Professional Documents
Culture Documents
محاضرة بعنوان:
خطة الدرس:
مقدمة
مقدمة:ـ
لقد عرفنا من خالل دراستنا سابقا للمرفق العام أن له إتجاهين أساسيين في تعريفه فهناك من يركز على
المعيار العضوي (الشكلي) و هو ما يسمى بالمرفق العمومي – مؤسسة .و هناك من يركز على المعيار
المادي (الموضوعي) و هو ما يميز المرفق العمومي – نشاط .من منظور اإلتجاه األول أي المعيار
العضوي ،المرفق العمومي هو كافة األجهزة اإلدارية أو المؤسسات اإلدارية بشكل عام فحيث توجد
مؤسسة إدارية يوجد مرفق عام .فالمرفق العمومي للتعليم مثال يتمثل في المدارس و الجامعات و
المعاهد...
أما من ناحية المعيار المادي فالمرفق العمومي هو كل نشاط يباشره شخص عمومي يقصد إشباع مصلحة
عامة.
و على هذا األساس تنقسم المرافق العمومية إلى نوعين رئيسيين:
المرافق العمومية اإلدارية ( )SPAو المرافق العمومية اإلقتصادية أو المرافق العمومية الصناعية و
التجارية ()SPIC
و غالبا ما تنشأ الدولة مؤسسات عمومية تقوم بتسيير هذه المرافق.
كما رأينا سابقا أن المرافق العمومية نظرا لتنوعها فإنها تختلف من حيث تسييرها و ذلك العتبارات
سياسية و اقتصادية و اجتماعية .ومن الطرق المستعملة في تسيير المرافق العمومية ( :االستغالل المباشر
،la régieطريقة اإلمتياز ،la concessionطريقة اإليجار ،l’affermageو طريقة المؤسسة
العمومية )...l’établissement public
فما هي المؤسسات العمومية و أركانها و ما هي أنواعها؟
* المؤسسة العمومية هي شخص إعتباري من النموذج التأسيسي الهدف من إحداثها هو تأمين التسيير
المستقل لمرفق للدولة أو لوالية أو لبلدية أو لشخص آخر من النموذج التجمعي.
لم يتعرض المشرع الفرنسي إلى تعريف المؤسسة العامة تاركا ذلك إلى الفقه و اإلجتهاد و من هنا تعددت
التعريفات
:Duguitيعرف المؤسسة العمومية " بأنها مرفق يتمتع بذمة مالية مستقلة "
" :Hauriouبأنها مرفق عام متخصص متمتع بالشخصية المعنوية "
" :De Laubadèreبأنها منظمة عامة المركزية متمتعة بالشخصية المعنوية و هي إحدى طرق إدارة
المرافق العامة"...
في الجزائر الوالية و البلدية تمثالن الالمركزية اإلقليمية La décentralisation territoriale
أما المؤسسة العمومية كشخص عمومي يقوم بنشاط متخصص ،تعتبر األداة الالمركزية المرفقية la
.décentralisation par service
عناصر الشخصية المعنوية - :أجهزة تمثلها – ذمة مالية – اإلعتراف بها من طرف المشرع.
* يجدر اإلشارة إلى أن نظرية الشخصية المعنوية نشأت أوال في مجال القانون الخاص للتمييز بين
الشخص الطبيعي و الشخص المعنوي فالشخص الطبيعي هو اإلنسان .أما الشركة التجارية فهي شخص
معنوي في القانون الخاص و عليه فإنها تملك أجهزة تعمل باسمها ،كما تملك ذمة مالية .وبالتالي فلها
حقوق و عليها واجبات.
* هي الميزة األساسية في أسلوب المؤسسة العمومية و التي تميزها عن باقي األساليب التقليدية األخرى
أي االستغالل المباشر و اإلمتياز .هذه الميزة يترتب عنها نتائج الصعيد المالي و القانوني و اإلداري:
-من الجهة القانونية :تتمتع بحقوق يترتب عليها واجبات .فهي تملك الحقوق في عقد إتفاقيات تخرج في
بنودها عن المألوف و هي تمتلك حق المداعاة باسمها و الدفاع عن مصالحها ،و من أجل ذلك وجب
مداعاتها بالذات في المنازعات التي تقوم بينها و بين الغير.
