Professional Documents
Culture Documents
واختلقا الرأباب
بقلم:
الشيخ /عمرأو الشاعرأ
1
كلمة الغلفا الخلفي
عبرأ العصورأ أشرأك النإسان برأبه العلي آلهة كثيرأة ,فعبدها من دونإه ,ومع مرأورأ
الزمان تساقطت أكثرأ هذه اللهة المفترأاة ,فلم يبقا منإها إل القليل.
ومن القليل الذي ل يزال ييعبد من دون ال –بالدعاء أنإه رأمز! -الحجرأ والشجرأ
والنإسان ...وكائنإات غيرأ مرأئية!
لذا نإعرأض في كتابنإا لتلك الكائنإات الرأباب التي يعبدت من دون ال ,لنإبين أنإها لم
تزد عن بشرأ يجعل إلها ,بإرأجاع أصله إلى الرأب العلى!
ولنإبين للمسلم ,الذي يقفا موقفا الساخرأ من أولئك الذين عبدوا مسوخ آلهة ,إلى
أنإه قد وقع في الفخ بشكل مغايرأ ,فهو وإن لم يعبد تلك اللهة المختلقة ,إل أنإه قد
اسيتدرأج إلى ساحة قتال وهمية ,وبعد أن خرأج منإها خائرأ القوى ,سللم للجن ...
وعبدهم!
فنإكشفا له إفك الجن الخرأافي المختتلقا ,وكيفا أنإه ل ضرأ منإه ول نإفع ,لنإه ل
وجود له إل في ذهنإه! وأن كل ما حيك حوله فقاعة كبيرأة ل تحتاج إلى أكثرأ من
إبرأة لتتلشى! وكيفا أنإه أساء إلى ال بإيمانإه بوجوده ,وبوصفه بأوصافا جعلته
إلها أو يكاد! ثم نإعرأفه بالجن الحقيقيين ,وعنإدما يعرأفهم فسييقرأ أن أكثرأ البشرأ –
وأكثرأ المسلمين -يعبدونإهم من دون ال! فهل سيتبرأأ منإهم أم يظل على شرأكه؟!
2
بسم ال الرأحمن الرأحيم
تقـديم
الحمد ل وسلم على عباده الذين اصطفى ,فال خيرأ مما يشرأكون...
خلقا السماوات والرأض بحكمة ,وأنإزل من السماء ماء ,فأنإبت به حدائقا ذات
بهجة! جعل الرأض قرأارأا وجعل خللها أنإهارأا وجعل لها رأواسي وجعل بين
البحرأين حاجزا! فما من إله مع ال!
3
يجيب المضطرأ إذا دعاه ويكشفا السوء ,ويهدينإا في ظلمات البرأ والبحرأ ,ويرأسل
الرأياح بشرأا بين يدي رأحمته ,يبدأ الخلقا ثم يعيده ,وهو علم الغيوب!
هو الواحد الحد الفرأد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفيوا أحد ,تفرأد
بالجلل والكمال ,وتنإزه عن الشبيه والمثال ,وتعالى عن قيل وقال!
نإحمده حمدا يليقا بجلله وعظمته! ونإبرأأ من الحول والطول إل به وإليه ,ونإعوذ به
أن نإقول عليه ما ل نإعلم وأن نإنإسب إليه ما ل يليقا به ,ثم أما بعد:
يتعد مسألية وجود كائنإات غيرأ مرأئية من المورأ المسلم بها بين يجل البشرأ ,بغض
النإظرأ عن انإتماءهم الدينإي أو الفكرأي وعن مستوى التقدم العلمي للمجتمع الذي
ينإتمون إليه .ويختلفا تصورأ البشرأ لتلك الكائنإات ولدوارأها ولمقدرأتها من مجتمع
إلى آخرأ بل من فرأدد لخرأ ,إل أنإه ثمة ما يشبه الجماع على أن لهذه الكائنإات قوى
"خارأقة" تفوقا قوى البشرأ ,ويكفيهم أنإهم غيرأ مرأئيين وأنإهم يستطيعون النإتقال من
مكان إلى آخرأ بسرأعة فائقة ,ل يعوقهم في هذا عائقا.
وتبعا لتصورأ كل مجتمع لتلك الكائنإات ولدوارأها يتشكل مسلك أفرأاده تجاه تلك
الكائنإات ,بين الخوفا والتجاهل والسترأضاء ...بل والعبادة.
ومع الثورأة العلمية والفكرأية التي استشرأت في زمانإنإا هذا ,لم تعد الكائنإات الغيرأ
مرأئية تحتل المكانإة المقتدمة في عقول أكثرأ البشرأ ,لكتشافهم أنإها ليست هي التي
تلعب كثيرأا من الدوارأ التي نإسبها القدمون إليها!
وعلى الرأغم من ذلك فقد بقي اليمان بوجودها إيمانإا مبهما عنإد أكثرأ النإاس ,حتى
الملحدة ,ل يعرأفون لها دورأا ول غاية ولكنإهم يقرأون بوجودها ,تبعا لقرأارأ القطيع
البشرأي ,فالنإسان بطبعه ل يشغل باله إل بما يشكل فارأقا في مسارأ حياته ,وهذه
المسألة ليست كذلك ,فلماذا يتفكرأ فيها؟!
ويختلفا الوضع بالنإسبة لتباع الديان ,فهم يؤمنإون بوجودها وبتأثيرأها الفاعل في
حياة البشرأ ,لن كتبهم "المقدسة" الموحى بها من الرأب ,قد أخبرأتهم بوجودها,
وعلرأفتهم بأدوارأها ,ومن ثم ل يمكن إنإكارأها!
ولم يختلفا السلم عن غيرأه من الديان في حديثه عن كائنإات غيرأ مرأئية ,لها دوررأ
رأئيس في حياة النإسان ,بل وفي تسييرأ الكون كله ,جعل اليمان بها رأكنإا من
أرأكان اليمان ,كما تحدث عن كائنإات أخرأى تلعب الدورأ الرأئيس في التضليل
والفساد والهلك.
وهكذا آمن المسلمون بوجود عوالم مختلفة من الكائنإات الغيرأ مرأئية ,يلعب كل
منإها دورأا في هذه الحياة ,فهنإاك عالم الملئكة ,وهنإاك عالم الشياطين وهنإاك عالم
الجن! ومنإهم من جعل الشياطين من الجن ,إل أنإهم يقومون بأدوارأ مغايرأة.
وأصبح اليمان بهذه العوالم بهذا الشكل من ضرأورأات اليمان ,ومن ل يصدقا بها,
أو يفهمها بشكدل مغايرأ ,فهو منإكررأ لثوابت الدين بل وخارأج عنإه.
4
وعلى الرأغم من أن كثيرأا من المفكرأين عملوا على نإقد "الخرأافات" التي يدست في
الفكرأ السلمي ,وعملوا على إبطالها وإظهارأ زيفها ,وكيفا أنإها ليست من الدين
السلمي في شيء ,إل أن أكثرأهم لم يعرأضوا لهذه الكائنإات بالقدرأ الكافي أو لم
يعرأضوا لها مطلقا! وذلك لظنإهم أنإها بالفعل كما أخذوها عن سابقيهم ,وأنإها مما ل
يصدقا عليها قوانإين كونإنإا ,ومن ثم ل يمكن الحكم عليها تبعا لهذه القوانإين ,أو
لظنإهم أنإها تحتوي قدرأا من الخرأافة ,إل أن الصل نإفسه صحيح ,وأنإها من المورأ
التي ل ينإبغي للعقل الحكم عليها ,ومن ثم ترأكوها!
ونإحن كذلك كنإا قد تجنإبا الخوض في هذه الغيبيات إل بالقدرأ اليسيرأ ,وذلك لكونإنإا
اتخذنإا البنإاء منإهجا ,بالعمل على مزاحمة الباطل بالجديد الجيد ,ونإترأك للمتلقي
الختيارأ والموازنإة بين الصنإفين ,فإن تقلبله هدم الباطل بنإفسه!
بينإما لو رأكزنإا على الهدم ,لضعنإا جل جهدنإا فيه ,لما يعوزه من جهد كبيرأ
متواصل ,محكوم بأن ييتتبع بالبنإاء ,فل يكفي أن ييهدم الباطل لييقبل الحقا ,وإنإما لزام
أن ييهدم وييبنإى ,فييقدم لمن يهدم باطله حقا بديل يستعيض به الباطتل الساقط ,وإن لم
ييفعل فل يزيد أثرأ هدم الباطل عن إيجاد فرأادغ لدى المتلقي ,قد يدفعه إلى الرأضا
بالباطل ,أو التمسك به لنإه لم يجد له بديل يدافع عنإه ويمسسك به! فارأتأينإا أن نإسبقا
بيخطوة وأن نإبدأ بالبنإاء مباشرأة.
بدأنإا البنإاء معتمدين على أن غيرأنإا قد فلنإد أسس هذه الخرأافات والباطيل ,ومن ثم
فإن الكتابة حولها تكرأارأ ل يفيد الفكرأ السلمي بقدرأ كبيرأ ,فالفكرأة نإفسها أصبحت
محتل نإقاش ,وأظهرأ المفكرأون مواطتن عورأها ,فإن كان القارأئ ممن يزنإون ما
يقرأءون ويتفكرأون فيه ,فسيقتنإع بجل ما ورأد في تلك الكتابات ,وإن كان من أتباع
"إنإا وجدنإا آباءنإا على أمة" ,من ذلك التيارأ الذي ل يحترأم كتاب رأبه ول عقله,
ويقدم عليهما كتل ما عداهما ,فلن يجدي معه دليل آخرأ يضافا إلى الدلة السابقة,
فلقد أغلقا قلبه تجاه أي قول جديد! فالخيرأ عنإده فيما قلدمه القدمون ,فما ترأكوا
لمن بعدهم مقال! فلقد نإضجت العلوم السلمية على أيديهم ....واحترأقت! ومن ثم
فجهد الجيال التالية لن ييقدم ...بل رأبما يؤخرأ!!!
ولن ترأاثنإا السلمي نإتارج بشرأي ,صصيغ تبعا للخلفية المعرأفية لعصرأ كاتبيه ,عملنإا
ل إسلميا معاصرأا ,يعرأض لما لم يعرأض له على أن نإقدم في كتبنإا السابقة بدي ل
السابقون ,يقدمه بلسان وفكرأ يفهمه أهل هذا العصرأ ,يصحح كثيرأا من الخطاء
التي وقع فيها القدمون وتبعهم ثلة من المعاصرأين ,متخذين كتاب رأبنإا إمامنإا في
كل نإقد وتصويب ,معتمدين منإهجنإا الدقيقا –الذي ألصلنإا له سابقا -في تدبرأ كتاب
رأبنإا ,منإتفعين بالكتشافات والتصورأات الحديثة التي وفرأها لنإا التقدم العلمي
والنإفجارأ الفكرأي!
إل أنإنإا رأأينإا أنإه من الواجب علينإا أن نإعرأض لذلك الغيب ,الذي ل يتنإاوله متنإاول إل
لتأكيد وتثبيت وترأسيخ ما عليه القدمون ,بل ويعمل بعضهم على صبغه بصبغة
5
علمية ,على الرأغم من القرأارأ بأنإه غيب! ذلك العالم الذي أصبح يحتل مكانإة بارأزة
في عقل المسلم ,الذي يرأى أنإه يلعب دورأا رأئيسا في حياته!
رأأينإا أن نإعرأض له لنإبين أنإه غيب ل يحتوي خرأافة ,وأن المسلمين أصابوا
وأخطئوا في تصورأهم لذلك العالم ,وأنإهم نإسبوا إليه ما ليس فيه ول منإه!
فنإعمل بذلك على أن نإحرأرأ العقل السلمي من تلك الغلل التي أحاطت به ونإكشفا
له زيفا تلك الخرأافات التي آمن بها ,ونإحمي دينإنإا من طعن الطاعنإين ونإبرأأه من
شبهات المفترأين ,ونإظهرأ تميزه واختلفه عن كل الديان التي أصابها التحرأيفا أو
اختلقها اللفاكون.
وقبل ذلك كله ينإبرأأ رأبنإا العظيم الخلقا العليم الرأحيم ,من تلك الفرأية التي ينإسبت
إليه ,من أنإه خلقا شرأا ويخلقا عبثا! وأن نإقدم للقارأئ الكرأيم فهما دقيقا ليات كتاب
رأبه ,ل ينإحرأفا عنإها ,ول يزيد عليها!
وعررأضنإا لهذه المسألة ليس من باب الترأفا الفكرأي ,أو النإشغال بما ل ينإفع ,في
وقت تحيط بالمة المشكلت والمعضلت ,ويترأبص بها أعداؤها الدوائرأ ,وإنإما هو
لنإقل المعرأكة إلى ساحتها الحقيقة ,بدل من تلك الحلبة الوهمية ,التي ينإاطح فيها
عامية البشرأ أوهاتمهم! والتي نإجح الشياطين في جذب النإس إليها ,وتعمية عيونإهم
عن المعرأكة المستعرأة.
فنإنإبه البشرأ إلى العدو الصيل ,الذي يجب عليهم لقاءه ونإزاله ,وإلى المعرأكة التي
يجب عليهم خوضها ,حتى يتحققا لهم النإتصارأ في جولة وجولت من تلك
المعرأكة ,وحتى ل يظلون يحارأبون طواحين الهواء!!
ونإأمل أن يصبح القارأئ –بعد هذا الكتاب -من الجنإود الذين يشنإون حرأبا ضد
الشياطين ,ل أن يظل بعد ظهورأ الحقيقة أمام عينإيه ,كما كان في عماه.
ولن الوحي هو مبتدأ معرأفة النإسان بالكائنإات الغيرأ مرأئية ,ولن الكتاب موجره
بالدرأجة الولى للقارأئ المسلم ,ثم لمن يرأيد أن يعرأفا عن السلم بشأن هذه
المسألة ,فإن المحورأ الرأئيس للكتاب سيكون كتاب ال العزيز :القرأآن العظيم,
وسنإعرأض بجوارأه –في عجالة -للكتابين السابقين ,المسميين بالتورأاة والنإجيل,
ليبصرأ القارأئ الكرأيم بعينإه ,مواطن التفاقا والختلفا!
كما سنإعرأض لتصورأات المم الخرأى عن تلك الكائنإات الغيرأ مرأئية ,لنإبين كيفا أن
الخرأافة –كانإت ول تزال -حاكملة على تلك التصورأات.
ولن الكتاب العزيز خاطب العرأب أوتل من خاطب ,فإنإنإا سنإعرأض لساطيرأ العرأب
حول تلك الكائنإات وموقفهم منإها ,لنإبين كيفا أن المفسرأين قاموا بإسقاط اليات
القرأآنإية على الخرأافات العرأبية! ومن ثم اكتسبت هذه الخرأافات العرأبية حصانإة
ومكانإة خاصة ,تتميز عن باقي الساطيرأ! وذلك لدعائهم أن القرأآن قد صلدقا على
6
ما يقول العرأب! فأصبحت أساطيرأ العرأب حقا وصدقا! أما ما عداها فا :حديث
خرأافة يا أم عمرأو!!
نإعرأض لهذه الخرأافات لنإبين أن القرأآن منإها برأاء- ,كما هو من غيرأها -ونإتنإاول
اليات التي استنإد إليها المفسرأون ,لنإبين كيفا خلطوا الخيوط ببعضها ,فالتبس
المرأ على المسلم ,على الرأغم من جلءه في القرأآن ,فوقع فيما وقع فيه
السابقون ,وعبد الجن بدون أن يدرأي أو يعلم!
ونإدعو القارأئ الكرأيم لن يصطحبنإا في تلك الرأحلة لفك اشتباك تلك الخيوط,
وللتعرأفا على ذلك العالم الذي كشفه القرأآن لنإا ,للفرأارأ من شرأاك عبادة الجن,
والثبات على عبادة ال وحده!
نإعرأض لهذه المسألة ونإعرأفا أنإها ستجلب علينإا من المشاكل والتهامات الكثيرأ,
ورأبما يفسقنإا أو يكفرأنإا ,ولكنإه الحقا الذي يجب الجهرأ به ,فإذا كان ال قد فتح لنإا
وملن علينإا ببعض من علمه ,فل يجوز كتمان هذا العلم حتى ينإسأل عنإه ونإجازى في
يوم الدين.
نإعرأفا أن القارأئ قد يستغرأب ويستنإكرأ ,ورأبما يرأفض ...بدون برأهان ,إل مخالفة
ما نإقول لما هو عليه! ونإحن ل نإتعجل أن يغيرأ القارأئ ما يعده من المسللمات ,إل
أنإنإا على يقين أنإه سيفعل في يوم من اليام ...إن هو تفكرأ!
وكعادتنإا نإقول لمن يرأفض قولنإا :سل نإفسك ,أين موطن الخلل؟ وما هو سبب
الرأفض؟! فإن استطعت إجابلة فبها ونإعمت ,وإل !!...
نإسأل ال أن يجنإبنإا الزلل والخلل ,وأن يجعلنإا هداة مهتدين ,ل ضالين ول مضللين,
وأن يوفقنإا في مسعانإا ,وأن يجعل الخيرأ والرأشاد على ألسنإتنإا ,وأن ييسرأ لنإا إتمام
هذا الكتاب على الوجه الذي ييرأضيه عنإا ,إنإه ولي ذلك والقادرأ عليه.
7
الباب الول
تصورأ
الصجنإة قبل السلم
الفصل الول
في الحضارأات القديمة
8
سمعيات!
من المورأ المجمع عليها بين الحضارأات المختلفة ,وجود كائنإات غيرأ مرأئية,
تعيش في نإفس العالم الذي يحيى فيه النإسان ,تستطيع أن ترأاه ول يرأاها ,إل إذا
أرأادت هي ذلك! فتتجسد ليتظهرأ نإفسها له ,وقد تظهرأ على حالتها "الشبحية" بدون
تجسد ,ويرأاها النإسان كذلك!
ويرأجع اختلفا المم في تصورأاتها لتلك الكائنإات بالدرأجة الولى إلى اختلفا
"وصفها" في مصادرأها الصلية التي يذكرأت فيها ,والتي تتمثل في الكتب المقدسة
وفي الساطيرأ! فهما المصدرأ الرأئيس الذي يستقي النإسان منإه تخيله لتلك
1
الكائنإات ,ومن ثم يمكن تسمية هذه الكائنإات بكائنإات "سمعية"
وذلك لنإك تجد دوما من يدعي أنإه رأأى هذه الكائنإات ,ودائما ما يكون هذا الرأائي
هو الخرأ الذي يحكي عنإها وأنإت تسمع منإه ,بينإما ل يحدث مرأة واحدة أن ترأاها
أنإت بنإفسك ...إل في وسائل العلم المرأئية.
وعلى الرأغم من أنإها من السمعيات ,إل أنإه يوجد علرم كامل مختص بها ,يسمى )
،(Demonologyويعنإي علم الرأواح ،وهو يدرأس الرأواح والمعتقدات المتعلقة
بها .وتوجد كلليات عديدة في العالم الغرأبي تقدم هذا العلم كتخصص من بين
تخصصاتها ,بل وتوجد مجلت دورأية تصدرأ بهذا الشأن.
فالمشاهد ينإظرأ إلى المادة المعرأوضة على أنإها أسطورأة وخرأافة للتسلية والرأعاب
ليس أكثرأ ول أقل ,ومن ثم ل ترأسخ في وجدانإه ,بينإما يختلفا الحال كثيرأا مع
الساطيرأ المأخوذة من الجداد والوارأدة في الكتب المقدسة ,فلها كيل الجلل
والتقديرأ والتصديقا!
والعجب كل العجب أنإك تجد بعض المم تسخرأ وتعجب من أساطيرأ وخرأافات
الخرأين! على الرأغم من أن لديهم من الخرأافات ما يماثلها أو يزيد عليها! إل أنإهم
يرأونإه عين اليقين ,لورأوده في كتبهم المقدسة ,ويتفنإنإون في صبغها بصبغة
علمية ,وإبعادها عن الخرأافة!!
1في علم "العقيدة" س ممى العلماء بعض الغيبيات ب :السمعيات ,لنهم رأوا أنه ل دخل للعقل في إثباتها أو نفيها ,ويإتوقف اليإمان بها على
سماعها من الوحي!!
9
والنإاظرأ في الساطيرأ الموجودة عنإد الشعوب يجدها تدورأ في فلك نإوعين اثنإين:
أ -كائنإات متحولة ,فهي خليط من البشرأ وغيرأه من الكائنإات ,أو أنإها كانإت بشرأا
ثم تحولت/يحولت إلى كائنإات أخرأى.
ب -كائنإات غيرأ مرأئية ,والتي هي محورأ حديثنإا ,ويتصنإفا هذه الكائنإات أصنإافا
عديدة ,فهنإاك الملئكة ,وهنإاك الشيطان والشياطين ,وهنإاك الرأواح الشرأيرأة
والرأواح الخليرأة ,وهنإاك العفارأيت ,وهنإاك أرأواح الموتى التي تعود إلى الحياة!
ويمكن القول أنإه –على الرأغم من اختلفا الصنإافا -يمكن جمعها في صنإفين
اثنإين :الكائنإات الشرأيرأة والكائنإات الخيرأة "الطيبة"!
والمشكلة التي أصبحنإا نإواجهها في عصرأنإا هذا ,هي تحول تلك "السمعيات" إلى
"مرأئيات" فبعد أن كان الخيال يسبح وينإطلقا في تخيل تلك الكائنإات الشفافة ,تلك
الكائنإات الفلتاكة المفترأسة ,أصبحت يترأى أشكال بشعة ووحوشا مقززة ,تثيرأ الفزع
والشمئزاز ,ويتوجد "عقدا" نإفسية بداخل المشاهد.
وبعد أن ذلكرأنإا بأن هذه الكائنإات الغيرأ مرأئية ,وحتى المتحولة ,هي كائنإات سمعية
ل يرأاها دوما إل الخرأون ,نإبدأ في تقديم تصورأات السابقين لها.
ول يختلفا الحال بالنإسبة للكائنإات المتحولة ,فهي في الصل كانإت بشرأا أو هي
مزيج من البشرأ وكائن آخرأ ,فنإجد منإها بشرأا لهم سيقان الخرأافا ,وكائنإات هي
خليرط من البشرأ والحصان "القنإطورأ" ...وغيرأ ذلك!
ول يقتصرأ التشابه بين البشرأ وتلك الكائنإات على المظهرأ الخارأجي ,وإنإما يتعداه
إلى أساليب الحياة والحتياجات "الجسدية" بل والطبقات الجتماعية ,حتى أنإه يمكن
القول أن هذه المجتمعات انإعكاس للمجتمعات البشرأية في قوالب غيرأ بشرأية!
10
ويعلقا فارأس خضرأ على مسألة تشابه عوالم الكائنإات الغيرأ مرأئية مع عالم
المتخيلين له ,فيقول:
المدهش أن العوالم المتخييلَّة لهذه الجماعة الشعبية ,ما هي إل انعكاس لنظامها
الجاتماعي ,وتكاد تتطابق تفاصيلَّها مع واقعها المعيش ,مع تحويرات طفيفة؛
تحويرات تبث العقلَّية الشعبية خللها أشواقها وأحلمها ورأغباتهم الدفينة ,فتبتكر
أفراداا يماثلَّون أفرادها ,غير أنهم يملَّكون قوى خارأقة ,ويعيشون حياة خالدة ,ليست
كحياتهم التي تنتهي دوما بالفناء "2.ا.هـ
ويحق لنا أن نتساءل :لماذا هذا التشابه بين هذه العوالم وعالمنا؟ هل هو رأاجاع إلى
أنها من ابتكارأ مخيلَّة النسان ,والتي لم تستطع أن تتخيل عالما يحوي كائنات
"عاقلَّة" إل أن يكون نسخة مكرورأة من عالمها؟!
أم لن هذا هو الشكل الوحيد الممكن للَّكائنات العاقلَّة ,والمكانية الوحيدة للَّحياة؟!
ومن ثم فإن أي حياة ستتخلَّق في يوم من اليام ستكون مشابهة لنا!
كما نتساءل :إذا كان ا الخلقا العلَّيم قد مايز في خلَّقه بين الحيوانات وبعضها,
فجعل لكل منها خصائصها المميزة ,فلَّماذا حدث التداخل بين هذه الخصائص في
هذه الكائنات تحديداا ,أضاقا علَّمه المحيط أن يوجاد أشكال إضافية متمايزة؟! –حاشا
ل العلَّيم,-
كما أننا رأأينا أن ا تعالى يوجاد كل كائن علَّى الهيئة المناسبة له ,والتي يحتاجاها
في حياته ,فلَّماذا كانت هذه الكائنات –المفترضة -استثناءا ,فجاء تكوينها عبثي,
علَّى غير حاجاة؟!! –تعالى ا عن العبث-
أرأباب وشياطين
بعد أن رأأينإا أن الكائنإات السماعية ما هي إل كائنإات شبه بشرأية ,نإبدأ عرأضا سرأيعا
لتصورأات القدمين لتلك الكائنإات الغيرأ مرأئية.
ولن الملئكة ستمثل المحورأ الرأئيس عنإد حديثنإا عن الجن في القرأآن ,فلن نإعرأض
لها في تنإاولنإا هذا - ,وسنإعرأض لها بتفصيل كبيرأ في ذلك الموضع -وسنإكتفي
بتنإاول الكائنإات الغيرأ المرأئية الخرأى في الحضارأات القديمة ,والتي يمكن تقسيمها
إلى أرأباب وشياطين!
وعلى الرأغم من هذا التقسيم والختلفا ,إل أنإه يمكن أن يتصنإفا كلها تصنإيفا
واحدا ,فالتداخل بينإهما في تلك الحضارأات كبيرأ ,والسمات المشترأكة بينإهما كثيرأة,
نإاهيك عن أن مصدرأ تلك الشياطين يرأجع في العم الغالب إلى الرأباب نإفسها!
11
وإذا يذكرأت الشياطين فإن الذهن ينإصرأفا مباشرأة إلى رأأس الشرأ ورأمزه الكبرأ
"الشيطان" ,ثم إلى الشياطين ,وعلى الرأغم من أن "الشيطان" بسماته المتعارأفا
عليها في الديان الكتابية ,لم يكن ظاهرأتا في بعض الحضارأات القديمة ,إل أن
سيادة وسائل العلم الغرأبية ,والمتأثرأة كلية بالترأاث المسيحي جلسدت للبشرأية
قاطبة تصورأها حول الشيطان ودورأه في الحياة ,ومن ثم أصبح له الزعامة
الرأوحية على كل الرأواح والكائنإات الشرأيرأة في مختلفا أنإحاء العالم ,وإن لم يكن
له ظهورأ في الترأاث القديم!
وإذا قلنإا أن للملئكة دورأا معرأوفا محددا ,وهو تنإفيذ أمرأ ال ,فإن لنإا أن نإتساءل:
ما هي علة وجود تلك الكائنإات الشرأيرأة؟!
فإذا كنإا من المؤمنإين بإله خالقا ,فمن المنإطقي أن نإتساءل:
لماذا خلقا الله العادل تلك الكائنإات الشرأيرأة "الخارأقة"؟ من المفترأض أن ال تعالى
ل يخلقا الشرأ ,فهل خلقا ال الشرأ؟! أم أنإه لم يخلقها!!
أما إذا كنإا ل نإؤمن بإله خالقا فلن يكون هنإاك أي صعلة لظهورأها ,فكما نإشأنإا عبثا,
كذلك نإشأت هي عبثا!
وللما كان التوحيد غيرأ متأصل في كثيرأ/بعض المم السابقة ,وكانإت تؤمن بوجود
آلهة عديدة ,كان من المنإطقي أن ييسقط على اللهة الخصائص البشرأية ,فتصبح
هنإاك آلهة قوية وأخرأى ضعيفة ,وآلهة طيبة وأخرأى شرأيرأة ,تدورأ بينإها
الصرأاعات ,ومن ثم ظهرأت هذه الكائنإات كآلهة شرأيرأة ,3ومن ثم فلم يتعب القدماء
أنإفسهم في تعليل وجود هذه الكائنإات الشرأيرأة ,لنإه سيكون من ضرأوب العبث,
فهي سابقة للنإسان نإفسه ,إن لم تكن علة وجوده!!
وعلى الرأغم من اختلفا السماء بين الحضارأات القديمة ,إل أن المسمى يظل
واحدا ,يمكن إدرأاجه تحت اسم الشياطين أو الرأواح الشرأيرأة ,مع الخذ في
العتبارأ أل نإنإظرأ إليها ككائنإات مخلوقة مكلفة مثلنإا –تبعا للتصورأ المألوفا عنإد
المسلمين ,-وإنإما ككائنإات إلهية!
لذا نإعرأض في عجالة ,كيفا يصورأت بعض الكائنإات الغيرأ ملئكية في أهم
الحضارأات القديمة!
3في النفس أشياء من تفسيرات علماء الغرب للنصوص الثريإة القديإمة –الشرقية تحديإدا -والتي أظهرت أن هذه الشعوب كانت تؤمن
بعشرات اللهة ,من بينها آلهة شريإرة ,وأميل إلى أن الرباب التي كانت تتحدث عنها النصوص هي الملئاكة ,وأن الرباب الشريإرة هي
الملئاكة الساقطة! ول يإعني هذا أننا ننفي انحراف هذه المجتمعات أو تفشي الشرك فيها! ولكن هذا قريإب مما يإفعله الصوفية ,فهم
يإتخذون الولي "زلفة/وسيط/شفيع" إلى الرب العليم ,ل أنهم يإقولون أنه هو مدبر المور!!
12
ظهرأت في الحضارأة المصرأية القديمة الكثيرأ والكثيرأ من اللهة ,والتي اختص كل
إله منإها بدورأ في هذا العالم ,فهنإاك مثل:
"ماعت" إلهة العدالة ,و "أورأيسيس" إله الزرأاعة ,و "بتاح" إله الفنإون والجمال,
وخالقا كل الصنإاعات ,و "رأع" إله الشمس ...الخ
وغالبا ما اتخذت هذه اللهة أشكال حيوانإات ,أو خليط من بشرأ وحيوانإات!
والكلمة التي كانإت تشيرأ إلى اللهة في اللغة المصرأية القديمة ,هي" :نإترأ" ,والتي
حليرأت المترأجمين المتعاملين معها ,وفي هذا يقول خزعل الماجدي:
"كانإت كلمة )نإترأ (Neterفي اللغة المصرأية القديمة تعبرأ عن ال أو الله رأوح أي
من الكائنإات ,وكانإت هذه الكلمة تعنإي القوة أو الطاقة التي تفوقا قوة البشرأ أو
الخارأقة للطبيعة ,أما رأمزها الهيرأوغليفي فكان عبارأة عن صورأة فأس برأأس
( متجهة إلى اليسارأ )
وقد حليرأ العلماء تفسيرأ معنإى هذا الرأمز ومصدرأه ,فقد رأأى البعض أن هذا الرأمز
يعود للعصورأ الحجرأية حيث استخدم كدال على القوة ,حين كانإت الفأس أداة للصيد
والحفرأ والبنإاء .وهنإاك من رأأى أن قداسة هذا الرأمز أتت من استخدامه في مرأاسيم
التضحية والقرأابين في تلك العصورأ "4ا.هـ
ويرأى الدكتورأ نإديم السيارأ ,صاحب كتاب" :قدماء المصرأيين أول الموحدين" أن
هذه الكائنإات الكثيرأة التي يعرأفت على أنإها آلهة ,ليست بآلهة ,وإنإما هي "ملئكة",
وأن تسميتها باللهة رأاجع إلى خطأ المترأجمين ,الذين ترأجموا كلمة "نإترأ" ,أو
"نإترأوا" إلى Gott, Dieu God ,ومن ثم يعرأبت ب "إله".
وأنإا أوافقا الدكتورأ السيارأ في أن المترأجمين قد أخطئوا اختيارأ الكلمة ,وأرأى أنإه
كان من الدقا اختيارأ كلمة "رأب" ,ولو اختيرأت هذه الكلمة لختلفا الوضع كثيرأا,
فل يوجد أي مانإع أبدا من وجود أرأباب عديدة ,المهم أل تتخذ هذه الرأباب من دون
ال ,وأل يتصليرأ آلهة!
فالب رأب السرأة ,والعزيز كان رأب سيدنإا يوسفا ,ونإحن –المسلمين -نإتقبل ونإقرأ
أن هنإاك ملئكة للرأزقا وملئكة للرأياح وملئكة لكذا وكذا!
ولو قلنإا أن ملئكة الرأياح هي أرأباب الرأياح لما كان هنإاك أي حرأج ,ونإفس ما قلنإاه
قاله القدمون ,فلقد عرأفوا من خلل كتبهم أن هنإاك ملئكة قائمة على كل شيء في
الكون ,ومن ثم قدموا تلك التماثيل والصورأ التي نإرأاها في المعابد المصرأية
القديمة ,والتي تخيلوا فيها الملئكة على هذا الحال.
وبغض النإظرأ عن كونإها "أرأبابا" أم آلهة ,فلقد آمن المصرأيون القدماء بوجودها
وبتصرأفها فيما يخصها ويتبعها ,كما آمنإت بوجود كائنإات غيرأ مرأئية أخرأى ,مثل
الرأواح الشرأيرأة ,واعتقدوا أن لها تأثيرأا عظيما ومباشرأا على النإسان في كل
13
جوانإب حياته ,لذا حاولوا استرأضاءها بجميع الطرأقا!
وبسبب إيمانإهم هذا ظهرأ السحرأ وعلم في الحضارأة المصرأية القديمة ,وأصبح
للكاهن الساحرأ دورأا عظيما في المجتمع ,فهو يقوم بأدوارأ عدة ,فهو رأجل الدين
وهو الساحرأ وهو الطبيب ...الخ
ويلجأ إليه النإاس ليشفيهم أو ليحميهم من أن تعرأض لهم الرأواح الشرأيرأة ,التي
تعمل على إيذاء البشرأ!
عنإد الكنإعانإيين
إذا ترأكنإا الحضارأة المصرأية وانإتقلنإا إلى الحضارأة المجاورأة ,وهي الحضارأة
الفينإيقية ,تلك الحضارأة التي نإشأت في بلد الشام منإذ حوالي اللفا الرأابع قبل
14
الميلد ,والتي أنإشأت حضارأة عظيمة على ساحل البحرأ المتوسط ,8فسنإجد أن
الفارأقا غيرأ كبيرأ.
فلقد ظهرأ فيهم الكثيرأ من الكائنإات اللهية مثل الله يمو وشمتم وشميم وإيل ,كما
ظهرأت فيهم كائنإات غيرأ إلهية ,والتي يتعرأفا بالشياطين وما شابه ,إل أنإها كانإت
تنإتسب في بادئ أمرأها إليهم!
وكما هو متوقع ,فلقد أتت صورأة هذه الكائنإات خليطا من البشرأ والحيوانإات
والطيورأ- ,كما ظهرأت في غيرأها من الحضارأات -مع صبغة خيالية لتغايرأ بين
هيئة البشرأ وهيئتهم ,ولتعطي النإطباع أن هذه آلهة مهابة ,تستحقا التقديس
والتبجيل!
8يإكفي أن نعرف أن اسم قارة أوروبا ,يإرجع إلى الميرة الفينيقية "أوروبا" )عروبا( والتي اختطفها –تبعا للسطورة -الله زيإوس إلى
كريإت ,والذي كان متمثل هيئة عجل جميل ,وهناك تزوجها وأنجب منها ثلثة أبناء ,والتي ذهب أخوها المير قدموس إلى أوروبا باحثا
عنها ليحررها!
9خزعل الماجدي ,المعتقدات الكنعانية.185-184 ,
10حليمة خالد رشيد صالح ,الجن في الشعر الجاهلي ,ص.22-21.
15
ويعتبرأ "بعل" أشهرأ أرأبابهم ,ولقد ذكرأه ال تعالى في كتابه الكرأيم ,في دعوة سيدنإا
إلياس لقومه ,والذي قال:
ل توتتذيرأوتن أترحتستن ارلتخاصلصقيتن ]الصافات "[125 :
"أتتترديعوتن تبرع ل
عنإد السومرأيين
ونإترأك الفينإيقيين ونإنإتقل إلى الشعب المجاورأ لهم ,وهو شعب السومرأيين ,ذلك
الشعب الذي أسس حضارأة من أعظم ما يكون في العرأاقا من بداية اللفا الرأابع قبل
الميلد .وكغيرأها من الحضارأات القديمة ظهرأ عنإد السومرأيين العديد من
اللهة/الرأباب ,والتي صورأت كذلك بصورأة بشرأية وحيوانإية!
ومن أشهرأ اللهة السومرأية الرأب "أنإو" والذي يعتبرأ إله السماء! ,وكذلك الله
"إنإليل" وهو يعتبرأ ابن الرأب "أنإو" ,وكذلك الرأب "إنإكي" رأب الرأض والمياة الجوفية,
وكان ييعتبرأ مستشارأا لللهة!!
وكذلك الله "نإنإا" رأب القمرأ ,وكذلك الله "أوتو" رأب الشمس ,وهو ابن إله القمرأ!
وغنإيرة عن الذكرأ رأبة الخصب الله "أنإانإا" ,التي عبدها البابليون وسموها "عشتارأ",
والتي سماها الغرأيقا أفرأوديت ,والرأومان فينإوس.
فإذا ترأكنإا الرأباب وانإتقلنإا إلى الكائنإات الخرأى القل درأجة وجدنإا أن هنإاك خليطا
متنإوعا ,إل أن أكثرأها ظهورأا وتكرأارأا ,هي تلك الكائنإات التي اصطلحنإا على
تسميتها "شياطين".
16
وكما رأأينإا فالكائنإات التي ل تصنإفا كآلهة هي إما تنإتسب إلى اللهة أو هي خليط
من البشرأ وكائنإات أخرأى.
عنإد الغرأيقا
إذا ترأكنإا الحضارأات الشرأقية وانإتقلنإا إلى أصل الحضارأة الغرأبية ,الحضارأة
الغرأيقية ,وجدنإا أن هنإاك الكائنإات الغيرأ البشرأية عنإدهم كثيرأة ,فهنإاك آلهة
وأنإصافا آلهة ,وآلهة بدائية وهنإاك حورأيات وأشباح وجبابرأة وعمالقة وسكلوب!
فإذا أرأدنإا الحديث عن أشهرأ آلهة اليونإان فإن الذهن سينإصرأفا تلقائيا إلى آلهة
الوليمب الثنإي عشرأ:12
زيوس :ملَّك اللهة وحاكمها ،وهو إله الرعد والبرقا.
أبولو )إله إغريقي( إله الفنون ،بما فيها الموسيقى والشعر .هو الخأ التوأم
لرأتميس.
أثينا :إلهة الحكمة ،الحرب ،والتخطيط .هي ابنة زيوس المفضلَّة.
آرأتميس :إلهة الصيد ،الرماية ،الولدة ،العذرأية ،حامية صغارأ الحيوانات
والبشر ،وفي بعض الساطير ،كانت آلهة للَّقمر.
آرأيس :إله الحرب والنتقام .هو أخأ آثينا.
أفروديت :إلهة الحب والجمال.
بوسيدون :إله البحارأ .هو أخأ هيدز وزيوس.
ديميتر :إلهة الزرأاعة والخصوبة.
هيرا :إلهة الزواج ،وهي زوجاة زيوس.
هيرميس :إله السفر ،اللَّصوص ،التجارأة ،ورأسول اللهة.
هيستيا :إلهة الموقد ,والتي تنازلت عن منصبها كإحدى اللهة الولمبية
الرئيسية لديونيسيوس.
هيفيستوس :إله النارأ.
13
وعلى الرأغم من شهرأة هذه اللهة إل أنإها ل تعد آلهة الخليقة ,فهنإاك "كاوس"
الرأبة الولية لهذا الكون ,وهي الرأبة التي تجسد المكان الغيرأ محدود والمادة التي
ل شكل لها ,والتي سبقت كل المخلوقات ,ومن هذه الرأبة خرأجت باقي الرأباب,
التي عرأفت بأرأباب الخلقا الول!
وغيرأ أرأباب الخلقا الولى هنإاك الجبابرأة مثل كرأونإوس وأطليس وسيلين ..الخ
ولقد وصل زيوس إلى هذه المرأتبة الكبيرأة بالغتصاب ,فلقد اغتصب زيوس الحكم
12يإحتل الرقم 12مركزا كبيرا في الديإانات الشرقية ,يإكاد يإقارب الرقم سبعة ,فشهور السنة كما وضعها ا 12شهرا ,والسباط ,12
وحواريإو عيسى ,12والنقباء الذيإن بايإعوا محمدا في بيعة العقبة الولى كانوا ,12في السنة الثانية عشر من البعثة! وغير ذلك كثير!
13كلمة "كا أصس" تعني أصل الفوضى أو العشوائاية!
17
من أبيه كرأونإوس! ثم قلسم الكون بينإه وبين إخوته! فجعل لكل واحد منإهم
اختصاصا وتصرأفا!
والنإاظرأ في حياة هذه اللهة يجد أنإها ل تختلفا عن البشرأ في شيء! فلقد يصورأت
على هيئة البشرأ ,وتصرأفاتها بشرأية بحتة ,وليتها كانإت أفعالل بشرأية رأاقية ,وإنإما
كانإت أفعال دنإيئة منإغمسة في الشهوات والرأذائل ,فإله يخون إلها آخرأ ويضاجع
زوجه! وغيرأه يقتل أمه اللهة ...الخ ألوان المجون والنإحلل!
وهكذا نإجد أن اليونإانإيين قد شوهوا صورأة آلهتهم تشويها كبيرأا ,يعكس الحالة
الخلقية المترأدية لديهم!
كما عملوا على إيجاد عداوة بينإهم وبين النإسان ,فهم حرأيصون أشد الحرأص على
أل يتقدم النإسان! وأشهرأ المثلة على ذلك هي عقابهم البدي لبرأوميثوس ,لنإه
سرأقا النإارأ وأعطاها البشرأ ,الذين كانإوا يحيون بل نإارأ!
كما نإجد صرأاعات كثيرأة بينإهم وبين البشرأ! توحي بأنإهم كانإوا بشرأا! بشكل من
الشكال ثم ترأقوا درأجة ول يرأيدون للبشرأ أن يصلوا إليها!!
ومن ثم فل حاجة للبحث عن الشيطان في أساطيرأ اليونإان ,وعلى الرأغم من وجود
أرأواح شرأيرأة تسمى ,Alastoresتسعى دوما لضلل النإاس واليقاع بينإهم,
وهي تعتبرأ قرأيبة الشبه بالشياطين في التصورأ السلمي وفي غيرأه من الديان ,إل
أن التصورأ الذي قدموه لللهة تستحقا معه عن جدارأة أن تكون هي الشياطين!
وكما رأأينإا فإن الوثنإية اليونإانإية لم تفرأقا بين اللهة والشياطين ,وجعلتهما عالمين
متداخلين تماما ,فاللهة شياطين! والشياطين أبنإاء اللهة!
18
تمليزت الحضارأة الهنإدية القديمة بوجود عدد هائل من اللهة ,يشعرأ معه الباحث
بالحيرأة والدهشة ,لتلك الفوضى الدينإية العارأمة المستشرأية في تلك الحضارأة,
وتدفعه للتفكرأ ,هل تستحقا تلك المعبودات أن يتسمى باللهة؟
بعبارأة أخرأى :هل تصورأ الله عنإد الهنإود القدماء هو نإفس تصورأه عنإد باقي
المم ,أم أنإه قد يأسيئ فهمهم ,وأنإهم لم يكونإوا يقصدون بتلك "المقدسات" آلهة,
وخاصة إذا علمنإا أن هنإاك أنإصافا آلهة وثلثة أرأباع آلهة!!
على أي حال ,فإنإه من المتوقع في تلك الديانإة 15التي وجد فيها آلفا اللهة –على
أقل تقديرأ -أن يظهرأ فيها الكثيرأ والكثيرأ من الكائنإات الشرأيرأة ,ومن أشهرأ تلك
الكائنإات معشرأ "الرأاكشا" ,والذي يفسرأه بعض الباحثين بالعفارأيت أو الشياطين ,إل
أن هنإاك من يرأى أنإها لم تكن إل طائفة من البشرأ ,16كانإت تعمل على مطارأدة
وإيذاء الحكماء واللهة!
ومن المنإطقي كذلك أل يظهرأ "الشيطان" بالتصورأ المعرأوفا عنإد أتباع الديانإات
الثلثة الكتابية! ولقد أجهد الستاذ العقاد نإفسه في البحث عن الشخصية المماثلة
للشيطان في تلك الحضارأة ,فلم يجد إل شخصية قرأيبة منإها ,فقال:
"وليس في الديانإة الهنإدية وفرأوعها المتشعبة شخصية واحدة تشبه شخصية
الشيطان غيرأ الرأب الذي يسمونإه "المارأا" من الموت ,ويقولون أنإه يسيطرأ على
السماء السادسة وما دونإها من العوالم الرأضية ,كأنإهم جمعوا فيه فتنإة الحياة
الدنإيا مشخصة معرأوفة باسم واحد بدل من تعميم القول على الفتن التي تساورأ
النإفس ول تتمثل لها ذات في الحس أو الخيال.
وهذا "المارأا" هو الذي قيل في قصة "بوذا" أنإه وسوس له وألح في وسواسه
ليشغله عن النإسك ويصرأفه عن مسلكه من الحكمة ,وهو مسلك الزهد والعتدال.
فالشرأ الكونإي هو الشرأ النإفسي الذي يخامرأ الضميرأ ويزين له ترأك الحكمة والقبال
على الوهام والباطيل "17.ا.هـ
وأنإا ل أوافقا الستاذ العقاد فيما ذهب إليه ,وأرأى أن الشيطان يظهرأ بوضوح في
الديانإة الهنإدية ,إذا نإحن ألغينإا تلك الطنإان المزعومة من اللهة! فعلى الرأغم من
أن هنإاك آلفا من اللهة إل أن هنإاك ثالوثا يعلو هذه اللهة كلها ,وهو:
"برأاهما" ,18وهو الخالقا العظيم ,الذي خلقا الكون ,ثم انإبثقا عنإه بعد ذلك إلهان
عظيمان هما:
15يإمكن التعرف على الديإانة الهنديإة من خلل ملحمة المهابهاراتا ,وهي إحدى أشهر قصيدتين في الهند )الخرى هي :رامايإانا( وتعد
ل .وهي مكتوبة باللغة السنسكريإتية المهابهاراتا أطول قصيدة في العالم ,حيث تتكون من 220ألف بيت ,مقمسمة إلى ثمانية عشر فص ل
)اللغة القديإمة المقدسة للهند(
16يإذكر الدكتور سامي سعيد الحمد في كتابه" :الصول الولى لفكار الشر والشيطان" ,ص .43.أن الراكشا لم يإكونوا إل صنفا من
لخرى و الـ)راكشا( كما البشر ,فيقول " :فهناك الـ )راكشا( و هي عفاريإت خبيثة ,يإنسبون إليها أعمال كأعمال الشياطين في الديإان ا ص
يإقول البعض هو السم الذي كان يإطلق على الهمج الوائال الذيإن سكنوا الهند قبل إغارة الريإين عليها و كانت لهم حراسة على الطرق و
يإنابيع الماء ,وقد رسخ في الذهان إنهم أعداء البشر و إنهم يإتربصون بالناس و يإؤذونهم" ا.هـ
17عباد العقاد ,إبليس ,ص.59-58.
18يإطلق على ذلك الخالق "براهما" و"براهمن" ,وأميل إلى أنها مأخوذة من "رحمن"!
19
"فيشنإو" :إله الخيرأ ,والذي مهمته البنإاء والتغذية ,والذي يخلقا كل ما هو نإقي
وطاهرأ ,من نإبات أو حيوان.
"شيفا" :إله الشرأ والدمارأ ,وهو الذي يهدم ويحطم.
فلماذا ل يكون "شيفا" هذا هو الشيطان؟! حيث أن دورأه ومكانإته قرأيبة جدا من
دورأه في الديانإات الكتابية الثلثة –مع عدم اعتبارأه إلها!-
فإذا كان الهنإدوس يؤمنإون بأن "الله" فشنإو في صرأاع دائم مع شيفا ,والصرأاع
بينإهما جوالت ,فتارأة ينإتصرأ فشنإو فيعم الخيرأ ,وتارأة ينإتصرأ شيفا فيعم الشرأ ,إل
أنإه سيكون هنإاك انإتصارأ أخيرأ لفشنإو على شيفا ,فيعم الخيرأ إلى البد ,فإن هذا
التصورأ مماثل للتصورأ المسيحي عن الصرأاع بين ملئكة الخيرأ بقيادة ميكائيل
وملئكة الشرأ بقيادة إبليس.
وكما هو متوقع فلقد "يأنإسنإت" و"يحيونإت" تلك الكائنإات واللهة المزعومة للهنإود,
فظهرأت في شكل خليط من البشرأ والحيوانإات المقدسة عنإدهم ,أو على شكل
حيوانإاتهم المقدسة مثل الفاعي والبقارأ!!
في اليهودية
ونإترأك الديانإات الوثنإية ونإنإتقل إلى الديانإات الكتابية ,متنإاولين الديانإتين اليهودية
والمسيحية 19,ونإبدأ باليهودية باعتبارأها السبقا ظهورأا.
وعلى الرأغم من تميز اليهودية عن الديان السابقة بالوحدانإية ,فالله والرأب فيها
واحد ,وليس آلهة وأرأبابا عديدة ,إل أنإه لم يرأقا إلى الصورأة المثلى للله ,فهو إله
عنإصرأي ,رأب بنإي إسرأائيل فقط ,ويعمل فقط لنإصرأتهم وتأييدهم ,وأعطى بنإي
إسرأائيل مكانإة فوقا كل البشرأ!
كما أن كتبها لم تخل من النإزعة التجسيدية ,والتي جعلت الرأب يظهرأ في بعض
الحيان في مظهرأ قرأيب من البشرأ ,كما أنإه لم يكن كامل في كل المواطن!20
فإذا بحثنإا في كتب اليهود عن الشياطين ,لم نإجد هنإاك ذكرأا للشياطين –بالسم,-
بل إن صورأة الشيطان نإفسه ل تظهرأ واضحة في العهد القديم ,فلم ييذكرأ في الكتب
القديمة تصرأيحا ,وإنإما إشارأة إلى شرأورأ النإفس ,ثم أخذت صورأته في الوضوح
والتمييز فيما بعد ,كمخلوقا ذي كيان خاص.
19يإؤخذ في العتبار أن ما سيقال في اليهوديإة صيإعد مسلمال به ومقبول كذلك في المسيحية ,وذلك لن المسيحية اعتمدت كتب اليهود,
وجعلتها العهد القديإم ,مع الناجيل والرسائال "العهد الجديإد" في كتاب واحد ,سموه :الكتاب المقدس!
20يإؤول علماء اليهوديإة هذه اليإات ويإعدونها من "المتشابهات" المجازيإة ,ويإجعلون عمدتهم هي اليإات المحكمات ,التي بمينت تفرد
الرب وأنه ليس له مثيل!
20
ويشيرأ الستاذ العقاد إلى هذه النإقطة ,فيقول:
"ولم يذكرأ الشيطان قط في كتاب من الكتب قبل عصرأ المنإفى إلى أرأض بابل سنإة )
586قا.م( ثم كان ذكرأه فيها على الوصفا ل على التسمية ,فجاء مرأة بمعنإى
الخصم في القضية وجاء مرأة أخرأى بمعنإى المقاوم في الحرأب ,وأطلقا مرأة على
الملك الذي تصدي لبلعام في طرأيقه ,لنإه كان بمعنإى المعترأض أو الضد أو الخصم
المقاوم ,ولم يذكرأ بصيغة العلم إل حيث قيل في الصحاح الحادي والعشرأين من
سفرأ اليام أنإه "وقفا الشيطان ضد إسرأائيل".
وقد كانإت قرأابين الكفارأة تقسم على التساوي بين الله وبين عزازيل رأب القفارأ أو
الجنإي الذي يهيمن على الصحرأاء ,وكان إيمانإهم بوجود الرأباب الخرأى التي
يعبدها غيرأهم من المم بديل من صورأ الشياطين ,لنإها كانإت تعمل عمل الشيطان,
كلما صرأفت الشعب عن عبادة "يهوا" إلى عبادة غيرأها تثيرأ النإقمة على العصاة,
وإنإما تأتي النإقمة إذن من "يهوا" ولم تأت قط من أولئك الرأباب الجنإبيين ,البدلء
من الشياطين "21ا.هـ
وكما رأأينإا فلم يكن توحيد اليهود خالصا ,فهم وإن آمنإوا ب "يهوا" فإنإهم لم ينإكرأوا
وجود "أرأباب" أخرأى ,واعتبرأت هذه الرأباب بمثابة "الشياطين"!
ويعتبرأ "عزازيل" أبرأز تلك الشياطين –والذي يرأى كثيرأون أنإه إبليس -والذي يمثل
لغزا في اليهودية ,بسبب تلك المكانإة التي احتلها ,فلقد وصل لدرأجة أن القرأابين
يتقسم بينإه وبين الرأب!
وعلى الرأغم من أن العهد القديم لم يذكرأ الشياطين صرأاحة ,فإن هنإاك ذكرأ صرأيح
لكائنإات غيرأ بشرأية ,مثل الجن والتوابع ,في آيات عدة مثل ما جاء في سفرأ
اللويين 31 : 19" :ل تلَّتفتوا إلى الجان و ل تطلَّبوا التوابع فتتنجسوا بهم أنا
الرب إلهكم 27 : 20 ........و إذا كان في رأجال أو امرأة جاان أو تابعة فانه يقتل
بالحجارأة يرجامونه دمه علَّيه"
ونإجد أن الجن في العهد القديم يظهرأ بنإفس الصورأة الموجودة في العقلية العرأبية,
فهو يدخل النإسان –كما في اليات السابقة ,-ويستعين به السحرأة في معرأفة
الغيب ,كما جاء في سفرأ صامويل الول:
" 7 :28فقال شاول لعبيده :فتشوا لي علَّى امرأة صاحبة جاان ,فأذهب إليها و
أسألها .فقال له عبيده :هي ذا امرأة صاحبة جاان في عين دورأ.
8 :28فتنكر شاول و لبس ثيابا أخرى و ذهب هو ورأجالن معه وجااءوا إلى المرأة
ليلا وقال :اعرفي لي بالجان واصعدي لي من أقول لك "...
21
ومن ثم ينإهاهم الرأب عن اللجوء إلى أصحاب الجن والتوابع لسؤالهم ,ويأمرأهم
بسؤاله هو فقط! وعلى الرأغم من اتفاقا تصورأ أدوارأ الجن عنإد المسلمين واليهود
إل أنإنإا يجب علينإا أن نإفرأقا بين التصورأين ,فأهل الكتاب ل ينإظرأون إلى الجن على
أنإهم مخلوقات مكلفة ,فيها الخليرأ والشرأيرأ ,وإنإما ينإظرأون إليها على أنإها أرأواح
شرأيرأة ساقطة تتبع الشيطان ,ويعرأبت ب كلمة "الجن" لكونإها أقرأب مصطلح لفهم
الشرأقيين.
ولم تسلم كتب العهد القديم من الخرأافة ,فظهرأ فيها الكثيرأ والكثيرأ من الكائنإات
الخرأافية ,التي يذكرأت في كتب المم السابقة ,مثل القنإطورأ والذي هو نإصفا إنإسان
ونإصفا حصان.
وكالعادة تدخلت يد المترأجم العرأبي فعملت على إخفاء تلك الكائنإات ,بأن علرأبتها
بدون الشارأة إلى الصل السطورأي لها ,أو غيرأتها أصل ,وإن لم تقم بهذا مع كل
الكائنإات الخرأافية ,فظهرأ بعضها في النإصوص العرأبية ,ومن ذلك ما جاء في سفرأ
إشعياء:
" 1 :27في ذلك اليوم يعاقب الرب بسيفه القاسي العظيم الشديد لوياثان الحية
الهارأبة لوياثان الحية المتحوية و يقتل التنين الذي في البحر"
فهنا نجد حديثا عن التنين! والتنين -لمن ل يعرف -هو حية تطير تنفث النارأ!
فإذا أخذنإا نإصا محايدا نإزين عليه هذه التعرأيب –وهو من ترأجمة مارأتن لوترأ -نإجد
أن المترأجم اللمانإي كان أكثرأ صرأاحة في ترأجمته للنإص ,إل أنإه أخفى "ليليت"
كذلك ,فلم يذكرأها بالسم وإنإما سماها "جنإية الليل" فقال:
"……und ein Feldgeist wird dem anderen Begegnen. Das ,
Nachtgespenst wird auch dort herbergen und seine Ruhestatt dort
".finden
والذي يمكن تعرأيبه ب:
" ....وشبح الغابة سوفا يلقي آخرأا ,وجلنإية الليل سوفا تستقرأ هنإاك وتجد لنإفسها
مأوى".
22
ونإطلب إلى القارأئ العرأبي الذي ل يعرأفا كثيرأا عن ليليت ,أن يجرأي بحثا حولها
على الشبكة المعلوماتية.22
وهنإاك كائنإات خرأافية أخرأى في العهد القديم غيرأ تلك المذكورأة ,إل أنإنإا نإكتفي بهذا
إشارأة إلى تأثرأ كتب اليهود بالساطيرأ الموجودة في البلد المحيطة بهم ,والتي
نإزحوا إليها!
في المسيحية
إذا ترأكنإا اليهودية وانإتقلنإا إلى المسيحية ,فسنإجد أن الحال لن يتغيرأ قليل أو كثيرأا,
فهو يؤمن بوجود الرأواح الشرأيرأة ,والتي تسمى بالشياطين ,والتي هي في الصل
ملئكة ساقطة تابعة للشيطان في عصيانإها للرأب.
وييلحظ أن تصورأ الشيطان أصبح جد واضح في المسيحية ,وهو أقرأب ما يكون
إلى التصورأ السلمي ,إل أنإه ثمة خلفا مع القول المشهورأ ,فهم يرأون أنإه كان
من الملئكة وليس من الجن! لنإهم ل يقولون بوجود خلقا آخرأ اسمه الجن!
23
اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلم"
وما جااء في إنجيل متى:
" 41 :25ثم يقول أيضا للَّذين عن اليسارأ اذهبوا عني يا ملعين إلى النارأ البدية
المعدة لبلَّيس و ملئكته"
كما أن إبليس يظهرأ بصورأة قرأيبة من الرأب! فثمة صرأاع مرأيرأ بين الرأب وملئكته
وإبليس وملئكته!
ولم ينإجح الرأب في النإتصارأ على إبليس وجنإوده في هذا الصرأاع إل بالخديعة ,بأن
جعل نإفسه يتجسد ليظهرأ في صورأة إنإسان ,ييقتل على الصليب ليفدي بدمائه خطايا
البشرأية!!
وفي نإهاية الزمان تحدث معرأكة عظيمة بين ملئكة الرأب بقيادة ميخائيل وملئكة
إبليس بزعامته ,وينإتصرأ جيش الرأب ويهزم جنإود إبليس ,ويأتي الرأب ابن
النإسان! ليدين العالم! وييلقى إبليس الحية القديمة في بحيرأة النإارأ البدية!
ولن المسيحية تمايزت عن الديانإات التوحيدية بثالوثها! والذي يمثل الرأوح القدس
أحد أرأكانإه ,وجدنإا أن الرأوح القدس يؤيد الخيارأ ,ومن ذلك ما ورأد في إنإجيل لوقا
في حقا يحيى عليه السلم:
" 15 : 1لنه يكون عظيما أمام الرب و خمرا ومسكرا ل يشرب ومن بطن أمه
يمتلَّئ من الروح القدس"
وما ورأد كذلك في أعمال الرأسل أن الحوارأيين امتلئوا بالرأوح القدس وتكلموا
بألسنإة عديدة!!
أما الشرأارأ فيمتلئون بالرأواح النإجسة والتي يمكن التحرأرأ منإها بالصوم والصلة,
كما جاء في إنإجيل متى:
" 21 :17و أما هذا الجنس فل يخرج إل بالصلة والصوم"
وتظهرأ الشياطين بوضوح في النإجيل ,ويظهرأ لها سلطان مادي ورأوحي ,فإبليس
كبيرأهم يحمل المسيح ويطيرأ به ليختبرأه!! كما جاء في إنإجيل متى:
" 8:4ثم أخذه أيضا إبلَّيس إلى جابل عال جادا وأرأاه جاميع ممالك العالم ومجدها.
9 :4و قال له :أعطيك هذه جاميعها إن خررأت وسجدت لي.
10 :4حينئذ قال له يسوع :اذهب يا شيطان لنه مكتوب للَّرب إلهك تسجد و اياه
وحده تعبد"
كما أن الشياطين تدخل أجاساد البشر وتسبب لهم المراض العضوية ,والمسيح
يخرجاها فيتعافى المصابون! ومن ذلك ما ورأد في إنجيل متى كذلك:
" 32:9و فيما هما خارأجاان إذا إنسان أخرس مجنون قدموه إليه.
33 :9فلَّما أخرج الشيطان تكلَّم الخرس فتعجب الجموع قائلَّين :لم يظهر قط مثل
هذا في إسرائيل.
34 :9أما الفريسيون فقالوا :برئيس الشياطين يخرج الشياطين"
24
وكما ظهرأت كائنإات خرأافية في كتب العهد القديم ,كذلك تظهرأ كائنإات خرأافية
عجيبة في كتب العهد الجديد ,إل أن أعجب ما في المر أن واحدا من هذه الكائنات
الخرافية هو الرب!
فيظهر الرب في سفر رأؤيا يوحنا اللهوتي علَّى هيئة خروف عجيب!!
" 6:5ورأأيت فإذا في وسط العرش والحيوانات الرأبعة و في وسط الشيوخأ خروف
قائم كأنه مذبوح له سبعة قرون و سبع أعين هي سبعة أرأواح ا المرسلَّة إلى كل
الرأض 7 :5 .فأتى وأخذ السفر من يمين الجالس علَّى العرش 8 :5 .و لما أخذ
السفر خرت الرأبعة الحيوانات والرأبعة والعشرون شيخا أمام الخروف ولهم كل
واحد قيثارأات وجاامات من ذهب مملَّوءة بخورأا هي صلَّوات القديسين"
ولم نإعرأض لصفة هذه الحيوانإات الرأبعة لنإه سيقال أنإها رأؤيا وأنإها كائنإات ل
تنإتمي لعالمنإا ,ول لغيرأها من الكائنإات الخرأافية الموجودة في العهد الجديد,
مكتفيين بذلك الرأب الخرأوفا العجيب ,ففيه من العجب ما يكفي!
وكما رأأينإا من المثلة المعرأوضة فإنإه لم يظهرأ في تلك الحضارأات "الله المتفرأد"
وإنإما ظهرأت أرأباب عديدة مختلفة الدوارأ ,لم يتحققا في أي منإها الكمال اللهي
وإنإما حملت السمات البشرأية النإاقصة ,والممزوجة بالهيئة الحيوانإية ,مما يدل
على أنإها صنإاعة بشرأية ,حاول العقل فيها أن يتغلب على نإقاط الضعفا البشرأية
بإضافة مواطن قوة وتمليز الحيوانإات إلى النإسان.23
كما رأأينإا أن بعض هذه اللهة! يستحقا أن يينإعت بالشياطين! تبعا للدوارأ التي يقوم
بها ,لذلك رأأينإا تهاوي الحاجز الفاصل بين الله والشيطان في التصورأ والدوارأ,
ولذلك احتل الشيطان والشياطين منإزلة كبيرأة في معبودات الحضارأات القديمة!
فلماذا يتفرأد اللهة –أو الله -الخليرأة بالعبادة ,إذا كانإوا في نإفس درأجة الشرأارأ,
وإذا كان في أفعالهم ما يقارأب أفعال الخرأين؟!
وإذا كان هنإاك صرأاع بين الفرأيقين فمن الحوط أن يتقرأب النإسان إلى كليهما,
حتى يضمن خيرأ هذا ويتجنإب غضب وضرأ ذاك!!
عبادة الشيطان
رأأينا كيف احتلَّت الشياطين مكانة بارأزة في الديان القديمة ,حتى أنها اعتتبرت
كآلهة وتعبدت ,ومع مرورأ الزمن توارأت تلَّك الديان وبرزت الديانات البراهيمية:
اليهودية والمسيحية والسلم.
ورأأينا كيف أن الشيطان احتل مكانة بارأزة في الديانة المسيحية ,تكاد تقترب من
23نوصي القارئ الكريإم بالطلع على كتابنا :السوبرمان بين نيتشه والقرآن ,والذي عرض لمسألة "قوة النسان" ,وبمين كيف أن
التصورات البشريإة للقوة تصورات سطحية ساذجة طفولية! وقدما تصورا إسلميا للنسان العلى!
25
مكانة الرب ,حتى أن الرب نفسه لم يجد حلا للنتصارأ علَّيه إل أن يتجسد في شكل
بشري ليتصلَّب ,ويفدي البشر بدمائه!
وعلَّى الرغم من ذلك فإن هذه الخدعة ل تفلَّح ,وستقوم معركة في آخر الزمان بين
الملك ميخائيل وأتباعه وإبلَّيس وأتباعه.
وبسبب هذه المكانة الكبيرة للَّشيطان ,انبثقت عن الديانة المسيحية بعض الطوائف,
التي اتجهت إلى عبادة الشيطان ,بحجة أن الشيطان انتصر في تحديه للله ,فالشر
هو السائد في العالم ,ومن ثم فإن الشيطان هو المستحق للَّعبادة!
ونشأت هذه الطوائف علَّى استحياء في العالم الغربي في القرون الوسطى- ,وهناك
من يرى من المؤرأخين أنها نشأت في القرن الميلدي الول بالتوازي مع
المسيحية -كتنظيمات سرية ,خوفاا من البطش الذي كانت الكنيسة ستنزله بأفرادها,
وبالفعل كان تيعدم من تيضبط من هذه الجماعات.
ويعتبر الظهورأ الحقيقي لهذه الجماعات في العصر الحديث –عصر التحررأ! -في
القرن العشرين ,عندما ظهروا علَّى المل ,وأخذوا يدعون إلى مذهبهم!
والقول بأن عبادة الشيطان في العصر الحديث منبثقة عن المسيحية رأاجاعع إلى أنها
نشأت في مجتمعات ذات ثقافة مسيحية ,من أفرادد تمردوا علَّى الرموز المسيحية,
فنجد أنها تتخذ نفس الرموز المسيحية ولكن بشكل مخالف ,فهناك كنيسة للَّشيطان,
وهناك إنجيل ولكنه أسود ,وهناك صلَّيب ولكنه يستعمل مقلَّوبا ا أو معقوفاا ,كما أنه
قد تيهان في تلَّك الطقوس ,فتيحرقا أو تيداس!
ولن عبادة الشيطان أو الديانة الشيطانية مـا هـي إل تمـرعد علَّـى المسـيحية ,وجا دنا
لفي هذه يؤلف كتابا ا يسميه بالكتاب المقدس الشيطانى ! The Satanic Bible
ووضع فيه تعاليم ,نسبها إلى الشــيطان ,وهــي مضــادة للَّتعــاليم الموجاــودة بالنجيــل
المقدس ,كما ضرمن هذا الكتاب شعائر وطرقا عبادة الشيطان!!
ويعرض عبد ا كمال النقاط الرئيسة لهذا الدين! والتي تتعد بمثابة الدستورأ أو
قانون اليمان! الخاص به ,فيقول:
"والجزء الول يمثل دستورأ الديانة ,وهو مكون من 9عبارأات ,نصها كما يلَّي:
-1الشيطان يمثل النغماس في اللَّذة بدلا من التقشف.
-2الشيطان يمثل الوجاود الحيوي بدلا من الحلم الروحية المحدودة.
26
-3الشيطان يمثل الحكمة غير الملَّوثة مقابل خداع النفس الزائف.
-4الشيطان يمثل العطف علَّى من يستحقه بدلا من الحب الذي يمنح للَّجاحدين.
-5الشيطان يمثل النتقام بدلا من إدارأة الخد الخر للَّضارأب.
-6الشيطان يمثل المسئولية للَّمسئول بدلا من الهتمام بمصاصي الدماء.
-7الشيطان يمثل النسان ,مثل أي حيوان آخر ,أحيانا ا يكون أفضل من
الحيوانات ,وأحياناا يكون أسوأ من التي تمشي علَّى أرأبع ,وذلك لنه
باهتمامه بالروحانيات اللهية أصبح أكثر الحيوانات وحشية.
-8الشيطان يمثل كل ما يسمى بالخطايا ,حيث إنها تقود إلى الشباع المادي
والجسدي والمعنوي.
-9الشيطان هو أفضل صديق للَّكنيسة ,حيث إنه هو الذي جاعلَّها تعمل طول هذه
السنوات "25.ا.هـ
وكما رأأينا فإن قانون إيمان لفي –والذي كان اسمه :ليفي )لوي( ,فغيره حتى
يبتعد عن كل ما له علقة بالكتاب المقدس -هو قوانين مضادة لما هو موجاود في
المسيحية ,نزعت المسيح من مكانه ووضعت مكانه الشيطان!
وعلَّى الرغم من أن أتباع هذا الدين تيسمون عبدة الشيطان ,إل أنهم ل يؤمنون كلَّهم
بالشيطان –كما تصورأه الديان السماوية -وإنما ينقسمون إلى فرقتين:
فرقة الشيطانية اليمانية ) ,(Theistic Satanismوالتي تؤمن بوجاود كائن فوقا
طبيعي هو الشيطان ,يقدسونه ويبجلَّونه!
وفرقة الشيطانية اللحادية ) ,(Atheistic Satanismوهم ملَّحدون ل يؤمنون
بالشيطان كما تصورأه الديان ,ول يؤمنون بإله ول بيوم آخر ول حساب ,وإنما
يؤمنون بالرمز الذي يجسده الشيطان!
وعبادة الشيطان قائمة علَّى إطلقا العنان للَّشهوات وعدم تقييد النفس أو الرغبات,
وإنما الستجابة لكل ما تطلَّب ,وأن يتعامل النسان بواقعية )حيوانية( بدلا من أن
يخدع نفسه بشعارأات ل يؤمن هو نفسه بها!
وفلَّسفة عرباد الشيطان محورأها القوة ,فالقوي هو الصلَّح ,ويرون أن أخلقا
الكتاب المقدس –والقرآن -ما تجاعلَّت إل لحماية الضعف والضعفاء! ومن ثم فعلَّينا
إيجاد نظم جاديدة للَّتربية تعتمد علَّى الوصول إلى القوة ,والتحصل علَّى اللَّذة بأقصى
حدد ممكن! ول بأس بخوض الحروب من أجال الوصول إلى هذه الهداف!
ويمكن القول أن مبادئ الديانة الشيطانية مستقاة من فلَّسفة القوة للَّفيلَّسوف
اللماني نيتشه ,القائمة علَّى عدم المساواة والمناداة بالنسان الخارأقا!26
وعلَّى الرغم من تهافت وسطحية أقوالهم إل أنهم يرون أن ما يقولون به هو
الحقيقة ,فهم في الواقع يعبدون الحقيقة والواقع ل الوهام!
27
وفي هذا يقول حسين عبد الواحد:
"وقد أسس ليفي هذه الجماعة تحت شعارأ عبادة الحقيقة ,باعتبارأ فهم خاطئ يرى
أن الشيطان هو الحكمة غير المشوهة ,بدلا من خداع النفس والخرين ,كما إنه
يمثل نقيض إدعاء التسامح حيث ينتقم ممن يعتدي علَّيه )(.....
كما إن العديد من أعضائها ل يؤمنون بوجاود الشيطان كحقيقة مادية بل كفكرة
مجردة ,لمثل كل الخطايا أو الثام التي اختلَّقتها المجتمعات بهدف حرمانهم من
الشباع العضوي والعقلَّي والعاطفي "27.ا.هـ
وأفعال المنتمين لهذه العبادة أفعال حمقاء هزلية ,نابعة من التصورأات البدائية عن
الشيطان ,والتي تظهره بمظهر كبش له قرون ,وأنه كائعن أسود قبيح ,ومن ثم فإنهم
يحرصون علَّى ارأتداء الملبس السوداء!
وبما أنها حركة مضادة للديان فمن المتوقع أن تكون عبادتهم ارأتكاب المحرمات
التي نهت الديان عنها لذلك نجد أن طقوس التقداس! الذي يقيمونه يشتمل استدعااء
للَّشيطان وممارأساة للَّجنس والشذوذ علَّى أنغام الموسيقى الصاخبة ,مثل Black
Metalو Heavy Metalو ,Death Metalوالتي تكون مصحوبة بالرقص
المجنون ,الذي يدخل فاعلَّه في حالة من الغيبوبة ,ل يدرأي معها ما يفعل!!
وكذلك قتل وتعذيب بعض الحيوانات –بل ويصل المر أحيانا ا إلى قتل البشر!-
وشرب دمائها!
ومما يأسف له المرء أننا وجادنا في مجتمعاتنا العربية ,من انتسب إلى تلَّك
الجماعات ,وأخذ يقلَّدهم فيما يفعلَّون ,تقلَّيداا أعمى! ظنا ا منهم أن هذا تمرعد علَّى
المجتمع الذي يقيدهم! فلَّماذا التمسك بالعراف ,لنتحررأ )لنصير حيوانات متوحشة(
كما تحررأ السياد الغربيون!
وظهرت هذه البدعة عندنا في أواخر القرن العشرين ,حيث ألقت قوات المن
العربية القبض علَّى مجموعة من الشباب والفتيات –كلَّهم من أبناء علَّية القوم!-
في عددد من البلَّدان العربية ,مثل مصر والسعودية والكويت والبحرين.
وهناك من يقول أنه قد توجاد بين المسلَّمين –منذ زمن بعيد -من يعبد الشيطان ,وهم
الطائفة اليزيدية ,وكانت مظاهر عبادته تختلَّف عن هذه المظاهر كلَّياة! إل أننا
نرفض هذا القول تماما ا ونرى أنه مما تتقول علَّيهم ,لساءة الناس فهم فلَّسفتهم,
وفي هذا يقول العقاد:
"أما النحلَّة التي ينسبونها إلى الشيطان ,ول تزال لها بقية في العصر الحاضر,
فهي النحلَّة اليزيدية التي تقيم في شمال العراقا ,وينتمي أبناؤها جاميعا ا إلى الكرد,
ول يعرف أحعد علَّى التحقيق سبب تسميتهم باليزيدية ,ول يعول علَّى أقوال أحد
28
علَّمائهم أو جاهلئهم ,لنهم يحرمون التعلَّيم علَّى عامتهم ويجعلَّونه وقفا ا علَّى أسرة
منهم تتولى الكهانة وأمانة السرارأ في هذه الديانة.
فمن كان منهم عالماا بتلَّك السرارأ فهو ل يبوح بها ومن كان من جاهلئهم
وعامتهم ,فهو يتلَّقى ما يسمعه وتيؤذن له بعلَّمه )(...........
وليس فيما رأواه الثقات عنهم ما يثبت عبادتهم للَّشيطان ,ولعل القول بعبادتهم
س ,جااء من اعتقادهم أن الله الذي يسمونه "طاووس ملَّك" نصح لدم للَّشيطان لب ع
بأكل الحنطة فانتفخ بطنه ,وضاقت به الجنة ,فأخرجاه طاووس ملَّك العراء وصعد
إلى السماء ,ولم يكن لدم مخرج فأرأسل إليه طائراا ينقر بطنه فاستراح من أكل
الحنطة ,وعاش بعيداا من الجنة المطهرة ,يأكل هو وبنوه من ذلك الطعام الرأضي
إلى يوم القيامة "28.ا.هـ
وهذه العبادة وإن لم تحقق الشرط الرئيس للَّعبادة ,وهو حب المعبود والسعي
للَّوصول إلى رأضاه ,فإنها حققت أهم شرط فيها وهو الطاعة ,والعيش تبعا ا لما
يريده المعبود ,لذا ل يظنن ظاعن أن عبادة الشيطان ظاهرة محدودة النتشارأ
والفراد ,فأكثر أهل الرأض يعبدون الشيطان ,فهم ينفذون مخططه ,ويحققون له ما
يريد ,فطالما أن النسان ل يعبد الرحمن فهو عابعد للَّشيطان ,فكما قال الدكتورأ محمد
المسير:
" عبادة الشيطان هي المقابل لعبادة ا وعلَّى النقيض منها ,وهي الوصف الجامع
لكل صورأ الشرك والكفر والفساد .ويوم تناست البشرية عهدها الول مع ا تعالى,
بدأت عبادة الشيطان )(.......
ولذلك خاطب إبراهيم علَّيه السلم أباه يدعوه إلى عبادة ا ,وترك عبادة الشيطان,
مع أن أباه كان يتخذ أصناما آلهة ,قال تعالى:
ت للمم تمسعبتتد مما مل يم س
سممتع صدديقا ا نيبليرا ا إلسذ مقامل للملبيله ميا أمبم ل ب إلسبمرالهيمم إلنيهت مكامن ل مواسذتكسر لفي اسللكمتا ل
ت إلدني قمسد مجااءلني لممن اسللعسلَّلم مما لمسم يمأستلمك مفاتيبلسعلني شسيئا ا ميا أمبم ل
صتر مومل يتسغلني معنمك م مومل يتسب ل
صيرا ا ]مريم : طامن مكامن لللَّيرسحمملن مع ل شسي م
طامن إلين ال ي شسي م
ت مل تمسعبتلد ال ي سلويرا ا ميا أمبم لصمراطا ا مأمسهلدمك ل
"29[44-41ا.هـ
29
الفصل الثانإي
الجن في الجاهلية
بعد أن عرأضنإا لتصورأات عدد من الحضارأات القديمة لهذه الكائنإات الغيرأ مرأئية,
سواء كانإت أرأبابا أو شياطين ,نإنإتقل لنإرأ كيفا تخليل العرأب قبل السلم هذه
الكائنإات! ولن العرأب كانإوا يعيشون في بيئة صحرأاوية ,ذات طبيعة خاصة مختلفة
عن بيئات الحضارأات السابقة ,فمن المتوقع أن يختلفا "جنإهم" عن "جن" باقي
الحضارأات ,لن خصائص هذه الطبيعة ستنإعكس ل محالة في جنإهم!
ولنإنإا لم يصل إلينإا شيئا من تارأيخ العرأب القديم مدونإا ,فسنإكتفي بما جاء مرأويا
عن عرأب الجاهلية ,والذي سنإجد فيه آثارأ تأثرأ بالحضارأات التي اختلط بها,
وخاصة اليهودية والنإصرأانإية ,لن أتباعهما كانإوا يعيشون بينإهم ,وكان العرأب
الجاهليون يعرأفونإهم ويتعاملون معهم ,ولهذا سنإجد تشابها خاصا بين تصورأ
العرأب للجن وبين التصورأ اليهودي له!
احتل الجن منإزلة عظيمة في حياة العرأبي الجاهلي ,على الرأغم من أن تصورأه
لهيئة الجن نإفسها كان مبهما ,إل أنإه كان يتصورأها كمخلوقات عظيمة ,ذات قوة
خارأقة ,تميل إلى الشرأ ومشاكسة النإسان ,لذا عمل على استرأضاء هذه المخلوقات
وعدم التعرأض لها بالذى حتى ل تؤذيه بما ل ييطيقا!
كما نإسب كل أمدرأ غرأيب وشاذ إلى الجن ,فالعرأبي ليس في حاجة إلى أن يتعب
ذهنإه ,فهنإاك جن! وهو التفسيرأ اليمعد لكل ظاهرأة ل يستطيع لها تفسيرأا!
فمن ذلك أنهم نسبوا بعضاا من أفعال الطبيعة إلــى الجــن ,وذلــك لعجزهــم عــن إيجــاد
تفســيدر لهــا ,فلَّســيطرة الخــوف مــن المجهــول علَّيهــم ,بحكــم عزلتهــم ,تحيــط بهــم
الصحراء الملَّيئة بالمخاطر من كل جاانب ,ولعدم وجاود عقلَّية علَّمية تحكم علَّى هــذه
المورأ ,فمن المنتظر أن يخرج لنا ذلك العقل الفلزع هذه الخيالت المريضة.
وتذكر لنا حلَّيمة خالد نماذج لنتاج فزع العقل الجاهلَّي ,فتقول:
"وهكذا نلحظ أن الخيال البشري تصورأ الجن في كل الشكال والصورأ ,التي يمكن
أن يرسمها خيال ملَّيء بالذعر من هذه المخلَّوقات الخفية ,التي لم يرها أحعد علَّى
التحديد ,وهذا يؤكد ما ذهب إليه الشبلَّي من أنهم "قوم لهم أجانحة ,وخراطيم دقيقة,
يمشون علَّى رأجالَّين ,أو علَّى أرأبعة ,ويطيرون".
وزعم الجاهلَّيون أنهم يسمعون أصواتاا غريبة ,نسبوها إلى تلَّك الكائنات ,وأطلَّقوا
علَّيها عدة أسماء ,أشهرها )العزيف( ,ولم تأت هذه التسمية من فراغ ,لن العزيف
30
في اللَّغة صوت الرمال إذا هبت بها الرياح ,وعزف الرياح أصواتها ,والعزف صوت
في الرمل ل تيدرأى ما هو ,وفي حديث ابن عباس –رأضي ا عنهما" :-كانت الجن
ف اللَّيل كلَّه بين الصفا والمروة"
تعز ت
وقيل هو صوت يسمع باللَّيل كالطبل ,وهو صوت الرياح في الجو ,فتوهمه أهل
البادية صوت الجن ,فالوهم هو الساس "30.ا.هـ
ونإعرأض بشكدل غيرأ مفصل تصورأ العرأب للجن ,وإن كنإا نإرأاه كافيا ليبصرأ القارأئ
كيفا صورأت العقلية العرأبية -المعزولة تقرأيبا عن باقي الحضارأات -الجن ,وكيفا
أنإها لم تكن أقل ثرأادء من الحضارأات الخرأى ,فلقد أتت بأنإواع وأصنإافا عديدة.
