You are on page 1of 152

‫الــزاد ف ي‬

‫أحكام‬
‫الجـهـاد‬
‫أحكام فقهية مختصرة‬
‫وتوجيهات تنظيمية‬
‫تهم كل مقاتل ومجاهد‬
‫للكفرة‬
‫ه وأعدّهُ‬
‫جمع ُ‬
‫مد التوحيدي‬ ‫أبو مح ّ‬

‫‪2‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫بيان للمجاهدين في‬
‫سبيل الله تعالى وما‬
‫يجب عليهم معرفته من‬
‫أحكام هذا الباب العظيم‬

‫’’الجهاد‘‘‬

‫الطبعة الولى‬

‫‪3‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪ 1424‬هـ الموافق ‪2003‬‬
‫مــ‬

‫‪4‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫إهــداء‬
‫الى المجاهدين في كل مكان‪،‬‬
‫والى كل شهداء السلم‪،‬‬
‫والى السرى القابعين في جميع سجون الطواغيت‪ ،‬من‬
‫الكفرة والمشركين والمنافقين‪ ،‬من صليبيين ويهود‬
‫وكفرة ووثنيين وحكام مرتدين‪.‬‬
‫إلى كل هؤلء وعلى رأسهم العلماء الفاضل‪:‬‬
‫‪ ‬الشيخ الضرير عمر عبد الرحمن‬
‫‪ ‬الشيخ عمر بن محمود أبو عمر )أبي قتادة‬
‫الفلسطيني(‬
‫‪ ‬الشيخ عصام البرقاوي )أبي محمد المقدسي(‬
‫‪ ‬الشيخ رفاعي أحمد طه )أبي ياسر المصري(‬
‫‪ ‬الشيخ علي بن خضير الخضير‬
‫‪ ‬الشيخ ناصر بن سلمان الفهد‬
‫‪ ‬الشيخ عبد العزيز الجربوع‬
‫‪ ‬أحمد الخالدي‬
‫فك الله أسرهم جميعا ً من سجون الطواغيت أعداء الملة‬
‫والدين‪ .‬آمين‪..‬آمين‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫دمــــة‬
‫مـقـ ّ‬
‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بــالله مــن شــرور‬
‫مــن‬
‫أنفسنا ومن ســيئات أعمالنــا‪ ،‬مــن يهــده اللــه فل مضــل لــه‪ ،‬و َ‬
‫ُيضلل فل هادي له‪.‬‬
‫ن محمــدا ً ‪‬‬‫وأشهد أن ل إله إل ّ الله وحده ل شــريك لــه‪ ،‬وأشــهد أ ّ‬
‫عبده ورسوله‪.‬‬
‫ه ول‬ ‫ق ُتقــات ِ ِ‬
‫قــوا اللــه حـ ّ‬ ‫مُنـوا ات ّ ُ‬‫نآ َ‬‫قال الله تعــالى‪} :‬يــا أّيهــا الــذي َ‬
‫ن إل ّ وأنتم مسلمون{ ]آل عمران‪ .[102 :‬وقال ســبحانه‪} :‬يــا‬ ‫َتموت ُ ّ‬
‫منهــا‬ ‫ق ِ‬‫ة وخل ـ َ‬ ‫س واحــد ٍ‬ ‫من َنف ـ ٍ‬ ‫كم ِ‬ ‫ق ُ‬‫خل َ َ‬‫م الذي َ‬ ‫أيها الّناس اتقوا َرب ّك ُ ُ‬
‫ن بــه‬ ‫ءلو َ‬ ‫هما رجال ً كثيرا ً ونساءً واتقوا الله الذي تسا َ‬ ‫جها وبث من ُ‬ ‫َزو َ‬
‫ل جللــه‪:‬‬ ‫كم رقيبًا{ ]النساء‪ .[1 :‬وقال ج ّ‬ ‫عَلي ُ‬
‫ن َ‬ ‫ن الله كا َ‬ ‫مإ ّ‬‫والرحا َ‬
‫ن آمنوا اتقـوا اللـه وقولـوا قـول ً سـديدا ً * ُيصـلح لكـم‬ ‫}يا أيها الذي َ‬
‫ه فقد فاَز فــوزا ً‬ ‫ع الله وَرسول َ ُ‬ ‫أعمالكم ويغفر لكم ُ‬
‫من ُيط ِ‬ ‫ذنوبكم و َ‬
‫عظيمًا{ ]الحزاب‪.[71-70 :‬‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫م اللــه تعــالى‪ ،‬وخيـَر الهــدي هــد ُ‬ ‫أما بعــد‪ :‬فــإن أصــدق الكلم ِ كل ُ‬
‫ة‬‫ة بدعــة‪ ،‬وكــل بدع ـ ٍ‬
‫ل محدث ـ ٍ‬ ‫د ‪ ‬وش ـّر المــور ُ‬
‫محــدثاُتها‪ ،‬وك ـ ّ‬ ‫محم ٍ‬
‫ضللة‪ ،‬وكل ضللة في النار‪.‬‬
‫أما بعد‪،،،‬‬
‫فهذه رسالة صغيرة جمعتها على عجالــة مــن أمــري بعــد أن طلــب‬
‫مني بعد الخوة العاملين لنصرة هذا الدين أن أجمعها بهذا النســق‬
‫لتكون مرجعا ً سريعا ً لكل أخ أو خلية صغيرة تريــد أن تعمــل لنصــرة‬
‫هذا الدين‪.‬‬
‫فاستعنت الله تعالى وشرعت في جمعها في عدة أيــام وأنــا علــى‬
‫يقين أّنه لو كان لدي الوقت الكافي وكنــت مســتقرا ً فــي إقــامتي‬
‫لنسقتها على أحسن من هذا النسق السريع‪ ،‬لكن كما يقال‪ :‬مــا ل‬
‫يدرك كله ل يترك جله‪.‬‬
‫فأرجو من الله تعالى أن ينتفع بها كل عامل لنصرة هذا الدين‪.‬‬
‫سائل ً المولى سبحانه الجر والمثوبة‪ .‬كما أســأله ســبحانه وتعــالى‬
‫أن يكتب لنا الشهادة في سبيله مقبلين غير مدبرين‪.‬‬

‫‪6‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫وأسأل إخواني الموحــدين‪ ،‬كــل مــن اطلــع علــى هـذه الرســالة أن‬
‫يسأل الله لي أن يكرمني بالشهادة في سبيله‪.‬‬

‫أبــــــو محمــــــد‬
‫التوحيدي‬
‫‪/21‬رجـــب‪1424/‬‬
‫هـ‬
‫الموافـــــــــــق‪:‬‬
‫‪ 18/9/2003‬مـ‬

‫‪7‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫تعريف الجهاد‬
‫الجهــاد فــي اللغــة مشــتق مــن الجهــد بفتــح الجيــم وضــمها وهــو‬
‫المشقة‪] .‬انظر القاموس المحيط )‪.[(1/286‬‬
‫أما في الصطلح الشرعي فهو قتال الكفار لعلء كلمة الله‪ ،‬وقد‬
‫يتسع ليشمل جهاد النفس والشيطان وغيــر ذلــك‪ ،‬لكنــه إذا أطلــق‬
‫فإنما يقصد به ما ذكرنا من القتال لعلء كلمة الله‪.‬‬
‫يقول ابن رشد‪ ... :‬فكل من أتعب نفسه في ذات الله فقــد جاهــد‬
‫))‬

‫في سبيله إل أن الجهاد في سبيل الله إذا أطلق فل يقع بــإطلقه‬


‫إل على مجاهدة الكفار بالسيف حتى يدخلوا في السلم أو يعطوا‬
‫د وهم صاغرون ]مقدمات ابن رشد )‪.[(1/342‬‬
‫((‬
‫الجزية عن ي ٍ‬
‫قال‪:‬ي هريرة رضي الله عنه قال‪ " :‬جاء رجل إلى رســول اللــه ‪‬‬
‫فقال‪ :‬دلني على عمل يعدل الجهاد‪ ،‬قال ‪ ‬ل أجده‪] ،‬ثــم[ قــال ‪:‬‬
‫هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقــوم ول تفــتر‪،‬‬
‫وتصوم ول تفطر؟ قال‪ :‬ومن يستطيع ذلك؟ "‪ .‬وفي رواية‪ " :‬مثل‬
‫المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القــانت بآيــات اللــه ل‬
‫يفتر من صــلة ول صــيام حــتى يرجــع المجاهــد فــي ســبيل اللــه "‬
‫]أخرجه البخاري )‪ (2785‬وله الرواية الولى‪ ،‬ومسلم )‪ (1878‬ولــه‬
‫الرواية الثانية وهو برواية مسلم عند الترمذي )‪.[(1619‬‬
‫وموضع الشاهد في الحديث أنــه ‪ ‬ذكــر أنــه ل يعــدل الجهــاد فــي‬
‫سبيل الله إل الصلة والصيام بالصورة المذكورة في الحــديث‪ ،‬مــع‬
‫كون الصائم القائم مجاهــدا ً لنفســه‪ ،‬ولكــن لمــا أطلــق الجهــاد لــم‬
‫يقصد به إل القتال في سبيل الله تعالى‪.‬‬
‫ومثل هذا الحديث في الدللة حديث ابــن مســعود رضــي اللــه عنــه‬
‫قال‪ " :‬سألت النبي‪ :‬أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قلــت‪:‬الصــلة‬
‫على وقتها قلت‪ :‬ثم أي؟ قال‪ :‬ثم بر الوالدين‪ .‬قلت‪ :‬ثم أي؟ قال‪:‬‬
‫الجهاد في ســبيل اللــه تعــالى " ]أخرجــه البخــاري )‪(2782)،(527‬‬
‫ومسلم )‪ (85‬والترمذي )‪ (173‬والنسائي ]‪.[(293-1/292‬‬
‫فقد فرق ‪ ‬بين الصلة وبر الوالدين والجهاد في ســبيل اللــه مــع‬
‫أن الصلة من جهاد النفــس كمــا أســلفنا‪ ،‬وبــر الوالــدين نــوع مــن‬
‫ي والــداك؟‬ ‫الجهاد كما قال ‪ ‬لمن جاء يستأذنه في الجهــاد‪ " :‬أح ـ ّ‬
‫قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬ففيهما فجاهد " ]أخرجه البخاري ) ‪ (3004‬ومسلم‬
‫)‪ (2549‬وأبــو داود )‪ (2529‬والترمــذي )‪ (1671‬والنســائي )‪(6/10‬‬
‫من حديث عبد الله بن عمرو[‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫فدل الحديث على أن الجهاد عند إطلقــه يقصــد بــه القتــال لعلء‬
‫كلمة الله تعالى‪.‬‬
‫والمقصود بهذا الجهاد هو جهاد الطلــب وليــس جهــاد الــدفع إذ أن‬
‫جهــاد الــدفع ل يشــترط لــه أذن الوالــدان وهــو أفضــل مــن برهمــا‬
‫باتفاق‪.‬‬
‫ثم إن الرسول ‪ ‬قد عّرف الجهاد بهذا الذي قلنــاه؛ ففــي حــديث‬
‫عمرو بن عبسة‪ " :‬قــال‪ :‬ومــا الجهــاد؟ قــال‪ :‬أن تقاتــل الكفــار إذا‬
‫لقيتهم‪] (...‬أخرجــه أحمــد )‪ (4/114‬وعبــدا لــرزاق عــن معمــر فــي‬
‫الجامع الملحق بالمصـنف )‪ (20107‬والحـديث أورده الهيثمـي فـي‬
‫المجمع )‪ (1/59‬و)‪ (3/207‬وقال رجاله رجال الصحيح[‪.‬‬

‫الجهاد القتالي أعلى أنواع الجهاد‬


‫إن أهم أنواع الجهاد هو القتال في سبيل الله تعــالى ويــدل علــى‬
‫ذلك نصوص كثيرة منها‪:‬‬
‫‪ -‬قوله تعالى‪:‬ل يستوي القاعدون من المؤمنين غير ُأولي الضرر‬
‫والمجاهــدون فــي ســبيل اللــه بــأموالهم وأنفســهم فضــل اللــه‬
‫المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكل ً وعد اللــه‬
‫الحسـنى وفضــل اللــه المجاهـدين علــى القاعـدين أجـرا ً عظيمـا‪‬‬
‫)النساء‪.(95:‬‬
‫ضــل عليهــم المجاهـــدين قــد يكونــون‬ ‫فهــؤلء القاعــدون الــذين ُ‬
‫ف ِ‬
‫قائمين بأمر جهاد الدعوة وجهـاد النفس؛ لن اللــه تعــالى وعــدهم‬
‫الحسنى ومع ذلك فضل عليهم المجاهــدين بــالنفس والمــال فــدل‬
‫ذلك على أفضلية الجهاد القتالي على ما عداه من أنواع الجهاد‪.‬‬
‫‪ -‬ومــن تلــك النصــوص قــوله ‪ " :‬رأس المــر الســلم وعمــوده‬
‫الصــلة وذروة ســنامه الجهــاد‪] " ...‬أخرجــه الترمــذي )‪ (2616‬مــن‬
‫حديث معاذ وقال حسن صحيح وأخرجه ابــن مــاجه )‪ (3973‬بلفــظ‬
‫)أل أخبرك برأس المـر وعمـوده وذروة سـنامه؟ الجهـاد( وأخرجـه‬
‫الحاكم )‪ (2/76‬وصححه[‪.‬‬
‫‪-‬ومنهــا قــوله ‪ " :‬مــن رأى منكــم منكــرا ً فليغيــره بيــده فــإن لــم‬
‫يستطع فبلسانه فإن لم يســتطع فبقلبــه وذلــك أضــعف اليمــان "‬
‫]أخرجه مسلم )‪ (49‬وأبو داود )‪ (4340) ،(1140‬والترمذي )‪(2172‬‬
‫وابــن مــاجه )‪،(1275‬ـ )‪ (4013‬والنســائي )‪ (112-8/11‬وأحمــد )‬
‫‪.[(3/54‬‬

‫‪9‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫فل شك أن الكفــر مــن المنكــرات بــل هــو أكــبر المنكــرات فــوجب‬
‫إزالته بهذا الحديث‪.‬‬
‫قال النووي ‪-‬رحمه الله‪ -‬وأعلى ثمرات اليمان في باب النهي عن‬
‫))‬

‫المنكــر أن ينهــى بيــده وإن قتــل شــهيدا ً ]الربعــون النوويــة ص‪:‬‬


‫((‬

‫‪.[111‬‬

‫فضل الجهاد‬
‫هنــاك أحــاديث كــثيرة وردة فــي فضــل الجهــاد نســوق منهــا هــذه‬
‫الحاديث والثار‪ ،‬من تلك النصوص حديث أبي سعيد الخدري قــال‪:‬‬
‫" قيل يا رســول اللــه‪ :‬أي النــاس أفضــل؟ فقــال رســول اللــه ‪:‬‬
‫مؤمن يجاهد فـي سـبيل اللـه بنفسـه ومـاله " ]أخرجـه البخـاري )‬
‫‪ (6494) ،(2786‬ومسلم )‪.[(1888‬‬
‫قال البخاري ‪-‬رحمه الله‪) :-‬باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه‬
‫وماله في سبيل الله تعالى( ثم ذكر الحديث السابق‪] .‬انظر صــحيح‬
‫البخاري )‪-6/6‬فتح([‪.‬‬
‫وقال ابن دقيق العيـد‪ :‬القيـاس يقتضـي أن يكـون الجهـاد أفضـل‬
‫))‬

‫العمال الــتي هــي وســائل؛ لن الجهــاد وســيلة إلــى إعلن الــدين‬


‫ونشره وإخماد الكفر‪ ،‬ودحضه ففضيلته بحسب فضــيلة ذلــك واللــه‬
‫أعلم ]فتح الباري )‪.[(6/5‬‬ ‫((‬

‫قال الحافظ‪ ... :‬وهــذه فضــيلة ظــاهرة للمجاهــد فــي ســبيل اللــه‬
‫))‬

‫تقتضي أل يعدل الجهاد شيء من العمال ]فتح الباري )‪.[(6/5‬‬


‫((‬

‫لللللللللل ‪ :‬ولما كان المر كذلك كان من أهــم مــا ينبغــي علــى‬
‫دعاة السلم أن يوقظوا في المة روح الجهاد‪ ،‬مبينين لهم فضــل‬
‫قتال أعداء الله ‪ ‬وأن في الجهاد القتــالي عزهــم وشــرفهم‪ ،‬كمــا‬
‫أنه ينبغي أن تبقى فكرة الجهاد مستقرة في ذهــن المســلم حــتى‬
‫في زمن سقوطه عنه لعجزه وعدم قدرته‪ ،‬ليبقى مســتعدا ً للقيــام‬
‫بهذا الواجب عند تحصيله القدرة اللزمة له‪ ،‬وقد صح عن النــبي ‪‬‬
‫أنه قال‪:‬‬
‫"من مات ولم يغز‪ ،‬ولــم يحــدث بــه نفســه‪ ،‬مــات علــى شــعبة مــن‬
‫نفاق" ]أخرجه مسلم )‪ (1910‬وأبــو داود )‪ (2502‬والنســائي )‪(6/8‬‬
‫من حديث أبي هريرة[‪.‬‬
‫وقال ‪" :‬ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إل كان لــه مــن أمتــه‬
‫حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره‪ ،‬ثــم إنهــا تخلــف‬
‫من بعدهم خلوف يقولون مــا ل يفعلــون ويفعلــون مــا ل يــؤمرون‬

‫‪10‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهــدهم بلســانه فهــو مــؤمن‬
‫ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن‪ ،‬وليس وراء ذلك من اليمــان حبــة‬
‫خردل" ]أخرجه مسلم )‪ (50‬من حديث ابن مسعود[‪.‬‬
‫فقــد دل هــذا الحــديث علــى أن جهــاد الحكــام الظلمــة )فمــا بالــك‬
‫بالكفرة والمرتدين( قد يكون باليــد وهــذا أعلــى مــن مجــرد الزجــر‬
‫بالكلم الشديد‪.‬‬
‫قال ابن رجب الحنبلي‪ :‬جهاد المراء باليد أن يزيل بيده ما فعلــوه‬ ‫))‬

‫من المنكرات مثل أن يريق خمورهم أو يكسر آلت اللهو التي لهم‬
‫أو نحو ذلك أو يبطل بيده ما أمروا به من الظلم إن كــان لــه قــدرة‬
‫على ذلك وكل ذلك جائز ]جامع العلوم والحكم ص‪.[282 :‬‬ ‫((‬

‫التدريب والجهاد من أفضل القربات إلى الله‬


‫وأفضل من جميع النوافل‬
‫قال الشيخ عبد القادر بن عبد العزيز حفظه الله تعالى فــي كتــابه‬
‫ول َي َْلـ ٍ‬
‫ة‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫ط َيـ ْ‬ ‫رَبا ُ‬ ‫العمدة صفحة ‪ 16‬وما فوق‪ :‬قال رسول الله ‪ِ " :‬‬
‫ن‬‫ذي ك َــا َ‬ ‫ه ال ّـ ِ‬ ‫مل ُـ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْـ ِ‬ ‫جَرى َ‬ ‫ت َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م ِ‬ ‫قَيا ِ‬ ‫و ِ‬‫ر َ‬ ‫ه ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫صَيام ِ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫خي ٌْر ِ‬ ‫َ‬
‫ن ال ْ َ‬ ‫ق ـه َ‬ ‫يعمل ُه ُ‬
‫ن " ]رواه مســلم[‪ .‬وقــال ‪‬‬ ‫فت ّــا َ‬ ‫مـ َ‬ ‫وأ ِ‬ ‫رْز ُ ُ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫ي َ‬ ‫ر َ‬ ‫ج ِ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ ْ َ ُ َ‬
‫فــي‬ ‫م ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ل َ‬ ‫ع ْ‬ ‫لمن أراد أن يعتزل الناس ويتعبد " ل ت َ ْ‬
‫دك ْ‬ ‫حـ ِ‬ ‫مأ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ن ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ف َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه أَ ْ‬
‫ن‬ ‫نأ ْ‬ ‫حب ّــو َ‬ ‫مــا أل ت ُ ِ‬ ‫عا ً‬ ‫ن َ‬ ‫عي َ‬ ‫س ـب ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫فــي ب َي ْت ِـ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫صلت ِ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫َ‬
‫فــي‬ ‫ل ِ‬ ‫قات َـ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مـ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّـ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫غُزو ِ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫خل َك ُ ُ‬ ‫وي ُدْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬ ‫فَر الل ّ ُ‬ ‫غ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫جّنة " ]رواه الترمذي وحسنه عــن‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫ت لَ ُ‬ ‫جب َ ْ‬ ‫و َ‬‫ة َ‬ ‫ق ٍ‬‫واقَ َنا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫َ‬
‫أبي هريرة[‪ .‬وعنه قال‪ :‬قيل يا رسول اللــه مــا يعــدل الجهــاد فــي‬
‫سبيل الله؟ قال‪ " :‬ل تستطيعونه " فأعــادوا عليــه مرتيــن أو ثلثــا‬
‫فــي‬ ‫د ِ‬ ‫هـ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫مث َـ ُ‬ ‫كل ذلك يقول " ل تستطيعونه " ثــم قــال ‪َ " :‬‬
‫ن‬ ‫مـ ْ‬‫فت ُـُر ِ‬ ‫ه ل يَ ْ‬ ‫ت الل ّـ ِ‬ ‫ت ِبآي َــا ِ‬ ‫قــان ِ ِ‬ ‫قــائ ِم ِ ال ْ َ‬ ‫صــائ ِم ِ ال ْ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫مث َـ ِ‬ ‫ه كَ َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫َ‬
‫عالى " ]متفــق‬ ‫َ‬ ‫ه تَ َ‬ ‫ّ‬
‫ل الل ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫هد ُ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬
‫ع ال ُ‬ ‫ج َ‬ ‫حّتى ي َْر ِ‬ ‫ة َ‬ ‫صل ٍ‬ ‫ول َ‬ ‫صَيام ٍ َ‬ ‫ِ‬
‫عليه وهذا لفظ مسلم[‪.‬‬
‫ن تيمية‪]:‬إن الجهاد أفضل من الحج والعمــرة‬ ‫وقال شيخ السلم اب ُ‬
‫ة ألــف‬ ‫ل الصلة فيــه مــائ َ‬ ‫ومن التعبد في المسجد الحرام ِ الذي تعد ُ‬
‫صلة في غيره من المساجد‪ ،‬وقد استدل على ذلك بقوله تعالى‪:‬‬
‫َ‬
‫ن ب ِــالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫مـ َ‬‫نآ َ‬ ‫مـ ْ‬ ‫حـَرام ِ ك َ َ‬‫د ال ْ َ‬ ‫ج ِ‬‫سـ ِ‬ ‫مــاَرةَ ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ع َ‬‫و ِ‬
‫ج َ‬‫حــا ّ‬‫ة ال ْ َ‬ ‫س َ‬
‫قاي َ َ‬ ‫عل ْت ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ج َ‬‫}أ َ‬
‫ه{ ]ســورة‬ ‫عن ْ ـدَ الل ّ ـ ِ‬‫ن ِ‬‫وو َ‬ ‫ست َ ُ‬‫ه ل يَ ْ‬‫ل الل ّ ِ‬‫سِبي ِ‬‫في َ‬ ‫هد َ ِ‬‫جا َ‬ ‫و َ‬‫ر َ‬ ‫خ ِ‬
‫وم ِ ال ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬‫َ‬
‫التوبة الية ‪].[19‬انظــر )مجمــوع الفتــاوى( ج ‪ 28‬ص ‪ ،5‬وج ‪ 35‬ص‬
‫‪ .[.160‬وقد ورد في تفسير هذه الية وفي ســبب نزولهــا الحــديث‬

‫‪11‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫الذي رواه مسلم عن النعمان بن بشير عندما اختلف الصحابة فــي‬
‫أي العمل أفضل؟ فنزلت الية فحكمت بينهم‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية في موضع آخر‪ :‬وكذلك اتفق العلماء‬
‫ـ فيما أعلم ـ على أنه ليس في التطوعات أفضل من الجهاد‪ .‬فهــو‬
‫أفضل من الحج‪ ،‬وأفضل من الصوم التطـوع‪ ،‬وأفضـل مـن الصـلة‬
‫التطوع‪.‬‬

‫المرابطة في سبيل الله أفضل من المجاورة‬


‫بمكة والمدينة وبيت المقدس‬
‫قال أبو هريرة ‪ " :‬لن أرابط ليلة في سبيل الله أحــب إلــي مــن‬
‫أن أوافق ليلة القدر عند الحجر السود "‪ .‬فقد اختــار الربــاط ليلــة‬
‫على العبادة في أفضل الليالي عند أفضل البقاع‪ ،‬ولهذا كان النبي‬
‫ن منهــا أنهــم كــانوا‬ ‫عــا ٍ‬ ‫م َ‬‫‪ ‬وأصحابه يقيمــون بالمدينــة دون مكــة‪ ،‬ل ِ َ‬
‫و‬‫مرابطين بالمدينة‪ .‬فــإن الربــاط هــو المقــام بمكــان يخيفــه العــد ُ‬
‫و‪.‬‬
‫ويخيف العد َ‬
‫فمن أقام فيه بنية دفع العدو فهو مرابط‪ ،‬والعمال بالنيات‪ .‬قــال‬
‫َ‬
‫مــا‬‫في َ‬ ‫وم ٍ ِ‬ ‫ف ي َـ ْ‬‫ن أل ْ ـ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫وم ٍ ِ‬ ‫ط يَ ْ‬‫رَبا ُ‬ ‫رسول الله ‪ِ " :‬‬
‫ل " ]رواه أهــل الســنن وصــححوه[‪ .‬وفــي صــحيح‬ ‫ز ِ‬ ‫من َــا ِ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫واهُ ِ‬‫س َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫مـ ْ‬ ‫خي ْـٌر ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ول َي ْل َـ ٍ‬
‫وم ٍ َ‬ ‫ط ي َـ ْ‬‫رب َــا ُ‬ ‫مسلم عن سلمان‪ ،‬أن النبي ‪ ‬قــال‪ِ " :‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ي‬
‫ر َ‬ ‫جـ ِ‬ ‫وأ ْ‬‫ه َ‬ ‫مُلـ ُ‬
‫ع َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َْيـ ِ‬‫ي َ‬ ‫ر َ‬ ‫جـ ِ‬ ‫طـا أ ْ‬ ‫مَراب ِ ً‬‫ت ُ‬ ‫مـا َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬‫ه‪َ ،‬‬ ‫م ِ‬ ‫قَيا ِ‬‫و ِ‬ ‫ر َ‬ ‫ه ٍ‬‫ش ْ‬ ‫صَيام ِ َ‬ ‫ِ‬
‫ن " ]مجمــوع الفتــاوى ج ‪ 28‬ص‬ ‫ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫َ‬ ‫رْز ُ‬ ‫َ‬
‫فت ّــا َ‬ ‫مـ َ‬‫وأ ِ‬ ‫ة‪َ ،‬‬ ‫جن ّ ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫ه ِ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫‪ .[418‬يعني منكرا ً ونكيرًا‪ .‬فهذا في الرباط فكيف الجهاد؟‪.‬‬
‫ل ــ ل‬‫وقال ابن قدامة الحنبلي‪] :‬قال أبو عبد الله ـ أحمدُ بــن حنب ـ ٍ‬
‫أعلم شيئا من العمل بعد الفرائض أفضل مــن الجهــاد[ ]روى هــذه‬
‫المسألة عن أحمد جماعة مــن أصــحبه[ قــال الثــرم‪ :‬قــال أحمــد ل‬
‫نعلم شيئا من أبواب البر أفضــل مــن الســبيل‪ ،‬وقــال الفضــل بــن‬
‫زياد‪ :‬سمعت أبا عبد الله وذُك َِر له أمُر الغزو فجعل يبكي ويقول ما‬
‫دل لقاء العــدو‬ ‫ع ِ‬‫ل منه‪ ،‬وقال عنه غيره‪ :‬ليس ي َ ْ‬ ‫من أعمال البر أفض ُ‬
‫شيءٌ ومباشرة القتــال بنفســه أفضــل العمــال‪ ،‬والــذين يقــاتلون‬
‫فعون عــن الســلم وعــن حريمهــم فــأي عمــل‬ ‫و هم الذين ي َـدْ َ‬
‫العد َ‬
‫ج أنفســهم ـ ـ‬ ‫هـ َ‬‫م َ‬‫ن قد بــذلوا ُ‬ ‫أفضل منه؟ الناس آمنون وهم خائفو َ‬
‫ة والمال ونفعه يعم المســلمين‬ ‫إلى قوله ـ ولن الجهادَ بذ ُ‬
‫ل المهج ِ‬
‫فهم‪ ،‬ذكَرهــم وأنث َــاهم‪،‬‬ ‫م صــغيَرهم وكــبيَرهم‪ ،‬قــوَيهم وضــعي َ‬ ‫كله ـ ْ‬
‫وغيره ل يساويه في نفعه وخطره فل يساويه في فضــله وأجــره‪.‬‬
‫]المغني والشرح الكبير جـ ‪ 10‬صـ ‪.[369-368‬‬

‫‪12‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ولــذلك ينبغــي أل يتعلــل مســلم بانشــغاله فــي الطاعــات الخــرى‬
‫للقعود عن التدريب والجهاد‪ ،‬بل هذا من تلــبيس الشــيطان‪ ،‬وهــي‬
‫العقبة السادسة من العقبــات الــتي يضــعها الشــيطان فــي طريــق‬
‫العبد كما ذكرها ابن القيم‪ ،‬فالعقبــة الولــى محاولــة ايقــاعه فــي‬
‫الكفــر‪ ،‬والثانيــة فــي البــدع‪ ،‬والثالثــة فــي الكبــائر‪ ،‬والرابعــة فــي‬
‫الصغائر‪ ،‬والخامسة في شغله بالمباحات عـن الطاعـات‪ ،‬قـال ابـن‬
‫القيم‪] :‬العقبة السادسة‪ :‬وهي العقبــة المرجوحــة المفضــولة مــن‬
‫سنها في عينه‪ ،‬وَزّينها له‪ ،‬وأراه مــا فيهــا‬ ‫ح ّ‬‫الطاعات‪ ،‬فأمره بها‪ ،‬و َ‬
‫من الفضل والربح‪ ،‬ليشغله بها عما هو أفضل منها وأعظــم كســبا ً‬
‫ما عجز عن تخسيره أصل الثواب طمــع فــي تخســيره‬ ‫وربحا‪ ،‬لنه ل َ ّ‬
‫ماله وفضله‪ ،‬ودرجاته العاليــة‪ ،‬فشــغله بالمفضــول عــن الفاضــل‬ ‫كَ َ‬
‫وبالمرجوح عن الراجح وبالمحبوب لله عن الحب إليــه وبالمرضــي‬
‫عن لرضى له ـ إلى قوله ـ وفي الحديث الخر »الجهاد ذروة سنام‬
‫المر« ـ إلى قوله ـ ول يقطع هذه العقبة إل أهل البصائر والصدق‬
‫من أولي العزم‪ ،‬السائرون على جادة التوفيق قــد أنزلــوا العمــال‬
‫منازلها وأعطوا كل ذي حق حقه‪] .‬مدارج السالكين ج ‪ 1‬ص ‪ 222‬ـ ـ‬
‫‪.[226‬‬
‫فهذا إيضــاح فــي مســألة تفاضــل العمــال وهــو أصــل مقــرر فــي‬
‫ع‬‫ضـ ٌ‬ ‫ن بِ ْ‬‫مــا ُ‬‫لي َ‬ ‫عقيدة أهل السنة‪ :‬يدل عليه قول رســول اللــه ‪ " :‬ا ِ‬
‫ه إ ِل ّ الل ّـ ُ‬
‫ه‬ ‫ل ل إ ِل َـ َ‬ ‫و ُ‬‫قـ ْ‬‫ها َ‬ ‫ضـل ُ َ‬‫ف َ‬‫فأ َ ْ‬
‫ة َ‬ ‫عب َ ً‬
‫شـ ْ‬ ‫ن‪ُ -‬‬ ‫سـّتو َ‬ ‫و ِ‬ ‫ع َ‬
‫ضـ ٌ‬ ‫و بِ ْ‬ ‫َ‬
‫ن ‪-‬أ ْ‬ ‫عو َ‬ ‫سـب ْ ُ‬
‫و َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن " ]رواه‬ ‫ما ِ‬ ‫لي َ‬ ‫نا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ِ‬‫عب َ ٌ‬ ‫ش ْ‬‫حَياءُ ُ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ق َ‬ ‫ري ِ‬ ‫ن الطّ ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ذى َ‬ ‫ة ال َ‬ ‫ماطَ ُ‬ ‫ها إ ِ َ‬ ‫وأدَْنا َ‬ ‫َ‬
‫مسلم عن أبي هريرة[‪ .‬واليضاح الثاني هو أنــه ل ينبغــي للمســلم‬
‫أن يحزن إذا عجز حيــن التــدريب والجهــاد عــن المواظبــة علــى مــا‬
‫اعتاده من النوافل كالتلوة والذكر والصــلة والصــيام‪ ،‬فــأجر ذلــك‬
‫ذا‬‫كله يجــري عليــه إن شــاء اللــه تعــالى‪ ،‬لقــول رســول اللــه ‪ " :‬إ ِ َ‬
‫َ‬
‫حا "‬ ‫حي ً‬
‫صـ ِ‬‫مــا َ‬ ‫قي ً‬‫م ِ‬‫ل ُ‬ ‫مـ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫مــا ك َــا َ‬
‫ن يَ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫ب لَ ُ‬
‫فَر ك ُت ِ َ‬‫سا َ‬ ‫و َ‬ ‫عب ْدُ أ ْ‬ ‫ض ال ْ َ‬ ‫ر َ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬
‫]رواه البخاري عن أبي موسى الشعري[‪.‬‬
‫ويجب على كل من يسر الله له أمر التدريب والجهاد أن يحمد اللــه‬
‫م منها الكثيرون‪ ،‬وقد قال رســول‬ ‫ر َ‬‫ح ِ‬‫تعالى على هذه النعمة التي ُ‬
‫ه الّنــاُر " ]رواه‬ ‫ســ ُ‬‫م ّ‬ ‫فت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫سِبي ِ‬‫في َ‬ ‫د ِ‬ ‫عب ْ ٍ‬
‫ما َ‬
‫قد َ َ‬‫ت َ‬ ‫ما ا ْ‬
‫غب َّر ْ‬ ‫الله ‪َ " :‬‬
‫ل‬
‫سِبي ِ‬
‫في َ‬ ‫ل ِ‬‫قات َ َ‬‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫البخاري عن عبد الرحمن بن جبير[‪ .‬وقال ‪َ " :‬‬
‫ة " ]رواه أبـو داود‬ ‫جّنـ ُ‬ ‫ه ال ْ َ‬‫ت َلـ ُ‬‫جَبـ ْ‬‫و َ‬
‫ة َ‬‫قـ ٍ‬ ‫واقَ َنا َ‬ ‫ف َ‬‫سل ِم ٍ َ‬‫م ْ‬ ‫ل ُ‬‫ج ٍ‬‫ن َر ُ‬
‫م ْ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ه ِ‬
‫والترمــذي وحســنه عــن معــاذ[‪ .‬إل أن الثــواب فــي هــذه الحــاديث‬
‫معلق على انتفاء المانع في حق صــاحبه‪ ،‬فقــد رأينــا رجــال ً قــاتلوا‬
‫في حضرة النبي ‪ ‬وقال عنهم إنهم في النار‪ ،‬وكذلك حديث الــذي‬
‫حــال ً يعــرض للمســلم‬ ‫قاتل ليقال عنه أنه جريء‪ ،‬والمانع قد يكون َ‬

‫‪13‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫حال جهاده كالرياء والعجب والمن والخيانــة والغلــول‪ ،‬وقــد يكــون‬
‫آجل ً يعرض له بعد الجهاد فيما بقي من حياته‪ ،‬كما ورد في حــديث‬
‫والله‬ ‫ف َ‬‫الصادق المصدوق عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا ً " َ‬
‫ن‬ ‫مــا ي َك ُــو ُ‬ ‫حت ّــى َ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّ ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل أَ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ع َ‬‫ل بِ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬ ‫م ل َي َ ْ‬ ‫حدَك ُ ْ‬
‫َ‬
‫نأ َ‬ ‫غي ُْرهُ إ ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ذي َل إ ِل َ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ر‬ ‫ل الن ّــا ِ‬ ‫هـ ِ‬ ‫ل أَ ْ‬ ‫مـ ِ‬ ‫ع َ‬‫ل بِ َ‬ ‫مـ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫في َ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ه ال ْك ِت َــا ُ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫سب ِ ُ‬ ‫في َ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ها إ ِل ّ ِذَرا ٌ‬ ‫وب َي ْن َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ب َي ْن َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ن ب َي ْن َـ ُ‬ ‫مــا ي َك ُــو ُ‬ ‫حت ّــى َ‬ ‫ر َ‬ ‫ل الن ّــا ِ‬ ‫هـ ِ‬ ‫لأ ْ‬ ‫مـ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬ ‫م ل َي َ ْ‬ ‫حدَك ُ ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ها َ‬ ‫خل ُ َ‬ ‫في َدْ ُ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫جّنــ ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫هــ ِ‬ ‫ل أَ ْ‬ ‫مــ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫مــ ُ‬ ‫ع َ‬‫في َ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ه ال ْك َِتــا ُ‬ ‫عل َْيــ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ســب ِ ُ‬ ‫في َ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫هــا إ ِل ّ ِذَرا ٌ‬ ‫وب َي ْن َ َ‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫م ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل الّنا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ع َ‬‫ل َ‬ ‫ع َ‬ ‫عب ْدَ لي َ ْ‬ ‫ن ال َ‬ ‫ها " ]متفق عليه[‪ .‬وقال ‪ " :‬إ ِ ّ‬ ‫خل َ‬ ‫في َدْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫ل الن ّــا ِ‬ ‫هـ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مـ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫وإ ِن ّـ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّـ ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫هـ ِ‬ ‫لأ ْ‬ ‫مـ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ل َ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّ ِ‬‫ل ال ْ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫وإ ِن ّ ُ‬ ‫َ‬
‫واِتيم ِ " ]رواه البخــاري[‪ .‬وقــال ابــن حجــر فــي‬ ‫ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫َ‬
‫خ َ‬ ‫ل ب ِــال َ‬ ‫ع َ‬ ‫ما ال ْ‬ ‫وإ ِن ّ َ‬ ‫َ‬
‫غِييب خاتمة العمل عــن العبــد حكمــة‬ ‫شرحه‪] :‬قال ابن بطال‪ :‬في ت َ ْ‬
‫ب وكســل‪ ،‬وإن‬ ‫جـ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫بالغة وتدبير لطيف‪ ،‬لنه لو علــم وكــان ناجي ـا ً أ ُ ْ‬
‫ب عنه ذلك ليكون بين الخوف والرجــاء[‬ ‫ج َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫كان هالكا ً ازداد عتوا‪َ ،‬‬
‫]فتح الباري ج ‪ 11‬ص ‪ .[330‬فاحرص على أل يعرض لك مــا يضــيع‬
‫ثواب جهادك‪.‬‬
‫أل ترى إلى قوم جاهدوا مع النبي ‪ ‬وأخبر عنهم إنهــم فــي النــار‪،‬‬
‫وقوم صحبوه ‪ ‬ثم ارتدوا بعد مماته‪ .‬فهذا فـي سـوء الخاتمـة بعــد‬
‫عمل الصالحات‪.‬‬
‫ثم انظر كذلك إلى قاتــل المــائة كيــف تــاب اللــه عليــه وطــوى لــه‬
‫الرض‪ ،‬وإلى سحرة فرعون قال ابن كثير‪]:‬فكانوا في أول النهــار‬
‫حَرة‪ ،‬فصاروا في آخره شهداء بررة[ ]تفسير ابن كثير جـــ ‪ 2‬صـــ‬ ‫س َ‬
‫َ‬
‫‪ .[238‬وذلك فضل الله يؤتيه من يشــاء واللــه ذو الفضــل العظيــم‪.‬‬
‫وهذا في حسن الخاتمة بعد عمل السيئات‪.‬‬

‫مســــألـة‬
‫قال الشيخ عبد القادر عبدالعزيز سألني أحد الخوة‪ ،‬قال‪ :‬إذا أخــذ‬
‫المجاهد عطاءا ً )أي معاشا ً ماليا( لينفق على نفسه أو على عيــاله‪،‬‬
‫أو إذا غزا فنال شيئا من الغنيمة‪ ،‬هل ينقص ذلك من ثواب جهــاده‬
‫عند الله شيئا‪ ،‬مع العلم بأنه ما خرج للجهــاد إل لتكــون كلمــة اللــه‬
‫هي العليا؟‬
‫الجواب‪ :‬نعم‪ ،‬كل نفع دنيــوي يحصــل للمجاهــد فــي ســبيل اللــه‬
‫منا ً ل قصدا ً ينقص من أجره عند الله‪ .‬وتفصــيل ذلــك أن الخــارج‬
‫ض ْ‬
‫ِ‬
‫للجهاد ل تخلوا نيته عن حال من أربع‪:‬‬
‫الولى‪ :‬رجل خرج للغــزو وليــس قصــده أن تكــون كلمــة اللــه هــي‬
‫العليا‪ ،‬بــل قصــده المــال أو الرياســة أو السـمعة أو غيــر ذلـك مـن‬

‫‪14‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫حظوظ الدنيا‪ ،‬أو التجســس علــى المســلمين أو ليخلــو برجــل مــن‬
‫المسلمين ليقتله أثناء الحرب‪ .‬فهذا في النار‪ ،‬لحديث أبــي هريــرة‬
‫ت‬ ‫قــات َل ْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ول َك ِن ّ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ل ك َذَب ْ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ت َ‬ ‫هد ْ ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫ست ُ ْ‬ ‫حّتى ا ْ‬ ‫ك َ‬ ‫في َ‬ ‫ت ِ‬ ‫قات َل ْ ُ‬‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫وفيه‪َ " :‬‬
‫ي‬ ‫ق َ‬ ‫حّتى أ ُل ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ج ِ‬‫و ْ‬‫عَلى َ‬ ‫ب َ‬ ‫ح َ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مَر ب ِ ِ‬
‫ُ‬
‫مأ ِ‬ ‫ل ثُ ّ‬ ‫قي َ‬ ‫قد ْ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ريءٌ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬‫ن يُ َ‬ ‫لَ ْ‬
‫في الّنار " ]رواه مسلم[‪ .‬ومع ذلك ـ أي مــع فســاد نيــة هــذا ــ قــد‬ ‫ِ‬
‫يحدث على يديه إعلء كلمة الله ضمنا‪ ،‬وهذا هو المقصود بقوله ‪:‬‬
‫ر " ]رواه البخــاري[‪.‬وفــي‬ ‫ج ِ‬ ‫فا ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ن ِبالّر ُ‬ ‫دي َ‬ ‫ذا ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ؤي ّدُ َ‬ ‫ه ل َي ُ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫" َ‬
‫هم " ]رواه أحمــد والطــبراني عــن أبــي‬ ‫خل َقَ ل َ ُ‬ ‫قوام ٍ ل َ َ‬ ‫وب ِأ َ ْ‬ ‫رواية‪َ " :‬‬
‫بكرة[‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬رجل خرج للغزو وقصده إعلء كلمة الله‪ ،‬وقصده أيضا ً حــظ‬
‫نفسه من مال أو سمعة أو رياسة‪ ،‬فهــذا ل أجــر لــه‪ ،‬لمــا رواه أبــو‬
‫داود والنسائي من حديث أبي أمامة بإسناد جيد‪ ،‬قــال‪ ":‬جــاء رجــل‬
‫َ َ‬
‫مــال َ ُ‬
‫ه‬ ‫والـذّك َْر َ‬ ‫جـَر َ‬ ‫س ال َ ْ‬ ‫مـ ُ‬ ‫غـَزا ي َل ْت َ ِ‬ ‫جل َ‬ ‫ت َر ُ‬ ‫فقال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬أَرأي ْ َ‬
‫ه‬‫ل ل َـ ُ‬ ‫قــو ُ‬ ‫ت يَ ُ‬ ‫مـّرا ٍ‬ ‫ث َ‬ ‫هــا َثل َ‬ ‫عادَ َ‬ ‫فأ َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫يءَ ل َـ ُ‬ ‫شـ ْ‬ ‫ه‪‬ل َ‬ ‫ل الل ّـ ِ‬ ‫ســو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫قــا َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫مــا‬ ‫ل ِإل َ‬ ‫مــ ِ‬‫ع َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ِ‬‫قب َ ُ‬ ‫ه ل يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫يءَ ل َ ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ه‪‬ل َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫َر ُ‬
‫ه "‪.‬‬ ‫ه ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫و ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ي بِ ِ‬ ‫غ َ‬ ‫واب ْت ُ ِ‬
‫صا َ‬ ‫خال ِ ً‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه َ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫الثالثة‪ :‬رجل خرج للغزو وقصده إعلء كلمة اللــه‪ ،‬ل قصــد لــه غيــر‬
‫منا ً ل قصــدا‪ ،‬فهــذا لــه أجــر‬ ‫ضـ ْ‬ ‫هذا‪ ،‬ثم حصل له شيء من المغنــم ِ‬
‫الجهاد في سبيل الله‪ ،‬ولكن نقص أجره بسبب ما ناله مــن غنيمــة‬
‫بخلف الحال الرابع‪ .‬وهذا الحال الثالث هو موضــع الســؤال‪ ،‬فكــل‬
‫ص الجر‪.‬‬ ‫ق ُ‬ ‫نفع دنيوي ي ُن ْ ِ‬
‫الرابعة‪ :‬رجل خرج للغزو‪ ،‬وقصده إعلء كلمة الله‪ ،‬ل قصد لــه غيــر‬
‫هذا‪ ،‬ولم يحصل له شيء من حظوظ الدنيا‪ ،‬فهذا لــه الجــر كــامل‪،‬‬
‫وهــؤلء درجــات‪ ،‬أدنــاهم مــن رجــع مــن الغــزو ســالما ً بل غنيمــة‬
‫ب ماُله في ســبيل اللــه‪،‬‬ ‫ه َ‬ ‫سه وذَ َ‬ ‫قَر فر ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫مه و ُ‬ ‫وأعلهم من أهريق د ُ‬
‫وبينهما المصاب والشهيد‪.‬‬
‫ودليل الحالتين الثالثة والرابعة‪ :‬هو حديث عبد اللــه بــن عمــرو بــن‬
‫ل الل ّـ ِ‬
‫ه‬ ‫سـِبي ِ‬ ‫فــي َ‬ ‫غـُزو ِ‬ ‫ة تَ ْ‬ ‫زي َـ ٍ‬ ‫غا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مـ ْ‬ ‫مــا ِ‬ ‫العاص عن النــبي ‪ ‬قــال‪َ " :‬‬
‫َ‬
‫م‬ ‫هـ ُ‬‫قــى ل َ ُ‬ ‫وي َب ْ َ‬
‫ة َ‬ ‫خ ـَر ِ‬ ‫ن ال ِ‬‫مـ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫يأ ْ‬ ‫جُلوا ث ُل ُث َ ْ‬ ‫ع ّ‬ ‫ة ِإل ت َ َ‬‫م َ‬‫غِني َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫صيُبو َ‬ ‫في ُ ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م " ]رواه مســلم[‪ .‬ولــه‬ ‫هـ ْ‬ ‫جُر ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫هـ ْ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫ة تَ ّ‬
‫م ً‬‫غِني َ‬ ‫صيُبوا َ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫ث َ‬ ‫الث ّل ُ ُ‬
‫غازي َ‬
‫م ِإل‬ ‫س ـل َ ُ‬
‫وت َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫غن َـ ُ‬ ‫غ ـُزو َ‬
‫فت َ ْ‬ ‫ة تَ ْ‬ ‫ري ّ ٍ‬ ‫سـ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ن َ ِ َ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫في رواية أخرى‪َ " :‬‬
‫غازي ـ َ‬ ‫ُ‬
‫ق‬‫فـ ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫ة تُ ْ‬
‫ري ّ ٍ‬ ‫سـ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ن َ ِ َ ٍ‬ ‫مـ ْ‬ ‫مــا ِ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫جــو ِ‬
‫يأ ُ‬ ‫جل ُــوا ث ُل ُث َـ ْ‬‫ع ّ‬ ‫كاُنوا َ‬
‫ق ـد ْ ت َ َ‬ ‫َ‬
‫م "‪ .‬والخفاق هو أن يغزو فل يغنموا شيئا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ه ْ‬‫جوُر ُ‬‫مأ ُ‬ ‫ب ِإل ت َ ّ‬ ‫صا ُ‬ ‫وت ُ َ‬ ‫َ‬
‫فهذا نص واضح صريح في أن من غــزا ونيتــه صــالحة )فــي ســيبل‬
‫الله( إن رجع بشيء من الغنيمة نقــص ذلــك ثلــثي أجــره الخــروي‬

‫‪15‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫)وهي الحالة الثالثة الــتي ذكرتهــا( وهــي موضــع الســؤال وإن لــم‬
‫يرجع بشيء تم له أجره في الخرة )وهي الحالة الرابعة(‪.‬‬

‫فضل النفقة في سبيل الله تعالى‬


‫إن من السرار اللطيفة في آيات الجهــاد بــالقرآن‪ ،‬تقــديم الجهــاد‬
‫بالمال على الجهاد بالنفس في جميع اليــات الــتي جمعــت بينهمــا‬
‫إل آية ب َْيعة الجهاد بسورة التوبة‪ ،‬وهي على وجه الحصر عشر آيات‬
‫كالتالي حسب ترتيب السور‪:‬‬
‫غي ْـُر‬ ‫ن َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مـ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مـ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫قا ِ‬ ‫وي ال ْ َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫‪ ،1‬النساء قوله تعالى‪} :‬ل ي َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ض َ‬ ‫ف ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫وأن ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ب ِأ ْ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ه ُ‬‫جا ِ‬ ‫م َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ر َ‬ ‫ضَر ِ‬ ‫وِلي ال ّ‬ ‫أ ْ‬
‫م{ ]آية ‪.[95‬‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫وَأن ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال ِ ِ‬‫م َ‬
‫َ‬
‫ن ب ِأ ْ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫دوا‬ ‫هــ ُ‬ ‫جا َ‬ ‫و َ‬ ‫جُروا َ‬ ‫هــا َ‬ ‫و َ‬ ‫مُنــوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن اّلــ ِ‬ ‫‪ ،2‬النفــال قــوله تعــالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫م{ ]آية ‪.[72‬‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫وَأن ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِأ ْ‬
‫َ‬

‫ل‬ ‫سِبي ِ‬‫في َ‬ ‫دوا ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫جا َ‬ ‫و َ‬ ‫جُروا َ‬ ‫ها َ‬ ‫و َ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪ ،3-7‬التوبة قوله تعالى‪} :‬ال ّ ِ‬
‫م{ ]آيــة ‪ [30‬واليــات ‪ 41‬و ‪ 44‬و ‪ 81‬و ‪88‬‬ ‫ه ْ‬ ‫سـ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫وَأن ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال ِ ِ‬ ‫م َ‬
‫َ‬
‫ه ب ِـأ ْ‬ ‫الل ّـ ِ‬
‫في سورة التوبة‪.‬‬
‫مُنــوا ِبــالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن اّلــ ِ‬ ‫مُنــو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مــا ال ْ ُ‬ ‫‪ ،8‬الحجــرات‪ :‬قــوله تعــالى‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫ه‬‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫وَأن ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال ِ ِ‬ ‫م َ‬
‫َ‬
‫دوا ب ِأ ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫جا َ‬ ‫و َ‬ ‫م ي َْرَتاُبوا َ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫ن{ ]‪.[15‬‬ ‫صاِد ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قو َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫ولئ ِك ُ‬ ‫أ ْ‬
‫ح‬ ‫فْتــ ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫قب ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ن أ َن ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫وي ِ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫‪ ،9‬الحديد‪ :‬قوله تعالى‪} :‬ل ي َ ْ‬
‫قات َُلوا{ ]‪.[10‬‬ ‫َ‬ ‫ك أَ ْ‬ ‫قات َ َ ُ‬
‫و َ‬ ‫عدُ َ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قوا ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن أن ْ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ج ً‬ ‫م دََر َ‬ ‫عظَ ُ‬ ‫ول َئ ِ َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫فــي‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫هـ ُ‬ ‫جا ِ‬ ‫وت ُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ســول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ب ِــالل ّ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫‪ ،10‬الصف‪ :‬قوله تعالى‪} :‬ت ُ ْ‬
‫م{ ]آية ‪ .[11‬أمــا اليــة الفريــدة الــتي‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫وَأن ُ‬ ‫م َ‬ ‫وال ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬
‫َ‬
‫ه ب ِأ ْ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫َ‬
‫شت ََرى‬ ‫ها ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫قدمت فيها النفس على المال فهي قوله تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫فسهم َ‬ ‫َ‬
‫ة{ ]التوبة آية ‪.[111‬‬ ‫جن ّ َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫م ب ِأ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ن أن ُ َ ُ ْ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫فتقديم المال على النفس في معظــم اليــات ليــس لفضــله علــى‬
‫النفــس‪ ،‬بــل إن الجهــاد بــالنفس أعظــم ولكنــه ل يتــم إل بالمــال‪،‬‬
‫فالنفــاق فــي ســبيل اللــه لزم لعــداد الجيــوش ول يتــم الجهــاد‬
‫ش ـت ََرى{ فهــذا‬ ‫ن الل ّـ َ‬
‫ها ْ‬ ‫بالنفس إل بعد الجهــاد بالمــال‪ ،‬أمــا آيــة }إ ِ ّ‬
‫مقام المبايعة مع الله وقد عــرض اللــه ســلعة غاليــة فــوجب علــى‬
‫العبد أن يقدم في شرائها أغلــى مــا يملــك وهــي النفــس‪ ،‬فلــذلك‬
‫قدمت النفس على المال في هذه الية الــتي ت ُب َي ّــن كــرم اللــه عــز‬
‫وجل فإنه يملك نفوس الخلق جميعا ومع ذلــك فقــد اشــتراها مــن‬
‫عوض وهو الجنة‪.‬‬ ‫المؤمنين بال ِ‬

‫‪16‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ولذلك أقول إن تقديم المال على النفــس فـي معظـم اليـات هـو‬
‫تقديم ترتيب إذ ل يتم الجهاد بالنفس إل بعد بذل المال‪ ،‬أما تقديم‬
‫النفس على المال في آية المبايعة فهو تقديم تفضــيل‪ ،‬كمــا قــال‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫الجود بالمال جود فيه مكرمة والجود بالنفس أقصى غاية الجود‬
‫ومعلــوم كــذلك أن النفــس مقدمــة علــى المــال فــي الضــروريات‬
‫الشرعية الخمس‪ ،‬وقــد أشــار إلــى هـذا التقـديم والتــأخير العلمـة‬
‫الشنقيطي في تفسيره )أضـواء البيـان( عنـد تفسـير آيـة الصـف‪،‬‬
‫فقال‪] :‬في هذه الية الكريمة تقديم الجهــاد بالمــال علــى الجهــاد‬
‫َ‬
‫م‬‫وال ِك ُ ْ‬‫م َ‬
‫ه ب ِـأ ْ‬‫ل الل ّـ ِ‬ ‫سـِبي ِ‬
‫فــي َ‬‫ن ِ‬
‫دو َ‬ ‫هـ ُ‬‫جا ِ‬
‫وت ُ َ‬
‫بالنفس في قوله تعــالى‪َ } :‬‬
‫م{ ]الصف ‪ .[11‬وفي آية إن اللــه اشــترى مــن المــؤمنين‪،‬‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫وَأن ُ‬‫َ‬
‫م‬ ‫َ‬
‫ن أن ُ‬ ‫مـ ْ‬ ‫ْ‬ ‫قدم النفس على المال فقــال‪} :‬ا ْ‬
‫ه ْ‬ ‫سـ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ن ال ُ‬
‫مـ ْ‬
‫ش ـت ََرى ِ‬
‫َ‬
‫م{‪ ،‬وفي ذلك سر لطيف‪ .‬أما في آية الصف‪ ،‬فإن المقــام‬ ‫ه ْ‬‫وال َ ُ‬
‫م َ‬‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫تفسير وبيان لمعنى التجارة الرابحة بالجهاد في سبيل الله‪.‬‬
‫وحقيقة الجهاد بذل الجهد والطاقة‪ ،‬والمال هو عصب الحرب‪،‬‬
‫وهو مدد الجيش‪ .‬وهو أهم من الجهاد بالسلح‪ ،‬فبالمال ُيشترى‬
‫السلح‪ ،‬وقد ُتستأجر الرجال كما في الجيوش الحديثة من الفرق‬
‫جهز الجيش‪ ،‬ولذا لما جاء الذن بالجهاد أعذر‬ ‫الجنبية‪ ،‬وبالمال ي ُ َ‬
‫عذََر معهم الفقراء الذين ل يستطيعون‬ ‫َ‬
‫الله المرضى والضعفاء‪ ،‬وأ ْ‬
‫عذََر معهم الرسول ‪ ‬إذ لم يوجد عنده ما‬ ‫تجهيز أنفسهم‪ ،‬وأ َ ْ‬
‫عَلى‬ ‫ول َ‬ ‫ء َ‬ ‫فا ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ض َ‬ ‫عَلى ال ّ‬ ‫س َ‬ ‫يجهزهم به كما في قوله تعالى‪} :‬ل َي ْ َ‬
‫َ‬
‫تل‬ ‫قل ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫مل َ ُ‬
‫ح ِ‬ ‫ك ل ِت َ ْ‬ ‫و َ‬‫ما أت َ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن إِ َ‬‫ذي َ‬‫عَلى ال ّ ِ‬ ‫ول َ‬ ‫ضى{ إلى قوله‪َ } :‬‬ ‫مْر َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دوا‬‫ج ُ‬‫حَزًنا أل ّ ي َ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن الدّ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫في ُ‬ ‫م تَ ِ‬‫ه ْ‬ ‫عي ُن ُ ُ‬ ‫وّلوا َ‬ ‫ه تَ َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫مل ُك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ح ِ‬‫ما أ ْ‬ ‫جد ُ َ‬ ‫أ ِ‬
‫ن{ ]التوبة ‪.[92-91‬‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬‫ما ُين ِ‬ ‫َ‬
‫هــد بالمــال مــن ل يســتطيع بالســلح‬ ‫جا ِ‬ ‫وكذلك من جانب آخر‪ ،‬قد ي ُ َ‬
‫غ ـَزا "‬‫ق ـد ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫زي ًــا َ‬ ‫غا ِ‬ ‫ه ـَز َ‬ ‫ج ّ‬
‫ن َ‬ ‫مـ ْ‬ ‫كالنســاء والضــعفاء‪ ،‬كمــا قــال ‪َ " :‬‬
‫]مسلم[‪.‬‬
‫أما الية الثانية‪ ،‬فهي في معرض الســتبدال والعــرض والطلــب أو‬
‫ما يسمى بالمســاومة‪ ،‬فقــدم النفــس لنهــا أعــز مــا يملــك الحــي‪،‬‬
‫وجعل في مقابلها الجنة وهي أعز مــا يــوهب[ ]أضــواء البيــان ج ‪8‬‬
‫ص ‪ 184‬ـ ‪.[185‬‬

‫الترهيب من ترك الجهاد وبيان عواقبه‬


‫إن ترك الجهاد مع القدرة عليه كبيرة من الكبائر يقول المام ابــن‬
‫حجر الهيتمي‪:‬‬

‫‪17‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫)الكبيرة التسعون والحادية والثانية والتسعون بعــد الثلثمــائة تــرك‬
‫الجهاد عند تعينه بأن دخل الحربيون دار الســلم أو أخــذوا مســلما ً‬
‫وأمكن تخليصه منهم وتــرك النــاس الجهــاد مــن أصــله وتــرك أهــل‬
‫القليم تحصين ثغــورهم بحيــث يخــاف عليهــا مــن اســتيلء الكفــار‬
‫بسبب ترك ذلك التحصين( ]الزواجر عن اقتراف الكبائر ‪.[2/163‬‬
‫بل ل خلف بين علماء المسلمين على أن أي طائفــة امتنعــت عــن‬
‫جهاد الكفار أو ضرب الجزية عليهم تجاهد هذه الطائفة حتى ترجع‬
‫الصواب وتلتزم قتال الكفار‪.‬‬

‫‪18‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫عـلـة قتـال الكافـرين‬
‫الكفر يبيح الدم والعقد يعصمه‬
‫حكى ابن جرير الجماع )تفسير ابــن كــثير مجلــد ‪ 3‬صـ ـ ‪ 10‬ســورة‬
‫المائدة ‪ (2‬على أن المشرك يجوز قتله إذا لم يكن له أمان وإن أم‬
‫البيت الحرام أو بيت المقدس‪ .‬أهـ‪.‬‬
‫وقد اتفق العلماء سلفا ً وخلفا ً على وجــوب قتــال أهــل الكفــر مــا‬
‫توافرت القدرة على ذلك‪ ،‬فقـد وجـب قتـالهم بقـول اللــه تعــالى‪:‬‬
‫}وقاتلوهم حتى ل تكون فتنــة ويكــون الــدين للــه فــإن انتهــوا فل‬
‫عدوان إل على الظالمين{ ]البقرة ‪.[193‬‬
‫وقوله تعــالى‪} :‬وقــاتلوا المشــركين كافــة كمــا يقــاتلونكم كافــة{‬
‫]التوبة ‪ .[36‬ووجبت حال القدرة لقول الله تعالى‪} :‬ل يكلف اللــه‬
‫نفسا إل وسعها[ ]البقرة ‪ .[286‬وقوله سبحانه‪} :‬وأعدوا لهــم مــا‬
‫استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو اللــه وعــدوكم‬
‫وآخرين من دونهم ل تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شــيء‬
‫في سبيل الله يوف إليكــم وأنتــم ل تظلمــون{ ]النفــال ‪ .[60‬إذا‬
‫علم ذلك‪ ،‬فإن الكافر إما أن يكون معاهدا ً أو غير معاهد فــإن كــان‬ ‫ُ‬
‫غير معاهد فهو مباح الــدم والمــال‪ ،‬وإن كــان معاهــدا ً فــإن العهــد‬
‫يعصم دمه فترة العهد ول تزول عصمة دمه إل بــزوال العهــد أو أن‬
‫يقوم هو بنقض العهد أو أن ينبذ إليهم عهدهم‪.‬‬
‫فقد أمر الله تعالى بقتال الكافرين وقتلهم فقال‪  :‬فإذا انسلخ‬
‫الشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ‪) ‬التوبة‪.(5 :‬‬
‫وقال سبحانه‪ :‬وقاتلوهم حتى ل تكون فتنــة ويكــون الــدين كلــه‬
‫للــه ‪) ‬النفــال‪ (39:‬وقــال‪  :‬قــاتلوا الــذين ل يؤمنــون بــالله ول‬
‫باليوم الخر ول يحرمــون مـا حـرم اللـه ورســوله ول يـدينون ديــن‬
‫الحق من الــذين أوتــوا الكتــاب حــتى يعطــوا الجزيــة عــن يــد وهــم‬
‫صاغرون ‪) ‬التوبة‪.(29:‬‬
‫وقال ‪" :‬أمرت أن أقاتل الناس حــتى يشــهدوا أن ل إلــه إل اللــه‬
‫وأن محمدا ً رسول الله ويقيموا الصلة ويؤتــوا الزكــاة فــإذا فعلــوا‬
‫ذلك عصموا منــي دمــاءهم وأمــوالهم إل بحــق الســلم وحســابهم‬
‫على الله" ]البخاري[‪ .‬وقال ‪ " :‬اغزوا باسم الله فــي ســبيل اللــه‬
‫قاتلوا من كفر بالله " ]مسلم[‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫وهذه النصوص وغيرها تبين بجلء أن علة قتال الكفار هي كفرهم‬
‫فقد رتبت اليات والحاديث القتال علىكونهم كفارًا‪ ،‬قال القرافي‬
‫‪-‬رحمه الله‪ :-‬ظواهر النصوص تقتضي ترتيب القتــال علــى الكفــر‬ ‫))‬

‫عل ّي َــة ذلــك‬


‫والشــرك‪ ...‬وترتيــب الحكــم علــى الوصــف يــدل علــى ِ‬
‫عّلية غيره ]الذخيرة )‪.[(3/387‬‬
‫((‬
‫الوصف لذلك الحكم وعدم ِ‬
‫‪ -1‬أقوال الحنفية‪:‬‬
‫ففي الهداية وشرحه فتح القدير‪ :‬وقتال الكفار الذين لم يســلموا‬
‫))‬

‫وهم من مشركي العــرب أو لــم يســلموا ولــم يعطــوا الجزيــة مــن‬


‫غيرهـم واجـب وإن لـم يبـدؤونا؛ لن الدلـة الموجبـة لـه لـم تقيـد‬
‫الوجوب ببداءتهم وهذا معنى قوله للعمومات … ]شــرح فتــح القــدير‬
‫((‬

‫للكمال بن الهمام على الهداية لبرهان الدين المرغيناني )‪.[(5/441‬‬


‫وقال في شرح العناية على الهداية بعد أن ذكر العمومات الــواردة‬
‫‪ ‬فاقتلوا المشركين ‪ ‬وقوله تعالى‪:‬‬ ‫في قتال الكفار كقوله تعالى‪:‬‬
‫‪ ‬وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ‪ ‬قال‪ :‬فإن قيل العمومات معارضة‬
‫))‬

‫بقوله تعالى‪  :‬فإن قاتلوكم فاقتلوهم ‪ ‬فإنه يدل علــى أن قتــال‬


‫الكفار إنما يجب إذا بدؤوا بالقتــال‪ ،‬أجيــب بــأنه منســوخ وبيــانه أن‬
‫رسول اللـه ‪ ‬كـان فـي البتـداء مـأمورا ً بالصـفح والعـراض عـن‬
‫المشركين‪ ...‬ثــم ُأذن بالقتــال إذا كــانت البــداءة منهــم‪ ...‬ثــم أمــر‬
‫بالقتــال ابتــداء فــي بعــض الزمــان بقــوله تعــالى‪  :‬فــإذا انســلخ‬
‫الشهر الحرم فاقتلوا المشركين‪ ...‬الية‪ ،‬ثم أمر بالبــداءة بالقتــال‬
‫مطلقا ً في الزمان كلها وفــي المــاكن بأســرها فقــال تعــالى‪ :‬‬
‫وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة‪ ...‬وقال سبحانه‪  :‬قــاتلوا الــذين ل‬
‫يؤمنون بالله ول باليوم الخر‪  ...‬الية‪] ...‬شرح العنايــة علــى الهدايــة‬
‫((‬

