You are on page 1of 53

‫الجامعة البنورية العالمية كراتشي‬

‫‪Binoria International University Karachi‬‬

‫بحث بعنوان ‪ 27 :‬حروب قادها النبي مباشرة‬


‫المشرف ‪ :‬فضيلة الشيخ فصيح هللا‬
‫إعداد الطالب ‪ :‬محمد يونس مهدى‬
‫رقم التسجيل ‪28483 :‬‬

‫الصف الخامس‬
‫معهد اللغة العربية للوافدين‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬

‫﷽‬

‫َاْلَح ْم ُد هلل اَّلِذ ْي َأَع َّز َن ا بِاِإْليَم اِن ِبِه‪َ ،‬و َهَد انَا ِإَلى َع ِظ يِم َش ِر ْيَع ِتِه‪َ ،‬و َأْس َع َد َن ا ِباِّت َب اِع َأْف َض ِل ُرُس ِلِه‪،‬‬
‫َأْش َه ُد َأْن َال ِإلَه ِإَّال هللا َو ْح َد ُه َال َش ِر ْي َك َلُه ‪ ،‬فِي ُأُلوِه َّي ِتِه َو ُرُبْو ِبَّي ِتِه َو َأْس َم اِئِه َو ِص َفاِتِه‪َ ،‬و َأْش َه ُد‬
‫َأَّن ُمَح َّم ًدا َعْب ُد ُه َو َر ُسْو ُلُه ‪َ ،‬الَّلُهَّم َص ِّل َو َس ِّلْم َو َب اِر ْك َع َلى َس ِّي ِد َن ا ُمَح َّم ٍد َو َع َلى آِلِه َو َص ْح ِبِه‬
‫َاْج َم ِع ْي َن ‪َ ،‬و َبْع ُد‬

‫قال هللا تعالى‪:‬‬


‫وقاتلوا في سبيل هللا الذين يقاتلونكم والتعتدوا"‪ .‬إن هللا ال يحب المعتدين»‪( .‬سورة البقرة‬
‫اآلية (‪)190‬‬
‫وقال الشيخ محمد علي الصابوني إن الجهاد أو القتال أو الحرب هي حالة الطوارئ‬
‫والبديل األخير‪.‬وليس المقصود من الجهاد أو القتال أو الحرب سفك الدماء أو الحصول على‬
‫غنائم الحرب أو تدمير بيوت غير المسلمين ودور عبادتهم ومدنهم‪ .‬الجهاد أو القتال أو‬
‫الحرب هو السبيل األخير للقضاء على الظلم والقضاء على االضطهاد والجماعات‬
‫المشركين الذين ينتهكون االتفاقيات االجتماعية والسياسية مع المسلمين‪( .‬الشيخ م علي‬
‫الصابوني‪ ،‬روائع البيان‪ :‬تفسير آيات أحكام من القرآن‪[ ،‬جاكرتا‪ ،‬الدار العالمية‪ 2015 :‬م‪/‬‬
‫‪ 1431‬هـ]‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬صفحة (‪)381‬‬

‫وفيما يلي سورة محمد اآلية ‪ 4‬التي تأمر بإبادة الكفار في ساحة المعركة‬

‫ّٰٓت‬
‫قوله‪ِ:‬اَذ ا َلِقْي ُتُم اَّلِذ ْي َن َكَفُرْو ا َفَض ْر َب الِّر َقاِۗب َح ى ِاَذ ٓا َاْث َخ ْنُتُمْو ُه ْم َفُشُّد وا اْلَو َث اَۖق َفِاَّما َم ًّن ۢا َب ْع ُد َو ِاَّما‬
‫ِفَد ۤا ًء َح ّٰت ى َت َض َع اْل َح ْر ُب َاْو َز اَر َه ا ۛە ٰذ ِلَك ۛ َو َلْو َي َش ۤا ُء ُهّٰللا اَل ْن َت َص َر ِم ْن ُهْم َو ٰل ِك ْن ِّلَي ْب ُلَو ۟ا َب ْع َض ُك ْم‬
‫ِبَب ْع ٍۗض َو اَّلِذ ْي َن ُقِتُلْو ا ِفْي َس ِبْي ِل ِهّٰللا َفَلْن ُّيِض َّل َاْع َم اَلُهْم (سورة محمد اآلية ‪)4‬‬

‫إذن‪ ،‬ليس المقصود من الجهاد أو القتال أو الحرب قتل أو تدمير األشخاص على اختالف‬
‫معتقداتهم‪ ،‬أو سفك الدماء‪ ،‬أو الحصول على الغنائم‪ ،‬أو تدمير مدينة‪ .‬الجهاد أو القتال أو‬
‫الحرب ينطبق فقط على المعارضين في ساحة المعركة‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬ال يجوز قتل أو‬
‫‪2‬‬
‫قتال األشخاص الذين يتجنبون الحرب كما أمرت بذلك سورة البقرة اآلية ‪( .194‬الصابوني‪،‬‬
‫‪ 2015.‬م ‪ 1431 /‬هـ‪ :‬الثاني ‪)382-381 /‬‬

‫قوله‪َ :‬فَم ِن اْع َت ٰد ى َع َلْي ُك ْم َفاْع َت ُد ْو ا َع َلْي ِه ِبِم ْث ِل َم ا اْع َت ٰد ى َع َلْي ُك ْم ۖ َو اَّتُقوا َهّٰللا َو اْع َلُمْو ا َاَّن َهّٰللا َمَع‬
‫اْلُم َّت ِقْي َن (سورة البقرة اآلية ‪)194‬‬

‫ورغم أن اإلسالم يسمح بالجهاد أو القتال أو الحرب كطريق طوارئ يجب اتخاذه‪ ،‬فإنه ال‬
‫يزال يحمل في طياته المحبة والرحمة‪ .‬ويحرم اإلسالم قتل النساء والشيوخ واألطفال‬
‫والمرضى والقساوسة‪( .‬الصابوني‪ 2015 ،‬م‪1431/‬هـ‪ :‬الثاني‪ .)382/‬يحرم اإلسالم‬
‫االنتقام كعقوبة‪ ،‬وقتل الضحايا المصابين‪ ،‬ومطاردة‪/‬صيد المعارضين الذين يهربون‪ ،‬وحرق‬
‫المنازل أو األشجار‪ .‬تتوافق جميع قواعد أخالقيات الحرب في اإلسالم مع المبادئ اإلنسانية‬
‫العالمية التي تهدف إلى حماية المستضعفين‪/‬المجموعات الهامشية‪/‬الضعيفة‪ ،‬فضًال عن‬
‫القضاء على الطغيان‪ .‬الجهاد أو الحرب أو القتال يشبه الممارسات الجراحية (للعالج) التي‬
‫تجرح‪ .‬ويجب أن تتم هذه الممارسة الجراحية بشرط أال تمر بمنطقة عضو الجسم المراد‬
‫عالجها‪( .‬الصابوني‪ 2015 ،‬م‪1431/‬هـ‪ :‬الثاني‪)382(/‬‬

‫تعريف الجهاد‬
‫‪:‬ولفظة الجهاد لغويا (أصليا) مأخوذة من كلمتين‬

‫‪.‬جَه َد ‪َ :‬اْلـَج ْه ُد ‪َ ،‬اْل ُجْه ُد = َالَّط اَقُة ‪َ ،‬اْلَم َش َّقُة ‪َ ،‬ا ْلُو ْس ُع‬

‫والتي تعني القوة‪ ،‬والجهد‪ ،‬والكدح‪ ،‬والقدرة‬

‫وعند الراغب األصفهاني رحيم هللا (ت ‪425‬هـ) أن َاْل َج ْه ُد الصعوبة وَاْلُجْه ُد القدرة‬
‫‪.‬كلمة الجهاد (َاْلـِج َه اُد ) مأخوذة من الكلمات‪َ :‬ج اَه َد – ُيـَج اِه ُد – ِج َه اًد ا‬

‫‪3‬‬
‫ومعنى الجهاد في االصطالح هو‬

‫َاْلـِجَه اُد ‪ُ :‬مـَح اَر َب ُة اْلُكَّفاِر َو ُه َو اْلُم َغ اَلُة َو اْس ِتْف َر اُغ َم ا ِفْي اْلُو ْس ْع والَّط اَقِة ِم ْن َقْو ٍل َأْو ِفْع ٍل‬

‫‪.‬ويقال أيضا ‪َ:‬اْلـِج َه اُد َو اْلُم َج اَه َد ُة‪ِ :‬اْس ِتْف َر اُغ اْلُو ْس ِع ِفـْي ُمَداَفَعِة اْلَع ُد ِّو‬

‫هناك ثالثة أنواع من الجهاد‬


‫الجهاد ضد العدو الحقيقي‬
‫الجهاد ضد الشيطان‬
‫‪.‬جهاد الشهوة‬

‫‪:‬وهذه األنواع الثالثة من الجهاد ورد ذكرها في القرآن الكريم‪ ،‬ومنها‬


‫َو َج اِه ُد وا ِفي ِهَّللا َح َّق ِج َهاِدِه ۚ ُه َو اْج َت َب اُك ْم َو َم ا َج َع َل َع َلْي ُك ْم ِفي الِّد يِن ِم ْن َح َر ٍج ۚ ِم َّلَة َأِبيُك ْم "‬
‫ِإْب َر اِهيَم ۚ ُه َو َس َّماُك ُم اْلُمْس ِلِميَن ِم ْن َقْبُل َو ِفي َٰه َذ ا ِلَي ُك وَن الَّر ُسوُل َش ِه يًد ا َع َلْي ُك ْم َو َت ُك وُنوا ُشَه َداَء‬
‫َع َلى الَّن اِس ۚ َفَأِقيُموا الَّص اَل َة َو آُتوا الَّز َك اَة َو اْع َت ِص ُموا ِباِهَّلل ُه َو َم ْو اَل ُك ْم ۖ َفِنْع َم اْلَم ْو َلٰى َو ِنْع َم‬
‫الَّن ِص يُر "[الحج‪]78 : 22/‬‬

‫اْن ِفُروا ِخ َفاًفا َو ِثَقااًل َو َج اِه ُد وا ِبَأْم َو اِلُك ْم َو َأْنُفِس ُك ْم ِفي َس ِبيِل ِهَّللا ۚ َٰذ ِلُك ْم َخ ْيٌر َلُك ْم ِإْن ُكْنُتْم "‬
‫َت ْع َلُموَن "[التوبة‪]41:9/‬‬

‫‪:‬وقوله أيضا‬

‫ِإَّن اَّلِذيَن آَم ُنوا َو َه اَج ُروا َو َج اَه ُد وا ِبَأْم َو اِلِه ْم َو َأْنُفِس ِه ْم ِفي َس ِبيِل ِهَّللا َو اَّلِذيَن آَو ْو ا َو َن َص ُروا"‬
‫ُأوَٰل ِئَك َب ْع ُضُهْم َأْو ِلَي اُء َب ْع ٍض ۚ َو اَّلِذيَن آَم ُنوا َو َلْم ُيَه اِج ُروا َم ا َلُك ْم ِم ْن َو اَل َيِتِه ْم ِم ْن َش ْي ٍء َح َّت ٰى‬
‫ُيَه اِج ُروا ۚ َو ِإِن اْس َت ْن َص ُروُك ْم ِفي الِّد يِن َفَع َلْي ُك ُم الَّن ْص ُر ِإاَّل َع َلٰى َقْو ٍم َب ْي َن ُك ْم َو َب ْي َن ُهْم ِم يَث اٌق ۗ َو ُهَّللا ِبَم ا‬
‫َت ْع َم ُلوَن َبِص يٌر "[األنفال‪]72 :8/‬‬

‫‪4‬‬
‫يقول الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقالني رحمه هللا (ت ‪ 852‬هـ)‪" :‬الجهاد شرًعا هو‬
‫"بذل جميع القدرات في قتال الكفار‬

‫كما أن لفظ الجهاد يستخدم لمحاربة الشهوة ومحاربة الشيطان ومحاربة األشرار‪ .‬وأما‬
‫محاربة الشهوة‪ ،‬فذلك بدراسة اإلسالم‪ ،‬ثم العمل به‪ ،‬ثم تعليمه‪ .‬وأما جهاد الشيطان فهو‬
‫برفض كل الشبهات واألهواء التي يزينها الشيطان دائما‪ .‬والجهاد هو ضد الكفار باأليدي‬
‫واألموال والكلمات والقلوب‪ .‬وأما جهاد الفاسقين باليد واللسان والقلب‬

‫‪:‬وكالم الحافظ ابن حجر رحمه هللا موافق لقول النبي صلى هللا عليه وسلم‬

‫""قاتلوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم""‬

‫يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‪" :‬بذل كل طاقته لتحقيق ما يحبه هللا عز وجل‪،‬‬
‫ورفض كل ما يكرهه هللا‬

‫وهذا التعريف يشمل جميع أنواع الجهاد الذي يقوم به المسلم‪ ،‬ومنه طاعة هللا عز وجل‬
‫بتنفيذ أوامر هللا واجتناب نواهيه‪ .‬الجدية في دعوة اآلخرين للقيام بالطاعة‪ ،‬قريب أو بعيد‪،‬‬
‫مسلمين أو كافرين‪ ،‬وقتال الكافرين الجاد في سبيل إعالء كلمة هللا‬

‫قال اإلمام ابن القيم رحمه هللا (توفي ‪ 751‬هـ)‪ :‬سمعت شيخنا (أي شيخ اإلسالم ابن تيمية‬
‫رحمه هللا) يقول‪ :‬جهاد الشهوة هو األصل (األساس المبني عليه) في جهاد الكفار والمنافقين‪.‬‬
‫ألنه في الحقيقة لن يستطيع اإلنسان جهاد الكفار والمنافقين‪ ،‬فيحارب جهاد نفسه وأهواءه‬
‫‪.‬أوًال قبل قتالهم‬

‫هناك العديد من األحاديث التي تبين أولوية الجهاد في سبيل هللا‪ ،‬بما في ذلك كالم النبي صلى‬
‫‪،‬هللا عليه وسلم‬

‫‪5‬‬
‫‪:‬وعن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‬
‫ِقْي َل ِللَّن ِبِّي َص َّلى ُهللا َع َلْي ِه َو َس َّلَم ‪َ :‬م ا َي ْع ِدُل اْل ِجَه اَد ِفْي َس ِبْي ِل ِهللا َع َّز َو َج َّل ؟ َقاَل ‪ « :‬اَل‬
‫َت ْس َت ِط ْيُعْو َن ُه »‪َ .‬قاَل ‪َ :‬فَأَع اُد ْو ا َع َلْي ِه َم َّر َت ْي ِن َأْو َث اَل ًث ا ‪ُ .‬ك ُّل َذ ِلَك َي ُقْو ُل ‪ « :‬اَل َت ْس َت ِط ْيُعْو َن ُه »‪َ .‬و َقاَل‬
‫ِفْي الَّث اِلَث ِة ‪َ « :‬م َث ُل اْلُم َج اِهِد ِفي َس ِبْي ِل ِهللا َك َم َث ِل الَّصاِئِم اْلَقاِئِم اْلَقاِنِت ِبآَياِت ِهللا ‪ .‬اَل َي ْفُتُر ِم ْن‬
‫ِص َي اٍم َو اَل َص اَل ٍة َح َّت ى َي ْر ِجَع اْلُم َج اِه ُد ِفْي َس ِبْي ِل ِهللا َت َع اَلى » هذا الحديث صحيح‪ .‬رواه مسلم‬
‫في صحيحه (رقم ‪ ، )1878‬وابن أبي شيبة (رقم ‪ ، )19542‬وابن حبان (رقم ‪- 4608‬‬
‫تعليقة الحسان على صحيح ابن حبان) ‪ ،‬والترمذي في سننه (رقم ‪ ،)1619 .)1008‬أحمد‬
‫في مسنده (الثانية‪ ،)424/‬البغوي في شرح السنة (رقم ‪ .)2612‬وهذا الحديث صححه‬
‫‪.‬الشيخ األلباني في سلسلة األحاديث الصحيحة (رقم‪)2896 :‬‬

‫قال اإلمام ابن القيم رحمه هللا‪" :‬إن الذين يجاهدون في سبيل هللا عز وجل هم جنود هللا‪ .‬وبهم‬
‫يقيم هللا عز وجل دينه‪ ،‬ويرد كيد أعدائه‪ ،‬ويحفظ عزة اإلسالم ويحميه‪ .‬وهم القوم الذين‬
‫يقاتلون أعداء هللا ليكون هذا الدين كله هلل وحده وكلمة هللا العليا فقط‪ .‬لقد ضحوا بأنفسهم في‬
‫سبيل حب هللا عز وجل‪ ،‬والذود عن دينه‪ ،‬وإعالء كلمته‪ ،‬ومحاربة أعداءه‪ .‬ويحصلون على‬
‫أجر وافر من كل شخص يحمونه بسيوفهم في كل عمل يقومون به‪ ،‬رغم بقائهم في منازلهم‪.‬‬
‫ولهم من األجر مثل أجور قوم يعبدون هللا عز وجل‪ ،‬بسبب جهادهم وفتحهم‪ ،‬ألنهم هم الذين‬
‫‪.‬يعبدون هللا عز وجل‬

‫وقد جعل هللا عز وجل السبب في درجة الفاعل من حيث الثواب والخطايا‪ .‬ولهذا السبب‬
‫فإن كل من دعاك إلى الهدى (له أجر عظيم) ومن دعاك إلى الضالل عليه نفس إثم من‬
‫‪.‬اتبعهم‬
‫ومن الواضح أن آيات القرآن واألحاديث النبوية متواترة تأمر بالجهاد‪ .‬وثناء للمجاهدين‬
‫‪.‬وبشرى لهم أن عند ربهم أنواعا من العز وعطايا كثيرة‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا (المتوفى ‪728‬هـ)‪" :‬الهدف من الجهاد أن تكون كلمة‬
‫هللا هي العليا‪ ،‬ويكون الدين كله هلل‪ ،‬أي أن الهدف هو إقامة دين هللا"‪ .‬وجه األرض‬

‫وقال رحمه هللا أيًضا‪" :‬المقصود من فرض الجهاد هو أن ال ُيعبد إال هللا وحده‪ ،‬وال يدعو‬
‫غير هللا‪ ،‬وال يدعو غير هللا‪ ،‬وال يسجد لغير هللا"‪ .‬فال صيام لغيره‪ ،‬وال عمرة وال حج إال إلى‬
‫بيت هللا‪ ،‬وال قربان إال هلل وحده‪ ،‬وال نذر إال في سبيل هللا‪ ،‬وال يمين إال باسم هللا وحده‪ ،‬وال‬

‫‪6‬‬
‫توكل إال في سبيل هللا وحده‪ .‬فيه ال خوف إال هو‪ ،‬ال تخاف إال هو‪ ،‬ال يأتي بالخير إال هللا‪ ،‬ال‬
‫يرد الشر إال هللا‪ ،‬ال هادي إال هللا‪ ،‬ال ال ال يعينهم إال هللا‪ ،‬وال يرزقهم إال هللا‪ ،‬وال يكفيهم إال‬
‫هللا‪ ،‬وال يغفر ذنوبهم إال هللا‬

‫قال الشيخ عبد الرحمن بن ناشر السعدي رحمه هللا‪ :‬ليس الهدف والمقصد من الحرب في‬
‫سبيل هللا مجرد سفك دماء الكفار وأخذ أموالهم‪ ،‬ولكن الهدف إقامة هذا الدين اإلسالمي‪ .‬ألن‬
‫هللا فوق كل األديان ويزيل كل أشكال الشرك التي تعيق قيام هذا الدين‪ ،‬وهذا هو المقصود‬
‫بالشرك‪ .‬فإذا زال الشرك‪ ،‬وحصل المراد‪ ،‬فال يكون قتل وال حرب‬