وسنإترأك بعض النإقاط في تنإاولنإا هذا لنإعرأض لها عنإد تنإاولنإا للجن في التصورأ
"السلمي" ,لنإبصرأ كيفا انإتقل تصورأ الجاهليين إلى المسلمين!
أصنإافا الجن
إذا أرأاد أي باحث الحديث عن الجن في العصرأ الجاهلي ,فل بد أن يرأجع إلى كتاب
"الحيوان" للعلمة الموسوعي المام الجاحظ ,وذلك لنإه عرأض لهم وأسهب في
عرأض ما قالته العرأاب حولهم.
ومما ذكرأه المام الجاحظ عن أقوال العرأاب في مرأاتب الجن:
"ثيم ينزلون الجن في مراتب فإذا ذكروا اسللجنديي سالماا قالوا :جاني فإذا أرأادوا أرنه
ممن سكن مع اليناس قالوا :عامر والجميع تعرمارأ ,وإسن كان ممن يعرض للَّصبيان
فتهسم أرأواح ,فإن ختبث أحتدهم وتعيرم فهو شيطان ,فإذا زاد علَّى ذلك فهو مارأد.
شسيطادن مارأدد ,فإن زاد علَّى ذلك في القيوة فهو ا عز ذكره :مولحسفظا ا لمسن تكدل م قال ر
ت لممن اسللجدن أمنا آتيمك بلله قسبمل أسنا تعالى :قال لعسفري ععفريت والجميع عفارأيت قال ر
تمسقومم مسن مقالمك.
سوى الخافي بها أثتر س ل وهم في الجملَّة جانن وخوافي قال الشاعر :ول يتمح س
ظف ونمقلمي وصارأ خيراا كسلَّه فهو ممملَّك -في قول من تأول قوله عز فإن طمهمر الجني ونم ت
ق معسن أسملر مرأبدله علَّى أرن الجين في هذا الموضع الملئكة. - ذكره :كامن لممن اسللجدن فممفس م
) (.......استطراد لغوي وقال آخرون :كسل تمسستلجنن فهو لجانرني وجاارن وجانين وكذلك
الولتد قيل له جانيعن لكونه في البسطن "31ا.هـ
ومن الصناف التي ذكرها الجاحظ كذلك في كتابه "الحيوان" وإن لم يعرض لها
بتفصيل" :الهاتف" و "الهواتف" ,وذلك لنه رأأى أن المدلول واضح من السم
فل يحتاج إلى تعلَّيق!
والهاتف هو صوت تيسمع بدون أن تيرى قائلَّه ,ومن ثم فقائلَّه ل محالة جاني! يريد
31
أن يخبر الناس بشيء ما ,ولقد ورأد في التراث العربي –قبل السلم وبعده -العديد
من القوال التي تنسبت إلى هواتف الجن ,منها ما قيل أن هواتف الجن هتفت بموت
المنصورأ في البصرة في يوم موته في مكة!
ومنها ما قيل أن الجن قالت أنها قتلَّت سعد بن عبادة وأعلَّمت البشر بذلك في بيتي
شعر تفتخر بذلك!
وهناك أصناف أخرى ابتكرتها مخيلَّة العربي ,إل أننا سنفرد الحديث عن بعضها في
عنصر مستقل ,لشهرتها في مجتمعاتنا المعاصرة.
32
الغـول
من أشهر الكائنات الخرافية المعروفة عند النسان العربي في وقتنا الحالي ,وعلَّى
الرغم من أنه من المفترض انتمائه إلى الجن ,إل أن كثيرون يفردونه بصورأة
خاصة قبيحة! ورأبما يرجاع هذا إلى وسائل العلم والتي قامت بتصويره علَّى شكل
وحش قبيح مخيف! ورأبما إلى تشابه اسمه مع كلَّمة "غورأيل" ,مما جاعل المتلَّقي
المعاصر تيسقط صورأة قريبة من ذلك الحيوان علَّى هذا الكائن السمعي!
فما هو الغول؟
يقول المام الدميري:
"الغول- :بالضم -أحد الغيلن ،وهو جانس من الجن والشياطين ،وهم سحرتهم .قال
الجوهري :هو من السعالي والجمع أغوال وغيلن ،وكل ما اغتال النسان فأهلَّكه
فهو غول ،والتغول التلَّون .قال كعب بن زهير بن أبي سلَّمى رأضي ا تعالى عنه:
فما تدوم علَّى حال تكون بها ...كما تلَّون في أثوابها الغول
ويقال :تغولت المرأة إذا تلَّونت .ويقال :غالته غول ،إذا وقع في مهلَّكة .والغضب
غول الحلَّم "35.ا.هـ
وعلَّى الرغم من هذه الشهرة الكبيرة للَّغيلن ,فإن قرناءها من السعالي ,لم تحظ
بهذا النتشارأ ,علَّى الرغم من أنها من نفس الجنس ,والمفترض أنها أخبث الغيلن!
والغول في العقلَّية العربية ,هو ذلك المخلَّوقا الذي يضل المسافرين في أسفارأهم,
وهو "يتلَّون في ضروب الصورأ والثياب ,ذكراا كان أو أنثى ,إل أن الكثر علَّى أنه
سفارأ .قالوا :وإنما هذاأنثى ,والسعلة اسم لواحدة من نساء الجن تتغول لتفتن ال ت
منها علَّى العبث ,أو لعلَّها تفزع إنسانا فيتغير عقلَّه.
وزعموا أن خلَّق الغول كالنسان ,ولكن رأجالَّيها رأجال حمارأ .ول يزال أهل مكة
يتحدثون عن "الدجايرة" وهي في سماتها كالغول ,فرجالها رأجال حمارأ ,ووجاها
وجاه امرأة ,وهي ل تسير إل ليل "36....ا.هـ
35كمال الديإن الدميري ,حياة الحيوان الكبرى ,تحقيق :أحمد حسن بسج ,الجزء الثاني ,ص.263.
36عبد ا عبد الجبار ,محمد عبد المنعم خفاجي ,قصة الدب في الحجاز في العصر الجاهلي ,ص.509.
33
إذا رأأوا المرأة حديدة الطرف والذهن ،سريعة الحركة ممشوقة ممحصة ،قالوا:
سعلة.
قال العشى :ورأجااال قتلَّى بجنبي أرأيك *** ونساء كأنهن السعالـي
وذكر أن في الجن سحرة كسحرة الإنس لهم تلَّبيس وتخييل ،وهم السعالى .وهم
أقدرأ من الغيلن في هذا الباب ".37ا.هـ
ول يزال هذا التصورأ منتشر بين العوام عندنا في مصر –وغيرها من الدول العربية
وغير العربية -فهم يؤمنون بوجاود جان نصفه إنسان ورأجاله رأجال ماعز!
وهذا التصورأ قريب من تصورأ الكائن المسمى Satyrالموجاود عند اليونانيين,
والذي هو كائن ,نصفه العلَّوي إنسان وساقاه ساقي ماعز!
وعلَّى الرغم من أنهم يرون أن الغيلن هذه هي سحرة الجن ,أو من شدادها ,إل
أنها ل تستطيع أن تحول ساقيها إلى شكل سيقان البشر! فيظلن علَّى نفس الشكل
الذي يكشفها أمام البشر!
وفي هذا يقول الجاحظ:
ا تعالى قد ممرلَّك الجن والشياطين والتعيمارأ والغيلمن أسن يتحرولوا"وتزعم العايمة أرن ر
صورأة المرأة ولباسها إلر ي صورأة شاءوا إلر الغول فإرنها تتحيول في جاميع ت في أ د
38
رأجالَّيها فل بتيد من أن تكون رأجالَّسي حمارأ " .ا.هـ
ونلحظ أن العلمة الجاحظ علَّى الرغم من إيراده هذه الخبارأ في كتبه ,فإنه كان ل
يؤمن بها ول يصدقها ,فهو تيصردرأها دوما بقوله "وتزعم العامة"" ,وتزعم
العراب" وما شابه من تلَّك القوال التي تجعل العهدة علَّى من يقول به ,وتبين
عدم اقتناعه به ,وذلك لنه كان معتزلياا يؤمن بأن البشر ل يقدرأون أن يروا الجن!
مجتمعات الجن!
لم تكتف العقلَّية العربية بتصورأ أفعال فراد الجن! وإنما تعدت إلى تصورأ طبيعة
حياة تلَّك المخلَّوقات! فجعلَّتها مجتمعات لها مساكن تقطنها! بل وزرأاعات تزرأعها!
والعجيب أن الجن –علَّى الرغم من قواهم الخارأقة! -لم يختارأوا إل الماكن المقفرة
ليسكنوا فيها! ولست أدرأي لماذا رأضوا بهذا الحظ البئيس ,لماذا ل يجلَّوننا نحن
إليها ,ويتطيبون هم بأفضل الماكن؟!
37جواد علي ,المفصل في تاريإخ العرب قبل السلما ,المجلد السادس ,ص.730-729.
38عمرو الجاحظ ,الحيوان ,تحقيق :عبد السلما محمد هارون ,المجلد السادس ,ص.220.
34
ا وأكثرها شجراا وأطيتبها ثمراا ب بلد ر وحمتها من كدل ممسن أرأادها ,وأرنها أخص ت
وأكثرها حبرا ا وعنبا ا وأكثرها نخلا وموزاا ,فإن دنا اليومم إنساعن من تلَّك البلد متعدمداا
أو غالطا ا محثوا في وجاهه التراب فإن أبى السرجاومع خبلَّوه ورأربما قمتلَّوه "39.ا.هـ
ول عجب لن أن يأخذ الجن العربي نفس الطباع العربية- ,أليس في بلد عربية؟!-
فجاءت السطورأة لتظهر مجتمع الجن كمجتمع العرب ,فهم قبائل وعشائر ,وهم
ينصرون بعضهم بعضا ,ويثأرأون لقتلهم كما يفعل العرب!
ولن نسأل كيف قتل النسان واحداا من الجن ,فربما كان متشكل في هيئة حيوان من
الحيوانات! –ثعبان مثل -فقتلَّه النسان وهو ل يعلَّم!
وكما أن النسان يقتل الجن ,فكذلك يقتل الجن النسان- ,ول يقتلَّون الضعيف وإنما
يقتلَّون ممن كان من قبيلَّة قوية! -وفي هذا يقول الدكتورأ جاواد علَّي:
"وذهب الجاهلَّيون إلى جاواز قتل الجن للَّإنسان .وقد بقى هذا العتقاد في السلم.
فلَّما قتتل "سعد بن عبادة بن دليم" ،زتعم أن الجن قتلَّته.
ولما قتتل المغني المعروف "الغريض" ،وهو من الموالي ،وكان نشأ خياطا ا ثم أخذ
الغناء بمكة .عن "ابن سريج" ،تزعم أن الجن نهته أن يغني لحنه الذي يقول فيه:
تشرب لون الرازقـي بـياضـه *** أو الزعفران خالط المسك رأادعه
فلَّمرا لم ينتهل قتلَّته الجن في ذلك خنقاا.
عمم أن الجن خنقت "حرب بن أمية" ،وقالت الجن في ذلك شعراا. وزت ل
وقتلَّت "مرداس بن أبي عامر" ،أبا "عباس بن مرداس" ،واستهوت "سنان بن
حارأثة" ،ليستفحلَّوه ،فمات فيهم .واستهووا "طالب بن أبي طالب" ،فلَّم يعثر أهلَّه
له علَّى أثر ،واستهووا "عمرو بن عدي" اليلَّخمي الملَّك ،ثم رأردوه علَّى خاله
"جاذيمة بن البرش" ،بعد سنين وسنين "41.ا.هـ
39عمرو الجاحظ ,الحيوان ,تحيق :عبد السلما محمد هارون ,الجزء السادس ,ص.215.
40عبد الغني زيإتوني ,الجن وأحوالهم في الشعر الجاهلي ,مقال في مجلة التراث العربي- ,مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-
دمشق العدد - 20السنة الخامسة -يإوليو - 1985ذو القعدة .1405
41جواد علي ,المفصل في تاريإخ العرب قبل السلما ,المجلد السادس ,ص.713-712.
35
ولن نعلَّق علَّى هذه النقطة ,ونترك للَّقارأئ الحكم ,إذا كان هذا من فعل الجن ,أم أنها
مجرد اغتيالت خفية ,تأرأيد أل تيبحث عن فاعلَّها! بالضافة إلى بعض الفراد الذين
ضلَّوا طريقهم ,فلَّم يرجاعوا إلى أقوامهم!
ول يقتصر التشابه علَّى هذا المر وإنما يمتد إلى أحوالهم في قبائلَّهم ,ففيهم الرحل
والحضر ,وفيهم السادة والتباع ,وفي هذا يقول جاواد علَّي:
"وتتألف الجن من عشائر وقبائل ،تربط بينها رأابطة القربى وصلَّة الرحم .وهي
كعشائر وقبائل جازيرة للَّعرب ،تتقابل فيما بينها ،ويغزو بعضها بعضاا .ولها أسماء
ذكر بعضاا منها أهل الخبارأ ،كما أن لها ملَّوكا ا وحكاما ا وساداتل قبائل .فهي في
حياتسها تحيى علَّى شكل نظام حياة الجاهلَّيين .وإذا اعتدى معتد علَّى جاان انتقمت
قبيلَّته كلَّها من المعتدي أو المعتدين .وبين قبائل الجن عصبية شديدة ،كعصبية
القبيلَّة عند الجاهلَّيين ،وهي تراعي حرمة الجوارأ ،وتحفظ الذمم والعقود وتعقد
الحلف.
فنحن إذن أمام حياة.جااهلَّية مستترة غير منظورأة ،هي حياة جان جااهلَّيين ،ومن
الجن "بنو غزوان"" ,بنو عزوان".
وقد تتقاتل طوائف من الجن ,فيثير قتالها عواصف الغبارأ ,ولذلك فسر الجاهلَّيون
حدوث العواصف والزوابع بفعل الجن .ونجد هذه الفكرة –فكرة إحداث الجن للَّرياح
والعواصف -في المزامير من أسفارأ التورأاة.
وهم مثل البشر ،فيهم الحضر ،أهل القرارأ ،وفيهم المتنقلَّة وهم أعراب الجن ،وفيهم
من يسير بالنهارأ ،وفيهم من يسير باللَّيل ،وهم "سراة الجن" ،و "السراره".
قال الشاعر :أتوا نارأي فقلَّت منون؟ قـالـوا :سراة الجن ،قلَّت :عموا ظلماس
وللَّجن كما للَّإنس سادة ورأؤساء وعظماء ،نذكر منهم :الشنقناقا والشيصبان.
وقد ذتكر الول في شعر "بشارأ بن برد" وفي شعر لبي النجم ،وفي شعر حسان بن
ثابت .و "دحرش" أبو قبيلَّة من الجن.
وعقد الجاهلَّيون أحلفاا مع الجن علَّى التعاون والتعاضد ،فقد ذتكر أن قوما ا من
العرب ،كانوا قد تحالفوا مع قوم من الجن من "بني مالك بن أقيش " ."42ا.هـ
ولم يقتصر المر علَّى هذا بل تعداه إلى خاصية من خواص النسان ,وهي امتطاء
الدواب ,فكما كان للَّعرب مطايا فلَّلَّجن كذلك مطايا! ول ينبغي لنا أن نتساءل :ما
حاجاة الجن إلى المطايا؟ فإذا كان النسان يركب الفرس والجمل ليتحرك بسرعة
أكبر ,فلَّماذا يلَّجأ الجن الذي يطير في الهواء إلى رأكوب بعض الدواب؟!
والمطايا التي يركبها الجن ل تصلَّح للَّركوب ,بل إن بعضها جاد بطيء!
ويعررفنا العلمة الجاحظ بالدواب التي يدعي العراب أن الجن يركبونها ,فيقول:
36
"والعراب ل يصيدون يربوعا ا ول تقنفذاا ول ورألا من أول اللَّيل ,وكذلك كل شيدء
يكوتن عندهم من مطايا الجرن كالينعام وال ر
ظباء .
ضبع من مراكب الجن لن الرأنب تحيض ول تغتسل من ب وال ي ول تكون الرأن ت
ب أيومرأ القتلَّى والموتى إذا جاييفست أبدانهم وانتفخواالحيض )!!( والضدباع ترك ت
وأنعظوا ثم ل تغتسل عندهم من الجنابة )!!( ول جانابة إل ما كان للنسان فيه
شسرك ,ول تمتطي القرود لن القرد زان ول يغتسل من زناه. ل
ت
فإسن قتمل أعرابني قنفذاا أو ورألا من أول اللَّيل أو بعض هذه المراكب لم يأمسن علَّى
فحل إبلَّه ,ومتى اعتراه شيعء حكم بأنه عقوبةع من قبلَّهم " 43.ا.هــ
ويمتد التشابه بين الجن العربي وبين القبائل العربية إلى نهاية الخط ,حتى أنه يمكن
القول أن الفارأقا بين الثنين يكاد ينحصر في أن هذا جانس وذاك آخر!!
شياطين الشعر
مما اشتتهر عن العرب قولهم بأن لكل شاعر مجيد شيطان ,يلَّقي الشعر علَّى لسانه,
وذلك استمرارأاا لعادتهم في نسب كل غريب وغير مألوف إلى الجن! ومن ثم يمكن
القول أن تفاوت الشعراء في الجودة والتقان رأاجاع إلى حنكة شياطينهم التي
تلَّرقنهم ,وليس إلى أي شيء آخر!
فإذا كان الشاعر محظوظا ورأافقه شيطان تمجيد فسيأتي بتدرأرأ الشعر ,وإن لم يكن
كذلك فسيأتي بشعر رأديء!
وقول العرب بشياطين الشعر ليس مما تفرد به العرب ,فلَّقد كان قدماء اليونانيين
يردعون أن لهم إلهات للَّشعر ,44يسألونهن المدد! وتعطيهن معادن جاميلَّة وصورأاا من
البديع يزينون بها قصائدهم.
والفارأقا بين العرب واليونانيين أن اليونانيين جاعلَّوها آلهة أما العرب فقالوا أن ما
ينشأ في عقولهم هو "وحي" تلَّقيه الشياطين إليهم ,ل أنه من نتاج أنفسهم.
كما أن آلهة الشعر اليونانية كانت للَّجميع ,فهي تمد الجميع بما يطلَّبون! أما
شياطين الشعر العربية فهي مخصوصة ,فلَّكل شاعر شيطان ,يلَّقي الشعر علَّى
لسانه ,ول يتعداه لغيره – رأبما حفظاا لحقوقا الملَّكية الفكرية!-
ويعلَّق جاواد علَّي علَّى إيمان العرب الشديد بشياطين الشعر هذه ,فيقول:
"وكانت الشعراء تزعم أن الشياطين تلَّقي علَّى أفواهها الشعر ،وتلَّقنها إياه وتعينها
علَّيه ،وتدعي أن لكل فحل منهم شيطاناا يقول الشعر علَّى لسانه فمن كان شيطانه
أمرد كان شعره أجاود.
43عمرو الجاحظ ,الحيوان ,تحقيق :عبد السلما محمد هارون ,الجزء السادس ,ص.47-46.
44من تلك اللهات :كاليوبي ,إلهة الحديإث العذب وإلهة الشعر القصصي ,إنتريإب إلهة الموسيقى ,ايإراتو إلهة الشعر الغنائاي ,و ميلبومين
إلهة النشاد التراجيدي.
37
وبلَّغ من تحقيقهم وتصديقهم بهذا أن ذكروا لهم أسماء شياطينهم ،فقالوا :إن اسم
شيطان العشى :مسحل ،وللعشى أشعارأ فيه ،يمدحه ويثني علَّيه ،لنه يعاونه
ويساعده في نظم الشعر فيلَّقيه علَّيه إلقااء.
وقد زعم "حسان بن ثابت" أن شيطانه الذي يلَّهمه الشعر هو من "بني شيصبان"
من فصائل الجن .وقد انتقلَّت هذه العقيدة في إلهام الشعر للَّشعراء إلى المسلَّمين
كذلك .وقد دعا "جارير" شيطانه الذي يلَّقي علَّيه الشعر "إبلَّيس الباليس".
ويكنى عن الشيطان بالشيخ النجدي .وقد أشير إليه مرارأاع في كتب السير
والخبارأ " 45.ا.هـ
ولست أدرأي حقيقة لماذا صردقا العرب والشعراء أنفسهم ,في أن طيب الشعر الذي
يقولون هو من قول الجن وليس من بنات أفكارأهم؟!
نعم ,رأبما يميل الشاعر إلى إضفاء الغموض علَّى شعره ,وإنزال نفسه منزلة
ج من الحماية حول نفسه ,ولكن أن يصدقا هو نفسه المر فهذا خاصة ,وإضفاء سيا د
هو العجب العجاب!
وهنا نلَّحظ أن الشياطين –علَّى خلف المتوقع -قد لعبت دورأاا جايدا ,فبدل من أن
تكون عنصر أذى أو ضلل ,لعبت دورأاا في تنمية وترقية الحس عند العرب ,فأمدت
شعرائهم بأجاود القصائد ,التي يطرب لها المستمعون ,وبهذا يمكن القول أن
الشياطين ليست شريرة دائما ,فلَّقد لعبت أخيرا دورأا تثقيفيا ا فنيا!
وإذا تكلَّمنا عن شعراء الجن فلَّزاعم أن نعرض لوادي عبقر ,ذلك الوادي المجهول
الموضع ,والذي ادعى بعضهم أنه في مكة ,وآخرون أنه في نجد!
ذلك الوادي الذي اتدعي أن شعراء الجن تقطنه منذ زمن بعيد ,فإذا حدث وبات
إنسان في ذلك الوادي فيأتيه واحد من هؤلء الشعراء الجن ويلَّقي الشعر علَّى
لسانه فيصبح شاعراا مفوها!
والواقع يقول بخلف هذه الخرافة ,فعبقر قرية في اليمن ,تتوشى فيها الثياب والبسط
والطنافس ،وإنتاجاها بلَّغ الدرأجاة العلَّيا في الجودة ,حتى صارأ يضرب بها المثل في
كل شيء عال الجودة ,فإذا أرأادوا القول أنه ليس له مثيل قالوا :عبقري!46
وبشياطين الشعر ننهي حديثنا عن الجن والشياطين عند العقلَّية العربية الجاهلَّية
قبل السلم ,وقد قدمنا تصورأا سريعا- ,نراه كافياا لغايتنا ,-ونعود لنذكر أن أهم
النقاط المتروكة سنعرض لها عند تناولنا للَّتصورأ "السلمي" للَّجن.
45جواد علي ,المفصل في تاريإخ العرب قبل السلما ,المجلد السادس ,ص.734-733.
س
ضنر سوسعببقحر ي
ي ححسسانن ص
فخ ب 46الموطن الوحيد الذي صذكر فيه "عبقر" في القرآن يإؤكد هذا القول ,فال العليم يإقول " :صمتحكحئيسن سعلى سرفسر ن
ب س ت
]الرحمن "[76 :فالحديإث هنا عن صنعة فائاقة ,وليس له أي علقة بالجن!
38
الباب الثاني
اللجنة في السلم
الفصل الول
تعريفات وتصورأات
39
تقديم
بعد أن عرضنا في عجالة سريعة لتصورأ القدمين للَّكائنات السمعية ,ورأأينا كيف أن
تصورأهم لها كان تصورأاا قائما ا علَّى أمرين اثنين:
أولهما :أنه لم يكن لدى أي أمة من تلَّك المم تصورأ سلَّيم خالص عن الله الخالق,
ذي الكمال ,وكانت هذه المم علَّى درأجاة من درأجاات الشرك.
ب أو لشياطين أو لرأواح -كان محورأه ثانيهما :أن هذا التصورأ -سوااء كان لرأبا د
تضخيم قدرأات النسان أو تشويه صورأته ,أو العمل علَّى إيجاد خلَّيط بين النسان
وبين أحد أو بعض الكائنات الحيوانية.
فإذا انتقلَّنا إلى السلم ومصدرأه الرئيس "القرآن" فسنجد أن الحال يختلَّف كثيرا,
ففي هذا الدين وهذا الكتاب –المتفرد ببقاء نصه الصلَّي بلَّسانه الصلَّي -نجد أن
الله هو الرب المتفرد بكل جالل وكمال ,فلَّيس هناك أرأباب متنازعة ول آلهة
متناحرة ,وإنما رأب واحد ,ل شريك له وليس كمثلَّه شيء.
وتحت هذا الرب العلَّيم القدير نجد أن هناك ثمة مخلَّوقات أخرى تقوم بأدوارأ عديدة,
من أهمها تنفيذ أوامره ,أوجاب علَّى المؤمنين به اليمان بها ,وهي الملئكة.
بل وجاعل اليمان بها رأكناا رأكينا من أرأكان اليمان الخمسة ,فهي ليست من المسائل
الفرعية أو المستنبطة وإنما هي من أصول اليمان ,فمن ل يقر بها ليس مؤمنا!
ولم تيذكر في ذلك الكتاب أي مخلَّوقات أسطورأية أو وحوش عجائبية مسخية ,وإنما
تذكر بجوارأ الملئكة "جان" و "جاان" و "شياطين"
إل أنه لم يجعل اليمان بهذه المخلَّوقات رأكنا من أرأكان اليمان ,بل ولم يطلَّب
اليمان بهم مرة واحدة في الكتاب من أوله إلى آخره.
40
وبغض النظر عن أنه ل يمكن إجاراء بحث علَّمي عن الجن والملئكة ,لنها كائنات
غيبية ,فإن الناظر في تصورأ المسلَّمين الحالي للَّشياطين والجن ل يجده يختلَّف في
قلَّيل أو كثير عن تصورأ عامة المم السابقة لها!
بل ويجد أنهم قد أضافوا اليمان بالجن إلى جاملَّة "العقائد" التي يجب علَّى المسلَّم
اليمان بها ,وجاعلَّوه من المعلَّوم بالدين بالضرورأة ,وفي هذا يقول ابن تيمية:
سمل تممحيمادا ام أمسرأ م
سلَّللميمن لفي توتجاولد اسللجدن ,مومل لفي أمين ي ف اسلتم س ف أممحعد لمسن م
طموائل ل "لمسم يتمخالل س
ت اسللجدن أميما أمسهتل اسللكمتا ل
ب ف اسلتكيفالرأ معملَّى إسثمبا لسلَّيمم إلمسيلهسم ,موتجاسمتهوترأ طمموائل ل
ات معلَّمسيله مو م صيلَّى ي م
سلَّللميمن موإلسن تولجامد لفيلهسم ممسن يتسنلكتر صامرأى فمتهسم تمقلسرومن بللهسم مكإ لسقمرالرأ اسلتم س لمسن اسليمتهولد موالني م
سلَّللميمن ممسن يتسنلكتر مذللمك مكمما تيومجاتد لفي طمموائل ل
ف اسلتم س
سلَّللميمن مذللمك مومكمما تيومجاتد لفي اسلتم س
طائلفملة موأمئليمتتمها تمقلدريمن بلمذللمك.
الغالطون مواسلتمسعتملزلملة ممسن يتسنلكتر مذللمك ,موإلسن مكامن تجاسمتهوترأ ال ي
ضلطمرالرأ ,موممسعتلَّوعم مومهمذا للمين توتجاومد اسللجدن تممواتممرست بلله أمسخمباترأ اسلمسنبلميالء تممواتتارا ممسعتلَّواما لبالل س
صمفا د
ت سوا ل ضلطمرالرأ أمنيتهسم أمسحمياعء تعقمملتء مفالعتلَّومن لبا س للمرأامدلة بمسل ممأستموترأومن ممسنلهسيومن ,لمسي ت لبالل س
ض اسلمممللحمدلة -فملَّميما مكامن أمسمتر اسللجدن سالن أمسو مغسيلرله -مكمما يمسزتعتمهت بمسع ت ضا مقائلممةا لبا س للسن مموأمسعمرا ا
طائلفمةع مكلبيمرةع لمسن صةت ,لمسم يتسملكسن م ظالهارا تمسعلرفتهت اسلمعايمةت مواسلمخا ي تمتممواتلارا معسن اسلمسنبلميالء تممواتتارا م
طائلفمدة مكلبيمردة لمسن الطيموائل ل
ف سلل أمسن تتسنلكمرتهسم ,مكمما لمسم يتسملكسن لل مف اسلتمسؤلملنيمن لبالسر ت الطيموائل ل
ال موسحمدهت مل سلل إسنمكاترأ اسلممملئلمكلة مومل إسنمكاترأ تممعالد اسلمسبمدالن مومل إسنمكاترأ لعمبامدلة ي اسلتمسؤلملنيمن لبالسر ت
س إملى مخسلَّقلله ,مونمسحمو مذللمك لميما تممواتممرست سوال لمسن ا س للسن ل ات مرأ تسمل يشلريمك لمهت مومل إسنمكاترأ أمسن يتسر ل م
صة " ا.هـ ت48 ت ت م م
بلله اسلسخمباترأ معسن اسلسنبلميالء تممواتتارا تمسعلرفهت اسلمعايمة مواسلمخا ي
وبغض النظر عن كون الجن والشياطين من أرأكان اليمان أم ل ,فمجرد ذكرها في
كتاب ا تعالى تيحتم علَّى المسلَّم اليمان بها ,فل يمكن لمسلَّم أن يرفض كلَّمة
واحدة في كتاب ا تعالى.
والخلف كلَّه يدورأ حول فهم هذه الكلَّمات المذكورأة في كتاب ا تعالى ,فهل نفهمها
تبعاا للَّفهم الذي فهمه العرب ,تبعا لتصورأهم لها في الجاهلَّية- ,والذي ل يختلَّف في
ف الخرافة الموجاودة فيه عن تصورأات المم الخرى -أم نفهمها تبعا لفهم كرم وكي ل
الفلسفة ,والذين لديهم تصورأ للله مخالف لتصورأ أصحاب الكتب السماوية ,ومن
ثم أرولوها وجاعلَّوها قوى الخير والشر في النسان ,أم نفهمها بشكل آخر؟!
الباحث عن القول الفصل ,علَّيه أن ينظر في كتاب ا العزيز نظرة فاحصة بتدبر,
ليبصر ما يقول عن تلَّك الكائنات السمعية:
الملئكة ,الشياطين –وعلَّى رأأسهم إبلَّيس -الجان ,والجن.
ق
وليعرف هل ما نؤمن به حول تلَّك الكائنات موافق لما جااء في الكتاب ,أم أنه مواف ع
في بعض المواطن ومخالف في أخرى!
48أحمد ابن تيمية ,مجموع الفتاوى ,تحقيق :أنور الباز وعامر الجزار ,المجلد التاسع عشر ,ص.10.
41
تصورأ الملئكة
الباحث في القرآن عن الملئكة ,يجد أنها تذكرت إحدى وأرأبعون مرة ,أولها ذكراا في
سورأة البقرة كان عند الحديث عن خلَّق النسان:
ض مخللَّيفمةا مقاتلوسا أمتمسجمعتل لفيمها ممن يتسف ل "موإلسذ مقامل مرأسبمك للسلَّمملمئلمكلة إلدني مجاالععل لفي المسرأ ل
49
ستد
س لممك مقامل إلدني أمسعلَّمتم مما لم تمسعلَّمتمومن
سبدتح بلمحسملدمك مونتقمدد ت
سفلتك الددمماء مونمسحتن نت م لفيمها مويم س
]البقرة "[30 :
وتصرورأ الملئكة يكاد يكون متفقاا علَّيه بين المسلَّمين ,إل أنهم اختلَّفوا في الصل
اللَّساني الذي اشتقت منه الكلَّمة علَّى وجاوه عدة.
ويعرض عبد العزيز بن صالح السلَّمي لهذه الختلفات في تعريفه للَّملئكة ,فيقول:
"الملئكة في اللَّغة :جامع مملَّك.
واختلَّف أهل اللَّغة من أي شيء اشتق ,علَّى أرأبعة أقوال:
القول الول :أنه مشتق من اللوكة ,وهي الرسالة ,لنها تؤلك بالفم ,وأصلَّه مألوك,
ثم قدمت اللم علَّى الهمزة فقيل :ملك ,كما قال الشاعر:
فلَّست لنسي ولكن لملك تنزل من جاو السماء ميصوب
ثم حذفت الهمزة لكثرة الستعمال فصارأ ملَّك )!!( ولما جامع عادت إليه الهمزة.
القول الثاني :أنه مشتق من لك ,والملكة :الرسالة ,فحذفت الهمزة وألقيت حركتها
علَّى ما قبلَّها ,وسميت بها الملئكة لنهم يبلَّغون رأسالة ا عز وجال.
القول الثالث :أنه من اللملَّك والتملَّك وهو القوة ,والميم فيه أصلَّية وجامعه علَّى
ملئكة وملئك شاذ.
سابة ,فهوالقول الرابع :أنه ل اشتقاقا له .والهاء لتأنيث الجمع ,أو للَّمبالغة كن ر
معرب من اللَّغة العبرانية .ويؤيده أن التورأاة سمت الملَّك مملمكا)ه( "50.ا.هـ
وأنا أرأى أن هذه القوال الرأبعة غير صحيحة ,وأرأى أن أصل هذه الكلَّمة )وما
شابهها من الكلَّمات القديمة الصل والمذكورأة في القرآن- ,والمستغربة والمنسوبة
إلى غير العربية ,أو المدمعى أنها من المقلَّوب! -مثل :إبلَّيس وطالوت وطاغوت(
جاذرأ كان موجاوداا في العربية القديمة ,وتأهمل استعماله مع التطورأ اللَّغوي.
والملئكة علَّى وزن "فعاعلَّة" ,وفعاعلَّة جامع لرباعي أو خماسي ,مثل :مناذرأة
وغساسنة ,ومن ثم يكون مفردها "ملك" ,ونحن ل نزال نستعملَّه إلى يومنا هذا –
مخففا -فنقول" :ملك".
ونحن نرفض قولهم بأن أصل الكلَّمة رأاجاع إلى "ألك" أو "لك" –والتي أصلَّها
ألك! -لن معنى كلَّتا الكلَّمتين يدورأ في فلَّك الرأسال ,أي أن الملئكة "رأسالت! أو
49عرضنا لهذه اليإة في كتابنا :نشأة النسان ,وبمينا لماذا قال ا العليم الغني هذا للملئاكة ,وكيف أنه لم يإكن من باب التشاور –كما قال
بعض المفسريإن -وإنما من باب العلما بما يإحدث أمامهم!
50عبد العزيإز بن صالح العبيد السلمي ,تفسير آيإات القرآن عن علقة الملئاكة بالنسان ,ص.14.
42
مبلَّغو رأسالت"
سلا ] ...فاطر ,"[1 :وا تعالى يقول في كتابه العزيز .... " :مجاالعلل اسلممملئلمكلة ترأ ت
فهل من المعقول أن أجاعل الرسالت ترأسل؟! أو أجاعل الشيء نفسه ,فأقول مثل:
جاعلَّت مبلَّغ الرسالت رأسول؟! إن مبلَّغ الرسالت رأسول بالفعل وما هي إل نفس
التسمية بطريقة مغايرة!
وهذا يعني أن الملئكة في الصل ليسوا كذلك ثم تجاعلَّوا كذلك ,ومن ثم فلَّزام أن
يكون السم حاملا دللة أخرى!
وا أعلَّم ما هو الصل القديم الذي تأخذت كلَّمة "ملئكة" فهل تكون الكلَّمة مأخوذة
من "ملَّك" التمزاد إليها الهمزة للَّدللة علَّى زيادة المعنى عن مجرد الملَّك؟! فهؤلء
ليس ملَّوكا وإنما ملئكة .أما أنها مأخوذة من اللَّوك وهو المعالجة الشديدة ,والتي
تظهر أكثر ما يكون في مضغ الشياء الصلَّبة .51وأنا وإن كنت أميل إلى المعنى
الول إل أنه من الصعب الجزم به ونبذ الخر.
فإذا تركنا الجانب اللَّساني وانتقلَّنا إلى التعريف الصطلحي للَّملئكة عند المسلَّمين,
وجادنا أن التعريفات المذكورأة حولهم ,ل تصلَّح أن تكون تعريفات ,وذلك إما لنها
غير جاامعة مانعة ,أو لنها تقدم تصورأات ل أصل لها في كتاب ا العزيز.
فإذا نظرنا في التعريف الذي قدمه عبد العزيز السلَّمي وجادناه يقول:
"والملئكة في اصطلح المسلَّمين :ذوات قائمة بأنفسها قادرأة علَّى التشكل بالقدرأة
اللهية ,ل يأكلَّون ول يشربون ,ول ينكحون ,يسبحون اللَّيل والنهارأ ل يفترون ,ل
يعصون ا ما أمرهم ويفعلَّون ما يؤمرون! "52ا.هـ
وجادنا أنه يحتوي عددا من المعلَّومات الغير صحيحة عن الملئكة ,والتي لم ترد في
كتاب ا العظيم ,كما أنه لم يبين إذا كانت هذه الكائنات عاقلَّة أم غير عاقلَّة! كما أنه
لم يعرض للَّدورأ الرئيس الذي تقوم به الملئكة ومن أجالَّه تخلَّقت.
فإذا انتقلَّنا إلى غيره من التعريفات وجادنا أنها تقتصر علَّى أنها أجاسام نورأانية
لطيفة ,ليسوا بالذكورأ ول بالناث ,لها أجانحة ,قادرأة علَّى التشكل بقدرأة ا وأنها
مخلَّوقات خالدة ل تموت ول تتغير!
وهي تعريفات يعتريها من النقص وعدم الدقة ما يعتري التعريف السابق!
وحتى نبين للَّقارأئ الكريم الخلَّل في هذه التعريفات نعرض للَّنقاط الغير مستقيمة
فيها ,ليبصر بعينيه كيف أن أكثر ما اشتتهر عنهم غير صحيح.
أبرز ما اشتتهر به الملئكة هو أنهم ل يأكلَّون ول يشربون ,وهذا قول صحيح ولكن
51يإعتمد بعض الباحثين على التشابه بين تصور الملئاكة في الزرادشتية والسلما –واليهوديإة -للقول بأن اليهوديإة أخذت هذا التصور
عن الزرادشتية ,ثم أخذه السلما عن اليهوديإة .ونحن نقر بوجود التشابه بين الزرداشتية والسلما ,وذلك لن الزرادشتية ديإن إلهي
أصابه التحريإف مثل أديإان كثيرة سابقة.
52المرجع السابق ,ص.15-14 .
43
"الآفة في تعاملنإا مع الملئكة أنإنإا أطلقنإا بعض الحكام بشأنإهم ,بدون الستنإاد إلى
أدلة قطعية وأنإنإا قسنإاهم على البشرأ!
فقلنإا أنإهم ل يأكلون ول يشرأبون ول يتنإاكحون ول يتنإاسلون ,استنإادا إلى بعض
آيات مثل أن الملئكة ,التي أتت إلى الخليل ,لم تأكل من العجل ,الذي قلدمه لهم,
وألن ال تعالى شنإلع على من وصفا الملئكة بالنإاث!
وأنإا أسأل بدورأي :هل الملئكة بشرأ ,أو خلرقا من عالمنإا الطينإي ,حتى نإسقط عليهم
هذه الوصافا؟!
إن الملئكة كائنإات ذات طبيعة مختلفة تماما ,وأنإا أرأى فعل أنإهم ل يأكلون ول
يشرأبون ,ولكن ل يعنإي هذا أنإهم ل يحتاجون إلى مصدرأ تغذية أو طاقة ,فإذا كانإوا
محتاجين ,فسيكون هذا المصدرأ بالتأكيد مختلفا عما نإحتاجه نإحن معشرأ البشرأ أو
الحيوانإات ,في الهيئة وفي طرأيقة الوصول.
المشكلة الكبرأى أنإنإا تصورأنإا الملئكة بشرأا من نإورأ ولهم أجنإحة –كما نإرأى في
الرأسومات! ,-فمن أدرأانإا أن لهم أفواه أصل ,أو أنإوفا أو وجوه أو أذرأع أو
أرأجل؟! فل يعنإي أنإهم يتكلمون ,أنإهم يتكلمون ل محالة بأفواه وألسنإة؟!
ول يعنإي أنإهم يتشكلون بأشكالنإا أنإهم مثلنإا! ويجب أن نإعي هذه النإقطة تماما:
الملئكة خلقا مختلفا تماما ,له أجنإحة متنإاسبة مع خلقه ,وليست كأجنإحة الطيورأ,
وهذا كل ما يمكنإنإا معرأفته عن خلقهم! ".53ا.هـ
ولو قلنإا أنإهم ل يحتاجون إلى مصدرأ "طاقة/تغذية" لصبحوا آلهة! ل يتطتعم! وعلى
الرأغم من أن هذه المسألة تعتبرأ من المسللمات ومما أطبقا عليه العلماء ,إل أنإه ل
يوجد دليل واحد عليها ,فعدم أكلهم من الطعام الذي قدمه لهم الخليل ل يعنإي أنإهم ل
ل واحدا على عدم يتغذون بشكل آخرأ! وكل من عرأض لهذه المسألة لم يقدم دلي ل
احتياجهم لطاقة/تغذية ,سوى أن العلماء أطبقوا على هذا! أي أن كل عالم ينإقل
عمن سبقه بدون دليل ,ثم أصبحت أقوالهم نإفسها دليل!!
فإذا ترأكنإا هذه النإقطة وانإتقلنإا إلى القول بأنإهم ليسوا بالذكورأ ول بالنإاث ,وجدنإا
كذلك أن هذا القول صحيح ,ولكن هذا من البديهيات ,فهم ليسوا من الخلقا الطينإي
حتى يصدقا عليهم هذا التقسيم.
"فيجب أل نإقع في شرأاك التقسيمة المضحكة حول كونإهم ذكورأا وإنإاثا! أو ذكورأا
فقط بدون إنإاث ,أو وجود شهوة جنإسية فيهم!
إن هذه القسمة تعنإي انإتمائهم للجنإس الحيوانإي! )وهم ليسوا كذلك بداهة!(
والعجيب أنإها ل تنإطبقا على كل المخلوقات حولنإا ,فالنإبتة الواحدة قد تكون ذكرأا
44
وأنإثى في عين الوقت! وعامة الحيوانإات ل تمارأس الجنإس إل في موسم للتزاوج,
وليس اشتهالء كما يفعل النإسان والخنإزيرأ!
ذرأاتد ذات طبيعة موصجبة وأخرأى سالبة ,ول تصدقا فيها والجمادات تنإقسم إلى ل
التقسيمة الحيوانإية ,التي تصدقا علينإا!
فلماذا ل نإنإظرأ إلى الملئكة باعتبارأها قرأيبة من )ومختلفة عن( هذه التقسيمات؟!
إن الذي يجب أن نإأخذه في عين الاعتبارأ هو قوله تعالى:
" توصمن يكسل تشريدء تختلرقتنإا تزروتجريصن تلتعليكرم تتذلكيرأوتن ]الذارأيات "[49 :
وكما رأأينإا فالزوجية ل تنإحصرأ في ذكرأ وأنإثى منإفصلين ,وإنإما تظهرأ بأشكال عدة,
وال أعلم بحال الملئكة! "54ا.هـ
فزوجيتهم تختلفا ل محالة عن زوجية الحيوانإات والنإباتات والجمادات!
ل إل على نإقطة واحدة وكما رأأينإا فالدكتورأ العقيل قلدم دعوى عرأيضة ولم يقدم دلي ل
منإها ,وهي أنإهم ليسوا بالذكورأ ول بالنإاث ,فأين الدليل على أنإهم باقون على أصل
خلقتهم ,وأنإهم ل يتوالدون ول يتزاوجون؟!
لقد عرأض لهذا العنإصرأ في صفحتين كاملتين ,ولم يقدم دليل متعلقا بالنإقاط التي
ذكرأها ,وإنإما أخذ يذكرأ كلما عاما! إن التصورأ الذي قدمه المسلمون للملئكة قرأيب
أو مساو لتصورأ اللهة ,فهم تبعا لقولهم ل يتغيرأون ,والمخلوقا متغيرأ ل محالة!
ونإحن ل نإقول أنإهم يتوالدون ,ولكن ما المانإع أن تكون لهم طرأيقة يخرأج منإها
ذرأية؟! ولن نإقع فيما وقع فيه السابقون ,فنإقول :بالنإقسام الذاتي مثل ,لن هذا
يعنإي أنإنإا نإقيس الملئكة على الكائنإات البسيطة في عالمنإا الطبيعي!
إن أفلم الخيال العلمي قد أعطت تصورأات لعمليات انإقسام كائنإات من الطاقة ,فرأبما
كان المرأ قرأيبا –أو حتى بعيدا -بشكل ما؟!
45
نإعود ونإكرأرأ ,إنإنإا كمسلمين مقلرأين بتفرأد ال بالغنإى وعدم التغيرأ ,ومن ثم يجب
علينإا القول بأن الملئكة تتغيرأ وتحتاج ,بشكل يتنإاسب مع طبيعتها! ألما أن نإجعلها
غيرأ محتاجة وغيرأ متغيرأة فهذا مشابهة بال!
إن الواجب على كل منإا النإتباه إليه هو أنإه لم يقم دليل على أن الملئكة ل تموت –
ل تفنإى ,-فكيفا نإجزم بما دون ذلك؟!
قد تمثل هذه المقولة صدمة كبيرأة للقارأئ ,إل أنإنإا نإدعوه ليتفكرأ :هل قلدم مدعو
خلود الملئكة دليل واحدا على ما يقولون؟!
وعلى الرأغم من اختلفاتنإا الكثيرأة مع الرأأي المشهورأ ,إل أنإنإا نإتفقا معه في
العنإصرأ الرأئيس وهي أنإها ذوات قائمة وأنإها كائنإات عاقلة ,ونإرأفض أقوال الفلسفة
الذين جعلوا الملئكة إشارأة إلى قوى الخيرأ في النإسان –والشياطين قوى الشرأ-
ولست أدرأي كيفا يوجدت قوى الخيرأ والشرأ قبل وجود النإسان نإفسه!
وللفلسفة أقوال أخرأى في الملئكة غيرأ السابقا ,ومما ذكرأه المام الفخرأ الرأازي
في تفسيرأه لقوال الفلسفة في الملئكة:
"أنها جاواهر قائمة بأنفسها وليست بمتحيزة البتة ,وأنها بالماهية مخالفة لنواع
النفوس الناطقة البشرية ,وأنها أكمل قوة منها وأكثر علَّما ا منها ,وأنها للَّنفوس
البشرية جاارأية مجرى الشمس بالنسبة إلى الضواء .ثم إن هذه الجواهر علَّى
قسمين :منها ما هي بالنسبة إلى أجارام الفلك والكواكب كنفوسنا الناطقة بالنسبة
إلى أبداننا ,ومنها ما هي ل علَّى شيء من تدبير الفلك بل هي مستغرقة في معرفة
ا ومحبته ومشتغلَّة بطاعته ,وهذا القسم هم الملئكة المقربون ونسبتهم إلى
الملئكة الذين يدبرون السموات كنسبة أولئك المدبرين إلى نفوسنا الناطقة.
فهذان القسمان قد اتفقت الفلسفة علَّى إثباتهما ,ومنهم من أثبت أنواعا ا أخرى من
الملئكة وهي الملئكة الرأضية المدبرة لحوال هذا العالم السفلَّي؛ ثم إن المدبرات
لهذا العالم إن كانت خيررة فهم الملئكة وإن كانت شريرة فهم الشياطين "56ا.هـ
فنإحن وإن كنإا نإرأى أن للملئكة دورأا في تسييرأ الكون إل أنإنإا نإرأفض أن تكون
الملئكة إشارأة إلى النإواميس والقوانإين الحاكمة للكون!
ولكي يقدم المرأء تعرأيفا شامل للملئكة فل بد أن يعرأض للدورأ الذي تقوم به,
وللمادة التي خلقوا منإها ,وهذان العنإصرأان لن نإعرأض لهما هنإا ,وإنإما سنإتنإاولهما
في نإقطة قادمة- ,حتى ل يحدث تكرأارأ أو عدم اتصال لبعض النإقاط والفكارأ-
وبهما سنإكون قد قلدمنإا التصورأ السليم عن الملئكة.
46
هل الملئكة مسيرأون
على الرأغم من أنإه كان من المفترأض نإقاش هذه النإقطة تبعا للعنإصرأ السابقا ,إل
أنإنإا رأأينإا أنإه من الفضل أن نإفرأد لها عنإصرأ مستقل.
الرأأي المتداول بين المسلمين هو أن الملئكة مجبولين على الطاعة ,فل يمكنإهم
المعصية! وعامة المسلمين يقولون بهذا القول بدون أن ينإتبهوا إلى النإتيجة
الحتمية له ,وهي أنإهم يصيرأون بهذا مسليرأين وليسوا مخيرأين!
فإذا كانإت الملئكة ل تستطيع إل فعل الطاعة فهذا يعنإي أنإها يتعتبرأ –بشكل ما-
جهاز حاسوب متطورأ! ومن ثم فإنإه ل فضل لها ,ول مبرأرأ لليمان بوجودها!!
فلماذا يمتدحها ال تبارأك وتعالى ,ويثنإي عليها؟!
والقول بأن الملئكة ل تستطيع إل الطاعة ول تقدرأ على المعصية ليس مما أجمع
عليه المسلمون ,فهو مختلفا عليه منإذ صدرأ السلم ,والمسألة معرأوضة ومتداولة
في كتب العقائد القديمة!
والعجيب أن الدلة التي يستدلون بها على جبلة الملئكة على الطاعة ,هي في
الواقع أدلة على تخييرأهم.
لذا فسنإعرأض الدلة للقارأئ من منإظورأ آخرأ ,ليبصرأ كيفا أن المنإظورأ الذي كان
ينإظرأ به إلى المسألة منإظورأ مقلوب:
"الدليل الول :نإبدأ بالدليل الذي يستدلون به ,وهو قوله تعالى" :تلا تيرعيصوتن اللته تما
أتتمترأيهرم توتيرفتعيلوتن تما يرؤتميرأوتن ]التحرأيم "[6 :
والتكليفا عبارأة عن أمرأ بالفعل وأمرأ بالكفا عن الفعل )افعل ،ول تفعل(.
وال تعالى ل يخاطب بالتكليفا إل مـن يعقل معنإى التكليفا ,فالجمادات والحيوانإات
التي ل تعقل غيرأ مكلفة ,وبالتالي ل عقاب عليها ول حساب ,وفي هذه الية بلين
ال تعالى أن الملئكة مكلفون ,لتوجيه خطاب التكليفا إليهم بقوله تعالى" :ما
أمرأهم" وقوله" :مـا يؤمرأون"(.....) .
ولو كانإوا مسيلرأين لما كان لهم فضل ,ويكون مدلول الية مطابقا لمن يقول" :إن
هذه اللة رأائعة جدا ,تنإفذ كل ما آمرأها به ,ول تعصينإي أبدا"!
فليس هنإاك أي فضل لللة ,فالمرأء هو الذي وضع لها البرأنإامج الذي تتحرأك به,
فل يكون المدح لها ,بل لمصممها وصانإعها.
)والجملة المذكورأة في الية ليست عامة بحال ,فهي في صنإفا مخصوص من
الملئكة" ,ملئكة النإارأ" وفي حالة مخصوصة "ما أمرأهم" ,بفعل مخصوص
"العصيان" والذي ل يعنإي كل مخالفة وترأك!
47
ويدلل على ذلك قوله تعالى" :ويفعلون ما يؤمرأون" ولو كانإت المعصية بالمعنإى
المألوفا لما كان لهذه الجملة فائدة ولصبحت تكرأارأا(
الدليل الثانإي :قوله تعالى" :للن تيرستتنإصكتفا ارلتمصسييح تأن تييكوتن تعربدا سلسله توتل ارلتملصئتكية
ارليمتقلرأيبوتن توتمن تيرستتنإصكرفا تعرن صعتباتدصتصه توتيرستركصبررأ تفتستيرحيشيرأيهرم إصتليصه تجصميعا ]النإساء :
" [172في هذه الية من الدللة على أفضلية المـلئكة الشيء الكبيرأ,(.....) ،
)والية دليل صرأيح على أن هنإاك من الملئكة من يستنإكفا ويستكبرأ ,57وإذا حدث
فسيحشرأهم –أي عيسى والملئكة المقرأبين -إليه جميعا!
لنإه ل حديث في اليات إل عنإهم ,فتكون دليل على إمكانإية صدورأ المعصية من
الملئكة ...المقرأبين! فما بالنإا بغيرأهم؟!!(
س تقاتل الدليل الثالث :قوله تعالى" :توإصرذ يقرلتنإا صلرلتملاصئتكصة ارسيجيدورا لتدتم تفتستجيدورا إتلل إصربصلي ت
أتأترسيجيد صلتمرن تختلرقتت صطينإا ]السرأاء "[61 :
وكل اليات التي تتحدث عن أمرأ الملئكة بالسجود لدم .
في هذه اليات دللة على التكليفا من عدة أوجه :
) (.....الوجه الثانإي :أن المرأ بالسجود لدم كان اختبالرأا للملئكة وامتحالنإا لهم,
بالضافة إلى إبليس ,حيث كان معهم في الختبارأ ،فنإجح الملئكة بالختبارأ ورأسب
إبليس ,والبتلء والختبارأ ل يكون إل لمكلفا ,لن ال ل يبتلي ويختبرأ غيرأ
المكلفين ,وهذا شيء متفرقا عليه ,وإل ما الحكمة من البتلء والختبارأ إذا كان
58
المبتتلى غيرأ مكتلفا؟!
الدليل الرأابع :قوله تعالى" :إصرذ ييوصحي ترأبتك إصتلى ارلتملصئتكصة أتسنإي تمتعيكرم تفتثسبيتورا اللصذيتن آتمينإوا"
[النإفال"[12:
والستدلل بالية على التكليفا أن ال يوحي إلى الملئكة "أنإه معهم" وهذه بشرأى
من ال تـعالى إلى الملئكة ,والبشرأى ل تكون لمجبورأ وإنإما لمختارأ .
شالدليل الخامس :قوله تعالى" :إصلنإيه تلتقرويل ترأيسودل تكصرأيدم صذي يقـلودة صعنإتد صذي ارلتعـررأ ص
تمـصكيدن يمـتطادع تثلم أتصميدن ]التكويرأ "[21-19
فيصفا ال تعالى أمينإه جبرأيل عليه السلم بأنإه مكين ومطاع ,ثم بأنإه أمين ,وكيفا
نإتصورأ أن يمدح ال أحدا بالمانإة ,وهو مجبول علـى فعل المـانإة ل يستطيع أن
يخون لن ال جبله على هذا الفعل؟! )(........
48
في ذكرأ الملئكة بالشهود على وحدانإية ال تعالى مع أولي العلم من الرأسل والنإبيين
والصديقين ,ومن هو عالم بوحدانإية ال تعالى وعدله ,دون غيرأهم من المخلوقين
غيرأ المكلفين ,لدللرة على تكليفهم ومنإزلتهم ,حيث ذكرأوا بعد ال وقبل البشرأ.
الدليل التاسع :قوله تعالى" :توتقايلوا التتختذ اللرأرحتمين توتلدا يسربتحاتنإيه تبل صعتبارد بمركترأيموتن تلا
تيرسصبيقوتنإيه صبارلتقروصل تويهم صبتأرمصرأصه تيرعتميلوتن تيرعتليم تما تبريتن أتريصديصهرم توتما تخرلتفيهرم توتلا تيرشتفيعوتن إصللا
صلتمصن اررأتتضى تويهم سمرن تخرشتيصتصه يمرشـصفيقوتن توتمن تييقرل صمرنإيهرم إصسنإي إصتلره سمن يدوصنإصه تفتذصلتك
تنإرجصزيصه تجتهلنإتم تكتذصلتك تنإرجصزي اللظاصلصميتن ]النإبياء . "[29 -26:
فال يتوعد الملئكة بجهنإم في حال قول أحدهم بما يستوجب العقاب ,أي أن
عليـهم ثواب وعقاب وال ل يستثنإي أحدا .وفي هذه الية دللة واضحة كافية لمن
كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد "59.اهـ
الدليل العاشرأ :أن ال تعالى ذكرأ الملئكة في موقفا الشفاعة في آيات عديدة ,مثل:
" ...توتلا تيرشتفيعوتن إصللا صلتمصن اررأتتضى تويهم سمرن تخرشتيصتصه يمرشصفيقوتن ]النإبياء "[28 :
" توتكم سمن لمتلدك صفي اللستماتواصت تلا يترغصنإي تشتفاتعيتيهرم تشريئا إصللا صمن تبرعصد تأن تيرأتذتن الليه صلتمن
تيتشايء توتيررأتضى ]النإجم "[26 :
وهذا أكبرأ دليل يبطل جميع أقوال الفلسفة عن الملئكة ,ويؤكد بما ل يدع مجال
للشك أن للملئكة إرأادة مستقلة ,سائرأة في طاعة ال عز وعلى وتبارأك ,إل أن هذا
ل يبطل أن يحدث ما يجعلهم يخرأجون عن الدرأب فيخالفون أمرأ ال.
وأعتقد أن فيما ذكرأنإا الكفاية والغنإاء على أن الملئكة خلرقا مكلرفا
مختارأ ,وليس مجبول على الطاعة ,وإل ليعدموا الفضل كله!
الشيطان
59عمرو الشاعر ,عقائاد السلميين بين وحدة المنهج وتبايإن الحكاما ,ص .338-336 .منقول بتصرف كبير!
49
بعتد أن عرأضنإا للملئكة ,وأظهرأنإا أن كثيرأا مما قيل حولهم ل دليل عليه وإنإما هو
استنإتاجات لعلماء المسلمين ,جعلت الملئكة في منإزلة هي أقرأب إلى اللهة!
نإنإتقل إلى الجنإس المنإاقض له وهو الشيطان والشياطين ,لنإنإظرأ كيفا ورأدت
واسيتعملت في كتاب ال العزيز.
ورأدت كلمة "شيطان" في القرأآن اثنإتين وستين مرأة ,وورأدت بصيغة الجمع
"شياطين" سبع عشرأة مرأة .فإذا نإظرأنإا في الصل الذي اشتقا منإه الكلمة ,وجدنإا أنإه
ييرأجع إلى أحد الصلين :شطن ,وشيط.
ونإحن نإرأجح أن تكون الكلمة مشتقلة من شيط ,لما فيه من ارأتباط بالنإارأ ,كما أنإه لم
يحدث في أصل الكلمة أي تغييرأ أو تبديل ,وإنإما يأضيفا إليها اللفا والنإون فصارأت
على وزن فعلن ,مثل شبعان وعطشان وجوعان و ...إنإسان!
ولقد ظهرأت كلمة "شيطان" بشكدل مقارأب في اللغات العالمية ,فنإجد أنإها في العبرأية
"سطن" –وذلك لن السين في العبرأية تقابل الشين في العرأبية-
60أحمد بن فارس ,مقايإيس اللغة ,تحقيق :عبد السلما محمد هارون ,الجزء الثالث ,ص.184-83 .
61المرجع السابق ,ص.235-234 .
50
ومن العبرأية انإتقلت الكلمة إلى اللغات الورأوبية ,فنإجد أنإها في النإجليزية
واللمانإية .Satan
والفارأقا بين العرأبية واللغات الورأوبية أن "شيطان" في العرأبية نإعت يصدقا على
أشياء كثيرأة ,بينإما في الورأوبية هو اسم ,فهو مسادو ل :إبليس في العرأبية ,بينإما
المقابل ل :شيطان هو Devilفي النإجليزية ,و Teufel :في اللمانإية.
والنإاظرأ في القرأآن يجد أنإه استعمل لفظة "الشيطان" إشارأة إلى ذلك الكائن الذي
يسعى إلى إضلل النإاس ,فإذا ذكرأت معرأفة باللفا واللم أسقط المستمع الكلمة
تلقائيا على "إبليس" ,فإذا استعمل الجمع "شياطين" ,وجدنإا أنإها يتستعمل كدال على
فرأيقا من البشرأ أو جمع من تلك الكائنإات الغيرأ بشرأية على حدد سواء.
فمن مواطن استعمال "شياطين" مع البشرأ قوله تعالى:
"توإصتذا تليقورا اللصذيتن آتمينإورا تقايلورا آتملنإا توإصتذا تختلرورا إصتلى تشتياصطيصنإصهرم قايلورا إصلنإا تمتعركرم إصلنإتما تنإرحين
ت
يمرسترهصزيئوتن ]البقرأة "[14 :
وعلى الرأغم من وجود الكلمة عنإد العرأب قبل السلم ,إل أنإها كانإت يتستعمل بشكل
يختلفا كثيرأا عن الذي استعمله به السلم ,فلم تظهرأ عنإدهم بمعنإى ذلك الكائن
الذي يسعى لضلل النإاس ,وإنإما إشارأة إلى القوي "الماكرأ" الذي يأتي بالعجائب
ويصل إلى مبتغاه بالقوة أو بالحيلة ,ولذلك كانإت الحيات يتسمى بالشياطين.
62جواد علي ,المفصل في تاريإخ العرب قبل السلما ,الجزء السادس ,ص.731.
51
واستمرأ هذا الستعمال فترأة بعد السلم ,ثم بدأت عملية الزاحة الدللية ,فإذا
اسيتعملت كلمة "شيطان" أصبح المرأاد منإها ذلك الكائن المصضل!
ووجدنإا في ترأاثنإا السلمي القديم من استعمل "شيطان" لنإفس المدلول الذي
استعمله الجاهليون ,ومن ذلك ما أورأده ابن هشام في سيرأته.
فنإجد أنإه في أثنإاء حديثه عن المعارأضين للدعوة السلمية ,والذين تميزوا بالقوة
أو الدهاء ,نإجد أنإه ينإعتهم بالشيطان أو بالشياطين.
ا.هـ
ونإظرأا للصل الذي اشتقا منإه "شيطان" والذي يدل على الحترأاقا والغرأبة والبعد,
وجدنإا أن العرأب تطلقا لفظة "شيطان" على القبيح المنإظرأ.
ومع انإتشارأ السلم ,والذي رأسخ أن الشيطان أصل الشرأ ,ازدادت هذه الصورأة
عمقا عنإد العرأب ,ومن ثم أصبح الشيطان رأمز لكل ما هو قبيح وسيء وشرأيرأ.
63عبد الملك بن هشاما ,السيرة النبويإة ,تحقيق :طه عبد الرءوف سعد ,الجزء الثاني ,ص ,138 /117.الجزء الثالث ,ص.212.
52
يقول تعالى ذكره كأن طلَّع هذه الشجرة ،يعني شجرة الزقوم في قبحه وسماجاته
رأؤوس الشياطين في قبحها ،وذلك أن استعمال الناس قد جارى بينهم في مبالغتهم
إذا أرأاد أحدهم المبالغة في تقبيح الشيء ،قال :كأنه شيطان ،فذلك أحد القوال.
والثاني :أن يكون مثرل برأس حية معروفة عند العرب تسمى شيطاناا(.....) .
والثالث أن يكون مثل نبت معروف برؤوس الشياطين ،ذتكر انه قبيح الرأس.
ويظهر أن العرب في الجاهلَّية ،كانوا يطلَّقون "رأؤوس الشياطين" علَّى شجر كريه
المنظر جاداا ،قال علَّماء اللَّغة:
"والصوم :شجر علَّى شكل شخص النسان كريه المنظر جاداا ،يقال لثمره رأؤوس
الشياطين ،يعني بالشياطين الحيات ،وليس له ورأقا "64ا.هـ
أما مسألة أصل الشيطان والشياطين فسنعرض لها في تناولنا "لبلَّيس".
إبليـس
بعد أن عرأضنإا للشيطان والشياطين في كتاب ال العزيز ,نإنإتقل إلى قائد وكبيرأ
الشياطين ,رأأس الشرأ ,والذي يعرأفا في السلم باسم :إبليس.
ذلك الكائن ,الذي ييعد من أشهرأ الشخصيات في التارأيخ النإسانإي ,ذلك الذي لم يقبل
السجود لدم ,وأعلنإها حرأبا شعواتء عليه وعلى الجنإس البشرأي.
نإعرأض لهذه الشخصية المحورأية ,لنإبصرأ بأنإفسنإا هل أن الرأأي السائد المنإتشرأ بين
عامة المسلمين هو الصواب ,أم أن هنإاك آرأاء أخرأى يأهملت ويضعفت هي الدقا
والصح!
على النإقيض من الشياطين ,فإن إبليس اسم علم لكائن غيرأ أرأضي ,بينإما الشيطان
نإعت لشخاص وأشياء كثيرأة ,أرأضية وغيرأ أرأضية!
فإذا عرأضنإا لسم ذلك الكائن ,وجدنإا أن هنإاك خلفا حول اسمه ,فهنإاك من يرأى أن
"إبليس" هو اسم غيرأ يمعلل ,وهنإاك من يرأى أن هذا السم يحمل دللت الشخصية
الصادقا عليها ,ومن ثم فعلينإا البحث في اللسان لنإعرأفا ماذا يعنإي.
ولقد ورأدت كلمة "إبليس" في القرأآن إحدى عشرأة مرأة ,كلها في معرأض الحديث
عن المرأ بالسجود لدم ,إل موضعين اثنإين ,الول في الشعرأاء عن الجحيم:
س أترجتميعوتن ]الشعرأاء "[95 : "تويجينإويد إصربصلي ت
س تظلنإيه تفالتتبيعويه إصللا
والثانإي في سبأ يتحدث عن قوم سبأ" :توتلتقرد تصلدتقا تعتلريصهرم إصربصلي ي
تفصرأيقا سمتن ارليمرؤصمصنإيتن ]سبأ [20 :
53
وهي على وزن "إفعيل" مثل :إنإجيل وإحليل وإبرأيقا ,وهو من الوزان القليلة
الستعمال في اللسان العرأبي ,حتى إن هنإاك من يقول أنإه اسم أعجمي غيرأ عرأبي,
ولذلك لم ينإصرأفا! إل أنإنإا نإرأى أنإه عرأبي مشتقا من "بلس".
إذا نإظرأنإا في ترأاثنإا السلمي بحثا عن آرأاء المسلمين حول إبليس ,نإجد أن هنإاك
رأأيين ل ثالث لهما 66بشأنإه:
الول :أنإه لم يكن متلكا ,وإنإما هو من الجن ,وانإقسم أصحاب هذا الرأأي إلى
معسكرأين؛ أحدهما يرأى أنإه كان واحدا من الجن ,والخرأ يرأى أنإه أصل الجن ,كما
أن آدم هو أصل النإس.
الثانإي :يرأى أنإه كان من الملئكة ,وبرأفضه السجود لدم يطرأد من الملئكة وأصبح
شيطانإا.
والرأأي الول هو الكثرأ انإتشارأا بين المسلمين ,علمالء وعواما ,على الرأغم من أن
المام القرأطبي يذكرأ في تفسيرأه أن الرأأي الثانإي هو رأأي الجمهورأ ,فيقول:
"لنه كان من الملئكة علَّى قول الجمهورأ :ابن عباس وابن مسعود وابن جاريج
وابن المسيب وقتادة وغيرهم ،وهو اختيارأ الشيخ أبي الحسن ،ورأجاحه الطبري،
وهو ظاهر الية.
65جمال الديإن بن منظور ,لسان العرب ,تحقيق :عبد ا علي الكبير وغيره ,الجزء الول ,ص.343.
66هناك رأي ثالث للجماعة الحمديإة القاديإانية –وهو رأي حديإث -يإرى أن إبليس كان من البشر ,وليس إبليس هو الشيطان الذي أخرج
آدما من الجنة ,وإن كان كلهما من البشر! وسنعرض في عجالة لهذا الرأي بعد صفحات.
54
قال ابن عباس :وكان اسمه "عزازيل" وكان من أشراف الملئكة وكان من
الجانحة الرأبعة ثم أبلَّس بعد.
رأوى سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال :كان إبلَّيس من الملئكة فلَّما
عصى ا غضب علَّيه فلَّعنه فصارأ شيطانا.
وحكى الماورأدي عن قتادة :أنه كان من أفضل صنف من الملئكة يقال لهم الجنة.
وقال سعيد بن جابير :إن الجن سبط من الملئكة خلَّقوا من نارأ وإبلَّيس منهم ،
وخلَّق سائر الملئكة من نورأ "67.ا.هـ
وكما رأأينإا فالرأأي رأاجع إلى بعض الصحابة ,ويظهرأ تأثرأ ابن عباس فيما قاله
بالسرأائيليات ,فالقول بأن اسمه عزازيل مأخوذ منإها ل محالة .ولكي يتفادى
أصحاب هذا الرأأي إشكالية خلقا إبليس من النإارأ والملئكة من النإورأ ,قالوا أن هذا
سبط مخصوص يخلقا من النإارأ.
والخلفا حول المسألة قديم ,لذا نإعرأض ما ذكرأه المام الفخرأ الرأازي في تفسيرأه,
حول هذه المسألة ,ونإطيل النإقل عنإه ,لنإه عرأض أدلة كل الطرأفين عرأضا وافيا,
فقال:
67أبو عبد ا محمد القرطبي ,الجامع لحكاما القرآن ,تحقيق :هشاما سمير البخاري ,المجلد الول ,ص.294.
55
وأما قوله تعالى" :توتجتعيلوا تبريتنإيه توتبريتن ارلصجلنإصة تنإتسبا" قلنإا يحتمل أن بعض الكفارأ أثبت
ذلك النإسب في الجن ,كما أثبته في الملئكة ,68وأيضا فقد بلينإا أن الملك يسمى جنإا
بحسب أصل اللغة ,لكن لفظ الجن بحسب العرأفا اختص بغيرأهم ,كما أن لفظ الدابة
وإن كان بحسب اللغة الصلية يتنإاول كل ما يدب ,لكنإه بحسب العرأفا اختص ببعض
ما يدب فتحمل هذه الية على اللغة الصلية ،والية التي ذكرأنإاها على العرأفا
الحادث.
وثانإيها :أن إبليس له ذرأية والملئكة ل ذرأية لهم ،إنإما قلنإا إن إبليس له ذرأية لقوله
تعالى في صفته" :أتتفتلتصخيذوتنإيه تويذسرأليتيه أتروصلتياء صمن يدوصنإي ]الكهفا "[50 :وهذا صرأيح
في إثبات الذرأية له ،وإنإما قلنإا إن الملئكة ل ذرأية لهم لن الذرأية إنإما تحصل من
الذكرأ والنإثى ,والملئكة ل أنإثى فيهم ,لقوله تعالى" :توتجتعيلوا ارلتمتلاصئتكتة اللصذيتن يهرم
صعتبايد اللرأرحتمصن إصتنإاثا أتتشصهيدوا تخرلتقيهرم تسيتركتيب تشتهاتديتيهرم تويرستأيلوتن ]الزخرأفا "[19 :أنإكرأ
على من حكم عليهم بالنإوثة فإذا انإتفت النإوثة انإتفى التوالد ل محالة فانإتفت
الذرأية(........) .
وأيضا فالستثنإاء مشتقا من الثنإي والصرأفا ,ومعنإى الصرأفا إنإما يتحققا حيث لول
الصرأفا لدخل ,والشيء ل يدخل في غيرأ جنإسه فيمتنإع تحققا معنإى الستثنإاء فيه.
68هذا التبريإر من الماما الرازي قولل ل دليل عليه ,فالمعروف –والمذكور في كتاب ا -أن بعض غير المسلمين نسبوا الملئاكة إلى ا,
فقالوا أنهم بنات ا ,بينما لم –ولن -يإوجد أي إنسان نسب الجن إلى ا ,وإن كان هناك من نسبهم إلى غيره من اللهة الناقصة!!
69هذه الكلمة مواصلة للرد على ردود غيرهم عليهم ,فالتقديإر" :وأيإضا ل يإقال" ,وهي معطوفة على" :ل يإقال الستثناء المنقطع "...
المذكورة بأعلى .
56
وأما قوله :إنإه جنإري واحد بين الملئكة ,فنإقول :إنإما يجوز إجرأاء حكم الكثيرأ على
القليل ,إذا كان ذلك القليل ساقط العبرأة غيرأ ملتفت إليه ,وأما إذا كان معظم الحديث
ل يكون إل عن ذلك الواحد ,لم يجز إجرأاء حكم غيرأه عليه.
الحجة الثانإية :قالوا :لو لم يكن إبليس من الملئكة لما كان قوله" :توإصرذ يقرلتنإا صلرلتم ت
لصئتكصة
ارسيجيدورا لتدتم" متنإاولل له ،ولو لم يكن متنإاولل له ,لستحال أن يكون ترأكه للسجود
إباء واستكبارأا ومعصية ,ولما استحقا الذم والعقاب ،وحيث حصلت هذه المورأ
علمنإا أن ذلك الخطاب يتنإاوله ,ول يتنإاوله ذلك الخطاب إل إذا كان من الملئكة.
ل يقال :إنإه وإن لم يكن من الملئكة ,إل أنإه نإشأ معهم وطالت مخالطته بهم
والتصقا بهم ،فل جرأم يتنإاوله ذلك الخطاب ,وأيضا فلم ل يجوز أن يقال :إنإه وإن
لم يدخل في هذا المرأ ،ولكن ال تعالى أمرأه بالسجود بلفظ آخرأ ما ,حكاه في
القرأآن ,بدليل قوله" :تما تمتنإتعتك أتلل ترسيجتد إصرذ أتتمررأيتتك" ,لنإا نإقول:
أما الول فجوابه ,أن الخطابة ل توجب ما ذكرأتموه ،ولهذا قلنإا في أصول الفقه :إن
خطاب الذكورأ ل يتنإاول اصلنإاث وبالعكس ,مع شدة المخالطة بين الصنإفين ،وأيضا
فشدة المخالطة بين الملئكة وبين إبليس للما لم تمنإع اقتصارأ اللعن على إبليس,
فكيفا تمنإع اقتصارأ ذلك التكليفا على الملئكة؟!
وأما الثانإي فجوابه ,أن ترأتيب الحكم على الوصفا مشعرأ بالعلية ,فللما ذكرأ قوله
لصئتكصة ارسيجيدورا لتدتم" ,أشعرأ هذا التعقيب بأن "أبى واستكبرأ" عقيب قوله" :توإصرذ يقرلتنإا صلرلتم ت
هذا الباء إنإما حصل بسبب مخالفة هذا المرأ ل بسبب مخالفة أمرأ آخرأ ,فهذا ما
عنإدي في الجانإبين وال أعلم بحقائقا المورأ "70.ا.هـ
وكما رأأينإا ,فالمام الفخرأ الرأازي فبعد أن عرأض المام الفخرأ الرأازي الرأأيين
ضعفا قول من قال أن إبليس كان من الملئكة .إل أن الظاهرأ أنإه لم وأدلتهما ,ل
يجزم ببطلن القول لنإه قال في آخرأ تعليقه" :فهذا ما عنإدي في الجانإبين وال أعلم
بحقائقا المورأ" ,وفي هذا إشارأة إلى قوة أدلة الرأأي القائل بكونإه من الملئكة!
والنإقطة الرأئيسة التي نإخرأج منإها من تعليقا المام الرأازي أنإه ضلعفا قول من رأفض
أن يقول من الملئكة استنإادا إلى أنإه كان من الجن- ,وإن كان يوافقهم الرأأي-
وقال في آخرأ تعليقه على ذلك:
"وجب إطلقا لفظ الجن عليهم بحسب اللغة ,فثبت أن هذا القدرأ ل يفيد المقصود".
واستنإادا إلى نإفس المنإطقا ضلعفا المام الطبرأي قول الرأافضين لكونإه من الملئكة,
ورأفض قولهم كلية ,وقال أنإه كان من الملئكة ثم أصبح شيطانإا ,فقال:
57
"قال أبو جعفرأ :وهذه علل تنإبئ عن ضعفا معرأفة أهلها .وذلك أنإه غييرأ مستنإكرأ أن
يكون ال جل ثنإاؤه تخلقا أصنإاتفا ملئكته من أصنإادفا من خلقه تشلتى .فخلقا بعلضا
من ينإورأ ،وبعلضا من نإارأ ،وبعلضا مما شاء من غيرأ ذلك.
وليس في ترأك ال جل ثنإاؤه الخبرأ تعما تخلقا منإه ملئكته ،وإخباصرأه عما خلقا منإه
إبليس ,ما يوجب أن يكون إبليس خارألجا عن معنإاهم.
إرذ كان جائلزا أن يكون خلقا صصنإلفا من ملئكته من نإارأ كان منإهم إبليس ،وأن يكون
أفرأد إبليس بأرن تخلقه من نإارأ السموم دون سائرأ ملئكته.
وكذلك غييرأ مخرأجه أن يكون كان من الملئكة بأرن كان له نإسل وذرأية ،صلتما رألكب فيه
من الشهوة واللذة التي ينإزعت من سائرأ الملئكة ،صلتما أرأاد ال به من المعصية.
وأما خبيرأ ال عن أنإه "من الجن" ،فغيرأ مدفوع أن يسمى ما اجتلن من الشياء عن
س والملئكية البصارأ كلها جننإا -كما قد ذكرأنإا قبل في شعرأ العشى -فيكون إبلي ي
منإهم ،لجتنإانإهم عن أبصارأ بنإي آدم "71.ا.هـ
وكما رأأينإا فان المام الطبرأي لم يرأ أي حجة لمن يرأفض أن يكون إبليس من
الملئكة ,إل أن أنإه –رأحمه ال -لم يجد يبدا لجعله من الملئكة إل أن يجعله حالة
استثنإائية ,فهو أول مخلوقا من مادة غيرأ مادة الملئكة ,كما أن ال قد غرأس فيه
الشهوة ,التي ينإزعت من الملئكة ,لما أرأاد به من المعصية!
وهذا يعنإي أن ال قد خلقا صنإفا مخصصا من الملئكة –منإهم إبليس -قاب ل
ل
للمعصية ,بخلفا باقي الملئكة!!
الجــن
بعد أن عرأضنإا للملئكة والشياطين ,نإنإتقل إلى الضلع الثالث لهذا المثلث وهو
الجن ,لنإنإظرأ كيفا استعمل القرأآن هذه الكلمة ,فهل استعملها كجنإس مخالفا
للجنإاس السابقة "الملئكة ,الشياطين ,البشرأ" أم كنإعت يصدقا على أي منإهم؟!
أول ما نإبدأ به حديثنإا هو التذكيرأ بأن القرأآن استعمل بالضافة إلى كلمة "الجن"
كلمتي "الصجنإة" و "الجان" ,إل أنإنإا لم نإعرأهما القدرأ الكافي من الرأعاية والهتمام ,فل
نإكاد نإستعملهما ,72كما أنإه ل توجد حدود فاصلة بين تلك الصنإافا الثلثة في ذهن
السامع ,فما هو مدلول كل واحدة من تلك الكلمات ,وما الفرأقا بينإها؟
71ابن جريإر الطبري ,جامع البيان في تأويإل القرآن ,المجلد الول ,ص.508.
س ت ص ت ب
ت الحجنة إحنهصبم لصمبح س
ضصروسن ب س ل ت ب ص
72وخاصة "الحجنة" فل صتستعمل البتة إل عند الحديإث عن آيإة الصافات :سوسجسعلوا بسبينهص سوبسبيسن الحجنحة نسسبا سولقد سعلحسم ح
س س س
]الصافات ,[158 :وما عدا ذلك فالحديإث عن الجن ,وأحيانا الجان –إذا أراد المتحدث تفخيم حديإثه!
58
نإبدأ بأول الكلمات وأكثرأها استعمالل وذكرأا في القرأآن" :الجن".
إذا نإظرأنإا في القرأآن وجدنإا أن "الجن" يذكرأت تسع عشرأة مرأة ,وهنإاك سورأة تحمل
هذا السم في الجزء التاسع والعشرأين من الكتاب العزيز.
وفي عصرأنإا هذا أصبحت الكلمة ل تحمل –في ذهن القارأئ أو السامع -إل مدلولل
واحدا ,فإذا يذكرأت "الجن" يفهم أن المرأاد من ذلك مخلوقات غيرأ بشرأية ,مخلوقة من
النإارأ ,ل نإرأاهم ويرأونإنإا ,يمكلفة مثيلنإا فيهم المسلم والكافرأ ,لهم قدرأات خارأقة.
باختصارأ هم "العفارأيت" في يعرأفنإا العام.
ونإقدم للقارأئ تعرأيفا المام ابن حزم للجن –والذي يعد من أشمل التعرأيفات المقدمة
لهم في كتب الترأاث ,-والذي يقول فيه:
"وهم أجاسام رأقاقا صافية هوائية ل ألوان لها ,وعنصرهم النارأ كما أن عنصرنا
التراب ,وبذلك جااء القرآن ,قال ا عز وجال ) :والجان خلَّقناه من قبل من نارأ
السموم ( والنارأ والهواء عنصران ل ألوان لهما ,وإنما حدث اللَّون في النارأ
المشتعلَّة لمتزاجاها برطوبات ما تشتعل فيه من الحطب والكتان والدهان وغير
ذلك ,ولو كانت لهم ألوان لرأيناهم بحاسة البصر ولو لم يكونوا أجاساما صافية رأقاقا
هوائية لدرأكناهم بحاسة اللَّمس ,وصح النص بأنهم يوسوسون في صدورأ الناس
وأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم "73ا.هـ
والمام ابن حزم يرأفض أن يرأى أحرد من النإاس الجن ,إل أن يكون من النإبياء,
ومن ثم فإنإه يرأفض كل الدعاءات أن فلنإا رأأى الجن ,ويحكم عليها بالهوس
والخرأافة ,فيقول في سطورأ قبل هذا التعرأيفا:
"وإذا أخبرنا ا عز وجال أننا ل نراهم فمن ادعى أنه يراهم أو رأآهم فهو كاذب ,إل
أن يكون من النبياء علَّيهم السلم فذلك معجزة لهم ,كما نص رأسول ا أنه تفلَّت
علَّيه الشيطان ليقطع علَّيه صلته ,قال فأخذته فذكرت دعوة أخي سلَّيمان ولول ذلك
لصبح موثقا يراه أهل المدينة ,أو كما قال علَّيه السلم.
