You are on page 1of 87

‫العجاز العلمى للقرآن الكريم ‪ :‬الحاضر والفاق‬

‫بقلم الستاذ الدكتور‪ /‬زغلول راغب محمد النجار‬

‫رئيس لجنة العجاز العلمى للقرآن الكريم‬

‫بالمجلس العلى للشئون السلمية‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫فى مطلع الحديث عن كتاب الله لبد من تحديد عدد من‬
‫معالمه الثابتة التى منها أنه كلم الله المعجز ‪ ،‬الموحى به إلى‬
‫خاتم النبياء والمرسلين صلوات الله وسلمه عليه بلسان‬
‫عربى مبين ‪ ،‬والمنقول عنه – صلوات الله وسلمه عليه ‪ -‬نقل‬
‫متواترا بل أدنى شبهة ‪ ،‬بنفس النص الذى أوحى إليه ‪ ،‬والذى‬
‫نجده فى المصاحف التى خطت أو طبعت على مر العصور ‪،‬‬
‫ومسجل فى صدور الحفاظ جيل بعد جيل ‪ ،‬ومن ثم على‬
‫مختلف صور الشرطة والسطوانات الممغنطة والمضغوطة ‪،‬‬
‫وعلى غير ذلك من مختلف صور الحفظ الحاسوبية المتعددة ‪.‬‬
‫وقد نزلت آيات القرآن الكريم منجمة على مدى ثلث وعشرين‬
‫سنة ‪ ،‬وكتبت فى حياة رسول الله – صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫عقب الوحى بكل منها مباشرة ‪ ،‬ثم رتبت تلك اليات فى مائة‬
‫وأربع عشرة )‪ (114‬سورة ‪ ،‬وسميت السور ورتبت بتوقيف‬
‫من الله – سبحانه وتعالى‪ -‬الذى تعهد بحفظ آخر كتبه المنزلة‬
‫فحفظه حفظا كامل ‪ ،‬بنفس اللغة التى نزل بها ‪ ،‬كلمة كلمة ‪،‬‬
‫وحرفا حرفا ‪ ،‬بينما تعرضت أصول الكتب السماوية السابقة‬
‫كلها للضياع التام ‪ ،‬وتعرض ما بقى من ذكريات نقلت شفاها‬
‫عنها للتحريف والتبديل والتغيير ‪ ،‬ول يزال يتعرض لذلك العبث‬
‫إلى يومنا الراهن ‪ ،‬ولن يتوقف العبث بها أبدا لن أصحابها ل‬
‫يتعاملون معها كنص سماوى ‪ ،‬بل على أنها كتابات بشرية‬
‫قابلة للتعديل والتبديل ‪.‬‬
‫ولذلك فالقرآن الكريم هو الكتاب السماوى الوحيد الذى يتعبد‬
‫بتلوته ‪ ،‬والذى‬

‫ل تصلح الصلة إل بقراءة فاتحته ‪ ،‬والذى ل يغنى عنه شىء‬


‫من الحاديث أو الذكار أو الدعية ؛ لنه الوحى السماوى‬
‫الوحيد الموجود بين أيدى الناس علي مدي الربعة عشر قرنا‬
‫الماضية إلى اليوم بنفس اللغة التى أوحى بها )اللغة‬
‫العربية( ‪,‬والمحفوظ بحفظ الله ‪ -‬تعالى – له كلمة كلمة‬
‫وحرفا حرفا ‪.‬‬
‫وقد تحدى ربنا – تبارك وتعالى‪ -‬كل من النس والجن أن يأتوا‬
‫بمثل هذا القرآن مجتمعين متظاهرين ‪ ،‬فقال عز من قائل ‪" :‬‬
‫ذا ال ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫قْرآ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫ن ي َأُتوا ب ِ ِ‬ ‫عَلى أ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ج ّ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ت اْل ِن ْ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫م َ‬‫جت َ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫ق ْ َ‬
‫ل ْلئ ِ ِ‬ ‫ُ‬
‫هيرا ً " )السراء‪. (88:‬‬ ‫َ‬
‫ضظ ِ‬ ‫ع ٍ‬ ‫م ل ِب َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫ل ي َأُتو َ‬
‫كما سخر ربنا – تبارك وتعالى‪ -‬ممن ادعى من المشركين أن‬
‫الرسول – صلى الله عليه وسلم ‪ -‬قد افتراه ‪ ،‬وهو النبى‬
‫المى الذى لم يكن يعرف القراءة ول الكتابة وفى ذلك يقول‬
‫ل َ ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫مث ْل ِ ِ‬‫ر ِ‬ ‫و ٍ‬ ‫س َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫فأُتوا ب ِ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫فت ََراهُ ُ‬ ‫نا ْ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫الله تعالى ‪ " :‬أ ْ‬
‫ن‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫عت ُ ْ‬‫ست َطَ ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ِ‬ ‫عوا َ‬ ‫وادْ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫فت ََرَيا ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ه إ ِّل‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ما‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫موا‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫فا‬‫َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫بوا‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِ َ‬ ‫ِ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫* ِ ْ َ ْ ِ ُ‬
‫جي‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ف‬
‫فه ْ َ‬
‫ن ‪) "0‬هود‪. (13،14:‬‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ل أن ْت ُ ْ‬ ‫و َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫وتحدى الله – تعالى ‪ -‬العرب – على ما كانوا عليه من علم‬
‫بأسرار العربية وأسباب البلغة – أن يأتوا بسورة واحدة من‬
‫مثله ‪ ،‬ول يزال هذا التحدى قائما دون أن يستطيع عاقل‬
‫مجابهته ; على الرغم من مضى أكثر من أربعة عشر قرنا على‬
‫ن‬
‫وإ ِ ْ‬ ‫مجىء التنزيل ‪ ،‬وفى ذلك يقول الحق ‪‬تبارك وتعالى‪َ " : -‬‬
‫عبدَنا َ ْ‬ ‫عَلى‬ ‫ما ن َّزل َْنا َ‬
‫مث ْل ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ّ‬ ‫سوَر ٍ‬ ‫فأُتوا ب ِ ُ‬ ‫َ ْ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ب ِ‬ ‫في َري ْ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫ك ُن ْت ُ ْ‬
‫ن ")البقرة‪(23:‬‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫داءَك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬‫عوا ُ‬ ‫وادْ ُ‬ ‫َ‬
‫وقد عجزت القدرات البشرية ‪ ،‬ول تزال عاجزة عن أن تدانى‬
‫كتاب الله فى روعة بيانه ‪ ،‬أو فى كمال صفاته ‪ ،‬ودقة دللته‬
‫وصدق أنبائه وسمو معانيه ‪ ،‬وعدالة تشريعه ‪ ،‬أو فى نهجه‬
‫وصياغته وتمام إحاطته بطبائع النفس البشرية وقدرته على‬
‫التعامل معها وعلى هدايتها ‪ ،‬ودقة استعراضه لمسيرة‬
‫البشرية ‪ ،‬من لدن أبينا آدم –عليه السلم‪ -‬إلى بعثة خاتم‬
‫النبياء والمرسلين – عليه وعليهم أجمعين أفضل الصلة‬
‫وأزكى التسليم – ومن هنا كان القول بـ "إعجاز القرآن" ‪.‬‬

‫من أوجه العجاز فى القرآن الكريم‬

‫تتعدد أوجه العجاز فى كتاب الله بتعدد جوانب النظر فيه ‪،‬‬
‫فكل حرف من حروفه ‪ ،‬وكل كلمة من كلماته ‪ ،‬وكل آية من‬
‫آياته فيها إعجاز لفظى وبيانى ودللى ‪ ،‬وكل مجموعة من‬
‫اليات ‪ ،‬وكل سورة من السور – طالت أم قصرت – تشهد‬
‫لكتاب الله تعالى بأنه معجز بما فيها من قواعد عقدية أو‬
‫أوامر تعبدية أو قيم أخلقية أو ضوابط سلوكية أو أحداث‬
‫تاريخية أو إشارات علمية إلى شىء من أشياء هذا الكون‬
‫الفسيح وما فيه من ظواهر وسنن وكائنات ‪ .‬فكل تشريع‬
‫وكل قصة وكل واقعة تاريخية وكل وسيلة تربوية وكل نبوءة‬
‫مستقبلية ‪ ،‬وكل إشارة تنظيمية ‪ ،‬وكل خطاب إلى النفس‬
‫النسانية; جاء فى القرآن الكريم يفيض بجلل الربوبية‬
‫ويتميز عن كل صياغة إنسانية مما يشهد للقرآن الكريم‬
‫بالتفرد كما يشهد بعجز النسان عن أن يأتى بشىء من مثله‬
‫وقد أفاض المتحدثون عن أوجه العجاز فى كتاب الله ‪ ،‬فكان‬
‫منهم من رأى ذلك فى جمال بيانه ودقة نظمه وكمال بلغته‬
‫وروعة معانيه وشمولها واتساقها ودقة صياغتها وقدرتها‬
‫على مخاطبة الناس على اختلف مداركهم وأزمانهم‬
‫وإشعاعها بجلل الربوبية فى كل آية من آياته ‪ !! ..‬ومنهم من‬
‫أدرك أن إعجاز القرآن هو فى كمال تشريعه ودقة تفاصيل‬
‫ذلك التشريع وحكمته وشموله ‪ ،‬ومنهم من وجده فى‬
‫استعراضه الدقيق لمسيرة البشرية ولتاريخ عدد من المم‬
‫السابقة من لدن أبينا آدم – عليه السلم ‪ -‬إلى خاتم النبياء‬
‫والمرسلين – عليه وعليهم أجمعين أفضل الصلة وأزكى‬
‫السلم – ‪ ،‬مما لم يكن يعلم تفاصيله أحد من الناس فى زمن‬
‫الوحى ‪.‬‬
‫ومنهم من رأى إعجاز القرآن الكريم فى منهجه التربوى‬
‫الفريد وأطره النفسية السامية والعلمية فى نفس الوقت‬
‫والثابتة على مر اليام ‪ ،‬أو فى إنبائه بالغيب مما تحقق بعد‬
‫نزوله بسنوات طويلة ‪ ،‬أو فى إشارته إلى العديد من حقائق‬
‫الكون وسنن الله فيه مما لم يكن ممكنا لحد من البشر أن‬
‫يصل إلى شىء من معرفته وقت نزول القرآن الكريم ول‬
‫لمئات السنين من بعد ذلك ‪.‬‬
‫ومنهم من رأى إعجاز القرآن فى صموده أمام كل محاولت‬
‫التحريف التى قامت بها قوى الشر المتعددة متمثلة فى‬
‫الكفرة والمشركين والملحدة المتشككين على مدى الربعة‬
‫عشر قرنا الماضية وذلك لن الله تعالى قد تعهد بحفظه بعهده‬
‫الذى قطعه – سبحانه وتعالى‪ -‬على ذاته العلية ولم يقطعه‬
‫ن ن َّزل َْنا الذّك َْر‬
‫ح ُ‬‫لرسالة سابقة أبدا ‪ ،‬وذلك بقوله العزيز ‪ " :‬إ ِّنا ن َ ْ‬
‫ن " )الحجر‪. (9:‬‬ ‫ف ُ‬
‫ظو َ‬ ‫ه لَ َ‬
‫حا ِ‬ ‫وإ ِّنا ل َ ُ‬
‫َ‬
‫ومن العلماء من يرى إعجاز القرآن الكريم فى ذلك كله وفى‬
‫غيره مما يقصر الحديث عنه فهناك العجاز اللغوى ‪ ،‬البيانى ‪،‬‬
‫النظمى ؛ والعجاز العقدى والتعبدى والخلقى ‪،‬‬
‫والتشريعى ‪ ،‬وهناك العجاز التاريخى ‪ ،‬والتربوى ‪ ،‬والنفسى ‪،‬‬
‫والقتصادى ‪ ،‬والدارى ‪ ،‬والعلمى ‪ ،‬وهناك العجاز العلمى‬
‫والتقنى ‪ ،‬والعجاز العددى ‪ /‬الرقمى ‪ /‬الحسابى ‪ ،‬وإعجاز‬
‫التحدى الذى لم يجب ولن يجب إلي قيام الساعة ‪ ،‬والعجاز‬
‫الحفظى ‪،‬وغير ذلك كثير‪.‬‬

‫او ً‬
‫ل‪ :‬العجاز النظمى للقرآن الكريم‬
‫لقد أوتى كل نبى من أنبياء الله وكل رسول من رسله من‬
‫المعجزات ما شهد له بالنبوة أو بالرسالة ‪ ،‬وهذه المعجزات‬
‫كانت مما تميز فيه أهل العصر ‪ ،‬فموسى – عليه السلم ‪ -‬بعث‬
‫فى زمن شاع فيه السحر ‪ ،‬فأعطاه الله تعالى من العلم ما‬
‫أبطل به سحر السحرة ‪ ،‬وعيسى –عليه السلم ‪ -‬بعث فى زمن‬
‫شاع فيه الهتمام بالتطبيب فخلقه الله‪-‬سبحانه وتعالى ‪-‬‬
‫بمعجزة ‪ ،‬وأنطقه وهو فى المهد ‪ ،‬وأعطاه من القدرات ما‬
‫خلق بها من الطين كهيئة الطير ونفخ فيه فكان طيرا بإذن‬
‫الله ‪ ،‬وما أبرأ به الكمه والبرص بإذن الله ‪ ،‬وما أحيا به‬
‫الموتى بإذن الله ‪.‬‬
‫أما خاتم النبياء والمرسلين – صلى الله عليه وسلم ‪ -‬فكان‬
‫نبوغ قومه فى الفصاحة والبلغة وحسن البيان فآتاه الله‬
‫تعالى الفرقان وتحداهم أن يأتوا بسورة من مثله ; ولما لم‬
‫يتقدم عاقل ليقول أنه استطاع ذلك ظن كثير من الناس أن‬
‫إعجاز القرآن الكريم – بمعنى عجز البشر عن التيان بشىء‬
‫من مثله – متجسد فى نظمه وفصاحته وبلغته خاصة وأن‬
‫القرآن الكريم قد أدهش فصحاء العرب حين سمعوه ‪ ،‬وأذهل‬
‫عقولهم ‪ ،‬ولما لم يجدوا سبيل إلى الطعن فيه لجأوا إلى‬
‫وصفه بالسحر أو بالشعر إقرارا بعجزهم عن التيان بشيء من‬
‫مثله ‪.‬‬
‫لذلك ركزت الكثرة الكاثرة من القدامى والمعاصرين – على حد‬
‫سواء – على ناحية نظم القرآن الكريم ‪ ،‬وقد كان فى مقدمة‬
‫هؤلء الجاحظ )ت ‪255‬هـ( وابن قتيبة الدينورى )ت ‪276‬هـ( ‪،‬‬
‫وتبعه كثيرون كان منهم الواسطى )ت ‪306‬هـ( ن والطبرى )ت‬
‫‪310‬هـ( ‪ ،‬والشعرى )ت ‪324‬هـ( ‪ ،‬والسمرقندى )ت ‪373‬هـ( ‪،‬‬
‫والرمانى )ت ‪386‬هـ( ‪ ،‬والخطابى )ت ‪388‬هـ( ‪ ،‬وكل من‬
‫الباقلنى )ت ‪403‬هـ( ‪ ،‬والقاضى عبد الجبار )ت ‪415‬هـ( ‪،‬‬
‫والثعلبى )ت ‪427‬هـ( وأبن حزم الندلسي)ت ‪ 456‬هـ( ‪،‬‬
‫والظاهرى )ت ‪456‬هـ( والجرجانى )ت ‪471‬هـ( ‪ ،‬والغزالى )ت‬
‫‪505‬هـ( والبغوى )ت ‪510‬هـ( ‪ ،‬وكل من القاضى عياض )ت‬
‫‪544‬هـ( ‪ ،‬وابن عطية الندلسى )ت ‪546‬هـ( و يذكر أبن عطيه‬
‫فى مقدمة تفسيره )‪ (278/1‬ما نصه ‪" :‬إن الله قد أحاط بكل‬
‫شىء علما ‪ ،‬فإذا ترتبت اللفظة من القرآن الكريم ‪ ،‬علم‬
‫بإحاطته أى لفظة تصلح أن تلى الولى ‪ ،‬وتبين المعنى بعد‬
‫المعنى ‪ ،‬ثم كذلك من أول القرآن الكريم إلى آخره ‪ ،‬والبشر‬
‫دا‬
‫يعمهم الجهل والنسيان والذهول ‪ ،‬ومعلوم ضرورة أن أح ً‬
‫من البشر ل يحيط بذلك ; فبهذا جاء نظم القرآن الكريم فى‬
‫الغاية القصوى من الفصاحة ‪ ،‬وبهذا يبطل قول من قال ‪ :‬إن‬
‫العرب كان فى قدرتهم التيان بمثله فصرفوا عن ذلك ‪،‬‬
‫والصحيح أنه لم يكن فى قدرة أحد قط ‪ ،‬ولهذا نرى البليغ‬
‫ينقح القصيدة أو الخطبة حول ‪ ،‬ثم ينظر فيها فيغير منها‬
‫وهلم جرا ‪ .‬وكتاب الله لو نزعت منه لفظة ‪ ،‬ثم أدير لسان‬
‫العرب على لفظة أحسن منها لم يوجد ‪ ...‬وقامت الحجة على‬
‫العالم بالعرب ؛ إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة‬
‫المعارضة((وتلى هؤلء الفخر الرازى )ت ‪604‬هـ( ‪ ،‬وكل من‬
‫السكاكى )ت ‪626‬هـ( ‪،‬والزملكانى )ت ‪ 671‬هـ( والعز بن عبد‬
‫السلم )ت ‪660‬هـ( ‪,‬والقرطبى )ت ‪ 671‬هـ (والبيضاوى )ت‬
‫‪685‬هـ( ‪ ، ،‬والنسفى )ت ‪701‬هـ( ‪ ،‬والخازن )ت ‪741‬هـ( ‪ ،‬وابن‬
‫كثير )ت ‪774‬هـ( ‪ ،‬والزركشى )ت ‪794‬هـ( من أعلم القرن‬
‫الثامن الهجرى ‪ ،‬والثعالبى )ت ‪876‬هـ( ‪ ،‬والبقاعى )ت ‪885‬هـ(‬
‫من القرن التاسع الهجرى ‪ ،‬والسيوطى )ت ‪911‬هـ( من أعلم‬
‫القرن العاشر الهجرى ‪ ،‬واللوسى )ت ‪1270‬هـ( من أعلم‬
‫القرن الثالث عشر الهجرى ‪ ،‬ونشطت الكتابة فى موضوع‬
‫العجاز اللغوى للقرآن الكريم فى القرنين الرابع عشر‬
‫والخامس عشر الهجريين نشاطا ملحوظا ‪ ،‬وكان ممن خاضوا‬
‫هذا المجال كل من الئمة‪ :‬الزرقانى ‪ ،‬الرافعى ‪ ،‬الجزائرى ‪،‬‬
‫المراغى ‪ ،‬دراز ‪ ،‬أبو زهرة ‪ ،‬النورسى ‪ ،‬محمد رشيد رضا ‪،‬‬
‫محمد فريد وجدى ‪ ،‬القاسمى ‪ ،‬عبد الجليل عيسى ‪ ،‬حسنين‬
‫مخلوف ‪ ،‬أبو زيد الدمنهورى ‪ ،‬محمد محمود حجازى ‪ ،‬سيد‬
‫قطب ‪ ،‬بنت الشاطئ ‪ ،‬بدوى ‪ ،‬البيومى ‪ ،‬العمارى ‪ ،‬والمطعنى‬
‫وغيرهم ‪ ,‬ومن هنا كان تحديد إعجاز القرآن الكريم فى مجال‬
‫نظمه وبيانه وفصاحته ‪.‬‬
‫ولكن إذا جاز هذا التحديد على موقف التحدى من مشركى‬
‫العرب – على الرغم من عدم وجود الدليل على ذلك – فإنه‬
‫بالقطع ل يجوز على إطلقه ; خاصة أن العرب اليوم فى‬
‫جملتهم قد فقدوا الحس اللغوى الذى تميز به أسلفهم ‪ ،‬وأن‬
‫التحدى بالقرآن الكريم للنس والجن متظاهرين هو تحد‬
‫مستمر قائم إلى يوم الدين ; مما يؤكد أن ما فى القرآن من‬
‫أمور الغيب ‪ ،‬وحقائق التاريخ ‪ ،‬ومن فهم دقيق لمكنون النفس‬
‫البشرية وحسن الخطاب فى هدايتها وإرشادها وتربيتها‪ ،‬ومن‬
‫مختلف الصور رسمت أو ضربت لعجائب آيات الله فى خلقه ‪,‬‬
‫ومن غير ذلك مما اكتشفه ول يزال يكتشفه فى كتاب الله‬
‫متخصصون فى كل حقل من حقول المعرفة ل يمكن أن‬
‫يبقى بمعزل عن ذلك التحدى المفضى إلى العتراف بحقيقة‬
‫العجاز القرآنى ‪ ،‬والدال على أن القرآن كلم الله ‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬العجاز العلمى لكتاب الله‬

‫يزخر القرآن الكريم بالعديد من اليات التى تشير إلى الكون‬


‫وما به من كائنات )أحياء وجمادات( ‪ ،‬وإلى صور من نشأتها‬
‫ومراحل تكونها ‪ ،‬وإلى العديد من الظواهر الكونية التى‬
‫تصاحبها ‪ ،‬والسنن اللهية التى تحكمها ‪ ،‬وما يستتبعه كل ذلك‬
‫من استخلص للعبرة وتفهم للحكمة ‪ ،‬وما يستوجبه من إيمان‬
‫بالله ‪ ،‬وشهادة بكمال صفاته وأفعاله ‪ ،‬وهو ‪ -‬سبحانه وتعالى‬
‫‪ -‬الخالق البارئ المصور الذى أبدع الخلق بعلم وقدرة وحكمة ل‬
‫تحدها حدود ‪ ،‬ول يفيها حقها وصف ‪.‬‬
‫وقد أحصى الدارسون لهذه الشارات الكونية فى كتاب الله ما‬
‫يقدر بحوالى ألف آية صريحة ‪ ،‬بالضافة إلى آيات أخرى‬
‫عديدة تقرب دللتها من الصراحة ‪ .‬وبدوام اتساع دائرة‬
‫المعرفة النسانية ‪ ،‬وتكرار تأمل المتأملين فى كتاب الله ‪،‬‬
‫وتدبر المتدبرين لياته – جيل بعد جيل ‪ ،‬وعصرا بعد عصر – ل‬
‫ينفك العلماء والمتخصصون يكتشفون من حقائق الكون الثابتة‬
‫فى كتاب الله ما يؤكد على تحقق الوعد اللهى الذى يقول‬
‫في‬ ‫و ِ‬
‫ق َ‬ ‫فا ِ‬ ‫في اْل َ‬ ‫م آَيات َِنا ِ‬‫ه ْ‬ ‫ري َ ِ‬
‫سن ُ ِ‬
‫فيه ربنا – تبارك وتعالى ‪َ " : -‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ َن ْ ُ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫على ك ّ‬ ‫ه َ‬‫ك أن ّ ُ‬ ‫ف ب َِرب ّ َ‬ ‫ْ‬
‫م ي َك ِ‬ ‫ول ْ‬ ‫قأ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ال ْ َ‬‫م أن ّ ُ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫حّتى ي َت َب َي ّ َ‬
‫م َ‬‫ه ْ‬‫س ِ‬‫ف ِ‬
‫هيدٌ " )فصلت‪. (53:‬‬ ‫ش ِ‬‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫وبديهى أن يتباين موقف العلماء من تلك الشارات الكونية‬
‫فى كتاب الله بتباين الفراد وخلفياتهم الثقافية وأزمانهم ‪،‬‬
‫وباتساع دائرة المعرفة النسانية فى مجال الدراسات الكونية‬
‫التى تعرف اليوم باسم دراسات العلوم البحتة والتطبيقية من‬
‫عصر إلى عصر ‪ .‬وأول من بسط القول فى ذلك كان المام‬
‫الغزالى )ت ‪505‬هـ( فى كتابيه "إحياء علوم الدين" و"جواهر‬
‫القرآن" والذى رفع فيهما شعارات عديدة منها أن القرآن‬
‫الكريم يشمل العلوم جميعا ‪ ،‬وأن من صور إعجاز القرآن‬
‫الكريم اشتماله على كل شىء ‪ ،‬وأن كل العلوم تشعبت من‬
‫القرآن الكريم ‪ ،‬حتى علم الهيئة ‪ ،‬والنجوم ‪ ،‬والطب إلى آخر‬
‫ما ذكر ‪.‬‬
‫وتبع المام الغزالى فى ذلك كثيرون ‪ ،‬كان من أشهرهم فى‬
‫القديم الفخر الرازى )ت ‪606‬هـ( ‪ ،‬وفى الحديث فضيلة الشيخ‬
‫طنطاوى جوهرى )ت ‪1359‬هـ( ‪ ،‬ومحمد بن أحمد السكندرانى‬
‫الطبيب ‪ ،‬وعبد الله فكرى ‪ ،‬وعبد العزيز سيد الهل ‪ ،‬وأحمد‬
‫مختار الغازى ‪ ،‬وحنفى أحمد ‪ ،‬ومحمد أحمد الغمراوى ‪ ،‬ومحمد‬
‫محمود إبراهيم ‪ ،‬وإبراهيم عبد القادر محمد فرج ‪ ،‬ومحمد‬
‫جمال الدين الفندى ‪ ،‬وعبد الرزاق نوفل ‪ ،‬ويوسف مروة ‪،‬‬
‫وعبد الغنى الخطيب ‪ ،‬وأحمد محمود سليمان ‪ ،‬وحسين كمال‬
‫الدين ‪ ،‬وأحمد محمد مجاهد ‪ ،‬ومحمد رشاد الطوبى ‪ ،‬ومحمد‬
‫عبد المنعم أبو الفضل ‪،‬وعبد الحافظ حلمي محمد‪ ،‬وعبد الله‬
‫شحاتة ‪ ،‬ومصطفى محمود ‪ ،‬ويوسف السويدى ‪ ،‬ومنصور‬
‫حسب النبى ‪ ،‬وعبد المحسن صالح ‪ ،‬وحسن أبو العنين ‪ ،‬وعدد‬
‫كبير من العلماء المعاصرين الذين أضافوا إضافات أصيلة إلى‬
‫هذا الموضوع – وأسأل الله تعالى أن يبارك فى جهودهم حتى‬
‫يكملوا المسيرة على خير إن شاء الله ‪ ،‬وأن يجزى السابقين‬
‫عنا وعن السلم والمسلمين خير الجزاء – مما أدى إلى »بروز‬
‫المنهج العلمى فى تفسير القرآن الكريم «‪ ،‬والذى يعتمد فى‬
‫تفسير الشارات الكونية الواردة فى كتاب الله على ضوء من‬
‫معطيات العلوم البحتة والتطبيقية ‪ ،‬مع تفاوت فى ذلك من‬
‫عصر إلى عصر ‪.‬‬
‫ويعتبر تفسير الرازى المعنون "مفاتيح الغيب" أول تفسير‬
‫يفيض فى بيان المسائل العلمية والفلسفية ‪ ،‬خاصة ما يتعلق‬
‫منها بعلم الهيئة ‪ ،‬وغير ذلك من العلوم والفنون التى كانت‬
‫معروفة فى زمانه ‪ ،‬والتى كان هو على دراية بها ‪.‬‬
‫أما تفسير الشيخ طنطاوى جوهرى والمعنون "الجواهر فى‬
‫تفسير القرآن الكريم" فيقع فى خمسة وعشرين جزءا كبارا ‪،‬‬
‫حاول فيها الشيخ – يرحمه الله – تفسير القرآن الكريم‬
‫تفسيرا يتجاوب مع روح العصر وما وصلت إليه المعارف‬
‫النسانية فى مجال دراسات الكون وما فيه من أجرام سماوية‬
‫‪ ،‬ومن عوالم الجمادات والحياء ومن الظواهر الكونية التى‬
‫تصاحبها والسنن اللهية التى تحكمها ؛ ليبرهن للقارئ أن‬
‫كتاب الله الخالد قد أحاط بالكون فى تفصيل وبيان وإيضاح‬
‫غفل عنه كثير من السابقين ‪ ،‬وأنه بحق ينطوى على كل ما‬
‫وصل وما سيصل إليه البشر من معارف ‪.‬‬
‫هذا ‪ ،‬وقد نعى الشيخ الجوهرى – يرحمه الله – على علماء‬
‫المسلمين إهمالهم للجانب العلمى فى القرآن الكريم ‪،‬‬
‫وتركيز جهودهم على الجوانب البيانية والفقهية فقط بقوله ‪:‬‬
‫"لماذا ألف علماء السلم عشرات اللوف من الكتب فى علم‬
‫الفقه ‪ ،‬وعلم الفقه ليس له فى القرآن الكريم إل آيات قلئل‬
‫ل تصل إلى مائة وخمسين آية ؟ فلماذا كثر التأليف فى علم‬
‫ل جدا فى علوم الكائنات التى ل تكاد تخلو منها‬ ‫الفقه ‪ ،‬وق ً‬
‫سورة ؟" ; ولذا فإننا نجده فى مطلع تفسيره يتوجه بنداء إلى‬
‫المسلمين يقول فيه ‪" :‬يا أمة السلم ‪ ،‬آيات معدودات فى‬
‫الفرائض ‪ -‬يقصد آيات الميراث ‪ -‬اجتذبت فرعا من علم‬
‫الرياضيات ‪ ،‬فما بالكم أيها الناس بسبعمائة آية فيها عجائب‬
‫الدنيا كلها ‪ ..‬هذا زمان العلوم ‪ ،‬وهذا زمان ظهور السلم ‪..‬‬
‫هذا زمان رقيه ‪ ،‬يا ليت شعرى ‪ ،‬لماذا ل نعمل فى آيات العلوم‬
‫الكونية ما فعله آباؤنا فى علوم الميراث ؟" ‪ ،‬ثم يضيف ‪" :‬إن‬
‫نظام التعليم السلمى لبد من ارتقائه ‪ ،‬فعلوم البلغة ليست‬
‫هى نهاية علوم القرآن الكريم ‪ ،‬بل هى علوم لفظه ‪ ،‬وما‬
‫نكتبه اليوم )يقصد فى تفسيره( علوم معناه ‪. "...‬‬
‫ولم يكتف الشيخ طنطاوى جوهرى فى تفسيره بتتبع اليات‬
‫واستنتاج معانيها وفق ما ارتآه فيها من إشارات إلى مختلف‬
‫الدراسات الحديثة ; بل إنه قد استعان فى هذا التفسير –‬
‫الفريد من نوعه – بكثير من صور النباتات والحيوانات‬
‫والظواهر الكونية ‪ ،‬والوسائل التجريبية ‪ ،‬كما استخدم الراء‬
‫الفلسفية عند مختلف المدارس الفكرية وكذلك الرقام‬
‫العددية التى ينظمها »حساب الجمل« المعروف ‪.‬‬
‫وقد اعتبر المفسرون من بنى عصره ذلك المنهج العلمى فى‬
‫التفسير ‪ -‬كما اعتبر من قبل‪ -‬جنوحا إلى الستطراد فى تأويل‬
‫بعض آيات القرآن الكريم على غير مقاصدها التشريعية‬
‫واليمانية ; استنادا إلى الحقيقة المسلمة ‪ :‬أن القرآن الكريم‬
‫لم يأت لكى ينشر بين الناس القوانين العلمية ومعادلتها ‪ ،‬ول‬
‫جداول المواد وخصائصها ‪ ،‬ول قوائم بأسماء الكائنات وصفاتها‬
‫; وإنما هو فى الصل كتاب هداية ‪ ،‬كتاب ‪:‬عقيدة وعبادة‬
‫وأخلق ومعاملت ‪ ،‬وهى ركائز الدين التى ل يستطيع النسان‬
‫أن يضع لنفسه فيها أية ضوابط صحيحة ‪ .‬والقرآن العظيم‬
‫حين يلفت نظر النسان إلى مختلف مظاهر هذا الوجود إنما‬
‫يعرض لذلك من قبيل الستدلل على قدرة الخالق العظيم‬
‫وعلمه وحكمته وتدبيره ‪ ،‬ومن قبيل إقامة الحجة البينة على‬
‫الجاحدين من الكافرين والمشركين ومن قبيل التأكيد على‬
‫إحاطة القدرة اللهية بالكون وبكل ما فيه ‪ ،‬وعلى حاجة الخلق‬
‫فى كل لحظة من لحظات الوجود إلى رحمة ذلك الخالق‬
‫العظيم ورعايته ‪.‬‬
‫فهذا هو الشيخ محمد رشيد رضا – رحمه الله – يكتب فى‬
‫مقدمة تفسيره "المنار"‬
‫ما نصه ‪ .... " :‬وقد زاد الفخر الرازى صارخا آخر عن القرآن‬
‫هو ما يورده فى تفسيره من العلوم الرياضية والطبيعية‬
‫وغيرها من العلوم الحادثة فى الملة على ما كانت عليه فى‬
‫عهده ‪ ،‬كالهيئة الفلكية اليونانية وغيرها وقلده بعض‬
‫المعاصرين ‪ -‬ويقصد الشيخ طنطاوى جوهرى‪ -‬بإيراد مثل هذا‬
‫من علوم العصر وفنونه الكثيرة الواسعة فهو يذكر فيما‬
‫يسميه تفسير الية فصول طويلة – بمناسبة كلمة مفردة ‪،‬‬
‫كالسماء أو الرض – من علوم الفلك أو النبات أوالحيوان تصد‬
‫القارئ عما أنزل الله لجله القرآن"‪.‬‬
‫وعلى الرغم من استنكارأعداد من علماء التفسير لهذا المنهج‬
‫العلمى قديما وحديثا ‪ ،‬إل أن عددا كبيرا من العلماء المسلمين‬
‫ظل مؤمنا بأن الشارات الكونية فى كتاب الله – أى اليات‬
‫المتعلقة ببعض أشياء هذا الكون على إجمالها وتناثرها بين‬
‫آيات الكتاب المجيد – تبقى بيانا من الله خالق الكون ومبدع‬
‫الوجود ; ومن ثم فهى حق مطلق وصورة من صور العجاز‬
‫فى كتاب الله – الذى ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من‬
‫خلفه – وأن ذلك قد ل يتضح إل للراسخين فى العلم من‬
‫المتخصصين فى مختلف مجالت العلوم البحتة والتطبيقية –‬
‫كل في حقل تخصصه – ‪ ،‬وحتى هؤلء يظل يتسع إدراكهم‬
‫لذلك العجاز باتساع دائرة المعرفة النسانية جيل بعد جيل ‪،‬‬
‫وعصرا بعد عصر ‪ ،‬مصداقا لقول الحق – تبارك وتعالى‪: -‬‬
‫َ‬
‫ص‪:‬‬
‫ن( " ) ّ‬‫حي ٍ‬
‫عد َ ِ‬
‫ن ن َب َأهُ ب َ ْ‬ ‫عل َ ُ‬
‫م ّ‬ ‫ول َت َ ْ‬
‫ن* َ‬ ‫عال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫و إ ِّل ِذك ٌْر ل ِل ْ َ‬
‫ه َ‬
‫ن ُ‬
‫" إِ ْ‬
‫‪. (87،88‬‬
‫ومصداقا لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم‪ -‬فى وصفه‬
‫للقرآن الكريم بأنه ‪ " :‬مأدبة الله والنور المبين ‪ ،‬والشفاء‬
‫النافع ‪ ،‬عصمة لمن تمسك به ‪ ،‬ونجاة عن أتبعةل يزيغ‬
‫فليستعتب ‪ ،‬ول يعوج فيقوم ‪،‬ول تنقضى عجائبه ‪ ،‬ول يخلق‬
‫عن كثرة الرد ")]‪. ([1‬‬
‫ومن هنا كان واجب المتخصصين من المسلمين فى مختلف‬
‫مجالت المعرفة النسانية – فى كل عصر وفى كل جيل – أن‬
‫تنفر منهم طائفة للتسلح بمستلزمات تفسير كتاب الله من‬
‫إلمام بقدر كاف من علوم اللغة العربية وآدابها ‪ ،‬ومن الحديث‬
‫وعلومه ‪ ،‬والفقه وأصوله ‪ ،‬وعلم الكلم وقواعده ‪ ،‬مع معرفة‬
‫بعادات المجتمع العربى الول ‪ ،‬وإحاطة بأسباب النزول ‪،‬‬
‫وبالمأثور فى التفسير ‪ ،‬وبالسيرة النبوية المطهرة ‪ ،‬وباجتهاد‬
‫السابقين من أئمة المفسرين وبغير ذلك من الشروط التى‬
‫حددها علماء التفسير وأصوله ‪ ،‬ثم تقوم تلك الطائفة على‬
‫شرح آيات الكتاب الحكيم – كل فيما يخصه – حتى تستبين‬
‫للناس جوانب من العجاز فى كتاب الله لم يكن من السهل‬
‫بيانها قبل عصر العلم الذى نعيشه ‪ .‬وحتى يتحقق قول الله‬
‫تعـالى فى محكم كتابه ‪:‬‬
‫ن " )النعام‪(67:‬‬ ‫عل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ف تَ ْ‬
‫و َ‬ ‫س ْ‬
‫و َ‬ ‫ست َ َ‬
‫قّر َ‬ ‫م ْ‬ ‫"ل ِك ُ ّ‬
‫ل ن َب َأ ٍ ُ‬
‫وانطلقا من ذلك الفهم ظهرت مؤلفات عديدة تعالج قضية‬
‫العجاز العلمى فى كتاب الله من أشهرها فى القديم كتاب‬
‫"كشف السرار النورانية القرآنية فيما يتعلق بالجرام‬
‫السماوية والرضية والحيوانات والنباتات والجواهر المعدنية"‬
‫لمحمد بن أحمد السكندرانى الطبيب وهو من علماء القرن‬
‫الثالث عشر الهجرى ‪.‬‬
‫ورسالة عبد الله فكرى وهو من وزراء المعارف السابقين فى‬
‫مصر فى مطلع القرن العشرين التى يقارن فيها بين بعض‬
‫مباحث علم الهيئة )الفلك( وبين الوارد من نصوص القرآن‬
‫الكريم فى ذلك ‪ ،‬وكتاب "السلم والطب الحديث" لعبد العزيز‬
‫إسماعيل ‪ ،‬و"رياض المختار" لحمد مختار )الغازى( ‪ ،‬وكتاب‬
‫"معجزة القرآن فى وصف الكائنات والتفسير العلمى لليات‬
‫الكونية" لحنفى أحمد ‪ ،‬وكتاب "فى سنن الله الكونية"‬
‫و"السلم فى عصر العلم" لمحمد أحمد الغمراوى ‪ ،‬و"إعجاز‬
‫القرآن فى علم طبقات الرض" لمحمد محمود إبراهيم ‪،‬‬
‫و"العلوم الطبيعية فى القرآن" ليوسف مروة ‪ ،‬وسلسلة كتب‬
‫كل من محمد جمال الدين الفندى وعبد الرزاق نوفل فى‬
‫نفس الموضوع ‪ ،‬وكتاب "أضواء من القرآن على النسان‬
‫ونشأة الكون والحياة" لعبد الغنى الخطيب ‪ ،‬و"القرآن والعلم"‬
‫لحمد محمود سليمان ‪ ،‬و"من إشارات العلوم فى القرآن‬
‫الكريم" لعبد العزيز‬
‫سيد الهل ‪ ،‬و"محاولة لفهم عصرى للقرآن" لمصطفى‬
‫محمود ‪ ،‬و"تفسير اليات الكونية" لعبد الله شحاتة ‪ ،‬و"السلم‬
‫والعلم التجريبى" ليوسف السويدى ‪ ،‬و"القرآن تفسير الكون‬
‫والحياة" لمحمد العفيفى ‪ ،‬وكتابا ً "النجيل والقرآن والعلم"‬
‫لموريس بوكاى ‪ ،‬وكتاب "خلق النسان بين الطب والقرآن"‬
‫لمحمد على البار ‪ ،‬هذا بالضافة إلى ما ظهر مؤخرا من كتب‬
‫ومجلت عديدة وأبواب كثيرة عن العجاز العلمى فى القرآن‬
‫الكريم وفي السنة النبوية المطهرة ‪،‬وردت مجمعة فى كتب‬
‫إسلمية متعددة ‪ ،‬أو متناثرة فى كثير من التفاسير التى‬
‫حررت فى النصف الخير من هذا القرن ‪.‬‬
‫هذا من جهة ‪ ،‬ومن جهة أخرى فقد تعرض هذا المنهج – بحق‬
‫أحيانا ‪ ،‬وبغير ذلك فى أحيان أخرى كثيرة – للمزيد من النقد‬
‫والتجريح الذى أسس على أن معجزة القرآن الكريم هى فى‬
‫الصل معجزة بيانه الذى أدرك أساطين اللغة العربية فيه‬
‫ومنذ سماع أولى آياته أنه علمة فارقة بين كلم الله وكلم‬
‫البشر ‪ ،‬وأن علينا أن نفهم السلم كما بينه نبى السلم –‬
‫صلوات الله وسلمه عليه ‪ . -‬وكان من شواهد ذلك ومبرراته‬
‫حيود عدد من الذين تعرضوا للقضايا الكونية فى القرآن عن‬
‫جادة الطريق إما عن قصور فى فهم الحقائق العلمية ‪ ،‬أو‬
‫انتفاء لشروط القدرة على الجتهاد فى التفسير ‪ ،‬أو لكليهما‬
‫معا ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من ذلك كله فقد تمكن هذا السيل من الكتابات‬
‫عن العجاز العلمى فى آى القرآن الكريم من تهيئة النفوس‬
‫لقبول ذلك المنهج حتى قام المجلس العلى للشئون‬
‫السلمية فى مصر بتشكيل عدد من اللجان العلمية التى‬
‫ضمت إلى علماء القرآن وتفسيره والحديث ورجاله والفقه‬
‫وأصوله والشريعة وعلومها واللغة العربية وآدابها والتاريخ‬
‫وتفاصيله عددا من كبار العلماء والباحثين والمفكرين فى‬
‫مختلف جنبات المعرفة النسانية ‪ .‬وقد قام كل هؤلء‬
‫بمدارسة كتاب الله فى اجتماعات طالت لسنين عديدة ‪ ،‬ثم‬
‫تبلورت فى تفسير موجز تحت اسم "المنتخب فى تفسير‬
‫القرآن الكريم" ‪ ،‬كتب بأسلوب عصرى وجيز ‪ ،‬سهل مبسط ‪،‬‬
‫واضح العبارة ‪ ،‬بعيد عن الخلفات المذهبية والتعقيدات‬
‫اللفظية والمصطلحات الفنية ‪ ،‬وقد أشير فى هوامشه إلى ما‬
‫ترشد إليه اليات القرآنية من نواميس الحياة وأسرار الكون ‪،‬‬
‫ووقائعه العلمية التى لم تعرف إل فى السنوات الخيرة ‪،‬‬
‫والتى خصها ذلك التفسير فى مقدمته بأنه ل يمكن إل أن‬
‫يكون القرآن قد أشار إليها; لنه ليس من كلم البشر ‪ ،‬ولكنه‬
‫من كلم خلق القوى والقدر ‪ ،‬الذى وعد بذلك فى محكم هذا‬
‫الكتاب فقال ‪:‬‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫في أن ْ ُ‬ ‫ْ‬
‫في ال َ‬
‫م أن ّ ُ‬ ‫ه ْ‬
‫نل ُ‬ ‫حّتى ي َت َب َي ّ َ‬‫م َ‬‫ه ْ‬‫س ِ‬‫ف ِ‬ ‫و ِ‬
‫ق َ‬ ‫فا ِ‬ ‫م آَيات َِنا ِ‬‫ه ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫سن ُ ِ‬
‫" َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هيدٌ ")فصلت‪.(53:‬‬ ‫ش ِ‬‫ء َ‬‫ي ٍ‬‫ش ْ‬‫ل َ‬ ‫على ك ُ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ك أن ّ ُ‬ ‫م ي َك ْ ِ‬
‫ف ب َِرب ّ َ‬ ‫ول ْ‬ ‫قأ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫كما تمت الشارة فى مقدمة هذا التفسير الوجيز إلى أنه‬
‫سيتلوه تفسير آخر وسيط وتقوم لجنة العجاز العلمى للقرآن‬
‫الكريم بالمجلس العلى للشئون السلمية منذ عدة سنوات‬
‫بمراجعة تلك التعليقات العلمية على اليات الكونية فى كتاب‬
‫الله على أمل إصدارها فى مجلد واحد – إن شاء الله تعالى –‬
‫قبل إصدار طبعة جديدة لهذا التفسير المعنون باسم "المنتخب‬
‫فى تفسير القرآن الكريم" ‪ ،‬ويليه فى شىء من البسط‬
‫والتفصيل "الوسيط" ثم "المفصل" بإذنه تعالى ‪.‬‬
‫حجة المعارضين لتعبير "العجاز العلمى" للقرآن الكريم‬
‫قبل استعراض مواقف المفسرين فى عصرنا الحاضر من‬
‫اليات الكونية فى كتاب الله _ أى اليات التى تحتوى على‬
‫إشارات لبعض آيات هذا الكون من مثل السماوات والرض ‪،‬‬
‫والشمس والقمر ‪ ،‬والنجوم والكواكب ‪ ،‬والجبال والحجار ‪،‬‬
‫والنهار والبحار ‪ ،‬والرياح والسحاب والمياه ‪ ،‬والرعد والبرق ‪،‬‬
‫ومراحل الجنين فى النسان ‪ ،‬وبعض صور الحيوان ومنتجاته ‪،‬‬
‫لبد لنا من‬ ‫والنبات ومحاصيله وثماره وغير ذلك _‬
‫الشارة إلى أن بعض الكتاب من القدامى والمعاصرين – على‬
‫حد سواء – قد اعترض على استخدام لفظ "معجزة" ومشتقاته‬
‫فى الشارة إلى عجز النسان عن التيان بمثل هذا القرآن‬
‫الكريم أو بشىء من مثله ‪ ،‬أو إلى استعصاء تقليد القرآن‬
‫الكريم على الجهد البشرى واستعلئه عليه ؛ لنه كلم الله‬
‫تعالى المغاير لكلم البشر جملة وتفصيل ‪ ،‬ولو أنه أنزل‬
‫بأسلوب يفهمه البشر وقت نزوله وفى كل عصر من العصور‬
‫التالية لنزوله إلى أن يرث الله _ تعالى _ الرض ومن عليها ‪.‬‬
‫وحجة المعترضين على لفظ "معجزة" ومشتقاته تقوم على‬
‫أساس من أن اللفظ لم يرد له ذكر فى كتاب الله بالمعنى‬
‫الشائع اليوم ‪ ،‬ول فى الصحيح من الحاديث النبوية الشريفة ‪،‬‬
‫وإن وردت مشتقاته للدللة على عدد من المعانى القريبة أو‬
‫المغايرة قليل لذلك فى ستة وعشرين موضعا من القرآن‬
‫الكريم بألفاظ )أعجز( ‪ ،‬و)معجزين( ‪ ،‬و)معاجزين( و)عجوز(‬
‫و)أعجاز( وتصريفاتها ‪ ،‬ودللت هذه اللفاظ فى تلك المواضع‬
‫قد تبعد قليل عما أريد التعبير عنه بلفظ )المعجزة( عند علماء‬
‫اللغة ‪ ،‬خاصة أن القرآن الكريم قد أشار دوما إلى مدلول‬
‫المعجزة بلفظ آية )بصيغة المفرد والمثنى والجمع( فى أكثر‬
‫من ‪ 380‬موضع منه ‪ ،‬ومن هذه المواضع قول الحق _ تبارك‬
‫وتعالى _ ‪:‬‬
‫ه " )النعام‪. (37 :‬‬ ‫ن َرب ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ه آي َ ٌ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫ول ن ُّز َ‬ ‫قاُلوا ل ْ‬
‫َ‬ ‫و َ‬ ‫" َ‬
‫وقوله _عز من قائل _ ‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ة ")البقرة‪:‬‬ ‫و ت َأِتيَنا آي َ ٌ‬ ‫هأ ْ‬ ‫مَنا الل ُ‬ ‫َ‬
‫ول ي ُكل ُ‬ ‫نل ْ‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ن ل يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫" َ‬
‫‪. (118‬‬
‫عوا‬ ‫ب ب ِك ُ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما ت َب ِ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ل آي َ ٍ‬ ‫ن أوُتوا الك َِتا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ت ال ِ‬ ‫ن أت َي ْ َ‬ ‫ولئ ِ ْ‬ ‫وقوله تعالى ‪َ " :‬‬
‫ك ")البقرة‪. (145 :‬‬ ‫قب ْل َت َ َ‬‫ِ‬
‫ة " )البقرة‪:‬‬ ‫ة ب َي ّن َ ٍ‬‫ن آي َ ٍ‬‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬‫م آت َي َْنا ُ‬ ‫ل كَ ْ‬ ‫سرائي َ‬ ‫ل ب َِني إ ِ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫وقوله ‪َ " :‬‬
‫‪. (211‬‬
‫وقوله تعالى على لسان أحد أنبياء بنى إسرائيل ‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ة مل ْك َ‬
‫ة‬‫كين َ ٌ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫في ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫م الّتاُبو ُ‬ ‫ن ي َأت ِي َك ُ ُ‬‫هأ ْ‬ ‫ن آي َ َ ُ ِ ِ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ن َب ِي ّ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫" َ‬
‫ملئ ِك َ ُ‬
‫ة‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫مل ُ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫هاُرو َ‬ ‫ل َ‬ ‫وآ ُ‬ ‫سى َ‬ ‫مو َ‬ ‫ل ُ‬ ‫كآ ُ‬ ‫ما ت ََر َ‬ ‫م ّ‬ ‫ة ِ‬ ‫قي ّ ٌ‬ ‫وب َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ن " )البقرة‪. (248:‬‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ِ‬ ‫ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ن كن ْت ُ ْ‬‫ُ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ُ‬
‫ة لك ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫في ذَل ِك لي َ ً‬ ‫َ‬ ‫ن ِ‬ ‫إِ ّ‬
‫وقوله تعالى على لسان نبيه صالح _ عليه السلم _ مخاطبا‬
‫قومه ‪:‬‬
‫ة ‪) "....‬لعراف‪. (73 :‬‬ ‫م آي َ ً‬ ‫ُ‬
‫ه لك ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ة الل ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫ه َنا َ‬ ‫ذ ِ‬
‫ه ِ‬ ‫" ‪َ ....‬‬
‫وقوله على لسان فرعون وقومه وهم يعارضون نبي الله‬
‫موسى – على نبينا وعليه أفضل الصلة وأزكى التسليم – ‪:‬‬
‫ن لَ َ‬ ‫ْ‬
‫ك‬ ‫ح ُ‬
‫ما ن َ ْ‬ ‫ها َ‬
‫ف َ‬ ‫حَرَنا ب ِ َ‬
‫س َ‬
‫ة ل ِت َ ْ‬
‫ن آي َ ٍ‬
‫م ْ‬
‫ه ِ‬
‫ما ت َأت َِنا ب ِ ِ‬
‫ه َ‬ ‫قاُلوا َ‬
‫م ْ‬ ‫و َ‬‫" َ‬
‫ن " )لعراف‪. (132:‬‬ ‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬‫م ْ‬
‫بِ ُ‬
‫وهذه حجة مردودة ؛ لن التعبير عن إعجاز القرآن الكريم قد‬
‫استخدم منذ القرون الهجرية الولى ‪ ،‬ولم يجد علماء‬
‫المسلمين من الصحابة والتابعين غضاضة فى استخدام هذا‬
‫التعبير على الرغم من عدم وروده بهذا المعنى فى كتاب الله‬
‫أو فى أحاديث سيدنا رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ ‪.‬‬
‫مواقف العلماء من قضية العجاز العلمي للقران الكريم‬
‫طال الجدل حول جواز تفسير الشارات الكونية الواردة فى‬
‫كتاب الله على أساس من معطيات علوم العصر وفنونه ‪،‬‬
‫وتفاوتت مواقف العلماء من ذلك تفاوتا كبيرا بين مضيقين‬
‫وموسعين ومعتدلين ‪ ،‬مما يمكن أن نوجزه فيما يلى ‪:‬‬

