ذهًبا يقسم على أصحاب‬
‫الحسسديث‪ ،‬فمسسا بقسسي منهسسم أحسسد إل أخسذ إل أحمسسد بسن‬
‫حنبل‪ ،‬فإنه أبى أن يأخذ‪.‬‬
‫قال المروزي‪ :‬دخلت على أحمد بن حنبل‪ ،‬فقلسست‪:‬‬
‫كيف أصبحت؟ فقال‪ :‬كيف أصبح من ربه يطالبه بأداء‬
‫سسسنة‪ ،‬والمالكسسان‬‫الفسسرائض‪ ،‬ونسسبيه يطسسالبه بسسأداء ال ّ‬
‫سسسه تطسسالبه بهواهسسا‪،‬‬
‫يطالبسسانه بتصسسحيح العمسسل‪ ،‬ونف ُ‬
‫وإبليس يطالبه بالفحشاء‪ ،‬وملك الموت يطالبه بقبض‬
‫روحه‪ ،‬وعياله يطلبونه بنفقتهم‪ .‬والله أعلم وصل الله‬
‫على محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫ل عن باب السلطان فكتب إليسسه‪» :‬نحسسن‬ ‫حجب رج ٌ‬ ‫ُ‬
‫دني ّسسة‪ ،‬والهمسسم القصسسيرة‪،‬‬‫نعسسوذ ُ بسسالله مسسن المطسساع ال ّ‬
‫حري ّسسة‪ ،‬فسسإن نفسسسي وللسسه الحمسسد أبيسسة مسسا‬ ‫وابتسسذال ال ُ‬
‫ة‪ ،‬ول خسسذلها صسسبٌر عنسسد نازلسسة‪ ،‬ول‬ ‫مس ٍ‬‫سسسقطت وراء ه ّ‬
‫استرقها طمعٌ ول طبعت على هلع‪ ،‬وقد رأيتسسك وليسست‬
‫صسسونه‪ ،‬ووصسسلت ببابسسك مسسن يشسسيُنه‪،‬‬ ‫عرضسسك مسسن ل ي ُ‬
‫دى‬ ‫جمان عقلك من يكثر من أعسسدائك ويتع س ّ‬ ‫وجعلت تر ُ‬
‫ه وفد َ السسذم إليسسك‪،‬‬ ‫أوليائك وُيسيء العبارة عنك‪ ،‬ويوج ُ‬
‫ف‬ ‫ن ُقلوب إخوانك عليك؛ لنسسه ل يعسسرف لشسسري ٍ‬ ‫وُيضغ ُ‬
‫ة‪ ،‬وُيزيل المراتب عن جهل بها‬ ‫قدًرا‪ ،‬ول لصديق منزل ً‬
‫ع‬
‫ي إلسى مرتبسة الوضسيع‪ ،‬ويرفس ُ‬ ‫وبدرجاتها‪ ،‬فيحط العلس ّ‬
‫ي إلسسى مرتبسسة الرفيسسع‪ ،‬ويحتقسسر الضسسعيف لضسسعفه‬ ‫دن ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل إلسسى ذي اللبسساس‬ ‫وتنبو عينه عسسن ذي البسسذاذة‪ ،‬ويميس ُ‬
‫ل الُرشا«‪.‬‬‫م على الهوى ويقب ُ‬ ‫والزينة وُيقدِ ُ‬
‫لما مات جالينوس ُوجد ي جيبه رقعة مكتوب فيها‪:‬‬
‫»أحمق الحمقى من يمل بطنه من كل مسسا يجسسد‪ ،‬ومسسا‬
‫ه‬‫أكلته فلجسمك‪ ،‬وما تصدقت به فلروحك‪ ،‬وما خل ّْفت َس ُ‬
‫فلغيسسرك‪ ،‬والمحسسسن حسسي وإن نقسسل إلسسى دار البلسسى‪،‬‬
‫والمسيء ميت وإن بقي في السسدنيا‪ ،‬والقناعسسة تسسستر‬
‫ة‪ ،‬وبالصبر تدرك المور‪ ،‬وبالتسسدبير يكسسثر القليسسل‪،‬‬ ‫الخل َ‬
‫‪269‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ولسسم أرى لبسسن آدم شسسيًئا أنفسسع لسه مسسن التوكسسل علسسى‬
‫الله«‪.‬‬
‫قيل لبعض العلماء‪ :‬ما خير المكاسب؟ قسسال‪ :‬خيسسر‬
‫مكاسب السسدنيا طلسسب الحلل لسسزوال الحاجسسة‪ ،‬والخسسذ‬
‫منه للقوة علسسى العبسسادة وتقسسديم فضسسله السسزائد ليسسوم‬
‫القيامة‪.‬‬
‫م معمول به نشسسرته‪،‬‬ ‫ما خير مكاسب الخرة فعل ٌ‬ ‫وأ ّ‬
‫ة أحييتَها‪.‬‬ ‫ة حسن ٌ‬‫سن ُ‬
‫ل صالح قدمته‪ ،‬و ّ‬ ‫وعم ٌ‬
‫مسسا شسسر مكاسسسب‬ ‫قيل‪ :‬وما شر المكاسب؟ قسسال‪ :‬أ ّ‬
‫الدنيا فحرام جمعته‪ ،‬وفي المعاصي أنفقتسسه‪ ،‬ولمسسن ل‬
‫خل ّْفَته‪.‬‬
‫يطيع ربه َ‬
‫دا‪،‬‬
‫وأما شسسر مكاسسسب الخسسرة‪ :‬فحسسق أنكرتسسه حسس ً‬
‫عدواًنا‪.‬‬
‫سنة سيئة أحييتها ُ‬ ‫ومعصية قدمتها إصراًرا‪ ،‬و ّ‬
‫قيل‪ :‬إنه ظهر إبليس –لعنه اللسسه‪ -‬لعيسسسى س س عليسسه‬
‫السلم س‪ ،‬فقال له‪ :‬أفلست تقول؟ لن يصيبك إل مسسا‬
‫كتب الله عليك؟ قال‪ :‬بلسسى‪ ،‬قسسال‪ :‬فسسارم نفسسسك مسسن‬
‫ذروة هذا الجبل‪ ،‬فإذا قد َّر اللسسه لسسك السسسلمة تسسسلم‪،‬‬
‫فقال له‪ :‬ملعون‪ ،‬إن الله تعالى يختبر عبسساده‪ ،‬وليسسس‬
‫للعبد أن يختر ربه‪.‬‬
‫خير الرزق مسسا سسسلم مسسن خمسسسة‪ :‬مسسن الثسسم فسسي‬
‫الكتساب‪ ،‬والمذلة والخضسسوع فسسي السسسؤال‪ ،‬والغسسش‬
‫فسسسي الصسسسناعة‪ ،‬وأثمسسسان آلت المعاصسسسي‪ ،‬ومعاملسسسة‬
‫الظلمة‪.‬‬
‫جعل الشر كله في بيت‪ ،‬وجعل مفتاحه الرغبة في‬
‫الدنيا‪.‬‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫قصة‬
‫روى ابسسن عسسساكر عسسن أبسسي الحسسسين النسسوري أنسسه‬
‫اجتاز بزورق فيه خمر مع ملح‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذا؟ ولمن‬
‫هذا؟ فقال‪ :‬هذه خمر للمعتضد‪ ،‬فصسسعد أبسسو الحسسسين‬
‫‪270‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫إليهسسا‪ ،‬فجعسسل يضسسرب السسدنان بعمسسود فسسي يسسده حسستى‬
‫دا تركه‪.‬‬‫كسرها كلها إل دنا واح ً‬
‫واسسستغاث الملح فجسساءت الشسسرطة‪ ،‬فأخسسذوا أبسسا‬
‫الحسين‪ ،‬فأوقفوه بين يدي المعتضد‪.‬‬
‫فقال له‪ :‬من أنت؟ فقال‪ :‬المحتسب‪ ،‬فقال‪ :‬ومسسن‬
‫ولك الحسسسبة؟ فقسسال‪ :‬السسذي ولك الخلفسسة يسسا أميسسر‬
‫المؤمنين‪ ،‬فأطرق رأسه ثم رفعها‪.‬‬
‫فقسسال‪ :‬مسسا السسذي حملسسك علسسى مسسا فعلسست؟ فقسسال‪:‬‬
‫ة عليك لسسدفع الضسسرر عنسسك‪ ،‬فسسأطرق رأسسسه ثسسم‬ ‫شفق ً‬
‫دا لسسم‬ ‫رفعها‪ ،‬فقال‪ :‬ولي شيء تركسست منهسسا دن ّسسا واح س ً‬
‫ت عليهسسا فكسسسرتها‬ ‫تكسسسره؟ فقسسال‪ :‬لنسسي إنمسا أقسدم ُ‬
‫إجلل ً لله تعالى‪ ،‬فلم أبالي بأحدٍ حتى إذا انتهيت إلسسى‬
‫سسسي إعجسساب مسسن قبيسسل أنسسي قسسد‬ ‫ن دخسسل ن َْف ِ‬ ‫هسسذا السد ّ ِ‬
‫ت على مثلك فتركته‪.‬‬ ‫أقدم ُ‬
‫ت يسسدك‪ ،‬فغّيسسْر‬ ‫فقال له المعتضد‪ :‬اذهب فقد أطلق ُ‬
‫ت أن تغيره من المنكر‪ ،‬فقال له النوري‪ :‬الن‬ ‫ما أحبب َ‬
‫انتقض عزمي عن التغيير‪.‬‬
‫ت أغيرهن لله وأنا الن‬ ‫م؟ فقال‪ :‬لني ُ‬
‫كن ُ‬ ‫فقال‪ :‬ول ِ َ‬
‫ب أن‬ ‫حس ّ‬‫تغيسرت النيسة‪ ،‬فقسال‪ :‬سسل حاجتسك‪ ،‬فقسال‪ :‬أ ُ‬
‫ما فأمر به فسسأخرج فصسسار‬ ‫تخرجني من بين يديك سال ً‬
‫إلى البصرة‪ ،‬فأقام بها مختفًيا خشسسية أن يشسسق عليسسه‬
‫أحد في حاجسة عنسسد المعتضسد‪ ،‬فلمسسا تسسوفي المعتضسد ُ‬
‫رجع إلى بغداد‪.‬‬
‫قصة‬
‫ما إلى قصر الذهب‪ ،‬فقام النسساس‬ ‫دخل المنصور يو ً‬
‫م ل َس ْ‬
‫م‬ ‫ن فضالة‪ ،‬فقال له وقد غضب عليه‪ِ :‬لسس َ‬
‫جب ُ‬‫إل فر ُ‬
‫تقم؟‬
‫ت أن يسألني الله عن ذلسسك ويسسسألك لسسم‬ ‫قال‪ :‬خف ُ‬
‫ت بذلك‪ ،‬وقد كره رسول الله ‪ ‬القيام للناس‪.‬‬ ‫ضي ْ َ‬
‫َر ِ‬
‫قال‪ :‬فبكى المنصور وقربه وقضى حوائجه‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وقسسال الصسسمعي‪ :‬قسسال المنصسسور لرجسسل مسسن أهسسل‬
‫كسسم‬ ‫الشسسام‪ :‬احمسسد اللسسه يسسا أعرابسسي السسذي دفسسع عن ُ‬
‫الطسساعون بوليتنسسا‪ ،‬فقسسال العرابسسي‪ :‬إن اللسسه أحكسسم‬
‫كيسل وليتكسم‬ ‫سسوء َ‬ ‫الحاكمين ل يجمسع علينسا حشسًفا و ُ‬
‫عون‪.‬‬‫والطا ُ‬
‫وقال‪ :‬أتي برجل لُيعاقبه‪ ،‬فقال‪ :‬يا أمير المسسؤمنين‪،‬‬
‫ضسسل‪ ،‬ونعسسوذ ْ أميسسر المسسؤمنين‬ ‫ل‪ ،‬والعفسسو ف ْ‬ ‫النتقام عد ٌ‬
‫بسسالله أن يرضسسى لنفسسسه بسسأوكس النصسسيبين‪ ،‬وأدنسسى‬
‫ن أرفع الدرجتين فعفا عنه‪.‬‬ ‫دو ْ‬‫القسمين ُ‬
‫وقال المنصور لبنه المهدي‪ :‬إن الخليفة ل ُيصسسلحه‬
‫إل التقوى‪ ،‬والسلطان ل يصلحه إل الطاعة‪ ،‬والرعيسسة‬
‫هم‬ ‫حها إل العسسدل‪ ،‬وأولسسى النساس بسسالعفو أقسدر ُ‬ ‫ل ُيصسل ُ‬
‫عقل ً مسسن ظلسسم مسسن هسسو‬ ‫ص الناس َ‬ ‫على الُعقوبة‪ ،‬وأنق ُ‬
‫دونه‪.‬‬
‫ُ‬
‫وقسسال‪ :‬يسسا ُبنسسي اسسستدم النعمسسة بالشسسكر‪ ،‬والقسسدرة‬
‫بالعفو‪ ،‬والطاعة بالتأليف‪ ،‬والّنصر بالتواضع والرحمسسة‬
‫س نصيبك من الدنيا ونصيبك من رحمسسة‬ ‫للناس‪ ،‬ول تن َ‬
‫الله‪.‬‬
‫كتب سالم بن عبدالله بن عمر بن الخطسساب إلسسى‬
‫عمسسر الخلفسسة‪ :‬أمسسا بعسسد يسسا‬ ‫مسسا ولسسي ُ‬
‫عمر بن العزيز ل ّ‬
‫عمسسر‪ ،‬فسسإنه قسسد ولسسي الخلفسسة والملسسك قبلسسك أقسسوام‪،‬‬
‫جمسسوع‬ ‫دا بعد ال ُ‬‫فماتوا على ما قد رأيت ولُقوا الله فُرا ً‬
‫والحفدة والحشم‪ ،‬وعالجوا نسسزع َ المسسوت السسذي كسسانوا‬
‫منه يفُرون فانفقأت أعينهم التي كسسانت ل تفتسسأ تنظسسر‬
‫موسدين بعد لين الوسائد‬ ‫لذاتها واندفنت رقاُبهم غير ُ‬
‫سُرر والخسسدم وانشسسقت‬ ‫وتظاهر الُفرش والمرافق وال ُ‬
‫بطونهم التي كانت ل تشبع مسسن كسسل نسسوع ولسسون مسسن‬
‫الموال والطعمسة وصساُروا جيًفسا بعسد طيسب السروائح‬
‫ن كسسانوا‬ ‫مسس ْ‬
‫العطرة حتى لو كانوا إلى جانب مسكين م ّ‬
‫ذى بهم ولنفر منهم بعد إنفسساق‬ ‫يحقُروَنه وهم أحياء لتأ ّ‬
‫الموال إلى أغراضهم مسسن الطيسسب والثيسساب الفسساخرة‬
‫‪272‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫اللينسسة كسسانوا ينفقسسوا المسسال إسسسراًفا فسسي أغراضسسهم‬
‫وأهسسوائهم‪ ،‬وُيقسسترون فسسي حسسق اللسسه وأمسسره‪ ،‬فسسإن‬
‫سون بمسسا‬ ‫هم يوم القيامة وهم محبو ُ‬ ‫استطعت أن تلقا ُ‬
‫ن بشسسيء‪ ،‬فافعسسل‬ ‫مرتهس ٌ‬ ‫عليهم وأنت غير محبوس ول ُ‬
‫ن بالله ول حول ول قوة إل بالله سبحانه‪.‬‬ ‫واستع ْ‬
‫ه‬
‫سسسسس ُ‬ ‫حَرا ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫سالم ٍ ولسسسسو ك َث ُسسسسَر ْ‬ ‫ما َقليل ب َ‬ ‫ك عَ ّ‬‫مل ٌ‬ ‫وما َ‬
‫ه‬
‫واك ِب ُ ْ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫و َ‬
‫ب‬ ‫ج سُر البسسا َ‬ ‫ل ي َهْ ُ‬ ‫مسسا َقلي س ٍ‬ ‫شسدِي ْدٍ فَعَ ّ‬‫ب َ‬ ‫من كسسان َ‬
‫ذا ب َسسا ٍ‬ ‫و َ‬
‫ه‬‫جب ُ ْ‬ ‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫وحسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساجب َ‬
‫ه‬‫حب َسسائ ِب ُ ْ‬
‫هو َ‬ ‫وان ُ ُ‬‫ره أعْ َ‬ ‫حّتسسى إلى غَي ْ ِ‬ ‫ت َ‬‫غيُر المو ِ‬ ‫وما كان َ‬
‫ه‬ ‫حبسسائب ُ ْ‬ ‫حاُبه و َ‬ ‫صسس َ‬‫هأ ْ‬ ‫م ُ‬‫سل َ َ‬
‫ت وأ ْ‬ ‫ت ََفّرَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫ل‬‫س سُروًْرا بسسه ك ُس ُ‬ ‫م ْ‬‫ح َ‬ ‫ص سب َ َ‬
‫فأ ْ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدٍ‬ ‫حا ِ‬‫َ‬

‫عمر بن ذر عن مجاهد‪ ،‬قسسال‪ :‬إذا أراد أحسسدكم‬ ‫عن ُ‬


‫أن ينام فليستقبل القبلة ولينسسم علسسى يمينسسه‪ ،‬وليسسذكر‬
‫الله وليكن آخر كلمه عند منامه ل إله إل الله‪ ،‬فإنهسسا‬
‫و‬
‫ه َ‬ ‫وفاء ل يسسدري لعلهسسا تكسسون ميتتسسه‪ ،‬ثسسم يقسسرأ‪َ  :‬‬
‫و ُ‬
‫ل ‪.‬‬‫كم ِبالل ّي ْ ِ‬ ‫فا ُ‬ ‫و ّ‬‫ذي ي َت َ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫كان محمد بن طارق يطوف في البيت العتيق فسسي‬
‫عا‪ ،‬وكان كرز يختم القسسرآن‬ ‫اليوم والليلة سبعين أسبو ً‬
‫في كل ليلة ويوم‪ ،‬وفي ذلك يقول ابن شبرمة‪:‬‬
‫ت‬ ‫ل البي ِ‬‫حو َ‬
‫ن طارق َ‬ ‫ت ك َك ُسسرزٍ فسسي أو كاب ْ ِ‬ ‫ت ك ُن ْس ُ‬ ‫شئ ُ‬ ‫لو ِ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرم ِ‬ ‫ت َعَّبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدِهِ وال َ‬
‫طلب الَفسسوز‬ ‫عا في ِ‬ ‫ساَر َ‬ ‫ش و َ‬ ‫ل د ُوْ َ َ‬ ‫حا َ‬ ‫قَد ْ َ‬
‫ن لذِي ْذِ العَي ْس ِ‬
‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرم ِ‬‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا وال َ‬ ‫خوْفُهُ َ‬

‫فائدة‬
‫ب أن يكون للنبيسساء وارث ًسسا‪ ،‬وفسسي مزارعهسسم‬‫من أح ّ‬
‫حارًثا فليتعلم العلم النافع‪.‬‬

‫‪273‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫م ديسسن السسسلم‪،‬‬ ‫وهو ما جاء عن النبي ‪ ‬وهو عل س ُ‬
‫ففي الحديث‪» :‬الُعلماء ورثة النبياء«‪.‬‬
‫ض الجنة‪.‬‬ ‫وليحضر مجالس الُعلماء فإنها ريا ُ‬
‫ب أن يعلسسم مسسا نصسسيبه مسسن عنايسسة اللسسه‬ ‫ومسسن أح س ّ‬
‫فلينظر ما نصيبه من الفقه في دين الله‪.‬‬
‫ه فسسي‬ ‫من ُيرد اللسه بسه خيسًرا يفقْهس ُ‬ ‫ففي الحديث‪َ » :‬‬
‫ن« ومسسن أحسسب أن ل ينقطسسع عملسسه بعسسد مسسوته‬ ‫السسدي ِ‬
‫م بالت ّد ْوِْين والت َْعليم‪.‬‬ ‫فلينشُر العِل ْ َ‬
‫مُلسسه إل‬ ‫طسسع عَ َ‬ ‫ففي الحديث‪» :‬إذا مات النسان انق َ‬
‫ه‪ ،‬أو ولسسد‬ ‫مسسن ثلث‪ :‬صسسدقة جاريسسة‪ ،‬أو علسسم ي ُن ْت ََف سعُ ب ِس ِ‬ ‫ِ‬
‫صالح َيدعو له«‪.‬‬
‫ش إلسسى‬ ‫ومن سأل عن طريسسق َتبلغسسه الجنسسة‪ ،‬فليمس ِ‬
‫ك ط َرِي ًْقسسا‬ ‫س سل َ َ‬ ‫مسسن َ‬ ‫س العلسسم‪ ،‬ففسسي الحسسديث‪َ » :‬‬ ‫مجسسال ِ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫ك الله به ط َرِي ًْقا إلى الجن ِ‬ ‫سل َ َ‬‫ما َ‬ ‫عل ْ ً‬
‫يلتمس فيه ِ‬
‫مس َ‬
‫ل‬ ‫ث بحسسدْيث فعُ ِ‬ ‫وقال عمر بن الخطاب‪ :‬من ح سد ّ َ‬
‫به فله أجر مثل ذلك العمل‪.‬‬
‫صسسار‬ ‫ن البصري‪ :‬لول الله ثسسم الُعلمسساء ل َ‬ ‫وقال الحس ُ‬
‫الناس أمثال البهائم‪.‬‬
‫داِئم الصسسوم‬ ‫صسسلةٍ َ‬ ‫ل كسسثيُر َ‬ ‫حسسس َ‬ ‫مسسسن َقسسسد ْ أن ْ َ‬ ‫ب َ‬ ‫أل ُر ّ‬
‫ه عابسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫م ُ‬‫سسسسسسسسسس َ‬ ‫ج ْ‬ ‫الُزهْسسسسسسسسسد ُ ِ‬
‫صسسسود ُ قسسسد‬ ‫مْق ُ‬ ‫ل ال َ‬ ‫جهِسسس َ‬ ‫ق إذا ُ‬ ‫صال ً وهْسوَ بسسالط ّْر ِ‬ ‫م وِ َ‬ ‫ي َُروْ ُ‬
‫صسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫ب قا ِ‬ ‫ل خسسسسسسسسسسا َ‬ ‫جاهِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٌ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫جْهسس ِ‬ ‫ل بال َ‬ ‫من العما ِ‬ ‫ل بسسالعِل ْم ِ كثيٌر ِ‬ ‫ن العما ِ‬ ‫م َ‬‫ل ِ‬ ‫قَل ِي ْ ٌ‬
‫نسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسافِعٌ فاسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬

‫فائدة عظيمة‬
‫ت أعناق الرجال‪ ،‬فاسسستعذ بسسالله‬ ‫أربعة أعمال قطع ْ‬
‫منها‪:‬‬
‫أولها‪ :‬الكفر‪ ،‬وهسسو قسسسمان‪ :‬الول‪ :‬كفسسر الشسسك‬
‫ط والبسساء‬
‫خ ِ‬ ‫سسس َ‬
‫وهسسو كفسسر الظسسن‪ ،‬والثللاني‪ :‬كفسسر ال ّ‬
‫والستكبار‪ ،‬وهو أعظم البليتين؛ لن الشاك قد يسسؤمن‬
‫‪274‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫إذا اتضح له اليقين‪ ،‬وأما الساخط فعلى بصسسيرة كفسسر‬
‫برب العالمين‪.‬‬
‫مظل ّل َسسة‪،‬‬ ‫ثانًيا‪ :‬البدعسسة‪ ،‬وهسسي قسسسمان‪ :‬مكفسسرة‪ ،‬و ُ‬
‫ه‪ ،‬ومسسن ابتلسسي‬ ‫فمن سلم منهما فقد سسسلم لسسه إسسسلم ُ‬
‫بأحدهما فقد حاد عن طريق السلم أو تاه عن سبيل‬
‫النجاة‪.‬‬
‫ة عسسن ذكسسر اللسسه‪ ،‬فسسإن المعصسسية إلسسى‬ ‫ثالًثا‪ :‬الغفلس ُ‬
‫خرةِ إلى المكان النازل‪.‬‬ ‫ص ْ‬ ‫الغافل أسرعُ من انحدار ال ّ‬
‫ب الدنيا إذا تمك ّسسن مسسن القل ْسسب ولسسو كسسان‬ ‫ح ّ‬‫عا‪ُ :‬‬ ‫راب ً‬
‫ه فسسي أوديسسة السسدنيا‬ ‫ل بالعبادة وقلب ُس ُ‬ ‫مشتغ ٌ‬ ‫دا فبدُنه ُ‬ ‫عاب ً‬
‫ب إلسسى اللسسه بظسسواهره ويبع سد ُ‬ ‫عمره يتقر ُ‬ ‫ل ُ‬ ‫طو َ‬ ‫فتراهُ ُ‬
‫عنه بقلبه‪.‬‬
‫حسسقّ‬ ‫طرْيسسقُ ال َ‬ ‫مَهسسا و َ‬ ‫طا ِ‬‫ح َ‬ ‫مْيسسُر علسسى السسدنيا ُ‬ ‫ت ال ِ‬ ‫أْنسس َ‬
‫ك‬‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُلو ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك فسسسسسسسسسسي َ‬ ‫هسسسسسسسسسسدِ َ‬ ‫بُز ْ‬
‫واهُ‬ ‫ن ي َْهسس َ‬‫ب لمسسس َ‬‫حسس َ‬
‫م ِ‬‫ن ال ُ‬ ‫ت إ ّ‬ ‫مس َ‬‫ت عَب ْسد ٌ لهَسسا مسسا د ُ ْ‬‫وأن ْس َ‬
‫ك‬ ‫مُلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُقَها َ‬ ‫َتع ِ‬

‫موعظة‬
‫ب‬‫عباد الله الثواُء في الدنيا قليل‪ ،‬ولنا عليها حسسسا ٌ‬
‫طويل فتهيُئوا للنقلة عنها قبسسل أن ُيزعجكسسم الرحيسسل‪،‬‬
‫ليسسس لكسسم فسسي سسسفر الخسسرة إل مسسا قسسدمتموه ليسسوم‬
‫المعاد‪.‬‬
‫اسمع يا مسسن أحيسساه اللسسه علسسى السسسلم اسسسأله أن‬
‫ه اللسه قميسسص اليمسان‪،‬‬ ‫يتوفاك عليسسه‪ ،‬ويسا مسسن سسربل ُ‬
‫ما‪ ،‬ويا من استحفظه اللسسه‬ ‫معل ً‬
‫اجتهد أن يكون بالنقاِء ُ‬
‫دلنا علسسى المتسساجر‬ ‫مؤمن ًسسا‪ ،‬القسسرآن ي َس ُ‬‫القسسرآن ك ُسسن بسسه ُ‬
‫ن متسسأخرون‪ ،‬وُيزهسسدنا فسسي السسدنيا الفانيسسة‬ ‫الرابحة ونح ُ‬
‫ونحن فيها راغبون‪.‬‬
‫عباد الله ينبغي للحاضر أن يكون سامًعا‪ ،‬وللسامع‬
‫عي أن يكون بما دعا إليه عام ً‬
‫ل‪،‬‬ ‫دا ِ‬ ‫أن يكون واعًيا‪ ،‬ولل ّ‬
‫صا‪.‬‬
‫وللعامل في عمله أن يكون مخل ً‬
‫‪275‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫واعلم يا ابن آدم‪ ،‬أنك مريض القلسسب مسسن جهسستين‪،‬‬
‫إحداهما‪ :‬مخالفتك لمر الله‪ ،‬والخرى‪ :‬غفلتك عن‬
‫ذكر الله‪.‬‬
‫ولن تجسسد طعسسم العافيسسة حسستى تكسسون علسسى طاعسسة‬
‫ج مسسرض المخالفسسة‬ ‫ما‪ ،‬فعال س ْ‬ ‫مسسدي ً‬ ‫مسسا‪ ،‬ولسسذكر اللسسه ُ‬ ‫مقي ً‬ ‫ُ‬
‫بالتوبة‪ ،‬ومرض الغفلة بالنابة والرجوع إلى الله‪.‬‬
‫ر‬
‫شسسس ِ‬ ‫دث لي َسسسوْم ِ ن َ ْ‬ ‫سسسسَتع َ‬
‫ه ل يَ ْ‬ ‫ضسس ِ‬ ‫ضسسا عسسن عَْر ِ‬ ‫مْعر ً‬ ‫َيسسا ُ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساب ِهِ ك ِت َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساب ِهِ‬ ‫ح َ‬‫و ِ‬
‫حاب ِهِ‬‫صس َ‬‫مت ََلهًيا في أهْل ِسهِ و ِ‬ ‫مسسسسال ِهِ ْ‬ ‫مت َعَل ّل ً بعَيسسسسال ِهِ وب ِ َ‬
‫ُ‬
‫شسسورِهِ وَوُقُسسوفِهِ ومسسآب ِهِ‬ ‫حهِ ون ُ ُ‬ ‫مات ِهِ وضسسرِي ْ ِ‬ ‫م َ‬
‫سًيا ل ِ َ‬
‫مت ََنا ِ‬ ‫ُ‬
‫ب بثوابه وعَقاب ِهِ‬ ‫َ‬
‫مكذ ّ ٍ‬ ‫ل ُ‬ ‫ق فع ْ ُ‬ ‫صسسسسد ّ ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬‫ل قَسسسسوْ ُ‬ ‫القسسسسو ُ‬
‫ل ب ِِفعَسسال ِهِ فَِفعَسساُله أوْل َسسى ب ِسهِ‬ ‫والِفعْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ف‬ ‫خسسال َ‬ ‫ل قَ سوْل ً ثسسم َ‬ ‫من قَسسا َ‬ ‫َ‬
‫َقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوْل َ ُ‬
‫ه‬

‫قصة‪:‬‬
‫كان شريك بن عبدالله القاضي الكسسوفي ل يجلسسس‬
‫ة فينظسسر‬ ‫للحكم بين الناس حتى يتغدى‪ ،‬ثم يخرج ورق ً‬
‫مة‬ ‫صسسو َ‬
‫خ ُ‬ ‫قبل أن يحكم بين الناس‪ ،‬ثم يسسأمر بتقسسديم ال ُ‬
‫إليه‪ ،‬فحرس بعض أصحابه على قسسراءة مسسا فسسي تلسسك‬
‫الورقة التي يقرؤها قبل الحكم بين الناس‪ ،‬فإذا فيها‪:‬‬
‫ح سد َّته‪ ،‬يسسا‬‫طو ِ‬‫»يسسا شسسريك بسسن عبسسدالله‪ ،‬اذكسسر الصسسرا َ‬
‫شريك‪ ،‬اذكر الموقف بين يد الله عز وجل«‪.‬‬
‫جد في زمننا أمثال هؤلء!!‬ ‫تأمل يا أخي‪ ،‬هل ُيو َ‬
‫قصة‪:‬‬
‫ذكسسر القاضسسي أبسسو الحسسسن محمسسد بسسن عدالواحسسد‬
‫الهاشمي عن شيخ من التجسسار‪ ،‬قسسال‪ :‬كسسان لسسي علسسى‬
‫بعض المسسراء مسسال كسسثير‪ ،‬فمسسا طلنسسي ومنعنسسي حقسسي‬
‫ت أطالبه حججني عنسسه‪ ،‬ويسسأمر غلمسسانه‬ ‫وجعل كلما جئ ُ‬
‫ت عليه إلى السسوزير‪ ،‬فلسسم يفسسد ذلسسك‬ ‫ُيؤذوَنني‪ ،‬فاشتكي ُ‬
‫شيًئا وإلى أولي المر مسسن الدولسسة فلسسم يقطعسسوا منسسه‬
‫‪276‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫دا‪ ،‬فأيسسست مسسن‬ ‫شيًئا‪ ،‬ومسسا زاده ذلسسك إل منعًسسا وجحسسو ً‬
‫م مسسن جهتسسه‪ ،‬فبينمسسا أنسسا‬‫المال الذي عليه ودخلنسسي هس ٌ‬
‫كذلك وأنا حائر إلى من أشتكي‪ ،‬إذ قال لي رجسسل‪ :‬أل‬
‫تأتي فلًنا الخياط إمام مسجد هناك؟‬
‫فقلت‪ :‬وما عسى أن يصنع خياط من هسسذا الظسسالم‬
‫وأعيان الدولسسة لسسم يقطعسسوا فيسسه‪ ،‬فقسسال‪ :‬الخيسساط هسسو‬
‫أقطع وأخسسوف عنسسده مسسن جميسسع مسسن اشسستكيت إليسسه‪،‬‬
‫جا‪.‬‬
‫فاذهب إليه لعلك أن تجد عنده فر ً‬
‫ل في أمره )يعني مسسستبعد ٌ‬ ‫قال‪ :‬فقصده غير محتف ٍ‬
‫النجاح( فذكرت له حاجتي ومالي وما لقيت مسسن هسسذا‬
‫الظالم‪.‬‬
‫فقام معي‪ ،‬فحين عسساينه الميسسر قسسام إليسسه وأكرمسسه‬
‫واحترمه وبادر إلى قضاء حقي الذي عليسسه فأعطسسان ِْيه‬
‫كامل ً من غير أن يكون منه إلى المير كبير أمر‪.‬‬
‫غير أنه قال له‪ :‬ادفسسع إلسسى هسسذا الرجسسل حقسسه‪ ،‬وإل‬
‫ن المير ود َفَعَ إلي حقي‪.‬‬ ‫ت فتغير لو ُ‬ ‫أذ ّن ْ ُ‬
‫ت مسن ذلسك الخيسساط مسع رثاثسسة‬ ‫قال التساجر‪ :‬فعجبس ُ‬
‫ه!‬‫حاله وضعف بنيته كيف انطاع وانقاد ذلك الميُر ل ُ‬
‫ت عليه شسسيًئا مسسن المسسال فلسم يقبسسل‪،‬‬ ‫ثم إني عرض ُ‬
‫ت هذا لكان لي من المال ما ل يحصسسى‪،‬‬ ‫وقال‪ :‬لو أدر ُ‬
‫ت‬ ‫ت لسسه تعجسسبي منسسه وألحح س ُ‬ ‫فسألته عن خبره‪ ،‬وذكر ُ‬
‫عليه‪.‬‬
‫فقال‪ :‬إن سبب ذلسسك أنسسه كسسان عنسسدنا فسسي جوارنسسا‬
‫أمير تركي من أعالي الدولسسة وهسسو شسساب حسسسن )أي‬
‫جميل(‪ ،‬فمرت به ذات يوم امرأة حسناء قسسد خرجسست‬
‫من الحمسسام وعليهسسا ثيسساب مرتفعسسة ذات قيمسسة‪ ،‬فقسسام‬
‫إليهسسا وهسسو سسسكران فتعلسسق بهسسا يريسسدها علسسى نفسسسها‬
‫ليدخلها منزله‪ ،‬وهي تأبى عليه وتصيح بسسأعلى صسسوتها‬
‫مسسسلمين‪ ،‬أنسسا امسسرأة ذات زوج‪ ،‬وهسسذا رجسسل‬ ‫تقول‪ :‬يا ُ‬
‫ُيريدين على نفسي ويدخلني منزله‪ ،‬وقد حلف زوجي‬
‫بالطلق أن ل أبيت في غير منزلسسه ومسستى بسست هاهنسسا‬
‫‪277‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫طلقت منه ولحقني بسبب ذلك عار ل تدحضسسه اليسسام‬
‫ول تغسله المدامع‪.‬‬
‫قسسال الخيسساط‪ :‬فقمسست إليسسه فسسأنكرت عليسسه وأردت‬
‫خلص المرأة من بين يديه فضربني بدبوس فسسي يسسده‬
‫فشج رأسي وغلب المرأة على نفسها فأدخلها منزله‬
‫قهًرا‪.‬‬
‫ت رأسسسي‬ ‫فرجعسست وغسسسلت السسدم عنسسي وعصسسب ُ‬
‫وصليت بالناس صلة العشاء‪ ،‬ثم قلسست للجماعسسة‪ :‬إن‬
‫هذا قد فعل ما قد علمتسسم فقومسسوا معسسي إليسسه ل ِن ُن ْك ِسَر‬
‫عليه ونخلص المرأة منه‪.‬‬
‫فقام الناس معي‪ ،‬فهجمنا عليه في دار فثسسار إلينسسا‬
‫في جماعسسة مسسن غلمسسانه بأيسسديهم العصسسى والسسدبابيس‬
‫يضسسربون النسساس‪ ،‬وقصسسدني هسسو مسسن بينهسسم فضسسربني‬
‫حا حتى أدماني وأخرجنسسا مسسن منزلسسه‬ ‫مب َّر ً‬
‫دا ُ‬
‫ضرًبا شدي ً‬
‫ونحن في غاية الهانة والذل‪.‬‬
‫ت إلى منزلي وأنا ل أهتدي إلى الطريق من‬ ‫فرجع ُ‬
‫ت علسسى فراشسسي فلسسم‬ ‫شدة الوجع وكثرة الدماء‪ ،‬فنم ُ‬
‫يأخذني النوم‪ ،‬وتحيرت ماذا أصنع حسستى أنقسسذ المسسرأة‬
‫من يده في الليل لسسترجع فتسسبيت فسسي منزلهسسا حسستى ل‬
‫ت أن أذن للصسسبح‬ ‫م ُ‬
‫يقع عليها من زوجها الطلق‪ ،‬فألهِ ْ‬
‫في أثناء الليل لكي يظن أن الصبح قد طلع فيخرجهسسا‬
‫من منزله فتذهب إلى منزل زوجها‪ ،‬فصعدت المنارة‬
‫وجعلت انظر إلى باب داره وأنسسا أتكلسسم علسسى عسسادتي‬
‫ت فلسسم‬ ‫قبل الذان هسسل أرى المسسرأة خرجسست‪ ،‬ثسسم أذنس ُ‬
‫ت على أنه إن لم تخرج أقمت الصلة‬ ‫م ُ‬‫م ْ‬ ‫تخرج‪ ،‬ثم ص ّ‬
‫حتى يتحقق الصباح‪ ،‬فبينما أنا أنظر هل تخرج المرأة‬
‫أم ل؟ إذ امتلت الطريق فرساًنا ورجالة‪.‬‬
‫ت‪:‬‬ ‫وهم يقولون‪ :‬أين الذي أّذن هذه الساعة؟ فقلسس ُ‬
‫أنسسا ذا وأنسسا أريسسد أن يعينسسوني عليسسه‪ ،‬فقسسالوا‪ :‬انسسزل‪،‬‬
‫فنزلت‪ ،‬فقالوا‪ :‬أجب أمير المؤمنين‪.‬‬

‫‪278‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن نفسي شيًئا‬ ‫م ْ‬‫فأخذوني وذهبوا بي إليه ول أملك ِ‬
‫سسسا فسسي مقسسام‬ ‫حسستى أدخلسسوني عليسسه‪ ،‬فلمسسا رأيتسسه جال ً‬
‫دا‪.‬‬
‫عا شدي ً‬
‫الخلفة ارتعدت من الخوف وفزعت فز ً‬
‫فقسسال‪ :‬ادن‪ ،‬فسسدنوت‪ ،‬فقسسال لسسي‪ :‬ليسسسكن روعسسك‬
‫وليهدأ َقلبك‪ ،‬وما زال يلطفني حتى اطمأننت وذهسسب‬
‫خوفي‪.‬‬
‫فقال لي‪ :‬أنت السسذي أذ ّن ْسست هسسذه السسساعة؟ قلسست‪:‬‬
‫نعم يا أمير المؤمنين‪ ،‬فقال‪ :‬ما حملك على أن أذنسست‬
‫هذه الساعة‪ ،‬وقد بقي من الليل أكثر مما مضى منسسه‬
‫فتغر بذلك الصائم والمسافر والمصلي و غيرهم‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬يسسؤمنني أميسسر المسسؤمنين حسستى أقسسص عليسسه‬
‫صة‪.‬‬‫ت له الق ّ‬ ‫ن‪ ،‬فذكر ُ‬ ‫خبري؟ فقال‪ :‬أنت آم ٌ‬
‫دا‪ ،‬وأمسسر بإحضسسار ذلسسك‬ ‫قسسال‪ :‬فغضسسب غض سًبا شسسدي ً‬
‫المير والمرأة من ساعته على أي حالة كانا فأحضسسرا‬
‫سريًعا‪ ،‬فبعث بالمرأة إلى زوجها مع نسوة من جهتسسه‬
‫ثقات ومعهن ثقة من جهته‪.‬‬
‫وأمسسره أن يسسأمر زوجهسسا بسسالعفو والصسسفح عنهسسا‬
‫والحسان إليها‪ ،‬فإنها مكرهة ومعذورة‪.‬‬
‫ثم أقبل على ذلك الشاب المير‪ ،‬فقال له‪ :‬كم لك‬
‫من الرزق؟ وكم عندك من المسسال؟ وكسسم عنسسدك مسسن‬
‫الجواري والزوجات؟ فذكر له شيًئا كثيًرا‪.‬‬
‫فقال له‪ :‬ويحك‪ ،‬أما كفاك ما أنعسسم اللسسه بسسه عليسسك‬
‫حتى انتهكست حرمسة اللسه وتعسديت حسدوده‪ ،‬وتجسرأت‬
‫على السلطان‪ ،‬وما كفاك ذلك حتى عمدت إلى رجل‬
‫أمرك بالمعروف ونهاك عسسن المنكسسر فضسسربته وأهنتسسه‬
‫وأدميته فلم يكن له جواب‪ ،‬فأمر به فجعل في رجلسسه‬
‫ل في جوالق‪ ،‬ثسسم‬ ‫خ َ‬
‫قيد وفي عنقه غل‪ ،‬ثم أمر به فأد ِ‬
‫دا حتى خفت‪.‬‬ ‫أمر به فضرب بالدبابيس ضرًبا شدي ً‬
‫ثم أمر به فألقي في دجلة فكسان ذلسك آخسر العهسد‬
‫ثم أمر بدًرا صاحب الشرطة أن يحتاط على مسسا فسسي‬

‫‪279‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫داره من الحواصل والمسسوال السستي كسسان يتناولهسسا مسسن‬
‫بيت المال‪.‬‬
‫ثم قال لذلك الرجل الصالح الخياط‪ :‬كل مسسا رأيسست‬
‫منكًرا صغيًرا كان أو كبيًرا‪ ،‬ولو على هذا وأشسسار إلسسى‬
‫صاحب الشرطة فأعلمني‪.‬‬
‫فإن اتفق اجتماعك بي وإل‪ ،‬فعلى ما بينسسي وبينسسك‬
‫الذان فأذن في أي وقت كان أو في مثل وقتك هذا‪.‬‬
‫دا من هؤلء الدولة بشسسيء إل‬ ‫قال‪ :‬فلهذا ل آمُر أح ً‬
‫امتثلسسوه ول أنهسساهم عسسن شسسيء إل تركسسوه خوفًسسا مسسن‬
‫المعتضد‪ ،‬وما احتجت أن أؤذن في مثل تلك السسساعة‬
‫إل الن‪.‬‬
‫ه‪:‬‬
‫س ُ‬ ‫خا ن َْف َ‬ ‫موَب ّ ً‬
‫قال بعضهم ُ‬
‫ك‬ ‫مس َ‬ ‫ن أّيا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ضاعَ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ك َ‬ ‫ن ي َك ِْفي َ‬ ‫ل بسسسسال ْغِْزل َ ِ‬ ‫شسسسساغُ َ‬ ‫دع الت ّ َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ل الوَ ِ‬ ‫والَغسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَز ِ‬
‫ل‬ ‫مسسا ِ‬ ‫ح الع َ‬ ‫صال ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ت عَ ْ‬ ‫ك ل د ُن َْيسسسا وَك ُن ْ َ‬ ‫مسسسَر َ‬ ‫ت عُ ْ‬ ‫ضسسسي ّعْ َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫شسسسسسسسسسسسسغُ ِ‬ ‫ت بَهسسسسسسسسسسا فسسسسسسسسسسسسي ُ‬ ‫ظِفسسسسسسسسسسْر َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫مس َ‬ ‫ج ِ‬ ‫م ع ْ سو َ ّ‬ ‫ت عنهسسا ل ِ ُ‬ ‫مل ْس َ‬ ‫دى وَ ِ‬ ‫ت ط ُسسسسْرقَ الهُسسسس َ‬ ‫ت ََرك ْسسسس َ‬
‫ل‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسب ُ ِ‬ ‫حةٍ ال ّ‬ ‫ضسسسسسس َ‬ ‫س وا ِ‬ ‫كالشسسسسسسم ِ‬
‫ت‬ ‫ت فسسي غَْفل َسةٍ أم أن ْس َ‬ ‫مسسر أأن ْس َ‬ ‫ن ن َسساظ ًَرا فسسي أ ْ‬ ‫ولم ت َك ُ ْ‬
‫ل‬‫خب َسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫عاقَب َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةٍ فسسسسسسسسسسسسي َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫م الّنز ِ‬ ‫جو أك َْر َ‬ ‫جوِج وي َْر ُ‬ ‫مسساَدى فسسي الل ُ‬ ‫جًزا ي َت َ َ‬ ‫عسسا ِ‬ ‫ي َسسسا َ‬
‫س‬‫مَتاب ََعسسسسسسسسةِ الن ّْفسسسسسسسس ِ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫جى ِ‬ ‫ما ي ُْر َ‬ ‫خي َْر َ‬ ‫موا َ‬ ‫س إذ ْ فََقد ّ ُ‬ ‫ت بالكيسسا ِ‬ ‫شسسب ّهْ َ‬ ‫هل ت َ َ‬
‫ل‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫فَط ُْنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوا العَ َ‬
‫ة ل َتسسأتي علسسى‬ ‫من ِّيسس َ‬ ‫ك إن ال َ‬ ‫س ست َد ْرِ ْ‬ ‫ح َفا ْ‬ ‫صا ِ‬ ‫ت َيا َ‬ ‫فَّرط ْ َ‬
‫ل‬ ‫مَهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫ل َ‬ ‫جسسسسسسسسسس ٍ‬ ‫عََلسسسسسسسسسسى عَ َ‬
‫مسسسر غَْيسسسر‬ ‫ك بع ُ ْ‬ ‫شسسسَرت ْ َ‬ ‫ت أو ْ ب َ ّ‬ ‫ك ي َِقيًنسسا وَْقسس َ‬ ‫ل أْنسسذ ََرت ْ َ‬ ‫هسس ْ‬
‫ل‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫من َْف ِ‬ ‫َزوَْرت َِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬
‫ت فيسسه‬ ‫مل ْس َ‬ ‫ما أ ّ‬ ‫نب َ‬ ‫ما ُ‬‫مسسا ال سد ّن َْيا ول الّز َ‬ ‫ت َ‬ ‫هَي ْهَسسات هَي ْهَسسا َ‬
‫ملسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي‬ ‫بَباِقيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةٍ َ‬
‫ت إل‬ ‫م ْ‬ ‫سسسسال َ َ‬ ‫مسسسا َ‬ ‫وا فَ َ‬ ‫صسسسْف ً‬ ‫ت َ‬ ‫م َ‬ ‫سال َ َ‬
‫ن الَليالي َ‬ ‫سب َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ل تَ ْ‬
‫‪280‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫خسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫علسسسسسسسسسسسى د َ َ‬ ‫دا‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬ ‫أ َ‬
‫مسسا غَْيسسَر‬ ‫ت ن َِعي ً‬ ‫ل َرأْيسس َ‬ ‫فََهسس ْ‬ ‫ن‬ ‫مس ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫مسسا أوِلي س َ‬ ‫ك َ‬ ‫ول ي َغُّرن ْ َ‬
‫ل‬ ‫من ْت َِقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫ُ‬ ‫ن َِعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسم ٍ‬
‫ح غَي ْرِ ُ‬ ‫َ‬
‫فََقاب َلت ْ ُ‬ ‫كَ ْ‬
‫ل‬ ‫م ِ‬
‫من ْد َ ِ‬ ‫جْر ٍ‬‫ه بِ ُ‬ ‫ه ب َعْسد َ‬ ‫جَبرت ْس ُ‬ ‫ى َ‬ ‫ن فَسست ً‬ ‫مس ْ‬ ‫م ِ‬
‫ك بيسسن الّتيسسهِ‬ ‫ط ل َْهسسو َ‬ ‫سسسا ِ‬ ‫بِ َ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرت ِهِ‬ ‫كَ ْ‬
‫ل‬‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ َ ِ‬ ‫وال َ‬ ‫ب‬ ‫ل فسسسسي ث َسسسسوْ ِ‬ ‫م ت َْرفُسسسس ُ‬ ‫إَل َ‬
‫ل‬
‫مهْت َب ِ ِ‬‫ت إل غَي َْر ُ‬ ‫ما ب ِهِ ك ُن ْ َ‬ ‫فَ َ‬ ‫الُغسسسسسسسسسُرورِ علسسسسسسسسسى‬
‫ح‬ ‫ص ٌ‬ ‫ه َنا ِ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ك ِ‬ ‫ب َواَفا َ‬ ‫شي ْ ُ‬ ‫وال ّ‬
‫ب‬ ‫شسسي ْ ِ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫صي َ‬ ‫ت نَ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫إّني أت ّهَ ْ‬ ‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذٌِر‬ ‫َ‬
‫عسسسسسسسسسسسذ َ ِ‬
‫ل‬ ‫فسسسسسسسسسسسي َ‬ ‫ت‬ ‫ح َ‬ ‫صسب َ ْ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ه ب َس ْ‬ ‫من ْ ُ‬
‫م ت َُرعْ ِ‬ ‫ول َ ْ‬
‫م‬ ‫ت ول َ ْ‬ ‫مرِ قِد ْ وَل ّ ْ‬ ‫ة العُ ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫فَب َهْ َ‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُهُ‬ ‫ت َن ْ ُ‬
‫ل‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫تَ ِ‬ ‫ظ‬ ‫حسسسس ّ‬ ‫ب َ‬ ‫ت ت َط ْل ُسسسس ُ‬ ‫سسسسسْر َ‬ ‫وَ ِ‬
‫م‬ ‫ي لَ ْ‬ ‫ق الغَ ّ‬ ‫ري ِ‬ ‫ن طَ ِ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫حال ٌ‬ ‫وَ َ‬ ‫سسسسسَفهٍ‬ ‫ن َ‬ ‫مسسسس ْ‬ ‫س ِ‬ ‫الن ّْفسسسس ِ‬
‫ل‬‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫تَ ُ‬ ‫ك‬ ‫من ْس َ‬ ‫صابي ِ‬ ‫صُر الت ّ َ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫وَ َ‬
‫ب السسوِْزِر‬ ‫ت ََرك ْت ََهسسا باك ِْتسسسا ِ‬ ‫حل ً‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسْرت َ ِ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫فسسسسسسسسسسسسسي ِثقسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫ت‬ ‫صسْف َ‬ ‫ت بالله لسسو أن ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫س ْ‬ ‫أقْ َ‬
‫سسسَراِر‬ ‫مائ ِرِ وال ْ‬ ‫ضسس َ‬ ‫علسسى ال ّ‬ ‫مسسسسسسسسسسسا‬ ‫ك َ‬ ‫سسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ن َْف َ‬
‫ل‬ ‫حيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫وال ِ‬ ‫مط ّل ِعٌ‬ ‫ن الله ُ‬ ‫ت بأ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ما عَل ِ ْ‬ ‫أ َ‬
‫ت فسسي‬ ‫صسسى ولسسو ك ُْنسس َ‬ ‫ح َ‬ ‫يُ ْ‬ ‫ه‬‫عل ُ ُ‬ ‫ت َفا ِ‬ ‫شّر أن ْ َ‬ ‫خي ْرٍ و َ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ُ ّ‬
‫ل‬ ‫سسسسسسسسسَتارِ والك ِل َسسسسسسسس ِ‬ ‫ال ْ‬
‫ل‬ ‫سسهْ ٍ‬ ‫خليَقسةِ فسسي َ‬ ‫هسذي ال َ‬ ‫َ‬ ‫ت ب ِت َْرَداتسسسسدِ‬ ‫مسسسسا اعْت َب َسسسسْر َ‬ ‫أ َ‬
‫ل‬ ‫جَبسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫وفسسسسسسسسسسسي َ‬ ‫ن إلسسسسسسسسسسى‬ ‫من ُسسسسسسسسسسو ِ‬ ‫ال َ‬
‫ضى إل إلى‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت عَ ّ‬ ‫خْر َ‬ ‫أ ّ‬ ‫ك إليك‬ ‫ش ّ‬ ‫ف تأتي بل َ‬ ‫سو ْ َ‬ ‫و َ‬
‫ل‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫أ َ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫فَ َ‬
‫ك‬ ‫من ْ َ‬ ‫ض ب ِعَْزم ٍ ِ‬ ‫بالحْزم ِ وان ْهَ ْ‬ ‫ك‬ ‫معُْلسسوم ٍ َلسسد َي ْ َ‬ ‫ه غَْيسسُر َ‬ ‫لك ِّنسس ُ‬
‫ل‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫مك ْت َ ِ‬ ‫ُ‬ ‫خسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ ْ‬ ‫فَ ُ‬
‫ب السسذي وَل ّسسى‬ ‫شَبا ِ‬ ‫خ ال ّ‬ ‫شْر ِ‬ ‫َ‬ ‫ط‬‫ة والت ّْفريسسسس َ‬ ‫طاَلسسسس َ‬‫دع الب َ‬ ‫َ‬
‫طسسسسسسسسسسسل‬ ‫م يَ ُ‬ ‫وَلسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫ك علسسسسسسسسسسسى‬ ‫َواب ْسسسسسسسسسسس ِ‬
‫ل َيسسوْم ِ‬ ‫هسسوْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مسس ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫جيسس َ‬ ‫ي ُن ْ ِ‬ ‫مسسا ول‬ ‫عل ْ ً‬
‫ل ب ِسهِ ِ‬ ‫صس ْ‬ ‫ح ّ‬‫م تُ َ‬ ‫ول َس ْ‬
‫ل‬ ‫جَلسسسسسسسس ِ‬ ‫ث ال َ‬ ‫حسسسسسسسسادِ ِ‬ ‫ال َ‬ ‫عمل ً‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫حسذ َْر ب َي ْعَس َ‬ ‫م وا ْ‬ ‫ولضوْ ت ََعاظ َ َ‬ ‫ك ل ت َب ْغِسسي بسسه‬ ‫دين َ َ‬
‫خل ب س ِ‬ ‫واب ْ َ‬
‫‪281‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ل‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَف ِ‬ ‫ال ّ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫عو َ ً‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫مَلسس ِ‬ ‫ما ن ََهى وت َد َب ّْرهُ ِبل َ‬ ‫عَ ّ‬ ‫ب اللسسه‬ ‫ب ك ِت ِسسا َ‬ ‫ل الك ِت َسسا َ‬ ‫وات ْس ُ‬
‫ن‬ ‫مسس َ‬ ‫جسساةُ لَتسساليهِ ِ‬ ‫فَْهسسوَ الن ّ ّ‬ ‫من َْتهي ًسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ُ‬
‫ل‬‫الظ ُل َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫ك‬ ‫مر عَلي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِفيه ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ُ ّ‬
‫واءِ‬ ‫هسس َ‬ ‫ق ال ْ‬ ‫ن ط ُسُر ِ‬ ‫عسس ْ‬ ‫وَعَ سد ّ َ‬ ‫ِبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ‬
‫ل‬ ‫واعَْتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسزِ ِ‬ ‫ظ‬ ‫حس َ‬ ‫ة الَغسّراَء ت َ ْ‬ ‫سن ّ َ‬ ‫ولزِم ِ ال ّ‬
‫حسسسذ َْر‬ ‫ك وا ْ‬ ‫سسسان َ َ‬ ‫ظ لِ َ‬ ‫حَفسس ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫بَهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫ل‬ ‫جسسسسسسسسسسد َ ِ‬ ‫ة ال َ‬ ‫فِت َْنسسسسسسسسسس َ‬ ‫مسسسا‬ ‫ض ِفي َ‬ ‫خسسسوْ َ‬ ‫ب ال َ‬ ‫جسسسان ِ ِ‬ ‫وَ َ‬
‫ك فيسسه غَي ْسَر‬ ‫سسس َ‬ ‫ت ن َْف َ‬ ‫مل ْ س َ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫مسسسسسسسسس ُ‬ ‫ت ت َعْل َ ُ‬ ‫سسسسسسسسسس َ‬ ‫لَ ْ‬
‫ل‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫حت َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫سسسب‬ ‫صا علسسى ك َ ْ‬ ‫حري ً‬ ‫ن َ‬ ‫وك ُ ْ‬
‫عسسّز غَْيسسُر‬ ‫فَِفسسي الَقَناعسسةِ ِ‬ ‫ل وَلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوْ‬ ‫حل ِ‬ ‫ال َ‬
‫ل‬ ‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫مْرت َ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ة عسسن ك ُس ّ‬ ‫واقن َعْ َتجسد ْ غُن ْي َس ً‬
‫ل‬ ‫ن ول َبسسد َ ِ‬ ‫مسس ّ‬ ‫ما ت َب ْت َِغيهِ بَل َ‬ ‫َ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسأل َ ٍ‬
‫ة‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫غاي َس َ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْس ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫ما ول َسوْ ن ِل ْس َ‬ ‫ي َوْ ً‬ ‫ك‬ ‫ن اللسسه وات ْسُر ْ‬ ‫مس َ‬ ‫ب ِ‬ ‫واط ُل ُس ْ‬
‫ل‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫ال َ‬ ‫واهُ َتجسسسسسسد ْ‬ ‫سسسسسسس َ‬ ‫ن ِ‬ ‫مسسسسسس ْ‬ ‫َ‬
‫سعَد ْ ب ِذِك ْرٍ غَْيسس ِ‬
‫ر‬ ‫شرهُ ت َ ْ‬ ‫وان ْ ُ‬ ‫ل‬ ‫جس ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مس ْ‬ ‫ى ِ‬ ‫ن فَسست ً‬ ‫داهِ ْ‬ ‫ول ت ُ َ‬
‫ل‬ ‫خسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذِ ِ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫مِتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ‬ ‫ن ِعْ َ‬
‫حِقد ْ عَل َي ْهِ وفسسي عُت َْبسساهُ ل‬ ‫تَ ْ‬ ‫ج سْرهُ‬ ‫ك ل ت َهْ ُ‬ ‫مس َ‬ ‫ل بعِل ْ ِ‬ ‫مس ْ‬ ‫واعْ َ‬
‫ل‬ ‫طسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫ت ُ‬ ‫شسسسسسسسسسسسسقَ ِبسسسسسسسسسسسسهِ‬ ‫تَ ْ‬
‫ت‬ ‫ص سْر َ‬ ‫من ْهَسسا ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫ف ل َس َ‬ ‫حائ ٌ‬ ‫ص َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ك ذ َن ْب ًسسا فَسساعْ ُ‬ ‫ن أَتى ل َس َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫ل‬ ‫جسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫خ َ‬ ‫فسسسسسسسسسسسي َ‬ ‫ه ول‬ ‫عَن ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫س‬ ‫ن الّنسسا ِ‬ ‫ح ب َْيسس َ‬ ‫ك ي َْقبسس ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫َفسس َ‬ ‫ج سَزى‬ ‫ن تُ ْ‬ ‫ك بسسالعَْفوِ أ ْ‬ ‫سسسا َ‬ ‫عَ َ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل‬ ‫بالّر ُ‬ ‫ت‬‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَر ْ‬ ‫ذا ن ُ ِ‬ ‫إ َ‬
‫ن على‬ ‫ن َزل ّةٍ لك ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫سل َْف َ‬ ‫أ ْ‬ ‫ت‬ ‫سسس َ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫ضمًرا َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ول ت َك ُ ْ‬
‫ل‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫وَ َ‬ ‫ظهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُرهُ‬ ‫تُ ْ‬
‫مسسا فسسي‬ ‫ن َ‬ ‫سسسكي ِ‬ ‫م ب ِت َ ْ‬ ‫جسسزِ ْ‬ ‫تَ ْ‬ ‫م‬ ‫كري َ‬ ‫ج ال َ‬ ‫سا واْر ُ‬ ‫ن آي ً‬ ‫ول ت َك ُ ْ‬
‫ل‬ ‫عل َسسسسس ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫مسسسسس ْ‬ ‫س ِ‬ ‫الن ّْفسسسسس ِ‬ ‫لمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫ب غَي ْسسس ِ‬
‫ر‬ ‫م ب َِقل ْسسس ً‬ ‫ظل ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫جسسس ّ‬ ‫ُ‬ ‫ح‬ ‫مْفت ُسسو ِ‬ ‫ف علسسى ب َسساب ِهِ ال َ‬ ‫وَقِ ْ‬
‫ل‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسستغِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسًرا‬ ‫من ْك َ ِ‬ ‫ُ‬
‫ل واد ْعُ‬ ‫ه وَتسسذ َل ّ ْ‬ ‫ضسسعْ َلسس ُ‬ ‫خ َ‬ ‫وا ْ‬ ‫وى‬ ‫شسسك َ‬ ‫ة ال ّ‬ ‫صس َ‬ ‫ه قِ ّ‬ ‫واْرفَعْ ل َس ُ‬
‫ل‬ ‫واب ْت َِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫ه إذا‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل ْ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫‪282‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن‬ ‫ك ب ِسسالعَْفوِ والغُْف سَرا ِ‬ ‫سسسا َ‬ ‫عَ َ‬ ‫ن‬‫صب ِْر ل ت َك ُ ْ‬ ‫ب وا ْ‬ ‫ولزِم ِ الَبا َ‬
‫ح لسسسسسسسسسسسي‬ ‫م ُ‬‫سسسسسسسسسسسس َ‬ ‫تَ ْ‬ ‫جل ً‬ ‫عَ ِ‬
‫ن الن ّسوْم ِ‬ ‫م سَر ب َي ْس َ‬ ‫ض سي ّعَ العُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ت‬ ‫جئ ْ ُ‬ ‫كي قَ سد ْ ِ‬ ‫مسسال ِ ِ‬ ‫ون َسسادِ ي َسسا َ‬
‫ل‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫والك َ َ‬ ‫معَْتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذًِرا‬ ‫ُ‬
‫صسسي‬ ‫مَعا ِ‬ ‫دا فسسي ال َ‬ ‫حت ّسسى غَس َ‬ ‫َ‬ ‫جَنى‬ ‫سوِْء قَد ْ َ‬ ‫َفإّنني عَب ْد ُ َ‬
‫ل‬‫مُثسسسسسسسسسس ِ‬ ‫ة ال ُ‬ ‫غاَيسسسسسسسسسس َ‬ ‫َ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَفًها‬ ‫َ‬
‫ن فسسي‬ ‫ش سَقاٌء ك َسسا َ‬ ‫َرد َد َْتني فَ َ‬ ‫مهَسسسا ُ‬
‫ل‬ ‫م وال ْ‬ ‫حلسسس ُ‬‫ْ‬ ‫وغَسسسّرهُ ال ِ‬
‫ل‬
‫الَز ِ‬ ‫ك ل َسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ه‬ ‫من ْسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ِ‬
‫ولي‬ ‫مسس ْ‬
‫سسسعُ َيسسا ُ‬ ‫والعَْفسسوُ أوْ َ‬ ‫ن‬ ‫سسس ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫س لسسي غَْيسسُر ُ‬ ‫ول َْيسس َ‬
‫ن َزل ََلسسسسسسسسسسسي‬ ‫مسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬‫ك َفسسسسسإ ْ‬ ‫ن ِفيسسسسس َ‬ ‫ظسسسسس ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سسسلم ِ‬ ‫ك ال ْ‬ ‫وى دي ْن ِس َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي ٍ‬ ‫مْثلسسسي‬ ‫ن َرد ّ َ‬ ‫مسسس ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫شسسسا َ‬ ‫حا َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫م أمسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫َلسسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫عسسسسسسسسسسا‬ ‫جزِ ً‬ ‫خائ ًِبسسسسسسسسسسا َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫كسسا َ‬ ‫ي َ‬ ‫سسسعْ ٍ‬ ‫ذاك ب ِ َ‬ ‫س َ‬ ‫ول َْيسس َ‬ ‫كا‬ ‫شسسر ً‬ ‫م ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ك َيو ً‬ ‫ن بِ َ‬‫م أك ُ ْ‬ ‫ول َ ْ‬
‫ن قِب َِلسسسسسسسسسسسسي‬ ‫مسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫ِ‬ ‫وإلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى‬
‫ك‬ ‫مْنسس َ‬ ‫ضسسل ً ِ‬ ‫ك فَ ْ‬ ‫ن ذ َِلسس َ‬ ‫كسسا َ‬ ‫و َ‬
‫ت ِبسسسسسسسسسسسسهِ‬ ‫جسسسسسسسسسسسسد ْ َ‬ ‫ُ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله على محمد وآله وسلم‪.‬‬


‫فصل في ذكر قصص من نوادر الذكياء‬
‫والملوك‬
‫من ذلك ما حكي أنه قدم رجسسل إلسسى بغسسداد ومعسسه‬
‫عقد يساوي ألف دينار‪ ،‬فأراد بيعسسه فلسسم يتفسسق‪ ،‬فجسساء‬
‫إلى عط ّسسار موصسسوف بسسالخير وال ّ‬
‫ديانسسة‪ ،‬فسسأودع العقسسد‬
‫ج‪ ،‬وأتى بهدّية للعطار‪ ،‬وسسسلم عليسسه‪ ،‬فقسسال‬ ‫عنده‪ ،‬وح ّ‬
‫ب العقسسد‪،‬‬‫له‪ :‬من أنت ومن يعرفك؟ فقسسال‪ :‬أنسسا صسساح ُ‬
‫س‪،‬‬
‫فلما كلمه رفسه وألقاه عسسن دكسسانه‪ ،‬فسساجتمع النسسا ُ‬
‫وقالوا‪ :‬ويلك! هذا رجل صالح‪ ،‬فما وجدت من تكسسذب‬
‫عليه إل هذا! فتحّير الحاج‪ ،‬وتسردد عليسه‪ ،‬فمسا زاده إل‬
‫ضسسد الدولسسة‬
‫ما وضرًبا‪ ،‬فقيل له‪ :‬لسسو ذهبسست إلسسى ع ُ‬ ‫شت ً‬
‫لحصل لك من فراسته خْير‪.‬‬

‫‪283‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فكتسسب قصسسته‪ ،‬وجعلهسسا علسسى قصسسبةٍ ورفعهسسا إليسسه‪،‬‬
‫ص عليسه القصسة‪ ،‬فقسسال‪ :‬اذهسب‬ ‫فقال‪ :‬ما شأُنك؟ فق ّ‬
‫دكان العط ّسسار ثلثسسة أي ّسسام حت ّسسى أمسّر‬ ‫دا واجلس على ُ‬ ‫غ ً‬
‫عليك في اليوم الرابع‪ ،‬فسسأقف وأسسسلم عليسسك فل تسُرد ّ‬
‫ي إل السلم‪.‬‬ ‫عل ّ‬
‫عد ْ عليه ذكسسر العقسسد‪ ،‬ثسسم أعلمنسسي‬ ‫ت فأ ِ‬ ‫فإذا انصرف ُ‬
‫ج ذلك‪ ،‬فلما كان فسسي اليسسوم‬ ‫ل لك‪ ،‬ففعل الحا ُ‬ ‫بما يقو ُ‬
‫الرابع‪ ،‬جاء عضد ُ الدولة في موكبه العظيم‪ ،‬فلما رأى‬
‫ج –ولسسم‬ ‫م عليكم‪ ،‬فقسسال الحسسا ّ‬ ‫ف‪ ،‬وقال‪ :‬سل ٌ‬ ‫ج وق َ‬ ‫الحا ّ‬
‫يتحرك‪ :-‬وعليكم السلم‪.‬‬
‫م مسسن العسسراق ول تأتينسسا‪ ،‬ول‬ ‫فقسسال‪ :‬يسسا أخسسي‪ ،‬تقسسد ُ‬
‫ض علينا حوائجك! فقال لسسه‪ :‬مسسا ات ََفسقَ هسسذا‪ ،‬ولسسم‬ ‫تعر ْ‬
‫يزد علسسى ذلسسك شسسيًئا‪ ،‬هسسذا والعسسسكُر واقسسف بكمسساله‪،‬‬
‫ن بالموت‪.‬‬ ‫فانذهل العطاُر‪ ،‬وأيق َ‬
‫فلمسسا انصسسرف عضسد ُ الدولسسة‪ ،‬التفسست العطسسار إلسسى‬
‫عتنسسي هسسذا العقسسد؟‬ ‫ج‪ ،‬وقال له‪ :‬يا أخي‪ ،‬مسستى أود ْ‬ ‫الحا ّ‬
‫كر‪،‬‬ ‫ف؟ فسسذكّرني لعل ّسسي أتسسذ ّ‬ ‫وفي أيّ شسسيٍء هُسسو ملفسسو ٌ‬
‫فقال‪ :‬من صسسفته كسسذا وكسسذا‪ ،‬فقسسام وفت ّسسش‪ ،‬ثسسم فتسسح‬
‫ت‬ ‫جراًبا وأخرج منه العقد‪ ،‬وقال‪ :‬الله أعلسسم أّننسسي ُ‬
‫كن س ُ‬
‫ت‪.‬‬‫كر ُ‬‫ناسًيا‪ ،‬ولو لم تذكرني ما تذ ّ‬
‫فأخسسذ الحسساج عقسسده ومضسسى إلسسى عضسسد الدولسسة‪،‬‬
‫ه ]فبعث بسسه مسسع الحسساجب إلسسى دكسسان العط ّسسار[‬ ‫فأعلم ُ‬
‫ب دكان ِهِ وُنودِيَ عليسسه‪:‬‬ ‫فعّلقه في عنقه‪ ،‬وصله على با ُ‬
‫هذا جزاء من استودع فجحسسد! ثسسم أخسسذ الحسساج العقسسد‬
‫ومضى إلى بلده‪.‬‬
‫ومثله مسسا ُنقسسل عسسن ذكسساء إيسساس السسذي سسسارت بسسه‬
‫ل‪،‬‬‫الّركبسسان‪ ،‬قيسسل‪ :‬إن رجل ً اسسستودع أميسسن إيسساس مسسا ً‬
‫وخرج المودعُ إلى الحجاز‪ ،‬فلمسسا رجسسع طلبسسه فجحسسدهُ‬
‫ه‪ ،‬فقال إيسساس‪ :‬أعلسسم أن ّسسك أتيتنسسي؟‬ ‫سا فأخبر ُ‬‫فأتى إيا ً‬
‫قال‪ :‬ل‪ ،‬قسسال‪ :‬أفنسسازعته عنسسد غيسسري؟ قسسال‪ :‬ل‪ ،‬قسسال‪:‬‬
‫ي بعد يومين‪.‬‬ ‫فانصرف واكُتم سرك‪ ،‬ثم عُد ْ إل ّ‬
‫‪284‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫س أمين‪ ،‬فقال‪ :‬قسسد حضسسر‬ ‫فمضى الرجل‪ ،‬ودعا إيا ٌ‬
‫ن‬
‫ه إليسسك‪ ،‬أفحصسسي ٌ‬ ‫ل كسسثير أريسسد ُ أن أسسسلم ُ‬ ‫عنسسدنا مسسا ٌ‬
‫مسا‬‫ك؟ قال‪ :‬نعم‪ ,‬قال‪ :‬فأعد موضسًعا للمسسال‪ ،‬وقو ً‬ ‫منزل ُ َ‬
‫يحملونه‪ ،‬وعاد الرجل إلى إياس‪ ،‬فقسسال‪ :‬انطلسقْ إلسسى‬
‫ك‪ ،‬وإن جحد فُقل له‪:‬‬ ‫ذا َ‬‫ك المال ف َ‬ ‫صاحبك‪ ،‬فإن أعطا َ‬
‫صة‪.‬‬‫إني أخبُر القاضي بالق ّ‬
‫ل صساحبه‪ ،‬فقسال‪ُ :‬تعطينسسي الوديعسة أو‬ ‫فسأتى الرجس ُ‬
‫أشسسكوك إلسسى القاضسسي‪ ،‬وأخسسبره بالحسسال‪ ،‬فسسدفع إليسسه‬
‫سسسا‪ ،‬وقسسال‪ :‬أعطسساني‬ ‫ل وأخسسبَر إيا ً‬‫جس ُ‬ ‫المال‪ ،‬فرجسسع الر ُ‬
‫الوديعسسة ثسسم جسساء الميسسن إلسسى إيسساس ليأخسسذ المسسال‬
‫ه‪ ،‬وقال له‪ :‬ل ت َْقَرْبني بعسسد هسسذا يسسا‬ ‫الموعود به‪ ،‬فزجر ُ‬
‫خائن‪.‬‬
‫ومن لطائف المنقول من كتاب الذكياء‪ :‬أن يحيسسى‬
‫بن أكثم القاضي ولي القضاء بالبصرة وسنه عشرون‬
‫ن‬‫س ّ‬‫دهم‪ :‬كم ِ‬ ‫سنة‪ ،‬فاستصغره أهل البصرة‪ ،‬فقال أح ُ‬
‫م يحيى أنه استصغَر‪.‬‬ ‫القاضي؟ فَعَل ِ َ‬
‫فقال‪ :‬أنا أكبر من عّتاب بن أسيد حين بعثه رسول‬
‫الله ‪ ‬قاضًيا على أهل مكة يوم الفتح‪ ،‬وأنا أكبُر من‬
‫ه رسول اللسسه ‪ ‬قاضسًيا علسسى‬ ‫معاذ بن جبل حين وجه ُ‬ ‫ُ‬
‫سسور حيسسن وله‬ ‫ب بسسن ُ‬ ‫أهل اليمن‪ ،‬وأنا أكسسبُر مسسن كعُس ِ‬
‫عمر بسسن الخطسساب قاضسًيا علسسى أهسسل البصسسرة‪ ،‬قسسال‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ن أهل البصرة وهاُبوه‪.‬‬ ‫م في أعي ُ‬ ‫فعظ ُ َ‬
‫ومسسن المنقسسول مسسن كتسساب »الذكيسساء«‪ :‬أن بعسسض‬
‫اللصوص دخل بيًتا ومعه جماعة تت أمره ونهيسسه فسسي‬
‫القتل والسسسرقة‪ ،‬فظفسُروا بصسساحب السسبيت‪ ،‬وأْوقفسسوه‬
‫ل فدخل عليهم فسسي إبقسساء ُروحسسه‪ ،‬وأخسسذ مسسا فسسي‬ ‫للقت ِ‬
‫حل ُّفسسوه بسسالطلق الثلث‪،‬‬ ‫البيت بكماله‪ ،‬فقال كبيرهم‪َ :‬‬
‫وعلى المصحف ]الشريف أل يذكرنا إل بخير‪ ،‬فحلسسف‬
‫م بهسسم‬‫لهم بسسالطلق الثلث وعلسسى المصسسحف[ أل يعلس َ‬
‫دا‪.‬‬
‫أح ً‬

‫‪285‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ه‪ ،‬ول‬ ‫ص يسسبيعون متسساع ُ‬ ‫صسسو َ‬ ‫فأصبح الرجسسل يسسرى الل ُ‬
‫م لجسسل اليميسسن‪ ،‬فجسساء إلسسى المسسام أبسسي‬ ‫يقدر أن يتكل َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ه حسساله‪ ،‬فقسسال لسسه‪ :‬أحضسسر أكسسابر حي ّس َ‬ ‫حنيفة وأعلمس ُ‬
‫وأعيان جيرانك‪ ،‬وإمام جماعتسسك‪ ،‬فلمسسا حضسروا‪ ،‬قسسال‬
‫ل ُتحب ّسسون أن ي َسُرد ّ اللسسه علسسى هسسذا‬ ‫لهم أبسسو حنيفسسة‪ :‬هس ْ‬
‫ه؟ قالوا‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫الرجل متاع ُ‬
‫ق منهسسم‪ ،‬فسسأدخلوهم‬ ‫ل ذي عسسر ٍ‬ ‫فقسسال‪ :‬أجمُعسسوا كسس ّ‬
‫ج منهسسم‬ ‫ما خسر َ‬ ‫دا‪ ،‬و ُ‬
‫كل ّ‬ ‫دا واح ً‬ ‫ع‪ ،‬ثم أخرجوهم واح ً‬ ‫م َ‬
‫الجا ِ‬
‫ص‪ ،‬قسسال‪ :‬ل‪،‬‬ ‫ك‪ ،‬فإن كان ليس بل ّ‬ ‫واحد ٌ ُقولوا‪ :‬هذا لص َ‬
‫ت‪ ،‬فسسإذا سسسكت فاقبضسسوا عليسسه‪،‬‬ ‫ه فيسك ُ‬ ‫ص ُ‬‫وإن كان ل ّ‬
‫سرق له‪.‬‬ ‫ففعلوا‪ ،‬فرد ّ الله عليه جميع ما ُ‬
‫ب المنصسسور كسسان يعسسادي أبسسا‬ ‫ن الربيسسع صسساح ُ‬ ‫ومنه أ ّ‬
‫ع‪:‬‬‫ما عند أمير المؤمنين‪ ،‬فقال الربيسس ُ‬ ‫حنيفة‪ ،‬فحضر يو ً‬
‫يسسا أميسسر المسسؤمنين‪ ،‬إن أبسا حنيفسسة ُيخسسالف جسسدك ابسسن‬
‫دك يقسسول‪ :‬إذا حلسسف الرجسسل علسسى‬ ‫عبسساس‪ ،‬وك ان جس ّ‬
‫شيء يميًنا ثم استثنى بعد ذلسسك بيسسوم أو يسسومين كسسان‬
‫جسسوُز السسستثناء إل‬ ‫ذلسسك جسسائًزا‪ ،‬وقسسال أبسسو حنيفسسة‪ :‬ل ي ُ‬
‫متصل ً باليمين‪ ،‬فقال أبو حنيفة‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬إن‬ ‫ُ‬
‫د‪ ،‬قسسال‪:‬‬ ‫َ‬
‫جندك عه ٌ‬ ‫م أن ليس لك لي رقاب ُ‬ ‫الربيع يزعُ ُ‬
‫كيف ]ذلك[؟‬
‫قسسال‪ :‬يحلفسسون لسسك ثسسم يرجعسسون إلسسى منسسازلهم‬
‫ل أيماُنهم‪ ،‬فضحك المنصسسوُر‪ ،‬وقسسال‪:‬‬ ‫فيستثنون‪ ،‬فتبط ُ‬
‫ض لبي حنيفة‪.‬‬ ‫يا ربيع‪ ،‬ل تتعر ْ‬
‫ت الباديسة‬ ‫ومنه أن المام أبسا حنيفسة ‪ ‬قسال‪ :‬دخلس ُ‬
‫ة‬
‫ي ومعسسه قرب س ٌ‬ ‫ت إلسسى المسساء‪ ،‬فجسساءني أعراب س ّ‬ ‫فسساحتج ُ‬
‫ملنة‪ ،‬فأبى أن يبيعها إل بخمسة دراهم فدفعُتها إليسسه‪،‬‬
‫ثم أخذت القربة‪.‬‬
‫ت‪ :‬ما رأيك يسسا أعرابسسي فسسي السسسويق؟ فقسسال‪:‬‬ ‫فقل ُ‬
‫هات‪ ،‬فأعطيته سويًقا ملتوًتا بزيت‪ ،‬فجعل يأكل حسستى‬
‫ت لسسه‪:‬‬ ‫ي بشسسربة‪ ،‬فقلسس ُ‬ ‫امتل‪ ،‬ثسسم عطسسش‪ ،‬فقسسال عل س ّ‬

‫‪286‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت‬‫بخمسسسة دراهسسم علسسى قسسدٍح مسسن مسساٍء‪ ،‬فاسسستردد ُ‬
‫الخمسة‪ ،‬وبقي الماء‪.‬‬
‫ج ورجسسع‪،‬‬ ‫ل‪ ،‬وحسس ّ‬ ‫ومنسسه أن رجل ً اسسستودع رجل ً مسسا ً‬
‫جسسل إلسسى‬ ‫فطلبه فجحده وجعل يحلف له‪ ،‬فانطلق الر ُ‬
‫أبي حنيفة‪ ،‬فخل به وأخبرهُ بأمره‪ ،‬فقال له المسسام‪ :‬ل‬
‫س أبسسا حنيفسسة‪،‬‬ ‫دا بجحوده‪ ،‬وكان الرجسسل ُيجسسال ُ‬ ‫م أح ً‬ ‫ُتعل ِ ْ‬
‫فقسسال لسسه وقسسد خل لُهمسسا المكسسان‪ :‬إن هسسؤلء بعثسسوا‬
‫ك‪،‬‬ ‫ح للقضسساء‪ ،‬وقسسد اخترت ُس َ‬ ‫جل يصل ُ‬ ‫يستشيرونني في ر ُ‬
‫فانصرف من عند المام وقد طمع بذلك‪.‬‬
‫ثم جاء صاحب الوديعة‪ ،‬فقال له المام‪ :‬ارجعْ إلسسى‬
‫صاحبك وذكرهُ لحتمال أن يكون ناس سًيا فسسذهب إليسسه‪،‬‬
‫وسأله فلم يحتج معه إلى علمة‪ ،‬بل دفع إليه متسساعه‪،‬‬
‫وتوجه بعد ذلك إلى أبي حنيفة‪ ،‬فقال لسسه أبسسو حنيفسسة‪:‬‬
‫ت أن أرفسسع قسسدرك‪ ،‬ول‬ ‫ت فسسي أمسسرك‪ ،‬فسسأرد ُ‬ ‫إني نظر ُ‬
‫من هذا‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫هو أنف ُ‬ ‫ك حتى يحضر ما ُ‬ ‫أسمي ّ َ‬
‫ب يغشسسى‬ ‫ومنسسه أنسسه كسسان بجسسوار أبسسي حنيفسسة شسسا ّ‬
‫ما من اليام‪ :‬يا إمسسام‪ ،‬إنسسي أري سد ُ‬ ‫مجلسه‪ ،‬فقال له يو ً‬
‫التزويج إلى فلن من أهل الكوفة‪ ،‬وقسسد خطبتهسسا مسسن‬
‫ولّيها فطلب مني من المهسسر فسسوق وسسسعي وطسساقتي‪،‬‬
‫م مسسا‬ ‫فقال أبو حنيفسسة‪ :‬فاسسستخر اللسسه تعسسالى‪ ،‬وأعط ِهِس ْ‬
‫من ْ َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫طلُبوه ِ‬
‫فأجابهم إلى ما طلبوا‪ ،‬فلما عقدوا النكاح جاء إلى‬
‫أبسسي حنيفسسة‪ ،‬فقسسال‪ :‬إنسسي سسسألتهم أن يأخسسذوا منسسي‬
‫البعض‪ ،‬ويدعوا البعض عند الدخول‪ ،‬فأبوا‪ ،‬فما تسرى؟‬
‫قال‪ :‬احتل‪ ،‬واقترض حتى تسسدخل بأهلسسك‪ ،‬فسسإن المسسر‬
‫يكون أسهل عليك من تعقيدهم‪ ،‬ففعل ذلك‪.‬‬
‫ت إليه‪ ،‬ودخل بها‪ ،‬قال لسسه أبسسو حنيفسسة‪ :‬مسسا‬ ‫فلما ُزفّ ْ‬
‫عليك أن ت ُظ ِْهسسر الخسسروج بأهلسسك عسسن هسسذا البلسسد إلسسى‬
‫موضسسع بعيسسد‪ ،‬فسساكترى الرجسسل جمليسسن وأحضسسر آلت‬
‫ه ُيريسد ُ الخسسروج مسسن‬ ‫ج إليه‪ ،‬وأظهر أن ّس ُ‬ ‫سفر وما يحتا ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ه‪.‬‬‫ه مع ُ‬ ‫ب أهل ُ‬‫البلد في طلب المعاش‪ ،‬وأن يصح َ‬
‫‪287‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فاشسستد ّ ذلسسك علسسى أهسسل المسسرأة وجسساءوا إلسسى أبسسي‬
‫ه‪ ،‬فقسسال لهسسم أبسسو حنيفسسة‪ :‬لسسه أن‬ ‫حنيفسسة يستشسسيرون َ ُ‬
‫خرجها إلى حيث شاء‪ ،‬فقالوا‪ :‬لم نصسسبر علسسى ذلسسك‪،‬‬ ‫ي ُ‬
‫دثوا عليه ما أخذُتم منه‪ ،‬فأجاُبوه‬ ‫قال‪ :‬فارضوه بأن تُر ّ‬
‫إلى ذلك‪.‬‬
‫فقسسال أب سوُ حنيفسسة للفسستى‪ :‬إن القسسوم قسسد سسسمعوا‪،‬‬
‫وأجابوا إلى أن يُردوا عليك ما أخذوا منك من المهسسر‪،‬‬
‫ذها‬ ‫ويسسبرئوك منسسه‪ ،‬فقسسال الفسستى‪ :‬لب ُسد ّ مسسن زيسادة آخس ُ‬
‫ب إليك‪ ،‬أن ترضى بما‬ ‫منهم‪ ،‬فقال أبو حنيفة‪ :‬أّيما أح ّ‬
‫بذلوا لك‪.‬‬
‫ل بسسدين عليهسسا يزيسد ُ علسسى‬ ‫جس ٍ‬‫وإل أقسسرت المسسرأة لَر ُ‬
‫سفُر بهسسا حسستى تقضسسي‬ ‫المهر‪ ،‬ول ُيمكنك حمُلها‪ ،‬ول ال ّ‬
‫دين؟ قال‪ :‬فقسسال الفسستى‪ :‬اللسسه اللسسه يسسا‬ ‫ما عليها من ال ّ‬
‫إمام! ل يسمعُ أحد ٌ منهم بسسذلك‪ ،‬ثسسم أجسساب وأخسسذ مسسا‬
‫بذلوه من المهر‪.‬‬
‫ومنه أن رجل ً جاء إلى أبي حنيفة‪ ،‬وقال‪ :‬يسسا إمسسام‪،‬‬
‫ت الموض سعَ السسذي‬ ‫ت مال ً من مسسدة طويلسسة‪ ،‬ونسسسي ُ‬ ‫دفن ُ‬
‫ه فأحتسسال‬ ‫دفنته فيه‪ ،‬فقال المام‪ :‬ليس فسسي هسسذا فق س ٌ‬
‫ة‪ ،‬فإنسسك‬ ‫ل الليلسسة إلسسى الغسسدا ِ‬ ‫لسسك‪ ،‬ولكسسن اذهسسب فص س ّ‬
‫ستذكره إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫حّتسى ذكسر‬ ‫مض إل أقل من ُربع الليسل َ‬ ‫م يَ ْ‬‫ل‪ ،‬فل ْ‬‫ففع َ‬
‫الموضع السسذي فيسسه‪ ،‬فجسساء إلسسى أبسسي حنيفسسة فسسأخبره‪،‬‬
‫ك تصسّلي الليس َ‬
‫ل‬ ‫ت أن الشيطان ل يسسدعُ َ‬ ‫فقال‪ :‬قد علم ُ‬
‫شكًرا لله تعالى‪.‬‬ ‫ك ُّله‪ ،‬فهل أتممت ليلتك ك ُّلها ُ‬
‫ة جميلة‪ ،‬وكان يحّبها‬ ‫ومنه أن بعضهم كانت له زوج ٌ‬
‫منسسافرة‬ ‫دا‪ ،‬ولسسم تسُزل ال ُ‬ ‫ضا شدي ً‬ ‫دا‪ ،‬وتبغضه بغ ً‬ ‫حّبا شدي ً‬
‫مدة تجّرئهسا عليسه‬ ‫بينهما البتة‪ ،‬فأضجره ذلك‪ ،‬وطالت ُ‬
‫ما‪ :‬أنت طالق ثلًثا بتاًتا‬ ‫في تغليظ الكلم‪ ،‬فقال لها يو ً‬
‫إن خسساطبتني بشسسيء‪ ،‬ولسسم أخاطبسسك بشسسيء مثلسسه‪،‬‬
‫فقالت له في الحال‪ :‬أنت طالق ثلًثا بتاًتا‪.‬‬

‫‪288‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ب! وخسساف فسسي‬ ‫س الرج س ُ‬
‫ل‪ ،‬ولسسم يسسدر مسسا ُيجي س ُ‬ ‫فأبل َ‬
‫جوابهسسا مسسن وقُسسوع الطلق‪ ،‬فأرشسسد إلسسى أبسسي جعفسسر‬
‫ه‪ :‬إذا طالبتسسك‬ ‫الطسسبري‪ ،‬فسسأخبره بمسسا جسسرى‪ ،‬فقسسال لس ُ‬
‫ل لهسسا‪ :‬أنسست طسسالق ثلًثسسا بتاًتسسا إن أنسسا‬ ‫بسسالجواب‪ ،‬فُقسس ْ‬
‫طل ُّقتك‪ ،‬فتكسسون قسسد خاطبتهسسا ووفيسست بيمينسسك‪ ،‬واللسسه‬
‫أعلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫ه وقسف إيساس‬ ‫ومن المنقول عن أذكياء الصبيان أنس ُ‬
‫ي إلى قاضي دمشق ومعسسه شسسيخ‪،‬‬ ‫معاوية وهو صب ّ‬ ‫ن ُ‬
‫ب ُ‬
‫خ ظلمنسسي‪،‬‬ ‫ح اللسسه القاضسسي! هسسذا الشسسي ُ‬ ‫صسسل َ َ‬
‫فقسسال‪ :‬أ ْ‬
‫ي[‪ ،‬وأكسسل مسسالي‪ ،‬فقسسال القاضسسي‪ :‬ارفَسسق‬ ‫]واعتدى عل ّ‬
‫بالشيخ‪ :‬ول تستقبله بمثل هذا الكلم‪.‬‬
‫فقال إياس‪] :‬أصلح الله القاضي![ إن الحسسقّ أكسسبُر‬
‫مني ومنه ومنك‪ ،‬قال‪ :‬أسكت‪ ،‬قال‪ :‬فإن سكت فمن‬
‫جسستي! قسسال‪ :‬فتكل ّسسم‪ ،‬فسسوالله ل تتكلسسم بخيسسر‪،‬‬ ‫ح ّ‬‫يقسسوم ب ُ‬
‫فقال‪ :‬ل إله إل اللسسه وحسسدهُ ل شسسريك لسسه‪ ،‬فبلسسغ ذلسسك‬
‫الخليفة‪ ،‬فعزل القاضي‪.‬‬
‫مسسسا لجلسسسسائه‪ :‬نقسسسم‬ ‫ومنسسسه أن المتوكسسسل قسسسال يو ً‬
‫المسلمون على عثمان أشياء‪ ،‬منها‪ :‬أن المام أبا بكر‬
‫‪ ‬لما تسّنم المنبر هبط عن مقام النبي ‪ ‬مبرقسساة‪،‬‬
‫ن ذروة‬ ‫عمُر دون مقام أبي بكر‪ ،‬وصسسعد عثمسسا ُ‬ ‫ثم قام ُ‬
‫المنبر‪.‬‬
‫فقال عباد‪ :‬ما أحد ٌ أعظم منه عليك من عثمسسان يسسا‬
‫أمير المؤمنين‪ ،‬وكيسسف ويلسسك! قسسال‪ :‬لنسسه صسسعد ذورة‬
‫ة‪ ،‬ونسسزل‬ ‫كلمسسا قسسام خليفسسة نسسزل مرقسسا ً‬ ‫المنبر‪ ،‬ولو أنه ُ‬
‫عثمسسان عمسسن تقسسدمه‪ ،‬كنسست أنسست تخطبنسسا مسسن بئر!‬ ‫ُ‬
‫فضحك المتوكل ومن حوله‪.‬‬
‫سسسا فسسي بعسسض‬ ‫ومسسن دهسساء المنصسسور أنسسه كسسان جال ً‬
‫الليالي‪ ،‬وكسانت ليلسة شسديدة السبرد والريسح والمطسر‪،‬‬
‫فدعا بأحد الفرسان‪ ،‬وقسسال لسسه‪ :‬انهسسض الن إلسسى فسسج‬

‫‪289‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫طليارش وأقم فيه‪ ،‬فأول خسساطر يخطسسر عليسسك سسسقه‬
‫إلي‪.‬‬
‫قال‪ :‬فنهض الفسسارس وبقسسي فسسي الفسسج فسسي السسبرد‬
‫والريح والمطر واقًفا على فرسه‪ ،‬إذ وقف عليه قرب‬
‫الفجر شيخ هرم على حمسسار لسسه ومعسسه آلسسة الحطسسب‪،‬‬
‫فقال له الفارس‪ :‬إلى أين تريد يا شسسيخ؟ فقسسال‪ :‬وراء‬
‫حطب‪.‬‬
‫فقال الفارس في نفسه‪ :‬هذا شيخ مسسسكين نهسسض‬
‫إلى الجبل يسوق حطًبا‪ ،‬فما عسى أن يريد المنصسسور‬
‫ل‪ ،‬ثسسم فكسسرت فسسي‬ ‫منه؟ قال‪ :‬فتركته فسار عنسسي قلي ً‬
‫قول المنصور‪ ،‬وخفت سطوته‪ ،‬فنهضت إلسسى الشسسيخ‪،‬‬
‫وقلت له‪ :‬ارجع إلى مولنا المنصور‪.‬‬
‫فقال‪ :‬وما عسى أن يريد المنصور من شيخ مثلي‪،‬‬
‫سألتك بالله أن تسستركني لطلسسب معيشسستي؟ فقسسال لسسه‬
‫الفارس‪ :‬ل أفعل‪ ،‬ثم قسسدم بسسه علسسى المنصسسور ومثلسسه‬
‫بين يديه‪ ،‬وهو جالس لم ينم ليلته تلك‪.‬‬
‫فقسسال المنصسسور للصسسقالبة‪ :‬فتشسسوه‪ ،‬ففتسسش فلسسم‬
‫شسسوا برذعسسة حمسساره‪،‬‬ ‫يوجسسد عنسسده شسسيء‪ ،‬فقسسال‪ :‬فت ُ‬
‫عوا إلسسى‬ ‫فوجدوا داخلها كتاًبا من نصارى كانوا قد نزو ُ‬
‫المنصور يخدمون عنده إلى أصحابهم مسسن النصسسارى‪،‬‬
‫لُيقبلوا ويضروا فسسي إحسسدى النسسواحي المعلومسة‪ ،‬فلمسسا‬
‫انبلج الصسسبح‪ ،‬أمسسر بسسإخراج أولئك النصسسارى إلسسى بسساب‬
‫ة الشسسيخ‬ ‫ت رقب س ُ‬
‫ضسسربت أعنسساقهم‪ ،‬وضسسرب ْ‬
‫الزاهسسرة‪ ،‬ف ُ‬
‫معهم‪.‬‬
‫ومن ذلك قصسسة الجسسوهري التسساجر‪ ،‬وذلسسك أن رجل ً‬
‫جوهرًيا من تجار المشرق قصد المنصسسور مسسن مدينسسة‬
‫عدن بجوهر كثير وأحجار نفيسة‪ ،‬فأخذ المنصسسور مسسن‬
‫ذلك ما استحسنه ودفع إلى التاجر الجسسوهري صسسرته‪،‬‬
‫وكانت قطعة يمانية‪ ،‬فأخذ التاجر في انصرافه طريق‬
‫الرملة على شط النهر‪.‬‬