وكذلك في رأواية عن أبي هريرة الذي رأأى ,إنما هي معجزة لرسول ا ول سبيل
إلى وجاود خبر يصح برؤية جان بعد موت رأسول ا وإنما هي منقطعات أو عمن
ل خير فيه" ا.هـ
والملحظ أن المام ابن حزم ل يفرأقا بين الجن والشياطين ,ويضعهم في سلة
واحدة ,وقبل أن نإنإظرأ في القرأآن لنإحكم على هذا التصورأ ,هل هو مطابقا تماما لما
ورأد فيه ,أم موافقا في جزء مخالفا في آخرأ ,أم مخالفا كليلة ,نإنإظرأ في معجم
"لسان العرأب" لنإبصرأ أهم المواطن التي اسيتعملت فيها "جن" ,مطيلين في النإقل,
مبتعدين عن المكرأرأ والبيات الشعرأية الغيرأ مألوفة.
73أبو محمد علي بن حزما الظاهري ,الفصل في الملل والهواء والنحل ,الجزء الخامس ,ص.9.
59
قال ابن منإظورأ في اللسان:
")جنإن( تجلن الشيتء تييجبنإه تجلنإا تستترأه ,وكبل شيء يسترأ عنإك فقد يجلن عنإك وتجلنإه اللييل
تييجبنإه تجلنإا ويجنإونإا وتجلن عليه تييجبن بالضم يجنإونإا وأتتجلنإه تستترأه ) (.....وبه سيمي الصجبن
لرسصتتاصرأهم وارخصتفائهم عن البصارأ ,ومنإه سمي التجنإيين لرسصتتاصرأه في بطصن أيسمه,
وصجبن الليل ويجنإوينإه وتجنإاينإه شلدية يظرلمصته واردصلرهمايمه وقيل اختليط ظلصمه تلن ذلك كلله
ساتررأ )(.......
وفي الحديث :الصويم يجلنإرة ,تأي تيقي صاحتبه ما يؤصذيه من الشهوات ,واليجلنإية الصوقايةي
وفي الحديث المايم يجلنإرة تلنإه تيصقي المرأموتم اللزتلتل واللسرهتو(..........) .
وفي التنإزيل العزيز" :ولقد تعصلتمت الصجلنإية إنإهم تليمرحتضيرأون" قالوا :الصجلنإية هاهنإا
الملئكية عنإد قوم من العرأب وقال الفرأاء في قوله تعالى" :وجعلوا بيتنإه وبين الصجلنإصة
تنإتسبا"
قال :يقال الصجلنإية هاهنإا الملئكة ,يقول جعلوا بين ال وبين تخرلصقه تنإتسبا فقالوا الملئكية
بنإايت ال ولقد تعصلتمت الصجلنإية تأن الذين قالوا هذا القوتل يمرحتضرأون في النإارأ )(......
قوله وتيتحصك يا صجسنإلي هل تبدا لصك تأن تررأصجصعي تعرقلي فقد أتتنإى لصك؟ إنإما تأرأاد اتمررأتأة كالصجسنإلية
إلما في جمالها وإما في تتلبوصنإها وابصتدالها ول تكون الصجسنإلية هنإا منإسوبلة إلى الصجسن الذي
هو خلفا النإس حقيقة تلن هذا الشاعرأ المتغسزتل بها إرنإسيي ,والنإسبي ل تيتعلشيقا
جسنإلية.
وقول بدرأ بن عامرأ :ولقد نإتطرقيت تقواصفيا إرنإصس نية *** ولقد تنإطرقيت تقواصفتي اللترجنإيصن
س وتأرأاد باللترجنإيصن ما تقويله الصجبن ,وقال السكرأي: تأرأاد بالرنإصسلية التي تقولها الرنإ ي
تأرأاد الغرأيتب التورحصشلي )(.......
وفي حديث الحسن :لو تأصاب ابين آدتم في كسل شيء يجلن تأي أيرعصجتب بنإفصسه حتى
يصيرأ كالتمرجنإون من شلدصة إصرعجاصبه.
وقال القتيبي وأترحصسيب قوتل اللشرنإتفرأى من هذا فلو يجلن إرنإسارن من اليحرسصن يجلنإصت.
وفي الحديث :اللهم إنإي تأعوذ بك من يجنإوصن التعتمصل تأي من الرعجاصب به ويؤسكد هذا
حدييثه الخرأ :تأنإه رأتأى قوما مجتمعين على إنإسان فقال ما هذا؟ فقالوا :تمرجنإورن.
قال :هذا يمصارب ,إنإما التمرجنإوين الذي تيرضصرأيب صبتمرنإصكتبيه وينإظيرأ في تعرطتفريه ويتتملطى في
صمرشتيصته.
وكان تأهيل الجاهللية يسلمون الملئكية عليهم السلم صجلنإا لرسصتتاصرأهم عن العيون ,قال
اتلعشى يذكرأ سليمان عليه السلم:
وتسلخترأ من صجسن الملصئصك صتسعلة صقياما تلتدريصه تيرعتملوتن بل أترجصرأ )(......
وصجبن اللشباصب أتلويله وقيل صجلديته ونإشايطه ويقال كان ذلك في صجسن صصباه تأي في تحتداتثصته
وكذلك صجبن كسل شيء أتلويل صشلداته وجبن المترأصح كذلك )(......
ويقال يخذ اتلمترأ بصجسنإه والتصقا النإاقتة فصإنإها بصجسن صضرأاصسها تأي بصحردثاصن نإتاصجها وصجبن اللنإربصت
تزرهيرأه وتنإرويرأه ) (......وقيل :يجلن اللنإربيت يجنإونإا غيلظ واركتتهل ,وقال تأبو حنإيفة :نإخلة
60
تمرجنإونإة إذا طالت ,وتأنإشد :يا ترأسب أتررأصسرل خاصرأتفا التمساصكيرن تعجاجلة ساصطتعتة التعثاصنإيرن
ض ما في البسيحصقا التمجاصنإيرن "74ا.هـ ترنإيف ي
وكما رأأينإا فإن كل المعانإي التي ذكرأها ابن منإظورأ في اللسان تدورأ في فلكين اثنإين
هما السترأ والختفاء ,وذلك إذا كانإت "تجن" بفتح الفاء ,فإن كانإت بكسرأها "صجن"
فإنإها تدل على الشدة والقوة .واستدلله ببيت العشى ليس في موضعه وسنإعرأض
له لحقا ,لنإبين كيفا أخطأ في الستدلل به!
كما أن المعانإي ل تنإحصرأ فقط في ذلك الكائن المسمى "جنإا" وإنإما هي أوسع من
ذلك بكثيرأ ,والنإقطة الرأئيسة هي أن هنإاك جرن من كل شيء! فهنإاك جن النإبات
وجن الشباب وجن الليل ....الخ
وهذا الجرن ليس خارأجا عن جنإس الشيء وإنإما هو القوي الزائد فيه.
وتأتي الجابة بنإعم ,فلقد استعملها العرأبي مع البشرأ –وليتذكرأ القارأئ أنإها
استعملها مع بعض الحيوانإات كذلك -عنإدما كان يرأيد الشارأة إلى برأوز سمة ما
من سماته ,ورأأينإا ذلك فيما ذكرأه ابن منإظورأ قبل سطورأ.
ومن ذلك قول ابن مقبل –من شعرأاء الجاهلية والذين أدرأكوا السلم:-
إذا قيتل :تمرن تدرهتمايء ؟ تخلبررأيت أنإها :من الجسن لم تيرقتدرح لها اللزرنإتد تماديح
وقول زهيرأ بن أبي سلمى –حكيم شعرأاء الجاهلية -في مدح فرأسان قبيلته:
بخيدل ،عليها صجلنإرة عبقرأليرة .:جديرأون يوما ،أن ينإالوا ،ويستعلوا
ولم يقتصرأ هذا الستعمال على العرأب ,فلقد ظهرأ أيضا في اللغات الورأوبية فنإجد
أنإهم يسمون العبقرأي خارأقا الذكاء - Geniusكما في النإجليزية– Genie ,-
كما في اللمانإية .-ولقد ينإسبت قبائل كاملة من قبائل العرأب إلى الجن ,لما تميزت
به من القوة والخفة ,من ذلك بنإو عزوان ,وكانإوا مشهورأين برأكوب الخيل والقتال,
وبنإو يرأبوع بن حنإظلة ,وهم من تميم ,وكانإوا من القوة بمكان حتى أنإهم كانإوا
يغزون بلد الحيرأة! وبنإو مالك وبنإو شيصبان –وكانإا متجاورأين.-
74جمال الديإن بن منظور ,لسان العرب ,تحقيق :عبد ا علي الكبير وغيره ,الجزء الول ,ص.705.
61
ولقد يذكرأت بنإو مالك في رأواية في مسنإد أحمد ,تقول:
" سمعت رأبيعة بن عباد الديلَّي ،قال إني لمع أبي رأجال شاب أنظر إلى رأسول ا
صلَّى ا علَّيه وسلَّم يتبع القبائل -وورأاءه رأجال أحول وضيء ذو جامة -يقف رأسول
ا صلَّى ا علَّيه وسلَّم علَّى القبيلَّة ويقول :يا بني فلن إني رأسول ا إليكم آمركم
أن تعبدوا ا ول تشركوا به شيئا وأن تصدقوني حتى أنفذ عن ا ما بعثني به .فإذا
فرغ رأسول ا صلَّى ا علَّيه وسلَّم من مقالته قال الخر من خلَّفه :يا بني فلن إن
هذا يريد منكم أن تسلَّخوا اللت والعزى وحلَّفاءكم من الحي بني مالك بن أقيش إلى
ما جااء به من البدعة والضللة فل تسمعوا له ول تتبعوه .فقلَّت لبي :من هذا؟
قال :عمه أبو لهب "75.ا.هـ
والعربي المعاصر يستغرب أن تتطلَّق كلَّمة "جان" علَّى البشر ,علَّى الرغم من أنه
يستعملَّها ,فيقول :فلن جان ,إذا كان يفعل الشياء العجيبة بمهارأة ,ومن الكلَّمات
المستعملَّة في السودان الشقيق كلَّمة "جانجاويد :جان جااويد" والتي اشتهرت
بسبب أزمة دارأفورأ -والتي تعني :رأجال يقاتل أو ينهب رأاكباا جاوادا!
فنجد أن الكلَّمة استعملَّت مع إنسان متمرد يتحرك بسرعة وبخفة! وهذا الستعمال
مطابق للستعمال العربي القديم.
فإذا تركنا هذه الرحلَّة اللَّسانية ونظرنا في واقعنا السلمي وجادنا أن "الجن"
أصبحت تتستعمل استعماال واحدا ,وهو ذلك المخلَّوقا النارأي الشهير ,علَّى الرغم
من القرآن لم يتحدث في آية واحدة عن المادة التي تخلَّق منها! فلَّم يقل مث ا
ل:
خلَّق الجن من نارأ ,أو حتى :من عجل أو من ضعف!
فكيف تصورأه علَّماء السلم وكيف عرفوه؟!
ولقد عرض المام الفخر الرازي هذه القوال باستفاضة عند تناوله للية الولى في
سورأة الجن ,وحتى ل نطيل سنكتفي بذكر أهم ما قال:
"}يقرل يأوصحتي إصتللي أتلنإيه استمع تنإتفررأ لمن الجن{ وفيه مسائل:
75أحمد بن حنبل ,المسند ,المجلد الثالث ,ص.492 .
62
المسألة الولى :اختلفا النإاس قديما وحديثا في ثبوت الجن ونإفيه ،فالنإقل الظاهرأ
عن أكثرأ الفلسفة إنإكارأه (........) ،واختلفا المثبتون على قولين:
فمنإهم من زعم أنإها ليست أجساما ول حالة في الجسام بل هي جواهرأ قائمة
بأنإفسها ،قالوا :ول يلزم من هذا أن يقال :إنإها تكون مساوية لذات ال لن كونإها
ليست أجساما ول جسمانإية سلوب والمشارأكة في السلوب ل تقتضي المساواة في
الماهية ،قالوا :ثم إن هذه الذوات بعد اشترأاكها في هذا السلب أنإواع مختلفة
بالماهية كاختلفا ماهيات العرأاض بعد استوائها في الحاجة إلى المحل ,فبعضها
خليرأة ،وبعضها شرأيرأة ،وبعضها كرأيمة محبة للخيرأات ،وبعضها دنإيئة خسيسة
محبة للشرأورأ والفات ،ول يعرأفا عدد أنإواعهم وأصنإافهم إل ال.
قالوا :وكونإها موجودات مجرأدة ل يمنإع من كونإها عالمة بالخبرأيات قادرأة على
الفعال ،فهذه الرأواح يمكنإها أن تسمع وتبصرأ وتعلم الحوال الخبرأية وتفعل الفعال
المخصوصة ،ولما ذكرأنإا أن ماهياتها مختلفة ل جرأم لم يبعد أن يكون في أنإواعها
ما يقدرأ على أفعال شاقة عظيمة تعجز عنإها قدرأ البشرأ(........) ،
ومن النإاس من ذكرأ في الجن طرأيقة أخرأى فقال :هذه الرأواح البشرأية والنإفوس
النإاطقة إذا فارأقت أبدانإها وازدادت قوة وكمالل بسبب ما في ذلك العالم الرأوحانإي من
انإكشافا السرأارأ الرأوحانإية ,فإذا اتفقا أن حدث بدن آخرأ مشابه لما كان لتلك النإفس
المفارأقة من البدن ،فسبب تلك المشاكلة يحصل لتلك النإفس المفارأقة تعلقا ما لهذا
البدن ،وتصيرأ تلك النإفس المفارأقة كالمعاونإة لنإفس ذلك البدن في أفعالها وتدبيرأها
لذلك البدن ،فإن الجنإسية علة الضم ،فإن اتفقت هذه الحالة في النإفوس الخيرأة
سمي ذلك المعين ملكا وتلك العانإة إلهاما ،وإن اتفقت في النإفوس الشرأيرأة سمي
ذلك المعين شيطانإا وتلك العانإة وسوسة.76
والقول الثانإي في الجن :أنإهم أجسام .ثم القائلون بهذا المذهب اختلفوا على قولين:
منإهم من زعم أن الجسام مختلفة في ماهياتها ،إنإما المشترأك بينإها صفة واحدة،
وهي كونإها بأسرأها حاصلة في الحيز والمكان والجهة وكونإها موصوفة بالطول
والعرأض والعمقا ،وهذه كلها إشارأة إلى الصفات ،والشترأاك في الصفات ل يقتضي
الشترأاك في تمام الماهية لما ثبت أن الشياء المختلفة في تمام الماهية ل يمتنإع
اشترأاكها في لزم واحد "77..... .ا.هـ
وكما رأأينإا فهم في حيرأة ما بعدها حيرأة ,وأتوا بأقوال ل تتفقا بحال مع الوحي
الرأبانإي ,ول مستنإد لهم فيما يقولون إل خيالتهم ,أما فلسفة المسلمين فحاولوا
التوفيقا بين النإص القرأآنإي والعقل! فقالوا أن الجن حيوان هوائي.
وقولهم أن الجن حيوان يقصدون به أنإه ليس نإباتا ول جمادا فهو كائن حي.
76هذا القول ل صيإقبل بحال ول يإمكن أن يإكون متفقا مع ما جاء في الوحي القرآني!
77فخر الديإن الرازي ,تفسير :مفاتيح الغيب ,المجلد الثلثون ,ص.132-131.
63
وقولهم أنإه هوائي ل يقصدون به أن أصله ليس نإارأيا ,وإنإما يقصدون أنإه في هيئته
الحالية مثل الهواء ,كما أنإنإا مخلوقون من الطين ,ونإحن الن من لحم ودم وعظم
...الخ.
إل أن تصورأ الفلسفة يختلفا بدرأجة ما عن تصورأ العوام للجن! فلقد قدموا له
تصورأا يقنإع عقولهم ,ومن ذلك تعرأيفا الفارأابي ,والذي يقول فيه:
"وفي رأسالة للمعلم الثانإي أبي نإصرأ محمد الفارأابي في جواب مسائل سئل عنإها ما
مثاله:
سئل فيما رأآه بعض العوام في معنى الجن وسأله عن ماهيته )فقال(: ) ت
الجن حي غير ناطق غير مائت وذلك علَّى ما توجابه القسمة التي يتبين منها حد
النسان المعروف عند الناس ,أعني الحي الناطق المائت ,وذلك أن الحي منه ناطق
مائت وهو البهائم ,ومنه غير ناطق غير مائت وهو الجن.
ستممممع نمفمعر دممن اسللجدن فممقاتلوا
فقال السائل :الذي في القرآن مناقض لهذا وهو قوله ) :ا س
سلمسعمنا قتسرآنا ا معمجبا ا ( والذي هو غير ناطق كيف يستمع وكيف يقول؟
إلينا م
فقال :ليس ذلك بمناقض وذلك أن السمع والقول يمكن أن يوجاد للَّحي من حيث هو
حي ,لن القول والتلَّفظ غير التمييز الذي هو النطق ,وترى كثيرا من البهائم ل قول
لها وهي حية ,وصوت النسان مع هذه المقاطع هو له طبيعي من حيث هو حي
بهذا النوع ,كما أن صوت كل نوع من أنواع الحي ل يشبه صوت غيره من النواع
كذلك هذا الصوت بهذه المقاطع التي للنسان مخالف لصوات غيره من أنواع
ب فممأنلظسرلني
الحيوان .وأما قولنا :غير مائت فالقرآن يدل بذلك في قوله تعالى) :مرأ د
إلملى يمسولم يتسبمعتثومن مقامل فمإ لنيمك لممن اسلتمنظملريمن( "78ا.هـ
وهذا التعرأيفا والتصورأ غرأيب إلى حد كبيرأ على العقلية السلمية ,وذلك لنإها
ترأى أن إبليس فقط هو الذي ل يموت وأما الباقي فيموتون! كما أنإها تتصورأ الجن
بشكل قرأيب جد من البشرأ!
64
ولقد ذكر الشيخ وحيد بالي هذا الرأي ورأجاحه فقال:
"قال القاضي أبو يعلَّى محمد بن الحسين بن الفراء:
"ول قدرأة للَّشياطين علَّى تغيير خلَّقهم والنتقال في الصورأ ,وإنما يجوز أن يعلَّمهم
ا تعالى كلَّمات وضروباا من الفعال إذا فعلَّه وتكلَّم به نقلَّه ا تعالى من صورأة إلى
صورأة ,فيقال :إنه قادرأ علَّى التصوير والتخييل علَّى معنى أنه قادرأ علَّى قودل إذا
قاله وفعلَّه نقلَّه ا تعالى عن صورأته إلى صورأة أخرى بجري العادة.
وأما إنه يصورأ نفسه فذلك محال ,لن انتقالها عن صورأة إلى صورأة إنما يكون
بنقض البنية وتفريق الجازاء وإذا انتقضت بطلَّت الحياة"
قلَّت :وهذا كلم جايد ولكنه يفتقر إلى دليل .ويمكن أن تيستدل له بما رأواه ابن أبي
شيبة" :إن الغيلن تذكروا عند عمر بن الخطاب فقال :إن أحداا ل يستطيع أن يتحول
عن صورأته التي خلَّقه ا علَّيها ,ولكن لهم سحرة كسحرتكم فإذا رأأيتم ذلك
فأرذنوا "80ا.هـ
وقول القاضي أبو يعلَّى قوعل عجيب ,يظهر فيه تأثره بالخرافات ,التي تقول أن هناك
بعض الكلَّمات إذا قالها المرء! يفعل ا له كذا أو كذا! كأن ا تعالى "مارأد
المصباح" الذي ينفذ طلَّبات صاحبه! –تعالى ا العظيم عن ذلك-
أما القول المنسوب إلى الفارأوقا فهو قول جايد ,إل أنه لم يجد من ينصره ويؤيده
علَّى الرغم من أنه أقرب إلى العقل والمنطق ,فما المانع أن يكون للَّجن سحره
يسحرون أعين الناس ليروا أشياء غير حقيقية ,ل أنهم هم الذين يتحولون
ويتشكلَّون؟!
ولكن من يبحث عن العقل والمنطق في الحديث عن الجن؟ إن النسان يبحث عن
الغرائب ويزيدها من عنده ,فهل سيمنطقها؟!
الجان ...واللجرنة
بعد أن تحدثنا عن الجن ورأأينا كيف تصورأه المسلَّمون ككائن نارأي هوائي قادرأ
علَّى التشكل ,ننتقل إلى الجان.
وأول ما نبدأ به هو القول بأن "الجان" تذكر في القرآن مرتين معرفا باللف واللم,
وكان الحديث فيهما عن المادة التي تخلَّق منها الجان.
س ,لذلك
وهذا هو أول فارأقا بين الجن والجان ,فلَّقد اعتبر منزل القرآن أن الجان جان ع
تحدث عن مادة خلَّقه –بينما لم يفعل مع الجن -فقال:
ستمولم ]الحجر "[27 : "مواسلمجاين مخلَّمسقمناهت لمن قمسبتل لمن ينالرأ ال ي
ج دمن ينادرأ ]الرحمن "[15 : ق اسلمجاين لمن يمالرأ د "مومخلَّم م
65
وفي غير هاتين اليتين تذكر في خمسة مواضع في القرآن ,ثلث منهن في سورأة
الرحمن ,واثنان في معرض الحديث عن أمر ا لموسى بإلقاء العصا:
فسى مل تممخ سصامك فملَّميما مرأآمها تمسهتمسز مكأ منيمها مجاانن مويلى تمسدلبراا مولمسم يتمعقدسب ميا تمو مق مع م"موأمسل ل
ستلَّومن ]النمل "[10 : ي اسلتمسر مف لممد ي إلدني مل يممخا ت
ولقد قال المفسرون أن المراد من الجان هنا الحية سريعة الحركة!
بعد هذا يأتي السؤال الحتمي :ما هو الجان ,وما الفرقا بينه وبين الجن واللجرنة؟!
وتأتي الجاابة الصادمة ,أن علَّماء المسلَّمين ل يجزمون ما هو الجان ,ول يعلَّمون
فرقا بينه وبين اللجنة!!
ل ,لذلك نجدفعلَّى الرغم من أنهم قالوا فيه أقوال ,إل أنه لم يكن لواحدد منهم فيها دلي ا
هذه القوال تتذكر علَّى استحياء!
والقوال التي تذكرت في "الجان" قلَّيلَّة ذكرها المام النيسابورأي في تفسيره لية
الرحمن ,فقال:
"وهو أب الجن ،وقال الضحاك :هو إبلَّيس ،وقال أبو عبيدة :الجان واحد الجن.
من مارأج :لهب صاف وخالص ل دخان فيه .قال ابن عباس :هو لسان النارأ الذي
يكون في طرفها إذا لهبت .عكرمة :هو أحسنها .مجاهد :هو ما اختلَّط بعضه ببعض
من اللَّهب الحمر والصفر والخضر الذي يعلَّو النارأ إذا تأوقدت ،وهو من قولهم :
مرج القوم إذا اختلَّطوا ،ومرجات عهودهم وأماناتهم "81.ا.هـ
وكما رأأينا فلَّقد قال العلَّماء أن المراد من الجان أبو الجن ,وعلَّى هذا فإنه يعني أن
الجن كلَّهم قد جااءوا من إبلَّيس! وهذا يبطل القول الذي يقول أن إبلَّيس كان من
الجن ,ويحتم أن يكون أصلَّهم!
وبغض النظر عن هذا كلَّه ,فل دليل لهم علَّى ما يقولون ,ومستندهم في هذا القول
هو السياقا الوارأدة في سورأتي الحجر والرحمن ,والذي تذكر فيهما بعد النسان:
ستنودن مواسلمجاين مخلَّمسقمناهت لمن قمسبتل لمن ينالرأصادل دمسن محممإ د يم س صسلَّ م
سامن لمن م "مولمقمسد مخلَّمسقمنا اللن م
ستمولم ]الحجر "[27-26 : ال ي
ج دمن ينادرأ ]الرحمن -14 : ق اسلمجاين لمن يمالرأ دصادل مكاسلفميخالرأ مومخلَّم مصسلَّ م ق ا س للن م
سامن لمن م " مخلَّم م
"[15
فلن ا تعالى تحدث عن خلَّق النسان ,والنسان في نظرهم هو آدم !82قالوا أن
الجان هو إبلَّيس! أما نحن فنقول أن "لنسان" هو اسم يصدقا علَّى كل أفراد
الجنس وليس علَّى فرد واحد ,وكذلك "الجان" اسم جانس يصدقا علَّى جاميع أفراد
الجنس ,فتطلَّق علَّى الفرد وعلَّى الجنس!
81أبو إسحاق النيسابوري ,غرائاب القرآن ورغائاب الفرقان ,تحقيق :أبو محمد بن عاشور ,المجلد التاسع ,ص.181.
82نطلب إلى القارئ الكريإم أن يإرجع إلى كتابنا :نشأة النسان ,والذي عرضنا فيه ليإات الخلق في القرآن ,وبمينا أنها تقول بخلق جماعي
وليس فردي.
66
فإذا كان "الجان" مثل "النسان" اسم جانس ,فما هي "اللجرنة"؟!
نقول :اللجنة هي -وا أعلَّم -صيغة الجمع ,فكما أن "الناس" هي جامع "النسان"
فكذلك "اللجنة" هي جامع "الجان".
ويدلل علَّى ذلك أن "اللجنة" تأتي في القرآن مرتبطة ب "الناس" ,فمن ذلك:
" إللي ممن يرألحمم مرأسبمك موللمذللمك مخلَّمقمتهسم موتميمست مكلَّلممةت مرأبدمك لمسملين مجامهنيمم لممن اسللجنيلة موالينا ل
س
أمسجامملعيمن ]هود "[119 :
ق اسلقمسوتل لمدني ملمسمملمين مجامهنيمم لممن اسللجنيلة
س تهمدامها مولملكسن مح ي شسئمنا ملتمسيمنا تكيل نمسف د
"مولمسو ل
س أمسجامملعيمن ]السجدة "[13 : موالينا ل
وأشهر آية تذكرت فيها اللجنة هي قوله تعالى" :مومجامعتلَّوا بمسينمهت موبمسيمن اسللجنيلة نم م
سبا ا مولمقمسد
ضترومن ]الصافات "[158 : ت اسللجنيةت إلنيتهسم لمتمسح م
معلَّلمم ل
وأكثر المفسرين علَّى أن المراد من اللجنة في هذه الية هم الملئكة ,أي أن
المشركين جاعلَّوا بين ا وبين الملئكة نسباا ,فقالوا أن الملئكة بنات ا! -تعالى
الرب العظيم-
وهذا يعني أنهم يقبلَّون أن تكون الملئكة "لجانة" ,لنهم مستترون.
والنإاظرأ في القرأآن يجد أن ال عز وجل لم يذكرأ "الجن" مع "النإاس" قط ,فلم يقل:
"الجن والنإاس" ولو قالها مرأة واحدة ,لكان معنإى هذا أن الجن غيرأ النإاس ,وإنإما
يذكرأه مع ال "إنإس" ,فيقول" :الجن والنإس" ,وكذلك قال "إنإس وجان" أما مع
"النإاس" فيذكرأ "الجنإة" .وذلك لن الجان مفرأد الجنإة ,كما أن النإسان مفرأد النإاس!
ولن ال تعالى عطفا النإاس على الجنإة "من الجنإة والنإاس" ,فل يمكن أن يكون
الجنإة من البشرأ وإنإما هم خلقا آخرأ.
"كان من الجن"
عدنا مجددا إلى إبلَّيس ,ذلك الكائن الموجاود بين الملئكة ,والذي يقال أنه لم يكن
منهم ,بل هو من الجن! عدنا لنفض هذا الشتباك :هل هو من الجن أم من
الملئكة؟! ولن الية المحورأية التي يستند إليها القائلَّون بأنه لم يكن من الملئكة
هي آية سورأة الكهف ,فسنتوقف معها طويلا لننظر ,هل هي لهم أم علَّيهم!
67
س تكاتن صمتن ارلصجسن يقول الرأب العليم" :توإصرذ يقرلتنإا صلرلتمتلاصئتكصة ارسيجيدوا صلآتدتم تفتستجيدوا إصللا إصربصلي ت
س صلللظاصلصميتنتفتفتستقا تعرن أترمصرأ ترأسبصه أتتفتلتصخيذوتنإيه تويذسرأليتيه أتروصلتياء صمن يدوصنإي تويهرم تليكرم تعيديو صبرئ ت
تبتدلل ]الكهفا "[50 :
وأول ما نإبدأ به هو عرأض ما قاله المفسرأون حولها ,ونإذكرأ هنإا ما قاله المام
الفخرأ الرأازي في تنإاوله لها ,كنإموذج:
"في هذه الية أن إبليس كان من الجن ,وللنإاس في هذه المسألة ثلثة أقوال :الول:
أنإه من الملئكة وكونإه من الملئكة ل ينإافي كونإه من الجن ,ولهم فيه وجوه:
الول :أن قبيلة من الملئكة يسمون بذلك لقوله تعالى} :توتجتعيلورا تبريتنإيه توتبريتن الجنإة
تنإتسبا{ ] الصافات} [ 158 :توتجتعيلورا لللصه يشترأتكاء الجن{ ] النإعام .[ 100 :
والثانإي :أن الجن سموا جنإا للستتارأ والملئكة كذلك فهم داخلون في الجن.
الثالث :أنإه كان خازن التجنإة ونإسب إلى الجنإة كقولهم كوفي وبصرأي ,وعن سعيد
بن جبيرأ :أنإه كان من الجنإانإين الذين يعملون في الجنإات ,حي من الملئكة
يصوغون حلية أهل الجنإة مذ خلقوا ,رأواه القاضي في تفسيرأه عن هشام عن سعيد
بن جبيرأ.
والقول الثانإي :أنإه من الجن الذين هم الشياطين والذين خلقوا من نإارأ وهو أبوهم.
والقول الثالث :قول من قال كان من الملئكة فيمسخ وغيرأ "83.ا.هـ
ولكن هذا قورل ل دليل عليه ,فلم ييذكرأ هذا في موضع واحد من المواضع الكثيرأة
التي جاءت فيها القصة ,وإنإما ييذكرأ دوما أن الملئكة يأمرأوا بالسجود فسجدوا إل
إبليس ,فهل هنإاك دليل أوضح من هذا على أنإه منإهم؟! وإبليس نإفسه لم يقل أنإه
غيرأ مخاطب بالمرأ ,وإنإما قال أنإه أفضل منإه!!
فإذا قال قائل أن هذه الية دليل على أنإه لم يكن من الملئكة ,فلقد حددت جنإسه
وقالت أنإه من الجن!
نإقول :لحظ أن الية لم تقل" :إل إبليس من الجن" وإنإما قالت" :إل إبليس كان من
الجن فا" ورأتبت على ذلك فسقه عن أمرأ رأبه!
68
والعجب كل العجب أن بعض المفسرأين جعل "كان" بمعنإى "صارأ" أي أنإه أصبح
شيطانإا بعد المعصية ,وكان جنإا قبلها!!
ومنإهم من ألغاها بتاتا فجعلها كأن لم تكن ,كأن الية قالت" :إل إبليس من الجن"
مع أن الية تقول أنإه "كان من الجن" أي أن هذا كان السبب ,وييفهم من دليل
الخطاب أنإه لم يعد كذلك الن!
أما نإحن فنإقول استنإادا إلى المعنإى اللسانإي للكلمة والتي تفيد الشدة والعلو ,وإلى
استعمالها في القرأآن –والذي لم يستعملها إشارأة إلى جنإس مستقل -أن إبليس كان
واحلدا من كبارأ الملئكة البارأزين ,فللما خوطبت الملئكة بالمرأ أبى واستكبرأ ,فلم
يعد كذلك ويطرأد من السماء وأصبح شيطانإا!
وقد يعجب القارأئ من أن يكون هنإاك "جن" في الملئكة ,لذلك نإذكرأه بما قلنإاه أن
اللسان العرأبي ل يحرأج أبدا أن يكون هنإاك جن من أي شيء ,فأقوى وأمهرأ ما في
الشيء هو جنإه!
وحتى ل يقول القارأئ أن هذا قياس في اللغة ,وليس عليه أي دليل ,نإقدم له بيت
الشعرأ الذي ذكرأه ابن منإظورأ في اللسان –وذكرأنإاه سابقا ولم نإعلقا عليه -والذي
قال قبله:
" وكان تأهيل الجاهللية يسلمون الملئكة عليهم السلم صجلنإا لرسصتتاصرأهم عن العيون ,قال
ي
اتلعشى يذكرأ سليمان عليه السلم:
وتسلخترأ من صجسن الملصئصك صتسعلة صقياما تلتدريصه تيرعتملوتن بل أترجصرأ" ا.هـ
فهذا البيت ل يقول أن أهل الجاهلية كانإوا يسمون الملئكة جنإا ,وإنإما كانإوا يرأون
أن فيهم جنإا –قادة/كبارأ/أشداء/مهرأة -فالمضافا إليه ل يينإعت بالمضافا.
وشتان بين قولي :جن الملئكة والجن الملئكة! فما فعله ابن منإظورأ مثل قولي أن
"عباقرأة التلميذ" تساوي "التلميذ العباقرأة"!
وهذا غيرأ صحيح ,فالجملة الولى تتحدث عن عباقرأة هم جزء/طائفة من التلميذ
وهنإاك غيرأهم ليس بالعبقرأي ,أما الجملة الثانإية فتقول أن التلميذ عباقرأة!
إذا ,فالجاهليون أنإفسهم كانإوا يرأون أن هنإاك جن في الملئكة ,أي قادة كبارأ مهرأة,
وهذا هو الفهم الذي نإقول به .فالعشى كانإوا يقول أنإه يسخرأ لسليمان تسعا من
كبارأ الملئكة يعملون لديه!
أما القول بأن الجن جنإس مستقل ,فيعنإي أن الكلم الوارأد في آية الكهفا غيرأ
مترأابط ول متجانإس ,يهدم أوله آخرأه!
وللتوضيح نإقدم للقارأئ مثالين ,الول مشابه لما يقولون به من أن إبليس لم يكن
من الملئكة ,ييظهرأ أن الكلم على قولهم غيرأ مترأابط ,والثانإي يبين كيفا أن قولنإا
يلغي كل الشكاليات المتعلقة بالية:
69
"قلت للموظفين اكتبوا الملفات فكتبوا إل فلنإا -كان من البائعين -فلم يكتب!"
)فلن :غيرأ مخاطب بالمرأ أصل ,وعنإد توجيه المرأ للموظفين كان بائعا ,أما الن
فلم يعد كذلك! –بدليل استعمالي" :كان" ,ولو أنإه ل يزال حتى الن بائعا لقلت :إل
فلن البائع ,ول حاجة لقولي" :كان"!(
"قلت للموظفين اكتبوا الملفات فكتبوا إل فلنإا –كان من المديرأين -فلم يكتب"
)فالكلم هنإا مترأابط ,فلقد خاطبت حشدا من العاملين تحتي بأمرأ ,فنإفذوا إل فلنإا,
استكبرأ أن يكتب لنإه كان مديرأا –ولذلك طرأدته فلم يعد الن كذلك(-
فكما رأأينإا فقولنإا بأن المرأاد من الجن هو "القادة الكبارأ" قد ألغى جميع الشكاليات,
فهو كان متلكا ,لذلك خوطب بالمرأ ,ولنإه كان قائدا بارأزا استكبرأ ,فلم يعد كذلك!
ول يعنإي قولنإا أنإه أصبح شيطانإا أنإه أصبح أسودا قبيح الشكل ,له قرأون وذيل! بعد
أن كان أبيضا جميل!! وإنإما فقد المرأتبة "ملك" واكتسب دورأا آخرأ "شيطان".
وبهذا يظهرأ لنإا أن الملئكة والشياطين يصدقا عليهما كليهما نإعت "الجان/الجنإة",
فهذا هو أصل الجنإس ,أما الملئكة والشياطين فهي ليست أسماء أجنإاس ,وإنإما
هي نإعوت يتعطى حسب الدورأ الذي يقوم به الواحد منإهم! فإذا كان مطيعا لمرأ ال
في تسييرأ الكون فهو متلك وإن كان عاصيا فهو شيطان!
لهذا لم يذكرأ ال تعالى في كتابه أنإه خلقا الملئكة من كذا والشياطين من كذا ,لنإه
س اسمه :الجان. ل يوجد جنإس اسمه الملئكة ول الشياطين وإنإما جنإ ر
ونإختم حديثنإا بما قاله الشيخ محمد رأشيد رأضا حول المسألة:
صال مجاسومهلر رايا يتمميدتز أممحمدتهمما معلن س لعسنمدمنا مدلليعل معملَّى أمين بمسيمن اسلممملئلمكلة مواسللجدن فم س "مولمسي م
ت. شتد إللمسيله اسلميا ت
ف ،مكمما تتسر ل صا ع ف أمسو م ف لعسنمدمما تمسختملَّل ت
صمنا د ف أم ساسلمخلر ،موإلنيمما تهمو اسختلمل ت
ق لفي اسلقتسرآلن لمسفظت اسللجنيلة معملَّى اسلممملئلمكلة ف لممن اسلممملئلمكلة ،موقمسد أتسطلَّل م ظالهتر أمين اسللجين ل
صسن ع مفال ي
سابا( ) سلريمن لفي قمسوللله -تممعاملى ) : -مومجامعتلَّوا بمسينمهت موبمسيمن اسللجنيلة نم م ي تجاسمتهولرأ اسلتمفم د
ل معملَّى مرأسأ
س "84.ا.هـ سومرألة الينا ل شميالطيلن لفي آلخلر ت (158 : 37مومعملَّى ال ي
إشكاليات وحلول
قد يرأفض القارأئ القول بأن إبليس كان من الملئكة ثم تشيطن- ,على الرأغم من
أنإنإا لسنإا أول من قال به -وذلك لنإه يرأى أن هنإاك بعض اليات التي تخالفا هذا
القول ,لذا سنإعرأض لهذه الشكاليات الموجودة في رأأسه لنإبين له أنإه ل مستنإد لها
في كتاب ال.
ثم نإزيده بأن نإذكرأ له بعض الشكاليات المترأتبة على قوله بأن إبليس لم يكن من
84محمد رشيد رضا ,تفسير المنار ,الجزء الول ,ص.221.
70
الملئكة ,والتي لم ينإتبه إليه هو وأصحاب الرأأي الخرأ ,ونإبين له كيفا أن قولنإا
هو المانإع لنإشأة هذه الشكاليات كلها!
أول هذه العترأاضات هو الذرأية ,فكيفا يكون ملكا ,وال يقول أن له ذرأية:
"....أتتف تلتصخيذوتنإيه تويذسرألي تيه أتروصلتياء صمن يدوصنإي ]....الكهفا "[50 :
والملئكة ل يأكلون ول يشرأبون ول يتنإاسلون؟!
نإقول :هذا السؤال ينإبغي أن يوجه أول لمن قال أن إبليس أبو الجن ,فيجب أن
ييسأل :لماذا خلقا ال جنإا واحدا وألحقه بالملئكة؟!
وكيفا تكاثرأ إبليس فأنإجب ذرأية؟ من أين له بالنإثى ,إذا كان قد يخلقا وحيدا؟!
هل تكاثرأ بالنإقسام الذاتي ,أم أنإه نإكح نإفسه -كما جاء في بعض الرأوايات -فباض
عددا من البيضات ,في داخل كل واحدة منإها شيطان رأضيع!!!
أما مسألة الذرأية للملئكة فلقد قلنإا سابقا أنإه ل دليل على أن الملئكة ل تتنإاسل!
وقلنإا أنإهم في حاجة –لزاما -إلى مصدرأ تغذية أو طاقة ,وإل لصبحوا أغنإياء,
والغنإي هو ال وحده ,ل يحتاج إلى غيرأه!
فإذا سلمنإا باحتياجهم ,فما المانإع من تكاثرأهم بشكل ما يختلفا عن كل الشكال
الرأضية ,فلن نإقول بالنإقسام الذاتي ولن نإقول بزوج ,فال أعلم كيفا يكون ذلك!
هذا وإن كنإت أميل إلى أن المرأاد من "ذرأيته" في الية هو كبارأ المجرأمين الذين
يتبعونإه ,فهم ذرأيته بمعنإى أنإه هو الذي يحرأكهم وينإشرأهم ويبعثرأهم ,وهذا هو
المعنإى الصلي للذرأي ,فكما أن الرأياح ذارأيات ,تذرأو الترأاب وغيرأه ,أي تحرأكه
وتثيرأه وتنإشرأه ,فكذلك هو ذادرأ لهؤلء التباع ,يثيرأهم ويهيجهم ,وهؤلء يتبعهم
عامة النإاس ,ويتخذونإهم أولياء من دون ال!
بعبارأة أخرأى هؤلء هم البذرأ 85الذي غرأسه إبليس ,فهؤلء الذين نإسميهم "نإبتة
شيطانإية" الذين هم غرأس الشيطان ,ينإهانإا ال عن إتباعهم!
أفتتخذونه وذرأيته أولياء من دوني وهم لكم عدو :والذي يسيرون من الناس في
طريق الغواية –وفي مقدمتهم الماديون الذين ينكرون ا ,كما ينكرون البعث -هم
أولئكم الذين يستجيبون لبلَّيس وذرأيته.
85لحظ أن عملية البذر هي ذرو ,فالفلحا يإحمل في يإده كمية من الحبوب فينثرها في الهواء فتتفرق ثم تتساقط على الرض.
71
ل من الملئكة فذرأيته هم من بني النسان ...هم مصادرأ وإذا كان إبلَّيس أص ا
الضلل والفرقة ,والفساد والعبث ,بين الناس.
هم زعماء الشرك والوثنية والمادية ...هم الذين يحرضون علَّى انتهاك القيم,
ومجارأات الشهوة والهوى "86ا.هـ
والعتراض الثاني هو :كيف تكون الملئكة جااناا والجان مخلَّوقا من النارأ,
والملئكة مخلَّوقة من النورأ ,كما جااء في الحديث الذي رأواه مسلَّم:
" ....عن عروة عن عائشة قالت :قال رأسول ا صلَّى ا علَّيه و سلَّم خلَّقت
الملئكة من نورأ وخلَّق الجان من مارأج من نارأ وخلَّق آدم مما وصف لكم" ا.هـ
نإقول :كنإا قد رأددنإا في كتابنإا السابقا "نإشأة النإسان" على هذه النإقطة ,إل أنإنإا لم نإرأد
الحديث ,فقلنإا:
"حتى على فرأض خلقا الملئكة من نإورأ ,فل يعنإي هذا أنإها لم يتخلقا من نإارأ! ول
أنإها ليست من الجان!
ويدلل على هذا خلقا النإسان ,فلقد قال ال تعالى أنإه خلقه من ماء ,ومن ترأاب,
ومن طين ,ومن صلصال! ول تعارأض ,فكلها مرأاحل للخلقا ,وفي النإهاية صارأ
النإسان كائنإا من دم ولحم ,ول علقة له بهذه المواد الصلية!
فإذا قلنإا أن الملئكة يخلقت من نإورأ ,فل يعنإي هذا أنإها لم يتخلقا من نإارأ ,ول يعنإي
هذا في عين الوقت وجوب أن نإتصورأ الملئكة كأنإوارأ متحرأكة ,فإذا كان الطين قد
صارأ لحما ودما وعظما ,فال أعلم إلى ما صارأت النإارأ "!87ا.هـ
ونإحن نإرأجع عن هذا القول الن ,ونإرأد الحديث ,جازمين بأنإه لم يصدرأ عن
الرأسول ,لسباب عدة متعلقة بمتنإه ,أهمها مخالفته لكتاب ال العزيز ,فمن ذلك أنإه
ل عن الجان ,وهذا ما ل يقول به القرأآن. جعل الملئكة جنإسا مستق ل
كما أنإه قال أنإهم مخلوقون من النإورأ ,والنإورأ ليس مادة ييخلقا منإها ,وإنإما النإارأ -أو
حتى الضوء -ييخلقا منإها! فل توجد مادة اسمها نإورأ ,وإنإما هنإاك تعترأض اسمه
نإورأ ,88ول ييخلقا من العرأاض!
كما أنإه استعمل "وصفا" مع كتاب ال ,ولم يستعمل "ينإعت أو يسمي" ,والوصفا لم
ييستعمل في القرأآن إل قرأينإا للكذب ,فمعاذ ال أن يستعمل رأسول ال الوصفا مع
كتاب رأبه! فال تعالى لم يصفا في كتابه أي شيء ,وإنإما نإعت وسلمى!
72
وبهذا نإكون قد أنإهينإا العترأاضين الشهيرأين ,اللذان ييعترأض بهما على القول بأن
إبليس كان من الملئكة ,ونإبدأ بعرأض الشكاليات المترأتبة على القول بأنإه من
"الجن" –بالمعنإى المشهورأ وليس الذي نإقول به.-
أول إشكالية تواجه القائلين بأنإه كان من الجن وليس من الملئكة ,والتي أعجب
أنإهم والمخالفون لم ينإتبهوا إليها ,وهي :كيفا يوسوس إبليس ومن تبعه من جنإس
الجن إلى البشرأ؟!
إن الملئكة تستطيع أن تصل إلى قلب النإسان ,فتوحي إليه ,وتستطيع أن تبث إليه
من الفكارأ ما ييطلب منإها:
"إصرذ أتروتحريتنإا إصتلى أيسمتك تما ييوتحى أتصن ارقصذصفيصه صفي اللتايبوصت].....طه "[39-38 :
"توأتروتحريتنإا إصتلى أيسم يموتسى أترن أتررأصضصعيصه ] ....القصص "[7 :
"تفتأروتحريتنإا إصتلريصه أتصن ارصتنإصع ارليفرلتك صبتأرعييصنإتنإا توتورحصيتنإا] ...المؤمنإون "[27 :
وغيرأ ذلك مما ينإفع النإسان ويحتاجه في مواقفا حياته المختلفة ,وكثيرأر من الفكارأ
التي تظهرأ فجأة في ذهن النإسان ,هي مما ييوحى إليه بها ,وما جزء كبيرأ من
المخترأعات والمكتشفات العلمية إل مما ييوحى به إلى النإسان ,ويظن أنإه من بنإات
أفكارأه! ولكنإه ل ييوحي به بداهة إل لمن يضع قدمه على أول الطرأيقا!
مثلنإا ,مخاطب
مخلوقا مكلفا ي
ر فأصحاب الرأأي القائل بأنإه من الجن يرأون أن الجن
بالقرأآن وقبله بكل الديان والشرأائع الرأبانإية ,فيهم المؤمن والكافرأ ,فهل للجن
القدرأة على الوسوسة إلى النإسان ,والوصول إلى قلبه/عقله؟!
أم أنإه لم يكن لديه هذه القدرأة ,وبعد أن رأفض المرأ بالسجود أعطاه ال هذه
القدرأة ,هو ومن يتبعه في معصية ال والتمرأد عليه؟!
وإذا كان لدى الجنإي الكافرأ أو العاصي القدرأة على الوسوسة ,فلماذا ل يوسوس
للنإاس؟! وما الفارأقا إذن بين الجنإي الكافرأ والشيطان؟!
ملكا ,فإن هذا ييفسرأ كيفا يستطيع الوسوسة إلى النإسان ,وبهذا أما إذا قلنإا أنإه كان ت
يكون النإسان بين وحي رأبانإي ووسوسة شيطانإية!
والقول بأن إبليس كان متلاكا ثم تشيطن ,يقضي على إشكالية أن ال تعالى يخلقا
الشرأ ,فلو قلنإا أنإه سبحانإه خلقا شياطين لكان معنإاه أنإه يخلقا الشرأ!! وال الرأحيم
لم يخلقا شياطين –تعالى العلي -وإنإما خلقا ملئكة لتقوم بأدوارأ معينإة ,وأعطاهم
الحرأية –كما أعطاها النإسان -فتمرأد بعضهم ولم يقبل القيام بأدوارأ ,يرأى أنإها ل
تليقا بقدرأته أو مكانإته!
ولم يقض ال العليم الحكيم عليه في هذه اللحظة ,وإنإما أعطاه الفرأصة كاملة لينإفذ
الدورأ الذي ارأتضاه لنإفسه وهو الفساد!
73
" أما لماذا سمح ال بظهورأ الشرأ على هذا النإحو ,فإن جواب الحل الرأابع هو أن ال
لم يسمح بظهورأ الشرأ بل سمح بالحرأية ,وليس الشرأ إل نإاتجا من نإواتج الحرأية.
فال ليس مسئول عن الشرأ وهو سيقاومه ويأتي به وبأصله إلى نإهاية محتومة في
لحظة مقرأرأة من صيرأورأة الزمن.
لقد كان ال قادرأا على محقا الشيطان لحظة عصيانإه ,ولكنإه آثرأ البقاء على مبدأ
الحرأية الذي استنإه لخلقه ,وترأكزت خطته في مقاومة الشيطان على النإسان الذي
أعطاه العقل والحرأية أيضا ,وعليه أن يستخدمهما في محارأبة الشرأ وعدم الذعان
لسلطته "89.ا.هـ
فال لم يخلقا شرأا ,وإنإما الشيء ل يخلو من الشرأ ,فإبليس –كواحد من الملئكة
المخليرأين -اختارأ الشرأ ,فترأكه ال .وليس هذا الترأك ظلما للنإسان ,فكما قال الرأب
العليم " :إصلن تكريتد اللشريتطاصن تكاتن تضصعيفا ] النإساء ,"[76 :فكيد الشيطان ضعيفا,
وليس له سلطان إل أن يدعو النإسان ,وهو بالخيارأ أن يتبع أو ييعرأض!
وبقولنإا أن إبليس حررأ مخيرأ ,نإفهم قوله تعالى " :توإصرذ يقرلتنإا صلرلتم ت
لصئتكصة ارسيجيدورا لتدتم
س أتتبى توارس ت ركتبترأ توتكاتن صمتن ارلتكاصفصرأيتن ]البقرأة "[34 :
تفتستجيدورا إصلل إصربصلي ت
فلقد توقفا المفسرأون مع قوله تعالى" :وكان من الكافرأين" ,فقالوا :إن هذا يقتضي
وجود كافرأين آخرأين ,فأين ومتى كان هؤلء الكافرأون؟
وللما لم يجدوا إجابة ,جعلوا "كان" بمعنإى "صارأ" أي أنإه صارأ من الكافرأين بفعله
هذا! أما نإحن فنإقول أنإه كان هنإاك بعض الملئكة قد تمرألد قبل ذلك ,ورأفض تنإفيذ
أمرأ من أوامرأ ال ,وعنإدما رأفض إبليس السجود ,كان من )ضمن( الكافرأين ,نإفهم
الجملة كما هي ,وليس كما نإتوقع نإحن!
ولقد توقفا المفسرأون مع كلمة" :أجمعين" ,بشأن ماذا تؤكد؟! فقالوا أنإها تشيرأ إلى
البشرأ فقط! أي أنإها يؤكد أنإه سيغوي البشرأ أجمعين إل عباد ال المخلصين.
إل أنإنإا نإخالفا المفسرأين ونإرأى أن المؤكد أوسع من البشرأ ,يدخل فيه الملئكة!
فإبليس يتوعد أنإه سيغوي الملئكة كذلك حتى ييطرأدوا مثله فل يظل وحيدا.
والذي يؤكد هذا الفهم قوله تعالى " :تلتأرمتلتألن تجتهلنإتم صمرنإتك ,"...فهل المرأاد أن ال
سيمل جهنإم من أجزاء من إبليس ,أم أنإه سيملئها من جنإسه؛ والذي هو الملئكة؟
89فراس السواحا ,الرحمن والشيطان ,ص.8-7.
74
بالتأكيد من جنإسه ,فبهذا يكون التأكيد رأاجعا إلى البشرأ والملئكة ,فمن تبع إبليس
من البشرأ والملئكة ,فسيكونإون مل جهنإم!
وحتى ل يقول القارأئ ,إنإه من المحتمل أن يكون التأكيد عائدا على البشرأ فقط,
نإثنإي له بقوله تعالى:
س أترجتمصعيتن ]هود"[119 : " ....توتلمرت تكصلتمية ترأسبتك تلرمللن تجتهلنإتم صمتن ارلصجلنإصة تواللنإا ص
س أترجتمصعيتن ]السجدة:
" .....توتلصكرن تحلقا ارلتقرويل صمسنإي تلتأرمتلتألن تجتهلنإتم صمتن ارلصجلنإصة تواللنإا ص
"[13
فال تعالى قال أنإه سيمل جهنإم من الجنإة والنإاس أجمعين! والية دليل صرأيح على
أن هنإاك صمن )الذين كانإوا صمن( الملئكة ,تمن سيدخل النإارأ.
ولقد وجدنإا عامة المفسرأين يمرأون مرأورأ الكرأام على هذا الجزء من الية,
ويجعلونإه في الجن فقط! ولقد ذكرأ المام الطبرأي قول عن أبي مالك ,قال أن المرأاد
من الجنإة :الملئكة! إل أنإه وجهه فقال:
"وأما معنإى قول أبى مالك هذا :أن إبليس كان من الملئكة ،والجن ذرأيته ،وأن
الملئكة تسمى عنإده الجن ،لما قد بينإت فيما مضى من كتابنإا هذا "90.ا.هـ
فالكلمة التي قالها ال في مبتدأ البشرأية لبليس ,ستقع وتكون يوم القيامة ,وسيمل
جهنإم من الجنإة والنإاس! والملحظ أن ال تعالى لم يقل أنإه سيمل جهنإم من
الملئكة والنإاس ,لن الملاك الذي يتمرأد يتحول إلى شيطان! ول يظل ملكا ,ولكنإه
الجنإة! لذلك ذكرأ ال أنإه سيمل جهنإم من الجنإة!91
في الحالتين من ص
والذي يبدو -وال أعلم -أنإه ليس للملئكة ,الذين يتمرأدون ويتشيطنإون ,توبة,
فإذا عصى الواحد وتمرأد منإهم ,أصبح شيطانإا إلى يوم الدين ,ول يعود ملكا أبدا,
لن معصيته حاصلة عن بطرأ وكبرأ ,مع وجود علم بالحقا ,يعلو على علوم البشرأ!
وليتذكرأ القارأئ معنإى "إبليس" والذي قلنإا أنإه بمعنإى اليائس ,فهو فاقد المل ,ل
طرأيقا له للرأجعة!
ومن الممكن القول كذلك -وال أعلم -أن جبلتهم مقدرم فيها الطاعة على المعصية
والتقوى على الفجورأ ,بخلفا نإفس النإسان ذات الصل الحيوانإي ,والتي يقدم فيها
90محمد بن جريإر الطبري ,جامع البيان في تأويإل القرآن ,تحقيق :أحمد محمد شاكر ,الجزء الخامس عشر ,ص.539.
91صنذكر القارئ أنه ل يإوجد خلق اسمه "شياطين" ,وإنما هناك خلق يإتشيطن ,فالنسان قد يإصير شيطانا –ول يإعني هذا أنه قد نبت له
قرون وغطى الشعر السود جسده ونبت له ذيإل ,وامتلك رمحال ثلثي الرؤوس! -والملك كذلك قد يإتمرد فيصير شيطانا ,ول يإعني هذا
أن تتغير خلقته ,وإنما يإتغير دوره!
75
الفجورأ على التقوى" :تفتأرلتهتمتها يفيجوترأتها توترقتواتها ]الشمس ,"[8 :كما أن النإسان
حيوانإي الصل ,والصرأاع دائرأ في النإسان بين أثرأ الرأوح والحيوان!
بطرأا ل يؤمن وليس الجان المتشيطن فقط من ل يستطيع اليمان ,فالنإسان الكافرأ ل
هو الخرأ ,فلقد يختم على قلبه" :إصلن اللصذيتن تكتفيرأورا تستوارء تعتلريصهرم أتتأنإتذررأتيهرم أترم تلرم يتنإصذررأيهرم
تل يرؤصمينإوتن ]البقرأة"[6 :
والقول بأن إبليس متمرأد من الملئكة يحل الشكالية الكبرأى :ماذا يحدث لو لم
يرأفض إبليس السجود؟ هل كنإا سنإحيى بدون شياطين توسوس؟!
ممكنإا لبليس أل يتمرأد ,أما نإحن فنإقول :لو لم يتمرأد إبليس,
ل تبعا لقولهم لم يكن
ف ل
لتمرأد غيرأه ,وقد حدث هذا بالفعل ممن سبقه وتبعه من الملئكة! والفارأقا أنإه هو
من رأفض هذا المرأ ,ثم تمرأد بعده آخرأون ,فصارأ هو كبيرأهم!
وسبب استبعاد المفسرأين لهذه الحتمالية ,ولكل ما ترأتب عليها ,من مثل ما
استنإتجنإا ,يرأجع إلى تلك التصورأات التي أسقطوها على الملئكة ,بدون أدلة بلينإات
على ما يقولون ,وإنإما هي استنإتاجات نإازعة إلى تشبيهها بالبشرأ!
النسان ..والنس
بعد أن عرضنا للَّملئكة وإبلَّيس ,ورأأينا كيف أنه في الملئكة جاعن ,وعمرفنا من أين
أتت الشياطين ,ننتقل إلى الجنس البشري ,لننظر كيف تحدث عنه الخلقا العلَّيم في
كتابه العظيم.
الناظر في كتاب ا تعالى يجد أنه سرمى جانسنا ثلثة أسماء باتفاقا ,فسمانا :بشر,
وإنسان والناس ,والخلف حول السم الرابع وهو "النس" ,فهل يقع علَّى الجنس
كلَّه ,فيكون الجن جانساا آخر ,أم علَّى بعضه فيكون الجن من عين الجنس؟!
أول ما نلَّحظه هو أن ا تعالى وتقدس لم يخاطب البشر في كتابه ,فلَّم يقل في آية:
يا أيها البشر! وإنما خاطب النسان والناس.
فخاطب النسان في موضعين اثنين فقال" :يا أيها النسان "...
وخاطب الناس في عشرين موضعا فقال" :يا أيها الناس ."...
وعندما كان يخاطب ا تعالى "الناس" أو "النسان" كان يخاطبهما بمفردهما فلَّم
يكن يشرك معهما جانس آخر!
بينما يختلَّف الوضع تماما مع "النس" ,فلَّم تأت كلَّمة "النس" في آي واحدة من
القرآن إل وكان معها الجن ,وغالبا ا ما يكون الجن سابقا ا لها في الذكر.
76
وكذلك لم يخاطب ا تعالى "النس" في آية واحدة ,وإنما كان يخاطبهم مع الجن,
ويكون الجن سابقا ا لهم.
كذلك لم تأت صيغة الخطاب مثل ما أتت مع "الناس" و "النسان" ,فلَّم يقل ا:
"يا أيها النس والجن" وإنما قال "يا معشر الجن والنس" ,كما في اليتين
الفريدتين اللَّتين خاطب ا فيهما الجن والنس:
صومن معلَّمسيتكسم آميالتي موتينلذترأونمتكسم للمقاء سعل دمنتكسم يمقت سس أملمسم يمأستلتكسم ترأ ت
شمر اسللجدن مواللن ل "ميا ممسع م
يمسولمتكسم مهـمذا ] .....النعام [130 :
ت مواسلمسرأ ل
ض مفانفتتذوا سمماموا ل
طالرأ ال ي ستمطمسعتتسم مأن متنفتتذوا لمسن أمسق م س إللن ا س شمر اسللجدن موا س للن لميا ممسع م
طادن ]الرحمن "[33 : مل متنفتتذومن إليل بل ت
سسلَّ م
وعلَّى النقيض نجد أن ا تعالى خاطب الجن في آية ولم يخاطب النس ,فقال:
س ] ....النعام "[128 : ستمسكثمسرتتم دممن اللن ل شمر اسللجدن قملد ا س شترتهسم مجالميعا ا ميا ممسع م "مويمسومم يلسح ت
وهنا يجب علَّينا أن نتساءل :لماذا تيجمع النس مع الجن دوما ,لماذا ل تيذكرون
بمفردهم؟ ولماذا التعبير ب "معشر" والذي يفيد التداخل والتخلَّطة؟ هل يكون في
هذا إشارأة إلى أنهم من جانس واحد ,وأنهم يحيون مع بعضهم؟!
إجاابة هذا السؤال تعتمد علَّى تحديد معنى "النس" ,فهل هو مسادو للَّناس أو
ت لفئة معينة منه؟! النسان؟ أي أنه يدل علَّى الجنس البشري عامة ,أم أنه نع ع
فإذا كان مسادو لهما ,كان هذا دليلا حاسماا علَّى أن الجن جانس غير البشر ,أما إذا لم
يكن مسادو لهما ,فيكون في هذا إشارأة إلى احتمال كون الجن طائفة بارأزة من
البشر ,كما هو الجن في كل شيء ,حتى في الملئكة!
الناظر في المعاجام اللَّغوية ل يجد فرقا ا جالَّياا بين النس والنسان ,فالنس في
المعاجام هو البشر ,إل أن الناظر يجد أن المعاني المرتبطة بال "تأنس" هي الظهورأ
وعدم الوحشية والجاتماع ,فإذا نظرنا في لسان العرب ألفينا ابن منظورأ يقول:
س .تقول :رأمأيت بمكان كذا وكذا س ،وهم المنم ت س جاماعة الناس ،والجمع تأنا ع "واللسن ت
س البشر، شلة (.....) ،واللسن ت س :خلف الموسح م أممنسا ا كثيراا مأي ناسا ا كثيراا ) (.....والمنم ت
سني وأممنسني مأيضا ا (.....) .في الحديث :مأنه نهى عن التحتمر اللنسيية يوم الواحد إلسن ل
س مأهل المممحدل ،والجمع س ،وهو ضد الوحشة (.....) ،والمنم ت مخسيمبر؛ ) (.....والتسن ت
س واللسن ت
س س والتسن تسك (.....) .والمنم ت سك مأي كيف نمسف ت س ) (.....وقالوا :كيف ابتن إلسن ت أنا ع
م
سه :رأآه وأبصره س
ستمأنم م ص وا س شسخ م س ال ي سه .وآنم م م
س الشيمء :أمح ي س
الطمأنينة (.....) ،وآنم م
سه :رأآه ومأبصره ستمأسنم مص وا س شسخ م س ال ي سه .وآنم مس الشيمء :أممح ي ونظر لإليه ) (.....وآنم م
ونظر لإليه" 92ا.هـ
إل أن الناظر يلَّحظ فارأقا في المعنى رأاجاعع إلى زيادة المبنى ,فكلَّمة "إنسان" هي
"إنس" زيد إليها اللف والنون ,فأصبحت علَّى وزن فعلن مثل جاوعان وعطشان.
92جمال الديإن بن منظور ,لسان العرب ,تحقيق :عبد ا علي الكبير وغيره ,المجلد الول ,ص.148.
77
"وهي صيغة مبالغة تدل على الكثرأة والزيادة ,وتفيد الحدوث والتجدد والمتلء
بالسمة! فالسمة البارأزة العالية المسيطرأة فيه هي النإس ,وهي ل تكون إل في
تجمع وطمأنإينإة ,نإابعة من البعد عن الوحشية )الحيوانإية( ,فإذا ينإزعت منإه انإتكس
وصارأ وحشا كما كان سابقا! "93ا.هـ
والذي يظهر من استعمال العرب للَّكلَّمة أن النس هم تلَّكم الجماعة التي يؤنس
ضها بعضاا ,فيؤمن كعل منهم للخر المن والحماية .والنسان هو ذلك الكائن بع ت
المنتمي إلى النس ,والذي ظهرت فيه سمة النس ,فترك الوحشية وانطوى تحت
لواء تلَّك الجماعة.
فإذا لم نجد تفريقا واضحاا في لسان العرب ,نقصد كتاب ا لننظر ,هل فرقا بين
النس والناس/النسان؟
بخلف الفروقا التي ذكرناها ,نجد أن ا تعالى لم يذكر مادة خلَّق النس ,فلَّم يقل
أنه خلَّق "النس" من كذا –كما لم يفعل مع الجن ,-كما لم يثني علَّى خلَّقه ,فيقول
أنه مخلَّوقا في هيئة حسنة مثل! كما لم نجد أي عرض للَّجانب التختلَّقي للنس ,فلَّم
ل :وكان النس ضعيفا ,وكان النس قنوتا! يقل مث ا
كما نجد أن النس تيذكر دوما ا مجموعا ا –مقروناا بالجن -فلَّم نجد آية تتكلَّم عن طائفة
منهم ,علَّى عكس الناس ,الذين يقول ا الخبير في حقهم أن منهم من يفعل كذا
وكذا ,فال تعالى قال في اثنتي عشرة آية " ولمن الناس ممن ,"....بينما لم نجد آية
واحدة تقول" :ولمن النس ممن "...
يظهر لنا من هذه الفروقا كللَّها ,أن القرآن قد قسم البشر إلى طائفتين ,وهاتان
الطائفتان معشر مختلَّط ,وهما النس والجن.
وإذا كان الجن هو الشديد القوي في الشيء ,فيكون النس هو الطرف المقابل
فيكون هم عوام الناس .وبهذا يمكننا القول أن جان البشر هم القادة والسياد
المستكبرون ,وأن النس هم من نسميهم عوام الناس ,والذين يلَّعبون دورأ التباع.
وقد يستغرب القارأئ أن يكون هناك جان في البشر ,ولكن لسان العرب يقول أن لكل
شيء جان ,ووجادنا في الملئكة جان ,فما المانع أن يكون في البشر جان؟!
قد يرفض القارأئ ذلك لنه رأأى أن القرآن استعمل تركيبة "شياطين النس" و
"شياطين الجن" ,فكيف يكون هناك جان من البشر؟!
نقول :استعمال القرآن لهذه التركيبة "شياطين الجن" رأاجاع إلى أن كلَّمة "الجن"
في حد ذاتها كلَّمة تتطلَّق علَّى الكبير والعظيم والخارأقا ,كائنا ما كان ,المهم أن يكون
يعمل في خفاء وخفة ومهارأة ,بينما كلَّمة "شيطان" هي كلَّمة ذم ,تشير إلى الشر.
فشياطين الجن من البشر ومن غيره ,وشياطين النس من البشر فقط.
78
الفصل الثاني
ا والجن
هل خلقا ال الجن؟!
كان من المفترأض أن يكون هذا الفصل لتنإاول اليات المتعلقة بالجن في القرأآن,
ولكلنإا رأأينإا أنإه من الواجب علينإا قبل هذا التنإاول أن نإدعو القارأئ الكرأيم ليتذكرأ ال
العظيم في هذه المعادلة ,وليسأل نإفسه :هل خلقا ال تعالى الجن94؟!
وحاشا ل أن يكون غيرأه خالقا لخلدقا في كونإه ,ولكن التصورأ الموجود عنإد
المسلمين ل يتفقا مع كمالت ال وأسماءه الحسنإى.
وهذه النإقطة كانإت من أكبرأ أسباب جزمنإا بعدم وجود ذلك الكائن بهذا التصورأ,
فلسنإا من أولئك النإفرأ الذين يرأفضون الجن لنإه غيرأ مرأئي ول محسوس ,ونإحن
نإقول أنإه ل يوجد ما يمنإع عقل من وجود كائدن غيرأ النإسان ,له قدرأات تختلفا عن
قدرأات النإسان ,ولكلنإا نإرأفض أن يقال أن الدليل العقلي على تصديقه ,فهذا ما ل
دليل عليه! فلو يوجد سيكون من عالم الغيب الذي ينإحصرأ دورأ العقل في التصديقا
على عدم تنإاقضه مع المسلمات ,أم أن يثبته فهذا ما ل ريقبل!
كما نإرأفض دعوى من يدعي أن المشاهدة دللت عليه ,فليست أقوال المرأضى
والمخابيل وأصحاب الخيالت والوهام بدليل.
ونإعود فنإقول :لقد ظهرأت تصورأات الكائنإات الخرأافية عنإد مجتمعات لم يكن لديها
تصورأ سليم عن الخلقا الحكيم ,فلم تكن صورأة الله عنإدهم كالموجودة عنإد
المسلمين ,فكانإوا يقبلون عليه العبث ,ويقولون بصدورأ الخطاء منإه ,وغيرأ ذلك
من النإقائص .وكل مسلم ينإزه ال عن أي العبث ,وعن أي نإقيصة ,لذا فإنإنإا نإطرأح
عليه السؤال الحتمي :لماذا خلقا ال الجن؟
94حديإثنا هنا عن الجن تبعال للتصور المشتهر بين المسلمين وهو الكائان الناري المكلف ,وليس تبعال للتصور الذي قدمناه في الفصل
السابق.
79
سؤارل قد ل يخطرأ بذهن أكثرأ المسلمين ,لنإهم يظنإون أنإه من البديهيات ,فلقد
خلقهم ال ليعبدوه ,كما قال في سورأة الذارأيات.
ونإحن نإقرأ أنإه سبحانإه ما خلقا خلقا إل ليعبده ويسبحه! ولكن السؤال الذي نإطرأحه:
ما هو الدورأ الذي يقوم به الجن في حياته؟
لقد خلقا ال النإسان وجعله خليفة الرأض ,وطلب إليه أن يعمرأها ,فلم يخلقه
ليصلي ويسلبح ويذكرأه فقط ,وإنإما يعمرأ الرأض ويكتشفها ,فيعيش النإسان طالبا
للرأزقا مصلحا للرأض ,يعمل أي عمل ,فيتاجرأ هذا ويزرأع ذاك ,ويخطط آخرأ,
ويعلم غيرأهم ....وهكذا ,وعليهم في أثنإاء عملهم هذا أن يلتزموا شرأع ال العليم!
فل يسرأقون ول يغشون ول يزنإون ,وعليهم أن يعدلوا ...الخ.
وخلقا الملئكة وجعل لها أدوارأا في تسييرأ الكون ومساعدة النإسان ومسانإدته,95
وهم بقيامهم بهذه الدوارأ يعبدون ال!
ولم يخلقا ال شياطين ,فال ل يخلقا الشرأ ,وإنإما هنإاك شرأ فيما خلقا ,وإنإما خلقا
ملئكة وتملرأد بعضهم فأصبحوا شياطين ,فلعبوا دورأا آخرأ في الكون!
والسؤال هو :ماذا يفعل الجن؟ هل لهم حضارأات؟ هل عنإدهم تطورأ وتقدم علمي؟!
ما هي وظيفتهم؟ لقد جعل ال النإسان خليفة في الرأض ,فما هو دورأ الجن؟!
هل خلقهم عاطلين؟!
إن الصورأة الموجودة للجن في الترأاث تقول أنإه كائن طفيلي! ليس له أي عمل ول
دورأ ,إل أن يؤذي النإسان ويرأكبه ,كما أنإه كائن غبي! فعلى الرأغم من أنإه مخلورقا
قبل النإسان ,إل أنإه يقلد النإسان في كل ما يفعله ,ولست أدرأي كيفا سيكون حال
الجن بدون النإسان ,الذي يتطفل عليه في كل شيء ,حتى في نإتاجه الحضارأي,
فيعيش بنإفس الطرأيقة التي يحيى بها النإسان وعليه أن يؤمن بالنإبياء والرأسل
الذين يرأسلون إلى النإسان! وعلى الرأغم من تخلفه الفكرأي هذا وتطفله ,فإنإه
يستطيع أن يوسوس للنإسان!!
95للملئاكة دور عظيم في حياة النسان وفي تسيير الكون ,و نذكر هنا بعضا من وظائاف الملئاكة حتى يإتذكر النسان فضل ا عليه
في تسخيرهم له ,ويإتذكر دورهم في حياته :
اح ] ....الرعد "[11 : ظونسهص حمبن أسبمر ح م ت ممن بسبيحن يإسسدبيإحه سوحمبن سخبلفححه يإسبحفس ص -1حفظ النسان من كثير من المخاطر " :لسهص صمسعقمسبا ل
فالملئاكة تقوما بحفظ النسان من كثير من المخاطر التي يإتعرض لها وقد يإنجو منها بطريإقة غريإبة ,ول يإتفكر كيف نجا من هذا
الموقف ,ويإظن في نهايإة المطاف أنها صدفة !!.
ف سوسل تسبحسزبن إحتنا صمنسجَجو س
ك ق بححهبم سذبرعا ل سوسقاصلوا سل تسسخ ب ضا ست صرصسلصسنا صلوطا ل حسيسء بححهبم سو س -2إنزال العذاب بالقواما الطاغية الظالمة " و سلستما سأن سجاء ب
سصقوسن ]العنكبوت -3. [34, 33 : ت حمسن ابلسغابححريإسن إتنا صمنحزصلوسن سعسلى أسبهحل هسحذحه ابلقسبريإسحة حربجزال ممسن التسسماحء بحسما سكاصنوا يإسبف ص ك إحتل ابمسرأستس س
ك سكانس ب سوأسبهلس س
ص س س ص ب ت ص ب ص س س ت
ق حعسباحدحه سويإصبرحسصل سعلبيكم سحفظة سحتسى إحذا سجاء أسحسدكصم السمبوت تسسوفتهص صرصسلسنا سوهصبم ل يإصفمرطوسن ]النعاما -4 . [61 : ل س س ص س س س ب
توفي النفس " سوهصسو القاحهصر فبو س
ب إحلسبيحه حمبن سحببحل ابلسوحريإحد إبذ يإستسلستقى س بححه نسبفصسهص سونسبحصن أسبقسر ص مراقبة النسان وتدويإن أعماله التي اقترفها" :سولسقسبد سخلسبقسنا ا ب حلنسساسن سونسبعلسصم سما تصسوبسحو ص
ب سعحتيلد ]قـ .[16,17 18,: ابلصمتسلسقمسياحن سعحن ابليسحميحن سوسعحن المشسماحل قسحعيلد سما يإسبلفحظص حمن قسبونل إحتل لسسدبيإحه سرحقي ل
ك إحسلى ابلسملَئاحسكحة أسمني سمسعصكبم فسثسبمصتوبا ال تحذيإسن آسمصنوبا سسأ صبلحقي -5تثبيت المؤمنين ونصرتهم في ساحات القتال نصرا معنويإا وماديإلا" :إحبذ صيإوححي سرجَب س
ضحرصبوبا حمبنهصبم صكتل بسسنانن ]النفال "[12 :ا.هـ ق السبعسنا ح
ق سوا ب ضحرصبوبا فسبو س ب ال تحذيإسن سكفسصروبا التربع س
ب سفا ب حفي قصصلو ح
منقول بتصرف من كتاب " التوحيد عقيدة المة منذ آدما " ,من إصدارات جمعية التجديإد
80
ونإذكرأ هنإا نإموذجين للقارأئ يظهرأان الجن –تبعا للتصورأ المشهورأ -كائنإا طفيليا,
مجبررأ على سرأقتنإا والنإتفاع بممتلكاتنإا بدون إذنإنإا!
أولهما ما رأواه المام البخارأي:
ات معسنهت مقامل: ضمي ي سيلريمن معسن أملبي تهمرسيمرةم مرأ ل " ....معسن تممحيملد سبلن ل
ت فممجمعمل يمسحتثو ضامن فمأ ممتالني آ د سلَّيمم بللحسفلظ مزمكالة مرأمم م ات معلَّمسيله مو مصيلَّى ي ال م سوتل ي مويكلَّملني مرأ ت
سلَّيمم.
ات معلَّمسيله مو م صيلَّى ي ال م سولل ي ال ملمسرأفممعنيمك إلملى مرأ ت ت :مو ي لمسن الطيمعالم فمأ ممخسذتتهت ,موقتسلَّ ت
شلديمدةع.مقامل :إلدني تمسحمتاعج مومعلَّميي لعمياعل موللي محامجاةع م
سلَّيمم :ميا أممبا تهمرسيمرةم مما فممعمل ات معلَّمسيله مو م صيلَّى ي ت فممقامل النيبلسي م صبمسح ت ت معسنهت ,فمأ م س مقامل :فممخلَّيسي ت
شلديمدةا مولعمياال فممرلحسمتتهت فممخلَّيسي ت
ت شمكا محامجاةا م ال م سومل ي ت :ميا مرأ ت سيترمك اسلمبالرأمحةم؟ مقامل قتسلَّ ت أم ل
اتصيلَّى ي ال م سولل ي سيمتعوتد للقمسولل مرأ تت أمنيهت م سيمتعوتد .فممعمرسف تسلبيلَّمهت .مقامل :أممما إلنيهت قمسد مكمذبممك مو م م
سيمتعوتد. سلَّيمم إلنيهت م
معلَّمسيله مو م
ات معلَّمسيلهصيلَّى ي ال م سولل ي صسدتتهت فممجامء يمسحتثو لمسن الطيمعالم فمأ ممخسذتتهت فمقتسلَّ ت
ت :ملمسرأفممعنيمك إلملى مرأ ت فممر م
ت
صبمسح ت سلبيلَّمهت .فمأ م س
ت م سلَّيمم .مقامل :مدسعلني فمإ لدني تمسحمتاعج مومعلَّميي لعمياعل مل أمتعوتد فممرلحسمتتهت فممخلَّيسي ت مو م
سيترمك؟ )(..... سلَّيمم :ميا أممبا تهمرسيمرةم مما فممعمل أم ل ات معلَّمسيله مو م صيلَّى ي ال مسوتل ي فممقامل للي مرأ ت
ب ,تمسعلَّمتم ممسن تتمخالط ت
ب صمدقممك موتهمو مكتذو ع سلَّيمم :أممما إلنيهت قمسد م ات معلَّمسيله مو م فممقامل النيبلسي م
صيلَّى ي
طاعن "96.ا.هـ شسي م ث لمميادل ميا أممبا تهمرسيمرةم؟ مقامل :مل .مقامل :مذامك م تمسنتذ ثممل ل
فكما رأأينا فلَّقد اضطر هذا الشيطان للَّسرقة لنه كائن طفيلَّي ,فماذا يفعل غير هذا؟!
وكذلك نجد مسلَّم يروي رأواية مشابهة لرواية البخارأي يقول فيها:
سلَّيمم
ات معلَّمسيله مو م صيلَّى ي
سلممع النيبليي م ال رأضي ا عنه أمنيهت م " ...معسن مجاابللر سبلن معسبلد ي
تطاتن :مل مملبي م شسي م
ام لعسنمد تدتخوللله مولعسنمد طممعالمله ,مقامل ال ي يمتقوتل :إلمذا مدمخمل اليرتجاتل بمسيتمهت فممذمكمر ي
ت موإلمذا طاتن :أمسدمرأسكتتسم اسلمملبي مشسي م
ام لعسنمد تدتخوللله ,مقامل ال ي شامء .موإلمذا مدمخمل فملَّمسم يمسذتكسر يلمتكسم مومل مع م
شامءل "97.ا.هـ طمعالمله ,مقامل :أمسدمرأسكتتسم اسلمملبي م
ت مواسلمع م ام لعسنمد م لمسم يمسذتكسر ي
فهنا يظهر التطفل أوضح ما يكون! ومعاذ ا أن يخلَّق كائنا ا عاقلا متطفلا يستبيح
أشياء النسان ويطلَّع علَّى عورأاته!!
وعلى الرأغم من أنإه من النإارأ فإنإه يتغذى بنإفس المواد التي يتغذى بها النإسان,
بدل من أن يكون له مصدرأ طاقة! ولنإهم عاطلون طفيليون ,ليس لهم أي عمل أو
إنإتاج فهم يأكلون فضلت الحيوانإات والقمامة التي نإرأميها ,وأحيانإا يحاول بعضهم
أن يرأتقي فيأكل شيئا آخرأ ,فنإجده مضطرأا للسرأقة- ,كما جاء في الثرأ!-
إن مخترأعي هذه الخرأافات لم يقولوا أن للجن عالما وحضارأة خاصة به ,كما لنإا,
وإنإما "حشرأوه" حشرأا معنإا في عالمنإا ودنإيانإا ,يتصرأفا كما نإتصرأفا ,على رأغم من
اختلفا طبيعته!
96محمد بن إسماعيل البخاري ,صحيح البخاري ,تحقيق :محمد زهير بن ناصر الناصر ,الجزء الثالث ,ص.101.
97مسلم النيسابوري ,صحيح مسلم ,تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي ,الجزء الثالث1598 ,
81
ونإحن نإنإزه ال أن يخلقا كائنإا عاقل طفيليا ,فإذا خلقا كائنإا مكلفا كلرأمه وشلرأفه ,كما
أعلنإها صرأاحة أنإه كلرأم بنإي آدم ,فلماذا أهان الجن وجعله عاطل؟!
الجن ...والشرأيعة
بعد أن رأأينإا أنإه من غيرأ اللئقا بال أن يخلقا كائنإا عبثا ,نإنإتقل إلى نإقطة أخرأى,
وهي تكليفا ال تعالى الجن بما ل يطيقون ,فهل يكلفا ال الرأحيم الجن بشرأعة
ل للنإاس ,وهل يحاسبهم عليها؟! فإذا كان الجن مخاطبون بالسلم, يجعلت أص ل
فكيفا يطبقا الجن شرأائع السلم؟
فالجن المكلفا -كما يرأون -مخلوقا من النإارأ ,يمكن تشبيهه بالشباح ,يقدرأ على
التجسد ,إل أن أصله كالدخان ,فهل سيتوضأ بالماء؟ وإذا سرأقا –وسيسرأقا ل
محالة فهو طفيلي -فهل نإقطع يده؟ وهل له يد أصل ,وإذا كان ,فكيفا نإقطع يده؟
وإذا زنإى كيفا نإجلده؟ و كيفا نإيعزرأه بالحبس؟!