‫للبابرتي المطبوع مع شرح فتح القدير )‪ .[(5/441‬وقال مثل ذلك العيني‬


‫في شرحه على الهداية‪] .‬شرح العيني على الهدايــة المســمى بالبنايــة )‬
‫‪.[(6/493‬‬
‫وقال السرخسي‪ :‬وقد كان رســول اللــه ‪ ‬مــأمورا ً فــي البتــداء‬
‫))‬

‫بالصــفح والعــراض عــن المشــركين‪ ...‬ثــم أمــر بالقتــال إذا كــانت‬


‫البدايــة منهــم‪...‬ثــم أمــر بالبدايــة بالقتــال‪ ...‬فاســتقر المــر علــى‬
‫فرضية الجهاد مع المشركين ]المبسوط )‪.[(10/2‬‬
‫((‬

‫فهذا يبين أن مجرد كفرهم وامتناعهم عن اليمــان مبيــح لقتــالهم‬


‫لكن بشرط أن تكون قد بلغتهــم الــدعوة ولوكــان درء الحرابــة هــو‬
‫علة قتالهم لذكر أن الله حرم قتالهم حتى تبدو منهــم حرابــة كمــا‬
‫فعل ذلك بالنسبة لشرط بلوغ الدعوة‪.‬‬

‫‪20‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫والدعوة في هذه الزمان قد بلغت كل المجتمعـات فـإن كـل البلد‬
‫ووسائل العلم تتحدث عن الســلم وأنــه ديــن إرهــابي بزعمهــم‪،‬‬
‫فيكون بذلك قد أقيمت الحجة الرسالية على جل ســكان الرض إن‬
‫لم نقل كلهم‪.‬‬
‫فهذه النصوص من كتب الحنفية المعتمدة تدل دللة قاطعــة علــى‬
‫أن القــول عنــدهم أن المبيــح لقتــال الكفــار هــو كفرهــم ل درء‬
‫حرابتهم‪ ،‬فيقاتلون ابتداء وإن لم يبدؤونا فما بالــك بمــن يقــاتلون‬
‫ويقتلون المسلمين اليوم في كل أنحاء العالم‪.‬‬

‫‪ -2‬وأما المالكية‪:‬‬
‫فقــد قــال ابــن رشــد فــي بدايــة المجتهــد‪ :‬فأمــا الــذين ُيحــاربون‬
‫))‬

‫فاتفقوا على أنهم جميع المشركين لقوله تعالى‪ :‬وقاتلوهم حتى‬


‫ل تكون فتنة ويكون الدين لله ‪ ‬فكون التفاق قــد وقــع علــى أن‬
‫المقاَتلين هم جميع المشركين يعني أن العلة هي كونهم مشركين‬
‫قال القرافي عند تعداده لسباب الجهاد‪:‬‬
‫السبب الول‪ :‬وهو معتبر في أصل وجــوبه ويتجــه أن يكــون إزالــة‬ ‫))‬

‫منكر الكفر فإنه أعظم المنكرات ومن علم منكرا ً وقدر على إزالته‬
‫وجب عليه إزالته ويدل على هذا قوله تعالى‪:‬‬
‫‪ ‬وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين للــه ‪ ‬والفتنــة هــي‬
‫الكفر ]الذخيرة )‪.[(3/387‬‬ ‫((‬

‫وجاء في الشرح الصغير‪ :‬الجهاد في سبيل اللــه لعلء كلمــة اللــه‬


‫))‬

‫تعالى كل سنة فل يجوز تركه سنة كإقامة الموسم بعرفــة والــبيت‬


‫وبقية المشاهد كل ســنة فــرض كفايــة ]الشــرح الصــغير )‪-2/267‬‬
‫((‬

‫‪.[(272‬‬
‫فتحديد جهاد الطلب بأنه مرة في كل سنة يبين أننا نقاتــل الكفــار‬
‫لكفرهم وإن لم تظهر منهم حرابة؛ لن القتال لو كان ل يجــوز إل‬
‫عند عدوانهم‪ ،‬أو ظهور قصد العدوان منهــم لــم يجــز التحديــد بــأن‬
‫يكون في كل سنة مرة‪ ،‬ولكان الــواجب حينئذ أن يقــول إنــه يجــب‬
‫عند الحاجة إليه لدرء الحرابة عن المسلمين‪.‬‬
‫قوله تعالى‪  :‬قاتلوا الذين ل يؤمنــون بــالله ول بــاليوم الخــر ول‬
‫يحرمون ما حرم الله ورسوله ول يدينون دين الحق من الذين أوتوا‬
‫الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ‪) ‬التوبة‪.(29:‬‬
‫قال القرطبي في تفسير قوله تعالى‪  :‬وقاتلوهم حتى ل تكــون‬
‫فتنة ويكون الـدين للــه ‪) ‬البقـرة‪ (193:‬قـال‪ :‬أمـر بالقتــال لكـل‬
‫))‬

‫مشرك في كل موضع‪ ...‬وهو أمر بقتال مطلــق ل بشــرط أن يبــدأ‬

‫‪21‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫الكفار‪ ،‬دليل ذلك قوله تعالى‪  :‬ويكون الدين للــه ‪ ‬وقــال ‪" :‬‬
‫أمرت أن أقاتــل النــاس حــتى يقولــوا ل إلــه إل اللــه " ]البخــاري[‪.‬‬
‫فدلت الية والحديث علــى أن ســبب القتــال هــو الكفــر لنــه قــال‬
‫سبحانه‪ :‬حتى ل تكون فتنة ‪ ‬أي كفر فجعل الغاية عــدم الكفــر‬
‫وهذا ظاهر ]تفسيرالقرطبي )‪.[(2/353‬‬
‫((‬

‫فهذه أقــوال المالكيــة‪ ،‬وهــي أوضــح مــا تكــون فــي أن علــة قتــال‬
‫الكفار كفرهم ل درء حرابتهــم كمــا يزعــم بعــض المثبطيــن واللــه‬
‫المستعان‪.‬‬

‫‪ -3‬الشافعية‪:‬‬
‫قال ابن كثير )‪:(4/547‬‬
‫}فاقتلوا المشركين حيث وجــدتموهم{ أي مــن الرض وهــذا عــام‬
‫والمشهور تخصيصه بتحريم القتال في الحرم‪ ،‬بقوله تعــالى‪} :‬ول‬
‫تقاتلوهم عند المسجد الحرام حــتى يقــاتلوكم فيــه فــإن قــاتلوكم‬
‫فاقتلوهم{ وقوله تعالى }وخذوهم{ أي وأسروهم إن شــئتم قتل ً‬
‫وإن شئتم أسرا‪ .‬أهـ‪.‬‬
‫وقال أيضـًا‪ :‬وقـوله‪} :‬واحصـروهم واقعـدوا لهـم كـل مرصـد{ أي‬
‫لتكتفوا بمجرد وجدانكم لهم‪ ،‬بل اقصدوهم بالحصار في معاقلهم‬
‫وحصونهم والرصد في طرقهـم ومســالكهم حـتى تضـيقوا عليهـم‬
‫الواسع وتضــطروهم إلــى القتــل أو الســلم‪ ،‬ولهــذا قــال تعــالى‪:‬‬
‫}فإن تابوا وأقاموا الصــلة وآتــوا الزكــاة فخلــوا ســبيلهم إن اللــه‬
‫غفور رحيم{ ولهـذا اعتمـد الصـديق )رضـي اللـه عنـه( فـي قتـال‬
‫مانعي الزكاة على هذه الية الكريمة وأمثالها‪.‬‬
‫قال ابن كثير أيضا )‪:(4/565‬‬
‫قوله تعالى‪} :‬وقاتلوا الذين ل يؤمنـون بـالله ول بـاليوم الخـر ول‬
‫يحرمون ما حرم الله ورسوله{ فهم فــي نفــس المــر لمــا كفــروا‬
‫‪ (‬لم يبق لهم إيمان صحيح بأحد من الرسل ول بما جــاؤوا‬ ‫بمحمد )‬
‫به وإنما اتبعوا آراءهــم وأهــواءهم وآبــاءهم فيمــا هــم فيــه ل لنــه‬
‫شرع الله تعالى ودينه‪ ،‬لنهم لو كانوا مؤمنين بمــا بأيــديهم إيمان ـا ً‬
‫صحيحا ً لقـادهم ذلـك إلـى اليمـان بمحمـد )‪ (‬لن جميـع النبيـاء‬
‫بشروا به وأمروا بإتباعه فلما جاء وكفروا به وهــو أشــرف الرســل‬
‫علم أنهم ليسوا متمسكين بشرع النبيــاء القــدمين لنــه مــن عنــد‬
‫الله تعــالى‪ .‬بــل لحظــوظهم وأهــوائهم فلهــذا ل ينفعهــم إيمــانهم‬
‫ببقية النبياء وقد كفروا بســيدهم وأفضــلهم وخــاتمهم وأكملهــم‪،‬‬
‫ولهذا قال تعالى‪} :‬وقاتلوا الذين ل يؤمنون بالله ول باليوم الخــر‬

‫‪22‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ول يحرمون ما حرم الله ورسوله ول يدينون دين الحق مــن الــذين‬
‫أوتـوا الكتــاب{ وهــذه اليــة أول المــر بقتـال أهـل الكتــاب بعـدما‬
‫تمهدت أمور المشركين ودخل الناس في دين الله تعــالى أفواجــا‪.‬‬
‫أهـ‪.‬‬

‫‪ -4‬وأما الحنابلة‪:‬‬
‫فقد قال ابن قدامة‪ :‬وُيبعــث فــي كــل ســنة جيــش يغيــرون علــى‬
‫))‬

‫العــدو فــي بلدهــم ]المغنــي )‪ .[(10/360‬وواضــح مــن ذلــك عــدم‬


‫((‬

‫اشتراط الحرابة للقتال‪ ،‬وهل هناك أوضح من القول بالغارة على‬


‫الكفار في بلدهم في بيان أن قتالهم إنما شرع ابتداءً ل ردا ً علــى‬
‫عدوانهم‪.‬‬
‫وقال الخرقي في مختصره‪ :‬ويقاتــل أهــل الكتــاب والمجــوس ول‬
‫))‬

‫يــدعون –أي الــى الســلم‪-‬لن الــدعوة قــد بلغتهــم وقــال شــيخ‬


‫((‬

‫السلم ابن تيمية‪ :‬لما نزلت سورة براءة ُأمــر النــبي ‪ ‬أن يبتــدئ‬
‫))‬

‫جميع الكفار بالقتال وثنيهم وكتابيهم ســواء كفــوا –أي كفــوا عــن‬
‫محاربة المسلمين‪ -‬أم لم يكفوا ]الصارم المسلول ص‪.[220:‬‬
‫((‬

‫وقال ابن القيم ‪ -‬بعد أن ذكــر مرحلــة الصـفح و العفـو ثـم مرحلـة‬
‫الذن في القتال دون فرض‪ :‬ثــم فــرض عليهــم القتــال بعــد ذلــك‬
‫))‬

‫لمن قاتلهم دون من لم يقــاتلهم‪ ،‬فقــال‪  :‬وقــاتلوا فــي ســبيل‬


‫الله الذين يقاتلونكم ‪ ‬ثم فرض عليهــم قتــال المشــركين كافــة‪،‬‬
‫وكان محرما ً ثم مأذونا ً به ثم مـأمورا ً بـه لمـن بــدأهم بالقتــال‪ ،‬ثـم‬
‫مأمورا ً به لجميع المشركين ]زاد المعاد )‪.[(2/58‬‬
‫((‬

‫ثم إني أود أن أختم هذا التنبيه بكلمة للشيخ عبد العزيز بن باز ترد‬
‫على أدعياء الســلفية ممــن يأخــذون بقــوله حيــث يقــول‪ ... :‬قــال‬
‫))‬

‫تعالى‪  :‬فاقتلوا المشركين حيث وجــدتموهم وخــذوهم واقعــدوا‬


‫لهم كل مرصد ‪ ‬فعمم بقتالهم جميع ـًا‪ ،‬وتعليــق الحكــم بالوصــف‬
‫المشـتق يـدل علـى أنـه هـو العلـة فلمـا علـق الحكـم بالمشـركين‬
‫عرف أن هذا هــو العلــة‪،‬‬ ‫والكفار ولمن ترك الدين‪ ،‬ولم يدن بالحق ُ‬
‫وأنه هو المقتضي لقتالهم‪ ،‬فالعلة الكفر مع شرط كونه مــن أهــل‬
‫القتال ل من غيرهم‪ ،‬فإذا كانوا مــن أهــل القتــال قاتلنــاهم حــتى‬
‫يسلموا أو يؤدوا الجزية إن كانوا من اليهود والنصارى والمجــوس‪،‬‬
‫أو حتى يسلموا فقط إذا كانوا من غير هؤلء الطوائف الثلث و إل‬
‫فالسيف‪ ،‬لكن من ليس من أهل القتال كالنساء والولد والعميان‬
‫والمجانين )والرهبان وأربــاب الصــوامع(‪ ،‬ومــن ليــس مــن شــأنهم‬
‫القتال؛ لكونهم ل يستطيعون –كمن تقدم ذكرهم‪ -‬وهكــذا الشــيوخ‬
‫الفانون فهؤلء ل يقاتلون عند جمهور العلمــاء؛ لنهــم ليســوا مــن‬

‫‪23‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫أهل القتال ]مجموع فتاوى ومقالت متنوعة للشيخ عبد العزيز بن‬
‫((‬

‫باز ‪ -‬التوحيد وما يلحق به )‪.[(3/191‬‬


‫ومن هنا يتضح أن الذي يبيح قتل الكفار وقتالهم هو مجــرد الكفــر‬
‫وليس فقط حربهم للسلم والمسلمين‪..‬‬
‫وإذا وجب قتالهم من أجل إدخالهم في السلم فإن قتالهم مــن‬
‫أجــل حربهــم للســلم والمســلمين ودفعهــم عــن العــدوان يكــون‬
‫أوجــب‪ ،‬ومــن بــاب الولــى‪ ،‬لنــه إذا جــاز قتلهــم لكفرهــم ووجــب‬
‫قتالهم لدخالهم في السلم يكون قتلهم وقتالهم من أجــل دفــع‬
‫شرهم عن السلم من باب الولى‪.‬‬

‫‪ -5‬أقوال الظاهرية‪:‬‬
‫قال ابن حزم )المحلى ‪:(5/362‬‬
‫بعد أن ذكر قول الله عز وجل‪} :‬براءة من اللــه ورســوله{ وقــوله‪:‬‬
‫}كيف يكون للمشركين عهد{ وقوله‪} :‬فإذا انسلخ الشــهر الحــرم‬
‫فــاقتلوا المشــركين حيــث وجــدتموهم{ وقــوله }قــاتلوا الــذين ل‬
‫يؤمنون بالله ول باليوم الخر{ إلى آخر اليات‪.‬‬
‫قال رحمه الله‪ :‬فأبطل الله تعالى كل عهد ولم يقره‪ ،‬ولــم يجعــل‬
‫للمشــركين إل القتــل‪ ،‬أو الســلم‪ ،‬ولهــل الكتــاب خاصــة إعطــاء‬
‫الجزيــة وهــم صــاغرون وأمــن المســتجير والرســول حــتى يــؤدي‬
‫رسالته ويسمع المستجير كلم الله تعالى ثــم يــردان إلــى بلدهمــا‬
‫ول مزيد‪ ،‬فكل عهد غير هذا فهو باطل مفسوخ ل يحل الوفاء بــه‪،‬‬
‫لنه خلف شرط الله تعالى وخلف أمره‪ .‬أهـ‪.‬‬

‫‪ - 6‬من أقول أحد العلماء المعاصرين‪:‬‬


‫الشيخ عبد الخر حماد الغنيمي‪:‬‬
‫قال الشيخ عبد الخر حماد )وقفــات مــع البــوطي صـ ـ ‪:(126-122‬‬
‫في قوله تعالى‪} :‬فإذا انسلخ الشــهر الحــرم فــاقتلوا المشــركين‬
‫حيث وجدتموهم{ )التوبة‪.(5 :‬‬
‫من المعلوم أن المشركين عند نزول هذه الية فــي العــام التاســع‬
‫الهجري لم يكونوا كلهم متلبسين بصفة الحرابة‪ ،‬بل كان منهم من‬
‫له مع الرسول عهد مطلــق أو مــؤقت‪ ،‬وقــد جــاء فــي حــديث أبــي‬
‫هريرة‪ " :‬كنت مع علي بن أبي طالب حيــن بعثــه رســول اللــه )‪(‬‬
‫إلى أهل مكة ببراءة فقال‪ :‬ما كنتم تنادون‪ .‬قال‪ :‬كنا ننــادي أنــه ل‬
‫يدخل الجنة إل مؤمن‪ ،‬ول يطــوف بــالبيت عريـان‪ ،‬ومــن كــان بينـه‬
‫وبين رسول الله )‪ (‬عهد فإن أجله أو أمده إلى أربعة أشهر‪ ،‬فإذا‬
‫مضت الربعة أشهر فإن الله بريــء مــن المشــركين ورســوُله )‪(‬‬

‫‪24‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ول يحج هذا البيت بعد العام مشرك قال‪ :‬فكنت أنادي حــتى صــحل‬
‫صوتي " ]صححه اللباني[‪.‬‬
‫إن اليــة الكريمــة قــد حــددت الوصــف الــذي لجلــه يقــاتلون وهــو‬
‫الشرك‪ ،‬ونحن نعلم أن العبرة بعمــوم اللفــظ ل بخصــوص الســبب‪،‬‬
‫وقوله تعالى‪ :‬المشركين عام لنه جمع معرف بــاللف واللم فهــو‬
‫عام في كل مشرك كما قال القرطبي في تفسيره )‪ ،(8/72‬ومما‬
‫يؤيد ذلك أن المر بقتال الكفار جاء بصيغة العموم أيضـا ً فــي غيــر‬
‫هذه الية كما في قوله تعالى‪} :‬قاتلوا الــذين ل يؤمنــون بــالله ول‬
‫باليوم الخر{ )التوبة‪ (29 :‬فقوله تعــالى‪ :‬الــذين ل يؤمنــون يفيــد‬
‫العموم لن السماء الموصولة من صــيغ العمــوم كمــا هــو معلــوم‪،‬‬
‫ن هنــا اســم‬ ‫مـ ْ‬
‫ومثلــه حــديث بريــدة‪ " :‬قــاتلوا مــن كفــر بــالله " ف َ‬
‫موصول فهــو يفيــد العمــوم أيضـًا‪ ،‬إن الحكيــم الخــبير لــم يشــأ أن‬
‫يتركنا في حيرة الحتمالت بل حدد لنا تحديدا ً قاطعا ً الوصف الذي‬
‫لجله يقاتلون وهو كونهم مشركين‪ ،‬وقد جاء في حديث أســامة‪" :‬‬
‫ولحقت أنا ورجل من النصار رجل ً منهم فلما غشيناه قال‪ :‬ل إلــه‬
‫إل الله‪ ،‬فكف النصاري فطعنته برمحي حتى قتلته فلما قدمنا بلغ‬
‫النبي فقال‪ :‬يا أسامة أقتلته بعد ما قال ل إله إل الله؟ قلت‪ :‬كــان‬
‫متعوذًا‪ ،‬فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلــك‬
‫اليوم " ]متفق عليه[‪.‬‬
‫وهذا الحديث يؤكد ما قلناه من أن علة قتال الكفــار هــي كفرهــم؛‬
‫وذلك أن هذا الرجل ساعة أن قتله أسامة كان قد انتفى في حقــه‬
‫المعنيان‪ :‬الكفــر والحرابــة‪ ،‬لنــه حينمــا قــال‪ :‬ل إلــه إل اللــه صــار‬
‫مسلمًا‪ ،‬وأيضا ً فهو قد ترك الحرابة لنه ل يمكن أن يقول ل إله إل‬
‫الله وهو ل يزال يقاتل‪ ،‬ومع انتفاء صفتي الكفر والحرابة فيــه إل‬
‫أن الرسول لم ينكر على أسامة إل قتله بعد انتهاء صفة الكفر فيه‬
‫فقال له‪ :‬أقتلته بعدما قال ل إله إل الله؟ ولم ينكر عليه أنــه قتلــه‬
‫بعد ما انتهت حرابته فدل ذلك على أن المعتبر في علة القتال هــو‬
‫الكفر ل الحرابة والله أعلم‪.‬‬
‫ثم إن كون العلة هي الكفر لما كان مستقرا ً عند أهل العلم فقـد‬
‫فسر به المام الخطابي عدم لزوم الدية لسامة )رضي اللــه عنــه(‬
‫فقال‪) :‬وفيه أنه لم ُيلزمــه ‪ -‬مــع إنكــاره عليــه ‪ -‬الديــة‪ ،‬ويشــبه أن‬
‫يكون المعنى فيه أن أصل دماء الكفار الباحــة‪ ،‬وكــان عنــد أســامة‬
‫أنه إنما تكلم بكلمة التوحيد مستعيذا ً ل مصدقا ً به‪ ،‬فقتله على أنــه‬
‫كافر مباح الدم فلم تلزمه الدية‪ ،‬إذ كان في الصل مأمورا ً بقتــاله‬
‫والخطأ عن المجتهد موضــوع( )معــالم الســنن بهــامش ســنن أبــي‬
‫داود ‪ .(3/102‬أهـ‪.‬‬

‫‪25‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫وفصــل الخطاب فيما تقـــدم‪:‬‬
‫‪ -1‬أن الكفار يجوز قتلهم لكفرهم‪.‬‬
‫‪ -2‬وأن قتالهم يجب لدخالهم في السلم وهو جهاد الطلب‪.‬‬
‫‪ -3‬كما يجب لدفعهم عن السلم وهو جهاد الدفع وهو أوجب مــن‬
‫جهاد الطلب‪.‬‬

‫‪26‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫أحكام نساء الكفار‬
‫وصبيانهم ومن في‬
‫حكمهم‬
‫توسع علماء سلفنا الصالح في الحديث عن النساء والصبيان ومــن‬
‫في حكمهم في الغارات التي يشنها المسلمون على المحاربين أو‬
‫الكمائن التي يستهدفونهم بها‪ ،‬وقد فصلوا فــي المســألة تفصــيل ً‬
‫جيدا ً وذلك لسببين‪:‬‬
‫السبب الول‪ :‬لتضافر أدلتهم في ذلك ووضوحها وتنوعها‪.‬‬
‫السبب الثاني‪ :‬لنهم رضوان اللــه عليهــم كــانوا فــي الغــالب مــن‬
‫المجاهدين ول يتخلفـون عـن الغـزوات والفتوحــات فجـاء نظرهـم‬
‫موافقا ً للشرع حكما ً وواقعا‪..‬‬
‫ونحن في هذا الفصل سنقسم حالت النساء والصبيان‪ ،‬ومن فــي‬
‫حكمهم إلى ثلثة أقسام‪:‬‬
‫القسم الول‪ :‬الــذين يصــابون فــي القتــال بغيــر تعمــد‬ ‫‪‬‬
‫"في معمعة المعركة "‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬الذين يتترس بهم في الحرب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫القسم الثالث‪ :‬الذي يتعمد قتله منهم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ولكن من الهمية أن نثبت في مقدمة هذا الفصل أن الفقهــاء قــد‬


‫حظروا قتل النساء والصبيان من غيــر ضــرورة‪ ،‬واســتدلوا بحــديث‬
‫النهي عن قتـل النسـاء والصـبيان‪ ،‬ونحـن هنـا نثبـت هـذا الحظـر‪،‬‬
‫ولكننا في نفس الوقت نريد‪:‬‬
‫أول ً‪ :‬تسليط الضوء على سبب الحظر‪ ،‬بناء على ما قرره العلمــاء‬
‫في أن الصــل فــي دم الكــافر رجل كــان أو امــرأة عــدم العصــمة‪،‬‬
‫وعلى ذلك فالنساء الوثنيات أو الكتابيات ل عصــمة لــدمهن‪ ،‬ولكــن‬
‫منع من قتلهن الضعف‪ ،‬ومصلحة الرق للستفادة بهن‪..‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬نبين ما قصـده العلمـاء مـن عـدم قصـد النسـاء والصـبيان‬
‫بالقتل وهو عنــدهم النســاء والصــبيان الــذين يمكــن تميزهــم‪ ،‬أمــا‬

‫‪27‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫الــذين ل يمكــن تميزهــم أو يتعــذر علــى المقــاتلين عــدم إصــابتهم‬
‫كالذين تــدهمهم الخيــول أثنــاء الغــارة أو يصــيبهم المنجنيــق أثنــاء‬
‫الرمي فل شيء فيه وقياسه في عصرنا الذين يصــابون بالســلحة‬
‫التي ل يمكن أن تميز كالمتفجرات والصــواريخ والطــائرات قياس ـا ً‬
‫على المنجنيق‪ ،‬أو الذين ل يمكن التحرز من أصابتهم‪ ،‬أو إذا عرضه‬
‫التحرز من عدم إصابتهم إلى فشل الغارة أو الكمين‪ ،‬وذلك قياسا ً‬
‫علــى مــن تــدهمهم الخيــول‪ ،‬فل شــك أن المجاهــدين يســتطيعون‬
‫بمجهود كبير كبح جماح الخيول والسيطرة عليها تحرزا ً مــن إصــابة‬
‫الذرية‪ ،‬ولكن لما كان ذلك ربمــا أثــر علــى ســير المعركــة أو ألحــق‬
‫مشقة بالمقاتلين تؤثر على سير المعركة لصالح المسلمين رخــص‬
‫فيه رسول الله )‪ (‬وقال هم من آبائهم‪ .‬وقد ذهب غير واحد مــن‬
‫العلماء إلى هذا الفهم وسنذكر بعض أقوالهم‪.‬‬

‫جواز رمي من يجــب قتــالهم مــن المشــركين‬


‫وإن تترسوا بنســائهم وصـبيانهم أو مــن فــي‬
‫حكمهم‬
‫إذا تبين أنه يجوز قتل نساء وصبيان المشركين‪ ،‬ومن في حكمهــم‬
‫في حالت البيات والرمي بالمنجنيق ]الهجوم المبــاغت ‪ -‬كميــن أو‬
‫غيــره[ فــاعلم أنــه يجــوز قتــل مــن هــذا حكمهــم إذا تــترس بهــم‬
‫المشركون أو غيرهم ممن يجب قتــالهم كالبغــاة والممتنعيــن عــن‬
‫إقامة الشرائع‪.‬‬

‫تعمد قتــل النســاء والصــبيان والشــيوخ ومــن‬


‫فــي حكمهــم إذا كــانوا ممــن يعينــون علــى‬
‫القتــال بــالتحريض أو الــرأي أو أي نــوع مــن‬
‫أنواع العون‬
‫جعل العلماء جواز قتل النساء والصبيان إذا شاركوا في الحــرب أو‬
‫أعانوا عليهــا بــرأي أو غيــره‪ ،‬أصــل فــي جــواز قتــل الضــعفاء مــن‬
‫المسنين والزمنى والرهبان والفلحين والجراء ومن كان شــأنهم‬
‫الضعف وعدم القتال عادة عند المشاركة في الحروب‪..‬‬
‫وإن كان الشافعي رحمه الله تعالى ومــن وافقــه مــن العلمــاء قــد‬
‫استدل على قتل هــذه الصــناف جميع ـا ً وتعمــدهم بالقتــل بعمــوم‬
‫قول الله تعالى‪} :‬فاقتلوا المشركين{ ]التوبة ‪ [5‬كمــا ذكــره ابــن‬
‫قدامة قال‪ :‬وقال الشافعي في أحد قوليه وابن المنذر‪ :‬يجوز قتل‬

‫‪28‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫الشــيوخ لقــول النــبي )‪ " (‬اقتلــوا شــيوخ المشــركين واســتحيوا‬
‫شرخهم " أي شبابهم ]رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حســن‬
‫صحيح[ ولن الله تعــالى قــال‪} :‬فــاقتلوا المشــركين{ ]التوبــة ‪.[5‬‬
‫وهذا عام يتناول بعمومه الشيوخ‪ .‬أهـ‪.‬‬
‫ومن العلماء من جوز قتل النساء عموما ً سواء قاتلوا أو لم يقاتلوا‬
‫كما نقله ابــن حجــر فـي الفتـح عـن الحــازمي وقــال‪ :‬بجــواز قتـل‬
‫النســاء والصــبيان علــى ظــاهر حــديث الصــعب‪ ،‬وزعــم أنــه ناســخ‬
‫لحاديث النهي‪ ،‬وقال ابن حجر‪ :‬وهــو غريــب – أي دعــوى النســخ –‬
‫وإل فقــد نقــل المــاوردي عــن الشــافعي جــواز قتــل النســاء غيــر‬
‫الكتابيات‪ ،‬وأشار إلى هذا القول الشــافعي الصــغير فــي المنهــاج‪،‬‬
‫عندما قال‪) :‬ويحرم قتل صبي ومجنون وامرأة( ولــو لــم يكــن لهــا‬
‫كتاب خلفا ً لمن قيدها بذلك‪ .‬أهـ‪.‬‬
‫والقول بنسخ النهي عن قتل النساء الذي قال بــه الحــازمي علــى‬
‫ظاهر حديث الصعب كما نقل ابن حجر محتمل‪ ،‬لن حديث الصــعب‬
‫كان بعد حديث النهي كما قال المام أحمد )المغني جـ ‪ 8‬صـ ‪:(309‬‬
‫وحديث الصعب بعد نهيه عن قتل النساء لن نهيه عن قتل النســاء‬
‫حين بعث إلى ابن أبي الحقيق‪ .‬أهـ‪.‬‬
‫نقول‪ :‬وكذلك قول ابن حجر أن حديث خالد الذي أرســل فيــه إلــي‬
‫خالد بالنهي عن قتــل النســاء والعســيف –وهــو الجيــر‪ -‬كــان فــي‬
‫حنين وحديث الصعب كان في الطائف‪.‬‬
‫وقد جاء فيه من طريق الترمذي بسنده في صحيحه عن ابن عباس‬
‫قال أخبرني الصعب بن جثامة قال‪ " :‬قلت يا رسول الله إن خيلنــا‬
‫أوطئت من نساء المشــركين وأولدهــم قــال‪) :‬هــم مــن آبــائهم( "‬
‫]قال الترمذي أنه حسن صحيح[‪.‬‬
‫نقول‪ :‬وقد صح عن النبي )‪ (‬كما جاء في صحيح البخاري ما يــدل‬
‫على جواز استهداف النساء والصــبيان وإن انفــردوا عــن المقاتلــة‬
‫من أهل الحرب بالسبي وربما أفضت محاولة سبيهم إلى قتل مــن‬
‫يحاول القتال منهم بنزع سيف أو غيره من سلح المسلمين‪.‬‬
‫روى البخاري في صحيحه بسنده )الفتح جـ ‪ 7‬صـ ‪ (575‬قال‪ " :‬خرج‬
‫النبي )‪ (‬عام الحديبية في بضع عشــرة مــائة مــن أصــحابه‪ .‬فلمــا‬
‫أتى ذا الحليفة قلد الهدي وأشعره‪ ،‬وأحرم منها بعمرة‪ ،‬وبعث عينا ً‬
‫له من خزاعة‪ .‬وسـار النـبي )‪ (‬حـتى كـان بغـدير الشـطاط أتـاه‬
‫عينه قال‪ :‬إن قريشا ً جمعوا لك جموعا‪ ،‬وقد جمعوا لك الحــابيش‪،‬‬
‫وهم مقاتلوك وصادوك عن الــبيت ومــانعوك‪ .‬فقــال )‪ :(‬أشــيروا‬
‫أيها الناس علي‪ ،‬أترون أن أميل إلى عيالهم وذراري هــؤلء الــذين‬

‫‪29‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫يريدون أن يصدونا عن البيت‪ ،‬فإن يأتونــا كــان اللــه عــز وجــل قــد‬
‫قطع عينا من المشــركين‪ ،‬وإل تركنــاهم محروبيــن‪ .‬قــال أبــو بكــر‬
‫)رضي الله عنه(‪ :‬يا رسول الله خرجت عامــدا ً لهــذا الــبيت ل تريــد‬
‫قتل أحد ول حرب أحد‪ ،‬فتوجه له‪ ،‬فمن صدنا عنه قاتلناه‪ .‬فقــال )‬
‫‪ :(‬امضوا على اسم الله "‪ .‬وكذا يستدل بــأمره )‪ (‬لحــد الرمــاة‬
‫أن يرمي امرأة عندما كشفت لهــم عــن فرجهــا فرماهــا الصــحابي‬
‫في فرجها فقتلها‪ ،‬وكــذا يســتفاد مــن الحــديث جــواز النظــر الــى‬
‫عورات النساء لحاجة الجهاد‪ .‬فقد روى سعيد حدثنا حمــاد بــن زيــد‬
‫عن أيوب عن عكرمة قال‪ :‬لما حصر رسول الله )‪ (‬أهل الطــائف‬
‫أشرفت امرأة فكشفت عن قبلها فقال )‪ " :(‬ها دونكم فارموها‬
‫" فرماها رجل من المسلمين فما أخطأ ذلك منها " ]المغنــي جــزء‬
‫‪ 8‬صفحة ‪.[309‬‬

‫حكــم إتلف مــا يــؤثر إتلفــه فــي قــوة أهــل‬


‫الحرب أو من يجب قتالهم‬
‫أيمــا دار وجــب قتالهــا أو قتــال الفئة الحاكمــة فيهــا‪ ،‬واســتهدف‬
‫المجاهدون إتلف ما يــؤثر فــي قوتهــا أو يلحــق الضــرر بهــا ســواء‬
‫تعلق هذا بأدوات الحرب أو المال أو العتاد فكل ذلــك جــائز إذا رأى‬
‫المجاهدون أن ثمة مصلحة تعود عليهــم‪ ،‬وقــد تــدعو حاجــة الحــرب‬
‫إلى وجوب ذلك‪..‬‬
‫وقد بوب البخاري رحمه الله )باب حــرق الــدور والنخيــل( ثــم روى‬
‫بسنده قال‪ " :‬قال جرير قال لي رسول الله )‪ :(‬أل تريحني مــن‬
‫ذي الخلصة ‪ -‬وكان بيتا ً في خثعــم يســمى الكعبــة اليمانيــة ‪ -‬قــال‪:‬‬
‫وكنت ل أثبت على الخيل‪ ،‬فقلت يا رسول الله ل أثبت على خيــل‪،‬‬
‫فضرب في صدري وقال‪ :‬اللهم ثبته واجعله هاديا ً مهديا‪ ،‬فــانطلق‬
‫إليها فكسرها وحرقها‪ ،‬ثم بعث إلى رسول الله )‪ (‬يخــبره فقــال‬
‫رسول جرير‪ :‬والذي بعثك بالحق ما جئتك حتى تركتها كأنهــا جمــل‬
‫مس ورجالها خمس مرات " ثم‬ ‫ح َ‬
‫أجوف أو أجرب‪ .‬قال فبارك في أ ْ‬
‫روى البخاري بسنده عن ابن عمر رضــي اللــه عنهمــا قــال‪" :‬حــرق‬
‫النــبي )‪ (‬نخــل بنــي النضــير "‪ .‬وأيضــا روى المــام مســلم فــي‬
‫صحيحه بسنده عن نافع عن عبد اللــه " أن رســول اللــه )‪ (‬حــرق‬
‫نخل بني النضير وقطع وهــي البــويرة‪ .‬زاد قتيبــة وابــن رمــح فــي‬
‫حديثيهما فأنزل الله عز وجل‪} :‬ما قطعتـم مـن لينـة أو تركتموهـا‬
‫قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين{ ]الحشر‪.[5 :‬‬

‫‪30‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري جــزء ‪6‬‬
‫صفحة ‪) :191‬وقد ذهب الجمهور إلى جواز التحريق والتخريب في‬
‫بلد العدو‪ ،‬وكرهه الوزاعي والليث وأبو ثور‪ ،‬واحتجوا بوصية أبــي‬
‫بكر لجيوشه أن ل يفعلوا شيئا ً من ذلك وأجاب الطبري بأن النهــي‬
‫محمــول علــى القصــد لــذلك بخلف مــا إذا أصــابوا ذلــك فــي خلل‬
‫القتال كما وقع في نصب المنجنيــق علــى الطــائف‪ ،‬وهــو نحــو مــا‬
‫أجاب به في النهي عن قتــل النســاء والصــبيان‪ ،‬وبهــذا قــال أكــثر‬
‫أهل العلم‪ ،‬ونحو ذلك القتل بالتغريق‪ ،‬وقال غيــره‪ :‬إنمــا نهــى أبــو‬
‫بكر جيوشه عن ذلك لنه علم أن تلك البلد ســتفتح فــأراد ابقاءهــا‬
‫على المسلمين‪ .‬والله أعلم(‪ .‬أهـ‪.‬‬
‫وقال الشافعي الصغير)نهاية المحتاج جــ ‪ 8‬صــ ‪ :(67‬ويجـوز إتلف‬
‫بنائهم وشجرهم لحاجة القتال والظفر بهم للتباع فــي نخــل بنــي‬
‫النضير النازل فيه أول الحشر لما زعموه فسادُا‪] .‬رواه الشيخان[‪.‬‬
‫وفي كرم أهل الطائف رواه البيهقي وأوجب جمع ذلك عند توقف‬
‫ظفرنا بهم عليه وكذا يجوز إتلفها إن لم يرجع حصولها لنا إغاظــة‬
‫وإضعافا ً لهم فــإن رجــي أي ظــن حصــولها لنــا نــدب الــترك وكــره‬
‫الفعل حفظا ً لحق الغانمين‪ ،‬ويحرم إتلف الحيــوان المحــترم بغيــر‬
‫ذبح يجوز أكله حفظا ً لحرمة روحه ومن ذلك امتنع على مالكه تركه‬
‫بل مؤونة وسقي بخلف نحو الشجر إل ما يقاتلون عليه فيجوز لنا‬
‫إتلفه لدفعهم أو ظفر بهم قياسا ً علــى مــا مــر مــن ذراريهــم بــل‬
‫أولى‪ .‬أهـ‪.‬‬
‫فصل الخطاب فيما مضى‪:‬‬
‫‪ -1‬أنه قد ثبت لدينا من كتاب ربنا وحديث نبينا )‪ (‬وفهــم ســلفنا‬
‫الصالح أنه ل عصمة لــدم الكــافر إل بقــدر مــا معــه مــن عهــد ذمــة‬
‫أوصلح أو أمان‪.‬‬
‫‪ -2‬أن النهي عن قتل النسـاء والصــبيان ومـن فـي حكمهـم ليــس‬
‫لعصمة الدم ولكن لضعفهم‪ ،‬أمل ً فــي دخــولهم الســلم لتبعيتهــم‬
‫للرجال عادة‪ ،‬وتأليفا ً لقلوب المهزومين وترغيبا ً لهم فــي الــدين‪،‬‬
‫ولكــونهم مــال ً مقومــا ً للمجاهــدين‪ ،‬ولن الطفــال فــي الغــالب‬
‫يدخلون السلم بتبعيتهم للمسلمين‪.‬‬
‫‪ -3‬أن الرسول )‪ (‬أخذ الكفار علــى غــرة وبيتهــم ممــا يســتدعي‬
‫قتل النساء والصبيان ومن فــي حكمهــم‪ ،‬ولمــا ســئل عــن النســاء‬
‫والذراري يصابون في البيات قال‪ " :‬هم منهم " ولذلك فــإن قتــل‬
‫النساء والصــبيان ومــن فــي حكمهـم فــي معمعــة المعركــة إذا لــم‬
‫يتعمدوا بقتال ل شيء فيه‪.‬‬

‫‪31‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪ -4‬أن الرسول )‪ (‬جوز إتلف الشجار والحيوان إذا كان ذلك يؤثر‬
‫فــي قــوة العــدو‪ ،‬وعلــى ذلــك فكــل إتلف لليــات العــدو أو إتلف‬
‫مصانعه أو تخريب منشآته يؤثر في قوته ويكون مــن دواعــي نصــر‬
‫المــؤمنين أو إحــداث النكايــة فــي العــدو أو ثــأرا ً لمــن يقتــل مــن‬
‫المسلمين على أيدي الكفار والمشركين والمرتدين جائز بل يجــب‬
‫القيام به إن لم يتحقق النصر إل من خلله‪.‬‬
‫‪ -5‬أن الحالت التي ُنهي فيها عن حرق الشــجار أو عقــر الــدواب‬
‫هي حالت كان يتوقع فيها المسلمون هزيمة عدوهم‪ ،‬والحال هذه‬
‫يكون فيها الشـجار والحيـوان مـال ً مقومـا ً ل يجـوز إتلفـه وبهـذا‬
‫فسر الئمة نهي الصديق أبي بكــر رضــي اللــه عنــه مــن تحريــق أو‬
‫قطع أشجارهم‪.‬‬
‫‪ -6‬أنه إذا كانت مصلحة القتال تستدعي قتل المتترس بهــم مــن‬
‫الصبيان والنساء ومن في حكمهم جاز ذلك‪.‬‬
‫‪ -7‬أن النساء والطفال ومن في حكمهم إذا شاركوا فــي القتــال‬
‫بأي نوع من أنواع المشاركة فيجوز تعمدهم بالقتــل بــل قــد يجــب‬
‫قتلهم إذا لم يندفع شرهم إل بذلك‪..‬‬
‫‪ -8‬إن مصلحة الجهاد والمعركة النية هدف شرعي يجب المحافظة‬
‫عليه‪ ،‬وإن أدى ذلك إلى قتل النساء ومن في حكمهن طالمــا تعــذر‬
‫تفاديه‪ ،‬أو أدى إلى تدمير آليــات العــدو أو تخريــب اقتصــاده إذا لــم‬
‫يتحقق الظفر والنصر إل به‪..‬‬
‫‪ -9‬إن مصــلحة الجهــاد يحــددها القــائمون عليــه مــن أهــل الحــرب‬
‫والعلم الشرعي‪.‬‬

‫حكم اتباع المدبر والتذفيف على الجرحى‬


‫نقول‪ :‬وعدم التذفيف علــى الجرحــى أو اتبــاع المــدبر حكــم خــاص‬
‫بالبغاة المتأولين من أمثال أصحاب الجمل وصفين‪ ،‬الذين قــاتلهم‬
‫علي رضــي اللــه عنــه‪ ،‬وهــو فــي نفــس الــوقت مخصــوص بمــا إذا‬
‫انكسرت شوكتهم‪ ،‬ودارت عليهم الدائرة‪ ،‬وولــوا الدبــار ولــم تكــن‬
‫لهم فئة ينحازون إليها‪ ،‬أما الكفار الصليين والمرتدين فيجوز بــل‬
‫يجب في بعضهم أن يجهز على جريحهم ويقتل مدبرهم كمــا فعــل‬
‫الصحابة رضوان الله عليهم بأبي جهل‪.‬‬

‫‪32‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫حكم المنفرد وغير المقدور عليه‬
‫تعريف غير المقدور عليه‪ :‬هو الشخص الذي ينتمي إلــى طائفــة أو‬
‫دولة ذات شوكة ومنعة تمنعه بقوتها بشكل مباشر أوغير مباشر‪..‬‬
‫أما المباشر فهو‪ :‬أن يكون داخل حصن أو في تجمعات الجيش أو‬
‫الحراسة بحيث ل يمكن الوصول إليه وقتله أو أسره إل بقتال‪.‬‬
‫وأما غير المباشر‪ :‬فهو أن تمنعه برهبتها فل يتعرض له أحد خشية‬
‫عقاب الدولة أو الطائفة التي تبسط حمايتها له‪ ،‬وإن كان منفــردا ً‬
‫بعيدا ً عن حراساتها وقلعها وحصونها‪..‬‬
‫أما المقدور عليه‪ :‬فهو الشخص الذي يقع في أسر طائفة أو دولة‬
‫إما بحصار ُيلجئه إلى النزول على حكــم مــن يحاصــره أو بحبــس ل‬
‫يستطيع الفرار منه‪..‬‬
‫وهو بهذا يكون في قبضة من يريده بحيث يتمكن منه فيوقع عليــه‬
‫ما يشاء ويترك ما يشاء دون أن يخشـى مـن أحـد إقامـة مـا يريـده‬
‫عليه‪..‬‬
‫فإن كان المقدور عليه مرتــدا ً يســتتاب فــإن تــاب وإل وجــب قتلــه‬
‫لقوله )‪ " (‬من بدل دينه فاقتلوه " ]رواه البخاري[‪.‬‬
‫أما إن كان كافرا ً أصليا ً فالمر يرجع للمير‪ ،‬يقدر ما هي المصلحة‪،‬‬
‫هل يبدلهم بأسرى مســلمين‪ ،‬أو يفــديهم بمــال يســتعين بــه علــى‬
‫قتال المشركين أو لطعام جنده‪ ،‬أو يقتلهم حتى يرعب أعداء الله‬
‫تعالى واستجابة لقول الله تعالى }ما كان لنبي أن يكون له أسرى‬
‫حتى يثخن في الرض{ ]النفال‪ .[67 :‬أي حتى تكون له غلبة فــي‬
‫الرض حينها يأسرهم إن شاء‪ ،‬وقيل حتى يثخن بــدمهم الرض أي‬
‫بقتلهم‪.‬‬

‫‪33‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫أنواع الدور وأحكامها‬
‫مقدمة في أحكام الدور‬
‫من الحكام الثابتة في دين الله تعالى أن شرع الله تعالى ومنهجه‬
‫هو الذي يجب أن يحكم البشــرية‪ ،‬وليــس لحــد أن ينــازع فــي هــذا‬
‫الحكم‪ ،‬ولذلك أمر الله تعالى المؤمنين بقتال الكافرين حتى يكون‬
‫الدين كله لله فل يترك فيــه كــبير ول صــغير إل وهــو محــل تقــدير‬
‫وتطبيق‪ ،‬قال الله تعالى‪:‬‬
‫}وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الدين كله لله{ ]النفال آية ‪.[39‬‬
‫إن الله تعــالى ل يرضــى إل بإقامــة حكمــه ومنهجــه‪ ،‬ول ينبغــي أن‬
‫يسود في الرض إل حكمه ومنهجه‪.‬‬
‫وفي ظل هـذه القاعـدة جـاءت الحكـام الــتي اســتنبطها الفقهــاء‬
‫للدور‪..‬‬
‫فأيمــا دار أذعنــت لحكــم اللــه تعــالى ورســوله )‪ (‬هــي دار يحــرم‬
‫قتالها من هذا الوجه وقد يجــوز قتالهــا مــن وجــوه أخــرى كــالبغي‬
‫والخروج عن المام الحق‪.‬‬
‫وبقدر ما يعلو من أحكام الله تعالى في بلد من البلدان أو دار مــن‬
‫الدور وبقدر ما يكــون فيهــا مــن مســلمين ســبق إســلمهم وبقــدر‬
‫امتناعها عن حكم الله تعــالى بقــدر مــا يتوقــف الحكــم علــى هــذه‬
‫الديار إن سلما ً أو حربا‪.‬‬
‫* ومن هنا كان حكم الدار التي تقيم شرع الله تعالى ومنهجه‪ ،‬ول‬
‫تقدم عليه غيره في كبير أو صغير‪ ،‬ويحكمها أئمــة العــدل والهــدى‬
‫الذين جاؤوا باختيار أهل الحل والعقد وتلقــت المــة هــذا الختيــار‬
‫بالقبول‪ ،‬كان حكم هذه الدار أنها دار إســلم يحــرم قتالهــا ويجــب‬
‫طاعة إمامها ويحرم الخروج عليــه ويجــب علــى المســلمين نصــرته‬
‫ضد من خرج عليه أو منعه حقه من وجوب السمع والطاعة‪.‬‬
‫ويخرج بهذا الحكم‪:‬‬
‫أول ً‪ :‬الدور الــتي ل تعلوهــا أحكــام شــرع اللــه عــز وجــل أيــا كــان‬
‫كم شرع اللــه عــز وجــل‪ .‬ويــدخل فــي‬ ‫ح ّ‬
‫وصفها أو اسمها لنها ل ت ُ َ‬
‫هذه الدور‪:‬‬

‫‪34‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫الدور الكافرة كفــرا ً أصــليا ]أي الــتي لــم يســبق لهلهــا أن دخلــوا‬
‫السلم سواء كانوا من أهل الكتاب أو غيرهم[‪.‬‬
‫الدور المرتدة عن دين الله عز وجل بالكلية ومعلنة بذلك‪.‬‬
‫الدور الممتنعة عن إقامة شرع اللــه تعــالى وإن تمســك القــائمون‬
‫عليها بالسلم اسما‪ ،‬وبالقرآن رســما‪ ،‬وبــدون أن يمتــد تمســكهم‬
‫هذا إلى واقع تنظيم حياة الناس على أساس هذا الدين‪.‬‬
‫وثانياً‪ :‬الدار التي تقاتل المام العادل الذي يقيم شرع الله تعالى‬
‫وجاء باختيار صحيح حتى وإن أقــامت شــرع اللــه تعــالى أو خرجــت‬
‫بتأويل صحيح‪ ،‬وهي في تقديرنا فقط الــتي يجــوز تســميتها بــدور‬
‫البغي‪.‬‬
‫* أما الدار التي تكفر ابتداءً بدين الله ومنهجه ورسوله‪:‬‬
‫فهي دار كفر يجب قتالها حتى تدخل الدين أو يدفع أهلهــا الجزيــة‬
‫وهم صاغرون‪ ،‬أو تعقد معاهدة صلح أو هدنة مؤقتة بينها وبين دار‬
‫الســلم وهــذا ل يتــم إل بوجــود إمــام ممكــن أو طائفــة ذات قــوة‬
‫وشوكة‪ ،‬وإذ ل وجود هذا الن فيكون حكم كل دور الكفر هي حلل‬
‫الدم والمال كما يكون حكام البلد المسماة بالسلمية وطــائفتهم‬
‫من جند وشرطة حلل الدم والمال كذلك‪ .‬لكــن ل يجــوز أن يتعــدى‬
‫هذا الحكم الى الشعوب المسلمة المسماة بالرعايا‪.‬‬
‫لكن كل ما وقــف فــي وجــه أهــل الجهــاد ســواء كــان مــدافعا ً عــن‬
‫النظمـة الكفريـة مـن العلمـانيين ونحـوهم فهـؤلء حكمهـم حكـم‬
‫حكامهم‪.‬‬
‫ويخرج بهذا الحكم‪:‬‬
‫أول ً دار السلم‪ :‬وهي الدار التي تقبل منهــج اللــه عــز وجــل دينـا ً‬
‫ة واقتصادًا‪ ،‬ويحكمها أئمة العــدل‬ ‫وسلوكا ً وقانونا ً وتشريعا ً وسياس ً‬
‫ل الجور‪ ،‬وقد اختارتهم المة اختيارا ً صحيحا ً )وتصح إمامة المتغلب‬
‫ل‪ ،‬فإن لم يكــن عــادل ً‬ ‫كم الشريعة‪ ،‬وعند البعض أن يكون عاد ً‬ ‫إذا ح ّ‬
‫جاز الخروج عليه بل منهــم مــن أوجبــه وأخــذ بحــديث إل أن تــروى‬
‫ة بواحا( بواســطة أهــل‬ ‫كفرا ً بواحا ً –وفي رواية‪ -‬إل أن تروى معصي ً‬
‫الحل والعقد وهم الذين حازوا رضى المة من أهل العلــم والــرأي‬
‫والصلح وأصحاب الشوكة وغيرهم‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬دور الذمة‪ :‬وهي التي يوقع معها عقد الذمة وتــدخل بمــوجبه‬
‫في طاعة‬

‫‪35‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫المام المسلم دون أن ُتقــر بالســلم‪ ،‬ول تكــره أحــدا ً مــن قومهــا‬
‫على عدم دخول السلم‪ ،‬وتــدفع الجزيــة صــغارا‪ ،‬وتلــتزم بشــروط‬
‫موضوعة على التفصيل المذكور في عقود الذمة‪.‬‬
‫وهذه الدور غير موجودة الن بخلوا الزمان من خليفــة للمســلمين‬
‫ممكن بقوة وشوكة‪.‬‬
‫ثالثا ً دور الصلح‪ :‬وهي الدور التي ل تقبل بالسلم ول تــدخل فــي‬
‫طاعــة المــام المســلم‪ ،‬ولكــن تــدفع المســلمين مصــلحة معلومــة‬
‫لمهادنتهم فترة من الوقت‪.‬‬
‫وهــذه الــدور أيض ـا ً غيــر موجــودة الن بخلــوا الزمــان مــن خليفــة‬
‫للمسلمين ممكن بقوة وشوكة‪.‬‬
‫إذن عندما خص العلماء دار الكفر الصلية بمسمى دار الحرب كــان‬
‫ذلك للصل الموجود في حينه‪ ،‬وهو وجود دار السلم كدار واحــدة‬
‫لها أحكامها من حيث عصمة الدم والمال والعرض وحرمــة الخــروج‬
‫على الحــاكم العــادل‪ ،‬وأن مــن يخــرج عــن ذلــك بــردة أو بغــي هــو‬
‫استثناء وضعت له قواعد خاصة تخالف أحكام دار السلم من جهــة‬
‫وتخالف أحكام دار الكفر من جهة أخرى‪.‬‬
‫وعلى ذلك كانت دار الحرب عندهم هي مرادف لدار الكفر‪..‬‬
‫ويعني ذلك أن كــل دار كفــر هــي دار حــرب مــا لــم توقــع بيــن دار‬
‫السلم وبينها معاهدات صــلح‪ ..‬والــدار الــتي توقــع معهــا معاهــدة‬
‫صلح‪ ،‬تسمى دار صــلح أو موادعــة‪ ،‬بمعنــى أنهــا باقيــة علــى أصــل‬
‫الكفر ولكن ُيعصم دم أهلها ومالهم بعقد الصلح الموقع لمدته‪..‬‬
‫وعلى هذا كان تعريفهم لــدار الحــرب أو الكفــر علــى اختلف فــي‬
‫ألفاظهم هي‪ :‬الدار التي يعلوها الكفار وهم أصحاب المر والنهي‬
‫فيها وتجري عليها أحكامهم‪ ،‬وهذه الدار ل عصمة لــدم ومــال أحــد‬
‫من الكفار فيها‪..‬‬
‫وكل دار كفر ليس بينها وبيــن ديــار الســلم عقــد موادعــة وبقــت‬
‫على كفرها هي دار حرب يجوز تبييتها وشن الغارات عليها ونصب‬
‫الكمائن لقتل رعاياها وسلب أموالهم‪ .‬وأضــاف أبــو حنيفــة رحمــه‬
‫الله تعالى‪ :‬شرط المتاخمة )أي قربها( لدار الكفر‪.‬‬
‫وقد استنبط العلماء ذلك ممــا فعلـه رسـول اللـه )‪ (‬مــع الكفـار‪،‬‬
‫فقد نصب لهم الكمائن وشن عليهم الغـارة بياتـا‪ ،‬وأخـرج السـرايا‬
‫لقطع الطريق على تجارة قريش ليقتل الرجــــال ويغنــم المــوال‬
‫وجــاءت موقعة بدر الكبرى بسبب أن رسول الله )‪ (‬قد خرج في‬

‫‪36‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫جمع من أصحابه بغرض أخذ عير )أي مال( مكة‪ ،‬وفيها نزلت اليات‬
‫وصحت الحاديث‪..‬‬
‫لذلك كله يصح أن نقول أن كلمة الحرب عندهم )أي عند الفقهــاء(‬
‫في قــولهم‪) :‬دار الحــرب( كــانت فــي أحــد جوانبهــا توصــيفا ً لنــوع‬
‫العلقة بين المسلمين والكافرين‪.‬‬
‫فمن كان من الكافرين غير صاحب عقد فهو من أهل الحرب ومن‬
‫كان منهم صاحب عقد فهو من أهــل الصــلح أو الذمــة حســب نــوع‬
‫العقد‪..‬‬
‫ونحن في مبحثنا هــذا عنــدما نســتعمل كلمــة الحــرب سنســتعملها‬
‫على اعتبار أنها توصيف للعلقة بيــن المســلمين أهــل العــدل مــن‬
‫جهة ومن يجب قتالهم مــن جهــة أخــرى‪ ،‬ســواء كــانوا مــن الكفــار‬
‫الصليين أو المرتدين أو الممتنعين عن شريعة مــن شــرائع الــدين‬
‫أو البغاة المتــأولين‪ ،‬بمعنــى أنهــا تعنــي عنــدنا أن دار الحــرب هــي‬
‫الدار الــتي يجــب قتالهــا وليــس بينهــا وبيــن المســلمين القــائمين‬
‫بالحق عهد صلح أو هدنة‪ ،‬دون أن ينصرف ذلك بالتبعية على إسلم‬
‫أهلها أو كفرهم‪.‬‬
‫ولــذلك فنحــن نطلــق دار الحــرب علــى دور الكفــر وعلــى الــدور‬
‫المرتدة وعلى الــدور الممتنعــة وعلــى دور البغــي‪ ،‬بمعنــى أن كــل‬
‫هذه الـدور يجـب قتالهـا‪ ،‬وحالـة القتـال تجعلهـا دار حـرب‪ .‬وحالـة‬
‫الحرب ل تجعل أهلهـا كفـارا ً كمـا أن حالـة السـلم ل تجعـل أهلهـا‬
‫مسلمين‪ ،‬وهذا ما ذكره شيخ السلم ابن تيمية رحمــه اللــه تعــالى‬
‫عندما تحدث عن بلــدة مــاردين‪] .‬انظــر الفتــاوى الكــبرى جــ ‪ 4‬صــ‬
‫‪.[331‬‬

‫‪37‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫المقصد الصلي‬
‫للجهاد هو‬
‫إظهار الدين ومن ثم‬
‫نيل الشهادة‬
‫وفي فضل الشهادة ورد‬
‫اعلم أخي الموحد أن أفضل ما يتحصل عليه المرء وخيــر مــا يــؤتى‬
‫أن يتخذه الله شــهيدًا‪ ،‬قــال اللــه تعــالى‪} :‬ويتخــذ منكــم شــهداء{‪،‬‬
‫وقال نبيه الكريم ‪ ‬للصحابي الذي دعا الله فقال‪ :‬اللهم آتني خيــر‬
‫مــا تــؤتي عبــادك الصــالحين‪ ،‬قــال النــبي ‪ :‬إذا ً يعقــر جــوادك‬
‫وتستشهد في سبيل الله‪].‬رواه الحاكم وغيره عن ســعد ابــن أبــي‬
‫وقاص رضي الله عنه[‪.‬‬
‫والشهادة رتبة عظيمة ومرتبة رفيعة ل ينالها إل من كان أهل ً لهــا‪،‬‬
‫ومن كان ذا حظ عظيم }فأولئك مع الــذين أنعــم اللــه عليهــم مــن‬
‫النبيين والصــديقين والشــهداء والصــالحين وحســن أولئك رفيقــا{‬
‫]النساء‪.[69 :‬‬
‫وقال تعالى‪} :‬ول تقولوا لمــن يقتــل فــي ســبيل اللــه أمــوات بــل‬
‫أحياء ولكن ل تشعرون{‪].‬سورة البقرة ‪.[154‬‬
‫}وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء{‪].‬آل عمران ‪.[140‬‬
‫}ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من اللــه ورحمــة خيــر‬
‫مما يجمعون{‪].‬آل عمران ‪.[157‬‬
‫}فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا فــي ســبيلي وقــاتلوا‬
‫وقتلوا لكفرن عنهم سيئاتهم ولدخلنهم جنــات تجــري مــن تحتهــا‬
‫النهار ثوابا ً من عند الله واللــه عنــده حســن الثــواب{‪].‬آل عمــران‬
‫‪.[195‬‬
‫}ول تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ً بل أحياء عند ربهــم‬
‫يرزقون{ ]آل عمران ‪.[196‬‬

‫‪38‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫}إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بــأن لهــم الجنــة‬
‫يقاتلون في سبيل اللــه فيقتلــون ويقتلــون وعــدا ً عليــه حقـا ً فــي‬
‫التوراة والنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده مــن اللــه فاستبشــروا‬
‫ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم{‪].‬التوبة ‪.[111‬‬
‫}والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلــوا أو مــاتوا ليرزقنهــم اللــه‬
‫رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين{]الحج‪.[58 :‬‬
‫}والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح‬
‫بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم{‪].‬محمد‪.[6-5 :‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي ‪ :‬أنه سأل جبريل عــن‬
‫هذه الية }ونفخ في الصور فصعق من فــي الســموات والرض إل‬
‫من شاء الله{ من الذين لم يشأ الله أن يصعقهم؟ " قال )‪ :(‬هم‬
‫شهداء الله " ]رواه الحاكم ووافقه الذهبي[‪.‬‬
‫عن أبي هريرة أن رسول الله ‪ ‬قال‪ " :‬الشهيد ل يجد مس القتــل‬
‫إل كما يجد أحدكم القرصة يقرصها " ]النسائي[‪.‬‬
‫وعن أنس بن مالك رضــي اللــه عنــه عــن النــبي ‪ ‬قــال‪ " :‬مــا مــن‬
‫نفس تموت لها عند الله خير يسرها أنهــا ترجــع إلــى الــدنيا ول أن‬
‫لها الدنيا وما فيها إل الشهيد‪ ،‬فــإنه يتمنــى أن يرجــع فيقتــل فــي‬
‫الدنيا لما يرى من فضل الشــهادة ")وفــي روايــة( " لمــا يــرى مــن‬
‫الكرامة "‪] .‬متفق عليه[‪.‬‬
‫ومعنى الحديث أن من دخل الجنة ل يحب أن يرجع إلى الــدنيا ولــو‬
‫ظم ما وجد من نعيــم الجنــة‪ ،‬وفـي‬ ‫ع َ‬‫كان يملك كل ما على الرض ل ِ‬
‫الحديث‪ " :‬موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيهــا " ]رواه‬
‫البخاري[‪ .‬إل الشهيد فإنه يحب أن يرجع إلى الــدنيا فُيقتــل مــرات‬
‫ومرات في سبيل الله لتتضاعف المنزلة العظيمة الــتي نالهــا فــي‬
‫جـ ّ‬
‫ل مــا‬ ‫َ‬
‫الجنة‪ ،‬ولذلك قال ابن حجر‪] :‬قال ابن بطال‪ :‬هذا الحديث أ َ‬
‫جاء في الشهادة[ ]فتح الباري جـ ‪ 6‬صـ ‪.[33‬‬
‫‪‬‬ ‫عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال‪ :‬سمعت رسول الله‬
‫يقول‪ " :‬أول ثلة تــدخل الجنــة‪ ،‬الفقــراء المهــاجرون الــذين تتقــى‬
‫بهم المكاره‪ ،‬إذا أمروا سمعوا وأطــاعوا‪ ،‬وإن كــانت للرجــل منهــم‬
‫حاجة إلى سلطان لم تقض له حتى يمــوت وهــي فــي صــدره‪ ،‬وإن‬
‫الله عز وجل ليدعو يوم القيامــة الجنــة فتــأتي بزخرفهــا وزينتهــا‪،‬‬
‫فيقــول‪ :‬أيــن عبــادي الــذين قــاتلوا فــي ســبيلي وقتلــوا أو أوذوا‬
‫وجاهدوا في سبيلي‪ ،‬أدخلوا الجنة‪ ،‬فيدخلونها بغير حساب‪ ،‬فتــأتي‬
‫الملئكــة فيســجدون‪ ،‬فيقولــون‪ :‬ربنــا نحــن نســبح بحمــدك الليــل‬
‫والنهار ونقدس لك‪ ،‬من هؤلء الذين آثرتهم علينــا؟ فيقــول الــرب‬

‫‪39‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫عــز وجــل‪ :‬هــؤلء عبــادي الــذين قــاتلوا فــي ســبيلي وأوذوا فــي‬
‫سبيلي‪ ،‬فتدخل عليهــم الملئكــة مــن كــل بــاب‪ :‬ســلم عليكــم بمــا‬
‫صــبرتم فنعــم عقــبى الــدار‪] .‬رواه أحمــد والــبزار وابــن حبــان‬
‫والطبراني والحاكم ووافقــه الــذهبي وقــال عنــه الهيثمــي رجــاله‬
‫ثقات[‪.‬‬
‫وعن ابــن عبــاس رضــي اللــه عنهمــا قــال‪ :‬قــال رســول اللــه ‪" :‬‬
‫الشهداء على بارق نهر باب الجنة فــي قبــة خضــراء يخــرج عليهــم‬
‫رزقهــم مــن الجنــة بكــرة وعشــيا‪] .‬رواه أحمــد والطــبراني وقــال‬
‫الهيثمي رجاله ثقات[‪.‬‬
‫وعن جابر رضي الله عنه قال‪ " :‬لقيني رسول الله ‪ ‬فقال لي يــا‬
‫جابر ما لي أراك منكسرًا‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول الله استشهد أبــي‪ ،‬قتــل‬
‫يوم أحد وترك عيال ً ودينًا‪ .‬قال‪ :‬أفل أبشرك بما لقي الله به أباك؟‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬بلى يا رسول الله‪ ،‬قال‪ :‬ما كلم الله أحــدا قــط إل مــن‬
‫ن علــي‬‫ي أباك فكلمه كفاحًا‪ .‬فقال‪ :‬يــا عبــدي تمـ ّ‬‫وراء حجاب‪ ،‬وأح ّ‬
‫أعطك‪ .‬قال‪ :‬يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية‪ .‬قال الرب عز وجــل‪:‬‬
‫إنه قد سبق مني أنهم إليها ل يرجعون‪ .‬قــال‪ :‬وأنزلــت هــذه اليــة‪:‬‬
‫}ول تحسبن الذين قتلوا فــي ســبيل اللــه أمواتــا{ ]رواه الترمــذي‬
‫وابن ماجة[‪.‬‬
‫وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال‪ " :‬لما قتل أبي جعلت‬
‫أكشف الثوب عن وجهه أبكي وينهــوني عنــه‪ ،‬والنــبي ‪ ‬ل ينهــاني‬
‫فجعلت عمتي فاطمة تبكي‪ ،‬فقال النبي ‪ :‬تبكيــن أو ل تبكيــن مــا‬
‫زالت الملئكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه‪] .‬متفق عليه[‪.‬‬
‫وعن مسروق رضي الله عنه قال‪ " :‬سألنا عبد الله عن هذه اليــة‪:‬‬
‫}ول تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهــم‬
‫يرزقون{ قال‪ :‬أما إنـا قـد ســألنا عـن ذلــك رسـول اللـه ‪ ‬فقــال‪:‬‬
‫أرواحهم في جوف طير خضر‪ ،‬لها قناديل معلقة بــالعرش‪ ،‬تســرح‬
‫من الجنة حيث شاءت‪ ،‬ثم تأوي إلى تلــك القناديــل‪ ،‬فــاطلع إليهــم‬
‫ربهم اطلعة فقال‪ :‬هل تشتهون شيئًا؟ قــالوا‪ :‬أي شــيء نشــتهي‬
‫ونحن نسرح من الجنة حيــث شــئنا‪ ،‬ففعــل ذلــك بهــم ثلث مــرات‪،‬‬
‫فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا‪ :‬يا رب نريــد أن تــرد‬
‫أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخــرى‪ .‬فلمــا رأى‬
‫أن ليس لهم حاجة تركوا‪] .‬رواه مسلم والترمذي وعبد الرزاق في‬
‫مصنفه[‪.‬‬
‫وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قــال‪ " :‬أصــيب حارثــة يــوم بــدر‬
‫وهو غلم‪ ،‬فجاءت أمــه إلــى النــبي ‪ ‬فقــالت‪ :‬يــا رســول اللــه قــد‬