‫‪290‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فلما توسطها –واليوم قائظ وعرقه منصسب‪ -‬دعتسه‬
‫نفسه إلى التبرد ي النهر‪ ،‬فوضسسع ثيسسابه وتلسك الصسسرة‬
‫على الشط‪ ،‬فمرت حدأة فاختطفت الصسسرة تحسسسبها‬
‫ما‪ ،‬وصسساعدت فسسي الفسسق ذاهبسسة‪ ،‬فقطعسست الفسسق‬ ‫لح ً‬
‫التي تنظر إليه عين التاجر‪ ،‬فقامت قيامته‪ ،‬وعلم أنسسه‬
‫ل يقسسدر أن يسسستدفع ذلسسك بحيلسسة‪ ،‬فأسسسر الحسسزن فسسي‬
‫نفسه‪ ،‬ولحقه لجل ذلك علة اضطرب فيها‪.‬‬
‫وحضسسر السسدفع إلسسى التجسسار‪ ،‬فحضسسر الرجسسل لسسذلك‬
‫بنفسه‪ ،‬فاسسستبان للمنصسسور مسسا بالرجسسل مسسن المهانسسة‬
‫والكآبسسة وفقسسد مسسا كسسان عنسسده مسسن النشسساط وشسسدة‬
‫العارضة‪ ،‬فسأله المنصور عن شأنه‪ ،‬فأعلمه بقصته‪.‬‬
‫فقال له‪ :‬هل أتيت إلينا بحسسدثان وقسسوع المسسر فكنسسا‬
‫نستظهر على الحيلة‪ ،‬فهل هسسديت إلسسى الناحيسسة السستي‬
‫أخذ الطائر إليها؟ قال‪ :‬مر مشرًقا على سسسمعت هسسذا‬
‫الجبل الذي يلي قصرك –يعني الرملة‪ -‬فدعا المنصور‬
‫شرطيه الخاص بسسه‪ ،‬فقسسال لسسه‪ :‬جئنسسي بمشسسيخة أهسسل‬
‫الرملة الساعة‪.‬‬
‫فمضى وجاء بهم سريًعا‪ ،‬فأمرهم بالبحث عن مسسن‬
‫غير حال القلل منهسم سسريًعا‪ ،‬وانتقسل عسن الضسافة‬
‫دون تدريج‪ ،‬فتناظروا في ذلك‪ ،‬ثم قالوا‪ :‬يا مولنا‪ ،‬ما‬
‫نعلسسم إل رجل ً مسسن ضسسعفائنا كسسان يعمسسل هسسو وأولده‬
‫بأيديهم ويتناولون السبق بأقدامهم عج سًزا عسسن شسسراء‬
‫دابة‪ ،‬فابتاع اليسسوم دابسسة‪ ،‬واكتسسسى هسسو وولسسده كسسسوة‬
‫متوسسسطة‪ ،‬فسسأمر بإحضسساره مسسن الغسسد‪ ،‬وأمسسر التسساجر‬
‫بالغدو إلى الباب‪.‬‬
‫فحضر الرجل بعينه بين يسسدي المنصسسور‪ ،‬فاسسستدناه‬
‫والتاجر حاضر‪ ،‬وقال له‪ :‬سبب ضاع منا وسقط إليسسك‬
‫ما فعلت به؟ قال‪ :‬هو ذا يا مولي‪ ،‬وضرب بيسسده إلسسى‬
‫حجزة سراويله فأخرج الصرة بعينها‪.‬‬
‫حسا‪ ،‬فقسسال لسه‬‫فصساح التساجر طرب ًسسا وكساد يطيسسر فر ً‬
‫المنصور‪ :‬صف لي حديثها‪ ،‬فقال‪ :‬بينما أنا أعمل فسسي‬
‫‪291‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫جناني تحت نخلة إذ سقطت أمامي فأخسسذتها وراقنسسي‬
‫منظرهسسا‪ ،‬فقلسست‪ :‬إن الطسسائر اختلسسسها مسسن قصسسرك‬
‫لقرب الجوار‪ ،‬فاحترزت بها ودعتني فاقتي إلسسى أخسسذ‬
‫عشرة مثاقيل عيون ًسسا كسسانت معهسسا مصسسرورة‪ ،‬وقلسست‪:‬‬
‫أقل ما يكون في كرم مولي أن يسمح لي بها‪.‬‬
‫فأعجب المنصور ما كسسان منسسه‪ ،‬وقسسال للتسساجر‪ :‬خسسذ‬
‫صرتك وانظرها واصدقني عن عددها‪ ،‬ففعسسل‪ ،‬وقسسال‪:‬‬
‫ما ضاع منها شيء سسسوى السسدنانير السستي ذكرهسسا وقسسد‬
‫وهبتها له‪ ،‬فقال له المنصور‪ :‬نحن أولسسى بسسذلك منسسك‪،‬‬
‫ص عليسسك فرحسسك‪ ،‬ولسسول جمعسسه بيسسن الصسسرار‬ ‫ول ن ُن َغّس ُ‬
‫والقرار لكسسان ثسسوابه موفسسوًرا عليسسه‪ ،‬ثسسم أمسسر للتسساجر‬
‫ضسسا عسسن دنسسانيره‪ ،‬وللجنسسان بعشسسرة‬ ‫بعشرة دنسسانير عو ً‬
‫دنانير ثواًبا لتأنيه عن فساد ما وقع بيده‪.‬‬
‫و قال‪ :‬لو بسدأنا بسالعتراف قبسل البحسسث لوسسعناه‬
‫جزاء‪ ،‬قال‪ :‬فأخذ التاجر في الثناء على المنصور وقسسد‬
‫عاوده نشاطه‪.‬‬
‫ضّر وينفعُ والصسسبُر أحمسسد ُ مسسا إليسسه‬ ‫دهُر ُيعب ما ي َ ُ‬ ‫ال ْ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬ ‫مسسْرُء فيمسسا منسسه كسسان ي ُْر َ‬ ‫وال َ‬
‫ة‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسيرهُ حين ًسسا‪ ،‬وليسسس عسسن المني س ِ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫دف ُ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫منسسون َ‬ ‫فاحسسذر مَفاجسسأة ال َ‬
‫جسسسسسسسى منهسسسسسسسا ول‬ ‫فسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسإنه ل ي ُل ْت ِ َ‬
‫ع‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسف ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫مُعسسسسوا ي ُ ْ‬ ‫ن السسسسذين تج ّ‬ ‫أْيسسسس َ‬
‫شوا وتمن ُّعوا‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُنوا وتوث ُّقوا وتجي ّ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫وت َ‬
‫موُّلوا وَترفّعُسسوا‬ ‫موا وت َك َب ُّروا وت َ‬ ‫شسسسسس ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫مسسسسسوا وت َ‬ ‫وَتعظ ّ ُ‬
‫ى‬ ‫حسساِدي الِبلسس َ‬ ‫دا بهسسم َ‬ ‫حسس َ‬ ‫جّبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسْروا و َ‬ ‫وت َ َ‬
‫ب الزمسسان فتقط ّعُسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوا‬ ‫ت بهم ن ُسوَ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫صا َ‬
‫عوا أو مسسسسان َُعوهُ بالسسسسذي قسسسد َ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَر ُ‬ ‫فأ ْ‬
‫مُعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوا‬ ‫ج ّ‬ ‫ر َ‬‫ب َبات ِ ٍ‬ ‫ض ٍ‬ ‫وا عنه ب ِعَ ْ‬ ‫م ْ‬
‫حت َ َ‬ ‫أل ا ْ‬
‫صسسسسسسالُهم‬ ‫ت أو ْ َ‬ ‫َفتفّرَقسسسسسس ْ‬
‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُعوا‬ ‫ضع ْ َ‬ ‫م وت َ َ‬ ‫مَنسسسساِزلُهم بهسسسس ْ‬ ‫ت َ‬ ‫كسسسسان َ ْ‬
‫ح‬ ‫ت علسسى الثسسارِ ري س ٌ‬ ‫س سَف ْ‬ ‫ة و َ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬ ‫مأُنو َ‬
‫‪292‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫َزعْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَزعُ‬ ‫ث ب َعْ سد َ‬ ‫دا َ‬ ‫جس َ‬ ‫ست َوْط َُنوا ال ْ‬ ‫وا ْ‬
‫صن َعُ‬ ‫هم فيه وما َ‬
‫ذا ي ُ ْ‬ ‫ن غَّر ُ‬ ‫أ ْ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسورهم‬ ‫قُ ُ‬
‫ه‬ ‫جسسس ٌ‬ ‫ل طسسساعَت ِهِ وَوَ ْ‬ ‫ميسسس ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ب َ‬ ‫دثوا فسسي الجسسواب‬ ‫ماذا أعَس ّ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَفعُ‬ ‫أ ْ‬ ‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرٍ‬ ‫من ْ َ‬ ‫لِ ُ‬
‫ة‬ ‫حي ًسسا فالنصسسيح ُ‬ ‫ت َ‬
‫مس َ‬ ‫مسسا د ُ ْ‬ ‫ه‬‫ج ٌ‬ ‫عمُلوا‪ ،‬فَوَ ْ‬ ‫دوا الذي َ‬ ‫ج ُ‬ ‫و َ‬
‫تنفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬ ‫ض‬‫أب َْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ه‬
‫سسسس ِ‬ ‫ف مسسسا فسسسي نف ِ‬ ‫ِبخل ِ‬ ‫سسسسس ً‬
‫كا‬ ‫م ّ‬ ‫مت َ َ‬‫كسسسسن ُ‬ ‫ي ُ‬ ‫أب َُنسسسس ّ‬
‫ي ََتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ َّرعُ‬ ‫حتي‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ْ َ‬ ‫بن َ ِ‬
‫ك‬ ‫كل شسسيٍء ي ُْقت َن َسسى لس َ‬ ‫من ُ‬ ‫ِ‬ ‫حس سوُدِ‬ ‫جسساَورةَ ال َ‬ ‫م َ‬ ‫ح سذ َْر ُ‬ ‫وا ْ‬
‫أن َْفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬ ‫فسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسإَنه‬
‫ل‬ ‫ضسسسى بالقليسسس ِ‬ ‫فسسسالحّر ي َْر َ‬ ‫ك بسسسالحقّ الجميسسسل‬ ‫وعَل َي ْسسس َ‬
‫وي َْقَنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬ ‫فسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسإنه‬
‫ع‬
‫ن فهو حقّ ي ُت ْب َ ُ‬ ‫مَر المهيم ُ‬ ‫أ َ‬ ‫مت َعَّفّفا‬ ‫كن ُ‬ ‫دنيا و ُ‬
‫جّنب ال ُ‬ ‫وت َ َ‬

‫ق‬
‫ريسس ُ‬ ‫جسسو بسسه فهسسو الط ّ ِ‬ ‫ت َن ْ ُ‬ ‫ل‬ ‫مسس ْ‬ ‫ب بُقوّةٍ واعْ َ‬ ‫خذ الكتا َ‬ ‫و ُ‬
‫المهَْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬ ‫بمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫صسسسسيُرَنا‬ ‫م ِ‬‫شسسسسيٌء‪ ،‬إليسسسسه َ‬ ‫سول ِهِ في‬ ‫ل َر ُ‬ ‫سبي َ‬ ‫ك َ‬ ‫سل َ ْ‬ ‫وا ْ‬
‫والمْرجسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬ ‫ه‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرِ ِ‬ ‫أ ْ‬
‫ب‬‫ل لسسه الرقسسا ُ‬ ‫مد ٌ َتسسذِ ّ‬ ‫صسس َ‬ ‫َ‬ ‫س‬‫ن اللسسه ل َْيسس َ‬ ‫م بسسأ ّ‬ ‫واعَْلسس ْ‬
‫خضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬ ‫وت َ ْ‬ ‫مْثلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ‬ ‫ك ِ‬
‫طي من يشسساء‬ ‫ط ي ُعْ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫بالِق ْ‬ ‫مت َن َسّزهٌ‬‫ديٌر واحسد ٌ ُ‬ ‫ي قَ س ِ‬ ‫حس ّ‬ ‫َ‬
‫مَنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬ ‫وي َ‬ ‫م‬
‫من ِْعس ٌ‬ ‫واد ٌ ُ‬
‫جس َ‬‫ل َ‬ ‫م عَسد ْ ٌ‬ ‫مَتكل ّ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫م مسسسا ن َُقسسسو ُ‬ ‫مّنسسسا وي َعَْلسسس ُ‬ ‫ذو العَْرش ل تخفى عليه‬ ‫ُ‬
‫مع ُ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسريَرة‬ ‫َ‬
‫ض سَرعُ‬ ‫ل يَ ْ‬‫ه وَك ُس ّ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ل ي َذِ ّ‬ ‫كُ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫في الحش سرِ ي َظهَ سُر ل ِلِعبسساد‬
‫ون َب ِي َُنسسا ِفيَنسسا إليسسه يشسسَفعُ‬ ‫بل ُط ِْفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ‬
‫ق‬
‫سسساب ٌ‬ ‫هسسو فسسي الخلفسسةِ َ‬ ‫ة‬
‫م فسسي القيام س ِ‬ ‫ل يحك ُ‬ ‫العَد ْ ِ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسست َت َب ِعُ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫ب ِي ْن ََنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫ع‬
‫سسسلَف ُ‬ ‫واد ٌ َ‬‫ج َ‬‫حب ٌْر َ‬ ‫من َبعدِهِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ديُقه‬ ‫صسس ّ‬‫خي ُْر البري ّةِ ب َعْد َهُ ِ‬ ‫َ‬
‫ما في السسدارِ وهسسو‬ ‫سل ِ ً‬
‫ست َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫ك الفسسساروقُ أك ْسسسَر ُ‬ ‫وك َسسسذ َل ِ َ‬
‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬ ‫ي ُب َ ّ‬ ‫ب‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساح ٍ‬ ‫َ‬
‫‪293‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن‬‫ك الَبطيسسسس ُ‬ ‫ه ذا َ‬‫م ُ‬
‫سسسسسا ُ‬
‫ح َ‬ ‫و ُ‬ ‫ش العظيسسم‪،‬‬ ‫جهّسسز الجيس ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ُ‬
‫الن ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَزعُ‬ ‫وى‬ ‫ومسسسسسسسسسسسن ثسسسسسسسسسسس َ‬
‫م‬ ‫جسسو ُ‬ ‫ب والن ُ‬ ‫صسسواح ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫وه ُ س ُ‬ ‫ه‬
‫ص سِفي ّ ُ‬
‫هو َ‬ ‫ه وِنس سي ْب ُ ُ‬ ‫سي ْب ُ ُ‬
‫ح ِ‬ ‫و َ‬
‫طلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬ ‫ال ّ‬ ‫ب‬‫ب والمسسواهِ ُ‬ ‫ل َهُسسم المن َسساقِ ُ‬
‫ع‬
‫خرٍ ي َن َْف ُ‬‫ل ذُ ْ‬‫م المَعادِ وك ُ ّ‬ ‫يو َ‬ ‫والُعل‬
‫وهسسم السسذين بِهسسم ي َُفسسوُز‬
‫م‬‫حب ُّهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ُ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫سسسد بيسسن الُعلمسساء‪،‬‬
‫ت التحا ُ‬
‫ض العلماء‪ :‬تسسأمل ُ‬
‫قال بع ُ‬
‫حسسب السسدنيا‪ ،‬فسسإن علمسساء الخسسرة‪،‬‬ ‫ت منشأةُ مسسن ُ‬
‫فرأي ُ‬
‫ول َ‬
‫يتوادون ول يتحاسسسدون‪ ،‬كمسسا قسسال عسسز وجسسل‪َ  :‬‬
‫ن‬ ‫وي ُل ْ‬ ‫ُ‬
‫ؤث ُِرو َ‬ ‫ما أوت ُللوا َ‬ ‫م ّ‬‫ة ّ‬ ‫ج ً‬ ‫حا َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ر ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫في ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ج ُ‬‫يَ ِ‬
‫َ‬
‫ة ‪.‬‬ ‫ص ٌ‬‫صا َ‬ ‫خ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن بِ ِ‬‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬
‫ف ِ‬ ‫عَلى أن ُ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬
‫د ِ‬‫عل ِ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫مل ْ‬ ‫ءوا ِ‬ ‫جللا ُ‬‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّل ِ‬ ‫وقسسال جسسل وعل‪َ  :‬‬
‫قوَنا‬ ‫س لب َ ُ‬‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وان ِن َللا ال ّل ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ول ِ ْ‬ ‫فْر ل ََنا َ‬ ‫غ ِ‬ ‫ن َرب َّنا ا ْ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫يَ ُ‬
‫من ُللوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫غل ً ل ّل ّل ِ‬ ‫قُلوب ِن َللا ِ‬ ‫في ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ِ‬ ‫لي َ‬‫ِبا ِ‬
‫‪.‬‬
‫وقد كان أبو الدرداء يسسدعو كسسل ليلسسة لجماعسسة مسسن‬
‫إخوانه‪.‬‬
‫ك من السسستة‬ ‫وقال المام أحمد لولد الشافعي‪ :‬أُبو َ‬
‫حر‪.‬‬‫س َ‬‫ت ال ّ‬
‫عو لُهم كل ليلة وق َ‬
‫الذين أد ُ‬
‫والمُر الفارقُ بين الفئتين أن علماء الدنيا ينظُرون‬
‫إلى الرياسة فيها ويحبون كثرة الجمع والثناء‪ ،‬وعلماء‬
‫ه‪،‬‬
‫ل مسسن إيثسسار ذلسسك‪ ،‬وكسسانوا يتخوفسسون ُ‬‫الخسسرة بمعسسز ٍ‬
‫ويرحمون من ُبلي به‪.‬‬
‫وقال علقمة‪ :‬أكره أن ُيوطأ عقبي‪.‬‬
‫خمسسول‪ ،‬وهسسو‬ ‫وكانوا يتسسدافعون الفتسسوى‪ ،‬ويحبسسون ال ُ‬
‫ها ول منصًبا‪.‬‬ ‫شهرة فهم ل يطلُبون جا ً‬ ‫عكس ال ُ‬
‫‪294‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ج‬ ‫ب أي هسسا َ‬ ‫فمثل القوم كمثسسل راكسسب البحسسر إذا خس ّ‬
‫ن‬‫ل إلسسى أن ُيسسوقِ َ‬ ‫شسسغْ ٌ‬ ‫ت المسسواج‪ ،‬فعنسسده ُ‬ ‫واضسسطرب َ ْ‬
‫بالنجاة‪.‬‬
‫عو بعضسسهم لبعسسض؛‬ ‫ف ي َسد ْ ُ‬‫سسسل ِ‬
‫مسساء ال ّ‬
‫عل َ‬
‫وإنمسسا كسسان ُ‬
‫ب تصاحُبوا وتحابوا فسسي طاعسسة اللسسه فاليسسام‬ ‫لنهم رك ٌ‬
‫والليالي مراحُلهم إلى سفر الجنة‪.‬‬
‫م‬
‫ك والِعظسسا ُ‬ ‫سس ٌ‬‫م ْ‬‫ب فسسي الت ُسسراب فالنش سُر ِ‬ ‫ماتوا وغي ّس َ‬
‫م‬ ‫مْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهم َر ِ‬ ‫شخو ُ‬

‫حون )أي‬ ‫سس ُ‬


‫ة مسسن الُعلمسساء يتف ّ‬ ‫ت جماع س ً‬ ‫وقال‪ :‬رأي س ُ‬
‫يتوسعون في أمرهم ويترخصون( ويظنسسون أن العلسسم‬
‫يدفع عنهم‪.‬‬
‫وما يدرون أن العلم خصسسمهم وأنسسه يغفسسر للجاهسسل‬
‫سسسبعون ذنب ًسسا قبسسل أن يغفسسر للعسسالم ذنسسب؛ وذلسسك لن‬
‫الجاهل لم يتعرض بالحق والعالم لم يتأدب معه‪.‬‬
‫ووجسسه الدب مسسع اللسسه أن يعمسسل العسسالم بعلمسسه‬
‫فيسسستفْيد ويفيسسد ويخشسسى اللسسه‪ ،‬قسسال اللسسه جسسل وعل‪:‬‬
‫عل َ َ‬
‫مللاءُ ‪ ،‬قسسال‪:‬‬ ‫ه ال ُ‬
‫عب َللاِد ِ‬
‫ن ِ‬
‫مل ْ‬ ‫ه ِ‬‫شى الل ّل َ‬ ‫خ َ‬ ‫‪‬إ ِن ّ َ‬
‫ما ي َ ْ‬
‫فتفكرت‪.‬‬
‫فإذا العلم السسذي هسسو معرفسسة الحسب ومسا يجسسب لسه‬
‫ومعرفة الحقائق والنظر فسسي سسسير القسسدماء والتسسأدب‬
‫بآداب القوم ليس عندهم‪.‬‬
‫وإنما عندهم صور ألفاظ يعرفون بها ما يحسسل ومسسا‬
‫يحرم وليس كذلك العلم النافع‪ ،‬إنما العلم النافع فهم‬
‫الصول‪ ،‬ومعرفة المعبود‪.‬‬
‫والنظسسر فسسي سسسيرة الرسسسول ‪ ‬وسسسير صسسحابته‬
‫والتأدب بآدابهم وفهم مسسا نقسسل عنهسسم هسسذا هسسو العلسسم‬
‫مسسن‬‫م العلماِء عند نفسسسه أحق سَر ِ‬ ‫النافع الذي يدعُ أعظ َ‬
‫جَهال‪.‬‬ ‫ل ال ُ‬‫جه َ ِ‬ ‫أ ْ‬

‫‪295‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ك‬ ‫جَناب ِس َ‬‫مسسن َ‬ ‫أتسسرى بُقربسسي ِ‬ ‫ضسسساهُ ل‬ ‫ن بَغيسسسر ر َ‬ ‫مسسس ْ‬ ‫يسسسا َ‬
‫أظ ُْفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫ست َب ْ ِ‬ ‫أ ْ‬
‫ي‬‫علسسس ّ‬ ‫مل ً بسسسه ترضسسسى َ‬ ‫عَ َ‬ ‫ت ل ْسسم‬ ‫مسسا فسسا َ‬ ‫حْزني علسسى َ‬ ‫ُ‬
‫وت َغِْفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫مسسسسسسسسسسسسل ب ِسسسسسسسسسسسسهِ‬ ‫أعْ َ‬
‫ك َيذكُر‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ذاُء قلبي أن ّ ُ‬ ‫فَغِ َ‬ ‫ب بطيسسب‬ ‫وإذا اغتسسذى قَْلسس ٌ‬
‫سسسسي‬ ‫حّيتي أنسسسي ل ِن َْف ِ‬ ‫ضسسس ِ‬‫ف َ‬ ‫عم‬ ‫طسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫أن ْ َ‬ ‫حّية‬ ‫ضس ِ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫ب ناس ٌ‬ ‫وإذا ت ََقّر َ‬
‫ل عنسسدك‬ ‫ضس َ‬‫ن الف ِ‬ ‫ن فسسإ ّ‬‫من ُ ْ‬ ‫أ ْ‬ ‫جسسوده فسي‬ ‫ن ُ‬ ‫خسَزائ ِ ُ‬ ‫مسسن َ‬ ‫يا َ‬
‫أغسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسزُر‬ ‫ن‬‫قسسسسسسسسسسسسول ك ُسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫ك منهسسم‬ ‫جسسد َْوا َ‬ ‫فأنسسا إلسسى َ‬ ‫ن‬
‫ت ُتعط ِسسي السسساِئلي َ‬ ‫إن ك ُن ْ َ‬
‫أْفَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫ل َِفْقرهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسم‬
‫وك‬ ‫عف س َ‬ ‫فأنا الشسسهيد ُ بسسأن َ‬ ‫جْرم ِ الكسسسبير‬ ‫إن كسسان بسسسال ُ‬
‫أك ْب َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫خط ِي َْئتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي‬ ‫َ‬
‫ج سَرائم ِ‬ ‫ل ال َ‬‫ت السسذي ك ُس ّ‬ ‫أن ْس َ‬ ‫جَرائ ِم ِ ك ُل َِها‬‫ك بال َ‬ ‫هَب ِْني أت َي ْت ُ َ‬
‫ت َغِْفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬

‫وقسسال‪ :‬مسسن أحسسب تصسسفية الحسسوال‪ ،‬فليجتهسسد فسسي‬


‫تصفية العمال‪.‬‬
‫عَللى‬ ‫قال الله عسسز وجسسل‪َ  :‬‬
‫موا َ‬
‫قا ُ‬‫سلت َ َ‬‫وا ْ‬ ‫وأن ّلل ِ‬ ‫َ‬
‫ق ِ َ‬
‫قا ‪.‬‬ ‫غدَ ً‬‫ماءً َ‬
‫هم ّ‬ ‫س َ‬
‫قي َْنا ُ‬ ‫ةل ْ‬ ‫الطّ ِ‬
‫ري َ‬
‫مُنوا‬
‫قَرى آ َ‬‫ل ال ُ‬ ‫ه َ‬‫ن أَ ْ‬ ‫وقال تبارك وتعالى‪ :‬ول َ َ‬
‫وأ ّ‬ ‫َ ْ‬
‫ء‬
‫ما ِ‬
‫سلل َ‬
‫ن ال ّ‬
‫ملل َ‬
‫ت ّ‬ ‫هللم ب ََر َ‬
‫كللا ٍ‬ ‫حَنللا َ َ‬ ‫وا ل َ َ‬ ‫وات ّ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫فت َ ْ‬ ‫قلل ْ‬ ‫َ‬
‫ض ‪.‬‬ ‫َ‬
‫والْر ِ‬ ‫َ‬
‫وقال النبي ‪ ‬فيما يرويه عن ربه تبسسارك وتعسسالى‪:‬‬
‫م المطسسر بالليسسل‪،‬‬ ‫ن عبسسادي أطسساعوني ل َ َ‬
‫س سَقي ْت ُهُ ُ‬ ‫»لسسو أ ّ‬
‫وأطلعت عليهم الشمس بالنهار‪ ،‬ولم أسمعهم صسسوت‬
‫الرعد«‪.‬‬
‫سى‪ ،‬والديان ل‬ ‫ى‪ ،‬والثم ل ي ُن ْ َ‬ ‫وقال ‪» :‬البر ل ي َْبل َ‬
‫ينام‪ ،‬وكما تدين ُتدان«‪ .‬والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى‬
‫محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫موعظة‬
‫‪296‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫عبسساد اللسسه‪ ،‬يجسسب علسسى مسسن ل يسسدري مسستى يبغتسسه‬
‫ه ول يغتّر بشسسبابه وصسسحته‪،‬‬ ‫دا ل ُ‬‫مستع ً‬ ‫الموت أن يكون ُ‬
‫خ الطاعنين في السن‪.‬‬ ‫ت الشيو ُ‬ ‫فإن أقل من يمو ُ‬
‫صا فسسي زمننسسا السسذي‬ ‫خصو ً‬ ‫ن ُ‬ ‫شبا ُ‬ ‫وأكثُر من يموت ال ُ‬
‫ت فيه الحوادث؛ ولهذا ينذُر من يكبُر وقد أنشدوا‪:‬‬ ‫كُثر ْ‬
‫ت مسسن‬ ‫مسسو ُ‬‫مسسن ي َ ُ‬
‫سسسى َ‬‫مسسا وي ُن ْ َ‬ ‫م سُر واح سد ٌ فَي َغُ سّر قَوْ ً‬
‫ي ُعَ ّ‬
‫ب‬ ‫ال ّ‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَبا ِ‬

‫آخر‪:‬‬
‫ب‬
‫ش سي ْ َ‬ ‫م قَب ْس َ‬
‫ل ال ّ‬ ‫عم ٍ فَك َس ْ‬
‫م ت ََق سد ّ َ‬ ‫ب نسسسا ِ‬ ‫ل ت َغْت َسسسرِْر ب ِ َ‬
‫شسسسَبا ٍ‬
‫ن‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّبا ُ‬ ‫ُ‬ ‫ل‬
‫خظ ِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬ ‫َ‬

‫ومما يعينك على الجد والجتهاد في الطاعة‪ :‬تصور‬


‫ك وكثرة الشغال‪ ،‬وتصور ُقوة النسسدم علسسى‬ ‫مر َ‬ ‫قصَر عُ ُ‬
‫التفريط والضاعة عند الموت‪ ،‬وطول الحسرة علسسى‬
‫البدار بعد الفوت‪.‬‬
‫وتصسسور عظسسم ثسسواب السسسابقين الكسساملين وأنسست‬
‫ل نصسسب‬ ‫نسساقص‪ ،‬والمجتهسسدين وأنسست متكاسسسل‪ ،‬واجعس ْ‬
‫ك ما يلي‪:‬‬ ‫عيني َ‬
‫مللا‬ ‫س ّ‬‫فلل ٍ‬ ‫ل نَ ْ‬‫كلل ّ‬ ‫ك ت َب ُْلللو ُ‬ ‫هَناِللل َ‬ ‫قسسوله تعسسالى‪ُ  :‬‬
‫ت ‪.‬‬ ‫سل َ َ‬ ‫َ‬
‫ف ْ‬ ‫أ ْ‬
‫ه‬
‫دا ُ‬‫ت يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫قدّ َ‬ ‫ما َ‬ ‫مْرءُ َ‬ ‫م َينظُُر ال َ‬ ‫و َ‬ ‫وقوله تعالى‪ :‬ي َ ْ‬
‫‪.‬‬
‫سلَرَتى‬ ‫ح ْ‬ ‫س ي َللا َ‬‫فل ٌ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫قللو َ‬ ‫وقسسوله تعسسالى‪َ :‬أن ت َ ُ‬
‫ه ‪.‬‬ ‫ب الل ّ ِ‬ ‫جن ِ‬ ‫في َ‬ ‫ت ِ‬ ‫فّرط ُ‬ ‫ما َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ة إ ِذْ ُ‬ ‫وقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫ض َ‬ ‫ق ِ‬ ‫سَر ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫م ال َ‬ ‫و َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ذْر ُ‬ ‫وأن ِ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬فتصسسور‬ ‫من ُللو َ‬‫ؤ ِ‬‫م ل َ يُ ْ‬ ‫فل َ ٍ‬ ‫غ ْ‬‫في َ‬ ‫َ‬
‫هل ْ‬ ‫و ُ‬‫ة َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬
‫و ُ‬ ‫مُر َ‬ ‫ال ْ‬
‫حزن عندما ترى الفائزين‪.‬‬ ‫الحسرة والندامة وال ُ‬
‫مسسن‬ ‫ت َ‬ ‫ت ب َعْد َ المسسو ِ‬ ‫صْر َ‬ ‫من وأب ْ َ‬ ‫ل ِبزادٍ ِ‬ ‫ح ْ‬‫ت لم ت َْر َ‬ ‫إذا أن ْ َ‬
‫دا‬
‫الُتقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى قسسسسسسسسسسسسد تسسسسسسسسسسسسزوّ َ‬
‫مسسا ك َسسا َ‬
‫ن‬ ‫ص سد ْ ك َ َ‬‫ك لم ت ُْر ِ‬ ‫ن وأن ّ َ‬ ‫ن ل ت َك ُسسو َ‬ ‫ت علسسى أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫َنسسدِ ْ‬
‫‪297‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫دا‬ ‫مث ْل ِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ أْر َ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ك ِ‬

‫حسسسذر مسسسن الغفلسسسة‬ ‫فالبسسسداَر البسسسداَر والحسسسذر وال َ‬


‫ل المسل مسسا‬ ‫ه لسسول طسو ُ‬ ‫والتسويف وطول المسسل‪ ،‬فسإن ّ ُ‬
‫ص ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫لأ ْ‬ ‫وقع إهما ٌ‬
‫ة ل ِط ُسسول‬ ‫م علسسى المعاصسسي وي ُسسؤخر التوبس َ‬ ‫وإنما ي ُْقسدِ ُ‬
‫المل وتبادر الشهوات‪.‬‬
‫طول المسل وتفقسد أوقاتسك‬ ‫ةل ُ‬ ‫وتنسى التوبة والناب ُ‬
‫ت فيها من الذنوب‪.‬‬ ‫وما عمل َ‬
‫ل‬‫مسس ُ‬
‫مه ْ ِ‬
‫وتنسى التوبة والناة لطول المل فيا أّيها ال ُ‬
‫وك ُّلنا كذلك انتهز فرصة المكسسان وتفقسسد أوقاتسسك ومسسا‬
‫عملت فيها من الذنوب‪.‬‬
‫فبادر في محوها بالتوبة النصوح وأكثر مسسن السسدعاء‬
‫صا في أوقات الجابة‪.‬‬ ‫والستغفار كل وقت خصو ً‬
‫ث الليل الخسسر‪ ،‬قسسال تعسسالى‪:‬‬ ‫ومن أوقات الجابة ُثل ُ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫َ‬
‫فُرو َ‬ ‫غ ِ‬‫ست َ ْ‬‫م يَ ْ‬
‫ه ْ‬ ‫ر ُ‬ ‫حا ِ‬
‫س َ‬ ‫وِبال ْ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ويوم الجمعة عند صعود المام المنبر للخطبة‪.‬‬
‫وفسسي آخسسر سسساعة مسسن يسسوم الجمعسسة وعنسسد دخسسول‬
‫المام للخطبة‪.‬‬
‫وعندما تسمع الذان إلى أن يفرغ‪.‬‬
‫وبين الذان والقامة‪.‬‬
‫وبعد الصلة الفريضة وبعد النافلة‪.‬‬
‫وعند الفطر للصائم وفي أيام رمضان ولياليه‪.‬‬
‫وعند ن ُُزول الغيث‪.‬‬
‫عشية عرفة‪.‬‬
‫وفي السجود‪.‬‬
‫وعند ختم القرآن وفي ليلة القدر‪.‬‬
‫وعند البكاء والخشية من الله‪.‬‬
‫فعلى النسان أن ُيكثر مسسن السسدعاء واللحسساح فيسسه‪،‬‬
‫فإن الدعاء له أثسٌر عظيسسم‪ ،‬وموقسعٌ جسسسيم‪ ،‬وهسسو مس ُ‬
‫خ‬
‫العبادة‪.‬‬
‫‪298‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ل‪،‬‬‫ت‪ ،‬و خشسسوع‪ ،‬وذ ٍ‬ ‫لسيما مع حضور قلب‪ ،‬وإخبسسا ٍ‬
‫ة‪ ،‬واسسستقبال القبلسسة‬ ‫ة‪ ،‬وتضرٍع‪ ،‬وخشسسي ٍ‬‫وانكسار‪ ،‬ورق ٍ‬
‫حال ُدعائه‪ ،‬وعلى طهارة‪ ،‬ويجسسدد التوبسسة‪ ،‬ويكسسثر مسسن‬
‫السسستغفار‪ ،‬ويبسسدأ بحمسسد اللسسه وتنزيهسسه‪ ،‬وتمجيسسده‪،‬‬
‫وتقديسه‪ ،‬والثناء عليه‪ ،‬وشكره‪ ،‬ثم يصلي على النبي‬
‫بعد الثناء على الله‪.‬‬
‫ويدعو بالسسدعاء المشسسروع باسسسم مسسن أسسسماء اللسسه‬
‫ما‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫عل ً‬‫الحسنى‪ ،‬مناسب لمطلوبه‪ ،‬فإن كان ُيريد ِ‬
‫ن‬
‫ة قال‪ :‬يا رحم ُ‬ ‫يا عليم علمني‪ ،‬وإن كان يطلب رحم ً‬
‫ارحمني‪ ،‬وإن كان يسأل رزًقا‪ ،‬قال‪ :‬يا رزاق أرزقنسسي‬
‫ن بالجابة‪ ،‬فإن الله جسسل وعل أصسسدقُ‬ ‫ونحو ذك‪ ،‬وُيوق ُ‬
‫عللوِني‬ ‫القسسائلين‪ ،‬وقسسد قسسال سسسبحانه وتعسسالى‪ :‬ادْ ُ‬
‫ك‬‫سلأ َل َ َ‬
‫ذا َ‬ ‫م ‪ ،‬وقسسال لرسسسوله ‪َ : ‬‬
‫وإ ِ َ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬
‫ج ْ‬
‫ست َ ِ‬
‫َ‬
‫أ ْ‬
‫ذا‬ ‫ع إِ َ‬ ‫ُ‬ ‫فإ ِّني َ‬ ‫عّني َ‬
‫دا ِ‬‫وةَ ال ل ّ‬ ‫عل َ‬‫ب دَ ْ‬ ‫جي ل ُ‬‫بأ ِ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫عَباِدي َ‬ ‫ِ‬
‫عا‬ ‫ضّر ً‬ ‫م تَ َ‬ ‫عوا َرب ّك ُ ْ‬ ‫ن ‪ ،‬وقال عَّز من قائل‪ :‬ادْ ُ‬ ‫عا ِ‬ ‫دَ َ‬
‫ضطَّر إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫عللا ُ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ُ‬
‫جي ُ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫ة ‪ ،‬وقال‪ :‬أ ّ‬ ‫في َ ً‬ ‫خ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫ع َ‬ ‫و ْ‬‫‪ ،‬وهو سبحانه أوفى الواعدين‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬‬
‫ه ‪ ،‬وقسسال جسسل وعل‪:‬‬ ‫عللدَ ُ‬ ‫و ْ‬‫ه َ‬ ‫ف الّللل ُ‬ ‫خِللل ُ‬ ‫ه ل َ يُ ْ‬ ‫الّللل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫ص لدَ ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مل ْ‬ ‫و َ‬‫قيل ً ‪َ ، ‬‬ ‫ه ِ‬ ‫ن الل ّل ِ‬ ‫مل َ‬ ‫صدَقُ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ه‬‫مدُ ل ِل ّ ل ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ديًثا ‪ ،‬وقال أهسسل الجنسسة‪ :‬ال َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫ه ‪.‬‬ ‫عدَ ُ‬‫و ْ‬
‫قَنا َ‬ ‫صدَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫وإذا وقعت في محنة يصعب الخلص منها‪ ،‬فليسسس‬
‫لك إل الدعاء واللجوء إلى الله‪ ،‬بعد أن تقسسدم التوبسسة‬
‫ب العقوبة‪ ،‬قال الله جسسل‬ ‫من الذنوب‪ ،‬فإن الّزلل ُيوج ُ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫مللا ك َ َ‬
‫س لب َ ْ‬ ‫ة َ‬
‫فب ِ َ‬ ‫صلليب َ ٍ‬
‫م ِ‬
‫مللن ّ‬‫كم ّ‬‫صللاب َ ُ‬
‫مللا أ َ‬ ‫وعل‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫م ‪.‬‬‫ديك ُ ْ‬
‫أي ْ ِ‬
‫ب بالتوبسسة الصسسادقة النصسسوح‪ ،‬ارتفسسع‬ ‫فإذا زال السسذن ُ‬
‫دعاء أث سًرا‪،‬‬ ‫ت ولم تر لجابة ال ُ‬ ‫سَبب‪ ،‬فإذا أثبت ودعو َ‬ ‫ال ّ‬
‫حها‪.‬‬ ‫ح ْ‬‫حت فص ّ‬ ‫فتفقد ْ نفسك فربما كانت التوبة ما ص ّ‬
‫ثم ادعُ ول تضجر ول تمل من السسدعاء فسسإنه عبسسادة‪،‬‬
‫وربما كانت المصسلحة فسي تسأخير الجابسة‪ ،‬وربمسسا لسم‬
‫‪299‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫سى َأن‬ ‫ع َ‬
‫و َ‬‫تكن المصلحة في الجابة‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬‬
‫َ‬ ‫خْيلٌر ل ّ ُ‬ ‫ت َك َْر ُ‬
‫حّبلوا‬
‫سلى أن ت ُ ِ‬ ‫ع َ‬
‫و َ‬
‫م َ‬
‫كل ْ‬ ‫و َ‬
‫هل َ‬ ‫و ُ‬‫شلي ًْئا َ‬‫هوا َ‬
‫م ‪.‬‬ ‫شّر ل ّك ُ ْ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫شي ًْئا َ‬
‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ب إلى منافعك‪ ،‬ومسسن منافعسسك أن‬ ‫فأنت تثاب وُتجا ُ‬
‫ل تعطى ما طلبت بل تعوض غيره‪.‬‬
‫فإذا جاءك الشسسيطان‪ ،‬فقسسال‪ :‬إلسسى مسستى تسسدعو ول‬
‫تجاب‪ ،‬فقل‪ :‬أنا أتعبد بالدعاء‪ ،‬الدعاء مخ العبادة‪ ،‬وأنا‬
‫واثق كل الثقة بالجابة؛ لن الله أصدق القائلين‪.‬‬
‫َ‬
‫سأل َ َ‬
‫ك‬ ‫ذا َ‬ ‫وقد قال جل وعل وتقدس لنبيه ‪َ : ‬‬
‫وإ ِ َ‬
‫قريب أ ُ‬
‫ذا‬‫ع إِ َ‬‫ِ‬ ‫دا‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ة‬‫و‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ب‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫جي‬
‫ِ‬ ‫فإ ِّني َ ِ ٌ‬
‫عّني َ‬
‫عَباِدي َ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫ن ‪ ،‬وقال تبارك وتعسسالى‪ :‬ادْ ُ‬
‫ج ْ‬ ‫سللت َ ِ‬ ‫عوِني أ ْ‬ ‫عا ِ‬‫دَ َ‬
‫م ‪.‬‬‫ل َك ُ ْ‬
‫وعلم أنه ربما كسسان التسسأخير لبعسسض المصسسالح فهسسو‬
‫يجيُء فسسي وقسست مناسسسب‪ ،‬وإذا سسسألت شسسيًئا فسساقرنه‬
‫ب سبًبا للهلك‪.‬‬ ‫بسؤال الخيرة فربما كان المطلو ُ‬
‫ت قسسد أمسسرت بالمشسساورة فسسي أمسسور السسدنيا‬ ‫كن َ‬‫وإذا ُ‬
‫لُيبين لك صاحُبك في بعض الراء ما يعجُز رأيسسك عنسسه‬
‫ثم ترى أن ما وقع لك ل يصلح فكيف ل تسسسأل الخيسسر‬
‫مسسا‪ ،‬والسسستخارة مسسن‬ ‫رّبك الذي أحاط بكسسل شسسيء عل ً‬
‫حسن المشاورة‪.‬‬
‫ك‬ ‫جود َ‬ ‫ت ُ‬ ‫صدقا ِ‬ ‫ل في َ‬ ‫ك والك ُ ُ‬ ‫جسسوْدِ ل ِِعسسّز قَْهسسر َ‬ ‫ل الوُ ُ‬ ‫كسس ُ‬‫ُ‬
‫طسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسامعُ‬ ‫َ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬ ‫خا ِ‬ ‫َ‬
‫ل ل ِل َْبري ّةِ َوا ِ‬
‫سع ُ‬ ‫ض ٌ‬‫ك فَ ْ‬ ‫ه فَهَُنا َ‬ ‫وا َباب َ ُ‬ ‫م ْ‬‫شر الُفَقراِء أ ّ‬ ‫مع ْ َ‬ ‫يا َ‬
‫دافِعُ‬ ‫ضسساَء فل ي ُس َ‬ ‫ضسسي الَق َ‬ ‫ي َْق ِ‬
‫داِفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬ ‫ع َ‬‫مسسان ِ ُ‬ ‫ي ُعْط ِسسي العَط َسساَء فل ي ُ َ‬
‫ضسسائ ِعُ‬‫ي َلسسد َي ْهِ َ‬ ‫سع ْ ٌ‬‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسان ِعٌ ك َّل ول َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫هسسسوَ الكرْيسسس ُ‬ ‫ضسسسل ِهِ و ْ‬ ‫ب فب َِف ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫حقٌ وا ِ‬ ‫عليه َ‬‫ما ل ِل ْعَِبادِ َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬ ‫عسسسذ ُّبوا فبَعسسسد ْ لسسسه أو الوا ِ‬ ‫إن ُ‬
‫ة‬ ‫حب ّس َ‬ ‫ب الم َ‬ ‫وا فالذِك ُْر في الَقل ْ ِ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫ن ُعّ ُ‬
‫ك َزارِعُ‬ ‫مسسر َ‬ ‫طري ْقَ الذِك ْرِ عُ ْ‬‫م َ‬ ‫إلَز ْ‬
‫دائ ِب ًسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫َ‬
‫‪300‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬

‫قال أحد ُ الوعاظ‪ :‬هذا نذير الموت قسسد غسسدا يقسسول‬


‫دا‪ ،‬كأنكم بسسالمر وقسسد ق سُرب ودنسسا‪ ،‬فطسسوبى‬ ‫الرحيل غ ً‬
‫لعبدٍ استيقظ من غفلته ووعا‪.‬‬
‫كيف بكم إذا صاح إسرافيل ونفخ في الصور‪ ،‬قسسال‬
‫ن‬
‫ملل َ‬‫هللم ّ‬ ‫ذا ُ‬‫فللإ ِ َ‬‫ر َ‬ ‫صللو ِ‬‫فللي ال ّ‬ ‫خ ِ‬‫فلل َ‬ ‫ون ُ ِ‬‫جسسل وعل‪َ  :‬‬
‫ن ‪.‬‬ ‫سُلو َ‬ ‫م َين ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫دا ِ َ‬
‫ث إ ِلى َرب ّ ِ‬ ‫ج َ‬‫ال َ ْ‬
‫فتصور خروجك مذعوًرا تسسسعى مسسن تحسست المسسدر‪،‬‬
‫وقد ُرجت الرض وُيست الجبسسال‪ ،‬وشخصسست البصسسار‬
‫ت‬ ‫ع ِ‬
‫شل َ‬ ‫خ َ‬‫و َ‬‫لتلسسك العظسسائم والهسسوال والمزعجسسات ‪َ ‬‬
‫ع إ ِل ّ َ‬ ‫َ‬
‫سا ‪.‬‬ ‫م ً‬ ‫ه ْ‬ ‫م ُ‬ ‫فل َ ت َ ْ‬
‫س َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬‫ت ِللّر ْ‬‫وا ُ‬
‫ص َ‬‫ال ْ‬
‫ف‪ ،‬وشسساب الصسسغيُر‪ ،‬وزفسسرت النسساُر‪،‬‬ ‫ففلسسق الخسسائ ُ‬
‫وأحاطت الوزار‪ ،‬وُنصسسب الصسسراط‪ ،‬وُُوضسسع الميسسزان‪،‬‬
‫وحضر الحساب‪.‬‬
‫وجيء بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام‪ ،‬مع كل زمام‬
‫جيءَ‬ ‫و ِ‬‫سبعون ألسسف ملسسك يجرونهسسا‪ ،‬قسسال تعسسالى‪َ  :‬‬
‫يلومئ ِذ بجهن ّلم يلومئ ِذ يت َلذَك ّر النسللان َ‬
‫وأن ّللى ل َل ُ‬
‫ه‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ ٍ ِ َ َ َ َ ْ َ ٍ َ‬
‫الذّك َْرى ‪.‬‬
‫وشهد الكتاب وتقطعت السسسباب‪ ،‬فكسسم مسسن كسسبير‬
‫يقول‪ :‬واشيبتاه‪ ،‬وكم من كهسسل ُينسسادي بسسأعلى صسسوته‪:‬‬
‫ه‪ ،‬وكم من شاب يصيح‪ :‬واشباباه‪.‬‬ ‫واخيبتا ْ‬
‫وبسسسرزت النسسسار‪ ،‬قسسسال اللسسسه جسسسل وعل وتقسسسدس‪:‬‬
‫ن ‪ ،‬وقسسال جسسل وعل‬ ‫وي َ‬ ‫م ل ِل ْ َ‬
‫غللا ِ‬ ‫حيلل ُ‬
‫ج ِ‬‫ت ال َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫وُبللّرَز ِ‬
‫من ي ََرى ‪.‬‬ ‫م لِ َ‬‫حي ُ‬‫ج ِ‬ ‫ت ال َ‬ ‫وتقدس‪َ  :‬‬
‫وب ُّرَز ِ‬
‫‪301‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫حسنى‬ ‫وسمع الخلئقُ حسيسها إل من سبقت له ال ُ‬
‫من ّللا‬
‫هللم ّ‬‫ت لَ ُ‬ ‫سب َ َ‬
‫ق ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫من الله‪ ،‬قال تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ول َئ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫عو َ‬ ‫م ُ‬
‫سلل َ‬ ‫ن * ل َ يَ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫علل ُ‬ ‫مب ْ َ‬
‫هللا ُ‬ ‫عن ْ َ‬
‫ك َ‬ ‫سللَنى أ ْ‬ ‫ح ْ‬‫ال ُ‬
‫ن‬ ‫دو َ‬‫خال ِل ُ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬‫ف ُ‬ ‫ت َأن ُ‬ ‫ه ْ‬‫شت َ َ‬ ‫ما ا ْ‬‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ها َ‬ ‫س َ‬‫سي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫ملئ ِك َل ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫م ال َ‬ ‫ه ُ‬ ‫وت َت َل ّ‬
‫قللا ُ‬ ‫ع الك ْب َلُر َ‬ ‫ف لَز ُ‬ ‫م ال َ‬ ‫هل ُ‬ ‫حُزن ُ ُ‬ ‫* ل َ يَ ْ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫م ُتو َ‬‫كنت ُ ْ‬ ‫ذي ُ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫مك ُ ُ‬ ‫و ُ‬ ‫ذا ي َ ْ‬‫ه َ‬ ‫َ‬
‫وأيقسسن بسسالردى والهلك كسسل فسساجر‪ ،‬قسسال تعسسالى‪:‬‬
‫‪َ ‬‬
‫ر‬
‫ج ِ‬
‫حن َللا ِ‬ ‫ب ل َل َ‬
‫دى ال َ‬ ‫قُلو ُ‬
‫ة إ ِِذ ال ُ‬ ‫ز َ‬
‫ف ِ‬ ‫م ال ِ‬
‫و َ‬
‫م يَ ْ‬
‫ه ْ‬
‫ذْر ُ‬
‫وأن ِ‬
‫َ‬
‫ل‪،‬‬‫دل‪ ،‬وأحسساط بصسساحبه العمس ْ‬ ‫‪‬وقامت ضوضسساُء الجس َ‬
‫َ‬
‫ن الن ّللاَر‬
‫مللو َ‬
‫ر ُ‬
‫ج ِ‬
‫م ْ‬ ‫قال جسسل وعل وتقسسدس‪َ  :‬‬
‫وَرأى ال ُ‬
‫َ‬
‫ر ً‬
‫فا‬ ‫صل ِ‬
‫م ْ‬
‫هللا َ‬
‫عن ْ َ‬
‫دوا َ‬
‫ج ُ‬ ‫ول َ ْ‬
‫م يَ ِ‬ ‫ها َ‬
‫عو َ‬
‫ق ُ‬
‫وا ِ‬
‫م َ‬ ‫فظَّنوا أن ّ ُ‬
‫هم ّ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬
‫ن على النسان‪ ،‬فأين‬ ‫وحالت اللوان‪ ،‬وتوالت المح ُ‬
‫عُد ُّتك‪ ،‬يا غافل عن هذا الزمان‪ ،‬أيسسن تصسسحيح اليقيسسن‬
‫واليمان‪.‬‬
‫أترضى بالخسران والهسسوان‪ ،‬أمسسا علمسست أنسسك كمسسا‬
‫عَلللى‬ ‫سَرَتى َ‬‫ح ْ‬‫تدين ُتدان‪ ،‬أما تخاف أن تقول‪َ :‬يا َ‬
‫ه ‪‬أمسسا علمسست أعظسسم‬ ‫ب الل ّل ِ‬
‫جنل ِ‬
‫فللي َ‬
‫ت ِ‬
‫فّرطل ُ‬‫ما َ‬
‫َ‬
‫الخسران‪.‬‬
‫ن‬
‫ري َ‬‫سلل ِ‬
‫خا ِ‬
‫ن ال َ‬ ‫قلل ْ‬
‫ل إِ ّ‬ ‫قسسال جسسل وعل وتقسسدس‪ُ  :‬‬
‫ة أ َل َ‬
‫م ِ‬
‫قَيا َ‬
‫م ال ِ‬
‫و َ‬
‫م يَ ْ‬
‫ه ْ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫هِلي ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫س ُ‬
‫ف َ‬‫سُروا َأن ُ‬‫خ ِ‬‫ن َ‬ ‫ذي َ‬‫ال ّ ِ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫مِبي ُ‬
‫ن ال ُ‬
‫سَرا ُ‬ ‫خ ْ‬‫و ال ُ‬‫ه َ‬
‫ك ُ‬‫ذَل ِ َ‬
‫كم في كتابك من خطأ وزلل! وكم في عملك مسسن‬
‫عمسسرك علسسى أطسسراف‬ ‫سسسهو وخلسسل! هسسذا وشسسمس ُ‬
‫ضسسا!‬‫ت واجًبسسا وفر ً‬‫الذوائب وقد قُرب الجل! كم ضي ّعْ َ‬
‫مسسا‬
‫ضسسا! وكسسم أتيسست حرا ً‬ ‫مسسا نق ً‬
‫دا محك ً‬
‫وكم نقضت عه س ً‬
‫ب مرضى‪.‬‬ ‫حا فيها قلو ٌ‬ ‫دا صحا ً‬ ‫ضا! يا أجسا ً‬
‫حا مح ً‬
‫صري ً‬
‫حْزًنسا فسي السدنيا أكسثرهم‬ ‫عباد اللسه أطسسول النسساس ُ‬
‫حسسا فسسي الخسسرة‪ ،‬وأشسسد النسساس خوفًسسا فسسي السسدنيا‬ ‫فر ً‬
‫أكثرهم أمًنا في الخرة‪.‬‬

‫‪302‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫إخواني‪ ،‬المؤمن يتقلسسب فسسي السسدنيا علسسى جمسسرات‬
‫الحسسذر مسسن نيسسران الخسسوف‪ ،‬يرهسسب العاقبسسة‪ ،‬ويحسسذُر‬
‫ن من سويداء قلبه‪.‬‬ ‫متمك ٌ‬ ‫ف من النار ُ‬ ‫ة‪ ،‬فالخو ُ‬ ‫معاقب َ‬ ‫ال ُ‬
‫ة توقسسدت فسسي قلبسسه نسساُر‬ ‫فإن هفا بأن حصل منه زل ٌ‬
‫ن في باطنه‪،‬‬ ‫حْز ِ‬ ‫الّندم‪ ،‬وإن تذكر ذنًبا اضطرمت ناُر ال ُ‬
‫ت ناُر الحسسذرِ فسسي‬ ‫منقلبه التهب ْ‬ ‫وإن تفكر في مصيره و ُ‬
‫م ول شراب‪.‬‬ ‫ه‪ ،‬وصار ل يهنؤهُ طعا ٌ‬ ‫قلب ِ ِ‬
‫خب ِي ُْر‬ ‫ب َ‬ ‫ت والّلبي ْ ُ‬ ‫تآ ٍ‬ ‫حي َسساةُ والمو ُ‬ ‫ك فال َ‬ ‫صسَفا ل َس َ‬ ‫خذ ْ مسسا َ‬ ‫ُ‬
‫غسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسروُْر‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ك علسسى قُط ْسسب الهل ِ‬ ‫ه فَل َس ٌ‬ ‫ن فإن ّ ُ‬ ‫ن على الزما ِ‬ ‫ل ت َعْت ِب َ ّ‬
‫َيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدوُر‬
‫ة‬
‫حَيسسا ِ‬ ‫خْلسسقُ فسسي رِقَ ال َ‬ ‫م وال َ‬ ‫سسسطوُْر إذا ت ََقسساد َ َ‬ ‫ت َعُْفسسو ال ُ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسط ُوُْر‬ ‫ُ‬ ‫ها‬‫عَْهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ َ‬
‫صي ُْر‬‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ما فر من ُ‬ ‫ه وله إلى َ‬ ‫دى ل ِي َُفسوْت َ ُ‬ ‫ل َيفُر من الّر َ‬ ‫ك ٌ‬
‫ح‬ ‫جن َسسسا ِ‬ ‫ضسسسافي ال َ‬ ‫ماُنهسسسا َ‬ ‫وَز َ‬
‫سسسلمة ي َط ِي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫ك فال ّ‬ ‫سس َ‬‫فانظ ُْر لن َْف ِ‬
‫ب‬ ‫ش سي ْ ِ‬ ‫ك بالم ِ‬ ‫م سَر َ‬‫ح عُ ْ‬ ‫جن َسسا ُ‬
‫ن ُْهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَزهٌ و َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ُْر‬ ‫ب ك ِ‬ ‫شسسَبا ِ‬ ‫ك بال ّ‬‫شسس َ‬ ‫مسسْرآةُ عَي ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫شسسبا ُ‬ ‫ش وال َ‬ ‫جْيسس ٌ‬ ‫مسسُر َ‬ ‫ة والعُ ْ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسِقي ْل َ ٌ‬ ‫َ‬
‫مي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫ف أ ِ‬ ‫س سي ْ ٌ‬ ‫ت َ‬ ‫ن ال سوَقْ َ‬ ‫ب َسسادِْر فسسإ ّ‬
‫قسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساط ِعٌ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫فائدة عظيمة النفع‬
‫قسسال بعسسض العلمسساء‪ :‬ذكسسر اللسسه تعسسالى فسسي ابتسسداء‬
‫ة مسسن الوحشسسة وهدايسسة مسسن‬ ‫القسسوال والفعسسال أنس س ٌ‬
‫الضلل‪.‬‬
‫ل أحسسد علسسى ك ُس ّ‬
‫ل‬ ‫مسسا لك ُس ّ‬
‫ض لز ٌ‬
‫ده جل وعل فر ٌ‬ ‫وحم ُ‬
‫ل أن ُيحمد إن ابتلى‪ ،‬وإن منع‪ ،‬وإن أنال‪.‬‬ ‫حال؛ لنه أه ٌ‬

‫‪303‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ل‬‫م النسسساء والرجسسال والكهُسسو َ‬ ‫ففضسُله جسسل وعل عس ّ‬
‫والطفال‪.‬‬
‫ولطف في قدره وقضائه بأهل أرضه وسمائه‪ ،‬فلم‬
‫ل ول عال‪.‬‬ ‫ل من ل ُط ِْفهِ ساف ٌ‬ ‫خ ُ‬ ‫ي ْ‬
‫اللهم يسسا مسسن ل ُتمسد ّ اليسسدي بالرغبسسة والمسسسألة إل‬
‫إليه‪ ،‬ول ُيعول في كشف الشدائد والكروب في الدنيا‬
‫والخرة إل عليه‪.‬‬
‫ل الرغسسائب والمطسسالب لسسديه‪ ،‬وجميسسع‬ ‫مسسن ُ‬
‫كسس ُ‬ ‫يسسا َ‬
‫ضرنا سسسواك كاشسسف‪ ،‬ول علسسى‬ ‫المواهب لديه‪ ،‬ليس ل ُ‬
‫ضعفنا سواك عاطف‪.‬‬
‫موجبسسات‬ ‫المعافى من عافيته‪ ،‬فعافنا يا مولنا مسسن ُ‬
‫طك وعقابك‪ ،‬والمهديُ من هديته‪ ،‬فاهدنا يسسا ربنسسا‬ ‫سخ ِ‬
‫سُبل الواصلين إلى مْرضاتك‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وب من موت غفلتها‪ ،‬فالله اللسسه‬ ‫بذكر الله تحيا الُقل ُ‬
‫مسسا‬ ‫بالمداومة على ذكر الله سًرا وجهاًرا ليل ً ونهاًرا قيا ً‬
‫مضطجعين‪.‬‬ ‫دا ماشين و ُ‬ ‫وُقعو ً‬
‫ل‪،‬‬‫ذاكسسر اللسسه ل يسسستطيع الشسسيطان فسسي ظل ّسسه مقي ً‬
‫ل‪ ،‬ذاكسر‬ ‫ذاكر الله ل يجسد الشسيطان إلسى إغسوائه سسبي ً‬
‫ل‪ ،‬ذاكر الله قد تكفل‬ ‫حوًرا ذلي ً‬ ‫ه مد ُ‬ ‫الله ل يزال شيطان ُ ُ‬
‫الله بحفظه‪ ،‬وكيف يضيعُ من كان الله به كفيل! بذكر‬
‫اللسسه تطمئن القلسسوب وتحيسسا‪ ،‬قسسال اللسسه تعسسالى‪ :‬أ َل َ‬
‫ب ‪ ،‬وقسسسال تعسسسالى‪:‬‬ ‫قل ُلللو ُ‬‫ن ال ُ‬ ‫مئ ِ ّ‬‫ه ت َطْ َ‬ ‫ر الل ّللل ِ‬
‫ذك ْ ِ‬‫ب ِللل ِ‬
‫َ‬
‫م ‪.‬‬ ‫فاذْك ُُروِني أذْك ُْرك ُ ْ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ب‬
‫ب ت َط ِْيسسسس ُ‬ ‫ت فيسسسسه القلسسسسو ُ‬ ‫م هُسسسدِي ْ َ‬ ‫ذِك ْسسسُر إلسسسه السسسَز ْ‬
‫واهُ‬ ‫ه والْفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫كر ِ‬ ‫ِلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذِ ِ‬

‫آخر‪:‬‬
‫هسسا‬
‫جاَء َ‬
‫ب تحيسسا الِبلد ُ إذا مسسا َ‬‫حي َسساةٌ ل ِل ُْقل ُسسو ِ‬
‫والذكُر فيه َ‬
‫مطسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬‫كمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ال َ‬

‫‪304‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫م عذاب أهسسل‬ ‫وقال ابن رجب س رحمه الله س‪ :‬أعظ ُ‬
‫ل‪ ،‬وإبعسسادهم عنسسه‪،‬‬ ‫م عسسن اللسسه ع سّز وج س ّ‬ ‫النسسار حجسساب ُهُ ْ‬
‫طه عليهم‪ ،‬كما أن رضوان الله‬ ‫ضه عنهم‪ ،‬وسخ ُ‬ ‫وإعرا ُ‬
‫ل مسسن كسسل نعيسسم الجنسسة‪ ،‬وتجليسسه‬ ‫على أهل الجنة أفض ُ‬
‫م من جميع أنواع نعيم الجنة‪،‬‬ ‫ه‪ ،‬أعظ ُ‬
‫لُهم‪ ،‬ورؤيتهم إيا ُ‬
‫ذ‬
‫مئ ِ ٍ‬
‫و َ‬
‫م ي َل ْ‬
‫هل ْ‬
‫عللن ّرب ّ ِ‬
‫م َ‬ ‫قسسال اللسسه تعسسالى‪ :‬ك َل ّ إ ِن ّ ُ‬
‫هل ْ‬
‫ل‬ ‫م يُ َ‬
‫قا ُ‬ ‫حيم ِ * ث ُ ّ‬ ‫صاُلوا ال َ‬
‫ج ِ‬ ‫م لَ َ‬
‫ه ْ‬‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫ن * ثُ ّ‬
‫جوُبو َ‬ ‫ح ُ‬
‫م ْ‬ ‫لّ َ‬
‫ن ‪.‬‬‫ه ت ُك َذُّبو َ‬ ‫ذي ُ‬
‫كنُتم ب ِ ِ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬‫ه َ‬ ‫َ‬
‫فذكر تعالى لُهم ثلثة أنواع مسسن العسسذاب‪ ،‬حجسساُبهم‬
‫عنه‪ ،‬ثم صليُهم الجحيم‪ ،‬ثم توبيخّهم بتكذيبهم به فسسي‬
‫السسدنيا‪ ،‬ووصسسفهم بسسالّران علسسى قُُلسسوبهم‪ ،‬وهسسو صسسدأ‬
‫ل إليها ب َْعسسد َ‬ ‫م يص ْ‬ ‫ت به قُُلوبهم‪ ،‬فل ْ‬ ‫الذنوب الذي أسود ّ ْ‬
‫ذلك في الد ُن َْيا شيٌء من معرفَةِ الله‪ ،‬ول مسسن إجللسسه‬
‫ومهابته‪ ،‬وخشيته ومحبته‪.‬‬
‫جُبوا في‬ ‫ح ِ‬ ‫م في الدنيا عن الله‪ُ ،‬‬ ‫ت قُُلوب ُهُ ْ‬ ‫جب َ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫فكما ُ‬
‫الخرة عن ُرؤيته‪ ،‬وهذا بخلف حال أهل الجنسسة‪ ،‬قسسال‬
‫ول َ‬ ‫تعسسالى‪ :‬ل ّّلللذين أ َ‬
‫ة َ‬ ‫زَيللادَ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫نى‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫سل‬‫ْ‬ ‫ح‬‫ُ‬ ‫ال‬ ‫نوا‬‫ُ‬ ‫ل‬‫سل‬ ‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ِ َ‬
‫م‬‫ة ‪‬والذين أحسُنوا هُ ْ‬ ‫ول َ ِذل ّ ٌ‬ ‫قت ٌَر َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫جو َ‬ ‫و ُ‬‫ق َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ي َْر َ‬
‫ك ت َسسراه«‬ ‫ن ت َعْب ُد َ اللسسه كأن ّس َ‬ ‫ن »أ ْ‬ ‫ن‪ ،‬والحسا ُ‬ ‫ل الحسا ِ‬ ‫أه ُ‬
‫ل سس عليسسه‬ ‫جْبري ْس ُ‬ ‫ه عنسسه ِ‬ ‫سسسأل َ ُ‬ ‫مسسا َ‬ ‫كما فسره النسسبي ‪ ‬ل ّ‬
‫سَنى‪ ،‬وهو الجنسسة‪،‬‬ ‫ح ْ‬ ‫السلم س‪ ،‬فجعل جزاَء الحسان ال ُ‬
‫والزيادةُ وهي النظسُر إلسى وجسه اللسه عسز وجسسل‪ ،‬كمسسا‬
‫ب وغيره‪،‬‬ ‫سَرهُ بذلك رسول الله ‪ ‬في حديث صهي ٍ‬ ‫ف ّ‬
‫انتهى‪.‬‬
‫وقال ابن القيم –رحمه الله تعالى‪:-‬‬
‫ة‬
‫جّنسس ِ‬ ‫مَنسساِدي َ‬ ‫خسسبُر عسسن ُ‬ ‫ي يُ ْ‬ ‫مَنسسسادِ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫مع ْ َ‬ ‫سسسس ِ‬ ‫مسسسا َ‬ ‫أو َ َ‬
‫ن‬ ‫حَيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوا ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫الي ْ َ‬
‫ن‬ ‫ما ِ‬‫ضس َ‬‫مب َ‬ ‫ج سُزهُ لك ُس ْ‬ ‫من ْ ِ‬‫هو ُ‬ ‫م لدى الرحمن َ‬ ‫يا أهَْلها ل َك ُ ُ‬
‫ن‬ ‫مي َْزا ِ‬ ‫ت في ال ِ‬ ‫مالَنا ث َّقل ْ َ‬ ‫وَعْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ أعْ َ‬
‫ن‬ ‫ل الِنيرا ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫مد ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫جْرت ََنا ِ‬ ‫ذا أ َ‬ ‫جهََنا ك َ َ‬ ‫ت أو ْ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ما ب َي ّ ْ‬ ‫ثالوا أ َ‬
‫ي‬
‫مسسسسست ْ‬ ‫ح َ‬
‫مسسسسسوهُ ب َِر ْ‬ ‫أعْط ِي ْك ُ ُ‬
‫‪305‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ي‬
‫حن َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسان ْ‬ ‫و َ‬ ‫ت‬ ‫جنسسا ِ‬ ‫خل ْت ََنا ال َ‬ ‫ك قَد ْ أد ْ َ‬ ‫ذا َ‬‫وك َ َ‬
‫ن‬
‫سِلم ب ِب ََيسسا ِ‬
‫م ْ‬‫جهًْرا َرَوى ذ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫حي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬‫ب بعد ُقرآ ِ‬ ‫ح الك ُت ْ ِ‬
‫ص ّ‬
‫ما أ َ‬
‫هُ َ‬ ‫ع سد ٌ قَ سد ْ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫دي َ‬ ‫عن ْس ِ‬‫ل ِ‬ ‫فيقو ُ‬
‫ن‬
‫نأ ْ‬ ‫آ َ‬
‫ن‬ ‫جاء بسسالُقْرآ ِ‬ ‫من َ‬ ‫ي عَ ّ‬ ‫البجل ّ‬ ‫ف‬ ‫شسس ِ‬ ‫مسسن ب َْعسسدِ ك َ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫فََيروَْنسس ُ‬
‫مسسا ُيسسَرى‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ؤيسسا العَِيسسا َ‬ ‫ُر ْ‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساب ِهِ‬ ‫ح َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرا ِ‬ ‫الَق َ‬ ‫حْين‬ ‫حي ْ َ‬ ‫صس ِ‬ ‫ولَقد ْ أَتانا فسسي ال ّ‬
‫دى‬ ‫مس َ‬‫شسُتم َ‬ ‫ع ْ‬‫ن مسسا ِ‬ ‫الب َْرد َي ْس ِ‬ ‫اللسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذين‬
‫ن‬ ‫الزمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫ق‬ ‫صسسسد ُوْ ِ‬ ‫ِبرَواي َسسسةِ الّثقسسسةِ ال ُ‬
‫ة‬
‫خي ْسسر ِ‬ ‫م سدِ ِ‬ ‫ح َ‬‫حب أ ْ‬ ‫صس ْ‬‫مسسن َ‬ ‫ِ‬ ‫جريسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرٍ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫ح َ‬ ‫الّر ْ‬ ‫ه‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سسسب ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن العَِباد َ َيروَْنسس ُ‬ ‫أ ّ‬
‫ن‬ ‫مسسا ِ‬‫صسي ْل ً بل ك ِت ْ َ‬
‫حي ت َْف ِ‬ ‫بالوَ ْ‬ ‫ت‬ ‫ل وَقْس ٍ‬ ‫م ك ُس ّ‬ ‫سست َط َعْت ُ ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫فإ ْ‬
‫ظوا‬ ‫حَف ُ‬ ‫فسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ْ‬
‫جسسسة‬ ‫مَثال ِهَسسسا هسسسي ب َهْ َ‬ ‫مسسسعْ أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ش سُروْ َ‬ ‫ضعٌ وعَ ْ‬ ‫ولقد َرَوى ب ِ ْ‬
‫ن‬‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫الي ْ َ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُروٌء‬ ‫ا ْ‬
‫ن‬ ‫ذي العِْرفَسسا ِ‬ ‫ما ط َسساَبت ل س ِ‬ ‫َ‬ ‫ن قَسسد‬ ‫مس ْ‬ ‫خَباَر هذا الباب عَ ّ‬ ‫أ ْ‬
‫ن‬ ‫حَيوا ِ‬ ‫جن ّةِ ال َ‬‫طاُبه في َ‬ ‫خ َ‬ ‫و ِ‬ ‫أت َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى‬
‫كني‬ ‫سسسسا ِ‬ ‫حاَنه عسسسن َ‬ ‫سسسسب ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ب فَهَسذِ ِ‬
‫ه‬ ‫شيٍء ل ِل ُْقل ُسوَ ِ‬ ‫َوأل َذ ُ َ‬
‫ن‬ ‫الن ِْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرا ِ‬ ‫الخبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساُر‬
‫ن‬‫ما َناَلت العَي َْنسسا ِ‬ ‫م ّ‬‫م فيه ِ‬ ‫هُ ْ‬ ‫مسسن‬ ‫ح َ‬ ‫ة الّر ْ‬ ‫والله ل َسسول ُرؤْي َس ُ‬
‫ن‬ ‫وا ِ‬ ‫سائ ِرِ الْلسس َ‬ ‫من َ‬ ‫ذاِتهم ِ‬ ‫لَ َ‬ ‫ت‬ ‫جّنسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫فسسسسسسسسسسي ال َ‬
‫ن‬ ‫مَرا ِ‬ ‫حَبذا ال ْ‬ ‫هذا الن ّعِي ْم ِ فَ َ‬ ‫م ُرؤْي َس ِ‬
‫ة‬ ‫أعْل َسسى الن ّعِي ْسم ِ ن َعِي ْس ُ‬
‫ن‬ ‫ث بسسالُقْرآ ِ‬ ‫مب ُْعو ِ‬ ‫جَلل ِهِ ال َ‬ ‫بِ َ‬ ‫جهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ‬ ‫و ْ‬
‫ب ِذي‬ ‫جسسسسهِ السسسسر ِ‬ ‫ل وَ ْ‬ ‫جَل ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ب‬ ‫ذا ِ‬ ‫وأشد ُ شسسيٍء فسسي العَس َ‬
‫ن‬ ‫طا ِ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل ْ َ‬ ‫ال ُ‬ ‫ه‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساب ُ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬
‫دا ِ‬ ‫مهِ الب ْسسسس َ‬ ‫م قِي َسسسسا َ‬ ‫وَي َسسسسوْ َ‬ ‫وا‬ ‫سسس ْ‬ ‫ن نَ ُ‬ ‫مُنسسو َ‬ ‫مؤ ِ‬ ‫وإذا َرآهُ ال ُ‬
‫ن‬ ‫ح هَذِهِ العَي َْنا ِ‬ ‫جوار ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫د ُوْ َ‬ ‫السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذِيْ‬
‫دوا‬ ‫واَرى عَن ْهُسسم عَسسا ُ‬ ‫فسسإذا ت َس َ‬
‫ن‬‫م ِ‬
‫ح َ‬‫ق العَب ْدِ ِللّر ْ‬‫شتَيا ِ‬‫من ا َ‬‫ِ‬ ‫إلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى‬
‫َ‬
‫ن‬
‫سا ِ‬ ‫ت للن ْ َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫م ُ‬
‫ل الل ّ‬ ‫هي أك ْ َ‬ ‫م عنسسد ُرؤْي َِتسس ِ‬
‫ه‬ ‫فَل َُهسسم ن َعِْيسس ٌ‬
‫وى‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ِ‬
‫‪306‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ل‬‫ؤا َ‬ ‫سسسس َ‬‫ت ُ‬ ‫مع ْ َ‬‫سسسس ِ‬
‫مسسسا َ‬ ‫أو َ‬
‫خل ِْقسسسسسسسسسه‬ ‫ف َ‬ ‫عسسسسسسسسسر ِ‬‫أ ْ‬
‫ر‬
‫ظسس ِ‬ ‫شسسوًقا إليسسه وََلسسذ َةِ الن ّ َ‬ ‫َ‬
‫ذي‬ ‫السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬
‫شوْقُ ل َسذ َةٌ ُرُوحسسه فسسي‬ ‫فال ّ‬
‫هسسسسسسسسسسسذه السسسسسسسسسسسد ّن َْيا‬
‫ت به‬ ‫ت َل ْت َذ ُ بالن ّظ َرِ الذي َفاَز ْ‬

‫مسسا فسسي هسسذه ال سد ُن َْيا‬ ‫والله َ‬


‫أل َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ ُ‬
‫جِهسسسسهِ‬ ‫ة وَ ْ‬ ‫ذا َ‬
‫ك ُرؤَْيسسسس ُ‬ ‫وَ َ‬
‫كسسسس َ‬
‫ه‬
‫حان َ ُ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسب ْ َ‬ ‫ُ‬

‫اللهم انفعنا بما عّلمتنا‪ ،‬وعلمنا ما ينفُعنسسا‪ ،‬ووفقنسسا‬


‫ن فسسي حفسسظ‬ ‫صسسري ْ َ‬
‫مَق ّ‬‫م إن ك ُّنا ُ‬ ‫للعمل بما فهمتنا‪ ،‬اللهُ ّ‬
‫ص سد ْقََنا فسسي رجسساء‬
‫م ِ‬ ‫ت ت َعْل َس ُ‬
‫ك‪ ،‬فأن ْ َ‬‫حقك‪ ،‬والوفاء بعهد َ‬
‫م بنا مّنا‪ ،‬فبكمال‬ ‫م أنت أعل ُ‬ ‫ك‪ ،‬اللهُ ّ‬‫ك‪ ،‬وخالص ود ّ َ‬ ‫رفْدِ َ‬
‫ك تجسساوز عَّنسسا‪ ،‬واغفسسر لنسسا ولوالسسدينا ولجميسسع‬ ‫جسسوْد َ َ‬
‫ُ‬
‫م‬ ‫المسلمين‪ ،‬الحياء منهم والميتين‪ ،‬برحمتس َ‬
‫ك يسسا أرحس َ‬
‫الراحمين‪ ،‬وصل الله على محمد وعلسسى آلسسه وصسسحبه‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال بعضهم‪ :‬بينما أنا سائر فسسي بعسسض جبسسال بيسست‬
‫ل‬ ‫المقدس إذ ْ هبطت إلى وادٍ هناك وإذا أنا بصوت عسسا ٍ‬
‫ت الصوت‪.‬‬ ‫ل د َوِيٌ منه فات ّب َعْ ُ‬ ‫ك الجبا ِ‬ ‫ولتل َ‬
‫ف وإذا برجسل قسسائم‬ ‫مل َْتس ٌ‬‫فإذا أنا بروضةٍ فيها شسجر ُ‬
‫ت‬ ‫مَللل ْ‬
‫ع ِ‬ ‫مللا َ‬ ‫س ّ‬ ‫ف ٍ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫جد ُ ك ُ ّ‬ ‫م تَ ِ‬‫و َ‬ ‫ُيردد ُ هذه الية‪ :‬ي َ ْ‬
‫و‬‫ودّ ل َل ْ‬‫ء ت َل َ‬‫سللو ٍ‬ ‫من ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫مل َ ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ضًرا َ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬ ‫ر ّ‬
‫ٍ‬ ‫خي ْ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م الّللل ُ‬
‫ه‬ ‫حللذُّرك ُ ُ‬ ‫وي ُ َ‬
‫دا َ‬ ‫عيلل ً‬ ‫دا ب َ ِ‬ ‫ملل ً‬‫هأ َ‬ ‫وب َي َْنلل ُ‬‫هللا َ‬ ‫ن ب َي ْن َ َ‬
‫أ ّ‬
‫ه ‪.‬‬ ‫س ُ‬‫ف َ‬ ‫نَ ْ‬

‫‪307‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ة‬
‫ص سْيح ً‬ ‫ح َ‬ ‫قال‪ :‬فوقفت وهو ُيردد هذه الية ثسسم صسسا َ‬
‫ت إفاقته‪ ،‬فأفاق بعسسد سسساعة‪،‬‬ ‫خّر مغشًيا عليه فانتظر ُ‬ ‫َ‬
‫من أعمال البطسسالين وأعسسوذ ُ بسسك‬ ‫ك ِ‬ ‫وهو يقول‪ :‬أعوذ َ ب َ‬
‫من إعراض الغافلين‪.‬‬
‫ت أعمسسال‬ ‫ب الخسسائفين وفزعسس ْ‬ ‫لسسك خشسسعت قلسسو ُ‬
‫ض يديه‪ ،‬وهو‬ ‫ب العارفين ثم نف َ‬ ‫ت قلو ُ‬ ‫المقصرين‪ ،‬وذل ّ ْ‬
‫ن‬‫ن القسسرو ُ‬ ‫يقسسول‪ :‬مسسالي ولل سد ّن َْيا ومسسا لل سد ُن َْيا ولسسي أي ْس َ‬
‫ون‬ ‫سسساِلفة فسسي السستراب يب ْل َس ْ‬ ‫دهور ال ّ‬ ‫ل الس ُ‬ ‫الماضسسية وأهس ُ‬
‫هور يفنون‪.‬‬ ‫وعلى مر الد ُ‬
‫من ْسذ ُ اليسسوم خلفسسك انتظ سُر‬ ‫ه‪ :‬يسسا عبسسدالله‪ ،‬أنسسا ُ‬ ‫فناديت ُ ُ‬
‫فراغك‪ ،‬قال‪ :‬وكيف يفرغُ من يبادر الوقسسات وتبسسادُره‬
‫مه‪.‬‬ ‫ت آثا ُ‬ ‫مه وبقي ْ‬ ‫كيف يفرغَ من ذهبت أيا ُ‬
‫دها ثم لهسسى‬ ‫ثم قال‪ :‬أنت لها ولكل شدة أتوقع ُيرد ُ‬
‫م‬ ‫مللا ل َل ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّل ِ‬ ‫مل َ‬ ‫هللم ّ‬‫دا ل َ ُ‬ ‫وب َ َ‬‫عني سسساعة‪ ،‬وقسسرأ‪َ  :‬‬
‫ة أشد من الولسسى‬ ‫ن ‪ ‬ثم صاح ِ‬
‫صيح ً‬ ‫سُبو َ‬ ‫حت َ ِ‬
‫كوُنوا ي َ ْ‬ ‫يَ ُ‬
‫سه‪.‬‬ ‫ت‪ :‬قد خَرجت ن َْف ُ‬ ‫خر مغشًيا عليه‪ ،‬فقل ُ‬ ‫و َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫طرب ثم أفاقَ وهو يقسسو ُ‬ ‫ض َ‬ ‫هو ي َ ْ‬ ‫فدنوت منه‪ ،‬فإذا ُ‬
‫ب لسسي إسسساءتي بفضسسك وجللنسسي‬ ‫ما خطري ه س ْ‬ ‫من أنا َ‬ ‫َ‬
‫ت ب َْين ي َد ََيك‪.‬‬ ‫ك إذا وقف ُ‬ ‫جه ْ َ‬ ‫ف عني بكرم و ِ‬ ‫ك واعْ ُ‬ ‫بستر َ‬
‫ك وتث سقُ بسسه‬ ‫س َ‬ ‫ت له‪ :‬يا سيدي بالذي ترجوه ل ِن َْف ِ‬ ‫فقل ُ‬
‫مسسه‪ ،‬ودع‬ ‫ك كل ُ‬ ‫إل كلمتين‪ ،‬فقال‪ :‬عليك بكلم من ينفع َ‬
‫ه ذ ُُنوبه أنا في هذا الموضع ما شاء الله‬ ‫كلم من أوبقت ُ‬
‫س ويجاهدني‪ ،‬فلم يجد عوًنا علي لُيخرجني‬ ‫أجاهد ُ إبلي َ‬
‫ت لسسساني‪،‬‬ ‫مما أنا فيه غيرك فإليك عنسسي‪ ،‬فقسسد عط ّل ْس َ‬
‫ة مسن قلسبي فأنسا أعسوذ مسن‬ ‫شسعْب َ ٌ‬ ‫ت إلى حسديثك ُ‬ ‫مال ْ‬ ‫و َ‬
‫شرك بمن أرجو أن يعيذني من سخطه‪.‬‬
‫فقلت في نفسي‪ :‬هذا ولي من أوليسساء اللسسه أخسساف‬
‫ت لوجهتي‪ ،‬انتهى‪.‬‬ ‫أن أشغُله عن ربه‪ ،‬ثم تركته ومضي ُ‬
‫جل ً وأعطاه عشرة آلف درهم‪ ،‬وقال‬ ‫لر ُ‬ ‫صى رج ٌ‬ ‫و َ‬
‫ت المدينة‪ ،‬فانظر أفقَر أهل بيت بالمدينة‬ ‫له‪ :‬إذا قدم َ‬

‫‪308‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ل علسسى أهسسل بيسست‪ ،‬فطسسرق البسساب‪،‬‬ ‫فأعطهم إّياها فسد ُ ّ‬
‫ت؟‬
‫ة من أن ْ َ‬ ‫ه امرأةٌ قائل ً‬ ‫فأجابت ُ‬
‫ت عشسسرة‬ ‫ل مسسن أهسسل بغسسداد أودعس ُ‬ ‫فقسسال‪ :‬أنسسا رجس ٌ‬
‫سّلمَها إلى أفقر أهل بالمدينة وقَسد ْ‬ ‫ت أن أ َ‬ ‫آلف‪ ،‬وأمر ُ‬
‫وصفُهم لي‪.‬‬
‫فقالت‪ :‬يا عبدالله‪ ،‬إن صاحبك اشسترط أفقسر أهسل‬
‫ت وهؤلء السسذين بإزائنسسا أفقسسر منسسا فسستركتهم وأتيسست‬ ‫بي ٍ‬
‫ت الباب‪ ،‬فأجابتني امرأة‪ ،‬فقلت لها مثل‬ ‫أولئك فطرق ُ‬
‫ن‬‫ت لتلسسك المسسرأة‪ ،‬فقسسالت‪ :‬يسسا عبسسدالله‪ ،‬نحس ُ‬ ‫الذي ُقلس ُ‬
‫وجيران َُنا في الفقر سواء‪ ،‬فاقسمها بيننا وبينهم‪.‬‬
‫ك عَن ْهَسسسسا‬ ‫م عن فقسسسسد آن ت َن َْهسسسسا َ‬ ‫دنيا ان َْفط ِ ْ‬ ‫ضعَ ال ُ‬ ‫أيا َرا ِ‬
‫ب‬ ‫مَهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا الشسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوائ ِ ُ‬ ‫طا ِ‬ ‫فَ َ‬
‫ص في طاعة اللسسه‬ ‫خل ٌ‬ ‫م ْ‬‫سه إل ُ‬ ‫ل فيها ِلين ِْقذ َ ن َْف َ‬ ‫عام ٌ‬ ‫أل َ‬
‫ب‬ ‫ق َراِغسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ف ذ ُوْ ل َوْعَةٍ وَتخّر ٍ‬ ‫س ٌ‬ ‫أل آ ِ‬
‫ن‬‫ح سْز ِ‬ ‫مسسأت َم ِ ال ُ‬
‫ح فسسي َ‬ ‫سسست َغِْفُر مسسن أل َنائ ِ ٌ‬ ‫م ْ‬‫ب ُ‬ ‫مسسذ ْن ِ ُ‬ ‫أل ُ‬
‫ذ ُُنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوب ِهِ نسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساِدب‬
‫شسسي َةِ اللسسه‬ ‫خ ْ‬ ‫من َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ش سي َةِ اللسسه أل خائ ِ ٌ‬ ‫خ ْ‬ ‫من َ‬ ‫شع ٌ ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫أل َ‬
‫ب‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعٌ َراهِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫خا ِ‬ ‫َ‬
‫شوًْقا إلسسى اللسسه‬ ‫ل َ‬ ‫ح ٌ‬ ‫م أل نا ِ‬ ‫مُتم اليسسو َ‬ ‫ست َْلقون ما ق سد ّ ْ‬ ‫َ‬
‫ب‬
‫ذائ ُ‬ ‫فسسسسسسسسسسسسسي غَسسسسسسسسسسسسسدٍ َ‬
‫و‬
‫جَزى بمسسا هُ س َ‬ ‫ئ يُ ْ‬ ‫مر ٍ‬‫لا ْ‬ ‫وك ُ ُ‬
‫ب‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫كا ِ‬‫َ‬

‫قال القرطبي في »تفسيره« في سسسورة النمسسل‪:‬‬


‫َ‬
‫عل ّ ْ‬
‫مَنللا‬ ‫س ُ‬
‫ها الّنا ُ‬‫ل َيا أي ّ َ‬ ‫عند قول الله تعالى‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫قا َ‬
‫ر ‪ ،‬قسسال مقاتسسل بسسن سسسليمان‪ :‬بينمسسا‬ ‫ق الطّي ْل ِ‬
‫منطِل َ‬
‫َ‬
‫م سّر بسسه طسسائٌر‬
‫سسسليمان بسسن داود جسسالس ذات يسسوم إذ َ‬
‫يطوف‪.‬‬
‫فقال لجلسائه‪ :‬أتدرون ما يقول هذا الطسسائر؟ إنهسسا‬
‫س سّلط‪ ،‬والنسسبي‬ ‫م َ‬
‫قالت لي‪ :‬السلم عليك أيها الملك ال ُ‬
‫لبني إسرائيل‪ ،‬أعطاك الله الكرامسسة‪ ،‬وأظهسسرك علسسى‬
‫‪309‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫عدوك‪ ،‬إني منطلق إلى أفراخي‪ ،‬ثم أمسر بسك ثانيسة و‬
‫إنه سيرجع إلينا الثانية‪.‬‬
‫ثم رجع‪ ،‬فقال‪ :‬إنه يقول السلم عليك أيهسسا الملسسك‬
‫ب علسسى‬ ‫المسلط إن شسسئت أن تسسأذن لسسي كيمسسا اكتسس ُ‬
‫أفراخي حتى يشبوا ثسسم آتيسسك فافعسسل بسسي مسسا شسسئت‪،‬‬
‫فأخبرهم سليمان بما قال وأذن له فانطلق‪.‬‬
‫ل فسسوق‬ ‫سليمان على ُبلب س ٍ‬ ‫مّر ُ‬ ‫وقال فرقد السبخي‪َ :‬‬
‫ه‪ ،‬فقسسال لصسسحابه‪:‬‬ ‫ل ذنب س ُ‬ ‫ك رأسسسه وُيمي س ُ‬ ‫شسسجرة ُيحسسر ُ‬
‫أتدرون ما يقول هسسذا البلبسسل؟ قسسالوا‪ :‬ل يسسا نسسبي اللسسه‪،‬‬
‫ت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء‪.‬‬ ‫قال‪ :‬إنه يقول‪ :‬أكل ُ‬
‫خسسا‪،‬‬‫ومّر بهدهد فوق شجرة وقد نصب لسسه صسسبي ف ً‬
‫د‪ ،‬فقال‪ :‬يسسا نسسبي اللسسه‪،‬‬ ‫فقال له سليمان‪ :‬احذ َْر يا هُد ْهُ ُ‬
‫خر به‪.‬‬ ‫س َ‬
‫ه فأنا أ ْ‬ ‫ل لَ ُ‬‫هذا صبي ل عْق َ‬
‫ثم رجع سليمان فوجده قد وقع في حبال سةِ الصسسبي‬
‫هدهسسد‪ :‬مسسا هسسذا؟ قسسال‪ :‬مسسا رأيُتهسسا‬ ‫وهو في يده‪ ،‬فقال ُ‬
‫ت تسسرى‬ ‫ك فسسأن ْ َ‬‫ت فيها يا نبي الله‪ ،‬قال‪ :‬ويح س َ‬ ‫حتى وقع ُ‬
‫خ؟ قال‪ :‬يا نبي الله إذا‬ ‫الماء تحت الرض أما ترى الف ّ‬
‫ي البصُر‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫نزل القضاء عَ ِ‬
‫وقال كعب‪ :‬صاح ورشسسان عنسسد سسسليمان بسسن داود‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أتدرون ما يقسسول؟‪ ,‬قسسالوا‪ :‬ل‪ ،‬قسسال‪ :‬إنسسه يقسسول‬
‫دوا للموت وابنوا للخراب‪.‬‬ ‫ل ُ‬
‫ة‪ ،‬فقال‪ :‬أتدرون ما تقول؟ قسسالوا‪ :‬ل‪،‬‬ ‫وصاحت فاخت ٌ‬
‫ت هذا الخلق لسسم ُيخلُقسسوا وليتهُسسم إذ‬ ‫قال‪ :‬إنها تقول لي ْ َ‬
‫خل ُِقوا له‪.‬‬ ‫موا لما ُ‬ ‫خلقوا عل ُ‬
‫وصسساح عنسسده طسساوس‪ ،‬فقسسال‪ :‬أتسسدرون مسسا يقسسول؟‬
‫قالوا‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬إنه يقول كما تدين تدان‪.‬‬
‫وصاح عنده هدهد‪ ،‬فقال‪ :‬أتدرون ما يقول؟ قسسالوا‪:‬‬
‫من ل يرحم ل يرحم‪.‬‬ ‫ل‪ ،‬قال‪ :‬إنه يقول َ‬
‫صَرد عنده‪ ،‬فقال‪ :‬أتدرون ما يقسسول؟ قسسالوا‪:‬‬ ‫وصاح ُ‬
‫ل‪ ،‬قال‪ :‬إنه يقول استغفروا الله يا مذنبين‪ ،‬فمسسن ثسسم‬
‫نهى رسول الله ‪ ‬عن قتله‪.‬‬
‫‪310‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وقيسسل‪ :‬إن الصسسرد هسسو السسذي دل آدم علسسى مكسسان‬
‫البيت وهو أول من صام‪ ،‬ولذلك يقال للصرد الصوام‪.‬‬
‫روي عسسن أبسسي هريسسرة‪ ،‬وصسساحت عنسسده طيطسسوي‪،‬‬
‫ل‬‫فقال‪ :‬أتدرون ما تقول؟ قالوا‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬إنها تقول ك ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ل جديد َبا ٍ‬ ‫مّيت وك ُ‬ ‫حي َ‬ ‫َ‬
‫طافة عنده‪ ،‬فقسسال‪ :‬أتسسدرون مسسا تقسسول؟‬ ‫خ ّ‬ ‫وصاحت َ‬
‫ن ثسسم‬
‫دوه‪ ،‬فم ْ‬ ‫موا خي ًْرا تج ُ‬‫قالوا‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬إنها تقول قد ّ ُ‬
‫ل الله ‪ ‬عن قَت ِْلها‪.‬‬ ‫نهى رسو ُ‬
‫وقيل‪ :‬أن آدم خرج من الجنسسة فاشسستكى إلسسى اللسسه‬
‫الوحشة فآنسه الله تعالى بالخطاف والزمها السسبيوت‪،‬‬
‫سا لهم‪.‬‬ ‫فهي ل تفارق بني آدم أن ً‬
‫قال‪ :‬ومعها أربع آيسسات مسسن كتسساب اللسسه عسسز وجسسل‪:‬‬
‫َ‬ ‫و َأنَزل َْنا َ‬
‫ه ‪ ‬إلسسى‬ ‫ل ل َّرأي َْتلل ُ‬ ‫عَلى َ‬
‫جب َ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ذا ال ُ‬‫ه َ‬ ‫‪‬ل َ ْ‬
‫آخرها وتمد صوتها بقوله العزيز الحكيم‪.‬‬
‫وهدرت حمامة عنسسد سسسليمان‪ ،‬فقسسال‪ :‬أتسسدرون مسسا‬
‫تقول؟ قالوا‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬إنها تقول‪ :‬سبحان ربي العلسسى‬
‫عدد ما في سمواته وأرضه‪.‬‬
‫وصسساح قمسسري عنسسد سسسليمان‪ ،‬فقسسال‪ :‬أتسسدرون مسسا‬
‫يقول؟ قالوا‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ ،‬إنه يقول سبحان ربسسي العظيسسم‬
‫المهيمن‪.‬‬
‫وقسسال كعسسب‪ :‬وحسسدثهم سسسليمان‪ ،‬فقسسال‪ :‬الغسسراب‬
‫يقول‪ :‬اللهم ال َْعن الَعشار‪ ،‬والحدأة تقول‪ :‬كسسل شسسيء‬
‫م‪.‬‬
‫سل ِ ْ‬
‫ت َ‬ ‫سك َ َ‬ ‫هالك إل وجهه‪ ،‬والقطاة تقول‪ :‬من َ‬
‫مسه‪ ،‬و الضسفدعُ‬ ‫مسن السدنيا ه ّ‬ ‫والببغاُء تقسول‪ :‬ويسل ل ِ َ‬
‫يقول‪ :‬سبحان المذكور بكل لسان في كل مكان‪.‬‬
‫وقسسال مكحسسول‪ :‬صسساح دراج عنسسد سسسليمان‪ ،‬فقسسال‪:‬‬
‫أتدرون ما يقول؟ قالوا‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬إنه يقول‪» :‬الرحمن‬
‫على العرش استوى«‪ ،‬وقال الحسن‪ :‬قال النسسبي ‪:‬‬
‫»إذا صاح الديك‪ :‬قال اذكروا يا غافلين«‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وقال الحسن بن علي ابن أبي طالب‪ :‬قسسال النسسبي‬
‫ت‬‫عسسش مسسا شسسئ َ‬ ‫‪» :‬النسر إذا صاح قال‪ :‬يا ابن آدم ِ‬
‫ك الموت«‪.‬‬ ‫خر َ‬ ‫فآ ِ‬
‫وإذا صسساح العقسساب‪ ،‬قسسال‪ :‬فسسي البعسسد عسسن النسساس‬
‫الراحة‪.‬‬
‫وإذا صاح الخطاف‪ ،‬قسسرأ الحمسسد للسسه رب العسسالمين‬
‫إلى آخرها‪ ،‬فيقول‪ :‬ول الضالين ويمد بها صسسوته‪ ،‬كمسسا‬
‫يمد القارئ‪ ،‬قال قتادة والشعبي‪ :‬إنما هذا المسسر فسسي‬
‫ر ‪،‬‬ ‫ق الطّي ْل ِ‬ ‫منطِل َ‬ ‫من َللا َ‬ ‫عل ّ ْ‬
‫الطيسسر خاصسسة؛ لقسسوله‪ُ  :‬‬
‫والنملة طائر إذ قد يوجسسد لسسه أجنحسسة‪ ،‬قسسال الشسسعبي‪:‬‬
‫وكذلك كانت هذه النحلة ذات جناحين‪.‬‬
‫وقال‪ :‬فرقة‪ ،‬بل كان في جميع الحيوان وإنما ذكسسر‬
‫دا مسسن جنسسد سسسليمان يحتسساجه فسسي‬ ‫الطير؛ لنه كان جن ً‬
‫التظليل عن الشمس‪ ،‬وفي البعث في المور‪ ،‬فخص‬
‫بالذكر لكثرة مداخلته‪ ،‬ولن أمر سسسائر الحيسسوان نسسادر‬
‫وغير متردد ترداد أمر الطير‪.‬‬
‫وقال أبو جعفر النحاس‪ :‬والمنطق يقسسع لمسسا يفهسسم‬
‫ن‬
‫بغير كلم‪ ،‬والله جسسل وعسسز أعلسسم بمسسا أراد‪ ،‬قسسال اب س ُ‬
‫مسسن قسسال‪ :‬إنسسه ل يعلسسم إل منطسسق الطيسسر‪،‬‬ ‫العربسسي‪َ :‬‬
‫فنقصان عظيم‪.‬‬
‫ك‬ ‫ضسسا َ‬ ‫سسساٍع فسسي ر َ‬ ‫مد ٌ وإنسسي ل َ َ‬ ‫حا ِ‬ ‫ك َ‬ ‫إلهي إني شاكٌر ل َ َ‬
‫هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫جا ِ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫ت الن ّْعسس ُ‬ ‫مسسا َزّلسس ِ‬
‫مه ْ َ‬‫ك َ‬ ‫وأّنسس َ‬
‫و‬
‫ب بسسالعف ِ‬ ‫بسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسالَفَتى على الَعائ ِدِ الت ّسسو ِ‬
‫ت عسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائد‬ ‫دا وا ّن َْيسسس َ‬ ‫جسسس ً‬‫م ْ‬
‫ت َ‬ ‫عسسسد ْ َ‬ ‫ت ََبا َ‬
‫دني‬ ‫مسسس ّ‬ ‫ت ال ُ‬ ‫مسسسا فسسسأن ْ َ‬ ‫حل ْ ً‬ ‫ت َعَط ًُفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا و ِ‬
‫عسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫مت ََبا ِ‬
‫ك ال ُ‬ ‫وا َ‬ ‫س َ‬‫وما لي على شيٍء ِ‬
‫ت‬ ‫ضسسسل ُ‬ ‫مع ْ ِ‬‫مْتنسسسي ال ُ‬ ‫ل إذا د َهَ َ‬ ‫مَعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوّ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ك أد ْعُسسسو لسسسي إلهًسسسا الشسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدائد ُ‬ ‫أغَي ْسسسَر َ‬
‫ك‬ ‫ن أن ّس َ‬ ‫ح الب ُْرهَسسا ُ‬‫خال ًِقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا وقد أوض س َ‬ ‫و َ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫ك وا ِ‬ ‫وا َ‬ ‫سس َ‬‫م ِ‬ ‫ما د َعَسسى قسسو ٌ‬ ‫وقِد ْ ً‬
‫ح‬ ‫ن ول ل َ‬ ‫ك ب ُْرهسسا ٌ‬ ‫ذا َ‬ ‫م علسسى َ‬ ‫َفلسسسسسسسسسسسسم ي َُقسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫‪312‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساهِد ُ‬ ‫ورى‬ ‫ق ال س َ‬ ‫ك في َ ْ‬ ‫وكم ل َ َ‬
‫خل س ِ‬
‫ي ََراهسسا الَفَتسسى فسسي نفسسسه‬ ‫دلِئل‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن َ‬ ‫ِ‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساهِد ُ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫حسسدِي ْ َ‬
‫ك‬ ‫جا ِ‬‫كسسذًِبا ل ِل ْ َ‬
‫م ْ‬
‫ك ََفسسى ُ‬
‫ن أن ْك َسسسسسُرْوا‬
‫مإ ْ‬
‫مه ُ ْ‬
‫صسسسسس ُ‬
‫خا ِ‬‫تُ َ‬ ‫م‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهُ ْ‬ ‫ن ُُفو ُ‬
‫وت َُعاِنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫موعظة‬
‫قال ابن الجوزي س رحمه الله س‪:‬‬
‫اسسستمعْ يسسا رهيسسن الفسسات والمصسسائب‪ ،‬يسسا أسسسير‬
‫الطارقسسات النسسوائب‪ ،‬إيسساك وإيسساك المسسال الكسسواذب‪،‬‬
‫ك فسسي فعلهسسا‬ ‫فالسسدنيا داٌر وليسسست بصسساحب أمسسا أرْتسس َ‬
‫العجائب‪.‬‬
‫فيمن مشسى فسي المشسارق والمغسارب‪ ،‬ثسم أرتسك‬
‫ب‪.‬‬‫فيك شيب الذوائ ْ‬
‫هسسا‬
‫ب‪ ،‬ل ي َُرد ّ َ‬ ‫وائ ِ ْ‬
‫صسس َ‬‫م المسسوت َ‬ ‫ن سسسها َ‬ ‫تأ ّ‬ ‫أمسسا علمسس َ‬
‫ب إلينسسا دبيسسب الحي ّسسات‬ ‫ب‪ ،‬تسسد ّ‬ ‫ب‪ ،‬ول يفوُتها هسسار ْ‬ ‫حارِ ْ‬ ‫م َ‬
‫ُ‬
‫وت‬ ‫صس ْ‬ ‫هر صسسار َ‬ ‫ت مْز ِ‬ ‫ت تسمعُ صو َ‬ ‫ب‪ ،‬بينما أن ْ َ‬ ‫والَعقارِ ْ‬
‫ب‪.‬‬‫نادِ ْ‬
‫ب الدنيا إن قتلتك من نطالب كسسأني بسسك‬ ‫ح ّ‬ ‫يا أسير ُ‬
‫ت‬‫حا مثبوًرا‪ ،‬وترك َ‬ ‫حا مسروًرا‪ ،‬فأصبحت تر ً‬ ‫ت فر ً‬ ‫قد ْ ب ّ‬
‫موُْفوًرا‪.‬‬ ‫ك َ‬‫مالك ل ِغََير َ‬
‫ت مسسا‬ ‫ش سوَْرى‪ ،‬وعَسساي َن ْ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫وخرج من يدك فصسسار للك ُس ّ‬
‫طوًرا‪.‬‬ ‫س ْ‬
‫م ْ‬ ‫ت في الكتاب َ‬ ‫فَعْل َ َ‬