وإذا قيل أنإه إذا تجسد يينإفذ كل هذا ,فيمكنإه الوضوء ويمكن معاقبته ,فإن هذا يعنإي
أن الشرأيعة غيرأ منإاسبة للجن بهيئتها الصلية ,وعليها التجسد لتنإفذ الشرأيعة!
وإذا قبلنإا بهذا وقلنإا أن الجن سيتجسد لينإفذ أحكام الشرأيعة طائعا ,فما الذي
سيجبرأه على التجسد لييجلد مثل أو لتقطع يده؟!
ثم لماذا وكيفا يحاسبه ال عز وجل على شرأعة لم يتجعل له وغيرأ منإاسبة له؟
لقد رأد ال على مطالب المشرأكين بإرأسال ملك بدلل من النإبي ,فقال:
ض تملصئتكرة تيرميشوتن يمرطتمصئسنإيتن تلتنإلزرلتنإا تعتلريصهم سمتن اللستماصء تمتلكا لرأيسولل
يقل لرو تكاتن صفي اتلررأ ص
]السرأاء [95 :
فالرأسول ل بد أن يكون من جنإس المرأسل إليه ,فلنإهم بشرأ أرأسل ال إليهم بشرأا
رأسول ,ولو كانإوا ملئكة لنإزل إليهم ملكا رأسول ,فلماذا يكون رأسول الجن من
غيرأ جنإسهم ,وعليهم اليمان به؟!
لقد قال الرأب العليم أن لنإا في رأسول ال أسوة حسنإة ,فهل للجن في الرأسول
السوة الحسنإة؟ إن قدرأات الرأسول أقل بكثيرأ من قدرأات الجن ,كما أن تكوينإه
مخالفا لتكوينإهم ,فكيفا يكون قدولة حسنإة لهم؟!
وحاول بعض الذين انإتبهوا إلى هذا الشكالية حلها ,بأن قالوا أنإه يمكن للجن تنإفيذ
بعض الحكام وما ل يمكنإه فهو غيرأ مخاطب به!
إل أن هذا يعنإي أن ال خاطب خلقا بشرأعة غيرأ منإاسبة ,وأن اللتزام والخضوع
للمرأ أصبح بيد الجنإي ,فيفعل أو ل يفعل!
وبغض النإظرأ عن أن ال لم يأمرأهم بأي أمرأ في القرأآن كله ,فإنإه لم يبين لهم ما
82
عليهم اللتزام به وما ل يجب عليهم إتباعه- ,ومعاذ ال أن ينإزل كتابا غيرأ مبين,
ومن ثم سيحتاجون إلى رأسول ,يبلين لهم ما عليهم ,حتى ل يكون لديهم حجة بعد
الرأسل!!
أما على قولنإا فل عجب من وجود الشياطين ,فلقد كانإوا ملئكة ثم أصبحوا شياطين
–بدون تغييرأ في الصخلقة ,فلم يكونإوا صبيضا فأصبحوا سودا ,بقرأون وشعرأ كثيفا!
وإنإما بتغليرأ الدورأ -ولنإه قد صدرأ الحكم بعقابهم ,فهم يعملون على إدخال أكبرأ قدرأ
ممكن من البشرأ معهم في النإارأ ,حتى ينإتقموا من البشرأ الذي عوقبوا بسببه!
وختاما نإقول:
إن القول بوجود جن )عفارأيت( بهذه القدرأات التي يزعمون ,يؤدي إلى التشكيك
في آيات النإبياء ,و في كل شيء في هذه الدنإيا ,فرأبما تشكل جنر و قام بفعل هذه
الشياء ,ورأبما يكون النإبياء قاموا بهذه اليات بواسطة الجن.
أما مع القول بوجود ملئكة وشياطين ,ليس لهم تدخل مادي في دنإيانإا ,لن لهم
عالمهم ولنإا عالمنإا فل إشكال ول لبث على الطلقا!
83
القرأآن ...والجن
لقد قال الرأب العليم أن كتابه مفصل ومحكم ,وإذا يقبل اختلفا الفهام في بعض
المسائل الفرأعية ,فإنإه من غيرأ المقبول وقوع الختلفا حول أصل التكليفا ,لذا
فإنإنإا سنإسأل القائلين بأن الجن مخاطب بالقرأآن ,بأشكال عدة ,متى وأين يكلفوا؟
وهل يجوز الستنإباط في التكليفا ,أما ل بد من ورأوده بخطاب صرأيح ,لذا فإنإنإا
نإدعو القارأئ للتفكرأ في النإقاط القادمة:98
-1ما خاطب القرأآن إل النإاس ,فلم يخاطب الجن قط ,فلماذا لم يقل "يا أيها الجن",
أليسوا مكلفين مثل النإاس على قولهم؟
س أيلملة تواصحتدلة تفتبتعتث البله اللنإصبسييتن -2أنإزل ال كل الكتب لتحكم بين النإاس" ,تكاتن اللنإا ي
س صفيتما ارختتليفورا صفيصه يمتبسشصرأيتن تويمنإصذصرأيتن توتأنإتزتل تمتعيهيم ارلصكتتاتب صبارلتحسقا صلتيرحيكتم تبريتن اللنإا ص
كتبا لتحكم بين الجن أو الثنإين؟ ]البقرأة , [213 :فلم لم ينإزل ال العليم ل
-3خاطب ال بنإي آدم في القرأآن أرأبع مرأات في الدنإيا ومرأة في الخرأة ,ولم نإجد
أنإه خاطب بنإي الجن أو بنإي النإارأ قط.
س توالليه صبيكسل تشريدء -4يضرأب ال المثال للنإاس فقط" ,توتيرضصرأيب الليه ارلتأرمتثاتل صلللنإا ص
تعصليرم ]النإورأ ,"[35 :فلم ل يضرأب أمثالا للجن تنإاسب طبيعتهم؟
س تلتعليهرم تيلتيقوتن ]البقرأة : -5بيلن ال آياته للنإاس فقط " ,تكتذصلتك يتبسيين البله آتياصتصه صلللنإا ص
, "[187فلم لم يبيلنإها للجن؟
ي
-6أنإزل ال القرأآن والكتب نإورأال وهدى للنإاس" ,تشرهيرأ ترأتمتضاتن اللصذتي أنإصزتل صفيصه
س ]البقرأة " ,[185 :يقرل تمرن تأنإتزتل ارلصكتتاتب اللصذي تجاء صبصه يموتسى ينإورأا ارليقررأآين يهلدى سلللنإا ص
كتبا هدى للجن؟ س ]....النإعام , [91 :فلم لم ينإزل ل تويهلدى سلللنإا ص
-7النإبياء والرأسل أرأسلوا من النإاس للنإاس فقط" :توتما أتررأتسرلتنإا صمن تقربصلتك إصلل صرأتجالل
بنإوصحي إصتلريصهم سمرن أترهصل ارليقترأى ] ...يوسفا ,"[109 :فلماذا لم يرأسل ال رأسل إلى
الجن؟
س صحتسايبيهرم تويهرم صفي تغرفتلدة لمرعصرأيضوتن ر
-8سيحاسب ال النإاس فقط" ,اقتترأتب صلللنإا ص
]النإبياء ,"[1 :ألن يحاسب الجن؟
-9أين كان هذا الجن المؤمن في مواقفا الشدة ,التي كان يحتاجه المسلمون
فيها؟ ولماذا لم يتدخل الجن الكافرأ كذلك نإصرألة للكافرأين؟
نإحن لم نإجد أي ذكرأ في هذه المواقفا إل للملئكة أو الشيطان! فمثل:
" صإرذ ييوصحي ترأبتك إصتلى ارلتملصئتكصة أتسنإي تمتعيكرم تفتثسبيتورا اللصذيتن آتمينإورا تسيأرلصقي صفي يقيلوصب اللصذيتن
تكتفيرأورا اللرأرعتب ] ......النإفال " [12 :
98إحقاق لا للحق فإن الجماعة الحمديإة )القاديإانية( هي من لفتت انتباهي إلى هذه النقطة ,وهذه الدلة منقولة من بعضه كتبهم ,بتصرف
كبير.
84
"توإصرذ تزليتن تليهيم اللشريتطاين أترعتماتليهرم توتقاتل تل تغاصلتب تليكيم ارلتيروتم صمتن اللنإا ص
س توإصسنإي تجاررأ ليكرم
ص تعتلى تعصقتبريصه توتقاتل إصسنإي تبصرأيرء سمنإيكرم إصسنإي أتترأى تما تل ت ترأروتن إصسنإتي تفتللما ت ترأاءصت ارلصفتئتتاصن تنإتك ت
أتتخايفا الله توالبله تشصدييد ارلصعتقاصب ]النإفال "[48 :
فأين هؤلء الجن المؤمن أو الكافرأ؟
ض توارلصجتباصل تفتأتبريتن تأن -10قوله تعالى" :إصلنإا تعترأرضتنإا ارلتأتماتنإتة تعتلى اللستماتواصت توارلتأررأ ص
تيرحصمرلتنإتها توأترشتفرقتن صمرنإتها توتحتمتلتها ارلصإنإتساين إصلنإيه تكاتن تظيلوما تجيهولل ]الحزاب " [72 :
فهذه الية تصرأح بأن النإسان هو الذي حمل المانإة ,فلو كان الجن -كما يدعون-
خلقار مستقل مخاطبر بالقرأآن ,فهذا يعنإي أنإها نإست الجن!!
س تعتلريتها تلا -11قوله تعالى" :تفتأصقرم تورجتهتك صللسديصن تحصنإيفا صفرطترأتة الللصه الصتي تفتطترأ اللنإا ت
س تلا تيرعتليموتن ]الرأوم " [30 : ت ربصديتل صلتخرلصقا الللصه تذصلتك السديين ارلتقسييم توتلصكلن أتركتثترأ اللنإا ص
فال تعالى جعل الدين الفطرأة التي فطرأ النإاس عليها ,و لم يقل أنإه فطرأ الجن
عليها ,أفل يكون من التكليفا بما ل ييطاقا ,أن نإطالب الجن باليمان بما هو غيرأ
مفطورأ عليه؟
فهذه أدلة كثيرأة على أن الجن غيرأ مخاطب بالقرأآن ,فل يمكن لحد – ممن يقول
بأن الجن خلقار مستقل -أن يدعي أن ال يخاطب النإاس ,ويعتبرأ الجن مخاطبال
بالجملة ,فاليمان والكفرأ والوامرأ من ال ل توجه إلى الخلقا بالشارأة والتضمن
والتلميح ,بل تكون صرأيحة ل وجه لي لبس فيها.
فالسادة العلماء قالوا :هنإاك خلقا مختلفا مكلفا ومخاطب بالقرأآن اسمه الجن,
أبدا ,فال يخاطبنإا نإحن ثم نإصرأ على أن هنإاك
ولكنإا لم نإجد ال يذكرأ هذا التكليفا ل
داخل معنإا في هذا الخطاب ,فما دليلنإا على هذا الدعاء؟!!
ر خلقار آخرأ
الجن ..والجزاء
من المنإطقي -تبعا لقولنإا ,الذي يقول أن الجن هم القادة المستكبرأون
ل في كتاب المستعلون -أن يكون الجن في الخرأة في النإارأ ,وهذا ما وجدنإاه فع ل
ال تعالى ,فهم ييذكرأون دوما في النإارأ ,ولم ييذكرأوا مرأة واحدة في الجنإة.
ولقد سلبب هذا المرأ للقائلين بالجن النإارأي المكلفا إشكالية كبرأى ,فإذا كانإوا
مكلفين مثلنإا ,فلماذا ل يوجد لهم ذكررأ في الجنإة؟! فهل سيعاقبون فقط على
معصيتهم ول يثابون على طاعتهم إل النإجاة من النإارأ؟
بسبب هذه المسألة اختلفا العلماء في ثواب الجن اختلفا واسعا ,ويعرأض لنإا
المحدث بدرأ الدين الشبلي الرأاء حول هذه المسألة ,فيقول:
85
"اختلفا العلماء في الجن هل لهم ثواب على قولين :فقيل :ل ثواب لهم إل النإجاة
من النإارأ .ثم يقول لهم :كونإوا ترأابا مثل البهائم ,وهو قول أبي حنإيفة .حكاه ابن
حز وغيرأه عنإه.
وقال ابن أبي الدنإيا :حدثنإا داود بن عمرأ والضبي ,حدثنإا عفيفا بن سالم عن
سفيان الثورأي عن ليث بن أبي سليم قال :ثواب الجن أن ييجارأوا من النإارأ ,ثم
يقال لهم :كونإوا ترأابا(.......) .
القول الثانإي :أنإهم يثابون على الطاعة ويعاقبون على المعصية ,وهو قول ابن
أبي ليلى ومالك .وذكرأ ذلك مذهبا للوزاعي وأبي يوسفا ومحمد .ونإقل عن
الشافعي وأحمد بن حنإبل فقال :نإعم لهم ثواب وعليهم عقاب ,وهو قول أصحابهما
وأصحاب مالك (......) .اختلفا العلماء في مؤمنإي الجن هل يدخلون الجنإة على
أرأبعة أقوال) :أحدها( :أنإهم يدخلون الجنإة ,وعليه جمهورأ العلماء )(....
)القول الثانإي( :أنإهم ل يدخلونإها بل يكونإون في رأبضها يرأاهم النإس من حيث ل
يرأونإهم(.....) .
)القول الثالث( :أنإهم على العرأافا ,وفيه حديث مسنإد(...) .
)القول الرأابع( :الوقفا "99...ا.هـ
وكما رأأينإا فلقد أتت كل جماعة من العلماء برأأي ل دليل عليه ,حتى أنإنإا وجدنإا
من يقول أنإهم يدخلون الجنإة ول يأكلون ول يشرأبون! ومنإهم من قال أنإنإا نإرأاهم
ول يرأونإنإا –على خلفا الحال في الدنإيا!! ,-وهي أقوال ما أنإزل ال بها من
سلطان ,لذلك توقفا بعض العلماء في هذه المسألة ,فعدل ال يقول أنإه من
المفترأض أن يثابوا كما أثيب البشرأ ,لكن ل ذكرأ لثابتهم في الكتاب ,لذلك توقفوا!
ولن المعنى الذي نقول به سيظل مستغربا ا ومرفوضاا من القارأئ ,وذلك لنه يرى
أن آيات القرآن التي تتحدث عن الجن ,ل تتحدث بحال عن بشر ,فالنعوت المذكورأة
99بدر الديإن الشبلي ,آكاما المرجان في أحكاما الجان ,تحقيق :إبراهيم محمد الجمل ,ص.75-72.
86
لهم ,ليست لبشر وإنما لكائنات أخرى.
لذا سنعرض في الفصل القادم ليات الجن في القرآن ,لنبرين له كيف أنه يقرأها
قراءة سطحية ,يتبع فيها من سبقه ,وكيف أن القرآن ل يقول بما يقولون به ,وكيف
أنهم لم يكونوا "يفسرون" النص القرآني.
كما سنعمل علَّى فض الشتباك بين اليات التي تتحدث عن شياطين الجان –والذين
كانوا ملئكة -واليات التي تتحدث عن جان البشر ,مظهرين كيف أن المفسرين قد
صبغوا جازاء كبيراا من الكتاب العزيز بصبغة الخرافة.
الفصل الثالث
الجن في القرأآن
سورأة الجن
بعد هذا التمهيد الطويل والذي عرأضنإا فيه للتصورأات السلمية حول الكائنإات
السمعية عامة ,والشكاليات المتعلقة بها ,نإصل إلى النإقطة الحاسمة وهي تنإاول
اليات المتعلقة بالجن في القرأآن ,لنإثبت أنإها إما في بشرأ أو في شياطين.
وأبرأز ما يستدل به القائلون أن الجن المذكورأ في القرأآن كائنإات غيرأ بشرأية هو
سورأة الجن ,فالنإعوت المذكورأة فيها –من وجهة نإظرأهم -ل تنإطبقا على البشرأ.
لذا سنإتنإاول هذه السورأة لنإبين أن القرأاءة المألوفة لهذه السورأة هي قرأاءة
سطحية للسورأة ,تخالفا منإطوقها في الكلمات المحورأية ,التي ينإبنإي عليها القول
ببشرأ أو بكائنإات أخرأى.
سنإتنإاول السورأة مقدمين الصورأة العامة للسورأة ,والتي تظهرأ الوحدة
الموضوعية لها ,والية البلينإة فيها –والتي لم يشغل أرأباب الرأأي الخرأ أنإفسهم
في البحث عنإها! ,-كما سنإقدم تنإاول دقيقا لمفرأدات السورأة ,يأخذها كما هي فل
يجعل حرأفا مكان حرأفا ول كلمة مكان كلمة.
ونإترأك للقارأئ في نإهاية المطافا الحرأية الكاملة في إتباع أي القولين ,ذلك الذي
يخالفا منإطوقا اليات أم الذي يأخذها كما هي.
وعلى الرأغم من أن إثبات أن الجن في سورأة الجن بشرأ ,دليرل كافا على أن الجن
في باقي السورأ بشرأ كذلك ,إل أنإنإا سنإتنإاول باقي اليات حتى ل يكون في نإفس
القارأئ شيء منإها ,وحتى ل يقع ضحية التفسيرأات الخرأافية لها ,وكذلك حتى ل
تكون اليات التي تتحدث عن الشياطين متكلأ لمن يقول بالجن.
87
وقبل أن نإبدأ نإشيرأ إلى أنإنإا لسنإا أول من قال أن الجن في القرأآن بشرأ ,فهنإاك من
سبقنإا إلى ذلك ,منإهم الدكتورأ محمد البهي وزيرأ الوقافا المصرأي السبقا ,100إل
أنإنإا نإخالفهم في أنإنإا نإقول أن الجن المذكورأ في القرأآن منإهم بشرأ ومنإهم شياطين
–كانإوا في الصل ملئكة ,-أما هم فيقولون أنإهم كلهم بشرأ.
فلما نإظرأنإا في سورأة الجن ظهرأ لنإا وحدتها الموضوعية والصورأة التي تقدمها,
وسنإبدأ بتقديم الموضوع الذي قدمته السورأة ,ثم نإقدم التصورأ العام لها:
الموضوع الرأئيس للسورأة هو أن الغيب بيد ال ,وأنإه هو الذي سيحققا وعده للنإبي
بالنإصرأة وبنإزول العذاب بالمشرأكين ,فإن لم يؤمن به مشرأكو مكة ,فإن ال نإاصرأه
بغيرأهم ,فقد آمن به كباررأ من غيرأهم ,عنإدما اكتشفوا ضللهم بعد سماعهم القرأآن,
لذلك فعلى النإبي أل يضعفا ويخضع لطلبات المشرأكين بالكفا عن الدعوة أو
الشرأايك بال ,وعليه الستمرأارأ في البلغ! وأن ل يتضايقا من سؤالهم عن ميعاد
نإزول العذاب بهم ,فال وحده هو علم الغيوب ,وهو من يقدم له الشارأات التي
تعلمه بقرأب تحققا الوعد ,ليعلم النإبي أنإه وإخوانإه قد أبلغوا رأسالت رأبهم وأنإه
أحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا.
والبديع في هذه السورأة أنإها في أثنإاء حديثها عن تفرأد ال بالغيب ,كشفت وسائل
الكهان ورأجال الدين ,وبينإت أنإهم ل يعلمون الغيب ,وإنإما لهم وسائلهم من التسمع
100يإرى الدكتور محمد البهي أن عالم الجن والملئاكة واحد ,أما نحن فنرى أن الجن هم السادة المستكبرون في البشر أو الملئاكة أو
الشياطين ,ولقد بحثت كثيرا عن تفسيره لسورة الجن والذي قال فيه أن الجن بشر ,لنظر ماذا قال وكيف ومجه اليإات ,إل أنني لم أجده!
101عرضنا لهذه القضية في كتابنا :القرآن سورة واحدة ,جزء عم نموذجا ,لمسألة الوحدة الموضوعية لسور القرآن ,وبمينا أن لكل سورة
وحدة موضوعية ,والفارق بين ما قدمناه وقدمه غيرنا في هذا الموضوع –مثل الشيخ محمد الغزالي رحمه ا -أنهم قالوا بأن السورة
تناقش موضوعات عدة متناسبة متناسقة ,أما نحن فنقول أن السورة تناقش موضوعا واحدال فقط ,يإندرج تحته عدلد من العناصر .والكتاب
موجود على موقعنا الخاص- www.amrallah.com :
88
والنإظرأ في الكون حولهم ,والتي تساعدهم على اكتشافا ما قد يخفى عن النإاس,
وليس هذا علما بالغيب وإنإما رأجما بالغيب!
وبعد أن علرأفنإا القارأئ بالموضوع الذي تنإاقشه السورأة ,نإقدم له التصورأ العام لها.
جاء نإفرأ من الكهنإة أو رأجال الدين المسيحي متخفيين إلى النإبي الكرأيم ليستمعوا
القرأآن فلما سمعوا ,قالوا -مخاطبين غيرأهم -أنإهم سمعوا قرأآنإا عجبا ,وأنإهم لما
سمعوا القرأآن اكتشفوا ما هم عليه من الشرأك ,فآمنإوا بال وأعلنإوا أنإهم لن
يشرأكوا بال ,وآمنإوا أن ال منإزه عن الصاحبة والولد ,وأن سفيههم –كبيرأهم-
كان يقول على ال شططا ,وأنإهم ظنإوا أن التباع والسادة )الدينإيون ورأجال المال
والحكم( لن يتقولوا على ال ,وأن التباع الذين كانإوا يعوذون بالقادة لم ينإفعوهم
وإنإما زادوهم رأهقا ,وأنإهم ظنإوا كما ظنإنإتم أنإه ل بعث بعد الموت ول رأسول بعد
عيسى!
وأنإا استقصينإا وفحصنإا السماء فوجدنإاها ملئت حرأسا شديدا وشهبا )وفي هذا دليل
على حدوث شيء عظيم( وأنإا كنإا نإقعد مقاعد لنإستمع أخبارأها فمن يستمع الن يجد
له شهابا دال ومشيرأا! وأنإا ل نإدرأي أأرأاد ال شرأا بمن في الرأض بهذه الشهب )إن
لم يؤمنإوا بنإبيه( أم أرأاد أنإها مجرأد علمة إرأشاد )إلى وجود نإبي وكتاب جديد!(
وآمنإا أنإنإا لسنإا على منإزلة واحدة ,فمنإا الصالحون ومنإا دون ذلك ,فنإحن مختلفون
تمام الختلفا فل نإلتقي أبدا ,وأنإا ظنإنإا أن لن نإعجز ال في الرأض ,ولن نإعجزه
بهرأوبنإا إلى أي مكان آخرأ! وأنإا لما سمعنإا الهدى آمنإا به ومن يؤمن برأبه ل يخافا
بخسا ول رأهقا ,وأن من أسلم ملنإا فأولئك هم الذين تحرأوا وبحثوا وطلبوا الرأشد!
وأما القاسطون فكانإوا لجهنإم حطبا!
وهنإا ينإتهي حديث هؤلء النإفرأ وييخاتطب النإبي بأن هؤلء لو استقاموا لسقوا ماء
غدقا ,ليفتنإوا فيه ,ومن يعرأض عن ذكرأ رأبه ينإزل به عذابا صعدا! ثم يينإهى النإبي
عن دعاء أحد مع ال في المساجد مهما تكالب عليه الكافرأون وطلبوا إليه ذلك,
وأنإه للما قام سيدنإا عيسى يدعوه اجتمعوا ضده أشد التجمع!
ويؤمرأ النإبي بأن يعلن أنإه لن يترأك الدعوة إلى ال ولن يشرأك به ,وأنإه ل يملك
ضرأا لهم وكذلك ل يملك رأشدا ,وأنإه لن يجد أحدا أو شيئا يحميه وينإصرأه إل أن
يأتيه بلغ من ال يأمرأه بذلك ,ومن يعص ال ورأسوله فله نإارأ جهنإم خالدا فيها
أبدا ,وإذا رأأى المشرأكون العذاب نإازلل بهم فسيعلمون من أضعفا نإاصرأا وأقل
عددا! ثم يؤمرأ مجددا بأن يعلن أنإه ل يدرأي أقرأيب هذا أم يجعل ال له أمدا ,فهو
وحده عالم الغيب ول يظهرأ على غيبه إل من ارأتضى من رأسول فإنإه يجعل له
رأصدا ,ليعلم الرأسول أنإه قد أبلغ رأسالت رأبه وأنإه أحاط بما لديه وأحصى كل شيء
عددا!
89
الشيء وما يتضمنإه
بعد أن عرأضنإا للقارأئ التصورأ العام للسورأة ,والذي قد يكون في نإفسه منإه شيء,
نإقدم له الدليل الثانإي على أن الجن في السورأة ليسوا كائنإات أخرأى ,وإنإما هم
صنإفا من البشرأ .وهذا الدليل هو أن السورأة فيها "ثنإائيات" عدة ,ولكن هذه
الثنإائيات لم تقم على الشيء ونإقيضه أو ضده وإنإما على الشيء وما يحتويه! فهذه
إشارأة إلى أن الجن ليس جنإسا مستقل ,وإنإما تابرع!
وكذلك في الية موضع السؤال "القاسطون" ليست مقابل "المسلمون" وإنإما مقابلها
"الكافرأون" ,وكل قاسط كافرأ وليس كل كافرأ قاسط ,فذكرأ ما يتضمن لن "القاسطون"
جزء من الكافرأين.
ي ت ت
وكذلك في قوله تعالى" :توألنإا صملنإا ارليمرسصليموتن توصملنإا ارلتقاصسيطوتن تفتمرن أرستلتم تفأوتلصئتك تتحلرأروا
ترأتشلدا ) (14توأتلما ارلتقاصسيطوتن تفتكاينإوا صلتجتهلنإتم تحتطلبا ) (15ولم يقل" :وأما القاسطون
فلم يتحرأوا رأشدا" وإنإما قال تعالى) :تفتكاينإوا صلتجتهلنإتم تحتطلبا( وكذلك في استعمال
القاسطون مقابل :من أسلم ,في الية السابقة.
فهذا إذن سمرت السورأة كما في قوله تعالى" :يقرل إصسنإي تلا أترمصليك تليكرم تضنرأا توتلا ترأتشــلدا )
"(21والنإفع مقابل اليضلرأ وليس الرأشد ,وكذلك قوله تعالى" :يقرل إصرن تأردصرأي أتتقصرأيرب تما
يتوتعيدوتن أترم تيرجتعيل تليه ترأسبي أتتملدا ) "(25لم يقل "بعيد" وإنإما قال :أمدا ,والمــد هــو
الجل .فكل السورأة ليس فيها شيء ومقابله وإنإما يأتي بالشيء وما يتضــمنإه"102
ا.هـ
فكما رأأينإا فهذه الثنإائيات إشارأة جلية على أن الجن المذكورأ في السورأة ينإطبقا
عليه نإفس المرأ ,فهو ليس جنإسا مخالفا للبشرأ وإنإما متضمن فيه! وليست هذه
102مأخوذ من برنامج لمسات بيانية للدكتور فاضل السامرائاي ,والذي كان صيإقدما على قناة الشارقة الفضائاية.
90
الشارأة هي الدليل الكبرأ وإنإما اليات نإفسها تقول بذلك ,ونإبدأ في تنإاول اليات
التي تؤكد ما نإقول به.103
جن ....مسيحي!
تبدأ السورأة بقوله تعالى :بسم ال الرأحمن الرأحيم
يقرل يأوصحتي إصتللي أتلنإيه ارستتمتع تنإتفررأ صمتن ارلصجسن تفتقايلوا إصلنإا تسصمرعتنإا يقررأآتلنإا تعتجلبا ) (١تيرهصدي إصتلى
البرأرشصد تفتآتملنإا صبصه توتلرن ينإرشصرأتك صبترأسبتنإا أتتحلدا ) (٢توأتلنإيه ت تعاتلى تجبد ترأسبتنإا تما التتختذ تصاصحتبلة توتلا
توتللدا )(٣
أول ما يلحظه القارأئ أن هؤلء الجن لما سمعوا القرأآن آمنإوا وقالوا أنإهم لن
يشرأكوا برأبهم أحدا ,وأنإه تعالى قردرأ ال ,فلم يتخذ صاحبة ول ولدا!
فإذا نإظرأنإا فيما قاله المام الفخرأ الرأازي في تنإاوله لهذه الية وجدنإاه يقول:
"المسألة الثانإية} :تنإتفررأ لمن الجن{ جماعة منإهم ما بين الثلثة إلى العشرأة ,رأوي أن
ذلك النإفرأ كانإوا يهودا ،وذكرأ الحسن أن فيهم يهودا ونإصارأى ومجوسا ومشرأكين,
) (....وكأن هؤلء الجن لما سمعوا القرأآن تنإبهوا لفساد ما عليه كفرأة الجن
فرأجعوا أولل عن الشرأك وثانإيا عن دين النإصارأى "104.ا.هـ
أول ما يلحظه النإاظرأ في هذه الية يجد أن هؤلء الجن يدينإون بواحد من الديان
التي عليها أهل الرأض وهو المسيحية!
ولقد قال المام الرأازي أنإهم كانإوا خليطا من الديان لنإهم قالوا لن نإشرأك برأبنإا أحدا
وأنإه ما اتخذا صاحبة ول ولدا ,ففهم أنإه كان فيهم مشرأكون ونإصارأى! بينإما نإرأى
نإحن أنإهم كانإوا مسيحيين ,فالمسيحي يشرأك بال عيسى ,ويؤمن أنإه اتخذ صاحبة
وولدا ,فللما سمع هؤلء القرأآن أعلنإوا أن الشرأك باطل لذا فلن يشرأكوا بال ونإزهوه
عن الصاحبة والولد!
ولنا أن نتساءل :كيف اقتنع الجن بالنصرانية المحرفة؟ ألم يكونوا قد رأأوا السيد
المسيح يدعو إلى ا- ,تبعاا للَّرأي الذي يقول أنهم يعيشون أعمارأاا جاد طويلَّة-
ورأأوا بولس يغرير وتيحرف؟ ورأأوا المبراطورأ قسطنطين تيطعم ديانته الوثنية
بالنصرانية؟ فلَّماذا وكيف آمنوا بها؟! وحتى علَّى فرض عدم درأايتهم بهذا ,فلَّماذا
يؤمنون بالنصرانية أصل ,إذا كان المسيح-تبعا للَّمسيحية الحالية -قد افتدى بدمائه
خطايا البشر -وليس الجن ,-وحررأ البشر من خطيئة آدم الصلَّية والتي يولدون
محملَّين بها ,وليس الجن؟! فما الذي يقنع الجن أن يؤمنوا بهذا المر الذي ل علقة
لهم به ,إل إذا كان آدم أبوهم كذلك!!
103تناولنا السورة كاملة بتفصيل كبير على صفحات موقعنا www.amrallah.com :وخشية الطالة اكتفينا بعرض النقاط التي نحتاج
على صفحات الكتاب ,فمن أراد الستزادة فليرجع إليه.
104الفخر الرازي ,مفاتيح الغيب ,الجزء الثلثون ,ص.137-136.
91
س الجن بعقيدة الفداء والصلب المزعومة ,والتيوحقيقة لست أدرأي كيفا أقنإع إبلي ي
ل شأن للجن بها؟! فهل قال لهم أن ال –تعالى جده وتنإزه -تجسد )تجنإن أو
تعفرأت( وافتدى بدخانإه خطايا الجن التي ورأثوها عن إبليس؟! إن المسيحية دين ل
يخاطب إل البشرأ! فلماذا يؤمن به الجن؟!
العجيب أنإنإا لم نإجد من يجيب هذا السؤال! ومن أجابه قال أن السورأة التي استمعوا
إليها كانإت سورأة العلقا! ولست أدرأي ما علقة سورأة العلقا بإبطال الشرأك
والنإصرأانإية؟! إن السورأة التي استمع إليها هؤلء النإفرأ يفترأض أن يكون فيها
كلمة :قرأآن! وأن تكون تتحدث عن الشرأك والنإصرأانإية وتتحدث عن ال العظيم,
فما هي هذه السورأة؟
بعد نإظرأ طويدل في كتاب ال رأجحت أن تكون هذه السورأة هي سورأة النإعام,
ويحتمل أن تكون كذلك سورأة الكهفا! وإن كنإت أميل إلى كونإها النإعام! فسورأة
النإعام هي سورأة مكية ,وفيها حديث طويل عن ال وعن قدرأته وخلقه ,كما أنإها
تعرأضت للشرأك والمشرأكين في آيات عدة وأبطلته.
بالضافة إلى أنإها السورأة الوحيدة في القرأآن التي يذكرأ فيها "الصاحبة" –بالضافة
لسورأة الجن بداهة:-
ض أتلنإى تييكوين تليه توتلرد توتلرم ت يكن ليه تصاصحتبرة توتختلتقا يكلل تشريدء ويهتو
"تبصدييع اللستماتواصت تواتلررأ ص
صبيكسل تشريدء تعصليرم ]النإعام "[101 :
كما أن الجن يذكرأ فيها في ثلثة مواطن ,فلهذا كله رأجح عنإدي أن تكون النإعام.
وقلنإا باحتمالية أن تكون السورأة هي سورأة الكهفا استنإادا إلى التشابه الكبيرأ بين
كلمات السورأتين ,بالضافة إلى الكلمات التي لم يتذكرأ إل في السورأتين!
فمن تلك التماثلت أن الجن ينإزهون ال عن الصحابة والولد" :تما التتختذ تصاصحتبلة توتلا
توتللدا ) (٣وفي سورأة الكهفا" :تويينإصذترأ اللصذيتن تقايلوا التتختذ الليه توتلدا )"(4
في الجن " :يقررأآتلنإا تعتجلبا ) ,"(١وفي الكهفا" :صمرن آتتياصتتنإا تعتجلبا )"(٩
92
"توأتلنإيه تكاتن تييقويل تسصفييهتنإا تعتلى الللصه تشتطلطا )" "(٤تلتقرد يقرلتنإا إصلذا تشتطلطا )"(١٤
"توتلرن أتصجتد صمرن يدوصنإصه يمرل ت تحلدا )" "(٢٢توتلرن ت صجتد صمرن يدوصنإصه يمرل ت تحلدا )"105(٢٧
ومن يقرأأ سورأة الكهفا يعلم أنإها تبدأ بإنإذارأ الذين قالوا اتخذ ال ولدا )المسيحيون
ومن على شاكلتهم( وذكرأت قصة لنإفدرأ فرأوا بدينإهم إتباعا للرأشد وفرأارأا من
الضلل! وعن رأجل ابيتلي بالرأزقا والمال ,وعن نإبي يجعل له علمة ليصل إلى عبد
آتاه ال علما من لدنإه ,وعن رأجل أتاه ال سببا فأتبع سببا!
)ونإطلب إلى القارأئ أن يتذكرأ هذه النإقاط التي ذكرأنإاها فسيجد مثتلها في الجن(
وبفضل هذا التشابه استطعنإا وضع النإقاط على الحرأوفا في هذه السورأة ,فهؤلء
النإفرأ الذين أتوا إلى الرأسول هم من النإصارأى ,خرأجوا باحثين عن الحقا ,مستنإدين
لعلمة ظهرأت لهم ,كما خرأج سيدنإا موسى ليصل إلى العبد الصالح ,ولما سمعوا
القرأآن أيقنإوا ببطلن دينإهم ,وعادوا لينإذرأوا قومهم كما أنإذرأ الرأجيل صاحتب الجنإتين
الذي اغترأ بما عنإده.
رأجال الجن
نإواصل تنإاول آيات سورأة الجن ,فنإصل أول آياتها المحورأية ,وهي قوله تعالى:
س تييعويذوتن صبصرأتجادل صمتن ارلصجسن تفتزايدويهرم ترأتهلقا )"(٦" توأتلنإيه تكاتن صرأتجارل صمتن ارلصإرنإ ص
وهذه الية دليرل جلي على أن هؤلء الجن كانإوا بشرأا ,بدليل أنإهم كانإوا رأجالل ,فهل
في الجن رأجال؟!
وحتى ل يظل في نإفس القارأئ من الية شيرء ,سنإعرأض له ما قاله المام الفخرأ
الرأازي في تنإاوله للية ثم نإنإقد قوله.
القول الثانإي :المرأاد أنإه كان رأجال من النإس يعوذون برأجال من النإس أيضا ،لكن
من شرأ الجن ،مثل أن يقول الرأجل :أعوذ برأسول ال من شرأ جن هذا الوادي ،
105التشابه بين السورتين كبير جدا ,ولقد ذكرنا هنا جزء يإسيرلا منه ,ويإمكن للقارئ استكمال باقي التشابهات على صفحات موقعنا
الشخصي.
93
وأصحاب هذا التأويل إنإما ذهبوا إليه ،لن الرأجل اسم النإس ل اسم الجن ،وهذا
ضعيفا ،فإنإه لم يقم دليل على أن الذكرأ من الجن ل يسمى رأج ل
ل "106... ،ا.هـ
إذا كان المام الفخرأ الرأازي قال" :لم يقم دليل على أن الذكرأ من الجن ل ييسمى
رأجل" ,فنإحن نإقول :وما الدليل على أن الجن يتكون من ذكورأ وإنإاث؟! لم يقم دليل
كذلك على هذا المرأ؟ إن وطء النإثى للذكرأ ليس هو الشكل الوحيد للتكاثرأ في
الطبيعة ,فهنإاك كائنإات تنإقسم مثل البكترأيا ,فلماذا يكون الجن كذلك؟!
وإذا كانإوا قالوا أن الملئكة ل يوصفون بذكورأة ول أنإوثة ,لختلفا ترأكيبهم عن
البشرأ ,فلماذا قبلوا هذا مع الجن ,والذي هو قرأيب جدا منإهم؟!
وعلى افترأاض أن الجن يتكون من ذكورأ وإنإاث- ,مع أن هذا من لوازم الكائنإات
ل؟ ما يسمي الرأجل رأجل إل الرأضية اللحمية -فلماذا ييسمى ذكرأهم البالغ رأج ل
لرأرجله ,لنإه يسعى على رأجله –والتي هي أقوى أعضائه -طلبا للرأزقا أو لمبتغاه,
فهل الجن كذلك يمشون على أرأجلهم ,ويسعون طلبا للرأزقا عليها؟!
بغض النإظرأ عن هذا كله فإن الية لم تقل من ماذا كان رأجال النإس يتعوذون برأجال
الجن- ,على خلفا كل آيات القرأآن والتي يذكرأ فيها المتعوذ منإه -إل أن الية قالت
أنإه بسبب هذا التعوذ ازداد رأجال الجن رأهقا!
وهذا يعنإي أن رأجال الجن أصل كانإوا مرأهقين وزادهم هذا التعوذ رأهقا! ولنإا أن
نإتساءل :لماذا كان رأجال الجن مرأهقين أصل ,ثم زادهم هذا التعوذ رأهقا؟!
أما على قولنإا أن الجن هم الكابرأ )سواء كانإوا كبارأ رأجال الدين أو رأجال المجتمع
أو أكابرأ مجرأميها!( فإن هؤلء أصل يحملون على أكتافهم أوزارأ ومسئولية
أتباعهم الذين يضلونإهم ويسوقونإهم كالنإعام ,فإذا نإزلت بهم النإازلة يهرأع هؤلء
إليهم ليعوذوا بهم منإها ,بدل من أن يعوذوا بال ,فيزداد هؤلء رأهقا على رأهقا!
لمس السماء
نإصل الن إلى اليتين الفاصلتين في سورأة الجن ,واللتان هما أقوى أدلة القائلين
بالجن النإارأي ,وهما قوله تعالى:
" توأتلنإا تلتمرستنإا اللستماتء تفتوتجردتنإاتها يمصلتئرت تحترألسا تشصديلدا تويشيهلبا ) (٨توأتلنإا يكلنإا تنإرقيعدي صمرنإتها
تمتقاصعتد صلللسرمصع تفتمرن تيرس تصمصع ارلتآتن تيصجرد تليه صشتهالبا ترأتصدلا )"(٩
فيقولون إن الجن يلمس السماء ,ويقعد منإها مقاعد للسمع ,وتغيرأ الحال بعد
الرأسول فمن يقعد ييحرأقا بشهاب! فكيفا يكون هؤلء بتشرأا؟
106المرجع السابق ,ص.138.
94
والحقا أن النإظرأة السرأيعة تقول بنإفس ما يقولون به ,ولكن النإاظرأ في كتب التفسيرأ
يجد أن هذا القول قد سبب للمفسرأين كثيرأا من الشكاليات في هاتين اليتين ,ومن
ثم لم يجدوا بدا من النإحرأافا عن النإص القرأآنإي!
وحتى يظهرأ للقارأئ الكرأيم المواطن التي خالفا المفسرأون فيها النإص القرأآنإي,
فسنإعرأض ما ذكرأه المام الفخرأ الرأازي عنإد تنإاوله لهاتين اليتين ,ونإتبعه بنإقد لما
يقول ,حتى يظهرأ من يلوي النإصوص ويخالفها ,ثم نإقدم بعد ذلك فهمنإا لها:
"اللمس :المس فاستيعيرأ للطلب لن الماس طالب متعرأفا يقال :لمســه والتمســه،
ــماء ــوغ الس ــا بل
ــى طلبنإ
ومثله الجس يقال :جسوه بأعينإهم وتجسسوه ،والمعنإ
واستماع كلم أهلها ,والحرأس اسم مفرأد في معنإى الحرأاس كالخدم في معنإى الخدام
ولذلك وصفا بشديد ولو ذهب إلى معنإاه لقيل شدادا (.....) .أي كنإا نإستمع فــالن
متى حاولنإا الستماع رأمينإا بالشهب".. ،
)لم يقل ال تعالى :حاولنإا وإنإما قال :يستمع ,وهذا يعنإي أنإهم ل يزالون يستمعون!
فلم ينإقطع المرأ! –عمرأو(-
وفي قوله} :صشتهابا لرأتصدا{ وجوه ,أحدها :قال مقاتل :يعنإي رأميا من الشهب
ورأصدا من الملئكة ،وعلى هذا يجب أن يكون التقديرأ شهابا ورأصدا لن الرأصد
غيرأ الشهاب وهو جمع رأاصد) .وقول مقاتل مخالفا لكتاب ال فل يعتد به!(
وثانإيها :قال الفرأاء :أي شهابا قد أرأصد له ليرأجم به ،وعلى هذا الرأصد نإعت
للشهاب ،وهو فعل بمعنإى مفعول.
وثالثها :يجوز أن يكون رأصدا أي رأاصدا ،وذلك لن الشهاب لما كان معدا له ،فكأن
الشهاب رأاصد له ومترأصد له "107......ا.هـ
)وليس رأصدا بمعنإى رأاصد وإنإما هي :رأصد ,ولتتذكرأ أن ال تعالى قال في آخرأ
السورأة :يسلك من بين يديه ومن خلفه رأصدا .ليعلم ,...فالرأصد سبب ووسيلة
للعلم ,ألما المفسرأون فجعلوه سببا للهلك!!(
وكما رأأينإا فقد فهم المام الفخرأ الرأازي –وباقي المفسرأين -بعض الكلمات على
غيرأ ما جاءت به! لذا نإبدأ في تقديم فهمنإا لها كما هي:
أول ما نإبدأ به هو كلمة" :اللمس" ,وكما رأأينإا فلقد جعل المام الفخرأ الرأازي الكلمة
بمعنإى المس ,وليس المرأ كذلك فليس اللمس مسا ,ولقد فرأقا القرأآن بينإهما ,فلقد
ورأد المس في إحدى وستين آية ,بينإما لم يرأد اللمس إل في خمس آيات! وشتان ما
بين الرأقمين !108وكذلك لم يرأد اللمس إل في قليل من الحاديث النإبوية ,فهل
نإجعلهما في نإهاية المطافا متساويين؟
95
فإذا إن اللمس –كما يظهرأ من المعاجم اللغوية -يأتي بمعنإى "المعالجة والطلب"
109
فلو كان المعنإى المرأاد هو المألوفا عنإد النإاس "للمس" لقال ال تعالى" :مسسنإا
113
السماء" وليس "لمسنإا السماء"
ساذجا ,يظهرأ السماء كأنإها جسمر, ل ولو كان المعنإى كما يقولون لكان التصورأ
يتسابقا الجن ليمس هذا الجسم ,وعنإد مسه وجدوا الحرأس والشهب!
ولنإا أن نإتساءل :لماذا يلمسون –بالمعنإى الخاطئ للكلمة -السماء؟ ألم يكن من
الفضل أل يلمسوها ويظلوا يستمعون في أمان؟!! أم أنإهم ل يستطيعون السمع إل
إذا التصقوا بالسماء؟
وإذا قال القائل :ليس المرأاد اللمس ,وإنإما القترأاب حتى كأنإهم لمسوها!
نإقول :ليس هذا معنإى اللمس ,وإنإما هو بمعنإى الطلب والمعالجة ,كما جاء في قوله
س صمن بنإوصرأيكرم صقيتلتعالى " :تيروتم تييقويل ارليمتنإاصفيقوتن توارليمتنإاصفتقايت صلللصذيتن آتمينإوا انإيظيرأوتنإا تنإرق تصب ر
اررأصجيعوا توترأاءيكرم تفارلتصميسوا ينإورأا ] .....الحديد "[13 :
وكما جاء في الحديث" :التمس ولو خاتما من حديد"" ,من سلك طرأيقا يلتمس فيه
علما "...
فيظهرأ لنإا أن اللمس ليس بمعنإى المس وإنإما بمعنإى الطلب والبحث عن الشيء!
فإذا ترأكنإا "لمسنإا" وانإتقلنإا إلى "حرأسا" وجدنإا أن المام الفخرأ الرأازي –وعامة
المفسرأين -قد جعلها بمعنإى الحرأاس ,ولكنإا نإجد أن ال تعالى ينإعتها بقوله:
"شديدا" وهذا يعنإي أن هذا الحرأس مفرأد! والكلمة لم ترأد في القرأآن كله إل في هذا
الموضع ,ولم ترأد في اليسنإة إل في مواطن جد قليلة!
109ونخرج من هذا المعنى أن المراد من اللمس في قوله تعالى " أو لمستم النساء" ليس الوطء كما قال الفقهاء .
110المرتضى الزبيدي ,تاج العروس من جواهر القاموس ,الجزء السادس عشر ,ص.487.
111جمال الديإن بن منظور ,لسان العرب ,تحقيق :عبد ا علي الكبير ,المجلد الخامس ,ص.4073 .
112محمد الفيروزآبادي ,القاموس المحيط ,ص.739.
113لكي يإدل اللمس على المس ل بد من التخصيص والتحديإد مثل التحديإد باليد ,وذلك مثل قوله تعالى " :ولو أنزلنا عليك كتابا في
قرطاس فلمسوه بأيإديإهم" ,ويإظل على الرغم من ذلك زائادا على معنى "المس" متضمنا معنى الفحص والخببر.
96
والمعنإى المشهورأ لها ,من المعانإي المتأخرأة الظهورأ ,فإذا نإظرأنإا في لسان العرأب,
ألفينإا ابن منإظورأ يقول:
ت
س ،الواحد تحترأصسيي ،لنإه قد صارأ اسم جنإس س السلطان ،وهم اليحلرأا ي س تحترأ ي"والتحترأ ي
س صإل تأن تذهب به صإلى معنإى الصحرأاتسة دون الجنإس. فنإسب صإليه ،ول تقل حاصرأ ر
ل فتأكلها ،وهيس اصلبل والغنإم تيرحصرأسها وارح ت ترأتسها :سرأقها لي ل ) (.....وتحترأ ت
التحرأاصئس.
وفي الحديث :تأن صغرلتملة لحاطب بن تأبي تبرلتتعتة ارحتترأيسوا نإاقة لرأجل فانإتحرأوها.
س تأن يرؤخذ الشيء من المرأعى ،ويقال للذي يسرأقا الغنإم: وقال شمرأ :الرحصترأا ي
يمرح ت صرأس ،ويقال للشاة التي يترسترأقا :تحصرأيتسة .الجوهرأي :التحرأيتسة الشاة تسرأقا
ل .والتحرأيسة :السرأقة .والتحرأيتسة تأيضا :ما ارحيتصرأس منإها(.......) . لي ل
ويقال للشاة التي يدرأكها الليل قبل تأن تصل صإلى يمرأاصحها :تحصرأيسة " .ا.هـ
114
فكما رأأينإا فإن الحرأس يدورأ حول الخذ أو الخطفا ليل! والنإاظرأ في لسان العرأب
يجد أن أكثرأ المعانإي التي ذكرأها ابن منإظورأ تدورأ في فلك هذا المدلول.
فإذا ترأكنإا الحرأس وانإتقلنإا إلى الية التالية وجدنإا أن السادة المفسرأين قد خلطوا
خلطا شديدا بين خطفا الشياطين واسترأاقا السمع ,وقعود هؤلء مقاعد!
فلن ال قال في حقا الشياطين:
" إصللا تمرن تخصطتفا ارلتخرطتفتة تفتأرتتبتعيه صشتهارب تثاصقرب ]الصافات ,"[10 :
" إصلل تمصن ارس ت ترأتقا اللسرمتع تفتأرتتبتعيه صشتهارب بمصبيرن ]الحجرأ "[18 :
قالوا أن المرأاد أن هؤلء مثل أولئك ,وأنإهم كانإوا يقعدون مقاعد للسمع! ولست
أدرأي كيفا! إن ال تعالى قال أن النإجوم والشهب رأجوم للشياطين من أول الخليقة,
فكيفا كان هؤلء يقعدون ...مقاعد؟!
إن القعود لم يأت في القرآن كلَّه إل بمعنى المكث الطويل –بغض النظر
عن الهيئة التي يكون علَّيها النسان ,-بينإما يشيرأ الخطفا والسترأاقا –
المذكورأان في حقا الشياطين -إلى السرأعة ,فكيفا كان الجن يقعد مقاعد؟!
وحتى يظهرأ المعنإى الصلي للقعود ,نإذكرأ بعضا من أهم المواطن التي ذكرأ فيها
القعود في القرأآن:
ث مومجادستتموتهسم موتختذوتهسم مواسح ت
صتروتهسم شتهتر اسلتحترتم مفاسقتتتلَّوسا اسلتم س
شلرلكيمن محسي ت سلَّممخ الم س
"فمإ لمذا ان م
صدد ]....التوبة "[5 : مواسقتعتدوسا لمتهسم تكيل ممسر م
ئ اسلتمسؤلملنيمن مممقالعمد للسلَّقلمتالل ] ...آل عمران "[121 :
115
موإلسذ مغمدسو م
ت لمسن أمسهلَّلمك تتبمدو ت
114جمال الديإن بن منظور ,لسان العرب ,تحقيق :عبد ا علي الكبير ,المجلد الخامس ,ص.833 .
115عندما تناول الماما الفخر الرازي هذه اليإة في تفسيره قال " :وقوله }سمسقاحعسد لحبلقحستاحل{ِ أي مواطن ومواضع ،وقد اتسعوا في استعمال
ك{ِ ] النمل [ 39 :أي من ق{ِ ] القمر [ 55 :وقال} :قسببسل سأن تسصقوسما حمن تمسقاحم س المقعد والمقاما بمعنى المكان ،ومنه قوله تعالى} :حفى سمبقسعحد ح
صبد ن
مجلسك وموضع حكمك ,وإنما عبر عن المكنة هاهنا بالمقاعد لوجهين الول :وهو أنه عليه السلما أمرهم أن يإثبتوا في مقاعدهم ل
يإنتقلوا عنها ،والقاعد في مكان ل يإنتقل عنه فسمى تلك المكنة بالمقاعد ،تنبيهال على أنهم مأمورون بأن يإثبتوا فيها ول يإنتقلوا عنها
البتة .والثاني :أن المقاتلين قد يإقعدون في المكنة المعينة إلى أن يإلقيهم العدو فيقوموا عند الحاجة إلى المحاربة فسميت تلك المكنة
بالمقاعد لهذا الوجه .
97
سى إلينا ملن نيسدتخلَّممها أممبداا يما مداتموسا لفيمها مفاسذمهسب مأن م
ت مومرأسبمك فممقالتل إلينا مهاهتمنا "مقاتلوسا ميا تمو م
مقالعتدومن ]المائدة "[24 :
ستملقيمم ]العراف [16 : صمرا م
طمك اسلتم س "مقامل فمبلمما أمسغموسيتملني لمسقتعمدين لمتهسم ل
مولمسو أممرأاتدوسا اسلتخترومج لممعسدوسا لمهت تعيدةا موملـلكن مكلرهم ر
ات انبلمعاثمتهسم فمثمبيطمتهسم مولقيمل اسقتعتدواس مممع
اسلمقالعلديمن ]التوبة [46 :
ال ] ....التوبة "[81 : سولل ر ف مرأ ت"فملرمح اسلتممخلَّيتفومن بلممسقمعلدلهسم لخلم م
قا لعنمد ممللَّيدك ولقد ذكر المام الفخر الرازي في تفسيره لقوله تعالى" :لفي ممسقمعلد ل
صسد د
سمسقتملددرأ ]القمر "[55 :كلما طيباا يهدم ما يقولون به ,ويجزم بأن القعود ل بد أن
يكون مكثاا طويل .وسنكتفي بذكر أهم ما قال:
"قوله} :صفي تمرقتعصد صصرددقا{ يدل على لبث ل يدل عليه المجلس ،وذلك لن قعد وجلس
ليسا على ما يظن أنإهما بمعنإى واحد ل فرأقا بينإهما ,بل بينإهما فرأقا ولكن ل يظهرأ
إل للبارأع ،والفرأقا هو أن القعود جلوس فيه مكث حقيقة واقتضاء ،ويدل عليه
وجوه:
سميالول :هو أن الزمن يسمى مقعدا ول يسمى مجلسا ,لطول المكث حقيقة ومنإه ي
قواعد البيت والقواعد من النإساء قواعد ,ول يقال لهن :جوالس ,لعدم دللة
الجلوس على المكث الطويل ,فذكرأ القواعد في الموضعين لكونإه مستقرأا بين الدوام
والثبات على حالة واحدة.
ويقال للمرأكوب من البل :قعود ,لدوام اقتعاده اقتضاء ،وإن لم يكن حقيقة فهو
لصونإه عن الحمل واتخاذه للرأكوب كأنإه وجد فيه نإوع قعود دائم اقتضى ذلك ولم
يرأد للجلس (.......) .إذا عرأفت هذا الفرأقا بين الجلوس والقعود حصل لك فوائد
منإها هاهنإا فإنإه يدل على دوام المكث وطول اللبث "116...،ا.هـ
وكما رأأينإا فإن القعود يكون بمعنإى المكث الطويل ,فكيفا إذا كان ال قد أكدها ب:
مقاعد ,فل يقل :نإقعد ,وإنإما قال :نإقعد مقاعد! فكيفا كانإوا يظلون هذه الفترأات
بدون أن ييقذفوا من كل جانإب ,وبدون أن تتبعهم الشهب؟!
فإذا ترأكنإا معنإى القعود تماما –حتى ل يجادل فيه مجادل -وجدنإا أن الية تقول أنإهم
لم يكونإوا في السماء! فال تعالى لم يقل :كنإا نإقعد فيها مقاعد ,وإنإما قال :كنإا نإقعد
منإها مقاعد ,وشتان بين الثنإين!
فعنإدما يقال عن رأجل :قعد منإها مقعد الرأجل من زوجه ,فهذا ل يعنإي أنإه أصبح
بداخل المرأأة أو فيها ,وإنإما تعنإي أنإه اتخذ مقعدا قبالتها بشكدل ما!
فإذا ترأكنإا "منإها" وجدنإا أن ال تعالى لم يقل أنإهم انإقطعوا عن السماع ,وإنإما أصبح
يحصل أشياء غرأيبة للمستمع!
98
والمفسرأون عنإد تفسيرأهم قالوا أن المعنإى فمن يحاول الستماع الن ,بينإما قال
ال :فمن يستمع الن) ,لحظ أنإه لم يقل :فمن يقعد الن( وهذا يعنإي أنإهم كانإوا ل
يزالون يستمعون!
وعنإدما يستمع المستمع "يجد له شهابا رأصدا" ,والعجب كل العجب أن المفسرأين
جعلوا الشهاب الرأتصد بمعنإى الشهاب الرأاصد أو المعد لحرأقا المستمع!
كما أنإهم لم ينإتبهوا إلى "يجد له" ,وجعلوها فاقدة المعنإى ,إن الجنإي هو الذي يجد
الشهاب ,كما أن هذا الشهاب له وليس عليه أو ورأائه )لحظ أن الشياطين الذين
يسترأقون السمع يتبعهم شهاب ثاقب مبين ,أما هؤلء فالواحد منإهم يجد ...له(
إن العجب كل العجب أن يقول الجن عنإدما ييقذفون بالشهب! أنإهم ل يدرأون أشرأ
أرأيد بمن في الرأض أم رأشدا ,ما شأن أهل الرأض بذلك؟! إن الضرأ واقرع بهم,
وليس بأهل الرأض! فمن المفترأض أن يقولوا :وأنإا ل نإدرأي هل غضب ال علينإا أم
أنإنإا سينإمنإع من قرأب السماء؟! إن الحالة الوحيدة التي يمكن أن يقول الجن فيها هذا
هي أن تكون الوظيفة الوحيدة لهم في حياتهم أن ينإقلوا الخبارأ إلى الكهنإة!
وطالما ليس المرأ كذلك ,ومن المفترأض أن لهم حياتهم الخاصة فمن العجب كل
العجب أن ينإسوا أنإفسهم ويذكرأوا أهل الرأض! كم هم ودودون هؤلء الجن الذين
يخافون علينإا أكثرأ من أنإفسهم!
أما على قولنإا نإحن فالجن هم نإفرأ من أهل الرأض –كهنإة من النإصارأى -أرأادوا أن
يؤكدوا لقومهم صدقا قولهم بظهورأ نإبي جديد صادقا ,فقالوا أنإهم فحصوا السماء
فوجدوها ملئت أخذا وخطفا شديدا وشهبا ,فلما رأأوا ظواهرأ غيرأ مألوفة تحدث في
السماء أخذوا في البحث ليعرأفوا هل حدث شيء عظيم وبسببه حدث هذا التغيرأ في
السماء .وذكرأوهم بأنإهم كانإوا في الماضي يقعدون مقاعد لسمع هل نإزل من السماء
شيء أو حدث شيء- ,ولم ييرأ ولم ييسمع شيئا -فمن يستمع 117الن يجد له شهابا
ييترأقب به حدوث شيء!
وأنإا ل نإدرأي أيأرأيد شرأ بمن في الرأض بهذه الشهب ,إن هم لم يؤمنإوا بالرأسول ,أم
أرأاد ال بهم رأشدا ,بأن يرأشدهم بهذه الشهب إلى ظهورأ النإبي وصدقه!
ثم تتواصل اليات التي تؤكد أنإهم بشرأ –نإصارأى ,-فال تعالى يقول:
"توأتلنإا صملنإا اللصاصليحوتن توصملنإا يدوتن تذصلتك يكلنإا تطترأاصئتقا صقتدلدا ) (١١توأتلنإا تظتنإلنإا أترن تلرن ينإعصجتز اللته
ض توتلرن ينإرعصجتزيه تهترألبا ) (١٢توأتلنإا تللما تسصمرعتنإا ارليهتدى آتتملنإا صبصه تفتمرن يرؤصمرن صبترأسبصه
صفي ارلتأررأ ص
تفتلا تيتخايفا تبرخلسا توتلا ترأتهلقا ) (١٣توأتلنإا صملنإا ارليمرسصليموتن توصملنإا ارلتقاصسيطوتن تفتمرن أترستلتم
تفيأوتلصئتك ت تحلرأروا ترأتشلدا ) (١٤توأتلما ارلتقاصسيطوتن تفتكاينإوا صلتجتهلنإتم تحتطلبا )"(١٥
117لحظ أن ا تعالى قال في أول السورة" :قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن" فالجن لما سمعوا قراءة الرسول كانوا "يإستمعون",
فهم خرجوا طلبا لسماع ما سمعوا عنه!
99
فاليات تصرأح أنإهم بشرأ ,فيأبي المفسرأون إل أن يجعلوهم كائنإات أخرأى ,ونإعرأض
نإموذجا لذلك.
فكما رأأينإا فلقد اضيطرأ المام الفخرأ إلى زيادة جملة من عنإد نإفسه عنإد تفسيرأه لقوله
ض" فتكلم :عن السماء! مع أن النإص تعالى" :توأتلنإا تظتنإلنإا أترن تلرن ينإعصجتز اللته صفي ارلتأررأ ص
يتكلم عن الرأض ,ومن غيرأ المنإطقي أن يتكلم الجن عن الرأض إذا كانإوا يطيرأون
في الرأض ويمسون السماء!!
وكذلك للما كان قوله تعالى :كانإوا لجهنإم حطبا ,يسبب إشكالل لهم ,اضطرأ المام
الفخرأ الرأازي إلى قبول القول الذي يقول أنإهم تحولوا إلى لحم ودم!
وهذا ما نإقول به أصل بدون أي حديث عن التحول! فهم بشرأ والقاسطون منإهم
كانإوا لجهنإم حطبا!
100
وأنإا لما سمعنإا الهدى آمنإا به ,فمن يؤمن برأبه فل يخافا بخسا ول رأهقا )فهؤلء
كان عليهم إصرأ وأغلل طالما كانإوا على شرأيعة موسى ,وبإتباعهم شرأيعة محمد ل
يخافون بخسا ول رأهقا(
ويواصلون تذكيرأ قومهم بما هم عليه ,فهم ليسوا فقط صالحين ودون ذلك ,بل
121
منإهم مسلمون وقاسطون ,فمن أسلم فأولئك تحرأوا 120رأشدا ,وأما القاسطون
الجائرأون )الذين قسموا الكتب فآمنإوا ببعضها وكفرأوا ببعض( فأولئك كانإوا لجهنإم
حطبا!
ضتوأترن تلصو ارس ت تقايموا تعتلى اللطصرأيتقصة تلتأرستقريتنإايهم تمالء تغتدلقا ) (١٦صلتنإرفصتتنإيهرم صفيصه توتمرن يرعصرأ ر
تعرن صذركصرأ ترأسبصه تيرسيلركهي تعتذالبا تصتعلدا )(١٧
وتستمرأ اليات التي تؤكد بشرأية هؤلء ,فيقول ال أنإهم لو استقاموا على الطرأيقة
على الطرأيقة الحقة- ,بدلل من اختلفا طرأائقهم -التي جاء بها موسى وعيسى,
ليسقوا مالء غدقا! وهذه النإعمة ل تكون إل للبشرأ ,فهل سينإعم ال على الجن النإارأي
بالماء الغدقا؟!
وبهذه اليات نكون قد أنهينا الجزء المختص بالجن ,وكما رأأينا فهي كلَّها تتحدث
عن بشر يعيش في الرأض ,سيسقى مااء غدقا ,وباقي اليات تخاطب الرسول الكريم
وتذكره بما حدث لعبد ا عيسى 122عند دعوته ا.
وقبل أن ننهي تناولنا لهذه السورأة ,نعرض ليات آخر السورأة ,حتى يتأكد القارأئ
أن الشهاب الذي يجده المستمع هو له وليس ضده!
ب ما هو أسبحسرى بالستعمال في غالب الظن ،كما اشتق التتقسجَمن من القسحمين .وفلن 120من معاني التحري كما جاء في اللسان ....." :س
طل س ص
ق ،والت تسومخي مثله. ق ،مأخوذ من السحسرى وهو السخلي ص ب صصد السبولى والسسح م صده .والت تسحمري ق ب لمسر سأي يإتسسومخاه ويإسبق ح يإتسسحترى ا س
لواحخر سأي تسعتمدوا طلبها فيها "..ا.هـ وفي الحديإث :تسحتربوا ليلةس القسبدحر في السعبشحر ا س
صسته .وكجَل حمقدار فهو قحبسطل في طه سأي حح ت ب .يإقال :سأخذ كل واحد من الشركاء قحبس س صي ص 121القسط كما جاء في اللسان" :القحبسطص الحح ت
صةص والن ت ح
طوا الشيسء بينهم :تقتسصموه على السعبدل والتسواء .والقحبسط ,بالكسر :السعبدصل ....... ،واحلبقساطص السعدل في القبسمة والصحكم؛ الماء وغيره .وتقستس ص
ط على حعياحله النسفقةس تسبقحسيطا ل حإذا قست تسرها؛ "....ا.هـ ط الشيسء :فترسقه ....ويإقال :قستس س ت بينهم وسأقسطت حإليهم .وقستس س ط صيإقال :أسبقسس ب
والناظر في القرآن يإجد أن ا قد أثنى على المقسطين فقال في أكثر من موطن:
ب ابلصمبقحسحطيسن ]الحجرات ,"[9 :بينما توعد القاسطين هنا بالوعيد الشديإد ,والفرق بين القاسط والمقسط أن المقسط يإعطي " ....إحتن ت
اس يإصحح جَ
لغيره أما القاسط فهو يإقتطع ويإأخذ لنفسه! وأخطر ما يإكون فيه القتطاع هو كتاب ا:
ب ال تحذي سجاء بححه صموسسى صنورال سوهصلدى مللتنا ح
س تسبجسعصلونسهص اص سعسلى بسسشنر ممن سشبينء قصبل سمبن سأنسزسل ابلحكستا سق قسبدحرحه إحبذ سقاصلوبا سما سأنسزسل م اس سح ت"سوسما قسسدصروبا م
ل ص ب
س تصببصدونسسها سوتصخفوسن سكحثيرا ] ......النعاما "[91 : قسسراحطي س
122المشهور أن المراد من "عبد ا" في اليإة هو الرسول الكريإم ,ولكن اليإة تخاطب الرسول وتقول له أنه لما قاما عبد ا ,فمن
اح آستانحسيالمفترض أن يإكون عبد ا هذا شخص ال آخر ,والوحيد الذي سماه ا في القرآن "عبد ا" هو عيسى عليه السلما" :سقاسل إحمني سعببصد ت
ب سوسجسعلسحني نسبحيما ل ]مريإم ,"[30 :فهذا تذكير بعبوديإته ردال على من أشركوه بال وجعلوه ابنا له ابلحكستا س
101
"تعاصليم ارلتغريصب تفتلا يرظصهيرأ تعتلى تغريصبصه أتتحلدا ) (٢٦إصللا تمصن اررأتتضى صمرن ترأيسودل تفصإلنإيه تيرسيليك
صمرن تبريصن تيتدريصه توصمرن تخرلصفصه ترأتصلدا ) (٢٧صلتيرعتلتم 123أترن تقرد أتربتليغوا صرأتساتلاصت ترأسبصهرم توأتتحاتط صبتما
تلتدريصهرم توأترحتصى يكلل تشريدء تعتدلدا )"(٢٨
فهنإا نإجد أن ال تعالى يقول أنإه يسلك لمن ارأتضى من رأسول "رأصدا" ,وهذا الرأصد
ليس ليعذب الرأسول وإنإما ليعلم ,أي أن وظيفة الرأصد هو العلم ,وكذلك كانإت
الشهب للجن إشارأة تعلمهم بحدوث شيء جلل!
وبهذا نإكون قد أنإهينإا هذه السورأة وأظهرأنإا كيفا أنإها تتحدث عن بشرأ ل عن كائنإات
خارأقة ,وأظهرأنإا كيفا أن القرأاءة المجتزأة للسورأة ,والتي ل تتبع النإص القرأآنإي
صبغتها بصبغة خرأافية.
فحققا ال له مبتغاه وأتاه ملكا عجيبا ,وقص علينإا في كتابه طرأفا من أخبارأ هذا
الملك ,وحيك حوله الكثيرأ والكثيرأ من الساطيرأ في ترأاثنإا السلمي!
وسنإعرأض في عجالة لسيدنإا سليمان ولملكه في الكتب القديمة ,قبل أن نإعرأض
لليات التي يذكرأ فيها الجن مع سيدنإا سليمان عليه السلم.
السورأة الوحيدة التي يأفرأد لسيدنإا سليمان جزلء كبيرأا منإها هي سورأة النإمل ,ومما
يذكرأ في هذا السورأة أن سيدنإا سليمان كان له جيش من الجن والنإس والطيرأ ,وأنإه
فهم كلم النإملة وخاطب الهدهد ,وهي قدرأات خارأقة.
123لحظ أن ا تعالى لم يإقل أنه صيإظهر من ارتضى من رسول على الغيب ,وإنما قال :فإنه يإسلك من بين يإديإه ومن خلفه رصدا!
أي أن ا ل صيإظهر على غيبه أحد ,والستثناء هم من ارتضى من الرسل )وليس كل الرسل( ول يإعني كونهم استثنالء أنه يإظهرهم على
غيبه ,وإنما يإسلك بين يإدي من ارتضى منهم ومن خلفه رصدا!
اس حعنسدهص حعبلصم التساسعحة سويإصنسمزصل ابلسغبي س
ث سويإسبعلسصم وغيب ا الذي نفاه ا عن البشر وعن الملئاكة هو الثلثة أصناف التي جاءت في قوله " :إحتن ت
اس سعحليلم سخحبيلر ]لقمان ,"[34 :وبما أن الساعة ت إحتن ت ي أسبر ن
ض تسصمو ص س بحأ س م
ب سغدال سوسما تسبدحري نسبف ل سما حفي ابلسبرسحاحما سوسما تسبدحري نسبف ل
س تماسذا تسبكحس ص
مستبعدة ,فيكون القرب هو الحديإث عن عدما درايإة الموت!
فيكون النسب للسياق في الرد على المشركين الذيإن يإسألون أيإن ومتى يإنزل العذاب فنهلك ,القول بأن ا ل صيإظهر على غيبه) ,وهو
محل وزمان نزول الموت بالنسان وماذا يإكسب في غده( أحدا ,إل من ارتضى ا من رسول- ,مكافأة له -فإنه يإرسل إليه لشارات
ودلئال كثيرة ,تجعله يإترقب وفاته ,ليعلم أن قد أبلغوا رسالت ربهم ,وأدوا ما عليهم فلم يإبق شيء ,وليطمئن إلى أن ا أحاط بما لديإهم,
وأحصى كل شيء عددا.
102
إل أنإنإا وجدنإا من يستغرأب مثل هذه المورأ ويقول أن كتب اليهود والنإصارأى ليس
فيها أي ذكرأ لهذا ,وهم يعملون دوما على التفخيم والتهويل ,فلماذا يخفون أمرأا
كهذا ,من المنإطقي أن ينإفخوا فيه ل أن يخفوه!!
وينإسى هؤلء أن اليهود يحملون في أنإفسهم بغضا خاصا لسيدنإا سليمان ,حتى
أنإهم قد كلفرأوه ,ولقد نإقل لنإا القرأآن هذه الفرأية وكيفا أنإهم تقولوا عليه القاويل,
وأنإه ما كفرأ وإنإما أحبارأهم هم الذين كفرأوا ,بجعلهم هذا الباطل موجودا في كتبهم
ونإسبته إلى ال العليم" :توالتتبيعورا تما ترتيلورا اللشتياصطيين تعتلى يمرلصك يستلريتماتن توتما تكتفترأ
يستلريتماين توتلـصكلن اللشرياصطيتن تكتفيرأورا ] .....البقرأة "[102 :
فلهذا ل عجب أن ل نإجد ذكرأا لهذا الملك الواسع في كتب اليهود المعتمدة .ولن ما
ذكرأه القرأآن كان واقعا موجودا يوما من اليام ,فمن غيرأ الممكن أن ييخفى كليلة,
وبالفعل وجدنإا في كتب اليهود الغيرأ معتمدة ذكرأا لهذا الملك ,وإن كان بتحويرأ
وتهويل –وهذا هو الفارأقا بين الصياغة البشرأية والصياغة اللهية.-
فنإجد أن الترأجوم الثانإي من سفرأ استيرأ يقول:
"إن القدوس جاعل سلَّيمان حاكما لجميع الشياطين والوحوش الضارأية والرأواح
الشريرة وهي خاضعة له "
والقرآن لم يقل أنه سخر له كل الحيوانات ,وإنما كانت الطيورأ فقط في جايشه –
وكان تسخيرها بشكل مألوف ,-كما أنه لم يقل أنه سخر لسلَّيمان جاميع الشياطين
والرأواح الشريرة ,وإنما قال أن بعضهم كان يعمل بين يديه ,بدليل قوله:
" .....مولممن اسللجدن ممن يمسعممتل بمسيمن يممدسيله بلإ لسذلن مرأبدله ]...سبأ "[12 :
"كما ان كتاب )عهد سلَّيمان( الذي يعود للَّقرن الأول الميلدي قد ذكر:
" أن خادم سلَّيمان في الهيكل يأتيه الشيطان أورأنياس ويأكل أكلَّه ،وأن سلَّيمان
الملَّك أعطى هذا الخادم خاتمه ,وطلَّب منه أن يضرب به الشياطين ويختمهم به
ليسخرهم لخدمته ")وبهذا نعرف أصل أسطورأة :خاتم سلَّيمان– .عمرو(-
124صباحا إبراهيم ,مقال في موقع الحوار المتمدن ,بعنوان :تشابه القرآن مع ما جاء في كتب القدمين!!
103
فكما رأأينا فالقصص القرآني حول سيدنا سلَّيمان له أصل في كتب اليهود القديمة,
ولم يختف تماما من تراثهم! ول يقتصر المر علَّى ما ذكرنا ,وإنما يتعداه إلى قصته
مع النملَّة ومع الهدهد ,وإن ظهرتا بشكل مختلَّف.
وتذكرت هاتان القصتان –وغيرهما -في التلَّمود البابلَّي ,ونبدأ بعرض –تعريب -نص
قصته مع النملَّة ثم نثني بقصته مع الهدهد:
ونكتفي بهذا القدرأ من القصة ,ولعل القارأئ قد لحظ الفرقا بين الصياغة القرآنية
وبين هذه الصياغة القصصية المعتمدة علَّى المبالغة والتفخيم.
104
ونلَّفت انتباه القارأئ إلى أن القرآن صرح بأن سيدنا سيلَّمان عندما دعا ا أن يهب
له ملَّكا ا ل ينبغي لحدد من بعده ,تأعطي شيئان اثنان فقط ,هما:
ب ]ص "[36 : صا م ث أم م
سيخسرمنا لمهت الدريمح تمسجلري بلأ مسملرله ترأمخاء محسي ت
الريح" :فم م
وصنف مخصص من الشياطين ,وهو البرناءون والغواصون منهم:
ص ]ص"[37 : شميالطيمن تكيل بميناء مومغيوا د "موال ي
أما ما عدا ذلك فلَّيس مما تفرد به سلَّيمان ,وهو مما تأعطي وستيعطى لغيره.
وبما أننا نتكلَّم عن تسخير الريح ,فنشير إلى الخرافة التي ارأتبطت بها وهي :بساط
الريح! تلَّك الخرافة التي قالت أن الجن صنعت لسيدنا سلَّيمان بساطا ا جاد كبير ,وكان
يركبه هو وجايشه ,ويأمر الريح بنقلَّهم حيث شاء!
وعلَّى الرغم من أن المفسرين لم يقبلَّوا بهذه الخرافة ,إل أن تفسيرهم لقوله تعالى:
شسهعر ].......سبأ "[12 : سلَّمسيممامن الدريمح تغتدسومها م
شسهعر مومرأمواتحمها م " مولل ت
حمل قدرأا كبيرا من الخرافة لنحرافهم عن النص! فلَّقد قالوا أن المرأاد من "يغيدبوتها
تشرهررأ توترأتوايحتها تشرهررأ" أنإها تجرأي في الغداة مسيرأة شهرأ وفي الرأوحة مسيرأة شهرأ!
وهكذا جعلوا اليغيدو بمعنإى التغردو ,والرأواح بمعنإى الرأوحة!
ولست أدرأي كيفا لم ينإتبهوا إلى أن "اليغيدو" جمع وليس مصدرأا! وكذلك الرأواح
جمع! ومفرأدهما الغدوة والرأوحة من المشتهرأ ,كما جاء في حديث النإبي الشهيرأ:
" ....واستعينإوا بالغدوة والرأوحة وشيء من الدلجة!"
ولقد ورأدت كلمة اليغيدو صرأيحة في بعض آيات في الكتاب الكرأيم ,منإها:
" توارذيكرأ لرألبتك صفي تنإرفصستك تتضبرأعا توصخيتفلة تويدوتن ارلتجرهصرأ صمتن ارلتقروصل صبارليغيدسو توالتصاصل توتل
تيكن سمتن ارلتغاصفصليتن ]العرأافا [205 :
ض تطروعا توتكررأها توصظليليهم صبارليغيدسو توالتصاصل توصلسله تيرسيجيد تمن صفي اللستماتواصت تواتلررأ ص
]الرأعد "[15 :
فكيفا قبلوها هنإاك جمعا وجعلوها هنإا مصدرأا؟! إن المعنإى الظاهرأ أنإها تجرأي شهرأا
ذاهبة إلى الرأض التي بورأك فيها وشهرأا آيبة ,ل أن جرأيها في الغدوة الواحدة
مسيرأة شهرأ –بمقياس النإسان!-
شياطين أم نإجارأون!
105
قبل أن نإبدأ حديثنإا عن الجن في سورأة سبأ نإطرأح السؤال الحتمي:
هل كان الجن الذي يسخرأ لسيدنإا سليمان بشرأا –مهرأة محترأفين -أم كانإوا من كبارأ
الشياطين القادرأين؟!
وتأتي الجابة بأن ال تعالى أجاب طلب سيدنإا سليمان أن يهبه ملكا ل ينإبغي لحد
من بعده بأن سخرأ له الشياطين كل بنإادء وغواص!
فلو كانإت الشياطين بشرأا بأي شكل من الشكال –كما يرأى أصحاب الرأأي القائل بأن
الشياطين هم العمال المهرأة ,الذين أرأسلهم ملك صورأ الفينإيقي حيرأام إلى سليمان-
فكيفا يكون هذا ملك ل ينإبغي لحدد من بعده؟!
إن هؤلء مجموعة من النإجارأين والنإحاتين اليمعارأين ,أو حتى أي عمال آخرأين
يوجد وسيوجد من هو أفضل منإهم ,ومن يستطيع أن يأتي بما هو أحسن ,مع
التطورأ العلمي المترأاكم.
ثم إن كتب اليهود القديمة التي عرأضت لسيدنإا سليمان ذكرأت أن ال سخرأ له
الرأواح الشرأيرأة –الشياطين ,-فيكون هذا دلي ل
ل مؤكدا لما نإقول!
وقد يستدل بعضهم بأن ا تعالى قال " :موآمخلريمن تمقميرلنيمن لفي اسلم س
صمفالد ]ص :
,"[38فيقولون :هل من الممكن أن تتقرن الشياطين في الصفاد؟ إن البشر أو
الحيوانات هم ما تيقيد بالقيود ,أما الشيطان فل يمكن لنه سيعود إلى حالته الصلَّية
"النارأية الهوائية" ,ومن ثم يهرب من القيود.
فنقول :ليس هذا مما خفي علَّى العلَّماء فلَّم ينتبهوا إليه ,والمام الشبلَّي ذكر توجايها ا
لهذه الية فقال:
" قد قدمنا أن مذهب المعتزلة أن الجن أجاسام رأقاقا ولرقتها ل نراها ,وعندهم يجوز
أن يكثف ا أجاسام الجن في زمان النبياء دون غيره من الزمنة وأن يقويهم
بخلف ما هم علَّيه في غير أزمانهم.
)قال القاضي( عبد الجبارأ :ويدل علَّى ذلك ما في القرآن الكريم من قوله تعالى في
قصة سلَّيمان بن داود علَّيهما السلم:
"إنه كثفهم له حتى كان الناس يرونهم وقواهم حتى كانوا يعملَّون له العمال
الشاقة من المحارأيب والتماثيل والجفان والقدورأ الراسيات ,والمقرن في الصفاد ل
يكون إل جاسما ا كثيفا ا "125ا.هـ
ويجب أن نتذكر أن تدخل الجن في العالم كان بإذن ا عز وجال ,وكان تسخيرهم
بأمره ,فمن كان يزيغ عن أمره يذاقا من عذاب أليم ,ومن ثم فلَّم يكن للَّجن أن
يهربوا ,فلَّو تخلَّصوا من القيود لذاقوا أشد العذاب ,فهم يرضون بالعذاب القل.
هذا إذا قلَّنا أن الصفاد قيود حديدية ,وهذا هو أصل الشكال ,فلَّرما ظنوا أنها قيود
حديدية قالوا أنها ل تفلَّح في تقييد الجن وإعاقة حركته ,ولنا أن نتساءل:
125بدر الديإن الشبلي ,آكاما المرجان في أحكاما الجان ,تحقيق :إبراهيم محمد الجمل ,ص.34.
106
ما المانع أن تكون الصفاد من مادة أخرى؟ فإذا كان الحديد يقيد النسان ,فما
المانع أن تكون قيودهم من شيء يعيقهم؟!
وبهذا يكون سيدنإا سليمان قد يسخرأ له الرأيح –التي تهلك الحضارأات وتحمل
السحاب بالماء -ويعمال بقدرأات ل مثيل لها في البشرأ ,وهم مهرأة الشياطين ,فبهذا
يكون قد أوتي ملكا ل ينإبغي لحدد من بعده.
ثم ما فائدة قوله تعالى " :توصمتن ارلصجسن تمن تيرعتميل تبريتن تيتدريصه صبصإرذصن ترأسبصه توتمن تيصزرغ صمرنإيهرم
تعرن أترمصرأتنإا ينإصذرقيه صمرن تعتذاصب اللسصعيصرأ ]سبأ "[12 :؟
فهل عمل جماعة من البنإاءين يكون بإذن ال ,وهل يكون عاقبة الزائغ في البنإاء أن
ييذاقا من عذاب السعيرأ؟!