‫فشرع الجهاد ليقوم دين هللا في األرض‪ .‬لذلك‪ ،‬قبل بدء الحرب‪ُ ،‬أمر بتبشير الكفار حتى‬
‫‪.‬يدخلوا في اإلسالم‬

‫قانون الجهاد‬
‫‪.‬وشرع الجهاد فرض لقول هللا عز وجل في سورة البقرة اآلية ‪216‬‬
‫قانون الجهاد ضد الكفار هو فرض كفاية ‪ .‬بناًء على حجج صحيحة من القرآن والحديث‬
‫باإلضافة إلى تفسيرات من علماء أهل السنة‪ .‬فإذا قام به بعض المسلمين سقط الفرض عن‬
‫‪.‬آخرين‪ .‬إذا لم يفعل ذلك أحد‪ ،‬فالجميع مذنب‬
‫‪:‬وقد ذكر العلماء أن الجهاد يصبح فرضًا بثالثة شروط‬
‫أوًال‪ :‬إذا التقى جيش المسلمين وجيش الكفار وتواجها في أرض المعركة‪ ،‬فال يجوز ألحد أن‬
‫‪ .‬يتراجع أو يلتفت‪ .‬والدليل اآلية ‪ 16‬من سورة األنفال‬

‫ثانيًا‪ :‬إذا هجم العدو وحاصر بلدًا مسلمًا آمنًا‪ ،‬وجب على أهل ذلك البلد الخروج لقتال العدو‬
‫‪(.‬للدفاع عن وطنهم)‪ ،‬إال النساء واألطفال‬

‫ثالثًا‪ :‬إذا طلب اإلمام جماعة أو قرر عدة أشخاص للحرب وجب عليهم الذهاب‪ .‬انظر‬
‫سورة التوبة اآليات ‪39-38‬‬

‫‪7‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‪" :‬واعلم أن طاعة أولي األمر من أعظم الواجبات‬
‫الدينية‪ .‬بل ال دين وال دنيا إال معه‪ .‬ألنه في الحقيقة ال تكتمل منافع اإلنسان إال بوجوده في‬
‫المجتمع لحاجات بعضهم لبعض‪ .‬ويجب عليهم عندما يكونون في المجتمع أن يكون لهم‬
‫رئيس‪/‬قائد‪ ...‬ألن هللا تعالى يأمر بالخير والشر‪ ،‬وال يتم ذلك إال بالقوة والقيادة‪ .‬وكذلك كل‬
‫ما يطلبه هللا من جهاد‪ ،‬وعدل‪ ،‬وحج‪ ،‬وصالة جمعة‪ ،‬وصالة عيد‪ ،‬ونصرة المظلوم‪ ،‬وإقامة‬
‫الحدود‪ ،‬ال يتم كل شيء إال بالقوة والقيادة‪ .‬ولهذا روي أن الحاكم ظل هللا على وجه األرض‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬ستين سنة مع إمام جائر خير من يوم بال إمام‪ .‬أثبتته األبحاث‪ ...‬فالواجب أن تكون‬
‫القيادة في الدين وسيلة للتقرب إلى هللا‪ ،‬ألن التقرب إليه بطاعته وطاعة رسوله يشمل‬
‫التقرب‪ .‬وهو األهم‪ ،‬ألن القيادة في الواقع تدمر أحوال معظم الناس من خالل ‪.‬رغبتهم في‬
‫السلطة أو الثروة‬
‫تعريف الموضوع‪ :‬غزوات هي صيغة جمع غزوة والتي تعني عموًم ا في اللغة‪ :‬الحرب‬
‫في التاريخ اإلسالمي‪ ،‬للغزوة معنى خاص‪ ،‬وهو‪ :‬الحرب التي قادها النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ .‬للحروب التي لم يقودها النبي كانت "سارية"‪ ،‬ومن السرايا المشهورة في التاريخ‬
‫"سارية مؤتة" والتي تقع اآلن في منطقة الكرك باألردن‪ ،‬سارية مؤتة بقيادة زيد بن حارثة ‪،‬‬
‫وهو صديق كبير وكان "ذات مرة" االبن المتبنى للنبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬كما عين النبي‬
‫جعفر بن رواحة كقادة بديلين‬

‫ومن أمثلة الغزوات التي قادها النبي صلى هللا عليه وسلم غزوات بدر وأحد والخندق وأيضا‬
‫غزوات خيبر‪ ،‬على الرغم من أن قائد حرب خيبر كان علي‪ ،‬إال أن هذه الحرب كانت ال‬
‫تزال تسمى غزوة ألن النبي صلى هللا عليه وسلم أنزل من حيث غنيمة‪ ،‬استسالم الحصن ‪،‬‬
‫‪.‬إلخ‬

‫اهمية الموضوع‪ :‬كثير من الناس ال يعرفون عن حرب الرسول‪ ،‬أغلبهم ال يعرفون سوى‬
‫الحروب الشهيرة مثل حرب بدر‪ ،‬أحد‪ ،‬الخندق‪ ،‬وال يعرفون ما هي حرب األبواء‪ ،‬حرب‬
‫بواط‪،‬حرب ذو العشيرة وغير ذالك ولهذا اخترنا العنوان وذلك حتى يعرف هؤالء الطالب‬
‫ما هي الحروب التي شارك فيها النبي صلى هللا عليه وسلم خاللل حياته‬

‫أسباب اختيار الموضوع‪ :‬اخترت هذا الموضوع ألنني أردت حًقا معرفة المزيد عن تاريخ‬
‫‪.‬اإلسالم في عهد النبي صلى هللا عليه وسلم‬

‫‪8‬‬
‫في اإلسالم‪ ،‬تسمى الحرب التي يقودها النبي مباشرة بالغزوة‪.‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬كانت‬
‫الحروب التي لم يقودها النبي محمد صلى هللا عليه وسلم مباشرة تسمى "سارية" أو‬
‫"سارية"‪.‬وبشكل عام يعتقد أن عدد الحروب التي قادها النبي محمد صلى هللا عليه وسلم‬
‫مباشرة كان ‪ 27‬حربا‪.‬ومع ذلك فإن هناك اختالفات كثيرة بين العلماء في تحديد عدد حروب‬
‫‪.‬النبي‬

‫وحدث ذلك بسبب االختالف في تحديد الغزوة والسارية‪ ،‬فضال عن اعتبار الحربين في‬
‫‪.‬حرب واحدة ألنها وقعت في نفس الوقت‬
‫إذن ما هي الحروب التي قادها النبي محمد صلى هللا عليه وسلم ؟‬
‫الحرب التي قادها النبي محمد صلى هللا عليه وسلم‬
‫وبناء على بحث ابن القيم في كتاب زاد المعاد ورأي محمود سيت خطاب‪ ،‬فقد كانت هناك‬
‫‪ 27.‬حربا قادها النبي مباشرة‬

‫توصل بحث محمد سليمان المنشورفوري المتعمق في كتاب رحمة للعالمين إلى أن النبي‬
‫محمد صلى هللا عليه وسلم أرسل رساًل وحمالت عسكرية (ال يقودهم بشكل مباشر) ‪60‬‬
‫‪.‬مرة‪ ،‬لكن لم تشهد جميعها اندالع القتال‬
‫كل هذه الحروب حدثت في وقت قصير إلى حد ما‪ ،‬أي بعد عشر سنوات من هجرة النبي‬
‫‪.‬محمد صلى هللا عليه وسلم من مكة إلى المدينة‬
‫‪.‬وفي الواقع‪ ،‬شارك النبي محمد صلى هللا عليه وسلم في الحروب قبل فترة نبوته‬

‫الحرب األولى التي شارك فيها النبي محمد صلى هللا عليه وسلم‪1.‬‬

‫أول حرب شارك فيها النبي صلى هللا عليه وسلم هي حرب الفجار‪ ،‬حيث جمع النبي محمد‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وهو ال يزال مراهًقا‪ ،‬السهام لعمه الذي كان في جانب قريش‪ ،‬ليردها‬
‫‪.‬على العدو‬
‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬فإن أول حرب قام بها رسول هللا بعد الرسالة هي حرب ودان أو حرب‬
‫األبواء‪ ،‬والتي وقعت في السنة الثانية للهجرة أو ‪ 623‬م‪ .‬كانت غزوة تبوك (‪ )630‬آخر‬
‫‪.‬حروب النبي محمد صلى هللا عليه وسلم قبل وفاته عام ‪632‬‬

‫‪9‬‬
‫‪.‬وفيما يلي ‪ 27‬حرًبا شارك فيها النبي محمد صلى هللا عليه وسلم وقادها مباشرة‬
‫‪.‬حرب ودان (‪ ،)623‬حرب النبي األولى‪1.‬‬
‫‪،‬حرب بواط (‪2.)623‬‬
‫‪.‬حرب تهدف إلى قطع الطريق على قافلة قريش التجارية‪3.‬‬
‫حرب ذو العسيرة (‪623‬هـ) مقدمة حرب بدر الكبرى‪ .‬لم تتضمن غزوة بدر األولى (‪4.‬‬
‫‪ )623.‬أي اتصال مسلح‬
‫غزوة بدر الكبرى (‪624‬هـ)‪ ،‬وهي حرب قاتل فيها ‪ 313‬مسلًم ا ضد ‪ 1300‬من كفار‪5.‬‬
‫‪.‬قريش‬
‫‪.‬حرب بني قينقاع (‪ ،)624‬حرب نتجت عن انتهاكات ميثاق المدينة المنورة ‪6.‬‬
‫‪.‬حرب بني سليم (‪ ،)624‬حرب النبي ضد بني سليم من قبيلة غطفان ‪7.‬‬
‫‪.‬حرب بني صويق (‪ ،)624‬حرب سببها أبو سفيان الذي حاول قتل النبي‪8.‬‬
‫حرب ذو عمار (‪624‬هـ)‪ ،‬حرب بدون اتصال مسلح بسبب هروب قبيلة الصعالبة‪9.‬‬
‫‪.‬والمحارب‬
‫‪.‬حرب بهران (‪ ،)624‬حرب بدون اتصال مسلح بسبب فرار بني سليم‪10.‬‬
‫غزوة أحد (‪ ،)625‬وهي حرب ناجمة عن انتقام كفار قريش الذين خسروا في معركة‪11.‬‬
‫‪.‬بدر‬
‫‪.‬معركة حمراء األسد (‪ ،)625‬استمرار لمعركة أحد‪12.‬‬
‫‪.‬حرب بني نذير (‪ ،)624‬حرب ألن بني نذير نقضوا االتفاق مع النبي‪13.‬‬
‫‪.‬حرب زاتور رقة (‪ ،)624‬الحرب ضد القبائل العربية البدوية ‪14.‬‬
‫‪.‬حرب بدر األخيرة (‪ ،)626‬حرب بدون اتصال مسلح لعدم ظهور كفار قريش‪15.‬‬
‫‪.‬حرب دوماتول جندال (‪ ،)626‬حرب لقمع مثيري الشغب في دوماتول جندال‪16.‬‬
‫‪.‬حرب المريسي (‪ )627‬حرب ضد بني مريسي‪17.‬‬
‫‪.‬حرب الخندق (‪ ،)627‬وهي الحرب التي أصبح فيها حفر الخنادق استراتيجية ‪18.‬‬
‫‪.‬حرب بني قريظة (‪ ،)627‬الحرب على بني قريظة ‪19.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪.‬حرب بني لحيان (‪ ،)627‬الحرب في تل كوران‪20.‬‬
‫‪.‬حرب ذو القرد (‪ ،)627‬غارة على مجموعات مغيرة من غطفان‪21.‬‬
‫‪.‬حرب الحديبية (‪ ،)628‬حرب تم فيها القسم على عدم الفرار من العدو‪22.‬‬
‫‪.‬حرب خيبر (‪ ،)628‬الحرب بين المسلمين واليهود في خيبر ‪23.‬‬
‫‪.‬حرب مؤتة (‪ ،)629‬حرب ناجمة عن مقتل رسول هللا‪24.‬‬
‫‪.‬حرب فتح مكة (‪ ،)630‬أعظم فتح في التاريخ اإلسالمي لتحرير مكة من كفار قريش‪25.‬‬
‫حرب حنين وبني الطائف (‪ ،)630‬حرب شارك فيها أكبر عدد من قوات النبي محمد‪26.‬‬
‫‪.‬صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪.‬غزوة تبوك (‪ ،)630‬آخر حروب النبي محمد صلى هللا عليه وسلم ‪27.‬‬

‫‪.‬المرجع‪ :‬الندوي‪ ،‬أبو الحسن علي الحسني‪ .)2001( .‬السيرة النبوية‬


‫صوفان‪ ،‬أحمد‪ .)2015( .‬استراتيجية الحرب النبوية والدبلوماسية‪ .‬مجلة المحاضرات‬
‫‪.‬الدينية‪134-107 :)1( 13 ،‬‬

‫حرب ودان (‪ ،)623‬حرب النبي األولى‬

‫أول حرب خاضها المسلمون في المدينة المنورة هي حرب األبواء أو حرب ودان‪ .‬ليس‬
‫بالضبط في المدينة المنورة‪ ،‬هذه الحرب دارت على جبل ودان‪ ،‬الذي يقع تحديًدا على بعد‬
‫‪ 250.‬كيلومتًر ا جنوب شرق المدينة المنورة‬
‫‪.‬وسمي باألبواء أيضًا ألن جبل ودان يقع بالقرب من قرية األبواء‬
‫هذه الحرب كانت بقيادة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وشارك فيها ‪ 70‬مهاجًرا فقط‪.‬‬
‫والحرب التي وقعت في شهر صفر من السنة الثانية للهجرة أطلق عليها ابن سعد أيًض ا اسم‬
‫‪.‬الحرب األولى في التاريخ اإلسالمي‬

‫‪11‬‬
‫وهذا الرأي يوافق أيضًا ما قاله ابن هشام‪ .‬عن السيرة النبوية عن ابن هشام عن أبي محمد‬
‫عبد الملك بن هشام المعافري قال‪ :‬كانت غزوة ودان أول حرب غزاها رسول هللا صلى هللا‬
‫‪.‬عليه وسلم‬
‫كما شرح ابن إسحاق هذه الحرب‪ .‬وعلى حد قوله فإن حرب ودان أو حرب األبواء اندلعت‬
‫عندما أراد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مهاجمة قريش وبني ضمرة بن بكر بن عبد مناة‬
‫‪.‬بن كنانة ألنهم كانوا يمرون بمنطقة مدان‬

‫كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وجيشه بحاجة إلى قطع طريق قوات الجمال التي تحمل‬
‫تجارة قريش‪ .‬وكانت قوات الجيش مصحوبة أيًض ا بعلم أبيض يحمله حمزة رع أو عم‬
‫‪.‬رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫وكانت هذه الحرب أيًض ا أول حرب شنها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بنفسه حتى تم‬
‫تعيين سعد بن عبادة لتولي القيادة المؤقتة في المدينة المنورة‪ .‬حتى وصلوا إلى ودان‪ ،‬عاهد‬
‫‪.‬بنو دزمرة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على عدم إراقة دماء‬

‫وكان يمثل بني دزمرة أحدهم وهو مخسي بن عمرو العزمري أو زعيم بني دزمرة في ذلك‬
‫الوقت‪ .‬فطلب من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أال يقاتلهم‪ ،‬ففعلوا مثل ذلك‪ ،‬ومن ذلك عدم‬
‫‪.‬مساعدة العدو في قتال المسلمين‬

‫وأوضح ابن إسحاق‪" :‬بعد ذلك عاد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إلى المدينة ولم يواجه‬
‫مقاومة‪ .‬وبقي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في المدينة حتى نهاية شهر صفر وبداية شهر‬
‫‪".‬ربيع األول‬

‫وبعد إتمام اتفاق السالم عاد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وقواته إلى المدينة المنورة‬
‫سالمين‪ .‬وبحسب التاريخ‪ ،‬استغرق األمر من وقت مغادرتهم حتى عودتهم ‪ 15‬يوًم ا و‪15‬‬
‫‪.‬ليلة‬

‫ورغم أنه لم يكن هناك قتال‪ ،‬فقد أضاف ابن حجر كالم ابن إسحاق الذي نقله عن المغازي‬
‫ألبي األسود‪ ،‬أن قوات المسلمين وقريش رموا بعضهم البعض بالسهام‪ .‬ورمى سعد بن أبي‬
‫‪.‬وقاص بسهم واحد حتى أصبح أول من رمى في سبيل هللا‬

‫‪12‬‬
‫كانت حرب ودان حرًبا صغيرة الحجم‪ .‬وبعد ذلك وقعت معركة بدر التي أصبحت أول‬
‫‪.‬حرب كبرى في التاريخ اإلسالمي يوم ‪ 17‬رمضان‬
‫وُيسجل أن المسلمين نجحوا في الفوز بالحرب‪ ،‬رغم خسارتهم باألفراد والسالح‪ .‬وكان‬
‫هناك ‪ 70‬جندًيا من قريش ماتوا في تلك الحرب الكبرى‪ ،‬بينما أصبح ‪ 70‬آخرون أسرى‬
‫‪.‬حرب‬

‫حرب بواط (‪)623‬‬

‫وبعد حادثة األبواء‪ ،‬واجه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الحرب مرة أخرى في منطقة‬
‫البواث‪ ،‬الواقعة بين مكة والشام في ذلك الوقت‪ .‬وقعت هذه الحرب في ربيع األول سنة ‪2‬‬
‫‪.‬هجرية‪ ،‬وتحديدًا في بداية الشهر التالي لهجرة النبي محمد صلى هللا عليه وسلم‬

‫في ذلك الوقت‪ ،‬قاد النبي ‪ 200‬جندي العتراض مجموعة قريش المكونة من ‪ 100‬شخص‬
‫يحملون ‪ 2500‬بعير‪ .‬ومنهم أمية بن خلف الجمحي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ألنه لم يكن هناك قتال‪ ،‬ثم‬
‫‪.‬عاد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إلى منزله بعد وصوله إلى بواث‬

‫وفي جمادى اآلخرة‪ ،‬تناوب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم و‪ 150‬من أصحابه على ‪30‬‬
‫بعيرا وانطلقوا العتراض قافلة قريش التي كانت متجهة إلى الشام‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تماما مثل‬
‫‪.‬الحدثين السابقين‪ ،‬لم تكن هناك حرب هناك‬

‫ألن قافلة قريش قد مرت على ما يبدو قبل عدة أيام‪ .‬وبهذه المناسبة صالحه أيًضا بنو مدلج‬
‫وحلفاؤهم من بني ضمرة‬

‫‪13‬‬
‫‪.‬حرب ذو العسيرة (‪623‬هـ) مقدمة حرب بدر الكبرى‬

‫بعد شهرين أو ثالثة أشهر من عودته من بواط‪ ،‬عين محمد صلى هللا عليه وسلم أبو سلمة بن‬
‫عبد األسد ليحل محله في المدينة المنورة أثناء غيابه لقيادة هجوم آخر‪ .‬شارك ما بين ‪150‬‬
‫و‪ 200‬من أتباع محمد صلى هللا عليه وسلم في هذه العملية باتجاه العشيرة‪ ،‬وهي منطقة في‬
‫ينبع‪ ،‬في أوائل جمادى األولى أو أواخر جماديل‪ .‬تمت هذه الحملة في عام ‪ 2‬هـ أو ديسمبر‬
‫‪ 623‬م وتم تنفيذها بعد أن تلقى محمد صلى هللا عليه وسلم معلومات تفيد بأن قافلة تتجه إلى‬
‫‪.‬سوريا‬