‫‪313‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت‬ ‫مغْ سُروًرا‪ ،‬واسسستحال ْ‬ ‫ت في الهسسوى َ‬ ‫ت أنك كن َ‬ ‫م َ‬ ‫وعَل ِ ْ‬
‫دا تصسسيُر فيسسه‬ ‫ت لحس ً‬ ‫ت د َب ُسسوًرا‪ ،‬وأسسسكن َ‬ ‫صَبا فعسساد ْ‬ ‫صَبا ال ّ‬ ‫َ‬
‫ت قص سًرا معمسسوًرا‪،‬‬ ‫مأسوًرا‪ ،‬ونزلت جسسدًثا خرب ًسسا وترك س َ‬
‫َ‬
‫ق لدًَرا‬‫ه َ‬ ‫م لُر الل ّل ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫وك َللا َ‬ ‫ودخلسست فسسي خسسبر كسسان ‪َ ‬‬
‫دوًرا ‪.‬‬ ‫ق ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫ن‬‫ن فيهسسسا القسسساط ُ‬ ‫مة فََيحسسسَز ُ‬ ‫وما هذه الد ُن َْيا َبدارِ إَقا َ‬
‫ل‬ ‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫مَفسساَزةٍ المتر ّ‬ ‫داُر إل أن َّها ك َ َ‬ ‫هي ال ّ‬
‫ب‬ ‫كسس ٌ‬ ‫ب وَر ْ‬ ‫كسس ٌ‬‫خ بهسسا َر ْ‬ ‫م سّر الج سدِ ي ْسسدين أَنسسا َ‬ ‫ن َ‬ ‫وإّنا لم س ْ‬
‫مُلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوا‬ ‫ح ّ‬‫غى ت َ َ‬ ‫فسسسسسسسسسسي السسسسسسسسسسو َ‬
‫كسسّر‬ ‫ل َ‬ ‫حَفسس ٌ‬‫ج ْ‬ ‫مسسّر منهسسا َ‬ ‫ق إذا َ‬ ‫خلئ ِ ُ‬ ‫صسسسسل ً وال َ‬ ‫جسسسسّرد ُ ن َ ْ‬ ‫تُ َ‬
‫ل‬ ‫حَفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫ل َ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٌ‬ ‫مْف َ‬ ‫ِ‬
‫ما والَبرّيسسسة‬ ‫سسسسهْ ً‬‫ض َ‬ ‫مَف سٌر لهسسا وت ُن ِْبسسس ُ‬ ‫خل َْفن َسسا منهسسا َ‬ ‫وما َ‬
‫مْقَتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫رب‬
‫واُء فكَيسسف لمسسن رام النجسساة‬ ‫ل الّثسسس َ‬ ‫طسسسا َ‬‫ن َ‬ ‫ل وإ ْ‬ ‫كسسس ٌ‬ ‫و ُ‬
‫التخيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسْيرهُ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬
‫موْرِدٍ ما عنسسه للخلسسق‬ ‫إلى َ‬
‫ل‬‫مْعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدِ ُ‬ ‫َ‬

‫أين الوالدان وعما ولدوا؟ أين الجبارون؟ وأين ما‬


‫مسسا‬
‫قصدوا؟ أين أرباب المعاصسسي علسسى مسساذا وردوا؟ أ َ‬
‫جنسسوا ثمسسرات مسسا جنسسوا وحصسسدوا‪ ،‬أمسسا قسسدموا علسسى‬ ‫َ‬
‫أعمالهم في مسسآلهم ووفسسدوا‪ ،‬أمسسا خلسسوا فسسي ظلمسسات‬
‫القبور‪.‬‬
‫بكوا والله على تفريطهم وانفردوا أما ذ َّلسسوا وقلسسوا‬
‫دا يكفسسي فسسي‬ ‫بعسسد أن عتسسوا ومسسردوا أمسسا طلبسسو ا زا ً‬
‫طريقهم ففقدوا‪.‬‬
‫دوا‪ ،‬فمنهسسم أقسسوام‬ ‫دموا ووج س ُ‬ ‫عاينوا والله ك ّ‬
‫ل ما ق س ّ‬
‫شقوا‪ ،‬ومنهم أقوام سعدوا‪.‬‬
‫ن السسسماك يقسسول‪ :‬أل منتبسسه مسسن رقسسدة؟ أل‬ ‫كان اب ُ‬
‫مستيقظ من غفلة؟ أل مفيق من سسسكرته؟ أل خسسائف‬
‫من صرعته؟‬
‫‪314‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫أقسم بالله لو رأيت القيامة تخفق بزلزل أهوالهسسا‬
‫مشسسرفة علسسى أهلهسسا وجيسسء بسسالنبيين‬ ‫علت النسسار ِ‬ ‫وقد َ‬
‫ك أن يكون لك في ذلك الجمع منزلسسة‬ ‫والشهداء لسّر َ‬
‫وزلفى‪ .‬اهس‪.‬‬
‫ن‬‫م ُ‬ ‫ضا ِ‬‫ك َ‬ ‫ذا ل ِرِْزقِ َ‬ ‫ضاُء بكل مسسا هُسسو والله يا هَ َ‬ ‫سب َقَ الَق َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ِ ُ‬
‫ن‬ ‫مسس ُ‬ ‫ثآ ِ‬ ‫وادِ ِ‬ ‫ح َ‬‫ك ل ِل ْ َ‬‫ك مسسا ت ُعَْني كأن ّ َ‬ ‫ت َعِْني بما ت ُك َْفي وت َْتر ُ‬
‫ل ل َِيسسوم ِ فَِراِقهسسا َيسسا‬ ‫مسس ْ‬ ‫ِبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ فاعْ َ‬
‫ن‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫صسسرعَ آ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫دنَيا و َ‬ ‫ما َترىَ ال س ُ‬ ‫أو َ‬
‫ك‬ ‫ه ل ِغَْيسسر َ‬ ‫مُعسس ُ‬ ‫ت تج َ‬ ‫ح َ‬ ‫صسسب َ ْ‬
‫أهل َِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا أ ْ‬
‫ن‬‫خسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساز ُ‬ ‫َ‬ ‫ك الذي‬ ‫ك ل أبال َ َ‬ ‫م بأن ّ َ‬ ‫واعْل َ ْ‬
‫ة‬
‫مسسن المني س ِ‬ ‫مْنزل ً لسسم ي َب ْسقَ في سهِ ِ‬ ‫مُر َ‬ ‫مَر الدنيا أت ِعْ ُ‬ ‫عا ِ‬ ‫يا َ‬
‫ن‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساك ِ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مت َهَسساوِ ُ‬‫ت ب ِذِك ْرِهِ ُ‬ ‫حقٌ وأن ْ َ‬ ‫ت ت َعْل َس ُ‬
‫م َ‬ ‫ت شسسيٌء أن ْس َ‬ ‫المسسو ُ‬
‫مسسسسا ول‬ ‫سسسسسهِ َيو ً‬ ‫ه فسسسسي ن َْف ِ‬ ‫أّنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ن‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَتأذِ ُ‬ ‫مسسن ت َ ْ‬ ‫مر ِ‬ ‫ة ل ُتسسؤا ِ‬ ‫منّيسس َ‬
‫ن ال ِ‬ ‫إ ّ‬
‫أَتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسست‬

‫فصل في ذكر طرف مما حدث في بعض‬


‫السنين من الوبية والمراض‬
‫أجدبت الرض في سنة ثماني عشرة فكانت الريح‬
‫تسفي تراًبا كالرمسساد فسسسمي عسسام الرمسسادة‪ ،‬وجعلسست‬
‫الوحوش تأوي إلى النس‪ ،‬فآلى عمر أل يذوق سسسمًنا‬
‫مسسا حسستى يحيسسى النسساس‪ ،‬واستسسسقى‬ ‫ول لبًنسسا ول لح ً‬
‫العباس‪ ،‬فسقوا‪.‬‬
‫وفيها كان طاعون عمسسواس مسسات فيسسه أبسسو عبيسسدة‬
‫ومعاذ وأنس‪ ،‬وفسسي سسسنة أربسسع وسسستين وقسسع طسساعون‬
‫بالبصرة وماتت أم أميرهم فما وجدوا من يحملها‪.‬‬
‫وفي سنة ست وتسعين كان طاعون الجارف هلك‬
‫في ثلث أيام سبعون أ لًفا ومات فيسسه لنسسس ثمسسانون‬
‫دا وكان يموت أهل الدار فيطين الباب عليهم‪.‬‬ ‫ول ً‬
‫‪315‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وفي سنة إحدى وثلثين ومائة مسسات أول يسسوم فسسي‬
‫ف وسسسبعون‬ ‫الطاعونة سسسبعون ألًفسسا‪ ،‬وفسسي الثسساني ني ّس ٌ‬
‫ألًفا‪ ،‬وفي اليوم الثالث خمد الناس‪.‬‬
‫ح الطفسسال‬ ‫وفي سنة أربسسع وثلثيسسن وثلث مسسائة ذ ُب ِس َ‬
‫ز‬
‫معس ِ‬‫وأكلست الجيسف وبيسع العقسار برغفسان واشسترى ل ِ‬
‫الدولة كر دقيق بعشرين ألف درهم‪.‬‬
‫وفسسي سسسنة أربسسع وأربعيسسن وثلثمسسائة أصسساب أهسسل‬
‫حٌر فكانوا يتساقطون موتى في الطرقات‪.‬‬ ‫البصرة َ‬
‫وفي سسسنة ثمسسان وأربعيسسن وأربعمسسائة عسسم القحسسط‬
‫فسسأكلت الميتسسة وبلسسغ المكسسوك مسسن بسسزر البقلسسة سسسبع‬
‫دنسسسانير‪ ،‬والسسسسفرجلة والرمانسسسة دينسسساًرا والخيسسسارة‬
‫واللينوفرة ديناًرا‪ ،‬وورد الخبر من مصر بأن ثلثة مسسن‬
‫اللصوص نقبوا داًرا فوجدوا عند الصباح موتى أحدهم‬
‫على باب النقب‪ ،‬والثاني على رأس الدرجة‪ ،‬والثسسالث‬
‫على الثياب المكورة‪.‬‬
‫وفي السنة التي تليها وقع وباء‪ ،‬فكسسان تحفسسر زبيسسة‬
‫لعشسسرين وثلثيسسن فيلقسسون فيهسسا‪ ،‬وتسساب النسساس كلهسسم‬
‫وأراقوا الخمور ولزموا المساجد‪.‬‬
‫وفي سسسنة سسست وخمسسسين وأربعمسسائة وقسسع الوبسساء‬
‫وبلغ الرطل من التمر الهندي أربعة دنانير‪ ،‬وفي سنة‬
‫اثنتين وستين وأربعمائة اشسستد الجسسوع والوبسساء بمصسسر‬
‫ضسسا وبيسسع اللسسوز والسسسكر‬ ‫حتى أكل النسساس بعضسسهم بع ً‬
‫بوزن الدراهم والبيضة بعشرة قراريسط‪ ،‬وخسرج وزيسر‬
‫صاح مصر إليه فنزل عن بغلته فأخذها ثلثسسة فأكلوهسسا‬
‫فصسسلبوا فأصسسبح النسساس ل يسسرون إل عظسسامهم تحسست‬
‫خشبهم وقد أكلوا‪ ،‬وفي سنة أربع وسسستين وأربعمسسائة‬
‫وقع الموت في الدواب حتى إن راعًيا قام إلى الغنسسم‬
‫وقت الصباح ليسوقها فوجدوها كلها موتى‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وقال ابن كسسثير سس رحمسسه اللسسه سسس‪ :‬وفسسي سسسنة أربسسع‬
‫وثلثين وثلثمائة وقسسع غلء شسسديد ببغسسداد حسستى أكلسسوا‬

‫‪316‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫الميتسسة والسسسنانير والكلب‪ ،‬وكسسان مسسن النسساس مسسن‬
‫يسرق الولد فيشويهم ويأكلهم‪.‬‬
‫دا‪،‬‬‫وكثر الوباء في الناس حتى كان ل يدفن أحد ٌ أح ً‬
‫بل ُيتركون على الطرق فيأكل كثيًرا منهم الكلب‪.‬‬
‫صسسرة‬ ‫س إلسسى الب ْ‬
‫وبيعت السسدور بسسالخبز وانتجسسع النسسا ُ‬
‫فكان منهم من مات في الطريق‪.‬‬
‫وذكر س رحمه اللسسه س س أن فسسي سسسنة اثنسستين وثلثيسسن‬
‫دا‬
‫وثلثمائة في جماد الولى غلسست السسسعار ببغسسداد جس ً‬
‫وكُثرت المطار حتى تهسسدم البنسساء‪ ،‬و مسسات كسسثير مسسن‬
‫طلت أكسسثر المسسساجد مسسن قلسسة‬ ‫الناس تحت الهدم وتع ّ‬
‫الناس‪.‬‬
‫ونقصت قيمسسة العقسسار حسستى بيسسع منسسه بالسسدرهم مسسا‬
‫دلُلون ُيعط ُسسون‬ ‫دور وكسسان ال س ّ‬ ‫ُيساوي الدينار وخلت ال س ُ‬
‫مسسن يسسسكُنها أجسسرة ليحفظهسسا مسسن السسداخلين إليهسسا‬
‫وها‪.‬‬ ‫لُيخرب ُ ْ‬
‫ت من اللصسسوص بالليسسل حسستى كسسان‬ ‫وكثرت الكبسا ُ‬
‫ن مسسن كسسل جهسسة ‪‬إ ِّنا‬ ‫سون وكُثرت الفت ُ‬ ‫الناس يتحار ُ‬
‫ن ‪ .‬اهس‪.‬‬ ‫عو َ‬
‫ج ُ‬ ‫ه َرا ِ‬‫وإ ِّنا إ ِل َي ْ ِ‬‫ه َ‬‫ل ِل ّ ِ‬
‫ث وثلثيسسن وخمسسسمائة كسسانت زلزلسسة‬ ‫وفي سسسنة ثل ٍ‬
‫عظيمة بمدينة جبرت فمات بسببها مائتا ألف وثلثون‬
‫ألًفا وصار مكانها ماء أسود عشرة فراسخ في مثلها‪.‬‬
‫وزلزل أهسل حلسب فسسي ليلسة واحسدة ثمسانين مسرة‪،‬‬
‫سسسا كسسثيرة عسسن النسساس‬ ‫فوضع السلطان محمسسود مكو ً‬
‫وكُثرت الدعية له‪.‬‬
‫قال‪ :‬وفي سنة اثنتين وخمسين وخمسسسمائة كسسانت‬
‫زلزلسسة عظيمسسة بالشسسام هلسسك بسسسببها خلسسق كسسثير ل‬
‫يعلمهم إل الله‪.‬‬
‫دم أكسسثُر حلسسب وحمسساة وشسسيرز وحمسص وكفسسر‬ ‫وتهس ّ‬
‫طسساب وحصسسن الكسسراد والمعسسّرة وقاميسسة واللذقيسسة‬
‫وأنطاكية وطراُبلس‪.‬‬

‫‪317‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن الجسسوزي‪ :‬وأمسسا قاميسسة فسسساخت‬ ‫قسسال‪ :‬وقسسال اب س ُ‬
‫قلعتها وتسسل حسسران انقسسسم قسسسمين فأبسسدى نسسواويس‬
‫وبيوت كثيرة في وسطه‪.‬‬
‫دمت أسوار أكسسثر مسسدن الشسسام حسستى أن مكتب ًسسا‬ ‫وته ّ‬
‫من مدينسسة حمسساة انهسسدم علسسى مسسن فيسسه مسسن الصسسغار‬
‫فهلكوا عن آخرهم‪.‬‬
‫وفي سنة أربع وعشسسرين ومسسائتين زلزلسست فرغانسسة‬
‫فمات فيها خمسة عشر ألًفا‪.‬‬
‫وفي السسنة الستي تليهسا رجفست الهسواز وتصسعدت‬
‫الجبال وهرب أهل البلد إلى البحسسر والسسسفن ودامسست‬
‫ما‪.‬‬
‫ستة عشر يو ً‬
‫دا‬
‫وفي السنة التي تليها مطر أهل تيما مطسسًرا وبسسر ً‬
‫كالبيض‪ ،‬فقتل به ‪ 370‬إنساًنا‪.‬‬
‫وسمع في ذلك صوت يقول‪ :‬ارحسسم عبسسادك‪ ،‬اعسسف‬
‫عن عبادك‪.‬‬
‫ونظسسروا إلسسى أثسسر قسسدم طولهسسا ذراع بل أصسسابع‬
‫وعرضها شبٌر وبين الخطوتين خمس أذرع أو ستة‪.‬‬
‫فاتبعوا الصوت فجعلسسوا يسسسمعون صسسوًتا ول يسسرون‬
‫صا‪.‬‬
‫شخ ً‬
‫وفي سنة ‪ 233‬رجفت دمشق رجفة انقضت منهسسا‬
‫البيوت وسقطت على من فيها فمات خلق كثير‪.‬‬
‫وانكفأت قرية فسسي الغوطسسة علسسى أهلهسسا فلسسم ينسسج‬
‫منهم إل رجل واحد‪.‬‬
‫وزلزَلت أنطاكية فمات منها عشرون ألًفا‪.‬‬
‫وفي السنة التي تليها هبت ريسسح شسسديدة لسسم يعهسسد‬
‫ما‪.‬‬
‫مثلها فاتصلت نيًفا وخمسين يو ً‬
‫وشملت بغداد والبصرة والكوفة وواسط وعبسسادان‬
‫وهوازن‪.‬‬
‫ثم ذهبت إلى همدان فأحرقت الزرع‪.‬‬
‫ثم ذهبت إلى الموصل فمنعت الناس من السسسعي‬
‫وتعطلت السواق‪.‬‬
‫‪318‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وزلزلت هراة فوقعت الدور‪.‬‬
‫وذكروا أشسسياء كسسثيرة غريبسسة عجيبسسة يطسسول ذكرهسسا‬
‫اقتصرنا منها علسسى هسسذا الطسسرف اليسسسير السسذي ربمسسا‬
‫يكون سبًبا للعتبار والتيقظ والرجوع إلى الله‪.‬‬
‫نسسسأل اللسسه الحسسي القيسسوم العلسسي العظيسسم الواحسسد‬
‫الحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن لسسه‬
‫وا أحد‪.‬‬ ‫كف ً‬
‫أن يوقظ قلوبنا ويستر عيوبنا ويغفر ذنوبنسسا ويثبتنسسا‬
‫على قوله الثابت في الحياة الدنيا والخرة‪ ،‬إنه سميع‬
‫قريب على كل شيء قدير‪.‬‬
‫حسسسوَهُ‬ ‫جِهسسسي ن َ ْ‬ ‫ت وَ ْ‬ ‫جْهسسس ُ‬ ‫ب النسسام ِ وَوَ ّ‬ ‫ت إلسسى رِ ّ‬ ‫صسسَرفْ ُ‬ ‫َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسآربي‬ ‫مطسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسالبي وَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه فسسي‬ ‫سسسي ْب ُ ُ‬
‫جسسى َ‬ ‫ك ي َُر ّ‬ ‫ملْيسس ٌ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك العْل َسسى ال س ّ‬ ‫مل ِس ِ‬
‫إلى ال َ‬
‫ب‬‫ع ِ‬ ‫مَتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫ه ال ْ‬ ‫س فَسسسسسسسسسسسوقَ ُ‬ ‫ليسسسسسسسسسسس َ‬
‫ل‬ ‫ج سْز ِ‬ ‫م ال سوََرى ط ُسًرا ب َ‬ ‫مدِ الَبسسّر السسذي وعَس ّ‬ ‫صسس َ‬ ‫إلسسى ال ّ‬
‫ب‬ ‫واهِ ِ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫جسسسسسسسسسسوْد ُهُ ال َ‬ ‫ض ُ‬ ‫َفسسسسسسسسسسا َ‬
‫م‬ ‫كسسسر َ‬ ‫ح غَّفسسسارٍ وأ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سسسس َ‬ ‫ل وأ ْ‬ ‫ي الن ّْعسس ُ‬ ‫تب َ‬ ‫ي إذا َزل ّ ْ‬ ‫مِقْيل ْ‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫عسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساث ًِرا َواهِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫َ‬
‫دوِر‬ ‫صسس ُ‬ ‫ل وَيسسد ْفَعُ عَّنسسي فسسي ُ‬ ‫مي ْس َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ل ي ُسوْل ِْيني ال َ‬ ‫مسسا َزا َ‬ ‫فَ َ‬
‫ب‬ ‫ت َل َط ًّفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا الّنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوائ ِ ِ‬
‫ي‬ ‫مْينسسسسي َوبسسسس ّ‬ ‫ح ِ‬
‫جن ِي ْن ًسسسسا وي ْ‬ ‫وي َْرُزُقنسسسسسسسسي ط ِْفل ً وكهل ً َ‬
‫ب‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫وقَب ْل ََهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا المكا ِ‬
‫جسسُر‬ ‫م َز ْ‬ ‫شسسيان ِهِ ْ‬‫ك د ُْونسسسي ون َهَْنه عن ِغ ْ‬ ‫مَل ُ‬ ‫إذا أغَْلسسسقَ ال ْ‬
‫ب‬ ‫ج ِ‬ ‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫م َ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوَرهُ ْ‬ ‫قُ ُ‬
‫ُ‬
‫مهِ غيسسر‬ ‫سسس ِ‬ ‫مسسدِل ً أنسساِدي بإ ْ‬ ‫مسسن ُ‬ ‫مهَي ْ ِ‬
‫ت إلى َباب ال ُ‬ ‫ِفزعْ ُ‬
‫ب‬ ‫طارًقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ِ ِ‬
‫ي فَوْقَ هَسسام ِ‬ ‫سؤْل ِ ْ‬‫كان ُ‬ ‫جاًبسسا َولسسم ولو َ‬ ‫ح ّ‬‫فلسسم أْلسسف ُ‬
‫ب‬ ‫واك ِ ِ‬ ‫ة الك َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫من َْعسسسسسسسسسس ً‬ ‫ش ِ‬ ‫خسسسسسسسسسس َ‬ ‫أ ْ‬
‫جى‬ ‫مسسا ن َهَسسساًرا ول َي ْل ً فسسسي السسسد ُ َ‬ ‫م ي ُل َْبسسي عَْبسسد َهُ ك ُل ّ َ‬ ‫كرْيسس ٌ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫د َعَسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا والَغيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساهِ ِ‬
‫ح دَِفاًقسسسسا بسسسسالل َّهى‬ ‫سسسسس ّ‬ ‫ن تَ ِ‬ ‫تإ ّ‬ ‫شسسسئ ُ‬ ‫مسسسا ِ‬ ‫ه َ‬‫سسسسأل ُ‬ ‫سأ ْ‬ ‫َ‬
‫‪319‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ب‬‫والّرغَسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ِ ِ‬ ‫ه‬
‫مي َْنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬‫يَ ِ‬
‫م‬
‫سسسِها ُ‬‫ت ِ‬ ‫خي َْفسس ْ‬
‫حسسْرًزا إذا ِ‬
‫و ِ‬ ‫ز‬
‫ي في الهَّراهِ ِ‬ ‫ي َرب ْ‬
‫سب ِ َ‬
‫ح ْ‬ ‫فَ َ‬
‫ب‬
‫الّنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوائ ِ ِ‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫مل ْ ًَ‬‫َ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫فوائد نافعة حول الفتاء والستفتاء‬
‫اعلم وفقنا الله وإياك وجميع المسلمين لمسسا يحبسسه‬
‫ويرضاه أن الُفت َْيا أمرها عظيم‪ ،‬ولقسسد كسسان السسسلف –‬
‫رحمهم الله‪ -‬يأبون الُفتيا‪ ،‬وُيشددون فيها‪ ،‬ويتسسدافعون‬
‫عكس ما عليه علماء هذا العصر‪.‬‬
‫فعسسن عبسسدالرحمن بسسن أبسسي ليلسسى قسسال‪ :‬أدركسست‬
‫ل‬‫عشسسرين ومسسائة مسسن أصسسحاب رسسسول اللسسه ‪ُ ‬يسسسئ ُ‬
‫ها هذا إلى هسسذا‪ ،‬وهسسذا إلسسى‬
‫أحدهم عن المسألة فيُرد ّ َ‬
‫هذا حتى ترجع إلى الول‪.‬‬
‫وفي رواية ما منهسسم مسسن ُيحسسدث بحسسديث إل ود أن‬
‫أخاه كفاه إياه‪ ،‬ول ُيستفتى عن شيء إل ود ّ أن أخسساه‬
‫م‬
‫كفاه الُفتيا‪ ،‬وأنكر المام أحمد وغيره على من يهجسس ُ‬

‫‪320‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫على الجواب؛ لخسسبر‪» :‬أجرؤكسم علسسى الُفتيسسا أجرؤكسسم‬
‫على النار«‪.‬‬
‫وقال المام أحمد‪ :‬ل ينبغي أن يجيب فسسي كسسل مسسا‬
‫ُيستفتى فيه‪ ،‬وقال‪ :‬ل ينبغي للرجل أن ُيعرض نفسسسه‬
‫للُفتيا حتى يكون فيه خمس خصال‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن تكون له نية‪ ،‬وهي أن يخلص لله تعالى‪،‬‬
‫ة ول نحوها‪ ،‬فإن لسسم يكسسن لسسه نيسسة لسسم‬ ‫ول يقصد رياس ً‬
‫يكن عليه نور‪ ،‬ول على كلمه نور‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن يكون له حلسسم ووقسسار وسسسكينة‪ ،‬وإل لسسم‬
‫دى لسسه مسسن بيسسان الحكسسام‬ ‫يتمكسسن مسسن فعسسل مسسا تص س ّ‬
‫الشرعية‪.‬‬
‫الثالثسسة‪ :‬أن يكسسون قوي ًسسا علسسى مسسا هسسو فيسسه وعلسسى‬
‫معرفته‪ ،‬وإل فقد عّرض نفسه لخطر عظيم‪.‬‬
‫ه الناس؛ لنه احتاج إلى‬ ‫الرابعة‪ :‬الكّفاية‪ ،‬وإل أبغض ُ‬
‫الناس وإلى الخذ مما في أيديهم‪ ،‬فيتضررون منه‪.‬‬
‫الخامسة‪ :‬معرفة الناس بأن يكون بصيًرا بمكرهسسم‬
‫وخسسسداعهم‪ ،‬ليكسسسون حسسسذًرا منهسسسم لئل ً يوقعسسسوه فسسسي‬
‫المكروه‪.‬‬
‫وإليك ما ورد في ذلك‪ ،‬نقل الميمسسوني عسن المسام‬
‫سئل عن حديث‪ ،‬فقسسال‪ :‬سسسلوا أصسسحاب‬ ‫أحمد ‪ ‬أنه ُ‬
‫الغريب فإني أخاف أن أتكلم في قول رسول الله ‪‬‬
‫بالظن فأخطئ‪.‬‬
‫شسسعبة قسسال‪:‬‬ ‫ت ُ‬ ‫وقسسال أبسسو داود الطيالسسسي‪ :‬سسسمع ُ‬
‫ت الصسسمعي عسسن حسسديث النسسبي ‪» :‬إنسسه ل َي ُغَسسا ُ‬
‫ن‬ ‫سأل ُ‬
‫على قلبي« ما معنى ي َُغان؟‬
‫قال‪ :‬فقال لي هذا الحسسديث عسسن رسسسول اللسسه ‪،‬‬
‫ت‬‫سْر ُ‬ ‫ت‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬لو كان عن غير النبي ‪ ‬لف ّ‬ ‫فقل ُ‬
‫ذلك‪ ،‬ولكن عن النبي ‪ ‬ل أجترئ عليه‪.‬‬
‫سسسليمان عسسن أبيسسه‬ ‫معتمسسر بسسن ُ‬‫وعن الصمعي عن ُ‬
‫قال‪ :‬كانوا يتقون حديث النبي ‪ ‬كما يتقسسون تفسسسير‬
‫القرآن‪.‬‬
‫‪321‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وكان المام أحمد يجيء إلى أبي عبيد يسسسأله فسسي‬
‫الغريب روى ذلك الخلل‪.‬‬
‫وقال ابن عباس‪ :‬إذا تسسرك العسسالم ل أدري أصسسيبت‬
‫مقالته‪ ،‬وقال‪ :‬كان رسسسول اللسسه ‪ ‬إمسسام المسسسلمين‬
‫وسيد العالمين يسأل عن الشيء فل يجيب حتى يأتيه‬
‫الوحي من السماء‪.‬‬
‫وقال الشعبي‪ :‬ل أدري نصف العلم‪.‬‬
‫ل‬‫سسسئ ُ‬‫وقال أحمد في رواية المروذي‪ :‬كسسان مالسسك ي َ ْ‬
‫دم ويسسؤخر يتثبسست‪ ،‬وهسسؤلء يقيسسسون‬ ‫عن الشسسيء فيقس ّ‬
‫على قوله‪ ،‬ويقولون‪ :‬قال مالك‪.‬‬
‫عْلم الرجسسل‬ ‫وعن علي بن أبي طالب ‪ ‬قال‪ :‬من ِ‬
‫أن يقول لما ل يعلم‪ :‬اللسسه أعلسسم؛ لن اللسسه عسسز وجسسل‬
‫َ‬ ‫ل ما أ َ َ‬
‫ر‬
‫جل ٍ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مل ْ‬‫ه ِ‬‫عل َي ْ ِ‬
‫م َ‬ ‫سأل ُك ُ ْ‬‫ْ‬ ‫ق ْ َ‬ ‫قال لرسوله ‪ُ : ‬‬
‫ن ‪.‬‬ ‫مت َك َل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫في َ‬ ‫ن ال ُ‬‫م َ‬‫ما أَنا ِ‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫وصح عن ابن عمر س رضي الله عنهما س قال‪ :‬العلم‬
‫سنة ماضية‪ ،‬ول أدري‪.‬‬ ‫ق‪ ،‬و ّ‬ ‫ثلثة‪ :‬كتاب ناط ٌ‬
‫وقال أحمسسد فسسي روايسسة المسسروذي‪ :‬ليسسس فسسي كسسل‬
‫شيء ينبغي أن ُيتكلسسم فيسسه‪ ،‬وذكسسر أحسساديث النسسبي ‪‬‬
‫كان ُيسأل فيقول ل أدري حتى أسأل جبريل‪.‬‬
‫ت أبي يقسسول‪ :‬كسسان سسسفيان ل‬ ‫وقال عبدالله‪ :‬سمع ُ‬
‫ن ذا مسسن‬ ‫ن ُيحسس ُ‬ ‫مس ْ‬‫يكاد يفسستي فسسي الطلق‪ ،‬ويقسسول‪َ :‬‬
‫ن ذا‪.‬‬‫ُيحس ُ‬
‫ت أنه ل يسألني أحسسد‬ ‫وقال في رواية الحارث‪ :‬ودد ُ‬
‫عن مسألة أو ما شيء أشد علي مسسن أن أسسسأل عسسن‬
‫ل عن عُن ُِقه وي َُقّلدك‪.‬‬ ‫جه الرج ُ‬ ‫هذه المسائل البلء ُيخر ُ‬
‫صة مسائل الطلق والُفروج‪ ،‬ونقل الثرم عنسسه‬ ‫وخا ّ‬
‫ت‪ :‬كيسسف هسسو عنسسدك‪ ،‬فقسسال‪:‬‬ ‫أنه سأله عن شيء‪ ،‬فقل ُ‬
‫وما عندي أنا‪.‬‬
‫م مسسا جسساء مسسن‬ ‫وسمعُته يقول‪ :‬إنما هسسو يعنسسي العلس َ‬
‫فوق‪ ،‬وقال سفيان‪ :‬من فتنة الرجسسل إذا كسسان فقيهًسسا‬
‫ب إليه من السكوت‪.‬‬ ‫أن يكون الكلم أح ّ‬
‫‪322‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت لبسسي عبسسدالله إن العسسالم‬ ‫وقسسال المسسروذي‪ُ :‬قلسس ُ‬
‫م كل شيء‪ ،‬فقال‪ :‬قال ابسسن مسسسعود‬ ‫يظنون عنده عل ُ‬
‫‪ :‬إن السسذي ُيفسستي النسساس فسسي كسسل مسسا يسسستفُتونه‬
‫جسسم فسسي‬ ‫لمجُنون‪ ،‬وأنكسسر أبسسو عبسسدالله علسسى مسسن يته ّ‬
‫المسائل والجوابات‪.‬‬
‫ق اللسه عبسد ٌ‬‫ت أبسا عبسدالله يقسول‪ :‬ليّتس ِ‬ ‫قال‪ :‬وسمع ُ‬
‫ولينظر ما يقول وما يتكلم‪ ،‬فإنه مسئول‪.‬‬
‫وقال‪ :‬من أفتى النسساس ليسسس ينبغسسي لسسه أن ُيحيسسل‬
‫دد عليهم‪.‬‬ ‫س على مذهبه‪ ،‬وُيش ّ‬ ‫النا َ‬
‫وقسسال فسسي روايسسة القاسسسم‪ :‬إنمسسا ينبغسسي أن ي ُسسؤمر‬
‫س بالمر البين الذي ل شك فيه وليسست النسساس إذا‬ ‫النا ُ‬
‫أمروا بالشيء الصحيح أن ل يجاوزوه‪.‬‬
‫سسسئل عسسن‬ ‫ونقسسل محمسسد بسسن أبسسي طسساهر عنسسه أنسسه ُ‬
‫ل غيسسري ليسسس لسسي أن‬ ‫مسألة في الطلق‪ ،‬فقال‪ :‬س س ْ‬
‫أفتي بالطلق بشيء‪.‬‬
‫ب في‬ ‫وقال في رواية ابن منصور‪ :‬ل ينبغي أن ُتجي َ‬
‫ة‬
‫ل وإهانس ٌ‬ ‫كل ما ُيستفتى‪ ،‬وصح عن مالك أنسه قسال‪ :‬ذ ٌ‬
‫ك‪.‬‬‫ل من سأل َ َ‬ ‫للعالم أن تجيب ك ُ ّ‬
‫س بكل ما يسمعُ فُهو‬ ‫من أخبَر النا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ضا‪ :‬ك ُ‬ ‫وقال أي ً‬
‫مجُنون‪ ،‬وقال أحمد في رواية أحمد بسسن علسسي البسسار‪،‬‬
‫ن ل أدري أيش هي؟ قسسال‪:‬‬ ‫ت بيمي ْ‬ ‫حل َْف ُ‬ ‫وقال له رجل‪َ :‬‬
‫ت أنا‪.‬‬ ‫ت د ََري ْ ُ‬ ‫ت أنك إذا د ََري ْ َ‬‫لي َ‬
‫وقال في رواية الثسسرم‪ :‬إذا هسساب الرجسسل شسسيًئا فل‬
‫ينبغي أن يحمل على أن يقول‪.‬‬
‫وقال في رواية المسسروذي‪ :‬إن السسذي ُيفسستي النسساس‬
‫ما‪ ،‬وقال‪ُ :‬يقدم على أمر عظيم ينبغي‬ ‫يتقلد ُ أمًرا عظي ً‬
‫مسسا بقسسول مسسن تقسسدم وإل فل‬ ‫لمن أفسستى أن يكسسون عال ً‬
‫ُيفتي‪.‬‬
‫وقال في روايسسة الميمسسوني‪ :‬مسسن تكلسسم فسسي شسسيء‬
‫ليس له فيه إمام أخاف عليه الخطأ‪.‬‬

‫‪323‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وقال الثوري‪ :‬ل نزال نتعلم ما وجسسدنا مسسن يعلمنسسا‪،‬‬
‫وقال أحمد‪ :‬نحن الساعة نتعلسسم‪ ،‬وسسسأله إسسسحاق بسسن‬
‫إبراهيم عن الحديث الذي جاء‪» :‬أجرؤكم على الفتيسسا‬
‫أجرؤكم على النار« ما معناه‪.‬‬
‫قال أبو عبدالله‪ُ :‬يفتي بما لم يسمع‪ ،‬وقسسال محمسسد‬
‫سئل عن الرجسسل‬ ‫بن أبي حرب‪ :‬سمعت أبا عبدالله‪ ،‬و ُ‬
‫يفتي بغير علم‪ ،‬قال‪ :‬يسسروى عسسن أبسسي موسسسى‪ ،‬قسسال‪:‬‬
‫يمرق من دينه‪.‬‬
‫ونقل المروذي‪ :‬أن رجل ً تكلم بكلم أنكره عليه أبو‬
‫ل عسسن الشسسيء‬ ‫عبدالله‪ ،‬قال‪ :‬هذا من حبه الدنيا ُيسسسئ ُ‬
‫الذي ل يحسن فيحمل نفسه على الجواب‪.‬‬
‫ونحو هذا عن حماد‪ ،‬وقسسال‪ :‬كنسست أسسسائل إبراهيسسم‬
‫عن الشيء‪ ،‬فيعرف في وجهي أني لم أفهسسم فيعيسسده‬
‫حتى أفهم‪ ،‬روى ذلك الخلل وغيره‪.‬‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال ابن وهب عن يونس عن الزهري‪ :‬أن أبسسا بكسسر‬
‫ه الرجسسل‪،‬‬ ‫الصسسديق ‪ ‬حسسدث رجل ً بحسسديث فاسسستفهم ُ‬
‫ض ت ُِقُلنسسي إذا‬
‫دثُتك‪ ،‬أي أْر ٍ‬
‫فقال الصسسديق‪ :‬هسسو كمسسا حس ّ‬
‫ت بما ل أعلم‪.‬‬
‫قل ُ‬
‫عسسا‪:‬‬
‫وروى نحوه من غير وجه عن أبي هريرة مرفو ً‬
‫ت فيها‪ ،‬فإنما إثمه علسسى السسذي‬ ‫»من أفتي بفتيا غَْير ث ِب ْ ٍ‬
‫أفتاه«‪ ،‬وفي لفظ‪» :‬من أفتي بفتيا بغير علم كان إثم‬
‫ذلك على الذي أفتاه« رواهما أحمد‪ ،‬وروى الثاني أبو‬
‫داود‪ ،‬والول ابسن مساجه‪ ،‬وهسو حسديث جيسد لسه طسرق‬
‫مذكورة في حواشي »المنتقى«‪.‬‬
‫وقال الثوري عن العمش عن أبسسي وائل عسسن ابسسن‬
‫مسعود‪ ،‬قال‪ :‬من أفتى الناس في كسسل مسسا يسسستفتونه‬
‫فهو مجنون‪ ،‬وقال مالك‪ :‬عن يحيى بن سعيد عن ابن‬
‫عباس مثله‪.‬‬
‫‪324‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وقال الزهري عن خالد بسسن أسسسلم‪ ،‬قسسال‪ :‬كنسسا مسسع‬
‫ث العمسسة؟ فقسسال‪ :‬ل‬ ‫ابسسن عمسسر‪ ،‬فسسسأله أعرابسسي أتسسر ُ‬
‫أدري‪ ،‬قسسال‪ :‬أنسست ل تسسدري‪ ،‬قسسال‪ :‬نعسسم إذهسسب إلسسى‬
‫ن عمسر‬ ‫العلماء‪ ،‬فاسألهم‪ ،‬فلمسا أدبسسر الرجسل قَب ّس َ‬
‫ل ابس ُ‬
‫سسسئل عمسسا ل‬ ‫ه‪ ،‬فقال‪ :‬نعم ما قال أبو عبدالرحمن‪ُ ،‬‬ ‫يد ُ‬
‫يدري‪ ،‬فقال‪ :‬ل أدري‪.‬‬
‫وقال سسسفيان بسسن عيينسسة والثسسوري عسسن عطسساء بسسن‬
‫السائب عن عبدالرحمن بن أبي ليلسسى‪ ،‬قسسال‪ :‬أدركسست‬
‫عشرين ومائة من النصار مسسن أصسسحاب رسسسول اللسسه‬
‫‪ ‬ما منم من أحد يحدث بحديث إل ود أن أخاه كفاه‬
‫إياه‪.‬‬
‫ول ُيستفتى عن شيء إل ود ّ أن أخاه كفاه الفتوى‪،‬‬
‫سسسئل‬‫هذا لفظ روايسسة الثسسوري‪ ،‬ولفسسظ ابسسن عيينسسة إذا ُ‬
‫أحدهم عن المسألة ردها هذا إلى هذا‪ ،‬وهذا إلى هسسذا‬
‫حتى ترجع إلى الول‪.‬‬
‫صسسين عثمسسان بسسن عاصسسم التسسابعي‪ :‬إن‬ ‫ح َ‬
‫وقال أبسسو ُ‬
‫ت على عمر لجمسسع‬ ‫أحدكم ُيفتي في المسألة ولو ورد ْ‬
‫لها أهْ َ‬
‫ل ب َد ٍْر‪.‬‬
‫وقسسال القاسسسم وابسسن سسسيرين‪ :‬لن يمسسوت الرجسسل‬
‫جاهل ً خير له من أن يقول ما ل يعلم‪ ،‬وقال مالك عن‬
‫من إكرام المسسرء لنفسسسه أن ل‬ ‫ن ِ‬
‫القاسم بن محمد‪ :‬إ ّ‬
‫يقول إل ما أحاط به علمه‪.‬‬
‫وقال سعيد بن جبير‪ :‬ويل لمن يقسسول لمسسا ل يعلسسم‬
‫إني أعلم‪ ،‬وقال مالسسك‪ :‬مسسن فقسسه العسسالم أن يقسسول ل‬
‫أعلم‪ ،‬فإنه عسى أن يهيأ له الخير‪.‬‬
‫ت الشسسافعي سس رضسسي‬ ‫وقال أحمد بن حنبسسل‪ :‬سسسمع ُ‬
‫كا‪ ،‬سمعت محمسد بسن عجلن‬ ‫الله عنهما س سمعت مال ً‬
‫يقول‪ :‬إذا ترك العالم ل أدري أصسسيبت مقسساتله‪ ،‬ورواه‬
‫إسحاق بن راهويه عن ابسسن عيينسسة عسسن داود بسسن أبسسي‬
‫الُزَبير الزبيري عن مالك بسسن عجلن‪ ،‬قسسال‪ :‬قسسال ابسسن‬
‫عباس‪ ،‬فذكره وقد سبق‪.‬‬
‫‪325‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مَرو‬‫وقال عبدالرزاق عن معمر‪ ،‬قال‪ :‬سأل رجل عَ ْ‬
‫ن دينار عن مسألة فلم يجبه‪ ،‬فقال الرجسسل‪ :‬إن فسسي‬ ‫ب َ‬
‫نفسي منها شيًئا فأجبني‪.‬‬
‫فقال‪ :‬إن يكن في نفسسسك منهسسا مثسسل أبسسي قُسسبيس‬
‫ي أن يكون في نفسي منها مثل الشعرة‪.‬‬ ‫أحب إل ّ‬
‫وقال ابن مهدي‪ :‬سأل رجسسل مالسسك بسسن أنسسس عسسن‬
‫مسألة فطال ترداده إليه فيه وألسسح عليسسه‪ ،‬فقسسال‪ :‬مسسا‬
‫ب فيسسه‬ ‫شاء الله يا هذا‪ ،‬إني لم أتكلسسم إل فيمسسا احتسس ُ‬
‫ك هذه‪.‬‬ ‫مسألت َ َ‬ ‫ن ُ‬
‫ت أحس ُ‬ ‫الخير ولس ُ‬
‫كا يقسسول‪ :‬العجلسسة فسسي‬ ‫ت مال ً‬ ‫ن وهب‪ :‬سمع ُ‬ ‫وقال اب ُ‬
‫خرق‪.‬‬ ‫الفتوى نوعٌ من الجهل وال ُ‬
‫وقال يحيى بن سعيد‪ :‬كسسان سسسعيد بسسن المسسسيب ل‬
‫مني‬ ‫يكاد يفتي ُفتًيا ول يقول شيًئا إل قسسال‪ :‬اللهسسم سسل ّ ْ‬
‫م مني‪ ،‬ذكره البيهقي وغيره‪.‬‬ ‫سل ّ ْ‬ ‫و َ‬
‫ولسيما إن كان من ُيفتي يعلم من نفسه أنه ليس‬
‫أهل ً للفتسسوى لفسسوات شسسرط أو وجسسود مسسانع ول يعلسسم‬
‫الناس ذلك منه‪.‬‬
‫فإنه يحرم عليه إفتسساء النسساس فسسي هسسذه الحسسال بل‬
‫إشسسكال فهسو يسسسارع إلسسى مسا يحسرم لسسسيما إن كسان‬
‫الحامل على ذلك عرض الدنيا‪.‬‬
‫وأما السف فكانوا يتركون ذلك خوًفا‪ ،‬ولعسسل غيسسره‬
‫من هو أولى منه‪.‬‬ ‫يكفيه وقد يكون أدنى لوجود َ‬
‫قال ابن معين‪ :‬الذي يحسسدث بالبلسدة وبهسسا مسن هسو‬
‫أولى منه بالحديث فهو أحمق‪.‬‬
‫ت حتى شهد لسسي سسسبعون أنسسي‬ ‫وقال مالك‪ :‬ما أفتي ُ‬
‫ل لذلك‪.‬‬ ‫أه ٌ‬
‫عيينة وسحنون‪ :‬أجسر الناس على الفتيا‬ ‫وقال ابن ُ‬
‫ما‪ ،‬وقسسال سسحنون‪ :‬أشسسقى النسساس مسن بساعَ‬ ‫أقلهم عل ً‬
‫ه بدنيا غيره‪.‬‬ ‫آخرت َ ُ‬
‫ة الجواب بالصواب أشد ُ من ِفتنة المال‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬فتن ُ‬

‫‪326‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وقال سسسفيان‪ :‬أدركسست الفقهسساء وهسسم يكرهسسون أن‬
‫دا مسسن أن‬ ‫يجيبوا في المسائل والُفتيا حتى ل يجدوا ُبسس ّ‬
‫م النسساس بالُفتيسسا أسسسكُتهم عنهسسا‬ ‫ُيفُتسسوا‪ ،‬وقسسال‪ :‬أعلسس ُ‬
‫وأجهلهم بها أنطقهم فيها‪.‬‬
‫مسسن‬ ‫ل‪ :‬ما ُيبكيك؟ فقال‪ :‬است ُْفِتي َ‬ ‫وبكى ربيعة‪ ،‬فقي َ‬
‫ق‬
‫م لسسه‪ ،‬وقسسال‪ :‬ولبعسسض مسسن ُيفسستى هاهنسسا أحسس ّ‬ ‫عْلسس َ‬‫ل ِ‬
‫سراق‪.‬‬ ‫جن من ال ّ‬ ‫س ْ‬ ‫بال ّ‬
‫ت عسسن‬ ‫سئ ِل ْ َ‬ ‫وقال بعض العلماء لبعض المفتين‪ :‬إذا ُ‬
‫مسألة فل يكن همسسك تخليسسص السسسائل؛ ولكسسن ليكسسن‬
‫ك تخليص نفسك‪ ،‬وقال عمرو بن دينار‪ :‬لما جلس‬ ‫م َ‬‫ه ّ‬
‫قتادة للفتيسسا تسسدري فسسي أي عمسسل وقعست؟ وقعسست يسسا‬
‫ت‪ :‬هذا يصلح‪ ،‬وهسسذا ل‬ ‫قتادة بين الله وبين خلقه‪ ،‬وقل ُ‬
‫يصلح‪.‬‬
‫وقسسال بعضسسهم‪ :‬إن العسسالم داخسسل بيسسن اللسسه وبيسسن‬
‫خلقه‪ ،‬فلينظر كيف يدخل بينهم!‬
‫سئل عن الشيء مسسن الحلل‬ ‫وكان ابن سيرين إذا ُ‬
‫والحرام تغّير لونه وتبدل حتى كأنه ليس بالذي كان‪.‬‬
‫وكان النخعي يسأل فتظهر عليه الكراهة‪ ،‬ويقسسول‪:‬‬
‫دا تسأله غيري؟‬ ‫ما وجدت أح ً‬
‫سسسئلت عسسن مسسسألة فتفكسسر‪ ،‬فسسإن‬ ‫وقسسال آخسسر‪ :‬إذا ُ‬
‫جا فتكلم‪ ،‬وإل فاسكت‪.‬‬ ‫وجدت لنفسك مخر ً‬
‫سسسئل عسسن المسسسألة كسسأنه‬ ‫وعن مالك‪ :‬أنه كسسان إذا ُ‬
‫واقف بين الجنة والنار‪.‬‬
‫دا مسسا‬‫ت ب ُس ً‬ ‫ت ولسسو وجسسد ُ‬ ‫وقسسال النخعسسي‪ :‬قسسد تكلم س ُ‬
‫تكلمت‪ ،‬وإن زماًنا أكون فيه فقيه أهل الكوفة لزمسسان‬
‫سوء‪.‬‬
‫وقال ابن عيينة‪ :‬ليس هذا المر لمن ود أن النسساس‬
‫احتساجوا إليسه‪ ،‬إنمسا هسذا المسر لمسن ود أن وجسد مسن‬
‫يكفيه‪.‬‬
‫سئل عمر بن عبدالعزيز عن مسألة‪ ،‬فقال‪ :‬ما أنا‬ ‫و ُ‬
‫على الفتيا بجريء‪ ،‬انتهى‪.‬‬
‫‪327‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ح ب َعْسسسد ُ‬ ‫مل َ‬
‫جسسس ٌ‬‫إذا غسسساب ن َ ْ‬ ‫ضسسوُْوا العلسسم فسسي السسدنيا‬ ‫َ‬
‫جدِْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫َ‬ ‫ة‬‫داي َسسسسسسسسسس ً‬ ‫م هِ َ‬ ‫نجسسسسسسسسسسو ُ‬
‫جُنسسود ُ‬ ‫دائه و ُ‬‫ل من أعْ َ‬ ‫مَعاقِ ُ‬ ‫َ‬ ‫ن اللسسه ط ُسًرا‬ ‫م عَ سّز دِي ْس ُ‬ ‫ب ِهِ س ْ‬
‫ه‬
‫مس ُ‬ ‫ْ‬
‫عل َ‬ ‫ن ك ان ي َسْرِوي ِ‬ ‫مس ْ‬‫فَ َ‬ ‫ه‬‫م لسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫وهُسسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫وي ُِفْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫ث‬‫ل الحسسدي ِ‬ ‫م أه س ُ‬ ‫ولو لم ي َُق ْ‬
‫م‬‫ل ما عنسسه النسسا ُ‬ ‫من الفض ِ‬ ‫ِ‬ ‫بنِقلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ‬
‫ُرُقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوْد ُ‬ ‫ة‬
‫م الّنبسسو ِ‬ ‫عل ْ س َ‬‫مسسوا وَِرثسسوا ِ‬ ‫هُ ُ‬
‫وا ب َعْ سد َ الممسسات‬ ‫مس ْ‬
‫مسسا له ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫حَتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوْوا‬ ‫وا ْ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوْد ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫ُ‬ ‫جى‬ ‫ح السسسد ّ َ‬
‫صسسساب ِي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫م كَ َ‬
‫وهُسسس ْ‬
‫م‬ ‫دى ب ِهِسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫ي ُهْت َسسسسسسسسسسس َ‬

‫آخر‪:‬‬
‫دائ ِم ِ الصسسوم ِ‬ ‫صسسلةٍ َ‬‫ك َث ِْيسسُر َ‬ ‫ل‬ ‫حسسس َ‬ ‫ن َقسسسد ْ أن ْ َ‬‫مسسس ْ‬‫ب ِ‬‫أل ُر ّ‬
‫عاِبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫ه‬
‫م ُ‬
‫سسسسسسسسسس َ‬ ‫ج ْ‬‫الّزهسسسسسسسسسد ُ ِ‬
‫صسسسود ُ قسسسد‬ ‫مْق ُ‬ ‫جهِسسس َ‬
‫ل ال َ‬ ‫إذا ُ‬ ‫ق‬ ‫صال ً وهسسو بسسالط ُْر ِ‬ ‫ي َُروم ِ وِ َ‬
‫صسسسسسسسسسسد ُ‬‫خسسسسسسسسسساب قا ِ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫جاهِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٌ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫جْهسس ِ‬ ‫ل بال َ‬ ‫كثيٌر من العما ِ‬ ‫َ‬ ‫ل بسسالعلم ِ‬ ‫ل من العما ِ‬ ‫قلي ٌ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫فا ِ‬ ‫ن َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسافِعٌ‬ ‫ججس‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬

‫فصل‬
‫أسللئلة وأجوبللة الللله أعلللم بالسللائل عنهللا‬
‫والمسئول‪:‬‬
‫السؤال الول عن واحد ل ثاني له‪.‬‬
‫وعن دين ل يقبل الله غيره‪.‬‬
‫وعن مفتاح الصلة وبم تختم‪.‬‬
‫وعن غراس الجنة وعن صلة كل شيء‪.‬‬

‫‪328‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وعن أربعة فيهسسم السسروح ولسسم يكونسسوا فسسي أصسسلب‬
‫الرجال ول أرحام النساء‪.‬‬
‫وعن رجل ل أب له‪.‬‬
‫وعن رجل ل أم له ول أب‪.‬‬
‫وعن حيوان جرى بصاحبه‪.‬‬
‫وعن بقعة من الرض طلعت عليها الشسسمس مسسرة‬
‫واحدة ولم تطلع عليها قبل ذلك ول بعده‪.‬‬
‫عن ظعن مّرة ً ولم يظعن قبلها ول بعدها‪.‬‬ ‫وعن ظا ِ‬
‫وعن شجرة نبتت على إنسان‪.‬‬
‫وعن شيء يتنفس ول روح له‪.‬‬
‫وعن الحكمة في المحو الذي في القمر‪.‬‬
‫وعن ميت مات ألف شهر ومائتي شهر‪.‬‬
‫وعن جبل ارتفع ثم رجع‪.‬‬
‫وعن اثنان ل ثالث لهما‪.‬‬
‫وخمسة ل سادس لها‪.‬‬
‫وستة ليس سابع‪.‬‬
‫وسبعة ليس لها ثامن‪.‬‬
‫وثمانية ل تاسع لها‪.‬‬
‫وتسعة ل عاشر لها‪.‬‬
‫وعشرة ليس لهم حادي عشر‪.‬‬
‫واثنا عشر ل ثالث عشر لها‪.‬‬
‫وثلثة عشر ل رابع لها‪.‬‬
‫وعن أحب كلمة إلى الله‪.‬‬
‫وما الموضع الذي ليس له قبلة‪.‬‬
‫وعن شيء حل بعضه وحرم بعضه‪.‬‬
‫وعن نبي نهى الله النسسبي ‪ ‬أن يعمسسل مثسسل عمسسل‬
‫عمله‪.‬‬
‫ن بعثسسه اللسسه وليسسس مسسن بنسسي آدم ول مسسن‬ ‫مس ْ‬
‫وعن َ‬
‫الجن ول من الملئكة‪.‬‬
‫ضرب ببعضها ميسست فحيسسا بسسإذن‬ ‫وعن نفس ماتت و ُ‬
‫الله‪.‬‬
‫‪329‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وعن كافر لم تأكل الرض لحمه‪.‬‬
‫س ول نسبة بينهما‪.‬‬ ‫س خرجت من نف ٍ‬ ‫وعن نف ٍ‬
‫وعن اثنين تكلما في الدهر مسسرةً واحسسدة فقسسط ثسسم‬
‫هما سكوت إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫وعن أنفع كلمة وأرفع كلمة وأحسن كلمة وأزكى‪.‬‬
‫م كاذبون‪.‬‬ ‫وعن جماعة شهدوا بالحق وه ُ‬
‫وعسسن جماعسسة شسسهدوا بسسالحق فسسأدخلوا النسسار ومسسن‬
‫شهدوا عليه‪.‬‬
‫وعن شيء في الرض من الجنة‪.‬‬
‫وعن صيدين صادهما رجل فحل أحدهما له وحسسرم‬
‫عليه الخر‪.‬‬
‫وعن امرأة أوحى الله إليها‪.‬‬
‫وعن خمسة مشوا على وجه الرض ولم يولدوا‪.‬‬
‫وعن أم لم تلد‪.‬‬
‫وعن أم لم تولد‪.‬‬
‫و ‪7‬عن ماء لم يذكر أنه نبع مسسن الرض ولسسم يسسذكر‬
‫أنه نزل من السماء‪.‬‬

‫الجواب‪:‬‬
‫الواحد الذي ل ثاني له فالله جسسل جللسسه وتقدسسست‬
‫أسماؤه‪ ،‬وأما الدين الذي ل يقبل غيره فدين السلم‪،‬‬
‫فل َللن‬
‫سلللم ِ ِدين ًللا َ‬ ‫غ َ‬
‫غي ْلَر ال ِ ْ‬ ‫من ي َب ْت َ ِ‬ ‫قال تعالى‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫ه ‪.‬‬
‫من ْ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫قب َ َ‬
‫ل ِ‬
‫وأما مفتاح الصلة فالتكبير وتختتم بالتسليم‪.‬‬
‫وأما غرس الجنة فسبحان الله والحمد لله ول إلسسه‬
‫إل الله والله أكبر‪.‬‬
‫وأما صلة كل شيء سبحان الله وبحمده‪.‬‬
‫وأما السسذي فيهسسم السسروح ولسسم يكونسسوا فسسي أصسسلب‬
‫الرجال ول في أرحام النساء‪ ،‬فهم‪ :‬آدم وحواء‪ ،‬وناقة‬
‫صالح س عليه السلم س‪ ،‬وعصا موسسسى لمسسا قلبهسسا اللسسه‬
‫‪330‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫حية‪ ،‬والكبش الذي فدى بسسه إبراهيسسم ابنسسه‪ ،‬قسسال اللسسه‬
‫ظيلم ٍ ‪ ،‬وأمسسا الموضسسع‬ ‫ع ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ذب ْل ٍ‬
‫فدَي َْناهُ ب ِ ِ‬ ‫و َ‬ ‫تعسسالى‪َ  :‬‬
‫السسذي ليسسس لسسه قبلسسة فظهسسر بيسست اللسسه )أي سسسطح‬
‫الكعبة(‪.‬‬
‫وأما الرجل الذي ل أب لسسه فعيسسسى –عليسسه وعلسسى‬
‫نبينا السلم‪.-‬‬
‫وأمسسا الرجسسل السسذي ل أم لسسه ول أب فسسآدم س س عليسسه‬
‫السلم س‪.‬‬
‫وأما الحيوان الذي جسسرى بصسساحبه‪ ،‬فسسالحوت السسذي‬
‫سار بيونس في البحر‪.‬‬
‫وأما البقعة التي طلعت عليه الشمس مرةً واحسسدة‬
‫فأرض البحر الذي فلقه الله لموسى ومسسن معسسه مسسن‬
‫بني إسرائيل‪.‬‬
‫وأما الثنان اللذان ليس لهما ثالث فالليل والنهار‪.‬‬
‫وأما الثلث التي ليس لها رابع فالطلق الثلث‪.‬‬
‫وأمسسا الخمسسس السستي ل سسسادس لهسسا فالصسسلوات‬
‫الخمس المفروضة‪.‬‬
‫وأما الستة الذين ل سابع لهسسم فاليسسام السستي خلسسق‬
‫الله فيها السموات والرض‪.‬‬
‫وأما السبعة التي ل ثامن لها فأيام السبوع‪.‬‬
‫وأما الثمانية الذين ليس لهم تاسع فحملة العسسرش‬
‫ش‬
‫علْر َ‬ ‫ل َ‬ ‫مل ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫يوم القيامة‪ ،‬قال اللسسه جسسل وعل‪َ  :‬‬
‫وي َ ْ‬
‫ة ‪.‬‬ ‫مان ِي َ ٌ‬‫ذ ثَ َ‬ ‫مئ ِ ٍ‬‫و َ‬‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ق ُ‬‫و َ‬
‫ف ْ‬ ‫ك َ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫وأما التسعة الذين ل عاشر لهم‪ ،‬فالتسسسعة الرهسسط‬
‫الذين ذكرهسسم اللسسه فسسي سسسورة النمسسل‪ ،‬قسسال تعسسالى‪:‬‬
‫فللي‬ ‫ن ِ‬‫دو َ‬ ‫سلل ُ‬‫ف ِ‬ ‫ط يُ ْ‬
‫ه ٍ‬ ‫ة َر ْ‬ ‫ع ُ‬‫س َ‬ ‫ة تِ ْ‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫في ال َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬‫‪َ ‬‬
‫ض ‪.‬‬ ‫َ‬
‫الْر ِ‬
‫وأما العشر التي ليسسس لهسسا حسسادي عشسسرة‪ ،‬فقسسوله‬
‫ر ‪.‬‬ ‫ش ٍ‬ ‫ع ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ول ََيا ٍ‬ ‫ر* َ‬ ‫ج ِ‬‫ف ْ‬‫وال ْ َ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫وأما الحد عشر فإخوة يوسف‪.‬‬
‫وأما الثنا عشر فشهور السنة‪.‬‬
‫‪331‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وأما الثلثة عشر فإخوة يوسف وأبوه وأمه‪.‬‬
‫و ما أحب كلمة إلى اللسسه فكلمسسة الخلص »ل إلسسه‬
‫إل الله«‪.‬‬
‫ضه فهو نهر‬ ‫م بع ُ‬ ‫حّر َ‬ ‫ضه و ُ‬ ‫ل بع ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫وأما الشيء الذي أ ِ‬
‫ر‬ ‫هل ٍ‬ ‫مب ْت َِليك ُللم ب ِن َ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن الل ّل َ‬ ‫طسسالوت‪ ،‬قسسال تعسسالى‪ :‬إِ ّ‬
‫ه‬‫مل ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫م ي َطْ َ‬ ‫من ل ّل ْ‬ ‫و َ‬ ‫مّني َ‬ ‫س ِ‬‫فل َي ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ب ِ‬ ‫ر َ‬ ‫ش ِ‬ ‫من َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫ه ‪.‬‬ ‫د ِ‬
‫ة ب ِي َ ِ‬ ‫ف ً‬ ‫غْر َ‬‫ف ُ‬ ‫غت ََر َ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ِ‬ ‫مّني إ ِل ّ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫َ‬
‫وأمسا السذي بعثسه اللسه ولسسي مسن النسس ول مسن‬
‫الملئكة ول من الجن‪ ،‬فهو الغراب‪ ،‬قال اللسسه تعسسالى‪:‬‬
‫َ‬
‫ض ‪.‬‬ ‫في الْر ِ‬ ‫ث ِ‬ ‫ح ُ‬‫غَراًبا ي َب ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ث الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫فب َ َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫وأما النفس التي ماتت وضسسرب ببعضسسها ميت ًسسا آخسسر‬
‫فحيا بإذن الله‪ ،‬فهي بقسسرة بنسسي إسسسرائيل‪ ،‬قسسال اللسسه‬
‫حي ِللي‬ ‫ها ك َلذَل ِ َ‬
‫ك يُ ْ‬ ‫ضل َ‬ ‫ع ِ‬ ‫رُبوهُ ب ِب َ ْ‬‫ض ِ‬ ‫قل َْنا ا ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫جل وعل‪َ  :‬‬
‫وَتى ‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫ه ال َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫وأما الشجرة التي نبتت على إنسسسان فسسالتي أنبتهسسا‬
‫عل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫وأ َن ْب َت َْنا َ‬
‫مّتى‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬‬ ‫الله على يونس بن َ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫طي ٍ‬ ‫ق ِ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫جَرةً ّ‬ ‫ش َ‬‫َ‬
‫وأما النفس التي دخلت في نفس أخرى وخرجسست‬
‫وليس بينهمسسا مناسسسبة فهسسو يسسونس بسسن مسستى سس عليسسه‬
‫السلم س دخل في بطن الحسسوت وخسسرج‪ ،‬قسسال تعسسالى‪:‬‬
‫ت ‪.‬‬ ‫حو ُ‬ ‫ه ال ُ‬ ‫م ُ‬‫ق َ‬ ‫فال ْت َ َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫وأما الكنسسز مسسن كنسسوز الجنسسة فل حسسول ول قسسوة إل‬
‫بالله‪ ،‬كما في الحديث‪.‬‬
‫وأما الماء الذي لم يذكر أنسسه نبسسع مسسن الرض ولسسم‬
‫يذكر أنسه نسزول مسن السسماء‪ ،‬فالمساء السذي نبسع بيسن‬
‫أصابع النبي ‪.‬‬
‫وأما الحكمة التي في محو آية الليل القمسسر‪ ،‬فسسالله‬
‫أعلم أنه لجل تمييز الليل من النهار‪ ،‬ولمنسسافع أخسسرى‬
‫تتعلق بالنبات والزروع والشجار‪.‬‬
‫وأما أنفع كلمة وأرفع كلمة وأحسن كلمسسة‪ ،‬فكلمسسة‬
‫الخلص‪» :‬ل إله إل الله«‪.‬‬
‫‪332‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وأما النبي الذي نهى الله النبي ‪ ‬أن يعمسسل مثسسل‬
‫عمل عمله‪ ،‬فهو يونس‪ ،‬قسسال اللسسه جل وعل وتقسسدس‪:‬‬
‫ت إِ ْ‬
‫ذ‬ ‫حللو ِ‬ ‫ب ال ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫كن ك َ َ‬ ‫ول َ ت َ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫حك ْم ِ َرب ّ َ‬ ‫صب ِْر ل ِ ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ‪.‬‬ ‫ظو ٌ‬ ‫مك ْ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫دى َ‬ ‫َنا َ‬
‫وأما الشهود الذين شهدوا حًقا وهسسم كسساذبون فهسسم‬
‫ك‬ ‫جلللاءَ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫المنسسسسافقون‪ ،‬قسسسسال اللسسسسه تعسسسسالى‪ :‬إِ َ‬
‫ه‬‫ل الل ّل ِ‬ ‫سللو ُ‬ ‫ك ل ََر ُ‬ ‫هدُ إ ِن ّل َ‬ ‫شل َ‬ ‫قللاُلوا ن َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫من َللا ِ‬ ‫ال ُ‬
‫ن‬ ‫هد ُ إ ِ ّ‬ ‫شلل َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫والّللل ُ‬ ‫ه َ‬ ‫سللول ُ ُ‬ ‫ك ل ََر ُ‬ ‫م إ ِّنلل َ‬ ‫عَللل ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫والّللل ُ‬ ‫َ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫كاِذُبو َ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫قي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ال ُ‬
‫وأما الشهود السسذين شسسهدوا بسسالحق وأدخلسسوا النسسار‪،‬‬
‫ومسسن شسسهدوا عليسسه فسسالجوارح‪ ،‬قسسال اللسسه جسسل وعل‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬
‫سلللن َت ُ ُ‬ ‫م أل ْ ِ‬ ‫هللل ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫هد ُ َ َ‬ ‫شللل َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫و َ‬ ‫وتقسسسدس‪َ :‬يللل ْ‬
‫وأ َيديهم َ‬
‫ن ‪ ،‬وقسسال‬ ‫مُلللو َ‬ ‫ع َ‬ ‫كاُنوا ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫جل ُ ُ‬‫وأْر ُ‬ ‫َ ْ ِ ِ ْ َ‬
‫شللهدَ َ َ‬ ‫تعسسالى‪َ  :‬‬
‫م‬ ‫هلل ْ‬‫علي ْ ِ‬ ‫هللا َ ِ‬ ‫ءو َ‬ ‫جا ُ‬ ‫مللا َ‬ ‫ذا َ‬ ‫حّتللى إ ِ َ‬
‫َ‬
‫كللاُنوا‬ ‫مللا َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جُلللودُ ُ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صللاُر ُ‬ ‫وأب ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫م ُ‬ ‫سلل ْ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬اليات‪.‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫يَ ْ‬
‫وأما الجبل الذي ارتفع وعاد فجبسسل الطسسور‪ ،‬أعسساده‬
‫ل‬ ‫جَبلل َ‬ ‫قَنللا ال َ‬ ‫وإ ِذْ ن َت َ ْ‬ ‫اللسسه‪ ،‬قسسال اللسسه جسسل وعل‪َ  :‬‬
‫ة وظَّنوا أ َ‬ ‫ه ظُل ّ‬ ‫قهم ك َأ َ‬
‫م ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ع‬
‫ٌ‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫وا‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫و َ ُ ْ‬ ‫ف ْ‬ ‫َ‬
‫وأما الكافر الذي لم تأكل الرض لحمه فقارون‪.‬‬
‫وأمسسا السسذي فسسي الرض وهسسو مسسن الجنسسة فسسالحجر‬
‫السود‪.‬‬
‫حسسل لسسه‬ ‫و أمسسا الصسسيدان اللسسذان صسسادهما رجسسل‪ ،‬فأ ِ‬
‫أحدهما وحرم عليه الخر‪ ،‬فمحسرم صساد صسيدين مسن‬
‫البر واحد ومن البحر واحسسد‪ ،‬فالسسذي مسسن السسبر حسسرام‪،‬‬
‫والذي من البحر حلل‪.‬‬
‫وأما الذي مات ألف شهر ومائتي شسسهر ثسسم أحيسساه‬
‫الله‪ ،‬فالعزيز سس عليسسه السسسلم سسس‪ ،‬قسسال اللسسه جسسل وعل‬
‫وتقدس‪َ َ  :‬‬
‫ه ‪.‬‬ ‫عث َ ُ‬ ‫م بَ َ‬ ‫عام ٍ ث ُ ّ‬ ‫ة َ‬ ‫مائ َ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫مات َ ُ‬ ‫فأ َ‬

‫‪333‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وأما المرأة التي أوحى الله إليها فأم موسى‪ ،‬قسسال‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اللسسه جسسل وعل‪َ  :‬‬
‫ن‬ ‫سللى أ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫م ُ‬ ‫حي َْنللا إ َِلللى أ ّ‬ ‫و َ‬
‫وأ ْ‬‫َ‬
‫ه ‪.‬‬ ‫َ‬
‫عي ِ‬
‫ض ِ‬ ‫أْر ِ‬
‫وأما الم التي لم تولد فحواء –عليها السلم‪.-‬‬
‫وأما الم التي لم تلسسد فمكسسة المكرمسسة أم القسسرى‪،‬‬
‫ُ‬
‫قَرى ‪ .‬اهس‪.‬‬ ‫م ال ُ‬‫ذُر أ ّ‬ ‫قال الله جل وعل‪ :‬ل ُّتن ِ‬
‫سسسئل الشسسافعي عسسن رجليسسن خطبسسا امسسرأة فحلسست‬ ‫ُ‬
‫لحدهما ولم تحل للخر‪ ،‬فقال‪ :‬إن الذي لم تحل لسسه‪،‬‬
‫له أربع زوجات فحرمت عليه الخامسة‪.‬‬
‫فقال‪ :‬ما تقول في رجلين شربا خمًرا فوجب على‬
‫أحدهما الحد‪ ،‬ولم يجب على الخسسر وكانسسا مسسسلمين؟‬
‫فقال‪ :‬إن أحدهما كان حًرا بالغًسسا فسسوجب عليسسه الحسسد‪،‬‬
‫والخر صغير لم يبلغ‪.‬‬
‫قال‪ :‬فما تقسسول فسسي خمسسسة زنسسوا بسسامرأة فسسوجب‬
‫م‪ ،‬وعلى الثسسالث‬ ‫ل‪ ،‬وعلى الخر الرج ُ‬ ‫على أحدهم القت ُ‬
‫د‪ ،‬ولسسم يجسسب علسسى‬ ‫د‪ ،‬وعلسسى الرابسسع نصسسف الح س ِ‬ ‫الح س ُ‬
‫د‪.‬‬‫ح ّ‬
‫الخامس َ‬
‫مسسسلمة فسسوجب‬ ‫مسسا الول فمشسسرك زنسسى ب ُ‬ ‫فقسسال‪ :‬أ ّ‬
‫محصن زنسسى فسسوجب‬ ‫عليه القتل‪ ،‬وأما الثاني فمسلم ُ‬
‫م بكسسر‬ ‫عليه الرجم‪ ،‬وأما الذي وجب عليه الحد فمسسسل ٌ‬
‫ف‬‫ك زنسسى فسسوجب عليسسه نص س ُ‬ ‫زَنى‪ ،‬وأما الرابع فمملسسو َ‬
‫ي‬
‫الحسسد‪ ،‬وأمسسا السسذي لسسم يجسسب عليسسه شسسيء فالصسسب ّ‬
‫والمجنون‪.‬‬
‫سسسا مسسن مسساء‬ ‫قسسال‪ :‬فمسسا تقسسول فسسي رجسسل أخسسذ كأ ً‬
‫فشرب بعضه وحُرم عليه الباقي؟‬
‫قال‪ :‬هذا لما شرب بعضه وقع على الباقي نجاسة‬
‫فحرم عليه‪.‬‬
‫سسسا‬‫قال‪ :‬فما تقول في رجسسل دفسسع إلسسى امرأتسسه كي ْ ً‬
‫ت طسسالقٌ إن لسسم ُتفرغيسسه ول‬ ‫مسسا‪ ،‬وقسسال لهسسا‪ :‬أن س ِ‬ ‫مختو ً‬
‫تفتحيسسه ول تقطعيسسه ول تفتقيسسه‪ ،‬ففرغتسسه علسسى ذلسسك‬
‫الحكم ولم يلحقها طلق؟‬
‫‪334‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫حسسا فوضسسعته‬ ‫فقال‪ :‬إن الكيس مملوًءا سسسكًرا أو مل ً‬
‫في الماء فذاب وتفّر َ‬
‫غ‪.‬‬
‫قال‪ :‬فما تقول فسسي جماعسسة صسسلحاء سسسجدوا لغيسسر‬
‫مطيعسسون؟ قسسال‪ :‬الملئكسسة‬ ‫الله تعالى وهم في فعلهم ُ‬
‫سجدوا لدم‪.‬‬
‫قال‪ :‬فما تقول في رجل لقي جارية فقّبلها‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫دها وأخي عمها وأنسسا زوج أمهسسا‪ ،‬فمسسا‬ ‫ت من أبي ج ّ‬ ‫فدي ُ‬
‫تكون منه؟ قال‪ :‬هي ابنته‪.‬‬
‫مسسا‪ ،‬فقبلتسسه‪،‬‬ ‫غل ً‬ ‫قال‪ :‬فما تقسسول فسسي امسسرأة لقيسست ُ‬
‫ه‬ ‫ُ‬
‫مس ُ‬ ‫جسسي ع ّ‬ ‫خ سو ْ ز و ْ ِ‬‫ه وأ ُ‬ ‫ت من أمي ولدت أم س ُ‬ ‫قالت‪ :‬فدي ُ‬
‫ه‪.‬‬
‫م ُ‬‫وأُبوه ابن حماتي وأنا امرأة أبيه؟ قال‪ :‬هي أ ّ‬
‫ه‬‫وقال‪ :‬ما تقول فسي رجسل تسزّوج امسرأةً وزّوج ابنس ُ‬
‫ت بولدين‪ ،‬فما يكون الولد ُ من‬ ‫مها‪ ،‬فجاءت الم والبن ُ‬ ‫أ ّ‬
‫ن‬ ‫ل لبسسن البنسست‪ ،‬واب س ُ‬ ‫ن الم خسسا ُ‬ ‫ذلك وذلك؟ فقال‪ :‬اب س ُ‬
‫م لبن الم‪.‬‬ ‫البنت ع ّ‬
‫وقال‪ :‬مسسا تقسسول فسسي رجسسل مسسات وخل ّسسف س سّتمائة‬
‫م واحد‪.‬‬ ‫ت فأصابها دره ٌ‬ ‫درهم وله من الورثة أخ ٌ‬
‫فقال‪ :‬هذا شخص مات وخلف سّتمائة درهم وترك‬
‫ف والسسدته‬ ‫بنتين أصابُهما الث ُُلثان أربعمسسائة درهسسم وخل ّس َ‬
‫ن‬ ‫ف زوجة أصابها الثم ُ‬ ‫س مائة درهم وخل ّ َ‬ ‫سد ُ ُ‬ ‫أصابها ال ُ‬
‫خسسا لكسسل‬ ‫ما‪ ،‬وله اثنسسا عشسسر أ ً‬ ‫وهو خمس وسبعون دره ً‬
‫واحد منهم درهمان‪ ،‬ففضل للخت درهم‪.‬‬
‫ملغًزا‪:‬‬ ‫وقال آخر ُ‬
‫س‬
‫ه الخسسرى ولي س َ‬ ‫خت َس ُ‬
‫ص كذا أ ْ‬ ‫خ ٍ‬ ‫شس ْ‬ ‫م َ‬ ‫صأ ّ‬ ‫خ ٌ‬ ‫شس ْ‬ ‫ج َ‬‫ت َسَزوّ َ‬
‫ل‬ ‫طسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫خت َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه ب َِبا ِ‬ ‫وأ ُ‬
‫ل‬‫ج سٌر لسسدى ك ُس ّ‬ ‫ل وقالوا لسسه أ ْ‬ ‫ضسسا ب ِِفعْس ٍ‬ ‫ص أت َسسى أي ً‬ ‫خ ٌ‬ ‫ش ْ‬ ‫و َ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّرم ٍ فاضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل‬ ‫م َ‬
‫ُ‬

‫وقال آخر‪:‬‬

‫‪335‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسَرهُ‬ ‫وفسسي الفقسهِ أفْن َسسى عُ ْ‬ ‫مسسسن كسسسان‬ ‫سسسسأُلوا َ‬ ‫أل فا ْ‬
‫ذالهِ‬ ‫باب ْت ِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫عسسسسسسسسسا‬‫بسسسسسسسسسالعلم ِ َبارِ ً‬
‫مسسن ثلسسث‬ ‫ماهُ ِ‬ ‫س ّ‬‫ل َِزي ْدٍ كما َ‬ ‫دا‬‫صسس ً‬ ‫صسسي َقا ِ‬ ‫عن المرِء ي ُوْ ِ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسال ِهِ‬ ‫َ‬ ‫ه َرب ّسسسسسسسسسسسسهِ‬ ‫جسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫وَ ْ‬
‫د َفَعَْنسسا لسسه الموصسسى لسسه‬ ‫ن الموصسسى لسسه‬ ‫ن يَ ُ‬
‫كسس ْ‬ ‫فسسإ ْ‬
‫بكمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسالهِ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوّل ً‬ ‫مت َ َ‬‫ُ‬
‫ل فسساْرث‬ ‫ك الما َ‬ ‫ذا َ‬‫مَناهُ َ‬ ‫حَر ْ‬ ‫َ‬ ‫وإن كسسسان ذا فَْقسسسرٍ وقِسسس ّ‬
‫ل‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسال ِهِ‬ ‫لَ ِ‬ ‫وَفاَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةٍ‬
‫ك مسسا رِْزقُ الفسستى‬ ‫مسسُر َ‬‫ل َعَ ْ‬ ‫ذو‬ ‫م ذ ُوْ فَْقرٍ وي ُعْط َسساهُ ُ‬ ‫حَر ُ‬ ‫أي ُ ْ‬
‫حتيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسال ِهِ‬ ‫با ْ‬ ‫الغنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى‬
‫جلل ِسهِ‬ ‫س ست َن ِد ْ إل ل ِعِ سّز َ‬
‫ول ت ْ‬ ‫مسسد ْ إل علسسى اللسسه‬ ‫فل تعْت َ ِ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدِهُ‬ ‫وَ ْ‬

‫وحلها موجود في السسسئلة والجوبسسة الفقهيسسة فسسي‬


‫الجزء السابع‪.‬‬
‫وقال آخر‪ :‬هل ينوب الماء عن التراب؟ فقيل‪ :‬نعم‬
‫سسْر دفْن ُسسه فسسي السسبر‪،‬‬ ‫ت في البحسسر ولسسم يت ّ‬ ‫ت مي ٌ‬ ‫إذا ما َ‬
‫ب المسساُء عسسن‬ ‫مثِقل وي ُل َْقى في البحر‪ ،‬وي َن ُسسو ُ‬ ‫ُيجعل فيه ُ‬
‫التراب‪,.‬‬
‫حسرٍ وقسسد فَِفسسي الَبحسسرِ ي ُل َْقسسى وهسسو‬ ‫ت لسسي ب َ ْ‬ ‫مسسا َ‬
‫من َ‬ ‫و َ‬
‫ب ب ُسسسسسسسسسسسد َّل‬
‫ه بسسسسسسسسسسسالت ُْر ِ‬‫عَسسسسسسسسسسسسّز د َفْن ُسسسسسسسسسسسس ُ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫موعظة‬
‫ت علسسي بسسن الحسسسين‬ ‫عسسن الزهسسري قسسال‪ :‬سسسمع ُ‬
‫ه‪.‬‬
‫سه وُيناجي رب ّ ُ‬ ‫ب نْف َ‬
‫ُيحاس ُ‬
‫سسسكوتك‪ ،‬وإلسسى عمارتهسسا‬
‫م إلسسى السسدنيا ُ‬
‫س حّتا َ‬‫يا نف ُ‬
‫ك‪ ،‬أما اعتبرت بمسسن مضسسى مسسن أسسسلفك‪ ،‬ومسسن‬ ‫كون ِ‬‫ُر ُ‬
‫من إخوانك‪.‬‬‫ه الرض من الفك‪ ،‬ومن ُفجعت به ِ‬ ‫وارت ُ‬

‫‪336‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وُنقسسل إلسسى السسثرى مسسن أقرابسسك‪ ،‬فهسسم فسسي ب ُط ُسسون‬
‫ل دواثر‪.‬‬ ‫ض بعد ظهورها‪ ،‬محاسنهم فيها بوا ٍ‬ ‫الر ِ‬
‫حسسسوَ المناَيسسسا‬‫سسسساقَُهم ن َ ْ‬ ‫ت و َ‬ ‫ت د ُوُْرهم منهم وأقْوَ ْ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫َ‬
‫مَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسادُِر‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُهم ال َ‬ ‫عرا ُ‬
‫م تحسست السستراب‬ ‫مت ْهُ ُ‬
‫وا عسسسن السسسدنيا ومسسسا وضسس ّ‬ ‫خل ّسسس ْ‬‫و َ‬
‫حَفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائُر‬ ‫وا ل َهَسسسسسسسسسسسا ال َ‬
‫معُسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬

‫منسسون مسسن قُسسرون بعسسد قُسسرون!‬ ‫كم خّربت أيسسدي ال ُ‬


‫ت‬‫ن عاشسسر َ‬ ‫مسس ْ‬‫ت في ُترابها م ّ‬ ‫وكم غب َّرت الرض! وغيب ْ‬
‫صنوف وشّيعتُهم إلى المَهال ِسسك ثسسم رجعسست عنهسسم‬ ‫من ُ‬
‫إلى أهل الفلس!‬
‫ص‬
‫حرْيسسس ٌ‬ ‫طابهسسسا فيهسسسا َ‬ ‫خ ّ‬ ‫ب ل ُ‬ ‫مك ِس ّ‬ ‫دنيا ُ‬
‫ت علسسى ال س ُ‬ ‫وأن ْس َ‬
‫مك َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساث ُِر‬ ‫س ُ‬‫مَنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسافِ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ت‬ ‫ذا َلسسوْ عََقْلسس َ‬‫مسسا َ‬
‫ح أتسسد ِْري ب ِ َ‬ ‫ص سب ِ ُ‬‫شي وت ُ ْ‬‫م ِ‬ ‫خط َرٍ ت َ ْ‬
‫على َ‬
‫خسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساط ُِر‬ ‫لهًِيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ت ُ َ‬
‫ك‬‫شسس َ‬ ‫خَراهُ ل َ‬ ‫ل عن أ ُ‬ ‫سسَعى ل ِسد ُن َْياهُ وي َذ ْهَ ُ‬ ‫مسسرًءا ي ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫وإ ّ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫خا ِ‬ ‫دائب ًسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا َ‬ ‫َ‬

‫حّتام على الدنيا إقباُلك وبشهواتها اشتغالك‪ ،‬وقد‬ ‫ف َ‬


‫وخطك الشيب وأتاك النذير وأنت عما ُيراد ُ بسسك سسساهٍ‬
‫ب أهسسل‬ ‫وبلسسذة يومسسك وغسسدك ولهٍ وقسسد رأيسست انقل َ‬
‫مصيبات‪.‬‬ ‫من ال ُ‬‫ل بهم ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ت ما َ‬ ‫الشهوات وعاي َن ْ َ‬
‫ذر للك َسساب ِ‬
‫ر‬ ‫من ْ ِ‬
‫ل ُ‬ ‫ن وشيب قَ َ‬
‫ذا ٍ‬ ‫أبعسسسد اقَْتسسسراب الرب َعِي ْسسس َ‬
‫ص‬
‫َتربسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٌ‬
‫دا أو عسسسن‬ ‫مسسس ً‬‫ك عَ ْ‬ ‫سسسس َ‬‫ضسسائٌر ِلنْف ِ‬ ‫هو َ‬ ‫ي بما ُ‬ ‫مْعن ّ‬
‫كأّنك َ‬
‫الرشسسسسسسسسسسدِ حسسسسسسسسسسائر‬

‫انظر إلى المسسم الماضسسية والملسسوك الفانيسسة كيسسف‬


‫ت من‬‫م فانمح ْ‬ ‫ن اليام ووافاهم الحما ُ‬ ‫اختطفتهم عُْقَبا ُ‬
‫مسسا فسسي‬
‫هم وبقيت فيها أخبارهم وأضحوا رم ً‬ ‫الدنيا آثار ُ‬
‫التراب إلى يوم الحشرِ والمآب والحساب‪.‬‬

‫‪337‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫خلسسى‬ ‫سسسُهم منهسسم وأ ْ‬ ‫جال َ‬ ‫م َ‬
‫َ‬ ‫ب‬‫ما في الترا ِ‬ ‫مي ْ ً‬
‫وا َر ِ‬
‫س ْ‬
‫م َ‬ ‫فأ ْ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫مَقا ِ‬‫ال َ‬ ‫ت‬‫وعُط َّلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫كان الُقُبسسسوِر‬ ‫سسسس ّ‬‫وأّنسسسى ل ُ‬ ‫م‬
‫دار ل تزاور ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫حُلوا ب َ‬‫و َ‬
‫الّتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَزاوُُر‬ ‫فما أن َترى إل قُُبوًرا ث َوَْوا‬
‫سسسِفي عليهسسا‬ ‫ةت ْ‬ ‫سسسط ّ َ‬
‫ح ً‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫ب َِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫العا ِ‬

‫ن وجن ُسسود وأعسسوان تمكسسن‬ ‫سلطا ٍ‬ ‫من ذي منعةٍ و ُ‬ ‫كم ِ‬


‫صسسوَر‬ ‫دنيسساه ونسسال فيهسسا مسسا تمنسساه‪ ،‬وبنسسى فيهسسا الُق ُ‬ ‫من ُ‬
‫ح‬‫مَلسس َ‬ ‫سسساك ُِر‪ ،‬وجمسسع فيهسسا المسسوال والسسذخائر‪ ،‬و ُ‬ ‫والد َ‬
‫حراِئر‪.‬‬
‫راري وال َ‬ ‫س ِ‬
‫ال ّ‬
‫خائ ُِر‬‫مَباد ََرة تهوى إليها الذ َ َ‬ ‫ة ُ‬ ‫من ِي ّس َ‬
‫ت عنسسه ال َ‬ ‫صسَرفَ ْ‬‫فمسسا َ‬
‫ت‬‫إذا أَتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫ساك ُِر‬ ‫ف بها أنهاُرهُ والد ّ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن و َ‬ ‫صسسو ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ت عنسسه ال ُ‬ ‫ول د َفَعَ س ْ‬
‫السسسسسسسسسسستي ب ََنسسسسسسسسسسسى‬
‫ذب عنه‬ ‫ت في ال ّ‬ ‫ة ول ط َ ِ‬
‫مع َ ْ‬ ‫من ِّيسس َ‬ ‫ت عنسسه ال َ‬ ‫ول قسساَرعَ ْ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساك ُِر‬ ‫ة العَ َ‬ ‫حْيلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٌ‬ ‫ِ‬

‫ل بسسه مسسن قضسسائه مسسا ل‬ ‫أتاهُ من الله ما ل ُيرد ّ ونَز َ‬


‫ُيصد ّ فتعالى الله الملك الجبار المتكبر العزيسسز القهسسار‬
‫زه ك س ُ‬
‫ل‬ ‫مبْيد المتكبرين السسذي ذ ّ‬
‫ل لع ِ س ِ‬ ‫قاصم الجبارين و ُ‬
‫ل دّيان‪.‬‬ ‫سلطان وأباد َ بُقوِته ك ُ ّ‬
‫ر‬
‫مسس ِ‬ ‫م نافسسذ ُ ال ْ‬ ‫م عليسس ٌ‬‫ضاؤُهُ حكيسس ٌ‬ ‫عزي ٌْز ل ي َُرد ّ قَ َ‬‫ك َ‬‫مل ِي ْ ٌ‬
‫َ‬
‫زة قسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساهُر‬ ‫عسسز ل ِِعسس ِ‬ ‫ل ِذي ِ‬‫عََنسسى كسس ُ‬
‫مهَْيمسسن‬ ‫مسسن عَزِي ْسزٍ لل ْ ُ‬
‫م ِ‬ ‫جهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه فَك َ ْ‬ ‫و ْ‬
‫ت صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساغُر‬ ‫م ْ‬ ‫س سل َ َ‬‫ست َ ْ‬‫ت وا ْ‬‫ض سع َ ْ‬
‫خ َ‬‫ل ََقد ْ َ‬
‫ك‬‫ش الملسسو ُ‬ ‫زة ِذي العر ِ‬ ‫ت ل ِعِ ِ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسأل َ ْ‬ ‫وت َ‬
‫جَبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساب ُِر‬ ‫ال َ‬