أما على قولنإا فإن قوله "بإذن رأبه" إشارأة إلى أن الجن/الشياطين غيرأ مأذون لهم
بالعمل المادي في عالمنإا ,وعمل هؤلء لسيدنإا سليمان كان حالة استثنإائية بإذن ال
لهم في ذلك التدخل في عالمنإا! وكانإوا مجبرأين على هذا العمل!
تأتي الجابة بأن الملك الذي ل ينإبغي لحدد يكون بعلدم ل ينإبغي لحد ,ولقد أعطى ال
سيدنإا داود وسليمان علما عظيما:
س" توتلتقرد آتريتنإا تدايووتد تويستلريتماتن صعرلما .....توتوصرأتث يستلريتماين تدايووتد توتقاتل تيا أتبيتها اللنإا ي
يعسلرمتنإا تمنإصطتقا اللطريصرأ تويأوصتيتنإا صمن يكسل تشريدء إصلن تهتذا تليهتو ارلتفرضيل ارليمصبيين ]النإمل -15:
"[16
أعطاه علما يسبقا الزمن الذي يوجد فيه سيدنإا سليمان بمرأاحل عديدة ,وأعطاه فهما
ل عظيما ,حتى أنإه يعرأفا بسليمان الحكيم! وعق ل
كما يلسرأ له موادا خاما ,لم تكن ميسرأة قبله- ,وإن كان من بعده سيستخدمونإها-
فأسال ال له عين القطرأ! ومن العجب كذلك أن المفسرأين يقولون أن القطرأ هو
107
النإحاس! ولست أدرأي كيفا يكون النإحاس عينإا؟! إن النإحاس ل يوجد بأي حال
بشكل سائل في الطبيعة ,وال عز وجل ل يقول أنإه جعل له النإحاس سائل –حتى
نإقول أنإها آية له -وإنإما يتكلم عن إسالة عين القطرأ ,وهذا يعنإي أنإها كانإت أصل
عينإا وال تعالى أسالها لسيدنإا سليمان!
والذي أرأاه وال أعلم أن عين القطرأ هي إما "البترأول" عامة أو القطرأان خاصة,
فالبترأول يوجد في الرأض على شكل سائل ,ومن الممكن استعماله في صنإاعات
عدة!
وإذا كان سيدنإا سليمان يستطيع أن يأتي –بما حباه ال من علم ومواد -باخترأاعات
عظيمة ,فإنإه كان يحتاج إلى عمال ذوي قدرأة خارأقة ,يستطيعون أن ينإفذوا له ما
يبتكرأ ويخترأع ,لن التقنإيات التي كانإت متاحة في زمانإه بالضافة إلى البشرأ
الموجودين في ذلك العصرأ لم يكونإوا صالحين لتنإفيذ التطبيقات العلمية التي سيقول
بها سيدنإا سليمان ,لذا سخرأ ال تعالى له الجن ,لما لهم من قدرأات "جسدية!"
وليس عقلية! قادرأة على تنإفيذ تلك الشياء البديعة التي سيبتكرأها.
لحظ أن ال تعالى قال " :تيرعتميلوتن تليه تما تيتشايء" ,فالجن لم يكن يخطط أو يصمم,
وإنإما سيدنإا سليمان هو من كان يخطط ويرأسم ,وليس للجن أي دورأ سوى التنإفيذ
)أنإفارأ!(.
ولم يكن تنإفيذ المورأ التي يطلبها سيدنإا سليمان بالمرأ اليسيرأ بالنإسبة لهم ,وإنإما
كانإت شاقة عسيرأة ,حتى أنإهم نإعتوها بعد موت سيدنإا سليمان ب :العذاب المهين.
فإذا نإظرأنإا في الشياء التي بنإتها الجن لسيدنإا سليمان ,وجدنإا أن أول شيء بنإته
الجن هو المحارأيب ,فما هي هذه المحارأيب؟
المحارأيب هي جمع محرأاب ,فإذا نإظرأنإا في كتب التفسيرأ بحثا عن معنإاها وجدنإا أن
المفسرأين قد ذكرأوا أقوالل عدة فيها ,فقيل أنإه القصرأ ,وقيل أنإه مكان مخصص
للعبادة ,وقيل أنإها المساكن ...وغيرأ ذلك من القوال.
إل أنإه من الواجب علينإا أن نإتساءل :لماذا يسخرأ ال تعالى الجن لتبنإي هذه الشياء
لسيدنإا سليمان؟ إنإها من الشياء المألوفة في كل الحضارأات ,لذا فعلينإا أن نإتفكرأ
فيها لنإصل إلى أقرأب مدلول محتمل.
محرأاب :على وزن مفعال ,وهو اسم آلة مثل مفتاح ومسمارأ ومنإشارأ ومثقاب
وملقاط ...الخ.
ولقد يذكرأ المحرأاب في القرأآن كمكان للعبادة في أكثرأ من موطن ,منإها:
" تفتنإاتدرتيه ارلتملصئتكية تويهتو تقاصئرم يتصسلي صفي ارلصمرحترأاصب ] ....آل عمرأان "[39 :
108
ولكن هل يتسخرأ الشياطين لبنإاء أماكن العبادة؟!
تميل نإفسي إلى أن المحارأيب هي من عتاد الحرأب) ,اسم آلة من :حرأب( ,فيمكن
القول بأن المحارأيب هي أبنإية مخصصة للحرأب )قلع ,حصون أو ما شابه(.
والذي يدلل على ذلك قوله تعالى" :توتهرل أتتتاتك تنإتبيأ ارلتخرصصم إصرذ تتسلويرأوا ارلصمرحترأاتب ...
]ص "[21 :
فلقد تسورأ هؤلء الخصم المحرأاب ,وهذا يعنإي أنإه مبنإى ذو أسوارأ ,وللما دخلوا
على داود فزع منإهم ,أفل يكون في هذا إشارأة إلى ظنإه أنإهم من العداء الذين
اقتحموا حصنإا هو فيه ,وليس مجرأد أنإهم دخلوا عليه في مكان عبادته؟!
ال أعلى وأعلم!
فإذا ترأكنإا المحارأيب وانإتقلنإا إلى ثانإي ما عمله الجن لسيدنإا سليمان ,وهو التماثيل,
فعلينإا أن يتوقفا لنإتفكرأ :لماذا تعمل الجن تماثيل لنإبي؟!
هل هي اخترأاع حديث؟ ألم تكن التماثيل موجودة من قبل سيدنإا سليمان؟ أل يستطيع
سيدنإا سليمان ومن معه أن يصنإعوا تماثيل؟
قد يقول قائل :رأبما صنإعت له الشياطين تماثيل عظيمة جدا ل يقدرأ على صنإاعتها!
فنإقول :إن هذا أدعى إلى تقديسها فيما بعد ... ,ثم أين هي؟!!
إن السؤال البديهي :لماذا صنإاعة التماثيل أصل؟ ألم تنإه التورأاة عن اتخاذ صورأة؟
أل تجرأ هذه التماثيل العظيمة إلى الشرأك؟
فهل لنإا أن نإقول أن المرأاد من التمثال ليس فقط الصنإم على شكل إنإسان أو حيوان,
وإنإما "البنإاء على مثال غيرأه"
فهل كانإت الجن تبنإي له صورأا مصغرأا من حصون العداء ,أو تقلد له بعض
الشكال الطبيعية ,حتى يعرأفا طبيعة البلد التي سيذهب إليها؟ ال أعلم!
وهل لنإا أن نإقول أن التمثال هو "إنإسان آلي"؟! فما هو تمثال إل أنإه متحرأك؟
قد يستغرأب القارأئ هذا القول ويعده من سعة خيال الكاتب ,ولكن النإاظرأ في كتب
التفسيرأ يجد بعض التلميحات إلى هذا المرأ ,فمن ذلك ما ذكرأه المام اللوسي في
تفسيرأه:
"وأخرأج الحكيم الترأمذي في »نإوادرأ الصول« عن ابن عباس أنإه قال في الية:
اتخذ سليمان عليه السلم تماثيل من نإحاس ,فقال :يا رأب انإفخ فيها الرأوح فإنإها
أقوى على الخدمة ,فينإفخ ال تعالى فيها الرأوح فكانإت تخدمه واسفنإديارأ من
بقاياهم؛ وهذا من العجب العجاب ول ينإبغي اعتقاد صحته ,وما هو إل حديث
خرأافة "126ا.هـ
126محمود اللوسي ,روحا المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني ,الجزء الثاني والعشرون ,ص.119-118.
109
ومن ذلك ما ذكرأه المام القرأطبي في تفسيرأه":وقيل :إن هذه التماثيل رأجال اتخذهم
من نإحاس وسأل رأبه أن ينإفخ فنإها الرأوح ليقاتلوا في سبيل ال وليحيك فيهم
السلح .ويقال :إن إسفنإديارأ كان منإهم ،وال أعلم "127ا.هـ
وما ذكرأه المام القرأطبي أكثرأ تحديدا ,فلو نإعتنإا ما قاله بلغتنإا المعاصرأة لقلنإا أن
الرأجال من النإحاس الذي يقاتلون في سبيل ال ول يؤثرأ فيهم السلح هو جنإود
آليون! فهل كانإت تماثيل سليمان جنإود آلية؟ ال أعلم!
وبالضافة إلى المحارأيب والتماثيل قام الجن بعمل جفان كالجواب ,وقال المفسرأون
أن الجفان جمع جفنإة وهي قصعة الطعام العظيمة.
ونإحن نإتساءل :ما الفائدة من قصاع كبيرأة ,هل هذا ما ينإتصرأ به الجيش في
المعرأكة أو من معالم التقدم العلمي ,أن يجتمع النإاس على طبقا كبيرأ؟!
إن هذا القول أشبه ما يكون بمن يقومون بأفعال عجيبة ,فيصنإعون مث ل
ل أكبرأ فطيرأة
أو أكبرأ كوب عصيرأ ,لمجرأد أن يدخلوا موسوعة الرأقام القياسية! ومعاذ ال أن
يكون النإبي الكرأيم يصنإع أشياء ل حكمة فيها ول نإفع للنإاس!128
وال أعلم لماذا كانإت هذه الجفان! وإن كنإا نإميل إلى أنإها كانإت أحواضا ضخمة
تخزن فيها المياه ,التي تنإزل من المطارأ أو تنإحدرأ من على الجبال129؟!
وكذلك صنإعوا له قدورأا رأاسيات ,وقال المفسرأون أن القدورأ جمع قدرأ وهو ما يطبخ
فيه من فخارأ أو غيرأه ,وهي ثابتات ل تتحرأك من مكان اليقاد عليها لكبرأها
ولعظمها ,التي قيل أنإها كانإت كالجبال.
ونإحن نإتساءل كذلك :ما الحكمة من صنإع قدودرأ رأاسيات وما العظمة فيها؟! إن
احتمالية خسرأان الطعم فيها أكبرأ ,فلو فسدت طبخة واحدة لضاع الطعام العظيم!
وهنإاك من قال أن المرأاد من القدورأ الرأاسيات هو المفاعلت النإووية ,استنإادا إلى
أنإها شبيهة بالقدورأ –وابحث في الشبكة المعلوماتية عن صورأ للمفاعلت النإووية
إذا كنإت ل تعرأفا هيئتها ,تجدهما متشابهين!-
ونإحن نإرأى أن صاحب هذا الرأأي قد أبعد النإجعة ,فلم ينإتبه إلى أن ال تعالى قال في
حقا هذه القدورأ أنإها رأاسيات ولم يقل أنإها ثابتات! والرأسو لم يستعمل في القرأآن إل
مع الجبال ,وذلك لن أصولها الممتدة في باطن الرأض ل تستنإد إلى قاعدة ثابتة
وإنإما هي رأاسية في ذلك اللب السائل!
ونإحن نإستعمل الرأسو كذلك مع السفن ,لنإها ترأسو في الماء بجوارأ الشاطئ! فهل
يمكنإنإا القول أن قدورأ سيدنإا سليمان الرأاسيات كانإت في البحرأ؟ فهل كانإت قدورأا
127أبو عبد ا محمد القرطبي ,الجامع لحكاما القرآن ,تحقيق :هشاما سمير البخاري ,الجزء الرابع العشر ,ص.272.
128هناك من قال أن المراد من الجفان هي الطباق اللقطة الكبيرة ,وأن سيدنا سليمان هو أول من امتلك طبقا لقطا كبيرا ,مثل تلك التي
نراها في المراصد الوروبية الكبيرة!
129الجوابي جمع جابية وهي حوض الماء العظيم ,وهناك حديإث في البخاري عن أنس يإحكي حال المديإنة بعد مطر عظيم فيقول" :حتى
صارت المديإنة كالجوبة"
110
يستخرأج بها شيئا من البحرأ؟ أم أنإه كان يستغل البحرأ في الحصول على الطاقة من
أجل "غلي" أو معالجة المواد الموجودة في تلك القدورأ؟! ال أعلم.
وعلى أي حال فإن قول ال العظيم" :رأاسيات" يشيرأ إلى ارأتباطها بالبحرأ! ولنإتذكرأ
ص ]ص "[37 : قول ال تعالى" :تواللشتياصطيتن يكلل تبلنإاء توتغلوا د
فالشياطين كانإت تغوص في أعماقا البحارأ لتفعل شيئا لسيدنإا سليمان- ,غيرأ
استخرأاج اللؤلؤ -فهل احتاج سليمان إلى الشياطين من أجل بنإاء هذه القدورأ في
البحرأ؟ ال أعلم!
وبهذا نإكون قد عرأضنإا للشياء التي صنإعها الجن لسليمان ,وبلينإا كيفا أن
المفسرأين تعاملوا معها بسطحية وعبثية ,أما نإحن فأبرأزنإا لماذا رسخرأ الجن
لسليمان ,وماذا كانإوا يعملون له –على الرأجح.-
وبهذا نإفهم أن الجن المذكورأ في سورأة النإمل في جيش سيدنإا سليمان هو كذلك من
الشياطين ,وكان دورأه في الجيش نإقل المعلومات ,والعمل على قذفا الرأعب في
قلوب جيوش العداء.
111
وهذا الرأأي ليس مما تفرأد به الدكتورأ البهي ,وكنإت أتوقع أن يقول بهذا القول ,إل
أن تفسيرأه لليات الخرأى هو الذي أثارأ عجبي! فلقد قال في تفسيرأ قوله تعالى:
"تقاتل تيا أتبيتها التمتليأ أتبييكرم تيرأصتيصنإي صبتعررأصشتها تقربتل تأن تيرأيتوصنإي يمرسصلصميتن تقاتل صعرفرأيرت سمتن ارلصجسن
أتتنإا آصتيتك صبصه تقربتل تأن ت يقوتم صمن لمتقاصمتك توإصسنإي تعتلريصه تلتقصويي أتصميرن تقاتل اللصذي صعنإتديه صعرلرم سمتن
ارلصكتتاصب أتتنإا آصتيتك صبصه تقربتل تأن تيررأتتلد إصتلريتك تطررأيفتك تفتللما ترأآيه يمرستصقلرأا صعنإتديه تقاتل تهتذا صمن تفرضصل
ترأسبي صلتيربيلتوصنإي أتأترشيكيرأ أترم أتركيفيرأ توتمن تشتكترأ تفصإلنإتما تيرشيكيرأ صلتنإرفصسصه توتمن تكتفترأ تفصإلن ترأسبي تغصنإيي
تكصرأيرم ]النإمل "[40 :
"وجمع سليمان أصحاب الرأأي عنإده وطلب إليهم وضع خرأيطة تصورأ مملكة
بلقيس ,كي يستعد لغزوها .وطلب وضع هذه الخرأيطة وأن تكون جاهزة عنإده قبل
أن يأتيه الرأد منإها على رأسالته الثانإية بالخضوع والقبول(....) .
وهنإا انإبرأى واحرد من القوياء ,واسعي الحيلة ,وشديد الدهاء ,من غيرأ الظاهرأين
في مله ,ووعد بأن يأتي بها قبل أن يغادرأ مكان الجتماع ,وأكد استطاعته على
ذلك ,وأمانإته ودقته في العمل والتنإفيذ(......) .
ولكن من كان يعلم الرأسم والكتابة بين أهل الرأأي في الجتماع وعده بأن يحضرأه
في أقصرأ مدة ممكنإة ,وهي ما يعبرأ عنإها ب "قبل ارأتداد الطرأفا ."131ا.هـ
وكما رأأينإا فلقد جعل الدكتورأ محمد البهي العرأش بمعنإى الخرأيطة أو صورأة الشيء!
وهو قول عجيب ,لم أسمع به من قبل ,إل أنإه أظهرأ الرأتباط والمنإطقية في ذكرأ من
عنإده علرم من الكتاب!
وبهذا نإكون قد أنإهينإا اليات التي تحدثت عن الجن بشكدل ييفهم منإه أنإهم من غيرأ
البشرأ ,والتي هي عمدة القائلين بأن الجن المذكورأ في القرأآن كائن نإارأي مكلفا,
وبلينإا أنإها في البشرأ أو الشياطين ,وليست في جنإس ثالث.
ي
إل أنإنإا لن نإكتفي بهذا وسنإعرأض في عجالة لباقي اليات التي ذكرأ فيها الجن,
-بدون أي نإعت يجعل كونإهم من البشرأ مستبعدا -ونإقدمها للقارأئ من منإظورأنإا
المخالفا ,حتى يرأى بعينإه أن تصورأنإا حولها أكثرأ منإطقية من التصورأ الخرأ,
وأظهرأ في اتصال اليات ببعضها!
112
"توتجتعيلوا صلللصه يشترأتكاتء ارلصجلن توتختلتقيهرم توتخترأيقوا تليه تبصنإيتن توتبتنإادت صبتغريصرأ صعرلدم يسربتحاتنإيه توتتعاتلى
تعلما تيصصيفوتن ) (......) (100توتلا ت رأيكيلوا صملما تلرم يرذتكصرأ ارسيم الللصه تعتلريصه توإصلنإيه تلصفرسرقا توإصلن
اللشتياصطيتن تلييويحوتن إصتلى أتروصلتياصئصهرم صليتجاصديلويكرم توإصرن أتتطرعيتيمويهرم إصلنإيكرم تليمرشصرأيكوتن )"(١٢١
كما هو جلي ,فإن اليات تتحدث عن أن الظالمين جعلوا ل شرأكاء ,وهؤلء الذين
يجعلوا شرأكاء هم الجن! ثم تتواصل اليات إلى أن تقول أن الشياطين يوحون إلى
أوليائهم ليجادلوا المؤمنإين بشأن تحرأيم بعض المطعومات ,وأن المؤمنإين إن
أطاعوهم أصبحوا مشرأكين!
أي أن المؤمن إذا أطاع ولي الشيطان جعله شرأيكا ل! فيكون هذا دليل على أن
المقصود من الجن هم أولياء الشياطين من البشرأ ,الذين يجادلون في آيات ال,
والذين جعلهم فرأيرقا من النإاس شرأكاء ل بطاعتهم وهجرأهم أمرأ ال! فعنإدما أطييع
مشرأعا يشرأع بغيرأ شرأع ال يكون هذا شرأكا بال!
ونإنإتقل إلى الموطن الثانإي ,وسنإعرأض عددا من اليات حتى يظهرأ السياقا مؤصكدا
بشكل قاطع لما نإقول:
ت ت
"توتكتذصلتك تجتعرلتنإا صفي يكسل قررأتيدة أتكاصبترأ يمرجصرأصميتها صلتيرميكيرأوا صفيتها توتما تيرميكيرأوتن إصللا صبأرنإيفصسصهرم توتما
ت
تيرشيعيرأوتن ) (١٢٣توإصتذا تجاتءرتيهرم آتتيرة تقايلوا تلرن ينإرؤصمتن تحلتى ينإرؤتتى صمرثتل تما يأوصتتي يرأيسيل الللصه
الليه أترعتليم تحرييث تيرجتعيل صرأتساتل تيه تسيصصييب اللصذيتن أترجترأيموا تصتغاررأ صعرنإتد الللصه توتعتذارب تشصديرد
صبتما تكاينإوا تيرميكيرأوتن ) (١٢٤تفتمرن يصرأصد الليه أترن تيهصدتييه تيرشترأرح تصردترأيه صلرلصإرستلاصم )(.....
س توتقاتل أتروصلتيايؤيهرم صمتن توتيروتم تيرحيشيرأيهرم تجصميلعا تيا تمرعتشترأ ارلصجسن تقصد ارستركتثررأيترم صمتن ارلصإرنإ ص
ض توتبتلرغتنإا أتتجتلتنإا اللصذي أتلجرلتت تلتنإا تقاتل اللنإايرأ تمرثتوايكرم ارلصإرنإ ص
س ترألبتنإا ارس ترم ت تع تبرعيضتنإا صبتبرع د
ض اللظاصلصميتن تخاصلصديتن صفيتها إصللا تما تشاتء الليه إصلن ترألبتك تحصكيرم تعصليرم ) (١٢٨توتكتذصلتك ينإتوسلي تبرع ت
س أتتلرم تيرأصتيكرم يرأيسرل صمرنإيكرم تييقبصوتن تبرعلضا صبتما تكاينإوا تيركصسيبوتن ) (١٢٩تيا تمرعتشترأ ارلصجسن توارلصإرنإ ص
تعتلرييكرم آتتياصتي تويرنإصذيرأوتنإيكرم صلتقاتء تيروصميكرم تهتذا تقايلوا تشصهردتنإا تعتلى أترنإيفصستنإا توتغلرأرتيهيم ارلتحتياية
البدرنإتيا توتشصهيدوا تعتلى أترنإيفصسصهرم أتلنإيهرم تكاينإوا تكاصفصرأيتن ) (١٣٠تذصلتك أترن تلرم تييكرن ترأبتك يمرهصلتك
ارليقترأى صبيظرلدم توأترهيلتها تغاصفيلوتن ) (١٣١توصليكرل تدترأتجارت صملما تعصميلوا توتما ترأبتك صبتغاصفدل تعلما
تيرعتميلوتن ) (١٣٢توترأبتك ارلتغصنإبي يذو اللرأرحتمصة إصرن تيتشرأ يرذصهربيكرم توتيرسترخصلرفا صمرن تبرعصديكرم تما
تيتشايء تكتما أترنإتشتأيكرم صمرن يذسرأليصة تقرودم آتتخصرأيتن ) (١٣٣إصلن تما يتوتعيدوتن تلتآدت توتما أترنإيترم
صبيمرعصجصزيتن )"(١٣٤
وكما نإرأى ,فال تعالى يتحدث عن وجود أكابرأ مجرأمين وأن هؤلء ل يؤمنإون
وتصل درأجة كبرأهم إلى المطالبة بأن ييؤتوا هم الرأسالت ,ويوم يحشرأهم جميعا,
أي أكابرأ المجرأمين والنإاس العاديين ,الذين كانإوا تبعا لهم )أولياءهم( والمؤمنإين,
فيخاطب ال أكابرأ المجرأمين ب :معشرأ الجن ,ويعترأفا أولياءهم من المستضعفين
أنإهم انإتفع بعضهم ببعض –وليس تلذذ -132وبلغوا الجل الذي جعله ال لهم
132من الكلمات التي صيإساء فهمها كلمة "متع" فصتفهم بمعنى اللذة! وليست كذلك فهي أصل بمعنى النتفاع ,ونحن نستعملها في حديإثنا
أحيانا بهذا المعنى ,مثل :متعة المرأة المطلقة ,فليس المقصود هنا التلذذ بداهة!
113
لهلكهم.
والسؤال الذي نإطرأحه كيفا انإتفع الجن بالنإاس وكيفا انإتفع النإاس بالجن ,وكيفا
استكثرأ الجن من النإس؟ )تبعا للفهم المألوفا( فلهؤلء عالم ولنإا عالم؟!
الفهم السطحي جعل الستمتاع بمعنإى التلذذ ,وفهموه على أنإه زواج الجن من
النإس! على الرأغم من أن المتعة ل علقة لها بالتلذذ!
أما نإحن فنإقول أنإهم ككبارأ انإتفعوا بالصغارأ ,فهم الذين كانإوا يقضون لهم رأغباتهم,
ويساعدونإهم على بسط سلطانإهم على الخرأين ,وفي المقابل كان هؤلء الصغارأ
يتلقون الفتات من الكبارأ ويرأضون به غنإيمة!
وهكذا استمرأ التعاون بين الكبارأ المجرأمين وبين الصغارأ المعاونإين حتى وصلت
المة إلى الجل الذي أجله ال فهلكت المة بسبب هذا التعاون الثم! ولو حدث أن
كبارأ المجرأمين لم يجدوا أتباعا نإعال لهم ,لما استمرأ لهم بقاء في المجتمع!
ويبين ال تعالى أن الولية تكون بين من هم على شاكلة واحدة ,فهم وإن كانإوا
صغارأا إل أنإهم ظالمون ,لذلك تولوا هؤلء المجرأمين الكبارأ ,ولم يتبعوا سبيل ال!
ولنإا أن نإتساءل :ما علقة زواج الجن بالنإس أو الممارأسة الجنإسية بينإهم بدون
زواج بهلك المة؟! أما على قولنإا فالعلقة واضحة فهي أصل الفساد كله.
ثم يعاتب ال تعالى النإس والجن على أنإهم أتاهم رأسل منإهم ,إل أنإهم لم يؤمنإوا,
وهذه الية حاسمة للمسألة ,فالرأسل ما أرأسلوا إل من البشرأ العاديين:
ض " توتما أتررأتسرلتنإا صمن تقربصلتك إصلل صرأتجالل بنإوصحي إصتلريصهم سمرن أترهصل ارليقترأى أتتفتلرم تيصسييرأورا صفي اتلررأ ص
ل ترعصقيلوتن تفتينإيظيرأورا تكريتفا تكاتن تعاصقتبية اللصذيتن صمن تقربصلصهرم توتلتدايرأ الصخترأصة تخريررأ سلللصذيتن التتقورا أتتف ت
]يوسفا "[109 :
توتما أتررأتسرلتنإا صمن تقربصلتك إصلل صرأتجالل بنإوصحي إصتلريصهرم تفارستأيلورا أترهتل السذركصرأ صإن يكنإيترم تل ت رعتليموتن
]النإحل [43 :
توما أتررأتسرلتنإا تقربتلتك صمتن ارليمررأتسصليتن إصللا إصلنإيهرم تلتيرأيكيلوتن اللطتعاتم توتيرميشوتن صفي ارلتأرستواصقا توتجتعرلتنإا
ض صفرتتنإلة أت ترصصبيرأوتن توتكاتن ترأبتك تبصصيرأا ]الفرأقان "[20 : تبرعتضيكرم صلتبرع د
فالرأسل رأجارل من أهل القرأى يوتحى إليهم ,وهم يعيشون حياتهم العادية ,فهم
يأكلون الطعام ويمشون في السواقا ويموتون فل يخلدون!
وهنإا يقول ال تعالى للنإس والجن أنإهم جاءهم رأسرل منإهم ,وهذا يعنإي أنإهم جنإس
واحد "بشرأ" ,ولو كان الجن جنإسا غيرأ النإسان ,لكانإت الية غيرأ صحيحة ولقالوا
أنإهم لم يأتهم منإهم أحد؟!
ثم إن ال تعالى يتحدث بعد ذلك عن إهلك القرأى وأنإه ل يهلك الغافلين ,وإنإما يهلك
من أرأسل إليهم الرأسل فكذبوا –كما في آية يوسفا -فهل كان الجن يهلكون مع
البشرأ عنإد نإزول العذاب؟! فهل تهلك الرأيح أو المياه- ,التي كان ال يرأسلها إهلكا
للمم -الجن؟!
114
ثم يبين ال أن لكدل درأجات وأن ال ليس بغافل ,ثم يقول أنإه غنإي وأنإه لو شاء
لذهبنإا نإحن البشرأ واستخلفا بعدنإا أي كائن آخرأ ,فلماذا ييذهب البشرأ ول يفعل
المماثل مع الجن؟ ثم يبين ال لنإا أن ما نإوعد آت وأنإنإا لن نإعجزه.
)تذكرأ آية الجن :وأنإا ظنإنإا أن لن نإعجز ال في الرأض(
وكما رأأينإا فإن هذه اليات التي تحدثت في هذه السورأة عن الجن كانإت تقصد بهم
"الكابرأ" )المترأفين( الذين يتصدون للدعوة ,ويستكثرأون حولهم التباع نإصرأة,
وليظهرأوا بمظهرأ من هو على الحقا ,وبلينإت أنإه عنإد نإزول العذاب في الدنإيا
والخرأة فإنإه ينإزل بالجميع!
تبدأ السورأة بالحديث عن آدم وخرأوجه من الجنإة ثم تخاطب بنإي آدم ,وبعد عدة
آيات تقول أن لكل أمة أجل ,ثم تعود فتخاطب بنإي آدم أنإه من يتقي ويصلح عنإدما
يأتيهم رأسول منإهم فل خوفا عليهم ول هم يحزنإون! أي أن الرأسول الذي يأتي
سيكون من البشرأ ,وفي اليات السابقة قال ال أنإه لم يرأسل إل بشرأا ,فيكون للجن
حجة على ال ,لنإه لم يرأسل إليهم رأسول منإهم بشرأعة تنإاسبهم!
أما على قولنإا فال تعالى يتحدث عن أمة تهلك عنإد مجيء أجلها وعنإدما تدخل النإارأ
فإنإها تنإضم إلى أمم سابقة –مكونإة -من الجن والنإس.
ولنإا أن نإتساءل :متى كلون الجن )العفارأيت( والنإس أمة واحدة؟
لم يحدث هذا عبرأ التارأيخ كله ,أما على فهمنإا أن الجن هم الكابرأ –والذين يكونإون
غالبا مترأفين مفسدين -فتكون المم من الجن والنإس ,فال يقول أن القادة
والتباع المخالفين لمرأه سيكونإون في النإارأ! كلما دخلت أمة لعنإت أختها.
ولقد فهم المفسرأون قول ال تعالى بالشكل التالي :ادخلوا في أمم قد خلت من
قبلكم ,أمم من الجن وأمم من النإس! أي أن ال تعالى يخاطب البشرأ لينإضموا إلى
115
مثلهم من البشرأ وغيرأهم من الجن!
وبغض النإظرأ عن أن الية لم تقل إل "أمم ....من الجن والنإس" أي أنإه من
المفترأض أنإها مكونإة منإهم ,133فإن الية تقول أن هذه المم "تقرد تختلرت صمرن تقربصليكم",
وأن المة اللحقة تلعن السابقة.
فهل عرأفا البشرأ أمم الجن ورأأوا مهلكم ولم يتعظوا به ,أم أنإهم رأأوا مهلك
السابقين لهم ولم يتعظوا به وسارأوا على درأبهم حتى هلكوا مثلهم ,لذلك فاللحقا
يلعن السابقا ,والسابقا يرأى أن اللحقا لم يكن له عليه فضل وأنإه يستحقا العذاب
بما كسب!
وعلى قولنإا فإن كل أمة بإنإسها وجنإها تلعن أختها ,وتبعا لقولهم فإن كل أمة تلعن
أختها ,ولنإا أن نإسأل :لماذا تلعن أمم الجن أمم النإس؟ هل أغووهم وأضلوهم أم
ماذا فعلوا بهم؟! ل مبرأرأ للعن أمم الجن أمم النإس!
ونإترأك هذا الموضع ونإنإتقل إلى الموضع الثانإي في السورأة ,وهو قوله:
س تليهرم يقيلورب لل تيرفتقيهوتن صبتها توتليهرم أترعيرن لل "توتلتقرد تذترأرأتنإا صلتجتهلنإتم تكصثيرأا سمتن ارلصجسن تواصلنإ ص
يربصصيرأوتن صبتها توتليهرم آتذارن لل تيرستميعوتن صبتها أيروتلـصئتك تكاتلرنإتعاصم تبرل يهرم أتتضبل أيروتلـصئتك يهيم
ارلتغاصفيلوتن ]العرأافا [179 :
وأول ما يلحظه النإاظرأ في هذه الية هو اتحاد تشرأيح الجن والنإس ,فلكليهما قلوب
وأعين وآذان ,فإذا قلنإا أن كليهما كائن واحد "بشرأ" ,ينإقسم إلى كبارأ وصغارأ )قادة
وأتباع( كانإت الية مستنإدا لنإا!
أما على قولهم أن الجن كائن غيرأ البشرأ فعجيب ,فإذا كان الجن )العفرأيت( كائن
هوائي نإارأي فكيفا يكون له هذه العضاء؟!
ل بد أن تختلفا أعضاء الجن عن أعضاء البشرأ حتى تستطيع أن تقوم بالوظائفا
المنإوطة بها! فكيفا يجمعهما ال مع بعضهما كأنإه ل فارأقا بينإهما؟!
والنإاظرأ في السياقا الذي ورأدت فيه اليات يجد أنإها كذلك تتحدث عن بنإي آدم:
"توإصرذ أتتختذ ترأبتك صمرن تبصنإي تآتدتم صمرن يظيهوصرأصهرم يذسرأليتيهرم توأترشتهتديهرم تعتلى أترنإيفصسصهرم )(.....
توارتيل تعتلريصهرم تنإتبتأ اللصذي آتتريتنإايه آتتياصتتنإا تفارنإتستلتخ صمرنإتها تفتأرتتبتعيه اللشريتطاين تفتكاتن صمتن ارلتغاصويتن )
(.......) (١٧٥تمرن تيرهصد الليه تفيهتو ارليمرهتتصدي توتمرن يرضصلرل تفيأوتلصئتك يهيم ارلتخاصسيرأوتن )
س تليهرم يقيلورب تلا تيرفتقيهوتن صبتها توتليهرم (١٧٨توتلتقرد تذترأرأتنإا صلتجتهلنإتم تكصثيلرأا صمتن ارلصجسن توارلصإرنإ ص
أترعيرن تلا يربصصيرأوتن صبتها توتليهرم آتتذارن تلا تيرستميعوتن صبتها يأوتلصئتك تكارلتأرنإتعاصم تبرل يهرم أتتضبل يأوتلصئتك يهيم
ارلتغاصفيلوتن ) (١٧٩توصلللصه ارلتأرستمايء ارليحرستنإى تفارديعويه صبتها توتذيرأوا اللصذيتن يرلصحيدوتن صفي
أترستماصئصه تسيرجتزروتن تما تكاينإوا تيرعتميلوتن )"(١٨٠
133كما نقول :ادخلوا في جموع من الرجال والنساء ,ولو كنت أريإد إظهار انفصال هذه الجموع عن تلك لكان لزاما أن أقول :ادخلوا في
جموع من الرجال وجموع من النساء.
116
فاليات تتحدث عن بنإي آدم ثم عن الذي آتاه ال آياته فانإسلخ منإها ,وكيفا أن من
يهصد ال فهو المهتدي ومن يضلل فهو الخاسرأ ,وكيفا أن كثيرأا من القادة والتباع
هم من أصحاب النإارأ –وليس هذا مكتوبا عليهم -وإنإما لن لهم قلوب ل يعقلون بها
وأذان ل يسمعون بها وأعين ل يبصرأون بها ,فهم أضل من النإعام!
والجن في هذا الموضع ييحتمل أن يكون المرأاد منإهم "الشياطين" كذلك ,أو يرأاد
منإهم كبارأ المجرأمين من البشرأ )السادة المترأفون( أو كلهما معا ,ونإذكرأ للقارأئ
الكرأيم السياقا الذي ورأدت فيه الية:
"توتقاتل اللصذيتن تكتفيرأوا تلرن ينإرؤصمتن صبتهتذا ارليقررأآتصن توتلا صباللصذي تبريتن تيتدريصه توتلرو ت ترأى صإصذ اللظاصليموتن
ض ارلتقروتل تييقويل اللصذيتن ارسيترضصعيفوا صلللصذيتن تمرويقويفوتن صعرنإتد ترأسبصهرم تيررأصجيع تبرعيضيهرم إصتلى تبرع د
ارستركتبيرأوا تلروتلا أترنإيترم تليكلنإا يمرؤصمصنإيتن ) (٣١تقاتل اللصذيتن ارستركتبيرأوا صلللصذيتن ارسيترضصعيفوا أتتنإرحين
تصتدردتنإايكرم تعصن ارليهتدى تبرعتد إصرذ تجاتءيكرم تبرل يكرنإيترم يمرجصرأصميتن ) (٣٢توتقاتل اللصذيتن ارسيترضصعيفوا
صلللصذيتن ارس ت ركتبيرأوا تبرل تمركيرأ اللريصل تواللنإتهاصرأ إصرذ ت رأيميرأوتنإتنإا أترن تنإركيفترأ صبالللصه توتنإرجتعتل تليه أترنإتدالدا
توأتتسبرأوا اللنإتداتمتة تللما ترأأتيوا ارلتعتذاتب توتجتعرلتنإا ارلتأرغتلاتل صفي أترعتنإاصقا اللصذيتن تكتفيرأوا تهرل يرجتزروتن
إصللا تما تكاينإوا تيرعتميلوتن ) (٣٣توتما أتررأتسرلتنإا صفي تقررأتيدة صمرن تنإصذيدرأ إصللا تقاتل يمرتترأيفوتها إصلنإا صبتما
أيررأصسرليترم صبصه تكاصفيرأوتن ) (.......) (٣٤توتيروتم تيرحيشيرأيهرم تجصميلعا يثلم تييقويل صلرلتمتلاصئتكصة أتتهيؤتلاصء
إصليايكرم تكاينإوا تيرعيبيدوتن ) (٤٠تقايلوا يسربتحاتنإتك أترنإتت توصلبيتنإا صمرن يدوصنإصهرم تبرل تكاينإوا تيرعيبيدوتن ارلصجلن
أتركتثيرأيهرم صبصهرم يمرؤصمينإوتن )"(٤١
وكما رأأينإا فإن اليات تحكي تنإازع المستضعفين المستكبرأين ,وكيفا أنإهم هم
السبب في عدم إيمانإهم ,وتبرأأ المستكبرأين منإهم ,وكيفا أن المستكبرأين هم من
يتصدون للدين ويسعون لبطاله ,وأنإهم يرأبطون الرأزقا بصحة المسلك ,وفي هذا
اليوم ييحشرأ المستضعفون والمستكبرأون ويسأل ال الملئكة :134هل كانإوا يعبدونإكم
134ومسألة أن الجاهليين عبدوا الملئاكة من المسائال التي ل يإجد المرء في كتب التاريإخ أو التفسير ما يإريإح البال فيها ,لذلك وجدنا
الدكتور جواد علي يإقول في كتابه :المفصل في تاريإخ العرب قبل السلما ,ص:738.
غير أن المفسريإن ،لم يإشيروا إلى أولئك الذيإن تعبدوا للملئاكة ،ولم يإذكروا أسماءهم ،مع أنهم ذكروا اسم من تعبد للجن ،بل يإظهر من
تفسيرهم للَيإة المذكورة ،أنها وردت على سبيل الستفهاما :كقوله عز وجمل لعيسى :أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون ا،
117
فقط؟ فيتبرأأ منإهم الملئكة ويقولون أنإهم كانإوا يعبدون الجن! أي أنإهم كانإوا
يطيعونإهم فيما يأمرأونإهم به ,سواء كان المرأاد من الجن الشياطين أو كبارأ القوم
المترأفين )وإن كنإا نإرأجح أن المرأاد من الجن هنإا كبارأ القوم الذي أمرأوهم فأطاعوا!(
فإذا انإتقلنإا إلى سورأة فصلت ,وجدنإا أن "الجن" يذكرأ في موضعين متتالين ,وهما
قوله تعالى:
ي ت
"توتقليرضتنإا تليهرم يقترأتنإاتء تفتزليينإوا تليهرم تما تبريتن أريصديصهرم توتما تخرلتفيهرم توتحلقا تعتلريصهيم ارلتقرويل صفي أتمدم
س إصلنإيهرم تكاينإوا تخاصسصرأيتن ) (٢٥توتقاتل اللصذيتن تكتفيرأوا تلا تقرد تختلرت صمرن تقربصلصهرم صمتن ارلصجسن توارلصإرنإ ص
ترستميعوا صلتهتذا ارليقررأآتصن توارلتغروا صفيصه تلتعليكرم ت رغصليبوتن ) (٢٦تفتلينإصذيتقلن اللصذيتن تكتفيرأوا تعتذالبا
تشصديلدا توتلتنإرجصزتيلنإيهرم أترستوأت اللصذي تكاينإوا تيرعتميلوتن ) (٢٧تذصلتك تجتزايء أترعتداصء الللصه اللنإايرأ تليهرم
صفيتها تدايرأ ارليخرلصد تجتزالء صبتما تكاينإوا صبتآتياصتتنإا تيرجتحيدوتن ) (٢٨توتقاتل اللصذيتن تكتفيرأوا ترألبتنإا أتصرأتنإا
س تنإرجتعرليهتما ترحتت أترقتداصمتنإا صلتييكوتنإا صمتن ارلتأرستفصليتن )"(٢٩ التذريصن أتتضللاتنإا صمتن ارلصجسن توارلصإرنإ ص
فال تعالى يقول أنإه يقيض لعداء ال قرأنإاء من الشياطين- ,كما جاء في قوله:
ض تليه تشريتطانإا تفيهتو تليه تقصرأيرن ]الزخرأفا -"[36 :ش تعن صذركصرأ اللرأرحتمصن ينإتقسي ر
"توتمن تيرع ي
فحقا عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والنإس )ونإفس ما قيل في
العرأافا بشأن "أمم ...من" يقال هنإا(
فالحديث عن أمم قد خلت قبل المكذبين بالقرأآن ,فكذبوا برأسلهم ويكتب رأبهم ,فحقا
عليهم العذاب ,والنإاس ل يعلمون إل بتارأيخ النإاس ,وليس عنإدهم أي درأاية بتارأيخ
الجن!! وعنإدما يدخل الذين كفرأوا النإارأ يودون أن يرأيهم ال الذين أضلوهم من
"القادة ومن التباع العوام" ليجعلونإهم تحت أقدامهم!
ا عليهم إذا كذبتهم كان في ذلك تبكيت لهم ،فهو استفهاما توبيخ للعابديإن .ولكنهم أشاروا فيقال النحاس :فالمعنى أن الملئاكة صلوات م
م
مواضع أخرى إلى أن مشركي قريإش كانوا يإقولون :الملئاكة بنات ا ،وكانوا يإعبدونها .ويإقولون إن أمهاتهن بنات سروات الجن،
يإحسبون أنهم خلقوا مما خلق منه إبليس.
وقد أشير في القرآن الكريإم ،إلى أن من الجاهليين من زعم أن الملئاكة بنات ا .وتحدث المفسرون في تفسير ذلك ،غير أنهم خلطوا في
الغالب بين الملئاكة والجن .ولم يإأتوا بشيء صيإذكر عن رأي أهل الجاهلية في الملئاكة .وما ذكروه هم عن الملئاكة ،هو إسلمي ،يإرجع
في سنده إلى أهل الكتاب ،ول سيما القصص السرائايلي ،ولهذا فهو مما ل يإمكن أن يإقال عنه انه يإعبر عن رأي الجاهليين .ويإظهر أن
الجاهليين لم يإكونوا يإعرفون شيئ لا عن الملئاكة ،لن العتقاد بالملئاكة من عقيدة الديإانة اليهوديإة ثم النصرانية ،وهم ل يإعرفون الكتاب،
إل من كان منهم على ديإن اليهوديإة أو النصرانية ،أو كان من الحنفاء أو على اتصال بأهل الكتاب ،كأمية بن أبي الصلت وأمثاله.
وقد أشير إلى الملئاك،أي "الملئاكة" في شعر يإنسب إلى "أمية بن أبي الصلت" ،هو :وكلان بحرقسع ،والملئاك حوله سدلر تواكله القوائام
أجـرد
وورد "ملك" في شعر رجل من عبد القيس جاهلي يإمدحا بعض الملوك ،قيل هو النعمان .وقيل هو لبي وجزة يإمدحا به عبد ا بن
الزبير :فلست لنسي ،ولكحن لمـلك تنزل من جو السماء يإصوب ".ا.هـ
118
الجن في سورأة الحقافا
فإذا انإتقلنإا إلى سورأة الحقافا وجدنإا أن الجن يذكرأ فيها في موضعين اثنإين ,وأنإها
تؤيد أن المرأاد من "أمم قد خلت من قبلكم من الجن والنإس" هو أمم البشرأ ول
علقة بالعفارأيت بها!
والنإاظرأ في السورأة يجدها تجادل الذين يعبدون من دون ال )أسيادهم/رأجال دينإهم/
عيسى ...الخ ,والحديث هنإا عن عبادة عاقلين وليس جمادات( فيسألهم ال أين ما
خلقوا أم لهم شرأك في السماوات ,وتبين أنإهم على ضلل مبين وأن من عبدوهم
سيكفرأون بعبادتهم:
ض أترم تليهرم صشررأرك صفي"يقرل أتترأأترييترم تما تترديعوتن صمرن يدوصن الللصه أتيرأوصنإي تماتذا تختليقوا صمتن ارلتأررأ ص
اللستماتواصت ارئيتوصنإي صبصكتتادب صمرن تقربصل تهتذا أترو أتتثاترأدة صمرن صعرلدم إصرن يكرنإيترم تصاصدصقيتن ) (٤توتمرن
أتتضبل صملمرن تيرديعو صمرن يدوصن الللصه تمرن تلا تيرستصجييب تليه إصتلى تيروصم ارلصقتياتمصة تويهرم تعرن يدتعاصئصهرم
س تكاينإوا تليهرم أترعتدالء توتكاينإوا صبصعتباتدصتصهرم تكاصفصرأيتن )" (٦
تغاصفيلوتن ) (٥توإصتذا يحصشترأ اللنإا ي
فإذا وصلنإا للموطن الول الذي يذكرأ فيه "الجن" نإجد أنإه قد جاء بنإفس الترأكيبة التي
جاءت في سورأة فصلت والعرأافا "في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والنإس",
ونإفس ما قيل هنإاك يقال هنإا ,إل أنإه يضافا إليه أن الية السابقة قد أكدت هذا
المدلول ,فال تعالى يقول:
"تواللصذي تقاتل صلتواصلتدريصه أيرفا تليكتما أتتصعتداصنإصنإي أترن أيرخترأتج توتقرد تختلصت ارليقيرأوين صمرن تقربصلي تويهتما
تيرس ت صغيتثاصن اللته توريتلتك تآصمرن إصلن تورعتد الللصه تحيقا تفتييقويل تما تهتذا إصللا أتتساصطييرأ ارلتألوصليتن )(١٧
يأوتلصئتك اللصذيتن تحلقا تعتلريصهيم ارلتقرويل صفي أيتمدم تقرد تختلرت صمرن تقربصلصهرم صمتن ارلصجسن توارلصإرنإ ص
س إصلنإيهرم تكاينإوا
تخاصسصرأيتن )"(١٨
فالذي يستبعد أن ييخرأج يرأد على والديه بأن القرأون قد خلت من قبله ولم ييخرأج
أحد- ,والقرأون هم الجيال وليسوا السنإين الزمنإية ,-فيقول ال أن أولئك المكذبين
حقا عليهم القول وخلوا كما خلى السابقون!
فنإلحظ أنإه يستدل على والديه بخلو القرأون- ,الجيال والمم السابقة ,-فقال ال
أن المكذبين حقا عليهم القول في أمم قد خلت قبلهم من الجن والنإس.
فإذا انإتقلنإا إلى الموضع الثانإي وجدنإا أنإه جاء في سياقا الحديث عن نإصرأة ال
لوليائه وإهلكه لعدائه ,فال تعالى يقول:
"توتلتقرد تملكلنإايهرم صفيتما إصرن تملكلنإايكرم صفيصه توتجتعرلتنإا تليهرم تسرملعا توأتربتصالرأا توأترفصئتدلة تفتما أترغتنإى تعرنإيهرم
تسرميعيهرم توتلا أتربتصايرأيهرم توتلا أترفصئتديتيهرم صمرن تشريدء إصرذ تكاينإوا تيرجتحيدوتن صبتآتياصت الللصه توتحاتقا صبصهرم
تما تكاينإوا صبصه تيرسترهصزيئوتن ) (٢٦توتلتقرد أترهتلركتنإا تما تحروتليكرم صمتن ارليقترأى توتصلرأرفتنإا ارلتآتياصت تلتعليهرم
تيررأصجيعوتن ) (٢٧تفتلروتلا تنإتصترأيهيم اللصذيتن التتخيذوا صمرن يدوصن الللصه يقررأتبالنإا تآصلتهلة تبرل تضبلوا تعرنإيهرم
توتذصلتك إصرفيكيهرم توتما تكاينإوا تيرف ت يرأوتن ) (٢٨توإصرذ تصترأرفتنإا إصتلريتك تنإتفلرأا صمتن ارلصجسن تيرس تصميعوتن
ارليقررأتآتن تفتللما تحتضيرأويه تقايلوا أترنإصصيتوا تفتللما يقصضتي تولروا إصتلى تقروصمصهرم يمرنإصذصرأيتن ) (٢٩تقايلوا تيا
119
تقروتمتنإا إصلنإا تسصمرعتنإا صكتتالبا أيرنإصزتل صمرن تبرعصد يموتسى يمتصسدلقا صلتما تبريتن تيتدريصه تيرهصدي إصتلى ارلتحسقا توإصتلى
تطصرأيدقا يمرس ت صقيدم ) (٣٠تيا تقروتمتنإا أتصجييبوا تداصعتي الللصه توتآصمينإوا صبصه تيرغصفررأ تليكرم صمرن يذينإوصبيكرم
ض س صبيمرعصجدز صفي ارلتأررأ ص تويصجررأيكرم صمرن تعتذادب أتصليدم ) (٣١توتمرن تلا يصجرب تداصعتي الللصه تفتلري ت
س تليه صمرن يدوصنإصه تأوصلتيايء يأوتلصئتك صفي تضتلادل يمصبيدن ) ..... (٣٢تفارصصبررأ تكتما تصتبترأ يأويلو توتلري ت
ارلتعرزصم صمتن البرأيسصل توتلا ترس ت رعصجرل تليهرم تكتألنإيهرم تيروتم تيترأروتن تما ييوتعيدوتن تلرم تيرلتبيثوا إصللا تساتعلة
صمرن تنإتهادرأ تبتلارغ تفتهرل يرهتليك إصللا ارلتقرويم ارلتفاصسيقوتن )"(٣٥
فلقد أنإذرأ هود عادا بالحقافا فلم يؤمنإوا فأهلكوا فلم يغن عنإهم سمعهم ول أبصارأهم
ول أفئدتهم ,ولقد أهلك ال القرأى المحيطة بمكة وصرأفا ال لهم اليات ,فلم
تنإفعهم آلهتهم التي اتخذوها ولم ترأفع عنإهم العذاب.
وإذا كنإتم يا أهل مكة لم تؤمنإوا بمحمد فإن من نإصرأة ال له أنإه صرأفا إليه نإفرأا من
الجن يستمعون القرأآن ,ولما استمعوا آمنإوا وولوا إلى قومهم منإذرأين.
والدليل القاطع على أن هؤلء الجن كانإوا بشرأا متخفين من قبائل أخرأى أتوا
ض" س صبيمرعصجدز صفي ارلتأررأ ص ليستمعوا النإبي قولهم لقومهم " :تفتلري ت
فهم ينإتمون إلى قوم يعيشون في الرأض ,فهذا دليل على أنإهم بشرأ وليسوا جنإا
يطيرأ ويصعد السماء! ولو كانإوا يطيرأون في السماء لما كان للكلمة معنإى!
س تليه صمرن يدوصنإصه تأوصلتيايء"
والدليل الثانإي قولهم" :توتلري ت
فإذا كان البشرأ يتولون الجن ويستقوون بهم ويعوذون بهم –كما يدعي أصحاب
الفهم التقليدي -فمن يتولهم الجن؟!
أما نإحن فنإقول أن هؤلء ينإذرأون قومهم أن عليهم اليمان بالرأسول ليغفرأ ال من
ذنإوبهم ولكي يجيرأهم ال من العذاب في الدنإيا فل يهلكون) ,لحظ أنإه قال :عذاب
أليم ,ولم يقل :العذاب الليم(
ومن ل يجب داعي ال فليس بمعجز في الرأض ,فمهما فعل وأينإما ذهب فسينإزل به
العذاب في الدنإيا ,وليس له أولياء ينإصرأونإهم ,أو يرأفعون عنإهم العذاب ,ثم يأمرأ
ال النإبي بالصبرأ على قومه ول يستعجل لهم العذاب ,فكأنإهم يوم يرأون ما يوعدون
–وهو العذاب نإازل بهم -لم يلبثوا إل ساعة من نإهارأ.
إذا ترأكنإا سورأة الحقافا وانإتقلنإا إلى سورأة الذارأيات ,وجدنإا أن "الجن" يذكرأ كذلك
في معرأض التوعد ,فال تعالى يقول:
120
"تفصفبرأوا إصتلى الللصه إصسنإي تليكرم صمرنإيه تنإصذيررأ يمصبيرن ) (٥٠توتلا ترجتعيلوا تمتع الللصه إصتللها آتتخترأ إصسنإي تليكرم
صمرنإيه تنإصذيررأ يمصبيرن ) (٥١تكتذصلتك تما أتتتى اللصذيتن صمرن تقربصلصهرم صمرن ترأيسودل إصللا تقايلوا تساصحررأ أترو
تمرجينإورن ) (٥٢أتتتواتصروا صبصه تبرل يهرم تقرورم تطايغوتن ) (٥٣تفتتولل تعرنإيهرم تفتما أترنإتت صبتميلودم )
س إصللا صلتيرعيبيدوصن ) (٥٤توتذسكررأ تفصإلن السذركترأى ترنإتفيع ارليمرؤصمصنإيتن ) (٥٥توتما تختلرقيت ارلصجلن توارلصإرنإ ت
(٥٦تما أيصرأييد صمرنإيهرم صمرن صرأرزدقا توتما أيصرأييد أترن يرطصعيموصن ) (٥٧إصلن اللته يهتو اللرألزايقا يذو
ارليقلوصة ارلتمصتيين ) (٥٨تفصإلن صلللصذيتن تظتليموا تذينإولبا صمرثتل تذينإوصب أترصتحاصبصهرم تفتلا تيرسترعصجيلوصن )(٥٩
تفتوريرل صلللصذيتن تكتفيرأوا صمرن تيروصمصهيم اللصذي ييوتعيدوتن )"(٦٠
فال تعالى يأمرأ النإبي بالتذكيرأ ,وأنإه ما خلقا الجن والنإس إل ليعبدوه ,فهو ل يرأيد
منإهم رأزقا ول إطعام ,فال هو الرأزاقا ,وعلى الظالمين أل يستعجلوا العذاب ,فويل
لهم من يومهم الذي يوعدون!
فإذا قلنإا أن ال تعالى خاطب البشرأ بصيغة الجمع" :أل تطغوا ...وأقيموا ...ول
تخسرأوا" ثم عاد وقسمهم إلى قسمين –سيبينإهما بعد آيات -فل إشكال ,وهذا هو
المنإطقي:
س توارلتقتميرأ "اللرأرحتمين ) (١تعلتم ارليقررأآتتن ) (٢تختلتقا ارلصإرنإتساتن ) (٣تعلتميه ارلتبتياتن ) (٤اللشرم ي
صبيحرستبادن ) (٥تواللنإرجيم تواللشتجيرأ تيرسيجتداصن ) (٦تواللستماتء ترأتفتعتها توتوتضتع ارلصميتزاتن ) (٧أتللا
ض ترطتغروا صفي ارلصميتزاصن ) (٨توأتصقييموا ارلتورزتن صبارلصقرسصط توتلا يترخصسيرأوا ارلصميتزاتن ) (٩توارلتأررأ ت
121
توتضتعتها صلرلتأتنإاصم ) (١٠صفيتها تفاصكتهرة تواللنإرخيل تذايت ارلتأركتماصم ) (١١توارلتحبب يذو ارلتعرصصفا
تواللرأريتحاين ) (١٢تفصبتأسي آتتلاصء ترأسبيكتما يتتكسذتباصن )"(١٣
أما أن نإقرأأ هذه اليات ثم نإقول أن ال تعالى يخاطب البشرأ وكائنإا آخرأ ,فما الدليل
على هذا؟ إن هذا الكائن لم يسبقا له ذكرأ ,وليس هذا من المفهوم بداهة ,مما ل
يختلفا عليه اثنإان!!
فال العليم يتحدث عن مادة خلقا النإسان ومادة خلقا "الجان" )وليس الجن( ,ثم
يخاطب معشرأ الجن والنإس –وهذا يعنإي أنإهم قوم يتعاشرأون يعيشون مع بعضهم,
ل أن هذا يعيش في عالم والخرأ في عالم آخرأ! -بأنإهم إن استطاعوا أن ينإفذوا ....
الخ
فإذا واصلنإا قرأاءة اليات تأكد أن النإس والجن جنإس واحد ,وأن "الجان" غيرأهما
فال العليم يقول:
س تفتلا ترنإتصصترأاصن ) (٣٥تفصبتأسي آتتلاصء ترأسبيكتما يتتكسذتباصن )"يررأتسيل تعتلرييكتما يشتوارظ صمرن تنإادرأ توينإتحا ر
(٣٦تفصإتذا ارنإتشلقصت اللستمايء تفتكاتنإرت توررأتدلة تكالسدتهاصن ) (٣٧تفصبتأسي آتتلاصء ترأسبيكتما يتتكسذتباصن )(٣٨
س توتلا تجاين )"(٣٩ تفتيروتمصئدذ تلا يرستأيل تعرن تذرنإصبصه إصرنإ ر
فالنإس والجن يرأسل عليهما شواظ من نإارأ ونإحاس ,وهذا يعنإي أنإهم يعيشون مع
بعض ,وأن العذاب ينإزل بهما سويا!
ونإلحظ أنإه عنإد حديثه عن الخرأة لم يقل" :فيومئذ ل يسأل عن ذنإبه إنإس ول جن",
س توتلا تجاين" ,وذلك لن النإس جنإس ,والجان جنإس آخرأ. وإنإما قال" :إصرنإ ر
وفي اليتين الخرأيين اللتين يذكرأ فيهما الطمث ,نإجد أن ال تعالى يذكرأ "الجان"
س تقربتليهرم توتلا تجاين"
وليس "الجن" ,فيقول" :تلرم تيرطصمرثيهلن إصرنإ ر
وبهذا نإكون قد أنإهينإا كل اليات القرأآنإية التي ورأد فيها ذكرأ "الجن" ,وكما رأأينإا
فاليات تتحدث عن صنإفا من البشرأ ,وليس عن صنإفا آخرأ!
أما اليات التي تتحدث عن "الجان" و"الجنإة" فهي تتحدث عن صنإفا آخرأ غيرأ
122
البشرأ ,فا" :الجان" مقابل "النإسان" ,و" :الجنإة" مقابل "النإاس".
رأأينإا من خلل تنإاولنإا ليات الذكرأ أن كلمة "شيطان/شياطين" في لسان العرأب وفي
بيان القرأآن ,قد اسيتعملت مع البشرأ ومع غيرأ البشرأ .ومن البديهيات عنإد المسلمين
أن "الشيطان" المذكورأ في القرأآن هو إبليس ,ذلك الكائن الغيرأ بشرأي .إل أن
الجماعة الحمدية القاديانإية كان لها رأأري مخالفا تماما بهذا الشأن.
فالجماعة الحمدية تنإفي وجود الجن الشبحي –ونإحن نإتفقا معهم في هذه النإقطة-
إل أنإهم يقولون أنإه ل وجود للشياطين بالتصورأ المشهورأ ,فليس هنإاك إل بشرأ
وملئكة .ويرأون أن الشيطان اسم عام بمعنإى البعد والتطرأفا والطغيان والزيادة,
ومن ثم فإنإه يصدقا على أشياء كثيرأة وهو ييستعمل في اللسان مع النإسان
والحيوان ,ومع كل ما كان الشطط والشطن حاله ,إل أنإه ل يوجد خلقا مستقل
اسمه الشياطين! فالشياطين كذلك من النإاس!
وإبليس كان وحدا من البشرأ الموجودين مع سيدنإا آدم ,إل أنإه ليس الشيطان الذي
أغواه! فالشيطان الذي أغواه كان فرأدا آخرأ!
ولن هذا القول يصادم اليات الصرأيحة التي تتحدث عن مادة خلقا الجان ,فهم
يؤولون اليات الصرأيحات الوارأدة المخالفة لهم ,فيقولون أن قول الرأب العليم:
"توارلتجالن تختلرقتنإايه صمن تقربيل صمن لنإاصرأ اللسيموصم ]الحجرأ "[27 :
ليس حديثا عن مادة الخلقا ,وإنإما عن الطباع مثل قوله تعالى:
"يخصلتقا ارلصإنإتساين صمرن تعتجدل تسيأصرأييكرم آتياصتي تفتلا ترسترعصجيلوصن ]النإبياء "[37 :
فليس المرأاد من "عجل" مادة الصنإع بل الطبع ,135أي أن النإسان بطبعه عجول,
فكذلك ليس المرأاد من نإارأ السموم ,مادة الخلقا وإنإما الطبع السائد في الشياطين!
كما يؤولون اليات والحاديث الوارأدة في ذكرأ الشياطين تأويلل ,يجعلها وارأدة في
النإسان.
وهذا القول من أعجب العجب! فإذا كان ال تعالى يخاطب الملئكة بالسجود لدم,
فما شأن إبليس –البشرأي -بهذا المرأ؟! إذا كان الخطاب للملئكة فكيفا سمعه
إبليس وفهمه؟! ولو فهمه فلماذا ينإفذه إذا كان بشرأا؟!
135يإمكن أن يإفهم أن "العجل" متعلق بمادة الخلق أيإضا ,فكلمة "العجل" يإمكن فهمها على أنها حالة من حالت الماء ,فتكون اليإة عن
مادة الخلق أيإضا.
123
س البشرأي ال العظيم؟! فكما نإرأى فلقد خاطبه ال ورألد إبليس
ثم كيفا يخاطب إبلي ي
عليه ,فكيفا يكون هذا من بشرأ ولبشرأ؟! فما أهنإئ ذلك البشرأي العاصي الذي
تشرأفا بمخاطبة ال له! ثم أي إنإسان بدائي هذا –على قولهم -الذي يفهم طبائع
النإفوس ويرأى أن طبعه نإارأي ومن ثم يكون هذا الطبع –الحاد -مبرأرأا لرأفضه
السجود لدم؟!!!
وقولهم أن المرأاد من "نإارأ السموم" ليس مادة الخلقا يبطله السياقا ,الذي يحتم أن
يكون المرأاد منإها مادة الخلقا ,فال عز وجل قال في الية السابقة" :توتلتقرد تختلرقتنإا
اصلنإتساتن صمن تصرلتصادل سمرن تحتمدإ لمرسينإودن ]الحجرأ ,"[26 :ثم تحدث بعد ذلك عن
الجان ,فيحتم هذا أن يكون الحديث عن مادة الخلقا.
وهم يقولون أن المرأاد من الصلصال أن النإسان طبعه ليرن قابل للتشكيل بسهولة
مثل الصلصال! وهذا تأويرل بعيد ل يوجد ما يوجب الحمل عليه!
كما أن قولهم أن إبليس شخص والشيطان شخص آخرأ هو من العجب كذلك ,ويرأد
عليهم قوله تعالى في سورأة طه:
س أتتبى ) (١١٦تفيقرلتنإا تيا تآتديم إصلن
"توإصرذ يقرلتنإا صلرلتمتلاصئتكصة ارسيجيدوا صلتآتدتم تفتستجيدوا إصللا إصربصلي ت
تهتذا تعيديو تلتك توصلتزروصجتك تفتلا يرخصرأتجلنإيكتما صمتن ارلتجلنإصة تفترشتقى )"(١١٧
فكما رأأينإا فال تعالى قال لدم أن هذا )إبليس( عدرو له ,وحلذرأه من أن يقع
في حبائله فيخرأجه من الجنإة.
فإذا انإتقلنإا إلى سورأة العرأافا وجدنإا الرأب العليم يقول عن الشيطان:
"تفتدللايهتما صبيغيرأودرأ تفتللما تذاتقا اللشتجترأتة تبتدرت تليهتما تسروآتيتيهتما توتطصفتقا تيرخصصتفاصن تعتلريصهتما
صمرن توترأصقا ارلتجلنإصة توتنإاتدايهتما ترأبيهتما أتتلرم أترنإتهيكتما تعرن صترليكتما اللشتجترأصة توأتيقرل تليكتما إصلن
اللشريتطاتن تليكتما تعيديو يمصبيرن )"(٢٢
فال تعالى يلوم آدم على أنإه استمع للشيطان على الرأغم من تحذيرأ ال تعالى له,
والذي رأأينإاه في القرأآن صرأاحلة هو أن ال حذرأه من إبليس فيكون هو الشيطان.
إن قولهم بأن الشياطين هي نإوازع النإفس السيئة قورل ل دليل عليه مخالفا للتصورأ
القرأآنإي ,فال تعالى يقول مثل " :إصلنإيه تيترأايكرم يهتو توتقصبييليه صمرن تحرييث تل تترأروتنإيهرم ...
124
]العرأافا "[27 :فهل نإوازع النإفس أو البشرأ الشرأارأ يرأونإنإا من حيث ل نإرأاهم؟!
وقوله "من حيث" دليرل كادفا على أن للشياطين عالم آخرأ غيرأ عالمنإا يرأونإنإا منإه,
ولذلك ل نإرأاهم!
كما أنإنإا نإجد أن ال يحكي عن الشيطان " :توتقاتل اللشريتطاين تللما يقصضتي اتلرميرأ إصلن الله
توتعتديكرم تورعتد ارلتحسقا توتوتعدبتيكرم تفتأرختلرفيتيكرم توتما تكاتن صلتي تعتلرييكم سمن يسرلتطادن إصلل تأن تدتعرويتيكرم
ل تيلويموصنإي تويلويمورا تأنإيفتسيكم لما أتتنإرا صبيمرصصرأصخيكرم توتما تأنإيترم صبيمرصصرأصخلي إصسنإي
تفارستتجربيترم صلي تف ت
تكتفررأيت صبتما أترشترأركيتيموصن صمن تقربيل إصلن اللظاصلصميتن تليهرم تعتذارب أتصليرم ]إبرأاهيم "[22 :
فتمن صمن البشرأ الذي أضل البشرأ بشكدل عام ,ووعدهم فأخلفهم على عكس وعد
ال؟! أم أن نإوازع الشرأ هي التي تقول هذا؟!
إن النإاظرأ في كتاب ال تعالى يجد حديثا عن جنإس غيرأ جنإس البشرأ ,وهو :الجنإة,
ومن هذا الجنإس من يلعب دورأا في إضلل النإاس" :صمتن ارلصجلنإصة تواللنإا ص
س ]النإاس :
,"[6والنإسان مأمورأ بالستعاذة بال من شرأ الوسواس الخنإاس سواء كان من
الجنإة أم من النإاس!
نإخرأج من هذا كله بأن القول بأن إبليس والشياطين ما هم إل بشرأ ,قول غيرأ دقيقا,
فنإعم هنإاك شياطين بين البشرأ –بنإص كتاب ال -ولكن أن نإحصرأهم فيهم فهذا غيرأ
صحيح ,فهنإاك شياطين من جنإس غيرأهم )الصجلنإة( ,يعملون على إضلل النإاس حتى
ل يكونإوا وحدهم أصحاب الجحيم.
125
الفصل الرأابع
الجن في الرأوايات
بعد أن تحدثنإا عن "الجن" في كتاب ال تعالى ,ورأأينإا كيفا أنإه يتحدث عن عنإصرأ
الفساد والضلل عبرأ العصورأ والمكنإة والعوالم ,وهم القادة المستكبرأون ,الذين
يجذبون التباع الصغارأ إليهم ,ليستقووا بهم وليصيرأوا عونإا لهم.
بعد هذا نإنإتقل إلى الرأوايات الوارأدة عن النإبي الكرأيم ,لنإنإظرأ هل تتطابقا مع ما ورأد
في كتاب ال تعالى ,أم أنإها تقول بقول آخرأ.
ونإحن نإعرأض لهذه الرأوايات لنإها أكبرأ مستنإد لمن يرأفض أن يكون الجن من
البشرأ ,لن الرأوايات تقول صرأاحة أن الجن خلقا آخرأ! فنإعرأض لها لنإبين أنإها
ليست المستنإد القوي للرأافضين.
فالنإاظرأ في الرأوايات الوارأدة عن النإبي بهذا الشأن يجد أنإها مما ل يمكن جمعه في
سلة واحدة ,فمنإها ما هو صحيح ويأسيء فهمه ومنإها ما هو مختلقا لريقدم كتفسيرأ!
ليات القرأآن بهذا الشأن ,ومنإها ما جاء مؤيدا لما كان عنإد العرأب قبل السلم من
الخرأافات ,إل أنإه ينإسب إلى الرأسول الكرأيم ,لييصبغ بصبغة إلهية رأبانإية!
وبالفعل تقبل المسلمون هذه الخرأافات وأصبحت من الدين الواجب اليمان به!
وهكذا أصبح لكل طاعن في الدين متكئا ,فإذا كان السلم قد أليد أساطيرأ العرأب
فهذا يعنإي أنإه ابن بيئته! وإل لماذا ل تصح إل أساطيرأ العرأب ,وتصبح أقاويل
العرأب هي التي أصابت كبد الحقيقة بخلفا أساطيرأ باقي الشعوب ,والتي هي
أساطيرأ وخرأافات ما أنإزل ال بها من سلطان؟!
126
ولن الجن والشياطين قد يذكرأوا في عدد كبيرأ من الرأوايات ,ل يمكن اللمام به في
فصل أو باب ,وإنإما يحتاج إلى كتاب كامل من القطع الكبيرأ أو أكثرأ ,لذا فإنإنإا
سنإكتفي بمنإاقشة نإماذج من أصنإافا الرأوايات الوارأدة بشأن الجن ,فنإعرأض لرأوايات
يقدمت كتفسيرأ ليات سورأة الجن ,لنإبين أنإها تخالفا آيات السورأة كلية ,وكيفا أنإه
من غيرأ الممكن أن تكون الواقعة التي نإزلت بعدها السورأة!
ونإعرأض لرأوايادت تقول أن الجن هم بشرأ ,لنإبين كيفا أن الرأواة أضافوا إليها ما
ليس منإها ليجعلوها في الكائن الخرأافي ,كما نإعرأض لرأوايادت يظهرأ فيها التطابقا
بين معتقدات العرأب الجاهلية وبين ما تقول به ,كما نإعرأض لرأوايادت تظهرأ أن الجن
خلقا طفيلي ضعيفا! كم سنإعمل على إبرأاز التنإاقضات في بنإية الرأواية نإفسها والتي
تسقطها من تلقاء نإفسها!
لذا نإذكرأ هنإا ما قال المام الفخرأ الرأازي –وهو من هو -والذي قد ييحسب بدرأجة
من الدرأجات على المدرأسة العقلية ,ليبصرأ القارأئ بعينإه كيفا أن توجيهه ودفاعه
ضعيفا ول يصلح بحال لتقوية هذه الرأوايات ,وكيفا أنإها ستظل دوما منإاقضة
للقرأآن ,مختتلقة ليتقدم كتفسيرأ لليات!
قال المام الفخرأ الرأازي في معرأض تفسيرأه لول آية في سورأة الجن:
"اختلفت الرأوايات في أنإه عليه الصلة والسلم هل رأأى الجن أم ل؟
فالقول الول :وهو مذهب ابن عباس أنإه عليه السلم ما رأآهم ،قال :إن الجن كانإوا
يقصدون السماء في الفترأة بين عيسى ومحمد فيستمعون أخبارأ السماء ويلقونإها
إلى الكهنإة فلما بعث ال محمدا عليه السلم حرأست السماء ،وحيل بين الشياطين
وبين خبرأ السماء وأرأسلت الشهب عليهم فرأجعوا إلى إبليس وأخبرأوه بالقصة
فقال :ل بد لهذا من سبب فاضرأبوا مشارأقا الرأض ومغارأبها واطلبوا السبب فوصل
127
جمع من أولئك الطالبين إلى تهامة فرأأوا رأسول ال صلى ال عليه وسلم في سوقا
عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلة الفجرأ "136.ا.هـ
وكما رأأينإا فالمام الفخرأ الرأازي يعرأض القوال في هذه المسألة ,وأول رأأي يذكرأه
هو رأأي ابن عباس ,الذي يقول أنإه لم يرأهم ,ولن نإتساءل :من أين أتى ابن عباس
بهذه المعلومات عن تسمع الجن؟! وإنإما سنإعلقا على نإقطة أخرأى فنإقول:
أول ما يلحظه المرأء هو أنإه يخلط بين الجن والشياطين ,فبعد أن كان الحديث عن
الجن في أول القول" :إن الجن كانإوا يقصدون السماء" أصبح الحديث عن
الشياطين " :وحيل بين الشياطين وبين خبرأ السماء وأرأسلت الشهب عليهم فرأجعوا
إلى إبليس"
وتبعا لهذه الرأواية فإن الجن هم الشياطين ,ويصبح الشياطين مخاطبين بالقرأآن,
وهكذا تكون الشياطين قد آمنإت بالقرأآن العزيز!
فإذا ترأكنإا هذه النإقطة وجدنإا أن هنإاك عجبا أكبرأ في هذه الرأواية ,وهو أنإه لم يكن
هنإاك شياطين في جزيرأة العرأب ,أو على القل في مكة وما يجاورأها! وحتى ل
يقول القارأئ :من أين أتينإا بهذا ,فالرأواية ل تقول هذا؟!
نإقول :كيفا خفي على الشياطين خبرأ ظهورأ النإبي؟! هل كانإوا في الجازة السنإوية
أو القرأنإية ,ولذلك لم يعلموا بظهورأ النإبي؟!!
إنإنإا نإدعو القارأئ الكرأيم للتفكرأ :كيفا حدث هذا؟ إذا كان لكل إنإسان شيطان –حتى
الرأسول نإفسه -كما جاء في الحديث الذي رأواه مسلم:
ت
"تعرن تعربصد الللصه ربصن تمرسيعودد تقاتل :تقاتل ترأيسويل الللصه تصللى الليه تعتلريصه توتسلتم تما صمرنإيكرم صمرن أتحدد
إصللا توتقرد يوسكتل صبصه تقصرأيينإيه صمرن ارلصجسن تقايلوا توإصلياتك تيا ترأيسوتل الللصه تقاتل توإصلياتي إصللا أتلن اللته
أتتعاتنإصنإي تعتلريصه تفتأرستلمت تفتلا تيرأيميرأصنإي إصللا صبتخريدرأ"137
128
"تقاتل تلتنإا ترأيسويل الللصه تصللى الليه تعتلريصه توتسلتم :تلا تصليجوا تعتلى ارليمصغيتباصت تفصإلن اللشريتطاتن
تيرجصرأي صمرن أتتحصديكرم تمرجترأى اللدصم .يقرلتنإا :توصمرنإتك تيا ترأيسوتل الللصه؟ تقاتل :توصمسنإي توتلصكلن اللته
أتتعاتنإصنإي تعتلريصه تفتأرستلمت"139
وبغض النإظرأ عن معنإى" :فأسلم" ,فالشاهد في الرأوايتين ,هو أن لكل واحد من
البشرأ شيطان ,فكيفا خفي خبرأ ظهورأ الرأسول عن الشياطين؟!!
كما نإستخرأج من هذه الرأوايات شاهدا آخرأ ,وهو أن الرأواة كانإوا يستعملون كلمة
"الجن" مكان الشياطين! فكما رأأينإا فإن بعض الرأوايات استعملت كلمة "الجن" مكان
كلمة "الشياطين/الشيطان" وهذا الذي سبب الشكال كله ,وجعل المسلمين يظنإون
أن الجن هم الشياطين!!
فإذا قبلنإا هذه الرأوايات التي تقول أن لكل إنإسان قرأينإه من الشياطين ,فيكون من
الواجب علينإا أن نإرأد الرأوايات التي تقول أن الجن لم تعلم بظهورأ الرأسول! ويكون
هذا أول مسألة غيرأ منإطقية في هذه الرأوايات!
ونإترأك هذه النإقطة ونإكمل تحليل ما ذكرأه المام الفخرأ الرأازي:
"فلما سمعوا القرأآن استمعوا له وقالوا :هذا وال هو الذي حال بينإكم وبين خبرأ
السماء فهنإاك رأجعوا إلى قومهم وقالوا يا قومنإا }إنإا سمعنإا قرأآنإا عجبا{ "140ا.هـ
وهذا ثانإي ما ينإاقض النإص القرأآنإي ,فلقد قال القرأآن أنإهم آمنإوا ونإزهوا ال عن
الصاحبة والولد ,ولم تذكرأ الرأواية هذه الجزئية لنإها تعنإي إيمان الشياطين!
والشيطان ل يؤمن! وبغض النإظرأ عن هذا كله ,فإن هذا يعنإي أن ملة الشياطين هي
المسيحية! أي أنإهم كانإوا يؤمنإون بدين بولس! وضع ما يحلو لك من علمات
التعجب!
129
ومن هذا المقطع الذي ذكرأه المام الرأازي تظهرأ لنإا خرأافة جديدة من خرأافات
العرأب ,وهي جن زوبعة ,وكما جاء في الرأواية "رأهط زوبعة"!
والزوبعة رأيح مشهورأة ,لذلك نإجد ابن منإظورأ يقول عنإد تعرأيفه لها في لسان
العرأب:
ح المعروفة ,واليزوابلتع الدواهي ,واليزسوبمتع واليزسومبعةت رأيح تدورأ في
"اليزسومبعلة الرري ل
صد وسجاها ا واحداا تحمل التغبارأ وترتفع لإلى السماء كمأنه عمود أتلخمذت من املرأض ل تمسق ل
التيمزسبع ,وصبيان املعراب يكنون اللعصارأ مأبا مزسومبعةم يقال فيه شيطان مارأد "142ا.هـ
فكما رأأينإا فالعرأب للما لم تستطع أن تجد تفسيرأا لحدوث هذه الزوبعة ,تلك الرأياح
التي تلتفا حول نإفسها ,ولنإها تحمل في داخلها غبارأا وما شابه ,فإنإها تأخذ شكل
عمود ,قالوا أن بداخل هذه الرأياح جنإا وأنإه هو المسبب لها!
وعلى الرأغم من أن عامة المسلمين ل يصدقون بهذه الخرأافة الن ,إل أنإهم ل
يرأفضون وجود جن زوبعة ....بدون زوبعة!!
ونإواصل منإاقشة ما ذكرأه المام الفخرأ الرأازي ,وسنإجد أنإه انإتقل لذكرأ الرأأي الثانإي
الذي يقول أن النإبي الكرأيم رأأى الجن ,فيقول:
"القول الثانإي :وهو مذهب ابن مسعود أنإه يأمرأ النإبي صلى ال عليه وسلم بالمسيرأ
إليهم ليقرأأ القرأآن عليهم ويدعوهم إلى السلم ،قال ابن مسعود :قال عليه الصلة
والسلم» :أمرأت أن أتلو القرأآن على الجن فمن يذهب معي؟ "143ا.هـ
وييفهم من هذه الرأواية أن الجن موجودة في مكان معينإة سيذهب إليها النإبي! ولنإا
أن نإتساءل :لماذا لم تأت الجن إلى النإبي في دارأه إذا كانإوا غيرأ مرأئيين؟! ول
يشغلون حيزا من الفرأاغ؟! ثم هل يكفي الجن أن يقرأأ الرأسول عليهم القرأآن مرأة
ليؤمنإوا؟! وما حال من لم يحضرأ هذه الليلة ومن ليس من جن العرأب أصل؟!
وهل يعد هؤلء الجن من الصحابة لنإهم رأأوا الرأسول؟!!
142جمال الديإن بن منظور ,لسان العرب ,تحقيق :عبد ا علي الكبير ,الجزء الثالث ,ص.1807.
143المرجع السابق ,ص.135.
130
"ثم مضى إلى الحجون فانإحدرأوا عليه أمثال الحجل كأنإهم رأجال الزط يقرأعون في
دفوفهم كما تقرأع النإسوة في دفوفها حتى غشوه ،فغاب عن بصرأي فقمت ،فأومأ
إلي بيده أن أجلس"،
)لن أقول :المفترأض أن الرأسول بعيد وأنإه ل يرأاه في الظلم ,ول أنإه كان ل يرأاه
لن الجن قد غشيته ,وإنإما أتساءل :كيفا يكون الرأسول قد غاب عن بصرأه ,ثم
يومأ إليه بيده ليجلس؟! فكيفا غاب عن بصرأه وعلى الرأغم من ذلك يرأى يده؟!(
"ثم تل القرأآن ،فلم يزل صوته يرأتفع ،ولصقوا بالرأض حتى صرأت أسمع صوتهم
ول أرأاهم.
وفي رأواية أخرأى فقالوا لرأسول ال صلى ال عليه وسلم :ما أنإت؟ قال :أنإا نإبي
ال ،قالوا :فمن يشهد لك على ذلك؟ قال :هذه الشجرأة ،تعالي يا شجرأة! فجاءت
تجرأ عرأوقها لها قعاقع حتى انإصبت بين يديه ،فقال :على ماذا تشهدين لي؟ قالت:
أشهد أنإك رأسول ال ،قال :اذهبي ،فرأجعت كما جاءت حتى صارأت كما كانإت.
قال ابن مسعود :فلما عاد إلي ،قال :أرأدت أن تأتينإي؟ قلت :نإعم يا رأسول ال قال:
ما كان ذلك لك ،هؤلء الجن أتوا يستمعون القرأآن ،ثم ولوا إلى قومهم منإذرأين،
فسألونإي الزاد فزودتهم العظم والبعرأ ،فل يستطيبن أحد بعظم ول بعرأ "144«.ا.هـ
ول بد أن نإتوقفا مع الجزء المتعلقا بالشجرأة في الرأواية ,لنإه يبطل الدين كليلة,
فهو يقول أن الرأسول ذهب ليعرأض على الجن الدين ,وبدلل من أن يقدم لهم القرأآن
ل على نإبوته ,قدم لهم "آية"! كما أعتقد ,فمن المفترأض أن الرأسول كان قد ذهب دلي ل
ليقرأأ عليهم القرأآن! فهل لم يكفا القرأآن فقدم لهم آية حسية؟!
