You are on page 1of 6

‫مظاهر الشرك األكبر والتحذير منها‬

‫وقد ابتلي كثير من العوام بالوقوع في بعض مظاهر الشرك التي يجب التحذير منها‪،‬‬
‫ومن هذه العبادات التي يُعبَد هللا بها‪ :‬الدعاء‪ ،‬واالستعاذة باهلل‪ ،‬واالستغاثة به وحده‪،‬‬
‫والذبح‪ ،‬والنذر‪ ،‬وغير ذلك من أنواع العبادات‪.‬‬
‫والعب@@ادة هي‪ :‬اس@@م ج@@امع لك@@ل م@@ا يحب@@ه هللا ويرض@@اه من األق@@وال واألعم@@ال الظ@@اهرة‬
‫والباطنة‪.‬‬
‫فالصالة عبادة‪ ،‬والصوم@ عبادة‪ ،‬والصدقة عب@@ادة‪ ،‬والحج عب@@ادة‪ ،‬وال@@دعاء عب@@ادة‪ ،‬والن@@ذر‬
‫أيض@ا داخل@@ة في العب@@ادة‪ ،‬وك@@ل ه@@ذه‬
‫عب@@ادة‪ ،‬والخ@@وف والرج@@اء والتوك@@ل والمحب@@ة‪ ،‬ه@@ذه ً‬
‫عبادات يجب أن تكون هلل عز وجل‪.‬‬
‫وفي حديث عبد هللا بن مسعود أنه سأل رسول هللا‪( 4‬أي الذنب أعظم؟ فقال‪ :‬أن تجعل‬
‫هلل نداً وهو خلقك!)(‪.)1‬‬
‫فمن مظاهر الشرك التي وقع فيها كثير من الناس الدعاء بغير هللا‪:‬‬
‫فعن النعمان بن بشير قال‪( :‬سمعت رسول هللا‪ 4‬يقول على المنبر‪ّ :‬‬
‫(إن الدعاء هو‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬ ‫ﭤ‬ ‫ﭢ ﭣ‬ ‫العبادة‪ ،‬ثم قرأ ﭽ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬
‫ﭼ(‪.)2‬‬
‫وفي مناجاة اإلمام علي بن الحسين (زين العابدين) في الصحيفة السجادية الكاملة‪:‬‬
‫ﭣ‬ ‫(وقلت‪ :‬ﭽﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭼ وقلت‪ :‬ﭽ ﭟ ﭠ ﭡﭢ‬
‫ﭩ ﭪ ﭼ‪ ،‬فسميت دعاءك عبادة وتركه استكباراً‪،‬‬ ‫ﭨ‬ ‫ﭧ‬ ‫ﭦ‬ ‫ﭥ‬ ‫ﭤ‬
‫وتوعدت على تركه دخول جهنم داخرين‪ ،‬فذكروك بمنك‪ ،‬وشكروك بفضلك‪ ،‬ودعوك‬
‫بأمرك‪ ،‬وتصدقوا لك طلبا ً لمزيدك)(‪.)3‬‬
‫وروى الميرزا النوري الطبرسي في (مستدرك الوسائل) عن القطب الراوندي في‬
‫(دعواته) عن النبي‪ 4‬أنه قال‪( :‬أفضل عبادة أمتي بعد قراءة القرآن الدعاء‪ ،‬ثم قرأ ﭽ ﭟ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ‪ ،‬أال ترى أنّ الدعاء هو العبادة؟)(‪.)4‬‬ ‫ﭠ ﭡﭢ‬
‫وروى الكليني في (الكافي) عن أبي جعفر (الباقر) أنه قال‪ّ :‬‬
‫إن هللا ﻷ يقول‪ :‬ﭽ ﭣ ﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭼ قال‪ :‬هو الدعاء‪ ،‬وأفضل العبادة الدعاء(‪.)5‬‬
‫) مستدرك الوسائل ‪ 14/332‬والحديث رواه البخاري كتاب التفسير باب قوله تعالى‪ :‬ﭽﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﭼ (‬ ‫‪1‬‬