‫‪40‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫عرفت منزلة حارثة مني‪ ،‬فإن يك فــي الجنــة أصــبر وأحتســب وإن‬
‫َ‬
‫هب ِل ْـ ِ‬
‫ت أو جنــة واحــدة‬ ‫و َ‬
‫تكن الخرى ترى ما أصــنع‪ .‬فقــال‪ :‬ويحــك أ َ‬
‫هي؟! إنها جنان كثيرة وإنه لفي جنة الفردوس‪.‬‬
‫وعــن أنــس رضــي اللــه عنــه أن النــبي ‪ ‬قــال‪ " :‬إذا وقــف العبــاد‬
‫للحساب‪ ،‬جــاء قــوم واضــعوا ســيوفهم علــى رقــابهم تقطــر دم ـًا‪،‬‬
‫فازدحما على باب الجنة‪ ،‬فقيل مــن هــؤلء؟ قيــل‪ :‬الشــهداء كــانوا‬
‫أحيــاء مرزوقيــن‪] .‬رواه الطــبراني وقــال المنــذري عنــه إســناده‬
‫حسن[‪.‬‬
‫وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول اللــه‬
‫‪ ‬قال‪:‬‬
‫" يغفر للشهيد كل ذنــب إل الــدين‪] .‬رواه مســلم وأحمــد والحــاكم‬
‫ووافقه الذهبي[‪.‬‬
‫وعن خالد بن معدان قال‪ :‬الشهداء أمناء الله قتلــوا أو مــاتوا علــى‬
‫فرشهم‪] .‬رواه أحمد وقال الهيثمي رجاله ثقات[‪.‬‬
‫وعن نعيم بن همار " أن رجل ً سأل النــبي ‪ :‬أي الشــهداء أفضــل؟‬
‫قال‪ :‬الذين إن يلقوا في الصف ل يلفتون وجــوههم حــتى يقتلــوا‪،‬‬
‫أولئك ينطلقون في الغرف العلى من الجنة‪ ،‬ويضحك إليهم ربهــم‪،‬‬
‫وإذا ضحك ربك إلى عبد فــي الــدنيا فل حســاب عليــه‪] .‬رواه أحمــد‬
‫والطبراني وأبي يعلى وابن المبارك وقال الهيثمي رجاله ثقات[‪.‬‬
‫وعن عبادة بن الصــامت رضــي اللــه عنــه عــن النــبي ‪ ‬قــال‪ " :‬إن‬
‫للشهيد عند الله سبع خصال‪ :‬أن يغفر له في أول دفعة مــن دمــه‪،‬‬
‫ويرى مقعده من الجنــة‪ ،‬ويحلــى حليــة اليمــان‪ ،‬ويجــار مــن عــذاب‬
‫القبر‪ ،‬ويأمن من الفــزع الكــبر‪ ،‬ويوضــع علــى رأســه تــاج الوقــار‪،‬‬
‫الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها‪ ،‬ويــزوج اثنــتين وســبعين مــن‬
‫الحور العين‪ ،‬ويشفع في سبعين إنســانا مــن أقــاربه‪] .‬رواه أحمــد‬
‫والطبراني والبزار وقال الهيثمي رجاله ثقات[‪.‬‬
‫وعن أنس رضي الله عنه قــال‪ :‬قــال رســول اللــه ‪ " :‬غــدوة فــي‬
‫سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها‪ ،‬ولقــاب قــوس أحــدكم‬
‫أو موضع قدم من الجنة خير من الدنيا وما فيها‪ ،‬ولو أن امرأة مــن‬
‫نساء أهل الجنة اطلعت إلى الرض لضاءت مــا بينهمــا ولملت مــا‬
‫بينهما ريحًا‪ ،‬ولنصيفها ‪-‬يعني الخمــار‪ -‬خيــر مــن الــدنيا ومــا فيهــا‪.‬‬
‫]رواه البخاري والترمذي والطبراني وقال الهيثمي إسناده جيد[‪.‬‬
‫وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال‪ " :‬أن النبي ‪ ‬قال‪ :‬إن المرأة‬
‫من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة‪ ،‬حــتى‬

‫‪41‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫يــرى مخهــا‪ ،‬وذلــك بــان اللــه عــز وجــل يقــول‪} :‬كــأنهن اليــاقوت‬
‫والمرجان{ ]رواه الترمذي وابن حبان[‪.‬‬
‫وهنا ينبغي التنبيه على عدة أمور متعلقة بالشهادة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫أول‪ ،‬أثر حب الستشهاد في النصر‪.‬‬
‫ثانيا‪ ،‬آفة التهور‪.‬‬
‫ثالثا‪ ،‬آفة الجبن‪.‬‬
‫رابعا‪ ،‬آفة الحجام‪.‬‬

‫أول‪ ،‬أثر حب الستشهاد في النصر‬


‫إن تمني الشهادة والحرص عليها من أعظم ما يدفع المــؤمن إلــى‬
‫القدام في القتال‪ ،‬ومن هنا كانت الشهادة هي ورقة النصــر فــي‬
‫ه‬‫ن الل ّ َ‬ ‫الدنيا كما أنها وثيقة دخول الجنة في الخرة‪ ،‬قال تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫فسهم َ‬ ‫َ‬
‫ة{]التوبــة‬ ‫جن ّـ َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫هـ ْ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫م ب ِـأ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال َ ُ‬ ‫مـ َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ن أن ُ َ ُ ْ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫شت ََرى ِ‬ ‫ا ْ‬
‫وض نقص العدد والعدة ـ كما هــي‬ ‫ع ّ‬ ‫‪ .[111‬والحرص على الشهادة ي ُ َ‬
‫هب أعداءهم خاصــة‬ ‫العادة ـ لدى المسلمين‪ ،‬كما أن هذا الحرص ي ُْر ِ‬
‫إذا علمت أن عدوك على النقيض من ذلك‪ ،‬فالكافر من أشد الناس‬
‫ة‬
‫خَر ُ‬ ‫داُر اْل ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ت ل َك ُ ْ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫حرصا على الحياة‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ } :‬‬
‫ن‬ ‫قي َ‬ ‫صـاِد ِ‬ ‫م َ‬ ‫كنُتـ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ت إِ ْ‬ ‫و َ‬ ‫مـ ْ‬ ‫وا ال ْ َ‬ ‫مّنـ ْ‬ ‫فت َ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنـا ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ص ً‬ ‫خال ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عن ْدَ الل ّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬
‫جدَن ّ ُ‬ ‫ول َت َ ِ‬‫ن َ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫م ِبال ّ‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي ِ‬ ‫ت أي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫قدّ َ‬ ‫ما َ‬ ‫دا ب ِ َ‬ ‫وهُ أب َ ً‬ ‫من ّ ْ‬ ‫ول َ ْ‬
‫ن ي َت َ َ‬ ‫َ‬
‫م ـُر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫شَر ُ‬ ‫َ‬
‫نأ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ع ّ‬ ‫و يُ َ‬‫م لـ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ح ـد ُ ُ‬ ‫ودّ أ َ‬ ‫كوا ي َ ـ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َ‬ ‫حَيا ٍ‬ ‫على َ‬ ‫س َ‬ ‫ص الّنا ِ‬ ‫حَر َ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬ ‫أ َل ْ َ‬
‫مَر{]البقرة‪.[96-94 :‬‬ ‫ع ّ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ع َ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ز ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫مَز ْ‬ ‫و بِ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ُ‬ ‫و َ‬
‫ة َ‬ ‫سن َ ٍ‬ ‫ف َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫س‬ ‫ص الّنــا ِ‬ ‫حَر َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫جدَن ّ ُ‬ ‫ول َت َ ِ‬ ‫دا{ و} َ‬ ‫وهُ أب َ ً‬ ‫من ّ ْ‬‫ن ي َت َ َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫فتأمل قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫ة{ وقارن هذا بقول النبي ‪ ‬في حديث أنس السابق " إل‬ ‫حَيا ٍ‬ ‫عَلى َ‬ ‫َ‬
‫الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فُيقتل عشر مرات لما يرى مــن‬
‫الكرامة "‪ .‬فبقدر ما يحرص المؤمن على الموت والشهادة بقدر ما‬
‫يخشى الكافر الموت ويحرص على الدنيا‪.‬‬
‫ولذا ينبغي غرس مفهوم الشهادة وفضلها في أذهان المســلمين‪،‬‬
‫وتقوية هذا المفهــوم بالعــداد اليمــاني ودراســة ســيرة الصــحابة‬
‫والسلف الصالح في الغــزوات‪ ،‬وأهميــة نبــذ الــترف والتعــود علــى‬
‫خشونة العيش ـ وإن كان المرء قادرا ً على الدنيا ـ فلهذه الخشونة‬
‫أثرها في الصبر في القتال‪.‬‬
‫وهنا ينبغي التنبيه على أن حب الستشــهاد هــو جــزء مــن سياســة‬
‫الردع الذي هو مبدأ من أهم مبــادئ الجهــاد عنــد المســلمين‪ ،‬قــال‬

‫‪42‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫رســول اللــه ‪ " :‬نصــرت بــالرعب مســيرة شــهر"]رواه البخــاري[‬
‫باعتبار عدم الخصوصية‪.‬‬

‫ويتحقق مبدأ الردع بالعمل على محورين‬


‫‪ ،1‬محور الكم )المحــور الفقــي(‪ ،‬وهــو الــوارد فــي قــوله تعــالى‪:‬‬
‫ه‬
‫ن ب ِـ ِ‬
‫هب ُــو َ‬ ‫ل ت ُْر ِ‬‫خي ْـ ِ‬ ‫ط ال ْ َ‬ ‫رب َــا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫و ِ‬‫ة َ‬ ‫و ٍ‬‫ق ّ‬‫ن ُ‬ ‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫عت ُ ْ‬‫ست َطَ ْ‬‫ما ا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫دوا ل َ ُ‬ ‫ع ّ‬‫وأ َ ِ‬‫} َ‬
‫ما‬
‫و َ‬‫م َ‬‫ه ْ‬‫م ُ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫مون َ ُ‬‫عل َ ُ‬‫م ل تَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫ن ُ‬‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬
‫وآ َ‬‫م َ‬ ‫وك ُ ْ‬‫عد ُ ّ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و الل ّ ِ‬ ‫عد ُ ّ‬‫َ‬
‫َ‬
‫ن{‬ ‫مــو َ‬‫م ل ت ُظْل َ ُ‬ ‫وأن ْت ُـ ْ‬‫م َ‬ ‫ف إ ِل َي ْك ُـ ْ‬‫و ّ‬ ‫ه ي ُـ َ‬‫ل الل ّـ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫ء ِ‬‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫قوا ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ُتن ِ‬
‫]النفــال‪ .[60 :‬والــردع فــي هــذه اليــة ظــاهر فــي قــوله تعــالى‪:‬‬
‫ه{ ووســيلة القــوة‪ ،‬ومفــردات هــذه القــوة هــي مــال‬ ‫ن ب ِـ ِ‬ ‫هب ُــو َ‬ ‫}ت ُْر ِ‬
‫ورجال وسلح‪.‬‬
‫قان‪ ،‬شــق مــادي برفــع‬ ‫ش ّ‬ ‫‪ ،2‬ومحور الكيف )المحور الرأسي(‪ ،‬وله ِ‬
‫الكفـاءة القتاليـة للفـرد المســلم‪ ،‬قــال ‪ " :‬المـؤمن القـوي خيــر‬
‫ب إلى الله من المؤمن الضعيف "]رواه مسلم[‪ .‬وشــق معنــوي‬ ‫وأح ّ‬
‫بغرس مفاهيم حب الستشهاد والصبر في نفوس المسلمين‪ ،‬قال‬
‫طــوا{]آل عمــران‪ .[200 :‬وقــال‬ ‫وَراب ِ ُ‬‫صــاب ُِروا َ‬‫و َ‬ ‫صــب ُِروا َ‬‫تعــالى‪} :‬ا ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫مــ ْ‬
‫ن ِ‬
‫جو َ‬
‫وت َْر ُ‬
‫ن َ‬ ‫ما ت َأل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫م ي َأل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫كوُنوا ت َأل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ن تَ ُ‬‫تعالى‪} :‬إ ِ ْ‬
‫ن{]النساء‪ .[104 :‬وقال رسول الله ‪:‬‬ ‫جو َ‬ ‫ما ل ي َْر ُ‬
‫ه َ‬‫الل ّ ِ‬
‫" واعلم أن النصر مع الصبر "‪.‬‬
‫وإن تقــوى اللــه ‪ ‬بفعــل الطاعــات وتــرك المعاصــي تــؤثر تــأثيرا ً‬
‫مباشرا ً في ميدان القتال‪ ،‬وقد تضمن الله تعالى للمتقيــن بزلزلــة‬
‫ب{‬ ‫عــ َ‬‫فُروا الّر ْ‬ ‫ن كَ َ‬‫ذي َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫قُلو ِ‬ ‫في ُ‬ ‫قي ِ‬ ‫سأ ُل ْ ِ‬
‫عدوهم كما قال تعالى‪َ } :‬‬
‫وا‬ ‫ول ّـ ْ‬
‫ف ـُروا ل َ َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّـ ِ‬ ‫قــات َل َك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ول َـ ْ‬
‫]النفــال‪ .[12 :‬وقــال تعــالى‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫قب ْ ُ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫خل َ ْ‬
‫قد ْ َ‬‫ه ال ِّتي َ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫سن ّ َ‬‫صيًرا ُ‬ ‫ول ن َ ِ‬ ‫ول ِّيا َ‬‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫ج ُ‬
‫م ل يَ ِ‬ ‫الدَْباَر ث ُ ّ‬
‫ديل{]الفتــح‪ .[23-22 :‬ولهــذا فــإن التقــوى‬ ‫ة الل ّـ ِ‬
‫ه ت َب ْـ ِ‬ ‫سن ّ ِ‬
‫جد َ ل ِ ُ‬‫ن تَ ِ‬‫ول َ ْ‬
‫َ‬
‫والعمل الصالح هي جزء ل يتجزأ من سياســة الــردع‪ .‬وهــذا الفهــم‬
‫كان واضحا ً ومستقرا ً في أذهان الرعيل الول من هـذه المـة كمــا‬
‫ه لغــزو‬ ‫ر ِ‬‫يتضح من رسالة عمر إلى سعد بن أبي وقــاص فــي مســي ِ‬
‫الفرس رضي الله عنهما‪.‬‬

‫ثانيا ً آفة التهور‬


‫الشهادة ليســت مقصــودة لــذاتها ــ إل فــي مــواطن نعلمهــا ــ بــل‬
‫لظهــار الــدين‪ ،‬ل بــأس بتمنــي الشــهادة والتعــرض لهــا بــالتغرير‬
‫بالنفس فــي القتــال علــى أل تكـون هــي المقصـد الول مـن هـذا‬
‫التغرير‪ ،‬بل يكون المقصد الول هو إظهار الدين‪ ،‬وبمعنــى آخــر ل‬

‫‪43‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ينبغي للمسلم أن يقتحم القتال لمجرد الشــهادة دون النظــر إلــى‬
‫ما يوقعه بالعدو من نكاية‪ .‬والدليل على هذا‪:‬‬
‫قول النبي ‪ " :‬من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في‬ ‫∗‬
‫سبيل الله "]متفق عليه[‪ .‬فجعل ‪ ‬المقصــد مــن الجهــاد هــو إعلء‬
‫كلمة الله ل الشهادة التي قد تقع وقد ل تقع‪ ،‬وهي ل تقع إل لمن‬
‫ء{‬
‫دا َ‬
‫ه َ‬
‫ش َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م ُ‬ ‫خذ َ ِ‬
‫وي َت ّ ِ‬
‫اختاره الله تعالى لهذه المنزلة‪ ،‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫]آل عمران‪.[140 :‬‬
‫ومــن الناحيــة العمليــة يمكننــا القــول بــأن المســلم ي ُ ْ‬
‫قــدم علــى‬
‫ض النظر عما يصــيبه فــي نفســه‪،‬‬ ‫غ ّ‬‫المشاركة في أي عمل قتالي ب َ‬
‫ض النظر عن نتيجة هذا العمل القتالي بشروط أربعة‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫غ ّ‬‫وب َ‬
‫الول‪ :‬المشروعية‪ :‬وهي معرفة حكم هذا الجهاد هــل هــو مشــروع‬
‫واجب أم ل؟ ويكون ذلــك أساسـا ً بمعرفــة حـال العــدو وحكــم اللــه‬
‫تعالى فيه؟‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الراية‪ :‬ل يكفي أن يكون عدوك كافرا ً مستحقا ً للقتال‪ ،‬بــل‬
‫يجب عليك إذا كنت ستقاتل هذا العـدو مـع طائفـة أن تعـرف رايـة‬
‫هذه الطائفة وهويتها‪ ،‬هل الراية إسلمية أم ل؟‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الجدوى العسكرية‪ ،‬فل يجــوز القــدام علــى القتــال إل بعــد‬
‫دراســة الجــدوى العســكرية منــه‪ ،‬إذ المقصــد الصــلي للجهــاد هــو‬
‫إظهار الدين‪ ،‬وقد يكون العمل العسكري فرعيـا ً وجـدواه قليلـة إل‬
‫أنه يصب في الخطة العسكرية العامة‪ ،‬كالسرايا الــتي يبعثهــا أميــر‬
‫الجيش وقد تكون الجدوى سياسية محضة كإرهاب العدو وهذا كلــه‬
‫عَتبر‪ .‬والمرجع في تقدير الجدوى مــن القتــال هــو الميــر وليــس‬ ‫م ْ‬
‫ُ‬
‫هذا لعموم الفراد لن المــور الجتهاديــة متروكــة لتقــدير الميــر‪.‬‬
‫قــى بــه "]رواه‬ ‫قاَتــل مــن ورائه وي ُت ّ َ‬
‫جّنــة ي ُ َ‬
‫قــال ‪ " :‬إنمــا المــام ُ‬
‫مســلم[‪ .‬وقــال ابــن قدامــة‪) :‬وأمــر الجهــاد موكــول إلــى المــام‬
‫واجتهــاده ويلــزم الرعيــة طــاعته فيمــا يــراه مــن ذلــك( ]المغنــي‬
‫والشرح الكبير ‪.[10/373‬‬
‫الرابع‪ :‬الخذ بإجراءات الســلمة والمــن‪ :‬وقــد يكــون هــذا بتشــديد‬
‫الحراسة علــى الهــداف والجنــد‪ ،‬وقــد يكــون باســتخدام الســاليب‬
‫الخداعية‪ ،‬وقــد يكــون كــذلك بالخــذ بــإجراءات الســلمة الشخصــية‬
‫كلبس الدروع ونحوه وحفر الخنادق ونحوه كما فعله رسول اللــه ‪‬‬
‫فلبس الدرع وحفر الخندق مع كونه معصوما ً من إيذاء الناس‪ ،‬قال‬
‫س{]المــائدة‪ .[67 :‬فهــو إنمــا فعــل‬
‫ن الّنا ِ‬
‫م ْ‬ ‫م َ‬
‫ك ِ‬ ‫ص ُ‬
‫ع ِ‬ ‫والل ّ ُ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫تعالى‪َ } :‬‬
‫هذا تشريعا ً لنا‪ ،‬وإذا كان القتل والجراح بقدر الله تعالى فــالواجب‬
‫دفع هذا القدر بالسباب المشروعة والتي هي من قدر الله تعــالى‬

‫‪44‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫أيضا‪ ،‬ل الستسلم للقتل والجراح‪ ،‬وإل لزم قــائل هــذا القــول أن‬
‫يستســلم للعــدو الكــافر أيض ـا ً فهــذا العــدو مــن قــدر اللــه تعــالى‪،‬‬
‫فالواجب هو الدفع‪.‬‬
‫فهذه الشروط الربعة )المشروعية ـ الراية ـ الجدوى العســكرية ـــ‬
‫عي َْتها فــي‬ ‫خذ ْ َ‬
‫ت بها أيها المسلم ورا َ‬ ‫إجراءات السلمة والمن( إذا أ َ‬
‫القتال فأقدم وتوكل على الله تعالى‪ ،‬ول تعبأ بمــا أصــابك ول بمــا‬
‫تجنيه من هذا القتال‪ ،‬فهذا متروك لله تعالى‪.‬‬

‫ثالثا ً آفة الجبن‬


‫على نقيض ما سبق تجد أن داء الجبن والوهن )حب الدنيا وكراهــة‬
‫الموت( داء عضال يؤدي إلــى تــداعي المــم علــى المســلمين كمــا‬
‫تداعى الكلة إلى قصعتها‪ ،‬كما في حديث ثوبان‪ ،‬وعلج هــذا الــداء‬
‫يكون بنبذ الترف كما أشرنا إليه من قبــل ويكــون أساس ـا ً بترســيخ‬
‫عقيدة اليمــان بالقــدر بــأن يعلــم المســلم أن مــا أصــابه لــم يكــن‬
‫ليخطئه وأن مــا أخطــأه لــم يكــن ليصــيبه‪ ،‬فالجــل محــدد ســلفا‪،‬‬
‫والرزق كذلك‪ ،‬وكل ما يصيب العبد مقدر عند الله تعالى‪.‬‬
‫م إ ِل ّ‬ ‫س ـك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫فــي أ َن ْ ُ‬ ‫ول ِ‬ ‫ض َ‬ ‫في الْر ِ‬
‫َ‬ ‫ة ِ‬ ‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫صا َ‬ ‫ما أ َ‬
‫َ‬
‫قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ْ‬ ‫ن ن َب َْرأ َ َ‬ ‫َ‬
‫وا‬ ‫سـ ْ‬ ‫ســيٌر ل ِك َْيل ت َأ َ‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫عل َــى الل ّـ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫ها إ ِ ّ‬ ‫لأ ْ‬ ‫قب ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫في ك َِتا ٍ‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫خت َــا ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫ب ك ُـ ّ‬ ‫حـ ّ‬ ‫ه ل يُ ِ‬ ‫والل ّـ ُ‬ ‫م َ‬ ‫مــا آت َــاك ُ ْ‬ ‫حــوا ب ِ َ‬ ‫فَر ُ‬ ‫ول ت َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫فــات َك ُ ْ‬ ‫مــا َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫َ‬ ‫ن ل ِن َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫مــو َ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫سأ ْ‬ ‫فــ ٍ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ر{]الحديد‪ .[23-22 :‬وقال تعالى‪َ } :‬‬ ‫خو ٍ‬ ‫ف ُ‬
‫ذا‬ ‫فـإ ِ َ‬ ‫جل{]آل عمـران‪ .[145 :‬وقـال تعـالى‪َ } :‬‬ ‫ؤ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ك َِتاًبا ُ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫إ ِل ّ ب ِإ ِذْ ِ‬
‫ن{]العــراف‪.[34 :‬‬ ‫مو َ‬ ‫د ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫سـت َ ْ‬ ‫ول ي َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ع ً‬‫ســا َ‬ ‫ن َ‬ ‫خُرو َ‬ ‫سـت َأ ْ ِ‬ ‫م ل يَ ْ‬ ‫هـ ْ‬ ‫جل ُ ُ‬
‫َ‬
‫جاءَ أ َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫خل ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ق ُ‬ ‫ع َ‬ ‫م ُ‬ ‫ج َ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫حدَك ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫وعن ابن مسعود ‪ ‬أن رسول الله ‪ ‬قال‪ " :‬إ ِ ّ‬
‫ن‬ ‫كــو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ك ثُ ّ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ة ِ‬ ‫ق ً‬ ‫عل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫كو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫فة ث ُ ّ‬ ‫ما ن ُطْ َ‬ ‫و ً‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫عي َ‬ ‫ه أ َْرب َ ِ‬ ‫م ِ‬
‫ُ‬
‫نأ ّ‬ ‫ْ‬
‫في ب َط ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫مل َ ُ‬
‫ع‬ ‫مُر ب ِأْرب َ ِ‬ ‫ؤ َ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ه الّرو َ‬ ‫في ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫في َن ْ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ل إ َِليه ال ْ َ‬ ‫س ُ‬ ‫م ي ُْر َ‬ ‫ك ثُ ّ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ة ِ‬ ‫غ ً‬ ‫ض َ‬‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫د"]متفق عليه[‪.‬‬ ‫عي ٌ‬ ‫س ِ‬ ‫و َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ق ّ‬ ‫ش ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫مل ِ ِ‬ ‫ع َ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫جل ِ ِ‬‫وأ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ق ِ‬ ‫رْز ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫ت ب ِك َت ْ ِ‬ ‫ما ٍ‬ ‫ك َل ِ َ‬
‫وعن ابن مسعود أن رسول اللــه ‪ ‬قــال‪ " :‬إن روح القــدس نفــث‬
‫في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها‪ ،‬واتقوا‬
‫الله وأجملوا في الطلب " ]رواه أبو نعيم بسند صحيح وصححه ابن‬
‫ره‬ ‫دران مفروغ منهما‪ ،‬ولهذا ك َ ِ‬ ‫حبان والحاكم[‪ .‬فالرزق والجل مق ّ‬
‫ن‬ ‫مـ ْ‬ ‫كثير من السلف الدعاء بطول العمر‪ ،‬أما ما ورد فــي حــديث " َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه"‬ ‫مـ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ل َر ِ‬ ‫صـ ْ‬ ‫فل ْي َ ِ‬‫ه َ‬ ‫ر ِ‬ ‫فــي أث َـ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫سـأ ل َـ ُ‬ ‫وي ُن ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ق ِ‬ ‫رْز ِ‬ ‫في ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ط لَ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ن ي ُب ْ َ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫أ َ‬
‫م غيــره بــأن المــراد البركــة‬ ‫جـَز َ‬ ‫جح ابن حجر و َ‬ ‫]متفق عليه[‪ .‬فقد ر ّ‬
‫در منهما‪ ،‬وأورد بعــض الثــار الــتي‬ ‫ق ّ‬ ‫في الرزق والعمر ل زيادة ما ُ‬

‫‪45‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫تشهد بهذا‪] .‬فتح الباري ‪ .[416-10/415‬فليكن معلوم ـا ً أن الجهــاد‬
‫ل يقرب أجل ً ول يمنع رزقا‪.‬‬

‫رابعا ً آفة الحجام‬


‫والذي نعنيه بالحجام هنا‪ ،‬أن حب النصر مركــوز فــي النفــس كمــا‬
‫ب{]الصــف‪:‬‬ ‫ري ـ ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح َ‬ ‫فت ْ ـ ٌ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫صٌر ِ‬ ‫ها ن َ ْ‬ ‫حّبون َ َ‬ ‫خَرى ت ُ ِ‬ ‫وأ ُ ْ‬ ‫قال تعالى‪َ } :‬‬
‫‪ .[13‬وقد ينقلب هــذا الحــب إلــى آفــة تجعــل المســلم ُيحجــم عــن‬
‫قت َــل ول‬ ‫المشــاركة فــي المعــارك الوليــة أو الثانويــة خشــية أن ي ُ ْ‬
‫يعيش ليرى يوم النصر الحاسم‪ ،‬وهذا من الجهــل بحقيقــة واجبــه‪،‬‬
‫فالمسـلم مـأمور شـرعا ً بالجهـاد وليـس بتحقيـق النصـر الحاسـم‪،‬‬
‫فسواء تحقق النصر على يديه أو على أيدي إخــوانه أو أبنــائه فهــو‬
‫قد أدى واجبه بجهاده ووقع أجره علــى اللــه تعــالى‪ ،‬إن شــاء اللــه‬
‫تعالى‪.‬‬
‫م‬‫ه ث ُـ ّ‬ ‫ســول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫جًرا إ ِل َــى الل ّـ ِ‬ ‫هــا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن ب َي ْت ِـ ِ‬ ‫مـ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫خُر ْ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫قال تعالى‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫عى‬ ‫ســ َ‬ ‫ه{]النساء‪ .[100:‬فهذا َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫جُرهُ َ‬ ‫عأ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬‫قد ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ت َ‬ ‫و ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫رك ْ ُ‬ ‫ي ُدْ ِ‬
‫صل إلــى‬ ‫جًرا{ ولم ي َ ِ‬ ‫ها ِ‬ ‫م َ‬‫ه ُ‬ ‫ن ب َي ْت ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫خُر ْ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫في الهجرة الواجبة‪َ } :‬‬
‫ت قبلها‪ ،‬ومع ذلك وقع أجره على الله تعــالى‪.‬‬ ‫غايته بل أدركه المو ُ‬
‫وأوضح من هذا بيان المراد‪:‬‬
‫ك بأ َن ّهم ل يصيبهم ظَ ٌ‬
‫في‬ ‫ة ِ‬ ‫ص ٌ‬ ‫م َ‬ ‫خ َ‬ ‫م ْ‬ ‫وَل َ‬ ‫ب َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫ول ن َ َ‬ ‫مأ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ِ ُ ُ ْ‬ ‫قوله تعالى‪} :‬ذَل ِ َ ِ ُ ْ‬
‫و ن َْيل‬ ‫ع ـد ُ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫مـ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ول ي ََناُلو َ‬ ‫فاَر َ‬ ‫ظ ال ْك ُ ّ‬ ‫غي ُ‬ ‫وطًِئا ي َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ول ي َطَُئو َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ول‬ ‫ن َ‬ ‫سـِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جـَر ال ْ ُ‬ ‫عأ ْ‬ ‫ضــي ُ‬ ‫ه ل يُ ِ‬ ‫ن الل ّـ َ‬ ‫ح إِ ّ‬ ‫صــال ِ ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫مـ ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫ه َ‬ ‫م ب ِـ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫إ ِل ّ ك ُت ِ َ‬
‫م‬ ‫هـ ْ‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫واِدي ًــا إ ِل ّ ك ُت ِـ َ‬ ‫ن َ‬ ‫عــو َ‬ ‫قطَ ُ‬ ‫ول ي َ ْ‬ ‫ول ك َِبي ـَرةً َ‬ ‫غيَرةً َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ق ً‬ ‫ف َ‬ ‫ن نَ َ‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ُين ِ‬
‫َ‬
‫ن{]التوبــة‪ .[121-120 :‬فهــذه‬ ‫مل ُــو َ‬ ‫ع َ‬ ‫كاُنوا ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫زي َ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ل ِي َ ْ‬
‫الية لم تترك شيئا مما يكابده المسلم في جهاد أعداء اللــه تعــالى‬
‫ي بــه صــاحبه‪ ،‬ولــم يشــترط لهــذا‬ ‫ز ّ‬ ‫جـ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫إل وقررت أنه عمــل صــالح َ‬
‫إدراك الغاية والنصر‪.‬‬
‫وبالضافة إلى هذا ينبغي أن يكون معلوما ً أن من جاهد ولم يــدرك‬
‫ة أو نصرا ً هو أعظم أجرا ً عند الله تعالى ممن أدرك الغنيمة أو‬ ‫غنيم ً‬
‫و‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬
‫ةأ ْ‬ ‫زي َـ ٍ‬ ‫غا ِ‬ ‫مـ ْ‬ ‫مــا ِ‬ ‫النصر‪ ،‬وهذا ُيستفاد من قــول رســول اللــه ‪َ " :‬‬
‫ُ‬
‫مــا‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫جــو ِ‬ ‫يأ ُ‬ ‫جل ُــوا ث ُل ُث َـ ْ‬ ‫ع ّ‬ ‫ق ـد ْ ت َ َ‬ ‫كاُنوا َ‬ ‫م ِإل َ‬ ‫سل َ ُ‬ ‫وت َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫غن َ ُ‬ ‫فت َ ْ‬ ‫غُزو َ‬ ‫ة تَ ْ‬ ‫ري ّ ٍ‬‫س ِ‬ ‫َ‬
‫م "]رواه مســلم[‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬
‫ه ْ‬‫جــوُر ُ‬ ‫مأ ُ‬ ‫ب ِإل َتــ ّ‬ ‫صا ُ‬ ‫وت ُ َ‬ ‫ق َ‬ ‫ف ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫ة تُ ْ‬ ‫ري ّ ٍ‬ ‫س ِ‬ ‫و َ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫زي َ ٍ‬ ‫غا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ومثله حديث خباب بــن الرت رضـي اللـه عنــه قـال‪ " :‬هاجرنـا مـع‬
‫مّنــا‬ ‫رسول الله ‪ ‬نلتمس وجه الله تعالى فوقع أجرنا على الله‪ ،‬ف ِ‬
‫ن مات ولم يأكل من أجره شيئا منهم مصعب بن عميــر ‪ ،‬قتــل‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫مــرة فكنــا إذا غطينــا بهــا رأســه بــدت رجله وإذا‬ ‫يوم أحــد وتــرك ن َ ِ‬

‫‪46‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫غطينا رجليه بــدا رأســه‪ ،‬فأمرنــا رســول اللــه ‪ ‬أن نغطــى رأســه‬
‫ونجعل على رجليه شيئا من الذخر‪ ،‬ومنا مــن أينعــت )أي نضــجت(‬
‫ذُبها )أي يقطفها( "]متفق عليه[‪.‬‬ ‫ه ِ‬
‫له ثمرته فهو ي َ ْ‬

‫‪47‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫حكم مفارقة الجماعة‬
‫وترك الجهاد والركون‬
‫إلى الكفار‬
‫)أصل هذا الفصل بيان صدر عن اللجنة الشرعية لجماعة أنصار‬
‫السلم في العراق –كردستان(‬
‫قال تعالى‪}:‬ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولــوا آمنــا و هــم ل‬
‫يفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الــذين صــدقوا و‬
‫ليعلمن الكاذبين{‪.‬‬
‫و قال تعالى‪} :‬ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم و الصــابرين‬
‫و نبلو أخباركم{‪.‬‬
‫وقال سبحانه‪} :‬من المؤمنين رجال صدقوا مــا عاهــدوا اللــه عليــه‬
‫فمنهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديل{‪ .‬فــإنه‬
‫ما من أمة إل ابتليــت بالبأســاء و الضــراء فالحيــاة الــدنيا دار بلء و‬
‫امتحان فكل ما على الرض من زينة إنمــا جعــل للبتلء و الختبــار‬
‫ثم ينتهي الى فناء و زوال‪ .‬قال تعالى‪} :‬إنا جعلنا مـا علـي الرض‬
‫زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عمل ً * و إنا لجاعلون ما عليها صعيدا ً‬
‫جرزا{‪ .‬و الله يبتلي عبــاده بــأنواع البلء حــتى يعــودوا الــى دينهــم‬
‫الذي فطرهم عليه و اجتالتهم عنه شياطين النس و الجن‪ ،‬و حتى‬
‫يمحص الله عباده و يميز بين الصــادق و الكــاذب و بيــن المــؤمن و‬
‫المنافق سنه الله في خلقه و البلء على حسب قوه اليمان‪ .‬حتى‬
‫يرتفع به العبد المؤمن في مقامات العبوديــة لــرب العــالمين‪ ،‬كمــا‬
‫أخبر بذلك نبينا محمد صلي الله عليه و سلم بقوله‪ " :‬أشــد النــاس‬
‫بلءا ً النبياء ثم الصالحون ثــم المثــل فالمثــل‪ ،‬وأن العبــد ليبتلــى‬
‫على حسب دينه فإن كان فيه شدة زيد في بلءه‪ ".‬وقــال تعــالى‪:‬‬
‫}أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم‬
‫مستهم البأساء و الضراء و زلزلــوا حــتى يقــول الرســول و الــذين‬
‫آمنوا معه متي نصر الله أل إن نصر الله قريب{ وممــا ابتلــى اللــه‬
‫به عبــاده المــؤمنين أن فــرض عليهــم قتــال أعــدائه مــن الكفــار و‬
‫المنافقين –والمرتدين‪ -‬حــتى يكــون الــدين كلــه للــه‪ ،‬قــال تعــالى‪:‬‬

‫‪48‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫}كتب عليكم القتال و هو كره لكم و عسى أن تكرهوا شــيئا ً و هــو‬
‫خير لكم و عسى أن تحبوا شيئا ً و هو شر لكم و الله يعلم و أنتم ل‬
‫تعلمون{ و قال تعــالى‪} :‬وقــاتلوهم حــتى ل تكــون فتنــة و يكــون‬
‫الدين كله لله فإن انتهــوا فــإن اللــه بمــا يعملــون بصــير{ و يقــول‬
‫النبي صــلي اللــه عليــه و ســلم‪ " :‬جاهــدوا المشــركين بــأموالكم و‬
‫أنفسكم و ألسنتكم "‪ .‬و أمر الله عبــاده بالصــبر و المصــابرة علــى‬
‫جهاد الكفار‪ ،‬فقال تعالى‪} :‬يا أيها الذين آمنوا اصبروا و صابروا و‬
‫رابطـوا و اتقـوا اللـه لعلكــم تفلحــون{ و قــال سـبحانه فـي نعـت‬
‫المــؤمنين‪} :‬الــذين إذا أصــابتهم مصــيبة قــالوا إنــا للــه وإنــا إليــه‬
‫راجعون{ و قــال تعــالى عــن عظــم أجــر الصــابرين‪} :‬إنمــا يــوفى‬
‫الصابرون أجرهم بغير حساب{‪ .‬الجهاد في سبيل الله ذروه سنام‬
‫السلم كما أخبر النبي صلي الله عليه و سلم وبــه يتميــز المــؤمن‬
‫من المنــافق‪ .‬قــال تعــالى عــن المنــافقين‪} :‬و لــو أرادوا الخــروج‬
‫لعدوا له عدة و لكن كره الله انبعاثهم فثبطهم و قيل اقعدوا مــع‬
‫القاعدين{ و قال تعالى عنهم‪} :‬عفا الله عنك لم أذنت لهم حــتى‬
‫يتبين لك الذين صدقوا و تعلم الكاذبين{‪ .‬هذا فيمــن اسـتأذن مــن‬
‫النبي بترك الجهاد و أذن له بذلك فكيف بمن يتخلى عــن الجهــاد و‬
‫يترك المجاهدين و ينقض عهده ســبحانك ربنــا هــذا ضــلل عظيــم‪،‬‬
‫نعوذ بالله مــن موجبــات غضــبه‪ .‬أل فليعلــم المجاهــدون أن جهــاد‬
‫الكفار من مقتضى التوحيـد الـذي أحـد ركنيـه الكفـر بالطـاغوت و‬
‫الــبراءة منــه و مــن أوليــاءه‪ ،‬فل يقبــل اللــه تعــالى توحيــد عبــد إل‬
‫بالكفر بالطاغوت و البراءة منه و من أولياءه و من كل دين و ملــة‬
‫غير دين السلم و ملة محمد صلى اللــه عليــه و ســلم و ذلــك مــن‬
‫مقتضي شهادة‪:‬‬
‫)أن ل إله إل الله(‪ .‬قال تعــالى‪} :‬فمــن يكفــر بالطــاغوت و يــؤمن‬
‫بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ل انفصــام لهــا و اللــه ســميع‬
‫عليم{ و قال تعالى‪} :‬و لو كانوا يؤمنون بالله و النبي و مــا أنــزل‬
‫إليه ما اتخذوهم أولياء و لكن كثيرا ً منهم فاسقون{‪.‬‬
‫و قال النبي صلي الله عليه و سلم‪ " :‬من وحد الله و كفر بما يعبد‬
‫من دون الله فقد حرم ماله و دمه و حسابه على الله "‪.‬‬
‫إن موالة الكفــار و الركــون إليهــم مــن صــفات الكفــار و علمــات‬
‫المنافقين يصل به العبد الى الكفر الكبر أعاذنا الله من ذلك‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪} :‬بشــر المنــافقين بــأن لهــم عــذابا ً أليمــا * الــذين يتخــذون‬
‫الكـافرين أوليـاء مـن دون المـؤمنين أيبتغــون عنــدهم العـزة فــإن‬
‫العزة لله جميعا{‪.‬‬

‫‪49‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫إن ترك جهاد أعداء الله ذنب عظيم و رزية ما بعدها رزيــة‪ ،‬مــوجب‬
‫لغضب الرب و سخطه و سبب للذل و الهــوان‪ ،‬يقــول رســول اللــه‬
‫صــلي اللــه عليــه و ســلم‪ " :‬إذا تبــايعتم بالعينــة و رضــيتم بــالزرع‬
‫واتبعتم أذناب البقر و تركتم الجهاد سلط الله عليكــم ذل ً ل يرفعـه‬
‫عنكم حتى ترجعوا الى دينكم "‪.‬‬
‫وقــال تعــالى‪} :‬وإن تتولــوا يســتبدل قوم ـا ً غيركــم ثــم ل يكونــوا‬
‫أمثالكم{‪.‬‬
‫أما مــن أضــاف الــى تركــه فريضــة الجهــاد الركــون الــى الكفــار و‬
‫النحياز إليهم و مفارقة المــؤمنين المجاهــدين فقــد اقــترف إثم ـا ً‬
‫مبينا ً و استحق غضب الله و عذابه و بريــء منــه النــبي صــلي اللــه‬
‫عليه وسلم‪ ،‬قال تعالى‪} :‬و ل تركنوا الى الــذين ظلمــوا فتمســكم‬
‫النار و ما لكم من دون الله من أولياء ثم ل تنصرون{‪.‬‬
‫عليه‪ :‬فمن يسلم نفسه من المجاهدين للكفار طواعية مختــارا ً أو‬
‫يعلن عن موالتهم و يتبرأ من المجاهدين و يصــرح عــن نــدمه مــن‬
‫مشاركته جهاد الكفار و المرتدين فإنه يكــون بــذلك قــد خــرج عــن‬
‫ربقة السلم و كفر بالله و رسوله و دينه و حبط عملــه و جهــاده‪،‬‬
‫متوعد بالخلود فــي النــار إن مــات علــى ذلــك و ل ينفعــه أن قلبــه‬
‫مطمئن باليمان لقول الله تبارك و تعالى‪} :‬إل مــن أكــره و قلبــه‬
‫مطمئن باليمان و لكن من شرح بالكفر صــدرا{‪ .‬لنــه ســعى الــى‬
‫ذلك بنفسه راضــيا ً مختــارا ً غيــر مكــره بخلف مــن يقــع فــي أيــدي‬
‫الكفار من غير إرادة منه‪ ،‬كما ل ينفعه أن ما يصدر منه من أسباب‬
‫الكفر كان بسبب رغبته في لحوقه بأهله و التمتع بالحياة الــدنيا و‬
‫من غير اعتقاد بالقلب‪ ،‬فإن الكفر ل يكون باعتقاد القلــب خاصــة‪،‬‬
‫بل يكون الكفر بالقلب و العمل أيضا وأن سبب الكفر ل يمنع مــن‬
‫لحوقه بمن صدر منــه‪ .‬قـال تعــالى‪} :‬ذلــك بــأنهم اســتحبوا الحيــاة‬
‫الدنيا على الخرة وأن الله ل يهدي القوم الكــافرين{فــبين جــل و‬
‫عل أن كفرهــم لــم يكــن بســبب اعتقــادهم‪ ،‬إنمــا كفــروا بســبب‬
‫استحبابهم الحياة الدنيا و إيثارها على الخرة‪.‬‬
‫و قد يلبس الشيطان على البعض فيعدهم و يمنيهــم و مــا يعــدهم‬
‫الشــيطان إل غــرورا ً تمهيــدا ً ليقــاعهم فــي شــباكه و حبــائله‪،‬‬
‫فيصدهم عن سبيل الله و الجهاد في سبيله فيــدخل فــي قلــوبهم‬
‫الشبهات من مفارقة الجماعة المجاهدة لفترة محدودة و الختفــاء‬
‫في أماكن المرتدين المحاربين‪ ،‬حتى يستأنف الجهاد‪ ،‬حتى ينعــزل‬
‫عن المجاهدين و يبتعد عن ساحة الجهاد فيســهل علــى الشــيطان‬
‫إضلله فإن الذئب يأكل من الغنم القاصية‪.‬‬

‫‪50‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ومن وساوس الشيطان أن يتذرع المجاهد بأن يجاهــد بنفســه فــي‬
‫أماكن الكفار فيوقعه فـي مفارقـة الجماعـة و نقـض البيعـة علـى‬
‫الجهاد و المارة‪ ،‬و ذلك مـن كبــائر الـذنوب و عصـيان لمــن أوجـب‬
‫الله عليه طاعته‪ ،‬يقول النبي صلي الله عليه و سلم‪ " :‬مــن أطــاع‬
‫أميره فقد أطاعني و مــن أطــاعني فقــد أطــاع اللــه‪ ،‬ومــن عصــى‬
‫أميره فقد عصاني و من عصاني فقد عصــى اللــه "‪ .‬و يقــول اللــه‬
‫تعالى‪}:‬إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله و رسـوله و إذا كـانوا معــه‬
‫على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه{‪.‬‬
‫اللهم إنا نعوذ بك من الكفر بعد اليمان‪ ،‬ومن الضللة بعد الهداية‪،‬‬
‫اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك‪ ،‬و بمعافاتك مــن عقوبتــك وبــك‬
‫منك ل نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك‪،‬‬
‫اللهم ثبتنا علــى اليمــان‪ ،‬و العمــل لــدينك‪ ،‬و الجهــاد فــي ســبيلك‬
‫وتوفنا على ذلك‪ ،‬إنــك أنــت الســميع العليــم‪ .‬و صــلي اللــه و ســلم‬
‫على نبينا محمد و على آله و صحابته و سلم‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫وجوب الخروج‬
‫على الحكومات‬
‫‪1‬‬
‫الكافرة‬
‫ثبت في صحيحي البخاري ومسلم من حديث عبادة بن الصــامت ‪‬‬
‫أنه قال‪» :‬دعانا النبي ‪ ‬فبايعناه فقال فيما أخــذ علينــا أن بايعنــا‬
‫على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثــرة‬
‫علينا‪ ،‬وأن ل ننازع المر أهله‪ ،‬إل أن تروا كفرا بواحــا عنــدكم مــن‬
‫‪2‬‬
‫الله فيه برهان«‪.‬‬
‫وقال المام النووي‪» :‬قال القاضي عياض أجمــع العلمــاء علــى أن‬
‫المامة ل تنعقد لكافر وعلى أنه لو طرأ عليــه الكفــر انعــزل ‪-‬إلــى‬
‫قوله‪ -‬فلو طرأ عليه كفر وتغييــر للشــرع أو بدعــة خــرج عــن حكــم‬
‫الولية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه‬
‫ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلـك‪ ،‬فـإن لـم يقـع ذلـك إل لطائفـة‬
‫وجب عليهم القيام بخلع الكافر ول يجب في المبتــدع إل إذا ظنــوا‬
‫القدرة عليه‪ ،‬فإن تحققوا العجز لم يجب القيام‪ ،‬وليهاجر المســلم‬
‫‪3‬‬
‫عن أرضه إلى غيرها ويفر بدينه«‪.‬‬
‫وقال الحافظ ابن حجر‪ :‬في شرح قوله ‪" ‬عنــدكم مــن اللــه فيــه‬
‫برهان"‪ :‬أي نص آية أو خبر صحيح ل يحتمل التأويل‪ ،‬ومقتضاه أنــه‬
‫ل يجوز الخروج عليهم ما دام فعلهم يحتمل التأويل‪ ،‬قال النــووي‪:‬‬
‫المراد بالكفر هنا المعصية‪ ،‬ومعنى الحديث ل تنــازعوا ولة المــور‬
‫في وليتهم ول تعترضوا عليهــم إل أن تــروا منهــم منكــرا محققــا‬
‫تعلمونه من قواعد السلم‪ ،‬فإذا رأيتم ذلك فأنكروا عليهم وقولوا‬
‫بالحق حيثما كنتم‪ .‬انتهى‬
‫وقال غيره‪ :‬المراد بالثم هنا المعصــية والكفــر‪ ،‬فل يعــترض علــى‬
‫السلطان إل إذا وقع في الكفر الظاهر‪.‬‬

‫‪ 1‬ننقل هذا الفصل من كتاب أخينا الفاضل الشيخ أبي صهيب المالكي )أقوال الئمممة والممدعاة فممي بيممان ردة مممن‬
‫بدل الشريعة من الحكام الطغاة كتاب جامع لكثر من ‪ 200‬قول وفتوى في الحاكمية( من صفحة ‪.196-191‬‬
‫‪ 2‬اللفظ للبخاري‪ ،‬حديث رقم‪.7055،7056 :‬‬
‫‪ 3‬صحيح مسلم بشرح النووي ج ‪.12/229‬‬

‫‪52‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫إلى قوله‪» :‬ونقل ابن التين عن الداودي قال‪ :‬الــذي عليــه العلمــاء‬
‫في أمراء الجور أنه إن قدر على خلعه بغيـر فتنـة ول ظلـم وجـب‪،‬‬
‫وإل فالواجب الصبر‪ ،‬وعــن بعضــهم ل يجــوز عقــد الوليــة لفاســق‬
‫ء‪ ،‬فــإن أحـدث جــورا بعـد أن كــان عــدل فـاختلفوا فــي جــواز‬
‫ابتـدا ً‬
‫‪4‬‬
‫الخروج عليه‪ ،‬والصحيح المنع إل أن يكفر فيجب الخروج عليه«‪.‬‬
‫وقال الحافظ أيضا‪» :‬قــال ابــن بطــال‪ :‬وقــد أجمــع الفقهــاء علــى‬
‫وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خيــر مــن‬
‫الخروج عليــه لمــا فــي ذلــك مــن حقــن الــدماء وتســكين الــدهماء‪،‬‬
‫وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده‪ ،‬ولــم يســتثنوا مــن ذلــك إل‬
‫إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فل تجوز طاعته في ذلــك بــل‬
‫‪5‬‬
‫تجب مجاهدته لمن قدر عليها«‪.‬‬
‫يتبين لك مما ذكرناه من كلم العلمـاء أنهـم اختلفـوا فـي الخـروج‬
‫على الحاكم الفاســق أو المبتــدع وبعضــهم قيــده بالقــدرة‪ ،‬فقــال‬
‫القاضي عياض‪ :‬ول يجــب فــي المبتــدع إل إذا ظنــوا القــدرة عليــه‬
‫ونقل ابن التين عن الداودي قال‪ :‬الــذي عليــه العلمــاء فــي أمــراء‬
‫الجور أنه إن قدر على خلعه بغير فتنة ول ظلم وجب‪.‬‬
‫أما الحــاكم الكــافر فلــم يجــوزوا الخــروج عليــه فقــط بــل أوجبــوا‬
‫الخروج عليه فقال الحافظ ابن حجر‪ :‬والصحيح المنــع إل أن يكفــر‬
‫فيجب الخروج عليه‪ ،‬وقال ابــن بطــال‪ :‬إل إذا وقــع مــن الســلطان‬
‫الكفر الصريح فل تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر‬
‫عليها‪ ،‬وقال القاضي عياض‪ :‬فإن لــم يقــع ذلــك إل لطائفــة وجــب‬
‫عليهم القيام بخلع الكافر‪.‬‬

‫وجوب العداد عند العجز‬


‫ولكن رغم وضوح الدلة في كفر هذه الحكومــات ووجــوب الخــروج‬
‫عليها فإنه قــد يقــول قــائل فإننــا ل نســتطيع الخــروج عليهــم ول‬
‫طاقة لنا بهم‪ ،‬وقد قال تعــالى }ل يكلــف اللــه نفســا إل وســعها{‬
‫]البقرة‪ ،[286:‬ونقول إن هذا صحيح من وجــه فــإن اللــه تعــالى ل‬
‫يكلف العبد ما ل يســتطيع‪ ،‬ولكــن عــدم القــدرة ل يســقط العــداد‬
‫لتحصيل القدرة‪ ،‬فالذي يجب على المســلمين هــو أن يعــدوا العــدة‬
‫حتى يستطيعوا الخروج على الحــاكم الكــافر وخلعــه والدلــة علــى‬
‫ذلك هي‪:‬‬

‫فتح الباري ج ‪ ،13/10‬ط‪ :‬دار الريان للتراث‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫فتح الباري ج ‪.13/9‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪53‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫قوله تعالى }وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومــن ربــاط الخيــل‬
‫ترهبون به عدو الله وعدوكم{ ]النفال‪.[60 :‬‬
‫قال المام القرطـبي‪ :‬أمـر اللـه سـبحانه المـؤمنين بإعـداد القـوة‬
‫للعداء‪ ،6.‬والمر يحمل على الوجوب ما لم تصرفه قرينة كما قــال‬
‫علماء الصول‪.‬‬
‫وقــوله تعــالى }ولــو أرادوا الخــروج لعــدوا لــه عــدة ولكــن كــره‬
‫انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين{ ]التوبة‪.[46 :‬‬
‫قال المام الجصاص في تفسير هذه الية‪ :‬العدة ما يعده النســان‬
‫ويهيئه لما يفعله في المستقبل وهو نظير الهبة وهذا يــدل علــى‬
‫وجوب الســتعداد للجهــاد قبــل وقــت وقــوعه وهــو كقــوله تعــالى‬
‫‪7‬‬
‫}وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل{‪.‬‬
‫وقال شــيخ الســلم ابــن تيميــة‪ :‬يجــب الســتعداد للجهــاد‪ ،‬بإعــداد‬
‫القــوة وربــاط الخيــل فــي وقــت ســقوطه للعجــز فــإن مــا ل يتــم‬
‫‪8‬‬
‫الواجب إل به فهو واجب‪.‬‬
‫وقال المام النووي فــي تعقيبــه علــى قــول النــبي ‪» ‬مــن علــم‬
‫الرمي ثم تركه فليس منا ‪-‬أوقد عصى‪ :«-‬هــذا تشــديد عظيــم فــي‬
‫نسيان الرمي بعد علمه‪ ،‬وهو مكروه كراهــة شــديدة لمــن تركــه بل‬
‫‪9‬‬
‫عذر«‪.‬‬
‫فإذا كان هذا الزجــر والوعيــد فــي حــق مــن تعلــم الرمايــة ثــم لــم‬
‫يــواظب علــى التــدريب حــتى ل ينســاها‪ ،‬فكيــف بمــن لــم يتعلمهــا‬
‫ء؟‬
‫ابتدا ً‬
‫لقد تبين لك مما سبق وجوب العداد للجهاد وأن ترك العــداد مــن‬
‫صفات المنافقين‪ ،‬وقد بين النبي ‪ ‬المقصود بــالقوة الــتي يجــب‬
‫إعدادها في الحديث الذي رواه مسلم عــن عقبــة بــن عــامر رضــي‬
‫الله عنه " قال‪ :‬ســمعت رســول اللــه ‪ ‬وهــو علــى المنــبر يقــول‬
‫وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة أل إن القوة الرمي‪ ،‬أل إن القوة‬
‫‪10‬‬
‫الرمي‪ ،‬أل إن القوة الرمي "‪.‬‬
‫ولكني أريد التنبيه هنا على عدة أمور‪:‬‬

‫‪ ()6‬الجامع لحكام القرآن ج ‪ ،8/35‬ط‪ :‬مكتبة الغزالي‪.‬‬


‫‪ ()7‬أحكام القرآن ج ‪.3/119،120‬‬
‫‪ ()8‬مجموع الفتاوى ج ‪.28/259‬‬
‫‪ ()9‬صحيح مسلم بشرح النووي‪ ،‬ج ‪ ،13/69‬والحديث رواه مسلم‪ ،‬ك‪ :‬المارة‪ ،‬ب‪ :‬فضل الرمي والحث عليه وذم‬
‫من علمه ثم نسيه‪.‬‬
‫‪ ()10‬رواه مسلم‪ ،‬ك‪ :‬المارة‪ ،‬ب‪ :‬فضل الرمي والحث عليه‪ ،‬وذم من علمه ثم نسيه‪.‬‬

‫‪54‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫الول‪ :‬أنه ل ينبغــي إغفــال العــداد اليمــاني بتربيــة المجاهــدين‬
‫على طاعة الله عز وجل وغرس معــاني الخلص واليثــار والصــبر‬
‫والبذل والتضحية والتوكل واليقين وغير ذلك في نفوسهم‪.‬‬
‫فإن الخلص والطاعة من أسباب النصر‪ ،‬فقــد روى النســائي مــن‬
‫حديث سعد حين ظن أن له فضل على من دونه من أصحاب النــبي‬
‫‪ ،‬فقال نبي الله ‪ :‬إنما ينصر الله هذه المة بضعيفها بدعوتهم‬
‫‪11‬‬
‫وصلتهم وإخلصهم‪.‬‬
‫ولن المعاصــي مــن أســباب الهزيمــة فقــد كــان النصــر حليــف‬
‫المسلمين في أول غزوة أحــد‪ ،‬فلمــا خــالف الرمــاة أمــر النــبي ‪‬‬
‫ونزلوا من أماكنهم كانت الهزيمة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أننا ل نعني بوجوب إعداد العــدة للجهــاد إغفــال الجــوانب‬
‫الخـرى مـن طلــب العلــم ونشــره وبيــان الحــق للنـاس‪ ،‬والـدعوة‪،‬‬
‫والمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أنــه ل ينبغــي علينــا فــي مرحلــة العجــز أن نــداهن هــؤلء‬
‫الطواغيت ونثني عليهم كما يفعل بعض قادة الخوان‪ ،‬بــل ينبغــي‬
‫علينا الكفر بهؤلء الطواغيت والبراءة منهم‪ ،‬فإن ذلـك مــن لـوازم‬
‫التوحيد كما قال تعالى }فمن يكفر بالطاغوت ويــؤمن بــالله فقــد‬
‫استمسك بالعروة الوثقى{‪.‬‬
‫قـال الشــيخ عبـد اللطيـف بـن عبـد الرحمـن‪ :‬إن أصــل الصــول ل‬
‫استقامة له ول ثبات له إل بمقاطعة أعداء الله وحربهم وجهــادهم‬
‫‪12‬‬
‫والبراءة منهم والتقرب إلى الله بمقتهم وعيبهم‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬ينبغي على المسلمين عامــة والحركــات الســلمية خاصــة‬
‫أن يتعلموا مسائل الحاكمية وينشروا بين الناس الكفر بالطاغوت‪،‬‬
‫وأنه ينبغي الخروج على الحكام المرتــدين‪ ،‬وعزلهــم عنــد القــدرة‪،‬‬
‫والعداد لذلك عند العجز‪ ،‬فإن نشر ذلــك فيــه إغاظــة لعــداء اللــه‪،‬‬
‫واستقطاب أنصار وأعوان‪ ،‬كما أن فيه إيقاظــا للمــة مــن غفلتهــا‬
‫وبيانا ً لسبب انتكاسها وتخلفها‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬أنه ل ينبغي أن ُيفهم من كلمنــا علــى وجــوب الخــروج‬
‫على الحاكم الكافر أننا نقصد القيام بأي أعمال غير منضــبطة قــد‬
‫يترتب عليها مفاسد أعظم من المصالح‪ ،‬ولكننا نعني العداد الجيد‬
‫والتخطيط المحكم على جميع المستويات‪ ،‬مــع الصــدق والخلص‪،‬‬
‫وعدم تعلق القلب بهذه السباب‪ ،‬واليقين بأن النصر من عند اللــه‬

‫‪ ()11‬رواه النسائي‪ ،‬ك‪ :‬الجهاد‪ ،‬ب‪ :‬الستنصار بالضعيف‪ ،‬وصححه عبد القادر وشعيب الرنؤوط في التعليممق علممى‬
‫زاد المعاد ج ‪.3/101‬‬
‫‪ ()12‬الرسائل المفيدة‪ ،‬ص ‪ ،60‬ط‪ :‬مطابع مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر‪.‬‬

‫‪55‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫تعالى‪ ،‬قال تعالى }وما النصر إل من عند الله العزيز الحكيم{ ]آل‬
‫عمران‪ [126 :‬وعدم التعجل والتسرع فإن المر يحتــاج إلــى إعــداد‬
‫طويل‪ ،‬فإذا استكمل المسلمون القدرة الــتي حــددها أهــل الخــبرة‬
‫والتجربة وغلب على ظنهم النجاح خرجوا على الحاكم الكافر‪.‬‬

‫‪56‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫حكم الكراه والضرار‬
‫بالمسلمين‬
‫هــل يحــل للمســلم العــتراف علــى المســلمين وإحضــارهم إلــى‬
‫الكافرين مع الكراه؟‬
‫نقول ولله الحمد‪ :‬إنــه ل إكــراه أبــدا ً لمثــل هــذه الحالــة‪ ،‬ول يعتــبر‬
‫إكراها ً يعود بالضرر على المسلمين‪ ،‬وليس الكراه مانعا ً من لحوق‬
‫الثم لمن فعل مثل هـذا الفعــل‪ ،‬وحرمـة هـذا المـر شـرعا ً وعقل ً‬
‫واضحة كما كانت عند سلفنا ً الصالح محكمة بينة واضحة‪.‬‬
‫هنــاك العديــد مــن اليــات والحــاديث الدالــة علــى حرمــة الضــرار‬
‫بالمسلمين‪ ،‬ووجوب العون لهم والوقوف معهــم ونصــرتهم‪ ،‬وهــذا‬
‫من موالة المؤمنين‪.‬‬
‫فكيـف يحـل الضـرار بهـم بحجـة الكـراه؟ وكيـف تلغـى كـل تلـك‬
‫الواجبات‪ ،‬وأيضا ً الحرمة‪ ،‬من أجل أمر مثل هذا؟ أنــه خطــأ بي ّــن أن‬
‫يظن أن الضرر بالمسلمين عند الكراه رخصة‪.‬‬
‫وقــد أجمــع العلمــاء علــى وجــوب فــك أســرى المســلمين بالمــال‬
‫والنفس وحرمة التفريــط فيــه‪ ،‬وعــدم العانــة عليــه‪ ،‬ثــم المســلم‬
‫يخالف هذا الوجوب وهذه الحرمة ليحضر أخاه إلــى الكفــار ويضــعه‬
‫أمامهم ليفعلوا فيه ما حرمه الله تعالى‪ ،‬ثم إن المسلم هو القــوي‬
‫ل من الكافر‪ ،‬فكيف يتــم‬ ‫والكافر هو الضعيف‪ ،‬والمسلم أعلى وأج ّ‬
‫العكس؟ وكل ذلك بحجة الكراه‪.‬‬
‫يقول شيخ الســلم ابــن تيميــة رحمــه اللــه فــي كتــابه )السياســة‬
‫الشرعية( عن من آوى محاربًا‪ ،‬أو سارقًا‪ ،‬أو قــاتل ً ونحــوهم‪ ،‬ممــن‬
‫وجب عليه حد أو حق لله تعالى‪ ،‬أو لدمي‪ ،‬أو أنه عرف مكانه‪ ،‬كان‬
‫عليه العلم به‪ ،‬والدللة عليه‪ ،‬ول يجوز كتمانه فإن هــذا مــن بــاب‬
‫التعاون على البر والتقوى وذلك واجب‪.‬‬
‫بخلف ما لو كان النفــس أو المــال مطلوب ـا ً بباطــل‪ ،‬فــإنه ل يحــل‬
‫العلم به‪ ،‬لنه من التعاون على الثم والعــدوان‪ ،‬بــل يجــب الــدفع‬
‫عنه‪ ،‬لن نصر المظلوم واجب‪ ،‬ففي الصحيحين‪ ،‬عن أنس بن مالك‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬قال رســول اللــه ‪ " :‬انصــر أخــاك ظالمـا ً أو‬
‫مظلوما ً "‪ .‬قلت‪ :‬يــا رســول اللــه‪ :‬أنصــره مظلومـًا‪ ،‬فكيــف أنصــره‬

‫‪57‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ظالمًا؟ قال‪ " :‬تمنعه مــن الظلــم‪ ،‬فــذلك نصــرك إيــاه " ]السياســة‬
‫الشــرعية فــي إصــلح الراعــي والرعيــة ص )‪ (99‬ط ‪ /‬دار الكتــاب‬
‫العربي[‪.‬‬
‫إن الحرمة قائمة‪ ،‬وعلى المسلم تحمل التعذيب والسجن والقتــل‪،‬‬
‫وأن يقدم نفسه لجل إخوانه بتحمل الضــرر الخــاص لــدفع الضــرر‬
‫شرين‪.‬‬‫العام‪ ،‬وبأن يختار أهون ال ّ‬
‫وقديما ً كان الكراه على الكفر بالله‪ ،‬كما جرى للصحابة رضي الله‬
‫عنهم وأرضاهم‪ ،‬ولكن الكراه اليوم يقع لجل الضرر بالمســلمين‪،‬‬
‫والعتراف عليهم وسجنهم وقتلهم‪.‬‬
‫ص فيه الله تعالى وهذا سبب نــزول اليــات‬ ‫فالكراه الول‪ :‬قد رخ ّ‬
‫]سورة النحل ‪.[110-106‬‬
‫أما الثاني‪ :‬فلم يرخص فيه الشرع أبدًا‪ ،‬بل هو محــرم‪ ،‬ومــن فعلــه‬
‫وقع في الثم والعياذ بالله‪.‬‬
‫ومن الخطأ الكبير الخطير‪ ،‬أن يقــاس الثــاني علــى الول‪ ،‬فــالول‬
‫ص فيــه‪ ،‬أمــا الثــاني ففــي حــق‬ ‫فــي حــق اللــه تعــالى وقــد رخــ ّ‬
‫ص فيه الله تعالى‪ ،‬والمسلم ل يرضى لنفســه‬ ‫المسلمين‪ ،‬ولم يرخ ّ‬
‫العــذاب والوقــوع فــي الســر والقتــل‪ ،‬وأيضــا ً المفســدة راجحــة‬
‫والمصلحة معدومة‪ ،‬ولن الول يتعلق بعقيــدة القلــب‪ ،‬ومــع صــلح‬
‫القلوب ل يضــر قــول الكفــر أو فعلــه عنــد الكــراه الملجــئ‪ ،‬فهنــا‬
‫المفسدة هلك المسلم مع صلح عقيـدته وسـلمتها‪ ،‬فرخـص فيـه‬
‫الشارع مع أن العزيمة أولى‪.‬‬
‫والثاني كيف يكون المســلم صــالح العقيــدة‪ ،‬وهــو يضــع أخــاه فــي‬
‫أيدي الكفار‪ ،‬فيعذبونه ويفعلون به المنكر؟ حتى القتل فيقول أنــا‬
‫مكره علــى ذلــك مــع ســلمة عقيــدتي لخــي المســلم كيــف؟ وأنــا‬
‫مطمئن باليمان إيمان الولء للمســلمين‪ ،‬وهــو يضــعهم فــي ذلــك‬
‫الموقف الخاسر أمام أهل الردة والكفر‪.‬‬
‫إن دعوى سلمة القلب ل تنفع مع هذا الكراه لن الفعــل ضعضــع‬
‫هذه الدعوى‪ ،‬وضعفت الموالة بين المسلمين عنــد وضــع المســلم‬
‫أمام الكفار يسومونه سوء العذاب‪.‬‬
‫فل قياس معتـبر أبــدا ً بيـن الحــالتين‪ ،‬ولكنــه وسـواس الشـياطين‪،‬‬
‫وقلة العلم ونقص اليمان‪ ،‬ول حول ول قوة إل بالله‪.‬‬
‫فإن كان القل من ذلك حرام مثل غيبة المسـلم والطعــن فيـه‪ ،‬أو‬
‫ضربه‪ ،‬أو سبه بأقل كلمة تؤذيه‪ ،‬فما بالك بغيره؟‪.‬‬