ثم إن القرأآن كرأرأها أكثرأ من مرأة أنإه لن يقدم آية حسية لكي يؤمن النإاس ,فلماذا
قدمها للجن؟!!
فإذا ترأكنإا هذه النإقطة وجدنإا أن الرأواية تقول" :ثم ولوا إلى قومهم منإذرأين" ,والجن
لم يكونإوا قد ولوا إلى قومهم بعد! وعلى الرأغم من هذا فإنإنإا نإغض الطرأفا
ونإتساءل :هل كان ابن مسعود يسمعهم أما ل؟
فطبقا لما قال سابقا ,فمن المفترأض أنإه كان يسمعهم ويرأى الرأسول –على الرأغم
من أنإه كان بعيدا عنإه! -ولكن هنإا يفترأض أنإه لم يكن يسمع الرأسول فقص عليه
الرأسول ما حدث بينإه وبين الجن!
ومسألة الزاد هذه سنإعلقا عليها عنإد تنإاولنإا لرأوايات الجن البشرأ!
131
والعجب كل العجب أن المام الفخرأ الرأازي –والذي يبدو أنإه كان يشعرأ أن الرأوايات
غيرأ منإطقية ومتنإاقضة -قال:
"واعلم أنإه ل سبيل إلى تكذيب الرأوايات ،وطرأيقا التوفيقا بين مذهب ابن عباس،
ومذهب ابن مسعود من وجوه ،أحدها:
لعل ما ذكرأه ابن عباس وقع أولل ،فأوحى ال تعالى إليه بهذه السورأة ،ثم أمرأ
بالخرأوج إليهم بعد ذلك كما رأوى ابن مسعود.
وثانإيها :أن بتقديرأ أن تكون واقعة الجن مرأة واحدة ،إل أنإه عليه السلم أمرأ
بالذهاب إليهم ،وقرأاءة القرأآن عليهم ،إل أنإه عليه السلم ما عرأفا أنإهم ماذا قالوا،
وأي شيء فعلوا ،فال تعالى أوحى إليه أنإه كان كذا وقالوا كذا.
وثالثها :أن الواقعة كانإت مرأة واحدة ،وهو عليه السلم رأآهم وسمع كلمهم ،وهم
آمنإوا به ،ثم لما رأجعوا إلى قومهم قالوا لقومهم على سبيل الحكاية} :إنإا سمعنإا
قرأآنإا عجبا{ وكان كذا وكذا ،فأوحى ال إلى محمد صلى ال عليه وسلم ما قالوه
لقوامهم ،وإذا كانإت هذه الوجوه محتملة فل سبيل إلى التكذيب "145.ا.هـ
وكما رأأينإا فالمام الفخرأ الرأازي الذي يرأى أن الرأوايات متنإاقضة يلزم بقبولها
باحتمالت! والحتمالت التي ذكرأها ل تتفقا مع الرأواية أصل!
فإذا أخذنإا بالحتمال الول تكون رأواية ابن مسعود غيرأ ذات علقة بالية ,فلماذا
يتذكرأ عنإد تأويلها؟! وإذا أخذنإا بالحتمال الثانإي وجدنإا أنإه يخالفا رأواية ابن مسعود,
والذي كان يسمعهم ويرأاهم من بعيد ,فكيفا بالرأسول الذي بينإهم؟!
والحتمال الثالث هو القول الوحيد المقبول ,إل أنإه يشغب عليه كل التنإاقضات
الموجودة في رأواية ابن مسعود نإفسها ,بغض النإظرأ عن تعارأضها مع الرأواية
الوارأدة عن ابن عباس ,فمن ثم يجب الرأد والرأفض ل التكذيب!
وكما رأأينإا فالرأوايات التي ذكرأها المام الفخرأ الرأازي كتفسيرأ للية رأوايات
متنإاقضة تهدم نإفسها بنإفسها ,كما أنإها ل تتطابقا مع اليات ,ومن ثم فإنإها ل تصلح
كتأويل ليات الذكرأ الحكيم.
رأوايات جن البشرأ
بعد أن عرأضنإا لنإماذج من الرأوايات الوارأدة في كتب التفسيرأ بشأن سورأة الجن,
ورأأينإا أنإها مخالفة للنإص القرأآنإي وأنإها متنإاقضة في داخلها ,وأنإها اخيتلقت اختلقا
نإنإتقل إلى نإوع آخرأ من الرأوايات ,والذي يقول بأن الجن الذين أتوا الرأسول كانإوا
132
من البشرأ ,إل أن يد الرأواة –أو ألسنإتهم -تلعبت بالرأواية لتجعلها في ذلك
المخلوقا الغيرأ بشرأي ,ونإنإظرأ لنإبصرأ كيفا حدث هذا.
و تحلدتثصنإيصه تعصلبي ربين يحرجدرأ اللسرعصدبي تحلدتثتنإا إصرستماصعييل ربين إصربترأاصهيتم تعرن تدايوتد صبتهتذا ارلصإرستنإاصد
إصتلى تقروصلصه :توآتثاترأ صنإيترأاصنإصه رم.
تقاتل اللشرعصببي :توتستأيلويه اللزاتد توتكاينإوا صمرن صجسن ارلتجصزيترأصة إصتلى آصخصرأ ارلتحصديصث صمرن تقروصل اللشرعصبسي
س يمتفلصللا صمرن تحصديصث تعربصد الللصه و تحلدتثتنإاه أتيبو تبركصرأ ربين أتصبي تشريتبتة تحلدتثتنإا تعربيد الللصه ربين صإردصرأي ت
تعرن تدايوتد تعرن اللشرعصبسي تعرن تعرلتقتمتة تعرن تعربصد الللصه تعرن اللنإصبسي تصللى الليه تعتلريصه توتسلتم إصتلى
تقروصلصه :توآتثاترأ صنإيترأاصنإصهرم ,توتلرم تيرذيكررأ تما تبرعتديه "146.ا.هـ
أول ما يلحظه القارأئ في هذه الرأواية هو قول ابن مسعود أنإه لم يكن مع النإبي أحد
في ليلة الجن ,وهذا يبطل كل ما ذكرأه المام الفخرأ الرأازي سابقا عن ابن مسعود!
والنإاظرأ في الرأوايات يجد أن هنإاك من نإسب إلى ابن مسعود وهو في حياته أنإه كان
مع النإبي الكرأيم في تلك الليلة ,لذلك كان ييسأل هل كان مع النإبي فيها أم لم يكن.
ثانإي ملحوظة هو أن الرأسول أتاه داعي الجن فذهب معه ,أي أن الرأسول مشى مع
داعي الجن حتى ذهب إلى مكان الجن فقرأأ عليهم القرأآن!
ثالث ملحوظة هو أن لهؤلء الجن آثارأ وآثارأ نإيرأان ,أي أنإهم يمشون على الرأض
ويترأكون آثارأا ,كما أنإهم كانإوا يستعملون نإيرأان للتدفئة و للضاءة!
ومن ثم فيجب التساؤل :هل يحتاج الجن إلى نإادرأ للتدفئة أم البشرأ؟!
146مسلم النيسابوري ,صحيح مسلم ,تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي ,المجلد الول ,ص.332.
133
قد يبدو للقارأئ أن ما نإقول به ونإنإاقشه عديم النإفع ,فهؤلء الجن قد سألوا النإبي
الزاد فجعل لهم كذا وكذا ,فهل هذا طعارم للبشرأ؟!
فنإقول :هذه هي النإقطة الفاصلة ,فهذه الزيادة المتعلقة بالزاد "وسألوه الزاد ....
الخ الحديث" ليس من الثابت أنإها من قول الرأسول ,والرأاجح أنإها من قول الشعبي!
ولو كانإت من قول الرأسول لقال :وسألونإي الزاد ,وليس فسألوه الزاد!
لذلك نإجد أن المام مسلم قد رأوى الحديث نإفسه بالزيادة وبدونإها ,لترأدده في
نإسبتها إلى النإبي!
إن مسألة الزاد هذه قد قال بها شخص ما وكانإت معرأوفة لدى الرأواة ,فلما رأوى
بعضهم هذا الحديث عن النإبي الكرأيم ,زاد إليها الشعبي هذه المعلومة من عنإده,
فالتبس المرأ على من أتى بعده فظنإها من قول ابن مسعود!
إل أن أغلب أئمة الحديث كانإوا يعلمون أن هذه الزيادة من قول الشعبي نإفسه! فنإجد
المام الترأمذي يرأوي هذه الرأواية بالشكل التالي:
"تعرن اللشرعصبسي تعرن تعرلتقتمتة تقاتل :يقرليت صلاربصن تمرسيعودد ترأصضتي الليه تعرنإيه:
تهرل تصصحتب اللنإصبلي تصللى الليه تعتلريصه توتسلتم تلريتلتة ارلصجسن صمرنإيكرم أتتحرد؟ تقاتل :تما تصصحتبيه صملنإا أتتحرد
توتلصكرن تقرد ارفتتقردتنإايه تذاتت تلريتلدة تويهتو صبتملكتة تفيقرلتنإا ارغصتيتل أترو ارسيتصطيترأ تما يفصعتل صبصه ,تفصبرتتنإا صبتشسرأ
تلريتلدة تباتت صبتها تقرورم تحلتى إصتذا أترصتبرحتنإا أترو تكاتن صفي تورجصه البصربصح إصتذا تنإرحين صبصه تيصجييء صمرن صقتبصل
صحترأاتء تقاتل تفتذتكيرأوا تليه اللصذي تكاينإوا صفيصه ,تفتقاتل :أتتتاصنإي تداصعي ارلصجنس تفتأترييتيهرم تفتقترأرأيت تعتلريصهرم
تفارنإتطتلتقا تفتأترأاتنإا آتثاترأيهرم توآتثاترأ صنإيترأاصنإصهرم.
تقاتل اللشرعصببي :توتستأيلويه اللزاتد توتكاينإوا صمرن صجسن ارلتجصزيترأصة تفتقاتل يكبل تعرظدم يرذتكيرأ ارسيم الللصه
تعتلريصه تيتقيع صفي أتريصدييكرم أتروتفترأ تما تكاتن تلرحلما تويكبل تبرعترأدة أترو ترأروتثدة تعتلرفا صلتدتواسبيكرم تفتقاتل ترأيسويل
الللصه تصللى الليه تعتلريصه توتسلتم تفتلا ترسترنإيجوا صبصهتما تفصإلنإيهتما تزايد إصرختواصنإيكرم ارلصجسن "147.ا.هـ
وكما رأأينإا فالمام الترأمذي جزم بأن الزيادة للشعبي ولم ينإسبها إلى الرأسول!
فإذا نإظرأنإا في مسنإد أحمد ألفينإاه يصرأح بأن الزيادة كذلك للشعبي:
"تحلدتثتنإا تدايويد تعصن اللشرعصبسي تعرن تعرلتقتمتة تقاتل:
يقرليت صلاربصن تمرسيعودد :تهرل تصصحتب ترأيسوتل الللصه تصللى الليه تعتلريصه توتسلتم تلريتلتة ارلصجسن صمرنإيكرم أتتحرد؟
) (.......تقاتل توتقاتل اللشرعصببي :تستأيلويه اللزاتد تقاتل اربين أتصبي تزاصئتدتة تقاتل تعاصمررأ :تفتستأيلويه
تلريتل ت صئدذ اللزاتد توتكاينإوا صمرن صجسن ارلتجصزيترأصة تفتقاتل يكبل تعرظدم يذصكترأ ارسيم الللصه تعتلريصه تيتقيع صفي أتريصدييكرم
أتروتفترأ تما تكاتن تعتلريصه تلرحلما تويكبل تبرعترأدة أترو ترأروتثدة تعتلرفا صلتدتواسبيكرم تفتلا ترسترنإيجوا صبصهتما تفصإلنإيهتما
تزايد إصرختواصنإيكرم صمرن ارلصجسن "148.ا.هـ
134
فإذا نإظرأنإا في السنإن الكبرأى للبيهقي وجدنإاه يقول:
رأواه مسلم في الصحيح عن محمد بن المثنإى هكذا ,ورأواه عن على بن حجرأ عن
إسماعيل بن إبرأاهيم عن داود بن أبي هنإد بهذا الإسنإاد إلى قوله :وآثارأ نإيرأانإهم.
قال الشعبى :وسألوه الزاد وكانإوا من جن الجزيرأة إلى آخرأ الحديث من قول الشعبي
مفصل من حديث عبد ال )(.......
ثم قال :قال داود :ول أدرأى في حديث علقمة أو في حديث عامرأ أنإهم سألوا رأسول
ال صلى ال عليه وسلم تلك الليلة الزاد ,فذكرأه )أخبرأنإاه( أبو الحسن المقرأي انإا
الحسن بن محمد بن إسحاقا نإا يوسفا بن يعقوب نإا محمد بن أبي بكرأ نإا محمد بن
أبي عدى عن داود فذكرأه ورأواه جماعة عن داود مدرأجا في الحديث من غيرأ
شك "149.ا.هـ
وكما رأأينإا فالمام البيهقي قد انإتبه هو كذلك إلى هذه الزيادة!
فإذا نإظرأنإا في السنإن الكبرأى للنإسائي ,وجدنإاه يرأوي الرأواية عن ابن مسعود,
بدون الزيادة التي ذكرأها الشعبي:
عن عامرأ عن علقمة قال :قلنإا لعبد ال :هل صحب النإبي صلى ال عليه وسلم منإكم
أحد ليلة الجن؟ قال :لم يصحبه منإا أحد ,إل أنإا بتنإا بشرأ ليلة بات بها قوم إنإا
افتقدنإاه فقلنإا استطيرأ أو اغتيل فتفرأقنإا في الشعاب والأودية نإطلبه فلقيته مقبل من
نإحو حرأاء ,فقلت :بأبي وأمي بتنإا بشرأ ليلة بات بها قوم .فقال :إنإه أتانإي داعي
الجن فأجبتهم أقرأئهم القرأآن .وأرأانإي آثارأهم وآثارأ نإيرأانإهم "150.ا.هـ
فإذا نإظرأنإا في مستخرأج أبي عوانإة وجدنإاه ل يعرأفا إذا كانإت هذه الزيادة من قول
ابن مسعود أم من قول الشعبي ,فيقول:
قال» :إنإه أتانإي داعي الجن لقرأئهم القرأآن« فانإطلقا بنإا فأرأانإا آثارأهم وآثارأ
نإيرأانإهم ،قال :فقال الشعبي :سألوه الزاد ،قال :فقال» :كل عظم يقع في أيديكم لم
يذكرأ اسم ال عليه أوفرأ ما كان لحما ،والبعرأ علفا لدوابكم« قال :فقال» :ل
تستنإجوا بالعظام ول بالبعرأ فإنإه زاد إخوانإكم من الجن« قال داود :فل أدرأي هذا في
الحديث أو شيء قاله الشعبي؟!! "151ا.هـ
وبغض النإظرأ عن الزيادة ,فإن الرأواية تقول أنإه كان لهؤلء الجن كذلك دواب!
ولست أدرأي ما حاجة كائن يصعد السماء إلى دابة؟!
وكذلك نإجد أن المام الدارأقطنإي يرأجح في سنإنإه الرأواية التي تقول أنإه لم يشهد أحد
مع النإبي ليلة الجن ,وكذلك فإن المام ابن حبان ل يذكرأ في صحيحه الزيادة
المتعلقة بالزاد ,فيرأوي الرأواية بدونإها!
149أحمد بن الحسين البيهقي ,سنن البيهقي الكبرى ,تحقيق :محمد عبد القادر عطا ,المجلد الول ,ص.109.
150أحمد بن شعيب النسائاي ,سنن النسائاي الكبرى ,تحقيق :عبد الغفار سليمان البنداري ,الجزء السادس ,ص.499.
151أبو عوانة السفرائاني ,مسند أبي عوانة ,الجزء الثاني ,ص.450.
135
فكما رأأينإا من أكثرأ كتب الحديث فإن أصحابها كانإوا يرأجحون أن الزيادة لم تكن من
قول ابن مسعود عن النإبي وإنإما من قول الشعبي ,والذي لم يخبرأ من أين أتى بها,
وإنإما أضافها إلى الرأواية من عنإد نإفسه!!
فإذا ترأكنإا مسألة الزيادة والتفتنإا إلى النإص نإفسه وجدنإاه يقول بما نإقول به ,فهؤلء
الجن يرأسلون داعيا إلى النإبي فيخرأج ليقابلهم في مكان خارأج مكة ,فهذا مرأجح أن
هؤلء أنإاس أتوا متخفين إلى النإبي الكرأيم ليسمعوا القرأآن ,وللحصارأ المفرأوض
على النإبي أو بسبب المضايقات لم يدخلوا مكة وإنإما ظلوا بخارأجها وخرأج لهم
النإبي فقرأأ عليهم القرأآن فآمنإوا!
ولو كانإوا جنإا/عفارأيت لما احتاج النإبي إلى الخرأوج إليهم ,ولتوا النإبي في بيته ل
يرأاهم أحد!
ثم إن هؤلء الجن/البشرأ لهم آثارأ وآثارأ نإيرأان ,فهذا يعنإي أنإهم يسيرأون على
الرأض ويوقدون نإارأا للتدفئة والضاءة ,ولو كانإوا جنإا كما يتصورأ النإاس لطارأوا
في الهواء ولما احتاجوا إلى تدفئة ,فكيفا يؤثرأ فيهم الرأيح والبرأد أصل؟!
ثم ما العلقة بين أن يرأي النإبي أصحابه آثارأ النإيرأان وأن يسألوه الزاد؟
فبعد أن أرأى النإبي ابن مسعود نإيرأانإهم ,كان من المفترأض أن يسأله كيفا هم هؤلء
الجن ,كيفا يبدون؟ إن العجب كل العجب أن يعرأفا الصحابة أن الرأسول قد التقي
جنإا –كائنإا غيرأ بشرأي -فل يسألونإه عن شكلهم ول أحوالهم ,وإنإما يسكت
الصحابة ول يهتم النإبي إل بأن يخبرأهم أنإهم سألوه الزاد!
إن الواضح من الرأواية أن النإبي الكرأيم والصحابة لم يرأوا في ليلة الجن حادثا
خارأقا ,وإنإما مقابلة لوفد من الوفود أتى متخفيا ,وفي هذا الوفد نإصرأة للسلم
ليس أكثرأ ول أقل ,ولهذا لم يسأل الصحابة عن أي شيء ,ولهذا أرأاهم النإبي الثارأ
ليطمئنإهم ,وليعلموا أنإه قد انإضم إليهم عدد من المسلمين الجدد!
والعجيب أن القول بالزاد )بغض النإظرأ عن نإوعه( مصدقا لنإا فيما نإقول ,فإن هذا
يعنإي أنإهم بشرأ يسيرأون على الرأض ,يرأتحلون بدواب ,ويحتاجون إلى زاد في
رأحلتهم ,لذلك سألوا النإبي الزاد! أما أن يكونإوا جنإا يطيرأ في الهواء بسرأعة هائلة
فلماذا الحتياج إلى الزاد ,إذا كان سيصل إلى موطنإه في ثوان معدودة؟!
وكما رأأينإا فهذه الرأواية جزء منإها سليم يتحدث عن أنإاس من خارأج مكة وجوارأها
أتوا للنإبي متخفين )جنإا( فآمنإوا ثم انإصرأفوا- ,وهذه الواقعة غيرأ الواقعة التي
نإزلت فيها سورأة الجن ,لن الخرأين لم يعلم بهم النإبي-
فللما تنإوقلت الرأواية ظنإها بعض الرأواة تتحدث عن كائنإات غيرأ بشرأية فأضافا إليها
ما كان يسمعه من النإاس! وهكذا يصبغت الرأواية كلها بصبغة خرأافية ,فرأفضها
136
فرأيرقا لمخالفتها العقل والمنإطقا ,وقبلها فرأيقا آخرأ بفهمها المعوج على الرأغم مما
فيها!
أما نإحن فأخذنإا الثابت عن النإبي ورأفضنإا الزيادة وفهمنإاها فهما يلغي أي تنإاقض أو
تعارأض فيها ,بعيدا عن الفهام العجمية للسان العرأبي!
فكما رأأينإا في الرأواية ,فلقد استعملت "إنإسكم وجنإكم" في مخاطبة العباد –البشرأ-
فيكون هذا تأكيدا لقولنإا بتقسيم البشرأ إلى إنإس وجن.
وحتى ل يقول قائل أن الخطاب في الرأواية للجنإسين البشرأ والجان ,نإلفت النإتباه
إلى أنإه قيل "فأعطيت كل إنإسان" ولم تقل :فأعطيت كل واحد ,فهذا دليرل على أن
النإس والجن تابعان لجنإس واحد وهو البشرأ/النإسان.
والرأوايات التي يجعلت في الجن على الرأغم من أنإها كانإت تتكلم عن بشرأ! ل تقتصرأ
على ما ذكرأنإا ,فهنإاك غيرأها ,من ذلك ما رأواه المام البخارأي:
ط يمتقوتل إلدني ملمظتسنهت مكمذا إليل مكامن شسيدء قم س ت تعمممر لل م سلمسع ت ال سبلن تعمممر مقامل :مما م "معسن معسبلد ي
ظدني أمسو إلين مهمذا طأ م مس إلسذ ممير بلله مرأتجاعل مجالميعل فممقامل :لمقمسد أمسخ م مكمما يمظتسن .بمسينممما تعممتر مجاالل ع
معملَّى لدينلله لفي اسلمجالهلَّلييلة أمسو لمقمسد مكامن مكالهنمتهسم ,معلَّميي اليرتجامل .فمتدلعمي لمهت فممقامل لمهت مذللمك ,فممقامل:
ستتسقبلمل بلله مرأتجاعل تم س
سلَّلعم. مما مرأأمسي ت
ت مكاسليمسولم ا س
ت مكالهنمتهسم لفي اسلمجالهلَّلييلة. مقامل فمإ لدني أمسعلزتم معلَّمسيمك إليل مما أمسخبمسرتملني ,مقامل :تكسن ت
ب مما مجاامءستمك بلله لجاندييتتمك؟ مقامل :فممما أمسعمج ت
152مسلم النيسابوري ,صحيح مسلم ,تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي ,الجزء الرابع ,ص.1994.
137
ف لفيمها اسلفممزمع ,فممقالمست :أملمسم تممر اسللجينقا مجاامءستلني أمسعلر ت سو ل مقامل :بمسينممما أممنا يمسواما لفي ال س
سمها.ص موأمسحمل ل سمها مولتتحوقممها لباسلقلمل ل سمها لمسن بمسعلد إلسنمكا ل سمها مويمأس م موإلسبمل م
قا بمسينممما أممنا منائلعم لعسنمد آللمهتللهسم إلسذ مجاامء مرأتجاعل بللعسجدل فممذبممحهت فم م
صمرمخأ بلله صمد ممقامل تعممتر :م
صسواتا لمسنهت يمتقوتل :ميا مجاللَّيسح أمسمعر نملجيسح مرأتجاعل فم ل
صيسح شيد م ط أم م
صالرأاخا قم س سممسع م صالرأعخأ لمسم أم س
م
153
ات " ..... ,ا.هـ يمتقوتل مل إللمهم إليل ي
فكما رأأينا فالبخارأي ذكر أن عمر سأل الكاهن عن أعجب ما جااءت به جانيته! وهذا
يصدقا التصورأ الجاهلَّي ,بينما نجد في دلئل البيهقي أن الحديث عن إنسان بشر,
وليس جاناا تابعا للَّكاهن:
عن ابن عمر قال » :بينما عمر رأضي ا عنه جاالس إذ رأأى رأجال فقال :قد كنت
مرة ذا فراسة ،وليس لي رأأي إن لم يكن قد كان هذا الرجال ينظر ،ويقول في
الكهانة ،ادعوه لي ,فدعوه ،فقال عمر :من أين قدمت؟ قال :من الشام.
قال :فأين تريد؟ قال :أرأدت هذا البيت ،ولم أكن أخرج حتى آتيك ،فقال عمر :أل
تخبرني عن شيء أسألك عنه؟ قال :بلَّى .قال :هل كنت تنظر في الكهانة شيئا؟
قال :نعم ،قال :فأخبرني عن بعض ما رأأيت.
قال :إني ذات ليلَّة بواد إذ سمعت صائحا يقول :يا جالَّيح ،خبر نجيح ،رأجال يصيح،
يقول :ل إله إل ا للَّجن وإياسها ،والنس وإبلسها والخيل وأحلسها.
فقلَّت :من هذا ،إن هذا لخبر يئست منه الجن ،وأبلَّست منه النس ،وأعملَّت فيه
الخيل ،فما حال الحول حتى بعث رأسول ا صلَّى ا علَّيه وسلَّم «154ا.هـ
وكما رأأينإا فالرأواية كانإت تتحدث عن بشرأ يصيح ,صوت لم ييعلم قائله ,لذلك جعله
الرأواة عنإد البخارأي جنإا ,لنإه إن لم ييعلم القائل فهو ل محالة جن!!
ول يقتصرأ المرأ على هذا ,وإنإما وجدنإا رأوايات يتشد شدا إلى الجن ,منإها ما رأواه
المام البخارأي في صحيحه:
سا يمتقوتل: ت أمنم ا
سلمسع تب مقامل :م صمهسي د" .....معسن معسبلد اسلمعلزيلز سبلن ت
سلَّيمم إلمذا مدمخمل اسلمخملمء مقامل :اللَّيتهيم إلدني أمتعوتذ بلمك لمسن صيلَّى ي
ات معلَّمسيله مو م مكامن النيبلسي م
سلعيتد سبتن مزسيدد محيدثممنا معسبتد اسلمعلزيلز إلمذا أممرأامد أمسن يمسدتخمل
ث (....) .مومقامل م ث مواسلمخمبائل لاسلتخبت ل
ضلع اسلممالء لعسنمد اسلمخمللء " ا.هـ
155
مباب مو س
فقالوا في تفسيرأ! هذا الحديث أن المرأاد من الخبث ذكورأ الجن والخبائث إنإاث
الجن! ولست أدرأي لماذا لم يقل الرأسول :أعوذ بك من الخبيثين والخبيثات؟!
إن الذين يقرأءون مثل هذا الحديث ينإسون أن الرأسول –ومن معه -كانإوا يذهبون
لقضاء حاجتهم في الصحرأاء ,فلم تكن هنإاك "مرأاحيض" في البيوت ,ومن ثم فإن
احتمالية وقوع الذى والضرأ من الثعابين والحيات والعقارأب والحشرأات الضارأة,
153محمد بن إسماعيل البخاري ,صحيح البخاري ,تحقيق :محمد زهير بن ناصر الناصر ,الجزء الخامس ,ص.48.
154أبو بكر أحمد البيهقي ,دلئال النبوة ,تحقيق :عبد المعطي قلعجي ,الجزء الثاني ,ص.246.245.
155محمد بن إسماعيل البخاري ,صحيح البخاري ,تحقيق :محمد زهير بن ناصر الناصر ,المجلد الول ,ص.41.
138
في تلك الحالة التي ل يستطيع النإسان الدفاع فيها عن نإفسه جيدا ,تكون عالية,
لذلك كان النإبي يستعيذ بال من تلك الدواب الضارأة!
وبعد أن رأأينإا من الرأواية أنإها تتحدث عن بشرأ متخفين –وليس كائنإا غيرأ النإسان-
نإقول أن باقي الرأوايات التي ورأد فيها ذكرأ عفارأيت أو جن مكلفا فهي بين رأوايات
ضعيفة –بحكم أهل الحديث أنإفسهم ,ونإحن نإجزم بوضعها! -وبين محمولة على أن
المرأاد منإها المعنإى اللغوي وأرأيد بها النإسان.
وكما رأأينإا فليس المقصود من الشيطان في هذا الحديث إبليس أو أحد أعوانإه,
وإنإما هو النإعت والسمة والمسلك ,أي أن من يفعل هذا يكون حاله أنإه شيطان! ل
أنإه يخرأج من جنإسه البشرأي!
فهذه الرأواية وأمثالها أسيء فهمها ,وكانإت سببا في أن الرأواة نإقلوا الرأوايات
الخرأى بغيرأ ألفاظها ,ظانإين أنإه ل فارأقا بين المعنإيين ,فجعلوها في ذلك الكائن
الخرأافي ,ثم استيخدمت كدليل على ما يقولون به فيما بعد.
139
لذا نإتوقفا مع هذه الرأوايات لنإبين أنإها من خرأافات العرأب ,وينإسبت زوا وبهتانإا إلى
الرأسول الكرأيم!
النإاظرأ في الخرأافات المنإقولة عن عرأب الجاهلية يجد أن الحية احتلت فيها منإزلة
عظيمة ,فهي أكثرأ الحيوانإات ذكرأا في قصص الجن ,وارأتبطت ارأتباطا وثيقا بالجن,
بل إنإها اعتبرأت نإوعا من الجن!
وليست هذه النإقطة مما تفرأد به العرأب وإنإما وجدنإاها في جل الحضارأات المشرأكة,
فنإجد أنإها غالبا ما أللهت الحية وعبدتها ,وهي نإقطة تدفعنإا للتساؤل:
لماذا احتلت الحية تحديدا عنإد شعوب الرأض هذه المنإزلة العظيمة ,التي يكادون
يجمعون عليها ,بخلفا باقي الحيوانإات؟!
وبغض النظر عن هذه فقد خاف العرب الجاهلَّيون من الحية بشكل كبير ,حتى أنهم
كانوا يتجنبون قتلَّها خوفاا من أن تكون من الجن فيثأرأ الجن لها!
ويعرض العلمة جاواد علَّي لمنزلة الحية عند العرب ,فيقول:
"ولم تنفرد مخيلَّة الجاهلَّيين وحدها باختراع أسطورأة أن الحيات هي من الجن،
وأنها جانس منها ،فان غير العرب من الساميين مثل العبرانيين كانوا يقولون أيضا ا
بهذا القول .وكذلك قال بهذه السطورأة غيرت الساميين ،مما يدل علَّى أنه من
الساطير القديمة جاداا التي انتشرت عند البشر ،بسبب ما قاسوه -في أيام بداوتهم-
من هذا الحيوان .ونجد قصة الحية في سفر التكوين ,وهي في هذا السفر أشد
الحيوانات حيلَّة ،فهي التي خدعت حواء خدعتها الشهيرة ،وسببت طردها وطرد
زوجاها آدم من الجنة إلى الرأض.
ولعقيدتهم هذه في "الحية" ،كانوا إذا وجادوا حية ميتة ,كفنوها ودفنوها.
فعلَّوا ذلك في السلم أيضا ا ,جااء أنه بينما كان )عمر بن عبد العزيز( يمشي في
أرأض فلة ،فإذا حية ميتة ,فكفنها بفضلَّة من رأدائه ودفنها.
وورأد أنه كان جامع من أصحاب رأسول ا يمشون فرفع لهم إعصارأ ،ثم جااء
إعصارأ أعظم منه ،ثم انقشع ،فإذا حية قتيل ،فعمد رأجال منا إلى رأدائه وكرفن الحية
ببعضه ودفنها.
فلَّما جارن اللَّيل إذا امرأتان تتساءلن :أيكم دفن عمرو بن جاابر؟ فقلَّنا :ما ندرأي ما
عمرو بن جاابر .فقالتا :إن كنتم ابرتغيتم الجار ،فقد وجادتموه ,إن فسقة الجن اقتتلَّوا
مع المؤمنين منهم .فقتتل عمرو ،وهو الحية التي رأأيتم.
وفي الحديث :انه نهى عن قتل الجنان .هي الحيات التي تكون في البيوت ،واحدها
جاان،وهو الدقيق الخفيف .والجان الشيطان أيضاا ،وورأد فمي الحديث :ذكر الحيات،
فقال :من خشي خبثهن وشرهن وإرأبهن ،فلَّيس منا .أي من توقى قتلَّهن خشية
140
شررهن فلَّيس ذلك من سنتنا .وكانت الجاهلَّية تقول أنها تؤذي قاتلَّها أو تصيبه
بخبل ".157ا.هـ
وكما رأأينإا فإن العرأب كانإت تعتقد أن الحية من الجن ,ولرأبما لعبت التورأاة دورأا
رأئيسا في هذا ,وعلى الرأغم من ورأود الحديث الذي يرأد على خرأافات الجاهلية
والذي يحث على عدم الستسلم للخرأافات التي تخوفا من الحية ,مثل الذي ذكرأه
الدكتورأ جواد في معرأض حديثه ,ومثل الذي رأواه أبو داود في سنإنإه:
سلَّيمم :اسقتتتلَّوا اسلمحييا ل
ت تكلَّيتهين صيلَّى ي
ات معلَّمسيله مو م ال م ستعودد مقامل :مقامل مرأ ت
سوتل ي "معسن اسبلن مم س
س لمدني " .ا.هـ
158
ف ثمأسمرأتهين فملَّمسي م
فمممسن مخا م
والذي يبين أن الحية ليست من الجن ,وأنإها ل تثأرأ من قاتلها بعد موتها! على
الرأغم من ذلك فإن الخرأافة قد انإتشرأت وثبتت بفضل رأوايات أخرأى كثيرأة أكدت
المعنإى الموجود عنإد الجاهليين.
فنإجد مث ل
ل أن المام الطبرأانإي يرأوي رأواية تقول صرأاحة أن الحيات صنإفا من
الجن!!
" عن أبي ثعلَّبة الخشني أن رأسول ا صلَّى ا علَّيه و سلَّم قال:
الجن على ثلثة أصنإافا :صنإرفا لهم أجنإحة يطيرأون في الهواء ,وصنإفار
حيات وصنإفار يحلون ويظعنإون "159ا.هـ
ولم يقتصر المر علَّى الخبارأ بأن الحيات من الجن ,وإنما تعداه إلى النهي عن
قتلَّها إل بعد إعلمها بذلك ,فنجد المام مسلَّم يروي ما نصه:
ي لفي بمسيتلله سلعيدد اسلتخسدلرأ د شالم سبلن تزسهمرةم أمنيهت مدمخمل معملَّى أملبي م ب ممسوملى له م سائل ل "عن ال ي
ت تمسحلرياكا لفي سلمسع ت صملتمهت ,فم م ضمي م ت أمسنتملظترهت محيتى يمسق ل س ت صدلَّي فممجلَّم س مقامل :فممومجاسدتتهت يت م
س, شامرأ إللميي أمسن اسجالَّل س
ت للمسقتتلَّممها ,فمأ م مت مفاسلتمفمست فمإ لمذا محييةع فمموثمسب ت معمرالجايمن لفي منالحيملة اسلبمسي ل
ت لفي اليدالرأ فممقامل: شامرأ إلملى بمسي د ف أم م صمر م ت فملَّميما اسن مس تفممجلَّم س
س ,مقامل :فممخمرسجامنا ث معسهدد بلتعسر د ت :نممعسم .مقامل :مكامن لفيله فماتى لمينا محلدي ت ت؟ فمقتسلَّ ت أمتممرى مهمذا اسلبمسي م
ال سومل ي ستمأسلذتن مرأ ت
قا ,فممكامن مذللمك اسلفممتى يم س سلَّيمم إلملى اسلمخسنمد لات معلَّمسيله مو م صيلَّى ي ال م سولل ي مممع مرأ ت
ستمأسمذنمهت يمسواما فممقامل لمهتف النيمهالرأ فميمسرلجاتع إلملى أمسهلَّلله ,مفا س صا ل سلَّيمم بلأ مسن م ات معلَّمسيله مو م صيلَّى ي م
شى معلَّمسيمك قتمرسيظمةم ,فمأ ممخمذ سملمحمك فمإ لدني أمسخ م سلَّيمم :تخسذ معلَّمسيمك ل ات معلَّمسيله مو م صيلَّى ي ال م سوتل ي مرأ ت
س م م م
سملمحهت ثتيم مرأمجامع فمإ لذا اسممرأتتهت بمسيمن اسلمبابمسيلن مقائلممةا فمأسهموى إللمسيمها السرسممح لليمطتعنممها بلله اليرتجاتل ل
صابمستهت مغسيمرةع. موأم م
ت محيتى تمسنظتمر مما اليلذي أمسخمرمجالني .فممدمخمل فمإ لمذا فممقالمست لمهت :اسكفت س
ف معلَّمسيمك ترأسممحمك مواسدتخسل اسلبمسي م
ح مفاسنتمظممممها بلله ,ثتيم مخمرمجش فمأ مسهموى إللمسيمها لبالسرسم ل بلمحييدة معلظيممدة تمسنطملويمدة معملَّى اسلفلمرا ل
سمرمع ممسواتا اسلمحييةت أمسم اسلفممتى.طمربمست معلَّمسيله ,فممما يتسدمرأى أمسيتهمما مكامن أم س فممرمكمزهت لفي اليدالرأ مفا س
ض م
157جواد علي ,المفصل في تاريإخ العرب قبل السلما ,ص.727-726.
158سليمان ابن الشعث ,سنن أبي داود ,تحقيق :محمد محيي الديإن عبد الحميد ,الجزء الثاني ,ص.785.
159سليمان الطبراني ,مسند الشاميين ,تحقيق :حمدي بن عبد المجيد السلفي ,الجزء الثالث ,ص.141.
141
ام يتسحلييله ع ي سلَّيمم فممذمكسرمنا مذللمك لمهت ,موقتسلَّمنا :اسد ت صيلَّى ي
ات معلَّمسيله مو م ال م سولل ي مقامل فملجسئمنا إلملى مرأ ت
صالحبلتكسم ثتيم مقامل :إلين لباسلمملدينملة لجا رانا قمسد أم س
سلَّمتموا فمإ لمذا مرأأمسيتتسم لمسنتهسم ستمسغفلتروا لل م لممنا ,فممقامل :ا س
طاعن "160.ا.هـ شسيائا مفآلذتنوهت ثمملثمةم أمييادم ,فمإ لسن بممدا لمتكسم بمسعمد مذللمك مفاسقتتتلَّوهت فمإ لنيمما تهمو م
شسي م م
فكما رأأينا فهذه الرواية تقول أن علَّينا أن نطلَّب إلى الحية النصراف ونتركها ثلثة
أيام ,لنه رأبما تكون جاناا! فإن لم تفعل علَّمنا أنها شيطان فيحل لنا قتلَّها! ولست
أدرأي لماذا يظل الجن أو الشيطان الحمق علَّى هيئة ,تمكن من قتلَّه؟ لست أدرأي
لماذا ل يختفي ويحمي نفسه ويريحنا؟!
إن هذه الرواية المخالفة للَّعقل والعلَّم والقرآن ما هي إل من آثارأ الجاهلَّية ,كما أنها
مخالفة لروايات أخرى عن الرسول الكريم تأمر بقتل الحيوانات الضارأة مثل
الحيات ,مثل ما رأواه البخارأي:
ات معسنتهمما: ضمي ي ساللدم معسن اسبلن تعمممر مرأ ل "معسن م
ت مواسقتتتلَّواب معملَّى اسللمسنبملر يمتقوتل :اسقتتتلَّوا اسلمحييا ل سلَّيمم يمسخطت ت ات معلَّمسيله مو مصيلَّى ي سلممع النيبليي م أمينه م
طالن اسلمحبممل.سق ل م
ستم س
صمر مويم س سالن اسلبم م طسفيمتمسيلن مواسلمسبتممر فمإ لنيتهمما يمسطلم م
مذا ال س
طالرأتد محييةا للمسقتتلَّممها فممنامدالني أمتبو لتمبابمةم :مل تمسقتتسلَّمها ,فمقتسلَّ ت
ت :إلين ال :فمبمسيمنا أممنا أت م
مقامل معسبتد ي
ت .مقامل إلنيهت نممهى بمسعمد مذللمك معسن مذموا ل
ت سلَّيمم قمسد أممممر بلقمستلل اسلمحييا ل
ات معلَّمسيله مو مصيلَّى ي ال م سومل ي مرأ ت
ت ,مولهمي اسلمعموالمتر " ا.هـ
161
اسلبتتيو ل
وعلَّى الرغم من أن المر الول كان أمراا عاماا ,خوطب به المسلَّمون علَّى المنبر,
والخر عرف به بعضهم وغاب عن كثيدر منهم ,مثل ابن عمر وعائشة وأبو هريرة,
فيمكن القول أنه كان إشارأة إلى أن القتل هو للَّضارأ وليس لكون الحية حية ,فإذا
كانت ل تضر فل حاجاة لقتلَّها ,فلَّم تيخرج المسلَّمون ليبيدوا أيا ا من أصناف الدواب!
ونلحظ أن بعض الرواة أضاف من عند نفسه "وهي العوامر" ,كتوضيح للَّكلَّمة
وظنا ا بأن النهي متعلَّق بالجن!!
160مسلم النيسابوري ,صحيح مسلم ,تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي ,الجزء الرابع ,ص.1756.
161محمد بن إسماعيل البخاري ,صحيح البخاري ,تحقيق :محمد زهير بن ناصر الناصر ,الجزء الرابع ,ص.128-127.
142
ض اسلتجسحلر فملَّمسم نملجسدمها ,فممقامل سمعفمدة فمأ ت س
ضلرمم لفيمها مناارأا موأممخسذمنا تعوادا فمقملَّمسعمنا معسنمها بمسع م بل م
162
شيرمها " .ا.هـ شيرتكسم مكمما مومقاتكسم مات م سلَّيمم :مدتعومها مومقامها ي صيلَّى ي
ات معلَّمسيله مو م ال م سوتل ي مرأ ت
فكما رأأينا فالرسول عندما سمع حس الحية أمر بقتلَّها ,ولم يسألها الرحيل! وعندما
هربت أمرهم بتركها! وإذا كان هذا قد حدث في حجة الوداع ,قبل موت الرسول
الكريم بأشهر معدودات ,فهذا يشير إلى أن الروايات الوارأدة في النهي هي مما تدس
وأضيف بعد وفاة الرسول الكريم.
ومن خرافات الجاهلَّية التي تسلَّلَّت إلى الحديث ,وتنسبت إلى الرسول ,القول بأن
الجن هو الذي يسبب الطاعون.
فإذا نظرنا في "الحيوان" وجادنا الجاحظ يقول:
"زعم العرأب أن الطاعون طعن من الشيطان قال :والعرأب تزعم أن الطاعون
طعرن من الشيطان ،ويسبمون اللطاعون رأماح الجلن ،قال السدبي للحارأث الملك
الغلسانإي:
ي
تلتعرمرأتك ما تخشييت على أبري ...صرأماتح بنإي يمقسيدة الحماصرأ
ولكنإي تخشيت على يأبري ...صرأماصح الجسن أو إياتك حاصرأ
يقول :لم أكن أخافا على يأبلي مع منإعته وصرأامته ،أن يقتله النإذال ،ومن يرأتبط
العيرأ دوتن التفرأس ،ولكنإي إنإما كنإت أخافك عليه ،فتكوين أنإت الذي تطتعنإه أو
يطتعنإه طاعوين اللشام.
وكما رأأينا فالقول بأن الطاعون من طعن الشيطان معروف عند الجاهلَّيين ,ولما
حدث أن قال عمرو بن العاص بهذا القول بعد السلم وبلَّغ معااذ بن جابل هذا,
أنكر علَّيه هذا القول ,لنه يعرف أن هذا من دجال الجاهلَّية!
162أحمد بن حنبل ,المسند ,المجلد الول ,ص.385.
163عمرو الجاحظ ,الحيوان ,تحقيق :عبد السلما محمد هارون ,الجزء السادس ,ص.220-218.
143
وعلَّى الرغم من هذا تنسبت هذه الخرافة إلى الرسول الكريم ,فروى المام أحمد
بن حنبل:
" حدثناه أبو بكر بن أبي موسى الشعري عن أبيه عبد ا بن قيس أن النبي صلَّى
ا علَّيه و سلَّم ذكر الطاعون فقال :وخز من أعدائكم من الجن ,وهى شهادة
المسلَّم "164.ا.هـ
ولقد حاول بعض علماء العصرأ الحديث ,مثل المام محمد عبده وتلميذه الشيخ
محمد رأشيد رأضا وغيرأهما ,تأويل الحاديث التي تكلمت عن الجن ورأبطته
بالمرأض ,بالقول بأن المرأاد من الجن في هذه الحاديث –وليس في كل الحاديث-
هو الميكرأوبات والجرأاثيم!
ولو كان هذا القول مما تفرأد به الرأسول ,لكان من الممكن القول أن هذا الفهم
محتمل ,ولكن مع وجود هذه الخلفية عنإد المتلقين ,والذين هم حديثو عهد
بالسلم ,ول تزال التصورأات الجاهلية رأاسخة عنإدهم ,فل فائدة منإه!
فعلى فرأض قول الرأسول لهذا الحديث فلن يفهم السامعون إل أن الرأسول الكرأيم
يؤكد التصورأ الشائع المتداول بينإهم!
ولم يقتصرأ المرأ على الحية وإنإما تعداه إلى الكلب ,فنإجد أن العرأب كانإت ترأى أن
الكلب صنإفا من الجن ,بل ووصل المرأ بهم إلى ظنإهم أن لها عينإا تحسد بها
البشرأ ,لذلك كانإت يتوقون شرأها بأن يلقوا لها فتات طعامهم حتى ل "تنإظرأ" لهم
الطعام! ول يزال هذا العتقاد منإتشرأا بين العوام ,فنإجد بعضهم يقول:
"أعطي له حاجة من عينإه!" حتى ل ينإظرأ الطعام!
وتسلَّلَّت تلَّك المعتقدات إلى الحديث النبوي ,بسبب إساءة فهم أقوال ورأدت عن
النبي الكريم! فالناظر يجد بعض الروايات تقول بأن النبي أمر بقتل الكلب,
ورأوايات تقول أنه رأخص بعد ذلك في كلب الصيد والحراسة!!
فمن ذلك ما رأواه المام مسلَّم في صحيحه:
"أخبرني أبو الزبير أنه سمع جاابر بن عبد ا يقول:
أمرنا رأسول ا صلَّى ا علَّيه و سلَّم بقتل الكلب ,حتى أن المرأة تقدم من البادية
بكلَّبها فنقتلَّه ,ثم نهى النبي صلَّى ا علَّيه و سلَّم عن قتلَّها وقال) :علَّيكم بالسود
البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان("
وكذلك ... :معسن اسبلن اسلتممغفيلل مقامل:
سلَّيمم بلقمستلل اسللكملبل ثتيم مقامل) :مما مبالتتهسم مومباتل اسللكملبل( ,ثتيم
ات معلَّمسيله مو م صيلَّى ي
ال مسوتل ي أممممر مرأ ت
ب اسلمغنملم "165.ا.هـ صسيلد مومكسلَّ ل ص لفي مكسلَّ ل
ب ال ي مرأيخ م
144
ويظهر أن الكلب الشارأدة الضالة كانت قد انتشرت في المدينة ,لذلك أمر النبي
الكريم بقتلَّها .ويبدو أن الصحابة تنافسوا في تقتيل الكلب ,فلَّم يتركوا منها شيئا!
حتى أن الرسول الكريم تعجب من فعلَّهم وقال" :ما بالهم وباب الكلب"؟!
أي ما هذا النشغال بقتلَّها ,ولن المر كان لمناسبة أباح الرسول اقتناء الكلب لمن
سأله بعد ذلك.
وتخصيص النبي الكريم الكلَّب السود بالقتل لنه شيطان ,أي أنه شرس ,كثير
الذى والعقر ,ل أن شيطان متشكل بهيئته!
وللسف تأسيء فهم القول- ,وهذه هي العادة ,فإذا كان من الممكن حمل القول علَّى
الخرافة تحملَّت علَّيها ل العكس! -فقيل أن شيطان تعني الكائن المتمرد العاصي ل,
وليس أنه شيطان بالمعنى اللَّغوي ,والذي كانت العرب تطلَّقه علَّى كل عات متمرد!
ولذلك وجادنا ذكراا للَّكلب في كل الكتب التي تتحدث عن الجن –من المنظورأ
السلمي -وتقسيماا لنواعها المنطوية تحت الجن ,ونسبة ذلك إلى الرسول!!
والروايات التي تستدل بها الستاذة حلَّيمة خالد –وأمثالها -دليعل لنا وليس علَّينا,
فإذا أخذنا الرواية التي تقول ... " :فاقتلوا منإها كلل أسود بهيم ,فإنإه جلنإها"
نإجد أنإهم فهموها :فاقتلوا منإها كل أسود بهيم ,فإنإه جن متشكل بهيئتها ,أو منإدس
فيها" ,على الرأغم من أن الرأسول قال :جنإها!
ولو تذكرأ القارأئ ما قلنإاه عن أن لكل شيء جن ,لفهم ما كان النإبي يقصده بهذا
القول ,فالنإبي يقول أن السود جن الكلب أي أنإه القوي الشديد فيها ,وهو الذي
ريخشى ضرأه وشرأه ,فلذلك ييقتل!
وتبعاا لهذا الفهم نفهم باقي الروايات التي ورأد فيها أنه شيطان ,فالمراد أنه شرس
عقورأ مفترس ,أما هم فيفهمون أنه كائن غير أرأضي متشكل!!
وكما رأأينا فلَّقد حارأب الرسول الكريم الخرافات التي كانت موجاودة في عصره ,إل
أن أنصارأ الخرافة التفوا حول أقوال الرسول ,ونسبوا إليه ما يؤيد هذه الخرافات,
وفسروا أقواله بما يوافق الخرافات!
فإذا كان الرسول الكريم قال أنه "ل غول" –كما جااء في الحديث الذي رأواه مسلَّم-
166حليمة خالد رشيد صالح ,الجن في الشعر الجاهلي ,ص.175.
145
ووجادنا من العلَّماء من يؤولها ويقول أنه ليس المراد بذلك نفي وجاود الغول وإنما
معناه إبطال ما تزعمه العرب من تلَّون الغول بالصورأ المختلَّفة واغتيالها ،أي أنها
ل تستطيع أن تضل أحادا ,وهي موجاودة!! فماذا ننتظر بعد ذلك؟!
146
الباب الثالث
أقاويــل
الفصل الول
غرأام ...واختطافا!
147
بعد أن عرأضنإا لتصورأ الجن في السلم ,وأظهرأنإا كيفا أن الجن في كتاب ال وفي
أقوال الرأسول الكرأيم الصحيحة ,هو غيرأ الجن الذي نإظن ,تبعا لتصورأاتنإا
المحكومة بالخرأافة والوهم.
ولنإنإا أظهرأنإا أن الكتاب العزيز تكلم عن مخلوقا غيرأ بشرأي اسمه "الجان" -وليس:
الجن -كان من الواجب علينإا أن نإكمل الرأحلة إلى النإهاية .فمن قال أنإه ل خلقا إل
النإسان –أو النإسان والملئكة -أرأاحوا أنإفسهم ,فالشياطين هم من البشرأ,
والظواهرأ التي ل نإعرأفا لها تفسيرأا في أيامنإا هذه هي من ألغاز الطبيعة ,والتي
سنإكتشفها في يودم من اليام.
لذا ل يمكنإنإا أن نإتوقفا عنإد هذه النإقطة ونإقول أنإه ل جن بالمعنإى الخرأافي ,لنإه من
الممكن أن يتقبل القارأئ ما نإقول به ,ويقرأ فعل بعدم وجود الجن/العفارأيت ,إل أنإه
من الممكن أن يقوم بعملية إزاحة وإسقاط! فيزيح كل التصورأات الموجودة عنإده
عن الجن ,ويسقطها على شياطين الجان! وبهذا يكون كل جهدنإا قد ضاع من أجل
حرأفا!
فبدلل من الخوفا من الجن ,نإخافا من الجان! وخاصة إذا كان هذا الجان ملك
سابقا ,فهذا يعنإي أن له قدرأات خارأقة! وبدلل من القول بأن الجن يمس )يرأكب(
النإسان ,سيصبح السؤال :هل يرأكب الجان النإسان؟!
لذا نإتوقفا مع أبرأز الخرأافات التي نإسبت إلى الجن ,والتي ل تزال تعشش في
العقلية العرأبية/السلمية- ,بل وحتى غيرأ العرأبية -لنإبين أنإها حديث خرأافة ,ما
أنإزل ال به من سلطان.
كذلك لنإعرأفا القارأئ بمقدارأ الشيطان وبقدرأ تدخله في حياتنإا ,لنإظهرأ أن القوال
المنإتشرأة حول الجن ما هي إل أوهام ,علينإا اجتثاثها من جذورأها ,وتنإظيفا أدمغتنإا
منإها ,وأنإه حتى من غيرأ المقبول أن تكون قصص تحكيه العجائز للولد قبل النإوم,
لن هذا مما يرأسخ في عقولهم ووجدانإهم ,وأنإه ل يجوز لنإا كمسلمين متبعين
للحقا ,أن نإؤمن بهذه اليترأهات ,أو أن نإدعي أن دينإنإا مصدرقا لها!
لذا نإدعوك معنإا أيها القارأئ الكرأيم لتصطحبنإا في هذه الرأحلة السرأيعة في عالم
الجن المزعوم ,لتدك معنإا أرأكانإه في عقلك وفي عقول من تعرأفا!
خرافة ...واختطافه
148
من الكلَّمات المشتهرة ,الكثيرة الستعمال عند حديثنا عن الشياء الغريبة التي ل
يصدقها العقل ,كلَّمة "خرافة" ,فما هو معنى كلَّمة خرافة؟
نقول :تختلَّف كلَّمة خرافة عن مثيلتها من الكلَّمات التي تدل علَّى نقل حدث واقع
إلى نص منطوقا أو مكتوب ,والتي تشير إلى العنصر البرز في عملَّية النقل هذه.
فكلَّمة أسطورأة تشير إلى أن هناك نص مسطورأ في ورأقا ,وكلَّمة رأواية تركز علَّى
عملَّية تناقل النص بين القائلَّين والمستمعين ,وكلَّمة قصة تشير إلى عملَّية تتبع
الحداث ...الخ.
أما "خرافة" فل تشير إلى أي شيء من هذا ,وذلك لنها بكل بساطة اسم لشخص,
إنسان عربي جااهلَّي ,واسع الخيال ,كان يختفي عن قومه عدة أيام ,ثم يعود فيدعي
أن الجن اختطفته ,ثم يبدأ في قص الحداث التي وقعت له في تلَّك اليام.
ومع تكررأ هذه المر من خرافة هذا ,أصبح تيضرب به المثل في الحديث الذي ل
تيصدقا ,فإذا حدث إنسان بحديث عجيب عن كائنات غريبة ,أو وقائع عجيبة ,لم
يصدقه أحد وقالوا :حديث خرافة!
ولقد خرلَّد الشاعر العباسي أبو علء المعري هذه الكلَّمة في بيت شهير ,فقال:
لبن وخمر
عزفمت عن المدام وأنت حتي *** لما وعدوك من د
حيـاة ثم مـوت ثم حشـر *** حديث خرافة يا أم عمرو
ومع مرورأ الزمن وعدم معرفة القائلَّين بأصل الجملَّة ,أصبح يقال :خرافة ,فقط,
بدون كلَّمة حديث ,وأصبحت الكلَّمة إشارأة إلى الحاديث التي يتعلَّم بطلنها.
وعلَّى الرغم من أن حديث خرافة أصبح مضرب مثل عند العرب للَّكذب المستملَّح,
وجادنا من ينسب إلى الرسول أنه قال أن خرافة لم يكن كاذباا وأن حديثه كان حقا!!
فنجد أحمد بن حنبل يروي رأواية تقول:
شةم مقالمست: قا معسن معائل م سترو د "معسن مم س
م سامءهت مذا م
ت لمسيلَّمدة محلدياثا فممقالمست اسممرأةع لمسنتهين :ميا سلَّيمم نل م
ات معلَّمسيله مو مصيلَّى يال م سوتل ي ث مرأ تمحيد م
ث تخمرامفةم! ث محلدي م ال مكأمن اسلمحلدي ت سومل ي مرأ ت
فممقامل :أمتمسدترأومن مما تخمرامفةت؟ إلين تخمرامفةم مكامن مرأتجاال لمسن تعسذمرأةم ,أم م
سمرستهت اسللجسن لفي اسلمجالهلَّلييلة
س بلمما مرأمأى لفيلهسم لمسن ث الينا م س فممكامن يتمحدد تث لفيلهين مدسهارا طملويال ثتيم مرأسدوهت إلملى ا س للسن ل فممممك م
ث تخمرامفةم "167ا.هـ س محلدي ت اسلممعالجاي ل
ب فممقامل الينا ت
149
القبيلَّة هي التي تنسب إليها الحب العذرأي! وذلك لكثرة عشاقها المتيمين الصادقين
في حبهم ،الذين يتملَّكهم الحب والوجاد ،حتى يصل بهم الحال إلى درأجاة من الضنى
والهزال ,قد تودي بهم إلى الموت!
وبسبب ورأود خرافة هذا في الحديث النبوي –والذي لم يصح -وجادنا من يتحدث
عن خطف الجن للنسان ,وعن الحكام الشرعية المترتبة علَّى تغريب المخطوف من
الجن ,كم تنتظره زوجاته قبل أن تتطلَّق!! ولست أدرأي كيف تيحكم علَّى المتغيب بأنه
مخطوف من الجن!! ولست أدرأي ما دليلَّهم علَّى أن الجن تختطف النسان!
هل تعد رأواية ذلك الرجال الذي اختطفته الجن في عهد عمر بن الخطاب ,وعاد بعد
أكثر من أرأبع سنوات -دليل؟!
إن هذه الرواية وأمثالها ,تعد نموذجاا أكثر من ممتاز للَّخرافة ,إنها سمر لبعض
الشخاص ,فهل تتعد حجة وبرهانا؟! وعلَّى الرغم من ذلك وجادنا من يتخذها متكأ
ل! إن هذه القصص تصلَّح أن توضع بين قصص ألف ليلَّة وليلَّة ,ل أن تتقبل ودلي ا
كخبر عن واقع حاصل ,لنه ل دليل جاازم بوقوعها!!
ب كان ,سواء كان للنتقام إننا نسأل الذين يقولون أن الجن تخطف البشر ,لي سب د
أو للَّعشق ,ما الذي يمنع الجن أن تخطف البشر كلَّهم أو علَّى القل الخارأقا الجمال
فيهم ,فتخطف الجنية لنفسها أجامل الرجاال! ويخطف الجني لنفسه أجامل النساء؟!
168جلل الديإن السيوطي ,لقط المرجان في أحكاما الجان ,تحقيق :مصطفى عاشور ,ص.94.
150
إن ا تعالى قال أنه سخر لنا ما في السماوات والرأض جاميعا ا منه ,فهل اختطاف
الجن النسان من تسخيرها لنا؟!
إن ا تعالى لم يحدثنا في كتابه عن اختطاف الجن/الجان للَّبشر ,ولو كان هذا ممكن
الحدوث لعلَّمنا ا به ولعرلَّمنا كيف نتقيه ,أو حتى وجادنا في حديث الرسول الكريم
ما يشير إليه ,ولكننا لم نجد هذا ول ذاك ,وهذا يعني أن هذه الخرافات لم تكن
موجاودة في الجاهلَّية وإنما كانت مما تأخر ظهورأه بعد السلم ,بعد أن ترسخت
صورأة الجن الخرافية عند الداخلَّين الجدد في السلم ,والذين بدأوا في التعرف
علَّيه ممزوجاا بالثقافة العربية!
إننا نتساءل :كيف يختطف الجن النسان؟ إن صورأة الجني عند عامة الناس هي
أقرب ما يكون إلى الشبح) ,دخان علَّى هيئة إنسان تقريباا( ,فكيف يحمل جاسما ا معه
ويختفي به؟! فإذا قلَّنا أنه شفاف وقادرأ علَّى الختفاء ,فإنه ل يستطيع حتما أن
طف هذه المزية! أي أنه يظل مرئيا ,مجبراا علَّى أن يسير تيكسب جاسد البشري المخت م
علَّى الرأض ,ل يقدرأ علَّى أن يطير في الهواء! فكيف يختفي البشر؟!
وإذا قيل أن الجني يتجسد ويتشكل بأي شكل يستطيع أن يحمل به النسان- ,وعلَّى
الرغم من رأفضنا لتشكل الجن -نقول :إن الجني في هذه الحالة يكون محكوما
بطبيعة الجسد الذي تشكل به! –كما قلَّتم أن الجن يمكن قتلَّه إذا تشكل بهيئة حرية أو
أي دابة -فكيف يمكنه أن يطير في هذه الحالة؟!
إن آفة من يقبل بوجاود الجن أنه ل تيعمل عقلَّه في أي مسألة ,فطالما أن المر
متعلَّق بالجن فل تفكر كيف حدث هذا ,وهل يقبل العقل هذا أم ل؟! فالجن قادعرأ علَّى
كل شيء –معاذ ا -فهو يظهر ويختفي –كما يحدث في أفلم الرعب -ول تسل
كيف قطع المسافة من بلَّدد لخر ,أليس جاناا؟!
ويتحول من شكل لخر كما يحلَّو له! وعلَّى الرغم من تحوله لهيئة ما فإنه يمتلَّك
نفس القدرأات الموجاودة عنده بدون أي نقصان!
أما نحن فنحاكم الذين يصورأون الجن علَّى أنه كائن طفيلَّي ,أقرب ما يكون للَّبشر,
ونقول لهم :طالما أنكم جاعلَّتموهم من عالمنا ,فلَّزاعم أن يكونوا محكومين بسنن
عالمنا ,والتي برثها ا في كونه ,أما أن يعطي ا لهؤلء هذه القدرأات وهم
يخوضون معنا نفس الختبارأ ,فإن هذا يعني أنهم هم خلَّفاء الرأض ...وليس نحن!
151
بعد أن عرضنا لمسألة اختطاف الجن للنسان وأظهرنا بطلنها ,نعرض لمسألة
أخرى أكثر شهرة ,وهي مسألة نكاح الجن النسان ,وهي من المورأ التي نسمع
عنها دوماا ,وتتحاك حولها الكثير والكثير من القصص.
وأنا نفسي استمعت إلى قصة من إحدى قريباتي ,وكانت تؤكد بكل ثقة أن إحدى
قريباتها كانت تتضاجاع من الجن!!
والناظر في كتب الفقه بخصوص هذه المسألة يجد أن الفقهاء قد تحدثوا عن حكمها
في كتبهم ,فوجادنا أن منهم من قال بالتحريم مثل المام أحمد ,ومنهم من قال
بالكراهة مثل المام مالك وغيره ,ومنهم من قال بالباحة مثل بعض الشافعية!!
ب علَّى وقوعها أو إمكان وقوعها, والحديث عن حكم مسألة في كتب الفقه مترت ع
وعلَّماء الفقه كانوا يكرهون "الرأأيتين"- ,الذين يفترضون مسائل لم تحدث,
ويسألون الفقهاء عنها قائلَّين :أرأأيت لو حدث كذا وكذا ,-وكانوا ل يجيبونهم,
ويقولون أنهم سيردون عند وقوع المسألة.
ولست أدرأي لماذا لم يجيبوا بهذه الجاابة عند عرض هذه المسألة علَّيهم! إنه لم
يقم دليعل في كتاب ا علَّى وقوع هذا النكاح ,ولم يأت ذكعر لها في أقوال الرسول إل
في رأوايات قلَّيلَّة في الكتب التي حوت الموضوعات والحاديث شديدة الضعف!
وا المتعال العظيم قال في كتابه العزيز:
ستكسم أمسزمواجاا ا لدتم س
ستكتنوا إللمسيمها مومجامعمل بمسينمتكم يممويدةا مومرأسحممةا ق لمتكم دمسن مأنفت ل
"مولمسن آمياتلله أمسن مخلَّم م
ت لدقمسودم يمتمفميكترومن ]الروم "[21 : إلين لفي مذللمك ملميا د
فمن آيات ا أن جاعل لنا من جانسنا أزواجااا لنسكن إليها وجاعل بيننا مودة ورأحمة!
فكيف يتحقق ذلك مع الجن؟! ولماذا يتحقق أصل؟!
ق من خلَّق ا ل يجد اللَّذة إل مع جانسه ,فالقرد ل يطأ إلمن المفترض أن كل خلَّ د
قردة ,والحماترأ إتان ,والسد لبؤة ,وهكذا.
فإذا أخذنا في العتبارأ أن النسان والخنزير هما اللَّذان يمارأسان الجنس شهوة,
بخلف باقي الحيوانات التي تمارأس الجنس في موسم التزاوج فقط ,فإن لنا أن
نتساءل :هل يمارأس الجن –المزعوم -الجنس شهوة أم في موسم التزاوج؟!
وإذا قلَّنا أنه يمارأسه شهوة فمن المفترض أن تكون شهوته في بنات جانسه ,وليس
في جانس آخر ,فما الذي يدفع الجني إلى فعل هذا الشيء إل إذا كان شاذا؟!! وعلَّى
هذا فمن المفترض أن التركيب –الجسماني -للَّجن هو نفس تركيب النسان إل أنه
في صورأة دخانية! فهل سيتلَّذذ وهو بهذه الصورأة بالمرأة البشرية المكونة من
اللَّحم والدم!
لحظ أن كل النساء اللتي يردعين أن الجن يضاجاعهن يقلَّن أنه يضاجاعهن بدون أن
يظهر ,وبدون أن يتشكل في هيئة بشرية! أي أنهن يشعرن فقط بأنهن يمارأسن
العملَّية الجنسية ,ولم تقل واحدةع منهن أن الجني تشكل في هيئة بشر!
152
فكيف لتلَّك المرأة أن تحكم أن ما يحدث له هو وطء من جاني ,وليس خيالت في
رأأسها ,رأاجاعة إلى مرض نفسي أو حرمان جانسي؟!
والناظر في الدلة التي استدل بها القائلَّون بوقوعه يجدها أدلة موضوعة في غير
ب لليات لما يؤمن به النسان! ويجد موضعها ,والستدلل بها سذاجاةع متناهية وجاذ ع
الطرح نفسه متكلَّف! فإذا نظرنا في طرح المام السيوطي لهذه المسألة نجده يأتي
بأقوال وتفسيرات يأبها العقل والعلَّم والقرآن:
" فقيل :إنه غير ممكن ,والحق إمكانه ,قال الثعالبي :زعموا أن التناكح والتلقح قد
يقعان بين الجن والنس ,قال تعالى) :وشارأكهم في الموال والولد(.
وأخرج الحكيم الترمذي وابن جارير ,عن مجاهد ,قال :إذا جاامع الرجال أهلَّه ,ولم
يسم ,انطوى الجان علَّى إحلَّيلَّه ,فجامع معه ,فذلك قوله تعالى) :لم يطمثهن إنس
قبلَّهم ول جاان(.
كما أننا رأأينا تصورأاا جاديداا في القول المنسوب إلى مجاهد ,فالجن ل يضاجاع
المرأة ,وإنما ينطوي كلَّه علَّى ذكر الرجال فيدخل معه! وهذا يعني أن الجان كلَّه –
وليس عضوه -أصبح داخل المرأة ,ولست أدرأي كيف يضاجاع هذا الكائن الصغير
المرأة! كما رأأينا نموذجاا للَّجهل الصريح في القول المنسوب إلى ابن عباس ,والذي
جاعل المخنثين أولد الجن ,بسبب نكاح الرجال زوجاه في الحيض!
وبغض النظر عن أن العلَّم أظهر سبب حدوث المخنثين فإن الحمل ل يحدث في فترة
الحيض أبدا!
ل ,فالذين يدعون هذا يقولون أن العجب كل العجب فيمن يقول أنه ممكن وقوعه عق ا
الجن قادرأ علَّى الخلَّق!! وا وحده هو الخلقا العلَّيم!
فإذا قلَّنا أن الجني قادرأ علَّى التشكل في هيئة بشر ومضاجاعة المرأة ,فهذا يعني أنه
قادرأ علَّى النزال في رأحمها ,وهنا نتساءل :من أين أتى الجني بهذا المني؟!
153
من المفترض أن الجني من نارأ ,فإذا استطاع تحويل المواد النارأية إلى ماء مهين,
فهذا يعني أنه أقدرأ من ا! –تعالى ا عن ذلك-
ب مر بمراحل عديدة ,حتى كرون منها خلَّية تغرست في فال خلَّق النسان من ترا د
170
الرأض ,نشأ منها النسان ,وخرج الناس من الرأض ,أما ذلك الجني فيستطيع أن
يحول بعضاا منه إلى ماء في لمح البصر ,ويحول نفسه كلَّه إلى لحم وعظم ودم!
وإذا كان قادرأاا علَّى تحويل بعضه إلى ماء ,فبالتأكيد هو قادرأ علَّى أن يحول بعضه
إلى إنسان ,فما أقدرأ هذا الجني ,إنه خالق حقيق!!
ونقول للَّمدافعين الذين سيقولون أن التشكل في الظاهر فقط ,أي أنه نوعع من خداع
أعين الناس وأنه يظل علَّى طبيعته بدون تغير:
لماذا قلَّتم أن الجني المتشكل يمكن قتلَّه؟ إن هذا يعني أنه اكتسب طبيعة جاديدة,
وليس أن التغيير في أعين الناس! ومن ثم فهو يخلَّق!
وبغض النظر عن هذا كلَّه فلَّماذا ل تيحبل الجن جال نساء البشر؟! لماذا ل يضعون
مائهم! في أرأحام النساء؟!
إن هذا من أكبر ما يمكن أن تتعرض له المرأة ,أي امرأة ,شرقية كانت أو غربية,
أن تجد في بطنها جانيناا ل تعلَّم من أين أتى! ناهيك عن المشكلت التي ستتعرض
لها النساء الشرقيات المسلَّمات خاصة ,بسبب هذا الحمل!!
في ختام نقاشنا لهذه النقطة نسأل المصدقين بها مجددا:
هل ترى أن الجن قادعرأ علَّى الخلَّق؟
فإن كانت الجاابة بل ,انتهى تماما النقاش حول مسألة نكاح الجن للَّبشر!!
ويعد مثلث برأمودا نإموذجا مثاليا للخرأافة ,التي يعمل كثيرأون على ترأسيخها
وتهويلها ,حتى تصبح من المسللمات ,ثم يتفنإن آخرأون في إيجاد تعليلت لها,
فتخرأج لنإا المخيلة البشرأية أفكارأا عجيبة مستنإدة على أسس واهية!
فما هو هذا المثلث ,وما ارأتباطه بالشيطان؟!
170نطلب إلى القارئ قراءة كتابنا :نشأة النسان ,ليتعرف على تفاصيل نظريإتنا حول خلق النسان الول.
154
مثلث برأمودا هو منإطقة جغرافية على شكل مثلث تقريبي وليس حقيقياا ً,مساحته
حوالي 1.1مليون كم ،²يقع في في الجزء الغربي من المحيط الطلسي بجوار
الساحل الجنإوبي الشرقي لولية فلوريدا ً,ويقع بين برمودا ،وبورتوريكو ،وفورت
لودرديل )فلوريدا( ً,ويعرف كذلك ب "مثلث الشيطان".
سمي المثلث باسمها هي عبارة عن مجموعة من الجزر ً,يبلغ وبرمودا التي س
عددها 300جزيرة ً,ليست كلها مأهولة بالسكان ً,وإنإما المأهول منإها فقط ثلثين
جزيرة ً,عاصمتها "هاملتون" وتقع في الجزيرة الم.
واشتهرت هذه المنإطقة عن غيرها بسبب مؤلفات سكتبت في النإصف الثانإي من
القرن العشرين ً,تحدث مؤلفوها حالت اختفاء غير طبيعية في هذه المنإطقة.
والحق يقال أنإه قد وقعت بالفعل في هذه المنإطقة بعض حوادث اختفاء في هذه
المنإطقة ً,سكتب لبعضها النإتشار والشهرة ً,مثل:
اختفاء اثنإتين من أخوات السفينإة "السايكلوبس" في آخر شهر نإوفمبر وبداية
ديسمبر في عام .1941
اختفاء طائرة الجيش سي 45-في عام 1947على بعد 100ميل من برمودا.
اختفاء طائرة في يوم 30ينإاير من عام ً,1948بعد رحلة ترانإزيت إلى برمودا.
رجل وامرأة
ا اختفاء طائرة دي سي 3-في عام ً,1949كانإت تحمل ثلثين
وطفلين.
وهنإاك حالت اختفاء أخرى غير هذه الحالت ً,إل أن أشهر حالت الختفاء ً,كانإت
حالة اختفاء السرب رقم 19بقيادة الملزم تشارلز تايلور ً,والتي بدأ بعدها ظهور
كتابات كثيرة عن هذه المنإطقة ً,بل وتم تجسيد هذه الواقعة في فيلم شهير من
إخراج ريتشارد فريدنإبرج.
ومن يقرأ ما سكتب عن هذه الرحلة –وغيره -يعجب كيف اختفت هذه الرحلة وهذا
السرب ً,فمما سوصفت به حالة الختفاء هذه:
"وهؤلء الرجال الذين يعملون في السرب ً,19قد أنإجزوا طلعات جوية نإاجحة
طوال عدة سنإوات ً,وتتراوح مدة خبرة أفراده ما بين ثلثة عشر شهرا وست
سنإوات(.......) ...
وفي الساعة الرابعة بعد الظهر ..تلقت القاعدة الجوية رسالة من قائد السرب
تشارلز تيلور – ينإادي.
القائد :نإحن في حالة طوارئ ..يبدو أنإنإا خارج خط السير تماماا ..ل استطيع رؤية
الرض ..ل استطيع رؤية الرض..
القاعدة :أين موقعك بالضبط؟
القائد :ل استطيع تحديد المكان ً,ول أدري حتى أين نإحن على الطلق! أعتقد أنإنإا
قد سفقدنإا في الفضاء! )(......
155
القائد :ل أدري في أي اتجاه يوجد الغرب ..كل شيء غريب ..ل استطيع تحديد أي
اتجاه ً,حتى المحيط أمامنإا يبدو في وضع غريب ..ل استطيع تحديده.
وقد زادت دهشة رجال القاعدة ً,لنإه حتى في حالة ما إذا تعطلت البوصلة ً,فمن
غير المعقول أل يوجد من ضباط الطائرات من يستطيع تحديد الغرب ً,إذ يمكن أن
يعتمد في ذلك على الرؤية البصرية ً,لن الشمس في هذا الوقت تكون قد مالت
نإحو الغرب "171.ا.هـ
من يقرأ مثل هذه الكتابات ل بد أن يصدق أن هنإاك ظواهر غريبة تحدث في هذه
المنإطقة ً,ومن ثم تشطح الذهان في تصور العلة في حدوث حالت الختفاء التي ل
يوجد لها سبب مباشر ً,والتي تحدث في وضح النإهار ً,وبدون تقلبات جوية.
فيظهر من يقول أنإها ظواهر طبيعية غير مفهومة ً,وآخر يقول أنإها كائنإات من
كواكب أخرى ً,تخطف البشر لتجري عليهم تجارب ولتتعرف علينإا!
ويعرض محمد عيسى داود بعض الراء المطروحة كتفسير لحالت الختفاء في
مثلث برمودا فيقول:
"في قضية )برأمودا( ,فما زالت التأويلت والتحليلت بعيدة المنإال :كمن قال إنإها
أمواج عاتية ,سببها زلزل في قاع المحيط ,ومن قال إنإها صواعقا كرأوية تحرأقا
الطائرأات المارأة على المثلث .وتظلرأفا بعضهم في خياله فقال بوجود )التفافا في
متصل الزمان( يقود إلى بعد زمنإي آخرأ.
وما زال أقوى الرأاء هو الرأأي الذي يعزو المرأ كله للجسام الطائرأة المجهولة
الهوية أو الجسام الغاطسة المجهولة ,ويرأبط بين المثلث وهذه السفن الفضائية
الغامضة ,مؤكدين جميعا أنإها مقودة بطواقم طيارأين من عوالم أخرأى ,وأنإهم
يختطفون البشرأ للحصول على نإماذج من سكان الرأض ,وأمثلة عن التكنإولوجيا
الرأضية المعاصرأة.
وهنإاك رأأي شاذ لحد علماء النإفس الورأوبيين –توفى سنإة 1944م ,وكان ييلقب
ب )النإبي النإائم( -يعتقد فيه أن قارأة أطلنإطس قد غرأقت في )بحرأ بيمينإي( وهو
مكان الكثيرأ من حوادث الختفاء ,وأن مصادرأ الطاقة التي كان يستخدمها سكان
الطلنإطس ل تزال تؤثرأ على البوصلت والجهزة الحديثة "172.ا.هـ
ولم يقنإع بعض المحسوبين على التيار السلمي بالتبريرات التي قدمها الغربيون
–الكفار -لتلك الظاهرة ً,ومن ثم أدلوا بدلوهم في الموضوع ً,فقدموا تفسيراا
إسلميا!! لحالت الختفاء تلك ً,فقال بعضهم أن حالت الختفاء هذه راجعة إلى أن
تلك المنإطقة هي مقر المسيخ الدجال !173فهو مقيد بإحدى الجزر –كما جاء في
الروايات ً,-ومن ثم فمن المحتمل أن يكون هو سبب هذه الحوادث.
171مروة عماد الديإن ,الرحلت المفقودة عند مثلث برمودا ,جزر الشيطان المخيفة ,ص.58-57.
172محمد عيسى داود ,الخيوط الخفية بين المسيخ الدجال ,وأسرار مثلث برمودا والطباق الطائارة ,ص.147-146.
173المسيخ الدجال خرافة مسيحية ,اصختلقت للصد عن الرسول الكريإم ,وعندما جاء السلما صحورت حتى ل يإظهر صدق الرسول الخاتم
وأنه هو المبشر به ,بل وصبغت بصبغة إسلمية ,و صجعلت في شخصية تظهر في آخر الزمان ,بسمات خرافية! ولقد عرضنا لهذه
الخرافة في كتابنا :عقائاد السلميين بين وحدة المنهج وتبايإن الحكاما ,وأظهرنا أنها تتعارض مع أصول الديإن!
156
ولم يقنإع آخرون بهذا فقالوا أن المسيخ الدجال ليس هو المسئول وإنإما الشيطان
الكبر نإفسه! واستنإدوا في هذا إلى الحديث الذي رواه مسلم –وغيره -والذي
يروي عن النإبي الكريم أنإه قال ..." :عن جاابر قال :سمعت النبي صلَّى ا علَّيه و
سلَّم يقول :إن عرش إبلَّيس علَّى البحر ,فيبعث سراياه فيفتنون الناس فأعظمهم
عنده أعظمهم فتنة "174ا.هـ
فبما أن عرش إبلَّيس علَّى البحر ,وهناك منطقة تحدث فيها حالت اختفاء غير
طبيعية ,وهناك حديث عن أجاسام غير مألوفة تظهر فوقا هذه المنطقة ,فحتما هذه
الجاسام مرتبطة بالشياطين ,وليست أطباقا طائرة لمخلَّوقات غير أرأضية ,175ويكون
عرش الشيطان في هذه المنطقة ,والويل لمن يقترب من عرشه!!
ولهذا اعتتبر مثلَّث برمودا من اللغاز الطبيعية التي تثير الفضول وخاصة عند
الشباب ,الذين يجذبهم المجهول .وهنا نتوقف لنبين كيف أن العتماد علَّى كرتاب
غير موثقي المصادرأ ,والعتماد علَّى قيل وقال ,وأن عدم الرجاوع إلى المصادرأ
الصلَّية يؤدي إلى نتائج كارأثية ,من بينها ظهورأ خرافات عالمية ,مصبوغة بصبغة
علَّمية! ومثلَّث برمودا المثال الفضل لمثل هذه الحالت.
هدم الكذوبة
إن الحقائق تقول أن هذا المثلَّث ل يختلَّف عن غيره ,إل أن النسان يميل دوما ا إلى
تصديق الكتابات المثيرة- ,والتي يرنو أصحابها إلى الكسب المادي والنتشارأ ,-فلَّما
ظهرت كتابات في العقد السادس من القرن العشرين تصف حالت الختفاء في هذه
المنطقة ,مثل ما كتبه جاورأج ساندز في مقالة في مجلة المصير Fate
magazineفي عام ،1952تحدث فيها عن غموض في اختفاء مركبات في
هذا المثلث .ثم توالت الكتابات بعد ذلك ً,ومن ذلك كتاب :عالم نإسيان المفقودينً,
والذي ألفه جون والس سبينإسر في عام ،1969وركز فيه على حوادث الختفاء
في هذه المنإطقة بعينإها ،ولم يعرض لحوادث الختفاء الكثيرة في منإاطق أخرى.
174مسلم النيسابوري ,صحيح مسلم ,تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي ,الجزء الرابع ,ص.2176.
175ليس بعض المحسوبين على التيار السلمي هم فقط من يإربطون بين ما صيإسمى بالطباق الطائارة والشياطين ,فهناك من المسيحيين
من يإفعل ذلك أيإضا ,فنجد أن الباحث المسيحي مجدي صادق –المدرس بمعهد الدراسات القبطية -يإؤيإد هذا التوجه في كتابه :الطباق
الطائارة هل هي مركبات الكروبيم ,ويإدافع عن وجهة النظر التي تقول هذا ,ومما ذكره في كتابه المذكور في صفحة :19
"ذهب أنصار هذا التجاه إلى أن الطباق الطائارة هي في حقيقتها مركبات شيطانية ,خرجت علينا من أقساما الرض السفلى ،وأن
خروجها ما هو إل مقدمات تمهد لمقدما المسيح الدجال .فالطباق الطائارة وفقا لما يإرى أنصار هذا التجاه هي أرواحا ملئاكية ساقطة
تأخذ في ظهوراتها وتجلياتها شكل السحب أو كرات النار أو البرق الكروي.