‫‪ )4477‬ورواه مسلم في اإليمان باب كون الشرك أقبح الذنوب ح (‪.)86‬‬


‫() رواه الترمذي كتاب تفسير القرآن – حديث (‪ )2969‬وغيره بسند صحيح‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الصحيفة السجادية الكاملة لإلمام علي بن الحسين (زين العابدين) ص( ‪.)225-224‬‬ ‫‪3‬‬

‫() مستدرك الوسائل (‪.)5/159‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الكافي (‪.)2/466‬‬ ‫‪5‬‬


‫وروى الكليني في الكافي والحر العاملي في (وسائل الشيعة) عن اإلمام جعفر‬
‫الصادق أنه قال‪ّ ( :‬‬
‫إن الدعاء هو العبادة)(‪.)6‬‬

‫وعن أبي جعفر الباقر أنه قال (أفضل العبادة الدعاء)(‪.)7‬‬


‫أن الدعاء عبادة ّ‬
‫وأن صرف الدعاء لغير هللا‬ ‫كل هذه النصوص تدل داللة قطعية على ّ‬
‫تعالى يعني بكل وضوح صرف العبادة لغير هللا تعالى‪.‬‬
‫سي نَ ۡف ٗعا َواَل َ‬
‫ض ًّرا ِإاَّل َما شَٓا َء ٱهَّلل ۚ ُ‬ ‫ألن الضر والنفع بيد هللا ال يقدرها أحد سواه‪﴿ ،‬قُل ٓاَّل َأمۡ لِ ُك لِنَ ۡف ِ‬
‫ش‪ٞ P‬ير لِّقَ‪Pۡ P‬و ٖم يُ ۡؤ ِمنُ‪PP‬ون﴾‬ ‫س ٓو ۚ ُء ِإ ۡن َأنَ ۠ا ِإاَّل نَ‪ِ P‬ذ ‪ٞ‬ير َوبَ ِ‬ ‫ٱَلست َۡكثَ ۡرتُ ِمنَ ۡٱل َخ ۡي ِر َو َما َم َّ‬
‫سنِ َي ٱل ُّ‬ ‫َولَ ۡو ُكنتُ َأ ۡعلَ ُم ۡٱل َغ ۡي َب ۡ‬
‫(سورة األعراف ‪)188/‬‬

‫وهذا اإلمام جعفر الصادق يعلنها صراحة‪ ،‬أمام الناس جميعاً‪ ،‬من شاهده وصحبه‪،‬‬
‫ومن سمع به ولم يره‪ ،‬يقول بكل وضوح‪:‬‬
‫(وهللا ما نحن إال عبيد‪ ..‬ما نقدر على ضر وال نفع‪ ،‬إن رحمنا فبرحمته‪ ،‬وإن عذبنا‬
‫فبذنوبنا‪ ،‬وهللا مالنا على هللا من حجة وال معنا من هللا براءة‪ ،‬وإنا لميتون ومقبورون‬
‫ومنشورون ومبعوثون وموقوفون ومسؤولون‪ ...‬أشهدكم أني امرٌؤ ولدني رسول هللا‬
‫وما معي براءة من هللا‪ ،‬إن أطعت رحمني وإن عصيت عذبني عذابا ً شديداً )(‪.)8‬‬
‫ويقول في دعائه لربه ﻷ‪( :‬اللهم ال تجهد بالءنا‪ ،‬وال تشمت بنا أعدائنا‪ ،‬فإنك أنت‬
‫الضار النافع)(‪.)9‬‬
‫وقد كان حفيده اإلمام الرضا يقول في دعائه‪ ( :‬اللهم إني أبرأ إليك من الحول‬
‫والقوة‪ ،‬فال حول وال قوة إال بك‪.‬‬
‫اللهم إني أبرأ إليك من الذين ادعوا لنا ما ليس لنا بحق‪ .‬اللهم إني أبرأ إليك من‬
‫الذين قالوا فينا ما لم نقله في أنفسنا‪ .‬اللهم لك الخلق ومنك األمر‪ ،‬وإياك نعبد وإياك‬
‫نستعين‪ .‬اللهم أنت خالقنا وخالق آبائنا األولين وآبائنا األخرين‪ .‬اللهم ال تليق الربوبية‬
‫إال بك‪ ،‬وال تصلح اإللهية إال لك‪ ،‬فالعن النصارى الذين ص ّغروا عظمتك‪ ،‬والعن‬
‫المضاهين لقولهم من بريتك‪.‬‬