-و ممارسة المؤسسة العمومية لحق اإلستقالل اإلداري الناتج عن تمتعها بالشخصية المعنوية يوليها أمر
وضع األنظمة المتعلقة بها ،فهي تضع نظاما داخليا لها .و مالكا لمستخدميها .و تنظم طرق تنفيذ مهامها
كأن تضع مثال دفاتر شروط خاصة لتنفيذ األعمال .فللجامعة –مثال -أجهزتها و هيئاتها اإلدارية التي
تستقل بها عن وزارة التعليم العالي :مجلس التوجيه ،المجلس العلمي للجامعة ،رئيس الجامعة .
-و من نتائج الشخصية المعنوية اإلستقالل المالي .أي وجود ذمة مالية مستقلة و ميزانية خاصة لها
منفصلة عن ميزانية الدولة أو البلدية التي أنشأتها .و قبول التبرعات مباشرة.
ب -التخصص:
إن مبدأ التخصص يرتبط بالشخصية المعنوية فهو يركز على وجود غرض معين و غاية يجب تحقيقها و
هذا يعني أن ليس لها اختصاصات و صالحيات خارج إطار المهمة المحددة في وثيقة إحداثها ،و بالتالي ال
يمكنها استعمال ذمتها المالية في نشاط مغاير .كما يرتبط هذا المبدأ بفكرة أخرى تتعلق بارتباط المؤسسة
العمومية كجهاز متخصص و مستقل قد أنشئ للقيام بمهمة هي باألصل مرتبطة بالدولة أو البلديات.
حيث بدأت تظهر مرافق عمومية يتضمن نظامها القانوني تطبيق قواعد من القانون الخاص.
و بالتالي بدأ تميز في المؤسسة العمومية بالظهور بين المرافق العمومية اإلدارية (les services )SPA
publics administratifsو التي تسيرها المؤسسة العمومية اإلدارية (l’établissement )EPA
public administrative
و التي تخضع كليا للقانون العمومي ،و المرافق العمومية الصناعية و التجارية (les services )SPIC
publics industriels et commerciauxالتي تسيرها المؤسسة العمومية الصناعية و التجارية (
l’établissement public industriel et commercial )EPICو التي تخضع جزئيا للقانون
العمومي و الخاص .هذه األخيرة التي تم اإلعتراف بها قانونيا على أنها مؤسسة عمومية مع صدور
القرار الشهير لمحكمة التنازع الفرنسية بتاريخ 22جانفي 1921في القضية المعروفة باسم "مركب
إيلوكا" أو الشركة التجارية لغرب إفريقيا
T.C. 22 janvier 1921, société commerciale de l’ouest africain ou arrêt du bac
.d’Eloka
فهذا اإلعتراف القانوني لهذه الفئة الجديدة يعتبر الفجوة األولى في المفهوم التقليدي للمؤسسة العمومية منذ
ذلك الحين و إلى غاية 1940لم تظهر فئات جديدة على مستوى المؤسسة العمومية .فإن أي شخص
عمومي إن لم يكن مجموعة إقليمية محلية (الوالية و البلدية) فهو حتميا ينتمي إلى فئة المؤسسة العمومية.
أما إبتداءا من سنة 1940بدأت بالظهور أنواع جديدة من األشخاص العمومية و يتعلق األمر خاصة بلجان
التنظيم في المجال اإلقتصادي و المنظمات المهنية .باإلضافة إلى هذا فإن المؤسسات العمومية الصناعية
و التجارية التي تخضع إل قواعد القانون الخاص في نطاق واسع ،فقد أصبحت تنتمي إلى فئة قانونية
جديدة و هي فئة المقاوالت العمومية.