ويإلخص نيافة النبا غريإغوريإوس أسقف الدراسات اللهوتية العليا والبحث العلمي أهم آراء القائالين بهذا الرأي بقوله:
إن هناك نظريإة حديإثة غريإبة الشكل تفسر ظاهرة الطباق الطائارة بأنها خرجت من أقساما الرض السفلى ،وأن هذه الظهورات ما هي
إل مقدمات للحرب التي سيقودها الشيطان ضد الكنيسة في اليإاما الخيرة ،وهذا التفسير يإستند إلى أسس علمية .فقد لحظ العلماء أن
ظاهرة السحب الملونة وهى عظيمة الشبه بالطباق الطائارة تتواجد بكثرة في منطقة القطب الشمالي .وقد اكتشف العلماء عند القطب
الشمالي تجويإفا أرضيال يإمتد إلى باطن الرض.
هذا الكشف العلمي الحديإث جعل العلماء -لول مرة -بعد أن تبرهن لهم وجود علقة بين التجويإف الرضي الممتد إلى باطن الرض
وظاهرة السحب الملونة -يإستنتجون أن هذا التجويإف يإؤيإد فكرة وجود عالم سفلى هو عالم الرواحا السفلية ,حيث الشيطان وكل جنوده
حيث الجحيم بحسب ما ورد فى كل التراث النساني ".ا.هـ
157
وبما أن هذه الكتب صادرة في الغرب ً,فل بد أن مؤلفيها من الثقات ً,الذين ينإقل
المرء عنإهم بدون أي شك ً,ومن ثم ظهر عدد من الكتب باللسان العربي تتحدث
عن نإفس الظاهرة ً,تنإقل عن أي كتاب تصادفه حول هذه المنإطقة ً,ول يهم من كان
مؤلف هذا الكتاب ً,فهو بالتأكيد ثقة .ومع كثرة الكتابات والمعالجات بالفلم
الوثائقية والدرامية بمختلف لغات العالم ً,سظن أن ما يقال حقائق مؤكدة ً,ومن ثم
تدخل بعض السلميين ليدلوا بدلوهم وليمثلوا بتدخلهم عنإصر تصديقق وتأكيد لما
سيروى عن ذلك المثلث!
والعجب كل العجب أن الكثرية تميل دوما ا إلى نإظرية المؤامرة أو الفاعل الخفيً,
ومن ثم فل تصدق أن كل ما يقال هو نإوعع من التهويل والتخويف ً,على الرغم من
أن الدراسات الموثقة تقول أنإه ل شيء يختلف في ذلك المثلث عن غيره من
ب عديدة منإذ فترات طويلة ً,أبطلت تلك المنإاطق البحرية الخرى ً,وظهرت كت ع
الخرافات ً,إل أنإه لم سيلتفت إليها!
ومن ذلك كتاب مثلث برمودا -تم حل اللغز ً,والذي صدر في عام ً, 1975حيث
تحرى مؤلفه لري كوشيه ،حول هذه الددعاءات الموجودة في المقالت والكتب.
فقام بالبحث والتنإقيب بعنإاية في السجلت التي أهملها الخرون .ووجد أن معظم
الحوادث التي وسصفت بأنإها غريبة لم تكن غريبة في أغلب الحيان ،وكان
المؤلفون يذكرون أن سفنإا أأو طائرات اختفت فيما كان البحر هادئا ا بصورة غير
طبيعية ،بينإما كانإت سجلت خفر السواحل تشير إلى عواصف عاتية كانإت تضرب
منإطقة الحادثة .أو عنإدما يذكر البعض أن السفن اختفت بصورة غامضة ولم
تظهر ،تكون الحقيقة أن بقايا تلك السفن قد سوجدت وتم التعرف على سبب الغرق.
158
المريكية جاميعها ,ويقدرأ عددها بإحدى وعشرين سفينة مفقودة ...أي أن نصيب
مثلَّث برمودا من هذه الحوادث كان أقل من .%20
وفي عام – 1976علَّى حسب ما تقول إدارأة حرس السواحل المريكية -فإن المفقود
في مثلَّث برمودا بلَّغ ست سفن من 28سفينة مفقودة حول سواحل أمريكا ,وهذا
ينفي تلَّك اللَّعنة التي ألصقت لصقا بذلك المثلَّث البريء....
أضف إلى ذلك أن إدارأة حرس السواحل المريكية في دهشة من هذه المعلَّومات
المضلَّلَّة والخادعة التي تنشرها تلَّك الكتب غير الجادة ,والتي تستقي معلَّوماتها من
خيال وخزعبلت تضر ول تنفع ...فعلَّى حسب إحصائيات ملَّفات إدارأة حرس
السواحل فإن مثلَّث برمودا يعتبر من أكثر المناطق في العالم حركة وازدحاما ,إذ
ينطلَّق علَّى سطح مياهه أكثر من 150ألف سفينة من كل النواع والحجام ,وأنها
–أي الدارأة -تتقبل من إشارأات الستغاثة سنوياا حوالي عشرة آلف استغاثة ,لذلك
فإن هذا العدد الضئيل للَّغاية من السفن التي تغرقا سنويا في هذه المنطقة )ما بين
6-4علَّى حسب آخر إحصاء( ,يشير إلى عدم وجاود قوى خفية مزعومة تخطف
السفن وتستولي علَّى المتاع ,وتسبي الناس! "176ا.هـ
وكما رأأينا فالمنطقة ل تزيد عن غيرها في حوادث الختفاء ,إل أن بعض التكتاب
أصحاب الخيال الواسع ,كتبوا قصصا حول هذه المنطقة ,وللسف الشديد اعتتبرت
كتب اا موثقة! ومما قدمه الدكتورأ عبد المحسن كنماذج للضافات ,التي أضافها
المؤلفون من عند أنفسهم:
"ويظهر عدم دقة هؤلء المؤلفين ,وتقديم معلَّومات خاطئة ,أو ذكر عبارأات مثيرة
مضلَّلَّة ,أو أقوال ليس لها من أساس ...يظهر هذا وغيره من التحقيقات الجادة التي
تثارأ عادة بعد نشر هذه المعلَّومات الغريبة ...فعلَّى سبيل المثال نعود لنذكر تلَّك
العبارأة التي ورأدت في كتاب "مثلَّث برمودا" عند غرقا السفينة اليابانية رأايفو
كومارأو .إذ ورأدت صيغة الستغاثة هكذا" :الن الخطر يشبه الكابوس"...
وصحتها كما ورأدت في التسجيلت الخاصة بإدارأة حرس السواحل "الن خطير
جادا" ,وعندما توجاهت إليها إحدى السفن القريبة –التي سمعت نداء الستغاثة-
وجادتها تتعرض لعاصفة مروعة أطاحت بها وأغرقتها ...وهذا يعني أن هناك سببا
أو تعلَّيل ملَّموسا لغرقا السفينة ,ولم تغرقا بسبب قوى أسطورأية تسيطر علَّى
المنطقة "177ا.هـ
ول يقتصر المر علَّى التلعب باللفاظ ,وإنما علَّى التلعب بالمعلَّومات ,ومن ذلك:
"وجااء أيضا في قصة الطائرات التي اختفت دون أن تترك أثرا أن اختفاءها كان في
الساعة ,4.25وهذا يعني أن الختفاء كان في وضح النهارأ ,وهذا ليس صحيحا ,بل
ضلَّت الطائرات طريقها في الظلم ,إذ دلت التقارأير علَّى أنها كانت ل تزال علَّى
176عبد المحسن صالح ,النسان الحائار بين العلم والخرافة ,ص.208-207.
177المرجع السابق ,ص.208.
159
اتصال بالقاعدة حتى السابعة مساء ,وفرقا كبير بين طيران في النورأ وطيران في
الظلم ...أضف إلى ذلك أن بيرليتز قد أكد أن الطقس وقتها كان صافيا ,وهو حقا لم
يكن كذلك ,إذ أن سجلت الرأصاد الجوية قد أوضحت أن الطقس كان عاصفا,
والبحر مضطربا ,كما أن الطيارأين –باستثناء اللَّيفتنانت تايلَّورأ -178كانوا حديثي
عهد بالطيران ,ول شك في أن سوء الحوال الجوية والظلم قد أضافا مزيدا من
العباء علَّى مهمة القائد ,وعلَّى الطيارأين الشباب الذين كان معظمهم حديثي عهد
بالطيران فوقا المنطقة(.......) .
وفي كتابه الجديد "من دون أثر" يحبك بيرليتز السطورأة ويعطيها طعما جاديدا ,إذ
إنه يذكر في طبعته الجديدة عبارأة غريبة ترد علَّى لسان اللَّيفتنانت تيلَّورأ وتقول "ل
تتبعني ...كأنما هم قادمون من الفضاء"! ...أي أنه بهذا يريد أن يوهم الناس بأن
مثلَّث برمودا هو المنطقة المختارأة لنشاط الطباقا الطائرة التي أصبحت علَّى كل
لسان في الوليات المتحدة ,وبهذا يجد استجابة لما يكتب ,وتصديقا فيما يتخيل ,أو
كأنما هو يريد أن يقول –بطريق غير مباشر -إن سبب الكوارأث في هذا المثلَّث إنما
تحدث بفعل هذه المخلَّوقات الشريرة التي جااءت تعلَّن الحرب والنتقام من أهل
الرأض ,وخاصة من المريكان ,ونحن ل ندرأي –بدورأنا -لماذا جااءت هذه
المخلَّوقات الكونية العاقلَّة الفائقة الذكاء والتلَّيدة الحضارأة ,لكي تقتل وتدمر
وتسرقا؟! "179ا.هـ
178تشير التقاريإر بأمن تشارلز تايإلور كان يإعاني من الصداع بسبب الكحول ,ولم يإستطع أن يإجد شخصا ليحل مكانه في رحلة التدريإب,
وكان هو القائاد والجميع يإتبع تعليماته ويإعتمد على توجيهاته .وبعد فترة من الطيران تعطلت بوصلة تايإلور .لكنه قرر الستمرار
بالطيران اعتمادا على معالم بعض الجزر في السفل ،لكونه خبيرا بتضاريإس جزر فلوريإدا حيث كان يإعيش ،وكان يإشعر بالثقة
بالاعتماد على البصر في الطيران .واعتقد تايإلور بأمنهم كانوا يإحلقون فوق خليج المكسيك ،وأمر الدوريإة بالتجاه شرقا بحثا ل عن اليابسة,
بينما كانوا على أطراف الطلسي! وبالفعل صأرسلت طائارة للستكشاف ولم تعد هي الخرى ,ولكن هذا لم يإكن بسبب مثلث برمودا ,وإنما
لنها انفجرت في الجو بعد 23ثانية من القلع ،وشوهد انفجارها من القاعدة!
160
بعد أن أبطلَّنا إمكانية نكاح الجن للنسان نعرض لهم مسألة تتطرح حولها
التساؤلت دوماا ,وهي مس الجن النسان أو دخول الجن في النإسان!
نإتوقفا معها لنإنإظرأ هل المس الذي ذكرأه القرأآن له نإفس الدللة الموجودة في
رأؤوسنإا ,وهل يمكن دخول الجن بدن النإسان والسيطرأة عليه ,وإذا كان ,فهل
يمكن أن يكون القرأآن علجا له وعام ل
ل على إخرأاج الجنإي!
وهذه النإقطة ليست مما يعتقد به العرأب المسلمون فقط ,وإنإما هي موجودة صرأاحة
في أديان أخرأى ,مثل المسيحية ,والتي جاء فيها نإصوص صرأيحة تتكلم عن دخول
الرأواح الشرأيرأة والشياطين في بدن النإسان وقيام المسيح وتلميذه بإخرأاجهم من
النإسان ,ومن ثم نإتساءل:
هل مسألة دخول الجن في بدن النإسان –تبعا للمنإظورأ السلمي -من المسائل التي
أتت في نإصوص ثابتة ,صرأيحة الدللة على هذا المرأ؟!
وتأتي الجابة بأنإه ل نإصوص ثابتة صرأيحة الدللة على هذا المرأ ,فعمدة
اليمتملسكين بهذا القول هو بعض الرأوايات الضعيفة المنإسوبة إلى النإبي الكرأيم
وبعض الصحابة! كما أنإهم يظنإون أن لهم مستنإد في قوله تعالى:
س تذصلتك"اللصذيتن تيرأيكيلوتن السرأتبا تل تييقويموتن إصلل تكتما تييقويم اللصذي تي ت تخلبيطيه اللشريتطاين صمتن ارلتم س
صبتألنإيهرم تقايلورا إصلنإتما ارلتبرييع صمرثيل السرأتبا توأتتحلل البله ارلتبريتع توتحلرأتم السرأتبا تفتمن تجاءيه تمروصعتظرة سمن
لرأسبصه تفانإتتهتى تفتليه تما تستلتفا توأترميرأيه إصتلى السله توتمرن تعاتد تفيأروتلـصئتك أترصتحايب اللنإاصرأ يهرم صفيتها
تخاصليدوتن ]البقرأة "[275 :
فيرأون أنإها دليرل صرأيح على أن الشيطان يدخل بدن النإسان –يتلبسه -ويتحكم
فيه ,ويصيبه بالمرأاض والسقام ,وأظهرأها الصرأع ,والذي يسمونإه صرأع الجن!
على الرأغم من أن الية لم تزد عن أن تكلمت عن "تخبط من مس" ,ولم تقل بأدي
مما قالوا.
لذا نإتوقفا مع هذه الية لنإبين للقارأئ الكرأيم كيفا أن الية ل علقة لها البتة بما
يقولون ,ونإظهرأ له مثالل طيبا لفعل المفسرأين حيال بعض اليات التي ل
يستطيعون تصورأها ,ومن ثم ييفسرأها!! أحدهم بأي شكدل كان ,فيتابعه الباقون
على قوله ,لنإهم ل يجدون كذلك تصورأا لها ,ثم يصبح هذا القول الذي ل ينإطبقا
مع الية هو التفسيرأ المعتمد لها ,والذي عليه إجماع العلماء!!
ونإقدم للقارأئ الكرأيم أولل بعضا مما قاله المام الرأازي في تفسيرأه ,حول التخبط,
لينإشأ لديه تصوررأ حول معنإى التخبط ,وحول أقوال المفسرأين فيها ,والجدل الدائرأ
حول فهمها ,قبل أن نإقدم ما عنإدنإا فيها .قال المام الرأازي:
"التخبط معناه الضرب علَّى غير استواء ،ويقال للَّرجال الذي يتصرف في أمرد ول
يهتدي فيه :إنه يخبط خبط عشواء ،وخبط البعير للرأض بأخفافه) ,جامع تخف –
سه بخبل أو جانون ,لنه كالضرب علَّى غيرعمرو (-وتخبطه الشيطان :إذا م ر
161
الستواء في الدهاش(.........) ،
فالتخبط بالرجال والمس باليد ،ثم فيه سؤالن:
السؤال الول :التخبط تفعل ،فكيف يكون متعديا ا؟
الجواب :تفعل بمعنى فعل كثير ،نحو تقسمه بمعنى قسمه ،وتقطعه بمعنى قطعه.
) (........قال الجبائي :الناس يقولون المصروع إنما حدثت به تلَّك الحالة لن
الشيطان يمسه ويصرعه ,وهذا باطل ،لن الشيطان ضعيف ل يقدرأ علَّى صرع
الناس وقتلَّهم ويدل علَّيه وجاوه:
أحدها :قوله تعالى حكاية عن الشيطان }مومما مكامن للمى معلَّمسيتكسم رمن سلَّطان إللي مأن
مدمعسوتتتكسم فاستجبتم للى{ ] إبراهيم ,[ 22 :وهذا صريح في أنه ليس للَّشيطان قدرأة
علَّى الصرع والقتل واليذاء )(.......
لو كان الشيطان يقدرأ علَّى أن يصرع ويقتل لصح أن يفعل مثل معجزات النبياء
علَّيهم الصلة والسلم وذلك يجر إلى الطعن في النبروة.
الرابع :أن الشيطان لو قدرأ علَّى ذلك فلَّم ل يصرع جاميع المؤمنين ,ولم ل يخبطهم
مع شدة عداوته لهل اليمان ،ولم ل يغصب أموالهم ،ويفسد أحوالهم ،ويفشي
أسرارأهم ،ويزيل عقولهم؟ وكل ذلك ظاهر الفساد.
واحتج القائلَّون بأن الشيطان يقدرأ علَّى هذه الشياء بوجاهين:
الول :ما رأتوي أن الشياطين في زمان سلَّيمان بن داود علَّيهما السلم كانوا يعملَّون
العمال الشاقة ,علَّى ما حكى ا عنهم ,أنهم كانوا يعملَّون له ما يشاء من محارأيب
وتماثيل وجافان كالجوابي وقدورأ رأاسيات(.........) .
للَّمفسرين في الية أقوال؛ الول :أن آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا ا وذلك
كالعلمة المخصوصة بآكل الربا ،فعرفه أهل الموقف لتلَّك العلمة أنه آكل الربا في
الدنيا ،فعلَّى هذا معنى الية :أنهم يقومون مجانين ،كمن أصابه الشيطان بجنون.
والقول الثاني :قال ابن منبه :يريد إذا بتعث الناس من قبورأهم خرجاوا مسرعين
لقوله }يمسخترتجاومن لممن الجاداث ل
سمراعاا{ ] المعارأج ,[ 43 :إل آكلَّة الربا فإنهم
يقومون ويسقطون ،كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس وذلك لنهم أكلَّوا
الربا في الدنيا ،فأرأباه ا في بطونهم يوم القيامة حتى أثقلَّهم فهم ينهضون،
ويسقطون ،ويريدون السراع ،ول يقدرأون(.........) .
ف رممن
طئل ع والقول الثالث :أنه مأخوذ من قوله تعالى} :إلين الذين اتقوا إلمذا مم ي
ستهسم م
صترومن{ ] العراف "[ 201 :وذلك لن الشيطان يدعو الشيطان تممذيكتروسا فمإ لمذا تهم سمسب ل
إلى طلَّب اللَّذات والشهوات والشتغال بغير ا ،فهذا هو المراد من مس الشيطان،
ومن كان كذلك كان في أمر الدنيا متخبطاا ،فتارأة الشيطان يجره إلى النفس
والهوى ،وتارأة الملَّمك يجره إلى الدين والتقوى ،فحدثت هناك حركات مضطربة،
162
وأفعال مختلَّفة ،فهذا هو الخبط الحاصل بفعل الشيطان وآكل الربا ل شك أنه يكون
مفرطا ا في حب الدنيا متهالكاا فيها ،فإذا مات علَّى ذلك الحب صارأ ذلك الحب حجابا ا
بينه وبين ا تعالى ،فالخبط الذي كان حاصلا في الدنيا بسبب حب المال أورأثه
الخبط في الخرة ،وأوقعه في ذل الحجاب.
180
وهذا التأويل أقرب عندي من الوجاهين اللَّذين نقلَّناهما عمن نقلَّنا " .ا.هـ
والنإاظرأ فيما ذكرأه المام الرأازي –وغيرأه من كتب التفسيرأ -يجد أن هنإاك ما يشبه
الجماع بين المفسرأين على أن المرأاد من القيام في قوله "ل يقومون" هو القيام في
الخرأة- ,وذلك لورأود رأواية عن ابن مسعود ,تقول أنإه كان يقرأأ "ل يقومون من
قبورأهم" ,وكذلك رأواية عن ابن عباس تقول أنإه يقوم يوم القيامة مجنإونإا ,وكلتا
الرأوايتين ضعيفا ل يصح ,-والختلفا دائررأ حول معنإى المس ,فهل المرأاد من
المس هو القدرأة على تعذيب النإسان بوسوسة يبثها في صدرأه ,أم المرأاد من
المس هو دخول جسم النإسان والتحكم فيه!
ونإبدأ تنإاولنإا لهذه الية- ,والتي تتحدث عن الذين يأكلون الرأبا من المؤمنإين-181
بسؤالنإا :ما الدليل على أن المرأاد من القيام في الية "ل يقومون" ,هو قيام في
اليوم الخرأ؟!
إن سياقا اليات السابقة واللحقة يقول أنإها تتكلم عن قيام في الدنإيا وليس في
الخرأة ,كما أن بنإية الية نإفسها تقول ذلك ,فالملحظ أن ال تعالى قال" :ل يقومون
إل كما يقوم" ولم يقل" :لن يقوموا إل كما يقوم"!
ولست أدرأي على أي أساس جعلوا القيام الول –في قوله :ل يقومون -في
الخرأة ,بينإما الثانإي –في قوله :يقوم الذي -في الدنإيا؟!
إنإهم للما لم يجدوا معمولل للقيام قالوا أنإه في الخرأة ,وليس هذا مما ييفهم بداهة,
فمن الرأجح أن يكون القيام في الصلة مثل ,ولقد خطرأ في بالي هذا الحتمال ثم
رأأيت أنإه ل إشارأة إليه في الية ,لذلك ل يمكن القول به حتى ل نإضيفا للية من
عنإد أنإفسنإا –كما فعل المفسرأون! ,-ومن ثم فعلينإا البحث عن تصودرأ للقيام ل
يحتاج إلى معمول ,ثم اهتديت إلى أن المرأاد من القيام هو القيام بالمعنإى الشامل
له ,أي القيام بالمرأ والقيام عليه.
ثم وجدت أن الدكتورأ جمال محمود أبو حسان يقول بنإفس ما أقول به بتفصيل كبيرأ,
ومما قاله حول هذه الكلمة:
"جاء في تفسير الميزان :إن المراد بالقيام هنا هو
163
الساتواء على الحياة والقيام بأمر المعيشة؛ فإنه معنى
من معاني القيام يعرفه أهل اللسان في اساتعمالتهم،
ط ")الحديد(25: س ط
ق س س طبال س ط م الننا سقو م قال تعالى ":ل طي م س
مى طبال س ط م
ط ")النساء:
س ط
ق س موا ل طل سي ممتا م ن تم س
قو س وأ س وقال تعالى " :م
.(127وأما كون المراد به المعنى المقابل للقعود
فمما ل يناساب المورد ،ول يستقيم عليه معنى الية.
)(........
164
ول لهم هذا المنكر
وليس فيه للشيطان إل أنه سا و
بوساوساته وإيحائه "182.ا.هـ
وهنإا نإقول للقارأئ الكرأيم :أيهما تتقبل وتتبع :الذي يفهم كتاب ال كما هو ,أم الذي
يضيفا من عنإد نإفسه؟! بل ول يكتفي بذلك وإنإما يفهم كلم ال على غيرأ ما قال,
وبغض النإظرأ عن أن المفسرأين لم يتوقفوا مع الترأكيبة "يتخبطه الشيطان من
المس -بقدرأ ما تستحقا ,وفسرأوها على غيرأ ما تقول ,فإن النإقطة الرأئيس هم
فهمهم للمس ,والذين يدعون بأن المرأاد منإه دخول الشيطان في جسم النإسان
والتحكم في عقله!
والية لم تزد عن قالت أنإه مسه بنإصب وعذاب ,ل أنإه دخل فيه وتحكم في عقله,
ولو كان كذلك لما أحس به أصل! والمفسرأون مختلفون حول الية ,فمنإهم من
يقول بما ورأد في السرأائيليات ومنإهم من يقول أن النإصب والعذاب الذي أصاب
أيوب هو من الخواطرأ التي ألقاها الشيطان في صدرأه ,فأصابه بالهم والغم الشديد
بسبب حدوث المكرأوه وزوال الخيرأات.
وأعجبنإي ما قاله المام أبو بكرأ بن العرأبي ,والذي أورأده المام القرأطبي في
تفسيرأه ,تعليقا على هذه السرأائيليات –بعد أن أورأدها! ,-فنإذكرأه هنإا رأدا على من
يقبلون بهذه الخرأافات:
"وذكرأوا كلما طويل في سبب بلئه ومرأاجعته لرأبه وتبرأمه من البلء الذي نإزل
به ،وأن النإفرأ الثلثة الذين آمنإوا به نإهوه عن ذلك واعترأضوا عليه(.......) ،
قال ابن العرأبي :ما ذكرأه المفسرأون من أن إبليس كان له مكان في السماء
فقول باطل؛ لنإه أهبط منإها بلعنإة وسخط إلى الرأض، ر السابعة يوما من العام,
فكيفا يرأقى إلى محل الرأضا ،ويجول في مقامات النإبياء ،ويخترأقا السموات
العلى ،ويعلو إلى السماء السابعة إلى منإازل النإبياء ،فيقفا موقفا الخليل؟!
إن هذا لخطب من الجهالة عظيم.
182جمال محمود أبو حسان ,دراسة بعنوان :العلقة بين النسان والجان بين اليقين القرآني والموروث الجتماعي.
165
وأما قولهم :إن ال تعالى قال له :هل قدرأت من عبدي أيوب على شيء؟ فباطل
قطعا؛ لن ال عز وجل ل يكلم الكفارأ الذين هم من جنإد إبليس الملعون؛ فكيفا
يكلم من تولى إضللهم؟!
وأما قولهم :إن ال قال قد سلطتك على ماله وولده .فذلك ممكن في القدرأة،
ولكنإه بعيد في هذه القصة .وكذلك قولهم :إنإه نإفخ في جسده حين سلطه عليه
فهو أبعد ،والبارأي سبحانإه قادرأ على أن يخلقا ذلك كله من غيرأ أن يكون
للشيطان فيه كسب حتى تقرأ له -لعنإة ال عليه -عين ,بالتمكن من النإبياء في
أموالهم وأهليهم وأنإفسهم.
وأما قولهم :إنإه قال لزوجته أنإا إله الرأض ،ولو ترأكت ذكرأ ال وسجدت أنإت
لي لعافيته .فاعلموا وإنإكم لتعلمون أنإه لو عرأض لحدكم وبه ألم ,وقال هذا
الكلم ما جاز عنإده أن يكون إلها في الرأض ،وأنإه يسجد له ،وأنإه يعافي من
البلء ،فكيفا أن تسترأيب زوجة نإبي؟! ولو كانإت زوجة سوادي أو فدم برأبرأي
ما ساغ ذلك عنإدها.
وأما تصويرأه الموال والهل في واد للمرأأة فذلك ما ل يقدرأ عليه إبليس بحال،
ول هو في طرأيقا السحرأ فيقال إنإه من جنإسه .ولو تصورأ لعلمت المرأأة أنإه
سحرأ كما نإعلمه نإحن وهي فوقنإا في المعرأفة بذلك؛ فإنإه لم يخل زمان قط من
السحرأ وحديثه وجرأيه بين النإاس وتصويرأه.
قال القاضي :والذي جرأأهم على ذلك وتذرأعوا به إلى ذكرأ هذا قوله تعالى" :إذ
نإادى رأبه أنإي مسنإي الشيطان بنإصب وعذاب" ,فلما رأأوه قد شكا مس الشيطان
أضافوا إليه من رأأيهم ما سبقا من التفسيرأ في هذه القوال.
وليس المرأ كما زعموا والفعال كلها خيرأها وشرأها ,في إيمانإها وكفرأها،
طاعتها وعصيانإها ،خالقها هو ال ل شرأيك له في خلقه ،ول في خلقا شيء
غيرأها ،ولكن الشرأ ل ينإسب إليه ذكرأا ،وإن كان موجودا منإه خلقال؛ أدبال أدلبنإا
وتحميدا علمنإاه (.......) .والسرأائيليات مرأفوضة عنإد العلماء على البتات؛
ل به،
فأعرأض عن سطورأها بصرأك ،وأصمم عن سماعها أذنإيك ،فإنإها ل تعطي فكرأك
خبال "183ا.هـ
ل إل خيالل ،ول تزيد فؤادك إل
وهذا الكلم الذي أورأده المام القرأطبي عن المام أبو بكرأ بن العرأبي كلرم ثمين,
يوضح كيفا كان وينإبغي التعامل مع هذا الخرأافات ,وفيه رأرد على من يفسرأون الية
كبرأهان على أن الشيطان ييمرأض النإسان!
166
المرأاض العضوية أصلها نإفسي ,-فالنإبي كان يتألم لعرأاض قومه وأهله حتى
مرأض ,فقال ال له ارأكض برأجلك هذا مغتسل بارأد وشرأاب ,ولما شفي وهب ال له
أهله وآخرأين ,وليس معنإى ذلك أن أهله كانإوا قد ماتوا فأحياهم ال له ,بل يعنإي
أنإهم آمنإوا به مع غيرأهم رأحمة من ال ,وذلك مثل قوله تعالى" :توتوتهربتنإا تليه صمن
لرأرحتمصتتنإا أتتخايه تهايرأوتن تنإصبليا ]مرأيم ,"[53 :ول يعنإي هذا أن هارأون يأحيي لموسى!
ولما كان سيدنإا أيوب مؤمنإا حقا اليمان ,دعا ال أن يذهب ما في صدرأه ,وأن
يذهب عنإه هذا المرأض ,لنإه ليس مما يليقا بمؤمن أن يكون في مثل هذه الحالة,
فاستعاذ بال فأعاذه ,فأين الدليل على التحكم والدخول؟!
تحكيم الرأوايات
رأأينإا كيفا أن القرأآن لم يقل بشيء مما قالوا ,وأنإه يخالفا دعواهم ,وعلى الرأغم
من ذلك فإنإهم يعتبرأون قولهم هو التفسيرأ الصحيح للكلمة ,وذلك لورأود بعض
الرأوايات عن النإبي الكرأيم تقول بدخول جن في البشرأ ,ومن ذلك ما رأواه ابن ماجة
في سنإنإه:
ص مقامل: "معسن تعسثممامن سبلن أملبي اسلمعا ل
شسيعء
ض للي م ف مجامعمل يمسعلر ت طائل ل سلَّيمم معملَّى ال ي صيلَّى ا معلَّسيله و م سوتل ال م ستمسعمملَّملني مرأ ت
لميما ا س
صيلَّى ا سولل ال م ت إلملى مرأ تت مذللمك مرأمحسلَّ ت صلملتي محيتى مما أمسدلرأي مما أت م
صدلَّي ،فملَّميما مرأأمسي ت لفي م
سومل ال. ت :نممعسم ميا مرأ ت ص؟ قتسلَّ تسلَّيمم .فممقامل :اسبتن أملبي اسلمعا ل معلَّسيله و م
صلَّمموالتي محيتى مما أمسدلرأي مماشسيعء لفي م ض للي م ا ،معمر م سومل ل ت :ميا مرأ ت مقامل :مما مجاامء بلمك؟ قتسلَّ ت
صتدولرأ قممدمميي.
ت معملَّى ت س ت ت لمسنته ،فممجلَّم س طاتن ,اسدنتسه .فممدنمسو ت شسي مصدلَّي .مقامل :مذامك ال ي أت م
صسدلرأي بليملدله ،موتمفممل لفي فملمي ,مومقامل :اسخترسج معتديو ال. ب م ضمر م مقامل :فم م
ق بلمعمملَّلمك. ت ،ثتيم مقامل :اسلمح س ث مميرا د فمفممعمل مذللمك ثملم م
طلني بمسعتد "184.ا.هـ سبتهت مخالم م مقامل :فممقامل تعسثمماتن :فملَّممعسملري مما أمسح ل
فيتخذون من هذه الرواية –علَّى الرغم من ضعفها سنداا -متكئاا! ولو نظرنا في
ف تماما ,فيقول:
صحيح مسلَّم لوجادنا أن المام مسلَّم يرويها بشكل مختلَّ د
" .....حدثني عثمان ابن أبي العاص الثقفي أن النبي صلَّى ا علَّيه و سلَّم قال له:
أم قومك .قال قلَّت يا رأسول ا :إني أجاد في نفسي شيئا .قال :ادنه.
فجلَّسني بين يديه ثم وضع كفه في صدرأي بين ثديي ثم قال :تحول ,فوضعها في
ظهري بين كتفي ثم قال :أم قومك ,فمن أم قوما فلَّيخفف فإن فيهم الكبير وإن فيهم
المريض وإن فيهم الضعيف وإن فيهم ذا الحاجاة ,وإذا صلَّى أحدكم وحده فلَّيصل
كيف شاء "185.ا.هـ
184محمد القزويإني ,سنن ابن ماجة ,الجزء الرابع ,ص.568.
185مسلم النيسابوري ,صحيح مسلم ,تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي ,المجلد الول ,ص.341.
167
فكما رأأينا ,فالحديث هنا عن شيء في صدرأه ,كبعر أو وسواس ,وليس شيطانا ا يكمن
في داخلَّه يتحكم فيه! بل ونجد الرواية عند مسلَّم بشكل آخر ,فيقول:
"عن أبي العلء :أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلَّى ا علَّيه و سلَّم ,فقال:
يا رأسول ا ,إن الشيطان قد حال بيني وبين صلتي وقراءتي يلَّبسها علَّي.
فقال رأسول ا صلَّى ا علَّيه و سلَّم :ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته
فتعوذ بال منه ,واتفل علَّى يسارأك ثلثا .قال :ففعلَّت ذلك فأذهبه ا عني "186ا.هـ
والذي يظهرأ أن الرأواة خلطوا بين الرأوايتين هذه والسابقة فأخرأجوا منإها شك ل
ل
جديدا ,هو ما وجدنإاه عنإد ابن ماجة ,وبدلل من أن يكون الرأجل يتفل على يسارأه,
أصبح النإبي يتفل في فم الرأجل!! وبعد أن كان شيطانإا يوسوس أصبح شيطانإا في
داخله ,يأمرأه النإبي بالخرأوج منإه!
وحديث ابن ماجة على الرأغم من ذلك ليس صرأيحا في إثبات دخول الجن في
النإسان والتحكم فيه ,لنإه يتحدث عن وسوسة في الصلة ,وهي حاصلة عنإد كل
المصلين ,ولم تذكرأ الرأواية أنإه خرأج منإه شيء!
فهذه الرواية تتحدث عن شخص مجنون ,تأتيه بعض النوبات ,ولرما دعا له الرسول
خرج من فمه شيء مثل الجرو السود! فهذا دليعل صريح علَّى التلَّبس وعلَّى تأثير
الجن في النسان وإصابته بالصرع وخلفه.
إل أنه يشغب علَّيهم أنها –وكل الروايات المشابهة -ضعيفة سنداا ,مردودة متنا ا
188
والفة الكبرى أن هناك من يدافع عنها باستماتة! لنه يعدها من عقائد أهل السنة
والجماعة ,فإذا أقر بضعف هذه الروايات ,يقول أن هناك رأوايات صحيحة تقول
بذلك ,ومن ثم يدلل علَّيها بروايات ليست في موضع الستدلل ,مثل ما ورأد أن النبي
قال أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم!
وهي مقولة تتحدث عن الشك الموجاود عند النسان ,ليس أكثر ,وذلك لنها قيلَّت
لما قام الرسول الكريم ليقلَّب زوجاه صفية ,والتي أتت لزيارأته في معتكفه ,فلَّما رأآه
186المرجع السابق ,المجلد الرابع ,ص.1728.
187أحمد بن حنبل ,المسند ,المجلد الول ,ص.239.
188انظر "السطورة التي هوت ,علقة النسان بالجان" لحسان عبد المنان ,والذي عرض لكل هذه الروايإات وأظهر ضعفها.
168
صحابيان أسرعا ,فقال لهما :علَّى رأسلَّكما ,إنها صفية ,فقال :سبحان ا! –أي
أنهما ل يمكن أن يشكا في النبي-
فهنا قال النبي مقولته الشهيرة "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم".
ونجد أن مسلَّم زاد " وإني خشيت أن يقذف في قلَّوبكما شرا أو قال شيئا" ,فهذا
دليعل صريح علَّى أنها في الوساوس والظنون!
وعلَّى الرغم من أن الرواية تظهر إبلَّيس بشكل أقرب إلى الله ,وعلَّى الرغم من أن
مختلَّقها نسي أن أم مريم لم تدع هذا الدعاء إل بعد ولدة مريم ,وبعد أن عرفت أنها
أنثى ,وهذا يعني أن الدعاء تحقق بأثر رأجاعي!! وعلَّى الرغم من أنه ليس حكراا
علَّى مريم وذرأيتها ,فمن المكن أن يدعو أي إنسان بهذا الدعاء!
علَّى الرغم من هذا كلَّه ,فإن هذه الرواية ليست دليلا علَّى ما يقولون ,وإنما هي
دليعل علَّى أن الشيطان يصيبه بشيء ,فمن أجال ذلك يبكي عند ولدته!
وهو تفسير خرافي لحدث واقع ل يعرف الناظر له علَّة ,لذلك تنسب إلى الجن كفاعدل
خفي! كما كان يفعل الجاهلَّيون!!
إن مشكلَّة أرأباب مدرأسة الحديث ,أنهم يحكمونه في القرآن ,بدلا من أن يجعلَّونه
تابعاا له ,وذلك رأاجاع لنهم أفنوا أعمارأهم فيه ,أما القرآن فلَّيس لجلَّهم به علَّم!
والواجاب علَّى كل مسلَّدم أن ينظر أولا في كتاب ا لينظر ماذا يقول بشأن أي
مسألة ,ثم ينظر بعد ذلك في الروايات ,ليخبر هل توافق الكتاب العزيز أم ل ,فإن
وافقت فبها ونعمت ,وإن لم توافق كان من الواجاب رأدها!
فإذا نظرنا في كتاب ا وجادنا أنه لم يتحدث في آية واحدة عن دخول "جان" في
جاسم النسان ,بل إن المشركين الذين حكا القرآن قولهم ,ورأرد علَّيهم ,لم يقولوا أن
النبي الكريم يأتيه جان ,يلَّقي الكلم علَّى لسانه ,وإنما كانوا يقولون" :به جانة"
صوا بلله محيتى لحيدن ]المؤمنون "[25 : " إلسن تهمو إليل مرأتجاعل بلله لجانيةع فمتممربي ت
ضمللل ال مكلذبا ا مأم بلله لجانيةع بملل اليلذيمن مل يتسؤلمتنومن لباسللخمرلة لفي اسلمعمذا ل
ب موال ي "أمسفتممرى معملَّى ي
اسلبملعيلد ]سبأ "[8 :
صالحبللهم دمن لجانيدة إلسن تهمو إللي نملذيعر سملبيعن ]العراف "[184 : "أممولمسم يمتمفميكتروسا مما بل م
189محمد بن إسماعيل البخاري ,صحيح البخاري ,تحقيق :محمد زهير بن ناصر الناصر ,الجزء الرابع ,ص.164.
169
وذلك لن "الجن" كما قلَّنا هو القوي الفائق ,أم "الجنة" فهي كائنات غير بشرية,
وحتى قول المشركين أن به جانة ,ل يعني أن هناك كائن متلَّبس بالنبي ,وإنما كانوا
يقصدون أن هناك كائن يأتي النبي الكريم فيلَّقي بالقرآن علَّى لسانه ,كما كانت
شياطين الشعراء المزعومة تلَّقي القصائد الجيدة علَّى ألسنتهم.
س بالنبي أو بالشاعر ,يجعلَّهففي جاميع الحالت ل يقصدون أن هناك جاان متلَّب ع
يتصرف بخبل!
وبما أنإنإا نإتكلم عن "به صجنإة" ,فنإلفت انإتباه القارأئ إلى أن تعبيرأ "به جنإة" وكذلك
"مجنإون" المذكورأان في القرأآن ,ل ينإبغي أن نإفهمها بالمدلول المعاصرأ ,فهما ل
يعنإيان أبدا أنإه مخبول ل يعقل أويتصرأفا بطيش ,وإنإما يعنإيان أنإه صاحب صجنإة,
وأن ما يقوله ليس من عنإده ,وإنإما ييلقى على لسانإه!
فلم يكن أهل قرأيش بعظيمي الحمقا حتى يقولوا أن من يأتي بمثل هذا القرأآن
مخبول ,فإذا كان من يختلقا هذا مخبول ,فما هو حال الباقين؟! وإنإما كانإوا يرأيدون
التعرأيض به والقول أنإه شاعرأ عظيم أو معلم حسن التعلم ,غرأيب الطوارأ والقوال,
يسجع كما يسجع الكهان! إل أنإهم لم يعنإوا أبدا ب "مجنإون" أو "به جنإة" الستعمال
المتأخرأ الذي أصبحت الكلمة تستعمل به!
وتدبرأ عزيزي القارأئ اليات القادمة تجد معنإاها أكثرأ استقامة على قولنإا:
شالعدر يمسجتنودن ]الصافات [36 :"مويمتقوتلومن أمئلينا لممتالرأتكوا آللمهتلمنا لل م
ثتيم تمموليسوا معسنهت مومقاتلوا تممعلَّيعم يمسجتنوعن ]الدخان [14 :
سالحعر أمسو ممسجتنوعن ]الذارأيات [39 : فمتممويلى بلترسكنلله مومقامل م
ت مرأبدمك بلمكالهدن مومل ممسجتنودن ]الطورأ "[29 :ت بلنلسعمم ل فممذدكسر فممما مأن م
سلطان الشيطان
على الرأغم من أن القائلين برأكوب الشيطان النإسان يقرأون بأن النإسان هو الخليفة
في الرأض ,إل أنإهم ل يجدون حرأجا في أن يكون لمخلوقا طفيلي تابع سلطان
عليه ,ول يجدون في هذا تعارأضا مع تكليفه وتشرأيفه!
والنإاظرأ في القرأآن يجد أن ل مستنإد لهم في دعواهم ,فال العليم قد ذكرأ السلطان
الذي يمنإح لبليس –وهو كبيرأهم -في اعترأادفا يقدمه إبليس بنإفسه في اليوم الخرأ,
وهو قوله تعالى:
" توتقاتل اللشريتطاين تللما يقصضتي اتلرميرأ إصلن الله توتعتديكرم تورعتد ارلتحسقا توتوتعدبتيكرم تفتأرختلرفيتيكرم توتما
ل تيلويموصنإي تويلويمورا تأنإيفتسيكم تكاتن صلتي تعتلرييكم سمن يسرلتطادن إص تلل تأن تدتعرويتيكرم تفارستتجربيترم صلي تف ت
] .....إبرأاهيم "[22 :
170
فهو نإفسه يقول أنإه لم يكن له سلطان علينإا إل أن دعانإا فاستجبنإا له ,وأن علينإا أن
نإلوم أنإفسنإا وليس هو.
ونإلحظ أن ال تعالى استخدم أسلوب الحصرأ القصرأ "ما ...إل" ,فلم يقل :أنإا
دعوتكم فاستجبتم ,وإنإما قال أنإه سلطانإه كان محصورأا في دعوتنإا ,فهل نإكذب كلم
ال ونإقول أن القصرأ ل يفيد الحصرأ ,وأنإه كان له علينإا سلطان الدعوة وكذلك
التحكم والمرأاض!!
كما أن ال تعالى بلين أن هذا السلطان ليس على كل البشرأ ,وإنإما على من يتبعونإه
فقط ,فإذا أنإت أطعته كان له سلطان عليك:
س تلتك تعتلريصهرم يسرلتطارن إصلل تمصن التتبتعتك صمتن ارلتغاصويتن ]الحجرأ "[42 : " إصلن صعتباصدي تلري ت
س تليه يسرلتطارن تعتلى اللصذيتن آتمينإورا توتعتلى ترأسبصهرم تيتتولكيلوتن إصلنإتما يسرلتطاينإيه تعتلى اللصذيتن" إصلنإيه تلري ت
تيتتولروتنإيه تواللصذيتن يهم صبصه يمرشصرأيكوتن ]النإحل "[100-99 :
فليس له سلطان على المتوكلين على ال وإنإما فقط على الذين يتولونإه ,فيجرأهم
إلى الهلك ,ويجعلهم من أعوانإه وجنإوده.
وال تبارأك وتقدس بلين لنإا في كتابه كيفا هو هذا المس الذي يمكن أن يمسه
الشيطاين النإسان ,وأنإه ل يزيد عن الوساوس ,وعلرأفنإا كيفا يمكن إبطاله ,وأن ذلك
يكون بالستعاذة.
وللعلمة الشعرأاوي -رأحمه ال -لطيفة في تنإاوله لليات التي تتعلقا بحقيقة
المس ,يقول فيها:
"ويجب أن نلحظ أن ا عز وجال قد فررقا في الحديث بين رأسول ا صلَّى ا علَّيه
وسلَّم وبين أمته ..فعندما خاطب رأسوله علَّيه الصلة والسلم قال" :وإما ينزغنك
من الشيطان نزغ فاستعذ بال إنه هو السميع العلَّيم" ..ولكن عندما خاطب أمة
رأسول ا صلَّى ا علَّيه وسلَّم قال:
صترومن ]العراف : طالن تممذيكتروسا فمإ لمذا تهم سمسب ل
شسي م
ف دممن ال ي "إلين اليلذيمن اتيمقوسا إلمذا مم ي
ستهسم م
طائل ع
"[201
إذن فعندما تكلَّم الحق عن المؤمنين ..انتقل إلى المس ,ولكن من رأحمته أنه لم
ينتقل إلى مرحلَّة اللَّمس )اللتحام( ..
فالشيطان ل يلَّتحم بإنسان مؤمن ..وإنما يكون علَّى مسافة قريبة منه ..ماذا يحدث
في هذه الحالة؟ ..يتذكر المؤمنون قدرأة ا عز وجال علَّى الشيطان ..ويتذكرون أن
منهج ا يحميهم من الشيطان "190.ا.هـ
171
فإذا كان الجن –الكافرأ طبعا -يرأكب النإسان ويسيطرأ على عقله ,فقد سيطرأ عليه
وأسقط عنإه التكليفا ,وال ينإفي أن يكون للكافرأين على المؤمنإين سبيل ,فهل هنإاك
سبيلر أقوى من هذا؟
فكيفا نإدعي بعد هذا كله أنإه –أو أيا من أتباعه -يستطيعون أن يدخلوا في جسد
النإسان ويتحكموا فيه؟!
إن هذا القول مخالرفا للقرأآن أشد المخالفة ,لذلك فل يمكن القبول به بحال,
وليست هذه هي الدلة فقط من القرأآن ,فهنإاك أدلة أخرأى تؤكد ل عقلنإية هذا
المرأ ,وأنإه خرأافة في خرأافة ,وأنإه يهدم نإفسه بنإفسه ,وسيعجب القارأئ كيفا لم
ينإتبه إلى التنإاقضات في هذه المسألة.
أسباب المس
إذا نإظرأنإا في السباب التي يذكرأونإها سببا للمس –تبعا لتصورأهم -نإجد عجبا,
وأمورأا ل منإطقا فيها ,فمما ذكرأه أحدهم في ذلك:
"ويمكن تلَّخيص أسباب مس الجن للنس فيما يلَّي:
-1عشق الجني للنسية ,أو عشق الجنية للنسي.
-2ظلَّم النسي للَّجني ,بصب ماء ساخن علَّيه ,أو بالوقوع علَّيه من مكان عادل
وغير ذلك.
-3ظلَّم الجني للنسي ,كأن يمسه دون سبب ,ول يتسنى له ذلك ,إل في حالة
من هذه الحالت الرأبع:
-2الخوف الشديد -1الغضب الشديد
191
-3النكباب علَّى الشهوات -4الغفلَّة الشديدة " ا.هـ
وهي أسباب عقيمة ساذجاة ,تنبئ عن عقلَّية المصدقين بها ,فإذا كان هناك من
يقول أن الجلَّوس بين الظل والشمس قد يؤدي إلى تلَّبس الشيطان النسان,
وهناك من يصدقا بهذا الدجال ,فماذا ننتظر من هذه العقول!!
191وحيد عبد السلما بالي ,وقايإة النسان من الجن والشيطان ,ص.75-74.
172
إن الخوض في هذه المسائل حديث عن الظن بالظن ,فنتركه لمن يقبلَّونه في
دينهم ,ونقصد كتاب رأبنا اليقيني ,نستخرج منه النافع والقطعي.
فالله تعالى يقول أن كتبه كلها هدى ورأحمة وشفاء لما في الصدورأ ,والذي ل
يتبعها يكون من الخاسرأين ,فكيفا يؤذي القرأآن الجن؟
إن المشعوذين والدجالين يدعون أنإهم يخرأجون الجن بالقرأآن ,لنإهم يخافون من
أن يحرأقهم القرأآن إذا قرأأه الدجال عليهم! فإذا كان القرأآن يؤذيهم لدرأجة أنإه قد
يحرأقهم أو حتى يسبب لهم اللم الشديدة!! ,فكيفا نإطالبهم باليمان به وبالستماع
إليه حتى يدخلوا في السلم؟! وكيفا استمع الجن المزعوم إلى القرأآن أيام الرأسول
و لم يحترأقوا؟!
نإعم ,نإحن نإعلم أن القرأآن يقول عن نإفسه ......" :يقرل يهتو صلللصذيتن آتمينإوا يهلدى توصشتفاء
تواللصذيتن تلا يرؤصمينإوتن صفي آتذاصنإصهرم تورقررأ تويهتو تعتلريصهرم تعلمى ] ...فصلت "[44 :
ولكن هذا يعنإي أنإه ل يجدي معهم نإفعا ,وأنإهم لن يستجيبوا له ,وسيكرأهون
سماعه ,لنإه يحرأك ضمائرأهم الميتة ,إل أن هذا ل يعنإي أنإه يحرأقهم!!
ولنإا أن نإتساءل :إن القرأآن يتلى في كل مكان في العالم السلمي –على القل,-
في البيوت وفي المساجد وفي الطرأقا وفي وسائل المواصلت ...الخ ,أفلا يسمع
الجن الموجود داخل النإسان القرأآن؟
بداهةل هو يسمعه شاء أم أبى ,ول يؤثرأ فيه بتاتا ,فلماذا يؤذيه إذا كان فقط من
الشيخ الذي سيخرأجه؟ هل رأبما لقبح صوته؟!
وإذا قلنإا أنإه ل يؤذيه إل القرأآن الذي يتلوه من يظن أنإه يعالج بالقرأآن ,فلنإا أن
نإتساءل :لماذا ل يخرأج الجان عنإد مجيء الشيخ العبقرأي البرأكة ,ويدعه يضرأب
المسكين حتى يكاد يهلكه ,ثم يعود مرأة أخرأى بعد انإصرأافا الشيخ ,فيدخل فيه؟!
173
أم أن ال –تعالى وتقدس -أعطى الجان رأخصة لدخول النإسان مرأة واحدة فقط,
ول ييسمح له أو لغيرأه بدخوله بعد ذلك؟!!!
وكما رأأينإا فالمسألة متنإاقضة ,مخالفة لكتاب ال صرأيح المخالفة ,وما يقبلت إل لبعد
النإاس عن كتاب رأبهم ,ولعدم تدبرأه ومعرأفتهم بما فيه.
ول نود أن نظلَّم الحديث ,فنقول أنه هو الذي ورأد فيه هذه الفرية ,مخالفا للَّقرآن,
فالحاديث الوارأدة بهذا الشأن ضعيفة ,والصحيحة تتلَّوى أعناقها حتى تصبح دلي ا
ل!
كما أن هناك في الحديث ما يوافق القرآن ,ويقول بأن الشيطان ليس له سلَّطان علَّى
النسان إل الوسوسة فقط.
بل قال الشيخ شعيب الأرأناؤوط في تحقيقه علَّى المسند :حديث صحيح علَّى شرط
الشيخين .193بل لقد وجادت عالماا كبيرا من علَّماء الحديث يعقد بابا من أبواب كتابه
فيسميه" :باب ذكر البيان بأن ل قدرأة للَّشيطان علَّى ابن آدم إل علَّى الوسوسة
فقط" .وذلك استنباطا من هذا الحديث.194
192ابن حبان ،صحيح ابن حبان ،ج 1ص ،67وأحمد بن شعيب النسائاي ،ت)303هـ( ،سنن النسائاي الكبرى ،تحقيق عبد الغفار
البنداري وسيد حسن ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط ،1سنة 1991ما ،ج 6ص .171وأبي داوود ،سنن أبي داوود ،ج 4ص
.329والطبراني ،المعجم الكبير ،ج 10ص .338
193تحقيق المسند ،ج 2ص .87
194ابن حبان ،صحيح ابن حبان ،ج 1ص .67
174
وهذا الحديث بألفاظه المختلَّفة هو من قبيل القصر الحقيقي بل رأيب ،فهو يقصر
فعل الشيطان علَّى الوسوسة ،ويحصر فعلَّه فيها وحدها ".195ا.هـ
وكما رأأينإا فالكتاب يؤكد أنإه ل سلطان له إل أن يدعونإا 196إلى فعل المعاصي ,وأن
كيد الشيطان ضعيفا ,والصحيح الثابت من قول الرأسول يقول بذلك ,فهل لمددع أن
يدع أن له سلطان غيرأ ذلك؟!
ويعتبر المنجم السويدي إيمانويل سودنبورأج أول من ادعى أنه أجارى اتصالا مع
سولدسنبورأج، أرأواح الموتى ,وقد جااءت "كنيسة أورأشلَّيم الجديدة" ،التي أسسها س
بتعاليمه إلى أميركا في أواخر سنة .١٧٠٠وقام جاون تشابمان )جاوني آبلَّسيد(
بنشر عقيدته عبر أميركا القديمة.
إل أن البداية الحقيقية لهذا الفن! كانت في منتصف القرن التاسع عشر ,وتحديداا في
عام ,1848علَّى يد أختين شابتين ,وهما كاتي ) 12عاماا( ومارأجاريت فوكس )١٥
سنة( ,وذلك بعدما انتقلَّتا مع والدهما جاون فوكس وأمهما إلى منزل في قرية
هايدسفيل ,بالقرب من نيويورأك ,والذي كانت تتثارأ حوله إشاعات أنه مسكون
بالشباح!
وادعت الفتاتان أنهما سمعتا أصوات قرع غريبة في البيت ,بدون ظهورأ من
يصدرأها ,وأنهما اكتشفتا أن من يصدرأها هو رأوح ميت ,عندما سألتاه ماذا يكون,
وعندما طرحا هذا الحتمال علَّيه ,فأجااب بالقرع/النقر موافقا!! ثم ادعتا أنهما
اكتشفتا لشفرة تمكنهما من التصال بالرأواح!
وأدى انتشارأ خبر هذه الحادثة إلى ولدة الحركة الروحانية المعاصرة في أمريكا
195جمال محمود أبو حسان ,دراسة بعنوان :العلقة بين النسان والجان بين اليقين القرآني والموروث الجتماعي.
196يإحاول بعض أنصار التفسير العلمي للديإن تحديإد كيفية وسوسة الشيطان ,وذلك من خلل المعطيات العلمية المكتشفة ,ومما قاله
ف لهذه العملية:
بعضهم كتوصي ن
"من المعروف علم ليا أن الدماغ في النسان يإمكن أن يإتأثر بالموجات الكهرومغناطيسية ،وبما أن الجن مخلوق من نار ,وهو الرأي
الثابت لهل الديإانات السماويإة والنار هي عبارة عن طاقة موجية ،وبالتالي فإن الموجات عمولما لها تأثير على عقول البشر ,وبالتالي
يإمكن تفسير الوسوسة الشيطانية بتأثير موجي على العقل" ا.هـ
إل أن هذا القول يإحتاج إلى تعديإل ,فوسوسة الجن وتأثيره ل يإقعان على الدماغ ,وإنما على "النفس" والتي هي النا ,التي تتخذ القرار
وتبلغه الدماغ ,التي تقوما بتسليمه لباقي أعضاء الجسد!
175
وأورأوبا والعالم كلَّه ,بل وتألفت كتب عنها ,وصارأت علَّما ا تيدرأس في بعض
الجامعات! وكذلك تأنشأت العديد من الجمعيات لتحضير الرأواح ,بغرض معرفة
حالها في عالم الرأواح ,أو كشف بعض الحوادث التي وقعت في الماضي!
وكما رأأينا فلَّقد نشأ هذا "العلَّم"!! علَّى يد طفلَّتين! ومن ثم يحق لكل مصدقا به أن
يشكر لهاتين الطفلَّتين عظيم صنيعهما ,والذي عررف الناس بهذا الفن العظيم!
إل أنه سيعكر علَّيه أن الخت الكبرى مارأجاريت فوكس ،قد اعترفت بعد مضي
أرأبعين سنة من هذا الدعاء ,أن كل ما حصل كان احتيالا! وبرينت كيف استطاعت
هي وأختها إحداث أصوات القرع بفرقعة مفاصل رأكبهما وأصابع أرأجالَّهما!
وعلَّى الرغم من إقرارأ إحدى مؤسستيه بالحتيال ,فإن "العلَّم" لم ينهارأ ,وذلك لن
الفكرة كانت قد استهوت الكثيرين ,فإذا كانتا هاتان محتالتين ,فلَّيس الخرين كذلك,
والمطروح المقدم هو بحوث سلَّيمة!!
ووصل المر إلى بلدنا العربية ,ووجادنا من يتقبلَّه ويدعو إليه ,علَّى الرغم من إن
تحضير الرأواح أمر ل يمكن حدوثه من المنظورأ السلمي ,بل والمسيحي ,ولن
نعرض أقوال المسلَّمين في استحالة حدوث هذا المر ,وإنما نترك البابا شنوده ليرد
هو هذه المرة علَّى من يقول بتحضير الرأواح ,فيقول:
"منذ القديم والناس يحاولون أن يتصلَّوا بأرأواح الذين ماتوا من قبل .وقد نهى
الرب عن هذا المر ,في أول شريعة مكتوبة .وذلك في سفر التثنية لموسى النبي.
واعتبر التصال بأرأواح الموتى رأجاساا من أرأجااس المم الوثنيين ,وضمه إلى
العرافة والسحر وعمل الجن )أي الرأواح الشريرة( )(........
وللسف انتشر تحضير الرأواح في أيامنا ,واعتبروه علَّماا! وصارأ له أساتذة
يدرأسونه في أقسام متخصصة في الجامعات .واحتشم بعض رأجاال الدين أمامه,
وقالوا" :نحن ككنيسة ل نقف في سبيل العلَّم"
عجعب هذا المر! ا تبارأك اسمه ,يقول عنه في الكتاب المقدس إنه رأجاس ,ونحن
نوافق علَّى أنه علَّم ,وله كرامته التي ل تمس!! )(......
ومن جاهة تحضير الرأواح ,نسأل :أي رأوح يحضرونها؟ هل هي رأوح بارأة أم
شريرة؟ والمعروف أن الرأواح البارأة تذهب إلى مكان انتظارأها في الفردوس ,بينما
الرأواح الشريرة تذهب إلى مكان انتظارأها في الجحيم(......) ,
فمن الذي يستطيع أن يحضر رأوح رأسول أو نبي وينزله من الفردوس؟! بأي
سلَّطان يفعل هذا؟! وبأرية قوة؟! )(.....
ومن ناحية أخرى ,من يستطيع أن تيخرج واحداا من ساكني الجحيم ,ويرجاعه إلى
العالم ,ليلَّتقي ببعض أقارأبه أو أحبائه علَّى الرأض(.....) .
وهل نزول الرأواح إلى الرأض يكون بمشيئة ا؟ أي هل يوافق ا علَّى ما يفعلَّه
"علَّماء الرأواح" ويترك باب السماء مفتوحا ا تينزلون منه ممن يشاءون ,وباب
176
الجحيم مفتوحا ا تيخرجاون منه من يشاءون؟! أليست الرأواح كلَّها في يد ا ,وتحت
سلَّطانه؟ إذن ما سلَّطان "علَّماء الرأواح" علَّى الرأواح؟! "197ا.هـ
ولقد أجااد البابا شنودة في إبطال دعاوى القائلَّين بتحضير الرأواح ,وعلَّى الرغم
من ذلك ,وجادنا بعضاا من عبيد الغرب ,الذين يتصيدون كل ساقطة ولقطة ,أخذوا
هذه الترهات وأعادوا نشرها في بلدنا السلمية ,مع تقديم بعض المبررأات ,التي
تقول أن المر يمكن وقوعه ,وليس مستحيل! فوجادنا من يدعي أنه يمكن التصال
بالروح عن طريق الوسيط ,وذلك بأن تحتل الروح جسد أحد الوسطاء بعد دخوله
في غيبوبة وتتكلم الروح بلسان هذا الوسيط وتجيب عن كل ما يوجه لها من
أسئلة!!
ولست أدري ما هي مقدرة ذلك البشري ً,الذي يحضر الروح من عنإد بارئها ً,من
عالم آخر ً,له قوانإين لم يعلمنإا ا بها!!198
إن الطرق التي يدعون أنإهم يستحضرون الرواح بها ل تزيد عن كونإها لعب
أطفال –ربما لن مخترعيها أمريكيون! -ويستحيل أن تكون حقا ا وسائل لمخاطبة
واستحضار أرواح من عنإد مالكها!
فمن تلك الطرق طريقة السلة ً,والتي تعتمد على أن يمسك اثنإان سلة بأطراف
أصابعهما ً,ويثبا قلماا في مقدم السلة ً,وتكون هنإاك ورقة معلقة على الحائطً,
والمفترض أن تتحرك السلة لتكتب بالقلم المثبت على الورقة المعلقة!
ومن تلك الطرق –والتي اشتهرت في اليام الخيرة ً,بسبب تنإاولها سينإمائياا-
طريقة بلنإشيت ً,وهو لوح عجيب الشكل ,محفورأة علَّيه حروف وأرأقام ,وكلَّمتا
)نعم( و )ل( وثمة مؤشر علَّى هذا اللَّوح ,علَّى شكل قلَّب يتحرك بطريقة معينة,
ويفترض أرن حركة هذا المؤشر ,هي استجابة الروح للَّمتصل.
ثم قام أحد مخترعي هذه اللَّعبة بتطويرها ,وأسماها اسما ا جاديدا ,وهو :الويجا!
وادعى أنها كلَّمة فرعونية تعني الحظ السعيد!!
والعجب كل العجب فيمن يصدق أن ألعاب الطفال هذه قد تجلب شيئا ا غير الربح
الوفير لمخترعيها من أموال آلف الحمقى الذين يشترونإها!
وإذا افترضنإا –حمقا ا وليس جدال -أن روحا ا ما تحضر ً,لتلهو وتلعب! فلنإا أن
نإتساءل :أين تذهب روح الوسيط ً,عنإد مجيء الروح الخرى؟! أم أنإه يصبح
إنإسانإا ا بروحين !!199ولست أدري ما الذي يدفع الروح للنإصراف مرة أخرى بعد
حلولها في هذا الشخص ً,فها هي قد حلت في جسد ً,ويمكنإها أن تبدأ حياة جديدةً,
177
أم أن لهذا الوسيط القدرة على صرفها؟! –لحظ أنإه وسيط وليس حاكماا!!-
ووجدنإا من يقول أنإه يمكن أن تظهر الروح بدون وسيط ً,وإنإما عن طريق التجسدً,
والذي يعنإي أن تظهر الروح مجسدة في صورة مطابقة لصورة صاحبها في الدنإيا،
ومن ثم فيمكنإها أن تتحدث ،كما يمكن التقاط صور لها بواسطة الشعة تحت
الحمراء!!
وكما هو متوقع سأظهرت العديد من الصور ً,التي يقال أنإها صور لرواح متجسدةً,
لثبات هذه العملية!! ولكن لم تكن هذه الصور أكثر من لقطات سمخأتلقة!
ويكفي لثبات دجل هذه العمليات ً,أنإه لم يتمكن أي أحقد حتى الن من ثبات صحة
اتصاله بالرواح ً,كما لم ستقدم أي إثباتات جادة على ظهور شبح حقيقي أو إجراء
حواقر معه! ولقد أعلنإت مجلة "ساينإتفيك أميريكان" –وهي مجلة علمية لها
وزنإها -عن جائزة مالية ضخمة لمن يؤكد صدق هذه الدعاءات! ولكنإها ل تزال
تنإتظر ً,ولم يحدث أن فاز أحد بالجائزة ...ً,ولن يحدث!
إن القول بإمكانإية تحضير الرواح ل يعنإي سوى أن هذه الرواح حرة طليقة في
عالم آخر ً,ترى وتدرك ما يجري حولها ً,وكل ما ينإقصها هو الوسيلة للتصال مع
البشر! وهو ما يوفره الوسيط! وهذا الدعاء يرفضه الدين تماماا!
لهذا وجدنإا أن السلميين يرفضون تماما ا القول بتحضير الرواح ً,لما فيها من
مخالفة لعقيدة 200السلم ً,ولما فيها من دعوة إلى عقائد لديان ومذاهب أخرى!
وبما أن هذا الدجل قد تم اختلقه في الغرب ً,فل بد أن يحمل أفكاراا ً,يسعى
أصاحبها لنإشرها من خلل هذا "العلم"!! وكعادة النإاقلين الذين ينإقلون بدون
تبصر ً,وجدنإا أن المؤمنإين –أو المنإتفعين -بهذا المر ً,يعملون على نإشر هذه
الفكار ً,ظنإ اا منإهم أن هذه الفكار هي من صلب العلم ً,وأنإه ل يمكن فصل هذا عن
ذاك ً,فقاموا بتقديم السم في القرف!
وانإتبه السلميون إلى هذه الفكار الدخيلة التي يعمل الخرون –عمداا أو بسذاجة-
على نإشرها ً,فأخذوا يحذرون من أن هذا الفن هو وليعد للصهيونإية ً,تسعى لنإشر
أفكارها من خلله ً,وفي هذا يقول محمد حسين:
"ومن أقوى الدلة علَّى صلَّة الروحية بالصهيونية العالمية الهدامة ,المطابقة
الكاملَّة بين مزاعم الروحيين وبين عقائد اليهود في تصورأ الثواب والعقاب خاصة.
فكلهما يعتقد أنهما سيكونان في آخر الزمان علَّى الرأض .وبمثل ما يبشر )شهود
يهوفا( بقرب السلم الدائم والنعيم الخالد ,حين تحكم إسرائيل وتنتصر علَّى أعدائها,
يزعم الروحيون أن التواصل سوف يزداد حتى يتم ويصبح عاما ا بين الحياء
والموات .وعن طريقه سوف يتحقق )السلم والطمأنينة الروحية ,وسعادة القلَّب
200استعمال كلمة"عقيدة" في مجال اليإمانيات استعمال غير صحيح ,ولقد عرضنا لها في كتابنا :عقائاد السلميين! وبمينا تهافتها ,إل أنها
وبكل أسى الكلمة التي يإفهم القارئ منها ما نريإد!
178
والنفس( بعد أن تتحطم )الحواجاز بين الشعوب وبين العقائد والديان ,ويقذف بعيدا
بالجهل ليحل الحق محلَّه( "201ا.هـ
والحق يقال أنه يمكن اعتبارأ الروحانية دين جاديد يبشر بمبادئ جاديدة ,وعلَّى
النسان اليمان بها ,بغض النظر عن توافقها مع دينه أم عدمه ,فالروحانية هي
دين المستقبل! ويصدقا المتبعون ويرون أن إيمانهم بهذه الفكارأ ل يتعارأض مع
إيمانهم بدينهم –الذي ينتسبون إليه فقط ول يعرفونه-
فإذا نظر المرء في الموطن الذي أوضح فيه ذلك ,وجاد أنه قد ذكر بعض الروايات
التي تتحدث عن تشكل الجن في شكل بشر! وبالتأكيد فإن حلَّول جان في إنسان
يختلَّف عن تشكلَّه علَّى هيئة إنسان! –وقد أبطلَّنا الصنفين-
وكما رأأينا ,فلَّكي يبطلَّوا خرافة استعانوا بخرافة أخرى وهي الستعانة بالجن
وتسخيرهم ,ليحققوا لهم ما يحلَّوا لهم ,فيأتون ويتكلَّمون كما يريد المشعوذ!
وتجدهم يتخذون تسخير الجن لسلَّيمان دليلا علَّى إمكانية تسخيره لغيره ,ويقولون
أن تستخيرهم لسلَّيمان ,لم يكن بشعوذة وإنما بأمر ا ,أما هؤلء فيسخرونهم
بشعوذات وما شابه!
إل أنه يشغب علَّى قولهم أن دعاء سيدنا سلَّيمان كان أن يؤتى ملَّكا ا ل ينبغي لحد
من بعده ,فلَّماذا أعطى لهؤلء المشعوذين ما أعطى لسلَّيمان؟! كما أن ا سخرهم
لعلَّة وهي بناء اختراعات سيدنا سلَّيمان العظيمة النافعة ,فلَّماذا يسخرهم لهؤلء؟!
والعجب كل العجب أنهم يتجاوزون هذه النقطة الفاصلَّة كأنها غير موجاودة ,ثم
يبدءون في التعريف بكيفية تسخير الجن ,وكيف أن هذا من الشرك! وأنه لزاعم أن
يكفر النسان حتى تيسخر الجن له ,ومما قالوا بهذا الشأن:
201محمد محمد حسين ,الروحية الحديإثة دعوة هدامة ,ص.72-71.
202مجدي محمد الشهاوي ,تحضير الرواحا وتسخير الجان بين الحقيقة والخرافة ,ص.92.
179
" الجن ل يساعد النسان –أي إنسان -ول يخضع له إل إذا كان كل منهما علَّى
عقيدة واحدة ودين واحد .فإذا كان الجني كافراا فإنه –ول بد -أن يكون الساحر
كافراا مثلَّه تماماا ,وكذا الحال لو كان الجني يهوديا ا أو نصرانياا.
-1بيان أن الكفر أو الشرك شرط أساسي بين الساحر والجني )(.........
ولهذا كثير من هذه المورأ يكتبون فيها كلم ا بالنجاسة –قد يكتبون حروف كلم
ا عز وجال ,إما حروف الفاتحة ,وإما حروف "قل هو ا أحد" وإما غيرهما-
بنجاسة إما دم وإما غيره ,وإما بغير نجاسة ,أو يكتبون غير ذلك مما يرضاه
الشيطان ,أو يتكلَّمون بذلك ,فإذا قالوا أو كتبوا ما ترضاه الشياطين أعانتهم علَّى
203
بعض أغراضهم ".ا.هـ
وكما رأأينا فهذا كلعم مرسل ,سواء ما قاله المؤلف أو ما نقلَّه عن ابن تيمية ,فل
دليل علَّيه ,ورأبما كان السحرة يفعلَّون هذا ,فنحن ل نجادل في هذه النقطة ,وإنما
نتساءل :هل هذا الجنون يثمر شيئاا في نهاية المطاف؟!
ق للَّظن ,بأن إهانة المقدسات هو أسوء ما يستطيع إن هذا الجنون ما هو إل تطبي ع
النسان فعلَّه ,وهذا تيرضي الشيطامن كثيرا! وأكيد أن هذه الفعال تترضى الشيطان
كثيراا بالحمق الذي يرتكبه النسان ,ولكن هل يكفي هذا ليجعل نفسه خادما ا له ,وهل
يستطيع أصلا أن يتدخل في دنيانا!
ولست أدرأي لماذا نفترض أن يكون الذي يقبل أن يفعل هذه الطوام صادقا ,فنصدقا
دعواه بأنه نجح في تسخير الجان!!
القريـن
من القناعات الخرافية التي انتشرت في زماننا هذا –مع انتشارأ ثقافة الدجال!-
خرافة "القرين" ,والتي تتعد نموذجاا ا مثاليا لتحريف كلم ا ,فتيفهم وتيؤول بأقوال
ما أنزال ا بها من سلَّطان! فما هو القرين؟
قيل أن القرين هو جاان يولد مع ولدة النسان ويحيى معه ويموت بموته! –أو ل
سمييموت وينتقل إلى غيره -وهذا الشيطان ملزم للنسان طيلَّة حياته ,ولهذا ت
قرينا ,وهو يأمره دوما بالمعصية وينهاه عن فعل الخير!
وهناك من يقول أن القرين يتلَّبس النسان ,وقد يظهر في الماكن التي كان النسان
يتواجاد فيها قبل موته! ونعجب ونتساءل :من أين أتوا بهذه التصورأات ,وما هي
علقتها بالقرآن؟
إن الناظر في القرآن يجد أن ل مستند لهم فيه كلَّياة ,فلَّقد ورأدت كلَّمة "قرين" في
ستة مواضع في القرآن بصيغة المفرد ,ومرة واحدة بصيغة الجمع "قرناء" ,وكلَّها
203المرجع السابق ,ص.99-98.
180
تتكلَّم عن القرين بمعنى الصاحب المماثل .واستعمل "القرين" مع النسان والجان,
فلَّكدل منا قرناء من البشر ومن غير البشر.
فإذا نظرنا في اليات التي تحدثت عن القرين ,وجادنا أول آية تقول:
"مواليلذيمن تينفلتقومن أمسمموالمتهسم لرأمئـاء الينا ل
س مولم يتسؤلمتنومن لبارلل مولم لباسليمسولم اللخلر موممن يمتكلن
ساء قللرينا ا ]النساء "[38 : طاتن لمهت قملرينا ا فم م
شسي م
ال ي
فهنا حديعث عن أن الذين ينفقون أموالهم رأئاء ول يؤمنون أصبح الشيطان قرينا ا
لهم ,وبئس القرين .وليس في هذه الية أي إشارأة إلى أن الشيطان قرين لهم طيلَّة
أعمارأهم ,بل يمكن القول أن الشيطان أصبح قرينا ا لهم بسبب أفعالهم.
فإذا انتقلَّنا إلى الموضع الثالث والرابع ,والوارأدان في سورأة الزخرف ,وجادنا الرب
طانا ا فمتهمو لمهت قملريعن موإلنيتهسم
شسي م
ض لمهت م ش معن لذسكلر اليرسحمملن نتقميد س العلَّيم يقول" :موممن يمسع ت
ت بمسيلنيستبومن أمنيتهم سمسهتمتدومن محيتى إلمذا مجااءمنا مقامل ميا لمسي م صسدونمتهسم معلن ال ي
سلبيلل مويمسح م لميم ت
س اسلقملريتن ]الزخرف "[38 : شلرقمسيلن فمبلسئ م
موبمسينممك بتسعمد اسلمم س
فكما رأأينا فالشيطان لم يكن ملزما للنسان ,أما بعد أن عشى ذلك الحمق عن ذكر
الرحمن ,فقد فتح الباب أمام الشيطان ,وهدم بنفسه أقوى حصونه الدفاعية ,فتملَّك
الشيطان منه .وتأثير الشيطان ل يزيد عن الصد عن سبيل ا ,فلَّيس هناك تأثير
آخر ,وفي اليوم الخر يتبرأ من قرينه لنه أضلَّه!
181
فالقرين هنا هو الشيطان المصاحب للنسان ,والذي لم يزد فعلَّه عن أنه وجاد
النسان في ضلل بعيد فزاده ضلل! فهذا هو فعل الشياطين!
فإذا انتقلَّنا إلى الية الواحدة التي جااء فيه القرين بصيغة الجمع ,وجادنا الرب يقول:
ق معلَّمسيلهتم اسلقمسوتل لفي أتممدم
ضمنا لمتهسم قتمرمناء فممزييتنوا لمتهم يما بمسيمن أمسيلديلهسم مومما مخسلَّفمتهسم مومح ي
"موقميي س
سلريمن ]فصلَّت "[25 : س إلنيتهسم مكاتنوا مخا لقمسد مخلَّمست لمن قمسبلَّللهم دممن اسللجدن موا س للن ل
وفعل القرناء هنا لم يزد عن فعل القرين ,وهو تزيين الضللة التي علَّيها النسان!
وهو متوافق مع ما قاله القرآن عن الشياطين ,أنها تضل الناس وتستهويهم ,فمن
أين أتوا بهذه التصورأات؟!
يفهم الناس الكتاب تبعاا لهواءهم وخيالتهم ثم يقولون هذا من عند ا! ثم يوصم
كتاب ا بالخرافة!
182
الفصل الثالث
السحـــــرأ والجان
بعد أن بلينإا أن الشيطان ليس له سلطان على النإسان ,إل أن يدعوه إلى فعل
المعاصي والذنإوب ,نإنإتقل لنإنإاقش مسألة أخرأى متعلقة بالجن! وهي السحرأ ,تلك
الكلمة البرأاقة الرأنإانإة ,التي لها تصورأ مبهم عنإد البشرأ ,فلكلد تصورأه عن
هذه الكلمة ,التي لها وقع عجيب في نإفوس البشرأ ,يتأرأجح بين الخوفا
والرأهبة والغموض والجمال ...فلها وقع السحرأ!!
تلك الكلمة التي نإسمي بها كل ما يأتي مخالفا لمألوفنإا ول نإجد له
تفسيرأا ,فنإسميه سحرأا !204نإعرأض للسحرأ لنإنإا نإجد كثيرأا من العوام يؤمنإون بأن
الساحرأ يستطيع أن يأتي بالعجائب ,وإذا يسئل عن الكيفية ,علل ذلك بأن له اتصال
بكائنإات فوقا بشرأية ,فهو يستطيع مثل أن ييسخرأ الجن ,فإذا كانإت الجن قد يسخرأت
لسليمان عليه السلم ,فما المانإع أن يتسخرأ لغيرأه ,أو أن يفعل الساحرأ لهم ما
يرأيدون ليخدموه؟!
ومن النإقاط التي يطعن بها غيرأ المؤمنإين في الديان عامة قولهم بأنإه خرأافة
صرأيحة ,نإشأت مرأتبطة بالسحرأ ,والذي كان رأكنإا رأكينإا من الدين ,وكان من
اختصاص رأجال الدين ,يستمدون به سلطانإهم على التباع ,حتى أنإنإا ل نإجد فارأقا
بين الساحرأ والكاهن في أديان القبائل البدائية .ثم حدث بعد ذلك التمايز بين الدين
والسحرأ ,وإن ظل الدين يعترأفا بالسحرأ أو يقفا منإه موقفا محايدا ,لتحاد الصول
والمنإشأ!
وعلى الرأغم من أن جل المسلمين يرأفضون هذا التصورأ ,إل أنإنإا نإجد أن أكثرأهم
يصدقون بحقيقدة للسحرأ ,وأنإه قادرأ على التأثيرأ في النإسان نإفسيا وجسديا ,بل
وتغييرأ طبائع الشياء ,فيحول الشيء إلى آخرأ!
ومما يثيرأ السى أن أكثرأ المصدقين بالسحرأ من المسلمين يتكئون على الدين في
204هناك من يإقول أن البدايإة الفعلية للسحر كانت على يإد ساحر فارسي ,كان صيإدعى )زوروستر( والذي كان يإعيش قبل المسيح بحوالي
خمسة آلف عاما .ويإقال أنه هو من وضع أسس السحر وطرقه .وأنا أتساءل :هل زوروستر هذا هو شخص آخر غير النبي زوروستر
–والمعروف بزرادشت -أما أنه مجرد تشابه أسماء؟!
183
مقولتهم هذه ,فيقولون أن ال تعالى ذكرأ السحرأ في كتابه ,كما أن الرأسول الكرأيم
نإفسه قد يسحرأ ,فهذا برأهان أكيرد على أن السحرأ حقيقة وليس مجرأد خداع ,ومن
ثم فعلى النإسان اتخاذ ما يلزم ليتجنإب أذى السحرأة وضرأهم!
لذا نإتوقفا مع هذه المقولة ,لنإبين أنإه ل مستنإد لهم في القرأآن في دعواهم ,وأن
القرأآن لم يقفا موقفا محايدا من السحرأ ,وإنإما علرأفا النإاس به وأبطله ,ونإبلين
كيفا أن الجن ليس له أي دوررأ في هذه الخدعة الكبرأى.
تعرأيفا السحرأ
لما كانإت معظم مشاكل العالم بسبب عدم تحديد المفاهيم ,نإبدأ كعادتنإا بتحديد
المدلولت حتى ل تؤدي إلى الختلط والضطرأاب ونإبدأ بتعرأيفا السحرأ في اللغة,
فنإقول :السحرأ كما جاء في معجم مقاييس اللغة:
"سحرأ :السين والحاء والرأاء أصورل ثلثة متباينإة؛ أحدها عرضرو من العضاء،
والخرأ تخردرع وصشبهيه ،والثالث وقرت من الوقات.
فاليعرضو اللسرحرأ ،وهو ما تلصصتقا باليحلقوم والتمصرأيء من أعلى البطن .ويقال بل هي
السرأئة .ويقال منإه للجبان :انإتتفتخ تسرحيرأه .ويقال له البسرحرأ واللسرحرأ واللستحرأ.
وألما اللثانإي فالسسرحرأ ،قال قوم :هو إخرأاج الباطل في صورأة الحسقا ،ويقال هو
الخديعة .واحتبجوا بقول القائل:
فصإرن تسأصلينإا فيتم نإحين فإنإنإا *** عصافييرأ من هذا النإام المسلحصرأ
كألنإه أرأاد المخدوع ،الذي خدتعرته البدنإيا وغلرأرته .ويقال اليمتسلحرأ الذي يجصعتل لـه
تسرحرأ ،ومن كان ذا تسرحرأ لم يجد يبلدا من تمطتعم ومشرأب.
وألما الوقت فاللستحرأ ،والبسرحرأة ،وهو تقربل البصربح ,وجمع اللستحرأ أسحارأ .ويقولون:
أتييتك تستحترأ ،إذا كان ليودم بعينإه .فإن أرأاد بكرألة وتستحرأا من السحارأ قال :أتيتك
تستحرأا "205.ا.هـ
وكما رأأينإا فمدلول السحرأ –لسانإا -يدل بشكل عام على التداخل واللتباس ,فالعضو
المسمى بالسحرأ ملتقى أجزاء في الجسم ,وعنإدما عرأض لما نإعرأفه بالسحرأ لم يقل
أنإه تغييرأ أو تأثيرأ ,وإنإما قال أنإه خدع وشبهه ,أي أنإه عملية تلبيس وتخليط على
المتلقي ,ليس أكثرأ!!
وهذا المدلول اللسانإي للكلمة هو ما قدمه المام الفخرأ الرأازي كتعرأيفا شرأعي
للكلمة ,فقال" :اعلَّم أن لفظ السحر في عرف الشرع مختص بكل أمر يخفى سببه
ويتخيل علَّى غير حقيقته ويجري مجرى التمويه والخداع ومتى أطلَّق ولم يقيد أفاد
ذم فاعلَّه "206ا.هـ
205أحمد بن فارس ,مقايإيس اللغة ,تحقيق :عبد السلما محمد هارون ,الجزء الثالث ,ص.138.