‫() الكافي (‪( )2/339‬كتاب الدعاء ‪-‬باب فضل الدعاء والحث عليه)‪ ،‬وسائل الشيعة (‪( )7/23‬أبواب‬ ‫‪6‬‬

‫الدعاء‪-‬باب الدعاء والحث عليه)‪.‬‬


‫() وسائل الشيعة (‪( ) 7/30‬باب استحباب اختيار الدعاء على غيره من العبادات المستحبة)‬ ‫‪7‬‬

‫() بحار األنوار (‪.)25/289‬‬ ‫‪8‬‬

‫() قرب اإلسناد ص(‪ )4‬حديث رقم (‪.)10‬‬ ‫‪9‬‬


‫اللهم إنا عبيدك وأبن‪PP‬اء عبي‪PP‬دك‪ ،‬ال نمل‪P‬ك ألنفس‪PP‬نا ض‪PP‬راً وال نفع‪P‬ا ً وال موت‪P‬ا ً وال حي‪PP‬اة وال‬
‫نشوراً‪ .‬اللهم من زعم أننا أرباب فنحن إليك منه براء‪ ،‬ومن زعم أنّ إلينا الخلق وعلينا‬
‫الرزق فنحن إليك منه براء ك‪PP‬براءة عيس‪PP‬ى؛ من النص‪PP‬ارى‪ .‬اللهم إن‪PP‬ا لم ن‪PP‬دعهم إلى م‪PP‬ا‬
‫يزعمون‪ ،‬فال تؤاخذنا بما يقولون واغفر لنا ما يزعمون)(‪.)10‬‬
‫ومن مظاهر الشرك االستغاثة بغير هللا‬
‫واالستغاثة‪ :‬هي طلب الغوث‪ ،‬وهو إزالة الشدة‪ ،‬وهي نوع من الدعاء‪ ،‬فهي (دعاء‬
‫المكروب)؛ أي الدعاء حال الكرب‪ ،‬فيدعو الداعي ربَّه أن يكشف كربه‪ ،‬فيُس َّمى مستغيثًا‬
‫باهلل‪ ،‬والدعاء أعم من االستغاثة؛ ألنه يكون من المكروب وغيره‪( ،‬فكل استغاثة دعا ٌء‪،‬‬
‫وليس كل دعا ٍء استغاثةً)‪.‬‬
‫وهللا تعالى هو الذي يُغيث عباده‪ ،‬وقال تع@@الى‪َ ﴿ :‬أ َّم ْن يُ ِجيبُ ْال ُم ْ‬
‫ض @طَ َّر ِإ َذا َد َع@@اهُ َويَ ْك ِش @ ُ‬
‫ف‬
‫ض َأِإلَهٌ َم َع هَّللا ِ قَلِياًل َما تَ@ َذ َّكرُونَ ﴾ [النم@ل‪ ،]62 @:‬وك@ان ص@لى‬ ‫السُّو َء َويَجْ َعلُ ُك ْم ُخلَفَا َء اَأْلرْ ِ‬
‫حي يا قيُّو ُم‪ ،‬برحمتك أستغيث))‬ ‫هللا عليه وسلم يقول‪(( :‬يا ُّ‬
‫ون هَّللا ِ َم ْن اَل يَ ْس @تَ ِجيبُ لَ @هُ ِإلَى يَ@@وْ ِم ْالقِيَا َم@ ِة َوهُ ْم‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬و َم ْن َأ َ‬
‫ضلُّ ِم َّم ْن يَ ْد ُعو ِم ْن ُد ِ‬
‫ع َْن ُدعَاِئ ِه ْم غَافِلُونَ ﴾ [األحقاف‪.]5 :‬‬
‫ويقول اإلمام السجاد الذي سطّر أخلص وأصفى تعابير التوسل واالستغاثة في‬
‫أدعيته‪ ،‬يقول في الدعاء الذي رواه عنه أبو حمزة الثمالي‪:‬‬
‫(‪ ..‬و الحمد هلل الذي أناديه كلما شئت لحاجتي‪ ،‬وأخلو به حيث شئت لسري بغير‬
‫شفيع‪ ،‬فيقضي لي حاجتي‪ ..‬الحمد هلل الذي أدعوه وال أدعو غيره‪ ،‬ولو دعوت غيره لم‬
‫ٍ‬
‫يستجب لي دعائي‪!! ) ..‬‬
‫(‪)11‬‬