تعريف المشرع الجزائري للمؤسسة العمومية اإلدارية :حسب القانون رقم 01-88المؤرخ في 12
جانفي (1988المادة )43المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية اإلقتصاديةُ .عرّفت المؤسسة
العمومية اإلدارية إستنادا إلى القواعد المطبقة على اإلدارة .بحيث لديها نظام إداري و مالي مشابه لنظام
اإلدارة إال إذا وجد استثناء عن طريق التنظيم .باإلضافة إلى هذا ،فإنها خاضعة لمبدأ التخصص.
-األمر رقم 171-67المؤرخ في 31أوت 1967يتضمن تأسيس المركز الوطني التربوي الفالحي
( تنص المادة 1من أ .رقم :171 -67تحدث مؤسسة عمومية ذات طابع إداري.......تسمى المركز
الوطني التربوي الفالحي)...
-المرسوم رقم 457-83المؤرخ في 23جويلية 1983المتضمن إنشاء الوكالة الوطنية لحماية البيئة
* كما يمكن تحويل المؤسسة العمومية اإلدارية إلى المؤسسة العمومية الصناعية و التجارية أو العكس ،و
من أمثلة ذلك ديوان الترقية و التسيير العقاري (l’office de promotion et de gestion )OPGI
.immobilière
ما هو معيار التمييز ؟
ظهرت عدة معايير للتمييز بين المؤسسة العامة اإلدارية و المؤسسة العامة الصناعية التجارية ،و منها :
أ) المعيار المادي (الموضوعي) :تكون المؤسسة العامة إدارية إذا كان موضوع نشاطها يتصل
بمجال إداري بمعناه الواسع .أما المؤسسة العامة الصناعية التجارية فهي التي تمارس نشاطا له طابع
تجاري :إنتاج مواد (كهرباء وغاز ،تحويل ورق ) ،أو تقدم خدمات ( نقل عمومي ،توزيع مياه الشرب،
خدمات الهاتف والبريد).
ب) المعيار التوجهي (الهدف) :ال تسعى المؤسسة العامة اإلدارية إلى تحقيق ربح مالي ،إذ يتجه
نشاطها إلى احتياجات الجمهور مجانا( :مؤسسات النظافة البلدية ،المؤسسات التربوية العامة ...إلخ).
أما المؤسسات العامة الصناعية التجارية ،فإنها تحدث للقيام بمهمة اقتصادية تقتضي مراعاة الجانب
المالي ،حيث يجب عليها -على األقل -الحفاظ على توازنها المالي ،إذ تنص المادة 137من القانون البلدي
على ما يلي " :يجب على المؤسسة العمومية الصناعية و التجارية أن توازن بين إيراداتها و نفقاتها "
و مع ذلك فإن المؤسسات العمومية الصناعية التجارية تبقى من أشخاص القانون العام ،متميزة و مختلفة
بذلك عن كل من :الشركات الخاصة ،و المؤسسات العمومية االقتصادية (،)les entreprises publics
و التي تخضع للقانون التجاري و تعتبر من أشخاص القانون الخاص.
ما هي النتائج المترتبة على التمييز؟
تخضع المؤسسات العامة ذات الصبغة االدارية -مبدئيا -إلى قواعد القانون االداري ،سواء من حيث:
-العاملون بها :إذ هم موظفون عموميون يخضون لقانون الوظيف العمومي ،باستثناء المتعاقدين معها.
-تصرفاتها :حيث تخضع للنظام القانوني للقرارات االدارية ،و كذا نظام العقود االدارية (الصفقات
العمومية).
-أموالها :حيث تعتبر من األموال العامة التي تحضى بحماية مدنية و جنائية متميزة.
-منازعاتها :القاعدة العامة أن منازعات المؤسسات العامة االدارية هي من قبيل المنازعات االدارية،
التي يختص القضاء االداري بالفصل فيها ،طبقا للمادة 07من ق.إ.م.
بينما تخضع المؤسسات العامة الصناعية التجارية -مبدئيا -إلى قواعد القانون الخاص(التجاري) ،سواء
من حيث:
-العاملون بها :هم عمال يخضعون لقانون العمل ،باستثناء بعض إطاراتها المسيرة حسب قانونها
األساسي.