‫‪58‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫إن تجويز إيقاع المسلم فــي أيــدي الكفــار وضــربه وإيــذائه وســبه‬
‫وسب دينه وربه ونبيه وأن يفعل فيه الفحش من العمال‪ ،‬ويصــل‬
‫الحد إلى القتل بحجة الكــراه‪ ،‬إنمــا هــو قيــاس باطــل وقــول ردي‬
‫وفتوى ضللة‪.‬‬
‫فيا عبد الله أحذر من ذلك‪ ،‬وعليك بالحق المبين‪ ،‬وأن تكــون كبــش‬
‫فداء لخوانك المؤمنين وتقدم الروح والمال في سبيل الله لجــل‬
‫إخوانك‪.‬‬
‫والله لبذل الروح أهون عندنا من أن يقع مسلم بيــن أيــدي الكفــار‬
‫أو حـتى يقـال لــه كلمــة واحــدة مـن فــم نجــس كــافر فيهــا إهانـة‬
‫لمسلم‪.‬‬
‫يقول القرطبي رحمه الله تعالى‪) :‬أجمع العلماء على أن من أ كره‬
‫على قتل غيره أنه ل يجوز له القدام على قتله ول انتهاك حرمتــه‬
‫بجلد أو غيره‪ ،‬ويصبر على البلء الذي نـزل بـه‪ ،‬ول يحـل أن يفـدي‬
‫نفسه بغيره‪ ،‬ويسأل الله العافية في الدنيا والخرة(‪.‬‬
‫ويذكر رحمه الله أيضًا‪) :‬وذكر عبد الملــك بــن حــبيب قــال‪ :‬حــدثني‬
‫معبد‪ ،‬عن المسيب بن شريك‪ ،‬عن أبي شيبة قال‪ :‬سألت أنــس بــن‬
‫مالك عن الرجل ُيؤخذ بالرجل‪ ،‬وهل ترى أن يحلف ليتقيه بيمينــه؟‬
‫فقال‪ :‬نعم‪ .‬ولن أحلف سبعين يمينا ً وأحنث أحب إل ّ‬
‫ي مــن أن أدُ ّ‬
‫ل‬
‫على مسلم "‪.‬‬
‫وقال إدريس بن يحيى‪ :‬كان الوليد بن عبد الملــك يــأمر جواســيس‬
‫يتجسسون الحلق يأتونه بالخبــار‪ .‬قــال‪ :‬فجلــس رجــل منهــم فــي‬
‫حلقه رجاء بن حيوة‪ ،‬فسمع بعضهم يقول في الوليــد‪ ،‬فرفــع ذلــك‬
‫إليه‪ ،‬فقال‪ :‬يا رجاء ُأذكر بالسوء في مجلسك ولم تغّير؟ فقال‪ :‬مــا‬
‫كان يا أمير المؤمنين؟ فقال له الوليــد‪ :‬قــل‪ :‬اللــه الــذي ل إلــه إل‬
‫هو‪ ،‬فقال‪ :‬الله الذي ل إله إل هو‪ .‬فأمر الوليد بالجاسوس فضــربه‬
‫سبعين سوطًا‪ ،‬فكــان يلقــى رجــاءً فيقــول‪ :‬يــا رجــاء بــك يســتقي‬
‫المطر وسبعون سوطا ً في ظهري‪ ،‬فيقول رجــاء‪ :‬ســبعون ســوطا ً‬
‫في ظهرك خير لك من أن يقتل رجــل مســلم(‪ .‬تفســير القرطــبي‬
‫عند تفسيره آية الكراه‪.‬‬
‫وفي فتح الباري‪ ،‬كتاب الكراه‪ ،‬يقول ابن حجر العســقلني رحمــه‬
‫الله‪ " :‬فقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي‪ :‬انعقد الجماع علــى أن‬
‫المكره على القتل مأمور باجتناب القتل والدفع عــن نفســه‪ ،‬وأنــه‬
‫ُيـأثم إن قتـل مـن ُأكـره علـى قتلــه‪ ،‬وذلـك يـدل أنـه مكلــف حالـة‬
‫الكراه‪ ،‬ويقول أيضًا‪ :‬ول يجوز لحد أن ينجي نفسه من القتل بأن‬
‫يقتل غيره " انتهى‪.‬‬

‫‪59‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ويقول ابــن رجــب الحنبلــي رحمــه اللــه فــي كتــاب )جــامع العلــوم‬
‫والحكم( عند الحديث التاسع والثلثين‪ " :‬واتفق العلمــاء علــى أنــه‬
‫لو أكره على قتل معصوم لم يصح لــه أن يقتلــه‪ ،‬فــإنه إنمــا يقتلــه‬
‫باختياره افتداءً لنفسه من القتل‪ ،‬هذا إجمــاع مــن العلمــاء المعتــد‬
‫بهم " انتهى‪.‬‬
‫فهذه الجماعات تؤكد ما ذكرنا من حرمة أذيــة المســلم بالقتــل أو‬
‫ما دونه ولو مع الكراه‪ ،‬فكيف يحل للمســلم أن يوقــع غيــره فيمــا‬
‫هو فيه من التعذيب أو السجن؟‪.‬‬
‫وليعلم المسلم أن الكفار اليوم يريدون أن يوقعوا بين المســلمين‬
‫بمثل هذه الحوال‪ ،‬فهذا يعترف على هــذا‪ ،‬وهــذا يضــر هـذا‪ ،‬وهــذا‬
‫يقدح في هذا‪ ،‬حتى تقع العداوة بيــن المســلمين‪ ،‬وقــد حــدثت ول‬
‫حول ول قوة إل بالله‪.‬‬
‫والمصيبة أنه مع اعتراف الخ على أخيه والدللة عليه ل ينجيه ذلك‬
‫من الذى والسجن‪ ،‬بل يقع الثنان في الســر والتعــذيب والقتــل‪،‬‬
‫فلمــاذا العــتراف والضــرر واقــع علــى المســلم‪ ،‬اعــترف أو لــم‬
‫يعترف؟ والحقيقة أنه مع العتراف يزيــد التعــذيب‪ ،‬وكلمــا اعــترف‬
‫زاد التعذيب والذى‪ ،‬حتى ُيخرج المسلم ما عنده كله‪.‬‬
‫فأخوة السلم‪ ،‬ورابطة التوحيد‪ ،‬وقوة اليمان بــالله‪ ،‬تــوجب علــى‬
‫المسلم الدفاع عن أخيه وتحمل كل شيء فــي ســبيل اللــه تعــالى‬
‫لنقــاذ إخــوانه المســلمين‪ ،‬ولكــن ضــعف اليمــان عنــدنا وكــثرة‬
‫المعاصي‪ ،‬وقلة العلم‪ ،‬وضعف رابطة الولء بيننا أوقعتنا في مثــل‬
‫هذا المنزلق الخطير‪.‬‬
‫ل عنــده مــؤمن‬ ‫وعن سهل بن حنيف عــن النــبي ‪ ‬قــال‪ " :‬مــن ُأذ َ‬
‫ه‪ ،‬وهو يقدر علــى أن ينصــرهُ أذلــه اللــه عــز وجــل علــى‬
‫فلم ينصر ُ‬
‫رؤوس الخلئق يوم القيامة " ]رواه أحمد والطبراني[‪.‬‬
‫يقول المام الشوكاني رحمه الله في شرح هذا الحــديث‪ " :‬حــديث‬
‫ســهل بــن حنيــف ومــا ورد فــي معنــاه يــدل علــى أنــه يجــب نصــر‬
‫المظلوم ودفع من أراد إذلله بوجه من الوجوه‪ ،‬وهو ممــا ل أعلــم‬
‫فيه خلف‪ ،‬وهو مندرج تحت أدلة النهي عن المنكر" ]نيــل الوطــار‬
‫جـ ‪ / 4‬صـ ‪.[400‬‬
‫والله الذي ل إله إل هو لو أن كــل مســلم يقــع تحــت أيــدي الكفــار‬
‫يفدي إخوانه بنفسه ويتحمــل الذى فــي ســبيل اللــه تعــالى حــتى‬
‫الموت والقتل في سبيل الله تعــالى‪ ،‬ول يــدل علــى إخــوانه أبــدًا‪،‬‬
‫در‬ ‫لكان لنا قوة ونصرة من الله تعالى ل يعلمهــا إل هــو‪ ،‬ولكــن ق ـ ّ‬
‫الله وما شاء فعل‪.‬‬

‫‪60‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫فهذا جزء من الجواب من الناحية الشرعية وإليك الجزء الخــر مــن‬
‫الناحية العقلية‪ ،‬وإن كان في الشرعية غنية ‪ ،‬ولكن ردا ً على الذين‬
‫يقولون بالعقل‪ ،‬بأن الضـرر وقـع علـى المسـلم حـتى ل يسـتطيع‬
‫الدفع إل بالعتراف‪ ،‬فنقول وبالله التوفيق وله الحمد في الولــى‬
‫والخرة‪:‬‬
‫إن الجانب العقلـي يـرى المصـلحة والمفسـدة‪ ،‬ويفضـل المصـلحة‬
‫على المفسدة وكذلك الشرعي‪ ،‬وأيضا ً يفضــل المفســدة الصــغرى‬
‫على الكـبرى‪ ،‬فهـو يـدفع المفسـدة الكـبرى بالصـغرى‪ ،‬إن كـان ل‬
‫سبيل إل هذا‪ ،‬وكذلك الجانب الشرعي‪ ،‬أما إذا حصل العكــس فهــذا‬
‫ليس بالعقل بل فعــل المجــانين‪ ،‬ونحــن ل نــرى مصــلحة فــي هــذا‬
‫النوع من الكراه‪ ،‬بل هي مفسدة‪ ،‬ومفسـدة كـبرى‪ ،‬لســباب عــدة‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -1‬ضــرر المســلم بنفســه حيــث يظــن أنــه ســينجو مــن التعــذيب‬
‫والسجن والقتل عند العتراف علــى إخــوانه تحــت الكــراه‪ ،‬فيزيــد‬
‫عليه الضرر والذى ويتسلط عليــه الكفــار أكــثر مــن الول وكــذلك‬
‫يشــمت بــه العــداء لنــه لــم يحــافظ علــى إخــوانه‪ ،‬ودل عليهــم‪،‬‬
‫فيسقط من أعين الكفار‪ ،‬ومن أعين المسلمين‪ ،‬وقد يــوقعه ذلــك‬
‫في عدم الثقة بالله وبنصر الله‪ ،‬وفي الفتنة والسقوط في حفرة‬
‫الردة والعياذ بالله‪.‬‬
‫‪ -2‬إلحاق الضرر بالمسلمين‪ ،‬بعد إن كان الضرر بواحد تعدى الضرر‬
‫إلى المسلمين‪ ،‬فيتسلط الكفار عليهم‪ ،‬ويعرض المسلمين للفتنــة‬
‫وأعظمها فتنة الكفر والعياذ بالله‪.‬‬
‫‪ -3‬إلحــاق الضــرر بأهــالي المســلمين مــن فقــدان العــائل لهــم‪،‬‬
‫وتعرضــهم أيضـا ً للســجن والذى مــن الكفــار‪ ،‬وفقــد الب والــزوج‬
‫والخ‪ ،‬وهكذا حتى يصل الحد إلى هتــك العــراض‪ ،‬كمــا حصــل مــن‬
‫ل الكفــار عليهــم لعــائن اللــه‪ ،‬إن كــان فــي الهــل أو غيرهــم‪،‬‬
‫قب َـ ِ‬
‫ِ‬
‫والواقع يشهد علــى مــا حصــل فــي كــثير مــن الــدول الــتي تحكــم‬
‫بشريعة الغاب شريعة الشيطان نعوذ بالله منهم ومن شرورهم‪.‬‬
‫‪ -4‬إصابة الضرر للجماعة المسلمة التي تســعى للعمــل لــدين اللــه‬
‫تعـــالى‪ ،‬فبالعترافـــات تســـقط الجماعـــة المســـلمة أو التنظيـــم‬
‫المسلم‪ ،‬وكل ذلك بسبب اعتراف واحد منهم علــى البــاقين‪ ،‬ومــن‬
‫أجل دفع مفسدة صغرى أدى إلى مفسدة كبرى‪.‬‬
‫‪ -5‬إلحاق الضرر بالمجاهدين والعاملين لدين اللــه فــي ذلــك البلــد‪،‬‬
‫ويتعدى منهم إلى باقي البلــدان‪ ،‬فالواحــد يكــون ســببا ً فــي ضــرر‬

‫‪61‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫العشرات بل المئات‪ ،‬وهذا فيه ضربة لــدين اللــه تعــالى ومســاهمة‬
‫في إطفاء نور الله تعالى‪ ،‬ول حول ول قوة إل بالله‪..‬‬
‫ففي )السير الكبير( للشيباني وشــرحه للسرخســي رحمهمــا اللــه‬
‫قال‪ " :‬ولو أخذ أهل الحرب أسيرا ً من المسلمين وهــم محاصــرون‬
‫حصنا ً من حصون المسلمين فقالوا له‪ :‬دلنا على موضع نفتــح منــه‬
‫هذا الحصن‪ ،‬وهو يعرف ذلك‪ ،‬فليس يحل له أن يفعل هذا‪ ،‬لما فيه‬
‫من إعانة المشركين على المسلمين‪ ،‬فإن هددوه بالقتل على ذلك‬
‫فإن كان أكبر الــرأي منــه علــى أنــه يفتــح إن فعــل ذلــك وظفــروا‬
‫بالحصن فقتلوا المقاتلة وسبوا الذرية فليس يسعه أن يدلهم‪ ،‬لن‬
‫فــي فعلــه ذلــك هلك للمســلمين‪ ،‬وليــس للمســلم أن يجعــل روح‬
‫جماعة المسلمين وقاية لروحه‪.‬‬
‫أل ترى أن المكره على القتل ل يحل له أن يقتل المقصود بالقتل‬
‫وإن كان ذلك شخصا ً واحدًا‪ .‬فلن ل يحــل لــه أن يفعــل ذلــك وفيــه‬
‫هلك جماعة المسـلمين كـان أولـى‪ ،‬أل تـرى أنهـم لـو جـاءوا فـي‬
‫طلب رجل مــن المســلمين يريــدون قتلــه‪ ،‬فقــالوا‪ :‬دلنــا عليــه وإل‬
‫قتلناك‪ ،‬وأكبر الرأي منه علــى أنــه إن دلهــم عليــه قتلــوه‪ ،‬فــإنه ل‬
‫يسعه أن يدلهم عليه‪.‬‬
‫ولو هرب منهم أسيرا ً فقالوا لسير آخــر يعــرف مكــانه‪ :‬دلنــا عليــه‬
‫لنقتله وإل ّ قتلناك‪ ،‬لم يسعه أن يدلهم عليــه‪ ،‬لن الدللــة الممكنــة‬
‫من القتل بمنزلة مباشرة القتل من وجه‪ ،‬كما في حق الصــيد‪ ،‬ثــم‬
‫في هذا ظلم الســير الهــارب‪ ،‬لنهــم ل يتمكنــون منــه إل بــدللته‪،‬‬
‫كنهم من قتله‪ ،‬ول رخصــة فــي ظلــم المســلم‬ ‫فهو بهذه الدللة ُيم ّ‬
‫بهذا الطريق‪.‬‬
‫أل ترى أنه لو قيل له‪ :‬لنقتلك أو لتمكننا من فلنة نزني بهــا وهــم‬
‫ل يقدرون عليها إل بدللته‪ ،‬أنه ل يسعه أن يدل عليها"‪.‬‬
‫‪ -6‬ل شــك أن مثــل دعــوى الكــراه هــذه المرفوضــة شــرعا ً وعقل ً‬
‫تسلط الكافر على المســلم‪ ،‬وتجعــل للكــافر غلبــة علــى المســلم‪،‬‬
‫ويحصل الذى للمسلمين والنجاة للكافرين‪ ،‬ومــع تســاقط الفــراد‬
‫تسقط المجموعات والجماعات ويكــون للكفــار الغلبــة‪ ،‬وكــل ذلــك‬
‫جَنت أيدي المسلمين‪.‬‬‫مما َ‬
‫‪ -7‬نقص الثقة بين المســلمين‪ ،‬كلمــا وقــع أحــدهم فــي الســر د ّ‬
‫ل‬
‫على إخوانه‪ ،‬فتنقص الثقة بينهــم ويقــل العمــل لــدين اللــه لجــل‬
‫الخوف والعــتراف والدللــة علــى بعضــهم البعــض‪ ،‬ونقــص الثقــة‬
‫يعني‪ :‬نقص الولء بينهم‪ ،‬وهذا شر عظيم نتج عن مثل هذا الكراه‬
‫المزعوم‪.‬‬

‫‪62‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫وهناك شرور وأضرار أخرى ناتجة عن هذا الكراه الكاذب المذموم‬
‫شرعا ً وعق ً‬
‫ل‪ ،‬ويكفي اللــبيب مــا ذكرنــا لكــي يحــافظ علــى نفســه‬
‫وعلى إخوانه ويجعل الحكم الشرعي هو المسّير له وليــس العقــل‬
‫الجاهل والهوى الفارغ‪.‬‬
‫وكما قلنا ليت المسلم بعد هذا الكــراه ينجــو بنفســه مــن الكفــار‪،‬‬
‫ولكن المفسدة تقع عليه وعلــى إخــوانه المســلمين‪ ،‬والمصــيبة أن‬
‫عامة الناس تعرف ذلك‪ ،‬أي كلمــا وقــع واحــد ج ـّر البــاقي‪ ،‬وتعــدى‬
‫البلء على الكل‪.‬‬
‫وكل من يخالفنا من أهل البدع والهواء‪ ،‬وحتى أهل الكفر يعرفــه‬
‫عنا‪ ،‬وهذه نقطة ضعف تسجل علينــا‪ ،‬لتكــون طعنـا ً فــي ديــن اللــه‬
‫تعالى )لو كان فيكم خير ما دل بعضكم على بعض( كما يقولون‪.‬‬
‫ونحن نرى اليوم وقبلــه وقــوع الكفــار مــن التنظيمــات المعارضــة‬
‫للحكومــات فــي الســر‪ ،‬ولكنهــم ل يــدلون علــى بعضــهم البعــض‪،‬‬
‫ويصبرون على البلء في سبيل نجاة إخوانه الكفــرة‪ ،‬فهــذه نقطــة‬
‫دكر؟‪.‬‬
‫م ّ‬
‫ضعف أخرى علينا‪ ،‬فهل من ُ‬
‫وكذلك يحرم على المسلم أن يعترف على نفســه‪ ،‬وأنــه هــو الــذي‬
‫عمل كذا وكذا أو عنده كذا وكذا‪ ،‬فكما أن حرمـة أنفـس غيـره مـن‬
‫المسلمين ثابتة في حقه‪ ،‬فكذلك أيضا ً نفسه‪ ،‬ويحرم على المسلم‬
‫أن يعترف على أخيه وإن رضي أخوه أو كان غائبا ً أو بعيــدا ً أو فــي‬
‫بلد آخر بعيدا ً عن أيدي الكفار‪ ،‬فكل ذلــك ضــرر بالمســلمين‪ ،‬وأذى‬
‫لهم وتسلط للكفار على المسلمين‪ ،‬فل فرق بين هــذا ومــا ذكرنــا‬
‫سابقا ً ما دام يقع على النفس المسلمة المعصومة‪.‬‬

‫فـصــــــل‬
‫وإننا ننصح إخواننا جميعا ً أن يكونوا يـدا ً واحـدة وأن يـدفع المسـلم‬
‫ه في سبيل الله تعالى ليفــدي إخــوانه المســلمين‪ ،‬وأن‬ ‫ه ومال ُ‬
‫نفس ُ‬
‫يثقوا بنصر الله لهم‪ ،‬وأن يكونوا قريبين من اللــه تعــالى فــي كــل‬
‫وقت‪ ،‬وليكبر وليتسع وليقوى الولء بينهــم‪ ،‬وليقــل الواحــد منهــم‬
‫للكفار إذا وقع في السر‪ :‬ل أعرف أحدًا‪ ،‬وإن ضربوه وإن عــذبوه‪،‬‬
‫أو حتى قطعوا منه العضاء وإن هـم قتلـوه‪ ،‬وليكـن قـدوةً لغيـره‪،‬‬
‫ومن المحافظين على إخــوانه‪ ،‬البــاذلين النفــس فــي ســبيل اللــه‬
‫تعالى إنقاذا ً لخوانه وأهليهم ودينهــم ومجموعــاتهم وتنظيمــاتهم‪،‬‬
‫حــتى يلقــى اللــه تعــالى وهــو راض عنــه فهــذه مــن أوثــق عــرى‬
‫اليمان‪ ،‬الولء للمسلمين والعداء للكافرين‪ ،‬وهــو الحــب فــي اللــه‬
‫تعالى والبغض في الله‪.‬‬

‫‪63‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ول يعني ما كتبنا أننا نطعن في إخواننا أو أننا نسخر منهم‪ ،‬فــذلك‬
‫فعــل المنــافقين‪ ،‬ولكــن هــي ذكــرى أحببنــا تــذكرة أنفســنا أول ً‬
‫وتذكرتهم بها‪ ،‬وهي كلمة حق‪ ،‬كان الواجب علينا القول بهــا‪ ،‬فــإن‬
‫كنا كتبنا بهذه اللهجة القوية وتلــك الكلمــات الجافــة فإنمــا ل ِ ِ َ‬
‫عظ ـم ِ‬
‫الجريمـــة وشـــناعة الموقـــف واللم الـــتي فينـــا‪ ،‬فالمســـلمون‬
‫يتساقطون الواحد تلو الخر‪ ،‬وكـل ذلـك مـن جنـي أيـدينا وحصـائد‬
‫ألسنتنا‪ ،‬فإن كان الموقــف قوي ـا ً فلتكــن الكلمــات قويــة‪ ,‬والــردود‬
‫قوية‪ ،‬وإن كانت الخسارة كبيرة في صفوفنا‪ ،‬فهذه الكلمات وهذه‬
‫الكتابة ل تساوي شيئا ً أمام تلــك الخســارة‪ ،‬فليتحمــل الواقــع فــي‬
‫مثل هذا المر هذه الكتابة وهذه الكلمات‪ ،‬ول ييأس من رحمة اللــه‬
‫تعالى‪ ،‬فالمؤمن ل ييأس من رحمة الله تعالى‪ ،‬ولكــن يســعى إلــى‬
‫التغيير من الخطأ إلى الصواب‪ ،‬وقد يكون لخواننا تــأويلت وقعــوا‬
‫فيها أو رخص أجازت لهم ذلك‪ ،‬فالله يهدي إلى صراطه المستقيم‬
‫وهو يغفر الذنوب جميعًا‪ ،‬فليعمل المســلم لصــفحة جديــدة وليقــم‬
‫ع للعلــم‬ ‫بالخير والصــلح مــا اســتطاع‪ ،‬ولتكــن همتــه عاليــة وليس ـ َ‬
‫والتعلم‪ ،‬ول يعمل عمل ً حتى يعلــم حكــم اللــه تعــالى فيــه بالــدليل‬
‫الصحيح من الكتاب والسنة وبفهم سلفنا الصالح‪.‬‬
‫ونسأل الله تعالى أن تكون هذه المقالة عونا ً للمســلمين علــى مــا‬
‫هــم فيــه مــن ضــعف وقلــة حــال‪ ،‬وتكــون ردا ً لخواننــا إلــى جــادة‬
‫الصواب‪ ،‬والجتماع على الحق‪ ،‬وللعمل بما فيها من الحق‪ ،‬وتكــون‬
‫خطوةً إلى تأليف القلوب والتوادّ بين المسلمين‪ ،‬إنــه هــو الســميع‬
‫العليم‪.‬‬
‫وأخيــرًا‪ :‬كــان علينــا علــى القــل أن نتمســك بحرمــة العــتراف‬
‫والضرار بالمسلمين مع الكراه‪ ،‬لن الواقع يشــهد لنــا بالســقوط‬
‫مع الخذ بالرخص الموهومة في حالة الكراه المزعوم‪ ،‬فالخســائر‬
‫كثيرة بمثل هذه الرخص فعلينا بالعزائم إن كــان الحكــم دائرا ً بيــن‬
‫الرخصة والعزيمة‪ ،‬ولكن الحكم أكبر من ذلك‪ ،‬كما أوضــحنا ســابقًا‪،‬‬
‫إنما هو حرمة الضرار بالمسلمين مع وجود الكراه المزعوم‪.‬أ‪.‬هـــ‪.‬‬
‫)نقل ً عن كتــاب الكــراه وحرمــة الضــرار بالمســلمين للشــيخ عبــد‬
‫الرحمن التركي من صفحة ‪25-16‬بتصرف(‪.‬‬

‫رد علــى شــبهة أن الغلم دل علــى الراهــب‬


‫الذي علمه‬
‫ورد في حديث الرسول ‪ ،‬المتفق عليه‪ ،‬حــديث الغلم والملــك‪" ،‬‬
‫أن جليس الملك بعد أن آمن وشفاه اللــه مــن العمــى‪ ،‬جلــس إلــى‬

‫‪64‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫الملك‪ ،‬فقال له الملك‪ :‬من رد عليك بصرك؟ قال‪ :‬ربي‪ ،‬قال‪ :‬ولك‬
‫رب غيري؟! قال‪ :‬ربي وربك الله‪ ،‬فأخذه فلم يزل يعــذبه حــتى دل‬
‫على الغلم‪ ،‬والغلم دل على الراهب‪ ،‬فدعا الملك بالمنشار فوضع‬
‫في مفرق رأس الجليس فقيل له‪ :‬ارجع عن دينـك‪ ،‬فـأبى‪ ،‬فشــقه‬
‫حتى وقع ش ّ‬
‫قاه‪ ،‬وكذلك فعل بالراهب "‪.‬‬
‫فقال أهل الشبهة‪ :‬أن النبي ‪ ‬لــم يتكلــم عــن دل الجليــس علــى‬
‫الغلم‪ ،‬وكــذلك الغلم علــى الراهــب‪ ،‬فهــذا الســكوت دليــل علــى‬
‫إقراره‪ ،‬وهذه رخصة منه ‪.‬‬
‫نقول ولله الحمــد وعليــه التكلن‪ :‬ســكوت النــبي ‪ ،‬ل يــدل علــى‬
‫القرار وذلك أن التحريم جاء في نصوص أخرى‪.‬‬
‫ومع هذا قد يسكت الشارع عن أمور في مواطن يكون قــد فصــلها‬
‫ن‬
‫مــ ْ‬ ‫ما ي َ َ‬
‫شــاءُ ِ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه َ‬ ‫مُلو َ‬
‫ع َ‬‫في مواطن أخرى كما في قوله تعالى‪ :‬ي َ ْ‬
‫ت ‪] ‬ســبأ‪[13:‬‬ ‫س ـَيا ٍ‬
‫ر َرا ِ‬‫دو ٍ‬ ‫و ُ‬
‫قـ ُ‬ ‫ب َ‬
‫وا ِ‬ ‫ن ك َــال ْ َ‬
‫ج َ‬ ‫ج َ‬
‫فــا ٍ‬ ‫و ِ‬ ‫ماِثي ـ َ‬
‫ل َ‬ ‫وت َ َ‬
‫ب َ‬
‫ري َ‬
‫حــا ِ‬
‫م َ‬
‫َ‬
‫يعملون التماثيل وهي الصور المجسمة من النحاس وغيــره‪ ،‬فهــل‬
‫هذا يعني أن الله عندما سكت عنها في هذا الموضــع أحلهــا ‪-‬لهــذه‬
‫المة ‪-‬؟ ل ولكن وردت نصوص أخرى دلت علــى حرمتهــا كمـا قـال‬
‫‪ " :‬إن الذين يصنعون هــذه الصــور يعــذبون يــوم القيامــة‪ ،‬يقــال‬
‫لهم‪ :‬احيوا ما خلقتم " ]متفق عليه[‪.‬‬
‫ع لنا؟ إنه يكون شــرع لنــا‪،‬‬ ‫ونقول أيضًا‪ :‬هل شرع من قبلنا هو شر ٌ‬
‫إذا لم يخالف شرعنا‪ ،‬وفي هذه الحالة قد خالف شــرعنا‪ ،‬كمــا ذكــر‬
‫في ذلك الجماعات التي تحرم أذية المسلم للمسلم تحت الكراه‪.‬‬
‫إن الله قد رخص لنا الكفر تحت الكراه‪ ،‬ولم يكن هذا فــي شــريعة‬
‫من قبلنا‪ ،‬كما قال‪ " :‬إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنســيان‬
‫ومــا اســتكرهوا عليــه " ]حــديث حســن رواه ابــن ماجــة والــبيهقي‬
‫وغيرهما[ ]راجع جامع العلوم والحكم الحــديث التاســع والثلثــون[‬
‫وحديث الغلم دل على ذلك فهم دل بعضــهم علــى بعــض لن اللــه‬
‫رخص لهم‪ ،‬ولم يرخص لهم في الكفــر تحــت الكــراه‪ ،‬بــل أن فــي‬
‫الحديث أن الناس قتلـوا أفواجـًا‪ ،‬أفواجـًا‪ ،‬حـتى أن الصــغير تحـدث‬
‫لمه لكي ترمي نفسها في النار ول تتقاعس‪ ،‬فــدل ذلــك علــى أن‬
‫الذي يكفر في حالة الكــراه يكــون كــافرًا‪ ،‬وهــذا فــي شــريعة مــن‬
‫قبلنا‪.‬‬
‫خص الله تعالى فـي الكفـر بعـد‬‫وفي هذه المة تغيرت الحكام‪ ،‬ور ّ‬
‫الكراه‪ ،‬وحّرم أذية المسلم للمسـلم تحـت الكـراه‪ ،‬وذلـك أن اللـه‬
‫تعالى يعلم ما في القلوب فجعل رخصة الكراه في الكفر متعلقة‬

‫‪65‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫به سبحانه لنه يعلم من يكفر ومـن ل يكفـر‪ ،‬وعلــق هـذه الرخصــة‬
‫بعقيدة القلب التي يعلمها سبحانه‪.‬‬
‫والثانية هي متعلقــة بالبشــر‪ ،‬والبشــر لــم يكلفهــم اللــه تعــالى إل‬
‫بالظاهر‪ ،‬فكيف يعرف المسلم أن أخاه لم يقصد إيذاءه‪ ،‬وهو يــراه‬
‫يدل عليه‪ ،‬ويسلط الكافر عليه‪ ،‬وعلى محارمه‪ ،‬وعلى ماله‪ ،‬وعلــى‬
‫إخوانه؟!‪ ،‬فكيف يحصل ذلك وهو مكلف بالظــاهر‪ ،‬وكــذلك ل توجــد‬
‫رخص له في فعل ذلك أبدًا‪ ،‬والله قد علــم مــا سيحصــل فــي مثــل‬
‫هذه الرخص من المفاسد فحّرمها‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫فالحمد الله الذي أعزنا بالسلم‪ ،‬فاللهم أعز السلم بنا‪.‬‬

‫‪66‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫حـكــم المـــارة‬
‫وأنها واجبة وخاصة‬
‫في الجهاد‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫أ ‪ -‬لقوله تعالى‪} :‬يا أ َيها ال ّذين آمنوا أ َطيعوا الل ّه وأ َطيعوا الرسو َ ُ‬
‫ممم ِ‬‫ل وَأوِْلي ال ْ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ َ ِ ُ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ َ َ ُ‬ ‫َ َّ‬
‫م{ ]النساء‪ ،‬الية‪.[59 :‬‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ن أ َوْ ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫بم ‪ -‬وقوله تعالى‪} :‬وإَذا جاَءهُ َ‬
‫ف أَذاع ُمموا ب ِمهِ وَل َموْ َرّدوهُ‬ ‫خموْ ِ‬ ‫مم ِ‬ ‫ن اْل ْ‬ ‫م َ‬ ‫مٌر ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م{]النساء‪،‬‬ ‫من ُْهمم ْ‬
‫ه ِ‬ ‫سممت َن ْب ِطون َ ُ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬‫ه ال م ِ‬ ‫م ُ‬ ‫م لعَل ِ َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫مر ِ ِ‬ ‫ل وَإ َِلى أوِْلي ال ْ‬
‫ْ‬ ‫إ َِلى الّر ُ‬
‫سو ِ‬
‫الية‪ .[83 :‬فدلت اليتان على أنه لبد للناس مممن ولممي أمممر يتممولى شممؤونهم‬
‫ويدبر مصالحهم‪ ،‬وذلك بدللة إشارة النص‪.‬‬
‫ض‬ ‫َ‬ ‫فَل ٍ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ر يَ ُ‬ ‫ة نَ َ‬ ‫ل ل َِثلث َ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫جم‪ -‬قال رسول الله ‪ " :‬ل ي َ ِ‬
‫ن الْر ِ‬ ‫مـ َ‬ ‫ة ِ‬ ‫كون ُــو َ‬ ‫فـ ٍ‬
‫َ‬ ‫مُروا َ َ‬ ‫َ‬
‫م "]رواه أحمد عن عبد الله بن عمــرو[‪ .‬وقممال‬ ‫ه ْ‬ ‫حد َ ُ‬‫مأ َ‬ ‫ه ْ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫إ ِل ّ أ ّ‬
‫م "]رواه أبو‬ ‫َ‬ ‫فل ْي ُ َ‬‫ر َ‬ ‫س َ‬ ‫ج َثلث َ ٌ‬ ‫رسول الله ‪ " :‬إ ِ َ‬
‫ه ْ‬ ‫حد َ ُ‬ ‫مُروا أ َ‬ ‫ؤ ّ‬ ‫ف ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ة ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫ذا َ‬
‫داود عن أبي سعيد‪ ،‬وله من حديث أبي هريرة مثله[‪.‬‬
‫وقال الشوكاني في نيل الوطممار‪) :‬باب وجــوب نصــبة القضــاء والمــارة‬
‫وغيرها(‬
‫م وذكر الحاديث السابقة ثم قال م حديث عبد الله بن عمرو وحديث أبي سممعيد‬
‫قد أخرج نحوهما البزار بإسناد صحيح من حديث عمر بممن الخطمماب بلفممظ " إذا‬
‫كنتم ثلثة في سفر فأمروا أحدكم ذاك أمير أمره رسول الله ‪ ." ‬وأخرج‬
‫البزار أيضا بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمر مرفوعا بلفظ " إذا كممانوا‬
‫ثلثة في سفر فليؤمروا أحدهم "‪ .‬وأخرجه بهذا اللفظ الطبراني من حديث ابن‬
‫مسعود بإسناد صحيح‪ .‬وهذه الحاديث يشهد بعضها لبعض‪ ...‬ولفظ حممديث أبممي‬
‫هريرة " إذا خرج ثلثة في سفر فليؤمروا أحممدهم " وفيها دليــل علــى أنــه‬
‫يشرع لكل عدد بلغ ثلثة فصاعد أن يؤمروا عليهــم أحــدهم لن فممي‬
‫ذلك السلمة من الخلف الذي يؤدي إلى التلف فمع عممدم التممأمير يسممتبد كممل‬
‫واحد برأيه ويفعل ما يطابق هواه فيهلكون‪ ،‬ومع التأمير يقممل الختلف وتجتمممع‬
‫الكلمممة وإذا شممرع هممذا لثلثممة يكونممون فممي فلة مممن الرض أو يسممافرون‬
‫فشرعيته لعــدد أكــثر يســكنون القــرى والمصــار ويحتــاجون لــدفع‬
‫التظالم وفصل التخاصم أولى وأحرى وفي ذلك دليل لقول من قال إنه‬

‫‪67‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫يجب على المسلمين نصب الئمة والممولة والحكممام‪].‬نيــل الوطــار ج ‪ 9‬ص‬
‫‪.[157‬‬
‫د ‪ -‬وقال شيخ السلم ابممن تيميممة‪ :‬يجممب أن يعممرف أن وليممة أمممر النمماس مممن‬
‫أعظم واجبات الدين بل ل قيام للدين ول للدنيا إل بها‪ .‬فممإن بنممي آدم ل‬
‫تتم مصلحتهم إل بالجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض ولبد لهم عند الجتماع‬
‫من رأس حتى قممال النممبي ‪ " :‬إذا خممرج ثلثممة فممي سممفر فليممؤمروا أحممدهم‬
‫"]رواه أبو داود من حديث أبي سعيد وأبي هريرة[‪ .‬وروى المام أحمد‬
‫ر‬
‫فم ٍ‬ ‫ل ل َِثلَثمةِ ن َ َ‬
‫حم ّ‬ ‫في المسند عمن عبممد اللممه بمن عممرو أن النممبي ‪ ‬قمال‪ " :‬ل ي َ ِ‬
‫م " فأوجب ‪ ‬تأمير الواحد فممي‬ ‫فلة من ال َرض إل ّ أ َمروا ع َل َيه َ‬ ‫يَ ُ‬
‫حد َهُ ْ‬
‫مأ َ‬ ‫ِْ ْ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ْ ِ ِ‬ ‫ن بِ َ ٍ ِ َ‬ ‫كوُنو َ‬
‫الجتماع القليل العارض في السممفر‪ ،‬تنبيهما بمذلك علمى سمائر أنمواع الجتممماع‪.‬‬
‫ولن الله تعالى أوجب المر بالمعروف والنهــي عــن المنكــر‪ ،‬ول يتــم‬
‫ذلك إل بقوة وإمـارة‪ .‬وكــذلك سـائر مــا أوجبــه مـن الجهـاد والعممدل‬
‫وإقامة الحج والجمع والعياد ونصر المظلوم‪ .‬وإقامممة الحممدود ل تتممم إل بممالقوة‬
‫والمارة م إلى قوله م فالواجب اتخاذ المارة دينا وقربممة يتقممرب بهمما إلممى اللممه‪،‬‬
‫فإن التقرب إليه فيهمما بطمماعته وطاعممة رسمموله ‪ ‬مممن أفضممل القربممات وإنممما‬
‫يفسد فيها حال أكثر الناس لبتغاء الرياسممة أو الممال بهمما‪ .‬وقممد روى كعممب بممن‬
‫سمد َ ل َهَمما‬ ‫َ‬ ‫مالك عن النبي ‪ ‬أنه قال‪ " :‬ما ذئ ْبان جائ ِعا ُ‬
‫سل ِفي َزِريب َةِ غ َن َم ٍ ب ِأفْ َ‬
‫ن أْر ِ‬‫َ ِ َ ِ َ َ ِ‬
‫دين ِهِ "]قال الترمذي حــديث حســن‬ ‫ف لِ ِ‬ ‫ل َوال ّ‬
‫شَر ِ‬ ‫ما ِ‬‫مْرِء ع ََلى ال ْ َ‬
‫ص ال ْ َ‬
‫حْر ِ‬
‫ن ِ‬‫م ْ‬‫ِ‬
‫‪ (‬أن حرص المرء على المال والرياسممة يفسممد دينممه مثممل أو‬ ‫صحيح[‪ .‬فأخبر )‬
‫أكثر من فساد الذئبين الجائعين لزريبممة الغنممم‪].‬مجموع الفتــاوى ج ‪ 28‬ص‬
‫‪ 390‬ـ ‪.[392‬‬
‫هم ‪ -‬وروى ابن عبد البر في )جامع بيان العلوم( قممال حممدثنا أبممو القاسممم خلممف‬
‫ابن القاسم حدثنا أبو صالح أحمد بن عبد الرحمن بمصر حممدثنا أبممو بكممر محمممد‬
‫بن الحسن البخاري حدثنا الحسين بممن الحسممن بممن وضمماح البخمماري السمسممار‬
‫حدثنا حفص بن داود الربعي قال حدثنا خالد قال حدثنا بقية قال حدثنا صممفوان‬
‫بن رستم أبو كامل حدثنا عبد الرحمن بن ميسرة عن عبممد الرحمممن عممن تميممم‬
‫الداري قال‪ :‬تطاول الناس في البنيان زمن عمر بن الخطاب فقال‪) :‬يا معشممر‬
‫العرب الرض إنه ل إسلم إل بجماعة ول جماعة إل بإمارة ول إمارة إل بطاعممة‬
‫سموّد َه ُ قممومه علمى غيمر‬
‫أل من سوده قومه على فقه كان ذلك خيرا لمه‪ ،‬ومممن َ‬
‫فقه كان ذلك هلكا له ولمن اتبعه(]جامع بيان العلم وفضله ج ‪ 1‬ص ‪،63‬‬
‫ورواه الدارمي بسند ضعيف[‪.‬‬
‫ففي قول عمر ‪ ‬وجوب الجماعة والمارة والطاعة لقامة شرائع السلم‪.‬‬

‫أمير الجماعة‬
‫و ً‬
‫ل‪ :‬حكم هذه المارة‪ " :‬الوجوب "‪.‬‬ ‫أ ّ‬

‫‪68‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫سعت فشملت بعض‬ ‫صة تو ّ‬‫ثانيًا‪ :‬نوع هذه المارة‪ :‬هي إمارة خا ّ‬
‫مة لنها قامت على أمر الجهاد بخلف المارة‬ ‫أحكام المارة العا ّ‬
‫الخاصة في السفر أو على أمر دعوي‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أحكام هذه المارة‪:‬‬
‫‪ -1‬تدبير شؤون الجماعة وتدبير الحرب‪.‬‬
‫‪ -2‬ولية القضاء‪.‬‬
‫‪ -3‬حماية البيضة‪.‬‬
‫‪ -4‬حماية الحريم‪.‬‬
‫‪ -5‬تقسيم الفيء و الغنائم‪.‬‬
‫صدقات‪.‬‬
‫‪ -6‬جباية الّزكاة و ال ّ‬
‫‪ -7‬إقامة الحدود‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬ما ينهي إمارة المير‬
‫‪ -1‬الوفاة‪.‬‬
‫‪ -2‬الكفر البواح‪.‬‬
‫‪ -3‬فقدان حاسة من الحواس التي تعيق عن أداء مهامه‪.‬‬
‫‪ -4‬خيانة الجماعة بتعامل مع أعداء السلم‪.‬‬
‫‪ -5‬البدعة المكفرة أو إظهار بدعة ضللة متفق عليها عند‬
‫جمهور أهل السنة والجماعة أو الدعوة لها‪.‬‬
‫‪ -6‬أسره بعد اليأس من فكاك أسره‪.‬‬
‫‪ -7‬الفسق الظاهر وهو إتيانه بالمحرمات مع إشهاره لها‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬واجبات أمير الجماعة‪:‬‬
‫‪ -1‬العدل بين أفراد الجماعة في أداء الحقوق‪.‬‬
‫‪ -2‬الّرفق بهم وحسن ال ّ‬
‫ظن بهم‪.‬‬
‫‪ -3‬الّنصح لهم‪.‬‬
‫‪ -4‬الحرص على سلمتهم‪.‬‬
‫ديا ً و معنوي ّا ً و ذلك من خلل الّتربية و‬
‫‪ -5‬إعداد الجماعة ما ّ‬
‫نشر العلم و توفير أسبابه و إحياء فرضية القتال في‬
‫نفوسهم‪.‬‬
‫‪ -6‬الحفاظ على أسرار الجماعة‪.‬‬

‫‪69‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪ -7‬القدوة العملية‪.‬‬
‫‪ -8‬الحفاظ على وحدة الجماعة‪.‬‬
‫سلفيين في هذه‬
‫سعي إلى جمع شمل المجاهدين ال ّ‬
‫‪ -9‬ال ّ‬
‫ديار‪.‬‬
‫ال ّ‬
‫‪ -10‬يستخلف نائبه لدارة شؤون الجماعة نيابة عنه في حالة‬
‫ما لو طرأ عليه طارئ الموت أو السر أو المرض المزمن‬
‫مه ريثما يجتمع مجلس الشورى ويتفق‬ ‫المعيق عن أداء مها ّ‬
‫على أمير آخر يحل مكانه‪.‬‬
‫‪ -11‬إذا اّتفق أغلب مجلس الشورى على رأي ما ولم يكن‬
‫هناك نص يخالف رأيهم‪ ،‬يأخذ أمير الجماعة برأيهم و إن لم‬
‫يكن هناك ترجيح يأخذ بالصلح للجماعة كما يراه‪.‬‬
‫‪ -12‬عزل عضو من أعضاء مجلس الشورى بعد موافقة أغلب‬
‫المجلس على قراره‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬حقوق أمير الجماعة على أفراد الجماعة‪:‬‬
‫‪ -1‬ال ّ‬
‫طاعة له في المعروف‪.‬‬
‫ق‪.‬‬
‫‪ -2‬نصرته على الح ّ‬
‫‪ -3‬الّنصح له‪.‬‬
‫‪ -4‬عدم إفشاء سره أو أسرار الجماعة‪.‬‬
‫ن به‪.‬‬
‫‪ -5‬إحسان الظ ّ‬
‫‪ -6‬توقيره‪.‬‬
‫ف الّلسان عنه‪.‬‬
‫‪ -7‬ك ّ‬
‫دعاء له في ظهر الغيب‪.‬‬
‫‪ -8‬ال ّ‬
‫سابعا‪ :‬صلحيات نائب أمير الجماعة‪:‬‬
‫‪ -1‬القيام الكّلي على إدارة شؤون الجماعة‪.‬‬
‫شورى و رؤساء‬‫‪ -2‬تنسيق العمل مع المير و مجلس ال ّ‬
‫الهيئات و أهل الّرأي و ذوي الخبرات وتوحيد الفصائل‬
‫السلفية في هذه الديار ما أمكن‪.‬‬
‫صادرة عن‬
‫‪ -3‬إلزام أفراد الجماعة بالقرارات و الّتعليمات ال ّ‬
‫المير أو المجلس الشوري‪.‬‬
‫‪ -4‬حماية أصول الجماعة و ضوابطها و أهدافها من الخلل‪.‬‬

‫‪70‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫م بعد التشاور مع أمير‬
‫‪ -5‬تعيين العضاء و المراء على المها ّ‬
‫الجماعة أو المجلس الشوري إن غاب المير‪.‬‬
‫‪ -6‬إصدار القرارات و الّتوجيهات و الّتعليمات للجماعة عند‬
‫غياب المير باستثناء القضايا المصيرّية الكبرى التي يشترط‬
‫ل أفراد مجلس الشورى أو جّلهم وهي كالّتالي‪:‬‬ ‫فيها حضور ك ّ‬
‫أ‪ -‬المساس بالصول و المبــادئ المتفــق عليهــا عنــد قيــام‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫بـ ‪ -‬فتح جبهة قتالية‪.‬‬
‫جـ‪ -‬عقد صلح أو هدنة مع الك ّ‬
‫فار‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬عزل نفسه عن ما أوكله إليه المير‪.‬‬
‫ل أفراد مجلس الشورى أو جّلهم‪ ،‬فــي حالــة مــا‬ ‫و‪ -‬جمع ك ّ‬
‫إذا طــرأ علــى الميــر طــارئ المــوت أو الســر أو المــرض‬
‫لمزمن المعيق عن أداء المهام أو ما يــوجب العــزل )انظــر‬
‫المور التي توجب عزله في فصل ما ينهي إمــارة الميــر(‬
‫لترتيب أمور الجماعة‪.‬‬

‫المجلس ال ّ‬
‫شوري‬
‫ملزمــة مــا لــم تخــالف نــص وأن يكــون رأي‬ ‫حكــم ال ّ‬
‫شــورى‪:‬‬
‫الغلبية‪.‬‬
‫شوري للجماعة هو عبارة عن زبدة و خلصــة‬ ‫تعريفه‪ :‬المجلس ال ّ‬
‫ســديد و أهــل‬
‫رجالتهــا مــن أهــل الحــل و العقــد و ذوي الــّرأي ال ّ‬
‫الختصاصات و الخبرات الذين يرأسون الهيئات و اللجان‪.‬‬
‫مته‪ :‬مساعدة المير على إدارة شؤون الجماعة و سياســتها و‬ ‫مه ّ‬
‫ســهر علــى تحقيــق مصــالحها و تــوفير الســباب الــتي تضــمن‬ ‫ال ّ‬
‫استقرارها و ال ّ‬
‫ذب عن مبادئها‪ ،‬يجتمع مــع أميــر الجماعــة إذا طــرأ‬
‫أي طارئ أو لتخاذ قرارات مصيرية‪.‬‬
‫ون المجلس ال ّ‬
‫شوري للجماعة من أميرها ونائبه و‬ ‫تكوينه‪ :‬يتك ّ‬
‫رؤساء اللجان‪ ،‬و هي‪:‬‬
‫شرعّية‪.‬‬‫‪ -‬الّلجنة ال ّ‬
‫‪ -‬الّلجنة العسكرّية‪.‬‬
‫الّلجنة المالّية‪-.‬‬
‫الّلجنة العلمّية‪-.‬‬

‫‪71‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪ -‬اللجنة القضائية‪.‬‬

‫مة مجلس الشورى‬


‫مه ّ‬
‫‪ -1‬تنصيب أمير الجماعة و عزله بموجب ذلك )انظر المور الــتي‬
‫توجب عزله في فصل ما ينهي إمارة المير(‪.‬‬
‫‪ -2‬مراقبة أمير الجماعة و محاسبته‪.‬‬
‫إذا طــرأ علــى أميــر الجماعــة مــا يــوجب عزلــه فلعضــو مجلــس‬
‫الشورى أن يطالب بعزله ومن ثم يكــون الــرأي للغلبيــة مــا لــم‬
‫يكن سبب عزله بردة ارتكبها فعندها يجب علــى جميــع المجلــس‬
‫أن يتخذ قرار عزله بل إن كان لديهم غلبة أن يقيمــوا عليــه حــد‬
‫الردة إن لم يتب أو يكون في ذلك مفسدة أكبر من إقامــة الحــد‬
‫عليه‪.‬‬
‫م تعيين أميرا ً آخــر‬
‫في حالة مقتل أمير الجماعة أو أسره فإّنه يت ّ‬
‫بدله من طرف الخوة الذين يمّثلون مجلس الشورى‪.‬‬
‫بيعة مجلس الشورى ملزمة لغيرهم من أفراد الجماعة‪.‬‬

‫الّلجنة ال ّ‬
‫شرعّية‬
‫شرعّية هي عبارة عن هيئة أهل العلم و‬ ‫تعريف بها‪ :‬الّلجنة ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شـرعي و حمايـة‬ ‫دليل ال ّ‬‫طلبته تسهر على تـوجيه الجماعـة إلـى الـ ّ‬
‫أفــراد الجماعــة مــن الّزيــغ و النحــراف و الضــلل وهــي الحصــن‬
‫ل شــبهة‪ ،‬و يتفـّرع‬‫الحصين للجماعة من أطماع المغرضين بدفع كـ ّ‬
‫منها ما يلي‪:‬‬
‫دعوة و الرشاد‪.‬‬
‫فرع ال ّ‬
‫فرع البحوث العلمّية و الفتاوى ال ّ‬
‫شرعّية‪.‬‬

‫صلحيات رئيس الّلجنة ال ّ‬


‫شرعّية‬
‫‪ -1‬تحديــد برنامــج عملــي لّلجنــة ال ّ‬
‫شــرعّية و عرضــه علــى أميــر‬
‫سهر على تطبيق البرنامج‪.‬‬ ‫الجماعة وال ّ‬
‫دون للّتكــوين‪ ،‬و يكــون ذلــك بتقــديم‬
‫‪ -2‬انتقاء الفراد الــذين يعـ ّ‬
‫طلب إلى أمير الجماعة ويتــدارس الميــر أســمائهم مــع مجلــس‬
‫الشورى‪.‬‬

‫‪72‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ة قبــل ال ّ‬
‫طبــع و الّنشــر و‬ ‫مراقبــة كــل إصــدرات الّلجنــة ال ّ‬
‫شــرعي ّ‬
‫الّتوزيع‪.‬‬
‫يكل ّـــف بمراقبـــة الكتـــب و الشـــرطة ال ّ‬
‫ديني ّـــة الـــتي يتـــداولها‬
‫المجاهدون‪.‬‬
‫له حق إلغاء أو مراجعة المواضــيع العلمي ّــة المح ـّررة مــن طــرف‬
‫طلبة العلم‪.‬‬
‫ق الّرجــوع إلــى أميــر الجماعــة أو العلمــاء فــي المســائل‬
‫لــه ح ـ ّ‬
‫المشكلة‪.‬‬
‫يكّلف بالبحث في المسائل العلمّية المستج ّ‬
‫دة‪.‬‬
‫)وعند عدم وجود هذه اللجنة أو الرئيس المؤهل‬
‫فيقوم بهذه المهام أمير الجماعة ما دام أهل ً لها(‪.‬‬
‫‪ -1‬فرع الدعوة و الرشاد‪:‬‬
‫مهمته‪ :‬نشــر العلــم الشــرعي وذلــك باســتعمال جميـع الوســائل‬
‫الدعوية المشروعة‪.‬‬
‫‪ -2‬فرع البحوث العلمية والفتاوى الشرعية‪:‬‬
‫مهمته‪ :‬البحث في المسائل الشرعية المستجدة والفصل فيهــا‪،‬‬
‫باستثناء المسائل التي تصدر باسم الجماعة فإن الميــر يتدارســها‬
‫مع جميع أفراد اللجنة الشرعية‪.‬‬

‫اللجنة القضائية‬
‫توطئة‪ :‬تعتــبر الّلجنــة القضــائية مــن الركــائز الساســية لقيــام‬
‫الجماعة‪ .‬قال تعالى‪} :‬لقد أرسلنا رسـلنا بالبينــات و أنزلنـا معهـم‬
‫الكتاب و الميزان ليقوم الّناس بالقسط و أنزلنا الحديد فيــه بــأس‬
‫ن‬
‫شديد و منافع للّناس و ليعلم الله مــن ينصــره و رســله بــالغيب إ ّ‬
‫الله قوي عزيز{]الحديد‪.[25:‬‬
‫دين إل ّ بالكتــاب و الميــزان و‬‫قال شيخ الســلم‪ " :‬و لــن يقــوم ال ـ ّ‬
‫الحديد الكتاب يهدي به و الحديد ينصره "‪.‬‬

‫قاضي الجماعة‬
‫‪ -1‬يتم تعيينه من طرف أمير الجماعة‪ ،‬و ل يتــم عزلــه إل بــالرجوع‬
‫إلى مجلس الشورى‪.‬‬
‫‪ -2‬يكون القاضي مستقل ً في مباشرة مهامه‪.‬‬

‫‪73‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪ -3‬إذا رفعـت إليـه مظلمــة ضـد أميــر الجماعـة فلـه مراجعتهــا مـع‬
‫مجلس الشــورى لــرد المظلمــة لصــاحبها‪ ،‬و إذا لــم يمكــن ذلــك إل‬
‫بإحضاره للقضاء أحضر من طرف مجلس الشورى والقاضي‪.‬‬
‫‪ -4‬يستدعي القاضي المتخاصمين بالستعانة بأمير الجماعة‪.‬‬
‫ما تعيينهم فيتم من طرف الميــر‬
‫‪ -5‬له حق عزل قضاة المناطق‪ ،‬أ ّ‬
‫وأمراء اللجان أي المجلس الشوري‪.‬‬
‫‪ -6‬أحكامه نافذة‪.‬‬
‫)وعند عدم وجود هذه اللجنة أو الرئيس المؤهل فيقوم‬
‫بهذه المهام أمير الجماعة ما دام أهل ً لها(‪.‬‬

‫الّلجنة العسكرّية‬
‫تعريف بها‪ :‬تعتبر الّلجنة العسكرّية مــن الّركــائز الساس ـّية و‬ ‫ال ّ‬
‫ســياج الــواقي‬ ‫دعائم القوّية للجماعة‪ ،‬فهي الحصن الحصــين و ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ضربات و الفتن اّلتي قد تعصــف بهــا‪ ،‬كمــا تعتــبر وســيلة‬ ‫لها من ال ّ‬
‫قمع أصحاب الفتن و الهواء‪ ،‬و إرهاب للعــداء و هــي ال ّــتي تزيــح‬
‫ماء الــتي‬‫صـ ّ‬‫صــخرة ال ّ‬
‫دعاة إلى اللــه‪ ،‬فهــي ال ّ‬
‫الحواجز من طريق ال ّ‬
‫تنكسر عنـدها أطمـاع العـداء‪ ،‬و لـذلك ينبغـي للجماعـة أن توليهـا‬
‫اهتماما ً كبيرا ً للمحافظة عليها و تزويد أفرادها بجميع أنواع العتــاد‬
‫ل ذلك في حدود قدرة الجماعة و إمكانياتها‪.‬‬ ‫الحربي العصري‪ ،‬ك ّ‬

‫وابه اّلــذين‬ ‫تكوينها‪ :‬تتك ّ‬


‫ون الّلجنة العسكرّية من قائدها العام و ن ّ‬
‫يرأسون ما يتفّرع عن هذه الّلجنة من فروع و هي كالتي‪:‬‬
‫‪ -1‬فرع الّتدريب و التجنيد‪.‬‬
‫‪ -2‬فرع الّتموين و الّتمويل‪.‬‬
‫‪ -3‬فرع الّتصنيع‪.‬‬
‫‪ -4‬فرع الستطلع‪.‬‬
‫‪ -5‬فرع الهندسة العسكرية‪.‬‬
‫دراسات العسكرّية‪.‬‬
‫‪ -6‬فرع الّتخطيط و ال ّ‬
‫متها‪ :‬الشراف على إدارة و تدبير و تنفيذ ما يتعّلق بال ّ‬
‫شؤون‬ ‫مه ّ‬
‫العسكرّية للجماعة‪ ،‬و يكون ذلك بالّتنسيق مع الّلجان الخرى لجل‬
‫ضمان سلمة العمل‪.‬‬

‫‪74‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫صلحيات قائد الّلجنة العسكرّية‬
‫م تعيينه من طرف أمير الجماعة و كذلك عزله‪.‬‬ ‫‪ -1‬يت ّ‬
‫‪ -2‬تحديــد برنامــج عملــي للجنــة العســكرّية و تقــديمه لميــر‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫‪ -3‬له حق إصدار التعليمات العسكرّية بموافقة أمير الجماعة‪.‬‬
‫‪ -4‬الشراف على تطبيق الّتعليمات‪.‬‬
‫‪ -5‬له حق اختيار المستشارين العسكريين للجنــة العســكرية مــن‬
‫م تعيينهــم بالتشــاور مــع أميــر‬
‫الكتائب و الفراد و المناطق و يت ّ‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫‪ -6‬يكّلف بإنشاء مراكز الّتدريب على مستوى الجماعة‪.‬‬
‫‪ -7‬يشرف على العمال العسكرّية تنفيذا ً و تخطيطا‪.‬‬
‫ســليمة و الّناجعــة لكيفّيــة‬ ‫‪ُ -8‬يشــرف علــى تحديــد ال ّ‬
‫طــرق ال ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫استغلل موارد شراء العتاد العسكر ّ‬
‫ذخيرة المســتوردة وفــق الضــابط‬ ‫‪ -9‬لــه حــق الّتصــّرف فــي الــ ّ‬
‫القانوني المرسوم في تحديد كيفّية التعامــل مــع بــاقي الّلجــان‬
‫العسكرّية‪ ،‬و يكون ذلك بتحديد الّنسب المأوّية‪.‬‬
‫فرع الّتدريب و الّتجنيد‪:‬‬
‫مته‪:‬‬
‫مه ّ‬
‫‪ -1‬تحديد برنامج تدريبي‪.‬‬
‫‪ -2‬الشراف على تطبيق البرنامج التدريبي لّلجنة العسكرّية‪.‬‬
‫‪ -3‬دراسة مواصفات العضو الملتحق بالجماعة‪.‬‬
‫فرع الّتموين و التمويل‪:‬‬
‫مته‪ :‬تعبئة المجاهــدين عســكريا ً وتمويني ـا ً كالطعــام واللبــاس‬
‫مه ّ‬
‫ونحوه من المتطلبات الضرورية للمجاهد‪.‬‬
‫فرع الستطلع‪:‬‬
‫مته‪:‬‬
‫مه ّ‬
‫‪ -1‬مراقبة المراكز و تنفيذ الّتعليمات العسكرّية‪.‬‬
‫‪ -2‬الستطلع على العدو من حيث الّتحّرك و الّتمركز‪.‬‬
‫‪ -3‬الستطلع على الغابات و المسالك التي تسلكها القيادة‪.‬‬
‫‪ -4‬دراسة كافة الطرق للخروج من أرض العمليات العسكرية‪.‬‬

‫‪75‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫فرع الهندسة العسكرّية‪:‬‬
‫مته‪:‬‬
‫مه ّ‬
‫‪ -1‬تحديد طرق بناء المراكز و المستوصفات و الخنادق و‬
‫الملجئ‪.‬‬
‫هل للمجاهدين الّتمركز و تنفيذ‬
‫‪ -2‬رسم الخرائط التي تس ّ‬
‫العمليات العسكرية‪.‬‬
‫دراسات العسكرّية‪:‬‬
‫فرع الّتخطيط و ال ّ‬
‫مته‪:‬‬
‫مه ّ‬
‫‪ -1‬يقوم بدراسة الستراتيجية القتالّية للجماعة و الّتخطيط‬
‫لتطويرها مستقبل‪.‬‬
‫‪ -2‬تحضير العمال على مستوى الجماعة و الّتخطيط لها‪.‬‬
‫فرع الّتصنيع‪:‬‬
‫مته‪ :‬تحضير و تصنيع كل مــا يتعل ّــق بال ّ‬
‫شــؤون العســكرّية مــن‬ ‫مه ّ‬
‫تفجير و أسلحة‪.‬‬
‫)وعند عدم وجود هــذه اللجنــة ككــل يقــوم بهــذه المهــام ويشــرف‬
‫عليها نائب أمير الجماعة بالتعاون مع أهل تلك الختصاصات(‪.‬‬

‫الّلجنة المالّية‬
‫تعريف بها‪ :‬هي عبارة عن مجموعة من أفــراد ذوي الخــبرات‬ ‫ال ّ‬
‫صدق و المانــة و‬
‫صصات في المجالت المالّية المعروفين بال ّ‬ ‫والّتخ ّ‬
‫دنيا بين المحسنين‪.‬‬
‫الزهد في الحياة ال ّ‬
‫متها‪ :‬الشراف على إدارة و تدبير شؤون مال الجماعــة علــى‬‫مه ّ‬
‫شرعية و هي‪:‬‬‫وفق الصول ال ّ‬
‫و ً‬
‫ل‪ :‬معرفة حكم الله في الوجه الذي يكتسب به المال‪ ،‬و اجتناب‬ ‫أ ّ‬
‫الكتساب به إن كان محّرما شرعا‪.‬‬
‫ا‪ :‬حسن الّنظر في اكتساب المال بعد معرفة مــا يــبيحه خــالق‬‫ثاني ً‬
‫سماوات و الرض وما ل يبيحه‪.‬‬‫ال ّ‬
‫ا‪ :‬معرفة حكم الله تعالى في الوجه التي يصرف فيها المــال‪،‬‬‫ثالث ً‬
‫و اجتناب المحّرم منها‪.‬‬
‫رابع ً‬
‫ا‪ :‬حسن الّنظر في أوجه ال ّ‬
‫صرف و اجتنــاب مــا ل يفيــد منهــا‪،‬‬
‫ل من بنى اقتصــاده علــى هــذه الســس الربعــة كــان اقتصــاده‬‫فك ّ‬

‫‪76‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ل و عل‪ ،‬و من أخ ّ‬
‫ل بواحـد مـن‬ ‫ضيا ً لله ج ّ‬
‫كفيل ً بمصلحته‪ ،‬و كان مر ّ‬
‫هذه السس الربعة كان بخلف ذلك‪.‬‬
‫ون الّلجنة المالّية من رئيس اللجنـة و الفـروع الـتي‬‫تكوينها‪ :‬تتك ّ‬
‫تتفّرع منها و هي كالتي‪:‬‬
‫‪ -1‬فرع المحاسبة‪.‬‬
‫‪ -2‬فرع )بيت المال(‪.‬‬
‫‪ -3‬فرع دراسة المشاريع القتصادّية و الستثمارّية‪.‬‬

‫صلحيات مسؤول المال‬


‫‪ -1‬تحديد برنامج مالي للجماعة‪.‬‬
‫‪ -2‬الحرص على إنفاذ البرامج المالّية العملّية المس ّ‬
‫طرة من‬
‫طرف الّلجنة المالّية‪.‬‬
‫‪ -3‬محاسبة ك ّ‬
‫ل فرع على موارد المال و سبل صرفه‪.‬‬
‫عر بالمشاريع الستثمارّية الكبرى للّنظر فيها‪.‬‬
‫‪ُ -4‬يش َ‬
‫‪ -5‬ليس له أن يعطي غيره من الّلجان إل بإذن أمير الجماعة‪.‬‬
‫فرع المحاسبة‪:‬‬
‫سبل الــتي‬ ‫مته‪ :‬كتابة تقارير حول ال ّ‬
‫دخل المالي للجماعة و ال ّ‬ ‫مه ّ‬
‫صرف فيها‪.‬‬
‫فرع بيت المال‪:‬‬
‫مته‪:‬‬
‫مه ّ‬
‫‪ -1‬الحفاظ على مال الجماعة‪.‬‬
‫‪ -2‬ضبط المدخول و المصروف من الموال أثناء الّتعامل مع‬
‫غيره‪.‬‬
‫)لكنه الن غير موجود‪ ،‬فيقوم بذلك أمير الجماعة أو من‬
‫ينوب(‬