‫وكان معهم ثالثون من اإلبل‪ ،‬ركبوها بدورهم‪ .‬وعندما وصلوا إلى العشارية‪ ،‬استعدوا‬
‫لمهاجمة قافلة مكية ثرية كانت متجهة إلى سوريا بقيادة أبو سفيان‪ .‬كان لدى محمد صلى هللا‬
‫عليه وسلم معلومات عن خروج القوافل من مكة وانتظر حوالي شهر ليقوم بنصب كمين‬
‫لهذه القوافل‪ .‬ولكن تبين أن قافلة مكة قد مرت من قبل‪[.‬بحاجة لمصدر]‬

‫في هذه العملية‪ ،‬دخل محمد صلى هللا عليه وسلم في تحالف مع قبيلة بني مدلج التي تعيش‬
‫حول العشيرة‪ .‬كما أنهى اتفاقيات أخرى سبق االتفاق عليها مع بني دزامرة‪.‬كل هذه‬
‫‪.‬االتفاقيات أعطته ميزة في العالقات السياسية‬

‫غزوة بدر الكبرى (‪624‬هـ)‬

‫غزوة بدر الكبرى كانت غزوة بدر الكبرى أول معركة كبرى بين األمة اإلسالمية وأعدائها‪.‬‬
‫وقعت هذه الحرب في ‪ 17‬رمضان ‪ 2‬هجرية (‪ 13‬مارس ‪ .)624‬قاتل جيش مسلم صغير‬
‫قوامه ‪ 313‬رجًال ضد قوة قريش قادمة من مكة قوامها ‪ 1000‬رجل‪ .‬وبعد حوالي ساعتين‬
‫من القتال العنيف‪ ،‬دمرت قوات المسلمين الخط الدفاعي لقريش‪ ،‬ثم انسحبوا بعد ذلك في‬
‫‪.‬حالة من الفوضى‬
‫قبل هذه المعركة‪ ،‬شارك المسلمون وسكان مكة في عدة صراعات مسلحة صغيرة النطاق‬
‫بين نهاية عام ‪ 623‬وبداية عام ‪ ،624‬وأصبحت هذه الصراعات المسلحة متكررة بشكل‬
‫‪14‬‬
‫متزايد‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬كانت معركة بدر أول معركة واسعة النطاق دارت رحاها‬
‫بين القوتين‪ .‬في ذلك الوقت كان محمد صلى هللا عليه وسلم يقود جيًش ا صغيًرا في محاولة‬
‫العتراض قافلة قريش التي عادت لتوها من سوريا‪ ،‬عندما فوجئ بوجود جيش قريش أكبر‬
‫بكثير‪ .‬تحركت قوات محمد صلى هللا عليه وسلم شديدة االنضباط لألمام ضد الموقع‬
‫الدفاعي القوي للخصم‪ ،‬ونجحت في تدمير خط دفاع مكة وكذلك قتل العديد من قادة قريش‬
‫‪.‬المهمين‪ ،‬بما في ذلك أبو جهل الملقب بعمرو بن هشام‬

‫بالنسبة للمسلمين األوائل‪ ،‬كانت هذه المعركة مهمة للغاية ألنها كانت أول دليل على أن‬
‫لديهم بالفعل فرصة لهزيمة أعدائهم في مكة‪ .‬وكانت مكة في ذلك الوقت من أغنى وأقوى‬
‫مدن الجزيرة العربية في عصر الجاهلية‪ .‬أظهر انتصار المسلمين أيًض ا للقبائل العربية‬
‫األخرى أن قوة جديدة قد ظهرت في شبه الجزيرة العربية‪ ،‬وعززت سلطة محمد صلى هللا‬
‫عليه وسلم كزعيم على مجموعات مختلفة من مجتمع المدينة المنورة التي كانت تتصادم‬
‫كثيًر ا في السابق‪ .‬بدأت قبائل عربية مختلفة في اعتناق اإلسالم وبناء تحالفات مع المسلمين‬
‫‪.‬في المدينة المنورة‪ .‬وهكذا بدأ توسع الدين اإلسالمي‬

‫هزيمة قريش في معركة بدر جعلتهم يقسمون على االنتقام‪ ،‬وحدث هذا بعد حوالي عام في‬
‫‪.‬معركة أحد‬

‫تحرير تكوين الفريق‬


‫استعد محمد صلى هللا عليه وسلم للمغادرة مع ‪ 313‬أو ما يصل إلى ‪ 317‬شخًص ا‪ ،‬يتألفون‬
‫من ‪ 82‬إلى ‪ 86‬من المهاجرين‪ ،‬و‪ 61‬من األوس‪ ،‬و‪ 170‬من الخزرج‪ .‬لم يعقدوا اجتماًعا‬
‫خاًص ا ولم يحضروا الكثير من المعدات‪ .‬لم يكن هناك سوى حصانين‪ .‬أحدهما للزبير بن‬
‫العوام واآلخر للمقداد بن األسود الكندي‪ .‬هناك ‪ 70‬جمًال‪ ،‬يركب كل منها شخصان أو ثالثة‪.‬‬
‫ركب محمد صلى هللا عليه وسلم الجمل مع علي بن أبي طالب ومرتساد بن أبي مرتد‬
‫‪.‬الغنوي‬

‫محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬عين ابن أم مكتوم نائًبا له في المدينة المنورة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬عند‬
‫وصوله إلى الروحاء‪ ،‬أمر محمد صلى هللا عليه وسلم أبا لبابة بن عبد المنذر بالعودة إلى‬
‫المدينة واستبدال ابن أم مكتوم نائًبا له‪ .‬تم تسليم راية القيادة العليا البيضاء إلى مصعب بن‬
‫‪:‬عمير القرشي العبدري‪ .‬وانقسمت قوات المسلمين إلى كتيبتين‬

‫‪15‬‬
‫‪.‬كتيبة المهاجرين‪ .‬وتم تسليم الراية إلى علي بن أبي طالب‬

‫‪.‬كتيبة األنصار‪ .‬وتم تسليم العلم إلى سعد بن معاذ‬

‫فسلم الجناح األيمن إلى الزبير بن العوام‪ ،‬والجناح األيسر إلى المقداد بن عمرو‪ ،‬ألنهما كانا‬
‫راكبين فقط في الجيش‪ .‬في هذه األثناء تم تسليم نقطة دفاع الخط الخلفي إلى قيس بن‬
‫‪.‬شعشاعة‪ .‬وكانت القيادة العليا في يد محمد صلى هللا عليه وسلم‬

‫التحرك نحو بدر تحرير‬

‫قاد محمد صلى هللا عليه وسلم جيشه الخاص وأحضر معه العديد من كبار قادته‪ ،‬بما في‬
‫ذلك عمه حمزة والخلفاء المستقبليين‪ ،‬وهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي‬
‫طالب‪ .‬أحضر المسلمون أيًضا ‪ 70‬جمال و‪ 3‬خيول‪ ،‬مما يعني أنه كان عليهم المشي‪ ،‬أو‬
‫ثالثة إلى أربعة أشخاص يجلسون على جمل واحد ومع ذلك‪ ،‬هناك العديد من المصادر بين‬
‫المسلمين في الفترة المبكرة‪ ،‬بما في ذلك في القرآن نفسه‪ ،‬ال تشير إلى حدوث حرب‬
‫خطيرة‪ ،‬والخليفة الثالث المستقبلي عثمان بن عفان لم يشارك أيًض ا ألن زوجته كانت‬
‫‪.‬مريضة‬

‫عندما اقتربت قافلة قريش التجارية المكية من المدينة المنورة‪ ،‬بدأ أبو سفيان يسمع عن‬
‫خطط محمد صلى هللا عليه وسلم لمهاجمتها‪ .‬وأرسل رسوًال اسمه ضمدم إلى مكة لتحذير‬
‫قومه والحصول على تعزيزات‪ .‬وعلى الفور أعدت قريش مكة جيًش ا قوامه ‪1000-900‬‬
‫شخص لحماية المجموعة التجارية‪ .‬وانضم إليه العديد من أشراف قريش مكة‪ ،‬منهم عمرو‬
‫بن هشام‪ ،‬والوليد بن عتبة‪ ،‬وسيبة بن ربيعة‪ ،‬وأمية بن خلف‪ .‬تختلف أسباب مشاركتهم من‬
‫شخص آلخر‪ .‬انضم البعض ألن لهم نصيب من البضائع في قافلة التجارة‪ ،‬والبعض اآلخر‬
‫انضم لالنتقام البن الحضرمي الحارس الذي ُقتل في نخلة‪ ،‬وانضم عدد قليل ألنهم كانوا‬
‫يأملون في تحقيق نصر سهل على المسلمين‪.‬ويقال أيًض ا أن عمرو بن هشام ألمح إلى أن‬
‫‪.‬نبياًل واحًدا على األقل‪ ،‬وهو أمية بن خلف‪ ،‬يجب أن يشارك في هذا الهجوم‬

‫‪16‬‬
‫في ذلك الوقت كان جيش محمد صلى هللا عليه وسلم يقترب من مكان الكمين المخطط له‪،‬‬
‫أي عند بئر بدر‪ ،‬وهو الموقع الذي كان عادة نقطة توقف لجميع القوافل على طريق التجارة‬
‫من سوريا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تمكن العديد من الكشافة المسلمين من تحديد مكان وجودهم من خالل‬
‫‪.‬كشافة قافلة قريش التجارية وحول أبو سفيان على الفور اتجاه القافلة نحو ينبع‬
‫وفي ذلك الوقت وصلت أنباء إلى قوات المسلمين عن خروج القوات من مكة‪ .‬دعا محمد‬
‫على الفور إلى اجتماع مجلس الحرب‪ ،‬ألنه ال تزال هناك فرصة للتراجع‪ ،‬وكان هناك العديد‬
‫من المقاتلين المسلمين الذين اعتنقوا اإلسالم مؤخًرا (ُيطلق عليهم اسم األنصار أو‬
‫"المساعدين"‪ ،‬لتمييزهم عن قريش المسلمين)‪ , .‬الذي كان قد وعد في السابق فقط بالدفاع‬
‫عن المدينة المنورة ‪ .‬واستناًدا إلى المواد الواردة في ميثاق المدينة المنورة‪ ،‬كان لديهم الحق‬
‫في رفض القتال ويمكنهم ترك قواتهم وراءهم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬بناًء على التقاليد اإلسالمية‬
‫(السيرة)‪ُ ،‬يذكر أنهم وعدوا أيًض ا بالقتال‪ .‬حتى أن سعد بن عبادة‪ ،‬أحد األنصار‪ ،‬قال‪" :‬لو‬
‫ذهبت بنا (محمًدا صلى هللا عليه وسلم) إلى ذلك البحر ثم أبحرت فيه حًقا لتبعناك"‪ .‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬ظل المسلمون يأملون أن يتمكنوا من ذلك‪ .‬وتجنب معركة مفتوحة‪ ،‬وواصل مسيرته‬
‫‪.‬نحو بدر‬

‫بحلول ‪ 11‬مارس‪ ،‬كان كال الجيشين على بعد مسيرة يوم واحد من بدر‪ .‬تمكن العديد من‬
‫المقاتلين المسلمين (بحسب بعض المصادر‪ ،‬بما في ذلك علي بن أبي طالب) الذين ركبوا‬
‫أمام الرتل الرئيسي‪ ،‬من االستيالء على ناقلتي مياه من القوات المكية في بئر بدر‪ .‬تفاجأت‬
‫القوات المسلمة للغاية عندما سمعت األسرى يقولون إنهم ليسوا من قافلة تجارية‪ ،‬بل من‬
‫جيش قريش الرئيسي‪ .‬لالشتباه في كذبهم‪ ،‬قام المحققون بضربهم حتى قالوا إنهم من القافلة‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬بناًء على السجالت التقليدية‪ ،‬توقف محمد صلى هللا عليه وسلم عن هذا اإلجراء‪.‬‬
‫وتشير بعض الروايات التقليدية أيًض ا إلى أنه عندما سمع أسماء نبالء قريش الذين رافقوا‬
‫القوات‪ ،‬قال‪" :‬تلك مكة‪ .‬لقد رماك بقطع قلبه" وفي اليوم التالي أمر محمد صلى هللا عليه‬
‫‪.‬وسلم بمواصلة القتال‪ .‬تحرك القوات إلى وادي بدر ووصلوا هناك قبل الجيش المكي‬

‫وتقع بئر بدر على منحدر لطيف في الجزء الشرقي من وادي يسمى "ياليال"‪ .‬ويحيط‬
‫بالجزء الغربي من الوادي تلة كبيرة تسمى "عقنقل"‪ .‬عندما وصل جيش المسلمين من‬
‫الشرق‪ ،‬اختار محمد صلى هللا عليه وسلم أوًال وضع قواته عند أول بئر وصل إليه‪ .‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬يبدو أن أحد مقاتليه أقنعه بتحريك قواته غرًبا واحتالل البئر األقرب إلى موقع جيش‬
‫قريش‪ .‬ثم أمر محمد صلى هللا عليه وسلم بملء اآلبار األخرى‪ ،‬بحيث اضطر الجيش المكي‬
‫‪.‬للقتال ضد جيش المسلمين للحصول على المصدر الوحيد المتبقي للمياه‬

‫‪17‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬على الرغم من أنه ال ُيعرف الكثير عن رحلة جيش قريش منذ مغادرتهم‬
‫مكة حتى وصولهم إلى حدود بدر‪ ،‬إال أنه يمكن مالحظة عدة أشياء مهمة‪ :‬لقد كان من عادة‬
‫العديد من القبائل العربية أن يأخذوا زوجاتهم‪ .‬واألطفال معهم لتحفيزهم ورعايتهم أثناء‬
‫المعركة‪ ،‬لكن القوات المكية لم تفعل ذلك في هذه الحرب‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬لم يكن لدى‬
‫قريش أي اتصال يذكر مع القبائل البدوية المتحالفة معها والمنتشرة في جميع أنحاء‬
‫الحجاز‪.‬تشير كلتا الحقيقتين إلى أن قريش لم يكن لديها الوقت الكافي لالستعداد لحملة مناسبة‬
‫‪.‬في عجلة من أمرهم لحماية القافلة‬
‫وعندما وصل جيش قريش إلى الجحفة‪ ،‬جنوب بدر قلياًل ‪ ،‬تلقوا رسالة من أبو سفيان مفادها‬
‫أن القافلة التجارية خلف الجيش بأمان‪ ،‬حتى يتمكنوا من العودة إلى مكة‪.‬عند هذه النقطة‪،‬‬
‫وفًقا لبحث كارين أرمسترونج‪ ،‬نشأ صراع على السلطة بين القوات المكية‪ .‬أراد عمرو بن‬
‫هشام مواصلة رحلته‪ ،‬لكن عدة قبائل‪ ،‬بما في ذلك بني زهرة وبني عدي‪ ،‬عادت على الفور‬
‫إلى مكة‪ .‬ويقدر أرمسترونج أن القبائل كانت تخشى القوة التي سيكتسبها عمرو بن هشام من‬
‫تدمير المسلمين‪ .‬وذهبت أيًضا مع القبيلتين مجموعة من ممثلي بني هاشم‪ ،‬الذين كانوا أيًضا‬
‫مترددين في القتال ضد إخوانهم من رجال القبائل‪ .‬ورغم هذه النكسات‪ ،‬ظل عمرو بن هشام‬
‫ثابًتا على رغبته في القتال‪ ،‬متفاخًر ا "ال نرجع حتى نكون بدًر ا"‪ .‬في هذا الوقت انضم أبو‬
‫‪.‬سفيان وعدد من األشخاص من القافلة التجارية إلى الجيش الرئيسي‬
‫يوم المعركةعدل‬
‫في فجر يوم ‪ 13‬مارس‪ ،‬اقتحم جيش قريش معسكره وتحرك نحو وادي بدر‪ .‬لقد هطلت‬
‫األمطار في اليوم السابق‪ ،‬فاضطروا إلى الكفاح من أجل إيصال خيولهم وجمالهم إلى أعلى‬
‫تل عقانقال (تشير بعض المصادر إلى أن الشمس كانت مرتفعة بالفعل عندما وصلوا إلى قمة‬
‫التل)‪ .‬بعد نزول تلة عقانقل‪ ،‬أقام الجيش المكي معسكًرا جديًدا في الوادي‪ .‬وأثناء استراحتهم‬
‫أرسلوا كشاًفا وهو عمير بن وهب لمعرفة مكان أعمدة المسلمين‪ .‬أفاد عمير أن جيش محمد‬
‫صلى هللا عليه وسلم كان صغيًر ا‪ ،‬وأنه لن تنضم أي قوات إسالمية داعمة أخرى إلى‬
‫المعركة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد تنبأ أيًض ا أنه سيكون هناك العديد من الضحايا من قريش في حالة‬
‫وقوع هجوم (يقول أحد األحاديث إنه رأى "اإلبل (المدينة المنورة) مملوءة بهواء الموت")‪.‬‬
‫وقد أدى ذلك إلى انخفاض معنويات قريش أكثر‪ ،‬بسبب عادات الحرب لدى القبائل العربية‬
‫والتي أدت عموًم ا إلى سقوط عدد قليل من الضحايا‪ ،‬وأثارت نقاشات جديدة بين زعماء‬
‫قريش‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وفًقا للتقاليد اإلسالمية‪ ،‬أسكت عمرو بن هشام كل االستياء من خالل‬
‫‪.‬إيقاظ شعور قريش باحترام الذات ومطالبتهم بالوفاء بدينهم‬

‫بدأت المعركة بتقدم قادة الجيشين لقتال بعضهم البعض‪ .‬تقدم ثالثة من األنصار من صفوف‬
‫المسلمين‪ ،‬لكن القوات المكية صرخت عليهم باالنسحاب‪ ،‬الذين لم يرغبوا في إثارة ضغائن‬

‫‪18‬‬
‫ال داعي لها‪ ،‬وذكروا أنهم يريدون فقط قتال مسلمي قريش‪ .‬ولهذا أرسل المسلمون عليًا‬
‫وعبيدة بن الحارث وحمزة‪ .‬تمكن القادة المسلمون من قتل قادة مكة في قتال ثالثة ضد‬
‫‪.‬ثالثة‪ ،‬على الرغم من إصابة عبيدة بجروح خطيرة أدت إلى وفاته‬

‫ثم بدأ كال الجيشين بإطالق السهام على خصومهم‪ .‬وقتل اثنان من المسلمين وعدد غير‬
‫معروف من قريش‪ .‬قبل بدء المعركة‪ ،‬أصدر محمد صلى هللا عليه وسلم أوامره للمسلمين‬
‫بالهجوم بأسلحتهم بعيدة المدى‪ ،‬وعدم االشتباك مع قريش بأسلحة قصيرة المدى إال عند‬
‫اقترابهم‪ .‬بعد ذلك مباشرة أعطى األمر بالهجوم‪ ،‬ورمي حفنة من الحصى على المكيين؛‬
‫وهو عمل ربما كان من عادة العرب‪ ،‬وهتف‪" :‬لقد نزلت عليهم الحيرة!" فصاحت قوات‬
‫المسلمين‪" :‬يا منصور‪ ،‬أميت!!" ودفعوا صفوف قريش‪ .‬القوات‪ .‬يمكن رؤية حجم قوة‬
‫الغزو اإلسالمي في عدة آيات من القرآن الكريم‪ ،‬والتي تنص على أن آالف المالئكة نزلوا‬
‫من السماء في معركة بدر لتدمير قريش‪.‬تجدر اإلشارة إلى أن المصادر اإلسالمية المبكرة‬
‫أخذت هذا الحدث حرفًيا‪ ،‬وهناك عدة أحاديث عن محمد صلى هللا عليه وسلم تناقش المالك‬
‫جبرائيل ودوره في المعركة‪ .‬ومهما كان السبب‪ ،‬فإن القوات المكية‪ ،‬التي كانت ممدودة‬
‫وغير متحمسة للقتال‪ ،‬تفرقت على الفور والذت بالفرار‪ .‬واستمرت المعركة نفسها بضع‬
‫‪.‬ساعات فقط وانتهت بعد الظهر بقليل‬