‫أول ‪ :‬موقف المضيقين‬


‫وهو الموقف الذى يرى أصحابه أن تفسير اليات الكونية‬
‫الواردة فى كتاب الله ‪ ،‬على ضوء ما تجمع لدى النسان من‬
‫معارف هو نوع من التفسير بالرأى – الذى‬

‫ل يجوز – استنادا إلى أقوال منسوبة لرسول الله _ صلى الله‬


‫عليه وسلم _ منها قوله الشريف ‪ " :‬من قال فى القرآن برأيه‬
‫فأصاب فقد أخطأ " و " من قال فى القرآن بغير علم فليتبوأ‬
‫مقعده من النار ")]‪. ([2‬‬
‫واستنادا إلى أقوال منسوبة إلى كل من الخليفتين‬
‫الراشدين ‪ :‬أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب _ رضى الله‬
‫تعالى عنهما _ من قول الول ‪ " :‬أى سماء تظلنى ‪ ،‬وأى أرض‬
‫تقلنى إن قلت فى كتاب الله برأيى ؟ " وقول الثانى ‪ " :‬اتبعوا‬
‫ما تبين لكم من هذا الكتاب فاعملوا به ‪ ،‬وما لم تعرفوه فكلوه‬
‫إلى ربه " ‪ .‬وكذلك استنادا إلى قول كل من سعيد بن المسيب‬
‫وعبد الله بن عمر _ رضى الله عنه _ فى الصحيح المنقول عن‬
‫الول ‪ " :‬إنا ل نقول فى القرآن شيئا " ‪ ،‬وإلى الثانى ‪ " :‬لقد‬
‫أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظمون القول فى التفسير " ‪.‬‬
‫واستنادا كذلك إلى القول المنسوب إلى مسروق بن الجدع‬
‫_رضى الله عنه_ ‪ " :‬اتقوا التفسير ‪ ،‬فإنما هو الرواية عن الله‬
‫"‪.‬‬
‫ولقد فات أصحاب هذا الموقف أن المقصود بـ )الرأى( فى‬
‫الحديث هو )الهوى( ‪ ،‬ل الرأى المنطقى المبنى على الحجة‬
‫الواضحة والبرهان المقبول ‪ ،‬ويؤكد ذلك عبارة "بغير علم"‬
‫التى وردت فى الحديث الثانى _ هذا بغض النظر عن كون‬
‫الحديثين قد اعتبرا من ضعاف السند _ ‪ .‬كذلك فاتهم أن ما قد‬
‫ورد على لسان بعض الصحابة والتابعين مما يوحى بالتحرج من‬
‫القول فى القرآن الكريم بالرأى الجتهادى ‪ ،‬إنما هو من قبيل‬
‫الورع ‪ ،‬والتأدب فى الحديث عن كلم الله ‪ ،‬خاصة وأنهم كانوا‬
‫قد فطروا على فهم اللغة العربية ‪ ،‬وفطنوا بها وبأسرارها ‪،‬‬
‫ودرجوا على عادات المجتمع العربى ‪ ،‬وألموا بأسباب النزول ‪،‬‬
‫وعايشوا رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ عن قرب وهو‬
‫الموصول بالوحى ‪ ،‬وسمعوه _صلى الله عليه وسلم _ وهو‬
‫يتلو القرآن الكريم ويفسره واستعانوا به على فهم ما وقفوا‬
‫دونه ‪ ،‬وأدركوا تفاصيل سنته الشريفة ‪ ،‬فهل يمكن لمن توافر‬
‫له كل ذلك أن يكون له مجال للجتهاد بالرأى ؟ خاصة وأن‬
‫العصر لم يكن عصر تقدم علمى كالذى نعيشه ‪ ،‬وأنهم كانوا ل‬
‫يزالون قريبى عهد بالجاهلية التى كان قد خيم فيها على‬
‫العالم أجمع ركام من العقائد الفاسدة ‪ ،‬والتصورات الخاطئة ‪،‬‬
‫والفكار السقيمة ‪ ،‬والوهام والساطير ولم يسلم من ذلك‬
‫الركام أحد ‪ ،‬حتى أصحاب الحضارات البائدة ‪ .‬وخاصة كذلك‬
‫وأن العصر كان عصر انتشار للسلم ‪ ،‬ودخول الكثيرين من‬
‫أصحاب العقائد واللغات الخرى فى دين الله أفواجا ‪ ،‬ومعهم‬
‫خلفياتهم الفكرية الموروثة ‪ ،‬والتى لم يكونوا قد تمكنوا من‬
‫التخلص منها كلية بمجرد دخولهم فى دين الله ‪ ،‬وأن أعدادا‬
‫غير قليلة من غلة اليهود كانوا قد دخلوا السلم – كما دخل‬
‫أسلفهم إلى دين عيسى بن مريم – ليأتمروا به ويتآمروا عليه‬
‫ويكيدوا له بتأويل كلم الله على وجوه غير صحيحة من أجل‬
‫تفتيت وحدة صف المؤمنين بالله تعالى وبث بذور‬
‫الفرقةبينهم ‪ ،‬وكان من نتائج ذلك كله هذا الفكر الغريب الذى‬
‫عرف فيما بعد بـ "السرائيليات" نسبة إلى السللت الفاسدة‬
‫من بنى إسرائيل _أى اليهود_ الذين كثر دسهم على دين الله ‪،‬‬
‫وعلى أنبيائه ورسله – صلى الله وبارك عليهم أجمعين – ‪،‬‬
‫وكان من نتائجه كذلك بروز الشيع والفرق والطرائق المختلفة‬
‫‪ ،‬ومحاولة كل فرقة منها النتصار لرأيها بالقرآن الكريم ‪..‬‬
‫وهذا هو )الهوى( الذى عبر عنه بـ " الرأى " فيما نسب من‬
‫أقوال إلى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم وإلى عدد من‬
‫صحابته وتابعيهم – عليهم رضوان الله أجمعين – ‪.‬‬
‫كذلك فقد فات هؤلء وهم ينادون بعدم الجتهاد بالرأى فى‬
‫فهم كتاب الله ‪ ،‬والوقوف عند حدود المأثور _) وهو ما نقل‬
‫عن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ مباشرة ‪ ،‬أو عن‬
‫صحابته الكرام ‪ ،‬أو عمن عاصر الصحابة من التابعين( _‬
‫موكلين ما لم يفسره التراث المنقول إلى الله تعالي ـ‪ ،‬وهو‬
‫ما عرف بمنهج» التفسير بالمأثور« أو »التفسير بالمنقول«‬
‫فاتهم أن المقصود بالرأى هنا هو الهوى وليس الرأى‬
‫المؤسس على قواعد صحيحة من حقائق الدين والعلم‬
‫‪،‬خاصةوأن التفسير بالمأثور لم يشمل القرآن الكريم كله ‪،‬‬
‫فلحكمة يعلمها الله – وقد ندرك طرفا منها اليوم – لم يقم‬
‫رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ بالتنصيص على المراد‬
‫فى كل آية من آيات القرآن الكريم ‪ ،‬وأن صحابته الكرام كانوا‬
‫يجتهدون فى فهم ما لم ينص عليه ‪ ،‬وكانوا يختلفون فى ذلك‬
‫ويتفقون ‪ ،‬وأن الثابت أنه _صلى الله عليه وسلم _ قد صوب‬
‫رأى جماعة من أصحابه حين فسروا آيات من كتاب الله ‪ ،‬وأنه‬
‫قد دعا لبن عباس بقوله ‪ " :‬اللهم فقهه فى الدين ‪ ،‬وعلمه‬
‫التأويل ")]‪ ، ([3‬وأن ذلك وغيره من القوال المأثورة قد اتخذ‬
‫دليل على جواز الجتهاد فى التفسير فى غير ما حدده رسول‬
‫الله _ صلى الله عليه وسلم _ ‪ ،‬فمما يروى عن المام على‬
‫كرم الله تعالي وجهه ـ حين سئل ‪ :‬هل خصكم رسول الله_‬
‫صلى الله عليه وسلم _ بشىء ؟ أنه قال ‪ " :‬ما عندنا غير ما‬
‫فى هذه الصحيفة ‪ ،‬وفهم يؤتاه الرجل فى كتابه ")]‪ ([4‬مما‬
‫يؤكد أن فهم المسلمين لدللة آيات القرآن الحكيم وتدبر‬
‫معانيها ضرورة تكليفية لكل قادر عليها مؤهل للقيام بها ‪،‬‬
‫وذلك يقرره الحق _تبارك وتعالى _ فى قوله وهو أحكم‬
‫ّ‬
‫ول ِي َت َذَكَر‬
‫ه َ‬ ‫مَباَر ٌ‬
‫ك ل ِي َدّب ُّروا آَيات ِ ِ‬ ‫ك ُ‬‫ب أ َن َْزل َْناهُ إ ِل َي ْ َ‬
‫القائلين ‪ " :‬ك َِتا ٌ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ص‪. (29:‬‬ ‫ب") ّ‬ ‫أوُلو اْلل َْبا ِ‬
‫وهذه الية الكريمة – وكثير غيرها من اليات القريبة فى‬
‫المعنى – أمر صريح من الله _تبارك وتعالى _ بتدبر آيات‬
‫القرآن الكريم وفهم معانيها ‪.‬‬

‫والقرآن الكريم ينعى على أولئك الذين ل يتدبرونه ‪ ،‬ول‬


‫يستنبطون معانيه ‪ ،‬وهذه آياته تقول ‪:‬‬
‫ه‬
‫في ِ‬ ‫دوا ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫غي ْ‬ ‫د َ‬ ‫عن ْ ِ‬ ‫ن ِ‬‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬‫ن َ‬ ‫قْرآ َ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫فل ي َت َدَب ُّرو َ‬ ‫" أَ َ‬
‫ه‬
‫عوا ب ِ ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ف أَ َ‬ ‫و ِ‬ ‫خ ْ‬‫و ال ْ َ‬ ‫نأ ِ‬
‫َ‬
‫م ِ‬
‫َ‬
‫ن اْل ْ‬ ‫م َ‬ ‫مٌر ِ‬
‫َ‬
‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫جاءَ ُ‬‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬‫خِتلفا ً ك َِثيرا ً * َ‬ ‫ا ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬‫ه ال ّ ِ‬ ‫م ُ‬‫عل ِ َ‬ ‫م لَ َ‬ ‫ه ْ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬‫وإ َِلى أوِلي اْل ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سو ِ‬ ‫دوهُ إ َِلى الّر ُ‬ ‫و َر ّ‬ ‫ول َ ْ‬‫َ‬
‫م " )النساء‪. (82،83:‬‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫ُ‬
‫ست َن ْب ِطون َ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ها "‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب أقفال َ‬ ‫على قلو ٍ‬ ‫م َ‬‫نأ ْ‬ ‫ن القْرآ َ‬ ‫وتقول ‪ " :‬أفل ي َت َدَب ُّرو َ‬
‫)محمد‪. (24:‬‬
‫وقد ساق المام الغزالى – رحمه الله – الدلة على جواز فهم‬
‫القرآن بالرأي ‪ ،‬أي‪ :‬بالجتهاد ‪ ،‬ثم أضاف ‪" :‬فهذه المور تدل‬
‫على أن فى فهم معانى القرآن مجال رحبا ‪ ،‬ومتسعا بالغا ‪،‬‬
‫والمنقول من ظاهر التفسير ليس منتهى الدراك فيه" ‪.‬‬
‫وبناء على ذلك فقد أجاز الغزالى لكل إنسان أن يستنبط من‬
‫القرآن الكريم بقدر فهمه وحد عقله ‪ ،‬ولو أن المبالغة فى‬
‫استخدام تلك الرخصة قد أفرزت نتاجا لم يكن كله مستساغا‬
‫مقبول لدى العلماء مطابقا لمقاصد اليات القرآنية الكريمة‬
‫فى الهداية ؛ فقد خرج قوم من المفسرين باليات القرآنية –‬
‫إما عن عمد واضح أوعن جهل فاضح – إلى مال يقبله العقل‬
‫القويم ‪ ،‬والصحيح المنقول عن رسول الله ‪-‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬وعن أصحابه والتابعين لهم وعن المنطق اللغوي‬
‫وأساليب العرب فى الداء – حقيقة ومجازا – ؛ وذلك لنطلق‬
‫الفرق المختلفة والمذاهب المتنوعة من غير أهل السنة‬
‫والجماعة من منطلق التعصب لمذاهبهم ومحاولتهم إخضاع‬
‫التفاسير لخدمة مللهم ونحلهم ؛ مما أدى إلى الموقف‬
‫المتشدد من القول فى القرآن بالرأى ؛ ومن ثم رفض تفسير‬
‫اليات الكونية الواردة فى كتاب الله على أساس من معطيات‬
‫المعارف المكتسبة فى حقل العلوم البحتة والتطبيقية ‪.‬‬
‫وهناك أعداد كبيرة من علماء المسلمين الذين اقتنعوا بضرورة‬
‫الجتهاد فى تفسير كتاب الله ‪ ،‬ولكنهم حصروا ذلك فى مناهج‬
‫محددة منها ‪ »:‬المنهج اللغوى« الذى يهتم بدللة اللفاظ‬
‫وطرائق التعبير وأساليبه والدراسات النحوية‬
‫المختلفة ‪»،‬المنهج البيانى« الذى يحرص على بيان مواطن‬
‫الجمال فى أسلوب القرآن الكريم ودراسة الحس اللغوى فى‬
‫كلماته ‪ ،‬و»المنهج الفقهى« الذى يركز على استنباط الحكام‬
‫الشرعية والجتهادات الفقهية ‪ ،‬كما أن من هؤلء المفسرين‬
‫من نادى بالجمع بين تلك المناهج فى منهج واحد عرف باسم»‬
‫المنهج الموسوعى« »أو المنهج الجمعى« ‪ ،‬ومنهم من نادى‬
‫بتفسير القرآن الكريم حسب الموضوعات التى اشتمل عليها ‪،‬‬
‫وذلك بجمع اليات الواردة فى الموضوع الواحد فى كل سور‬
‫القرآن الكريم ‪ ،‬وتفسير واستنباط دللتها استنادا إلى قاعدة‬
‫أن القرآن يفسر بعضه بعضا ‪ ،‬وقد عرف ذلك باسم» المنهج‬
‫الموضوعى فى التفسير «‪.‬‬

‫مبررات المضيقين فى رفض المنهج العلمى للتفسير‬


‫ظل المنهج العلمى فى التفسير مرفوضا من بعض المجتهدين‬
‫‪ ،‬وذلك لسباب كثيرة منها ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن السرائيليات كانت قد نفذت أول ما نفذت إلى التراث‬
‫السلمى عن طريق محاولة أعداد من السابقين تفسير تلك‬
‫الشارات الكونية الواردة فى كتاب الله على أساس مما جاء‬
‫فى سفر التكوين من العهد القديم ؛ وهذا خطأ كبير لن الله‬
‫تعالى قد شاء أن يوكل الناس فى أمور الكشف عن حقائق‬
‫هذا الكون إلى جهودهم المتتالية جيل بعد جيل ‪ ،‬وعصرا بعد‬
‫عصر ‪ ..‬ومن هنا جاءت الشارات الكونية فى القرآن الكريم‬
‫بصيغة مجملة يفهم منها أهل كل عصر معنى من المعانى ‪،‬‬
‫وتظل تلك المعانى تتسع باستمرار مع اتساع دائرة المعرفة‬
‫النسانية فى مجال العلوم البحتة والتطبيقية وذلك فى تكامل‬
‫يعرف التضاد ‪.‬‬
‫ومن هنا أيضا لم يقم رسول الله –صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫بالتنصيص على المراد من اليات الكونية فى أحاديثه الشريفة‬
‫التي تناول بها شرح القرآن الكريم ؛ ولكن لما كانت النفس‬
‫البشرية تواقة دوما إلى التعرف على أسرار هذا الوجود ؛ ولما‬
‫كان النسان قد شغل منذ القدم بتساؤلت كثيرة عن نشأة‬
‫الكون ‪ ،‬وبداية الحياة ‪ ،‬وخلق النسان ومتى حدث كل ذلك ؟‬
‫وكيف تم ؟ وما أسبابه ؟ وغير ذلك من أسرار الوجود فقد‬
‫تجمع لدى البشر فى ذلك تراث ضخم عبر التاريخ اختلط فيه‬
‫الحق بالباطل والواقع بالخيال والعلم بالدجل والخرافة ‪ ،‬وكان‬
‫أكثر الناس حرصا على هذا النوع من المعرفة المكتسبة هم‬
‫رجال الدين المحرف فى مختلف العصور ‪ ،‬وقد كانت الدولة‬
‫السلمية فى أول نشأتها محاطة بحضارات عديدة تباينت فيها‬
‫تلك المعارف وأمثالها‪ ،‬ثم بعد اتساع رقعة الدولة السلمية‬
‫واحتوائها لتلك الحضارات المجاورة‪ ،‬وبعد دخول أمم من‬
‫مختلف المعتقدات السابقة على بعثة المصطفى –صلى الله‬
‫عيه وسلم‪ -‬إلى دين الله ‪ ،‬وبعد وصول هذا التراث إلى عدد‬
‫من علماء المسلمين وقيامهم على ترجمته ونقده والضافة‬
‫إليه حاول بعض المفسرين الستفادة به فى شرح الشارات‬
‫الكونية الواردة بالقرآن الكريم فأخطأوا فى ذلك ؛ لن العصر‬
‫لم يكن بعصر تطور علمى كالذى نعيشه اليوم ؛ ولن هذا‬
‫التراث كان أغلبه فى أيدى اليهود ‪ ،‬وهم الذين اشتهروا بتزيف‬
‫الحقائق ‪ ،‬وتزوير التاريخ ‪ ،‬وبخداع غيرهم من البشر والذين‬
‫يسمونهم بأسم » العيار«أو الممين ‪.‬وقد أشتهر اليهود ايضا‬
‫بالتامرالكيد للسلم منذ بزوغ فجره ‪ ،‬كما تآمروا على رسالت‬
‫أنبياء الله موسى وداود وعيسى – عليهم السلم – من قبل‬
‫وأن النقل للمعارف التي كانت متاحة في زمانهم من اللغات‬
‫الخرى إلى العربية قد تم بواسطة من أسلم ومن لم يسلم‬
‫منهم على الرغم من تحذير رسول الله –صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬بقوله ‪ " :‬إذا حدثكم أهل الكتاب فل تصدقوهم‬
‫ولتكذبوهم ‪ ،‬فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه ‪ ،‬وإما أن‬
‫يحدثوكم بباطل فتصدقوه ")]‪. ([5‬‬
‫ويفسر ابن خلدون أسباب نقل هذه السرائيليات إلى كتب‬
‫التاريخ والتفسير بقوله ‪" :‬والسبب فى ذلك أن العرب لم‬
‫يكونوا أهل كتاب ‪ ،‬ول علم ‪ ،‬وإنما غلبت عليهم البداوة والمية‬
‫‪ ،‬وإذا تشوقوا إلى معرفة شيء مما تتشوق إليه النفوس‬
‫البشرية ‪ :‬فى أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود‬
‫فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم ‪ ،‬ويستفيدون منهم ‪،‬‬
‫وهم أهل التوراة من اليهود ومن تبع دينهم من النصارى ‪،‬‬
‫وأهل التوراة الذين بين العرب يومئذ وهم بادية مثلهم ل‬
‫يعرفون من ذلك إل ما تعرفه العامة من أهل الكتاب‬
‫ومعظمهم من حمير الذين أخذوا بدين اليهودية فلما أسلموا‬
‫بقوا على ما كان عندهم مما ل تعلق له بالحكام الشرعية‬
‫التى يحتاطون لها ‪. "...‬‬
‫‪ – 2‬أن القرآن الكريم هو فى الصل كتاب هداية ربانية ‪ ،‬كتاب‬
‫عقيدة وعبادة وأخلق ومعاملت ؛ بمعنى أنه هو كتاب دين الله‬
‫الذى أوحى به إلى خاتم أنبيائه ورسله – صلى الله وبارك عليه‬
‫وعليهم أجمعين – وتعهد الله تعالى بحفظه فحفظ ؛ فعلى‬
‫ذلك لبد من تأكيد الحقيقة أن القرآن الكريم ليس كتاب علم‬
‫تجريبى ‪ ،‬وأن الشارات العلمية التى وردت به جاءت فى مقام‬
‫الرشاد والموعظة ل فى مقام البيان العلمى بمفهومه‬
‫المحدد ‪ ،‬وأن تلك الشارات – على كثرتها – جاءت فى أغلب‬
‫الحيان مجملة‪ ،‬وذلك بهدف توجيه النسان إلى التفكر والتدبر‬
‫وإمعان النظر فى خلق الله ل بهدف الخبار العلمى المباشر ‪.‬‬
‫‪ – 3‬أن القرآن الكريم ثابت ل يتغير بينما معطيات العلوم‬
‫التجريبية دائمة التغير والتطور وأن ما تسمى بحقائق العلم‬
‫ليست سوى نظريات وفروض يبطل منها اليوم ماكان سائدا‬
‫بالمس ‪ ،‬وربما يبطل في الغد ما هو سائد اليوم ‪ ،‬وانطلقا‬
‫من هذا الفهم فإنه ليجوز الرجوع إليها عند تفسير كتاب الله‬
‫العزيز ؛ لنه ل يجوز تفسير الثابت بالمتغير ‪.‬‬
‫‪ – 4‬أن القرآن الكريم هو بيان من الله تعالي ‪ ،‬بينما معطيات‬
‫العلوم التجريبية ل تعدو أن تكون محاولة بشرية للوصول إلى‬
‫الحقيقة ‪ .‬ول يجوز – فى ظنهم – رؤية كلم الله فى إطار‬
‫محاولت البشر‪ ،‬كما ل يجوز النتصار لكتاب الله بمعطيات‬
‫العلوم المكتسبة ؛ لن القرآن الكريم بصفته كلم الله هو حجة‬
‫على البشر كافة ‪ ،‬وعلى العلم وأهله ‪.‬‬
‫‪ – 5‬أن العلوم التجريبية تصاغ فى أغلب دول العالم اليوم‬
‫صياغة تنطلق كلها من منطلقات مادية بحتة ‪ ،‬تنكر أو تتجاهل‬
‫الغيب ول تؤمن بالله ‪ ،‬وأن كثيرين من المشتغلين بالعلوم‬
‫الكونية لهم مواقف عدائية واضحة من قضية اليمان بالله‬
‫تعالى وبملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر كتابه و وبالقدر‬
‫خيره وشره‪ ،‬وبحياة البرزخ وبالبعث والنشور والحساب ‪،‬‬
‫وبالحياة الخالدة فى الدار الخرة ‪ ،‬إما فى الجنة أبدا وإما فى‬
‫النار أبدا ‪.‬‬
‫‪ – 6‬أن بعض معطيات العلوم التجريبية قد يتباين مع عدد من‬
‫الصول الثابتة فى الكتاب والسنة نظرا لصياغتها من‬
‫منطلقات مادية بحتة منكرة لكل حقائق الغيب أو متجاهلة‬
‫لها ‪ ،‬وأن التفسير العلمى للقرآن الكريم على أساس من هذه‬
‫المعطيات قد يدفع ببعض المتحمسين إلى التأويل المتكلف‬
‫الذى ل نحتاج إليه فى فهم دللة النص القرآنى ‪.‬‬
‫‪ – 7‬أن عددا من المفسرين الذين تعرضوا لتأويل بعض‬
‫الشارات الكونية الواردة فى كتاب الله قد تكلفوا فى تحميل‬
‫اليات من المعانى ما ل تحتمله‪ ،‬في تعسف واضح وتكلف‬
‫ى أعناق الكلمات واليات وتحميلها من المعانى‬ ‫مفتعل ذلك بل َ ِ‬
‫ما ل تحتمله ‪.‬‬

‫الرد على حجج الرافضين للمنهج العلمى فى التفسير‬


‫من الواضح أن حجج المعارضين للمنهج العلمى فى تفسير‬
‫اليات الكونية الواردة فى كتاب الله ‪ ،‬والتي أوردناها في‬
‫الفقرات السابقة هى كلها حجج مردودة حجة بحجة كما يلى ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أنه ل حاجة بنا اليوم إلى السرائيليات فى تفسير‬
‫الشارات الكونية الواردة فى كتاب الله ؛ لن الرصيد العلمى‬
‫فى مختلف المعارف قد بلغ اليوم شأوا لم يبلغه من قبل ‪،‬‬
‫وإذا كان من استخدم السرائيليات فى تفسيره من الوائل قد‬
‫أخطأ التفسير فإن من يستخدم حقائق العلم الثابتة ‪،‬‬
‫ومشاهداته المتكررة فى شرح تلك اليات اليوم لبد وأن يصل‬
‫إلى فهم لها لم يكن من السهل الوصول إليه من قبل‪ ،‬وأن‬
‫يجد في ذلك من السبق العلمى للقرآن الكريم ‪ ،‬ومن صور‬
‫العجاز فيه ما لم يجده السابقون ‪ ،‬تأكيدا لوصف رسول الله –‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ -‬للقرآن بأنه ‪ " :‬ل تنقضى عجائبه‬
‫وليخلق عن كثرة الرد ")]‪. ([6‬‬
‫‪ – 2‬أنه ل تعارض البتة بين كون القرآن الكريم كتاب هداية‬
‫ربانية ‪ ،‬وإرشادات إلهية ‪ ،‬ودستور عقيدة وعبادة وأخلق‬
‫ومعاملت ‪ ،‬وكتاب تشريع سماوى يشمل نظاما كامل للحياة ‪،‬‬
‫وبين احتوائه على عدد من الشارات العلمية الدقيقة التى‬
‫وردت فى مقام الستدلل على عظمة الخالق وقدرته فى‬
‫إبداعه للخلق ‪ ،‬وقدرته على إفناء ما قد خلق ‪ ،‬وإعادة كل ذلك‬
‫من جديد ‪ ،‬وفي الستدال أيضا على وحدانية الخالق المطلقة‬
‫فوق جميع خلقه لنه ـ سبحانه وتعالي ـ خلق كل شيء في‬
‫الوجود)من اللبنات الولية للمارة إلي النسان (في الزوجية‬
‫واضحة حتي يبقي وحده متفردا ً بالوحدانية المطلقة فوق‬
‫جميع خلقه‪ .‬وذلك لن هذه الشارات القران الكريم تبقى‬
‫بيانا من الله – خالق الكون ومبدع الوجود – فلبد وأن تكون‬
‫حقا مطلقا ؛ لنه ليس هناك من هو أدرى بالخليقة من الخالق‬
‫–سبحانه وتعالى‬

