You are on page 1of 198

‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬

‫السلمية‬

‫هكذا علمتني الحياة‬


‫مصطفى السباعي‬
‫محتويات الكتاب‬

‫تقديم‬ ‫•‬
‫المؤلف‬ ‫مقدمة‬ ‫•‬
‫الول‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الثاني‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الثالث‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الرابع‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الخامس‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫السادس ‪ -‬شيطان يتظلم!‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫السابع‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الثامن‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫التاسع‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫العاشر‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الحادي عشر ‪ -‬مع الحجيج في عرفات‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الثاني عشر ‪ -‬في العيد‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الثالث عشر ‪ -‬الولد حظوظ آبائهم‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الرابع عشر‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الخامس عشر ‪ -‬الزوجات حظوظ‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫السادس عشر‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫السابع عشر‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الثامن عشر‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫التاسع عشر‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫العشرون‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الواحد والعشرين‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الثاني والعشرين‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الثالث والعشرين‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الرابع والعشرين‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الخامس والعشرين‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫السادس والعشرين‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫السابع والعشرين‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الثامن والعشرين‬ ‫القسم‬ ‫•‬

‫‪1‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫التاسع والعشرين‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الثلثين‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الواحد والثلثين‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الثاني والثلثين‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الثالث والثلثين ‪ -‬الحكم الصالح‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الرابع والثلثين ‪ -‬بين الحكومة والشعب‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫الخامس والثلثين ‪ -‬مسؤولية القادة‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫السادس والثلثين ‪ -‬يا شيوخنا في السياسة لقد آذانا ضعفكم فاتركونا‬ ‫القسم‬ ‫•‬
‫نسير!‬
‫القسم السابع والثلثين ‪ -‬هذه المة الواعية! لن تقبل بعد اليوم أنصاف اللهة‬ ‫•‬
‫القسم الثامن والثلثين ‪ -‬بأي سلح نحارب‬ ‫•‬
‫القسم التاسع والثلثين ‪ -‬لماذا أخفقت الجامعة العربية؟‬ ‫•‬

‫‪2‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫تقديم‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله‪ ,‬أما بعد‪ :‬فإن العظمنناء مننن الننناس‬
‫يقدر الله النفننع بآثننارهم فنني حينناتهم‪ ،‬وقنند يزينند النفننع بعنند ممنناتهم أضننعافا ً‬
‫مضاعفة عما كان في أيامهم‪ .‬ومن هؤلء أستاذنا السباعي‪ ،‬تغمده الله برحمته‪،‬‬
‫ول شيء أدل على ذلك من كتابه هذا الذي بين يديك أيها القارئ الكريننم "هكننذا‬
‫علمتني الحياة" وكتابه الخر "السنّنة ومكانتهننا فنني التشننريع السننلمي" الننذي‬
‫مات المسائل في الدفاع عن السنننة النبويننة والحننديث الشننريف‪ ،‬ورد‬ ‫ُ‬
‫جمع فيه أ ّ‬
‫ت أجند‬ ‫عدوان الظالمين المتقولين على السّنة ثبوتا ً وكتبا ً وأتباعنًا‪ ،‬وحيثمنا سنر ُ‬
‫أثر هذا الكتاب والنتفاع به‪.‬‬
‫ومنننذ أيننام شنناركت فنني المننؤتمر الثننامن للوحنندة السننلمية – والتقريننب بيننن‬
‫المذاهب – في الجمهورية اليرانيننة السننلمية‪ ،‬وكننان كتنناب السننباعي "السنننة‬
‫ومكانتها في التشريع السلمي" المرجع الرئيننس للمندافعين عننن السنّنة تجناه‬
‫الهجمات الشرسة الموجهة ضدها‪ ،‬والمرتكزة على أقوال أبني رّينة‪ ،‬ومنا أثنارته‬
‫ف لفهم‪ ،‬وأصحاب مؤلفات الطعن‬ ‫قضية حامد أبي زيد‪ ،‬وسلمان رشدي‪ ،‬ومن ل ّ‬
‫في الصحابة رضي الله عنهم‪ .‬فكانت كلمات السننباعي إحنندى الحجننج الحاسننمة‬
‫في الموضوع‪ ،‬تغمده الله برحمته‪ ،‬وجمع المسلمين على كتنابه‪ ،‬وسنّنة رسنوله‪،‬‬
‫وعلى الجهاد في سبيله‪.‬‬
‫وكتابنا هذا‪" ،‬هكذا علمتني الحياة" جمعنا فيه جميع ما وجنندناه مننن كلم الشننيخ‬
‫ن بعضه‬ ‫في هذا الموضوع‪ .‬وقد ضاع بعضه في حياة المؤلف‪ ،‬ونحن على يقين أ ّ‬
‫قد ضاع بعد وفاته‪ ،‬حيث أعاد أحدهم إلى الورثة القسم المحتجز عنده بعنند منندة‬
‫ي الورثة‪ ،‬والله نسأل أن يجمع لنا بقي مفقودًا‪.‬‬ ‫طويلة‪ ،‬وقد سّلمه إل ّ‬
‫ن الظننروف لننم‬ ‫وقد كانت الطبعات السابقة تحتاج إلى الكثير من العنايننة غيننر أ ّ‬
‫وجد فيها التكرار لبعض المسننائل كمننا هنني أو بنناختلف كلمننة‬ ‫تكن مواتية‪ ،‬وقد ُ‬
‫واحدة أحيانا‪ .‬فقمنا بإعادة النظر في كل ذلك في هذه الطبعة‪ ،‬وإذا عدلنا كلمة‬
‫وضعنا كلمنا بين حاصرتين ] [‪.‬‬
‫ما كان الواجب أن نقدم أعمالنا على أحسن ما يكون في قنندرتنا‪ ،‬فقنند بننذلنا‬ ‫ول ّ‬
‫الجهد الممكن في هنذه الطبعنة‪ ،‬راجينن اللنه سنبحانه أن يتقبلهنا بفضنله‪ ،‬وأن‬
‫يغمر مؤلفها برحمته‪ ،‬وأن ينفع بها المة‪ ،‬فإنهننا خلصننة تجننارب رجننل عبقننري‪،‬‬
‫وعالم قليل النظير‪ ،‬ومجاهد أبلى فني سننبيل اللننه البلء الحسننن‪ ،‬فنني مختلننف‬
‫الميادين‪.‬‬
‫وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‪ ،‬وآخر دعوانا أن الحمد للننه رب‬
‫العالمين‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫مقدمة المؤلف‬

‫الحمد لله الذي قدر كل شيء فأحسنن قندره‪ ،‬وابتلنى النسنان بمنا يسنّره ومنا‬
‫يسوؤه ليحسن في الحالتين شكره وصننبره‪ ،‬وجعننل لعبننده ممننا يكننره أمل ً فيمننا‬
‫يحب‪ ،‬ومما يحب حذرا ً مما يكره‪ ،‬فسبحانه واهب النعم‪ ،‬ومقدر الِنقم‪ ،‬له الحمنند‬
‫في الولى والخرة‪ ،‬ل إله إل هو كل شيء هالك إل وجهننه‪ ،‬وكننل نعيننم زائل إل‬
‫جنته‪ ،‬وصلى الله على سيدنا محمد الذي أوذي في سبيل اللننه أبلننغ إيننذاء‪ ،‬فلننم‬
‫ء‪ ،‬وعلى آله وصحبه الننذين كننانوا فني السننراء حامنندين‬ ‫يزده ذلك إل إيمانا ً ومضا ً‬
‫شاكرين‪ ،‬وفي الضراء خاضعين صابرين‪ ،‬وسّلم تسليما ً كثيرًا‪.‬‬
‫وبعد‪ ...‬فهذه خطرات بدأت تسجيلها وأنا في مستشفى المواساة بدمشننق فنني‬
‫شهر ذي القعدة من عام ‪ 1381‬للهجرة الموافق لشهر نيسان )إبريل( من عننام‬
‫‪ 1962‬للميلد‪ ,‬وكنت بدأت بتسجيلها لنفسي حين رأيتني في عزلننة عننن الهننل‬
‫والولد‪ ،‬والتدريس والتأليف‪ ،‬وتلك هي عادتي في السجون والمراض والسفار‪،‬‬
‫غير أني فقدت كل ما دونته من قبل‪ ،‬فلما بنندأت بتسننجيل خننواطري فنني هننذه‬
‫المرة‪ ،‬وكان يزورني بعض إخواني فيراني مكب ّا ً علننى الكتابننة‪ ،‬أبنندى عجبننه مننن‬
‫أمري‪ ،‬فقد أجمع كل الطباء الذين يشرفون على علجني فني بلدنننا وفنني بلد‬
‫الغرب أن من الواجب أن أركن إلى الراحة التامة‪ ،‬فل أقرأ ول أكتب‪ ،‬ول أشننغل‬
‫بالي بمشكلت الحياة وهمومها‪ ،‬حتى يقدر لنني الشننفاء مننن مننرض كننان سننببه‬
‫الول – في رأيهم – إرهاق العصاب بما ل تتحمله‪ ،‬وقنند صننبرت أعصننابي علننى‬
‫ملهننا مننن همننوم وأحننزان‪،‬‬ ‫إرهاقي لها بضع عشر سنة حتى ننناءت بحمننل مننا أح ّ‬
‫مننا بضننعة‬ ‫ً‬
‫فكان منها أن أعلنت احتجاجها بإيقافي عن النشاط والعمل إيقاف نا تا ّ‬
‫شهور‪ ،‬ثم استطعت مننن بعنندها أن أعننود إلننى نشنناطي الفكننري فنني التنندريس‬
‫ي بترك ذلك‪ ،‬ولكني لم أستطع اتبنناع نصننائحهم‬ ‫والتأليف برغم إلحاح الطباء عل ّ‬
‫قَبل لي بدفعها‪ ،‬حتى إذا دخلت المستشننفى أخيننرا بعنند إلحنناح‬ ‫لظروف شتى ل ِ‬
‫ي واشتداد اللم‪ ،‬كان المفروض أن أقف مضننطرا ً عننن الكتابننة‪ ،‬لنول‬ ‫المرض عل ّ‬
‫أني وجدت نفسي مسوقا ً إلى تسجيل خواطري التي لم يكن لي يد في إيقنناف‬
‫تواردها‪ .‬وأقرب ما يكون النسننان إلنى التفكيننر‪ ،‬أبعند مننا يكننون عننن الشننواغل‬
‫والمزعجات‪.‬‬
‫فلما رأى مني بعض أصدقائي ذلنك‪ ،‬قنرأت لهنم بعنض منا كتبنت كالمعتنذر عنن‬
‫ي يومي ّ نا ً‬
‫مخالفة نصائح الطباء‪ ،‬فاستحسنوه‪ ،‬وكان أمر بعضهم أن أخذ يتردد عل ّ‬
‫ليسمع ما استجد من خواطري‪ ،‬ثننم غننادرت المستشننفى فتننابعت تسننجيل هننذه‬
‫الخواطر في فترات متقطعة كننانت تنندفعني إليهننا مناسننبات الحننداث‪ .‬إلننى أن‬
‫ف رأيت من الخير الستجابة إلى رغبات بعض إخواني في‬ ‫تجمع لي منها قدر كا ٍ‬
‫نشرها رجاء النفع والفائدة إن شاء الله‪.‬‬

‫‪#2#‬‬
‫ونت هذه الخواطر كما وردت‪ ،‬غير مرتبة ول مبوبة‪ ،‬فقد كنت أرى المنظننر‬ ‫لقد د ّ‬
‫ون ما خطننر لنني‬ ‫ي بالخاطرة أو بأكثر فأدونها‪ ،‬ثم أرى منظرا ً آخر فأد ّ‬ ‫فيوحي إل ّ‬
‫تعليقا ً عليه‪ ،‬وكنننت أحياننا ً أتننذكر مننا مضننى مننن حينناتي مننع الننناس فننأكتب مننا‬

‫‪4‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫استفدت من تجاربي معهم‪ ،‬وهكذا جاءت هذه الخواطر مختلطننا ً بعضننها ببعننض‪،‬‬
‫ي المر الذي أود التعليننق عليننه بخننواطر مسلسننلة فأكتبهننا يننردف‬
‫وقد يوحي إل ّ‬
‫بعضها بعضا ً كما يرى القارئ في بعض المواضع‪ .‬وأّيا ما كان فأنننا أعرضننها كمننا‬
‫كتبتها دون أن أعيد النظر في ضم النظير إلى نظيره‪ ،‬والموضوع إلننى شننبيهه‪،‬‬
‫لغرضين اثنين‪:‬‬
‫ً‬
‫ل‪ :‬أن تكون صورة صادقة عن تفكيري خلل بضعة شهور قضيتها منقطعا عن‬ ‫أو ً‬
‫الناس ما بين المستشفى والبيت‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أن يكون في انتقال الخواطر من موضننوع إلننى موضننوع‪ ،‬مننا يلننذ للقننارئ‬
‫متابعتها‪ ،‬فقد تمل النفس من موضوع واحد يتتابع فيه الكلم على نسننق واحنند‪،‬‬
‫ولكنها تنشط حين تنتقل من معنى إلى معنى‪ ،‬كما تنشط النفننس حيننن تنتقننل‬
‫في الحديقة من زهرة إلى زهرة‪ ،‬ومن ثمرة إلى أخرى‪.‬‬

‫‪#3#‬‬
‫ً‬
‫إن هذه الخواطر هي خلصة تجاربي في الحياة‪ ،‬لم أنقل شيئا منهنا منن كتناب‪،‬‬
‫ول استعنت فيها بآراء غيري من الناس‪ ،‬وأعتقد أن مننن حننق الجيننل الننذي أتننى‬
‫طلع على تجاربنا‪ ،‬وأن يستفيد من خبرتنا إذا وجد فيها ما يفيد‪ ،‬وهننذا‬ ‫بعدنا أن ي ّ‬
‫ء‪ ،‬وليننس‬ ‫خير ما نقدمه له من هدية‪ .‬إننننا ل نسننتطيع أن نملنني عليننه آراءنننا إمل ً‬
‫ذلك من حقنا‪ ،‬وإنما نستطيع أن نقدم لننه النصننح والموعظننة‪ ،‬وخيننر النصننح مننا‬
‫أعطته الحياة نفسها‪ ،‬وأبلغ الموعظة منا اتصنل بتجنارب الحيناة ذاتهنا‪ ،‬والنناس‬
‫وإن اختلفننت مشنناربهم وعقننولهم وطبنناعهم‪ ،‬فننإنهم يلتقننون علننى كننثير مننن‬
‫حقائق الحياة‪ ،‬ويجتمعون على كثير من الرغبات والحاجات والهداف‪.‬‬
‫وإني إنما أقدم هذه التجارب لمن عاش في مثننل تفكيرنننا وأهنندافنا ومطامحنننا‬
‫ومقاييسنا‪ ،‬فهننؤلء الننذين ينفعننون بهننا‪ ،‬أمننا الننذين يخالفوننننا فنني العقينندة أو‬
‫ل أن يستفيدوا منها‪ ،‬ول أعتقد أنهننم يسننتطيعون الصننبر علننى كننثير‬ ‫التجاه فق ّ‬
‫مما جاء فيها من خواطر وأفكار‪ ،‬فمن أجل أولئك نشننرت مننا كتبننت‪ ،‬أمننا هننؤلء‬
‫المخالفون لنا في التجاه والنظرة إلى حقائق الحياة ومشكلتها‪ ،‬فكل ما أرجننو‬
‫أن يستمعوا إليه‪ ،‬وأن يقرأوه على أنه يمثل وجهننة نظننر فنني مشنناكل مجتمعنننا‬
‫الذي نعيش فيه‪ ،‬ول سبيل إلى إنصاف مخالفننك فنني الننرأي إل أن تسننتمع إليننه‬
‫وترى ما عنده‪ ،‬فقد تجد فيما تسمع – إن كنت طالبا ً للحق – بعض الصواب الننذي‬
‫ل‪ ،‬وقنند مندح اللننه عبنناده‬ ‫كنت تظنننه خطننأ‪ ،‬وبعننض الحننق الننذي كنننت تننراه بنناط ً‬
‫المؤمنين ? الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه? ‪.‬‬

‫‪#4#‬‬
‫هذا وقد كننانت خننواطري الننتي أقنندم أكثرهننا اليننوم فنني هننذا الكتنناب ممزوجننة‬
‫بخواطر سياسننية أوحننت بهننا ظروفنننا السياسننية‪ ،‬فجردتهننا منن هننذه الخننواطر‬
‫الجتماعية‪ ،‬رجاء أن يقنرأ هنذه منن اختلنف معننا فني التجناه السياسني ومنن‬
‫وافقنا‪ ،‬وأرجأت نشر تلك الخواطر السياسية إلى فرصة أخننرى أرجننو أن تكننون‬
‫الظروف فيها ملئمة لنشرها أكثر مننن ظروفنننا الحاضننرة‪ ،‬وأن تكننون النفننوس‬
‫فيها مستعدة لقبول النقد والحكم لها أو عليها أكننثر ممننا هنني مسننتعدة اليننوم‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫وبخاصة أنا في مرضي ول أريد إثنارة الخصنومات السياسنية فني وقنت أرى أن‬
‫ظروف بلدنا ل تسمح بإثارتها‪ ،‬وأن حالتي المرضية ل تسمح لنني بالنندخول فنني‬
‫نقاش أو جدل حول ما كتبته فيها‪.‬‬
‫ي بعننض الخصننومات‪ ،‬ولكننني‬ ‫وليس معنى هذا أن ما في هذا الكتنناب ل يننثير علن ّ‬
‫ً‬
‫أرى ما تثيره بعض خواطري في هذا الكتاب من خصومات‪ ،‬شيئا أتقرب بننه إلننى‬
‫اللننه عننز وجننل‪ ،‬فالخصننومات السياسننية كننثيرا ً مننا ُيثنناب النسننان عليهننا‪ ،‬أمننا‬
‫الخصومات الفكرية – وبخاصة ما يتعلق منها بالدين والصلح الجتماعي – فهي‬
‫غ فنني نقنده إل وجننه‬ ‫ل بد واقعة‪ ،‬والثواب فيها متوفر إن شاء اللننه لمننن لنم يبن ِ‬
‫الحق‪ ،‬وتخليص الناس من الباطيل والوهام‪.‬‬

‫‪#5#‬‬
‫وأنا في هذه الخواطر لم أحاول الغموض في صياغتها‪ ،‬ول التحدث عن المعاني‬
‫دعيها بعض المتفلسفين‪ ،‬لقد كتبتها بأسننلوب‬ ‫التي تخطر في بال الفلسفة‪ ،‬وي ّ‬
‫ً‬
‫تفهمه العامة كما تفهمه الخاصة‪ ،‬وكنت فيها منسنناقا مننع طبيعننتي الننتي تحننب‬
‫البساطة في كل شيء‪ ،‬وتكره التعقيد في أي شيء‪.‬‬
‫إنني لست في هنذه الخنواطر فيلسنوفا ً ول حكيمنا ً ول مفكننرا بعينند الغننور فني‬
‫ً‬
‫الوصول إلى الحقائق‪ ،‬ولكنني صاحب تجارب عملية فنني الحينناة اسننتغرقت مننن‬
‫عمري أكنثر منن ربنع قنرن‪ ،‬وقنند أحببننت نقلهننا إلنى منن ينتفعنون بمنا نكتنب‪،‬‬
‫ويتأثرون بخطانا فيما نفكر‪ ،‬وليس يهمننني أن أبنندو فنني نظرهننم متفلسننفًا‪ ،‬أو‬
‫أديبا ً متأنفًا‪ ،‬وإنما يهمني أن أبدو لهم أخا ً مرشدا ً ناصحا ً يقول مننا يفهمننون‪ ،‬ول‬
‫يعنتهم في تدبر ما يقرأون‪.‬‬
‫على أني أعترف أن كثيرا ً من الخواطر المنثورة في هننذا الكتنناب تحتمننل معننا ٍ‬
‫ن‬
‫كثيرة‪ ،‬وقد تحتاج إلى شرح يبين المقصود منها‪ ،‬وقد أبقيتها على ما هنني عليننه‬
‫ن‪ ،‬وتركت للخ القارئ أن يفهمها أو‬ ‫من الشمول لتحتمل كل ما تحتمله من معا ٍ‬
‫يفهم منها ما يشاء ما دام لفظها يحتمل فهمه ويدل عليه‪.‬‬

‫‪#6#‬‬
‫وقد جاء في بعض الخواطر كلمات "منظومة" ول أقول قصائد شننعرية‪ ،‬فلسننت‬
‫بالشاعر وليست عندي موهبة الشعر وسليقته‪ ،‬وإن كان لي ميل إليه‪ ،‬وبقراءته‬
‫منند‪ ،‬فننتركت نفسنني علننى‬ ‫هوى‪ ،‬ولكنها خواطر "منظومة" جاءتني عفوا ً دون تع ّ‬
‫سجيتها‪ ،‬تعبر عما تريد بالسلوب الذي ترينند‪ ،‬فهننذا هننو عننذري فيمننا أثبتننه مننن‬
‫"منظومات" ل تطرب الشعراء‪ ،‬ول تهز أسماعهم‪ ،‬وحسبي أني طربت لها حيننن‬
‫جاءت على لساني هكذا‪ ،‬فخشيت إن أهملت إثباتها في هذه الخواطر‪ ،‬أن يضيع‬
‫على القارئ بعض ما فيها من خواطر وجدانيننة‪ ،‬وانفعننالت نفسننية‪ ،‬فرأيننت أن‬
‫أشركه معي فيها على أن يعلم أنها ليست – فنني نظننري – شننعرا ً أعت ندّ بننه‪ ،‬بننل‬
‫خواطر أرتاح إليها‪.‬‬

‫‪#7#‬‬

‫‪6‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫وأحب أن أنّبه أيضا ً على أنني فيما أوردت من خواطر تتناول فئات مننن الننناس‪،‬‬
‫لم أقصد أشخاصا ً معينين‪ ،‬وإنما قصدت كل من اتصف بتلك الصفات‪ ،‬فالخواطر‬
‫المتعلقة بهم خواطر نحو صفات معينة‪ ،‬ل أشخاص معينين‪ ،‬وأعوذ بالله مننن أن‬
‫يكون في قلبي حقد نحو أحد‪ ،‬أو عندي رغبة في التشهير بإنسان مهما اختلفت‬
‫معه في اتجاهه‪.‬‬
‫ولست أقول كما قال أبو الطيب المتنبي‪:‬‬
‫وى رمحه غير راحم‬ ‫وبالناس ر ّ‬ ‫ومن عرف اليام معرفتي بها‬
‫ول في الردى الجاري عليهم بآثم‬ ‫فل هو مرحوم إذا ظفروا به‬
‫ولكني أقول‪ :‬إن من بلغ من العمر ما بلغت )سبعا ً وأربعيننن سنننة( وأصننابه مننن‬
‫المرض ما أصابني )خمس سنين وبضعة شننهور( وعننرف الننناس معرفننتي بهننم‪،‬‬
‫يرى نفسه أكرم من أن يحمل حقنندا ً أو عننداوة شخصننية يجننري وراءهننا متقطننع‬
‫النفاس‪.‬‬
‫ي الدنيا بما فيها من اللذائذ‪ ،‬وما تحتويه من عوامل الحسد والحقد‬ ‫لقد هانت عل ّ‬
‫ق في نفسي – شننهد اللننه – إل رغبننة فنني الخيننر أفعلننه وأدل‬ ‫والكراهية‪ ،‬ولم يب َ‬
‫عليه‪ ،‬وإعراض عن الشر أهجره وأحذر منه‪ ،‬أمنا الشنخاص فنحنن كلنننا زائلنون‪،‬‬
‫ولن يبقى إل ما ابتغي به وجه الله‪ ،‬أو قصد منه نفع الناس‪ ،‬وسيجزي اللننه كننل‬
‫إنسننان علننى مننا قنندم مننن عمننل‪ ،‬ونحننن جميعننا ً – مننن ظننالمين ومظلننومين‪،‬‬
‫ومتخاصمين ومتحابين – أحوج ما نكون حينئذ إلى عفو الله ورحمته ورضوانه‪.‬‬
‫وعند الله تجتمع الخصوم‬ ‫إلى دّيان يوم الدين نمضي‬

‫‪#8#‬‬
‫وبعد ‪ ...‬فهذا ما أحببت أن أبينه للقارئ مما يعتلج في نفسي فنني نفسنني مننن‬
‫خواطر نحو هذه الخواطر‪ ،‬وإني لرجو اللننه تبننارك وتعننالى أن ينتفننع بهننا فيمننا‬
‫أصبت فيه‪ ،‬وأن يغفر لي منها ما أخطأت فيه‪ ،‬وأن يجعل ثننواب ذلننك فنني عننداد‬
‫حسناتي يوم العرض عليه ? يوم ل ينفع مال ول بنون * إل من أتننى اللننه بقلننب‬
‫سليم?‪ ? ،‬يوم ل تملك نفس لنفس شننيئا والمننر يننومئذ للننه?‪ ،‬والحمنند للننه رب‬
‫العالمين‪.‬‬
‫دمشق ‪ 1‬من جمادى الخرة ‪1382‬‬
‫‪ 29‬من تشرين الول ‪1962‬‬
‫الدكتور مصطفى السباعي‬

‫‪7‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الول‬

‫من أمراض هذه الحضارة‬


‫ء‪ ,‬والنحلل حريننة‪ ،‬والرذيلننة‬
‫مي الحتيننال ذكننا ً‬
‫من مفاسد هذه الحضارة أنها تس ّ‬
‫فن ًّا‪ ،‬والستغلل معونة‪.‬‬

‫شر من الحيوان‬
‫ً‬
‫حين يرحم النسان الحيوان وهو يقسو على النسنان يكنون منافقنا فني ادعناء‬
‫الرحمة‪ ،‬وهو في الواقع شر من الحيوان‪.‬‬

‫مقياس السعادة الزوجية‬


‫الحد الفاصل بين سعادة الزوج وشقائه هو أن تكون زوجته عونا ً على المصننائب‬
‫أو عونا ً للمصائب عليه‪.‬‬

‫بلسم الجراح‬
‫نعم بلسم الجراح اليمان بالقضاء والقدر‪.‬‬

‫أخطر على الدين‬


‫الذين يسيئون فهم الدين أخطر عليه منن النذين ينحرفنون عنن تعناليمه‪ ،‬أولئك‬
‫يعصون الله وين ّ‬
‫فرون الناس من الدين وهننم يظنننون أنهننم يتقّربننون إلننى اللننه‪،‬‬
‫وهؤلء يتبعون شهواتهم وهم يعلمون أنهم يعصون الله ثم ما يلبثون أن يتوبننوا‬
‫إليه ويستغفروه‪.‬‬

‫آكل الدنيا بالدين‬


‫قاطع الطريق أقرب إلى الله وأحب إلى الناس من آكل الدنيا بالدين‪.‬‬

‫المبدأ النبيل‬
‫كل مبدأ نبيل إذا لم يحكمه دين سمح مسيطر‪ ،‬يجعل سلوك صنناحبه فنني الحينناة‬
‫غير نبيل‪.‬‬

‫الرحمة خارج حدود الشريعة‬


‫الرحمة خارج حدود الشريعة مرض الضعفاء أو حيلة المفلسين‪.‬‬

‫إذا كنت تحب ‪..‬‬


‫ب السننعادة فني‬
‫ن بصننحتك‪ ،‬وإذا كننت تحن ّ‬
‫ب السرور في الحياة فاعت ِ‬ ‫إذا كنت تح ّ‬
‫ن بعقلك‪ ،‬وإذا كنت‬‫ب الخلود في الحياة فاعت ِ‬‫ن بخلقك‪ ،‬وإذا كنت تح ّ‬‫الحياة فاعت ِ‬
‫ن بدينك‪.‬‬
‫ب ذلك كله فاعت ِ‬‫تح ّ‬

‫هذا النسان!‬

‫‪8‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫وة عننند‬
‫هذا النسان الذي يجمع غاية الضعف عند المرض والشننهوة‪ ،‬وغايننة الق ن ّ‬
‫الحروب وابتكار وسائل البناء والتدمير‪ ،‬هو وحده دليل على وجود الله‪.‬‬

‫المرض مدرسة!‬
‫المرض مدرسة تربوية لو أحسن المريض الستفادة منها لكان نعمة ل نقمة‪.‬‬

‫ل تحتقرن أحدا ً‬
‫ل تحتقرن أحدا ً مهما هان؛ فقد يضعه الزمان موضع من يرتجى وصاله ويخشننى‬
‫فعاله‪.‬‬

‫أوهام مع العلم‬
‫لم تعش النسانية في مختلف عصورها كما تعيش اليوم تحننت ركننام ثقيننل مننن‬
‫الوهام والخرافات بالرغم من تقدم العلم وارتياد الفضاء‪.‬‬

‫جهل خير من علم!‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫إذا لم يمنع العلم صاحبه من النحدار كان جهل ابن البادية علما خيرا من علمه‪.‬‬

‫ما هو العلم؟‬
‫ليس العلم أن تعرف المجهول ‪ ..‬ولكن ‪ ..‬أن تستفيد من معرفته‪.‬‬

‫أكثر الناس خطرا ً على ‪..‬‬


‫أكثر الناس خطرا ً على الخلق هم علمنناء "الخلق" وأكننثر الننناس خطننرا ً علننى‬
‫الدين هم رجال النندين ‪) .‬أعننني بهننم الننذين يتخننذون النندين مهنننة‪ ،‬وليننس فنني‬
‫السلم رجال دين‪ ،‬بل فيه فقهاء وعلماء (‪.‬‬

‫حسن الخلق‬
‫حسن الخلق يستر كثيرا ً مننن السننيئات‪ ،‬كمننا أن سننوء الخلننق يغطّنني كننثيرا ً مننن‬
‫الحسنات‪.‬‬

‫الرعد والماء‬
‫الرعد الذي ل ماء معه ل ينبت العشب‪ ،‬كذلك العمل الذي ل إخلص فيننه ل يثمننر‬
‫الخير‪.‬‬

‫الغنى والفقر‬
‫ب غننني هننو‬
‫ب فقير هو أغنننى منننك‪ ،‬ور ّ‬
‫القناعة والطمع هما الغنى والفقر‪ ،‬فر ّ‬
‫أفقر منك‪..‬‬

‫الجمال والفضيلة‬

‫‪9‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫الجمال الذي ل فضيلة معه كالزهر الذي ل رائحة فيه‪.‬‬

‫العتدال في الحب والكره‬


‫وا والعدو صديقا‪ً.‬‬
‫ل تفرط في الحب والكره‪ ،‬فقد ينقلب الصديق عد ّ‬

‫الخيار والشرار‬
‫إذا لم يحسن الخيار طريق العمل سّلط الله عليهم الشرار‪.‬‬

‫انصح‪..‬‬
‫انصح نفسك بالشك في رغباتهننا‪ ،‬وانصننح عقلننك بالحننذر مننن خطراتننه‪ ،‬وانصننح‬
‫ح في شهواته‪ ،‬و انصح مالك بالحكمننة فنني إنفنناقه‪ ،‬وانصننح علمننك‬ ‫جسمك بالش ّ‬
‫بإدامة النظر في مصادره‪.‬‬

‫ل يغلبنك الشيطان!‬
‫ل يغلبّنك الشيطان على دينك بالتماس العذر لكل خطيئة‪ ،‬وتصننّيد الفتننوى لكننل‬
‫معصية‪ ،‬فالحلل بّين‪ ،‬والحننرام بي ّننن‪ ،‬ومننن اّتقنى الشننبهات فقنند اسنتبرأ لندينه‬
‫وعرضه‪.‬‬

‫ل بد للخير من الجزاء‪..‬‬
‫أنفقت صحتي على الناس فوجدت قليل ً منهم في مرضنني‪ ،‬فنإن وجنندت ثننوابي‬
‫ي في الصحة والمرض‪.‬‬ ‫عند ربي تمت نعمته عل ّ‬
‫ل يذهب العرف بين الله والناس‬ ‫من يفعل الخير ل يعدم جوازيه‬

‫الشهوة الثمة والمباحة‬


‫الشهوة الثمة حلوة ساعة ثم مرارة العمر‪ ،‬والشهوة المباحة حلوة سنناعة ثننم‬
‫فناء العمر‪ ،‬والصبر المشروع مرارة ساعة ثم حلوة البد‪..‬‬

‫الجبن والشجاعة‬
‫بين الجبن والشجاعة ثبات القلب ساعة‪.‬‬

‫ل يخدعنك الشيطان‬
‫ل يخدعنك الشيطان في ورعك؛ فقد يزهدك في التافه الحقير‪ ،‬ثم يطمعك في‬
‫العظيم الخطير‪ ،‬ول يخدعنك في عبادتك؛ فقد يحبب إليك النوافل‪ ،‬ثم يوسننوس‬
‫لك في ترك الفرائض‪.‬‬

‫المرض من غير ألم‪..‬‬


‫ما أجمل المرض من غير ألم!‪ ..‬راحة للمرهقين والمتعبين‪...‬‬

‫لول اللم‬

‫‪10‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫لول اللم لكان المرض راحة تحبب الكسل‪ ،‬ولول المرض لفترست الصحة أجمل‬
‫نوازع الرحمة في النسان‪ ،‬ولول الصحة لما قام النسننان بننواجب ول بننادر إلننى‬
‫مكرمة‪ ,‬ولول الواجبات والمكرمننات لمنا كننان لوجنود النسننان فنني هننذه الحينناة‬
‫معنى‪.‬‬

‫الطاعة والتقوى‬
‫ما ندم عبد على طاعة الله‪ ،‬ول خسر من وقف عند حندوده‪ ،‬ول هنان منن أكنرم‬
‫نفسه بالتقوى‪..‬‬

‫برد ونار!‬
‫يكفيك من التقوى برد الطمئنان‪ ،‬ويكفيك من المعصية نار القلق والحرمان‪.‬‬

‫شتان!‬
‫انتماؤك إلى الله ارتفاع إليه‪ ،‬واتباعك الشيطان ارتماء عليننه‪ ،‬وشننتان بيننن مننن‬
‫يرتفع إلى ملكوت السموات‪ ،‬ومن يهوي إلى أسفل الدركات‪.‬‬

‫شرار الناس‬
‫شرار الناس صنفان‪ :‬عالم يبيع دينه لحاكم‪ ،‬وحاكم يبيع آخرته بدنياه‪.‬‬

‫أعظم نجاح!‬
‫أعظم نجاح في الحياة‪ :‬أن تنجح في التوفيق بين رغباتك ورغبات زوجتك‪.‬‬

‫طول الحياة وقصرها‬


‫الحياة طويلة بجلئل العمال‪ ،‬قصيرة بسفاسفها‪.‬‬

‫مطية الراحلين إلى الله!‬


‫العمل والمل هما مطية الراحلين إلى الله‪.‬‬

‫مسكين‬
‫ل يعرف النسان قصر الحياة إل قرب انتهائها‪.‬‬

‫سنة الحياة‬
‫من سنة الحينناة أن تعيننش أحلم بعننض الننناس علننى أحلم بعننض‪ ،‬ولننو تحققننت‬
‫أحلمهم جميعا ً لما عاشوا‪.‬‬

‫مقارنة‬
‫إنما يتم لك حسن الخلق بسوء أخلق الخرين‪..‬‬

‫‪11‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫حوار بين الحق والباطل‬
‫شى الباطل يوما ً مع الحق‬‫تم ّ‬
‫فقال الباطل‪ :‬أنا أعلى منك رأسا‪ً.‬‬
‫قال الحق‪ :‬أنا أثبت منك قدمًا‪.‬‬
‫قال الباطل‪ :‬أن أقوى منك‪.‬‬
‫قال الحق‪ :‬أنا أبقى منك‪.‬‬
‫قال الباطل‪ :‬أنا معي القوياء والمترفون‪.‬‬
‫قال الحننق‪? :‬وكننذلك جعلنننا فنني كننل قريننة أكننابر مجرميهننا ليمكننروا فيهننا ومننا‬
‫يمكرون إل بأنفسهم وما يشعرون ?‪.‬‬
‫قال الباطل‪ :‬أستطيع أن أقتلك الن‪.‬‬
‫قال الحق‪ :‬ولكن أولدي سيقتلونك ولو بعد حين‪.‬‬

‫من عجيب شأن الحياة‬


‫من عجيب شأن الحياة أن يطلبها الناس بما تقتلهم به‪.‬‬

‫مثل الحياة‬
‫ت عنها سعت إليك‪.‬‬
‫الحياة كالحسناء ‪ :‬إن طلبتها امتنعت منك‪ ،‬وإن رغب َ‬

‫يقظة وغفلة‬
‫ما عجبت لشيء عجبي من يقظة أهل الباطننل واجتمنناعهم عليننه‪ ،‬وغفلننة أهننل‬
‫الحق وتشتت أهوائهم فيه!‪.‬‬

‫الباطل والحق‬
‫الباطل ثعلب ماكر‪ ،‬والحق شاة وادعة‪ ،‬ولول نصرة اللنه للحنق لمنا انتصننر علننى‬
‫الباطل أبدًا‪.‬‬

‫الفضيلة‬
‫الفضيلة فرس جموح ل تنقاد إل للمتمكنين منها‪.‬‬

‫الشجاعة‬
‫ليست الشجاعة أن تقول الحق وأنت آمن‪ ،‬بننل الشننجاعة أن تقننول الحننق وأنننت‬
‫تستثقل رأسك!‬

‫السعادة‬
‫السعادة راحة النفس وطمأنينة الضمير‪ ،‬ولكل أناس مقاييسهم في ذلك‪.‬‬

‫العقائد بين الحب والحقد‬


‫العقائد التي يبنيها الحقد يهدمها النتقام‪ ،‬والعقائد الننتي يبنيهننا الحننب يحميهننا‬
‫الحسان‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫الترفيه‬
‫المؤمن يرفه عن جد الحياة بما ينعش روحه‪ ،‬وبذلك يعيش حينناته إنسننانا ً كننامل‪ً،‬‬
‫وغير المؤمن يرفه عن جد الحياة بما يفسد إنسانيته‪ ،‬وبذلك يعيش حياته نصننف‬
‫إنسان‪.‬‬

‫التوكل والتواكل‬
‫قال التوكل‪ :‬أنا ذاهب لعمل‪ ،‬فقال النجاح‪ :‬وأنا معك‪.‬‬
‫وقال التواكل‪ :‬وأنا قاعد لرتاح‪ ،‬فقال البؤس‪ :‬وأنا معك‪.‬‬

‫الصدق والكذب‬
‫الصنندق مطيننة ل تهلننك صنناحبها وإن عننثرت بننه قلي ً‬
‫ل‪ ،‬والكننذب مطيننة ل تنجنني‬
‫صاحبها وإن جرت به طوي ً‬
‫ل‪.‬‬

‫سر النجاح‬
‫سر النجاح في الحياة أن تواجه مصاعبها بثبات الطير في ثورة العاصفة‪.‬‬

‫لول اليمان‬
‫الحياة لول اليمان ل ُ ْ‬
‫غٌز ل يفهم معناه‪.‬‬

‫الثبات‬
‫كن في الحياة كما وضعتك الحياة مع الرتفاع دائما‪ً.‬‬

‫جمال الحياة‬
‫من عرف ربه رأى كل ما في الحياة جمي ً‬
‫ل‪.‬‬

‫القوة والضعف‬
‫القننوة هنني تننرك العنندوان مننع تننوفر أسننبابه‪ ،‬والضننعف هننو الطيننش عننند أقننل‬
‫المغريات‪.‬‬

‫المؤمن والمعصية‬
‫ليس المؤمن هو الذي ل يعصي الله‪ ،‬ولكن المؤمن هو الذي إذا عصاه رجع إليه‪.‬‬

‫بين النبوة والعظمة‬


‫الفرق بين النبوة والعظمة هو‪ :‬أن مقاييس الكمال في النبوة تقاس بمننن فنني‬
‫السننماء ويننا مننا أكملهننم! ومقنناييس العظمننة تقنناس بمننن فنني الرض ويننا مننا‬
‫أسوأهم!‬

‫‪13‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫نور وتراب‬
‫ً‬
‫عد غرورا‪ ،‬إل العظمة المستمدة مننن‬ ‫النبوة سماء تتكلم نورًا‪ ،‬والعظمة تراب ي ّ‬
‫ص ّ‬
‫ر من السماء‪.‬‬ ‫النبوة‪ ،‬فإنها نور من الرض يّتصل بنو ٍ‬

‫‪14‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الثاني‬

‫دواب الشيطان‬
‫إن للشيطان دواب يمتطيها ليصل بها إلى ما يريد مننن فتنننة الننناس وإغننوائهم‪،‬‬
‫هَلنة المتصنوفة وزننادقتهم‪ ،‬ومنهنا‪ :‬المرتزقنون‬ ‫منها‪ :‬علمناء السنوء‪ ،‬ومنهنا‪ :‬ج َ‬
‫بالفكر والجمال‪ ،‬ومنها‪ :‬الكلننون بنناللحى والعمننائم ) أي ‪ :‬يخنندعون بهننا الننناس‬
‫وليس لهم صلة بالعلم والدين (‪ ،‬وأضعف هننذه النندواب وأقصننرها منندى مجرمننو‬
‫الفقر والجهالة والتشرد‪.‬‬

‫جنود الحق‬
‫إن للحق جنودا ً يخدمونه‪ ،‬منهم الباطل‪.‬‬

‫أدوات الشفاء‬
‫إذا اجتمع لمريض الهموم والعباء ‪ :‬ركون إلى الله‪ ،‬وتذكر لسننيرة رسننول اللننه‪،‬‬
‫مار ذوو أذواق وفكاهة‪ ،‬فقد قطع الشوط الكبر نحو‬ ‫وجو مرح‪ ،‬ونغم جميل‪ ،‬وس ّ‬
‫الشفاء‪.‬‬

‫قيثارة الشيطان وحبالته ودنانيره‬


‫ن قيثارة الشيطان‪ ،‬والمرأة حبالته‪ ،‬وعلماء السوء دراهمه ودنانيره‪.‬‬ ‫ال َ‬
‫ف ّ‬

‫لذة‪..‬‬
‫لننذة العابنندين فنني المناجنناة‪ ،‬ولننذة العلمنناء فنني التفكيننر‪ ،‬ولننذة السننخياء فنني‬
‫الحسان‪ ،‬ولذة المصلحين في الهدايننة‪ ،‬ولننذة الشننقياء فنني المشاكسننة‪ ،‬ولننذة‬
‫اللئام في الذى‪ ،‬ولذة الضالين في الغواء والفساد‪.‬‬

‫الله‬
‫العاقل يرى الله في كل شيء‪ :‬في دقة التنظيم‪ ،‬وروعة الجمال‪ ،‬وإبداع الخلق‪،‬‬
‫وعقوبة الظالمين‪.‬‬

‫القضاء والقدر‬
‫القضاء والقدر سّر التوحيد‪ ،‬ومظهر العلم‪ ،‬وصمام المان في نظام الكون‪.‬‬

‫وجودك دليل وجوده‬


‫دّلك بجهلك على علمه‪ ،‬وبضعفك علننى قنندرته‪ ،‬وببخلننك علننى جننوده‪ ،‬وبحاجتننك‬
‫على استغنائه‪ ،‬وبحدوثك على قدمه‪ ،‬وبوجودك على وجوده‪ ،‬فكيننف تطلننب بعنند‬
‫ذاتك دليل ً عليه؟‬

‫‪15‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫كيف؟ وأين؟‬
‫كيف يعصيه عبد شاهد قندرته؟ وأينن يفنر مننه عبند يجنده قبلنه وبعنده؟ ومنتى‬
‫ينساه عبد تتوالى نعمه عليه؟‬
‫ستر الله أوسع‬
‫لو أعطانا القدرة على أن نرى الناس بما تدل عليه أعمالهم لننرأى بعضنننا بعضنا ً‬
‫ذئابا ً أو كلبا ً أو حميرا ً أو خنازير‪ ،‬ولكن ستر الله أوسع‪.‬‬

‫الستقامة‬
‫الستقامة طريق أولها الكرامة‪ ،‬وأوسطها السلمة‪ ،‬وآخرها الجنة‪.‬‬

‫الدنيا‬
‫هذه الدنيا أولها بكاء‪ ،‬وأوسطها شقاء‪ ،‬وآخرهننا فننناء‪ ،‬ثننم إمننا نعيننم أبنندًا‪ ،‬وإمننا‬
‫عذاب سرمدًا‪.‬‬

‫العاقلة والحمقاء‬
‫المرأة العاقلة ملك ذو جناحين تطيننر بزوجهننا علننى أحنندهما‪ ،‬والمننرأة الحمقنناء‬
‫شيطان ذو قرنين تنطح زوجها بأحدهما‪.‬‬

‫العاقل والحمق‬
‫العاقل يشعل النار ليستدفئ بها‪ ،‬والحمق يشعلها ليتحترق بها‪.‬‬

‫أين يسكن الخير؟‬


‫ي‪ ،‬المتعّرفيننن‬
‫سأل الخير ربه‪ :‬أين أجد مكاني؟ فقال‪ :‬في قلوب المنكسرين إل ّ‬
‫ي!‪.‬‬
‫عل ّ‬

‫التفاؤل‬
‫إذا نظرت بعين التفاؤل إلى الوجود رأيت الجمال شننائعا ً فنني كننل ذراتننه‪ ،‬حننتى‬
‫القبح تجد فيه جما ً‬
‫ل‪..‬‬

‫القناعة‬
‫ً‬
‫مك أن تكون غنّيا‪ ،‬بل أن ل تكننون فقيننرا‪ ،‬وبيننن الفقننر والغنننى منزلننة‬
‫ل يكن ه ّ‬
‫القانعين‪.‬‬

‫جناحان‬
‫طر إلى الله بجناحين من حب له‪ ،‬وثقة به‪.‬‬

‫القلب الممتلئ‬
‫الصندوق الممتلئ بالجواهر ل يتسع للحصى‪ ،‬والقلب الممتلئ بالحكمة ل يتسننع‬
‫للصغائر‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫الحظوظ‬
‫قد تخدم الحظننوظ الشننقياء ولكنهننا ل تجعلهننم سننعداء‪ ،‬وقنند تننواتي الظننروف‬
‫الظالمين ولكنها ل تجعلهم خالدين‪.‬‬

‫نعمة العقل‬
‫الصغار والمجانين ل يعرفون الحزان‪ ،‬ومع ذلك فالكبار العقلء أسعد منهم‪.‬‬

‫اللم‬
‫اللم طريق الخلود لكبار العزائم‪ ،‬وطريق الخمول لصغارها‪.‬‬

‫العاقبة‬
‫إنما تحمد اللذة إذا أعقبت طيب النفس‪ ،‬فإن أعقبت خبثا ً كانت س ّ‬
‫ما‪.‬‬

‫حقيقة اللذة واللم‬


‫اللذة واللم ينبعثان من تصور النفس لحقيقتهمننا‪ ،‬فكننم مننن لننذة يراهننا غيننرك‬
‫ألمًا‪ ،‬وكم من ألم يراه غيرك لذة‪.‬‬

‫اللم امتحان‬
‫اللم امتحان لفضائل النفس وصقل لمواهبها‪.‬‬

‫اللم واللذة‬
‫لول اللم لما استمتع النسان باللذة‪.‬‬
‫·ق ّ‬
‫ل أن تخلو لذة من ألم‪ ،‬أو ألم من لذة‪.‬‬

‫اليمان‬
‫اليمان يعطينا في الحياة ما نكسب به قلننوب الننناس دائم نًا‪ :‬المانننة‪ ،‬والصنندق‪,‬‬
‫والحب‪ ،‬وحسن المعاملة‪.‬‬

‫المغرور‬
‫المغرور إنسان نفنخ الشنيطان فني دمناغه‪ ،‬وطمنس منن بصنره‪ ،‬وأضنعف منن‬
‫وه‪.‬‬
‫ذوقه‪ ،‬فهو مخلوق مش ّ‬

‫الكذاب والخائن‬
‫ل يكذب من يثق بنفسه‪ ،‬ول يخون من يعتز بشرفه‪.‬‬

‫الحق والحب‬
‫بالحق خلقت السموات والرض‪ ،‬وبالحب قامتا‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫رائحة الجنة‬
‫م رائحة الجنة‪.‬‬
‫من أحبه الخيار من عباد الله استطاع أن يش ّ‬
‫إذا أردت أن تعرف‬
‫م استعملك؟‬
‫إذا أردت أن تعرف منزلتك عنده فانظر‪ :‬أين أقامك؟ وب َ‬

‫معنى العبادة‬
‫العبادة رجاء العبد سيده أن يبقيه رقيقًا‪.‬‬

‫المؤمن والكافر‬
‫المؤمن حر ولو ك ُّبل بالقيود‪ ،‬والكافر عبد ولو خفقت له البنود‪.‬‬

‫من علمة رضاه‬


‫من علمة رضاه عنك أن يطلبك قبل أن تطلبه‪ ،‬وأن ينندلك عليننه قبننل أن تبحننث‬
‫عنه‪.‬‬

‫الحاجة إليه‬
‫عِلم أنك ل تصفو مودتك له فأحوجك إليه لتقبل بكل ذاتك عليه‪.‬‬
‫َ‬

‫الطائر السجين‬
‫كم من طائر يظن أنه يحّلق في السماء وهو سننجين قفصننه‪ ،‬أولئك المفتونننون‬
‫من علماء السوء‪.‬‬

‫الصحة والمرض‬
‫إذا أمرضك فأقبلت عليه فقنند منحننك الصننحة‪ ،‬وإذا عافنناك فأعرضننت عنننه فقنند‬
‫أمرضك‪.‬‬

‫النس بالله‬
‫إذا أوحشك من نفسك وآنسك به فقد أحّبك‪.‬‬

‫علمة القبول‬
‫إذا قبلك نسب إليك ما لم تفعل‪ ,‬وإذا سخطك نسب إلى غيرك ما فعلت‪.‬‬

‫الخلص‬
‫إذا كان ل يقبل من العمل إل ما كان خالصا ً لوجهه إنا إذا لهالكون‪.‬‬
‫ً‬

‫موثق ومعتق‬
‫عبد الذنب موثق‪ ،‬وعبد الطاعة معتق‪.‬‬

‫عبد العبد وعبد السيد‬

‫‪18‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫عبد العبد يستطيع فكاك نفسه بالمال‪ ،‬وعبد السيد ل يستطيع فكنناك نفسننه إل‬
‫بالعمال‪.‬‬

‫المعصية والطاعة‬
‫المعصية سجن وشؤم وعار‪ ،‬والطاعة حرية ويمن وفخار‪.‬‬

‫لحظات!‬
‫بين المعصية والطاعة صبر النفس عن هواها لحظات‪.‬‬

‫بين صبرين‬
‫الصبر على الهوى أشق من الصبر في المعركة وأعظننم أجننرًا‪ ،‬فالشننجاع ينندخل‬
‫المعركة يمضغ فنني شنندقيه لننذة الظفننر‪ ،‬فننإذا حمنني الننوطيس نشننطت نفسننه‬
‫مم علننى‬‫وزغردت‪ ،‬والمؤمن وهو يصارع هننواه يتجنّرع مننرارة الحرمننان فننإذا صن ّ‬
‫الصننبر ول ّننت نفسننه وأعننولت‪ ،‬والشننجاع يحننارب أعننداءه رينناءً وسننمعة وعصننبية‬
‫واحتسابًا‪ ،‬ولكن المؤمن ل يحارب أهواءه إل طاعة واحتسابًا‪.‬‬

‫مناجاة!‬
‫يا رب إذا كان في أنبيائك أولو العزم وغير أولي العزم وجميعهننم أحبنناؤك‪ ،‬أفل‬
‫يكون في عبادك أولو الصبر وغير أولي الصبر وجميعهم عتقاؤك؟‬

‫مناجاة!‬
‫إلهي! وعزتك منا عصننيناك اجننتراءً علننى مقامننك‪ ،‬ول اسننتحلل ً لحرامننك‪ ،‬ولكننن‬
‫ن‬
‫غلبتنا أنفسنا وطمعنا في واسع غفرانك‪ ،‬فلئن طاردنننا شننبح المعصننية لنلننوذ ّ‬
‫بعظيم جنابك‪ ،‬ولئن استحكمت حولنا حلقات الثم لنفكنهننا بصننادق وعنندك فنني‬
‫كتابك‪ ،‬ولئن أغرى الشننيطان نفوسنننا باللننذة حيننن عصننيناك‪ ،‬فليغريننن اليمننان‬
‫قلوبنا بمننا للتننائبين مننن فسننيح جنانننك‪ ،‬ولئن انتصننر الشننيطان علينننا لحظننات‪،‬‬
‫ن بك الدهر كله‪ ،‬ولئن كذب الشيطان في إغوائه‪ ،‬ليصدقن اللننه فنني‬ ‫فلنستنصر ّ‬
‫رجائه‪.‬‬

‫م ل ينشرون فضائل الرسول صلى الله عليه وسلم‬ ‫ل َ‬


‫ً‬
‫إذا أحب الناس إنسانا كتموا عيوبه ونشروا حسننناته‪ ،‬فكيننف ل ينشننر المؤمنننون‬
‫فضائل رسولهم وليست له عيوب؟‬

‫رسول الله والنبياء‬


‫ق محمد صننلى‬ ‫ق موسى بحرا ً من الماء فانحسر عن رمل وحصى‪ ،‬فقد ش ّ‬ ‫لئن ش ّ‬
‫ً‬
‫الله عليه وسلم بحورا من النفوس فانحسرت عن عظماء خالدين‪ ،‬ولئن ردّ اللننه‬
‫ليوشع شمسا ً غابت بعد لحظات فقد ردّ الله بمحمد إلى النندنيا شمسننا ً ل تغيننب‬

‫‪19‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫مدى الحياة‪ ،‬ولئن أحيا عيسى الموتى ثننم منناتوا فقنند أحيننا محمنند أممنا ً ثننم لننم‬
‫تمت ‪..‬‬

‫إذا امتل القلب‬


‫إذا امتل القلب بالمحبننة أشننرق الننوجه‪ ،‬إذا امتل بالهيبننة خشننعت الجننوارح‪ ،‬وإذا‬
‫امتل بالحكمة استقام التفكير‪ ،‬وإذا امتل بالهوى ثار البطن والفرج‪.‬‬

‫ل يحاسب‬
‫المريض المتألم كالنائم‪ :‬يهذر ويرفث ولكنه ل يحاسب‪.‬‬

‫ل تعظ!‬
‫ل تعظ مغلوبا ً على هواه حتى يعود إليه بعض عقله‪.‬‬

‫كل محبة تورث شيئا ً‬


‫محبة الله تورث السلمة‪ ،‬ومحبنة النناس تنورث الندامننة‪ ،‬ومحبننة الزوجنة تنورث‬
‫الجنون‪.‬‬

‫مت نفسك‬ ‫إذا ه ّ‬


‫مت نفسك بالمعصية فذكرها بالله‪ ،‬فإذا لم ترجع فذكرها بننأخلق الرجننال‪،‬‬ ‫إذا ه ّ‬
‫فإذا لم ترجع فذكرها بالفضيحة إذا علم بها الناس‪ ،‬فننإذا لننم ترجننع فنناعلم أنننك‬
‫تلك الساعة قد انقلبت إلى حيوان‪.‬‬

‫أخف العيوب‬
‫لكل إنسان عيب‪ ،‬وأخف العيوب ما ل تكون له آثار تبقى‪.‬‬

‫احذر وأسرع‬
‫إذا مدك الله بالنعم وأنت على معاصيه فاعلم بأنننك مسننتدرج‪ ،‬وإذا سننترك فلننم‬
‫يفضحك‪ ،‬فاعلم أنه أراد منك السراع في العودة إليه‪.‬‬

‫أنواع الحب‬
‫وَله الطفال‪ ،‬وإن تعلننق بننإثم كننان ولننه‬
‫ه القلب‪ ،‬فإن تعلق بحقير كان َ‬‫ول َ ُ‬
‫الحب َ‬
‫الحمقى‪ ،‬وإن تعلق بفان كان ولننه المرضننى‪ ،‬وإن تعلننق ببنناق عظيننم كننان ولننه‬
‫النبياء والصديقين‪.‬‬

‫بين الخوف والرجاء‬


‫وفنا بعقابه فأين رحمته؟ ويرجينا برحمته فأين عذابه؟ هما أمران ثابتان‪:‬‬
‫يخ ّ‬
‫رحمته وعذابه‪ ،‬فللمؤمن بينهما مقامان متلزمان‪ :‬خوفه ورجاؤه‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الثالث‬

‫المسيء بعد الحسان‬


‫من أحسن إليك ثم أساء فقد أنساك إحسانه‪.‬‬

‫لو كنت!‬
‫ً‬
‫لو كنت متوكل ً عليه حننق التوكننل لمننا قلقننت للمسننتقبل‪ ،‬ولننو كنننت واثقنا مننن‬
‫رحمته تمام الثقة لما يئست من الفرج‪ ،‬ولو كنت موقنا ً بحكمته كل اليقيننن لمننا‬
‫عتبت عليه في قضائه وقدره‪ ،‬ولو كنت مطمئنا ً إلى عدالته بالغ الطمئنننان لمننا‬
‫شككت في نهاية الظالمين‪.‬‬

‫في الدروب والمتاهات‬


‫في درب الحياة ضّيعت نفسي ثم وجدتها في فناء الله‪ ،‬وفنني متاهننات الطريننق‬
‫فقدت غايتي ثم ألفيتها في كتاب الله‪ ،‬وفي زحننام المننوكب ضننللت رحلنني ثننم‬
‫وجدته عند رسول الله‪.‬‬

‫لول‪ ..‬ولول‬
‫لول رحمتك بي يا إلهي لكنت فريسة الطماع‪ ،‬ولول هنندايتك لنني لكنننت سننجين‬
‫ي لكنت شريد الحاجات‪ ،‬ولول حمايتك لي لكنت طرينند‬ ‫الوهام‪ ،‬ولول إحسانك إل ّ‬
‫ي لكنت صريع الثام‪.‬‬‫اللئام‪ ،‬ولول توبتك عل ّ‬

‫الدين والتربية‬
‫وضها‪ ،‬والتربية ل تغّير الطباع ولكن ته ّ‬
‫ذبها‪.‬‬ ‫الدين ل يمحو الغرائز ولكن ير ّ‬
‫الشهامة‪ ..‬والشجاعة‬
‫الشهامة أن تغار على حرمات الله‪ ،‬والنجدة أن تبادر إلى نننداء اللننه‪ ،‬والشننجاعة‬
‫ن عيال الله‪ ،‬والسخاء‬ ‫م ْ‬
‫ن حولك ِ‬ ‫م ْ‬
‫أن تسرع إلى نصرة الله‪ ،‬والمروءة أن تحفظ َ‬
‫أن ل تردّ لله أمرا ً ول نهيًا‪.‬‬

‫خلق الكرام‬
‫دون بالغضناء عننن‬
‫الكننرام يتعنناملون بالثقنة‪ ,‬ويتواصننلون بحسننن الظننن‪ ،‬ويتنوا ّ‬
‫الهفوات‪.‬‬

‫ما هو الفقه؟‬
‫ُ‬
‫خلقه‪ ،‬وعننن صننحابته سننيرتهم‬‫الفقه أن تفقه عن الله شرعه‪ ،‬وعن رسول الله ُ‬
‫وسلوكهم‪.‬‬

‫متى تنكشف الحقائق؟‬

‫‪21‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫وفي المآزق ينكشف لؤم الطباع‪ ،‬وفي الفتن تنكشف أصالة الراء‪ ،‬وفي الحكم‬
‫ينكشف زيف الخلق‪ ،‬وفي المال تنكشننف دعنوى الننورع‪ ،‬وفني الجناه ينكشننف‬
‫كرم الصل‪ ،‬وفي الشدة ينكشف صدق الخوة‪.‬‬

‫ل تغرنك!‪..‬‬
‫ل تغرنك دمعة الزاهد فربما كانت لفرار الدنيا من يده‪ ،‬ول تغرنك بسمة الظالم‪،‬‬
‫فربما كانت لحكام الطوق في عنقك‪ ،‬ول تغرنك مسننالمة الغننادر‪ ،‬فربمننا كننانت‬
‫للوثوب عليك وأننت ننائم‪ ،‬ول يغرننك بكناء الزوجنة‪ ،‬فربمنا كنان لخفاقهنا فني‬
‫السيطرة عليك!‪.‬‬

‫احذر ضحك الشيطان منك‬


‫احننذر ضننحك الشننيطان منننك فنني سننت سنناعات‪ :‬سنناعة الغضننب‪ ،‬والمفنناخرة‪،‬‬
‫والمجادلة‪ ،‬وهجمننة الزهنند المفنناجئة‪ ،‬والحمنناس وأنننت تخطننب فنني الجمنناهير‪،‬‬
‫والبكاء وأنت تعظ الناس‪.‬‬

‫احذر اللئيم‬
‫احذر لئيم الصل‪ ،‬فقد يدركه لؤم أصنله وأنننت فني أشند الحاجنة إلنى صنداقته‪،‬‬
‫واحذر لئيم الطبع‪ ،‬فقد يدركه لؤم طبعه وأنت في أشد الحاجة إلى معونته‪.‬‬

‫احذر!‬
‫احذر الحقود إذا تسلط‪ ،‬والجاهل إذا قضى‪ ،‬واللئيم إذا حكننم‪ ،‬والجننائع إذا يئس‪،‬‬
‫والواعظ المتزهد )أي الذي يتظاهر بالزهد ( إذا كثر مستمعوه‪.‬‬

‫من عيشة المؤمن‬


‫ن من عيشة المؤمن‪ :‬عبادة الله‪ ،‬ونصح الناس‪ ،‬وبذل المعروف‪.‬‬
‫ثلث ه ّ‬

‫من طبيعة المؤمن‬


‫ن من طبيعة المؤمن‪ :‬صدق الحديث‪ ،‬وأداء المانة‪ ،‬وسخاء النفس‪.‬‬
‫ثلث ه ّ‬

‫من خلق المؤمن‬


‫ن من خلق المؤمن‪ :‬الغضنناء عننن الزل ّننة‪ ،‬والعفننو عننند المقنندرة‪ ،‬ونجنندة‬‫ثلث ه ّ‬
‫الصديق مع ضيق ذات اليد‪.‬‬

‫حسن الخلق‬
‫من أوتي حسن الخلق ل عليه ما فاته من الدنيا‪.‬‬

‫المنافق‬
‫المنافق شخص هانت عليه نفسه بقدر ما عظمت عنده منفعته‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫· المنافق ممثل مسرحي‪ ،‬له كذب الممثل وليس له تقدير المتفرجين‪.‬‬

‫اعتذرا!‬
‫قيل لخطيب منافق‪ :‬لماذا تتقّلب مع كل حاكم؟ فقال‪ :‬هكننذا خلننق اللننه القلننب‬
‫متقلبًا‪ ،‬فثباته على حالة واحدة مخالفة لرادة الله!‪..‬‬

‫عقوبة المجتمع‬
‫إن الله يعاقب على المعصية في الدنيا قبل الخرة‪ ،‬ومن عقوبته للمجتمع الذي‬
‫تفشو فيه المظالم أن يسّلط عليننه الشننرار والظننالمين‪ ? :‬وإذا أردنننا أن نهلننك‬
‫قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق القول فدمرناها تدميرًا?‪.‬‬

‫ميزان الله‬
‫الفقير ميزان الله في الرض‪ ،‬يوزن به صلح المجتمع وفساده‪.‬‬

‫والله أعدل الحاكمين‬


‫أمر الله أن يعطى الفقير حقننه والغننني حقننه‪ ،‬فنندافع دجاجلننة النندين عننن حننق‬
‫الغني ولم يدافعوا عن حق الفقير‪ ،‬وأكل طواغيت الدنيا حق الغننني دفاع نا ً عننن‬
‫حق الفقير‪ ،‬والله أعدل الحاكمين‪.‬‬

‫حكم الشيطان‬
‫لم يرضهم حكم الله في أموالهم فسّلط عليهم من يحكم فيها بحكم الشيطان‪.‬‬

‫أين أنت‬
‫ْ‬
‫مي الب ُلننه! مننتى كنننت خفي ّننا حننتى نسننأل‬ ‫يتساءلون عنك‪ :‬أين أنت؟ فيا عجبا ً لل ُ‬
‫ع ْ‬
‫عنك؟ ألست في عيوننا وأسماعنا؟ ألست في مائنا وهوائنا؟ ألسننت فنني بسننمة‬
‫الصغير وتغريد البلبل؟ ألسننت فنني خفيننف الشننجر وضننياء القمننر؟ ألسننت فنني‬
‫ل شننيء؟ أليسننت هننذه آياتننك الدالننة‬ ‫ل شننيء كن ّ‬ ‫الرض والسماء؟ ألست فنني كن ّ‬
‫عليك؟ أليست هذه من بدائع صنعك يا أحسننن الخننالقين؟ أليسننت آيننات تنندبيرك‬
‫الحكيم بارزة في صننغير هننذا الكننون وكننبيره؟ فكيننف يسننأل عنننك هننؤلء إل أن‬
‫يكونوا عميا ً في البصائر والبصار؟‬
‫ة‬‫ت للمؤمنين ¯ وفنني خلقكننم ومننا يبننث مننن داب ن ٍ‬ ‫? إن في السموات والرض لي ٍ‬
‫ت لقوم يوقنون ¯ واختلف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق‬ ‫ءايا ٌ‬
‫فأحيا به الرض بعد موتها وتصريف الرياح ءايات لقوم يعقلون?‪.‬‬
‫أين حكمتك؟‬
‫يتساءلون عن حكمتك في المرض والجوع‪ ،‬والزلزل والكوارث‪ ،‬وموت الحب ّنناء و‬
‫حياة العننداء‪ ،‬وضننعف المصننلحين وتسننلط الظننالمين‪ ,‬وانتشننار الفسنناد وكننثرة‬
‫المجرمين‪ ،‬يتساءلون عن حكمتك فيها وأنت الرؤوف الرحيم بعبادك؟ فيننا عجب نا ً‬
‫لقصر النظر ومتاهة الرأي‪ ،‬إنهم إذا وثقوا بحكمة إنسان سننلموا إليننه أمننورهم‪،‬‬
‫واستحسنوا أفعاله وهننم ل يعرفننون حكمتهننا‪ ،‬وأنننت‪ ..‬أنننت يننا مبنندع السننموات‬

‫‪23‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫والرض‪ ،‬يا خالق الليننل والنهننار‪ ،‬يننا مسننير الشننمس والقمننر‪ ،‬يننا منننزل المطننر‬
‫ومرسل الرياح‪ ،‬يا خالق النسان على أحسن صننورة وأدقّ نظننام‪ ..‬أنننت الحكيننم‬
‫العليننم‪ ..‬الرحمننن الرحيننم‪ ..‬اللطيننف الخننبير‪ ..‬يفقنندون حكمتننك فيمننا سنناءهم‬
‫وضرهم‪ ،‬وقد آمنوا بحكمتك فيما نفعهننم وس نّرهم‪ ،‬أفل قاسننوا مننا غنناب عنهننم‬
‫على ما حضر؟ وما جهلوا على ما علموا؟ أم أن النسان كان ظلوما ً جهو ً‬
‫ل؟!‬

‫انتصار المؤمنين‬
‫في بحار من الظلمات بعضها فوق بعض‪ ،‬وفي حشود من الشر يأتي بعضها إثننر‬
‫ل من الشك يردف بعضها بعضًا‪ ،‬فنني زمجننرة العاصننير‪ ،‬وفنني‬ ‫بعض‪ ،‬وفي أرسا ٍ‬
‫جر البراكين‪ ،‬في أمواج البحر المتلطمة‪ ..‬يلجأ المؤمنون إلننى إيمننانهم فيمل‬ ‫تف ّ‬
‫قلوبهم بننردا ً وأمننًا‪ ،‬ويفيئون إلننى ربهننم فيسننبغ عليهننم سننلما ً منننه ورضننوانًا‪،‬‬
‫فننون حننول‬ ‫ويرجعننون إلننى كتنناب هنندايتهم فيمل عقننولهم حكمننة وعلم نًا‪ ،‬ويلت ّ‬
‫رسولهم فيزيدهم بصيرة وثباتًا‪ ..‬حينذاك‪ ..‬يناجي المؤمنون ربهم وقنند خضننعت‬
‫له جباههم‪ ،‬وخشعت له قلوبهم‪ ? :‬ربنا إنننك مننن تندخل النننار فقنند أخزيتننه ومنا‬
‫للظالمين من أنصار¯ ربنننا إننننا سننمعنا منادينا ً ينننادي لليمننان أن ءامنننوا بربكننم‬
‫فئامنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع البرار¯ ربنننا وءاتنننا مننا‬
‫وعدتنا على رسلك ول تخزنا يوم القيامة إنك ل تخلف الميعاد?‪.‬‬
‫ل منكم من ذكر‬ ‫ع عمل عام ٍ‬ ‫هنالك يستجيب لهم الحق بوعد الصدق‪ ? :‬أني ل أضي ُ‬
‫أو أنثى بعضننكم مننن بعننض فالننذين هنناجروا وأخرجننوا مننن ديننارهم وأوذوا فنني‬
‫ت تجري من تحتهننا‬ ‫سبيلي وقاتلوا وقتلوا لكفرن عنهم سيئاتهم ولدخلنهم جنا ٍ‬
‫النهار ثوابا ً من عند الله والله عنده حسن الثواب?‪.‬‬
‫ثم تدفعهم يد الله إلى طريق المعركة مبينة لهم وسائل النصننر‪ ? :‬يأيهننا الننذين‬
‫ءامنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون?‪.‬‬
‫ويسير المؤمنون وهم يرفعون عقيرتهننم بالنندعاء‪ ? :‬ربنننا ل تننزغ قلوبنننا بعنند إذ‬
‫هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب?‪.‬‬
‫ويخوضون معركة الحق وهم يرددون‪ ? :‬ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنننا‬
‫وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين?‪.‬‬
‫ويسجل كتاب الخلود نتيجة المعركة بثلث كلمات‪ :‬فهزموهم بإذن الله‪.‬‬

‫عصر الخير‬
‫ً‬
‫لم يكن أهل الخير في عصر مننن عصننور التاريننخ أكننثر عننددا مننن أهننل الشننر أو‬
‫يساوونهم‪ ،‬ولكن عصور الخير هي التي تمكن فيها أهل الخير من توجيه دفتها‪.‬‬

‫الضاحك الباكي‬
‫السعيد المحبوب هو الذي يضحك وقلبه باك‪ ،‬ويغّني ونفسه حزينة‪.‬‬

‫لكي يحبك الناس‬

‫‪24‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫لكي يحّبك الناس أفسح لهم طريقهم‪ ،‬ولكي ينصننفك الننناس افتننح لهننم قلبننك‪،‬‬
‫ولكي تنصف الناس افتح لهم عقلك‪ ،‬ولكي تسننلم مننن الننناس تنننازل لهننم عننن‬
‫بعض حقك‪.‬‬

‫عذاب‪..‬‬
‫عذاب العاقل بحبسه مع من ل يفهننم‪ ،‬وعننذاب المجنّرب برئاسننته علننى مننن لننم‬
‫يجرب‪ ،‬وعذاب العالم بوضع علمه بين أيدي الجهال‪ ،‬وعذاب الرجل بتحكيمه بيننن‬
‫النساء‪ ،‬وعذاب المرأة بمنعها من الكلم‪..‬‬

‫العواطف والعقول والهواء‬


‫العواطف تنشئ الدولة‪ ،‬والعقول ترسي دعائمها‪ ،‬والهواء تجعلها ركامًا‪.‬‬

‫بين الذئب والشاة‬


‫قال الذئب للشاة‪ :‬ثقي بي فسأقودك إلى مرتع خصب‪.‬‬
‫فقالت الشاة‪ :‬إني أرى بعينيك عظام زميلتي‪..‬‬
‫قال الذئب‪ :‬لم آكلها أنا وإنما أكلها ذئب غيري‪..‬‬
‫قالت الشاة‪ :‬وهل انسلخت من طبيعتك حتى ل تفعل ما فعلوا؟‬

‫دولة المؤمن!‬
‫عقل الفيلسوف يبني دولة في الهواء‪ ،‬وعقل القصصي يبني دولة فننوق المنناء‪،‬‬
‫وعقل الطاغية يبني دولة فوق مستودع بارود‪ ،‬وعقل المؤمن يبني دولة أصننلها‬
‫ثابت وفرعها في السماء‪.‬‬

‫خلود‪..‬‬
‫خلود العاِلم بعلومه‪ ،‬وخلود الفيلسوف بتأملته‪ ،‬وخلود القائد بفتوحنناته‪ ،‬وخلننود‬
‫النبي برسالته‪ ،‬وخلود المصلح بصحابته‪.‬‬

‫يريد أن يحسن فيسيء‬


‫بعض أصدقائك يريد أن يحسن إليك فيسيء‪ ،‬فإن كانت اجتهادا ً فاعف عنه‪ ،‬وإن‬
‫كانت غفلة فل تعتمد عليه‪.‬‬

‫جواز سفر‬
‫ر‬
‫خلق الله المال ليكون جواز سفر إلى الجنة‪ ،‬فجعلته أطماع النسان جواز سننف ٍ‬
‫إلى جهّنم‪...‬‬

‫كيف يؤتى الحق‬


‫ق إل من الدخلء في حشوده‪ ،‬والغرار فنني قيننادته‪ ،‬والنننائمين فنني‬
‫ل يؤتى الح ّ‬
‫حراسته‪ ،‬والمفسدين في أسلحته‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫إذا أراد الله‬
‫إذا أراد الله أن يسلب من عبد نعمة أغفله عن صيانتها‪ ،‬وإذا أراد أن يمنحه نعمة‬
‫هّيأه لحسن استقبالها‪ ،‬وإذا أراد أن يمتحنه في نعمة أيقننظ عقلننه وهننواه‪ ،‬فننإن‬
‫غلب هواه عقَله لم يكن بها جديرًا‪.‬‬

‫من تعلق‪...‬‬
‫ذة الخلوة مع الله‪ ،‬ومن تعلق قلبه باللهو لننم يجنند‬‫من تعّلق قلبه بالدنيا لم يجد ل ّ‬
‫لذة النس بكلم الله‪ ،‬ومن تعلق قلبه بالجاه لم يجد لذة التواضع بين ينندي اللننه‪،‬‬
‫ومن تعلق قلبه بالمال لم يجد لذة القراض لله‪ ،‬ومن تعلق قلبه بالشننهوات لننم‬
‫يجد لذة الفهم عن الله‪ ،‬ومن تعلق قلبه بالزوجة والولد لم يجد لذة الجهنناد فنني‬
‫سبيل الله‪ ،‬ومن كثرت منه المال لم يجد في نفسه شوقا ً إلى الجنة‬

‫‪26‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الرابع‬

‫بين‪ ...‬وبين‬
‫بين الشقاء والسعادة‪ ،‬تذكر عواقب المور‪.‬‬
‫· بين الجنة والنار‪ ،‬تذكر الحياة والموت‪.‬‬
‫· بين السبق والتأخر‪ ،‬تذكر الهدف والغاية‪.‬‬
‫· بين الصلح والفساد‪ ،‬يقظة الضمير‪.‬‬
‫· بين الخطأ والصواب‪ ،‬يقظة العقل‪.‬‬

‫إذا صحت منك العزيمة‬


‫حت مننك العزيمنة‬
‫حت منك العزيمة للوصنول إلينه‪ ،‬مندّ ينده إلينك‪ ،‬وإذا صن ّ‬
‫إذا ص ّ‬
‫للوقوف بين يديه‪ ،‬فرش لك الباسط‪ ،‬ودّلك بنوره عليه‪.‬‬

‫إذا صدقت الله‪...‬‬


‫إذا صدقت الله في الزهد في الدنيا كّرهك بها‪ ،‬وإذا صدقته الرغبننة فنني الخننرة‬
‫حبب إليك أعمالها‪ ،‬وإذا صدقته العزم على دخول الجنة أعطنناك مفاتيحهننا‪ ،‬وإذا‬
‫صدقته حب رسوله حبب إليك اقتفاء أثره‪ ،‬وإذا صدقته الشوق إلى لقائه كشننف‬
‫لك الحجب إل حجاب النور‪.‬‬

‫دعوى الحب‬
‫الحب من غير اّتبنناع دعننوى‪ ،‬ومننن غيننر إخلص بلننوى‪ ،‬ومننن غيننر نجننوى حسننرة‬
‫وعبرة‪.‬‬

‫مناجاة!‬
‫إلهي! دعوتنا إلى اليمان فآمنا‪ ،‬ودعوتنننا إلننى العمننل فعملنننا‪ ،‬ووعنندتنا النصننر‬
‫دقنا‪ ،‬فإن لم تنصرنا لم يكن ذلك إل من ضعف فنني إيماننننا‪ ،‬أو تقصننير فنني‬ ‫فص ّ‬
‫أعمالنا‪ ،‬ولن نكون قصرنا في العمل‪ ،‬أقرب إلى أن نكون ضعفنا فنني اليمننان‪،‬‬
‫فوعّزتك ما زادتنا النكبات إل إيمانا ً بننك‪ ،‬ول اليننام إل معرفننة لننك‪ ،‬فأمننا العمننل‬
‫ص وأنت الجننواد‪ ،‬أو لشننبهة وأنننت الحليننم‪ ،‬أو لخلننل‬ ‫ده لنق ٍ‬‫فأنت أكرم من أن تر ّ‬
‫وأنت الغفور الرحيم‪.‬‬

‫المرائي‬
‫ليس أشقى من المننرائي فنني عبننادته‪ ،‬ل هننو انصننرف إلننى النندنيا فأصنناب مننن‬
‫زينتها‪ ،‬ول هو ينجو في الخرة فيكون مع أهل جّنتها‪..‬‬

‫أصناف الخوان‬
‫الخوان ثلثة‪ :‬أخ تتزين به‪ ،‬وأخ تستفيد منه‪ ،‬وأخ تستند إليه‪ ،‬فإذا ظفرت بمثننل‬
‫هذا فل تفّرط فيه؛ فقد ل تجد غيره‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫صراخ المرضى‬
‫أسننمع بجننانبي صننراخ مرضننى يقولننون‪ :‬يننا اللننه! علمننوا أن لهننم رب ّننا يرحمهننم‬
‫فاستغاثوا برحمته‪ ،‬إني لرحمهم للمهم وأنا عبد مثلهم‪ ،‬فكيف ل يرحمهم الله‬
‫وهو ربهم وخالقهم؟‪..‬‬

‫زرع ل يحصد!‬
‫الجيل الذي زرعته يد الله ل تحصده يد إنسان‪.‬‬

‫أنواع الظلم‬
‫الظلم ثلث‪ :‬ظلم النسان لنفسه بأن ل ينصحها‪ ،‬وظلننم النسننان لمتننه بننأن ل‬
‫م‬
‫يخدمها‪ ،‬وظلم النسان للحقيقة الكبرى بأن ل يعترف بربه ? إن الشننرك لظلنن ٌ‬
‫عظيم?‪.‬‬