‫بعد المعركة‬
‫وقد قدم اإلمام البخاري معلومات تفيد بمقتل سبعين شخًصا من الجانب المكي وأسر سبعين‪.‬‬
‫وهذا يعني أن ‪ %16-%15‬من قوات قريش قد وقعوا ضحايا‪ .‬وما لم يتبين أن عدد القوات‬
‫المكية المشاركة في بدر كان أقل بكثير‪ ،‬فإن نسبة الجنود الذين قتلوا ستكون أعلى من ذلك‪.‬‬
‫ُيذكر عموًم ا أن الضحايا المسلمين يبلغ عددهم أربعة عشر قتيًال‪ ،‬أي حوالي ‪ %4‬من‬
‫‪.‬المشاركين في الحرب‪.‬جاء ستة أشخاص من المهاجرين وثمانية أشخاص من األنصار‬

‫وأسماء الضحايا الذين ماتوا من المهاجرين‪ :‬عبيدة بن الحارث‪ ،‬وعمير بن أبي وقاص‪،‬‬
‫ودزوي سيمالين بن عبد عمرو‪ ،‬وعقيل بن البكير‪ ،‬ومهجاء‪ ،‬وشفان بن بيضاء‪ .‬أما الضحايا‬
‫الذين ماتوا من األنصار فكانوا من بني أوس وبني الخزرج‪ .‬ومات من بني أوس قتيالن هما‬
‫سعد بن خيثصمة ومبسيصر‪ .‬وكان من بني الخزرج ستة أشخاص‪ ،‬وهم يزيد بن الحارث‪،‬‬
‫وعمير بن الحسام‪ ،‬ورافع بن المعلى‪ ،‬وحارثة بن سراقة‪ ،‬وعوف بن عفراء‪ ،‬ومعوذ بن‬
‫‪.‬عفراء‬

‫‪19‬‬
‫ولم تكشف المصادر عن عدد الجرحى من الجانبين‪ ،‬وقد أدى الفارق الكبير في إجمالي‬
‫الخسائر بين الجانبين إلى اقتراحات بأن المعركة كانت قصيرة جًدا وأن معظم القوات المكية‬
‫‪ُ.‬قتلت أثناء انسحابها‬

‫خالل المعركة‪ ،‬نجحت القوات اإلسالمية في االستيالء على العديد من قريش المكية‪.‬‬
‫وسرعان ما ظهرت خالفات بين القوات اإلسالمية بشأن مصير األسرى‪ .‬كان الخوف‬
‫األولي هو أن الجيش المكي قد يغزو وأن المسلمين لن يكون لديهم رجال لحراسة األسرى‪.‬‬
‫وطالب سعد وعمر بقتل السجناء‪ ،‬بينما اقترح أبو بكر العفو‪ .‬وافق محمد صلى هللا عليه‬
‫وسلم في النهاية على اقتراح أبو بكر‪ ،‬وتم السماح لمعظم األسرى بالعيش‪ ،‬ألسباب تتعلق‬
‫بالقرابة جزئًيا (كان أحدهم صهر محمد صلى هللا عليه وسلم)‪ ،‬أو الرغبة في الحصول على‬
‫فدية‪ ،‬أو على أمل أن يحصلوا عليها يوًم ا ما‪ .‬اعتنق اإلسالم (وبالفعل البعض فعل ذلك)‪ُ .‬قتل‬
‫ما ال يقل عن اثنين من المكيين المهمين‪ ،‬عمرو بن هشام وأمية‪ ،‬أثناء معركة بدر أو بعدها‪.‬‬
‫وبالمثل‪ُ ،‬قتل رجالن آخران من قريش كانا قد سكبا سالاًل من روث الماعز على محمد صلى‬
‫هللا عليه وسلم بينما كان ال يزال يبشر في مكة‪ ،‬في طريق العودة إلى المدينة المنورة‪.‬كان‬
‫بالل‪ ،‬عبد أمية السابق‪ ،‬مصمًم ا جًدا على قتله لدرجة أنه ومجموعة من األشخاص الذين‬
‫‪.‬ساعدوه حتى أصابوا مسلًم ا كان يحرس أمية‬

‫وقبل لحظات من مغادرة بدر‪ ،‬أمر محمد صلى هللا عليه وسلم بدفن حوالي عشرين قتيًال من‬
‫قريش في بئر بدر‪.‬وتروي عدة أحاديث هذه الحادثة التي يبدو أنها أثارت غضًبا كبيًرا بين‬
‫قريش مكة‪ .‬بعد فترة وجيزة‪ ،‬تم نقل العديد من المسلمين الذين تم أسرهم مؤخًرا من قبل‬
‫‪.‬الحلفاء المكيين إلى المدينة وقتلوا انتقاًم ا للهزيمة‬

‫واستناًدا إلى التقليد المكي الخاص بالذنب‪ ،‬فإن أي شخص كان على صلة بأولئك الذين قتلوا‬
‫في بدر يجب أن يشعر بأنه مجبر على االنتقام من أبناء القبائل الذين قتلوا أقاربهم‪ .‬كما‬
‫كانت لدى المسلمين رغبة كبيرة في االنتقام‪ ،‬ألنهم تعرضوا للتعذيب واالضطهاد على يد‬
‫قريش مكة لسنوات عديدة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬بصرف النظر عن عملية القتل األولية التي حدثت‪ ،‬تم‬
‫وضع األسرى اآلخرين الذين ما زالوا على قيد الحياة مع عدة عائالت مسلمة في المدينة‬
‫‪.‬المنورة وتلقوا معاملة جيدة؛ أي كقريب أو كمصدر محتمل ألموال الفدية‬

‫حرب بني قينقاع (‪)624‬‬


‫‪20‬‬
‫حرب بني قينقاع هي حرب وقعت بين المسلمين ويهود بني قينقاع‪ .‬وكانت هذه الحرب في‬
‫‪.‬شهر شوال الثاني من الهجرة وانتصر فيها المسلمون‬
‫وكان سبب هذه الحرب هو أنه عندما كانت امرأة مسلمة تتسوق في سوق بني قينقاع‪،‬‬
‫تحرش بها اليهود وطلبوا منها خلع حجابها‪ .‬بالطبع رفضت المرأة‪ .‬ثم قام صائغ بربط‬
‫طرف ثيابها دون علمها‪ ،‬حتى عندما قامت انكشف عورتها‪ ،‬مصحوبة بضحك اليهود من‬
‫حولها‪ .‬وصرخت المرأة فجاءت إحدى صديقاتها للمساعدة وقتلت الجاني على الفور‪ .‬ولكن‬
‫‪.‬بعد ذلك اجتمع اليهود وقتلوه‬
‫وعندما وصل هذا الخبر إلى محمد نبي اإلسالم‪ ،‬جمع جنوده على الفور‪ ،‬وأعطى راية‬
‫الحرب لحمزة بن عبد المطلب‪ .‬ثم توجهوا إلى بني قينقاع‪ .‬وعندما رأوا المسلمين‪ ،‬لجأ‬
‫اليهود على الفور إلى خلف تحصيناتهم‪ .‬حاصرتهم قوات محمد بإحكام لمدة ‪ 15‬يوًم ا في‬
‫‪.‬شهر شوال حتى بداية ذو القعدة ‪ 2‬هجرية‬

‫‪.‬وأخيرا استسلم بنو قينقاع ألن الخوف سيطر عليهم‪ .‬ثم سلموا القرار لمحمد‬

‫وعبد هللا بن أبي بن سلول بأسلوبه المنافق أقنع محمدًا بعدم قتلهم‪ .‬أخيًرا طردهم محمد من‬
‫‪.‬المدينة المنورة حتى ال يعيشوا جنًبا إلى جنب مع المسلمين‬

‫ولمزيد من إظهار ثبات محمد في هذا األمر‪ ،‬أمر بقتل كعب بن األسيرف‪ ،‬وهو يهودي كان‬
‫غيوًرا جًدا على اإلسالم والمسلمين‪ ،‬وكثيًرا ما كان يؤذي المسلمين علًنا‪ .‬وكان لهذا تأثير‬
‫‪.‬أكبر ألنه كان شخصية بارزة في قومه وغنًيا وشاعًرا‬

‫وقد قام بهذه المهمة الصحابة بقيادة محمد بن مسلمة‪ .‬وقد زاد هذا من خوف الشعب‬
‫اليهودي من أن محمد لم يتردد في اتخاذ إجراءات حازمة إذا تصرف شخص ما بشكل‬
‫‪.‬تعسفي ضد المسلمين‬

‫حرب بني سليم (‪)624‬‬

‫‪21‬‬
‫هجوم بني سليم أو هجوم الكدر كانت حرب شنها المسلمون للتغلب على مقاومة بني سليم‬
‫وبني غطفان في قرقرة الكدر‪ .‬وكان موقع هذه المعركة أحد الطرق التجارية لقبيلة قريش‬
‫بين مكة وصيام‪ .‬تم تنفيذ حملة بني سليم المعروفة باسم غزوة الكدر بعد غزوة بدر في‬
‫السنة الهجرية الثانية من التقويم اإلسالمي‪ .‬بدأ النبي محمد هذه الحملة بعد أن تلقى أخباًرا‬
‫تفيد بأن بني سالم كانوا يخططون لمهاجمة المدينة المنورة‪ .‬كان هذا أول تفاعل للنبي محمد‬
‫مع أهل البحرين‪ .‬وفي هذا الهجوم انتصرت قوات المسلمين‪ ،‬وحصلت على ‪ 500‬بعير تابعة‬
‫لبني سليم غنيمة حرب‪ .‬في هذه األثناء‪ ،‬تعرض بني سليم للهزيمة واضطروا إلى االنصياع‬
‫‪.‬لما جاء في االتفاق‬
‫بدأ سبب هجوم بني سليم بخبر أن بني سليم وبني غطفان سيهاجمون المسلمين‪ .‬ثم قاد النبي‬
‫محمد ‪ 200‬جندي من المشاة والفرسان نحو قرقرة الكدر‪ .‬وكان الهدف هو السيطرة على‬
‫طرق التجارة التي تمر بها بني سليم وبني غطفان‪ .‬وفرت قوات بني سليم وبني غطفان قبل‬
‫أن تصل قوات المسلمين إلى أراضيهم‪ .‬وتركوا الجمل الذي كانوا يركبونه‪ .‬ثم تم توزيع‬
‫هذه الجمال على قوات المسلمين‪ .‬وبقيت قوات المسلمين في قرقرة الكدر ثالثة أيام قبل أن‬
‫تعود إلى المدينة المنورة‬

‫حرب بني صويق (‪)624‬‬

‫غزوة السويق‪' ،‬حرب الطحين') كان هجوًم ا شنته قريش مكة بقيادة أبو سفيان على أطراف‬
‫المدينة المنورة‪ ،‬والذي وقع في شهر ذو الحجة من السنة الثانية للهجرة (‪ 623‬م)‪ ، .‬بعد‬
‫شهرين من معركة بدر‪ .‬وكان سبب هذا الحدث هو تصميم قادة قريش في مكة على االنتقام‬
‫من هزيمتهم على يد مسلمي المدينة المنورة في معركة بدر‪ .‬حتى أن أبو سفيان وغيره من‬
‫القادة تعهدوا بعدم االستحمام قبل أن يتمكنوا من االنتقام من هزيمتهم ضد مسلمي المدينة‬
‫‪.‬المنورة‬

‫لذلك في شهر ذي الحجة‪ 2 ،‬هجرية‪ ،‬قاد أبو سفيان ‪ 200‬فارس من مكة ليغادروا ليًال إلى‬
‫المدينة المنورة‪ .‬ثم توقفت القوات عند جبل نايب‪ ،‬على بعد حوالي ‪ 12‬ميًال من المدينة‬
‫المنورة‪ .‬ثم زار أبو سفيان سًرا منزل زعماء قبيلة اليهود بني النضير‪ ،‬وهم حياي بن‬
‫أخطب وسالم بن مسيكم‪ .‬لم يكن حيي على استعداد لقبول أبو سفيان‪ ،‬لكن سالم رحب به‬
‫‪.‬وتفاوضوا حتى قرب الفجر‪ ،‬وبعد ذلك عاد أبو سفيان إلى قواته‬
‫‪22‬‬
‫ثم انتقل أبو سفيان وقواته إلى العريض‪ ،‬وهي قرية تبعد حوالي ‪ 3‬أميال عن المدينة‬
‫المنورة‪ .‬ثم أحرقت قوات قريش المكية منازل وحدائق السكان المحليين‪ ،‬وقتلت أحد‬
‫األنصار سعد بن عمرو وخادمه الذي مر بهم‪ ،‬ثم عادت على الفور إلى مكة‪ .‬بعد وصول‬
‫أنباء الهجوم إلى المدينة المنورة‪ ،‬جمع محمد على الفور جيًش ا مسلًم ا من المدينة المنورة‬
‫قوامه ‪ 200‬رجل‪ ،‬وانطلق لمالحقة قوات قريش المكية‪.‬أصبح أبو لبابة بصير بن عبد المنذر‬
‫‪.‬أميًرا مؤقًتا على المدينة المنورة‬

‫تركت قوات قريش المكية وراءها أكياًسا من اإلمدادات على شكل دقيق القمح (السويق)‬
‫لتسهيل هروبهم‪ .‬استمرت مطاردة قوات المسلمين في المدينة المنورة حتى منطقة قرقرة‬
‫الكدر‪ ،‬لكن قوات قريش المكية لم تتمكن من تجاوزها‪.‬عادت قوات المسلمين في المدينة‬
‫المنورة إلى المدينة المنورة حاملة أكياس الدقيق التي تركها أعداؤها‪ .‬ومنذ انطالقهم في‬
‫‪.‬المطاردة حتى عودة قوات المسلمين من المدينة‪ ،‬استمرت خمسة أيام وخمس ليال‬

‫حرب ذو عمر (‪624‬هـ)‬

‫حرب ذو عمر‪ ،‬المعروفة أيًض ا باسم غزوة غطفان‪،‬حدثت مباشرة بعد غزوة السويق في‬
‫السنة الثالثة هجرية من التقويم اإلسالمي‪ ،‬سبتمبر ‪.624‬أمر محمد بالحملة بعد أن تلقى‬
‫معلومات تفيد بأن قبائل بني محارب وبنو ثعلبة كانوا يخططون لمهاجمة ضواحي المدينة‬
‫المنورة‪ .‬ولذلك شن محمد ضربة استباقية بـ ‪ 450‬رجًال‪ ،‬وعندما سمع األعداء بوصول‬
‫محمد الوشيك فروا سريًعا‪ .‬كما أسر المسلمون رجًال اعتنق اإلسالم فيما بعد وعمل مرشًدا‬
‫‪.‬لهم‬
‫كان سبب حدوث هذه الحرب هو متى‬
‫سمع النبي محمد أنباء عن تجمع قوات من بني تصعالبة وبني محارب في دزي عمرو‪.‬‬
‫وكان الهدف مهاجمة المدينة المنورة في ضواحيها‪ .‬ثم ركب النبي محمد صهوة جواد مع‬
‫‪ 450‬من المشاة والفرسان‪ .‬عند وصول قوات المسلمين إلى دزي عمرو‪ ،‬لم تجد أي قوات‬
‫من بني تصعالبة وبني محارب‪ .‬وفرت القوات إلى قمة الجبال بعد سماع وصول القوات‬
‫‪.‬اإلسالمية‪ .‬وبقيت قوات المسلمين في هذه المنطقة لمدة شهر دون قتال على اإلطالق‬

‫‪23‬‬
‫حرب بهران (‪)624‬‬

‫وقعت غزوة ُبهران في السنة الثالثة هجرية من الشهر الرابع أو الخامس من التقويم‬
‫اإلسالمي‪.‬وقد وصل خبر إلى المسلمين بأن قوة هائلة من بني ريا بني سليم من بهران كانت‬
‫تتقدم نحو المدينة المنورة‪ .‬أخذ محمد ‪ 300‬رجل إلى الحجاز حتى بوهران‪ ،‬حيث فر بنو‬
‫‪.‬سليم مذعورين‬
‫طوال الرحلة االستكشافية‪ ،‬لم يواجهوا أي أعداء‪ ،‬ولم يحدث أي قتال‪ .‬اعتبرت الحملة‬
‫"غزو دورية"‪ ،‬ألن هذه الحرب حدثت عندما‬
‫وصلت أخبار خطة بني سليم للهجوم إلى النبي محمد‪ .‬ولذلك قام بحشد ‪ 300‬من المشاة‬
‫لتنفيذ كمين على مستوطنة بني سليم في بحران‪ .‬وانتهى هذا الكمين دون قتال‪ ،‬ألن قوات‬
‫بني سليم تفرقت بعد فرارها‪ .‬وبقيت قوات المسلمين في بحران شهرين قبل أن تعود إلى‬
‫‪.‬المدينة المنورة‬

‫غزوة أحد (‪)625‬‬

‫غزوة أحد هي معركة اندلعت بين المسلمين وكفار قريش يوم السبت ‪ 23‬مارس ‪ 625‬م (‪7‬‬
‫شوال ‪ 3‬هـ)‪ .‬حدثت هذه المعركة بعد غزوة بدر بسنة وأسبوع تقريًبا‪ .‬كان عدد الجيش‬
‫اإلسالمي في ذلك الوقت ‪ 1000‬شخص ولكن بتحريض من عبد هللا زعيم المنافقين من‬
‫المدينة المنورة‪ ،‬فانسحب المنافقون في ذلك الوقت من ساحة القتال وعددهم ‪ 300‬شخص‪،‬‬
‫ليصل عدد جنود المسلمين الذين شاركوا في القتال إلى ‪ 1000‬رجل‪ .‬وكان عدد غزوة أحد‬
‫في سبيل هللا ‪ 700‬رجل‪ ،‬في حين بلغ عدد جيش الكفار ‪ 3000‬شخص‪ .‬كان الجيش‬
‫اإلسالمي يقوده محمد مباشرة بينما كان الجيش الكافر يقوده أبو سفيان‪ .‬وسميت بغزوة أحد‬
‫ألنها وقعت بالقرب من تل أحد الذي يقع على بعد ‪ 4‬أميال من المسجد النبوي ويبلغ ارتفاعه‬
‫‪.‬عن األرض ‪ 1000‬قدم وطوله ‪ 5‬أميال‬

‫ظروف ما قبل الحرب‬

‫‪24‬‬
‫قبل الحرب‪ ،‬كانت القوات اإلسالمية تسيطر على جميع طرق التجارة التي تربط مكة‬
‫وسوريا والعراق‪ .‬واتخذوا احتياطاتهم من قبيلة قريش حتى ال يتمكنوا من المرور عبر‬
‫هذين الطريقين‪ .‬وكان الطريق التجاري المتبقي لقبيلة قريش هو الطريق التجاري من مكة‬
‫إلى الحبسية‪ .‬في هذا الوقت‪ ،‬جعلت القوات اإلسالمية أيًض ا من يثرب‪/‬المدينة المنورة قاعدة‬
‫‪.‬آمنة لألنشطة التبشيرية وقاعدة عسكرية‬

‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬كانت قوات المشركين من قبيلة قريش تجمع أرباح التجارة الستخدامها‬
‫في شراء المؤن واألسلحة واستئجار القوات‪ .‬وسلم األمر إلى أبي سفيان بن حرب‪ .‬وفي‬
‫الوقت نفسه‪ ،‬دخل معظم المشركين في المدينة المنورة وضواحيها في اتفاقيات صلح مع‬
‫قوات المسلمين في المدينة المنورة‪ .‬ولم يشاركوا في الحرب واختاروا البقاء في‬
‫‪.‬مستوطناتهم‬