‫حذاَر من الدنيا ومكائدهسسا‪،‬‬ ‫حذاَر ال ِ‬


‫فالبداَر البداَر وال ِ‬
‫ت لك من مصائدها‪ ،‬وتحل ّ ْ‬
‫ت لسسك مسسن زينتهسسا‪،‬‬ ‫وما نصب ْ‬
‫‪338‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت عنسسك مسسن قوات ِِلهسسا‬ ‫من شسسهواِتها وأخف س ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫تل َ‬ ‫وأبرز ْ‬
‫كات َِها‪.‬‬‫وهَل َ َ‬
‫هسسدِ‬ ‫داٍع وبالُز ْ‬ ‫مسسا عَسساي َْنت مسسن إلسسى د َْفعَهسسا َ‬ ‫وفي د ُْون َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫جَعاتهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا آ ِ‬ ‫فَ َ‬
‫ك السسداَر‬ ‫ل َيسستر ُ‬‫مسسا قليسس ٍ‬ ‫ل وكسسسسن فعَ ّ‬ ‫جسسسسد ّ ول ت َغُْفسسسس ْ‬ ‫فَ ُ‬
‫مُر‬‫مت َِيقظ ًسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا عَسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫ُ‬
‫ة‬
‫ت إلسسسى دار القامسسس ِ‬ ‫ك وأن ْسسس َ‬ ‫مسسر َ‬‫مْر ول تّفت ُسْر فَعُ ْ‬ ‫َفش س ّ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ُِر‬ ‫َ‬ ‫َزائ ِ ٌ‬
‫ل‬
‫ك‬‫ة َلسس َ‬ ‫ت منسسه ِغّبسس ُ‬ ‫ن ن ِْلسس َ‬‫ن وإ ْ‬ ‫ب السسسدنيا فسسسإ ّ‬ ‫ول ت َط ُْلسسس َ‬
‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائُر‬ ‫َ‬ ‫مَهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫نعِي ْ َ‬

‫ص على الدنيا لبيب‪ ،‬أو ُيسسّر بهسسا أريسسب‪،‬‬ ‫فهل يحر ُ‬


‫وهو على ثقةٍ في فنائها‪ ،‬وغيُر طسسامع فسسي بقائهسسا! أم‬
‫ن‬‫ن مسسن يخشسسى البيسسات! وكيسسف تس سك ُ ُ‬ ‫كيف تنسسام عي س ُ‬
‫س من توقّعَ فلي جميع أموره الممات!‬ ‫نف ُ‬
‫مسسسا‬ ‫ت عَ ّ‬‫ذا ُ‬ ‫شسسسغَل َُنا الّلسسس َ‬
‫سسسَنا وت َ ْ‬ ‫أل ل ول َك ِّنسسا ن َُغسسّر ُنفو َ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساذُِر‬ ‫هسسو ن ُ َ‬
‫من ُ‬ ‫ش َ‬ ‫وكيف ي َل َذ ُ العَي ْ َ‬
‫م ت ُُبلسسى‬‫ض ي َسسو َ‬
‫موِْقف عَسْر ٍ‬ ‫ن بِ َ‬‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوقِ ٌ‬ ‫ُ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرائُر‬ ‫شوَر وأننا ال ّ‬ ‫ن ل نُ ُ‬ ‫كأنا ن ََرى أ ْ‬
‫دى ما لنا ب َْعسسدِ الممسسات‬ ‫س ّ‬ ‫ُ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسادُر‬ ‫م َ‬ ‫َ‬

‫ب الدنيا لسسذتها ويتمتسسع بسسه‬ ‫وما عسى أن ينال صاح ُ‬


‫صنوف عجائبها وقوارع فجائعها وكسسثرة‬ ‫من بهجتها مع ُ‬
‫عذابهِ في مصائبها وفي طلبها وما ُيكابد ُ من أسقامها‬
‫وأوصابها وآلمها‪.‬‬
‫صْرُفها وي َُبسساكُر‬‫ح علينا َ‬ ‫ل يسسوم ٍ ي َُروْ ُ‬‫كسس ّ‬ ‫ما قَد ْ َنرى في ُ‬ ‫أ ّ‬
‫ول َي ْل َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةٍ وكسسم قَ سد ْ ن َسسرى ي َْبقسسى ل َهَسسا‬
‫مت ََعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساوُر‬ ‫مهسسا ال ُ‬ ‫مو ُ‬‫ت َُعاوُِرَنسسا آَفات َُهسسا وهُ ُ‬
‫طل بهسسسسا‬ ‫مسسسسن ت ْ‬ ‫ن ول هُسسسسوَ ِ‬ ‫م ٌ‬ ‫مغُْبو ٌ‬
‫ط بد ُن َْياهُ آ ِ‬ ‫َفل هُوَ َ‬
‫صسسسسسسسسسُر‬ ‫س قا ِ‬ ‫الن َْفسسسسسسسسس َ‬
‫‪339‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬

‫ن‬‫مس َ‬ ‫ت ِ‬‫خلسسد إليهسسا‪ ،‬وصسسرع ْ‬ ‫م ْ‬‫كم غسّرت السسدنيا مسسن ُ‬


‫من عث َْرت ِسسه‪ ،‬ولسسم ت ُن ِْق سذ ْهُ مسسن‬ ‫ه ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫ب عليها‪ ،‬فلم تنعَ ْ‬ ‫مك ٍ‬ ‫ُ‬
‫ه‪،‬‬‫م ِ‬‫سسَق ِ‬‫ه‪ ،‬ولسسم ت ُب ْسسرهِ مسسن َ‬ ‫م ِ‬‫من أل ِ‬ ‫صْرعَِته‪ ،‬ولم تشفهِ ِ‬ ‫َ‬
‫مه‪.‬‬ ‫ص ِ‬
‫من و َ‬ ‫ه ِ‬ ‫خل ّ ْ‬
‫ص ُ‬ ‫ولم ت ُ َ‬
‫ن‬‫سسسوٍْء مسسا لُهسس ّ‬ ‫وارِد َ ُ‬‫مسس َ‬
‫َ‬ ‫ز‬
‫ه َبعسسد َ عسس ٍ‬ ‫ب ََلسسى أوَْرد َْتسس ُ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسادُر‬ ‫م َ‬ ‫من َْعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةٍ َ‬ ‫و ِ‬
‫ه‬
‫من س ُ‬ ‫جي ْسهِ ِ‬
‫ت ل ي ُن ْ ِ‬ ‫ه هُ سوَ المسسو ُ‬ ‫جاةَ وأن ّ ُ‬ ‫ن ل نَ َ‬ ‫فلما رأى أ ْ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساذ ُُر‬ ‫ة الت ّ َ‬ ‫م ٌ‬ ‫دا َ‬‫ن عنه ن َ َ‬ ‫م إذ لم ت ُغْ ِ‬ ‫ت َن َد ّ َ‬
‫ب‬ ‫ه السسسذ ُُنو ُ‬ ‫عليسسسه وأبك َْتسسس ُ‬
‫الك َب َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ُِر‬

‫سر علسسى‬ ‫إذا بكى على ما سلف من خطاياه‪ ،‬وتح ّ‬


‫ه السسستغفار‪،‬‬ ‫ما خّلف من د ُن َْياه‪ ،‬واستغفر حتى ل ينفع ُ‬
‫ول ُينجيه العتذار عند هول المنية ونُزول البل ِّية‪.‬‬
‫جَزت ْسسسسه‬
‫مسسسسا أعْ َ‬ ‫سل ّ‬ ‫ه وأب ْل َسسسس َ‬ ‫حَزاُنسسسس ُ‬‫ت بسسسسه أ ْ‬‫حسسسساط َ ْ‬ ‫أ َ‬
‫مَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسادُِر‬ ‫مه ال َ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسو ُ‬ ‫وه ُ ُ‬
‫صُر‬
‫حاذُِر نا ِ‬ ‫ما ي ُ َ‬
‫م ّ‬‫ه ِ‬ ‫س لَ ُ‬
‫ة ولي َ‬ ‫مسسسن ك ُْرَبسسس ِ‬‫س لسسسه ِ‬ ‫فليسسس َ‬
‫جُر‬ ‫ه الل َّها وال َ‬
‫حَنا ِ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ها ِ‬ ‫ج ت َُرد ّد ُ َ‬ ‫ت فسسسسسسسسسارِ ٌ‬ ‫المسسسسسسسسسو ِ‬
‫ة‬
‫ف المن ِّيسس ِ‬ ‫خو َ‬‫ت َ‬ ‫شأ ْ‬ ‫ج َ‬‫وقد َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه‬ ‫نْف ُ‬

‫ه أهُله وأولده وارتفعت‬ ‫واد َهُ وأسلم ُ‬


‫ف عُ ّ‬‫ك خل ّ َ‬
‫هَُنال ِ َ‬
‫ضسسوا‬
‫م ُ‬‫مسسن العليسسل‪ ،‬فغ ّ‬
‫سسسوا ِ‬
‫البرّيسسة بالعويسسل وقسسد أي ُ‬
‫ى عنه‬ ‫مد ّ عند خروج ُرْوحه رجليه وتخل َ‬ ‫بأيديهم عينيه و َ‬
‫صديق والصاحب الشفيق‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫‪340‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫و‬
‫مسسا هُس َ‬ ‫صسب ًْرا و َ‬
‫جد ٌ َ‬
‫سست َن ْ ِ‬
‫م ْ‬
‫و ُ‬ ‫كسسي عليسسه‬ ‫جسسعٌ ي َب ْ ِ‬
‫مو ْ َ‬‫م ُ‬ ‫فَ َ‬
‫كسس ْ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساب ُِر‬ ‫َ‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعٌ‬ ‫مَف ّ‬ ‫ُ‬
‫ذاك ِسُر‬ ‫ل ما هو َ‬ ‫ُ‬
‫ي ُعَد ّد ُ منه ك ّ‬ ‫داٍع لسسه اللسسه‬ ‫رجعٌ َ‬ ‫سسسست ْ ِ‬‫م َ‬ ‫و ُ‬
‫صسساَر‬ ‫وعمسسا َقليسسل لّلسسذي َ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫خل ً‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ُِر‬ ‫َ‬ ‫شسسسٌر‬‫ست َب ْ ِ‬
‫م ْ‬
‫ت ُ‬ ‫م ٌ‬‫وكسسسم شسسسا ِ‬
‫بوََفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسات ِهِ‬

‫مسساؤه‪،‬‬ ‫ها إ َ‬
‫خ سد ُوْد َ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫مس ْ‬ ‫جُيوَبها نسسساؤه‪ ،‬ول َط َ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫فشّق ْ‬
‫جعَ لرزي ّت ِهِ إخوانه‪ ،‬ثم أقبُلوا‬ ‫ل ِلفقده جيراُنه‪ ،‬وتو ّ‬ ‫وأعْوَ َ‬
‫ن بينهسسم‬ ‫علسسى جهسسازه وشسسمروا لبسسرازه كسسأن لسسم يك ُس ْ‬
‫دى!‬ ‫مب َ ّ‬ ‫دى ول الحبيب ال ُ‬ ‫مَف ّ‬‫الَعزيز ال ُ‬
‫جهِْيزه وي َُبادُِر‬ ‫ث على ت َ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ب القسسوم كسسا َ‬ ‫حسس ّ‬ ‫حسس ّ‬
‫لأ َ‬ ‫و َ‬
‫ض ل ِل َْقْبسس ِ‬
‫ر‬ ‫مسسا َفسسا َ‬ ‫جسسه ل ّ‬ ‫ب َُقْربسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه َوو ّ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسافُِر‬ ‫ضسُروهُ َ‬ ‫مسسن قَسد ْ أ ْ‬
‫ح َ‬ ‫مَر َ‬ ‫وشس ّ‬
‫ه والَعشسسائ ُِر‬ ‫وان ُ ُ‬‫خ َ‬‫هإ ْ‬ ‫شي ّعُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل ِهِ ُ‬ ‫ل ِغَ ْ‬
‫مُعوا‬‫ن واجت َ َ‬ ‫ن في َثوب َي ْ ِ‬ ‫وك ُّف َ‬
‫َلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ه‬

‫ن‬‫حسْز ُ‬
‫صسَغر مسسن أولده‪ ،‬وقسسد غلسسب ال ُ‬ ‫فلو رأيت ال ْ‬
‫على فؤاده‪ ،‬وُيخشى مسسن الجسسزع عليسسه وقسسد خضسسبت‬
‫ب أبسساه‪ ،‬ويقسسول‪ :‬يسسا ويله‬ ‫السسدموع عينيسسه وهسسو ينسسد ُ ُ‬
‫واحْرَباه‪.‬‬
‫مْرآهُ وي َْرَتاعُ نسساظ ُِر‬ ‫ل لَ ِ‬‫ة ي َُها ُ‬‫ح المنيسس ِ‬‫مسسن قُْبسس ِ‬
‫ت ِ‬‫ل ََعسساي َن ْ َ‬
‫ن‬
‫سسسساهُ الب َُنسسسو ُ‬‫مْنظسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسًرا إذا مسسسا ت ََنا َ‬ ‫َ‬
‫أكابُر أْولدٍ ي َِهيج اكسستئابهم الصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساِغُر‬
‫معُُهم َفسسوقَ الخسسدود‬ ‫دا ِ‬‫مسس َ‬
‫ة نسوان عليه جوازع َ‬ ‫وَري ّ ُ‬
‫غسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوازُِر‬

‫ثم أخرج من سعة قصره إلى مضسسيق قسسبره‪ ،‬فلمسسا‬


‫ه أعمسساُله‬
‫استقّر في اللحد‪ ،‬وهيئ عليه الّلبن احتوشسست ُ‬
‫عا بما رآه‪ ،‬ثم‬ ‫ت به خطاياه وأوزاره‪ ،‬وضاقَ ذر ً‬
‫وأحاط ْ‬
‫‪341‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫حثسسوا بأيسسديهم عليسسه السستراب‪ ،‬وأكسسثُروا عليسسه الُبكسساء‬
‫سسسوا مسسن النظسسر‬ ‫ب‪ ،‬ثم وقَُفوا ساعة عليسسه وأي ُ‬ ‫حا َ‬‫والن ْت ِ َ‬
‫ب‪.‬‬‫كوهُ رهًْنا بما كسب وطل َ‬ ‫إليه‪ ،‬وتر ُ‬
‫خسسوْهُ‬ ‫مْثسسل السسذي لَقسسى أ ُ‬ ‫ن وك ُل ُّهم ل ِ ِ‬ ‫مْعول ِي ْ َ‬ ‫فَوَّلوا عليه ُ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساذُِر‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫عين‬ ‫مسسد ْي ِِته بسسساِدي السسذ َّرا َ‬ ‫دالها ب ِ ُ‬ ‫ن ب َس َ‬‫من ِي ْس َ‬
‫عاٍء آ ِ‬‫شاٍء ر َ‬ ‫كَ َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫حا ِ‬ ‫ت ولسسم ت َْرعَسسى قَل ِي ْل ً َ‬ ‫فَرِي ْعَس ْ‬
‫ما نسسأى عنهسسا السسذي هسسو‬ ‫ت فَل َ ّ‬ ‫جَفَلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫وا ْ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسازُر‬

‫ت ما فسسي أختهسسا دهاهسسا‪،‬‬ ‫عادت إلى مرعاها‪ ،‬ونسي ْ‬


‫أفا بأفعال النعام اقْت َد َي َْنا أم علسسى عادتهسسا جرينسسا‪ ،‬عُسد ْ‬
‫إلى ذكر المنُقسسول إلسسى دار البل َسسى‪ ،‬واعتسسبره بموضسعه‬
‫ت الثرى‪ ،‬المدُفوع إلى هول ما ترى‪.‬‬ ‫تح َ‬
‫صسساهُِر‬ ‫ه أولد ُهُ و ال َ‬ ‫واري ْث َ ُ‬
‫م َ‬‫ه َ‬
‫حسسدِ ِ‬ ‫دا َفسسي ل ْ‬‫مْفسسَر ً‬
‫ثسسوى ُ‬
‫حامسسسد ٌ منهسسسم عليهسسسا‬ ‫ت فل َ‬ ‫وَتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوَّزعَ ْ‬
‫ه وشسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساك ُِر‬ ‫وال ِ ِ‬
‫مسسسس َ‬
‫حن َسسسسوا علسسسسى أ ْ‬ ‫وأ ْ‬
‫دوَر‬ ‫مسسسن أن تسسس ُ‬ ‫موَنها ويسسسا آمن ًسسسا ِ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬‫ي َْق ِ‬
‫مَر الدنيا وَيا سسساعًيا السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد َّوائ ُِر‬ ‫فيا عا ِ‬
‫لهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬

‫ت هسسذه الحالسسة‪ ،‬وأنسست صسسائر إليهسسا ل‬ ‫كيسسف آمنسس َ‬


‫ك إلسسى‬ ‫مطي ّت ُس َ‬ ‫ك‪ ،‬وهسسي َ‬ ‫ت حيات َس َ‬ ‫م كيسسف ضسي ّعْ َ‬ ‫محالة؟ أ ْ‬
‫منتظ ِسَر‬ ‫ت ُ‬ ‫مسسك‪ ،‬وأن ْس َ‬ ‫مسسن ط ََعا ِ‬ ‫ف تشسسبع ِ‬ ‫م كي س َ‬ ‫مماتك؟ أ ْ‬
‫ك؟ أم كيف تهنأ بالشهوات وهي مطّية الفات؟‬ ‫ُ‬ ‫م ْ‬‫ما َ‬‫ح َ‬
‫ِ‬
‫ك‬ ‫ش سي ْ ٌ‬
‫لو ِ‬ ‫حسسا ٍ‬‫ت علسسى َ‬ ‫حيل وَقَد ْ دنا وأن ْس َ‬ ‫ولم تت ََزوّد ْ ِللّر ِ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسافُِر‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ي‬‫دى لسس َ‬ ‫ن والسسّر َ‬ ‫مرِيَ فا ٍ‬ ‫ف وعُ ْ‬ ‫فََيال َْهف قلبي كسسم أس سوّ ُ‬
‫توبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسستي نسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساظ ُِر‬
‫ل الحك سم ِ‬ ‫جازي عليه عادِ ُ‬ ‫ت فسسي ي َ‬ ‫سسسلْف ُ‬ ‫وكسسل السسذي أ ْ‬
‫ت قسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسادُِر‬ ‫مث َْبسسسسسسسس ٌ‬
‫ف ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫صسسسسسسسس ْ‬ ‫ال ُ‬
‫‪342‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬

‫فكم ُترتعْ بآخرتسسك ُدنيسساك‪ ،‬وتركسسب غي ّسسك وهسسواك‪،‬‬


‫مؤثر الدنيا على السسدين‪ ،‬أبهسسذا‬ ‫أراك ضعيف اليقين‪ ،‬يا ُ‬
‫أمرك الرحمن؟ أم على هذا نزل القسسرآن؟ أمسسا تسسذكُر‬
‫دة لحساب وشسسر المسسآب‪ ،‬أمسسا تسسذكُر‬ ‫ما أمامك من ش ّ‬
‫مسْر‪ ،‬أمسسا‬ ‫ف وع ّ‬ ‫خسَر َ‬ ‫مر‪ ،‬ورفع البناء وز ْ‬ ‫حال من جمع وث ّ‬
‫صار جمعُُهم ُبوًرا ومساكُنهم قبوًرا‪.‬‬
‫ك‬‫ذا َ‬ ‫موْفُسسسسسوٌر ول َ‬ ‫ك َ‬ ‫ذا َ‬ ‫مسسُر فل َ‬ ‫ب مسسا ي َب َْقسسى وت َعْ ُ‬‫خسسّر ُ‬ ‫تُ َ‬
‫مُر‬ ‫َفان ِي ًسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا عَسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬
‫دى‬ ‫خي ْسًرا ل َس َ‬
‫ب َ‬
‫سس ْ‬ ‫ك ولسسم ت َك ْت َ ِ‬ ‫حت ُْفسس َ‬‫ك َ‬‫ن َواَفا َ‬ ‫كإ ْ‬‫ل لَ َ‬‫وه َ ْ‬
‫ة اللسسسسسسسسسسسسه عَسسسسسسسسسسسساذُِر‬ ‫ب َغْت َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬
‫ك‬ ‫ماُلسس َ‬ ‫صو َ‬ ‫من ُْقسسو ٌ‬‫ك َ‬ ‫حَيساةُ ودِي ُْنسس َ‬‫ن ت َْفَنسى ال َ‬ ‫ضى بسأ ْ‬ ‫أت َْر َ‬
‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي واِفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫وت َْنق ِ‬

‫ن‬ ‫س َ‬
‫وقال س رحمه الله س‪ :‬اللهم إني أعوذ بك أن ُتح ّ‬
‫ح في خفّيسسات الُغيسسوب‬ ‫في ل َ َ‬
‫وامِع العُُيون علنيتي وت َُقب ّ َ‬
‫سريرتي‪.‬‬
‫ت فعُسد ْ‬ ‫ي فسسإذا عُسد ْ ُ‬
‫اللهم كما أسسسأت وأحسسسنت إلس ّ‬
‫مواساة من قترت عليه رزقك بما‬ ‫ي‪ ،‬اللهم ارزقني ُ‬ ‫إل ّ‬
‫ي من فضلك‪.‬‬ ‫وسعت عل ّ‬
‫ما لمن كسسان معسسه‪ :‬إنسسي اتكسسأت علسسى هسسذا‬ ‫وقال يو ً‬
‫ن‬ ‫ن السسوجه حسس ُ‬ ‫ل حسس ُ‬ ‫الحسسائط وأنسسا حزيسسن فسسإذا رجس ٌ‬
‫ن‬ ‫ي بس ُ‬‫الثياب ينظُر في تجاه وجهسسي‪ ،‬ثسسم قسسال‪ :‬يسسا علس ُ‬
‫الحسين‪ ،‬ما لي أراك كئيب ًسسا حزين ًسسا علسسى السسدنيا‪ ،‬فهسسي‬
‫رزق حاضر يأخذ منه البر والفاجر‪ ،‬فقلسست‪ :‬مسسا عليهسسا‬
‫أحزن؛ لنها كما تقول‪.‬‬
‫فقال‪ :‬على الخرة فهسسي وعسسد صسسادق يحكسسم فيهسسا‬
‫ملك قادر‪ ،‬فقلت‪ :‬ما على هذا أحزن؛ لنه كما تقول‪.‬‬

‫‪343‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫حزنك؟ فقلت‪ :‬ما أتخوف من الفتنسسة‪،‬‬ ‫م ُ‬ ‫فقال‪ :‬فَعل َ‬
‫يعني فتنة ابن الزبير‪.‬‬
‫دا سسأل اللسه فلسم‬ ‫فقال لي‪ :‬يا علي‪ ،‬هل رأيت أحس ً‬
‫يعطه؟ قلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬ويخاف الله فلم يكفسسه؟ قلسست‪:‬‬
‫ل ثم غاب عني‪.‬‬
‫س سُلوه‪ ،‬جعلسسوا‬ ‫ما مات س رحمه الله س فغ ّ‬ ‫وقيل‪ :‬إنه ل ّ‬
‫ينظرون إلى آثار سوادٍ في ظهره‪ ،‬فقسسالوا‪ :‬مسسا هسسذا؟‬
‫جرا الدقيق ليل ً على ظهره يعطيسسه‬ ‫ل ُ‬ ‫فقيل‪ :‬كان يحم ُ‬
‫ُفقراء المدينة‪.‬‬
‫ت أهل المدينة يقولون‪ :‬ما‬ ‫ن عائشة‪ :‬سمع ُ‬ ‫وقال اب ُ‬
‫صدقة حتى مات علي بن الحسين‪.‬‬ ‫فقدنا ال ّ‬
‫وروى الطبراني عنسسه‪ ،‬قسسال‪ :‬إذا كسسان يسسوم القيامسسة‬
‫س من الناس‪.‬‬ ‫م نا ٌ‬‫ضل فيقو ُ‬ ‫ل الف ْ‬ ‫م أه ُ‬ ‫منادٍ لُيق ْ‬‫نادى ُ‬
‫هم الملئكسسة‪،‬‬ ‫فيقال لهم‪ :‬انطلقوا إلى الجنة‪ ،‬فتتلقا ُ‬
‫فيقولون‪ :‬إلى أيسسن؟ فيقولسسون‪ :‬إلسسى الجنسسة فيقوُل ُسسون‬
‫قبل الحساب‪ ،‬قالوا‪ :‬نعم‪.‬‬
‫م؟ قالوا‪ :‬نحن أهل الفضل‪ ،‬قالوا‪ :‬ومسا‬ ‫قالوا‪ :‬ما أنت ُ‬
‫جهسسل علينسسا حملنسسا‪ ،‬وإذا‬ ‫كان فضلكم؟ قسسالوا‪ :‬كنسسا إذا ُ‬
‫ظلمنسسا صسسبرنا‪ ،‬وإذا أسسسيئ إلينسسا غفرنسسا‪ ،‬قسسالوا لهسسم‪:‬‬ ‫ُ‬
‫جُر العاملين‪.‬‬‫مأ ْ‬ ‫خُلوا الجنة‪ ،‬فن ِعْ َ‬ ‫أد ُ‬
‫س مسسن‬ ‫م أهسسل الصسسبر‪ ،‬فيُقسسوم نسا ٌ‬ ‫منسسادٍ ليُقس ْ‬ ‫ثم ُيناد ُ‬
‫هم‬‫النسساس‪ ،‬فيقسسال لهسسم‪ :‬انطلقسسوا إلسسى الجنسسة‪ ،‬فتتلقسسا ُ‬
‫ل ذلك‪.‬‬ ‫الملئكة‪ ،‬فيقولون لهم مث َ‬
‫فيقولسسون‪ :‬نحسسن أهسسل الصسسبر‪ ،‬قسسالوا‪ :‬فمسسا كسسان‬
‫صسسبركم؟ قسسالوا‪ :‬صسسبرنا أنفسسسنا علسسى طاعسسة اللسسه‪،‬‬
‫وصبرناها عن معصية الله‪ ،‬وصبرنا على البلء‪ ،‬فقالوا‬
‫لهم‪ :‬أدخلوا الجنة فنعم أجر العاملين‪.‬‬
‫ن اللسه فسي داره‪ ،‬فيقسوم‬ ‫ثم ُينساد منسساد لُيقسم جيسسرا ُ‬
‫ناس من الناس وهم قليل‪ ،‬فيقال لهم‪ :‬انطلقسسوا إلسسى‬
‫هم الملئكة‪ ،‬فيقولون لهم‪ :‬مثل ذلك‪.‬‬ ‫الجنة فتتلقا ُ‬

‫‪344‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فيقولون‪ :‬بم استحَقْقُتم مجاورة الله عز وجل فسسي‬
‫س فسسي‬ ‫داره‪ ،‬فيقولون‪ :‬ك ُن ّسسا نسستزاوُر فسسي اللسسه ونتجسسال ُ‬
‫ل في الله عز وجسسل‪ ،‬فيقسسال لهسسم‪ :‬أدخلسسوا‬ ‫الله‪ ،‬ونتباد ُ‬
‫الجنة فِنعم أجر العاملين‪.‬‬
‫داُرهُ‬ ‫ي َ‬ ‫ش وهسسو وي َغْت َّر بالدنيا وما ه َ‬ ‫سّر الفتى بسسالعَي ْ ِ‬ ‫يُ َ‬
‫مب ِي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُهُ‬ ‫ُ‬
‫ْ‬
‫ح فيهسسسسا فِكسسسسرهُ‬ ‫صسسسس ّ‬‫ذا َ‬ ‫مسسرِء إ َ‬ ‫ْ‬
‫عَبسسر اليسسام ِ ل ِل َ‬ ‫وفسسي ِ‬
‫ظ واعِْتبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساُرهُ‬ ‫واعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٌ‬
‫ح شيٍء ل َي ُْله ون ََهاُرهُ‬ ‫ص ُ‬‫ل الد ّهَْر فأفْ َ‬ ‫ن يا غاف ُ‬ ‫سب ْ‬ ‫ح َ‬ ‫فل ت َ ْ‬
‫ل‬ ‫جْهر المقسسا ِ‬ ‫ك عن َ‬ ‫سي ْغْن ِي ْ َ‬‫َ‬ ‫مًتا‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَراُرهُ‬ ‫ه ِ‬‫ن فإن ّ ُ‬ ‫جاةِ الزما ِ‬ ‫مَنا َ‬ ‫ُ‬
‫ح ل ِ‬ ‫ص ْ‬
‫أ َ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫مغَسسسان ِي ْهِ وأقْسسسوَ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫حسسس ْ‬ ‫أب ُي ْ َ‬
‫سسسا دَِيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساُرهُ‬ ‫ن كأ ً‬ ‫ضسسي َ‬
‫داَر على الما ِ‬ ‫أ َ‬
‫ف الَقَنسسسا‬ ‫طسسسرا ِ‬ ‫شأ ْ‬ ‫م ت ََنسسساوُ ُ‬ ‫فَك ُل ُّهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫جاُرهُ‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسست ِ َ‬ ‫مهسسسم مسسسن أن وا ْ‬ ‫ح ِ‬
‫ولسسسم ي َ ْ‬
‫م‬ ‫سسسسسسسسه ْ‬ ‫كأ ِ‬‫وا ب َ‬ ‫سسسسسسسسّق ْ‬ ‫يُ َ‬

‫ص اليمسسان‪،‬‬ ‫ن فيمسسا ينقسس ُ‬ ‫مسسا َ‬


‫مضسسيعَ الّز َ‬ ‫اسسسمع يسسا ُ‬
‫سسّر‬ ‫ض للخسسسران‪ ،‬لقسسد ُ‬ ‫متعسسر ٌ‬ ‫ضسسا عسسن الربسساح و ُ‬ ‫مْعر ً‬ ‫ُ‬
‫ت‪.‬‬
‫ك الشام ْ‬ ‫بفعل َ‬
‫ن بسسالموت‬ ‫ح العيد لتحسين لباسه‪ ،‬وي ُسسوقِ ُ‬ ‫يا من يفر ُ‬
‫سسسه‪،‬‬ ‫جّل ِ‬ ‫وما اسسستعد ّ لباسسسه ويغسستر بسسإخوانه وأقرانسسه و ُ‬
‫ه‪.‬‬‫س ْ‬
‫ة اختل ِ‬ ‫سْرعَ َ‬ ‫وكأنه قد أمن ُ‬
‫ب‪ ،‬ويسسا واثًقسسا‬ ‫ما قد غُل ِ ْ‬‫مخاص ً‬ ‫ب‪ ،‬ويا ُ‬ ‫يا غافل ً قد ط ُل ِ ْ‬
‫ب‪ ،‬إّياك والدنيا فما السسدنيا بدائمسسة‪ ،‬لقسسد أبسسانت‬ ‫سل ِ ْ‬ ‫قد ُ‬
‫ت‬‫ت للبصسسائر غُيوبهسسا‪ ،‬وع سد ّد َ ْ‬ ‫للنواظرِ عُُيوب ْهَسسا‪ ،‬وكشسسف ْ‬
‫ت حسستى أمسسّرت‬ ‫علسسى المسسسامع ذ ُُنوبهسسا‪ ،‬ومسسا مسسّر ْ‬
‫مشُروبها‪.‬‬
‫ق‪،‬‬‫ة الخر ْ‬ ‫مصيبُتها واسع ُ‬ ‫ن البرقْ و ُ‬ ‫ل لمعا ِ‬ ‫فلذاتها مث ُ‬
‫سلطان الغرب والشرق‪ ،‬فما نجسسا‬ ‫ت عواقُبها بين ُ‬ ‫سو ّ ْ‬

‫‪345‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ب عُد َْد‪ ،‬مّزَقت الك ُس ّ‬
‫ل‬ ‫د‪ ،‬ول سلم فيها صاح ُ‬ ‫منها ذو عد َ ْ‬
‫د‪.‬‬ ‫وت على أح ْ‬ ‫ت فما ال ْ َ‬ ‫ف الب ُد َد ْ ثم ول ّ ْ‬ ‫بك ّ‬
‫قال ‪» :‬سبعة ُيظلل ُّهم الله في ظ ِّله‪ ،‬منهم رجسسل‬
‫ف‬‫ب وجمسسال‪ ،‬فقسسال‪ :‬إن ّسسي أخسسا ُ‬ ‫ص ٍ‬‫من ْ ِ‬‫ت َ‬ ‫د َعَْته امرأةٌ ذا ُ‬
‫الله«‪.‬‬
‫جْرب َسسا‬ ‫ما َ‬ ‫صس ّ‬‫مي َسسا َ‬ ‫مسسا عَ ْ‬ ‫جسسوًزا هت ْ َ‬ ‫ب عَ ُ‬ ‫ن أجا َ‬ ‫م ْ‬ ‫اسمع يا َ‬
‫ك‬ ‫ت علي س َ‬ ‫مْزب ََلة ولكن غَل ََبسس ْ‬ ‫مْقَعدة على َ‬ ‫هاء ُ‬ ‫شو ْ َ‬ ‫سوداَء َ‬
‫ت على النبي ‪ ‬بطحاء مكة ذ َهَب ًسسا فسسأَبى‬ ‫ض ْ‬ ‫عر َ‬ ‫حب ّت َُها ُ‬‫م َ‬ ‫َ‬
‫أن ي َْقَبلَها‪.‬‬
‫عا‬‫دا َ‬ ‫خ َ‬‫مك ًْرا َلها و ِ‬ ‫وفي َ‬ ‫خ ّ‬‫سرةٍ فَت َ َ‬ ‫م َ‬‫دارِ َ‬ ‫ما هذه الدنيا ب َ‬ ‫َ‬
‫ل َي ْن َسسسا الَفسسستى في ْهَسسسا ُيسسسسّر‬
‫عا‬ ‫مَتا َ‬ ‫سسست ِ ْ‬ ‫مت ِعُ ا ْ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه وبمال ِهِ ي َ ْ‬ ‫بنْف ِ‬
‫ذا َ‬
‫ك‬ ‫حمْتسسسه فيسسسه بعسسسد َ َ‬ ‫ة و َ‬ ‫مسسن المّنيسس ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫سسسَقت ْ ُ‬ ‫حّتسسى َ‬ ‫َ‬
‫عا‬
‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا َ‬ ‫ة َر َ‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسْرب ً‬
‫عا‬ ‫ه دَِفا َ‬ ‫ست َط ِي ْعُ لما عََرت ْ ُ‬ ‫ت َيسسداهُ ل ي َ ْ‬ ‫سسسب َ ْ‬ ‫مسسا ك َ‬ ‫دا ب َ‬‫فََغسس ً‬
‫مسسا‬ ‫ل الَفَتى َ‬ ‫م َ‬ ‫سن الع َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ة فل ْي ُ ْ‬ ‫َرهِي َْنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬
‫عا‬ ‫طا َ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ن ا ْ‬ ‫مس ْ‬ ‫لسسو كسسان ي َن ْط ِسقُ قسسال َ‬
‫ت السسسسسسسسسسثرى‬ ‫حسسسسسسسسسس َ‬ ‫ت ْ‬

‫فائدة عظيمة النفع‬


‫اعلم أن من كان داؤُهُ المعصية‪ ،‬فشفاؤهُ الطاعسسة‪،‬‬
‫ؤه الغفلسسة‪ ،‬فشسسفاؤه اليقظسسة‪ ،‬ومسسن كسسان‬ ‫ومن كان دا ُ‬
‫داؤه كثرة ُ الشغال‪ ،‬فشفاؤه في تفريغ المال‪.‬‬
‫ل تعب ُسسه‪ ،‬وتسسوّفر‬
‫فمن تفّرغ من هموم الدنيا قلُبه‪ ،‬ق ّ‬
‫من العبادة نصيبه‪ ،‬واتصل إلى اللسسه مسسسيره‪ ،‬وارتفسسع‬
‫في الجنة مصيره‪ ،‬وتمكن من السسذكر والفكسسر والسسورع‬
‫والزهد والحتراس من وسسساوس الشسسيطان‪ ،‬وغسسوائل‬
‫النفس‪.‬‬
‫ومن كثر في السسدنيا همسسه‪ ،‬أظلسسم طريُقسسه‪ ،‬ونصسسب‬
‫بسسدُنه‪ ،‬وضسساع وقتسسه‪ ،‬وتشسستت شسسمله‪ ،‬وطسساش عقل ُسسه‪،‬‬
‫مسسومه‪،‬‬ ‫همسسومه وغ ُ‬ ‫وانعقسسد لسساُنه عسسن السسذكر‪ ،‬لكسسثرة ُ‬
‫‪346‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مقي ّد َ الجوارح عن الطاعة من قلبهِ في كل وادٍ‬ ‫وصار ُ‬
‫صة‪.‬‬ ‫ل شغل ح ّ‬ ‫عمرهِ لك ِ‬ ‫شعَْبة‪ ،‬ومن ُ‬ ‫ُ‬
‫فاستعذ بالله من فضول العمسسال والهمسسوم‪ ،‬فكسسل‬
‫ما شغل العبد عسسن السسرب فهسسو مشسسئومن ومسسن فسساته‬
‫رضسسا مسسوله فهسسو محسسروم‪ ،‬كسسل العافيسسة فسسي السسذكر‬
‫والطاعسسة‪ ،‬وكسسل البلء فسسي الغفلسسة والمخالفسسة‪ ،‬وكسسل‬
‫الشفاء في النابة والتوبة‪ ،‬وانظر لو أن طبيًبا نصرانًيا‬
‫نهاك عن شرب الماء البارد لجل مرض في جسسسدك‬
‫لطعته في ترك ما نهاك عنه‪ ،‬وأنت تعلم أن الطسسبيب‬
‫ب وقسسد ُيخطسسئ وقسسد‬ ‫دق وقد يكذب‪ ،‬وقسسد يصسسي ُ‬ ‫قد يص ُ‬
‫ح‬‫ش‪ ،‬فما بالك ل تترك ما نهاك عنه أنص ُ‬ ‫ح وقد يغ ُ‬ ‫ينص ُ‬
‫الناصسسحين وأصسسدق القسسائلين وأولسسى الواعسسدين لجسسل‬
‫ف منه فأنت مسسن أهلسسك‬ ‫ض القلب الذي إذا لم تش َ‬ ‫مر ِ‬
‫الهالكين‪.‬‬
‫ت‬ ‫مسس َ‬ ‫ك فيمسسا ُر ْ‬ ‫ك أّنسس َ‬ ‫شسس ّ‬ ‫سسسي َْر فيسسه ل َ‬ ‫لب َ‬ ‫صو َ‬ ‫ت َب ِْغي الوُ ُ‬
‫مغْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُروُْر‬ ‫سسسسسساَر َ‬ ‫صسسسسسي ُْر َقسسسسسد ْ َ‬ ‫ت َْق ِ‬
‫سسسْيرهم وجسسد ٌ‬ ‫هسسذا وفسسي َ‬ ‫صسُلوا َ‬ ‫ل فمسسا وَ ِ‬ ‫ك أب ْط َسسا ٌ‬ ‫ب ْل َس َ‬
‫مي ُْر‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫شسسْرع وت ْ‬ ‫ب في َ‬ ‫ح ّ‬‫عي ال ُ‬ ‫مد ّ ِ‬ ‫يا ُ‬
‫ة ل َك ِن َّهسسسا ُزوُْر‬‫م ب َي َّنسسس ً‬‫الغَسسسسسسسسسسسرام ِ وقَسسسسسسسسسسسد أَقسسسا َ‬
‫ت ب َعْي ِسسسد ُ السسسداِر‬ ‫ك فسسي ل َْهسسو هَسسسذا وأن ْسسس َ‬ ‫مسسر َ‬ ‫ت عُ َ‬ ‫أفْن َْيسس َ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوُْر‬ ‫مه ْ ُ‬ ‫ب َ‬
‫وفسسسسسسسسسسسي ِلعسسسسسسسسسسس ٍ‬
‫ت‬ ‫مي ْس ِ‬ ‫س سم ِ ال َ‬
‫ج ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ج سَرا ِ‬ ‫من ما ل ِل ْ ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫حًيا ذ ُب ْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ن قَل ْب ُ َ‬ ‫لو كا َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدٍ تسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسأث ِي ُْر‬ ‫كَ َ‬

‫ن بلقسسائك‬‫سسسا مطمئنسسة تسسؤم ُ‬


‫اللهسسم إنسسا نسسسألك نف ً‬
‫وترضى بقضائك‪ ،‬اللهسسم إنسسا نسسسألك باسسسمك الطسساهر‬
‫ب إليك الذي إذا ُدعيت به أجبت‪،‬‬ ‫مبارك الح ّ‬ ‫الطيب ال ُ‬
‫ت بسسه رحمسست‪،‬‬ ‫ت‪ ،‬وإذا اس سُترحم َ‬
‫سئلت به أعطي س َ‬ ‫وإذا ُ‬
‫ت أن تغفر سيئاتنا وتبدلها لنسسا‬ ‫وإذا استفرجت به فّرج ْ‬
‫بحسنات يا أرحم الراحمين‪ ،‬وصسسل اللسسه علسسى محمسسد‬
‫وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫‪347‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسا فسسالواجب علسسى النسسسان المبسسادرة إلسسى‬ ‫وختا ً‬
‫ن ينتهسسز فرصسسة المكسسان قبسسل‬ ‫العمسسال الصسسالحة‪ ،‬وأ ْ‬
‫هجوم هادم اللذات‪.‬‬
‫وأن يستعين بالله ويتوكل عليه ويسأله العون فسسي‬
‫تسيير العمال الصالحة وصرف الموانع الحائلسسة بينسسه‬
‫وبينها‪.‬‬
‫وليحسسرص علسسى حفسسظ القسسرآن‪ ،‬وتسسدبره‪ ،‬وتفهمسسه‪،‬‬
‫سنة‪ ،‬ويحرص علسسى أداء الصسسلة‬ ‫والعمل به‪ ،‬وكذلك ال ّ‬
‫في جماعة‪.‬‬
‫ويحرص على مجالس الذكر‪ ،‬ويحفسسظ لسسسانه عسسن‬
‫الغيبة والنميمسسة والسسسعاية والكسسذب وجميسسع العمسسال‬
‫والخلق السيئة‪.‬‬
‫ويتهيأ للرحيل‪ ،‬ويتفقد نفسه بما عليه‪ ،‬وما له فسسإن‬
‫حُقسسوقٌ للسسه كزكسساة‪ ،‬أو لخلقسسه كأمانسسات أو‬ ‫كان عنسسده ُ‬
‫جسساَءهُ‬
‫سسسْرعَةٍ خشسسية أن يف َ‬ ‫عسسواري أو وصسسايا أداهسسا ب ُ‬
‫ت وهي عنده‪.‬‬ ‫المو ُ‬
‫فإذا لم ُتؤدها أنت في حياتك‪ ،‬فمن بعدك من أولد‬
‫مهم بسسسذلك؛ لنهسسسم يهتمسسسون‬ ‫مسسسا ُ‬
‫أو إخسسسوان ي َب ْعُسسسد ُ اهت ِ‬
‫ت بسببه نفسك‪.‬‬ ‫ه لهم وضي ّعْ َ‬ ‫ويشتغلون بما خل ّْفت َ ُ‬
‫فالله الله البداَر بالتفتيش على النفس‪ ،‬والمبسساردة‬
‫بالتوبة والكثار من الستغفار‪.‬‬
‫ومما يحث ُسسك علسسى ذلسك ذكسُر مسسرارة المسوت السسذي‬
‫سماه رسول الله ‪ ‬هادم اللذات‪ ،‬وتذكر شدة النزع‬
‫سسسوا علسسى أعمسسالهم‬ ‫حب ُ‬ ‫والتفكسسر فسسي المسسوتى السسذي ُ‬
‫ة‪،‬‬‫لُيجازوا بها فليس فيهم من يقسسدُر علسسى محسسو خطيئ ٍ‬
‫ول على زيادة حسنة‪.‬‬
‫دك؟‬ ‫ضا‪ ،‬فقال له‪ :‬كيف تج ُ‬ ‫وعاد بعضهم مري ً‬
‫قسسال‪ :‬هسسو المسسوت‪ ،‬قسسال لسسه‪ :‬وكيسسف علمسست أنسسه‬
‫ذب اجتسسذاًبا‪ ،‬وكسسأن الخنسساجر‬ ‫جت َ‬‫دني أ ْ‬ ‫الموت؟ قال‪ :‬أج ُ‬
‫ى يتلّهب‪.‬‬
‫حم ً‬ ‫م ْ‬‫في جوفي‪ ،‬وكأن جوفي تنوٌُر ُ‬

‫‪348‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫قال له‪ :‬فاعهد )أي أوصي(‪ ،‬قال‪ :‬أرى المر أعجل‬
‫من ذلك فدعا بدواة وصحيفة‪ ،‬وقال‪ :‬فسسوالله مسسا أتسسى‬
‫بها حتى شخص بصُرهُ فمات‪.‬‬
‫وقال إبراهيم بن يزيد العبدي‪ :‬أتاني رياح القيسي‪،‬‬
‫ث‬‫حدِ ُ‬ ‫فقال‪ :‬يا أبا إسحاق انطلق بنا إلى أهل الخرة ن ُ ْ‬
‫دا‪.‬‬
‫بقربهم عَهْ ً‬
‫فانطلقت معه‪ ،‬فأتى المقسسابر فجلسسسنا إلسسى بعسسض‬
‫متمني ًسسا‬ ‫تلك القبور‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا إسحاق‪ ،‬ما تسسرى هسسذا ُ‬
‫نء‪ ،‬قلت‪ :‬أن ي َُرد ّ والله إلى السدنيا فيسستمتع مسن‬ ‫م ّ‬‫لو ُ‬
‫طاعة الله وُيصلح‪.‬‬
‫ن‪ ،‬ثم نهض فجد ّ واجت ََهد‪ ،‬فلم يلبث إل‬ ‫قال‪ :‬فها نح ُ‬
‫يسًرا حتى مات‪.‬‬
‫ك على التأهب والستعداد لهسسادم اللسسذات‬ ‫حث ُ َ‬‫ومما ي َ ُ‬
‫ك وتخجيلسسه إيسساك‬ ‫ضسَها علسسى َرب ِس َ‬ ‫ور لنفسسسك عر َ‬ ‫ص ّ‬‫أن ت ُ َ‬
‫ك عنسسه‪ ،‬قسسال جس َ‬
‫ل‬ ‫ل مسسا نهسسا َ‬ ‫ض العتاب على فعس ِ‬ ‫بمضي ِ‬
‫فْرًدا ‪.‬‬ ‫ة َ‬ ‫م ِ‬‫قَيا َ‬
‫م ال ِ‬ ‫و َ‬
‫ه يَ ْ‬‫م آِتي ِ‬ ‫وك ُل ّ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫وعل‪َ  :‬‬
‫وقسسال رسسسول اللسسه ‪» :‬مسسا منكسسم مسسن أحسسد إل‬
‫ه ربه تبارك وتعالى يس بينه وبينه ترجمان«‪.‬‬ ‫م ُ‬‫سُيكل ُ‬
‫ذا بيسسد ابسسن‬ ‫ت آخ س ً‬ ‫وعن صفوان بن محرر قسسال‪ :‬كن س ُ‬
‫ت رسسسول‬ ‫جل‪ ،‬فقال‪ :‬كيسسف سسسمع َ‬ ‫عمر إذ عرض له ر ُ‬
‫الله ‪ ‬يقول في النجوى يوم القيامة؟‬
‫ت رسسسول اللسسه ‪ ‬يقسسول‪» :‬إن اللسسه‬ ‫فقسسال‪ :‬سسسمع ُ‬
‫سُتره مسسن النسساس‪،‬‬ ‫ضعُ عليه ك َن ََفه‪ ،‬وي َ ْ‬ ‫دني المؤمن فَي َ َ‬ ‫يُ ْ‬
‫ب كسسذا‪ ،‬أتعسسرف‬ ‫ف ذ َن ْس َ‬ ‫ل له‪ :‬أت َْعر ُ‬ ‫وي َُقّرُرهُ بذ ُُنوبه‪ ،‬ويُقو ُ‬
‫حّتى إذا قرره بذنوبه ورأى فسسي نفسسسه أنسسه‬ ‫ذنب كذا‪َ ،‬‬
‫ست َْرتها عليك فسسي السسدنيا وأنسسا‬ ‫قد هلك‪ ،‬قال‪ :‬فإني قد َ‬
‫أغفرها لك اليوم«‪.‬‬
‫ومما يحُثك على السسستعداد للمسسوت والبتعسساد عسسن‬
‫ور شسسهادة المكسسان السسذي‬ ‫المعاصسسي أن تتخايسسل وتتصس ّ‬
‫تعصي فيه عليك يوم القيامة‪.‬‬

‫‪349‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ذ‬
‫مئ ِ ٍ‬ ‫فعن أبي هريرة قال‪ :‬قرأ رسول الله ‪ ‬ي َ ْ‬
‫و َ‬
‫ها ‪ ،‬فقال‪» :‬أتسسدرون مسسا أخبارهسسا! أن‬ ‫ث أَ ْ‬
‫خَباَر َ‬ ‫حدّ ُ‬
‫تُ َ‬
‫تشهَد َ على كل عبد بما عمل على ظهرهسسا‪ ،‬أن تقسسول‬
‫ل كذا وكذا في يوم كذا وكذا‪ ،‬فهو أخبارها«‪.‬‬ ‫م َ‬‫عَ ِ‬
‫وممسسا يحثسسك علسسى التسسأهب والسسستعداد للمسسوت‬
‫ك عنسسد بعسسض‬ ‫سس َ‬ ‫مث ِس َ‬
‫ل ن َْف َ‬ ‫ن تُ َ‬
‫والبتعاد عسسن المعاصسسي أ ْ‬
‫ة لمخلسسوق‬ ‫مُر بك إلى النار السستي ل طاق س َ‬ ‫ك كأنه ُيؤ َ‬ ‫َزل َل ِ َ‬
‫بها‪.‬‬
‫وتصور نفاذ اللذة وذهاب ََها وب ََقاءَ العار والعذاب‪.‬‬
‫ح سَرام ِ وي َْبقسسى الثسسم‬ ‫من ال َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ن ن َسسا َ‬‫مس ْ‬‫م ّ‬ ‫َتفنسسى الل ّس َ‬
‫ذاذ َةُ ِ‬
‫ه والَعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساُر‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهْوَت َ ُ‬ ‫َ‬
‫ها‬
‫من ب َْعسسدِ َ‬‫خي َْر في ل َذ ّةٍ ِ‬ ‫س سوِْء فسسي ل َ‬ ‫ب ُ‬ ‫واقِ ُ‬ ‫ت َب َْقسسى عَ س َ‬
‫مغَب ّت َِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا الن َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساُر‬ ‫َ‬

‫عن أبي هريرة‪ ،‬عسسن النسسبي ‪ ‬أنسسه قسسال‪» :‬نسساركم‬


‫ن جزًءا من‬ ‫سب ْعِي ْ َ‬
‫من َ‬ ‫جْزٌء واحد ٌ ِ‬
‫م ُ‬‫هذه ما ُيوقِد ُ ب َُنوا آد َ َ‬
‫م«‪ ،‬قالوا‪ :‬والله إن كانت لكافية‪.‬‬ ‫جهَن َ ّ‬‫حر َ‬
‫ل لسسي رأسسسي بيسسن‬ ‫مث ّس َ‬
‫وقسسال بعسسض السسسلف‪ :‬ربمسسا ُ‬
‫جبلين مسسن نسسار وربمسسا رأيتنسسي أهسسوى فيهسسا حسستى أبلسسغ‬
‫قعرها فكيف تهنا الدنيا من كانت هذه صفته‪.‬‬
‫وكان عمر ‪ ‬ربما توقسسد لسسه النسسار ثسسم يسسدني يسسديه‬
‫منها‪ ،‬ثم يقول‪ :‬يا ابسسن الخطسساب‪ ،‬هسسل لسسك علسسى هسسذا‬
‫صبر!‬‫َ‬
‫ومما يحثك على الستعداد وتفقد شسسؤونك وأمسسرك‬
‫ذكر أحوال كسسثير مسسن السسسلف الصسسالح السسذي أقلقهسسم‬
‫ف الحساب والعذاب في البرزخ والنار‪.‬‬ ‫خو ُ‬
‫معسساذة العدويسسةو إلسسى زوجهسسا صسسلة بسسن‬ ‫لما أهديت ُ‬
‫مطيًبسسان‬‫أشيم أدخله ابن أخيه الحمام‪ ،‬ثم أدخله بيًتسسا ُ‬
‫ت زوجت ُسسه معسساذة مثلسسه‪،‬‬ ‫فقام يصلي حتى أصبح‪ ،‬وفعل ْ‬
‫ن أخيسه علسى فعلسه ليلسة السسزواج‪،‬‬ ‫ه ابس ُ‬ ‫فلما أصبح عاتب ُُ‬
‫كرتنسي بسه النسار‪ ،‬ثسم‬ ‫فقال له‪ :‬أدخلتني المسس بيًتسا ذ ّ‬

‫‪350‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫أدخلتنسسي بيًتسا ذكرتنسي بسه الجنسة‪ ،‬فمسسا زالست فكرتسسي‬
‫فيهما حتى أصبحت‪.‬‬
‫متغي سّر‬ ‫ونظر عمر بن عبسسدالعزيز إلسسى رجسسل عنسسده ُ‬
‫ت‬ ‫اللون‪ ،‬فقسسال لسسه‪ :‬مسسا السسذي بسسك؟ فقسسال‪ :‬إنسسي ذ ُقْس ُ‬
‫حلوة السسدنيا فصسسُغر فسسي عينسسي زهرتهسسا وملعُبهسسا‪،‬‬
‫ت كسسأن النسساس‬ ‫واستوى عندي حجارُتها وذهُبهسسا‪ ،‬ورأي س ُ‬
‫ت‬ ‫ُيساقون إلى الجنة‪ ،‬وأنا أسسساقُ إلسسى النسسار‪ ،‬فأسسسهر ُ‬
‫ل ذلسسك صسسغيٌر حقي سٌر‬ ‫ت نهاري‪ ،‬وك س ُ‬ ‫لذلك ليلي‪ ،‬واظمأ ُ‬
‫ب عفو الله‪ ،‬وثوابه عز وجل وجْنب عقابه‪.‬‬ ‫في جن ِ‬
‫ت نفسي في النسسار آكسسل‬ ‫وقال إبراهيم التيمي‪ :‬مثل ُ‬
‫ج سلسسسلها‬ ‫ب مسسن صسسديدها وأعال س ُ‬ ‫شر ُ‬ ‫مها‪ ،‬وأ ْ‬ ‫من زُقو ِ‬
‫وأغللها‪.‬‬
‫ت لنفسي‪ :‬أيّ شيٍء ُتريسسدين‪ ،‬قسسالت‪ :‬أري سد ُ أن‬ ‫فقل ُ‬
‫حا‪ ،‬قال‪ :‬فقلسست‪ :‬أنسست فسسي‬ ‫أرد ّ إلى الدنيا فأعمل صال ً‬
‫المني ّةِ فاعملي‪.‬‬
‫عمسسر بسن الخطسساب رجل ً يتهجسد ُ فسي الليسسل‬ ‫وسسمع ُ‬
‫ن‬‫ويقسسرأ سسسورة الطسسور‪ ،‬فلمسسا لسسغ قسسوله تعسسالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ع ‪.‬‬‫ف ٍ‬‫دا ِ‬‫من َ‬ ‫ما ل َ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫ع* َ‬ ‫ق ٌ‬‫وا ِ‬‫ك لَ َ‬‫ب َرب ّ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ع َ‬
‫َ‬
‫قال عمر‪ :‬قسم ورب الكعبة حق‪ ،‬ثم رجعَ إلى يته‬
‫ب‬ ‫ن مسسا سسسب ُ‬ ‫فمسسرض شسسهًرا يعُسسوده النسساس‪ ،‬ول يسسدُرو َ‬
‫مرضه‪.‬‬
‫مسسن الخسسوف‬ ‫رضسسوا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫وكسسان جماعسسة مسسن السسسلف َ‬
‫ضهم وصار صاحب فراش‪.‬‬ ‫مَناِزلهم وبع ُ‬ ‫موا َ‬ ‫ولزِ ُ‬
‫هم‬ ‫ن يقول في وصف الخائفين‪ :‬قد برا ُ‬ ‫وكان الحس ُ‬
‫ل القداح ينظر إليهم الناظر‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫ف َفهم أمثا ُ‬ ‫الخو ُ‬
‫طسوا وقسد‬ ‫خول ِ ُ‬‫ل‪ :‬قسد ُ‬ ‫ض‪ ،‬ويقسو ُ‬ ‫مسَر ٌ‬ ‫ضسي ومسا بهسم َ‬ ‫مْر َ‬ ‫َ‬
‫م من ِذكر الخرةِ أمٌر عظيم‪.‬‬ ‫خالط القو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫‪351‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫دلنا فيها بعض البيات‪:‬‬ ‫هذه القصيدة ع ّ‬
‫ك‬‫غيسسر َ‬ ‫ب َ‬ ‫مسسالي ول لي إلى أْبوا ِ‬ ‫جسسودِ َ‬ ‫ذا ال ُ‬ ‫حّقك يسسا َ‬ ‫و َ‬
‫مط َْلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ب‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسؤٌ َ‬ ‫مل ْ َ‬ ‫َ‬
‫ب غَي ْسركَ‬ ‫ك فَك َي ْ َ‬
‫َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ف إلسسى أب ْس َ‬ ‫عند َ غَي ْسرِ َ‬ ‫ن لي ِ‬ ‫إذا لم ت َك ُ ْ‬
‫ب‬‫هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ة أذ ْ َ‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫حا َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫معْسسسُروْ ِ‬ ‫وى َ‬ ‫سسسس َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ك فكيسسس َ‬ ‫وا َ‬ ‫سس َ‬ ‫ط ِ‬ ‫مع ْ س ٍ‬ ‫إذ لسسم َيكسسن ُ‬
‫ب‬ ‫ك أط ُْلسسسسسسسسس ُ‬ ‫جسسسسسسسسسوْدِ َ‬ ‫مط ْل َب ِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ُ‬ ‫بِ َ‬
‫مي عََليسسه‬ ‫مسسن َلسسوْ ِ‬ ‫مسسا فَي ُك ِْثسسُر ِ‬ ‫مسسا ي َسَرى َ‬ ‫عَذ ُوْ لي في سهِ َ‬
‫ب‬ ‫ه وي ُط ِْنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫َرأي ُْتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ي‬
‫مّنسس َ‬ ‫هسسوَ ِ‬ ‫ه وَ ْ‬ ‫مْنسس ُ‬ ‫ب ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫سسسبي ْل ً مسسا اهْت َسسدى فسسأعْ َ‬ ‫ت َ‬ ‫س سل َك ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ُ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسلوْك َِها ي َعْ َ‬ ‫ل ُ‬
‫ل الوََرى ليس‬ ‫ل أَيادِْيه عن ك ُ ِ‬ ‫مسسا ٍ‬ ‫ج َ‬ ‫سسسل ّوٌ عسسن َ‬ ‫ف ُ‬ ‫وَك َْيسس َ‬
‫ب‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ب تُ ْ‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫وا حسستى الركسسائ ِ‬ ‫مسس ْ‬ ‫ن فك ُل ّهُ ُ‬ ‫حسسسسساد ُوْ َ‬ ‫س ال َ‬ ‫سسسسسسَتان َ َ‬ ‫إذ ا ْ‬
‫ب‬ ‫طسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَر ُ‬ ‫مه ِ ت َ ْ‬ ‫سسسسسسسسس ِ‬ ‫ب با ْ‬ ‫كسسسسسسسس ِ‬ ‫ِللّر ْ‬
‫ك‬ ‫ب إل وذك ْسسسسسُر َ‬ ‫ن َفل ط َي ّسسسسس ٌ‬ ‫حب ّْيسس َ‬ ‫م ِ‬ ‫حُلسسوْ ل ِل ْ ُ‬ ‫ب وي َ ْ‬ ‫َيطْيسس ُ‬
‫ب‬ ‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُرهُ أط َْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ذِ ْ‬
‫صسسَفى‬ ‫ت ماًء فهو أ ْ‬ ‫ن قُل ْ ُ‬ ‫حَلى وإ ْ‬ ‫دا فهو أ ْ‬ ‫شه ْ ً‬ ‫ت َ‬ ‫ن قُل ْ ُ‬ ‫فإ ْ‬
‫ب‬ ‫ة وأعْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ َ ُ‬ ‫ذاَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫مسسا ل ِعَي ْن َي ْس َ‬ ‫ت يو ً‬ ‫مسسا ب َسد َ ْ‬ ‫حسساِدي الَركسساِئب إذا َ‬ ‫َ‬ ‫ك َيا َ‬ ‫سألت ُ َ‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ة ي َْثسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسر ُ‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬ ‫حا َ‬ ‫َ‬
‫مَلى‬ ‫ن تُ ْ‬‫كو ِ‬ ‫شْرعَُته في ال َ‬ ‫ه و ِ‬ ‫حسوَت ْ ُ‬ ‫ن قَسد ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫سّلم على َ‬ ‫فَ َ‬
‫ب‬ ‫قَِباب َُهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا وت ُك َْتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ب‬ ‫سسس ِ‬ ‫ل المنا ِ‬ ‫كسس ُ‬ ‫جسسد ُ إلى َفخْرهِ ُ‬ ‫خَتسساُر والما ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مسسد ٌ ال ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذي ت ُن ْ َ‬
‫ه فَهْ سوَ فسسي‬ ‫جب ْس ُ‬‫ن لسسم ي ُ ِ‬ ‫مس ْ‬ ‫عي إلسسى فَ َ‬ ‫دا ِ‬ ‫هو الصسسادِقُ ال س ّ‬
‫ب‬ ‫شسسسسسسسسسرِ ي ُن ْسسسسسسسسسد َ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫حسسسسسسسسسسسد َهُ ال َ‬ ‫اللسسسسسسسسسسسه وَ ْ‬
‫مسسن اللسسه‬ ‫مسسوا فيهسسا ِ‬ ‫مسسسسا َثواب ُك ُ ُ‬ ‫صسسسسلوا عليسسسسه دائ ً‬ ‫فَ َ‬
‫ب‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسلتكم ي ُط َْلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫فَ َ‬

‫‪352‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسا‪ :‬فسسالواجب علسسى العاقسسل المبسسادرة إلسسى‬ ‫وختا ً‬
‫صسا‬‫العمال الصسسالحة مسسا دام فسسي قيسد الحيسساة وخصو ً‬
‫الصلة التي فرضسسها اللسسه جسسل وعل علسسى عبسساده آكسسد‬
‫أركان السلم بعد الشهادتين ومحلها من الدين محل‬
‫الرأس من الجسد‪.‬‬
‫فكمسا أن ل حيساة لمسن ل رأس لسه فكسذلك ل ديسن‬
‫ة وصي ّةِ النبي ‪ ‬عنسسد آخسسر‬ ‫لمن ل صلةَ له وهي خاتم ُ‬
‫عهدهِ من الدنيا‪.‬‬
‫ة وصّية رسسسول اللسسه‬ ‫فعن أنس ‪ ‬قال‪ :‬كانت عام ُ‬
‫هو ُيغرغسسر بنفسسسه‪» :‬الصسسلة‬ ‫ه الوفاةُ و ُ‬‫‪ ‬حين حضرت ْ ُ‬
‫وما ملكت أيمانكم« رواه أحمد وأبو داود‪.‬‬
‫وهي أول ما ُيحاسب بسسه العبسسد يسسوم القيامسسة‪ ،‬كمسسا‬
‫ورد بذلك الحديث عن أبسسي هريسسرة ‪ ‬قسسال‪ :‬سسسمعت‬
‫رسول الله ‪ ‬يقول‪» :‬إن أول ما يحاسسسب بسسه العبسسد‬
‫من عمله صلته‪ ،‬فإن صسلحت فقسد أفلسح‬ ‫يوم القيامة ِ‬
‫وأنجح‪ ،‬وإن فسدت فقد خاب وخسر« الحسسديث رواه‬
‫الترمذي‪.‬‬
‫والصلة أكبر عون للعبد على مصالح دينسسه ودنيسساه‪،‬‬
‫ة‬‫صللل ِ‬
‫وال ّ‬‫ر َ‬‫صلب ْ ِ‬
‫عيُنوا ِبال ّ‬
‫سلت َ ِ‬‫وا ْ‬ ‫قسسال اللسسه تعسسالى‪َ  :‬‬
‫‪‬الية‪.‬‬
‫فالصلة سعادة وسسرور للمسؤمن الخاشسع المحسب‬
‫لربه‪ ،‬فقد قال رسول الله ‪» :‬وجعلسست قسسرة عينسسي‬
‫في الصلة« وكان إذا حز به أمسسر فسسزع إلسسى الصسسلة‪،‬‬
‫فالصلة جسد ٌ ورْوح‪.‬‬
‫أما جسدها فهسسو كلم اللسسسان وحركسسات العضسساء‪،‬‬
‫د‬
‫قل ْ‬‫وأما روحها فهو الخشوع‪ ،‬قال اللسسه جسسل وعل‪َ  :‬‬
‫م‬
‫ه ْ‬
‫صلللت ِ ِ‬
‫فللي َ‬
‫م ِ‬
‫هلل ْ‬
‫ن ُ‬ ‫ن * اّللل ِ‬
‫ذي َ‬ ‫مُنللو َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ح ال ُ‬ ‫أَ ْ‬
‫فَللل َ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫عو َ‬‫ش ُ‬
‫خا ِ‬ ‫َ‬
‫ن أن ره‬ ‫ور النسا ُ‬ ‫والخشوع حضور الذهن وأن يتص ّ‬
‫ه يسمعه ويناجيه‪ ،‬فل يشسسغل فكسسره بشسسيء مسسن‬ ‫أمام ُ‬
‫الدنيا ما دام في صلته ويجمسسع فكسسره إلسسى تأمسسل مسسا‬
‫‪353‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫يتلو وما يسمع من المام ويحرص كل الحسسرص علسسى‬
‫طرد الهواجيس‪.‬‬
‫قال أحسسد العلمسساء‪ :‬إن مسسن المعلسسوم أن المنتصسسب‬
‫ه للقبال عليه‬ ‫ملوك الدنيا يجمعُ قلب ُ‬ ‫لخطاب ملك من ُ‬
‫وُيحسسسن التسسودد إليسسه ويتحسسرُز التحسسرز الكلسسي عسسن أن‬
‫ة‬
‫مستحسسن ٍ‬ ‫ه غيسر ُ‬ ‫ة أو التفسات ُ‬ ‫ة مستهجن ً‬ ‫تفرط منه كلم ُ‬
‫ما ُيخاطبه به أو يتلقاهُ مسسن خطسساب ِهِ وإن ك‬ ‫هول ع ّ‬ ‫أو ذ ُ‬
‫جو نعمته‪.‬‬ ‫ه ول ير ُ‬ ‫ان ل يخاف نقمت ُ‬
‫مناجسسات ملسسك السسسموات‬ ‫بل ُ‬ ‫فيا عجب ًسسا مسسن منتص س ٍ‬
‫م أنه حاضٌر لديه ورقيسسب عليسسه وأنسسه‬ ‫والرض وهو يعل ُ‬
‫ن عنسسه وإن‬ ‫مسسستغ ٍ‬ ‫ج فسسي ك ُسسل لحظسةٍ إليسسه غيسسر ُ‬ ‫محتسسا ٌ‬ ‫ُ‬
‫كل إحسان‪.‬‬ ‫ه إليه فوق ُ‬ ‫إحسان ُ‬
‫وعاقبة عصيانه إنسه الخلسسود ُ فسسي قعسسر النيسسران وإن‬
‫ك‬ ‫سسلطان‪ ،‬ومسع ذلسك يستر ُ‬ ‫ه ل ُتسدانيها عظمسة ُ‬ ‫عظمتس ُ‬
‫ة‬
‫ه لخسسواطر دنيويسس ٍ‬ ‫ل عن ُ‬‫القبال عليه ويعرض له الذهو ُ‬
‫ووساوس غير نافعة ول مرضّية حتى ل يشعر بمعاني‬
‫ب بها ويسسسهو‬ ‫ما يتلوه في صلته ول يعقل ما المطلو ُ‬
‫عن أركانها وأذكارها هذا مما تحاُر فيه العقول‪.‬‬
‫ولعسسل السسسبيل إلسسى ذلسسك هسسو التحفسسظ عسسن تلسسك‬
‫الشسسواغل فسسي حالسسة الصسسلة السستي هسسي عمسساد السسدين‬
‫ة بيسسن الكفسسرة والمسسؤمنين السستي فرضسسها اللسسه‬ ‫والفارق ُ‬
‫ما اقترفوه فيما بيسسن أوقاتهسسا مسسن‬ ‫ليتطّهر بها عباد ُهُ ع ّ‬
‫ن‬ ‫السسذنوب ويغسسسُلوا بهسسا أبسسدانهم وأرواحهسسم عسسن دَر ِ‬
‫وب‪.‬‬ ‫ح ْ‬ ‫ال ُ‬
‫س‬‫ت الخم س َ‬ ‫ل الصسسلوا ِ‬ ‫شعُر به قسسوله ‪َ » :‬‬
‫مث َس ُ‬ ‫كما ي ِ‬
‫ل‬ ‫كسس ّ‬ ‫مُر على باب أحدكم َيغتسل منسسه ُ‬ ‫ل ن َهْرٍ جارِ ي َ ُ‬ ‫مث َ ِ‬‫كَ َ‬
‫ن أي َب َْقسسى‬ ‫ت«‪ ،‬وفي رواية‪» :‬فماذا ت ِسَروْ َ‬ ‫س مرا ٍ‬ ‫يوم ٍ خم َ‬
‫ن بعد ذلك«‪.‬‬ ‫عليه من الد ََر ِ‬
‫ه‬
‫م ُ‬ ‫ه إلسسى أن قيسسا َ‬ ‫والمهسسم أن يصسسرف العبسسد ُ ذهنسس ُ‬
‫ك‬ ‫مُلسسو ِ‬ ‫للوضسسوء والصسسلة إنمسسا هسسو لخطسساب ملسسك ال ُ‬
‫حسسواله‬ ‫منه في أ ْ‬ ‫والعتذار إليه من التقصير في الحَياِء ِ‬
‫‪354‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫السابقة‪ ،‬وليطلب منه العفسسو والمسسسامحة والحسسسان‬
‫من العبادة‪.‬‬ ‫ولداِء ما كل َّف ُ‬
‫ه ِ‬
‫فصل‬
‫حضسَر‬ ‫ذكر ابن كثير س رحمه الله س‪ :‬أن أحد العلمساء َ‬
‫مبتدع وهو يتكلم على الناس فلما نسسام‪ ،‬قسسال‪:‬‬ ‫س ُ‬ ‫مجل َ‬
‫ب الِعزة والجلل في الليلسة‪ ،‬وهسو يقسسول لسي‪:‬‬ ‫تر ّ‬ ‫رأي ُ‬
‫ك النظسسر‬ ‫من َس َ‬‫حر ّ‬‫ت كلمسسه ل ْ‬ ‫مبتسسدع وسسسمع َ‬ ‫ت على ُ‬ ‫وقف َ‬
‫ح ل ي ُْبصسسر وعَْينسساهُ مفتوحتسسان كسسأنه‬ ‫صسب َ َ‬ ‫فسسي السسدنيا‪ ،‬فأ ْ‬
‫بصير‪ .‬اهس‪.‬‬
‫مْبتسدِعٌ‬‫قطاع الطريق على أرباب السسسلوك أربعسسة‪ُ :‬‬
‫ك على‬ ‫جرؤ َ‬ ‫سنة رسول الله ‪ ،‬وفاسق ي ُ َ‬ ‫ك عن ُ‬ ‫ي ُزِي ْغُ َ‬
‫صسسحبة ذكسسر اللسسه‪ ،‬وكسسافر‬ ‫ل ُينسسسيك ُ‬ ‫مَعاصي الله‪ ،‬غاف ٌ‬ ‫َ‬
‫ك عن دِْين السلم‪.‬‬ ‫صد ّ َ‬ ‫يَ ُ‬
‫ح‬‫صْفَقةِ الَربس ِ‬ ‫من َ‬ ‫ن له ِ‬ ‫سسسيَر فسسي يكوُ ُ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫م َ‬
‫إذا ما عََز ْ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ل‬ ‫حا ِ‬ ‫جسسسسسسسسسسسرٍ َ‬ ‫مت ْ َ‬
‫ن َْيسسسسسسسسسسسل َ‬
‫عسسساص‬ ‫يو َ‬ ‫ع ٌ‬ ‫م ك َُفسسسوٌر وِبسسسد ْ ِ‬ ‫سْبيل َهُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ة ل َتسل ُك َ ّ‬ ‫فأْرب َعَ ٌ‬
‫ل‬‫غاِفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫و َ‬

‫آخر‪:‬‬

‫‪355‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن فيهسسا‬ ‫شسسْيطا ُ‬ ‫ك ال َ‬‫َواوْقََعسس َ‬ ‫ت‬ ‫سسسسسسيئا ُ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫إذا أثَقل َْتسسسسس َ‬
‫جْهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدِهِ‬ ‫بِ ُ‬ ‫مل َِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ح ْ‬ ‫بِ ِ‬
‫ت لهسسا ش سْبه الس سْير‬ ‫وصْر َ‬ ‫س فسسي‬ ‫ك النفسس ُ‬ ‫علي َ‬ ‫ت َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ول ّ‬
‫بَقْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدِهِ‬ ‫واِتها‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه َ‬ ‫َ‬
‫جسسود ُ‬ ‫ذا رِْفسسدٍ ي َ ُ‬ ‫ولسسم ت َْلسسقَ َ‬ ‫ك السسرزقُ فسسي‬ ‫علي س َ‬ ‫ضاقَ َ‬ ‫و َ‬
‫ب ِرِْفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدِ ِ‬
‫ه‬ ‫ل‬
‫خ ٍ‬ ‫مسسسسسسسسسسسد ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫كسسسسسسسسسسس ّ‬
‫ه‬
‫جن ْدِ ِ‬
‫طا ب ُ‬ ‫حا َ‬ ‫غم قد ْ أ َ‬‫وهَم ٍ و َ‬ ‫ذا د َْيسسن وفَْقسس ٍ‬
‫ر‬ ‫ت َ‬ ‫سسسي ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫وأ ْ‬
‫وغُْرَبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةٍ‬
‫صسسد ًْرا‬ ‫ت َ‬ ‫ضسسْق َ‬ ‫حّتى ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ب َِقل ْب ِ َ‬
‫ت‬ ‫ت ذِك ْسسسَر المسسسو ِ‬ ‫ضسسسْر َ‬ ‫ح َ‬ ‫وأ ْ‬
‫ه‬
‫ِبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرد ّ ِ‬ ‫ى‬‫والَقْبسسسسسسسسسرِ والبلسسسسسسسسس َ‬
‫ش سدِي ْدِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫مسسن الهَ سوْ ِ‬ ‫عليه ِ‬
‫ب‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ت في يوم ال ِ‬ ‫وفَك ّْر ُ‬
‫واد ّهِ‬ ‫حِتسسسسسسسسسسسوى‬ ‫مسسسسسسسسسسسا ْ‬ ‫و َ‬
‫خ سُر‬ ‫تآ ِ‬ ‫خي ْسسرا ِ‬ ‫مسسن ال َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ذا َ‬
‫مسسن‬ ‫فَ َ‬ ‫من النارِ التي َ‬ ‫ت ِ‬ ‫خْف َ‬ ‫و ِ‬
‫عَْهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدِهِ‬ ‫َثسسسسسسسسسسسسوى بهسسسسسسسسسسسسا‬
‫سسسامٍع‬ ‫ولى َ‬ ‫مسس ْ‬ ‫علسسى بسساب َ‬ ‫ل‬ ‫حسسا ِ‬ ‫ة ال َ‬ ‫صس َ‬‫ك فاْرفَعْ قِ ّ‬ ‫هَُنال ِ َ‬
‫ت عَب ْسسسسسسسسسسدِهِ‬ ‫صسسسسسسسسسسوْ َ‬ ‫َ‬‫ف‬‫ث ُسسسسسسسسسسسسسم قِسسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫دي ط ُْرقَ‬ ‫ى ل ي َهْت َ ِ‬ ‫عم ً‬ ‫م أن ْظ ُسْر إلسسى‬
‫فَِقْير َ‬ ‫كري ْس ُ‬ ‫ل يسسا َ‬ ‫وقُ ْ‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدِهِ‬ ‫ُر ْ‬
‫جزٍ‬ ‫ل عَسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫حسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫َ‬
‫ح‬ ‫سسسسب ِ ْ‬ ‫ل عليسسسه ُثسسسم َ‬ ‫ب ك ُل َّها‬
‫َتوك ّسسس ْ‬ ‫طال ِ ُ‬‫م َ‬‫ه فيها ال َ‬ ‫زائ ِن ُ ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدِهِ‬ ‫ح ْ‬ ‫بِ َ‬
‫ه‬
‫ن ب َهَد ْي ِ ِ‬ ‫وصسسلى علسسى خيسسر البريسسة وأصحاب ِهِ والمهتدِي ْ َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد‬
‫ح َ‬
‫أ ْ‬

‫فصل‬
‫م محمد بسسن مقاتسسل قاضسسي‬ ‫م الص ُ‬‫قيل‪ :‬إنه زر حات ُ‬
‫مشسسرف فبقسسي‬ ‫ب ُ‬
‫الري فلما وصل إلى الباب‪ ،‬فإذا با ٌ‬
‫م على هذا الحال‪.‬‬ ‫متفكًرا يقو ُ‬
‫ل‪ :‬عال ٌ‬ ‫حاتم ُ‬
‫ثم أذن لهم فدخلوا فإذا داٌر قسسوراء )أي مزخرفسسة(‬
‫متفكًرا‪.‬‬
‫خ فبقي حاتم ُ‬ ‫ة وستوٌر وبذ ٌ‬ ‫وإذا بّزة وسع ٌ‬

‫‪356‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ثم دخلوا إلسسى المجلسسس السسذي فيسسه القاضسسي فسسإذا‬
‫ة( وإذا هسسو راقسسد عليهسسا‬ ‫لُفرش وطيئةٍ )أي لينسةٍ جميلس ٍ‬
‫ة‪.‬‬‫مه بيده مذ َب ّ ٌ‬‫غل ُ‬ ‫وعند رأسه ُ‬
‫فتقدم التاجر الذي عند القاضي يسسسأله عسسن حسساله‬
‫وحاتم واقف‪ ،‬فأومأ القاضسسي محمسسد بسسن مقاتسسل إلسسى‬
‫ل لك حاجة!‬ ‫حاتم أن أقعد‪ ،‬وقال له‪ :‬لعَ ّ‬
‫قال حاتم‪ :‬نعسسم‪ ،‬قسسال القاضسسي‪ :‬ومسسا هسسي؟‪ ,‬قسسال‪:‬‬
‫ة في العلم أسألك عنها‪ ،‬قال‪ :‬سلني‪ ،‬قال‪ :‬فقم‬ ‫مسأل ٌ‬
‫دوه‪.‬‬‫ه فأسن ُ‬ ‫سا حتى أسأُلكها فأمر غلمان ُ‬ ‫واستوى جال ً‬
‫ك هسسذا مسسن أيسسن جئت بسسه؟ قسسال‬ ‫مس َ‬
‫فقال حسساتم‪ :‬عل ُ‬
‫مسسن؟ قسسال‪ :‬عسسن أصسسحاب‬ ‫الثقاة‪ :‬حدثوني‪ ،‬قال‪ :‬عسسن َ‬
‫رسول الله ‪.‬‬
‫ن؟‬ ‫م ْ‬‫قال‪ :‬وأصحاب رسول الله ‪ ‬عَ ّ‬
‫قال‪ :‬عن رسسسول اللسسه ‪ ،‬قسسال‪ :‬ورسسسول اللسسه ‪‬‬
‫جاء به؟‬ ‫ن َ‬‫من أي َ‬
‫قال‪ :‬من عند الله بإملء جبريل س عليه السلم س‪.‬‬
‫داه رسسسول اللسسه‬ ‫قال‪ :‬أفيما آتاه جبريل عن اللسسه وأ ّ‬
‫ك‪.‬‬‫‪ ‬إلى أصحابه وأداه الصحابة الثقاة إلي َ‬
‫ت في العلم المؤدى إليسسك أن مسسن كسسان‬ ‫فهل سمع َ‬
‫ه أميًرا في إمارته وحوله الثاث والرياض‬ ‫في داره كأن ّ ُ‬
‫تكون له المنزلة عند الله أكثر؟ قال‪ :‬ل‪.‬‬
‫ت؟ قسسال‪ :‬مسسن زهسدِ فسسي‬ ‫قال حسساتم‪ :‬فكيسسف سسسمع َ‬
‫دم مسسن‬ ‫ب المسسساكين وقس ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ب في الخرة وأ َ‬ ‫الدنيا ورِغ َ‬
‫دنياه لخَرته كان له عند الله من المنزلة أكثر‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ت‬‫ت بمسسن اقتسسدي َ‬ ‫م‪ ،‬قال حسساتم الصسسم‪ :‬فسسأن ْ َ‬ ‫قال‪ :‬نعَ ْ‬
‫فسسي ذلسسك أبسسي النسسبي ‪ ‬وأصسسحابه أو بصسسالحي تلسسك‬
‫المة‪ ،‬أم بفرعون والنمرود؟ فقسال‪ :‬رجْعنسا إلسسى اللسه‬
‫وت ُب َْنا إليه‪.‬‬
‫فقال حاتم‪ :‬غفر الله لي ولك وعفا عني وعنك‪.‬‬
‫فبلغ أهل السسري مسسا جسسرى بيسسن حسساتم الصسسم وابسسن‬
‫مقاتسسل‪ ،‬وقسسالوا‪ :‬بقزويسسن أكسسثر مسسن هسسذا السسسراف‪،‬‬
‫‪357‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وأشاروا به إلى الطناُفسي‪ ،‬فسار إليه حسساتم‪ ،‬فسسدخل‬
‫عليه‪ ،‬فقال‪ :‬رحمك اللسسه أنسسا رجسسل أعجمسسي أحسسب أن‬
‫مني أّول مبدأ ديني‪ ،‬ومفتاح صسسلتي‪ ،‬كيسسف أتوضسسأ‬ ‫ُتعل ّ َ‬
‫للصلة؟‬
‫ت مسساًء‪ ،‬فقعسسد الطناُفسسسي‬ ‫م هسسا ِ‬‫م يسسا غل ُ‬
‫قسسال‪ :‬نعَ س ْ‬
‫وتوضأ ثلًثا ثم قال‪ :‬هكذا توضأ‪.‬‬
‫قال حاتم‪ :‬مكانك حتى أتوضسسأ بيسسن يسسديك‪ ،‬فيكسسون‬
‫عين أربسسع‬ ‫سسسل السسذرا َ‬ ‫أؤكد َ لما أريد ُ فتوضأ حسساتم ثسسم غَ َ‬
‫مرات‪.‬‬
‫قال له الطنافسي‪ :‬أسرفت يا هذا‪ ،‬قال لسسه حسساتم‪:‬‬
‫في أي شيء أسرفت؟ قال‪ :‬غسلت ذراعك أربًعا‪.‬‬
‫ف مسسن مسساءٍ‬ ‫قسسال حسساتم‪ :‬سسسبحان اللسسه أنسسا فسسي ك س ٍ‬
‫خك فسسي هسسذا الجمسسع لسسم‬ ‫ت وأنت يا هذا في ب سذ ْ ِ‬ ‫أسرف ُ‬
‫تسرف‪.‬‬
‫فعرف الطناُفسسسي أنسسه أراده بسسذلك ولسسم ي ُسرِد ْ منسسه‬
‫ج إلسسى النسساس أربعيسسن‬ ‫ت ولسسم يخسسر ْ‬ ‫الت ّعَُلم‪ ،‬فدخل البي َ‬
‫ما‪.‬‬ ‫يو ً‬
‫ه‬‫ه فِعَْلس ُ‬ ‫ذب قسول ُ ُ‬ ‫ه وكس ّ‬ ‫مسه عملس ُ‬ ‫م إذا خالف عل ُ‬ ‫فالعال ُ‬
‫ل مسسن أراد أن‬ ‫مُقوًْتا فسسي الرض والسسسماء ُيض س ُ‬ ‫كان م ْ‬
‫يقتدي به‪.‬‬
‫ه‪،‬‬ ‫جسست السسسماعُ كلم س ُ‬ ‫وإذا أمسسر بغيسسر مسسا يعمسسل م ّ‬
‫ه‬‫عظ َت ُ ُ‬ ‫م سو ْ ِ‬‫ب َ‬ ‫ت من القلسسو ِ‬ ‫ت عند الناس مهابُته وَزل َ ْ‬ ‫وقل ّ ْ‬
‫كانُته‪.‬‬ ‫وم َ‬
‫كما قال مالك بسسن دينسسار‪ :‬إن العسسالم إذا لسسم يعمسسل‬
‫طر عسسن‬ ‫ل الَق ْ‬ ‫ب كما يز ُ‬ ‫من الُقلو ِ‬ ‫ل موعظته ِ‬ ‫بعلمه ت َزِ ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫الصفا ِ‬
‫وحكى الوزاعي عن بلل بن سعد أنه كسسان يقسسول‪:‬‬
‫ينظر أحدكم إلى الشرطي فيستعيذ بالله منه‪.‬‬
‫خل ْسسسق‬ ‫وينظسسسر إلسسسى علمسسساء السسسدنيا المتصسسسنعين لل َ‬
‫ت‬ ‫مْق ِ‬ ‫حقُ بال َ‬ ‫م هذا أ َ‬ ‫مُقُته ْ‬ ‫المتشوقين إلى الرياسة فل ي ْ‬
‫شر َ‬
‫طي‪.‬‬ ‫من هذا ال ُ‬
‫‪358‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ط فسي بعسض السسسنين‪،‬‬ ‫حس ٌ‬ ‫قيل‪ :‬إنه أصاب النسساس قُ ْ‬
‫فسسأمر الملسسك عبسسدالرحمن المسسوي القاضسسي منسسذر‬
‫سقى للناس‪.‬‬ ‫ست َ ْ‬ ‫البلوطي س رحمه الله س أن ي َ ْ‬
‫فلما جاءته الرسالة مع البريد‪ ،‬قال للرسول‪ :‬كيف‬
‫ت الملك؟ فقسسال‪ :‬تركتسسه أخشسعَ مسسا يكسسون وأكسسثر‬ ‫ترك َ‬
‫عا‪.‬‬
‫دعاء وتضر ً‬
‫قيتم والله إذا خشع جبسسار الرض‬ ‫س ِ‬
‫فقال القاضي‪ُ :‬‬
‫م جّبار السماء‪ ،‬ثسسم قسسال لغلمسسه‪ :‬ن َسسادِ فسسي النسساس‬ ‫ح َ‬
‫َر ِ‬
‫الصسسلة‪ ،‬فجسساء النسساس إلسسى محسسل الستسسسقاء‪ ،‬وجسساء‬
‫ذر‪ ،‬فصسسعد المنسسبر والنسساس ينظسسرون إليسسه‬ ‫منس ِ‬
‫القاضي ُ‬
‫ويسمعون ما يقول‪ ،‬فلمسسا أقبسسل عليهسسم كسسان أول مسسا‬
‫عَلللى‬ ‫ب َرب ّك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫م ك َت َ َ‬ ‫م َ‬ ‫خاطبهم به‪ ،‬قال‪َ  :‬‬
‫سل ٌ‬
‫فسه الرحم َ َ‬
‫هال َل ٍ‬
‫ة‬ ‫ج َ‬
‫ءا ب ِ َ‬
‫سللو ً‬ ‫م ُ‬‫منك ُ ْ‬
‫ل ِ‬ ‫م َ‬
‫ع ِ‬
‫ن َ‬‫م ْ‬
‫ه َ‬‫ة أن ّ ُ‬ ‫ّ ْ َ‬ ‫نَ ْ ِ ِ‬
‫م ‪.‬‬ ‫غ ُ‬‫ه َ‬ ‫ث ُم َتاب من بعده وأ َصل َح َ َ‬
‫حي ٌ‬‫فوٌر ّر ِ‬ ‫فأن ّ ُ‬ ‫َ ِ ْ َ ْ ِ ِ َ ْ َ‬ ‫ّ‬
‫ثم أعادها مراًرا فأخذ الناس فسسي البكسساء والنحيسسب‬
‫دعاء والتضسسرع والّتوبسسة والنابسسة والسسستغفار‪ ،‬فلسسم‬ ‫وال ُ‬
‫ضسسون المسساء‬ ‫خو ُ‬‫س سُقوا ورجعسسوا ي َ ُ‬
‫يزالسسوا كسسذلك حسستى ُ‬
‫بأرجلهم‪.‬‬
‫اللهم هب لنا ما وهبته لعبادك الخيار‪ ،‬وأنظمنا في‬
‫سلك المقربين والبرار‪ ،‬وآتنا في السسدنيا حسسسنة وفسسي‬
‫الخرة حسنة وقنا عسسذاب النسسار‪ ،‬واغفسسر لنسسا ولوالسسدينا‬
‫وجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحميسسن‪ ،‬وصسسل‬
‫الله على محمد وآله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫فصل‬
‫ت المعاملسسة‪:‬‬ ‫قسسال العلمسساء –رحمهسسم اللسسه‪ :-‬أمهسسا ُ‬
‫م هسسذه‬ ‫التوبسسة‪ ،‬والعبوديسسة‪ ،‬والزهسسد‪ ،‬والسسستقامة‪ ،‬تمسسا ُ‬
‫الربسسع بأربعسسة‪ :‬إقلل الطعسسام‪ ،‬وإقلل الكلم إل بسسذكر‬
‫الله وما وله‪ ،‬وإقلل النوم؛ لن العمسسال ت َن َْقط سعُ بسسه‪،‬‬
‫ون لسسدينه‬ ‫والُعزلة عن الناس إل لما لب ُد ّ منه؛ فإنه أص َ‬
‫وعرضه‪.‬‬

‫‪359‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ة النفسسس وذلسسك بمنعهسسا هواهسسا‬ ‫معاملسس ُ‬ ‫الولللى‪ُ :‬‬
‫وإذللهسسا‪ ،‬ورد جماحهسسا بالطاعسسة وكسسسرها‪ ،‬فإنهسسا فسسي‬
‫الحقيقة أكبر العداء‪.‬‬
‫وذلك بأن ينظر فسسي القلسسب فيطهسسره مسسن الخلق‬
‫سسسمعة‪ ،‬والحسسسد‪ ،‬والكسسبر‪،‬‬ ‫المذمومسسة كالريسساء‪ ،‬وال ُ‬
‫طمسسسِع‪ ،‬والمكسسسر‪،‬‬ ‫رص‪ ،‬وال ّ‬ ‫حسسس ِ‬ ‫والُعجسسسب‪ ،‬والُبخسسسل‪ ،‬وال َ‬
‫ب المدح‪ ،‬والثناء‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫والخديعة‪ ،‬والنفاق‪ ،‬والغش‪ ،‬و ُ‬
‫ة‪ ،‬والنميمة‪،‬‬ ‫ساَنه وجميع أعضائ ِهِ عن الغِي ْب َ ِ‬ ‫وُيطِهر ل ِ َ‬
‫سخرية‪ ،‬والستهزاء‪ ،‬والكذب‪ ،‬والبهسست‪،‬‬ ‫سَعاية‪ ،‬وال ُ‬ ‫وال ِ‬
‫والولوع بالشهوات‪ ،‬ومحبة الدنيا والغفلة عن الخرة‪،‬‬
‫ة‪.‬‬‫م ِ‬ ‫مو ْ َ‬‫وغير ذلك من غرائزه المذ ُ‬
‫ويغسسسرس فسسسي قلبسسسه الخلص للسسسه‪ ،‬والتواضسسسع‪،‬‬
‫خلق‪ ،‬والصسسبر‬ ‫ن ال ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح ْ‬ ‫والنصيحة‪ ،‬والحلم‪ ،‬والشفقة‪ ،‬و ُ‬
‫سسسخاء‪ ،‬ومحبسسة السسدار الخسسرة‬ ‫واعتمسساد الشسسكر‪ ،‬وال ّ‬
‫والدعوة إليها‪.‬‬
‫والعراض عن الدنيا وشهواتها الحرام‪ ،‬وينظر فسسي‬
‫حسسل مطعمسسه وملبسسسه ومشسسرِبه ومسسسكنه وسسسائر‬
‫تصُرفه‪.‬‬
‫ول يطيع نفسه في شيء من هواها‪ ،‬قال الله جسسل‬
‫هللى‬ ‫م َ‬ ‫وعل وتقدس‪َ  :‬‬
‫ون َ َ‬
‫ه َ‬‫م َرب ّل ِ‬ ‫قللا َ‬ ‫ف َ‬ ‫خا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما َ‬‫وأ ّ‬
‫َ‬
‫وى ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫وى * َ‬ ‫الن ّ ْ‬
‫مأ َ‬ ‫ي ال َ‬ ‫ه َ‬ ‫ة ِ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ه َ‬
‫ن ال َ‬ ‫ع ِ‬‫س َ‬‫ف َ‬
‫الثانية‪ :‬معاملة الله جل وعل‪ ،‬وهي اللتجسساء إليسسه‬
‫صسسا‬‫والتوكل عليه ورؤيسسة أن ل سسسواه وأن العمسسل خال ً‬
‫له‪.‬‬
‫وليحذر أن يفقده أمره أو يراه حيث نهاه ويثق بسسه‬
‫غاية الثقة ل بغيره‪ ،‬فمن عامله جل وعل ربسسح وأفلسسح‬
‫ورشد ونجح وأصلح‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬معاملة عدو الله الشيطان الرجيم‪ ،‬وذلسسك‬
‫دا‬
‫بسسأن يبنسسي علسسى أنسسه عسسدوه اللسسدود فل يطيعسسه أبسس ً‬
‫ويستشعر أنه يأتيه من طرق كسسثيرة‪ ،‬فعليسسه أن يتنبسسه‬
‫عا‪،‬‬‫له ويحذره أشد الحذر‪ ،‬فسإن لسه حيل ً ومكسًرا وخسدا ً‬
‫‪360‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫سلم منها‪ ،‬فإذا خطر بقلبه مسا لسم يعلسم أنسه‬ ‫قل من ي ْ‬
‫منه عرضه على الشريعة المطهرة‪ ،‬ثسسم تثبسست وتسسأنى‬
‫واستخار الله سبحانه وتعالى وتعسسوذ بسسالله مسسن كيسسده‬
‫ومكره وسأل الله أن يكشف له ما لتبس عليه‪.‬‬
‫وذكسسر ابسسن القيسسم س س رحمسسه اللسسه سسس‪ :‬أن مسسن كيسسده‬
‫ب‬‫ن تغل ُ‬ ‫وتي ْ‬‫شام النفس حتى يعلم أيّ الُق ّ‬ ‫العجيب أنه ي ُ َ‬
‫عليسسه قسسوة القسسدام والشسسجاعة أم قسسوة النكفسساف‬
‫والحجام والمهانة‪.‬‬
‫فإن رأى الغسسالب علسسى النفسسس المهانسسة والحجسسام‬
‫أخذ في تثبيطه وإضعاف همته وإرادتسسه عسسن المسسأمور‬
‫ة أو يقصسسر فيسسه‬ ‫به وثقله عليه فهون عليه تركسسه جمل س ً‬
‫ويتهاون به‪.‬‬
‫وإن رأى الغالب عليه قوة القدام وعلو الهمة أخذ‬
‫ج‬
‫مه أنسسه ل يكفيسسه وأنسسه يحتسسا ُ‬ ‫ل عنده المأموَر وُيوه ُ‬ ‫ي َُقل ّ ُ‬
‫مبالغةٍ وزيادة ينقص بالول ويتجاوز بالثاني‪.‬‬ ‫معه إلى ُ‬
‫كما قال بعض السلف‪ :‬ما أمر الله تعسسالى بسسأمر إل‬
‫وللشيطان فيه نزعَتان‪ ،‬إما إلى تفريط وتقصير‪ ،‬وإما‬
‫ظفر‪.‬‬ ‫إلى مجاوزة وعلو‪ ،‬ول ُيبالي بأّيهما َ‬
‫ل القليسسل فسسي هسسذين‬ ‫وقد اقْت َط َعَ أكثر الناس إل أقس ّ‬
‫ن‪ ،‬وادي التقصير ووادي المجاوزة والتعدي‪.‬‬ ‫وادي َي ِ ْ‬ ‫ال َ‬
‫دا الثابت على الصراط المسسستقيم‬ ‫والقليل منهم ج ّ‬
‫الذي كان عليه النبي ‪ ‬وأصحابه‪.‬‬
‫صَر بهم عن واجبات الطهارة‪.‬‬ ‫مق ّ‬ ‫فقو ٌ‬
‫مجاوزة الحد بالوسواس‪.‬‬ ‫م تجاوز بهم إلى ُ‬ ‫وقو ٌ‬
‫صَر بهم عن إخراج الواجب من المال‪.‬‬ ‫مق ّ‬ ‫وقو ٌ‬
‫م تجاوَز بهم حتى أخرجوا جميع ما بأيديهم‪.‬‬ ‫وقو ٌ‬
‫ن إليسه‬ ‫جو َ‬ ‫صر بهم حتى عن تنساول مسا يحتسا ُ‬ ‫مق ّ‬ ‫وقو ٌ‬
‫دانهم‬ ‫من الطعام والشراب واللباس حتى أضسسروا بأْبسس َ‬ ‫ِ‬
‫وُقلوبهم‪.‬‬
‫م تجاوَز بهم حتى أخذوا فوق الحاجسسة فأضسسروا‬ ‫وقو ٌ‬
‫بقلوبهم وأبدانهم‪.‬‬
‫‪361‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫صَر بقوم في حق النبياء وورثتهم حتى قتلوهم‪.‬‬ ‫وق ّ‬
‫دوهم‪.‬‬‫وتجاوز بآخرين حتى عب ُ‬
‫هم فسسي‬ ‫خل ْط َةِ الناس حتى اعسستزُلو ُ‬ ‫صَر بقوم في ُ‬ ‫وق ّ‬
‫الطاعات كالجمعة والجماعات والجهاد وتعّلم العِْلم‪.‬‬
‫وتجاوز بقوم حتى خالطوهم في الظلم والمعاصي‬
‫والثام‪.‬‬
‫ة‬
‫صسُفورٍ أو شسسا ٍ‬ ‫صَر بقوم حتى امتنُعوا من ذبح عُ ْ‬ ‫وق ّ‬
‫ه‪.‬‬
‫ليأكل ُ‬
‫هسسسم علسسسى السسسدماءِ‬ ‫وتجسسساوز بسسسآخرين حسسستى جرأ ُ‬
‫ة‪.‬‬‫م ِ‬
‫صو َ‬ ‫المعْ ُ‬
‫مسسن الشسستغال بسسالعلم‬ ‫ص سَر بقسسوم حسستى من َعَهُسسم ِ‬ ‫وق ّ‬
‫النافع‪.‬‬
‫حد َهُ هُوَ غسسايُتهم‬ ‫مو ْ‬‫ن حتى جَعلوا العِل ْ َ‬ ‫وتجاوَز بآخري ْ َ‬
‫ن الَعم َ‬
‫ل به‪.‬‬ ‫دو َ‬
‫ُ‬
‫ت‬
‫مسسن الُعشسسب ونب َسسا ِ‬ ‫صسَر بقسسوم ٍ حسستى أطعمهسسم ِ‬ ‫وق ّ‬
‫ذاِء بني آدم‪.‬‬ ‫نغ َ‬‫البرية دو َ‬
‫ص‪.‬‬
‫م الخال َ‬ ‫وتجاوَز بآخرين حتى أطعمهم الحرا َ‬
‫سنة النبي ‪ ‬مسسن‬ ‫صَر بقوم حتى زين لهم ترك ّ‬ ‫وق ّ‬
‫النكاح فرغبوا عنه بالكلية‪.‬‬
‫وتجاوز بآخرين حسستى ارتكبسسوا مسسا وصسسلوا إليسسه مسسن‬
‫الحرام‪.‬‬
‫دين‬ ‫صَر بقوم حسستى جفسسوا الشسسيوخ مسسن أهسسل الس ِ‬ ‫وق ّ‬
‫والصلح وأعرضوا عنهم ولم يقوموا بحقهم‪.‬‬
‫وتجاوز بآخرين حتى عبدوهم مع الله‪.‬‬
‫صَر بقوم حتى منعهم قبول أقوال أهل العلم‪.‬‬ ‫وق ّ‬
‫وتجسساوز بسسآخرين حسستى جعلسسوا الحلل مسسا حل ُّلسسوه‬
‫سنة رسول‬ ‫والحرام ما حرموه‪ ،‬وقدموا أقوالهم على ّ‬
‫الله ‪ ‬الصحيحة الصريحة‪.‬‬
‫وعد سس رحمسسه اللسسه سس أشسسياء كسسثيرة يطسسول ذكرهسسا‬
‫اقتصرنا على ذكر بعضها‪.‬‬