‫أنت تعلم‪ ..‬وأنا أعلم‬


‫إلهي! أنت تعلم‪ :‬أني لم أتقّرب إليك بصالح العمال‪.‬‬
‫وأنا أعلم‪ :‬أنك تغفر الذنوب جميعا ً إل الشراك بك‪.‬‬
‫أنت تعلم‪ :‬أني لم أبتعد عما نهيت من سيئ العمال‪.‬‬
‫وأنا أعلم‪ :‬أنك ما كلفتنا من التقوى إل بما نستطيع‪.‬‬
‫أنت تعلم‪ :‬أني لم أعبدك كما ينبغي لجلل وجهك أن ُيعبد‪.‬‬
‫وأنا أعلم‪ :‬أنك تخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من اليمان‪.‬‬
‫أنت تعلم‪ :‬أن نفسي لم تصف من كدورتها برغم تعّرضي لنفحاتك‪.‬‬
‫وأنا أعلم‪ :‬أنك خلقتني من الطين‪ ،‬وأنبّتني من التراب‪ ،‬وأسننكنتني فنني الرض‪،‬‬
‫وامتحنَتني بالشيطان‪.‬‬
‫أنت تعلم‪ :‬أني أسبح في بحر متلطم المواج لصل إلى شاطئ أمنك وسلمتك‪.‬‬
‫وأنا أعلم‪ :‬أنك شددتني في الحياة بما يبطئ بي فني الوصنول إلينك منن زوجنة‬
‫وولد‪ ،‬وحاجة ومرض‪ ،‬وهموم وأحزان‪.‬‬
‫أنت تعلم‪ :‬أني مشوق إلى الغوص في بحار أسرارك‪ ،‬والتعرض لفيوض أنوارك‪.‬‬
‫ي مع نور العقل ظلمننة الشننهوة‪ ،‬ومننع خضننوع الملئكننة‬ ‫وأنا أعلم‪ :‬أنك خلقت ف ّ‬
‫و السماء هبوط الرض‪ ،‬ومننع صننفاء الخيننر كنندورة الشننر‪،‬‬ ‫تمّرد إبليس‪ ،‬ومع سم ّ‬
‫ومع نار الحب دخان الهوى‪.‬‬
‫أنت تعلم‪ :‬أني أريد الوصول إليك صادقا ً منكسرا‪ً.‬‬
‫وأنا أعلم‪ :‬أنك تجتبي من تشاء‪ ،‬وتصطفي من تختار‪ ،‬بفضل منننك ل بأعمننالهم‪،‬‬
‫وبكرم منك ل باستحقاقهم‪.‬‬
‫إلهي! هذا بعض ما تعلمه مني‪ ،‬وبعض ما أعلمه عنك‪ ،‬فاجعل مننا علمتننه شننفيعا ً‬
‫لما علمته‪ ،‬وأوصلني إلى ما تعلمه مما أحاول‪ ،‬على ما أعلمه عننندي مننن ضننعف‬
‫الوسائل‪ ،‬ول تجعننل علمننك بنني مبعنندا ً لني عنننك‪ ،‬ول علمني بننك فاتننا ً لني عننن‬
‫هاب‪.‬‬ ‫الوصول إليك‪ ،‬اللهم إنك تعلم ونحن ل نعلم وأنت الحكيم الو ّ‬

‫تجارة ل تبور‬

‫‪28‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫من تعّرض لنفحات الله في السحار‪ ،‬وُأعطياته لحبابه من البرار‪ ،‬وتعجبننه مننن‬
‫الطاعة‪ ،‬وسروره عند التوبة‪ ،‬كان هو التاجر بما ل يبننور‪ ،‬والمتعامننل مننع مننن ل‬
‫دخر لما ل يفنى‪.‬‬‫يخيس‪ ،‬والم ّ‬

‫ما ك ّ‬
‫ل‪..‬‬
‫ً‬
‫ود الصننحف مؤلف نا‪ ،‬ول كننل مننن‬ ‫ليس كل من أمسك القلم كاتبًا‪ ،‬ول كل من س ن ّ‬
‫أبهم في تعبيره فيلسوفًا‪ ،‬ول كل من سرد المسننائل عالمنًا‪ ،‬ول كننل مننن تمتننم‬
‫شف في معيشته زاهدًا‪ ،‬ول كل من امتطى الخيننل‬ ‫بشفتيه ذاكرًا‪ ،‬ول كل من تق ّ‬
‫فارسًا‪ ،‬ول كل من لث العمامة شيخًا‪ ،‬ول كل من طّر شاربه فتى‪ ،‬ول كننل مننن‬
‫طأطأ رأسه متواضعًا‪ ،‬ول كل من افتّر ثغره مسرورًا‪.‬‬

‫تخير من تقرأ له‬


‫كل مؤلف تقرأ له‪ ،‬يترك في تفكيرك مسارب وأخاديد‪ ،‬فل تقرأ إل لمننن تعرفننه‬
‫بعمق التفكير‪ ،‬وصدق التعبير‪ ،‬وحرارة القلم‪ ،‬واستقامة الضمير‪.‬‬

‫تجليات الله‬
‫تجّلى للعننارفين بفيننوض النننوار‪ ،‬وتجل ّننى للواصننلين بلطننائف السننرار‪ ،‬وتجلننى‬
‫ّ‬
‫للعابدين بلذة السرار‪ ،‬وتجّلى للمريدين بحلوة المزار‪ ،‬وتجّلى للتائبين بإسنندال‬
‫السننتار‪ ،‬وتجل ّننى للننناظرين بحسننن الختيننار‪ ،‬وتجل ّننى للغننافلين بتعنناقب الليننل‬
‫والنهار‪.‬‬

‫ل تحقد!‬
‫ل تحقد على أحد‪ ،‬فالحقد ينال منك أكنثر ممنا يننال منن خصنومك‪ ،‬ويبعنند عننك‬
‫أصدقاءك كمننا يننؤلب عليننك أعننداءك‪ ،‬ويكشننف مننن مسنناويك مننا كننان مسننتورًا‪،‬‬
‫وينقلك من زمرة العقلء إلى حثالة السفهاء‪ ،‬ويجعلك تعيش بقلب أسود‪ ،‬ووجه‬
‫د حّرى‪.‬‬ ‫أصفر‪ ،‬وكب ٍ‬

‫الصحاء والمرضى‬
‫رأيت الناس بين مريض في جسمه سليم ٍ في قلبه‪ ،‬صننحيح فنني جسننمه مريننض‬
‫ل أن رأيت صحيح الجسم والقلب معًا‪.‬‬
‫في قلبه‪ ،‬وق ّ‬

‫للخير طريقان‬
‫للخير طريقان‪ :‬بذل المعروف أو نّيته‪ ،‬ومن لم يكن له نصننيب فنني هننذا ول ذاك‬
‫فهو أرض بوار‪.‬‬

‫مناجاة!‬
‫يا حبيبي! أنننا أرق لهجنرك الندمع‪ ،‬ول جنافيت لعتبنك المضننجع‪ ،‬ول تركنت لذينذ‬
‫ضني اللهم فيننك حننتى أمرضننني‪ ،‬وأرهقننني السننعي‬
‫الطعام والشراب‪ ،‬ولكن أم ّ‬
‫إليك حتى أقعدني‪ ،‬فهل شافعي القيام بهذا عن التقصير فنني ذاك؟ وهننل أنننت‬

‫‪29‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫مسعفي بلذيذ وصالك‪ ،‬بعد طول صدودك؟ أم أننك ل ترضنى منن محبينك‪ ،‬إل أن‬
‫يتحققوا بكل خصائص العبودية‪ ،‬وأن ينسوا أنفسهم حتى ل يروا غيننر آلئك‪ ،‬ول‬
‫تبهر أبصارهم سوى أنوارك؟ وأّنى لي هذا إل بعونك ورحمتك؟‬

‫لك من حياتك خمس!‬


‫لك من حياتك‪ :‬طاعة الله‪ ،‬وطلب المعرفة‪ ،‬وبذل الخير‪ ،‬وبر القرباء والصدقاء‪،‬‬
‫ودفع الذى عن جسمك‪ ،‬وما عدا ذلك فهو عليك‪.‬‬

‫أخطاء الصدقاء‬
‫ل تهجر أخاك لخطائه ولو تعددت‪ ،‬فقد تأتيك ساعة ل تجد فيها غيره‪.‬‬

‫استعن بمالك‬
‫من استعان بماله على حفظ كرامته فهو عاقننل‪ ،‬ومننن اسننتعان بننه علننى تكننثير‬
‫أصدقائه فهو حكيم‪ ،‬ومن استعان به على طاعة الله فهننو محسننن ? إن رحمننت‬
‫الله قريب من المحسنين?‪.‬‬

‫لماذا نكره الحق؟‬


‫نحن كالطفال‪ :‬نكره الحق لننا نتذوق مرارة دوائه‪ ،‬ول نفكر في حلوة شفائه‪،‬‬
‫مه‪.‬‬
‫ونحب الباطل لننا نستلذ طعمه‪ ،‬ول نبالي س ّ‬

‫الهوى‬
‫ن في الرض جميعًا‪ ،‬ولو صلحوا جميعا لما استحقوا المننوت‪،‬‬
‫ً‬ ‫م ْ‬
‫لول الهوى لصلح َ‬
‫ولو عاشوا جميعا ً لما وسعتهم الرض‪!..‬‬

‫قيادة الغرار‬
‫ما أن ينشغلوا بك عن أنفسهم‪،‬‬
‫إياك وقيادة الغرار في معركة حاسمة؛ فإنهم إ ّ‬
‫وإما أن ينشغلوا بأنفسهم عنك‪ ،‬وفي كل الحالين توقع الهزيمة‪.‬‬

‫الفهم عن الله‬
‫إذا فهمت عنه في الضراء كما تفهم عنه في السراء فقد صدقت في حبه‪.‬‬

‫ظلم النسان‬
‫من ظلم النسان وجهله أن يتلقى عن ربه ما ل يعطيه إل هننو‪ ،‬ثننم يسننأل‪ :‬أيننن‬
‫الله؟‬

‫ن بالقليل‬‫ض ّ‬
‫لت ِ‬
‫ن بالقليل على عباد الله‪ ،‬فيأخذ الله منك القليل والكثير‪.‬‬
‫احذر أن تض ّ‬

‫ل تظلم الضعيف‬

‫‪30‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫احذر أن تظلم الضعفاء‪ ،‬فيظلمك من هو أقوى منك‪.‬‬

‫جحود الظالم‬
‫لو أيقن الظالم أن للمظلوم رّبا يدافع عنه لما ظلمه‪ ،‬فل يظلم الظالم إل وهننو‬
‫منكر لربه‪.‬‬

‫العقوبة على السيئة‬


‫جل إلى الخرة‪ ،‬ولكن العقوبة على السيئة تكون فنني‬
‫الجزاء على الحسنة قد يؤ ّ‬
‫الدنيا قبل الخرة‪.‬‬

‫حنين‬
‫َ‬
‫قد يقلع العاقل عن خلننق ذميننم‪ ،‬ولكننن نفسنه يعاودهنا الحنيننن إلينه فنترة بعنند‬
‫أخرى‪.‬‬

‫مناجاة!‬
‫يا رب! خلقتنا فنسيناك‪ ،‬ورزقتنا فكفرناك‪ ،‬وابتليتنا لنذكرك فشكوناك‪ ،‬ونسأت‬
‫لنا في الجل فلم نبادر إلى العمل‪ ،‬ويسرت لنا سبيل الخير فلننم نسننتكثر منننه‪،‬‬
‫حمنا دروبها‪ ،‬فننإن‬ ‫وفتنا من النار فتق ّ‬
‫وقتنا إلى الجنة فلم نطرق أبوابها‪ ،‬وخ ّ‬‫وش ّ‬
‫ذبنا بنارك فهذا ما نستحقه وما نحن بمظلومين‪ ،‬وإن تنندخلنا جنتننك فننذاك مننا‬ ‫تع ّ‬
‫أنت أهله وما كنا له عاملين‪.‬‬

‫المل‬
‫لول المل لما عمل إنسان‪ ،‬فهو من أكبر نعم الله التي ل ترى‪.‬‬

‫مطية السعادة‬
‫المل مطيتك إلى السعادة‪ ،‬فإن وصلت إليها وإل فابدأ أمل ً جديدًا‪.‬‬

‫سمو اللم‬
‫رأيت نفسي دائما ً تسمو باللم! ولكن من يطيق استمرارها؟‬

‫كن خيرا ً منه‬


‫ل تعامل أخاك بمثل ما يعاملك به‪ ،‬بل كن خيرا ً منه دائمًا‪.‬‬

‫حسن الظن‬
‫لن تحسن الظن فتندم‪ ،‬خير من أن تسيء الظن فتندم!‪.‬‬

‫أقوال المبغضين‬

‫‪31‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫اصبر على ما يشيعه عنك مبغضوك من سوء‪ ،‬ثم انظر فيما يقولننون‪ ،‬فننإن كننان‬
‫قا فأصلح نفسك‪ ،‬وإن كان كذبا ً فل تشنك فني أن اللنه يظهنر الحنق ولنو بعند‬ ‫ح ّ‬
‫المدى ? إن الله يدافع عن الذين آمنوا ?‪.‬‬

‫العاقل والحمق‬
‫العاقل من يرى فيما يقال عنه تنبيها ً لخطائه‪ ،‬والحمق يرى فيها محض إيذائه‪.‬‬

‫تبدل الرأي‬
‫كم من كثيرين كنت تتمنى صفعهم‪ ،‬ثم أصبحت تتمنى تقبيلهم‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الخامس‬

‫حسن الظن‬
‫احمل أخطاء الناس معك دائما ً محمل الظن إل أن تتأكد من صدق الساءة‪.‬‬

‫من الذي ل عيب فيه؟‬


‫لو أنك ل تصادق إل إنسانا ً ل عيب فيه لما صادقت نفسك أبدا‪ً.‬‬

‫الخ الكامل‬
‫إذا لم يكن في إخوانك أخ كامل فإنهم فنني مجمننوعهم أخ كامننل يتمننم بعضننهم‬
‫بعضًا‪.‬‬

‫كيف تعامل الناس؟‬


‫ل تعامننل الننناس علننى أنهننم ملئكننة فتعيننش مغف ً‬
‫ل‪ ,‬ول تعنناملهم علننى أنهننم‬
‫شياطين فتعيش شيطانًا‪ ،‬ولكننن عنناملهم علننى أن فيهننم بعننض أخلق الملئكننة‬
‫وكثيرا ً من أخلق الشياطين‪.‬‬
‫الجزاء على المعروف‬
‫الجزاء الكامل عن المعروف ل يكون إل من الله تعالى‪.‬‬

‫ل تَر نفسك‬
‫ل تكن ممن يرى نفسه دائمًا‪ ،‬فيكرهك الناس ويستثقلك إخوانك‪.‬‬

‫التواضع‬
‫التواضع يرفع رأس الرجل‪ ،‬والتكبر يخفضه‪.‬‬

‫ل تتحدث عن نفسك‬
‫تحدثك عن نفسك دائما ً دليل على أنك لست واثقا ً من نفسك‪.‬‬

‫حسن الخلق في البيت‬


‫كثير من الناس يكونون داخل بيوتهم من أف ّ‬
‫ظ النناس وأغلظهنم‪ ،‬وهنم خارجهنا‬
‫من ألطف الناس وآنسهم‪.‬‬

‫ل تندم على حسن الخلق‬


‫ل تندم على حسن الخلق ولو أساء إليك الناس‪ ،‬فلن تحسن ويسيئون خيننر مننن‬
‫أن تسيء ويسيئون‪.‬‬

‫العلم والمال‬
‫من ضاق ماله كثر همه‪ ،‬ومن اتسع علمه ق ن ّ‬
‫ل همننه‪ ،‬ولن تقلننل همومننك بكننثرة‬
‫ل أن‬‫ل أن يسلم غني من المهالك‪ ،‬وق ّ‬ ‫العلم خير من أن تقللها بسعة المال‪ ،‬فق ّ‬

‫‪33‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ل أن رأيت إنسانا ً اجتمع له العلم الغزيننر والمننال الكننثير مننع‬
‫يقع عالم فيها‪ ،‬وق ّ‬
‫سلمة من المهالك وبسطة في عمل الخير‪ ،‬ولكن قننرأت عننن مثننل هننؤلء فنني‬
‫التاريخ‪.‬‬

‫أنفع ثروة لولدك‬


‫أنفننع ثننروة تخلفهننا لولدك‪ :‬أن تحسننن تربيتهننم وتعليمهننم‪ ،‬وأبقننى أثننر منننك‬
‫ينتفعون به بعد موتك‪ :‬علمك وخدمتك للناس‪.‬‬

‫كيف تسلم أعصابك من التلف؟‬


‫عامل القدر بالرضى‪ ،‬وعامل الناس بالحذر‪ ،‬وعامل أهلك باللين‪ ،‬وعامل إخوانك‬
‫بالتسامح‪ ،‬وعامل الدهر بانتظار تقلباته‪ ،‬تسلم أعصابك من التلف والنهيار‪.‬‬

‫بين القرآن والنجيل‬


‫حكمة النجيل‪" :‬من أمسك بطننرف ثوبننك فنناترك لننه ثوبننك كلننه" أسننلم للفننرد‪،‬‬
‫وحكمة القرآن‪ ? :‬فمننن اعتنندى عليكننم فاعتنندوا عليننه بمثننل مننا اعتنندى? أسننلم‬
‫للجماعة‪.‬‬
‫· النجيل "يحتم" تسامح النسان فنني حقننه‪ ،‬وهننذا أقننرب إلننى المثننل العلننى‪،‬‬
‫والقرآن "يرغب" في ذلك‪ ،‬وهذا أقرب لطبيعة النسان‪.‬‬

‫عيش العاقل وعيش الحمق‬


‫ً‬
‫العاقل من يأخذ بحظه من سعة العيش ويحسب لتقلبات اليام حسابا‪ ،‬والحمق‬
‫من يتوسع في عيشه آمنا ً من غدرات الزمان‪.‬‬

‫الحكيم والحمق‬
‫الحكيم من يعيش يومه وغده‪ ،‬والجاهل من يعيش فحسب‪.‬‬

‫احترام العالم‬
‫من احترم العالم لعلمه فقد أنصفه‪ ،‬ومن احترمه لعلمه وخلقه فقد أكرمه‪.‬‬

‫س الساءة!‬
‫ان َ‬
‫ف له مودتهم‪ ،‬ومن تذكر إساءة الناس إليه لم‬
‫من تذكر إساءة إخوانه إليه لم تص ُ‬
‫س ما استطعت النسيان‪.‬‬‫يطب له العيش معهم‪ ،‬فان َ‬

‫بر الوالدين‬
‫ن بّر والديه فقد حكم لهما بالحسان في ولدتهما له‪ ،‬ومن ع ّ‬
‫قهما فقنند حكننم‬ ‫م ْ‬
‫َ‬
‫عليهما‪.‬‬

‫أب‪ ..‬وابن‪..‬‬
‫ب ولد خّلد أباه‪ ،‬ور ّ‬
‫ب أب قتل ولده‪.‬‬ ‫ر ّ‬

‫‪34‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫ل تصاحب‬
‫ل تصاحب المسرف فيتلف لك مالك‪ ،‬ول تصاحب البخيل فيتلف لك مروءتك‪.‬‬

‫مع جارك‬
‫اكتم على جارك ثلثًا‪ :‬عورته‪ ،‬وثروته‪ ،‬وكبوته‪ ،‬وانشننر عننن جننارك ثلث نا‪ :‬كرمننه‪،‬‬
‫ً‬
‫وصيانته‪ ،‬ومودته‪.‬‬

‫ما يكشف عن أخلق الرجال‬


‫أربعة أشياء تكشف عن أخلق الرجال‪ :‬السفر‪ ،‬والسجن‪ ،‬والمرض‪ ،‬والمخاصمة‪.‬‬

‫ل تمتدح‪ ..‬حتى‪..‬‬
‫ل تمتدح إنسننانا ً بننالورع حننتى تبتليننه بالنندرهم والنندينار‪ ،‬ول بننالكرم حننتى تننرى‬
‫مشاركته في النكبات‪ ،‬ول بالعلم حتى تننرى كيننف يحننل مشننكلت المسننائل‪ ،‬ول‬
‫بحسن الخلق حتى تعاشره‪ ،‬ول بالحلم حتى تغضبه‪ ،‬ول بالعقل حتى تجربه‪.‬‬

‫معالجة المور‬
‫رب متكلم يبدو لك أنه من أحكم الحكمنناء‪ ،‬فننإذا عالننج المننور كننان مننن أسننخف‬
‫السخفاء‪.‬‬

‫دليل المودة‬
‫ل تثق بمودة إنسان حتى ترى موقفه منك أيام العسرة‪.‬‬

‫صنوف الخوان‬
‫الخوان ثلثة‪ :‬أخ يفتننح لننك قلبننه وجيبننه فشندّ ينندك عليننه‪ ،‬وأخ يفتننح لننك قلبننه‬
‫فاستفد منه‪ ،‬وأخ يغلق عنك قلبه وجيبه فل ترحل إليه‪.‬‬

‫إذا اجتمعت‪..‬‬
‫إذا اجتمعت إلى حكيم فأنصت إليه‪ ،‬وإذا اجتمعت إلننى عاقننل فتحنندث معننه‪ ،‬وإذا‬
‫اجتمعت إلى سخيف ثرثار فقم عنه وإل قتلك!‪.‬‬

‫الصمت والكلم‬
‫إذا اشتهيت الصمت فتكلم‪ ،‬وإذا اشتهيت الكلم فاصننمت‪ ،‬فننإن شننهوة الصننمت‬
‫وقار مفضوح‪ ،‬وشهوة الكلم خفة مزرية‪.‬‬

‫شهوة اللذة‬
‫إذا اشتهت نفسننك لننذة مباحننة‪ ،‬فننإن كنننت تعلننم أنننك إن منعتهننا شننغبت عليننك‬
‫ودها الفطام‪.‬‬ ‫وحزنت فاسترضها‪ ،‬وإل فخير لك أن تع ّ‬

‫‪35‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫عباد الله‪...‬‬
‫إن لله عبادا ً قطعوا عوائق الشهوات‪ ،‬وأسننرجوا مراكننب الجندّ بصنندق العزمننات‪،‬‬
‫وامتطوا جياد المل‪ ،‬واّتجهوا إلى الله عز وجل‪ ،‬وتزودوا إليه بصالح العمننل مننع‬
‫إخلص النيننة‪ ،‬وتوسننلوا إليننه بصننفاء القلننب وصنندق الطويننة‪ ،‬فمننروا بالخضننرة‬
‫الفاتنننة مسننبحين‪ ،‬وبننالحطب اللهننب مسننتعيذين‪ ،‬ولننم يعبننأوا بالعقبننات‪ ،‬ولننم‬
‫يلتفتوا إلى المغريات‪ ،‬قد صانوا وجوههم عن البتننذال‪ ،‬وطهننروا أقنندامهم مننن‬
‫الوحال‪ ،‬استعانوا بالله على مشقة الطريق فذلل لهم صعابه‪ ،‬وعلى بعد المدى‬
‫فلملم لهم رحابه‪ ،‬فلما اجتازوا الصعاب سألوا الله ففتح لهم بابه‪ ،‬فلمنا دخلننوه‬
‫استضافوه فقربهننم ورفننع دونهننم حجننابه‪ ،‬فلمننا اسننتطابوا المقننام بعنند طننول‬
‫السرى قالوا‪ ? :‬الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الرض نتبوأ من الجنة حيث‬
‫نشاء فنعم أجننر العنناملين? أولئك أحبنناء اللننه‪ ،‬صنندقوه العهنند فصنندقهم الوعنند‪،‬‬
‫ومحضوه الحب فمنحهم القرب‪ ،‬أمننا ملئكننة اللننه فننتراهم‪ ? :‬حننافين مننن حننول‬
‫العننرش يسننبحون بحمنند ربهننم وقضنني بينهننم بننالحق وقيننل الحمنند للننه رب‬
‫العالمين?‪.‬‬

‫صفة أخ‬
‫لي أخ صادق في حبه‪ ،‬مخلص في قربه‪ ،‬سريع فنني نجنندته‪ ،‬غيننور فنني مشننهده‬
‫وغيبته‪ ،‬سخي أكثر مما عرف عن بيئته‪ ،‬بصير بمواطن النفنع والضننر لمصنلحته‪،‬‬
‫غير أنه يشتد في الخصام‪ ،‬ويسرف في الوهام‪ ،‬ويبالغ في الرقام‪.‬‬

‫التجارب‪..‬‬
‫التجارب تنمي المواهب‪ ،‬وتمحو المعايب‪ ،‬وتزينند البصننير بصننرًا‪ ،‬والحليننم حلم نا‪ً،‬‬
‫وتجعل العاقل حكيمًا‪ ،‬والحكيم فيلسوفًا‪ ،‬وقد تشجع الجبننان‪ ،‬وتسننخي البخيننل‪،‬‬
‫وقد تقسي قلب الرحيم‪ ،‬وتلين قلب القاسنني‪ ،‬ومننن زادتننه عمننى علننى عمنناه‪،‬‬
‫وسوءا ًَ على سوئه فهو من الحمقى المختومين‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم السادس ‪ -‬شيطان يتظلم!‬

‫عشء( يوما ً لمتصوف جاهل يتعاطى الوعظ فقننال‬ ‫صَر َ‬


‫تعرض شيطان اسمه )أخ َ‬
‫لننه‪ :‬لمنناذا ل تتعلننم النندين‪ ،‬فتنشننر سننيرة العلمنناء‪ ،‬وتنشننر فنني الننناس الحلل‬
‫والحرام‪ ،‬وتفتيهم في شؤون دينهم عن هدى وبصيرة؟‬
‫قال المتصوف‪ :‬اغرب عليك لعنة الله! أتظن أني أخدع بك! لو كان من طبيعتننك‬
‫النصح لما كنت شيطانًا‪ ،‬إنما تريد بنندعوتي للعلننم أن أنصننرف عننن ذكننر اللننه! ل‬
‫أفعل!‬
‫قال الشننيطان‪ :‬فهننل لننك فنني كلمننة حننق عننند سننلطان جننائر فيكننون لننك أجننر‬
‫المجاهدين؟‬
‫قال المتصوف‪ :‬اخسأ عليك غضننب اللننه! أترينند أن تعّرضننني لعنندواتهم فأسنجن‬
‫وأحارب فيحرم الناس من وعظي وإرشادي؟‪.‬‬
‫ما ل هذه ول تلك‪ ،‬فلمنناذا ل تجمنع المنال لتحفننظ بنه كرامتننك‪،‬‬ ‫قال الشيطان‪ :‬إ ّ‬
‫دخره لفقير محتاج‪ ،‬أو مريد منقطع‪ ،‬أو جامع يبنى‪ ،‬أو خير تسهم فيه؟‬ ‫وت ّ‬
‫مظا‪ :‬أما هذه فنعم‪ ،‬قاتلك الله! فأين أجد المال؟‪.‬‬‫ً‬ ‫قال المتصوف متل ّ‬
‫قال الشيطان‪ :‬ما رأيت واللنه أحمنق مننك! أل تنرى إلنى مرينديك‪ ،‬تحفنظ لهنم‬
‫آخرتهم أفل يحفظون لك دنياك؟ وتعمر لهننم قلننوبهم أفل يعمننرون لننك جيبننك؟‬
‫وتحيي لهم أرواحهم أفل يحيون لك بيتك؟‬
‫ومدّ المتصوف الجاهل يده إلى جيوب مرينديه فأفرغهنا فني جيبنه‪ ،‬وكنانت منن‬
‫الكثرة بحيث تفيض عن حاجة يومه وغده وكننان مننن الكننذب فنني دينننه بحيننث ل‬
‫يفكر في إنفاقها في سبيل اللننه‪ ،‬فحننار منناذا يصنننع بهننا‪ ،‬فاستشننار الشننيطان‬
‫فقال له‪ :‬إنك إن أبقيت المال في خزانتك لننم تننأمن عليننه مننن لننص ينتهبننه‪ ،‬أو‬
‫جائحة تذهب به‪ ،‬أو ولد صالح يلطشننه )كلمننة عاميننة شننامية تعننني أخننذ الشننيء‬
‫بوقاحة ( فأين أنت من شراء الراضي والمزارع؟‬
‫فقال المتصوف‪ :‬قاتلك الله لقد نصحتني‪ .‬واقتنى الضياع واحدة بعد الخرى‪.‬‬
‫ولكن أمره انكشف بيننن الننناس‪ ،‬ومناله المجمننوع مننن السننحت والنصننب )كلمننة‬
‫عامية شامية تعني الحتيال في أخذ المال( والتسننول مننا زال يتزاينند يوم نا ً بعنند‬
‫يوم‪ ،‬فلجأ إلى صننديقه الشننيطان يستشننيره‪ ،‬فقننال لننه‪ :‬وأيننن أنننت مننن شننراء‬
‫السيارات‪ ،‬وبناء الدور‪ ،‬وعمارة القصور؟‬
‫قال المتصوف‪ :‬ولكني أخشى أن أفتضح أيضا‪ً.‬‬
‫قال الشيطان‪ :‬ل أصلحك الله! أتعجز عن تسجيلها باسنم زوجتننك وأولدك وهننم‬
‫كثيرون؟‪.‬‬
‫وفعل المتصوف ذلك‪ ،‬غير أن المال مننا زال يتنندفق علننى جيننب الشننيخ الجاهننل‬
‫الواعظ‪ ،‬وأخذ يفتش عن أستاذه الشيطان ليستشيره فيما يفعل‪.‬‬
‫ولكن أستاذه كان قد غاظه من تلميذه مزاحمته له في مهنننة الخننداع ووسوسننة‬
‫الشر‪ ،‬فقرر الدعوة إلنى منؤتمر غينر عنادي للشنياطين ليرفنع إليهنم أمنر هنذا‬
‫التلميذ المزاحم‪.‬‬
‫وانعقد المؤتمر برئاسة إبليس‪ ،‬ووقف الشيطان يشرح قصته ويقول‪:‬‬

‫‪37‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫لقد كان المدعى عليه إنسانا ً جاهل ً فمسخته ببراعتي وكيدي إلى شيطان ذكي‪،‬‬
‫وكنت أنتظر منه أن يعرف لي فضلي فل يزاحمني فنني )منطقننتي( ولكنننه أخننذ‬
‫يزاحمني مزاحمة خشيت منها على زبائني من التحول جميعهم إليننه‪ ،‬فقنند أخننذ‬
‫يسلك لغوائهم من الطرق ما ل أعرف‪ ،‬فاجتذب من الربائن ما لننم أكننن أطمننع‬
‫في تعاملهم معي‪.‬‬
‫لقد كنت أغوي الناس بالخمرة والمرأة واللذة والقمار والثروة وغير ذلننك‪ ،‬فلننم‬
‫غضت إليه هذه اللذائذ كلهننا‪ ،‬أمنا هنذا التلميننذ العناق فقند أخنذ‬ ‫ي من ب ّ‬ ‫يستمع إل ّ‬
‫يخدع الناس باسم الدين والزهد والفضيلة حتى أغننواهم وأوقعهننم فنني الجهننل‬
‫والخرافة ومحاربة الدين وعلمائه‪ ..‬وأنتم تعلمننون يننا حضننرات الننزملء أن ميننزة‬
‫زبائننا‪ ،‬الغفلة مع شيء من الذكاء!‪ ..‬فما يكاد الواحد منهننم يتعامننل معنننا قليل ً‬
‫حتى يهديه ذكاؤه إلى خبثنا وسوء طريقتنا فيتركنا‪ ..‬أمننا هننذا التلميننذ المخننادع‬
‫فقد استطاع أن يخبننل عقنول زبننائنه بالتّرهنات والخرافننات ليتمكننن بننذلك مننن‬
‫استثمارهم فترة أطول مما نستثمر بها زبائننا‪.‬‬
‫فأنا أسألكم باسم حرمة المهنة‪ ,‬وبحق غضب الله علينا أن تفصلوا في أمره بما‬
‫توحي به ضمائركم النجسة!‪.‬‬
‫ونهض الشيطان التلميذ ليدافع عن نفسه فقال‪:‬‬
‫ي وعليكننم منا خنننت هننذه‬ ‫يا حضرات الزملء الملعونين!‪ ..‬إننني وغضننب اللننه علن ّ‬
‫المهنة بعد أن شّرفني رئيسنا إبليس بالدخول إلى )حظيرة دنسننه( ومننا تنكننرت‬
‫ي‪ ،‬ولكني وجدته بعد التجربنة قلينل الحيلنة‬ ‫ش( عل ّ‬ ‫ع ْ‬‫صَر َ‬ ‫يوما ً لفضل أستاذي )أ ْ‬
‫خ َ‬
‫ضعيف الذكاء‪ ،‬وتعلمون أن أحدنا كلما كان أبرع في اقتناص الفريسة والفرصننة‬
‫كان أقرب إلى نفس رئيسنا إبليس أخزانا الله وإينناه‪ ،‬ولقنند اسننتطعت بوسننائل‬
‫ها من )حظيننرة النندنس( أن أجتننذب مننن الزبننائن فنني محيننط‬ ‫مت ُ َ‬‫ه ْ‬ ‫ُْ‬
‫الخداع التي أل ِ‬
‫أستاذي في سنوات‪ ،‬ما لم يستطع أن يجتذبه في مئات السنين‪.‬‬
‫إننا حضرات الزملء الملعونين‪ ..‬في عصر اسننتيقظت فيننه روح النندين والهدايننة‬
‫ور وسائل الضلل والغواية بمننا يتفننق مننع هننذا‬ ‫في نفوس الناس‪ ،‬فيجب أن نط ّ‬
‫ور الخطيننر‪ ،‬وإذا ظللنننا علننى أسنناليبنا القديمننة فسيخسننر رئيسنننا إبليننس‬ ‫التط ّ‬
‫أخزانا الله وإياه عرشه ومملكته‪.‬‬
‫ً‬
‫ول يخفى عليكم أن وسيلتي التي أّتبعها نفرت كثيرا من الدين بمننا ألصننقته بننه‬
‫من خرافات وأباطيل‪ ،‬وما اتبعته مع الناس من كذب واحتيال وتدجيل‪ ،‬وكان من‬
‫كك كثير من الناس بحقائق النندين الصننافية ودعنناته الصننادقين‬ ‫نتيجة ذلك أن تش ّ‬
‫وعلمائه المخلصين‪ ،‬مما جعلهم مهّيئين ليكونوا من فرائس أستاذي وزبائنه‪.‬‬
‫ي بدل ً مننن أسننتاذي كمننا كننان المننر مننن‬ ‫كما أن هؤلء جعلوا يصّبون اللعنات عل ّ‬
‫قبل‪.‬‬
‫ومن هنا ترون يا حضرات الزملء الملعونين‪ ..‬أنني أستحق شكر أستاذي لو كان‬
‫ي‪ ،‬وأخشننى‬ ‫مخلصا ً لمهنته‪ ،‬لكن أنانيته وطمعه واستئثاره جعلتننه يسننتعديكم علن ّ‬
‫أن يكون أستاذي قد أصابته عدوى الهدايننة فقل ّننت فيننه روح الشننيطنة وخبثهنا‪..‬‬
‫فلم يعد يصلح للمهنة‪ ،‬أما أنا فأظل أخاكم المخلص وزميلكم النجيب!‪.‬‬
‫وهنا تداول المؤتمرون القضية من جميع نواحيها‪ ،‬ثم أعلن إبليس قرار المؤتمر‬
‫التالي‪:‬‬

‫‪38‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫دعى‬ ‫لما كان الثابت من وقائع الدعوى وباعتراف المدعي )أخصر عش( بنأن المن ّ‬
‫عليه قد أصبح بارعا ً في مهنة الشيطنة خبيرا ً بأساليب الضللة والغواء‪.‬‬
‫ولما كننان الثننابت مننن وقننائع النندعوى وبنناعتراف المنندعي أيضنا ً أن زبائننننا قنند‬
‫تضنناعفوا بفضننل المنندعى عليننه أضننعافا ً مضنناعفة عمننا كننانوا عليننه فنني عهنند‬
‫المدعي‪.‬‬
‫ولما كانت المادة الولننى مننن دسننتورنا وهنني الننتي تقننول‪" :‬كننل مننن اسننتطاع‬
‫الغواء والضلل يعتبر شيطانًا" تنطبق على المدعى عليه تمامًا‪.‬‬
‫صت علننى الشننروط المطلوبننة‬ ‫ولما كانت المادة الخامسة من هذا الدستور قد ن ّ‬
‫من التلميذ لمنحه لقب "أستاذ"‪.‬‬
‫ولما كانت روح الشر المتأصلة فينننا تقتضننينا أن نعمننل جاهنندين لنشننر الضننللة‬
‫والفساد بين بني النسان وأن نفرح لذلك ونشجع عليه‪.‬‬
‫دعى عليننه قنند اسننتطاع بفضننل وسننائله المبتكننرة‬ ‫ولما كان مننن الثننابت أن المن ّ‬
‫المتطورة أن يزيد في عدد ضحايانا وأن ينشر نفوذنا انتشارا ً واسعا‪ً.‬‬
‫لهذا كله قرر المؤتمر منح لقب "أستاذ" للمدعى عليه‪ ،‬وتكريننس أسننتاذّيته فنني‬
‫محفل الشيطان العظم‪ ،‬ونقش اسمه في عداد شياطين النس الخالدين‪..‬‬
‫حكما ً وجاهيا ً قابل ً للستئناف‪..‬‬
‫رئيس المؤتمر‪ :‬إبليس‬

‫‪39‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم السابع‬

‫زيارة‬
‫زر السجن مرة في العمر لتعرف فضل الله عليك في الحرية‪ ،‬وزر المحكمة مرة‬
‫في العام لتعرف فضل الله عليك في حسن الخلق‪ ،‬وزر المستشفى مرة فنني‬
‫الشهر لتعرف فضل اللننه عليننك فنني الصننحة والمننرض‪ ،‬وزر الحديقننة مننرة فنني‬
‫السبوع لتعرف فضل الله عليك في جمال الطبيعة‪ ،‬وزر المكتبة مرة في اليوم‬
‫لتعرف فضل الله عليك في العقل‪ ،‬وزر رّبك كل آن لتعرف فضله عليك في نعم‬
‫الحياة‪.‬‬

‫العاقل والحكيم والفيلسوف‬


‫العاقل من لم تطْ ُ‬
‫غ عاطفته علننى تفكيننره‪ ،‬والحكيننم مننن حفننظ دروس الحينناة‪،‬‬
‫والفيلسوف من يحاول معرفة المجهول من المعلوم‪.‬‬

‫الجمال‬
‫جمال النفس يسعد صاحبها ومن حولها‪ ،‬وجمال الصننورة يشننقي صنناحبها ومننن‬
‫حولها‪.‬‬

‫درس من الطبيعة‬
‫ما أروع هذا الدرس الذي تلقيه الطبيعة علينا وأنا أنظر إليها من نافذة غرفتي‪،‬‬
‫ها هي النسمات تميل الشجار الخضراء باتجاه واحد حتى تكاد تتعانق‪ ،‬ثننم تعننود‬
‫لتتلقى مرة أخرى‪ ،‬كذلك النسان النابض بالحياة يتجاوب مننع المجتمننع النننابض‬
‫بالحياة‪.‬‬

‫توسط في كل شيء‬
‫دة واللين‪ ،‬وعننش مننع الننناس وسننطا ً بيننن العزلننة‬
‫عش مع أهلك وسطا ً بين الش ّ‬
‫والنقباض‪ ،‬وعش مننع إخوانننك وسننطا ً بيننن الجنند والهننزل‪ ،‬وعننش مننع تلميننذك‬
‫وسطا ً بين الوقار والنبساط‪ ،‬وعش مع أولدك وسننطا ً بيننن القسننوة والرحمننة‪،‬‬
‫وعش مع الحاكمين الصالحين وسطا ً بين الننتردد والنقطنناع‪ ،‬وعننش مننع بطنننك‬
‫وسطا ً بين الشبع والجوع‪ ،‬وعش مع جسمك وسطا ً بين التعننب والراحننة‪ ،‬وعننش‬
‫مع نفسك وسطا ً بين المنع والعطاء‪ ،‬وعش مع ربك وسطا ً بين الخوف والرجاء‪،‬‬
‫تكن من السعداء‪.‬‬

‫ل تشته‬
‫ل تشته الزهد كيل تبتلى بالرياء‪ ,‬ول تشته الجاه كيل تبتلى بالكبرينناء‪ ،‬ول تشننته‬
‫المرض كيل تبتلى بالتبّرم بالقضاء‪ ،‬ول تشته الصحة كيل تبتلننى بالعنندوان علننى‬
‫الضعفاء‪ ،‬ول تشته الفقر كيل تبتلى بحسد الغنياء‪ ،‬ول تشته الغنننى كيل تبتلننى‬
‫بظلم الفقراء‪ ،‬ولكن سل الله دائما ً ما هو خيننر لننك عنننده وأبقننى‪ ،‬فننإذا أقامننك‬
‫على حالة فقل‪ :‬آمنت بالله ثم استقم‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫فضل المرض‬
‫بالمرض تعرف نعمة الصحة‪ ،‬وبالصحة تنسى آفة المرض‪.‬‬

‫ن بصحتك‬
‫اعت ِ‬
‫ل تهمل العناية بصحتك مهما كانت وجهتك في الحياة‪ ،‬فننإن كنننت عننامل ً أمنندتك‬
‫بالقوة‪ ،‬وإن كنت طالبا ً أعانتك علننى الدراسننة‪ ،‬وإن كنننت عالمنا ً سنناعدتك علننى‬
‫نشر المعرفة‪ ،‬وإن كنت داعية دفعت عنك خطر النقطاع‪ ،‬وإن كنت عابدا ً حّببت‬
‫إليك السهر في نجوى الحبيب‪ ..‬نفسك مطيتك فارفق بها‪.‬‬

‫الصحة والهرم‬
‫من عني بصحته في شبابه لم يدركه الهرم ولو عاش مائة عام‪.‬‬

‫الصحة والواجب‬
‫ل تلهيّنك العناية بصحتك عن أداء رسالتك‪ .‬قليل من الوقت تعنى به في صننحتك‬
‫يوفر عليك كثيرا ً من الوقت في أداء رسالتك‪.‬‬

‫العتدال أساس الصحة‬


‫كننن معتنندل ً فنني أكلننك ومعيشننتك‪ ،‬وفرحننك وحزنننك‪ ،‬وعملننك وراحتننك‪ ،‬ومنعننك‬
‫ة وسطًا?‪.‬‬ ‫وعطائك‪ ،‬وحبك وبغضك‪ ،‬ل تعرف المرض أبدًا‪ ? :‬وكذلك جعلناكم أم ً‬

‫الراحة والخلوة‬
‫لو استقبلت من أمري ما استدبرت لنفقت نصف أوقاتي في الراحننة والخلننوة‪،‬‬
‫)قليل دائم خير من كثير منقطع(‪.‬‬

‫نصيحة الطبيب‬
‫ل تستهن بنصيحة طبيبك اعتمادا ً على صحتك‪ ،‬فقد يأتي يوم تفقد فيننه صننحتك‬
‫ول تجديك مشورة طبيبك‪.‬‬

‫عاجل بالعلج‬
‫ل تؤجل تناول العلج إلى انتهائك من العمل‪ ،‬فقنند تنقطننع عننن العمننل وتفننوت‬
‫فرصة العلج‪.‬‬

‫النفقة على الصحة‬


‫أيها البخيل! نفقة العتناء بصحتك أقل من نفقة العلج من مرضك‪.‬‬

‫التفكير في الصحة‬
‫تفكير الصحيح أصح من تفكير المريض إل أن يكون للمريض أنس برّبه‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫عزاء للمريض‬
‫إذا ضقت ذرعا ً بمرضك‪ ،‬فاذكر أن هنالك مرضى يتمّنون ما أنننت فيننه لعظننم مننا‬
‫أصابهم من المراض‪ ،‬وبذلك تهدأ نفسك وترضى عن ربك‪.‬‬

‫اللذة والمرض‬
‫من لم يمتنع باختياره عما يضّره من لذة‪ ،‬فسيضطر إلى ما يكره من دواء‪.‬‬

‫الفقر مع الصحة‬
‫حصيرة بالية تنام عليها وأنت صحيح‪ ،‬خيننر مننن سننرير ذهننبي تلقننى عليننه وأنننت‬
‫مريض‪.‬‬

‫مفاخرة بين الصحة والمرض‬


‫تفاخرت الصحة والمرض يومًا‪:‬‬
‫فقالت الصحة‪ :‬بي ينشط الناس للعمل‪.‬‬
‫وقال المرض‪ :‬وبي يقصر الناس طول المل‪.‬‬
‫قالت الصحة‪ :‬بي يجتهد العابدون في العبادة‪.‬‬
‫قال المرض‪ :‬وبي يخلصون في النية‪.‬‬
‫قالت الصحة‪ :‬ومن أجلي تشاد معاهد الطب‪.‬‬
‫قال المرض‪ :‬وبي تتقدم بحوث الطب‪.‬‬
‫قالت الصحة‪ :‬كل الناس يحبونني‪.‬‬
‫قال المرض‪ :‬لولي لما أحبوك هذا الحب‪.‬‬

‫ليل ونهار‬
‫ليلك نهار غيرك‪ ،‬وليل غيرك نهارك!‪.‬‬

‫بين السمع والختبار‬


‫بعض الناس تسننمعهم فتتمنننى صننحبتهم ولننو فنني النننار‪ ،‬فننإذا خننبرتهم كرهننت‬
‫صحبتهم ولو في الجنة‪.‬‬

‫اغتنم ساعة نشاطك‬


‫للنفس ساعات تنشط فيها للخير‪ ،‬وسناعات تحنرن فيهننا‪ ،‬فنإذا نشننطت فنأكثر‪،‬‬
‫وإذا حرنت فأقصر‪ ،‬فإنك إن أكرهتها علننى الخيننر وهنني ل تريننده كننانت كالدابننة‬
‫حطَ َ‬
‫مة!‪.‬‬ ‫التي تركبها مرغمة‪ ،‬ل تأمن أن تلقي بك وأنت ُ‬

‫مصاحبة الحمق‬
‫ل تصاحب الحمق بحال‪ ،‬فإنك ل تستطيع التحامق معه‪ ،‬وهو ل يستطيع التعاقل‬
‫معك‪ ،‬والول شّر لك‪ ،‬والثاني خارج عن طبيعته‪.‬‬
‫· مصاحبة الحمق كمصاحبة الفعى‪ ،‬ل تدري متى يؤذيك!‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫الغلظة في الدين‬
‫بعض دعاة الدين يذكرون قوله تعالى‪" :‬واغلظ عليهم" وهم ل يفهمون معناهننا‪،‬‬
‫وينسون قوله تعالى‪" :‬ولو كنت فظا ً غليظ القلننب لنفضننوا مننن حولننك" وهنني‬
‫واضحة المعنى‪.‬‬

‫كثرة الكلم‬
‫ي في موطن يحسن الكلم فيه‪.‬‬ ‫من ابتلي بكثرة الكلم أصيب بالع ّ‬

‫ثلثيات!‬
‫احذر ثلثا ً في ثلث عند ثلث‪ :‬الزهو بعلمك عند المناقشة‪ ،‬والفخننر بعملننك عننند‬
‫الذين يعرفونك‪ ،‬والتقصير في الخير عند سنوح فرصته‪.‬‬

‫طبيعة المرأة‬
‫المرأة طفل كبير يريد منك أن تعامله معاملة الكبار‪.‬‬

‫غرور المرأة‬
‫المرأة غزال يظن أن قرونه تغني عنه غناء أنياب السد‪.‬‬

‫خداع الشيطان باسم الطاعة‬


‫إني ل أخشننى علننى نفسنني أن يغريننني الشننيطان بالمعصننية مكاشننفة‪ ،‬ولكننني‬
‫أخشى أن يأتيني بها ملفعة بثوب من الطاعة‪.‬‬
‫· يغريك الشيطان بالمرأة عن طريق الرحمننة بهننا‪ ،‬ويغريننك بالنندنيا عننن طريننق‬
‫الحيطة من تقلباتها‪ ،‬ويغريك بمصاحبة الشرار عن طريق المل فنني هنندايتهم‪،‬‬
‫ويغريك بالنفاق للظالمين عن طريق الرغبة فنني تننوجيههم‪ ،‬ويغريننك بالتشننهير‬
‫بخصومك عن طريق المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬ويغريك بتصديع وحنندة‬
‫الجماعننة عننن طريننق الجهننر بننالحق‪ ،‬ويغريننك بننترك إصننلح الننناس عننن طريننق‬
‫الشننتغال بإصننلح نفسننك‪ ،‬ويغريننك بننترك العمننل عننن طريننق القضنناء والقنندر‪،‬‬
‫ويغريك بترك العلم عنن طريننق النشننغال بالعبنادة‪ ،‬ويغريننك بننترك الجهنناد عننن‬
‫طريق حاجننة الننناس إليننك‪ ،‬ويغريننك بننترك السنّنة عننن طريننق اتبنناع الصننالحين‪،‬‬
‫ويغريك بالستبداد عن طريق المسؤولية أمام الله والتاريخ‪ ،‬ويغريك بالظلم عن‬
‫طريق الرحمة بالمظلومين‪.‬‬

‫إساءة الحمقى إلى الدين‬


‫بعض الغيورين على الدين يسيئون إليه بحمقهم وغرورهم أكثر مما يسيء إليننه‬
‫أعداؤه بخبثهم ومكرهم‪.‬‬

‫ل تدع للشيطان فرصة‬


‫ل تعط الشيطان فرصة التردد عليك‪ ،‬بل احزم أمرك معه‪ ،‬وأفهمننه أنننك ل تحننب‬
‫الخائنين‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫إذا خوفك الشيطان‬


‫ده بالرزق المكتوب ? وما من دابة في الرض‬ ‫إذا خوفك الشيطان من الفقر‪ ،‬فر ّ‬
‫إل على الله رزقها? وإذا خوفك من المننوت والقتننل‪ ،‬فننرده بالجننل المكتننوب ?‬
‫فإذا جاء أجلهم ل يستئخرون ساعة ول يستقدمون?‪.‬‬

‫إذا أيأسك الشيطان‬


‫إذا أيأسك الشيطان من الجنة فتذكر مغفرة الله‪.‬‬
‫وإذا أيأسك من النجاة بتقصيرك فتذكر فضل الله‪.‬‬
‫وإذا أيأسك من الشفاء من مرضك فتذكر رحمة الله‪.‬‬
‫وإذا أيأسك من كشف محنتك فتذكر وعد الله‪.‬‬

‫نداء!‬
‫ً‬
‫ما واحدا هو دينونة أنفسكم‪.‬‬
‫أيها المثقلون بالهموم! كل همومكم تزول إل ه ّ‬
‫أيها المرهقون باللم! كل آلمكم تذهب إل ألما ً واحدا هو ألم ضمائركم‪.‬‬
‫ً‬

‫معالجة المشكلت‬
‫بعض الناس يعالجون المشاكل بما يزيدها تعقيدًا‪.‬‬

‫السلبية حمق‬
‫السلبية المطلقة في معالجننة المشننكلت الجتماعيننة الننتي ل مفننر منهننا حمننق‬
‫وانتحار‪.‬‬
‫· بعض الناس يحنناولون إيقناف عجلننة التطننور بكلمنة "ل"؛ كالصننبيان يحنناولون‬
‫عرقلة سير القطار بوضع الحجار على قضيب السكة الحديدية‪.‬‬

‫الحكيم الحمق!‬
‫من شغله الستعداد لغده عن العمل ليومه كان حكيما ً أحمق‪.‬‬

‫راحة الفكر‬
‫يقولون لي‪ :‬أرح فكرك لُتشفى‪ ،‬ومعنى ذلك‪ :‬ادفن نفسك لتسلم‪.‬‬

‫شدة الحساس بلء‬


‫قد تكون شدة الحساس بلءً أكبر من شدة الغفلة‪.‬‬

‫التفكير في ذات الله‪..‬‬


‫التفكير في ذات الله كفر‪ ،‬وفي آياته إيمان‪.‬‬

‫بين‪ ..‬وبين‪..‬‬
‫بين الخوف والجرأة‪ :‬أن تخطو الخطوة الولى‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫· بين الحتراس وسوء الظن‪ :‬أن الول احتمال السوء‪ ،‬والثاني ترجيحه‪.‬‬
‫· بين صفاء القلب والغفلة‪ :‬أن الول ترجيح حسننن الظننن مننع احتمننال سننوئه‪،‬‬
‫والثاني عدم احتمال السوء مطلقًا‪.‬‬
‫ب المكرمات‪.‬‬ ‫· بين المروءة والدناءة‪ :‬ح ّ‬
‫· بين الكرامة والكبر‪ :‬أن الول أن تنزل نفسك منزلتها‪ ،‬والثاني أن تنزل نفسك‬
‫فوق منزلتها‪.‬‬
‫ً‬
‫· بين التواضع والذلة‪ :‬أن الول أن تتنازل عن مكانة نفسك تخلق نا‪ ،‬والثنناني أن‬
‫ترضى باحتقار غيرك لك هوانًا‪..‬‬

‫مع الطباء‬
‫قد تغيب أبسط مبادئ المعالجة عن أذهان كبار الطباء‪.‬‬

‫السباب والتوكل‬
‫خذ بالسباب وثق بأن نتائجها بيد الله وحده‪.‬‬

‫قوة العقول والجسام والرواح‬


‫الذكياء تقوى عقولهم على حساب أرواحهم‪ ،‬والغبينناء تقننوى أجسننامهم علننى‬
‫ديقون‬‫حساب عقولهم‪ ،‬والصالحون تقوى أرواحهم على حساب عقولهم‪ ،‬والصنن ّ‬
‫تقوى عقولهم وأرواحهم في آن واحد‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الثامن‬

‫غذاء شيء بشيء‬


‫ذى بروحك فتقوى حيوانيتك‪ ،‬ول تجعل عقلك يتغذى بروحننك‬ ‫ل تجعل جسمك يتغ ّ‬
‫فتقوى شيطانيتك‪ ،‬ولكن غذّ عقلك بالتفكير‪ ،‬وروحك بالنظر‪ ،‬فتقوى مل ئكّيتك‪.‬‬

‫النظر في كتاب الله‬


‫ذي العقل والروح ويحفنظ الجسنم ويضنمن السننعادة أكننثر منن‬ ‫ما رأيت شيئا ً يغ ّ‬
‫إدامة النظر في كتاب الله‪.‬‬

‫المؤمن والكافر‬
‫في كل مؤمن جزء من فطرة النبي‪ ،‬وفي كل كافر جزء من طبيعة الشيطان‪.‬‬

‫الخوف‬
‫ل يستعبدك الخوف فتكون كمن خافوا الشيطان فعبدوه‪.‬‬

‫أثر الم في الولد‬


‫اللهم هيئ لحفادنا أمهات عاقلت صالحات‪ ،‬فننإن الم إمننا أن تجعننل مننن ابنهننا‬
‫ل‪ ،‬وإما أن تجعل منه شريرًا‪ ،‬وإما أن تجعل منه مغف ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫رج ً‬

‫عناد الشر‬
‫ل يلقي الشر سلحه حتى يلفظ آخر أنفاسننه؛ فهننو ل يعننرف الصننلح والمهادنننة‬
‫أبدًا‪.‬‬

‫رباعيات‬
‫ارحم أربعا ً منن أربنع‪ :‬عالمنا ً يعينش منع الجهننال‪ ،‬وصننالحا ً يعينش منع الشنرار‪،‬‬
‫ورحيما ً يعيش مع قساة القلوب‪ ،‬وعالي الهمة يعيش مع خائري العزائم‪.‬‬

‫في الفتنة‬
‫إذا لم تستطع أن تقاوم فتنة الغوغاء فاحتفظ بحكمتك لنفسننك؛ فإنهننا عننندهم‬
‫حينئذ سخف أو خيانة!‪.‬‬

‫من نعمة العقل‬


‫من تمام نعمة الله عليك بالعقل أن يعّرفك قدر نفسك‪.‬‬

‫ل تستعجل الرئاسة‬
‫ل تستعجل الرئاسة؛ فإنك إن كنت أهل ً لها ق ّ‬
‫دمك زمانك‪ ،‬وإن كنت غير أهل لها‬
‫كان من الخير لك أن ل ينكشف نقصانك‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ضعف النسان‬
‫سبحان من خضد شوكة النسان بالجوع‪ ،‬وأذ ّ‬
‫ل كبرياءه بننالمرض‪ ،‬وقهننر طغيننانه‬
‫بالموت‪.‬‬

‫بين الثعلب والسد‬


‫ن أنننه سننيهلكه فيهننا‪ :‬سأفضننحك‬
‫قال الثعلب للسد بعد أن أوقعه في حفرة ظ ن ّ‬
‫بيننن الحيننوان بضننعفك‪ ،‬فضننحك السنند وقننال‪ :‬مهمننا فعلننت فسننأظل أن أسنندا ً‬
‫وستظل أنت ثعلبًا!‪.‬‬

‫بينك وبين ربك‬


‫إذا وصل إليك من ربك العطاء فليصله منك الشننكر‪ ،‬وإذا وصننل إليننك منننه البلء‬
‫فليصله منك الصبر‪ ،‬وإذا لم يصل إليك منه ما ترجو فل يصل إليه منك ما يكره‪.‬‬

‫مكافأة المعروف‬
‫صر في حق إخوانك اعتمننادا ً علننى محبتهننم؛ فننإن الحينناة أخننذ وعطنناء‪ ،‬ول‬
‫ل تق ّ‬
‫ً‬
‫تقصر في حق ربك اعتمادا على رحمته؛ فإن انتظار الحسان مع الساءة شيمة‬
‫الرقعاء‪ ،‬ول تنتظر من إخوانك إن يبادلوك معروفا ً بمعروف؛ فنإن التقصنير منن‬
‫طبيعة النسان‪ ،‬وانتظر من رّبك أن يكافئك علنى الخيننر خينرا ً مننه‪ ،‬فهننل جنزاء‬
‫الحسان إل الحسان؟!‪.‬‬

‫عامل‬
‫عامل ربك بالخضوع‪ ،‬وعامل أعداءه بالكبرياء‪ ،‬وعامل عباده بالتواضع‪.‬‬

‫احتفظ بوقارك في أربعة‬


‫احتفظ بوقارك في أربعة مواطن‪ :‬في مذاكرتك مع من هو أعلم منك‪ ،‬وتعليمك‬
‫لمن هو أكبر منك‪ ،‬ومخاصمتك مع من هو أقوى منننك‪ ،‬ومناقشننتك مننع مننن هننو‬
‫أسفه منك‪.‬‬

‫ل تنقبض في أربعة‬
‫ل تنقبنض فني أربعنة منواطن‪ :‬فني السنفر منع زملئك‪ ،‬والسنهر منع إخوانننك‪،‬‬
‫مارك‪.‬‬‫والملطفة مع أهلك وأولدك‪ ،‬والطرب مع من تثق بهم من س ّ‬

‫احتفظ بأدبك في خمسة‬


‫احتفظ بأدبك في خمسة مواطن‪ :‬في أماكن العبادة ‪ ،‬ومجالس العلننم‪ ،‬ومقابلننة‬
‫العظماء‪ ،‬ومحادثة الرؤساء‪ ،‬ومعاملة الغرباء‪.‬‬

‫احتفظ برباطة جأشك في سبعة‬

‫‪47‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫احتفننظ برباطننة جأشننك فنني سننبعة مننواطن‪ :‬لقنناء العننداء‪ ،‬ومقابلننة الطغنناة‪،‬‬
‫واشتداد الفتنة‪ ،‬وتربننص الشننر‪ ،‬وانتشننار البلء‪ ،‬وسننجون المتسنّلطين‪ ،‬وطيننش‬
‫الزوجة الرعناء‪.‬‬

‫التواضع والغرور‬
‫إذا أنعم الله عليك بموهبة لسننت تراهننا فنني إخوانننك‪ ،‬فل تفسنندها بالسننتطالة‬
‫عليهم بينك وبين نفسك‪ ،‬وبالتحدث عنها كثيرا ً بينك وبينهم؛ فننإ ّ‬
‫ن نصننف الننذكاء‬
‫ب إلى قلوب الناس وأنفع للمجتمع من ذكاء كامل مع الغرور‪.‬‬ ‫مع التواضع أح ّ‬

‫المغرور‬
‫المغرور يتوهم لنفسه من الفضائل ما يذهب بفضائله الحقيقية‪.‬‬

‫ل تستخفن بالنعمة‬
‫ن بنعمة مهما قّلت؛ فإن القليل من الكريم كثير‪.‬‬ ‫ل تستخ ّ‬
‫ف ّ‬

‫ن بالنعمة‬
‫اعت ِ‬
‫ن العناية بالنعمة مهما صغرت؛ فقد يأتي يوم تكبر فيه بحاجتك إليها‪.‬‬
‫ل تهمل ّ‬

‫نعم الله ل تحصى‬


‫دد إن استطعت صاعدا‪ً.‬‬
‫ولها حياتك‪ ،‬ثم ع ّ‬
‫نعم الله عليك ل تحصى‪ ،‬ومن أ ّ‬

‫تفقد عقلك في أربعة‬


‫تفقد عقلك في أربعة مواضع‪ :‬عندما يننثير الشننيطان أهننواءك‪ ،‬وعننندما تخنناطب‬
‫المرأة عواطفك‪ ،‬وعندما يثير المال طمعك‪ ،‬وعندما يثير الشبع شهوتك‪.‬‬

‫أصل الشر وأصل الخير‬


‫أصل الشّر في العالم ثلثة‪ :‬إبليس والمننرأة والمننال‪ ،‬وأصننل الخيننر فنني العننالم‬
‫ثلثة‪ :‬العقل والمرأة والمال‪.‬‬

‫العلم الشائع‬
‫علم قليل شائع‪ ،‬خيرمن كثير محتكر‪.‬‬

‫حالة المسلمين‬
‫ج المسلمون اليوم أكثر من ثلثة أيام‪.‬‬
‫لو هدمت الكعبة لما ض ّ‬

‫الجمود والجحود‬
‫ً‬
‫الذين يطمسون وجه الشريعة المشرق بجمودهم أسوأ أثرا من الذين يطمسونه‬
‫بجحودهم‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫يا مواكب الحجيج ) كتبت في اليوم الول من ذي الحجة (‬
‫يا مواكب الحجيج! هل تعلمون أنكم خّلفتكم وراءكم قلبا ً يخفق كخفق قلننوبكم‪،‬‬
‫قد أقعده المرض عنكم‪ ،‬وساقه الشوق معكم‪ ،‬فل تهبطون واديننًا‪ ،‬ول تصننعدون‬
‫شرفًا‪ ،‬ول تؤدون شعيرة إل وهو معكم‪ ،‬ولكنه موثق بحبنال اللننه‪ ،‬فنناذكروه كمننا‬
‫يذكركم‪ ،‬لعل الله يرحمه كما يرحمكم‪ ،‬وادعننوا لننه كمننا تنندعون لنفسننكم؛ فننإن‬
‫دعوة المننؤمن لخيننه المننؤمن فنني ظهننر الغيننب مسننتجابة كمننا قننال رسننولكم‪،‬‬
‫وكحلوا أعينكم عنه برؤية أرض درج عليها الحبيب صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وانبثق‬
‫منها النور‪ ،‬ودارت على ثراها رحى أولى معارك النصر‪ ،‬ففي ذلك تقوية ليمانه‬
‫وإيمانكم‪ ،‬وبعث لعزيمته وعزائمكم‪ .‬وإذا تعّلقتكم بأستار الكعبة فابكوا عنه كمننا‬
‫تبكون عن أنفسكم‪ ،‬فما أنتم أولى بالبكاء منه‪ ،‬ول هو أقل رجاءً للرحمة منكم‪.‬‬

‫يا زوار الحبيب العظم‬


‫يا زوار الحبيب العظم! إذا وقفتم بين ينديه فنأبلغوه السنلم عنن محنب سنفح‬
‫دعه‪ ،‬وما خاس بعهننده أن يننزوره كننل عننام‪،‬‬ ‫الدمع يوم لقيه‪ ،‬ومزق القلب يوم و ّ‬
‫ولكن عوائق القدار أبطأت به‪ ،‬فسلوه – إن كان يحب محبه – أن يسأل لننه اللننه‬
‫إطلق سراحه‪ ،‬سلوه‪ ،‬ول تبلغوني عتبه إن كان عاتبًا‪.‬‬

‫ضيوف‬
‫إنهم هننناك الن‪ ..‬ضننيوفه المكرمننون‪ ،‬تبنناركهم روحننه وتشننرق عليهننم أنننواره‪،‬‬
‫في نفوسهم آثاره‪ ..‬هنيئا َ لهم‪.‬‬‫وتص ّ‬

‫قوة العقائد وضعفها‬


‫العقائد تقوى بالكفاح‪ ،‬وتضعف بالنجاح‪.‬‬

‫عذاب المحبوب‬
‫كل محبوب عذاب على محّبه إل الله عّز وجل‪ ،‬ورسوله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

‫أقنع دعاء وأجمعه وأروعه‬


‫أقنع دعاء قول الله تعالى‪ ? :‬ربنا ءاتنا فني النندنيا حسنننة وفنني الخننرة حسنننة?‬
‫وأجمع دعاء‪ ،‬دعاء النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬اللهم إني أسألك من الخير كله‬
‫ما علمت منه وما لم أعلم‪ ،‬وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم"‪.‬‬
‫وأروع دعاء‪ ،‬دعاء النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬اللهننم بعلمننك الغيننب‪ ،‬وقنندرتك‬
‫فني إذا علمننت الوفنناة خيننرا ً‬‫على الخلق‪ ،‬أحيني ما علمت الحياة خيرا ً لنني‪ ،‬وتننو ّ‬
‫لي‪ ،‬أسألك خشننيتك فنني الغيننب والشننهادة‪ ،‬وأسننألك كلمننة الحننق فنني الغضننب‬
‫والرضى‪ ،‬وأسألك القصد في الفقننر والغنننى‪ ،‬وأسننألك نعيمنا ً ل ينفنند‪ ،‬وأسننألك‬
‫قرة عيننن ل تنقطننع‪ ،‬وأسننألك الرضننى بعنند القضنناء‪ ،‬وأسننألك بننرد العيننش بعنند‬
‫الموت‪ ،‬وأسألك لذة النظر إلى وجهك‪ ،‬وأسننألك الشننوق إلننى لقننائك‪ ،‬فنني غيننر‬
‫ض نّراء ول مض نّرة‪ ،‬ول فتنننة مض نّلة‪ ،‬اللهننم زّينننا بزينننة اليمننان‪ ،‬واجعلنننا هننداة‬
‫مهديين"‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫اتهم نفسك في موضعين‬


‫اتهم نفسك في موضعين‪ :‬في الزيادة على ما أمر اللننه بننه أو نهننى عنننه‪ ،‬وفنني‬
‫التقصير فيما أمر به أو نهى عنه‪.‬‬

‫إمام في المتقين‬
‫ً‬
‫مننن أيقننن بحكمننة اللننه وعنندالته‪ ،‬وصننبر علننى قضننائه وقنندره‪ ،‬كننان إمامنا فنني‬
‫المتقين‪.‬‬

‫من يركبهم الشيطان‬


‫د جاهننل‪ ،‬أو‬
‫ل يبلغ الشيطان من إنسان بمقدار ما يبلغ من عننالم فنناجر‪ ،‬أو عاب ن ٍ‬
‫متزهد واعظ‪.‬‬

‫بلء المؤمن ومعافاته‬


‫ً‬
‫بلؤه للمؤمن أثر في رحمته‪ ،‬معافاته قد تكون أثرا من عقوبته‪.‬‬

‫جنود الله‬
‫إن لله جنودا ً يحفظونك ويدافعون عنك‪ ،‬منها‪ :‬عملك الصالح‪.‬‬

‫ل يخلف الله وعده‬


‫وعد عبده المؤمن بالدفاع عنه فتسّلط عليه الشرار وتراكمت عليه النكبات‪ ،‬إن‬
‫ل‪.‬‬‫الله ل يخلف وعده‪ ،‬ولكن المؤمن هو الذي أخلف عهده‪ ،‬وكان العهد مسؤو ً‬
‫مصيبتان‬
‫مصيبة المؤمن الصابر في ماله أو بدنه أو نفسننه مصننيبة واحنندة‪ ،‬ولكننن مصننيبة‬
‫الفاجر فيها مصيبتان‪ :‬ثانيتهما في روحه ودينه وثوابه‪.‬‬

‫أعذر إلى الله‬


‫من قام بواجبه نحو أمته وأهله وولده في إنكار المنكر‪ ،‬ثم لم ينجح‪ ،‬فقنند أعننذر‬
‫إلى الله‪.‬‬

‫عدوى الخير والشر‬


‫كل من الخير والشّر يعدي‪ ،‬ولكن عدوى الشر أسرع وأبلغ‪.‬‬

‫احذر الشيطان‬
‫احذر الشيطان على عقيدتك من أن يفسدها بالراء‪ ،‬واحذره علننى عبادتننك مننن‬
‫أن يفسدها بالرياء‪ ،‬واحذره على عملك من أن يفسننده بننالهواء‪ ،‬واحننذره علننى‬
‫دعاء‪ ،‬واحذره على عبوديتك من أن يفسنندها بالكبرينناء‪،‬‬‫علمك من أن يفسده بال ّ‬
‫واحذره علنى خلقنك منن أن يفسنده بنالغرور‪ ،‬واحنذره عنن اسنتقامتك منن أن‬
‫يفسدها بالحرص والطمع‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫وجود الله‬
‫ّ‬
‫في جمال الزهار وأرج الرياحين وهي من ماء وتراب‪ ،‬يتجلى إبداع الخالق ود ّ‬
‫قة‬
‫ل بعد هذا على وجود الله وحكمته يريدون؟‬
‫صنعه‪ ،‬فأي دلي ٍ‬

‫‪51‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم التاسع‬

‫حب الله ورسوله‬


‫ب اللننه ورسننوله صننلى اللننه عليننه وسننلم‪،‬‬
‫ليس في قلب المؤمن مكان لغيننر حن ّ‬
‫وليس له أمل أغلى من لقائهما‪ ،‬ول عمل ألننذ منن مرضنناتهما‪ ،‬ول وصننل أحلننى‬
‫من وصالهما‪.‬‬

‫الدعوى والدليل‬
‫دعننت نفسننك حننب اللننه فنناعتبر بموقفهننا مننن أوامننره ونننواهيه‪ ،‬وبرغبتهننا‬
‫إذا ا ّ‬
‫دعت حب رسوله فاعتبر بموقفها من سنننته فنني‬ ‫ورهبتها من جنته وناره‪ ،‬وإذا ا ّ‬
‫أخلقه وآدابه‪ ،‬ومن آل بيته في حبهم ومننوالتهم‪ ،‬ومننن صننحابته فنني إكبننارهم‬
‫وحسن الظن بهم‪ ،‬ومن دياره وآثاره في الشوق إليها والخشوع عندها‪.‬‬

‫عز الطاعة وذل المعصية‬


‫يكفيك من عّز الطاعة أنك تسر بها إذا عرفنت عننك‪ ،‬ويكفينك منن ذل المعصنية‬
‫أنك تخجل منها إذا نسبت إليك‪.‬‬

‫موطنان‬
‫ك فيهما ول حرج‪ :‬طاعة فاتتك بعد أن واتتك‪ ،‬ومعصية ركبتك بعنند أن‬ ‫موطنان اب ِ‬
‫تركتك‪.‬‬
‫وموطنان افرح فيهما ول حرج‪ :‬معروف هديت إليه‪ ،‬وخير دللت عليه‪.‬‬
‫وموطنان أكثر من العتبار فيهما‪ :‬قوي ظالم قصمه الله‪ ،‬وعننالم فنناجر فضننحه‬
‫الله‪.‬‬
‫وموطنان ل تطل من الوقوف عندهما‪ :‬ذنب مع الله مضى‪ ،‬وإحسان إلى الننناس‬
‫سلف‪.‬‬
‫وموطنان ل تندم فيهما‪ :‬فضل لك جحده قرناؤك‪ ،‬وعفو منك أنكره عتقاؤك‪.‬‬
‫وموطنان ل تشمت فيهما‪ :‬موت العداء‪ ،‬وضلل المهتدين‪.‬‬
‫وموطنان ل تترك الخشوع فيهما‪ :‬تشييع الموتى‪ ،‬وشهود الكوارث‪.‬‬
‫وموطنان ل تقصر في البذل فيهما‪ :‬حماية صحتك‪ ،‬وصيانة مروءتك‪.‬‬
‫وموطنان ل تخجل من البخل فيهما‪ :‬النفاق في معصية الله‪ ،‬وبذل المال فيمننا‬
‫ل حاجة إليه‪.‬‬
‫س فيهما نفسك‪ :‬وقوفك بين يدي الله‪ ،‬ونجدتك لمن يستغيث بك‪.‬‬ ‫وموطنان ان َ‬
‫دي الواجب‪ ،‬وحين تجالس المتواضع‪.‬‬ ‫وموطنان ل تتكبر فيهما‪ :‬حين تؤ ّ‬
‫وك‪ ،‬وحين تجالس المتكبر‪.‬‬ ‫وموطنان ل تتواضع فيهما‪ :‬حين تلقى عد ّ‬
‫وموطنان أكثر منهما ما استطعت‪ :‬طلب العلم‪ ،‬وفعل المكرمات‪.‬‬
‫وموطنان أقلل منهما ما قدرت‪ :‬تخمة الطعام‪ ،‬ولهو العاطلين‪.‬‬
‫وموطنان ادخرهما لتغّير اليام‪ :‬صحتك‪ ،‬وشبابك‪.‬‬
‫وموطنان ادخرهما ليوم الحساب‪ :‬علمك‪ ،‬ومالك‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫وموطنان ل تجنزع منن مشنهد البكناء فيهمنا‪ :‬بكناء المنرأة حينن تتظّلنم‪ ،‬وبكناء‬
‫المتهم حين يقبض عليه‪.‬‬
‫وموطنان ل يغّرنك الضحك فيهما‪ :‬ضحك الطاغية لك‪ ،‬وضحك المحزون عندك‪.‬‬
‫وموطن واحد ل تعلق قلبك فيه إل باثنين‪ :‬عمرك‪ ،‬ل تحب فيه إل الله ورسوله‪.‬‬
‫ووقت واحد ل تفعل فيه إل شيئا ً واحدًا‪ :‬سنناعة المننوت‪ ،‬ل تننرج فيهننا إل رحمننة‬
‫الله‪.‬‬

‫مكائد الشيطان‬
‫إن للشيطان مكائد‪ ،‬فمن وفق لمعرفة طرائقه فيها كان من الناجين‪.‬‬

‫تغيير رأي الجاهل‬


‫تغيير الرأي كتغيير الرأس عند الجاهلين المعاننندين‪ ،‬فل تحنناول أن تقنننع جنناهل ً‬
‫معاندا ً بتغيير آرائه‪ ،‬فتضّيع وقتك وتتلف أعصابك‪.‬‬

‫صاحب الهوى‬
‫صنناحب الهننوى مريننض‪ ،‬فاحتننل لعلجننه بمننا ل ينفننر منننه‪ ،‬وإل طننرح النندواء‬
‫واستعصى على الشفاء‪.‬‬

‫قساوة القلب‬
‫داو قساوة قلبك عند الموعظة‪ ،‬كما تداوي عسر هضمك عند الكل‪.‬‬

‫أراك جميل ً في فعالك كلها‬


‫وحين تمني بالوصال وتعتب‬ ‫أراك جمل ً حين ترضى وتغضب‬
‫وحين دمائي من جراحي تثعب‬ ‫وحين تعافيني من الهم والضنى‬
‫وإن تكن السقام تضوي‬ ‫وإن يك جسمي ملءُ عطفيه صحة‬
‫وتعطب‬
‫هدّ مني للمصائب‬ ‫وإن ُ‬ ‫وإن غمرتني منك حسنى تسرني‬
‫منكب‬
‫وفي المن والحزان‬ ‫وفي الضر والنعمى وفي المنع والعطا‬
‫تأتي وتذهب‬
‫ض أم ترى أنت مغضب‬ ‫فهل أنت را ٍ‬ ‫ً‬
‫أراك جميل في فعالك كلها‬
‫وأنك تدنيني ولست تعذب‬ ‫ولكن ظني فيك أنك معتقي‬
‫ي تكتب‬
‫ويا رب حببني بما ف ّ‬ ‫فيا رب هب لي منك صبرا ً ورحمة‬
‫قّلب‬
‫وثبت يقيني فيك فالقلب ُ‬ ‫ويا رب زدني عنك فهما ً لمحنتي‬
‫دب‬
‫سن فعالي أنت نعم المؤ ّ‬‫وح ّ‬ ‫ي إحسانا ً بما أنت أهله‬
‫وزدن َ‬
‫وأحسن ختامي ليس لي عنك مذهب‬ ‫ة‬
‫أنزل على قلبي الجريح سكين ً‬

‫من سمع‪ ..‬فلم‪..‬‬

‫‪53‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫من سم القرآن فلم يخشع‪ ،‬وذكر النذنب فلنم يحنزن‪ ،‬ورأى العنبرة فلنم يعتنبر‪،‬‬
‫وسمع بالكارثة فلم يتألم‪ ،‬وجالس العلمنناء فلننم يتعل ّننم‪ ،‬وصنناحب الحكمنناء فلننم‬
‫يتفهم‪ ،‬وقرأ عن العظماء فلم تتحرك همته‪ ،‬فهو حيوان يأكل ويشرب‪ ،‬وإن كان‬
‫إنسانا ً ينطق ويتكلم‪.‬‬

‫المرأة الجاهلة‬
‫المرأة الجاهلة الرعناء‪ ،‬لها مننن أنوثتهننا "العاطفننة"‪ ،‬وليننس لهننا منن إنسننانيتها‬
‫"العقل"‪.‬‬

‫الب والولد‬
‫الب كبش للتضحية‪ ،‬يفننرح أولده الصننغار بإراقننة دمننه‪ ،‬وتفننرح زوجتننه الرعننناء‬
‫بأكل لحمه‪.‬‬

‫عواطف الب‬
‫غصننون عليننه عيشننه وهننو‬
‫ما رأيت كالب‪ ،‬يهدم أولده بنيانه وهو بهم فننرح‪ ،‬وين ّ‬
‫منهم مسرور‪.‬‬

‫الزواج‬
‫لول الستقرار لكان الننزواج حمقنًا‪ ،‬ولنول العاطفنة لكنان إنجناب الولد جنوننا‪ً،‬‬
‫ولول الدين لكان إنشاء البيت عبثا ً وسخفًا‪.‬‬

‫البيوت‬
‫من البيوت واحة يستريح عندها الب الزوج‪ ،‬ومن البيوت فرن يحترق فيها‪.‬‬

‫ل تتأخر عن الزواج‬
‫م من أيام العزوبة فيه من ثقل العباء مننا‬
‫ل تتأخر عن الزواج لثقل أعبائه‪ ،‬فليو ٌ‬
‫تنوء بحمله الجبال الراسيات‪ ،‬ول تتأخر لكثرة نفقاته‪ ،‬فنفقات الننزواج كنفقننات‬
‫الحراثة والبذر‪ ،‬ونفقات العزوبة كمن يحرث في البحر‪.‬‬

‫عبادة المتزوج والعزب‬


‫عبادة العننزب مشننوبة بانشننغال البننال مننع الشننيطان‪ ،‬وعبننادة المننتزوج مشننوبة‬
‫بانشغال البال مع الرحمن‪.‬‬

‫الصبر على الطاعة في الزوجة والولد‬


‫ً‬
‫الصبر على الطاعة في الننزوج والولنند أعظننم عننند اللننه أجننرا مننن الصننبر علننى‬
‫الطاعة في الزهد والخلوة‪.‬‬

‫الزاهد العزب الجبان‬

‫‪54‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫الزاهد الذي يتخّلى عن أعباء الزوجة والولد جبان مهزوم فنني معركننة الرجولننة‪،‬‬
‫والعابد مع هموم الزوجة والولد شجاع منتصر في معركة الحياة‪.‬‬

‫أحب إلى الله‬


‫ب بسمة من طفل صغير‪ ،‬أحب إلى الله من ركعات يقوم بها عزب في ظلمات‬‫ر ّ‬
‫الليل البهيم‪.‬‬

‫الم والب‬
‫الم أقوى عاطفة نحو الصغير‪ ،‬والب أقوى إدراكا ً لمصلحته‪ ،‬ومن رحمة الله بننه‬
‫توفيرهما معا ً له‪.‬‬

‫ل تخالف رأيهما‬
‫اثنان ل تخالف رأيهما أبدا ً ‪ :‬الطبيب الحاذق حين يعالجك‪ ،‬والحكيم المجرب حين‬
‫ينصحك‪.‬‬

‫الخير والشر‬
‫الخير وال ّ‬
‫شر متلزمان‪ :‬وكأن حكمة الله اقتضت أن ل يصل الخيننر إل مننع شننيء‬
‫من الشر‪ ،‬ول يكون الشر إل ومعه نصيب من الخير‪.‬‬