‫‪77‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫فــــرع دراســــة المشــــاريع القتصــــادية و‬
‫الستثمارّية‬
‫مته‪ :‬دراسة المشاريع الســتثمارّية الموكلــة إليــه مــن طــرف‬ ‫مه ّ‬
‫أميــن مــال الجماعــة و ذلــك لتحديــد البرنامــج العملــي و كيفّيــة‬
‫الستفادة منه‪.‬‬
‫)وما دامـت ل توجـد أغلـب هـذه اللجـان فأغلبهـا يقـوم بـه الميـر‬
‫ونائبه بالتعاون مع مجلس الشورى إن كان ل بد من الستعانة بهم‬
‫وبخبراتهم(‪.‬‬
‫وأخيــر ً‬
‫ا‪ :‬نســأل اللــه تعــالى أن يمكــن لهــذه الجماعــة ولكــل‬
‫الجماعات العاملة لنصرة هذا الدين في الرض وأن ينصــرهم علــى‬
‫أعداءهم أعداء الملة والدين‪ ،‬وأن يخزي بهم الكفــرة والمشــركين‪.‬‬
‫آمين آمين‪.‬والحمد لله رب العالمين‪.‬‬

‫‪78‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫أسباب الغتيالت‬
‫)هذا الباب مأخوذ مـن رسـالة أخينـا الشــيخ الفاضــل أبـو جنــدل الزدي‬
‫حفظه الله تعالى تحريض المجاهدين البطال على إحياء سنة الغتيــال‬
‫بتصرف بسيط غير مخل(‬
‫للغتيالت في العصر الحاضــر أســباب ودوافــع كــثيرة نــذكر بعضــا‬
‫منها وهذا عنــد المجاهــدين أمــا الغتيــالت عنــد غيــر هــؤلء فهــي‬
‫بالعشرات‪:13‬‬

‫‪ -1‬الزندقــة وســب اللــه ورســوله وشــتمهما‬


‫وأذيتهما‬ ‫‪14‬‬

‫ويكون ذلك )أي الغتيال( لحاد المسلمين‪ .‬قال شيخ السلم ابــن‬
‫تيمية رحمه الله فيما روي عن الشعبي عن علي رضي الله عنه أن‬
‫يهودية كانت تشتم النبي ‪ ‬وتقع فيه‪ ،‬فخنقها رجــل حــتى مــاتت‪،‬‬
‫ل )أي‪ :‬أهدر ولم يجعل فيه دية( رسول الله ‪ ‬دمها‪.15‬‬
‫فأط ّ‬

‫‪ 13‬للتمثيل على ذلك ما يحدث من المرتزقة الذين يغتالون الشخص دون دوافع تذكر إل الحرص على المال مثل‬
‫ما تفعله بعض العصابات المعاصرة وما يحدث أيضا ممن يثأر لنفسه أو من أجل قطعة أرض اختلف هو وآخر‬
‫عليها أو لمرض كجنون وعته أو للنتقام من الزوج أو العكس عند الخلفات الزوجية إلى غير ذلك من الغتيالت‬
‫المعاصرة والتي كتب فيها الكتب الكثيرة مما ليس هو في مجال بحثنا‪.‬‬
‫‪ 14‬وكذلك أئمة الردة من حكام ووزراء وجنرالت وضباط يقول الله سبحانه وتعالى )فقاتلوا أئمة الكفممر( وكممذلك‬
‫أنصارهم مع مراعاة جانب السياسة الشرعية في ذلك أي بالنسبة للنصار بأن تقطف الرؤوس قبممل الممذيول وأن‬
‫يبدأ بالكبار قبل الصغار وقد بينا ذلك في كتاب )الباحث عن حكم قتل أفراد وضباط المبمماحث( فل تغممرك الكممثرة‬
‫ول يهولنك كثرة المرجفين فالحق واضح ناصع وقد ذكر ابن تيمية أن أتباع مسيلمة كانوا نحممو مممائة ألممف أو أكممثر‬
‫)منهاج السنة النبوية()‪(7/217‬ومع ذلك أجمع الصحابة على قتالهم وقد ذكرنا في كتاب )الباحث عممن حكممم قتممل‬
‫أفراد وضباط المباحث( أن تبين الشروط والموانع إنما يكون في المقدور عليه ل الممتنع ودليله إجماع الصممحابة‬
‫كما سقناه هناك قال ابن تيمية رحمه الله‪) :‬ولن المرتد لو امتنع بأن يلحق بدار الحرب أو بممأن يكممون المرتممدون‬
‫ذوي شوكة يمتنعون بها عن حكم السلم فإنه ُيقتل قبل الستتابة بل تردد ( )الصارم المسلول()‪ (322‬وقال أيضا‬
‫سئل ابن تيمية عمن‬ ‫)على أن الممتنع ل ُيستتاب وإنما ُيستتاب المقدور عليه( )الصارم المسلول( )‪(326 -325‬و ُ‬
‫يتعمد قتل المسلم بسبب دينه وهو يدعي السلم كما يفعله الحكام المرتدون وأنصارهم وجنودهم الذين يقتلممون‬
‫المسلمين بسبب دينهم ويستحلون قتلهم بقوانين كافرة ما أنزل الله بها من سلطان فأجاب رحمه اللممه )أممما إذا‬
‫قتله على دين السلم مثل ما يقاتل النصراني المسلمين على دينهم فهذا كافر شر من الكافر المعاهد فإن هممذا‬
‫كافر محارب بمنزلة الكفار الذين يقاتلون النبي ‪ r‬وأصحابه وهؤلء مخلدون في جهنم كتخليد غيرهم ممن الكفمار(‬
‫)مجموع الفتاوى( )‪ (137 -136 /34‬قلت‪ :‬ووجه كفر الحكام المرتدين وجنودهم في هذه المسألة هو الستحلل‬
‫فر والستحلل هنا هو اعتبارهم قتمل المسملمين المتمدينين والمجاهمدين أممرا ً مشمروعا ً مسمتباحا ً بمل واجبما‬ ‫المك ّ‬
‫عليهم بموجب قوانينهم الوضعية التي تعاقب بالقتل من أراد قلممب نظممام الحكممم ولممو كممان هممذا القلممب هممو فممي‬
‫حقيقته جهاد في سبيل الله فمن استحل دم المسلم بغير حق بهذه القوانين الكافرة فقد كفر لن استحلله هممذا‬
‫حل ّممل الحممرام‬
‫هو تكذيب بالنصوص المتواترة الدالة على حرمة دماء المسلمين‪ .‬وقال ابن تيمية )والنسممان مممتى َ‬
‫دل الشرع المجمع عليه كان كافرا ً مرتدا ً باتفاق الفقهمماء( )مجممموع‬ ‫جمع عليه أو حّرم الحلل المجمع عليه أو ب ّ‬‫م ْ‬
‫ال ُ‬
‫الفتاوى( )‪ (267 /3‬انظر الجامع في طلب العلم )‪.(690-2/689‬‬
‫‪ 15‬رواه أبو داود وغيره‪.‬‬

‫‪79‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫قال‪) :16‬هذا الحديث نص في جواز قتل المرأة إذا شتمت النــبي ‪‬‬
‫ودليل على قتل الرجل الذمي وقتــل المســلم والمســلمة إذا س ـّبا‬
‫بطريق الولى لن هذه المرأة كانت موادعة مهادنــة لن النــبي ‪‬‬
‫لمــا قــدم المدينــة وادع جميــع اليهــود والــذين كــانوا بهــا موادعــة‬
‫مطلقة ولم يضرب عليهم الجزية(اهـ‪.‬‬
‫ومعلوم أن المــرأة الكــافرة معصــومة عنــد المســلمين مــن القتــل‬
‫معاهدة لن رسول اللــه ‪ ‬نهــى عــن‬ ‫بالنوثة وإن لم تكن ذمية أو ُ‬
‫علــم أن‬
‫ن محاربــات مقــاتلت ف ُ‬‫قتل النساء في المعارك ما لــم يك ـ ّ‬
‫السابة لله أو لدينه أو لرسوله ‪ ‬أو الطاعنة فــي شــيء مــن ذلــك‬
‫حكمها حكم المقاتلة المحاربة لدين الله تعالى‪..‬‬
‫فيقتل إن لم يقتله المام أو عدم المام القوام على أهل السلم‬
‫الحاكم بما أنزل الرحمــن أو كــان الحكــم لئمــة الكفــر)الــذين هــم‬
‫بحاجــة أصــل إلــى اغتيــال( الــذين ل يهمهــم حكــم اللــه أو شــتم‬
‫الرحمن‪ ..‬ففي هذا الحديث أن ذلك الرجل قتل تلك المرأة بنفسه‬
‫دون أن يرجع إلى النبي ‪ ‬وأن النبي ‪ ‬لما سمع بــذلك لــم ينكــر‬
‫عليه قتل تلك المرأة ولم يأمر بديتها ول قــال‪ :‬هــذا افــتئات علــى‬
‫دع فاعله بل أق ـّره وأهــدر دمهــا‪..‬‬‫المام وحقه ول جعله منكرا ً أو ب ّ‬
‫وقد ذكر شيخ السلم ابن تيمية في أدلة أخرى ما يدل علــى هــذه‬
‫ى يكيــد‬
‫المسألة وعلل ذلك بقوله‪) :‬وذلك لن من وجب قتلــه لمعن ـ ً‬
‫ى‬
‫به الدين ويفسده ليس بمنزلــة مــن قتــل لجــل معصــية مــن زن ـ ً‬
‫ونحوه(اهـ‪ .‬وفيه التفريق بين إقامة الحدود على العصاة في سائر‬
‫الذنوب وبين حدّ من يطعن في رب العالمين أو دين أو نــبي جميــع‬
‫المسلمين فقتل الساب لله أو لدينه إن كان حدا ً من الحــدود فــإنه‬
‫كقتل الحربي الذي يحــارب المســلمين والــذي يتحتــم قتلــه )يجــوز‬
‫قتله لكل أحد(‪.‬‬
‫ونحن نقول لكل معترض علينا أين المــام الــذي يقيــم شــرع اللــه‬
‫ويطبق حدوده ويوالي المؤمنين ويعــادي الكــافرين ويقيــم الجهــاد‬
‫ويفــرض الجزيــة علــى الكــافرين فــإن كنتــم ترونــه فهــد بــن عبــد‬
‫النجليز )أبو رغال(‪ 17‬فأقول لكم بملء فمي كــل شــروط المامــة‬

‫‪ 16‬الصارم المسلول )‪.(61‬‬


‫‪ 17‬لعل أشهر شخص في تاريخ العرب يضرب به المثل في خيانته للمة هو )أبو رغال )الذي سارع لتقديم خدماته‬
‫لجيش أبرهة الحبشي الذي غزا جزيرة العرب وتوجه بجيشه إلى الكعبة المشرفة لهدمها ليصرف العرب عن‬
‫أقدس مقدساتهم فلما عجز العرب عن مواجهة جيشه وعلموا أنهم ل طاقة لهم به قاطعوه فانبرى )أبو رغال(‬
‫يقدم له خدماته فكان دليله إلى البيت الحرام وقد هزم الله عز وجل أبرهة وجيشه وحمى بيته المحرم ومات أبو‬
‫رغال في تلك الغزوة فكان جزاؤه أن تخذ العرب قبره مرجما ً فل يمر على قبره عربي إل رجمه بالحجارة‬
‫لخيانته أمته ووقوفه مع عدوها وعدو دينها وصار العرب يضربون به المثل في الخيانة حتى قال الشاعر الموي‬
‫جرير يهجو الفرزدق‪:‬‬
‫إذا جاء الفرزدق فارجموه كما ترمون قبر أبي رغال‬

‫‪80‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫من العقل إلى السلم إلى سلمة الحواس إلى القرشية الخ كلهــا‬
‫غير متوفرة فماذا تنقمون علينا إل أن جاهدنا وأردنــا إعــادة تعبيــد‬
‫العباد لرب العباد واليــام بيننــا وســيعلم الــذين ظلمــوا أي منقلــب‬
‫ينقلبون‪.‬‬

‫‪ -2‬المحارب من الكفار الصليين‬ ‫‪18‬‬

‫وكذلك المعاهد الذي نقــض عهــده ســواء بــأن نكــث أيمــانه أو بــأن‬
‫طعن في ديننــا أو ســب اللــه ورســوله وكــذلك الــذمي‪19‬ولو تأملنــا‬
‫قليل لعلمنا أن الــذميين ل وجــود لهــم فــي العصــر الحاضــر وأهــل‬
‫العهد كذلك ل وجود لهم إل عند علمـاء السـلطين الضـالين الـذين‬
‫رضوا بالحكام المرتدين أولياء أمور لهم فضلوا وأضــلوا كــثيرا عــن‬
‫سواء السبيل ول حول ول قــوة إل بــالله وبيــان ذلــك أن عهــود آل‬
‫سعود مــع أمريكــا وكــذلك بقيــة دول الخليــج وكــل الــدول العربيــة‬
‫والدول المسماة زورا وبهتانا بالسلمية وغيرها‪.‬‬

‫وتكرر مثل هذا المشهد التاريخي سنة ‪ 656‬هجرية عندما غزت الجيوش المغولية المة السلمية فانبرى الوزير‬
‫ابن العلقمي وصدر الدين الطوسي يقدمان خدماتهما ومشورتهما لملك المغول )هولكو )الذي قتل الخليفة‬
‫ورجال الدولة ودمر عاصمة الخلفة وقتل ‪800‬ألف وقيل ألف وقيل ألفي ألف كما ذكر ذلك ابن كثير وأبن الثير‬
‫رحمهما الله في أبشع حادثة عرفها التاريخ البشري ليصبح ابن العلقمي وصدر الدين الطوسي رمزين للخيانة‬
‫والعمالة للعدو الخارجي يقول ابن الثير عند ذكر لحداث ‪656‬هم في كتابه الكامل للتاريخ وهو ممن عاصر‬
‫وعايش تلك الحداث‪):‬يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا( وها هو المشهد يتكرر بتكرار النكبات والهزائم‬
‫فل يظهر على هذه المة عدو خارجي إل ظهر فيها من يشايعه ويقدم إليه خدماته ويبرر جرائمه ويدافع عن‬
‫سياساته ويبشر بفكره ويدله على عوراتها أو نقاط ضعفها كما فعل أبو رغال وابن العلقمي وصدر الدين‬
‫الطوسي من قبل وقد كان الول فقيرا والثاني وزيرا والثالث فقيها إل أنهم جميعا كانوا من نمط واحد ومن‬
‫طابور واحد؟‬
‫وما حدث للمة في أزمة الخليج الثانية هو مشهد من هذه المشاهد فجاءنا أبو رغال جديد فأباح جزيرة العرب‬
‫المخصوصة بعشرات النصوص الشرعية للصليبين والصهاينة والمصيبة أن ذلك تم تحت غطاء شرعي!!! إذا أبو‬
‫رغال هذه المرة صار ملكا تحت يده شيوخ يصبغون على أعماله الغطاء الشرعي‪.‬‬
‫ملحظة‪ :‬سبب اشتهار هذه التسمية هو ذكر الشيخ القائد المجاهد أسامة بن لدن لها )في شريطه المدمرة‬
‫كول( نصره الله هو وإخوانه آمين‪.‬‬
‫‪ 18‬قال شيخ السلم بن تيمية رحمه الله في الصارم المسلول )‪) :(385‬المحاربة نوعان‪ :‬محاربة باليد ومحاربة‬
‫باللسان والمحاربة باللسان في باب الدين قد تكون أنكى من المحاربة باليد‪......‬ولذلك كان النبي عليه الصلة‬
‫والسلم يقتل من كان يحاربه باللسان مع استبقائه بعض من حاربه باليد خصوصا محاربة الرسول ‪ r‬بعد موته‬
‫فإنها إنما تمكن باللسان وكذلك الفساد قد يكون باليد وقد يكون باللسان وما يفسده اللسان من الديان‬
‫أضعاف ما تفسده اليد كما أن ما يصلحه اللسان من الديان أضعاف ما تصلحه اليد فثبت أن محاربة الله‬
‫ورسوله باللسان أشد والسعي في الرض لفساد الدين باللسان أوكد فهذا الساب لله ولرسوله أولى باسم‬
‫المحارب المفسد من قاطع الطريق( أ‪.‬هم‪.‬‬
‫‪ 19‬قال ابن القيم رحمه الله )الكفار إما أهل حرب وإما أهل عهد‪ .‬وأهل العهد ثلثة أصناف‪ :‬أهل ذمة وأهل هدنممة‬
‫وأهل أمان‪ .‬وقد عقد الفقهاء لكل صنف بابا ً فقالوا‪ :‬باب الهدنمة‪ ،‬بماب الممان‪ ،‬بماب عقمد الذممة‪ .‬ولفمظ »الذممة‬
‫والعهد« يتناول هؤلء كلهم في الصل‪ ،‬وكذلك لفظ »الصلح «‪.‬إلى أن قال‪ :‬ولكممن صممار فممي اصممطلح كممثير مممن‬
‫الفقهاء »أهل الذمة« عبارة عمن يؤدي الجزية‪ ،‬وهؤلء لهم ذمة مؤبدة‪ ،‬وهممؤلء قممد عاهممدوا المسمملمين علممى أن‬
‫يجري عليهم حكم الله ورسوله‪ ،‬إذ هم مقيمون في الدار التي يجري فيها حكم الله ورسوله‪.‬‬
‫بخلف أهل الهدنة فإنهم صالحوا المسلمين على أن يكونوا في دارهم سواء كان الصلح على مال أو غيممر مممال ل‬
‫تجري عليهم أحكام السلم كما تجري على أهل الذمة لكن عليهم الكف عن محاربة المسلمين وهممؤلء يسمممون‬
‫أهل العهد وأهل الصلح وأهل الهدنة‪.‬‬
‫سل وتجار‬ ‫ر‬
‫ُ ُ‬ ‫أقسام‪:‬‬ ‫أربعة‬ ‫وهؤلء‬ ‫لها‬ ‫استيطان‬ ‫غير‬ ‫من‬ ‫المسلمين‬ ‫دم بلد‬
‫ق ُ‬
‫وأما المستأمن‪ :‬فهو الذي ي َ ْ‬
‫ومستجيرون حتى ُيعرض عليهم السلم والقرآن فإن شاؤوا دخلوا فيه وإن شاؤوا رجعوا إلى بلدهم وطالبوا‬
‫حاجة من زيارة أو غيرها‪ .‬وحكم هؤلء أل يجاهدوا ول ُيقتلوا ول تؤخذ منهم الجزية وأن ُيعرض على المستجير‬
‫منهم السلم والقرآن فإن دخل فيه فذاك وإن أحب اللحاق بمأمنه ألحق به ولم يعرض له قبل وصوله إليه فإذا‬
‫وصل مأمنه عاد حربيا كما كان( )أحكام أهل الذمة( لبن القيم )‪.(476 – 475 /2‬‬

‫‪81‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫أقول‪ :‬إن عهود هؤلء ومواثيقهم ل تعنــي عنــد المســلم شــيئا ول‬
‫يجوز له أن ينصاع لها أو يحترمها أو يقر بها مختارا‪:‬‬
‫قد أوثقوه خيانة وجفاء‬ ‫إني نبذت إليهم العهد الذي‬
‫ويــدل علــى ذلــك أيضــا بوضــوح الحــديث الــذي رواه المــام أحمــد‬
‫والنسائي وأبو داود‪" :‬المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يــد علــى مــن‬
‫سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم"‪.‬‬

‫‪82‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ل مــن خواصــهم ول مــن‬ ‫‪20‬‬
‫فهؤلء الطواغيت ليسوا من المسلمين‬
‫أدناهم‪.‬‬
‫ول قلمة ظفر بل هم من جملة من يتولونهم من الكفار الحربيين‬
‫م( فــإنه‬
‫هـ ْ‬
‫من ْ ُ‬
‫ه ِ‬
‫ف ـإ ِن ّ ُ‬ ‫من ْك ُـ ْ‬
‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫ول ّ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ن ي َت َـ َ‬
‫م ْ‬
‫و َ‬
‫كما أخبر تعالى في قوله‪َ ) :‬‬
‫منهـــم وليـــس مـــن المســـلمين !! وعليـــه فل تلزمنـــا عهـــودهم‬
‫ومواثيقهم ول أمانهم للكفار‪.‬‬

‫‪ 20‬ذكر علماؤنا المحققون أن الحكومات الجاثمة على الحكم في بلد المسلمين وحكامها اليوم ل يشك في‬
‫متلون متنوع من أبواب‬ ‫كفرهم إل من طمس الله على بصيرته وأعماه عن نور الوحي مثلهم إذ أن كفرهم ُ‬
‫شتى‪:‬‬
‫فهم يكفرون من باب تشريعهم مع الله ما لم يأذن به الله حيث نصت دساتيرهم المحلية ومواثيقهم الدولية‬
‫سواء على المستوى المحلي أو على مستوى هيئة المم الملحدة أو الجامعة العربية ونحوها أن لهم الحق في‬
‫وابهم أو هيئاتهم التشريعية وجمعياتهم العمومية وهذا مقرر معروف من موادهم‬ ‫التشريع المطلق هم ون ُ ّ‬
‫متجاهل ل يريد أن يعرفه وقد قال‬ ‫والدستورية الكفرية ل ُيجادل فيه إل جاهل ل يعرفه أو ُ‬ ‫ونصوصهم القانونية‬
‫حد ُ ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫قّهاُر( )يوسف‪(39:‬‬ ‫وا ِ‬‫ه ال ْ َ‬ ‫خي ٌْر أم ِ الل ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫فّرُقو َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ب ُ‬ ‫تعالى‪) :‬أأْرَبا ٌ‬
‫ويكفرون من باب طاعتهم للمشّرعين م المحليين منهم والدوليين وغيرهم وإتباعهم لتشريعاتهم الكفرية قال‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫دوا‬‫ن اْرت َ ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ه( )الشورى‪ .(َ 21:‬وقال سبحانه‪) :‬إ ِ ّ‬ ‫ن ب ِهِ الل ّ َ ُ‬ ‫م ي َأذ َ ْ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دي ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫عوا ل َهُ ْ‬ ‫شَر ُ‬ ‫كاُء َ‬ ‫شَر َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ل َهُ ْ‬ ‫تعالى‪) :‬أ ْ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما ن َّز َ‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫هوا‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫ِ ِ َ ِ ُ‬‫ك‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫لوا‬ ‫قا‬‫َ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫أ‬ ‫ب‬
‫ُ ْ ِ ِ ُّ ْ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ذ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫لى‬ ‫م‬ ‫أ‬
‫ُ ْ َ ْ‬‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫و‬
‫ُ َ ّ‬‫س‬ ‫ن‬ ‫طا‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬
‫ش‬ ‫ال‬ ‫دى‬ ‫عََلى أد َْبا ِ ِ ْ ِ ْ َ ْ ِ َ َ َ ّ َ ُ ُ ُ َ‬
‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ما‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ر‬
‫َ‬
‫ر‪) (..‬محمد ‪ (26-25‬فهذا فيمن قال للكفار‪ :‬سنطيعكم في بعض المر فكيف بمن‬ ‫م ِ‬ ‫ض اْل ْ‬ ‫م ِفي ب َعْ ِ‬ ‫طيعُك ُ ْ‬ ‫سن ُ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫انبطح وسلم قياده لهم ولوامرهم ومناهجهم وقوانينهم وتشريعاتهم وقال‪ :‬سُنطيعكم في كثير من المر أو‬
‫ل المر وأسلموا قيادهم لمشّرعيهم ولطواغيتهم وسّلموا لتشريعاتهم تسليمًا؟؟‪.‬‬ ‫سنطيعكم في ك ّ‬
‫ويكفرون من باب توليهم للكفار من النصارى والمشركين والمرتدين وحمايتهم ونصرتهم بالجيوش والسلح‬
‫والمال والقتصاد بل قد عقدوا معهم اتفاقيات ومعاهدات النصرة بالنفس والمال واللسان والسنان ضد‬
‫م( )المائدة‪ :‬من الية‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫م فَإ ِن ّ ُ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ن ي َت َوَل ّهُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫المجاهدين المسلمين فتوّلوهم توليا ً حقيقيا ً وقد قال تعالى‪) :‬وَ َ‬
‫‪.(51‬‬
‫ن‬
‫مُنو َ‬ ‫وما ي ُؤْ ِ‬‫ً‬ ‫جد ُ ق َ ْ‬ ‫وتهم للكفار الشرقيين والغربيين وموادتهم ومحبتهم لهم قال تعالى‪) :‬ل ت َ ِ‬ ‫ويكفرون من باب أخ ّ‬
‫ه()المجادلة‪ :‬من الية ‪ .(22‬وهذا ليس من التكفير ببواطن المور‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫حاد ّ الل ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫وا ّ‬ ‫خر ِ ي ُ َ‬ ‫ِبالل ّهِ َوال ْي َوْم ِ اْل ِ‬
‫دة ويصّرحون بها‬ ‫ّ‬ ‫والمو‬ ‫الخوة‬ ‫بهذه‬ ‫يفاخرون‬ ‫أنهم‬ ‫إذ‬ ‫الصريحة‬ ‫الظاهرة‬ ‫والقوال‬ ‫بالعمال‬ ‫بل‬ ‫وأعمال القلوب‬
‫ويظهرونها في كل محفل ووسائل إعلمهم طافحة بها‪.‬‬
‫َ‬
‫قوا‬ ‫ن َنافَ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ت ََر إ َِلى ال ّ ِ‬ ‫المشركين ونصرتهم عليهم قال تعالى‪) :‬أل َ َ ْ‬ ‫ويكفرون من باب محاربة أولياء الله ومظاهرة‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫م ل َن َ ْ‬ ‫ن أُ ْ‬ ‫فروا م َ‬
‫م‬
‫ِ ُ ْ‬‫ت‬ ‫ل‬ ‫ت‬‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫َِ ْ‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫ا‬‫بد‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫حد‬‫م َ‬ ‫أ‬ ‫طيعُ ِفيك ُ ْ‬ ‫م َول ن ُ ِ‬ ‫معَك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ج ّ‬ ‫خُر َ‬ ‫جت ُ ْ‬ ‫خر ِ ْ‬ ‫ب ل َئ ِ ْ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ن أهْ ِ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ن كَ َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫وان ِهِ ُ‬ ‫خ َ‬‫ن ِل ِ ْ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫يَ ُ‬
‫فر الله من وعد المشركين ولو وعدا كاذبا‬ ‫ن( )الحشر‪ .(11:‬فتأمل كيف ك ّ‬ ‫كاذُِبو َ‬ ‫م لَ َ‬ ‫ه‬
‫َ ِ ُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫ش‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ه‬
‫ْ َ ُ‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫وال‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ل َن َ ُ َ‬
‫ر‬ ‫ص‬ ‫ْ‬ ‫ن‬
‫بنصرتهم على المسلمين وجعله من إخوان المشركين فكيف بمن عقد معهم اتفاقّيات النصرة والمظاهرة على‬
‫الموحدين وظاهرهم عليهم فعل ً بالمعلومات المنية وبالمال والتدريب والسلح وبالملحقة والقتل أو الحبس‬
‫والمحاكمة والتسليم؟؟‬
‫ويكفرون من باب المتناع عن الشرائع كالحكم بما أنزل الله وتعطيل الفرائض وتحريم الواجبات الشرعية كجهاد‬
‫الكفار واستحلل الحرام بالترخيص له وحمايته وحراسته والتواطؤ والصطلح عليه‪ ..‬كمؤسسات وصروح الربا‬
‫حّلون َ ُ‬
‫ه‬ ‫فُروا ي ُ ِ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ب ِهِ ال ّ ِ‬ ‫ض ّ‬ ‫فر ِ ي ُ َ‬ ‫سيُء زَياد َةٌ ِفي ال ْك ُ ْ‬
‫ما حرم الل ّه ِزين ل َهم سوُء أ َ‬
‫ما الن ّ ِ‬ ‫والفجور والخنا وغير ذلك من المحرمات قال تعالى‪) :‬إ ِن ّ َ‬
‫م‬‫قوْ َ‬ ‫دي ال ْ َ‬ ‫ه ل ي َهْ ِ‬ ‫م َوالل ُّ‬ ‫َ ِ ْ‬‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ ُ ْ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫حّلوا َ‬ ‫ه فَي ُ ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حّر َ‬‫ما َ‬ ‫عد ّةَ َ‬ ‫واط ُِئوا ِ‬ ‫عاما ً ل ِي ُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫مون َ ُ‬ ‫حّر ُ‬ ‫عاما ً وَي ُ َ‬ ‫َ‬
‫ن( )التوبة‪(37 :‬‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬‫كا‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬
‫خص‬ ‫ويكفرون من باب الستهزاء بدين الله والترخيص للمستهزئين وحمايتهم وسن القوانين التشريعية التي تر ّ‬
‫ل‬‫لهم وتسهل لهم ذلك سواء عبر الصحافة أو الذاعة المرئية منها والمسموعة أو غير ذلك قال تعالى‪ ...) :‬قُ ْ‬
‫َ‬
‫م‪)(..‬التوبة‪.(66-65 :‬‬ ‫مان ِك ُ ْ‬ ‫م ب َعْد َ ِإي َ‬ ‫فْرت ُ ْ‬ ‫ن ل ت َعْت َذُِروا قَد ْ ك َ َ‬ ‫ست َهْزُِئو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫سول ِهِ ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫أِبالل ّهِ َوآَيات ِهِ وََر ُ‬
‫وغير ذلك من أبواب الكفر الصراح التي ولجوا فيها ودخلوها زرافات ووحدانا ً وكل باب من هذه البواب عليه من‬
‫أقوالهم وأفعالهم وتصريحاتهم وقوانينهم مئات بل ألوف الدلة أما الدلة من كتاب الله وسنة رسوله ‪ r‬على أنها‬
‫أبواب مكفرة فهي أشهر من أن يجادل فيها المجادلون وليس هذا محل بسطها وإنما المقصود من ذلك الشارة‬
‫التي تكفي اللبيب وتعلمه بأن هذه الحكومات طواغيت ت ُّتبع وُتطاع من دون الله تعالى‪..‬‬
‫وإذا تقرر أن حكام بلد المسلمين اليوم ليسوا حكاما مسلمين وليسوا ولة أمور شرعيين علم أن وليتهم‬
‫الجبرية على المسلمين باطلة ول تصح بحال ول يجوز أن يجعل لهم على المسلمين سبيل ول يحل لهم أن يسعوا‬
‫بذمة المسلمين بين المم والدول وإن فعلوا فذمتهم غير ذمة المسلمين وعهودهم غير ملزمة للمجاهدين‪..‬‬
‫م لهم إل مصالح عروشهم وكروشهم وقروشهم ول يستأمنون على‬ ‫فهم إضافة إلى كونهم حكام خونة ل ه ّ‬
‫مصالح العباد والبلد حتى ينابوا عن المسلمين ويسعون بذمتهم فحقيقتهم أيضا أنهم حكام كفرة مشركون‬
‫وطواغيت مشرعون يجب على كل مسلم أن يسعى في القيام عليهم وخلعهم عند القدرة على ذلك ويجب عليه‬
‫حال عجزه عنه أن يكفر بهم ويتبرأ من قوانينهم وشرائعهم ومعاهداتهم فهذا كله من لوازم التوحيد وواجبات ملة‬

‫‪83‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫قال ابن قدامة رحمه الله‪:21‬‬
‫ول يصــح أمــان كــافر وإن كــان ذميــا لن النــبي ‪ ‬قــال‪) :‬ذمــة‬
‫المسلمين واحدة يسعى بها أدنــاهم( فجعـل الذمــة للمســلمين فل‬
‫تحصل لغيرهم ولنه متهم على السلم وأهله فأشبه الحربي( أهـ‬

‫مواصفات عناصر فريق الغتيال‬


‫إن الحرب المعاصرة مع الكفار سواء كان الكافر أصليا ً فــي كفــره‬
‫أو مرتدا ً تختلــف عــن الحــروب فــي أزمــان مضــت حيــث أن العــدو‬
‫تسلط على رقاب المسلمين بالردة المنظمــة الــتي ينشــرها عملء‬
‫اليهــود والنصــارى فــي بلد المســلمين وإزالــة هــؤلء تحتــاج إلــى‬
‫تكــاتف الجهــود وتكــثيف العمليــات الجهاديــة ضــد مصــالح الكفــر‬
‫والكافرين في كل مكان وتكاليف ذلك كثيرة وصعبة وشاقة ولكــن‬
‫لبد منها ولبد من توفر صــفات معينــة فيمــن يريــد أن يكــون مــن‬
‫المجاهدين الموهوبين وللفائدة فهــذا النــوع مــن الحــروب يســمى‬
‫في علوم الستراتيجية الحديثة بحروب الجيل الرابع أو الحرب غير‬
‫المتوازيـــة "باليـــاء" تمييـــزا لهـــا عـــن "الحـــرب غيـــر المتوازنـــة‬
‫"بالنون"‪.‬ويقصد بالحرب غير المتوازية أن يستخدم الخصم وسائل‬
‫وأساليب يستحيل على المدافع عن نفسه أن يستخدمها أو يتعرف‬
‫عليها أو يتفاداها‪ .‬وقد أشار إلى هـذا النـوع مـن المواجهـة تقريـر‬
‫استراتيجي شامل سلم للرئيس المريكــي كلينتــون قبــل مغــادرته‬
‫البيت البيض‪ .‬قال التقرير إن أمريكا قد هيمنت علـى العـالم ولـم‬
‫يعــد هنــاك مــن يســتطيع أن يجابههــا عســكريا ول اقتصــاديا ول‬
‫سياسيا ً ول إستخباراتيا ً وإن الخصم الوحيــد الــذي يمكــن أن يــؤذي‬
‫أمريكــا هــو مــن يســتخدم أســاليب الحــرب غيــر المتوازيــة‪.‬واعتــبر‬
‫التقرير من يستخدم هــذا النــوع مــن المواجهــة خطــرا ً هــائل ً علــى‬
‫أمريكا إلى درجة أنه يمكن أن يتسبب في خلخلة داخلية في أمريكا‬

‫إبراهيم‪..‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه إ ِذ ْ قالوا ل ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ت َعْب ُ ُ‬‫م ّ‬‫م وَ ِ‬
‫من ْك ْ‬ ‫م إ ِّنا ب َُرآءُ ِ‬‫مهِ ْ‬ ‫قوْ ِ‬ ‫مع َ ُ‬
‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َوال ِ‬
‫َ‬ ‫هي َ‬ ‫ة ِفي إ ِب َْرا ِ‬ ‫سن َ ٌ‬‫ح َ‬ ‫سوَةٌ َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ت لك ْ‬ ‫قال تعالى‪) :‬قد ْ كان َ ْ‬
‫ه(‬‫حد َ ُ‬ ‫مُنوا ِبالل ّهِ وَ ْ‬ ‫حّتى ت ُؤْ ِ‬ ‫ضاُء أَبدا ً َ‬ ‫داوَةُ َوال ْب َغْ َ‬ ‫م ال ْعَ َ‬ ‫دا ب َي ْن ََنا وَب َي ْن َك ُ ُ‬ ‫م وَب َ َ‬‫فْرَنا ب ِك ُ ْ‬‫ن الل ّهِ ك َ َ‬‫دو ِ‬
‫ُ‬
‫ه( أي منكم ومن أوثانكم ومناهجكم وتشريعاتكم الباطلة‬ ‫ّ‬
‫ن الل ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬
‫دو َ‬ ‫ما ت َعْب ُ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫م وَ ِ‬ ‫ُ‬
‫من ْك ْ‬ ‫فقوله تعالى‪) :‬إ ِّنا ب َُرآُء ِ‬
‫المخالفة لدين السلم‪..‬‬
‫فالبراءة التي تستلزمها ملة إبراهيم ليست محصورة في البراءة من المشركين بل من ذلك أيضا البراءة من‬
‫أديانهم وقوانينهم الكفريه ومعاهداتهم وتشريعاتهم الخبيثة التي تؤاخي بين المسلمين والكفار وتلغي الجهاد‬
‫ما أ َعْب ُد ُ *‬‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫عاب ِ ُ‬‫م َ‬ ‫َ‬
‫ن * َول أن ْت ُ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ت َعْب ُ ُ‬
‫َ‬
‫ن* ل أعْب ُد ُ َ‬ ‫كافُِرو َ‬ ‫ل َيا أ َي َّها ال ْ َ‬ ‫وتصف المجاهدين بالمجرمين والرهابيين‪)..‬قُ ْ‬
‫ن( )سورة الكافرون(‬ ‫دي‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫دي‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫*‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َول أ ََنا َ‬
‫ْ ِ ُ ْ َِ َ ِ ِ‬ ‫ما أعْب ُد ُ‬ ‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫عاب ِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫م * َول أن ْت ُ ْ‬ ‫ما عَب َد ْت ُ ْ‬‫عاب ِد ٌ َ‬
‫فنحن كما نكفر بهؤلء الطواغيت ونتقرب إلى الله ونلتمس رضاه ببغضهم وعداوتهم وجهادهم فكذلك نبرأ من‬
‫أديانهم الشركية وقوانينهم الوضعية ومواثيقهم الباطلة المناقضة لشرائع السلم بتحريمها للجهاد ومؤاخاتها بل‬
‫عمالتها ونزولها تحت ولية الكفار المحاربين للسلم والمسلمين فهي طواغيت وشرائع مناقضة لشرع الله‬
‫قائمة على مبادىء الخوة بينهم بل مستندة إلى علقة الموالة والعمالة والخيانة والتبعية التي تجمع القزام‬
‫بأسيادهم انظر رسالة )برآة الموحدين من عهود الطواغيت والمرتدين( )‪.(14-10‬‬
‫‪ 21‬المغني )‪.(8/398‬‬

‫‪84‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫إن لم تحسن التعامل معه‪ .‬وتنبأ التقرير بــأن تبــدأ علمــات هزيمــة‬
‫أمريكية إن نجح خصم أمريكــا فــي امتصــاص الــرد المريكــي علــى‬
‫هجوم من قبله وتمكن من توجيه أكثر من ضربة لمريكا‪.22‬‬
‫أهــم الصــفات اللزم توفرهــا فــي المجاهــد الــذي ســينفذ عمليــة‬
‫الغتيال‪:‬‬
‫‪1‬ـ وضوح العقيدة والمنهــج فيعلــم الخ لمــاذا يقاتــل ومــن يقاتــل‬
‫وكيف ومتى‪.‬‬
‫‪2‬ـ اللياقة البدنية والقتالية الفرديــة العاليــة )جــري‪،‬جبــال‪ ،‬تســلق‪،‬‬
‫قيادة سيارة‪ ،‬دراجة نارية(‪.‬‬
‫‪3‬ـ إتقان التعامل مع عملية الخطف والغتيال‪.‬‬
‫‪4‬ـالذكاء وحضور البديهة‪.‬‬
‫‪5‬ـ الحس المني‪.‬‬
‫‪6‬ـ النفسية الرهابية‪.‬‬
‫‪7‬ـ الشجاعة وهدوء وبرود العصاب‪.‬‬
‫‪8‬ـ الفتوى الشرعية وهذا يدخل في رقم ‪ 1‬وأفردناه لهميته‪.23‬‬

‫ولتدريب عناصر الفريق‬


‫‪1‬ـ يتم اختيارهم من العناصــر صــعبة النكشــاف ومــن الشخصــيات‬
‫الجتماعية ذات الحركة الدؤوبة والبعيدة عن شك النظمة المرتدة‬
‫العميلة ثم إعدادهم ببرنامج مخصص لهذا الهدف‪.‬‬
‫‪2‬ـــ تــدريبهم علــى القتــال القريــب فــي أنديــة أو قاعــات ســرية‬
‫باستمرار بشرط أن ل يزيد عدد الخلية التدريبية الواحــدة )الفريــق‬
‫أو المجموعة )الثبات(‪ (24‬عن ثلثة أشخاص وبرنامج تدريب هؤلء‪:‬‬

‫‪ 22‬انظر نشرة الصلح رقم )‪.(317‬‬


‫‪ 23‬هذا المعلومات تجدها كاملة في موسوعة الجهاد الكبرى مع بعض الضافات مني أنا العبد الفقير‪.‬‬
‫‪ 24‬يقول سيد رحمه الله في ظلله )‪ (705-2/704‬عند قوله تعالى )فانفرا ثبات أو انفروا جميعا(‪):‬وإن النسان‬
‫ليعجب وهو يراجع القرآن الكريم فيجد هذا الكتاب يرسم للمسلمين بصفة عامة طبعا الخطة العامة للمعركة‬
‫وهي ما يعرف باسم )استراتيجية المعركة(‪.‬‬
‫ففي الية الخرى يقول للذين آمنوا )يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة( وفي‬
‫هذه الية يقول للمؤمنين )يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا( وهي تبين ناحية من‬
‫الخطة التنفيذية أو ما يسمى )التاكتيك(‪.‬‬
‫وفي سورة النفال جوانب كذلك في اليات‪):‬فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون(‬
‫وهكذا نجد الكتاب ل يعلم المسلمين العبادات والشعائر فحسب ول يعلمهم الداب والخلق فحسب كما يتصور‬
‫الناس الدين ذلك التصور المسكين !‬
‫إنما هو يأخذ حياتهم كلها جملة ويعرض لكل ما تتعرض له حياة الناس من ملبسات واقعية‪.‬‬
‫وها هو كتاب الله يرسم للمسلمين جانبا من الخطة للمعركة المناسبة لموقفهم حينذاك ولوجودهم بين العداوات‬
‫الكثيرة في الخارج وحلفائهم من المنافقين واليهود في الداخل !!‪.‬‬

‫‪85‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫هو تدريبهم من ناحيــة أمنيــة ويــزاد علــى ذلــك التعمــق فــي عمــل‬
‫الشراك الخداعية والتفجير عن بعد والتــدريب علــى القتــل بشــكل‬
‫عملي وذلك بخطـف أنـاس محكــوم عليهــم بـالكفر وإجــراء عمليـة‬
‫القتل من قبل أفراد مجموعة الغتيال والكثار من التــدريب علــى‬
‫الرمايــة علــى المسدســات وطــرق الرمــي عليهــا والمهــارة فــي‬
‫اســتعمال الســكين والســموم وبرنامــج للتــدريب الرياضــي وقــوة‬
‫التحمل مع شــرح تفصــيلي لمنــاطق الضــعف فــي جســم النســان‬
‫ولبد لفريق الغتيال أن يتدرب على أســاليب القتــل عمليــا ســواءً‬
‫كان القتل بالمسدس أو البندقية أو السكين أو الفأس أو الخنق أو‬
‫بالسم‪.‬‬
‫‪3‬ـ ـ تخصــيص برنامــج مطالعــة فــي المكتبــة المنيــة والجاسوســية‬
‫لصقل حسهم المني وتطويره مع الحذر من التضخيم المتعمد من‬
‫اليهود والنصارى لجهزتهم ونشرهم لهــا بيــن النــاس عــن طريــق‬
‫أفلم هوليود وغيره حتى ارهبوا الناس من ‪ CIA‬أو ‪ FBI‬أو الموساد‬
‫وقد فضحهم الله بضربات المجاهدين المتتالية فــي تنزانيــا وكينيــا‬
‫وعدن ونيويورك وواشنطن ومومباسا الخ‪.‬‬
‫‪4‬ـ متابعة أخبار العمليات الحقيقية التي تجري هنا وهناك لثارتهم‬
‫من جهة ولتوسيع الفق والمدارك من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪5‬ـ ـ دراســة )المــاكن‪ ،‬المدينــة‪ ،‬العــاملين فيهــا( وإتقــان مــداخلها‬
‫ومخارجها ووسائل النقل فيها‪.‬‬
‫‪6‬ـ تدريبهم على أسلحة الخطف والغتيال والتي ستأتي بنــوع مــن‬
‫التفصيل‪.‬‬
‫‪7‬ـ يتم تدريب الجدد بحضور عمليات بصــفة مراقــبين أو حمايــة ثــم‬
‫يتحول فيما بعد للتنفيذ‪.‬‬

‫أفضل حالت الغتيال‬


‫‪1‬ـ إذا كان الهدف وحيدا ليس معه حماية بعيدا عن مرافقيه‪.‬‬
‫‪2‬ـ إذا كان الهدف بعيدا عن منزله أو مكتبه والحماية ضعيفة‪.‬‬
‫‪3‬ـ إذا كان الهدف يسير على قدميه في الشوارع‪.‬‬
‫‪4‬ـ عند خروج الهدف أو دخوله من أحــد المبــاني أو الســيارة حيــث‬
‫هذه تكون من النقاط الضعيفة بالنسبة لرجال الحماية وبالذات إذا‬
‫كانت طريقة الغتيال عن بعد‪.‬‬

‫)فانفروا ثبات أو انفروا جميعا(‪) :‬ثبات( جمع ثبة أي مجموعة والمقصود ل تخرجوا للجهاد فرادى ولكن اخرجوا‬
‫مجموعات صغيرة أو الجيش كله حسب طبيعة المعركة( أ‪.‬هم باختصار‪.‬‬

‫‪86‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪5‬ـ إذا كــان حــس الهــدف المنــي ضــعيفا ول يميــز بيــن التحركــات‬
‫العادية وغير العادية‪.‬‬
‫‪6‬ـــ إذا كــان الهــدف يعلــن عــن تحركــاته مثل زيــارة مكــان إلقــاء‬
‫محاضرة حضور مؤتمر‪.‬‬
‫‪7‬ـ إذا كان الهــدف لــه عــادة ونظــام معيــن فــي الســفر أو ســلوك‬
‫طريق معينة في الوصول إلى مكان محدد‪.‬‬
‫‪8‬ـ إذا كان الهدف ل يتقيد بالنظام المني لمجموعة الحماية‪.‬‬
‫‪9‬ـ إذا كان الهدف يقوم بفتح بريده بنفسه أو يفتح البواب بنفسه‬
‫للضيوف‪.‬‬
‫‪10‬ـ إذا كان الهدف أثناء تنقله وسفره يستعمل نفس الماكن مثل‬
‫الفندق وشركة الطيران والجناح الذي ينزل فيه‪.‬‬
‫‪11‬ـ إذا كان الهدف يقابل الشخاص دون موعد مسبق‪.‬‬
‫‪12‬ـ إذا كان الهدف يستقبل الزوار في جناحه الخــاص وليــس فــي‬
‫قاعة مخصصة لذلك‪.‬‬
‫‪13‬ـ إذا كان الهدف يتنقل ليل… الخ‬

‫‪25‬‬
‫خصائص ومراحل عملية الغتيال‬
‫خصائص عملية الغتيال‪:‬‬
‫‪1‬ـ المفاجأة‪.‬‬
‫‪2‬ـ الردع‪.‬‬
‫‪3‬ـ السرعة والهدوء في التنفيذ‪.‬‬
‫‪4‬ـ السرية في إعداد الخطة واختيار الشخاص والتدريب والتنفيذ‪.‬‬
‫مراحل عملية الغتيال‪:‬‬
‫أ ـ خطة الغتيال‪:‬‬
‫‪1‬ـ تحديد الهدف‪.‬‬
‫‪2‬ـ إجراء استطلع كاف له )معاينة‪ ،‬مراقبــة‪ ،‬تفــتيش ســري‪...‬الــخ(‬
‫والستطلع أهم فقرات خطة الغتيال إذ بــه تحــدد طريقــة القتــل‬
‫والنسحاب ولوازم العملية‪....‬الخ‪.‬‬
‫‪3‬ـ تحديد طريقة القتل‪.‬‬
‫‪4‬ـ التنفيذ‪.‬‬
‫انظر موسوعة الجهاد الكبرى )‪.(512-1/511‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪87‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪5‬ـ عملية النسحاب‪.‬‬
‫‪6‬ـ عملية الستطلع وتشكل‪ :‬حركته‪ ،‬مواعيده الثابتــة والمتحركــة‪،‬‬
‫محل السكن‪ ،‬طريق مسيره‪ ،‬أفكاره‪ ،‬نفسيته‪ ،‬نقاط ضعفه الثابتــة‬
‫والمتحركة‪ ،‬ومراقبته مراقبة جيده‪ ،‬فمثل معظم هــذه الشخصــيات‬
‫لهــا عشــيقات أو علــى صــلت مخزيــة أو يــترددون علــى أمكنــة ل‬
‫يريدون أن يراهم أحد من العموم وخط سيرهم بذلك يكــون بــأدنى‬
‫حراسة )نقطة ضعف( وهكذا‪.‬‬
‫وعملية المراقبة هي فن قائم بذاته ويجــب القــتراب مــن الهــدف‬
‫بــل إقامــة علقــة معــه إن أمكــن ويجــب اشــتراك المنفــذ فــي‬
‫الستطلع ولو في مراحله الخيرة‪.‬‬
‫ب ـ عملية التنفيذ‪:‬‬
‫وعملية التنفيذ تتم بعدة طرق وأســاليب نــذكرها هنــا علــى ســبيل‬
‫الختصار والجمال وستأتي مفصلة في المبحث القادم‪:‬‬
‫أول‪ :‬الغتيال عن بعد‪ :‬بالقنص الكاتم‪ ،‬أو بنسف قنبلــة موقوتــة أو‬
‫ل سلكية التفجير‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الغتيال الفردي المباشر‪ :‬حيث يقوم المنفذ بإعــدام الهــدف‬
‫وبرفقته فرد أو اثنان للحماية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الغتيال بمجموعة‪ :‬بنصب كمين لســيارة الهــدف أو مهاجمــة‬
‫بيته أو مقر عمله‪.‬‬
‫وآمن هـذه الطـرق هـي الطريقــة الولــى ثــم الثانيـة لنهمــا أقـل‬
‫خسارة من الثالثة واللــه تعــالى أعلــم وعمومــا فعمليــات الغتيــال‬
‫تحتاج إلى منفذ ذي مواصــفات خاصــة وأن يكــون مجاهــدا موهوبــا‬
‫وبعد تنفيذ عدد من الغتيالت الناجحة يكون المنفذ مختصا محترفا‬
‫وذلك بعد قيامه بثلث عمليــات اغتيــال وعمليــة خطــف )متخصــص‬
‫درجة أولى يمكن إسناد قيادة بعض الخليا له(‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫أمنيات عملية الغتيالت‬
‫‪1‬ـ ـ الفتــوى الشــرعية باغتيــال الشــخص المطلــوب موضــحا فيهــا‬
‫بالدلة الشرعية وسنذكر بعــض النمــاذج المقترحــة للغتيــال علــى‬
‫الترتيب الولوي فيما سيأتي ومثل هذا البحث ســيريح الكــثير مــن‬
‫الشباب المجاهد في مثل هذه المسألة بإذن الله‪.‬‬

‫موسوعة الجهاد الكبرى )‪.(517-1/515‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪88‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪2‬ـ مجاهد مسؤول أمني يــدرس المهمــة بكاملهــا ثــم يضــع الخطــة‬
‫ويمكن الزيادة والنقصان على حسب الحال‪.‬‬
‫‪3‬ـ اختيار الشخاص المنفذين كل على حسب المهمة التي سيقوم‬
‫بها ولبد أن تكون إمكاناته الشخصية تؤهله للقيام بجـزء خـاص بـه‬
‫من المهمة مع مراعاة ما يلي‪:‬‬
‫أ ـ كل مجاهد ل يعلم عــن مهمــة أخيــه شــيئا إل إذا كانــا مجاهــدين‬
‫يعملن معًا‪.‬‬
‫ب ـ تحديد نوع الساتر‪27‬لكل جزء من المهمة‪.‬‬
‫ج ـ تحديد المجاهدين المنفذين للساتر أيا كان نوعه‪.‬‬

‫‪ 27‬الساتر هو‪:‬عبارة عن المظهر الخارجي الذي يتخذه الفراد أو الجماعات لخفاء حقيقة العمل السري ولخفاء‬
‫نشاطهم عن العدو المضاد‪) .‬القصة العلنية التي تخفي وراءها حقيقة العمل السري(‪.‬‬
‫شروط الساتر‪:‬‬
‫‪1‬م إخفاء حقيقة وجود الهدف )المكان( الذي يكون فيه العمل السري مثل يكون الساتر مطعما كي تتم فيه‬
‫المقابلت السرية لرئيس الشبكة )المجموعة( مع بقية المجاهدين أو أي مقابلة سرية فل بد أن تكون الحقيقة‬
‫التي أنشأ من أجلها الطعم مخفية تماما‪.‬‬
‫‪2‬م إخفاء حقيقة وجود الفراد داخل الهدف فالذي يعمل استعلمات يمارس هذا العمل أو عامل في مقهى بكل‬
‫مستلزمات المهنة التي يتستر خلفها‪.‬‬
‫‪3‬م إخفاء حقيقة التصالت السرية بين الفراد داخل الهدف الساتر قد ينشأ ول يعرف الهدف منه إل الشخص‬
‫المسئول عن العمل السري ومن يساعده فقط‪.‬‬
‫‪4‬م يرضي فضول الناس ول يثير تساؤلتهم عن أشياء غريبة أي يكون مطابقا للحالة القتصادية والجتماعية‬
‫والمهنية لهل المنطقة وهذا أهم شئ في الساتر لذلك يكون أفراد الساتر من نفس أهل البلد والمنطقة التي‬
‫فيها يقام الساتر وأن يكونوا بعيدين عن أي شبهة أو مخالفة وذلك قبل تجنيدهم وبعد تجهيزهم عند إنشاء‬
‫الساتر‪.‬‬
‫‪5‬م يقنع )ينطلي على( أجهزة المن المضاد‪.‬‬
‫‪6‬م يتناسب مع الموقع الذي اختير له‪ ،‬فنعمل ساتر عيادة طبيب في مكان فيه عيادات أو يصلح وجود عيادة فيه‬
‫أو إنشاء مكتبه بجانب المؤسسات التعليمية وليس في سوق خضرة أو سوق حدادة‪.‬‬
‫‪7‬م يتناسب مع طبيعة المهمة السرية ول يتناقض معها مثل نريد أن نعرف الثروة الحيوانية ننشئ مثل جمعية‬
‫الرفق بالحيوان أو مستشفى بيطري أو مركز أبحاث على الحيوانات وهكذا‪.‬‬
‫‪8‬م أن يمارس الساتر فعل فإذا كان مكتب استيراد أو بيوت للستئجار أو محل تجاري لبد أن يمارس هذا العمل‬
‫بكل مواصفاته‪.‬‬
‫‪9‬م أن يوفر الساتر دخل ماديا يغطي نفقات العمل السري وبهذا يحل مشكلة نفقاته ويجعل وجوده مقنعا ولبد‬
‫أن يكون الربح في مستوى الساتر وكذلك العلن عن الخسارة لنها تلفت النظار‪.‬‬
‫‪10‬م يجب توفر المستندات المؤيدة للساتر الدائم )هوية شخصية‪ ،‬هوية عمل( الخ‪.‬‬
‫‪11‬م أن يزاول الساتر عمله قبل بدء العمل السري بفترة ل تقل عن سنة حتى يقنع ويخدع المن المضاد أو‬
‫الطرف المضاد‪.‬‬

‫أنواع السواتر‪:‬‬
‫‪1‬م ساتر مؤقت‪ :‬وهو ساتر موجود في مكان معين أو هدف لفترة محدودة هي فترة القيام بالعمل السري مثل‬
‫مراقبة شخص في مكان أو معاينة مكان‪.‬‬
‫‪2‬م ساتر دائم‪ :‬وهو ساتر التواجد المستمر في البلد أو المنطقة لفترة معينة )طالب‪ ،‬تاجر‪ ،‬مدرس( وهنا يجب‬
‫تواجد المستند لهذا )جواز‪ ،‬هوية‪ ،‬إقامة(‪.‬‬
‫طعم الخداع‪ :‬ويهدف إلى تضليل المن المضاد واستهلك قدراته وصرفه عن منطقة الهدف‬ ‫‪3‬م الساتر الم ّ‬
‫الرئيسية أو الحقيقية‪.‬‬
‫راجع موسوعة الجهاد الكبرى )‪ (148-1/143‬ففيها تفصيل حول مراحل بناء الساتر واحتياجات الساتر‬
‫وملحظات حول الساتر وما يتعلق به وإنما نقلت هنا ما يبين معنى الساتر إذا مر في ثنايا البحث وليعلم‬
‫المجاهدين أن الهداف المتاحة في جزيرة العرب بالذات ل تعد ول تحصى وهي سهلة ل تحتاج في كثير من‬
‫الحيان إلى كل هذه المتطلبات ولكن أحببنا التوجيه حتى يكون العمل كبيرا ومستمرا وحتى نحافظ على الشباب‬
‫ما أمكننا ذلك والله الحافظ‪.‬‬

‫‪89‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫د ـ وضع طرق التصال وتحديد صــناديق البريــد الرئيســية والبديلــة‬
‫والطارئة والتدرب على أجهزة التصال التي سوف تســتعمل وهنــا‬
‫ننبــه إلــى أنــه يجــب علــى المجاهــدين اســتخدام وســائل التصــال‬
‫الحديثة مثل البريد اللكتروني والماسنجر والبال تولك والحذر من‬
‫الهواتف النقالة‪.‬‬
‫‪4‬ـ تحديد ميزانية العملية منذ استلم الفتوى الشرعية‪.‬‬
‫‪5‬ـ تحديد طريق تمويل المهمة وتشمل‪:‬‬
‫أ ـ عملية تنفيذ السواتر‪.‬‬
‫ب ـ عملية تنفيذ كل جزء من المهمة‪.‬‬
‫‪6‬ـ تحديد الشخاص الذين سيقومون بعملية التمويــل ســواء داخــل‬
‫البلد التي سيتم تنفيذ العملية بها أو خارجها وبالذات عملية إنشاء‬
‫السواتر‪.‬‬
‫‪7‬ـ أفضل طرق التمويل أن المسؤول عن جزء من عملية الغتيــال‬
‫يكون معه تمويله فقط )نقدا( وهو يمول من يجنده للعمل معه‪.‬‬
‫‪8‬ـ تحديد مدة العداد لكل جزء من مهمــة الغتيــال علــى أن يكــون‬
‫هناك مجال للزيادة والنقصان‪.‬‬
‫‪9‬ـ تحديد وقت البدء في عملية العداد‪.‬‬
‫‪10‬ـ استلم انتهاء إعداد كل جزء من المهمة‪.‬‬
‫‪11‬ـ تحديد البدء في التنفيذ وتحديد مدة زمن التنفيذ فيما إذا كــان‬
‫كمينا وحسب طريقة التنفيذ‪.‬‬
‫‪12‬ـ التدريب على التنفيذ بشكل جيد‪.‬‬
‫‪13‬ـ وضع احتمال أن العملية قد تلغى‪.‬‬
‫‪14‬ـ وضع السباب التي قد تؤدي إلى إلغاء العملية‪.‬‬
‫‪15‬ـ تحديد طرق الوصول للمنفذين‪.‬‬
‫‪16‬ـ تحديد طرق النسحاب الرئيسية والبديلة والحتياطية‪.‬‬
‫‪17‬ـ تحديد الوسيلة المستعملة في النسحاب الرئيسية والبديلة‪.‬‬
‫‪ _18‬استلم انتهاء تنفيذ عملية الغتيال بالنجاح أو الفشل‪.‬‬
‫‪19‬ـ دراسة وتحليل ونقد وتوصيات لعملية تنفيذ المهمة بكاملها‪.‬‬
‫‪20‬ـ رفع تقرير عن تنفيــذ المهمــة مــع الدراســة والتحليــل والنقــد‬
‫ورفع التوصيات‪.‬‬

‫‪90‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪21‬ـ كل مجاهد مسؤول يرفع تقرير عــن جــزء المهمــة الــتي كلــف‬
‫بها‪.‬‬
‫‪22‬ـ المجاهد المسؤول عن العمليــة كلهــا ينــاقش مــع كــل مجاهــد‬
‫دراسة وتحليل ونقد إذا كانت الظروف تسمح بذلك‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫أجزاء مهمة الغتيال‬
‫ج ‪1‬ـ الشخص الممول أو الجهة الممولة ولبد أن تكون ثقة مأمونـة‬
‫ول تعرف عن الهدف المطلوب شيئا وتسلم ميزانية العمليــة كلهــا‬
‫للمجاهد المسؤول عن العملية ول تكون مقسمة على مراحــل بــل‬
‫تكون كلها بيد مســؤول العمليــة خوفــا مــن حصــول طــارئ يعطــل‬
‫عملية التمويل ومسؤول العملية ل يعرف من هي الجهة الممولة‪.‬‬
‫أماكن إنشاء الســواتر وهــي تتــم قبــل عمليــة إنشــاء‬ ‫‪29‬‬
‫ج ‪2‬ـ معاينة‬
‫الساتر‪.‬‬
‫ج ‪3‬ـ تنفيذ السواتر المطلوبة للعملية كلها‪.‬‬
‫ج ‪4‬ـ معاينة أماكن تنفيــذ العمليــة وتشــمل المعاينــة مكــان اغتيــال‬
‫الشخص أو الشخاص وتحديد المسافة للقنــاص )إذا كــان الغتيــال‬
‫قنصــا( وتحديــد مكــان وضــع الســلح والــذخيرة والمنــاظير قبــل‬
‫الستعمال وتحديد مكان وضعها بعد الستعمال وإذا كــان الغتيــال‬
‫بالهاون فيجب أخــذ الزوايــا واســتخراج إحــداثيات الرمــي ومعاينــة‬
‫مكان الراصد ومعاينــة مكــان وضــع الهــاون ومكــان إخفــاء ذخيرتــه‬
‫والذي يقوم بهذا العمل شخصان أحدهما الراصــد والثــاني الرامــي‬
‫ول يعرفان بعضهما ول يوجد معهما عند التنفيذ أحد غيرهمــا ويتــم‬
‫تــدريب الرامــي والراصــد بعــد جمــع كــل المعلومــات فــي تحديــد‬
‫المســافة والزوايــا والحــداثيات فــي مكــان مشــابه وفــي الموعــد‬
‫المحدد ينقلن إلى مكان التنفيذ والرامــي ل يعــرف الراصــد فقــط‬
‫يتم التصال بينهما بعد تحديد الزمــن والمــدة والمــوجه ول بــد مــن‬
‫تدريب الرامي والراصد على الوصول للمكان والخروج منه وتنفيــذ‬
‫العملية والطرق التي يسلكانها وكل العمال الــتي ســيقومان بهــا‬
‫بعد تنفيذ العملية وتحديد كل شيء لهما بدقة والتدريب يشمل كل‬

‫‪ 28‬موسوعة الجهاد الكبرى )‪.(520-1/517‬‬


‫‪ 29‬المعاينة هي‪ :‬تعريف شخص بمكان ما ل يعرفه عن طريق الرسم أو الوصف أو الثنين معا ويعتبر مصدر من‬
‫مصادر المعلومات وأسلوب من أساليب جمع وتدقيق المعلومات القادمة إلى القيادة من مصادر أخرى‬
‫)استخبارات‪ ،‬عملء‪ ،‬أسرى‪ ،‬خرائط‪...‬الخ( وهي مجموعة التدابير المتخذة لجمع المعلومات الدقيقة عن العدو‬
‫وتحركاته بغية مساعدة القيادة على اتخاذ قرار سليم بناء على معلومات دقيقة وعدم التعرض للمفاجئات‪.‬‬
‫انظر الموسوعة )‪ (258-1/149‬ففيها تفصيل موسع مع تطبيق عملي مع نماذج وملحق ل يستغني عنها من أراد‬
‫أن يكون مجاهدا موهوبا‪.‬‬

‫‪91‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫شيء منذ بداية نقلهم إلى مكان التنفيذ إلــى إخراجهــم مــن البلــد‬
‫التي تمت فيها العملية كل هذا لبد من التدريب عليه‪.‬‬
‫ج ‪ 5‬ـ جمع المعلومات عن الهدف المطلوب والتأكد منها‪.‬‬
‫ج ‪ 6‬ـ مراقبة الهدف المطلوب سواء كان فردا أو تجمعا‪.‬‬
‫ج ‪ 7‬ـ إعداد موقع الرماية سواء للقناص مثل فتــح مســاحة صــغيرة‬
‫أو صنع موقع أسمنتي مع قاعــدة حديديــة وصــغيرة لركبــة الهــاون‬
‫ينزل بها إذا لم يمكن نقل قاعدته‪.‬‬
‫ج ‪ 8‬ــ مجموعــة نقــل الســلح مــع ذخيرتــه ســواء قناصــة أو هــاون‬
‫وهؤلء لبد من تحديد مكان وضع السلح لهم ويحدد لهــم بعلمــات‬
‫واضحة أو يكون هناك شخص آخر يقــوم بالســتلم ووضــع الســلح‬
‫مكانه وفي هذه الحالة لبد من تحديد الوقت بدقــة حــتى ل يلتقــي‬
‫أحدهما بالخر وإذا كان السلح سوف يشترى أو يسرق فل بد مــن‬
‫شخص آخر يقوم بهذا العمل والذي يوجه عملية الشــراء المســئول‬
‫عن هذا الجزء من العملية‪.‬‬
‫ج ‪ 9‬ـ المجاهد الذي يؤمن أجهــزة التصــال ويحــدد شـفرة التصــال‬
‫لكل أجزاء المهمة ويربط مسئول العملية كلها بمن دونه‪.‬‬
‫ج ‪10‬ـ مجموعة المساعدة في التغطية والخفــاء وهــذه المجموعــة‬
‫كل فرد منها يكلف بمهمة ومن مهام هذه المجموعة‪:‬‬
‫أ ـ نقل الرامي والراصد خارج نطاق مكان التنفيذ بــاثنين كيلومــتر‬
‫خلل ثلث دقائق من التنفيذ وخمسـة كيلومـتر بعـد ثمانيـة دقـائق‬
‫من التنفيذ وفي أقرب مكتب سفريات لمغــادرة المحافظــة بعشــر‬
‫دقائق وإذا كان المطار قريبا يكونوا في صالة المغــادرة خلل ربــع‬
‫ساعة وإذا قبض على أحــدهم يكــون المســئول الول عــن العمليــة‬
‫والمســئول عــن المهمــة الجزئيــة خــارج البلــد خلل ربــع ســاعة‬
‫والفضــل أن يكــون المســئول عــن العمليــة كلهــا والمســئول عــن‬
‫الراصد في بلد مجاور‪.‬‬
‫ب ـ إخفاء السلح وإزالة الثار بقدر المكان‪.‬‬
‫ج ـ إعداد المكان التام والمغطى والمعد لمدة شهر لخفاء الرامــي‬
‫والراصد بحيث ل يبعد المكان المعد عن مكان التنفيذ للوصول إليه‬
‫أكثر من خمس دقائق‪.‬‬
‫د ـ الستعداد لترحيل أي مجاهد قد ينكشف أمره إلى مكان آخر‪.‬‬
‫هـ ـ مجموعة إثبات الوجـود أي تثبـت وجـود الرامـي والراصـد فـي‬
‫مكان آخر بعيدا عن مكان العملية‪.‬‬