‫ولو أن المسلمين وعووا هذه الحقيقة منذ القدم لكان لهم‬


‫فى مجال الدراسات الكونية سبق ملحوظ وثبات غير ملحوق ‪،‬‬
‫فنحن ندرك اليوم – وفى ضوء ما تجمع لنا من معارف فى‬
‫مجال دراسات العلوم البحتة والتطبيقية – أن الشارات‬
‫الكونية فى كتاب الله تتسم بالدقة المتناهية فى التعبير‪،‬‬
‫وبالشمول في المعنى ‪،‬والطراد والثبات في الدللة‪ ،‬وبالسبق‬
‫لكثير من الكشوف العلمية بالمئات من السنين ‪ ،‬وفى ذلك‬
‫شهادة قاطعة ليستطيع أن ينكرها جاحد بأن القرآن الكريم ل‬
‫يمكن أن يكون صناعة بشرية بل هو كلم الله الخالق ‪.‬‬
‫أما القول بأن تلك الشارات قد تم سردها بصورة مجملة فإنها‬
‫بحق إحدى صور العجاز العلمى والبيانى فى القرآن الكريم ؛‬
‫وذلك لن كل إشارة علمية وردت فيه قد صيغت صياغة فيها‬
‫من إعجاز اليجاز والدقة في التعبير والحكام في الدللة ‪،‬‬
‫والشمول فى المعنى ما يمكن الناس – على اختلف ثقافاتهم‬
‫وتباين مستويات إدراكهم وتتابع أجيالهم وأزمانهم – أن‬
‫يدركوا لها من المعانى ما يتناسب وهذه الخلفيات كلها ‪ ،‬بحيث‬
‫تبقى المعانى المستخلصة من الية الواحدة يكمل بعضها بعضا‬
‫فى تناسق عجيب‪ .. ،‬وتكامل أعجب ؛ لنه تكامل ل يعرف‬
‫التضاد وهذا عندى من أروع صور العجاز فى كتاب الله ‪.‬‬
‫فالجمال فى تلك الشارات مع وضوح الحقيقة العلمية‬
‫للجيال المتلحقة ‪ ،‬كل على قدر حظه من المعرفة بالكون‬
‫وعلومه هو بالقطع أمر فوق طاقة البشر وصورة من صور‬
‫العجاز لم تتحقق ول يمكن أن تتحقق لغير كلم الله الخالق ‪.‬‬
‫ومن هنا كان فهم الناس للشارات العلمية الواردة بالقرآن‬
‫الكريم على ضوء ما يتجمع لديهم من معارف ‪ ،‬فهما يزداد‬
‫اتساعا وعمقا جيل بعد جيل ‪ ،‬وهذا فى حد ذاته شهادة للقرآن‬
‫الكريم بأنه ل تنتهى عجائبه ول يبلى على كثرة الرد ‪ ،‬كما‬
‫وصفه المصطفى –صلى الله عليه وسلم‪ . -‬وقد أدرك نفر من‬
‫السابقين ذلك وفى مقدمتهم المام الزركشى الذى كتب فى‬
‫كتابه "البرهان فى علوم القرآن" ما نصه ‪" :‬وما من برهان‬
‫ودللة وتقسيم ‪ ،‬وتحديد شيء من كليات المعلومات العقلية‬
‫والسمعية إل وكتاب الله تعالى قد نطق به ‪ ،‬لكن أورده تعالى‬
‫على عادة العرب دون دقائق طرق أحكام المتكلمين لمرين ‪:‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫سل َْنا ِ‬
‫ما أْر َ‬
‫و َ‬
‫الول ‪ :‬بسبب ما قاله –سبحانه وتعالى‪َ " : -‬‬
‫م " )إبراهيم‪ :‬الية ‪. (4‬والثاني‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ه ل ِي ُب َي ّ َ‬
‫م ِ‬
‫و ِ‬ ‫ن َ‬
‫ق ْ‬ ‫ل إ ِّل ب ِل ِ َ‬
‫سا ِ‬ ‫سو ٍ‬
‫َر ُ‬
‫‪ :‬أن المائل إلى دقيق المحاجة هو العاجز عن إقامة الحجة‬
‫بالجليل من الكلم ‪ ،‬فإن استطاع أن يفهم بالوضح الذى‬
‫يفهمه الكثرون لم يتخط إلى الغمض الذى ل يعرفه إل‬
‫القلون وكذلك أخرج تعالى مخاطباته فى محاجة خلقه من‬
‫أجل صورة تشتمل على أدق دقيق لتفهم العامة من جليلها ما‬
‫يقنعهم الحجة ‪ ،‬وتفهم الخواص من أنبائها ما يوفى على‬
‫ماأدركه الخطباء ‪ "...‬ثم يضيف ‪" :‬ومن ثم كان على كل من‬
‫أصاب حظا فى العلم أوفر أن يكون نصيبه من علم القرآن‬
‫أكثر ؛ لن عقله حينئذ يكون قد استنار بأضواء العلم ‪ ،‬وهؤلء‬
‫الذين اهتم القرآن بمناداتهم كلما ذكر حجة على الربوبية‬
‫والوحدانية ‪ ،‬أو أضاف إليهم أولو اللباب والسامعون‬
‫والمفكرون والمتذكرون تنبيها إلى أن بكل قوة من هذه‬
‫القوى يمكن إدراك حقيقة منها" ‪.‬‬
‫من هنا كان واجب المتخصصين من المسلمين فى كل عصر‬
‫وفى كل جيل أن ينفر منهم من يستطيع أن يجمع إلى حقل‬
‫تخصصه إلماما بحد أدنى من علوم اللغة العربية وآدابها ‪ ،‬ومن‬
‫الحديث وعلومه ‪ ،‬والفقه وأصوله ‪ ،‬وعلم الكلم وقواعده ‪،‬‬
‫وإحاطة بأسباب النزول ‪ ،‬وبالمأثور فى التفسير ‪ ،‬وباجتهاد‬
‫السابقين من أئمة المفسرين ‪ ،‬ثم يعود هؤلء إلى دراسة‬
‫الشارات الكونية الواردة فى كتاب الله – كل فيما يخصه –‬
‫محاولين فهمها فى ضوء معطيات العلم وكشوفه ‪ ،‬وقواعد‬
‫المنطق وأصوله حتى يدركوا ما يستطيعون من فهم لكتاب‬
‫الله فتتحقق نبوءة المصطفى –صلى الله عليه وسلم‪ -‬في‬
‫وصفه لهذا الكتاب العزيز بأنه ‪ " :‬ل تنقضى عجائبه ")]‪. ([7‬‬
‫‪ – 3‬أن القول بعدم جواز تفسير الثابت بالمتغير قول ساذج ؛‬
‫لن معناه الجمود على فهم واحد لكتاب الله ينأى بالناس عن‬
‫واقعهم فى كل عصر حتى ل يستسيغوه فيملوه ويهملوه ‪.‬‬
‫وثبات القرآن الكريم ‪ ..‬وهو من السمات البارزة له ل يمنع من‬
‫فهم الشارات الكونية الواردة فيه على أساس من معطيات‬
‫العلوم الكونية ‪ ،‬حتى ولو كان ذلك يتسع من عصر إلى آخر‬
‫بطريقة مطردة ‪ ،‬فالعلوم المكتسبة كلها لها طبيعة تراكمية ‪،‬‬
‫ول يتوافر للنسان منها فى عصر من العصور إل أقدار‬
‫تتفاوت بتفاوت الزمنة ‪ ،‬وتباين العصور ‪ ،‬تقدما واضمحلل ‪،‬‬
‫وهذه الطبيعة التراكمية للمعرفة النسانية المكتسبة تجعل‬
‫المم اللحقة أكثر علما فى مجال الكونيات – بصفة عامة –‬
‫من المم السابقة ‪ ،‬إل إذا تعرضت الحضارة النسانية بأكملها‬
‫للنتكاس والتدهور ‪.‬‬
‫من هنا كانت معطيات العلوم الكونية – بصفة خاصة – ‪،‬‬
‫والمعارف المكتسبة كلها ‪ -‬بصفة عامة – دائمة التغير‬
‫والتطور ‪ ،‬بينما كلمات وحروف القرآن الكريم ثابتة لتتغير ‪،‬‬
‫وهذا وحده من أعظم شواهد العجاز فى كتاب الله ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من ثبات اللفظ القرآنى ‪ ،‬وتطور الفهم البشرى‬
‫لدللته – مع اتساع دائرة المعرفة النسانية جيل بعد جيل –‬
‫فإن تلك الدللت يتكامل بعضها مع بعض فى اتساق ل يعرف‬
‫التضاد ‪ ،‬ول يتوافر ذلك لغير كلم الله تعالى ‪ .‬ويظل اللفظ‬
‫القرآنى ثابتا ‪ ،‬وتتوسع دائرة فهم الناس له عصرا بعد عصر ‪..‬‬
‫وفى ذلك شهادة للقرآن الكريم بأنه يغاير كلم البشر كافة ‪،‬‬
‫وأنه – بالقطع – بيان من الله تعالى ‪ ..‬ولذلك فإننا نجد القرآن‬
‫الكريم يحض الناس حضا على تدبر آياته ‪ ،‬والعكوف على فهم‬
‫دللتها ‪ ،‬ويتحدى أهل الكفر والشرك واللحاد أن يجدوا فيه‬
‫صورة واحدة من صور الختلف أو التناقض على توالى‬
‫العصور عليه ‪ ،‬وكثرة النظر فيه ‪ ،‬وصدق الله العظيم إذ‬
‫دوا‬‫ج ُ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫هل َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫د َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫عن ْ ِ‬‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬‫و َ‬‫ول َ ْ‬
‫ن َ‬‫قْرآ َ‬‫ن ال ْ ُ‬
‫فل ي َت َدَب ُّرو َ‬ ‫يقول ‪" :‬أ َ َ‬
‫خِتلفا ً ك َِثيرا ً ")النساء‪ (82:‬؛ وإذ يكرر التساؤل التقريعى‬ ‫ها ْ‬ ‫في ِ‬ ‫ِ‬
‫ما‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فى سورة الرحمن إحدى وثلثين مرة ‪َ " :‬‬
‫ء َرب ّك َ‬‫ي آل ِ‬ ‫فب ِأ ّ‬
‫ن " )الرحمن‪:‬‬ ‫ت ُك َذَّبا ِ‬
‫‪،13،16،18،21،23،25،28،3032،34،36،38،40،42،45،47‬‬
‫‪، (49،51،35،55،75،59،61،63،65،67،69،71،73،75،77‬‬
‫ويؤكد ضرورة تدبر القرآن الكريم ‪ ،‬وأنه – تعالى – قد جعله‬
‫فى متناول عقل النسان فيذكر ذلك أربع مرات فى سورة‬
‫القمر ‪ ،‬حيث يصدع التنزيل بقول الحق –تبارك وتعالى‪" : -‬‬
‫ر " )القمر‪،32 ،22:‬‬ ‫مدّك ِ ٍ‬‫ن ُ‬‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ه ْ‬‫ف َ‬ ‫ن ِللذّك ْ ِ‬
‫ر َ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫سْرَنا ال ْ ُ‬ ‫قدْ ي َ ّ‬ ‫ول َ َ‬ ‫َ‬
‫‪. (17‬‬
‫والذكر هنا – كما يجمع المفسرون – يشمل التلوة والتدبر معا‬
‫‪ ،‬ويشير إلى استمرار تلك العملية مع توالى العصور وتجدد‬
‫الزمان ‪ ،‬ومن هنا يبقى النص القرآنى ثابتا ‪ ،‬ويتجدد فهم‬
‫الناس له كلما اتسعت دائرة معارفهم ونمت حصيلتهم‬
‫العلمية ‪ ،‬وذلك – بالقطع – فيما لم يرد فى شرحه شىء من‬
‫المأثور الموثق ‪ .‬وليس فى ذلك مقابلة بين كلم الله وكلم‬
‫الناس كما يدعى البعض ‪ ،‬ولكنه المحاولة الجادة لفهم كلم‬
‫الله ‪ ،‬وهو – تعالى – الذى أنزله للبشر ؛ لكى يفهموه ‪،‬‬
‫ويتعظوا بدروسه ‪ .‬وفهم آيات القرآن الكريم – فى الوقت‬
‫نفسه بمعان تتسع مع اتساع دائرة المعرفة النسانية‬
‫باستمرار ‪ ،‬وفى تكامل ل يعرف التضاد – هو صورة من صور‬
‫العجاز فى كتاب الله ‪ ،‬ل ينكرها إل جاحد ‪.‬‬
‫أما القول بأن ما يسمى بحقائق العلم ليس إل نظريات‬
‫وفروضا ‪ ،‬يبطل منها اليوم ما كان سائدا بالمس ‪ ،‬وربما‬
‫يبطل فى الغد ما هو سائد اليوم فهو أيضا قول ساذج ؛ لن‬
‫هناك فروقا واضحة بين الفروض والنظريات من جهة‬
‫‪،‬الحقائق والقواعد والقوانين من جهة أخرى ‪ ،‬وهى مراحل‬
‫متتابعة فى منهج العلوم التجريبية الذى يبدأ بالفروض ثم‬
‫النظريات ‪ ،‬وينتهى بالقواعد والقوانين والحقائق ‪ .‬والفروض‬
‫هى تفسيرات أولية للظواهر الكونية ‪ ،‬والنظريات هى صياغة‬
‫عامة لتفسير كيفية حدوث تلك الظواهر ومسبباتها ‪ ،‬أما‬
‫الحقائق الكونية فهى ما يثبت ثبوتا قاطعا فى علم النسان‬
‫بالدلة المنطقية المقبولة ‪ ،‬وهى جزء من الحكمة التى نحن‬
‫أولى الناس بها كما علمنا المصطفى ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪. -‬‬
‫أما القواعد والقوانين العلمية فهى تعبيرات بشرية عن السنن‬
‫اللهية فى الكون ‪ ،‬تصف علقات محددة تربط بين عناصر‬
‫الظاهرة الواحدة ‪ ،‬أو بين عدد من الظواهر الكونية المختلفة ‪،‬‬
‫وهى كذلك جزء من الحكمة التى هى ضالة المؤمن ‪ ،‬كما أخبر‬
‫الصادق المصدوق –عليه أفضل الصلة والسلم‪([8])-‬‬
‫‪.‬والحقيقة العلمية لتبطل مع الزمن ابدا ً ‪،‬ولكنها قد تتسع‬
‫وتنمو بنماء جهود العلماء المتتابعة ‪،‬ذلك لمحدودية القدرات‬
‫النسانية التي تضع أعداد من القوانين العلمية التي تعبر عن‬
‫اعداد من الحقائق الكونية المحدود ومن هنا كانت الطبيعة‬
‫التراكمية للمعرفة المكتسبةالتي تتسع جيل ً بعد جيل ‪ ،‬وهذا‬
‫لينتقض من صدق الملحظات العلمية التي ترتقي المرتبة‬
‫الحقيقة او القاعدة أو القانون‬
‫‪ – 4‬أما القول بأنه ليجوز رؤية كلم الله في إطار محاولت‬
‫البشر كما ليجوز النتصار للكتاب الله بمعطيات العلوم‬
‫المكتسبة فهو كذلك كلم بعيد عن الحور فقد حرص كثير من‬
‫علماء المسلمين على أل يتم تفسير الشارات العلمية الواردة‬
‫فى القرآن الكريم إل فى ضوء الحقائق العلمية المؤكدة‬
‫والقوانين والقواعد الثابتة ‪ ،‬أما الفروض والنظريات فل يجوز‬
‫تخديمهما فى فهم ذلك أبدا ‪ ،‬إل فى حالة اليات القرآنية‬
‫الكريمة ‪ ،‬المتعلقة بالقضايا التى ل تخضع خضوعا مباشرا‬
‫لحس النسان وإدراكه من مثل قضايا الخلق بأبعادها الثلثة ‪،‬‬
‫وقضايا الفناء والبعث ‪ .‬وحتى هذا الموقف نعتبره تحفظا‬
‫مبالغا فيه ‪ ،‬فكما يختلف دارسو القرآن الكريم فى فهم بعض‬
‫الدللت اللفظية ‪ ،‬والصور البيانية ‪ ،‬وغيرها من القضايا‬
‫اللغوية ‪ ،‬ول يجدون حرجا فى ذلك العمل الذى يقومون به فى‬
‫غيبة نص ثابت مأثور ‪ ،‬فإننا نرى أنه ل حرج على الطلق فى‬
‫فهم الشارات الكونية الواردة بالقرآن الكريم على ضوء‬
‫المعارف العلمية المتاحة ‪ ،‬حتى ولو لم تكن تلك المعارف قد‬
‫ارتقت إلى مستوى الحقائق الثابتة ؛ وذلك لن التفسير يبقى‬
‫جهدا بشريا خالصا – بكل ما للبشر من صفات القصور ‪،‬‬
‫والنقص ‪ ،‬ومحدودية القدرة – ‪ ،‬ثم إن العلماء التجريبيين قد‬
‫يجمعون على نظرية ما ‪ ،‬لها من الشواهد ما يؤيدها ‪ ،‬وإن لم‬
‫ترق بعد إلى مرتبة الحقيقة أو القاعدة أو القانون ‪ ،‬ول يكون‬
‫أمام العلماء من مخرج للوصول بها إلى ذلك المستوى أبدا ‪،‬‬
‫فمن أمور الكون العديدة ما ل سبيل للعلماء التجريبيين من‬
‫الوصول فيها إلى حقيقة أبدا ‪ ،‬ولكن قد يتجمع لديهم من‬
‫الشواهد ما يمكن أن يعين على بلورة نظرية من النظريات ‪،‬‬
‫ويبقى العلم التجريبى مسلما بأنه ل يستطيع أن يتعدى تلك‬
‫المرحلة فى ذلك المجال بعينه أبدا ‪ ،‬والمثلة على ذلك كثيرة‬
‫منها النظريات المفسرة لصل الكون وأصل الحياة وأصل‬
‫النسان ‪ ،‬وقد مرت بمراحل متعددة من الفروض العلمية حتى‬
‫وصلت اليوم إلى عدد من النظريات المقبولة ‪ ،‬ول يتخيل‬
‫العلماء أنهم سيصلون فى يوم من اليام إلى أكثر من تفضيل‬
‫لنظرية على أخرى ‪ ،‬أو تطوير لنظرية عن أخرى ‪ ،‬أو وضع‬
‫لنظرية جديدة ‪ ،‬دون الدعاء بالوصول إلى حقيقة راسخة أو‬
‫قانون قطعى ‪ ،‬أو قاعدة ثابتة لذلك أبدا ‪ .‬فتكثر النظريات‬
‫المفسرة لظواهر محددة ‪ ،‬وتختلف باختلف خلفية واضعيها ‪،‬‬
‫ويبقى للمسلم نور من الله الخالق فى آية قرآنية كريمة ‪ ،‬أو‬
‫حديث نبوى صحيح يمكن أن يعينه على الرتقاء بإحدى هذه‬
‫النظريات إلى مقام الحقيقة لمجرد وجود إشارة لها فى كتاب‬
‫الله تعالى أو فى حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم‪، -‬‬
‫وإن لم يستطع العلم المكتسب أن يقوم بذلك ‪ .‬فهذه مجالت‬
‫إذا دخلها النسان بغير هداية ربانية فإنه يضل فيها ضلل بعيدا‬
‫ت‬‫وا ِ‬‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫خل ْ َ‬
‫ق ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫هدْت ُ ُ‬
‫ش َ‬ ‫ما أ َ ْ‬‫‪ ،‬وصدق الله العظيم إذ يقول ‪َ " :‬‬
‫ً‬
‫ضدا "‬ ‫ع ُ‬
‫ن َ‬ ‫ّ‬
‫ضلي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ْ‬
‫خذَ ال ُ‬ ‫مت ّ ِ‬
‫ت ُ‬ ‫ما ك ُن ْ ُ‬
‫و َ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫س ِ‬ ‫ق أ َن ْ ُ‬
‫ف ِ‬ ‫خل ْ َ‬‫ول َ‬
‫ض َ‬
‫ْ َ‬
‫والْر ِ‬ ‫َ‬
‫)الكهف‪. (51:‬‬
‫وذلك لنه على الرغم من أن العلماء التجريبيين يستقرئون‬
‫حقائق الكون بالمشاهدة والستنتاج ‪ ،‬أو بالتجربة والملحظة‬
‫والستنتاج فى عمليات قابلة للتكرار والعادة ؛ إل أن من‬
‫أمور الكون ما ل يمكن إخضاعه لذلك من مثل قضايا الخلق‬
‫بأبعاده الثلثة ‪ :‬خلق الكون ‪ ،‬وخلق الحياة ‪ ،‬وخلق النسان‪.‬‬
‫وهى قضايا ل يمكن للنسان أن يصل فيها إلى تصور صحيح‬
‫أبدا بغير هداية ربانية ‪ .‬ولول الثبات فى سنن الله التى تحكم‬
‫الكون وما فيه ما تمكن النسان من اكتشاف تلك السنن‬
‫أبدا ‪ ..‬ول يظن عاقل أن البشر مطالبون بما هو فوق‬
‫طاقاتهم ‪ ،‬خاصة فى فهم كتاب الله الذى أنزل لهم ‪ ،‬ويسر‬
‫لتذكرهم ؛ لقول الحق –تبارك وتعالى‪: -‬‬
‫ر " )القمر‪. (17:‬‬ ‫مدّك ِ ٍ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬‫ه ْ‬‫ف َ‬ ‫ر َ‬ ‫ن ِللذّك ْ ِ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫سْرَنا ال ْ ُ‬ ‫قد ْ ي َ ّ‬ ‫ول َ َ‬‫" َ‬
‫ففى الوقت الذى يقرر فيه القرآن الكريم أن الله لم يشهد أيا‬
‫من الجن والنس خلق السماوات والرض ول خلق أنفسهم ‪،‬‬
‫نجده فى آيات أخر يأمرهم بالنظر فى كيفية بداية الخلق ‪،‬‬
‫وهى من أصعب قضايا العلوم الكونية قاطبة ؛ إذ يقول عز من‬
‫قائل ‪:‬‬
‫َ‬
‫ه‬‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫عيدُهُ إ ِ ّ‬ ‫م يُ ِ‬‫ق ثُ ّ‬‫خل ْ َ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫ئ الل ّ ُ‬‫د ُ‬ ‫ف ي ُب ْ ِ‬ ‫وا ك َي ْ َ‬ ‫م ي ََر ْ‬ ‫ول َ ْ‬‫"أ َ‬
‫م الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ق ثُ ّ‬ ‫ف ب َدَأ َ ال ْ َ‬
‫خل ْ َ‬ ‫فان ْظُُروا ك َي ْ َ‬ ‫ض َ‬ ‫في الْر ِ‬
‫ْ َ‬ ‫سيُروا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫سيٌر * ُ‬ ‫يَ ِ‬
‫ديٌر " )العنكبوت‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫ُ‬
‫على ك ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ئ الن ّ ْ‬
‫ءق ِ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫خَرةَ إ ِ ّ‬ ‫شأةَ ال ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫ي ُن ْ ِ‬
‫‪. (19،20‬‬
‫وفى ذلك ما يشير إلى أن بالرض سجل حافل بالحقائق التى‬
‫يمكن أن يستدل منها على كيفية بدء الخلق الول ‪ ،‬وعلى‬
‫إمكانية النشأة الخرة ‪ ،‬والمر فى الية من الله تعالى إلى‬
‫رسوله الكريم ليدعو الناس كافة إلى السير فى الرض ‪،‬‬
‫واستخلص العبرة من فهم كيفية الخلق الول ‪ ،‬وهى قضية‬
‫تقع من العلوم الكونية فى الصميم إن لم تكن تشكل أصعب‬
‫قضية علمية عالجها النسان ‪.‬‬
‫وقضايا الخلق وإفنائه وإعادة خلقه لهامن الشارات اللطيفة‬
‫فى كتاب الله تعالى وفى سنة رسوله –صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫من الشارات اللطيفة ما يمكن النسان المسلم من تفضيل‬
‫نظرية من النظريات والرتقاء بها إلى مقام الحقيقة لمجرد‬
‫ورود ذكر لها فى كتاب الله تعالى أو فى سنة رسوله صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ،‬ونكون بذلك قد انتصرنا بالقرآن الكريم‬
‫والسنة النبوية المطهرة للعلم وليس العكس ‪.‬‬
‫ولما كانت العلوم المكتسبة لم تصل بعد إلى الحقيقة فى كثير‬
‫من المور فإنى أرى ضرورة فهم الشارات العلمية الواردة‬
‫بالقرآن الكريم على أساس من الحقائق العلمية الثابتة أول ‪،‬‬
‫فإن لم تتوافر فبالنظرية السائدة المقبولة ‪ ،‬حتى لو أدى‬
‫التطور العلمى فى المستقبل إلى تغيير تلك النظرية ‪ ،‬أو‬
‫تطويرها أو تعديلها ؛ وذلك لن التفسير – كما سبق وأن‬
‫أشرت – يبقى اجتهادا بشريا خالصا من أجل حسن فهم دللة‬
‫الية القرآنية إن أصاب فيه المرء فله أجران وإن أخطأ فله‬
‫أجر واحد ‪ ،‬ويبقى هذا الجتهاد قابل للزيادة والنقصان ‪،‬‬
‫وللنقد والتعديل والتبديل ‪.‬‬
‫وإن فى كون القرآن الكريم بيانا من الله تعالى إلى الناس‬
‫كافة ‪ ،‬يفرض على المتخصصين من أبناء المسلمين أن‬
‫يفهموه – كل فى حقل تخصصه – على ضوء ما تجمع له من‬
‫معارف وذلك بتوظيف مناهج الستقراء الدقيقة ؛ فالقرآن‬
‫الكريم نزل للناس ليفهموه وليتدبروا آياته ؛ ثم إن تفسير‬
‫آيات الكونيات على ضوء من معطيات العلوم التجريبية ل‬
‫يشكل احتجاجا على القرآن الكريم بالمعارف المكتسبة ‪ ،‬ول‬
‫انتصارا له بها فالقرآن الكريم – بالقطع – فوق ذلك كله ‪،‬‬
‫ولن التفسير على أساس من المعطيات العلمية الحديثة يبقى‬
‫محاولة بشرية للفهم فى إطار لم يكن متوفرا الناس من قبل‬
‫أو في حسبانهم ‪ ،‬ول يمكن أن تكون محاولت البشر لفهم‬
‫القرآن الكريم حجة على كتاب الله ‪ ،‬سواء أصابت أم أخطأت‬
‫تلك المحاولت ‪ ،‬وإل لما حفل القرآن الكريم بهذا الحشد‬
‫الهائل من اليات التى تحض على استخدام كل الحواس‬
‫البشرية للنظر فى مختلف جنبات الكون بمنهج علمى‬
‫استقرائى دقيق ‪ .‬وذلك لن الله تعالى قد جعل السنن الكونية‬
‫على قدر من الثبات والطراد الذي يمكن حواس النسان‬
‫المتأمل لها والمتفكر فيها والمتدبر لتفاصيل جريانها من‬
‫إدراك أسرارها ‪-‬على الرغم من حدود قدرات تلك الحواس‪، -‬‬
‫وربما كان هذا هو المقصود من آيات التسخير التى يزخر بها‬
‫القرآن الكريم ‪ ،‬ويمن علينا ربنا تبارك وتعالى– وهو صاحب‬
‫الفضل والمنة – بهذا التسخير الذى هو من أعظم نعمه علينا –‬
‫نحن العباد – ‪.‬‬
‫ومن أروع ما يدركه النسان المتأمل فى الكون كثرة الدلة‬
‫المادية الملموسة على كل حدث وقع فى الكون ‪،‬وهي أدلة‬
‫مدونة فى صفحة السماء ‪ ،‬وفى صخور الرض بصورة يمكن‬
‫لحواس النسان ولعقله إدراكها لو اتبع المنهج العلمى‬
‫الستقرائى الصحيح ‪ ،‬فما من انفجار حدث فى الكون إل وهو‬
‫مدون ‪ ،‬وما من نجم توهج أو خمد إل وله أثر ‪ ،‬وما من هزة‬
‫أرضية أو ثورة بركانية أو حركة بانية للجبال إل وهى مسجلة‬
‫فى صخور القشرة الرضية ‪ ،‬وما من تغير فى تركيب الغلف‬
‫الغازى أو المائى للرض إل وهو مدون فى صخورها ‪ ،‬وما من‬
‫تقدم للبحار أو انحسار لها ‪ ،‬ولتغير فى المناخ إل وهو مدون‬
‫كذلك فى صخور الرض ‪ ،‬وما من هبوط نيزك من النيازك على‬
‫الرض إل وهو مسجل فى صخورها ‪.‬‬
‫ومن هنا فإن الدعوة القرآنية للتأمل فى الكون واستخلص‬
‫سنن الله فيه ‪ ،‬وتوظيف تلك السنن فى عمارة الرض والقيام‬
‫بواجب الستخلف فيها هى دعوة للناس فى كل زمان‬
‫ومكان ‪ ،‬وهى دعوة ل تتوقف ول تتخلف ول تتعطل أبدا ‪،‬‬
‫انطلقا من الحقيقة الواقعة أنه مهما اتسعت دائرة المعرفة‬
‫النسانية فإن القرآن الكريم يبقى – دوما – مهيمنا عليها ‪،‬‬
‫ومحيطا بها ؛ لنه كلم الله الخالق الذى أبدع هذا الكون بعلمه‬
‫وقدرته وحكمته ‪ ،‬والذى هو أدرى بصنعته من كل من هم سواه‬
‫‪.‬‬
‫وعلى ذلك فإن مقابلة كلم الله بمحاولة البشر لتفسيره ‪،‬‬
‫وإثبات جوانب العجاز فيه ‪ ،‬ل تنتقص من جلل الربوبية الذى‬
‫يتلل بين كلمات هذا البيان الربانى الخالص ‪ ،‬وإنما تزيد‬
‫المؤمنين ثباتا على إيمانهم ‪،‬وتشرح صدور الباحثين عن الحق‬
‫وتهديهم إليه وتقيم الحجة على الجاحدين من الكفار‬
‫والمشركين ‪ .‬وإذا أخطأ المفسر فى فهم دللة آية من آيات‬
‫القرآن الكريم فإن هذا الخطأ يعود على المفسر نفسه ول‬
‫ينسحب على جلل كلم الله أبدا ‪ ،‬والذين فسروا باللغة أصابوا‬
‫وأخطأوا ‪ ،‬وكذلك الذين فسروا بالتاريخ ‪ .‬فليحاول العلماء‬
‫التجريبيون تفسير اليات الكونية بما تجمع لديهم من معارف ؛‬
‫لن تلك اليات ل يمكن فهم دللتها فهما كامل ‪ ،‬ول استقراء‬
‫جوانب العجاز فيها فى حدود اللغة وحدها ‪.‬‬
‫‪ -5‬إن الحتجاج بأن العلوم التجريبية – فى ظل الحضارة‬
‫المادية المعاصرة – تنطلق فى معظمها من منطلقات مادية‬
‫بحتة ‪ ،‬تنكر أو تتجاهل الغيب ‪ ،‬ول تؤمن بالله ‪ ،‬وأن للكثيرين‬
‫من المشتغلين بالعلوم الكونية مواقف عدائية واضحة من‬
‫قضية اليمان بالله وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر ‪،‬‬
‫فمردذلك كله بعيد عن طبيعة العلوم الكونية ‪ ،‬وإنما يرجع إلى‬
‫العقائد الفاسدة التى أفرزتها الحضارة المادية المعاصرة ‪،‬‬
‫والتى تحاول فرضها على كل استنتاج علمى ‪ ،‬وعلى كل رؤية‬
‫شاملة للكون والحياة فى وقت حقق فيه النسان قفزات‬
‫هائلة فى مجال العلوم الكونية البحتة منها والتطبيقية ‪ ،‬بينما‬
‫تخلف المسلمون فى كل أمر من أمور الحياة – بصفة عامة –‬
‫وفى مجال العلوم والتقنية – بصفة خاصة – مما أدى إلى‬
‫انتقال القيادة الفكرية فى هذه المجالت على وجه الخصوص‬
‫إلى أمم سبق للعلماء فيها أن عانوا معاناة شديدة من تسلط‬
‫الكنيسة عليهم ‪ ،‬واضطهادها لهم ‪ ،‬ورفضها للمنهج العلمى‬
‫ولكل معطياته ‪ ،‬ووقوفها حجر عثرة فى وجه أى تقدم علمى ‪،‬‬
‫كما حدث فى أوروبا فى أوائل عصر النهضة ‪ .‬وظل الحال‬
‫كذلك حتى انتصرت حقائق العلم على خرافات الكنيسة‬
‫فانطلق العلماء الغربيون من منطلق العداوة للكنيسة أول ثم‬
‫لقضية اليمان بالتبعية ‪ ،‬وداروا بالعلوم الكونية ومعطياتها فى‬
‫إطارها المادى فقط ‪ ،‬وبرعوا فى ذلك براعة ملحوظة ‪،‬‬
‫ولكنهم ضلوا السبيل وتنكبوه حينما حبسوا أنفسهم فى إطار‬
‫المادة وحدها ‪ ،‬ولم يتمكنوا من إدراك ما فوقها ‪ ،‬وحرموا‬
‫أنفسهم من مجرد التفكير فيه ‪ ،‬فأصبحت الغالبية العظمى من‬
‫العلوم تكتب من مفهوم مادى صرف ‪ ،‬وانتقلت عدوى ذلك‬
‫إلى عالمنا المسلم أثناء مرحلة اللهث وراء اللحاق بالركب‬
‫التى نعيشها منذ بدايات القرن العشرين ‪ ،‬وما صاحب ذلك من‬
‫مركبات الشعور بالنقص ‪ ،‬أو نتيجة لدس العداء ‪ ،‬وانبهار‬
‫البلهاء بما حققته الحضارة المادية المعاصرة من انتصارات‬
‫فى مجال العلوم البحتة والتطبيقية ‪ ،‬وما وصلت إليه من‬
‫أسباب القوة المادية والغلبة العسكرية ‪ ،‬وما حملته معها حركة‬
‫الترجمة من غث وسمين ‪ ،‬فأصبحت العلوم تكتب اليوم فى‬
‫عالمنا المعاصر من نفس المنطلق ؛ لنها عادة ما تدرس‬
‫وتكتب وتنشر بلغات أجنبية على نفس النمط الذى أرست‬
‫قواعده الحضارة المادية المعاصرة ‪ .‬وحتى ما ينشر منها‬
‫باللغة العربية ‪ ،‬وبغيرها من اللغات المحلية فى مختلف دول‬
‫العالم السلمى المعاصر ‪ ،‬ل يكاد يخرج فى مجموعه عن كونه‬
‫ترجمة مباشرة أو غير مباشرة للفكر الغريب الوافد ‪ ،‬بكل ما‬
‫فيه من تعارض واضح أحيانا مع نصوص الدين ‪ ،‬وهنا تقتضى‬
‫المانة إثبات أن ذلك الموقف غريب على العلم وحقائقه ‪،‬‬
‫ومن هنا أيضا كان من واجب المسلمين إعادة التأصيل‬
‫السلمى للمعارف المكتسبة كلها ‪ ،‬أى إعادة كتابة العلوم‬
‫وغيرها من المعارف المكتسبة من منطلق إسلمى صحيح ‪،‬‬
‫خاصة وأن المعطيات الكلية للعلوم – بعد وصولها إلى قدر من‬
‫التكامل فى هذا العصر – أصبحت من أقوى الدلة على وجود‬
‫الله ‪ ،‬وعلى تفرده باللوهية والربوبية والوحدانية فوق جميع‬
‫خلقه ‪ ،‬ومن أنصع الشواهد على حقيقة الخلق ‪ ،‬وحتمية البعث‬
‫‪ ،‬وضرورة الحساب ‪ .‬وأن العلوم الكونية كانت ول تزال النافذة‬
‫الرئيسية التى تتصل منها الحضارة المعاصرة بالفطرة الربانية‬
‫‪ ،‬وأن المنهج العلمى ونجاحه فى الكشف عن عدد من حقائق‬
‫هذا الكون متوقف على اتساق تلك الفطرة واتصاف سننها‬
‫بالطراد والثبات ‪.‬‬

‫‪ -6‬كذلك فإن إن القول بأن المعطيات الكلية للعلوم التجريبية‬


‫– كما تصاغ فى الحضارة المادية المعاصرة – قد تتباين مع‬
‫الصول السلمية الثابتة ‪ ،‬قول على إطلقه غير صحيح ؛ لنه‬
‫إذا جاز ذلك فى بعض الستنتاجات الجزئية الخاطئة ‪ ،‬أو فى‬
‫بعض الوقات كما كان الحال فى مطلع القرن العشرين ‪.‬‬
‫والمعرفة بالكون جزئية متناثرة ‪ ،‬ساذجة بسيطة ‪ ،‬أو فى‬
‫الجزء المتوسط منه عندما أدت المبالغة فى التخصص إلى‬
‫حصر العلماء فى دوائر ضيقة للغاية حجبت عنهم الرؤية الكلية‬
‫لمعطيات العلوم ‪ ،‬فإنه ل يجوز اليوم وقد بلغت المعارف‬
‫بأشياء هذا الكون حدا لم تبلغه البشرية من قبل ‪ ،‬وأصبحت‬
‫الستنتاجات الكلية لتلك المعارف تؤكد ضرورة اليمان بالخالق‬
‫البارئ المصور الذى ليس كمثله شىء ‪ ،‬وضرورة التسليم‬
‫بالغيب وبالوحى وبالبعث وبالحساب ‪ ،‬فمن المعطيات الكلية‬
‫للعلوم الكونية المعاصرة ما يمكن إيجازه فيما يلى ‪:‬‬

‫* إن هذا الكون الذى نحيا فيه متناه فى أبعاده ‪ ،‬مذهل فى‬


‫دقة بنائه ‪ ،‬وإحكام ترابطه وانتظام حركاته ‪.‬‬

‫* إن هذا الكون مبنى على نفس النظام من أدق دقائقه إلى‬


‫أكبر وحداته ‪.‬‬
‫* إن هذا الكون دائم التساع إلى نهاية ل يستطيع العلم‬
‫المكتسب إدراكها ‪ ،‬وإن أمكنه قياس معدلت هذا التوسع ‪.‬‬

‫* إن هذا الكون – على قدمه – مستحدث مخلوق ‪ ،‬كانت له فى‬


‫الماضى السحيق بداية يحاول العلم التجريبى قياسها ‪ ،‬ووصل‬
‫فيها إلى دللت تكاد تكون ثابتة إذا استبعدنا الخطاء التجريبية‬
‫‪.‬‬

‫* إن هذا الكون عارض ‪ ،‬فلبد من أن ستكون له فى يوم من‬


‫اليام نهاية تشير إليها كل الظواهر الكونية من حولنا ‪ ،‬وإن‬
‫عجزنا عن تحديد وقتها الذى ل يعلمه إل الله تعالى ‪.‬‬

‫* إن هذا الكون المادى ل يمكن أن يكون قد أوجد نفسه‬


‫بنفسه ‪ ،‬ول يمكن لى من مكوناته المادية أن تكون قد أوجدته‬
‫‪.‬‬

‫* إن هذا الكون المتناهى البعاد ‪ ،‬الدائم التساع ‪ ،‬المحكم‬


‫البناء ‪ ،‬الدقيق الحركة والنظام ‪ ،‬والذى يدور كل ما فيه فى‬
‫مدارات محددة ويجرى بسرعات مذهلة متفاوتة وثابتة ‪ ،‬ل‬
‫يمكن أن يكون قد وجد بمحض المصادفة ‪.‬‬

‫* هذه المعطيات السابقة تفضى إلى حقيقة منطقية واحدة‬


‫مؤداها أنه إذا كان هذا الكون الحادث ل يمكن أن يكون قد‬
‫أوجد نفسه بنفسه أو أن يكون قد وجد بمحض المصادفة ‪،‬‬
‫فلبد له من موجد عظيم له من العلم والقدرة والحكمة وغير‬
‫ذلك من صفات الكمال والتنزيه ما ل يتوفر لشىء من خلقه ‪،‬‬
‫بل ل مهرب من العتراف بأن يكون لهذا الخالق العظيم من‬
‫الصفات ما يغاير صفات المخلوقات جميعا فل تحده حدود‬
‫المكان والزمان ‪ ،‬ول قوالب المادة والطاقة ولبد من أن تكون‬
‫مرجعية الكون كله إليه ‪ ،‬وبالتالى فلبد من أن يكون خارج‬
‫َ‬
‫ه اْلب ْ َ‬
‫صاُر‬ ‫رك ُ ُ‬
‫حدود الكون َ‪ ،‬وأن يرجع أمر الكون كله إليه ‪ " :‬لت ُدْ ِ‬
‫خِبيُر " )النعام‪ (103:‬ول‬ ‫ف ال ْ َ‬ ‫و الل ّ ِ‬
‫طي ُ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫ك اْلب ْ َ‬
‫صاَر َ‬ ‫ر ُ‬
‫و ي ُدْ ِ‬
‫ه َ‬
‫و ُ‬
‫َ‬
‫ينسحب عليه ما يحكم خلقه من سنن وقوانين‬

‫يءٌ " )الشورى‪ :‬الية‬ ‫ه َ‬


‫ش ْ‬ ‫؛ لنه ‪-‬سبحانه وتعالى‪ " : -‬ل َي ْ َ‬
‫س كَ ِ‬
‫مث ْل ِ ِ‬
‫‪. (11‬‬

‫* هذا الخالق العظيم الذى أوجد الكون بما فيه ومن فيه هو‬
‫وحده الذى يملك القدرة على إزالته وإفنائه ثم إعادة خلقه‬
‫وقتما شاء وكيفما شاء ‪ ،‬وفى ذلك يقول –سبحانه وتعالى‪: -‬‬
‫ل َ ْ‬ ‫ْ َ‬
‫ق‬
‫خل ٍ‬ ‫و َ‬
‫ما ب َدَأَنا أ ّ‬ ‫ل ل ِل ْك ُت ُ ِ‬
‫ب كَ َ‬ ‫ج ّ‬
‫س ِ‬
‫ي ال ّ‬ ‫ماءَ ك َطَ ّ‬
‫س َ‬ ‫وي ال ّ‬ ‫م ن َطْ ِ‬‫و َ‬
‫" يَ ْ‬
‫ن " )النبياء‪ ، (104:‬ويقول عز‬ ‫عِلي َ‬
‫فا ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫علي َْنا إ ِّنا كّنا َ‬ ‫ً‬
‫عدا َ‬ ‫و ْ‬
‫عيدُهُ َ‬ ‫نُ ِ‬
‫من قائل ‪:‬‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫ح ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫وا ِ‬ ‫وب ََرُزوا ل ِل ّ ِ‬
‫ت َ‬
‫وا ُ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫وال ّ‬
‫ض َ‬
‫غي َْر الْر ِ‬ ‫ل اْلْر ُ‬
‫ض َ‬ ‫م ت ُب َدّ ُ‬‫و َ‬
‫" يَ ْ‬
‫ر " )ابراهيم‪ ، (48:‬وقال جل شأنه ‪:‬‬ ‫ها ِ‬‫ق ّ‬‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫ءإ َ َ‬
‫ن " )النحل‪:‬‬ ‫في َ ُ‬
‫كو ُ‬ ‫ل لَ ُ‬
‫ه كُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ن نَ ُ‬
‫قو َ‬ ‫ذا أَردَْناهُ أ ْ‬‫ي ٍ ِ‬ ‫ول َُنا ل ِ َ‬
‫ش ْ‬ ‫ما َ‬
‫ق ْ‬ ‫" إ ِن ّ َ‬
‫‪. (40‬‬

‫* إن الوحدة فى هذا الكون تشير إلى وحدانية هذا الخالق‬


‫العظيم ‪ :‬وحدة بناء كل من الذرة ‪ ،‬والخلية الحية ‪ ،‬والمجموعة‬
‫الشمسية ‪ ،‬والمجرة ‪ ،‬وغيرها من تجمعات أجرام السماء ‪،‬‬
‫ووحدة تأصل العناصر كلها وردها إلى أبسطها وهو غاز‬
‫اليدروجين ‪ ،‬ووحدة تواصل كل صور الطاقة ‪ ،‬وتواصل المادة‬
‫والطاقة ‪ ،‬وتواصل كل من المكان والزمان ؛ هذا التواصل‬
‫وتلك الوحدة التى يميزها التنوع فى أزواج ‪ ،‬وتلك الزوجية‬
‫التى تنتظم كل صور المخلوقات من الجمادات والحياء ‪-‬من‬
‫اللبنات الولية للمادة إلى النسان‪ -‬تشهد بتفرد الخالق البارئ‬
‫المصور بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه ‪ ،‬واستعلء هذا‬
‫الخالق الواحد الحد الفرد الصمد فوق خلقه بمقام اللوهية‬
‫الذى ليشاركه فيه أحد ‪ ،‬ول ينازعه على سلطانه منازع ول‬
‫يشبهه من خلقه شىء ‪.‬‬

‫* إن العلوم التجريبية فى تعاملها مع المدرك المحسوس فقط‬


‫‪ ،‬قد استطاعت أن تتوصل إلى أن بالكون غيبا قد ل يستطيع‬
‫النسان أن يشق حجبه ‪ ،‬ولول ذلك الغيب مااستمرت تلك‬
‫العلوم فى التطور والنماء ؛ لن أكبر الكتشافات العلمية قد‬
‫تم نتيجة للبحث الدءوب عن هذا الغيب ‪.‬‬

‫* وتؤكد العلوم التجريبية أن بالحياء سرا ل نعرف كنهه ؛ لننا‬


‫نعلم مكونات الخلية الحية ‪ ،‬والتركيب المادى لجسد النسان ‪،‬‬
‫ومع ذلك لم يستطع هذا العلم أن يصنع لنا خلية حية واحدة ‪،‬‬
‫أو أن يوجد لنا إنسانا عن غير الطريق الفطرى ليجاده ‪ .‬وحتى‬
‫الستنساخ الذى هو عبث بالخلق ل يخرج عن ذلك فى شىء ‪.‬‬

‫* إن النظر فى أى من زوايا الكون ليؤكد حاجته – بمن فيه وما‬


‫فيه – إلى رعاية خالقه العظيم فى كل لحظة من لحظات‬
‫وجوده ‪.‬‬

‫* إن العلوم الكونية إذ تقدر أن الكون والنسان فى شكليهما‬


‫الحاليين ليسا أبديين ‪ ،‬فإنها – وعلى غير قصد منها – لتؤكد‬
‫حقيقة الخرة ‪ ،‬بل حتميتها ‪ .‬والموت يتراءى فى مختلف‬
‫جنبات الكون فى كل لحظة من لحظات وجوده شامل النسان‬
‫والحيوان والنبات والجماد وأجرام السماء على تباين هيئاتها ‪،‬‬
‫وتكفى فى ذلك الشارة إلى ما أثبتته الدراسة من أن الشمس‬
‫تفقد من كتلتها بالشعاع على هيئة طاقة ما يقدر بحوالى ‪4.6‬‬
‫مليون طن من المادة فى كل ثانية ‪ ،‬وأنها إذ تستمر فى ذلك‬
‫فلبد من أن يأتى الوقت الذى تخبو فيه جذوتها ‪ ،‬وينطفئ‬
‫أوارها ‪ ،‬وتنتهى الحياة على الرض قبل ذلك ؛ لعتماد الرض‬
‫فى ممارسة أنشطتها الحيوية على القدر المقنن الذى يصلها‬
‫من أشعة الشمس ‪ ،‬وأن الطاقة تنتقل من الجسام الحارة‬
‫إلى الجسام القل حرارة بطريقة مستمرة فى محاولة‬
‫لتساوى درجات حرارة الجرام المختلفة فى الكون ‪ ،‬ولبد أن‬
‫تنتهى بذلك أو قبله كل صور الحياة المعروفة لنا ‪ .‬وليس‬
‫معنى ذلك أنه يمكن معرفة متى تكون نهاية هذا الوجود ؛ لن‬
‫الخرة قرار إلهى ل يرتبط بسنن الدنيا ‪ ،‬وإن أبقى الله تعالى‬
‫لنا فى الدنيا من الظواهر والسنن ما يؤكد إمكانية وقوع‬
‫ن""‬ ‫كو ُ‬ ‫في َ ُ‬
‫ن َ‬‫الخرة ‪ ،‬بل حتميتها انصياعا للمر اللهى بـ " ك ُ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ن‬ ‫ل لَ ُ‬
‫ه كُ ْ‬ ‫قو ُ‬‫ما ي َ ُ‬ ‫مرا ً َ‬
‫فإ ِن ّ َ‬ ‫ضى أ ْ‬ ‫ذا َ‬
‫ق َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫ض َ‬‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬
‫وا ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫ع ال ّ‬
‫دي ُ‬ ‫بَ ِ‬
‫ن " )البقرة‪. (117:‬‬ ‫كو ُ‬‫في َ ُ‬‫َ‬

‫والقرآن الكريم يؤكد لنا فيه ربنا –تبارك وتعالى‪ -‬فجائية وقوع‬
‫الخرة بقوله العزيز مخاطبا خاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمدا‬
‫ن‬ ‫ع َ‬ ‫سَألون َ َ‬
‫ة أّيا َ‬ ‫سا َ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫ك َ‬ ‫–صلى الله عليه وسلم‪ -‬فيقول ‪ " :‬ي َ ْ‬
‫قل َ ْ‬
‫ت‬ ‫و ثَ ُ‬‫ه َ‬ ‫ها إ ِّل ُ‬ ‫قت ِ َ‬ ‫و ْ‬ ‫جّلي َ‬
‫ها ل ِ َ‬ ‫عن ْدَ َرّبي ل ي ُ َ‬ ‫ها ِ‬ ‫م َ‬‫عل ْ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬‫ق ْ‬ ‫ها ُ‬ ‫سا َ‬
‫مْر َ‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ف ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫سألون َك كأن ّك َ‬ ‫ة يَ ْ‬‫غت َ ً‬ ‫م إ ِل ب َ ْ‬
‫َ‬
‫ض ل ت َأِتيك ْ‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ِ‬
‫ن"‬ ‫مو َ‬ ‫عل ُ‬‫َ‬ ‫س ل يَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ن أكثَر الّنا ِ‬ ‫ولك ِ ّ‬ ‫ه َ‬
‫عن ْدَ الل ِ‬‫ها ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ها قل إ ِن ّ َ‬ ‫عن ْ َ‬
‫َ‬
‫)العراف‪. (187:‬‬

‫وتكفى فى ذلك الشارة إلى أن النسان الذى يحوى جسده‬


‫فى المتوسط ألف مليون مليون خلية يفقد منها فى كل ثانية‬
‫ما يقدر بحوالى ‪ 125‬مليون خليه ‪ ،‬تموت ويتخلق غيرها بحيث‬
‫تتبدل جميع خليا جسد الفرد من بنى البشر مرة كل عشر‬
‫سنوات تقريبا ‪ ،‬فيما عدا الخليا العصبية التى إذا ماتت ل‬
‫تتجدد ‪.‬‬

‫وتكفى فى ذلك أيضا الشارة إلى أن انتقال اللكترون من‬


‫مدار إلى آخر حول نواة الذرة يتم بسرعة مذهلة دفعت بعدد‬
‫من العلماء المعاصرين إلى العتقاد بأنه فناء فى مدار وخلق‬
‫جديد فى مدار آخر ‪.‬‬
‫كما تكفى الشارة إلى ظاهرة اتساع الكون عن طريق تباعد‬
‫المجرات عن بعضها البعض بسرعات مذهلة تقترب من ثلثة‬
‫أرباع سرعة الضوء المقدر بحوالى ثلثمائة ألف كيلومتر فى‬
‫الثانية ‪ ،‬وتخلق المادة فى المسافات الجديدة الناتجة عن هذا‬
‫التباعد المستمر إلى نهاية ل يعلمها إل الله تعالى ‪ ،‬وبطريقة‬
‫ل يعلمها إل الله تعالى ‪ .‬وتباطؤ هذا التباعد مع الزمن يشير‬
‫إلى حتمية تغلب الجاذبية على عملية الدفع إلى الخارج ؛ مما‬
‫يؤدى إلى إعادة جمع مادة الكون ومختلف صور الطاقة فيه‬
‫وكل المكان والزمان فى جرم واحد ذى كثافة بالغة يشبه‬
‫الجرم الول الذى بدأ منه خلق الكون وهذا سوف يؤدى إلى‬
‫انفجاره على هيئة شبيهة بالنفجار الول الذى تم به خلق‬
‫الكون فيتحول هذا الجرم المعزلة إلى غللة من دخان كما‬
‫تحول الجرم الول ‪ ،‬وتتخلق من هذا الدخان أرض غير الرض‬
‫وسماوات غير السماوات كما وعد ربنا –تبارك وتعالى‪ -‬بقوله ‪:‬‬
‫ل َ ْ‬ ‫ْ َ‬
‫ق‬
‫خل ٍ‬ ‫و َ‬
‫ما ب َدَأَنا أ ّ‬ ‫ل ل ِل ْك ُت ُ ِ‬
‫ب كَ َ‬ ‫ج ّ‬
‫س ِ‬‫ي ال ّ‬‫ماءَ ك َطَ ّ‬‫س َ‬ ‫وي ال ّ‬ ‫م ن َطْ ِ‬
‫و َ‬
‫" يَ ْ‬
‫ن ")النبياء‪ ، (105:‬وقوله –‬ ‫عِلي َ‬
‫فا ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫علي َْنا إ ِّنا كّنا َ‬ ‫ً‬
‫عدا َ‬ ‫و ْ‬
‫عيدُهُ َ‬ ‫نُ ِ‬
‫سبحانه‪: -‬‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫ح ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫وا ِ‬ ‫وب ََرُزوا ل ِل ّ ِ‬
‫ت َ‬
‫وا ُ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫وال ّ‬
‫ض َ‬
‫غي َْر الْر ِ‬ ‫ل اْلْر ُ‬
‫ض َ‬ ‫م ت ُب َدّ ُ‬‫و َ‬‫" يَ ْ‬
‫ر"‬ ‫ها ِ‬‫ق ّ‬‫ال ْ َ‬

‫)ابراهيم‪. (48:‬‬

‫وتكفى فى ذلك أيضا الشارة إلى فناء مختلف صور المادة‬


‫والطاقة فى داخل الثقوب السود إلى نهاية ل يعلمها إل الله‬
‫تعالى ‪ .‬أن نشير إلى حقيقة أن الذرات فى جميع الحماض‬
‫المينية والجزيئات الروتينية تترتب ترتيبا يساريا فى أجساد‬
‫كافة الكائنات الحية على اختلف مراتبها ‪ ،‬فإذا ما مات الكائن‬
‫الحى أعادت تلك الذرات ترتيب نفسها ترتيبا يمينيا بمعدلت‬
‫ثابتة محددة يمكن بواسطتها تحديد لحظة وفاة الكائن الحى‬
‫إذا بقيت من جسده بقية بعد مماته ‪ ،‬ويتعجب العلماء من‬
‫القدرة التى مكنت الذرات من تلك الحركات المنضبطة بعد‬
‫وفاة صاحبها وتحلل جسده !!‬

‫فهل يمكن لعاقل بعد ذلك أن يتصور أن العلوم الكونية‬


‫ومعطياتها – فى أزهى عصور ازدهارها – تتصادم مع قضية‬
‫اليمان بالله ؟ وهذه هى معطياتها الكلية ‪ ،‬وهى فى جملتها‬
‫تكاد تتطابق مع تعاليم السماء ‪ ،‬وفى ذلك كتب المفكر‬
‫السلمى الكبير الستاذ‪ /‬محمد فريد وجدى – يرحمه الله – فى‬
‫خاتمة كتابة المعنون "المستقبل للسلم" ما نصه ‪" :‬إن كل‬
‫خطوة يخطوها البشر فى سبيل الرقى العلمى ‪ ،‬هى تقرب‬
‫إلى ديننا الفطرى ‪ ،‬حتى ينتهى المر إلى القرار الجماعى‬
‫بأنه الدين الحق" ‪ .‬ثم يضيف ‪" :‬نعم إن العالم بفضل تحرره‬
‫من الوراثات والتقاليد وإمعانه فى النقد والتمحيص ‪ ،‬يتمشى‬
‫على غير قصد منه نحو السلم ‪ ،‬بخطوات متزنة ثابتة ‪ ،‬ل‬
‫توجد قوة فى الرض ترده عنه إل إذا انحل عصام المدنية ‪،‬‬
‫وارتكست الجماعات النسانية عن وجهتها العلمية" ‪.‬‬

‫وقد بدأت بوادر هذا التحول الفكرى تظهر جلية اليوم فى‬
‫مختلف جنبات الرض ‪ ،‬بإقبال أعداد كبيرة من العلماء‬
‫والمتخصصين وكبار المثقفين والمفكرين على السلم ‪،‬‬
‫إقبال لم تعرف له النسانية مثيل من قبل ‪ ،‬وأعداد هؤلء‬
‫العلماء الذين توصلوا إلى اليمان بالله عن طريق النظر‬
‫المباشر فى الكون ‪ ،‬واستدلوا على صدق خاتم أنبيائه ورسله‬
‫–صلى الله عليه وسلم‪ -‬بالوقوف على عدد من الشارات‬
‫العلمية البارقة الصادقة فى كتاب الله تعالى ‪ ،‬أو فى سنة‬
‫رسوله –صلى الله عليه وسلم‪ -‬هم فى تزايد مستمر ‪ ،‬وهذا‬
‫واحد منهم هو "موريس بوكاى" الطبيب والباحث الفرنسى‬
‫يسجل فى كتابه "النجيل والقرآن والعلم" ما نصه ‪" :‬لقد‬
‫أثارت هذه الجوانب العلمية التى يختص بها القرآن دهشتى‬
‫العميقة فى البداية ‪ ،‬فلم أكن أعتقد قط بإمكان اكتشاف عدد‬
‫كبير – إلى هذا الحد – من الدعاوى الخاصة بموضوعات شديدة‬
‫التنوع ومطابقة تماما للمعارف العلمية الحديثة ‪ ،‬وذلك فى‬
‫نص دون منذ أكثر من ثلثة عشر قرنا" ‪.‬‬

‫)‪ – (7‬إن فهم الشارات الكونية فى كتاب الله ‪ ،‬على ضوء ما‬
‫تجمع للبشرية اليوم من معارف ‪ ،‬وتقديمها للعالم كواحد من‬
‫الدلة العديدة على أن القرآن الكريم هو كلم الله تعالى الذى‬
‫أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله –صلى الله عليه وسلم‪، -‬‬
‫والذى ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه ‪ ،‬والذى حفظ‬
‫بحفظ الله ‪ ،‬بنفس اللغة التى أوحى بها ‪-‬اللغة العربية‪، -‬‬
‫بدقائق حروفه وكلماته وآياته وسوره ‪ ،‬يعتبر فتحا جديدا‬
‫للسلم ‪ ،‬وإنقاذا للبشرية من الهاوية التى تتردى فيها اليوم‬
‫بسبب تقدمها العلمى والتقنى المذهل ‪ ،‬وتضاؤل روح اليمان‬
‫بالله ‪ ،‬وانعدام الخشية من عذابه فى نفوس العدد الكبر من‬
‫الناس ‪ ،‬خاصة فى أكثر المجتمعات البشرية المعاصرة أخذا‬
‫بأسباب التقدم العلمى والتقنى ‪ ،‬فأغلب المجتمعات البشرية‬
‫فى الدول غير المسلمة تعانى اليوم من انفراط عقد السرة ‪،‬‬
‫والتقنين للممارسات الجنسية بدون أدنى رباط فكثر حمل‬
‫المراهقات وكثرأبناء الزنا وعمت السر ذات العائل الواحد ‪،‬‬
‫وتفشت المراض والوباء والعلل مما لم يكن معروفا من قبل‬
‫‪ ،‬وقننت الحكومات فى الكثير من دول العالم اليوم التشريعات‬
‫للعلقات الشاذة ‪ ،‬وصرحت بتبنى الطفال وتنشئتهم فى‬
‫وسط الشواذ – وهى عملية مدمرة للفطرة النسانية – فكثرت‬
‫الزمات النفسية وأمراضها وتضاعفت معدلت كل من الدمان‬
‫والجريمة والنتحار وملئت أكثر المجتمعات البشرية ثراء‬
‫وتطورا ماديا بأخطر مشاكل المجتمعات النسانية تعقيدا على‬
‫الطلق ‪!!! ..‬‬