‫‪362‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫الرابعة‪ :‬معاملة الدنيا والضابط لذلك أن كل ما ل‬
‫نفع فيسه فسسي الخسسرة فهسسو دنيسسوي ومسسا فيسسه نفسسع فسسي‬
‫الخرة فأخروي‪.‬‬
‫ومعاملة الدنيا أن يعرف النسان أن ل راحسسة فيهسسا‬
‫فل يطلبها ول يتعلق قلبسسه بسسالتنعم والسسترفه والرياسسسة‬
‫فيها وليس له منها كفاية‪.‬‬
‫فليطلب منها مسسا يطلسسب المسسسافر وهسسو مسسا يبلغسسه‬
‫ب‬ ‫ب الجسسل وترقُس ِ‬ ‫منزلسسه ول يتسسم إل بالبنسساء علسسى قُسْر ِ‬
‫هادم اللذات‪ ،‬فإنه من أطال المل أساَء العمل‪.‬‬
‫م‬‫حط َسسسا ُ‬ ‫ه وَ ُ‬‫ج إّل غُسسسُروٌْر ك ُل ّسسس ُ‬ ‫ف السسدنيا وُزب ْسُر ُ‬ ‫خ سُر ُ‬‫مسسا ُز ْ‬
‫ضسسسى‬ ‫م َ‬‫مسسسا َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ضسسسي َ ّ‬‫م ِ‬‫أهْل َِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ول َت َ ْ‬
‫م‬
‫وا ُ‬ ‫وا الْقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ضسسسس ْ‬ ‫م َ‬ ‫وام ٍ َ‬‫ب أقْسسسس َ‬ ‫وَلسسسسُر ّ‬
‫ب‬ ‫مسسن الت ُسسرا ِ‬ ‫م أمسى عليسسه ِ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسب ِي ْل ِهِ ْ‬ ‫لِ َ‬
‫م‬‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬ ‫ة ُر َ‬ ‫مهَسد َ ٍ‬ ‫م َ‬
‫ش ُ‬ ‫ب ِذي فسسر ٍ‬ ‫ول َسُر ّ‬
‫م‬ ‫ب بالمنى وت َن َسسا ُ‬ ‫وا وت َل ْعَ ُ‬‫ه ت َل ْهُ ْ‬ ‫َلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ن‬ ‫ل والُعيسسو ُ‬ ‫مسس ُ‬‫ت ي َعْ َ‬
‫والمسسو ُ‬
‫م‬ ‫قَرِْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرةٌ وعلى الَفَناِء ت ُسسدي ُْرهُ الي َسسا ُ‬
‫م‬
‫ه الوْهَسسا ُ‬ ‫كا ت ََقط ّعُ د ُوْن َس ُ‬ ‫مل ِ ً‬‫ل َيسسد ُوُْر علسسى الب ََقسساِء َ‬ ‫كسس ٌ‬‫ُ‬
‫م‬ ‫واهُ د ََوا ُ‬ ‫س َ‬
‫ما ِ‬ ‫دا وليس ل َ‬ ‫مل ً أب ً‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسؤ ِ‬ ‫ُ‬
‫م‬‫ب لسس ْ‬ ‫َ‬ ‫ت َر ٌ‬‫م الملكو ُ‬ ‫دائ ِ ُ‬
‫وال ّ‬
‫ل‬ ‫َيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَز ْ‬
‫م‬ ‫دائ ِ ٌ‬‫فالحمد ُ لله الذي هُوَ َ‬

‫الخامسة‪ :‬معاملسسة الخلسسق‪ ،‬وقسسد عظمسست البلسسوى‬


‫بهم‪ ،‬فسسإن لهسسم حقوقًسسا‪ ،‬ومنهسسم وبسسسببهم تنشسسأ أكسسثر‬
‫الشرور‪ ،‬فليقم بحقسسوقهم ويتسسسامح عسسن حقسسوقه مسسا‬
‫أمكن‪.‬‬
‫وليبتعد عنهم ما أمكن إن صلحت لسسه العزلسسة‪ ،‬وإن‬
‫لم تصلح فليجالس من فيه خير وصلح‪.‬‬
‫فجليس الخير خير من الوحدة‪ ،‬والوحدة خيسسر مسسن‬
‫جليس السوء‪.‬‬
‫‪363‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ويحب لخوانه المسلمين ما يحب لنفسه‪.‬‬
‫ويكره لهم ما يكره لنفسه وتكون محبته فسسي اللسسه‬
‫ومولته ومعاداته كذلك‪.‬‬
‫ويأمر بالمعروف وينهى عسسن المنكسسر بقسسدر طسساقته‬
‫ويملك نفسه عند الشهوة والغضب‪.‬‬
‫ول يعجسسل فسسي شسسيء مسسن المسسور فيخطسسي إل مسسا‬
‫يستحسن فيه المبادرة ول يتوانى فتبطل‪.‬‬
‫ول يداهن على المعصية ول يخل بالمداراة الجائزة‬
‫عند خوف الضرر‪.‬‬
‫وليحسن الظن بهم ما أمكنه وينظر إلى من فسوقه‬
‫في الدين فيقتدي به‪.‬‬
‫وينظسسر إلسسى مسسن دونسسه فسسي السسدنيا فيسسأمن الزدراء‬
‫والحتقار ِلنعم الله عليه‪,.‬‬
‫ويكثر من حمد الله وشكره علسسى أن فضسسله علسسى‬
‫غيره‪.‬‬
‫وبالجملة فما عرف رشده اتبعه‪ ،‬وما عسسرف قبحسسه‬
‫اجتنبه‪ ،‬وما أشكل عليه والتبسسس توقسسف فيسسه واجتهسسد‬
‫في معرفته‪ ،‬وسأل الله تعالى أن يدله علسسى مسسا فيسسه‬
‫الخير والصلح‪.‬‬
‫عة‬‫و َ‬‫من ّ‬‫فوائد وقصص ومواعظ ُ‬
‫قال بعضهم‪ :‬ما زاولت شسسيًئا أيسسسر مسسن السسورع إذا‬
‫رابني شيء تركُته‪.‬‬
‫أوصى أنس بن مالك أن يغسله محمد بن سيرين‪،‬‬
‫فلما مات أنس قيسل لمحمسد بسن سسيرين‪ ،‬فقسال‪ :‬أنسا‬
‫محبوس في السجن‪ ،‬قالوا‪ :‬استأذنا المير فأذن لسسك‪،‬‬
‫ي‬
‫قال‪ :‬إن المير لم يحبسني إنما حبسني الذي له عل ّ‬
‫الحق‪.‬‬
‫عن إبراهيم عن علقمة قال‪ :‬خرجنا ومعنا مسروق‬
‫عتبة ومعضد غازين فلما بلغنا ماء سسسندان‬ ‫ن ُ‬
‫وعمرو ب ُ‬
‫وأميرها عتبة بن فْرَقد‪ ،‬قال لنا ابنه عمسسرو بسسن عُت ْب َسسة‪:‬‬
‫ه يظلسسم فيسسه‬ ‫ن نزلتم عليه صنع لكم ن ُسسزل ً ولعل س ُ‬‫إنكم إ ْ‬
‫‪364‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ل هذه الشجرة فأكلنا‬ ‫دا ولكن إن شئتم قل َْنا في ظ ِ ّ‬ ‫أح ً‬
‫خبز يابس( ثم رجعنا ففعلنا‪.‬‬ ‫سر ُ‬ ‫كسَرنا )أي ك ِ َ‬
‫عن الحسسسن قسسال‪ :‬كسسان عطسساء سسسلمان الفارسسسي‬
‫خمسة آلف وكان أميًرا علسسى ُزهسساء ثلثيسسن ألًفسسا مسسن‬
‫المسلمين وكان يخطسسب النسساس فسسي عبسساءةٍ يفسسترش‬
‫بعضها ويلبس بعضها‪ ،‬فإذا خسسرج عطسساؤه أمضسساه )أي‬
‫شْغل يدْيه‪ .‬لله دره مسسن رقسسم )‬ ‫من ُ‬ ‫تصدق به( ويأكل ِ‬
‫‪ (1‬في الورع والزهد‪.‬‬
‫عن وهب بن كيسان قال‪ :‬مر رجل برجسسل يتصسسدق‬
‫على المساكين‪ ،‬فقال أبو همام‪ :‬شريك درهم أصسسيُبه‬
‫ب إلى من صسسدقة هسسؤلء مسسائة‬ ‫بكدٍ يعرقُ به جبيني أح ُ‬
‫ألف ومائة ألف‪.‬‬
‫سسسوًقا‬ ‫قيسسل لبسسي عبسسدالله‪ :‬مسسا تقسسول فيمسسن بنسسى ُ‬
‫صسًبا ليكسسون السسبيعُ والشسسراء بهسسا‬ ‫وحشر الناس إليهسسا غ ْ‬
‫ترى أن يشتري منها‪ ،‬فقال‪ :‬يجد ُ موضًعا غيسسره وكسسره‬
‫هسسم علسسى‬ ‫الشراء منها‪ ،‬تأمل يا أخي هذا الورع لله دّر ُ‬
‫هذا التدقيق ما أكثر هذه المواضع المشتبهة‪.‬‬
‫ل‬‫ش والجسسسس ُ‬ ‫م سْرِء فسسي د ُن ْي َسساهُ فسسسسي العَْيسسسس ِ‬ ‫ت ل ِل ْ َ‬ ‫جب ْس ُ‬ ‫عَ ِ‬
‫ه المحُتسسسسسسسوم ي َْقط َُعسسسسسسس ُ‬
‫ه‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ت ُط ْعِ ُ‬
‫ل‬ ‫صسسْيرة والمسسا ُ‬ ‫مسسى الب َ ِ‬ ‫شواء أعْ َ‬ ‫ح في عَ ْ‬ ‫صب ِ ُ‬‫سي وي ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫ه‬ ‫خسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد َعُ ُ‬ ‫خب ِط َُهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ت َ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫ت‬ ‫ن المسسسو َ‬ ‫نإ ّ‬ ‫سسسسُروًْرا وَقسسسد ْ ت َي َّقسسس َ‬ ‫م ْ‬ ‫ي َغَْتسسسّر بالسسسد ُن َْيا َ‬
‫ه‬‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرعُ ُ‬ ‫حِبتَها ي َ ْ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫ِ ُ‬
‫ه‬
‫مع ُ ُ‬ ‫ج َ‬‫صسسا ل وقَد ْ د ََرى أنه ل ِل ْغَي ْرِ ي َ ْ‬ ‫حْر ً‬ ‫مسسعُ المسسال ِ‬ ‫ج َ‬ ‫وي َ ْ‬
‫ه‬‫ي َُفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسارِقُ ُ‬
‫ن‬ ‫مسسن دِْيسس َ‬ ‫شسسَفقُ ِ‬ ‫س يَ ْ‬ ‫ض سي ِي ِْع وليسس َ‬ ‫ن تَ ْ‬‫مس ْ‬ ‫ش سَفقُ ِ‬ ‫ت َسَراهُ ي َ ْ‬
‫ه‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسيعُ ُ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ ي ُ َ‬ ‫دِْرهَ ِ‬
‫ما ليس‬ ‫مَر في َ‬ ‫ن أن َْفقَ العُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫س َتسسسد ْب ِي ًْرا َ‬ ‫وأ النسسسا ِ‬ ‫سسسس َ‬ ‫وأ ْ‬
‫ه‬ ‫ل َِعاقَِبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةٍ ي َن َْفُعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬

‫‪365‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫واللسه أعلسم‪ ،‬وصسسل اللسه علسى محمسد وعلسسى آلسه‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫ذكر نموذج من أكاذيب القصاص للتحذير‬
‫ذكر ابن الجوزي في كتاب »الموضسسوعات«‪ ،‬قسسال‪:‬‬
‫صسسلى المسسام أحمسسد ويحيسسى بسسن معيسسن فسسي مسسسجد‬
‫ص‪ ،‬فقال‪ :‬حسسدثنا أحمسسد‬ ‫الرصافة‪ ،‬فقام بين أيديهم قا ّ‬
‫ن معين قال‪ :‬حدثنا عبسسدالرزاق عسسن‬ ‫بن حنبل ويحيى ب ُ‬
‫معمر‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن أنس قال‪ :‬قال رسول الله ‪:‬‬
‫»من قال ل إله إل الله خلق الله من كسسل كلمسسة منهسسا‬
‫طيًرا منقاره من ذهب وريشه من مرجان وأخسسذ فسسي‬
‫وا من عشرين ورقة«‪.‬‬ ‫قصه نح ً‬
‫فجعل أحمد بن حنبل ينظر إلسسى يحيسسى بسسن معيسسن‪،‬‬
‫ه بهسسذا؟‬ ‫ويحيى ينظر إلى أحمد‪ ،‬فقال لسسه‪ :‬أنسست حسد ّث ْت َ ُ‬
‫مسسا‬
‫فقال‪ :‬والله ما سسسمعت بهسسذا إل هسسذه السسساعة‪ ،‬فل ّ‬
‫فرغ من قصصه‪ ،‬قال له يحيى بن معين بيسسده‪ :‬تعسسال‪،‬‬
‫ن أنه ُيعطيه شيًئا(‪ ،‬فقسسال‬ ‫ما لنوال )أي يظ ُ‬ ‫متوّهِ ً‬
‫فجاء ُ‬
‫له يحيى بن معين‪ :‬من حسد َّثك بهسسذا الحسسديث؟ فقسسال‪:‬‬
‫أحمد بن حنبل ويحيى بن معين‪ ،‬فقال‪ :‬أنسسا يحيسسى بسسن‬
‫معين‪ ،‬وهذا أحمد بن حنبل‪ ،‬ما سمعنا بهسسذا قسسط فسسي‬
‫حديث رسول الله ‪ ،‬فإن كسان لب ُسد ّ والكسسذب فعلسسى‬
‫غيرنا‪.‬‬
‫فقال له‪ :‬أنت يحيى بن معين‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬لسسم‬
‫ن يحيى بسسن معيسسن أحمسسق مسسا تحققت ُسسه إل‬ ‫ل أسمعْ أ ّ‬ ‫أز ْ‬
‫الساعة‪ ،‬فقال يحيى‪ :‬كيف علمت أني أحمق؟‬
‫قال‪ :‬كأن ليس في الدنيا يحيسسى بسسن معيسسن وأحمسسد‬
‫ت عن سبعة عشر أحمد بسسن‬ ‫بن حنبل غيركما‪ ،‬قد كتب ُ‬
‫حنبل ويحيى بن معين‪.‬‬
‫ه علسى وجهسه‪ ،‬وقسال‪ :‬دعسه يُقسوم‪،‬‬ ‫م ُ‬
‫فوضع أحمد ك ّ‬
‫مستهزئ بهما‪.‬‬ ‫فقام كال ُ‬
‫طوشسسي لمسسا دخسسل‬ ‫طر ُ‬‫وفسسي الحسسوادث والبسسدع لل ُ‬
‫ص‬
‫سليمان بن مهران العمش البصرة نظسسر إلسسى قسسا ّ‬
‫‪366‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ص في المسجد‪ ،‬فقسسال‪ :‬حسسدثنا العمسسش عسسن أبسسي‬ ‫يق ّ‬
‫ش الحلقة وجعل‬ ‫سط العم ُ‬ ‫إسحاق عن أبي وائل فتو ّ‬
‫ص‪ :‬يسسا شسسيخ‪ ،‬أل‬‫ه‪ ،‬فقسسال لسسه القسسا ّ‬ ‫ف شسسعَر إب ْط ِس ِ‬
‫ينتسس ُ‬
‫ل مثل هذا؟‬ ‫ن في علم ٍ وأنت تفع ُ‬ ‫تستحي نح ُ‬
‫فقال العمش‪ :‬الذي أنا فيسسه خيسسر مسسن السسذي أنسست‬
‫فيه‪.‬‬
‫ب‪،‬‬
‫ت فسسي كسسذ ٍ‬ ‫سن ّةٍ وأن س َ‬
‫قال‪ :‬كيف؟ قال‪ :‬لني في ُ‬
‫ك مما تقول شيًئا‪.‬‬ ‫ش وما حدثت ُ َ‬ ‫أنا العم ُ‬
‫موعظة‬
‫ة‬
‫ح بالمعصسسي ِ‬ ‫قال ابن القيم س س رحمسسه اللسسه سسس‪ :‬الفسسر ُ‬
‫ل على شدةِ الرغْب َةِ فيها والجهل بقدر من عصسساه‪،‬‬ ‫دلي ٌ‬
‫وهو الله جل جلله‪.‬‬
‫طرها‪.‬‬ ‫ثانًيا‪ :‬الجهل بسوء عاقبتها وعظم خ َ‬
‫حسه بهسسا أشسد‬ ‫ه بها غطى عليه ذلسك كّلسه وفر ُ‬ ‫ح ُ‬
‫ففر ُ‬
‫مواقعتها‪.‬‬ ‫ضرًرا عليه من ُ‬
‫ل بهسسا‬ ‫دا ول يكم س ُ‬ ‫والمؤمن ل تتم له لذةٌ بمعصية أب س ً‬
‫ه‪.‬‬‫ن مخالط لقلب ِ ِ‬ ‫حْز ُ‬ ‫ه‪ ،‬بل ل ُيباشُرها إل وال ُ‬ ‫ح ُ‬‫فر ُ‬
‫ه عن الشسسعور بسسه ومسستى‬ ‫سك ُْر الشهوة يحجب ُ ُ‬ ‫ولكن ُ‬
‫حْزن واشسستدت غبطتسسه وسسسروُْرهُ‬ ‫خلي قلبه من هذا ال ُ‬
‫ت قلبه‪ ،‬فإنه لو كان حي ًسسا‬ ‫ك على موْ ِ‬ ‫ه وليب ِ‬ ‫فليتهم إيمان ُ‬
‫س‬‫ب عليسسه ول ُيحس ّ‬ ‫صع ُ َ‬‫هو َ‬ ‫ض ُ‬‫ب الذْنب وغا َ‬ ‫ه ارتكا ُ‬ ‫لحزن َ ُ‬
‫جسْرح بمي ّسست‬ ‫س بسسه فمسسا ل ُ‬ ‫حس ّ‬ ‫ث لسسم ي ُ‬‫ب بذلك فحيس ُ‬ ‫القل ُ‬
‫إيلم‪.‬‬
‫ن يهتدي إليها أو يتن ُّبه‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫وهذه النكتة في الذنب ق ّ‬
‫مترام إلسى الهلك إن لسم‬ ‫دا ُ‬ ‫فج ً‬ ‫خو ٌ‬ ‫لها وهي موضعٌ م ُ‬
‫يتدرك بثلثة أشسسياء‪ :‬خسسوف مسسن الموافسساةً عليسسه قبسسل‬
‫مخسسالفته أمسسره‪،‬‬ ‫التوبة‪ ،‬وندم ٍ على ما فسساته مسسن اللسسه ب ُ‬
‫وتشمير للجد في استدراكه‪.‬‬

‫‪367‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ي فسسسي َرب ِْعسسسهِ‬ ‫ب لسسس ْ‬ ‫مسسسآر ُ‬ ‫ي‬ ‫صسساب ْ‬ ‫ت الت ّ َ‬ ‫عسس ُ‬‫ي ود ّ ْ‬ ‫خليلسس ّ‬
‫ف‬ ‫واِقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫ت‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫وقَوّ َ‬
‫ت ولكني علسسى الليسسل‬ ‫فَِفئ ْ ُ‬ ‫ب فسسي‬ ‫شسسي ْ ِ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫صسسب ْ ُ‬
‫ن ُ‬ ‫وأذ ّ َ‬
‫ف‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫آ ِ‬ ‫ي‬‫ل َْيسسسسسسسسسسسل لمّتسسسسسسسسسسس ْ‬
‫طسسسسويٌ عليسسسسه‬ ‫م ْ‬ ‫وآخسسسسُر َ‬ ‫سّر ب ُِقْرب ِهِ‬ ‫ن كّنا ن ُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫وَباعَد َ َ‬
‫ف‬
‫اللَفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ِ ُ‬ ‫خ‬ ‫ت وشسسسْر ُ‬ ‫ل وأوقسسسا ٌ‬ ‫جسسسا ٌ‬ ‫رِ َ‬
‫ب‬ ‫حبي ْ ِ‬ ‫ن بسسال َ‬‫مسسا ٌ‬ ‫ضسسوا وَز َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسبيبةٍ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ع ُ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫جةٍ قَد ْ‬ ‫مه ْ َ‬‫شا في ُ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫فَُق ْ‬
‫مسسسا أنسسسا‬ ‫موْت ُسسسوْرٍ ب َ‬ ‫بلوْعَسسسة َ‬ ‫ت‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ّعَ ُ‬ ‫ت َ‬
‫ف‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن عَسّز‬ ‫حي ْس َ‬ ‫مْيريْ ِ‬ ‫سس ِ‬ ‫ت َ‬ ‫جعَل ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫مل َت َْهسسسا الُقسسسُروْ ُ‬ ‫د ََفسسسات َِر أ ْ‬ ‫مري‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ف‬‫وال ِ ُ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ال ّ‬ ‫ر‬
‫حْبسس ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫كسس ّ‬ ‫فَطسسوًرا أنسساجي ُ‬ ‫َ‬
‫عسساهُ‬ ‫ت دُ َ‬‫عسسا لّبسس ْ‬ ‫إذا مسسا د َ َ‬ ‫ق‬ ‫وفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫مَعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسارِ ُ‬ ‫ال َ‬

‫مجالسسسة العسسارف الزاهسسد تسسدعو مسسن سسست إلسسى‬


‫ست‪:‬‬
‫من الشك إلى اليقين‪.‬‬
‫ومن الرياء إلى الخلص‪.‬‬
‫ومن الغفلة إلى الذكر‪.‬‬
‫ومن الرغبة في الدنيا إلى الرغبة في الخرة‪.‬‬
‫ومن الكبر إلى التواضع‪.‬‬
‫ومن سوء الطوية إلى النصيحة‪.‬‬
‫الفضسسل فسسي أوقسسات السسسحر الشسستغال بقسسراءة‬
‫القرآن والصلة والستغفار‪.‬‬
‫وفي وقت الذان إجابة المؤذن والدعاء‪.‬‬
‫وفي وقت الصلوات الخمس الستعداد لهسسا والجسسد‬
‫والجتهاد والحسسرص علسسى طسسرد الفكسسار الصسسادة عسسن‬
‫تأمل معاني اليات والتسبيح‪.‬‬

‫‪368‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫والنصح في إيقاعها على أكمل الوجوه‪ ،‬والمبسسادرة‬
‫ن‬
‫إلى تأديتها في أول وقتها والخسسروج إلسسى الجسسامع وإ ْ‬
‫طا‪.‬‬‫خ َ‬ ‫ب َعُد َ كان أفضل لكثرة ال ُ‬
‫والفضسسسل فسسسي أوقسسسات ضسسسرورة المحتسسساج إلسسسى‬
‫ل‬ ‫المسسسساعدة بالمسسسال أو الجسسساه أو البسسسدن‪ ،‬الشسسستغا ُ‬
‫بمساعدته وإغاثته‪.‬‬
‫والفضل في وقسست قسسراءة الُقسسرآن الحسسرص علسسى‬
‫ن الله يخاطبه به‪ ،‬ويعسسزم علسسى‬ ‫تدبره وتفهمه حتى كأ ّ‬
‫تنفيذ أوامره واجتناب نواهيه‪.‬‬
‫و الفضل في عشسسر ذو الحجسسة الجتهسساد والحسسرص‬
‫على الكثار من العمال الصسسالحة والسسدعاء والتضسسرع‬
‫والكثار من قراءة القرآن وذكر الله‪.‬‬
‫والفضل في الوقوف بعرفة الجتهسساد فسسي السسدعاء‬
‫والتضرع والكثار من قول ل إله إل الله‪.‬‬
‫والفضسسل فسسي العشسسر الخيسسر مسسن رمضسسان لسسزوم‬
‫المساجد والخلوة والعتكاف وتلوة القرآن‪.‬‬
‫والكثسسار مسسن الباقيسسات الصسسالحات والحسسرص علسسى‬
‫إخسسراج الزكسساة فسسي هسسذا الشسسهر المبسسارك وإفطسسار‬
‫الصوام‪.‬‬
‫والفضل في وقت مرض أخيسسك المسسسلم أو مسسوته‬
‫عيادته وحضور جنسسازته وتشسسييعه‪ ،‬وتقسسديم ذلسسك علسسى‬
‫خلواتك وجمعيتك‪.‬‬
‫والفضل في وقت نزول النسسوازل وأذاة النسساس لسه‬
‫أداء واجب الصبر مع خلطتك بهم دون الهرب منهم‪.‬‬
‫فإن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم‬
‫أفضل من الذي ل يخالطهم ول يؤذونه‪.‬‬
‫والفضسسل خلطتهسسم فسسي الخيسسر فهسسي خيسسر مسسن‬
‫اعتزاِلهم فيه‪ ،‬واعتزالهم في الشر أفضل‪ ،‬فسسإن علسسم‬
‫ل‬‫ه فخلطتهسسم حينئذ أفضسس ُ‬ ‫ه أو قل ّل َ ُ‬‫أنه إذا خالطهم أزال ُ‬
‫من اعتَزاِلهم‪.‬‬

‫‪369‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت‪ :‬وفسسي زمننسسا هسسذا تترجسسح العزلسسة لُفشسسو‬ ‫قلسس ُ‬
‫المنكرات وكثرتها‪ ،‬وموت الغيرة الدينيسسة عنسسد الكسسثير‬
‫هذا فيما يترجسسح عنسسدي‪ ،‬واللسسه أعلسسم؛ لنسسه كمسسا قسسال‬
‫العلمسساء‪ :‬مسسن اتصسسل الخلسسق ولسسم يخسسالقهم بسسأخلقهم‬
‫ب‬ ‫ب دينهم فيه‪ ،‬ويذه ُ‬ ‫مقتوهُ واستث َْقُلوهُ واغَتاُبوه ويذه ُ‬
‫ة الط ّب ْسسع مسسن‬‫مسسسارق ُ‬ ‫دنياه في النتقسسام منهسسم و ُ‬ ‫ديُنه و ُ‬
‫ه الُعقلء‬ ‫دفين قلما ينتبسسه لسس ُ‬ ‫هو داُء َ‬ ‫ة‪ ،‬و ُ‬‫أخلِقهم الّردِْيئ ِ‬
‫فضل ً عن الغافلين‪.‬‬
‫ن فاس سًقا مسسدة مسسع‬ ‫ل أن ُيجالس النسا ُ‬ ‫وذلك أنه ق ّ‬
‫منكًرا عليه في باطنه إل ولو قسساس نفسسسه إلسسى‬ ‫كونه ُ‬
‫ما قبل مجالسته لوجد فرًقا في الُنفور عسسن الفسسساد؛‬
‫مباشسسرة هي ّن ًسسا علسسى الطبسسع‬ ‫لن الفساد يصير بكسسثرة ال ُ‬
‫ه‪.‬‬
‫م ُ‬
‫ه واستعظا ُ‬ ‫ويسقط وقعُ ُ‬
‫مسسد ّةُ النسسسان إذا لحسسظ أحسسوال‬ ‫ومهمسسا طسسالت ُ‬
‫السلف فسسي الزهسسد والتعبسسد احتقسسر نفسسسه واستصسسغر‬
‫عبادته‪.‬‬
‫فيكون ذلك داعية إلسسى التشسسمير والج سد ّ والجتهسسادِ‬
‫في الطاعات والبتعادِ عن المنكرات‪.‬‬
‫سقوط وقع الشيء بسسسبب تكسسرره‬ ‫ل على ُ‬ ‫ومما يد ُ ُ‬
‫ما قسسد أفطسسر‬ ‫ومشاهدته أن أكثر الناس إذا رأوا مسسسل ً‬
‫في رمضان استعظموا ذلك حتى يكاد ُ أن ُيفضي إلسسى‬
‫اعتقادهم فيه الكفَر‪.‬‬
‫وقد يشاهدون مسسن ي ُسسؤخر الصسسلة عسسن أوقاتهسسا فل‬
‫ينفرون عنه نفورهم عن تأخير الصوم ول سبب لذلك‬
‫ن الصلة تتكرر والتساهل فيها يكثر‪.‬‬ ‫إل أ ّ‬
‫ما مسسن‬ ‫وكذلك لو لبس الفقيه ثوًبا من حرير أو خات ً‬
‫شت َد ّ إنكار الناس لذلك‪.‬‬ ‫ذهب ل ْ‬
‫ة‬
‫ن ذلك والغيبسس ُ‬ ‫ب فل يستعظمو َ‬ ‫وقد يشاهدونه يغتا ُ‬
‫س الحرير‪.‬‬ ‫أشد ُ من لب ِ‬
‫ط‬‫مغْت َسسابين سسسق َ‬ ‫مشسساهدةُ ال ُ‬ ‫ولكن لكثرة سسسماعها و ُ‬
‫عن القلوب وقُعها‪.‬‬
‫‪370‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫سسسا ي َُعسسد ّ ول‬
‫م َيسسَرهُ ُبؤ ً‬‫فََلسس ْ‬ ‫ن‬‫س ست ََها َ‬‫ف الشسسيُء ا ْ‬ ‫إذا أل ِس َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ن ُعْ َ‬ ‫ب ِسسسسسسسسسسسسهِ الَفت َسسسسسسسسسسسسى‬
‫ق عَسذ ًْبا ل ُيحس ّ‬
‫س‬ ‫من الرِي ْس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫مسسسسر ِ‬ ‫مسسسسن عُ ْ‬‫كإنفسسسساقِهِ ِ‬
‫مسسسسسسسسسسسسا‬ ‫َ‬
‫لسسسسسسسسسسسسه طعْ َ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساِغهِ‬ ‫م َ‬‫وَ َ‬

‫فالحذر الحذر من التصسسال بالنسساس ومجالسسستهم‬


‫ك في الخرة‪ ،‬فإنك ل تكاد ُ ترى منهسسم إل‬ ‫إل فيما ينفع َ‬
‫ما يزيسسد فسسي حرصسسك علسسى السسدنيا وفسسي غفلتسسك عسسن‬
‫الخرة‪ ،‬وتهون عليك المعاصسسي وتضسسعف رغبت ُسسك فسسي‬
‫ت‬‫الطاعات؛ لن مخالطة الكثير اليوم ضرر وإن وجسد ْ َ‬
‫سا يذكرون الله فل تفارقهم‪.‬‬ ‫أنا ً‬
‫ل‬
‫مسسن قِي ْس ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫س ي ُِفْيسسد ُ سسسوى الهَ س َ‬
‫ذيا ِ‬ ‫س ليسس َ‬ ‫ل َِقسساُء النسسا ِ‬
‫ل‬‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ًْئا وَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫حسسا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ْ‬ ‫فأقْل ِ ْ‬
‫خذِ العِلم أوْ إصل ِ‬ ‫س إل ل ْ‬ ‫ن لقاِء النا ِ‬ ‫م ْ‬‫ل ِ‬

‫ت القلسسب‬ ‫مْفسسسدا ُ‬‫قال ابن القيم س رحمسسه اللسسه سسس‪ُ :‬‬


‫ع‪،‬‬ ‫ي‪ ،‬والت ّعَل ُقُ غير اللسسه‪ ،‬وال ّ‬
‫شسسب ُ‬ ‫من ْ‬‫ة والت ّ ِ‬‫خل ْط َ ُ‬‫ة‪ :‬ال ُ‬
‫خمس ٌ‬
‫م‪.‬‬‫والّنو ُ‬
‫خلطةِ أن يخسسالط النسساس‬ ‫ط النافعُ في أمر ال ُ‬ ‫والضاب ُ‬
‫ة‪ ،‬والجماعسسة‪ ،‬والعيسساد‪ ،‬والحسسج‪،‬‬ ‫مع َ س ِ‬‫ج ُ‬
‫فسسي الخيسسر‪ ،‬كال ُ‬
‫وتعلم العلم‪ ،‬والجهاد‪ ،‬والنصيحة‪ ،‬ويعتزُلهم ي الشر‪.‬‬
‫قلسست‪ :‬ومسسن الشسسر مجسسامع الكسسورة‪ ،‬والتلفزيسسون‪،‬‬
‫والفيسسديو‪ ،‬والتمثيليسسات‪ ،‬واللعسسب بسسالورق‪ ،‬ومجسسالس‬
‫شرب الخمر‪ ،‬والدخان‪ ،‬والحفلت التي تحتسسوي علسسى‬
‫التصوير‪ ،‬والسراف‪ ،‬والختلط بالنساء الجانب‪.‬‬
‫قال –رحمه الله تعالى‪ :-‬وفضسسول المباحسسات‪ ،‬فسسإذا‬
‫ة إلسسى خلطتهسسم فسسي الشسسر ولسسم يمكنسسه‬ ‫دعسست الحاجس ُ‬
‫اعتزالهم‪.‬‬
‫فالحذر الحسسذر أن يسسوافقهم‪ ،‬وليصسسبر علسسى أذاهسسم‪،‬‬
‫فإنهم لب ُد ّ أن يؤذوه إن لم يكن له قوة ول ناصر‪.‬‬

‫‪371‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ة له وتعظيم وثنسساء عليسسه‬ ‫عٌز ومحب ٌ‬ ‫ه ِ‬ ‫ولكن أذى َيعِقب ُ ُ‬
‫منهم‪ ،‬ومسسن المسسؤمنين‪ ،‬ومسسن رب العسسالمين‪ ،‬فالصسسبر‬
‫على أذاهم خير وأحسن عاقبة وأحمد مآ ً‬
‫ل‪.‬‬
‫خلطتهسسم فسسي فضسسول‬ ‫ة إلسسى ُ‬ ‫وإن دعسست الحاجسس ُ‬
‫المباحات‪ ،‬فليجتهد أن يقلب ذلك المجلس طاعة للسسه‬
‫جعُ نفسه وُيقوي قلبه‪.‬‬ ‫إن أمكنه‪ ،‬وُيش ّ‬
‫ول يلتفت إلسسى السسوارد الشسسيطان القسساطع لسسه عسسن‬
‫ذلك‪ ،‬بأن هسذا ريساء‪ ،‬ومحبسسة لظهسار علمسك‪ ،‬وحاِلسك‪،‬‬
‫ونحو ذلك‪.‬‬
‫ن بالله‪ ،‬وُيؤثر فيهم من الخير مسسا‬ ‫ه وليستع ْ‬ ‫فلُيحارب ْ ُ‬
‫أمكنه‪.‬‬
‫ه مسسن‬ ‫ل قلب س ُ‬ ‫سس ّ‬‫فإن أعجزته المقاديُر عن ذلك‪ ،‬فلي ُ‬
‫مسسا يقظسسان‬ ‫دا نائ ً‬ ‫بينهم‪ ،‬وليكن فيهم حاض سًرا غائب ًسسا بعي س ً‬
‫هم‪ ،‬ويسمع كلمهم ول يعيه؛ لنه‬ ‫صر ُ‬ ‫ينظر إليهم ول ي ُب ْ ِ‬
‫ه مسسن بينهسسم وَرقسسى بسسه إلسسى المل العلسسى‬ ‫قد أخذ قلب ُ‬
‫ش مسسع الرواح العلوي ّسةِ الّزكيسسة ومسسا‬ ‫ل العسسر ِ‬ ‫ح حو َ‬ ‫ُيسب ُ‬
‫ه على النفوس وإنه ليسيٌر على من‬ ‫أصعب هذا وأشق ُ‬
‫سرهُ الله عليه‪.‬‬ ‫ي ّ‬
‫فسسبين العبسسد وبينسسه أن يصسسدق اللسسه تبسسارك وتعسسالى‬
‫حا ذلي ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫قي نفسه على بابه طري ً‬ ‫جاَء إليه وي ُل ْ ِ‬ ‫م الل َ‬‫وي ُدِي ْ َ‬
‫م‬‫ة السسذكر السسدائ ُ‬ ‫ة صسسادق ٌ‬ ‫ول ُيعين على هسسذا إل محبس ٌ‬
‫ت‪.‬‬‫مْفسدا ِ‬ ‫ب ال ُ‬‫بالقلب واللسان وتجن ّ ُ‬
‫ة‬
‫ل ُيرضسسي اللسسه فهسسو من ّس ٌ‬ ‫ة عم ٌ‬ ‫ل علم ٍ صحب ُ‬ ‫وقال‪ :‬ك ُ ُ‬
‫ة‪.‬‬
‫ج ٌ‬ ‫ح ّ‬ ‫وإل فهو ُ‬
‫ة صسسحبها تنفي سذ ٌ لمرضسسات‬ ‫وكل قوةٍ ظاهرة وباطن س ٌ‬
‫ة‪.‬‬
‫ج ٌ‬
‫ح ّ‬‫الله وأوامره‪ ،‬فهي مّنة وإل فهي ُ‬
‫ل ما اقترن به إنفاقٌ في سبيل اللسسه وطسساعته ل‬ ‫وك ُ‬
‫ة مسسن اللسسه وإل فهسسو‬ ‫لطلب الجزاء ول الشكر فهو من ّس ٌ‬
‫ة‪.‬‬
‫حج ٌ‬
‫ه اتصسسل بسسه‬ ‫وكل قبول في الناس وتعظيم ومحّبة ل ُ‬
‫ضوعٌ للسسرب وذل وانكسسسار ومعرفسسة بعيسسب النفسسس‬ ‫خ ُ‬ ‫ُ‬
‫‪372‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫والعمل‪ ،‬وبسسذل الّنصسسيحة للخلسسق فهسسو منسسة‪ ،‬وإل فهسسو‬
‫حجة‪,.‬‬
‫وكسسل بصسسيرة‪ ،‬وموعظسسة‪ ،‬وتسسذكير‪ ،‬وتعريسسف مسسن‬
‫تعريفات الحق إلى العبد اتصل بسه عسسبرة ومزيسد فسي‬
‫العقل ومعرفة في اليمان فهي منة‪ ،‬وإل فهي حجة‪.‬‬
‫وكل حال مع الله تعالى أو مقام اتصسسل بسسه السسسير‬
‫إلى الله‪ ،‬وإيثار مراده على مراد العبد فهسسو منسسة مسسن‬
‫الله‪.‬‬
‫وإن صحبه الوقوف عنده والرضا به وإيثار مقتضاه‬
‫من لذة النفس به وطمأنينتها إليه وركونهسسا إليسسه فهسسو‬
‫حجة من الله عليه‪.‬‬
‫فليتأمسسل العبسسد هسسذا الموضسسوع العظيسسم الخطيسسر‪،‬‬
‫حجج والِنعم‪.‬‬ ‫حن وال ُ‬‫م َ‬
‫مَنن وال ِ‬ ‫ويميز به مواقع ال ِ‬
‫فما أكثر ما يلبس ذلك على خواص الناس وأربسساب‬
‫ط‬
‫صلَرا ٍ‬ ‫شلاءُ إ َِللى ِ‬ ‫ملن ي َ َ‬
‫دي َ‬ ‫هل ِ‬
‫ه يَ ْ‬‫والّلل ُ‬
‫السسسلوك ‪َ ‬‬
‫قيم ٍ ‪.‬‬
‫ست َ ِ‬
‫م ْ‬
‫ّ‬
‫وقال‪ :‬وحاصل هذا كله أن الله سبحانه أمسر العبسساد‬
‫أن يكونسسوا مسسع مسسراده السسديني منهسسم‪ ،‬ل مسسع مسسراد‬
‫أنفسسسهم‪ ،‬فأهسسل طسساعته آثسسروا اللسسه ومسسراده علسسى‬
‫مَراِدهم فاستحقوا كرامته‪.‬‬ ‫ُ‬
‫مسسراده وعلسسم‬ ‫مرادهسسم علسسى ُ‬ ‫وأهل معصسسيِته آثسسروا ُ‬
‫سسسبحانه منهسسم أنهسسم ل يسسؤثرون مسسراده البتسسة وإنمسسا‬
‫يؤثرون أهواءهم ومرادهسم‪ ،‬فسأمرهم ونهساهم‪ ،‬فظهسر‬
‫بأمره ونهيه من القدر الذي قد َّر عليهسسم مسسن إيثسسارهم‬
‫هوى نفوسهم ومرادهم على مرضسساة ربهسسم ومسسراده‪،‬‬
‫ة عدله فعاقبهم بظلمهم‪.‬‬ ‫ج ُ‬ ‫ح ّ‬
‫فقامت عليهم ُ‬
‫قال‪ :‬سمعت شيخ السسسلم ابسسن تيميسسة يقسسول فسسي‬
‫ب ول‬ ‫قول النبي ‪» :‬ل تدخل الملئكسسة بيت ًسسا فيسسه كل س ٌ‬
‫ب‬‫ة« إذا كانت الملئكة المخلوقون يمنعهسسا الكلسس ُ‬ ‫صور ٌ‬
‫والصورة عن دخول البيت‪.‬‬

‫‪373‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فكيف تلج معرفسسة اللسسه عسسز وجسسل ومحبت ُسسه وحلوةُ‬
‫ئ بكلب الشهوات‬ ‫متل ٍ‬ ‫م َ‬‫ذكره والنس بقربه في قلب ُ‬
‫صورها! فهذا من إشارة اللفظ الصحيح‪.‬‬ ‫و ُ‬
‫ومن هذا أن طهارة الثوب والبدن إذا كانت شر ً‬
‫طا‬
‫في صحة الصلة والعتداد بهسسا‪ ،‬فسسإذا أخسسل بهسسا كسسانت‬
‫فاسدة‪.‬‬
‫سسسا ولسسم يطهسسره صسساحبه!‬ ‫فكيف إذا كان القلب نج ً‬
‫فكيف يعتد له بصلة وإن أسقطت القضاء!‬
‫وهل الطهارة الظاهرة إل تكميل لطهارة البسساطن!‬
‫ومن هذا أن استقبال في الصلة شرط لصحتها وهي‬
‫بيت الرب‪.‬‬
‫فتوجه المصلي إليها ببسسدنه وقسسالبه شسسرط‪ ،‬فكيسسف‬
‫تصسسح صسسلة مسسن لسسم يتسسوجه بقلبسسه إلسسى رب القبلسسة‬
‫ه إلسسى غيسسر‬ ‫جهِ قلب ُ‬ ‫ه ب َد ََنه إلى البيت وو ّ‬ ‫ج َ‬‫والبدن‪ ،‬بل و ّ‬
‫رب البيت‪.‬‬
‫وأمثال ذلك من الشارات السستي ل تنسسال إل بصسسفاء‬
‫الباطن وصحة البصيرة وحسن التأمل‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫عن عمر بن الخطاب قسسال‪ :‬قسسال رسسسول اللسسه ‪:‬‬
‫من مصل إل وملك عن يمينه وملك عن يسسساره‪،‬‬ ‫»ما ِ‬
‫ه«‪.‬‬‫جه َ ُ‬
‫فإن أتمها عرجا بها‪ ،‬وإن لم يتمها ضربا بها و ْ‬
‫ُتصسسسلي بل قلسسسب صسسسلة يكسسسون الفسسستى مسسسستوجًبا‬
‫بمثلهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا للعقوبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسة‬
‫ة بعسسد‬ ‫حت َِياط ًسسا َرك ْعَ س ً‬
‫زيسسد ا ْ‬ ‫مت ََهسسا غيسسر ت َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫تظسسل وقسسد أت ْ َ‬
‫عسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسالم َركعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةِ‬
‫حني غيسسر‬ ‫من تن َ‬ ‫ن َيدي َ‬ ‫مسسن تنسساجيه وبي َ‬ ‫دريْ َ‬ ‫فويلك ت َس ْ‬
‫ت‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا مخبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫مْعر ً‬ ‫ُ‬
‫مْقبل ً علسسسى غيسسسره فيهسسسا ل َِغيسسسر‬ ‫ك ن َعُْبسد ُ ُ‬ ‫تخساطبه إّيسا َ‬
‫ة‬
‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُروَْر ِ‬ ‫ك للغيسسر َ‬ ‫جسسا َ‬ ‫مسسن نا َ‬ ‫ولو َرد ّ َ‬
‫ظ عيسسه‬ ‫مسسن غَْيسس ٍ‬ ‫ت ِ‬ ‫مّيسسْز َ‬
‫ه تَ َ‬ ‫طرفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬
‫مسسن مالسسك وغَْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرةِ‬ ‫حي ِ‬ ‫سسست َ ِ‬
‫أمسسا ت َ ْ‬
‫دوَدك عنسسه يسسا قليسس َ‬
‫ل‬ ‫صسس ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن يسسسسسسسسرى‬ ‫الملسسسسسسسسك أ ْ‬
‫‪374‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُروْءَةِ‬‫ت ال ُ‬
‫ي اهْ سدَِنا فيمسسن ه سد َي ْ َ‬
‫إلهِ ْ‬
‫ق‬
‫جا في طري ِ‬ ‫خسسسسسسسسسسسسسذ ْ بنسسسسسسسسسسسسسا إلى الح ِ‬
‫ق ن َهْ ً‬ ‫و ُ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوي ّةِ‬
‫ال ّ‬

‫ة البهسسرج‬ ‫ضسسيح ُ‬ ‫وقال ابن القيم سس رحمسه اللسه سس‪ :‬فَ ِ‬


‫ن عند المحسسك‪ ،‬لسسو أبصسسرت طلئع الصسسديقين فسسي‬ ‫تبي ُ‬
‫أوائل الركب‪ ،‬أو سمعت استغاثة المحبين في وسسسط‬
‫مسسستغفرين فسسي آخسسر‬ ‫الركسسب‪ ،‬أو شسساهدت سسساقة ال ُ‬
‫ت شسسجرة أم‬ ‫ت أنسسك قسسد انقطعسست تحس َ‬ ‫الّرك ْسسب‪ ،‬لعلمس َ‬
‫غَي َْلن‪.‬‬
‫ل إلسى‬ ‫ب ي َُعسد ّ المنساز َ‬ ‫كس ِ‬ ‫منقطٍع د ُْون الّر ْ‬ ‫واحسرَتاه ل ُ‬
‫ة‬
‫حب َ ِ‬ ‫ص ْ‬ ‫م السُعي في ُ‬ ‫الرواح في الهوى والتفليس وحّتا َ‬
‫س‪.‬‬
‫إبلي ْ ِ‬
‫ك هسسل‬ ‫ن أقران ُس َ‬ ‫ل وتسسدليس أيس َ‬ ‫وكم بهرجةٍ في العمس ِ‬
‫مهم‬ ‫م اشسستد نسسد ُ‬ ‫ت أُنهس ْ‬ ‫سسْيس أعلمس َ‬ ‫تسمعُ لهم مسسن ح ِ‬
‫سيس‪.‬‬ ‫وحسرتهم على إيثار الخ ِ‬
‫دوا أن لسسو كسسانوا طل ُّقسسوا السسدنيا قبسسل‬ ‫تسسالله لقسسد و ُ‬
‫سْيس‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫ال َ‬
‫ك علسسى‬ ‫ن الهل ِ‬ ‫مسس َ‬‫ت ِ‬ ‫ن باط ِي َسةٍ وزِي ْسرِ وأنسس َ‬ ‫أتلهُسسوا ب َي ْس َ‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسِفي ْرِ‬ ‫َ‬ ‫وي س ٌ‬
‫ل‬ ‫ل طَ ِ‬ ‫مس ٌ‬ ‫من غَّرهُ أ َ‬ ‫فَيا َ‬
‫صسسي ْرِ‬ ‫ل قَ ِ‬ ‫ج ٍ‬‫ل ي َسسوم ٍ به ي ُْردى إلى أ َ‬ ‫ة ك ُس ّ‬ ‫من ِي ّس ُ‬
‫ح وال َ‬ ‫أت َْف سَر ُ‬
‫ك فسسي‬ ‫ن قَْبسسرِ َ‬ ‫ك مكسسا َ‬ ‫ك ت ُرِْيسس َ‬‫سسسسّرت ْ َ‬‫ن َ‬ ‫هسسسي السسسد ُن َْيا وإ ْ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا الُقُبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوْرِ‬ ‫ي َوْ ً‬
‫سُروِر‬ ‫ة ال ُ‬ ‫عاِقب ُ‬ ‫ن َ‬ ‫حْز َ‬‫ن ال ُ‬ ‫معْسست فإ ّ‬ ‫ج ّ‬‫ل مسسا َ‬ ‫ب ك ُس ّ‬ ‫س سل ِ ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫َ‬
‫فيهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫معِْيسسرِ‬ ‫مسسسسن ك ََعاِريسسةٍ ُتسسَرد ّ إلسسى ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ض الَيقي ْسسسس َ‬ ‫وت َعْت َسسسسا ُ‬
‫‪375‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫دار الغُُروِْر‬
‫من َ‬
‫حق ّ ِ‬ ‫الت َظ َن ِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي و َ‬
‫داَر ال َ‬

‫ي علسسسى سسسسليمان بسسسن‬ ‫قيسسسل‪ :‬إنسسسه دخسسسل أعرابسسس ٌ‬


‫ك بكلم‬ ‫م َ‬‫مكل ّ ُ‬
‫عبدالملك‪ ،‬فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬إني ُ‬
‫ه‪.‬‬
‫ب إن قبلت ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ه‪ ،‬فإن وراءهُ ما ت ُ ِ‬ ‫فاحتمله وإن كرهت ُ‬
‫ل‪ ،‬قال‪ :‬يا أمير المسسؤمنين‪ ،‬إن ّسسه قسسد اكتنفسسك‬ ‫قال‪ :‬قُ ْ‬
‫رجسسال ابتسساعوا ُدنيسساك بسسدينهم ورضسساك بسسسخط ربهسسم‬
‫خافوك في الله ولم يخاُفوهُ فيك‪.‬‬
‫ب للخسسرة‪،‬‬ ‫مسسروا السسدنيا فهسسم حسسر ٌ‬ ‫خربوا الخرة وع ّ‬
‫م للدنيا فل تأمنهم على ائتمنك الله عليه‪ ،‬فسسإنهمن‬ ‫سل ٌ‬
‫ِ‬
‫لم يألوا المانة تضييًعا والمة خسًفا‪.‬‬
‫ما‬‫حوا وليسوا بمسئولين ع ّ‬ ‫ل عما اجتر ُ‬ ‫وأنت مسؤو ٌ‬
‫م‬
‫ن أعظس َ‬ ‫ك فسسإ ّ‬ ‫خَرت ِ َ‬‫دنياهم بفساد آ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫اجترحت‪ ،‬فل ُتصل ْ‬
‫س غبًنا بائع آخرته بدنيا غيره‪.‬‬ ‫النا ِ‬
‫فقال سليمان‪ :‬أما أنسست فقسسد سسسللت لسسسانك وهسسو‬
‫أقطعُ من سيفك‪.‬‬
‫فقال‪ :‬أجل يا أمير المؤمنين‪ ،‬لك ل عليك‪.‬‬
‫من حاج سةٍ فسسي ذات نفسسسك‪ ،‬قسسال‪ :‬أمسسا‬ ‫قال‪ :‬فهل ِ‬
‫صة دون عامة فل ثم قام فخرج‪ ،‬لله دره هسسذا مسسن‬ ‫خا ّ‬
‫رقم )‪ (2‬في »الزهد«‪.‬‬
‫فقال سليمان‪ :‬للسسه دره‪ ،‬مسسا أشسسرف أصسسله وأذرب‬
‫ف‬‫ِلسانه وأصدق نيّته وأروع نفسه‪ ،‬هكذا فليكن الشر ُ‬
‫ل‪.‬‬‫والعق ُ‬

‫‪376‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ب‬ ‫شسسسَبا ِ‬ ‫حسسسال ال ّ‬ ‫نسسسذِي ًْرا ب َْتر َ‬ ‫حس ّ‬
‫ل‬ ‫ب َ‬ ‫ش سي ْ َ‬‫ت ال َ‬ ‫مسسا َرأي ْس ُ‬‫ول ّ‬
‫ق‬
‫مَفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسار ِ‬ ‫ال ُ‬ ‫بَعارضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي‬
‫إلسسى مسسا أتسسى هسسذا ابتسسداءُ‬ ‫ت‬ ‫سي فَُقْلسس ُ‬ ‫ت إلى ن َْف ِ‬ ‫جع ْ ُ‬‫َر َ‬
‫ق‬ ‫الحَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ِ ِ‬ ‫لَهسسسسسسسسسسا انظسسسسسسسسسسري‬
‫ل نسسوَر‬ ‫ل الليسس ُ‬ ‫كمسسا َقسسد ْ أزا َ‬ ‫ت اللهسسو قسسد‬ ‫دعسسى لهسسوا ِ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسار ِ‬ ‫م َ‬ ‫ال َ‬ ‫ت وَقْت َُهسسسسسسسسسسا‬ ‫َفسسسسسسسسسسا َ‬
‫ه‬
‫ي إلْيسس ِ‬ ‫مسسا ُتسسد ْعَ ْ‬‫دي ل َ‬ ‫جسس ّ‬ ‫و ُ‬ ‫ل‬‫ت ينسسز ُ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ل الل س َ‬ ‫من ْزِ َ‬
‫دعي َ‬
‫وسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسابقي‬ ‫أهل ُسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ه‬

‫دخل عطاء بن أبي رباح على هشام‪ ،‬فرحسسب بسسه‪،‬‬


‫ف النسساس‬ ‫وقال‪ :‬ما حاجتك يا أبا محمسسد‪ ،‬وكسسان أشسسرا ُ‬
‫يتحدثون فسكتوا‪.‬‬
‫فسسذكره عطسساء بسسأرزاق أهسسل الحرميسسن وعطيسساتهم‪،‬‬
‫ب لهسل المدينسة وأهسل مكسة‬ ‫فقال‪ :‬نعم يسا غلم‪ ،‬اكتس ْ‬
‫بعطاِء أْرَزاِقهم‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬يا أبا محمد‪ ،‬هل من حاجة غيرهسسا‪ ،‬فقسسال‪:‬‬
‫كرهُ بأهسسل الحجسساز وأهسسل نجسسد وأهسسل الثغسسور‬ ‫نعسسم فسسذ ّ‬
‫مسسة أن ل يكلُفسسوا‬ ‫ففعل مثل ذلك‪ ،‬حتى ذكره بأهل الذ ّ‬
‫ما ل ُيطيُقون‪.‬‬
‫ل مسسن‬ ‫فأجابه إلى ذلك‪ ،‬ثم قال له في آخر ذلك‪ :‬هَ ْ‬
‫حاجة غيرها؟‬
‫قال‪ :‬نعم يا أمير المؤمنين‪ ،‬اتق اللسسه فسسي نفسسسك‪،‬‬
‫ت وحسسدك‪ ،‬وُتحشسسر وحسسدك‪،‬‬ ‫ت وحدك‪ ،‬وتمسسو ُ‬ ‫خلْق َ‬ ‫فإن ُ‬
‫دا‪.‬‬‫من ترى أح ً‬ ‫ب وحدك‪ ،‬ل والله ما معك م ّ‬ ‫وتحاس ُ‬
‫م يبكي‪ ،‬وقسسام عطسساء‪ ،‬فلمسسا كسسان‬ ‫قال‪ :‬فأكب هشا ٌ‬
‫ل قد تبعه بكيس‪ ،‬ما نسسدري مسسا فيسسه‬ ‫عند الباب إذا رج ٌ‬
‫أدراهم أم دنانير؟‬
‫وقال‪ :‬إن أمير المؤمنين قد أمر لك بهسسذا‪ ،‬فقسسال‪:‬‬
‫عل َللى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪‬ما أ َ َ‬
‫ي إ ِل ّ َ‬
‫ر َ‬
‫جل ِ‬
‫نأ ْ‬ ‫ر إِ ْ‬
‫جل ٍ‬
‫نأ ْ‬ ‫مل ْ‬ ‫عل َي ْل ِ‬
‫ه ِ‬ ‫م َ‬‫سأل ُك ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬ثم خرج ول والله ما شسسرب عنسسدهم‬ ‫مي َ‬ ‫عال ِ‬‫َ‬ ‫ب ال َ‬ ‫َر ّ‬

‫‪377‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسساء‪ ،‬للسسه دره سسسلك طريقسسة الرسسسل عليهسسم‬ ‫وة َ‬ ‫سس َ‬ ‫ح ْ‬ ‫َ‬
‫السلم‪ ،‬هذا من رقم )‪ (1‬في »الزهد«‪.‬‬
‫ولما رجع الرشيد قيل لسه‪ :‬يسا أميسر المسؤمنين‪ ،‬قسد‬
‫حج شسسيبان‪ ،‬قسسال‪ :‬اطلب ُسسوه لسسي فسسأتوه بسسه‪ ،‬فقسسال‪ :‬يسسا‬
‫ن‪ ،‬عظني!‬ ‫شْيبا ُ‬ ‫َ‬
‫ح‬‫ن ل أفص س ُ‬ ‫ل ألك س ٌ‬ ‫قال‪ :‬يا أميسسر المسسؤمنين‪ ،‬أنسسا رج س ٌ‬
‫ن يفهم كلمي حتى أكلمسسه‪ ،‬فسسأتي‬ ‫بالعربية‪ ،‬فجئني بم ْ‬
‫ه‪.‬‬
‫جل يفهم كلم ُ‬ ‫بر ُ‬
‫ك‬ ‫خوّفُ َ‬ ‫ل له يا أمير المؤمنين‪ ،‬إن الذي ي ُ َ‬ ‫فقال له‪ :‬قُ ْ‬
‫ك قبسسل‬ ‫من ُس َ‬
‫ح لك من السسذي ُيؤ ّ‬ ‫قْبل أن تبل ُغَ المأمن أنص ُ‬
‫أن تبلغ الخوف‪.‬‬
‫ه السسذي‬ ‫ل لس ُ‬ ‫قال له‪ :‬أي شيء تفسير هذا؟ قال‪ :‬قُ س ْ‬
‫ل مسئول عن هذه المسسة‬ ‫ل لك‪ :‬اّتق الله فإنك رج ٌ‬ ‫يقو ُ‬
‫ك أمورهسسا وأنسست‬ ‫السستي اسسسترعاك اللسسه عليهسسا وقّلسسد َ‬
‫ل عنها‪.‬‬ ‫مسئو ٌ‬
‫فاعسسدل فسسي الرعيسسة واقسسسم بالسسسوية وانفسسذ فسسي‬
‫السرية‪ ،‬واتق الله في نفسك هذا الذي يخوفسسك فسسإذا‬
‫ت‪.‬‬ ‫ن أمن ْ َ‬ ‫م َ‬‫ت المأ َ‬ ‫بلع َ‬
‫ت مغفسوٌر‬ ‫ل بيس ٍ‬ ‫ن يقسول‪ :‬أنُتسم أهس ُ‬ ‫م ْ‬‫ح لك م ّ‬ ‫هذا أنص ُ‬
‫ك‬ ‫من ُ َ‬
‫ة نبيكم‪ ،‬وفي شفاعته فل يزال ُيؤ ّ‬ ‫لكم وأنت قراب ُ‬
‫ت‪.‬‬‫ف عط ِب ْ َ‬
‫ت الخو َ‬ ‫حتى إذا بلغ َ‬
‫حوَْله‪ ،‬ثم قسسال‪:‬‬ ‫قال‪ :‬فبكى هارون حتى رحمه من َ‬
‫زدني‪ ،‬قال‪ :‬حسبك‪.‬‬
‫ُروي أن عوف بن مالك أسسر المشسسركون ابن ًسسا لسه‪،‬‬
‫شس َ‬ ‫ُ‬
‫كا إليسسه‬ ‫س سَر ابنسسي و َ‬ ‫فأتى رسول اللسسه ‪ ،‬فقسسال‪ :‬أ ِ‬
‫الَفاَقة‪.‬‬
‫سى عند آل محمسسد إل‬ ‫فقال رسول لله ‪» :‬ما أم ْ‬
‫د‪ ،‬فاتق اللسه‪ ،‬واصسسبر وأكسسثر مسن قسول‪ :‬ل حسسول ول‬ ‫م ّ‬ ‫ُ‬
‫قوة إل بالله العلي العظيسسم«‪ ،‬فعسساد إلسسى بيتسسه‪ ،‬وقسسال‬
‫لمرأتسه‪ :‬إن رسسول اللسه ‪ ‬أمرنسي أن تسستكثر مسن‬
‫قول ل حول ول قوة إل بالله العلي العظيم‪.‬‬
‫‪378‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فقسسالت‪ :‬نعسسم مسسا أمسسر بسسه رسسسول اللسسه ‪ ،‬فأخسسذا‬
‫يقولن ذلك فبينما هسسو فسسي بيتسسه إذ ْ قسسرعَ ابن ُسسه البسساب‪،‬‬
‫ل عنها العد ُّو‪ ،‬فاستاقها وأتى‬ ‫ة من البل تغَّف َ‬ ‫ه مائ ٌ‬ ‫ومع ُ‬
‫ل‬‫وك ّل ْ‬
‫مللن ي َت َ َ‬ ‫بها إلى والديه‪ ،‬فنزلسست هسسذه اليسسة‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫ه ‪.‬‬ ‫سب ُ ُ‬‫ح ْ‬‫و َ‬‫ه َ‬
‫ف ُ‬‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫م اعسستزلت النسساس؟ فقسسال‪:‬‬ ‫قيسسل لبعسسض الُعقلء‪ :‬ل ِس َ‬
‫ب دْينسسي ول أشسُعر‪ ،‬وهسسذا دليسسل علسسى‬ ‫ن أسل َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫خشي ُ‬
‫مشسساهد‪ ،‬ودليسسل علسسى ذكسساء‬ ‫مسارَقة الطبسسع كمسسا هسسو ُ‬
‫العاقل ودقة نظره وزهده‪.‬‬
‫قال الحسن البصري‪ :‬إنما الفقيه الزاهد ُ في السسدنيا‬
‫الراغب في الخرة البصير بدينه المداوم على عبسسادة‬
‫ربه‪.‬‬
‫الورع الكاف من أعراض المسلمين‪ ،‬العفيسسف عسسن‬
‫أموالهم‪ ،‬الناصح لهم‪.‬‬
‫لكل شيء آفة تفسده فآفسسة العبسسادة الريسساء‪ ،‬وآفسسة‬
‫الحلسسم الظلسسم‪ ،‬وآفسسة الحيسساء الضسسعف‪ ،‬وآفسسة العلسسم‬
‫النسيان‪ ،‬وآفة العقل العجب بسسالنفس‪ ،‬وآفسسة الحكمسسة‬
‫مر الكَبسسُر‪ ,‬وآفسسة‬ ‫ة العُ ُ‬‫خ‪ ،‬وآف ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫صدِ ال ُ‬ ‫ة الَق ْ‬‫ش‪ ،‬وآف ُ‬ ‫الُفح ُ‬
‫الجودِ التبذير‪.‬‬
‫سسسئل علسسي بسسن أبسسي طسسالب‪ :‬كسسم بيسسن اليمسسان‬ ‫ُ‬
‫واليقين؟ قال‪ :‬أربعُ أصابع‪ ،‬قيسسل‪ :‬وكيسسف ذلسسك؟ قسسال‪:‬‬
‫ن‬
‫ه قلب ُسسك‪ ،‬واليقي س ُ‬ ‫دق ُ‬
‫ك وص س ّ‬ ‫ه أذَنا َ‬ ‫ل ما سمعت ُ‬ ‫ن كُ ُ‬ ‫اليما ُ‬
‫س بيسسن العيسسن‬ ‫ه عينسساك‪ ،‬فسسأيقن بسسه قلب ُسسك ولي ْس َ‬ ‫ما رأتس ُ‬
‫ذن إل أربعُ أصابع‪ .‬واللسسه أعلسسم‪ ،‬وصسسل اللسسه علسسى‬ ‫وال ُ‬
‫محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫خ السلم بن تيمية‪ ،‬وفي الثار يقسسول اللسسه‬ ‫قال شي ُ‬
‫تعالى‪ :‬أنا اللسسه ل إلسسه إل أنسسا ملسسك الملسسوك ونواصسسيها‬
‫بيدي‪.‬‬
‫فمن أطاعني جعلسست قلسسوب الملسسوك عليسسه رحمسسة‬
‫ومن عصاني جعلُتهم عليه نقمة‪.‬‬
‫‪379‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ي‬‫فل تشغلوا أنفسك بسب الملوك‪ ،‬ولكن توبوا إلسس ّ‬
‫وأطيعون أعطفهم عليكم‪.‬‬
‫وقال ابن القيم‪ :‬لهل السسذنوب ثلثسسة أنهسسار عظسسام‪،‬‬
‫طهرهم ط ُّهسسُرْوا‬ ‫فب ُ‬‫يتطّهرون بها في الدنيا‪ ،‬فإن لم ت َ ِ‬
‫ة‪.‬‬
‫م ِ‬‫حْيم يوم القيا َ‬ ‫في نهر الج ِ‬
‫نهسسر التوبسسة النصسسوح‪ ،‬ونهسسر الحسسسنات المسسستغرقة‬
‫للوزار المحيطسسسة بهسسسا‪ ،‬ونهسسسر المصسسسائب العظيمسسسة‬
‫المكفرة‪.‬‬
‫ه أحسسد هسسذه النهسسار‬ ‫فإذا أراد الله بعبده خيسًرا أدخلس ُ‬
‫الثلثسسة‪ ،‬فسسورد القيامسسة طيب ًسسا طسساهر‪ ،‬فلسسم يحتسسج إلسسى‬
‫التطهير الرابع‪.‬‬
‫ب الجاه صار مقصسور الهسم علسى‬ ‫ح ّ‬‫من غلب عليه ُ‬
‫مراعاة الخلق مونًعا بالتردد عليهم والمرآت لهسسم‪ ،‬ول‬ ‫ُ‬
‫م منزلتسسه‬ ‫يزال في أقواله وأفعاله ملتفًتا إلى ما ُيع ّ‬
‫ظسس ُ‬
‫عندهم وذلك بذُر النفاق‪.‬‬
‫وأصسسل الفسسساد؛ لن كسسل مسسن طلسسب المنزلسسة فسسي‬
‫قلوب الناس اضطر أن ينافقهم بإظهسسار مسسا هسسو خسسال‬
‫عنه‪.‬‬
‫ويجّر ذلسسك إلسسى المسسراآت فسسي العبسسادات‪ ،‬واقتحسسام‬
‫المحظورات والتوصل إلى اقتناص القلوب‪.‬‬
‫ك‬‫ن دِي ِْنسس َ‬
‫صسسا ِ‬
‫ك وت َغُْفل عن ن ُُق َ‬ ‫مال ِس َ‬
‫ن َ‬ ‫ت ََفك ّسُر فسسي ن ُْق َ‬
‫صسسا ِ‬
‫ر‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا و والعُ ْ‬ ‫دائ ِ ً‬ ‫َ‬
‫مسسن‬ ‫شٌر ِ‬ ‫حال الَفْقرِ َ‬‫ة َ‬ ‫خي َْف ُ‬
‫ف الَفْقسسر عسسن ِ‬ ‫ك خسسو ُ‬ ‫وي َث ْن ِي ْ َ‬
‫عسسسسسسسسسسةٍ و الَفْقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرِ‬ ‫طا َ‬‫ل َ‬‫كسسسسسسسسسس ِ‬

‫كان السلف –رحمهم الله‪ -‬ومن سار على نهجهسسم‬


‫من الخلف أحرص الناس على حفظ الوقت‪ ،‬وتعسسبيته‬
‫بالعمال الصسسالحة سسسواء فسسي ذلسسك العسسالم‪ ،‬وطسسالب‬
‫العلم‪ ،‬والعابد‪.‬‬
‫وكانوا يقتدي بعضهم ببعض ويوصي أحسسدهم الخسسر‬
‫على صيانته وملئه بالخير وكانوا يسابقون السسساعات‪،‬‬
‫‪380‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫صا منهم على السسوقت‪ ،‬وأن ل‬ ‫ويبادرون اللحظات‪ ،‬حر ً‬
‫مسسر مسّر السسسحاب ويجسسري‬ ‫مهسسم أنسسه ي ُ‬ ‫يذهب هدًرا‪ ،‬ل َعِل ْ ِ‬
‫جريَ الريح‪.‬‬
‫حسسا –عليسسه وعلسسى نبينسسا محمسسد أفضسسل‬ ‫قيسسل‪ :‬إن نو ً‬
‫الصلة والسلم‪ -‬جاء ملك الموت ليقبسسض روحسسه بعسسد‬
‫ألف سسسنة أو أقسسل أو أكسسثر‪ ،‬اللسه أعلسسم‪ ،‬فسسسأله ملسك‬
‫ت‬ ‫م سًرا كيسسف وجسسد َ‬ ‫الموت‪ ،‬قال له‪ :‬يا أطول النبياء عُ ْ‬
‫ت مسسع أحسسدهما‬ ‫السسدنيا؟ فقسسال‪ :‬كسسدارٍ لهسسا بابسسان دخل س ُ‬
‫ت من الخر‪.‬‬ ‫وخرج ُ‬
‫َ‬
‫مسسا‬‫ن َ‬ ‫م ي َسَروْ َ‬ ‫م ي َوْ َ‬‫قال الله جل وعل وتقدس‪ :‬ك َأن ّهُ ْ‬
‫من ن َّهاٍر ‪.‬‬ ‫ة ّ‬ ‫م ي َل ْب َُثوا إ ِل ّ َ‬
‫ساعَ ً‬ ‫ن لَ ْ‬‫دو َ‬ ‫ُيوعَ ُ‬
‫م ي َل ْب َث ُسسوا‬ ‫َ‬
‫م ي ََروْن ََها ل َس ْ‬ ‫م ي َوْ َ‬‫وقال تبارك وتعالى‪ :‬ك َأن ّهُ ْ‬
‫ها ‪.‬‬ ‫حا َ‬ ‫إل ّ عَشي ً َ‬
‫ض َ‬‫ة أو ْ ُ‬ ‫ِ ّ‬ ‫ِ‬
‫م‬‫ش سُرهُ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫وقال تبسسارك وتعسسالى وتقسسدس‪ :‬وَي َسوْ َ‬
‫َ‬
‫م ‪.‬‬ ‫ن ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫ن الن َّهارِ ي َت ََعاَرُفو َ‬ ‫م َ‬
‫ة ّ‬‫ساعَ ً‬‫م ي َل ْب َُثوا إ ِل ّ َ‬ ‫ك َأن ل ّ ْ‬
‫ومسسن خصسسائص السسوقت أن كسسل سسساعة أو يسسوم أو‬
‫لحظة تمر ليس يمكن استرجاعها‪.‬‬
‫من يوم ينشق فجره إل‬ ‫وقال الحسن البصري‪ :‬ما ِ‬
‫وينادي يا ابن آدم‪ ،‬أنا خلقٌ جديد وعلى عملك شسسهيد‪،‬‬
‫ت ل أعود‪.‬‬ ‫فتزوّد ْ مني فإني إذا مضي ُ‬
‫سسَفرٍ ي ُْفن ِي ْسسه بسساليوم ِ‬ ‫ب ظ َهْسَر علسسى َ‬ ‫وما المرُء إّل َراك ِس ٌ‬
‫ر‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسره والشسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه ِ‬ ‫عُ ْ‬
‫دا عن الدنيا قََري ًْبا إلسسى‬ ‫ضسسحى كسسل ي َسسوم ٍ ب َعِي ْ ً‬ ‫ت وي ُ ْ‬ ‫ي َب ِي ْس ُ‬
‫ول َي ْل َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةٍ الَقب ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرِ‬

‫آخر‪:‬‬
‫س‬
‫مَناَيسسا للن ُّفسسو ِ‬
‫دا وُيسسد ِْني ال َ‬
‫موْل ِ ً‬
‫عد َ‬
‫س إل ي َُبا ِ‬
‫وما ن ََف ٌ‬
‫ب‬‫فَت َْقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر ُ‬

‫فالذي ينبغي للنسان أن يحافظ على وقته أعظم‬


‫محافظته على ماله‪ ،‬وأن يحرص على السسستفادة‬
‫من ُ‬
‫‪381‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫دنيسساه‪،‬‬ ‫منه في كل لحظة فيما ينفعه فسسي دينسسه وفسسي ُ‬
‫ة إلى الدار الخرة‪.‬‬ ‫ما هو وسيل ٌ‬ ‫م ّ‬
‫قال عمر بن عبسسدالعزيز‪ :‬إن الليسسل والنهسسار يعملن‬
‫فيك فاعمل فيهما‪.‬‬
‫عمسسره فسسي غيسسر‬ ‫ما مسسن ُ‬ ‫وقال حكيم‪ :‬من أمضى يو ً‬
‫حسسق قضسساه‪ ،‬أو فسسرض أداه‪ ،‬أو مجسسد أثلسسه‪ ،‬أو حمسسد‬
‫ق‬
‫سسه‪ ،‬أو اعلسسم اقتبسسه‪ ،‬فقسد عس ّ‬ ‫س َ‬‫حصسسله‪ ،‬أو خيسر أ ّ‬
‫سه‪.‬‬ ‫م نْف َ‬
‫ه وظل َ‬
‫يوم ُ‬
‫والسسذي يعيسسن علسسى اغتنسسام الزمسسان‪ ،‬العزلسسة مهمسسا‬
‫ه‪،‬‬‫ه‪ ،‬أو يسُزور ُ‬ ‫ة لمسسن يلقسسا ُ‬ ‫جس ً‬
‫أمكن‪ ،‬إل لضسسرورة‪ ،‬أو حا َ‬
‫ب للن ّسسوم ِ‬
‫ن‪ ،‬وسسسب ٌ‬ ‫ة الكل؛ لن كثرته ُتكس س ُ‬
‫ل البسسد َ‬ ‫وقل ّ ُ‬
‫الط ّوِي ْسسل‪ ،‬وض سَياِع الليسسل‪ ،‬وفسسوات التجهسسد‪ ،‬أو تقليلسسه‪،‬‬
‫وعمسسارةُ القلسسب فسسي أربعسسة‪ :‬فسسي العلسسم‪ ،‬والتقسسوى‪،‬‬
‫وطاعة اللسسه وذكسسره‪ ،‬وخراب ُسسه مسسن الجهسسل والمعصسسية‬
‫ة‪ .‬والله أعلم‪ ،‬وصل الله على محمسسد‬ ‫والغترار والغفل ْ‬
‫وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫م السسسلف عاليسسة يسسدل عليهسسا كسسثرة‬ ‫ولقد كانت همس ُ‬
‫م التي هي خلصة أعمارهم‪.‬‬ ‫مصنفات ِهِ ْ‬ ‫ُ‬
‫وقد أمسر اللسه سسبحانه وتعسالى باسسستباق الخيسرات‬
‫والمسسسارعة إليهسسا قبسسل أن تشسسغل عنهسسا الشسسواغل أو‬
‫تعوق العوائق‪.‬‬
‫ت ‪.‬‬ ‫خي َْرا ِ‬ ‫قوا ال َ‬ ‫ست َب ِ ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫قال الله جل وعل‪َ  :‬‬
‫ة‬
‫فلَر ٍ‬
‫غ ِ‬ ‫عوا إ َِللى َ‬
‫م ْ‬ ‫ر ُ‬‫سلا ِ‬ ‫و َ‬ ‫وقال عز من قسسائل‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫ض‬‫والْر ُ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ُ‬ ‫م َ‬
‫سل َ‬ ‫ها ال ّ‬ ‫ضل َ‬ ‫عْر ُ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّل ٍ‬‫و َ‬‫م َ‬ ‫مللن ّرب ّك ُل ْ‬ ‫ّ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ْ‬
‫ت ل ِل ُ‬ ‫عد ّ ْ‬ ‫أُ ِ‬
‫مللن‬‫ة ّ‬ ‫فلَر ٍ‬ ‫غ ِ‬‫م ْ‬ ‫قوا إ ِل َللى َ‬ ‫ساب ِ ُ‬ ‫وقسسال جسسل وعل‪َ  :‬‬
‫َ‬ ‫ها ك َ َ‬
‫ض‬ ‫والْر ِ‬ ‫ء َ‬‫ما ِ‬‫سلل َ‬ ‫ض ال ّ‬ ‫ع لْر ِ‬ ‫ضل َ‬ ‫عْر ُ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّ ٍ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ّرب ّك ُ ْ‬
‫ه ‪.‬‬‫سل ِ ِ‬
‫وُر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مُنوا ِبالل ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ت ل ِل ّ ِ‬ ‫عد ّ ْ‬ ‫أُ ِ‬

‫‪382‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن‬‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ومدح الصالحين من أهل الكتاب بأنهم ‪‬ي ُ ْ‬
‫ْ‬
‫ف‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِبللال ْ َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫وَيللأ ُ‬ ‫ر َ‬ ‫خلل ِ‬ ‫وم ِ ال ِ‬ ‫وال َْيلل ْ‬‫ه َ‬ ‫ِبللالل ّ ِ‬
‫ت‬ ‫خْيللَرا ِ‬ ‫في ال َ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫ر َ‬ ‫منك َ ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وي َن ْ َ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ولئ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫وقسسد حسسث النسسبي ‪ ‬علسسى المبسسادرة بالعمسسل قبسسل‬
‫ن إل غًنسسى‬ ‫ل ت َن ْت َظ ُِروْ َ‬ ‫حلول العوائق والفتن‪ ،‬فقال‪» :‬هَ ْ‬
‫دا‬ ‫ما مفنس ً‬ ‫دا أو هََر ً‬ ‫ضا مفس ً‬ ‫سًيا أو مر ً‬ ‫مط ْغًِيا أو فقًرا ُ‬
‫من ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫ب ينتظسسر أو‬ ‫غسسائ ِ ٍ‬ ‫ل فشسسر َ‬ ‫جا َ‬ ‫جِهسسًزا أو السسد ّ َ‬ ‫أو موًتسسا م ْ‬
‫الساعة‪ ،‬فالساعة أدهى وأمر« رواه الترمذي‪.‬‬
‫وقال ابن القيم س س رحمسسه اللسسه سسس‪ :‬وعمسسارة السسوقت‬
‫ب إلى الله تعسسالى أو‬ ‫ل في جميع آَنائهِ بما ي َُقّر ُ‬ ‫شت َِغا ُ‬ ‫ال ْ‬
‫ب أو منكسسح أو منسسام‬ ‫ن على ذلك من مأكل ومشسَر ٍ‬ ‫ُيعي ُ‬
‫أو راحة‪.‬‬
‫ه مسستى أخسسذها بنيسسة القسسوة علسسى مسسا يحبسسه اللسسه‬ ‫فإن ّ ُ‬
‫ت من عمارة الوقت‪.‬‬ ‫وتجّنب ما يسخطه كان ْ‬
‫م لذ ّةٍ فل تحسب عمارة الوقت‬ ‫وإن كان له فيها أت ّ‬
‫بهجر اللذات والطيبات المباحة‪.‬‬
‫ب الّتوفيسسق عسسن الخلسسق‬ ‫ُ‬
‫قال بعض العلماء‪ :‬أغلق با ُ‬
‫من ستةِ أشياء‪:‬‬
‫انشغاُلهم بالنعمة عن شكرها‪.‬‬
‫ورغبُتهم في العلم وتركهم العمل‪.‬‬
‫وإقبال الخرة وهم معرضون عنها‪.‬‬
‫والغتراُر بصحبة الصالحين وترك القتداء بفعالهم‪.‬‬
‫م يتبُعونها‪.‬‬ ‫وإدبار الدنيا عنهم وهُ ْ‬
‫والمسارعة إلى المعاصي والذنوب وتأخير التوبة‪.‬‬
‫ذاقَ‬ ‫هسسسسسا و َ‬ ‫خّل َ‬ ‫تو َ‬ ‫مسسسسسا َ‬ ‫ن و َ‬ ‫من ْهُ ّ‬ ‫ل ِ‬ ‫ص َنا َ‬ ‫مَعا ٍ‬ ‫م ذِيْ َ‬ ‫وك َ ْ‬
‫ل َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ ّةً السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد َّواهَِيا‬
‫صسسي‬ ‫مَعا ِ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫عسسا ُ‬ ‫صسسي وت َب َْقي تَبا َ‬ ‫ت المَعا ِ‬ ‫ذا ُ‬‫م لسس ّ‬ ‫صسسّر ُ‬ ‫تَ َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسا هَي َسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ك َ َ‬ ‫وت َن َْق ِ‬
‫شسسى‬ ‫ن اللسسهِ ي َغْ َ‬ ‫ه َراٍء ل ِعَْبسسدٍ بعَْيسس ِ‬ ‫سسسسوَْءَتا واللسسس ُ‬ ‫فََيسسسا َ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَيا‬ ‫معٌ المَعا ِ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫وَ َ‬
‫‪383‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬

‫آخر‪:‬‬
‫ن اللسسه ل شسسك‬ ‫ت بعَي ْس ْ‬
‫ن وأن ْس َ‬
‫ت عَ ِ‬
‫ن الب ُِيو ِ‬
‫جد َْرا ِ‬
‫واَرى ب ِ ُ‬
‫تَ َ‬
‫السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسورى ت ُْنظسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬

‫دا جعلوا ما كتب عليهم مسسن‬ ‫وقال آخر‪ :‬إن لله عبا ً‬
‫ن أعينهسسم وقطعُسسوا السسسباب المتصسسلة‬ ‫الموت مثال ً بي َ‬
‫حلفسساءُ‬ ‫ضسساُء عبسسادته ُ‬ ‫بقلوبهم من علئق السسدنيا فهسسم أن َ‬
‫طاعته‪.‬‬
‫شسسوا‬ ‫عهم وافتر ُ‬ ‫مسسو ِ‬ ‫دودهم بوابسسل د ُ ُ‬ ‫خس ُ‬ ‫جوا ُ‬ ‫قسسد أنض س ُ‬
‫جون ذا الكبريسساء والعظمسسة‬ ‫م في محسساريبهم ُينسسا ُ‬ ‫جباههُ ْ‬
‫في فكاك رقابهم‪.‬‬
‫ث فيمسسا ل ي َعْن ِي ْسسه‬ ‫ن أدهم بجرل يتح سد ّ ُ‬ ‫ومّر إبراهيم ب ُ‬
‫ك هذا ترجو به الثواب؟ قال‪:‬‬ ‫م َ‬‫فوقف عليه‪ ،‬فقال‪ :‬كل ُ‬
‫ن عليه العقاب؟ قال‪ :‬ل‪.‬‬ ‫ل‪ ،‬فقال‪ :‬أفتأم ُ‬
‫جسسو عليسسه ثواب ًسسا وتخسساف‬ ‫قال‪ :‬فما تصسسنعُ بكلم ل تر ُ‬
‫منه عقاًبا‪.‬‬
‫ة من إقبالسسك علسسى اللسسه‬ ‫قال بعضهم‪ :‬لو بعت لحظ ً‬
‫ت مغبون ًسسا فسسي‬ ‫بمقدار عمر نوح في ملك قسسارون لك ُن ْس َ‬
‫العقد‪.‬‬
‫قال سفيان الثوري‪ :‬دخلسست علسسى جعفسسر الصسسادق‪،‬‬
‫ط‬‫ت لسسه‪ :‬مسسا لسسي أراك سسسكنت دارك ول ُتخسسال ُ‬ ‫فقلسس ُ‬
‫الناس؟ قال‪ :‬نعم يا ابن سعيد‪ ،‬في الُعزلة دعة‪ ،‬وفي‬
‫الدعة القناعة‪ ،‬وما قُد َّر لك يأتيك‪.‬‬
‫سسسفيان‪ ،‬فسسسد أهسسل الزمسسان وتغّيسسر الصسسدقاء‬ ‫يسسا ُ‬
‫ت النفراد أسكن للفؤاد‪.‬‬ ‫فرأي ُ‬
‫ل‬ ‫خل َس ْ‬ ‫ديق عَسسراه َ‬ ‫صس ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ن وك ُ ُ‬ ‫مسسا ْ‬
‫ن هسسذا الّز َ‬ ‫وا ُ‬ ‫خس َ‬ ‫ت َغَي َّر إ ْ‬
‫ظسسسًرا ل َِبسسساب‬ ‫من ْت َ ِ‬
‫ت ُ‬ ‫صسسسْر ُ‬ ‫من َباب ِِهم فَ ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫ج َ‬
‫ت الت ّعَ ّ‬ ‫قَ َ‬
‫ضي ْ ُ‬
‫ل‬‫الَبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد َ ْ‬
‫‪384‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫ه على النفسسراد‬ ‫ض ُ‬‫كتب العمري العابد إلى مالك يح ُ‬
‫والعمل ويرغبه عن الجتماع إليه في العلم‪.‬‬
‫سسسم‬ ‫سم العمال كمسسا ق ّ‬ ‫فكتب إليه مالك إن الله ق ّ‬
‫ل ُفتح عليه في الصلة ولم ُيفتح لسسه‬ ‫ج ٍ‬ ‫بر ُ‬ ‫الرزاق فُر ّ‬
‫في الصوم‪.‬‬
‫وآخر ُفتح له في الصدقةِ ولم ُيفتح له في الصوم‪.‬‬
‫ه في الصلة‪.‬‬ ‫وآخر ُفتح له في الجهاد ولم ُيفتح ل ُ‬
‫ونشُر العلم وتعليمه من أشرف أعمال البر‪.‬‬
‫ي فيسسه مسسن‬ ‫ل علس ّ‬ ‫ت بما فتح الله عسّز وجس ّ‬ ‫وقد رضي ُ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ما أنت فيه‪.‬‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫ن ما أنا فيه بد ُْون ِ‬ ‫وما أظ ُ‬
‫ل‬ ‫ب على ك ُ ٍ‬ ‫ن كلنا على خيرٍ وبرٍ ويج ُ‬ ‫وأرجو أن يكو َ‬
‫سم له‪ ،‬والسلم‪.‬‬ ‫مّنا أن يرضى بما ق ِ‬
‫مسسا‬ ‫قيسسل‪ :‬أصسساب عبسسدالرحمن بسسن مسسدين مسسال ً عظي ً‬
‫كا‬ ‫ق‪ ،‬وصاحب دين فجهَّز سبعين مملو ً‬ ‫وكان رجل صد ٍ‬
‫ه‬
‫حوا مع س ُ‬ ‫بأسلحتهم إلى هشام بن عبدالملك ثسسم أصسسب ُ‬
‫حْيل‪.‬‬
‫يوم الّر ِ‬
‫فلما استوى بهم فسسي الطريسسق نظسسر إليهسسم‪ ،‬وقسسال‬
‫جل أن يتقّرب هؤلء إلسسى غيسسر‬ ‫في نفسه‪ :‬ما ينبغي لر ُ‬
‫ل‪ ،‬ثم قال لهم‪ :‬اذهب ُسسوا فسسأنتم أحسسرار ومسسا‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫معكم لكم‪.‬‬
‫م‬‫وقال ابن القيم سس رحمسسه اللسه سسس‪ :‬إن السسذي يحسس ُ‬
‫كم اللسسه‬ ‫ك هو الرضا بح ْ‬ ‫مادة رجاِء المخلوقين من قل ْب ِ َ‬
‫عز وجل وقسمهِ لك‪.‬‬

‫‪385‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مهِ لسسم يبسسق لرجسساء‬ ‫سس ِ‬‫حك ْسم ِ اللسسه وق ْ‬ ‫فمسسن رضسسي ب ُ‬
‫ضع‪.‬‬‫ق في قلبه مو ِ‬ ‫الخل ِ‬
‫ن‬ ‫م للسه‪ ،‬فسإ ّ‬ ‫م مادة الخوف هسو التسسلي ُ‬ ‫والذي يحس ُ‬
‫ن‬‫ه لم يك ْ‬ ‫ن ما أصاب ُ‬ ‫ه وعلم أ ّ‬ ‫م لله واستسلم ل ُ‬ ‫من سل ّ َ‬
‫ليخطئه‪ ،‬وما أخطأه لم يكسسن ليصسسيبه‪ ،‬وعلسسم أنسسه لسسن‬
‫ُيصيبه إل ما كتب الله له لم يبسسق لخسسوف المخلسسوقين‬
‫ضا‪.‬‬‫في قلبه موضع أي ً‬
‫مها إلسسى ولّيهسسا‬ ‫فإن نفسه التي يخاف عليها قد سسسل ّ‬
‫ومولها وعلم أنه ل يصسسيبها إل مسسا كتسسب لهسسا‪ ،‬وأن مسسا‬
‫كتب لها لبسد أن يصسيبها فل معنسى للخسوف مسن غيسر‬
‫الله‪.‬‬
‫م مسسادة المبسسالت بالنسساس شسسهود‬ ‫والسسذي يحسسس ُ‬
‫الحقيقة‪ ،‬وهو رؤية الشياء كلها من الله‪ ،‬وبالله وفسسي‬
‫سلطانه ل يتحرك منها شسسيء إل‬ ‫قبضته وتحت قهره و ُ‬
‫بحسسوله وقسسوته‪ ،‬ول ينفسسع ول يضسسر شسسيٌء إل بسسإذنه‬
‫ومشيئته‪ ،‬فما وجه المبالت بالخلق!‬
‫شعًرا‪:‬‬
‫ما تسسأِتي ومسسا‬ ‫مع ُ َ‬‫س َ‬‫ن اللسسه يسسا ي ََرى وي َ ْ‬ ‫مأ ّ‬‫ت ت َعْل َس ُ‬‫إن ك ُن ْ َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر َتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ ََر‬ ‫عُ َ‬
‫ف‬‫خسسو ُ‬ ‫ن ال َ‬
‫ك عنسسه فسسأي ْ َ‬ ‫ذا َ‬
‫ك ن َهَسسا ِ‬ ‫عسسن َ‬ ‫ت في غَْفلسسةٍ َ‬ ‫وأن َ‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ َُر‬ ‫ب مسسسسسسسسسسسا وال َ‬ ‫تركسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ما عليسسه ُ َ‬ ‫ه إقْسسدا ً‬
‫حْيي‬ ‫سسسست َ ِ‬
‫ست ْ‬ ‫حَثالسسسةِ النسسسا ِ‬ ‫جسساهُِر الل س َ‬ ‫تُ َ‬
‫ن وت َعْت َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذُِر‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫و ِ‬

‫عقبسسة دارهُ‬
‫اشترى عبدالله بن عامر من خالد بسسن ُ‬
‫التي في السوق بتسعين ألف درهم‪ ،‬فمل كان الليسسل‬
‫متأسفين على بيع السسدار‪ ،‬فقسسال‪:‬‬ ‫سمع بكاء أهل خالد ُ‬
‫ن علسسى دارهسسم السستي‬‫مسسا لهسسؤلء يبكسسون‪ ،‬قسسالوا‪ :‬يبكسسو َ‬
‫اشسستريتها‪ ،‬قسسال‪ :‬يسسا غلم ائتهسسم فسسأعلمهم أن السسدار‬
‫والمال لهم جميًعا‪.‬‬