‫ويقول‪( :‬الحمد هلل الذي ال أرجو غيره‪ ،‬ولو رجوت غيره ألخلف رجائي)‪.‬‬
‫ويقول في مناجاة المطيعين‪( @:‬وال وسيلة لنا إليك إال أنت )(‪.)12‬‬
‫ويقول أيضاً‪( :‬أنت المدعو للمهمات وأنت المفزع في الملمات)(‪.)13‬‬
‫ويقول أيضاً‪( :‬ال يشركك أحد في رجائي وال يتفق أحد معك في دعائي وال ينظمه‬
‫وإياك ندائي)(‪.)14‬‬

‫() االعتقادات البن بابويه القمي ص(‪.)99‬‬ ‫‪10‬‬

‫() الصحيفة السجادية ص(‪.)214‬‬ ‫‪11‬‬

‫() نفس المصدر ص(‪.)411‬‬ ‫‪12‬‬

‫() نفس المصدر ص(‪.)67‬‬ ‫‪13‬‬

‫() نفس المصدر ص(‪.)144‬‬ ‫‪14‬‬


‫ويقول اإلمام جعفر الصادق‪( :‬عجبت لمن اغتم‪ ،‬كيف ال يفزع إلى قوله ﻷ‪ :‬ﭽﮜ ﮝ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﭼفإني سمعت هللا بعقبها يقول‪:‬‬
‫ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﭼ(‪.)15‬‬ ‫ﮩ‬ ‫ﭽﮨ‬
‫وعجبت لمن ُمكر به‪ ،‬كيف ال يفزع إلى قوله تعالى‪:‬‬
‫ﭽﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﭼ(‪.)16‬‬
‫فإني سمعت هللا بعقبها يقول‪:‬‬
‫ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﭼ)(‪.)17‬‬
‫وقد كان من دعائه لربه ﻷ‪:‬‬
‫(ي@@ا من ال تحجب@@ه س@@ماء عن س@@ماء‪ ،‬وال أرض عن أرض‪ ،‬وال جنب عن قلب‪ ،‬وال س@@تر‬
‫عن ِك ّن‪ ،‬وال جب@@ل عم@@ا في أص@@له‪ ،‬وال بح@@ر عم@@ا في قع@@ره‪ ،‬ي‪PP‬ا من ال تش‪PP‬تبه علي‪PP‬ه‬
‫اًألصوات‪ ،‬وال تغلبه كثرة الحاجات‪ ،‬وال يبرمه‪ P‬إلحاح الملحين)(‪.)18‬‬