‫في المدينة المنورة لم يعد هناك أي سكان يهود‪ .‬حدث ذلك بعد طرد بني قينقاع بسبب خرق‬
‫اتفاق السالم‪ .‬واختار اليهود المحيطون بالمدينة المنورة الدخول في اتفاقية سالم مع قوات‬
‫‪.‬المسلمين‬

‫وبعد مرور عام‪ ،‬كانت استعداداتهم كاملة حًقا‪ .‬ما ال يقل عن ثالثة آالف جندي من قريش‬
‫متحدين مع حلفائهم وقبائلهم الصغيرة‪ .‬ففكر زعماء قريش في أخذ النساء معهم‪ .‬ألن هذا‬
‫‪.‬يعتبر قادًر ا على ضخ حماستهم‪ .‬كان هناك خمس عشرة امرأة متضمنة‬

‫بلغ عدد الدواب في هذا الجيش المكي ثالثة آالف من اإلبل‪ .‬وكان هناك مائتي فارس على‬
‫ظهور الخيل‪ ،‬منتشرين على طول الطريق الذي كان فيه‪ .‬وبلغ عدد القوات المجهزة‬
‫بالمدرعات سبعمائة رجل‪ .‬وكان على القيادة العليا أبو سفيان بن حرب قائد الفرسان بقيادة‬
‫خالد بن الوليد‪ ،‬ومعاونه عكرمة بن أبي جهل‪ .‬تم تسليم راية الحرب نفسها إلى بني عبد‬
‫الدار‪ .‬وبعد أن اعتبرت االستعدادات كافية‪ ،‬تحركت القوات المكية نحو المدينة المنورة‪.‬‬
‫كانت قلوبهم مضطربة بسبب االستياء المرير والكراهية التي كانوا يحملونها لفترة طويلة‪،‬‬
‫وكانت جاهزة لالنفجار‪.‬وظل العباس بن عبد المطلب‪ ،‬الذي كان ال يزال يعيش في مكة‪،‬‬
‫يتجسس على كل تحركات قريش واستعداداتهم العسكرية‪ .‬وبعد خروج القوات‪ ،‬أرسل‬
‫العباس رسالة صريحة إلى النبي تتضمن أخباًرا مفصلة عن قوات قريش‪ .‬وتوجه رسول‬
‫العباس على الفور لتسليم الرسالة وتمكن من السفر بين مكة والمدينة في ثالثة أيام فقط‪.‬‬
‫وسلم الرسالة إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهو في مسجد قباء‪ .‬فأمر أبي بن كعب أن‬

‫‪25‬‬
‫يقرأ الكتاب وأمر بكتمانه‪ .‬وبعد وقت قصير عاد إلى المدينة‪ ،‬ثم ناقش مشاكله مع زعماء‬
‫‪.‬المهاجرين واألنصار‬

‫المدينة المنورة في حالة تأهب‪ .‬وال أحد بدون أسلحتهم‪ .‬وعلى الرغم من أنهم يصلون‪ ،‬إال‬
‫أنهم ما زالوا يقظين لمواجهة أي احتمال قد يحدث‪ .‬وكان عدد من األنصار‪ ،‬مثل سعد بن‬
‫معاذ‪ ،‬وأسيد بن حضير‪ ،‬وسعد بن عبادة رضي هللا عنهم‪ ،‬يحرسون رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم دائًم ا‪ .‬وكانوا دائًم ا بالقرب من باب منزله‪ .‬ويجب أن يحرس كل باب من أبواب‬
‫المدينة عدد من الناس ألنه يخشى أن يهجم العدو فجأة‪ .‬وتم تكليف عدد آخر من المسلمين‬
‫بالتجسس على كل تحركات العدو‪ .‬وداروا في كل طريق يمكن للمشركين أن يسلكوه للهجوم‬
‫‪.‬على المسلمين‬
‫واصلت القوات المكية رحلتها عبر اتخاذ الطريق الرئيسي غرًبا باتجاه المدينة المنورة‪.‬‬
‫ولما وصلوا إلى األبواء‪ ،‬عرضت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان أن تحفر قبرًا لرسول هللا‪.‬‬
‫إال أن قادة جيش قريش رفضوا هذا االقتراح‪ .‬هذه المرة‪ ،‬كانوا حذرين للغاية بشأن العواقب‬
‫التي سيتعين عليهم مواجهتها إذا فعلوا شيًئا كهذا‪ .‬واصلت القوات رحلتها حتى اقتربت من‬
‫المدينة المنورة‪ .‬واجتازوا وادي العقيق‪ ،‬ثم اتجهوا يميًنا حتى وصلوا بالقرب من جبل أحد‪،‬‬
‫تحديًدا في مكان يسمى العينيني شمال المدينة المنورة‪ .‬ووقعت قوات قريش هناك يوم‬
‫‪.‬الجمعة ‪ 6‬شوال ‪ 3‬هـ‬

‫عدد القوات‬

‫بلغ عدد جيش المسلمين ‪ 700‬فرد‪ ،‬مقسمين إلى مشاة وفرسان (رماة)‪ .‬وكان عدد قوات‬
‫المشاة ‪ 650‬شخصا‪ .‬وبلغ عدد قوات الفرسان (الرماة) ‪ 50‬فردا‪ .‬وفي هذه األثناء بلغ عدد‬
‫قوات المشركين ثالثة آالف رجل‪ .‬جاء إجمالي ‪ 2800‬شخص من قبيلة قريش وحلفائها‪.‬‬
‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬كان ‪ 200‬فارس يقودهم مباشرة خالد بن الوليد‪ ،‬الذي جاء من قبيلة‬
‫قريش‪ .‬ارتدى ما مجموعه ‪ 700‬شخص الدروع‪ .‬وكان جيش المشركين مزوًدا بـ ‪200‬‬
‫حصان وثالثة آالف من اإلبل‪ .‬وكان القائد أبو سفيان بن حرب‪ .‬وشاركت في هذا الجيش‬
‫‪.‬زوجات زعماء قبائل قريش‬

‫استراتيجية الحرب‬
‫قوات المشركين‬

‫‪26‬‬
‫وتجمعت قوات المشركين في قرية الشمغة القريبة من المدينة المنورة‪ .‬وأطلقت هذه القوات‬
‫الجمال والخيول لتأكل العشب في الحقول التي يملكها األنصار‪ .‬وبعد ذلك واصلت رحلتهم‬
‫‪.‬إلى العقيق‪ .‬ثم توقفوا في أسفل جبل أحد‪ .‬ويبعد عن المدينة المنورة مسافة ‪ 5‬أميال فقط‬

‫تم تقسيم قوات المشركين إلى قوات يمينية وجناح يسارية‪ .‬وكانت قوات اليمين بقيادة خالد‬
‫بن الوليد‪ ،‬بينما كانت قوات اليسار بقيادة عكرمة بن أبو جهل‪ .‬وفي هذه األثناء كان راية‬
‫الحرب يحملها ثلهان بن أبي ثلحة من بني عبد الدار‪ .‬وكان تكوين القوات من قوات‬
‫المشركين خطا‪ .‬تم تنفيذ أمن الخط بواسطة سالح الفرسان من قوات الجناح األيسر‬
‫‪.‬واأليمن‬

‫هزيمة قوات المسلمين‬


‫هذه القصة مكتوبة في سورة علي عمران اآليات ‪ .179-140‬في آيات سورة علي عمران‪،‬‬
‫"َو ِلُيَم ِّح َص ُهّٰللا اَّلِذ ْيَن ٰا َم ُنْو ا َو َيْمَح َق اْلٰك ِفِر ْيَن "(اآلية ‪)141‬‬
‫‪.‬يوضح محمد أن الهزيمة في أحد كانت اختباًرا من هللا‬

‫َو َم ٓا َاَص اَبُك ْم َيْو َم اْلَتَقى اْلَجْم ٰع ِن َفِبِاْذ ِن ِهّٰللا َو ِلَيْع َلَم اْلُم ْؤ ِمِنْيَۙن َو ِلَيْع َلَم اَّلِذ ْيَن َناَفُقْو اۖ َو ِقْيَل َلُهْم َتَع اَلْو ا"‬
‫َقاِتُلْو ا ِفْي َس ِبْيِل ِهّٰللا َاِو اْدَفُعْو اۗ َقاُلْو ا َلْو َنْع َلُم ِقَتااًل اَّل َّتَبْع ٰن ُك ْم ۗ ُهْم ِلْلُك ْفِر َيْو َم ِٕىٍذ َاْقَر ُب ِم ْنُهْم ِلِاْل ْيَم اِن ۚ ‬
‫َيُقْو ُلْو َن ِبَاْفَو اِهِهْم َّم ا َلْيَس ِفْي ُقُلْو ِبِهْم ۗ َو ُهّٰللا َاْع َلُم ِبَم ا َيْك ُتُم ْو َۚن (اآليات ‪)167-166‬‬
‫‪.‬اختباًرا للمؤمنين والمنافقين –‬

‫َاْم َح ِس ْبُتْم َاْن َتْد ُخ ُلوا اْلَج َّنَة َو َلَّم ا َيْع َلِم ُهّٰللا اَّلِذ ْيَن َج اَهُد ْو ا ِم ْنُك ْم َو َيْع َلَم الّٰص ِبِر ْيَن " (اآلية ‪")142‬‬
‫َو َم ا ُمَحَّم ٌد ِااَّل َر ُسْو ٌۚل َقْد َخ َلْت ِم ْن َقْبِلِه الُّر ُسُلۗ َاَف۟ا ِٕىْن َّم اَت َاْو ُقِتَل اْنَقَلْبُتْم َع ٰٓلى َاْعَقاِبُك ْم ۗ َو َم ْن "‬
‫َّيْنَقِلْب َع ٰل ى َع ِقَبْيِه َفَلْن َّيُضَّر َهّٰللا َش ْئًـاۗ َو َسَيْج ِز ى ُهّٰللا الّٰش ِكِر ْيَن "(اآلية ‪ )144‬وحتى لو ُقتل‬
‫‪.‬محمد نفسه‪ ،‬فيجب على المسلمين مواصلة القتال‬
‫َو َم ا َك اَن ِلَنْفٍس َاْن َتُم ْو َت ِااَّل ِبِاْذ ِن ِهّٰللا ِكٰت ًبا ُّم َؤ َّج اًل ۗ َو َم ْن ُّيِر ْد َثَو اَب الُّد ْنَيا ُنْؤ ِتٖه ِم ْنَهۚا َو َم ْن ُّيِر ْد "‬
‫‪َ.‬ثَو اَب اٰاْل ِخَرِة ُنْؤ ِتٖه ِم ْنَهاۗ َو َس َنْج ِز ى الّٰش ِكِر ْيَن "(اآلية ‪)145‬ألنه ال يموت أحد إال بإذن هللا‬
‫َو َك َاِّيْن ِّم ْن َّنِبٍّي َقاَتَۙل َم َع ٗه ِر ِّبُّيْو َن َك ِثْيٌۚر َفَم ا َو َهُنْو ا ِلَم ٓا َاَص اَبُهْم ِفْي َس ِبْيِل ِهّٰللا َو َم ا َض ُع ُفْو ا َو َم ا"‬
‫اْس َتَك اُنْو اۗ َو ُهّٰللا ُيِح ُّب الّٰص ِبِر ْيَن "(اآلية ‪)146‬‬

‫‪27‬‬
‫‪.‬وانظر إلى األنبياء الذين لم يضعفوا بسبب الكوارث التي أصابتهم في سبيل هللا‬
‫ٰٓيَاُّيَها اَّلِذ ْيَن ٰا َم ُنْٓو ا ِاْن ُتِط ْيُعوا اَّلِذ ْيَن َكَفُرْو ا َيُر ُّد ْو ُك ْم َع ٰٓلى َاْعَقاِبُك ْم َفَتْنَقِلُبْو ا ٰخ ِس ِر ْيَن "(اآلية ‪")149‬‬
‫‪.‬وال يجب على المسلمين طاعة الكافرين‬
‫َس ُنْلِقْي ِفْي ُقُلْو ِب اَّلِذ ْيَن َكَفُروا الُّر ْع َب ِبَٓم ا َاْش َر ُك ْو ا ِباِهّٰلل َم ا َلْم ُيَنِّز ْل ِبٖه ُس ْلٰط ًناۚ َو َم ْأٰو ىُهُم الَّناُرۗ "‬
‫َو ِبْئَس َم ْثَو ى الّٰظ ِلِم ْيَن "(اآلية ‪)151‬‬
‫‪.‬ألن هللا سوف نلقي الرعب في قلوب الكافرين‬
‫اآليات أعاله ال تظهر السبب الحقيقي وراء خسارة محمد والمسلمين معركة أحد‪ .‬ويمكن‬
‫‪.‬قراءة شرح أكمل في حديث صحيح البخاري‪ ،‬المجلد ‪ ،4‬الكتاب ‪ ،52‬رقم ‪276‬‬

‫كما هو الحال مع البشر العاديين‪ ،‬من الطبيعي أن ينسى شخص ما شيًئا ما‪ .‬وكذلك القوات‬
‫التي تحرس تلة أحد‪ .‬تم نسيانهم وبقي ‪ 8‬أشخاص على جبل أحد وأخيرًا نزل ‪ 62‬مسلمًا إلى‬
‫الوادي ليأخذوا حقوق المنتصرين في الحرب‪ .‬وعندما رأى خالد بن الوليد العديد من القوات‬
‫اإلسالمية تغادر موقعها على التل‪ ،‬أمر بقية القوات الكافرة بالعودة ومهاجمة القوات‬
‫اإلسالمية‪ .‬استولى الكفار على الموقع الموجود على التل‪ ،‬وقتل من تبقى من القوات‬
‫اإلسالمية هناك‪ ،‬بما في ذلك حمزة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬الذي كان أيًض ا عم رسول هللا صلى‬
‫‪.‬هللا عليه وسلم‬

‫‪.‬معركة حمراء األسد (‪ ،)625‬استمرار لمعركة أحد‬

‫معركة حمراء األسد أو غزوة حمراء األسد هي معركة وقعت في ‪ 24‬مارس ‪ / 625‬شوال‬
‫‪ 3‬هجري في حمراء األسد‪ .‬حمراء األسد‪ :‬أرض واسعة على حافة جبل عير‪ ،‬تبعد عن‬
‫مسجد الغمامة حوالي ‪ 16‬كيلومتًر ا جنوب غرب المدينة المنورة‪ .‬وهناك جبل يسمى جبل‬
‫حمراء األسد‪ ،‬وسيكون واضحا للعيان في الطريق من ذو الحليفة إلى مكة‪ ،‬وقصة هذه‬
‫المعركة أن قريش إذل بعضهم لبعض‪ ،‬وقالوا‪ :‬قد غلبتكم قوة هللا‪ .‬أيها المسلمون‪ ،‬لماذا‬
‫تركتموه؟ عد إلى المنزل‪ ،‬وسوف نحصل على ما تبقى منهم‪ .‬فلما بلغ هذا الخبر النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم أمر أصحابه على الفور بمواجهة قريش‪ ،‬فخرجوا وهم جراح غائرة‬
‫حتى وصلوا حمراء األسد‪ ،‬فنزلت اآلية‪َ« :‬اَّلِذ ْي َن اْس َت َج اُبْو ا ِهّٰلِل َو الَّر ُسْو ِل ِم ْۢن َب ْع ِد َم ٓا َاَص اَب ُهُم‬
‫اْلَقْر ُح ۖ ِلَّلِذ ْي َن َاْح َس ُنْو ا ِم ْن ُهْم َو اَّت َقْو ا َاْج ٌر َع ِظ ْي ٌۚم ‪ -‬قال بعض الكفار‪ :‬لقد استجمعت قريش قوتها‬
‫لتأكل ما بقي منكم‪ .‬فأجاب المسلمون‪َّ :‬و َقاُلْو ا َح ْس ُبَن ا ُهّٰللا َو ِنْع َم اْلَو ِكْيُل وعندما علم الكفار أن‬
‫المسلمين سيقاتلون هذه المرة واثقين من هللا‪ ،‬انسحبوا وعادوا إلى مكة‬
‫‪28‬‬
‫حرب بني نذير (‪)624‬‬
‫وقع غزو بني النضير في أغسطس ‪ 625‬م (ربيع األول ‪ 4‬هـ والذي يصف نفي اليهود من‬
‫قبيلة بني النضير الذين طردوا من المدينة المنورة بعد اتهامهم بالتآمر لقتل النبي اإلسالمي‬
‫محمد‬

‫حرب زاتور رقة (‪)624‬‬

‫كانت معركة زاتو الرقاع معركة بين المسلمين وبني محارب‪ ،‬بني تصعالبة وبني غطفان‪،‬‬
‫في المنطقة القريبة من نجد‪ ،‬وانتصر فيها العرب المسلمون‪ .‬وفي قصة أخرى ُيشار إلى‬
‫هذه المعركة أيًضا بحرب بني أنمار‪ ،‬بينما ُيشار إليها في كتاب كامل مواعيد النبي محمد‬
‫‪.‬أيًضا بحرب العجيب‬
‫وسميت بحرب زاتو الرقاع ألن الجنود المسلمين ضمدوا أرجلهم المصابة بقطع من القماش‬
‫‪(.‬الرقع)‪ .‬ثم حبس كل واحد من الستة جمًال حتى نزفت أقدامهم‬

‫وقد وقعت هذه الحرب بالقرب من مزارع النخيل شمال خيبر‪ ،‬ويقال إن المسافة ال تتجاوز‬
‫‪ 100.‬كيلومتر شمال المدينة المنورة‪ ،‬وهي تقع بين مزارع النخيل ووادي الحناكية وصوقرة‬

‫وفًقا للقصة اإلسالمية‪ ،‬في حرب دزاتو الرقاع هذه‪ ،‬علم المالك جبريل صالة الخوف‬
‫لمحمد وحصل المسلمون على فسحة ألداء التيمم‪ .‬وفي تلك السنة وقعت أيًضا غزوة بدر‬
‫األخيرة‪ ،‬ثم ماتت زوجة محمد زينب بنت خزيمة‪ .‬وفي نفس العام ولد حفيد محمد الحسين‬
‫بن علي وتزوج محمد من أم سلمة‬

‫حرب بدر األخيرة (‪)626‬‬

‫‪29‬‬
‫بعد عام من معركة أحد‪ ،‬وفًقا لوعد أبو سفيان‪ ،‬ستقاتل قريش المسلمين مرة أخرى في بدر‬
‫بعد عام‪ .‬ثم حقق رسول هللا هذا الوعد بإعداد قوات المسلمين على أفضل وجه ممكن‪.‬‬
‫وخرج النبي هذه المرة بألف وخمسمائة جندي‪ ،‬مزودين بعشرة خيول‪ .‬وكانت آخر غزوة‬
‫‪.‬بدر في شهر شعبان من السنة الرابعة للهجرة‬
‫سبق أن أرسل أبو سفيان رجًال اسمه نعيم إلى المدينة المنورة‪ .‬وكانت مهمته هز قلوب‬
‫أصحاب النبي بإخبارهم أن قوات قريش المغادرة هذه المرة كانت أكبر بكثير من حيث العدد‬
‫‪.‬في غزوة أحد‪ .‬حتى ال تحتاج قوات المسلمين للذهاب إلى بدر للقتال‬