‫‪386‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وكان لُعثمان علسسى طلحسسة سس رضسسي اللسسه عنهمسسا سس‬
‫خمسسسون ألسسف درهسسم‪ ،‬فخسسرج إلسسى المسسسجد‪ ،‬فقسسال‬
‫طلحة‪ :‬قد تهيأ ماُلك فاقبض ُ‬
‫ه‪.‬‬
‫ة على مُروءتك‪.‬‬ ‫هو لك يا أبا محمد‪ ،‬مُعون ً‬ ‫فقال‪ُ :‬‬
‫ي بن الحسن على محمد بن أسسسامة بسسن‬ ‫ودخل عل ُ‬
‫زيدٍ في مرضه‪ ،‬فجعل يبكي‪ ،‬فقال‪ :‬ما شأنك؟‬
‫ي دين‪ ،‬قال‪ :‬كم هو؟ قسسال‪ :‬خمسسسة عشسسر‬ ‫قال‪ :‬عل ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫ي عل ّ‬ ‫ألف دينار أو بضعة عشر ألف دينار‪ ،‬قال‪ :‬ه َ‬
‫ضسساءُ‬ ‫ة الب َي ْ َ‬
‫ضس ُ‬ ‫م َ‬
‫طاُرهَسسا الِف ّ‬ ‫جسسودٍ فسسي أ ْ‬ ‫ب ُ‬ ‫حائ ِ ُ‬ ‫ل َُهسسم َ‬
‫سسس َ‬
‫ب‬‫مِلهم والسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ ّهَ ُ‬ ‫أن َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬
‫ض مسسا‬ ‫عسسن ب َْعسس ِ‬ ‫فسسسي الُعسسسسر قسسسالوا إذا أقصسسَرن َ‬
‫ب‬ ‫مسسسسسا ن ََهسسسسس ُ‬ ‫طسسسسسي و َ‬ ‫ة ن ُعْ ِ‬ ‫ن َثان َِيسسسسسسسسس ً‬‫سسسسسسسسسسر َ‬ ‫أي ْ َ‬
‫س‬
‫م للنسسسا ِ‬ ‫مسسسواله ْ‬
‫تأ ْ‬ ‫سسساِر َرأْيسسس َ‬ ‫م الي َ َ‬
‫عاد َ أّيسسا ُ‬ ‫ذا َ‬‫حتى إ َ‬
‫ب‬ ‫م ت ُت َّهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫لُهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬

‫آخر‪:‬‬
‫ف فيهسسا ول‬ ‫صسسل َ ٌ‬
‫ومسسا ب َِنسسا َ‬ ‫ى‬
‫ة مسسا َتبْقسس َ‬‫ت ط َُريَفسس ُ‬ ‫َقسسال َ ْ‬
‫خسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرقُ‬ ‫َ‬ ‫مَنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫د ََراهِ ُ‬
‫ق‬‫طسسسسسُر ِ‬ ‫ت إلسسسسسى ُ‬ ‫ظ َّلسسسسس ْ‬ ‫مسسسا‬
‫معَسسست َيو ً‬ ‫جت َ َ‬ ‫نإ َ‬
‫ذا ا ْ‬ ‫ل َك ِسسس ْ‬
‫سسسسسسست َب ِقُ‬
‫ف تَ ْ‬‫المعسسسسسسرو ِ‬ ‫مَنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫د ََراهِ ُ‬
‫و‬
‫علَيهسسسا وهْسسس َ‬ ‫مسسسر َ‬
‫ن يَ ُ‬ ‫ل َك ِسسس ْ‬ ‫ب‬‫ضُروْ ُ‬ ‫م ْ‬
‫م ال َ‬‫ف الد ّْرهَ ُ‬ ‫ل يأل َ ُ‬
‫طلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسقُ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّرتنا‬ ‫ُ‬

‫عم سُر بسسن عبسسدالعزيز الخلفسسة كتسسب إلسسى‬ ‫لما ولي ُ‬


‫ت بهذا المر‪ ،‬فانظر لسسي‬ ‫الحسن البصري إني قد ابُتلي ُ‬
‫ن أما أبناُء الدنيا فل‬
‫أعواًنا يعينوني عليه‪ ،‬فأجابه الحس ُ‬
‫ك فاستعن بالله‪.‬‬ ‫دون َ‬
‫م‪ ،‬وأما أبناء الخرة فل ُيري ُ‬‫تريده ُ‬
‫روي أن عمسسر بسسن عبسسدالعزيز كسسان فسسي سسسفر مسسع‬
‫سليمان بن عبدالملك‪ ،‬فأصابهم السماء برعسسد وبسسرق‬
‫عم سُر‬
‫وظلمة وريح شديدة حتى فزعوا لسسذلك‪ ،‬وجعسسل ُ‬

‫‪387‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ك يسسا عمسسر؟ أمسسا‬ ‫ك‪ ،‬فقال له سسسليمان‪ :‬مسسا ُيضسسح َ‬ ‫يضح ُ‬
‫ن فيه!‬ ‫ترى ما نح ُ‬
‫فقال له‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬هذه آثسساُر رحمت ِسهِ فيهسسا‬
‫ه!‬‫شدائد ُ ما ترى‪ ،‬فكيف بآثار سخطهِ وغضب ِ ِ‬
‫أرسل المنصور إلسسى سسسفيان الثسسوري‪ ،‬فلمسسا حضسسر‬
‫قال له‪ :‬سل ِْني حاجتك يا أبا عبدالله‪.‬‬
‫قال سفيان‪ :‬أو تقضسسيها يسسا أميسسر المسسؤمنين؟ قسسال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قسسال‪ :‬ل تط ُْلبنسسي حسستى آتيسسك‪ ،‬ول تعطينسسي حسستى‬
‫من عنده‪.‬‬ ‫ك‪ ،‬ثم خرج ِ‬ ‫أسأل ُ َ‬
‫طوا‬‫ب إلى الُعلماِء‪ ،‬فالتق ُ‬ ‫فقال المنصور‪ :‬ألقينا الح ّ‬
‫سفيان‪.‬‬ ‫إل ُ‬
‫ن‬‫جوَ النسسسا َ‬ ‫جُز أن َير ُ‬ ‫ب والعَ ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫ف على الْبسس َ‬ ‫إن الوُُقو َ‬
‫ن‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬ ‫ن إن ْ َ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬ ‫حْر َ‬ ‫ِ‬
‫حمن‬ ‫ك بسسالر ْ‬‫عن ْسد َ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫صد ُهُ إن كسسا َ‬ ‫خلوًُقا وت َْق ُ‬‫م ْ‬‫ل َ‬ ‫م ُ‬
‫فل ُتؤ ّ‬
‫ن‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫إي ْ َ‬
‫خل ِْقسس ِ‬
‫ه‬ ‫ه في َ‬ ‫ل ي َوْم ٍ ل َ ُ‬‫ذا في ك ُ ّ‬ ‫ث سقْ بالسسذيْ هُ سوَ ي ُعْط ِسسي َ‬
‫ن‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬ ‫َ‬ ‫مَنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ ذا‬ ‫وي َ ْ‬

‫آخر‪:‬‬
‫حْيسسسم ِ‬ ‫تعَّلسسسقَ بسسسالّر ِ‬
‫ب الّر ِ‬ ‫ت أطمسساعُ عبسدٍ‬ ‫إذا انَقط َعَس ْ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساؤُهُ‬ ‫َر َ‬ ‫عَسسسسسسسسسسسن السسسسسسسسسسسوََرى‬
‫ضَياؤُهُ‬‫واُرهُ و ِ‬ ‫جهِهِ أن ْ َ‬‫على و ْ‬ ‫َ‬ ‫ة‬
‫عس ً‬ ‫عسّزة وقََنا َ‬ ‫حسًرا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ص َ‬‫فأ َْ‬
‫ل‬ ‫طسسا َ‬‫جسسوْ وَ َ‬ ‫مسسا َير ُ‬ ‫عسسد َ َ‬
‫ت ََبا َ‬ ‫ماعُ‬ ‫ق أط ْ َ‬ ‫ت بال َ ْ‬
‫خل ِ‬ ‫ن عَل َِق ْ‬ ‫وإ ْ‬
‫عَن َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساؤُهُ‬ ‫ه‬‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ن َْف ِ‬
‫صسسفاءِ‬ ‫ل ال ّ‬‫ح في ح س ّ‬ ‫ص ّ‬
‫ولو َ‬ ‫خط ْسسب‬ ‫ج إّل اللسسه ل ِل ْ َ‬ ‫فل ت َسْر ُ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَفاؤُهُ‬ ‫َ‬ ‫ده‬ ‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫و ْ‬

‫دخل عمر ابن الخطسساب ‪ ‬المسسسجد‪ ،‬فسسرأى رجل ً‬


‫معتكًفا فيه للعبادة‪ ،‬فسأله عمن يعوله؟‬ ‫ُ‬
‫ق‬‫فقال‪ :‬أخسسي يعمسسل ويسسسعى لرزقسسه ورزقسسي ورز ِ‬
‫عمر‪ :‬أخوُ َ‬
‫ك أعبد ُ منك‪.‬‬ ‫ه ُ‬
‫عياله‪ ،‬فقال ل ُ‬
‫‪388‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫عن ابن عباس س رضسسي اللسسه عنهمسسا سس قسسال‪ :‬سسسأل‬
‫ب أيّ عبسسادك أحسسب‬ ‫موسى ربه عز وجل‪ ،‬فقال‪ :‬أيْ ر ّ‬
‫إليك؟‬
‫قال‪ :‬الذي يذكرني ول ينساني‪.‬‬
‫ضى؟‬ ‫قال‪ :‬فأي عبادك أق َ‬
‫قال‪ :‬الذي يقضي بالحق‪ ،‬ول يتبع الهوى‪.‬‬
‫قال‪ :‬أيْ رب‪ ،‬أي عبادك أعلم؟‬
‫قال‪ :‬الذي يبتغي علم الناس إلى علمسسه عسسسى أن‬
‫دى‪.‬‬‫يصيب ك َِلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن َر َ‬
‫ل في أرضك أحد ٌ أعلم مني؟‬ ‫قال‪ :‬أي رب‪ ،‬فه ْ‬
‫هو؟ قال‪ :‬الخضر‪ ،‬قال‪ :‬فأين‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فمن ُ‬
‫أطُلبه؟‬
‫ت عندها‬ ‫قال‪ :‬على الساحل عند الصخرة التي ينفل ُ‬
‫ت‪.‬‬‫حو ُ‬‫ال ُ‬
‫قال‪ :‬فخرج موسى يطلبه حتى كان ما ذكر الله‪.‬‬
‫ُيروى أن أبا حنيفة دخل عليه طائفة مسسن الخسسوارج‬
‫سسُيوفُهم‪ ،‬فقسسالوا‪ :‬يسسا أبسسا حنيفسسة‪ ،‬أفتنسسا فسسي‬ ‫شاهرين ُ‬
‫حا نجوت وإل قتلناك‪.‬‬ ‫مسألتين‪ ،‬فإن أجبت جواًبا صحي ً‬
‫ب‪،‬‬ ‫ل القل ُ‬ ‫ؤيتَها ينشغ ُ‬ ‫سُيوفكم‪ ،‬فإن ب ُِر ْ‬ ‫قال‪ :‬أغمدوا ُ‬
‫ب الج سَر بإغمادهسسا‬ ‫ن نحتس س ُ‬ ‫دها ونح س ُ‬‫م ُ‬‫قالوا‪ :‬وكيف نغْ ِ‬
‫في رقبتك؟‬
‫دهما رجسس ٌ‬
‫ل‬ ‫قال‪ :‬اسألوا؟ قالوا‪ :‬جنازتان بالباب‪ ،‬أح ُ‬
‫شرب خمًرا فمات سسسكران‪ ،‬والخسسرى امسسرأة حملسست‬
‫من الزنا‪ ،‬فماتت في ولدتها قبل التوَّبة‪ ،‬أهما مؤمنان‬
‫أم كافران؟‬
‫فسألهم‪ :‬من أي الِفرقَ كانا من الي َُهود؟‬
‫قالوا‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬من النصارى؟ قالوا‪ :‬ل‪.‬‬
‫جوس؟ قالوا‪ :‬ل‪.‬‬ ‫قال‪ :‬من الم ُ‬
‫‪389‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن كانا؟ قالوا‪ :‬مسسن المسسسلمين‪ ،‬قسسال‪ :‬قسسد‬ ‫م ْ‬ ‫قال‪ :‬م ّ‬
‫م‪.‬‬‫أجبت ُ ْ‬
‫م في النار‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬هما في الجنة أ ْ‬
‫قال‪ :‬أقول فيهما ما قال الخليل س عليسسه السسسلم س س‬
‫ن‬‫مس ْ‬ ‫من ّسسي وَ َ‬ ‫ه ِ‬‫من ت َب ِعَن ِسسي فَ سإ ِن ّ ُ‬ ‫فيمن هو شر منهما‪ :‬فَ َ‬
‫م ‪.‬‬ ‫ك غَُفوٌر ّر ِ‬
‫حي ٌ‬ ‫صاِني فَإ ِن ّ َ‬ ‫عَ َ‬
‫وأقول كمسا قسسال عيسسى سس عليسه السسسلم سس‪ِ :‬إن‬
‫ك وإن تغْفر ل َهم فَإن َ َ‬
‫زيسسُز‬ ‫ت العَ ِ‬‫ك أن ْ َ‬ ‫عَباد ُ َ َ ِ َ ِ ْ ُ ْ ِ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫م فَإ ِن ّهُ ْ‬ ‫ت ُعَذ ّب ْهُ ْ‬
‫م ‪.‬‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ال َ‬
‫وا رؤوسهم وانصرفوا‪.‬‬ ‫س ْ‬‫فنك ّ ُ‬
‫جود اللسسه‪،‬‬ ‫س من الزنادقة عن و ُ‬ ‫وسأل أبا حنيفة نا ٌ‬
‫مسسوَقرة‪ ،‬وليسسس‬ ‫ة في البحر ُ‬ ‫فقال‪ :‬ذكُروا لي أن سفين ً‬
‫ب‬ ‫سسسها ول يسسسوُقها وهسسي مسسع ذلسسك تسسذه ُ‬ ‫بها أحسد ٌ يحر ُ‬
‫سوقها‪.‬‬ ‫وتجيء وتسيُر بنفسها من غير سائق ي ُ‬
‫م‬ ‫فقالوا‪ :‬هذا شيء ل يقسسوله عاقسسل‪ ،‬فقسسال‪ :‬ويحك ُس ْ‬
‫جسسودات بمسسا فيهسسا مسسن العسسالم العلسسوي‬ ‫هسسذه المو ُ‬
‫سفلي‪.‬‬ ‫وال ُ‬
‫مسسة ليسسس لهسسا‬ ‫حك َ َ‬ ‫م ْ‬‫ت عليه من الشياء ال ُ‬ ‫وما اشتمل ْ‬
‫وا إلى الحق‪.‬‬ ‫م ورجعُ ْ‬ ‫ت القو ُ‬ ‫صانع فَب ُهَ َ‬
‫ة ول‬ ‫سّنة الذات تمحقُ البدع َ‬ ‫وقال ابن القيم‪ :‬إن ال ُ‬
‫ت‬ ‫سها في قلب العبسسد قطع س ْ‬ ‫م لها وإذا طلعت شم ُ‬ ‫تقوُ ُ‬
‫ل ب ِد ْعَةٍ وأَزاَلت ظلمة كل ضللة‪.‬‬ ‫بك ِ‬ ‫ضَبا َ‬ ‫من قلبه ُ‬
‫إذ ل سسسلطان للظلمسسة مسسع سسسلطان الشسسمس‪ ،‬ول‬
‫يرى العبد ُ الفرقَ بين السنة والبدعة‪.‬‬
‫س سّنة‬ ‫ول ُيعيُنه على الخروج من ظلمت َِها إلى نسسور ال ُ‬
‫متابعسسة‪ ،‬والهجسسرة بقلبسسه كسسل وقسست إلسسى اللسسه‬ ‫إل ال ُ‬
‫بالستعانة والخلص وصدق الّلجاء إلى الله‪.‬‬
‫والهجرة ُ إلى رسوله بالحرص علسسى الوصسسول إلسسى‬
‫سسسنته‪» ،‬فمسسن كسسانت هجرتسسه‬ ‫أقواله وأعماله وهسسديه و ُ‬
‫إلى اللهِ ورسولهِ فهجرتسه إلسى اللسه ورسسوله« ومسن‬

‫‪390‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫جَر إلسسى غيسر ذلسك فهسو حظسه ونصسيبه مسن السدنيا‬ ‫هسسا َ‬
‫والخرة والله المستعان‪.‬‬
‫ة بسسسلب اليمسسان‪،‬‬ ‫ة العقوبسس ُ‬ ‫وقسسال‪ :‬وأشسسد ُ العقوبسس ُ‬
‫ة بمسسوت القلسسب‪ ،‬ومحسسو لسسذة السسذكر‬ ‫دونهسسا العقوبسس ُ‬ ‫و ُ‬
‫والقراءة والدعاء والمناجاة‪.‬‬
‫ت عقوبة القلب فيسه دبيسب الظلمسة‪ ،‬إلسسى‬ ‫وربما دب ّ ْ‬
‫ب بها فتعمي البصيرة‪.‬‬ ‫أن يمتلي القل ُ‬
‫ن العقوَبة‪ ،‬ما كسسان واقعًسسا بالبسسدن فسسي السسدنيا‪،‬‬ ‫وأهو ُ‬
‫ن منها ما وقع بالمال‪.‬‬ ‫وأهو ُ‬
‫ة النظسسر فسسي البصسسيرة أو فسسي‬ ‫وربمسسا كسسانت عقوب س ُ‬
‫البصر أو فيهما‪.‬‬
‫سوٍء‪:‬‬ ‫حذار من أمرين لهما عواقب ُ‬ ‫حذار ِ‬
‫ب بتقليسسب‬ ‫واك‪ ،‬فإنسسك ُتعسساق ُ‬ ‫رد الحسسق لمخسسالفته هَ س َ‬
‫القلب‪.‬‬
‫ه إل إن‬ ‫سسسا ول تقبل س ُ‬ ‫ورد ّ ما يرد ُ عليك من الحسسق رأ ً‬
‫برز في قالب هواك‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫صسساَرهُ ْ‬ ‫م وَأب ْ َ‬ ‫ب أفْئ ِد َت َهُس ْ‬ ‫قال الله جسسل وعل‪ :‬وَن َُقل ّس ُ‬
‫م‬ ‫م فِسسي ط ُغْي َسسان ِهِ ْ‬ ‫ة وَن َسذ َُرهُ ْ‬ ‫م سّر ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫من ُسسوا ب ِسهِ أ َوّ َ‬ ‫م ي ُؤْ ِ‬ ‫ما ل َس ْ‬ ‫كَ َ‬
‫ن ‪‬فعاقبهم على َردِ الحق أّول مرة بأن قّلب‬ ‫مُهو َ‬ ‫ي َعْ َ‬
‫أفئدتهم وأبصارهم‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬التهسساون بسسالمر إذا حظسسر وقتسسه‪ ،‬فإنسسك إن‬
‫ك عسسن مراضسسيهِ وأوامسسره‬ ‫ه وأقعد َ‬ ‫تعاونت به ثبطك الل ُ‬
‫ة لك‪.‬‬ ‫عُُقوب ً‬
‫م‬ ‫من ْهُس ْ‬ ‫طائ َِفسةٍ ّ‬ ‫ه إ ِل َسسى َ‬ ‫ك الل ّس ُ‬ ‫جعَس َ‬ ‫قال تعالى‪ :‬فَِإن ّر َ‬
‫دا وَل َسسن‬ ‫َ‬ ‫ج فَُقل ّلن ت َ ْ‬ ‫ك ل ِل ْ ُ‬‫ست َئ ْذ َُنو َ‬
‫ي أب َس ً‬ ‫مع ِ س َ‬ ‫جوا َ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ِ‬ ‫خُرو‬ ‫َفا ْ‬
‫ة‬
‫م سّر ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫ضسسيُتم ب ِسسال ُْقُعودِ أ َوّ َ‬ ‫م َر ِ‬ ‫ي عَسد ًُوا إ ِن ّك ُس ْ‬ ‫مع ِ س َ‬ ‫ت َُقسسات ُِلوا َ‬
‫سِلم من هاتين الفاتين‬ ‫ن ‪ ‬فمن َ‬ ‫خال ِِفي َ‬ ‫معَ ال َ‬ ‫دوا َ‬ ‫َفاقْعُ ُ‬
‫فليهْن ِهِ السلم‪.‬‬
‫ف مسسن السسدنيا ولسسم‬ ‫قال يحيى بن معاذ‪ :‬يخرج العار ُ‬
‫يقضي وطرهُ من شيئين‪:‬‬
‫بكائه على نفسه‪ ،‬وثنائه على ربه‪.‬‬
‫‪391‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وهذا يدل على معرفته نفسه وعُيوبه وآفاته‪.‬‬
‫وعلسسى معرفتسسه بربسسه وكمسساله وجللسسه‪ ،‬فهسسو شسسديد‬
‫ج بالث َّناِء على ربه‪.‬‬
‫الزدراء على نفسه وله ٌ‬
‫قال رجل للحسن بن علي س رضسسي اللسسه عنهمسسا سسس‪:‬‬
‫ك‪ ،‬ولسسو‬ ‫ت مالس َ‬ ‫ت‪ ،‬فقسسال‪ :‬لعلسك أخسسر َ‬ ‫إنسسي أكسسرهُ المسسو َ‬
‫ه لسّرك أن تلحقَ به‪.‬‬ ‫مت َ ُ‬
‫قد ّ ْ‬
‫ذكسسر أن رجل ً مسسدح رجُل آخسسر فسسي وجهسسه ‪ ،‬وكسسان‬
‫عسسا‪ ،‬فقسسال‪ :‬لمسسا مسسدحتني‬ ‫ح عسساقل ً ذكًيسسا ور ً‬ ‫الممسسدو ُ‬
‫ما؟ قال‪ :‬ل‪.‬‬ ‫أجربتني عند الغضب‪ ،‬فوجدتني حلي ً‬
‫خُلق؟‬ ‫ن ال ُ‬ ‫قال‪ :‬أجربتني في السفر‪ ،‬فوجدتني حس ُ‬
‫قال‪ :‬ل‪.‬‬
‫قال‪ :‬أجربتني عند المانسة‪ ،‬فوجسدتني أميًنسا؟ قسال‪:‬‬
‫ل‪.‬‬
‫ه فسسي‬ ‫جّرب ُس ُ‬‫ح آخر ما لم ي ُ َ‬ ‫ل لحدٍ أن يمد َ‬ ‫قال‪ :‬فل يح ُ‬
‫هذه الشياء‪.‬‬
‫صسسا‬
‫قلسست‪ :‬لنهسسا محسسك ينكشسسف فيهسسا الخبايسسا خصو ً‬
‫سفر؛ لنه يسفر عن أخلق الرجال‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ل على زاهسسد‪ ،‬فقسسال‪ :‬يسسا هسسذا‪ ،‬لسسو عرفسست‬ ‫أثنى رج ٌ‬
‫مني ما أعرُفه من نفسي لبغضتني!‬
‫ث أخلِقهسسا‬ ‫س فسسي السسوطن ل تظَهسسر خبسسائ ُ‬ ‫فسسالنف ُ‬
‫سسسسها بمسسسا ُيوافسسسقُ طبعهسسسا مسسسن المألوفسسسات‬ ‫سِتئَنا ِ‬ ‫ل ْ‬
‫المعهودة‪.‬‬
‫ت عسن مألوفاِتهسا‬ ‫صسرف ْ‬ ‫فإذا حملت وعثاء السسفر و ُ‬
‫ت غوائلهسسا‬ ‫ت بمشسساق الُغربسسة انكشسسف ْ‬ ‫حن َ ْ‬
‫المعتادة وامت ُ‬
‫عيوبهسسا‪ .‬واللسسه أعلسسم‪ ،‬وصسسل اللسسه‬ ‫ووقعَ الوقوف على ُ‬
‫على محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫شكي أحد الولة إلى المسسأمون‪ ،‬فكسسذبهم‪،‬‬ ‫قيل‪ :‬إنه ُ‬
‫ح عنسسدي عسسدله فيكسسم‪ ،‬وإحسسسانه إليكسسم‪،‬‬ ‫وقال‪ :‬قد ص ّ‬
‫دوا عليه‪ ،‬فقام شيخ منهم‪ ،‬وقسسال‪ :‬يسسا‬ ‫فاستحيوا أن يُر ّ‬
‫أمير المؤمنين‪ ،‬إذا كان قد عدل فينسسا خمسسسة أعسسوام‪،‬‬
‫‪392‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ه جميسسع رعّيتسسك‬ ‫ه إلى مصر آخر حّتى يسسسع عسسدل ُ ُ‬ ‫فانقل ُ‬
‫ه‬
‫ن واستحيا منهم‪ ،‬ونقلسس ُ‬ ‫مو ُ‬
‫دعاء‪ ،‬فضحك المأ ُ‬ ‫وتربح ال ُ‬
‫عنهم‪.‬‬
‫ة‬‫جسسول فيهسسا ثلث س ٌ‬ ‫ني ُ‬ ‫قال حكيم‪ :‬للقلب ستة مسسواط َ‬
‫س‬ ‫ة عالية‪ ،‬فالسافلة‪ :‬د ُْنيا تتزين له‪ ،‬ونف س ٌ‬ ‫سافلة‪ ،‬وثلث ٌ‬
‫ه‪.‬‬ ‫س لَ ُ‬‫سو ِ ُ‬ ‫تحدثه‪ ،‬وعد ُوٌ ي ُوَ ْ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ل ُيرشده‪ ،‬وإله يعبد ُ‬ ‫ن له‪ ،‬وعق ٌ‬ ‫م يتبي ُ‬ ‫ة‪ :‬عل ٌ‬ ‫والعالي ُ‬
‫أشد ُ العمال ثلثة‪ :‬الجود ُ من قِّلضسسة‪ ،‬والسسورع فسسي‬
‫ق عند من ُيرجى وُيخاف‪.‬‬ ‫م الح ِ‬ ‫الخلوة‪ ،‬وكل ُ‬
‫احذر سؤال البخيسسل‪ ،‬فسسإّنه إن منعسسك أبغضسسته‪ ،‬وإن‬
‫أعطاك أبغضك‪.‬‬
‫احذر صحبة الشرار والفسقة‪ ،‬فإنهم يمنون عليسسك‬
‫سلمة منهم‪.‬‬ ‫بال ّ‬
‫واحرص على صسسحبة الّزهسساد فسسي السسدنيا مسسن أهسسل‬
‫العلم والورع إن وجدتُهم تسعد ْ في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫ن‬
‫مس ْ‬ ‫ث َ‬ ‫حس ِ‬
‫ن الب َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ضسسسي ْل َ َ‬‫ت َتسسسرى فَ ِ‬
‫ة فسسان ْظْر ب َعِي ْس ِ‬ ‫وإذا أَرد ْ َ‬
‫ماؤه‬ ‫ب ُنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد َ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫َ‬
‫حُبه‬ ‫صسسس ْ‬ ‫بو َ‬ ‫ي الك َِتسسسا ِ‬ ‫ه َ‬
‫طسسس ّ‬ ‫ى عَّلت ِ ِ‬ ‫مط ْوِيٌ َ‬
‫عل َ‬ ‫مْرُء َ‬ ‫فال َ‬
‫ه‬‫عُن ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوان ُ ُ‬

‫آخر‪:‬‬
‫ل‬ ‫ن والمسسا ُ‬ ‫ن ل َد َي ْهِ السد ّي ْ ُ‬‫صا ُ‬
‫يُ َ‬ ‫مسسن ود ّهُ‬ ‫ت َ‬ ‫صسساد َفْ َ‬
‫حسَر إذ َ‬ ‫تَ ّ‬
‫ض‬
‫والِعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسْر ُ‬ ‫ض‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ب قَد ْ‬ ‫ن الَقل ْ ِ‬ ‫ؤو ِ‬‫ش ُ‬
‫َ‬
‫ن ُ‬ ‫ْ‬ ‫ما عَ‬ ‫كَ َ‬ ‫ن‬‫عسس ْ‬‫ئ َ‬ ‫من ِْبسس ٌ‬
‫ل ُ‬ ‫خل ِْيسس ٍ‬
‫ل َ‬ ‫ُ‬
‫فَكسس ُ‬
‫ض‬‫أن ْب َسسسسسسسسسسسأ الن ّب ْسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫خل ِي ِْلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ‬ ‫َ‬
‫خسسُرهُ‬ ‫بآ ِ‬ ‫حسس ّ‬ ‫ك ال ُ‬ ‫ذا َ‬‫وإّل َفسس َ‬ ‫ب‬ ‫حس ُ‬ ‫من ت ُ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬
‫عا ِ‬
‫ق َ‬ ‫صد ْ ِ‬‫وبال ِ‬
‫ض‬ ‫الب ُْغسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫مسسسسسسسسسسسن السسسسسسسسسسسوََرى‬ ‫ِ‬

‫كان لبراهيم بن طهمسسان جرايسسة مسسن بيسست المسسال‬


‫سسسئل عسسن مسسسألة فسسي مجلسسس الخليفسسة‪ ،‬فقسسال‪ :‬ل‬
‫ف ُ‬
‫أدري‪ ،‬فقالوا له‪ :‬تأخذ في كل شسسهر مسسن بيست المسسال‬
‫‪393‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫خ سذ ُ علسسى‬ ‫سن مسسسألة‪ ،‬فقسسال‪ :‬إنمسسا آ ُ‬ ‫كذا وكذا‪ ،‬ول ُتح ِ‬
‫ن لفَني‬ ‫ن فقط‪ ،‬ولو أخذت على ما ل أحس ُ‬ ‫الذي أحس ُ‬
‫ت المال‪ ،‬ول يفنى ما ل أحسن‪.‬‬ ‫بي ُ‬
‫فسسأعجب الخليفسسة جسسوابه وأمسسر بجسسائزة وزاد فسسي‬
‫جرايته أي ما يجري له من بيت المال‪.‬‬
‫غلم‬ ‫ط غي سُر ُ‬ ‫قال المغيرة بن شعبة‪ :‬ما خسسدعني ق س ُ‬
‫ت امسسرأةً منهسسم وعنسسدي‬ ‫من بني الحارث‪ ،‬فسسإني ذكسسر ُ‬
‫ب من بني الحارث‪ ،‬فقال‪ :‬أيها المير‪ ،‬إنسسه ل خيسسر‬ ‫شا ٌ‬
‫ت‬‫جل ً يقب ّل َُها‪ ،‬فأقم ُ‬ ‫تر ُ‬ ‫م؟ قال‪ :‬رأي ُ‬ ‫ت‪ :‬ول ِ َ‬ ‫ك فيها‪ ،‬فُقل ُ‬ ‫ل َ‬
‫ت إليسسه‪،‬‬ ‫ما ثم بلغنسسي أن الفسستى تسسزوج بهسسا‪ ،‬فأرسسسل ُ‬ ‫أيا ً‬
‫جل ً ُيقب ُّلها؟‬‫ت‪ :‬ألم ُتعلمني أنك رأيت ر ُ‬ ‫فُقل ُ‬
‫قال‪ :‬بلى رأيت أباها ُيقب ِل َُها‪ ،‬فإذا ذكرت الفتى ومسسا‬
‫مني ذلك‪.‬‬ ‫صنعَ غ ّ‬
‫ه خطبُته‪ ،‬فقال‪ :‬أّيها النسساس‪،‬‬ ‫خطب معاوية فأعجبت ُ‬
‫مْنخسسل‪،‬‬ ‫ل ال ُ‬ ‫ل كخل س َ‬ ‫خَلل؟ فقال رجل‪ :‬نعم‪ ،‬خل ٌ‬ ‫من َ‬ ‫ل ِ‬ ‫هَ ْ‬
‫ك إّياها‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬وما هو؟ فقال‪ :‬إعجابك بها ومدح َ‬
‫ح‬
‫م سد َ ُ‬
‫م وت َ ْ‬ ‫خلًقا ت َسذ ُ ّ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مْرُء وَلك ّ‬ ‫ح ال َ‬‫مد َ َ‬
‫ن يَ ْ‬‫نأ ْ‬‫س ٌ‬‫ح َ‬‫وما َ‬
‫ه‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ن َْف َ‬

‫دا الحسسج‬ ‫كوفسسة قاصس ً‬ ‫ُيروى أنه لما وصسسل الرشسسيد ال ُ‬


‫ل الكوفسة‪ ،‬فنساداه البهلسول‪ :‬يسا هسارون‪،‬‬ ‫خرج إليسه أهس ُ‬
‫د‪ :‬من هسسذا؟ فقسسالوا‪ :‬البهل ُسسول‪ ،‬فقسسال‪ :‬يسسا‬ ‫فقال الرشي ُ‬
‫أمير المؤمنين‪ ،‬روينا بالسناد عن قدامة بسسن عبسسدالله‬
‫مسسرةَ‬ ‫العامري‪ ،‬قسسال‪ :‬رأيسست رسسسول اللسسه ‪ ‬يرمسسي ج ْ‬
‫ك‬‫ك إلي ْسسس َ‬‫د‪ ،‬ول قسسسال‪ :‬إلي ْسسس َ‬ ‫ب ول ط َسسسْر َ‬ ‫العقبسسسة ل ضسسسْر َ‬
‫ك يا أمير المؤمنين هذا خيٌر لك من تكّبرك‪.‬‬ ‫ضع ُ َ‬
‫وتوا ُ‬
‫عه‪ ،‬وقال‪ :‬أحسنت يا‬ ‫مو ُ‬
‫تد ُ‬ ‫فبكى الرشيد حتى جر ْ‬
‫دنا‪.‬‬ ‫ب ُهُْلول ز ْ‬
‫جسسل آتسساهُ اللسسه مسسال ً وجمسسال ً وسسسلطاًنا‬ ‫فقال‪ :‬أّيما ر ُ‬
‫كتب في‬ ‫سلطانه ُ‬ ‫ل في ُ‬ ‫ه وعد َ‬ ‫ف جمال ُ‬ ‫ه وع ّ‬ ‫فأنفق مال ُ‬
‫ديوان الله من الب َْرار‪.‬‬
‫‪394‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ه بجسسائزة‪ ،‬فقسسال‪:‬‬ ‫ت وأمَر ل ُ‬ ‫فقال له الرشيد‪ :‬أحسن َ‬
‫دها إلى من أخذتها منه‪.‬‬ ‫ة لي فيها ُر ّ‬ ‫ل حاج َ‬
‫م بسسك‪ ،‬فرفسسع‬ ‫د‪ :‬فنجري عليك رزًقا يقسسو ُ‬ ‫قال الرشي ُ‬
‫ه إلى السماء‪ ،‬وقال‪ :‬يا أمير المسسؤمنين‪،‬‬ ‫ل طرف ُ‬ ‫الب ُهُْلو ُ‬
‫كرك وينساني‪.‬‬ ‫حال أن يذ ُ‬ ‫أنا وأنت عيال الله فم ُ‬
‫ه‬
‫ل من أهل بيته‪ ،‬فسأل ُ‬ ‫جاء عبدالرحمن بن زيد رج ٌ‬
‫ة عل السزواج‪ ،‬فأجسابه‬ ‫مد ّهُ بشيء من المال مُعون ً‬ ‫أن ي ُ‬
‫عد ُهُ بسسه‪ ،‬فلمسسا مضسسى‬ ‫سسسا ِ‬‫سي ُ َ‬‫بجواب يدل على ِقلةِ ما َ‬
‫الرجل من عنده قال لصاحب خزانته‪ :‬أعطه أربعمائة‬
‫دا‬ ‫دينار فاستكثرها أحد ُ من حوله‪ ،‬وقال‪ :‬لقسسد رددت ر ً‬
‫ل‪ ،‬فقسسال‬ ‫ضسسعيًفا حسستى ظننسسا أنسسك ُتعطيسسه شسسيًئا قلي ً‬
‫ب أن يكون فعلي أعظم من قولي‪.‬‬ ‫عبدالرحمن‪ :‬أح ّ‬
‫معتضد إلى مجلسسس‬ ‫ما بعض خدم الخليفة ال ُ‬ ‫جاء يو ً‬
‫القضاء مع خصم له فترّفع في المجلس على خصمه‪،‬‬
‫فأمره حاجب القاضي يوسف بن يعقسسوب أن يسسساوي‬
‫ه فسسامتنع إدلل ً بجسساهه عنسسد الخليفسسة فزجسسره‬ ‫خصسسم ُ‬
‫القاضي‪ ،‬وقال‪ :‬ائتوني بالدلل الّنخاس حتى أبيع هسسذا‬
‫العبد وأبعث بثمنه إلى الخليفة‪.‬‬
‫ه مسسع‬ ‫وجسساء صسساحب القاضسسي فأخسسذ بيسسده وأجلس س ُ‬
‫مه‪ ،‬فلمسسا انقضسست القضسسّية رجسسع الخسسادم إلسسى‬ ‫صسس ِ‬‫خ ْ‬
‫المعتضد فبكى بين يسسديه‪ ،‬فقسسال لسسه‪ :‬مالسسك؟ فسسأخبره‬
‫بالخبر وما أراد القاضي من بيعه‪.‬‬
‫ه ولما اسسسترجعُتك‬ ‫ت بيع ُ‬ ‫ك لجز ُ‬ ‫فقال‪ :‬والله لو باع َ‬
‫ل مرتبسسة الشسسرع‪،‬‬ ‫صسّيتك عنسسدي ُتزيس ُ‬ ‫صو ِ‬ ‫دا‪ ،‬فليس خ ُ‬ ‫أب ً‬
‫م الديان‪.‬‬ ‫مود ُ السلطان وقوا ُ‬ ‫فإّنه ع ُ‬
‫وذكسسروا أن أحسسد التجسسار قسسدم إلسسى العسسراق مسسن‬
‫ج‬‫حج وبقي معه ألسف دْينسار ل يحتسا ُ‬ ‫ب لل َ‬ ‫خراسان فتأهّ َ‬
‫إليها‪.‬‬
‫ت‬ ‫ت بهسسا وإن أودعُتهسسا خف س ُ‬ ‫مل ْت َُها خاطر ُ‬ ‫ح َ‬ ‫فقال‪ :‬إن َ‬
‫مودِع‪.‬‬‫جحدِ ال ُ‬

‫‪395‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فمضى إلى الصحراء فسسرأى شسسجرة خسسروع فحفسسر‬
‫تحتها ودفنها‪ ،‬ثم خرج إلى الحج وعسساد فحفسسر المكسسان‬
‫فلم يجد شيًئا‪.‬‬
‫سسسئل عسسن حسساله؟ قسسال‪ :‬الرض‬ ‫فجعل يبكي‪ ،‬فسسإذا ُ‬
‫ت عضد الدولة‪ ،‬فسإن‬ ‫سرقت مالي‪ ،‬فقيل له‪ :‬لو قصد َ‬
‫ة فقصسسده فسسأخبره بقصسسته‪ ،‬فجمسسع الطبسساء‪،‬‬ ‫لسسه فطن س ٌ‬
‫وقسسال‪ :‬هسسل تسسداوي عنسسدكم فسسي هسسذه السسسنة بعُسُروق‬
‫د؟‬
‫الخْروع أح ٌ‬
‫هم‪ :‬أنا داويسست ُفلن ًسسا وهسسو مسسن خواصسسك‪،‬‬ ‫فقال أحد ُ‬
‫ي به‪ ،‬فجاء‪.‬‬ ‫عل ّ‬ ‫فقال‪َ :‬‬
‫ت هذه السنة بُعسسروق الخسسروع‪،‬‬ ‫فقال له‪ :‬هل تداوي ْ َ‬
‫م‪.‬‬
‫قال‪ :‬نع ْ‬
‫ي‬ ‫قال‪ :‬من جاءك به؟ قال‪ :‬فلن الفراش‪ ،‬قال‪ :‬عل ّ‬
‫به‪ ،‬فلما جاء‪ ،‬قال له‪ :‬من أين أخذت عروقَ الخروع؟‬
‫فقال‪ :‬من المكان الفلني‪.‬‬
‫فقال‪ :‬اذهب بهسسذا معسسك فسسأره المكسسان السسذي أخسذ َ‬
‫منه‪ ،‬فذهب بصاحب المال إلى تلك الشسسجرة‪ ،‬وقسسال‪:‬‬
‫ت‪.‬‬ ‫من هذه الشجرة أخذ ُ‬
‫ت مسسالي فرج سعَ إلسسى عضسسد‬ ‫هنا والله ترك س ُ‬ ‫فقال‪ :‬ها ُ‬
‫م المسسال فتلكسسأ‬
‫الدولسسة‪ ،‬فسسأخبره‪ ،‬فقسسال للفسسراش‪ :‬هلس ّ‬
‫فأوعده‪ ،‬فأحضر المال‪.‬‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫ويروى أن المهدي الخليفة لمسسا دخسسل البصسسرة رأى‬
‫ة من الُعلماء‬ ‫ي وخلفه جماع ٌ‬‫معاوية وهو صب ٌ‬ ‫ن ُ‬
‫إياس ب َ‬
‫س ُقدا َ‬
‫مُهم‪.‬‬ ‫وإيا ُ‬
‫مهم‬‫فقال المهدي‪ :‬أما كان فسسي هسسؤلء شسسيخ يتقسسد ُ‬
‫غير هذا الحدث! ثم التفت المهديُ إلى إياس‪ ،‬وقسسال‪:‬‬
‫ك يا فتى؟‬ ‫كم سن ّ َ‬

‫‪396‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن أسسسامة بسسن‬ ‫س َ‬ ‫ه بقاء المير ِ‬ ‫ل الل ُ‬ ‫فقال‪ :‬سني أطا َ‬
‫شا فيهم أبسسو‬ ‫ما ولهُ رسول الله ‪ ‬جي ً‬ ‫زيد بن حارثة ل ّ‬
‫ك‪.‬‬‫ك في ْ ْ‬ ‫م ُبور َ‬ ‫عمر‪ ،‬فقال له المهدي‪ :‬تقد ّ ْ‬ ‫بكر و ُ‬
‫ه‬‫ي قضاء البصرة وسسن ّ ُ‬ ‫وُيروى أن يحيى بن أكثم ول ّ‬
‫ن‬ ‫قريًبا من عشرين سنة فاستصغروه‪ ،‬فقالوا‪ :‬كم س ُ‬
‫القاضي؟ فقال‪ :‬أنا أكسسبر مسسن عتسساب بسسن أسسسيد السسذي‬
‫ه به رسول الله ‪ ‬قاضسًيا بمكسة يسوم الفتسح‪ ،‬وأنسا‬ ‫ج َ‬‫و ّ‬
‫ه بسه رسسول اللسه ‪‬‬ ‫جس َ‬ ‫أكبر من معاذ بن جبل الذي و ّ‬
‫ه بسسه‬ ‫جسس َ‬ ‫ور الذي و ّ‬ ‫س ْ‬‫قاضًيا لليمن‪ ،‬وأكبر من كعب بن ُ‬
‫ة‪.‬‬‫صَر ِ‬ ‫عمر بن الخطاب ‪ ‬قاضًيا للب ْ‬
‫م سَر أن ل يزي ْسد َ‬ ‫كمسساء وأ َ‬ ‫ح َ‬ ‫س أحد ُ الملوك أح سد َ ال ُ‬ ‫حب َ َ‬ ‫َ‬
‫مه اليومي على قرصين من شعير‪ ،‬فأقام الحكيم‬ ‫طَعا ُ‬
‫على هذه الحالة د ُْون أن يتكلم‪ ،‬فأمر الملسسك أصسسحابه‬
‫أن يسأُلوه عن ذلك‪ ،‬فقسسالوا‪ :‬أّيهسا الحكيسسم‪ ،‬أنست فسسي‬
‫ب فسسي‬ ‫حُتك‪ ،‬فمسسا هُسوَ السسسب ُ‬ ‫شدة وضيق ولم تتأثر صس ّ‬
‫ذلك؟‬
‫ل يوم شيًئا‪:‬‬ ‫خذ ُ منه ك ّ‬ ‫طآ ُ‬ ‫ة أخل ِ‬ ‫ت ست َ‬ ‫فقال‪ :‬عمل ُ‬
‫ه‪.‬‬‫ة بالله جل جلل ُ‬ ‫الول‪ :‬الثّق ُ‬
‫ن ل محالة‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬علمي أن كل ما قدرهُ الله كائ ٌ‬
‫خْيسسُر مسسا يسسستعمُله‬ ‫صسسبر َ‬ ‫والثسسالث‪ :‬علمسسي أن ال ّ‬
‫حن‪.‬‬ ‫مت َ َ‬‫م ْ‬ ‫ال ُ‬
‫ت على الصبر‪.‬‬ ‫ع‪ :‬الثبا ُ‬ ‫والراب ُ‬
‫سسسي فسسي قسسولي مسسن‬ ‫والسادس‪ :‬ترويحي علسسى نف ِ‬
‫ك ذلك‪ ،‬فعفا عنه‪.‬‬ ‫ج‪ ،‬فبلغ المل َ‬ ‫عة فر ٌ‬ ‫ساعة إلى سا َ‬
‫قال بعضهم‪ :‬انتفعت بأعدائي أكثر مما انتفعت من‬
‫بأصسسحابي؛ لن أعسسدائي ُيعي ُّروَْننسسي بالخطسسأ وي ُن َب ّهُسسون َِني‬
‫حونني وُيزيُنون لي الخطأ‬ ‫جن ُّبه‪ ،‬وأصحابي يمد ُ‬ ‫عليه فأت َ‬
‫ن‬ ‫كسسو ُ‬ ‫س كسسذالك ي ُ‬ ‫جُعون َِني عليسسه بنفسساقهم‪ ،‬ولْيسس َ‬ ‫وُيشسس ّ‬
‫صحاب‪.‬‬ ‫ال ْ‬
‫َ‬
‫عنسسي‬ ‫ن َ‬ ‫ب الرحمسس ُ‬ ‫ي فََل أذ ْهَ س ْ‬ ‫عل س ّ‬ ‫ل َ‬ ‫داتي ل َهُسسم فَ ْ‬
‫ضس ٌ‬ ‫عُ س َ‬
‫عاديسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ة ال َ‬ ‫ومنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٌ‬
‫‪397‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ت‬ ‫سسسوني فاك ْت َ َ‬
‫سسب ُ ُ‬ ‫م ناف ُ‬ ‫حُثسسوا عسسن زّلسستي وهُ ْ‬ ‫وا ب َ َ‬ ‫مسس ْ‬ ‫هُ ُ‬
‫مَعال ِي َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬‫جت َن َب ْت َُهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ال َ‬
‫فا ْ‬

‫وقال آخر‪:‬‬
‫خَلقِسسسسي‬ ‫ت عسسسسن أ ْ‬ ‫مَعسسسساِئبي ون ََفي ْسسسس ُ‬ ‫ي َ‬ ‫علسسسس ّ‬‫عسسسسد ّْوا َ‬ ‫َ‬
‫ذاءَ‬ ‫َ‬
‫َفحسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذِْرُتها القسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬
‫كالس َ‬
‫شَفاءَ‬
‫ن ِ‬ ‫كو ُ‬‫حَياًنا ي َ ُ‬
‫مأ ْ‬ ‫َ ُ ّ‬ ‫ما انتَفعَ الَفَتى ب ِعَد ُوّهِ‬ ‫ول َُرب ّ َ‬

‫وقال آخر‪ :‬ل خير في القول إل مع العمل‪ ،‬ول في‬


‫الفقسسه إل مسسع السسورع‪ ،‬ول فسسي الصسسدقة إل مسسع النيسسة‬
‫الخالصة‪.‬‬
‫ول في المال إل مسع الجسود فيمسا يرضسى اللسه‪ ،‬ول‬
‫في الصدق والوعد والعهد إل مع الوفاء‪.‬‬
‫قال ابن القيم س رحمه الله س‪ :‬ومعلوم عند الخاصسسة‬
‫و العامة أن فتنة سماع الغناء والمعَسسازف أعظسسم مسسن‬
‫ح بكثير‪.‬‬‫فتنة الن ّوْ َ‬
‫ن وغُيرنا وعرفن َسسا بالتجسسارب أنسسه‬ ‫والذي شاهدناه نح ُ‬
‫ت‬‫م وفشس ْ‬ ‫ف وآلت اللهسسو فسسي قسسو ٌ‬ ‫ما ظهسسرت المعسساز ُ‬
‫ط الله عليهم العدو‪.‬‬ ‫سل ّ َ‬
‫فيهم واشتغُلوا بها إل َ‬
‫سوء والعاقل يتأمسسل‬ ‫جدب وُولة ال ُ‬ ‫حط وال ُ‬‫وي ُُلو بالُق ْ‬
‫ظر‪ ،‬والله المستعان‪.‬‬ ‫أحوال الَعاَلم وين ُ‬
‫وقال شيخنا عبدالرحمن الناصر السعدي سسس رحمسسه‬
‫اللسسه سسس‪ :‬اعلمسسوا رحمكسسم اللسسه‪ ،‬أن المعسسازف والغنسساء‬
‫وآلت اللهو من المحرمات‪.‬‬
‫فاجتنبوهسسا‪ ،‬فقسسد جسساءت نصسسوص الشسسر بتحريمهسسا‬
‫وحذر منها العلماء وحرموها‪.‬‬
‫وقد تهاون بذلك بعض الذين يفتحون الراديو علسسى‬
‫إذاعات العزف والغناء وذلك ل يحل ول يجوز‪.‬‬
‫وفيه مفاسد وشرور كثيرة تصد القلوب عن الخير‬
‫وترغبهسسا فسسي الشسسر‪ ،‬ويسسؤذون المسسارين والسسسامعين‬
‫والجيران‪.‬‬
‫‪398‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فمن فتح علسسى الغنسساء والمعسسازف‪ ،‬فقسسد بسساء بسسإثمه‬
‫وإثم كل من سمع‪.‬‬
‫ري‬ ‫مسسن ي َ ْ‬
‫شسست َ ِ‬ ‫س َ‬
‫ن الّنا ِ‬
‫م َ‬‫يقول سبحانه وتعالى‪ :‬وَ ِ‬
‫ه ‪ .‬واللسسه أعلسسم‪،‬‬ ‫ل الّلس ِ‬
‫سسِبي ِ‬ ‫ضس ّ‬
‫ل عَسسن َ‬ ‫ث ل ِي ُ ِ‬
‫دي ِ‬ ‫ل َهْوَ ال َ‬
‫ح ِ‬
‫وصل الله على محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫ه مسسن رزق وهسسو‬ ‫قال شيخ السلم‪ :‬فالعبسسد لب ُسد ّ ل س ُ‬
‫دا‬‫ه من الله صسساَر عَب ْس ً‬ ‫ج إلى ذلك‪ ،‬فإذا طلب رزق ُ‬ ‫محتا ٌ‬‫ُ‬
‫دا لسسذلك‬ ‫ق صار عب ً‬ ‫ه من مخُلو ٍ‬ ‫لله فقيًرا إليه‪ ،‬وإذا طلب ُ‬
‫المخلوق فقيًرا إليه؛ ولهذا كسسانت مسسسألة )المخل ُسسوق(‬
‫محرمة( في الصل‪.‬‬ ‫أي سؤاله ) ُ‬
‫ة‪ ،‬وفسسي النهسسي عنهسسا أحسساديث‬ ‫ُ‬
‫ضُرور ِ‬‫ت لل ّ‬‫ح ْ‬ ‫وإنما أبي ْ َ‬
‫كثيرة‪.‬‬
‫ب عن جميسسع‬ ‫ن يستْغن القل ُ‬ ‫وقال س رحمه الله س‪ :‬ول ْ‬
‫هو مسسولهُ السسذي ل يعب ُسسد‬ ‫ه ُ‬ ‫المخلوقات إل بأن يكون الل ُ‬
‫إل إّياهُ ول يستعين إل به‪.‬‬
‫ول يتوكل إل عليه ول يفسسرح إل بمسسا ُيحب ُسسه ويرضسساه‬
‫ب ويك ْرِهُ ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ه الر ُ‬ ‫ول يكره إل ما ُيبغض ُ‬
‫ول يوالي إل من واله الله ول يعادي إل من عسساداهُ‬
‫ه‪.‬‬
‫الل ُ‬
‫ض شيًئا إل لله ول ُيعطي إل‬ ‫ب إل لله ول ُيبغ ُ‬ ‫ول ُيح ُ‬
‫لله ول يمنعُ إل لله‪.‬‬
‫ت عُُبسسوديُته‬ ‫ملسس ْ‬ ‫ص دينسسه للسسه ك َ ُ‬ ‫فكلمسسا قسسوي إخل ُ‬
‫واستغناؤهُ عن المخلوقين‪.‬‬
‫عبسسوديته للسسه تكمسسل تسسبرئُته مسسن الكسسبر‬ ‫وبكمسسال ُ‬
‫والشرك‪.‬‬
‫والشرك غالب على النصسسارى والكسسبر غسسالب علسسى‬
‫اليهود‪.‬‬
‫م‬ ‫خس ُ َ‬ ‫قال الله تعالى فسسي النصسسارى‪ :‬ات ّ َ‬
‫حب َسساَرهُ ْ‬‫ذوا أ ْ‬
‫ورهْبانه َ‬
‫مسسا‬ ‫م وَ َ‬ ‫مْري َ َ‬
‫ن َ‬‫ح اب ْ َ‬ ‫سي َ‬ ‫م ِ‬‫ه َوال ْ َ‬‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬
‫من ُ‬ ‫م أْرَباًبا ّ‬ ‫َُ َ َُ ْ‬
‫‪399‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫ُالهمم العالية‬
‫مسسا‬ ‫ه عَ ّ‬ ‫حان َ ُ‬ ‫ه إ ِل ّ هُوَ ُ‬
‫س سب ْ َ‬ ‫دا ل ّ إ ِل َ َ‬ ‫دوا إ ِل ًَها َوا ِ‬
‫ح ً‬ ‫مُروا إ ِل ّ ل ِي َعْب ُ ُ‬ ‫أ ِ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫َ‬
‫وى‬ ‫مسسا ل َ ت َهْس َ‬ ‫ل بِ َ‬‫سسسو ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫جاَءك ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫وفي اليهود‪ :‬أفَك ُل ّ َ‬
‫َ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫ريًقا ت َْقت ُُلو َ‬ ‫م وَفَ ِ‬ ‫ريًقا ك َذ ّب ْت ُ ْ‬ ‫م فََف ِ‬ ‫ست َك ْب َْرت ُ ْ‬ ‫ما ْ‬ ‫سسك ُ ُ‬ ‫أنُف ُ‬
‫ل علسسى‬ ‫وقال س رحمه الله س‪ :‬أرجح المكاسب التوكس ُ‬
‫ن الظسسن بسسه‪ ،‬ويأخ سذ ُ‬ ‫سس ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫الله تعالى والثقسسة بك ُْفي َت ِسهِ و ُ‬
‫س من غير أن يكون له في القلسسب‬ ‫المال بسخاوة نف ٍ‬
‫مكانة؛ ولكن يسعى في تصسسليحه وتنميتسسه لقامسسة مسسا‬
‫عليسسه مسسن واجبسسات ومسسستحبات وللسسستغناء بسسه عسسن‬
‫الخلق‪.‬‬
‫جسسب أن‬ ‫ب الع َ‬ ‫وقال ابن القيم س رحمه الله سسس‪ :‬أعجس ُ‬
‫حُبه‪ ،‬وأن تسمع داعيه ثم تتأخر عن‬ ‫ف الله ثم ل ت ُ‬ ‫تعر َ‬
‫مسسل‬ ‫ملته ثسسم ت َُعا ِ‬ ‫مَعا َ‬ ‫الجابة‪ ،‬وأن تعرف قد َْر الربح في ُ‬
‫در غضسسبه ثسسم تتعسسرض لسسه‪ ،‬وأن‬ ‫ه‪ ،‬وأن تعسسرف ق س ْ‬ ‫غَي ْسَر ُ‬
‫س‬ ‫ب الن س َ‬ ‫ذوق ألم الوحشة في معصيته‪ ،‬ثسسم ل تطل س ُ‬ ‫ت ُ‬
‫بطاعته‪.‬‬
‫وأعجب من هسسذا علمسسك أن ّسسك لب ُسد ّ لسسك منسسه وأنسسك‬
‫رض وفيما ُيبعسسدك عنسسه‬ ‫مع ْ ِ‬ ‫أحوج شيء إليه وأنت عنه ُ‬
‫راغب‪ .‬اهس‪.‬‬
‫فوائد جمة‪:‬‬
‫ف‬ ‫ة‪ ،‬ومسسن اسسستح ّ‬ ‫ة خسسسر خمس س ً‬ ‫مسسن أهسسان خمس س ً‬
‫الُعلماء خسر الدين‪.‬‬
‫ف بالمراء خسر الدنيا‪.‬‬ ‫ومن استخ ّ‬
‫ف بالجيران خسَر المنافع‪.‬‬ ‫ومن استخ ّ‬
‫ب المعيشة‪.‬‬ ‫ف بأهله خسَر طي َ‬ ‫ومن استخ ّ‬
‫ح سدٍ‬ ‫هل َ‬ ‫روي عن النبي ‪ ‬أنه قسسال‪» :‬ل ي ُعْط ِسسي اللس ُ‬
‫سا أخرى‪ :‬ل ي ُعْط ِي ْسهِ الشسسكَر‬ ‫ه خم ً‬ ‫سا إل وقَد ْ أعَد ّ ل َ ُ‬ ‫خم ً‬ ‫ْ‬
‫عاء إل وقسد ْ أعَسد ّ‬ ‫طيه الد ّ َ‬ ‫دة‪ ،‬ول ي ُعْ ِ‬ ‫ه الزيا َ‬ ‫إل وقَد ْ أعَد ّ ل َ ُ‬
‫ه‬‫جاَبة‪ ،‬ول يعطيسسه السسستغفار إل وقسسد أعَسد ّ ل َس ُ‬ ‫سسست َ‬ ‫ه ال ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫ه الَقُبسسول‪ ،‬ول‬ ‫طيه التوبة إل وقد أعَد ّ ل َ ُ‬ ‫الغُْفران‪ ،‬ول ي ُعْ ِ‬
‫ه الت َّقّبل«‪.‬‬ ‫ة إل وقد أعَد ّ ل َ ُ‬ ‫صدقَ َ‬ ‫طيه ال ّ‬ ‫ي ُعْ ِ‬
‫‪400‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫اعلم وفقنا اللسسه وإيسساك أن مسسن أكسسثر ذكسسر المسسوت‬
‫وزيسسسارة المستشسسسفيات والمستوصسسسفات والمقسسسابر‬
‫دة فوائد‪:‬‬ ‫والمرضى استفادة ع ّ‬
‫الولى‪ :‬المبادرة على التوبة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬القناعة بالرزق اليسير‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬النشاط في العبادة‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬الوصية‪.‬‬
‫الخامسة‪ :‬ترجيع العواري‪.‬‬
‫سادسسسة‪ :‬أداء الحقسسوق السستي عليسسه للسه أو لخلسسق‬ ‫ال ّ‬
‫الله‪.‬‬
‫معاملسسة أو‬ ‫السسسابعة‪ :‬اسسستحلل مسسن بينسسه وبينسسه ُ‬
‫مخاصسسمة قديمسسة أو حديثسسة مسسن جسسار أو زوجسسة‪ ،‬أو‬
‫ك‪ ،‬أو أجير‪ ،‬أو نحو ذلك‪.‬‬ ‫مَعامل‪ ،‬أو صديق‪ ،‬أو شري ْ ٍ‬ ‫ُ‬
‫شعًرا‪:‬‬
‫جَر‬ ‫ه بالّز ْ‬ ‫مٍع ل ي َُنهن َ ُ‬ ‫ل دَ ْ‬‫من ْهَ ّ‬
‫ر بَ ُ‬ ‫ب ن َِيسسام ٍ فسسسي المقسساب ِ‬ ‫وَُر ّ‬
‫م‬‫ُزْرت ُُهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫س‬‫دار َ‬ ‫عو َ‬ ‫ث علسسى السسدار َيسسد ْ ُ‬ ‫دا ِ‬ ‫جسسس َ‬ ‫ت علسسسى ال ْ‬ ‫وقَْفسسس ُ‬
‫ل الَفْقسسسسسسسسسرِ‬ ‫ق الط َّلسسسسسسسسس ِ‬ ‫شسسسسسسسسس ٍ‬ ‫عا ِ‬‫ة َ‬ ‫وقَْفسسسسسسسسس َ‬
‫ن‬ ‫صسساعَد ْ َ‬ ‫ت َقسسد ْ ت َ َ‬ ‫مِع إلى َزَفرا ٍ‬ ‫ض السسد ّ ْ‬ ‫ل فَْيسس ُ‬ ‫سسسا َ‬ ‫فمسسا َ‬
‫دري‬ ‫صسسسسسسسسسس ْ‬ ‫مسسسسسسسسسسن َ‬ ‫ه ِ‬ ‫حّتسسسسسسسسسسى قََرن ُْتسسسسسسسسسس ُ‬ ‫َ‬
‫م وأن ُْتسسم‬ ‫منك ُ ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫ض ْ‬ ‫م َ‬ ‫دا َ‬‫ض هّل عُُهو َ‬ ‫ن ب َطسسن الر ِ‬
‫ْ‬ ‫كا ُ‬ ‫سسس َ‬ ‫أ ُ‬
‫علسسسسسسسسسسى الظ ّْهسسسسسسسسسس ِ‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ذ َك َْرُتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ج‬ ‫حلل ً وَك ُن ُت ُسسسسم أولسسسسى السسسسد ّي َْبا ِ‬ ‫ى ُ‬ ‫ن الِبل س َ‬ ‫م بأك َْفا ِ‬ ‫َرضي ْت ُ ْ‬
‫مسسسسسسسسرِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل ال ُ‬ ‫حَلسسسسسسسس ِ‬ ‫م وال ُ‬ ‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫ب‬ ‫جُنسسو ُ‬ ‫ف َرَقسسد ُْتم وال ُ‬ ‫شسساَيا فك َْيسس َ‬ ‫ح َ‬ ‫م ت ُسسوِذي ال َ‬ ‫وقَد ْ ك ُن ْت ُس ُ‬
‫خر‬ ‫صسسسسسسسسس ْ‬ ‫كم علسسسسسسسسسى ال ّ‬ ‫جُنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوب ُ‬ ‫ُ‬
‫حراِء مسن‬ ‫صس ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫سساك ِ َ‬‫أل َيسسا قُُبسسوًرا ُزْرت َُهسسا غَْيسسَر بَهسا َ‬
‫صسسسسسسسسسرِ‬ ‫كن الَق ْ‬ ‫سسسسسسسسسسا ِ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫عسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسار ٍ‬ ‫َ‬
‫‪401‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ك‬ ‫مث ْسسوىَ َ‬
‫ذوي ْس ِ‬ ‫ك ل َي َ ْ‬
‫حت َسساُر فسسي َ‬ ‫ري في ذوْيسس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل ََقد ْ َ‬
‫حاَر فِك ْ‬
‫ه ُأوُلسسسسسسسسسسوْ الِف ْ‬
‫كسسسسسسسسسسرِ‬ ‫وإّنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬

‫ل عمل ً ل ينفعُسسك‪ ،‬ول‬ ‫ل ما ل تطيق‪ ،‬ول تعم س ْ‬ ‫ل تحم ْ‬


‫ة‪ ،‬ول تث ِسقْ بالمسسال وإن‬ ‫ت عفيف س ً‬ ‫تغتر بالمرأة وإن كسسان ْ‬
‫كُثر‪.‬‬
‫مون لصوص المسسودات فاحسسذرهم‪ ،‬ل‬ ‫سعاة والنما ُ‬ ‫ال ُ‬
‫ُتصد ّقْ كثير الحلف وإن اجتهد في اليمين‪ ،‬واحذر كسسل‬
‫الحسسذر مسسن الخسسدامين والخسسدامات والسسسائقين غيسسر‬
‫المؤمنين‪.‬‬
‫ه‪ ،‬قسسال‬ ‫مسس ُ‬ ‫ك فل ت َل ُ ْ‬ ‫ل أن يعرف َ‬ ‫صر في حقك قب َ‬ ‫من ق ّ‬
‫ل‪ ،‬ثانًيا‪:‬‬ ‫بعضهم موصًيا‪ :‬عليك بالعلم ل تبغسسي بسسه بسسد ً‬
‫عللا‪ :‬الثقسسة بسسالله والتكسسال‬ ‫الحلم‪ ،‬ثالًثا‪ :‬التقسسوى‪ ،‬راب ً‬
‫سللا‪ :‬الخلص فسسي‬ ‫عليسسه فسسي جميسسع الحسسالت‪ ،‬خام ً‬
‫عا‪:‬‬ ‫سا‪ :‬القناعة بما قسم الله لسسسك‪ ،‬ساب ً‬ ‫العمل‪ ،‬ساد ً‬
‫ح فسسي‬ ‫الصدق‪ ،‬والوفاء بالوعد والعهسسد‪ ،‬ثامًنا‪ :‬اللحسسا ُ‬
‫الدعاء في أوقات الجابة‪ ،‬وتقدم ذكرها‪.‬‬
‫شعًرا‪:‬‬
‫خَلئ ِ ُ‬
‫ق‬ ‫ب إلسسسى فًَتسسى ل ُتسسرىَ فيسسه َ‬ ‫سسسسو ٍ‬ ‫من ْ ُ‬
‫سب َ‬ ‫ول َْيسسس َ‬
‫جسسسسسسسسسا أرَبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬ ‫ح َ‬ ‫العِل ْسسسسسسسسسم ِ َوال ِ‬
‫خْيسسسسر‬‫م ال َ‬ ‫سسسسسي ْ ُ‬ ‫ج ِ‬‫ل َ‬ ‫حد َةُ ت َْقوى اللسسهِ اّلسستي ي َُنسسسسا ُ‬ ‫َفوا ِ‬
‫مسسسسسسسسعُ‬ ‫ج َ‬‫لأ ْ‬ ‫ضسسسسسسسس ُ‬
‫بهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا والَف ْ‬
‫مسسرُوءة‬ ‫عليسسه ذ ُوْ ال ُ‬ ‫حي َسساِء فَسسإَنه طبسساعٌ َ‬ ‫صد ْقُ ال َ‬ ‫ة ِ‬ ‫وثاِني ٌ‬
‫ل ي ُط ْب َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعُ‬ ‫جهْسسس ُ‬‫م إذ َ ال َ‬ ‫حل ْسسس ٌ‬
‫وثالث ُهَسسسا ِ‬
‫‪402‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫سّرعُ‬ ‫من فُ ُ‬
‫جورٍ ت َ َ‬ ‫ت إل َي ْهِ َ‬
‫خَباًيا ِ‬ ‫ا ُط ْل َِعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫مي ِْنسسهِ‬ ‫مْلسس ِ‬
‫ك يَ ِ‬ ‫جود ٌ ب ُ‬
‫ة ُ‬
‫ورابع ٌ‬
‫ح سقُ السسذي ل َي ْس َ‬
‫س‬ ‫إذ َ َناَبه ال َ‬
‫ُيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ْفَعُ‬

‫فصل‬
‫حسن والَقِتسل‬ ‫ن ُْبسذ َةٌ ممسا جسرى لوليساء اللسه مسن ال ِ‬
‫م َ‬
‫هم‬ ‫مجرميسسن جسسازا ُ‬ ‫طغسساة وال ُ‬ ‫من الظلمسسة وال ُ‬ ‫والضرب ِ‬
‫الله بما يستحقون‪.‬‬
‫ن يوسف عبدالله بن الزبير‪ ،‬أمسسر‬ ‫لما قتل الحجاج ب ُ‬
‫ت أبي‬ ‫ه أسماُء بن ُ‬ ‫م ُ‬‫بخشبةٍ فصلبه عليها‪ ،‬فلما أقبلت أ ّ‬
‫بكسسر الصسسديق س س رضسسي اللسسه عنهمسسا س س إلسسى الخشسسبة‬
‫فعانقتها وجلست تبكي‪ ،‬وتقسسول‪ :‬واغوثسساه‪ ،‬يسا للسه مسا‬
‫أعظم ما نزل بنا بعدك يا محمسسد يسسا رسسسول اللسسه‪ ،‬لسسو‬
‫حامسسك وأبنسساء‬ ‫ك وأْر َ‬ ‫ُتسسدرك مسسا نسسزل بعسسدك بأصسسهار َ‬
‫ما‪.‬‬ ‫ت أمًرا عظي ً‬ ‫المهاجرين لرأي َ‬
‫اللهم فبلغ عنسسا نبيسسك ‪ ‬فسسي عظيسسم مسسا نسسزل بنسسا‪،‬‬
‫ت‬‫عمسسر‪ ،‬فبكسسى حسستى كسساد ْ‬ ‫فأخبر بمقالتها عبدالله بسسن ُ‬
‫سه تفيض‪ ،‬ثم قال لبنه‪ُ :‬قدني إليها وقد ك َب َُر وكسسان‬ ‫نف ُ‬
‫ه إليهسسا‪،‬‬ ‫مسسر فقسساده ابنس ُ‬ ‫ر‪ ،‬وكانت قد عُ ّ‬ ‫يرِتعش من الكب ِ‬
‫فلما أشرف على الخشسسبة نظسسر إليسسه مصسسلوًبا‪ ،‬قسسال‪:‬‬
‫جسساِئر‬ ‫ت رسول اللسسه ‪ ‬يقسسول‪» :‬لي َْقت ُُلنسسي أ ِ‬
‫مي ْسٌر َ‬ ‫سمع ُ‬
‫دا فسسي سسسبيل‬ ‫َ‬ ‫على َ‬
‫مجاه س ً‬ ‫ت ُ‬‫م سو ْ َ‬ ‫ي من أ ُ‬ ‫ب إل ّ‬ ‫ح ّ‬
‫عة أ َ‬ ‫طا َ‬
‫ي مسسن الشسسقياء‪ ،‬فبل ّسسغ ذلسسك إلسسى‬ ‫اللسسه«‪ ،‬فسسأتى شسسق ٌ‬
‫ل مبلغ‪ ،‬فركب إلى‬ ‫ل ابن عمر ك ّ‬ ‫الحجاج‪ ،‬فبلغ منه قو ُ‬
‫عمسسر‬ ‫ه عندها تبكسسي وابسسن ُ‬ ‫خشبة بن الُزبير فأصاب أم ُ‬
‫مثُله ُيبكى عليه‪ ،‬فقسسال اب س ُ‬
‫ن‬ ‫ما‪ ،‬فقال‪ :‬لْيس ِ‬ ‫وابنه سال ً‬
‫عمسسر‬ ‫ن ُ‬ ‫ص سَرف اب س ُ‬ ‫ه وان ْ‬ ‫م ُ‬
‫عمر‪ :‬قومي‪ ،‬فقامت ولم تكل ِ ْ‬
‫إلى منزله‪.‬‬
‫‪403‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫عمر بن خليفسسة‬ ‫فدعا الحجاج رجاله‪ ،‬فقال‪ :‬إن ابن ُ‬
‫ب رسول الله ‪ ‬وأخاف إن خرجنا أن يسستحل‬ ‫وصاح ُ‬
‫علماُء العسسراق‪ ،‬قسسالوا‪ :‬فمسسا‬ ‫ن الزير و ُ‬ ‫حل اب ُ‬ ‫مّنا ما است َ‬ ‫ِ‬
‫ترى؟ قال‪ :‬هذا أعظم مما كان من ّسسا إنمسسا عمسسدنا إلسسى‬
‫عرضسست عليسسه‬ ‫جبسسل السسسلم وحسساجب محمسسد ومسسن ُ‬
‫الخلفسسة فلسسم يقبلهسسا‪ ،‬ومسسن حسسج أربعيسسن حجسسة‪ ،‬ومسسن‬
‫ه قريش حمامة البيت ُيريسسد ابسسن عمسسر‪ ،‬وقَ سد ُْرُوه‬ ‫سمت ُ‬
‫ب الوس والخسسزرج لبيسسه‬ ‫حس ّ‬ ‫في العرب كما علمت ُسسم و ُ‬
‫عواَنهم‪.‬‬ ‫ظلمة وأ ْ‬ ‫عمر بن الخطاب‪ ،‬نعوذ ُ بالله من ال ّ‬ ‫ُ‬
‫حا وأمرهُ‬ ‫سا جام ً‬ ‫ه أن يركب فر ً‬ ‫ج غلم ُ‬ ‫فبعث الحجا ُ‬
‫ه بالفرس ويقتله‪.‬‬ ‫أن يطحن ُ‬
‫فركب الُغلم الفسسرس فنظسسر إلسسى ابسسن عمسسر وهسسو‬
‫ه‪ ،‬فبسسادر‬ ‫ضسس ُ‬ ‫ه ور ّ‬ ‫م الجمعة فحمل عليه وصدم ُ‬ ‫سائٌر يو َ‬
‫مسسسلمين فسسي‬ ‫غلم‪ ،‬أهلكسست ال ُ‬ ‫الناس إليه‪ ،‬وقالوا‪ :‬يسسا ُ‬
‫ج ينتظر موَته‪.‬‬ ‫علمهم‪ ،‬فطلبك الله وأقام الحجا ُ‬
‫فلما أبطأ عليه عمد إلى الحديدة التي فسسي الرمسسح‬
‫ما ناقعًسسا وجعلهسسا فسسي عصسسا‪ ،‬وقسسال لحسسد‬ ‫سس ً‬ ‫مَها ُ‬ ‫فس س ّ‬
‫خل‪،‬‬ ‫مهِ واتكئ عيه حّتى يسسد ُ‬ ‫رجاله‪ :‬ضُعه على ظهر قد ِ‬
‫ك هاهَُنا‪،‬‬ ‫جل َ َ‬ ‫ت أن ر ْ‬ ‫فإنت قال‪ :‬أهلك َْتني‪ ،‬فقل‪ :‬ما عَل ِ ْ‬
‫م ُ‬
‫ما‬‫س ً‬ ‫مر ُ‬ ‫ففعل ذلك ثم خرج عنه فاشتعل جسد ُ ابن عُ َ‬
‫ة الله عليه‪.‬‬ ‫فأقام ثلثة أيام فمات‪ ،‬رحم ُ‬
‫ودخل الحجاج علسسى ابسسن عمسسر يعُسسوده قبسسل مسسوته‪،‬‬
‫عمر‪ :‬أنت قت َْلتني‪ ،‬حسبنا الله ونعم الوكيل‪.‬‬ ‫ن ُ‬ ‫فقال اب ُ‬
‫ذوا في سسسبيل اللسسه وقتلسسوا سسسعيد بسسن‬ ‫ومن الذين آ ُ‬
‫جبير وقصته أشهر من تذكر فل نطيل بسسذكرها‪ ،‬وكسسان‬
‫ه الحجسساج‪ ،‬فقسسال‪ :‬اللهسسم ل‬ ‫قد دعا من قبسسل أن يسسذبح ُ‬
‫ه بعدي‪.‬‬ ‫طه على أحدٍ يقُتل ُ‬ ‫ُتسل ّ ْ‬
‫مسسا‬‫وقيل‪ :‬إنه عاش بعد قتله لسعيد سسستة عشسسر يو ً‬
‫ت الكلة في ِبطِنه‪ ،‬وكسسان ينسسادي فسسي بقيسسة‬ ‫فقط وقع ِ‬
‫ت النسسوم أخسسذ‬ ‫حياته مالي ولسعيد بن جسسبير ك ُّلمسسا أرد ْ ُ‬
‫جلي‪.‬‬ ‫بر ْ‬
‫‪404‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وقيل‪ :‬دعا عليه بسسالّزمهرير السسبردِ العظيسسم‪ ،‬فكسساُنوا‬
‫ب جمًرا مع مسسا عليسسه مسسن‬ ‫يجعلون حوله الكواِنبن تلَته ُ‬
‫الثياب التي ي ُد َّثروَْنه بها‪.‬‬
‫ل في العذاب الليم‪ ،‬ثسسم أرسسسل فسسي طلسسب‬ ‫فما زا َ‬
‫الحسن البصري التابعي المشهور‪ ،‬فأتاه واشتكى إليه‬
‫ما نزل به من اللم‪ ،‬فقال‪ :‬قد نهيُتك مرةً بعسسد أخسسرى‬
‫صالحين‪ ،‬ول تكسسن منهسسم إل بسسسبيل خيسسر‪،‬‬ ‫ض لل ّ‬ ‫ل تتعّر ْ‬
‫قضي الل ّ َ‬
‫عللول ً‬ ‫ف ُ‬ ‫م ْ‬‫ن َ‬‫ملًرا ك َللا َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫فأبيت ولججت ‪‬ل ّي َ ْ ِ َ‬
‫‪.‬‬
‫وذكر في كتاب »المحن«‪ :‬أن الحجاج أرسسسل إلسسى‬
‫ح‪ ،‬فلما أتاه‪ ،‬قال‪ :‬بلغني عنك‬ ‫مسب ّ ُ‬ ‫أبي صالح ماهان ال ُ‬
‫ك القضاء‪.‬‬ ‫ح وخيٌر وإني أريد ُ أن أول ّي ُ َ‬ ‫صل ٌ‬
‫سسسن أعُسد ُ‬ ‫ح ِ‬‫م‪ ،‬قسال‪ :‬أنسا ل أ ُ‬ ‫ه‪ :‬أنسسا‪ ،‬قسسال‪ :‬ن َعَس ْ‬ ‫قال َلس ُ‬
‫ت‬ ‫ه‪ ،‬وقسسال‪ :‬والُفسسرا ُ‬ ‫مرائي علسسي ت َت َب َسسال َ ْ‬ ‫عشرة‪ ،‬قال‪ :‬يا ُ‬
‫مد ّ فََعدا من بين يديه وهو شسسيخ كسسبير يجنسسح حسستى‬ ‫قد ْ َ‬
‫ت‬ ‫ج سْرف الُفسسرات‪ ،‬فقسسال‪ :‬اللهسسم إن كن س ُ‬ ‫ف علسسى ُ‬ ‫وق س َ‬
‫مسسرائي كمسسا زعسسم الحجسساج فغرقنسسي‪ ،‬قسسال‪ :‬فرمسسى‬ ‫ُ‬
‫ه‪ ،‬قسسال‪:‬‬ ‫ب قسسدما ُ‬ ‫بنفسه‪ ،‬فقام على متن الماء فلم تغِ ْ‬
‫ه ذلك فأخذهُ وصلَبه على بابه‪.‬‬ ‫فوالله ما ن َهْن َهَ ُ‬
‫سساد َ‬ ‫ح ّ‬ ‫من ضرب مالك بن أنسس ‪ ‬وذلسك أن ال ُ‬ ‫وم ّ‬
‫وا إلى أبي جعفر بسسن سسسليمان‪ ،‬مسسن قسسال لسسه‪ :‬إن‬ ‫س ْ‬‫دَ ّ‬
‫مالك ًسسسا ُيفسسستي النسسساس أن أيمسسسان البيعسسسة ل تلزمهسسسم‬
‫هم عليها‪.‬‬ ‫لمخالفتك واستكارهك إّيا ُ‬
‫س عليه جعفُر من يسأله عن ذلك فأفتاهُ مالسسك‬ ‫َفد ّ‬
‫ل جعفسسر بسسن‬ ‫سسسو ُ‬ ‫ة إليه وحسبة منسسه‪ ،‬فجسساءهُ ر ُ‬ ‫طمأنين ً‬ ‫ُ‬
‫مهاًنا فأمر به جعفسسر‬ ‫مة ِ ُ‬ ‫حْر َ‬ ‫مْنتهك ال ُ‬ ‫سليمان‪ ،‬وأتى به ُ‬
‫فضربه سبعين سو ً‬
‫طا‪.‬‬
‫ومن ما جرى على عبدالله بن عون البصري السسذي‬
‫سنة منه‪.‬‬ ‫قيل ما كان بالعراق أعلم بال ّ‬
‫ن أبسسي‬ ‫عا تزوج امرأة عربية فضربه بلل ب ُ‬ ‫وكان ور ً‬
‫بردة عشرة أسواط‪ ،‬وقسسال لسسه‪ :‬انسسزل عنهسسا‪ ،‬قسسال‪ :‬ل‬
‫‪405‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫أفعسسل‪ ،‬فقسسال لسسه بلل‪ :‬واللسسه ل أبسسرح أضسسربك حسستى‬
‫تطلقها‪.‬‬
‫فقال ابسسن عسسون‪ :‬واللسسه ل أبسسرح أصسسبر ول أطلقهسسا‬
‫مسسل الض سّرب‬ ‫عجز‪ ،‬قال‪ :‬وكان رجل ً نحيًفا ل يحت َ‬ ‫حتى أ ْ‬
‫ضسسا عشسسرة أسسسواط‪ ،‬وقسسال‬ ‫بالسوط‪ ،‬قال‪ :‬فضسسربه أي ً‬
‫بلل‪ :‬هو ما ترى‪.‬‬
‫قال‪ :‬فأمر به فضرب عشر أسواط‪ ،‬وقال‪ :‬يسسا ابسسن‬
‫قها‪ ،‬قال‪ :‬هي طالق‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫طل ِ‬ ‫عون‪ ،‬هو ما ترى حتى ت ُ‬
‫بتتها‪.‬‬
‫وممن أمتحن عطاء بسسن أبسسي ربسساح وذلسسك أن رجل ً‬
‫أتى من الحجاج إلى مسجد بمكة‪.‬‬
‫فنسسام فكشسسفت الريسسح الثسسوب عسسن بطنسسه‪ ،‬فظهسسر‬
‫جراب الفلوس فمر به أصحابه فخافوا عليسسه فنزعسسوا‬
‫الجراب‪.‬‬
‫وبعد قليل انتبه الرجل فنظسسر‪ ،‬فسسإذا جرابسسه مسسأخوذ‬
‫فنظر يميًنا وشمال ً فلم يرى حوُله إل عطسساء بسسن أبسسي‬
‫ما ُيصلي‪.‬‬ ‫رباح قائ ً‬
‫فجاءهُ فأخذ بتلبيبه وضّيق عليه‪ ،‬وقال له‪ :‬يسا عسدّو‬
‫مسسا رهقت ُسسك ُقمسست‬ ‫ت بسسي! فل ّ‬ ‫اللسسه‪ ،‬فعلسست السسذي فعل س َ‬
‫ُتصلي‪.‬‬
‫فقال له‪ :‬ما باُلك يسسا هسسذا؟ قسسال‪ :‬منطقسستي حللتهسسا‬
‫)أي الجراب( قال له‪ :‬وكسسم فيهسسا؟ قسسال‪ :‬مائتسسا دينسسار‪،‬‬
‫قال‪ :‬فهل سمع بهذا غيُرك؟ قال‪ :‬ل‪.‬‬
‫قال‪ :‬فاذهب معي حتى أعطيك ما ذهب لك‪ ،‬قسسال‪:‬‬
‫ه مسسائتي دينسسار‪ ،‬فسسذهب إلسسى أصسسحابه‬ ‫فسسذهب فَعَ سد ّ ل س ُ‬
‫فأخبرهم الخبر‪.‬‬
‫ت واللسسه الرجسسل كسسان مسسن قصسستنا‬ ‫فقالوا له‪ :‬ظلم س َ‬
‫ت‪ ،‬ثم حللنا عنك خوًفا عليها وها هي هذه‪.‬‬ ‫كيت وكي َ‬
‫جل فوقُفوا عليه‪ ،‬فسسسألوا‬ ‫موا بأجمعهم إلى الر ُ‬ ‫فقا ُ‬
‫ه أهسسل‬ ‫ل لُهم‪ :‬هو عطسساء بسسن أبسسي ربسساح فقيس ُ‬ ‫عنه‪ ،‬فقي َ‬
‫دهم‪.‬‬ ‫مكة وسي ّ‬
‫‪406‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ل‬‫حس ّ‬ ‫فاعتذروا إليه وسسسألوهُ أن يجعسسل الرجسسل فسسي َ‬
‫ل الد َّناِنير‪.‬‬ ‫ويْقب َ َ‬
‫ب‬ ‫ي اذ ْهَس ْ‬ ‫جع إلس ّ‬ ‫ت ما كانت بالتي تر َ‬ ‫فقال لهم‪ :‬هَْيها َ‬
‫هي لك‪.‬‬ ‫حل و َ‬ ‫ت في ِ‬ ‫فأن ْ َ‬
‫ك مسسا إلْيسسهِ‬ ‫كسسر َ‬ ‫ظسسْر ب ِِف ْ‬ ‫ع وان ْ ُ‬ ‫ن ي َن َْفسسس َ‬ ‫سسسسى أ ْ‬ ‫مر عَ َ‬ ‫شسسس ّ‬ ‫َ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ُْر‬ ‫ميُر ت َ ِ‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫الت ّ ْ‬
‫ك‬ ‫مسسَر منسس َ‬ ‫ن العُ ْ‬ ‫تأ ّ‬ ‫وى وِنسسسي َ‬ ‫ت آمال ً تك َن َّفَها الهَ َ‬ ‫طوّل ْ َ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ُْر‬ ‫ق ِ‬
‫ب‬ ‫شسسي ُ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫شسسي ُْبك وال َ‬ ‫م ِ‬ ‫ك عسسن أَتسسى َ‬ ‫ت د ُن ْي َسسا َ‬ ‫ح ْ‬ ‫صس َ‬ ‫قسسد أفْ َ‬
‫غسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ََراِتها و ن َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذِي ُْر‬
‫ت‬ ‫م بَهسسا وأْنسس َ‬ ‫جسسوْ المقسسا َ‬ ‫مت ّعًسسا ت َْر ُ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ها ُ‬ ‫هو َ‬ ‫وت ب َِز ْ‬ ‫داٌر ل َهَ ْ‬ ‫َ‬
‫ل عَن ْهَسسا تسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ُْر‬ ‫حس ٌ‬ ‫ك َرا ِ‬ ‫م بأن س َ‬ ‫َ‬
‫واعْل س ْ‬
‫م ث َب ِْيسسُر‬‫ما أقا َ‬ ‫مْرت فيها َ‬ ‫ول َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوْ عُ ّ‬
‫كثي ُْر‬ ‫ك منه َ‬ ‫سْير ما ي َك ِْفي ْ َ‬ ‫ش إل وي َ ِ‬ ‫س الغَِني في العَي ْ ِ‬ ‫ل َي ْ َ‬
‫ب ُل َْغسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬
‫ة‬
‫ر‬
‫حِقْيسسس ِ‬ ‫س ال َ‬ ‫مسسس ُ‬ ‫مل ْت َ ِ‬‫دا فَ ُ‬ ‫ل عسسسن أَبسسس ً‬ ‫جسسس ٌ‬ ‫عا ِ‬‫ك َ‬ ‫شسسسغَل َن ّ َ‬ ‫ل يَ ْ‬
‫حِقي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫ل َ‬ ‫آجسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬
‫َ‬ ‫ول ََقد تسسساوى بيس َ‬
‫موٌْر بهَسسسا‬ ‫ض مسسسأ ُ‬ ‫ق فسسسي الْر ِ‬ ‫ن أط ْب َسسا ِ‬ ‫ْ َ َ َ َْ َ‬
‫مْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسُر‬ ‫السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسثّرى وأ ِ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫بعث أبو جعفر في طلسسب أبسسي عبسسدالله جعفسسر بسسن‬
‫محمد الصادق‪ ،‬فقيل لسسه‪ :‬إن أميسسر المسسؤمنين متغيسسظ‬
‫ك شسسفتيه‪ ،‬فلمسسا رآه أبسسو جعفسسر‬ ‫عليك فدخل وهو ُيحّر ُ‬
‫سه معه ثم عانقه‪ ،‬وقسسال لسسه‪:‬‬ ‫ه وأجل َ‬ ‫نهض إليه واعتنق ُ‬
‫ت؟‬‫يا أبا عبدالله‪ ،‬ما هذا الذي يبلُغني عنك لقسسد همم س ُ‬
‫فقال له‪ :‬إن أيوب اب ُْتلي فصبر‪ ،‬وإن سسسليمان أعطسسى‬
‫سج‪.‬‬ ‫فشكر‪ ،‬وأنت من ذلك الن َ ْ‬

‫‪407‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ط‬
‫س سو ُ ٍ‬
‫جب َسسى إليسسك بل َ‬ ‫ي أن الموال ت ُ ْ‬ ‫قال‪ :‬فُيرفعُ إل ّ‬
‫ضَر‪.‬‬‫ح ِ‬‫صا‪ ،‬ثم أمر بالرافع فأ ْ‬ ‫ول عَ َ‬
‫ت إلى أمير المسسؤمنين‪،‬‬ ‫فقال أبو عبدالله‪ :‬أحًقا رفع َ‬
‫ه يا أمير المؤمنين‪ ،‬قال أبسسو‬ ‫م‪ ،‬قال‪ :‬فاستحلف ُ‬ ‫قال‪ :‬ن َعَ ْ‬
‫عبدالله‪ :‬رد اليمين عليه‪.‬‬
‫فقال أبو جعفر‪ :‬احلف‪ ،‬فقال‪ :‬والله الذي ل إله إل‬
‫ن العبسسد إذا‬ ‫هو‪ ،‬فقال له أبو عبدالله‪ :‬ليس هسسو كسسذا‪ ،‬إ ّ‬
‫ل‪ :‬أنسسا‬‫ه في العُُقوبة؛ ولكن قُ ْ‬ ‫جد الله في يمينه أمهل ُ‬ ‫م ّ‬
‫ج من حسسول‬ ‫ه بريٌء مني‪ ،‬وأنا خار ٌ‬ ‫بريٌء من الله‪ ،‬والل ُ‬
‫الله وقوته راجعٌ إلى حول نفسي وقوتها‪.‬‬
‫قال‪ :‬فحلف فوالله ما ُرفع إل ميًتا‪ ،‬فسسراع ذلسسك أبسسا‬
‫ت أسسسأُلك‬ ‫جعفر‪ ،‬وقال‪ :‬انصرف يا أبا عبسسدالله‪ ،‬فلس س ُ‬
‫بعدها‪.‬‬
‫مسسا ح سّرك بسسه شسسفتيه حينمسسا دخسسل عليسسه‪،‬‬ ‫سسسئل ع ّ‬ ‫و ُ‬
‫ت‪ :‬اللهم بك استفتح وبك استنتج اللهم ِذلل‬ ‫فقال‪ :‬قل ُ‬
‫صُعوبة‪.‬‬‫ل ُ‬ ‫حزونته وكل حزونة وسّهل لي صُعوبته وك ّ‬
‫اللهم أعطني منه من الخير ما أرجو واصرف عني‬
‫ت‬‫حسسو مسسا تشسساُء وتثب س ُ‬ ‫منه من الشر ما أحذر‪ ،‬فإنك تم ُ‬
‫م الكتاب ول حول ول قوة إل بالله‪.‬‬ ‫وعندك أ ّ‬
‫ف بصرهُ في آخر عمره‬ ‫كان صفوان بن سيم قد ك ّ‬
‫ق ُيقاد إذ دخل بلل بن أبسسي‬ ‫فبينما هو ذات يوم بالسو ِ‬
‫ُبردة فسمع الطريق والجلوزة بين يديه‪.‬‬
‫فقال‪ :‬ما هذا؟ فقيل‪ :‬بلل‪ ،‬فقال‪ :‬سسسحائب صسسيف‬
‫عن قريب تقشع فسمعه بلل‪.‬‬
‫شؤْب ُوَْنا‪ ،‬فلمسسا نسسزل‬ ‫ك ُ‬ ‫من بْرد َ‬ ‫ك ِ‬ ‫فقال‪ :‬والله لذيقن ّ َ‬
‫سسسياط نعسسوذ بسسالله‬ ‫ه بال ّ‬ ‫بهيكله بعث في طلبه ثم ضرب ُ‬
‫من الظلمة وأعوانهم‪.‬‬
‫ل لصسسفوان بسسن‬ ‫عن مالك بن أنس أنه قال‪ :‬لسسو ْقي س َ‬
‫م القيامة ما قدر على أن يزيسسد علسسى مسسا‬ ‫دا يو ُ‬ ‫سليم غ ً‬
‫هو فيه من العبادة شيًئا‪.‬‬

‫‪408‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ومن ذلك ما امتحسن بسسه أبسو مسسلم الخسولني لمسسا‬
‫ألقي في النار وذلك أن السسسود العنسسسي تنبسسأ اليمسسن‬
‫مسلم الخسسولني‪ ،‬فقسسال‪ :‬اشسسهد أنسسي رسسسول‬ ‫فدعا أبا ُ‬
‫دا رسسسول‬ ‫الله‪ ،‬قال‪ :‬ل أسسسمع‪ ،‬قسسال‪ :‬أشسسهد أن محم س ً‬
‫ف فيهسسا أبسسا‬ ‫الله‪ ،‬قال‪ :‬نعسسم‪ ،‬فسسأمر السسسود ُ بنسسار فق سذ َ َ‬
‫عرًقا‪ ،‬فقيل للسود‪ :‬إنفه عنك ل‬ ‫ح َ‬ ‫ش ِ‬‫ج ير َ‬ ‫مسلم فخر َ‬
‫جوهُ ثسسم قسسدم المدينسسة‪ ،‬وبهسسا‬ ‫ي ُْفسد ُ عليك الناس فأخر ُ‬
‫عمر س رضي الله عنهما س‪.‬‬ ‫أبو بكر و ُ‬
‫جسسل؟ قسسال‪ :‬مسسن‬ ‫فقال له عمر‪ :‬مسسن أيسسن أقبسسل الر ُ‬
‫ه الكسسذاب؟‬ ‫ل السسذي أحرق س ُ‬ ‫اليمن‪ ،‬قال‪ :‬ما فعسسل الرج س ُ‬
‫دك‬ ‫عمسسر‪ :‬أنشس ُ‬ ‫ن ثسسوب‪ ،‬قسسال لسسه ُ‬ ‫قال‪ :‬ذلك عبد ُ الله ب ُ‬
‫هر؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فسسأدخله وأجلسسسه بينسسه‬ ‫بالله أنت ُ‬
‫وبين أبي بكر‪ ،‬وقال‪ :‬الحمد ُ لله الذي أراني في هسسذه‬
‫ل بسسإبراهيم خليسسل‬ ‫مسسا ُفع س َ‬
‫ل َ‬ ‫ل بسسه مث س َ‬ ‫مسسن فُعِ س َ‬ ‫المسسة َ‬
‫الرحمن‪.‬‬
‫كميل بسسن زيسساد النخعسسي الك ُسسوفي‬ ‫ل صبًرا ُ‬ ‫ن قُت ِ َ‬ ‫م ْ‬‫وم ّ‬
‫ن ُيوسسسف‪ ،‬وذلسسك أن‬ ‫جب ُ‬ ‫ه الحجا ُ‬ ‫دا قتل َ‬ ‫عا زاه ً‬ ‫كان شجا ً‬
‫الحجاج نقم عليه؛ لنه طلسسب مسسن عثمسسان بسسن عفسسان‬
‫ه عثمسسان‬ ‫صاص من لطمةٍ لطمهسسا إي ّسساه‪ ،‬فلمسسا مك ّن َس ُ‬ ‫الِق َ‬
‫من نفسه عفا عنه‪.‬‬
‫مسسن أميسسر‬ ‫ل ِ‬ ‫ك يسسسأ ْ‬ ‫فقسسال لسسه الحجسساج‪ :‬أو مثلسس َ‬
‫ه‪ ،‬نسسسأل‬ ‫المؤمنين القصاص! ثم أمر به فضربت عنق س ُ‬
‫الله العافية‪.‬‬
‫وذكسسر أن ريساح بسسن يزيسسد علسسى أتسسانه فسسي سسسفر إذ‬
‫سي ُْر فأخذوا‬ ‫ة )أي قطاع الطريق( وهو ي ِ‬ ‫سَلب ُ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫غشيت ُ‬
‫دا ثم ذهبوا عنه‪.‬‬ ‫عوا ثيابه إّل واح ً‬ ‫ه ونز ُ‬ ‫أتان َ ُ‬
‫م بتكسسبيرةٍ ثسسم أقبسسل‬ ‫فمال رياح إلسسى موضسسع فسسأحر َ‬
‫دري‬ ‫هو ُيصلي إذا أظلمت السماء فلم ت ْ‬ ‫ُيصلي فبينما ُ‬
‫جُهون‪.‬‬ ‫ن يتو ّ‬ ‫ة أي ْ َ‬ ‫سلب ُ‬ ‫ال ّ‬