‫ومن هؤلء الذين ل يعرفون لهم أبا ‪ ،‬والذين خرجوا إلى الحياة‬
‫بطرق غير مشروعة ‪ ،‬ونشأوا فى بيئات فاسدة ‪ ،‬وبين‬
‫سلوكيات منحطة وضيعة من يمكن أن يصل إلى مقام السلطة‬
‫فى دول تملك من تقنيات ووسائل الغلبة المادية ‪ ،‬ومن‬
‫مختلف أسلحة الدمار الشامل ما يمكن أن يعينه على البطش‬
‫بالخلق ‪ ،‬وإفشاء الظلم ‪ ،‬وتدمير الحياة على الرض ‪ ،‬وإفساد‬
‫بيئاتها والقضاء على مختلف صور الحياة فيها ‪ !!! ..‬ول يجد‬
‫من دين أو خلق أو منطق أى رادع يمكن أن يرده عن ذلك‬
‫تماما كما يفعل كل من المجرم "شارون" و"جورج بوش‬
‫البن" وذنبه العوج "تونى بلير" وعصاباتهم اللعينة التى ملت‬
‫الرض ظلما وجورا وفسادا ودمارا وإهدارا لكرامة النسان‬
‫وتدميرا للقيم والخلق والمبادئ ‪ ،‬وللقوانين والعراف‪،‬‬
‫ولحقوق النسان ‪ ،‬وللشرعية الدولية فى كل صورها ‪!!! ..‬‬

‫وأغلب وسائل العلم قد وقعت اليوم فى أيدى غلة اليهود‬


‫المتعصبين لسطورة "شعب الله المختار" ‪ ،‬فى مؤامرة‬
‫خسيسة على النسانية – وهم بهذا أشد الناس عداوة للذين‬
‫آمنوا بصفة خاصة وللنسان غير اليهودى بصفة عامة –‬
‫فوظفوا كافة تلك الوسائل العلمية فى تدمير البقية الباقية‬
‫من عقائد وأخلقيات وسلوكيات المجتمعات النسانية ‪ ،‬وفى‬
‫تشويه صورة السلم فى أذهان الناس ؛ وذلك لنه مما‬
‫يسوؤهم أن يروا السلم ينتشر فى مجتمعاتهم فى الوقت‬
‫الذى يتصورون فيه أنهم قد أحاطوا بالسلم والمسلمين‬
‫إحاطة كاملة ‪ .‬وعلى الرغم من كل ذلك فإنه يقبل على‬
‫السلم اليوم فى الغرب والشرق قمم الفكر والعلم والرأى ؛‬
‫لنهم يرون فيه المخرج الوحيد من الوحل النتن الذى غاصت‬
‫فيه مجتمعاتهم ‪.‬‬

‫ووسيلتنا فى تحسين صورة السلم فى العالم هى حسن‬


‫الدعوة إليه بالكلمة الطيبة ‪ ،‬والحجة الواضحة ‪ ،‬والمنطق‬
‫السوى ‪ .‬وخير ما نقدمه فى ذلك المضمار مما يتناسب مع‬
‫طبيعة العصر ولغته هو "العجاز العلمى للقرآن الكريم‬
‫وللسنة النبوية المطهرة "؛ لننا نعيش فى زمن أدار فيه‬
‫غالبية الناس ظهورهم للدين ‪ ،‬ولم تعد قضايا الغيب المطلق‬
‫من حساب فى القبر‪ ،‬وبعث بعد الموت‪ ،‬وعرض أكبر أمام الله‬
‫الخالق ‪،‬وخلود فى حياة قادمة ‪ :‬إما فى الجنة أبدا ‪ ،‬أو فى‬
‫النار أبدا ‪،‬وغيرها من قضايا الدين لم تعد تحرك فيهم ساكنا ‪،‬‬
‫ولكنهم فى نفس الوقت قد فتنوا بالعلم ومعطياته فتنة كبيرة‬
‫‪ .‬فإذا أشرنا إلى سبق للقرآن الكريم بالشارة إلى عدد من‬
‫حقائق الكون قبل أن يصل النسان إلى شىء منها بالمئات‬
‫العديدة من السنين –وهو الكتاب الذى أنزل على نبى أمى –‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ، -‬فى أمة كان غالبيتها الساحقة من‬
‫الميين‪ -‬فإن ذلك سوف يحرك عقولهم وقلوبهم ‪ ،‬وسوف‬
‫يحضهم على قراءة كتاب الله الذى ما اطلع عليه عاقل ‪ ،‬حتى‬
‫فى ترجمة لمعانيه إل وشهد له أنه ل يمكن أن يكون كلم أحد‬
‫غير الله الخالق –سبحانه وتعالى‪ -‬وفى ذلك تقليل من حجم‬
‫الكراهية الشديدة التى غرستها وسائل العلم الصهيونية‬
‫الصليبيةفى قلوب المليين من الفراد للسلم والمسلمين ‪،‬‬
‫ودعوة مستنيرة إلى دين الله ‪ ،‬وما أحوجنا للدعوة لهذا الدين‬
‫الخاتم فى زمن التحدى بالعولمة الذى نعيشه ‪ ،‬والذى يتهدد‬
‫كافة شعوب الرض بالذوبان فى بوتقة الحضارة المادية‬
‫الجارفة ‪ !! ..‬وفى زمن الستعلء النجلوأمريكى السرائيلى‬
‫اللعين الذى يتهدد منطقتنا بأكملها بالدمار فى ظل تفكك‬
‫القيادات العربية والمسلمة وتشرذمهم وتخاذلهم وانصياعهم‬
‫للوامر المعادية لشعوبهم ولدينهم ولخلقهم وقيمهم‪،‬‬
‫وفقدهم الثقة بالله ‪،‬وخوفهم المزعوم من الشبح المريكى‬
‫اللعين الذى ل يصمد أبدا أمام قدرة رب العالمين ‪ .‬وإسلمنا‬
‫العظيم يعلمنا أنه من معانى " ل إله إل الله " أنه ل سلطان‬
‫فى هذا الوجود لغير الله ‪ ،‬وأننا لو رجعنا إلى ربنا بصدق‬
‫وتمسكنا بإسلمنا فى تجرد وإخلص لنصرنا الله تعالى كما‬
‫نصر أسلفنا العظام من قبل ‪ .‬ومن أهم وسائلنا فى ذلك‬
‫حسن الدعوة إلى دين الله باللغة التى يفهمها أهل عصرنا‬
‫وهى لغة العلم ‪ .‬ول يمكن أن يصدنا عن ذلك دعوى أن عددا‬
‫من المفسرين السابقين الذين تعرضوا لتفسير بعض اليات‬
‫الكونية فى كتاب الله قد تكلفوا فى تحميل تلك اليات من‬
‫المعانى ما ل تحتمله ؛ وذلك بسبب نقص فى وفرة المعلومات‬
‫العلمية أو جهل بها ‪ ،‬وكما سبق وأن أوضحنا فإن التفسير‬
‫ليات القرآن الكريم هو محاولة بشرية لحسن فهم دللة تلك‬
‫اليات إن أصاب فيها المرء فله أجران ‪ ،‬وإن أخطأ فله أجر‬
‫واحد ‪ ،‬والمعول عليه فى ذلك هو النية ‪ ،‬وأن الخطأ فى‬
‫التفسير ل ينال من جلل القرآن الكريم ‪ ،‬ولكنه ينعكس على‬
‫المفسر ؛ خاصة وأن الذين فسروا باللغة أصابوا وأخطأوا‬
‫والذين فسروا بالتاريخ أصابوا وأخطأوا – ولم ينل ذلك من‬
‫قدسية القرآن الكريم ومكانته فى قلوب وعقول المؤمنين‬
‫شيئا ‪ ،‬أما اليوم وقد توافر للنسان من المعرفة بحقائق‬
‫الكون وسننه ما لم يتوفر لجيل من البشر من قبل ‪ ،‬فإن‬
‫توظيف ذلك الكم الهائل من المعلومات الصحيحة من أجل‬
‫حسن فهم دللة الية القرآنية ‪ ،‬وإثبات سبقها التاريخى لكافة‬
‫البشر يعتبر ضرورة إسلمية لتثبيت إيمان المؤمنين ‪ ،‬ولدعوة‬
‫الضالين من الكفار والمشركين والذين سوف يسألنا ربنا‪-‬‬
‫سبحانه وتعالى‪ -‬عن تبليغهم بهذا الدين ‪ ،‬ودعوتهم إليه‬
‫بالحكمة والموعظة الحسنة ‪.‬‬

‫والخطاء التى وقع فيها عدد من المفسرين الذين تعرضوا‬


‫لليات الكونية فى كتاب الله ‪ ،‬فتكلفوا فى تحميل اليات من‬
‫المعانى ما ل تحتمله فى تعسف واضح وتكلف جلى ‪ ،‬يحملونه‬
‫هم ول تحتمله آيات الكتاب المبين ؛ لن التفسير يبقى جهدا‬
‫بشريا منسوبا لصاحبه بكل ما للبشر من نقص وبعد عن‬
‫الكمال ‪ ،‬وإن كان عدد منهم قد جاوز الصواب ‪ ،‬فإن أعدادا‬
‫أوفر قد وفقت فى ذلك أيما توفيق ‪ .‬ولم تكن أخطاء بعض‬
‫المفسرين محصورة فى شرح دللة بعض الشارات الكونية‬
‫فقط ‪ ،‬فهنالك عدد من كتب التفسير التي استشهدت‬
‫بالسرائيليات الموضوعة ‪ ،‬أو امتلت بالعصبيات المذهبية‬
‫الضيقة ‪ ،‬وغير ذلك مما ل يقبله العقل القويم ‪ ،‬والصحيح‬
‫المنقول عن رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬وعن أصحابه‬
‫المكرمين والتابعين ‪ ،‬ول يرتضيه المنطق اللغوى السليم ؛‬
‫فالمعتزلة على سبيل المثال – ل الحصر – قد حاولوا فى‬
‫تفاسيرهم إخضاع اليات لمبادئهم فى العدل والتوحيد وحرية‬
‫الرادة والوعد والوعيد وإنكار الرؤية وغيرها ‪ ،‬وتعسفوا فى‬
‫ذلك أيما تعسف ‪ .‬والشيعة – على اختلف فرقهم – قد دفعتهم‬
‫المغالة فى حب آل البيت إلى التطرف فى تأويل بعض اليات‬
‫القرآنية تأويل ل يحتمله ظاهر اليات ‪ ،‬ول السياق القرآنى ول‬
‫القرائن المنطقية المختلفة ‪ .‬وكذلك المتصوفة والشاريون –‬
‫فهم على الرغم من تسليمهم بالمأثور من التفسير ‪،‬‬
‫وقبولهم للمعنى الذى يدل عليه اللفظ العربى السليم –‬
‫يسمحون لنفسهم باستنباط معان لليات تخطر فى أذهانهم‬
‫عند التلوة وإن لم تدل عليها اليات القرآنية الكريمة بطريق‬
‫من طرق الدللت المعروفة فى الستعمال العربى للغة‬
‫وطرائق التعبير فيها ‪.‬‬

‫أما المنحرفون من أتباع الفرق الباطنية وإفرازاتها القديمة‬


‫والحديثة فتمتلئ تفاسيرهم بالنحرافات التى تنطق بالتعسف‬
‫والفتعال ‪ ،‬ومحاولت تطويع القرآن الكريم لمبادئهم المضللة‬
‫فى تكلف ملحوظ ‪.‬‬

‫فهل معنى ذلك أن يتوقف علم التفسير عند حدود جهود‬


‫السابقين من المفسرين – على فضلهم وفضل ما قدموه‬
‫لخدمة فهم القرآن الكريم فى حدود المعرفة المتاحة فى‬
‫أزمنتهم ؟ – بالقطع ل ؛ لن القرآن الكريم أنزل للناس‬
‫ليتدبروا آياته‪ ،‬ويفهموا دللته‪ ،‬ويعيشوا معانيه‪ ،‬ويتخذوه‬
‫دستورا كامل ونظاما شامل لحياتهم ‪ ،‬وهذا ل يتأتى بالوقوف‬
‫به عند جهود السابقين ‪ .‬علما بأن كتب التفسير تحوى تراثا‬
‫دينيا ‪ ،‬وفكريا وتاريخيا لهذه المة ل يمكن التضحية به ‪ ،‬حتى‬
‫ولو كانت به بعض الخطاء أو التجاوزات ‪ ،‬إل إذا كان القصد‬
‫الواضح هو التحريف ‪ ،‬وهو أمر ل يصعب على عاقل إدراكه ‪.‬‬

‫من كل ما سبق يتضح لنا أن حجج المضيقين فى رفض تفسير‬


‫الشارات الكونية فى كتاب الله على ضوء ما تجمع اليوم لدى‬
‫النسان من معارف بالكون وعلومه هى كلها حجج مردودة ‪،‬‬
‫فالكون صنعة الله‪ ،‬والقرآن الكريم هو كلم خالق الكون‬
‫وواضع نواميسه ‪ ،‬ول يمكن أن يتعارض كلم الله الخالق مع‬
‫الحقائق التى أودعها فى خلقه إذا اتبع الناظر فى كليهما‬
‫المنهج السليم ‪ ،‬والمسلك الموضوعى المين ؛ فمن صفات‬
‫اليات الكونية فى كتاب الله أنها صيغت صياغة معجزة يفهم‬
‫منها أهل كل عصر معنى من المعانى فى كل آية من تلك‬
‫اليات الدالة على شىء من أشياء الكون أو ظواهره أو نشأته‬
‫أو إفنائه وإعادة خلقه ‪ ،‬وتظل تلك المعانى تتسع باتساع دائرة‬
‫المعرفة النسانية فى تكامل ل يعرف التضاد ‪ ،‬وهذا –عندى‪-‬‬
‫من أعظم جوانب العجاز فى كتاب الله ‪ .‬ومن هنا كانت‬
‫ضرورة استمرارية النظر فى تفسير تلك اليات الكونية ‪،‬‬
‫وضرورة مراجعة تراجمها إلى اللغات الخرى بطريقة دورية ‪،‬‬
‫أما آيات العقيدة والعبادة والخلق والمعاملت فقد صيغت‬
‫صياغة محكمة يفهم دللتها كل مستمع إليها مهما قلت ثقافته‬
‫أو زادت ؛ لن تلك اليات تمثل ركائز الدين الذى هو صلب‬
‫رسالة القرآن الكريم ‪.‬‬

‫أما اليات المتعلقة بذات الله وصفاته ‪،‬وبالروح وأسرارها‪،‬‬


‫وبالملئكة والجن‪ ،‬وبحياة البرزخ وحساب القبر‪ ،‬وبالبعث‬
‫‪،‬والحساب‪ ،‬والجنة‪ ،‬والنار‪ ،‬وبالخرة ومافيها من الغيوب وغير‬
‫ذلك من المور الغيبية غيبة مطلقة فل يملك المسلم حيالها‬
‫إل اليمان بما جاء عنها فى كتاب الله تعالى وفى سنة رسوله‬
‫–صلى الله عليه وسلم‪ ، -‬والتسليم فى فهمها لنص القرآن‬
‫الكريم أو للمأثور من تفسير المصطفى–صلى الله عليه‬
‫وسلم‪-‬؛ لن النسان ل يمكن له أن يصل إلى عالم الغيب‬
‫المطلق إل ببيان من الله الخالق أو بخبرمن خاتم أنبيائه‬
‫ورسله –صلى الله عليه وسلم‪ ، -‬وذلك لن قدرات عقل‬
‫النسان المحدودة ‪ ،‬وحواسه المحدودة ل يمكن لهما اجتياز‬
‫حدود عوالم الغيوب المطلقة مهما أوتى النسان من أسباب‬
‫الذكاء والفطنة ؛ ومن هنا كان امتداح القرآن الكريم للذين‬
‫يؤمنون بالغيب ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬موقف الموسعين فى التفسير العلمى للقرآن الكريم‬


‫يرى أصحاب هذا الموقف أن الشارات الكونية فى القرآن‬
‫الكريم قد قصدت لذاتها أى لدللتها العلمية المحددة ‪ ،‬مع‬
‫التسليم بوجوب استخلص الحكمة والعبرة منها والوصول إلى‬
‫الهداية عن طريقها ؛ وانطلقا من ذلك فقد قام أصحاب هذا‬
‫الموقف بتبويب آيات الكونيات فى كتاب الله وتصنيفها حسب‬
‫مختلف التصانيف المعروفة فى مختلف مجالت العلوم البحتة‬
‫والتطبيقية ‪ ،‬ثم اندفعوا فى حماسهم لهذا التجاه إلى‬
‫المناداة بأن القرآن الكريم يشمل جميع العلوم والمعارف ‪.‬‬
‫ولبد لحسن فهم تلك الشارات الكونية فى كتاب الله من‬
‫تفسيرها على ضوء اصطلحات تلك العلوم ‪ ،‬ثم زاد البعض‬
‫بمحاولة إثبات أن جميع حقائق العلوم البحتة والتطبيقية التى‬
‫استخلصها النسان بالنظر فى جنبات الكون هى موجودة فى‬
‫في‬ ‫فّرطَْنا ِ‬
‫ما َ‬
‫القرآن الكريم استنادا إلى قوله تعالى ‪َ " :‬‬
‫ء ")النعام‪ . (38 :‬وقوله عز من قائل ‪" :‬‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬‫ال ْك َِتا ِ‬
‫ء ")النحل‪. (89:‬‬ ‫ي ٍ‬ ‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫ب ت ِب َْيانا ً ل ِك ُ ّ‬
‫ك ال ْك َِتا َ‬‫عل َي ْ َ‬‫ون َّزل َْنا َ‬
‫َ‬

‫وهذا فى رأينا موقف مبالغ فيه ‪ ،‬فالسياق القرآنى فى‬


‫اليتين السابقتين ل يتمشى مع ما وصلوا إليه من استنتاج ؛‬
‫لن هاتين اليتين الكريمتين تشيران إلى رسالة القرآن الكريم‬
‫الساسية ‪ ،‬وهى الدين بركائزه الربع الساسية ‪-‬العقيدة‬
‫والعبادة والخلق والمعاملت ‪ ،-‬وهى القضايا التى ل يمكن‬
‫للنسان أن يضع لنفسه بنفسه فيها أية ضوابط صحيحة ‪.‬‬
‫وهى التى استوفاها القرآن استيفاء ل يقبل إضافة ‪ ،‬أما‬
‫قصص المم السابقة والنبوءات المستقبلية والشارات‬
‫الكونية والقضايا التربوية والنفسية والدارية والقتصادية‬
‫وغيرها مما جاء به القرآن الكريم ؛ وبخاصة الشارات إلى‬
‫الكون ومكوناته فقد جاء بنماذج منها فقط تشهد لله الخالق‬
‫بطلقة القدرة على الخلق ولبقدرة على إفنائه وإعادته من‬
‫جديد ‪ ،‬كما تشهد على وحدانية الله المطلقة فوق جميع‬
‫خلقه ‪ .‬وربما كان هذا الموقف الموسع من السباب الرئيسية‬
‫التى أدت إلى تحفظ المتحفظين من الخوض فى تفسير‬
‫اليات الكونية الواردة فى كتاب الله على أساس من معطيات‬
‫العلوم البحتة والتطبيقية ‪ ،‬أو التعرض لظهار جوانب العجاز‬
‫العلمى فيها ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬موقف المعتدلين فى التفسير العلمى للقرآن الكريم‬

‫يرى أصحاب هذا الموقف أنه مع التسليم بأن القرآن الكريم‬


‫هو فى الصل كتاب هداية ربانية ‪ ،‬أساسها الدعوة إلى‬
‫العقيدة الصحيحة ‪ ،‬والمر بالعبادات المفروضة ‪ ،‬والحث على‬
‫اللتزام بمكارم الخلق ‪ ،‬وعلى التعامل بين الناس بالعدل‬
‫والحسان ؛ أى أنه دستور كامل للحياة فى طاعة خالق الكون‬
‫والحياة ‪ .‬ومع التسليم كذلك بأن الشارات الكونية الواردة فى‬
‫كتاب الله قد جاءت فى معرض التذكير بقدرته المطلقة وبديع‬
‫صنعه فى خلقه وشمول علمه ‪ ،‬وكمال صفاته وأفعاله ؛ إل‬
‫أنها تبقى بيانا من الله خالق الكون ومبدع الوجود ‪ .‬ومن أعلم‬
‫بالكون من خالقه ؟‬

‫من هنا كانت تلك الشارات الكونية كلها حقا ‪ ،‬وكانت كلها‬
‫منسجمة مع قوانين الله وسننه فى الكون ‪ ،‬وثابتة فى دللتها‬
‫– مهما اتسعت دائرة المعرفة النسانية – فل تعارض ول‬
‫تناقض ول اضطراب ‪ ،‬وصدق الله العظيم القائل ‪:‬‬

‫خِتلفا ً ك َِثيرا ً "‬


‫ها ْ‬
‫في ِ‬
‫دوا ِ‬
‫ج ُ‬ ‫ه لَ َ‬
‫و َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫د َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫عن ْ ِ‬
‫ن ِ‬‫م ْ‬
‫ن ِ‬
‫كا َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫و َ‬ ‫" َ‬
‫)النساء‪. (82 :‬‬

‫من هنا أيضا كان واجب علماء المسلمين فى كل عصر من‬


‫العصور إعادة مدارسة تلك اليات الكونية ‪ ،‬والستفادة بكل‬
‫أنواع المعارف المتاحة فى تفسيرها ‪ ،‬وإظهار جوانب العجاز‬
‫فيها ‪ ،‬تأكيدا ليمان المؤمنين ودعوة ناجحة لغير المسلمين‬
‫باللغة التى يفهمونها ؛ دحضا لفتراءات المفترين ‪ ،‬وتثبيتا‬
‫للحقيقة الراسخة ‪ :‬أن القرآن الكريم هو كلم الله فى صفائه‬
‫الربانى ‪,‬وإشراقاته النورانية ‪,‬والحق الى جاء به فى كل حرف‬
‫وكلمة وآية ‪.‬‬

‫ومن هنا كذلك كان التسليم بأن تلك الشارات الكونية لم ترد‬
‫فى القرآن الكريم بهدف التبليغ بالحقيقة العلمية ؛ لن‬
‫الحكمة اللهية قد اقتضت ترك كل معرفة ‪-‬غير أصول الدين‪-‬‬
‫مجال مفتوحا لجتهاد المجتهدين يتنافس فيه المتنافسون‬
‫ويتبارى فيه المتبارون ‪ ،‬أمة بعد أمة ‪ ،‬وجيل بعد جيل ‪ ،‬إلى أن‬
‫يرث الله تعالى الرض ومن عليها ‪ ،‬فلو أن الرادة اللهية قد‬
‫ارتضت بسط الكون بكل حقائقه كاملة أمام النسان لنتفت‬
‫الغاية من الحياة الدنيا ‪ ،‬وهى دار ابتلء واختبار ‪ ،‬ولختفى‬
‫ذلك الغيب الذى يشد النسان إليه ويشد جميع حواسه وكل‬
‫قواه العقلية والفكرية ‪ ،‬ولتبلدت تلك الحواس والقدرات‬
‫ولمضت حياة النسان على الرض رتيبة كئيبة بائسة ‪ ،‬جيل بعد‬
‫جيل ‪ ،‬وعصرا بعد عصر بغير تجديد أو تنويع أو إبداع ‪ ،‬وسط‬
‫عالم يتميز بالتغير فى كل أمر من أموره وفى كل لحظة من‬
‫لحظات وجوده ‪ ،‬هذا فضل عن أن العقل البشرى عاجز عن‬
‫تقبل الحقائق الكونية الكلية دفعة واحدة ‪ ،‬وأنه محتاج فى‬
‫فهمها إلى شىء من التدرج فى الكشف وفى استخراج الدلة‬
‫وفى إثبات وتكامل معطياتها على مدى أجيال متعاقبة ‪.‬‬
‫* ويستدل أصحاب هذا الموقف المعتدل بما يلى ‪ -1 :‬بالحشد‬
‫الهائل من الشارات الكونية فى كتاب الله ‪ ،‬وبمطالبة القرآن‬
‫الكريم للنسان دوما بتحصيل المعرفة النافعة على إطلقها ‪،‬‬
‫وهذه أولى آيات القرآن العظيم تأمر بذلك وتحدد وسائله ‪،‬‬
‫وتحض على التأمل فى الخلق ‪ ،‬بل وتشير إلى حقيقة علمية‬
‫لم تكتشف إل بعد ذلك بقرون طويلة أل وهى " خلق النسان‬
‫من علق " ؛ وهى حقيقة لم يتوصل إليها النسان إل بعد‬
‫اكتشاف المجاهر المكبرة فى القرنين السابع عشر والثامن‬
‫عشر الميلديين ‪ ،‬وفى ذلك يقول الحق –تبارك وتعالى‪" : -‬‬
‫عل َق * ا ْ ْ‬ ‫ا ْ ْ‬
‫وَرب ّ َ‬
‫ك‬ ‫قَرأ َ‬ ‫ن َ ٍ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬‫سا َ‬‫ق اْل ِن ْ َ‬‫خل َ َ‬ ‫ق* َ‬ ‫خل َ َ‬‫ذي َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬‫سم ِ َرب ّ َ‬ ‫قَرأ ِبا ْ‬
‫َ‬
‫م " )العلق‪:‬‬ ‫عل َ ْ‬ ‫ما ل َ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ن َ‬‫سا َ‬‫م اْل ِن ْ َ‬‫عل ّ َ‬
‫قل َم ِ * َ‬‫م ِبال ْ َ‬‫عل ّ َ‬
‫ذي َ‬ ‫م * ال ّ ِ‬‫اْلك َْر ُ‬
‫‪. (5-1‬‬

‫‪ -2‬ما يقرره القرآن الكريم من مسئولية النسان عن‬


‫حواسه وعقله وما يفرضه من ضرورة حسن استخدامهما فى‬
‫التعرف على الكون ‪ ،‬واكتساب المعارف النافعة منه ‪،‬‬
‫وتوظيف ذلك فى حسن فهم كتاب الله ‪ ،‬حيث يقرر الحق –‬
‫تبارك وتعالى‪ -‬مسئولية النسان عن حواسه وذلك بقوله فى‬
‫ه‬
‫عن ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫ك َ‬
‫كا َ‬ ‫ل ُأول َئ ِ َ‬
‫ؤادَ ك ُ ّ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫ف َ‬ ‫وال ْب َ َ‬
‫صَر َ‬ ‫ع َ‬‫م َ‬
‫س ْ‬
‫ن ال ّ‬
‫محكم كتابه ‪ " :‬إ ِ ّ‬
‫ؤول ً " )السراء‪. (36 :‬‬ ‫س ُ‬
‫م ْ‬
‫َ‬

‫‪ -3‬رفض القرآن الكريم للتقليد والجمود على الراء الموروثة‬


‫الخاطئة ‪ ،‬والحكم بالظن والهوى ‪ ،‬ومطالبته النسان دوما‬
‫بتأسيس الحكام على الدليل العقلى الذى ل يقبل النقض ‪.‬‬
‫وهذه كلها من أخص خصائص المنهج التجريبى فى دراسة‬
‫الكون وما فيه ‪ -4 .‬تكريم القرآن الكريم للعلم والعلماء – بمن‬
‫فيهم من علماء الكونيات – فى العديد من آيات الذكر الحكيم‬
‫نختار منها‬

‫ن‬ ‫عل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫وي ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ه ْ‬
‫ل يَ ْ‬ ‫قول الحق –تبارك وتعالى‪َ ": -‬‬
‫ن " )الزمر‪. (9 :‬‬ ‫عل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ن ل يَ ْ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫َ‬

‫ن‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫مُنوا ِ‬
‫نآ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ع الل ّ ُ‬ ‫وقوله عز من قائل ‪ " :‬ي َْر َ‬
‫ف ِ‬
‫ت " )المجادلة‪. (11 :‬‬ ‫جا ٍ‬
‫م دََر َ‬ ‫ُأوُتوا ال ْ ِ‬
‫عل ْ َ‬
‫شهد الل ّ َ‬
‫ة‬ ‫وال ْ َ‬
‫ملئ ِك َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬‫ه إ ِّل ُ‬
‫ه ل إ ِل َ َ‬ ‫ه أن ّ ُ‬‫ُ‬ ‫وقوله –تبارك وتعالى‪َ ِ َ " : -‬‬
‫م " )آل‬ ‫كي ُ‬‫ح ِ‬ ‫ْ‬
‫زيُز ال َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ْ‬
‫و ال َ‬‫ه َ‬ ‫ّ‬ ‫ط ل إ ِل َ َ‬
‫ه إ ِل ُ‬ ‫س ِ‬ ‫قاِئما ً ِبال ْ ِ‬
‫ق ْ‬ ‫وُأوُلو ال ْ ِ‬
‫عل ْم ِ َ‬ ‫َ‬
‫عمران‪. (18:‬‬

‫عل َ َ‬
‫ماءُ " )فاطر‪. (28 :‬‬ ‫ه ال ْ ُ‬
‫عَباِد ِ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬ ‫شى الل ّ َ‬
‫ه ِ‬ ‫خ َ‬
‫ما ي َ ْ‬
‫وقوله ‪ " :‬إ ِن ّ َ‬
‫والية الخيرة قد وردت بعد استعراض لكثير من المشاهد‬
‫الكونية مما يؤكد أنها تشمل علماء الكونيات وإن لم يكونوا هم‬
‫ه أ َن َْز َ‬
‫ل‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫َ‬
‫م ت ََر أ ّ‬
‫َ‬
‫المقصودين بها مباشرة ‪ ،‬فالية تنطق ‪ " :‬أل َ ْ‬
‫َ‬ ‫فأ َ ْ‬
‫ل‬
‫جَبا ِ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ِ‬‫ها َ‬ ‫وان ُ َ‬‫خت َِلفا ً أل ْ َ‬ ‫م ْ‬‫ت ُ‬ ‫مَرا ٍ‬ ‫ه ثَ َ‬ ‫جَنا ب ِ ِ‬ ‫خَر ْ‬ ‫ماءً َ‬ ‫ء َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫س‬ ‫و َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ِ‬‫سودٌ * َ‬ ‫ب ُ‬ ‫غَراِبي ُ‬ ‫ها َ‬ ‫وان ُ َ‬ ‫ف أل َ‬
‫َ‬
‫خت َل ِ ٌ‬ ‫م ْ‬‫مٌر ُ‬ ‫ح ْ‬
‫َ‬
‫و ُ‬‫ض َ‬ ‫جدَدٌ ِبي ٌ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ّ‬
‫شى الل َ‬ ‫خ َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ك إ ِن ّ َ‬‫ه ك َذَل ِ َ‬
‫وان ُ ُ‬ ‫ْ‬
‫ف أل َ‬ ‫خت َل ِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫عام ِ ُ‬ ‫والن ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ب َ‬ ‫وا ّ‬ ‫والدّ َ‬ ‫َ‬
‫فوٌر " )فاطر‪. (27،28:‬‬ ‫غ ُ‬ ‫زيٌز َ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ُ‬ ‫ء‬ ‫ما‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫با‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬

‫‪ -5‬مطالبة القرآن الكريم للنسان – فى تشديد واضح – بالنظر‬


‫فى كل ما خلق الله ‪ .‬وهذه أوامره صريحة جلية نختار منها‬

‫ت‬
‫وا ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫في ال ّ‬
‫ذا ِ‬ ‫ل ان ْظُُروا َ‬
‫ما َ‬ ‫قول الحق–تبارك وتعالى‪ُ " :-‬‬
‫ق ِ‬
‫ض"‬ ‫ْ َ‬
‫والْر ِ‬ ‫َ‬

‫)يونس‪(101 :‬‬
‫ْ َ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫م ي َن ْظُُروا ِ‬ ‫َ‬
‫ما‬
‫و َ‬
‫ض َ‬
‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬
‫وا ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫ت ال ّ‬
‫كو ِ‬ ‫في َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫وقوله ‪ " :‬أ َ‬
‫ء " )العراف‪. (185 :‬‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ق الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫خل َ َ‬
‫َ‬

‫خل ْ َ‬
‫ق"‬ ‫ف ب َدَأ َ ال ْ َ‬‫فان ْظُُروا ك َي ْ َ‬ ‫ض َ‬
‫ِ‬ ‫في اْل َْر‬‫سيُروا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ق ْ‬‫وقوله ‪ُ " :‬‬
‫ن*‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫قِني َ‬ ‫مو ِ‬ ‫ت ل ِل ُ‬
‫ض آَيا ٌ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫و ِ‬‫)العنكبوت‪ . (20 :‬وقوله ‪َ " :‬‬
‫ن " )الذاريات‪. (20،21:‬‬ ‫صُرو َ‬
‫فل ت ُب ْ ِ‬‫م أَ َ‬
‫سك ُ ْ‬ ‫في أ َن ْ ُ‬
‫ف ِ‬ ‫و ِ‬
‫َ‬

‫ء‬
‫ما ِ‬ ‫وإ َِلى ال ّ‬
‫س َ‬ ‫ت* َ‬
‫ق ْ‬ ‫خل ِ َ‬ ‫ل ك َي ْ َ‬
‫ف ُ‬ ‫ن إ َِلى اْل ِب ِ ِ‬
‫فل ي َن ْظُُرو َ‬ ‫وقوله ‪ ":‬أ َ َ‬
‫ْ َ‬ ‫ت* َ َ‬
‫ض ك َي ْ َ‬
‫ف‬ ‫وإ ِلى الْر ِ‬ ‫صب َ ْ‬‫ف نُ ِ‬‫ل ك َي ْ َ‬‫جَبا ِ‬ ‫وإ َِلى ال ْ ِ‬
‫ت* َ‬ ‫ع ْ‬
‫ف َ‬
‫ف ُر ِ‬‫ك َي ْ َ‬
‫ت " )الغاشية‪. (20-17:‬‬ ‫ح ْ‬‫سطِ َ‬ ‫ُ‬

‫‪ -6‬وينتصر أصحاب هذا الموقف المعتدل لموقفهم بما ينعاه‬


‫القرآن الكريم على الغافلين عن التفكير فى آيات السماوات‬
‫والرض ‪ ،‬وذلك فى كثير من آياته التى منها قول الحق–تبارك‬
‫وتعالى‪: -‬‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬
‫و ُ‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫ها َ‬ ‫ن َ‬
‫مّرو َ‬
‫ض يَ ُ‬
‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬‫وا ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫في ال ّ‬
‫ة ِ‬
‫ن آي َ ٍ‬
‫م ْ‬‫ن ِ‬‫وك َأي ّ ْ‬
‫" َ‬
‫ن " )يوسف‪. (105:‬‬ ‫ضو َ‬‫ر ُ‬‫ع ِ‬
‫م ْ‬‫ها ُ‬ ‫عن ْ َ‬
‫َ‬

‫ووصفه لهؤلء الغافلين بأنهم كالنعام بل هم أضل ‪ ،‬وتقديره‬


‫بأن جزاءهم جهنم عقابا لهم على إهمالهم نعم الله التى أنعم‬
‫بها عليهم ‪ ،‬وذلك فى قول الله تعالى ‪:‬‬
‫ْ‬
‫بل‬ ‫قُلو ٌ‬‫م ُ‬ ‫س لَ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ن َ ْ‬
‫وال ِن ْ ِ‬ ‫ن ال ْ ِ‬
‫ج ّ‬ ‫م َ‬ ‫م ك َِثيرا ً ِ‬ ‫هن ّ َ‬
‫ج َ‬ ‫ول َ َ‬
‫قدْ ذََرأَنا ل ِ َ‬ ‫" َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫عو َ‬
‫م ُ‬
‫س َ‬
‫ن ل يَ ْ‬ ‫مآ َ‬
‫ذا ٌ‬ ‫ه ْ‬‫ول َ ُ‬
‫ها َ‬‫ن بِ َ‬
‫صُرو َ‬ ‫ن ل ي ُب ْ ِ‬ ‫عي ُ ٌ‬‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َ ُ‬‫ها َ‬ ‫ن بِ َ‬
‫هو َ‬ ‫ق ُ‬‫ف َ‬
‫يَ ْ‬
‫فُلو َ‬
‫ن"‬ ‫م ال ْ َ‬
‫غا ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل ُأول َئ ِ َ‬
‫ك ُ‬ ‫م أَ َ‬
‫ض ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫عام ِ ب َ ْ‬
‫ل ُ‬ ‫كاْل َن ْ َ‬ ‫ها ُأول َئ ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫بِ َ‬
‫)العراف‪. (179:‬‬

‫‪ -7‬ويستشهدون على ضرورة توظيف المعارف العلمية‬


‫المتاحة لفهم دللة اليات الكونية فى كتاب الله بربط القرآن‬
‫الكريم دوما بين اليمان بالله والنظر فيما خلق الله ‪ ،‬من مثل‬
‫قوله تعالى ‪:‬‬

‫ر‬
‫ها ِ‬ ‫والن ّ َ‬‫ل َ‬ ‫ف الل ّي ْ ِ‬ ‫خِتل ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫واْل َْر‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫في َ ْ‬
‫خل ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫" إِ ّ‬
‫َ‬
‫ل الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ما أن َْز َ‬ ‫و َ‬ ‫س َ‬ ‫ع الّنا َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ما ي َن ْ َ‬‫ر بِ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫في ال ْب َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬‫ك ال ِّتي ت َ ْ‬ ‫فل ْ ِ‬
‫وال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ها‬ ‫في‬ ‫ث‬‫ّ‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫ت‬ ‫و‬‫م‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫يا‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫أ‬‫ف‬ ‫َ‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫ما‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ء‬
‫ِ‬ ‫ما‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ َ ِ ْ‬ ‫ْ َ َ ْ َ َ ْ ِ َ َ َ‬ ‫ْ َ ِ ِ‬ ‫ِ ْ َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ِ َ‬
‫ء‬
‫ما ِ‬ ‫ّ َ‬‫س‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫خ‬
‫ُ َ ّ ِ َ ْ َ‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ب‬ ‫حا‬
‫ّ َ ِ‬ ‫س‬ ‫وال‬ ‫ح‬
‫ّ َ ِ َ‬ ‫يا‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫كُ ّ َ ّ ٍ َ َ ْ ِ ِ‬
‫ف‬ ‫ري‬ ‫ص‬ ‫ت‬‫و‬ ‫ة‬ ‫ب‬ ‫دا‬ ‫ل‬
‫ن " )البقرة‪ . (164:‬وقوله عز من‬ ‫قُلو َ‬ ‫ع ِ‬
‫وم ٍ ي َ ْ‬ ‫ت لِ َ‬ ‫ض َليا ٍ‬ ‫ْ َ‬
‫ق ْ‬ ‫والْر ِ‬ ‫َ‬
‫قائل ‪:‬‬

‫ر َليا ٍ‬ ‫ْ َ‬
‫ت‬ ‫ها ِ‬‫والن ّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ف الل ّي ْ ِ‬ ‫خِتل ِ‬ ‫وا ْ‬
‫ض َ‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫خل ِ‬
‫في َ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫" إِ ّ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫و ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ن ي َذْكُرو َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ه ْ‬‫جُنوب ِ ِ‬‫على ُ‬ ‫و َ‬ ‫عودا َ‬ ‫ق ُ‬ ‫قَياما َ‬‫ه ِ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب * ال ِ‬ ‫ِلوِلي اللَبا ِ‬
‫ذا‬ ‫ه َ‬
‫ت َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫في َ ْ‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫وي َت َ َ‬
‫ق َ‬ ‫ما َ‬ ‫ض َرب َّنا َ‬
‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫خل ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫َ‬
‫ر " )آل عمران‪. (190،191:‬‬ ‫ِ‬ ‫نا‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫نا‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫حا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ط‬ ‫با‬ ‫َ‬

‫وقوله –سبحانه وتعالى‪: -‬‬

‫ن‬‫م َ‬
‫ن ِ‬ ‫كو َ‬‫ول ِي َ ُ‬
‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫واْل َْر‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬
‫س َ‬
‫ت ال ّ‬ ‫كو َ‬ ‫مل َ ُ‬
‫م َ‬ ‫هي َ‬‫ري إ ِب َْرا ِ‬ ‫ك نُ ِ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬
‫" َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ض‬
‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬
‫ق ال ّ‬ ‫خل ُ‬ ‫ن " )النعام‪ . (75:‬وقوله ‪ " :‬ل َ‬ ‫قِني َ‬ ‫مو ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن " )غافر‪:‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫س ل يَ ْ‬ ‫ن أك ْث ََر الّنا ِ‬ ‫ول َك ِ ّ‬
‫س َ‬ ‫ق الّنا ِ‬ ‫خل ِ‬
‫ن َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫أك ْب َُر ِ‬
‫‪. (57‬‬

‫‪ -8‬ويستشهد المنادون بضرورة توظيف المعارف العلمية فى‬


‫تفسير اليات الكونية فى كتاب الله بالشارة إلى أن القرآن‬
‫الكريم – فى استعراضه لمور الكون – يتناول كليات الشياء‬
‫تاركا التفاصيل لجتهاد النسان ‪ ،‬ولكنه فى نفس الوقت ينبه‬
‫باستمرار إلى جوانب مهمة فى أشياء مثل الكم والكيف وهما‬
‫من أسس العلوم التجريبية ؛ الكم الذى يتعلق بالحجم والكتلة‬
‫وبالزمان والمكان ‪ ،‬وبدرجات النمو والندثار وغيرها يتمثل‬
‫فى كثير من اليات القرآنية التى نختار منها قول الحق –تبارك‬
‫وتعالى‪: -‬‬

‫ر " )الرعد‪ ، (8:‬وقوله ‪:‬‬


‫دا ٍ‬ ‫م ْ‬
‫ق َ‬ ‫عن ْدَهُ ب ِ ِ‬
‫ء ِ‬
‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫وك ُ ّ‬
‫ل َ‬ ‫" َ‬

‫درا ً " )الطلق‪ ، (3 :‬وقوله عز من‬ ‫ء َ‬


‫ق ْ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه ل ِك ُ ّ‬ ‫ع َ‬
‫ج َ‬ ‫" َ‬
‫قدْ َ‬
‫قائل ‪:‬‬
‫ر " )القمر‪ ، (49:‬وقوله تعالى ‪:‬‬
‫قد َ ٍ‬ ‫خل َ ْ‬
‫قَناهُ ب ِ َ‬ ‫ء َ‬
‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫" إ ِّنا ك ُ ّ‬
‫ل َ‬

‫ديرا ً " )الفرقان‪ ، (2 :‬وقوله –‬ ‫قدَّرهُ ت َ ْ‬


‫ق ِ‬ ‫ف َ‬
‫ء َ‬
‫ي ٍ‬ ‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫خل َ َ‬
‫ق كُ ّ‬ ‫و َ‬
‫" َ‬
‫سبحانه وتعالى‪: -‬‬
‫ْ َ‬ ‫قدر َ َ‬ ‫" َ‬
‫ض"‬ ‫سك َّناهُ ِ‬
‫في الْر ِ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ماءً ب ِ َ َ ٍ‬
‫ء َ‬
‫ما ِ‬
‫س َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫وأن َْزل َْنا ِ‬
‫م َ‬ ‫َ‬
‫)المؤمنون‪. (18 :‬‬

‫وبخصوص الكيف بمعنى هيئة الشياء وتركيبها ومسبباتها ‪،‬‬


‫ومجرى الظواهر الكونية وحدوثها والسنن اللهية وجريانها‬
‫فإن القرآن الكريم يشدد التنبيه عليها فى مواضع كثيرة منها‬
‫حِيي‬
‫ف يُ ْ‬ ‫ت الل ّ ِ‬
‫ه ك َي ْ َ‬ ‫م ِ‬
‫ح َ‬ ‫فان ْظُْر إ َِلى آَثا ِ‬
‫ر َر ْ‬ ‫قول الله تعالى ‪َ { :‬‬
‫َ‬
‫اْلْر َ‬
‫ض‬

‫ها " )الروم‪ . (50 :‬وقوله –سبحانه وتعالى‪: -‬‬


‫وت ِ َ‬
‫م ْ‬
‫عد َ َ‬
‫بَ ْ‬

‫عل َْنا‬ ‫َ‬


‫ج َ‬ ‫كنا ً ث ُ ّ‬
‫م َ‬ ‫سا ِ‬ ‫عل َ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ج َ‬‫شاءَ ل َ َ‬
‫و َ‬‫ول َ ْ‬‫ل َ‬ ‫مدّ الظّ ّ‬ ‫ف َ‬ ‫م ت ََر إ َِلى َرب ّ َ‬
‫ك ك َي ْ َ‬ ‫" أل َ ْ‬
‫سيرا ً " )الفرقان‪:‬‬ ‫قْبضا ً ي َ ِ‬ ‫ضَناهُ إ ِل َي َْنا َ‬ ‫م َ‬
‫قب َ ْ‬ ‫ه دَِليل ً * ث ُ ّ‬‫عل َي ْ ِ‬
‫س َ‬
‫م َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ال ّ‬
‫‪ . (45،46‬وقوله عز من قائل ‪:‬‬

‫ما‬
‫و َ‬
‫ها َ‬
‫وَزي ّّنا َ‬
‫ها َ‬ ‫م ك َي ْ َ‬
‫ف ب َن َي َْنا َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و َ‬
‫ق ُ‬ ‫ء َ‬
‫ف ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫م ي َن ْظُُروا إ َِلى ال ّ‬
‫س َ‬ ‫فل َ ْ‬‫" أَ َ‬
‫ق‪ . (6:‬وقوله تعالى ‪:‬‬ ‫ج") ّ‬ ‫فُرو ٍ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ها ِ‬ ‫لَ َ‬

‫ء ك َي ْ َ‬
‫ف‬ ‫ما ِ‬‫س َ‬‫وإ َِلى ال ّ‬
‫ت* َ‬ ‫خل ِ َ‬
‫ق ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ل ك َي ْ َ‬‫ن إ َِلى اْل ِب ِ ِ‬ ‫فل ي َن ْظُُرو َ‬‫" أَ َ‬
‫ْ َ‬ ‫ت* َ َ‬
‫ت‬
‫ح ْ‬
‫سطِ َ‬‫ف ُ‬ ‫ض ك َي ْ َ‬‫وإ ِلى الْر ِ‬ ‫صب َ ْ‬
‫ف نُ ِ‬ ‫ل ك َي ْ َ‬ ‫وإ َِلى ال ْ ِ‬
‫جَبا ِ‬ ‫ت* َ‬ ‫ع ْ‬‫ف َ‬
‫ُر ِ‬
‫" )الغاشية‪. (20-17:‬‬