‫مصاحبة المغرور‬
‫إياك ومصاحبة المغرور‪ ،‬فننإنه إن رأى منننك حسنننة نسننبها إليننه‪ ،‬وإن بنندت منننك‬
‫سيئة نسبها إليك‪.‬‬

‫خيانة الصديق‬
‫من خانك في صداقتك فقد أراحنك منن عبنء واجباتنك نحنوه‪ ،‬ومنن فنّرط فني‬
‫وه عليننك فنني دينننك فقنند‬
‫صحبتك فقد أراحك مننن التفكيننر فنني أمننره‪ ،‬ومننن من ّ‬
‫ف بعقلك‪ ،‬ومن كذب عليك فقد استخف بوعيك‪.‬‬ ‫استخ ّ‬

‫أربعة تدل على الله‬


‫أربعة تستدل منها على وجود الله‪ :‬خلق العقل في النسان‪ ،‬وروعة الجمال في‬
‫الطبيعة والحيوان‪ ،‬ودقة النظام في هذا الكننون العظيننم‪ ،‬وعدالننة النتقننام مننن‬
‫المسيئين والظالمين‪.‬‬

‫ل تتحسر على ما فاتك‬


‫ستة ل تتحسر على ما فاتك منها‪ :‬جاه أعقبه مذّلة‪ ،‬ومعصية أعقبها ندم‪ ،‬وأخ لم‬
‫يعرف حق إخائك‪ ،‬ونعمة جلبت لننك الغصننص والمشننكلت‪ ،‬وصننحة لننم تننؤدّ فيهننا‬
‫واجبًا‪ ،‬وزوجة جعلت حياتك جحيمًا‪.‬‬

‫تورد المهالك‬

‫‪55‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫خمس تورد المهالك‪ :‬شهوة عارمة‪ ،‬وعلم ل يقصنند بننه وجننه اللننه‪ ،‬ومننال يننورث‬
‫ح والطمع‪ ،‬وفراغ يحمل على ارتكاب المآثم‪ ،‬وعقل يحتال بننه صنناحبه علننى‬ ‫الش ّ‬
‫الناس‪.‬‬

‫سعادة موهومة‬
‫أكثر الناس يظنون السعادة فيما يتم به شقاؤهم‪.‬‬

‫ل تخدع‬
‫ل تخدع بطيب الطعام حتى تتبين فائدته‪ ،‬ول ببكاء الزاهد حتى تتبّين استقامته‪،‬‬
‫ول بوعود الحاكم حتى تعلم خلقه‪ ،‬ول بدعوى العالم حتى يشهد لننه أقرانننه‪ ،‬ول‬
‫بتظّلم الزوجة حتى تستمع إلى زوجها‪ ،‬ول بصلة العابد حتى تننرى معنناملته‪ ،‬ول‬
‫بوقار الشيخ حتى تشهد مجلس أنسه وسمره‪ ،‬ول بحماسة الشنناب حننتى تجّربننه‬
‫دعي الوطنية حننتى يصننبح نائب نا ً أو وزيننرًا‪ ،‬ول بيميننن البننائع‬
‫في المكاره‪ ،‬ول بم ّ‬
‫حتى تتظاهر بالرغبة عن الشراء منه‪.‬‬

‫ل يدوم لنسان حال‬


‫ب من تحننني لننه رأسننك‬ ‫ب من تراه اليوم شيطانًا‪ ،‬تعترف له غدا ً بأنه ملك‪ ،‬ور ّ‬
‫ر ّ‬
‫ب مننن تكّبلننه‬ ‫ً‬
‫ب من تخشاه اليوم يفرق منك غدا‪ ،‬ور ّ‬ ‫ً‬
‫اليوم تطؤه بقدمك غدا‪ ،‬ور ّ‬
‫ً‬
‫بالغلل اليوم يتحكم في مصيرك غدا‪ ،‬ول يدوم لنسان حال‪.‬‬

‫قوة الشرار وقوة الخيار‬


‫قوة الشرار بلء‪ ،‬وقوة الخيار دواء‪ ،‬وقوة المؤمنين شفاء‪.‬‬

‫الحقيقة‬
‫الحقيقة كالمخطوبة الحسناء‪ :‬كثيٌر خطابها ولكنها ل تكاد تجد فيهم واحدا ً تحبه‪.‬‬

‫عناصر القوة في المة‬


‫ي يحتاج إلى السمنت والحديد أكثر مما يحتاج إلى الزينة والزخرفننة‪،‬‬ ‫البيت القو ّ‬
‫وكذلك المة الناهضة تحتاج إلى العباقرة في العلم والصناعة‪ ،‬أكننثر ممننا تحتنناج‬
‫إلى المبرزين في الرقص والرسم والغناء‪.‬‬

‫سوء نية!‬
‫جه طاقننات شننبابنا وبناتنننا إلننى الرسننم‬
‫ليننس صنندفة ول عننن حسننن ني ّننة أن تننو ّ‬
‫والرقص والغناء‪ ،‬ويكون ذلك محور التوجيه في الصننحافة والذاعننة والتلفزيننون‬
‫جه طاقاتهم ول عبقرياتهم إلى العلم والصننناعة والخننتراع‪ .‬إنهننا‬ ‫من حيث ل تو ّ‬
‫فذ من أموال الشعب على أيدي بعض الغرار من المراهقين‬ ‫خطة استعمارية تن ّ‬
‫والمراهقات!‬

‫الشهرة الرخيصة‬

‫‪56‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ليس أسهل على نفوس الشباب في أمة حديثة الوعي‪ ،‬مننن إغرائهننم بالشننهرة‬
‫عننن طريننق الفننن والرقننص‪ ،‬وهننذا هننو سننر اسننتجابتهم لغننراء خرافننة الفننن‬
‫واستمتاعهم بلذته‪.‬‬

‫بين المم اللتينية – والسكسونية‬


‫ً‬
‫وجدت المم اللتينية أكثر براعننة فني الفننن‪ ،‬وأقننل تقندما فني العلنم‪ ،‬وأسنرع‬
‫هزيمة في الحرب‪ ،‬ووجنندت المننم السننكندنافية والسكسننونية أقننل براعننة فنني‬
‫الفن‪ ،‬وأكثر تقدما ً في العلم‪ ،‬وأشد استعصاء على الهزيمننة فنني الحننرب‪ ،‬فهننل‬
‫جعون فينا الفن على حساب العلم‪ ،‬أن ننهزم في الحرب‪ .‬ونتأخر‬ ‫يريد الذين يش ّ‬
‫في استكمال وسائل القوة؟‬

‫‪57‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم العاشر‬

‫النصراف إلى الفن‬


‫م لهم البناء‪ ،‬أما الذين لم يبنندأوا بالبننناء بعنند‪،‬‬
‫النصراف إلى الفن شغل الذين ت ّ‬
‫أو بدأوا متأخرين‪ ،‬فمن أكبر الجرائم صرفهم عننن الهتمننام فنني تقويننة البننناء‪،‬‬
‫إلى الهتمام بالرسنم والغنناء‪ ،‬وعنن الخنتراع إلنى رقنص اليقناع‪ ،‬وعنن صننع‬
‫الحياة إلى رسم الحياة‪.‬‬

‫النصر بالقوة‬
‫لم تهزم أمة أخرى بالفن‪ ،‬ولكنما هزمتها بالقوة‪ ،‬ومن التضليل أن يعتننبر الفننن‬
‫من وسائل القوة‪.‬‬

‫نحن وإسرائيل‬
‫د‬ ‫إسرائيل ل تعدّ لغزونا فرقا ً من الراقصات والمغني ّننات والر ّ‬
‫سننامين‪ ،‬ولكنهننا تع ن ّ‬
‫فرقا ً من الفدائيين‪ ،‬وأساطيل في الجو والبحر‪ ،‬وقذائف للهلك والتدمير‪ ،‬فهل‬
‫يفهنننم هنننذا "المنحّلنننون" و "الببغننناوات" و "المتنننآمرون" و "والكسنننالى" و‬
‫"الوجوديون" و "المستغربون" و "المفتونون"؟‪.‬‬

‫الجمال أم القوة؟‬
‫مني الشنعور بالجمنال‪ ،‬فنإن المنة المحاطنة‬ ‫إذا كان الفن يصنقل المنواهب وين ّ‬
‫بالعداء‪ ،‬في حاجة إلننى مننا يفتننل السننواعد‪ ،‬ويلهننب اليمننان‪ ،‬ويقننوي الخلق‪،‬‬
‫ويفتح العقول‪ ،‬ويدفع عن المة خطر البادة أو الحتلل‪.‬‬

‫سلوا التاريخ‬
‫سننلوا التاريننخ‪ :‬هننل أفننل نجمنننا إل ينوم سننطعت نجننوم المغّنيننن وقننويت دولننة‬
‫الراقصات في سماء حضارتنا؟‬

‫أيهم أفضل؟‬
‫أي عاقل مخلص يودّ أن يكون لنا نجوم في التمثيل والتلفزيننون‪ ،‬ومجل ّننون فنني‬
‫الرسم والغناء‪ ،‬قبل أن يكون لنا أبطال في الحننروب‪ ،‬وعلمنناء فنني المختننبرات‪،‬‬
‫ومخترعون في الصناعات‪ ،‬وأقوياء في اليمان والخلق؟‬

‫أيها العابثون‬
‫أيها العابثون المراهقنون‪ ،‬أيهننا الفّننانون والمغّننون والراقصنون والراقصنات‪..‬‬
‫ستكونون أول من ينهزم في معارك البطولت‪ ،‬وسننتكونون أول مننن يفنّر منهننا‬
‫إذا لنم تحينوا قلنوبكم باليمنان‪ ،‬وتفتحنوا عقنولكم بنالعلم‪ ،‬وتسنموا بنفوسنكم‬
‫موا أذواقكم بالفن‪ ،‬وترضوا شهواتكم بالرقص والغناء‪.‬‬ ‫بالخلق‪ ،‬قبل أن تن ّ‬

‫لمن تعطى الجوائز؟‬

‫‪58‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫نحن في حاجة إلى مخترعين ومخترعات‪ ،‬أشد من حاجتنا إلى فن ّننانين وفّنانننات‪،‬‬
‫ومع ذلك فكل الجوائز وكل الفرص وكل النوار تسّلط على هؤلء‪ ،‬ويحرم منهننا‬
‫أولئك‪ ،‬وما رأيت يوما ً جائزة خصصت لشاب مكتشف أو مخننترع‪ ،‬وأرى كننل يننوم‬
‫وقين بالرسننم والتصننوير والموسننيقى والغننناء‪،‬‬‫عشرات الجوائز للشننباب المتفن ّ‬
‫دنا في النضمام إلى ركب الحضارة‪ ،‬والخلص من أعدائنا‬ ‫فهل هذا دليل على ج ّ‬
‫المترّبصين؟ أم نحن قوم غافلون‪ ،‬أو مخدوعون‪ ،‬أو مضللون؟‬

‫خذ مائة وأعطني واحدا ً‬


‫ن وأعطهنا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫خذ من أمتنا مائة مصور‪ ،‬وأعطها طينارا واحندا‪ ،‬وخنذ منهنا ألنف مغن ٍ‬
‫دا واحدًا‪.‬‬ ‫مخترعا ً واحدًا‪ ،‬وخذ منها كل العابثين واللهين وأعطها ُ‬
‫مج ّ‬

‫هؤلء هم الرجال‬
‫الذين يجهرون بالصواب عند طوفان الخطأ هم الرجال الذين يقننوم البننناء علنى‬
‫عقولهم وكواهلهم معًا‪.‬‬

‫ل تتأخر عن كلمة الحق‬


‫ل تتأخر عن كلمة الحق بحجة أنها ل تسمع؛ فمننا مننن بننذرة طّيبننة إل ولهننا أرض‬
‫خصبة‪.‬‬
‫ليس عليك أن يقتنع الناس برأيك الحق‪ .‬ولكن عليك أن تقول للننناس مننا تعتقنند‬
‫أنه حق‪.‬‬

‫أقبح أنواع الجبن‬


‫أقبح أنواع الجبن‪ ،‬الخوف من الجهر بالحق خشية من ألسنة المبطلين‪.‬‬

‫قد تتغير الحكام‬


‫إن ما يبندو الينوم رجعينة وجمنودا ً وتخّلفنًا‪ ،‬سنيكون فني الغند القرينب إصنلحا ً‬
‫وتجديدا ً وتقدمًا‪.‬‬

‫اليوم هباء وغدا ً بناء‬


‫ء‪.‬‬
‫ء‪ ،‬تكون في المستقبل القريب عاصفة وبنا ً‬ ‫ب صرخة تذهب اليوم هبا ً‬
‫ر ّ‬

‫فضل المصلحين‬
‫ّ‬
‫لول جرأة المصننلحين واسننتهزاؤهم بهننزء السنناخرين لمننا تخلننص المجتمننع مننن‬
‫قيوده وأوزاره‪.‬‬

‫بيننا وبين إسرائيل‬


‫أليس منن دواعني السننى‪ ،‬أن تكننون لسننرائيل صننواريخها‪ ،‬ومعاملهننا النوويننة‪،‬‬
‫وليس لها تلفزيون‪ ،‬ويكون لنا تلفزيننون‪ ،‬وفننرق للرقننص والتمثيننل‪ ،‬وليننس لنننا‬
‫صواريخ‪ ،‬ول أفران ذرية؟‬

‫‪59‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫هل يغنون عنا شيئًا؟‬


‫هاتوا لنا جميننع الرسننامين‪ ،‬والممثليننن والمغنيننن والراقصننات والراقصننين‪ ،‬ثننم‬
‫احشدوهم جميعا ً وانظروا هل يردون عنا خطر قنبلة ذرية‪ ،‬أو صاروخا ً موجهًا؟‪.‬‬

‫أيهما ألزم؟‬
‫هل يشفي المريض المدنف باقة من الزهر‪ ،‬أم حقنة من البنسلين؟ وهل يكفي‬
‫الجائع لحن مطرب‪ ،‬أم رغيف مشبع؟‪ .‬وهل يسننعد الفقيننر أن تزي ّننن لننه جنندرانه‬
‫بالرسوم‪ ،‬أم أن تهيئ له ما يحتاجه من أثاث؟ وهل يخاف العدو إذا كنننت تحسنن‬
‫الرقص‪ ،‬أم إذا كنت تحسن صناعة الموت؟‬

‫هذا ما تفعله المم التي تريد الحياة‬


‫رأيت في "أوديسننا" علننى شنواطئ البحننر السنود مننن بلد التحناد السننوفياتي‬
‫مدرسة للنابغين من طلب المدارس البتدائية‪ ،‬أقيم فيهننا معننرض‪ ،‬لمننا أنتجننوه‬
‫جه أبناءها للسنيطرة علنى‬ ‫من آلت وقطارات وصناعات‪ ،‬فكم الفرق بين أمة تو ّ‬
‫ة تشغلهم بأبسط ما في الحياة؟‬
‫الحياة‪ ،‬وبين أم ٍ‬

‫نحن والحياة‬
‫الحياة تخلق أفكارنا‪ ،‬وأفكارنا تصنع شكل الحياة التي نريدها‪.‬‬

‫التفكير العالمي‬
‫ور النسان كإنسان هو تفكير عالمي‪ ،‬والتفكير الذي‬
‫التفكير الذي ينبعث من تص ّ‬
‫ّ‬
‫ور النسان كمخلوق محلي هو تفكير محلي قد ل يعيننش فنني بيئة‬‫ينبعث من تص ّ‬
‫أخرى‪.‬‬

‫أفكارنا الروحية‬
‫أفكارنا الروحية تصنع لنا مسّرات ل تنتهي‪ ،‬وأفكارنا المادّية تخلق لنا مطننالب ل‬
‫تنتهي‪ ،‬وأكثرها ل يتحقق‪.‬‬

‫جمال الصورة وجمال النفس‬


‫ل يأسننرني جمننال الصننورة كمننا يأسننرني جمننال النفننس فنني النسننان‪ ،‬ول‬
‫يستهويني جمنال اللنون كمنا يسنتهويني جمنال العنبير فني النبنات‪ ،‬وتؤنسنني‬
‫وداعة الحيوان وتعجبني قوته‪.‬‬

‫أنواع الجمال‬
‫هل لك المطننالب‪ ،‬وجمننال‬
‫ون عليك المصائب‪ ،‬وجمال النفس يس ّ‬
‫جمال الروح يه ّ‬
‫قق لك المكاسب‪ ،‬وجمال الشكل يسبب لك المتاعب‪.‬‬ ‫العقل يح ّ‬

‫مع ملحد‪!..‬‬

‫‪60‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫قال لي ملحد‪ :‬أرني الله‪ ،‬قلت له‪ :‬أرني عقلننك‪ ،‬قننال‪ :‬أقنعننني بوجننوده‪ ،‬قلننت‪:‬‬
‫أقنعني بحياتك‪ .‬قال‪ :‬أين هو؟ قلت‪ :‬أين الحق والخير والكمال‪.‬‬

‫خصلتان‬
‫من كانت فيه خصلتان أحّبه الله‪ :‬التقوى‪ ،‬وحسن الخلق‪.‬‬
‫ومن كانت فيه خصلتان أحبه الناس‪ :‬السخاء‪ ،‬وبذل المعروف‪.‬‬
‫ومن كانت فيه خصلتان أحبه جيرانه‪ :‬البشاشة‪ ،‬وكرم المعاملة‪.‬‬
‫كر معروفهم‪ ،‬ونسيان إساءتهم‪.‬‬ ‫ومن كانت فيه خصلتان أحبه إخوانه‪ :‬تذ ّ‬
‫ومن كانت فيه خصلتان أحبه تلمذته‪ :‬بذل الجهنند فنني إفهننامهم‪ ،‬وليننن الجننانب‬
‫لهم‪.‬‬
‫ومن كانت فيه خصلتان أحبه أسنناتذته‪ :‬سننرعة الفهننم عنهننم‪ ،‬وتننوفير الحننترام‬
‫لهم‪.‬‬
‫ومن كانت فيه خصلتان أحبه أهله‪ :‬لطف معاملتهم‪ ،‬وتفهم مشكلتهم‪.‬‬
‫ومن كانت فيه خصلتان أحبه رؤساؤه‪ :‬جميل طاعته لهم‪ ،‬وإتقان عمله عندهم‪.‬‬
‫ومن كانت فيه خصلتان أحبه الله والناس حميعًا‪ :‬فعل الخير‪ ،‬واجتناب الذى‪.‬‬

‫العيون الجائعة‬
‫العيون الجائعة أشدّ ضراوة من البطون الجائعة‪ ،‬هننذه إذا شننبعت اكتفننت‪ ،‬وتلننك‬
‫كلما أكلت جاعت‪.‬‬

‫زينة الزوجات‬
‫نصف ثرواتنا يذهب لزينة زوجاتنا‪ ،‬ثم إلى جيوب أعدائنا‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الحادي عشر ‪ -‬مع الحجيج في عرفات‬

‫دون إليننك‬ ‫إلهي! إن حجيجك واقفون الن بين يديك شعثا ً غبرًا‪ ،‬شننبه عننراة‪ ،‬يم ن ّ‬
‫دهننم وتننردّ‬ ‫أيديهم بالدعاء‪ ،‬ويملون منك قلوبهم بالرجنناء‪ .‬وحاشنا لكرمننك أن تر ّ‬
‫من كان بقلبه وروحه معهننم‪ ،‬فننأفض علينننا مننن رحماتننك‪ ،‬وأمننددنا بسننبب إلننى‬
‫سماواتك‪ ،‬وطهر قلوبنا من نزعات الشننر‪ ،‬وامل نفوسنننا برغبننات الخيننر‪ ،‬وأعن ّننا‬
‫على طاعتك‪ ،‬وكّرهنا بمعصيتك‪ ،‬وارزقنننا الصننبر علننى منّر بلئك‪ ،‬والشننكر علننى‬
‫حلوة قضائك‪ ،‬ول تمتحّنا بما ل نستطيع‪ ،‬ول ترهقنا من أمرنا عسرًا‪ ،‬واجعل مننا‬
‫نكرهه من الذى سبيل ً إلى ما تحّبه من الطاعة‪ ،‬وما نرغبه من المعافنناة وسننيلة‬
‫قة النكسار إلننى عظيننم‬ ‫ذة مناجاتك‪ ،‬ول ر ّ‬ ‫إلى ما تطلبه من العمل‪ ،‬ول تحرمنا ل ّ‬
‫ذاتك‪ ،‬واجعلنا من أصفيائك‪ ،‬واحشرنا في زمرة أوليننائك‪ ،‬ول تكتننب علينننا ظلننم‬
‫أحد من عبادك‪ ،‬ول انتقاص واحد من مخلوقاتك‪ ،‬وأكرمنننا عننن مهانننة العصننيان‪،‬‬
‫ومذلننة الحرمننان‪ ،‬وجننبروت الطغيننان‪ ،‬والتننبّرم بالقضنناء‪ ،‬والشننكوى مننن البلء‪،‬‬
‫وفقدان النعمة مع فوات الثواب‪ ،‬وسعة الرزق مع كثير العقنناب‪ ،‬وص نّنا عننن ذ ّ‬
‫ل‬
‫الحاجة إل إليك‪ ،‬وعجز التوكل إل عليك‪ ،‬ورهبة الخوف إل منك‪ ،‬وخداع المننن إل‬
‫ل إل‬ ‫بننك‪ ،‬وضنراعة الرجناء إل لنك‪ ،‬وخضنوع العبودّينة إل لربوبّيتننك‪ ،‬وهننوان النذ ّ‬
‫كرونا بالنندعاء‪،‬‬ ‫لكبريننائك‪ ،‬واغفننر لنننا ولخواننننا الننذين سننبقونا باليمننان‪ ،‬وتننذ ّ‬
‫وخففوا عنا وقع البلء‪ ،‬بجميل العزاء‪ ،‬ربنا إنك رؤوف رحيم‪.‬‬
‫سننم الكريننم عطاينناه علننى المحروميننن‪ ،‬وعفننا الرحيننم عننن أسننراه مننن‬ ‫· إذا ق ّ‬
‫المننذنبين‪ ،‬ومنننح القننوي حمننايته للعنناجزين‪ ،‬وأضننفى الحليننم رحمتننه علننى‬
‫ص الواصننلين إليننه دون المنقطعيننن‪ ،‬والقريننبين‬ ‫المتمردين‪ ،‬أبى له كرمه أن يخ ّ‬
‫منهم دون البعيدين‪ ،‬والمسرعين إلى تلبيته دون المتخّلفين‪ ،‬فما سار من سننار‬
‫ّ‬
‫إليه إل بعننونه‪ ،‬ول تخل ّننف مننن تخل ّننف عنننه إل بقضننائه‪ ،‬ول عجننز مننن عجننز عننن‬
‫الرحيننل إليننه إل ببلئه‪ ،‬ول أسننرع مننن أسننرع فنني الوصننول إليننه إل بمعافنناته‪،‬‬
‫وحسبه من تخّلف عجزًا‪ ،‬وتلكأ ابتلء‪ ،‬صدق الحب مع صفاء الود‪ ،‬وعظيم الشوق‬
‫ي في البيان‪ ،‬وإخلص النّية ولننو بعنند‬ ‫مع بالغ اللهفة‪ ،‬وإعلن الطاعة ولو مع الع ّ‬
‫لي وتوان‪ ،‬وحسبنا منه أنه اللطيف الخبير المّنان‪.‬‬
‫· مولي‪ !..‬إن المؤمنين بك قد اجتمعوا إليك تلبية لدعوتك‪ ،‬ووقفننوا بيننن يننديك‬
‫رغبة في مرضاتك‪ ،‬فنناجمعهم علننى العمننل لنندينك كمننا جمعتهننم علننى السننعي‬
‫لعبادتك‪ ،‬وارفع عزائمهم للضرب علننى أينندي أعنندائك‪ ،‬كمننا رفعننت أيننديهم فنني‬
‫ق قلننوبهم مننن الضننغينة‪ ،‬كمننا ألبسننتهم بيناض الثينناب‪،‬‬ ‫الرجم عند جمراتننك‪ ،‬ونن ّ‬
‫مننع قلننوبهم عننند‬ ‫ووفقهم للتعاون على الجهاد‪ ،‬كما وفقتهم لرجاء الثننواب‪ ،‬وج ّ‬
‫شريعتك‪ ،‬كما جمعت أجسامهم عند كعبتك‪ ،‬وألهمهم الرحمننة فيمننا بينهننم‪ ،‬كمننا‬
‫دهم إلينا رسل ً عنك يصلحون‪ ،‬كما بعثناهم إليك‬ ‫ألهمتهم بطلب الرحمة منك‪ ،‬ور ّ‬
‫رسل ً عنا يلّبون‪ ،‬وفّرحنا بهم هنداة مرشندين‪ ،‬كمنا فرحنت بهنم عصناةً منينبين‪،‬‬
‫واجعلهم أيمن وفودك إلينا‪ ،‬كما جعلناهم أسرع وفودنننا إليننك‪ ،‬واقبلنننا بقبولننك‬
‫ل علينننا بتجليننك‬ ‫لهم‪ ،‬وارحمنا برحمتننك إينناهم‪ ،‬وارض عنننا برضنناك عنهننم‪ ،‬وتجن ّ‬
‫عليهم‪ ،‬فهم منا‪ ،‬ونحن منهم‪ ،‬ونحن جميعا ً عبادك التائبون‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ملين‪ ،‬وبنناتوا مننبيت الخاشننعين‪،‬‬‫· وقفوا وقننوف الراجيننن‪ ،‬ونفننروا نفننور المننؤ ّ‬
‫ّ‬
‫حوا تضحية الشاكرين‪ ،‬ورمنوا رمني المعاهنندين‪ ،‬وتحللنوا تحلنل المبتهجيننن‪،‬‬ ‫وض ّ‬
‫دعين‪ ،‬فيا حسن ذهابهم راغبين‪ ،‬ويا حسننن إيننابهم تننائبين‪،‬‬ ‫وطافوا طواف المو ّ‬
‫ويا حسن لقائهم طائعين‪.‬‬
‫ج إليننك بالنندعاء فنني عرفننات‪ ،‬ومنننى‬ ‫· مولي‪ !..‬إن في هذه اللننوف الننتي تض ن ّ‬
‫والبيت الحرام‪ ،‬عشرات‪ ،‬وعدوني أن يدعوا لي بننالمغفرة والشننفاء‪ ،‬وأنننا أعجننز‬
‫من أن أشكرهم‪ ،‬وأنت أقدر على أن تثيبهم‪ ،‬وهم في دعننائهم لنني وأنننا غننائب‪،‬‬
‫أطهر مني في رجائي منك وأنا حاضر‪ ،‬فإن لم تقبل دعائي لعجننزي وتقصننيري‪،‬‬
‫فاقبل دعاءهم لطهرهم وبرهم‪ ،‬وإن لم تقبننل تضننرعي لتخّلفنني عنننك‪ ،‬فاقبننل‬
‫تضرعهم لتلبيتهم لك‪ ،‬وأنت أكرم من أن ترفض دعائي ودعنناءهم‪ ،‬وتعننرض عننن‬
‫تضّرعي وتضّرعهم وأنت البّر الرحيم‪.‬‬

‫طلبا ً للبّر والحسنات‬ ‫هرعوا مسرعين في زحمة العيش‬


‫بالتزام اليمان والطاعات‬ ‫ثم طافوا بالبيت يعطون عهدا ً‬
‫سراعا ً إلى ثرى عرفات‬ ‫وانثنوا محرمين‪ .‬ملّبين‬
‫مازجين الدعاء بالعبرات‬ ‫وقفوا وقفة الذ ّ‬
‫لء منه‬
‫ل يصيخون سمعهم للغواة‬ ‫أعلنوا في الجمار عهد وفاء‬
‫ليس يلقاهم بغير الهبات‬ ‫قد دعاهم له‪ ،‬فلبوا سراعا ً‬
‫برغم الشواق والحسرات‬ ‫ب قد حلت بيني وبينهم اليوم‬ ‫ر ّ‬
‫عزماتي‪ ،‬ول تطل من شكاتي‬ ‫فاغفرن زلتي لديك وبارك‬
‫رات وفيضا ً من تلكم الرحمات‬ ‫واكتبن لي عودا ً لتلك الديا‬
‫ملك والسادات‬ ‫عبيد لل َ‬ ‫ذة العيش طول مناجاة ال‬ ‫ل ّ‬
‫ل تارة وبالهات‬ ‫بالذ ّ‬ ‫دة المل العلى‬ ‫و من س ّ‬ ‫ودن ٌ‬
‫ب عيش فيه هوان الموات‬ ‫ر ّ‬ ‫ل من يغبط البعيدين عنه‬ ‫ض ّ‬

‫‪63‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الثاني عشر ‪ -‬في العيد‬

‫اليوم تراق دماء الضحيات في منى بين فرح الحجنناج وتكننبيرهم‪ ،‬ومننا فرحتهننم‬
‫لنهم أراقوا دمًا‪ ،‬بل لنهم أدوا فريضة‪ ،‬وفعلوا واجب نًا‪ ،‬وتعّرضننوا لنفحننات اللننه‬
‫م ل يقبلهنم جميعنًا‪ ،‬إل ظالمنا ً أو‬ ‫في عرفات‪ ،‬فهنيئا َ لمن قبلنه اللنه منهنم‪ ،‬ولن َ‬
‫ر أو حاكم‪ ،‬أو غني أو قوي؟‬ ‫مغتصبا ً أو قاطع طريق من أمي ٍ‬

‫العيد فرصة‬
‫العيد فرصة أتاحها الله أو أتاحها الناس‪ ،‬لنسيان همومهم ومتاعبهم‪.‬‬

‫عيد السعداء وعيد الشقياء‬


‫في المجتمع المتماسك‪ ،‬يكننون العينند عينندا ً لجميننع أبننناء المننة‪ ،‬وفنني المجتمننع‬
‫المتفكك يكون العيد عيدا ً لقوام ومأتما ً لخرين‪.‬‬

‫عيد العاقل والجاهل والغافل‬


‫م‪ ،‬وإغاثة ملهوف‪ ،‬وبر فقيننر‪،‬‬
‫العاقل يرى في العيد فرصة للطاعة‪ ،‬من صلة رح ٍ‬
‫ب فيها من الشنهوات عّبنا‪ ،‬والغافنل‬
‫والجاهل يرى في العيد فرصة للمعصية‪ ،‬يع ّ‬
‫يرى في العيد فرصة للعبث‪ ،‬يتفّلت فيها من قيود الحشمة والوقار‪ ،‬وكذلك يرى‬
‫الطفال العيد‪.‬‬

‫العيد لمن أنقص همومه‬


‫ما‪ ،‬ونستطيع باليمننان‬
‫ليس العيد لمن زاد فيه همومه‪ ،‬ولكنه لمن أنقص منها ه ّ‬
‫بالقضاء والقدر أن نجعل من كل يوم لنا عيدًا‪.‬‬

‫درس اجتماعي في العيد‬


‫العيد يعطينا درسا ً اجتماعّيا عظيم النفع‪ ،‬ذلك أن الفننرح العنام أعمننق أثننرا ً فنني‬
‫النفس مننن الفننرح الخنناص الننذي ل يشننارك فيننه الخننرون؛ ففنني العينند تنندخل‬
‫الفرحة كل قلب حتى المحزونين والمرضنى‪ ،‬والمثقلينن بالعبناء‪ ،‬وهني فرحنة‬
‫ليست نابغة من نفوسهم بل من مجتمعهم ومحيطهم‪ ،‬ففرحة المجتمننع تطغننى‬
‫ن فرحة الفراد ل تغطي آلم المجتمننع‪ ،‬ولننذلك كننان العينند‬ ‫على آلم الفرد‪ ،‬ولك ّ‬
‫تنمية للشعور الجتماعي في أفراد المة‪.‬‬

‫فلسفة العيد في السلم‬


‫في السلم عيدان‪ :‬أحدهما بعد طاعننة عامننة وهننو عينند الفطننر‪ ،‬وثانيهمننا‪ :‬بعنند‬
‫طاعة خاصة وهو عيد الضحى‪ ،‬ولكن السننلم يعتننبر الطاعننة الخاصننة ذات نفننع‬
‫عام؛ فألزم غير الحجاج أن يفرحوا بتمام فريضة الحننج‪ ،‬مشنناركة فنني الشننعور‪،‬‬
‫واعترافا ً بفضل العاملين‪.‬‬

‫افرحوا بالعيد‬

‫‪64‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ف بالمواساة فيه‪.‬‬‫أيها المرهقون باللم! افرحوا بالعيد؛ لن آلمكم تخ ّ‬
‫أيها المثقلون بالعباء! افرحوا بالعيد؛ لن أعباءكم ألقيت عن عواتقكم قليل‪ً.‬‬
‫مدها‪.‬‬‫أيها المثخنون بالجراح! افرحوا بالعيد؛ لن جراحكم قد وجدت من يض ّ‬
‫أيها المحرومون من النعيم! افرحوا بالعيد؛ لن أيننام حرمننانكم قنند نقصننت فيننه‬
‫بضعة أيام‪.‬‬
‫ً‬
‫أيها الموجعون بالحزان! افرحوا بالعيد؛ لنه أعطاكم أياما ل تحزنون فيها‪.‬‬
‫أيها المنهكون بالمصائب! افرحوا بالعيد؛ لنه يمنحكم أمل ً بانتهاء مصائبكم‪.‬‬

‫لو كبرت قلوب المسلمين‬


‫لو كّبرت قلوب المسلمين كما تكّبر ألسنتهم بالعينند‪ ،‬لغي ّننروا وجننه التاريننخ‪ ،‬ولننو‬
‫اجتمعوا دائما ً كما يجتمعون لصلة العيد‪ ،‬لهزموا جحافل العداء‪ ،‬ولننو تصننافحت‬
‫نفوسننهم كمننا تتصننافح أيننديهم؛ لقضننوا علننى عوامننل الفرقننة‪ ،‬ولننو تبسننمت‬
‫أرواحهم‪ ،‬كما تتبسم شفاههم؛ لكانوا مع أهل السماء‪ ،‬ولو ضحوا بأنانياتهم كما‬
‫يضننحون بأنعننامهم؛ لكننانت كننل أيننامهم أعيننادًا‪ ،‬ولننو لبسننوا أكمننل الخلق كمننا‬
‫يلبسون أفخر الثياب؛ لكانوا أجمل أمة على ظهر الرض‪.‬‬

‫لو عرف المسلمون‬


‫م‬
‫لو عرف المسلمون مغزى العيد كما أراده السلم‪ ،‬لكان عيدهم الكبر يننوم يت ن ّ‬
‫لهم تحرير الوطن الكبر‪.‬‬

‫عيد في الرض ومأتم في السماء‬


‫إن عيدا ً في الرض يضحك فيه أناس ويبكي آخرون هو مأتم عند أهل السماء‪.‬‬

‫فرح أولد جارك‬


‫اجتهد أن يفرح أولد جارك بالعيد‪ ،‬كما يفرح أولدك؛ لتتم لولدك فرحتهم‪.‬‬

‫التقاليد والدين‬
‫أعمق التقاليد جذورا ً مننا كننان منهننا مّتصنل ً بالنندين‪ ،‬وفنني العينند تقالينند كضننرب‬
‫المدافع‪ ،‬لو ألغيت لهاج الناس لها كما يهيجننون للغنناء العينند نفسننه‪ ،‬ومننع ذلننك‬
‫فلست أرى إلغاء مثل هذه التقاليد‪.‬‬

‫العياد الدينية والتقاليد‬


‫حين تصبح العياد الدينية تقاليد قومية‪ ،‬تفقد في النفوس معناها‪ ،‬وفي‬
‫المجتمع آثارها‪ ،‬وتصبح فرصة للراحة أو العبث‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الثالث عشر ‪ -‬الولد حظوظ آبائهم‬

‫مناجاة‬
‫قدوا مسنناكينهم‬ ‫إلهي! لقد رغبت من عبادك أن يصلوا في العيد أرحامهم‪ ،‬ويتف ّ‬
‫وي ضننعفي‬‫وضعفاءهم‪ ،‬فهب لي رحمة تصننلني بننك‪ ،‬ولطفنا ً يجننبر كسننري ويقن ّ‬
‫فى‪ ،‬وأرحم مننن‬‫ويعافيني من اللم والسقام‪ ،‬فإنك أكرم من بر‪ ،‬وأصدق من و ّ‬
‫أحسن‪.‬‬

‫الولد حظوظ آبائهم‬


‫الولد حظوظ الباء من الدنيا‪ ،‬فمننن رزق أولدا ً سننيئين كننان سننيئ الحننظ ولننو‬
‫اجتمع له المال والجاه‪.‬‬

‫أغروه ثم شكوا منه‬


‫حّببوا إلى هذا الجيل العبث والستمتاع باللذة‪ ،‬ثم اعتذروا عن إرضاء رغباته في‬
‫الذاعة والتلفزيون والصحافة والكتب بأنه يريد ذلك‪ ..‬أفليس مثلهم كمن أغننرى‬
‫در له‬
‫درات‪ ،‬حتى اعتادها‪ ،‬ثم جاء يشكو منه‪ ،‬ويعتذر عن تقديم المخ ّ‬‫إنسانا ً بالمخ ّ‬
‫بأنه ل يستطيع عنه صبرًا؟!‬

‫بين الولد وآبائهم‬


‫جّنب ولدك قرين السوء‪ ،‬كما تجّنبه المرض المعدي‪ ،‬وابدأ ذلك منذ طفولته‪ ،‬وإل‬
‫استشرى الداء‪ ،‬ولم ينفع الدواء‪.‬‬
‫ّ‬
‫· القسوة في تربية الولد تحمله على التمرد‪ ،‬والدلل في تربيته يعلمه النحلل‪،‬‬
‫وفي أحضان كليهما تنمو الجريمة‪.‬‬
‫· الولد كالمهر إذا أعطي كل ما يريد نشأ حرونا ً يصعب قياده‪ ،‬وإذا منننع كننل مننا‬
‫يريد نشأ شرسا ً يكره كل ما حوله‪ ،‬فكن حكيما ً في منعه وعطائه‪ .‬وإياك وتدليله‬
‫باسم الحب له؛ فذلك أقتل شيء لسعادتك وسعادته‪.‬‬
‫· يحبون الصبيان ويكرهون البنات‪ ،‬أما أنا فرأيت في أكثر مننن عرفننت‪ ،‬بننناتهم‬
‫أسعد لهم من صبيانهم‪.‬‬
‫ً‬
‫ود ولدك على العتماد على نفسه ولننو كنننت غني ّننا‪ ،‬فننإذا أصننبح قننادرا علننى‬ ‫· ع ّ‬
‫الكسب وهو غير طالب علم فحذار أن تطعمه على مائدتك‪ ،‬أو تسكنه في بيتك‪،‬‬
‫دد نفقاته من جيبك‪ .‬فإنك تقتل فيه روح الكفاح في سبيل العيننش‪ ،‬وقنند‬ ‫أو تس ّ‬
‫رأيت من هؤلء كثير‪.‬‬
‫ً‬
‫· إذا يئس الولد من عطف أبيه عليه نشأ عاقا‪ ،‬وإذا طمع في عطفه عليننه نشننأ‬
‫ل‪ ،‬وخير الباء من لم يؤيس ولده من حنانه‪ ،‬ولم يطمعه في العتماد علننى‬ ‫كسو ً‬
‫إحسانه‪.‬‬
‫· إفراطك في القسوة على ولدك‪ ،‬يقطعه عنك‪ ،‬وإفراطك في تنندليله يقطعننك‬
‫عنه‪ ،‬فكن حكيما ً وإل أفلت من يدك الزمام‪.‬‬
‫· لن ترى ولدك يقاسي متاعب الحياة وهو يعمل لها‪ ،‬خير من تراه غارق نا ً فنني‬
‫النعيم وهو يعتمد عليك‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫فننون فنني أيننام مننا‬‫· إياك أن تترك لولدك ثروة إذا كننانوا فاسنندين‪ ،‬فننإنهم ي ُت ْل ِ ُ‬
‫وهون سمعتك‪ ،‬ويثلمون شننرفك‪ ،‬ويسننلمونك إلننى‬ ‫جمعته في أعوام‪ ،‬ثم هم يش ّ‬
‫من هو سريع الحساب‪.‬‬
‫· ولد صالح يدعو لك‪ ،‬ويذكرك الناس به بكننل خيننر‪ ،‬أبقننى لننك مننن ولنند ينسنناك‬
‫ويسيء إليك بما يسيء في الحياة من سننلوك‪ ،‬أولدك قطننع مننن كبنندك‪ ،‬أتننراك‬
‫تريد أن تصاب بكبدك بما يسّبب لك السقام واللم‪ ،‬أم تريده صحيحا ً معافى؟‪.‬‬
‫· لو أن كل أب خصص جزءا ً من يومه لرعاية ولده لما تعننب البنناء فنني أبنننائهم‬
‫كثيرًا‪.‬‬
‫· الب الجاهل يفرح بجمال صورة ولده‪ ،‬ول يبالي بقبح أخلقننه‪ ،‬والب العاقننل‬
‫يفرح بجمال أخلق ولده ولو كان من أقبح الناس‪.‬‬
‫· الب العظيم من يحاول أن يجعل ولده أعظم منه‪ ،‬والب العاقل من يحاول أن‬
‫يجعل ولده مثله‪ ،‬ول أتصور أن أبا ً يحاول أن يجعل ولده أقل منه‪.‬‬
‫م له‬ ‫· فرحة الب بولدة ولده‪ ،‬تذهب بها غصته بسوء نشأته‪ ،‬فمن استطاع أن تت ّ‬
‫فرحتا الولدة والنشأة فقد فرح بولدته مرتين‪.‬‬
‫· حين يخلفك ولد صالح تولد عند موتك‪ ،‬وحين يخلفك ولد سّيئ تموت ميتتين‪.‬‬
‫· اللهم لول ما خلقت فينا من غريزة البوة‪ ،‬ووعدتنا من عظيننم الجننر‪ ،‬لكننانت‬
‫ولدتنا للولد وشقاؤنا في سبيلهم سفها ً من الرأي‪ ،‬ل يصير إليه عاقل‪.‬‬
‫· ل ينسى الب شقاءه في سبيل ولننده‪ ،‬إل أن يننراه بنناّرا مسننتقيمًا‪ ،‬ول يجعلننه‬
‫قا منحرفًا‪.‬‬‫نادما ً على ولدته وتعبه فيه‪ ،‬إل أن يراه عا ّ‬
‫· جهاد الباء في ميدان التريبة‪ ،‬أشق من جهاد البطال في ميدان الحروب‪.‬‬
‫· أكثر ما يعيق الب عن تربية ولده كما يريد هو تقدم السن‪ ،‬فباكر ما استطعت‬
‫إلى الزواج‪.‬‬
‫· إلى الله نشكو! ما نبذله من جهد على أولدنا في البيوت تذهب بننه المنندارس‬
‫والشوارع‪.‬‬
‫ب التقليد‪ .‬وأحب شيء إليه أن يقّلد أباه ثم أمه‪ ،‬فننانظر‬ ‫· الولد مفطور على ح ّ‬
‫كيف يراك في البيت معه ومع أمه‪ ،‬وكيف يراك في المعاملة معه ومع الناس‪.‬‬
‫شر إلى بيته فقد دعا زوجته وأولده ليشاركوه فيه‪ ،‬ولننو زعننم أن‬ ‫· من أدخل ال ّ‬
‫يقصيهم عنه‪.‬‬
‫ي وقد ربيتك؟‬ ‫· قال أب مسيء لولده السيئ‪ :‬أل تخجل مني؟ تسيء إل ّ‬
‫فقال له ولده‪ :‬أولى بك أن تخجل من ربك‪ ،‬تسيء إليه وقد خلقك وأنعم عليك‪.‬‬
‫قال الب‪ :‬ولكن ربي غفور رحيم‪.‬‬
‫قال البن‪ :‬أولى بك أن تكون معي غفورا ً رحيما‪ً.‬‬
‫قال الب‪ :‬ولكن رحمة الله تدخلني الجنة‪ ،‬ورحمتي لك تدخلك النار‪.‬‬
‫قال البن‪ :‬لو عنيت بي وأنا صغير لستغنيت برحمة الله عن رحمتك‪.‬‬
‫قال الب‪ :‬أل تعود إلى طاعتي؟‪.‬‬
‫قال البن‪ :‬هيهات! حتى تعود أنت إلى طاعة الله‪.‬‬
‫ي بين الناس‪.‬‬ ‫قال الب‪ :‬فل تسئ إل ّ‬
‫قال البن‪ :‬يداك أوكتا‪ ،‬وفوك نفخ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫· يولد الولد معه طباعه‪ ،‬فأبواه ل يستطيعان تبديلها ولكن يستطيعان تهننذيبها‪،‬‬
‫أما أخلقه فهي بنت البيئة والتربية‪ ،‬وهنننا يننؤدي الوالنندان دورهمننا الكننبير فنني‬
‫سعادته أو شقائه‪.‬‬
‫· البن يتأثر بالب أكثر‪ ،‬والبنت تتأثر بالم أكثر‪ ،‬والمهات الجنناهلت طريقهننن‬
‫في التربية‪ :‬الشتيمة والدعاء بالموت والهلك‪ ،‬والباء الجنناهلون طريقهننم فنني‬
‫التربية‪ :‬الضرب والحتقار‪.‬‬

‫أخطر شيء على السرة‬


‫أخطر شيء على السرة أن يمي ّننز البننوان بعننض الولد علننى بعننض فنني الحننب‬
‫لت‪ ،‬وأخطر من ذلك‪ :‬أن يعلنا كرههما للواحد وحبهمننا‬ ‫والدلل والغضاء عن الز ّ‬
‫للخننر‪ ،‬فتلننك هنني بننذرة العننداء بيننن الخننوة والخننوات‪ ،‬تثمننر بعنند رشنندهم‬
‫واستقللهم بشؤون أنفسهم جفاء وخصومة قد ينتهيان إلى الجريمة‪.‬‬

‫أعن ولدك على برك‬


‫ّ‬
‫أعن ولدك على برك بثلثة أشننياء‪ :‬لطننف معنناملته‪ ،‬وجميننل تنننبيهه إلننى زلتننه‪،‬‬
‫وحسن تنبيهه إلى واجباته‪.‬‬

‫ضرب الولد‬
‫ل تستعمل الضرب في تأديب ولدك إل حين تخفننق الموعظننة والتننأنيب‪ ،‬وليكننن‬
‫ضربك له ضرب تربية ل ضرب انتقام‪ ،‬وتجّنب ضننربه وأنننت شننديد الغضننب منننه‪،‬‬
‫واحذر موطن الذى من جسمه‪ ،‬وأشعره وأنت تضربه أنك ل تننزال تحّبننه‪ .‬وقلننل‬
‫ما استطعت من استعمال الضرب وسيلة للتأديب‪ .‬ولن يهابك ويحبننك خيننر مننن‬
‫أن يخافك ويكرهك‪.‬‬

‫سبيل التربية الصحيح‬


‫اسلك في تربية ولدك طريق الترغيب قبل الترهيب‪ ،‬والموعظة قبل التأنيب‪،‬‬
‫والتأنيب قبل الضرب‪ ،‬وآخر الدواء الكي‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الرابع عشر‬

‫الشوق إلى ديار الحبة‬


‫شوق الذين زاروا ديار الحبة‪ ،‬ثم منعوا عنها‪ ،‬أشدّ من شوق الذين لننم يزوروهننا‬
‫بعد‪ ،‬فمن استطاب الذواق مّرة‪ ،‬أحب العودة مّرة بعد أخرى‪.‬‬

‫من‪..‬‬
‫من أنست نفسه بالله لم يجد لذة في النس بغيره‪ ،‬ومن أشرق قلبه بننالنور لننم‬
‫يعد فيه مّتسع للظلم‪ ،‬ومن سمت روحه بالتقوى لننم يننرض إل سننكنى السننماء‪،‬‬
‫ومن أحب معالي المور لم يجد مستقّرا إل في الجنة‪ ،‬ومننن أحننب العظمنناء لننم‬
‫يقنعه إل أن يكون مع محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومن أدرك أسرار الحياة‪ ،‬لننم‬
‫ب إل الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫ق الح ّ‬ ‫يَر حديرا ً بالح ّ‬
‫بح ّ‬

‫فرحة الحجيج‬
‫لست أرى في الدنيا فرحة تعدل فرحة الحجيج بعد أدائهننم مناسننك الحننج‪ ،‬ومننن‬
‫ش ّ‬
‫ك فليجرب‪.‬‬

‫تجديد معاني العبادة‬


‫ددوا للنسننانية شننبابها‪ ،‬ولننو‬
‫دد المسلمون معاني العبادة في نفوسهم‪ ،‬لجن ّ‬
‫لو ج ّ‬
‫وجدت حكومة إسلمية تهيئ للمسلمين الستفادة من مؤتمر الحج‪ ،‬لقتلعوا من‬
‫شتات‪.‬‬‫أوطانهم جذور الحتلل والطغيان والفساد وال ّ‬

‫لماذا يتسابق الحجاج في العودة إلى بلدهم؟‬


‫رأيت الحجاج يتسابقون في العودة إلى بلدهم‪ ،‬بعد أداء شعائر الحننج‪ ،‬ولننو كننان‬
‫الحج قد عمل عمله في أرواحهم لحبوا أن يمكثوا بعده قلي ً‬
‫ل‪.‬‬

‫مرض البوين‬
‫إذا كانت الزوجة مريضة في تفكيرها‪ ،‬والننزوج مريض نا ً فنني جسننمه فمننن يرب ّنني‬
‫الولد؟ حسبنا الله وعليه فليتوكل المؤمنون‪.‬‬

‫استغلل الدعوة‬
‫بعننض الننناس يسننتغلون النندعوة إلننى اللننه لمننراض فنني قلننوبهم‪ ،‬ويتظنناهرون‬
‫بالحماس لها والله أعلم بما في نفوسننهم‪ ،‬ليننت شننعري! أيعلمننون أنهننم بننذلك‬
‫يشككون الناس في إخلص كل داعية إلى الله؟‪ ..‬أم أن الشيطان الننذي اشننترى‬
‫ضمائرهم جعلهم ل يبالون بنتائج ما يفعلون‪.‬‬

‫من سوء فهم الدين‬


‫من سوء فهم الدين أن يقيم بعضهم الدنيا ويقعندها منن أجنل معصنية اعتبرهنا‬
‫المشرع صغيرة‪ ،‬ثم هم يسكتون عن منكرات اعتبرها المشرع كبائر‪ ,‬وهي تهدم‬

‫‪69‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ق من حقوق‬ ‫ددوا النكير على من فّرط في ح ٍ‬ ‫كيان المجتمع من أساسه‪ ،‬وأن يش ّ‬
‫دى علننى حقننوق العبنناد‪،‬‬‫الله مع أن الله قد يغفره‪ ،‬ويهملون النكير على من تع ن ّ‬
‫مع أن الله ل يغفر الذنب فيها إل بردّ الحقوق إلى أصحابها‪.‬‬

‫من مكر الشيطان‬


‫ر هننو عننند اللنه‬
‫من مكر الشيطان ببعض جننود الندعوة‪ :‬أن يهيجهنم لنكنار منكن ٍ‬
‫صغير أو أمر يرونه منكرا ً وهو عند صاحبه طاعة‪ ،‬فيقعون في كبائر محققة يتلو‬
‫بعضها بعضا ً من الغرور‪ ،‬والبهتان‪ ،‬واحتقار المسلم‪ ،‬وتجاوز حدود الله‪ ،‬وتفريق‬
‫ولون ذلك كله بأنه حمّية لله ودفاع عن‬ ‫كلمة الجماعة‪ ،‬والغيبة‪ ،‬والكذب‪ ،‬وهم يتأ ّ‬
‫دعوته‪ ،‬لطالما يقهقه الشيطان من حماقاتهم!‪.‬‬

‫مشكلة الشباب‬
‫مشكلة الشباب اليوم‪ :‬تحديد الهدف‪ ،‬وملء الفراغ‪ ،‬وللثاني صلة وثيقة بالول‪.‬‬

‫الفن والشر‬
‫ن كله شّرا‪ ،‬بل منه ما هو خير ومنه ما هو شر‪ ،‬والشّر منه هو ما يهيننج‬
‫ليس الف ّ‬
‫الشر‪.‬‬

‫متى تظهر أخلق المة‬


‫تظهر أخلق المة على حقيقتها في موطنين‪ :‬في الغنناني الننتي تحّبهننا‪ ،‬وفنني‬
‫العياد والمواسم‪.‬‬

‫الجيل الذي ل خير فيه‬


‫حين تنتشر أغاني الحب المائع‪ ،‬الماجن‪ ،‬بين شباب المة وفتياتهننا‪ ،‬انتظننر جيل ً‬
‫جديدا ً آخر‪ ،‬يكون أهل ً لن يحمل العباء الثقال فنني حمايننة أمجنناد المنة ومثلهننا‬
‫العليا‪.‬‬

‫أيهما أصل الثاني‬


‫جه المننة؟ أم الغنناني‬
‫لست أدري أيهما أصل الثاني‪ :‬هل الغاني هنني الننتي تننو ّ‬
‫هي التي تعكس مشاعر المة؟‬

‫أدب الحب‬
‫حين يكون الحب محور أدب المة‪ ،‬فاعلم أنهننا أمننة أوهننام ل أمنة حقننائق‪ ،‬وأمنة‬
‫منشغلة عن بناء المجد بما يهدم أقوى صروح المجد‪.‬‬

‫أمران متلزمان‬
‫حيث يكون الماء تكون الخضرة‪ ،‬وحيث يكون اليمان يكون العمل الصالح‪.‬‬

‫اغتنم وقت السرور‬

‫‪70‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫إذا واتاك وقت للسرور المبنناح وأنننت محننزون أو مريننض فنناغتنمه؛ فإنننك بننذلك‬
‫تنقص ساعة من ساعات حزنك وألمك‪ ،‬وساعات السرور قد ل تعود‪.‬‬

‫استعمل المباح‬
‫أكل الطيبات من غير سرف‪ ،‬والستجمام من غير إفراط‪ ،‬واستعمال النعمة من‬
‫غير ترف‪ ،‬فيه معنى الشكر‪ ،‬ويؤدي إلى النشاط لعمل الخير‪ ،‬ويكبح ميل النفس‬
‫نحو اللهو والعبث والظلم‪.‬‬

‫شيء مفيد‬
‫ل لك كثيرا ً من المشكلت‪.‬‬
‫ب نزهة قصيرة مع عائلتك‪ ،‬تح ّ‬
‫ر ّ‬

‫لول‪..‬‬
‫لول إيماننا بالقضاء والقدر لقتلنا الحزن‪ ،‬ولول إيماننا برحمة الله لقتلنا اليأس‪،‬‬
‫ولول إيماننا بانتصار المثل العليا لجرفنا التّيار‪ ،‬ولول إيماننا بخلود الحق لحسدنا‬
‫أهل الباطل أو كنا منهم‪ ،‬ولول إيماننا بقسمة الرزق لكنا مننن الجشننعين‪ ،‬ولننول‬
‫إيماننا بالمحاسبة عليه لكنا من البخلء أو المسرفين‪ ،‬ولول إيماننننا بعدالننة اللننه‬
‫لكنا من الظالمين‪ ،‬ولول رؤيتنا آثار حكمته لكنا من المتحّيرين‪.‬‬

‫نتائج فساد التربية‬


‫دة فعل لقسوة آبنائهم معهنم‪،‬‬ ‫رأيت كثيرا ً من الباء أفرطوا في تدليل أبنائهم ر ّ‬
‫وهكذا يؤدي عدم الحكمة في التربية إلى متاعب جيلين فأكثر‪.‬‬

‫الولد وأعمار الباء‬


‫بعض الولد يطيلون في أعمار آبائهم‪ ،‬وبعضهم يسرقون منها‪.‬‬

‫مناجاة‪...‬‬
‫إلهي‪ !..‬جّلت ذاتك عن أن تدركها أبصننارنا‪ ،‬وجل ّننت أفعالننك عننن أن تنندرك تمننام‬
‫قها عبادتنا‪ ،‬وجّلنت نعمتنك عنن‬ ‫حكمتها أفهامنا‪ ،‬وجّلت ألوهّيتك عن أن تقوم بح ّ‬
‫أن تؤدي شكرها جوارحنا‪ ،‬وجّلت عظمتك عن أن تخشع لها حق الخشوع قلوبننا‪،‬‬
‫وجّلت رحمتك عن أن نستوجبها بقليل أعمالنا‪ .‬نعوذ بك منك‪ ،‬ونفّر منك إليك‪ ،‬ل‬
‫نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫الكتاب‬

‫القسم الخامس عشر ‪ -‬الزوجات حظوظ‬

‫الزوجات حظوظ الزواج في الدنيا‪ ،‬ومهمننا حنناول الننزوج حسننن الختيننار‪ ،‬فننإن‬
‫ح ّ‬
‫ظه في زوجته من صنع القدار‪.‬‬

‫السعادة الزوجية‬
‫ملهننا‬
‫السننعادة الزوجيننة ل تتننم إل بننأن تفهننم زوجتننك‪ ،‬وتفهمننك زوجتننك‪ ،‬وتتح ّ‬
‫ملك فتحملها‪.‬‬‫وتتحملك‪ ،‬فإن لم تفهمك فافهمها‪ ،‬وإن لم تتح ّ‬

‫علج لمساوئ الزوجة‬


‫إذا عظمت مساوئ زوجتك فنني عينننك‪ ،‬فنناذكر محاسنننها‪ ،‬وقن ّ‬
‫ل أن توجنند زوجننة‬
‫ليس فيها بعض المحاسن‪.‬‬

‫ل تغضب‪...‬‬
‫إذا أتلفت لك زوجتك أو أولدك شننيئا ً مننن متنناع الننبيت‪ ،‬فل تغضننب غضننبا يهيننج‬
‫ً‬
‫أعصابك‪ ،‬وخير لك أل تغضب قننط؛ فننإن خسننارتك فنني تلننف أعصننابك أشندّ مننن‬
‫خسارتك في تلف مالك‪ ،‬وإذا ذكننرت أنننه ل يتلننف شننيء إل بقضنناء اللننه وقنندره‬
‫ت نفسك‪ ،‬وهدأت أعصابك‪.‬‬‫ضي ْ‬
‫ر ِ‬

‫الغضب لله والغضب للدنيا‬


‫الغضب لله حمية ترفع القدار‪ ،‬والغضب للدنيا نار تعّرضك للدمار‪.‬‬

‫العاقل والحمق‬
‫العاقل يفدي صحته بماله‪ ،‬والحمق يفدي ماله بصحته‪.‬‬

‫اعتياد الغضب‬
‫ل ما ل يرضيك‪ ،‬فلن تهدأ أبدا‪ً.‬‬
‫إذا اعتدت أن تغضب من ك ّ‬

‫لن ترضى أبدا ً‬


‫ما تهواه‪ ،‬فلن ترضى أبدًا‪.‬‬
‫إذا كنت ل ترضى إل ع ّ‬

‫لكي نكون سعداء‬


‫نحن ل نحتاج لكي نكون سعداء إلى أن نعلم ما نجهل‪ ،‬أكثر مننن حاجتنننا إلننى أن‬
‫نتذكر ما نعلم‪ ،‬وأكثر متاعب النسان في حياته ناشئة من نسيانه للحقائق الننتي‬
‫يعرفها‪.‬‬

‫الزوج المحظوظ‬

‫‪72‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫إذا ساءتك زوجتك بأشياء‪ ،‬وسّرتك بأشننياء‪ ،‬فلسننت بمغبننون‪ ،‬واجعننل مننا سنناءك‬
‫لقاء ما سرك‪ ،‬تكن غير مديون‪ ،‬والزوج المحظوظ هو الذي يكننون مننع زوجتننه ل‬
‫دائنا ً ول مدينًا‪.‬‬

‫اخلق لنفسك مسرات‬


‫إذا لم توفر لك زوجتك وأولدك الهدوء والسرور‪ ،‬فاخلق لنفسننك مسننّرات؛ وإل‬
‫قضيت عمرك بالحسرات‪.‬‬

‫كن وسطًا‪..‬‬
‫ل مننا تطلننب تسننتعص‬ ‫ل تحرم زوجتك كل ما تطلب‪ ،‬تتمّرد عليننك‪ ،‬ول تعطهننا ك ن ّ‬
‫عليك‪ ،‬ولكن احرمها حيننن يكننون الحرمننان تأديب نًا‪ ،‬وأعطهننا حيننن يكننون العطنناء‬
‫ترغيبًا‪.‬‬

‫الزواج بالجاهلة‬
‫ل تتزوج جاهلة‪ ،‬ول واسعة الثقافة؛ فإن الزوجة الجاهلة بلء‪ ،‬وواسننعة الثقافننة‬
‫شقاء‪.‬‬

‫الزواج بالمتعلمة‬
‫الزوجة الجاهلة ل تفهم عنك‪ ،‬والمتعّلمة أكثر منك ل تفهم عنك‪ ،‬والمساوية لننك‬
‫في الثقافننة‪ ،‬أنننت تزينند عنهننا برجولتننك‪ ،‬وهنني تزينند عنننك بغرورهنا‪ ،‬والرجولننة‬
‫تستوجب التح ّ‬
‫كم‪ ،‬والغرور يسننتلزم التمننرد‪ ،‬وبيننن التحكننم والتمنّرد يولنند شننقاء‬
‫دة الغننرور بسننلطان‬ ‫السرة‪ ،‬فمن الخير أن تكون أكثر ثقافة من زوجتك لتفثأ ح ّ‬
‫العلم‪.‬‬

‫الزوجات والمشاكل‬
‫الزوجننة الذكيننة تحننل لننك المشنناكل‪ ،‬والزوجننة العاقلننة تخ ّ‬
‫فننف عنننك المتنناعب‪،‬‬
‫والزوجة الجميلة تخلق لك المتاعب‪ ،‬والزوجة الحمقاء تزيد المشاكل‪.‬‬

‫الزواج بأكثر من واحدة‬


‫وج اثنتين‪ ،‬وأسرع الننناس إلننى الهلك‬ ‫مل المتاعب‪ ،‬من يتز ّ‬
‫أقوى الناس على تح ّ‬
‫من يتزوج ثلثًا‪ ،‬وأقرب الناس إلى الجنون من يننتزوج أربع نا‪ ،‬وليننس فنني إباحننة‬
‫ً‬
‫الله لنا ذلك‪ ،‬ما يحملنا على التعّرض للمتاعب من غير ضرورة ملجئة‪.‬‬

‫الم والولد‬
‫شننئهم فاسننقين‪ ،‬وقلننة‬ ‫قل ّننة عقننل الم تنشننئ الولد طائشننين‪ ،‬وقلننة دينهننا تن ّ‬
‫أمانتها تنشئهم خائنين‪ ،‬وقلة جمالها تنشننئهم صننالحين‪ ،‬وإذا اجتمننع للم النندين‬
‫والعقل والمانة والجمال أنشأت أولدها عظماء خالدين‪ ،‬ول أظن ذلك يوجنند إل‬
‫في الحور العين‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫مع ولدك البليد‬
‫د بليد وأنت ذكي‪ ،‬فل تفهمه أنه بليد‪ ،‬ول تجننزع مننن بلدتننه‪ ،‬فولنند‬ ‫إذا ابتليت بول ٍ‬
‫قين لبننائهم مننن‬ ‫بليدٌ باّر‪ ،‬أنفع لك من ولد ذكي عاق‪ ،‬وكم جّر ذكنناء الولد العننا ّ‬
‫متاعب تمّنوا معها أل يكونوا والدين‪.‬‬

‫الزوجة والمعيشة‬
‫قّلما تقنع الزوجة بالمعيشة التي هي فيها‪ ،‬وكّلما انتقلت إلى حا ٍ‬
‫ل أحسننن ممننا‬
‫كت منه‪ ،‬حتى لو وصلت إلى الجّنة‪ ،‬لمّلتها وتمّنت النتقال‬‫كانت عليه‪ ،‬مّلته وتش ّ‬
‫إلى جهنم‪.‬‬

‫معاملة الزوجة بالحسنى‬


‫معاملة الزوجة بالحسنى تزيد العاقلة طاعة‪ ،‬والحمقاء تمّردًا‪ ،‬فأكثر مع الولننى‪،‬‬
‫وأقلل مع الثانية‪.‬‬

‫الزوج ومساوئ الزوجة‬


‫دث عننن‬
‫الزوج الكريم يستر مساوئ زوجته حتى عن أوليائها‪ ،‬والزوج اللئيم يتح ن ّ‬
‫مساوئ زوجته حتى لعدائها‪.‬‬

‫حقوق الزوجات‬
‫ن أكننثر ممننا يطلبننون أنفسننهم‬
‫أكثر الزواج يطالبون زوجاتهم بحقننوقهم عليه ن ّ‬
‫ن مثننل الننذي عليهننن بننالمعروف‬‫بحقوقهن عليهم‪ ،‬واللننه تعننالى يقننول‪ ? :‬وله ن ّ‬
‫وللرجال عليهن درجة?‪.‬‬

‫انحراف الرجل والمرأة‬


‫المجتمع الجاهل يغتفر للرجل انحرافنه‪ ،‬ويقتنل المنرأة علننى انحرافهنا‪ ،‬منع أن‬
‫ل منهمننا النحننراف‪،‬‬ ‫ل منهما الستقامة‪ ،‬وأنكرت مننن ك ن ٍ‬ ‫الشريعة أوجبت على ك ٍ‬
‫ل منهمننا حيننن تثبننت‬‫ل منهما الستر حين الزلننل‪ ،‬وحّتمننت عقوبننة ك ن ّ‬
‫وأوجبت لك ٍ‬
‫الجريمة‪ ،‬فمن أين جاءهم الفرق بين الرجل والمرأة في العقوبة والغفران؟‬

‫بيننا وبين زوجاتنا‬


‫ن بالضروريات‪ ،‬والمشكلة أن مننا يننراه‬‫زوجاتنا يرهقننا بالكماليات‪ ،‬ونحن نرهقه ّ‬
‫الرجل كمالّيا تراه المرأة ضرورّيا‪ ،‬وما يراه الرجل ضرورّيا تراه المرأة كمالّيا‪.‬‬

‫من أكبر المصائب‬


‫من أكبر المصائب مصيبة الرجل العاقل بزوجة حمقاء‪ ،‬ومصننيبة المننرأة العاقلننة‬
‫بزوج أحمق‪ ،‬فذلك هو الداء الذي ل ينفع معه علج‪.‬‬

‫الرجل والمرأة في المصائب‬

‫‪74‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫الرجل يرى المصيبة هي كل ما ينوء بعبئه‪ ،‬وموقفه منها التجلنند‪ ،‬والمننرأة تننرى‬
‫المصيبة هي كل ما ل يعجبها‪ ،‬وموقفها منها التشكي‪ ،‬وقد يوجد فنني الطرفيننن‬
‫من يخالف ذلك‪.‬‬

‫طبيعة الرجل والمرأة في الكلم‬


‫س يفيد فيه أو يستفيد‪ ،‬والمرأة العاقلننة‬
‫الرجل العاقل يؤثر الصمت إل في مجل ٍ‬
‫تؤثر الكلم إل في موطن تؤذي فيه أو تتأذى‪.‬‬

‫لماذا كان الرجل أشجع؟‬


‫لماذا خلق الله الرجنل أشنجع وأقنوى منن المنرأة غالبنًا؟ ألينس إل لتح ّ‬
‫منل منن‬
‫مل؟‬‫العباء والمتاعب أكثر مما تتح ّ‬

‫لو كانت المرأة كالرجل في القوة‬


‫لو كانت المرأة قوية كالرجل لقضت على حياته في ساعة من سنناعات غضننبها‪،‬‬
‫أل تراها تدعو على ولدها بالموت وتتمناه له حين تغضب منه؟‬

‫الولد بين الب والم‬


‫كل ما يبنيه الب العاقل في تربية أولده في أعننوام‪ ،‬تهنندمه الم الجاهلننة فنني‬
‫أيام‪.‬‬

‫أنواع الزوجات‬
‫الزوجات ثلث‪ :‬عاقلة كريمة المنبت فتلك أكرم الزوجات‪ ،‬وصالحة رضّية النفس‬
‫فتلك أرضى الزوجات‪ .‬وجاهلة سّيئة الخلق فتلك أتعب الزوجات‪.‬‬

‫الفرد والجماعة‬
‫قد يكون الرجل بمفننرده منن أحسنن النناس‪ ،‬فنإذا كنان منع الجماعنة كنان منن‬
‫أسوئهم‪.‬‬

‫حرية المرأة وعبوديتها‬


‫ل تكون حرية المرأة إل على حساب هناءتها‪ ،‬ول عبودّيتها إل على حساب كرامة‬
‫السرة‪ ،‬ول مساواتها بالرجل إل على حساب سعادة المجتمع‪.‬‬

‫سقوط الحضارات‬
‫أليس عجيبا ً أن يكون سقوط الحضارات نتيجة بروز المرأة في المجتمع‪ ،‬ولعبهننا‬
‫دراته وانحدارها بأخلقه؟‬
‫بمق ّ‬

‫بين شرع الله وإرادة العابثين‬


‫أراد الله للمننرأة فنني شننرعه الحكيننم الهننناءة والكرامننة والسننتقرار‪ ،‬وأراد لهننا‬
‫العابثون بها‪ :‬الشقاء والمهانة والضطراب‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫عقل الرجل والمرأة‬


‫ّ‬
‫ليسننت المننرأة أنقننص عقل ً مننن الرجننل‪ ،‬ولكنهننا تغلننب عاطفتهننا علننى عقلهننا‪,‬‬
‫والرجل يغّلب عقله على عاطفته‪ ..‬ل جرم إن اختلفننت نتننائج أفعالهمننا بتبنناين‪،‬‬
‫استعمال كل منهما لعقلننه‪ ،‬فنسننب إليهننا نقصننان العقننل‪ ،‬ونسننب إلننى الرجننل‬
‫زيادته‪.‬‬

‫صفات المرأة‬
‫المرأة تجمع صفات الذئب والثعلب والشاة‪ .‬فلها منن النذئب افتراسنها لزوجهنا‬
‫المسكين‪ ،‬ولها من الثعلب مكرها بزوجها الظالم‪ ،‬ولها مننن الشناة وداعتهننا منع‬
‫زوجها الحازم‪.‬‬

‫من عجيب أمر المرأة‬


‫من عجيب أمر المرأة أنها أقوى سلطانا ً على الرجنل وهني أضنعف مننه‪ ،‬وأكنثر‬
‫تبّرما ً به وهي أظلم منه‪ ،‬وأكثر وفاءً له وهو أغدر منها‪ ،‬وأكثر منه شكوى وهنني‬
‫ل‪ ،‬وألصق بأولدها منه وهم ُينسبون إليه‪ ،‬وأكننثر تخريبنا ً للننبيت وهننو‬
‫أهدأ منه با ً‬
‫أقل منها له سكنى‪ ،‬وهي أقل منه عبادة‪ ،‬وهو أضعف منها إيمانًا‪.‬‬

‫لو كان‪..‬‬
‫ً‬
‫لو كان العقل على قدر كلم الرجل‪ ،‬لكان الثرثننار أكننبر الننناس عقل‪ ،‬ولننو كننان‬
‫العلم على قدر حفظ المسائل لكان التلميذ أوسع مننن أسننتاذه علمنًا‪ ،‬ولننو كننان‬
‫الجاه على قدر الفضننائل لمننا كننان للشننرار نفننوذ‪ .‬ولننو كننان المننال علننى قنندر‬
‫العقل‪ ،‬لكان أغنى الناس الحكماء‪ ،‬وأفقر الناس السفهاء‪ ،‬ولو كان الخلود على‬
‫قدر نفع الناس‪ ،‬لما خلد السفاحون والطغاة وأكثر الملوك والزعماء‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم السادس عشر‬

‫بابا الخلود‬
‫للخلود بابان‪ :‬باب أمامي يدخل منه العظماء من هننداة النسننانية‪ ،‬وبنناب خلفنني‬
‫يدخل منه الشقياء من أعداء الشعوب‪ ،‬ومفتاح الباب المامي أكرم من الذهب‪،‬‬
‫حم الننناس عليهننم‪،‬‬
‫ولون يخلدون بتر ّ‬ ‫ومفتاح الباب الخلفي شواظ من لهب‪ ،‬وال ّ‬
‫والخرون يخلدون بلعنة الناس لهم‪.‬‬

‫حوار مع السعادة‬
‫قيل للسعادة‪ :‬أين تسكنين؟‬
‫قالت‪ :‬في قلوب الراضين‪.‬‬
‫م تتغذين؟‬
‫قيل‪ :‬فب َ‬
‫قالت‪ :‬من قوة إيمانهم‪.‬‬
‫م تدومين؟‬ ‫قيل‪ :‬فب َ‬
‫قالت‪ :‬بحسن تدبيرهم‪.‬‬
‫م تستجلبين؟‬ ‫قيل‪ :‬فب َ‬
‫قالت‪ :‬أن تعلم النفس أن لن يصيبها إل ما كتب الله لها‪.‬‬
‫م ترحلين؟‬ ‫قيل‪ :‬فب َ‬
‫قننالت‪ :‬بننالطمع بعنند القناعننة‪ ،‬وبننالحرص بعنند السننماحة‪ ،‬وبننالهم بعنند السننرور‪،‬‬
‫وبالشك بعد اليقين‪.‬‬

‫قد يخطئ النظر‬


‫قد يكون أكثر الشياء ثباتا ً في النظر أكثرها اضطرابا في الواقع‪.‬‬
‫ً‬

‫إنما يعرف الشيء بضده‬


‫بالحّر والبرد نعرف فضل الرطوبة والدفء‪ ،‬وبالظلم والعجز نعرف فضل العنندل‬
‫والحزم‪ ،‬وبالولد نعننرف مننا لقنناه آباؤنننا فنني سننيبلنا‪ ،‬وبننالمرض وبالشننيخوخة‬
‫نعرف فضل الصحة والشباب‪ ،‬ولكن هل ترد العبرة ما فات؟‪ .‬وهل تننرد الحسننرة‬
‫أيام المسرات‪:‬‬
‫ً‬
‫ليت شبابا بوع فاشتريت‬ ‫ً‬
‫ليت وهل ينفع شيئا ليت‬

‫الحق والهوى‬
‫الحق يستعصي على الهوى‪ ،‬فمن ملكه الحق ملك القدرة على أهوائه ورغبنناته‪،‬‬
‫والباطل ينقاد للهننوى‪ ،‬فمننن ملكننه الباطننل غننذا أذل الننناس لهننوائه ورغبنناته‪،‬‬
‫وباليمان يتميز الحق من الباطل‪ ،‬وبتوفيق الله تعرف رغبات الخير مننن رغبننات‬
‫السوء‪ ،‬وما لّبس الشيطان على كثير مننن المتنندّينين رغبننات السننوء‪ ،‬علننى أنهننا‬
‫رغبات الخير‪ ،‬إل لنهم حرموا نعمة التوفيق‪ ،‬فأسأل الله أل يحرمك منها‪.‬‬

‫أدب الجنس بين المم القوية والمم الضعيفة‬

‫‪77‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫في المة المنحّلة يروج أدب الجنس‪ ،‬ويثري له أدباؤه‪ ،‬وفي المم القوية‪ ،‬يننروج‬
‫أدب النفس‪ ،‬ويخلد فيه أدباؤه‪ ،‬والفننرق بيننن العظيننم والحقيننر تفضننيل الخلننود‬
‫على الثراء‪.‬‬

‫أثرياء الجنس وأثرياء الحرب‬


‫أثرياء الجنس شّر من أثرياء الحرب بالحتكارات والزمات‪ .‬فلماذا تصننب النقمننة‬
‫على هؤلء‪ ،‬بينما تسّلط الضننواء علننى أولئك فنني الصننحف والمجلت؟‪ ..‬أليننس‬
‫ذلك دليل ً على أن الذين اغتصبوا سلطة توجيه الفكر في بلدنننا قننوم ظننالمون‪،‬‬
‫أو جاهلون مخربون‪.‬‬

‫يفتعلون الزمات الجنسية‬


‫الذين يفتعلون الزمات الجنسية بإثارتها في أدبهم‪ ،‬ثم يزعمون أنهم مضطرون‬
‫للكتابة في أدب الجنس إرضاء لرغبات الشباب والفتيات‪ ،‬وحل ّ لمشكلتهم‪ ،‬هننم‬
‫أشد خطرا ً على النسانية ممن يفتعلون الزمات الحربية ثم يزعمون أنهننم إنمننا‬
‫يتسلحون للدفاع ل للهجوم‪ ،‬فلماذا نلعن هؤلء‪ ،‬ونسكت عن أولئلك؟‪.‬‬
‫لماذا نصف هؤلء بالمجرمين‪ ،‬ونصف أولئك بالدباء التقدميين؟‬

‫أخطار تقاليدنا السيئة في الزواج‬


‫مما يروج أدب الجنننس‪ ،‬عنندم تيسننير الننزواج للفتيننان والفتيننات‪ ،‬بهننذه التقالينند‬
‫السيئة التي جعلت الزواج عبئا ً مالّيا‪ ،‬ل ينهض بحمله إل الغنياء‪ ،‬مننع أن شننرائع‬
‫الله تجعل الزواج عمل ً سهل ً يستطيعه الغنياء والفقراء‪.‬‬

‫أين جمعياتنا النسائية‬


‫لو أن جمعياتنا النسائية قننامت بحملت متواصننلة علننى تقالينند الننزواج‪ ،‬لقنندمت‬
‫ل خدمة ترفننع مننن شننأن المننة‪ ،‬وتقنني البلد‬ ‫للمجتمع وللمرأة بصورة خاصة أج ّ‬
‫أسوأ الزمات الخلقية النحللية‪.‬‬

‫كرامة المرأة‬
‫كرامة المرأة أن تعامل كإنسننان‪ ،‬ل أن ُيتلعننب بهننا كدميننة‪ ,‬وأن ينننأى بهننا عننن‬
‫ن الشننبهات ل أن تطننرح فنني وقننود الشننهوات‪ ،‬وتلوكهننا اللسننن بشننتى‬ ‫مظننا ّ‬
‫الشائعات‪.‬‬

‫هل يحترم الغربي المرأة؟‬


‫نحن ُنخدع بمظنناهر احننترام الغربنني للمننرأة فنني النديننة والمجتمعننات‪ ،‬وُنغفننل‬
‫النظر عن معاملته لها في الننبيوت ومننوقفه مننن تقننديره لهننا ورأيننه فيهننا فنني‬
‫القصص والمثال والروايات‪.‬‬

‫أين يظهر تقدير المرأة‬

‫‪78‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫تقدير المة للمرأة يظهر في أمثالها وقوانينها‪ ،‬ل في مجننالس لهوهننا وعبثهننا‪،‬‬
‫ولقنند رأيننت الغربييننن يقنندمون المننرأة فنني الحفلت ويؤخرونهننا فنني الننبيوت‪،‬‬
‫ويقّبلون يدها في المجتمعات العامة‪ ،‬ويصننفعون وجههننا فنني بيننوتهم الخاصننة‪،‬‬
‫ويتظنناهرون بننالعتراف لهننا فنني حننق المسنناواة‪ ،‬وهننم ينكننرون عليهننا هننذه‬
‫المساوات فنني قننرارة أنفسننهم‪ ،‬ويحنننون لهننا رؤوسننهم فنني مننواطن الهننزل‪،‬‬
‫وينصرفون عنها في مواطن الجد‪ .‬والمرأة عندنا تخدعها الظواهر كمننا يخنندعها‬
‫الذين يريدون إرواء شهواتهم من أنوثتها‪.‬‬

‫ل تلزم بين احترام المرأة وبين تحللها‬


‫ل تلزم بين اعتراف المرأة بحقوقها‪ ،‬وبيننن السننماح لهننا بغشننيان المجتمعننات‪،‬‬
‫اقرأ إن شئت عننن المننرأة فنني حضننارة اليونننان والرومننان‪ ،‬والحضننارة الغربيننة‬
‫الحديثة‪.‬‬