‫‪409‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ك يسسا‬ ‫ن صسسلت َ َ‬ ‫ول فسسي الصسسلة‪ ،‬قسسالوا‪ :‬أحسس ْ‬ ‫ما ط َ ّ‬ ‫فل ّ‬
‫ب ذلسسك إّل مسسن‬ ‫سس ُ‬ ‫ح ِ‬‫دالله أما َترى ما ن ََزل بنسسا ول ن َ ْ‬ ‫عب َ‬
‫جل ِ َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫أ ْ‬
‫ن أخسذ ُْتوا‬ ‫َفسّلم ثم التفت إليهم‪ ،‬فقسسال‪ :‬مسسا تري ُسد ُوْ َ‬
‫عنهسسم‬ ‫ت َ‬ ‫ه فانجل ْ‬ ‫دوا عليه ثيابه ودابت ُ‬ ‫ثيابي وحماري فََر ّ‬
‫ظلمة‪.‬‬ ‫ال ُ‬
‫موا‬ ‫فرغُبوا عند ذلسسك إليسسه وسسسألوهُ مسسن هُسسو وأقسس ُ‬
‫عليه‪ ،‬فقال لهم‪ :‬رياح بن يزيد‪.‬‬
‫ما‬ ‫ك َ‬ ‫ي عَن ْ َ‬ ‫سل ّ ْ‬ ‫خط ُوًْبا ت ُ َ‬‫جد ْ ُ‬ ‫مسسن فسسي ت َ ِ‬ ‫طسسال ِعْ َتوارْيسسخ َ‬ ‫َ‬
‫دوا َتجسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫السسسسسدهرِ قسسسسسد ُوجسسسسس ُ‬
‫َ‬
‫ت‬‫ن الّرَزايا ب ِهَسسا قَ سد ْ فُت ّت َس ْ‬ ‫م َ‬ ‫جّرعُسسوا ِ‬ ‫م قَسد ْ ُ‬ ‫تجسد ْ أك َسسابَرهُ ْ‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ك ُب ُسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُ‬ ‫ص ً‬ ‫غُ َ‬
‫ن‬
‫مسس ْ‬ ‫شرِي ْد ُ ل ِ َ‬ ‫ل وت َ ْ‬ ‫س وَقَت ْ ٌ‬‫حب ْ ٌ‬ ‫ب َ‬ ‫ضسسسسْر ٌ‬ ‫بو َ‬ ‫ل ون َهْسسسس ٌ‬ ‫عَسسسسْز ٌ‬
‫هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ُْوا‬ ‫ي َز ِ‬ ‫سسسسسسسسسسياط ي َِلسسسسسسسسس ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ه فسسي العُْقب َسسى‬ ‫حمدِ اللس َ‬ ‫ه فَل ْت َ ْ‬‫مسسسد اللسسس ِ‬ ‫ح ْ‬‫تب َ‬ ‫ن وُقِْيسسس َ‬ ‫وإ ْ‬
‫مسسسسسسسسسسد ُْوا‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مسسسسسسسسسس ْ‬ ‫م كَ َ‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّرت َهُ ْ‬ ‫ِ‬

‫آخر‪:‬‬
‫جَياهُ‬ ‫سسسسس َ‬‫ل َ‬ ‫ن فَ ْ‬
‫ضسسسس َ‬ ‫شسسى ُتسسسسبي ْ ُ‬ ‫دائ ِد َ َقسسد ْ ت َغْ َ‬
‫شسس َ‬‫ن ال ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ه‬
‫ح ُ‬‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ن وت ُوْ ِ‬ ‫مل ْ‬ ‫الك َرِي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬
‫ه‬‫ح ُ‬ ‫ه إّل ل ِي ُ ْ‬
‫صسسل ِ َ‬ ‫س يسسأ ُ‬
‫كل ُ‬ ‫و ولي ْ َ‬ ‫ن إذ ْ ي َعُْلسسس ْ‬
‫رد الَقْيسسس ِ‬ ‫مْبسسس ِ‬‫كَ ُ‬
‫حدِْيسسسسسسسسسسسد َ ِبسسسسسسسسسسسهِ‬ ‫ال َ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل اللسسه علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫سسسالكين السستي‬‫قسسال ابسسن القيسسم‪ :‬ومسسن تجريبسسات ال ّ‬
‫ن )أي أكسسثر( مسسن‬ ‫ة أن مسسن أدم س َ‬
‫ها صحي ً‬
‫ها فألَفوْ َ‬
‫جّرب ُوْ َ‬
‫ه ذلك حيسساة‬‫ي يا قيوم ل إله إل أنت« أورث ُ‬ ‫قول‪» :‬يا ح ّ‬
‫القلب والعْقل‪.‬‬

‫‪410‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫دا‪ ،‬وقسسال لسسي‬ ‫وكان شيخ السلم شديد َ الل ّْهج بها ج ً‬
‫مسسا لهسسذين السسسمين وهمسسا »الحسسي القيسسوم« تسسأثير‬ ‫يو ً‬
‫عظيم في حياةِ القْلب‪.‬‬
‫وكأّنه ُيشسسير إلسسى أنهمسسا السسسم العظسسم‪ ،‬وسسسمعته‬
‫سسسن ّةِ‬ ‫يقول‪ :‬من واظب على أربعين مرة كل يوم بين ُ‬
‫ي يسسا قيسسوم ل إلسسه إل أنسست‬ ‫حس ّ‬‫الفجر وصلة الفجر »يا َ‬
‫ت‬ ‫ب ولسسم يمسس ْ‬ ‫ه حياةُ القل ِ‬ ‫تل ُ‬ ‫صل َ‬
‫ح َ‬ ‫برحمتك أستغيث« َ‬
‫قلُبه‪.‬‬
‫ف علسسى السسدواء مسسن ل‬ ‫قال العلماء‪ :‬اعلم أنه ل يقس ُ‬
‫ة أسسسباب‬ ‫ف على الداء إذ ْ ل معنى للدواء إل مناقض ُ‬ ‫يق ُ‬
‫الداء ول يبطل الشيء إل بضده‪.‬‬
‫ب الصرار الغفلة والشهوة ول تضاد ُ الغفلة إل‬ ‫وسب ُ‬
‫طسسِع‬‫شسسْهوةُ إل بالصسسبر علسسى قَ ْ‬ ‫بسسالعلم‪ ،‬ول ُتضسساد ّ ال ّ‬
‫شهوة‪.‬‬ ‫حّرك َةِ لل ّ‬
‫م َ‬
‫ب ال ُ‬ ‫سَبا ِ‬‫ال ْ‬
‫ذا للتوبسسسسة إل‬ ‫والغفلسسسسة رأس الخطايسسسسا فل دواء إ ً‬
‫ن ُيعجن من حلوة العْلم ومرارة ال ّ‬
‫صْبر‪.‬‬ ‫جو ِ‬ ‫بمع ُ‬
‫ض‬
‫والطبسساُء لهسسذا المسسرض هسسم الُعلمسساء؛ لنسسه مسسر ُ‬
‫م سَرض‬ ‫الُقلسسوب ومسسرض القلسسوب أكسسثر وأعظسسم مسسن َ‬
‫البدان‪.‬‬
‫وذلك لمور‪ :‬أحسسدها‪ :‬أن مسسرض القلسسب بالسذ ُُنوب ل‬
‫يدرى صاحبه أنه مريض‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن عاقبته غير مشسساهدة فسسي السسدنيا بخلف‬
‫مرض البدان فإن عاقبته مسسوت مشسساهد ينفسسر الط ّب ْس ُ‬
‫ع‬
‫عنه‪.‬‬
‫ت النفسسرة عسسن‬ ‫وما بعد المسسوت غيسسر مشسساهد‪ ،‬فقل ّس ِ‬
‫الذنوب وإن علمها مرتكبها‪.‬‬
‫فلسسذلك تسسراه يتكسسل علسسى فضسسل اللسسه فسسي مسسرض‬
‫القلب‪.‬‬
‫ويجتهد في علج مرض البدن من غير اتكال‪.‬‬
‫والمر الثالث‪ :‬وهو السسداء العضسسال‪ ،‬فقسسد الطسسبيب‪،‬‬
‫فسسإن الطبسساء هسسم العلمسساء‪ ،‬وقسسد مرضسسوا فسسي هسسذه‬
‫‪411‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ف؛ لن السسداء المهلسسك هسسو حسسب‬ ‫خسسو ْ‬ ‫ضم ُ‬ ‫العصار مسسر ٌ‬
‫ب هذا الداُء علسى‬ ‫ه قد غل َ َ‬ ‫ف الشديد أن ّ ُ‬ ‫الدنيا ومع الس ِ‬
‫الطباء أي العلماء‪ ،‬فلسسم يقسسدروا علسسى تحسسذير الخلسسق‬
‫خوًفسا مسن أن يقسال لهسم‪ :‬فمسا لكسم تسأمرون بسالعلج‬
‫وتنسسسون أنفسسسكم أمسسا تقسسرؤون قسسول اللسسه جسسل وعل‬
‫َ ْ‬
‫ن‬ ‫و َ‬‫سللل ْ‬‫وَتن َ‬ ‫س ب ِلللال ْب ِّر َ‬ ‫ن الن ّلللا َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫وتقسسسدس‪ :‬أت َلللأ ُ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫قُلو َ‬ ‫ع ِ‬‫فل َ ت َ ْ‬ ‫ب أَ َ‬ ‫ن الك َِتا َ‬ ‫م ت َت ُْلو َ‬
‫فسك ُم َ‬
‫وأن ْت ُ ْ‬‫أن ْ ُ َ ْ َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ما ل َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ت َُقوُلو َ‬ ‫مُنوا ل ِ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وقال تعالى‪َ :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ن‬‫مسسا ل َ ت َْفعَل ُسسو َ‬‫عند َ الل ّهِ أن ت َُقول ُسسوا َ‬ ‫مْقًتا ِ‬ ‫ت َْفعَُلو َ‬
‫ن * ك َب َُر َ‬
‫دواُء‪.‬‬ ‫م الداُء وانقطع ال ّ‬ ‫‪ ‬فبهذا السبب ع ّ‬
‫القائل فسسي القسسرن الخسسامس فكيسسف لسسو رأى أكسسثر‬
‫علماء هذا العصسسر‪ ،‬ومسسا هسسم فيسسه مسسن التكسسالب علسسى‬
‫الدنيا وإهمالهم القيام بما أوجب الله عليهم من المر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬
‫والنصيحة لله ولكتابه ورسوله والئمة والمؤمنين‪.‬‬
‫قسسال العلمسساء‪ :‬مسسن نتسسائج المعصسسية قلسسة التوفيسسق‪،‬‬
‫وفساد الرأي‪ ،‬وخفاء الحق‪ ،‬وفسسساد القلسسب‪ ،‬وخمسسول‬
‫الذكر وإضاعة الوقت‪ ،‬ونفرت الخلسسق‪ ،‬والوحشسسة مسسع‬
‫ت الفكسسر‪ ،‬ومنسسع إجابسسة‬ ‫سسسداد وتشسستي ُ‬ ‫السسرب وقّلسسة ال ّ‬
‫السسدعاء‪ ،‬وقسسسوة القلسسب‪ ،‬ومحسسق البركسسة فسسي السسرزق‬
‫والعمر‪ ،‬ول َِباس الذل‪ ،‬وضيق الصدر‪.‬‬
‫ة ل ترحمه‪ ،‬وولد ل ي َْعسسذ ُُره‪،‬‬ ‫كيف يسلم من له زوج ُ‬
‫ك ل ُينص سُفه‪،‬‬ ‫وجار ل يأمنه‪ ،‬وصاحب ل ينصحه‪ ،‬وشسسري ٌ‬
‫دنيسا‬ ‫سسوء‪ ،‬و ُ‬ ‫مارةٌ ال ُ‬ ‫سأ ّ‬ ‫ه‪ ،‬ونف ٌ‬ ‫معادات ِ ِ‬ ‫وعدوٌ ل ينام عن ُ‬
‫ب قاهٌر‪،‬‬ ‫ه‪ ،‬وغض ٌ‬ ‫ة لَ ُ‬ ‫مْرِدي‪ ،‬وشهوةٌ غالب ٌ‬ ‫متزّينة‪ ،‬وهوىً ُ‬ ‫ُ‬
‫ه‬
‫ل عليه‪ ،‬فإن توله الل ُ‬ ‫ف مستو ٍ‬ ‫مَزّين‪ ،‬وضعْ ٌ‬ ‫وشيطان ُ‬
‫ت له هذه ك ُُلها وإن تخلى عنه ووكله‬ ‫جذ ََبه إليه انقهر َ‬ ‫و َ‬
‫ت عليه فكانت الهلكة‪.‬‬ ‫إلى نفسه اجتمع ْ‬

‫‪412‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ة‬‫مي ْت َسسسس ٌ‬
‫ك ِ‬ ‫صسسسسُر َ‬ ‫ت َْبغسسسسي فََق ْ‬ ‫حَزامةِ في‬ ‫ك بال َ‬ ‫خذ ُ َ‬‫الرأيُ أ ْ‬
‫ب‬
‫هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬ ‫وذ َ َ‬ ‫السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذي‬
‫صسسسسد ّقَ‬ ‫صسسسسد ْقُ النسسسسام ِ و ُ‬ ‫ُ‬ ‫ل‬
‫ساد ُ على الُعقو ِ‬ ‫ب الَف َ‬ ‫غَل َ َ‬
‫ب‬‫ذا ُ‬ ‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ال َ‬ ‫ت‬‫فَك ُسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ ّب َ ْ‬
‫وى‬ ‫ي َْفن َسسى وط َسسال عَسسن الهَ س َ‬ ‫ف‬‫سُيو ِ‬ ‫م بال ُ‬ ‫ج َ‬
‫ما ِ‬ ‫ج َ‬‫ضَرُبوا ال َ‬‫َ‬
‫ب‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرا ُ‬ ‫ال ْ‬ ‫علسسسسسسسسسسسى السسسسسسسسسسسذي‬
‫ب‬‫سسسَرا ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ج وك ُل ُُهسس ّ‬ ‫مو ْ ُ‬
‫ماًء ي َ ُ‬ ‫َ‬ ‫خال َُهسسسا‬‫وت َغُّرَنسسسا آمال َُنسسسا فَن َ َ‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫موعظة لبن الجوزي‬
‫اسع يا غائب في صلته‪ ،‬يا شتيت الهم في جهسساته‪،‬‬
‫يا مشغول ً بآفاته عن ذكسسر وفسساته‪ ،‬يسسا قليسسل السسزاد مسسع‬
‫ب مماته‪.‬‬ ‫ُقر ِ‬
‫ل لحظسةٍ مرحلسسة‪،‬‬ ‫دنيا فسسي ك ُس ّ‬ ‫ل عسسن الس ُ‬ ‫حس ُ‬ ‫يا من َير َ‬
‫ع‬
‫ة‪ ،‬ومسسا ينتف س ُ‬ ‫ه قسسد حسسوى حت ّسسى مقسسداَر الخْرد َل َس ْ‬ ‫وكتسساب ُ‬
‫ة‪.‬‬
‫صل ْ‬‫مت ّ ِ‬ ‫بالن ّذِْير والن ُذ ُُر ُ‬
‫ة‬‫صْيح وكم وقد عذله‪ ،‬ودرعه متخرقس ٌ‬ ‫وما يرعوي لن َ ِ‬
‫مرسلة‪ ،‬ونور الهُسسدى قسسد ي ُسسروى ومسسا رآه ول‬ ‫م ُ‬ ‫والسها ُ‬
‫ه‪.‬‬‫مل َ ْ‬
‫تأمله‪ ،‬وهو يأمل البقاء وقد رآى مصيَر من أ ّ‬
‫ه قسسد شسسغله‪ ،‬وقسسد عكسسف‬ ‫وأجله قددني ولكسسن أمل س ُ‬
‫ه‪ ،‬ويحضسُر بسسدنه‬ ‫على العيب بعد الشسسيب بصسسبابةٍ وولس ْ‬
‫ب فقد أهمْله‪.‬‬ ‫ما القل ُ‬ ‫في الصلة‪ ،‬وأ ّ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ن كيسسف شسسئت فسسبين يسسديك الحسسساب والّزل َْزل َس ْ‬ ‫ك ُس ْ‬
‫ه‪.‬‬‫ن يأك ُل َ ْ‬‫ك فلب ُد ّ للد ّوُدِ أ ْ‬ ‫م َ‬‫س َ‬‫ج ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ونعّ ْ‬
‫ن‬ ‫ن بسسالجزاء والمسسسألة‪ ،‬أيقيس ٌ‬ ‫مؤم ٍ‬ ‫يا عجًبا من فُُتور ُ‬
‫بالّنجسساة أم غُسسروٌر ويلسسه! بسسادر مسسا بقسسي مسسن عمسسرك‬
‫عمر المؤمن ل قيمة له‪.‬‬ ‫ه‪ ،‬فبقية ُ‬ ‫ك أوّل َ ْ‬ ‫واستدر ْ‬

‫‪413‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫م‬‫مسسسا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫شسسسْربه ُ‬ ‫ود َعَسسسا ب ِ ُ‬ ‫ن َتعسساَقروا كسسأ َ‬
‫س‬ ‫دو َ‬ ‫سن َ ُ‬‫م ْ‬ ‫و ُ‬
‫وا‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرعُ ْ‬ ‫فأ ُ‬ ‫السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّردى‬
‫طسسوب‬ ‫خ ُ‬ ‫ح ال ُ‬ ‫ت ِبهم رِي ِ ُ‬ ‫وهََف ْ‬ ‫وا‬‫مسسس ْ‬ ‫ن عَل َْيه ُ‬‫ك الّزمسسسا ُ‬ ‫َبسسسَر َ‬
‫عسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَزعُ‬ ‫الّز ْ‬ ‫جَران ِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ‬ ‫ب ِ‬
‫ب‬ ‫مسسا ي َسزِعُ الل ِسسبي ْ َ‬ ‫وا ب ِ َ‬ ‫وعَظ ُس ْ‬ ‫م‬‫ت إّل أن ُّهسس ْ‬ ‫ذا َناد َي ْ َ‬‫سإ َ‬ ‫خُر ٌ‬ ‫ُ‬
‫مُعوا‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫َفأ ْ‬ ‫س‬‫ك بسسالن ُُفو ِ‬ ‫والسسد ّهُْر ي َْفِتسس ُ‬
‫َ‬ ‫ن ت َعَد ّ َ‬
‫مع ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ة أو ْ ت ُ ْ‬ ‫م ٌ‬
‫كري ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫فَل ِ َ‬ ‫ه‬
‫م ُ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ِ‬
‫و‬
‫هسسس َ‬ ‫نو ْ‬ ‫حْفظ ُُهسسس ّ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫ظسسس ّ‬ ‫وي َ َ‬ ‫خسسائ َِر‬ ‫ي ذَ َ‬‫ن ي ُب ِْقسس ْ‬
‫مسس ْ‬ ‫جًبسسا ل ِ َ‬‫عَ َ‬
‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ّعُ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسال ِهِ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫حائ ِ ِ‬ ‫صس َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ه ب َط ْس ُ‬ ‫مل ًْقى ل َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ل ث َن ِي ّسةٍ‬‫ل وي َسَرى بك ُس ّ‬ ‫ول َِغافِ ٍ‬
‫جع ُ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫م ْ‬ ‫مسسا‬ ‫سسسب أن ُّهسسم َ‬ ‫ح ُ‬‫أتسسراه ي ْ‬
‫مسسا‬ ‫مسسن َ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬ ‫ضسسَعا َ‬ ‫سسسهِ أ ْ‬ ‫كأ ِ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسأُرْوا‬ ‫أ ْ‬
‫ي ََتجسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّرعُ‬

‫مسسور‬‫ك المع ُ‬ ‫ت داًرا‪ ،‬وتسسر َ‬ ‫خلسسى المسسو ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫عباد َ اللهِ ك َ ْ‬


‫م‬
‫قَِفاَرا‪ ،‬كم أوقد من السسسف فسسي الجوانسسح نسساًرا‪ ،‬وك س ْ‬
‫مّرة مراًرا‪.‬‬ ‫ص ال ُ‬ ‫ص َ‬ ‫أذاقَ الغُ َ‬
‫لقد جال يميًنا ويساًرا فما حسسابى فق سًرا ول يسسساًرا‪،‬‬
‫ش العرمسسرم؟ أيسسن الكسسبيُر المعظسسم؟ ألحسسق‬ ‫أين الجيس ُ‬
‫الخير بمن تقدم!‬
‫قال محمد بسسن كعسسب القرظسسي‪ :‬إنمسسا السسدنيا سسسوق‬
‫هم وبما ينفُعهم‪.‬‬ ‫ضر ُ‬ ‫س منها بما ي ُ‬ ‫خرج النا ُ‬
‫س فخرجوا ملومين واقتسم ما جمعوا‬ ‫وكم اغتر نا ٌ‬
‫من لم يحمدهم وصاروا إلى من ل يعذرهم‪.‬‬
‫فيحقُ لنا أن ننظ َُر إلى ما نغبطهم به من العمسسال‬
‫ف فنتجنُبها‪.‬‬ ‫فنعمُلها‪ ،‬وإلى ما نتخوّ ُ‬

‫‪414‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسسهِ‬ ‫حل ْ ِ‬‫بب ِ‬ ‫شسسسي ْ ُ‬‫م ِ‬ ‫وأت َسسسي ال َ‬ ‫جهِلسسسهِ‬ ‫ب بَ ْ‬ ‫شسسسَبا ُ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫هسسس َ‬ ‫ذَ َ‬
‫وَوََقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسارِهِ‬ ‫وبعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسارِهِ‬
‫ش سرٍ بجسسوارِهِ‬ ‫مب َ ّ‬ ‫ب ِغُسسرورهِ و ُ‬ ‫مسسن َرب ّسهِ‬ ‫مب ِعّدٍ ِ‬ ‫ن ُ‬‫ن ب َي ْ َ‬ ‫شّتا َ‬ ‫َ‬
‫جب ًسسسا‬ ‫مع ْ َ‬‫ح ُ‬ ‫مسسسَر ُ‬ ‫ف يَ ْ‬ ‫ك َسسسال َط ّْر ِ‬ ‫ب‬ ‫ح بالشسسبا ِ‬ ‫مسسا زِل ْسست أ ُ‬
‫م سَر ُ‬
‫ذارِهِ‬ ‫ب ِِعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ة‬‫جَهال َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬ ‫َ‬
‫ل‬‫من ب َط َسرٍ ُفضسسو َ‬ ‫جررت ِ‬ ‫و َ‬ ‫حْبت أثسسواب الَبطاَلسسةِ‬ ‫سسس َ‬ ‫و َ‬
‫أزارِهِ‬ ‫لهًِيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫وارِهِ‬ ‫ح عَس َ‬ ‫دا قبيس ُ‬ ‫عَوَْراُته وب َ َ‬ ‫ص ظ ُِلسسسسسه‬ ‫حسسسسستى ت ََقْلسسسسس َ‬
‫َ‬
‫مّني عََلسسى أوَْزارِهِ‬ ‫م ِ‬‫وت ََند ٌ‬ ‫ت‬‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَف ْ‬ ‫فتك َ‬
‫ُ‬
‫ظ والحسسسقُ فسسسي‬ ‫ع ٍ‬ ‫مسسسوا ِ‬ ‫بَ َ‬ ‫ل غَي ُسسر‬ ‫ظ منسسه ب ِط َسسائ ِ ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫لم أ ْ‬
‫كارِهِ‬ ‫َتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذ ْ َ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى‬ ‫ال َ‬
‫ذارِ‬‫ص سِغ إلسسى إن ْس َ‬ ‫عسسن ول ت ُ ْ‬ ‫ب‬‫ط المشسسي ُ‬ ‫خسس ّ‬ ‫والن قسسد ْ َ‬
‫صى على بل َي ْل ِهِ ون ََهارِهِ‬ ‫ح ً‬‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫رقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي‬ ‫مْف ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ب غَي َّهسسا ل‬ ‫س َتركسس ُ‬ ‫والن ّْفسس ُ‬
‫عسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوي‬ ‫َتر َ‬
‫مسسّر‬ ‫مسسرٍ ي َ ُ‬ ‫ل َهَِفسسي علسسى عُ ْ‬
‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ًّعا‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬

‫كم‪،‬‬ ‫كم نفوسس ُ‬ ‫قال علي بن أبسسي طسسالب ‪ :‬ميسسدان ُ‬


‫فإن انتصرتم عليها كنتم على غيرها أقدر‪ ،‬وإن خذلتم‬
‫فيها كنتم على غيرها أعجز‪ ،‬فجرُبوا معها الكفاح أو ً‬
‫ل‪.‬‬
‫كسسان سسسفيان الثسسوري مسسا ينسسام إل أّول الليسسل‪ ،‬ثسسم‬
‫عا مرعوب ًسسا ينسسادي النسسار النسسار شسسغلني ذك ُسسر‬ ‫ض فز ً‬‫ينتف ُ‬
‫النار عن الّنوم والشهوات‪.‬‬
‫م‬
‫ضوئه‪ :‬اللهم إنك عسسال ٌ‬ ‫ل على أثر و ُ‬ ‫ثم يتوضأ ويقو ُ‬
‫ب إل فكساك رقبستي مسن‬ ‫معّلسم ومسا أطلس ُ‬ ‫بحاجتي غير ُ‬
‫النار‪.‬‬
‫قال عمسسر بسسن عبسسدالعزيز‪ :‬أيهسسا النسساس‪ ،‬إنمسسا ي ُسسراد‬
‫الطبيب للوجع الشديد‪ ،‬أل فل وجع أشد ّ مسسن الجهسسل‪،‬‬
‫ف مسسن‬ ‫ث مسسن السسذنوب‪ ،‬ول خسسوف أخسسو ُ‬ ‫ول داء أخبسس ُ‬
‫الموت‪.‬‬
‫‪415‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫رقُ‬
‫سا ِ‬ ‫وال ّ‬‫ي ُسسروى عسسن الصسسمعي‪ ،‬قسسال‪ :‬قسسرأت ‪َ ‬‬
‫َ‬
‫كال ً‬‫سَبا ن َ َ‬
‫ما ك َ َ‬
‫جَزاءً ب ِ َ‬
‫ما َ‬
‫ه َ‬
‫دي َ ُ‬ ‫قط َ ُ‬
‫عوا أي ْ ِ‬ ‫فا ْ‬
‫ة َ‬ ‫ر َ‬
‫ق ُ‬ ‫سا ِ‬
‫وال ّ‬
‫َ‬
‫ه ‪)‬والله غفوٌر رحيم(‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ن الل ِ‬‫م َ‬ ‫ّ‬
‫م من هذا؟ فقلت‪ :‬كلم‬ ‫وبجنبي أعرابي‪ ،‬فقال‪ :‬كل ُ‬
‫الله‪.‬‬
‫م اللسسه‪،‬‬ ‫ت‪ ،‬فقسسال‪ :‬ليسسس هسسذا كل ُ‬ ‫قسسال‪ :‬أع سد ْ فأعسسد ُ‬
‫م ‪.‬‬ ‫كي ٌ‬‫ح ِ‬ ‫زيٌز َ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ت‪َ  :‬‬ ‫فانتبهت‪ ،‬فقرأ ُ‬
‫ت‪ :‬أتقرأ ُ القسسرآن؟‬ ‫م الله‪ ،‬فقل ُ‬ ‫ت هذا كل َ‬ ‫فقال‪ :‬أصب َ‬
‫ت‪ :‬من أين علمت؟‬ ‫قال‪ :‬ل‪ ،‬فُُقل ُ‬
‫م لما‬ ‫فقال‪ :‬يا هذا‪ ،‬عّز فحكم فقطع‪ ،‬ولو غفر ورح َ‬
‫قطع‪.‬‬
‫ب جي سد ٌ‬ ‫كان أحد العلماء له وظيفة يأخذ عليهسسا رات س ٌ‬
‫ما فجاء قط‬ ‫ما مع أصحابه طعا ً‬ ‫فاتفق أنه كان يأكل يو ً‬
‫فرموا له شيًئا فأخذه وذهب سريًعا‪.‬‬
‫ضا شيًئا‪ ،‬فانطلق به سريًعا ثسسم‬ ‫ه أي ً‬ ‫ثم رجع فرموا ل ُ‬
‫ل هسسذا كلسسه‬ ‫ضا فرموا له شيًئا فعلموا أنه ل يأك س ُ‬ ‫جاء أي ً‬
‫ط آخسَر أعمسى فسي‬ ‫ب بسه إلسى قس ٍ‬ ‫فتبعوهُ فإذا هو يسذه ُ‬
‫ك‪.‬‬ ‫هناك فتعجُبوا من ذل َ‬ ‫ح ُ‬ ‫سط ٍ‬
‫ن الله هسسذا حيسسوان بهيسسم قسسد‬ ‫سْبحا َ‬ ‫فقال الشيخ‪ :‬يا ُ‬
‫ه على يد غيسسره‪ ،‬أفل ي َْرُزُقنسسي وأنسسا‬ ‫ه إليه رزق ُ‬ ‫ساق الل ُ‬
‫ده‪.‬‬‫عَب ْد ُهُ واعْب ُ ُ‬
‫ه ن الّراتب وجمع حواشيه‪ ،‬وأقبل‬ ‫ثم ترك ما كان ل ُ‬
‫ملزمة في غرفة في جامع عمرو بسسن‬ ‫على العبادة وال ُ‬
‫العاص إلى أن مات‪.‬‬
‫س َزاد ُ‬ ‫حْيل وَل َي ْ َ‬ ‫ن بالّر ِ‬ ‫سسسَهاد ُ وُتوقِ ُ‬ ‫ك ال ُ‬ ‫عد ّ ل َ‬‫م وَقَد ْ أ ُ ِ‬ ‫ت ََنا ُ‬
‫ي‬
‫سسس ْ‬ ‫م ِ‬ ‫مْثسسل مسسا ت ٌ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫صسسب ْ ُ‬ ‫وت ُ ِ‬
‫مسسا‬ ‫ت تسسد ْرِيْ َ‬ ‫سسس َ‬ ‫ك لَ ْ‬ ‫كأّنسس َ‬ ‫َ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ًْعا‬ ‫م ِ‬ ‫ُ‬
‫ن ت َُفوَْز َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَراد ُ‬ ‫دا هَن ًِيسا ال ُ‬ ‫غس ً‬ ‫مع ُ أ ْ‬ ‫أت َط َ‬
‫ك فسسي ال سد ُن َْيا‬ ‫من ْس َ‬
‫ك َ‬ ‫م ي َس ُ‬‫ديم ِ َزْرٍع ول َ ْ‬ ‫ت في ت ََق ِ‬ ‫إذا فَّرط ْ َ‬
‫جِتهضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساد ُ‬ ‫ا ْ‬
‫عسسد َم ٍ‬ ‫مسسن َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ف َيكسسو ُ‬ ‫فَك َْيسس َ‬
‫‪416‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساد ُ‬
‫ح َ‬
‫َ‬

‫قسسسال بعسسسض العلمسسساء‪ :‬عليكسسسم بأهسسسل السسسسخاء‬


‫ن بالله ولو أن أهسسل‬ ‫سن الظ ّ ّ‬ ‫ح ْ‬
‫ل ُ‬‫والشجاعة‪ ،‬فإنهم أه ُ‬
‫مةِ الناس‬ ‫مذ َ ّ‬‫خلهم و َ‬
‫البخل لم يدخل عليهم من ضرر ب ُ ْ‬
‫سسسوُء ظ َن ّهِ س ْ‬
‫م‬ ‫ل َُهم وإط َْباق القلسسوب علسسى كراهَِتهسسم إّل ُ‬
‫مسسا‪ .‬واللسسه أعلسسم‪ ،‬وصسسل‬ ‫ف ل َك َسسا ِ‬
‫ن عَظ ِي ْ ً‬ ‫خل َ ِ‬
‫بَرب ِّهم في ال َ‬
‫الله على محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫فصل في ذكر بعض مسائل فيها ترويح‬
‫فس وإجمام لها وتسلية‬ ‫للن ّ ْ‬
‫قال رجل من اليهود –لعَن َُهم الله‪ -‬لميسسر المسسؤمنين‬
‫علسسي بسسن أبسي طسالب‪ :‬مسا دفنُتسم نسسبيكم حسستى قسسالت‬
‫النصار منا أمير ومنكم أمير‪.‬‬
‫مكم مسن البحسر‬ ‫ت أقسدا ُ‬ ‫ي ‪ :‬أنتم ما جّفس ْ‬ ‫فقال عل ُ‬
‫ة ‪.‬‬ ‫ه ٌ‬
‫م آل ِ َ‬ ‫ه ْ‬‫ما ل َ ُ‬ ‫ها ك َ َ‬ ‫عل ل َّنا إ ِل َ ً‬ ‫ج َ‬ ‫حتى قلتم ‪‬ا ْ‬
‫ه‪ ،‬فقسسال‪ :‬إن‬ ‫جل ً فسسأْفلت منسسه فأخسسذ أخسسا ُ‬ ‫أخذ زياد ُ ر ُ‬
‫ك‪.‬‬ ‫عنَق َ‬ ‫ت ُ‬ ‫ك وأل ضَرب ْ ُ‬ ‫ت بأخي َ‬ ‫جئ َ‬
‫ت بكتسساب مسسن أميسسر المسسؤمنين‬ ‫قسال‪ :‬أرأيست إن جئ ُ‬
‫خلي سبيلي‪ ،‬قال‪ :‬ن ََعم‪.‬‬ ‫تُ َ‬
‫م‬
‫ب مسسن العزيسسز الرحيسسم وأقيس ُ‬ ‫قال‪ :‬فأنا آتيسسك بكتسسا ٍ‬
‫عليسسه شسساهدين إبراهيسسم وموسسسى –عليهمسسا السسسلم‪-‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫م‬‫هي ل َ‬
‫وإ ِب َْرا ِ‬
‫سللى * َ‬ ‫مو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫في ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫م ي ُن َب ّأ ب ِ َ‬ ‫م لَ ْ‬
‫‪‬أ ْ‬
‫خ لَرى ‪ ‬قسسال‬ ‫وْزَر أ ُ ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫زَر ٌ‬ ‫وا ِ‬‫زُر َ‬
‫َ‬
‫فللى * أل ّ ت َل ِ‬ ‫و ّ‬
‫ذي َ‬ ‫ال ّ ل ِ‬
‫جَته‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ي ُ‬ ‫ه هذا ل ُّق َ‬ ‫خّلوا سبيل ُ‬ ‫زياد‪َ :‬‬
‫ت مسسن أصسسحاب‬ ‫قيسسل لسسسم بسسن ُزرعسسة‪ :‬إن انهزمس َ‬
‫داس يغضب عليك المير عبيدالله بن زياد‪ ،‬فقسسال‪:‬‬ ‫مْر َ‬‫ِ‬

‫‪417‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ي مسسن أن يرضسسى‬ ‫ب إل س ّ‬ ‫ي أح س ّ‬ ‫ي وأنا ح س ّ‬ ‫لن يغضب عل ّ‬
‫عني وأنا مّيت‪.‬‬
‫سسسنة والرافضسسة فسسي‬ ‫وقسسع النسسزاع بيسسن أهسسل ال ّ‬
‫المفاضسسلة بيسسن أبسسي كسسر وعلسسي –رضسسي اللسسه عنهمسسا‪،‬‬
‫صسسا أن يسسأله‬ ‫فحكموا بينهم ابن الجوزي وأمسسروا شخ ً‬
‫من كسسانت ابنتسسه تحتسسه؟ فقسسال‪ :‬أهسسل‬ ‫عن ذلك‪ ،‬فقال‪َ :‬‬
‫سنة هو أبو بكر؛ لن بنته عائشة كانت تحت رسول‬ ‫ال ّ‬
‫الله ‪.‬‬
‫وقالت الرافضة‪ :‬هو علي؛ لن فاطمسة بنست النسبي‬
‫‪ ‬كانت تحته‪.‬‬
‫كتة‪.‬‬ ‫مس ّ‬ ‫أجوبة ُ‬
‫ت‬ ‫قال عمرو بن العاص لعدي بن حسساتم‪ :‬مسستى فُِقئ َ ْ‬
‫مول في صّفين‪.‬‬ ‫ت وأنت ُ‬ ‫طعن َ‬ ‫عيُنك‪ :‬قال‪ :‬يوم ُ‬
‫معاويسسة علسسى شسسيء‪،‬‬ ‫عن ْسد َ ُ‬‫شسسهد أعرابسسي بشسسهادةِ ِ‬
‫ت‪.‬‬‫ة‪ :‬ك َذ َب ْ َ‬ ‫مَعاوي ُ‬ ‫فقال له ُ‬
‫ل في ِثياب َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫م ٌ‬ ‫مَز ّ‬‫ب‪ :‬والله ْ‬ ‫فقال الكاذ ُ‬
‫جل‪.‬‬ ‫ن عَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة‪ ،‬وقال‪ :‬هذا جزاُء َ‬ ‫معاوي ٌ‬ ‫سم ُ‬ ‫فتب ّ‬
‫ن‬
‫دالله ب ُ‬ ‫ة وعنده عب ُ‬ ‫معاوي ُ‬ ‫ن حاتم على ُ‬ ‫دخل عديُ ب ُ‬
‫ك؟‬ ‫ت عين ُ َ‬ ‫مرو‪ ،‬فقال عبدالله‪ :‬يا عدي‪ ،‬متى ذهب ْ‬ ‫عَ ْ‬
‫ولًيسسا‬ ‫م َ‬
‫ب على قفاه ُ‬ ‫ضرِ َ‬ ‫ك هارًبا و ُ‬ ‫قال‪ :‬يوم مثل أب ُوْ َ‬
‫ل‪.‬‬‫ت وأبوك على الباط ِ‬ ‫وأنا يومئذٍ على الحق وأن َ‬
‫ل‬‫مسسن آ ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫ن لبن سيرين‪ :‬ت ُعَب ُّر الرؤيا كأن َ‬ ‫قال الحس ُ‬
‫سر القسسرآن كأنسسك‬ ‫ي َُعقوب‪ ،‬فقال ابن سيرين‪ :‬وأنت ُتف ِ‬
‫دت التنزيل‪.‬‬ ‫شه َ ْ‬
‫مسسن‬ ‫ه ِ‬ ‫منسساظرت ِهِ ل َس ُ‬ ‫قال أبو الزناد لبن شسسبرمة فسسي ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫ج العِل ْ ُ‬‫عندنا خَر َ‬
‫ة ثم لم ي َعُد ْ إليكم‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫شب ُْر َ‬ ‫نب ُ‬ ‫فقال اب ُ‬
‫مك أبا‬ ‫معاوية لعقيل بن أبي طالب أين ترى ع ّ‬ ‫قال ُ‬
‫لَهب‪.‬‬
‫طب‪.‬‬ ‫ة الح َ‬ ‫ك حمال َ‬ ‫قال‪ :‬في النارِ هو وعمت ُ َ‬

‫‪418‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ة فسسي كتسساب اللسسه‬ ‫ضي‪ :‬آيس ٌ‬ ‫شي ْد ُ لشرْيك القا ِ‬ ‫قال الّر ِ‬
‫ك فيها شيء‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫ك ول ل َِقوْ ِ‬ ‫سل َ‬ ‫لي َ‬
‫ك‬ ‫ذك ٌْر ل ّل َ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫وإ ِن ّ ُ‬ ‫ه تعالى‪َ  :‬‬ ‫قال‪ :‬وما هي؟ قال قول ُ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫و ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ول ِ َ‬ ‫َ‬
‫ة أخرى ليس لي ول لقسسومي فيهسسا شسسيء‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فقال‪ :‬آي ٌ‬
‫ه‬‫ب بِ ِ‬ ‫وك َذّ َ‬ ‫قال‪ :‬وما هي؟ قال‪ :‬قول الله جل وعل‪َ  :‬‬
‫ق ‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫و ال َ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬‫ك َ‬ ‫م َ‬ ‫و ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫َ‬
‫قال معاوية بكلم عرض فيسسه بعبسسدالله بسسن الزبيسسر‪،‬‬
‫ك‬ ‫مسسس َ‬ ‫فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬ل يكن حقنا منك أن ت ُ ْ‬
‫مك‪.‬‬ ‫ك في قو ِ‬ ‫سان َ ِ‬ ‫ل لِ َ‬ ‫ك مغلولة إلى عنقك وت ُْعم ْ‬ ‫يد َ َ‬
‫جسسل‬ ‫ه‪ ،‬فأتسسا ر ُ‬ ‫اشسستكى عبسسدالله بسسن صسسفوان ضرسس ُ‬
‫ضْرس‪.‬‬ ‫ده‪ ،‬وقال‪ :‬ما ِبك؟ قال‪ :‬وجع ِ‬ ‫يُعو ُ‬
‫س؟ قسسال‪ :‬قسسال‪:‬‬ ‫ول إبليس ُ‬ ‫ت مسسا يقس ُ‬ ‫فقال‪ :‬أمسسا علمس َ‬
‫ل دواؤهَ الكسر‪.‬‬ ‫يقو ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫قال‪ :‬إنما يطيعُ إبليس أولياؤُ ُ‬
‫وقال معاوية لرجل من أهل اليمن‪ :‬ما كان أحمسسق‬
‫رَنا ‪ ‬أمسسا‬ ‫سل َ‬ ‫َ‬ ‫قومك حين قالوا‪َ :‬رب َّنا َبا ِ‬
‫فا ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫عدْ ب َي ْ َ‬
‫ل خيًرا لُهم‪.‬‬ ‫كان جمعُ الشم ِ‬
‫ن قسسالوا‪:‬‬ ‫حي ْس َ‬ ‫ك أحم سقُ منهسسم ِ‬ ‫مس َ‬ ‫فقسسال اليمسساني‪ :‬قو ُ‬
‫ك َ َ‬
‫مطِْر‬ ‫فأ ْ‬ ‫د َ‬ ‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫و ال َ‬ ‫ه َ‬‫ذا ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫م ِإن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫‪‬الل ّ ُ‬
‫ب أ َِليم ٍ ‪.‬‬ ‫ذا ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫و ائ ْت َِنا ب ِ َ‬
‫حجارةً من السما ِ َ‬
‫ءأ ِ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ َ‬ ‫عل َي َْنا ِ َ َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ضسسَر ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ضسسي ب َ‬ ‫ك القا ِ‬ ‫ب ِلشسسري ْ َ‬ ‫قسسال الربيسسعُ الحسساج ُ‬
‫ت أميَر المؤمنين‪.‬‬ ‫خن ْ َ‬ ‫دي بلغني أنك ُ‬ ‫المهْ ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫صي ْب ُ َ‬ ‫خنُته لتاك ن َ ِ‬ ‫ل ذلك لو ُ‬ ‫ك‪ :‬ل تق ْ‬ ‫فقال شري ٌ‬
‫دم‪ ،‬فأطسسال‬ ‫ل ثقيسسل الس ّ‬ ‫مسسرض الشسسعبي فعسسادهُ رجس ٌ‬
‫دا‪.‬‬ ‫سج ّ‬ ‫جلو َ‬ ‫ال ُ‬
‫مّر عليك في مرضك؟‬ ‫فقال للشعبي‪ :‬ما أشد ّ ما َ‬
‫دي‪.‬‬ ‫ك عن ْ ِ‬ ‫قال‪ :‬قُعُوْد ُ َ‬
‫ص‪:‬‬ ‫ظرفاء الذكياء‪ ،‬فقال للسس ّ‬ ‫ص بيًتا لحد ال ُ‬ ‫خل ل ِ ٌ‬ ‫ود َ‬
‫إن الذي تطلُبه بالليل ما وجدناهُ بالنهاِر‪.‬‬

‫‪419‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن ُأخسست فلن‪،‬‬ ‫سئل إنسان عن نسبه‪ ،‬فقال‪ :‬أنا ابسس ُ‬ ‫ُ‬
‫ل‪ ،‬فقسسال‪ :‬النسساس ينتسسُبون طسسول ً وهسسذا‬ ‫ه رجس ٌ‬ ‫فسسسمع ُ‬
‫ضا‪.‬‬
‫ينتسب عر ً‬
‫قسسال بعضسسهم يوصسسي إخسسوانه‪ :‬عاشسسروا النسساس‬
‫حُنوا إليكسسم وذكُرْوكسسم بخيسسر‬ ‫معاشرة الكرام إن ِغب ُْتم َ‬ ‫ُ‬
‫وإن مرضتم عادوكم ودعوى لكسسم بالشسسفاء وإن متسسم‬
‫معاشسسرة الّلئام إن‬ ‫ترحمسسوا عليكسسم‪ ،‬ول تعاشسسروهم ُ‬
‫غبتسسم‪ ،‬قسسالوا‪ :‬الحمسسد للسسه السسذي أَزال عنسسا نقمسسة‪ ،‬وإن‬
‫مت ُسسم‪ ،‬قسسالوا‪ :‬تخفيسسف ورحمسسة‪ ،‬وإن مرضسستم فرحسسوا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وقالوا‪ :‬نسأل الله أن يريحنسا‪ ،‬واعلمسوا أن النساس مسا‬
‫س سط ُْتم فكونسسوا منهسسم‬ ‫منهم سلمة إن انقبض سُتم أو انب َ‬
‫على حذر‪.‬‬
‫حاَر منهسسم فهسسو‬ ‫ل قد َ‬ ‫س داُء دفيسسن ل دواَء العق ُ‬ ‫النسسا ُ‬
‫ذهل‬ ‫مْنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫لسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه ُ‬
‫ضسسا قسسالوا بسسه‬ ‫من َْقب ِ ً‬
‫ت ُ‬ ‫سخرةً أوْ ك ُن ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫طا َ‬‫مْنبس ً‬ ‫ت ُ‬ ‫إن ك ُن ْ َ‬
‫ل‬‫ث َِقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫مل َ ُ‬
‫ل‬ ‫جانبَهم قاُلوا ب ِهِ َ‬ ‫ن تُ َ‬ ‫خسسال ِط َُهم قسساُلوا بسسه وإ ْ‬ ‫ن تُ َ‬ ‫وإ ْ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسعٌ‬ ‫طَ َ‬
‫ده‬ ‫ن ت ََزهّسسسد َ قسسسالوا ُزهْسسس ُ‬ ‫صسةٍ وإ ْ‬ ‫من َْق َ‬
‫كب َ‬‫وإن ت َهَوّْر َلقَوْ َ‬
‫ل‬ ‫حَيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ِ‬

‫ولة وأنشدهُ قصيدةً يثنسسي‬ ‫وفد أعرابي على أحد ال ُ‬


‫عيه فيها وكان في فمسسه ميلن فلسسم يسسأمر لسسه بشسسيء‬
‫ة‪.‬‬
‫مكافأ ِ‬‫سا لل ُ‬
‫وكان ملتم ً‬
‫ه‬
‫جا؟ فقسسال‪ :‬لعل س ُ‬
‫معْوَ ً‬ ‫م َ‬
‫ك ُ‬ ‫ل فَ ِ‬‫فقال له الوالي‪ :‬ما با ُ‬
‫ب من الله تعالى‪.‬‬ ‫عَقا ٌ‬
‫ِ‬
‫فقال الوالي‪ :‬على أي شيء عاقبك‪ ،‬فقال‪ :‬لكسسثرة‬
‫ما كذبت بالمدح والثناء بالباطسسل علسسى النسساس‪ ،‬يعنسسي‬
‫ت منهم‪.‬‬‫وأن َ‬
‫ما يأكل في نهار رمضان وهو غير‬ ‫مسل ً‬ ‫وجد يهوديٌ ُ‬
‫ه‪.‬‬
‫مسافر فطلب منه أن ُيطعم ُ‬
‫‪420‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ل علسسى‬ ‫حس ُ‬ ‫ن ذبيحتنسسا ل ت ِ‬ ‫مسسسلم‪ :‬يسسا هسسذا‪ ،‬إ ّ‬ ‫فقسسال ال ُ‬
‫اليهود‪.‬‬
‫فقال اليهودي‪ :‬أنا في اليهود مثلك في المسلمين‪.‬‬
‫ما عن أخ لسسه‪ :‬كيسسف حسساله؟ فقسسال‪:‬‬ ‫سأل رجل حكي ً‬
‫ب موته‪ ،‬قال‪ :‬حياُته‪.‬‬ ‫ت‪ ،‬فقال‪ :‬ما سب ُ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫ة أزواج‪،‬‬ ‫ة مات عنهسا أربعس ُ‬ ‫ي ُْرَوى أن رجل ً عنده زوج ٌ‬
‫س فجلست عند رأسسسه تبكسسي‪ ،‬وقسسالت‪:‬‬ ‫فمرض الخام ُ‬
‫سادس‪.‬‬ ‫صي بي‪ ،‬فقال‪ :‬إلى ال ّ‬ ‫إلى من ُتو ِ‬
‫حسسوي وعنسسدهُ‬ ‫مرْيض ن ْ‬ ‫ل بن أحمد على َ‬ ‫ودخل الخلي ُ‬
‫مريسسض‬ ‫و‪ ،‬فقال أخسسو المريسسض ل ِل ْ َ‬ ‫ن الّنح َ‬ ‫خ له ما ُيحس ُ‬ ‫أ ٌ‬
‫ن أبسسو محمسسد عنسسدك‬ ‫ح عينسساك وحسسّرك شسسفتاك إ ّ‬ ‫افْْتسس َ‬
‫سا‪.‬‬ ‫جال ً‬
‫ك؛ لن‬ ‫م َ‬ ‫ك من كل ِ‬ ‫فقال الخليل‪ :‬إن أكثر مرض أخي َ‬
‫ن‪.‬‬
‫ح ٌ‬ ‫ه لَ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫كل َ‬
‫ت أن لسسك‬ ‫ظ‪ ،‬وقال له‪ :‬سسسمع ُ‬ ‫ل إلى الجاح ُ‬ ‫وجاء رج ٌ‬
‫ت فعلمني منها‪ ،‬فقال لسسه الجسساحظ‪:‬‬ ‫سك ٌ‬ ‫م ْ‬‫ب ُ‬ ‫جوا ٍ‬ ‫ف َ‬ ‫أل َ‬
‫لك ما تريد‪.‬‬
‫م ويسسا‬ ‫ل السد ّ َ‬ ‫ل‪ :‬يسسا ثقيس َ‬ ‫ج ٌ‬‫ل‪ :‬إذا قال لي ر ُ‬ ‫فقال الثقي ُ‬
‫ه‬
‫ل لسس ُ‬ ‫ه الجاحظ‪ :‬قُ ْ‬ ‫ه؟ فقال ل ُ‬ ‫ماذا أجيب ُ ُ‬ ‫ل َفب َ‬ ‫ف العق ِ‬ ‫خفي َ‬
‫ت‪.‬‬‫صدقْ َ‬
‫مسٌر‬ ‫ُروي أن صهيًبا قدم على النبي ‪ ‬وبيسسن يسسدْيه ت َ ْ‬
‫ر‪.‬‬
‫من التم ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ل فأخذ َيأك ُ‬ ‫ن فَك ُ ْ‬ ‫ز‪ ،‬فقال‪ :‬أد ْ ُ‬ ‫خب ٍ‬ ‫و ُ‬
‫دا؟« فقسسال‪ :‬يسسا‬ ‫مس ً‬
‫ك َر َ‬ ‫ن بعَي ْن ِس َ‬ ‫فقال له النسسبي ‪» :‬إ ّ‬
‫ي‬ ‫م النسسب ُ‬ ‫س َ‬ ‫حيةِ الخَرى فَتب ّ‬ ‫من الّنا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫رسول الله‪ ،‬أنا آك ُ ُ‬
‫‪.‬‬
‫جل ً يروي عن ابن عباس سسس رضسسي‬ ‫ير ُ‬ ‫وسمعَ أعراب ٌ‬
‫ب‬ ‫ج وعاَقه عائقَ ك ِت ُ َ‬ ‫من نوى الح ّ‬ ‫الله عنهما س أنه قال‪َ :‬‬
‫هذا‪.‬‬ ‫من َ‬ ‫خص ِ‬ ‫حج‪ ،‬فقال العرابي‪ :‬ما وَقَعَ أْر َ‬ ‫له ال َ‬
‫ج أبو بكر في تجارة إلسسى‬ ‫خر َ‬ ‫م سلمة قالت‪َ :‬‬ ‫وعن أ ّ‬
‫ه نعْيمسسان‬ ‫مَعسس ُ‬ ‫ت رسول الله ‪ ‬بعام و َ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫صرى‪َ ،‬قبل َ‬ ‫بُ ْ‬
‫ملة‪.‬‬ ‫سوَْيبط بن حر َ‬ ‫و ُ‬
‫‪421‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫دا ب َد ًْرا وكان نعَْيمان على السسزاد وكسسان‬ ‫شه َ َ‬ ‫وكانا قَد ْ ِ‬
‫منسسي‪ ،‬قسسال‪:‬‬ ‫ن‪ :‬أط ْعِ ْ‬ ‫حا‪ ،‬فقسسال ل َن ُعَْيمسسا ِ‬ ‫مّزا ً‬ ‫جل ً َ‬ ‫سويبط ر ُ‬ ‫ُ‬
‫حّتى يجيء أبو بكر‪.‬‬ ‫َ‬
‫ك‪ ،‬قال‪ :‬فمروا بقسوم‪ ،‬فقسال لهسم‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬أما لغي ْظن ّ َ‬
‫دا لي‪ ،‬قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قسسال‪ :‬إنسسه‬ ‫ط تشترون مني عب ً‬ ‫سوْيب ُ‬ ‫ُ‬
‫عبد له كلم فهو قائل لكم إني حر‪ ،‬فإن كنتم إذا قال‬
‫ي عبدي‪.‬‬ ‫لكم هذه المقالة تركتموه‪ ،‬فل تفسدوا عل ّ‬
‫قالوا‪ :‬ل بل نشتريه منسسك فاشسستروه بعشسسر قلئص‬
‫ل‪ ،‬فقسسال‬ ‫ثسسم أتسسوه فوضسسعوا فسسي عنقسسه عمامسسة أو حب ً‬
‫ت بعبسسد‪،‬‬ ‫سسس ُ‬ ‫ن‪ :‬إن هذا يستهزئُ بكم وإني حر ول َ ْ‬ ‫ن ُعَْيما ُ‬
‫فقالوا‪ :‬قد أخرنا خسسبرك فسسانطلقوا بسسه فجسساء أبسسو بكسسر‬
‫فأخبروه بذلك فاتبع القوم‪ ،‬فرد عليهم القلئص وأخسسذ‬
‫نعيمان‪.‬‬
‫فلما قدموا على النبي ‪ ‬أخسسبروه‪ ،‬فضسسحك النسسبي‬
‫‪ ‬وأصحابه منه‪.‬‬
‫كاِر‬ ‫ساٍء وإب ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ساقُ عنها بإ ْ‬ ‫ه نُ َ‬ ‫مسسن هَ سذِ ِ‬ ‫علسسى قَل ْعَسةٍ ِ‬ ‫إن ّسسا َ‬
‫السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدارِ‬
‫حقُ آثسساٌر بآثسسارِ‬ ‫ف ت َل ْ َ‬ ‫سو ْ َ‬ ‫ن و َ‬ ‫ب آثسساَر السسذي َ‬ ‫ي ون َن ْسسد ُ‬ ‫ن َب ْك ِس ْ‬
‫مسساِر‬ ‫م أّنا غَْيسسُر عُ ّ‬ ‫ن ن َعْل َ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫وا ون َ ْ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ة غَي ْسَر الَفسوِْز‬ ‫ّ‬
‫حل س ُ‬ ‫م َ‬ ‫س ال َ‬ ‫َ‬
‫مارت َُنا الد ُن َْيا علسسى لي ْس َ‬ ‫ع َ‬‫ت ِ‬ ‫َ‬
‫طال ْ‬ ‫َ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسن نسسسسسسسسسسسسسارِ‬ ‫غسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَررٍ ِ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫خس ِ‬ ‫م الَف َ‬‫م سةِ ي َسسو ُ‬ ‫م الِقيا َ‬ ‫ل علسسى ي َسوْ ُ‬ ‫حسسا ٍ‬ ‫ث ب َت ْرِ َ‬
‫ح ُ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫يا َ‬
‫ل َوالَعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسارِ‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬ ‫عَ َ‬
‫دنيا‬ ‫خَرةَ السسس ُ‬ ‫مَفسسسا َ‬ ‫ك ُ‬ ‫فسسسات ُْر ْ‬
‫وزي ْن َت ََهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬

‫والله أعلم‪ ،‬وصل الله علسسى محمسسد وآلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪.‬‬
‫كسسوا السسدنيا فأصسسابوا‪،‬‬‫موعظسسة للسسه دّر أقسسوام تر ُ‬
‫مناديَ الله فأجابوا‪ ،‬وحضروا مشسساهد َ الت َّقسسي‬ ‫وا ُ‬
‫وسمع ْ‬

‫‪422‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فما غسساُبوا‪ ،‬واعتسسذُروا مسسع التحقيسسق ثسسم تسسابوا وأنسسابوا‪،‬‬
‫دوا ول خاُبوا‪.‬‬ ‫هم فما ُر ّ‬ ‫صد ُْوا باب مول ُ‬ ‫وقَ َ‬
‫قال عمرو بن ذر لما رأى العابدون الليل قد هجسسم‬
‫عليهسسم‪ ،‬ونظسسروا إلسسى أهسسل الغفلسسة قسسد سسسكُنوا إلسسى‬
‫وا إلى اللسسه سسسبحانه‬ ‫ذهم‪َ ،‬قا ُ‬
‫م ْ‬ ‫م ورجُعوا إلى مل ّ‬ ‫شه ِ ْ‬ ‫ُفر ِ‬
‫مسسن‬ ‫م ِ‬‫ه ل َهُ ْ‬ ‫ب الل ُ‬‫مستبشرين بما قد ْ وهَ َ‬ ‫وتعالى فرحين ُ‬
‫د‪.‬‬
‫ج ِ‬‫سَهر وطول الت ّهَ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ه بصسسفاح‬ ‫دانِهم‪ ،‬وباشرُوا ظلمتسس ُ‬ ‫فاستقبلوا الليل بأب ْ ِ‬
‫ت ل سذ ُّتهم‬ ‫ل‪ ،‬ومسسا انقض س ْ‬ ‫وجوجهم‪ ،‬فانقضى عنهم اللي س ُ‬
‫دة‪،‬‬ ‫طسسول العَِبسسا َ‬ ‫دان ُُهم مسسن ُ‬ ‫ت أْبسس َ‬ ‫مسسن التلوة‪ ،‬ول مّلسس ْ‬ ‫ِ‬
‫ن وَقَد ْ وّلى الليل بربح وغبن‪.‬‬ ‫ح الَفرِي َْقا ِ‬ ‫فأصب ِ َ‬
‫ن المغب ُسسون مسسن‬ ‫فاعملوا في هذا الليل وسواده‪ ،‬فإ ّ‬
‫غبن الدنيا والخرة‪ ،‬كم من قائم لله تعسسالى فسسي هسسذا‬ ‫ُ‬
‫حْفَرِته‪.‬‬ ‫الليل قد اغتبط بقيامه في ظلمة ُ‬
‫ن حسسسابي يسسوم‬ ‫ُ‬
‫بأ ّ‬ ‫قسسال بعسسض العسسارفين‪ :‬مسسا أح س ُ‬
‫ن أن اللسسه‬ ‫ي؛ لنسسي أعلسسم وأتيق س ُ‬ ‫ل إلى أبو ّ‬ ‫جع َ ُ‬‫القيامة ي ُ ْ‬
‫م بي منهم‪.‬‬ ‫جل وعل أرح ُ‬
‫شعًرا‪:‬‬
‫ك‬‫حسسقّ فيسس َ‬ ‫مسسا للت َّقسسي وال َ‬ ‫ت ك َْبسسَرةٌ أ ّ‬ ‫حسسان َ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫أ َِفسسقْ واْبسس َ‬
‫ب‬‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ْ ِ‬ ‫ب نَ ِ‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫و َ‬
‫ب‬ ‫ت َ‬ ‫ْ‬
‫غري ْ ُ‬ ‫س بالد ُن َْيا وأن ْ َ‬ ‫طن أت َأن َ ُ‬ ‫مسسن لسسه فسسي بسسا ِ‬ ‫أَيسسا َ‬
‫ت إل نسسسساز ٌ‬
‫ل‬ ‫ل ومسسسسا المسسسسو ُ‬ ‫مْنسسسسسسسسسسسسسسسسسز ٌ‬ ‫ض َ‬ ‫الر ِ‬
‫ب‬ ‫مسسّر َيسسوم ٍ وقَرِي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ومسسا السسدهر إّل َ‬
‫ولي ْل َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسةٍ‬

‫فصل‬
‫عباد الله قد نقلنا في كتسساب »إرشسساد العبسساد« عسسن‬
‫النسسار وأهوالهسسا وغمومهسسا وأنكالهسسا وشسسراب أهلهسسا‬
‫وطعامهم وما إلى ذلك مما أعده الله جل وعل لهلها‬
‫من أنسسواع العسسذاب الليسسم البسسدي السسسرمدي مسسا فيسسه‬
‫كفاية‪.‬‬
‫‪423‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ويقابسسل دار الشسسقياء داُر أخسسرى داُر قسسرارٍ ونعي سم ٍ‬
‫ن وصسسحةٍ وحيسساةٍ أبديسةٍ فيهسسا مسسا‬ ‫مس ٍ‬‫حب ُسسور وأ ْ‬‫سسُرور و ُ‬ ‫و ُ‬
‫ن‬ ‫ت ول أذ ٌ‬ ‫ن رأ ْ‬ ‫ما ل عيسس ٌ‬ ‫نم ّ‬ ‫س وتلذ ُ العي ُ‬ ‫تشتهيه النف ُ‬
‫ر‪.‬‬‫طر على قلب َبش ٍ‬ ‫ت ول خ َ‬ ‫سمع ْ‬
‫ة‪ُ ،‬يكسسرم فيهسسا‬ ‫داٌر جعلها الكريم جل وعل داَر ضياف ٍ‬
‫عبادهُ الخَيار الذين وفَّقهم لخدمته والعمل بطاعته‪.‬‬
‫ول تظسسن هسسذه الضسسيافة محسسدودة‪ ،‬ول أن الكرامسسة‬
‫ت‬ ‫فيها تنتهي‪ ،‬بل كل ما تحبسسه وتتمنسساه أمامسسك إن ك ُن ْس َ‬
‫ضسسل اللسه عليسسك‬ ‫من أهل العفو والتجاوز فتوهم إن تف ّ‬
‫ك على الصراط(‪.‬‬ ‫مّر َ‬ ‫م َ‬ ‫بالعفو والتجاوز )أي تصور َ‬
‫ك‬‫ك يسسسعى بيسسن يسسديك وعسسن يمينسسك‪ ،‬وكتاب ُس َ‬ ‫ون ُسسوُر َ‬
‫ه‪.‬‬
‫ج ِ‬‫ض الوَ ْ‬‫مب ْي ّ َ‬ ‫ك ُ‬ ‫بيمين َ‬
‫د‬
‫و ّ‬ ‫سلل َ‬ ‫وت َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫جللو ٌ‬ ‫و ُ‬ ‫ض َ‬‫م ت َب ْي َ ّ‬ ‫و َ‬ ‫قال الله جل وعل‪ :‬ي َ ْ‬
‫ه ‪ ،‬وقسسد أيقنسست برضسساه عنسسك وأنسست علسسى‬ ‫جللو ٌ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫الصراط مع زمرة العابدين ووفود المتقين‪.‬‬
‫ل مسسع ذلسسك ل‬ ‫جس ُ‬ ‫م‪ ،‬والو َ‬ ‫س سل ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ة ُتنادي‪ :‬سسل ّ ْ‬ ‫والملئك ُ‬
‫يفسسارق قلبسسك ول قلسسوب المسسؤمنين‪ُ ،‬تنسسادي وينسسادون‪:‬‬
‫عَللى ُ‬ ‫فلْر ل ََنلا إ ِّنل َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫كل ّ‬ ‫ك َ‬ ‫غ ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫م ل ََنا ُنوَرَنا َ‬ ‫م ْ‬ ‫‪َ‬رب َّنا أت ْ ِ‬
‫ديٌر ‪.‬‬ ‫ق ِ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫هم‪ ،‬وهسساج‬ ‫فتسسدبر حيسسن رأوا المنسسافقين طفسسئ ن ُسسوُر ُ‬
‫عوا بتمام الُنور والمغفرة‪.‬‬ ‫ل في ُقلوبهم‪ ،‬فد َ َ‬ ‫الوج ُ‬
‫م سُر خفيًفسسا‬ ‫هم أي تصوْر وتخيل نفسك‪ ،‬وأنسست ت ُ‬ ‫فتو ّ‬
‫مسسع الوجسسل‪ ،‬وتصسوّْر ممسّرك علسسى قسسدر خّفسسة أوزارك‬
‫خره‪.‬‬ ‫ت إلى آ ِ‬ ‫وثقلها وقد انتهي َ‬
‫ن‬ ‫م الجنسسا ِ‬ ‫ة‪ ،‬وقد عاينت نعيسس َ‬ ‫ب على قلبك النجا ُ‬ ‫فغل َ‬
‫ك على جسسوار اللسسه عسسز‬ ‫ن قلب ُ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ت على الصراط‪ ،‬ف َ‬ ‫وأن َ‬
‫وجل‪ ،‬واشتاق إلى رضا الله‪.‬‬
‫حدِ رجليك إلى‬ ‫ت بأ َ‬ ‫طوا ٍ‬ ‫خ َ‬ ‫ت إلى آخره َ‬ ‫صْر َ‬
‫حتى إذا ِ‬
‫العرصةِ )أي عرصة القيامسسة( السستي بيسسن آخسسر الجسسسر‬
‫وبين باب الجنسسة‪ ،‬فوضسسعتها علسسى العرصسسة السستي بعسسد‬

‫‪424‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫خسسرى علسسى الصسسراط‪،‬‬ ‫م ال ُ‬ ‫الصسسراط‪ ،‬وبقيسست القسسد ُ‬
‫غلبا عليك‪.‬‬ ‫ف والرجاُء قد اعَْتلَيا في قلبك و َ‬ ‫والخو ُ‬
‫ت‬ ‫كلسسه واسسستقّر ْ‬ ‫ط ُ‬ ‫صرا َ‬ ‫ت ال ِ‬ ‫جْز َ‬ ‫ثم ثنيت بالخرى‪ ،‬ف ُ‬
‫ك‪،‬‬ ‫سسسْر ببسسدن َ‬ ‫ت عن الج َ‬ ‫ك على تلك العرصة‪ ،‬وزِل ْ َ‬ ‫قدما َ‬
‫رك‪.‬‬ ‫ه وراء ظ َهْ ِ‬ ‫وخل ّْفت َ ُ‬
‫ب‬ ‫مسسر عليهسسا‪ ،‬وت َث ِس ُ‬ ‫ب من تحسست مسسن ي ُ‬ ‫م تضطر ُ‬ ‫جهَن ّ ُ‬ ‫و َ‬
‫شهَقُ إليه‪.‬‬ ‫ة تزفُُر عليه وت ْ‬ ‫مْغتاظ ً‬ ‫ل عنه ُ‬ ‫من ز ّ‬ ‫على َ‬
‫ثم التفسست إلسسى الجسسسر فنظسسرت إليسسه باضسسطرابه‪،‬‬
‫ه‪ ،‬وإلى جهّنم من تحتسسه‬ ‫ق من فوقِ ِ‬ ‫ونظرت إلى الخلئ ِ‬
‫ط‪.‬‬ ‫ب وتزفُر على الذين ُزل ْزُِلوا عن الصرا ِ‬ ‫تث ُ‬
‫ك‬‫ف‪ ،‬فطسسار قلبس َ‬ ‫لها فسسي رؤوسسسهم وأنحسسائهم قصسسي ٌ‬
‫ت النسساَر‬ ‫حسسا إذ ْ نجسسوت بضسسعفك مسسن النسسار و خل ّْفسس َ‬ ‫فر ً‬
‫ك‪ ،‬متوجًها إلى جوار رب َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫وجسرها من وراء ظهرِ َ‬
‫سسسروًرا‬ ‫ك ُ‬ ‫ت آمًنا إلى باب الجنسة امتل قلُبس َ‬ ‫ثم خطو َ‬
‫ك بسسالفرح والسسسرور حسستى‬ ‫مسّر َ‬ ‫م َ‬ ‫ل فسسي َ‬ ‫حا‪ ،‬فل تزا ُ‬ ‫وفر ً‬
‫ُتوافي أبوابها‪.‬‬
‫فإذا وفيسست بابهسسا اسسستقبلك بحسسسنه‪ ،‬فنظسسرت إلسسى‬
‫جدرانها‪.‬‬ ‫صورة الجنة و ُ‬ ‫حسنه ونوره وحسن ُ‬
‫ل الجنسسة‬ ‫خو ِ‬ ‫ح مسروٌر متعلقٌ بد ُ ُ‬ ‫وقلبك مستطير فر ٌ‬
‫حين وافيت بابها أنت وأولياُء الرحمن‪.‬‬
‫فتوهم أي تخّيل وتصور نفسك في ذلسسك المسسوكب‪،‬‬
‫ة وجسسوههم‪،‬‬ ‫مبيضس ً‬ ‫ل كرامسسة اللسسه ورضسسوانه‪ُ ،‬‬ ‫م أهس ُ‬ ‫وه ُ س ْ‬
‫ش سُرون‪،‬‬ ‫ست َب ْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫حسسو َ‬ ‫مشرقة برضا الله‪ ،‬مسرورون َفر ُ‬ ‫ُ‬
‫ج‬ ‫ك‪ ،‬وحّر المَقام ِ وَوه ِ‬ ‫وقد وافيت باب الجنة بغبارِ قبر َ‬
‫ما مّر بك‪.‬‬
‫دها اللسسه لوليسسائه وإلسسى‬ ‫فنظرت إلى العين التي أع ّ‬
‫حسن مائها‪ ،‬فانغمست فيها مسروًرا‪ ،‬لما وجدت من‬ ‫ُ‬
‫برد مائها وطيبه‪ ،‬فوجدت له برًدا وطيًبا‪ ،‬فذهب عنسسك‬
‫ن المقام‪.‬‬ ‫حْز ِ‬ ‫ب ُ‬
‫غبسسار‪ ،‬وأنسست مسسسرور لمسسا‬ ‫ل دنسسس و ُ‬ ‫ك من ك ُ ِ‬ ‫وط َّهر َ‬
‫ت مسسن‬ ‫ه‪ ،‬وقسسد أفلس ّ‬ ‫وجدت من طيب مائها لمسسا باشسسرت ُ‬
‫‪425‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وهج الصراط وحّره؛ لنه قد يوافي بابها مسسن أحرقسست‬
‫النار بعض جسده بلفحها‪ ،‬وقد بلغت منه‪.‬‬
‫فما ظنك وقد انفلت من حر المقام ووهج أنفسساس‬
‫هج حّر الصسسراط فسسوافيت بسساب‬ ‫الخلئق‪ ،‬ومن شدة تو ّ‬
‫الجنة بذلك‪ ،‬فلما نظرت إلسسى العيسسن قسسذفت بنفسسسك‬
‫فيها‪.‬‬
‫ور وتخّيل( فرحة فُسسؤادك لمسسا باشسسر‬ ‫م )أي تص ّ‬ ‫فتوهّ ْ‬
‫برد مائها بدنك بعد حر الصراط‪ ،‬ووهج القيامة‪ ،‬وأنت‬
‫طهر لسسدخول الجنسسة‬ ‫ل لتت ّ‬ ‫ح لمعرفتك أنك إنما تغتس ُ‬ ‫فر ٌ‬
‫والخلود فيها‪.‬‬
‫متغيسسٌر حسسسًنا‪،‬‬ ‫ك ُ‬ ‫فسسأنت تغتسسسل منهسسا دائب ًسسا‪ ،‬ولون ُس َ‬
‫ج منهسا‬ ‫مسسا‪ ،‬ثسم تخسسر ُ‬ ‫ة ونعي ً‬ ‫دك يزداد ُ نضرةً وبهجس ً‬ ‫وجس ُ‬
‫صور وأتم الُنور‪.‬‬ ‫في أحسن ال ُ‬
‫فتوهم )أي تصور وتخيل( فرح قلبك حيسسن خرجسست‬
‫منهسسا فنظسسرت إلسسى كمسسال جمالسسك‪ ،‬ونضسسارة وجهسسك‬
‫ف للسسدخول إلسسى‬ ‫موقن بأنك تتنظ ُ‬ ‫حسنه‪ ،‬وأنت عالم ُ‬ ‫و ُ‬
‫جوار ربك‪.‬‬
‫ل مسسن بعسسض‬ ‫ثم تقصد إلسسى العيسسن الخسسرى‪ ،‬فتتنسساو ُ‬
‫حسسسن‬ ‫حسسسن النسساء‪ ،‬وإلسسى ُ‬ ‫م نظرك إلسسى ُ‬ ‫آنيتها‪ ،‬فتوهّ ْ‬
‫ب‬‫الشراب‪ ،‬وأنت مسسسرور بمعرفتسسك أنسسك إّنمسسا تشسسر ُ‬
‫ل‪ ،‬وجسسسدك‬ ‫ل غس ٍ‬ ‫هذا الشراب ِلتطهّسَر جوفسسك مسسن كس ّ‬
‫دا‪.‬‬
‫م أب ً‬ ‫ناع ٌ‬
‫ه‪ ،‬وجدت‬ ‫ك ثم شربت ُ‬ ‫ت الناء على في َ‬ ‫حتى إذا وضع َ‬
‫ه‪ ،‬فيسسسلس‬ ‫شرب ُ‬ ‫طعم شراب لم تذق مثله‪ ،‬ولم تعوّد ْ ُ‬
‫سسسروًرا لمسسا وجسسدت‬ ‫وفك‪ ،‬فطار قلُبك ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ك إلى َ‬ ‫من في ْ َ‬
‫ة‪.‬‬
‫ل آف ٍ‬ ‫ه‪ ،‬ثم نقي جوفك من ك ُ ّ‬ ‫من لذ ّت ِ ِ‬
‫ل طبٍع كسسان فيسسه‬ ‫فوجدت لذة طهارة صدرك من ك ُ ّ‬
‫عه إلسسى الُغمسسوم والُهمسسوم والحسسرص والشسسدة‬ ‫ُينسساز ُ‬
‫ل‪ ،‬فيا برد طهارة صدرك‪ ،‬ويا روح ذلسسك‬ ‫والغضب والغ ّ‬
‫على فؤادك‪.‬‬

‫‪426‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن‪،‬‬ ‫حسسستى إذا اسسسستكملت طهسسسارةُ القلسسسب والبسسسد ِ‬
‫مطلسعٌ يسسراك‬ ‫واستكمل أحباُء اللسسه ذلسسك معسسك‪ ،‬واللسسه ُ‬
‫هم‪.‬‬‫ويرا ُ‬
‫أمسسر مسسولك الجسساد ُ المتحنسسن خسسوان الجنسسة مسسن‬
‫مطيعيسسن خسسائفين منسسه‬ ‫الملئكسسة‪ ،‬السسذين لسسم يزالسسوا ُ‬
‫ة‬
‫ل‪ ،‬وهيب س ً‬ ‫ما لسسه وإجل ً‬ ‫مشفقين وجلين من عقابه إعظا ً‬ ‫ُ‬
‫حسسوا بسساب جنتسسه‬ ‫ه‪ ،‬وأمسُرم أن يفت ُ‬ ‫ه‪ ،‬وحسسذًرا مسسن نقمس ِ‬ ‫ل ُ‬
‫لوليائه‪.‬‬
‫فانحدروا من دارهسسا‪ ،‬وبسسادروا مسسن سسساحاتها‪ ،‬وأتسسوا‬
‫حوا أبوابها‪.‬‬ ‫دوا أيديهم ليْفت ُ‬ ‫باب الجنة فم ُ‬
‫حسسا‪،‬‬‫سروًرا‪ ،‬وامتلت فر ً‬ ‫وأيقنت بذلك‪ ،‬فطار قلبك ُ‬
‫حسن صرير أبوابها‪ ،‬فعلك السسرور‪ ،‬وغلسب‬ ‫ت ُ‬‫وسمع َ‬
‫سرور ُقلوب المفتوح لهم بسساب جنسسة‬ ‫على ُفؤادك‪ ،‬فيا ُ‬
‫رب العالمين‪.‬‬
‫م طيسسب الجنسسان‪،‬‬ ‫فلمسسا فتسسح لهسسم باُبهسسا‪ ،‬هسساج نسسسي ُ‬
‫وطيب جرى مائها‪ ،‬فنفح وجهك‪ ،‬وجميع بدنك‪ ،‬وثارت‬
‫أراييح الجنة العبقة الطيبة‪.‬‬
‫موِنسسع‪،‬‬‫ح مسسسكها الذفسسر‪ ،‬وزعفرانهسسا ال ُ‬ ‫وهسساج ريسس ُ‬
‫ح طيسب‬ ‫وكاُفورهسا الصسفر‪ ،‬وعنبرهسا الشسسهب‪ ،‬وأريسا ُ‬
‫ثمارها وأشجارها‪ ،‬وما فيها من نسيمها‪.‬‬
‫ت‬ ‫ك حستى وصسل ْ‬ ‫م ُ‬‫فتداخلت تلك الراييسح فسي مشسا ّ‬
‫إلى دماِغك‪ ،‬وصار طيُبها في قلبك‪ ،‬وفاض من جميسسع‬
‫جوارحك‪.‬‬
‫حسسسن قصسسورها‪ ،‬وتأسسسيس‬ ‫ونظسسرت بعينسسك إلسسى ُ‬
‫مسسرِد‪،‬‬‫ُبنيانهسسا مسسن طسسرائق الجنسسدل الخضسسر مسسن الُز ُ‬
‫در البيض قسسد سسسطع منسسه نسسوره‬ ‫ر‪ ،‬وال ُ‬‫والياقوت الحم ِ‬
‫وبهاؤه وصفاؤه‪.‬‬
‫ه ُنوُر ما‬ ‫فقد أكمله الله في الصفاء والنور‪ ،‬ومازج ُ‬
‫وفسسرح‬ ‫جسسب اللسه‪،‬‬ ‫ح ُ‬‫ت إلسسى ُ‬ ‫فسسي الجنسسان‪ ،‬ونظسسر َ‬
‫ن لسسك فيهسسا‬ ‫دك لمعرفتسسك أنسسك إذا دخلتهسسا فسسإ ّ‬ ‫فسسؤا ُ‬
‫ح‬‫ب أراييس ِ‬ ‫الزيادات‪ ،‬والنظُر إلى وجه ربك‪ ،‬فاجتمع طي ُ‬
‫‪427‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ب نسسسيمها‪ ،‬وبسسرد ُ‬ ‫ن بهجسسة منظرهسسا‪ ،‬وطيس ُ‬ ‫الجنة وحس ُ‬
‫جوها‪.‬‬
‫فتصور نفسك إن تفضسسل اللسسه عليسسك بهسسذه الهيئة‪،‬‬
‫حا لكان ذلسسك يح سقُ لسسك‪ ،‬حسستى إذا فتحسسوا‬ ‫ت فر ً‬ ‫م ّ‬ ‫فلو ُ‬
‫جسسوه أوليسساء‬ ‫حكين فسسي وجهسسك ووُ ُ‬ ‫بابا‪ ،‬أقبلوا عليك ضا ِ‬
‫الله معك‪.‬‬
‫م ‪‬فتسسسوهم حسسسسن‬ ‫عل َي ْك ُللل ْ‬
‫م َ‬ ‫سلللل ٌ‬ ‫ونسسسادوكم ‪َ ‬‬
‫نغماتهم‪ ،‬وطيب كلمهم‪ ،‬وحسن تسليمهم في كمسسال‬
‫صورهم‪ ،‬وشدة نورهم‪.‬‬
‫هللا‬ ‫خُلو َ‬ ‫فادْ ُ‬‫م َ‬ ‫ثسسم أتبعسسوا السسسلم بقسسولهم‪ :‬طِب ْت ُل ْ‬
‫ن ‪‬فأثنوا عليهم بسسالطيب والتهسسذيب مسسن كسسل‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬
‫َ‬
‫دنيا‪ ،‬ثن‬ ‫ش‪ ،‬وكل آفةٍ في دين أو ُ‬ ‫ل وغ ٍ‬ ‫ن وغ ٍ‬ ‫د ََنس ود ََر ٍ‬
‫خول في جواره‪.‬‬ ‫أذُنوا لهم على الله بالد ُ ُ‬
‫م‬ ‫دا‪ ،‬فقالوا‪ :‬طِب ْت ُ ْ‬ ‫ثم أخبروهم أنهم باُقون فيها أب ً‬
‫ن وأوليسساُء‬ ‫ن ‪ ،‬فلمسسا سسسمعت الذ ُ‬ ‫دي َ‬‫خال ِ ل ِ‬ ‫ها َ‬ ‫خُلو َ‬ ‫فادْ ُ‬ ‫َ‬
‫ب من‬ ‫ضت البوا ُ‬ ‫الله معك‪ ،‬بادرتم الباب بالدخول‪ ،‬فك ّ‬
‫الزحام‪.‬‬
‫فتصور نفسك إن عفا الله عنك فسسي تلسسك الزحمسسة‬
‫ن قد‬ ‫مبادرين‪ ،‬مسروًرا مع مسرورين‪ ،‬بأبدا ٍ‬ ‫مبادًرا مع ُ‬ ‫ُ‬
‫جوهٍ قد أشرقت وأنارت فهي كالبسسدر‪ ،‬قسسد‬ ‫ت‪ ،‬وو ُ‬ ‫طهَر ْ‬
‫شعاِع الشمس‪.‬‬ ‫سطع من أعراضهم ك ُ‬
‫فلما جسساوزت بابهسسا‪ ،‬وضسسعت قسسدميك علسسى ُتربتهسسا‪،‬‬
‫ك‬ ‫ت الزعفسسران المونسسع‪ ،‬والمسس ُ‬ ‫وهي مسك أذفُر ونبس ُ‬
‫ت‬ ‫ة‪ ،‬والزعفسسران نسساب ٌ‬ ‫ض مسسن فضسس ٍ‬ ‫ب علسسى أر ٍ‬ ‫مصسسبو ٌ‬
‫حولها‪.‬‬
‫فذلك أول خطوةٍ خطوتها في أرض البقسساء بسسالمن‬
‫طسسى فسسي ُتسسراب‬ ‫مسسن العسسذاب والمسسوت‪ ،‬فسسأنت تتخ ّ‬
‫حسسسن‬ ‫ض الزعفسسران‪ ،‬وعينسساك ترمقسسان ُ‬ ‫المسك‪ ،‬وريا ِ‬
‫حسن أشجارها‪ ،‬وزينة تصويرها‪.‬‬ ‫من ُ‬ ‫در‪ِ ،‬‬ ‫بهجة ال ُ‬
‫طى في عرصات الجنان‪ ،‬في ريسساض‬ ‫فينما أنت تتخ ّ‬
‫كثبسسان المسسسك‪ ،‬إذ ن ُسسودي فسسي أزواجسسك‬ ‫الزعفسسران‪ ،‬و ُ‬
‫‪428‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وولدانك وخسسدامك وغلمانسك وقهارمتسك‪ ،‬أن فلن ًسسا قسد‬
‫ك‪ ،‬كمسسا ُيبش سُر أه س ُ‬
‫ل‬ ‫دوم َ‬ ‫أقبل‪ ،‬فأجاُبوا واستبشروا لُق س ُ‬
‫ه‪ ،‬كمسا قسال علسسي بسن أبسي‬ ‫م ِ‬‫دو ِ‬‫الغائب فسي السدنيا بُقس ُ‬
‫صورك‪ ،‬إذ سسسمعت‬ ‫ت ت َن ْظ ُُر إلى قُ ُ‬ ‫طالب ‪ :‬فبينما أن ْ َ‬
‫حسا‪ ،‬فبينمسا‬ ‫ت لسذلك فر ً‬ ‫شسُهم‪ ،‬فاسستطر َ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫جلبتُهم وتب ِ‬
‫ت‬ ‫مسسا سسسمع َ‬ ‫كل ّ‬‫م َ‬‫ح مسسسروٌر بغبطتهسسم لُقسسدو ِ‬ ‫أنسست فسسر ٌ‬
‫حا بك‪.‬‬ ‫م فر ً‬ ‫إجلب َهَ ُ‬
‫ص سُفوًفا‬ ‫ة إليك وقسسامت الولسسدان ُ‬ ‫م ُ‬‫إذ ابتدرت القهاَر َ‬
‫ف‬ ‫مقبلة إليك‪ ،‬إذ استخ ّ‬ ‫ة ُ‬ ‫لُقدومك‪ ،‬فبينما أتت القهارم ٌ‬
‫دمها‬ ‫خ ّ‬‫ل واحدةٍ منهن بعض ُ‬ ‫أزواجك للعجلة‪ ،‬فبعثت ك ُ ُ‬
‫ل‪.‬‬‫مقب ً‬ ‫لينظر إليك ُ‬
‫حا‪،‬‬ ‫ن إليه فر ً‬ ‫جوع إليها بُقدومك‪ ،‬لتطمئ ّ‬ ‫وُيسرع بالر ُ‬
‫م قبسسل أن‬ ‫سروًرا‪ ،‬فنظر إليك الخسسد ُ‬ ‫ن إلى ذلك ُ‬ ‫وتسك ُ َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫مت َ‬ ‫ك قََهاَر ُ‬ ‫تلَقا َ‬
‫ن إليها فلمسسا أخبرهسسا‬ ‫كل واحدة منه ّ‬ ‫ل ُ‬ ‫ثم بادر رسو ُ‬
‫ه مسسن‬ ‫ل واحدةٍ لرسسسولها‪ :‬أنسست رأيت س ُ‬ ‫ك‪ ،‬قالت ك ُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫بُقدو ِ‬
‫ن‬ ‫ل واحسسدة منه س ّ‬ ‫شسسدة فرحهسسا بسسذلك‪ ،‬ثسسم أرسسسلت ك س ُ‬
‫سول ً آخر‪.‬‬ ‫ر ُ‬
‫فلما جاءت البشارات بُقدومك إليهن‪ ،‬لسسم يتمسسالكن‬
‫ت إلسى لقسائك لسول‬ ‫مبسسادرا ٍ‬ ‫خروج إليك ُ‬ ‫حا‪ ،‬فأردن ال ُ‬ ‫فر ً‬
‫ك‪ ،‬كما‬ ‫م َ‬ ‫دو ِ‬‫ن في الخيام إلى قُ ُ‬ ‫ب القصَر له ّ‬ ‫أن الله كت َ‬
‫خَيام ِ ‪.‬‬ ‫في ال ِ‬ ‫ت ِ‬‫صوَرا ٌ‬ ‫ق ُ‬ ‫م ْ‬ ‫حوٌر ّ‬ ‫قال مليكك‪ُ  :‬‬
‫ن‬‫فوضعهن أيديهن علسسى عضسسائد أبسسوابهن‪ ،‬وأذرعهس ّ‬
‫ة وجهسسك‪،‬‬ ‫ن ينظسسرن مسستى تبسسدو لهسسن صسسفح ُ‬ ‫سسسه ّ‬ ‫بُرؤو ِ‬
‫ل حنينهسسسن‪ ،‬وشسسسدةُ شسسسوقهن إليسسسك‪،‬‬ ‫ن طسسسو ُ‬ ‫فيسسسسك ُ‬
‫سّهن‬ ‫ن‪ ،‬ومعدن راحتهن‪ ،‬وأن ُ َ‬ ‫وينظرون إلى قرير أعيُنه ّ‬
‫ن‪.‬‬‫ن وحبيب مولهُ َ‬ ‫إلى ولي ربه ّ‬
‫صسسورك‪،‬‬ ‫فتسسوهم مسسا عسساينت‪ ،‬حيسسن ُفتحسست أبسسواب قُ ُ‬
‫حسسسن بهجسسة مقاصسسيره‪ ،‬وزينسسةو‬ ‫سُتوُرهُ مسسن ُ‬ ‫ورُفعت ُ‬
‫ن رياضه‪ ،‬وتللؤ صحنه‪ ،‬ونور ساحاته‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫أشجارهن و ُ‬

‫‪429‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فبينما أنت تنظر إلى ذلك‪ ،‬إذ بادرت البشسسرى مسسن‬
‫ن فلن قسسد دخسسل‬ ‫ن بس ُ‬ ‫ك هسسذا ُفل ُ‬ ‫ك ُينادون أزواج َ‬ ‫م َ‬‫دا ِ‬ ‫خ ّ‬‫ُ‬
‫ن نسسداءَ البشسسراء بقسسدومك‬ ‫من باب قصره‪ ،‬فلما سمع َ‬
‫ن مسسن الُفسسرش علسسى السسسرة فسسي‬ ‫ك‪ ،‬تسسوث ّب ْ َ‬ ‫خوِلسس َ‬ ‫ود ُ ُ‬
‫الحجال‪.‬‬
‫وعيُنك ناظرةٌ إليهسسن فسسي جسسوف الخيسسام والقبسساب‪،‬‬
‫ن‬‫مسسستعجلت‪ ،‬قسسد اسسستخفهُ ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫فنظسسرت إلسسى وُُثسسوبه ّ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ح‪ ،‬والشوقُ إلى ُرؤي َت ِ َ‬ ‫الفر ُ‬
‫فتخي ّسسل تلسسك البسسدان الرخيمسسة الرعبوبسسة الخريسسدة‬
‫خُتر‪.‬‬‫ن بالتهادي والت ّب َ ْ‬ ‫الناعمة‪ ،‬يتوث ّب ْ َ‬
‫سسن‬ ‫ح ْ‬‫ل واحسدةٍ منهسن‪ ،‬حيسن وثبست فسي ُ‬ ‫فتصور ك ُ ّ‬
‫حللها وحليتها بصباحة وجهها‪ ،‬وتثني بدنها بنعمته‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ة عسسن‬ ‫ة بكمسسال بسسدنها‪ ،‬نازلس ً‬ ‫مسرع ً‬ ‫فتوهم انحدارها ُ‬
‫ن حسستى‬ ‫سريرها إلى صحن قُب ِّتها‪ ،‬وقرار خيمتها‪ ،‬فسسوث َب ْ َ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ن وقبابه ّ‬ ‫مه ّ‬ ‫خيا ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫ن أبوا َ‬ ‫أتي ْ َ‬
‫ثم أخذن بأيديهن عضسسائد أبسسواب خيسسامهن للقصسسر‪،‬‬
‫ت‬ ‫ن آخسسذا ٍ‬ ‫ن إلسسى قسسدومك‪ ،‬فقمسس َ‬ ‫رب عليهسس ّ‬ ‫ضسس ِ‬ ‫السسذي ُ‬
‫بعضائدِ أبوابهن‪.‬‬
‫ن ينحدرن من أبسسواب‬ ‫هه ّ‬ ‫جو ِ‬ ‫ن وو ُ ُ‬ ‫ثم خرجن برؤوسه ّ‬
‫ك‬ ‫ملئن من َ‬ ‫مْقِبلت قد ُ‬ ‫ت ينظرن إليك‪ُ ،‬‬ ‫متطلعا ٍ‬ ‫قبابهن‪ُ ،‬‬
‫حا وسروًرا‪.‬‬ ‫فر ً‬
‫ن‬
‫ه‪ ،‬وقسسد رمقتهُس ّ‬ ‫حس ِ‬
‫ك وفر ِ‬ ‫سرور قلب َ‬ ‫وتخيل نفسك ب ُ‬
‫ن‪.‬‬
‫سن وجوههن‪ ،‬وغنج أعُينهِ ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫على ُ‬
‫ن حسسار طرفُسسك‪ ،‬وهسساج قلبسسك‬ ‫فلمسسا قسسابلت وجسسوهه ّ‬
‫ت الذاهل من عظيم ما هاج‬ ‫بالسرور‪ ،‬فبقيت كالمبهو ِ‬
‫ت إليسسه‬ ‫ت عينسساك‪ ،‬وسسسكن َ‬ ‫سسسرور مسسا رأ ْ‬ ‫في قلبك مسسن ُ‬
‫سك‪.‬‬ ‫نف ُ‬
‫ل إليهسسن‪ ،‬إذ دنسسوت مسسن أبسسواب‬ ‫فبينمسسا أنسست ترُفسس ُ‬
‫ق‪،‬‬ ‫مبسسادرات قسسد اسسستخفهن العش س ُ‬ ‫الخيسسام‪ ،‬فأسسسرعن ُ‬
‫ن من كمال‬ ‫ت يتثنين من نعيم البدان‪ ،‬ويتهاد َي ْ َ‬ ‫مسرعا ٍ‬ ‫ُ‬
‫الجسام‪.‬‬
‫‪430‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ل واحسسدةٍ منهسسن‪ :‬يسسا حبيسسبي مسسا أبطسسأك‬ ‫ك كُ ّ‬ ‫ثم نادت َ‬
‫ل‬ ‫ة ما زال الله عّز وج ّ‬ ‫علينا؟ فأجبتها بأن قلت‪ :‬يا حبي ُ‬
‫ت أن ل أصسسل‬ ‫ب كذا وكذا حتى خشسسي ُ‬ ‫ُيوقفني على ذن ْ ِ‬
‫كن‪.‬‬ ‫إلي ُ‬
‫ن‬‫س والحريسسر ‪ ،‬ي ُْثسسرِ َ‬ ‫سسسند ِ‬ ‫فمشسسين نحسسوك فسسي ال ُ‬
‫شًقا لك‪.‬‬ ‫ع ْ‬ ‫ك‪ ،‬وشوًقا و ِ‬ ‫س َ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ِ‬
‫ت إليك بنانها ومعصمها‬ ‫مد ّ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ت منه ّ‬ ‫فأول من تّقدم ْ‬
‫ك‬ ‫ت عليهسسا بكفس َ‬ ‫حرهَسسا فسسانثني َ‬ ‫ك إلسسى ن ْ‬ ‫مت ْ َ‬ ‫وخاتمهسسا وضس ّ‬
‫ه علسسى قلئدهسسا مسسن حلِقهسسا‪ ،‬ثسسم‬ ‫ك حتى وضعت ُ‬ ‫وساعد َ‬
‫ك إليها‪.‬‬ ‫مت ْ َ‬‫ضممُتها إليك وض ّ‬
‫مْتك إليها كسساد أن ي ُسسداخل‬ ‫ما ض ّ‬ ‫فتوهمن نعيم بدنها ل ّ‬
‫بدُنك بدنها من لينه ونعيمه‪.‬‬
‫ذة‬ ‫سسسن ن ُُهودهسسا‪ ،‬ولس ّ‬ ‫ح ْ‬‫فتوهم ما باشر صسسدرك مسسن ُ‬
‫معانقتها‪ ،‬ثم شممت طيسسب عوارضسسها‪ ،‬فسسذهب قلب ُسسك‬ ‫ُ‬
‫سسسرور‪ ،‬وامتل‬ ‫ل شيء سواها حتى غسسرق فسسي ال ُ‬ ‫ُ‬
‫من ك ّ‬
‫حا‪ ،‬لما وصل إلى ُرْوحك من طيب مسيسها‪ ،‬ولذةَ‬ ‫فر ً‬
‫روائح عوارضها‪.‬‬
‫ت لذةُ‬ ‫م ْ‬‫ت خّفة السرور من قلبك‪ ،‬وع ّ‬ ‫فلما استمكن ْ‬
‫سرورك‪،‬‬ ‫ل في ُ‬ ‫الفرح جميع بدنك‪ ،‬وموعد الله عّز وج ّ‬
‫فناديت بالحمد الله السذي صسدقك الوعسسد‪ ،‬وأنجسسز لسك‬
‫ب‬ ‫دؤو ِ‬ ‫ن بال س ُ‬‫الموعد‪ ،‬ثم ذكرت طلبسسك إلسسى ربسسك إي ّسساهُ ّ‬
‫شمير‪.‬‬ ‫والت ّ ْ‬
‫فأين أنت في عاقبسسة ذلسسك العمسسل السسذي اسسستقبلته‬
‫ذا‬ ‫هلل َ‬
‫ل َ‬ ‫مْثلل ِ‬‫ن ‪ ‬لِ ِ‬ ‫م عوارضسسه ّ‬ ‫ن وتشسس ُ‬ ‫مُهسس ّ‬ ‫وأنسست تلتث ُ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫عا ِ‬
‫ل ال َ‬ ‫م ِ‬ ‫ع َ‬ ‫فل ْي َ ْ‬ ‫َ‬
‫فتوهم صعودها على السرير بعظيم بدنها ونعيمسسه‪،‬‬
‫حتى استوت عليه جالسة‪ ،‬ثم ارتقيت علسسى السسسرير‪،‬‬
‫مقابُلهسسا‪ ،‬فيسسا‬ ‫فاسسستويت عليسسه معهسسا‪ ،‬فقابلتسسك وأنسست ُ‬
‫ة في حالها وحليها بصسسباحة‬ ‫ن منظرك إليها جالس ً‬ ‫حس َ‬ ‫ُ‬
‫وجههسسسا ونعيسسسم جسسسسمها! السسسساور فسسسي معاصسسسمها‪،‬‬
‫والخواتم في أكفها‪ ،‬والخلخيل في أسسسواقها‪ ،‬والقلئد‬
‫‪431‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫في عنقها‪ ،‬والكاليل من الدر والياقوت علسسى قصسستها‬
‫وجبينها‪ ،‬والتاج من فوق ذلك على رأسسسها‪ ،‬والسسذوائب‬
‫من تحت التاج‪ ،‬قسسد حسسل مسسن مناكبهسسا‪ ،‬وبلسسغ أردافهسسا‪،‬‬
‫ك في نحرها‪ ،‬وهسسي تنظسسر إلسسى وجههسسا فسسي‬ ‫جه َ َ‬ ‫َترى و ْ‬
‫نحرك‪.‬‬
‫ك‪،‬‬ ‫وقد تدلت الشسسجار بثمارهسسا مسسن جسسوانب حجلت ِس َ‬
‫ت النهسساُر حسسول قصسسرك‪ ،‬واسسستعلى الجسسداول‬ ‫واطسسرد ِ‬
‫على خيمتك بالخمر والعسل واللبن والسلسبيل‪.‬‬
‫حسسسنها‪ ،‬و أنسست لبسسس الحريسسر‬ ‫حس سُنك و ُ‬ ‫وقد كمل ُ‬
‫صسسل‬ ‫س‪ ،‬وأساور الذهب واللؤلؤ علسسى كسسل مْف ِ‬ ‫سند ُ‬ ‫وال ُ‬
‫ف فسسوق‬ ‫منتص س ُ‬ ‫در واليسساقوت ُ‬ ‫ج ال س ُ‬‫مسسن مفاصسسلك‪ ،‬وتسسا ُ‬
‫ة بالنور على جبينك‪.‬‬ ‫ص ً‬‫ص َ‬ ‫در مف ّ‬ ‫رأسك‪ ،‬وأكاليل ال ُ‬
‫وقد أضسساءت الجنسسة وجميسسع قصسسورك مسسن إشسسراق‬
‫بدنك ونور وجهك‪ ،‬وأنسست تعسساين مسسن صسسفاء قصسسورك‬
‫ك وجميع أبنية مقاصيرك‪.‬‬ ‫م َ‬‫خد ّ ِ‬
‫جميع أزواجك و ُ‬
‫ك‬ ‫ت عليك ثماُر أشسسجارك‪ ،‬واط ّسسردت أنهسساُر َ‬ ‫وقد تدل ّ ْ‬
‫ل مسسن‬ ‫من الخمسسر واللبسسن مسسن تحتسسك‪ ،‬والمسساء والعسس ُ‬
‫فوقك‪ ،‬وأنت جالس مسسع زوجتسسك علسسى أريكتسسك‪ ،‬وقسسد‬
‫ت مصاريع أبوابك‪ ،‬وأرخيت عليك حجال خيمتسسك‪،‬‬ ‫ُفتح ْ‬
‫م‬‫ن بُقبتسسك‪ ،‬وسسسمعت زجله س ُ‬ ‫وحفسست الخسسدام والولسسدا ُ‬
‫ديس لربك عّز وجل‪.‬‬ ‫بالت ّْق ِ‬
‫ة‪ ،‬وقسسد حسساَر‬ ‫جك بأكمل الهيئة وأتم النعم ِ‬ ‫وأنت وزو ُ‬
‫متعجب ًسسا مسسن جمالهسسا وكمالهسسا‪،‬‬ ‫ظر إليها ُ‬ ‫فيها طرُفك تن ُ‬
‫حسنها‪ ،‬فهسسي‬ ‫س قلبك بها من ُ‬ ‫حتها‪ ،‬وأن ٌ‬ ‫ك بمل َ‬ ‫طٌر قلب ُ َ‬
‫ك وُتعاطيسسك الخمسَر‬ ‫منادمة لسسك علسسى أريكتسسك‪ُ ،‬تنازعُس َ‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫در وأكسساوي ْ ِ‬‫ت السس ُ‬
‫ل والّتسسسنيم فسسي كأسسسا ِ‬ ‫س سِبي َ‬ ‫سل ْ ْ‬ ‫وال ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ض ِ‬‫قوارير الف ّ‬
‫در فسسي بنانهسسا‪ ،‬وقسسد‬ ‫فتوهم الكأس من الياقوت وال ُ‬
‫حسن ثغرها‪ ،‬فسسسطع ن ُسسوُر بنانهسسا‬ ‫قُربت إليك ضاحكة ب ُ‬
‫في الشراب‪ ،‬مع ن ُسسور وجههسسا ونحرهسسا‪ ،‬ون ُسسور الجنسسان‪،‬‬
‫مقابلها‪ ،‬واجتمع فسسي الكسسأس السسذي‬ ‫وُنور وجهك وأنت ُ‬
‫‪432‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫في بنانها ُنوٌر الكسسأس‪ ،‬ون ُسسور الشسسراب‪ ،‬ون ُسسوُر وجههسسا‪،‬‬
‫وُنوُر نحرها‪ ،‬وُنوُر ثغرها‪ ،‬انتهى بتصرف‪.‬‬