‫وقد تم هذا التحريض ألن أبا سفيان نفسه لم يكن يريد القتال فعًال‪ .‬ولم يكن أبو سفيان يريد‬
‫الحرب ألن هذا العام كان عجافا‪ ،‬وكان يأمل أن تنتقل حرب بدر إلى وقت آخر‪ .‬إال أن‬
‫‪.‬رسول هللا أكد للمسلمين أنهم لن يتخلوا عن عزمهم االنسحاب من غزوة بدر هذه المرة‬
‫ولما خرج للحرب وكل النبي المدينة المنورة إلى عبد هللا بن رواحة الخزرانجي‪ .‬وفي هذه‬
‫األثناء كان علي بن أبي طالب يحمل راية رسول هللا قائدًا للحرب‪ .‬ومن جهة قريش أرسل‬
‫‪.‬أبو سفيان من مكة ‪ 2000‬جندي وكانوا مزودين بخمسين حصاًن ا‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن خروج قوات قريش كان في الواقع مجرد هندسة أبو سفيان‪ ،‬بحيث ُينظر إليه‬
‫على أنه ال يخلف وعده‪ .‬ولكن بعد يومين من السفر أراد أبو سفيان العودة إلى مكة‪ .‬ثم نقل‬
‫رسالة إلى قواته مفادها أنه سيعود إلى مكة‪ .‬ألن موسم الجفاف ال يدعم هذه الحرب‪ .‬ثم تبع‬
‫‪.‬موقف أبو سفيان جيش قريش بأكمله‪ ،‬الذي لم يرغب في القتال منذ البداية‬

‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬كانت قوات المسلمين بقيادة النبي قد وصلت إلى بدر‪ ،‬وكانت تنتظر‬
‫وصول قوات قريش‪ .‬ولم يأتي‪ ،‬فانتظر رسول هللا وجنوده ثمانية أيام في بدر‪ .‬حتى أن‬
‫بعض المسلمين استغلوا وقت االنتظار هذا في التجارة‪ ،‬ليحققوا ربًح ا أثناء انتظار قوات‬
‫‪.‬قريش‬

‫وبعد انتظار طويل‪ ،‬عاد النبي والقوات المسلمة أخيًر ا إلى المدينة المنورة‪ .‬إن غياب قوات‬
‫قريش في معركة بدر األخيرة قد أزال خيبة أمل المسلمين عندما خسروا معركة أحد السابقة‪.‬‬
‫وهذا الموقف الجبان لقريش زاد من شجاعة المسلمين في الحروب الالحقة ضد مشركي مكة‬

‫‪30‬‬
‫حرب دوماتول جندال (‪)626‬‬

‫حرب دومات الجندل هي حرب قادها النبي في ربيع األول ‪ 5‬هجرية أو حوالي سبتمبر‬
‫‪626.‬‬

‫دارت هذه الحرب بين مسلمي المدينة المنورة ضد قبائل في دومة الجندل‪ ،‬وهي دولة تقع‬
‫‪.‬بين الحجاز وسوريا‬
‫ويبعد موقع هذه الدولة عن المدينة المنورة ‪ 450‬كيلومترًا‪ ،‬ويمكن الوصول إليها في رحلة‬
‫‪.‬مدتها ‪ 16‬ليلة‬
‫وألن المسافة كانت بعيدة جًد ا ولم يتم قطعها أبًد ا‪ ،‬فقد قيل أن حرب دوماتول جندال كانت‬
‫‪.‬بمثابة افتتاح رحلة القوات اإلسالمية نحو تحرير البلدان الكبيرة والبعيدة في المستقبل‬
‫أسباب حرب دوماتول جاندال‬

‫قال ابن سعد والواقدي‪ :‬إن حرب دومة الجندل اندلعت بسبب األخبار التي وصلها رسول هللا‬
‫أن في دومة الجندل عصابات من مثيري الشغب الذين كانوا دائما يستبدون بكل قافلة تمر‬
‫‪. .‬ليبيعوا بضاعتهم في السوق الكبير إلى حد ما في المنطقة‬

‫ليس هذا فحسب‪ ،‬فقد ترددت شائعات عن أن العديد من القبائل العربية التي انضمت إلى‬
‫‪.‬عصابات الشغب كانت تهاجم المدينة المنورة‬

‫وعلى الرغم من أن دومة الجندل كانت بعيدة جًد ا ولم يتمكنوا من تعطيلها في المستقبل‬
‫‪:‬القريب‪ ،‬إال أن رسول هللا كان لديه عدة أسباب للهجوم‪ ،‬وهي‬

‫وإذا ترك دون رادع‪ ،‬فإن التحالف القبلي في دوماتول جندال سوف ينمو ويضعف قوة‬
‫‪.‬المجتمع المسلم‬

‫‪31‬‬
‫وجودهم على الطريق إلى سوريا‪ ،‬لذلك فإن اضطرابهم له تأثير كبير على الوضع‬
‫‪.‬االقتصادي للمجتمع المسلم‬

‫‪.‬كان غزو دوماتول جندال يعني ضمان سالمة القوافل التجارية‬

‫‪.‬منع تشكيل تحالف بين مثيري الشغب في دومات الجندل وكفار قريش‬

‫‪.‬تخويف الرومان الذين حكموا منطقة دوماتول جندال‬


‫في اليوم السابق لوصولهم إلى دومة الجندل‪ ،‬هاجمت القوات اإلسالمية مواشي القبائل في‬
‫المنطقة التي كانوا يمرون بها‪ .‬ووصل هذا الخبر إلى آذان القبائل في دومة الجندل‪ ،‬مما‬
‫‪.‬دفعهم إلى الفرار‬
‫لذلك‪ ،‬عندما وصلت القوات اإلسالمية إلى دومة الجندل‪ ،‬لم يتم العثور على قبائل العدو‬

‫حرب المريسي (‪)627‬‬

‫وكانت غزوة المريسي أو ما يمكن تسميته بغزوة بني ممتصلق يوم شعبان ‪6‬هـ على الراجح‪.‬‬
‫‪ -‬سبب هذه الحرب هو أن النبي بلغه أن زعيم بني المطلق الحارث بن أبي ذر يجمع قومه‬
‫وقومه تحت سيطرته لقتال المسلمين‪ .‬فأرسل بريدة بن الحشيب األسلمي ليتحقق من هذه‬
‫المعلومة‪ .‬وتوجه بريدة أيًضا إلى بني المشطلق فلقي اإليالريط بن أبي ضرار ليأخذ منه‬
‫خبًر ا‪ .‬وبعد أن اقتنع بقوله‪ ،‬رجع بريدة وواجه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فصدقه‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن هذه الحرب لم تدم طويال ولم تتأخر عن االعتبارات العسكرية‪ ،‬فقد‬
‫وقعت هنا عدة أحداث هزت المجتمع اإلسالمي‪ .‬لقد كشفت هذه الحادثة عن قروح المنافقين‪،‬‬
‫وأدى تراجع العديد من قوانين التعزير إلى ثبات ونبل ونقاء النفس وهو أمر ذو قيمة كبيرة‬
‫‪.‬للمسلمين‬

‫وبعد أن اقتنع بهذه المعلومة‪ ،‬جمع أصحابه وغادر بسرعة‪ ،‬قبل يومين بالضبط من انتهاء‬
‫شهر شعبان‪ .‬وفي هذه األثناء كان هناك مجموعة من المنافقين الذين انضموا إليه أيًضا‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫ولم ينضموا إلى حرب من قبل‪ .‬وتولى أمر المدينة زيد بن حارثة‪ .‬لكن في رأي إيان كان‬
‫أبو ذر‪ .‬وهناك أيضًا من يظن أن نميلة بن عبد هللا الليتسي‪ .‬كما أرسل الحارث بن أبي ذر‬
‫‪.‬جواسيس لكشف تحركات قوات المسلمين‪ .‬إال أن المسلمين قبضوا على الجاسوس وقتلوه‬

‫ولما سمع الحارث بن أبي ذر وقومه بخروج رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ومقتل‬
‫جواسيسه‪ ،‬اعتراه خوف شديد‪ .‬انفصلت أخيًر ا العديد من القبائل العربية التي انضمت سابًق ا‬
‫إلى الحارث‪ .‬ووصل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إلى مريسيعين وهي عين لهم في قديد‪.‬‬
‫المسلمون يستعدون للحرب‪ .‬لقد اصطفهم‪ .‬وتسليم راية المهاجرين إلى أبي بكر وراية‬
‫األنصار إلى سعد بن عبادة‬
‫ولم يمض وقت طويل بعد ذلك أطلقوا السهام‪ .‬ثم أمر النبي بشن هجمات في وقت واحد‪.‬‬
‫وتبين أن هذه الطريقة كانت فعالة للغاية‪ ،‬حتى تمكنت قوات المسلمين من قهر قوات‬
‫المشركين‪ُ .‬قتل عدد كبير من قوات العدو‪ ،‬وتم أسر النساء واألطفال‪ ،‬وصودرت الماشية‪.‬‬
‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬لم تقع سوى إصابة واحدة من جانب القوات اإلسالمية‪ .‬وهذا الضحية ُقتل‬
‫على يد أشخاص من األنصار‪ ،‬العتقاده أنه من قوات المشركين‪ .‬هذا ما يقوله كتاب‬
‫‪.‬الحرب‪ .‬لكن هذا خطأ عند ابن القيم‪ .‬ألنه ليس بينهم قتال‬

‫ولم يحاصرهم رسول هللا إال حتى أسلموا‪ ،‬ثم سبى النساء واألطفال‪ ،‬كما في كتاب الصحيح‪:‬‬
‫"فحاصرهم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حتى أسلموا"‪ .‬وكان من بين السبايا جويرية‬
‫بنت الحارث زعيمتهم‪ .‬وفي توزيع الغنائم والسبي‪ ،‬أصبحت جويرية تابعة لثابت بن قيس‪.‬‬
‫يريد ثابت أن يطلق سراحه بأموال الفدية‪ .‬ففدياها رسول هللا وتزوجها‪ .‬وبسبب هذا الزواج‬
‫أعتق المسلمون مائة شخص من بني مستهلك كانوا قد أسلموا‪ .‬فقال المسلمون‪ :‬هم أصهار‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ .‬وقد حدثت في هذه الحرب عدة أحداث أخرى من صنع‬
‫أمير المنافقين عبد هللا بن أبي بن سلول وأصحابه‪ .‬وسيكون من الجيد لو شرحنا سلوكهم في‬
‫المجتمع اإلسالمي‬

‫حرب الخندق (‪)627‬‬

‫غزوة الخندق والتي تعرف أيًضا باسم غزوة األحزاب (معركة االتحاد) أو حصار المدينة‬
‫المنورة‪ ،‬وقعت في شهر شوال من العام ‪ 5‬هجرية أو في عام ‪ 627‬م‪ .‬كانت هذه المعركة‬

‫‪33‬‬
‫وحصار المدينة المنورة بقيادة قوة مشتركة (األحزاب‪ ،‬اتحاد) بين كفار قريش في مكة‪،‬‬
‫والقبائل العربية األخرى المتحالفة مع قريش‪ ،‬وبني النضير اليهود‪ .‬بدأ الحصار في ‪31‬‬
‫‪.‬مارس ‪ ،627‬وانتهى بعد ‪ 27‬يوًما‬
‫سميت المعركة بمعركة الخندق بسبب الخنادق التي حفرها المسلمون استعدادا للمعركة‪.‬‬
‫كلمة الخندق هي الصيغة العربية للكلمة الفارسية "كنداك" (التي تعني "ما تم حفره")‪ .‬يشار‬
‫إلى المعركة أيًضا باسم معركة الكونفدرالية (العربية غزوة االحزاب)‪ .‬يستخدم القرآن‬
‫مصطلح حليف (العربية االحزاب) في سورة األحزاب [القرآن ‪ ]32-9 :33‬للداللة على‬
‫‪.‬اتحاد العرب الوثنيين والعرب اليهود ضد اإلسالم‬

‫معركة‬

‫كان الحصار "معركة ذكاء"‪ ،‬حيث تغلب التكتيكيون المسلمون‪ ،‬بما في ذلك سلمان‬
‫الفارسي‪ ،‬على خصومهم‪ ،‬في حين تعرضوا لعدد قليل جًد ا من الضحايا‪ .‬فشلت محاوالت‬
‫الكونفدرالية لهزيمة المسلمين‪ ،‬وأصبحت القوى اإلسالمية مؤثرة في المنطقة‪ .‬ونتيجة لذلك‪،‬‬
‫حاصر جيش المسلمين بني قريظة‪ ،‬مما أدى إلى استسالمهم غير المشروط‪ .‬كلفت الهزيمة‬
‫‪.‬المكيين تجارتهم والكثير من شرفهم‬

‫ولحماية المدينة المنورة من الهجمات المشتركة‪ ،‬تم بناء الخنادق كاستراتيجية حربية لتجنب‬
‫الهجمات المباشرة من قوات األحزاب قريش وبني النضير‪ .‬استراتيجية عمل الخنادق بين‬
‫المناطق التي ال تحميها الجبال كمحمية هي استراتيجية صديق رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم اسمه سلمان الفارسي الذي قدم من بالد فارس فهذه الحرب هي ويسمى قتال الخندق‪،‬‬
‫وفي الحقيقة هذه اإلستراتيجية تأتي من بالد فارس‪ ،‬وكان يتم ذلك إذا كانوا محاصرين أو‬
‫‪.‬خائفين من وجود الفرسان‬

‫ثم تم حفر خندق في الجزء الشمالي من المدينة المنورة لمدة تسعة أو عشرة أيام‪ .‬وصلت‬
‫القوات المشتركة بقوة قوامها ‪ 10.000‬جندي جاهزين للقتال‪ .‬وعسكرت القوات المشتركة‬
‫في الجزء الشمالي من المدينة المنورة‪ ،‬ألنه المكان األنسب لشن الحرب‪ .‬وفي معركة‬
‫الخندق‪ ،‬حدثت خيانة من قبل يهود بني قريظة لالتفاق المتفق عليه سابًق ا للدفاع عن المدينة‬
‫‪.‬المنورة‪ ،‬لكن بني قريظة خانوا االتفاق‬

‫‪34‬‬
‫وبعد شهر كامل من الحصار‪ ،‬أسلم نعيم بن مسعود األسيجائي دون علم القوات المشتركة‬
‫ببراعته في تقسيم القوات المشتركة‪ .‬فبعث هللا سبحانه وتعالى ريحًا دمرت معسكر القوات‬
‫المشتركة‪ ،‬وكسرت قدورهم‪ ،‬وأطفأت نارهم‪ .‬حتى عادت القوات المشتركة إلى ديارها‬
‫أخيًر ا وفشلت في احتالل المدينة المنورة‪ .‬وبعد المعركة ذهب النبي وأصحابه إلى مقر بني‬
‫قريظة ليجربوهم‬

‫حرب بني قريظة (‪)627‬‬

‫حرب بني قريظة‪ ،‬والمعروفة بالحرب الشاملة ضد بني قريظة‪ ،‬وقعت في شهر ذو القعدة‬
‫‪.‬طوال شهر فبراير ومارس من عام ‪( 627‬الموافق ‪ 5‬هجرية)‬

‫عندما وقعت حرب األحزاب‪ ،‬كان من المفترض أن يقوم بني قريظة (الذين كانوا من سكان‬
‫المدينة المنورة) بالدفاع عن المدينة المنورة والدفاع عنها من هجمات قوات األحزاب‬
‫(تحالف كفار قريش من مكة)‪ .‬إال أن المجرم بني النضير (حيي بن أخطب وهو والد‬
‫الشافعية أم المؤمنين) جاء إلى بني قريظة للقاء كعب بن أسد القرشي لتحريضه على مخالفة‬
‫العهد الذي تم االتفاق عليه مع المسلمين و مهاجمة النبي محمد‪ .‬ولما سمع خبر هذه الخيانة‬
‫‪.‬أرسل رسوًال ليتأكد من صحة الخبر‬

‫تلقى النبي صلى هللا عليه وسلم الوحي لمحاصرة بني قريظة فسارع إلى تنفيذها وأمر‬
‫أصحابه بالتحرك على الفور نحو بني قريظة‪ .‬في الواقع‪ ،‬من أجل الوصول بسرعة إلى‬
‫‪:‬الوجهة‪ ،‬قال النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وهو ما يعني‬

‫ال يصلي أحد العصر إال في قرية بني قريظة» [البخاري‪ ،‬الفتح‪ ،293 /15 ،‬رقم«‬
‫"‪]4119‬‬

‫‪35‬‬
‫وأما رسالة النبي صلى هللا عليه وسلم بصالة العصر في منطقة بني قريظة فقد اختلف في‬
‫تفسيرها بين الصحابة‪ .‬وال يزال بعضهم يتمكن من معرفة وقت العصر في الطريق‬
‫وتنفيذه‪ ،‬والبعض اآلخر يصلي العصر بعد صالة العشاء عند وصولهم إلى منطقة بني‬
‫‪.‬قريظة‪ .‬تم اإلبالغ عن هذه المشكلة إلى النبي محمد‪ .‬ولم يلوم أحدًا من أصدقائه‬

‫وحاصر النبي محمد بني قريظة لمدة ‪ 25‬يوًما حتى استسلموا‬

‫فأمر الرسول بحبس جميع اليهود الذكور وتكبيل أيديهم‪ ،‬وأخذ النساء واألطفال إلى مكان‬
‫منعزل‪ .‬وطلب األسرى من أحد قومهم (سعد بن معاذ) أن يتخذ القرار‬

‫وقرر سعد بن معاذ قتل رجال اليهود‪ ،‬وسبي النساء‪ ،‬وتقسيم األموال بالتساوي‪ .‬وفي السيرة‬
‫النبوية ‪ -‬شافي الرحمن المبرافوري‪ ،‬كان قرار سعد هو القرار الصحيح‪ ،‬ألنه عدا الخيانة‪،‬‬
‫فإن وقد أعَّد بنو قريظة ‪ 1500‬سيًفا‪ ،‬و‪ 2000‬رمًح ا‪ ،‬و‪ 300‬درًعا‪ ،‬و‪ 500‬درًعا لهالك‬
‫المسلمين‬

‫وافق النبي محمد ألنه كان وفًقا ألمر هللا‪ ،‬حيث تم قطع رأس كل ذكر بالغ وفًقا لدانيال سي‪.‬‬
‫بيترسون ومارتن لينغز‪ ،‬فإن هذا القرار يتوافق مع شريعة موسى الواردة في تثنية ‪-10 :20‬‬
‫‪ .14‬عالم الحديث الطبري يقتبس ‪ 900-600‬تم قطع رؤوسهم‪ .‬لكن هذا العدد ال يزال محل‬
‫جدل ألنه لم يذكر في الحديث الصحيح عدد المحكوم عليهم باإلعدام‪ ،‬بل هناك تاريخ يقول‬
‫أنه لم يحكم عليهم باإلعدام إال ‪ 40‬شخصية من بني قريظة‪ .‬ولم يذكر الحديث السني عدد‬
‫القتلى‪ ،‬لكن جميع الرجال قتلوا وامرأة واحدة‪ .‬وتم أسر نساء وأطفال آخرين أو استبدالهم‬
‫‪.‬باألسلحة والخيول‪ ،‬بحسب المصادر اإلسالمية‬

‫بحسب ابن كثير‪ ،‬آيات القرآن اآليات ‪ 27-33:26‬و‪ 10-33:9‬عن غزوة بني قريظة‬

‫كان بنو قريظة متحالفين مع محمد‪ ،‬وخالل معركة الخندق‪ ،‬أعاروهم معدات حربية‬
‫للحراسة في المدينة المنورة‪ ،‬لكنهم لم يشاركوا في أي معارك‪ .‬لقد شعر بنو قريظة باإلهانة‬
‫الشديدة من الوحي الذي أرسل إلى محمد للعمل بقسوة ضد اليهود‪ ،‬ووفًقا للواقدي‪ ،‬فقد‬
‫‪.‬تفاوضوا مع سكان مكة‬