‫المرأة في حضارتنا وحضارتهم‬


‫يزعمون أننا احتقرنا المرأة في حضارتنا‪ ،‬مننع أننننا لننم نضننربها قننط‪ ،‬ويزعمننون‬
‫أنهم احترموا المرأة في حضارتهم‪ ،‬وهم يضربونها دائمنًا‪ ،‬فمننن الننذي يحترمهننا‬
‫ومن الذي يحتقرها؟‬

‫ضبط الغرائز أو كبتها‬


‫ضبط الغريزة الجنسية ل يعني كبتها‪ ،‬فالضبط تنظيم الطاقة‪ ،‬والكبت إنكار لها‪،‬‬
‫وكل قوة إن لم تضبط ذهبت هباء‪ ،‬أو كانت أداة للتخريب‪.‬‬

‫شرف الكلمة قبل حريتها‬


‫إن الذين يزعمون أن مننن حقهننم أن يقولننوا مننا يشنناؤون باسننم حريننة الكلمننة‪،‬‬
‫ينسون أن شرف الكلمة قبل حريتها‪ ،‬ولم أجد أمة تسمح بالخيانة الوطنية باسم‬
‫الحرية‪ ،‬ولكن نفرا ً عندنا يريدون خيانة الشننرف الجتمنناعي باسننم الحريننة‪ ،‬ولننو‬
‫كان عندنا رأي عام واع لحاكمهم كما يحاكم خونة الوطن في قضاياه الوطنية‪.‬‬

‫أثر التربية في توجيه الجيل‬


‫حين تعمل التربية على إنشاء جيل يقننوم بننواجبه‪ ،‬سينشننأ هننذا الجيننل علننى أن‬
‫ينسى نفسه ويذكر أمته‪ ،‬وحين تعمننل التربيننة علننى إنشنناء جيننل يشننبع رغبنناته‬
‫سينشأ هذا الجيل على أن يذكر نفسه وينسى أمته‪.‬‬

‫جيل الكفاح وجيل الهزيمة‬


‫الجيل الذي يعرف كيف يضبط شهواته‪ ،‬يعنرف كينف يحقننق انتصنناراته‪ ،‬والجيننل‬
‫الذي يرخي لشنهواته العنننان‪ ،‬لنن يسنتطيع الصننبر طنويل ً فني معنارك التحرينر‬
‫والبنيان‪.‬‬

‫أثر المرأة في صيانة شرف المة‬

‫‪79‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫المرأة التي ترى سعادتها في صيانة شرفها‪ ،‬تعرف كيننف تربنني أولدا ً يصننونون‬
‫شرف المة‪ ،‬والمرأة التي ترى سعادتها في إشباع لننذائذها تربنني أولدا ً أسننهل‬
‫شيء عليهم أن يخونوا شرف المة في سبيل إشباع أهوائهم‪ ،‬وشتان بين جيننل‬
‫يصون شرف المة وجيل يخونه‪.‬‬

‫بيننا وبين دعاة النحلل‬


‫المشننكلة بيننننا وبيننن دعنناة النحلل‪ ،‬أننننا نخنناطبهم بننالعقول‪ ،‬وهننم يتكلمننون‬
‫بالشهوات‪ ،‬إن عقولهم ل تنكر ما نقول‪ ،‬ولكن شهواتهم هي التي تكرهه‪ ،‬إن ما‬
‫يعرفونه عن التاريننخ يؤينند أقوالنننا‪ ،‬ومننا يعرفننونه عننن مجننون الحضننارة يوافننق‬
‫أهواءهم‪ ،‬نحن مع العقل وهم مع الهوى‪ ،‬نحن منع المبننادئ العلميننة والخلقيننة‬
‫التي يقرون بها‪ ،‬وهم مع الرغبات والهواء الننتي يخضننعون لهننا‪ ،‬والعقننل يبننني‬
‫الدولة من حيث يخربها الهوى‪.‬‬

‫من أين نبدأ؟‬


‫نحن أمة ناشئة‪ ،‬نريد أن نبدأ من حيث بنندأت المننم‪ ،‬وهننم يرينندون أن نبنندأ مننن‬
‫حيث انتهت‪.‬‬

‫شبابنا وزعماؤهم‬
‫يكفينا في التدليل على شرف طريقنا‪ ،‬أن الشاب منا يستعصي على كل إغراء‪،‬‬
‫وأن الزعيم والقائد فيهم‪ ،‬ليست له القدرة على مقاومة أح ّ‬
‫ط أنواع الغراء‪ ،‬إل‬
‫من كان فيه بقية من شرف وإباء‪.‬‬

‫هزيمة المم بواسطة المرأة‬


‫المة التي تنظر إلى المرأة نظرة عاقلة رزينننة‪ ،‬ل تسننتطيع المننرأة أن تهزمهننا‬
‫في الحرب‪ ،‬والمة التي تنظر إلى المرأة نظرة عبادة لها كشهوة‪ ،‬واحتقار لهننا‬
‫كإنسان‪ ،‬تهزمها البغايا والراقصات في الحرب عن طريق الغراء والتجسس‪.‬‬

‫ارجعوا إلى التاريخ‪..‬‬


‫ليسأل التاريخ هؤلء الذين يزعمون أنهننم يريندون النهننوض بأمتننا‪ ،‬ول ينفكنون‬
‫عن تحطيم كيان السرة عندنا‪ :‬هل انهارت أقوى المم حضننارة فنني التاريننخ إل‬
‫حين سادت فيها مثل آرائهم الجنسية وفلسفتهم في قضية المرأة؟!‬

‫احذري أيتها المرأة الفاضلة‬


‫احذري أيتها الم الفاضلة والبنت الفاضلة‪ ،‬ما يخنندعونك بننه مننن ألفنناظ التحننرر‬
‫من العبودية‪ ,‬وتحطيم قيننود التقالينند‪ ،‬إنهننم يرينندون أن يضننيفوا إلننى عبوديتننك‬
‫للجهل الموروث عبوديننة الشننهوة الجامحننة‪ ،‬وإلننى قيننود التقالينند الباليننة قيننود‬
‫الستغلل الثم الماكر‪ ،‬احذري‪ ،‬احننذري أيتهننا المننرأة الفاضننلة‪ ،‬وإن السننمكة ل‬
‫قة نسيجها‪ ،‬ول يصطادها الصياد إل بعنند أن‬ ‫تقع في الشبكة إل حين تعمى عن د ّ‬
‫تستمرئ طعم سنارته‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫م فتحنا الدنيا؟‬
‫ب َ‬
‫ّ‬
‫مهات ماجنات متحللت‪ ،‬ولكنننا فتحناهنا بأمهنات عفيفنات‬ ‫نحن لم نفتح الدنيا بأ ّ‬
‫متدينات‪ ،‬ولم نرث خلفننة الرض بننأدب الجنننس الشننره الجننائع‪ ،‬ولكننننا ورثناهننا‬
‫بأدب الخلق الثائر والتهذيب الوادع‪.‬‬

‫فرق ما بيننا وبينهم‬


‫صننن‬ ‫فرق ما بين مرقفنا وموقفهم من مفاسد هننذه الحضننارة‪ :‬إننننا نرينند أن نح ّ‬
‫بيوتنا ومجتمعنا ضد الحريق الذي يلتهم جيراننا تفاديا ً لكننوارث دمنناره‪ ،‬وابتعننادا ً‬
‫عن دخانه وناره‪ ،‬وهم يريدون أن يجروا هذا الحريق إلى بيوتنا ومجتمعنا‪ ،‬إعجابا ً‬
‫بروعة لهيبه المتوهج‪ ،‬واستحسانا ً لصورته الخيالية الشاعرة‪.‬‬

‫بم يتفاوت الرجال؟‬


‫هل يمتاز رجل عننن رجننل إل بضننبط أعصننابه‪ ،‬والحكننم علننى الشننياء بعواقبهننا‪،‬‬
‫والسخرية من المظاهر البراقة إذا كانت تخفي وراءها اللم والنكبات؟‬

‫الخالدون في كل حضارة‬
‫في كل حضارة من الحضارات علماء عكفوا على اكتشاف المجهول‪ ،‬ومفكننرون‬
‫أبدعوا في توسيع آفاق المعرفة‪ ،‬وأدبناء سنموا بنالعواطف إلنى مينادين النبنل‪،‬‬
‫وفيهننا أيض نا ً عشننرات اللف ممننن أشننبعوا رغبننات الجمنناهير بالغننناء والرقننص‬
‫والثارة الجنسية‪ ،‬فهل خلد إل أولئك العلماء الصامتون‪ ،‬والمفكرون الصننادقون‬
‫والدباء النسانّيون؟‬

‫ما قيمة أدب الجنس؟‬


‫أدب الجنننس ليننس فيننه إبننداع‪ ،‬ول كفنناح‪ ،‬ول تضننحية؛ فهننو صنننعة المجنندبين‬
‫الكسننالى النننانيين‪ .‬وأدب النفننس فيننه روعننة البننداع‪ ،‬وتعننب الكفنناح‪ ،‬وشننرف‬
‫التضحية؛ فهو حلية المنتجين المجدين الفدائيين‪.‬‬

‫ل حرية في الهدم‬
‫من أراد أن يحمل المعول ليهدم بيتي ل أتركه يتننم عملننه باسننم الحريننة‪ ،‬ولكننن‬
‫آخذ على يده باسم الحق‪ ،‬ول أدعننه يتلننذذ بمننناظر الخننراب باسننم الفننن‪ ،‬ولكننن‬
‫أجرعه مرارة العقاب باسم القانون‪.‬‬

‫لصوص الدب‬
‫ما الفرق بين لص يتسلل إلى بينتي باسنم زائر محنب‪ ،‬فيسنرق أغلنى منا فينه‪،‬‬
‫وبين أدب يتسلل إلى عقل بنتي أو زوجتي باسم أديب مفكر‪ ،‬فيسلب منه أثمن‬
‫ما فيه؟ فلمنناذا يسننجنون لصننوص المتنناع‪ ،‬ويطلقننون الحريننة للصننوص الشننرف‬
‫والسعادة الزوجية والعائلية؟‬

‫‪81‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ميزة الحضارة‬
‫من ميزة الحضارة أنها تنقل النسان من الفوضى إلننى النظننام‪ ،‬ومننن مباشننرة‬
‫العدوان إلى سيادة القانون‪ ،‬ومن سيطرة الغرائز إلننى تنظيمهننا؛ فننأي تقدميننة‬
‫هذه الدعوات الجنسية المتحّللة‪ ،‬التي ترجع بننالمجتمع مننن نظننام الشننرائع إلننى‬
‫فوضى الشهوات‪ ،‬ومن عدل القانون إلى عدوان الباحية‪ ،‬ومننن تنظيننم الغننرائز‬
‫إلى انطلقها بل وازع من دين ول خلق؟‬

‫هل يرضون هذا؟‬


‫إذا كان إشباع الغريزة الجنسية عن طريق التحلل من قيود الشننرائع والقننوانين‬
‫عنوان التمدن والحضارة‪ ،‬كان الحيوان أرقى مننن النسننان‪ ،‬وكننانت المجتمعننات‬
‫البدائية التي تأخذ بشيوعية المرأة أكثر منا رقّيا وحضارة‪.‬‬

‫لعنة التاريخ‬
‫إن شبابنا الطاهرين‪ ،‬وفتياتنا الطاهرات‪ ،‬لن يدعوا هننؤلء العننابثين أن يسننجلوا‬
‫في التاريخ أنهم كانوا من المعبرين عن آمننالهم وأهنندافهم‪ ،‬ويننا مننا أش ندّ لعنننة‬
‫التاريح إذا لم يعرف عن شبابنا وفتياتنا في دور الكفاح والبناء إل المل باللذائذ‬
‫الجنسية‪ ،‬والحلم بسرقة شرف البنات والزوجننات‪ ،‬وخيانننة البنناء والزواج‪ !..‬أي‬
‫جيل مثل هذا يستحق شرف الخلود‪ ،‬وثناء التاريخ؟‬

‫الفكر الخالد‬
‫الفكر الذي يشيد قواعد النهضننة عننند ابتنندائها‪ ،‬يسننتحق أصننحابه خلننود التاريننخ‪،‬‬
‫والفكننر الننذي يهنندم بنيننان الحضننارة فنني أوج عظمتهننا‪ ،‬يسننتحق أصننحابه لعنننة‬
‫التاريخ‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم السابع عشر‬

‫مسابقات ملكات الجمال‬


‫من أبرز مظاهر مكرالحضارة الغربية بالمرأة ابتداعها مسابقات ملكات الجمننال‪،‬‬
‫ن الوهميننة‪ ،‬هننل فنني‬‫وملكات الناقة‪ ،‬وملكات الغراء وملكات ل نهاية لممننالكه ّ‬
‫ذلك إل دليل على رغبة الرجل الغربي في الستمتاع بأنوثة المرأة‪ ،‬ودليل علننى‬
‫مها كرامتها بقنندر مننا يهمهننا لفننت النظننار إلننى جمالهننا‬
‫أن المرأة عندهم ل ته ّ‬
‫وأنوثتها؟‬

‫هذه المسابقة مصيدة‬


‫مسابقات ملكات الجمال مناسبة لستمتاع رجال التحكيم والمتفرجيننن بأجسننام‬
‫الفتيات المتسابقات تحت ستار مشروع في رأي هذه الحضارة‪ ,‬كما هو مناسننبة‬
‫لصطياد الزواج لفتيات يخشين أن يصبحن كاسدات‪.‬‬

‫رقية الساحر‬
‫مسابقات ملكات الجمننال رقيننة السنناحر المنناكر لسننتخراج الفتيننات مننن بيننوت‬
‫آبائهن إلى حيث يصبحن تحت سلطته وتصرفه‪.‬‬

‫مسكينة هي المرأة‬
‫مسكينة هي المرأة‪ ،‬ما تزال ألعوبة الرجل في جميع عصننور التاريننخ والشننرائع‪،‬‬
‫إل في تاريخنا وفي شريعتنا‪ ،‬أليس ذلك دليل ً قوّيا على أن الرجننل أوسننع منهننا‬
‫ل‪ ،‬وأقوى إدراكًا‪ ،‬عند من يدعي تفوق الرجل على المرأة في العقل؟‬ ‫عق ً‬

‫اللوحة الفنية‬
‫التقت فتاة جميلة عاقلة‪ ،‬مع فتاة جميلة ساذجة دخلت مسابقة الجمال فقننالت‬
‫هذه لتلننك بغننرور سنناذج‪ :‬لقنند صننرت مشننهورة‪ ،‬تنشننر الصننحف صننوري وتنقننل‬
‫وكالت النباء أخباري‪.‬‬
‫فقالت الخرى‪ :‬إن اللوحة الفنية التي لم تلمسها اليدي أغلى ثمنا ً وأبلننغ لفتننا ً‬
‫للنظار من التي لمستها اليدي حتى غيرت روعة ألوانها الطبيعية‪.‬‬

‫الطائر الحبيس‬
‫س في شننبكة‬ ‫ر حبي ٍ‬ ‫مرت فتاة مغرورة ممن دخلن مسابقات ملكات الجمال بطائ ٍ‬
‫الصياد‪ ،‬فبكت حرقة له‪ ،‬فقال لها الطننائر الحننبيس‪ :‬ل تبكنني علننى مننن ل تننزال‬
‫أمامه فرصة للفلت من الشبكة‪ ،‬ولكن ابكي على من لم يعنند يسننتطيع الفلت‬
‫منها بحال من الحوال‪ ،‬ابكي علننى نفسننك أيتهننا المسننكينة لننو كننان لننك عقننل‬
‫تفكرين به‪.‬‬

‫أيهما أشد مكرًا؟‬

‫‪83‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫يقولون‪ :‬إن المرأة أشد مكرا ً من الرجل‪ ،‬أما أنا فلم أعنند أؤمننن بهننذه الخرافننة‪،‬‬
‫بعد أن استطاع الرجل أن يجذبها إليه ليستمتع بها حيث يريد‪ ،‬ومتى يريد‪.‬‬

‫الطائر الطليق‬
‫ً‬
‫الطائر الطليق الذي استعصى على شبكة الصائد‪ ،‬أغلى وأشد جذبا للنفوس من‬
‫الطائر الحبيس في قفصه‪ ،‬مهما كان زاهي اللون‪ ،‬ومهما كان جميل المظهر‪.‬‬

‫الدمية الصغيرة‬
‫يا دميتي الصغيرة الجميلة! ستظلين دمية صغيرة مهما جسموا صورتك‪ ،‬ومهمننا‬
‫ألبسوك من ثياب‪ ،‬وأينما وضعوك في غرف الزينة والستقبال‪.‬‬

‫لم يدخلن مسابقات الجمال‬


‫ي – وكذلك كل أم فنني النندنيا – لنهننا ولنندتني‪ ،‬ل لنهننا كننانت‬
‫إن أمي كريمة عل ّ‬
‫جميلة تتحدث عن جمالها الصحف‪ ،‬ومسابقات الجمال وأندية الرجال‪.‬‬

‫الخالدات في التاريخ‬
‫ن بعد أيام‪ ،‬ولكن العالمننات والمخترعننات والمهننات اللتنني‬
‫ملكات الجمال ُينسي ْ َ‬
‫ولدن عظماء التاريخ‪ ،‬سيظل يذكرهن التاريخ ما بقي إنسان يقرأ التاريخ‪.‬‬

‫نصيبنا من اللم‬
‫لكل إنسان نصيبه من اللم والحزن والهم‪ ،‬فمن رضنني وصننبر‪ ،‬كننان لننه الجننر‪،‬‬
‫ومن سخط وتبّرم‪ ،‬نفذ عليه القضاء‪ ،‬وكان عليه الوزر‪.‬‬

‫العدو والخصم‬
‫و" إل على الجنبي المحارب‪ ،‬أما المواطن الذي تختلف معننه‬ ‫ل تطلق لفظ "العد ّ‬
‫دة‪ ،‬والخصننم يفينند معننه كننثيرا ً حسننن‬
‫فهو "خصم"‪ .‬والعدو ل تنفع معننه إل الش ن ّ‬
‫الخلق‪ ،‬والغضاء عن الساءة‪ ..‬وترك الفرصة له ليفهمك‪.‬‬

‫هل يحب العدو‬


‫حب‪ ،‬ولكن يمكن أن يعدل معننه‪ ،‬فننالمر بحبننه خيننال‪ ،‬والمننر‬
‫العدو ل يمكن أن ي ُ َ‬
‫بالعدل معه إنسانية وكمال‪.‬‬

‫بين التوكل والتواكل‬


‫من اّتكل على الله في أمر معيشته‪ ،‬وسعى لذلك‪ ،‬كفاه أمرها‪ ،‬ومن اتكننل علننى‬
‫مها‪ ،‬وأرهقته همومها‪ ،‬ومن تواكل عن السعي لها أذّلتننه‬ ‫ذكائه ووسائله‪ ،‬أّرقه ه ّ‬
‫مطالبها‪ ،‬فالسعيد‪ :‬من سننعى وتوكننل علننى اللننه‪ ،‬والشننقي‪ :‬مننن سننعى واغننتر‬
‫بنفسه‪ ،‬الذليل‪ :‬من ترك السعي تواكل ً وكس ً‬
‫ل‪.‬‬

‫بين التصوف والشريعة‬

‫‪84‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ذب لنفسننه وأخلقننه‪ ،‬وهننذه هنني‬ ‫قاف عند حدود الشريعة‪ ،‬مه ن ّ‬ ‫الصوفي العالم و ّ‬
‫صوفية الصحابة والسننلف الصننالح‪ ،‬وتلننك هنني حينناة المجتمننع وروحننه‪ ،‬وزهرتننه‬
‫واحة‪ ،‬والصوفي الجاهل منحننرف عننن الشننريعة‪ ،‬متظنناهر بمننا ليننس‬ ‫النضرة الف ّ‬
‫فيه‪ ،‬وهو علة المجتمع ومرضه‪ ،‬مبعث انحراف الخلق فيه‪ ،‬والصننوفي الزنننديق‬
‫كك في الدعائم الراسخة للنظننام الجتمنناعي‬ ‫هادم للشريعة مخرب للمجتمع مش ّ‬
‫والعقننائدي للمننة‪ ،‬وبهننذين الصنننفين أضنناع السننلم رفعتننه‪ ،‬وفقنند المجتمننع‬
‫السلمي قوته‪.‬‬

‫ابدأوا بالصلح من هنا‬


‫الصلح الحقيقي أن يبدأ بالضرب على المتاجرين بالنندين وروحننانيته وأخلقننه‪،‬‬
‫فهم حجر عثرة في سبيل كل إصلح نافع‪ ،‬وهم العداء الحقيقيننون للمصننلحين‬
‫المخلصين‪.‬‬

‫أيهم أهون على الشيطان؟‬


‫الشيطان يتعامننل مننع الفاسننقين‪ ،‬وهننو وجننل مننن تركهننم لننه بعنند قليننل حيننن‬
‫هنناد والعب ّنناد‬
‫جالين مننن الز ّ‬
‫استيقاظ عقولهم وضمائرهم‪ ،‬ولكنه يتعامل مننع النند ّ‬
‫وأدعياء العلم‪ ،‬وهو على ثقة من استمرار سيطرته عليهننم؛ لنننه أفسنند دينهننم‪،‬‬
‫وأمات ضمائرهم‪.‬‬
‫أيهم أشد ضررًا؟‬
‫فساد الدين أشد ضننررا ً مننن غفلننة الضننمير‪ ،‬واسننتغلل النندين أشنند خطننرا ً مننن‬
‫مناصبته العداء‪ ،‬وَلزاهد محتال أحب إلى الشيطان من ألف منغمس فنني لننذائذه‬
‫وشهواته‪.‬‬

‫كلنا نحب الحياة‬


‫كلنا نحب الدنيا‪ ،‬ولكن مّنا من يحب مع الدنيا حب النجاة في الخرة‪ ،‬ومّنا مننن ل‬
‫يبالي في أي واد هلك‪.‬‬

‫كيف تعيش في الحياة‬


‫ل تيأس؛ فاليأس كفر برحمة الله‪ ،‬ول تغضب؛ فالغضننب قتننل لفضننائل النفننس‪،‬‬
‫ول تحقنند؛ فالحقنند تشننويه لجمننال الحينناة‪ ،‬ول تحننزن؛ فننالحزن إتلف لعصنناب‬
‫الجسم والروح‪ ،‬وتحمل من الهموم مننا ل يضنننيك‪ ،‬ومننا ل ينسننيك سننلطان اللننه‬
‫قضاءه وقنندره فنني تصنناريف الزمننان‪ ،‬ول تعننش غيننر مبننال بمننا يجننري حولننك؛‬
‫فالمشاركة الوجدانيننة أنبننل خصننائص النسننان‪ ،‬ول تكننن أناني ّننا؛ فاليثننار أجمننل‬
‫فضائل النسان‪.‬‬

‫كيف تكون سعيدا ً‬


‫أدّ واجبك على خير ما يرضي الله‪ ،‬واخدم الننناس علننى خيننر مننا يرضنني الننناس‪،‬‬
‫وتعّلم أكثر مما تستفيد من العلم بننه‪ ،‬وافتننح قلبننك لكننرم مننا فنني الحينناة مننن‬

‫‪85‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫مباهج‪ ،‬وأغمض عينك عن أقبح ما فيها من أسواء‪ ،‬تكن سعيدا ً في الرض وفنني‬
‫السماء‪.‬‬

‫كيف تكون عظيما ً‬


‫من أطاع ربه وبّر والديه‪ ،‬ووصل رحمه‪ ،‬وأعان إخننوانه‪ ،‬وأكننرم أصنندقاءه‪ ،‬ونفننع‬
‫سائر الناس‪ ،‬وأسهم في تقدم الحضارة وإسعاد النسانية‪ ،‬فذلك هو الذي يدعى‬
‫في ملكوت السموات عظيمًا‪.‬‬

‫أنفع من الموسيقى‬
‫ساعة يتذكر فيها المؤمن عظمة الله وروعة صنعه‪ ،‬تنسيه مننن الهمننوم واللم‪،‬‬
‫أكثر من أيام يستمع فيها الغافلون إلى جميل الصوات والنغام‪.‬‬

‫فارق جسمك مرة بعد مرة‬


‫ل بد أن تفارق جسمك مرغمًا‪ ،‬مهما طال بك العمننر‪ ،‬فنناحرص علننى أن تفننارقه‬
‫الفينة بعد الفينننة‪ ،‬طائع نا ً مختننارًا‪ ،‬تخ ّ‬
‫فننف عنننك ُ‬
‫غصننص مفننارقته عننند المننوت‪،‬‬
‫وض عليه ما هو خير منه بعد‪.‬‬ ‫وتع ّ‬

‫حقائق!‬
‫ل يجزع من الموت إل من ساء عمله وطال أمله‪ ،‬ول يخشى مننن الفقننر إل مننن‬
‫ساء بالله ظّنه‪ ،‬وتقاعست عن السعي عزيمته‪ ،‬ول يجانب الصدق إل مننن خبثننت‬
‫نّيته وساءت في الحياة طريقته‪ ،‬ول يشننكو سننوء حظننه إل جاهننل أو خامننل‪ ،‬ول‬
‫مه ثناء الناس عليه‪ ،‬ول يزهنند فنني ثننناء‬
‫يشكو جحود الناس لفضله إل من كان ه ّ‬
‫الناس إل من كانت وجهته الله‪ ،‬ورغبته في رضوانه‪ ،‬ول يصل إنسننان إلننى هننذا‬
‫المقام إل بالتوفيق من الله وإحسان‪.‬‬

‫مناجاة‬
‫إلهي! لو حاسبتنا على خطرات النفننوس‪ ،‬لحشننرتنا مننع الشننرار‪ ،‬ولننو حاسننبتنا‬
‫قنك‪ ،‬لحشنرتنا منع أهنل الننار‪ ،‬ولنو حاسنبتنا علنى نسنياننا‬ ‫على تقصيرنا في ح ّ‬
‫للئك‪ ،‬لما أمددتنا بجزيل نعمائك‪ ،‬ولو حاسبتنا على تبّرمنا بقضائك‪ ،‬لما حشرتنا‬
‫مع المؤمنين‪ ،‬ولو حاسبتنا على استبطاء رزقننك‪ ،‬لمننا كنننا مننن المتننوكلين‪ ،‬ولننو‬
‫ركلتنا إلى نفوسنا‪ ،‬لكّنا من الهالكين‪.‬‬

‫ش‬‫انتسب إليه ول تخ َ‬
‫ّ‬
‫ض الذلننة‪،‬‬
‫ش الفاقة‪ ،‬ومن انتمى إلى العزيز لم يننر َ‬‫من انتسب إلى الكريم لم يخ َ‬
‫ً‬
‫ومن وثق بالحكيم لم يبد له اعتراضا‪ ،‬ومن آمن بالعادل لم يخف من الظننالمين‪،‬‬
‫ش صولة الطاغية الجّبار‪.‬‬‫ي القهار‪ ،‬لم يخ َ‬
‫ومن لجأ إلى القو ّ‬

‫من أحب‪..‬‬

‫‪86‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫من أحب الله تقّرب إليه بصالح العمنال‪ ،‬ومننن أحنب الرسننول صنلى اللنه علينه‬
‫وسلم‪ ،‬تحّبب إليه بمحاسن الحوال‪ ،‬ومن أحب الجنة‪ ،‬هجر سيئ القننوال‪ ،‬ومننن‬
‫دت مرارته‪ ،‬وأعرض عما عظمت حلوته‪.‬‬ ‫ب الخلود‪ ،‬أقبل على ما اشت ّ‬‫أح ّ‬

‫ما يقوي المم ويضعفها‬


‫وي أضعف المم‪ :‬العقينندة الصننحيحة‪ ،‬والعلننم النننافع‪ ،‬والخلق القويننة‪.‬‬‫ثلثة تق ّ‬
‫ذل المرأة‪ ،‬وطغيان الحاكم‪ ،‬واختلف الشعب‪.‬‬ ‫وثلثة تضعف أقوى المم‪ :‬تب ّ‬

‫سحر المرأة‬
‫من عجيب سحر المرأة‪ ،‬أنها كلما أردت أن تبتعد عنهننا اقننتربت‪ ،‬وكلمننا أردت أن‬
‫سنكت بنك‪ ،‬ولسنت أقننول منا‬ ‫تغضب منها رضيت‪ ،‬وكلما أردت أن تتخّلى عنها تم ّ‬
‫ديس‪ :‬إنها شر ل بد منه‪ ،‬ولكني أقول إنها قدر ل مفّر منه‪.‬‬ ‫قال ذلك الق ّ‬
‫ول أقول قول الخر‪ :‬إنها محبوبة فّتاكة؛ ولكني أقول‪ :‬إنها محبوبة مزعجة‪.‬‬

‫الباطل أكثر أتباعا ً‬


‫ل يقاس الحق والباطل بقّلة النصننار أو كننثرتهم‪ ،‬ففنني كننل عصننور التاريننخ بل‬
‫استثناء كان الباطل أكثر أتباعًا‪ ? :‬وإن تطننع أكننثر مننن فنني الرض ُيضننلوك عننن‬
‫سبيل الله ?‪.‬‬

‫تألب الناس على الحق‬


‫لو كان تألب الناس علننى الحننق دليل ً علننى بطلنننه‪ ،‬لكننان حقنننا فنني فلسننطين‬
‫باط ً‬
‫ل‪ ،‬فإسرائيل ل تزال تخدع الرأي العننام العننالمي بوجهننة نظرهننا‪ ،‬ومننع ذلننك‬
‫قنا بكثرة أنصارها‪ ،‬وقلة أنصارنا‪.‬‬ ‫فنحن لن نتراجع عن ح ّ‬

‫الفرصة الوحيدة‬
‫الحياة هي الفرصة الوحينندة للخلننود بالعمننل النننافع‪ ،‬فليننس فيهننا متسننع للهننو‬
‫والعبث‪.‬‬

‫اتجاه الجماهير‬
‫الجماهير ل عقل لها فيما يوافق شهواتها‪ ،‬فليس إسراعها إلى كننل مننا يخننالف‬
‫الشرائع‪ ،‬وقوانين الخلق دليل ً على صحة اتجاهها‪.‬‬

‫اتجاهات أهل الحضارة‬


‫ً‬
‫الذين يتخنذون منن اتجاهنات أهنل الحضنارة الينوم مقياسنا للصنحيح والفاسند‪،‬‬
‫يخطئون؛ فالحضننارات القديمننة‪ ،‬وحضننارة اليننوم‪ ،‬كننان انهيارهننا نتيجننة اتجنناه‬
‫الجماهير نحو النحلل أو الفوضى‪.‬‬

‫أتباع الحق وأنصاره‬


‫الحق أقل أتباعا ً وأقوى أنصارًا‪ ،‬والباطل أكثر أتباعا ً وأضعف أنصارا‪ً.‬‬

‫‪87‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫كن كالطبيب النساني‬


‫ل يروعّنك تهافت الجماهير على الباطل‪ ،‬كتهافت الفراش على النار‪ ،‬فالطبيب‬
‫النساني هو الذي يؤدي واجبه‪ ،‬مهمننا كننثر المرضننى‪ ،‬فننإذا اسننتطعت أن تهنندي‬
‫واحدا ً فحسب فقد أنقصت من عدد الهالكين‪.‬‬

‫ضياع الحق بين ثلث‬


‫إنمننا يضننيع الحننق بيننن ثلث شننهوات‪ :‬شننهوة الجنناه والشننهرة‪ ،‬وشننهوة المننال‬
‫والمنفعة‪ ،‬وشهوة اللذة والمتعة‪.‬‬

‫ثلثة يضيعون الحق‬


‫ثلثة يضيعون الحق في ثلثة مواطن‪ :‬مخلص يسكت عند قننوم مبطليننن‪ ،‬وعننالم‬
‫يسكت بين قوم جاهلين‪ ،‬ومنافق يتقّرب إلى قوم ظالمين‪.‬‬

‫ستة ل يرتجى منهم نصرة الحق‬


‫دت‬ ‫سّتة ل يرتجى منهم نصرة الحق أبنندًا‪ :‬قننوي مغننرور متس نلط‪ ،‬وشننهواني س ن ّ‬
‫ّ‬
‫عليه الشهوة منافذ تفكيره‪ ،‬ومبطل وجد له أتباعا ً يغرونه بالمضي في طريقننه‪،‬‬
‫هنند اّتخننذ الزهنند فنني النندنيا‬
‫وعالم اّتخذ من علمه وسيلة لتحقيق أطمنناعه‪ ،‬ومتز ّ‬
‫ستارا ً لحيازتها‪ ،‬وطموح للشهرة اّتخذ من مخالفة الحق سبيل إليها‪.‬‬
‫ً‬

‫خمسة كتب ل تجد فيها الحق‬


‫خمسة كتب ل تجنند فيهننا الحننق خالص نًا‪ :‬كتنناب أراد مننؤلفه أن يتفلسننف وليننس‬
‫بفيلسوف‪ ،‬وكتاب أراد مؤلفه أن يظهر بمظهر المتحررين فنني تفكيرهننم‪ ،‬وهننو‬
‫يقلد آراء غيره تقليد الببغاء‪ ،‬وكتاب أراد مؤلفه أن يكتنب للجمناهير منا يلنذ لهنا‬
‫ون أحداث التاريننخ وهننو ممننن أسننهموا‬
‫دون ما يفيدها‪ ،‬وكتاب أراد صاحبه أن يد ّ‬
‫فيها‪ ،‬وكتاب أراد صاحبه أن ينقد شخصا ً أو يتحدث عنه‪ ،‬وهو خصم له أو منافس‬
‫أو حاسد‪.‬‬

‫أربعة ل تقبل شهادتهم في أربعة‬


‫أربعة ل تقبل شهادتهم في أربعنة‪ :‬قنوي فني ضننعيف‪ ،‬ومسنتبد فني مضنطهد‪،‬‬
‫ومتهالك على الشهرة فيمن ينافسه فيها‪ ،‬وزوجة غاضبة في زوجها‪.‬‬

‫الحق والدين‬
‫من ليس له دين يردعه عن الكذب؛ لنم يقنل الحنق إل حينن يكنون لنه فني ذلنك‬
‫هوى‪.‬‬

‫ل ترج إنصافه‬

‫‪88‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫من لم ينصف ربه بطاعته له‪ ،‬ولم ينصف نفسه بكفها عما يضننرها‪ ،‬ولننم ينصننف‬
‫إخوانه بتقدير فضائلهم‪ ،‬ولننم ينصننف الننناس بتقنندير ظروفهننم‪ ،‬ل يرتجننى منننه‬
‫النصاف في الخصومات‪.‬‬

‫حلوة الحق ومرارته‬


‫ً‬
‫من سمت نفسه عن مطامع الدنيا وشهواتها‪ ،‬وجد الحق حلوا عذب المذاق‪ ،‬مننن‬
‫حيث يجده غيره مّرا كريه المذاق‪.‬‬

‫عبد الهوى‬
‫من استعبده هواه لم يتحرر من الرق أبدًا‪ ،‬وهو مستعبد لسخف اللهة الكاذبة‪،‬‬
‫وأشدها قوة وضراوة‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الثامن عشر‬

‫مشكلتنا من أطماعنا‬
‫أكثر المشكلت والخصومات بين الناس‪ ،‬إنما هي من صنع أهوائهم وأطماعهم‪.‬‬

‫وراء كل شر مستغل‬
‫وراء كل خصومة شننيطان يضننحك‪ ،‬ووراء كننل مشننكلة ظننالم يتحفننز‪ ،‬ووراء كننل‬
‫كين‪ ،‬ووراء كننل فتنننة مسننتغّلون يتقاسننمون‬‫جريمننة امننرأة فنناجرة تشننحذ الس ن ّ‬
‫منافعها‪.‬‬

‫بضاعة إبليس‬
‫ما لقيت بضاعة إبليس رواجا ً في عصر من عصور التاريخ‪ ،‬كما لقيت في عصرنا‬
‫الحاضر‪ ،‬ومع ذلك فما تزال أمامها أزمات تكسد فيها بعض الكساد‪.‬‬

‫أسرع في الستجابة لمر الله‬


‫إذا كان الذين يخضعون لبليس يسرعون إلى ما يأمرهم به دون مبالة بالنتننائج‪،‬‬
‫أفل يكون الذين يؤمنننون بننالله أش ندّ إسننراعا ً لمننره‪ ،‬مننع أن نننتيجتهم الجنننة؟ ?‬
‫الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضل ً والله‬
‫واسع عليم?‪.‬‬

‫صنوف العلماء‬
‫العلماء ثلثة‪ :‬فعالم ابتغى وجه الله والدار الخرة‪ ،‬فهننذا كننالزهر العبننق يسننرك‬
‫منظره‪ ،‬وتنعشك رائحته‪ ،‬وعالم ابتغى مع الدار الخرة الدار الدنيا‪ ،‬فهذا كالورد‪،‬‬
‫فيه مع الرائحة الجميلة‪ ،‬بعض الشواك الننتي ل تننؤذي غالب نًا‪ ،‬وعننالم ل يرينند إل‬
‫النندنيا‪ ،‬فهننذا كالشننوك فنني الرض الجننرداء‪ ،‬ل فننائدة منننه إل أن يكننون وقننودا ً‬
‫للفران‪.‬‬

‫صنوف العلوم‬
‫جننى‬‫حبته النيننة الخالصننة ن ّ‬
‫العلوم في أهدافها ثلثة‪ :‬فعلم للدار الخرة‪ ،‬فننإن صن ِ‬
‫جننى مننن الفقننر‪ ،‬وعلننم‬ ‫حبته العزيمننة الصننادقة‪ ،‬ن ّ‬
‫من النار‪ ،‬وعلم للدنيا‪ ،‬فإن ص ِ‬
‫للهو‪ ،‬ففيه المهانة في الدنيا والهلك في الخرة‪.‬‬

‫العلوم للمجتمع‬
‫العلوم للمجتمع ثلثة‪ :‬علوم الفقراء؛ وهو ما تحتاج إليه المة الضعيفة لتسننتوي‬
‫على قدميها‪ ،‬كعلم الطب والهندسة والفيزينناء والكيمينناء ومننا أشننبهها‪ .‬وعلننوم‬
‫الغنياء؛ وهو ما تحتاج إليننه المننة القويننة‪ ،‬لتسننتمر فنني أداء دورهننا الحضنناري‪،‬‬
‫كعلوم الننذرة والفضنناء‪ ،‬وكننل مننا يننؤدي إلننى تطننور المكتشننفات والمخترعننات‪.‬‬
‫وعلوم المترفين؛ وهو ما يشغل به بعض أبناء المم القوية أنفسهم مننن بحننوث‬
‫ل تزيد في تطور الحضارة‪ ,‬ولكن توسع آفنناق المعرفننة النظريننة‪ ،‬كأبحنناث علننم‬

‫‪90‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫النفس الحيواني‪ ،‬من عواطف الحب عند الحيوانات‪ ،‬ودقائق معيشتها وما أشننبه‬
‫ذلك‪ ،‬وبعض الناس عندنا يريدون أن نكون من المتخمين‪ ،‬وبطوننا خاوية‪.‬‬

‫النباهة بين العلماء‬


‫إذا أردت أن يكون لك شأن بين العلماء فتخصص في فرع مننن فروعننه‪ ،‬وشننارك‬
‫بقدر ما تستطيع في فروع الثقافة العامة‪.‬‬

‫تواضع العلماء‬
‫من أبرز أخلق العلماء تواضعهم‪ ،‬فإذا رأيت فيهننم مغننرورا ً متكننبرًا‪ ،‬؛ فثننق بننأن‬
‫عنده من الجهل بقدر ما عنده من الكبر والغرور‪.‬‬

‫من ثمرات العلم‬


‫من أبرز ثمرات العلم‪ :‬التصاون واحترام النفس‪ ،‬فمن وجدته يفعل مننا ل يليننق‪،‬‬
‫ويهين نفسه لهل الجاه والنفوذ‪ ،‬فثق بأنه أرض بور ل تثمر ول تزهر‪.‬‬

‫ما ل يتم علم العالم إل به‬


‫ثلثة أشياء ل يتم علم العالم إل بها‪ :‬قلب تقي‪ ،‬وفؤاد ذكي‪ ،‬وخلق رضي‪.‬‬

‫كيف تعيش مع الناس‬


‫عش في الحياة كعابر سبيل يترك وراءه أثرا ً جمي ً‬
‫ل‪ ،‬وعننش مننع الننناس كمحتنناج‬
‫يتواضع لهم‪ ،‬وكمستغن يحسن إليهم‪ ،‬وكمسؤول يدافع عنهم‪ ،‬وكطبيب يشننفق‬
‫عليهم‪ ،‬ول تعش معهم كذئب يأكل من لحومهم‪ ،‬وكثعلب يمكر بعقولهم‪ ،‬وكلص‬
‫ينتظر غفلتهم؛ فننإن حياتننك مننن حينناتهم‪ ،‬وبقنناءك ببقنائهم‪ ،‬ودوام ذكننرك بعنند‬
‫موتك من ثنائهم‪ ،‬فل تجمنع علينك ميتنتين‪ ،‬ول تنؤلب علينك عنالمين‪ ،‬ول تقندم‬
‫نفسك لحكمتين‪ ،‬ول تعرض نفسك لحسابين‪ ،‬ولحساب الخرة أشد وأنكى‪.‬‬

‫كن بين التسامح والتشدد‬


‫تسامح في حق نفسك‪ ،‬وتشدد في حق أمتك‪ ،‬تكن عند اللننه عبنندا ً كريم نًا‪ ،‬وفنني‬
‫المجتمع مواطنا ً مستقيمًا‪.‬‬

‫في الهجرة النبوية‬


‫الهجرة النبوية جمعت بيننن روعننة الكفنناح والفننداء واللقنناء‪ ،‬وعظيننم الثننر فنني‬
‫تحويل مجرى التاريخ‪ ،‬ل جرم أن كان عمر والصحابة بعيدي النظر‪ ،‬حين اعتننبروا‬
‫الهجرة بدء التاريخ السلمي‪.‬‬

‫· ليست الهجرة بدء التاريخ السلمي فحسننب‪ ،‬بننل هني بنندء التاريننخ النسنناني‬
‫الذي ولد فيه النسان ولدة جديدة‪.‬‬
‫· بعننض حنوادث التارينخ الخالنندة‪ ،‬يصننعها أفنراد قلئل‪ ،‬ويعيننش بفضنلها مئات‬
‫المليين على مر الدهور‪ ،‬وهم ل يشعرون‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫· الهجرة كانت قبرا ً للباطل العنيد‪ ،‬ونصرا ً للحق الجديد‪.‬‬
‫· لول الهجرة لما كانت دمشق وبغداد‪ ،‬وقرطبة والزهراء‪ ،‬ولول الهجرة لما كان‬
‫خلود العرب في التاريخ‪ ،‬ولول الهجرة لما استيقظ الغرب بعد سبات عميق‪.‬‬

‫ل تستبطئ الجابة‬
‫ربما كان بطء القدر في استجابة الدعاء وتحقيق الرجاء‪ ،‬رحمننة بننالمبتلى تنندفع‬
‫عنه مزيد البلء‪ ،‬أو كرامة تدخر له في يوم الجزاء‪.‬‬

‫لكل شيء ثمن‬


‫لكل شيء محبوب ثمننن‪ ،‬فثمننن الحريننة بعننض القيننود‪ ،‬وثمننن السننتقامة بعننض‬
‫الحرمان‪ ،‬وثمن الكرامة بعض الضطهاد‪ ،‬وثمن الجاه بعض العداء‪ ،‬وثمننن الننثراء‬
‫بعض الحسد‪ ،‬وثمنن السنلمة بعنض الذى‪ ،‬وثمنن الشنهوة بعنض التعنب‪ ،‬وثمنن‬
‫الزعامة كل المزعجات‪.‬‬

‫طريقا الخرة‬
‫للوصول إلى الخرة طريقننان‪ :‬أحنندهما مسننتقيم آمننن‪ ،‬فيننه قليننل مننن الشننجر‬
‫والماء‪ ،‬والثاني‪ :‬متعرج خطننر‪ ،‬فيننه كننثير مننن المسننتنقعات والمؤذيننات‪ ،‬وأكننثر‬
‫الناس يفضلون الثاني على الول‪ ،‬رغبة في الظل والماء‪ ،‬واسننتخفافا ً بننالهلك‬
‫والشقاء‪.‬‬

‫ل تسبتطئ وعد الله‬


‫ربما كان فيما تستعجل من الخلص من اللم والمراض‪ ،‬تعرض لمحنة أقسننى‪،‬‬
‫وبلء أشد؛ فل تستبطئ وعد ربك بالرحمة؛ فإنه وعدك بما يراه هو رحمة لك‪ ،‬ل‬
‫بما تراه أنت رحمة‪ ،‬والله يعلم وأنتم ل تعلمون‪.‬‬

‫وعسى أن تكرهوا شيئا ً‬


‫كثيرا ً ما تلهفنا للحصول على أمور بحبها‪ ،‬ثم تبين لنا فيما بعنند أن فواتهننا كننان‬
‫محض الخير والفائدة لنا‪.‬‬

‫يد الله‬
‫من أيقن بحكمة الله ورحمته رأى يد الله تقوده إلى كننل خيننر‪ ،‬وتبعننده عنن كننل‬
‫أذى‪.‬‬

‫أنت بالروح إنسان‬


‫أكثر الناس يفرقون من أذى أجسامهم‪ ،‬ول يبالون بأذى أرواحهم وقلوبهم‪ ،‬أيها‬
‫الغافل تدبر‪ :‬إنما أنت بالروح والقلب والضمير‪ ،‬ل باللحم والدم والعظم إنسان‪.‬‬

‫لذ بالقضاء والقدر‬

‫‪92‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫لذ بالقضاء والقدر كلما أعيتك الحيلة في الخلص مما تكره؛ فحركات الفلك ل‬
‫توقفها زفرات المحزونين‪.‬‬

‫من أنت؟‬
‫من أنت أيهنا النسنان! حنتى تتننبرم بالقندر‪ ،‬وتتسننخط منن اللنه‪ ،‬وتملنني عليننه‬
‫شروطك؟‬

‫لو ُأعطينا أمانينا‬


‫لو ُأعطي كل إنسان ما تمنى لكل بعضنا بعضًا‪.‬‬

‫طلب الشهرة‬
‫ُيهلك النسان نفسه في طلب الشهرة‪ ،‬فإذا أدركها زهد فيها‪.‬‬

‫اثنان‪ ..‬وواحدة‪..‬‬
‫خلق الله لكل إنسان عينين‪ ،‬ولكن أكثر الناس ل ينظرون إل بعين واحدة‪ ،‬وخلق‬
‫لكل إنسان لسانا ً وأذنين‪ ،‬ولكن أكثر الناس يتكلمون بلسانين‪ ،‬ويسننمعون بننأذن‬
‫واحنندة‪ ،‬وخلننق لكننل إنسننان ينندين‪ :‬ينندا ً يسننتعملها ليعيننن نفسننه‪ ،‬وينندا ً أخننرى‬
‫يستعملها ليعين غيره‪ ،‬ولكن أكثر الناس ل يستعملون إل يدا ً واحدة‪ ،‬وخلق لكننل‬
‫إنسان رجليننن‪ :‬رجل ً يسننعى بهنا للنندنيا‪ ،‬ورجل ً يسننعى بهننا للخننرة‪ ،‬ولكننن أكننثر‬
‫الناس ل يستعملون إل رجل ً واحدة‪ ،‬وخلق الله لكننل إنسننان قلبنا ً واحنندًا‪ ،‬يحمننل‬
‫هموم حياته القصيرة‪ ،‬ولكن يجلب لنفسه من الهموم مننا تنننوء بحملهننا القلننوب‬
‫الكثيرة‪ ،‬وجعل لكل إنسان عمرا ً واحدًا‪ ،‬فأضاع مننن أوقنناته كننأن لننه مننائة عمننر‪،‬‬
‫وقضى الله على كل إنسان بننالموت مننرة واحنندة‪ ،‬ولكنننه رضنني لنفسننه بجهلننه‬
‫وشقائه أن يموت كل يوم‪.‬‬

‫الثمرات‬
‫لكل فضيلة ثمننرة تنند ّ‬
‫ل عليهننا‪ ،‬فثمننرة اليمننان العمننل‪ ،‬وثمننرة الحننب الخضننوع‪،‬‬
‫وثمرة العلم الخشوع‪ ،‬وثمرة الخوة التراحم‪ ،‬وثمرة الخلص الستقامة‪ ،‬وثمرة‬
‫الجهاد التضحية‪ ،‬وثمرة الزهد الكرم‪ ،‬وثمرة اليقين التسليم‪ ،‬فننإن لننم تكننن مننع‬
‫هذه الفضائل ثمارها كانت دعاوى‪.‬‬

‫المكافآت‬
‫د‬
‫لكل مجدّ مكافأة‪ ،‬فمن جدّ في طلب العلم كوفئ باحتياج الناس إليننه‪ ،‬ومننن جن ّ‬
‫في بذل المعروف كوفئ بثناء الناس عليه‪ ،‬ومن جدّ فنني معننالى المننور كننوفئ‬
‫بالخلود‪ ،‬ومن جدّ في خدمة الناس كوفئ بالزعامة‪ ،‬ومن جدّ فنني رضننا اللننه عننز‬
‫وجل كوفئ بذلك كله في الدنيا‪ ،‬وتزاد له الجنة في الخرة‪.‬‬

‫الحماقات‬

‫‪93‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫التدلل من غير تذلل‪ ،‬والستجداء مع الجفاء‪ ،‬والمل من غير عمل‪ ،‬والتوكل مننع‬
‫الكسل‪ :‬خرق وحماقة‪.‬‬

‫العلمات‬
‫من علمة علو الهمة‪ ،‬أل ترضى لنفسك من كل شيء إل بأحسنه‪.‬‬
‫· من علمة الزهد‪ ،‬أن تعرض عن الدنيا وهي مقبلة عليك‪.‬‬
‫· من علمة الورع‪ ،‬أن تتوقى الشبهات‪.‬‬
‫· من علمة الكرم‪ ،‬أن تكون للبذل فيما ل يتحدث عنه الناس أسرع منننك للبننذل‬
‫فيما يشتهر أمره بينهم‪.‬‬
‫· من علمة العظمة‪ ،‬أن تزداد ثباتا ً في طريقك كلما ازدادت فيه المتاعب‪.‬‬
‫· مننن علمننة الصنندق‪ ،‬أن تكننون كلمتننك واحنندة فنني الرغبننة والرهبننة والطمننع‬
‫واليأس‪.‬‬
‫· من علمة الحكمة‪ ،‬أن تحمل نفسك على ما تريد أن تدعو الناس إليه‪.‬‬
‫· من علمة التقوى‪ ،‬أن تحسن معاملتك للناس‪.‬‬
‫· من علمة حسن الخلق‪ ،‬أن تكون في بيتك أحسن الناس أخلقا‪ً.‬‬
‫· من علمة الحمية لله‪ ،‬أل تتولى من ينتهك محارمه‪.‬‬
‫· من علمة التواضع‪ ،‬أل تزهو بنفسك في مواقف النصر‪.‬‬
‫· من علمة الستقامة‪ ،‬أل تتغير فضائلك بتغير أحوالك‪.‬‬
‫· من علمة الخلص‪ ،‬أن يهمك الرضا من ربك عما تعمل‪ ،‬قبل أن يهمك الرضننا‬
‫من الناس‪.‬‬
‫· من علمة الصبر‪ ،‬أل تكثر من الشكوى للناس‪.‬‬
‫· من علمة الشكر‪ ،‬أن تخجل من التقصير مع من أحسن إليك‪.‬‬
‫· من علمة صدق المؤمن في إيمانه‪ ،‬بذله لله من أمواله‪ ،‬ومن علمة نجاحه في‬
‫دعوته‪ ،‬تخليه عن راحته‪ ،‬ولهفته في أداء رسالته‪.‬‬
‫· من علمة لطف الله بعبده‪ ،‬أن يسهل له العسير‪ ،‬ويرضيه باليسير‪ ،‬ويقرب له‬
‫البعيد‪ ،‬ويجنبه من اللم ما ل يستطيع تحمله‪.‬‬
‫· من علمة الحقيقننة‪ ،‬أن تكننون بسننيطة ينندركها العننالم والجاهننل‪ ،‬فننإذا كننانت‬
‫معقدة ل تفهم إل بعناء‪ ،‬كانت خيال ً ووهمًا‪.‬‬
‫· من علمة انطماس البصيرة‪ ،‬أن يضيق النسننان بظلمنة بيتنه‪ ،‬ويرتناح لظلمننة‬
‫قلبه‪.‬‬
‫· من علمة الشقاء‪ ،‬أن يجزع النسان من ضيق رمسه‪ ،‬ول يبالي بضيق نفسه‪.‬‬

‫احترس‬
‫ل تشننك مرضننك إل لطبيبننك‪ ،‬ول تشننك دهننرك إل لصننديقك‪ ،‬ول تبننح بسننرك إل‬
‫لخيننك‪ ،‬ول تكشننف عننن فاقتننك إل لمننن ينجنندك‪ ،‬ول تبننذل نصننيحتك إل لمننن‬
‫يستمعها‪ ،‬ول تقل كلمتك إل أمام من يحترمها‪ ،‬ول تعرض على الننناس رأيننك إل‬
‫حصه‪ ،‬ول تسفه لهم اتجاها ً إل وأنت محب ناصح‪.‬‬ ‫بعد أن تم ّ‬

‫الخداع ل يدوم‬

‫‪94‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ل يروعنك انخداع الناس بمن تعلم عنهم السننوء‪ ،‬فل بنند مننن أن يظهرهننم اللننه‬
‫للناس عراة ولو بعد حين‪.‬‬

‫المخلصون والمخادعون‬
‫للمخلصين ثناء الناس‪ ،‬وتقدير التاريخ‪ ،‬وثواب الله‪ .‬وللمخنادعين توبينخ التارينخ‪،‬‬
‫ولعنة الله والملئكة والناس أجمعين‪.‬‬

‫ل يخدعنك‬
‫ل يخدعنك من إنسان شكواه من الفساد؛ فقد يكننون هننو مننن أكننبر أسننبابه‪ ،‬ول‬
‫يخدعنك منه تحامله على المفسدين؛ فقد يكون هو من أساطينهم‪ ،‬ول يخدعنك‬
‫منه تأسفه على ضياع الدين؛ فقد يكون هننو أول مننن أضنناعه‪ ،‬ول يخنندعنك منننه‬
‫ترحمه على المصلحين؛ فقد يكون هو أول من قضى عليهم‪.‬‬

‫احذر هؤلء‬
‫احذر الذين تبكي على الحق أقلمهنم وألسننتهم‪ ،‬وتبكني علنى الندنيا أهنواؤهم‬
‫ومطامعهم‪ ،‬احذرهم على دينننك وعقلننك؛ فننإنهم رسننل إبليننس إلننى الصننالحين‬
‫والغرار والمغفلين‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم التاسع عشر‬


‫ل يجتمعان في قلب أبدا ً‬
‫ل يجتمع حب الله وموالة الظالمين في قلب عالم أبدًا‪.‬‬
‫· ل يجتمع حب الدين وموالة المفسدين في قلب داعية أبدًا‪.‬‬
‫· ل يجتمع حب الحق وموالة المبطلين في قلب مخلص أبدًا‪.‬‬
‫· ل يجتمع حب الرسول وموالة أعدائه في قلب مسلم أبدًا‪.‬‬

‫حبان ل يجتمعان‬
‫حبان ل يجتمعان في وقت واحد‪:‬‬
‫حب الله‪ ،‬وحب المعاصي‪.‬‬
‫حب الجهاد‪ ،‬وحب الحياة‪.‬‬
‫حب التضحية‪ ،‬وحب المال‪.‬‬
‫حب الحق‪ ،‬وحب الرئاسة‪.‬‬
‫حب السلم‪ ،‬وحب النتقام‪.‬‬
‫حب الصلح‪ ،‬وحب السلمة‪.‬‬
‫حب الكفاح‪ ،‬وحب الراحة‪.‬‬
‫حب العدل‪ ،‬وحب السبتداد‪.‬‬
‫حب الشعب‪ ،‬وحب الطغيان‪.‬‬
‫حب الخير‪ ،‬وحب الخداع‪.‬‬

‫فتوى في السوق‬
‫لمننا أصننبحت "الفتننوى" تشننرى بالمننال‪ ،‬صننار المفتننون يننبيعون دينهننم بالمننال‬
‫فأصبحت عندهم "فتاوى جاهزة تحت الطلب"‪ ،‬يبيعونها لمننن ينندفع لهننم الثمننن‬
‫أكثر‪ ،‬فكانوا بذلك أجراء للظالمين‪ .‬أما الجاهلون منهم فهم عار السلم‪ ،‬وسنّبة‬
‫المسلمين‪.‬‬

‫مناجاة!‬
‫ضلت في معرفة ذاتك العقول‪ ،‬وتاهت في بدائع صنننعك الفكننار‪ ،‬وتعننددت فنني‬
‫البحث عنك السبل‪ ،‬ولك يرينند الوصننل إليننك حننتى الننذين يجحنندونك‪ ،‬ومننا كلهننم‬
‫بالواصننلين إل مننن أنننرت قلننوبهم بنننور معرفتننك‪ ،‬وشننرحت صنندورهم بنفحننات‬
‫عنايتك؛ وكتبت لهننم النجنناة بقننديم قنندرك‪ ،‬وشننرفتهم بالنتسنناب إليننك لعلمننك‬
‫باستحقاقهم لذلك‪ ،‬فمن يهدي من أضللته؟ ومن يضلل من هديته؟ والكننل منننك‬
‫وإليك‪ ،‬والمر موقوف عليك‪ ،‬فاجعلنا برحمتك من المهتدين‪ .‬واكتبنا بكرمك مننع‬
‫الواصلين‪ ،‬ول تخزنا يوم الدين‪ ،‬ول تجعلنا مننن الننذين ضن ّ‬
‫ل سننعيهم فنني الحينناة‬
‫الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا‪.‬‬

‫مناجاة‬

‫‪96‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫يا عظيم الجود‪ !..‬إن الجواد من أبناء الدنيا إذا اشتهر جوده‪ ،‬تطلعت إليننه أنظننار‬
‫الطامعين‪ ،‬ورحلت إليه ركاب الطننالبين‪ ،‬وتعلقننت بننه آمننال المحتنناجين فل يننرد‬
‫ل‪ ،‬ونحن كمننا تعلننم فقننرا ً وحاجننة وشنندة ومحنننة‪ ،‬وفقرنننا ل‬
‫ل‪ ،‬ول يخيب آم ً‬
‫سائ ً‬
‫ينندفعه إل جننودك‪ ،‬وحاجتنننا ل يكفيهننا إل كرمننك‪ ،‬وشنندتنا ل يزيلهننا إل لطفننك‪،‬‬
‫ومحنتنا ل يكشفها إل عطفننك‪ ،‬وقنند أكنندت لنننا فنني كتابننك أن نسننمات رحمتننك‬
‫تحيي ما كاد يجف من آمالنا‪ ،‬وبشائر مغرفتك تستر ما عظم من سننيئ أعمالنننا‪،‬‬
‫وسريع يسرك يغلب ما تفاقم من عسرنا‪ ،‬وعظيننم لطفننك يمحننو مننا اشننتد مننن‬
‫آلمنا‪ ،‬فتداركنا بما يضمد جراحنا‪ ،‬ويقوي عزائمنا‪ ،‬ويوفقنا للسير فنني الطريننق‬
‫الذي اخترته لنا ول تحرمنا من عمننل ننننوي القيننام بننه لخننالص وجهننك‪ ،‬ومحننض‬
‫مرضاتك‪ ،‬ول تحجب عنا من لطائف رحمتك ما تنعننش بننه آمننال المنتميننن إليننك‪،‬‬
‫المستجيرين بك‪ ،‬الداعين لك‪ ،‬إنك بنا رؤوف رحيم‪.‬‬

‫محنة العالم‬
‫محنة العالم في إقبال الدنيا عليه‪ ،‬أشد من محنته في إعراضها عنه؛ فإن الزهد‬
‫فيما ولى يأس‪ ،‬والزهد فيما أقبل قوة خلننق وعظننم نفننس‪ ،‬وعظمنناء النفننوس‬
‫أعظم في الناس أثرًا‪ ،‬وأكبر عند الله قدرا ً مننن الزاهنندين فنني يننأس الصننالحين‬
‫في غير محنة‪.‬‬

‫أشد من الصبر والحرمان‬


‫الثبات على الصبر أشد من الصبر نفسه‪ ،‬والرضننا بالحرمننان أشنند مننن الحرمننان‬
‫نفسه‪ ،‬وما كل صابر ثابت‪ ،‬ول كل محننروم راض‪ ،‬ول كننل نائحننة ثكلننى‪ ،‬ول كننل‬
‫عبوس حزين‪ ،‬ول كل محب متيم‪.‬‬

‫طبيعة‪...‬‬
‫طبيعة القوي الجور‪ ،‬فإذا عدل فلمر ما‪ ،‬وطبيعننة الظننالم القسننوة‪ ،‬فننإذا رحننم‬
‫فلمر مننا‪ ،‬وطبيعننة المسننتبد الغننرور‪ ،‬فننإذا تواضننع فلمننر مننا‪ ،‬وطبيعننة الملحنند‬
‫الفساد‪ ،‬فإذا صنلح فلمنر منا‪ ،‬وطبيعنة الغنني التبنذير‪ ،‬فنإذا اقتصند فلمنر منا‪،‬‬
‫وطبيعة المنافق الكذب‪ ،‬فإذا صنندق فلمننر مننا‪ ،‬وطبيعننة المخننادع الخيانننة‪ ،‬فننإذا‬
‫استقام فلمر ما‪ ،‬وطبيعة السياسي المداورة‪ ،‬فننإذا صننارح فلمننر مننا‪ ،‬وطبيعننة‬
‫الشباب الطيش‪ ،‬فإذا عقل فلمر ما‪ ،‬وطبيعة الجمال الفتنننة‪ ،‬فننإذا عننف فلمننر‬
‫ما‪ ،‬وطبيعة عالم السوء الولنع فني الندنيا‪ ،‬فنإذا زهنند فيهننا فلمننر منا‪ ،‬وطبيعننة‬
‫البدوي الجلفة‪ ،‬فإذا رق فلمر ما‪.‬‬

‫‪ ..‬وطبيعة‬
‫طبيعة المؤمن الستقامة‪ ،‬فإذا انحرف فلمر مننا‪ ،‬وطبيعننة العننالم النصننح‪ ،‬فننإذا‬
‫نافق فلمر ما‪ ،‬وطبيعة العابد الزهنند‪ ،‬فننإذا حننرص فلمننر مننا‪ ،‬وطبيعننة الشننجاع‬
‫السخاء‪ ،‬فإذا بخل فلمننر مننا‪ ،‬وطبيعننة الداعيننة الخلص‪ ،‬فننإذا راءى فلمننر مننا‪،‬‬
‫وطبيعة المصلح التضحية‪ ،‬فإذا استأثر فلمر ما‪ ،‬وطبيعة الرجل التجلد‪ ،‬فإذا خار‬
‫فلمر ما‪ ،‬وطبيعة المرأة الحنان‪ ،‬فإذا قست فلمر ما‪ ،‬وطبيعننة الشننيخ الحكمننة‪،‬‬

‫‪97‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫فإذا جهل فلمر ما‪ ،‬وطبيعة المتزوج العفة‪ ،‬فإذا فسق فلمر مننا‪ ،‬وطبيعننة الب‬
‫الحب‪ ،‬فإذا أبغض فلمر ما‪ ،‬وطبيعة الحضري الرقة‪ ،‬فإذا جلف فلمر ما‪.‬‬

‫جنود الدعوة الوائل‬


‫جنود الدعوة الوائل تلقوها من مصدر قوتها‪ ،‬وعننذب معينهننا‪ ،‬ل جننرم أن كننانت‬
‫قوة الدفع أشد ما تكون انطلقًا‪ ،‬وعذوبة المشنرب أصنفى منا تكنون نقناء‪ ،‬أمنا‬
‫جنننود الندعوة الوخنر‪ ،‬فقند تلقوهننا منن قنوة يشنوبها ضننعف‪ ،‬ومعيننن ممننزوج‬
‫بكدورة‪ ،‬ل جرم أن كانت قوة الدفع أضعف‪ ،‬وصفاء المعين أقل‪.‬‬
‫صفاتهم‬
‫جنننود النندعوة الوائل كننانوا يقلننون مننن الجنندل‪ ،‬ويكننثرون مننن العمننل‪ ،‬وكننانوا‬
‫يبخلننون بننالقوال‪ ،‬ويجننودون بننالموال‪ ،‬وكننان عزمهننم علننى الجهنناد مسننتعلنًا‪،‬‬
‫وإخلصهم فيه مستخفيًا‪ .‬وجنود الدعوة الواخر يكثرون من الجدل‪ ،‬ويقلون من‬
‫العمل‪ ،‬ويجودون بالقوال‪ ،‬ويبخلون بالموال‪ ،‬وإعلنهم للنندعوة مجلجننل‪ ،‬وهننم‬
‫في الجهاد من أجلها على وجل‪ ،‬ل جرم إن اختلف الثران مننع التقنناء الطريننق‪،‬‬
‫وتباين المنهجان مع وحدة الهدف "والمؤمن القننوي خيننر وأحننب إلننى اللننه مننن‬
‫المؤمن الضعيف‪ ،‬وفي كل خير"‪.‬‬

‫أنواع الحب‬
‫الحب ثلثة‪ :‬حب إلهي)هو حب المؤمن لربه(‪ ,‬وحننب إنسنناني)هننو حننب النسننان‬
‫لخيه ولصديقه(‪ ،‬وحب حيواني)هو العشق الجنسي(‪.‬‬
‫فالحب اللهي فيه ضراعة المحب وشكر المحبوب‪.‬‬
‫والحب النساني فيه وفاء المحب وتقدير المحبوب‪.‬‬
‫والحب الحيواني فيه مراوغة المحب ولؤم المحبوب‪.‬‬

‫كيف يحبك الناس‬


‫أفد الناس من علمك‪ ،‬وأشركهم في مالك‪ ،‬وسعهم بخلقك‪ ،‬يحبوك كثيرًا‪.‬‬

‫وكيف يبغضونك‬
‫حن ْ‬
‫ل بينهننم وبيننن شننهواتهم‪ ،‬وهنناجم سننيئ تقالينندهم‬ ‫صننر الننناس بعيننوبهم‪ ،‬و ُ‬
‫ب ّ‬
‫يبغضونك كثيرا‪ً.‬‬

‫التقاليد‬
‫للتقاليد قدسية الدين عننند الجنناهلين‪ ،‬وقيمننة النقننود عننند النندجالين‪ ،‬وخطننورة‬
‫السم عند المصلحين‪.‬‬

‫ل تكن هذا ول ذاك‬


‫بعض الناس يجمدون حتى يكونوا أقسننى مننن الصننخر‪ ،‬وبعضننهم يشننتدون حننتى‬
‫يكونوا أحر من الجمر‪ ،‬وبعضهم يثقلون حتى يكونننوا أمننر مننن الصننبر‪ ،‬وبعضننهم‬
‫يميعون حتى يكونوا كماء البحر‪ ،‬وكل ذلك في الخلق الجتماعي ذميم‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫شمس الحقيقة‬
‫بعض الناس ينكرون الحقيقة بوضع أيديهم على عيونهم لئل يغشيهم ضوؤها‪.‬‬

‫الفرار عجز‬
‫كثيرا ً ما نفر من الشيء لعجزنا عن مواجهته‪.‬‬

‫رؤية النفس‬
‫من رأى نفسه قبل أن يرى الناس لم يره الناس‪.‬‬

‫اليثار‬
‫إذا أثمرت شجرتك فأنت أولى بها فني الضنيق‪ ،‬وجنارك أولنى بهنا فني السنعة‪،‬‬
‫والكرام يرون جارهم أولى بها في أي حال‪ ،‬أولئك الذين يؤثرون على أنفسننهم‬
‫ولو كان بهم خصاصة‪.‬‬

‫النفس الميتة‬
‫الشجرة التي ل ُتميل الرياح أغصانها شجرة ميتة الجذور‪ ،‬كذلك النفننس الننتي ل‬
‫تهزها المآسي نفس ماتت فيها معاني النسانية‪.‬‬

‫المتكبر‬
‫المتكبر على إخوانه يحتقننر نفسننه وهننو ل يعلننم‪ ،‬والمتكننبر علننى الننناس ينندفن‬
‫نفسه بينهم بيده وهو يعلم‪.‬‬

‫المتواضع‬
‫ل يغرنك من يتواضع بلسانه وبانحناء ظهننره وانخفنناض رأسننه؛ فقنند يكننون مننن‬
‫أشد الناس كبرا ً وغرورًا‪ ،‬جربه إذا شئت‪ ،‬بالمسنناس قليل ً بكبريننائه ينكشننف لننك‬
‫أمره في الحال‪.‬‬

‫منبت العز‬
‫ل ينبت العز في أرض فرشت بالشواك‪.‬‬

‫أصناف الناس‬
‫بعض الناس تعيش فيهم فضائلهم كلها؛ أولئك خير الناس‪ ،‬وبعض الناس تعيننش‬
‫فيهم بعض فضائلهم وتموت فيهم الخرى؛ أولئك أوساط الناس‪ ،‬وبعض الننناس‬
‫تموت فيهم كل فضائلهم؛ أولئك أراذل الناس‪.‬‬

‫في غير منبتها‬


‫ربما نبتت الفضيلة في أرض الرذيلة‪ ،‬وربما نبتت الرذيلة في أرض الفضيلة‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫المحروم والمعدم‬
‫احذر المحروم الننذي لذ بالفضننيلة لعنندمه‪ ،‬ثننم واتتننه النعمننة؛ فننإنه يكننون أشنند‬
‫انهيارًا‪ ،‬وأكثر إضرارا ً من ذي نعمة لم يدع الفضيلة قط‪.‬‬

‫مستغل الدين‬
‫ً‬
‫الذين يلبسون لبوس الدين ثم يستغلونه‪ ،‬أشد خطرا على الدين ممن يكشننفون‬
‫عن وجوههم فيحاربونه‪.‬‬

‫مصيبة الدين‬
‫مصننيبة النندين فنني جميننع عصننوره بفئتيننن‪ :‬فئة أسنناءت فهمننه‪ ،‬وفئة أتقنننت‬
‫استغلله‪ ،‬تلك ضّللت المؤمنين به‪ ،‬وهذه أعطت الجاحدين حجة عليه‪.‬‬

‫الدين الحق‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الدين الحق هو الننذي يعطيننك فلسننفة متكاملننة للحينناة‪ ،‬ونظامنا وافينا بحاجننات‬
‫المجتمع‪ ،‬كالمهندس الماهر يبني لك بيتا ً متين الدعائم‪ ،‬مستوفي المنافع‪.‬‬
‫خير الديان‬
‫الدين الذي ل ينظم شؤون الدنيا ل ينفع للدنيا‪ ،‬والدين الذي ل يعننترض لشننؤون‬
‫الخرة ل ينجي فنني الخننرة‪ ،‬فخيننر الديننان مننا كفننل لننك السننعادة فنني النندنيا‪،‬‬
‫والنجاة في الخرة‪.‬‬

‫مشكلة الفرد في الدين والحضارة‬


‫في أدب الديانات السماوية‪ ،‬تعتبر مشنكلة الفنرد الولنى هني القنرب منن اللنه‬
‫بصالح العمال‪ ،‬وفي أدب الحضارات الغربية‪ ،‬تعتبر مشكلة الفرد الولى إرضنناء‬
‫غريزة الجنننس بمختلننف الشننكال‪ ،‬وقنند لقنني الفننرد فنني ظننل أدب النندين كننل‬
‫طمأنينة وسعادة‪ ،‬ولقي في ظل أدب الحضارة منتهى القلق والشقاء‪.‬‬

‫النسان في السلم وفي الحضارة الغربية‬


‫في السلم خلق الله النسان ليكون خليفته في الرض‪ ،‬وفي الحضارة الغربيننة‬
‫ليس النسان إل حيوانا ً متطورًا‪.‬‬

‫الجنس في الديانات والحضارات‬


‫أنكرت الديانات السابقة على النسان غريزة الجنس فجعلننت الحضننارة الغربيننة‬
‫غريزة الجنس عنوان وجوده‪ ،‬أما السلم فلم ينكر تلننك الغريننزة فنني النسننان‪،‬‬
‫ول جعلها مشكلته الولى‪.‬‬

‫الحجيج العائد‬
‫عاد حجيج بيت الله الحرام‪ ،‬فأكد لي إخواني أنهننم أكننثروا لنني مننن النندعاء فنني‬
‫الماكن الطاهرة‪ ،‬أما أجرهم فل أشك أن الله كتبه لهم‪ ،‬وأمننا اسننتجابة دعننائهم‬

‫‪100‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫فل شك أن الله ادخر لي أحد أمرين‪ :‬إما الشفاء‪ ،‬وإما ما هننو خيننر منننه‪ ،‬وحاشننا‬
‫لكرمه أن يردهم‪ ،‬فل يكتب لي واحدا ً منهما‪.‬‬

‫لو كثر المثقفون في الحجيج‬


‫حدثني الشباب المثقفون من هؤلء الحجيج أن ما أفادوه في الحج مننن تصننفية‬
‫نفوسهم وتقوية إيمانهم‪ ،‬ل يستطيعون وصفه‪ ،‬فلو أن كننل مسننلم حننج بروحننه‬
‫وجسمه‪ ،‬كما حج هؤلء؛ لتغير وجه تاريخ المسلمين اليوم‪.‬‬

‫يا ولدي الصغير‬


‫يننا ولنندي الصننغير! ُتننرى حيننن تصننبح رجل ً مثلنننا يتطلبننك الننواجب أن تحمننل‬
‫المسؤولية‪ ،‬أتكون في صف العاملين؟ أم تكون فنني جمنناهير الغننافلين؟ أيكننون‬
‫زمانك خيرا ً من زماننا؟ أم أسوأ؟ أيكون جيلك أفضل من جيلنننا؟ أم نكننون نحننن‬
‫خيرا ً منكم؟ لست أدري يا ولدي الصغير‪ ،‬ولكنني أدري أن من واجبي نحوك كأب‬
‫أن أعنندك لحمننل المسننؤولية‪ ،‬وتجشننم الصننعاب‪ ،‬ورفننع اللننواء‪ ،‬وإننارة الطريننق‬
‫للركب السائر‪ ،‬فإن بلغت منك في ذلك ما أريد‪ ،‬فذلك خير وفننق اللننه إليننه‪ ،‬وإل‬
‫فحسبي أن أؤدي المانة‪ ،‬وأبلغ الرسالة‪ ،‬وأل أدعك تحاجني بين يدي الله‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم العشرون‬

‫وكل يدعي وصل ً بليلى‬


‫ما رأيت إنسانا ً اختلف مع آخر‪ ،‬إل أكد أن الحق معه‪ ،‬وأنه كان يمثننل الحننق فنني‬
‫أنبل صوره‪ ،‬وما رأيت متهمنا ً ينندافع عننن نفسننه‪ ،‬إل جعننل نفسننه شننهيد الحننق‪،‬‬
‫صريع القيام بالواجب‪ ،‬ولكننن التاريننخ المنصننف‪ ،‬سيفصننل بينهمننا‪ ،‬واللننه أعنندل‬
‫الحاكمين‪.‬‬

‫صناعة التاريخ‬
‫الشننباب يصنننعون التاريننخ بقلننوبهم‪ ،‬والعلمنناء يصنننعونه بعقننولهم‪ ،‬والحكمنناء‬
‫يصنعونه بأرواحهم‪ ،‬فإذا تعاون القلب والعقننل والننروح علننى صنننع تاريننخ‪ ،‬كننان‬
‫تاريخا ً ل ينطفئ نوره‪ ،‬ول تخبو ناره‪ ،‬وكذلك صنعنا التاريخ أول مرة‪.‬‬

‫الشهوات ل تصنع تاريخا ً‬


‫ما رأيت تاريخا ً صنعته الشهوات والملذات‪ ،‬ولكن دعاة الشهوات والملذات عندنا‬
‫يزعمون أنهم يصنننعون تاريخنننا الحننديث‪ ،‬فهننل هننم جنناهلون؟ أم متننآمرون‪ ،‬أم‬
‫جمعوا بين الجهل والتآمر؟‪.‬‬

‫من ادعى‬
‫دعى العلم وهننو يمننالئ الفاسنندين فهننو تنناجر‪ ،‬ومننن ادعننى الصننلح وهننو‬ ‫من ا ّ‬
‫دعى التقوى وهو يجري وراء الدنيا فهننو‬ ‫يتقّرب إلى الظالمين فهو فاجر‪ ،‬ومن ا ّ‬
‫دعننى الحكمننة‬‫دعى الوطنية وهو يفّرق الصفوف فهو خائن‪ ،‬ومننن ا ّ‬ ‫جال‪ ،‬ومن ا ّ‬ ‫د ّ‬
‫دعى البطولة وهو عبد لهوائه فهو رعديد‪ .‬ومن‬ ‫وهو منحرف فهو سفيه‪ ،‬ومن ا ّ‬
‫دعى التحّرر وهو ملحد فهو مخننّرب‪،‬‬ ‫دعى الزعامة وهو حقود فهو مقود‪ ،‬ومن ا ّ‬ ‫ا ّ‬
‫دعنى الرشناد‬ ‫دعى الهدى وهو مخالف للكتاب والسنة فهنو ضنال‪ ،‬ومننن ا ّ‬ ‫ومن ا ّ‬
‫وهو مخالف لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فهو جاهل أو محتال‪.‬‬

‫الجهل بالدين‬
‫الجهل بالدين مرتع خصب لضللت الشياطين‪ ،‬والفقر فنني النندنيا مرتننع خصننب‬
‫لهواء الطغاة والمستغّلين‪.‬‬

‫اليمان‬
‫من آمن بوجود الله لنم يكنن منن المتحّيرينن‪ ،‬ومنن آمنن برحمتنه لنم يكنن منن‬
‫اليائسين‪ ،‬ومن آمن بحكمته لم يكن من المترددين‪ ،‬ومن آمن بجننبروته لننم يكننن‬
‫من المتمّردين‪ ،‬ومن آمن بمراقبته لم يكن من المخادعين‪ ،‬ومننن آمننن بنندينونته‬
‫لم يكن من المنحرفين‪ .‬ومنن آمننن برزقنه لنم يكننن منن الطننامعين‪ .‬ومننن آمنن‬
‫بعدالته لم يكن من الظالمين‪ ،‬ومن آمن بوعده لم يكن مننن المتقاعسننين‪ ،‬ومننن‬
‫آمن بوعيده لم يكن من المخننالفين‪ ،‬ومننن آمننن بننذلك كلننه كننان مننن عبنناد اللننه‬
‫المقّربين‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫معرفة وجهالة‬
‫ر جهالة‪.‬‬
‫د معرفة‪ ،‬وإنكار الحق ولو عن تفكي ٍ‬
‫اعتقاد الحق ولو عن تقلي ٍ‬

‫العراض عن الحق‬
‫ق مع نصوع برهانه صنننيع الغننافلين‪ ،‬والسننكوت عننن الحننق مننع‬ ‫العراض عن الح ّ‬
‫ق مننع تطنناول بنيننانه‬
‫القدرة على بيانه صنيع الشننياطين‪ ،‬والسننتعلء علننى الح ن ّ‬
‫دين‬‫صنننيع المغروريننن‪ ،‬والسننتخفاف بننالحق مننع كننثرة أعننوانه صنننيع المسننتب ّ‬
‫الهالكين‪.‬‬

‫طعم الحق‬
‫من ذاق طعم الحق استسهل في سبيله الصعاب‪.‬‬

‫غرس الشواك‬
‫من غرس الشواك صعب عليه اقتلعها‪.‬‬

‫عزة الحق‬
‫عّزة الحق تطامن من كبرياء الباطل‪.‬‬

‫هوان!‬
‫من هان عليه الحق هان على الحق‪.‬‬

‫خمسة ل يفلحون‬
‫خمسة ل يفلحون أبدًا‪ :‬طاغية جاهل كذاب‪ ،‬وولد عنناق لوالننديه‪ ،‬ومغننرور مبتلننى‬
‫هد اتخذ الزهد شباكًا‪.‬‬ ‫بحب الشهرة‪ ،‬وحقود حسود حجود‪ ،‬ومتز ّ‬