‫لقد ضرب اإلمام الصادق مثاالً رائعا ً لكل مسلم‪ ،‬مؤكداً بمثاله هذا أنه (ال يُستغاث إال‬
‫وأن المخلوق ضعيف مربوب خاضع لسلطان هذا الرب العظيم‪ ،‬ال يملك‬ ‫باهلل تعالى) ّ‬
‫لنفسه ضراً وال نفعاً‪.‬‬
‫روى ابن بابويه القمي عن اإلمام الحسن العسكري في قول هللا ﻷ‪( :‬بس@@م هللا ال@@رحمن‬
‫الرحيم)‪ ،‬فقال‪ :‬هللا هو الذي يتأله إليه عند الحوائج والش‪PP‬دائد ك‪PP‬ل مخل‪PP‬وق عن‪PP‬د انقط‪PP‬اع‬
‫الرجاء من كل من هو دونه‪ ،‬وتقطع األسباب من جميع ما سواه‪ ،‬يق‪PP‬ول‪( :‬بس‪PP‬م هللا) أي‬
‫أس‪PP‬تعين على أم‪PP‬وري كله‪PP‬ا باهلل ال‪PP‬ذي ال تح‪PP‬ق العب‪PP‬ادة إال ل‪PP‬ه‪ ،‬المغيث إذا اس‪PP‬تغيث‪،‬‬
‫والمجيب إذا دعي‪ ،‬وهو ما قال رج‪PP‬ل للص‪P‬ادق؛‪ :‬ي‪PP‬ا ابن رس‪PP‬ول هللا دل‪P‬ني على (هللا) م‪PP‬ا‬
‫هو؟ فقد أكثر علي المجادلون وحيروني‪ ،‬فقال ل‪PP‬ه‪ :‬ي‪PP‬ا عب‪PP‬د هللا‪ ،‬ه‪PP‬ل ركبت س‪PP‬فينة ق‪PP‬ط؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فهل كسر بك حيث ال سفينة‪ P‬تنجي‪PP‬ك وال س‪PP‬باحة تغني‪PP‬ك؟ ق‪PP‬ال‪ :‬نعم‪ ،‬ق‪PP‬ال‪:‬‬
‫فهل تعلق قلبك هنالك أنّ شيئا ً من األش‪PP‬ياء ق‪PP‬ادر على أن يخلص‪PP‬ك من ورطت‪PP‬ك؟ فق‪PP‬ال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قال الصادق؛‪ :‬فذلك الشئ هو هللا القادر على اإلنجاء حيث ال منجي‪ ،‬وعلى اإلغاثة‬
‫حيث ال مغيث)(‪.)19‬‬