‫‪ -9‬ويستشهد أصحاب هذا الموقف المعتدل كذلك على ضرورة‬


‫توظيف المعارف العلمية فى تفسير اليات الكونية بتأكيد‬
‫القرآن الكريم أن لكل شىء فى هذا الكون فطرته السوية‬
‫التى فطره الله عليها ‪ ،‬والتى تخصه وتميزه ‪ ،‬وهى قاعدة‬
‫أساسية من قواعد المنهج العلمى التجريبى فى الكشف عن‬
‫حقائق هذا الكون ومكوناته وسنن الله فيه ‪ ،‬ونقرأ فى ذلك‬
‫ه‬
‫ق ُ‬ ‫ْ‬
‫خل َ‬‫ء َ‬‫ي ٍ‬ ‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫طى ك ُ ّ‬ ‫ذي أ َ ْ‬
‫ع َ‬ ‫قول الحق ‪-‬تبارك وتعالى‪َ " : -‬رب َّنا ال ّ ِ‬
‫دى " )طـه‪ . (50 :‬وقوله ‪:‬‬
‫ه َ‬ ‫ثُ ّ‬
‫م َ‬

‫دى " )العلى‪. (2،3:‬‬


‫ه َ‬ ‫قدَّر َ‬
‫ف َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وى * َ‬
‫س ّ‬
‫ف َ‬ ‫خل َ َ‬
‫ق َ‬ ‫" ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬

‫وأن هذه الفطرة ثابتة ‪ ،‬ل تتغير ول تتبدل لقول الحق –تبارك‬
‫ق الل ّ ِ‬
‫ه )الروم‪. (30 :‬‬ ‫ل لِ َ ْ‬
‫خل ِ‬ ‫دي َ‬
‫وتعالى‪ " : -‬ل ت َب ْ ِ‬
‫وأن هذه الفطرة خاضعة لقوانين مطردة ‪ ،‬ل تتخلف ول‬
‫تتوقف إل بإذن الله ‪ ،‬وأنه لول ثبات تلك الفطرة واطراد‬
‫القوانين التى تحكمها ما تمكن النسان من اكتشاف أى من‬
‫أمور هذا الكون ‪ ،‬وأن القرآن الكريم يصر على تسمية تلك‬
‫القوانين بالحق ‪ ،‬وعلى أن الكون وما فيه "خلق بالحق" ‪،‬‬
‫ويطالب النسان بالتعرف على ذلك الحق والتزامه ‪ ،‬فالتنزيل‬
‫ينطق بقول الله تعالى ‪:‬‬

‫ل‬ ‫قَنا السماوات واْل َرض وما بين َهما إّل بال ْحق َ‬
‫خل َ ْ‬
‫ج ٍ‬
‫وأ َ‬
‫ْ َ َ َ َْ ُ َ ِ ِ َ ّ َ‬ ‫ّ َ َ ِ َ‬ ‫ما َ‬‫" َ‬
‫ى " )الحقاف‪ . (3 :‬وقوله –سيحانه‪: -‬‬ ‫م ً‬‫س ّ‬‫م َ‬
‫ُ‬

‫واْلْر َ‬
‫ض‬ ‫َ‬
‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ه ال ّ‬‫ق الل ّ ُ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫في أ َن ْ ُ‬‫فك ُّروا ِ‬ ‫م ي َت َ َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫َ‬
‫"أ َ‬
‫وما بين َهما إّل بال ْحق َ‬
‫ء‬
‫قا ِ‬ ‫س ب ِل ِ َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك َِثيرا ً ِ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ى َ‬ ‫م ً‬ ‫س ّ‬‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ج ٍ‬‫وأ َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ َ ِ ِ َ ّ َ‬
‫ق‬
‫خل َ‬ ‫َ‬ ‫ن " )الروم‪ . (8:‬وقوله عز من قائل ‪َ " :‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬‫م لَ َ‬ ‫ه ْ‬
‫َ‬ ‫َرب ّ ِ‬
‫هاَر‬ ‫وُر الن ّ َ‬ ‫َ‬
‫وي ُك ّ‬ ‫ر َ‬ ‫ها ِ‬ ‫على الن ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫ّ‬
‫وُر اللي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ق ي ُك ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ْ‬
‫ض ِبال َ‬ ‫والْر َ‬ ‫ْ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ى أل‬ ‫م ً‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ري ِل َ‬ ‫ج ِ‬
‫ل يَ ْ‬ ‫ُ‬
‫مَر ك ّ‬ ‫َ‬
‫والق َ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫ش ْ‬ ‫خَر ال ّ‬‫س ّ‬ ‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫عَلى اللي ْ ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫فاُر " )الزمر‪ . (5:‬وقوله تعالى ‪:‬‬ ‫غ ّ‬ ‫ْ‬
‫زيُز ال َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ْ‬
‫و ال َ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬

‫ز َ‬
‫ل‬ ‫مَنا ِ‬‫قدَّرهُ َ‬ ‫مَر ُنورا ً َ‬
‫و َ‬ ‫ق َ‬ ‫وال ْ َ‬
‫ضَياءً َ‬
‫س ِ‬ ‫م َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل ال ّ‬‫ع َ‬ ‫ج َ‬
‫ذي َ‬ ‫و ال ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫" ُ‬
‫ق‬
‫ح ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ه ذَل ِ َ‬
‫ك إ ِل ِبال َ‬ ‫ّ‬
‫ق الل ُ‬ ‫َ‬
‫خل َ‬ ‫ما َ‬ ‫ب َ‬‫سا َ‬ ‫ح َ‬ ‫ْ‬
‫وال ِ‬ ‫ن َ‬ ‫سِني َ‬ ‫عدَدَ ال ّ‬‫موا َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫ل ِت َ ْ‬
‫ن " )يونس‪ . (5:‬وقوله –سبحانه‪: -‬‬ ‫مو َ‬ ‫َ‬
‫عل ُ‬ ‫وم ٍ ي َ ْ‬
‫ق ْ‬‫ت لِ َ‬ ‫ْ‬
‫ل اليا ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫ف ّ‬ ‫يُ َ‬

‫َ‬
‫ما‬
‫ن* َ‬
‫عِبي َ‬
‫ما ل ِ‬
‫ه َ‬
‫ما ب َي ْن َ ُ‬
‫و َ‬
‫ض َ‬ ‫واْلْر َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬
‫س َ‬‫قَنا ال ّ‬ ‫خل َ ْ‬‫ما َ‬ ‫و َ‬
‫" َ‬
‫َ‬
‫ن " )الدخان‪(38،39:‬‬‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬‫م ل يَ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ن أك ْث ََر ُ‬‫ول َك ِ ّ‬
‫ق َ‬‫ح ّ‬‫ما إ ِّل ِبال ْ َ‬ ‫ه َ‬‫قَنا ُ‬‫خل َ ْ‬
‫َ‬
‫‪.‬‬

‫‪ -10‬كذلك فإن الذين يرون ضرورة توظيف المعارف العلمية‬


‫فى تفسير اليات الكونية الواردة فى كتاب الله وفى‬
‫الستشهاد على العجاز العلمى لتلك اليات ينتصرون لذلك‬
‫بأن أكثر من أربعين سورة من سور القرآن الكريم البالغ‬
‫عددها ‪ 114‬سورة تحمل أسماء لبعض أشياء الكون وظواهره ‪،‬‬
‫ويستشهدون بعرض القرآن الكريم للعديد من القضايا التى‬
‫هى من صميم العلوم التجريبية من مثل خلق السماوات‬
‫والرض ‪ ،‬واختلف الليل والنهار ‪ ،‬واتساع الكون ‪ ،‬وفتق‬
‫السماوات والرض ‪ ،‬وبدء تكون السماء بدخان ‪ ،‬وخلق الحياة‬
‫من الماء وفى الماء ‪ ،‬واستعراض مراحل الجنين فى النسان ‪،‬‬
‫وغير ذلك كثير مما ل يوفيه فى هذا المقام حصر ‪ ،‬ولكن‬
‫تكفى الشارة إلى آيات قليلة منها من مثل قول الحق –تبارك‬
‫وتعالى‪: -‬‬
‫كان ََتا َرْتقا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واْلْر َ‬
‫ض َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬‫ما َ‬
‫س َ‬‫ن ال ّ‬ ‫فُروا أ ّ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬‫م ي ََر ال ّ ِ‬
‫ول َ ْ‬‫"أ َ‬
‫ن"‬ ‫مُنو َ‬ ‫فل ي ُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ي أَ َ‬
‫ح ّ‬‫ء َ‬‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ء كُ ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ما ِ‬ ‫عل َْنا ِ‬
‫م َ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬‫ما َ‬ ‫ه َ‬‫قَنا ُ‬‫فت َ ْ‬ ‫ف َ‬
‫َ‬
‫)النبياء‪ . (30:‬وقوله عز من قائل ‪:‬‬
‫ْ َ‬
‫ض ائ ْت َِيا‬
‫ول ِلْر ِ‬ ‫ل لَ َ‬
‫ها َ‬ ‫ف َ‬
‫قا َ‬ ‫ن َ‬
‫خا ٌ‬
‫ي دُ َ‬
‫ه َ‬ ‫و ِ‬‫ء َ‬
‫ما ِ‬
‫س َ‬ ‫وى إ َِلى ال ّ‬
‫ست َ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫" ثُ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ن " )فصلت‪. (11:‬‬ ‫عي َ‬ ‫و ك َْرها َ‬
‫قالَتا أت َي َْنا طائ ِ ِ‬ ‫وعا أ ْ‬ ‫طَ ْ‬

‫وآيات الكتاب الحكيم فى كل ما عرضت له من أمور الكون‬


‫تتميز بمنتهى الدقة فى التعبير والشمول فى المعنى‬
‫والحاطة فى الدللة وبالسبق الخبارى بحقائق لم يتيسر‬
‫للنسان إلمام بها إل فى العقود المتأخرة من القرن العشرين‬
‫‪ .‬وهذا بالقطع يشكل صورة من صور العجاز لم تتوفر لجيل‬
‫من الجيال من قبل ‪.‬‬

‫وخلصة القول أن القرآن الكريم يزخر بالعديد من اليات التى‬


‫تشير إلى الكون وما به من كائنات ‪-‬جمادات وأحياء‪ -‬وإلى صور‬
‫نشأتها ومراحل تكوينها ‪ ،‬وإلى العديد من الظواهر الكونية‬
‫المصاحبة لها ‪ ،‬وقد أحصى الدارسون من مثل هذه اليات‬
‫حوالى اللف آية صريحة ‪ ،‬بالضافة إلى آيات أخرى عديدة‬
‫تقرب دللتها من الصراحة ‪ ،‬مما يبلغ بعدد اليات الكونية إلى‬
‫سدس مجموع آيات القرآن الكريم تقريبا ‪ .‬ويقف المفسرون‬
‫من هذه اليات الكونية مواقف متعددة فمنهم المضيقون‬
‫والموسعون ومنهم المعتدلون ‪ .‬فالمضيقون يرون أن تلك‬
‫الشارات لم ترد فى القرآن الكريم لذاتها ‪ ،‬وإنما وردت من‬
‫قبيل الستدلل على قدرة الله تعالى وإبداعه فى خلقه ‪،‬‬
‫وقدرته على إفناء الخلق ثم بعثه ‪ ،‬ولثبات وحدانية الخالق‬
‫المطلقة فوق جميع خلقه ‪ ،‬ومن ثم فل يجوز تفسيرها فى‬
‫ضوء معطيات العلوم الحديثة ؛ وذلك بدعوى انطلق الكتابات‬
‫العلمية من منطلقات مادية ‪ ،‬منكرة لكل ما هو فوق المدرك‬
‫المحسوس ‪ .‬أما الموسعون فيرون أن القرآن الكريم يشتمل‬
‫على جميع العلوم والمعارف ‪ ،‬ولبد لحسن فهم ذلك من‬
‫تفسيره على ضوء ما تجمع لدى النسان من رصيد علمى‬
‫خاصة فى مجال العلوم البحتة والتطبيقية ‪ ،‬ومن ثم فقد‬
‫قاموا بتبويب آيات الكونيات فى كتاب الله وتصنيفها حسب‬
‫التصانيف المعروفة فى مختلف مجالت تلك العلوم ‪ ،‬وتميز‬
‫ذلك بشىء من التكلف الذى أدى إلى رفض المنهج والوقوف‬
‫فى وجهه ‪.‬‬

‫أما المعتدلون فيرون أنه مع التسليم بأن الشارات الكونية‬


‫فى القرآن الكريم قد وردت فى معرض التذكير بقدرة الله ‪،‬‬
‫وبديع صنعه فى الخلق وفى الستشهاد على قدرته –سبحانه‬
‫وتعالى‪ -‬على الفناء والبعث ‪ ،‬فإنها تبقى بيانا من الله ‪ ،‬خالق‬
‫الكون ومبدع الوجود ومن ثم فهى حق مطلق ‪ .‬ول غرابة إذن‬
‫من انسجامها مع قوانين الله وسننه فى النفس والفاق ‪،‬‬
‫ومع معطيات العلوم الحديثة عن حقائق هذا الوجود ‪ .‬كذلك‬
‫فإنهم يرون أنه مع التسليم بأن تلك الشارات لم ترد فى‬
‫القرآن الكريم بهدف التبليغ المباشر بالحقيقة العلمية ؛ لن‬
‫الحكمة اللهية قد اقتضت ترك ذلك لجتهاد النسان على مر‬
‫الزمن ‪ ،‬إل أنها تتميز بالدقة المتناهية فى التعبير ‪ ،‬والحاطة‬
‫فى الدللة والشمول فى المعنى ‪ ،‬بحيث يدرك فيها كل جيل‬
‫ما يتناسب مع مستوياتهم الثقافية ‪ ،‬وما وصلوا إليه من‬
‫علوم ‪ ،‬ثم إن تلك الدللت تتميز كلها بالسبق إلى الحقيقة‬
‫الكونية قبل أن تدرك الكشوف العلمية شيئا منها بقرون‬
‫طويلة ‪ ،‬وهذا فى حد ذاته يمثل العجاز العلمى للقرآن الكريم‬
‫الذى هو أحد أوجه العجاز العديدة فى كتاب الله ‪ .‬خاصة وأن‬
‫القرآن الكريم قد تم إنزاله من قبل ألف وربعمائة سنة على‬
‫نبى أمى –صلى الله عليه وسلم‪ -‬وفى أمة كانت غالبيتها‬
‫الساحقة من الميين ‪ ،‬وفى ذلك يقول هذا الكتاب العزيز عن‬
‫رب العالمين ‪:‬‬

‫م ي َت ُْلو َ َ‬ ‫ُ‬
‫ه‬
‫م آَيات ِ ِ‬‫ه ْ‬‫علي ْ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫سول ً ِ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫مّيي َ‬‫في اْل ّ‬ ‫ث ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ذي ب َ َ‬ ‫و ال ّ ِ‬
‫ه َ‬‫" ُ‬
‫في‬ ‫َ‬
‫لل ِ‬ ‫قب ْ ُ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫كاُنوا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫ة َ‬ ‫حك ْ َ‬
‫م َ‬ ‫ْ‬
‫وال ِ‬‫ب َ‬ ‫ْ‬
‫م الك َِتا َ‬‫ه ُ‬
‫م ُ‬ ‫ّ‬
‫عل ُ‬ ‫وي ُ َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وي َُز ّ‬
‫كي ِ‬ ‫َ‬
‫ن " )الجمعة‪.(2:‬‬ ‫بي‬
‫ٍ ُ ِ ٍ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ضل‬ ‫َ‬

‫ولذلك يبقى العجاز العلمى فى كتاب الله من أنسب وسائل‬


‫الدعوة إلى دين الله فى عصر التقدم العلمى والتقنى الذى‬
‫نعيشه تثبيتا ليمان المؤمنين ‪ ،‬ودعوة للجاحدين من مختلف‬
‫صور المشركين والكافرين والضالين ‪ ،‬فى عالم تحول إلى‬
‫قرية كبيرة ‪ ،‬ما يحدث فى أحد أركانها يتردد صداه فى بقية‬
‫أرجائها ‪ ،‬ول يأمن أهل الحق أن يصيبهم ما أصاب المم الضالة‬
‫من عقاب ‪ ،‬أو أن يجرفهم تيار الحضارة المادية فيذيبهم فى‬
‫بوتقتها ‪ ،‬وبذلك يخسرون الدنيا والخرة ‪ .‬وطوق النجاة فى‬
‫الحالتين يتمثل فى العتزاز بالسلم العظيم ‪ ،‬والتمسك‬
‫بالقرآن الكريم الذى يتجلى إعجازه العلمى فى عصر العلم‬
‫الذى نعيشه يوما بعد يوم ‪ ،‬وجيل بعد جيل حتى يرث الله تعالى‬
‫الرض ومن عليها ‪ .‬وفى ذلك يقول المصطفى –صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ " : -‬ما من النبياء نبى إل أعطى من اليات ما‬
‫مثله آمن عليه البشر ‪ ،‬وإنما كان الذى أوتيته وحيا أوحاه الله‬
‫إلى ‪ ،‬فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة )البخارى‬
‫ومسلم( ‪.‬‬

‫قضية العجاز العلمى للقرآن الكريم‬

‫أول ‪ :‬تعريف لفظة "العجاز"‬


‫)العجاز( لفظة مشتقة من إثبات )العجز( وهو الضعف وعدم‬
‫القدرة ‪ .‬يقال ‪) :‬عجز( عن كذا ‪ :‬أى لم يقدر عليه ‪ ،‬فهو‬
‫)عاجز( عن التيان به ‪ ،‬وجمعه )عواجز( ‪ .‬يقال ‪) :‬عجز( )عجزا(‬
‫و)عجوزا( ‪ ،‬و)عجزانا( و)معجزا( بفتح الجيم وكسرها ‪،‬‬
‫و)معجزة( أيضا بفتح الجيم وكسرها ‪ ،‬ولذا يقال ‪ :‬رجل )عجز(‬
‫بضم الجيم وكسرها أى )عاجز( ‪ ،‬وامرأة )عاجزة( و)عاجز( ‪،‬‬
‫كما يقال ‪) :‬عجزه( الشىء أو المر بمعنى فاته ولم يقدر عليه‬
‫‪.‬‬

‫ويقال ‪) :‬عجزه( و)أعجزه( و)استعجزه( أى صيره )عاجزا(‬


‫نسبة إلى )العجز( ‪ ،‬وتستعار لمعنى التثبيط أى بمعنى ثبطه ‪.‬‬

‫كما يقال ‪) :‬عاجزه( )معاجزة( أى سابقة مسابقة ‪ ،‬و)تعجز( أى‬


‫ادعى )العجز( ؛ و)العجز( هو العظيم العجز ‪ ،‬ومؤنثه‬
‫)العجزاء( ؛ و)المعجاز( هو الدائم العجز ‪ ،‬و)المعجوز( الذى‬
‫)أعجز( ‪.‬‬

‫ويقال ‪) :‬عجز( )عجوزا( أى صار )عجوزا( ‪ ،‬و)العجوز( وجمعه‬


‫)عجز( و)عجائز( المرأة المسنة ‪.‬‬

‫و)العجز( وجمعه )أعجاز( مؤخر الشىء أو الجسم )وتكتب بفتح‬


‫الجيم وكسرها وضمها وبفتح العين وضم الجيم أو كسرها( ‪،‬‬
‫و)عجز( بيت الشعر هو الشطر الثانى منه ‪ ،‬و)أعجاز( النخل‬
‫هى أصولها ‪.‬‬

‫ويقال ‪) :‬أعجز( فى الكلم أى أدى لمعانيه بأبلغ الساليب ‪.‬‬


‫و)العجاز( بمعنى السبق والفوت مصدر من )أعجز( ‪.‬‬

‫وعلى ذلك تعرف )المعجزة( وجمعها )المعجزات( بأنها المر‬


‫الخارق للعادة ‪ ،‬السالم من المعارضة ‪ ،‬المقرون بالتحدى لعجز‬
‫البشر عن التيان بمثله ‪.‬‬

‫"و)إعجاز( القرآن الكريم" معناه )عجز( الخلق أجمعين –‬


‫إنسهم وجنهم ‪ ،‬فرادى ومجتمعين – عن أن يأتوا بشىء من‬
‫مثله ‪ ،‬ولذلك أنزل ربنا –سبحانه وتعالى‪ -‬فى محكم كتابه هذا‬
‫ت اْل ِن ْ ُ‬
‫س‬ ‫ع ِ‬ ‫م َ‬‫جت َ َ‬‫نا ْ‬ ‫ق ْ َ‬
‫ل لئ ِ ِْ‬ ‫التحدى الزلى الذى يقول فيه ‪ُ " :‬‬
‫َ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫و َ‬
‫كا َ‬ ‫ول ْ‬‫ه َ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬
‫ن بِ ِ‬ ‫ن ل ي َأُتو َ‬ ‫قْرآ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫مث ْ ِ‬
‫ل َ‬ ‫ن ي َأُتوا ب ِ ِ‬‫عَلى أ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫وال ْ ِ‬
‫ج ّ‬ ‫َ‬
‫هيرا ً " )السراء‪. (88:‬‬ ‫ِ‬
‫عض ظ َ‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫ل‬
‫ُ ْ َ ْ ٍ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ض‬
‫ُ‬ ‫ع‬
‫بَ ْ‬

‫ويقول –سبحانه وتعالى‪: -‬‬


‫عبدَنا َ ْ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫ة ّ‬ ‫سوَر ٍ‬ ‫فأُتوا ب ِ ُ‬ ‫عَلى َ ْ ِ‬ ‫ما ن َّزل َْنا َ‬‫م ّ‬
‫ب ِ‬ ‫في َري ْ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬‫*" َ‬
‫م‬ ‫َ‬
‫نل ْ‬ ‫ن* َ‬
‫فإ ِ ْ‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬
‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ن كن ْت ُ ْ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫ّ‬
‫ن الل ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ُ‬
‫داءَك ْ‬‫ه َ‬ ‫ش َ‬ ‫عوا ُ‬ ‫وادْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫جاَر ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ْ‬
‫وال ِ‬
‫س َ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫قودُ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ّ‬
‫قوا الّناَر الِتي َ‬ ‫فات ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫علوا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫ول ْ‬ ‫َ‬ ‫علوا َ‬ ‫ُ‬ ‫ف َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ن " )البقرة‪. (23،24:‬‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫َ‬
‫ت ل ِلكا ِ‬ ‫ْ‬ ‫عد ّ ْ‬ ‫أُ ِ‬
‫َ‬
‫ق‬
‫دي َ‬ ‫ص ِ‬
‫ن تَ ْ‬ ‫ول َك ِ ْ‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬‫فت ََرى ِ‬ ‫ن يُ ْ‬
‫نأ ْ‬ ‫قْرآ ُ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬ ‫ه َ‬‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫*" َ‬
‫ن*‬ ‫مي َ‬ ‫َ‬
‫عال ِ‬ ‫ْ‬
‫ب ال َ‬ ‫ن َر ّ‬ ‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫في ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫ب ل َري ْ َ‬ ‫ْ‬
‫ل الك َِتا ِ‬ ‫صي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫وت َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫ن ي َدَي ْ ِ‬‫ذي ب َي ْ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ل َ ْ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫عت ُ ْ‬‫ست َطَ ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ِ‬ ‫عوا َ‬ ‫وادْ ُ‬
‫ه َ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬‫ة ِ‬ ‫سوَر ٍ‬
‫فأُتوا ب ِ ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫فت ََراهُ ُ‬ ‫نا ْ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫أ ْ‬
‫ن " )يونس‪. (37،38:‬‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ل َ ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬
‫فت ََرَيا ٍ‬‫م ْ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬
‫ه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫و ٍ‬‫س َ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬‫فأُتوا ب ِ َ‬ ‫ق ْ‬‫فت ََراهُ ُ‬ ‫نا ْ‬‫قوُلو َ‬‫م يَ ُ‬
‫*"أ ْ‬
‫ن " )هود‪:‬‬ ‫قي‬ ‫د‬
‫َ ِ ِ َ‬ ‫صا‬ ‫م‬‫كُ ْ ُ ْ‬
‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫ه إِ ْ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫نا ْ‬‫م ِ‬‫عوا َ‬ ‫وادْ ُ‬
‫َ‬
‫‪. (13‬‬

‫* ويؤكد الله –سبحانه وتعالى‪ -‬على كمال القرآن الكريم‬


‫ر الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫د َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫عن ْ ِ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬‫كا َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫قْرآ َ‬ ‫فل ي َت َدَب ُّرو َ‬ ‫فيقول ‪ " :‬أ َ َ‬
‫خِتلفا ً ك َِثيرا ً " )النساء‪. (82:‬‬ ‫ها ْ‬ ‫في ِ‬
‫دوا ِ‬
‫ج ُ‬ ‫لَ َ‬
‫و َ‬

‫ويقول –سبحانه وتعالى‪: -‬‬

‫ه إ ِّل‬
‫س ُ‬
‫م ّ‬ ‫مك ُْنو ٍ‬
‫ن * ل يَ َ‬ ‫ب َ‬‫في ك َِتا ٍ‬ ‫م* ِ‬ ‫ن كَ ِ‬
‫ري ٌ‬ ‫قْرآ ٌ‬‫ه لَ ُ‬
‫* " إ ِن ّ ُ‬
‫ن " )الواقعة‪. (80-77:‬‬ ‫مي َ‬ ‫َ‬
‫عال ِ‬ ‫ْ‬
‫ب ال َ‬‫ن َر ّ‬‫م ْ‬ ‫زي ٌ‬
‫ل ِ‬ ‫ن * ت َن ْ ِ‬‫هُرو َ‬ ‫مطَ ّ‬ ‫ال ْ ُ‬

‫ظ " )البروج‪. (21،22:‬‬ ‫ح ُ‬


‫فو ٍ‬ ‫م ْ‬
‫ح َ‬ ‫في ل َ ْ‬
‫و ٍ‬ ‫جيدٌ * ِ‬
‫م ِ‬
‫ن َ‬ ‫و ُ‬
‫قْرآ ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫* " بَ ْ‬
‫ل ُ‬

‫ن " )البقرة‪. (2:‬‬


‫قي َ‬ ‫ى ل ِل ْ ُ‬
‫مت ّ ِ‬ ‫هد ً‬
‫ه ُ‬
‫في ِ‬
‫ب ِ‬ ‫ك ال ْك َِتا ُ‬
‫ب ل َري ْ َ‬ ‫* " ذَل ِ َ‬

‫ه‬ ‫ما أ ََرا َ‬


‫ك الل ّ ُ‬ ‫س بِ َ‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫حك ُ َ‬
‫م ب َي ْ َ‬ ‫ق ل ِت َ ْ‬ ‫ب ِبال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫* " إ ِّنا أ َن َْزل َْنا إ ِل َي ْ َ‬
‫ك ال ْك َِتا َ‬
‫صيما ً " )النساء‪. (105:‬‬ ‫خ ِ‬ ‫ن َ‬‫خائ ِِني َ‬ ‫ن ل ِل ْ َ‬ ‫ول ت َك ُ ْ‬‫َ‬

‫والقرآن الكريم كتاب معجز فى بيانه ونظمه ‪ ،‬معجز فى‬


‫فصاحته وبلغة أسلوبه ‪ ،‬معجز فى كمال رسالته ودقة‬
‫مضمونه ‪ ،‬وقد أنزل للناس كافة بدين السلم الذى علمه ربنا‬
‫–سبحانه وتعالى‪ -‬لبينا آدم –عليه السلم‪ -‬لحظة خلقه وكرر‬
‫إنزاله على عدد من أنبيائه ورسله وأكمله وأتمه وحفظه فى‬
‫هذه الرسالة الخاتمة المنزلة على خاتم النبياء والمرسلين –‬
‫صلى الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين – ‪ .‬وعلى ذلك‬
‫فالقرآن الكريم معجز فى مجموع العقائد التى يدعو إلى‬
‫اليمان بها ‪ ،‬وفى مجموع العبادات التى يأمر بأدائها ‪ ،‬معجز‬
‫فى دستوره الخلقى الفريد ‪ ،‬وفى كل تشريع من تشريعاته‬
‫الناطقة بدقتها ‪ ،‬وعدلها ‪ ،‬وشموليتها وتفاصيلها ‪!! ...‬‬
‫والقرآن الكريم معجز كذلك فى استعراضه التاريخى لعدد من‬
‫المم السابقة ‪ ،‬ولكيفية تعاملها مع رسل ربها ‪ ،‬ولسلوب‬
‫مكافأتها أو عقابها ‪ ،‬معجز فى أسلوبه التربوى الفريد ‪،‬‬
‫وخطابه النفسى السوى ‪ ،‬وفى إنبائه الدقيق بالغيب القريب‬
‫والبعيد ‪ ،‬وفى إشاراته العديدة إلى الكون ومكوناته‬
‫وظواهره ‪,‬وإلى النسان وخلقه ومراحله الجنينية ‪.‬‬

‫وهذا الجانب الخير من جوانب العجاز فى كتاب الله هو‬


‫المقصود بتعبير "العجاز العلمى للقرآن الكريم" ويقصد به‬
‫سبق هذا الكتاب العزيز بالشارة إلى عدد من حقائق الكون‬
‫وظواهره التى لم تتمكن العلوم المكتسبة من الوصول إلى‬
‫فهم شىء منها إل بعد قرون متطاولة من تنزل القرآن‬
‫الكريم; تزيد طولها على عشرة قرون كاملة فى أقل تقدير‬
‫لها ‪ .‬ول يمكن لعاقل أن يتصور لهذه الحقائق العلمية مصدرا‬
‫غير الله الخالق –سبحانه وتعالى‪ -‬حيث لم يكن ممكنا لى من‬
‫البشر إدراكها فى زمن الوحى ول لقرون عديدة من بعده ‪،‬‬
‫وفى إثبات ذلك تأكيد لهل العلم فى عصرنا أن القرآن الكريم‬
‫هو كلم الله الخالق الذى أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه‬
‫ورسله ‪ ،‬وتصديق للنبى الخاتم والرسول الخاتم –صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ -‬فى نبوته ورسالته ‪ ،‬وفى التبليغ عن ربه ‪.‬‬

‫والعجاز العلمى للقرآن الكريم أسلوب فريد فى الدعوة إلى‬


‫دين الله بلغة مناسبة لعصر تفجر المعرفة العلمية الذى نعيشه‬
‫‪ .‬وقد سبق للقرآن الكريم الخبار بتحقيق وقوعه فى حياة‬
‫الناس من قبل أربعة عشر قرنا وذلك فى العديد من آياته التى‬
‫نختار منها قوله تعالى ‪:‬‬
‫َ‬ ‫حَنا َ َ‬
‫حّتى‬
‫ء َ‬
‫ي ٍ‬ ‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫ب كُ ّ‬‫وا َ‬ ‫م أب ْ َ‬ ‫ه ْ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ه َ‬
‫فت َ ْ‬ ‫ما ذُك ُّروا ب ِ ِ‬
‫سوا َ‬ ‫فل َ ّ‬
‫ما ن َ ُ‬ ‫* " َ‬
‫ن " )النعام‪:‬‬ ‫ة َ‬
‫فإ ِ َ‬ ‫خذَْنا ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ذا َ‬
‫إِ َ‬
‫سو َ‬ ‫مب ْل ِ ُ‬‫م ُ‬ ‫ه ْ‬
‫ذا ُ‬ ‫غت َ ً‬‫م بَ ْ‬‫ه ْ‬ ‫ما أوُتوا أ َ‬
‫حوا ب ِ َ‬ ‫ر ُ‬‫ف ِ‬
‫‪. (44‬‬

‫ز‬
‫ج ٍ‬
‫ر ْ‬
‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ب ِ‬ ‫ع َ‬
‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك لَ ُ‬‫ن ُأول َئ ِ َ‬ ‫زي َ‬ ‫ج ِ‬ ‫عا ِ‬‫م َ‬ ‫في آَيات َِنا ُ‬ ‫وا ِ‬‫ع ْ‬‫س َ‬‫ن َ‬‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬‫*" َ‬
‫و‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ز َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ه َ‬‫ن َرب ّك ُ‬ ‫م ْ‬‫ل إ ِلي ْك ِ‬ ‫ذي أن ْ ِ‬ ‫م ال ِ‬ ‫عل َ‬ ‫ن أوُتوا ال ِ‬ ‫ذي َ‬‫وي ََرى ال ِ‬ ‫م* َ‬ ‫أِلي ٌ‬
‫د " )سـبأ‪. (5،6:‬‬ ‫مي ِ‬ ‫ح ِ‬‫ز ال ْ َ‬ ‫زي ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ط ال ْ َ‬
‫صَرا ِ‬ ‫دي إ َِلى ِ‬ ‫ه ِ‬‫وي َ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫في أ َن ْ ُ‬
‫ه‬
‫م أن ّ ُ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫حّتى ي َت َب َي ّ َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫س ِ‬
‫ف ِ‬ ‫و ِ‬‫ق َ‬
‫فا ِ‬‫في اْل َ‬ ‫م آَيات َِنا ِ‬ ‫ه ْ‬
‫ري ِ‬ ‫س َن ُ ِ‬
‫*" َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هيدٌ " )فصلت‪. (53:‬‬ ‫ش ِ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫على ك ُ ّ‬ ‫ه َ‬‫ك أن ّ ُ‬ ‫م ي َك ْ ِ‬
‫ف ب َِرب ّ َ‬ ‫ول ْ‬ ‫قأ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ح ّ‬
‫ل إل َي َ َ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫وال ْ َ‬
‫ملئ ِك َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عل ْ ِ‬
‫م ِ‬ ‫ك أن َْزل َ ُ‬
‫ه بِ ِ‬ ‫ما أن َْز َ ِ ْ‬‫هد ُ ب ِ َ‬ ‫ه يَ ْ‬
‫ش َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫* " لك ِ ِ‬
‫هيدا ً " )النساء‪. (166:‬‬ ‫ش ِ‬ ‫ه َ‬‫فى ِبالل ّ ِ‬ ‫وك َ َ‬ ‫ن َ‬‫دو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ش َ‬
‫م‬‫وب َي ْن َك ُ ْ‬‫هيدٌ ب َي ِْني َ‬ ‫ِ‬ ‫ش‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫هادَةً ُ‬ ‫ء أ َك ْب َُر َ‬
‫ش َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫ي َ‬ ‫لأ ّ‬
‫ق ْ َ‬ ‫*" ُ‬
‫م ل َت َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن ب َل َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬ ‫ي إ ِل َ‬ ‫وُأو ِ‬
‫ن‬‫دو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ش َ‬ ‫غ أإ ِن ّك ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫ذَرك ُ ْ‬‫ن ِلن ْ ِ‬ ‫قْرآ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ي َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬
‫وإ ِن ِّني‬ ‫د‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫إ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ما‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫ش‬‫ْ‬ ‫ل ل أَ‬ ‫ْ‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫رى‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ة أُ‬ ‫ً‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫آ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫أَ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ِ ٌ َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن " )النعام‪. (19:‬‬ ‫كو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫ما ت ُ ْ‬ ‫م ّ‬‫ريءٌ ِ‬ ‫بَ ِ‬

‫ل * ل ِك ُ ّ‬
‫ل‬ ‫كي ٍ‬
‫و ِ‬
‫م بِ َ‬‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫ت َ‬ ‫ل لَ ْ‬
‫س ُ‬ ‫ق ُ‬
‫ق ْ‬ ‫و ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬‫ك َ‬ ‫م َ‬‫و ُ‬
‫ق ْ‬‫ه َ‬ ‫وك َذّ َ‬
‫ب بِ ِ‬ ‫*" َ‬
‫ن " )النعام‪. (66،67:‬‬ ‫مو َ‬ ‫َ‬
‫عل ُ‬ ‫ف تَ ْ‬‫و َ‬ ‫س ْ‬‫و َ‬‫قّر َ‬‫ست َ َ‬
‫م ْ‬‫ن َب َأ ٍ ُ‬

‫ل َ ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫فت ََرَيا ٍ‬ ‫م ْ‬‫ه ُ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬ ‫ر ِ‬‫و ٍ‬‫س َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫فأُتوا ب ِ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫فت ََراهُ ُ‬ ‫نا ْ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫*"أ ْ‬
‫م‬‫فإ ِل ّ ْ‬
‫ن* َ‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬‫ه إِ ْ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬‫عت ُ ْ‬ ‫ست َطَ ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ِ‬ ‫عوا َ‬ ‫وادْ ُ‬ ‫َ‬
‫و‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه َ‬‫ه إ ِل ُ‬ ‫ن ل إ ِل َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫علم ِ الل ِ‬ ‫زل ب ِ ِ‬ ‫ما أن ْ ِ‬‫موا أن ّ َ‬ ‫عل ُ‬ ‫م فا ْ‬ ‫جيُبوا لك ْ‬ ‫ست َ ِ‬‫يَ ْ‬
‫ن " )هود‪. (13،14:‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫هل أن ْت ُ ْ‬ ‫ف َ‬
‫ْ َ‬ ‫ق ْ َ‬
‫ن‬ ‫ه َ‬
‫كا َ‬ ‫ض إ ِن ّ ُ‬
‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬
‫وا ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫في ال ّ‬
‫سّر ِ‬ ‫عل َ ُ‬
‫م ال ّ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ذي ي َ ْ‬ ‫ل أن َْزل َ ُ‬ ‫*" ُ‬
‫حيما ً " )الفرقان‪. (6:‬‬ ‫فورا ً َر ِ‬ ‫َ‬
‫غ ُ‬

‫ل‬
‫ف ٍ‬
‫غا ِ‬ ‫ما َرب ّ َ‬
‫ك بِ َ‬ ‫و َ‬
‫ها َ‬ ‫ر ُ‬
‫فون َ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ه َ‬
‫فت َ ْ‬ ‫م آَيات ِ ِ‬‫ريك ُ ْ‬
‫سي ُ ِ‬ ‫مدُ ل ِل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫و ُ‬‫*" َ‬
‫ن " )النمل‪. (93:‬‬ ‫ملو َ‬‫ُ‬ ‫ع َ‬
‫ما ت َ ْ‬
‫ع ّ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ص‪:‬‬
‫ن") ّ‬
‫حي ٍ‬
‫عد َ ِ‬
‫ن ن َب َأهُ ب َ ْ‬ ‫عل َ ُ‬
‫م ّ‬ ‫ول َت َ ْ‬
‫ن* َ‬ ‫عال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫و إ ِّل ِذك ٌْر ل ِل ْ َ‬
‫ه َ‬
‫ن ُ‬‫* " إِ ْ‬
‫‪. (87،88‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تأصيل التعامل مع قضية العجاز العلمى للقرآن‬


‫الكريم‪:‬‬

‫من الستعراض السابق يتضح لنا بجلء أن إثبات العجاز‬


‫العلمى للقرآن الكريم فى عصر التقدم العلمى والتقنى الذى‬
‫نعيشه هو من مواقف التحدى للناس كافة – مسلمين وغير‬
‫مسلمين – بأن كتابا أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة على‬
‫نبى أمى‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬وفى أمة كانت غالبيتها‬
‫الساحقة من الميين ‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك فإن هذا الكتاب‬
‫يحوى من حقائق الكون ما لم تتوصل إليه العلوم المكتسبة إل‬
‫فى العقود المتأخرة من القرن العشرين بعد مجاهدات طويلة‬
‫قام بها عشرات اللف من العلماء عبر تاريخ البشرية الطويل‬
‫وتركز فى القرنين الماضيين بصفة خاصة ‪ ،‬ول يمكن لعاقل‬
‫أن يتصور مصدرا لهذا العلم الحق فى ذلك الزمن البعيد غير‬
‫الله الخالق –سبحانه وتعالى‪ -‬الذى أنزل القرآن الكريم بعلمه‬
‫على خاتم أنبيائه ورسله –صلى الله عليه وسلم‪ -‬وحفظه‬
‫بعهده الذى قطعه على ذاته العلية – ولم يقطعه لرسالة‬
‫سابقة أبدا ‪ ،‬فحفظه فى نفس لغة وحيه – اللغة العربية –‬
‫ليبقى حجة على الناس كافة إلى يوم الدين ‪ .‬والمتحدى لبد‬
‫وأن يكون واقفا على أرضية صلبة ‪ ،‬وعلى ذلك فل يجوز‬
‫توظيف شىء فى هذا المجال غير الحقائق القطعية الثابتة‬
‫حتى يبلغ التحدى مداه فى مجال إثبات العجاز العلمى للقرآن‬
‫الكريم ‪.‬‬

‫وهذا اللتزام واجب حتمى فى التعرض لليات الكونية فى‬


‫كتاب الله باستثناء آيات الخلق بأبعاده الثلثة ‪ :‬خلق الكون ‪،‬‬
‫خلق الحياة ‪ ،‬وخلق النسان ‪ .‬وذلك لن عملية الخلق عملية‬
‫غيبية غيبة مطلقة لم يشهدها أحد من النس ولذلك فل‬
‫تخضع للدراك المباشر من النسان‬

‫خل ْ َ‬
‫ق‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫هدْت ُ ُ‬ ‫ما أ َ ْ‬
‫ش َ‬ ‫‪ ،‬وفى ذلك يقول الحق –سبحانه وتعالى‪َ " : -‬‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫ضلي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ْ‬
‫خذَ ال ُ‬ ‫مت ّ ِ‬
‫ت ُ‬ ‫ما ك ُن ْ ُ‬
‫و َ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫س ِ‬ ‫ق أ َن ْ ُ‬
‫ف ِ‬ ‫خل ْ َ‬
‫ول َ‬‫ض َ‬
‫ْ َ‬
‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬
‫وا ِ‬
‫ما َ‬‫س َ‬
‫ال ّ‬
‫ضدا " )الكهف‪. (51:‬‬ ‫ً‬ ‫ع ُ‬
‫َ‬

‫ولكن القرآن الكريم الذى جاء بهذه الية الكريمة يأمرنا ربنا –‬
‫سبحانه وتعالى‪ -‬فيه بضرورة التأمل فى قضية الخلق – وهى‬
‫قضية غير مشاهدة من قبل النسان – وذلك فى عدد غير‬
‫َ‬
‫ول َ ْ‬
‫م‬ ‫قليل من اليات التى منها قوله –سبحانه وتعالى‪ " : -‬أ َ‬
‫سيٌر *‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫عيدُهُ إ ِ ّ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫خل ْ َ‬
‫ق ثُ ّ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫ئ الل ّ ُ‬ ‫د ُ‬ ‫ف ي ُب ْ ِ‬‫وا ك َي ْ َ‬‫ي ََر ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ئ‬
‫ش ُ‬‫ه ي ُن ْ ِ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫خل ْ َ‬
‫ق ثُ ّ‬ ‫ف ب َدَأ ال ْ َ‬ ‫فان ْظُُروا ك َي ْ َ‬ ‫ض َ‬ ‫في الْر ِ‬
‫ْ‬ ‫سيُروا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ق ْ‬‫ُ‬
‫عَلى ك ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ديٌر " )العنكبوت‪:‬‬ ‫ء َ‬
‫ق ِ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫خَرةَ إ ِ ّ‬ ‫شأةَ اْل ِ‬ ‫الن ّ ْ‬
‫‪. (19،20‬‬

‫ض‬ ‫ْ َ‬ ‫في َ ْ‬
‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬‫ما َ‬ ‫س َ‬‫ق ال ّ‬ ‫خل َ ِ‬ ‫ن ِ‬
‫ُ‬
‫وقوله –سبحانه وتعالى‪ " : -‬إ ِ ّ‬
‫ُ‬
‫ن ي َذْكُرو َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ب * ال ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ت ِلوِلي اللَبا ِ‬ ‫ر َليا ٍ‬
‫ها ِ‬ ‫والن ّ َ‬‫ل َ‬ ‫ف الل ّي ْ ِ‬ ‫خِتل ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫خل ِ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫وي َت َفكُرو َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جُنوب ِ ِ‬‫على ُ‬ ‫و َ‬ ‫عودا َ‬
‫َ‬
‫وق ُ‬ ‫قَياما َ‬ ‫ه ِ‬ ‫الل َ‬
‫قَنا‬‫ف ِ‬ ‫َ‬
‫حان َك َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ً‬
‫ذا َباطِل ُ‬ ‫ه َ‬
‫ت َ‬ ‫ق َ‬ ‫َ‬
‫خل ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ض َرب َّنا َ‬ ‫ْ‬
‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬
‫ما َ‬‫س َ‬‫ال ّ‬
‫ر " )آل عمران‪. (190،191:‬‬ ‫ب الّنا ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫ع َ‬‫َ‬

‫والجمع بين هذه اليات الكريمة – وأمثالها كثير فى كتاب الله‬


‫– يؤكد على أن خلق كل من السماوات والرض وخلق الحياة‬
‫وخلق النسان قد تم فى غيبة كاملة من الوعى النسانى ‪،‬‬
‫ولكن الله من رحمته بنا قد أبقى لنا فى صخور الرض وفى‬
‫صفحة السماء من الشواهد الحسية ما يمكن أن يعين النسان‬
‫– بإمكانياته المحدودة – على الوصول إلى تصور ما لعملية‬
‫الخلق ‪ ،‬إل أن هذا التصور يبقى فى مجال الفروض‬
‫والنظريات ‪ ،‬ول يمكن أن يرقى إلى مقام الحقيقة أبدا ؛ لن‬
‫الحقيقة العلمية لبد أن تكون واقعة تحت حس النسان‬
‫وإدراكه – على الرغم من محدودية ذلك الحس وهذا الدراك –‬
‫ومن هنا فإن العلوم المكتسبة ل يمكن أن تتجاوز فى قضية‬
‫الخلق – بأبعادها الثلثة – مرحلة التنظير أبدا ‪ ،‬و تتعدد‬
‫النظريات فى قضايا الخلق بتعدد خلفيات واضعيها ‪ :‬هل هم‬
‫من المؤمنين أو من الكفار أو المشركين أو المتشككين ؟‬
‫وهل هم من السعداء فى حياتهم أم من التعساء والشقياء‬
‫والمهمومين ؟ وهل هم من السوياء أم من المنحرفين ؟ ‪..‬‬
‫وفى هذا الخضم العميق يبقى للمسلم نور من الله –سبحانه‬
‫وتعالى‪ -‬فى آية قرآنية كريمة ‪ ،‬أو حديث نبوى صحيح مرفوع‬
‫إلى رسول الله‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يعينه على النتصار‬
‫لحدى هذه النظريات ‪ ،‬والرتقاء بها إلى مقام الحقيقة ؛ ل‬
‫لن العلوم المكتسبة قد أثبتت ذلك ‪ ،‬ولكن لمجرد وجود إشارة‬
‫إلى تلك الحقيقة فى كتاب الله الخالق أو فى سنة رسوله –‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ . -‬ونحن فى هذه الحالة نكون قد‬
‫انتصرنا للعلم بالقرآن الكريم أو بسنة خاتم النبياء‬
‫والمرسلين –صلى الله عليه وسلم‪ ، -‬ولم ننتصر بالعلم لى‬
‫منهما ‪.‬‬