‫‪36‬‬
‫وذكر الواقدي أن محمد كان لديه اتفاق مع القبائل المنقسمة‪ .‬يعتقد نورمان ستيلمان ووات‬
‫أن االتفاقية المعنية "مشكوك فيها" في الوجود‪ ،‬على الرغم من أن وات يعتقد أن قريظة‬
‫وافقت على عدم مساعدة أعداء محمد‪ .‬كثيًر ا ما تعرض الواقدي النتقادات من الكتاب‬
‫المسلمين الذين وصفوه بأنه غير موثوق‪ .‬وفًقا لمباركبوري‪ ،‬وبيترز‪ ،‬وستلمان‪ ،‬وغيوم‪،‬‬
‫وإنمدار‪ ،‬وابن كثير‪ ،‬قاد محمد قواته ضد الناس في حي بني قريظة‬

‫حرب بني لحيان (‪)627‬‬

‫‪.‬وقعت غزوة بني لحيان في سبتمبر ‪ 627‬م في ربيع األول أو جمادى األولى سنة ‪ 6‬هجرية‬

‫وكان سبب هذه الحرب هو أن بني لحيان خانوا عشرة من أصدقائهم وقتلوهم في الراجي‪.‬‬
‫وألن موقعهم كان في منطقة الحجاز ومتاخمًا لمكة مباشرة‪ ،‬لم يكن لدى النبي أي نية لدخول‬
‫تلك المنطقة ألن موقعهم كان قريبًا من عدوهم األكبر‪ .‬ووقعت هذه الحادثة قبل اندالع‬
‫الحرب بين المسلمين وكفار قريش وعدة قبائل عربية أخرى‪ .‬وبعد أن أصبح الوضع ممكنا‪،‬‬
‫‪.‬أطلق الرد على الخيانة التي ارتكبها بني لحيان‬

‫وفي شهر ربيع األول أو جمادى األولى سنة ‪ 6‬هـ ذهب مع ‪ 200‬صديق‪ .‬وقام بالتمويه‬
‫وكأنه ذاهب إلى سوريا حتى ال يبالوا‪ .‬وتسارعت الرحلة حتى وصلنا إلى وادي غوران‬
‫الواقع بين أماج وعسفان‪ .‬هذا هو المكان الذي قتل فيه أصدقاؤه‪ .‬وبدا حزينا‪ ،‬ثم دعا بالخير‬
‫لمن قتلوا‪ .‬وفي هذه الحادثة لم يكن هناك قتال‪ ،‬ألن بني لحيان الذين سمعوا قدوم المسلمين‬
‫فروا على الفور إلى قمم الجبال‪ .‬ولم يتم القبض على أي منهم‪ .‬وأقام في قرية بني لحيان‬
‫يومين‪ ،‬ثم رجع إلى المدينة‬

‫حرب ذو القرد (‪)627‬‬

‫‪37‬‬
‫وهجم عيينة بن حذيفة بن بدر الفزاري مع فرسان من غطفان على حوامل بليو بالغابة‪.‬‬
‫وكان في الغابة رجل من بني غفار (ابن أبي ذر) وزوجته‪ .‬فقتل عيينة بن حصن الرجل‬
‫‪.‬وأخذ امرأته بوضعها على الناقة الحامل‬

‫وأول من علم بقدوم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري وجنوده واستعد لمواجهتهم‬
‫هو سلمة بن عمرو بن األكوع السلمي‪ .‬وخرج إلى الغابة صباحًا حامًال قوسًا ومعه غالم‬
‫لطلحة بن عبيد هللا كان يقود الفرس‪ .‬ولما كان سلمة بن عمرو على تسانية الوداع رأى‬
‫بعض خيول عيينة بن حصن‪ .‬وصعد الصالة وصاح‪ :‬صباح الخير هذا الصباح‪ .‬ثم تتبع‬
‫سلمة بن عمرو عيينة بن حصن‪ .‬وكان سلمة بن عمرو مثل الحيوان البري تماما‪ .‬فما زال‬
‫‪:‬يمشي حتى أدركهم ثم رماهم بالسهام‪ .‬كلما رمى سهما قال‬
‫خذ هذا السهم أنا ابن األكوع‬
‫اليوم هو يوم وفاة شخص متواضع‬

‫وكان إذا ركضت إليه خيل عيينة بن حصن هرب منهم وهرب منهم‪ .‬وإذا أتيحت له فرصة‬
‫‪:‬إطالق النار‪ ،‬كان يطلق عليهم قائًال‬

‫‪.‬خذ هذا السهم أنا ابن األكوع‬


‫اليوم هو يوم وفاة شخص متواضع‬

‫وهكذا كان حتى قال رجل من رجال عيينة بن حصن‪ :‬أوه‪ ،‬لقد كان عصرنا سيًئ ا منذ‬
‫‪».‬البداية‬

‫لما بلغ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم صراخ سلمة بن عمرو‪ ،‬نادى بالمدينة‪ :‬استغيثوا‪"،‬‬
‫استعينوا"‪ .‬فدفع أصحاب الخيل خيولهم نحو رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ .‬وأول فارس‬
‫وصل إلى منزله المقداد بن عمرو – هو المقداد بن األسود حليف بني زهرة –‪ .‬والثاني‬
‫الذي وصل إلى منزله من األنصار بعد المقداد بن عمرو هو عباد بن بصير بن وقاصي بن‬
‫زغبة بن زرعة أحد سكان بني عبد األشهل‪ ،‬وسعد بن زيد من سكان بني كعب بن عبد‬
‫األشهل‪ ،‬أسيد بن ظاهر هو أخو بني حارثة بن الحريثة – وهو مشكوك فيه –‪ ،‬وعكاسة بن‬
‫محشان أخو بني أسد بن خزيمة‪ ،‬ومحرز بن نضلة أخو بني أسد بن خزيمة‪ .‬وأبو قتادة‪،‬‬
‫‪38‬‬
‫المعروف بالحارث بن ربعي‪ ،‬أخو بني سلمة‪ ،‬وأبو إياس‪ ،‬المعروف بأبي عبيد بن زيد بن‬
‫‪.‬الشميط‪ ،‬أخو بني زريق‬
‫فلما اجتمع أصحاب الفرسان عند رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عين سعد بن زيد ‪ -‬فيما "‬
‫‪ ".‬بلغني ‪ -‬أميرا على الجيش‪ ،‬ثم قال‪ " :‬اتبعوا الناس حتى تلقوهم‬

‫ولما وصلت خيول المسلمين‪ ،‬قتل أبو قتادة‪ ،‬المعروف بالحارث بن ربعي‪ ،‬أخو بني سلمة‪،‬‬
‫حبيب بن عيينة بن حصن‪ ،‬وغطاه بالبردة‪ .‬وبعد ذلك تبع أبو قتادة العدو وفي نفس الوقت‬
‫‪.‬وصل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مع المسلمين‬
‫فوجد رسول هللا حبيًبا مغطى ببردة ألبي قتادة‪ ،‬فطلب من المسلمين الرجوع‪ .‬فقال‬
‫المسلمون‪ :‬قتل أبو قتادة‪ .‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬ليس هذا جسد أبي قتادة‪،‬‬
‫ولكن جسد الذي قتله أبي قتادة»‪ .‬وتعمد أبو قتادة وضع بردةته على هذه الجثة لتعلم أنه هو‬
‫‪.‬الذي قتلها‬

‫وتمكن عكاسة بن محشان من اللحاق بأوبر وابنه عمرو بن أوبر‪ ،‬وكالهما راكبان جمل‬
‫واحد‪ ،‬فطعنهما عكاسة بن محشان بالرمح حتى ماتا‪ .‬تمكن المسلمون من تحرير عدد من‬
‫‪.‬اإلبل الحوامل‬

‫واصل النبي السير إلى أسفل الجبل من دزو قراد‪ .‬وهناك التقى الطرفان‪ .‬ونزل النبي في‬
‫ذلك المكان وأقام فيه يوما وليلة‪ .‬فقال له سلمة بن األكوع‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬لئن بعثتني في مائة‬
‫رجل ألستنقذن رواسب اإلبل التي لم تنجو‪ ،‬وألقطعن رؤوسهن‪ . .‬فقال رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪« :‬اآلن ُيسقون بغطفان»‪ .‬قسم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على كل مائة من‬
‫‪.‬أصحابه ناقة فصنعوا بها وليمة‪ .‬وبعد ذلك عاد النبي إلى المدينة المنورة‬

‫جاءت امرأة من بني غفار إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على جمل‪ .‬فلما وصل إلى«‬
‫منزله‪ ،‬قص عليه القصة‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬إني نذرت هلل أن أذبح ناقتي إن أنقذني هللا‬
‫عليها‪ .‬فتبسم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ثم قال‪« :‬لقد كرهت أن تجازيه»‪ .‬أركبك هللا‬
‫البعير وأنقذك عليه ثم ذبحته؟ وال نزار في معصية هللا وما ليس لك‪ .‬إن هذا الجمل هو‬
‫جملي‪ ،‬فارجع إلى أهلك على بركة هللا‬

‫‪39‬‬
‫صلح الحديبية (‪)628‬‬

‫صلح الحديبية كانت معاهدة عقدت في منطقة الحديبية بمكة في مارس ‪ 628‬م (ذو القعدة ‪6‬‬
‫هـ)‪ .‬تقع الحديبية على بعد ‪ 22‬كم غرب مكة باتجاه جدة‪ ،‬ويوجد بها اآلن مسجد الرضوان‪.‬‬
‫واسم آخر للحديبية هو العاصي السوميسي وهو مأخوذ من اسم العاصي السوميسي الذي‬
‫‪.‬حفر بئرا في الحديبية‬

‫في عام ‪ 628‬م‪ ،‬ذهب حوالي ‪ 1400‬مسلم إلى مكة ألداء فريضة العمرة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬نظًر ا‬
‫ألن قريش في مكة في ذلك الوقت كانوا مناهضين بشدة للمسلمين في المدينة المنورة (بسبب‬
‫هزيمتهم في حرب الخندق)‪ ،‬كانت مكة مغلقة في وجه المسلمين‪ .‬لكن قريش نبهت قواتها‬
‫لمنع المسلمين من دخول مكة‪ .‬في هذا الوقت‪ ،‬كان العرب يقظين حًق ا للقوة العسكرية‬
‫اإلسالمية المتنامية‪ .‬حاول النبي محمد منع إراقة الدماء في مكة‪ ،‬ألن مكة كانت مكاًن ا‬
‫‪.‬مقدًسا‬

‫وأخيًر ا‪ ،‬اتفق المسلمون مع خطوات النبي محمد‪ ،‬في أن طريق الدبلوماسية أفضل من‬
‫‪.‬الحرب‬

‫‪:‬اتفاق‬
‫‪:‬يتضمن مخطط صلح الحديبية ما يلي‬

‫بسم رب العالمين الرحمن الرحيم‪ .‬وكان هذا اتفاقًا بين محمد وسهيل بن عمرو ممثل“‬
‫‪.‬قريش‬

‫لم تكن هناك حروب لمدة عشر سنوات‪ .‬ومن يريد أن يتبع محمد فهو حر في ذلك‪ .‬ومن‬
‫أراد أن يتبع قريًش ا فليفعل ذلك بحرية‪ .‬وإذا اتبع الشاب‪ ،‬وهو أب أو حارس‪ ،‬محمدًا بغير‬
‫إذن‪ ،‬فإنه يرد إلى أبيه وحارسه‪ .‬ومن تبع قريشا لم يردوا‪ .‬سيعود محمد هذا العام إلى‬
‫المدينة المنورة‪ .‬لكن في العام المقبل يمكنهم دخول مكة ألداء الطواف هناك لمدة ثالثة أيام‪.‬‬
‫وفي تلك األيام الثالثة كان قريش يتراجعون إلى التالل‪ .‬ويجب أن يكونوا غير مسلحين عند‬
‫دخول مكة‬
‫‪40‬‬
‫‪:‬فوائد الحديبية للمسلمين هي‬

‫حرية ممارسة اإلسالم‬

‫ولم يكن هناك إرهاب من قريش‬

‫دعوة الممالك األجنبية مثل إثيوبيا وإفريقيا إلى اعتناق اإلسالم‬

‫يبدو أن قريش انتهكت معاهدة الحديبية‪ ،‬لكن المسلمين تمكنوا من االنتقام بفتح مكة (فتح‬
‫‪.‬مكة) عام ‪ 630‬م‬

‫وكان للمسلمين جيش قوامه حوالي ‪ 10000‬جندي‪ .‬وفي مكة‪ ،‬واجهوا عقبات قليلة‪ .‬وبعد‬
‫ذلك‪ ،‬قاموا بتمزيق كل رموز عبادة األصنام أمام الكعبة‬

‫حرب خيبر (‪)628‬‬

‫كانت غزوة خيبر معركة وقعت بين المسلمين بقيادة النبي محمد ﷺ واليهود الذين‬
‫يعيشون في واحة خيبر‪ ،‬على بعد حوالي ‪ 150‬كيلومتًر ا من المدينة المنورة بالمملكة العربية‬
‫السعودية‪ .‬وانتهت هذه المعركة بانتصار المسلمين‪ ،‬ونجح النبي محمد ﷺ في‬
‫الحصول على الكنوز واألسلحة ودعم القبائل المحلية‪ .‬وقعت هذه المعركة بعد حوالي‬
‫أسبوعين‪ ،‬حتى أن النبي صلى هللا عليه وسلم قاد بنفسه حملة عسكرية إلى خيبر‪ ،‬وهي‬
‫منطقة تبعد ثالثة أيام عن المدينة المنورة‪ .‬وكانت خيبر منطقة خصبة وأصبحت المعقل‬
‫اليهودي الرئيسي في شبه الجزيرة العربية‪ .‬وخاصة بعد أن فتح النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪.‬يهود المدينة‬

‫‪41‬‬
‫وكانت هذه المعركة واحدة من الغزوات العديدة التي قام بها النبي محمد في مهمته لنشر‬
‫‪.‬اإلسالم‬

‫تحرير‬

‫ولم يكن لدى اليهود القوة الكافية لمهاجمة المسلمين‪ .‬لكنهم أذكياء‪ .‬لقد تمكنوا من توحيد‬
‫أعداء النبي محمد ﷺ من مختلف القبائل القوية جًد ا‪ .‬وقد ثبت ذلك في حرب الخندق‪.‬‬
‫بالنسبة للمواطنين المسلمين في المدينة المنورة‪ ،‬كان اليهود أكثر خطورة من األعداء‬
‫‪.‬اآلخرين‬

‫فاندفع النبي محمد ﷺ إلى قلب دفاع العدو‪ .‬عمل ليس من السهل القيام به‪ .‬حتى أن‬
‫القوات الرومانية األقوى لم تتمكن من احتالل حصن خيبر الذي كان يتمتع بنظام دفاع ممتاز‬
‫متعدد الطبقات‪ .‬وقام سالم بن مسكام بتنظيم الجنود اليهود‪ .‬ووضعوا نسائهم وأطفالهم‬
‫وممتلكاتهم في حصني الوطيح والسليم‪ .‬تم جمع اإلمدادات الغذائية في قلعة النعيم‪.‬‬
‫وتمركزت القوات الحربية في حصن النطاط‪ .‬في هذه األثناء تقدم سالم والجنود المختارون‬
‫‪.‬إلى الخطوط األمامية‬

‫ومات سالم في المعركة‪ .‬لكن دفاع خيبر ال يمكن اختراقه‪ .‬وقد عّين النبي محمد ﷺ‬
‫‪.‬أبا بكر قائدًا للقوات‪ .‬لكن فشلت‪ .‬وكذلك عمر‪ .‬وأخيرًا تم تسليم قيادة األمر إلى علي‬

‫وفي خيبر يرتفع اسم علي‪ .‬لقد كان نجاحه في تمزيق باب القلعة ليصبح درًعا ُيحكى دائًما‬
‫من قرن إلى قرن‪ .‬كما نجح علي وقواته في اختراق دفاع الخصم‪ .‬كما ُقتل الحارث بن أبي‬
‫‪.‬زينب – قائد اليهود بعد سالم‪ .‬وسقط حصن النعيم في أيدي القوات اإلسالمية‬

‫بعد ذلك تم االستيالء على الحصن بعد الحصن‪ .‬كل ذلك من خالل قتال شرس‪ .‬ثم سقطت‬
‫قلعة قموش‪ .‬كما ظلت قلعة الزبير محاصرة لفترة طويلة‪ .‬في البداية دافع اليهود عن أنفسهم‬
‫في الحصن‪ .‬إال أن القوات اإلسالمية قامت بقطع قناة المياه المؤدية إلى الحصن‪ ،‬مما‬
‫اضطر القوات اليهودية للخروج من ملجأها والقتال مباشرة‪ .‬كما سقطت حصون الوطية‬
‫والسليم في أيدي القوات اإلسالمية‪.‬ثم استسلم اليهود‪ .‬وتم تسليم الحصن بأكمله للمسلمين‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫أمر النبي محمد ﷺ قواته بمواصلة حماية الشعب اليهودي وجميع ثرواته‪ ،‬باستثناء‬
‫‪.‬كنانة بن ربيع الذي ثبت كذبه عندما سأله النبي عن معلومات‬

‫ويبدو أن النبي قد تعمد تقديم هذه الحماية إلظهار االختالف في معاملة المسلمين‬
‫والمسيحيين تجاه الفريق المهزوم‪ .‬عادة‪ ،‬تقوم القوات المسيحية من اإلمبراطورية الرومانية‬
‫بتدمير الجماعات اليهودية التي هزمتها‪ .‬واآلن ُيمنح ليهود خيبر حرية تنظيم أنفسهم طالما‬
‫‪.‬أنهم يتبعون خط قيادة النبي محمد ﷺ في السياسة‬

‫عاش النبي محمد ﷺ لبعض الوقت في خيبر‪ .‬حتى أنه كاد أن يموت ألنه تسمم‪.‬‬
‫ُيذكر أن زينب بنت الحارث حقدت النبي محمد صلى هللا عليه وسلم‪ .‬ومات زوجها سالم في‬
‫غزوة خيبر‪ .‬ثم أرسلت زينب إلى النبي محمد قطعة من لحم الضأن‪ ،‬فتناول رسول هللا‬
‫قضمة من اللحم‪ ،‬لكنه بصقها على الفور بعد أن شعر بشيء غريب‪ .‬ولم يكن هذا هو الحال‬
‫‪.‬مع صديق الرسول بصيري بن البراء‪ .‬مات ألنه أكل اللحم‬

‫تم فتح خيبر ‪ .‬عادت حاشية النبي إلى المدينة المنورة عبر وادي القرى‪ ،‬وهي منطقة‬
‫تسيطر عليها مجموعة يهودية أخرى‪ .‬اعترضت القوات اليهودية المحلية المجموعة‪ .‬كما‬
‫حدث في خيبر‪ ،‬تم فتحهم بعد ذلك أيًضا‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬قدم يهود تيماء عرًضا للسالم‬
‫‪.‬دون اللجوء إلى الحرب‬

‫وبهذا الفتح‪ ،‬أصبح اإلسالم في المدينة المنورة القوة الرئيسية في شبه الجزيرة العربية‪.‬‬
‫ويتحقق الهدوء العام بشكل متزايد‪ .‬وبهذه الطريقة‪ ،‬تمكن النبي محمد ﷺ من التركيز‬
‫‪.‬أكثر على الوعظ لبناء األخالق العامة‬