‫() سورة األنبياء اآلية (‪.)84-83‬‬ ‫‪15‬‬

‫() سورة غافر اآلية (‪.)44‬‬ ‫‪16‬‬

‫() الخصال ص(‪.)218‬‬ ‫‪17‬‬

‫() قرب اإلسناد ص(‪)6‬حديث رقم (‪)18‬‬ ‫‪18‬‬

‫() كتاب التوحيد ص(‪.)230‬‬ ‫‪19‬‬


‫وفي رواية أخرى‪( :‬الذي يتأله إليه عند الحوائج والشدائد كل مخل‪PP‬وق عن‪PP‬د انقط‪PP‬اع‬
‫الرجاء من جميع من هو دونه‪ ،‬وتقطع األسباب من كل من سواه وذلك أنّ ك‪PP‬ل م‪PP‬ترئس‬
‫في هذه ال‪PP‬دنيا ومتعظم فيه‪PP‬ا وإن عظم غن‪PP‬اؤه وطغيان‪PP‬ه وك‪PP‬ثرت ح‪PP‬وائج من دون‪PP‬ه إلي‪PP‬ه‬
‫ف‪P‬إنهم س‪P‬يحتاجون ح‪PP‬وائج ال يق‪P‬در عليه‪PP‬ا ه‪P‬ذا المتع‪P‬اظم‪ ،‬وك‪PP‬ذلك ه‪P‬ذا المتع‪PP‬اظم يحت‪P‬اج‬
‫حوائج ال يقدر عليها‪ ،‬فينقطع إلى هللا عند ضرورته‪ P‬وفاقته ح‪PP‬تى إذا كفى هم‪PP‬ه ع‪P‬اد إلى‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬ ‫ﮢ ﮣ ﮤ@ ﮥ‬ ‫شركه‪ ،‬أما تسمع هللا عزوجل يقول‪ :‬ﭽ@ ﮟ ﮠ@ ﮡ@‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﭼ ‪.‬‬
‫(‪)20‬‬
‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬ ‫ﮪ‬
‫فقال هللا عزوجل لعباده‪ :‬أيها الفقراء إلى رحمتي إني قد ألزمتكم الحاجة إل ّي في كل‬
‫حال‪ ،‬وذلة العبودية في كل وقت‪ ،‬فإل ّي فافزعوا في كل أمر تأخذون فيه وترجون تمامه‬
‫وبلوغ غايته‪ ،‬فإني إن أردت أن أعطيكم لم يقدر غيري على منعكم وإن أردت أن‬
‫أمنعكم لم يقدر غيري على إعطائكم‪ ،‬فأنا أحق من سئل‪ ،‬وأولى من تضرع إليه‪ ،‬فقولوا‬
‫عند افتتاح كل أمر صغير أو عظيم (بسم هللا الرحمن الرحيم) أي أستعين على هذا‬
‫األمر باهلل الذي ال يحق العبادة لغيره‪ ،‬المغيث إذا استغيث‪ ،‬المجيب إذا دعي)(‪.)21‬‬
‫فتأمل كالم اإلمامين الصادق والعسكري لتعلم كم يبتعد عن تعاليم األئمة وتوحيدهم‬
‫من يتعلق قلبه بالمخلوقين عند الشدائد فيستغيث بهم حيث ال منجي‪.‬‬
‫أن المخلص من المحن والشدائد هو هللا تعالى قائالً‪:‬‬
‫فقد بيّن اإلمام الصادق للرجل ّ‬
‫(فهل تعلق قلبك هنالك أنّ شيئا ً من األشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ فقال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قال الصادق‪ :‬فذلك الشئ هو هللا القادر على اإلنجاء حيث ال منجي‪ ،‬وعلى اإلغاثة‬
‫حيث ال مغيث)‪ ،‬ولم يقل له‪ :‬إن أصابتك مصيبة فاسأل الزهراء أو اسألني أقضي لك‬
‫حاجتك‪.‬‬
‫أن شيئا ً من األشياء قادر على أن يخلص@@ك‬ ‫وتأمل قوله للرجل‪( :‬فهل تعلق قلبك هنالك ّ‬
‫أن القلب ليس بمأمن من الشـرك إن لم يُوطّن على التعلق باهلل تعالى‪،‬‬‫من ورطتك؟) لتعلم ّ‬
‫فأين الذين تتعلق قلوبهم بالمخلوقين (سواء أكانوا أنبياء أو أئمة أو غيرهم من الصالحين)‬
‫فيذكرونهم عند الشدائد والمحن من الموحد العارف لربه الذي ال يتعل@@ق قلب@@ه عن@@د المحن‬
‫إال بربه‪ ،‬فيناديه ويستغيث به متذلالً له مستشعراً خضوعه له@@ذا ال@@رب ومستش@@عراً ق@@درة‬
‫هللا تعالى على كشف الضر عنه؟‬
‫ولخطورة هذه المسألة كان موقف أهل البيت ‡ تجاهها واضحا ً كل الوضوح‪ ،‬ال‬
‫يختلف عن ذاك الوضوح الذي لمسناه في مسألة (دعاء غير هللا)‪.‬‬