‫أربعة ل يخفقون‬
‫أربعة ل يخفقون أبدًا‪ :‬مكافح حدد هدفه وسلك الطريق الصنحيح إلينه‪ ،‬ومتفنائل‬
‫أعد للحياة عدتها‪ ،‬وعامل أتقن عملنه وأحسنن دعنايته‪ ،‬وطنالب علنم مجتهند ذو‬
‫ذكاء واستقامة‪.‬‬

‫المكابرة في قضية المرأة‬


‫ق في قضية المرأة إل أحد أربعة‪ :‬مراهق ل يفكر إل في أهننوائه‬ ‫ل يكابر في الح ّ‬
‫الجنسية‪ ،‬وكاتب يننرى فنني إرضنناء غننرور المننرأة ودغدغننة عواطننف المراهقيننن‬
‫مه كسننب أصننوات‬ ‫والمراهقات طريقا ً إلى رواج كتابه والثراء منه‪ ،‬وسياسي يه ّ‬
‫صننب للنندين‬ ‫الناخبات من المتعّلمات‪ ،‬وطاغية يتقّرب للغرب بأنه متج ّ‬
‫دد غيننر متع ّ‬
‫والخلق والخصائص العريبة والسلمية‪.‬‬

‫الدب في الماضي والحاضر‬

‫‪103‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫كان الدب في الماضي عنوان الخصاصة والضياع‪ ،‬فأصبح في عصرنا – وبخاصننة‬
‫ل الدب النسنناني فنني الحاضننر‬‫أدب الجنس – عنوان الننثروة والشننهرة‪ ،‬وسننيظ ّ‬
‫والمستقبل كما كان في الماضي عنوان العبقرية والخلود‪.‬‬

‫مفتاح السعادة‬
‫الخلق أول ً ثم العلنم والكفناءة‪ ،‬هنذا هنو مفتناح السنعادة للفنراد والحكومنات‬
‫والجماهير‪.‬‬

‫الحسد على قدر النفع‬


‫كلما عظم نفع الرجل لقومه كثر حاسدوه وكثر محّبوه أيضًا‪.‬‬

‫الشجرة المثمرة‬
‫الشجرة المثمرة تهفو إليها النفوس‪ ،‬وتتطل ّننع إليهننا النظننار‪ ،‬وتتسنناقط عليهننا‬
‫الحجار‪.‬‬

‫حسد القران!‬
‫ما يلقاه الرجل من حسد أقرانه أشد مما يلقاه من كيد أعدائه‪.‬‬

‫رسالة الدين‬
‫و بأخلق الناس‪.‬‬
‫ن كان – السم ّ‬
‫رسالة الدين – أي دي ٍ‬

‫مشكلة النسانية‬
‫مشننكلة النسننانية فنني القننديم والحننديث والمسننتقبل‪ ،‬هنني مشننكلة الخلق‪،‬‬
‫دة هذه المشكلة في جميع عصور التاريخ‪.‬‬ ‫وللديان فضل كبير في تخفيف ح ّ‬

‫م تنجح الدعوات؟‬ ‫ب َ‬
‫ل تنجح الدعوات إل حين يكون لها من القادة المتعاونين الكفاء‪ ،‬ما يكون علننى‬
‫قدر الحاجة إليهم‪ ،‬والظروف المحيطة بهم‪.‬‬

‫مشكلة الدعوة السلمية‬


‫ن لها أعنندادا ً هائلننة مننن النصننار ل قننادة لهننم‪ ،‬أو أن‬
‫مشكلة الدعوة السلمية أ ّ‬
‫كثيرا ً من قادتهم ليسوا على مستوى الحداث‪.‬‬

‫سر عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم‬


‫وة في محمد صلى الله عليه وسلم أنه ترك من بعده خلفنناء عنننه‬ ‫سّر عظمة النب ّ‬
‫دبنه‬‫في قيادة الدعوة‪ ،‬يفهمون شريعته كما يفهمهننا‪ ،‬ويتخلقننون بنأخلقه كمنا أ ّ‬
‫دت رسالتها في التاريخ‪.‬‬ ‫رّبه‪ ،‬فاستمّرت الدعوة من بعده‪ ،‬وأ ّ‬

‫ألزم للقادة من الجند‬

‫‪104‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫دراسة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم دراسة عميقة واعية‪ ،‬ألزم ما تكون‬
‫لقادة الدعوة من الجنود والنصار‪.‬‬

‫المدرسة اللهية‬
‫بننأبي أنننت وأمنني يننا رسننول اللننه! مننا أروع سننيرتك‪ ،‬ومننا أعظننم بركتهننا‪ ،‬إنهننا‬
‫المدرسة اللهية لكل قائد وكل زعيم‪ ،‬وكل رئيس‪ ،‬وكل حنناكم‪ ،‬وكننل سياسنني‪،‬‬
‫وكل زوج‪ ،‬وكل أب‪ .‬أنت المثل النساني الكامننل لكننل مننن أراد أن يقننترب مننن‬
‫الكمال في أروع صوره واتجاهاته ومظاهره‪ ،‬فالحمد للننه الننذي أنعننم بننك علينننا‬
‫ل‪ ،‬وعلى النسانية ثانيًا‪.‬‬ ‫أو ً‬

‫عش مع العظماء‬
‫إذا أردت أن تلحق بالعظماء فعش معهم‪ ،‬وخير عظيم في التاريخ النساني كلننه‬
‫تعيش معه هو محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فاقرأ سيرته بإمعان وتدّبر كل يننوم‬
‫إن استطعت‪ ،‬وزره كل عام إن قدرت‪.‬‬

‫خلود الخالدين‬
‫ليس الخلود أن يتحن ّّ‬
‫دث التاريننخ عننن الخالنندين‪ ،‬ولكننن أن تسننري أرواحهننم فنني‬
‫ر علننى منّر التاريننخ‪،‬‬
‫الحياء المتعاقبين‪ ،‬وأن تعمل أخلقهم عملها في كننل عصن ٍ‬
‫ولم يجتمع ذلك لعظيم كما اجتمع لمحمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

‫تعصب الغربيين‬
‫طي على أبصار هؤلء الغربيين‪ ،‬لوجدوا في شننريعة‬ ‫صب الذميم يغ ّ‬ ‫ولول أن التع ّ‬
‫ن اللننه‬
‫محمد وسيرته ما يأخذ بيدهم إلى المن مما يتهاوون فيه من شقاء‪ ،‬ولكن ّ‬
‫دخره لمة أخرى‪ ،‬تكون أبّر بالنسانية وأحنى علننى‬ ‫لم يرد لهم هذا الخير ولعّله ا ّ‬
‫ل مشكلتها من هؤلء المتعصبين المغرورين‪.‬‬ ‫جراحها‪ ،‬وأهدى إلى ح ّ‬

‫من مثل محمد؟‬


‫لم يتفّرد محمد صلى الله عليه وسلم بأنه يمّثل الكمال النسنناني المطلننق مننن‬
‫جميع نواحيه فحسب‪ ،‬بل هو يمثل النجاح المعجز‪ ،‬في تربيننة النمنناذج النسننانية‬
‫الكاملة من الفراد‪ ،‬والمة النسانية الكاملة من بين الشعوب‪ ،‬فمن مثل محمنند‬
‫صلوات الله وسلمه عليه؟ من مثل محمد؟‪.‬‬

‫كن مثل محمد‬


‫أيها الخ المسلم! كن مثل محمد صلى الله عليه وسلم منا اسننتطعت‪ ،‬تلحنق بنه‬
‫في ركب الخالدين‪ ،‬كن صورة موجزة عنه‪ ،‬فمثل محمد تماما ً ما كان ولن يكننون‬
‫في التاريخ‪ ،‬لن إرادة الله اقتضت أن تكون للنسانية شمس واحنندة تطلننع كننل‬
‫يوم‪.‬‬

‫كلنا أبناء محمد‬

‫‪105‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫لم يخّلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده ابنا ً يرث رداءه‪ ،‬ولكنه خّلف‬
‫من بعده‪ ،‬ما بقيت الرض‪ ،‬أجيال ً تحمل لواءه‪ ،‬كلنا أبناء محمنند وبننناته‪ ،‬كلنننا آلننه‬
‫وورثته‪.‬‬

‫ورثة القيادة‬
‫ً‬
‫لم يجئ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الدنيا ليكننون ملك نا عليهننا‪ ،‬فنننرث‬
‫عنه الملك‪ ،‬ولكّنما جاء ليكون قائدا ً لها‪ ،‬فنحن نرث عنه القيادة‪.‬‬

‫مختلفان!‬
‫كيف يمكن أن نصطحب في الطريق إذا كنت أطير ُبراقًا‪ ،‬وتسير سلحفاة‪ ،‬فإمننا‬
‫أن أسننبقك‪ ،‬وإمننا أن تننؤخرني‪ ،‬وكيننف يمكننن أن نعيننش مع نًا‪ ،‬وحرارتنني كالنننار‬
‫مدني‪.‬‬‫وبرودتك كالثلج‪ ،‬فإما أن أحرقك‪ ،‬وإما أن تج ّ‬

‫تبديل الطبائع‬
‫من المستحيل تبديل الطبائع‪ ،‬كما يستحيل تبديل الشكال‪ ،‬ومن يخلقه الله كما‬
‫دله النسان كما يريد‪.‬‬
‫أراد ل يب ّ‬

‫مشكلت الطائر‬
‫مشكلت الطائر وهو يحّلق في السماء‪ ،‬ل يفهمها إل طائر مثله‪.‬‬

‫أمور نسبية‬
‫ق له غبار‪.‬‬
‫العرج بين المقعدين فرس ل يش ّ‬

‫مقصوص الجناح‬
‫مقصوص الجناح بين الطيننور‪ ،‬حننبيس القنندار عننن تحليننق الطيننار‪ ،‬ولعل ّننه كننان‬
‫أسرعها طيرانًا‪.‬‬

‫فضل السابقين‬
‫إذا مشيت في طريق معّبدة‪ ،‬فاذكر فضل الذين تعبوا قبلننك فنني تعبينندها‪ ،‬قبننل‬
‫أن تفاخر بسبقك من سار معك فيها‪ ،‬فلول أولئك ما سبقت هؤلء‪.‬‬

‫أقبح النسيان‬
‫ً‬
‫أقبح أنواع النسيان‪ ،‬نسيان المشهور تاريخه يوم كان مغمننورا‪ ،‬ونسننيان التننائب‬
‫ماضيه يوم كان عاصيًا‪ ،‬ونسيان العالم أن اللننه وهبننه الفهننم والعلننم وسيسننأله‬
‫عنهما‪ ،‬ونسيان المظلوم آلم الظلننم بعنند أن يصننبح منتصننرًا‪ ،‬ونسننيان الطننالب‬
‫الناجح فضل من كانوا سببا ً في نجاحه‪ ،‬ونسيان الداعية فضل الننذين سننبقوه أو‬
‫ساروا معه‪ ،‬ونسيان الفضل لكل ذي فضل مهما كان دقيقًا‪.‬‬

‫أيها السائرون!‬

‫‪106‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ق سراعا ً للخير ل للمغانم‬
‫ن ّ‬ ‫أيها السائرون في موكب الحن‬
‫للمنايا ل يعبأون بظالم‬ ‫صدقوا الله عهدهم فتنادوا‬
‫كان في الله ثورة ل تسالم‬ ‫عرجوا في الطريق نحو جريح‬
‫نم‪ ،‬وللشر دولة ومعالم‬ ‫كافح الظالمين في صولة الظلن‬
‫ً‬
‫نصى بعيدا عن خوض تلك الملحم‬ ‫ثم شاءت إرادة الله أن يننقنن‬
‫في اكتمال الشباب والحظ باسم‬ ‫ن‬‫أوثقْته السقام بضع سني ٍ‬
‫نت إِذ الخطب في العشيرة داهم‬ ‫أرغمته اللم أن يلزم البين‬
‫نم إذ البغي في المرابع جاثم‬ ‫علم الله كرهه راحة الجسن‬
‫نب جراح وفي الفؤاد عزائم‬ ‫فانثنى يجرع العذاب وفي القلن‬
‫ء وأحنى عليه من كل راحم‬ ‫غير أن القدار أرحم بالمر‬
‫كان حصن اليمان أمنع عاصم‬ ‫وإذا الخطب داهم المرء يوما ً‬
‫ضي عزاء وما البلء بدائم‬ ‫وله في الرضا عن القدر الما‬
‫ق اذكروا مدنف الهوى غير آثم‬ ‫ن ّ‬ ‫أيها السائرون في موكب الحن‬
‫منه فهو عاتب غير لئم‬ ‫ء‬
‫قد شجاه الجفاء بعد وفا ٍ‬
‫ً‬
‫نب قليل فجسمه غير سالم‬ ‫حى عن الركن‬ ‫ل تلوموه إن تن ّ‬
‫ومروءاته‪ ،‬وحمل المغارم‬ ‫لكم منه‪ :‬رأيه‪ ،‬وهواه‪،‬‬

‫‪107‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الواحد والعشرين‬

‫هكذا الحياة!‬
‫هكذا الحياة‪ :‬نبدأ مغمورين‪ ،‬ثم نصبح مشهورين‪ ،‬ثم نمسي مقبورين‪ ،‬وبعد ذلننك‬
‫إما أن نكون مسرورين‪ ،‬وإما أن نكون مقهورين‪.‬‬

‫شريط الحياة‬
‫ددت مناظره منذ فجننر التاريننخ‪ ،‬لننه بدايننة واحنندة‪ ،‬ونهايننة‬
‫شريط الحياة مهما تع ّ‬
‫واحدة‪.‬‬

‫اختلف الشرار‬
‫اختلف الشرار فيما بينهم بدء نهايتهم‪.‬‬

‫المصلح الحمق!‬
‫المصلح الحمق هو الذي يحاول أن يقطع المة عن جذورها الممتدة في أعمنناق‬
‫التاريخ‪.‬‬

‫التيار‬
‫الهوج يجاري التّيار الهائج‪ ،‬والمجنون يقف في وجهه‪ ،‬والعاقل يحتاط لتخفيف‬
‫أخطاره‪.‬‬

‫ألقه على المقادير‬


‫إذا ناء كاهلك بالعبء‪ ،‬فألقه على المقادير‪.‬‬

‫حسن الظن‬
‫ن فضيلة‪ ،‬إل إذا صادمه الواقع الملموس‪ ،‬فإنه يصبح بلها ً وغفلة‪.‬‬
‫حسن الظ ّ‬

‫أنت والقدار‬
‫القدار أوسع نظرا ً منك‪ ،‬فل تتحير معها‪ .‬وأرحم منك‪ ،‬فل تتهمها‪ .‬وأحكم منننك‪،‬‬
‫فل تستجهلها‪ ،‬وأقوى منك‪ ،‬فل تعاندها‪ .‬وأسرع منك‪ ،‬فل تسابقها‪.‬‬

‫بين الحب والسخط‬


‫وّزع حّبك علنى النناس‪ ،‬ووزع سنخطك علنى الظننالمين؛ فنإن اللننه يحننب الننذين‬
‫يحّبون عباده‪ ،‬ويكره الذين يوالون أعداءه‪.‬‬

‫ل تكابر‬
‫تستطيع أن تنكر رؤية الشمس إذا أغمضت عينيك أو سترتهما بيننديك‪ ،‬ولكنننك ل‬
‫تستطيع أن تنكر ضوءها‪ ،‬ويمكنننك أن ل تننرى الشننمس إذا جلسننت فنني الظلم‪،‬‬
‫ولكن ل يمكنك أن تنكر أن الناس يرونها‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫إذا فوجئت!‬
‫إذا فوجئت بنزول المصائب فل تيأس من زوالها‪ ،‬وإذا فوجئت بتغّير الزمان‪ ،‬فل‬
‫تلجأ إلى الشكوى منه‪ ،‬وإذا فوجئت بتغير الخوان‪ ،‬فل تكثر من انتقاصننهم‪ ،‬وإذا‬
‫فوجئت بنالمرض المنؤلم‪ ،‬فل ترفنع صنوتك بنالنين مننه‪ ،‬وإذا فنوجئت بارتفناع‬
‫الغمار‪ ،‬فل تستمّر في استصغار شأنهم‪ ،‬وإذا فوجئت بتحكم الشرار فل تقنط‬
‫دت بك العّلة‪ ،‬فل تيأس من رحمة الله‪ ،‬وإذا رأيت في‬ ‫من زوال حكمهم‪ ،‬وإذا امت ّ‬
‫دنياك ما ل يعجبك‪ ،‬فاعلم أن هذه هنني س نّنة الحينناة‪ ،‬وإذا راعننك انتشننار الشننر‪،‬‬
‫فاعمل على مكافحته إن استطعت‪ ،‬وإل فترّبص به حننتى تواتيننك منننه الفرصننة‪،‬‬
‫وإياك أن تيأس من انكماشه‪ ،‬ولوغمر المجتمع الذي تعيش فيه‪ ،‬وإذا راعك رواج‬
‫ك في أن الله سيفضحه ولو بعد حين‪.‬‬ ‫الكذب والباطل‪ ،‬فل تش ّ‬

‫العبير الفواح‬
‫م عبيرها‪.‬‬
‫واحة‪ ،‬ولكنك ل تستطيع أن ل تش ّ‬
‫تستطيع أن ل ترى الزهرة الف ّ‬

‫ل تيأس‬
‫إذا استعصى عليك أمر تريده وترى فيه الخير‪ ،‬فحاول أن تسعى وراء خيننر آخننر؛‬
‫فإن الخير أكثر من أن تحصى طرائقه‪ ،‬وأعّز من أن ينال كله‪.‬‬

‫حكمة الله‬
‫ل أزال أؤمن بحكمة الله وعدالة قنندره‪ ،‬مهمنا استعصنى مرضنني علننى الشننفاء‪،‬‬
‫كم الظالمين ودجل الكذابين‪.‬‬‫واستشرى في أمتي تح ّ‬

‫س آلمك!‬‫ان َ‬
‫استمرار التفكير في آلم مرضك‪ ،‬يزيندك آلمنًا‪ ،‬فحناول أن تنسنى مرضنك ولنو‬
‫فترات‪ ،‬بقراءة ما تستلذّ قراءته‪ ،‬أو سماع ما تستحسن سماعه‪ ،‬أو رؤية ما تحب‬
‫رؤيتننه‪ ،‬أو محادثننة مننن تننودّ محننادثته‪ ،‬وإذا رزقننت النننس بكلم اللننه‪ ،‬وحلوة‬
‫مناجاته؛ كان ذلك من أكبر العوامل على نسيان آلمك‪ ،‬حين تقرأ كتاب اللننه‪ ،‬أو‬
‫تخضع بين يديه في صلتك‪.‬‬

‫كيف تتصرف في المشكلت‬


‫إذا وقعت في مشكلة أو أزمة أو مصيبة‪ ،‬فافرض أسوأ ما يكون منها‪ ،‬فإن وقننع‬
‫ما افترضنته لنم تفاجنأ‪ ،‬وإن لنم يقنع‪ ،‬رأينت ذلنك نعمننة ترتناح إليهننا‪ ،‬وفنني كل‬
‫المرين‪ :‬تخفيف من قلق نفسك وتعب أعصابك‪.‬‬

‫نعم المربي‬
‫نعم المرّبي الزمان‪ ،‬ونعم المنّبه العدو‪ ،‬وبئس المخدُّر المنافق‪.‬‬

‫فضائلك بين حسادك ومحبيك‬

‫‪109‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫سننادك الوقحننون‪ ،‬وشننر مننن يكشننف عيوبننك‪ :‬محبننوك‬
‫خير من ينشر فضننائلك ح ّ‬
‫المغفلون‪.‬‬

‫أنفع‬
‫نشر رأيك بين الناس في مقال واحد‪ ،‬أنفع لك من مجادلننة خصننومك المعاننندين‬
‫شهرا ً كام ً‬
‫ل‪.‬‬

‫ل تحاول المستحيل‪..‬‬
‫الحياة صخرة عاتية‪ ،‬وخير لك من محاولة زحزحتها‪ ،‬أن تستفيد من ظّلها لّتقنناء‬
‫حّر الشمس‪ ،‬وثورة العاصير‪.‬‬

‫مصاحبة الحمق‬
‫احننذر مننن مصنناحبة الحمننق‪ ،‬فيفسنند عليننك عقلننك‪ ،‬وإذا ابتليننت بمصنناحبته فل‬
‫تتعاقل عليه‪ ،‬ولكن امتحن عقلك ساعة بعد ساعة‪.‬‬

‫اتخذ من المكروه وسيلة‬


‫اّتخذ من الفشل سّلما ً للنجاح‪ ،‬ومن الهزيمة طريق نا ً إلننى النصننر‪ ،‬ومننن المننرض‬
‫فرصة للعابدة‪ ،‬ومن الفقر وسيلة إلى الكفاح‪ ،‬ومن اللم بابا ً إلى الخلود‪ ،‬ومنن‬
‫الظلم حافزا ً للتحّرر‪ ،‬ومن القيد باعثا ً على النطلق‪.‬‬

‫تفاءل دائما ً‬
‫ض بالسننوأ وعملننت‬
‫دل الحسن بالسننوأ؛ إذا لننم تننر َ‬
‫تستطيع – إذا أردت – أن تب ّ‬
‫لتغييره بروح التفاؤل‪.‬‬

‫العاقل والحمق‬
‫الفرق بين العاقل والحمق‪ :‬أن العاقننل ينظننر دائمنا ً إلننى م ندّ بصننره‪ ،‬والحمننق‬
‫ينظر إلى ما بين قدميه‪.‬‬

‫فكر في مفاتيحها‬
‫إذا وقعت في أزمة مستحكمة‪ ،‬فاجعل فكرك في مفاتيحها ل في قضبانها‪.‬‬

‫العاجز والحازم‬
‫العاجز من يلجأ عند النكبات إلى الشكوى‪ ،‬والحازم من يسرع إلى العمل‪.‬‬

‫ل تركن إلى النين‬


‫دم عليه البيت‪ ،‬فركن إلى النين‪ ،‬مات تحت الركام‪ ،‬ومن أمسك جراحنناته‬ ‫من ته ّ‬
‫ً‬
‫بيد‪ ،‬والمعول بيد‪ ،‬إن استطاع‪ ،‬فإن سلمت له حياته عاش كريما‪ ،‬وإن مننات بعنند‬
‫ذلك‪ ،‬مات حميدًا‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫أنقذ ما يمكن‬
‫إذا حال دون نشاطك المعتاد حائل‪ ،‬من مرض أو سجن أو ظرف قاهر‪ ،‬فاستنقذ‬
‫من نشاطك ما يمكن إنقاذه‪.‬‬

‫أتقن عملك‬
‫عمرك كله‪ :‬هو اللحظننة الننتي أنننت فيهننا‪ ،‬فننأتقن عملننك مننا اسننتطعت‪ ،‬فقنند ل‬
‫تواتيك فرصة أخرى للعمل‪.‬‬

‫الختلف‬
‫في اختلف الصدقاء شماتة العداء‪ ،‬وفنني اختلف الخننوة فرصننة المتربصننين‪،‬‬
‫وفي اختلف أصحاب الحق فرصة للمبطلين‪.‬‬

‫دنيا المؤمنين‬
‫لكل إنسان دنياه الواسعة التي تجول فيها أحلمه ومطامعه تصول‪ ،‬والمؤمنننون‬
‫لهم دنيا واحدة محدودة بالحق الذي آمنوا به‪.‬‬
‫متقدم عنه ول متأخر‬ ‫وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي‬

‫المتمسحون بالحق‬
‫سحين به من ذوي المطامع‪ ،‬فل ضير علننى الحننق أن‬ ‫قد يستفيد الحق من المتم ّ‬
‫يستعين بهم إذا احتاج إليهم‪ ،‬أل ترى إلى الصدقات‪ ،‬جعل منهننا سننهم للمؤلفننة‬
‫قلوبهم؟‬

‫ل تأمن‪...‬‬
‫ل تأمن من لنم تمل مراقبنة اللنه قلبنه‪ ،‬علنى وطنن‪ ،‬ول علنى فكنرة‪ ،‬ول علنى‬
‫قضية‪ ،‬ول على مال‪ ،‬فإنك ل تدري متى يميل به الهوى‪ ،‬فيخونك وهو يزعم أنننه‬
‫ي أمين‪.‬‬
‫لك وف ّ‬

‫كارثة اجتماعية‬
‫خمسة يعتبر موتهم كارثة اجتماعية‪ :‬الحاكم الصالح في قوم فاسنندين‪ ،‬والعننالم‬
‫الناصح في قوم جاهلين‪ ،‬والمصلح المخلص في قوم غافلين‪ ،‬والقننائد الشننجاع‬
‫في قوم متخاذلين‪ ،‬والحكيم الشيخ في أحداث طائشين‪.‬‬

‫توضيح المفاهيم‬
‫توضيح معننالم الحننق يجننب أن يسننبق النندعوة إليننه‪ ،‬وإل كننثر المختلفننون الننذين‬
‫دعون أنهم يمثلون الحق‪ ،‬أو يدافعون عنه‪ ،‬وأكثرهم مبطلون أو مستغّلون‪.‬‬ ‫ي ّ‬

‫أسوأ‪..‬‬
‫الجتماع على الضلل أسوأ من الختلف على الهنندى‪ ،‬والتعنناون علننى الجريمننة‬
‫شّر من التخاذل عن الحق‪ ،‬ومسايرة الظالمين شر مننن الجبننن عننن مقننارعتهم‪،‬‬

‫‪111‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫واليمان المشوب بالكفر أخطر من الكفر الصراح‪ ،‬والحرب مع التخاذل أضّر من‬
‫إلقاء السلح‪.‬‬

‫ل خير‪..‬‬
‫ل خير في حاكم ل يحكمه دينه‪ ،‬ول في عاقل ل يسّيره عقله‪ ،‬ول عالم ل يهديه‬
‫علمه‪ ،‬ول قوي ل يستبدّ به عدله‪.‬‬

‫أنت أحوج‪..‬‬
‫أنت أحوج إلى أن تستفيد مما علمت‪ ،‬من أن تعلم ما جهلت‪.‬‬

‫روح العصر وحماقاته‬


‫مقاومننة روح العصننر حماقننة تسننتحق الرثنناء‪ ،‬ومقاومننة حماقننات العصننر حكمننة‬
‫تستحق الثناء‪ ،‬وإن كانت كلتا المقاومتين محكوما ً عليها بالفشل غالب نًا‪ ،‬غيننر أن‬
‫البطل الذي يستشهد في ميدان معركة خاسرة‪ ،‬أكرم من الحمننق الننذي يمننوت‬
‫في مقاومة عاصفة ثائرة‪.‬‬

‫وفر حظك من الشكوى‬


‫ً‬
‫إذا اشتكيت إلى إنسان مرضك أو ضائقتك‪ ،‬ثم لم يفعل مننن أجلننك شننيئا‪ ،‬إل أن‬
‫ك إليه مرة أخرى‪ ،‬فلو كننان أخنا ً حميمنا ً‬‫يقول‪ :‬ل حول ول قوة إل بالله‪ ،‬فل تشت ِ‬
‫ّ‬
‫فر حظننك مننن الشننكوى‬ ‫لّرقه ألمك‪ ،‬ولو كان رجل ً شهما ً لبادر إلى معونتك‪ ،‬فننو ّ‬
‫لمن كان له حظ من المروءة‪.‬‬

‫الشكوى‬
‫ّ‬
‫س كريم‪ ،‬مهانة يستغلها عدو لئيننم أو حاسنند‬ ‫الشكوى إلى غير أخ صادق‪ ،‬أو موا ٍ‬
‫زنينم‪ ،‬ولننو اسننتطعت أل ّ تشننكو إل إلننى الرحمننن الرحيننم‪ ،‬كننان أعظننم لثوابننك‪،‬‬
‫وأضمن لمودة أصحابك‪.‬‬

‫نعم الله‬
‫دت آلمك‪ ،‬لفوات ما تحب من صحة أو مال أو خير؛ فننإن مننا بقنني لننك‬ ‫مهما اشت ّ‬
‫من نعم الله عليك‪ ،‬رأس مال كبير لمسّرات ل تنتهي‪.‬‬

‫أشد اللم‬
‫أشد اللم على النفس‪ :‬آلم ل يكتشفها الطبيب‪ ،‬ول يستطيع أن يتحنندث عنهننا‬
‫المريض‪.‬‬

‫ل يوجد‬
‫أروني على وجه الرض إنسانا ً "سعيدًا" ل يكدر صفو سعادته مك ّ‬
‫در‪ ،‬إل أن يكون‬
‫"مجنونًا"‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ل تأتمن‪..‬‬
‫ً‬ ‫ماعًا‪ ،‬ول على سّرك كذابا‪ ،‬ول على دينك د ّ‬
‫جننال‪ ،‬ول علننى‬ ‫ً‬ ‫ل تأتمن على مالك ط ّ‬
‫عقلك مخادعًا‪ ،‬ول على سلمتك مغامرا‪ ،‬ول على علمك غبّيا‪ ،‬ول علننى أهنندافك‬
‫ً‬
‫ذكّيا‪.‬‬

‫شر الفقر‬
‫شّر أنواع الفقر أربعننة‪ :‬الفقننر فنني النندين‪ ،‬والفقننر فنني العقننل‪ ،‬والفقننر فنني‬
‫الصبر‪ ،‬والفقر في المروءة‪.‬‬

‫أيها المحزونون‬
‫أيها المحزونون‪ :‬خلق الله الزهور والرياض‪ ،‬وجمال الكون لكم قبل غيركم‪.‬‬
‫أيها المرضى‪ :‬خلق الله الشمس والهواء‪ ،‬والماء والغذاء لكم قبل غيركم‪.‬‬
‫أيها المحرومون‪ :‬خلق الله أنفع الغذية وأرخصها‪ ،‬لكم قبل غيركم‪.‬‬
‫أيها المضطهدون‪ :‬خلق الله هذه الرض الواسعة‪ ،‬لكم قبل غيركم‪.‬‬
‫أيها المظلومون‪ :‬خلق الله السموات مفتحة البواب لدعواتكم قبل غيركم‪.‬‬
‫أيهننا المتننألمون‪ :‬خلننق اللننه لكننم فيمننا حننولكم مننا ينسننيكم آلمكننم وأحزانكننم‬
‫وعبراتكم‪.‬‬
‫ً‬
‫أيها الحائرون‪ :‬كل يوم يخلق الله لكم دليل عليه‪ ،‬فاستعملوا عقولكم‪.‬‬
‫أيهننا الملحنندون‪ :‬فنني عجزكننم عننن درء الذى عننن أنفسننكم دليننل علننى وجننود‬
‫خالقكم‪.‬‬
‫أيها الباحثون‪ :‬في أنفسننكم وفيمننا حننولكم دليننل حكمتننه وقنندرته‪ ،‬فل تغمضننوا‬
‫عيونكم‪.‬‬
‫أيها المؤمنين‪ :‬في أسرار الوجود التي تتكشف يوما ً بعد يننوم دليننل علننى صننحة‬
‫عقيدتكم‪.‬‬

‫جمال الحياة‬
‫جمال الحياة‪ ،‬أن ترضى عما أنت فيه‪ ،‬ويرضى العقلء عما أنت عليه‪.‬‬

‫الهواء‬
‫أكثر ضلل الناس من أهوائهم‪ ،‬ل من عقولهم‪.‬‬

‫هذا الكون‬
‫هذا الكون العظيم كتاب مطوي‪ ،‬لم يقرأ العلماء إل كلمات من صفحة غلفه‪.‬‬

‫الب وأطفاله‬
‫يفرح الب بنمو أطفاله واكتمال فتوتهم وشننبابهم‪ ،‬ومننا ينندري أنهننم عننند ذلننك‬
‫يستعدون لخوض معركة الحياة بمشكلتها وآلمها وجراحهننا‪ ،‬فهننل هننو فننرح يننا‬
‫ترى لن أعباءهم أوشكت أن تلقى عن عاتقه إلى عواتقهم؟‬

‫‪113‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫مناجاة!‬
‫يا حبيبي! وحقك لول يقيني بحبك لعتبت عليك‪ ،‬ولول علمنني برحمتننك لشننكوتك‬
‫إليك‪ ،‬ولول ثقتي بعدلك لستعديتك عليك‪ ،‬ولول رؤيتي نعمننك لسنتبطأت كرينم‬
‫إحسانك‪ ،‬ولكني ألجمت الشننك بنناليقين‪ ،‬والتسننخط بالرضننى‪ ،‬والتننبرم بالصننبر‪،‬‬
‫فلك مني يا حبيبي رضا قلبي وإن شكا لساني‪ ،‬وهدوء نفسي وإن بكت عيوني‪،‬‬
‫وإشراق روحي وإن تجهم وجهي‪ ،‬وأمل يقيني وإن يئس جسمي‪ ،‬فل تؤاخننذني‬
‫بصنيع ما يفنى مني‪ ،‬ولك مما أعود به إليك ما تحب‪.‬‬

‫مناجاة!‬
‫يا حبيبي! ها أنا بعد خمس سنين لم ينفعننني علننم الطبنناء‪ ،‬ول أفننادتني حكمننة‬
‫الحكماء‪ ،‬ول أجننداني عطننف الصنندقاء‪ ،‬ول آذتننني شننماتة العننداء‪ ،‬وإنمننا الننذي‬
‫يفيدني بعد اشتداد المحنة؛ كسوة الرضا منك‪ ،‬وينفعني بعد القعود عنك؛ حسننن‬
‫القدوم عليك‪ ،‬ويخفف عني‪ ،‬جميل الرعاية لمن زرعتهم بيدك‪ ،‬وعجزت بمحنتي‬
‫عن متابعة العناية بهم‪ ،‬ومن مثلك يا حبيبي في صندق الوفنناء وجمينل الرعاينة‪،‬‬
‫ي ل محالة – فهم وأرضهم‬ ‫وحسن الخلفة؟ فإن قضيت في أمرك – وهو نافذ ف ّ‬
‫الطيبة أمانة عندك‪ ،‬يا مننن ل تضننيع عنننده المانننات‪ ،‬ول يخيننب فيننه الرجنناء‪ ،‬ول‬
‫يلتمس من غيره الرحمة والحسان‪.‬‬

‫دعاء!‬
‫اللهم إنا نسألك السداد في القول‪ ،‬كما نسألك الستقامة في العمننل‪ ،‬ونسننألك‬
‫الرضى منننك كمننا طلبننت منننا الرضننا منننك‪ ،‬ونسننألك سننلمة القلننب وإن مننرض‬
‫الجسم‪ ،‬وصحة الروح وإن اعتلت الجوارح‪ ،‬ونشاط النفس وإن عجزت العضنناء‪،‬‬
‫ونسألك استقامة نسلك بها سبيل الجنننة‪ ،‬وهدايننة نقننرع بهننا أبوابهننا‪ ،‬وتوفيق نا ً‬
‫يسلكنا مع أصحابها‪ ،‬وكرامة تجعلنا مننع الننذين يحتلننون أرفننع جنباتهننا مننع نبي ّننك‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم وسائر النننبيين والصننديقين والشننهداء والصننالحين‪،‬‬
‫وحسن أولئك رفيقًا‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الثاني والعشرين‬

‫رويدك!‬
‫رويدك إن الموت أقرب موعد‬ ‫ومنتظر موتي ليشفي غيظه‬
‫فيحكم من منا الشقي ومن هدي‬ ‫كلنا سيلقى الله من غير ناصر‬
‫من الناس أولتني قلدة سؤدد!‬ ‫أغاطك مني شهرة ومحبة‬
‫ل أحمد‬‫إلى دعوة الصلح في ظ ّ‬ ‫لعمرك ما ذاك الذي قد أهاب بي‬
‫وطول عناء المس واليوم والغد‬ ‫ولكنه الخلص والعلم والظما‬
‫تسّيره الهواء خبطا ً بفدفد]‪[1‬‬ ‫أبى المجد أن يعنو لكل مضل ّ ٍ‬
‫ل‬
‫دد‬‫وعاقت خطى عزمي بكل مس ّ‬ ‫فإن تكن اليام أودت بصحتي‬
‫و في فراشي ومقعدي‬ ‫ولست بثا ٍ‬ ‫فما كنت خوارا ً ول كنت يائسا ً‬
‫د‬
‫ألوذ بعّز الله من كل معت ِ‬ ‫سأمشي إلى الغايات مشي مكافح‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫طغاة غدوا حربا على كل مرشد‬ ‫وأحمي لواء الحق من أن يدوسه‬
‫ض فليطل هم‬ ‫إلى الله ما ٍ‬ ‫فمن ساءه عزمي على السير إنني‬
‫سدي‬‫ح ّ‬
‫لطول السرى‪ ,‬فالموت في الحق‬ ‫ي من الردى‬‫ن يأس أحبابي عل ّ‬‫وإ ْ‬
‫مسعدي‬

‫حاسب نفسك‬
‫حاسب نفسك على عيوبك‪ ،‬قبل أن تحاسب الناس علننى عيننوبهم‪ ،‬وكننن صننادقا ً‬
‫مع نفسك في معرفة عيوبها‪ ،‬فالرائد ل يكذب أهله‪.‬‬

‫قيمة النسان‬
‫قيمة النسان بأهدافه‪ ،‬ومنزلته بأقرانه‪ ،‬وذوقه باختياره‪ ،‬وثروته بما يملننك مننن‬
‫قلوب‪ ،‬وقوته بما يحطم من هوى‪ ،‬وانتصاره بما يهزم مننن رذيلننة‪ ،‬وكننثرته بمننن‬
‫يثبت معه عند الشدائد‪.‬‬

‫معرفة الحق‬
‫من عرف الحق لذت عنده التضحيات‪.‬‬

‫صفاء الروح‬
‫بين الفضيلة والرذيلة صفاء الروح‪.‬‬

‫ل تستعجل‬
‫ل تستعجل المور قبل أوانها‪ ،‬فإنهننا إن لننم تكننن لننك أتعبننت نفسننك‪ ،‬وكشننفت‬
‫أطماعك‪ ،‬وإن كانت لك أتتك موفور الكرامة‪ ،‬مرتاح البال‪.‬‬

‫أقسى الستعمار‬
‫أقسى أنواع الستعمار‪ :‬استعمار العادة للنسان‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫الحرية‬
‫بدء الحرية أن ل تكون لك عادة تتحكم فيك‪.‬‬

‫الهزيمة!‬
‫كم عظيم هزم الجيوش‪ ،‬وهزمته عادة سيئة‪.‬‬

‫اللذائذ والوهام‬
‫أكثر لذائذنا من صنع أوهامنا‪ ،‬ولول ذلك لشقي النسان‪.‬‬

‫العادة‬
‫العادة تبدأ سخيفة‪ ،‬ثم تصبح مألوفة‪ ،‬ثم تغدو معبودة‪.‬‬

‫التقاليد‬
‫أكثر التقاليد من صنع أناس كان يرميهم المجتمنع بالسنخف أو الشنذوذ‪ ،‬ثنم منا‬
‫لبث أن خضع لسخفهم وشذوذهم‪.‬‬

‫رداء الخير والشر‬


‫أكننثر الننناس ل يننرون الشننر لبس نا ً رداءه‪ ،‬بننل مسننتعيرا رداء الخيننر‪ ،‬ومننن هنننا‬
‫ً‬
‫يضلون‪.‬‬

‫الكرم الخالص‬
‫أكثر الناس الذين يستقبلونك فنني بيننوتهم بحفنناوة هننم بخلء ولننو رأيننت منهننم‬
‫بعض مظاهر الكرم؛ إنه كننرم إجبنناري رخيننص الثمننن‪ ،‬والكننرم الخننالص‪ :‬هننو أن‬
‫تشرك معك فنني مسننراتك مننن اسننتطعت أن تشننركهم مننن المحتنناجين؛ ببعننض‬
‫المال أو الطعام أو اللباس أو المواساة‪.‬‬

‫نحن والحضارة‬
‫لقد أفسدت هذه الحضارة أخلقنا كمسلمين‪ ،‬وطبائعنا كعرب‪ ،‬حيث انمحت فنني‬
‫مجتمعنا مظاهر اليثار والتعاون والتراحم‪ ،‬وإنك لتقرأ عن الماضين وتسمع من‬
‫المعمرين‪ ،‬من أخلقنا في ذلك ما تجزم معه بأننا مسخنا خلقا ً آخر‪.‬‬

‫الفراط‬
‫الفراط في الحزم ظلم‪ ،‬والفراط في اللين ضعف‪ ،‬والفراط في العبادة غلو‪،‬‬
‫والفراط في اللذة فجور‪ ،‬والفراط في الضننحك خفننة‪ ،‬والفننراط فنني المننزاح‬
‫سفاهة‪ ،‬والفراط في مسايرة النساء فسولة‪ ،‬والفننراط فنني مخننالفتهن لننؤم‪،‬‬
‫والفراط في الكل نهننم‪ ،‬والفننراط فنني النننوم خمننول‪ ،‬والفننراط فنني الكننرم‬
‫تبذير‪ ،‬والفراط في القتصاد شح‪ ،‬والفراط في الحتراس وسواس‪ ،‬والفراط‬
‫في الطمئنان غفلة‪ ،‬والفراط في الجد يبوسة‪ ،‬والفننراط فنني الراحننة كسننل‪،‬‬

‫‪116‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫والفننراط فنني العنايننة بالصننحة مننرض‪ ،‬والفننراط فنني إهمننال الصننحة مننوت‪،‬‬
‫والفننراط فنني محاسننبة الننناس عننداء‪ ،‬والفننراط فنني التسننامح معهننم ضننياع‪،‬‬
‫والفراط في الغيرة جنون‪ ،‬والفراط في الغضاء جريمة‪.‬‬

‫ثواب الجهاد‬
‫ل تنتظر جزاءك من أمتك على ما قدمت لها من خنندمات‪ ،‬فهنني مهمننا كافأتننك‪،‬‬
‫فإنما تكافئك كفرد‪ ،‬وأنت أحسنت إليها كأمة‪ ،‬وانتظر الجزاء بمننا ل يفنننى ممننن‬
‫ل يفنى‪.‬‬
‫· اتهامك أمتك بالجحود دليل على أنك أردت السمعة‪ ،‬ولم ترد وجه الله‪.‬‬
‫· ل يعجبك من الشهرة حلوة التصفيق؛ فإن معهننا مننرارة التصننفير‪ ،‬ول منندائح‬
‫المعجبين؛ فإن فيها مناوح )جمع مناحة( الحاسدين‪.‬‬

‫هل هؤلء عرب؟‬


‫زعموا أنهم عرب قوميون‪ ،‬ثم لم نرهم يقولون كلمة واحدة في ذكرى الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬ولدة أو هجرة أو فتحًا‪ ،‬كذبوا! لو كانوا عربا ً ح ّ‬
‫قا لهزتهم‬
‫ذكرى باعث العرب‪ ،‬ومخلد مجدهم في التاريخ إلى أبد البدين‪.‬‬

‫الخيار والشرار‬
‫م كتب على أكثر الخيار أن يكونوا بسطاء‪ ،‬وعلى أكثر الشرار أن يكونوا‬
‫ترى! ل َ‬
‫أذكياء؟‬

‫المغرور‬
‫عجبا ً لمر الذكي المغرور! يرفعه الننناس بأيننديهم تشننجيعا لننه فيننأبى إل أن يئد‬
‫ً‬
‫نفسه بيده خرقا ً منه!‬

‫جحود‬
‫ل تندم على أن شننجعت مننن توسننمت فيهننم الخيننر‪ ،‬فصنننعت منهننم رجننا ً‬
‫ل‪ ،‬ثننم‬
‫جحدوك وحاربوك‪ ،‬فحسبك أنك قاومت في نفسك النانية‪ ،‬وحاولت زرع الننورد‪،‬‬
‫فما أنبتت التربة السبخة إل شيحا ً وقيصومًا‪.‬‬

‫اعتدل في التشجيع‬
‫اعتدل في تشننجيع ذوي المننواهب كيل يقتلهننم الغننرور‪ ،‬فقلمننا اتسننعت عقننول‬
‫الذكياء من الفتيان للشهرة المبكرة‪ ،‬والمديح المغالي‪.‬‬

‫الطموح‬
‫الطموح إما أن ينمي المواهب والكفاءات‪ ،‬وإما أن يقتلها‪.‬‬
‫· طموح الحرار خلود‪ ،‬وطموح العبيد انتحار‪.‬‬
‫· طموح العقلء بناء‪ ،‬وطموح الحمقى تهديم‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫· طموح الحكماء زيادة في عقل النسانية‪ ،‬وطموح المغامرين السننفهاء زيننادة‬
‫في متاعبها‪.‬‬
‫· طموح العبقري المؤمن دفع بعجلننة الركننب الحضنناري نحننو الخيننر والسننعادة‪،‬‬
‫وطموح العبقري الفاجر دفع بها نحو الشر والشقاء‪.‬‬

‫من مراقد إلى مرابع‬


‫ول الحياء مراقدهم إلى مرابع للجمال‪ ،‬تشيع البهجة‬ ‫ترى! أيسوء الموتى أن يح ّ‬
‫والراحة في النفوس التي أرهقتها هموم الحياة وأعباؤها؟ أو إلى مراكز للعلننم‬
‫والثقافة‪ ،‬يشع منها الننوعي والنننور ؟ )قيلننت فنني مقننابر حمننص‪ ،‬وحننولت إلننى‬
‫حدائق عامة يرتادها جمهور الشعب من الفقراء والعمال‪ ،‬ولي في هذه المقابر‬
‫آباء وأجداد وأحبة وأصدقاء! (‬

‫النسان المعطاء‬
‫هذا النسان الكريم المعطاء الذي صنعته يد الله الكريم‪ ،‬عظيننم الجننود والعطنناء‬
‫كان في حياته يمنح الرض بعقله ما يعمرها‪ ،‬وها هو بعد مماته يمنحها بتربته ما‬
‫يزينها‪.‬‬

‫بيوت الله‬
‫نعم ما يفعلون اليوم! يحيطون بيوت الله بحدائق ذات بهجننة ورينناض‪ ،‬إن جمننال‬
‫الطبيعة من أعظم نعم الله على النسان‪ ،‬فما أجمنل أن يكنون الجمنال اللهني‬
‫طريقا ً إلى النور اللهي!‪ ) ..‬قيلت في الحدائق التي أقيمت حننول مسننجد خالنند‬
‫بن الوليد رضي الله عنه‪ ،‬في مدينة حمص (‬

‫يا أهل حمص!‬


‫يا أهل حمننص! إن للبطننل الخالنند فض نل ً عليكننم حيننن اختننار الثننواء عننندكم‪ ،‬فل‬
‫تقصروا في تمجيد ذكراه‪ ،‬فلوله لما خلدت مدينتكم! ) ل تلتفت إلى مننا يشننغب‬
‫به الحمويون ضد الحمصيين من أنه خالد بن يزيد ل خالد بن الوليد!(‬

‫روعة العظمة‬
‫يا لروعة العظمة تستمر مشرقة حيننة عننبر الجيننال مننن غيننر نصننب ول تمثننال!‬
‫وكذلك علمننا السنلم أن نجعنل عظماءننا قلوبنا ً تنبنض‪ ،‬وحيناة تتحنرك‪ ،‬وننورا ً‬
‫يضيء‪ ،‬ل أحجارا ً صامتة ترفع‪ ،‬ول أموال ً نافعة تهدر‪.‬‬

‫الحضارات الوثنية‬
‫هذه الحضارات الوثنية والمادية‪ ،‬تنفق على العظماء بعد مننوتهم مننا يحتنناج إليننه‬
‫الحياء في حياتهم‪.‬‬

‫نعطي الموتى ونمنع الحياء‬

‫‪118‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫أليس من عظيم المفارقات في بلدنا‪ ،‬أن نعطي الموتى ما نمنعه عننن الحينناء‪،‬‬
‫وأن نكرم الماضين ونهين المعاصرين‪ ،‬وأن نمجد شخصا ً ونحتقر شعبًا؟!‬

‫العظماء الخرس!‬
‫ً‬
‫المة التي ل تذكر عظماءها إل حين تراهننم خرسنا ل يتكلمننون‪ ،‬هنني أمننة بلينندة‬
‫الشعور‪ ،‬قليلة الوفاء‪ ،‬سريعة النسيان‪.‬‬

‫أيها المقلدون!‬
‫أيها المقلدون‪ :‬إن خالد بن الوليد حي في نفوس رجالنا ونسائنا وأطفالنا‪ ،‬أكثر‬
‫مننن حينناة كننل عظمنناء الرض‪ ،‬فنني نفننوس المننم الننتي أقننامت لهننم النصننب‬
‫والتماثيل!!‬

‫هل من الشتراكية؟‬
‫أيها الشتراكيون المتحمسون لقامة النصب والتماثيل‪ :‬هل مننن الشننتراكية أن‬
‫تهدر الموال الطائلة في أبنية وتماثيل لتخليد عظماء‪ ،‬هم خالدون في أنفسنا‪،‬‬
‫بدل ً من أن تكون هذه الموال غذاء لجننائع‪ ،‬وكسنناء لعننار‪ ،‬وبيتنا ً لمشننرد‪ ،‬وعلمنا ً‬
‫لجاهل‪ ،‬وقوة لضعيف؟ إن الشننتراكية قبننل النندين تردعكننم عننن هننذا لننو كنتننم‬
‫قا مؤمنين!‬ ‫لمعنى الشتراكية فاهمين‪ ،‬وبها ح ّ‬

‫هكذا يفعل التقليد‬


‫على قبر أتاتورك أنفقوا ثلثين مليون دولر‪ ،‬مما يشحذون من دول الستعمار‪،‬‬
‫وشعب تركيا جائع متخلف عن ركب الحياة! هكذا يفعننل حننب التقلينند بالضننعفاء‬
‫الغبياء‪ ،‬يفقدهم تفكيرهم قبل أن يفقندهم قنوتهم‪ ،‬وينوردهم البنوار قبننل أن‬
‫يوردهم النار!‬

‫نريد سلحا ً ل زينة‬


‫وا يتربص به في الطريق‪ ،‬اشننترى بمننا معننه‬‫العاقل الحازم من إذا علم أن له عد ّ‬
‫سلحا ً يدفع عنه الخطر‪ ،‬ل زينة يتزين بها في المجالس‪ ،‬وأمتنا اليوم في حاجننة‬
‫إلى أسلحة مادية ومعنوية تنفق فيها أموالها‪ ،‬أكثر من حاجتها إلى تماثيل تزين‬
‫بها مدنها‪.‬‬

‫أوسمة العظمة‬
‫من يعطي أوسمة العظمننة‪ ،‬وألقنناب الخلننود؟ هننل التاريننخ الصننادق‪ ،‬أم الدعايننة‬
‫الكاذبة؟ وهل الجماهير المخلصة‪ ،‬أم الفراد المتعصبون؟‬

‫زهرات حول تمثال‬


‫حطت نحلة على زهرات غرست حننول تمثننال عظيننم‪ ،‬فجنننت منننه عسنل ً شننربه‬
‫بعض المرضى فشفي‪ ،‬فقالت النحلة‪ :‬ليننت لنني بنندل كننل تمثننال زهننرة‪ ،‬وقننال‬
‫المريض‪ :‬ليتهم يحيون ذكرى العظماء بزهور يغرسونها كل عام!‬

‫‪119‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫الوهام في عصر العلم‬


‫وم طائر معمر في السماء ‪ -‬كان قد أفلت من سفينة نوح ولننم ينندركه المننوت‬ ‫ح ّ‬
‫بعد ‪ -‬ثم طاف حتى لف أجواء الرض كلها‪ ،‬فلما عاد إلى عشه‪ ،‬سأله طائر حدث‬
‫كان يحاوره‪ :‬كيف رأيت الرض بين المس واليننوم؟ قننال الطننائر المعمننر‪ :‬لقنند‬
‫تبدلت الرض غير الرض في عمرانها وحضارتها‪ ،‬ولكنها ل تزال كما كننانت فنني‬
‫أوهامها وخرافاتها‪ ،‬قال الطائر الحدث‪ :‬وكيف ذلننك؟ قننال الطننائر المعمننر‪ :‬لننم‬
‫يكن على الرض في عهدنا أيام نوح إل بضعة أصنام تعبنند مننن دون اللننه‪ ،‬وكننان‬
‫الناس يومئذ بدائيين جناهليين‪ ،‬ولكنني وجندت الرض الينوم بعند عهند النسنان‬
‫بآلف السنين من العلم والحضارة تغص بمليين التماثيل‪ ،‬ما بيننن أصنننام ُتعبنند‪،‬‬
‫وما بيننن أنصنناب ُتمجنند‪ ،‬وكننانت الصنننام والنصنناب فنني عهنندنا ترابنا ً وأخشننابا ً‬
‫ي أن النسننان فنني‬ ‫ل‪ ،‬ويخيننل إل ن ّ‬ ‫وأخجارًا‪ ،‬فأصبحت اليوم معادن ومبننادئ ورجننا ً‬
‫ي أيها الطائر الفتى أن‬ ‫عصر العلم ألبس أوهامه الجاهلية ثيابا ً علمية‪ ،‬ويخيل إل ّ‬
‫أوهام النسان كثيرا ً ما تغلب على علمه وتوجه عقله!‬
‫فقد أعانك‪...‬‬
‫إذا أصابك بسوء فمل نفسك صبرًا‪ ،‬وقلبننك رض نا‪ ،‬وأطلننق لسننانك حمنندا‪ ،‬وغمننر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫روحك إشراقا ً وطمأنينة‪ ،‬فقد أعانك‪.‬‬

‫أمور نسبية‬
‫ما تشكوه من بلئه لك‪ ،‬قد يراه غيرك رحمة منه له‪.‬‬

‫الزواج المبكر‬
‫الزواج المبكر متعب في بدايته‪ ،‬مريح في عاقبته‪.‬‬

‫ل تؤخر الزواج‬
‫ل تنؤخر الننزواج لقلننة ذات يندك‪ ،‬أنننت لسنت النذي تنرزق زوجننك وأولدك‪ ،‬إنمنا‬
‫يرزقهم من يرزق الطير في السماء والسمك في الماء‪.‬‬

‫]‪ [1‬الفدفد‪ :‬الصحراء الواسعة‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الثالث والعشرين‬

‫أكبر عند الله‬


‫خفقنة قلنب منن أب أو أم علننى ولندهما الصنغير المحمنوم‪ ،‬وقطننرة دمنع فني‬
‫جع المكننروب‪ ،‬ربمننا كننانت أكننبر عننند اللننه وأثقننل فنني‬
‫و ِ‬
‫عيونهما على ولدهما ال َ‬
‫الميزان من عبادة سنوات وسنوات‪.‬‬

‫ضريبة الحياة‬
‫الننزواج والنجنناب ضننريبة الحينناة‪ ،‬دفعهننا آباؤنننا قبلنننا‪ ،‬وننندفعها نحننن بعنندهم‪،‬‬
‫ويدفعها أبناؤنا بعدنا‪ ،‬تلك هي سنة الله وإرادته‪.‬‬

‫ل تلوموا الزمان‬
‫ل تلوموا الزمان‪ ،‬فإنه جميل لول أن شوهته أطماعكم‪.‬‬

‫الزمان والحقيقة‬
‫الزمان أعظم مما فيه‪ ،‬والمكان أوسع ممن عليه!‬

‫نحن والزمان‬
‫الزمان مرآة نرى فيها أنفسنا على حقائقها‪.‬‬

‫داء النسانية‬
‫الطمع داء النسانية الكبر‪ ،‬أفرادا ً وشعوبا ً وحكومات‪.‬‬

‫ذكريات‬
‫ثلث ذكريات ل تنقطع حلوتها‪ :‬ذكرى الطفولة البريئة‪ ،‬وذكرى الزواج السننعيد‪،‬‬
‫وذكرى النجاح في كل ما تحاول من أمر عظيم‪.‬‬

‫البيئة الولى‬
‫ل يعرف النسان فضننائل بيئتننه الولننى أو نقائصننها إل بعنند أن يعيننش فنني بيئة‬
‫أخرى‪ ،‬ثم إن له إليها حنينا ً دائمًا‪:‬‬
‫وحنينه أبدا ً لول‬ ‫كم منزل في الرض يألفه الفتى‬
‫منزل‬

‫إنما يعرف الشيء بضده‬


‫كلما ارتفع النسان‪ ،‬عرف مقدار الوهدة التي كان فيها‪.‬‬

‫المحيط والتفكير‬

‫‪121‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫كلما اتسع محيط النسان‪ ،‬اتسع أفقه الفكري‪ ،‬وكلما ضاق محيطه ضاق تفكيره‬
‫وسما خلقه‪ ،‬فهل ترانا نفضل سعة الفق على حسن الخلق إذا لم يمكن الجمننع‬
‫بينهما؟ أم إلى ذلك سبيل؟‬

‫السعادة وتقدم الحضارة‬


‫ً‬
‫عهدنا الناس في أيام طفولتنا أكثر بسنناطة فنني المعيشننة‪ ،‬وأقننوم أخلقنا فنني‬
‫المعاملة‪ ،‬وأقل رقّيا في الحضارة‪ ،‬وأنعم سعادة في الحياة‪ ،‬فلمننا تقنندمت بهننم‬
‫الحضارة‪ ،‬ضعف ذلك كله‪ ،‬أفهذه طبيعة كل حضارة؟ أم هنني مننن خصننائص هننذه‬
‫الحضارة الغربية؟ ولو خير الناس بيننن حننالهم الول وحننالهم اليننوم‪ ،‬تننرى منناذا‬
‫كانوا يختارون؟ وفي ظني أن أكثر المخضرمين يفضننلون أمسننهم‪ ،‬وأن جمهننور‬
‫المحدثين يفضلون يومهم‪ ،‬أما أنا فأفضل السعادة في كوخ حقير على مشكلت‬
‫الحضارة في قصر كبير‪.‬‬

‫السرور والمسؤولية‬
‫السرور فنني الحينناة ملزم لنعنندام الشننعور بالمسننؤولية‪ ،‬ألسننت تننرى الشننباب‬
‫يفيض بالسرور‪ ،‬والكهولة تفيض بالحزان؟‬

‫انتشار الوعي‬
‫لست ُأسّر لشيء في حاضرنا أكثر من انتشار الوعي في كل شؤون حياتنا‪.‬‬

‫شيء فقدناه‬
‫لست آسى على شيء فقدناه من ماضينا أكثر من مظاهر احترام الدين والحياء‬
‫في مجتمعنا‪.‬‬

‫ل يجتمعان في هذه الحضارة‬


‫شيئان ل يجتمعان للمنرء فني ظنل حضنارة الغنرب‪ :‬رفناهيته المادينة وفضنائله‬
‫الخلقية‪ ،‬وشيئان ل يجتمعان للمة في ظلها أيضًا‪ :‬تقدمها الحضاري‪ ،‬وتماسكها‬
‫العائلي‪.‬‬

‫العلماء في الماضي والحاضر‬


‫كان العلماء في عهد طفولتنا يملون الندية كننثرة‪ ،‬ويملون الصندور هيبننة‪ ،‬ثنم‬
‫كانوا في عهنند شننبابنا‪ ،‬يملونهننا كننثرة ول يملونهننا هيبننة‪ ،‬أمننا الن‪ :‬فل وجننود‬
‫للعلماء‪ ،‬ول هيبة للدعياء‪.‬‬

‫هل يصبحون مثلنا؟‬


‫ترى! أيأتي على أطفالنا يوم يرون فيه أيامهم التي يحيونها اليننوم‪ ،‬أجمننل مننن‬
‫أيامهم التي يحيونها غدًا؟‬

‫التحرر‬

‫‪122‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫النطلق من تقاليد المجتمع وتعاليم الدين جميل في أهواء النفس‪ ،‬خطير فنني‬
‫أحكام العقل‪.‬‬

‫تزمت بغيض‬
‫بعض المتزمتين يرون في رغبات الناس في التمتننع بننالهواء الطلننق‪ ،‬والحنندائق‬
‫العامة‪ ،‬والمنتزهات على النهار والبحيرات‪ ،‬انطلقا ً من قيود الخلق‪ ،‬ولو كننان‬
‫المر كما يرون‪ ،‬لما قال الله في كتابه‪ ? :‬قل مننن حننرم زينننة اللننه الننتي أخننرج‬
‫لعباده والطيبات من الرزق?؟‬

‫سجن الوهام‬
‫كثيرا ً ما يصنع من أوهامه‪ ،‬سجنا ً يمنعه من الحركة والنطلق‪.‬‬

‫النسان والحيوان‬
‫النسان أشّر حيوان في شهواته‪ ،‬وأبرعه حيلة في الوصول إليها‪.‬‬

‫ذكريات الطفولة‬
‫يا ذكريات الطفولة! أنا أعلم أنك لن تعودي‪ ،‬ولكني أشعر أنك لن تفارقيني‪.‬‬

‫أكثر ما يكون‪...‬‬
‫كرا ً ليام طفولته‪ ،‬في أيام كهولته‪ ،‬وأكثر ما يكون ذكننرا ً‬ ‫أكثر ما يكون النسان ِذ ْ‬
‫ليام شبابه في أيام شيخوخته‪ ،‬وأكثر ما يكون ذكرا ً لغناه في أيام فقره‪ ،‬وأكننثر‬
‫ما يكون ذكرا ً لجاهله في أيام خمننوله‪ ،‬وأكننثر مننا يكننون ذكننرا ً لصننحته فنني أيننام‬
‫مرضه‪ ،‬وأكثر ما يكننون ذكننرا ً لعمنناله فنني أيننام بطننالته‪ ،‬وأكننثر مننا يكننون ذكننرا ً‬
‫لفراحه في أيام أحزانه‪ ،‬وأكثر مننا يكننون لجهنناده فنني أيننام نسننيان الننناس لننه‪،‬‬
‫وأكثر ما يكون ذكرا ً لفضائله في أيام تحامل الحاسنندين عليننه‪ ،‬وأكننثر مننا يكننون‬
‫ذكرا ً لقبال الدنيا عليه في أيام إعراضها عنه‪.‬‬

‫الغفلة في أيام النعمة‬


‫أكثر ما يكون النسان غفلة عن نعم الله حين يكون مغمورا ً بتلك النعم‪.‬‬
‫· ل ُيعرف فضل النعمة إل بعد زوالها‪ ،‬ول فضل العالم إل بعد فقننده‪ ،‬ول مننوت‬
‫المصلح إل بعد موت أقرانه‪ ،‬ول قيمة العظيم إل بعد قرون مننن تفقنند المجتمننع‬
‫له‪.‬‬

‫لكل بلد طابع‬


‫سبحان الله! جعل لكننل بلنندة طابعنا ً ُيعننرف بننه أهلهننا‪ :‬فطننابع دمشننق‪ :‬الدماثننة‬
‫والستئثار‪ ،‬وطابع حمص‪ :‬الصفاء]‪ [1‬واليثار‪ ،‬وطنابع حمناة‪ :‬الحمينة واللندد]‪،[2‬‬
‫وطابع حلب‪ :‬الوفاء والمساك‪ ،‬وطابع ديننر الننزور‪ :‬الصننراحة والجفنناوة‪ ،‬وطننابع‬
‫اللذقية‪ :‬البساطة والتقلب‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫فوائد الضحك والمرح‬
‫ربما كان الضحك دواء‪ ،‬والمرح شفاء‪ ،‬وقلة المبننالة مناجنناة لمننن أورثتننه كننثرة‬
‫العباء شدة المراض‪.‬‬

‫غفلة‬
‫أكثر الناس ل يرون الماضي إل في الحاضر‪ ،‬ول المستقبل إل بعد النتهاء منه‪.‬‬

‫حبل مقطوع‬
‫من حاسب الناس على عواطفهم نحوه‪ ،‬كان بينه وبينهم حبل مقطوع‪ ،‬وهوة ل‬
‫يمكن عبورها‪.‬‬

‫لكل شيء ثمن!‬


‫ل من استطاع أن يعيش بين الناس سنالمًا‪ ،‬إل علنى حسناب حريتنه وكرامتنه‪،‬‬‫ق ّ‬
‫ل من استطاع أن يعيش بينهم محبوبًا‪ ،‬إل على حساب طموحه ومصلحته‪.‬‬ ‫وق ّ‬

‫مفيد وضار‬
‫كثرة الضحك والمرح والمزاح‪ ،‬مرض للصحيح وصحة للمريض‪.‬‬

‫بين الحزم واللين‬


‫ً‬
‫إذا لم تحزم أمرك مع زوجك قتلتك رغباتهننا‪ ،‬وإذا لننم تكننن معهننا رفيق نا قتلتهننا‬
‫شدتك‪ ،‬وتكون أسعد الناس إذا حملتها على السير معك‪ ،‬وهي راضية ضاحكة‪.‬‬

‫كيف تكتسب مودة الناس‬


‫ل تكتسننب مننودة الحكيننم إل بالتعقننل‪ ،‬ول العننالم إل بالملزمننة‪ ،‬ول السننفيه إل‬
‫بالمداراة‪ ،‬ول البخيل إل بالزهد‪ ،‬ول الزعيم إل بالطاعة‪ ،‬ول الطاغيننة إل بالذلننة‪،‬‬
‫ول المرأة إل بالنفنناق‪ ،‬ول الشنناعر إل بالعجنناب‪ ،‬ول المننرح إل بالبتسننام‪ ،‬ول‬
‫المغننرور إل بالثننناء ول التقنني إل بالسننتقامة‪ ،‬ول الشننجاعة إل بالبننأس‪ ،‬ول‬
‫المصلح إل بالتضحية‪ ،‬ول الثرثنار إل بالصننغاء‪ ،‬ول المغننني إل بالتننأوه والتمايننل‬
‫عند الغناء‪.‬‬

‫م ينمو العقل؟‬‫ب َ‬
‫ل ينمننو العقننل إل بثلث‪ :‬إدامننة التفكيننر‪ ،‬ومطالعننة كتننب المفكريننن‪ ،‬واليقظننة‬
‫لتجارب الحياة‪.‬‬

‫م يصلح العلم؟‬
‫ب َ‬
‫ل يصلح العلم إل بثلث‪ :‬تعهد ما تحفظ‪ ،‬وتعلم ما تجهل‪ ،‬ونشر ما تعلم‪.‬‬

‫م يفيد الوعظ؟‬
‫ب َ‬

‫‪124‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ل يفينند الننوعظ إل بثلث‪ :‬حننرارة القلننب‪ ،‬وطلقننة اللسننان‪ ،‬ومعرفننة طبننائع‬
‫النسان‪.‬‬

‫م يثمر الصلح؟‬
‫ب َ‬
‫ل يثمر الصلح إل بثلث‪ :‬دراسة المجتمع‪ ،‬وصدق العاطفة‪ ،‬ومتابعة السير‪.‬‬

‫م تدوم النعمة؟‬
‫ب َ‬
‫ل تدوم النعمة إل بثلث‪ :‬شكر الله عليها‪ ،‬وحسن الستفادة منها‪ ،‬ودوام العناية‬
‫بها‪.‬‬

‫م تصدق الخوة‬
‫ب َ‬
‫ل تصدق الخوة إل بثلث‪ :‬أن تغار على عرضه كعرضك‪ ،‬وأن ل تكتننم عنننه س نّرا‪،‬‬
‫وأن ترى حقه عليك في نجدته أقوى من حق أولدك في إمساك مالك‪.‬‬

‫م يجمل المعروف؟‬
‫ب َ‬
‫ل يجمل المعروف إل بثلث‪ :‬أن يكون من غير طلب‪ ،‬وأن يأتي مننن غيننر إبطنناء‪،‬‬
‫وأن يتم بغير منة‪.‬‬

‫م تكمل الرجولة؟‬
‫ب َ‬
‫ل تكمل الرجولة إل بثلث‪ :‬ترفع عن الصغائر‪ ،‬وتسامح مننع المقصننرين‪ ،‬ورحمننة‬
‫بالمستضعفين‪.‬‬

‫م يحلو الجمال؟‬
‫ب َ‬
‫ل يحلو الجمال إل بثلث‪ :‬صيانة عن البتذال‪ ،‬ومودة للطهار‪ ،‬وعفة مع الفجار‪.‬‬

‫م تحصل السعادة؟‬ ‫ب َ‬
‫ل تحصل السعادة إل بثلث‪ :‬صيانة الدين‪ ،‬وصحة الجسم‪ ،‬ووجود مننا تحتنناج إليننه‬
‫مادة أو معنى‪.‬‬

‫م تثاب على العبادة؟‬


‫ب َ‬
‫ل ثواب للعبادة إل بثلث‪ :‬إخلص لله‪ ،‬وحضور مع الله‪ ،‬ووقوف عند حدود الله‪.‬‬

‫م يتحقق النجاح؟‬
‫ب َ‬
‫ل يتحقنق النجناح إل بثلث‪ :‬تحديند الهندف بدقنة‪ ،‬واحتمنال المشناق والمكناره‪،‬‬
‫والستهانة بالعوائق والخطار إلى حد معقول‪.‬‬

‫م تتم المحبة لله؟‬


‫ب َ‬

‫‪125‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ل تكون المحبة في الله إل بثلث‪ :‬أن يكون القلب في الهجر كحاله في الوصل‪،‬‬
‫وأن تكون المعاملة في الغضب كما هنني فني الرضننا‪ ،‬وأن ل تننزداد فنني العطنناء‬
‫وتنقص في الحرمان‪.‬‬

‫]‪ [1‬هو التعبير الصحيح عن وصف الحمويين للحمصيين تحامل ً بالغفلة )أو‬
‫بالجذبة(‪.‬‬
‫]‪ [2‬هو التعبير الصحيح عن وصف الحمصيين للحمويين تحامل ً بالحقد واللؤم‪.‬‬
‫واللدد هو العنف في الخصومة‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الرابع والعشرين‬

‫م يكون الغضب لله؟‬


‫ب َ‬
‫ل يكون الغضب لله إل بثلث‪ :‬أن ل يفرق فيه بين قريب وبعيد‪ ،‬وأن ل يغير منننه‬
‫ترهيب ول تهديد‪ ،‬وأن ل يكون للنفس فيه دافع من شهرة أو انتقام‪.‬‬

‫م يكون الجهاد؟‬‫ب َ‬
‫ل يكننون الجهنناد فنني سننبيل اللننه إل بثلث‪ :‬أن تكننون الشننهادة فيننه أحلننى مننن‬
‫السلمة‪ ،‬وأن يكون خمول الذكر فيه أحننب مننن الشننهرة‪ ،‬وأن يكننون النيننل مننن‬
‫جسم العدو أحب من النيل من أرضه وماله؛ إل أن ترجى هدايته أو منفعته‪.‬‬

‫م يقع التواضع موضعه؟‬ ‫ب َ‬


‫ل يقننع التواضننع موضننعه إل بثلث‪ :‬أن يكننون مننن تتواضننع إليننه مسننتحقا ً لهننذا‬
‫التواضننع‪ ،‬وأن يكننون عارف نا ً بقيمتننه‪ ،‬وأن ل يلتبننس التواضننع بالذلننة عننند مننن‬
‫يشاهدونه‪.‬‬

‫م ينبل السخاء؟‬ ‫ب َ‬
‫ل ينبننل السننخاء إل بثلث‪ :‬أن ل يكننون جننزاء لمعننروف‪ ،‬وأن ل يكننون ارتقابننا ً‬
‫لمعروف‪ ،‬وأن تكون الرغبة في ثواب الله عليه أقوى من ثناء الناس فيه‪.‬‬

‫م تحمد الشجاعة؟‬
‫ب َ‬
‫ل تحمد الشجاعة إل بثلث‪ :‬أن تكون لمصلحة عامة‪ ،‬وأن تكون لغرض كريم‪ ،‬وأن‬
‫ل تكون أمام جبان لئيم‪.‬‬

‫م يعظم الشرف؟‬ ‫ب َ‬
‫ل يعظم الشننرف إل بثلث‪ :‬بسننطة فنني الينند‪ ،‬ونبننل فنني الخلننق‪ ،‬وإشننراق فني‬
‫الروح‪.‬‬

‫م يحفظ المال؟‬‫ب َ‬
‫ل يحفظ المال إل بثلث‪ :‬جمعه من غير ظلم‪ ،‬وإنفاقه في غير سرف‪ ،‬وإمساكه‬
‫من غير شح‪.‬‬

‫م ينفع الحلم؟‬
‫ب َ‬
‫ل ينفع الحلم إل بثلث‪ :‬أن يكون عن قدرة‪ ،‬وأن يقع على كريم‪ ،‬وأن يؤدي إلننى‬
‫خير عميم‪.‬‬

‫كثرة‪ ..‬وقلة‬
‫لي أصدقاء كثيرون وليس لي إل بضعة إخوان‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫حين يساء فهم الدين‬
‫حين تضيع معاني الدين وتبقى مظاهره‪ ،‬تصبح العبادة عننادة‪ ،‬والصننلة حركننات‪،‬‬
‫ل‪ ،‬والخشننوع تماوتنًا‪ ،‬والعلننم تجم ً‬
‫ل‪،‬‬ ‫والصوم جوعًا‪ ،‬والذكر تمنناي ً‬
‫ل‪ ،‬والزهنند تحنناي ً‬
‫والجهنناد تفنناخرًا‪ ،‬والننورع سننخفًا‪ ،‬والوقننار بلدة‪ ،‬والفننرائض مهملننة‪ ،‬والسنننن‬
‫مشغلة‪.‬‬
‫ل‪ ،‬وبنناطلهم ح ّ‬
‫قننا‪ ،‬وصننراخ‬ ‫وحينئذ يننرى أدعينناء النندين‪ ،‬عسننف الظننالمين عنند ً‬
‫المستضعفين تمردًا‪ ،‬ومطالبتهم بحقهم ظلمًا‪ ،‬ودعوة الصلح فتنننة‪ ،‬والوقننوف‬
‫في وجه الظالمين شّرا‪.‬‬
‫وحينئذ تصننبح حقننوق الننناس مهنندرة‪ ،‬وأباطيننل الظننالمين مقدسننة‪ ،‬وتختننل‬
‫الموازين‪ ،‬فالمعروف منكر‪ ،‬والمنكر معروف‪.‬‬
‫وحينئذ يكننثر اللصننوص باسنم حمايننة الضننعفاء‪ ،‬وقطنناع الطننرق باسننم مقاومننة‬
‫الظالمين‪ ،‬والطغاة باسم تحرير الشننعب‪ ،‬والنندجالون باسننم الهدايننة والصننلح‪،‬‬
‫والملحدون بحجة أن الدين أفيون الشعوب‪.‬‬

‫فضل المال‬
‫المال يكشف زيف النفوس‪ ،‬وزغل القلوب‪ ،‬ومرض الضمائر‪ ،‬وانحلل الخلق‪.‬‬

‫كذب الداعية‬
‫من علمة كذب الداعية‪ :‬غرامه بالترف والرفاهية‪ ،‬وجوعه إلى الشننهوة واللننذة‪،‬‬
‫والتصاقه بالخائنين والمفسدين‪.‬‬

‫الحق والباطل‬
‫الحق الذي يستنصر بالباطل‪ ،‬يسّيره الباطل كما يشاء‪.‬‬

‫الشهوة مفتاح‬
‫الشهوة مفتاح الشيطان لقلوب المستقيمين‪.‬‬

‫الشهوة ومضارها‬
‫الشهوة عقبة تمنع المريدين من الوصننول إليننه‪ ،‬وحجنناب يحننول دون الواصننلين‬
‫عن شدة القرب منه‪ ،‬وظلمة تفر منها بصيرة العارفين‪ ،‬وشبكة يعصم الله منهننا‬
‫قلوب المقربين‪.‬‬

‫مناجاة!‬
‫إلهنني! جلننت رحمتننك عننن أن تننترك المحزونيننن صننرعى آلمهننم حننتى ينندركهم‬
‫اليأس‪ ،‬وجلت قدرتك عن أن تدع المصابين أسارى محنتهم حتى يدركهم الفناء‪،‬‬
‫وجلت حكمتك عن أن تبتلي الطائعين بما يعجزهم عن طاعتك‪ ،‬وتمنند الفنناجرين‬
‫بما يغريهم بعصيانك‪ ،‬إل أن تكون ادخننرت للعنناجزين خيننرا ً مننن ثننواب طنناعتهم‪،‬‬
‫واستدرجت الفاجرين بما يضناعف عقوبتنك لهنم علننى قبيننح عصننيانهم‪ ،‬وجلنت‬
‫عدالتك عننن أن تعنناقب المقصننرين النننادمين علننى تقصننيرهم‪ ،‬وتننترك الغنناوين‬

‫‪128‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫السادرين في غوايتهم‪ ،‬وجلت صمديتك عن أن ل يجنند فنني حمنناك المسننتغيثون‬
‫ملذا ً مهما عظمت جريرتهم‪ ،‬وجلت وحدانيتك عننن أن تلجننئ الحيننارى إلننى غيننر‬
‫بابك‪ ،‬أو أن تسقي السكارى غير شرابك‪ ،‬أو أن ترد القاصدين إليننك عننن شننرف‬
‫الوصول إلى قدس أعتابك‪ ،‬يا من أمند الحمنل فني ظلمنات الرحنم بمنا تتنم بنه‬
‫حياته‪ ،‬وأمتع الرضيع ببصره وسمعه وعقله بعد أن كان ل يملننك منهننا شننيئًا‪ ،‬يننا‬
‫من أبدع السموات والرض‪ ،‬وسخر ما فيهما للنسان‪ ،‬وكل شيء عنده بمقنندار‪،‬‬
‫يا من وسعت رحمتننه كننل شننيء‪ ،‬أبسننط ينند الرحمننة لعبننادك الننذين سنندت فنني‬
‫وجوههم أبواب الخلص إل أن يكون عننن طريقننك‪ ،‬وأسننبغ علننى نفوسننهم بننرد‬
‫الرضى بقضائك‪ ،‬والصبر على بلئك‪ ،‬وأمنندهم بننالعون علننى مننا هننم فيننه‪ ،‬حننتى‬
‫يخلصوا إليك راضين عنك راضيا ً عنهم‪ ،‬وعوضهم خيرا ً مما أخذت منهم‪ ،‬وأنزلهم‬
‫دارا ً خيرا ً من دارهم‪ ،‬وآنسهم بجوار خير من جوارهم‪ ،‬وأحباب خير من أحبابهم‪،‬‬
‫وأخلفهم فيمن خلفوا من فلذات أكبادهم‪ ،‬إنك نعم الخليفة في الهننل والولنند‪،‬‬
‫وأنت نعم المولى ونعم النصير‪.‬‬

‫هموم الغد‬
‫ل تثقل يومك بهموم غدك؛ فقد ل تجيء هموم غدك؛ وتكون قند حرمنت سنرور‬
‫يومك‪.‬‬

‫الخير والشر‬
‫الخير حمل وديع‪ ،‬والشر ذئب ماكر‪ ،‬فانظر هل يسلم الحمننل مننن الننذئب‪ ،‬إل أن‬
‫وراءه قوة تحميه؟‪.‬‬

‫مصيبة الحق في جنوده‬


‫أعظم مصيبة للحق في جنننوده اليننوم‪ :‬فتننور عزائمهننم‪ ،‬وقنند كننانوا فنني صنندور‬
‫السلم يكهربون الدنيا بنبضات قلوبهم‪.‬‬

‫رقة القلب قد تمرض‬


‫إذا أمرضتك رقة القلب ودقة الحساس‪ ،‬فشفاؤك في قسنناوة قلبننك‪ ،‬واسننتعن‬
‫على ذلك بأن تننذكر أن كننل شننيء بقضنناء وقنندر‪ ،‬وأن حزنننك وألمننك ل ينندفعان‬
‫المقدور‪ ،‬ولكن يزيدان في مرضك وآلمك‪.‬‬