-تصرفاتها :حيث تخضع من حيث الوصاية إلى قواعد القانون اإلداري ،أما في عالقاتها مع الغير
(المتعاملين معها :المنتفعين و الموردين) ،فإنها تخضع للقانون التجاري(عقود تجارية).
-أموالها :ليست من األموال العامة بالمعنى الضيق لذلك ،إذ أنها ال تحضى بحماية مدنية و جنائية
متميزة ،شأنها شأن األموال الخاصة.
-منازعاتها :عادية و ليست إدارية ،إذ يختص القضاء العادي بالفصل فيها.
و من منظور آخر فإن المؤسسات العمومية تختلف من حيث المسؤول عن إنشائها إلى
مؤسسات وطنية و أخرى محلية.
يتم إنشاء المؤسسات العامة الوطنية من طرف السلطات اإلدارية المركزية المتخصصة (رئيس الحكومة،
الوزير) .و بناء عليه ،فإن إنشاء المؤسسات العامة الوطنية يبقى –أصال -من اختصاص التنظيم ،ما عدا
مجال ״ فئات المؤسسات ״ الذي يعود الختصاص القانون :حيث للبرلمان أن يشرع ،بموجب الفقرة 29
من المادة 122من الدستور ،في مجال ״ إنشاء فئات المؤسسات ״.
ينص قانون اإلدارة المحلية للجزائر (م 137بلدي ،م 129والئي ) على أن :״ تحدد قواعد إنشاء
المؤسسات العمومية البلدية و تنظيمها و عملها عن طرق التنظيم ״
إن العالقة القائمة بين صاحب التفويض و الشخص العام مانح التفويض هي عالقة تعاقدية في
حين أن العالقة بين المؤسسة العامة و الشخص العام الذي ترتبط به هي عالقة نظامية تخضع
للقوانين و األنظمة ذات الصلة.
يشترط في تقنية التفويض أن يرتبط المقابل المالي بصورة جوهرية بنتائج اإلستغالل ،و هذا
الشرط ليس قائما في ظل طريقة المؤسسة العامة ،إذ يمكن أن يمول المرفق العام عن طريق
المساهمات و الدعم المالي من طرف الدولة.
يخضع صاحب التفويض في ظل تقنية التفويض لرقابة و إشراف الشخص العام الذي يرتبط به
المرفق العام موضوع التفويض .في حين تخضع المؤسسة العامة لوصاية لمقررات المؤسسة
العامة بحيث ال تصبح نافذة إال بعد التصديق عليها من قبل سلطة الوصاية .و مهما بلغت درجة
رقابة الشخص العام على صاحب التفويض فإنها ال تبلغ درجة الوصاية على أعماله ،ألن صاحب
التفويض يدير المرفق العام باستقالل عن الشخص العام و على نفقته و على مسؤوليته.
يتسم الشخص الذي يتولى إدارة المرفق العام عن طريق المؤسسة العامة بالطابع العام ،بحيث
يمكن أن يكون صاحب التفويض شخصا عاما أو خاصا ،و يمكن أن تكون المؤسسة العامة
صاحبة تفويض مرفق عام.
خاتمة:
إن أسلوب المؤسسة العمومية في إدارة المرافق العامة يعتبر من أنجع األساليب و ذلك لما تتمتع به
المؤسسات العمومية من إستقالل إداري و مالي مما يحقق لها مرونة أكثر للتكيف مع المحيط و متطلبات
المجتمع .و يؤهلها للقيام بمشاريع التنمية اإلقتصادية و اإلجتماعية .و القيام ببعض الخدمات الضرورية و
األنشطة اإلقتصادية التي ال يقبل عليها القطاع الخاص .و مع ذلك فهي أكثر عرضة للفساد المالي و
اإلداري و االنحراف عن األهداف المرجوة منها بالنسبة إلى أساليب التفويض األخرى و لعل ذلك راجع
إلى ضعف الرقابة البرلمانية و الحكومية عليها.