‫‪92‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫و ـ تــأمين أدوات تغييــر الملمــح والملبــس وإعــداد وثــائق الســفر‬
‫والجــوازات وإعــداد البطاقــات الشخصــية بالملمــح الجديــدة حــتى‬
‫يتجاوز نقاط التفتيش إذا وضعت نقاط حراسة ولبد أن يكون فــي‬
‫بيانات البطاقة أنه من أهــل المنطقــة وليــس غريبــا عنهــا وإعــداد‬
‫النقود اللزمة ويفضل أن يكون للمنفذ شــكل وبعــد التنفيــذ شــكل‬
‫آخرا ولبد من النتباه إلى أن يتلف بطاقة الشكل الذي انتهى منه‬
‫ويبقى معه بطاقة الشكل الجديد‪.‬‬
‫ز ـ إعداد أخصائي جراحي في التجميل لتغيير شكل المنفذ أو‬
‫المسئول الول عن العملية كي يغادر البلد بشكله الجديد بعــد‬
‫إعداد البطاقة والجواز بشكله الجديد‪.30‬‬
‫ج ‪11‬ـ مجموعة لفــت أنظــار رجــال المــن للهــدف المعــادي وهــذه‬
‫المجموعة تقوم بعمل يــثير ويشــغل رجــال أمــن الهــدف المعــادي‬
‫ولبد من مراعاة الدقة في الموعد بين هذه المجموعــة ومجموعــة‬
‫تنفيذ عملية الغتيال وإذا كانت عمليــة الغتيــال بالهــاون فأنســب‬
‫شيء عمله هو أصوات عالية مثل أصوات الســيارات أو المحركــات‬
‫أو استعمال أبواق السيارات بحيث تعطي على صوت القذيفة عنــد‬
‫نزولها أو عند صــوت الطلق مــن القناصــة إذا لــم يكــن لهــا كــاتم‬
‫صوت‪.‬‬
‫والغتيال بالهاون أفضــل الهــداف لــه تجمعــات رؤســاء الــدول أو‬
‫ضرب مقرات اجتماعات الحكومة مثل مباني الحكومة والمخــابرات‬
‫والركان وبيوت الرئاسة وإذا كان الهدف المطلوب شــخص رئيــس‬
‫دولــة مثل فأفضــل المــاكن لغتيــاله عنــدما يتواجــد فــي المكــان‬
‫الصيفي له أو عندما يزور المعسكرات أو أثناء حضور المهرجانــات‬
‫العامة أو حضور العمليات العسكرية أو عند إلقاء خطاب ففي هذه‬
‫الحالة يمكن استغلل أصوات الحشود والليــات للتغطيــة وإذا كــان‬
‫هنالك عرض جوي يمكن استغلل صوت الطائرات‪.‬‬
‫ج ‪12‬ـــ مجموعــة التجنيــد والخــرق ومهمتهــا تجنيــد مــن تحتــاجهم‬
‫المهمة وأهم عملها أن تجند رجل مــن مجموعــة المرافقـة للهـدف‬
‫المعادي أو أن تزرع عميل داخل فريــق الحمايــة والمرافقــة وهــذه‬
‫العملية تكون مكلفة ماديا‪.‬‬
‫ولبد لها من جمع معلومات عن كل شيء عن الشــخص الــذي يقــع‬
‫عليه الختيار لتجنيــده قــد تصــل مرحلــة جمــع المعلومــات لخمــس‬

‫‪ 30‬ما يجوز في الجهاد ل يجوز في غيره من المواطن وما يجوز للمجاهد المقاتل ل يجوز لغيره القاعد‪ ..‬وهذه‬
‫ة وهي تحتاج إلى بحث مستقل لعل أحد طلبة العلم يقوم‬ ‫مسألة بينة واضحة تضافرت عليها أدلة الكتاب والسن ً‬
‫بهذا‪.!..‬‬

‫‪93‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫سنين وربما أكثر واختيــار نقطــة الضــعف فيــه أو الســيطرة عليــه‬
‫بطريقة من الطرق‪.‬‬
‫ج ‪13‬ـ مجموعة التدريب علــى الجهــزة والدوات المســتخدمة فــي‬
‫الغتيال مثل المسدس مـع الكـاتم أو أجهـزة التفجيــر عــن بعـد أو‬
‫إحدى أدوات القتل الموجودة والليات المختلفة‪.‬‬
‫ج ‪14‬ـ الخلص لله وحسن التوكل عليه والعداد نهاية المستطاع‪.‬‬
‫ج ‪15‬ـ إن ما كتبنــاه صــواب يحتمــل الخطــأ مــن وجهــة نظرنــا وقــد‬
‫يكون خطأ يحتمل الصواب من وجهة نظر الخريــن فنأمــل إضــافة‬
‫الصــواب الــذي عنــدهم إلــى الصــواب الموجــود فــي هــذا الفصــل‬
‫وجزاهم الله خيرا‪.31‬‬

‫‪32‬‬
‫أساليب وطرق الغتيالت‬

‫الطريقــة الولــى‪ :‬جهــاز التفجيــر عــن بعــد‬


‫لسلكيا )الريموت كنترول(‬
‫يعتبر هذا الجهاز من أصلح عمليــات الغتيــال وأكثرهــا ضــمانا ً مــن‬
‫الناحية المنية للفراد والجماعة‬
‫المسؤولة والمخططة‬
‫المواد المستخدمة‪:‬‬
‫‪1‬ـ جهاز إرسال لسلكي‪.‬‬
‫‪2‬ـ جهاز ارتباط بجهاز اللسلكي لعطــاء رقــم أمــان الموجــة وقــد‬
‫يركب هــذا الجهــاز بيــن البطاريــات والجهــاز وقــد يكــون مفصــول ً‬
‫مستقل ً ولكن يوصل بواسطة وصلة بجوار الهوائي اللسلكي‪.‬‬
‫‪3‬ـ صندوق التفجير )جهاز الستقبال(‪.‬‬
‫ويراعى في تنفيذ مثل هذه العمليات ما يلي‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن يكون جهاز اللسلكي مــع المجاهــد الول المســئول أو أميــر‬
‫المجموعة ول أحد يعــرف برقـم الموجـة غيــره حـتى يتــم التفجيــر‬
‫خشية وجود منافق ول يعطى لحد مهما كانت الظروف‪.‬‬
‫‪2‬ـ يتم تفقد جهاز اللسلكي جيدا ً قبل الستعمال و تجربته‪.‬‬

‫راجع الموسوعة )‪.(520-1/517‬‬ ‫‪31‬‬

‫الغتيالت إما أن تكون صامتة أو علنية‪.‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪94‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪3‬ـ يتم تفقد جهاز الستقبال و تجربته بواسطة لمبــة صـغيرة بـدل ً‬
‫من الصاعق لن بعض الجهــزة قــد توصــل التيــار بــدون المراســل‬
‫وبعضها يكون في جو التفجير نفــس موجــة الرســال فيــؤدي هــذا‬
‫إلى ضياع مجموعة التفجير و الخطأ الول هو الخير في مثل هذه‬
‫الحالت‪.‬‬
‫‪4‬ـ التأكد من صلحية أسلك الكهربــاء المســتخدمة فــي صــندوق و‬
‫الحشوة المراد تفجيرها‪.‬‬
‫‪5‬ـ عند عملية زرع الحشوة يجب تمــويه مكــان الــزرع جيــدا ً وكــذلك‬
‫الســلك المرتبطــة بالصــندوق والحشــوة مــع العلــم أن صــندوق‬
‫التفجيــر يكــون فــي مكــان بعيــد عــن الحشــوة ‪ ,‬حــتى إذا أردنــا‬
‫الستفادة منه مرةً أخرى أمكن ذلك‪ .‬وإذا لم يمكن السـتفادة منـه‬
‫ويتعذر ذلــك فالفضــل وضــعه مــع الحشــوة حــتى ل يعلــم طريقــة‬
‫الغتيال و الجهزة المستخدمة في ذلك‪ .‬وداخل المدن توضع فــي‬
‫مكان واحد مع العبوة لتسهيل التمديد ول تحتاج أكثر من مكان‪.‬‬
‫‪6‬ـ يجب إظهار السلك الخاص باستقبال الموجــة مــن الهــوائي مــع‬
‫مراعاة عملية التمويه وإذا كانت قريبة تدفن العبوة مع الصندوق‪.‬‬
‫‪7‬ـ عند عملية التفجير يجب الخذ بعيـن العتبـار أن ل يكـون هنـاك‬
‫حــواجز بيــن جهــاز الســتقبال و جهــاز الرســال وخاصــة الجبــال‬
‫والمباني الكبيرة و الكثيفة‪.‬‬
‫‪8‬ـ ليعمل جهاز الستقبال إل إذا استقبل الرقمين المعد عليهما‪:‬‬
‫أ ـ رقم الموجة‪.‬‬
‫ب ـ رقم الرتباط أو أمان الموجة‪.‬‬
‫ة فــي وقــت‬ ‫‪9‬ـ وفائدة هذا الرقم حتى ل يتم التفجير بالخطأ خاص ً‬
‫غير مناسب أو أثناء الزرع ويأتي هــذا الخطــأ عنــدما تقــوم أجهــزة‬
‫إرسال أخرى حكومية أو محطات الراديو ببث موجات مشابهة‪.33‬‬
‫‪10‬ـ إذا كان الهدف متحركا ً مثل ســيارة يجــب قيــاس زمــن الســبق‬
‫حسب المسافة وهي زمن وصــول الموجــة إلــى جهــاز الســتقبال‬
‫ولبد من حسابه بدقة بعــد معرفــة المســافة والتــدريب علــى ذلــك‬
‫فهي تختلف من مســافة إلــى أخــرى حــتى لــو كــان الهــدف ثابتـًا‪.‬‬
‫ويستمر الضغط حتى يتم التفجير‪.‬‬

‫‪ 33‬الماكن الحساسة في كثير من الدول والشخصيات القيادية الهامة في تنقلتها تستخدم جهازا حديثا يقوم ببث‬
‫جميع ترددات الموجة اللسلكية عبر دائرة كاملة بحيث أن أية سيارة مفخخة معدة للتفجير عن بعد توضع في‬
‫الطرق أو تتحرك في مجال هذه الترددات تنفجر تلقائيا ً فورا عند دخولها مجال ترددات الجهاز‪ ..‬وبذلك تحبط‬
‫العملية‪.‬‬

‫‪95‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪11‬ـ يكون مفتاح الصندوق على وضــع )‪ (off‬عنــد زرع الحشــوة و ل‬
‫يفتح إل بعد فحصه على لمبة ثم و ضــع أســلك الصــاعق فــي آخــر‬
‫مرحلة لمغادرة مكان التفجير‪.‬‬
‫‪12‬ـ أيضا ً جهاز الرسال ل تنسه مفتوحـا ً فل يفتــح إل بعــد مغــادرة‬
‫الشخاص مكن التفجير أو انتظار الفريسة‪.‬‬
‫‪13‬ـــ افحــص اللمبــة الــتي تريــد أن تســتعملها و تأكــد أنهــا غيــر‬
‫محروقة‪.‬‬
‫‪14‬ـ قد يحتاج منك الموقف الضغط علــى الــزر للتفجيــر أكــثر مــن‬
‫ثــانيتين أو ثلث ثــوان فــأبق إصــبعك حــتى تصــل الشــاحنة إلــى‬
‫المستقبل‪.‬‬
‫‪15‬ـ يمكن في بعض الحالت تشريك صندوق التفجير حتى نتخلــص‬
‫مــن خــبير المتفجــرات أو أي أشــخاص فــي منطقــة العــدو وأيض ـا ً‬
‫تتخلص من الجهاز نفسه فل يستفيد منه العدو‪.‬‬
‫‪16‬ـ يفحص جهاز الستقبال على الفولتميتر حتى يعرف كم فولت‬
‫يرســل مــع مراقبــة الســلك المســتخدمة والصــواعق ومقاومتهــا‪,‬‬
‫حتى ل تفشل المهمة ومع الحذر أن جهاز الرسال يمكن أن يــؤثر‬
‫على الفولتميتر إذا كان قريبا ً منه‪.‬‬

‫التحضيرات المنية التي تسبق عملية التفجير‬


‫والتي تليها‬
‫‪1‬ـ اختيار أشــخاص لهــم خــبرة فــي المراقبــة والســتطلع لتحديــد‬
‫السقطات المنية للعدو وإذا ما كان هناك وقــت معيــن يتحــرك بــه‬
‫هذا من ناحية الزمن أمــا مــن ناحيــة المكــان إذا كــان هنــاك معيــن‬
‫يتردد عليه أم ل‪.‬‬
‫‪2‬ـ اختيار مكان مناسب للحشوة بحيث يكون من المكنة التي يجب‬
‫أن يمر بها الخصم مثل التقاطعات أو مداخل البنايــات و الشــوارع‬
‫ويفضل أن يكون في مكان يجبر الخصم على تخفيــف الســرعة إذا‬
‫كان يركب في سيارة وهذا يختلف من عملية لخرى‪.‬‬
‫‪3‬ـ إذا لم يكن هناك مكان مناسب ممكن أن تضع أشياء تجبر العــدو‬
‫ة‬
‫على تخفيف الســرعة بشــرط أن تكــون هــذه الشــياء غيــر ملفت ـ ٌ‬
‫للنظر‪.‬‬
‫‪4‬ـ وضع صورة واضحة بالحتمالت التي تسبق العملية لو اكتشفت‬
‫وطريقـة التصـرف ووضـع صـورة واضـحة بالحتمـالت الـتي تتبـع‬
‫العملية لو نجحت وما هي الجراءات المثلى لستغلل هذا الفوز‪.‬‬

‫‪96‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪5‬ـ مراقبة الهدف من مركز انطلقه يعطى نجاحا ً أفضل بإذن اللــه‬
‫تعالى‪.‬‬
‫‪6‬ـ ليس شـرطا ً أن يعقـب التفجيـر انسـحاب ففـي بعـض الحـالت‬
‫يمكن الستيلء على هذا الخصم حيا ً أو ميتا ً لنيل مكاسب أخرى قد‬
‫تعطي فوائد أكبر‪.‬‬
‫‪7‬ـ التفريق بين الجهزة الموجودة حســب نوعيــة المهمــة فبعضــها‬
‫قوة الرسال فيها تصل إلى ‪20‬كيلومتر وبعضها ‪7‬كيلومتر وبعضها‬
‫ل يتجاوز كيلومتر واحد‪.‬‬
‫‪8‬ـ دراسة عمليات اغتيال تمت سابقا ً بنفــس الطريقــة للســتفادة‬
‫منها فمثل ً اغتيال إمام المجاهدين الشيخ عبد الله عزام رحمه الله‬
‫تعالى كانت السقطة المنية فيها معرفــة الزمــان والمكــان فكــان‬
‫الزمان صلة الجمعة و المكان مسجد سبع الليل الذي يخطــب فيــه‬
‫الشــيخ خطبــة الجمعــة وقــد وضــعت الحشــوة فــي أول المــدخل‬
‫الجباري للمسجد بعد أن فشلت العملية الولى في وضع الحشــوة‬
‫تحت المنبر‪.‬‬
‫عَين شخصا ً واحدا ً وبقيـة المجموعـة تكـون بعيـدة‬
‫‪9‬ـ لفتح الدائرة ي ُ َ‬
‫عنه إذا حصل أي خطأ فتكون الضحية شخصا ً واحدا ً فقط‪.‬‬
‫‪10‬ـ الستطلع التام للهدف ومكان وضع الحشوة‪.‬‬
‫‪11‬ـ إيجاد الساتر المناسب لفراد الستطلع و المعاينة‪.‬‬
‫‪12‬ـ التمــويه التــام لمكــان وضــع الحشــوة وهــو يعتمــد علــى ذكــاء‬
‫المنفذ وكمية المعلومات التي عنده عن الهدف ومكان التنفيذ‪.‬‬
‫‪13‬ـ تقسيم العملية إلى أجزاء كل شخص مسؤول عن جزء ليعلــم‬
‫الخر عنه شيئا ً والذي ينسق ذلك المجاهد المسؤول عن العملية‪.‬‬
‫‪14‬ـ استلم التمويل للعملية دفعة واحدة حتى ل تتوقــف العمليــة‬
‫لي سبب من السباب‪.‬‬
‫‪15‬ـ التدريب على العملية ومراقبة الفراد أثناء التدريب‪.‬‬
‫‪16‬ـ يمنع اتصال الفــراد بأحـد إل بعــد انتهـاء العمليـة ويحـدد لكـل‬
‫شــخص الجهــة الــتي يــذهب إليهــا و يعيــش فيهــا مــع تــأمين كــل‬
‫مستلزماته لمدة سنة وذلك إذا كانت الشخصية مهمة وهــذا حســب‬
‫العملية‪.‬‬

‫‪97‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪17‬ـ العداد لترحيل الفريق بكــامله خــارج البلد وحســب الخطــورة‬
‫إذا اكتشف أحد أفراد التنفيذ ولو كان احتمال كشفه ضئيل ً لنه إذا‬
‫اشتد البحث سوف يتوصل إليه ثم إلى الرأس المدبرة والمنفذة‪.34‬‬

‫الطريقــــة الثانيــــة‪ :‬الرســــائل والرســــائل‬


‫الملغومة)المفخخة(‬
‫ســنتحدث هنــا عــن الســلوب الثــاني مــن أســاليب الغتيــال وهــو‬
‫الرسائل الملغومة وأنواعها إل أننا نــود قبــل ذلــك أن نتحــدث عــن‬
‫نوعين من الرسائل القاتلة وهما الجرثومية و الرســائل الكيماويــة‬
‫ولكــن هــذين النــوعين مــن الرســائل غيــر مســتعملين لنهمــا‬
‫محظورين دوليا ً‪:ً35‬‬
‫الرسائل البيولوجية‪:‬‬
‫وسيلة قاتلة شديدة الخطورة يحرم استخدامها دوليــا علــى اعتبــار‬
‫أنها جزء من الحرب البيولوجية التي يشكل اللجوء إليها جريمة من‬
‫جرائم الحرب‪.‬‬
‫وهذه الرسالة عبارة عن رسالة عادية مطلية ببعض أنواع الجراثيم‬
‫التي تتحمــل الجفــاف لفــترة زمنيــة وتحــافظ علــى قــدرتها علــى‬
‫التكاثر رغــم الجفــاف ويحتــوي الغــرام الواحــد علــى )‪ 10‬إلــى ‪12‬‬
‫ألف( جرثومة من هذا النوع ويكفي طلي الرسالة بجــزء مــن ألــف‬
‫من الغرام لضمان وصول ‪ 5‬جراثيم قاتلة إلى جســم النســان عــن‬
‫طريق الفم أو الخدوش وإصابته بمرض معد يؤدي إلى وفاته فورا ً‬
‫أو بعد فترة‪.36‬‬

‫‪ 34‬في الموسوعة الكبرى يوجد صور توضيحية لم نتمكن من إرفاقها لكبر حجمها مما منعنا من إرسالها عبر‬
‫البريد اللكتروني فراجعها‬
‫هناك‪.‬‬
‫‪ 35‬المجاهد ل ينظر في التحليل والتحريم إل إلى كتاب الله وسنة نبيه ‪ r‬ولذا فهو يرفض ويحارب تشريعات المم‬
‫المتحدة وقرارات مجلس المن وكل منظمة كفرية ومن بينها الجامعة النكدة )العربية( ومجلس التعاون الخ بل‬
‫من تحاكم إليها أو رضي بها أو دعا إليها فقد تحاكم إلى الطاغوت فحرب الرسائل إذا حرب مشروعة ل غبار‬
‫عليها فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط‪.‬‬
‫‪ 36‬وطريقة الرسائل المسمومة هذه قد استخدمها الروس مع المجاهدين حين قتل المجاهد خطاب رحمه الله‬
‫وأسكنه فسيح جناته لذلك يجب اتخاذ الجراءات التالية‪:‬‬
‫أ م المحافظة على سرية صناديق البريد إذا كان هناك صناديق وتقسيمها إلى صناديق هامة جدا ً وهامة وعامة‪.‬‬
‫ب م فتح سجل يومي للبريد الوارد مع ذكر التاريخ والمصدر والبلد القادمة منه ونوعية وموضوع المادة‪.‬‬
‫جم م عدم فتح الطرود والرسائل في مكان يكثر فيه تواجد المجاهدين أو في المكاتب‪.‬‬
‫د م يكلف شخص مختص ومزود بالجراءات والدوات اللزمة بفتح الطرود والرسائل‪.‬‬
‫هم م يتم اختيار مكان أمين ومعزول لفتح الرسائل كما سيأتي‪.‬‬
‫و م يتم تصوير الرسائل القادمة من مصادر مجهولة أو غريبة أو مشكوك فيها وتقدم نسخ من الصل لمن يهمه‬
‫المر‪.‬‬
‫زم بالنسبة للرسائل الملغومة يتم حرقها في مكان منعزل دون محاولة فتحها حتى من قبل المختصين نظرا‬
‫لخطورة عملية الفتح وفي حالة الرغبة بدراسة ماهية المشعل الموجود في الرسالة يتم التقاط صورة شعاعية‬
‫للرسالة ثم تجري الدراسة على الصورة‪.‬‬

‫‪98‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫لـــم تســـتخدم الـــدول و القـــوى المتحاربـــة حـــتى الن الرســـالة‬
‫البيولوجيه خوفا ً من المضاعفات التي يمكن أن تنجم عــن ذلــك أو‬
‫لجوء الخصم إلى النتقام بالوسيلة ذاتها ضد مدن كاملة ول يمكــن‬
‫كشف هذا النوع مــن الرســائل إل بعــد حــدوث الصــابات المرضــية‬
‫وإجراء الفحوصــات المخبريــة و التجــارب علــى الحيوانــات الثدييــة‬
‫ولكن من الممكن درء خطر الرسـائل الـبيولوجيه وذلـك بتعريضـها‬
‫لحرارة عالية جدا ً تؤدي إلى قتل الجراثيم‪.‬‬
‫الرسائل الكيماوية‪:‬‬
‫وســيلة قاتلــة شــديدة الخطــورة يحــرم اســتخدامها دوليــا ً علــى‬
‫اعتبارها جزء مـن وســائط الحــرب الكيماويــة الــتي يشـكل اللجـوء‬
‫إليها جريمة من جرائم الحرب‪.‬‬
‫وهــذه الرســالة عبــارةٌ عــن رســالة عاديــة مطليــة ببعــض مركبــات‬
‫الخــردل )بيــتروجين الخــردل‪ ،‬فســفور الخــردل( أو أحــد الســموم‬
‫القويــة أو بعــض غــازات العصــاب مثــل غــاز )ف ‪ (1‬ذي الــتركيب‬
‫السري‪.‬‬
‫ويكمن خطر مثل هذه الرسائل في إمكانيـة انتقـال الســموم إلـى‬
‫النسان عن طريق الفم أو الجلد أو الخــدوش وتــؤدي إلــى وفــاته‬
‫فورا ً أو بعد فتر ٍ‬
‫ة زمنية‪.‬‬
‫لم تستخدم الدول والقوى المتحاربة حتى الن الرسالة الكيماويــة‬
‫خوفا ً من المضاعفات الــتي تنجــم عــن ذلــك أو لجــوء الخصــم إلــى‬
‫النتقام بالوسيلة ذاتها ضد مدن كاملة ول يمكن كشف هــذا النــوع‬
‫من الرسائل إل بعد حدوث التسمم وإجراء البحوث المخبرية‪.‬‬
‫الرسائل الملغومة‪:‬‬
‫أمـــا الرســـائل الملغومـــة فهـــي إحـــدى الوســـائل المســـتخدمة‬
‫للغتيال‪37‬والرهاب وبث الــذعر فــي الحــرب الســرية وتتــألف مــن‬
‫رسالة عادية فيها كمية من المتفجرات وصاعق ووسيلة للشــتعال‬
‫تسبب انفجار الصاعق و المتفجرات عنــد فتــح الرســالة وللرســالة‬
‫الملغومة نوعان مختلفان باختلف طريقة الشعال وهما‪:‬‬
‫أ ـ الرسالة الملغومة المزودة بمشعل‪.‬‬
‫ب ـ الرسالة الملغومة الضوئية‪.‬‬
‫الرسالة الملغومة المزودة بمشعل‪:‬‬
‫وهذا على حسب وضع المجاهدين وحسب نوع الحرب المستخدمة وهل هم في دولة مسلمة تحميهم مثل ما‬
‫كانت طالبان نصرهم الله أو أن حربهم حرب عصابات‪.‬‬
‫‪ 37‬في تاريخ ‪ 1972 /19/8‬استلم مدير محطة الموساد في السفارة السرائيلية في لندن الدكتور شاشورى‬
‫رسالة مفخخة انفجرت به فقتلته‪.‬‬

‫‪99‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫كانت هذه الرسالة في بداية استخدامها عبــارة عــن كميــة صــغيرة‬
‫من المتفجــرات المطعمــة بمشــعل )ميكــانيكي أو كيمــاوي( مــزود‬
‫بصاعق توضع داخــل مجلــة ملفوفــة بشــكل اســطواني )كمــا ت ُل َــف‬
‫المجلت العادية لرسالها بالبريد( وكان إعداد هذه الرسالة يتطلب‬
‫لصق المشعل و المتفجرات على العجلة و لف المجلة وربطها مــن‬
‫الخــارج بخيــط أو بــورق لصــق ثــم ســحب مســمار أمــان المشــعل‬
‫اعتمادا ً على أن الضغط الناجم عن جدران الرسالة الملغومة كــا ٍ‬
‫ف‬
‫لمنع سير حركة المشــعل وكــان قطــع الربــاط يــؤدي إلــى انفتــاح‬
‫المجلة الملغومة و بدء سـير حركــة المشـعل الــذي يفجــر الصــاعق‬
‫والحشوة‪.‬‬
‫إل أن أحجام المشاعل القديمة ووزنها وإمكانية رؤيتهــا فــي حالــة‬
‫النظر من أحد جانبي السـطوانة واحتمــال بــدء ســير الحركــة عنــد‬
‫تناقص الضغط على المشعل لي سبب مــن الســباب جعلــت هــذه‬
‫الطريقة غير عملية دائما ً ولم يتم التخلص من كل هــذه الســلبيات‬
‫بشكل كامل حتى بعد ابتكــار مشــاعل أصــغر حجمـا ً و أقــل وزن ـا ً و‬
‫اســتخدام البطاريــات الكهربائيــة الصــغيرة المــزودة بقــاطع تيــار‬
‫يضمن فتح الدارة عندما تكون المجلة ملفوفة ويؤدي إلى إغلقهــا‬
‫عند فك المجلة وزوال الضغط‪.‬‬
‫وبقيت معضــلة حجــم البطاريــات والصــاعق عقبــة أمــام اســتخدام‬
‫الوسيلة الكهربائية في الرسائل الملغومــة رغــم اتســاع اســتخدام‬
‫هذه الوسيلة في الطرود البريدية الملغومة بشكل عام )انظر الفخ‬
‫والطرد البريدي الملغوم(‪ .‬ومع تطور صناعة البطاريات والصواعق‬
‫الكهربائية في نهاية الربعينيات وظهور بطاريات مسطحة صــغيرة‬
‫)قطرهــا ‪ 2‬ســم وســماكتها أقــل مــن ملــم( وصــواعق كهربائيــة‬
‫مسطحة وصغيرة أصبح بالمكان وضع البطاريات والصواعق داخــل‬
‫ة إذا‬
‫الرسائل دون أن يبدل ذلك من شكل الرســالة الخــارجي خاصـ ً‬
‫كانت الرسالة مؤلفة من عدة أوراق وموضوعة في مغلف سميك‪.‬‬
‫ويتألف جهاز التفجير في الرسائل الملغومة الحديثة من بطاريــات‬
‫ة جــدا ً وأســلك كهربائيــة شــعرية مســطحة‬‫زئبقية مســطحة رقيقـ ٌ‬
‫ة لينة على شكل أوراق زنة‬ ‫وصاعق مسطح رقيق و حشوة مسطح ٍ‬
‫‪ 10‬إلى ‪ 30‬غراما ً من المتفجــرات شــديدة النفجــار الــتي ل تتــأثر‬
‫بالرطوبة أو الحرارة وليس لها رائحة خاصة ويكون طرفا السلكين‬
‫المتصلين بالبطاريات مجردين من غلفهما ومبتعدين عن بعضــهما‬
‫ويشكلن القاطع الذي يمنع إغلق الدارة ويكـون احـدهما مربوطـا ً‬
‫بالرسالة من عدة اتجاهات بخيوط مرنة بحيث يؤدي سحب الرسالة‬
‫من أي اتجاه إلى اقترابه من السلك الخــر وملمســته المــر الــذي‬

‫‪100‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ينجــم عنــه إغلق الــدارة الكهربائيــة وانفجــار الصــاعق والحشــوة‬
‫ويمكن الستعاضة عن السلكين الناقلين بواسطة خطين غليظيــن‬
‫مرســومين بــالفحم علــى الرســالة والغلف بحيــث يتلمســان عنــد‬
‫سحب الرسالة ويؤديان إلى وصل التيار‪.‬‬
‫ونظرا ً لحساسية مواد الصاعق للصدمة وحتى ل ينفجــر أثنــاء نقــل‬
‫الرسائل أو فرزها تكون المــواد الصــاعقة فــي غلف صــلب يقيهــا‬
‫مـن الصـدمة والحـرارة اللـتين قـد تتعـرض لهمـا الرسـالة ويمكـن‬
‫كشف بطارية التفجير في الرسائل الملغومة باللمس إذا كان عدد‬
‫أوراق الرســائل غيــر كــاف كمــا يمكــن فــي هــذه الحالــة كشــفهما‬
‫بالنظر إذا كان الغلف والوراق شفافة وذلك بالنظر إلى الشمس‬
‫من خلل الرسالة أو وضع الرســالة بيــن الفــاحص ومصــدر ضــوئي‬
‫قوي )مع النتباه إلى عدم تقريـب الرسـالة مـن المصـدر الضـوئي‬
‫حتى ل تؤدي حرارة المصباح إلى تفجيرها(‪.‬‬
‫ة وغير شفافة فالوسيلة الوحيــدة هــي‬ ‫أما إذا كانت الرسالة سميك ً‬
‫جهاز الكشف الكهربائي المغناطيسي الذي تزود به مكــاتب البريــد‬
‫المركزية ويتم الكشف بتمرير الرســائل أمــام الجهــاز الــذي يصــدر‬
‫صــفيرا ً حــادا ً عنــد وجــود مــادة معدنيــة )بطاريــة وأســلك( داخــل‬
‫الرسالة‪.‬‬
‫بعد أن تطورت صناعة المشاعل الكيماويــة وإمكانيــة صــنع مشــعل‬
‫كيماوي بلستيكي صغير يشتعل كعود الثقاب عنـد سـحب الرســالة‬
‫المربوطة بخيوط مرنة من الحريــر و النــايلون وإمكانيــة اســتخدام‬
‫الصاعق ذي الغلف البلستيكي تفقدان جهــاز الكشــف الكهربــائي‬
‫المغناطيسي فاعليته بسبب عدم وجود أجسام معدنيــة فــي جهــاز‬
‫التفجيــر وترفضــان اســتخدام أجهــزة التنظيــر بالشــاعة الســينية‬
‫)كالجهزة المستخدمة في الطــب( لكشــف الرســائل الملغومــة أو‬
‫اســتخدام الكلب البوليســية المدربــة علــى تمييــز رائحــة التفجيــر‬
‫وكشفه‪.‬‬
‫وهناك ثلث حالت يمكــن أن تصــل فيهــا الرســائل الملغومــة إلــى‬
‫الطرف المطلوب اغتياله رغم فحصــها بجهــاز الكشــف الكهربــائي‬
‫المغناطيسي في مركز البريد وهذه الحالت هي‪:‬‬
‫‪1‬ـ استخدام المشاعل الكيماوية غير القابلة للكشف‪.‬‬
‫‪2‬ـ تسريب بعض الرسائل الملغومة إلى صناديق بريــد المؤسســات‬
‫والفراد مباشرة بعد ختم طوابعها بخاتم بريد مزيف‪.‬‬

‫‪101‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪3‬ـ مرور كمية محدودة جـدا ً مـن الرســائل الملغومــة رغــم فحصــها‬
‫بأجهزة الكشف الكهربائية المغناطيسية بسبب الخطأ أو عدم دقــة‬
‫التعيير خاصة وإن صغرت البطاريات ودقت السلك‬
‫)وأحيانا ً عدم وجودها كما ذكرنا( تجعل الكشف بحاجة لجهاز شــديد‬
‫ل دقيق‪.‬‬ ‫الحساسية ومعير بشك ٍ‬
‫ولتجنب الخطار التي تنجم فــي مثــل هــذه الحــالت تــزود مكــاتب‬
‫المؤسسة المعرضــة للخطــر بــأجهزة كهربائيــة مغناطيســية تكــون‬
‫)المصفاة الثانية( للرسائل بعد )المصفاة الولى( المتمثلــة بجهــاز‬
‫الكشــف الموجــود فــي البريــد المركــزي ويمكــن الستعاضــة عــن‬
‫ل يكشــف‬ ‫)المصفاة الثانية( بكاشف ألغام عادية بعد تعييرهــا بشــك ٍ‬
‫القطع المعدنية الصغيرة‪.‬‬
‫وفي الحالت التي يتعذر فيها وجود كاشــفة ألغــام أو جهــاز خــاص‬
‫في المؤسسات يجري فرز الرسائل المشبوهة الــتي يكــون وزنهــا‬
‫أو سماكتها أكثر من اللزم أو ذات الرائحة الغريبة أو التي تحتــوي‬
‫أجسـاما ً تتحــرك ثــم يتــم فتحهــا فـي غرفـة منعزلــة بـدون سـقف‬
‫)لتخفيف الضغط النــاجم عــن النفجــار( ومــزودة بطاولــة معدنيــة‬
‫وجدار حاجز )معدني أو حجري أو اسمنتي( ذي كوة مجهزة بزجــاج‬
‫واق ل يخترقه الرصــاص ويقــوم العنصــر المختــص بفتــح الرســائل‬
‫داخل الغرفة وفق التسلسل التالي‪:‬‬
‫‪1‬ـ يقطع طرف الغلف بملقط مثبت على الطاولة المعدنية‪.‬‬
‫‪2‬ـ ـ يقــص طــرف المغلــف بشــفرة حــادة بحيــث ل يتجــاوز القــص‬
‫مليمترا ً واحدًا‪.‬‬
‫‪3‬ـ يفتح شفتي المغلف المقصوصتين بحذر بالمقدار الــذي يســمح‬
‫له بلقط الرسالة بملقــط معــدني مربــوط بحبــل متحاشــيا ً تحريــك‬
‫الرسالة أو سحبها أثناء اللقط‪.‬‬
‫‪4‬ــ يختفــي وراء الجــدار ثــم يســحب حبــل الملقــط المعــدني وهــو‬
‫يراقب عبر الكوة حتى تخرج الرسالة من المغلف‪.‬‬
‫ولضمان الحد القصى من الوقاية خلل عملية قص ظرف المغلف‬
‫أو لقط الرسالة قبــل سـحبها يرتــدي العنصــر المختـص خلل هــذه‬
‫العملية سترة واقية من الرصاص والشظايا وقناعا ً فولذيا ً يغطــي‬
‫الــوجه والرقبــة ونظــارات مــن الزجــاج الــواقي وواقيــة للذنيــن‬
‫مشابهة للواقية التي يرتديها جنود المدفعية لحماية الذن الداخلية‬
‫من تأثيرات الضغط الناجم عن النفجار‪.‬‬
‫الرسالة الملغومة الضوئية‪:‬‬

‫‪102‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫هــي رســالة ملغومــة مــزودة بعبــوة وصــاعق ولكنهــا غيــر مــزودة‬
‫بمشعل ويتم الشتعال فيهــا بواســطة كميــة مــن الغــاز أو المــواد‬
‫الكيماوية الصلبة الموجودة داخــل الرســالة والــتي تشــتعل بمجــرد‬
‫ملمسة أوكسجين الهواء وتفجر بالتالي الصــاعق والعبــوة وتكــون‬
‫المــادة الغازيــة أو الصــلبة المشــعلة موجــودة داخــل مغلــف صــغير‬
‫مفرغ من الهواء يتمزق عند فتح الرسالة وسحبها المر الذي يؤدي‬
‫إلى التفاعل مع الهواء والشتعال‪.‬‬
‫ويمكــن كشــف الرســالة المــزودة بمــادة مشــعلة غازيــة بملحظــة‬
‫انتفاخها بشكل غير مألوف في الرسائل العادية كما يمكن كشفها‬
‫وكشــف الرســالة المــزودة بمــادة مشــعلة صــلبة بواســطة جهــاز‬
‫التنظير بالشعة السينية الذي تظهر فيه المادة المشــعلة )الغازيــة‬
‫أو الصلبة( بشكل قاتم ومن الجدير بالذكر أن الرسائل التي يشــك‬
‫بأنها مجهزة بمادة مشعلة من هذا النوع ل تفتح مطلقا لن الفتــح‬
‫في حد ذاته قد يثير الشتعال‪.‬‬

‫الطريقة الثالثة‪ :‬تفخيخ السيارات‬


‫تفخيخ السيارة‪38‬ل يحتاج إلى خبرة عاليــة أو وقــت طويــل فقــط‬
‫يحتاج إلى شخص لديه خبرة عامة‬
‫فــي كهربــاء الســيارات ويمكــن أن تفخــخ الســيارة عــبر مفتــاح‬
‫التشغيل "السويتش" وفتح الباب‬
‫ودعسة الفرامل وكابح الفرامل الخلفيــة وعلــى الغيــار الخلفــي‬
‫ودعسة البنزين وعلى ضوء‬
‫الفيوز والضــوء العــادي والضــوء العــالي ودعســة المنبــه وعلــى‬
‫الغماز اليمين واليسار والجلوس‬
‫على الكرسي وجميع هذه الشكال تعتمد على‪:‬‬
‫أ ـ وصول التيــار الكهربــائي للعبــوة عــبر تشــغيل أي قطعــة مــن‬
‫القطع المذكور أعله‪.‬‬
‫ب ـ الضغط أو الفتح أو القطع أو الشد‪.‬‬
‫لذلك من أفضل الوقات الــتي ينبغــي علــى المجاهــد اســتغللها‬
‫عندما يترك الشخص المستهدف السيارة في الطرقات العامة أو‬
‫أمام أبواب العمارات والمنازل لنها )نعش طائر(‪.‬‬
‫‪ 38‬هناك أسلوب آخر يعتمد على تفخيخ سيارة ووضعها في مكان ما قريب من الهدف المراد تفجيره واغتياله‬
‫سواء كان بناية مكتب أو سيارة مسؤول أو مرور موكب الخ لكن مع التوصية في العتماد بعد الله في عملية‬
‫تفجير السيارات على مجموعتين مجموعة تقوم بإعداد السيارة المتفجرة ووضعها في مكان النفجار ومجموعة‬
‫ُأخرى مهمتها فقط التفجير وليس لها أي علقة بالمجموعة الولى‪.‬‬

‫‪103‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫فيستطيع المجاهد القيام بعملية تشريك السيارة فــي أي حالــة‬
‫من الحالت التالية‪:‬‬
‫أ ـ عندما تترك طوال الليل في طريق عام أو أمام بناية‪.‬‬
‫ب ـ عندما تترك في موقف خاص للســيارات يوجــد حــارس فــي‬
‫مدخله‪.‬‬
‫جــ عندما تـترك فـي المواقـف العامــة والــتي يوجــد بهــا عامـل‬
‫يتقاضى ضريبة‪.‬‬
‫د ـ عندما تترك في مــرآب خــاص تحــت المنــزل أو مــرآب خــاص‬
‫مغلق‪.39‬‬

‫تنبيهات أمنية للمجاهـدين فـي بعـض ميـادين‬


‫القتال مثل فلسطين‬
‫‪1‬ـ السيارات المستأجرة يوجــد لهــا نســخ إضــافية مــن المفاتيــح‬
‫تبقى لدى مكتب اليجار فإذا كان هــذا المكتــب أو أشــخاص فيــه‬
‫يعملون مع جهاز الستخبارات مثل )الموساد( فإنهم لن يقــدموا‬
‫لهم المفاتيح الضافية للسيارة فقط بل سيقدمون لهــم صــورة‬
‫عن جواز السفر وعنوان القامة لتتم ملحقة المجاهد بناء علــى‬
‫أخطائه فيجب الحذر والنتباه‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ المفاتيح الخاصة لمنــزل المجاهــد أو ســيارته ل تعطــى لحــد‬
‫خوفا وحذرا من أن يقوم مترصدون بأخذ نسخ منها‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ يجب التقيد واللتزام عنــد وضــع الســيارة ليل ً فــي )الكــراج(‬
‫بإجراءات المن التالية‪:‬‬
‫أ ـ أن يكون للسيارة جهاز إنذار‪.‬‬
‫ب ـ وضع علمات مميزة للبواب والغطاءين المامي والخلفي‪.‬‬
‫ج ـ التأكد من إغلق البواب وتأمينها‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ الجراءات المنية للسيارة صباحا‪:‬‬
‫أ ـ التأكد من أنه لم يحدث أي تغيير على الشارات الــتي تركــت‬
‫ليل في السيارة‪.‬‬
‫ب ـ ـ فــي حالــة اكتشــاف تغييــر يكــون هنــاك مجــال للشــك بــأن‬
‫السيارة فخخت ولذلك يمنع‬

‫‪ 39‬لذلك يجب على المجاهد الذي يحس أنه عرضة للغتيال عدم ترك السيارة في هذه الحالت أما في الحالة‬
‫الخيرة "د" فيجب إغلق الباب من الداخل بمتراس بحيث ل يكون له قفل يفتح من الخارج ففتح القفال ليس‬
‫صعبا على المحترفين والمجاهد الذي يتقن فن فتح القفال يعرف هذا جيدا‪.‬‬

‫‪104‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫الدخول والجلوس فيها أو تشغيلها وإنمــا يتــم فحصــها بواســطة‬
‫خبير‪.‬‬
‫ج ـ ـ فحــص جســم الســيارة مــن الســفل خوفــا مــن أن تكــون‬
‫المتفجرات غرست أسفلها‪.‬‬
‫د ـ يجب القيام يوميا بفحص أمني للســيارة الفرامــل المصــابيح‬
‫الروديتر خزان البنزين العجلت‪.‬‬
‫‪5‬ـ عند ترك السـيارة لبعـض الــوقت فـي الطريـق أو مكـان عــام‬
‫ص فيها‬‫يراعى بقاء شخ ٍ‬
‫وإن تعذر يعمل بالجراءات السابقة بشكل هادئ وطبيعي وغيــر‬
‫ملحوظ‪.‬‬

‫الطريقة الرابعة‪ :‬تفجير السيارة عن بعد‬


‫تفجير السيارة عن بعد تقنية حديثة ل تحتاج إلى تعقيدات ووقت‬
‫ن فقــط‪..‬‬‫زمني وإجــراءات العمليــة تتـم بمجملهــا فــي عــدة ثـوا ٍ‬
‫يقوم فيهــا شــخص بوضــع عبــوة لصــقة أســفل الســيارة وهــذه‬
‫العبوة تلتصق بجسم السيارة بمجرد وضعها وفــي داخــل العبــوة‬
‫جهاز استقبال يعمل وفق تردد محدد‪ ..40‬وعلى بعد خمسين مترا ً‬
‫أو مــائة مــتر فــي مســاحة مفتوحــة أمــام رؤيــة البصــر يقــف‬
‫الشــخاص أو الشــخص الــذي ســيفجر العبــوة ومــن خلل جهــاز‬
‫إرسال في يده يرسل التردد المحــدد لجهــاز الســتقبال فــور أن‬
‫يكون الهدف جــاهزا ً للتفجيــر وبضــغطة مــن الصــبع ينتهــي كــل‬
‫شيء ويختفي القتلة بسيارة معدة ســابقا عــن مســرح الجريمــة‬
‫مستفيدين من حالة الهلع التي يسببها النفجار‪.‬‬

‫تنبيه للمجاهدين المطلوبين والــذين يخشــون‬


‫من الغتيال وخصوصا في فلسطين من قبل‬
‫الموساد‬
‫إن أي مجاهد يحس بداخله أنه مطلوب للمخابرات مثل )الموساد(‬
‫أو الـ )السي أي آي( ويضطر أن يــترك ســيارته لبضــع الــوقت مــن‬
‫أجل قضاء حاجياته يجــب عليــه قبــل ركــوب الســيارة التقيــد بهــذه‬
‫الجراءات‪:‬‬
‫أ ـ التوجه بشكل طبيعي إلــى الســيارة‪ ..‬والتوقــف قبــل الوصــول‬
‫إليها بعدة أمتار‪.‬‬
‫كما مر في الطريقة الولى بالتفصيل فلسنا بحاجة إلى إعادته هنا فتنبه‪.‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪105‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ب ـ إلقاء نظرة دائرية سريعة علــى الجســام الثابتــة والشــخاص‬
‫المتحركة في محيط المنطقة‪.‬‬
‫جــ القتراب من الشخاص المتحركين وإلقــاء نظــرة عليهــم مــن‬
‫الريبة والشك‪.‬‬
‫د ـ النسحاب من المنطقة والختفــاء فــي مكــان يســمح بمراقبــة‬
‫الشخاص المتحركين من دون أن يروه‪.‬‬
‫هـ ـ عند الشتباه بردود أفعال الشــخاص المتحركيــن يجــب فــورا‬
‫حفـظ الوصــف التشخيصــي لهـم وتعمـد مراقبتهـم مراقبــة علنيــة‬
‫ومكشوفة‪ ..‬لتوصيفهم أكثر وفضحهم أكثر‪.‬‬
‫و ـ عندما ل يوجد أشخاص متحركــون ويكــون الوضــع طبيعي ـا ً يتــم‬
‫فحص جســم الســيارة مــن الســفل للتأكــد مــن عــدم وجــود مــواد‬
‫لصقة‪ .‬ويحبذ القيــام بعمليــات فحــص الســيارة مــن الســفل عــن‬
‫طريق امرأة أو شخص غير خطير ولكن بشكل ل يلفت النتباه‪.‬‬

‫الطريقة الخامسة‪ :‬القنص‬


‫القناص هو المقاتــل المختــار بعنايــة والــذي مــر بتــدريبات مكثفــة‬
‫وشــاملة فــي أســاليب القنــص والمهــارات الميدانيــة‪.‬ولبــد للــذي‬
‫سيقوم بقنص أئمة الكفــر أن يكــون صــاحب ســجل يعكــس مهــارة‬
‫أساسية في الرماية‪.‬‬
‫ول بد أيضا من توفر هذه الصفات‪:‬‬
‫‪1‬ـ الذكاء بحيث يقدر الوقت المناسب للقتل على حســب الفرصــة‬
‫السانحة والتي تبعد عنه وعن موقعه الشك‪.‬‬
‫‪2‬ـ السكون وعدم النفعال وهدوء العصــاب ول يكــون متســرعا أو‬
‫شديد الغضب بحيث يفقده ذلك هدفه‪.‬‬
‫‪3‬ـ المهارة الميدانية‪.41‬‬
‫هناك طرق عدة للغتيال بهذا السلوب أو غيره مثل رماية الهــدف‬
‫من سيارة أو دراجة نارية الخ وتجد المعلومات حول هذه الساليب‬
‫في الموسوعة مفصلة )‪.(746-2/705‬‬

‫للمزيد من التفاصيل حول القنص راجع موسوعة الجهاد الكبرى )‪.(691-2/654‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪106‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪42‬‬
‫الطريقة السادسة‪ :‬كتم النفاس‬
‫إن هذه الطريقة صعبة على مســتوى الفهــم والتطــبيق وإن كــانت‬
‫تشبه عملية الخنق في قطع الهواء عن القصبات الهوائيــة إل أنهــا‬
‫تختلف عن الخيرة في التعرض إلى العنق وبالتالي إلــى الحلقــوم‬
‫إذا هي طريقة الختناق عن طريــق ســد منافــذ الهــواء خاصــة مــن‬
‫الفم والنف وهذا يمكن تحقيقــه عــن طريــق وضــع اليــد وتثبيتهــا‬
‫فوق أنف وفم الشخص المستهدف حــتى يمــوت أو إلصــاق وجهــه‬
‫في الرض أو صبغ وجهه بمادة لصقة تمنعــه مــن التنفــس بصــفة‬
‫عامة بنفي الهواء عن الخصــم )نلحــظ أن احتقانــا شــديدا وعنيفــا‬
‫يضغط على القصــيبات فل تنفــخ فتســبب اختناقــا وكــذلك الوزان‬
‫الثقيلة والضربات الحادة على القفص الصدري تعمل نفس العمــل‬
‫في إغلق القصيبات‪.....‬الخ‪.‬‬
‫ومن أساليب هذه الطريقـة أيضـا ربـط الخصـم بحبـل والولـى أن‬
‫يكون حديدي ويكون الحبل فوق صدره بحيث يمــر فــوق رئتيــه ثــم‬
‫يتم شد الحبل حتى تنغلق القصيبات الهوائية ول تستطيع النفتاح‬
‫لتقبل الهواء فيموت الشخص المستهدف خنقا وهذه تشبه مســكة‬
‫الثعبان الضخم الكبير وطريقته في قتل فريسته قبل أكلهــا وهــذا‬
‫الثعبان هو )البواء(‪ .‬ومن الطــرق الذكيــة والســهلة أيضــا اســتغلل‬
‫لعبة التراشق بالحلوى )وهذه عنــد الغربييــن معروفــة جــدا( فبــدل‬
‫الحلوى تضع مادة سريعة اللتصاق وتكون هي لزجة على ورق ثــم‬
‫تقذف بهــا فــي وجــه الخصــم علــى نحــو اللعبــة المــذكورة )يمكــن‬
‫افتعال اللعبة بين شــريكين ثــم يقحــم الخصــم عــن طريــق الخطــأ‬
‫مثل( فتنسد عيناه وأنفه وفمه وأذناه فيختنق وينقطع عنه الهــواء‬
‫دون أن ينتبه المارة وهم يضحكون على المشهد الــذي ألفــوه مــن‬
‫قبل‪.‬‬
‫ومن الساليب أيضا وضع الخصم في كيس من البلستيك المقــوى‬
‫أو على القل لف رأسه بهذا البلستيك وهذه الطريقــة وإن كــانت‬
‫تستلزم أكثر من منفــذ واحــد إل أنهــا ل تبقــى الثــر لجهــزة أمــن‬
‫العدو المضاد وتظهر وكأنها عملية انتحارية‪.‬‬
‫والغرق كذلك أسلوب من هذه الساليب ويتم ذلك بمجرد ربط يدي‬
‫الخصم خلف ظهره ثم دفعه داخل مسبح خــاص بــه أو أقــرب ممــر‬
‫مائي وذلك أن الكثير مـن المنتحريـن اليـوم يقومـون بنفـس هـذه‬
‫الطريقة ويربطون أيديهم حتى ل تصدر منهــم أي محاولــة عفويــة‬
‫للنجاة وهــذه الطريقــة بــدورها تكــون مضــللة لجهــزة أمــن العــدو‬

‫انظر موسوعة الجهاد الكبرى )‪ (10-2/9‬ففيها طرق أخرى في الدورات العملية في دورة كيف تقتل‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫‪107‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫المضاد وكذلك مع ملحظة أن الوثاق يجــب أن يكــون متينــا وليــس‬
‫قطعة من القماش حتى نتجنب إفلت الخصم ومحاولته للنجاة‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الطريقة السابعة‪ :‬الضرب بالقدوم‬
‫القدوم يعمل عمل الفأس والمعول في نفس الــوقت وهــو يصــنع‬
‫بالشــكل والحجــم المــراد بــه ولــه عــدة اســتعمالت مثــل الحفــر‬
‫والتسلق وجر الشياء وخاصة جثة الميت للتخلص منهــا وكــثيرا مــا‬
‫استعملت في الحرب العالميــة الولــى عنــد القتحــام فــي خنــادق‬
‫العدو‪.‬‬
‫وأفضل مكان للضرب منطقة ما بين الذن والعين ويمكن أيضــا أن‬
‫يصل إلى القلب من خلل العظــام الفوقيــة للصــدر بمجــرد ضــربة‬
‫واحدة وله ضربة أقوى وأعمق من السكين فتصل إلى القلب حتما‬
‫أشد وأسهل من المام‪.‬‬
‫وهذا النوع سلح ممتاز في القتال القريب الــذي يكــون اســتعمال‬
‫السلح الناري فيه أمر غير مرغوب فيه‪.‬‬

‫الطريقة الثامنة‪ :‬تفخيخ الغرف‬


‫يعتمد أسلوب تفخيخ الغرف على وضــع عبــوة لشــخص فــي غرفــة‬
‫نومه إما تحت السرير أو قريبا ً من جهاز الهاتف أو قريبا ً من الباب‬
‫ويتم تفجيرهـا بالضـغط أو بـالتحكم عـن بعـد أو بالضـغط علـى زر‬
‫النارة ويكثر هذا السلوب في الفنادق‪..44‬‬

‫طرق أخرى‬
‫الطريقة التاسعة‪ :‬اقتحام المنزل‪.‬‬
‫الطريقة العاشرة‪ :‬السم‪.‬‬
‫‪ 43‬انظر الصدر السابق )‪.(2/12‬‬
‫‪ 44‬لبد أن يعلم المجاهد الذي يريد نشر قضايا الجهاد إعلميا أن كثيرا من الصحفيين ومراسلي شبكات التلفزيون‬
‫ووكالت النباء يعملون جواسيس تحت ساتر الصحافة وبعضهم يحمل الجنسية المزدوجة لذلك يجب منع دخولهم‬
‫أي غرفة خاصة أو منزل قيادي أو مكتب هام ويجب أخذهم إلى أمكنة غير هامة ومتغيرة‪ ..‬حتى ل يسممتفيدوا مممن‬
‫معرفة العناوين الخاصة‪ .‬فكثيرا ً ما يقوم فريق تلفزيوني بتصمموير الشمموارع المؤديممة إلممى مكممان اللقمماء الصممحفي‬
‫ومدخله والتفاصيل الصغيرة التي يمكنهم تصويرها ول يمكن أن يكون هذا العمل له علقة بمهمة صحافة بقدر ما‬
‫هي مهمة جاسوسية وتستخدم الصور في تدريب الوحدات الخاصة للموساد على طريقة اقتحام المكممان المحممدد‬
‫عندما يقررون التنفيذ‪ ..‬وهذه إشارة إنممذار بضممرورة تغييممر أي مكتممب يلحممظ أن الصممحفيين قممد صمموروه وأخممذوا‬
‫تفاصيله وإعادة ترتيب العمل في ظروف أكثر سرية قبل فوات الوان‪.‬‬
‫تنبيه‪:‬‬
‫‪1‬م يجب على كل مجاهد ينزل اضطراريا في أحد هذه الفنادق أن يتخذ إجراءات أمنية سرية وغير مرئية في‬
‫داخل غرفته قبل مغادرتها للتأكد من عدم دخول غرباء في فترة غيابه والعبث في حاجياته أو زرع جسم فيها‬
‫وتتم هذه الجراءات فور انتهاء عامل النظافة من ترتيب وتنظيف الغرفة‪.‬‬
‫‪2‬م اكتشاف هل هناك مراقبة علنية عند مغادرته الفندق وهل هناك متابعة له‪.‬‬

‫‪108‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫الطريقة الحادية عشر‪:‬إسقاط الطائرات‪.45‬‬
‫الطريقة الثانية عشر‪ :‬ضرب المواكب‪.46‬‬
‫لم أذكر شرح أو تفصيل حول هــذه الطــرق لظــروف خاصــة حــالت‬
‫دون الكتابة ولشــهرتها ولكــن ليعلــم الجميــع أن طــرق الغتيــالت‬
‫كثيرة جدا فلتتفتق أذهاننا لكتشــاف طــرق جديــدة لننكــي ونثخــن‬
‫في أعداء الله وإن شاء ربي سأكون أول العاملين بما أقول وأدعو‬
‫إليه وأسأل الله أن يحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننــا‬
‫وعن شمائلنا ومن فوقنا ونعوذ عظمته أن نغتال من تحتنا‪.‬‬

‫الهداف التي يجب اغتيالها‬


‫الشخصيات التي يجب أن يباشر إلى اغتيالها فهي حســب الهميــة‬
‫على الشكل التالي والله أعلم‪:‬‬
‫‪1‬ــــ كافـــة الدبلوماســـيين والســـفراء والعســـكريين مـــن اليهـــود‬
‫والنصارى والمشركين في جزيرة العرب كل جزيرة العرب بالنسبة‬
‫لمجاهدي جزيرة العرب )اليمن وعمان والسعودية والكويت وقطــر‬
‫والمــارات والبحريــن( لــورود النصــوص الشــرعية المــرة بــإخراج‬
‫اليهــود والنصــارى والمشــركين مــن جزيــرة العرب‪47‬وهــي حســب‬
‫أهميتها على التسلسل التــالي ويشــمل هــذا الجنســيات المحاربــة‬
‫أهمها على الترتيب التالي‪:‬‬
‫ل‪ :‬المريكان‪.‬‬‫أو ً‬
‫ثانيًا‪ :‬النجليز‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬الفرنسيين‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬باقي دول حلف الناتو‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬باقي أشكال تواجد النصارى‪.‬‬

‫‪ 45‬مثل ما حدث لرئس باكستان عام ‪1988‬م ضياء الحق ومثل ما حدث مؤخرا لرئيس سلح الجو الباكستاني‬
‫وكذلك للوزير الصناعة الفغاني ونائب وزير الداخلية الروسي‪.....‬الخ وإن كانت أسباب الغتيال متنوعة‪.‬‬
‫‪ 46‬في ‪26/11/2001‬م ذكرت وكالت النباء أن رئيس الركان السرائيلي موفاز نجا من محاولة اغتيال حيث‬
‫انفجرت عبوتين لدى مرور موكبه بعد ظهر الحد جنوب مدينة الخليل وأعلن ناطق عسكري إسرائيلي أن‬
‫الهجوم وقع عند قيام الجنرال موفاز بجولة تفقدية في منطقة تقع في جنوب مدينة الخليل مع عدد من قادة‬
‫الجيش وقال التلفزيون السرائيلي إنه تم إخلء موفاز بطائرة مروحية بعد اكتشاف عبوات مزروعة على جانب‬
‫الطريق الذي كان من المقرر أن يمر منه وقامت في حينه قوات كبيرة من الجيش الصهيوني بحملة تمشيط‬
‫واسعة في المنطقة‪ .‬وقال شهود عيان إن انفجارا كبيرا سمع لدى مرور موكبه العسكري وأضاف التلفزيون أن‬
‫إحدى العبوتين انفجرت لدى مرور سيارة الجيب التي كانت تتقدم الموكب مشيرا إلى أن رئيس هيئة الركان لم‬
‫يصب وكذلك الضباط الذين كانوا يرافقونه وقال التلفزيون نقل عن ضباط انه من المحتمل أن يكون‬
‫الفلسطينيون الذين نفذوا الهجوم يستهدفون مباشرة رئيس هيئة الركان‬

‫‪ 47‬راجع بحث )الخصائص الشرعية للجزيرة العربية( ففيه كشف للنظمة العميلة المرتدة المتواجدة في جزيرة‬
‫العرب والتي مكنت لهؤلء اليهود والنصارى وغيرهم من الستقرار في جزيرة العرب‪.‬‬

‫‪109‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫سادسًا‪ :‬الهنود الهندوس والبوذيين‪.‬‬
‫سابعًا‪ :‬الروس‪.‬‬
‫وهذه الجنسيات هي التي تتولى بإدراة اليهــود ومشــاركتهم حــرب‬
‫أهل السلم وسفك دمــائهم وانتهــاك أعراضــهم وســلب أمــوالهم‬
‫وهذا مشهود معروف في كل أنحاء العــالم لكــل ذي ســمع أو بصــر‬
‫وأما أهم أشكال تواجدهم فعلى الشكل التالي‪:‬‬
‫أ ـ مراكز التبشير والتنصير والتــأثير الثقــافي مــن الجامعــات‬
‫والمراكز الثقافية والتأثير الحضاري الغربي‪.‬‬
‫ب ـ التواجد القتصــادي‪ :‬شــركات وخــبراء نهــب الــثروات ثــم‬
‫مندوبي وموظفي شركات بيع منتوجات الغرب الجانب‪.‬‬
‫ج ـ التواجد الديبلوماسي‪ :‬سفارات وقنصليات وبعثات أجنبيــة‬
‫ديبلوماسية مختلفة‪.‬‬
‫د ـ المستشارين المنيين وفروع اســتخبارات صــليبية معاونــة‬
‫للحكومات المرتدة‪.‬‬
‫هـ ـ القواعد العسكرية الجنبية ول سيما التابعة لحلف النــاتو‬
‫وأفرادها وعوائلهم المقيمين معهم في الجزيرة‪.‬‬
‫و ـ السياح والمسافرون والعابرون من بلدنا لشؤون شتى‪.‬‬
‫‪2‬ـ أئمة الردة والكفر من المرتدين المتواجدين في جزيــرة العــرب‬
‫مثل رؤساء الدول ووزراء الداخلية ووزراء الخارجية ووزراء الدفاع‬
‫وغيرهم ممن يروج الكفر ويحميه ويــدافع عنــه وبقيـة أئمـة الـردة‬
‫في الدول العربية والدول المسماة زورا وبهتانــا بالســلمية مثــل‬
‫أبو رغال وإخوانه الربعة المتنفــذين وبرويــز اللمشــرف وكــرزاي‬
‫وحسني مبارك وياسر عرفات الـخ القائمة وكذلك مــن يســب اللــه‬
‫ورسوله ويشتمهما و يؤذيهما مثــل بعــض العلمييــن والصــحفيين‬
‫ممن ثبت عليه مثل ذلك إما بالبينة أو القرار أو الشــهود كمــا هــو‬
‫معروف ويدخل مع هؤلء الضباط والفراد الذين عرفــت عــداوتهم‬
‫لله ورســوله والمــؤمنين وزاد شــرهم وقــد بينــت ذلــك فــي كتــاب‬
‫)الباحث عن حكم قتل ضباط وأفراد المباحث(‪.‬‬
‫‪3‬ـ أصحاب المناصب الحساسة في دول الكفر الصــلي المحاربــة‬
‫لنــا كرئيــس الدولــة ثــم وزيــر الــدفاع ثــم الخارجيــة ثــم رئيــس‬
‫الســتخبارات والمــن القــومي والجنــرالت الكــبيرة والــدول علــى‬
‫الترتيب التالي‪:‬‬
‫أو ً‬
‫ل‪ :‬أمريكا‪.‬‬

‫‪110‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ثانيًا‪ :‬بريطانيا وبينهما إسرائيل والتسمية الصحيحة لهم )يهود(‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬فرنسا‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬ألمانيا‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬أستراليا‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬كندا‪.‬‬
‫سابعا‪:‬باقي دول حلف الناتو‪.‬‬
‫ثامنًا‪ :‬روسيا‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬الهند‬
‫وهكذا وللتمثيل أمريكا مثل اغتيال الرئيس )بــوش( ووزيــر الــدفاع‬
‫)رامسفيلد( ووزير الخارجيــة )بــاول( والجنــرال )تــومي فرانكــس(‬
‫ومــدير الســتخبارات )تينــت(‪....‬والمســألة ليســت للحصــر وإنمــا‬
‫للتقريب والتوضيح‪.‬‬

‫فوائد الغتيالت‬
‫للغتيالت فوائد جمة تظهر للباحث المنصف من أول نظــرة علــى‬
‫مثل هذا البحث وهي مهمة جدا في هذا الزمن ومن قــرأ القصــص‬
‫القديمة والحديثة في هذا الباب تبين له جوانب مختلفــة مــن هــذه‬
‫الفوائد إذ بعض عمليات الغتيال كفيلة بتغيير مجرى تاريخ بــأكمله‬
‫وسأذكر بعض هذه الفوائد على سبيل السرعة والختصار‪:‬‬
‫‪1‬ـ إحياء فريضة غائبة وسنة ميتة والحاديث والثار في هذا البــاب‬
‫معروفة لدى القارئ كما فــي حــديث جريــر بــن عبــد اللــه البجلــي‬
‫رضي الله عنه الذي أخرجه مسلم أن النبي ‪ ‬قال‪ :‬من ســن فــي‬
‫السلم سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غيــر أن‬
‫ينقص من أجورهم شيئا‪......48‬الخ‪.‬‬
‫‪2‬ـ النتصار لله جل وعل ولرســوله ‪ ‬كمــا مــر معنــا فــي الحــاديث‬
‫السابقة منها قول النبي ‪ ‬لعمير بن عدي‪ :‬إذا أحببتم أن تنظــروا‬
‫إلى رجل نصر الله ورسوله بالغيب فانظروا إلى عمير بن عدي‪.‬‬
‫‪3‬ـ تطهيــر الرض مــن إظهــار ســب اللــه ورســوله ‪ ‬يقــول شــيخ‬
‫السلم بن تيمية رحمه الله‪) :49‬تطهير الرض من إظهار سب اللــه‬
‫ورسوله ‪ ‬واجب حسب المكان لنــه مــن تمــام ظهــور ديــن اللــه‬