‫ستة تهون المصيبة‬


‫ستة أشياء إذا ذكرتها هانت عليك مصيبتك‪ :‬أن تذكر أن كل شيء بقضنناء وقنندر‪،‬‬
‫وأن الجزع ل يرد عنك القضاء‪ ،‬وأن ما أنت فيه أخف مما هو أكننبر منننه‪ ،‬وأن مننا‬
‫بقي لك أكثر مما أخذ منك‪ ،‬وأن لكل قدر حكمة لو علمتها لرأيت المصننيبة عيننن‬
‫النعمة‪ ،‬وأن كل مصيبة للمؤمن ل تخلو من ثواب أو مغفرة‪ ،‬أو تمحيص‪ ،‬أو رفعة‬
‫شأن‪ ،‬أو دفع بلء أشد‪ ،‬وما عند الله خير وأبقى‪.‬‬

‫طبيعة المرأة‬

‫‪129‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫المرأة هي المرأة‪ ،‬منذ حواء حتى تنتهي الحياة على الرض‪ :‬زينتها حياتها‪ ،‬ومن‬
‫ثمة فحياة البيت بأن تكون زينته‪ ،‬وحياة المجتمع بأن تكون أنثاه فحسننب‪ ،‬وكننل‬
‫كلم غير هذا عبث‪ ،‬ترده طبيعة المرأة نفسها‪.‬‬

‫يأكلون أنفسهم‬
‫الذين يتجاوزون حدود الخلق والدين في جمع الموال‪ ،‬يأكلون أنفسهم وهننم ل‬
‫يشعرون‪.‬‬

‫أيهما أقل سوءا ً‬


‫ترى أيهما أحسن أو أقل سوءًا‪ :‬صالح ل ينهض لواجب‪ ،‬أم طالننح يننؤدي الننواجب‬
‫على غير وجهه؟!‬

‫علمة صدق الخوة‬


‫إذا أردت أن تختبر صدق أخ في مودته‪ ،‬فمد يدك إلى جيبه‪ ،‬ثم انظر إلننى وجهننه‬
‫وعينيه]‪ .. [1‬ول حاجة بك بعد ذلك إلى دليل‪.‬‬

‫قلة وكثرة‬
‫ل تغتر بكثرة من ترى حولك من المعجبين والمحننبين فنني أيننام الرخنناء‪ ،‬فقنند ل‬
‫ترى منهم في أيام المحنة إل نصف أخ أو ربعه‪ ،‬أما أنا فلم أجد في ألوفهم غير‬
‫بضعة إخوان‪.‬‬

‫مولود جديد!‬
‫مولود جديد أطل على الدنيا باكيًا‪ ..‬لم يشعر بننه إل أبننواه وأقربناؤه‪ ..‬ولكنننه زاد‬
‫في ميزانية والده نفقات‪ ،‬فزاد في ميزانيننة الدولننة نفقننات‪ ،‬فننزاد فنني ميننزان‬
‫الدفع والمقايضة العالمي‪ ..،‬وزاد فني اسنتهلك المنواد الغذائينة فني العنالم‪..،‬‬
‫وزاد فنني عنندد سننكان كوكبنننا المتحننرك‪ ،‬الننذي يئن بسننكانه الحنناليين‪ ...‬وزاد ‪..‬‬
‫وزاد ‪ ..‬هذا المولود الصغير‪ ..‬الذي لم يشعر بولدته إل أفراد قلئل‪.‬‬

‫بكاء الوليد‬
‫م ولد باكيا ً مع أنه فارق الظلمة إلننى النننور؟ وضننيق الرحننم إلننى سننعة النندنيا؟‬
‫ل َ‬
‫قالوا لنه فارق مكانه الذي ألفه‪ ..‬وما هو بذلك‪ ،‬ولكنه تننألم‪ ،‬لنننه عننانى ضننغط‬
‫الخروج على أعضائه الغضة اللدنة‪ ،‬فصرخ‪ ..‬ضغط عليه فتألم فصرخ‪ ..‬هذه هنني‬
‫طبيعة النسان الحي‪ ،‬بل قل‪ :‬إنها أول ما يبدو مننن طبننائع النسننان وخصائصننه‬
‫منذ أن يستقل في وجوده عن أي إنسان آخر‪ ...‬فالشعور بالحرية ملزم لشننعور‬
‫النسان بالحياة‪ ..‬والشعور بالضطهاد ملزم لشعوره بالحرية‪.‬‬

‫خواطر حول مولود‬


‫م لننم أفننرح كننثيرا ً بولدتننك‪ ،‬كمننا فرحننت بإخوتننك‬
‫يا وليدي الجديد! لست أدري ل ِ َ‬
‫وأخواتننك؟ أهننو لننني مريننض متننألم؟ أم لننني حزيننن متشننائم؟ أهننو لن معيننن‬

‫‪130‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫السرور قد غاض في نفسي‪ ،‬فما عدت أشعر بدواعي الفرح تهزننني كمننا كننانت‬
‫م ذلننك؟ ألننني فنارقت الشننباب؟ أم لنني أتحننرك وأحننس وأعمننل‬ ‫من قبل؟ ولن َ‬
‫بنصف ما يعمل الرجل الصحيح ويحس ويتحرك؟ أم لن تجننارب الحينناة علمتننني‬
‫أن أكثر أفراحنا من صنع أوهامنا‪ ،‬وأكثر ملذاتنا تولد في خيالتنا قبل أن تشننعر‬
‫بها جوارحنا؟ أم لن الزمان الذي نعيش فيننه كننثر هرجننه‪ ،‬والرض الننتي نسننرح‬
‫عليها كثرت فتنتها‪ ،‬والمة التي ننتمي إليها أثخنتها جراحها؟‪.‬‬
‫ل يا وليدي الحبيب! ما أحسب ذلك كله الذي خفف مننن فرحننتي بقنندومك‪ ،‬وقنند‬
‫يكون بعض ذلك من بعض‪ ،‬ولكن أمنرا ً واحندا ً قند يكنون أقنوى أثنرا ً منن كنل منا‬
‫ذكرت‪ ،‬ذلك أني منذ أصبت بهذا المرض – منذ خمس سنوات وشهر تقريبا ً – وأنا‬
‫أفكر في عجزي عن تربية إخوتك وأخواتننك كمننا أحننب‪ :‬جنننودا ً فنني سننبيل اللننه‪،‬‬
‫ليوثا ً في نصرة الحق‪ ،‬بحورا ً في فعل الخير‪ ،‬زهرات فواحة في حسن الحدوثننة‬
‫وجميل الثر‪ ،‬وها أنت يا بني زدتهم واحدا ً فأصبحتم ستة‪ ،‬فإن يحل بيننني وبيننن‬
‫ما أحب لكم‪ ،‬أمر من الله قضناه‪ ،‬فبحسننبي هنندوءا ً أن أعتقنند أن لكنم عننند اللننه‬
‫طريقا ً أمضاه‪ ،‬ولو أني كنت في مقتبل العمر وعنفوان الشباب‪ ،‬وربيننع الفتننوة‬
‫لما استطعت أن أنقض ما أبرم فيكم‪ ،‬أو أحول ما أراد لكم‪ ،‬وبحسبي نبية الخير‬
‫وإن لم أستطعه‪ ،‬وعزم الرشد وإن عجزت عنننه‪ ،‬واللننه خيننر حافظنا ً وهننو أرحننم‬
‫الراحمين‪.‬‬

‫فرح الزوج‬
‫الزوج الوفي المحب يفرح بولدة زوجته مرتيننن‪ :‬مننرة لنهننا ولنندت لننه مولننودا‪ً،‬‬
‫وأخرى لنها سلمت في ولدتها‪ ،‬ولن أنسى فقد أخت حبيبة وهي علننى فننراش‬
‫الولدة يرحمها الله‪ ،‬لقد عرفت يومئذ معنى اللوعة على فقد الحبة‪ ،‬لول مننرة‬
‫ده الحنزن‬ ‫في حياتي‪ ،‬ولول مرة أبكي عنن أبني منع أبني يرحمنه اللنه‪ ،‬وقند هن ّ‬
‫عليها‪ ،‬وهو شيخ كبير‪ ،‬وأنا بعد لم أعننرف معنننى البننوة ول دخلننت عتبتهننا‪ ،‬فمننا‬
‫أشد فرحننة الننزوج الب بننولدة زوجتننه الم‪ ،‬وسننلمتها لننه ولطفنناله الننذين مننا‬
‫يزالون كأفراخ القطا!‪.‬‬

‫الولد والم‬
‫أما والله ل أعرف في الدنيا جزاء يمكن أن يكافئ الولد به أمننه‪ ،‬لننني ل أعننرف‬
‫في الدنيا إنسانا ً أحسن إلى الولد وعرض حياته وراحته وسلمته من أجلننه‪ ،‬كمننا‬
‫فعلت له أمه‪ ..‬ومع هننذا يضننيق بهننا ذرعنا ً حيننن تكننبر وتهننرم! يننا للعقننوق!‪ ..‬يننا‬
‫للكفران‪.‬‬

‫القسوة على المرأة‬


‫ما أقسى أفئدة الذين يريدون للمرأة أن تعمل لتكسب قوتها‪ ،‬وهنني تعنناني مننن‬
‫شدائد الحمل والولدة والحضننانة والرضنناع لطفننل واحنند‪ ،‬بلننه أطفننال آخريننن‪،‬‬
‫وغير شؤون البيت وأعبائه! ما أقسنى أفئدتهنم وأغلنظ أكبنادهم! ولنول الحيناء‬
‫لقلت إنهم متوحشون‪ ،‬يتلذذون بتعذيب المرهقين! واستعباد المستضعفين!‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ريحانة الدنيا‬
‫الزوجة المؤمنة العفيفة‪ ،‬الولودة الودودة لزوجها وأطفالها‪ ،‬ريحانننة النندنيا كمننا‬
‫رأينا‪ ،‬وأنا ل أشك في أنها ستكون ريحانة الخرة كما علمنا‪..‬‬

‫فضل المرأة المسلمة‬


‫رضي الله عننن أمهاتننا وزوجاتنننا المتفيئات ظلل السننلم‪ ،‬العناملت بأحكننامه‪،‬‬
‫فوالله ليوم من أيام الواحدة منهن‪ ،‬يعدل في إنسننانيته وجللننه وطهننره‪ ،‬عمننرا ً‬
‫كننامل ً مننن أعمننار أولئك اللتنني يتفيننأن ظلل هننذه الحضننارة الفنناجرة الغننادرة‬
‫المتمردة المبدلة لصنع الله‪.‬‬

‫دهشة!‬
‫أنا ل أزال في دهشة مننن أمننر العرابيننات فنني حملهننن وولدتهننن‪ ..‬إنهننا لفنني‬
‫شهرها التاسع وهي أشد ما تكون ثقل ً وعننناء بجنينهننا‪ ،‬وهنني مننع هننذا أشنند مننا‬
‫تكننون إمعاننا ً فنني عملهننا أو ترحالهننا فنني الصننحاري والقفننار‪ ،‬حننتى إذا جاءهننا‬
‫ل‪ ،‬فولدت وقطعت حبل السرة لوليدها بننالحجر‪،‬‬ ‫المخاض‪ ،‬تنحت عن الطريق قلي ً‬
‫ثم لفته وألقته على ظهرها وتابعت السير‪ ،‬كأن شيئا ً لننم يحنندث‪ ،‬ول يعلننم أحنند‬
‫ممن في الركب من أمرها شيئًا‪ .‬ونساؤنا المدنيات تحشنند لننولدتهن القابلننة أو‬
‫الطبيب‪ ،‬والمساعدة من ممرضة أو قريبة‪ ،‬وتسعف أثناء المخاض بكل ما وصننل‬
‫إليه الطب الحديث من وسائل التيسير وتخفيف اللم‪ ،‬وتعقيننم الدوات واللت‬
‫والربطة والعلجات‪ ،‬فإذا ولدت ظلت في فراشها في البيت أو في دار التولينند‬
‫أياما ً ل تغادر سريرها إل لمامًا‪ ،‬وتظل بعنند ذلننك أيام نا ً ُأخننر ل تننأتي مننن أعمننال‬
‫البيت إل بأيسرها وأخفها‪ ،‬والكل يشفقون عليها أن تنزعج أو ينزعج الوليد مدة‬
‫نفاسها‪ ،‬خشية أن ينالها ما ل تحمد عقباه‪.‬‬
‫فما السر في هذا الفرق العجيب بين المدنيات والبدويات؟! أهو تننرف الحضنارة‬
‫الذي يضعف في الجسم المقاومة؟ وخشونة البننداوة الننتي تقننوي فيننه المناعننة‬
‫مين‪ ،‬فمننا هننو‬ ‫والقدرة على تحمل المشاق؟ فإن كان هذا هو سر الفرق بين ال ّ‬
‫سر الفرق بين الوليدين؟ أيولد ابن البدويننة محصنننا ً ضنند الضننعف والمننرض‪ ،‬فل‬
‫يتعرض لما يتعرض له أطفال المدن بعد ولدتهم‪ ،‬مما يحتاجون معنه إلننى عنايننة‬
‫الطبيب وسهر الم أو الحاضنة؟ وإن كان هذا صننحيحًا‪ ،‬أفليسننت البننداوة أسننلم‬
‫عاقبة من الحضارة‪ ،‬وأكثر سلمة‪ ،‬وأوسننع أمننًا؟ وهننل يتسنناوى مننا تسننلبه منننا‬
‫الحضارة مع ما تمنحنا إياه؟ أّيا ما كان المر فلن نفضل البداوة على الحضننارة!‬
‫إن النسانية لن تتطلع إلى الوراء‪ ..‬البعيد‪ ..‬البعيد‪.‬‬

‫تطاول وغرور‬
‫بدء حياة النسان ونهايتها ممنا حنارت فينه عقنول الفلسنفة مننذ عنرف تارينخ‬
‫الفكر النساني حتى الن‪ ،‬ومع ذلك فهنذا النسنان النذي لنم يعنرف كينف تبندأ‬
‫م ل يننراه؟ يننا‬
‫حياته وكيف تنتهي‪ ،‬يريد أن يعرف كنه الله وأين هو؟ ويتساءل‪ :‬ل ن َ‬
‫لغرور الجاهلين!‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫فضل الم وجحود الولد‬
‫ليس في الدنيا إنسان يتحمل العذاب راضيا ً مختارا ً في سبيل غينره‪ ،‬كننالم فني‬
‫سبيل ولدها‪ ،‬وليس في الدنيا إنسان يتعرض للجحود ونكران الجميل‪ ،‬كالم مننن‬
‫ولدها‪ ،‬وهذا من أعجب مفارقات الحياة‪.‬‬

‫مرارة الغدر‬
‫الغدر ل يثمر إل مّرا‪ ،‬وأول من يغص به آكله‪.‬‬

‫أمران‬
‫أمران ل يدومان في إنسان‪ :‬شبابه وقوته‪ ،‬وأمران ل يتغيران في إنسان‪ :‬طبعه‬
‫وشكله‪ ،‬وأمران يكبران معه‪ :‬عقله وعمله‪ ،‬وأمران يصغران كلما كننبر‪ :‬حنافظته‪،‬‬
‫وجلده‪ ،‬وأمران ل يخجل منهما أي إنسان‪ :‬ملء معندته‪ ،‬وقضناء حناجته‪ ،‬وأمننران‬
‫يخجل منهما كل إنسان‪ :‬السرقة والخيانة‪ ،‬وأمننران ينفعننان كننل إنسننان‪ :‬حسننن‬
‫الخلق وسماحة النفس‪ ،‬وأمران يضننران كننل إنسننان‪ :‬حسنند ذوي النعننم والحقنند‬
‫على أهل المواهب‪ ،‬وأمران تضر الزيادة فيهمننا والنقصننان‪ :‬الطعننام والشننراب‪،‬‬
‫وأمران تضر الزيادة فيهما ويحسن النقصان‪ :‬العادة والتقالينند‪ ،‬وأمننران تحسننن‬
‫الزيادة فيهما ويضر النقصان‪ :‬العبادة والحسان‪ ،‬وأمران يضران صاحبهما ماديا ً‬
‫وينفعان الناس‪ :‬بذل المال في المكارم وبذل الحياة فنني سننبيل اللننه‪ ،‬وأمننران‬
‫ينفعان صاحبهما ماديا ً ويضران الناس‪ :‬الحتفاظ بسر المهنة والحتفناظ بنجناح‬
‫التجربنة‪ ،‬وأمنران يحبهمنا كننل الننناس‪ :‬المنال والجمنال‪ ،‬وأمنران يكرههمنا كنل‬
‫الناس‪ :‬الظلم والفساد‪ ،‬وأمران يولع بهما كل إنسان‪ :‬النفننس والولنند‪ ،‬وأمننران‬
‫يجزع منهما كل إنسننان‪ :‬الفقننر والمنوت‪ ،‬وأمنران يجنري وراءهمنا كنل النناس‪:‬‬
‫الوهم والخيال‪ ،‬وأمران يفر منهما كل الناس‪ :‬المرض والجوع‪ ،‬وأمران يحننب أن‬
‫يراهما كل الناس‪ :‬البطل والمهرج‪ ،‬وأمننران يحننب أن يسنناكنهما كننل واحنند مننن‬
‫الننناس‪ :‬الصننحة والسننرور‪ ،‬وأمننران يحننب أن يسننمعهما كننل واحنند مننن الننناس‪:‬‬
‫الصوت الحسننن والبشننارة الحسنننة‪ ،‬وأمننران يحننب أن يحوزهمننا كننل واحنند مننن‬
‫الناس‪ :‬الشهرة وثناء الناس‪.‬‬

‫الذوق موهبة‬
‫الذوق موهبة وراء العقل والفطنة والذكاء‪ ،‬وهو لهذه كالملننح للطعننام‪ ،‬والننروح‬
‫للجسم‪ ،‬وكثيرون هم الذين فشلوا في الحياة‪ ،‬لفقدانهم هذه الموهبة‪ ،‬من غير‬
‫أن ينقصهم علم أو ذكاء‪.‬‬

‫]‪ [1‬كناية عن أثر استجابته لحاجتك إلى ماله‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الخامس والعشرين‬

‫جنون خفي‬
‫بعض الناس يبدون في تمننام العقننل‪ ،‬وهننم فنني الواقننع مصننابون ببعننض أنننواع‬
‫الجنون الخفي الذي ل يظهر إل فنني تصننرفاتهم الشنناذة‪ ،‬فسننم ذلننك إن شننئت‬
‫جنونا ً أو شذوذا ً أو حمقا ً أو خفة أو طيشًا‪ ،‬فكل ذلك يقابل العقننل‪ ،‬وليننس غيننر‬
‫العاقل إل المجنون!‬

‫أسوأ المرض‬
‫أسننوأ أنننواع المننرض‪ :‬أن تبتلننى بمخالطننة غليننظ الفهننم‪ ،‬محنندود الدراك‪ ،‬بلينند‬
‫الذوق‪ ،‬ل يفهننم ويننرى نفسننه أنننه أفهننم منن يفهننم‪ ،‬فكيننف إذا كتننب عليننك أن‬
‫تخالطه وأنت مريض؟‬

‫ملل النفس‬
‫النفس النسانية ملولة تحب الجديد من كننل شننيء‪ ،‬والطريننف مننن كننل شننيء‪،‬‬
‫حتى ولو كان الذي ملته أحسن وأجمل‪ ،‬وهذا هو سر انتشننار "الموضننات" علننى‬
‫ما في أكثرها من قبح وبشاعة‪.‬‬

‫حب اللهو‬
‫النفس النسانية تحب اللهو وتكننره الجنند‪ ،‬وهننذا هننو السننر فنني ننندرة العظمنناء‬
‫وكثرة الماجنين والعابثين‪ ،‬في الذكياء والعقلء‪.‬‬

‫خلطة وعزلة‬
‫معاشرة الناس لرشادهم‪ ،‬من عمل النبياء‪ ،‬واعننتزالهم للتفكيننر فنني أمننورهم‪،‬‬
‫من شأن الحكماء‪ ،‬فاحرص على أن ل تفوتك مع خلق النبوة خصائص الحكمة‪.‬‬

‫الخلوة‬
‫خلوة ساعة بينك وبين ربك قد تفتح لك من آفاق المعرفة مننا ل تفتحننه العبننادة‬
‫في أيام معدودات‪.‬‬

‫ل ترجئ عملك‬
‫ً‬
‫من أماني النفس الباطلة‪ ،‬أن ترجئ العمل إلى وقت تكون فيننه أكننثر فراغ نا أو‬
‫أكثر نشاطًا‪ ،‬فإنك ل تدري أيأتي الوقت كما تتمناه نفسك‪ ،‬أم يفوتك العمل في‬
‫الوقتين معًا!‬

‫استعن بالله‬
‫كل عسير إذا استعنت بالله فهو يسير‪ ،‬وكل يسير إذا اعتمدت فيه علننى نفسننك‬
‫أو أحد من خلقه فهو عسير‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫احرص على صحبة ثلثة‬
‫ثلثة احرص على صحبتهم‪ :‬عالم متخلق بأخلق النبوة‪ ،‬وحكيم بيضننت فوديننة]‪[1‬‬
‫ليالي التجربة‪ ،‬وشهم له من مروءته ما يحمله على نصحك إذا أخطأت‪ ،‬وإقالتننك‬
‫إذا عثرت‪ ،‬وجبرك إذا انكسرت‪ ،‬والدفاع عنك إذا غبت‪ ،‬والكرام لك إذا حضرت‪.‬‬

‫تمام المودة‬
‫ل تتم مودتك لخ حتى تكون إذا أضننناه اللننم ضننويت‪ ،‬وإذا عضننه الجننوع خننويت‪،‬‬
‫وإذا مسه الضر لم تعرف كيف تبيت!‬

‫ه‬
‫رباط وا ٍ‬
‫أكثر ما يربط الناس بعضهم مع بعض‪ :‬حبل سريع النقطاع‪ ،‬وأكثر ما يحول بين‬
‫بعضهم عن بعض جدار سريع النهيار‪..‬‬

‫الرجاء والسباب‬
‫التجاؤك إلى الله عند النكبات‪ ،‬ل ينافيه الخذ بالسباب؛ فهو الذي أمر بهننا ودل‬
‫عليها ويسر لها‪ ،‬وأقامها تحقيقا ً لمصالح عباده ورحمننة منننه بهننم‪ ،‬والخننائف إذا‬
‫التجأ إلى حمى قوي عزيز‪ ،‬فأشار عليه بدخول حصن مننن حصننونه ففعننل‪ ،‬كننان‬
‫ذلك أتم في الخضوع‪ ،‬وأجلب للحماية‪.‬‬

‫الخلص والرياء‬
‫ل تحتقر عمل ً قدمته بنية خالصة؛ فالقليل مع الخلص كثير‪ ،‬والكثير مننع الرينناء‬
‫قليل‪ ،‬والمحاسب الخبير ل تعجبه كثرة الدنانير‪ ،‬وإنما تعجبه جودتها‪.‬‬

‫اقبل عذر المسيء‬


‫ل تعنت أخاك أو جارك إذا اعتننذر إليننك بعنند أن أسنناء‪ ،‬فننالله الغننني عننن عبنناده‪،‬‬
‫القوي على عقابهم‪ ،‬يقبل عذر مسننيئهم‪ ،‬وتوبننة مخطئهننم‪ ،‬فمننا أحننراك وأنننت‬
‫الضعيف الذي ل تملك لنفسك ضّرا ول نفعًا؟‬

‫موت الجسم وموت القلب‬


‫إن الناس يجزعون إذا مات جسننم عزيننز عليهننم‪ ،‬ويحزنننون ويبكننون‪ .‬وتراهننم ل‬
‫يحركون ساكنا ً إذا مات قلبه وانطفأت روحه‪ ،‬وأين يقع موت الجسام من مننوت‬
‫القلوب؟‬

‫اعمل بما تعظ به الناس‬


‫بعض الواعظين يخوفونك من الذنوب بأقوالهم؛ حتى تظن أن الله ل يدخل أحدا ً‬
‫من عباده الجنة‪ ،‬ويجرئونك على المعاصي بأفعالهم؛ حتى تظن أن الله ل يدخل‬
‫أحدا ً من عباده النار‪ ،‬وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أكننثر هننؤلء‬
‫الواعظين يدخلون النار بما يعظون‪ ،‬وأكثر هؤلء المستمعين يدخلون الجنننة بمننا‬
‫يتعظون‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫النقطاع على عمل الخير‬


‫بعض الناس يحسنون العمننل حين نًا‪ ،‬ثننم ينقطعننون أو يسننيؤون‪ ،‬فيعيشننون فنني‬
‫ماضيهم ل يشهدون غيره‪ ،‬ول يذكرون سواه‪ ،‬وبذلك يخسرون الماضي والحاضر‬
‫معًا‪ ،‬فإن لم تتداركهم عناية الله خسروا المستقبل أيضًا‪.‬‬

‫موقف العاقل من المديح‬


‫إذا تحدث الناس عنك بما يسننرك فننافرح بننه فننرح الشنناكرين ل فننرح البطريننن‪،‬‬
‫واستمع إليه سماع المتواضعين ل سماع المغرورين‪ ،‬وأحمق الحمقى من ينسى‬
‫أن الفضل في ذلك كله لله‪ ،‬ولوله لما كان ول كانت فضائله!‬

‫وموقفه من الذم‬
‫إذا تحدث الناس عنك بما يسوؤك‪ ،‬فل تغضب غضب الطائشننين‪ ،‬ول تحقنند حقنند‬
‫الموتورين‪ ،‬ولكن انظر‪ :‬فما كان منننه ح ّ‬
‫قننا فنناللوم فيننه عليننك ل علننى الننناس‪،‬‬
‫فعلم تغضب؟ وما كان باطل ً فإنما هو اختبار لرجولتك‪ ،‬أو تنبيه لك من غفلتننك‪،‬‬
‫أو إظهار لما خفي من فضائلك‪ ،‬وكن علنى ثقنة منن أن الندر لننن يلتبننس أمننره‬
‫بالبلور على العارفين‪ ،‬وأن الحق لن يخفى وجهه على رب العالمين‪.‬‬

‫ذل الشهوة والطمع‬


‫كم أذلت الشهوة كرامة الرجال‪ ،‬وكم أذل الطمع أعناق البطال!‬

‫شجرة الذل‬
‫ل تروى شجرة الذل إل بماء الحرص‪ ،‬ول تنمو إل في ظلل الجبن‪ ،‬ول تننورق إل‬
‫بالنفاق‪ ،‬ول تثمر إل مع الكفر بالله أو نسيان حسابه‪.‬‬

‫أكثر الناس‬
‫ل تكن كأكثر الناس يفضلون عاجل ً فيه ت َل َ ُ‬
‫فهم‪ ،‬على آجننل فيننه خلصننهم‪ ،‬ولكننن‬
‫كن كما هو شأن عباد الله الصالحين‪ :‬يرضون من العاجل بما يوصل إلى الجننل؛‬
‫ل بما يقطع عنه‪.‬‬

‫عز‪ ..‬وعز‪..‬‬
‫عز الستقامة أشرف عز؛ لنه عز ل ذ ّ‬
‫ل بعده‪ ،‬وعز النحراف أبخس عز؛ لنه عننز‬
‫ل عز بعده!‬

‫المور بنتائجها‬
‫إذا كان المرض يصحح لك خط سيرك فهو بدء الشفاء‪ ،‬وإذا كننان الفقننر يجننبرك‬
‫على حفظ النعمة فهو بدء الغنى‪ ،‬وإذا كان اللم يصرفك عن التفكير في الشننر‬
‫فهو بدء السعادة‪ ،‬وإذا كان العننزل يمنعننك مننن الظلننم والعانننة عليننه فهننو بنندء‬
‫الولية‪ ،‬وإذا كان الموت يقصيك عن الشقاء وأسبابه فهو بدء الحياة‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القرآن والمؤمنون‬
‫تأثير القرآن في نفوس المؤمنين بمعانيه ل بأنغامه‪ ،‬وبمن يتلوه مننن العنناملين‬
‫به ل بمن يجوده من المحترفين به‪ ،‬ولقد زلزل المؤمنننون بننالقرآن الرض يننوم‬
‫زلزلننت معننانيه نفوسننهم‪ ،‬وفتحننوا بننه النندنيا يننوم فتحننت حقننائقه عقننولهم‪،‬‬
‫وسيطروا به على العالم يوم سيطرت مبادئه علننى أخلقهننم ورغبنناتهم‪ ،‬وبهننذا‬
‫يعيد التاريخ سيرته الولى‪.‬‬

‫القرآن والذاعات‬
‫خير من ألف إذاعة تتلو القرآن على المسننلمين بأعننذب الصننوات صننباح مسنناء‪،‬‬
‫إذاعة واحدة يتلى فيها القرآن بآدابه منن قلنب خاشنع يسنتمع إلينه المسنلمون‬
‫بقلوبهم وعقولهم ساعة واحدة كل أسبوع‪.‬‬

‫المصاحف والمسلمون‬
‫لم يكن عنندد المصناحف عننند المسننلمين فني القننرن الول للهجننرة يبلننغ عشننر‬
‫معشار عددها عندهم اليوم‪ ،‬وهي الن ل يتلى منها عشر معشار مننا كننان يتلننى‬
‫حينذاك‪ ،‬وما يتلى بتفهم وتدبر ل يبلغ عشر معشار ما يتلى بغيننر تفهننم وتنندبر‪،‬‬
‫فل تعجبن إذا لم يفعل القرآن في نفوس المسلمين في الحاضر عشننر معشننار‬
‫ما كان يفعله في نفوسهم في الماضي‪.‬‬

‫القرآن والجيال‬
‫كانوا يتعلمون مع القرآن العمل به‪ ،‬ثننم أصننبحوا يتعلمننون العمننل بننه‪ ،‬فكيننف ل‬
‫يكون الفرق بين أجيالنا وأجيالهم عظيما ً ج ّ‬
‫دا؟‬

‫أدب القرآن‬
‫أدب القرآن هو أدب الحياة المناضلة بشرف‪ ،‬البناءة بسننمو‪ ،‬المكافحننة بتفنناؤل‪،‬‬
‫المدافعة ببأس‪ ،‬المهاجمة بحق‪ ،‬المتعاملة بحب‪ ،‬المتعاونة بوفاء‪ ،‬المرحة بوقار‪،‬‬
‫المتنعمة باعتدال‪ ،‬العزيزة بتواضع‪ ،‬القويننة برحمننة‪ ،‬العاملننة بقناعننة‪ ،‬المترئسننة‬
‫بشورى‪ ،‬المرؤوسة بيقظة‪ ،‬الحاكمة بحزم‪ ،‬المسننالمة بحننذر‪ ،‬المتحضننرة بخلننق‪،‬‬
‫المتعبدة بعلم‪ ،‬الماشية على الرض ونظرها فنني السننماء‪ ،‬السننائرة فنني النندنيا‬
‫نحننو العلء‪ ،‬وفنني الخننرة نحوالبقنناء‪ ،‬فننأي أدب فنني آداب المننم يهنندف هننذه‬
‫الهداف؟ وأي جيل في العالم أكرم من جيل يتخلق بهذا الدب؟‬

‫القرآن وحملة الحضارة‬


‫لو كنننا نحننن أربنناب هننذه الحضننارة للفتنننا النندنيا إلننى أدب القننرآن‪ ،‬ولشنندنا لننه‬
‫الجامعات‪ ،‬وعقدنا له المؤتمرات‪ ،‬وألفنا فيه الحوليات‪ ،‬وأنشننأنا لننه المختننبرات‪،‬‬
‫ولجعلناه شاغل الدنيا ومالئ تفكير الناس‪ ،‬ولشوقنا إليه النفوس فننافتتنت بننه‪،‬‬
‫ولجلونا جماله للعقول فتدلهت به‪ ،‬ولكن أرباب هذه الحضارة ما برحوا يناصبونه‬
‫العداء‪ ،‬ويحملون لهدمه المعاول‪ ،‬ويكيدون له في السر والعلننن‪ ،‬وينفقننون مننن‬

‫‪137‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫أموالهم وأوقاتهم في طمس نوره وتشويه حقيقته ما لو أنفقوا جزءا ً منه فنني‬
‫قا‪ ،‬والله غالب على أمره ولكن أكثر‬ ‫تخفيف ويلت النسانية لكانوا متحضرين ح ّ‬
‫الناس ل يعملون ? إن الذين كفروا ينفقننون أمننوالهم ليصنندوا عننن سننبيل اللننه‬
‫فسننينفقونها ثننم تكننون عليهننم حسننرة ثننم يغلبننون والننذين كفننروا إلننى جهنننم‬
‫يحشرون?‪.‬‬

‫ثورة القرآن‬
‫ثورة القرآن ضد الظلم والفساد والباطل ما تزال قائمة لم تنته معركتهننا‪ ،‬ولننن‬
‫تنتهي ما دام في الدنيا ظلم وفساد وباطل‪ ،‬ولكننن‪ :‬هننذه الثننورة فننأين الثننوار؟‬
‫وهذه البواق فأين ضرام النار؟ وهذه البنود فأين الجنود؟ وهذه المشاعل فأين‬
‫الزنود؟ وهذه القوافل فأين من يقود؟‬

‫القرآن سلح معطل‬


‫القننرآن فنني أينندي المسننلمين كالسننلح فنني أينندي الجنناهلين‪ ،‬سننلح معطننل ل‬
‫يستعملونه للدفاع ول للهجوم‪ ،‬ول للهدم ول للبناء‪ ،‬ول للخذ ول للعطنناء‪ ،‬وهننو‬
‫صالح لذلك كله وأكثر لو كانوا يعلمون!‬

‫]‪ [1‬الفود‪ :‬معظم شعر الرأس مما يلي الذن ) القاموس(‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم السادس والعشرين‬

‫أصدقاء القرآن‬
‫لبعض الكتب المقدسة عند بعننض الننديانات جمعيننات منتشننرة فنني جميننع أنحنناء‬
‫الرض‪ ،‬جند فيها عشرات اللوف من الشخاص‪ ،‬وينفق عليها عشرات الملييننن‬
‫من الموال‪ ،‬وهي بل شك تحتوي ثروة أخلقية إنسانية تفيد البشرية‪ ،‬ولكننن أي‬
‫ثننروة فكريننة وتشننريعية وأخلقيننة إنسننانية تحتويهننا إذا قيسننت بننثروة القننرآن‬
‫الكريم؟ وإذا كانت تلك قد رزقت عناية هذه اللف مننن الننناس‪ ،‬ووضننعت تحننت‬
‫أيديهم كل المكانيات لنشرها والدعاية لها أفل يستحق كتاب اللننه الخالنند عشننر‬
‫هذه الجهود؟ وعشر هذه الموال؟ وهل تقاس الثمرة التي جنتها النسانية مننن‬
‫تلك الكتب بالثمرات التي تجنيها من نشننر القننرآن الكريننم؟ أم أن ميننزة هاتيننك‬
‫أنها كتب قوم يحملون الحضارة‪ ،‬وكتابنننا كتنناب قننوم مغلننوبين لتلننك الحضننارة؟‬
‫أميزة تلك أنها كتب قوم لم ينهضوا إل حين تركوها‪ ،‬وذنب هننذا أنننه كتنناب قننوم‬
‫لم يسقطوا إل يوم تركوه؟ أميزة تلك أن حضارة الذين ينشننرونها اليننوم قننامت‬
‫على أسس تخالف مبادئها؟ وذنب هذا أن حضارة الذين هجروه وبها غيروا وجننه‬
‫الدنيا لم يضع حجر أساسها غيره؟ أميزة تلك أن المكتشفات العلمية تسير فنني‬
‫خط معاكس لتجاهه‪ ،‬وذنب هذا أنها تسير في خننط مننواز لتجنناهه؟ أميننزة تلننك‬
‫أنها كتب القوياء ولم تكن لها يد في قوتهم؟ وذنب هذا أنه كتاب الضعفاء وهو‬
‫بريء من عهدة ضعفهم؟‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫إذا لم يكن شيء من هذا كله‪ ،‬فما هو السر إذا؟ أل يكون هو الوفنناء مننن جننانب‬
‫أولئك‪ ،‬والجحود من جانب هؤلء؟ أهو العلم هناك والجهل هنننا؟ سننبحانك ربنني!‬
‫إنه علم يحمل على كتفه قاتله‪ ،‬وجهننل يشننيح بننوجهه عننن وليننه! سننبحانك هننذا‬
‫تفريط عظيم!‪..‬‬

‫دعاية العمل أبلغ!‬


‫لو عمل المسلمون بننآداب قرآنهننم للفتننوا النظننار إلننى روعتننه أكننثر مننن ألننف‬
‫جمعية‪ ،‬وألف خطاب‪ ،‬وألف كتاب‪.‬‬

‫مقياس الحقائق في نظر الناس‬


‫الناس يؤمنون بالحقائق أعمال ً أكثر مما يؤمنون بها أقننوال‪ ،‬ويقيسننون صنندقها‬
‫ً‬
‫ونفعها وثباتها بموقف دعاتها منها إيجابا ً وسلبًا‪ ،‬وإقبال ً وإعراضًا‪.‬‬

‫شر الدعاة‬
‫شر الدعاة إلى الحق من يكذب بعمله وسيرته ما يدعو إليه بلسانه ومقالته‪.‬‬

‫وجهه يتكلم!‬
‫كم من ساكت عن الحق بفمه‪ ،‬متكلم عنه بوجهه وجوارحه‪ ،‬وقند كنان العرابني‬
‫يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما يراه فمننا يلبننث أن يعلننن إسننلمه‬
‫وهو يقول‪ :‬أشهد أن هذا الوجه ليس بوجه كذاب‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫جناية الضعيف على الحق‬


‫يوم كان المسلمون أقوياء بالقرآن أقبل الناس عليه من كننل حنندب يتدارسننونه‬
‫ويتعلمون لغته‪ ،‬فلما ضعفوا بضعفه في نفوسهم‪ ،‬كانوا هم أول من أعرض عن‬
‫دراسته وتعلم لغته‪ ،‬وهكذا يجني الضعيف على نفسه وعلى الحق الذي يحمله‪.‬‬

‫النظم‪ ..‬والطبيعة‬
‫تغيير طبيعة النسان وخصائصه كتغيير نظام الكون‪ ،‬كلهما مسننتحيل علننى مننن‬
‫يحاوله‪ ،‬ومن هنننا تنندرك فسنناد كننل نظننام ل يسنناير الطبيعننة النسننانية‪ ،‬وعنندم‬
‫استطاعته الصمود أمام عنادها مهما عمر طوي ً‬
‫ل‪.‬‬

‫ل تبديل لخلق الله‬


‫الله الذي خلق نظام الكون كما نراه‪ ،‬لو أراد أن يكون غيننر مننا هننو عليننه لفعننل‪،‬‬
‫وكذلك النسننان‪ :‬لننو أراد اللننه لننه أن تكننون لننه غيننر طبننائعه الننتي فطننر عليهننا‬
‫كإنسان وحيوان لفعل‪ ،‬ولكنه لم يشأ لحكمة علمها‪ ،‬فمن الذي يرى من الحكمننة‬
‫غير ما يراه الله؟‪.‬‬

‫بين الفطرة والعادة‬


‫فرق كبير بين فطرة النسان وبين مننا يتعننوده النسننان‪ ،‬فننالفطرة ل تكننون إل‬
‫قا وصلحًا‪ ،‬وإنما يأتي الشر من انحرافها‪ ،‬والعادة قد تكون حسنة وقنند‬ ‫خيرا ً وح ّ‬
‫تكون سيئة‪ ،‬والفطرة ل تغير‪ ،‬والعادة السيئة من الواجب تغييرها‪.‬‬

‫سر اضطراب الوضاع‬


‫أكثر اضطراب الوضاع في المجتمعات ناشئ من مصادمة الفطرة في السننلوك‬
‫الجتماعي للفراد والجماعات‪ ،‬أو في التنظيمات والتشريعات‪.‬‬

‫ثلثة تسهل بالعادة‬


‫ثلثة تسهل بالعادة‪ :‬الصلة‪ ،‬والخطابة‪ ،‬والكتابة‪.‬‬

‫فظ من ثلثة‬‫تح ّ‬
‫ثلثة يعرفون من أسرارك وأحاديثك ما ل يعرفه الخرون‪ :‬حلقك الذي يأتي إلى‬
‫البيت‪ ،‬وخادمك الذي يقدم لضيوفك ما تضيفهم به‪ ،‬وسائق سيارتك الخاص‪.‬‬

‫أكثر الناس‬
‫أكثر الناس يقولون ما ل يفعلون‪ ،‬ويبتسمون لمن ل يننودون‪ ،‬ويصننادقون مننن ل‬
‫يأتمنون‪ ،‬ويخضعون لمن ل يحترمون‪ ،‬ويتملقون لمن ل يحبننون‪ ،‬ويقتنننون مننا ل‬
‫يحتاجون‪ ،‬ويدخرون منا ل يسنتعملون‪ ،‬ويبخلننون بمنا يملكنون‪ ،‬ويجننودون بمنا ل‬
‫يملكون‪ ،‬ويحبون ما به يتضررون‪ ،‬ويكرهون ما منه ينتفعون‪ ،‬وينفقون أعمارهم‬
‫فيما ل يستفيدون‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫ستة!‬
‫ل تنتصر دعوة الحق بستة‪ :‬مستعجل فنني الشننهرة متهالننك عليهننا‪ ،‬وجننرئ فنني‬
‫القول جبان عند العمل‪ ،‬وعامي في ثقافته ملتو في أسنناليبه‪ ،‬ومننؤثر للسننلمة‬
‫على التضحية‪ ،‬ومغرور يقدر نفسه بأكثر مما هي عليه‪ ،‬وضعيف يسيره مننن هننو‬
‫أخبث منه‪.‬‬

‫خبث النية‬
‫خبث نّية القائد تقود الجنود إلى الهزيمة ولو كانت نواياهم حسنة‪.‬‬

‫القيادة الفاشلة‬
‫قيادة الغرار تؤدي إلى النهيار‪ ،‬وقيادة الموتورين تشعل النار أو تلحق العار‪.‬‬

‫ل يرتجى منه خير‬


‫ل ترج خيرا ً ممن أدار لك ظهنره عنند إقبننال الندنيا علينه‪ ،‬ولنولك لمنا صنافحته‬
‫الدنيا‪.‬‬

‫قلة الوفاء‬
‫الذي ل وفاء عنده لخوانه عند نننزول المحننن بهننم‪ ،‬ل وفنناء عنننده لمتننه عننندما‬
‫تحتاج إليه‪.‬‬

‫أجر العاملين‬
‫ما وكمدا‪ً.‬‬
‫لو عمل العاملون انتظارا ً للجزاء في الدنيا لماتوا ه ّ‬

‫تجارة!‬
‫أقل الناس قياما ً بحق الخوة أكثرهم ادعاء لها‪ ،‬أولئك هم المتاجرون‪.‬‬

‫ل يحزننك‬
‫كر أكثر الننناس للقيننم العليننا‪ ،‬وأكننثر الصنندقاء لحقننوق‬ ‫ل يحزنّنك ما ترى من تن ّ‬
‫الخوة‪ ،‬وأكننثر النندعاة لواجبننات الداعيننة‪ ،‬وأكننثر المتنندينين لداب النندين‪ ،‬وأكننثر‬
‫الواعظين لخلص النية‪ ،‬وأكثر العلماء لخلق السلف‪ ،‬وأكننثر المتعناملين لخلننق‬
‫المانة‪ ،‬وأكثر المتجاورين لخلق التسامح‪ ،‬وأكثر المتخاصمين لخلق النصنناف‪ ،‬ل‬
‫يحزنك هذا وأشباهه‪ ،‬فتلك هي الحياة فل تذهب نفسك عليهم حسرات‪.‬‬

‫ل تفعل عشرا ً‬
‫ل تفعل عشرا ً فتسمع عشرًا‪ :‬ل تتدخل فيما ل يعنيك فتسمع مننا ل يرضننيك‪ ،‬ول‬
‫تتكلم وأنت مغضب فتسمع ما يزيدك غضبًا‪ ،‬ول تمدح مغرورا ً فتسمع منه ما فيه‬
‫احتقارك‪ ،‬ول تشك إلى من ل يغار عليك فتسمع منه ما يزيد في آلمك‪ ،‬ول تبنند‬
‫سخطك على جاهل فتسمع منننه مننا يزينندك غيظنًا‪ ،‬ول تنصننح مننن يسننتهين بننك‬

‫‪141‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫فتسمع منه ما يشعر بامتهانننك‪ ،‬ول تعننظ مفتوننا ً برأيننه فتسننمع منننه مننا يننزري‬
‫برأيننك‪ ،‬ول تتحنندث إلننى متخاصننمين بمنا يسننخطهما فتسننمع منهمننا منا يجعلننك‬
‫ثالثهما‪ ،‬ول تذكر زوجتك وهي مغضبة بما قدمت لها من خير فتسمع منها إنكننار‬
‫ذلك كله‪ ،‬ول تدل بأبوتك على ولدك العاق الجاهل‪ ،‬فتسمع منننه مننا تتمنننى معننه‬
‫أن ل تكون ولدته!‪.‬‬

‫الناس معادن‬
‫الناس معادن‪ ،‬خيارهم في اليسننر‪ ،‬خيننارهم فنني العسننر‪ ،‬وخيننارهم فنني العننزل‬
‫خيارهم في التولية‪ ،‬وخيارهم فنني الفقننر خيننارهم فنني الغنننى‪ ،‬وخيننارهم فنني‬
‫العزلننة خيننارهم فنني الخلطننة‪ ،‬وخيننارهم فنني الخمننول خيننارهم فنني الشننهرة‪،‬‬
‫وخيارهم في الجندية خيارهم في القيادة‪ ،‬وخيارهم فنني الضننعف خيننارهم فنني‬
‫القوة‪ ،‬وخيارهم في المرض خيارهم في الصحة‪ ،‬وخيارهم في المحنننة خيننارهم‬
‫في النعمة إذا وفقهم الله‪ ،‬وما تختل الخيرية في حالة إل كننان ذلننك دليل ً علننى‬
‫عدم وجودها في الحالة الخرى‪.‬‬

‫قصور الوهام‬
‫الذين يبنون قصورهم في الوهام؛ تهندمها الحقنائق‪ ،‬والنذين ينصنبون حيناتهم‬
‫في مهاب الريح؛ تسرقها العواصننف‪ ،‬والننذين يرسننون قواعنندهم علننى الرمننال؛‬
‫تميد بهم يوم تتحرك الرمال‪ ،‬ول ثبات إل لمننا لننه أصننل ثننابت‪ ،‬ول ثمننرة إل مننن‬
‫أصل مثمر‪.‬‬

‫أصعب شيء‬
‫أصعب شيء على النفس ما خالف هواهننا‪ ،‬وأصننعب شنني علننى الهننوى مننا كبننح‬
‫جماحه‪ ،‬وأصعب شيء على العقل ما خالف حكمه‪ ،‬وأصعب شيء على المرأة أن‬
‫تترك زينتها‪ ،‬وأصعب شيء على العالم أن يرى للجهل سننلطانًا‪ ،‬وأصننعب شننيء‬
‫على المتدين أن ينرى للملحنندين نفنوذًا‪ ،‬وأصننعب شنيء علنى المصننلح أن ينرى‬
‫للفساد دولة‪ ،‬وأصعب شيء على الحكيم أن يرى للحمقى صولة‪ ،‬وأصعب شننيء‬
‫على الكريم أن تضيق يده على البذل‪ ،‬وأصعب شيء على الشهم أن يحننال بينننه‬
‫وبين فعننل المعننروف‪ ،‬وأصننعب شننيء علننى الظريننف أن يضننطر إلننى معاشننرة‬
‫الثقيل‪ ،‬وأصعب شيء على الذكي الديب أن يسجن مع الجاهل البلينند‪ ،‬وأصننعب‬
‫شيء على الجميلة أن تضطر إلى الزواج من قبيح‪ ،‬وأصعب شيء على النشننيط‬
‫الحاد المزاج أن يسافر مع البارد البطيء الحركة‪ ،‬وأصعب شيء علننى المصننلين‬
‫في هذه اليام سماع أكثر خطباء المساجد يوم الجمعة‪.‬‬

‫الثواب على اللم‬


‫إذا أثابنا على هذه اللم بمغفرة منه ورضوان فيا نعم الحسننان‪ ،‬وإل فيننا سننوء‬
‫الحرمان والخسران‪.‬‬

‫مناجاة!‬

‫‪142‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫وصالك نعيم‪ ،‬وعذابك عتاب‪ ،‬وعقابك عدل‪ ،‬وعطاؤك تفضل‪ ،‬ومنعك تأديب وكل‬
‫خير فمنك‪ ،‬والشر منك ل ينسب إليك‪ ،‬والقليل منننك كننثير‪ ،‬والطننل مننن فيضننك‬
‫غدير‪ ،‬وأي مكننان فنني كونننك العظيننم ل يملننؤه الجلل؟ وأي شننيء مننن صنننعك‬
‫البديع ل يكسوه الجمال؟ وأي أمرمما يسننرنا ليننس إليننك فضننله؟ وأي أمننر ممننا‬
‫يسوؤنا ليس علينا وزره؟ تباركت يا ذا العظمة والعلم والحكمة! كيننف ل نعبنندك‬
‫وقد سجدت لك الرض والسننموات؟ وكيننف ل نحمنندك فقنند غمرتنننا مننن جننودك‬
‫البركننات؟ وكيننف ل نحبننك وقنند تنوالت عليننا مننن عطنائك الرحمننات؟ وكيننف ل‬
‫نخشاك وعذابك في لمح البصر يجعل الننديار خرابنًا؟ وكيننف ل نرجننوك ورحمتننك‬
‫تحيي الرض بعد أن كانت مواتًا؟ وتجعل الماء الجاج عذبا ً فراتًا؟ وكيف ل ننندعو‬
‫إليك وأنت تدعو إلى درا السلم؟ وكيف ل نثني عليك وأنت الننذي بننددت بنننورك‬
‫سحب الظلم والوهام؟ فاهدنا بفضلك صراطك المستقيم‪ ،‬واجعلنننا مننع الننذين‬
‫أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ول الضالين‪.‬‬

‫لنا الله من هؤلء!‬


‫لنا الله من قوم لهم أحلم الملوك وعزائم الصعاليك! ولنننا اللننه مننن قننوم لهننم‬
‫دعاوى الصديقين وأعمال الشياطين! ولنا الله من جماعات بألسنننتهم شننعارات‬
‫الخلص‪ ،‬وبأيديهم قيود العبودية! ولنا اللننه مننن صننحب كنننا منهننم ملننء السننمع‬
‫والبصر‪ ،‬فأصبحنا معهم بل شأن ول أثر‪.‬‬

‫أنيس ولم يسمر بمكة‬ ‫كأن لم يكن بين الحجوب إلى الصفا‬
‫سامر‬

‫ومن هؤلء!‬
‫لنا الله من أشباه الرجال! رعاديد حين يكون السلح في وجوههم‪ ،‬أبطنال حينن‬
‫يكون السلح في وجوه غيرهم!‬

‫يجتمعون ويفترقون‬
‫الذين تجمعهم دعوة الدين وتفرقهم منفعة الدنيا؛ أناس لم يخالط الدين شغاف‬
‫قلوبهم‪ ،‬والذين تجمعهم كلمة الحق وتفرقهم دسائس الباطل أناس لم يعرفننوا‬
‫الحق كما ينبغنني أن يعننرف‪ ،‬والننذين تجمعهننم باحننة المسننجد‪ ،‬وتفرقهننم سنناحة‬
‫السوق قوم ل ينصرون الله أبدًا‪.‬‬

‫إلى جناحي نسر‬


‫الرتفاع فوق مطامع الدنيا يحتاج إلى جناحي نسر‪ ،‬ل إلى جناحي فراشة!‪.‬‬

‫القلب المريض‬
‫ل يفلح ذو القلب المريض ولو واتته كل فرص النجاح‪ ،‬ول بند مننن كبننوة سننريعة‬
‫ولو كان المجلي في الميدان‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫كرامة الدعوة‬
‫ً‬
‫تأبى كرامة دين الله أن يؤيد من ل يخلننص فنني النندعوة إليننه تأيينندا يغطنني عننن‬
‫العيون حقيقة أطماعه ونواياه‪.‬‬

‫استدراج الله‬
‫ل يزعجنك نجاح من تعتقد عدم إخلصهم؛ فإنه نجاح مؤقت يستدرجهم اللننه بننه‬
‫ليكشننف مننا خفنني علننى كننثير مننن الننناس مننن أخلقهننم علننى حقيقتهننا ?‬
‫سنستدرجهم من حيث ل يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين?‪.‬‬

‫حقيقة النجاح‬
‫ليس النجاح أن تكسب النصر في غير معركة‪ ،‬فتلك فرصة واتتك فيها الظروف‪،‬‬
‫ولكن النجاح أن تكسب النصر في معركة لم يكن يبدو للمراقبين لها شننيء مننن‬
‫تباشير النجاح‪.‬‬

‫حقيقة البطولة‬
‫ليست البطولة أن تقاتل وأنت آمن على ظهرك من الرمنناح‪ ،‬ولكننن البطولننة أن‬
‫تقاتل وأنت تنوشك الرماح من كل جانب‪.‬‬

‫فتنة الدنيا‬
‫ل ينجو من فتنة الدنيا إل نبي أو صديق‪ ،‬أما النبياء فقد ختموا بمحمد صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وأما الصديقون فهؤلء هم الننذين تتطلننع إليهننم المننال‪ ،‬ول تيننأس‬
‫من وجننودهم النفننوس‪ ،‬فننالله ل يحجننب فضننله عننن جيننل دون جيننل‪ ،‬ول يخننص‬
‫برحمته زمانا ً دون زمان‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم السابع والعشرين‬

‫سلطان الوهم‬
‫من عجيب خلق الله فنني النسننان أنننه جعننل الننوهم يسننعده ويشننقيه‪ ،‬ويمرضننه‬
‫ويشننفيه‪ ،‬ولطالمننا رأيننت أناس نا ً شننفاهم الننوهم وأمرضننهم‪ ،‬أمننا أكننثر الننناس‬
‫فبأوهامهم يسعدون ويشقون‪.‬‬

‫وإل فقد عشنا بها زمنا ً‬ ‫متى إن تكن ح ّ‬


‫قا تكن أسعد المنى‬
‫رغدا‬

‫النسان والحقيقة‬
‫ل أن رأيت إنسانا ً ل تننؤلمه الحقيقننة إذا كننانت تتعننارض مننع رغبنناته‪ ،‬وقننل أن‬
‫ق ّ‬
‫رأيت إنسانا ً ل تؤلمه الصراحة إذا كننانت تتكشننف عننن خطيئاتننه‪ ،‬وقننل أن رأيننت‬
‫إنسانا ً ل يحب الجاه بالرغم مننن مشننكلته ومزعجنناته‪ ،‬وقننل أن رأيننت إنسننانا ً ل‬
‫يحب المننال بنالرغم مننن منغصنناته وآفناته‪ ،‬والصننديقون والعنارفون هننم الننذين‬
‫ينجون من هذا كله شرعا ً ل طبعًا‪.‬‬

‫العقل والهوى‬
‫لو اتبع النسان عقله في كل أموره لشقي‪ ،‬ولو اتبع أهواءه فيهننا كلهننا لهلننك‪،‬‬
‫والعاقل السعيد من لم يتخل دائمنا ً عننن موجبننات العقننل‪ ،‬ولننم يجننر دائمنا ً وراء‬
‫الوهام‪.‬‬

‫الحب الطاهر‬
‫الحب الطاهر البريء هو حب الم لطفلها‪ ،‬وما عدا ذلك من حب الناس بعضننهم‬
‫لبعض‪ ،‬فهو مشوب بالغراض والمنافع والشهوات‪.‬‬

‫الخلص‬
‫كل علم أو عمل ل يقصد به صاحبه النندنيا فهننو خننالص لننوجه اللننه تعننالى‪ ،‬فننإذا‬
‫واتته الدنيا صاغرة بعد ذلك دون طلب منه لها‪ ،‬فأقام حق الشننعب فنني أمننواله‪،‬‬
‫وحق الله في سائر أحواله‪ ،‬وحق الناس في نصحهم وإغنناثتهم‪ ،‬وحننق الضننعفاء‬
‫في جاهه ونفوذه‪ ،‬كان عند الناس أكرم مقامًا‪ ،‬وعند الله أكثر ثوابًا‪.‬‬

‫الرياء‬
‫كل علم أو عمل يحوز به صاحبه الدنيا‪ ،‬فهو عمل لغير الله تعالى‪ ،‬وأكننثر الخلننق‬
‫ظا منه هو الشيطان‪ ،‬وأكثر الناس ضررا ً به هم الملتفون حوله‪ ،‬وأكننثر الننناس‬ ‫ح ّ‬
‫استفادة منه هم الفاسقون والطغنناة والمفسنندون‪ ،‬وأكننثر الننناس اسننتدلل ً بننه‬
‫على محاربة الدين ودعاته الصادقين‪ ،‬هم الملحدون والفاجرون‪.‬‬

‫الصحبة‬

‫‪145‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫العابدون يحبون الصحبة مع الله تعالى بالعبادة‪ ،‬والمصلحون يحبون الصحبة مننع‬
‫الناس بالنصيحة‪ ،‬والعلماء يحبون صحبة الكتب بالستفادة‪ ،‬وعامة الناس يحبننون‬
‫الصحبة مع من يوافقهم في الهواء والمنادمة‪.‬‬

‫مكابرة‬
‫من أغرب ما يتصف به بعض الناس؛ أنهم يسرقون ويكرهون أن يقال لهم أنتننم‬
‫سارقون‪ ،‬ويخونون ويحاربون من يقول لهم‪ :‬أنتم خائنون‪ ،‬وينندجلون ويغضننبون‬
‫ممن يقول لهم‪ :‬أنتم دجالون‪ ،‬ويستغلون الدين للدنيا ويتظاهرون بالنقمة على‬
‫من يقول لهم‪ :‬أنتم مستغلون‪ ،‬وهذا دليل علننى معرفتهننم بانحطنناط أنفسننهم‪،‬‬
‫وكراهيتهننم أن يطلننع الننناس علننى انحطنناطهم‪ ،‬ليسننتمر خننداعهم وسننرقاتهم‬
‫وخياناتهم واستغللهم‪ ،‬وقد غفلنوا عنن أن مينزة الحنق أن يندمغ أعنداءه مهمنا‬
‫تستروا وتنكورا ? بل نقذف بالحق على الباطننل فينندمغه فننإذا هننو زاهننق ولكننم‬
‫الويل مما تصفون?‪.‬‬

‫عبادة الصنام‬
‫ل يزال أكثر الناس – بالرغم من اعتقادهم بوحدانيننة اللننه جننل جللننه – يعبنندون‬
‫الصنام كما كانوا في الجاهلية الولى‪ ،‬مع فارق واحد هو‪ :‬أن أصنام الجاهلية ل‬
‫تضر ول تنفع‪ ،‬وأصنام هؤلء تضلهم وتشقيهم‪ ،‬وتغشهم وتخنندعهم‪ ،‬وتسننتغلهم‬
‫وتستخدمهم‪ ،‬وتبعدهم عن الله وهننم يظنننون أنهننم بواسننطتهم يقننتربون منننه‪،‬‬
‫فواحسرتا على العقول المكبلة بالوهام‪ ،‬ويا رحمتا للنفوس الخاضعة للصنننام‪،‬‬
‫ويا خجلتا من التاريخ إذ يسجل على عصرنا هذا عودة إلننى عبننادة الصنننام وهننو‬
‫أكثر العصور ثقافة ومطاردة للظلم!‪.‬‬

‫نزعة إلى الجاهلية الولى‬


‫ل يزال النسان يحن إلى عبادة الصنام ويخضع لها‪ ،‬برغم مننن محاربننة الديننان‬
‫السماوية – وبخاصة السلم – للصنام‪ ،‬ودعوتها إلى التوحيد الخالص‪ ،‬وهذا يؤيد‬
‫دعوى وراثة البناء لصفات الجدود والباء‪ ،‬ولو بعد عشرات الجيال‪.‬‬

‫مع الله‬
‫من اعتز بغير الله ذل‪ ،‬ومن استعان بغيره خاب‪ ،‬ومن توكل علننى غيننره افتقننر‪،‬‬
‫ومننن أنننس بسننواه كننان فنني عيشننة موحشننة‪ ،‬ولننو غمرتننه الضننواء وحفننت بننه‬
‫المواكب‪.‬‬

‫النفوس العالية والدنيئة‬


‫ً‬
‫النفوس العالية ترى التعلق بمال الدنيا وزينتها امتهانا لهننا ل تقبلننه‪ ،‬والنفننوس‬
‫وا ل تتخلننى عنننه‪ ،‬ومننا أكننثر مننن‬
‫الدنيئة ترى جمع المال والحرص على الجاه عل ّ‬
‫يدعون علو النفس وهم يتصفون بصفات الدنياء!‪.‬‬

‫حقيقة التصوف وآفاته‬

‫‪146‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫التصوف في أصله عمل بالناحية الخلقية والروحية فنني السننلم‪ ،‬وهكننذا كننان‬
‫تصوف الصحابة والتابعين‪ ،‬ثننم أصننيب بثلث آفننات أفسنندته فأفسنندت المجتمننع‬
‫السلمي‪ :‬غلبة المفاهيم العجمية الوثنية للخلق على مفاهيمها فنني القننرآن‬
‫والسنة‪ ،‬والجهل بأحكننام الشننريعة فنني فروضننها وآدابهننا‪ ،‬واسننتعمال التصننوف‬
‫مهنة يجلب بها الشهرة من أرادها ويجلننب بهننا المننال مننن أحبننه‪ ،‬وأسننوأ أنننواع‬
‫التصوف ما اجتمعت فيه الفات الثلث‪.‬‬

‫وفاة عارف وحياة دجال!‬


‫مات شيخ صننوفي صنالح زاهنند صننادق منع اللنه فني كنل حنالته‪ ،‬فبكناه النناس‬
‫لفقنندهم بركتننه‪ ،‬ومننا يننزال يعيننش دجننالون يجمعننون المننوال باسننم التصننوف‬
‫فتلعنهم الدنيا لشننقائها بهننم‪ ،‬ويتسنناءل المفجوعننون‪ :‬كيننف يمننوت الصننادقون‬
‫ويحيا الدجالون؟ وتجيبهم القدار‪ :‬أما موت الزاهد العننارف؛ فكننل نفننس ذائقننة‬
‫المننوت‪ ،‬وأمننا حينناة النندجالين المسننتغلين؛ ففنني قننول اللننه جننواب عنننه‪? :‬‬
‫سنستدرجهم من حيث ل يعلمننون وأملنني لهننم إن كينندي مننتين? وفنني الحننديث‬
‫الشريف "إن الله يمهل ول يهمل" ونهايتهم القريبة مؤكدة‪ ? :‬حننتى إذا فرحننوا‬
‫ة فإذا هم مبلسون?‪.‬‬ ‫بما أوتوا أخذناهم بغت ً‬

‫قضية المرأة‬
‫المرأة تشغل نصف المجتمع من حيث العدد‪ ،‬وأجمل ما في المجتمننع مننن حيننث‬
‫العواطف‪ ،‬وأعقد ما في المجتمع من حيننث المشننكلت‪ ،‬ومننن ثمننة كننان واجننب‬
‫المفكرين أن ينظروا إلى قضيتها دائما ً على أنها قضية المجتمع كله‪ ،‬أكننثر ممننا‬
‫يفكر أكثر الرجال فيها على أنها قضية جنس متمم أو مبهج‪.‬‬

‫أنواع النساء‬
‫المرأة داء‪ ،‬ودواء‪ ،‬ومرض‪ ،‬وعلج‪ :‬فالعاقلة ذات الخلق الحسن والذوق الحسننن‪:‬‬
‫دواء للزوج تشفيه من متاعبه النفسية والمادية‪.‬‬
‫والجاهلة الحمقاء‪ :‬داء للسرة تلوث جميع أفرادها بجراثيم القلق والنزاع‪.‬‬
‫والمرأة المتكبرة المغرورة‪ :‬مرض للننزوج ل يشننفى منننه إل بطلقهننا أو الننزواج‬
‫عليها وكل المرين مر بغيض‪.‬‬
‫والمرأة الصالحة المستقيمة‪ :‬علج لكل ما يعانيه المجتمع من شرور وآفات‪..‬‬

‫نداء وتذكير‬
‫يا منفرا ً من الدنيا وأنت تجري وراءها ركضًا‪ ،‬ويا مرغبا في الزهد وأنننت تجتننويه‬
‫ً‬
‫)تكرهه( وتفر منه رعبًا‪ ،‬ويا مبغضا ً في المننال وأنننت تعننب منننه عب ّننا‪ ،‬ويننا داعي نا ً‬
‫لخلق الصالحين وأنت تحاربهم‪ ،‬ويا متراميا ً على أقدام الظننالمين وأنننت تزعننم‬
‫الرغبة في هدايتهم‪ ،‬ويا كارها ً لدعاة الحق وأنت تزعنم أنننك منهننم‪ ،‬ويننا محاربنا ً‬
‫لدعوة الصلح وأنت تزعم تزعم أنك مننن رؤوسننها‪ ..‬أنسننيت أن عيننن اللننه غيننر‬
‫غافلة عن الظالمين؟ أم ظننت أنك تخدع الله كما تخدع السننذج والمغفليننن؟ أم‬
‫م تقولون ما ل تفعلون ¯ ك َب َُر مقتا ً عند‬ ‫نسيت قوله تعالى‪ ? :‬يأيها الذين ءامنوا ل ِ َ‬

‫‪147‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫الله أن تقولوا ما ل تفعلون ¯? اقرأ يا هذا قول اللننه بتنندبر وإمعننان‪ ،‬لعننل فيننك‬
‫بقية من إيمان يردعك عن طريق الشيطان‪ ? :‬ومن الناس من ُيعجبك قوله فنني‬
‫الحياة الدنيا وُيشهد الله على ما في قلبه وهو ألنند الخصننام ¯ وإذا تننولى سننعى‬
‫في الرض لُيفسد فيها وُيهلك الحرث والنسل والله ل يحب الفساد ¯ وإذا قيننل‬
‫ق الله أخذته العنزة بنالثم فحسننبه جهنننم ولننبئس المهنناد ¯ ومننن النناس منن‬ ‫ات ِ‬
‫َيشري نفسه اتبغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد¯ ?‪..‬‬
‫دعاء الكرامة‬‫ا ّ‬
‫من يمد يده إلى صدقات مريديه‪ ،‬ويساير الظالمين طمعا ً في إرواء ظمئه للمال‬
‫والجاه عندهم‪ ،‬فقد أسقط برضاه كرامة نفسه‪ ،‬فليس لننه أن يتظنناهر بالغضننب‬
‫على كرامته ممن يكشف عيوبه ومخازيه‪ ،‬ومن المقرر في الفقه السننلمي أن‬
‫الساقط ل يعود‪ ،‬ومن الثننابت بنالنص القرآننني أن النذين يخنندعون اللننه والننذين‬
‫آمنوا؛ ما يخدعون إل أنفسهم وما يشعرون‪.‬‬

‫بين الصلح والفساد‬


‫ل يختلط المر بين الصلح والفساد إل على من طمس الله بصننيرتهم‪ ،‬ونننافقوا‬
‫في دينه ودعوى الهداية إليه‪ ،‬هؤلء هم الننذين تحنندث اللننه عنهننم فقننال‪ ? :‬وإذا‬
‫قيننل لهننم ل تفسنندوا فنني الرض قننالوا إنمننا نحننن مصننلحون ¯ أل إنهننم هننم‬
‫المفسدون ولكن ل يشعرون¯ ?‪.‬‬

‫كلنا عباد الله‬


‫كلنا عباد الله‪ ،‬ولكن فينا من تقر أعماله بهذه العبوديننة وهننم الطننائعون‪ ،‬وفينننا‬
‫من تنكرها أعماله وأحواله وهم العصاة والطغاة والمفسدون‪.‬‬

‫فجور مدعي العلم‬


‫ً‬
‫فجور مدعي العلم ل يضنره وحنده‪ ،‬بنل يضنر الندين والمتندينين جميعنا‪ ،‬وبنذلك‬
‫وجب عليهم جميعا ً أن يأخننذوا علننى يننده ليننبرأوا إلننى اللننه والننناس مننن عهنندة‬
‫فجوره وعصيانه‪.‬‬

‫عبادة غير الله‬


‫الخضوع للباطل والمبطلين عبادة جزاؤها النننار‪ ،‬فمننن أعننرض عننن الحننق تننأثرا ً‬
‫بزعيم أو ظالم أو دجال فقد عبده ولو كان مسلمًا‪ ،‬وعبادة غير الله شرك ? وما‬
‫يؤمن أكثرهم بالله إل وهم مشركون? فليجدد دينه كل من اتبع ظالمًا‪ ،‬أو مشى‬
‫مع مستغل دجال‪ ،‬أو أحب زعيمه أكثر مما يحب الله ورسوله وشريعته‪.‬‬

‫الرياضة‬
‫هذه الحضارة تعنى بالرياضة كثيرا ً وهو أمر جميل لم تهمله الحضارة السلمية‪،‬‬
‫غير أن حضارتنا أدخلت هذه الرياضننة فنني كننثير مننن العبننادات‪ ،‬فأضننفت عليهننا‬
‫قدسننية وروحانيننة‪ ،‬والغربيننون جعلنوا هنذه الرياضنة مادينة جسنمانية‪ ،‬وأحلوهنا‬
‫المحننل الول فنني تربيننة الجيننال وتعلننق الجمنناهير بهننا‪ ،‬وبننذلك يعينندون سننير‬

‫‪148‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫الحضارتين اليونانية والرومانية وقد كان أهلهننا وثنييننن ل يقيمننون وزن نا ً للقيننم‬
‫الروحية والخلقية‪ ،‬بينما الغربيون يزعمون أنهم نصارى يتبعننون المسننيح عليننه‬
‫السلم‪ ،‬وقد غلبت التقاليد الوثنية روحهم النصرانية‪.‬‬

‫آفات البخل‬
‫البخل من أشد المراض النفسننية فتك نا ً بصنناحبه وبننالمجتمع‪ ،‬وينشننأ مننن آفننات‬
‫ثلث‪ :‬عنندم التصننديق بوعنند اللننه‪ ،‬وإيثننار النفننس علننى غيرهننا مننن عبنناد اللننه‪،‬‬
‫والسيهانة بسوء السمعة بين الناس‪.‬‬

‫حقيقة المال‬
‫المال وسيلة للخير‪ ،‬وللعيش بين الناس باحترام وكرامة‪ ،‬والبخلء ينظرون إلننى‬
‫المال على أنه غاية لذاته‪ ،‬ثم ل يبنالون بمهننانتهم واحتقنار الننناس لهننم‪ ،‬ومثننل‬
‫هؤلء يموتون قبل أن يموتوا‪ ،‬ويدفنون أنفسهم قبل أن يدفنهم الناس‪.‬‬

‫الغني البخيل‬
‫ى يكون الفقننر أغنننى‬
‫الغني البخيل أفقر من الفقير الكريم‪ ،‬فانظر ما قيمة غن ّ‬
‫منه؟‪.‬‬

‫قيمة البخيل‬
‫البخيل يعبد المال أكثر من عبادته لله‪ ،‬ويحب المال أكثر مما يحب نفسه‪ ،‬ويكره‬
‫الخير أكثر مما يكره المرض والذى‪ ،‬فانظر ما قيمة مثل هذا النسان؟‬

‫نفسية البخيل‬
‫البخيل يذكر نفسه وينسى ربه‪ ،‬ويضع الفقر بين عينينه أكننثر ممنا يضنع المننوت‬
‫نصب ناظريه‪ ،‬ويخاف من الفقر أكثر مما يخاف من عقنناب اللننه وحسننابه‪ ،‬فهننو‬
‫إنسان أحمق مشوه التفكير ولو كان من أحكم الحكماء‪.‬‬

‫بخل الزعماء‬
‫أسوأ أنواع البخل‪ :‬بخل الزعماء والرؤساء؛ إل أن يكون بخل ً بمال الدولننة فننذلك‬
‫هو الحرص الذي يحبه الله ورسوله‪ ،‬ويقدره العقلء ويحفظ به المجتمع‪.‬‬

‫للرجل والمرأة‬
‫خمسة أشياء تحمد من الرجننل وتننذم فنني المننرأة‪ :‬الكننرم‪ ،‬والختلط‪ ،‬والجننرأة‪،‬‬
‫والزهد‪ ،‬والخشونة‪.‬‬

‫الموت الشريف‬
‫كل إنسان كتب عليه الموت ل محالة‪ ،‬وأشرف أنواع الموت‪ :‬المننوت فنني سننبيل‬
‫الله والحق‪ ،‬وأحقر أنواع الموت‪ :‬الموت في شهوات البطن والفرج!‪..‬‬

‫‪149‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫الموت في المرض‬
‫الموت في أنواع من المنرض شننهادة تفيند صنناحبها فني الخنرة‪ ،‬والمنوت فني‬
‫مرض كان سببه النهم والشره في لذائذ مباحة؛ ميتننة حقيننرة ل تعفنني صنناحبها‬
‫من حساب الخرة‪ ،‬والموت في مرض كان سببه الغراق في لذائذ محرمة؛ ميتة‬
‫آثمة تزيد في عذاب صاحبها عند الله‪.‬‬

‫أشبه بالحيوان‬
‫من فضل لذة بطنه ساعة على حياته سنوات؛ فهو بالبهائم أشبه من بالنسان‪.‬‬

‫أنواع المرض‬
‫من المرض ما يرفع قدر صاحبه في الدنيا والخرة‪ ،‬ومن المرض ما يسننيء إلننى‬
‫صاحبه في الدنيا والخرة‪ ،‬وأكثر الناس يمرضون المرض الذي كتبننه اللننه نهايننة‬
‫لحياة النسان على الرض‪.‬‬

‫حياة تافهة‬
‫أي قيمة لحياة تذهب بها لذة؟ وأي عظمة كعظمة الحياة التي تزهد فنني اللننذائذ‬
‫وتذهب في معالي المور؟‪.‬‬

‫نعمة العقل‬
‫أكثر الناس تنهزم عقولهم إزاء الملذات والمغريات‪ ،‬وهؤلء يحقرون أعظم نعم‬
‫الحياة وأغلها وأحلها‪ :‬نعمة العقل الذي ميز الله به النسان على الحيوان‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الثامن والعشرين‬

‫موقف الناس من المال‬


‫من كان ماله آثر عنده من حياته فهو أحمق‪ ،‬ومن كان ماله آثر عنده من كرامته‬
‫وسمعته فهو حقير‪ ،‬ومن كان ماله آثر عنده من أمتننه وبلده فهننو مجننرم‪ ،‬ومننن‬
‫كان ماله آثر عنده من عقيدته فهو من المؤلفة قلوبهم‪.‬‬

‫العقل والقلب‬
‫العقل النير يحل المشكلت‪ ،‬والنفس الصننافية تننترفع عننن السننخافات‪ ،‬والخلننق‬
‫الحسن يخفف من آثار العداوات‪ ،‬والقلب المؤمن يبتسننم عننند الزمننات‪ ،‬وقلننب‬
‫العارف بالله يحوم في آفاق السموات‪.‬‬

‫مناجاة‬
‫إلهي! ما زلت تغمرنا بوابل النعم حننتى ل نسننتطيع إحصنناءها‪ ،‬ومننا زلننت تسننبغ‬
‫علينا آيات الرضى حتى عجزنا عن أداء الشكر عليها‪ ،‬وما زلت تستر من سننيئاتنا‬
‫ما ل نملك معه إل الطمع بغفرانك لها‪ ،‬وما زلنت تمندنا بوسنائل العنون حنتى ل‬
‫نننرى أنفسنننا أهل ً لسننتحقاقها‪ ،‬ملت قلننوب المننذنبين طمع نا ً برحمتننك‪ ،‬وملت‬
‫قلوب العابدين أمل ً بجنتك‪ ،‬وملت قلوب العارفين رجاء بنندوام تجلياتننك‪ ،‬وملت‬
‫قلوب المحبين رغبة في دوام أعطياتك‪ ،‬العطاء عطاؤك‪ ،‬والمنة منتك‪ ،‬والرضى‬
‫رضاك‪ ،‬والوصال وصننالك‪ ،‬والجمننال جمالننك‪ ،‬والجلل جللننك‪ ،‬والسننعادة جنتننك‪،‬‬
‫والشقاء نارك‪ ،‬والفناء لخلقك‪ ،‬والبقاء لذاتك‪ ،‬وكل ما عداك فهالك‪ ،‬كننل فضننل‬
‫لغيرك قيد‪ ،‬وكل عطاء من سواك رق‪ ،‬وكل عفو غير عفننوك مهانننة‪ ،‬وكننل حلننم‬
‫غير حلمك مذلة‪ ،‬وكل التفات لغير وجهك شرك‪ ،‬وكل تقرب من غير ذاتننك بعنند‪،‬‬
‫وكل لذة غير عبادتك مرارة‪ ،‬وكل شهوة غير الرضا عنك منك حرمان‪ ،‬تباركت يا‬
‫رب! كيف يجحدونك وأنوارك تغشي أبصننارهم؟ وكيننف ل يعبنندونك وجللننك يمل‬
‫بصننائرهم؟ وكيننف يبتعنندون عنننك ونعمننك تجننذبهم إليننك؟ وكيننف ل يهابونننك‬
‫وعظمتك تجبرهم على الترامي عليك؟ وكيف ل يخافونننك وآيننات عننذابك قريبننة‬
‫منهم؟ وكيف ل يحبونك وكل ذرة من ذرات وجودهم مننن بعننض فيضننك؟ وكيننف‬
‫يدهشهم جمننال مننن خلقننت بيننديك‪ ،‬ول يدهشننهم جمالننك؟ وأنننت الننذي صنننعت‬
‫جمالهم على عينيك؟ يا مفيض النعم حتى على الجاحدين‪ ،‬ويا واهب الكرم حتى‬
‫للمنكرينن‪ ،‬وينا واسنع الحلنم حنتى علنى المتكنبرين‪ ،‬وينا عظينم الرحمنة حنتى‬
‫للمعاندين‪ ..‬تعطف على من عبدوك حتى هجننروا فيننك الجاحنندين‪ ،‬وتحنننن علننى‬
‫من أحبوك حتى كرهوا بك المعاندين‪ ،‬ولولك ما عبدوك‪ ،‬ول أحبننوك‪ ،‬ول اهتندوا‬
‫إليك‪ ،‬ول تعرفوا عليك‪ ،‬فكيننف تتخلننى عنهننم وقنند سننلكت بهننم الطريننق إليننك‪،‬‬
‫وكيف ل ترحمهم ورحمتك هي التي جعلتهم أسارى بين يديك‪ ،‬حاشا لكرمننك أن‬
‫تفعننل بهننم ذلننك وهننم علننى الوفنناء مقيمننون‪ ،‬وللجلل خاشننعون‪ ،‬وبالعبوديننة‬
‫معترفون‪ ،‬وبالهيبة مأخوذون‪ ،‬وبالجمال مفتونون‪ ،‬وبننالحب منندلهون‪ ،‬سننبحانك!‬
‫سبحانك!‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ن‬
‫ع إذا دعننا ِ‬
‫أنت القائل‪ ? :‬وإذا سألك عبادي عني فإني قريننب أجيننب دعننوة النندا ِ‬
‫فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون?‪.‬‬
‫نشهدك أنا لك مستجيبون‪ ،‬وبك مؤمنننون‪ ،‬فاسننلكنا مننع المهتنندين‪ ،‬واجعلنننا مننع‬
‫م‬‫الراشدين‪ ،‬واكتبنا مع المقربين ? سبحان ربك رب العزة عما يصننفون ¯ وسننل ٌ‬
‫على المرسلين ¯ والحمد لله رب العالمين?‪.‬‬

‫أنواع الرواح‬
‫أرواح الناس خمسة‪ :‬فأرواح بيضاء وهي أرواح المننؤمنين‪ ،‬وأرواح سننوداء وهنني‬
‫أرواح الكافرين‪ ،‬وأرواح صفراء وهي أرواح الوثنيين‪ ،‬وأرواح حمراء وهنني أرواح‬
‫الملحنندين‪ ،‬وأرواح زرقنناء وهنني أرواح المسننلمين الننذين ل يهتمننون بتصننفية‬
‫نفوسهم وتهذيب أخلقهم وسمو أرواحهم‪.‬‬