‫وقال ابن القيم‪:‬‬


‫خسسسا‬ ‫ك َيسسسا أ َ‬ ‫سسسس َ‬ ‫خَتسسسْر ل ِن َْف ِ‬ ‫ا ْ‬ ‫س‬ ‫عسسَرائ ِ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫معْ صضَفا ِ‬ ‫س َ‬ ‫َفا ْ‬
‫ن‬ ‫العِْرَفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫م‬‫جن ّسسسسسسسسسسسات ث ُسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫ال َ‬
‫ل‬ ‫مسسسس ِ‬ ‫ج َ‬ ‫مسسسسن أ ْ‬ ‫سسسسسًنا ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫م َ‬‫وَ َ‬ ‫ن‬ ‫مْلسس َ‬ ‫ن َقسسد ْ ك َ َ‬ ‫حسسوٌر حسسسا ٌ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫وا ِ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫الن ّ ْ‬ ‫خلئ ًِقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ت فسسسالط ّْر ُ‬ ‫سسسس ْ‬ ‫َقسسسد ْ أْلب َ‬ ‫ف فسسي‬ ‫حسساُر الط ّسْر ُ‬ ‫حت ّسسى ي َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫حي َْرا ِ‬ ‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسال َ‬ ‫سسسسسسسسسسن السسسسسسسسسذي‬ ‫ح ْ‬ ‫ال ُ‬
‫سسسن‬ ‫ح ْ‬ ‫طسسي ال ُ‬ ‫مع ْ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫حا َ‬ ‫سسسب ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫شسسساهد َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫مسسسا أ ْ‬ ‫ل لَ ّ‬ ‫وََيقسسسو ُ‬
‫ن‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫وال ْ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن ََها‬ ‫ح ْ‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫ل الشسسسسار ِ‬ ‫مث ْسسسس َ‬ ‫فَت َسسسسراهُ ِ‬ ‫مسسسن‬ ‫ب ِ‬ ‫شسسسَر ُ‬ ‫ف يَ ْ‬ ‫طسسسر ُ‬ ‫وال ّ‬
‫ن‬
‫وا ِ‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫الن َ ْ‬ ‫مال ِهَسسسسسسسسسا‬ ‫ج َ‬ ‫س َ‬ ‫كسسسسسسسسسؤ ِ‬
‫ت ب َْعسسد َ‬ ‫سسس ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫كالَبسسد ْرِ َليسس َ‬ ‫ل‬ ‫مسسس َ‬ ‫خَلئ ُِقهَسسسا وأك ْ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫مل َسسس ْ‬ ‫كَ ُ‬
‫ن‬‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫ثَ َ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن َُها‬ ‫ح ْ‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫ت ذوائ ِ ِ‬ ‫ل َتحسسسسس َ‬ ‫والليسسسسس ُ‬ ‫جسسسرِيْ فسسسي‬ ‫س تَ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫شسسس ْ‬ ‫وال ّ‬
‫ن‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫الغْ َ‬ ‫ن َوجهِهَسسسسسسسسا‬ ‫سسسسسسسسس ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫كيسسسس َ‬ ‫س َ‬ ‫م ٍ‬ ‫شسسسس ْ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫َليسسسس ٍ‬ ‫ع‬
‫ضسس ُ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫هسسوَ َ‬ ‫ب وَ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫فََتراهُ ي َعْ َ‬
‫ن‬ ‫مَعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫جت َ ِ‬ ‫يَ ْ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن‬ ‫ك ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫َ‬
‫ة‬‫صسسسن ْعَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مت ِْقسسس ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫حا َ‬ ‫سسسسب ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ذا‬ ‫ن السسذيْ َ‬ ‫حا َ‬ ‫سسسب ْ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫فَي َُقسسو ُ‬
‫ن‬ ‫النسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن ُْعه‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫ه ي ََرَيا ِ‬ ‫جه َ ُ‬ ‫صر وَ ْ‬ ‫شاَء ي ُب ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬ ‫حِبه إذا‬ ‫صسسا ِ‬ ‫مْرآةُ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫وَك ِلهُ َ‬ ‫َ‬
‫جهِ سهِ فسسي‬ ‫ن وَ ْ‬ ‫س َ‬ ‫حا ِ‬ ‫م َ‬ ‫فَي ََرى َ‬
‫ن‬ ‫سن ََها به ب ِعَي َْنا ِ‬
‫حا ِ‬
‫م َ‬‫وَت ََرى َ‬ ‫جهَِهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫وَ ْ‬
‫ن َفسسسس َ‬
‫وات ُِر‬ ‫سسسسسود ُ العُُيسسسسو ِ‬‫ُ‬ ‫ن‬ ‫خسسسد ُوْدِ ث ُُغسسسوُرهُ ّ‬ ‫مسسسر ال ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫جَفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫ال ْ‬ ‫لليسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسٌء‬
‫صسسر‬ ‫ف الَق ْ‬ ‫سسسْق ُ‬ ‫ضسسيُء َ‬ ‫فَي ُ ِ‬ ‫م‬ ‫سس ُ‬ ‫ن ي َب ْ ُ‬ ‫حي س َ‬ ‫دو ِ‬ ‫والب َسد ُْر ي َب ْس ُ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد َْران‬ ‫بال ُ‬ ‫هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ث َغُْر َ‬
‫‪433‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسن‬ ‫ل عنسسه َ‬ ‫سسسأ ُ‬ ‫ي َْبسسد ُوْ فَي َ ْ‬ ‫ن ب َْرًقسسسسا‬ ‫وَل ََقسسسسد ْ َروَي َْنسسسسا أ ّ‬
‫ن‬‫جن َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫بِ ِ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساط ًِعا‬
‫ن‬ ‫في الجنةِ العُل َْيا ك َ َ‬
‫ما َترَيا ِ‬ ‫ضسسسوُْء ث َغْسسس ٍ‬
‫ر‬ ‫ذا َ‬ ‫ل هَسسس َ‬ ‫فَي َُقسسسا ُ‬
‫ك‬
‫ح ٍ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ما ِ‬ ‫لأ َ‬‫ك كُ ِ‬ ‫مهِ إد َْرا ُ‬ ‫في ل َث ْ ِ‬ ‫ك الث ّغْرِ السسذي‬ ‫م ذ َل ِ َ‬
‫لث ُ‬‫ِللهِ ِ‬
‫ن‬‫جَري َسسا ِ‬
‫ذو َ‬ ‫صن َِها بالمسساِء ُ‬ ‫فَغُ ْ‬ ‫مسساِء‬ ‫مسسن َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ة العْط َسسا ِ‬ ‫َرَيان َس ُ‬
‫ن‬
‫وا ِ‬ ‫ماَر ك َث ِي َْرةَ الل ْ َ‬
‫ل الث ِ َ‬ ‫م َ‬‫ح َ‬
‫َ‬ ‫ب‬‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَبا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ب‬ ‫مسساُء الشسسبا ِ‬ ‫جسسَرى َ‬ ‫لمسسا َ‬
‫س‬‫ن ت َعَسسسسالى غَسسسسارِ ُ‬ ‫صسسسس ٍ‬‫غُ ْ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن َِها‬ ‫بغ ُ ْ‬
‫ن‬‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَتا ِ‬
‫الب ُ ْ‬ ‫ن‬
‫مسسا ُ‬ ‫ح والّر َ‬ ‫فسسالوَْرد ُ والت َّفسسا ُ‬
‫ط‬
‫سسسس ِ‬ ‫ن القسسسوام ِ كأوْ َ‬‫سسسس ِ‬
‫ح ْ‬ ‫ُ‬ ‫فسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي‬
‫ن‬ ‫الُقضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسبا ِ‬ ‫ب‬ ‫ضسسسسي ِ‬ ‫الَقسسسسد ّ منهسسسسا كالَق ِ‬
‫اللسسسسسسسسسسذان فسسسسسسسسسسي‬

‫إلى أن قال س رحمه الله س‪:‬‬

‫‪434‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن‬ ‫وا ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ل الن ّ ْ‬ ‫ماي ُ ِ‬ ‫ت ك َت َ َ‬ ‫ماي َل َ ْ‬ ‫وَت َ َ‬ ‫ن‬ ‫مسس ْ‬ ‫حّلسسةٍ ِ‬ ‫ت فسسي ُ‬ ‫ذا َبسسد َ ْ‬ ‫وإ َ‬
‫ن‬ ‫مسسا ِ‬ ‫ح علسسى ُر َ‬ ‫وْرد ٌ وت ََفسسا ٌ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَها‬ ‫ل ُب ْ ِ‬
‫ن‬ ‫حَيسسوا ِ‬ ‫جّنسسةِ ال َ‬ ‫مث ْل َِها في َ‬ ‫لِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ن الّرط ِْيسس ِ‬ ‫صسس ِ‬ ‫كالغُ ْ‬ ‫ت َهَْتسسّز َ‬
‫عسسسن‬ ‫مائ ِل َِها وَ َ‬ ‫شسسس َ‬ ‫وعلسسسى َ‬ ‫مل ُسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه‬ ‫ح ْ‬ ‫و َ‬
‫ن‬‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫أي ْ َ‬ ‫شسسسيَها‬ ‫م ْ‬ ‫ت فسسسي َ‬ ‫خَتسسسَر ْ‬ ‫وَت َب َ ْ‬
‫ب‬ ‫كسسواك ِ ِ‬ ‫جى ب َ‬ ‫ق السسد ّ َ‬ ‫سسس ِ‬ ‫غَ َ‬ ‫ك‬‫ذا َ‬ ‫وَيحسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسقُ َ‬
‫ن‬ ‫مْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَزا ِ‬ ‫ال ِ‬ ‫خل ِْفهَسسسسا‬ ‫مسسسسن َ‬ ‫ف ِ‬ ‫صسسسسائ ِ ٌ‬ ‫وَوَ َ‬
‫ب وفسسسي‬ ‫جسسسا ٍ‬ ‫ش وإعْ َ‬ ‫هسسس ٍ‬ ‫دَ َ‬ ‫مَهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫ما ِ‬ ‫َوأ َ‬
‫ن‬ ‫حا ِ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسب ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫حس ّ‬ ‫م سهِ قَ سد ْ ُ‬ ‫ة تّ ِ‬ ‫كالَبدرِ َليل َ‬
‫س‬ ‫س إْثسسسَر الُعسسسْر ِ‬ ‫والُعسسسَر ُ‬ ‫فسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي‬
‫ن‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَل ِ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫طسر ُ‬ ‫ه وَفُسسؤاد ُهُ وال ّ‬ ‫سان ُ ُ‬ ‫فَل ِ َ‬
‫ن‬ ‫مسَرا ِ‬ ‫ل الَق َ‬ ‫ت إذ ْ ي َت ََقاب َ ُ‬ ‫أَرأي ْ َ‬ ‫فسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي‬
‫ن‬ ‫م بأي مك َسسا ِ‬ ‫في أي َوادٍ أ ْ‬ ‫ل ِزفافِهَسسا فسسي‬ ‫ب َقب س َ‬ ‫َفالَقل ُ‬
‫ن‬ ‫ن والعَْينا ِ‬ ‫ت له الذ َُنا ِ‬ ‫مل ِئ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ‬ ‫عُْر ِ‬
‫مسسسن‬ ‫س ِ‬ ‫م ِ‬ ‫شسسس ْ‬ ‫م ب ِسسسهِ ِلل ّ‬ ‫كسسس ْ‬ ‫َ‬ ‫ه ت ََقسساَبل‬ ‫جهَت ْس ُ‬ ‫ما َوا َ‬ ‫ذا َ‬ ‫حّتى إ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫جَري َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫خل س َ‬ ‫ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م أي ْس َ‬ ‫مت َي ّس َ‬ ‫ل ال ُ‬ ‫سس ِ‬ ‫فَ َ‬
‫ما‬ ‫شسسسي ْهِ َ‬ ‫مسسسا علسسسى فَُر َ‬ ‫وَهُ َ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسب َْرهُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫وا ِ‬ ‫خل َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫َ‬ ‫حسسال َُته‬ ‫ف َ‬ ‫مت َي ّسسم ك َي ْس َ‬ ‫ل ال ُ‬ ‫س ِ‬ ‫وَ َ‬
‫ْ‬ ‫مسسن ب َي ْسن َ ُ‬
‫من ْظسسوم ٍ ك َن َظ سم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وََقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ْ‬
‫ن‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬
‫شسسي ْ ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ت َ‬ ‫طق َرقّ ْ‬ ‫من ْ ِ‬ ‫من َ‬ ‫ِ‬
‫ب فسسي َروٍْح وفسسي‬ ‫حب ُسوْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه‬ ‫وَوَ ْ‬
‫ن‬
‫حسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫َري ْ َ‬ ‫ه‬
‫ش ست ُ ُ‬ ‫عي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫مت ِّيم ك َي ْ َ‬ ‫سل ال ُ‬ ‫وَ َ‬
‫ن‬ ‫دا ِ‬ ‫من الوْلسس َ‬ ‫ف أقمارٍ ِ‬ ‫بأك ُ ٍ‬ ‫ذا‬ ‫إ ً‬
‫ن‬ ‫م ي َت َك َِئا ِ‬ ‫خ سَرى ث ُس ّ‬ ‫خود ُ أ ْ‬ ‫وال ُ‬ ‫من ْث ُسسوَرةً‬ ‫ن ل َِئآلًئا َ‬ ‫طا ِ‬ ‫ساقَ َ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫شسسسوْقَْين َبعسسسد َ الب ُْعسسسدِ‬ ‫مع ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫سه‬ ‫جل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬ ‫م ك َي َ َ‬ ‫مت َي ّ َ‬ ‫سل ال ُ‬ ‫وَ َ‬
‫ن‬ ‫ي َْلتِقيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسع‬
‫ل‬ ‫صسسسس ِ‬ ‫ب الوَ ْ‬ ‫مسسسسا بَثسسسسوْ ِ‬ ‫وَهُ َ‬ ‫ق‬ ‫حْيسس ِ‬ ‫ت الَر ِ‬ ‫سسسا ُ‬ ‫وََتسسدوُر كا َ‬
‫ن‬ ‫مل ِ‬ ‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫عَل َي ْهِ َ‬
‫مسسسا‬ ‫مسسسا هُ َ‬ ‫ك َ‬ ‫حيسسساةِ رِبسسس َ‬ ‫وَ َ‬ ‫مّرةً‬ ‫ذا َ‬ ‫س هَ َ‬ ‫كأ َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫عا ِ‬ ‫َيتَناَز َ‬
‫ن‬ ‫جَرا ِ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ه أَرأْيسس َ‬ ‫م ُ‬‫ضسس ّ‬ ‫مَها وَت َ ُ‬ ‫ضسس ّ‬ ‫فَي َ ُ‬
‫ن‬ ‫مسسا ِ‬ ‫سائ َِر الْز َ‬ ‫دا َ‬ ‫جدِي ْ ً‬ ‫حِبه َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ب ك ُس ّ‬ ‫ب وَغَسسا َ‬ ‫ب الّرقِي ْس ُ‬ ‫غا َ‬
‫‪435‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ن‬ ‫ما ِ‬ ‫سل ً ل ي َن ْت َِهي ب َِز َ‬ ‫سل ْ ِ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ُ‬ ‫من َك ّسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدٍ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫وا ِ‬ ‫صسسن ْ َ‬‫مسسا ِ‬ ‫َ‬
‫ق وَك ِلهُ َ‬ ‫ح ٍ‬‫َوبل ِ‬ ‫ذا‬ ‫مسسن َ‬ ‫جَرْين ِ‬ ‫ضسس ِ‬ ‫مسسا َ‬ ‫أت ََراهُ َ‬
‫ذا‬ ‫ل َبهسسس َ‬ ‫شسسسغْ ٍ‬ ‫دري ْهِ ذ ُوْ ُ‬ ‫َيسسس ْ‬ ‫شل‬ ‫العَْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬
‫ن‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫ال ّ‬ ‫صسسا‬ ‫حًبا ل ِ َ‬ ‫ما ُ‬ ‫من ْهُ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫وَي َزِي ْد ُ ك ُ ٌ‬
‫ت‬ ‫كسسسسوَ ِ‬ ‫مل َ ُ‬
‫ن ِذي ال َ‬ ‫سسسسسْبحا َ‬ ‫ُ‬ ‫حًبا ب َعْد َهُ‬ ‫سوهُ ُ‬ ‫ه ي َك ْ ُ‬ ‫صال ُ ُ‬ ‫وَوِ َ‬
‫ن‬‫طا ِ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل ْ َ‬ ‫وال ُ‬ ‫ب‬ ‫حسس ٍ‬ ‫فب ُ‬ ‫حُفسسوْ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫صسس ُ‬ ‫فالوَ ْ‬
‫ت‬ ‫ل َولسسسسس َ‬ ‫حْيسسسس ُ‬ ‫جسسسسد ّ الّر ِ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساب ٍ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫بالي َْقظسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫َ‬ ‫ذاك‬ ‫ن َ‬ ‫ف ب َْيسسس َ‬ ‫َ‬
‫َفسسسْرقٌ لط ِْيسسس ٌ‬
‫س‬
‫سي ْ ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ظ ال َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ذا ال َ‬ ‫َقنُعوا ب ِ َ‬ ‫ذا‬ ‫ن َ‬ ‫وَب َي ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬
‫ن‬ ‫الَفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫ت‬ ‫ل وَقْس ٍ‬ ‫هم فسسي ك ُس ّ‬ ‫مزِي ْسد ُ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫ن‬‫ما ِ‬ ‫حْر َ‬ ‫ت بال ِ‬ ‫ضي ْ َ‬ ‫فَت َب َعُْهم فََر ِ‬ ‫ل‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٌ‬ ‫حا ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ت لس ُ‬ ‫َ‬ ‫خل ِْف س َ‬ ‫مسسا ُ‬ ‫يسسا غَسسافل ً عَ ّ‬
‫ن‬
‫مسسا ِ‬ ‫لأ َ‬‫ت كُ ّ‬ ‫حب ْ َ‬‫ب َعْد َ ذا َوص ِ‬ ‫ه‬
‫ان ْت َِبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫حسسسسةِ‬ ‫سسسسسْير وََرا َ‬ ‫م ِ‬‫عَسسسسن ال َ‬ ‫ع‬
‫مس َ‬ ‫ك َ‬ ‫خلُفسسو َ‬ ‫ساَر الرَِفاقُ وَ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫دا ِ‬‫البسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫الولسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى‬
‫ت َ‬
‫ذا‬ ‫ت وَك ُْنسسس َ‬‫صسسسن َعْ َ‬‫مسسساذا َ‬ ‫ن َتسسَرى‬ ‫مسس ْ‬ ‫ت أك َْثسسَر َ‬ ‫وََرأْيسس َ‬
‫ن‬
‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا ِ‬ ‫م َ‬ ‫إ ْ‬ ‫خل ًّفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬ ‫مت َ َ‬ ‫ُ‬
‫ز‬
‫جس ٍ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫خط ّسست ْ‬ ‫تب ُ‬ ‫ن أت َي ْس َ‬ ‫َلك ْ‬
‫ل‬ ‫جْهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ٍ‬ ‫وَ َ‬
‫ع‬
‫مسس َ‬ ‫ق َ‬ ‫حو ِ‬ ‫ك بال ُ‬ ‫س َ‬ ‫ك ن َْف ُ‬ ‫من ّت ْ َ‬ ‫َ‬
‫الُقُعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسودِ‬
‫ن‬ ‫حي ْسسسس َ‬ ‫م ِ‬ ‫ف ت َعْل َسسسس ُ‬ ‫سسسسسوْ َ‬ ‫وَل َ َ‬
‫طسسسسسسسسا‬ ‫ف الغِ َ‬ ‫شسسسسسسسس ُ‬ ‫ي َن ْك َ ِ‬

‫‪436‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬

‫وقال ابن القيم س رحمه الله س‪:‬‬

‫‪437‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ب‬ ‫ن قَرِي ْس ٍ‬ ‫ي ع َس ْ‬ ‫مان ْ‬ ‫صَري ْعَ ال َ‬ ‫رة‬ ‫مسسس ِ‬ ‫سسسساهًيا فسسسي غَ ْ‬ ‫فَي َسسسا َ‬
‫م‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسست َن ْد َ ُ‬ ‫َ‬ ‫وى‬ ‫ل والهَسسسسسسسس َ‬ ‫جهْسسسسسسسس ِ‬ ‫ال َ‬
‫َ‬
‫حسسسّر ن َسسساٍر‬ ‫جن ّسسسةٍ أوْ َ‬ ‫وى َ‬ ‫سسسس َ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫ت ال سذِ ْ‬ ‫أفِقْ قَد ْ د ََنى الوَقْ ُ‬
‫م‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّر ُ‬ ‫تَ َ‬ ‫س ب َعْسسسسسسسسسسسد َهُ‬ ‫ل َي ْسسسسسسسسسسس َ‬
‫ي العُسْروَةُ السوُث َْقى السستي‬ ‫هِ َ‬ ‫ن‬ ‫سسسسسن ّةِ الغَسسسسّراِء ك ُسسسس ْ‬ ‫وبال ّ‬
‫م‬ ‫صسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ل َي ْسسسسسسسسسسس ت ُْف َ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ً‬
‫كا‬ ‫م ّ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ُ‬
‫جسسسذِ‬ ‫ض عَل َي َْهسسسا بالّنوا ِ‬ ‫عسسس ّ‬ ‫وَ َ‬ ‫ل‬ ‫خي ْس ِ‬ ‫ك الب َ ِ‬ ‫سس َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ب َِها َ‬ ‫س ْ‬ ‫م ّ‬ ‫تَ َ‬
‫َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسلم ِ‬ ‫تَ ْ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسال ِهِ‬ ‫ب َ‬
‫ث‬ ‫وادِ ِ‬ ‫حسس َ‬ ‫ك ال َ‬ ‫هات ِْيسس َ‬ ‫مْرَتسسعُ َ‬ ‫فَ َ‬ ‫ث‬ ‫ح سد َ َ‬ ‫مسسا قَ سد ْ أ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫وَدِعْ عَن ْس َ‬
‫م‬
‫خسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫أو ْ َ‬ ‫ها‬ ‫س ب َْعسسسسسسسسسد َ َ‬ ‫الّنسسسسسسسسسا ُ‬
‫ذا‬ ‫مسسا َ‬ ‫م العَْرض َ‬ ‫ن الله ي َوْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫م ُ‬ ‫سسس َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫واًبا عن ْد َ َ‬ ‫ج َ‬ ‫هيْء َ‬ ‫وَ َ‬
‫م‬ ‫جب ُْتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫أ َ‬ ‫دا‬ ‫الّنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬
‫ف‬ ‫سسسسوْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ب سسسسوَهُ ْ‬ ‫جسسسا َ‬ ‫أ َ‬ ‫ن‬ ‫مسس ْ‬ ‫م فَ َ‬ ‫ما أت َوْك ُ ْ‬ ‫ي لَ ّ‬ ‫سل ِ ْ‬ ‫ب ِهِ ُر ُ‬
‫م‬ ‫خسسسسسسسسسَزى وََينسسسسسسسسسد َ ُ‬ ‫يُ ْ‬ ‫ي َك ُسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫ن‬
‫م‬‫جهَن ّس ُ‬ ‫عَيان ًسسا َ‬ ‫ل ِي َوْم ٍ ب ِهِ ت َب ْد ُوْ ِ‬ ‫ن‬ ‫حمسس ِ‬ ‫مسسن ت َُقسسى الّر ْ‬ ‫خسسذ ْ ِ‬ ‫وَ ُ‬
‫ج‬ ‫فََهسسساوٍ وَ َ‬ ‫أعْ َ‬
‫ش ونسسسا ٍ‬ ‫خسسسد ُوْ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫جّنسسسسسسسسسسةٍ‬ ‫م ُ‬ ‫ظسسسسسسسسسس َ‬
‫م‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫مسس ْ‬ ‫سسسُر ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫ك ال َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ب َ‬ ‫ص ُ‬ ‫وَي ُن ْ َ‬
‫ن العَِبسسادِ‬ ‫مسسا ب َْيسس َ‬ ‫ل َ‬ ‫صسس ُ‬ ‫فَي َْف ِ‬ ‫مت ْن ِهَسسسسسسسسسسسا‬ ‫وق َ‬ ‫فَسسسسسسسسسسس ْ‬
‫م‬ ‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫وَي َ ْ‬ ‫ه‬
‫ن ل ِوَعْدِ ِ‬ ‫مي ْ َ‬‫ه الَعال َ ِ‬ ‫ي إل َ ُ‬ ‫وََيأت ْ‬
‫ق‬ ‫خلئ ِ ِ‬ ‫س عَْبسسسسدٍ ل ِل ْ َ‬ ‫فََيسسسساب ُؤْ َ‬
‫م‬ ‫ي َظ ِْلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ه‬
‫حّقس ُ‬
‫ك َ‬ ‫م ْ‬
‫ظلوم ِ َرب ُ َ‬ ‫خذ ُ ل ِل ْ َ‬
‫وََيا ُ‬
‫م‬‫س ي َظ ْل ِ ُ‬ ‫ط الذي ل َي ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫بالِق ْ‬
‫ب‬ ‫سسسا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ِ‬‫وا ُ‬ ‫شسسُر دِْيسس َ‬ ‫وَي ُن ْ َ‬
‫ك‬ ‫ذا َ‬ ‫جسرِهِ َ‬ ‫من أ ْ‬ ‫ن ِ‬‫حس ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ول ُ‬ ‫ن‬
‫مسسسسسسوازِي ْ ُ‬ ‫ضسسسسسسعُ ال ْ َ‬ ‫وَت ُوْ َ‬
‫م‬
‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ي ُهْ َ‬ ‫ة‬
‫مس َ‬ ‫شسسى ظ ََل َ‬ ‫خ َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫جرِ ٌ‬
‫م ْ‬ ‫فََل ُ‬
‫ن‬ ‫مسس ُ‬ ‫مهَي ْ ِ‬
‫ك على فِْيسسه ال ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫ك َ‬ ‫ذ َّرةٍ‬
‫م‬‫خُتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫يَ ْ‬ ‫سسسيء‬ ‫م ِ‬ ‫ضسساُء ال ُ‬ ‫ش سهَد ُ أعْ َ‬ ‫وَت َ ْ‬
‫ن‬
‫ب الَعسسساِلمي ْ َ‬ ‫طسسساي َُر ك ُْتسسس ُ‬ ‫تَ َ‬ ‫جن َسسسسسسسسسسسسى‬ ‫مسسسسسسسسسسسسا َ‬ ‫ب َ‬
‫م‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫وت ُْق َ‬ ‫ك‬ ‫حال ِ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫شعْرِيْ ك َي ْ َ‬ ‫ت ِ‬ ‫فََيال َي ْ َ‬
‫ك‬ ‫مْنسس َ‬ ‫خرى وََراَء الظ ّهْرِ ِ‬ ‫بال ْ‬ ‫ما‬
‫عْنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد َ َ‬ ‫ِ‬
‫م‬‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل ّ ُ‬ ‫تَ َ‬ ‫م‬‫كأ ْ‬ ‫مَنى ك َِتاَبسس َ‬ ‫خسسذ ُ بسسالي ُ ْ‬ ‫أَتأ ُ‬
‫‪438‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫و‬
‫ه أوْ هُ َ‬ ‫ج ُ‬‫ك الوَ ْ‬ ‫من ْ َ‬‫شرِقُ ِ‬ ‫فَي ُ ْ‬ ‫ن‬ ‫ت َك ُسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬
‫ي ُظ ِْلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫م‬ ‫شسسيءٍ‬ ‫ل َ‬ ‫كسس ّ‬ ‫وَت َْقسسَرأ فِي َْهسسا ُ‬
‫شسسسُر بسسسالَفوْزِ العَظ ِْيسسسم ِ‬ ‫ي ُب َ ّ‬ ‫مل َْتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬
‫ه‬ ‫عَ ِ‬
‫م‬‫وَي ُعْل ِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ه‬‫ل ك َِتاِبي فاقَْرؤُهُ فسسإن ّ ُ‬ ‫ت َُقوْ ُ‬
‫ه فَُهسس َ‬
‫و‬ ‫م أوَْتسس ُ‬ ‫ي َلسس ْ‬ ‫أل ل َي ْت َِنسس ْ‬ ‫ك‬‫خسسَرى فإّنسس َ‬ ‫كسسن ال ْ‬ ‫وإن ت َ ُ‬
‫م‬ ‫مْغسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَر ُ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ِ ٌ‬
‫ك‬ ‫ص سْرفُ َ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫مْقب ُسوْ ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫ُ‬
‫وعَ سد ْل َ‬ ‫م فسسسي‬ ‫دا َ‬
‫مسسسا َ‬ ‫ذا َ‬‫فََبسسسادِْر إ ً‬
‫م‬ ‫قَّيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫ة‬ ‫ح ٌ‬ ‫سسسسسسسسسس َ‬ ‫مسسسسسسسسسرِ فُ ْ‬ ‫العُ ْ‬
‫سَعى‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫كا ِ‬‫م َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫م ِ‬‫فِفي َز ْ‬ ‫ن‬
‫مس َ‬ ‫سارِعْ واغْت َن ِس ْ‬
‫م َز َ‬ ‫جد ّ وَ َ‬ ‫وَ ُ‬
‫م‬ ‫وَت َغْن َسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَبا‬ ‫ال ّ‬
‫مَفسسسٌر‬ ‫ه َ‬ ‫من ْسسس ُ‬‫مسسسا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وَهَي ْهَسسسا َ‬ ‫ت‬ ‫عا فسسالمو ُ‬ ‫سسسرِ ً‬‫م ْ‬ ‫سسسْر ُ‬ ‫وَ ِ‬
‫م‬ ‫مْهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَز ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫عا‬ ‫سسسسسسسسسرِ ً‬ ‫م ْ‬ ‫ك ُ‬‫خل َْفسسسسسسسس َ‬ ‫َ‬

‫ت رسول الله‬ ‫عن النعمان بن بشير أنه قال‪ :‬سمع ُ‬


‫مسسا‬
‫ن‪ ،‬وب َي ْن َهُ َ‬
‫م ب َي ّس ٌ‬
‫ن وإن الحسسرا َ‬ ‫‪ ‬يقول‪» :‬إن الحل َ‬
‫ل بي ّ ٌ‬
‫‪439‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫من ات ََقسسى‬ ‫من الناس فَ َ‬ ‫ن كثيٌر َ‬ ‫مه ُ ّ‬ ‫ت ل ي َْعل َ‬ ‫موٌر مشتبها ٌ‬ ‫أ ُ‬
‫مسسن وَقَ سعَ فسسي‬ ‫ه‪ ،‬و َ‬
‫ضس ِ‬ ‫عْر ِ‬ ‫ست َب َْرأ ل ِدِي ْن ِهِ و ِ‬ ‫ت فََقد ا ْ‬ ‫شبها ِ‬ ‫ال ُ‬
‫ل‬ ‫حسسوْ َ‬ ‫عسسى َ‬ ‫رام كسسالراعي ي َْر َ‬ ‫حس ِ‬ ‫ت وَقَسسع فسسي ال َ‬ ‫ش سب ََها ِ‬ ‫ال ُ‬
‫حمسسى‬ ‫ك َ‬‫مل ِس ٍ‬ ‫ك أن ي َْرت َعَ فيه‪ ،‬أل َوإن ل ِك ُسسل َ‬ ‫ش ُ‬ ‫مى ي ُوْ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ال ِ‬
‫ة‬‫ض سغ َ ً‬ ‫م ْ‬ ‫سد ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ن في ال َ‬ ‫مه‪ ،‬أل وإ ّ‬ ‫حارِ ُ‬ ‫م َ‬
‫ى الله َ‬ ‫حم َ‬ ‫أل وإن ِ‬
‫سسسد َ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫سسسد َ ْ‬ ‫سسسد ُ ك ُُلسسه‪ ،‬وإذا فَ َ‬ ‫ج َ‬ ‫صسسَلح ال َ‬ ‫ت َ‬ ‫ح ْ‬ ‫صسسل َ َ‬‫إذا َ‬
‫ب« رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫سد ُ ك ُُله أل َوهي الَقل ْ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ال َ‬
‫وعن أنس أن البنسسي ‪ ‬وجسسد تمسسرةً فسسي الطريسسق‪،‬‬
‫من الصدِقة لك َل ْت َُها«‬ ‫َ‬
‫ن ِ‬ ‫ن ت َك ُوْ َ‬‫فقال‪» :‬لول أني أخاف أ ْ‬
‫متفق عليه‪.‬‬
‫ة لبي إهسساب‬ ‫ه تزّوج ابن ً‬ ‫عقبة بن الحارث‪» :‬أن ُ‬ ‫وعن ُ‬
‫ت عقبسسة والسستي تسسزّوج‬ ‫فأتته امرأة‪ ،‬فقالت‪ :‬إني أرضع ُ‬
‫م أنك أرضسسعتني ول أخسسبرِتني‪،‬‬ ‫عقبة‪ :‬ما أعل ُ‬ ‫بها‪ ،‬فقال ُ‬
‫فركب إلى رسسسول اللسسه ‪ ‬بالمدينسسة‪ ،‬فسسسأله‪ ،‬فقسسال‬
‫ة‬‫ف وقَسسد ِقيسسل؟« ففارقَهَسسا عُْقب َس ُ‬ ‫رسول اللسسه ‪» :‬ك َي ْس َ‬
‫جا غيره« رواه البخاري‪.‬‬ ‫ت زو ً‬ ‫ح ْ‬ ‫ونك َ‬
‫وعن الحسن بن علسي سس رضسي اللسه عنهمسا سس أنسه‬
‫ت من رسول الله ‪» :‬د َعْ ما َيري ْب ُسسك إلسسى‬ ‫قال‪ :‬حفظ ُ‬
‫ك‬ ‫ك مسسا تش س ُ‬ ‫ما ل ي َرِي ُْبك« رواه الترمذي‪ ،‬ومعناه‪ :‬ات ْسُر ْ‬
‫ك فيه‪.‬‬ ‫ش ُ‬ ‫خذ ْ ما ل ت َ ُ‬ ‫فيه و ُ‬
‫وعن عائشة س رضي الله عنها س أنهسسا قسسالت‪» :‬كسسان‬
‫ج لسسه الخسسراج‪ ،‬فجسساءه‬ ‫م ُيخسسر ُ‬ ‫غل ٌ‬ ‫لبي بكر الصديق ‪ُ ‬‬
‫ر‪ ،‬فقال الغلم‪ :‬تدري مسسا‬ ‫ما بشيء فأكل منه أُبو بك ٍ‬ ‫يو ً‬
‫ت‬ ‫ت َتكهَن ْس ُ‬ ‫هذا؟ فقال أبسسو بكسسر‪ :‬ومسسا هسسو؟ فقسسال‪ :‬ك ُن ْس ُ‬
‫ل(‬ ‫جس ِ‬ ‫لنسسسان فسسي الجاهليسسة‪ ،‬فأعطسساني لسسذلك )أي ل ْ‬
‫ت منه‪ ،‬فأدخل أبو بكر يسسدهُ فقسساءَ‬ ‫ت َك َّهني هذا الذي أكل َ‬
‫ما في بطنه« رواه البخاري‪.‬‬
‫ض‬‫وعسسن نسسافع أن عمسسر بسسن الخطسساب كسسان فسسر َ‬
‫للمهاجرين الولين أربعة آلف وفسسرض لبنسسه عبسسدالله‬
‫مهسساجرين‪،‬‬ ‫ك مسسن ال ُ‬ ‫ل لُعمسسر‪ :‬ابن ُس َ‬ ‫ثلثة آلف فقط‪ ،‬فِقي َ‬

‫‪440‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ه« أي‬ ‫ع‪ ،‬فقسسال‪» :‬إنمسسا هسساجر بسسه أب ُسسو ُ‬ ‫ه الّرب ُس َ‬ ‫م نقصت َ ُ‬ ‫فل ِ َ‬
‫ه‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ن هاجر بنْف ِ‬ ‫ليس كم َ‬
‫وعن عبدالله بن عمسسر سس رضسسي اللسسه عنهمسسا سس أنسسه‬
‫ت‬ ‫سسسمن َ ْ‬ ‫جعُْتها إلى الحمى فلما َ‬ ‫ت إبل ً وارت َ‬ ‫قال‪ :‬اشتري ُ‬
‫عمُر السوق فرأى إبل ً سماًنا‪،‬‬ ‫ت بها‪ ،‬قال‪ :‬فدخل ُ‬ ‫م ُ‬‫قدِ ْ‬
‫من هذه؟ فقيسسل‪ :‬لعبسسدالله ابسسن عمسسر‪ ،‬فجعسسل‬ ‫فقال‪ :‬ل ِ َ‬
‫خ ابن أمير المؤمنين‪.‬‬ ‫خ بَ ٍ‬ ‫يقول‪ :‬يا عبدالله ب َ ٍ‬
‫ت‪ :‬مالسسسك يسسسا أميسسسر‬ ‫قسسسال‪ :‬فجئتسسسه اسسسسعى‪ ،‬فُقلسسس ُ‬
‫ل هزيلسسة‬ ‫ت‪ :‬إبس ٌ‬ ‫المؤمنين؟ قال‪ :‬مسسا هسسذه البسسل؟ فُقلس ُ‬
‫ت بهسسا إلسسى الحمسسى أبتغسسي مسسا يبتغسسي‬ ‫اشسستريتها وبعث س ُ‬
‫ن أميسسر‬ ‫عسسوا إبسسل ابسس ِ‬ ‫المسسسلمون‪ ،‬قسسال‪ :‬فقسسال‪ :‬ار َ‬
‫سُقوا إبل ابن أميرِ المؤمنين‪.‬‬ ‫ُ‬
‫المؤمنين‪ ،‬أ ْ‬
‫ل‬‫س مالسسك واجعس ْ‬ ‫عمر‪ ،‬أغْسد ُ علسسى رأ ِ‬ ‫يا عبدالله بن ُ‬
‫باقيه في بيت مال المسلمين‪.‬‬
‫ل بمكسسة‪ ،‬فلمسسا‬ ‫م أحمد ُ سطل ً له عند بّقا ٍ‬ ‫ن الما ُ‬ ‫وره َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫خذ ْ سسسطل َ‬ ‫سط َْلين‪ ،‬وقال‪ُ :‬‬ ‫ل َ‬ ‫ه أخرج البقا ُ‬ ‫أراد فكاك ُ‬
‫ي سسسطلي ل أدري أي ُّهمسسا؟ هسسو‬ ‫فقال أحمد‪ :‬أشكل عل ّ‬
‫لك والدراهم لك‪ ،‬فقال البقسسال‪ :‬سسسطُلك هسسذا وأشسسار‬
‫ك‪،‬‬ ‫ك أيْ أختسسبُر َ‬ ‫جّرَبسس َ‬ ‫ت أن أ َ‬ ‫إلسسى أحسسدهما‪ ،‬وقسسال‪ :‬أرد ُ‬
‫ه عَنده‪.‬‬ ‫ذه وتَرك َ ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫فقال‪ :‬ل آ ُ‬
‫مْروْ إلى الشام في‬ ‫من َ‬ ‫ن المبارك ِ‬ ‫دالله ب ُ‬ ‫ورجعَ عب ُ‬
‫عمر بسسن‬ ‫ل إلى ُ‬ ‫م َ‬‫ح ِ‬‫قلم ٍ استعاَرهُ ليُرد ّهُ على صاحبه‪ ،‬و ُ‬
‫ك مسسن الغنسسائم فلمسسا أدخلسسه إلسسى بيسست‬ ‫س ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫عبدالعزيز ِ‬
‫حسهِ وأنسسا‬ ‫ك بأنفه‪ ،‬وقال‪ :‬إنما ُينتفع منسه بري ْ ِ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫م َ‬ ‫المال أ ْ‬
‫ه د ُْون المسلمين‪.‬‬ ‫ح ُ‬ ‫ن أجد َ ري َ‬ ‫أكرهُ أ ْ‬
‫شعًرا‪:‬‬
‫َ‬
‫مسسن‬ ‫ب ِ‬ ‫داِء السسذ ّن ْ ِ‬ ‫غيسسُر َ‬ ‫ل مسسا َ‬ ‫عسسذ ُوْ ُ‬ ‫م يسسا َ‬ ‫ب أعَْلسس ُ‬ ‫الَقْلسس ُ‬
‫َ‬
‫دائ ِهِ أد َْوائ ِهِ‬ ‫ِبسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬
‫َ‬ ‫كاهُ أ َ ُ‬ ‫َ‬
‫جْفن ِهِ وِبمائ ِهِ‬ ‫كب َ‬ ‫من َ‬‫حقّ ِ‬ ‫و وأ َ‬ ‫خسس ْ‬ ‫ما ب َ َ‬ ‫ب أوَْلى َ‬ ‫والذ ّن ْ ُ‬
‫ه‬
‫ضسسس ِ‬ ‫ما ب ِسسسهِ فسسسي أْر ِ‬ ‫سسسس ً‬ ‫الت َُقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى قَ َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسمائ ِهِ‬ ‫ن و َ‬ ‫صسسسي َ ّ‬ ‫ب لعَ ْ‬
‫حسسس ّ َ‬ ‫ن أُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َفسسسو َ‬
‫‪441‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مسسسسن‬ ‫ة ِفيسسسسهِ ِ‬ ‫ملمسسسس َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫إ ّ‬ ‫عَسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسواذِِلي‬
‫دائ ِهِ‬ ‫عسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫أ ْ‬ ‫ب‬ ‫خسسا السذ ُُنو ِ‬ ‫م أَ َ‬ ‫ذا ي َل ُسسو ُ‬ ‫مسسن َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫سسسس َ‬ ‫ح ْ‬ ‫هو ُ‬ ‫مُثسسسوب َت َ ُ‬ ‫جسسسا َ‬ ‫وَر َ‬ ‫ى‬ ‫كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫إذا ب َ َ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَزائ ِهِ‬ ‫َ‬ ‫ف الُفسسؤاد ُ‬ ‫خسسا َ‬ ‫مسسن َ‬ ‫ح سقّ َ‬ ‫فَوَ ِ‬
‫ح‬ ‫دي س ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫مسسي فسسي َ‬ ‫ديٍع ن َظ ْ ِ‬‫ب ِب َس ِ‬ ‫عْيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد َهُ‬ ‫و ِ‬
‫وائ ِهِ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ِ‬ ‫ضسسي‬ ‫ن َيرت َ ِ‬ ‫مسس ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ت ِ‬ ‫كنسس ُ‬ ‫مسسا ِ‬
‫ف‬ ‫سسسسْق ِ‬ ‫جهَسسسا ب ِ ِ‬ ‫شسسسا وت َوّ َ‬ ‫فُُر ً‬ ‫ن الث ّن َسسسسسسسسسسسا‬ ‫سسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ُ‬
‫ه‬
‫مائ ِ ِ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬ ‫َ‬ ‫سسسسسطَ‬ ‫مسسسسن َذا السسسسذي ب َ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ة ل ِْلسسسسسسسوََرى‬ ‫سسسسسسسسي ْط َ َ‬
‫جائ ِ ِ‬ ‫ديرٍ على أْر َ‬ ‫جري َبتْق ِ‬ ‫تَ ْ‬ ‫الب َ ِ‬
‫س فسسي‬ ‫َ‬ ‫من َ‬
‫ذا أَتى بالشسسم ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ما ب ِب ََنائ ِهِ‬ ‫ذي َرفَعَ ال ّ‬
‫س َ‬ ‫ل وال ِ‬ ‫ما‬‫سسسسسسسسسسس َ‬ ‫أُفسسسسسسسسسسق ال َ‬
‫ضَياًء َنافِعًسسا‬ ‫َ‬
‫ها ِ‬ ‫وا َ‬‫س ّ‬ ‫أسواهُ َ‬
‫ه–‬ ‫ح ُ‬‫صسسسب ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫شسسساب َ َ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫ل َْيسسس ٌ‬ ‫ذا‬ ‫مِنيسسر إ َ‬ ‫مَر ال ُ‬ ‫من أطلعَ الَق َ‬ ‫َ‬
‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسيائ ِهِ‬ ‫بِ ِ‬ ‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسى‬ ‫دَ َ‬
‫َ‬ ‫مسسسن ط َسسسوّ َ‬
‫ل‬‫صس ِ‬ ‫صسساًرا عنسد َ فَ ْ‬ ‫ت قِ َ‬ ‫وأت َس ْ‬ ‫م عنسسسد َ‬ ‫ل اليسسسا َ‬ ‫َ‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسستائ ِهِ‬ ‫ِ‬ ‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسيِفَها‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ميسسسسعَ ب ِب ّسسسسر ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫وك ََفسسسسى ال َ‬ ‫ق‬
‫خلئ ِ َ‬ ‫خَلسسقَ ال َ‬ ‫ذا الذي َ‬ ‫من َ‬ ‫َ‬
‫عطسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ِهِ‬ ‫و َ‬ ‫ك ُل َّهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫ب‬ ‫ص ط ِْيسس َ‬ ‫متسس ّ‬ ‫مسسهِ ي َ ْ‬ ‫مسسن أ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ضسسسسسي ِْع‬ ‫ل الّر ِ‬ ‫وأد َّر ِللط ّْفسسسسس ِ‬
‫ذائ ِهِ‬ ‫ِغسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ه‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ُ‬ ‫مَعا َ‬ ‫َ‬
‫ه ب َِنسسوال ِهِ ونسسدائ ِهِ‬ ‫سسسان َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫إ ْ‬ ‫ه‬
‫صسسي اللس ِ‬ ‫ح مسسن ي َعْ ِ‬ ‫يسسا وَي ْس َ‬
‫م فسسي‬ ‫ح الُبسسو ُ‬ ‫صسسي ْ ُ‬ ‫وا ت َ ِ‬ ‫خْلسس ً‬ ‫ِ‬ ‫وَقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ْ َرَأى‬
‫َ‬
‫جسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ِهِ‬ ‫أْر َ‬ ‫صسسى‬ ‫مسسن عَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ساك ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫وَرأى َ‬
‫ت فسسي‬ ‫شاهَد ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫وان ْظ ُْر ل ِ َ‬ ‫خَل‬ ‫ن َ‬ ‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ِ‬
‫علسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوائ ِهِ‬ ‫جبسسسسسسسسسسسسسسسسسساَبرةَ‬ ‫دع ال ِ‬ ‫و َ‬
‫وائ ِهِ‬ ‫ش ه ِ ول ِ َ‬ ‫جُيو ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ل ب َي ْ َ‬ ‫خَتا ُ‬ ‫يَ ْ‬ ‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسَرةالَلي‬ ‫كا ِ‬ ‫ال َ‬
‫سسسم ِ فسسي‬ ‫مسسّر ال ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫سسسَقت ْ ُ‬ ‫وَ َ‬ ‫مسسن‬ ‫ك ِ‬ ‫عين َسسا َ‬ ‫ت َ‬ ‫شسساهَد َ ْ‬ ‫كسسم َ‬
‫حْلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوائ ِهِ‬ ‫َ‬ ‫مل ِسسسسسسسسسسسسك غَسسسسسسسسسسسس َ‬
‫دا‬ ‫َ‬
‫ه ِبسسدائ ِهِ‬ ‫مت َعَت ْ ُ‬
‫ه وَ ّ‬ ‫ي طلَقت ْ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫هِ َ‬ ‫سسسسا‬ ‫كؤو ً‬ ‫دنيا ُ‬ ‫ه السسس ُ‬ ‫ت لسسس ُ‬ ‫َ‬ ‫مل ْ‬ ‫َ‬
‫ت َبلئ ِهِ‬ ‫سك َْناهُ وب َي ْ َ‬ ‫حد َ ُ‬ ‫والل ّ ْ‬ ‫حل ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسوةً‬ ‫ُ‬
‫شسساهُ فسسي‬ ‫ح َ‬ ‫ن َ‬ ‫حّتسسى تكسسو َ‬ ‫َ‬ ‫ختياًرا إّنما‬ ‫ما ط َل ّقَ الد ُن َْيا ا ْ‬
‫‪442‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫َ‬ ‫الهمم العالية‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ِهِ‬ ‫ح َ‬ ‫أ ْ‬
‫مسسائ ِهِ‬ ‫جسساَرةٍ وب ِط ِي َْنسسةٍ وب َ‬ ‫ح َ‬
‫بِ ِ‬ ‫سسسوةَ‬ ‫ن كِ ْ‬ ‫ت له الكفسسا َ‬ ‫جَعل ْ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫سسسؤا ِ‬ ‫ن ُ‬‫عسس ْ‬‫عسسن دِي ِْنسسهِ ل َ‬ ‫ة‬
‫عسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد ّ ٍ‬ ‫ُ‬
‫وائ ِهِ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ِ‬ ‫شسسسِفًقا فسسسي‬ ‫م ْ‬‫هل ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ضسسس ّ‬ ‫وي َ ُ‬
‫جهِهِ وقََفائ ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ه في وَ ْ‬ ‫ضْرًبا ل َ ُ‬ ‫َ‬ ‫مهِ‬ ‫ضسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ّ‬ ‫ِ‬
‫حسسد ُهُ عسسن‬ ‫ك ي ُغَْلسسقُ ل َ ْ‬ ‫وهَُنسسا َ‬
‫ل‬‫ق ل ِط ُسسو ِ‬ ‫ضسي ْ ٍ‬
‫م فسسي ِ‬ ‫وُيقي س ُ‬ ‫أهل ِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسهِ‬
‫عََنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ِهِ‬ ‫صسسسد َ‬ ‫ن قَ ْ‬ ‫مل َك َسسسا ِ‬
‫وي َسسسُزوُْرهُ ال َ‬
‫ت‬ ‫حس َ‬ ‫حسان الَعبسدِ ت َ ْ‬ ‫مت ِ َ‬
‫عنسد َ ا ْ‬ ‫ِ‬ ‫ؤال ِهِ‬‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس َ‬ ‫ُ‬
‫َثسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسَرائ ِهِ‬ ‫ت«‬ ‫سسس ُ‬ ‫ب بسسس »ل َ ْ‬ ‫جسسا َ‬ ‫فسسإذا أ َ‬
‫وب ِك ُت ُب ْسسسهِ وب ِب َعْث ِسسسهِ ول َِقسسسائ ِهِ‬ ‫أ َد ْرِيْ أ َقِْبل‬
‫ل‬ ‫ت أهسسس ِ‬ ‫ل السسسبي ِ‬ ‫ل أهسسس ِ‬ ‫وال ِ‬ ‫جهَن ّسم ٍ‬ ‫ه ب َِقعْسسر َ‬ ‫مَنازل َ ُ‬ ‫وَيرىَ َ‬
‫سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائ ِهِ‬ ‫كِ َ‬ ‫ت‬
‫ل ثسساب ِ‬ ‫ب ثب ّت ْن َسسا بَق سوْ ٍ‬ ‫يسسا ر ّ‬
‫َ‬
‫سسل ِهِ‬ ‫م ب ُِر ْ‬‫ن اللهِ ث ُس ّ‬ ‫م ٌ‬ ‫مؤ ْ َ‬ ‫أَنا ُ‬
‫ل‬ ‫ثم الصسسلةُ علسى الرسسسو ِ‬
‫مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسدٍ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬

‫ة‬
‫ة‪ ،‬وعيش س ٍ‬ ‫سا تقي س ً‬ ‫ة‪ ،‬ونف ً‬ ‫اللهم إنا نسأُلك حياةً طيب ً‬
‫مخزي ول فاضح‪.‬‬ ‫دا غير ُ‬ ‫ة سوّية‪ ،‬ومر ً‬ ‫نقية‪ ،‬وميت ً‬
‫اللهم اجعلنا من أهل الصلح والنجاة والفلح‪ ،‬ومن‬
‫المؤيدين بنصرك وتأييدك ورضاك يا رب العالمين‪.‬‬
‫شللاءُ‬‫مللن ت َ َ‬‫ك َ‬‫مل ْل َ‬‫ؤِتي ال ُ‬ ‫مل ْ ِ‬
‫ك ت ُل ْ‬ ‫مال ِ َ‬
‫ك ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫‪‬الل ّ ُ‬
‫ه ّ‬
‫ل‬‫ذ ّ‬
‫وت ُل ِ‬ ‫مللن ت َ َ‬
‫شللاءُ َ‬ ‫ع لّز َ‬‫وت ُ ِ‬
‫شاءُ َ‬‫من ت َ َ‬ ‫م ّ‬
‫ك ِ‬ ‫مل ْ َ‬ ‫ع ال ُ‬
‫ز ُ‬ ‫وَتن ِ‬
‫َ‬
‫ديٌر‬‫قل ِ‬‫ء َ‬‫ي ٍ‬
‫شل ْ‬‫ل َ‬ ‫ُ‬
‫على كل ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خي ُْر إ ِن ّك َ‬ ‫َ‬
‫دك ال َ‬ ‫من ت َ َ‬
‫شاءُ ب ِي َ ِ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬
‫مبسسديُء يسسا معيسسد يسسا‬
‫دود ُ يا ذا العرش المجيد يا ُ‬
‫يا و ُ‬
‫ل لما تريسسد نسسسألك بنسسور وجهسسك السسذي مل أركسسان‬ ‫فعا ٌ‬
‫ك‬ ‫ت بهسسا علسسى جميسسع خلق س َ‬ ‫عرشك وبقدرتك التي قدر َ‬
‫سسَعت كسسل شسسيء ل إلسسه إل أنسست أن‬ ‫وبرحمتك التي و ِ‬
‫ذنوبنا وسيئاتنا وأن تبدلها لنا بحسنات إنك جواد ٌ‬ ‫تغفر ُ‬
‫كريم رؤوف رحيم‪.‬‬

‫‪443‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫اللهم افتح لدعائنا باب القبول والجابسسة واغفسسر لنسسا‬
‫ولوالسسسدينا وجميسسسع المسسسسلمين برحمتسسسك يسسسا أرحسسسم‬
‫الراحمين‪.‬‬
‫وصل الله على محمد وآله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫نختم هذا الكتاب بنبذة من زهده ‪‬‬
‫كسسان رسسسول اللسسه ‪ ‬أزهسسد النسساس‪ ،‬ويكفيسسك فسسي‬
‫تعريف ذلك أن فقسسره ‪ ‬كسسان فقسسر اختيسساري ل فقسسر‬
‫جلبسست إليسسه‬ ‫حو ُ‬ ‫اضطراري؛ لنه ‪ُ ‬فتحت عليسسه الفتسسو ُ‬
‫ة عند يهودي فسسي نفقسسة‬ ‫ه مرهون ٌ‬ ‫ل‪ ،‬ومات ودرعُ ُ‬ ‫الموا ُ‬
‫عياله‪ ،‬وهو يدعو‪ :‬اللهم اجعل رزق آل محمد قوًتا‪.‬‬
‫وقالت عائشة س رضي الله عنها س‪ :‬ما شسسبعَ رسسسول‬
‫خبزٍ حسستى مضسسى لسسسبيله‪،‬‬ ‫عا من ُ‬ ‫الله ‪ ‬ثلثة أيام تبا ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ولو شاء لعطاهُ الله ما ل يخطر ببا ٍ‬
‫ك رسول الله ‪ ‬ديناًرا ول شاةً‬ ‫وعنها قالت‪ :‬ما تر َ‬
‫ما ول بعيًرا‪ ،‬ولقد مسات ومسسا فسي بيستي شسسيء‬ ‫ول دره ً‬
‫ف لي‪.‬‬ ‫يأكله ذو كبدٍ إل شطر شعير في َر ّ‬
‫ي ربسسي أن يجعسسل لسسي‬ ‫وقسسال لسسي‪ :‬إنسسي عسسرض علس ّ‬
‫ع‬
‫مسسا وأشسسب ُ‬ ‫ت‪ :‬ل يسسارب أجسسوعُ يو ً‬ ‫بطحاء مكة ذهًبا‪ ،‬فقل ُ‬
‫جسسوع فيسسه فأتضسسرع إليسسك‬ ‫م السسذي أ ُ‬ ‫مسسا‪ ،‬فأمسسا اليسسو ُ‬
‫يو ً‬
‫دك وأثنسسي‬ ‫وأدعوك‪ ،‬وأما اليوم الذي أشبعُ فيسسه فأحم س ُ‬
‫عليك‪.‬‬
‫ث شسسهًرا مسسا‬ ‫ل محمسسد لنمكس ُ‬ ‫ن ك ُن ّسسا آ ُ‬ ‫وعنها قسسالت‪ :‬إ ْ‬
‫نستوقِد ُ ناًرا‪ ،‬إن هو إل التمُر والماء‪.‬‬
‫ف النبي ‪ ‬شسسبًعا قسسط‪،‬‬ ‫وعنها قالت‪ :‬لم يمتلئ جو ُ‬
‫ولم يُبث إلى أحدٍ شكوى‪.‬‬
‫ب إليه من الغنى‪ ،‬وإن كان ليظ ُ‬
‫ل‬ ‫وكانت الفاقة أح ّ‬
‫جائًعا يلتوي ط ُسسول ليلتسسه مسسن الجسسوع‪ ،‬فل يمنعُسسه مسسن‬
‫صيام يسسوم ولسسو شسساء لسسسأل ربسسه جميسسع كن ُسسوز الرض‬
‫وثمارها ورغد عيشها‪.‬‬

‫‪444‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ح بيدي‬ ‫ة مما أرى به وأمس ُ‬ ‫ت أبكي له رحم ً‬ ‫ولقد كن ُ‬
‫على بطنسسه ممسسا بسسه مسسن الجسسوع‪ ،‬وأقسسول نفسسسي لسسك‬
‫ت من الدنيا بما يقوتك‪.‬‬ ‫الفداء‪ ،‬لو تبل ّغْ َ‬
‫فيقول‪ :‬يا عائشة مالي وللد ُن َْيا إخواني أولسو العسزم‬
‫من الرسل صبُرْوا على ما هو أشد من هسسذا‪ ،‬فمضسسوا‬
‫على حالهم فقدموا على ربهم وأكسسرم مسسآبُهم وأجسسزل‬
‫ثوابهم‪.‬‬
‫ت فسسي معيشسستي أن‬ ‫وأجسسدني أسسستحي إن ترفّْهسس ُ‬
‫دونهم‪.‬‬ ‫دا ُ‬ ‫صرني غ ً‬ ‫ُيق ّ‬
‫حسسوق بسسإخواني‬ ‫ومسسا مسسن شسسيء أحسسب إلسسي مسسن الل ُ‬
‫وأخلئي‪ ،‬قالت‪ :‬فما أقام بعد إل شهًرا ثم توفى ‪.‬‬
‫وعن عائشة س رضسي اللسه عنهسسا سس قسالت‪ :‬مسا رفسع‬
‫ط لغداء‪.‬‬‫ط غداًء لعشاٍء ول عشاَء ق ّ‬ ‫رسول الله ‪ ‬ق ّ‬
‫ول اتخذ من شيء زوجيسسن ل قميصسسين ول ردائيسسن‬
‫ول إزارين‪ ،‬ومن النعال ول رئى قسسط فارغًسسا فسسي بيتسسه‬
‫إما يخصف نعل ً لرجل مسكين أو يخيط ثوًبا لرملة‪.‬‬
‫وعن أنسسس بسسن مالسسك أن فاطمسسة –عليهسسا السسسلم‪-‬‬
‫خسسبز إلسسى النسسبي ‪ ،‬فقسسال‪» :‬مسسا هسسذه‬ ‫ت بكسرةٍ ُ‬ ‫جاء ْ‬
‫الكسرة يا فاطمة؟«‪ ،‬قالت‪ :‬قرص خبزته فلم تطسسب‬
‫نفسي حتى أتيُتك بهذه الكسرة‪ ،‬فقال‪» :‬أما إنسسه أوّ ُ‬
‫ل‬
‫من ْذ ُ ثلثة أيام«‪.‬‬ ‫ك ُ‬‫م أب ِي ْ ِ‬ ‫خل فَ َ‬ ‫طعام ٍ د َ َ‬
‫وروى مسلم عن النعمان قال‪ :‬ذكر عمر ما أصاب‬
‫ت رسسسول اللسسه ‪‬‬ ‫الناس من السسدنيا‪ ،‬فقسسال‪ :‬لقسسد رأيس ُ‬
‫مل بطنه‪.‬‬ ‫يظل يلتوي ما يجد من الدقل ما ي َ ْ‬
‫وعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬إن كان ليمر بآل رسسسول‬
‫ج في بيت أحد منهم سسسراج ول‬ ‫الله ‪ ‬الهِّلة ما ُيسر ُ‬
‫يوقد فيه نار إن وجدوا زيًتا ادهنوا به وإن وجدوا ود ً‬
‫كا‬
‫أكلوه‪ ،‬رواه أبو يعلى ورواته ثقاة‪.‬‬
‫عن عبدالله بن مسعود‪ ،‬قال‪ :‬نسسام رسسسول اللسسه ‪‬‬
‫على حصير‪ ،‬فقام وقد أثر في جنبه‪ ،‬قلنسسا‪ :‬يسسا رسسسول‬
‫الله‪ ،‬لو اتخذنا لك وطاء‪.‬‬
‫‪445‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫فقال‪ :‬مالي وللسسدنيا مسسا أنسسا فسسي السسدنيا إل كراكسسب‬
‫أستظل تحت شجرة ثم راح وتركها‪ ،‬رواه ابسسن مسساجه‬
‫والترمذي وحسنه‪.‬‬
‫قال عمر بن الخطاب‪ :‬دخلت على رسول اللسسه ‪‬‬
‫ت فإذا عليه إزاُرهُ وليس عليه‬ ‫وهو على حصير فجلس ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫غيره وإذا الحصيُر قد أث َّر في َ‬
‫جن ْب ِ ِ‬
‫وإذا أنا بقبضةٍ من شسسعير نحسسو الصسساع وقسسرظ فسسي‬
‫ناحيسسة الغرفسسة‪ ،‬وإذا أهسساب معلسسق )الهسساب‪ :‬الجلسسد(‬
‫فابتدرت عيناي‪.‬‬
‫ت‪ :‬يا نسسبي‬ ‫فقال‪» :‬ما ُيبكيك يا ابن الخطاب؟« فقل ُ‬
‫الله‪ ،‬وما لي ل أبكي وهذا الحصير قد أثر فسسي جنبسسك‪،‬‬
‫وهذه خزانُتك ل أرى إل ما أرى‪.‬‬
‫وذاك كسرى وقيصر في الثمار والنهار وأنت نسسبي‬
‫الله وصفوُته وهذه خزانتك‪.‬‬
‫قال‪» :‬يسسا بسسن الخطسساب‪ ،‬أمسسا ترضسسى أن تكسسون لنسسا‬
‫الخرة ولهم السسدنيا« رواه ابسسن مسساجه بإسسسناد صسسحيح‪،‬‬
‫والحاكم‪ ،‬وقال‪ :‬على شرط مسلم‪.‬‬
‫وروي عسسن جسسابر ‪ ‬قسسال‪ :‬حضسسرنا عسسرس علسسي‬
‫سسسا كسسان أحسسسن منسسه حشسسونا‬ ‫وفاطمة‪ ،‬فمسسا كسسان عر ً‬
‫الفراش يعني من الليف‪ ،‬وأوتينسسا بتمسسر وزيسست فأكلنسسا‬
‫وكان فراشها ليلة عرسها إهسساب كبسسش‪ ،‬رواه السسبزار‪.‬‬
‫الهاب‪ :‬الجلد‪.‬‬
‫ت‬‫عن عامر الشعبي قال‪ :‬قال علي ‪ :‬لقد تزوجس ُ‬
‫فاطمة‪ ،‬وما لها ولي فراش غير جلد كبش ننام عليسسه‬
‫بالليل ونعلف عليه الناضح بالنهار‪ ،‬وما لي ولها خسسادم‬
‫غيرها‪.‬‬
‫ه فاطمسسة‬ ‫ج ُ‬ ‫وعن علي ‪ ‬أن رسول الله ‪ ‬لما زوّ َ‬
‫حي َْيسسن‬
‫بعث معها بخميلة ووسادة أدم حشوها ليسسف وَر َ‬
‫وسقاِء وجّرَتين‪.‬‬
‫ت حسستى‬ ‫سسن َوْ ُ‬‫فقال علي لفاطمة ذات يسسوم‪ :‬واللسسه َ‬
‫ت من إخراج المسساء مسسن‬ ‫ت صدري )المعنى تعب ُ‬ ‫اشتكي ُ‬
‫‪446‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫مي ْهِ )أي‬ ‫البئر( وقد جاء اللسسه بسسسبي فسساذهبي فاسسستخد ِ‬
‫ما(‪.‬‬ ‫اطُلبي منه خاد ً‬
‫ت يدي من‬ ‫ت حتى مجل ْ‬ ‫فقالت‪ :‬وأنا والله لقد طحن ْ ُ‬
‫مسسا‬ ‫كو َ‬ ‫العمسسل‪ ،‬فسسأتت النسسبي ‪ ،‬فقسسال‪» :‬مسسا جسساَء ب ِس ِ‬
‫م عليسسسك‬ ‫ك أيْ ب ُن َّيسسسة؟« قسسسالت‪ :‬جئت لسسسسل َ‬ ‫جَتسسس ِ‬ ‫حا َ‬‫َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫جع َ ْ‬ ‫ه َفر َ‬ ‫سأل َ ُ‬‫ن تَ ْ‬ ‫تأ َ‬ ‫حي َ ْ‬‫واست َ‬
‫ت أن أسسسأله‪،‬‬ ‫ت؟ قالت‪ :‬استحيي ُ‬ ‫فقال علي‪ :‬ما فعل ِ‬
‫ي‪ :‬يا رسسسول اللسسه‪ ،‬واللسسه لقسسد‬ ‫فأتياه جميًعا‪ ،‬فقال عل ّ‬
‫ت صدري‪.‬‬ ‫ت حتى اشتكي ُ‬ ‫سنو ُ‬
‫ت يداي‪ ،‬وقد‬ ‫ت حتى مجل ْ‬ ‫وقالت فاطمة‪ :‬لقد طحن ُ‬
‫مَنا‪.‬‬‫ك الله عز وجل بسبي وسعة فأخد ْ‬ ‫جاء َ‬
‫صسّفةِ تط ْسسوى‬ ‫ما َوأد َعُ أهل ال ّ‬ ‫فقال‪» :‬والله ل أعْط ِي ْك ُ َ‬
‫ُبطوُنهم ل أجد ُ ما أنفق عليهسم‪ ،‬ولكسن أبيعهسم وأنفسق‬
‫عليهم«‪.‬‬
‫فرجعا‪ ،‬وأتاهما النبي ‪ ،‬وقد دخل فسسي قطيفتهمسسا‬
‫مهما‪ ،‬وإذا غَط ََيسسا‬ ‫ت أقسسدا ُ‬ ‫شسسَف ْ‬ ‫ما تك َ ّ‬ ‫سسسهُ َ‬ ‫طيسسا ُرؤُ َ‬ ‫إذا غَ َ‬
‫كانكما«‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫سهما فثارا‪ ،‬فقال‪َ » :‬‬ ‫ت ُرؤ ُ‬ ‫شَف ْ‬ ‫مهما تك َ ّ‬ ‫أقدا َ‬
‫ثم قال‪» :‬أل أخبركما بخيسرٍ مسسا سسسألتماني؟« قسسال‪:‬‬
‫ر‬
‫ن في د ُُبسس ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫ل ُتسب ّ‬ ‫ن جْبري َ‬ ‫من ِي ْهُ ّ‬ ‫ى‪ ،‬قال‪» :‬كلمات عَل ّ َ‬ ‫بل َ‬
‫ذا‬‫ن عشَرا‪ ،‬وإ َ‬ ‫شَرا‪ ،‬وت ُك َّبرا ِ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫مدا ِ‬ ‫ح َ‬‫صلةٍ عشر وت َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫كُ ّ‬
‫كما‪ ،‬فسبحا ثلًثا وثلثين‪ ،‬وأحمدا ثلًثا‬ ‫ش ُ‬ ‫أوي ُْتما إلى فرا ِ‬
‫ن‬‫وثلثين‪ ،‬وكبرا أربًعا وثلثين«‪ ،‬قال‪ :‬فوالله ما َترك ْت ُهُ س ّ‬
‫ن رسول الله ‪.‬‬ ‫علمْنيهُ ّ‬ ‫منذ َ‬
‫جل ً يقسسول‪ :‬اللهسسم‬ ‫عن بريدة قال‪ :‬سمع النسسبي ‪ ‬ر ُ‬
‫ت اللسسه ل إلسسه إل أنسست‬ ‫ك أن س َ‬ ‫أني أسألك بأني أشهد أن س َ‬
‫وا‬ ‫الحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن لسسه كفس ً‬
‫أحد‪.‬‬
‫فقال رسسسول اللسسه ‪» :‬والسسذي نفسسسي بيسسده لقسسد‬
‫سأل الله باسمه العظسسم السسذي إذا دعسسي بسسه أجسساب‪،‬‬
‫سئل به أعطى« أخرجه أبو داود والترمذي‪.‬‬ ‫وإذا ُ‬

‫‪447‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وعن أنس ‪ ‬قال‪ :‬دعسسا رجسسل‪ ،‬فقسسال‪ :‬اللهسسم إنسسي‬
‫أسألك بأن لك الحمسسد ل إلسسه إل أنسست الحنسسان المنسسان‬
‫بديع السموات والرض ذو الجلل والكرام يا حسسي يسسا‬
‫قيوم‪.‬‬
‫فقال النبي ‪» :‬أتسسدرون بمسسا دعسسا؟« قسسالوا‪ :‬اللسسه‬
‫ورسوله أعلم‪ ،‬قال‪» :‬والذي نفسي بيده لقد دعا الله‬
‫سئل بسسه‬ ‫دعي به أجاب‪ ،‬وإذا ُ‬ ‫باسمه العظم الذي إذا ُ‬
‫سَنن‪.‬‬‫أعطى« أخرجه أصحاب ال ّ‬
‫عن سعد بن أبي وقاص قال‪ :‬قال رسول اللسسه ‪:‬‬
‫عى وهسسو فسسي بطسسن الحسسوت‪ :‬ل‬ ‫»دعوة ذي النون إذ ْ د َ َ‬
‫ك إني كنت من الظالمين‪ ،‬فإنه لسسم‬ ‫حان َ َ‬
‫سب ْ َ‬
‫إله إل أنت ُ‬
‫يدع بها رجل مسلم في شيء قسسط إل اسسستجاب لسسه«‬
‫رواه الترمسسذي والنسسسائي والحسساكم‪ ،‬وقسسال‪ :‬صسسحيح‬
‫السناد‪.‬‬
‫ت رسسسول‬ ‫سفيان قسسال‪ :‬سسسمع ُ‬ ‫وعن معاوية بن أبي ُ‬
‫عا بهؤلء الكلمات الخمسسس لسسم‬ ‫الله ‪ ‬يقول‪» :‬من د َ َ‬
‫يسأل الله شيًئا إل أعطاه‪ :‬ل إله إل الله والله أكبر‪ ،‬ل‬
‫إله إل الله وحده ل شريك لسسه لسسه الملسسك ولسسه الحمسسد‬
‫وهو على كل شيء قدير‪ ،‬ل إله إل اللسسه ول حسسول ول‬
‫قوة إل بالله« رواه الطبراني بإسناد حسن‪.‬‬
‫وعن معاذ بسسن جبسسل‪ ،‬قسسال‪ :‬سسسمع رسسسول اللسسه ‪‬‬
‫رجل ً وهو يقول‪» :‬يا ذا الجلل والكرام«‪ ،‬فقال‪» :‬قسسد‬
‫ل« رواه الترمذي‪.‬‬ ‫س ْ‬‫ك فَ َ‬ ‫ب لَ َ‬ ‫جي ْ َ‬‫ست ُ ِ‬
‫ا ْ‬
‫مسسسؤد ّْين لحّقسسك‬‫مكسسسثرين لسسذكرك ُ‬ ‫اللهسسسم اجعلنسسسا ُ‬
‫ن فسسي جميسسع‬ ‫ك راضسسي ٍ‬‫حسسافظين لمسسرك راجيسسن ل ِوَعْسدِ َ‬
‫عنك‪.‬‬ ‫حالتنا َ‬
‫ضسسِلك‬
‫ن ِلف ْ‬‫ملي َ‬
‫مسسؤ ّ‬
‫مورنسسا إليسسك ُ‬ ‫لأ ُ‬ ‫كسس ّ‬‫راغسسبين فسسي ُ‬
‫مك‪.‬‬ ‫شاكرين ل ِن ِعَ ِ‬
‫ف عنا‪،‬‬ ‫من يحب العفو والحسان‪ ،‬ويأمر بهما أع ُ‬ ‫يا َ‬
‫ن إلينا‪.‬‬ ‫س ْ‬ ‫وأح ِ‬

‫‪448‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫عفوك أحق منا بالذي‬ ‫ل من َ‬ ‫فإنك بالذي أنت له أه ٌ‬
‫من عُُقوبتك‪.‬‬ ‫نحن له أهل ِ‬
‫ن‬
‫مسس ْ‬‫اللهسسم ثبسست رجسساءك فسسي قلوبنسسا‪ ،‬واقطعسسه عَ ّ‬
‫جوا غيسرك ول نسستعين إل إيساك‪ ،‬يسا‬ ‫واك‪ ،‬حتى ل نر ُ‬ ‫س َ‬
‫ِ‬
‫أرحم الراحمين‪ ،‬ويا أكرم الكرمين‪.‬‬
‫اللهسسم هسسب لنسسا اليقيسسن والعافيسسة‪ ،‬وإخلص التوكسسل‬
‫عليك‪ ،‬والستغناء عن خلقك‪.‬‬
‫واجعل خير أعمالنا ما قارب آجالنا‪.‬‬
‫اللهم أغننا بما وفقتنا له مسسن العلسسم‪ ،‬وزينسسا بسسالحلم‬
‫مل َْنا بالعافية‪.‬‬ ‫وأكرمنا بالتقوى وج ّ‬
‫اللهم افتح مسامع قلوبنا لسسذكرك وارُزقنسسا طاعت َسسك‬
‫سنة رسولك‪.‬‬ ‫ة رسولك ووفقنا للعمل بكتابك و ّ‬ ‫وطاع َ‬
‫اللهم إنا نسألك الهدى‪ ،‬والت ّّقسسى والعافيسسة والغنسسى‪،‬‬
‫ونعوذ بسسك مسسن درك الشسسقاِء‪ ،‬ومسسن جهسسد البلء ومسسن‬
‫سوء القضاء ومن شماتة العداء‪.‬‬
‫ك ك ُّله‪ ،‬وبيدك الخير‬ ‫اللهم لك الحمد ُ ك ُّله‪ ،‬ولك المل َ‬
‫ل الحمد‬ ‫كله‪ ،‬وإليك يرجع المر كله علنيته وسره‪ ،‬أه ُ‬
‫سسسبحانك إنسسك علسسى كسسل‬ ‫والثناء أنسست‪ ،‬ل إلسسه إل أنسست ُ‬
‫شيء قدير‪.‬‬
‫اللهم اغفر لنا جميسسع مسسا سسسلف منسسا مسسن السسذنوب‪،‬‬
‫واعصمنا فيما بقي من أعمارنا‪ ،‬ووفقنسسا لعمسسل صسسالح‬
‫ترضى به عنا‪.‬‬
‫اللهم يا سامع كل صوت‪ ،‬ويسسا بسسارئ النفسسوس بعسسد‬
‫ه عليسسه الصسسوات يسسا عظيسسم‬ ‫المسسوت‪ ،‬يسسا مسسن ل تشسستب ُ‬
‫مسن هسو كسل يسوم فسي‬ ‫الشأن‪ ،‬يا واضسح البرهسان‪ ،‬يسا َ‬
‫ك أنت الغفور الرحيم‪.‬‬ ‫شأن‪ ،‬اغفر لنا ذنوبنا إن َ‬
‫اللهم يا عظيم العفو‪ ،‬يا واسع المغفسسرة‪ ،‬يسسا قريسسب‬
‫الرحمة‪ ،‬يا ذا الجلل والكسسرام‪ ،‬هسسب لنسسا العافيسسة فسسي‬
‫الدنيا والخرة‪.‬‬
‫ي ويسسا قي ّسسوم فّرغْن َسسا لمسسا َ‬
‫خلْقت َن َسسا لسسه‪ ،‬ول‬ ‫اللهم يا حس ّ‬
‫ن بلقسسائك‪،‬‬ ‫ت لنا به‪ ،‬واجعلنا ممن يؤم ُ‬ ‫ُتشغلنا بما تك َّفل ْ َ‬
‫‪449‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ق‬
‫ك حسس ّ‬ ‫ويرضسسى بقضسسائك ويقنسسعُ بعطسسائك‪ ،‬ويخشسسا َ‬
‫خشيِتك‪.‬‬
‫دا‪.‬‬
‫ت بنا أح ً‬ ‫دا‪ ،‬ول تشم ْ‬ ‫اللهم اجعل رزقنا رغ ً‬
‫اللهم رغّب َْنا فيما يبقى‪ ،‬وزهدنا فيما يفنى‪ ،‬وهب لنا‬
‫ل فسسي‬ ‫اليقين الذي ل تسكن النفوس إل إليه‪ ،‬ول ُيع سوّ ُ‬
‫الدين عليه‪.‬‬
‫اللهم إنا نسألك بعزك الذي ل ُيرام وملكك الذي ل‬
‫ُيضام وبنورك الذي مل أركان عرشك أن تكفينسسا شسسر‬
‫ما أهمنا وما ل نهتم به وأن تعيذنا من شسسرور أنفسسسنا‬
‫ومن سيئات أعمالنا‪.‬‬
‫اللهم يا عليم يا حليم يا قوي يسسا عزيسسز يسسا ذا المسسن‬
‫جسسوه‬ ‫وا لسسه الو ُ‬ ‫مسسن تغن ُس ْ‬
‫والعطسسا والعسسز والكبريسساء‪ ،‬يسسا َ‬
‫وتخشع له الصوات‪.‬‬
‫وفقنا لصالح العمال وأكفنسسا بحللسسك عسسن حرامسسك‬
‫وبفضلك عمن سواك إنك على كل شيء قدير‪.‬‬
‫ة من عندك تهدي بها قُُلوبَنسسا‪،‬‬ ‫اللهم إنا نسألك رحم ً‬
‫م بها شعثنا‪ ،‬وترفع بها شسساهدنا‪،‬‬ ‫وتجمعُ بها شملنا‪ ،‬وتل ُ‬
‫ظ بهسسا غائبنسسا‪ ،‬وتزكسسي بهسسا أعمالنسسا‪ ،‬وتلهمنسسا بهسسا‬ ‫وتحف ُ‬
‫رشدنا‪ ،‬وتعصمنا بها من كل سوء يا أرحم الراحمين‪.‬‬
‫اللهم ارزقنا من فضلك‪ ،‬وأكفنا شر خلقك‪ ،‬وأحفظ‬
‫علينا ديننا وصحة أبداننا‪.‬‬
‫ل‬‫مِقي ْس َ‬‫اللهم يا هادي المضلين ويا راحم المذنبين‪ ،‬و ُ‬
‫عثرات العاثرين‪ ،‬نسألك أن ُتلحقنا بعبادك الصسسالحين‬
‫ت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء‬ ‫الذين أنعم َ‬
‫والصالحين آمين يا رب العالمين‪.‬‬
‫اللهم يا عالم الخفيات‪ ،‬ويا رفيع الدرجات‪ ،‬يا غفسسر‬
‫الذنب وقابل التوب شديد العقسساب ذي الطسسول ل إلسسه‬
‫إل أنت إليك المصير‪.‬‬
‫نسألك أن تذيقنا بسسرد عفسسوك‪ ،‬وحلوة رحمتسسك‪ ،‬يسسا‬
‫ف الرائفين وأكرم الكرمين‪.‬‬ ‫أرحم الراحمين وأرأ َ‬

‫‪450‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫ب‪ ،‬وخّلصسسنا مسسن أشسسر‬ ‫اللهم اعتقنسسا مسسن رقّ السذ ُُنو ْ‬
‫الّنفوس‪ ،‬وأذهسسب عنسسا وحشسسة السسساءة‪ ،‬وطّهرنسسا مسسن‬
‫دنس الذنوب‪ ،‬وباعد ْ بيننا وبيسسن الخطايسسا وأجْرنسسا مسسن‬
‫الشيطان الرجيم‪.‬‬
‫ك وأدخلنسسا مسسع‬ ‫ك‪ ،‬وأهل ْن َسسا لسسولئ ِ ْ‬ ‫اللهسسم طيبنسسا للقسسائ ِ ْ‬
‫مسسسلمين وألحقنسسا‬ ‫حسسومين مسسن أوليسسائك‪ ،‬وتوفنسسا ُ‬ ‫المر ُ‬
‫بالصالحين‪.‬‬
‫ك‪،‬‬ ‫حسسسن عبادت ِس ْ‬ ‫شسسكرك و ُ‬ ‫اللهم أعّنا على ذكسسرك و ُ‬
‫مفلحيسسن‪ ،‬وأيسسدنا‬ ‫كن واجعَل ْن َسسا مسسن حزبسسك ال ُ‬ ‫وتلوةِ ك َِتاب ِ ْ‬
‫ت‬ ‫مرافقسسة السسذين أنعم س َ‬ ‫دك المنصسسوري‪ ،‬وازرقْن َسسا ُ‬ ‫بجن ْس ِ‬
‫عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين‪.‬‬
‫شئ الجسادِ بعد َ‬ ‫من ْ ِ‬
‫اللهم يا فالق الحب والّنوى‪ ،‬يا ُ‬
‫كلين‬ ‫مؤْيْ المنقطعيسن إليسه‪ ،‬يسا كسافي المت ُسسو ّ‬ ‫البَلى‪ ،‬يا ُ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ك‪ ،‬وخابت الظ ُُنون إل في ْ ْ‬ ‫من ْ ْ‬‫جاُء إل ِ‬ ‫عليه‪ ،‬انقطع الّر َ‬
‫ل‬ ‫ك نسسسأُلك أن ُتمطسسر مح س َ‬ ‫علي س ْ‬ ‫ف العتمسساد إل َ‬ ‫وض سعُ َ‬
‫ك وأن توفقنسسا‬ ‫ك وإحسسسان ِ ْ‬ ‫قُُلوب َِنسسا مسسن سسسحائب بسسّر ْ‬
‫ك جسسواد كريسسم‬ ‫م مغفرتسسك إنس َ‬ ‫موجبات رحمتك وعسسزائ ِ َ‬ ‫ل ِ‬
‫رؤوف غفور رحيم‪.‬‬
‫ما‪ ،‬ولساًنا صسسادًقا‪ ،‬وعمل ً‬ ‫اللهم إّنا نسألك قلًبا سلي ً‬
‫ل‪ ،‬ونسألك بركة الحياة وخير الحيسساة‪ ،‬ونعسسوذ بسسك‬ ‫متقب ً‬
‫من شر الحياة‪ ،‬وشر الوفاة‪.‬‬
‫ل‬ ‫م إنسسا نسسسألك باسسسمك العظسسم الغ سّر الج س ّ‬ ‫اللهُ س ّ‬
‫ت بسسه‬ ‫سسسئ ِل ْ َ‬
‫الكسسرم السسذي إذا ُدعيسست بسسه أجبسست وإذا ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫أعطي ْ َ‬
‫ت‬ ‫جوه‪ ،‬يا من عََنسس ْ‬ ‫ك الكريم ِ أكرم الو ُ‬ ‫ونسأُلك بوجه َ‬
‫ه‬‫ت لسس ُ‬ ‫ه الرقسساب‪ ،‬وخشسسع ْ‬ ‫ت لسس ُ‬ ‫ه‪ ،‬وخضسسع ْ‬ ‫ه الوجسسو ُ‬ ‫لسس ُ‬
‫ل والكرام‪.‬‬ ‫ت‪ ،‬يا ذا الجل ِ‬ ‫الصوا ُ‬
‫ل‬ ‫كسس ّ‬ ‫م‪ ،‬يا مالك الملك‪ ،‬يا من هُوَ على ُ‬ ‫ي يا قّيو ُ‬ ‫يا ح ّ‬
‫ت‪،‬‬ ‫م‪ ،‬ل إلسسه إل أْنسس َ‬ ‫شسسيٍء قسسدي ٌْر‪ ،‬وبكسسل شسسيٍء عليسس ِ‬
‫ك نستجير‪.‬‬ ‫من عذاب ِ َ‬ ‫ك نستغْيث‪ ،‬و ِ‬ ‫مت َ‬ ‫ح ِ‬
‫بر ْ‬

‫‪451‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫دنا‬ ‫س سع ِ ْ‬ ‫ك‪ ،‬وا ْ‬ ‫ك حت ّسسى كأننسسا ن َسسرا َ‬ ‫اللهم اجعلنسسا نخشسسا َ‬
‫صيَتك‪.‬‬ ‫مع ْ ِ‬ ‫شِقَنا ب ِ َ‬‫بتْقواك‪ ،‬ول ت ُ ْ‬
‫اللهم إنك تسمعُ كلمنا‪ ،‬وترى مكاننا‪ ،‬وتعلسسم سسسرنا‬
‫وعلنيتنا ل يخفى عليك شيٌء من أمرنا نحن البؤسسساءُ‬
‫مسسستجيرون الوجل ُسسون‬ ‫سسستغيُثون ال ُ‬ ‫م ْ‬ ‫الُفقسسراُء إليسسك‪ ،‬ال ُ‬
‫المشفُقون المعترُفون بذ ُُنوبنا‪.‬‬
‫ل إليسسك ابتهسسا َ‬
‫ل‬ ‫نسسسألك مسسسألة المسسسكين‪ ،‬ونبتهسس ُ‬
‫دعاء الخائف الضرير‪.‬‬ ‫وك ُ‬ ‫ذلْيل‪ ،‬وندعُ ْ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫المذن ِ‬
‫ت له عبارات َُنا‪،‬‬ ‫ض ْ‬ ‫ه رقاب َِنا‪ ،‬وفا َ‬ ‫تل ُ‬ ‫اللهم يا من خضع ْ‬
‫دعائك‬ ‫ه أنوفَُنا ل تجعلنا ب ُ‬ ‫تل ُ‬ ‫وذ َّلت له أجسامنا‪ ،‬ورغم ْ‬
‫أشقياء‪ ،‬وكن بنا رؤوًفا يا خير المسئولين‪.‬‬
‫ك‬ ‫ن بلقسسائ ِ ْ‬ ‫ة‪ ،‬ت ُسسؤم ُ‬ ‫سسسا مطمئن س ً‬ ‫اللهسسم إنسسا نسسسأُلك نف ً‬
‫ك‪ ،‬يسسا أرأف الرائفيسسن‪،‬‬ ‫ك‪ ،‬وت َْقن َعُ بعطسسائ ْ‬ ‫ضى بقضائ ِ ْ‬ ‫وتر َ‬
‫وأرحم الراحمين‪.‬‬
‫ل‪،‬‬ ‫مسسن العمسسا ِ‬ ‫حب ّسسه ِ‬ ‫ك التوفيسسق لمسسا ت ُ ِ‬ ‫اللهم إنا نسأل ُ َ‬
‫ب‬ ‫ن بك يا ر ّ‬ ‫ن الظ ّ ّ‬ ‫س َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ك‪ ،‬و ُ‬ ‫ل علي ْ‬ ‫صد ْقَ التوك ِ‬ ‫ونسأُلك ِ‬
‫العالمين‪.‬‬
‫جِليسسن‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬‫خِبتين‪ ،‬الغُ سّر ال ُ‬ ‫م ْ‬‫ك ال ُ‬ ‫من عبادِ َ‬ ‫اللهم اجعلنا ِ‬
‫مت ََقب ِّلين‪.‬‬‫الوَفْدِ ال ُ‬
‫ة‬
‫سسسا تقي ّسسة‪ ،‬وعيش س ٍ‬ ‫ة‪ ،‬ونف ً‬ ‫اللهم إنا نسأُلك حياةً طيب ً‬
‫مخزي ول فاضح‪.‬‬ ‫دا غير ُ‬ ‫ة سوية‪ ،‬ومر ً‬ ‫نقية‪ ،‬وميت ً‬
‫اللهسسم اجعلنسسا مسسن أهسسل الصسسلح والنجسساح والفلح‪،‬‬
‫ومسسن المؤيسسدين بنصسسرك وتأييسسدك ورضسساك يسسا رب‬
‫العالمين‪.‬‬
‫شللاءُ‬ ‫مللن ت َ َ‬ ‫ك َ‬ ‫مل ْل َ‬ ‫ؤِتي ال ُ‬ ‫ك ت ُل ْ‬ ‫مل ْ ِ‬ ‫ك ال ُ‬ ‫مال ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ّ‬‫‪‬الل ّ ُ‬
‫ل‬‫ذ ّ‬
‫وت ُل ِ‬ ‫مللن ت َ َ‬
‫شللاءُ َ‬ ‫ع لّز َ‬‫وت ُ ِ‬
‫شاءُ َ‬‫من ت َ َ‬ ‫م ّ‬
‫ك ِ‬ ‫مل ْ َ‬ ‫ع ال ُ‬
‫ز ُ‬ ‫وَتن ِ‬
‫َ‬
‫ديٌر‬ ‫َ‬
‫ء قل ِ‬ ‫ي ٍ‬
‫شل ْ‬‫ل َ‬ ‫ُ‬
‫على كل ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خي ُْر إ ِن ّك َ‬ ‫َ‬
‫دك ال َ‬ ‫من ت َ َ‬
‫شاءُ ب ِي َ ِ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬
‫مب ْسدِئُ يسسا ُ‬
‫معيسسد‪ ،‬يسسا‬ ‫يا وَد ُوْد ُ يا ذا العرش المجيد يسسا ُ‬
‫ل لما ُتريسسد نسسسألك بنسسور وجهسسك السسذي مل أركسسان‬ ‫فعا ٌ‬
‫عرشك وبقدرتك التي قدرت بهسسا علسسى جميسسع خلقسسك‬

‫‪452‬‬
‫إيقاظ أوللللللي‬
‫الهمم العالية‬
‫وبرحمتك التي وسسسعت كسسل شسسيء ل إلسسه إل أنسست أن‬
‫تغفر ذنوبنا وسيئاتنا وأن تبدلها لنا بحسنات إنك جواد ٌ‬
‫ف رحيم‪.‬‬‫كريم رؤو ٌ‬
‫اللهم افتح لدعائنا باب القبول والجابة‪ ،‬واغفسسر لنسسا‬
‫ولوالسسسدينا وجميسسسع المسسسسلمين برحمتسسسك يسسسا أرحسسسم‬
‫الراحمين‪.‬‬
‫وصل الله على محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫عبدالعزيز بن محمد بن سلمان‪.‬‬

‫‪453‬‬

You might also like