‫أما باقى اليات الكونية الكريمة التى تعرض لها القرآن الكريم‬
‫– وأغلبها من اليات الوصفية – فل يجوز أن يوظف فى‬
‫الستشهاد على سبقها العلمى إل الحقائق القطعية الثابتة‬
‫التى ل رجعة فيها ‪ ،‬وبالضوابط المنهجية التالية ‪:‬‬

‫‪ – 1‬حسن فهم النص القرآنى الكريم وفق دللت اللفاظ فى‬


‫اللغة العربية ‪ ،‬ووفق قواعد تلك اللغة وأساليب التعبير فيها ؛‬
‫وذلك لن القرآن الكريم قد أنزل بلسان عربى مبين ‪ .‬على أل‬
‫يخرج باللفظ من الحقيقة إلى المجاز إل بقرينة كافية ‪ ،‬وعند‬
‫الضرورة القصوى ؛ ومن هنا فل يمكن إثبات العجاز العلمى‬
‫بتأويل النص القرآنى أبدا ‪.‬‬

‫‪ – 2‬فهم أسباب النزول ‪ ،‬والناسخ والمنسوخ – إن وجدا –‬


‫وفهم الفرق بين العام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل‬
‫والمفصل من آيات هذا الكتاب الحكيم ‪.‬‬

‫‪ – 3‬فهم المأثور من تفسير المصطفى –صلى الله عليه‬


‫وسلم‪ -‬والرجوع إلى أقوال المفسرين من الصحابة والتابعين‬
‫وتابعيهم إلى الزمن الحاضر ‪.‬‬

‫‪ – 4‬جمع القراءات الصحيحة المتعلقة بالية القرآنية الكريمة‬


‫إن وجدت ‪.‬‬
‫‪ – 5‬جمع النصوص القرآنية المتعلقة بالموضوع الواحد ‪ ،‬ورد‬
‫بعضها إلى بعض بمعنى فهم دللة كل منها فى ضوء الخر ؛‬
‫لن القرآن الكريم يفسر بعضه بعضا ‪ ،‬كما يفسره الصحيح من‬
‫أقوال رسول الله –صلى الله عليه وسلم‪ -‬؛ ولذلك كان من‬
‫الواجب توظيف الصحيح من الحاديث النبوية الشريفة‬
‫المتعلقة بموضوع الية المتعامل معها كلما توفر ذلك ‪.‬‬

‫‪ – 6‬مراعاة السياق القرآنى للية المتعلقة بإحدى القضايا‬


‫الكونية دون اجتزاء للنص عما قبله وعما بعده مع التسليم‬
‫الكامل بأن من طبيعة القرآن الكريم إيراد العديد من الحقائق‬
‫المتتابعة كما هو الحال فى آيات القسم والتى قد ل تكون‬
‫بالضرورة مرتبطة ببعضها البعض ‪.‬‬

‫‪ – 7‬مراعاة قاعدة ‪ :‬أن العبرة هى بعموم اللفظ ل بخصوص‬


‫السبب ‪.‬‬

‫‪ – 8‬عدم التكلف أو محاولة لى أعناق اليات من أجل موافقتها‬


‫للحقيقة العلمية ؛ وذلك لن القرآن الكريم أعز علينا وأكرم‬
‫من ذلك ؛ لنه كلم الله الخالق وعلم الخالق بخلقه هو الحق‬
‫المطلق الكامل الشامل المحيط بكل علم آخر ‪ ،‬وهو العلم‬
‫الذى ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه ‪.‬‬

‫‪ – 9‬عدم الخوض فى القضايا الغيبية غيبة مطلقة كالذات‬


‫اللهية والروح ‪ ،‬والملئكة ‪ ،‬والجن ‪ ،‬وحياة البرزخ ‪ ،‬وحساب‬
‫القبر ‪ ،‬وقيام الساعة ‪ ،‬والبعث ‪ ،‬والحساب ‪ ،‬والميزان ‪،‬‬
‫والصراط ‪ ،‬والجنة والنار وغيرها ‪ ،‬والتسليم بالنصوص الواردة‬
‫فيها تسليما إيمانيا كامل انطلقا من اليمان بكتاب الله تعالى‬
‫وبسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم‪ ، -‬ويقينا راسخا بعجز‬
‫النسان عن الوصول إلى مثل هذه الغيبيات المطلقة ‪.‬‬

‫‪ – 10‬التأكيد على أن الخرة لها من السنن والقوانين ما يغاير‬


‫سنن الدنيا مغايرة كاملة ‪ ،‬وأنها ل تحتاج هذه السنن الدنيوية‬
‫الرتيبة ‪ ،‬فهى كما وصفها ربنا –سبحانه وتعالى‪ -‬أمر فجائى‬
‫ن " ‪ ،‬وصدق الله العظيم إذ يقول ‪" :‬‬ ‫كو ُ‬ ‫في َ ُ‬
‫ن َ‬ ‫منه بـ " ك ُ ْ‬
‫ع َ‬ ‫سَألون َ َ‬
‫عن ْدَ َرّبي ل‬ ‫ها ِ‬ ‫م َ‬‫عل ْ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬‫ق ْ‬ ‫ها ُ‬ ‫سا َ‬‫مْر َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ة أّيا َ‬ ‫سا َ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫ك َ‬ ‫يَ ْ‬
‫م إ ِلّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ض ل ت َأِتيك ُ ْ‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ت ِ‬ ‫قل ْ‬ ‫و ثَ ُ‬ ‫ه َ‬‫ها إ ِل ُ‬ ‫قت ِ َ‬ ‫و ْ‬
‫ها ل ِ َ‬‫جلي َ‬ ‫يُ َ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫ها ُ‬ ‫َ‬
‫ك ك َأن ّ َ‬ ‫سألون َ َ‬ ‫َ‬
‫ولك ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫عن ْدَ الل ِ‬‫ها ِ‬ ‫م َ‬‫عل ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫عن ْ َ‬‫ي َ‬ ‫ف ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ة يَ ْ‬‫غت َ ً‬‫بَ ْ‬
‫َ‬
‫ن " )العراف‪. (187:‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫س ل يَ ْ‬ ‫أك ْث ََر الّنا ِ‬

‫وعلى الرغم من ذلك فإن الله ‪ -‬سبحانه وتعالى‪ -‬من رحمته‬


‫بنا قد أبقى لنا فى صخور الرض ‪ ،‬وفى صفحة السماء أعدادا‬
‫كثيرة من الشواهد الحسية التى تقطع بفناء الكون وبحتمية‬
‫الخرة ‪ ،‬وأن الشارة إلى تلك الشواهد الكونية ل يمكن أن‬
‫تفسر بمحاولة التعرف على موعد الخرة ؛ لن الخرة من‬
‫الغيبيات المطلقة التى ل يعلمها إل الله ؛ ولنها لن تتم‬
‫بالسنن الكونية المشاهدة فى هذه الحياة ‪.‬‬

‫‪ – 11‬توظيف الحقائق العلمية القاطعة فى الستشهاد على‬


‫العجاز العلمى للية أو اليات القرآنية فى الموضوع الواحد أو‬
‫فى عدد من الموضوعات المتكاملة ؛ وذلك فى جميع اليات‬
‫الكونية الواردة فى كتاب الله ‪ ،‬فيما عدا قضايا الخلق ‪،‬‬
‫والفناء ‪ ،‬والبعث ‪ ،‬التى يمكن فيها توظيف الية أو اليات‬
‫القرآنية الكريمة أو الحديث النبوى الصحيح للرتقاء بإحدى‬
‫النظريات المطروحة إلى مقام الحقيقة مع التاكيد على ان‬
‫الحقيقة العلمية ل تبطل مع الزمن ولكنها قد تزداد تفصيل‬
‫وتوضيحا باجتهاد العلماء جيل بعد جيل وأن المعرفة العلمية إذا‬
‫وصلت إلى مستوى الحقيقة أو القانون فهى لتتغير ولكن‬
‫تزداد إيضاحا ‪,‬وذلك لن حقائق العلوم المكتسبة جزئية‬
‫‪,‬وقوانينه كذلك جزئية لنها تعبر عن حقيقة محددة ‪ .‬ومن‬
‫طبيعة العلوم المكتسبة النمو المطرد مع استمرار مجاهدة‬
‫العلماء فى توضيح ما سبقت معرفته دون إلغاؤه‬

‫‪ – 12‬ضرورة التمييز بين المحقق لدللة النص القرآنى‬


‫والناقل له مع مراعاة التخصص الدقيق فى مراحل إثبات وجه‬
‫العجاز العلمى فى الية القرآنية الكريمة )التحقيق العلمى( ؛‬
‫لن هذا مجال تخصصى على أعلى مراحل التخصص ل يجوز أن‬
‫يخوض فيه كل خائض كما ل يمكن لفرد واحد أن يغطى كل‬
‫جوانب العجاز العلمى فى أكثر من ألف آية قرآنية صريحة‬
‫بالضافة إلى آيات أخرى عديدة تقترب دللتها من الصراحة ؛‬
‫خاصة وأن هذه اليات تغطى مساحة هائلة من العلوم‬
‫المكتسبة تمتد من علم الجنة إلى علم الفلك وما بينهما من‬
‫النسانية ‪ ،‬إل إذا رد‬ ‫مختلف مجالت العلوم والمعارف‬
‫كل قضية إلى محققيها من المتخصصين بوضوح وإثبات‬
‫كاملين ‪.‬‬

‫‪ – 13‬التأكيد على أن ما توصل إليه المحقق العلمى فى فهم‬


‫دللة الية الكريمة ليس منتهى الفهم لها ؛ لن القرآن الكريم‬
‫ل تنتهى عجائبه ول يخلق على كثرة الرد ‪.‬‬

‫‪ – 14‬أن النص القرآنى الكريم قد ينطبق على حقيقة علمية‬


‫ثابتة ‪ ،‬ولكن ذلك ل ينفى مجازا مقصودا ؛ كما أن الية‬
‫القرآنية الكريمة قد تأتى فى مقام التشبيه أو المجاز وتبقى‬
‫صياغة الية دقيقة دقة فائقة من الناحية العلمية وإن لم تكن‬
‫تلك الناحية مقصودة لذاتها ‪.‬‬
‫‪ – 15‬الخذ فى العتبار إمكانية النطلق من الية القرآنية‬
‫الكريمة للوصول إلى حقيقة كونية لم يتوصل العلم المكتسب‬
‫إلى شىء منها بعد انطلقا من اليمان الكامل بأن القرآن‬
‫الكريم هو كلم الله الخالق فى صفائه الربانى وإشراقاته‬
‫النورانية ‪ ،‬وأنه كله حق مطلق ل يأتيه الباطل من بين يديه ول‬
‫من خلفه ‪.‬‬

‫‪ – 16‬عدم التقليل من جهود العلماء السابقين فى محاولتهم‬


‫المخلصة لفهم دللة تلك اليات الكونية فى حدود المعلومات‬
‫التى كانت متاحة لهم فى زمانهم ؛ وذلك لن الية الكونية‬
‫الواردة فى كتاب الله تتسع دللتها مع اتساع دائرة المعرفة‬
‫النسانية فى تكامل ل يعرف التضاد حتى يظل القرآن الكريم‬
‫مهيمنا على المعارف النسانية مهما اتسعت دوائرها ‪ .‬وهذا‬
‫من أعظم جوانب العجاز فى كتاب الله ‪.‬‬

‫‪ – 17‬التفريق بين قضيتى العجاز العلمى و"التفسير العلمى"‬


‫للقرآن الكريم ‪ ،‬فالعجاز العلمى يقصد به "إثبات سبق القرآن‬
‫الكريم" بالشارة إلى حقيقة من حقائق الكون أو تفسير‬
‫ظاهرة من ظواهره قبل وصول العلم المكتسب إليها بعدد‬
‫متطاول من القرون ‪ .‬وفى زمن لم يكن لى من البشر‬
‫إمكانية الوصول إلى تلك الحقيقة ا عن طريق العلوم‬
‫المكتسبة أبدا ‪ .‬وأما التفسير فهو محاولة بشرية لحسن فهم‬
‫دللة الية القرآنية إن أصاب فيها المفسر فله أجران وإن‬
‫أخطأ فله أجر واحد ‪ ،‬والمعول عليه فى ذلك هو نيته ‪ .‬وهنا‬
‫يجب التأكيد على أن الخطأ فى التفسير ينسحب على المفسر‬
‫‪ ،‬ول يمس جلل القرآن الكريم ‪.‬‬

‫‪ – 18‬اليقين فى صحة كل ما جاء بالقرآن المجيد ؛ لنه كلم‬


‫الله الخالق ‪,‬المحفوظ بحفظ الله على مدى الربعة عشر قرنا‬
‫الماضية وإلى أن يشاء الله ‪,‬والمحفوظ فى نفس لغة وحيه‬
‫فل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه ؛ وعلى ذلك فل‬
‫يمكن لحقيقة كونية أن تصطدم بحق قرآنى أبدا‪ ,‬فإذا حدث‬
‫وبدا شىء من ذلك فلبد من وجود خلل ما ؛ إما فى صياغة‬
‫الحقيقة العلمية أو فى فهم الدارس للنص القرآنى الكريم ‪.‬‬

‫‪ – 19‬يجب تحرى الدقة المتناهية فى التعامل مع كتاب الله ‪،‬‬


‫وإخلص النية فى ذلك والتجرد له من كل غاية ‪ ،‬وتذكر قول‬
‫المصطفى –صلى الله عليه وسلم‪ " : -‬من قال فى القرآن‬
‫بغير علم فليتبوأ مقعده من النار ")]‪. ([9‬‬

‫حاضر قضية العجاز العلمى للقرآن الكريم‬


‫نشط المشتغلون بقضية العجاز العلمي للقرآن الكريم في‬
‫العقود الربعة الماضية نشاطا غير مسبوق ‪ ,‬وتأسس العديد‬
‫من المنظمات والجمعيات العلمية الني اهتمت بهذه القضية ‪,‬‬
‫وكان منها مايلى ‪:‬‬

‫أول ‪ :‬فى مصر ‪:‬‬

‫‪ -1‬لجنة العجاز العلمى للقرآن والسنة‪ :‬فى الستينات من‬


‫القرن العشرين تشكل المجلس العلى للشئون السلمية‬
‫بمصر‪,‬واهتمت إحدى لجانه بالقرآن والسنة وقامت " لجنة‬
‫القرآن والسنة " بهذا المجلس بإعداد " المنتخب فى تفسير‬
‫القرآن الكريم وهو تفسير تميز بإيجازه ‪ ,‬وأسلوبه العصرى‬
‫السهل المبسط الواضح العبارة البعيد عن الخلفات‬
‫المذهبية ‪,‬والمصطلحات الفقهية المتخصصة حتى تسهل‬
‫ترجمته إلى اللغات الجنبية ‪ .‬وكانت أبرز مميزات هذا "‬
‫المنتخب " وفرة التعليق العلمى على عدد غير قليل من اليات‬
‫الكونية فى الهامش ‪ ,‬وذلك لن" لجنة القرآن والسنة " ضمت‬
‫إليها عددا من الخبراء فى مختلف العلوم المكتسبة كان منهم‬
‫علماء الفلك ‪ ,‬والحياة ‪,‬والطب‪,‬والهندسة ‪,‬والمتخصصين فى‬
‫غير ذلك من العلوم والفنون بالضافة إلى جهابذة علماء‬
‫التفسير والفقه والحديث وعلوم القرآن واللغة والتاريخ ‪,‬فجاء‬
‫" المنتخب " تلبية لحاجة ملحة فى زمن التقدم العلمى‬
‫والتقنى الذى نعيشه ‪,‬وفاتحة خير لتجدد الهتمام بقضية‬
‫العجاز العلمى للقرآن الكريم ‪.‬‬

‫وفى سنة ‪1418‬هجرية ) ‪1997‬م (صدر قرار وزير الوقاف‬


‫المصرى ورئيس المجلس العلى للشئون السلمية بإنشاء‬
‫لجنة خاصة بالعجاز العلمى بالقرآن الكريم والسنة النبوية‬
‫المطهرة عرفت باسم "لجنة العجاز العلمى للقرآن والسنة "‬
‫وعقدت اللجنة جلستها الولى فى ‪ 27‬من رجب ‪1418‬هجرية )‬
‫الموافق ‪ 27‬من نوفمبر سنة ‪1997‬ميلدية ( ‪.‬‬

‫وقد قامت اللجنة بمراجعة التفسير العلمى لليات الكونية فى‬


‫كتاب الله وتعد الن لنشر كتاب بتفسير هذه اليات قبل إعادة‬
‫طباعة "المنتخب" فى طبعة جديدة تضم هذه الضافات ‪.‬‬

‫هذا ‪,‬وقد جاء فى مقدمة الطبعة الولى من " المنتخب فى‬


‫تفسير القرآن الكريم" مايلى ‪ " :‬وسوف يتلو هذا التفسير‬
‫الوجيز تفسير آخر وسيط فى شىء من البسط يعنى فيه‬
‫بمزيد من البحث والنظر ‪,‬واستخلص العبر والداب‬
‫والتعاليم ‪,‬والتوجيهات التى تأخذ بيد المسلمين لينهضوا‬
‫ويكيفوا حياتهم على ماتقتضيه آيات هذا الذكر الحكيم من أخذ‬
‫بأسباب القوة والعزة والكرامة ‪,‬ويشار فيه إلى ماترشد إليه‬
‫اليات من نواميس الحياة وأسرار الكون ووقائعه العلمية التى‬
‫لم تعرف فى العصور الخيرة – عصور الكشف العلمى ‪,‬ول‬
‫يمكن أن يكون القرآن الكريم قد أشار إليها إل لنه ليس من‬
‫كلم البشر ولكنه من كلم خلق القوى والقدر ‪,‬الذى وعد‬
‫بذلك فى محكم هذا الكتاب فقال‪ ) :‬سنريهم آياتنا فى الفاق‬
‫وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه‬
‫على كل شىء شهيد ( والله ولى التوفيق"‪.‬‬

‫ولعل ماتعده لجنة العجاز العلمى للقرآن والسنة الن‬


‫بالتعاون مع " لجنة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة "‬
‫بالمجلس هو ماسوف يتبلور قريبا إن شاء الله‪-‬تعالى – فيما‬
‫اقترحته اللجنة باسم " التفسير الوسيط " ‪.‬‬

‫‪ -2‬وقف العجاز العلمى للقرآن والسنة ‪ :‬فى أوائل سنة‬


‫‪ 1419‬هجرية) ‪ 1998‬ميلدية ( أوقف المستشار الدكتور محمد‬
‫شوقى الفنجرى مبلغ أربعمائة ألف جنيه مصرى لخدمة بحوث‬
‫القرآن الكريم خاصة فى مجال إعجازه العلمى بالمشاركة مع‬
‫بنك فيصل السلمى المصرى ‪,‬والذى التزم باستثمار هذا‬
‫المبلغ ‪,‬وبالمشاركة الوقفية بتقديم عائد مدعوم قدره خمسة‬
‫وسبعون ألف جنيه مصرى فى أول ديسمبر من كل عام‬
‫‪,‬بالضافة إلى التزامات أخرى منصوصة عليها فى حجة الوقف‬
‫التى صدر بقبولها وبيان أحكامه قرار شيخ الزهر رقم ‪304‬‬
‫لسنة ‪ 1419‬هجرية )‪1998‬ميلدية ( ‪ ,‬ورقم ‪1555‬لسنة ‪1422‬‬
‫هجرية ) ‪ 2001‬ميلدية( ‪.‬‬

‫وقد قامت اللجنة بعمل " كشاف مؤلفات العجاز العلمى‬


‫للقرآن الكريم " كقاعدة بيانات تعين العاملين فى هذا المجال‬
‫و" الكشاف " تحت الطبع الن ويشمل ملخصات لقرابة‬
‫المئتين وخمسين كتابا فى مختلف مجالت العجاز العلمى‬
‫للقرآن الكريم‪.‬‬

‫كذلك قامت اللجنة بالعلن عن عدد من الجوائز المالية في‬


‫صورة مسابقات محلية وعالمية تعقد في مجال خدمة بحوث‬
‫القرآن الكريم وخاصة في مجال العجاز العلمي ‪ ،‬أو في‬
‫صورة منح دراسية لدرجة الماجستير والدكتوراة أو إعانات‬
‫لنشر بعض البحوث ‪ ،‬أو في أي صورة أخرى تراها لجنة بحوث‬
‫القرآن الكريم بمجمع البحوث السلمية‪.‬‬

‫‪ -3‬جمعية العجاز العلمي للقرآن والسنة‪:‬‬


‫أنشئت هذه الجمعية في سنة ‪1407‬ه )‪1988‬م( للعمل على‬
‫تنشيط البحث في العجاز العلمي لكتاب الله ولسنة خاتم‬
‫أنبيائه ورسله ‪ ،‬وتشكيل اللجان اللزمة لذلك ‪ ،‬وعقد‬
‫المحاضرات والندوات ‪ ،‬واللقاءات الفكرية في هذين‬
‫المجالين ‪ ،‬والتصال بمختلف الجمعيات والهيئات المناظرة‬
‫في الداخل والخارج ‪.‬‬

‫وقد قامت الجمعية بنشر سلسلة كتب بعنوان )كتاب العجاز‬


‫في القرآن والسنة( تضم أعدادا من المحاضرات والندوات‬
‫التي ألقيت أو أديرت في الجمعية ‪ .‬وقد صدر من هذه‬
‫السلسلة إلى الن سبعة أعداد‪.‬‬

‫كذلك تقيم الجمعية مسابقة سنوية في قضية من قضايا‬


‫العجاز العلمي للقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة عقد‬
‫منها حتى الن خمس مسابقات‪.‬‬

‫‪ -4‬نقابة أطباء مصر‪:‬‬

‫وقد عقدت العديد من المؤتمرات الطبية التي ناقشت قضايا‬


‫إعجاز القرآن والسنة‪.‬‬

‫‪ -5‬رابطة الجامعات السلمية ‪:‬‬

‫وقد عقدت عددا ً من المؤتمرات تحت عنوان " التوجيه‬


‫السلمي للعلوم "بدءا ً من أكتوبر ‪1992‬م إلى اليوم‪.‬‬

‫‪ -6‬الجمعية الخيرية السلمية ‪:‬‬

‫وقد عقدت العديد من المحاضرات والندوات في موضوع‬


‫العجاز العلمي للقرآن والسنة‪.‬‬

‫‪ -7‬مشروع " العجاز الهندسي للقرآن الكريم "والقائم عليه‬


‫المهندس مجد مدبولي غريب والذي أقام العديد من‬
‫المسابقات في هذا المجال بدءا ً من سنة ‪1410‬هجرية )‬
‫‪1990‬م( وإلى اليوم ‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬في المملكة العربية السعودية ‪:‬‬


‫‪ -1‬هيئة العجاز العلمي ‪:‬‬

‫تأسست هذه الهيئة سنة ‪1406‬هجرية )‪1985‬م( بناءا ً على‬


‫قرار المجلس العلى العالمي للمساجد والتابع لرابطة العالم‬
‫السلمي ‪ ،‬واتخذت مبنى الرابطة بمكة المكرمة مقرا ً لها‪.‬‬
‫وقد أقامت الهيئة فروعا ً لها في داخل المملكة وخارجها‬
‫تحقيقا ً لهدافها المتمثلة في نشر أوجه العجاز العلمي في‬
‫القرآن والسنة وذلك بوضع القواعد والمناهج وطرق البحث‬
‫العلمي التي تضبط الجتهادات في بيان العجاز العلمي‬
‫للقرآن والسنة ‪ ،‬وإعداد جيل من العلماء والباحثين في هذين‬
‫المجالين ‪ ،‬والعمل على التأصيل السلمي لدراسات العلوم‬
‫البحتة والتطبيقية ‪ ،‬وعقد المؤاتمرات والندوات والتعاون مع‬
‫الجامعات والهيئات العلمية من أجل تحقيق ذلك ‪ ،‬والقيام‬
‫بنشر نتائج هذا النشاط بكل الوسائل العلمية الممكنة ‪.‬‬

‫وقد تحولت هذه الهيئة من هيئة سعودية إلى هيئة عالمية في‬
‫سنة ‪1423‬هجرية )‪2001‬م( ‪ .‬وقدعقدت الهيئة سبعة مؤتمرات‬
‫دولية للعجاز العلمي في القرآن والسنة )في إسلم أباد‬
‫‪1408‬هجرية‪1987 /‬م ‪ ،‬وفي داكار‪/‬السنغال ‪1412‬هجرية‪/‬‬
‫‪1991‬م‪ ،‬وفي موسكو سنة ‪1414‬هجرية ‪1993 /‬م‪ ،‬وفي‬
‫ناندونج ‪ /‬اندونسيا ‪1415‬هجرية‪1994 /‬م ‪ ،‬وفي موريتانيا سنة‬
‫‪1419‬هجرية ‪1999 /‬م ‪ ،‬وفي لبنان ‪1421‬هجرية ‪2001 /‬م ‪،‬‬
‫وفي دبي غرة صفر سنة ‪1425‬هجرية‪22 /‬مارس ‪2004‬م(‪.‬‬

‫كذلك شاركت الهيئة في العديد من المؤتمرات والندوات‬


‫العلمية والطبية المحلية والدولية كذلك أصدرت الهيئة أكثر من‬
‫)‪(28‬كتيبا ً وكتابا ً وعشرات النشرات كما أصدرت حتى الن‬
‫عشرين عددا ً من مجلتها الفصلية "العجاز العلمي "وأعدت‬
‫موقعا ً لها على شبكة المعلومات الدولية )الشبكة العنكبوتية(‬
‫وأصدرت عددا ً من القراص المدمجة وأشرطة الفيديو ‪.‬‬
‫وللهيئة لجنة نسائية نشطة ‪ ،‬وفروع عديدة في داخل المملكة‬
‫وخارجها أهمها فروع القاهرة ‪ ،‬لبنان‪ ،‬وتركيا‪.‬‬

‫‪ -2‬مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف )المدينة‬


‫المنورة( وقد عقد عدة ندوات عن القرآن الكريم والسنة‬
‫النبوية المطهرة‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬في السودان‪:‬‬

‫نشط عدد من أساتذة الجامعات السودانية بإجراء بحوث‬


‫متميزة في قضية العجاز العلمي للقرآن الكريم وذلك من‬
‫خلل " المركز العالمي لبحاث اليمان "والذي دعا لجتماع‬
‫عقد بالخرطوم في ‪ 4 ،3‬من شعبان ‪1423‬هجرية )الموافق‬
‫‪ 21 ،20‬من أكتوبر ‪2001‬م( لبحث التنسيق فيما بين الجهات‬
‫العاملة في مجال اللعجاز العلمي في القرآن الكريم حضره‬
‫ممثلون عن الجمعيات والمنظمات السعودية والمصرية‬
‫والسودانية ‪ .‬وقد تم في هذا الجتماع وضع ميثاق للتنسيق‬
‫والتكامل بين مختلف الهيئات والمنظمات والمراكز المهتمة‬
‫بقضية اللعجاز العلمي للقرآن والسنة كذلك تقوم مجلة "‬
‫تفكر " نصف السنوية والمنبثقة عن معهد إسلم المعرفة‬
‫بجامعة الجزيرة والتى بدات فى الصدور ابتداءا من ‪1420‬‬
‫هجرية ‪1999/‬ميلدية بنشر عدد من بحوث إعجاز القرآن ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬فى الردن ‪:‬‬

‫‪ -1‬الجمعية الردنية للعجاز العلمى فى القرآن والسنة ‪:‬‬


‫انبثاقا من جمعية المحافظة على القرآن الكريم تم تأسيس‬
‫الجمعية الردنية للعجاز العلمى فى القرآن والسنة فى هذه‬
‫السنة ‪ 1426‬هجرية )‪2005‬ميلدية ( وكانت جمعية المحافظة‬
‫على القرآن الكريم قد بدأت الهتمام بقضية العجاز العلمى‬
‫للقرآن الكريم منذ عدة سنوات ‪ ,‬وعقدت لذلك عدة ندوات‬
‫ومحاضرات وجلسات نقاشية ‪,‬كما نشرت العديد من المقالت‬
‫فى مجلتها الفرقان ‪,‬وهى مجلة شهرية تقوم على خدمة‬
‫القرآن وعلومه ‪.‬‬

‫‪ -2‬جامعة الزرقاء الهلية ‪ :‬دعت جامعة الزرقاء الهلية إلى‬


‫عقد مؤتمر عالمى للعجاز العلمى فى القرآن الكريم فى‬
‫الفترة من ‪ 20-18‬رجب ‪ 1426‬هجرية ) الموافق ‪25-23‬من‬
‫أغسطس سنة ‪ 2005‬ميلدية (‪.‬‬

‫وتنوى جامعة اليرموك وعدد من الجامعات الردنية تبنى‬


‫برنامج دراسى يطرح لجميع طلب الجامعة كوسيلة من وسائل‬
‫نشر هذا الفكر وكتشاف المواهب الشابة القادرة على‬
‫الستمرارفيه فى مستوى الدراسات العليا ‪.‬‬

‫‪ -3‬المعهد العالى للعجاز القرآنى ‪ :‬وقدتم افتتاحه رسميا‬


‫فى يوم السبت ‪ 21‬من ربيع الول سنة ‪ 1426‬هجرية‬
‫) الموافق ‪ 30‬ابريل سنة ‪ 2005‬ميلدية (‪.‬‬

‫والمعهد يعد دورات تدريبية فى العجاز القرآنى ذات ثلثة‬


‫مستويات )ابتدائية ‪,‬ومتقدمة ‪,‬ومتخصصة (‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬المغرب ‪:‬‬


‫‪ -1‬الهيئة المغربية للعجاز العلمى فى القرآن والسنة ‪:‬‬

‫تأسست الهيئة المغربية للعجاز العلمى فى القرآن والسنة‬


‫فى سنة ‪1425‬هجرية ) الموافق ‪ 2004‬ميلدية ( ‪,‬ونظمت‬
‫الندوة الوطنية الولى للعجاز العلمى فى القرآن والسنة‬
‫وذلك فى يومى ‪ 28, 27‬نوفمبر سنة ‪ 2004‬ميلدية ‪.‬‬

‫كما عقدت عدد من المحاضرات فى العامين ‪ 2004‬م‪2005,‬م‬


‫فى مدن الدار البيضاء ‪,‬الرباط ‪,‬القنيطرة ‪,‬طنجة ‪,‬فاس‬
‫‪,‬ومكناس ‪.‬‬

‫‪ -2‬شعبة الدراسات السلمية بجامعة محمد الخامس – الرباط ‪:‬‬


‫تهتم هذه الشعبة بالدراسات القرآنية وعقدت ندوات بهذا‬
‫الخصوص كان من أحدثها الندوة العلمية المعنوية ‪ ":‬القرآن‬
‫الكريم وأبعاده التربوية والحضارية " والتى عقدت فى أيام ‪-7‬‬
‫‪ 9‬من شهر صفر سنة ‪ 1426‬هجرية ) الموافق ‪ 19-17‬من‬
‫شهر مارس سنة ‪ 2005‬ميلدية (‪,‬وندوة " القرآن الكريم‬
‫ومناهج تدريسه " والتى عقدت حلقتها الثامنة بمدينة طنجة‬
‫فى الفترة من ‪ 13‬إلى ‪ 16‬رمضان سنة ‪ 1414‬هجرية‬
‫) الموافق ‪27-24‬من فبراير سنة ‪ 1994‬ميلدية (‬

‫‪ -3‬شعبة الفيزياء بجامعة عبد الملك السعدى بمدينة تطوان ‪:‬‬


‫وقد دعت هذه الشعبة لعقد المؤتمر الوطنى الول للعجاز‬
‫العلمى فى القرآن والسنة والذى سوف يعقد إن شاء الله‬
‫تعالى فى يومى ‪ 18,19‬من جمادى الولسنة ‪ 1426‬هجرية‬
‫) الموافق ‪ 25,26‬من شهر يونيو سنة ‪ 2005‬ميلدية (‪.‬‬

‫‪ -4‬جمعية الدراسات القرآنية ) طنجة ( ‪ :‬عقدت هذه الجمعية‬


‫عدة ندوات للعناية بالقرآن الكريم منها " ندوة القرآن الكريم‬
‫ومناهج تدريسه " والتى عقدت فى شهر يوليو سنة ‪ 1991‬م ‪,‬‬
‫وندوة مناهج تدريس العلوم السلمية فى المراكز العلمية‬
‫العتيقة ودور القرآن الحديثه –الواقع والفاق والتى عقدت‬
‫فى شهر رمضان المبارك عام ‪1414‬هجرية )فبراير ‪ 1994‬م(‬
‫والتى أوصت بإنشاء معهد عال للدراسات القرآنية بمدينة‬
‫طنجة‬

‫‪ -5‬ملتقى أساتذة شعب الدراسات السلمية بكليات الداب‬


‫والعلوم النسانية وجامعة القرويين والمدارس العليا ‪ :‬والذى‬
‫دعا إلى عدد من الجتماعات والندوات منها ماعقد بمدينة‬
‫تطوان أيام ‪ 17-15‬يوليو سنة ‪ 1993‬م ‪,‬وفى أيام ‪ 16 -13‬من‬
‫رمضان المبارك سنة ‪1414‬هجرية ‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬الكويت ‪:‬‬

‫‪ -1‬يوجد بالكويت جمعيتان إسلميتان مهتمتان بالقرآنوالسنة‬


‫هم جمعية الصلح الجتماعى وصوتها مجلة " المجتمع "‬
‫السبوعية ‪,‬وذراعها اليمن " بيت القرآن" ‪,‬و" جمعية إحياء‬
‫التراث السلمى " وكل من الجمعيتين يفكر فى إنشاء لجنة‬
‫للعجاز العلمى فى القرآن والسنة ‪.‬‬

‫‪ -2‬المنظمة السلمية للعلوم الطبية ‪ :‬وقد عقدت العديد من‬


‫المؤتمرات الطبية التى ناقشت قضايا العجاز العلمى للقرآن‬
‫والسنة‬

‫سابعا ‪ :‬دولة المارات العربية المتحدة ‪:‬‬

‫يهتم العديد من " جمعيات القرآن الكريم " بدولة المارات‬


‫العربية المتحدة ‪,‬وفى مقدمتها مؤسسة" جائزة دبى للقرآن‬
‫الكريم " ‪,‬و" شبكة جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا " بقضية‬
‫العجاز العلمى للقرآن الكريم ‪,‬وجامعة عجمان بصدد إنشاء‬
‫كرسى لهذا التخصص إن شاء الله –تعالى‪-‬‬

‫ثامنا ‪ :‬فى العالم الغربى ‪:‬‬

‫هناك بدايات للهتمام بقضية العجاز العلمى للقرآن الكريم‬


‫والسنة النبوية المطهرة فى العديد من دول العالم الغربى من‬
‫أبرزها مايلى ‪:‬‬

‫‪ -1‬مشروع المعهد الثقافى السلمى بسويسرا )‪(.A.C.F.M.S‬‬

‫لقامة متحف باسم " متحف التواصل الحضارى للتعريف‬


‫بالسلم يركز على قضيتى " العجاز العلمى للقرآن والسنة "‬
‫و " إسهام علماء المسلمين الوائل فى تطور العلوم والتقنية‬
‫" وذلك بمدينة ) ل شودى فوند ( وعنوان المعهد كما يلى ‪) :‬‬
‫‪A.C.F.M.S. 109, AvenueLeopoldRobet,2300La chaux-‬‬
‫‪(deFonds,Suisse‬‬

‫‪ -2‬جمعية العجاز العلمى للقرآن والسنة بولية كاليفورنيا ‪:‬‬


‫أنشئت هذه الجمعية فى سنة ‪ 1994‬ميلدية بمدينة ) أورانج‬
‫كاونتى ( بولية كاليفورنيا بواسطة عدد من العلماء والطباء‬
‫المسلمين العاملين بالولية ‪,‬ومنذ تأسيسها تقوم الجمعية‬
‫بعقد الندوات والمحاضرات العلمية بطريقة دورية ‪,‬وتخطط‬
‫لصدار مجلة ناطقة باسمها وإنشاء معهد للدراسات‬
‫القرآنية ‪,‬ولكن تعثرت هذه المشروعات نتيجة للتضييق على‬
‫العمل السلمى بالغرب بعد أحداث ‪ 2001\9\11‬م‬

‫آفاق قضية العجاز العلمى للقرآن الكريم‬

‫‪ -1‬الدعوة إلى تنسيق الجهود بين مختلف الهيئات والجمعيات‬


‫والمنظمات العاملة فى مجال العجاز العلمى للقرآن الكريم‬
‫والسنة النيوية المطهرة‬

‫‪ -2‬العمل على وضع مناهج لتدريس مادة " العجاز العلمى"‬


‫فى مختلف مستويات ومراحل التعليم ‪.‬‬

‫‪ -3‬تشجيع الدارسين للدرجات العلمية العليا والباحثين على‬


‫اتخاذ اليات الكونية فى كتاب الله وفى سنة رسوله –صلى‬
‫الله عليه وسلم – منطلقا لبحوثهم البحتة والتطبيقية‬

‫‪ -4‬دعوة كل من الباحثين وطلب الدراسات العليا على‬


‫النطلق من كل من آيات القرآن الكريم وأحاديث المصطفى‬
‫–صلى الله عليه وسلم‪ -‬للوصول إلى حقائق علمية جديدة‪.‬‬

‫‪ -5‬العمل على ترجمة النتائج المتميزة من بحوث العجاز‬


‫العلمي للقرآن والسنة إلى عدد من اللغات الجنبية‪.‬‬

‫‪ -6‬الدعوة إلى عقد المؤتمرات والندوات الدولية والمحلية‬


‫حول قضايا العجاز العلمي للقرآن والسنة في داخل الدول‬
‫العربية والسلمية وفي غيرها من دول العالم‪.‬‬

‫‪ -7‬التعاون من أجل إصدار تفسير جديد للقرآن الكريم يوفي‬


‫اليات الكونية حقها ‪ ،‬ثم إصدار تراجم لهذا التفسير وللقرآن‬
‫الكريم لتصحيح الخطاء الواردة في التراجم القديمة بخصوص‬
‫هذه اليات الكونية ‪ ،‬وتكرار هذا العمل بالنسبة لحاديث رسول‬
‫الله –صلى الله عليه وسلم‪.-‬‬

‫مبررات الهتمام بقضية العجاز العلمى فى القرآن الكريم‬


‫من مبررات الهتمام بقضية العجاز العلمى فى القرآن‬
‫الكريم ما يلى ‪:‬‬

‫أول ‪ :‬إن القرآن الكريم أنزل إلينا لنفهمه ‪ ،‬واليات الكونية‬


‫فيه ل يمكن فهمها فهما صحيحا فى إطار اللغة وحدها – على‬
‫أهمية ذلك وضرورته – ‪ ،‬انطلقا من شمول الدللة القرآنية ‪،‬‬
‫ومن كلية المعرفة التى ل تتجزأ ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬إن الدعوة بالعجاز العلمى لكل من القرآن الكريم‬


‫والسنة النبوية المطهرة هى الوسيلة المناسبة لهل عصرنا –‬
‫عصر العلم والتقنية – الذى فتن الناس فيه بالعلم ومعطياته‬
‫فتنة كبيرة ‪ ،‬ونبذ أغلب أهل الرض الدين وراء ظهورهم‬
‫ونسوه وأنكروا الخلق والخالق ‪ ،‬كما أنكروا البعث والحساب‬
‫والجنة والنار وغير ذلك من الغيبيات ؛ لن هذه الصول قد‬
‫شوهت فى معتقداتهم تشويها كبيرا ولم تعد مقنعة لهم ‪ ،‬أو‬
‫دفعت بالبعض منهم إلى التعصب العمى دون أدنى بصيرة ‪،‬‬
‫والنطلق بهذه العصبية العمياء لمحاربة الحق وأهله متمثل‬
‫فى السلم العظيم كما تكامل وحفظ فى بعثة النبى‬
‫والرسول الخاتم –صلى الله عليه وسلم‪ ، -‬وعلى ذلك فلم يبق‬
‫أمام أهل عصرنا من وسيلة مقنعة بالدين السلمى الحنيف‬
‫قدر إقناع العجاز العلمى فى كتاب الله وفى سنة خاتم‬
‫أنبيائه ورسله – صلى الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين –‬
‫‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الصل فى الحضارات أنها تتكامل فيما بينها ول‬


‫تتصارع ‪ ،‬ولكن فى زمن العولمة الذى نعيشه تحاول الحضارة‬
‫المادية الغالبة – بما فيها من كفر بواح أو شرك صراح – أن‬
‫تفرض من قيمها الهابطة ‪ ،‬وأخلقياتها الساقطة ‪ ،‬ومادياتها‬
‫الجارفة على غيرها من الحضارات ‪ ،‬وتوظف فى ذلك كل ما‬
‫توفر لها من وسائل الغلبة المادية وأسبابها – وليس احتلل‬
‫شراذم الصهاينة المجرمين لرض فلسطين ‪ ،‬وتجبرهم فى‬
‫تعذيب وإذلل أهل الرض الصليين ‪,‬ومحاولت القضاء‬
‫عليهم ‪,‬وليس الغزو الغربى النجلوأمريكى الجائر لكل من‬
‫أفغانستان والعراق ‪ ،‬ول جرائم كل من الصرب والكروات على‬
‫أرض البلقان ‪ ،‬ول الدعوات الباطلة بحتمية الصراع بين‬
‫الحضارات ‪ ،‬أو تبرير العديد من الجرائم والعتداءات على‬
‫حقوق النسان وعلى أراضى دول أعضاء فى هيئة المم تحت‬
‫مظلة الدعوى الباطلة المسماة بالحرب ضد الرهاب ‪ ،‬أو‬
‫الدعاوى الكاذبة تحت مسمى الخوف من السلم إل حلقات‬
‫فى هذا المخطط الشيطانى اللعين ‪ .‬وقد أسقط العداء من‬
‫أيدى المسلمين فى هذه اليام كل الوسائل المادية التى يمكن‬
‫لهم الدفاع بها عن دمائهم وأعراضهم وأراضيهم وممتلكاتهم‬
‫ودينهم ومقدساتهم ‪ ،‬وذلك فى سلسلة طويلة من المؤامرات‬
‫التى بدأت باحتلل أراضى غالبية الدول المسلمة ‪ ،‬والعمل‬
‫على تغريبها ‪ ،‬ثم السعى الدءوب من أجل إلغاء دولة الخلفة‬
‫السلمية بعد إنهاكها وإضعافها حتى تم إسقاطها فى الربع‬
‫الول من القرن العشرين )سنة ‪1924‬م( ‪ ،‬ثم العمل على‬
‫تمزيق المة إلى أكثر من خمس وخمسين دولة ودويلة ‪ ،‬ونهب‬
‫كل خيراتها وثرواتها وتنصيب أنماط من الحكومات المتعارضة‬
‫عليها للحيلولة دون إمكانية توحدها ‪ ،‬بل العمل الدءوب من‬
‫أجل المزيد من تفتيتها فى زمن التكتلت البشرية الكبيرة‬
‫الذى نعيشه ‪ ،‬ثم غرس كيان صهيونى غريب من حثالت المم‬
‫ونفايات الشعوب فى قلب المة لفسادها ‪ ،‬وإثارة الحروب‬
‫والقلقل والفتن بين أبنائها ‪ ،‬ولترسيخ العداوات بين الشقاء‬
‫للحيلولة دون توحدهم وإشاعة الفكار الهدامة والسلوكيات‬
‫المنحطة والخلقيات المنهارة لخراج المة عن دينها‬
‫وأخلقها وقيمها وأعرافها والعمل على المزيد من تغريبها‬
‫لتيسير الهيمنة عليها ‪.‬‬

‫ولم يبق بأيدى أمة السلم من طوق للنجاة فى زمن الغربة‬


‫الذى نعيشه إل المحافظة على دينها ؛ هذا الدين الخاتم الذى‬
‫ل يرتضى ربنا –سبحانه وتعالى‪ -‬من عباده دينا سواه وهو‬
‫وسيلة الدفاع الوحيدة التى بقيت بين أيدى مسلمى اليوم‬
‫لحماية أنفسهم ولنقاذ غيرهم من المم الضائعة من حولهم ‪،‬‬
‫والتى تهدد العالم كله بالدمار ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬إن كل من السلم والمسلمين يتعرض اليوم لهجوم‬


‫شرس فى كافة وسائل العلم بغير حق ‪ .‬والقائمون على تلك‬
‫الوسائل من غلة الصهاينة وغلة الصليبيين ‪ ،‬وأعداء الدين ‪،‬‬
‫ومن الشواذ جنسيا وسلوكيا والداعين إلى ذلك علنا بل أدنى‬
‫حياء أو خجل ‪ ،‬هؤلء جميعا ينكرون سماوية السلم ‪ ،‬وربانية‬
‫القرآن الكريم ‪ ،‬ونبوة خاتم المرسلين –صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫أو ينكرون الدين كلية فى وقاحة وبجاحة سافرة ‪ .‬وأهم‬
‫الوسائل وأنجعها للرد على هذا الهجوم هو إثبات العجاز‬
‫العلمى لكتاب الله ولسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫بالكلمة الطيبة والحجة الواضحة البالغة والمنطق السوى ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬إن العالم اليوم يتحرك فى اتجاه كارثة كبرى ‪،‬‬


‫وقودها تطور علمى وتقنى مذهل ‪ ،‬يطغى أصحابه ويغريهم‬
‫بإفناء وإبادة غيرهم فى غيبة الوعى الدينى الصحيح واللتزام‬
‫الخلقى والسلوكى اللذين يرعيان حق الله وحقوق الخوة‬
‫النسانية حق رعايتها ‪ .‬والمخرج من ذلك هو الدعوة للدين‬
‫الحق ‪ ،‬ومن أوضح وسائل الدعوة إليه هو ما فى كتاب الله‬
‫تعالى وفى سنة رسوله –صلى الله عليه وسلم‪ -‬من إعجاز‬
‫علمى واضح وضوح الشمس فى رابعة النهار ‪ .‬يقنع المنبهرين‬
‫بالعلم ومعطياته فى زمن تفجر المعارف العلمية الذى نعيشه‬
‫كما قد ل يقنعهم أى أسلوب آخر ‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬إننا – معشر المسلمين – قصرنا كثيرا فى التبليغ عن‬