‫جميل وقبيح‬
‫الحق جميل في أعين محبيه‪ ،‬قبيح في نظر مبغضيه‪ ،‬وهذا هنو سنر تعلننق أولئك‬
‫به‪ ،‬ونفرة هؤلء منه‪.‬‬

‫الحياء‬
‫ً‬
‫الحياء من أهم دواعي اللفة بين الناس‪ ،‬فلوله لكل الناس بعضهم بعضا‪ ،‬ومن‬
‫ثمة كان الحياء من اليمان‪ ،‬ومن ل حياء فيه ل خير فيه‪.‬‬

‫نداء‬
‫ً‬
‫أيهنا المتناجرون بالندين! كننل قنرش تجمعننونه سنيكون شنواظا منن ننار يلهننب‬
‫جلودكم يوم العرض على ربكم‪.‬‬
‫أيها المنحرفون عن الدين! كل ساعة من أعمناركم ستشنكوكم إلنى ربكنم ينوم‬
‫تعرض عليه أعمالكم!‪.‬‬
‫أيها الملحدون في الدين! كل يوم من أيامكم تقضننونه تننبرهنون بننه علننى أنكننم‬
‫منسلخون عن إنسانيتكم‪.‬‬
‫أيهننا المسننتخفون بالنندين! لننول النندين لمننا أمنتننم علننى أنفسننكم وأعراضننكم‬
‫وأموالكم وحقوقكم‪.‬‬
‫أيها المتشككون في الدين! لو رفعتننم عننن أعينكننم غشنناء الوهننام لرأيتننم نننور‬
‫الحق يبهر أنظاركم‪.‬‬
‫ً‬
‫أيها العاملون بالدين! هنيئا لكم بطمأنينة أنفسكم‪ ،‬واستقامة سيرتكم‪ ،‬وفرحننة‬
‫اللقاء مع ربكم‪ ،‬ونعمة الرضى منه في حياتكم وآخرتكم‪.‬‬

‫ونداء‬
‫أيها العابدون لله! لقد سلكتم طريق الحرار‪ ،‬والعبيد من سلكوا غير طريقكم‪.‬‬
‫أيها الخاشعون لله! لقد أدركتم عظمة خالقكم‪ ،‬فما أروع خشوعكم! وما أوسننع‬
‫مدارككم!‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫أيها المراقبون لله! لقد امتنندت آفنناق أنظنناركم إلننى هننذا الكننون العظيننم فلننم‬
‫تجدوا فيه غير ربكم‪.‬‬
‫أيها المدلهون بالله! إن سمو الحب بسمو المحبننوب‪ ،‬وقنند أحببتننم مبنندع الكننون‬
‫ومصدر الجمننال والجلل والكمننال‪ ،‬فننأي حننب أسننمى مننن حبكننم؟ وأي محبننوب‬
‫يستحق التذلل له والعبودية والطاعة مثل محبوبكم؟‬
‫أيها الواصلون إلنى اللنه! لقند خففتنم زادكنم منن الندنيا‪ ،‬وأثقلتنم زادكنم منن‬
‫التقوى‪ ،‬وصدقتم في الرغبة‪ ،‬وأخلصتم في النية‪ ،‬وأسرعتم في العمننل‪ ،‬فمهنند‬
‫لكم طريق الوصول إليه فوصلتم‪ ،‬فما أروع جهادكم‪ ،‬وما أكرم ثوابكم!‬
‫أيها العارفون بالله! إن شرف العلم بشرف المعلوم‪ ،‬وقنند غبتننم عننن أنفسننكم‪،‬‬
‫وزهدتم في دنياكم‪ ،‬وسكلتم طريقا ً ل ييسره إل للصادقين فنني معرفتننه‪ ،‬فلمننا‬
‫وصلتم شهدتم وشاهدتم‪ ،‬ولزمتم واستقمتم‪ ،‬فقربكم إليه‪ ،‬وأزال عنكننم حجننب‬
‫التعرف عليه‪ ،‬فاكتسبتم من عظمته ما صرتم به في الدنيا عظماء‪ ،‬وامتلتم من‬
‫هيبته ما مل قلوب الناس هيبة منكم‪ ،‬وعرفتم من إبداعه وكماله وجللننه مننا مل‬
‫قلوبكم علما ً وتعظيمًا‪ ،‬فأي مقام أعلننى مننن مقننامكم الننذي وصننلتم إليننه؟ وأي‬
‫شرف أشرف من تعرفكم عليه؟ وأي سعادة أسعد مما أنتم فيه؟ وأي أمل أنبننل‬
‫من أمل الوصول إليه حيث وصلتم‪ ،‬والذواق مننن حيننث ذقتننم‪ ،‬والنننس مننع مننن‬
‫أنستم؟ هنيئا ً لكم‪ ..‬ويا شوقاه!‪.‬‬

‫تحد وجواب‬
‫تحدى الباطل الحق يوما ً فقال له‪ :‬إن عندي من الوسائل مننا أغطنني بننه وجهننك‬
‫عن الناس‪.‬‬
‫فأجابه الحق‪ :‬وعندي من القوة ما أهتك به تغريرك بالناس‪.‬‬
‫قال الباطل‪ :‬سأظل ملحقا ً لك بالكاذيب حتى تمل‪.‬‬
‫قال الحق‪ :‬وسأهتك سترك الجديد كما فعلت بالقديم‪.‬‬
‫قال الباطل‪ :‬سأظل متتبعا ً لك بالكاذيب حتى تمل‪.‬‬
‫قال الحق‪ :‬لن أمل ما دام للكون إله عادل‪ ،‬وللناس عقول تفكر‪.‬‬
‫قال الباطل‪ :‬وما أكثر الناس ولو حرصت بمفكرين‪.‬‬
‫قال الحق‪ :‬وما أكثر دعاتي – ولو غضبت – بيائسين‪.‬‬
‫قال الباطل‪ :‬هبك أقنعت الناس جميعًا؛ فإن سندي إبليس باق إلى يوم يبعثون‪.‬‬
‫قال الحق‪ :‬ولكن ربي الله؛ هو الذي يحكم بين الناس فيما كانوا فيننه يختلفننون‪،‬‬
‫يوم يكون سندك الكبر يتلظى في نار جهنم هو وأتباعك جزاءً وفاقًا؛ لما كنتننم‬
‫في الحياة تفسدون‪.‬‬

‫العالم الحق‬
‫ً‬
‫العالم الذي يخاف الله ل يجاري أهواء الناس تملق نا لهننم‪ ،‬ول يعطننل مصننالحهم‬
‫المشروعة إعناتا ً لهم‪ ،‬ولكنما يقول الحق برفق تستسيغه عقولهم‪ ،‬ويدافع عننن‬
‫مصالحهم بقوة تدفع صولة الظالمين عنهم‪ ،‬وكذلك كان النبياء والمرسلون‪.‬‬

‫صولة الحق‬

‫‪153‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫صولة الحق في ساعات‪ ،‬تقضي على انتصار الباطل في سنوات‪.‬‬

‫إغراء الباطل‬
‫الباطل يغري الناس حتى إنهم ليمجدونه‪ ،‬فإذا تفتحت عقولهم لمكائده أعرضوا‬
‫عنه حتى إنهم ليلعنونه‪ ،‬والحق يتعب الناس حننتى إنهننم ليكرهننونه‪ ،‬فننإذا صننفت‬
‫نفوسهم تعلقوا به حتى إنهم ليقدسونه‪.‬‬

‫أشد المجرمين عذابا ً‬


‫أشد المجرمين عند الله عذابًا‪ ،‬من حرف دينه‪ ،‬واستغل عباده‪ ،‬وساير الظننالمين‬
‫فنني أهننوائهم‪ ،‬وعننادى المصننلحين فنني آرائهننم‪ ،‬ثننم ل يخجننل أن يلبننس لبنناس‬
‫المتقين‪ ،‬ويعمل أعمال الفاسقين‪.‬‬

‫وتكذب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إياك والكذب؛ فإن من تكذب عليه إما أن يكون واعيا فيحتقرك‪ ،‬أو خبيثا فيكننذب‬
‫عليك‪ ،‬أو ساذجا ً فيخدع بك‪ ،‬ثم ما تلبث الحقيقة أن تنكشف له فيكفر بننك‪ ،‬هننذا‬
‫كله عدا عقوبة الله وعذابه‪.‬‬

‫من الملوم؟‬
‫يجزع دعاة الدين والخلق عندنا مننن انتشننار عنندوى الخلعننة والختلط وتقلينند‬
‫الحياة الغربية في مساوئها دون محاسنها‪ ،‬ويظهر ذلك في الحفلت التي تقننام‬
‫عندنا بمناسننبة عينندي الميلد ورأس السنننة؛ إن تكننون لهنناتين المناسننبتين ذات‬
‫الضنجة والصنخب والرقنص والمجنون النتي تقنع فني الغنرب تمامنًا‪ ،‬ومنن حنق‬
‫المخلصين أن يجزعوا لذلك‪ ،‬غير أن اللوم ليس كله على الجمهور – لمننن عننرف‬
‫طبائع الجماهير – فاستقامة المجتمع تكون دائما ً بأمرين متلزمين‪ :‬عقيدة قوية‬
‫متغلغلة فنني نفننوس الفننراد‪ ،‬وسننلطة حازمننة تننرى مننن واجبهننا الحيلولننة دون‬
‫انحراف الجماهير‪ ،‬ومن المؤسف أن مجتمعنا فقد هذين المرين منذ زمن بعيد‪.‬‬

‫أعداء الصلح‬
‫ً‬
‫أعداء الصلح في كل مجتمع ثلث فئات‪ :‬فئة ترى في الصلح فواتا لمصننالحها‬
‫المعنوية‪ :‬من جاه أو رئاسة‪ .‬وفئة ترى في الصلح فواتا ً لمصالحها المادية‪ :‬من‬
‫مال وشهرة‪ .‬وفئة تضيق عقولها عن استيعاب بواعث الصلح وفوائده‪ ،‬وأخطر‬
‫هذه الفئات على حركة الصلح هي الفئة الولننى‪ ،‬فننإذا اجتمعننت الفئات الثلث‬
‫على محاربته‪ ،‬كان الصلح عبئا ً ل يحمله إل أولو العزم من الرجننال‪ ،‬ومعركننة ل‬
‫يثبت فيها إل أولو الشجاعة من البطال‪.‬‬

‫جاه‪ ..‬وجاه!‬
‫الدعاة إلى الله المخلصون الصادقون يتهافت أبناء الدنيا على رضاهم؛ ليننزدادوا‬
‫بننه جاه نا ً علننى جنناههم‪ ،‬والنندعاة الكننذابون المنندجلون يتهننافتون علننى أقنندام‬

‫‪154‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫طواغيت الدنيا ليكسبوا من جاههم جاهًا‪ ،‬وشتان بين جاه مستمد من الله وجنناه‬
‫مستمد من الشيطان!‬

‫قلوب‪ ...‬وقلوب!‬
‫قلننوب النندعاة الصننادقين شننفافة تلمننح م صننفاء وجننوههم‪ ،‬وقلننوب النندعاة‬
‫الدجالين‪ ،‬صلبة تنعكس أشعتها على نظرات عيونهم‪.‬‬

‫يا رجال الدعوة‬


‫إنكم تتألمون اليننوم لسننتغلل بعننض الننناس دعننوة السننلم والخلق‪ ،‬إلننى جننر‬
‫المغانم لنفسهم من جاه أو مال أو جرهما معًا‪ ،‬مما آذى سمعة السلم‪ ،‬وأضننر‬
‫بالدعوة إلى الخلق السلمية الصحيحة‪ ،‬ل تتننألموا مننن ذلننك يننا إخننواني؛ فننإن‬
‫استغلل الدين واستغلل ذوي السلطان والقوة للمتظاهرين بالدعوة إلى اللننه‪،‬‬
‫لم ينقطع في كل عصور التاريخ‪ ،‬وبخاصة في تاريخ السلم‪ ،‬ولقنند قرأتننم فنني‬
‫تاريخ المصلحين كيننف كننانوا فنني كننل عصننر يقنناومون فنني دعننوتهم مننن قبننل‬
‫المسننتغلين للنندين أكننثر مننن أعنندائه‪ ،‬وأنكننم لتعلمننون أن أولئك الننذين كننانوا‬
‫يقاومون المصلحين كانوا أكثر قوة ونفوذا ً في الجماهير ممن يقاومون دعوتكم‬
‫اليوم أو يسننتغلونها‪ ،‬حننتى إنكننم لتجنندونهم أقزامنا ً بجننانب أعننداء الصننلح فنني‬
‫الماضنني‪ ،‬ومننع ذلننك لقنند ذهننب أولئك النندجالون جميعننا ً إلننى الجحيننم‪ ،‬وبقنني‬
‫المصلحون وحدهم هم الخالدين‪.‬‬

‫يا شباب اليمان‬


‫يا شباب اليمان! ستفجعون في كثير ممن تعلقون عليهم المننال‪ ،‬فل تيأسننوا؛‬
‫فإنما أنتم في تجربة إثر تجربة‪ ،‬وحسبكم قلننوبكم السننليمة وإخلصننكم النبيننل‪،‬‬
‫ول بد أن تتمخض الليالي عن أملكم المنشود‪ ،‬فننالله أحنننى علننى دعننوته منكننم‪،‬‬
‫وأكرم من أن يرد دعواتكم‪ ،‬وأعلم من أن ل تبلغه خفقات قلوبكم‪.‬‬

‫يا شباب السلم‬


‫يا شباب السلم! إن السلم لم يدخل في معركته الكبرى بعد‪ ،‬ولننن ينندخلها إل‬
‫يوم يستوثق من تنظيم صفوفكم‪ ،‬وكفنناءة قيننادتكم‪ ،‬وحسننن طنناعتكم‪ ،‬وجننودة‬
‫أسلحتكم‪ ،‬ومعرفتكم لهداف معركته مع أعداء أمتكم‪ ،‬وتفضيلكم أن تموتوا في‬
‫المعركة شهداء ترتعون في رياض الجنة‪ ،‬علننى أن ترجعننوا منهننا أحينناء يزهيكننم‬
‫النصر‪ ،‬وترتعون في مفاتن الدنيا‪ ،‬فل تسألوا عن وقت المعركة؛ فذلك مرهننون‬
‫باستعدادكم‪ ،‬ول تسألوا عن مكانها؛ فذلك علمه عند ربكم‪.‬‬

‫دعاء ومناجاة‬
‫يننا رب! إنننك تعلننم أن لنندعوتك جنننودا ً كالملئكننة طهننرًا‪ ،‬وكالصننديقين إيمانننا‪ً،‬‬
‫وكالسننود شننجاعة‪ ،‬وكالمنناء عذوبننة‪ ،‬وكالشننمس ضننياء‪ ،‬وكننالهواء صننفاء‪ ،‬قنند‬
‫جمعتهم يدك على الهدى‪ ،‬ولملمتهم دعوتك على بعد المدى‪ ،‬يحنناربون مننن هننم‬
‫أكثر منهم عددًا‪ ،‬وأقوى سلطانًا‪ ،‬وأعز جندًا‪ ،‬وأقوى فتنة‪ ،‬وأشد إغنراء‪ ،‬ولكنهننم‬

‫‪155‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ل يسننتكثرون بالعنندد‪ ،‬ول يتقننوون بالسننلطان‪ ،‬ول يعننتزون بالجننند‪ ،‬ول يعبننأون‬
‫بالفتنة‪ ،‬ول يتأثرون بالغراء‪ ،‬قوتهم بعبادتك‪ ،‬وعزتهم بجبروتك‪ ،‬وسلحهم مننن‬
‫شريعتك‪ ،‬وفتنتهم بجنتنك‪ ،‬وغرامهنم بوصنالك‪ ،‬وهينامهم بجمالنك‪ ،‬هجنروا فني‬
‫سننبيلك المضنناجع‪ ،‬وفننارقوا مننن أجلننك الوطننان‪ ،‬وتحملننوا لمرضنناتك العننذاب‬
‫واللم‪ ،‬وحرموا للجهاد فيك قرب الهل والولد‪ ،‬ولذيننذ العيننش وطيننب المقننام‪،‬‬
‫فصنهم يا رب من بطش الظننالمين‪ ،‬وأبعنند عنهننم خبننث المسننتغلين‪ ،‬ودسننائس‬
‫المفسدين‪ ،‬وقيننادة الجبننناء والمغروريننن والمراوغيننن‪ ،‬ول تجعننل لننذوي العقنند‬
‫ل‪ ،‬ول لصننحاب العقننول السنننة المتحجننرة عليهننم نفننوذًا‪،‬‬ ‫النفسية عليهم سننبي ً‬
‫ووسع مداركهم ليفهموا مرامنني الشننريعة ومقاصنندها الجتماعيننة النبيلننة‪ ،‬مننع‬
‫دراستهم لمشكلت مجتمعهم دراسة عميقة تصل إلى معرفة أسبابها وعلجهننا‪،‬‬
‫واجعلهم ألسنننة الشننعب الناطقننة بالصنندق‪ ،‬المطالبننة بحقننوقه‪ ،‬المدافعننة عننن‬
‫قضاياه‪ ،‬بروح الهداة المرشدين‪ ،‬والطباء الناصحين؛ حننتى يننرى فيهننم الشننعب‬
‫أكرم من حمل لواء الصلح‪ ،‬وأصدق من خدم قضايا الجماهير‪ ،‬وأوعى من عالنج‬
‫مشكلت المجتمعات‪ ،‬ل يجاملون فئة على حساب فئة‪ ،‬ول ينحازون إلى جماعننة‬
‫دون جماعة‪ ،‬ل كما يفعل بعض المدعين للعلم‪ ،‬المتصدين للتكلم باسم السننلم‬
‫وهم يدافعون عن فئة من حقها أن تحفننظ حقوقهننا وليننس مننن حقهننا أن تقننر‬
‫مطامعها واستئثارها‪ ،‬ولكنهم يهملون حقوق الجماهير‪ ،‬وما جنناءت الشننريعة إل‬
‫لرفع مستواها ورد كرامتها إليها‪ ،‬ول يرفعننون أصننواتهم بالنندفاع عننن حقوقهننا‬
‫المهضومة‪ ،‬ول يقض مضاجعهم حياتهم البائسة الكئيبة‪.‬‬
‫دامننة‪ ،‬تهنندم مننا فنني المجتمننع مننن مظنناهر‬
‫واجعلهم برحمتك دعاة ثورة بّناءة ه ّ‬
‫التخلف والجهل والظلم‪ ،‬وتبني أقوى مجتمع متماسك متحاب ل تحقنند فئة منننه‬
‫على فئة‪ ،‬ول تعتدي قلة منه على حقوق الكثرة الغالبة‪.‬‬
‫اجعلهم دعاة ثورة كثورة نبيهم وصحابته حين حملننوا إلننى العننالم مبننادئ الحننق‬
‫والخيننر والسننلم‪ ،‬فاضننطروا إلننى أن يزيحننوا مننن طريننق الشننعوب أعننداءها‬
‫المتسننلطين الننذين ل تهمهننم إل مصننالحهم‪ ،‬ول تحركهننم إل شننهواتهم‪ .‬اللهننم‬
‫اجعل محمدا ً صلى اللننه عليننه وسننلم مربيهننم فني الخريننن‪ ،‬كمننا جعلتننه مربنني‬
‫أسلفهم في الولين‪ ،‬وسلم على المرسلين والحمد لله رب العالمين‪.‬‬

‫القوة‪ ..‬والجاه‬
‫من اطمأن إلى القوة فهو مغلوب‪ ،‬ومن اطمأن إلى الجاه فهو مخلوع‪.‬‬

‫الدهماء‪ ..‬والحرية‬
‫في ضجيج الطبول تختنق أصوات الحرية‪ ،‬وفي صنخب المنواكب تطمنس معنالم‬
‫الحقيقة‪.‬‬

‫استغلل الساسة‬
‫ل يبلغ العداء من أمة ما يبلغ فيها استغلل ساستها لمثلها العليا‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم التاسع والعشرين‬

‫مرض الخائنين‬
‫اتهام الناس بالخيانة مرض الذين كانوا من قبل خائنين‪.‬‬

‫امتداد سلطان المفسدين‬


‫ل يغرنك امتداد سلطان المفسدين؛ فإن من حكمة الله أن ل يأخذهم إل بعنند أن‬
‫ل يوجد من يقول عنهم‪ :‬يرحمهم الله!‬

‫من طبيعة الظالمين!‬


‫مننن طبيعننة الظننالمين أن ينننادوا بالحريننة ليئدوهننا‪ ،‬ويتحنندثوا باسننم الشننعب‬
‫ليستعبدوه‪ ،‬ويدافعوا عن الفقير لئل يصنبح غنّينا‪ ،‬ويقناوموا الطغينان ليفرضنوا‬
‫طغيانا ً أشد وأقسى‪.‬‬

‫ما أكفره!‬
‫من طبيعة النسان – إل من رحم اللننه – أن يطننالب بالحريننة والعدالننة والكرامننة‬
‫حين يكون ضعيفا ً مضطهدًا؛ فإذا قوي وتحكم‪ ،‬كان طاغية جننائرا ً مننذل ً لكرامننات‬
‫الرجال‪.‬‬

‫مخادع‬‫ُ‬
‫تأخذ الموال من أجلي‪ ،‬فلماذا ل تنفقها علي وأنا إليها محتاج؟‬

‫أيهما أسوأ؟‬
‫أيهما أسوأ‪ :‬الذي يضطهد الحرار؟ أم الذي يحقد عليهم؟‬

‫ل يدوم‬
‫ل يدوم لطاغية سلطان‪ ،‬ول لكذاب محمدة‪ ،‬ول لبطر نعمة‪.‬‬

‫بين الستعمار والطغيان‬


‫استعمار الجنبي يخلق في المة روح الكفاح‪ ،‬وطغيننان المننواطن يقضنني علننى‬
‫هذه الروح‪.‬‬

‫بين الستعمار والطغيان‬


‫المستعمر يعمل على اسننتغللك ثننم ل يبننالي بسننخطك‪ ،‬والطاغيننة يعمننل علننى‬
‫إذللك ثم ل يعجبه إل أن ترضى وتثني عليه‪.‬‬

‫غرور الطاغية‬
‫الطاغية متأله مغرور‪ ،‬ل يملك لنفسه ضّرا ول نفعا‪ً.‬‬

‫‪157‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ل تحقرن أحدا ً‬
‫ل تحقرن أحدا ً مهما هان‪ ،‬فقد يضعه الزمان موضع من يرتجى وصنناله وتخشننى‬
‫فعاله‪.‬‬

‫ما رأيت!‬
‫ما رأيت سياسّيا ل يكذب‪ ،‬ول عسكرّيا ل يتغطرس‪ ،‬ول غنّيا ل يبطننر‪ ،‬ول حننديث‬
‫نعمة ل يسخف‪.‬‬

‫المقعد الشاغر ]أو‪ :‬مقعد صلح الدين[‬


‫ما زالت أمتنا تترقب ظهور بطل لها بعد صلح الدين‪ ،‬وكلما خالت البطولة فنني‬
‫إنسان‪ ،‬انكشف لها عن صنم منفوخ تزري عبادته‪ ،‬وتقتل مودته‪.‬‬

‫الطاغية‬
‫الطاغية إله يعبد الشيطان‪.‬‬

‫زوج الطاغية وأولده‬


‫الطاغية يتزوج الغرور‪ ،‬فيلد ثلثة أولد‪ :‬الحمق‪ ،‬والحقد‪ ،‬والجريمة‪.‬‬

‫النقلب العسكري‬
‫النقلب العسكري سلب حقوق الشعب باسم الشعب‪.‬‬

‫الذين يتباكون على الحرية‬


‫كل الذين يتباكون على الحرية هم أعداؤها أو سيكونون أعداءها‪.‬‬

‫خرافة الشعارات!‬
‫من أكبر الخرافات التي تروج في عصرنا الحاضر‪ :‬أن تسمى ديكتاتوريننة الحكننم‬
‫بالديموقراطية‪ ،‬وإفقار الشعب بالشتراكية‪ ،‬وانحلل الخلق بالتقدمية‪.‬‬

‫بين فساد الحاكم وفساد الشعب‬


‫إذا فسد الحاكم نفقت سوق الضللة‪ ،‬وإذا فسد الشعب نبتت رؤوس الفتنة‪.‬‬

‫هذا هو الدهاء‬
‫ليس الدهاء أن تخدع شعبك؛ فتلك خيانة ونذالة‪ ،‬ولكننن أن تحبننط مكننر أعنندائك؛‬
‫فتلك وطنية ورجولة‪.‬‬

‫هذا هو الدهاء‬
‫الدهاء مكر بأعدائك‪ ،‬وحسن تصرف مع أصدقائك‪.‬‬

‫اضطراب المقاييس‬

‫‪158‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫حين تضطرب مقاييس الرجولة يحكم النساء الرجال‪ ،‬وحيننن تضننطرب مقنناييس‬
‫البطولنة يحكننم اللصننوص الشننجعان‪ ،‬وحيننن تضننطرب مقناييس الفضنيلة يحكنم‬
‫الوباش الكرام‪.‬‬

‫حكم الفرد الحازم؟‬


‫إذا كننانت السياسننة خننداعًا‪ ،‬والنيابننة تجننارة‪ ،‬والحكننم مغنم نا‪ ،‬كننان حكننم الفننرد‬
‫ً‬
‫المستقيم الحازم أنفع للمة‪ ،‬ولكن أين هو؟!‬

‫إذا كانت! ]أو‪ :‬حكم شيوخ البدو!![‬


‫إذا كننانت الحزبيننة أحقننادًا‪ ،‬والمبننادئ شننباكًا‪ ،‬والعقننائد تشننتتًا‪ ،‬والديموقراطيننة‬
‫فوضى أو استبدادًا‪ ،‬كان حكم شيوخ البدو في الصحراء أحقننن للنندماء‪ ،‬وأحفننظ‬
‫للعراض‪ ،‬وأضمن للمنوال‪ ،‬وأصنون للوحندة‪ ،‬وأرعنى للكرامنة‪ ،‬وخينر منن هنذا‬
‫وذاك‪ :‬أن يعود الناس إلى شرع الله الحكيم‪.‬‬

‫حكم الشريعة‬
‫فنني النظننام البرلمنناني الميوعننة والفوضننى‪ ،‬وفنني الحكننم الفننردي‪ :‬التسننليط‬
‫والستبداد‪ ،‬وفي شريعة الله‪ :‬العدل والنظام‪.‬‬

‫الحزبية الحاقدة‬
‫الحزبية الحاقدة تقتل مواهب الشرفاء‪ ،‬وتفجر طاقات الخبثاء‪.‬‬

‫الحزبية الرخيصة‬
‫الحزبيننة الرخيصننة تنندني اللئام‪ ،‬وتقصنني الكننرام‪ ،‬وتنظننر إلننى الجمنناهير نظننر‬
‫النعام‪.‬‬

‫"رذيلة" الوفاء!‬
‫الوفاء فضيلة ولكنه إذا كان لطاغية أصبحح رذيلة‪.‬‬

‫هذه الموهبة السياسية!‬


‫البصر بالسياسة موهبة ل يكفي فيها الخلص ول الستقامة‪.‬‬

‫أعظم السياسيين‬
‫أعظم السياسيين نجاحًا‪ :‬من استطاع أن يسوس زوجته‪.‬‬

‫شعب ينقصه الوعي‬


‫لم يكتمل وعي شعب يصفق لكل حاكم‪ ،‬ويخدع بكل متكلم‪.‬‬

‫قادة معركة التحرر‬


‫من كان أسير هواه لم يصلح لقيادة معركة التحرر في شعبه‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫)شر حقد(‬
‫شر حقد‪ :‬حقد الحاكم على خيار رعيته‪.‬‬

‫أسوأ الحلم‬
‫أسوأ الحلم‪ :‬حلم الحاكم عن سفهاء رعيته‪.‬‬

‫حكم ل يدوم‬
‫من أقام حكمه على الغدر والخداع والكذب؛ فقد أقامه على حجر متدحرج‪.‬‬

‫كبرياء الطغاة وحياتهم‬


‫كبرياء الطغاة من ذلة الشعب‪ ،‬وحياتهم من موته‪.‬‬

‫الحاكم والشعب‬
‫قال القرطاس للقلم‪ :‬لولي لما حفل بك الناس‪.‬‬
‫قال القلم‪ :‬لولي لما كان لوجودك معنى‪ ،‬كذلك الحاكم مع شعبه‪.‬‬

‫"جبرية" السياسة!‬
‫العامة سفينة شراعية تتجه مع الريح أنى اتجهت‪.‬‬

‫الحكم!‬
‫الحكم محرقة أو مخرقة وق ّ‬
‫ل فيه الخالدون‪.‬‬

‫خداع الستعمار‬
‫الغربي وحش يستر مخالبه بالحرير ليخدع فريسته‪.‬‬

‫الجماهير الجاهلة‬
‫الجماهير الجاهلة تمكن جزاريها من رقابها وهي تصفق لهم‪.‬‬

‫القوة والضعف‬
‫القننوة هنني تننرك العنندوان مننع تننوفر أسننبابه‪ ،‬والضننعف هننو الطيننش عننند أقننل‬
‫المغريات‪.‬‬

‫يخربون بيوتهم بأيديهم‬


‫إن لله سيوفا ً تقطع رقاب الظالمين منها‪ :‬أخطاؤهم‪ ،‬وحماقاتهم‪.‬‬

‫من جنود الحق‬


‫إن للحق جنودا ً يخدمونه‪ ،‬منهم الباطل‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫النظام الديكتاتوري‬
‫النظام الديكتاتوري حاكم له مظاهر اللوهية وأفعال الشياطين‪ ،‬وشعب تعننداده‬
‫مليين الجسام وله عقنل واحند‪ ،‬وأرض تنذرع مليينن الفندادين يسنكنها ظنالم‬
‫واحد‪ ،‬ودولة فيها مليين العبيد يحكمها سيد واحد‪ ،‬وتاريننخ كننان يكتبننه الملييننن‬
‫من الصادقين فاحتكر كتابته كذاب واحد‪.‬‬

‫الديكتاتورية والتقمص!‬
‫الديكتاتورية‪ :‬إلغاء مليين العقول والكتفاء بعقل واحد‪ ،‬والزدراء بمليين الراء‬
‫وتمجينند رأي واحنند‪ ،‬وإهمننال ملييننن الفعاليننات واسننتعمال فعاليننة واحنندة‪،‬‬
‫والديكتاتورية أعجب عملية "تقمص" في تاريخ العقننائد‪ :‬تتقمننص الملييننن فنني‬
‫شخص واحد‪ ،‬فتسافر إن سافر‪ ،‬وتقيم إن أقننام‪ ،‬وتبكنني إن بكننى‪ ،‬وتسننخف إن‬
‫سخف‪ ،‬وتهوي إذا هوى‪.‬‬

‫الطاغية شيطان يتحدى‬


‫الطاغية يتحدى صفات اللوهينة والنبنوة‪ ،‬إن اللنه حينن أراد أن يخلنق آدم أخنبر‬
‫الملئكة‪ ،‬والرسول حين أراد أن يخوض معركة بدر استشار أصحابه‪ ،‬والله يرحننم‬
‫عباده‪ ،‬والرسول يشفق عليهم‪ ،‬أما الطاغية‪ :‬فل يخبر بل يأمر‪ ،‬ول يستشير بننل‬
‫يشير‪ ،‬ول يرحم ول يشفق‪ ،‬بل يظلم وُيعنت‪.‬‬

‫الديكتاتورية ردة!‬
‫الديكتاتورية أبشننع ردة فني عصننر الننذرة إلننى عصننر السننترقاق الجمنناعي فني‬
‫العصر الحجري الول‪.‬‬

‫هذا هو النقلب‬
‫النقلب أن تتكلم البندقية بدل ً من اللسان‪ ،‬ويقنننع المنندفع بنندل ً مننن البرهننان‪،‬‬
‫ويجتمع السياسيون في السجن بدل ً من البرلمان‪ ،‬وتتحكم الحذية الغليظة فنني‬
‫العقول والذهان‪.‬‬

‫بداية النقلب ونهايته‬


‫كل انقلب يبدأ مشرقا ً وينتهي مظلمًا‪ ،‬ويبدو مخلصنا‪ ،‬وينكشننف أناني ّننا‪ ،‬ويلفننظ‬
‫ً‬
‫باسم الشعب ثم ما يلبث أن يلفظ الشعب نفسه‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الثلثين‬

‫بداية النقلب ونهايته‬


‫النقلب يبدأ ضد شخص أو وضع‪ ،‬ثم مننا يلبننث أن يصننبح انقلب قننادته بعضننهم‬
‫على بعض‪.‬‬
‫الحد‪18/11/81:‬هننن ‪22/04/1962‬م‬

‫السيئات "تنسي" الحسنات!‬


‫من أحسن إليك ثم أساء فقد أنساك إحسانه‪.‬‬

‫ميادين الختبار‬
‫في المآزق ينكشف لؤم الطباع‪ ،‬وفي الفتن تنكشف أصالة الرأي‪ ،‬وفنني الحكننم‬
‫ينكشف زيف الخلق‪ ،‬وفي المال تنكشننف دعنوى الننورع‪ ،‬وفني الجناه ينكشننف‬
‫كرم الصل‪ ،‬وفي الشدة ينكشف صدق الخوة‪.‬‬

‫احذر من هؤلء‬
‫احذر الحقود إذا تسلط‪ ،‬والجاهل إذا قضى‪ ،‬واللئيم إذا حكننم‪ ،‬والجننائع إذا يئس‪،‬‬
‫والواعظ المتزهد إذا كثر مستمعوه‪.‬‬
‫الثنين‪19/11/81 :‬هن ‪23/04/62‬م‬

‫المنافق‬
‫المنافق شخص هانت عليه نفسه بمقدار ما عظمت عنده منفعته‪.‬‬

‫كذب على كذب‬


‫قيل لخطيب منافق‪ :‬لماذا تتقلب مع كل حاكم؟ فقال‪ :‬هكننذا خلننق اللننه القلننب‬
‫متقلبًا؛ فجموده مخالف لوامر الله!‬

‫تسليط الشرار والظالمين‬


‫إن الله يعاقب على المعصية في الدنيا قبل الخرة‪ ،‬ومن عقوبته للمجتمع الذي‬
‫تفشو فيه المعاصي والمظالم‪ :‬أن يسلط عليه الشرار والظالمين‪.‬‬

‫تسليط الشرار والظالمين‬


‫لننم يرضننهم حكننم اللننه فنني أمننوالهم؛ فسننلط عليهننم مننن يحكننم فيهننم بحكننم‬
‫الشيطان‪.‬‬

‫دجاجلة الدين وطواغيت الدنيا‬


‫أمر الله أن يعطي الفقير حقننه والغننني حقننه‪ ،‬فنندافع دجاجلننة النندين عننن حننق‬
‫الغني ولم يدافعوا عن حق الفقير‪ ،‬ودافع طواغيت الدنيا عن حق الفقير وأكلوا‬
‫حق الغني‪ ،‬والله أعدل الحاكمين‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫اللحاد وصراع الطبقات‬


‫قامت الشيوعية لتسعد المجتمع البائس فزادت بؤسه بأمرين خطيرين‪ :‬اللحنناد‪،‬‬
‫وصراع الطبقات‪ ،‬ول بد أن تفيء النسانية إلى اشتراكية السلم فنني القريننب‬
‫أو البعيد‪.‬‬

‫اشتراكية السلم‬
‫ً‬
‫سيأتي يوم ينادي باشتراكية السلم من يحاربها اليوم جمودا وقصر نظر‪.‬‬

‫حكم الشتراكيين!‬
‫قد يكون من حكمة الله في تسلط الشتراكيين على مقاليد المور‪ :‬أن السننلم‬
‫– بممثليه الرسميين وتشتت دعاته وعجزهم عن تفهم التيارات العالميننة – كننان‬
‫عاجزا ً عن إصلح الوضع الجتماعي الحاضر إصلحا ً جننذرّيا‪ ،‬فسننلط هننؤلء علننى‬
‫البناء المتهدم لينسفوه‪ ،‬ثم يقوم السلم بدوره النشائي العظيم‪.‬‬

‫أبعد نظرا ً‬
‫سيحكم التاريخ في أي الفريقيننن كننان أغيننر علننى السننلم وأبعنند نظننرًا‪ :‬دعنناة‬
‫اشتراكية السلم‪ ،‬أم محاربوها؟‬
‫الثلثاء‪20/11/81 :‬هن ‪24/04/62‬م‬

‫عصور الخير‬
‫ً‬
‫لم يكن أهل الخير في عصر من عصور التارينخ أكنثر عنددا منن أهنل الشنرك أو‬
‫يساوونهم‪ ،‬ولكن عصور الخير هي التي تمكن فيها أهل الخير من توجيه دفتها‪.‬‬

‫الحرية – وحمايتها )أو‪ :‬باسم حماية الحرية‪ .‬أو‪ :‬حماية الحرية(‬


‫تضحي الشعوب كثيرا ً في سبيل حريتها‪ ،‬فإذا نالتها سجنها الطغاة باسم حمايننة‬
‫حريتها‪.‬‬

‫الثورة‬
‫الثورة استغلل عواطف الشعب البريئة لغراض غير بريئة‪.‬‬

‫قيود "النقاذ"!‬
‫كل الثورات جاءت لنقاذ الشعوب وما تزال هذه الشعوب تئن من وطأة القيود‪.‬‬

‫المغرور والمفرط‬
‫من عرف قدر نفسه فليس بمغرور‪ ،‬ومن عرف قدر إخوانه فليس بمضيع‪ ،‬ومن‬
‫عرف فضل أمته فليس بمفرط‪ ،‬إنما المغنرور والمضنيع والمفننرط‪ :‬منن رفعتننه‬
‫أمته فلم يعرف لها قدرها‪ ،‬وازدراها فسامها سوء العذاب‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ب‬
‫اشتراكية الح ّ‬
‫في كل مرة يحاول فيها زعيم الشيوعيين دخننول البلد تسننري روح مننن القلننق‬
‫والضطراب‪ ،‬فتبادر الحكومة إلى تطمين الرأي العام بأنها منعت دخننوله‪ ،‬وفنني‬
‫كل مرة يشترك فيها‪ ..‬في الحكم يساور الناس جو من الجزع على مسننتقبلهم؛‬
‫قتبادر الحكومة إلى تطمينهم بأنها ليسننت لحنزب معيننن‪ ،‬وأنهنا سنتتبع سياسنة‬
‫اشتراكية عادلة بناءة‪ ..‬وفي كل مرة تعلننن فيهننا الحكومننة عننن إنصناف العمننال‬
‫والفلحين‪ ،‬تسري في البلد هزة من الفرح والطمئنان‪ .‬لقد تكرر هذا أكثر مننن‬
‫مرة‪ ،‬فدل على أن المة تريد اشتركية الحننب ل اشننتراكية الحقنند‪ ،‬وأنننا أسننميها‬
‫اشتراكية السلم‪.‬‬

‫الجتماع قوة ]أو‪ :‬قوة الجماعة‪ .‬أو‪ :‬الجماعة[‬


‫صادفت جماعة من النمل بعيرا ً متجها ً نحوها‪ ،‬فقال بعضها لبعننض‪ :‬تفرقننن عننه‬
‫كي ل يحطمكن بخفه‪ ،‬فقالت حكيمة منهن‪ :‬اجتمعن عليه تقتلنه‪.‬‬

‫إحسان!!‬
‫سألت شاة خبيثة صاحبها‪ :‬لماذا تعلفني؟ قال لها‪ :‬شفقة عليننك‪ ،‬قننالت‪ :‬أرأيننت‬
‫لو هزلت حتى لم أعد أصلح للكننل أكنننت تطعمننني؟ كننذلك مثننل القوينناء حيننن‬
‫يحسنون إلى الضعفاء‪.‬‬

‫قيادة الغرار‬
‫إياك وقيادة الغرار في معركة حاسمة‪ ،‬فإنهم إما أن ينشغلوا بك عن أنفسهم‪،‬‬
‫وإما أن ينشغلوا بأنفسهم عنك‪ ،‬وفي كل الحالين توقع الهزيمة‪.‬‬

‫ألم وأمل!‬
‫رب ألم تشكو منه اليوم تتمناه غدًا‪.‬‬

‫متى تبدأ معركة الخير والشر؟‬


‫الصراع القائم الن بين شرين‪ :‬أحدهما يدعي الرحمة وهو يذبحها‪ ،‬والخر يدعي‬
‫الدين وهو يحاربه‪ ،‬ولم تبدأ بعد معركة الصراع بين الخير والشر‪.‬‬

‫شكوى‪ ..‬وشكوى‬
‫كنا نشكو من الحكام الفاسدين‪ ،‬فأصبحنا نشننكو مننن الحكننام المفسنندين‪ ،‬وكنننا‬
‫نشكو من الحكم الضعيف‪ ،‬فأصبحنا نشكو منن الحكنم الظنالم‪ ،‬وكننا نشننكو منن‬
‫النظام المتداعي‪ ،‬فأصبحنا نشكو من النظام المرتجل‪ ،‬وكنننا نشننكو مننن إهمننال‬
‫رغبات الشعب فأصبحنا نشننكو مننن اسننتغلل رغبننات‪ ،‬وكنننا نشننكو مننن العلمنناء‬
‫الغافلين‪ ،‬فأصبحنا نشكو من الدعياء الدجالين‪.‬‬

‫ل يدوم الزيف والخداع‬

‫‪164‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫سمعت الحق والحرية يتناجيان سّرا وكان مما قاله‪ :‬منا أسنيء إليننا فني عصنر‬
‫كهذا العصر؛ لقد اتخذنا ستارا ً وشباكًا‪ ،‬واضطهدنا ممن يتحبننب إلينننا أكننثر ممنن‬
‫يناصبنا العداء‪ ،‬وكان التاريخ قريبا ً منهمننا‪ ،‬فهنندأ روعهمننا وقننال‪ :‬سأفضننح لكمننا‬
‫زيف الخداعين والمتاجرين‪.‬‬

‫أحكام الشريعة وسلوكها‬


‫من لم ينبع تفكيره من مبادئ الشريعة ضل‪ ،‬ومن لم يستمد سلوكه من أخلقها‬
‫انحرف‪ ،‬ومن لم يقيد عمله بأحكامها ظلم‪.‬‬

‫وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا ً‬


‫التقى ذئب وضنبع فني الطرينق‪ ،‬فأخنذ كنل منهمنا ينتقنض الخنر‪ .‬قنال النذئب‬
‫للضبع‪ :‬أنت ل تقوى على مواجهة النور‪ ،‬فقال له الضننبع‪ :‬وأنننت ل تقننوى علننى‬
‫مواجهة القوة‪ ،‬قال الذئب‪ :‬أنت جبننان ل تفننترس ضننحيتك إل فنني الظلم‪ ،‬قننال‬
‫الضبع‪ :‬أنت نذل ل تفترس إل الشاة الوادعة في غفلة من الراعي‪ ،‬وكانت بعيدا ً‬
‫منهما شاة مختبئة تسمع كلمهما ول يريانهننا‪ ،‬فقننالت‪ :‬اللهننم سننلط كل ّ منهمننا‬
‫على الخر حتى أسلم منهما‪.‬‬

‫خداع النظر‬
‫أكثر الشياء ثباتا ً في النظر أكثرها اضطرابا ً في الواقع‪.‬‬

‫اختلف الظالمين‬
‫قد يجتمع الظالمون على أمر فيه تحقيق مطامعهم‪ ،‬ولكن سرعان ما يختلفننون‬
‫ى بعننض الظننالمين بعض نا ً بمننا كننانوا‬
‫ويكشف بعضهم مخازي بعض ? وكذلك ن ُننول ّ ِ‬
‫يكسبون?‪.‬‬

‫العدو والخصم‬
‫ل تطلق لفظ "العدو" إل على الجنبي المحارب‪ ،‬أما المواطن الذي تختلف معننه‬
‫فهو "خصم"‪ .‬والعدو ل تنفع معننه إل الشنندة‪ ،‬والخصننم يفينند معننه كننثيرا ً حسننن‬
‫الخلق‪ ،‬والغضاء عن الساءة‪ ،‬وترك الفرصة ليفهمك‪.‬‬

‫انتقام الفتنة‬
‫مثيرو الفتن يريدون أن ينتقموا من بعض الناس فتنتقم الفتنة منهم ?ُيخربننون‬
‫بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي البصار?‪.‬‬

‫على الباغي تدور الدوائر‬


‫الذين يشعلون النار ليحرقوا بيوت جيرانهم‪ ،‬أول ما تحرق النار بيننوتهم وهننم ل‬
‫يشعرون‪.‬‬

‫لهب الفتنة ورمادها‬

‫‪165‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫لهب الفتنة يخطف أبصار الطامعين الحمقى ثم ما يلبث أن يجعلهم من رمادها‪.‬‬

‫وقود الفتنة ومشعلوها‬


‫العامة وقود الفتنة‪ ،‬والخبثاء مؤججو نارها‪ ،‬والنظننام الجتمنناعي الصننالح أغلننى‬
‫ضحاياها‪.‬‬

‫دخان الفتنة‬
‫إذا لم تستطع إخماد نار الفتنة فابتعد عنهننا؛ فإنننك إن لننم تصننبك نارهننا أصننابك‬
‫دخانها‪ ،‬والعاقل من توقى دمارها ولم يشهد عارها‪ ،‬ول يستطيع أحد أن يتجنننب‬
‫آثارها‪ ،‬فإنها كريح عاد تدمر كل شيء أتت عليه بأمر ربها‪.‬‬

‫إذا اختلف الظالمان‬


‫إذا اختلف الظالمان انكشفت أسننرار اجتماعهمننا أول ً وافتراقهمننا أخيننرًا‪ ،‬وفنني‬
‫ذلك مصلحة المظلومين‪.‬‬

‫السياسة والخلق‬
‫في كل عصر تلتزم السياسة فيننه بمبننادئ الخلق‪ ،‬يكننون عصننر ازدهننار ورخنناء‬
‫وسلم‪ ،‬وكل عصر تنفصل فيه السياسنة عنن الخلق‪ ،‬تشنيع فينه الفتنن وتقنع‬
‫الزمات‪.‬‬

‫السياسة!‬
‫السياسة كالسمكة الكبيرة تبتلع الذين يصغرون عنها‪.‬‬

‫ظهور المغمورين‬
‫إذا ابتسم النندهر للمغمننورين فننأظهرهم علننى مسننرح الحننوادث‪ ،‬فننإن أظهننروا‬
‫كفاءة وجدارة بالمكانة التي وصلوا إليها كان ذلك دليل ً على أن المجتمع كان له‬
‫ولهم ظالمًا‪ ،‬وإل كان ذلك دليل ً على أن القدر كان بهم وبالمجتمع رحيمًا‪.‬‬

‫الزعماء الصغار وصغار الزعماء!‬


‫بعض الناس تليق بهم الزعامة على حداثة سنهم‪ ،‬وبعض الناس تليق بهم حداثننة‬
‫السن على عظيم زعامتهم‪.‬‬

‫خداع الدعاية!‬
‫بعض الناس يرون أن الدعاية خير طريق لتثبننت زعننامتهم مننع أنهننا خيننر طريننق‬
‫لتهديمهم‪.‬‬

‫الزعيم الحالم والزعيم الحلم‬

‫‪166‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫بعض الناس يحلمون فيتوهمون فيتزعمون فينطفئون‪ ،‬وبعض الناس تحلم بهننم‬
‫أمتهم فتقدمهم ثم تزعمهم ثم يتألق نجمهم‪ ،‬ثم ل ينطفننئ أبنندا ً مهمننا غيبتهننم‬
‫عن النظار وأحداث الزمان‪.‬‬

‫زعامة كاذبة‬
‫النجم الذي يتألق فجأة ينطفئ فجأة‪.‬‬

‫المواهب أول ً‬
‫قد تقدم الظروف إنسانًا‪ ،‬ولكن كفاءاته ومواهبه هنني الننتي تثبتننه فنني المكننان‬
‫الذي قذف إليه‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الواحد والثلثين‬

‫فوضى المفاهيم والتنابز باللقاب ]أو‪ :‬فوضى المفاهيم السياسية[‬


‫من أغرب أمورنا السياسية‪ :‬أن الحزاب والحكومات عندنا تنادي بمبننادئ ليسننت‬
‫لها مفاهيم محننددة واضننحة كالديمقراطيننة والشننتراكية والتقدميننة؛ ومننع ذلننك‬
‫فهذه الحزاب ل تتورع عن اتهام خصومها بالقطاع والرجعيننة والخيانننة لمجننرد‬
‫اختلفها معها في تحديد هذه المبادئ‪.‬‬

‫الشعارات الكاذبة مطية الحكام‬


‫من أسوأ ما منيت به البلد في هذه الحزاب التقدمية الشتراكية الديموقراطية‬
‫أنها حين تأتي إلى الحكم في الظلم تنسى تقدميتها باتباعها أساليب الحننزاب‬
‫القديمة في التوظيف والتعيين‪ ،‬وتنسى اشتراكيتها بتخصيص الوظننائف لفريننق‬
‫مننن الننناس هننم أنصننارها مننن غيننر اعتبننار للكفنناءات‪ ،‬وتنسننى ديمقراطيتهننا‬
‫باستبدادها بأمور الحكم باسم الشننعب وهنني ل تمثننل إل أقننل القننل مننن أبننناء‬
‫الشعب كما أثبتت دائما ً النتخابات الحرة النزيهة‪ .‬ومع ذلك فهي تصر على أنهننا‬
‫تسمي حكمها حكما ً ديمقراطيا ً اشتراكيا ً تقدمّيا‪.‬‬

‫وسيلة خير وشر‬


‫يقولننون‪ :‬إن مننن محاسننن هننذه الحضننارة أنهننا اخننترعت الذاعننة والتلفزيننون‬
‫والصحافة لشاعة المعرفة في أوساط الجماهير‪ ،‬ونسوا أنهننا اسننتعملت أيض نًا‪،‬‬
‫لتضليل الجماهير عن الطريق الصحيح للمعرفة‪.‬‬

‫من مساوئ أجهزة العلم‬


‫أجهزة العلم تجعل من أتفه الناس وأجهلهنم مشنهورين‪ ،‬ومننن أخلننص الننناس‬
‫وأعلمهم مغمورين‪.‬‬

‫يوم يتحرر السلم من هؤلء‬


‫كننل يتجنناذبون السننلم ليخنندعوا بننه الجمنناهير ويصننرفوها عننن جرائمهننم فنني‬
‫اغتصاب حقوقها‪ ،‬والسلم مكمنوم الفننم‪ ،‬موثننق الينندي عننندهم جميعنًا‪ ،‬وينوم‬
‫يتحرر منهم سيكون له معهم شأن آخر‪.‬‬

‫فر‬‫ثورة ل تنقطع وجبين ل يع ّ‬


‫أراد الله بالسلم أن يكون ثورة على الفساد‪ ،‬وبناءً للخير‪ ،‬فحقق به المسلمون‬
‫الوائل أعظم تقدم بالنسان نحننو إنسننانيته الكاملننة‪ ،‬وأراد المسننلمون بننه فنني‬
‫العصور الخيرة مؤيدا ً للفساد مشوها ً للخينر فرجعنوا بإنسنانيتهم إلنى منا قبنل‬
‫عصور الجاهلية الولى‪ .‬ويريد به المصلحون اليوم أن يكون ثورة وبناءً كما كننان‬
‫من قبل في العصور الزاهرة الولى‪ ،‬ويريد به المفسدون اليوم أن يكون سننندا ً‬
‫لفسادهم‪ ،‬والطغاة أن يكون ستارا ً لطغيانهم‪ ،‬ويننأبى اللننه أن تغننل ينند السننلم‬
‫القوية‪ ،‬وأن يغطى وجهه المنير‪ ،‬وأن يكون ألعوبة تتقاذفه الهواء ذات الشمال‬

‫‪168‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫وذات اليمين‪ ،‬ولكل أجل كتنناب ?واللننه غننالب علننى أمننره ولكننن أكننثر الننناس ل‬
‫يعلمون?‪.‬‬

‫مرتع خصيب‬
‫الجهل بالدين مرتع خصيب لضللت الشياطين‪ ،‬والفقر في الدنيا مرتنع خصننيب‬
‫لمننؤامرات المتربصننين‪ ،‬وفقنندان العدالننة الجتماعيننة مرتننع خصننيب للثننورات‬
‫والبراكين‪ ،‬ومخالفة دين الله مرتع خصب للهلك المبين‪.‬‬

‫آفة التعصب الحزبي‬


‫ليس أكننذب علننى اللننه والتاريننخ والحننق والشننعب مننن أولئك الننذين يتظنناهرون‬
‫بالشعارات المحبوبة من الجماهير وهننم ل يتخلننون عننن حزبيتهننم داخننل الحكننم‬
‫وخارجه في كبير المور وصغيرها؛ وهم آفة في حياتنا السياسية قديما ً وحديثًا‪.‬‬

‫سياسة الهواء والشهوات‬


‫ليست مشكلة المة في السياسيين ذوي العقائد المتباينة‪ ،‬بقنندر مشننكلتها فنني‬
‫السياسيين ذوي الهواء المتباينة‪ .‬ولسياسي متوسط الثقافة ذكي مخلص أنفع‬
‫للمة من مائة سياسي فلسفة عباقرة تتحكم فيهم الهواء والشهوات‪.‬‬

‫اختلف الشرار‬
‫اختلف الشرار فيما بينهم بدء نهايتهم‪.‬‬

‫مواطنان!‬
‫بعض الناس يقرضون الوطن ما هو إليه محتاج‪ ،‬وبعضهم يقرضننونه بمننا هننوعنه‬
‫مستغن‪ ،‬والفرق بين أولئك وهؤلء‪ :‬أن أولئك يضمون إلى الوطن قوة‪ ،‬وهننؤلء‬
‫يفتحون عليه ثغرة‪.‬‬

‫اضطرار!‬
‫قد تحتاج يوما ً ما لرفقة الذئب اتقاء لشر الثور الشرس‪.‬‬

‫الراحة – أو الحياة‬
‫خيرت الشاة بين أن تنام مع ذئب نننائم‪ ،‬أوتنننام مننع كلب تتهننارش‪ .‬فقننالت‪ :‬إن‬
‫تهارش الكلب يفقدني راحتي‪ ،‬أما الذئب فأفقد معه حياتي‪.‬‬

‫يقظة الراعي‬
‫الراعي اليقظ يضيع على الذئب أحلمه الشرهة‪.‬‬

‫حين تخلو الساحة‬


‫حين تخلو الساحة من البطال‪ :‬يتمنطق بالسلح كل جبان خوار‪ ،‬وحين تخلو من‬
‫الزعماء‪ :‬يتصندى للقينادة كننل سنفيه غريننر‪ ،‬وحينن تخلنو منن المنناء‪ :‬يتظناهر‬

‫‪169‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫بالوفاء كل خوان حقير‪ ،‬وحين تخلو مننن الحكمنناء‪ :‬ينندعي الفلسننفة كننل جاهننل‬
‫مغرور‪ ،‬وحين تخلو من المجاهرين بالحق‪ :‬يصول فيها كل طاغية لئيم‪.‬‬

‫زعامة الصغار!‬
‫إذا تصدى للزعامة صغار العقول‪ ،‬سفهاء الحلم‪ ،‬كان ذلك علمننة علننى طغيننان‬
‫الهواء‪ ،‬وانحلل الخلق‪ ،‬وتفسخ المجتمع‪.‬‬

‫من أصناف السياسيين‬


‫أكثر السياسيين كذبًا‪ :‬أكثرهم احتقارا ً لوعي الشننعب‪ ،‬وأكننثرهم تبنند ً‬
‫ل‪ :‬أكننثرهم‬
‫مهانننة فنني نفسننه‪ ،‬وأكننثرهم حرص نا ً علننى الفتننن‪ :‬أكننثرهم فقنندانا ً للمننؤهلت‪،‬‬
‫وأكثرهم جرأة على الحق والفضيلة‪ :‬أكثرهم فقرا ً في الدين والخلق‪.‬‬

‫المصلحة الخاصة والعامة‬


‫الناس في العمل للمصلحة العامة ثلثننة‪ :‬واحنند ينسننى مصننلحته الخاصننة؛ فهننذا‬
‫أكرم الناس‪ ،‬وواحد يذكر مع المصلحة العامة مصلحته الخاصة؛ فهذا من أفاضننل‬
‫الناس‪ ،‬وواحد ل يذكر إل مصلحته الخاصة؛ فهذا شر الناس‪.‬‬

‫سباق!‬
‫رب حبل حاولت قطعه ثم رأيته ملتفا ً حول عنقك‪.‬‬

‫حال ل تدوم‬
‫جديد اليوم عتيق الغد‪ ،‬ومشهور اليوم مغمور الغد‪ ،‬وحنناكم اليننوم محكننوم الغنند‪،‬‬
‫وعزيز اليوم ذليل الغد‪ ،‬وغني اليوم فقير الغد‪ ،‬وقوي اليوم ضعيف الغد‪.‬‬
‫ل تستعجل عقوبة الله للمفسدين‬
‫ل تستعجل عقوبة الله للمفسدين‪ ،‬فقد جهدوا أن يهدموا دعوة السلم‪ ،‬ويؤذوا‬
‫جنوده الصادقين‪ ،‬فأمهلهم اللننه بضننع سنننين‪ ،‬وأمنندهم بالمننال ومظنناهر الجنناه‬
‫والنفوذ‪ ،‬حتى إذا انكشفوا على حقيقتهم مغرورين مجرمين‪ ،‬كاذبين في ادعنناء‬
‫الورع والغيرة على الدين‪ ،‬أذاقهم الله العذاب الليم‪? .‬وكذلك أخذ ربننك إذا أخننذ‬
‫م شديد?‪.‬‬‫القرى وهي ظالمة إن أخذه ألي ٌ‬

‫حقد الطاغية‬
‫الحقد الشخصي يقتل صاحبه كمدًا‪ ،‬والحقد السياسي يعوق المجتمع عن سننيره‬
‫مر المة تدميرًا‪.‬‬
‫الصحيح‪ ،‬وحقد الطاغية يد ّ‬

‫الطاغية عدو أمته!‬


‫الطاغيننة يحقننق لعننداء المننة مننن المكاسننب مننا ل يسننتطيعونه بالنتصننار فنني‬
‫المعارك‪.‬‬
‫· الطاغية يذل المة‪ ،‬ويعز أعداءها‪.‬‬
‫· حسب المة شقاءً بالطاغية‪ ،‬أن يميت أحرارها‪ ،‬ويحيي أشرارها‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫تطفيف ]أو‪ :‬مشكلتنا مع الدول الكبرى[‬


‫مشكلتنا مع هذه الدول الكبرى‪ :‬أنها تطعمنا ما ل تأكننل‪ ،‬وتكسننونا مننا ل تلبننس‪،‬‬
‫وتعطينا ما ل تأخذ‪ ،‬وتحيينا فيما تكره‪ ،‬وتدعم من أشقيائنا مننن تشنننق أمثننالهم‬
‫في بلدها‪.‬‬

‫عقل الطاغية المصنوع!‬


‫صه الله به إل الطاغية؛ فإنه يأبى إل تصنع يده له‬‫ض بعقله الذي خ ّ‬
‫كل إنسان را ٍ‬
‫عقل ً جديدًا‪ ،‬ومن عجيب عقوبة الله له‪ :‬أن يكون عقله المصنوع أبلنند منن عقلننه‬
‫المطبوع‪.‬‬

‫لول الطغاة‬
‫لول الطغاة‪ ،‬لما عرفنننا أدعينناء الحريننة مننن شننهدائها‪ ،‬ول أصنندقاء الشننعب مننن‬
‫أعدائه‪ ،‬وللتبس على كثير من الناس من بكى ممن تباكى‪.‬‬

‫فتنة واختبار‬
‫حكم الطغيان يكشف الدناءة المستورة‪ ،‬والحقارة المغّيبة‪ ،‬كما يكشف الرجولننة‬
‫المغمورة‪ ،‬والفضيلة المهجورة‪.‬‬

‫حياتهم ل حياة الطاغية‬


‫عبيد الطاغية يدافعون عنه؛ إبقاءً على حياتهم ل على حياته‪.‬‬

‫عبيد الطغاة‬
‫ل يتهافت على فتات عهد الطاغية؛ إل الننذين ل يجنندون مننا يننأكلون فنني عهننود‬
‫الحرية‪ ،‬ول يعتز بالسير في ركاب الطاغية؛ إل الذين تدوسهم مواكب الحرار‪.‬‬

‫لهذا يحرقون للطاغية البخور‬


‫ل تعجب مننن مغمننورين سننلط الطاغيننة عليهننم النننوار أن يحرقننوا لننه البخننور‪،‬‬
‫ويمشوا بين يديه بالمزمار؛ فلوله لظلوا في الظلم مغمورين ليس لهننم نهننار‪،‬‬
‫إذا الحرار كان لهم نهار‪.‬‬

‫الطاغية‪ ..‬والحقيقة‬
‫ل يخاف الطاغية من شيء كما يخاف من الحقيقة‪ ،‬ولذلك ل يعتمنند علنى شنيء‬
‫كما يعتمد على الكذب والتمويه‪ ،‬ول يكره شيئا ً كما يكره الصدق والصراحة‪.‬‬

‫عجز‪ ..‬ل يقظة ضمير‬


‫قد يحارب الطاغية من كان عونا ً له بالمس‪ ،‬ول يخدعنك حربه له‪ ،‬فلو اسننتطاع‬
‫أن يكون طاغية مثله لظل له وفّيا‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫أنواع الطغاة‬
‫فنني الطغنناة صننغار وكبننار؛ وصننغار الطغنناة شننر مننن كبننارهم‪ ،‬وفيهننم حقننراء‬
‫وعظماء؛ وحقراء الطغاة يستحقون الشفقة والرثاء أكثر من عظمائهم‪.‬‬

‫أوهام الطغاة‬
‫م عظمتهننم‪ ،‬ومننا‬
‫هن َ‬
‫و ْ‬
‫الطغنناة يصنننعون الوهننام فنني عقننول المننة‪ ،‬لتستسننيغ َ‬
‫يستسيغها إل سفهاء الحلم‪ ،‬ومن ثمة كننان جننل أنصننار الطغنناة مننن الطفننال‬
‫والنساء والسخفاء‪.‬‬

‫الطاغية سوق النفاق‬


‫أكثر الناس ضحكا ً على الطاغية في قرارة أنفسهم هم المنتفعننون منننه‪ ،‬ويننوم‬
‫يزول يكونون أكثر الناس لعنا ً له؛ إل أن يكون فيهننم ذ ّ‬
‫منناء مننن الوفنناء والحينناء‪،‬‬
‫ل أن يكون عند أعوان الطغاة أثر منهما‪.‬‬ ‫وق ّ‬

‫الطاغية‪ ..‬عقوبة!‬
‫أكبر عقاب للمة المتخاذلة‪ :‬وجود الطاغية بينها‪.‬‬

‫من عقوبة الله للطاغية ولصانعيه‬


‫ً‬
‫من عقوبة الله للطاغية؛ أن يفضحه ويكشف تهريجه من كانوا سببا فنني فننرض‬
‫طغيانه‪ ،‬ومن عقوبة الله لهم‪ :‬أن يفضحوا بأنفسهم صمتهم وطاغوتهم‪.‬‬

‫من حكمة الله في تمكينه للطاغية‬


‫ن حكننم‬
‫قد يكننون مننن حكمننة اللننه فنني تمكينننه للطاغيننة‪ ،‬أن تقتنننع الجمنناهير أ ّ‬
‫الشورى أسلم طريق بّناء للوصول إلى الستقرار‪ ،‬فل ُتفتن بعنند ذلننك بمظنناهر‬
‫البطولة أبدًا‪.‬‬

‫من علمة انحدار المة‬


‫من علمة انحدار المة‪ :‬أن يتمكن أشرارها من حكمها‪ ،‬ثم يتسلط هؤلء الشرار‬
‫بعضهم على بعض‪ ،‬فيشغلوها بأحقادهم ومطننامعهم عننن علج مشننكلتها‪ ،‬ودرء‬
‫الخطار المحدقة بها‪.‬‬

‫من علمة شقاء المة‬


‫من علمة شقاء المة‪ :‬أن تشغل بنفسها عن أعدائها‪.‬‬

‫حدود المجاملة!‬
‫ل تجامل الننناس علننى حسنناب منا يؤذيننك فني عقينندتك أو شنعورك أو جسننمك‪،‬‬
‫وتلطف في ذلك بما ل ُتذم به‪.‬‬

‫شعور الكاذب‬

‫‪172‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫لست أدري ما هو شعور الذي يدفع التهمة عن نفسه بما يعلم أنننف فيننه كنناذب‪،‬‬
‫أغلب ظني أنه في قرارة نفسه يحتقر نفسه‪ ،‬إن كانت فيه بقية من أخلق‪.‬‬

‫بدء نهاية الطغاة‬


‫أول صوت يرتفع مع المضطهدين‪ ،‬هو بدء نهاية الطغاة والظالمين‪.‬‬

‫أعين الحق‬
‫في أحكام الظلم التي ينندبر فيهننا الطغنناة مننؤامراتهم‪ ،‬تلحقهننم أعيننن الحننق‪،‬‬
‫فتفضحهم بغتة وهم آمنون‪.‬‬

‫شر النكبات‬
‫شر النكبننات مننا سنّببها سننوء الخلق‪ ،‬ولزمهننا سننوء التصننرف‪ ،‬وأعقبهننا سننوء‬
‫السمعة‪.‬‬

‫بين جسم المرء وضميره!‬


‫كلما نحف ضمير المنحرف سمن جسمه‪.‬‬

‫العقل‪ ..‬والعاطفة‬
‫في الحرب يجب أن تكون العاطفة أقوى مننن العقننل‪ ،‬وفنني السياسننة يجننب أن‬
‫يكون العقل أقوى من العاطفة‪ ،‬وفي البيت يجب أن يتعادل العقننل والعاطفننة‪،‬‬
‫وفي الحب ل مكان للعقل أص ً‬
‫ل‪.‬‬

‫بينك وبين الناس!‬


‫أنت أغنى الناس حين تستغني عن أمنوالهم‪ ،‬وأقنواهم حيننن تحتقننر أطمناعهم‪،‬‬
‫وأكرمهم حين تترفع عن مباذلهم‪.‬‬

‫أخذ الطاغية‬
‫إذا أراد الله أخذ الطاغية زاده عنادا ً وغرورًا‪.‬‬

‫من لوث يده بدم الخيار‬


‫وث يده بدم الخيار‪ ،‬أزال الله عّزه بأيدي الشرار‪.‬‬
‫من ل ّ‬

‫أكبر أعوان الطاغية‬


‫أكبر أعوان الطاغية "سكوت" الصالحين‪ ،‬و"كلم" الطالحين‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الثاني والثلثين‬

‫اليدي‪ ..‬وسلح المال‬


‫المننال سننلح فتنناك‪ ،‬فننإن كننان بينند المننؤمنين العامننل؛ فهننو سننلح ضنند الشننر‬
‫والحرمان‪ ،‬وإن كان بيد السفيه الفاجر؛ فهو سننلح ضنند الخيننر والحسننان‪ ،‬وإن‬
‫خلق والحق والحرية والمان‪.‬‬ ‫كان بيد الطاغية؛ فهو سلح ضد ال ُ‬

‫حب المال يفضح هؤلء‬


‫حننب المننال يفضننح أدعينناء‪ :‬النندين‪ ،‬والوطنيننة‪ ،‬والخلص‪ ،‬والصننلح‪ ،‬والحريننة‪،‬‬
‫والشتراكية‪.‬‬

‫ل بد للخير من قوة تحميه‬


‫الخير حمل وديع‪ ،‬والشر ذئب ماكر‪ ،‬فانظر هل يسلم الحمننل مننن الننذئب‪ ،‬إل أن‬
‫تكون وراءه قوة تحميه؟‬

‫آثار الكذب على العاملين الشرفاء‬


‫أسوأ آثار الكذب على العاملين الشرفاء‪ :‬أنها تشغلهم عن المضي في رسالتهم‬
‫بالدفاع عن أنفسهم؛ إثباتا ً لبراءتهم تجاه جمهور ل يملك من الوعي منا يمحنص‬
‫به الحقائق من الباطيل بسرعة وبدقة‪.‬‬

‫للنجاح في معترك السياسة‬


‫سلمة القلب‪ ،‬ونظافة اليد‪ ،‬وصحة العقيدة‪ ،‬واستقامة الخلق‪ ،‬ل تكفي وحنندها‬
‫للنجاح في معترك السياسة ما لم يضف إليها‪ :‬ألمعيننة الننذهن‪ ،‬ومرونننة العمننل‪،‬‬
‫وحرارة الروح‪ ،‬وتفهم مشكلت المجتمع وطبائع الناس‪.‬‬

‫ل تخف من الناقدين‬
‫لو أنك تهيبت العمل خوفا ً من الناقدين لما عملت أبنندًا‪ ،‬ولكننن اعمننل مننا تعتقنند‬
‫صحته‪ ،‬وُترجح فائدته‪ ،‬وترضي به ربك‪ ،‬وتكسب به ثناء العقلء والمخلصين؛ فإن‬
‫غضب عليك بعد ذلك في حياتك من غضب‪ ،‬فسيرضى منهم عنك بعد موتننك مننن‬
‫يرضى‪.‬‬

‫أساس نكبة أمتنا‬


‫أسنناس نكبننة أمتنننا فنني القننديم والحننديث‪ :‬حكامهننا الظننالمون‪ ،‬وأذكياؤهننا‬
‫المنافقون‪ ،‬وعلماؤها الغافلون‪.‬‬

‫خمسة ل أمان لهم‬


‫خمسننة ل أمننان لهننم‪ :‬ملحنند ينكننر وجننود اللننه‪ ،‬ومتسننلط لننم يصننل إل بالغنندر‬
‫والجريمة‪ ،‬ومغمور نشأ فنني بيئة فاسنندة ثنم سنناعدته الظننروف علننى الظهننور‪،‬‬
‫ومغرور حاقد متعطش لسفك الدماء‪ ،‬وكذاب أوصله كذبه إلى الشهرة والمجد‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫الشعور بالمسؤولية‬
‫ليس أثقل ول آلم ول أشد وثاقًا‪ ،‬ول أعظننم وزرًا‪ ،‬ول أنفننى للراحننة‪ ،‬ول أجلننب‬
‫للهم والمرض‪ ،‬ول أعدى للصحة والشباب‪ :‬من الشعور بالمسؤولية‪ ..‬ولقد رأيت‬
‫الذين يشعرون بها ويعطونها حقها من العناية‪ ،‬أقل من القليل‪..‬‬

‫المسيطرون في الفتن‬
‫في الفتننن‪ :‬إمننا أن يسننيطر العبنناقرة أو السننفهاء‪ ،‬ول مكننان فيهننا لمتوسننطي‬
‫المواهب والمستقيمين الطيبين‪.‬‬

‫متى يظهر لؤم النفوس‬


‫لننؤم النفننس ل يظهننر إل عننند هبننوب الرينناح‪ ،‬وبعننض لئام النفننوس كننثيرا ً مننا‬
‫يظهرون بمظاهر القديسين‪ ،‬حتى إذا هبننت رينناحهم ترحمننت مننن أجلهننم علننى‬
‫بعض الشياطين‪..‬‬

‫سة واللؤم‬
‫من مظاهر الخ ّ‬
‫سة واللؤم‪ ،‬أن يتصنع النسننان العظمننة والحننزم والكبرينناء أمننام‬
‫من مظاهر الخ ّ‬
‫إخوانه وأعوانه‪ ،‬وهو من أجبن الناس وأذلهم وأنذلهم إزاء القوياء والرؤساء‪.‬‬

‫الذي يبيع إخوانه وكرامته‬


‫من باع إخوانه وسمعته وكرامته‪ ،‬لقاء منصب تفضل به عليه المتسلطون‪ ،‬كانت‬
‫بنت الهوى أحسن منه حال ً في بعض الحاللت؛ إن منهن من يلجئهن الجوع لبيع‬
‫شرفهن‪ ،‬وهؤلء يلجئهم التهالك على الجاه الزائف إلى التفريط بشرف بلدهم‬
‫وحقوق أمتهم‪.‬‬

‫عاران!‬
‫من ل يستحي من عار المهانة علنا ً تكالبا ً على إرضاء المتنفذين؛ ل يستحي مننن‬
‫عار الخيانة سّرا؛ تراميا ً على أقدام الطامعين‪.‬‬

‫معادن‪ ..‬ومقاييس‬
‫أسد هزيل أرهب في النفس من حمار فاره‪ ،‬وفرس مقيدة أنبل في العين مننن‬
‫بغل طليننق‪ ،‬وكسننرة خننبز يابسننة ألننذ فنني فننم الرجننل الحننر مننن لذيننذ الطعننام‬
‫والشراب في فم العبد المهين‪.‬‬

‫الحلية المستعارة!‬
‫مهيننن‪ ،‬ول يفتخننر‬
‫الحلية المسننتعارة بقاؤهننا غننى مفضننوح‪ ،‬واسننتردادها فقننر ُ‬
‫بالمستعار إل المملقون‪.‬‬

‫ل ينصرون‬

‫‪175‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ل تنتصر المة في معركتها مع أعدائها بخمسة‪ :‬متهالك على الشهرة‪ ،‬جبان عند‬
‫العمل شجاع عند القول‪ ،‬مغرور يقدر نفسه أكثر ممننا هنني ويقنندر أعننداءه أقننل‬
‫مما هم‪ ،‬مؤثر للسلمة على التضحية‪ ،‬وللحياة على الموت‪.‬‬

‫خبث النية‬
‫خبث نية القائد تقود الجنود إلى الهزيمة ولو كننانت نواينناهم حسنننة‪ ،‬وهننذا غيننر‬
‫المكر والدهاء والحيل في الحروب؛ فإنها من وسائل النصر على العداء‪.‬‬

‫معادن الناس‬
‫الناس معادن‪ ،‬خيارهم في السراء خيارهم فنني الضننراء‪ ،‬وخيننارهم فنني التوليننة‬
‫خيارهم في العزل‪ ،‬وخيارهم فنني الجنناه خيننارهم فنني الخمننول‪ ،‬وخيننارهم فنني‬
‫القوة خيارهم في الضعف‪ ،‬وخيارهم في الجندية خيارهم في القيادة‪.‬‬

‫ليس في السياسة عواطف‬


‫ليننس فنني السياسننة الدوليننة عواطننف بننل عقننول‪ ،‬ول مجنناملت بننل مصننالح‪،‬‬
‫والسياسي النساني هو الذي يعمل لمصالح قننومه ضننمن مبننادئ الحننق والخيننر‬
‫والسلم‪.‬‬

‫الخصومة والعداوة في السياسة‬


‫ليس في السياسة خصومة دائمة‪ ،‬ول صننداقة دائمننة؛ فصننديق اليننوم قنند يكننون‬
‫خصننم الغنند‪ ،‬وخصننم المننس قنند يصننبح صننديق اليننوم‪ ،‬ذلننك شننأنه فنني الفننراد‬
‫والشعوب‪.‬‬

‫أصعب شيء‬
‫أصننعب شننيء علننى السياسنني المسننتقيم أن يننرى النندجالين فنني السياسننة‬
‫يستهوون الغوغاء بكاذب القول ومعسول الوعود‪.‬‬

‫بعض السياسيين‬
‫بعض السياسيين في أمتنا يبدأون حياتهم السياسننية كالعاشننقة‪ ،‬وينتهننون إلننى‬
‫أن يكونوا كبائعة الهوى‪.‬‬

‫تطور السياسة‬
‫ل‪ ،‬ثم حاولت أن تكون إصننلحا‪ً،‬‬ ‫كانت السياسة في بلدنا وطنية‪ ،‬ثم غدت استغل ً‬
‫ثم أصبحت اليوم إما تضحية تجعننل صنناحبها مننن البطننال‪ ،‬وإمننا وصننولية تجعننل‬
‫صاحبها من النذال‪.‬‬

‫لنا الله من هؤلء‬

‫‪176‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫لنا الله من حراس يردعوننا ‪ ،‬وأمناء يخونوننا‪ ،‬ووكلء يتآمرون علينا‪ ،‬وعيون لنننا‬
‫مدين انقلبننوا جننارحين‪ ،‬وأسنناة‬
‫يصبحون علينننا‪ ،‬وأطبنناء أصننبحوا مرضننى‪ ،‬ومض ن ّ‬
‫صاروا شامتين‪.‬‬

‫السياسي الناجح‬
‫السياسي الذي يعتمد على الجماهير الجاهلة وحدها سياسي دجال‪ ،‬والسياسنني‬
‫الذي يعتمد على المثقفين وحدهم سياسي فاشل‪ ،‬والسياسي الناجح هو الننذي‬
‫يستطيع أن يجمع حوله المثقفين والجاهلين‪.‬‬

‫ل خير فيهم‬
‫الذين تجمعهم وحدة النضال ثم تفرقهم مغانم الحكم‪ :‬أناس ل يصلحون لقيننادة‬
‫الوطن‪ ،‬والننذين تجمعهننم ضننجة المننواكب ثننم تفرقهننم عصننى الظننالم‪ :‬قننوم ل‬
‫ينصرون ضعيفًا‪ ،‬ول يضعفون قوّيا‪.‬‬

‫الخلق والسياسة‬
‫الخلق أول ً ثم العلم والدهاء‪ ،‬هذا ما تنتفع به المة ممن يتصدون لسياستها‪.‬‬

‫السياسي الملوث‬
‫السياسنني الننذي ينسننى ماضننيه الملننوث‪ ،‬سننرعان مننا ينسننى مبننادئ الشننرف‬
‫والستقامة حين يكون في الحكم‪.‬‬

‫ارتفاع الغمار‬
‫إذا فننوجئت بارتفنناع الغمننار‪ ،‬فل تسننتمر فنني استصننغار شننأنهم‪ ،‬وإذا فننوجئت‬
‫بتحكم الشرار فل تقنط من زوال حكمهم‪.‬‬

‫استفد مما تكره‬


‫اتخذ من الفشل سّلما ً للنجاح‪ ،‬ومنن الهزيمنة طريقنا ً إلنى النصنر‪ ،‬ومنن الظلنم‬
‫حافزا ً للتحرر‪ ،‬ومن القيد باعثا ً على النطلق‪.‬‬

‫الدين والسياسة‬
‫من لم تمل قلبه مشاعر اليمان بالله ومراقبته‪ :‬لم يؤمن على وطننن‪ ،‬ول علننى‬
‫شعب‪ ،‬ول على مبدأ كريم‪.‬‬

‫ل خير فيه‬
‫ل خير في حاكم ل يحكمه دينه‪ ،‬ول في سياسي ل يحكمه عقله‪ ،‬ول فنني رئيننس‬
‫ل يشعر بسلطان الله عليه‪.‬‬

‫الفراط‬

‫‪177‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫الفراط في سياسة الحزم‪ :‬قسوة تؤدي إلى النفجننار‪ ،‬والفننراط فنني سياسننة‬
‫اللين‪ :‬ضعف يشجع الشرار‪.‬‬

‫ل ينجح‬
‫ً‬
‫السياسي الذي يفرح بالثناء‪ ،‬ويستاء من النقد‪ ،‬ويهتز سرورا لتصفيق المحبين‪،‬‬
‫ويضطرب غضبا ً من تصفير المعارضين‪ :‬هو سياسي ل ينجح‪.‬‬

‫الخيانة‬
‫خيانة المة هي تحقيق أهداف أعدائها ولو كان من غير اتفاق معهم على ذلك‪.‬‬