‫فتح الباري )‪.(13/373‬‬ ‫‪48‬‬

‫الصارم المسلول )‪.(299-298‬‬ ‫‪49‬‬

‫‪111‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫وعلو كلمة الله وكون الدين كله لله فحيث ما ظهر سبه ولم ُينتقم‬
‫ممن فعل ذلك لم يكن الدين ظاهرا ول كلمة الله عالية(أ‪.‬هـ‪.‬‬
‫‪4‬ـ إرهاب أعداء الله يقول الله سبحانه وتعــالى‪} :‬وأعــدوا لهــم مــا‬
‫استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو اللــه وعــدوكم‬
‫وآخرين من دونهم ل تعلمونهم الله يعلمهم{ ]النفال‪ .[60:‬وكمــا‬
‫قال ابن حجر رحمه الله‪) :50‬وفــي مرســل عكرمــة فأصــبحت يهــود‬
‫مذعورين فأتوا النبي ‪ ‬فقالوا‪ :‬قتل سيدنا غيلة فذكرهم النــبي ‪‬‬
‫صنيعه وما كان يحرض عليــه ويــؤذي المســلمين زاد ســعد فخــافوا‬
‫فلم ينطقوا(أ‪.‬هـ فالغتيالت من أعظم أنواع الرهاب لعداء اللــه‬
‫بحيث أنهم يحسون أن الموت يرقبهم في كل مكان ويــتربص بهـم‬
‫في كل طريق فيعيشون فــي هــم وقلــق وخــوف إذا ركــب طــائرة‬
‫خشي من سقوطها وإن أبحر في باخرة خشــي مــن تــدميرها وإن‬
‫أستقل سيارة خاف من تفجيرها‪.....‬الخ‪.‬‬
‫‪ _5‬شفاء صدور قوم مــؤمنين كمــا قــال اللــه عــز وجــل‪} :‬ويشــف‬
‫صدور قوم مؤمنين{]التوبة‪.[14:‬‬
‫‪6‬ـ ذهاب غيــظ القلــوب كمــا قــال اللــه عــز وجــل‪} :‬ويــذهب غيــظ‬
‫قلوبهم{]التوبة‪.[15:‬‬
‫‪7‬ـ رفع راية السلم كما مر في حديث عمير بــن عــدي بعــد مقتــل‬
‫العصماء بنت مروان حين رجع عمير مــن عنــد رســول اللــه ‪ ‬وجــد‬
‫بنيها في جماعة يدفنونها فأقبلوا إليه حين رأوه مقبل ً من المدينة‬
‫فقالوا‪ :‬يا عمير أنت قتلتهــا؟ فقــال‪ :‬نعــم فكيــدوني جميعــا ثــم ل‬
‫تنظرون والذي نفسي بيده لو قلتم بــأجمعكم مــا قــالت لضــربتكم‬
‫بسيفي هذا حتى أموت أو أقتلكم فيومئذ ظهر الســلم فــي بنــي‬
‫خطمة وكان منهم رجال يتخفون بالسلم خوفا من قومهم‪.‬‬
‫‪8‬ـ النتصار للمؤمنين المستضعفين من الرجال والنســاء والولـدان‬
‫كما قال الله سبحانه وتعالى‪} :‬وما لكم ل تقاتلون في سبيل اللــه‬
‫والمستضعفين من الرجال والنساء والولــدان الــذين يقولــون ربنــا‬
‫أخرجنا من هذه القرية الظــالم أهلهــا واجعــل لنــا مــن لــدنك وليــا‬
‫واجعل لنا من لدنك نصيرا{]النساء‪.[75 :‬‬
‫وأترك بقية الفوائد لك أيها القارئ فاسـتخرج منهـا مـا شـئت ودع‬
‫منها ما شئت وما استخرجت أحب إلي مما تركت والله أعلم‪.‬‬

‫فتح الباري )‪.(393 / 7‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪112‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫قصص لعمليات اغتيال معاصرة‬
‫إن القارئ للتاريــخ والمتــابع للحــداث يجـد أن عمليــات الغتيـالت‬
‫يستخدمها الجميع علــى اختلف أديــانهم ومشــاربهم وهــي قديمــة‬
‫جدا فهؤلء اليهود قتلــة النبيــاء اســتخدموها ضــد أنبيــاء اللــه ومــا‬
‫قصة زكريا الذي نشر نشرا ً ول يحيى الذي ذبح ذبحــا علينــا بخافيــة‬
‫وأيضا محاولة اليهود في المدينة لغتيال نبي اللــه ‪ ‬وغيرهــا مــن‬
‫القصص والتي ذكرنا طرفا منها في مشروعية الغتيــالت إل دليل‬
‫علــى أن الغتيــالت وســيلة حربيــة يســتخدمها كــل طــرف لنصــرة‬
‫مبدأه وما يدين بـه والمتأمـل فـي واقعنـا المعاصـر يجـد أنـه ملـئ‬
‫بالغتيالت ولكن أغلبها ينحو ويتجه اتجاهات غير إسلمية بــل إمــا‬
‫قوميــة أو وطنيــة أو بيــن أديــان كفريــة مختلفــة أو اقتصــادية أو‬
‫سياسية الخ وقد استخدمها الكافرين ضدنا نحــن المســلمين كــثيرا‬
‫وفلسطين اليوم أكبر شاهد على ما أقــول فــاليهود يتفننــون فــي‬
‫قتل المجاهدين ومع ذلك إذا قام أحــد أبطــال المســلمين لغتيــال‬
‫إمــام مــن أئمــة الكفــر ضــجت وصــاحت وســائل العلم الكــافرة‬
‫واستنكر شيوخ وعلماء السلطين وشجبوا ونددوا كما هي عــادتهم‬
‫والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس ل يعلمون ونحن فــي هــذا‬
‫الموضع سنذكر بعــض القصــص المعاصــرة الــتي نفــذها مجاهــدون‬
‫يبتغون ما عند الله وأما العمليات التي ُنفذت ضد المجاهــدين فقــد‬
‫ذكرنا بعضها عرضا ول حول ول قوة إل بالله‪.‬‬

‫عمليات نجحت‬

‫‪ -1‬في أربعين ثانية يتم اغتيال أنور السادات‬


‫في كل عام من شهر أكتوبر يأمر أنور السادات بإقامة عرض‬
‫عسكري كبير إحياء لذكرى حرب أكتوبر عام ‪ 1973‬م‪ .‬وقد أقيم‬
‫ذلك العرض حسب ما أعد له في عام ‪ 1981‬م وحدثت المفاجأة‬
‫التي أذهلت العالم حيث اغتيل أنور السادات بشكل لم يسبق له‬
‫مثيل‪.‬‬

‫فقد قام بالتخطيط لعملية الغتيال بدقة متناهية المهندس محمد‬


‫عبد السلم فرج مؤلف كتاب )الفريضة الغائبة( رحمه الله وأسكنه‬
‫فسيح جناته ونفذها أربعة أبطال هم )خالد السلمبولي وعطا‬
‫طايل وعبد الحميد عبد السلم وحسين عباس( وقد استغرقت‬
‫عملية الغتيال مدة ل تزيد عن دقيقة واحدة راح ضحيتها أنور‬

‫‪113‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫السادات ومعه ‪ 7‬ممن كانوا قريبين منه في منصة العرض وأعتبر‬
‫هذا الغتيال أسرع اغتيال في التاريخ المعاصر ولكن كيف تم ذلك‬
‫الغتيال؟‬

‫كيف تم اغتيال أنور السادات !!‬


‫في ‪ 6‬من أكتوبر من عام ‪ 1981‬م استعدت مصر بأكملها لحياء‬
‫يوم النصر بإقامة العرض العسكري السنوي الذي يشارك فيه‬
‫رئيس الجمهورية وقادته والقوى العسكرية الفاعلة‪ .‬وفي بداية‬
‫الحفل جلس الطاغية إمام الكفر أنور السادات بالزي العسكري‬
‫المصمم على الطريقة الهتلرية حيث كان أنور السادات في بداية‬
‫شبابه متأثرا بهتلر في طريقة لبسه وحركاته العسكرية ويقال‬
‫بأن زوجته جيهان السادات حاولت جاهدة إقناعه بلبس القميص‬
‫الواقي للرصاص تحت بدلته العسكرية كما كان يفعل في كل سنه‬
‫ولكنه رفض ذلك‪.‬‬

‫جلس أنور السادات على منصة العرض مزهوا بمشاهدة قواته‬


‫وهي تمر أمامه بالعربات المدرعة والليات المختلفة وقبل اغتياله‬
‫بحوالي نصف دقيقة مرت في سماء العرض تشكيلة من الطائرات‬
‫العسكرية كانت تقوم بحركات استعراضية جميلة دفعت كل من‬
‫كان جالسا على مقاعد المتفرجين بما فيهم أنور السادات وقادته‬
‫وحرسه الخاص إلى رفع أبصارهم إلى السماء لمشاهدة ذلك‬
‫العرض الرائع‪ .‬وفي هذه اللحظة توقفت إحدى عربات المدفعية‬
‫أمام المنصة وعلى بعد حوالي ‪ 20‬مترا ونزل منها البطل خالد‬
‫السلمبولي حيث لم يفطن به أحد ممن كانوا بالمنصة التي بها‬
‫أنور السادات سوى أنور السادات الذي أعتقد أن خالد إسلمبولي‬
‫المقبل ناحيته كان قادما ً للسلم عليه ولكن خالد رحمه الله قام‬
‫بإلقاء قنبلة يدوية انفجرت أثناء ارتطامها بحائط المنصة تلتها‬
‫قنبلة أخرى ألقاها البطل عطا طايل ثم تلتها قنبلة ثالثه أخرى‬
‫ألقاها خالد السلمبولي لم تنفجر ثم ألقيت القنبلة الرابعة من‬
‫البطل عبدا لحميد عبد السلم انفجرت في وسط الجالسين فكان‬
‫من تأثير النفجار المدوي الذي أحدثته القنابل اليدوية الثلث أن‬
‫انقلبت الكراسي بمن كان عليها وسقط جميع من كان في منصة‬
‫الرئاسة تحت كراسيهم لهول صوت النفجارات المتعاقبة‪ .‬وأصيب‬
‫بعض الحضور مما حدا بأنور السادات القيام على قدميه مفجوعا ً‬
‫من هذا الهجوم الصاعق وكانت آخر كلمة تلفظ بها هي )خونة‪(51‬‬

‫بل هو الخائن الذي باع العباد والبلد لليهود والنصارى واتفاقية كامب ديفيد أكبر دليل على ذلك‪.‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪114‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫قبل أن تلتقطه الرصاصات المنطلقة من الرشاش المنصوب على‬
‫العربة المدرعة التي كان يقف فوقها البطل حسين عباس‬
‫فبمجرد أن رآه أطلق عليه زخات من ذلك الرشاش فسقط أنور‬
‫السادات يتخبط في دمه‪ ..‬وأجهز عليه خالد السلمبولي الذي كان‬
‫قد وصل إلى المنصة برشاشه‪ .‬كما قام بقتل عدد من مساعدي‬
‫أنور السادات وضيوفه هو ورفيقه‪ ...‬ويقال أن العملية لم‬
‫تستغرق سوى ‪ 40‬ثانية فقط‪.‬‬

‫‪ -2‬اغتيال أحمد شاه مسعود‬


‫فــي يــوم ‪7/11/2001‬م الموافــق ‪18/6/1422‬هـــ قــام مجاهــدان‬
‫بالتظاهر وتقديم نفسيهما لحمد شاه مسعود على أنهما صحفيان‬
‫وهما البطل قاسم بقولي )‪ 28‬عاما( وكريم سو زانــي )‪ 34‬عامــا(‬
‫وهما ينحدران من أصل مغربي وكانا يعيشان في بلجيكا‪.‬‬

‫وقد رتبوا مقابلة صحفية مع الطاغية أحمد شاه مسعود فتم لهم‬
‫ذلك وأخذوا ميعادا لذلك اللقاء في مقر إقامته بالقرب من الحدود‬
‫الطاجيكية وقد ذكرت مصادر عدة أن عملية اغتيال مسعود كانت‬
‫بالغة التعقيد احتاجت لشهور من التخطيط فقام أحدهما بالتصوير‬
‫من كاميرا الفيديو والتي كانت مفخخة والخر أجرى الحوار وفي‬
‫أثناء ذلك تمت العملية كما كان يتمنى منفذها فقتل أحد‬
‫المجاهدين بسبب انفجار الكاميرا في حين قتل أحد حراس‬
‫مسعود المنفذ الخر أثناء محاولته الفرار كما ذاع واشتهر ول‬
‫يعلم أحد التفاصيل الدقيقة لهذه العملية لن من قام بها قتل في‬
‫نفس اللحظة التي قتل فيها أحمد شاه مسعود وقد أصيب الهالك‬
‫في حاجبيه وفي أصابع يده اليسرى وساقيه ووجهه ورأسه حيث‬
‫تعرض لحروق إثر الحريق الذي تبع النفجار وجرح بجروح بالغة‪.‬‬

‫وكان الغموض قد اكتنف مصير أحمد شاه مسعود في اليام‬


‫الولى من اغتياله وترددت أنباء من أكثر من مصدر تفيد بأن‬
‫مسعود قد توفي فور وقوع الحادث بينما المقربين منه لهول‬
‫الصدمة حاولوا نفي الخبر حتى يرتبوا أمورهم وذلك لمكانته في‬
‫نفوس تخالف الشمال إذ كانوا يسمونه أسد بنشير وهو الذي كان‬
‫ينظر له على أنه العقبة العسكرية الساسية أمام سيطرة طالبان‬
‫الكاملة على أفغانستان‪.‬‬

‫حتى أن العميل كرزاي تحدث عنه خلل المراسم قائل " لو كان‬
‫مسعود حيا هذه اليام لكانت المور أيسر لنا مما هي عليه الن"‪.‬‬

‫‪115‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫والصحيح أن أحمد شاه قتل في نفس اللحظة التي حصل فيها‬
‫النفجار والله أعلم‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫عمليات لم تتم لحكمة أرادها الله عز وجل‬

‫‪ -1‬عملية اغتيال الملك محمد ظاهر شاه‬


‫في عام ‪1990‬م تعرض ظاهر شاه في منفاه في إيطاليا لمحاولــة‬
‫اغتيال على يد أحد المجاهدين وهو المجاهد أبو عبد الله البرتغالي‬
‫وقد أرسل من قبل بعــض قيــادات الجهــاد لتنفيــذ مهمــة الغتيــال‬
‫وكان قد تقمص دور مراسل صحفي لجراء حديث مع الملك وعنــد‬
‫جلوسه مــع ظــاهر شــاه أخــرج الخنجــر القنــدهاري وطعــن الملــك‬
‫فأصيب الملك في صــدره ولــم ينقــذه مــن المــوت ســوى صــندوق‬
‫سيجاره الخشبي وجيب سترته الثقيلة مما منع الخنجر من الدخول‬
‫والغور في صدره والله له بالمرصاد‪.‬‬

‫‪ -2‬عملية اغتيــال حســني مبــارك فــي أديــس‬


‫أبابا‬
‫في تاريخ ‪ 26‬يونيو حزيران ‪1995‬م قبل افتتاح القمة الفريقية‬
‫الـ ‪ 31‬قام أحد عشر مجاهدا بمحاولة اعتراض موكب إمام الكفر‬
‫والردة حسني مبارك قتله الله ولكن الله أراد أمرا آخر فلم تتم‬
‫العملية إل أنها أربكت عدو الله وجعلته يتذكر مقتل من سبقه يوم‬
‫كان معه مختبئا تحت الكراسي فارا بنفسه من أبطال السلم‬
‫محمد عبد السلم فرج وخالد إسلمبولي ورفاقهما رحمهم الله‬
‫وأسكنهم فسيح جناته وقال بعض المجاهدين‪ :‬إن تعطل سيارتين‬
‫)بيك أب( كانتا مختبأتين في الحراش المطلة على الطريق وراء‬
‫فشل العملية لنهما كانتا جاهزتين للعتراض وتفجير الموكب‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫حتى أن مجلس المن الدولي الكافر في حين العملية فرض حظرا ً‬
‫جويا ً على السودان في عام ‪ 1996‬بسبب وجود قيادات الجهاد في‬
‫ذلك الوقت في السودان‪.‬‬
‫وكنت أتمنى أني حصلت علــى )كتــاب فرســان تحــت رايــة النــبي(‬
‫كامل ً من غير التشويه الذي أدخلته عليــه جريــدة الشــرق الوســط‬

‫هناك عمليتان أيضا مذكورة في وصايا للمجاهدين الوصية الولى وهي محاولة اغتيال بيل كلينتون وبنازير بوتو‪.‬‬ ‫‪52‬‬

‫‪116‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫لكي أنقل منه كثيرا ً من العمليــات الجهاديــة لغتيــال رمــوز وأئمــة‬
‫الكفر ولكن الحمد لله على ما يسر وعسى الله أن يرزقنــا الكتــاب‬
‫كامل‪.‬‬

‫‪ -3‬عملية اغتيال كرزاي وفهيم وجل آغا فــي‬


‫أفغانستان‬ ‫‪53‬‬

‫ما قدر الله لهــا أن تنجــح لحكمــة يعلمهــا ســبحانه وتعــالى‪ .‬انتهــى‬
‫مختصرا ً‬

‫‪ 53‬يراجع كيف تمت هذه العمليات في أخبار مركز الدراسات بتاريخ ‪6/2/1423‬هم وتاريخ ‪5/6/1423‬هم وتاريخ‬
‫‪3/7/1423‬هم‪.‬‬

‫‪117‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫وصايـا للمجاهديـن‬
‫نماذج مجاهدة في زمن الستضعاف فاقتــدوا‬
‫بها‬ ‫‪54‬‬

‫كــثيرون هــم المســلمون الــذين يتحســرون علــى أيــام مجــد المــة‬


‫السلمية وغياب أبطال السلف الصالح‪ .‬لكن القليل من يعلــم أنــه‬
‫عاصــر أبطــال ً مــن الطــراز الرفيــع ل يقلــون رفعــة وإقــداما ً عــن‬
‫الولين ل يختلفون عنهم ربما إل فــي أن الســابقين وجــدوا عون ـا ً‬
‫وسندا ً كبيرا ً بينمــا لــم يكــن الشــأن دومــا كــذلك بالنســبة لبطالنــا‬
‫اليوم‪.‬‬
‫ويمكن القول بأن المة السلمية عرفت خلل العقــدين الخيريــن‬
‫العديد من النماذج التي تحتــذى والــتي يجــدر بجميــع أبنــاء الحركــة‬
‫الســلمية أن يكتشــفوها ويســيروا علــى خطاهــا حــتى ينتصــر‬
‫المسلمون نصرا ً مبينا ً بإذن الله تعالى‪.‬‬
‫ربما كان نجاح غـزوة نيويـورك بالشـكل البـاهر الـذي حـدث إيـذانا ً‬
‫للعالم أجمع بوجود مجاهــدين فــي هــذا الزمــان يــذكرون بالرعيــل‬
‫الول‪.‬‬
‫فهم شباب في مقتبل العمــر وعلــى درجــة عاليــة مــن الحترافيــة‬
‫يســتطيعون قيــادة الطــائرات والمنــاورة بهــا علــى أحســن وجــه‬
‫يتسمون بقــدر كــبير مــن النضــباط ينفــذون علــى إثــره المخطــط‬
‫المرســوم بكــل دقــة وفــي ذات الــوقت هــم مســتعدون للتضــحية‬
‫بأنفسهم في سبيل الله لسترجاع كرامة المة السلمية‪.‬‬
‫على كل حال لقد اعترف العـدو قبـل الصـديق مـن أن المجاهـدين‬
‫اليوم على علم كبير بالتكنولوجيا الحديثة فهم يســتعملون وســائل‬
‫التصـــالت الكـــثر تطـــورا ً كـــالهواتف عـــبر القمـــار الصـــناعية‬
‫ويســتعملون النــترنت بطريقــة مشــفرة بمــا فيهــا اســتعمال آخــر‬
‫التقنيات في هذا المجال كـ)‪(Steganogaphy‬‬
‫إلى غير ذلك من تقنيات متطورة تدمر تلك الصــورة الكاريكاتوريــة‬
‫النمطيـــة الـــتي حـــاولت الدعايـــة المعاديـــة الســـاقطة إلصـــاقها‬
‫بالمجاهدين‪.‬‬

‫‪ 54‬أصل هذه الوصية مقال بعنوان ثعالب السلم في مجلة النصار العدد الخامس بقلم أبي عبيد القرشي حفظه‬
‫الله تعالى أخذنا منها بتصرف‪.‬‬

‫‪118‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫لن أتطرق هنا إلى أبطال الظل الذين يخططون وينظمون ويرجــع‬
‫لهم الفضل بعد الله تعالى في إذكــاء جــذوة الجهــاد وإبقــاء ســيره‬
‫منتظمـا ً وأهــدافه مركــزة لكننــي ســأتطرق إلــى أبطــال ميــدانيين‬
‫جسدوا العديد من معاني التضحية والفــداء‪.‬مــن بيــن هــذه النمــاذج‬
‫الفذة التي شدت انتباهي في العقد الخير وأســوقها علــى ســبيل‬
‫المثال ل الحصر لنها تشير إلى النوعية ا لجديدة التي تجاهــد فــي‬
‫سبيل الله بطل أسطوري غني عن التعريف وهو المهنــدس يحيــى‬
‫عياش وآخر أشعث أغبر مدفوع من سجلت البطولــة الســلمية ل‬
‫يكاد يعترف بفصله أحد لكنه كذلك مجاهد من النوعيــة الفــذة وهــو‬
‫رمزي يوسف‪.‬‬
‫من خلل استقراء سريع يتبين أن هناك اختلفات ذاتية وموضوعية‬
‫بين كل من هؤلء البطال لكن هناك في نظري سمات تجمع بيــن‬
‫كــل هــذه الشخصــيات البطوليــة وهــي الجــرأة والبتكــار والتقــان‬
‫واتخاذ كل التدابير المنية الممكنة‪.‬‬
‫هكذا كان شأن المهندس يحيى عيــاش الــذي يعتــبر بحــق مهنــدس‬
‫العمليات الستشهادية في فلسطين المحتلـة‪.‬فقـد شـكل الشـهيد‬
‫رحمه الله انعطافا ً نوعيا ً في أداء عناصر كتائب القسام المجاهدة‪.‬‬
‫فنوعية العمليات التي ابتكرها وأتقنها لــم تعــرف مــن قبــل داخــل‬
‫الكيان الصهيوني سواء فيما يخص السيارات المفخخة أو الحقائب‬
‫والجساد المتفجرة‪ .‬إذ يعود السبق فيهــا كلهــا إلــى يحيــى عيــاش‬
‫الذي عرف كيف يستغل خلفيته في العلوم الفيزيائية على أحســن‬
‫وجه‪ .‬وقد زاد من إغاظة الصهاينة الحس المنــي الحــاد للمهنــدس‬
‫وقدرته بالتالي على الهرب و التخفي رغــم كــونه المطلــوب رقــم‬
‫واحــد بالنســبة لســلطات الحتلل الصــهيوني بتقــدمها المــذهل‬
‫وقــدراتها علــى الملحقــة والختراقــات والوصــول لكــل الهــداف‬
‫وهكذا استمر المهنــدس يصــول ويجــول ضــد الصــهاينة طيلــة ثلث‬
‫سنين في ظل أقسى الظروف خطورة وفــي ظــل متابعــة رهيبــة‬
‫ســاهم فيهــا آلف مــن عناصــر المــن وأفــراد الشــاباك ووحــدات‬
‫الستخبارات الخاصة ووحدات النخبة من الجيش الصهيوني وقوات‬
‫حرس الحدود والشرطة الصهيونية الــتي لــم يعــدلها شــغل شــاغل‬
‫سوى المشاركة في المطاردة الواسعة للمطلوب رقم واحــد‪ .‬كــل‬
‫هذا جعل من يحيى عياش أسطورة‪ .‬ورغم استشــهاده رحمــه اللــه‬
‫بعــدما غــدر بــه أحــد أقــاربه وســلم هــاتفه النقــال للمخــابرات‬
‫الصهيونية التي فخخته لم ينته كابوس الصهاينة المرعب طالما أن‬
‫التقنية التي وضعها المهندس والرادة الستشهادية موجودة وهي‬
‫الثار التي مازلنا نعيش على إيقاعاتها المدوية إلى اليوم‪.‬‬

‫‪119‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ولئن اختلف الباكســتاني رمــزي يوســف )اســمه الحركــي(واســمه‬
‫الحقيقي )عبد الباسط كريم( مــع المهنــدس عيــاش فــي أنـه كــان‬
‫يعمل غالبا ً لوحــده بينمــا المهنــدس كــان يعمــل لتنظيــم قــوي هــو‬
‫كتائب عز الدين القسام فإنهما يشتركان في عدة صفات‪ .‬فرمزي‬
‫يوسف كذلك قوي الشخصية وعملي وله كذلك خلفية أكاديمية في‬
‫علوم الكيمياء لكن من معهد بريطــاني الشــيء الــذي أهلــه لــدوره‬
‫الجهادي فيمــا بعــد كــان التحــاق رمــزي يوســف بمخيمــات تــدريب‬
‫المجاهدين في أفغانستان في أواخر الثمانينيات معلما ً فاصل ً فــي‬
‫حيــاته إذ عــرف جيــدا ً أي وجهــة ســيأخذ مســتقبله‪ .‬ونظــرا ً لجعبتــه‬
‫الكاديمية استطاع رمزي يوسف أن يتقدم الصفوف ويصير بدوره‬
‫مــدربا ً فــي المعســكرات وكــان مــع ذلــك يقتنــص الفــرص لكمــال‬
‫دراسته في معهده البريطاني‪ .‬وبعــد سـقوط كابـل ومـا تبعـه مـن‬
‫فتن ساهمت أمريكا في إشعالها بشكل وفير قــرر رمــزي الــذهاب‬
‫إلى رأس الكفر أمريكا والقيام بعملية جبارة تخر بها أمريكــا علــى‬
‫ركبتيها‪.‬وبدأ التحضير لعملية تهديم مركز التجــارة العــالمي‪ .‬وفــي‬
‫صبيحة يــوم ‪ 26‬فــبراير ‪1993‬مـــ‪ .‬انفجــرت شــاحنة مفخخــة داخــل‬
‫مركز التجارة العــالمي بنيويــورك‪ .‬زعزعــت العمليــة إحــدى بنايــات‬
‫مركز التجارة العالمي ذي المائة وعشرة طوابق والتي تعتــبر رمــز‬
‫الغنى و القوة لدى أمريكا ودمرت أسطورة سلمة المريكيين مــن‬
‫الهجمات في بلدهم‪.‬كانت الحصيلة ‪ 6‬قتلى‬
‫و ‪1042‬جريح وهو أكبر عدد عالجته المستشفيات دفعة واحدة منــذ‬
‫قيام الحرب الهلية المريكيــة وقبــل غــزوة نيويــورك وقــد أرســل‬
‫جهاز الطفاء لمدينة نيويورك ‪ 750‬ســيارة إطفــاء لمركــز التجــارة‬
‫العالمي لبثت هناك أكثر من شهر مما يــبين حجــم الخســائر‪ .‬ومــع‬
‫ذلك لم تكن الخسائر في حجــم طموحــات رمــزي يوســف إذ كــانت‬
‫العملية مصممة لتدمير المركــز عــن آخــره مــع حصــيلة تنــاهز ربــع‬
‫مليون ضحية وذلك لمعاقبة أمريكا على تدخلتها الدموية المتكررة‬
‫في الشؤون السلمية‪.‬لم يكــن الخلــل مــن جهــة تصــميم القنبلــة‪.‬‬
‫فقد كان رمزي يوسف يؤمن بالتقان‪ .‬كانت القنبلة الــتي صــممها‬
‫لتفجيــر مركــز التجــارة العــالمي فريــدة مــن نوعهــا لدرجــة أن‬
‫الـ)اف‪.‬بي‪.‬آي( لم يجد لها سـوى مثيـل واحـد بعـد دراسـة سـجل )‬
‫‪ (73000‬انفجـــار حـــدث فـــي أمريكـــا منــذ ‪1925‬م‪ .‬وقـــد وصـــل‬
‫الـ)اف‪.‬بي‪.‬آي( إلى نتيجة أن هذه القنبلة أكبر قنبلة وزن ـا ً وتــدميرا ً‬
‫اســتعملت داخــل الوليــات المتحــدة المريكيــة فــي تاريخــا‪ .‬وفعل‬
‫عوض عن أن تنفجر القنبلة التي صممها بســرعة ‪ 3000‬قــدم فــي‬
‫الثانية كمــا هــي عــادة القنابــل الشــديدة التفجيــر انفجــرت قنبلــة‬
‫رمزي يوسف ‪15000‬قدم في الثانية وهي شدة كان يمكن لمركــز‬

‫‪120‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫التجــارة العــالمي أن يخــر بهــا مــن الســقف لــو وضــعت الشــاحنة‬
‫المفخخة في مكان أخر تحت أحد العمدة‪ .‬وحتى في المكان الــتي‬
‫وضعت فيه الشاحنة كان من الممكن أن تقتل اللف لــو انفجــرت‬
‫قبيل المساء عند خروج العاملين‪.‬‬
‫لم تــردع المتابعــة المريكيــة والدوليــة رمــزي يوســف لكــي يقيــل‬
‫ويستقيل‪ .‬إذ ما لبث أن خطط لعمليات جريئة لم يسبق لهــا مثيــل‬
‫في الجرأة والوتيرة‪ .‬فخلل هذه الفترة حاول رمزي اغتيال بنازير‬
‫بوتو وتفجير الســفارة الصــهيونية فــي بــانكوك ‪11‬مــارس ‪1994‬م‬
‫واغتيال بيل كلينتون في مانيل ‪12‬نوفمبر ‪1994‬م كما أنــه خطــط‬
‫لتفجير ‪ 11‬طائرة أمريكية فــي نفــس الــوقت كــان سيتســبب فــي‬
‫قتل مئات من المريكيين وإفلس شركات الطيران المريكي دون‬
‫شك‪ .‬لم تنجح غالبية هــذه العمليــات بســبب ارتبــاك الفــراد الجــدد‬
‫الذين كان عليهم التنفيذ‪ .‬فمثل كانت الشاحنة التي هيئها لتفجيــر‬
‫الســفارة الصــهيونية علــى أتــم الجاهزيــة لكــن الســائق التايلنــدي‬
‫المسلم الذي يفــترض أن يوقفهــا بجــانب الســفارة ارتبــك وعمــل‬
‫حادثة سير هرب على إثرها وترك الشاحنة‪.‬‬
‫وكذلك كان مخطط تفجير الطائرات المريكيــة متقنـا ً مــن الناحيــة‬
‫التقنيــة الــتي كــان رمــزي مكلفــا بهــا فقــد قضــى رمــزي يوســف‬
‫الســاعات الطــوال فــي تحويــل مــادة النيتروغليســيرين الشــديدة‬
‫التفجيــر إلــى ســائل مســتقر وقــد اســتعمل لهــذا الغــرض الســيد‬
‫السولفوري والسيد النتري والسيتون والسيد الفضي وخصوصــا‬
‫النيــتروبينزين‪ .‬وهكــذا توصــل بعــد عمــل دؤوب إلــى ابتكــار قنبلــة‬
‫محمولة وشديدة التدمير ل يمكن كشفها إطلقا بمساعدة الشــعة‬
‫إكس وقد كانت بطاريات ‪ 9‬فــولت هــي المــادة الحديديــة الوحيــدة‬
‫التي يمكن كشفها بالشعة إكس ولذلك جعلها يوسف داخل حــذائه‬
‫مما جعل كشفها صــعبا للغايــة )إن لــم يكــن مســتحيل( وقــد عمــل‬
‫تجربة ناجحــة علــى متــن الخطــوط الجويــة اليابانيــة فــي ديســمبر‬
‫‪1994‬م مما يبين فعالية وإتقان مخططه‪.‬‬
‫وإلى جــانب هــذه الجــرأة و الحترافيــة كــانت الحتياطــات المنيــة‬
‫جزءا ً ل يتجزأ من حياة هذا البطل فقــد قــام رمــزي يوســف فقــط‬
‫خلل إقــامته بــالفلبين بــتزوير ‪ 12‬ورقــة ثبوتيــة بهويــات وأســماء‬
‫مختلفة وبصور يتغير فيها منظره بشكل جذري‪.‬‬
‫وقد حاولت الشرطة الفلبينية إلقاء القبض على يوسف لكنهــا لــم‬
‫تفلح في ذلك رغم التجنيد الكامل لعناصرها وتوزيع صوره في كل‬
‫الماكن العامة‪ .‬ولم يردعه هذا المر كذلك عــن إيقــاف العمــل بــل‬
‫ساهم رمزي في يوسف في تحويل جماعـة أبـي سـياف الفلبينيـة‬

‫‪121‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫من مجموعة من الهواة إلى منظمــة قتاليــة محترفــة‪ .‬فقــد قضــى‬
‫معهم أسابيع عديدة درب خللها عشرين مــن أنجــب رجــالهم علــى‬
‫صناعة المتفجرات بشكل فعال‪.‬‬
‫وقدر الله أن حدث خطأ في تصنيع إحدى العبوات وهو أمــر يحــدث‬
‫كثيرا ً لشدة حساسية المــواد الكيماويــة‪.55‬لكــن هــذا الحــادث جــذب‬
‫أنظار الشرطة الفلبينية لمقر إقامة رمزي يوسف بمانيل فاضــطر‬
‫هذا الخير للفرار وترك حاســوبه المحمــول فــي شــقته المــؤجرة‪.‬‬
‫وسلمت الشرطة الفلبينية لتوها هذا الحاسوب للـ)اف‪.‬بــي‪.‬آي( إل‬
‫أن خبراء الســتخبارات المريكيــة لــم يتمكنــوا مــن الحصــول علــى‬
‫المعلومات المخزنة فيه إل بعد مرور وقت ثمين وتعاون أكبر خبير‬
‫كمبيوتر لدى شركة مايكروسوفت مما يـبين درجـة الحتيـاط الـتي‬
‫كان عليها رمزي يوسف‪.‬‬
‫لقد كان رمزي يوسف حسب مــا صــرح بــه القاضــي كيفيــن دافــي‬
‫أخطر إرهابي عرفه العالم منذ السبعينيات ولم يوازه شــخص آخــر‬
‫في وتيرة العمليات التي قام بها سوى كارلوس‪ .‬ولم يسـقط فــي‬
‫السـر إل بعـد خيانـة أحـد معـارفه لكـن بعـد أن أفـرغ وسـعه فـي‬
‫الوصول إلى الهداف التي سطرها‪.‬‬
‫إني لتخيل فرحته في أسره )فك اللــه أســره( وهــو بنجــاح غــزوة‬
‫نيويورك وإكمال إخوانه لما قدر له وخطط‪.‬‬
‫لم يتمكن أبطال اليوم دائما من القيام بعمليات متسلســلة ولــذلك‬
‫عرف عقد التسعينات أبطال ً قادوا عمليــة بارعــة واحــدة لــذلك لــم‬
‫يبقوا في الذاكرة ولم يسمع بهــم الكــثير وهكـذا كــان الشــأن مثل ً‬
‫بالنسبة للبطل أمير خــانزي الــذي قــام بهجــوم جريــء ضــد وكالــة‬
‫الستخبارات المريكية )سي‪.‬آي‪.‬ايه( سنة ‪1994‬م قتــل فيــه ثلثــة‬
‫من عملء الوكالة وأصاب بضعة آخرين أمــام المقــر العــام للوكالــة‬
‫في لنغلي بولية فرجينيــا المريكيــة وهــو المقــر الــذي يعــد أكــثر‬
‫الماكن حماية في العالم‪ .‬ثم مــا لبــث أميــر خــانزي أن هــرب مــن‬
‫هناك بعد العملية بكل هدوء وســافر إلــى باكســتان حيــث اســتطاع‬
‫الفلت من عدة كمائن أقامتها المخــابرات المريكيــة ضــده وذلــك‬
‫بالتنكر وأخذ أشكال مختلفة بضع ســنين إلــى أن وقــع فــي قبضــة‬
‫المخابرات الباكستانية بعد ذلك إثر محاولتهم المضنية والمكثفة‪.‬‬
‫من العـبر السـاطعة الــتي تسـتخلص مـن قصـص هـؤلء الشـجعان‬
‫وغيرهم أنهم مضوا إلى قتال أعتى العداء قوة وعــددا ً فــي عقــر‬
‫دارهم في معركة غير متوازية دون خوف ول وجل كما يتبين أنهم‬

‫انظر دروة المتفجرات واللكترونيات بجزئيها على اسطوانة طريق العزة رقم ‪.3‬‬ ‫‪55‬‬

‫‪122‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫لم يفرطوا في جانب السنن الكونية وأعدوا لكل عملية عدتها‪.‬مــن‬
‫أهم العبر المستنتجة كذلك أن الحتياطيات المنية ل بد أن تحظى‬
‫بالعناية الفائقة‪ .‬لذا كان لزاما ً على العاملين لدين اللــه أن يأخــذوا‬
‫كل المنيات الممكنة في مجالت اليومية من اتصال وتجمع وسفر‬
‫الخ‪ .‬وبطبيعة الحال فــي عملهــم الحركــي ل فــرارا ً مــن قــدر اللــه‬
‫ولكن سعيا ً لعمل دؤوب مستمر ناجع كما يحب الله سبحانه وتعالى‬
‫وهو الذي كتب التقان في كل شيء‪.‬‬
‫إن العنجهية المريكية ومعها الهمجية الصهيونية وبطــش النظمــة‬
‫العميلة وفي مقابلها تراكم الخــبرة الجهاديــة كلهــا عوامــل مكنــت‬
‫من ظهور جيل مجاهد جديد يتوفر على سمات بطوليــة لــم يســبق‬
‫له مثيل منذ زمن طويل‪ .‬لم ينفع ضد هذه الثلة المجاهــدة ســطوة‬
‫أمريكا واستراتيجية العولمة المنية التي تتبعها ومــا يرافقهــا مــن‬
‫إجــراءات قمعيــة وذلــك لن هــؤلء البطــال باختصــار فضــلوا بعــد‬
‫التوكل على الله والخذ بالسنن الكونية أن يكونوا ثعــالب علــى أن‬
‫يكونوا خرفانا‪.‬‬

‫‪123‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫العلم بطرق‬
‫المنافقين والمرجفين‬

‫في التنفير من الحق‬


‫قديما ً وحديثا‬
‫كثيرة هي المرات التي يتخلف الناس فيها عن الحق بسبب الهوى‬
‫وشدة تكاليف الثبات على الطريق‪ ،‬ولكن قليل هي الحــالت الــتي‬
‫يعترف فيها هذا المتخلف بهذا السبب‪ ،‬فــإن المتخلفيـن لبــد لهــم‬
‫مــن ســتر هــذا الهــوى وهــذا الضــعف بصــور مــن التــبريرات الــتي‬
‫يحاولون بها إقنــاع النــاس أن تخلفهــم لــه مــن الســباب المقنعــة‬
‫والموضوعية‪ ،‬فأول ما يفعلــونه أنهــم يــذهبون إلــى الحــق لشــتمه‬
‫وتزوير حقيقته‪ ،‬أو لتعظيم بعض الجوانب الســلبية علــى الحقيقــة‬
‫الظاهرة‪ ،‬والقرآن الكريم كشــف لنــا هــذه الســاليب خيــر كشــف‪،‬‬
‫وعراها لنا لنكون علــى بصــيرة ونــور مــن هــذه المكــائد النفســية‪،‬‬
‫وليعلمنــا أن محــاولتهم هــذه مكشــوفة غيــر مســتورة‪ ،‬وأنهــا وإن‬
‫تقنعت بقناع حاجب‪ ،‬فهو في الحقيقة قناع زائف يشف مــا تحتــه‪،‬‬
‫ويبين ما وراءه لمن تمعن فيه ولم تغره الصور الظاهرة‪.‬‬

‫علمات النفاق‬
‫إن للمنافقين صفات نوجزها فيما يلي ليكون كل أخ على حذر من‬
‫أن يقــع فيهــا‪ ،‬وكــذلك ليكــون الخــوة حــذرين ممكــن يقــع فيهــا‬
‫وخصوصا ً إذا ارتابهم الشك منه‪:‬‬
‫إبطان الكفر والتظاهر باليمــان‪ :‬قــال تعــالى‪} :‬ومــن النــاس مــن‬
‫يقول آمنا بالله وباليوم الخر وما هم بمؤمنين{ ]البقرة‪.[8 :‬‬
‫المخادعة للمؤمنين‪ :‬قال تعالى‪} :‬يخادعون الله والذين آمنــوا ومــا‬
‫يخدعون إل أنفسهم وما يشعرون{ ]البقرة‪.[9 :‬‬

‫‪124‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫العزوف عن التحاكم الى الكتاب والسنة‪ :‬قال تعالى‪} :‬ألم تَر الــى‬
‫الذين يزعمــون أنهــم آمنــوا بمــا أنــزل إليــك ومــا أنــزل مــن قبلــك‬
‫يريدون أن يتحاكموا الى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريــد‬
‫الشيطان أن يضلهم ضــلل ً بعيــدا * وإذا قيــل لهــم تعــالوا الــى مــا‬
‫أنزل الله والى الرســول رأيــت المنــافقين يصــدون عنــك صــدودا{‬
‫]النساء‪.[61-60 :‬‬
‫موالة الكفار والمشركين والمرتدين وممالتهم علــى المســلمين‪:‬‬
‫قال تعالى‪} :‬ألم تَر الــى الــذين نــافقوا يقولــون لخــوانهم الــذين‬
‫كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ول نطيع فيكــم‬
‫أحــدا ً أبــدا * وإن قــوتلتم لننصــرنكم واللــه يشــهد أنهــم لكــاذبون{‬
‫]الحشر‪.[12-11 :‬‬
‫الــدس والوقيعــة وإشــعال نــار الفتنــة واســتغلل الخلفــات بيــن‬
‫المسلمين وتوســيع شــقتها‪ :‬قــال تعــالى‪} :‬هــم الــذين يقولــون ل‬
‫تنفقــوا علــى مــن عنــد رســول اللــه حــتى ينفضــوا وللــه خــزائن‬
‫الســموات والرض ولكــن المنــافقين ل يفقهــون * يقولــون لئن‬
‫رجعنا الى المدينة ليخرجن العز منها الذل وللــه العــزة ولرســوله‬
‫وللمؤمنين ولكن المنافقين ل يعلمون{ ]المنافقون‪.[8-7 :‬‬
‫الجبن الشديد والتخلف عن الجهاد‪ :‬قال تعالى‪} :‬أشحة عليكم فإذا‬
‫جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشــى عليــه‬
‫من الموت فإذا ذهب الخــوف ســلقوكم بألســنة حــداد أشــحة علــى‬
‫الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكــان ذلــك علــى اللــه‬
‫يسيرا{ ]الحزاب‪.[19 :‬‬
‫التخذيل والتثبيط والرجاف للمسلمين‪ :‬قــال تعــالى‪} :‬لــو خرجــوا‬
‫فيكم ما زادوكم إل خبال ً ولوضعوا خللكم يبغونكم الفتنــة وفيكــم‬
‫سماعون لهم والله عليم بالظالمين{ ]التوبة‪.[47 :‬‬
‫المر بــالمنكر والنهــي عــن المعــروف‪ :‬قــال تعــالى‪} :‬المنــافقون‬
‫والمنافقــات بعضــهم مــن بعــض يــأمرون بــالمنكر وينهــون عــن‬
‫المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنــافقين هــم‬
‫الفاسقون{ ]التوبة‪.[67 :‬‬
‫محبـة إشـاعة الفاحشـة بيـن المسـلمين‪ :‬قـال تعـالى‪} :‬إن الـذين‬
‫يحبون أن تشيع الفاحشة فــي الــذين آمنــوا لهــم عــذاب أليــم فــي‬
‫الدنيا والخرة والله يعلم وأنتم ل تعلمون{ ]النور‪.[19 :‬‬
‫الستهزاء بالمؤمنين والسخرية منهم‪ :‬قال تعالى‪} :‬الذين يلمزون‬
‫المطــوعين مــن المــؤمنين فــي الصــدقات والــذين ل يجــدون إل‬

‫‪125‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫جهــدهم فيســخرون منهــم ســخر اللــه منهــم ولهــم عــذاب أليــم{‬
‫]التوبة‪.[79 :‬‬
‫الكسل فــي عبــادة اللــه تعــالى وخصوص ـا ً كســلهم عــن أداء صــلة‬
‫الفجــر والعشــاء مــع الجماعــة فــي المســجد‪ :‬قــال تعــالى‪} :‬إن‬
‫المنــافقين يخــادعون اللــه وهــو خــادعهم وإذا قــاموا الــى الصــلة‬
‫قاموا كسالى يــراؤن النــاس ول يــذكرون اللــه إل قليل{ ]النســاء‪:‬‬
‫‪.[142‬‬
‫الذبذبة وعدم الستقرار‪ :‬قال تعـالى‪} :‬مذبـذبين بيــن ذلـك ل الــى‬
‫هؤلء ول الى هؤلء ومن يضلل الله فلن تجد له ســبيل{ ]النســاء‪:‬‬
‫‪.[143‬‬
‫الفرح بما يصيب المسلمين من الضراء والســتياء بمــا يجعــل اللــه‬
‫لهم من النصر والتمكين‪ :‬قال تعالى‪} :‬إن تصــبكم حســنة تســؤهم‬
‫وإن تصبكم مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنــا مــن قبــل ويتولــوا وهــم‬
‫فرحون{ ]التوبة‪.[50 :‬‬
‫الفساد في الرض مع زعم الصلح‪ :‬قال تعالى‪} :‬وإذا قيــل لهــم‬
‫ل تفســدوا فــي الرض قــالوا إنمــا نحــن مصــلحون * أل إنهــم هــم‬
‫المفسدون ولكن ل يشعرون{ ]البقرة‪.[12-11 :‬‬
‫اتخاذ مساجد الضرار لتفريق المؤمنين ومحاربتهم وصــرفهم عــن‬
‫المســاجد المؤسســة علــى التقــوى )كمــا تفعــل فرقــة الحبــاش‬
‫والرافضــة وبعــض الصــوفية مــن زوايــا وحســينيات( قــال تعــالى‪:‬‬
‫}والــذين اتخــذوا مســجدا ً ضــرارا ً وكفــرا ً وتفريق ـا ً بيــن المــؤمنين‬
‫وارصادا ً لمن حارب الله ورســوله مــن قبــل وليحلفــن إن أردنــا إل‬
‫الحسنى والله يشهد أنهم لكاذبون{ ]التوبة‪.[107 :‬‬
‫هذه بعض الصفات التي ذكرها أهل العلم بل ذكر المام ابــن قيــم‬
‫رحمه الله تعالى حوالي ‪ 30‬صفة لكــن تظــل هنــاك صــفات كــثيرة‬
‫يكتشــفها العــاملون فــي الحقــل الســلمي العــالمون بكتــاب اللــه‬
‫تعــالى وســنة نــبيه المصــطفى ‪ ‬تبــدوا مــن أقــوال المنــافقين‬
‫وأعمالهم‪ .‬قال تعالى }أم حسب الذين في قلوبهم مــرض أن لــن‬
‫يخــرج اللــه أضــغانهم ولــو نشــاء لرينــاكهم فلعرفتهــم بســيماهم‬
‫ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم{ ]محمد‪.[30-29 :‬‬
‫فحكم مــن عــرف عنــه النفــاق والوشــاية لعــداء المســلمين علــى‬
‫المسلمين‪ ،‬وتقديم التقارير فيهم سواء الكاذبة أو الصــادقة فيهــم‬
‫للحكام الكفرة الفجرة من الكفــار الصــليين والمرتــدين والتعامــل‬
‫مع أجهزة المخابرات فــي أي بلــد كــان‪ .‬فمــن كــانت هــذه حــاله أو‬
‫ظهرت عليه بعد علمات الصفات الــتي ذكرناهــا مــن قبــل‪ .‬فحكــم‬

‫‪126‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫من هكذا حاله القتل وإن كانت جماعة ذات شــوكة ومقــدور عليهــا‬
‫أو فرد يقتلوا‪ ،‬فإن كان غير مقدور عليهم )وقد فصلنا الكلم فــي‬
‫هــذا فــي أوائل الرســالة( فيقــاتلوا إن كنــا نقــدر علــى قتــالهم أو‬
‫يغتالوا‪ ،‬وسيأتي فصل في الغتيالت ومن يجب إن يغتال‪.‬‬
‫قال تعالى‪} :‬يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهــم‬
‫ومأواهم جهنم وبئس المصير{ ]التوبة‪.[73 :‬‬

‫العلم بأن الجهاد هو بداية المــر وهــو نهــايته‬


‫وهــو منهــج اللــه تعــالى فــي ابتلء النــاس‪،‬‬
‫شف المة حقيقتها‬ ‫لتكت َ ِ‬
‫وع وتختلــف فــي قــدراتهم ونمــاذجهم‬ ‫صحابة تتن ـ ّ‬
‫لقد كانت صور ال ّ‬
‫ولكن كان هناك شــيء واحــد يجمعهــم جميع ـا ً بل اســتثناء‪ ،‬ورابــط‬
‫يحوزهم بل شذوذ‪ ،‬هذا الّرابط هو الجهاد في سبيل الله تعالى‪.‬‬
‫ل العلم التي عّلمها رسول الله ‪ ‬سواء‬ ‫ن أغلب مسائ ِ‬ ‫بل إّننا نرى أ ّ‬
‫صحابة رضــي اللــه‬ ‫كانت في الّتجارة أو بقّية الحكام إّنما تعّلمها ال ّ‬
‫عنهم وهم في حال الجهاد في سبيل الله تعالى‪.‬‬
‫وأنــا ل أســتطيع أن ُأكــثر المثلــة‪ ،‬أو أســتوعب بعضــها فــي ذكــر‬
‫الّنماذج التي تشهد لهذه القاعدة‪ ،‬أو لهاتين القاعدتين‪ ،‬لكّني أدعو‬
‫طلبة العلم وغيرهم إلى فتــح وقــراءة صــحيح البخــاري مثل ً )وهــو‬
‫عــن وتــدّبر‪ ،‬ويحــاول كـ ّ‬
‫ل‬ ‫أفضل نموذج لمــا أقــول(‪ ،‬ويقرؤونــه بتم ّ‬
‫واحد أن يجمع سبب الحديث الوارد‪ ،‬بمعنــى أن يــذكر الّزمــن الــذي‬
‫ن أغلب مســائل الفقــه‬ ‫قيل فيه الحديث‪ ،‬وأين قيل‪ ،‬وسوف يرى أ ّ‬
‫ل في الجهاد في سبيل الله تعالى‪.‬‬ ‫في عموم الحياة كانت تقا ُ‬
‫ن من أشدّ القضايا معاناة لدى الحركة السلمّية هــي عــدم وجــود‬ ‫إ ّ‬
‫صحيح للتّيار والحركة‪ ،‬وعلى الّرغم مــن‬ ‫القائد المناسب‪ ،‬والرمز ال ّ‬
‫دة الّزمني ّــة المناســبة لفــرازه إل أن الخطــوات مــا زالــت‬ ‫وجود الم ّ‬
‫شــباب المســلم مــن أش ـدّ الن ّــاس‬ ‫متعث ّــرة وفاشــلة‪ ،‬ونحــن نــرى ال ّ‬
‫احتراما ً لمسئولْيه وقيادته‪ ،‬مادام بعيدا ً عــن القيــادة‪ ،‬غيــر مختلــط‬
‫بهــا‪ ،‬حّتــى إذا عايشــها وخالطهــا اهــتّزت لــديه الّثقــة‪ ،‬وســقط‬
‫الحترام‪ ،‬وبدأت صيحاته تتعالى في بيان أخطاء مشايخه وقيــادته‪،‬‬
‫عتهــا هــذه الحركــات‬ ‫طرق الــتي اّتب َ‬ ‫ن إفراز القيادة بــال ّ‬ ‫كد أ ّ‬‫وهذا يؤ ّ‬
‫هي طرقٌ فاسدة وخاطئة‪ ،‬ومن أجل الحفــاظ علــى صــورة ال ّ‬
‫شــيخ‬
‫صــوفّية‬ ‫المحترم‪ ،‬والقائد المقبول يحاول بعضهم إحياء ال ّ‬
‫طريقة ال ّ‬
‫شــيوخ‪ ،‬لكّنهــا تكــون مغلفــة بغلف العملي ّــة أو‬ ‫فــي الّتعامــل مــع ال ّ‬
‫قت مــن نظــم جاهلي ّــة ل‬ ‫سلفّية‪ ،‬أو الّتبريرات الدارّية الــتي اشــت ّ‬ ‫ال ّ‬

‫‪127‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ة‬
‫ت إلى السلم بصلة‪ ،‬فالمحــاولت المتكـّررة فــي إضــفاء صــف ِ‬ ‫تم ّ‬
‫القداسة على القيادة لم تعد تــدوم طــويل ً أمــام اختبــارات القــرب‬
‫ضغوط‬ ‫والّتعامل بين القواعد والقادة‪ ،‬ومن صمد منهم أمام هذه ال ّ‬
‫شــيوخ‬ ‫ض الطرف عــن الّنظــر إلــى أنــوار ال ّ‬ ‫القسرّية من القادة‪ ،‬بغ ّ‬
‫ل بــاع عقلــه وإرادتــه‬ ‫والقادة فإّنه سيخرج صورة شــوهاء مــن رج ـ ٍ‬
‫ة من البــواق‬ ‫ن الحركة تصبح مجموع ً‬ ‫ذ فإ ّ‬‫لمثل هؤلء القوم‪ ،‬وحينئ ٍ‬
‫صورة هي أقرب مــا نــرى‬ ‫د فقط‪ ،‬هذه ال ّ‬ ‫ق واح ٍ‬ ‫التي تسير وراء ناع ٍ‬
‫في الواقع من تركيبة الجماعات السلمّية‪.56‬‬

‫الجهاد والجتهاد تأملت في المنهج لبي قتادة الفلسطيني)‪.(105-100‬‬ ‫‪56‬‬

‫‪128‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫التفريـــق بيـــن العلمـــاء الربـــانيين وعلمـــاء‬
‫الســـلطين الـــذين صـــنعوا علـــى عيـــون‬
‫الطواغيت‬
‫ســدنة الحكــام المرتــدين وكهنتهم‪ :57‬أصــحاب العمــائم النخــرة‪،‬‬
‫والوجوه القبيحة‪ ،‬والفتاوى المدفوعة الثمن‪ ،‬مثلهم‪) :‬كمثل الكلب‬
‫إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث(‪.‬‬

‫‪) 57‬أعوان الحكام‪ :‬من العلماء الرسمييين والصحافيين والعلميين والكتاب والمفكريمن وغيرهممم مممن الممموظفين‬
‫الرسميين الذين يتلقون رواتبهم في مقابل نصرة الباطل وتزيينه ومعاداة أهل الباطل وتشويههم‪.‬‬
‫وهذه الفئة هي أعلى الفئات صوتا ً في الموالة للحكام العملء والقوات الصليبية الغازيممة لممديار السمملم‪ ،‬أو أهممل‬
‫الذمة كما يفترون‪ .‬لكنهم ‪-‬للسف‪ -‬هربوا من سؤال في غاية الخطورة والحرج‪ :‬من يدفع الجزية لمن؟‬
‫وهذه الفئة بأخلطها المختلفة اتبعت أسلوبا ً من التلفيق العقائدي بين العقائد المنحرفة التي نبذها أئمممة السمملم‬
‫سلفا ً وخلفًا؛ أهل السنة والجماعة‪ .‬فهذه الفئة جمعت بين‪:‬‬
‫‪ -1‬عقيدة الرجاء في أفضح صورها –بل حياء‪ -‬في إسباغ الشممرعية علممى أسمموأ صممور النحلل والتبعيممة والفسمماد‬
‫والنهب الذي تمثله النظمة الحاكمة المرتدة الخارجة على الشريعة‪.‬‬
‫‪ -2‬بالضافة إلى تبنيها لمنهج الخوارج في تكفير وتفسيق وتبديع واسممتباحة دممماء وحرمممات المجاهممدين العمماملين‬
‫للسلم‪.‬‬
‫فمفتي الديار المصرية وهو الموظف الرسمي في الحكومة المصرية الذي يتلقى راتبه منهمما ليممؤدي عملممه الممذي‬
‫استأجروه عليه؛ وهو إسباغ الشرعية على النظممام العلممماني البمماطش بالمسمملمين الممموالي لليهممود‪ ،‬فممي صممورة‬
‫تتفوق في غلوها على أشد عتاة غلة المرجئة الوائل‪ ،‬هو نفسه الذي أفتي المحكمة العسكرية العلمانية بإعممدام‬
‫المجاهممدين الخمسممة أبطممال السمملم فممي مصممر ‪-‬محمممد عبممد السمملم فممرج وعبممد الحميممد عبممد السمملم وخالممد‬
‫السلمبولي وحسين عباس وعطا طايل‪ -‬الذين قتلوا أنور السادات‪ ،‬الذي وقع أربع اتفاقيممات مممع إسممرائيل تعهممد‬
‫فيها بالعتراف بدولة إسرائيل واستيلئها على فلسطين‪ ،‬وعدم العتداء عليها أو مساندة أية دولة تعتدي إسرائيل‬
‫عليها‪ ،‬بل ونزع سلح سيناء ضمانا ً لمن إسرائيل‪ ،‬إلى غير ذلك من التفاقات السرية‪.‬‬
‫وأشهر هذه التفاقات هي اتفاقية السلم مع إسرائيل في عام ‪ 1979‬التي نصت علممى إنهمماء الحممرب بيممن مصممر‬
‫وإسرائيل إلى البد‪ ،‬ومنعت مصر من مساعدة أية دولة تتعرض لعممدوان إسممرائيل‪ ،‬بممل ودعممت إلممى التطممبيع مممع‬
‫إسرائيل في كل المجالت السياسية والقتصادية والفكرية‪ ،‬ثم أصممدر الزهممر فتمموى يبممارك فيهمما هممذه التفاقيممة‪،‬‬
‫ويقرر فيها أنها تتفق مع الشريعة!!‪.‬‬
‫ونوع آخر من المفتين يدعون إلى طاعة أولياء المور‪ ،‬وفي نفس الوقت يعتبرون المجاهدين دعاة فتنة‪ ،‬وهم قممد‬
‫أجازوا الستعانة بالمريكان وباعتبار جيوشهم الجرارة التي سممدت الفممق وأسمماطيلهم الجبممارة الممتي ضمماق عنهمما‬
‫البحر والتي بلغت مئات اللوف من الجنود الغزاة من المستأمنين!! ول ندري مممن الممذي يممؤمن مممن؟؟ وصممدرت‬
‫منهم فتاوى جماعية بجواز الستعانة بالقوات المريكية لمواجهة النظام البعثي العراقممي بممدعوى الضممرورة‪ ،،‬بممل‬
‫وأسبغوا الشرعية على وجود جحافل الكفار الغازية لقدس بقاع المسلمين‪ ،‬وقممد مممر علممى وجممود هممذه القمموات‬
‫حتى الن قرابة اثني عشر عاما ً بعد انسحاب العراق واستسلمه‪ ،‬قتلت فيها تلك القوات –بالحصار‪ -‬قرابة مليون‬
‫ونصف مليون طفل في العراق دون أن ينطق هؤلء الموظفون بكلمة واحدة في هذا الشأن‪.‬‬
‫والمر ليس أمر استعانة بقوات الكفار ضد قوات صدام البعثية‪ ،‬بل المر أمممر احتلل لمنممابع النفممط فممي جزيممرة‬
‫العرب‪ .‬فلم يكن هناك ضرورة لحضار المريكان‪ ،‬فإن جيوش الدول العربية والسلمية كان فيها الكفاية والغنممى‬
‫لحماية الكويت أو تحريرها‪.‬‬
‫ولكن هؤلء الحكام ل إرادة لهم‪ ،‬بل هم صنيعة المخططات البريطانية التي رسمت لهم حدودهم‪ ،‬ونصبتهم علممى‬
‫عروشهم‪ ،‬ثم ورث المريكان النفوذ البريطاني‪ ،‬وأصبح لهم المر والنهي على كل حكام الجزيرة العربيممة وسممائر‬
‫العالم العربي‪.‬‬
‫إذن فقد جاء السادة ليدافعوا عن ممتلكمماتهم‪ ،‬وليممس لهممؤلء الشمميوخ والملمموك شممأن بممأمن الجزيممرة العربيممة أو‬
‫الدفاع عنها‪.‬‬
‫والن وبعد أن استسلم العراق وفرض الحظر الجوي على نصف أراضيه واستقل الشمممال الكممردي عممن حكومممة‬
‫بغداد وفرضت لجان التفتيش عليه وألزم بدفع التعويضات‪ ،‬بعد كل هذا ل يزال الوجود العسممكري الصممليبي علممى‬
‫جزيرة العرب فمي ازديمماد‪ ،‬بمل إنهمم يعممدون لحملممة جديمدة علمى العمراق ينتظمر لهما أن تقتمل مئات اللف مممن‬
‫المسلمين‪ ،‬حتى يستولوا على نفط العراق‪.‬‬
‫ثم سيتحولون بعد ذلك إلى –كما صرحوا في الكونجرس‪ -‬إلى السعودية لتقسيمها‪ ،‬ثم إلممى مصممر وهممي الجممائزة‬
‫الكبرى على حد تعبيرهم‪.‬‬
‫إذن المسألة ليست مسألة استعانة بل المسألة مسألة احتلل وسلب ونهب وسيطرة وقهر من الصممليبيين علممى‬
‫المسلمين في أقدس أراضيهم؛ جزيرة العرب‪ .‬وهؤلء الحكام ما هم إل طلء باهت على جدار الوجود المريكممي‪،‬‬
‫ثم يأتي –بعد ذلك‪ -‬علماء السلطان ليوقعموا علمى الفتماوى المحولمة لهمم ممن المقمام السمامي‪ ،‬المتي تبيمح همذا‬
‫الستيلء وهذا النهب وهذا التسلط الصليبي بل وهذا السفك لدماء المسلمين في العراق‪.‬‬

‫‪129‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫يحاول بعض السذج من المنتسبين للعلم والدين أن يستخدم بعــض‬
‫الحاديث والثار السلفية‪ ،‬في التنفير من القتراب من السلطين‬
‫وذلك بإنزالها علـى الواقـع المعاصـر‪ ،‬وهـذا خطـا قبيـح فـج‪ ،‬فـإن‬
‫الواقعــتين بينهمــا مــن الختلف مــا ل يمكــن حمــل الواحــدة علــى‬
‫الخرى‪ ،‬فالسلطين الذين تكلم الئمة الوائل عنهم‪ ،‬وحــذروا مــن‬
‫القتراب منهم‪ ،‬هم أول وقبــل كــل شــيء مســلمون‪ ،‬خلطــوا عمل‬
‫صالحا وآخر غيــر ذلــك‪ ،‬لكنهــم كــانوا علــى الــدوام بيضــة الســلم‬
‫وحمــاته‪ ،‬ودرعــه الــذي دفعــت بــه عــوائد الحيــاة ومحــن الزمــن‪،‬‬
‫ثم يفتي المفتي العام للسعودية ‪-‬أيضًا‪ -‬بجواز الصلح مع إسرائيل لن الذي عقده معهم هو ولممي أمممر المسمملمين‬
‫)ياسر عرفات(‪.‬‬
‫وبعض المنتسبين إلى الدعوة في الكويت صرخوا بعد قتل المجاهدين للمريكممان فممي فيلكمما‪ ،‬وانتفضمموا غاضممبين‬
‫للتعدي على الصليبيين الذين وصفوهم بأهل الذمة‪ ،‬ونسوا أن أهل الذمة يعيشون تحت ظل سلطان المسمملمين‪،‬‬
‫ويدفعون لهم الجزية‪ ،‬وتجري عليهم أحكام السلم‪ ،‬بينما هؤلء المشايخ وأمرائهم يعيشون تحت قهممر الصممليبيين‬
‫وفي سلطانهم‪ ،‬ويلجمأون إلمى حممايتهم ويمدفعون لهمم المموال الباهظمة طوعما ً وكرهما ً حمتى يرضموا عنهمم‪ ،‬ول‬
‫يستطيعون أن يخالفوا إرادتهم قيد أنملة‪ .‬فمن في ذمة من؟ ومن يدفع الجزية لمن؟ ومن في قهر من؟‬
‫ونسوا أيضا ً أن الكويت من جزيرة العرب ول يجوز بقاء اليهود والنصارى فيها أص ً‬
‫ل‪.‬‬
‫وكل هؤلء ‪-‬الذين يقطعون الطريق إلى الله‪ -‬يأمرون النمماس بطاعممة أولئك الخممارجين علممى الشممريعة فممي تممرك‬
‫الجهاد الواجب‪ ،‬فارتكبوا بذلك عدة مصائب‪:‬‬
‫أ‪ -‬أعانوا على استمرار استيلء الكفار على بلد السلم‪.‬‬
‫ب‪ -‬ثبطوا الناس عن الجهاد العيني المفروض عليهم‪.‬‬
‫ج‪ -‬أضفوا الشرعية على الحكومات الباطلة الخارجة على الشريعة‪.‬‬
‫د‪ -‬سبوا المجاهدين وافتروا عليهم‪.‬‬
‫ومن الحيل التي يسمموقها هممؤلء دعممواهم أن الجهمماد حممق وواجممب وأنممه طريمق الخلص ولكممن ليممس الن وقتممه‪،‬‬
‫فالمرحلة الن مرحلة العداد‪ ،‬والمرحلة الن مرحلة التفرغ للدعوة‪ ،‬إلى آخر هذه الدعاوى‪.‬‬
‫ويجادلون عن هذه الشبهة جدال ً شديدًا‪ ،‬ولكنهم يتهربون من السؤال المحرج الخطير‪ :‬لماذا بعد كل همذه العقمود‬
‫من المذلة لم تعدوا شيئًا؟ ومتى سينتهى هذا العداد؟ ول جواب عندهم لن العداد عندهم ل نهايممة لمممدته‪ .‬قممال‬
‫الله تعالى‪) :‬ولو أرادوا الخروج لعدوا له عدة( ]التوبة ‪.[46‬‬
‫وليتهم حتى أصلحوا عقائد الناس‪ ،‬وبينوا لهم عقيدة التوحيد الصافية كما أنزلت على النبي ‪ ،r‬وكما نقلها السمملف‬
‫الصالح‪ ،‬ولكنهم ‪-‬وللسف‪ -‬يبدون بعضها ويخفون كثيرا ً منها‪.‬‬
‫فجل كلمهم في التوحيد ينصب على العامة والضعفاء‪ ،‬أما خروج الحكام الطواغيت عن السلم وموالتهم لليهود‬
‫والنصارى فل يتطرقون إليه‪.‬‬
‫ومن العجب أن بلد السلم واقعة تحت النفوذ الجنبي منذ عقود‪ ،‬وليممس الوجممود العسممكري الحتللممي الصممليبي‬
‫الحالي نتيجة مفاجأة أو انقلب طارئ في السياسة الدولية‪ ،‬بل هو ثمرة سياسة مستمرة من التبعية للغرب تمتد‬
‫لما يزيد عن مائة عام‪ ،‬ومع ذلك لم نسمع من هؤلء عن هذه المصيبة شيئا ً إل نادرا ً وبإشارات عابرة وبعيدة‪.‬‬
‫وتارة يشغبون بقولهم إن المجاهدين ل يقدرون المصالح والمفاسد‪ ،‬وأن ما جلبوه من المفاسد أكثر مما حققمموه‬
‫من المصالح‪ ،‬ولكنهم ل يجيبون على السؤال المحرج‪ :‬حسنًا‪ ،‬وما هو السمملوب الجهممادي الممذي تقممترحونه والممذي‬
‫يحقق المصالح ويتجنب المفاسد؟ والجواب عندهم هو‪ :‬ترك الجهاد‪.‬‬
‫وإذا سألتهم‪ :‬لو فرضنا أن المجاهدين لم يقوموا بواجبهم‪ ،‬وانضموا إلى صفكم؛ صف القاعممدين التمماركين للجهمماد‬
‫تحت شتى المبررات‪ ،‬فهل كان أعداء المة سيتوقفون عن عدوانهم؟ وهل كان الفساد والفساد سينحسر؟ وهل‬
‫كان اليهود سيرحلون عن فلسطين؟ وهل كانت إسرائيل ستكف عن مخططها لتهويد فلسممطين وهممدم المسممجد‬
‫القصى والسعي لقامة إسرائيل الكبرى؟ وهل كان العلمانيون سيكفون عن زيغهم وتضليلهم؟ وهل كان مروجو‬
‫الفاحشة سيتوبون ويتعففون؟ وهل كممان الطممواغيت الحمماكمون سمميتركون كراسمميهم ويفتحممون أبممواب السممجون‬
‫ويكفون جلديهم عن تعذيب شعوبهم؟ وهل وهل؟‬
‫ثم يضيفون إلى هذه الشبهات مزيدا ً من السحب والحجب‪ ،‬فيخاطبون الشباب بقولهم‪ :‬لماذا ل تنشمغلون بطلمب‬
‫العلم؟ لماذا ل تنشغلون بمحاورة الكفار ومجادلتهم؟ لماذا ل تنشغلون بإنشاء المدارس ورعايممة اليتممام ومممداواة‬
‫المرضى؟ لماذا ل تنشغلون بالدعوة إلى العقيدة الصحيحة؟ وليتهم صدقوا في دعوتهم لتصحيح العقيدة‪ .‬وحقيقة‬
‫دعوتهم هي‪ :‬لماذا ل تنشغلون عن الجهاد؟؟‬
‫إنممه مممرض فقممدان المناعممة العقممائدي الفكممري‪ ،‬فلنحممذره أشممد الحممذر‪ ،‬فممإن عمماقبته الضممياع والخسممران والممذل‬
‫والستسلم‪.‬‬
‫وحاصل دعوتهم تثبيط المجاهدين عن الجهاد‪ ،‬وإخلء الميدان من الشباب المجاهد حممتى يممأمن الغممزاة المعتممدين‬
‫من أية مقاومة أو تدافع‪ ،‬ولذلك فإن أعداء السلم ينظرون إليهم فمي رضما ويشميرون علمى حكومماتهم بإفسماح‬
‫المجال لهم( أ‪.‬هم نقل عن كتاب )الولء والبراء عقيدة منقولة وواقع مفقود()‪.(26-23‬‬