‫الله تعالى وعن رسوله –صلى الله عليه وسلم‪ ، -‬وقد كلفنا‬
‫بالتبليغ عنهما ‪ .‬ونحن اليوم نجنى ثمار ذلك التقصير كله ‪:‬‬
‫حروبا طاحنة على كل أرض إسلمية من فلسطين والعراق‬
‫إلى البلقان ‪ ،‬ومنها إلى أرض الشيشان ‪ ،‬وكشمير ‪،‬‬
‫وأفغانستان ‪ ،‬وجنوب الفلبين ‪ ،‬وأراكان ‪ ،‬والصومال ‪،‬‬
‫والسودان وغيرها من أراضى المسلمين الغارقة فى بحار من‬
‫الدماء والشلء والخراب والدمار ‪ ،‬وإنا لله وإنا إليه راجعون ‪.‬‬
‫هذا بالضافة إلى حصار لكثر من دولة مسلمة ‪ ،‬ومصادرة‬
‫لبليين الدولرات من أموال المسلمين واحتلل عسكرى مقنع‬
‫لكل دولة من دول الجزيرة العربية وغالبية بلد الشام‬
‫والعراق ‪ ،‬وأفغانستان ‪ ،‬ومن الراضى المغربية سبتة ومليلة‬
‫وجزيرة ليلى ‪ ،‬والعديد من الجزر السيوية ‪.‬‬

‫وفى غمرة هذه المؤامرات الغربية ل ننسى مطاردة‬


‫المسلمين فى كل مكان من أماكن العالم ومحاولة اعتقالهم‬
‫وتجريمهم وإذللهم ‪ ،‬وتشويه سمعتهم بوصفهم بالرهاب تارة‬
‫وبالتخلف أخرى ‪ ،‬وليس ببعيد عن الذهان ما يجرى للمسلمين‬
‫اليوم من إذلل وامتهان وتجاوزات لكل حقوق النسان فى‬
‫معتقلت وسجون كل من الوليات المتحدة والبحر الكاريبى‬
‫من مثل )معتقل جوانتانامو( والعراق من مثل )سجن أبو‬
‫غريب( وأفغانستان وغيرها ‪.‬‬

‫سابعا ‪ :‬إن فى إثارة قضية العجاز العلمى لكل من القرآن‬


‫الكريم ‪ ،‬وسنة خاتم النبياء والمرسلين –صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬استنهاضا لعقول المسلمين واستثارة للتفكير‬
‫البداعى فيها وتشجيعا على استعادة الهتمام بقضية العلوم‬
‫والتقنية التى تخلفت فيها المة مؤخرا تخلفا كبيرا ‪ ،‬فى‬
‫الوقت الذى تقدمت فيه دول العالم الصناعية تقدما مذهل‬
‫حتى أصبح كم المعارف المتاح يتضاعف كل خمس سنوات ‪،‬‬
‫وتتجدد تقنياته مرة كل ثلث سنوات تقريبا ‪ ،‬وبذلك أخذت‬
‫الهوة الفاصلة بيننا وبينهم فى مجال العلوم والتقنية تزداد‬
‫اتساعا وعمقا يوما بعد يوم ‪ ،‬وأصبحت مخاطر ذلك علينا‬
‫تتضاعف مع تزايد تلك الهوة عمقا واتساعا ‪.‬‬

‫هذا بالضافة إلى حاجة العلوم المكتسبة اليوم إلى التأصيل‬


‫السلمى الدقيق إنصافا لكل من العلم والدين ‪ ،‬وذلك لن هذه‬
‫المعارف لم تنطلق فى بدء عصر النهضة إل بعد معارك شرسة‬
‫بين الكنيسة وطلب العلم ‪ ،‬وقد انتهت هذه المعارك بهزيمة‬
‫منكرة للكنيسة فانطلقت العلوم المكتسبة كلها فى الغرب من‬
‫منطلقات مادية بحتة‪ ,‬منكرة أو متجاهلة كل القضايا الغيبية‬
‫‪,‬فأنكرت الدين والروح والخلق والقيم ‪ ،‬وتقدمت علميا‬
‫وتقنيا تقدما مذهل دون فهم لرسالة النسان فى هذه الحياة‬
‫مما يشكل واحدة من أكبر الكوارث التى تواجه عالم اليوم ‪،‬‬
‫وصدق الله العظيم إذ يقول ‪:‬‬

‫ن‬ ‫ف ّ‬
‫كي َ‬ ‫من ْ َ‬
‫ن ُ‬
‫كي َ‬
‫ر ِ‬
‫ش ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬
‫ب َ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ه ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن كَ َ‬
‫فُروا ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫كُ ِ‬ ‫" لَ ْ‬
‫م يَ‬
‫ة " )البينة‪. (1:‬‬ ‫م ال ْب َي ّن َ ُ‬ ‫ْ‬
‫ه ُ‬
‫حّتى ت َأت ِي َ ُ‬ ‫َ‬

‫ثامنا ‪ :‬إن القرآن الكريم نزل للناس كافة ‪ :‬عربهم وعجمهم‬


‫س‬
‫غ ِللّنا َ ِ‬ ‫ذا َبل ٌ‬‫ه َ‬
‫وفى ذلك يقول ربنا –تبارك وتعالى‪َ " : -‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب"‬ ‫ّ‬
‫ول ِي َذّكَر أولو اللَبا ِ‬ ‫حد ٌ َ‬
‫وا ِ‬ ‫و إ ِل َ ٌ‬
‫ه َ‬ ‫ه َ‬
‫ما ُ‬ ‫عل َ ُ‬
‫موا أن ّ َ‬ ‫ول ِي َ ْ‬ ‫ول ِي ُن ْذَُروا ب ِ ِ‬
‫ه َ‬ ‫َ‬
‫)ابراهيم‪ . (52:‬ومعنى الية الكريمة أن القرآن الكريم بلغ‬
‫لكل الناس فى كل مكان وزمان ‪ .‬ويؤكد ربنا – عز من قائل –‬
‫هذا المعنى الكريم بقوله الجليل مخاطبا خاتم أنبيائه ورسله –‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ -‬آمرا إياه بأمره ‪:‬‬

‫وب َي ْن َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫هيدٌ ب َي ِْني َ‬ ‫ِ‬ ‫ه َ‬
‫ش‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫هادَةً ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ء أ َك ْب َُر َ‬‫ي ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ش‬‫ي َ‬ ‫لأ ّ‬
‫ق ْ َ‬ ‫" ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وُأو ِ‬
‫ن‬‫دو َ‬ ‫ه ُ‬‫ش َ‬ ‫م لت َ ْ‬ ‫غ أإ ِن ّك ُ ْ‬ ‫ن ب َل َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬ ‫م بِ ِ‬‫ذَرك ُ ْ‬‫ن ِلن ْ ِ‬ ‫قْرآ ُ‬ ‫ذا ال ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ي َ‬ ‫ّ‬ ‫ي إ ِل‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬
‫وإ ِن ِّني‬ ‫د‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫إ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ما‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫د‬ ‫ه‬‫ش‬ ‫ْ‬ ‫ل ل أَ‬ ‫ْ‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫رى‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ة أُ‬‫ً‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫آ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫أَ‬
‫ٌ َ‬ ‫َ ِ ٌ َ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫ن " )النعام‪. (19:‬‬ ‫كو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫ما ت ُ ْ‬ ‫م ّ‬‫ريءٌ ِ‬ ‫بَ ِ‬

‫وإذا كان جانب العجاز اللغوى ميسرا للعرب كى يفهموه فلبد‬


‫وأن يكون فى القرآن الكريم من الجوانب الخرى الميسرة‬
‫في‬‫م ِ‬ ‫فت ُ ْ‬ ‫خت َل َ ْ‬‫م َل ْ‬ ‫عدْت ُ ْ‬ ‫وا َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫و تَ َ‬ ‫لغير العرب كى يؤمنوا به ‪َ " :‬‬
‫َ‬ ‫قضي الل ّ َ‬
‫ن‬‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫هلك َ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫َ‬
‫هل ِك َ‬ ‫ً‬
‫عول ل ِي َ ْ‬ ‫ْ‬
‫مف ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مرا ً كا َ‬
‫َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ن ل ِي َ ْ ِ َ‬‫ول َك ِ ْ‬
‫عاِد َ‬ ‫مي َ‬‫ال ْ ِ‬
‫م " )النفال‪:‬‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫مي ٌ‬ ‫س ِ‬‫ه لَ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫وإ ِ ّ‬‫ة َ‬
‫ن ب َي ّن َ ٍ‬
‫ع ْ‬
‫ي َ‬‫ح ّ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫حَيى َ‬ ‫وي َ ْ‬
‫ة َ‬ ‫ب َي ّن َ ٍ‬
‫‪. (42‬‬
‫خاتمة‬

‫القرآن الكريم هو الصورة الوحيدة من كلم رب العالمين‬


‫المحفوظة بين أيدى الناس اليوم بنفس لغة وحيها – اللغة‬
‫العربية – ولذلك فهو معجز فى كل أمر من أموره ؛ لنه لبد‬
‫وأن يكون مغايرا لكلم البشر ‪ ،‬فهو معجز فى بيانه ونظمه ؛‬
‫لنه ليس بالشعر ول بالنثر ‪ ،‬ولكنه نمط من العربية فريد ‪،‬‬
‫وصياغة متميزة ‪ ،‬لم يدركها فصحاء العرب وبلغاؤهم وهم فى‬
‫قمة من قمم الفصاحة والبلغة وحسن البيان ‪ ،‬وعجزوا عن‬
‫التيان بشىء من مثله ‪.‬‬

‫وبما أن القرآن الكريم هو بيان من الله تعالى فلبد وأن يكون‬


‫كل ما فيه حقا مطلقا ‪ :‬حديثه عن العقيدة ؛ وهى غيب‬
‫مطلق ‪ ،‬وعن العبادة ؛ وهى أوامر إلهية محضة ‪ ،‬وعن كل من‬
‫الخلق والمعاملت ؛ وهى ضوابط للسلوك ‪.‬والتاريخ يؤكد لنا‬
‫أن النسان كان عاجزا دوما عن وضع ضوابط فى أى من هذه‬
‫القضايا لنفسه بنفسه ‪.‬‬

‫وكذلك إشارات القرآن الحكيم إلى الكون ومكوناته وبعض‬


‫أشيائه وظواهره ؛ لنه كلم الخالق ‪ ،‬ومن أدرى بالخلق من‬
‫خالقه ؟! ‪ ،‬واستعراضه لسير أعداد من النبياء السابقين ‪،‬‬
‫والمم البائدة التى لم يدون لنا التاريخ شيئا عنها ‪،‬‬
‫والكتشافات الثرية المتتابعة تثبت صدق القرآن الكريم فى‬
‫جميع ما أورد ‪.‬‬

‫والقرآن الكريم هو أيضا معجز فى دستوره التربوى الفريد ‪،‬‬


‫وفى خطابه إلى النفس النسانية وارتقائه بها فى معارج الله‬
‫العليا إلى ما ل يمكن لى خطاب آخر أن يصل ‪ ،‬وفى إنبائه‬
‫بعدد من الغيوب التى تحققت من قبل ول تزال تتحقق ‪ ،‬وفى‬
‫تحديه للنس والجن مجتمعين أن يأتوا بسورة من مثله دون أن‬
‫يتمكن عاقل من التقدم ليقول ‪ :‬نعم لقد استطعت أن أكتب‬
‫سورة من مثل سور القرآن الكريم ‪.‬‬

‫وعلى ذلك تتعدد جوانب العجاز القرآنى ‪ -‬بمعنى عجز البشر‬


‫عن التيان بشىء من مثله‪ -‬بتعدد الزوايا التى ينظر منها‬
‫إنسان محايد إلى كتاب الله ‪ ،‬ومن هذه الجوانب ‪:‬‬

‫‪ – 1‬العجاز اللغوى ‪ ،‬الدبى ‪ ،‬البيانى ‪ ،‬البلغى ‪ ،‬النظمى ‪،‬‬


‫اللفظى ‪ ،‬والدللى ‪.‬‬
‫‪ – 2‬العجاز العقدى )العتقادى( ‪.‬‬

‫‪ – 3‬العجاز التعبدى )العبادى( ‪.‬‬

‫‪ – 4‬العجاز الخلقى ؛ بمعنى مواءمته للطبيعة البشرية بغير‬


‫غلو ول إقلل‬

‫‪ – 5‬العجاز التشريعى كما يتضح فى فقه المعاملت ‪.‬‬

‫‪ – 6‬العجاز التاريخى الذى تؤكده الكتشافات الثرية للمم‬


‫البائدة التى جاء ذكرها فى القرآن الكريم ‪.‬‬

‫‪ – 7‬العجاز التربوى ‪.‬‬

‫‪ – 8‬العجاز النفسى ‪.‬‬

‫‪ – 9‬العجاز القتصادى ‪.‬‬

‫‪ – 10‬العجاز الدارى ‪.‬‬

‫‪ – 11‬العجاز النبائي أو العلمي بأمور غيبية غيبة مؤقتة أو‬


‫مطلقة ‪.‬‬

‫‪ – 12‬العجاز العلمى ‪.‬‬

‫‪ – 13‬إعجاز التحدى للنس والجن مجتمعين أن يأتوا بشىء من‬


‫مثله فى أسلوبه ‪ ،‬أو مضمونه أو محتواه ‪ ،‬ولم يتمكن أحد من‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫‪ – 14‬إعجاز حفظه بنفس لغة وحيه ‪-‬اللغة العربية‪ -‬على مدى‬


‫أربعة عشر قرنا أو يزيد ‪ ،‬وإلى قيام الساعة دون أن يضاف‬
‫إليه حرف واحد أو أن ينتقص منه حرف واحد ‪ ،‬فى الوقت‬
‫الذى تعرضت فيه كل صور الوحى السابقة للضياع ‪ ،‬وما بقى‬
‫من ذكريات بعضها على هيئة ترجمات غير معلوم من قاموا بها‬
‫ول الصول التي ترجمت عنها ‪ ،‬ول متى كتبت ول أين كتبت ‪،‬‬
‫ول بأى لغة كتبت ؟ قد تعرضت تلك الترجمات ول تزال تتعرض‬
‫للتحريف تلو التحريف ‪ ،‬والتحرير بعد التحرير ‪ ،‬وإلى التبديل‬
‫والتغيير ‪ ،‬وإلى الحذف والضافة ‪ ،‬وإلى غير ذلك ‪ ،‬من صور‬
‫التقول على الله الذى ل يزال مستمرا إلى يومنا هذا ‪ ،‬مما‬
‫أخرج تلك الرسالت السماوية السابقة عن إطارها الربانى ‪،‬‬
‫وجعلها عاجزة عن هداية أتباعها والمنتسبين إليها إسما ‪،‬‬
‫وهذا هو السبب الحقيقى من وراء المظالم العديدة التى‬
‫تجتاح مختلف بقاع الرض اليوم ‪ ،‬وتغرقها فى بحار من الدماء‬
‫والشلء ‪ ،‬والخراب والدمار باسم الدين ‪ ،‬والدين الحقيقى‬
‫منها براء ‪ ،‬وليس أدل على ذلك من الجرائم البشعة التى‬
‫ترتكب باسم اليهودية على أرض فلسطين منذ أكثر من‬
‫خمسين سنة وحتى اليوم ‪ ،‬والجرائم التى ارتكبت ول تزال‬
‫ترتكب بشراسة منقطعة النظير على أرض كل من البلقان ‪،‬‬
‫والعراق ‪ ،‬وأفغانستان ‪ ،‬والشيشان ‪ ،‬وجنوب السودان ‪،‬‬
‫وجنوب الفلبين باسم المسيحية ‪ ،‬والجرائم التى ارتكبت ول‬
‫تزال ترتكب على أراضى الهند ‪ ،‬وتايلند باسم كل من‬
‫الهندوكية والبوذية ‪ ،‬والجرائم التى ارتكبت ول تزال فى كثير‬
‫من أراضى المسلمين فى القديم والحديث وذكريات الحروب‬
‫الصليبية ‪ ،‬وجراح خروج المسلمين من الندلس ل تزال تدمى‬
‫قلوب كل إنسان عنده بقية من إنسانية ‪.‬‬

‫ولهذه المفاضلة بين كتب تركت لصحابها فضيعوها ‪ ،‬وكتاب‬


‫تعهد الله بحفظه فحفظ ‪ ،‬امتدح ربنا –تبارك وتعالى‪ -‬القرآن‬
‫الكريم فى العديد من آياته والتى منها قوله عز من قائل ‪:‬‬

‫ن " )البقرة‪(1،2:‬‬
‫قي َ‬ ‫ى ل ِل ْ ُ‬
‫مت ّ ِ‬ ‫هد ً‬
‫ه ُ‬
‫في ِ‬
‫ب ِ‬ ‫ك ال ْك َِتا ُ‬
‫ب ل َري ْ َ‬ ‫* " الم * ذَل ِ َ‬
‫‪.‬‬
‫عبدَنا َ ْ‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫ة ّ‬
‫سوَر ٍ‬‫فأُتوا ب ِ ُ‬ ‫عَلى َ ْ ِ‬ ‫ما ن َّزل َْنا َ‬‫م ّ‬
‫ب ِ‬‫في َري ْ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬‫وإ ِ ْ‬
‫*" َ‬
‫ن"‬‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬
‫م َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫ه إِ ْ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬‫م ْ‬ ‫م ِ‬‫داءَك ُ ْ‬
‫ه َ‬
‫ش َ‬‫عوا ُ‬ ‫وادْ ُ‬‫ه َ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬
‫ِ‬
‫)البقرة‪. (23:‬‬
‫ل إل َي َ َ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫وال ْ َ‬
‫ملئ ِك َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عل ْ ِ‬
‫م ِ‬ ‫ك أن َْزل َ ُ‬
‫ه بِ ِ‬ ‫ما أن َْز َ ِ ْ‬‫هد ُ ب ِ َ‬ ‫ه يَ ْ‬
‫ش َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫* " لك ِ ِ‬
‫هيدا ً " )النساء‪. (166:‬‬ ‫ش ِ‬ ‫ه َ‬‫فى ِبالل ّ ِ‬ ‫وك َ َ‬ ‫ن َ‬‫دو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ش َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ذَر أ ّ‬‫ول ِت ُن ْ ِ‬‫ه َ‬‫ن ي َدَي ْ ِ‬‫ذي ب َي ْ َ‬ ‫صدّقُ ال ّ ِ‬‫م َ‬‫ك ُ‬ ‫ب أن َْزل َْناهُ ُ‬
‫مَباَر ٌ‬ ‫ذا ك َِتا ٌ‬ ‫ه َ‬‫و َ‬
‫*" َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬
‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن بِ ِ‬‫مُنو َ‬ ‫ْ‬
‫ة ي ُؤ ِ‬ ‫خَر ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ِبال ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ْ‬
‫ن ي ُؤ ِ‬‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫وال ِ‬‫ها َ‬ ‫َ‬
‫ول َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫قَرى َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن " )النعام‪. (92:‬‬ ‫ظو َ‬ ‫ف ُ‬‫حا ِ‬ ‫م يُ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عَلى َ‬
‫صلت ِ ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ق‬
‫دي َ‬‫ص ِ‬
‫ن تَ ْ‬‫ول َك ِ ْ‬‫ه َ‬‫ن الل ّ ِ‬‫دو ِ‬‫ن ُ‬‫م ْ‬‫فت ََرى ِ‬‫ن يُ ْ‬‫نأ ْ‬ ‫قْرآ ُ‬‫ذا ال ْ ُ‬ ‫ه َ‬‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬
‫*" َ‬
‫ن"‬‫مي َ‬ ‫َ‬
‫عال ِ‬ ‫ْ‬
‫ب ال َ‬ ‫ن َر ّ‬ ‫م ْ‬‫ه ِ‬‫في ِ‬‫ب ِ‬‫ب ل َري ْ َ‬ ‫ْ‬
‫ل الك َِتا ِ‬ ‫صي َ‬‫ف ِ‬ ‫وت َ ْ‬
‫ه َ‬‫ن ي َدَي ْ ِ‬‫ذي ب َي ْ َ‬‫ال ّ ِ‬
‫)يونس‪. (37:‬‬
‫ل َ ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫فت ََرَيا ٍ‬‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬ ‫ر ِ‬ ‫و ٍ‬‫س َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫فأُتوا ب ِ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫فت ََراهُ ُ‬ ‫نا ْ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫*"أ ْ‬
‫م‬ ‫فإ ِل ّ ْ‬
‫ن* َ‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬‫عت ُ ْ‬ ‫ست َطَ ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ِ‬ ‫عوا َ‬ ‫وادْ ُ‬ ‫َ‬
‫و‬ ‫ه‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫إ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ما‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫موا‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫فا‬‫َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫بوا‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ ِ‬ ‫ِ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫يَ ْ ِ ُ‬
‫جي‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫س‬
‫فه ْ َ‬
‫ن " )هود‪. (13،14:‬‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ل أن ْت ُ ْ‬ ‫َ َ‬
‫ُ‬
‫ول َك ِ ّ‬
‫ن‬ ‫ق َ‬ ‫ك ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ن َرب ّ َ‬
‫م ْ‬ ‫ل إ ِل َي ْ َ‬
‫ك ِ‬ ‫ز َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي أن ْ ِ‬ ‫ت ال ْك َِتا ِ‬
‫ب َ‬ ‫ك آَيا ُ‬‫* " المر ت ِل ْ َ‬
‫َ‬
‫ن " )الرعد‪. (1:‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫س ل يُ ْ‬‫أك ْث ََر الّنا ِ‬

‫ت إ َِلى الّنو ِ‬
‫ر‬ ‫ن الظّل ُ َ‬
‫ما ِ‬ ‫م َ‬
‫س ِ‬
‫ج الّنا َ‬‫ر َ‬‫خ ِ‬‫ك ل ِت ُ ْ‬‫ب أ َن َْزل َْناهُ إ ِل َي ْ َ‬ ‫* " الر ك َِتا ٌ‬
‫د " )إبراهيم‪. (1:‬‬ ‫مي ِ‬
‫ح ِ‬ ‫ْ‬
‫ز ال َ‬ ‫زي ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ْ‬
‫ط ال َ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫م إ ِلى ِ‬ ‫َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب ِإ ِذْ ِ‬
‫ن َرب ّ ِ‬
‫َ‬
‫د‬
‫ح ٌ‬
‫وا ِ‬ ‫و إ ِل َ ٌ‬
‫ه َ‬ ‫ه َ‬
‫ما ُ‬ ‫عل َ ُ‬
‫موا أن ّ َ‬ ‫ول ِي َ ْ‬ ‫ول ِي ُن ْذَُروا ب ِ ِ‬
‫ه َ‬ ‫س َ‬ ‫ذا َبل ٌ‬
‫غ ِلل َّنا ِ‬ ‫ه َ‬
‫*" َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ب " )ابراهيم‪. (52:‬‬ ‫ول ِي َذّك َّر أولو اللَبا ِ‬
‫َ‬

‫ن " )الحجر‪. (9:‬‬ ‫ف ُ‬


‫ظو َ‬ ‫ه لَ َ‬
‫حا ِ‬ ‫وإ ِّنا ل َ ُ‬
‫ن ن َّزل َْنا الذّك َْر َ‬
‫ح ُ‬
‫* " إ ِّنا ن َ ْ‬

‫م " )الحجر‪:‬‬
‫ظي َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ع ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫قْرآ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫مَثاِني َ‬ ‫سْبعا ً ِ‬
‫م َ‬ ‫ك َ‬ ‫ول َ َ‬
‫قدْ آت َي َْنا َ‬ ‫*" َ‬
‫‪. (87‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ه َ‬
‫ذا‬ ‫ل َ‬‫مث ْ ِ‬ ‫عَلى أ ْ‬
‫ن ي َأُتوا ب ِ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ج ّ‬ ‫وال ْ ِ‬‫س َ‬ ‫ت اْل ِن ْ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫م َ‬
‫جت َ َ‬
‫نا ْ‬ ‫ق ْ َ‬
‫ل لئ ِ ِ‬ ‫*" ُ‬
‫هيرا ً "‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ضظ ِ‬ ‫ع ٍ‬ ‫م ل ِب َ ْ‬
‫ه ْ‬
‫ض ُ‬‫ع ُ‬‫ن بَ ْ‬ ‫كا َ‬‫و َ‬‫ول َ ْ‬
‫ه َ‬‫مث ْل ِ ِ‬
‫ن بِ ِ‬‫ن ل ي َأُتو َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫قْرآ ِ‬
‫)السراء‪. (88:‬‬

‫جا‬
‫و َ‬
‫ع َ‬ ‫ل لَ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫ع ْ‬
‫ج َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ه ال ْك َِتا َ‬
‫ب َ‬ ‫د ِ‬ ‫عَلى َ‬
‫عب ْ ِ‬ ‫ذي أ َن َْز َ‬
‫ل َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫مدُ ل ِل ّ ِ‬ ‫* " ال ْ َ‬
‫ح ْ‬
‫" )الكهف‪. (1:‬‬

‫ن‬ ‫ت َذْك َِرةً ل ِ َ‬


‫م ْ‬ ‫قى * إ ِّل‬ ‫ش َ‬
‫ن ل ِت َ ْ‬
‫قْرآ َ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫ما أ َن َْزل َْنا َ‬
‫عل َي ْ َ‬ ‫* " طه * َ‬
‫عَلى " )طـه‪-1:‬‬ ‫ال ْ ُ‬ ‫ت‬‫وا ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫زيل ً ِ‬ ‫خ َ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫وال ّ‬‫ض َ‬ ‫ق الْر َ‬ ‫خل َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫م ّ‬ ‫شى * ت َن ْ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫‪. (4‬‬
‫َ‬ ‫ن ُأوُتوا ال ْ ِ‬
‫ه‬
‫مُنوا ب ِ ِ‬
‫ؤ ِ‬‫في ُ ْ‬ ‫ن َرب ّ َ‬
‫ك َ‬ ‫م ْ‬‫ق ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ه‬‫م أن ّ ُ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬
‫عل َ َ‬
‫ول ِي َ ْ‬‫*" َ‬
‫ط‬
‫صَرا ٍ‬‫مُنوا إ َِلى ِ‬ ‫نآ َ‬‫ذي َ‬‫ال ّ ِ‬ ‫هاِد‬ ‫ه لَ َ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫وإ ِ ّ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬‫قُلوب ُ ُ‬ ‫ه ُ‬‫ت لَ ُ‬ ‫خب ِ َ‬ ‫َ‬
‫فت ُ ْ‬
‫قيم ٍ " )الحج‪. (54:‬‬ ‫ست َ ِ‬‫م ْ‬ ‫ُ‬

‫ذيرا ً *‬
‫ن نَ ِ‬‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬‫ن ل ِل ْ َ‬
‫كو َ‬ ‫ه ل ِي َ ُ‬‫د ِ‬‫عب ْ ِ‬‫عَلى َ‬ ‫ن َ‬ ‫قا َ‬ ‫فْر َ‬‫ل ال ْ ُ‬ ‫ذي ن َّز َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬‫* " ت ََباَر َ‬
‫َ‬
‫ن لَ ُ‬
‫ه‬ ‫م ي َك ُ ْ‬‫ول َ ْ‬ ‫وَلدا ً َ‬‫خذ ْ َ‬ ‫م ي َت ّ ِ‬ ‫ول َ ْ‬
‫ض َ‬ ‫والْر ِ‬
‫ت َ ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬‫س َ‬
‫ك ال ّ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫ذي ل َ ُ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ديرا ً " )الفرقان‪:‬‬ ‫قدَّرهُ ت َ ْ‬
‫ق ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ق كُ ّ‬ ‫خل َ َ‬ ‫و َ‬ ‫ك َ‬ ‫مل ْ ِ‬
‫في ال ْ ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫ري ٌ‬‫ش ِ‬ ‫َ‬
‫‪. (1،2‬‬
‫ْ َ‬ ‫ق ْ َ‬
‫ن‬ ‫ه َ‬
‫كا َ‬ ‫ض إ ِن ّ ُ‬
‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬
‫وا ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫في ال ّ‬
‫سّر ِ‬ ‫عل َ ُ‬
‫م ال ّ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ذي ي َ ْ‬ ‫ل أن َْزل َ ُ‬ ‫*" ُ‬
‫حيما " )الفرقان‪. (6:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فورا َر ِ‬ ‫َ‬
‫غ ُ‬
‫َ‬
‫م‬‫ن*أ ْ‬ ‫عال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫ب ال ْ َ‬
‫ن َر ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫في ِ‬‫ب ِ‬‫ب ل َري ْ َ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫زي ُ‬‫* " الم * ت َن ْ ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫م ِ‬
‫ه ْ‬ ‫ما أَتا ُ‬‫وما َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ذَر َ‬
‫ك ل ِت ُن ْ ِ‬‫ن َرب ّ َ‬‫م ْ‬‫ق ِ‬‫ح ّ‬ ‫و ال َ‬ ‫ه َ‬‫ل ُ‬ ‫فت ََراهُ ب َ ْ‬ ‫نا ْ‬‫قوُلو َ‬ ‫يَ ُ‬
‫ن " )السجدة‪. (3-1:‬‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫م يَ ْ‬‫ه ْ‬ ‫ّ‬
‫عل ُ‬ ‫َ‬
‫كل َ‬ ‫قب ْل ِ َ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬‫ر ِ‬‫ذي ٍ‬‫نَ ِ‬
‫ُ‬ ‫ن ُأوُتوا ال ْ ِ‬
‫ق‬ ‫و ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ن َرب ّ َ‬
‫ك ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل إ ِل َي ْ َ‬
‫ك ِ‬ ‫ز َ‬
‫ذي أن ْ ِ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫وي ََرى ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫*" َ‬
‫د " )سـبأ‪. (6:‬‬ ‫مي ِ‬‫ح ِ‬ ‫ْ‬
‫ز ال َ‬ ‫زي ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ْ‬
‫ط ال َ‬
‫صَرا ِ‬ ‫َ‬
‫دي إ ِلى ِ‬ ‫ه ِ‬
‫وي َ ْ‬
‫َ‬

‫ب‬ ‫كيم ِ * إ ِّنا أ َن َْزل َْنا إ ِل َي ْ َ‬


‫ك ال ْك َِتا َ‬ ‫ز ال ْ َ‬
‫ح ِ‬ ‫زي ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫ع ِ‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫م َ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫زي ُ‬‫* " ت َن ْ ِ‬
‫ن " )الزمر‪. (1،2:‬‬ ‫دي َ‬‫ه ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫خِلصا ل ُ‬ ‫م ْ‬
‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬
‫د الل َ‬ ‫عب ُ ِ‬
‫فا ْ‬‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ِبال ْ َ‬

‫قْرآنا ً‬
‫ه ُ‬ ‫صل َ ْ‬
‫ت آَيات ُ ُ‬ ‫ب ُ‬
‫ف ّ‬ ‫حيم ِ * ك َِتا ٌ‬
‫ن الّر ِ‬ ‫زي ٌ‬
‫م ِ‬
‫ح َ‬
‫ن الّر ْ‬‫م َ‬
‫ل ِ‬ ‫* " حم * ت َن ْ ِ‬
‫ن " )فصلت‪. (3-1:‬‬ ‫مو َ‬ ‫َ‬
‫عل ُ‬ ‫وم ٍ ي َ ْ‬ ‫عَرب ِي ّا ً ل ِ َ‬
‫ق ْ‬ ‫َ‬

‫زيٌز * ل‬ ‫ع ِ‬‫ب َ‬ ‫ه ل َك َِتا ٌ‬‫وإ ِن ّ ُ‬


‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫جاءَ ُ‬ ‫ر لَ ّ‬
‫ما َ‬ ‫فُروا ِبالذّك ْ ِ‬ ‫ن كَ َ‬
‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬
‫* " إِ ّ‬
‫د‬ ‫زي ٌ‬ ‫خل ْ ِ‬ ‫ه ال َْباطِ ُ‬ ‫ْ‬
‫مي ٍ‬
‫ح ِ‬
‫كيم ٍ َ‬
‫ح ِ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ه ت َن ْ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬
‫ول ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ي َدَي ْ ِ‬
‫ن ب َي ْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ي َأِتي ِ‬
‫" )فصلت‪. (41،42:‬‬
‫ُ‬ ‫* " وك َذَل ِ َ َ‬
‫ول َ َ‬
‫ها‬ ‫ح ْ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬‫و َ‬‫قَرى َ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ذَر أ ّ‬‫عَرب ِي ّا ً ل ِت ُن ْ ِ‬
‫قْرآنا ً َ‬
‫ك ُ‬‫حي َْنا إ ِل َي ْ َ‬‫و َ‬‫كأ ْ‬ ‫َ‬
‫في‬‫ق ِ‬ ‫ري ٌ‬ ‫َ‬
‫وف ِ‬‫ة َ‬ ‫جن ّ ِ‬ ‫ْ‬
‫في ال َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ري ٌ‬ ‫َ‬
‫هف ِ‬ ‫في ِ‬‫ب ِ‬‫ع ل َري ْ َ‬ ‫ْ‬
‫م ِ‬ ‫ج ْ‬‫م ال َ‬ ‫و َ‬‫ذَر ي َ ْ‬ ‫وت ُن ْ ِ‬
‫َ‬
‫ر " )الشورى‪. (7:‬‬ ‫عي ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ال ّ‬

‫ك لَ َ‬
‫ع ّ‬
‫ل‬ ‫ري َ‬
‫ما ي ُدْ ِ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬ ‫وال ْ ِ‬
‫ميَزا َ‬ ‫ق َ‬
‫ح ّ‬‫ب ِبال ْ َ‬ ‫ذي أ َن َْز َ‬
‫ل ال ْك َِتا َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫* " الل ّ ُ‬
‫ب " )الشورى‪. (17:‬‬ ‫ري ٌ‬‫ق ِ‬ ‫ة َ‬‫ع َ‬‫سا َ‬
‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫* " وك َذَل ِ َ َ‬
‫ب‬‫ما ال ْك َِتا ُ‬ ‫ري َ‬ ‫ت ت َدْ ِ‬ ‫ما ك ُن ْ َ‬ ‫رَنا َ‬ ‫م ِ‬
‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ُروحا ً ِ‬ ‫حي َْنا إ ِل َي ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫َ‬
‫عَباِدَنا‬ ‫ن ِ‬ ‫ْ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ء‬ ‫شا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ِ َ ْ‬‫م‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫دي‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫نور‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ع‬‫َ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫لي‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ول ا‬ ‫َ‬
‫في‬ ‫ما ِ‬ ‫ه‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ذي‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫ط‬
‫ِ‬ ‫را‬‫َ‬ ‫ص‬
‫ِ‬ ‫*‬ ‫م‬ ‫قي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫س‬ ‫ُ ْ‬ ‫م‬ ‫ط‬
‫ٍ‬ ‫را‬ ‫َ‬ ‫ص‬ ‫ِ‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫دي‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫إ‬
‫َ ِ‬‫و‬
‫صير اْل ُ‬ ‫ٍ‬ ‫في اْل َرض َ‬
‫موُر " )الشورى‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫إ‬ ‫أل‬ ‫ِ‬ ‫ما‬ ‫َ َ‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ال ّ َ َ‬
‫ما‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ْ ِ‬
‫‪. (52،53‬‬

‫ق‪. (1:‬‬
‫د") ّ‬
‫جي ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫قْرآ ِ‬ ‫*"ق َ‬
‫ؤمُنون * َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مث ْل ِ ِ‬
‫ه إِ ْ‬ ‫ث ِ‬
‫دي ٍ‬ ‫فل ْي َأُتوا ب ِ َ‬
‫ح ِ‬ ‫َ‬ ‫ل ل يُ ْ ِ‬ ‫ول َ ُ‬
‫ه بَ ْ‬ ‫ق ّ‬ ‫قوُلو َ‬
‫ن تَ َ‬ ‫م يَ ُ‬
‫*"أ ْ‬
‫ن " )الطور‪. (33،34:‬‬ ‫قي َ‬
‫صاِد ِ‬ ‫َ‬
‫كاُنوا َ‬

‫ظ " )البروج‪. (21،22:‬‬ ‫ح ُ‬


‫فو ٍ‬ ‫م ْ‬
‫ح َ‬ ‫في ل َ ْ‬
‫و ٍ‬ ‫جيدٌ * ِ‬
‫م ِ‬
‫ن َ‬ ‫و ُ‬
‫قْرآ ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫* " بَ ْ‬
‫ل ُ‬

‫والقرآن الكريم هو فى الصل كتاب هداية فى أمر الدين‬


‫بركائزه الربع الساسية ‪ :‬العقيدة ‪ ،‬والعبادة ‪ ،‬والخلق ‪،‬‬
‫والمعاملت ؛ ولكن الله تعالى يعلم بعلمه المحيط أن النسان‬
‫سوف يصل فى يوم من اليام إلى زمن كزمننا الراهن ‪ ،‬يفتح‬
‫الله –سبحانه وتعالى‪ -‬فيه على النسان من معرفة بالكون‬
‫وسننه ما لم يفتح من قبل ‪ ،‬فيغتر النسان بالعلم ومعطياته‬
‫وتطبيقاته فى مختلف المجالت مما أوصل النسان إلى عدد‬
‫من التقنيات المتقدمة خاصة فى مجالت الشر من مثل‬
‫التجسس وصناعة السلحة غير التقليدية مما يعرف باسم‬
‫أسلحة الدمار الشامل والتطوير المذهل فى القدرات‬
‫التدميرية للسلحة التقليدية ‪ ،‬ومحاولة توظيف ذلك فى‬
‫الهيمنة على الشعوب الصغيرة واستنزاف ثرواتها وإذلل‬
‫أبنائها ‪ .‬كما تفعل كل من الوليات المتحدة وبريطانيا فى هذه‬
‫اليام ‪ .‬وقد دفعت القوة المادية العمياء المصاحبة لهذه‬
‫التقنيات المتطورة أبناء هذه المم إلى نسيان الموت ‪،‬‬
‫والحساب ‪ ،‬والخرة ‪ ،‬والجنة ‪ ،‬والنار ؛ خاصة وأن هذه‬
‫المفاهيم وغيرها من ركائز العقيدة قد اهترأت اهتراء شديدا‬
‫فى معتقدات غير المسلمين ؛ مما دفع كثيرا من علمائهم إلى‬
‫إنكارها والسخرية منها ؛ ولكى يقيم ربنا –سبحانه وتعالى‪-‬‬
‫الحجة على أهل عصرنا أبقى لنا فى محكم كتابه أكثر من ألف‬
‫آية كونية صريحة بالضافة على آيات أخرى تقترب دللتها من‬
‫الصراحة ‪ .‬وهذه اليات القرآنية تحوى من الشارات الكونية ما‬
‫لم يكن معروفا لحد من الخلق فى زمن الوحى ‪ ،‬ول لقرون‬
‫متطاولة من بعد زمن الوحى ‪ ،‬وذلك لهداف عديدة منها ما‬
‫يمكن إيجازه فيما يلى ‪:‬‬

‫أول ‪ :‬الشهادة للخالق بطلقة القدرة فى إبداعه لخلقه ‪ ،‬ومن‬


‫ثم الشهادة له –سبحانه وتعالى‪ -‬باللوهية ‪ ،‬والربوبية ‪،‬‬
‫والوحدانية ؛ لن كل شىء فى هذا الوجود قد خلق بقدر ‪،‬‬
‫وفى زوجية واضحة تشهد للخالق –سبحانه وتعالى‪ -‬بالوحدانية‬
‫المطلقة فوق جميع خلقه ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الشهادة لله تعالى أنه كما أبدع هذا الكون من العدم ‪،‬‬
‫وعلى غير مثال سابق ‪ ،‬فهو قادر على إفنائه إلى العدم ‪،‬‬
‫وعلى إعادة خلقه من جديد ؛ خاصة وأننا نرى الخلق من العدم‬
‫والفناء إلى العدم يتكرر أمام أنظارنا فى صفحة السماء ‪،‬‬
‫حيث تتباعد المجرات عن بعضها البعض بمعدلت تقترب من‬
‫سرعة الضوء ‪ ،‬وتتخلق المادة والطاقة لملء المسافات الناتجة‬
‫عن هذا التوسع من حيث ل نعلم ‪ .‬كذلك فإننا نرى مختلف‬
‫صور المادة والطاقة تبتلع بواسطة النجوم الخانسة الكانسة‬
‫‪-‬الثقوب السود‪ -‬إلى حيث ل نعلم ‪ ،‬ونرى التقاء اللبنات الولية‬
‫للمادة بأضدادها فتفنى إلى ما ل نعلم ‪!! ..‬‬

‫وعلى الرغم من ذلك بقيت قضية البعث وإنكار إمكانية وقوعه‬


‫هى الحجة الرئيسية للكفار والملحدين وللحائرين المتشككين ؛‬
‫لنهم من جهلهم يقيسون على الله تعالى بمقاييس البشر ‪،‬‬
‫والبشر ل يقدرون على الخلق ‪ ،‬ول على البعث بعد الموت ‪،‬‬
‫بينما‬

‫إرادة الله تعالى ل تحدها حدود ‪ ،‬ول يقف أمامها عائق ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬هذه الشارات الكونية فى القرآن الكريم قد صيغت‬
‫صياغة مجملة معجزة يفهم منها أهل كل عصر معنى من‬
‫المعانى يتناسب مع ما توافر لهم من علم بالكون ومكوناته ‪،‬‬
‫وتظل هذه المعانى تتسع باتساع دائرة المعرفة النسانية‬
‫باستمرار فى تكامل ل يعرف التضاد ‪ ،‬حتى يبقى القرآن‬
‫الكريم مهيمنا على المعرفة النسانية مهما اتسعت دوائرها ‪،‬‬
‫تصديقا لنبوءة المصطفى –صلى الله عليه وسلم‪ -‬فى وصفه‬
‫القرآن الكريم بأنه ‪ " :‬ل تنقضى عجائبه ‪ ،‬ول يخلق عن كثرة‬
‫الرد ")]‪. ([10‬‬

‫وليس هذا لغير كلم الله تعالى ‪ !! ..‬لنه ل يمكن لعاقل أن‬
‫يتخيل مصدرا لهذا الكم الهائل من الحقائق العلمية فى‬
‫القرآن الكريم غير الله الخالق ؛ لنه كتاب قد أنزل من قبل‬
‫ألف وأربعمائة سنة على نبى أمى –صلى الله عليه وسلم‪، -‬‬
‫وفى أمة كانت غالبيتها الساحقة من الميين ‪ ،‬وفى فترة‬
‫زمنية لم يكن لحد من الخلق إلمام بشىء من هذه الحقائق‬
‫العلمية التى لم تكتشف إل فى القرنين الماضيين ‪ ،‬ول تزال‬
‫تكتشف إلى اليوم وحتى يوم الدين ‪.‬‬

‫والشارات الكونية فى القرآن الكريم جاءت فى أكثر من ألف‬


‫آية صريحة ‪ ،‬بالضافة إلى آيات أخرى عديدة تقترب دللتها من‬
‫الصراحة ‪ ،‬وتشكل هذه اليات الكونية حوالى سدس مجموع‬
‫آيات القرآن الكريم ‪.‬‬

‫وهذه اليات الكونية ل يمكن فهمها فهما كامل فى إطارها‬


‫اللغوى فقط – على أهمية ذلك وضرورته – ول يمكن الوصول‬
‫إلى سبقها بالحقيقة الكونية – وهو ما نسميه بالعجاز العلمى‬
‫للقرآن الكريم – دون توظيف الحقائق العلمية التى توافرت‬
‫معرفتها لهل زمننا ؛ لن فى هذه اليات الكونية من المحتوى‬
‫العلمى ما ل يقف على دللته إل الراسخون فى العلم – كل‬
‫فى حقل تخصصه – ‪.‬‬

‫ومن هنا كانت تلك اليات القرآنية العديدة التى تشير إلى‬
‫مستقبلية الستكشاف فى دللت بعض اليات القرآنية ‪ ،‬وذلك‬
‫من مثل قوله تعالى ‪:‬‬

‫ن " )النعام‪. (67:‬‬ ‫عل َ ُ‬


‫مو َ‬ ‫ف تَ ْ‬
‫و َ‬
‫س ْ‬
‫و َ‬ ‫ست َ َ‬
‫قّر َ‬ ‫م ْ‬ ‫* " ل ِك ُ ّ‬
‫ل ن َب َأ ٍ ُ‬

‫وقوله عز من قائل ‪:‬‬

‫ل‬
‫ف ٍ‬
‫غا ِ‬ ‫ما َرب ّ َ‬
‫ك بِ َ‬ ‫و َ‬
‫ها َ‬ ‫ر ُ‬
‫فون َ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ه َ‬
‫فت َ ْ‬ ‫م آَيات ِ ِ‬‫ريك ُ ْ‬
‫سي ُ ِ‬ ‫مدُ ل ِل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫و ُ‬‫*" َ‬
‫ن " )النمل‪. (93:‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬
‫ما ت َ ْ‬
‫ع ّ‬
‫َ‬
‫وقوله –سبحانه وتعالى‪: -‬‬
‫َ‬
‫ص‪:‬‬
‫ن") ّ‬
‫حي ٍ‬
‫عد َ ِ‬
‫ن ن َب َأهُ ب َ ْ‬ ‫عل َ ُ‬
‫م ّ‬ ‫ول َت َ ْ‬
‫ن* َ‬ ‫عال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫و إ ِّل ِذك ٌْر ل ِل ْ َ‬
‫ه َ‬
‫ن ُ‬‫* " إِ ْ‬
‫‪. (87،88‬‬

‫وقوله –عز وجل‪: -‬‬


‫َ‬ ‫في أ َن ْ ُ‬
‫ه‬
‫م أن ّ ُ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫حّتى ي َت َب َي ّ َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫س ِ‬
‫ف ِ‬ ‫و ِ‬‫ق َ‬
‫فا ِ‬‫في اْل َ‬ ‫م آَيات َِنا ِ‬ ‫ه ْ‬
‫ري ِ‬ ‫س َن ُ ِ‬
‫*" َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هيدٌ " )فصلت‪. (53:‬‬ ‫ش ِ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫على ك ُ ّ‬ ‫ه َ‬‫ك أن ّ ُ‬ ‫م ي َك ْ ِ‬
‫ف ب َِرب ّ َ‬ ‫ول ْ‬ ‫قأ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ح ّ‬