‫عقاب‬
‫أكبر عقاب للمة المتخاذلة‪ ،‬تحكم الطاغية في شؤونها‪.‬‬

‫البطل المنتظر‬
‫ما زالت أمتنا تنتظر البطل الذي يمل فراغها السياسي منذ غنناب صننلح النندين‪،‬‬
‫وما تزال تمنح قلوبها وتأييدها كلما خالت مخايل البطولننة فيمننن ينندعيها‪ ،‬حننتى‬
‫إذا اكتشفت بذكائها "زيف" البطل الممثل؛ تخلت عنه بين فجيعة الخيبة وتجنندد‬
‫المل في بطل جديد‪ ،‬وما زالت تبحث‪ ،‬وما زالت تنتظر‪.‬‬

‫استقامة الحكم‬
‫ل يسننتقيم الحكننم إل بثلث‪ :‬تشننجيع الخيننار‪ ،‬معاقبننة الشننرار‪ ،‬والسننهر علننى‬
‫مصالح الناس‪.‬‬

‫تمام النصر‬
‫ل يتم النصر إل بثلث‪ :‬معرفة العدو‪ ،‬وإحكام الخطة‪ ،‬وبذل الطاقة‪.‬‬

‫طاعة الزعيم‬
‫ل يستفيد الزعيم من كثرة أنصاره إل بحسن طاعتهم له‪ ،‬واعتبر في ذلك بعلنني‬
‫ومعاوية‪.‬‬

‫مودة الطاغية‬
‫ل تكتسب مودة الطاغية إل بالذلة‪ ،‬ول القوي إل بننالخنوع‪ ،‬ول الحنناكم المغننرور‬
‫إل بالثناء والنفاق‪.‬‬

‫بم ُيخلد الزعيم؟‬


‫ل يخلد الزعيم إل بثلث‪ :‬تجرد عن الهوى‪ ،‬ولذة في الحرمان‪ ،‬وترفع عن الحقد‪.‬‬

‫م تسعد البلد؟‬
‫ب َ‬
‫ل تسعد البلد إل بثلث‪ :‬دين وازع‪ ،‬وسياسة رشيدة‪ ،‬واقتصاد مزدهر‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫م تسعد المة؟‬‫ب َ‬
‫ل تسعد المة إل بثلث‪ :‬حاكم عادل‪ ،‬وعالم ناصح‪ ،‬وعامل مخلص‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫القسم الثالث والثلثين –‬

‫الحكم الصالح‬
‫هو الذي يقوم على دعائم الدستور؛ فل محاباة ول تلعب ول تحكم ول طغيان‪.‬‬
‫ويفننرض هيبتننه باسننتقامة ولتننه‪ ،‬فل عقوبننة إل مننع الجريمننة‪ ،‬ول عفننو إل مننع‬
‫المخلصين‪.‬‬
‫وينتزع الحب في قلوب الرعية؛ بالعدل الذي يسوي بين الناس‪ ،‬واليقظننة الننتي‬
‫تدفع الخطار‪ ،‬والتفاني الذي يجهد النفس ويمنع لذائذ الحياة‪.‬‬
‫???‬
‫وهو الذي يرى ولته أنهم خدام المة ل متكبروها‪.‬‬
‫وأنهم أمناء على أموالها ل سراقها ومبددوها‪.‬‬
‫وأنهم أقلهم شأنا ً ولكنهم أكثرهم واجبات‪.‬‬
‫وأنهم يلزمهم ما يلزم الخادم لسيده من النصح وأداء المانة‪.‬‬
‫???‬
‫وهو الذي تصان فيه فضائل المة من الذوبان‪.‬‬
‫وتحفظ أخلقها من التدهور والنحطاط‪.‬‬
‫وتمنع عقيدتها من التحلل والتلوث بالخرافات‪.‬‬
‫وتنمى عقولها بالعلوم والداب والثقافات‪.‬‬
‫حتى لتكون المة إيمانا ً يبعث على السننمو‪ ،‬وكمننال ينندعو إلننى الحننترام‪ ،‬ورقي ّننا‬
‫ً‬
‫وحركننة متقدمننة برويننة واتننزان‪ ،‬وشخصننية متميننزة بيننن المننم بحبهننا للخيننر‬
‫ومحاربتها للفساد‪.‬‬
‫???‬
‫وهو الذي يعمل قادتها في وضح النهار ل في الظلم‪...‬‬
‫ويقولون للمة ما ينوون عمله وتنفيذه‪.‬‬
‫وتكون رجولتهم في أعمالهم أبين منها في خطبهم وأقوالهم‪.‬‬
‫ويكون الدهاء عندهم طريقنا ً لنننتزاع حننق المننة مننن الغاصننبين‪ ،‬ل للتغريننر بهننا‬
‫والتحكم في شؤونها‪ ،‬والتمكن من خيراتهننا وأموالهننا ولننو أدى ذلننك إلننى وضننع‬
‫القيود في أعناقها لتذل للظالمين والمستعمرين‪.‬‬
‫???‬
‫وهو الذي يدخل السعادة إلى كل بيت! والطمأنينة إلى كل قلنب‪ ،‬والكسناء إلنى‬
‫كل جسم‪ ،‬والغذاء إلى كل بطن‪ .‬فل تعرى أمننة ليكتسنني أفننراد‪ ،‬ول تجننوع آلف‬
‫ليشبع رجال‪ ،‬ول تفتقر جماهير لتغنى فئات‪.‬‬
‫???‬
‫هو الحكم الذي يقول فيه التاريخ لرجنناله‪ :‬عففتننم فعننف ولتكننم‪ ،‬ولننو سننرقتم‬
‫لسرقوا‪.‬‬
‫وهو الحكم الذي يقول كبير أمرائه‪" :‬مثلي ومثلكم كمثل قوم وكلننوا إلنى واحنند‬
‫منهم أموالهم؛ فل يحل له أن ينفق منها إل برأيهم ومشورتهم"‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫وهو الحكم الذي يقول فيه رجل الدولة‪" :‬القوي عندكم ضعيف عندي حننتى آخننذ‬
‫منه الحق‪ ،‬والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ لنه الحنق‪ .‬أطيعننوني منا أطعنت‬
‫الله فيكم‪ ،‬فإذا عصيته؛ فل طاعة لمخلوق في معصية الخالق"‪.‬‬
‫???‬
‫هذا هو الحكم الذي يكون عرش رجاله في قلوب المننة‪ ،‬والثقننة بننه مننن رضنناها‬
‫وثنائها‪ ،‬واستمراره وبقاؤه رهين بتأييد الجمنناهير الواعيننة العاملننة المؤمنننة؛ ل‬
‫بنفر محدود يرهبهم الوعيد‪ ،‬وتغريهم الوعود‪.‬‬
‫???‬
‫سيقولون‪ :‬هذا انقطاع عن الحياة‪ ،‬وإغراق في الخيال‪.‬‬
‫وسيقول لهم الحق‪ :‬طلب المثل العليا في أجواء الخيال أنبل من السفاف إلى‬
‫واقع كله ضلل‬
‫‪.‬‬
‫مصطفى السباعي‬

‫‪181‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الرابع والثلثين ‪ -‬بين الحكومة والشعب‬


‫ل أن تجنند فنني التاريننخ حاكمنا ً‬
‫الشكوى من رجال الحكم طبيعة فنني المننم‪ ،‬وقن ّ‬
‫استطاع أن يرضي الناس جميعنًا‪ ،‬ولعننل منشننأ ذلننك‪ :‬أن أهننواء الننناس متعننددة‪،‬‬
‫ومنافعهم متضاربة‪ ،‬وكل منهم يريد تحقيننق مصننلحته‪ ،‬وليننس يسننتطيع الحنناكم‬
‫ذلك ما دام في الدولة قانون يحكم‪ ،‬وشرع يسود‪ ،‬ومن هنا يقول شاعرنا‪:‬‬
‫ولي الحكام! هذا إن عدل‬ ‫إن نصف الناس أعداء لمن‬
‫أما إذالم يعدل‪ :‬أمننا إذا حنناد عننن طريننق الحننق‪ ،‬واتبننع أهننواء النفننس‪ ،‬واسننتغل‬
‫منصبه لتقريب النصار ولو كانوا بلهاء‪ ،‬وإبعاد الخصوم ولننو كننانوا أكفنناء‪ ،‬فكننل‬
‫الناس أعداء له‪ ،‬وأول أعدائه في الحقيقنة أولئك النذين يندوس حرمنة القنانون‬
‫ليقربهم إليه‪ ،‬وليحقق لهم أغراضهم ومصالحهم‪ .‬وبذلك اعتاد الشعب خلل ربع‬
‫قرن كامل أن ينفر من كل حكومة قائمة‪ ،‬ويرى في كل قانون تسنه قيدا ً جديدا ً‬
‫ترهق به ماليته وحريته وكرامته‪.‬‬
‫وذلك ينوم كنان المسننتعمر الراحنل هنو الننذي يعيننن الحكننام‪ ،‬وهننو النذي يؤلننف‬
‫الوزارات‪ ،‬وهو الذي ينأتي إلنى الحكنم برجنال ل تعنترف المنة لهنم بفضنل ول‬
‫بوطنية ول بإخلص‪ ،‬وأصبح التذمر لنا عادة دائمة‪ ،‬والشننكوى مننن رجننال الحكننم‬
‫نغمة مستحبة حتى بعد قيام العهد الوطني‪ ،‬ولم يكتب لنا فنني التاريننخ أن تمتنند‬
‫اليدي بعضها إلننى بعننض فتنطلننق متعاونننة فنني البننناء‪ ،‬متفاهمننة علننى الخيننر‪،‬‬
‫واستمرت الجفوة حتى وصل المر بنوابنا أن يتراشقوا بالتهم في ندوتهم‪ ،‬وأن‬
‫ينقلب سلحهم إلى تهديد بالمسدسات‪ ،‬وهجوم بالكراسي‪ ،‬وغير ذلك ممننا أخننذ‬
‫الناس يقرأونه في صحفهم عن مجلسهم النيابي فنني آخننر حينناته‪ ،‬وإنهننا لعمننر‬
‫الله مأساة تتفطر لها القلوب!‪.‬‬
‫من المسننؤول عنن ذلنك؟ أهنني الحكومنة؟ نعنم! ونقولهننا بكننل صنراحة‪ .‬أم هنو‬
‫الشعب؟ نعم! ونقولها بكل وضوح‪ .‬فالحكومة مسؤولة لنها لم تحسننن تصننريف‬
‫المور في كثير مننن الحيننان‪ ،‬ولننم تسننتطع أن تكننون جننريئة فنني الصننلح‪ ،‬ول‬
‫واضحة في الدارة‪ ،‬ول متخلية عن أهواء بعض وزرائها الننذين أصننبحت خطتهننم‬
‫مثل ً سائرا ً يتحدث به الناس في مجالسننهم‪ .‬فهننل نعجننب بعنند ذلننك إذا ارتفعننت‬
‫الشكوى بحق وبغير حق من فساد الوضنناع‪ ،‬واختلل النظننام‪ ،‬وتشننجيع الخونننة‬
‫والعجننزة‪ ،‬وإقصنناء الننوطنيين والكفنناء‪ ،‬والسننتهانة بماليننة المننة ومقنندرات‬
‫الوطن؟ وقد تكون الحكومة معذورة فنني بعننض‪ ،‬وقنند تكننون مجتهنندة فأخطننأت‬
‫الطريق‪ ،‬وقد تكون لها سياستها التي دقت عننن أفكننار الشننعب! ولكننن المننة ل‬
‫تعذرها في ذلك كله ما دام تصرف بعض المسؤولين فيها تصرفا ً كيفّيا ينبو عننن‬
‫قواعد الدستور‪ ،‬ومبادئ العدالة‪ ،‬ومتعارف الناس في أخلقهم وعقائدهم‪.‬‬
‫ذموه بالحق وبالباطل‬ ‫ومن دعا الناس إلى ذمه‬
‫ً‬
‫وأما الشعب‪ :‬فهو المسننؤول أيض نا؛ لنننه لننم يحسننن اختيننار نننوابه والمتكلميننن‬
‫باسمه في المجلنس النينابي‪ ،‬وحسنبك أن تلقني نظنرة علنى مجموعنة الننواب‬
‫الحاليين لتحكم بكل تجرد وإخلص‪ :‬هل هؤلء في مجموعهم يمثلون إرادة المة‬
‫ووثبتها ونهضتها ومطامحها ورقيها؟ إن في المجلس النيابي عددا ً من الكفنناء‪،‬‬

‫‪182‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫وفيه من المخلصين من ل ننكر إخلصهم‪ ،‬ولكن فيه عدا عن ذلننك مننن ل كفنناءة‬
‫لهم إل جاههم ونفوذهم‪ ،‬ومن ل تؤثر عنه كلمة واحدة في المجلننس مننن أولننى‬
‫جلساته إلى آخرها‪ .‬ومن إذا تكلم ل يحسن الكلم‪ ،‬ول يضبط أعصابه‪ ،‬ول يعرف‬
‫كيف يسلك سبيل النقاش وطننرائق الهجننوم والنندفاع! هننذه حقيقننة واقعننة قنند‬
‫يسكت عنها بعض حمَلة القلم؛ إما مجاملة‪ ،‬وإما خوفًا‪ ،‬وإما طمعًا! والننذي أدى‬
‫إلى أن يكون مجلسنا النيابي بهذا الشكل هو الشعب الذي رضي أن يكون فريق‬
‫نوابه على ذلك الطراز! وقد يكون الشعب معذورا ً ما دام النظام النتخابي على‬
‫قواعده الحاضرة التي وضعها المستعمرون! ولكنه غير معذور في حالتين‪ :‬فنني‬
‫سكوته اليوم على هذا النظننام الفاسنند‪ ،‬وفنني سننكوته عنندا عننن عمليننات اللننف‬
‫والدوران التي يقوم بها المرشحون للنيابة مع فريننق مننن المنتخننبين الثننانويين‬
‫إذا بقي هذا النظام قائمًا! إن الشننعب هننو المسننؤول؛ لنننه هننو الننذي يجننب أن‬
‫يختار نوابه‪ ،‬فإذا شكا اليوم وتألم فليظهر غدا ً إرادته الواضحة فنني إقصنناء مننن‬
‫يتننألم منهننم وإبقنناء مننن رضنني عنهننم‪ ،‬أمننا الشننكوى فنني النديننة والسننواق‬
‫والشنننوارع‪ ،‬ثنننم السنننكوت وقنننت النتخابنننات‪ ،‬أو المجاملنننة والرضنننوخ لرادة‬
‫المتنفذين؛ فتلك علمة الموت‪ ،‬وتلننك خطننة الشننعب الننذي ابتله اللننه بننالثرثرة‬
‫وطول اللسان‪ ،‬والتقصير في العمال الصالحة في كل ميدان‪.‬‬
‫وما دامت قواعد النتخاب على شننكلها الحاضننر‪ ،‬وطننرق النيابننة علننى مننا اعتنناد‬
‫الناس رؤيته في كل دورة انتخابية‪ ،‬فسيمثل المة من ل تريده المة‪ ،‬وسننيحكم‬
‫فيها من لي يحسن الحكم‪ ،‬وستزداد الوضاع سوءًا‪ ،‬والبلد اضطرابًا‪ ،‬وسننتكون‬
‫الفرصة مواتية لبعض المغرضين أن يستغلوا نقمة المة من أشخاص فيحولوهننا‬
‫إلى أن تكون نقمة من حكم‪ ،‬وغضبا ً على عهد‪ ،‬وحنينا ً إلى أيام سوداء رأت فيها‬
‫البلد ألوانا ً من النكال والمآسي والنكبات‪.‬‬
‫الطريقة الوحينندة لسننتقامة المننور‪ :‬أن يننترك الشننعب ح نّرا فنني إختيننار نننوابه‬
‫مباشننرة‪ ،‬وسننيقول بعننض الننناس‪ :‬أليننس الشننعب الن ح نّرا فنني اختيننار نننوابه‬
‫مباشرة‪ ،‬ونحن نحيلهم إلى الخزائن التي تفتح‪ ،‬والننولئم الننتي تقننام‪ ،‬والوعننود‬
‫التي تعطى‪ ،‬والمؤامرات التي تحاك! ليروا إن كان هنالك شعب ينتخب أم أفراد‬
‫يتآمرون!‪.‬‬

‫مصطفى السباعي‬

‫‪183‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الخامس والثلثين ‪ -‬مسؤولية القادة‬

‫بلى إنها المة! هي هذه المة التي تهرع إلى المساجد والندية لتسمع إلى مننن‬
‫يبصرها بعيوبها‪ ،‬ويزيل الغشاوة عن عيونها!‪.‬‬
‫هي هذه المة التي تبكي حين يتلى عليهننا أمننر مننن اللننه تركتننه‪ ،‬أو تحننذير مننن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عصته‪ ،‬أو حوادث تاريننخ سننلفها الصننالح الننذي‬
‫نسيته!‪.‬‬
‫هي هذه المة التي ل يختلف عامتها عن خاصتها في فهم العلننل الننتي أنشننبت‬
‫مخالبها في مجتمعنا فشّلت حركته وعنناقت تقنندمه‪ ،‬بننل ل يختلننف عامتهننا عننن‬
‫خاصتها في معرفة الدواء ولكنها تنتظر الطباء!‪.‬‬
‫هذه هذه المة التي يثيرها نداء‪ ،‬ويبعننث حميتهننا تاريننخ‪ ،‬ويسننيل عبراتهننا منناض‬
‫زاهر‪ ،‬وحاضر ثائر‪ ،‬ومستقبل حائر!‪.‬‬
‫هي هذه الجماهير التي رأيتها تتدافع بالمناكب شننيبا ً وشننبابًا‪ ،‬فلحيننن وعمننال‪ً،‬‬
‫ل‪ ،‬إلى الماكن التي تدعى إليها‪ ،‬فإذا هي كالرض العطشننى تنتظننر‬ ‫علماء وجها ً‬
‫الماء‪ ،‬بل كالجسم المريض يرجو الدواء‪ ،‬بننل كننالجنود المشننتتين يتطلعننون إلننى‬
‫القائد‪.‬‬
‫إنها أمة لو وحدت قائدها لزغردت أمجادها!‪.‬‬
‫ل تستطيع وأنت تشهد بواكير الوعي الجتمنناعي تتجلننى فنني تلننك الجتماعننات‬
‫والحفلت إل أن تتساءل‪ :‬لمنناذا ل تسننتقيم أمورنننا الداخليننة حننتى اليننوم؟ أهننو‬
‫إعراض من المنة أم تقصنير منن القنادة؟ أمنا هنذه المنة فنالله يعلنم وقادتهنا‬
‫ل‪ ،‬ول ونت عن مساعدة‪ ،‬ول تلكأت عننن تضننحية‪،‬‬ ‫يشهدون أنها ما قصرت في بذ ٍ‬
‫مت آذانهنا عنن ننداء‪ ،‬أفرأينت لنو أن قادتهنا الننذين قادوهنا فني ميننادين‬ ‫ول أص ّ‬
‫النضال السلبي أرادوا أن يقودوها إلى معركة الصلح اليجننابي‪ ،‬أكننانت تعننرض‬
‫ن المعقول أن تجيبهم في الحرب ول تجيبهننم فنني السننلم‪،‬‬ ‫م َ‬
‫و ِ‬
‫عنهم وتتخلف؟ أ َ‬
‫وأن تمشي وراءهم في الموت‪ ،‬ول تسننير معهننم للحينناة‪ ،‬وأن ترضننى بننالخراب‬
‫والنندمار والمنننافي والسننجون ثننم ل ترضننى بالبننناء والطمئنننان‪ ،‬والصننلح‬
‫والعمران‪.‬‬
‫ل! ليست العلة من هذه المننة ومننن اتهمهننا بننذلك فقنند جحنند فضننلها‪ ،‬أو جهننل‬
‫حقيقتها‪ ،‬ولكنما العلة من هؤلء القادة؛ لم يكادوا ينتهون من النصر حتى ركنوا‬
‫إلى اللذة والنوم‪ ،‬فمن طالبهم بالعمل أنكروا قصننده‪ ،‬ومننن ناقشننهم الحسنناب‬
‫أحالوه إلى الماضي‪ ،‬ومن رغب منهم الجد والستقامة رمننوه بننالبله والجمننود!‪.‬‬
‫ب أنهم وقد نسوا هذه المة في وقنت الظفنر فلنم ينذكروا إل لهنوهم‬ ‫ومن عج ٍ‬
‫ومنفعتهم ونيابتهم وضمان مصالحهم‪ ،‬ما يزالننون حننتى الن يمنننون بننأنهم لهننا‬
‫يعملون‪ ،‬وفي سبيلها يسهرون‪ ،‬ولسعادتها يحكمون!‪ ..‬والمة تستمع إليهننا فنني‬
‫هذه الدعاوى فيننذهلها البهتننان‪ ،‬وتؤلمهننا المراوغننة ويحننز فنني نفوسننها تنكننب‬
‫السننبيل! أمننن أجننل المننة هننذه المننؤامرات ل المننؤتمرات؟! ومننن أجلهننا تلننك‬
‫الحفلت والرحلت؟ أو من أجلهننا تلننك النديننة والمقننامر والليننالي السنناهرات؟‬
‫ومن أجلها تلك القوانين التي تداس والدسننتور الننذي ينتهننك‪ ،‬والرشننوات الننتي‬

‫‪184‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫يغضى عنها‪ ،‬والمحسوبيات التي تقرب الغنياء وتبعد الكفاء‪ ،‬وتعطنني الشننرار‬
‫وتحرم الخيار‪ ،‬وترفع الخونة وتنسى المخلصين؟!‪.‬‬
‫مسننكينة هننذه المننة! عليهننا الغننرم فنني أموالهننا وديارهننا وراحتهننا وثقافتهننا‬
‫وعقيدتها‪ ،‬ولبعض الناس الغنم من أموال الدولة وجاههننا ونفوذهننا وكبريائهننا‪..‬‬
‫ولهننم السننلطة المطلقننة فنني أن يفسنندوا مننا شنناءوا مننن عقينندتها وثقافتهننا‬
‫وأخلقها وتقاليدها!‪.‬‬
‫ً‬
‫كل أيها القادة! إن أمتكم تريد منكم شيئا غير هنذا؛ تريند أن تحفظنوا عقائدهنا‪،‬‬
‫وتحترموا آدابها‪ ،‬وتصونوا أموالها‪ ،‬وتحقنننوا دماءهننا‪ ،‬وتننوفروا طمأنينتهننا‪ .‬إنهننا‬
‫تريد منكم أن تعنوا بالقرى كما تعنون بالمدن‪ ،‬وبشؤون المحافظات كما تعنننون‬
‫بشؤون العاصمة‪ ،‬وبأبناء الفقراء كمننا تعنننون بأبننناء الغنينناء‪ ،‬وبتثقيننف سننكان‬
‫الريف والصحراء كما تعنون بتثقيف أولد الكبراء والزعماء!‪.‬‬
‫إنها تريد أن تعيش في نعمة سابغة‪ ،‬وأمن وارف‪ ،‬وعلم مفينند‪ ،‬وعدالننة شنناملة‪،‬‬
‫وخلق يسمو بها للسماء ول يهوي بها إلى الحضيض؟ هذا ما تريده منكننم المننة‪،‬‬
‫وفنني سننبيله تنندفع لكننم الضننرائب وتحننترم القننوانين‪ ،‬وتنفننذ الوامننر‪ ،‬وتبننذل‬
‫الطاعة‪ ،‬وتدعو لكم بالبقاء‪ ،‬وكل انحراف بها عننن هننذه المنناني خيانننة للمانننة‪،‬‬
‫وتفريط بالحق‪ ،‬وتهديم للدولة!‪.‬‬
‫أيهننا القننادة! إن هننذه المننة فتحننت أعينهننا فجنبوهننا الظلم‪ ،‬وجمعننت شننملها‪،‬‬
‫فهيئوا لها العلم‪ ،‬وعرفت أمراضها‪ ،‬فاختنناروا لهننا الطبنناء‪ ،‬وسننلكت الطريننق‬
‫فكونوا لها خير الهداة‪.‬‬
‫يا هداة الركب! كيننف تصننلون وقنند انحرفتننم عننن الجننادة؟ ومننتى تصننلون وقنند‬
‫أعمتكم المادة؟ وفيم تقودون إذا ضللتم الهدف وفقدتم الغاية‪.‬‬
‫مصطفى السباعي‬

‫‪185‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم السادس والثلثين ‪ -‬يا شيوخنا في السياسة لقد آذانا ضعفكم فاتركونا نسير!‬

‫ما أعتقد أن جيلين اصطدما في عصر واحنند كمننا يصننطدم الشننباب العربنني مننع‬
‫شيوخ السياسة العربية في عصرنا الحاضر؛ فشيوخ السياسة عننندنا نشننأوا فنني‬
‫عصر الضغط والرهاق‪ ،‬وفي عهد التملق والحذر والمداراة‪ ،‬فلما خاضوا معركننة‬
‫ل بقوتها وتتيه بكبريائها‪ ،‬ولم‬ ‫السياسة ألفوا أنفسهم أمام دولة طامعة قوية ُتد ّ‬
‫يحاولوا أن يكونوا خياليين في مطالبهم من هذه الدولة؛ فقصروا حركتهم على‬
‫ما يمكن تحقيقه من مطالب المة‪ ،‬ولم يشاؤوا أن يصننطدموا منع المسننتعمرين‬
‫إل مكرهينن! فنإذا أصنابهم نفني أو سنجن أو عننت أو عنذاب‪ ،‬كنان ذلنك نتيجنة‬
‫تعسف المستعمر أكثر من أن يكون نتيجة عملوا لها بأنفسهم وعرفننوا خاتمتهننا‬
‫وهم في أول خطواتها‪.‬‬
‫ومن حسن حظ هؤلء الزعماء أن كان في المة بقية من إيمان!‪ .‬حفزها للعمل‬
‫والتضننحية‪ ،‬ونفننخ فيهننا روح النفننة والكرامننة‪ ،‬ثننم ألقاهننا فنني أتننون الثننورات‬
‫والمعارك والصطدامات؛ فقوافننل الضننحايا والشننهداء والجرحننى والمشننوهين‪،‬‬
‫وآثار الخراب والثكل واليتم والفقر‪ ،‬إنما كان نتيجة لزمة لثورة المننة النفسننية‬
‫التي أجج اليمان أوارها‪ ،‬ولم يكن نتيجة روح أثارها زعماؤنا الشيوخ‪ ،‬ول خطنط‬
‫أحكموا وضعها!‪.‬‬
‫ولما حاول المستعمرون أن يفاوضوا المة الثائرة لننم يجنندوا أمننامهم إل هننؤلء‬
‫الشيوخ وهم على وطنيتهم وإخلص كثير منهم ورغبتهم في إنقنناذ أمتهننم‪ ،‬لننم‬
‫يكونوا على قدر كبير من متانة العصاب‪ ،‬لنهم في الواقع كانوا يجهلون حيوية‬
‫المة‪ ،‬وطبيعة الستعمار‪ ،‬ومن ثم كانوا يعتقدون بضعف أمتهم‪ ،‬وقوة أعدائهم‪،‬‬
‫فكان أقل ما يلوح لهم به المستعمر كافيا ً لن يعدوه كسبا ً عظيما ً ونصرا ً مبين نًا‪.‬‬
‫كذلك فعلوا عام ‪ 1936‬في سوريا وفي مصر؛ إذ كانوا ينعتنون منا حصنلوا علينه‬
‫من معاهدات يومئذ بينهم وبين المستعمرين بأنها وثننائق الشننرف والسننتقلل!‬
‫هذا بينما لم يتورعوا عن إضافة ذيول سريعة للمعاهدة ُتفقد كل ما بقنني للمننة‬
‫فيها من مظاهر الستقلل‪.‬‬
‫ذلك الجيل الضعيف في أعصابه‪ ،‬الشاك في حيوية أمته‪ ،‬الفزع من قوة أعنندائه‪،‬‬
‫البسيط الطيب الذي يخدع بالمواثيق بل بالبتسامات والتحيات! هو الننذي يقننف‬
‫اليوم حائل ً دون اندلع النار! نار الشباب الننذي يسننتهين بالصننعاب‪ ،‬نننار اليمننان‬
‫الذي يهزأ بقوى الرض‪ ،‬نار الكرامة التي ل تعرف أنصنناف الحلننول ول متوسننط‬
‫المور! هذه النار هي الننتي تضننطرم فنني نفننوس الجيننل الجدينند‪ ،‬ولكننن شننيوخ‬
‫السياسة يحاولون إطفاءها؛ لن الحكمننة تقضنني بننالوقوف فنني وجننه السياسننة‬
‫الهوجاء! ويريدون بالهوجنناء كننل تطننرف فنني الوطنيننة‪ ،‬وتصننلب فنني الحقننوق‪،‬‬
‫واعتزاز بالكرامة‪ ،‬ويرون من مظنناهر هننذه السياسننة الهوجنناء‪ ،‬كننل ثننورة وكننل‬
‫تظاهر‪ ،‬وكل عنف مع المستعمر؛ لنهم أعطوه الموثننق الكينند أن يسننيروا معننه‬
‫إلى نهاية الشوط‪ ،‬فكيف يننتركون هننؤلء الشننباب يغضننبونه ويننثيرون حفيظتننه‪،‬‬
‫فتضيع الكراسي‪ ،‬ويذهب الجاه‪ ،‬وتفوت المغانم‪ ،‬وذلك كله عندهم معننناه ضننياع‬
‫الستقلل!‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫إننا نمسك اليوم بالعصا نقرع بها ظهور الخوالف‪ ،‬ونهدد بهننا سننلطان البنناغين‪،‬‬
‫ولكن شيوخنا الكبار يريدون أن يحملوا الزهور والرياحين ليشهد لهم المستعمر‬
‫أنهم أهل للحكم ومحل للثقة‪ ،‬ومهما حاولوا أن يقنعونا بسننداد آرائهننم‪ ،‬وصنندق‬
‫حكمتهم؛ فنحن مع اقتناعنا بذلك نريد أن نسير!‪.‬‬
‫وار ول جبان‪.‬‬‫نريد أن نسير! فل يبقى في المة ضعيف ول خ ّ‬
‫نريد أن نسير! فل يبقى في البلد غش ول كذب ول استهتار‪.‬‬
‫نريد أن نسير! فل يبقى في الدولة اختلس ول رشوة ول استئثار‪.‬‬
‫نريد أن نسير! فل يبقى في الوطن أجنبي يمسك بخناقنا باسم "التحالف" بعنند‬
‫أن يئس من ذلك باسم "الستعمار"‪.‬‬
‫نريد أن نسير ورؤوسنا مرفوعننة‪ ،‬وكرامتنننا مصننونة‪ ،‬وتراثنننا محفننوظ‪ ،‬وقلوبنننا‬
‫مؤمنة‪ ،‬وأيدينا طاهرة‪ ،‬ورسالتنا تشق طريقهننا إلننى القلننوب لننقننذ النندنيا مننرة‬
‫أخرى!‪.‬‬
‫أيها الساسة الشيوخ‪ ،‬إننا نريد أن نسير فافسحوا لنا الطريق‪.‬‬

‫أبو حسني‬

‫‪187‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم السابع والثلثين ‪ -‬هذه المة الواعية! لن تقبل بعد اليوم أنصاف اللهة‬

‫نحن في كفاح مع المستعمر ل ينتهي حتى تنتهي كل آثاره في بلدنننا العربيننة‪،‬‬


‫ومن واجبات هذا الكفاح‪ :‬أن تحشد له جميع القننوى والمننواهب‪ ،‬وأن تخنناض لننه‬
‫جميع الميادين والمناسبات‪ ،‬وأن ل تطغننى فيننه فرصننة علننى فرصننة ول موهبننة‬
‫على موهبة‪ ،‬ول طائفننة علننى طائفننة‪ ،‬مننا دام خصننومنا يسننتغلون كننل مننا فنني‬
‫الطبيعة البشرية من قوة التأثير والغراء والخداع والمكر؛ فإن من حقنا بل من‬
‫واجبنا أن نستعمل كل مننا عننندنا مننن قننوى الكفنناح والنضننال واسننترجاع الحننق‬
‫السليب من الحيوان المفترس‪ ،‬وإذا كانت ميننادين كفاحنننا فيمننا مضننى ميننادين‬
‫سلبية ل تعرف إل الحتجنناج والثننارة والضننراب والمظنناهرات‪ ،‬وإذا فتحننت لنننا‬
‫اليوم في حياتنا الجديدة آفاق العمل الديبلوماسي‪ ،‬وميادين المؤتمرات الدوليننة‬
‫والعلئق السياسية‪ ،‬فإن من الضرر البالغ بحقنا أن نقف عند هذا الحد فحسننب‪،‬‬
‫وأن نغفل الناحية الشعبية التي ما برحت قوام الحركات السياسية والجتماعيننة‬
‫في مختلف أنحاء العالم‪.‬‬
‫ً‬
‫إن أقطنناب العننالم والمتحكميننن فنني مصننائره اليننوم يحسننبون حسننابا لثننورة‬
‫الجماهير ونقمتهم؛ فإذا وقفننت وفودنننا تناضننل عننن حقهننا بننالطرق القانونيننة‬
‫والدولية‪ ،‬ثم كتب لها أن تخفق في الوصول إلى بغيتها‪ ،‬فننإن الننواجب الننوطني‬
‫أن تثبت شعوبنا تأييدها لها‪ ،‬واهتياجها لخفاقها‪ ،‬وتصميمها على الوصننول إلننى‬
‫ل‪ ،‬إن سننلما ً وإن حربنًا‪ ،‬حننتى يكتننب لهننا اللننه الفننوز‬‫حقوقها‪ ،‬إن عنناجل ً وإن آج ً‬
‫ولعدائها الخذلن‪ ،‬ويوم تقف الشعوب هننذا الموقننف المهتنناج‪ ،‬يننومئذ يطننأطئ‬
‫الظالمون رؤوسهم ويخففون من غلوائهم‪ ،‬ويحسبون حسننابا ً لمنافسننيهم فنني‬
‫الستعمار‪ ،‬ولمصالحهم في البلد‪ ،‬ولبترولهم في بطننون الرض الننتي فتحناهننا‬
‫لهم وقلنا لهم خذوها هنيئا ً مريئا ً لقاء ثمن بخس دراهم معدودات!‪.‬‬
‫هذه حقيقة نؤمن بها نحن الشباب الصغار في أعمارنا‪ ،‬المندفعين فنني ثورتنننا‪،‬‬
‫المؤمنين بحق أمتنا‪ ،‬السائرين إلى المجد بأعصاب لم تهننن‪ ،‬وبعننزائم لننم تفننتر‪،‬‬
‫ن حتى الن‪.‬‬ ‫وبظهور لم تنح ِ‬
‫وقد كان من حق الكبار في أعمننارهم‪ ،‬المحنكيننن فنني تجنناربهم‪ ،‬الننذين يمنننون‬
‫دائما ً على المة بأنهم قادوها إلى مواطن الظفر‪ ،‬أن يفهموا هذه الحقيقة قبل‬
‫أن نعمننل لهننا نحننن الصننغار‪ ،‬وأن يسننلكوها قبننل أن نسننلكها نحننن الناشننئين!‪..‬‬
‫ويومئذ ل تجيز لهم الوطنية أن يخمدوا حركات الشباب‪ .‬ول أن يهتاجوا لصننراحة‬
‫المة‪ ،‬ول أن يرسلوا بطاقات التهديد‪ ،‬ول أن يقولننوا نحننن حكننام المننة ل يحننق‬
‫للشننعب أن يتكلننم إل إذا تكلمنننا‪ ،‬ول أن يرفننع صننوته إل إذا شننئنا‪ ،‬ول أن يعلننن‬
‫عزمه على الستبسال بحقه إل أن نأذن له بذلك‪.‬‬
‫إن الوطنية ل تجيز هذه المواقف‪ ،‬ول تفهم هذه اللغننة‪ ،‬ول ترضننى لمنندعيها أن‬
‫يحملوا هذا الوزر‪ ،‬فإذا ركب بعض الناس هذا المركب الخشن كان من حق المة‬
‫م تغضننبون مننن‬ ‫م تهددون العاملين؟ وفينن َ‬ ‫م تكبتون الشعور؟ وفي َ‬ ‫أن تسألهم‪ :‬في َ‬
‫الذين يبيضون وجوه وفودكم أمام الغاصننبين والظننالمين؟ لقنند كننان السننتعمار‬
‫ب عليننه اللعنننات‪ ،‬وتثننار مننن حننوله النندنيا‪،‬‬ ‫يسلك مثل هذه السننبل فكننانت تنص ن ّ‬

‫‪188‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ويكون أول الناقمين عليه هم الذين يرضون اليوم أن يقفوا مثل هذا الموقننف!‬
‫فهننل نسنني هننؤلء تنناريخهم؟ وهننل نسننوا خطبهننم ومقننالتهم؟ وهننل نسننوا‬
‫اجتماعننناتهم ومظننناهراتهم؟ وهنننل يكنننون كبنننت شنننعور المنننة حرامنننا ً علنننى‬
‫المستعمرين‪ ،‬وحلل ً لفريق من أبناء المة حاكمين أو متنفذين!‪.‬‬
‫إن المننة لننم تعنند تطيننق أن تننرى بينهننا أنصنناف اللهننة الننذين يتمثلننون بقننول‬
‫فرعون ?أنا ربكم العلى?‪ ،‬إنها ل تطيق أن ترى إل خداما ً لمصالحها أمناء علننى‬
‫حقوقها‪ ،‬يفهمون الحكم كما فهمه عظماؤنا في عصور الخير "إن من ولي أمننر‬
‫هذه المة لزمه ما يلزم الخادم لسيده من النصح وأداء المانة!‪."..‬‬
‫ض فيه وجوه وتسودّ وجوه‪.‬‬ ‫أما بعد‪ :‬فهذا أول سطر من تاريخ سيكتب‪ ،‬تبي ّ‬
‫مصطفى السباعي‬

‫‪189‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم الثامن والثلثين ‪ -‬بأي سلح نحارب‬

‫الدنيا من حولنا تعج بالمؤامرات والمؤتمرات‪ ،‬وحصننومنا يتننألبون علننى أوطاننننا‬


‫ويودون القضاء علينا ولو بأيام معدودات‪ ،‬ونحن قد تنفسنا الصننعداء فل أجنننبي‬
‫يذرع البلد بجيوشه وآلته‪ ،‬ول مستشار يفننرض إرادتننه فيمنعنننا مننن أن نتحننرر‪،‬‬
‫ويحننول بيننننا وبيننن أن نعمننل لسننعادتنا كمننا نرينند؛ فنحننن فنني الننداخل أحننرار؛‬
‫نستطيع أن نعمل كل شيء‪ ،‬ونحن في الخارج محناطون بشننبكة منن الدسنائس‬
‫يريد كل جماعة أن يلحقونا بركبهم ويجعلونا مطيتهم النذلول‪ ،‬فمنا هنو السنلح‬
‫الذي تسلحنا به حكوماتنا للدفاع عننن أنسننفنا؟ ومننا هنني الخطننط الننتي وضننعت‬
‫لتقوية بنائنا الداخلي وقد استلمناه من عدونا ركاما ً فوق ركام؟‪.‬‬
‫إن أردت أن تقرأ الخطب والبيانات والتصريحات التي يصدرها المسننؤولون فنني‬
‫هذه البلد‪ ،‬قلت‪ :‬إننا نسير على نظام خير من نظام المم الراقية‪ ،‬ونعيش فنني‬
‫سعادة تحسدنا عليها أوربنا وأمريكنا وبلد العنالم المتمندن‪ ..‬وإن أردت أن تقنرأ‬
‫واقعنا في السواق والبيوت والمحلت العامة ودوائر الدولة‪ ،‬ارتد إليننك طرفننك‬
‫خاسئا ً وهو حسير!‪ ..‬وهذا التباين البشع بين القننوال والعمننال‪ ،‬وبيننن الوعننود‬
‫والواقننع أهننم مننا تتميننز بننه سياسننتنا الداخليننة‪ ،‬وأبننرز مننا يتصننف بننه زعماؤنننا‬
‫السلبيون!‪ .‬ألم يقل رئيس الوزراء في حديثه الصحفي الخيننر‪ :‬إن موجننة الغلء‬
‫قد خفت‪ ،‬وإن الناس يعيشون بسلم؟‪ ..‬بينما الجمنناهير البائسننة تفتننش بعيننون‬
‫حادة وتستعين ب"الجماهير" لترى شيئا ً عن هذا فل تجده ول تعثر عليه!‪.‬‬
‫الواقع أننا نخوض أشد المعنارك هنول ً وخطنرا ً فني تاريخننا ونحنن بغينر سنلح!‬
‫والمسؤول عن هذا هم هؤلء الذين يكونون خارج الحكم‪ ،‬فإذا هننم أشنند الننناس‬
‫رغبة في العمننل‪ ،‬فننإذا حكمننوا عملننوا‪ ..‬ولكننن لنفسننهم ولجنناههم ولنفننوذهم‪،‬‬
‫وأخيرا ً لنجاحهم في النتخابات!‪ ..‬أما تسليح المة بكل سلح يعيدها للظفر فنني‬
‫معركة الموت أو الحياة‪ ،‬فهذا أبعد من أن يعملوا له بل أبعد من أن يفكروا فيه‪،‬‬
‫وتعالوا أيها السادة نحاسبكم بلسان هذه المننة الننتي وضننعتكم فننوق رؤوسننها‪،‬‬
‫ورفعتكم إلى ميادين الزعامة‪ ،‬وانتطرت منكم أن تكونوا لها فكنتم – واأسفاه –‬
‫عليها وإن أبت بياناتكم وألسنتكم أن تعترف بذلك!‪.‬‬
‫إن أول سلح تحتاج إليه أمة كأمتنا هو سننلح العقينندة‪ ،‬أي سننلح اليمننان الننذي‬
‫مكن لعشرات اللوف من أبناء الجزيرة العربية أن يتغلبوا على أكبر دول العالم‪،‬‬
‫وأن يحكموا شعوبا ً تعد بعشرات المليين!‪ ..‬هذا اليمان بل هننذه العقينندة‪ ،‬منناذا‬
‫عملتم لها وأنتم ترون بننأعينكم كيننف تتحلننل فنني نفننوس المننة‪ ،‬وكيننف حنناول‬
‫المستعمرون خلل ربع قننرن أن يقتلوهننا‪ ،‬ليقتلننوا روح العننزة والمقاومننة فنني‬
‫نفوسنا؟ لقد كنتم في الواقع حربا ً عليها بتخليكم عن نصننرتها ونصننرة الننداعين‬
‫إليها‪ ،‬وبتشجيعكم من يحاربها من الدخلء علننى هننذه المننة أو المنسننلخين عننن‬
‫فضائلها‪ ،‬وكنتم حين يطالبكم المصلحون بأن تعملوا لتقوية هذه العقيدة؛ أجبتم‬
‫بأنكم تخشون أن تتهموا بالرجعية!‪ ..‬فإذا تقدم للعمل لها فريق من شباب المة‬
‫وقفتم في طريقهم كي ل يغلبننوكم علننى هننذه الجمنناهير فتضننيع مننن أيننديكم‪.‬‬
‫ويفلت زمامها من نفوذكم‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫وتحتاج المة إلى سلح الخلق القوية التي تعرف كيف تصننمد للنكبننات‪ ،‬وكيننف‬
‫تتغلب على الشهوات! فماذا عملتم في هذا السننبيل؟ إنكننم ل تطمعننون منننا أن‬
‫نعتقد بسعيكم لتقويم الخلق! ولكن تعالوا نحاسبكم على سعيكم لنحنندارها!‪..‬‬
‫أين رقابتكم على أندية القمار التي تنتشر يوما ً بعنند ينوم؟ وأينن رقنابتكم علنى‬
‫محلت اللهو التي كننانت تخشننى فنني بعننض اليننام أن تسترسننل فنني الخلعننة‪،‬‬
‫فأبحتم لها اليوم كنل شنيء؟ وأينن رقنابتكم علنى أفلم السننينما النتي يعننرض‬
‫أكثرها على أبصار شبابنا وبناتنا وأطفالنا كل ما يهيج الغريزة ويقتل الفضننيلة‪،‬‬
‫وتركتم أصحابها يثرون على حساب الخلق القويم والشننهامة الننتي عرفننت بهننا‬
‫أمتنا بين أمم العلم؟ أين عملكم للحد مننن انتشننار الخمننور الننتي ينننص القننانون‬
‫على أن يكون لها في دمشق سبعون حاننة فنإذا هني اليننوم منائة وخمسنون؟!‪.‬‬
‫ستدافعون عن أنفسنكم بأجوبنة ل تقتنعنون أنتنم بهنا‪ ..‬ولكنننا ننذكركم بحفلنة‬
‫ساهرة أقامها رجل مسؤول في ناد رسمي دارت فيهننا الكننؤوس‪ ،‬ولعبننت فيهننا‬
‫الخمننرة بننرؤوس الرجننال والنسنناء‪ ،‬ومننالت الخصننور علننى الخصننور‪ ،‬وخننرج‬
‫المدعوون في الساعة الثالثة بعد منتصنف اللينل يرتمنني بعضنهم علنى أحضنان‬
‫بعننض‪ ،‬ومننن أوصنناف بعضننهم فنني دواويننن الدولننة أنهننم حمنناة الننديار‪ ،‬وذادة‬
‫الوطن؟‪.‬‬
‫والمة في حاجة إلى سواعد قوية‪ ،‬وبطون ممتلئة‪ ،‬وأجسننام مكسننوة‪ ،‬وسننعادة‬
‫ترفرف فوق كل بيت‪ ..‬فأين هي السواعد الننتي هيأتموهننا للنضننال؟ وأيننن هنني‬
‫البطون التي درأتم عنها الجوع؟ وأين هي الجسام التي أنقذتموها من العنري؟‬
‫وأين هي السعادة التي أدخلتموها إلى كننل بيننت؟ سننتذهلون مننن هننذا التهننام!‬
‫ولكنا نطالبكم بأن تزوروا هذه الحياء الفقيننرة‪ ،‬وهننذه الجمننوع العاملننة‪ ،‬وهننذه‬
‫الكتائب "السائلة"‪ ،‬وهذه اللف من العجزة الذين يهيمون في الطرقات‪ ،‬وهننذه‬
‫الهياكل البشرية الننتي يسننكن بعضننها فنني القبننور وهننم أحينناء!‪ ..‬ونسننألكم أن‬
‫تنظروا في سجلت دوائر الصحة والمستشفيات العامة‪ ،‬بل نسننألكم أن تسننألوا‬
‫بعض أنصاركم من عامة الشعب ليصدقوكم القول عما يعانيه الشعب منن بننؤس‬
‫وشقاء‪ ،‬وعما تتخبط به المة من فوضى اقتصادية ل يرتضيها خلق ول شرع ول‬
‫حكننم ديمقراطنني!‪ ..‬اسننألوا أنصنناركم عننن هننذا لعلهننم يصنندقونكم سنناعة فنني‬
‫حياتهم! فقد يئسنا من أن تزوروا العامل في بيته‪ ،‬والفلح في كوخه؛ والفقير‬
‫في قبره‪ ..‬وكيف يفرغ لهذا منن يسننهر اللينل‪ ،‬وينندأب النهنار؛ لتتننم "الطبخنة"‬
‫الشهية التي تتحلب لها أفواه الراغبين في النيابات والزعامات!‪..‬‬
‫ن لنننا فيهننم‬
‫أما بعد‪ ،‬فما نتجنى والله علننى زعمائنننا حيننن نبلغهننم آلم المننة وإ ّ‬
‫أصدقاء أعزاء نحترمهم ونقدر إخلصهم‪ .‬ولكنهم وقد ربطوا أنفسهم بننن"مركبننة‬
‫واحدة" وهم يريدون اليوم أن يشدوها من جديد بعد أن تخلخلت أجزاؤهننا‪ ،‬نرينند‬
‫لهم أن يفكروا قليل ً بأمر هذه المننة‪ ،‬ونحننن لهننم مننن الناصننحين حيننن نبلغهننم‬
‫شكواهم‪ ،‬وندلهم على عللهننا وبلواهننا‪ ..‬وليننس أحننب إلينننا واللننه مننن صننلحهم‬
‫لتستقيم المور‪ ،‬وتنجو "الغنم" من الهزال‪ ،‬و"الخط" من العوجاج‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬

‫القسم التاسع والثلثين ‪ -‬لماذا أخفقت الجامعة العربية؟‬

‫وكيف تصبح أداة نافعة للعرب؟‬

‫"نص الكلمة التي ألقاها الدكتور السباعي في احتفال الهيئة الوطنية‬


‫في لبنان بالذكرى الثامنة لجامعة الدول العربية في ‪ 5‬رجب ‪ 1372‬هن ‪21 -‬‬
‫مارس ‪ 1953‬م"‪.‬‬

‫أقامت الهيئة الوطنية في لبنان حفلة كبرى بمناسبة الننذكرى الثامنننة لتأسننيس‬
‫الجامعة العربية‪ ،‬وذلك مساء السبت الواقع في ‪ 5‬رجننب ‪ 1372‬هن ن الموافننق ‪12‬‬
‫من آذار )مارس( ‪ 1953‬م‪ ،‬وقد حضر الحفلننة رئيننس المجلننس النيننابي ورئيننس‬
‫مجلس الننوزراء والنننواب والعلمنناء وفريننق كننبير مننن وجننوه العاصننمة وشننبابها‬
‫وسيداتها‪.‬‬
‫وتكلم في الحفلة كل من الدكتور سنليم حيندر وزينر المعننارف‪ ،‬والسنتاذ فنؤاد‬
‫عمون المدير العام لوزارة الخارجية‪ ،‬والدكتور مصطفى السننباعي نننائب رئيننس‬
‫المجلس النيابي السننوري سننابقًا‪ ،‬والسننتاذ نننبيه فننارس رئيننس قسننم التاريننخ‬
‫بالجامعة الميركية في بيروت‪ ،‬والستاذ رمضان لوند‪.‬‬
‫وقد كان لكلمة الدكتور السباعي صدى عظيم في مختلف أوساط العاصننمة لمننا‬
‫اتسننمت بننه مننن الصننراحة والجننرأة فنني الحننديث عننن أخطنناء الجامعننة العربيننة‬
‫وأسباب فشلها‪ .‬وقد رأينا – نحن فريقا ً من تلميذ الستاذ السباعي – نشننر هننذا‬
‫الخطاب القيم ليكون في متناول أيدي الجمهور وحملة الرأي والقلم في أمتنا‪،‬‬
‫عسى أن تتعاون القلوب المخلصة على إشادة بناء نهضتنا الحديثننة علننى أسننس‬
‫ثابتة ل تضطرب ول تنحرف‪.‬‬
‫فريق من طلب الجامعات‬
‫في لبنان‬
‫بيروت ‪ 27‬من رجب ‪ 1372‬هن‬
‫‪ 12‬من نيسان ‪ 1953‬م‬

‫ينقسم حيدث الناس عن الجامعة العربية في مثل هذه المناسبات إلننى ننناحيتين‬
‫اثنتين‪ :‬الفكرة التي قامت عليها الجامعة‪ ،‬والخطة الننتي سننارت عليهننا الجامعننة‬
‫لتحقيق تلك الفكرة‪.‬‬

‫فكرة الجامعة‬
‫ً‬
‫أما الجامعة العربية كفكرة‪ ،‬فنحن من الذين يرونها أمننرا ل بنند منننه مهمننا طننال‬
‫الزمن أو قصر؛ إن وحدة العرب واجتمنناع شننملهم ووقننوفهم بيننن المننم كأمننة‬
‫واحدة في وطنها وفي رسالتها هو مما ل مجال للنزاع فيه؛ لنه منطق الحينناة‪،‬‬
‫ومنطننق التاريننخ‪ ،‬ومنطننق الحننوادث‪ ،‬ولننندع لولئك الننذين يشننككون فنني هننذه‬
‫الحقيقة عن طريق العلم‪ ،‬أو عن طريننق السياسننة‪ ،‬أو عننن طريننق العاطفننة‪ ،‬أو‬
‫عننن طريننق التاريننخ المصننطنع‪ ،‬أو عننن طريننق الخننوف الموهننوم‪ ،‬لننندع لهننؤلء‬

‫‪192‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫أساليبهم في نقاش الفكرة العربية أو محاربتها أو إضعافها؛ فإن الزمننن وحننده‬
‫هو الذي سيجعل من نقاشهم وتشكيكهم عبثا ً كان يحنناول أن يسنند علننى الحننق‬
‫طريقه‪ ،‬ومتى بدأت المم تشق طريقها إلى الحياة‪ ،‬فإرادتها وحنندها هنني الننتي‬
‫تحكم على علم العلماء وفلسفة الفلسفة وعبث العابثين‪.‬‬

‫خطة الجامعة‬
‫ً‬
‫وأما الجامعة العربية كوسيلة وخطة‪ ،‬فالناس إزاءها أيضا فريقان‪ :‬فريق يحسن‬
‫الظن ويغدق الثناء وينسب إليها المعجزات‪ ،‬وفريق يسيء بها الظن ويلحق بهننا‬
‫وزر ما أصاب العرب من محن‪ .‬وإني لصارحكم إني من الفريننق الثنناني‪ .‬وبهننذه‬
‫الروح سأنقذ الجامعة العربيننة وأتكلننم عمننا منيننت بننه مننن هننزائم منكننرة وعمننا‬
‫أخفقت فيه من حاولت إخفاقا ً ذريعًا‪.‬‬
‫إن المم قد تصاب بنكسات‪ ،‬والنندعوات قنند تمنننى بهننزائم‪ ،‬وإن المصننلحين قنند‬
‫يتعثرون في أول خطوات الطريق‪ ،‬ولكن هزيمننة الجامعننة وإخفاقهننا ليننس مننن‬
‫ذلك في قليل ول كثير‪ ..‬إن هزيمتها هزيمة القادر على النتصار ولكنننه أبننى إل‬
‫أن ينهزم‪ ،‬وإخفاقها إخفاق القادر على النجاح بيد أنه أبى إل أن يفشل‪.‬‬
‫لقد كان لدى زعماء الجامعة العربية حين قيامها كل وسائل النجاح والنصر‪ :‬من‬
‫ظروف دولية‪ ،‬ومن وعي قومي عام‪ ،‬ومن قلوب تخفق لرؤيننة الوحنندة العربيننة‬
‫حقيقة قائمة‪ ،‬لقد كانت شعوب العرب ورقابهم وأموالهم وثرواتهننم وبننترولهم‬
‫وأحاسيسهم‪ ،‬كل ذلك كان أسلحة ماضية فنني المعننارك الننتي خاضننتها الجامعننة‬
‫العربيننة‪ ،‬ولكننن الرؤسنناء أبننوا إل أن يجعلوهننا أسننلحة مفلولننة تلحننق بنننا أشنننع‬
‫الهزائم‪.‬‬

‫لماذا فشلت الجامعة؟‬


‫ول مجال الن لتعديد أسباب هذا الفشل‪ ،‬ولكني أقتصر على أمرين رئيسيين‪:‬‬

‫لم تنشأ الجامعة بإرادة الرؤساء‬


‫ل‪ :‬إن الجامعة حين قيامها لم تنشأ بإرادة من الرؤساء دفعتهم لتحقيق آمننال‬ ‫أو ً‬
‫شعوبهم في الوحدة والجتماع‪ ،‬وإنما نشأت بإرادة أجنبية كان من مصننلحتها أن‬
‫تقوم هذه الجامعة في تلك الظروف‪ ،‬ولم يكن عند العننرب مننانع مننن أن تلتقنني‬
‫المصلحة الجنبية مع المصلحة العربيننة‪ ،‬ولكننن المؤسننف أن المصننلحة الجنبيننة‬
‫ظلت دائما ً وأبدا ً هي محور نشاط الجامعة مننن حيننث ينندري أكننثر أعضننائها أو ل‬
‫يدرون‪ .‬فبدا رجال الجامعة بوجه الممثلين لدوار أعدت من قبننل لتلعننب لعبتهننا‬
‫المكشننوفة فيمننا بعنند‪ ،‬ورضنني الممثلننون لنفسننهم أن يكونننوا هنندف تصننفير‬
‫الجماهير وسخريتها أيضًا!‪..‬‬
‫ثانيًا‪ :‬إن الجامعة كانت توجهها عقليات متخلفة عن الزمن تتسم بهذه الميزات‪:‬‬
‫المطامع الشخصية‬
‫‌أ‪ -‬العمننل فنني دائرة المطننامع الشخصننية‪ ،‬وليسننت قضننية فلسننطين إل مثل ً‬
‫للمطامع التي أدت إلى تلك الكارثة‪ ،‬لقد كان كل جيش حننذرا ً مننن الخننر‪ ،‬وكننان‬
‫كل ملك أو رئيس يخشى أن يستغل سواه هذه الحننرب لننو نجحننت‪ ،‬ول أنسننى –‬

‫‪193‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ومن واجبي أن أذكر هذه الحقيقة ليذكرها أحفادنا من بعد – إننا حيننن كنننا فنني‬
‫القدس وأحسسنا بخطننر سننقوطها فنني أينندي العننداء‪ ،‬وبنندأنا نرسننل صننرخات‬
‫الستغاثة‪ ،‬وكننان ممنا قناله لننا بعنض الرؤسناء الكبننار فني الجامعنة‪ :‬ل تهتمنوا‬
‫بسقوطها فسنستردها نحن وإخواننا!‪ ..‬ولمننا أوشننكت القنندس أن تسننقط فنني‬
‫أيدي العداء في إحدى المعارك الضارية‪ ،‬وأخذنا نسننتنجد برؤسناء الجامعننة فني‬
‫الليننل‪ ..‬كننان الجننواب مننن أحنند رؤسننائها الكبننار‪ :‬إذا كنتننم تشننعرون بننالخطر‬
‫فانسحبوا منها! قلنا‪ :‬ولكنها القدس! وفيها أربعننون ألننف لجننئ‪ ،‬ولننو انسننحبنا‬
‫منها لتمت أفظع مجزرة في التاريخ؟! فكننان الجننواب‪ ..‬ولكنكننم عننندنا أغلننى!‪..‬‬
‫وأقسم لكم أننا لو أصغينا يومئذ إلى تلك النصننائح الغاليننة! لننرأى العننالم اليننوم‬
‫أعمدة هيكل سليمان على أنقاض المسجد القصى وكنيسة القيامة!‪.‬‬
‫ازدراء قوى العرب‬
‫ب‪ -‬النظر إلى إمكانيات العرب وقننواهم نظننرة ضننعف وازدراء‪ ،‬وإلننى إمكانيننات‬ ‫‌‬
‫غيرهم نظرة قوة وإكبار‪ ،‬وعلى هذا الساس كانت توجيهات الدول الستعمارية‬
‫تلقى آذانا ً صاغية في دوائر الجامعة ويستجاب لها بدون إبطاء‪ ،‬وكان العذر فنني‬
‫أنفسهم دائمًا‪ :‬إننا ضعفاء ل نستطيع أن نقف في وجوه أولئك القوياء‪ ..‬وليس‬
‫أمر الستجابة إلى طلب الهدنة الولى إل مثل ً لزدراء قادة العرب بقوى أمتهننم‬
‫وشعوبهم‪ ،‬واعترافهم في قرارة أنفسهم بأنهم ل يستطيعون أن يبنندوا حراكننا ً‬
‫تجاه رغبات الدول الكبرى‪.‬‬
‫تضليل الجماهير العربية‬
‫غثنناء الشننعوب تؤخننذ بالعاطفننة‪ ،‬وتخنندع‬ ‫ت‪ -‬اعتبار الجماهير العربيننة كتلننة مننن ُ‬ ‫‌‬
‫بأكاذيب البيانات وبلغة الخطب والتصريحات‪ ..‬لقد كانوا – في معركة فلسطين‬
‫– يعطوننا النصر في بيان‪ ،‬ويلحقون بنا الهزيمة في ميدان!‪ ..‬وكننان كننل شننيء‬
‫يسير وفق ما تبّيت الدول الكبرى‪ ،‬ورؤساؤنا يحققننون لهننم أهنندافهم ثننم يننأبى‬
‫فريق منهم إل أن يصموا آذاننا بننالعزم علننى مواصننلة الكفنناح فنني الننبر والبحننر‬
‫والجو‪ ،‬كما كان يقول تشرشل تماما ً في أيام الحرب! ولكننن غيرنننا كننان يقننول‬
‫هذا والدموع تنحدر مننن عينيننه‪ ،‬أمننا بعضننهم فقنند كننان يقننول لنننا هننذا وأمننوال‬
‫فلسطين تمل يديه‪ ،‬والضحك من جماهيرنا يكاد يمزق رئتيه!‪.‬‬
‫عدم اعتبار مصالح العرب‬
‫مع أمة! فكانت مصالح كننل‬ ‫ث‪ -‬اعتبار الجامعة العربية رابطة بين دول ل أداة لتج ّ‬ ‫‌‬
‫دولة هي التي تسيطر على عقول رجال الجامعة‪ ،‬وليس أدل على ذلك من أنهم‬
‫قد أصدروا من البيانات التي تؤمن بالتعنناون والوحنندة مننا يمل أسننفارا ً ضننخمة‪،‬‬
‫ولكن الجامعنة لنم تخنط حنتى الن خطنوة واحندة إيجابينة فني سنبيل التعناون‬
‫الصحيح العملي المثمر‪ ،‬ذلك لن مننا ينفننع دولننة مننن هننذه الخطننوات‪ ،‬قنند يضننر‬
‫الخرى‪ ،‬ولو كانت مصلحة الشعوب العربية هي التي ينظر إليها رجننال الجامعننة‬
‫في كل مقرراتهم لما تضاربت المصالح‪ ،‬ولكنها مصلحة دول أو كيانننات مبعننثرة‬
‫يريدها بعض الرؤساء حدودا ً فاصلة إلى البد بين أبناء أمة واحدة!‪.‬‬
‫رجعية رؤساء الجامعة‬
‫ج‪ -‬جمود رؤساء الجامعة في وجه التطور الذي شمل العالم العربي في أفكنناره‬ ‫‌‬
‫ووسائل معيشته‪ ،‬فلقنند أبننى أكننثر هننؤلء الرؤسنناء حننتى اليننوم أن يفهمننوا أن‬

‫‪194‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫معركة الحياة التي يخوضها العرب اليوم ليست معركة سلح أو سياسة بقدر مننا‬
‫هي معركة فكر ونظام وعلم‪ ..‬لقد كانت قوانننا واليهننود فنني معننارك فلسننطين‬
‫غير متكافئة‪ ..‬كانت المعركة بيننا وبينهننم معركننة بيننن فوضننى وتنظيننم‪ ،‬وفقننر‬
‫وغنى‪ ،‬وجهل وعلم‪ ،‬وعاطفة وعقيدة‪ ..‬فهل تعجبون من ذلك إذا انتصر النظننام‬
‫على الفوضى‪ ،‬والعلننم علننى الجهننل‪ ،‬والعقينندة علننى العاطفننة الجاهلننة؟!‪ ..‬ول‬
‫يزال حتى الن كثير من رؤسنناء الجامعننة ل يرينندون أن يفهمننوا أن ابننن القننرن‬
‫العشرين ل يغلبه ابن القرن الخامس عشننر بسننلحه ونظننامه‪ ،‬وبجهلننه وبطننراز‬
‫شئت عليهننا‬ ‫معيشته! وأن جماهير وفدت إلى فلسطين من أنحاء الدنيا لعقيدة ن ُ ّ‬
‫حشدت من مختلف دنيننا العروبننة لغايننة ل‬ ‫منذ الصغر‪ ،‬ل يمكن أن تغلبها جماهير ُ‬
‫تعلمها‪ ،‬ولفكرة لم تغذّ بها ول ربيت عليها!‪.‬‬
‫الهزيمة هزيمة الرؤساء وحدهم‬
‫هذه أيها السادة هي أهم ما تمتنناز بننه العقليننة الننتي كننانت تننوجه سياسننة‬
‫الجامعة‪ ،‬فانهزمت وألصقت بنا عار هذه الهزيمة‪.‬‬
‫أما نحن‪ :‬فما زلنا نعلن منذ انتهت معركة فلسننطين‪ ،‬أننننا لننم نخسننر إل الجولننة‬
‫الولننى منهننا‪ ،‬وأن تلننك الجولننة لننم تخسننرها شننعوبنا ول أمتنننا‪ ،‬وإنمننا خسننرها‬
‫رؤساؤنا وملوكنا وقادتنا العسكريون فحسب!‪ ..‬فل مجال ليائس ول لشامت أن‬
‫يشمت من هزيمة الجامعة فيتخذ منها وسيلة لمحاربة الفكرة التي قامت عليها‪.‬‬
‫ل تزال الجامعة محط آمالنا‬
‫إن فكرة الجامعة هني فكننرة القنندر الننذي أبننى أل تكنون دنيننا العننرب دنيننا‬
‫واحدة في مصالحها وآلمها وآمالهننا‪ ،‬وإن تمننايزت فنني قطننر منهننا عننن قطننر‪،‬‬
‫وتباينت في ثقافتها أو مشاكلها ما بين بلد وبلد‪ ..‬ومن ثم فنحننن ل نننزال نننرى‬
‫الجامعة العربية رمزا ً لمالنا البعيدة‪ ،‬ومهوى لفئدتنا الكليمة‪ ،‬ولكن ذلننك ل يتننم‬
‫إل إذا سارت الجامعة بعد الن خطى وعقلية جديدة‪ ،‬تقوم على الحقائق التالية‪:‬‬
‫مصلحة الجماهير قبل مصلحة العروش‬
‫ل‪ :‬إن مصلحة العروش والرئاسات هي من مصنلحة الشنعوب والجمناهير‪ ..‬فل‬ ‫أو ً‬
‫سلطان لعرش فقد سلطانه في قلوب شعبه‪ ،‬ول كرامة لرئيس فقد شعبه كننل‬
‫مظاهر الكرامة في حياته!‬
‫إن كرامة أمتنا فني أن تتحننرر منن الجهنل والفقننر والضننعف والظلنم والخنوف‬
‫والرذيلة‪ ..‬فليحرر ملوكنا ورؤساؤنا شعوبهم من هذه القيود‪ ،‬تكن لهم كرامتهم‬
‫وسلطانهم في الفئدة والقلننوب‪ ،‬ومننا دام فنني دنيننا العننرب شننعب يخنناف مننن‬
‫الحاكم أن ينقده فيكبل بالغلل‪ ،‬وحاكم يخاف من معارضننيه فني الننرأي فيننرى‬
‫فيهم متآمرين على حكمه وحياته‪.‬‬
‫فلن تستطيع الدنيا العربية أن تحطم قيود العننداء مننن حولهننا‪ ..‬إن الشننعوب ل‬
‫تساق إلى ميادين المجد بالنار والضغط والكننراه‪ ،‬وإنمننا تسنناق إليهننا بالعقينندة‬
‫ولذة التضحية ورغبة الستشهاد‪.‬‬

‫لن تراه في العلى يهوى الزحاما‬ ‫كبرياء الشعب إن أذللتها‬


‫ت الزماما‬
‫في صدور القوم أفل ّ‬ ‫وهوادي الرأي أما احتبست‬

‫‪195‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫ة ول منننة ول‬ ‫إن على ملوك الجامعة ورؤسائها أن يعطوا شعوبهم الحرية‪ ،‬ل هبن ً‬
‫قا مقدسا ً لهذه الجماهير يعادل حق الحياة بل ل حينناة دونننه! فمنن‬ ‫صدقة! بل ح ّ‬
‫اغتصبه كان شّرا ممن يغتصب الموال‪ ،‬ومن حال دون تمتع المة به كان أشد –‬
‫في نظر الحق والتاريخ – جريمة ممن ينتزع من نفس واحنندة حياتهننا‪ ..‬إن حريننة‬
‫الشعوب هي مفتاح انطلقها في معارج المجند‪ ،‬فمننن شناء أن ينندخل مننن بناب‬
‫الخلود فليفتح لمته باب الحرية على مصننراعيه‪ ،‬ومننن أبننى إل أن يغلقننه دونهننا‬
‫فليفعل ثم لننن يكننون أعننز علننى اللننه مننن فرعننون وهامننان وقننارون منننال ً ول‬
‫سلطانًا!‪.‬‬
‫أمتنا ذات قيمة عظيمة‬
‫ثانيًا‪ :‬إن أمتنا شيء عظيم في عالم الفكننر‪ ،‬وفنني عننالم الحضننارة‪ ،‬وفنني عننالم‬
‫السياسة‪ ،‬وفي عالم القتصاد‪ ،‬وفنني عننالم الحننرب‪ ،‬وفنني عننالم السننلم‪ ،‬وهنني‬
‫تستطيع أن تتوج كل فريق من المعسكرين المتصارعين اليننوم بإكليننل الهزيمننة‬
‫أو النصر إن شاءت‪ ،‬فلماذا نعطي إكليل النصر هدرا ً من غير ثمن؟ لمنناذا نصننوغ‬
‫من دماء شبابنا ومننن ثنروات بلدنننا ومنن حرينة أمتننا تاجنا ً نضننعه فنوق رؤوس‬
‫القوياء‪ ،‬وهم ل يزالون يجحدون حقنا في الكرامة‪ ،‬بل حقنا في العيننش ببلدنننا‬
‫أحرارًا؟ لماذا نذهب مع من يريد منا أن نذهب معه إلى حرب مدمرة ل تبقي ول‬
‫تذر قبننل أن نقننول لننه‪ :‬اخننرج مننن وادي النيننل‪ ،‬ومننن أرض الشننمال الفريقنني‬
‫العربي‪ ،‬ومن المحميات العربية على الخليج العربي‪ ،‬ومن كنل أرض لننا ل ينزال‬
‫الغاصبون يحتلونها ويذلون كبرياءنا فيها؟!‪.‬‬
‫لماذا يزجون أمتنا في الحرب؟‬
‫إن أمتنا ل ترضى أن تجّر إلى حرب تداس فيها مقدراتها بأقنندام المتصننارعين‪..‬‬
‫وإذا كان ل بد لنا مننن أن نخننوض حرب نًا‪ ،‬فليقولننوا لنننا‪ :‬لمنناذا؟ ومننا هننو الثمننن؛‬
‫أللدفاع عن حريتنا؟ فليتركونا فنني بلدنننا أحننرارا ً نتصننرف بمقنندراتها وثرواتهننا‬
‫تصرف الحرار بشؤونهم! أم الثمن هو أن ندفع خطرا ً موهوما ً تفصلنا عنه آلف‬
‫الميال؟ ولكن ِلم يريدوننا أن ل ندفع الخطر الجاثم فوق صدورنا وعلى حدودنا‬
‫وفي قلب بلدنا؟‪ ..‬إن أمتنا أكننرم فنني نظننر التاريننخ وعننند اللننه مننن أن تعطنني‬
‫رقبتها للجزارين الذين طعنوها بسكين في ظهرها ما تزال دماؤها تقطننر منهننا‬
‫ول تزال جراحها تتنزى!‪.‬‬
‫وجوب العناية بالروح والخلق‬
‫ثالثا ً إن المم ل تبني أمجادها إل بقوتين متعاونتين‪ :‬قوة مننن سننلح وقننوة مننن‬
‫روح‪ ..‬وأنا ل أريد بالروح تلك النهزامية التكالية الواهنة التي تفننر مننن الحينناة‪،‬‬
‫ول أريد بها تلك القوة المكذوبة التي نسجها الغرور أوهامنا ً تمل أدمغنة الشننبان‬
‫البرياء! كل! إنما أعني بالروح‪ :‬تلك القوة المبدعة الخلقة التي تنشئ الحينناة‪..‬‬
‫تلك الفضائل الننتي بنننت بهننا أمتنننا الممالننك وشننادت الحضننارات‪ ،‬وخاضننت بهننا‬
‫معارك التحرير في القديم والحديث‪ ،‬إنهننا الننروح المسننتمدة مننن اليمننان بننالله‬
‫وبشرائعه‪ ،‬وهي الروح التي تفقدها أمم الحضارات اليننوم‪ ،‬فهنني أبنندا ً مننا تننزال‬
‫تنقلب من جحيم إلى جحيم‪ .‬ولن تعرف الستقرار والسعادة إل يوم تتعرف إلى‬
‫روحنا نحن‪ ،‬وتتقدم لتأخذها من يدي محمد والمسيح عليهما السلم!‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫إن أمتنا وهي على عتبة حياة مليئة بتكاليف الكفاح وأعبنناء النضننال‪ ،‬فنني حاجننة‬
‫إلى هذه الروح التي تحبب لهنا الفنداء‪ ،‬وترخنص المنوال‪ ،‬وترغنب فني الصنبر‪،‬‬
‫وتربى على الخلص‪ ،‬وتبث في النفوس أنبل عواطف الحننب والخنناء والوفنناء‪.‬‬
‫وإن المتناع عن الستفادة من هذه الروح خوفا ً من الطائفية البغيضنة لينس إل‬
‫جهل ً بطبيعة هذه الروح وبحقيقة أمراض هذه المة‪.‬‬
‫الديان حرب على الطائفية‬
‫إن الطائفية عداء وخصام واستعلء طائفة على طائفة‪ ،‬وظلننم طائفننة لخننرى‪،‬‬
‫فمن يستطيع أن يجرؤ على القول بأن هذه هي روح الدين في قرآنه وإنجيلننه؟‬
‫وأن هذه تعاليم الدين في إسلمه ومسيحيته؟‪.‬‬
‫حين اشتد أذى قريش بالمسلمين لم يجد رسول الله خيرا ً من نجاشنني الحبشننة‬
‫يلجأ إليه أصحابه فيجدون عنده المن وحرية العبادة‪ .‬فأمر صننحابته أن يهنناجروا‬
‫إلى الحبشة‪ ،‬وكان الملك النصراني عنند ظنن الرسنول السنلمي‪ ،‬فاسنتقبلهم‬
‫أحسن استقبال وأبى أن يسلمهم إلى قريش وقال لهم‪ :‬بل تنزلون عندي أعزة‬
‫مكرمين‪ .‬ولما جنناء نصننارى نجننران إلننى الرسننول فنني المدينننة اسننتقبلهم فنني‬
‫مسجده وفق ديانتهم‪ ،‬فكانوا يصلون صننلة النصنارى فني جنانب‪ ،‬ورسنول اللنه‬
‫يصلي صلة المسلمين في جانب!‪.‬‬
‫وهكذا تآخى العارفون بدينهم‪ ..‬يوم كان النصارى يفهمون روح مسيحهم‪ ،‬ويوم‬
‫كان السلم يعلن للدنيا مبدأ حريننة الدينان وتقنديس الشنرائع وتكرينم موسنى‬
‫وعيسى وإخوانهما من أنبياء الله ورسله‪ ،‬فمتى حدثت الطائفية في تاريخنا؟‬
‫الطائفية دخيلة على أمتنا‬
‫أل إنها لم تحدث في عصر محمد رسول الله‪ ،‬ول في عصننر خلفننائه الراشنندين‪،‬‬
‫ول في عصور المويين والعباسيين‪ ،‬وإنما حدثت يوم ابتعدنا جميعا ً على أدياننننا‬
‫وسننمحنا للمتنناجرين بهننا أن يعكننروا صننفو قلوبنننا‪ ،‬وللعننداء أن يفرقننوا وحنندة‬
‫صفوفنا‪ ..‬يومئذ فقننط منندت الطائفيننة رأسننها لتلصننق بأدياننننا وبأمتنننا مخننازي‬
‫ليست منها‪ .‬فالطائفية ليست عميقة الجذور في أدياننا ول فنني طبائعنننا وإنمننا‬
‫هي بذرة خبيثة دخيلة نحن الذين سمحنا لها أن تنمو وتترعرع في تربتنا فحقت‬
‫علينا لعنة الله‪ ..‬وإن القضاء عليهننا لنن يكننون بكلمنات النفناق منن السياسننيين‬
‫المحترفين‪ ،‬ول بمؤتمرات تعلن الوحنندة متسننترة بطائفيننة مقّنعننة‪ .‬وإنمننا يجننب‬
‫القضاء عليها بعلج من داخل أنفسننكم أنتننم أيهننا الننناس‪ ..‬مننن ضننمائركم‪ ،‬مننن‬
‫قلننوبكم‪ ،‬مننن أخلقكننم‪ ،‬مننن إيمننانكم‪ ،‬مننن قرآنكننم وإنجيلكننم‪ ،‬مننن محمنندكم‬
‫ومسيحكم‪ ..‬هنا هنا علج الطائفية المقيتة‪ ..‬وهنا هنا يتم الشفاء!‪.‬‬
‫إن أمتنا وهي ترث جهالة العصور‪ ،‬وخرافة الجهالة‪ ،‬وانحطاط الخرافة‪ ،‬ليس لها‬
‫ما يجدد عزيمتهننا ويفتننح بصننائرها إل أن تجلننى لهننا روحهننا الموروثننة الدفينننة‪،‬‬
‫وتسننتفيد مننن تراثهننا المشننرق البن ّنناء‪ ،‬وتسننتلهم نظامهننا الجدينند مننن قيمهننا‬
‫الخلقيننة والتشننريعية‪ ،‬وكننل إعننراض عننن السننتفادة مننن هننذه الننروح تعطيننل‬
‫لمواهب أمتنا من أن تعمل‪ ،‬ولسلحها من أن يصقل‪ ،‬ولفضائلها من أن تتجسنند‬
‫على الرض المعذبة جيل ً يمشي بأقدام النسان وأرواح الملئكة‪.‬‬
‫نداء إلى رؤساء الجامعة‬

‫‪197‬‬
‫مكتبة مشكاة‬ ‫هكذا علمتني الحياة‬
‫السلمية‬
‫أما بعد‪ :‬فإني وأنا أعلم أني في مكان ل يسمعني فيه رؤسنناء الجامعننة وملننوك‬
‫دا من أن أرسل هذه الصننرخة وأنننا واثننق مننن أنهننا لننن‬ ‫العرب وقادتهم‪ ،‬ل أجد ب ُ ّ‬
‫تضيع في ثنايا التاريخ‪.‬‬
‫متعوا شعوبكم بالحياة السعيدة‬
‫إن علنى ملوكننا ورؤسنائنا أن ل يحولنوا بينننا وبينن الحرينة والحيناة السنعيدة؛‬
‫لنشعر بكرامتنا في أنفسنا قبل أن نطلب كرامتنا في نفوس أعنندائنا‪ ،‬إن خيننرا ً‬
‫لهم وأكرم لقيادتهم وأعظم لمكانتهم أن يقودوا أمة من السود‪ ،‬من أن يجننروا‬
‫وراءهم قطعانا ً من الغنم!‪.‬‬
‫ل تبيعونا في سوق المصالح‬
‫وإن على ملوكنا ورؤسائنا أن يعلموا حين يفاوضون باسمنا حول مشنناريع يننراد‬
‫لنا أن نوافق عليها‪ ..‬أننا نحن أبناء الشعب؛ نحن الذين سندفع الثمن من دمائنننا‬
‫ومن أموالنا ومن أراضينا ومن ذرارينا ومن حرماتنا ومقدساتنا‪ ،‬ولن نكننون أمننة‬
‫تبيض وجوه قادتها يوم اللقاء‪ ،‬إل إذا دافعنا عننن بلدنننا وحرياتنننا ونحننن أقوينناء‬
‫أحننرار ل نبنناع فنني سننوق المصننالح الخسيسننة بيننع الرقيننق علننى أينندي أخننس‬
‫النخاسين ذمة وضميرًا!‪.‬‬
‫استفيدوا من قوانا الروحية‬
‫وإن على ملوكنا ورؤسائنا أن يتركوا قوانا الروحية تعمل عملهننا النشننائي فنني‬
‫كياننا الجديد‪ ،‬وخير لهم أن يرأسوا مجتمعا ً يزخر بالفضائل‪ ،‬من أن يكونوا علننى‬
‫رأس أمة انطفأت فيها شعلة الحياة الكريمة لنها فقنندت فنني قلوبهننا إشننراقة‬
‫الروح المؤمنة‪.‬‬
‫هذا هو حكم الحق‪ ،‬وصدق الحديث‪ ،‬وفصننل التاريننخ‪ ،‬وكننل انحننراف عنننه ضننلل‪،‬‬
‫وكل تجاهل له غباء‪ ،‬وكل محاربة له جريمة وفناء‪.‬‬
‫???‬

‫‪198‬‬

You might also like