‫‪130‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫وطــوارق العــداء‪ ،‬وكــانوا علــى الــدوام خاضــعين لحكــام الملــة‪،‬‬
‫وقواعد الشريعة‪ ،‬ولم يألوا جهدا في إصابة الحق وتحريه‪.‬‬
‫فأين حكامنا من هؤلء؟ !‪.‬‬
‫حكــام هــذا الزمــن خرجــوا مــن الســلم مــن جميــع أبــوابه‪ ،‬فهــم‬
‫معرضون عن دين الله رادون لحكامه مستهزئون بالدين وشــرائعه‬
‫وأهله‪ ،‬موالون لكل ملة سوى ملة السلم‪ ،‬فــأي عمــى هــذا الــذي‬
‫أطبق على أعين النــاس حــتى جعلهـم ل يكتشـفون ردة حكــامهم؟‬
‫فهل نستطيع أن نقول أن امتناع جمــع مــن )الســدنة( المنتســبين‬
‫للعلم والفقه من تكفير هؤلء الحكام بسبب شبه علمية؟‪.‬‬
‫إن الشبه العلمية التي يستحق أن تختلف حولها النظار والعقــول‪،‬‬
‫هي تلك الشبه الخفية الدقيقة‪ ،‬أما تلك التي يصطدم بما العشى‪،‬‬
‫بل العمى لعظمها وكبرها‪ ،‬فل تستحق أن تسمى شبها‪.‬‬
‫إن السبب الحقيقي لموقف هؤلء )السدنة( في الحقيقة شــهوات‬
‫النفوس‪ .‬إنها شهوة المــال والمنصــب‪ ،‬وخــوف ذهــاب الســم مــن‬
‫ســلم الوظــائف الحكوميــة‪ .‬نعــم إنهــا تنــافس البلــوغ لتحقيــق‬
‫الشهوات‪.‬‬
‫نستطيع أن نقول إن الطاغوت المعاصر قد استطاع بسط ألوهيته‬
‫الباطلة على الرض بعدة عمــد وأركــان‪ ،‬ومــن هــذه الركــان‪ :‬صــك‬
‫الورق النقدي‪ ،‬ووثائق إثبات الشخصية ومنها وثيقة السفر )جــواز‬
‫السفر(‪ ،‬والشهادات الدراسية‪.‬‬
‫هذه أهــم مقومــات الطــاغوت المعاصــر وبهــا اســتطاع أن يفــرض‬
‫سلطانه على النــاس ويربــط مجــرى الحيــاة بــه ومــن خللــه‪ ،‬فهــو‬
‫يستطيع أن يمنع ويعطي‪ ،‬وبإرادة واحدة منه يجعل الورقة المهينة‬
‫التي ل قيمة لها ول وزن ورقة نقد تحنــى لهــا الرقــاب وتــذل لهــا‬
‫النفوس وتكتسب قدرة خارقة لتحصيل المال والطعــام والمســكن‬
‫والملبس ورغد الحياة‪ ،‬وبها يصبح ربا مزيفا‪ ،‬يمن على هذا ويمنــع‬
‫هذا‪.‬‬
‫ومثلها كذلك وثائق إثبات الشخصية فمن خللها يستطيع أن ينفــي‬
‫النسان من الحياة‪ ،‬ويجعله أثرا بعد عين ل وجود له‪ ،‬ومــن خللهــا‬
‫يستطيع أن يثبت نسبك لتلك البلد أو يسلبها منــك‪ ،‬وبهــا تســتطيع‬
‫أن تتنقــل بيــن البلد‪ ،‬ومثلهــا الشــهادة المدرســية )ولشــرح هــذه‬
‫الركان مواطن أخرى(‪.‬‬
‫هذه الصورة المنكوسة للشيوخ جعلت الشباب يتساءلون‪ :‬لماذا خل‬
‫تاريخنا من العلماء المقاتلين؟ وشبابنا على الجملة يحترمون شـيخ‬

‫‪131‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫السلم ابن تيمية رحمه الله تعالى لنهــم رأوا فيــه صــورة العــالم‬
‫الفقيه المقاتل‪ ،‬وظنوا أنه ل يوجد له مثال وشبيه‪ ،‬وهذا خطأ فإن‬
‫من القليل النادر أن تجد عالما من علمائنا الوائل إل وهــو مقاتــل‬
‫مــن الدرجــة الولــى‪ ،‬بــل إن بعضــهم كــان فــي مرتبــة القيــادة‬
‫العسكرية‪ ،‬مثل أسد بن الفرات‪ ،‬وإن الكثير مـن أئمـة الحـديث قـد‬
‫صنفوا كتبهــم‪ ،‬وعقــدوا مجــالس التحــديث فــي الربطــة القتاليــة‪،‬‬
‫على ثغور المسلمين‪.‬‬
‫ومثــل هــذه الثنائيــات الباطلــة‪ ،‬التفريــق بيــن الداري والفقيــه‪،‬‬
‫والقائد والفقيه‪ ،‬وغير ذلك مما أعطت صــورة غثائيــة عــن الفقيــه‬
‫المسلم‪.58‬‬

‫َ‬
‫م اْل ْ‬
‫مـُر‬ ‫ع ـَز َ‬
‫ذا َ‬ ‫الحذر من ثقافة المنهزمين ) َ‬
‫فإ ِ َ‬
‫م(‬
‫‪59‬‬
‫خْيرا ً ل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه لَ َ‬
‫كا َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫صد َ ُ‬ ‫فل َ ْ‬
‫و َ‬ ‫َ‬
‫تخرج علينا الجهــات المنيــة فــي مصــر تــارة وفــي المغــرب وفــي‬
‫الردن واليمن والكويت وغيرها في كل آونة بتنظيمــات مــن نســج‬
‫خيالهم أو مبالغ فيها يتم إلقاء القبــض علــى أفرادهــا بيــن الونــة‬
‫والخــرى تحــت مســميات تنظيــم القاعــدة الكويــتي أو الردنــي أو‬
‫اليمني أو الفغان العــرب أو غيــر ذلــك مــن المســميات فهــذا أمــر‬
‫نفهم جيدا دوافعه النهزامية والنبطاحيــة الرتمائيــة تحــت أقــدام‬
‫أسياد هذه النظمة من المريكان؛ فهــذه النظمــة تعيــش وتقتــات‬
‫على زبالة موائد أمريكا وتحرص في كل مناسبة على خطــب ودهــا‬
‫ورضاها ولو كان الثمن هو بذل ما تبقى من ماء وجوههم‪ ،‬وســحق‬
‫وقتل وسجن خيرة أبنائنا تحت تهــم ومســميات يخترعهــا جلدوهــا‬
‫بين الونة والخرى يسترضون بها أسيادهم‪..‬‬
‫لكن المر الذي لم أكــن أقــدر علــى فهمــه واســتيعابه قــديما هــذا‬
‫النبطاح السافر والندحار البـاهر والنهـزام الظـاهر الـذي يعـاني‬
‫منه كثير من المنتسبين للدعوة والعلم في بلدنا !!‬
‫إن ما يقوم به إخواننا المجاهدون من العمــال الجهاديــة الماحقــة‬
‫الفاضــحة لكــثير ممــن امضــوا عقــودا يســعون فــي تــدجين شــباب‬
‫السلم وتخنيث دينهم؛ يتعرض اليوم من هؤلء المنهزمين لحملــة‬
‫شرسة شعواء لتشويهه وإلغاء شــرعيته وجعلــه منكــرا مــن الفعــل‬
‫وزورا‪..‬‬

‫الجهاد والجتهاد تأملت في المنهج لبي قتادة الفلسطيني )‪.(166-160‬‬ ‫‪58‬‬

‫مقال لبي محمد المقدسي فك الله أسره بعنوان )المنهزمون(‪.‬‬ ‫‪59‬‬

‫‪132‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫كثير من الجماعات السلمية ورؤوس الصحوة كمــا يســمونهم قــد‬
‫مارسوا دورا في خداع الشــباب حيــن كــانوا يجمعــونهم حــولهم أو‬
‫يسعون في تنظيمهم في جماعــاتهم مــن خلل إلهــاب مشــاعرهم‬
‫بخطبهم الرنانة حول الجهاد وكتاباتهم الطنانة المملوءة بالحماس‬
‫الجوف !! فلما كثر التباع وقال لهم الشباب هيا إلى العزة الــتي‬
‫جمعتمونا من أجلها‪ ،‬حـي علـى الجهـاد الـذي حببتمونـا بـه؛ تـورط‬
‫أولئك المشــايخ واضــطرت طائفــة منهــم تحــت ضــغط الشــباب‬
‫وحماسه إما إلى توجيههم للجهاد بعيدا عن الوطان؛ ل حــرج فــي‬
‫الشيشــان أو فــي أفغانســتان أو فــي البوســنة أو فــي أي مكــان؛‬
‫المهم أن ينأى الشباب بجهــاده عــن الــوطن حيــث اســتقرار أولئك‬
‫المشــايخ ومصــالحهم ومصــالح دعــواتهم المزعومــة‪ ..‬فلمــا ذهــب‬
‫الشباب إلى تلكم الجبهات القتالية وذاقوا طعم العزة فــي الجهــاد‬
‫وزالت عن أعينهم الغشاوات التي ساهم في تكثيفها دعاة الفتنــة‬
‫وعلماء الضللة في بلدنــا؛ رجعــوا إلــى بلدهــم بغيــر الــوجه الــذي‬
‫ذهبوا به‪ ،‬وأمسوا يواجهون شيوخهم بتساؤلت ضاق بهــا الشــيوخ‬
‫ذرعا‪..‬‬
‫لماذا جهاد الروس مشروع وجهاد المريكان غدر ونقض للعهود؟‬
‫لمــاذا الجهــاد فــي الشيشــان وأفغانســتان مســتحب والجهــاد فــي‬
‫عربستان مبغوض ومنبوذ يحذر منه ومن أهله؟؟‬
‫لماذا ولماذا؟؟؟‬
‫أســئلة لــم يســتطع أن يجيــب عليهــا أولئك الشــيوخ بأجوبــة‬
‫مقنعة‪..‬‬
‫أليس منكم يا مشايخ الصحوة من دّرسنا ردة الحكام الذين شــرعوا‬
‫صلتم لنا ذلك تأصيل شرعيا‪..‬؟؟‬‫من الدين ما لم يأذن به الله‪ ..‬وأ ّ‬
‫فلمــا طالبنــاكم بــالعلج الشــرعي النــاجع لــذلك والــذي أمــر بــه‬
‫المصطفى إذا ما رأينا من الولة الكفر البواح؛ وقفتم في وجوهنا‬
‫وسلقتمونا بألسنة حداد وتهم شداد‪..‬‬
‫بل لجأتم إلى شن الغــارة علينــا بعــد أن كنتــم ترعوننــا مــن قبــل؛‬
‫واتهمتمونــا بالفوضــوية والتهــور والتعجــل والعمــل علــى تــدمير‬
‫مكتســبات الصــحوة وإرجــاع العمــل الســلمي مئات بــل ملييــن‬
‫الميال إلى الوراء !!‬
‫ومع أن مكتسبات بعض هؤلء المشايخ وتلكم الجماعات بلغت فــي‬
‫بعض الوقات مبلغا هــدد النظمــة ورؤوســها العفنــة؛ ولمــا نزلــت‬
‫المة وشبابها إلى الشوارع وتجمد الدم في عروق أعداء اللــه مــن‬

‫‪133‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫الخوف؛ جمد أولئك المشايخ النخوة فــي نفــوس الشــباب وأطفئوا‬
‫لهيب العزة وحرارتهــا وجــذوة الجهــاد وشــعلتها‪ ..‬وســمعناهم بعــد‬
‫ذلــك يفــاخرون ويتغنــون بــأنهم نجحــوا فــي ترشــيد المــة وحفــظ‬
‫مكتســباتها وتهــدئة الشــباب وضــبطهم وتــوجيههم إلــى صــناديق‬
‫القتراع والنتخاب‪ ..‬حفاظا على الوحدة الوطنية وحقنا للــدماء !!‬
‫فسحقا سحقا‪..‬‬
‫م(‬ ‫خْيرا ً ل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه لَ َ‬
‫كا َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫صد َ ُ‬ ‫فل َ ْ‬
‫و َ‬ ‫) َ‬
‫إذن نحــن نجــد أنفســنا ملزميــن بــأن نســمي المــور بمســمياتها‬
‫الشرعية‪ ،‬فما نراه هو انسلخ من الثــوابت الشــرعية كمــا أســلفنا‬
‫وليس مجرد أخطاء يمكننــا تجاوزهــا‪ ،‬ولن الختلف الن قــد صــار‬
‫جذريا ً حيث أن المنهج السلفي الحق ل يلتقي مع العبــث الســلفي‬
‫المريكي اللهم سوي بالثوب واللحية‪ !..‬ولكن هــل تريــدون أوضــح‬
‫ن ب ِــالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫من ُــو َ‬‫ؤ ِ‬ ‫ن ل يُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫قات ُِلوا ال ّـ ِ‬ ‫من هذا‪!..‬؟ حسنا ً يقول الله تعالي ) َ‬
‫ن‬‫ن ِديـ َ‬ ‫ديُنو َ‬ ‫ول ي َـ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬‫ه َ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫حّر َ‬‫ما َ‬
‫ن َ‬‫مو َ‬ ‫حّر ُ‬‫ول ي ُ َ‬‫ر َ‬ ‫خ ِ‬
‫وم ِ ال ِ‬ ‫ول ِبال ْي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫م‬ ‫هـ ْ‬‫و ُ‬
‫د َ‬ ‫ن ي َـ ٍ‬
‫عـ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫جْزي َـ َ‬ ‫عطُــوا ال ْ ِ‬ ‫حت ّــى ي ُ ْ‬‫ب َ‬‫ن أوت ُــوا ال ْك ِت َــا َ‬‫ذي َ‬ ‫ن ال ّـ ِ‬
‫م َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن( هذه الية القطعية الدللة يتعامل معهـا أصـحاب المنهـج‬ ‫غُرو َ‬ ‫صا ِ‬‫َ‬
‫السلفي الحق بوضوح شديد بينمــا أهــل العبــث ومهرجــو الســلفية‬
‫صاروا يسمون الجهاد كما تسميه أمريكا )بالعنف والرهاب(‪!..‬‬
‫ربما يقفز علينا أحدهم ويصيح‪ ..‬أتحدثنا عن القتال ونحن ل نملــك‬
‫أسبابه؟ فأقول لست الن في مناقشة شرعية لمن بذلوا السباب‬
‫فخذلتموهم‪ ..‬ولكننا ل نطلب منكم سوي أن تبقوا لكــم شــيئا ً مــن‬
‫مفهوم الولء والبراء الحقيقي‪!..‬‬
‫لكن العجز والسقوط يا أيها الخوة لم يقــف عنــد تطويــع وتحــوير‬
‫مفهـــوم الـــولء والـــبراء ليلئم متطلبـــات المصـــلحة الشخصـــية‬
‫السياسية لولي المر المزعوم‪ ،‬لكن هؤلء العابثين قد ارتقى بهم‬
‫الحــال فوصــلوا إلــى أحــط أنــواع الخيانــة الشــرعية فــي ديننــا‬
‫السلمي‪ ،‬فعلي قدر ما تجد أصحاب المنهج السلفي الحق يبذلون‬
‫جهدهم ووسعهم فــي إعلء رايــة اللــه فــي الرض ويبــذلون حــتى‬
‫أرواحهم وكل غال ونفيس‪ ،‬تجد هــؤلء علــى النقيــض تمامـا ً فهــم‬
‫يبذلون وسعهم وجهدهم في تأصيل شرعية مذلتنا وضياع كرامتنــا‬
‫أمام العداء‪ !..‬بل وجعل أي طريق لسترداد عزتنا بالجهاد هو مــن‬
‫المور التي تضر بمصلحة ولي المر السياسية‪ !..‬فعجب ـا ً أن يقــول‬
‫الرسول صلي الله عليه وآله وصحبه في الحديث المتفق )ما تــرك‬
‫لمــات‪ ..‬والســماحات‬ ‫قــوم الجهــاد إل ذلــوا(‪ ..‬فيــأتي هــؤلء الع ّ‬
‫وأصحاب الفضيلة‪ ..‬ليؤصلوا لكل القوم الذين تركوا الجهاد فــذلوا‪،‬‬
‫بــل صــاروا قطعانـا ً مــن الخــراف‪ ..‬ويؤصــلوا لهــم مشــروعية هــذا‬

‫‪134‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ذل‪ !..‬وشرعية فقدان الكرامة‪ ،‬وما دامت العزة والكرامــة ســوف‬ ‫ال ُ‬
‫تضر بالمصلحة السياسية لولي المر‪ ،‬فديننا الســلمي )بزعمهــم(‬
‫يحثنا إذن على أن نكون أحــط وأحقــر الشــعوب قاطبــة علــى هــذه‬
‫الكرة الرضية‪!..‬‬

‫‪135‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫كلمــة أخيــرة‬
‫ونختم رسالتنا هذه بكلمة للشيخ الدكتور أيمن الظواهري حفظه‬
‫الله تعالى ونصره على أعداء الملة والدين‪ .‬وهي عبارة عن نصائح‬
‫وإرشادات للعاملين من أبناء الحركة السلمية العالمية‪ .‬التي يحث‬
‫فيها الشيخ على تكوين خليا صغيرة لتكون النكاية في العدو أشد‬
‫وأنكى‪.‬‬
‫لقد تتطرق الشيخ حفظه الله تعالى الى تجربة السر‪ ،‬وكأنه يقرأ‬
‫المستقبل في صفحات كتاب مكشوف‪ ،‬لما تعرض له إخوانه‬
‫الموحدين سواء المصريين المحتجزين في لندن ونيويورك على‬
‫ذمة تفجيرات سفارتي أميركا في إفريقيا‪ ،‬من تحقيقات كشفت‬
‫الكثير من أسرار »القاعدة«‪ .‬قال‪» :‬ما إن يغلق على السير باب‬
‫الزنزانة حتى يتمنى لو أمضى عمره كله مشردا ً بل مأوى بدل ً من‬
‫هوان السر ومذلته«‪ .‬ويضيف أشد ما في السر هو إرغام‬
‫المجاهد تحت وطأة التعذيب على العتراف على زملئه‪ ،‬وإكراهه‬
‫على تدمير حركته بيده وأن يقدم بنفسه أسراره وأسرار إخوانه‬
‫الى أعدائه«‪ .‬قال تعالى‪} :‬وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم‬
‫من أرضنا أو لتعودن في ملتنا‪ ،‬فأوحى إليهم ربهم لنهلكن‬
‫الظالمين‪ ،‬ولنسكننكم الرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي‬
‫وخاف وعيد{]إبراهيم‪.[14-13 :‬‬
‫والن‪ ..‬آن أن نستشرف مستقبل الحركة الجهادية في مصر‬
‫خاصة وفي العالم عامة‪.‬‬
‫‪ 1‬م ظواهر تتشكل‪ :‬يستطيع أي مراقب محايد أن يلمح عدة ظواهر‬
‫في عالمنا السلمي عامة وفي مصر خاصة منها‪:‬‬
‫أ م عالمية المعركة‪ :‬فالقوى الغربية المعادية للسلم حددت عدوها‬
‫بوضوح وهو ما تسميه بالصولية السلمية ودخل معها في هذا‬
‫الحلف عدوتهم القديمة روسيا‪ ،‬واتخذوا عدة أدوات لمحاربة‬
‫السلم منها‪:‬‬
‫)‪ (1‬المم المتحدة‪.‬‬
‫)‪ (2‬الحكام الموالون الحاكمون لشعوب المسلمين‪.‬‬
‫)‪ (3‬الشركات متعددة الجنسيات‪.‬‬

‫‪136‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫)‪ (4‬أنظمة التصال الدولية وتبادل المعلومات‪.‬‬
‫)‪ (5‬وكالت النباء العالمية وقنوات العلم الفضائية‪.‬‬
‫)‪ (6‬منظمات الغاثة الدولية التي تستخدم ستارا ً للجاسوسية‬
‫والتبشير وتدبير النقلبات ونقل السلحة‪.‬‬
‫وفي مقابل هذا الحلف يتشكل حلف أصولي من حركات الجهاد‬
‫في بلد السلم المختلفة وخصوصا ً الدولتين اللتين حررتا باسم‬
‫الجهاد في سبيل الله )أفغانستان والشيشان(‪.‬‬
‫وإذا كان هذا الحلف ما زال في بواكيره الولى وإرهاصاته البادئة‬
‫فإن تناميه يتزايد بتسارع ويتضاعف باطراد‪.‬‬
‫وخطورة هذا الحلف أوضح من أن تشرح‪ ،‬وأثره أخطر من أن‬
‫يوضح‪ ،‬وخوف الغرب منه مسيطر على تفكيره ومستفز لعصابه‬
‫ومقلق لمراصده‪.‬‬
‫فهو قوة تنمو وتتجمع تحت راية الجهاد في سبيل الله خارج‬
‫قانون النظام العالمي الجديد‪ ،‬متحررة من العبودية والمبراطورية‬
‫الغرب المسيطرة‪ ،‬ومنذرة للحملة الصليبية الجديدة عن ديار‬
‫السلم بالويل والثبور‪ ،‬ومتحفزة للنتقام من رؤوس التجمع‬
‫الكفري العالمي‪ ،‬أميركا وروسيا وإسرائيل‪ ،‬ومتحرقة للثأر لدماء‬
‫الشهداء وفجائع الثكالى وحرمان اليتام ومعاناة المعتقلين‬
‫وقروح المعذبين على امتداد ديار السلم من تركستان الشرقية‬
‫الى الندلس‪.‬‬
‫إن هذا العصر يشهد ظاهرة جديدة مستمرة متزايدة‪ ،‬إنها ظاهرة‬
‫الشباب المجاهد الذي ترك أهله وبلده وثروته ودراسته ووظيفته‬
‫بحثا عن ميادين الجهاد في سبيل الله‪.‬‬
‫بـ ل حل إل بالجهاد‪ :‬ومع ظهور هذه الطائفة الجديدة من‬
‫السلميين الذين طال غيابهم في واقع المة‪ ،‬يزداد بين كل أبناء‬
‫السلم الحريصين على نصرته وعي جديد خلصته‪:‬‬

‫ل حل إل بالجهاد‬
‫وقد ساعد على انتشار هذا الوعي فشل كل الوسائل الخرى التي‬
‫حاولت أن تهرب من تحمل عبء الجهاد‪ ،‬وكانت تجربة الجزائر‬
‫درسا قاسيا ً في هذا الصدد‪ ،‬أثبتت للمسلمين أن الغرب ليس‬
‫فقط كافرا‪ ،‬ولكنه أيضا كاذب ومنافق‪ ،‬فمبادئه التي يتشدق بها‬
‫حكر عليه وحده‪ ،‬وملك خاص به‪ ،‬ل يجب أن تشاركه فيها شعوب‬

‫‪137‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫السلم إل كما يشارك العبد سيده في الفتات المتبقي من‬
‫طعامه‪.‬‬
‫لقد تعامت جبهة النقاذ في الجزائر عن أصول العقيدة وحقائق‬
‫التاريخ وثوابت السياسة وموازين القوة وقوانين السيطرة‪،‬‬
‫واندفعت نحو صناديق النتخاب لتدلف منها الى قصور الرئاسة‬
‫ومقار الوزارة‪ ،‬ولكن على أبوابها كانت الدبابات بانتظارها‪ ،‬وقد‬
‫وجهت مدافعها المحشوة بالذخيرة الفرنسية الى صدور الذين‬
‫نسوا سنن المواجهة بين الحق والباطل‪ ،‬فأعادتهم نيران الضباط‬
‫المتفرنسين الى أرض الواقع بعد أن حلقوا في سماء الوهام‪.‬‬
‫لقد ظن رجال »جبهة النقاذ« أن بوابات الحكم قد فتحت لهم‬
‫وفوجئوا بمن يزج بهم عبر بوابات المعتقلت والسجون الى‬
‫زنازين النظام العالمي الجديد‪.‬‬
‫ومما ساعد على الوصول الى نتيجة‪» :‬أل حل إل بالجهاد«; شراسة‬
‫وتعسف الحملة الصليبية اليهودية الجديدة التي تعامل أمة السلم‬
‫بغاية الحتقار‪ .‬فإذا بالنسان المسلم عامة والعربي خاصة وقد‬
‫ضاع منه كل شيء وتهدد منه كل عزيز‪.‬‬
‫وأصبحنا كاليتام في مأدبة اللئام‪.‬‬
‫ولعل سائل ً أن يسأل‪ :‬أل ترى أنك تناقض نفسك‪ ،‬فمنذ قليل تحدثنا‬
‫عن تسرب اليأس الى بعض قيادات الحركة الجهادية والن تحدثنا‬
‫عن صحوة جهادية منتشرة؟‬
‫والجواب بسيط‪ :‬إن كل الحركات تشهد عملية من التآكل والتجدد‪،‬‬
‫ولكن المحصلة العامة هي التي تحكم على مسيرة الحركة‬
‫بالنقراض أو النماء‪.‬‬
‫والحركة الجهادية في نماء وازدهار ـ بفضل الله ـ رغم ما يطرأ‬
‫على حوافها من تآكل كما يطرأ على كل الكائنات الحية التي تنمو‬
‫وتتجدد‪.‬‬

‫‪ - 2‬واجبات تتأكد‬
‫يجب على الحركة السلمية عامة والجهادية خاصة أن تربي‬
‫نفسها وأبناءها على الثبات والصبر والصمود والتمسك بالمبادئ‬
‫والثوابت وعلى القيادة أن تضرب القدوة والمثل لتباعها‪ ،‬فهذا‬
‫هو مفتاح النصر‪ .‬قال تعالى‪) :‬يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا‬
‫ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون« ]آل عمران‪.[200 :‬‬

‫‪138‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫أما إذا بدأت علمات التراخي والتراجع تظهر على القيادة‪ ،‬فعلى‬
‫الحركة أن توجد من الوسائل ما يمكنها أن تقوم قيادتها‪ ،‬وأل‬
‫تسمح لها بالخروج عن خط الجهاد‪.‬‬
‫إن الولء للقيادة والعتراف بسبقها وفضلها واجب ل بد أن يؤكد‪،‬‬
‫وقيمة يجب أن تترسخ‪.‬‬
‫أما إذا تعدى الولء للقيادة الى تقديسها‪ ،‬وتجاوز العتراف‬
‫بفضلها وسبقها الى إسباغ العصمة عليها‪ ،‬فحينئذ ستصاب الحركة‬
‫بالعمى المنهجي‪ ،‬ويمكن لي خلل في القيادة أن يؤدي الى كارثة‬
‫تاريخية ليس على مستوى الحركة فقط بل ـ ربما ـ على مستوى‬
‫المة كلها‪.‬‬
‫وهنا تبرز أهمية قضية القيادة في العمل السلمي والعمل‬
‫الجهادي خاصة‪ .‬وتبرز ـ أيضا ـ مدى حاجة المة الى قيادة علمية‬
‫مجاهدة واعية تقودها خلل العواصف والعاصير الى هدفها بوعي‬
‫وحكمة‪ ،‬دون أن تضل طريقها أو تخبط على غير هدى‪ ،‬ناهيك أن‬
‫تنقلب على عقوبتها‪.‬‬

‫تجيش الحركة الصولية‬


‫جمم تجيش المة وإشراكها في الصراع والحذر من صراع النخبة مع‬
‫السلطة‪:‬‬
‫يجب على الحركة الجهادية أن تقترب من الجماهير وتدافع عن‬
‫حرماتها‪ ،‬وتدفع الظلم عنها‪ ،‬وترشدها الى طريق الهداية‪،‬‬
‫وتقودها الى النصر‪ ،‬وتتقدم أمامها في ميدان التضحية‪ ،‬وان‬
‫تجتهد في إيصال قضيتها إليها بأسلوب يجعل الحق ميسورا لكل‬
‫طالب وليس مستغلقا ً عن كل راغب‪ ،‬وأن تجعل الوصول الى‬
‫أصول الدين وحقائقه مبسطا ً خاليا ً من غلو المصطلحات وتقعر‬
‫التركيبات‪.‬‬
‫ويجب على الحركة الجهادية أن تفرغ جناحها منها للعمل‬
‫الجماهيري‪ ،‬وللدعوة وسط المة ولتقديم الخدمات للشعب‬
‫المسلم ولمشاركة الناس في همومهم بكل أوجه العمل الخيري‬
‫والتعليمي المتاحة‪ ،‬يجب أل نترك مساحة متاحة إل ونملها‪ ،‬وأن‬
‫نكسب ثقة الناس ومحبتهم واحترامهم‪ ،‬ولن يحبنا الناس إل إذا‬
‫أحسوا بحبنا لهم واهتمامنا بهم ودفاعنا عنهم‪.‬‬

‫‪139‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫وبإيجاز يجب أن تخوض الحركة الجهادية المعركة وهي وسط المة‬
‫وأمامها وأن تحذر كل الحذر من أن تنعزل عن أمتها وتخــوض ضــد‬
‫الحكومة معركة الصفوة ضد السلطة‪.‬‬
‫ويجب أل نلقي باللوم على المة لنها لم تستجب ولم ترتفع ولــم‬
‫تتزكى‪ ،‬دون أن نلقي على أنفسنا بالمسؤولية لننا لــم نبلــغ ولــم‬
‫نترفق ولم نضح‪.‬‬
‫إن على الحركة الجهادية أن تحرص على أن تشرك المة المســلمة‬
‫معها في جهادها من أجل التمكيــن‪ ،‬ولــن تشــارك المــة المســلمة‬
‫معهــا إل إذا أصــبحت شــعارات المجاهــدين مفهومــة لــدى جمــاهير‬
‫المة المسلمة‪.‬‬
‫والشعار الذي تتفهمه المة المســلمة جيــدا ً وتتجــاوب معــه ـ ـ منــذ‬
‫خمسين عاما ـ هو شــعار الــدعوة الــى جهــاد إســرائيل‪ ،‬وفــي هــذا‬
‫العقد أصبحت المة معبأة ـ بالضافة إليه ـ ضد الوجــود المريكــي‪،‬‬
‫وأظهرت تجاوبها مع الدعوة لجهاد المريكان أيما تجاوب‪.‬‬
‫إن نظرة واحدة الى تاريخ المجاهدين فــي أفغانســتان وفلســطين‬
‫والشيشان تظهر أن الحركة الجهادية أصبحت في قلب قيادة المة‬
‫لما تبنت شعارات تحرير المــة مــن أعــدائها الخــارجيين‪ ،‬وأظهرتــه‬
‫على أنه معركة السلم ضد الكفر والكفار‪.‬‬
‫والعجيب أن العلمانيين الذين جلبوا الكوارث على المــة المســلمة‬
‫وخاصة في ميدان الصــراع العربــي ــ الســرائيلي _ والــذين بــدءوا‬
‫مسيرة الخيانــة بــاعترافهم بإســرائيل منــذ اتفاقيــات الهدنــة عــام‬
‫‪1949‬مـ‪ .‬كما بينا‪ ،‬هم أكثر الناس حديثا عن قضية فلسطين‪.‬‬
‫والعجــب أن الســلميين وهــم أكــثر النــاس تضــحية فــي ســبيل‬
‫القدس‪ ،‬وهم الذين تمنعهم عقيدتهم وشريعتهم من التفريط فــي‬
‫أي جزء من فلسطين أو العتراف بإســرائيل كمــا بينــا آنفــا‪ ،‬وهــم‬
‫أقدر الناس على قيادة المة في جهادها ضــد إســرائيل‪ ،‬هــم أقــل‬
‫الناس تبنيا ً لقضية فلسطين ورفع شعاراتها وسط الجماهير‪.‬‬
‫وفرصة الحركة الجهادية لقيادة المة نحو الجهاد لتحرير فلسطين‬
‫أصبحت مضاعفة الن‪ ،‬فكل التيــارات العلمانيــة الــتي كــانت تزايــد‬
‫على قضية فلسطين وتزاحم الحركة السلمية علــى قيــادة المــة‬
‫فــي تلــك القضــية قــد انكشــفت الن ـــ أمــام المــة المســلمة ـــ‬
‫باعترافها بحق إسرائيل في الوجود‪ ،‬وتبنيها لســلوب المفاوضــات‬
‫والتزام القرارات الدولية من أجل تحرير ما تبقى ـ أو ما تسمح بـه‬
‫إسرائيل ـ من فلسطين‪ ،‬واختلفها فيمــا بينهــا فقــط علــى حجــم‬
‫الفتات الذي ستلقي به إسرائيل للمسلمين والعرب‪.‬‬

‫‪140‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫إن الحقيقة التي يجب التسليم بها هــي أن قضــية فلســطين هــي‬
‫القضية التي تلهب مشاعر المة المسلمة ـ منذ خمسين عاما ـ من‬
‫المغرب الى اندونيسيا‪ ،‬ليس هــذا فحســب بــل هــي القضــية الــتي‬
‫يجتمع عليها العرب بأكملهم مؤمنهم وكافرهم وبّرهم وفاجرهم‪.‬‬

‫المجموعات الصــغيرة يمكــن أن تســبب رعبــا‬


‫للمريكيين‬
‫فعبر هذا الجهاد ستتكشف مواقف الحكــام وأشــياعهم مــن علمــاء‬
‫السـلطان والكتـاب والقضـاة وأجهـزة المـن‪ ،‬وهنـا تثبـت الحركـة‬
‫السلمية تلبسهم بالخيانة أمــام جمــاهير المــة المســلمة‪ ،‬وتثبــت‬
‫للمة أن الذي حملهم على ذلك ما هو إل شرك في العقيدة‪ ،‬حيــث‬
‫إنهم والوا أعداء الله تعالى على أوليائه‪ ،‬وعادوا المجاهدين بسبب‬
‫إسلمهم وجهادهم خدمة لعداء المة من اليهود والنصارى‪ ،‬وإنهم‬
‫بذلك قد ارتكبوا ناقضا ً مـن نـواقض التوحيـد‪ ،‬حيـث إنهـم ظـاهروا‬
‫المشركين على المسلمين بسبب إسلمهم‪.‬‬
‫إن تتبع المريكان واليهود ليس عمل ً مستحيل‪ ،‬وإن قتلهم بطلقــة‬
‫رصــاص أو طعنــة ســكين أو عبــوة مــن خليــط شــعبي أو ضــربهم‬
‫بقضــيب مــن حديــد ليــس أمــرا ً مســتحيل‪ ،‬وإن إحــراق ممتلكــاتهم‬
‫بزجاجات المولوتوف ليس أمــرا ً عســيرا‪ .‬إن المجموعــات الصــغيرة‬
‫بالوسائل المتاحة يمكنها أن تشكل رعبا ً مفزعا ً للمريكان واليهود‪.‬‬
‫د ـ ويجب على الحركة السلمية عامة والجهادية خاصة أن تخــوض‬
‫معركة توعية المة‪:‬‬
‫ـ بكشف الحكام المحاربين للسلم‪.‬‬
‫ـ وإبراز أهمية الولء للمؤمنين والبراءة من الكافرين فــي عقيــدة‬
‫المسلم‪.‬‬
‫ـــ وبتحميــل كــل مســلم المســؤولية فــي الــدفاع عــن الســلم‬
‫ومقدساته وأمته ودياره‪.‬‬
‫ـ وبالتحذير من عمائم السلطان‪ ،‬وبتذكير المة بحق علمــاء الجهــاد‬
‫وأئمة التضحية عليها‪ ،‬وواجبها في نصرتهم وحمــايتهم وتــوقيرهم‬
‫والقتداء بهم والدفاع عنهم‪.‬‬
‫ـ وبكشف مدى العــدوان علــى عقيــدتنا ومقدســاتنا ومــدى النهــب‬
‫الذي تتعرض له ثرواتنا‪.‬‬
‫ـ وعدم التخلي عن هدف إقامة الدولة المســلمة فــي قلــب العــالم‬
‫السلمي‪.‬‬

‫‪141‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪ -‬ول بد أن تتبنى الحركة الجهادية خطتهــا علــى أســاس الســيطرة‬
‫علــى بقعــة مــن الرض فــي قلــب العــالم الســلمي تقيــم دولــة‬
‫السلم فيهــا وتســتطيع حمايتهــا وتخــوض منهــا معركتهــا لعــادة‬
‫الخلفة الراشدة على منهاج النبوة‪.‬‬

‫نحو قاعدة أصولية في قلب العالم السلمي‬


‫هـ ‪ -‬فكما أن النصر للجيوش ل يتحقق إل باحتلل المشــاة للرض‪،‬‬
‫فكذلك النصر للحركة السلمية المجاهدة لن يتحقق ضــد التحــالف‬
‫العالمي إل بامتلكها لقاعدة أصولية فــي قلــب العــالم الســلمي‪،‬‬
‫وكل ما استعرضــناه مــن وســائل وخطــط لحشــد المــة وتجييشــها‬
‫سيظل مكسبا ً معلقا ً في الهواء دون نتيجة ملموسة وعائد مشــاهد‬
‫ما لم يؤد الى إنشاء دولة الخلفة في قلب العالم السلمي‪.‬‬
‫لقد خاض نور الدين زنكي ومن بعـده صـلح الـدين اليـوبي رحمـة‬
‫الله عليهمــا عشــرات المعــارك حــتى اســتطاع نــور الــدين تخليــص‬
‫دمشق من أيدي المنافقين ثم توحيد الشام تحت قيــادته‪ ،‬وأرســل‬
‫صلح الدين الى مصر فخــاض المعــارك تلــو المعــارك حــتى اخضــع‬
‫مصر لسلطانه ثم بعد أن توحد سلطان الشام ومصر لصلح الــدين‬
‫اليوبي بعد وفاة نور الــدين ــ اســتطاع الســلطان المجاهــد صــلح‬
‫الدين اليوبي ـ النتصار في حطين ثم فتح بيت المقــدس وعنــدئذ‬
‫بدأ التاريخ يدور دورته على الصليبيين‪.‬‬
‫إن العمليات الناجحة ضد أعداء الســلم والنكايــات الفادحــة فيهــم‬
‫إن لم تصب في مخطط يهــدف الــى إقامــة الدولــة المســلمة فــي‬
‫قلب العالم السلمي‪ ،‬فلن تعدو مهما كانت من ضخامتها أن تكون‬
‫عمليات إزعاج يمكـن اســتيعابها وامتصــاص آثارهــا ولــو بعـد وقــت‬
‫وبشيء من الخسائر‪.‬‬
‫إن إقامة الدولة المسلمة في قلب العالم الســلمي ليســت هــدفا ً‬
‫ســهل ً ول مغنم ـا ً قريبــا‪ ،‬ولكنهــا أمــل المــة المســلمة فــي عــودة‬
‫خلفتها بعد أن سقطت وأعادت مجدها بعد أن ذهب‪.‬‬
‫و ـ وإذا كان هــدف الحركــة الجهاديــة فــي قلــب العــالم الســلمي‬
‫عامة ومصـر خاصـة هـو إحـداث التغييـر وإقامـة الدولـة المسـلمة‪،‬‬
‫فعليها أل تتعجل الصدام وأل تستبطئ النصر‪.‬‬
‫وعلى الحركة المجاهدة أن تصبر على البناء حتى تستوفي أركانه‪،‬‬
‫وتحشد من المكانيات والنصار والخطط ما يمكنها من أن تخــوض‬
‫المعركة في الزمان والميدان اللذين تختارهما‪.‬‬

‫‪142‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ولكن يرد هنا سؤال في غاية الهمية والخطورة وهو‪:‬‬
‫ماذا لو تعرضت الحركة لنكشاف أعضائها أو خططها‪ ،‬أو لعتقــال‬
‫أفرادهــا‪ ،‬وصــار وجــود الحركــة مهــددا‪ ،‬وبــدأت حملــة العتقــالت‬
‫والمداهمات تلتهم أفرادها وأموالها وإمكانياتها وقياداتها؟‬
‫هنا يجب على الحركة ان تسأل نفسها سؤال محددا ً ثم تجيب عليه‬
‫إجابة واضحة‪.‬‬
‫هل يمكنها أن تختفي من أمــام العاصــفة‪ ،‬وتنســحب مــن الميــدان‬
‫بأقل خسائر؟ أم أن الصبر غير مجد‪ ،‬ول يعني إل الهزيمــة التامــة‪،‬‬
‫ول مجال للنسحاب؟‬
‫أو ربما كانت الجابة مزيجا ً من الحتمالين النفين‪ ،‬أي إنها يمكنها‬
‫أن تسحب بعض قياداتها وأفرادها بأمان‪ ،‬ولكن جزءا ً منهــا معــرض‬
‫للسر والبطش‪.‬‬
‫والجابة في رأيي‪ :‬هو أن تســحب الحركــة مــن تســتطيع أن‬
‫تســحبهم بأمــان الــى مــأمنهم دون تــردد أو تلكــؤ أو ركــون الــى‬
‫الوهام‪ ،‬فان أخطر ما يــواجه مــن يضــيق عليــه الحصــار هــو قــرار‬
‫الهرب‪ .‬فمن أقســى المــور علــى النفــس تــرك الهــل والوظيفــة‬
‫والمنصــب والنمــط المســتقر فــي الحيــاة الــى المجهــول والقلــق‬
‫والعيش المتقلب‪.‬‬
‫لكن ما إن يغلق على السير باب الزنزانة حــتى يتمنــى لــو أمضــى‬
‫عمره مشردا ً بل مأوى بدل ً من هوان السر ومذلته‪.‬‬
‫أما إذا قدر للحركة كلها ـ أو لجزء منها ـ أن تواجه موقفا ً قد أحكم‬
‫فيه الحصار عليها‪ ،‬وأصبح سقوطها مسألة أيام أو ساعات‪ ،‬فحينئذ‬
‫يجب على الحركة ــ أو علــى هــذا الجنــاح منهــا ــ أن يبــادر بخــوض‬
‫معركة الصدام ضد النظام حتى ل يؤسر أو يقتل بغير ثمن‪.‬‬

‫ولكن كيف وضد من يخوض هذا الصدام؟‬


‫هنا علينا أن نستعيد ما أوضحناه من طبيعة تركيب النظام العالمي‬
‫المعادي للسلم وعلقته بالنظمة الحاكمة في بلدنا‪ ،‬ومــا أكــدناه‬
‫من وجوب حشد المة في معركة الســلم ضــد الكفــر‪ ،‬ومــا حــذرنا‬
‫منه من خطورة أن تقتل الطليعة المسلمة في صمت فــي معركــة‬
‫النخبة أو الصفوة ضد السلطة‪.‬‬

‫‪143‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫ضرب المريكان واليهود‬
‫لذا فإذا جرتنــا القــوى الظالمــة الــى معركــة فــي وقــت ل نريــده‪،‬‬
‫فعلينا أن نرد في الميدان الــذي نريــده أل وهــو‪ :‬ضــرب المريكــان‬
‫واليهود في بلدنا‪ ،‬وهنا نكسب ثلث مرات‪:‬‬
‫الولى‪ :‬حين نوجه الضربة الى السيد الكــبير الــذي يحتمــي بعميلــه‬
‫من ضرباتنا‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬حين نضم المة الــى صــفنا باختيارنــا لهــدف تؤيــد ضــربه‬
‫وتتعاطف مع من يضربه‪.‬‬
‫ونكسـب مـرة ثالثـة‪ :‬بكشـف النظـام أمـام الشـعب المسـلم حيـن‬
‫ينقض علينا دفاعا ً عــن ســادته المريكــان واليهــود‪ ،‬مظهــرا ً وجهــه‬
‫القبيح; وجه الشرطي الجير المتفاني في خدمة المحتليــن أعــداء‬
‫المة المسلمة‪.‬‬
‫ز ـ وإذا كان هدفنا هو التغيير الشامل‪ ،‬وإذا كان طريقنا ـ كما بيـن‬
‫لنا القرآن الكريم وكما علمنا تاريخنا ــ طريقـا ً طــويل ً مــن الجهــاد‬
‫والتضحيات‪ ،‬فعلينا أل نيأس من تكرار الضربات ومن تعدد النكبات‪،‬‬
‫وأل نلقي السلح مهما واجهنا من خسائر وتضحيات‪.‬‬
‫ولنعلــم أن الــدول ل تســقط فجــأة ولكنهــا تســقط بالمدافعــة‬
‫والمغالبة‪.‬‬

‫نقل المعركة إلى العدو‬


‫قـ ـ ول بد للحركة السلمية وطليعتهــا الجهاديــة‪ ،‬بــل ل بــد للمــة‬
‫السلمية كلها من أن تدخل أكابر المجرمين‪:‬‬
‫أمريكــا وروســيا وإســرائيل فــي المعركــة‪ ،‬ول تــتركهم يــديرون‬
‫المعركة ـ بين الحركة الجهادية وحكوماتنا ـ من بعد وهم ســالمون‪،‬‬
‫بل يجب عليهم أن يدفعوا الثمن‪ ،‬ويدفعوا غاليا‪.‬‬
‫إن المجرمين في واشنطن وتل أبيب يستخدمون النظمة لتحمــي‬
‫مصالحهم ولتخوض بدل ً عنهم المعركة ضد المسلمين‪ ،‬فإذا وصلت‬
‫شـــظايا المعركـــة الـــى بيـــوتهم وأجســـادهم فحينئذ ســـيتبادلون‬
‫التهامات مع عملئهم عمن المقصر فــي دوره؟ وســيكونون حينئذ‬
‫بين خيارين ـ أحلهما مر ـ إما أن يخوضوا المعركــة بأنفســهم ضــد‬
‫المسلمين لتتحول المعركة الى جهاد واضح – عند عوام المسلمين‬
‫‪ -‬ضد الكفار‪ ،‬وإما أن يبدءوا في مراجعة خطتهم من جديــد بعــد أن‬
‫يسلموا بفشل المواجهة العنيفة الغاشمة ضد المسلمين‪.‬‬

‫‪144‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫لذلك علينا أن ننقل المعركة الى أرض العدو حتى تحترق أيدي من‬
‫يشعلون النار في بلدنا‪.‬‬
‫ط ـ ل يمكن خوض الصراع من أجل إقامــة الدولــة المســلمة علــى‬
‫أنه صراع إقليمي‪:‬‬
‫فقد اتضح مما سبق أن التحالف الصليبي اليهودي بزعامــة أمريكــا‬
‫لــن يســمح ليــة قــوة مســلمة بالوصــول للحكــم فــي أي مــن بلد‬
‫المسلمين‪ ،‬وأنه سيحشد كل طاقاته لضــربها وإزالتهــا مــن الحكــم‬
‫إن تمكنت من الوصول‪ ،‬وأنــه تحقيقـا ً لــذلك ســيفتح عليهــا ميــدانا ً‬
‫للمعركة يشمل العالم كله‪ ،‬بــل ســيفرض علــى كــل مــن يســاعدها‬
‫العقوبات‪ ،‬هذا إن لم يشن عليهم الحرب‪ ،‬ولــذلك فإننــا تكيف ـا ً مــع‬
‫هذا الوضع الجديــد‪ ،‬يجــب أن نعــد أنفســنا لمعركــة ل تقتصــر علــى‬
‫إقليم واحــد بــل تشــمل العــدو الــداخلي المرتــد والعــدو الخــارجي‬
‫الصليبي اليهودي‪.‬‬
‫ي ـ ل يمكن تأجيل الصراع مع العدو الخارجي‪:‬‬
‫ويتضح مما سبق أن التحالف اليهــودي الصــليبي لــن يمهلنــا حــتى‬
‫نهــزم العــدو الــداخلي ثــم نعلــن الجهــاد عليــه بعــد ذلــك‪ ،‬بــل إن‬
‫المريكان واليهود وحلفاءهم موجودون الن بقــواتهم كمــا أشــرنا‬
‫من قبل‪.‬‬
‫ك ـ التوحيد أمام العدو الواحد‪:‬‬
‫ول بد للحركة الجهادية أن تدرك أن نصف الطريق الى النصر تبلغه‬
‫بوحدتها واتحادها وارتفاعها عن الصغائر‪ ،‬وبإنكــار الــذات وتعظيــم‬
‫مصالح السلم على نزعات النفوس‪.‬‬
‫ولعله قد اتضح الن أكثر من أي وقت مضى أهمية الوحدة للحركــة‬
‫السلمية المجاهدة‪.‬‬
‫إن على الحركــة المســلمة أن تبنــي وحــدتها بأســرع مــا يمكــن إذا‬
‫كانت جادة في السعي للنصر‪.‬‬
‫ل ـ اللتفاف حول الدول المجاهدة وتأييدها‪:‬‬
‫ل شك أن دعــم ومســاندة أفغانســتان والشيشــان والــدفاع عنهمــا‬
‫باليد واللسان‪ .‬والرأي هو واجب الوقت‪ ،‬لنهمــا رأســمال الســلم‬
‫في هذا الزمان‪ ،‬والحملة الصليبية اليهودية قــد توحــدت كمــا رأينــا‬
‫لسحقهما‪ ،‬إل أننا يجب أل نكتفــي بالمحافظــة عليهمــا فقــط‪ ،‬بــل‬
‫يجب أن نسعى لنقل ميدان المعركــة الــى قلــب العــالم الســلمي‬
‫الــذي يمثــل ميــدان المعركــة الحقيقــي ومســرح المعــارك الكــبرى‬
‫دفاعا ً عن السلم‪.‬‬

‫‪145‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫وفي هذا الصدد فإن هاتين القلعتين الصــامدتين قــد ل تســاعداننا‬
‫كثيرا ً نظرا ً لظروف كثيرة وضغوط هائلة وضعف ظاهر‪ ،‬ولذا يجــب‬
‫أن نحــل هــذه المشــكلة بأنفســنا بعيــدا ً عــن تعريضــهما للضــغط‬
‫والضرب‪ ،‬وقد تكون هذه من معضلت الحركة الجهادية‪ ،‬ولكن حلها‬
‫ليس مستحيل‪ ،‬بل هو على صعوبته ممكن بعون اللــه تعــالى‪ .‬قــال‬
‫سبحانه‪...} :‬ومن يتق الله يجعــل لــه مخرجـا ً ويرزقــه مــن حيــث ل‬
‫يحتسب‪...‬الية{]الطلق‪.[3-2 :‬‬

‫اختيــار الهــداف والــتركيز علــى العمليــات‬


‫الستشهادية‬
‫مـ ـ تغيير أسلوب النكاية والضرب‪:‬‬
‫على الحركة السلمية المجاهدة أن تصعد من أساليب ضربها‬
‫ووسائل مقاومتها لعدائها لكي تقابل الزيادة الهائلة في حجم‬
‫أعدائها وفي نوعية أسلحتهم وفي قدراتهم التدميرية وفي‬
‫استهانتهم بكل المحرمات وتناسيهم حتى لعراف الحروب‬
‫والصراعات‪ ،‬ونحن هنا نركز على ما يأتي‪:‬‬
‫)‪ (1‬الحرص على إحداث أكبر خسائر في الخصم وإنزال أضخم‬
‫إصابات في أفراده‪ ،‬فهذه هي اللغة التي يفهمها الغرب مهما‬
‫تكلف اعداد مثل هذه العمليات من جهد ووقت‪.‬‬
‫)‪ (2‬التركيز على أسلوب العمليات الستشهادية بوصفها أنجح‬
‫الساليب في النكاية في الخصم‪ ،‬وأقلها خسائر للمجاهدين‪.‬‬
‫)‪ (3‬يجب اختيار الهداف ونوع ووسيلة السلح بحيث تؤثر على‬
‫مفاصل بنيان العدو‪ ،‬وتردعه ردعا ً يكفه عن بطشه واستكباره‬
‫واستهانته بكل المحرمات والعراف‪ ،‬ويعود بالصراع الى حجمه‬
‫الحقيقي‪.‬‬
‫)‪ (4‬تأكيدا ً على ما سبق شرحه نعود فنؤكد على أن القتصار على‬
‫العدو الداخلي فقط لن يجدي في هذه المرحلة‪.‬‬

‫المعركة معركة كل مسلم‬


‫والمر الهام الذي يجب أن نؤكد عليه هو أن هذه المعركة ـ التي‬
‫يجب أن نخوضها دفاعا ً عن عقيدتنا وأمتنا المسلمة ومقدساتنا‬
‫وحرماتنا وأعراضنا وشرفنا وقيمنا وثرواتنا ومقدراتنا ـ هي‬
‫معركة كل مسلم صغيرا ً كان أو كبيرا ً شابا ً أو شيخا‪.‬‬

‫‪146‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫وهي معركة تتسع لتمس كل منا في عمله وبيته وأولده وكرامته‪.‬‬
‫إن الجماهير لكي تتحرك تحتاج الى‪:‬‬
‫)‪ (1‬قيادة تثق بها وتقتدي بها وتفهم خطابها‪.‬‬
‫)‪ (2‬وتحتاج الى عدو واضح توضح له ضرباتها‪.‬‬
‫)‪ (3‬وتحتاج الى كسر قيد الخوف وأغلل العجز في نفوسها‪.‬‬
‫وهذه الحتياجات تظهر لنا الثر الخطير لما يسمى بـ )مبادرة‬
‫وقف العنف( وأمثالها من الدعوات في تشويه صورة القيادة‬
‫وإرجاع المة الى سجن العجز والخوف‪.‬‬
‫ولكي تتضح هذه الخطورة فلنسأل أنفسنا سؤا ً‬
‫ل‪:‬‬
‫ماذا سنروي للجيل القادم عن مآثرنا؟‬
‫هل سنقول لهم إننا قد حملنا السلح ضد أعدائنا ثم ألقيناه‬
‫وطلبنا منهم أن يتجاوبوا مع استسلمنا؟‬
‫أي قيمة جهادية يمكن أن يستفيد منها ذلك الجيل من تلك‬
‫السيرة؟‬
‫ن ـ لبد من إيصال كلمنا الى جماهير المة وكسر الحصار‬
‫العلمي المفروض على الحركة الجهادية‪ ،‬وهذه معركة مستقلة‬
‫يجب أن نخوضها جنبا ً الى جنب مع المعركة العسكرية‪.‬‬
‫إن تحرير المة المسلمة ومنازلة أعداء السلم وجهادهم ل بد له‬
‫من سلطة مسلمة ـ فوق أرض مسلمة ـ ترفع راية الجهاد وتجمع‬
‫المسلمين حولها‪.‬‬
‫وبدون تحقيق هذا الهدف ستظل أعمالنا مجرد عمليات إزعاج‬
‫متكررة ل تؤتي ثمرتها المنشودة; وهي‪ :‬إعادة الخلفة وطرد‬
‫الغزاة عن ديار السلم‪.‬‬
‫إن هذا الهدف يجب أن يكون الهدف الساسي للحركة الجهادية‬
‫السلمية مهما تكلف من تضحيات‪ ،‬ومهما استغرق من وقت‪،‬‬
‫ومهما تكبدنا في سبيله‪.‬‬
‫انتهى كلم الشيخ الدكتور أيمن الظواهري حفظه الله تعالى‬
‫ونصره على أعداء الملة والدين آمين‪ .‬نقل ً عن جريدة الشرق‬
‫الوسط‪.‬‬
‫وأخيرًا‪ :‬نسأل الله تعالى أن ينصر السلم والمسلمين‪ ،‬ويعلي‬
‫راية الحق والدين‪ ،‬وأن يمكننا من رقاب الكفرة والمرتدين‬

‫‪147‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫والمنافقين‪ ،‬وأن يبرم لهذه المة أمر رشد‪ ،‬يعز به أولياءه ويذل‬
‫به أعداءه‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‪ .‬اللهم إنا قد بلغنا اللهم‬
‫فاشهد‪.‬‬

‫تم جمعه بعون الله تعالى‬


‫بتاريخ ‪/21‬رجب‪ 1424/‬هـ‬
‫الموافق‪ 18/9/2003 :‬مـ‬
‫ه‪ :‬أبو محمد التوحيدي‬
‫أعدّهُ وجمع ُ‬

‫‪148‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫الفهــرس‬
‫إهــداء ‪5.............................................................................................................‬‬
‫مـقـّدمــــة ‪6.........................................................................................................‬‬
‫الجهاد القتالي أعلى أنواع الجهاد‪9...............................‬‬
‫فضل الجهاد‪10.......................................................‬‬
‫التدريب والجهاد من أفضل القربات إلى الله وأفضل من‬
‫جميع النوافل‪11.....................................................‬‬
‫المرابطة في سبيل الله أفضل من المجاورة بمكة والمدينة‬
‫وبيت المقدس‪12....................................................‬‬
‫مســــألـة‪14..........................................................‬‬
‫فضل النفقة في سبيل الله تعالى‪16............................‬‬
‫الترهيب من ترك الجهاد وبيان عواقبه‪17.......................‬‬
‫عـلـة قتـال الكافـرين ‪19.........................................................................................‬‬
‫الكفر يبيح الدم والعقد يعصمه‪19.................................‬‬
‫أحكام نساء الكفار‬
‫وصبيانهم ومن في حكمهم‪27..................................................................................‬‬
‫جواز رمي من يجب قتالهم من المشركين وإن تترسوا‬
‫بنسائهم وصبيانهم أو من في حكمهم‪28.......................‬‬
‫تعمد قتل النساء والصبيان والشيوخ ومن في حكمهم إذا‬
‫كانوا ممن يعينون على القتال بالتحريض أو الرأي أو أي‬
‫نوع من أنواع العون‪28..............................................‬‬
‫حكم إتلف ما يؤثر إتلفه في قوة أهل الحرب أو من يجب‬
‫قتالهم‪30..............................................................‬‬
‫حكم اتباع المدبر والتذفيف على الجرحى‪32...................‬‬
‫حكم المنفرد وغير المقدور عليه‪33..............................‬‬
‫أنواع الدور وأحكامها‪34........................................................................................‬‬
‫مقدمة في أحكام الدور‪34.........................................‬‬

‫‪149‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫المقصد الصلي للجهاد هو‬
‫إظهار الدين ومن ثم نيل الشهادة ‪38...........................................................................‬‬
‫وفي فضل الشهادة ورد‪38........................................‬‬
‫أول‪ ،‬أثر حب الستشهاد في النصر‪42...........................‬‬
‫ويتحقق مبدأ الردع بالعمل على محورين‪43....................‬‬
‫ثانيا ً آفة التهور‪43...................................................‬‬
‫ثالثا ً آفة الجبن‪45....................................................‬‬
‫رابعا ً آفة الحجام‪46.................................................‬‬
‫حكم مفارقة الجماعة‬
‫وترك الجهاد والركون إلى الكفار‪48...........................................................................‬‬
‫وجوب الخروج‬
‫على الحكومات الكافرة‪52.......................................................................................‬‬
‫وجوب العداد عند العجز‪53........................................‬‬
‫حكم الكراه والضرار بالمسلمين‪57..........................................................................‬‬
‫فـصــــــل‪63.........................................................‬‬
‫رد على شبهة أن الغلم دل على الراهب الذي علمه‪64......‬‬
‫حـكــم المـــارة‬
‫وأنها واجبة وخاصة في الجهاد‪67............................................................................‬‬
‫أمير الجماعة ‪68.....................................................‬‬
‫شوري‪71.................................................‬‬ ‫المجلس ال ّ‬
‫مة مجلس الشورى‪72...........................................‬‬ ‫مه ّ‬
‫شرعّية‪72...................................................‬‬ ‫الّلجنة ال ّ‬
‫شرعّية‪72...............................‬‬ ‫صلحيات رئيس الّلجنة ال ّ‬
‫اللجنة القضائية‪73...................................................‬‬
‫قاضي الجماعة‪73...................................................‬‬
‫الّلجنة العسكرّية‪74..................................................‬‬
‫صلحيات قائد الّلجنة العسكرّية‪75................................‬‬
‫الّلجنة المالّية‪76......................................................‬‬
‫صلحيات مسؤول المال‪77.........................................‬‬
‫فرع دراسة المشاريع القتصادية و الستثمارّية‪78............‬‬

‫‪150‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫أسباب الغتيالت ‪79..............................................................................................‬‬
‫‪ -1‬الزندقة وسب الله ورسوله وشتمهما وأذيتهما‪79.........‬‬
‫‪ -2‬المحارب من الكفار الصليين‪81..............................‬‬
‫مواصفات عناصر فريق الغتيال‪84...............................‬‬
‫ولتدريب عناصر الفريق‪85.........................................‬‬
‫أفضل حالت الغتيال‪86...........................................‬‬
‫خصائص ومراحل عملية الغتيال‪87..............................‬‬
‫أمنيات عملية الغتيالت‪88.........................................‬‬
‫أجزاء مهمة الغتيال‪91.............................................‬‬
‫أساليب وطرق الغتيالت‪94.......................................‬‬
‫الطريقة الولى‪ :‬جهاز التفجير عن بعد لسلكيا )الريموت‬
‫كنترول(‪94............................................................‬‬
‫التحضيرات المنية التي تسبق عملية التفجير والتي تليها‪. . .‬‬
‫‪96‬‬
‫الطريقة الثانية‪ :‬الرسائل والرسائل الملغومة)المفخخة(‪98.‬‬
‫الطريقة الثالثة‪ :‬تفخيخ السيارات‪103...........................‬‬
‫تنبيهات أمنية للمجاهدين في بعض ميادين القتال مثل‬
‫فلسطين‪104.........................................................‬‬
‫الطريقة الرابعة‪ :‬تفجير السيارة عن بعد‪105...................‬‬
‫تنبيه للمجاهدين المطلوبين والذين يخشون من الغتيال‬
‫وخصوصا في فلسطين من قبل الموساد‪105.................‬‬
‫الطريقة الخامسة‪ :‬القنص‪106...................................‬‬
‫الطريقة السادسة‪ :‬كتم النفاس‪107............................‬‬
‫الطريقة السابعة‪ :‬الضرب بالقدوم‪108..........................‬‬
‫الطريقة الثامنة‪ :‬تفخيخ الغرف‪108..............................‬‬
‫طرق أخرى‪108......................................................‬‬
‫الهداف التي يجب اغتيالها‪109...................................‬‬
‫فوائد الغتيالت‪111................................................‬‬
‫قصص لعمليات اغتيال معاصرة‪113..............................‬‬
‫عمليات نجحت‪113...................................................‬‬
‫‪ -1‬في أربعين ثانية يتم اغتيال أنور السادات‪113.............‬‬
‫كيف تم اغتيال أنور السادات !!‪114.............................‬‬

‫‪151‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬


‫‪ -2‬اغتيال أحمد شاه مسعود‪115..................................‬‬
‫عمليات لم تتم لحكمة أرادها الله عز وجل‪116.................‬‬
‫‪ -1‬عملية اغتيال الملك محمد ظاهر شاه ‪116..................‬‬
‫‪ -2‬عملية اغتيال حسني مبارك في أديس أبابا‪116............‬‬
‫‪ -3‬عملية اغتيال كرزاي وفهيم وجل آغا في أفغانستان ‪117‬‬
‫وصايـا للمجاهديـن ‪118..........................................................................................‬‬
‫نماذج مجاهدة في زمن الستضعاف فاقتدوا بها‪118.........‬‬
‫العلم بطرق المنافقين والمرجفين‬
‫في التنفير من الحق قديمًا وحديثا‪124........................................................................‬‬
‫علمات النفاق‪124..................................................‬‬
‫العلم بأن الجهاد هو بداية المر وهو نهايته وهو منهج الله‬
‫شف المة حقيقتها‪127..........‬‬ ‫تعالى في ابتلء الناس‪ ،‬لتكت َ ِ‬
‫التفريق بين العلماء الربانيين وعلماء السلطين الذين‬
‫صنعوا على عيون الطواغيت‪129.................................‬‬
‫َ‬
‫قوا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫صدَ ُ‬ ‫فل َ ْ‬
‫و َ‬ ‫م اْل ْ‬
‫مُر َ‬ ‫عَز َ‬
‫ذا َ‬ ‫الحذر من ثقافة المنهزمين ) َ‬
‫فإ ِ َ‬
‫م(‪132..................................................‬‬ ‫خْيرا ً ل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ن َ‬ ‫لَ َ‬
‫كا َ‬
‫كلمــة أخيــرة‪136................................................................................................‬‬
‫ل حل إل بالجهاد‪137................................................‬‬
‫‪ - 2‬واجبات تتأكد‪138................................................‬‬
‫تجيش الحركة الصولية‪139........................................‬‬
‫المجموعات الصغيرة يمكن أن تسبب رعبا للمريكيين‪141. .‬‬
‫نحو قاعدة أصولية في قلب العالم السلمي‪142.............‬‬
‫ولكن كيف وضد من يخوض هذا الصدام؟‪143..................‬‬
‫ضرب المريكان واليهود‪144.......................................‬‬
‫نقل المعركة إلى العدو‪144........................................‬‬
‫اختيار الهداف والتركيز على العمليات الستشهادية‪146....‬‬
‫المعركة معركة كل مسلم‪146.....................................‬‬

‫‪152‬‬ ‫الزاد في أحكام الجهاد‬

You might also like