‫وفى المقابل فإننا نجد اليات القرآنية المتعلقة بركائز الدين‬


‫من العقيدة والعبادة والخلق والمعاملت قد صيغت صياغة‬
‫محكمة ‪ ،‬محددة المعنى ‪ ،‬واضحة الدللة ‪ ،‬ل تحتمل غير وجه‬
‫واحد ‪ ،‬يفهمه البدوى فى قلب الصحراء كما يفهمه أكثر الناس‬
‫ثقافة وعلما ‪ ،‬وهذا أيضا جانب من جوانب العجاز القرآنى‬
‫التى ل تحصى ول تعد ؛ ولذلك يحضنا ربنا –تبارك وتعالى‪ -‬حضا‬
‫على تدبر آيات القرآن الكريم فيقول عز من قائل ‪:‬‬

‫ه‬
‫في ِ‬
‫دوا ِ‬
‫ج ُ‬ ‫ه لَ َ‬
‫و َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫د َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫عن ْ ِ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫و َ‬
‫كا َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫قْرآ َ‬ ‫* " أَ َ‬
‫فل ي َت َدَب ُّرو َ‬
‫خِتلفا ً ك َِثيرا ً " )النساء‪. (82:‬‬ ‫ا ْ‬

‫ويقول –عز وجل‪: -‬‬


‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ب أ َن َْزل َْناهُ إ ِل َي ْ َ‬
‫ول ِي َت َذَك َّر أوُلو اْلل َْبا ِ‬
‫ب‬ ‫ه َ‬ ‫مَباَر ٌ‬
‫ك ل ِي َدّب ُّروا آَيات ِ ِ‬ ‫ك ُ‬ ‫* " ك َِتا ٌ‬
‫ص‪. (29:‬‬ ‫") ّ‬

‫ويقول –تبارك وتعالى‪: -‬‬

‫فال ُ َ‬
‫ها " )محمد‪. (24:‬‬ ‫ب أَ ْ‬
‫ق َ‬ ‫قُلو ٍ‬
‫عَلى ُ‬
‫م َ‬ ‫َ‬
‫نأ ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫قْرآ َ‬ ‫* " أَ َ‬
‫فل ي َت َدَب ُّرو َ‬

‫وفى ذلك يقول المصطفى –صلى الله عليه وسلم‪ " : -‬أعربوا‬
‫القرآن والتمسوا غرائبه ")]‪. ([11‬‬

‫وإعراب القرآن الكريم يقصد به معرفة معانيه ‪ ،‬وفهم رسالته‬


‫المتضمنة فى آياته ‪ ،‬والتماس غرائبه ؛ أى معرفة ما غمض من‬
‫معانيه على قارئه ‪ .‬ويتجلى ذلك أكثر ما يتجلى فى اليات‬
‫الكونية التى تتسع دللتها باستمرار مع اتساع دائرة المعرفة‬
‫النسانية جيل بعد جيل وأمة بعد أمة وذلك لندرة تلك المعرفة‬
‫بالكون ومكوناته وظواهره فى زمن تنزل الوحى ولطبيعتها‬
‫التراكمية مع الزمن ؛ بمعنى اتساع دائرة المعرفة فيها بزيادة‬
‫استقراء النسان للكون وتعرفه على السنن المنتظمة الحاكمة‬
‫له ‪ ،‬والتى وضعها الله –سبحانه وتعالى‪ -‬فيه ‪ ،‬ولول انتظام‬
‫تلك السنن واطرادها ما تمكن النسان من معرفة شىء عنها ‪.‬‬
‫وهذا النتظام والطراد فى سنن الكون وظواهره هو من‬
‫وسائل تسخير الكون للنسان ‪ ،‬وقد تحدث القرآن الكريم عن‬
‫ذلك التسخير فى مواطن كثيرة ‪.‬‬

‫ومبررات الهتمام بالشارات الكونية فى القرآن الكريم عديدة‬


‫‪ ،‬ولكن يمكن إيجازها فيما يلى ‪:‬‬

‫‪ – 1‬إن القرآن الكريم نزل لنا لنفهمه ‪ ،‬واليات الكونية ل‬


‫تفهم فهما كامل فى إطار اللغة وحدها ‪ ،‬والمعرفة كل ل‬
‫يتجزأ ‪.‬‬

‫‪ – 2‬إن السلم والمسلمين يتعرضان اليوم لهجوم ظالم فى‬


‫جميع وسائل العلم العالمية والمحلية ؛ بسبب إنكار غير‬
‫المسلمين لنبوة المصطفى –صلى الله عليه وسلم‪، -‬‬
‫وإنكارهم الوحى بالقرآن الكريم والشارات الكونية خير دليل‬
‫لهل عصرنا – عصر العلوم والتقنيات المتقدمة – على حجية‬
‫ذلك كله ‪ ،‬وباللغة التى يفهمونها ‪.‬‬

‫‪ – 3‬إننا قصرنا فى التبليغ عن الله –سبحانه وتعالى‪ -‬وعن‬


‫رسوله –صلى الله عليه وسلم‪ -‬تقصيرا كبيرا ‪ ،‬ولذلك وصلنا‬
‫إلى ما وصلنا إليه من تكتل أهل الباطل علينا ‪ ،‬وتآمرهم على‬
‫ديننا ومقدساتنا وأعراضنا وأموالنا وأراضينا ‪ ،‬وخير وسيلة‬
‫لتبليغ هؤلء القوم اليوم فضل السلم على غيره من الديان ‪،‬‬
‫وفضل القرآن الكريم على غيره من الكتب ‪ :‬هو ما ورد من‬
‫حقائق علمية راسخة فى كل من كتاب الله –سبحانه وتعالى‪-‬‬
‫وفى سنة رسوله –صلى الله عليه وسلم‪ -‬؛ لن العلم قد أصبح‬
‫الوسيلة المقنعة لهل عصرنا ‪.‬‬

‫‪ – 4‬إن العالم قد أصبح قرية كبيرة تلتقى فيها كل الثقافات‬


‫وثقافة عصرنا الراهن ترتكز على العلوم البحتة والتطبيقية‬
‫وما تنتجه من تقنيات مختلفة ولذلك فإن إثبات سبق كل من‬
‫القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بالشارة إلى العديد‬
‫من حقائق الكون هو من أنجح الوسائل لقناع أهل عصرنا‬
‫بصدق القرآن الكريم وبصدق نبوة خاتم النبياء والمرسلين –‬
‫صلى الله عليه وسلم‪. -‬‬

‫‪ – 5‬إن المؤامرة الدولية على السلم والمسلمين قد أسقطت‬


‫من أيدينا كل سلح نستطيع به الدفاع عن أنفسنا وأراضينا‬
‫وعن ديننا ومقدساتنا وأعراضنا وكرامتنا ‪ ،‬ولكن على الرغم‬
‫من ذلك فقد بقى بأيدينا سلح الدعوة إلى الله على بصيرة‬
‫بلغة العصر ‪ ،‬ومنه العجاز العلمى فى القرآن الكريم وفى‬
‫السنة النبوية المطهرة ‪ ،‬والذى لو أحسنا توظيفه فى الدعوة‬
‫إلى دين الله لفتح الله تعالى علينا الدنيا من أطرافها ‪.‬‬
‫والتجارب المحدودة فى هذا المجال تثبت جدوى ذلك وأهميته‬
‫وعلى الرغم من ذلك عارض نفر من أبناء المسلمين قضية‬
‫العجاز العلمى للقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ‪ ،‬ول‬
‫يزالون والسبب الرئيسى لذلك هو ‪ :‬ازدواجية التعليم ‪،‬‬
‫والفصل الكامل بين تعليم دينى إنسانى نظرى لم يعد له‬
‫اهتمام بالمعطيات الكلية للعلوم ‪ .‬وتعليم مدنى علمى تقنى ل‬
‫يعطى للدارس الحد الدنى من الثقافة الدينية التى تعينه على‬
‫فهم أصول دينه ‪ ،‬وعلى حسن القيام بعباداته ‪ ،‬وحسن التبليغ‬
‫عن الله تعالى ورسوله –صلى الله عليه وسلم‪ -‬بالكلمة الطيبة‬
‫والحجة البالغة ‪ ،‬ونتيجة لهذه المفاصلة تخوف كل من‬
‫الشرعيين والعلميين من الخوض فى هذه التجربة التى بدأها‬
‫علماء المسلمين فى القرن الهجرى الثالث ‪ ،‬واستمرت فى مد‬
‫وجزر حتى عصرنا الراهن ‪.‬‬

‫وكان من مبررات المعارضين ما يلى ‪:‬‬

‫‪ – 1‬اعتبارهم التفسير العلمى للقرآن الكريم نوعا من‬


‫التفسير بالرأى – وهو مذموم عندهم – ولكن المقصود بالرأى‬
‫المذموم هو الهوى ‪ ،‬وليس الرأى المؤسس على الحقائق‬
‫العلمية الثابتة التى يقبلها كل عقل سوى ‪ ،‬وتؤيدها الحجة‬
‫المنطقية المقبولة والدليل المادى الملموس ‪.‬‬

‫‪ – 2‬اعتبارهم أن السرائيليات كانت قد نفذت إلى التفسير‬


‫أول ما نفذت عن طريق محاولت السابقين التعرض لشرح‬
‫دللة اليات الكونية استنادا إلى ما جاء فى سفر التكوين من‬
‫العهد القديم ‪ ،‬وقد أثبت العلم خطأها كما جاء فى كتاب‬
‫الدكتور الفرنسى )موريس بوكاى( "التوراة والنجيل والقرآن‬
‫والعلم" ‪.‬‬

‫‪ – 3‬إن القرآن الكريم هو كلم الله – فى صفائه الربانى –‬


‫ولذلك فهو حق كله ‪ ،‬وثابت ثبوت الرواسى ‪ ،‬والعلوم‬
‫المكتسبة متغيرة ول يجوز مقابلة الثابت بالمتغير ؛ أى ل يجوز‬
‫مقابلة كلم الله بكلم الناس ‪ .‬وللرد على ذلك نقول ‪ :‬إن‬
‫القرآن الكريم – الذى هو فى الصل كتاب هداية – نزل لنا‬
‫لنفهمه ولنتدبر آياته بإمكاناتنا البشرية المحدودة ‪ ،‬وإنا ل‬
‫نوظف فى مجال العجاز العلمى للقرآن الكريم والسنة‬
‫النبوية المطهرة إل الحقائق التى حسمها العلم والتى ل رجعة‬
‫فيها ‪.‬‬
‫‪ – 4‬إن العلوم الكونية انطلقت فى زماننا من منطلقات مادية‬
‫بحتة ل تؤمن بما فوق المدرك من صور المادة والطاقة ‪،‬‬
‫ولذلك تصاغ أحيانا صياغات منافية لصول الدين نتيجة للصراع‬
‫المرير الذى قام فى بدايات عصر النهضة الوروبية بين‬
‫العلميين ورجال الكنيسة فى العالم الغربى ‪ ،‬وانتهى بانحسار‬
‫دور الكنيسة ‪ .‬وللرد على ذلك نقول ‪ :‬إن هذا الموقف كان فى‬
‫البدايات الولى لتطبيق المنهج العلمى فى الغرب ‪ ،‬أما اليوم‬
‫فإن المعطيات الكلية للعلوم أصبحت تؤكد على العديد من‬
‫حقائق الدين ؛ ولذلك طالبنا ول زلنا نطالب بضرورة التأصيل‬
‫السلمى للمعرفة بمعنى إرجاعها إلى أصولها السلمية‪.‬‬

‫‪ – 5‬إن بعض الذين تعرضوا لتفسير اليات الكونية فى القرآن‬


‫الكريم – بغير خلفية علمية سليمة – إما تكلفوا فى تحميل‬
‫اليات ما ل تحتمله ‪ ،‬أو توسعوا أكثر من اللزم فى إعطاء‬
‫الية القرآنية الكريمة من المعانى ما ل تقصده ؛ والقرآن‬
‫العظيم أجل من ذلك وأكرم ‪ .‬وللرد على ذلك نقول إن إثبات‬
‫العجاز للقرآن الكريم وللسنة النبوية المطهرة ل يتم إل‬
‫بواسطة المتخصصين – كل فى حقل تخصصه – وعلى الناقلين‬
‫عنهم أن ينسبوا كل قضية إلى محققها وإل لصبح المر‬
‫فوضى ل ضابط له ول رابط ‪ ،‬وهناك فرق كبير بين دور‬
‫المحقق ودور الناقل ‪.‬‬

‫وهذه الحجج كلها مردود عليها فى هذا الكتاب حجة بحجة غير‬
‫أن خير رد عليها هو الدعوة إلى اللتزام بضوابط التعامل مع‬
‫قضية العجاز العلمى فى كتاب الله تعالى وفى سنة خاتم‬
‫أنبيائه ورسله – صلى الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين –‬
‫والتى أفردت لها باب كامل فى هذا الكتاب وأوجزها فيما‬
‫يلى ‪:‬‬

‫‪ – 1‬حسن فهم النص من القرآن الكريم وفق دللت اللفاظ‬


‫فى اللغة العربية ‪ ،‬وحسب قواعدها ‪ ،‬وأساليب التعبير فيها ؛‬
‫لن القرآن الكريم نزل بلسان عربى مبين ‪ ،‬ولذلك فالنص‬
‫مقدم على الظاهر ‪ ،‬والظاهر مقدم على التأويل ‪.‬‬

‫‪ – 2‬فهم أسباب النزول ‪ ،‬والناسخ والمنسوخ ‪ ،‬والمأثور من‬


‫تفسير المصطفى التأصيل السلمى للمعرفة‪ ،‬واللمام بجهود‬
‫المفسرين السابقين ‪.‬‬

‫‪ – 3‬جمع النصوص القرآنية المتعلقة بالموضوع الواحد‬


‫والقراءات الصحيحة لها ‪ ،‬ورد بعضها إلى بعض مع مراعاة‬
‫السياق القرآنى وعدم اجتزاء النص عما قبله وعما بعده ‪،‬‬
‫ومراعاة أن العبرة بعموم اللفظ ل بخصوص السبب ‪ ،‬وتوظيف‬
‫كل من اليات القرآنية الكريمة والحاديث النبوية الشريفة‬
‫المتعلقة بالموضوع الواحد فى فهم النص القرآنى ؛ لن‬
‫القرآن الكريم يفسر بعضه بعضا ‪ ،‬كما تفسره أقوال رسول‬
‫الله‪-‬صلى الله عليه وسلم‪. -‬‬

‫‪ – 4‬عدم التكلف ‪ ،‬أو لى أعناق اليات من أجل موافقتها‬


‫للحقيقة العلمية ؛ لن القرآن الكريم أعز علينا وأكرم من ذلك‬
‫؛ انطلقا من كونه كلم الله الخالق ‪ ،‬ومن حقيقة أن الخالق‬
‫هو أدرى بخلقه من كل المخلوقين ‪.‬‬

‫‪ – 5‬البعد عن القضايا الغيبية غيبة مطلقة وعدم الخوض فيها‬


‫بأكثر مما أثبته القرآن الكريم وفسرته السنة النبوية المطهرة‬
‫‪ ،‬مثل قضايا الروح وحياة البرزخ ‪ ،‬وموعد قيام الساعة‬
‫والملئكة والجن والجنة والنار والميزان والصراط ‪ ،‬والذات‬
‫اللهية – وغير ذلك من غيبيات مطلقة ل سبيل للنسان فى‬
‫الوصول إلى معرفة شىء عنها إل عن طريق وحى السماء ‪.‬‬

‫‪ – 6‬مراعاة التخصص الدقيق لكل محقق لموضوع من‬


‫موضوعات العجاز العلمى فى كتاب الله – كل فى حقل‬
‫تخصصه – ؛ لن هذا ليس مجال للخوض من كل خائض ‪ ،‬وهنا‬
‫يجب التفريق بين تحقيق المحقق ونقل الناقل ‪.‬‬

‫‪ – 7‬يجب تحرى الدقة والمانة فى التعامل مع كتاب الله ‪،‬‬


‫والتجرد عن كل هوى شخصى حتى يتحقق إخلص النية فى‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫‪ – 8‬اللتزام بتوظيف الحقائق العلمية فى تفسير اليات‬


‫الكونية الواردة فى كتاب الله تعالى وفى سنة خاتم أنبيائه‬
‫ورسله‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬باستثناء حالة واحدة ؛ وهى‬
‫حالة اليات والحاديث التى تفصل قضايا الخلق والفناء‬
‫والبعث بأبعادها الثلثة – خلق كل من الكون والحياة والنسان‬
‫وإفنائهم جميعا ثم بعثهم من جديد – لن هذه من القضايا‬
‫التى ل تخضع لدراك النسان ومشاهدته بطريقة مباشرة ‪،‬‬
‫وبذلك ل يمكن للعلوم المكتسبة أن تتجاوز فيها مرحلة‬
‫التنظير – أى وضع نظرية من النظريات التى تتعدد بتعدد‬
‫خلفية واضعيها – وفى هذه الحالة يمكن للمسلمين الرتقاء‬
‫بإحدى هذه النظريات السائدة إلى مقام الحقيقة لمجرد وجود‬
‫إشارة صريحة لها فى كتاب الله –سبحانه وتعالى‪ -‬أو فى سنة‬
‫رسوله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪. -‬‬

‫‪ – 9‬يجب التفريق بين قضيتى التفسير العلمى والعجاز‬


‫العلمى لكل من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ؛‬
‫وذلك لن التفسير العلمى هو محاولة بشرية لحسن فهم دللة‬
‫الية الكونية فى هذين المصدرين من مصادر وحى السماء ‪،‬‬
‫ونحرص فى التفسير العلمى على توظيف الحقائق العلمية‬
‫كلما توافرت ؛ ولكن لما كان العلم المكتسب لم يصل بعد إلى‬
‫الحقيقة فى كل من المور فل أرى حرجا من توظيف النظرية‬
‫العلمية السائدة فى تفسير الية الكونية التى ل تتوافر حقائق‬
‫لتفسيرها ‪ ،‬ول حرج فى ذلك حتى لو ثبت خطأ النظرية‬
‫الموظفة فى التفسير بعد ذلك ؛ لن الخطأ هنا ل ينسحب‬
‫على جلل القرآن الكريم ولكن ينسحب على جهد المفسر ‪.‬‬
‫أما العجاز العلمى فهو موقف من مواقف التحدى ‪ ،‬والمتحدى‬
‫لبد أن يكون واقفا على أرضية صلبة ؛ ولذلك ل يجوز أن‬
‫يوظف فى العجاز العلمى إل الحقائق العلمية كما أوضحنا‬
‫فى النقطة السابقة ‪.‬‬

‫‪ – 10‬عدم التقليل من جهود السابقين الذين خدموا القرآن‬


‫الكريم فى حدود المعارف العلمية التى كانت متاحة لهم كل‬
‫فى زمانه ‪.‬‬

‫عودة إلى القائمة الرئيسية‬

‫ثبت بالمراجع‬

‫أول ‪ :‬المراجع العربية ‪:‬‬

‫‪ – 1‬اللوسى ‪ :‬أبو الفضل شهاب الدين محمود شكرى )ت‬


‫‪1270‬هـ( ‪" :‬روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم والسبع‬
‫المثانى" – إدارة الطباعة المنيرية – القاهرة )بدون تاريخ( ‪،‬‬
‫دار الفكر – بيروت )‪1398‬هـ‪1978/‬م( ‪ ،‬دار إحياء التراث‬
‫العربى ‪ /‬الحلبى ‪ /‬مصر )ط ‪1405 (4‬هـ‪1985/‬م ‪.‬‬

‫‪ – 2‬ابن أبى الصبع ‪ ،‬العدوانى المصرى ‪" :‬بديع القرآن" –‬


‫القاهرة )‪1377‬هـ‪1957/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 3‬ابن حزم الندلسى ‪ ،‬على بن أحمد بن حزم الظاهرى ‪:‬‬


‫"الفصل فى الملل والهواء والنحل" وبهامشه الملل والنحل‬
‫للشهرستانى ‪ ،‬المطابع الميرية – القاهرة )‪1397‬هـ‪/‬‬
‫‪1977‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 4‬ابن خلدون ‪ ،‬عبد الرحمن بن محمد ‪" :‬المقدمة" – القاهرة‬


‫)‪1322‬هـ‪1904/‬م( ؛ دار الفكر – بيروت )‪1419‬هـ‪1998/‬م( ؛‬
‫دار الشعب – القاهرة بتحقيق د‪ .‬على عبد الواحد وافى )بدون‬
‫تاريخ( ‪.‬‬

‫‪" :________________________________ – 5‬ديوان المبتدأ والخبر‬


‫فى تاريخ العرب والعجم والبربر" – بيروت )‪1379‬هـ‪1959/‬م(‬
‫– )‪1381‬هـ‪1961/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 6‬ابن سلم ‪ ،‬أبو عبيد القاسم )ت ‪224‬هـ( ‪" :‬فضائل‬


‫القرآن" – دار الكتب العلمية – بيروت )‪1411‬هـ‪1991/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 7‬ابن عاشور ‪ ،‬محمد الطاهر ‪ :‬تفسير "التحرير والتنوير" ‪،‬‬


‫الدار التونسية للنشر تونس )‪1391‬هـ‪1971/‬م( ‪1404) ،‬هـ‪/‬‬
‫‪1984‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 8‬ابن العربى ‪ ،‬أبو بكر محمد بن عبد الله )ت ‪543‬هـ( ‪:‬‬


‫"أحكام القرآن" ‪ ،‬مطبعة دار السعادة – القاهرة – )‪1331‬هـ‪/‬‬
‫‪1912‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 9‬ابن عطية الندلسى ‪ ،‬أبو محمد عبد الحق بن غالب )ت‬


‫‪546‬هـ( ‪ " :‬المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز" )نشر‬
‫رئاسة المحاكم الشرعية بقطر – الدوحة( )‪1398‬هـ‪1978/‬م( ؛‬
‫دار الكتب العلمية )‪1413‬هـ‪1993/‬م( توزيع دار الباز بمكة‬
‫المكرمة ‪.‬‬

‫‪ – 10‬ابن كثير ‪ ،‬الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل )ت‬


‫‪774‬هـ( ‪" :‬تفسير القرآن العظيم" )‪ 4‬أجزاء( ؛ مطبعة‬
‫الستقامة – القاهرة )ط ‪1373) ، (2‬هـ‪1954/‬م( ‪.‬‬

‫‪ " :_________________________________________ – 11‬فضائل‬


‫القرآن" – مطبعة المنار – القاهرة )‪1327‬هـ‪1909/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 12‬أبو حيان الندلسى ‪ ،‬أبو عبد الله محمد بن يوسف ‪:‬‬


‫"تفسير البحر المحيط" – مطبعة دار السعادة – القاهرة )‬
‫‪1328‬هـ‪1910/‬م( ‪ ،‬دار الفكر – بيروت )ط ‪1403) (2‬هـ‪/‬‬
‫‪1983‬م( ‪.‬‬
‫‪ – 13‬أبو السعود ‪ ،‬محمد بن محمد العمارى ‪ :‬تفسير أبى‬
‫السعود المعنون "إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن‬
‫الكريم" )جزءان( ‪ ،‬المطبعة الميرية – بولق – القاهرة )‬
‫‪1275‬هـ‪1858/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 14‬الباقلنى ‪ ،‬القاضى أبو بكر محمد بن الطيب )ت‬


‫‪403‬هـ( ‪" :‬إعجاز القرآن" تحقيق أحمد صقر ‪ ،‬المطبعة‬
‫السلفية ‪ ،‬القاهرة )‪1349‬هـ‪1930/‬م( ؛ ومصطفى الحلبى )‬
‫‪1398‬هـ‪1978/‬م( ؛ وعالم الكتب – بيروت )‪1408‬هـ‪1988/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 15‬البغوى ‪ ،‬أبو محمد الحسين ‪ :‬تفسير البغوى المسمى‬


‫"معالم التنزيل" – تحقيق خالد عبد الرحمن العك ‪ ،‬ومروان‬
‫سوار ‪ ،‬دار المعرفة – بيروت )‪1406‬هـ‪1986/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 16‬البقاعى ‪ ،‬برهان الدين بن عمر ‪" :‬نظم الدرر فى تناسب‬


‫الى والسور" ‪ ،‬دار الكتاب السلمى – القاهرة )ط ‪) ، (2‬‬
‫‪1413‬هـ‪1992/‬م( ‪ ،‬دار الكتب العلمية – بيروت )‪1415‬هـ‪/‬‬
‫‪1994‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 17‬بنت الشاطئ ‪ ،‬عائشة عبد الرحمن ‪" :‬العجاز البيانى‬


‫للقرآن الكريم ومسائل ابن الزرق ‪ :‬دراسة قرآنية ‪ ،‬لغوية ‪،‬‬
‫وبيانية" ‪ ،‬دار المعارف )‪1393‬هـ‪1973/‬م( ‪ ،‬الطبعة الثانية )‬
‫‪1404‬هـ‪1984/‬م( ‪ ،‬الطبعة الثالثة )‪1407‬هـ‪1987/‬م( ‪.‬‬

‫‪" :_____________________ – 18‬التفسير البيانى للقرآن‬


‫الكريم" )فى جزأين( – دار المعارف – القاهرة )‪1382‬هـ‪/‬‬
‫‪1962‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 19‬البيضاوى ‪ ،‬ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر‬


‫الشيرازى ‪" :‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل" )جزءان( ‪،‬‬
‫المطبعة العثمانية – القاهرة )‪1305‬هـ‪1910/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 20‬البيومى ‪ ،‬محمد رجب ‪" :‬البيان القرآنى" – الدار المصرية‬


‫اللبنانية – القاهرة )‪1421‬هـ‪2001/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 21‬التجيبى ‪ ،‬أبو يحيى محمد بن صمادح ‪" :‬مختصر تفسير‬


‫المام الطبرى" – دار الفجر السلمى – دمشق )‪1422‬هـ‪/‬‬
‫‪2001‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 22‬الجاحظ ‪ ،‬أبو عثمان عمرو بن بحر )ت ‪255‬هـ( ‪:‬‬


‫"الحيوان" تحقيق عبدالسلم محمد هارون ؛ مكتبة الخانجى –‬
‫القاهرة ؛ دار الرفاعى بالرياض )‪1403‬هـ‪1983/‬م( ‪.‬‬
‫‪ – 23‬الجرجانى ‪ ،‬أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن )ت‬
‫‪471‬هـ( ‪" :‬دلئل العجاز" ‪ ،‬قراءة وتعليق محمود محمد شاكر ‪،‬‬
‫مطبعة الخانجى – القاهرة )ط ‪ ، (2‬مطبعة المنار – القاهرة )‬
‫‪1331‬هـ‪1912/‬م( ‪ ،‬أعيدت طباعته بالتفاق مع مكتبتى‬
‫الخانجى والسرة بالشتراك مع الهيئة المصرية العامة للكتاب‬
‫)‪1420‬هـ‪2000/‬م( ‪.‬‬

‫‪" :_________________________________________ – 24‬الرسالة‬


‫الشافية فى إعجاز القرآن" نشرت ضمن ثلث رسائل فى‬
‫العجاز ‪ ،‬تحقيق محمد خلف الله أحمد ‪ ،‬ومحمد زغلول سلم –‬
‫دار المعارف – القاهرة )‪1411‬هـ‪1991/‬م( ‪ ،‬ونشرت هذه‬
‫الرسائل فى سلسلة بعنوان "من ذخائر العرب" ‪.‬‬

‫‪ – 25‬الجسر ‪ ،‬نديم ‪" :‬قصة اليمان بين الفلسفة والعلم‬


‫والقرآن" ‪ ،‬توزيع دار العربية – بيروت – الطبعة الثالثة )‬
‫‪1389‬هـ‪1969/‬م( ‪ .‬منشورات المكتب السلمى – بيروت‬
‫)الطبعة الولى( )‪1380‬هـ‪1961/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 26‬جوهرى ‪ ،‬طنطاوى )ت ‪1359‬هـ‪1940/‬م( ‪" :‬الجواهر فى‬


‫تفسير القرآن الكريم" )المشتمل على عجائب بدائع المكونات‬
‫وغرائب اليات الباهرات( – )فى ‪ 26‬جزءا ‪ 13 ،‬مجلدا( مطبعة‬
‫مصطفى البابى الحلبى وأولده بمصر )‪1340‬هـ‪1920/‬م(‬
‫)الطبعة الثانية( )شوال ‪1350‬هـ‪1931/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 27‬حوى ‪ ،‬سعيد ‪" :‬الساس فى التفسير" – دار السلم –‬


‫القاهرة ؛ حلب ؛ بيروت )‪1405‬هـ‪1985/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 28‬الخازن ‪ ،‬علء الدين على بن محمد بن إبراهيم البغدادى‬


‫الصوفى ‪ :‬تفسير الخازن المعنون "لباب التأويل فى معانى‬
‫التنزيل" وبهامشه تفسير البغوى )فى ‪ 7‬أجزاء( ‪ ،‬المطبعة‬
‫الميرية – القاهرة )‪1231/1232‬هـ( الموافق )‬
‫‪1815/1816‬م( ‪ .‬أعاد طباعته كل من دار المعرفة ‪ ،‬ودار الفكر‬
‫– بيروت ‪.‬‬

‫‪ – 29‬الخطابى ‪ ،‬أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم )ت‬


‫‪388‬هـ( ‪" :‬بيان إعجاز القرآن" مطبوع ضمن ثلث رسائل فى‬
‫إعجاز القرآن بتحقيق محمد خلف الله أحمد ‪ ،‬ومحمد زغلول‬
‫سلم ‪ ،‬دار المعارف – القاهرة )‪1411‬هـ‪1991/‬م( ‪ ،‬ونشرت‬
‫هذه الرسائل فى سلسلة بعنوان "من ذخائر العرب" ‪.‬‬
‫‪ – 30‬دراز ‪ ،‬محمد عبد الله ‪" :‬النبأ العظيم ‪ :‬نظرات جديدة فى‬
‫القرآن" ‪ ،‬القاهرة )‪1376‬هـ‪1957/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 31‬الذهبى ‪ ،‬محمد حسين ‪" :‬التفسير والمفسرون" ‪ ،‬دار‬


‫الكتب الحديثة – القاهرة )الطبعة الثانية( )‪1396‬هـ‪1976/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 32‬الرازى ‪ ،‬أبو بكر فخر الدين محمد بن عمر )ت ‪606‬هـ( ‪:‬‬


‫تفسير الرازى أو التفسير الكبير المسمى "مفاتيح الغيب"‬
‫)فى ‪ 8‬مجلدات( ‪ ،‬المطبعة البهية – القاهرة )‪1307‬هـ‪/‬‬
‫‪1321‬هـ( الموافق )‪1889‬م‪1903/‬م( ‪ ،‬أعادت طباعته كل من‬
‫دار الكتب العلمية – طهران )‪1411‬هـ‪1990/‬م( ‪ ،‬ودار الفكر –‬
‫بيروت )‪1415‬هـ‪1995/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 33‬الرازى ‪ ،‬محمد بن أبى بكر بن عبد القادر )ت ‪666‬هـ( ‪:‬‬


‫بترتيب السيد محمود خاطر )الطبعة العاشرة( الهيئة العامة‬
‫لشئون المطابع الميرية )‪1384‬هـ‪1964/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 34‬الراغب الصفهانى ‪ ،‬أبو القاسم الحسين بن محمد بن‬


‫الفضل )ت ‪503‬هـ( ‪" :‬معجم مفردات ألفاظ القرآن الكريم" –‬
‫تحقيق نديم مرعشلى – دار الكتاب العربى )‪1392‬هـ‪/‬‬
‫‪1972‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 35‬رضا ‪ ،‬محمد رشيد ‪" :‬تفسير القرآن الحكيم" الشهير بـ‬


‫"تفسير المنار" – دار المنار – القاهرة )‪1373‬هـ‪1953/‬م( ‪ ،‬دار‬
‫المعرفة – بيروت )‪1414‬هـ‪1994/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 36‬الرمانى ‪ ،‬أبو الحسن على بن عيسى )ت ‪386‬هـ( ‪:‬‬


‫"النكت فى إعجاز القرآن" – طبع ضمن ثلث رسائل فى‬
‫العجاز بتحقيق محمد خلف الله أحمد ‪ ،‬ومحمد زغلول سلم –‬
‫دار المعارف – القاهرة )‪1411‬هـ‪1991/‬م( صدرت تحت عنوان‬
‫"من ذخائر العرب" ‪.‬‬

‫‪ – 37‬الزرقانى ‪ ،‬محمد بن عبد العظيم )ت ‪1367‬هـ( ‪" :‬مناهل‬


‫العرفان فى علوم القرآن" )فى جزأين( مطبعة عيسى البابى‬
‫الحلبى وشركاه – دار إحياء الكتب العربية )‪1362‬هـ‪1943/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 38‬الزركشى ‪ ،‬بدر الدين محمد بن عبد الله )ت ‪794‬هـ( ‪:‬‬


‫"البرهان فى علوم القرآن" – تحقيق محمد أبو الفضل‬
‫إبراهيم )فى أربعة أجزاء( ‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية الحلبى –‬
‫القاهرة )‪1376‬هـ‪1957/‬م( ؛ أعادت طباعته دار المعرفة –‬
‫بيروت )‪1391‬هـ‪1972/‬م( ‪.‬‬
‫‪ – 39‬الزمخشرى ‪ ،‬أبو القاسم جار الله محمود بن عمر )ت‬
‫‪538‬هـ( ‪" :‬الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون القاويل فى‬
‫وجوه التأويل" )فى أربعة أجزاء( – مطبعة مصطفى البابى‬
‫الحلبى وأولده – مصر )‪1354‬هـ‪1935/‬م( ‪1367) ،‬هـ‪/‬‬
‫‪1948‬م( ‪1393) ،‬هـ‪1972/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 40‬السعدى ‪ ،‬عبد الرحمن بن ناصر ‪" :‬تيسير الكريم الرحمن‬


‫فى تفسير كلم المنان" من مطبوعات الجامعة السلمية‬
‫بالمدينة المنورة )‪1398‬هـ‪1978/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 41‬سعيد ‪ ،‬عبد الستار فتح الله ‪" :‬المدخل إلى التفسير‬


‫الموضوعى" – دار التوزيع والنشر السلمية – القاهرة‬
‫)الطبعة الثانية( )‪1411‬هـ‪1991/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 42‬السيوطى ‪ ،‬جلل الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن كمال‬


‫الدين – أبو بكر – السيوطى أو السيوطى )ت ‪911‬هـ( ‪" :‬الدر‬
‫المنثور فى التفسير بالمأثور" )فى ستة أجزاء( مطبعة ومكتبة‬
‫مصطفى البابى الحلبى وأولده – مصر )‪1314‬هـ‪1896/‬م( ‪،‬‬
‫دار الفكر – بيروت )‪1403‬هـ‪1983/‬م( ‪.‬‬

‫‪" : ___________________ – 43‬التقان فى علوم القرآن"‬


‫وبهامشه إعجاز القرآن للباقلنى – تحقيق محمد أبو الفضل‬
‫إبراهيم – المكتبة التجارية )الطبعة الولى( )‪1360‬هـ‪/‬‬
‫‪1941‬م( ‪ ،‬مصطفى الحلبى )الطبعة الرابعة( )‪1398‬هـ‪/‬‬
‫‪1978‬م( ‪ ،‬مكتبة دار التراث – القاهرة )الطبعة الخامسة( )‬
‫‪1405‬هـ‪1985/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 44‬شحاتة ‪ ،‬عبد الله ‪" :‬آيات الله فى الكون ‪ :‬تفسير اليات‬


‫الكونية بالقرآن الكريم" – نهضة مصر للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع )‪1422‬هـ‪2002/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 45‬الشنقيطى ‪ ،‬محمد المين بن محمد المختار الجكنى ‪:‬‬


‫"أضواء البيان فى إيضاح القرآن بالقرآن" ‪ ،‬مطبعة المدنى‬
‫بالرياض )‪1386‬هـ‪1966/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 46‬الشوكانى ‪ ،‬محمد بن على بن محمد )ت ‪1250‬هـ( ‪" :‬فتح‬


‫القدير الجامع بين فنى الرواية والدراية من علم التفسير" –‬
‫مطبعة مصطفى البابى الحلبى – مصر )‪1340‬هـ‪1920/‬م( ‪) ،‬‬
‫‪1349‬هـ‪1930/‬م( ‪ ،‬دار الفكر – بيروت )‪1393‬هـ‪1973/‬م( ‪) ،‬‬
‫‪1403‬هـ‪1983/‬م( ‪.‬‬
‫‪ – 47‬الصابونى ‪ ،‬محمد بن على ‪" :‬مختصر تفسير ابن كثير"‬
‫)فى ثلثة مجلدات( ‪ ،‬دار القرآن الكريم – بيروت )‪1402‬هـ‪/‬‬
‫‪1981‬م( ‪.‬‬

‫‪": __________________ – 48‬صفوة التفاسير" )فى ثلثة‬


‫مجلدات( ‪ ،‬دار القرآن الكريم – بيروت )‪1402‬هـ‪1981/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 49‬الطبرى ‪ ،‬أبو جعفر محمد بن جرير )ت ‪310‬هـ( ‪ :‬تفسير‬


‫الطبرى المعنون "جامع البيان عن تأويل آى القرآن" ‪ ،‬تحقيق‬
‫محمود محمد شاكر وأحمد محمد شاكر – المطابع الميرية –‬
‫بولق – القاهرة )فى ‪ 15‬مجلدا( ‪ ،‬ودار المعارف – القاهرة )‬
‫‪1321‬هـ‪1903/‬م( ‪ ،‬ثم طبعات تالية من نفس الدار )‪1358‬هـ‪/‬‬
‫‪1939‬م( ‪1373) ،‬هـ‪1953/‬م( ‪1415) ،‬هـ‪1995/‬م( ‪1420) ،‬هـ‪/‬‬
‫‪1999‬م( ‪ ،‬ثم طبعة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى‬
‫وأولده بمصر )‪1388‬هـ‪1968/‬م( ‪ ،‬وطبعة دار الفكر – بيروت )‬
‫‪1398‬هـ‪1978/‬م( ‪ ،‬وطبعة دار الحديث – القاهرة )‪1407‬هـ‪/‬‬
‫‪1987‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 50‬عبد الباقى محمد فؤاد ‪" :‬المعجم المفهرس للفاظ‬


‫القرآن الكريم" – دار ومطابع الشعب – القاهرة )‪1364‬هـ‪/‬‬
‫‪1945‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 51‬العك ‪ ،‬خالد عبد الرحمن ‪" :‬أصول التفسير لكتاب الله‬


‫المنير" ‪ ،‬مكتبة الفارابى – دمشق )‪1388‬هـ‪1968/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 52‬الغزالى ‪ ،‬أبو حامد محمد بن محمد الغزالى )ت ‪505‬هـ( ‪:‬‬


‫"إحياء علوم الدين" – المكتبة التجارية الكبرى – القاهرة )‬
‫‪1331‬هـ‪1912/‬م( ؛ دار المعرفة – بيروت ؛ دار إحياء الكتب‬
‫العربية – القاهرة )‪1377‬هـ‪1957/‬م( ‪.‬‬

‫‪" :____________________________________ – 53‬جواهر القرآن"‬


‫– مكتبة الجندى – القاهرة )‪1384‬هـ‪1964/‬م( ؛ الطبعة‬
‫الخامسة ‪ ،‬دار الفاق الجديدة – بيروت )‪1401‬هـ‪1981/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 54‬الفراء ‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن زياد )ت ‪207‬هـ( ‪" :‬معانى‬


‫القرآن" ‪ ،‬تحقيق النجاتى – مطبعة دار الكتب المصرية )‬
‫‪1374‬هـ‪1955/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 55‬القاسمى ‪ ،‬محمد جمال الدين ‪" :‬محاسن التأويل" – دار‬


‫إحياء الكتب العربية – القاهرة )‪1376‬هـ‪1957/‬م( ‪ ،‬تعليق‬
‫وتصحيح محمد فؤاد عبد الباقى ‪.‬‬
‫‪ – 56‬القرطبى ‪ ،‬أبو عبد الله محمد بن أحمد النصارى )ت‬
‫‪671‬هـ( ‪ :‬تفسير القرطبى المسمى "الجامع لحكام القرآن"‬
‫)فى ‪ 20‬مجلدا( – دار الكتب المصرية )‪1352‬هـ‪1933/‬م( ‪) ،‬‬
‫‪1358‬هـ‪1939/‬م( ‪1370) ،‬هـ‪1950/‬م( ‪1387) ،‬هـ‪1967/‬م( ؛‬
‫دار القلم – بيروت )‪1386‬هـ‪1966/‬م( ؛ دار الكتب العلمية –‬
‫بيروت )‪1408‬هـ‪1988/‬م( ؛ دار الفكر – بيروت )‪1415‬هـ‪/‬‬
‫‪1995‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 57‬القطان ‪ ،‬مناع خليل ‪" :‬مباحث فى علوم القرآن" ‪،‬‬


‫مؤسسة الرسالة )الطبعة السابعة( )‪1402‬هـ‪1982/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 58‬قطب ‪ ،‬سيد ‪" :‬فى ظلل القرآن" )فى ستة مجلدات( –‬


‫دار الشروق – بيروت )‪1393‬هـ‪1973/‬م( ‪.‬‬

‫‪" : ________ – 59‬التصوير الفنى فى القرآن" – مكتبة وهبة –‬


‫القاهرة )‪1369‬هـ‪1949/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 60‬كنعان ‪ ،‬محمد أحمد ‪" :‬قرة العينين على تفسير الجللين"‬


‫– المكتب السلمى – بيروت ؛ دمشق )‪1404‬هـ‪1984/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 61‬لجنة القرآن والسنة بالمجلس العلى للشئون السلمية‬


‫– ج‪.‬م‪.‬ع‪" : .‬المنتخب فى تفسير القرآن الكريم" )الطبعة‬
‫الثالثة( )‪1393‬هـ‪1973/‬م( – المجلس العلى للشئون‬
‫السلمية – ج‪.‬م‪.‬ع‪ .‬القاهرة ‪.‬‬

‫‪ – 62‬مخلوف ‪ ،‬حسنين محمد ‪" :‬صفوة البيان لمعانى القرآن"‬


‫– من منشورات وزارة الوقاف والشئون السلمية – الكويت‬
‫)الطبعة الثالثة( )‪1407‬هـ‪1987/‬م( ‪.‬‬

‫‪" : _______________ – 63‬مباحث فى إعجاز القرآن" – دار‬


‫المنارة – جدة )‪1408‬هـ‪1988/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 64‬المراغى ‪ ،‬أحمد مصطفى ‪" :‬تفسير المراغى" – دار‬


‫إحياء التراث العربى – بيروت )‪1405‬هـ‪1985/‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 65‬مسلم ‪ ،‬مصطفى ‪" :‬مباحث فى التفسير الموضوعى" –‬


‫دار القلم – دمشق ؛ بيروت )الطبعة الولى( )‪1410‬هـ‪/‬‬
‫‪1990‬م( ‪.‬‬

‫‪ – 66‬النسفى ‪ ،‬أبو البركات عبد الله بن أحمد ‪ :‬تفسير‬


‫النسفى المعروف باسم "الكليل على مدارك التنزيل وحقائق‬
‫التأويل" )فى مجلدين( – مطابع الحلبى – القاهرة )‪1344‬هـ‪/‬‬
‫‪1925‬م( ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المراجع المترجمة ‪:‬‬

‫‪ – 67‬بوكاى ‪ ،‬موريس ‪" :‬القرآن الكريم ‪ ،‬والتوراة ‪ ،‬والنجيل‬


‫والعلم ‪ :‬دراسة الكتب المقدسة فى ضوء المعارف الحديثة" –‬
‫دار المعارف – القاهرة )‪1398‬هـ‪1978/‬م( ‪.‬‬

‫)"‪Maurice Bucaille (1976) : "La Bible , le Coran et la Science‬‬


‫‪(.Editions Seghers , 6 , Place Saint-Sulpice 75006 , Paris‬‬

‫‪ :__________ – 68‬ما أصل النسان ؟ إجابات العلم والكتب‬


‫المقدسة – مكتب التربية العربى لدول الخليج ‪ 1406‬هـ‪/‬‬
‫‪1985‬م ‪.‬‬

‫‪Maurice Bucaille : what is the Origin of Man ? the answer of science‬‬


‫‪and the Hol scriptures . A.S. Noordeen ,Kuala Lumpur,Malaysia‬‬

‫‪ -69‬مونسما ‪ ،‬جون كلوفر )مشرف على التحرير( ‪" :‬الله‬


‫يتجلى فى عصر العلم" ترجمة الدكتور الدمرداش عبد المجيد‬
‫سرحان ‪ ،‬مراجعة الدكتور محمد جمال الدين الفندى ‪ ،‬الناشر ‪:‬‬
‫مؤسسة الحلبى وشركاه للنشر والتوزيع – القاهرة ‪.‬‬

‫)‪The Evidence of God in an Expanding Universe : edited by : John‬‬


‫‪Clover Monsoma ; 1958; Published by G.P. Putnam's Sons , New‬‬
‫‪(. York‬‬

‫‪-----------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪---------‬‬
‫)]‪([1‬أخرجه كل من الحاكم )‪(555،1‬و الترمذى )‪، (2906‬‬
‫والدارمى )‪ (2/526،525‬من حديث عبد اللهابن مسعود ؛‬
‫وصححةاللبانى )السلسلة الصحيحة ‪. (2/267‬‬

‫)]‪ ([2‬الترمذى فى "سننه" رقم )‪2950‬و ‪ ، (2951‬وأحمد فى‬


‫"مسنده" )‪. (1/233‬‬

‫)]‪ ([3‬البخارى فى "صحيحه" )‪ ، (143‬ومسلم فى "صحيحه" )‬


‫‪. (138/2477‬‬

‫)]‪ ([4‬مسلم فى "صحيحه" )‪. (45/1978‬‬

‫)]‪ ([5‬أحمد فى "مسنده" )‪. (4/136‬‬

‫)]‪ ([6‬سبق تخريجه ص) ‪. ( 9‬‬

‫)]‪ ([7‬سبق تخريجه ص) ‪. ( 9‬‬

‫)]‪ ([8‬العجلونى فى "كشف الخفاء" )‪. (1/435‬‬

‫)]‪ ([9‬الترمذى )‪ ، (2951-2950‬وأحمد )‪. (1/233‬‬

‫)]‪ ([10‬الترمذى )‪ ، (2906‬والدارمى فى "سننه" )‬


‫‪ (2/526،525‬من كلم عبد الله بن مسعود ‪ ،‬وصححه اللبانى‬
‫فى "السلسلة الصحيحة" )‪. (2/267‬‬

‫)]‪ ([11‬الحاكم فى "المستدرك" )‪ ، (2/349‬والخطيب فى‬


‫"تاريخ بغداد" )‪. (8/77‬‬

You might also like