‫() سورة األنعام اآلية (‪.)41-40‬‬ ‫‪20‬‬

‫() التوحيد البن بابويه القمي ص(‪.)231‬‬ ‫‪21‬‬


‫فهذا اإلمام علي بن الحسين (زين العابدين) يدعو هللا تعالى وه@@و في غاي@@ة الت@@ذلل ل@@ه‬
‫قائالً‪( :‬م@@والي م@@والي أنت الم@@ولى وأن@@ا العب@@د‪ ،‬وه@@ل ي@@رحم العب@@د إال الم@@ولى؟! م@@والي‬
‫موالي أنت العزيز وأنا الذليل‪ ،‬وهل يرحم الذليل إال العزيز؟! موالي موالي أنت الخالق‬
‫وأنا المخلوق‪ ،‬وهل يرحم المخلوق إال الخالق؟! موالي موالي أنت المعطي وأنا السائل‪،‬‬
‫وهل يرحم السائل إال المعطي؟! موالي موالي أنت المغيث وأنا المستغيث‪ ،‬وه‪PP‬ل ي‪PP‬رحم‬
‫المستغيث إال المغيث؟!)(‪.)22‬‬
‫ليعلن بذلك للناس أجمعين‪ ،‬أنّ هللا تعالى هو المغيث وأنّ اإلمام ال يملك لنفسه إال أن‬
‫يكون مستغيثا ً باهلل راجيا ً منه الرحمة والعفو والعطاء والمغفرة‪.‬‬
‫وهذا اإلم@@ام محم@@د الب@@اقر يخ@@بر عن جدت@@ه فاطم@@ة الزه@@راء فيق@@ول‪ّ :‬‬
‫(إن فاطم@@ة بنت‬
‫رس@@ول هللا‪ :4‬مكثت بع@@د رس@@ول هللا‪ 4‬س@@تين يوم @ا ً ثم مرض@@ت فاش@@تدت عليه@@ا فك@@ان من‬
‫دعائها في شكواها‪( :‬يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث فأغثني‪ ،‬اللهم زحزحني عن الن@@ار‪،‬‬
‫وأدخلني الجنة‪ ،‬وألحقني بأبي محمد «‪.)23()»4‬‬
‫فانظر إلى فاطمة الزهراء (سيدة نساء العالمين) بمن تستغيث‪.‬‬
‫ومن مظاهر الشرك الذبح لغير هللا‪:‬‬
‫صلِّ لِ َربِّكَ َوا ْن َحرْ ﴾ [الكوثر‪.]2 @:‬‬
‫قال تعالى‪ ﴿ :‬فَ َ‬
‫اي َو َم َماتِي هَّلِل ِ َربِّ ْال َعالَ ِمينَ ﴾ [األنعام‪:‬‬ ‫وقال تعالى‪ ﴿ :‬قُلْ ِإ َّن َ‬
‫صاَل تِي َونُ ُس ِكي َو َمحْ يَ َ‬
‫‪ ،]162‬والنُّسُك‪ :‬هو الذبح‪.‬‬
‫وعن علي بن أبي طالب رضي هللا عنه‪ ،‬حدثني رس@@ول هللا ص@@لى هللا علي@@ه وس@@لم ب@@أربع‬
‫كلمات‪(( :‬لعن هللا من ذبح لغير هللا‪ ،‬لعن هللا من لعن والديه‪ ،‬لعن هللا من آ َوى محدثًا‪ ،‬لعن‬
‫هللا من غيَّر منار األرض) (رواه مسلم ‪.)1978‬‬
‫ومنها‪ :‬النذر لغير هللا‪:‬‬
‫ألن النذر عبادة ال يجوز صرفها لغير هللا؛ قال تعالى‪ ﴿ :‬يُوفُونَ بِالنَّ ْذ ِر َويَ َخافُونَ يَوْ ًما َكانَ‬
‫َشرُّ هُ ُم ْستَ ِطيرًا ﴾ [اإلنسان‪.]7 :‬‬
‫وفي الصحيح عن عائشة قالت‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬من نذر أن يطيع‬
‫صه) (صحيح البخاري ‪.)6696‬‬ ‫هللا فليُ ِطعه‪ ،‬ومن نذر أن يعصي هللا‪ ،‬فال يَ ْع ِ‬

‫() الصحيفة السجادية (جمع األبطحي) ص(‪( )386‬دعاؤه ؛ في التذلل)‬ ‫‪22‬‬

‫() بحار األنوار للمجلسي (‪.)43/217‬‬ ‫‪23‬‬

You might also like