‫استسلم اليهود بشرط دفع الجزية وإعطاء أراضيهم للمسلمين‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬أصبح الكثير‬
‫منهم خدًما‪ .‬وفًقا لستيلمان‪ ،‬لم يتم تضمين يهود بني نضير في هذه االتفاقية‪ ،‬وتم قتل جميع‬
‫بني نضير في النهاية‪ ،‬باستثناء األطفال والنساء الذين تم استعبادهم‪ .‬وبعد هذه المعركة ظل‬
‫اليهود يعيشون في خيبر‪ ،‬حتى طردهم الخليفة عمر بن الخطاب أخيًر ا‪ .‬كان فرض‬
‫الضرائب على اليهود بمثابة بداية تطبيق الجزية على أهل الذمة في ظل الحكم اإلسالمي‪،‬‬
‫واالحتفاظ بأراضيهم كممتلكات للمجتمع ‪.‬اإلسالمي‬

‫‪43‬‬
‫وبسبب انتصار المسلمين في هذه المعركة‪ ،‬كثيرًا ما تذكر كلمة "خيبر" في الشعارات‬
‫واألغاني واألسلحة التي يصنعها المسلمون‬

‫حرب مؤتة (‪)629‬‬

‫غزوة مؤتة هي معركة وقعت في مؤتة في شهر جمادي األول سنة ‪ 8‬هـ أو ‪ 629‬م‪ ،‬وكان‬
‫المشاركون في هذه المعركة هم القوات اإلسالمية التي أرسلها محمدﷺ والقوات‬
‫البيزنطية‪.‬وكانت غزوة مؤتة في قرية تسمى مؤتة‪ .‬موقع مؤتة في المنطقة قبل دخول‬
‫‪.‬صيام‪ .‬وتستغرق الرحلة من مؤتة إلى بيت المقدس يومين سيرا على األقدام‬

‫خالل فترة اتفاق الصلح بين قريش والمسلمين‪ ،‬أرسل محمد ﷺ بصفته أمير المسلمين‬
‫في المدينة المنورة مبعوثين ورسائل إلى العديد من رؤساء الدول ورؤساء الحكومات في‬
‫البلدان األخرى‪ .‬وكان الهدف من إرسال وتسليم هذه الرسالة هو دعوة رؤساء الدول‬
‫والحكومات إلى قبول التعاليم اإلسالمية‬

‫وتم إرسال الرسل والرسائل التبشيرية في نهاية السنة السادسة للهجرة‪ .‬وكانت إحدى‬
‫الرسائل موجهة إلى أمير بشرى‪ .‬والمبعوث هو الحارث بن عمير األزدي‪ .‬إال أن الحارث‬
‫ُقتل في مؤتة قبل أن يتلقى أمير بشرى الرسالة التبشيرية‪ .‬وقتل الحارث على يد سيراحبيل‬
‫بن عمرو الغساني‪ .‬وكان سيورابيل أحد موظفي الدولة في مؤتة‪ .‬وبسبب هذه المعاملة‪،‬‬
‫أعد محمد ﷺ قوات مسلمة للقتال مع القوات الغساسنة في مؤتة في السنة الثامنة‬
‫‪.‬للهجرة‬

‫‪:‬قائد حرب جيش المسلمين‬

‫‪44‬‬
‫تم اختيار أمير الحرب في الجيش اإلسالمي للمشاركة في معركة مؤتة مباشرة من قبل‬
‫محمدﷺ أمراء الحرب الذين تم اختيارهم هم زيد بن حارثة‪ ،‬وجعفر بن أبي طالب‪،‬‬
‫وعبد هللا بن رواحة أصبح هؤالء القادة الثالثة قادة على التوالي بشرط وفاة القائد السابق في‬
‫المعركة‪ .‬قرر محمدﷺ أنه عندما يموت القائد‪ ،‬سيتم اختيار المنصب التالي كقائد‬
‫‪.‬حرب مباشرة من قبل القوات المسلمة‬
‫عبد هللا بن رواحة‬
‫وكان عبد هللا بن رواحة في الجاهلية شاعرًا‪ .‬أسلم قبل بيعة العقبة‪ ،‬لكنه واصل عمله‬
‫كشاعر‪ .‬وبعد أن أسلم‪ ،‬قاتل إلى جانب محمدﷺ‬
‫فتح مكة (‪)630‬‬

‫فتح مكة هو حدث وقع في سنة ‪ ،630‬وتحديدًا في ‪ 20‬رمضان ‪ 8‬هـ‪ ،‬حيث تحرك النبي‬
‫محمدﷺ مع ‪ 10.000‬جندي من المدينة المنورة باتجاه مكة‪ ،‬ثم سيطر على مكة‬
‫بأكملها بعد القوات اإلسالمية‪ .‬انتصر في حرب مؤتة ودمر األصنام الموجودة هناك في‬
‫‪.‬الكعبة وما حولها‬

‫السبب تحرير‬

‫في عام ‪ ،628‬وقعت قريش والمسلمون من المدينة المنورة معاهدة الحديبية‪ .‬على الرغم‬
‫من وجود عالقات أفضل بين مكة والمدينة بعد توقيع صلح الحديبية‪ ،‬إال أنه تم كسر الهدنة‬
‫التي استمرت ‪ 10‬سنوات عندما هاجمت قريش وحلفاؤها بني بكر بني خزاعة الذين كانوا‬
‫حلفاء المسلمين‪ ،‬على الرغم من أنه كان في الواقع بني خزاعة هم أول من هاجم بني بكر‪،‬‬
‫آه‪ ،‬ومن المؤسف أن هذه المشكلة لم تحل إال باتفاق نخبوي لم يشمل القاعدة الشعبية‪ ،‬لذلك ال‬
‫يزال يثير االستياء بين بني بكر‪ .‬في ذلك الوقت ساعد مشركو قريش بني بكر‪ ،‬مع أنه بناًء‬
‫على اتفاق الصلح في االتفاقية‪ ،‬انضم بني خزاعة إلى النبي محمدﷺ وأسلم عدد منهم‪،‬‬
‫‪.‬بينما انضم بكر إلى قريش المشركين‬

‫ذهب أبو سفيان‪ ،‬زعيم قبيلة قريش في مكة‪ ،‬إلى المدينة المنورة إلصالح االتفاق المكسور‪،‬‬
‫لكن النبي محمدﷺ رفض‪ ،‬وعاد أبو سفيان خالي الوفاض‪ .‬ذهب حوالي ‪10.000‬‬
‫جندي مسلم إلى مكة التي سرعان ما استسلمت بسالم‪ .‬كان النبي محمدﷺ كريًما مع‬
‫المكيين‪ ،‬وأمر بتدمير األصنام حول الكعبة وداخلها‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تم فرض عقوبة‬
‫‪45‬‬
‫اإلعدام على ‪ 17‬من أهل مكة بسبب جرائمهم ضد المسلمين‪ ،‬على الرغم من العفو عن‬
‫‪.‬العديد منهم في النهاية‬

‫قائد فرقة‬
‫وفي العاشر من رمضان سنة ‪ 8‬هـ‪ ،‬انتقل النبي محمد ومعه ‪ 10.000‬جندي من المدينة‬
‫‪.‬المنورة إلى مكة‪ ،‬ومثل المدينة المنورة ألبي رهم الغفاري‬

‫وعندما وصل إلى دزو ثوا‪ ،‬قسم النبي محمد جيشه الذي كان مكوًن ا من ثالثة أجزاء‪ ،‬كل‬
‫‪:‬جزء منها‬

‫‪،‬قاد خالد بن الوليد جيًش ا لدخول مكة من األسفل‬

‫قاد الزبير بن العوام القوات إلى الجزء العلوي من مكة من تل كداء‪ ،‬ورفع الراية عند‬
‫‪،‬الحجون‬

‫وقاد أبو عبيدة بن الجراح جيشا من وسط الوادي إلى مكة‪ .‬وبحسب رأي آخر‪ ،‬فإن أربعة‬
‫أجزاء من الجيش‪ ،‬الجزء الرابع كان بقيادة‬

‫‪.‬قاد سعد بن عبادة أهل المدينة المنورة لدخول مكة من الغرب‬

‫ومن الهجون دخل النبي محمد المسجد الحرام محاطا بالمهاجرين واألنصار‪ .‬وبعد الطواف‬
‫حول الكعبة‪ ،‬بدأ النبي محمد في هدم األصنام وتنظيف الكعبة‪ .‬وهكذا تم فتح مكة‬

‫‪46‬‬
‫حرب حنين وبني الطائف (‪)630‬‬

‫غزوة حنين هي معركة بين النبي اإلسالمي محمد وأتباعه ضد البدو من قبيلتي هوازن‬
‫والسقيف في عام ‪ 630‬م أو ‪ 8‬هجرية‪ ،‬على أحد الطرق من مكة إلى الطائف‪ .‬وانتهت هذه‬
‫المعركة بانتصار ساحق للمسلمين‪ ،‬الذين تمكنوا أيًضا من الحصول على كمية كبيرة من‬
‫‪.‬غنائم الحرب‪ .‬معركة حنين هي إحدى المعارك المذكورة في القرآن‬

‫بدأت قبيلة هوازن وحلفاؤها من قبيلة السقيف بإعداد قواتهم عندما علموا أن محمد وجيشه‬
‫يغادرون من المدينة المنورة إلى مكة‪ ،‬التي كانت في ذلك الوقت ال تزال تحت سيطرة قريش‬
‫الكفرة‪ .‬كان التحالف البدوي من قبيلتي هوازن وسقيف يعتزم مهاجمة قوات محمد أثناء‬
‫محاصرة مكة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كان فتح مكة سريًعا وسلمًيا‪ .‬علم محمد بنوايا قبيلتي هوازن‬
‫وسقيف‪ ،‬وأمر جيشه بالتحرك نحو هوازن بقوة قوامها ‪ 12000‬رجل‪ ،‬منهم ‪ 10000‬مسلم‬
‫شاركوا في فتح مكة‪ ،‬باإلضافة إلى ‪ 2000‬من قريش المكيين الذين اعتنقوا اإلسالم مؤخًر ا‪.‬‬
‫إلى اإلسالم‪ .‬حدث هذا بعد حوالي أسبوعين من فتح مكة‪ ،‬أو بعد أربعة أسابيع من مغادرة‬
‫محمد المدينة المنورة‪ .‬تألفت القوات البدوية من قبائل هوازن‪ ،‬وسقيف‪ ،‬وبني هالل‪ ،‬وبني‬
‫نشر‪ ،‬وبني جصيام‬

‫مسار المعركة عندما تحركت قوات المسلمين نحو منطقة هوازن‪ ،‬نصب لهم زعيم البدو‬
‫مالك بن عوف النشري كميًن ا في واد ضيق يسمى حنين‪ .‬هاجم البدو من المرتفعات‬
‫بالحجارة والسهام‪ ،‬مما أثار دهشة المسلمين وجعل من الصعب على المسلمين تنظيم‬
‫هجماتهم‪ .‬بدأت القوات اإلسالمية في التراجع في حالة من الفوضى‪ ،‬وبدا أنها ستتعرض‬
‫للهزيمة‪ .‬فسخر زعيم قريش أبو سفيان‪ ،‬الذي كان قد أسلم للتو في ذلك الوقت‪ ،‬وقال‬
‫‪"".‬سيركض المسلمون إلى الشاطئ‬

‫في هذه اللحظة الحرجة‪ ،‬قام ابن عم محمد‪ ،‬علي بن أبي طالب‪ ،‬بمساعدة عمه العباس‪،‬‬
‫بإعادة تجميع القوات الهاربة‪ ،‬وبدأ التنظيم اإلسالمي في إعادة تشكيله ومما ساعد على ذلك‬
‫أيًضا ضيق ساحة المعركة‪ ،‬مما أفاد المسلمين كمدافعين‪ .‬في هذا الوقت‪ ،‬كان حامل العلم‬
‫البدوي يتحدى القتال الفردي‪ .‬قبل علي هذا التحدي ونجح في هزيمته‪ .‬أمر محمد بشن‬
‫هجوم عام‪ ،‬وبدأ البدو بالفرار في مجموعتين‪ .‬ستعود المجموعة األولى الحًق ا لقتال‬
‫‪.‬المسلمين في غزوة أوطاس‪ ،‬ويهرب الباقون إلى الطائف‪ ،‬وسيحاصرهم المسلمون فيما بعد‬

‫‪47‬‬
‫ونجحت قوات المسلمين في االستيالء على أسرة وممتلكات قبيلة هوازن‪ ،‬التي أحضرها‬
‫مالك بن عوف إلى ساحة المعركة‪ .‬وشملت غنائم الحرب هذه ‪ 6000‬أسير‪ ،‬و‪24000‬‬
‫جمل‪ ،‬و‪ 40000‬عنزة‪ ،‬باإلضافة إلى ‪ 4000‬وقيه من الفضة (‪ 1‬وقية = ‪ 213‬جراًما من‬
‫الفضة‬

‫وأظهرت هذه المعركة مهارة علي بن أبي طالب في تنظيم القوات في موقف ضيق‪ .‬كما‬
‫أظهرت هذه المعركة كرم المسلمين‪ ،‬حيث أحسنوا معاملة األسرى وأطلقوا سراح ‪ 600‬منهم‬
‫مجانًا‪ .‬أما السجناء الباقون فقد تم احتجازهم في منازل خاصة حتى نهاية حصار الطائف‬
‫غزوة تبوك (‪ ،)630‬آخر حروب النبي محمد‬

‫غزوة تبوك‪ ،‬والمعروفة أيًضا باسم غزوة العسرة أو حرب تبوك‪ ،‬كانت حملة عسكرية بدأها‬
‫النبي محمد في أكتوبر ‪ 630‬م (‪ 9‬هجري)‪ .‬وقاد جيشا قوامه ‪ 30‬ألف جندي توجه نحو‬
‫‪.‬منطقة تبوك‪ ،‬بالقرب من خليج العقبة‪ ،‬في شمال غرب المملكة العربية السعودية‬

‫بعد شائعات عن غزو بيزنطي‪ ،‬تلقى المسلمون وحلفاء النبي محمد دعوات عاجلة لالنضمام‬
‫إلى الحملة‪ ،‬لكن العرب في الصحراء أبدوا القليل من االهتمام‪ .‬جاء الكثيرون بأسباب عدم‬
‫‪.‬المشاركة‪ .‬قدم النبي محمد حوافز إلقناع العرب باالنضمام وقدم العديد من الهدايا‬

‫توجه النبي محمد وجيشه إلى تبوك في الشمال بالقرب من خليج العقبة في أكتوبر (رجب ‪9‬‬
‫هـ)‪ .‬وكانت هذه الحملة أكبر وآخر حملة عسكرية‪ .‬علي بن أبي طالب‪ ،‬الذي شارك عادًة‬
‫في العديد من بعثات محمد األخرى‪ ،‬لم يشارك في غزوة تبوك هذه المرة بناًء على تعليمات‬
‫محمد‪ ،‬حيث تم تكليفه بالقيادة في المدينة المنورة‪.‬بعد وصوله إلى تبوك والتخييم هناك‪،‬‬
‫استعد جيش محمد للمعركة مع البيزنطيين‪.‬أمضى محمد عشرين يوًما في تبوك‪ ،‬مستكشًفا‬
‫المنطقة‪ ،‬وعقد تحالفات مع زعماء القبائل المحلية‪.‬وعندما لم ير أي عالمات على وصول‬
‫الجيش البيزنطي‪ ،‬قرر العودة إلى المدينة المنورة‪.‬على الرغم من أن محمد لم يواجه الجيش‬
‫البيزنطي في تبوك‬

‫‪48‬‬
‫خاتمة‬

‫الحمدهلل تم هذا الكتاب‬


‫ونشكر وجود هللا سبحانه وتعالى‪ .‬الذي مّن عليه بفضله وهدايته حتى نتمكن من استكمال‬
‫‪".‬العمل العلمي حول "‪ 27‬حربا قادها النبي مباشرة‬

‫كما ال ننسى أن نشكر كل الجهات التي ساهمت في إعداد هذا العمل العلمي‪ .‬وبطبيعة‬
‫‪.‬الحال‪ ،‬لن يكون الوضع األمثل إذا لم يحصل على الدعم من مختلف األطراف‬

‫ومن المؤكد أن المؤلف يدرك أن هذه الورقة ال تزال بعيدة عن الكمال وما زالت فيها الكثير‬
‫من األخطاء والنواقص‪ .‬ولهذا السبب‪ ،‬يأمل المؤلف في انتقادات واقتراحات القراء لهذه‬
‫الورقة‪ ،‬حتى تصبح هذه الورقة ورقة أفضل‪ .‬ثم إذا كان هناك أخطاء كثيرة في هذه الورقة‪،‬‬
‫‪.‬فإن المؤلف يعتذر بشدة‬

‫يود المؤلف أيًض ا أن يشكر جميع األطراف‪ ،‬وخاصة مدرس الذي أرشدنا في كتابة هذه‬
‫‪.‬الورقة‬

‫‪.‬لذا‪ ،‬نأمل أن تكون هذه الورقة مفيدة‪ .‬شكًرا لك‬

‫‪49‬‬
‫كراتشي ‪ 1‬نوفمبر ‪2023‬‬

‫كاتب‬
‫محمد يونس مهدي‬

‫فهرس‬

‫‪2‬‬ ‫مقدمة‪........................‬‬

‫‪3‬‬ ‫تعريف الجهاد‪................‬‬

‫‪7‬‬ ‫قانون الجهاد‪..................‬‬

‫‪8‬‬ ‫تعريف الموضوع‪..................‬‬

‫‪10‬‬ ‫حروب قادها النبي مباشرة‪................‬‬

‫‪11‬‬ ‫حرب ودان (‪ ،)623‬حرب النبي األولى‪...............‬‬

‫‪13‬‬ ‫حرب بواط (‪......................،)623‬‬

‫‪14‬‬ ‫حرب ذو العسيرة (‪623‬هـ) ‪.................‬‬

‫‪50‬‬
‫‪14‬‬ ‫غزوة بدر الكبرى (‪624‬هـ)‪.............‬‬

‫‪20‬‬ ‫حرب بني قينقاع (‪..............)624‬‬

‫‪21‬‬ ‫حرب بني سليم (‪.................)624‬‬

‫‪22‬‬ ‫حرب بني صويق (‪................)624‬‬

‫‪23‬‬ ‫حرب ذو عمار (‪624‬هـ)‪...............‬‬

‫‪23‬‬ ‫حرب بهران (‪.................)624‬‬

‫‪24‬‬ ‫غزوة أحد (‪.................)625‬‬

‫‪28‬‬ ‫معركة حمراء األسد (‪.........)625‬‬

‫‪28‬‬ ‫حرب بني نذير (‪..............)624‬‬

‫‪29‬‬ ‫حرب زاتور رقة (‪.............)624‬‬

‫‪29‬‬ ‫حرب بدر األخيرة (‪.............)626‬‬

‫‪30‬‬ ‫حرب دوماتول جندال (‪..........)626‬‬

‫‪51‬‬
‫‪32‬‬ ‫حرب المريسي (‪.............)627‬‬

‫‪33‬‬ ‫حرب الخندق (‪...........)627‬‬

‫‪35‬‬ ‫حرب بني قريظة (‪..........)627‬‬

‫‪37‬‬ ‫حرب بني لحيان (‪................)627‬‬

‫‪37‬‬ ‫حرب ذو القرد (‪..............)627‬‬

‫‪39‬‬ ‫صلح الحديبية (‪...........)628‬‬

‫‪41‬‬ ‫حرب خيبر (‪.............)628‬‬

‫‪44‬‬ ‫حرب مؤتة (‪.................)629‬‬

‫‪45‬‬ ‫فتح مكة (‪..............)630‬‬

‫‪46‬‬ ‫حرب حنين وبني الطائف (‪.........)630‬‬

‫‪48‬‬ ‫غزوة تبوك (‪ ،)630‬آخر حروب النبي محمد‪.............‬‬

‫‪49‬‬ ‫خاتمة‪...................‬‬

‫‪52‬‬
53

You might also like