206فخر الديإن الرازي ,مفاتيح الغيب ,الجزء الثالث ,ص.187.
184
فإذا أرأدنإا أن نإقدم تعرأيفا اصطلحيا للسحرأ وجدنإا المسألة مشكلة ,لنإه "من الصعب
حصرأ تعرأيفا السحرأ بكلمات وجمل قليلة محدودة ,وذلك لن كلمة السحرأ في حد
ذاتها تطلقا على علوم وفنإون كثيرأة ,يلفها الغموض والبهام ,وتتخللها الشعوذات
والوهام والصدقا والكذب "207.ا.هـ
ل مع عدم وجود تعرأيفا جامع مانإع فإن السحرأ متصورأ عنإد ولن نإتوقفا طوي ل
النإاس ,وإنإما نإنإتقل إلى النإقطة الحاسمة الفاصلة في هذا النإقاش وهي :حقيقة
السحرأ ,فهل للسحرأ حقيقة ,أي هل للسحرأ وللساحرأ القدرأة على تغييرأ الشياء أم
أنإه مجرأد خداع وتمويه؟
اختلفت الجابات حول هذه المسألة منإذ قديم الزمان ,وفي هذا يقول المام ابن حجرأ
العسقلنإي:
واختلَّف في السحر ,فقيل :هو تخييل ول حقيقة له ,وهذا اختيارأ أبي جاعفر " ت
الستراباذي من الشافعية ,وأبي بكر الرازي من الحنفية وابن حزم الظاهري
وطائفة ،قال النووي :والصحيح أن له حقيقة وبه قطع الجمهورأ وعلَّيه عامة
العلَّماء ،ويدل علَّيه الكتاب والسنة الصحيحة المشهورأة انتهى.
لكن محل النزاع هل يقع بالسحر انقلب عين أو ل؟ فمن قال إنه تخييل فقط منع
ذلك ،ومن قال إن له حقيقة اختلَّفوا هل له تأثير فقط بحيث يغير المزاج فيكون نوعا
من المراض أو ينتهي إلى الحالة بحيث يصير الجماد حيوانا مثل وعكسه؟ فالذي
علَّيه الجمهورأ هو الول ،وذهبت طائفة قلَّيلَّة إلى الثاني.
فإن كان بالنظر إلى القدرأة اللهية فمسلَّم ،وإن كان بالنظر إلى الواقع فهو محل
الخلف ،فإن كثيرا ممن يدعي ذلك ل يستطيع إقامة البرهان علَّيه ،ونقل الخطابي
أن قوما أنكروا السحر مطلَّقا وكأنه عني القائلَّين بأنه تخييل فقط وإل فهي
مكابرة "208.ا.هـ
ويمكننا تلَّخيص ما ذكره المام ابن حجر في أن الخلف دائعر حول هل أن السحر
تخييل فقط ,أم أنه له القدرأة علَّى التأثير في المزاج فيصل إلى المراض ,أرما مسألة
تحويل طبائع الشياء فلَّم يقل بها إل قلَّيل وهو ل يوافقهم فيما يقولون!
وقبل أن ندلي بدلونا في هذا الباب تنقر أنه من العسير إقناع الفريق ,القائل بأن
للَّسحر حقيقة وتأثير ,ببطلن مذهبهم ,وذلك لنهم ل يتبعون اللَّسان في هذه الكلَّمة,
ويفهمونها تبعا ا لفهامهم!
فالناظر في كتبهم يجد أنهم يبدءون بذكر القوال التي تقول أن السحر تخييل
وتمويه- ,والتي مرجاعها اللَّسان -ثم يردونها بل برينة!
فنجد مثل أن المام القرطبي بعد أن يعرض القوال في السحر يقول:
207إبراهيم كمال أدهم ,السحر والسحرة من منظار القرآن والسنة ,ص.27.
208أحمد بن حجر العسقلني ,فتح الباري في شرحا صحيح البخاري ,تحقيق :عبد العزيإز بن باز ومحب الديإن الخطيب ,الجزء العاشر,
ص.222.
185
"السحر ،قيل :السحر أصلَّه التمويه والتخاييل ،وهو أن يفعل الساحر أشياء
ومعاني ،فيخيل للَّمسحورأ أنها بخلف ما هي به ،كالذي يرى السراب من بعيد
خيل إليه أن ما يرى من
فيخيل إليه أنه ماء ،وكراكب السفينة السائرة سيراا حثيثا ,تي ر
الشجارأ والجبال سائرة معه .وقيل :هو مشتق من سحرت الصبي إذا خدعته،
وكذلك إذا علَّلَّته (........) ،
وعندنا أنه حق وله حقيقة يخلَّق ا عنده ما شاء (....) ،ومنه ما يكون كلما
تيحفظ ،ورأقى من أسماء ا تعالى .وقد يكون من عهود الشياطين )!!!!( "209ا.هـ
فكما رأأينا فالمام القرطبي يرد مدلول اللَّسان ,ويرى أن مدلول الكلَّمة مما جااء في
الشرع بمعنى جاديد ,ولنا أن نتساءل:
إذا كان العرب يفهمون السحر علَّى أنه تخييل وتمويه ,فأين أبطل القرآن اعتقادهم
هذا؟! وإذا كانوا يفهمونه بشكل أعم ,يندرأج تحته كل ما نسميه سحرا ,فأين أركد
القرآن العظيم هذا؟!
الناظر في استدللت المصدقين بحقيقة للَّسحر يجد أنها استدللت عامة ,ل تخدم
دعواهم ,فمما يستدلون به قوله تعالى} :تفتللما تجاتء اللستحترأية{ ,وقوله} :توتجايءوا
صبصسرحدرأ تعصظيدم{ ,وغيرأها من اليات ,ثم يوحون بأن الخرأ ينإكرأ ويرأفض وجود
السحرأ الذي قال به القرأآن!
ول يوجد مسلرم واحد يقول أنإه ل وجود للسحرأ! فهو خداع وتمويه ,وبه يسمي
السحرأة سحرأة ,وهو ما يقوم به السحرأة حتى زمانإنإا هذا ,فأين قال القرأآن بالزيادة
التي أضفتموها إلى المعنإى الصلي للكلمة؟!
إن الرأب الكرأيم قال " :توأترلصقا تما صفي تيصميصنإتك ترلتقرفا تما تصتنإيعوا إصلنإتما تصتنإيعوا تكرييد تساصحدرأ توتلا
يرفصليح اللساصحيرأ تحرييث أتتتى ]طه "[69 :
فال تعالى قلدم حكما قاطعا وهو أن الساحرأ ل يفلح حيث أتى ,لن صنإعته ل تزيد
عن الكيد ,فإذا كان الساحرأ قادرأا على التأثيرأ في النإاس وإمرأاضهم والتحكم فيهم,
فليس هنإاك فلرح أكثرأ من هذا!
وأكد هذا المعنإى النإبي الكرأيم موسى- ,كما ذكرأ الرأب قوله في كتابه " :-تقاتل
يموتسى تأتيقويلوتن صلرلتحسقا تللما تجاءيكرم أتصسرحررأ تهـتذا توتل يرفصليح اللساصحيرأوتن ]يونإس "[77 :
إن ال عز وجل عنإدما تكلم عن سحرأة موسى قال" :تقاتل أترليقرورا تفتللما أترلتقرورا تستحيرأورا
أترعيتن اللنإاسص توارستررأتهيبويهرم توتجاءوا صبصسرحدرأ تعصظيدم ]العرأافا "[116 :
فالسحرأ العظيم الذي أتوا به هو أنإهم جعلوا النإاس –بما فيهم موسى -يظنإون أن
الحبال والعصي تسعى ,كما قال:
"تقاتل تبرل أترليقوا تفصإتذا صحتبايليهرم توصعصصبييهرم يتخلييل إصتلريصه صمن صسرحصرأصهرم أتلنإتها ترستعى ]طه "[66 :
209محمد القرطبي ,الجامع لحكاما القرآن ,تحقيق :هشاما سمير البخاري ,الجزء الثاني ,ص.44-43.
186
ونإلحظ أنإهم لم يجعلوا النإاس يظنإون أن الحبال والعصي ثعابين ,وإنإما خليلوا لهم
أنإها تسعى- ,والعجيب أن أغلب المسلمين يظنإون أن السحرأة أتوا بثعابين وموسى
كذلك ,إل أن ثعبان موسى أكل ثعابين السحرأة! والقرأآن لم يقل بهذا!-
فإذا كان هذا الفعل البسيط ييسمى بالسحرأ العظيم ,فهذا يعطينإا إشارأة صرأيحة إلى
حقيقة السحرأ ,وأنإه من ضرأوب الخداع والتمويه ,ول يمكن بحال أن يصل إلى ما
يختلقه الفاكون!
والعجب كل العجب فيمن ينإسب السحرأ إلى ال ,فيقول أن الساحرأ يقول كلمات
فيحول ال كذا إلى كذا أو ينإزل ال المرأض أو الذى بكذا! وهذا القول فيه من
الجرأأة على ال ما فيها ,بجعله خالقا الشرأ وتابعا للشرأارأ –حاشا الجليل-
بعد أن أظهرأنإا أن القرأآن يستعمل السحرأ بمعنإاه اللسانإي ,نإعرأض في عنإصرأ مستقل
لعمدة أدلة القائلين بحقيقدة للسحرأ في القرأآن ,وهو قوله تعالى:
"توالتتبيعورا تما ترتيلورا اللشتياصطيين تعتلى يمرلصك يستلريتماتن توتما تكتفترأ يستلريتماين توتلـصكلن اللشرياصطيتن
س السسرحترأ توتما يأنإصزتل تعتلى ارلتمتلتكريصن صبتباصبتل تهايرأوتت توتمايرأوتت توتما تكتفيرأورا يتعسليموتن اللنإا ت
يتعسلتماصن صمرن أتتحدد تحلتى تييقوتل إصلنإتما تنإرحين صفرتتنإرة تف ت
ل تركيفررأ تفتيتتعليموتن صمرنإيهتما تما يتفسرأيقوتن صبصه
تبريتن ارلتمررأصء توتزروصجصه توتما يهم صبتضآسرأيتن صبصه صمرن أتتحدد إصلل صبصإرذصن السله توتي ت تعليموتن تما تييضبرأيهرم
س تما تشترأرورا صبصه لدقا توتلصبرئ ت
توتل تينإتفيعيهرم توتلتقرد تعصليمورا تلتمصن ارشتترأايه تما تليه صفي الصخترأصة صمرن تخ ت
تأنإيفتسيهرم تلرو تكاينإورا تيرعتليموتن ]البقرأة "[102 :
والذي يقولون فيها أنإها تتحدث صرأاحة عن حقيقة للسحرأ ,فإذا كانإت اليات
الخرأى لم تفصل ,أو تحدثت عن تخييل ,فهنإا حديث عن تأثيرأ يصل إلى التفرأيقا
بين المرأء وزوجه ,بإذن ال!!!
نإقول :على الرأغم من أن الية في إبطال السحرأ وتبرأئة الرأسول الكرأيم ,إل أنإها
يجعلت بفضل! هؤلء الفاضل الدليل الكبرأ على إثباته!!
وقبل أن نإقدم للقارأئ الكرأيم تصورأنإا لهذه الية ,وهو التصورأ الوحيد الذي يعرأضها
بدون تقديم أو تأخيرأ أو تغييرأ ,نإعرأض له كيفا فهم السابقون هذه الية.
187
ول الحمد فإن هذه الرأوايات ليست بالصحيحة ,كما أنإها ليست مرأفوعة إلى النإبي,
وإنإما موقوفة على بعض الصحابة ,وأصبحت الن من النإماذج المشهورأة
للسرأائيليات ,فلم يعد هنإاك من يقول بها أو يدافع عنإها.
ورأد بشأن الية رأوايات كثيرأة ,ذات مضمون واحد ,وملخص هذه الرأوايات أنإه:
لما كثرأ الفساد من بنإي آدم -وذلك في زمن إدرأيس عليه السلم -قالت الملئكة ل ل
أنإهم قالوا مسبقا عنإد بدء الخليقة أنإنإا مفسدون.
فقال لهم ال عز وجل :أما أنإكم لو كنإتم مكانإهم ورأكبت فيكم ما رأكبت فيهم لعملتم
مثل أعمالهم .فقالوا :سبحانإك ما كان ينإبغي لنإا ذلك.
فقال ال :فاختارأوا ملكين من خيارأكم! فاختارأوا هارأوت ومارأوت فأنإزلهما إلى
الرأض ورأكب فيهما الشهوة.
فما مرأ عليهما شهرأ –وفي رأوايات أقل– حتى يفتنإا بامرأأة اسمها بالنإبطية "بيدخت"
وبالعرأبية "الزهرأة" ,كانإت قد اختصمت إليهما ,فرأاوداها عن نإفسها ,فأبت إل أن
يدخل في دينإها ويشرأبا الخمرأ ويقتل النإفس التي حرأم ال ,فرأفضا أولل ثم أجاباها
وشرأبا الخمرأ ووقعا بها ,فرأآهما رأجل فقتله.
وسألتهما عن السم الذي يصعدان به إلى السماء ,فأعلماها إياه ,فتكلمت به
فعرأجت في السماء فمسخت كوكبا !!
ورأوي أن هارأوت ومارأوت كانإا يعلمان السحرأ في بابل وكانإا يقولن لمن جاءهما
"إنإما نإحن فتنإة فل تكفرأ" فإن أبى أن يرأجع قال له :ائت هذا الرأماد فبل فيه.
فإذا بال فيه خرأج منإه نإورأ يسطع إلى السماء وهو اليمان ,ثم يخرأج منإه دخان
أسود يدخل في أذنإه وهو الكفرأ.
فإذا أخبرأهما بما رأآه من ذلك علماه ما يفرأقا به بين المرأء و زوجه ,ولما دنإا أجل
خيرأا بين عذاب الدنإيا وعذاب الخرأة فاختارأا عذاب الدنإيا ,فهما هارأوت ومارأوت ي
يعذبان في بابل في سرأب في الرأض.
210يإوجد في التلمود ,فى مدراش شمهازي وعزازيإل Midrash of Shemhazai and Azazelقصة عن هبوط ملكين إلى الرض
أحدهما يإدعى عزازيإل والخر شمهازي ،وذلك ليثبتا للخالق تفوق الملئاكة على النسان في الخلق وفي طاعة ا ،وأن النسان غير
جديإر بالدور الذي رسمه ا له .ولكن شمهازي ما لبث أن وقع في حب امرأة تدعى الصزهرة وطلب وصالها ،ولكنها تمنعت واشترطت
عليه أن يإطلعها على اسم ا العظم الخفي ،ففعل ذلك .وما أن حازت على السم حتى استخدمت قوته في الصعود إلى السماء قبل أن
تفي بوعدها لشمهازي ،ولكن ا أوقفها بين أفلك الجراما السماويإة السيارة ،وحمولها إلى الجرما المعروف بكوكب الصزهرة أو كوكب
فينوس.
188
إن الية -تبعا لزعمهم -تقول أن الملكين يأنإزل ليعلما السحرأ ,وهذه الرأواية
وأمثالها تقول أنإهما يأنإزل ليثبتا أن الملئكة أفضل من البشرأ –وهذا أمررأ ل يحتاج
إلى إثبات ,!!-فأين تعليم النإاس السحرأ ,وأين تعليل ذلك النإزول؟! ولقد انإتبه بعض
القاصين لهذه الشكالية فأضافا في آخرأها أنإهما علقا في بابل ,فأصبحا يعلمان
النإاس السحرأ!! وسوارء ذكرأت الرأواية تعليم السحرأ أم لم تذكرأ فإنإه ل ارأتباط بين
الرأواية والية.
ولن نإتوقفا طويل مع هذه الرأواية ,لنإها لم تعد التفسيرأ! المقبول عنإد أكثرأ
المسلمين ,فلقد أصبح طرأرح آخرأ هو التفسيرأ المعتمد ,وهو أن اليهود أو
الشياطين ,لما قالت أن سليمان لم يكن نإبيا وإنإما كان ساحرأا ,وبسحرأه وبتسخيرأه
الشياطين استطاع التحصل على هذا الملك العظيم.
فأنإزل ال الملكين هارأوت ومارأوت ليعلما النإاس السحرأ ,حتى يظهرأ لهم الفرأقا بين
السحرأ وبين اليات التي كانإت مع سليمان ,وأنإهما كانإا يعلمان النإاس السحرأ
ويقولن لهما :ل تكفرأوا!
ل على امرأأة ويقول :ل تزن! وهكذا أصبح حالهم مثل الذي ييدخل رأج ل
إل أنإه يعكرأ على هذا القول أنإه ل حرأج في تعليم النإاس ما يأنإزل على الملكين –تبعا
لزعمهم -بل إن هذا أمرأ مطلوب ,فلقد يأنإزل ليعلما النإاس الفرأقا بين السحرأ وآيات
النإبياء ,فمن الفضل أن يعرأفا النإاس هذا.
ألما أن نإقول أنإهم كانإوا يعلمون النإاس السحرأ ,فليس السحرأ هو ما يأنإزل الملكين به
ومن أجله ,وإنإما التفرأقة بين السحرأ واليات ,فكيفا نإجعل هذا ذاك؟! ثم ما وجه
الختلفا ,الذي من أجله عطفا ال السحرأ عليه ,فقال" :يعلمون النإاس السحرأ وما
أنإزل" ,ولو كان هذا سحرأا لكان عطفا للشيء على نإفسه!!
ولنإا أن نإتساءل :هل قالت الية أنإه يأنإزل على الملكين ببابل السحرأ؟!
إن الية لم تقل بهذا ,وإنإما قالت أن الشياطين يعلمون النإاس السحرأ وما يأنإزل على
الملكين ,وأنإهما ما كانإا يعلمان من أحدد حتى يقول كذا ,فما المانإع أن يكون هذا
الشيء اليمتعتلم هو الخداع والحيل؟! وأنإهما كان يعلمان اليهود هذا ليستخدموه ضد
أعدائهم ,الذين يعذبونإهم ويضطهدونإه –لحظ أن هذا كان في مرأحلة السرأ
البابلي -وكانإوا ينإهونإهم عن الكفرأ باستخدامه في غيرأ موضعه؟!
ل" :فيتعلمون منإهما ما يطيرأون به أو ييمرأضون به" ,وإنإما لذلك لم تقل الية مث ل
قالت" :تفتيتتعليموتن صمرنإيهتما تما يتفسرأيقوتن صبصه تبريتن ارلتمررأصء توتزروصجصه ]..البقرأة "[102 :
وهذا ل يحتاج إلى أكثرأ من الخداع بدهاء!
189
وعلى الرأغم من أن هذا القول أكثرأ منإطقية من الرأاء التي ذكرأوها ,وأكثرأ توافقا
مع الية من القوال التي ذكرأوها ,إل أنإنإا ل نإأخذ به ,وذلك لنإه ل علقة له بالية
ول بسياقها ,فالية تقول شيئا آخرأ.
" تمرن تكاتن تعيدنوا صلللصه توتمتلاصئتكصتصه تويرأيسصلصه توصجربصرأيتل توصميتكاتل تفصإلن اللته تعيديو صلرلتكاصفصرأيتن )
(٩٨توتلتقرد أترنإتزرلتنإا إصتلريتك آتتيادت تبسيتنإادت توتما تيركيفيرأ صبتها إصللا ارلتفاصسيقوتن ) (٩٩أتتو يكلتما
تعاتهيدوا تعرهلدا تنإتبتذيه تفصرأيرقا صمرنإيهرم تبرل أتركتثيرأيهرم تلا يرؤصمينإوتن ) (١٠٠توتللما تجاتءيهرم ترأيسورل
صمرن صعرنإصد الللصه يمتصسدرقا صلتما تمتعيهرم تنإتبتذ تفصرأيرقا صمتن اللصذيتن يأويتوا ارلصكتتاتب صكتتاتب الللصه توترأاتء
يظيهوصرأصهرم تكتألنإيهرم تلا تيرعتليموتن ) (١٠١توالتتبيعوا تما ترتيلو اللشتياصطيين تعتلى يمرلصك يستلريتماتن
س السسرحترأ توتما أيرنإصزتل تعتلى توتما تكتفترأ يستلريتماين توتلصكلن اللشتياصطيتن تكتفيرأوا يتعسليموتن اللنإا ت
ارلتمتلتكريصن صبتباصبتل تهايرأوتت توتمايرأوتت توتما يتعسلتماصن صمرن أتتحدد تحلتى تييقوتلا إصلنإتما تنإرحين صفرتتنإرة تفتلا
تركيفررأ تفتيتتعليموتن صمرنإيهتما تما يتفسرأيقوتن صبصه تبريتن ارلتمررأصء توتزروصجصه توتما يهرم صبتضاسرأيتن صبصه صمرن
أتتحدد إصللا صبصإرذصن الللصه توتيتتعليموتن تما تييضبرأيهرم توتلا تيرنإتفيعيهرم توتلتقرد تعصليموا تلتمصن ارشتترأايه تما تليه
س تما تشترأروا صبصه أترنإيفتسيهرم تلرو تكاينإوا تيرعتليموتن ) (١٠٢توتلرو صفي ارلتآصخترأصة صمرن تختلادقا توتلصبرئ ت
أتلنإيهرم تآتمينإوا توالتتقروا تلتميثوتبرة صمرن صعرنإصد الللصه تخريررأ تلرو تكاينإوا تيرعتليموتن )"(١٠٣
إن ال العليم يقول للرأسول أن من كان عدوا لجبرأيل وميكال –من بنإي إسرأائيل-
فإن ال عدرو له ,وأن ال أنإزل آيات بلينإات ,وأن هنإاك في اليهود فرأيقا ينإبذ العهود
دوما ,وأن هذا ما حدث للما جاءهم الرأسول ,فلقد نإبذوا كتاب ال ,الذي يبشرأ
بمحمد ويعرأفا به ,نإبذوه ورأاء ظهورأهم ,واتبعوا ما تقلولته أحبارأهم –كما فعلوا
سابقا بإتباعهم أقوال شياطينإهم على ملك سليمان -والذين نإسبوا الكفرأ إليه ,ولم
يكفرأ سليمان ,وإنإما هم الذين كفرأوا وأخذوا يعلمون النإاس السحرأ.
ولم يينإزل على الملكين –جبرأيل وميكال ,الذين يعاديهم اليهود -في بابل "الكتب"
المسماة هارأوت ومارأوت ,وما كانإا يعلمان أحدا حتى يقول كذا وكذا ,ومن ثم فلم
يتعلموا منإهم أي شيء ,وإنإما هي افترأاءات على الملكين جبرأيل وميكال ,بنإسبة
هذه الكتب إليهما ,وهم ل يضرأون أحد بهذه الكتب إل بإذن ال ,ويتعلمون ما
190
يضرأهم ول ينإفعهم- ,لن الكتب المختلقة المفترأاة على ال ل نإفع فيها بل هي ضررأ
خالص -ولقد علموا أن من قبل وأخذ بغيرأ ما أنإزل ال ما له في الخرأة من خلقا,
فلبئس ما باعوا به أنإفسهم ,ولو أنإهم آمنإوا واتقوا لمثوبة من عنإد ال خيرأ.
ونإعرأض للية بتفصيل ,حتى نإبين للقارأئ أين انإحرأفا المفسرأون عنإها ,مما أدى
بهم إلى القول بأقوال ما أنإزل ال بها من سلطان ,ولماذا قلنإا بهذا القول:
")واتبعوا( أي واتبع بنإو إسرأائيل.
)ما( اسم موصول عام قرأيرب من معنإى :الذي.
)تتلوا( التلوة هي القرأاءة المتتابعة أمام آخرأين ,سواء كان من نإص مكتوب أو
من الذاكرأة.
)الشياطين( اختلفا المفسرأون في المرأاد بالشياطين في هذه الية ,إل أن كثيررأ منإهم
على أن المرأاد من الشياطين الكائنإات الغيرأ بشرأية.
ونإحن نإرأجح القول الخرأ وهو أن المرأاد منإها في هذه الية هو شياطين النإس,
لن ال تعالى يتحدث عن إعرأاض بنإي إسرأائيل عن كتاب ال وإتباعهم ما "تتلوا"
الشياطين ,ومن ثم فإنإهم قد ترأكوا كتاب ال من أجل لهو الحديث!
وشياطين الجان لن تأتي للنإسان وتقرأأ عليه بعضا من مؤلفاتها ,أو قطعا من كتاب
الجان السحرأي!! وإنإما التلوة تكون من النإسان على النإسان ,كما أن شياطين
الجان كافرأة ابتدالء ,ومن ثم فلن يكون نإعتهم بالكفرأ إضافة لمعنإى ,فتكون
"الشياطين" في الية هم شياطين النإس.
كتبا شغلوهم
ويرأجح أن يكون المرأاد منإهم علماء بنإي إسرأائيل لنإهم ألفوا لقوامهم ل
وحرأفوا في كتاب ال ذاته من حذفا وإضافة, ل بها عن التورأاة مثل التلمود وخلفه,
فأصبحت هذه الكتب هي المتبعة ,ويهجرأ كتاب ال.
ونإصل إلى الجملة المحورأية في هذه الية ,والتي ابتعد فيها المفسرأون عن النإص,
وهي قوله تعالى) :توتما يأنإصزتل تعتلى ارلتمتلتكريصن صبتباصبتل تهايرأوتت توتمايرأوتت(
و "ما" تلعب الدورأ الحاسم في فهم هذه الية ,ويكاد يجمع المفسرأون على أن "ما"
هنإا موصولة بمعنإى "الذي" ,ويكون المرأاد من الية على قولهم:
191
واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان والذي أنإزل على الملكين هارأوت
ومارأوت ببابل .وتكون جملة )وما كفرأ سليمان ولكن الشياطين كفرأوا( جملة
اعترأاضية.
ولنإا هنإا وقفة ,فإذا قلنإا أن "ما" هنإا موصولة -كما يقول السادة المفسرأون-
عطفت؟ يقول المفسرأون أنإها يعطفت على ما في قوله" :ما تتلوا". فعلما ي
ونإحن نإتساءل :لماذا لم يتعطفا على "ما" السابقة في "وما كفرأ سليمان" ,فتكون
نإافية ,أي :وما كفرأ سليمان وما يأنإزل على الملكين؟
والمفسرأون يرأون أن "وما كفرأ سليمان" جملة اعترأاضية ,ونإحن نإقول أن الجملة
حذفت ل تؤثرأ في المعنإى ,فهل يمكن حذفا "وما كفرأ العترأاضية هي التي إذا ي
سليمان" هنإا؟!
إذا قلنإا أنإه يمكن ,فهذا يعنإي أن الية لم تذكرأ الغرأض الساسي وهو نإفي السحرأ
والكفرأ عن سليمان ,وهذا ما ل يقول به أحد ,فيكون المعنإى كما رأوي عن ابن
عباس ,أنإه لم ينإزل ال السحرأ وكما رأوي عن الرأبيع ابن أنإس :ما أنإزل ال عليهما
السحرأ.
ولنإه مشكل أن يتنإزل الملئكة من أجل السحرأ ,قال بعض المفسرأين أن المرأاد من
"ملكين" بشرأيين ,استنإادا إلى قرأاءة قرأأت بكسرأ اللم ,فجعلتهما مصلكين!
ونإلحظ أن كلمة "هارأوت" أو"مارأوت" مشابهة تماما لكلمة تارأوت ,والتي هي
أورأاقا اللعب الشهيرأة ,والتي يستخدمها السحرأة والكهان ,كما أن كلمة هارأوت هي
معكوس كلمة تورأاه! فيكون هذا مؤكرد أن هارأوت ومارأوت كتب أو طرأقا لتعليم
السحرأ ,ينإسبت إلى جبرأيل وميكال.
وقد يستغرأب القارأئ الفهم الطبيعي للية ,لنإه اعتاد أن يفهمها على غيرأ ما قالها
حتى الدكتور أحمد حجازي السقا ,والذي أخذنا عنه القول بأن "ما" في "وما أنزل على الملكين" نافية ,وقمدما على طب ن
211
ق من ذهب في
ل
كتابه" :علم السحر بين المسلمين وأهل الكتاب" ح ل لهذه الشكالية .ويإمكن للقارئ الستزادة حول اليإة بقراءة ما خطه الدكتور حولها
في كتابه المذكور ,حيث عرض الشيخ الدكتور لقوال المفسريإن في اليإة بتفصيل كبير ورد عليهم.
192
ال ,لذا نإسأله :هل هنإاك دليرل على أن هارأوت ومارأوت أسماء ملئكة وليست
أسماء كتب؟! ثم نإسأله مجددا :أي التفسيرأين للمثال القادم هو القرأب للسياقا:
"ما أعطيت الزميلين في الفصل س و ص"
فإذا كان "س و ص" غيرأ معرأوفين ,فهل ستميل إلى أن س وص هما الشيء
المعتطى أم أنإهما هما الزميلين؟! فإذا كان سيميل ل محالة إلى أنإهما هما الشيء
المعتطى ,فلماذا يتمسك بالعكس مع الية؟!
وعلى الرأغم من أن القول بأن "ما" في قوله تعالى" :وما أنإزل على الملكين" نإافية
وليست موصولة ,يظهرأ انإسجام وتنإاسقا الية- ,فبهذا القول يتعطفا "ما" في
الجملة )وما أنإزل على الملكين( على سابقتها ,ثم يتعطفا لحقتاها النإافيتان في قوله
"وما يعلمان من أحد" و "ما هم بضارأين" عليها ,بدون اضطرأارأ إلى القول بجملة
اعترأاضية مرأة أخرأى -على الرأغم من هذا قد يرأفض القارأئ هذا الفهم ,استنإادا
إلى العترأاض الذي أضعفا حجة القائلين بأن الجملة نإافية ,ويقول:
إذا كان ال تعالى ينإفي أن يكون يأنإزل على الملكين ببابل شيء ,فكيفا كانإا يعلمان
البشرأ؟!
نإقول :إن ال تعالى لم يقل أنإهما علما أحد ,وإنإما قال" :وما يعلمان من أحد" ولم
يقل "وما علما من أحد" فعلى فهمنإا يستقيم المعنإى ,أي أنإه ما أنإزل عليهم شيء
وما يعلمان من أحد حتى يقول "إنإما نإحن فتنإة".
أما على قولهم :فهو أنإزل عليهم وهما ل يزالن يعلمان النإاس السحرأ حتى الن,
وقبل أن يعلما أي أحدا السحرأ يقولن له " :إنإما نإحن فتنإة فل تكفرأ"!
وحتى ل يقول قائل :أن هذا على سبيل استحضارأ الصورأة ,فاستعمل ال المضارأع
ليشيرأ إلى تكرأارأ وقوع ذلك في الماضي.
نإقول :لحظ أن ال تعالى قال" :من أحد حتى يقول إنإما نإحن فتنإة فل تكفرأ فيتعلمون
ما يفرأقون" ولم يقل :فيتعلم ما يفرأقا به ,ولم يقل :فتعلموا به ,وهذا يعنإي أن هذا
المرأ ل يزال يحدث .أما على قولنإا فلم ينإزل عليهم ,وما علما أحدا حتى يقول
وحتى يتعلمون منإهم ما يفرأقون به بين المرأء وزوجه!
وقد ل يفهم بعض القرأاء هذا التوجيه للية ,وقد يرأفضه آخرأون ويرأون أنإه بعيد
ويظهرأ فيه التعسفا ,فنإقول:
ل تعسفا في التأويل بل هو أسلوب معرأوفا وغيرأ معقد ,ومستخدم في اللسان
شرأح في التأويل رأبما ظهرأ ذلك
حتى الن ,و نإستعمله في كلمنإا ,ولكن لما ي
مثال يبين أن هذا التأويل هو القرأب إلى الصواب:
وسأضرأب ل
عنإدما أقول :ما أمارأس الرأياضة حتى أقول إنإي قوي البدن ,فتطلب منإي حمل
المائدة.
193
فهذا مثال واضح لما يذكرأ في الية ,فنإفي الول مترأتب عليه نإفي ما بعده ,فعنإدما
أقول أنإي ما أمارأس الرأياضة ,فل يحقا لي أن أقول أنإي قوي البدن ,فكيفا يطلب
منإي الحمل؟!
وكذلك في الية :لم ينإزل عليهما شيء ليقول إنإما نإحن فتنإة ,وبالتالي فلم يتعلموا
منإهما ما يفرأقون به بين المرأء وزوجه!
إذا ,ل وجه للستدلل بالية في إثبات السحرأ ,بل الية نإزلت كما رأأينإا من أجل نإفي
كفرأ سليمان ونإفي أن يكون السحرأ مأخوذ من الملئكة ,ولبيان أنإه مما اختلقه
اليهود وأضلوا به النإاس ,وأنإهم كما ترأكوا كتاب ال واتبعوا أقوال أحبارأهم ,فكذلك
أعرأضوا عن الرأسول بترأكهم كتاب ال وإتباعهم أقوال البشرأ.
النإفاثات في العقد
بعد أن بلينإا أن آية هارأوت ومارأوت هي في تبرأئة الملئكة وسليمان من السحرأ,
نإنإتقل إلى آخرأ أدلتهم ,وهو قوله تعالى" :توصمن تشسرأ اللنإلفاتثاصت صفي ارليعتقصد ]الفلقا "[4 :
فيقولون أن ال تعالى أمرأنإا بالستعاذة من أمودرأ عدة ,ومن بينإها النإفاثات في
العقد ,ولو لم يكن هؤلء مؤثرأات ,ولهم ضرأرأ حقيقي لما أمرأ ال تعالى بالستعاذة
منإهم .فهذا دليرل صرأيح على تأثيرأ السحرأ.
ونإقول لمن يقول بهذا :أثبت العرأش أولل ثم أنإقش ,فالية ل تقول بما يقولون,
ونإنإظرأ لنإرأ:
"العقد هو نإقيض الحل كما جاء في لسان العرأب ,فما هو المرأاد من النإفاثات في
العقد ,هل المرأاد منإها الساحرأات كما ورأد في كتب التفسيرأ؟
إذا نإحن نإظرأنإا في كتب التفسيرأ –كما جاء في تفسيرأ الفخرأ الرأازي– وجدنإاه يقول :
" وإنإما أنإث النإفاثات لوجوه؛ أحدها :أن هذه الصنإاعة إنإما تعرأفا بالنإساء لنإهن
يعقدن وينإفثن ،وذلك لن الصل العظم فيه رأبط القلب بذلك المرأ وإحكام الهمة
والوهم فيه ،وذلك إنإما يتأتى من النإساء لقلة علمهن وشدة شهوتهن (!!!) ،فل
194
جرأم كان هذا العمل منإهن أقوى .قال أبو عبيدة :النإفاثات هن بنإات لبيد بن أعصم
اليهودي ,سحرأن النإبي صلى ال عليه وسلم.
وثانإيها :أن المرأاد من النإفاثات :النإفوس.
وثالثها :المرأاد منإها الجماعات ،وذلك لنإه كلما كان اجتماع السحرأة على العمل
الواحد أكثرأ كان التأثيرأ أشد.
القول الثانإي -وهو اختيارأ أبي مسلم} :-صمن تشلرأ النإفاثات{ أي النإساء في العقد ،أي
في عزائم الرأجال وآرأائهم وهو مستعارأ من عقد الحبال ،والنإفث وهو تليين العقدة
ل ،فمعنإى الية أن النإساء لجل من الحبل برأيقا )!!!( يقذفه عليه ليصيرأ حله سه ل
كثرأة حبهن في قلوب الرأجال يتصرأفن في الرأجال يحولنإهم من رأأي إلى رأأي ،ومن
عزيمة إلى عزيمة ،فأمر ا رأسوله بالتعوذ من شرهن كقوله} :إلين لمسن أزواجاكم
وأولدكم معتدرواا ليتكسم فاحذرأوهم{ ] التغابن [ 14 :فلَّذلك عظم ا كيدهن ,فقال} :إلين
مكسيمدتكين معلظيعم{ ] يوسف .[ 28 :واعلَّم أن هذا القول حسن ،لول أنه علَّى خلف قول
أكثر المفسرين "212.ا.هـ
إذا فالسادة المفسرأون يكادون يجمعون على أن المرأاد من النإفاثات :النإساء! سواء
يكلن من الساحرأات أو النإساء ,اللتي تنإفث في عزائم الرأجال! فهل هذه القوال فع ل
ل
مقبولة وهي ما تقول به الية؟
نإبدأ في تحليل الية لنإرأ ماذا تقول:
أول ما يلحظه المتدبرأ أنإها تأمرأ بالستعاذة من شرأ النإفاثات وليس من شرأ النإفث
نإفسه! فإذا كان المرأاد من الية إثبات تأثيرأ السحرأ لكان من الولى أن يقال "ومن
شرأ النإفث في العقد" فالضرأرأ يقع منإه سوالء كان نإافثه رأجل أم امرأأة ,فالشرأ يقع من
النإفث ,وسوالء كان التأثيرأ من المرأأة أكثرأ -كما يدعون -أم أقل ,فالشرأ يقع في
النإفث ,وليس من نإافثه! إذا فالية تستعيذ من النإفاثات وليس النإفث ,فل يحقا لنإا
أن نإجعلها تستعيذ من النإفث!
إذا فالية تستعيذ من شرأ النإفاثات أي أن الشرأ يقع في النإفاثات ,وإن النإاظرأ في حال
المفسرأين يجد عجبا ,فنإجدهم جعلوا الية في النإساء ,فكأن ال تعالى يأمرأنإا
بالستعاذة من النإفاثات أما إذا كان النإافثون رأجال فل نإستعيذ منإهم ,ودعك من
التمحكات التي من نإماذجها "هذا من باب التغليب"! فهي ل تساوي شيئا!
فنإخرأج من هذا بأن النإفث نإفسه في هذه الية غيرأ ضارأ وإنإما الضرأرأ والشرأ في
نإافثه ,فهل المرأاد من النإفاثات فعل الساحرأات أو النإساء؟
"نإلفاثات" كما هو واضح لكل ذي عينإين صيغة مبالغة من "نإفث" فهي على وزن
فلعال ,فالحديث في الية عن شخص كثيرأ النإفث ,حتى أنإه أصبح عادته وطبعه,
212فخر الديإن الرازي ,مفاتيح الغيب ,الجزء الثاني والثلثون ,ص.179.
195
ويستوي في هذا المرأ كون الشخص رأجل أو امرأأة ,لن نإفاثات جمع نإفاثة وهي
مما تطلقا على الرأجل والمرأأة ,كما يقال :علمة وفهامة ,ولو كان المرأاد النإساء
لقيل نإافثات.
فإذا كانإت صيغة "نإفاثات" صيغة مبالغة تنإطبقا على الرأجل والمرأأة في عين الوقت
لنإها صيغة مبالغة ,فما المرأاد منإها؟
نإقول -وال أعلم :-إن المرأاد من ذلك على عكس ما قاله أبو مسلم تماما ,وكذلك
ما قاله المفسرأون ,فالمرأاد من النإفاثات في العقد تلك النإفوس التي تعمل على النإفخ
في العقد من أجل تضخيمها وزيادة تعقيدها وليس من أجل حلها أو توهينإها,
فاليعرقتدية كما جاء في اللسان تحرجيم التعرقد ،والجمع يعتقد ,ومن ينإفخ في العقدة يعمل
على زيادتها وشدتها ل على توهينإها.
فنإستعيذ بال من شرأ تلك النإفوس التي تعمل على زيادة التعقيد في التعاقدات
والعلقات بين النإاس مما يؤدي في نإهاية المرأ إلى النإقسام والشقاقا والتباين,
ونإلحظ أن العقد نإفسه ل شرأ فيه ,ولكن المشكلة هي في النإفث في هذا العقد حتى
يزيد ويتعقد ويشتد!
وحتى ل يقول القارأئ أن هذا تأويل بعيد ,نإقدم الدليل على أن النإفث يأتي بمعنإى بث
الفكارأ )والذي ل يكون إل عن طرأيقا الكلم الذي يخرأج من الفم!( وليس مختصا
بما ينإفثه النإسان من رأيقه فقط ,فهو أن هذا اللفظ عام ولم يستعمل فقط هكذا في
اللغة ,ويكفيك شاهرد على ذلك جعل صاحب اللسان النإفث بمعنإى السرأاع! وأن
صاحب المقاييس جعله بمعنإى خرأوج من فم أو غيرأه!
والنإفث على قولنإا يخرأج كذلك من الفم ,كما أن هذا الستعمال ورأد في الحديث
الشرأيفا ,فقد جاء عن النإبي الكرأيم:
قال الرأسول صلى ال عليه وسلم :إصلن يرأوتح اليقيدس تنإتفتث في يرأوعي أن " .....
وكذلك قوله في الحديث في افتتاح الصلة" :اللهلم صإنإي تأعوذ بك من الشيطان الرأجيم
من تهرمصزصه وتنإرفصثصه وتنإرفصخصه "...
إذا فنإحن نإستعيذ من شرأ المضخمين والمشددين للعلقات والتعاملت بين النإاس
والذين يؤدون بها في نإهاية المطافا إلى الشقاقا والتنإازع ,وهنإا نإلحظ أن ال
تعالى استعمل صيغة جمع المبالغة المطلقا لن هذا الصنإفا من البشرأ كثيرأ,
ويتصرأفا هذا التصرأفا بدون تخطيط أو إعداد وإنإما هو سجيته! فهو متشدد
213
متنإطع ل يشعرأ أنإه يؤذي أو يفعل شيئا ضارأا بنإفثه هذا فينإفث وينإفث وينإفث" .
ا.هـ
196
وكما رأأينإا فليست الية كما يفهمها العوام ,وإنإما هي بمعنإى مختلفا تماما ,متعلقا
بالجانإب الجتماعي للنإسان.
وبهذا نإكون قد بلينإا أنإه ل توجد آية في كتاب ال العظيم تتحدث عن السحرأ طبقا
للتصورأ المتداول ,وإنإما هي للنإفي وللبطال.
رأأينإا من خلل تنإاولنإا لي الذكرأ الحكيم أنإه بلين تهافت السحرأ وهوانإه ,وأنإه أبطل
أن تكون هنإاك علقة بين السحرأ والدين ,وقد يتقبل بعض القارأئين ما قلنإاه ,إل أن
آخرأين سيتمسكون بما يؤمنإون به من وجود حقيقدة للسحرأ ,وذلك لنإه ورأدت
رأوايات –مصححة! -تقول أن الرأسول الكرأيم قد يسحرأ ,ومن ثم فإن للسحرأ حقيقة,
ومن ثم فإن كل ما قلنإاه غيرأ صحيح!
وقبل أن نإبدأ حديثنإا حول هذه الرأواية الجائرأة ,نإنإصح كل من يؤمن بأن كل ما في
البخارأي ومسلم صحيح ,أل يقرأأ ما سنإورأده هنإا ,لنإه سيحاول بشتى الطرأقا
اللتفافا حوله.
وحتى ل يتهمنإا القارأئ بالتجنإي على الرأواية بنإعتها بالجائرأة ,نإقول:
على فرأض حدوث هذا الشيء للنإبي الكرأيم فعل ,أل يعتبرأ رأوايتها غيبة للنإبي
الكرأيم؟! أل تعد هذه المسألة من أدقا خصوصيات النإسان؟! هل هنإاك إنإسان يحب
أن يعرأفا النإاس أنإه يسحرأ ,وأنإه كان ل يعرأفا ما يفعل؟!
فإذا كان المرأ كذلك ,أفل ييعد نإقل وقول هذا الكلم عن النإبي الكرأيم نإورع من الغيبة
له؟! ولست أدرأي من الذي أباح للرأواة جنإاب النإبي الكرأيم ,أم أن سحرأ النإبي كان
من الدين ,الواجب على كل مسلم معرأفته؟!!
بادئ ذي بدء نإقول :لو كانإت هذه الرأوايات ,التي تتحدث عن سحرأ النإبي الكرأيم,
في غيرأ البخارأي ومسلم ,لوجدنإا كثيرأا من علماء الحديث يضعفونإها ,ولكنإها للما
يذكرأت في البخارأي اكتسبت حصانإة خاصة ,وأصبحت من الحقائقا التي ل يمكن
التشكيك فيها ,بل ووجدنإا من يستخرأج من الرأواية الدلئل على علو قدرأ النإبي
وعلى حكمته ,في التعامل في جميع المواقفا.
والرأوايات الوارأدة بشأن سحرأ الرأسول الكرأيم كثيرأة ,إل أنإها ذات محتوى واحدد
تقرأيبا ,ونإذكرأ نإموذجا مما رأواه البخارأي بهذا الشأن:
197
س تعرن صهتشادم تعرن أتصبيصه تعرن تعاصئتشتة "تحلدتثتنإا إصربترأاصهييم ربين يموتسى أترختبترأتنإا صعيتسى ربين ييوينإ ت
ترأصضتي الليه تعرنإتها تقاتلرت :تستحترأ ترأيسوتل الللصه تصللى الليه تعتلريصه توتسلتم ترأيجرل صمرن تبصنإي يزترأريدقا
يتقايل تليه تلصبييد ربين ارلتأرعتصصم ,تحلتى تكاتن ترأيسويل الللصه تصللى الليه تعتلريصه توتسلتم يتخلييل إصتلريصه أتلنإيه
تكاتن تيرفتعيل اللشريتء توتما تفتعتليه .تحلتى إصتذا تكاتن تذاتت تيرودم أترو تذاتت تلريتلدة تويهتو صعرنإصدي تلصكلنإيه تدتعا
توتدتعا ,يثلم تقاتل :تيا تعاصئتشية أتتشتعررأصت أتلن اللته أترفتتاصنإي صفيتما ارس ت رف ترييتيه صفيصه؟!
أتتتاصنإي ترأيجتلاصن تفتقتعتد أتتحيديهتما صعرنإتد ترأرأصسي توارلآتخيرأ صعرنإتد صرأرجتللي ,تفتقاتل أتتحيديهتما صلتصاصحصبصه :تما
توتجيع اللرأيجصل؟ تفتقاتل :تمرطيبورب .تقاتل :تمرن تطلبيه؟ تقاتل :تلصبييد ربين ارلتأرعتصصم.
تقاتل :صفي أتسي تشريدء؟ تقاتل :صفي يمرشدط تويمتشاتطدة تويجسفا تطرلصع تنإرختلدة تذتكدرأ .تقاتل :توأتريتن يهتو؟
س صمرن أترصتحاصبصه تقاتل :صفي صبرئصرأ تذررأتواتن .تفتأتتاتها ترأيسويل الللصه تصللى الليه تعتلريصه توتسلتم صفي تنإا د
س س تنإرخصلتها يرأيءو يتفتجاتء تفتقاتل :تيا تعاصئتشية تكتألن تماتءتها ينإتقاتعية ارلصحلنإاصء أترو تكتألن يرأيءو ت
اللشتياصطيصن .يقرليت تيا ترأيسوتل الللصه أتتفتلا ارسترخترأرجتيه؟! تقاتل :تقرد تعاتفاصنإي الليه تفتكصرأرهيت أترن أيتثسوترأ
س صفيصه تشنرأا .تفتأتمترأ صبتها تفيدصفتنإرت "214ا.هـ تعتلى اللنإا ص
والغرأيب أنإه لو تأت هذه الرأواية وأمثالها لنإهارأت خرأافة السحرأ ,فالنإاظرأ يجد أنإه
لم تذكرأ أي رأواية أخرأى أن أحدا من الصحابة يسحرأ! وهكذا فإن هؤلء السحرأة
الجبابرأة لم يفلحوا إل في سحرأ النإبي الكرأيم! وهذا يعنإي واحدة من اثنإتين:
إما أنإهم أرأادوا إظهارأ قوتهم وأنإهم أقوى من النإبي فسحرأوه ,واكتفوا بذلك ,فلم
يسحرأوا آخرأ ,أو أنإهم لم يجدوا من هو أضعفا من النإبي الكرأيم ,فسحرأوه ,ثم لم
يفلح سحرأهم مع غيرأه! وكل القولين طامة كبرأى!
وبغض النإظرأ عن التنإاقضات بين رأوايات الحديث ,وعن إساءة الدب مع الرأسول
بالتعبيرأ عنإه "بالرأجل" ,فإن أول ما يلحظه المرأء أن هذه الرأوايات ورأدت عن السيدة
عائشة فقط ,على الرأغم من المفترأض أن الرأسول ذهب مع رأهط من أصحابه إلى
البئرأ ليستخرأجوا "العمل" ,فلماذا سكت الصحابة ,مثل سيدنإا علي ,الذي قيل أنإه
استخرأج "العمل" ,وتكلمت الزوجة؟!
إن أي زوجة محبة لزوجها ل تذكرأ له بعد موته إل محاسنإه وتترأحم عليه وتوارأي
عيوبه ,فما بال السيدة عائشة هي التي أظهرأت عيوب النإبي؟! ألم تتعظ من نإهي
النإبي الكرأيم لها ,عنإدما زجرأها عنإدما نإعتت صفية بالقصيرأة؟!
–ونإحن نإنإزه السيدة عائشة عن هذا البهتان ,ونإرأى أنإها لم تقل شيئا من هذا ,وإنإما
يوضع على لسانإها!-
214محمد بن إسماعيل البخاري ,صحيح البخاري ,تحقيق :محمد زهير بن ناصر الناصر ,الجزء السابع ,ص.136.
198
كما نإلحظ أن المام مالك لم يرأو هذه الرأوايات- ,215وكذلك المام الترأمذي وأبو
داود والدارأمي -فإذا كان المام مالك الذي عاش في المدينإة لم يعلم بها ,أو علم
ولكنإها لم تصح عنإده ,فإن هذا مرأجح كبيررأ على ضعفا هذه الرأوايات.
وعلى الرأغم من كثرأة هذه الرأوايات وتعددها فإن مدارأها على رأجلين اثنإين ليس
أكثرأ ,فهي ليست من المتواترأ في شيء!
وأعجب من الذين يتمسكون بهذه الرأواية على الرأغم من أنإها لم تحققا شرأط
الصحة وهو السلمة من الشذوذ ,وهي لم تسلم منإه ,فلقد خالفت كتاب ال العزيز
مخالفة صرأيحة ,ومن ثم تصبح من الرأوايات الواجبة الرأد.
فال تعالى ذكرأ طعن المشرأكين في النإبي وأنإهم قالوا زورأا وبهتانإا أنإه مسحورأ:
" لنإرحين أترعتليم صبتما تيرس تصميعوتن صبصه إصرذ تيرس تصميعوتن إصتلريتك توإصرذ يهرم تنإرجتوى إصرذ تييقويل اللظاصليموتن صإن
ل لمرسيحورأا ]السرأاء "[47 : تلتصبيعوتن إصلل ترأيج ل
" أمسو يتسلَّمقى إللمسيله مكنعز أمسو تمتكوتن لمهت مجانيةع يمأستكتل لمسنمها مومقامل ال ي
ظاللتمومن لإن تمتيبلتعومن إليل مرأتجالا
ستحورأاا ]الفرقان "[8 : يم س
سحر طرفة عين لصدقا قول هؤلء ,ولما كانوا ظالمين ومن فلَّو كان النبي الكريم ت
ثم يصبح قول ا غير صحيح!!
لو كان هذا قد حدث لكان هذا باعثا كبيرأا للشك عنإد الصحابة ,فإذا كان الذي يأتيه
الوحي من السماء غيرأ معصوم ,وأصبح مصابا في عقله ,فهل يمكن أن يأخذوا
منإه الدين في هذه الشهرأ الستة –كما ورأد في رأواية أحمد! -فلرأبما كان ما يقول
من الهلوس ,ولرأبما كان ما يأتي به طيلة الوقت كان هلوس وليس وحيا!!
ولن يقتصرأ المرأ على شك الصحابة –المنإطقي -وإنإما يمتد لمخالفة قول الرأب
العليم ,الذي قد قال للنإبي:
"تيا أتبيتها اللرأيسويل تبسلرغ تما يأنإصزتل إصتلريتك صمن لرأسبتك توصإن لرم ترفتعرل تفتما تبلرغتت صرأتساتلتيه توالبله
س إصلن الله تل تيرهصدي ارلتقروتم ارلتكاصفصرأيتن ]المائدة "[67 : تيرعصصيمتك صمتن اللنإا ص
فإن كان ال قد ترأك عقل النإبي ليهودي يتلعب به ,فأين العصمة؟! لذا نإسأل
القارأئ الكرأيم :هل تصدقا قول الرأب أم تأخذ بغيبة البشرأ للرأسول؟!
215يإردد السلفيون مقولتهم الشهيرة" :صحيح البخاري أصح كتاب بعد كتاب ا" ,وبغض النظر عن أنها مقولة باطلة ,لن كتاب ا ل
يإقارن به كتاب ,إل أنني أرى أن موطأ مالك أصح من صحيح البخاري ,ويإمكن بشكنل عاما الرجوع إلى موطأ مالك وإلى أقواله لمقارنتها
بالروايإات المتأخرة التدويإن ,لمعرفة المور المحدثة والتي صنسبت إلى الرسول!
199
نإقد رأوايات سحرأ الرأسول
حتى ل يظل في نإفس القارأئ بقايا تصديقا برأوايات سحرأ الرأسول ,نإبين له أن هذه
الرأواية لم تسلم من النإتقادات ,وإنإما انإيتقدت انإتقادات عدة ,ورأدها كثيرأون-.مثل
ض من أهل السنإة- فرأقة الشيعة كاملة ,وبع ر
ونإذكرأ هنإا أجزالء منإتقاة من درأاسة طويلة ,216أعدها الباحث ظافرأ سعيد نإحاس,
ينإقد فيها رأوايات سحرأ الرأسول سنإدا ومتنإا ,يظهرأ مواطن ضعفها ,واستحالة
وقوعها في ذلك الزمان.
وكنإا قد كتبنإا في نإقد هذه الرأواية ,إل أنإنإا رأأينإا أنإه أجاد وأطال ,وتنإاولها بتفصيدل
كبيرأ يستحقا معه أن ييقدم ما قال ,فأثبتنإاه هنإا.
ذكرت يقول الباحث أنإه أحصى كافة أحاديث سحرأ الرأسول فوجدها قد س
في ساتة عشر كتابا ا ,من هذه الروايات الموصول
والمنقطع ,ثم عرض للرواة الذين رووا هذه الروايات,
وبعد أن عرض لكل الطرقا والرواة ,خلَّص إلى أن الروايات الموصولة كلَّها تدورأ
علَّى رأجالَّين اثنين فقط ,فقال:
"ليس هناك غير العمش وهشام ،أبدا من يروي موصولا حديث سحر يهود
صوى مشتركة ت ت للَّرسول صلَّى ا علَّيه وسلَّم ,فهو حديث آحاد ،معنعن ،وقد مومجاد ت
بين الرجالَّين:
-فالعمش كوفي ولد سنة 61هـ ومات سنة 147هـ وهو من أم أعجمية
طبرستانية .
-وهشام مدني تعرقن) ،سكن العراقا( ولد سنة 61هـ ومات سنة 145هـ وهو من
أم أعجمية خراسانية .وكلهما قد افتقد المروءة ،التممعيرفمةت لدى رأجاال الحديث .
-وكان لقاؤهما في الكوفة (........) ،وكان للعمش أساتذة كثر،رأبما بلَّغوا مائة أو
أكثر ،وكان لهشام أساتذة كثر رأبما بلَّغوا ثلثين أو أكثر – فإذا أنت ذهبت تقاطع
هؤلء مع هؤلء لم تجد سوى شيخا مشتركا واحداا بينهما هو :محمد بن مسلَّم بن
تدرأس – أبو الزبير السدي – مرو 126هـ
ونريد أن نمنح بعض الهتمام لهذا الرجال إذ قد يكون المختبئ ورأاء أورأاقا
الغرقد؟! ) (..........لم نجد لبن تدرأس من منبت ،ول أين ولد ،ول متى ولد ،ول
من أين عسبي ،وكيف كانت بداية حياته ،بل إن كل شيء يتعلَّق في بدايات حياته كان
أبكمما ،بل قد يكون مريبا م أيضام – اللَّهم إل أنه كان مولى لحكيم بن حزام في مكة
المكرمة ".ا.هـ
216الدراسة كاملة موجودة على صفحات موقعنا www.amrallah.com :لمن يإرغب في الستزادة.
200
ض لقوال علَّماء الحديث فيهما ,وكيف أنهما من المدلسين ,جازم بأن وبعد أن عر م
الرواية لواحد منهما ,فقال:
إن العمش وهشام من جايل واحد – ويبدو أنهما من عمر واحد وكل منهما من أم
أعجمية – فالول ولد بطبرستان ) القريبة من خراسان( من أب وأم طبريين
والثاني ولد في المدينة من أم خراسانية ،أم ولد – وتلدا في نفس العام ،والتقيا في
الكوفة وكلهما مدلس وماتا متقارأبين !...فهل أوحى العمش لهشام بفكرة سحر
الرسول صلَّى ا علَّيه وسلَّم ؟! ...أم أن ابن تدرأس أوحى لهما بها ...؟ )(......
-إن حديث ) اليهود سحروا نبي المسلَّمين ( في الظاهر برقبة اثنين من المدلسين،
الول هشام بن عروة بن الزبير ،والثاني سلَّيمان بن مهران السدي ،أبو محمد
العمش ".ا.هـ
ولن أكثر القراء ليست عندهم الدرأاية الكافية بعلَّم مصطلَّح الحديث لم نعرض
القوال التي ذكرها في هؤلء ,واكتفينا بالتعريف بمن تدورأ الروايات علَّيهم,
وبالحكم النهائي ,حتى تنيسر المر علَّى من يريد البحث في أسانيد هذه الروايات
الكثيرة.
وبعد هذا التناول للَّسند ,انتقل لمناقشة المتن فأظهر فيه كثيراا من النقاط ,التي تهدم
هذه الفرية ,فمما قال:
"الزمن الذي زتعم فيه سحر الرسول صلَّى ا علَّيه وسلَّم:
قالوا :حين عودته من الحديبية في ذي الحجة ,ودخل المحرم من سنة سبع من
الهجرة ،إذ جااء رأؤساء اليهود لبيد بن العصم فجعلَّوا له ثلثة دنانير ) .الطبقات
الكبرى( وزعموا أنه سرى مفعول هذا السحر أرأبعين يوماا ـ وفي رأواية ستة أشهر
ـ كما في ) فتح البارأي ( 10/226 ، 6/125ـ ) مجمع الزوائد ( ـ
أما غزوة الحديبية فكانت في ذي القعدة سنة /6/بل خلف ).(......
قالوا سحرت اليهود نبي المسلَّمين ،حين عودته من الحديبية ودخل المحرم ،وكان
يتخيل أنه يأتي زوجااته ول يأتيهن! أو أنه يفعل الشيء ول يفعلَّه ,من بداية محرم
وحتى أرأبعين يوما ا ـ وفي نفس هذا الوقت ،وفي نفس هذه الساعات كان نبي
السلم يغزو يهود خيبر ,بعد أن طرهر النبي صلَّى ا علَّيه وسلَّم المدينة من كافة
اليهود الذين كانوا فيها في /15ذي الحجة سنة 5هـ ،فكيف يستقيم النقيضان؟"
وبعد أن عرض لبعض النقاط الخرى مثل ,عدم وجاود أي ذكر للَّبيد بن العصم في
عشرات المئات من كتب الحديث ,فلَّم يوجاد إل في هذه الرواية ,وكيف أن النبي كره
أن يثورأ علَّيه الناس فيه شراا ,وأن هذا مخالف لفعلَّه في مواقف كثيرة ,انتقل إلى
مسألة أخرى ,وهي:
"بنو تزمرأسيق من الخزرأج – لم يمتهنوا السحر.
زعموا أن الساحر يهودي من بني زرأيق يقال له لبيد بن أعصم )أو العصم( وذلك
201
في كثير من طرقا الحديث .
والحقيقة أن بني زرأيق معمرعب من الخزرأج ،وكانت الخزرأج قبل الهجرة محالفة
ليهود ضد الوس ,فلَّما أسلَّموا وتآخى الوس والخزرأج انفك حلَّفهما من اليهود,
فقد وجاد من بني زرأيق )الخزرأج( نقباء في بيعة العقبة الولى ،كما أن أول مسجد
تقرء فيه القرآن بالمدينة كان في رأبوع بني زرأيق )مسجد بني زرأيق( -وهذا أرأقم
بن أبي أرأقم في دارأه التي قطعها له الرسول صلَّى ا علَّيه وسلَّم في بني زرأيق ،
إذ آخى بينه وبين زيد بن سهل الخزرأجاي من بني النجارأ ،وفي غزوة ذي قرد لمع
اسم عبيد بن زيد بن صامت أخي بني زرأيق" ا.هـ
كما عرض لنقطة أخرى جاد خطيرة ,وهي مكية المعوذتين ,فالمشهورأ أن المعوذتين
نزلتا بعد سحر النبي ,لتيفك بهما سحر النبي ,إل أن الناظر في كتب أسباب النزول
وعلَّوم القرآن ,يجد أنها تقول أن السورأتين مكيتان- ,كما أن صياغة السورأتين
تقول أنهما من المكي وليس المدني -وهذا يعني أنهما نزل قبل وقوع الحادثة
بزمان طويل ,فيكون هذا معول هدم جاديد للَّرواية.
كان هذا طرفاا مما ذكره بخصوص نقد متن الحديث ,ويحق لنا أن نتساءل:
أين كان الصحابة رأضوان ال عليهم بعد وقوع الحادثة؟ لماذا لم ينإقل أنإهم أتوا
عرأفت؟!
لعيادة النإبي )ص( ما دامت الحادثة قد ي
ثم لماذا لم يتحرأك عمرأ كعادته ويذهب ليضرأب عنإقا هذا الرأجل؟! لقد كان رأضي ال
عنإه يغضب للنإبي )ص( لأقل شيء ,أفما كان هذا الموقفا يستحقا أن يتحرأك له؟!
إن هذه العجائب كلها –مضافة إلى معارأضة الرأوايات لكتاب ال -كافية لرأد هذه
الرأوايات ,التي تغتاب النإبي العظم ,وتوجد مطعنإا للطاعنإين ,الذين لن تقنإعهم
تبرأيرأات السلفيين!
فمن رأأى بعد ذلك أن من ينإكرأها هو من الزنإادقة –كما قال بعض العلماء– فهو ممن
ينإطلقون من يقين واحد ثابت عنإده ,ول يرأيد أن يتزحزح عنإه ,وهو أن كل ما في
البخارأي صحيح ,و لو لم يكن عنإده هذا اليقين لقال بما قلنإا به.
202
ولكنإه –تبعا لمشائخه -ل يمكنإه أن يقرأ بورأود الضعفا في البخارأي ,لنإهم لو أقرأوا
غدا للقرأارأ بغيرأه وهكذا
بوجود حديث ضعيفا واحد في البخارأي ,فسيضطرأون ل
حتى تزول هذه الهيبة التي أسقطوها على البخارأي. 217
إن ما يثيرأ العجب والحنإقا ,هو أن المثبتين للحديث يطعنإون في الذين يرأدونإه ,مع
أن كل الفرأيقين يعملون في جانإب واحد ,فالذي يرأد الحديث يرأى أنإه ينإقص من قدرأ
النإبي )ص( ويتعارأض مع آيات في القرأآن ويطعن في ثبوت الرأسالة وكمالها ,فلم
الطعن في أصحاب هذا القول ,ما دام المنإطلقا سليم؟!
أما هذا الساحرأ فعنإده القدرأة من تلقاء نإفسه أن يحول هذا ويؤثرأ في ذاك ,بغيرأ
السنإن التي جعلها ال لكل البشرأ! فييمرأض إنإسانإا أو يمنإعه من ممارأسة الجنإس
"الرأبط" ,أو يقتل آخرأ! بكلمادت يقولها أو بدمية يصنإعها له ,ثم يحرأقها أو يخرأقها!
والعجب كل العجب فيمن ل يزال يصدقا أن هنإاك كلمات إذا قالها النإسان حدث كذا
وكذا ,فهذا النإسان يجعل ال العزيز العظيم –وحاشاه -تابعا للساحرأ ,مثل جنإي
المصباح!
وإنإي أسأل الذين يؤمنإون بأن من أتى ساحرأا أو عرأافا أو كاهنإا فقد كفرأ- ,تبعا
للحاديث -كما جاء في الحديث الذي رأواه أحمد:
" ...عن أبي هريرة والحسن عن النبي صلَّى ا علَّيه و سلَّم قال :من أتى كاهنا ا أو
عرافا ا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل علَّى محمد صلَّى ا علَّيه و سلَّم "218.ا.هـ
والذين يؤمنون أن من علَّق تميمة فقد أشرك ,كما جااء في الحديث الذي رأواه أحمد:
"......عن عقبة بن عامر الجهني :أن رأسول ا صلَّى ا علَّيه و سلَّم أقبل إليه
رأهط فبايع تسعة وامسك عن واحد .فقالوا :يا رأسول ا بايعت تسعة وتركت هذا؟
217يإمكن للقارئ قراءة نقد تحليلي لمتون أحاديإث بالبخاري في صفحة الدكتور محمد عمرانيwww.alhiwar.org/ar :
حيث يإقوما بمناقشة وتحليل المتون ,بعد أن يإعرض للسند طبعا ,تحلي ل
ل أكثر من دقيق .وللدكتور عمراني تأصيل جديإد لعلم مصطلح
الحديإث ,قضى به على العلل التي أصابت هذا العلم عن طريإق التساهل في الشروط التي وضعها المحدثون ,ولقد عرضت هذا المنهج
باختصار في كتابي :القرآنيون مصلحون أما هادمون ,فيمكن الرجع إليه هناك ,أو على صفحات موقعه الشخصي.
218أحمد بن حنبل ,المسند ,الجزء الثاني ,ص.429.
203
قال :إن علَّيه تميمة .فادخل يده فقطعها ,فبايعه .وقال :من علَّق تميمة فقد
أشرك "219ا.هـ
لقد اعتتبر المصدقا للَّكاهن والعراف كافراا لنه كفر بأن الغيب ل –كما قال في
كتابه -وصدقا أن هذا النسان يعلَّم الغيب ,وكذلك اعتتبر من علَّق تميمة مشركا ا لنه
ظن أن هذا الشيء يجلَّب النفع ويدفع الضر ,أفل يكون المصدقا بالسحر كذلك؟!
العجيب أننا رأفضنا أن يعلَّم الكاهن والعراف الغيب ,وقبلَّنا أن يتحكم الساحر في
الطبيعة والبشر كما يحلَّو له! واعتبرنا من يصدقا الكاهن كافر ,بينما التصديق
بالساحر من اليمان ,فعلَّينا أن نصدقا به! إل أن علَّينا أل نذهب إليه!
وأنا أقول أن من يصدقا بقدرأة للَّساحر –غير الخداع والتخييل -فهو مشرك!
الخاتمة
وهنإا نإدعو القارأئ للتقاط أنإفاسه مجددا ,فالرأحلة التي دعونإاه لصطحابنإا فيها في
عوالم الغموض والخرأافة قد انإتهت ,وها نإحن قد وصلنإا إلى النإهاية!
ونإظن –وبعض الظن ليس إثما -أنإنإا أفلحنإا في تقويض الخرأافات المعرأوضة بشأن
الكائنإات السماعية ,والمنإسوبة إلى السلم ,وبلينإا كيفا سيطرأت التصورأات
الخرأافية الموجودة قبل القرأآن على فهم آياته ,فأصبح كأن السلم جاء مؤيدا
للخرأافات الموجودة عنإد العرأب الجاهليين ,ولغيرأهم من المم الوثنإية الخرأى!
بلينإا كيفا حدثت عملية "النإزياح الدللي" للكلمة المحورأية لهذا الموضوع "الجن",
لن العرأب لم يجعلوا القرأآن معيارأا لكلمهم ,والذي نإفى نإفيا قطعيا وجود خلقا
كهذا ,أو على أقل تقديرأ لم يتحدث عنإه ,فساد التصورأ الجاهلي وانإتشرأ ,بسبب
تقبل المسلمين الجدد لما ينإقل عن العرأب ,وكان من بين ما ينإقل عن العرأب وجود
كائن اسمه جن ,له عالم عجيب! وللما وجدوا أن القرأآن قد تكلم عن الجن ,فقالوا
أن هذا هو ذاك .وبهذا أصبحت الكلمة يتفهم بشكل آخرأ مطابقا للتصورأات الخرأافية,
بعد أن كانإت يتستعمل بشكل صحيح مطابقا لبنإائها.
204
وأكثرأ استغرأابا ورأفضا أن يتطلقا على البشرأ! على الرأغم من أنإها اسيتعملت بهذا
المدلول ,ول نإزال نإستعملها ,فنإقول :فلن جن!
وبلينإا كيفا أن النإقطة الفاصلة هي تسمية هذه الكلمة ,فهم يرأون أنإها اسم ونإحن
نإرأى أنإها نإعت ,يصدقا على ما يوافقا مدلوله ,فالشياطين تينإعت بأنإها جن,
والملئكة كذلك تينإعت بأنإها جن ,والبشرأ فيهم جن وشياطين .وبسبب عمومية
الكلمة حدث تداخل بين هذا الصنإافا ,ولم يميز -من ضاعت سليقتهم العرأبية-
بينإها ,فنإتج عن ذلك وجود صنإفا زائد و هو الجن المكلفا ,أو ما يتعارأفا عليه
المسلمون ب"العفارأيت".
وكما بلينإا أن التصورأ العبثي الجاهلي للجن ,والذي ينإسب إلى السلم لحقا ل
يتنإاسب مع جلل ال ,وأن القول به إساءة إلى ال تعالى وانإتقاص من قدرأه,
وتكذيب بكتابه ,الذي تصرأح آياته أن النإسان هو الكائن الوحيد المكلفا في
الرأض ,والملئكة تساعده وتهديه بأمرأ ال ,والشياطين –الذين كانإوا في الصل
ملئكة ثم تشيطنإوا– تغويه وتضله ,وأن لكدل عالمه ,وليس هنإاك أي تداخل مادي
بين هذه العوالم ,إل في حدود ما يرأيد ال ويأذن به! ولم يحدث إل مرأة واحدة –
وكانإوا مسخرأين لنإبي عظيم.
كما بلينإا كيفا أن المسلمين جعلوا الجن المكلفا! الذي ييفترأض أنإه يعيش في عالمنإا,
يقوم ببعض العمال ,التي جعلها ال من آياته البلينإات ,جعلوها من الفعال العادية
للجن ,فجعلوه يخلقا ويخلقا ثم يخلقا! ولم يرأوا في قولهم هذا شائبة شرأك!
وهكذا ساد الفكرأ الخرأافي وتحكم في المسلمين ,وأبعدهم عن الفكرأ العلمي ومنإهجه
والذي جاء به القرأآن.
كما عرأضنإا لعدد من الخرأافات التي يزعم أن الجن تفعلها ,وبلينإا أنإها أقوال متهافتة,
يظهرأ عورأها لكل ذي عينإين ,وأنإها ل تحتاج إل إلى قليدل من التفكرأ ,وأنإها ما يكتب
لها البقاء إل لن البشرأ يميلون إلى تصديقا الغوامض والغرأائب ,وأنإها لكثرأتها
سانإدت بعضها بعضا ,فأصبحت الخرأافة تقوي وتؤكد خرأافات أخرأى ,وأصبح عدد
ل على صدقها! فالعبرأة عنإد أكثرأ النإاس البشرأ الكثيرأ ,المصدقين لهذه الخرأافة ,دلي ل
بكثرأة المصدقين! على الرأغم من أن رأبنإا العليم قد عللمنإا أن العبرأة ليست بالكثرأة,
وأنإها قد تكون من أكبرأ وسائل الضلل!!
كما أظهرأنإا العدو الحقيقي لنإا ,والذي أصبح أكثرأ البشرأ –مسلمون وغيرأ مسلمين-
يعبدونإه من دون ال ,وهو :الجن )المترأفون/كبارأ رأجال الدين/السياسيون(!
فهؤلء أصبحوا معبودات هذا العصرأ ,الذين يتقرأب النإاس إليهم زلفى ,ويفنإون
عمرأهم من أجل إرأضائهم ,والحصول على الفتات الذي يلقونإه لهم! فأصبح أكثرأ
205
النإاس عنباد للجن ,أولياء للشياطين ,وهم ل يدرأون ول يشعرأون ,ويظنإون أنإهم
يعبدون ال وحده ,وما عبدوه وما سألوه!!
وللما يعبد الجن من دون ال ,سيطرأوا على مجتمعاتنإا ,وأصبحوا يتحكمون فيها كما
يحلو لهم ,يشرأعون على خلفا شرأع ال ,ويسنإون القوانإين التي تخدم مصالحهم,
وأصبح العوام عبيدا لهم ,يعبدونإهم ويدعونإهم ويتوسلون إليهم ويرأجون منإهم
الرأزقا! ونإسوا أن ال هو الذي يرأزقا ,وأنإه يرأزقهم كما يرأزقا أسيادهم ,فهو
الرأزاقا ذو القوة المتين!
لذا فإنإنإا نإدعو المسلمين المؤمنإين برأبهم وبكلمته إلى أل يصبحوا عابدين للسادة
والكبرأاء ,فسيتبرأءون منإهم في اليوم الخرأ ولن يخففوا عنإهم يوما من العذاب.
نإدعوهم أن يعبدوا ال حقا العبادة ,وأن يتخذوا إلها ,ويرأجون إليه الوسيلة ,فبيده
وحده الخلقا والمرأ! فإذا فعلنإا ذلك لم يكن لهؤلء ول للشياطين علينإا أي سلطان,
ونإكون من عباد ال المستحقين أن يتمسكن لنإا في الرأض.
وفي الختام أدعو كل إخوانإي المؤمنإين بكتاب ال ,الذين يقدمونإه على كلم النإاس
على الخرأافات وعلى قيل وقال ,أدعوهم إلى أن يفيقوا وينإتبهوا من غفلتهم ,وأل
يخشوا الجن الخرأافي ,فليس له وجود ول تأثيرأ في حياتهم ,وإنإما كل الثرأ من
المترأفين ,الذين يفسدون في الرأض! فمع هؤلء يجب أن تكون المعرأكة الحقيقة!
نإدعوهم إلى أن يدرأكوا العالم حولهم ,ودورأهم فيه! فلقد خلقهم ال بشرأا ,وجعلهم
خلفاء الرأض ,وأمدهم بوحيه ليعرأفهم طرأيقه ,وجعل لهم منإزلة عظمى ,وجعل
الملئكة قائمين علينإا! وعلى النإسان أن يشقا طرأيقه معتمدا على نإفسه ,متبعا
لنإورأ ال ,فلقد جعله سيد هذا الكون ,وليس عبدا لجن مزعوم!!
أنإا أعلم أن هذا الرأأي سيسبب صدمة كبيرأة للقارأئ ,وفي الغالب لن يتقبله..
بسهولة! ,ولكنإي أدعوه إلى أن يقارأن بين ما قلنإا به وبين ما قاله الخرأون بمنإطقا
العقل!
نإدعوه أن ل يحمله إلفا القديم على رأفض الجديد ,فليس القديم دوما هو الصواب!
ونإحن لسنإا بالعجولين ,فما سيرأفضه القارأئ اليوم سيسلم به غدا بإذن ال.
لقد آن الوقت ليكون عنإدنإا الجرأأة والشجاعة لنإبذ الخرأافة ,وإعلن تبرأأنإا منإها,
ولفهم معرأكتنإا الحقيقة والستعداد لها ...وأول خطواتها أن نإبرأأ من كل شرأك
ونإخلص عبادتنإا ل ...فل نإعبد ...الجن!
كان الفرأاغ من هذا الكتاب –بفضل ال وعونإه -في يوم الثنإين ,لست وعشرأين
خلون من شهرأ جمادى الولى ,في عام واحد وثلثين وأرأبعمائة وألفا بعد الهجرأة
النإبوية ,الموافقا للعاشرأ من شهرأ مايو في عام عشرأ وألفين بعد ميلد المسيح
عليه السلم.
206
للتواصل مع الكاتب يرأجى زيارأة موقعه الشخصي:
www.amrallah.com
* القرآن الكريم.
* الكتاب المقدس.
* الكتاب المقدس ,ترجامة ألمانية ,شتوتجارأت ,1985طبعةDeutsche :
Bibelgesellschaftتبعا ا لترجامة مارأتن لوتر.
كتب التفسير:
* أبو عبد ا محمد القرطبي ,تفسير الجامع لحكام القرآن ,تحقيق :هشام سمير
البخارأي ,دارأ عالم الكتب ,الرياض .2003
* فخر الدين محمد بن عمر الرازي ,تفسير مفاتيح الغيب ,الطبعة الولى ,2000
دارأ الكتب العلَّمية -بيروت.
* محمد بن جارير الطبري ,جاامع البيان في تأويل القرآن ,تحقيق :أحمد محمد
شاكر ,الطبعة الولى ,2000مؤسسة الرسالة.
* محمد رأشيد رأضا ,تفسير المنارأ ,الهيئة المصرية العامة للَّكتاب.1990 ,
* محمد البهي ,تفسير سورأة الكهف ,الطبعة الولى ,1977مكتبة وهبة -القاهرة.
* محمد البهي ,تفسير سورأة النمل ,الطبعة الولى ,1978مكتبة وهبة -القاهرة.
كتب الحديث:
207
* أحمد بن الحسين البيهقي ,سنن البيهقي الكبرى ,تحقيق :محمد عبد القادرأ عطا,
مكتبة دارأ الباز –مكة.1994 -
* أحمد بن الحسين البيهقي ,دلئل النبوة ,تحقيق :عبد المعطي قلَّعجي ,الطبعة
الولى 1405هـ ,دارأ الكتب العلَّمية -بيروت.
* أحمد بن شعيب النسائي ,سنن النسائي الكبرى ,تحقيق :عبد الغفارأ سلَّيمان
البندارأي وسيد كسروي حسن ,الطبعة الولى ,1991دارأ الكتب العلَّمية -بيروت.
* سلَّيمان بن أحمد الطبراني ,مسند الشاميين ,تحقيق :حمدي عبد المجيد السلَّفي,
الطبعة الولى ,1405مؤسسة الرسالة -بيروت.
* محمد بن إسماعيل البخارأي ,صحيح البخارأي ,تحقيق :محمد زهير بن ناصر
الناصر ,الطبعة الولى 1422هـ ,دارأ طوقا النجاة -السعودية.
* مسلَّم النيسابورأي ,صحيح مسلَّم ,تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي ,دارأ إحياء
التراث العربي -بيروت) .بدون تارأيخ(
معاجام لغوية:
* أحمد بن فارأس ,معجم مقاييس اللَّغة ,تحقيق :عبد السلم محمد هارأون ,دارأ
الجيل ,بيروت .1999
* جامال الدين بن منظورأ ,معجم لسان العرب ,تحقيق :عبد ا الكبير ومحمد حسب
ا وهاشم الشاذلي ,دارأ المعارأف -القاهرة .1979
مراجاع عامة:
* إبراهيم كمال أدهم ,السحر والسحرة من منظارأ القرآن والسنة ,الطبعة الولى
,1991دارأ الندوة السلمية -بيروت.
* أحمد بن عبد الحلَّيم بن تيمية ,مجموع الفتاوى ,تحقيق :أنورأ الباز وعامر
الجزارأ ,الطبعة الثالثة ,2005دارأ الوفاء.
* البابا شنودة الثالث ,الرأواح بين الدين وعلَّماء الروح ,الطبعة الثانية ,2006
الكلَّية الكلَّيريكية بالكاتدرأائية الكبرى بالعباسية.
* بدرأ الدين الشبلَّي ,آكام المرجاان في أحكام الجان ,تحقيق :إبراهيم محمد الجمل,
مكتبة القرآن -القاهرة )بدون تارأيخ(
* جالل الدين السيوطي ,لقط المرجاان في أحكام الجان ,تحقيق :مصطفى عاشورأ,
مكتبة القرآن -القاهرة) .بدون تارأيخ(.
* جاواد علَّي ,المفصل في تارأيخ العرب قبل السلم ,جاامعة بغداد ,الطبعة الثانية
.1993
* جاورأج بوزنر وآخرون ,معجم الحضارأة المصرية القديمة ,ترجامة :أمين سلمة,
الهيئة المصرية العامة للَّكتاب ,من إصدارأات مكتبة السرة .1996
* جامال الدين القاسمي ,مذاهب العراب وفلسفة السلم في الجن ,مؤسسة
قرطبة -الجيزة.
* خزعل الماجادي ,الدين المصري ,الطبعة الولى ,1999دارأ الشروقا -الرأدن.
208
* خزعل الماجادي ,المعتقدات الكنعانية ,الطبعة الولى ,2001دارأ الشروقا-
الرأدن.
* خزعل الماجادي ,متون سومر :الكتاب الول ,الطبعة الولى ,1998الهلَّية للَّنشر
والتوزيع -الرأدن.
* حسين عبد الواحد ,عبدة الشيطان علَّى ضفاف النيل ,الطبعة الولى ,1998مركز
الحضارأة العربية ,القاهرة.
* حلَّيمة خالد رأشيد ,الجن في الشعر الجاهلَّي ,رأسالة ماجاستير في اللَّغة العربية,
جاامعة النجاح الوطنية ,نابلَّس-فلَّسطين.2005 ,
* زكريا بن محمد القزويني ,عجائب المخلَّوقات والحيوانات وغرائب الموجاودات,
الطبعة الولى ,2000مؤسسة العلَّمي للَّمطبوعات -بيروت.
* عباس العقاد ,إبلَّيس ,دارأ نهضة مصر -القاهرة.1985 ,
* عبد الرزاقا نوفل ,عالم الجن والملئكة ,دارأ الشعب -القاهرة.1968 ,
* عبد ا عبد الجبارأ ,محمد عبد المنعم خفاجاي ,قصة الدب في الحجاز في العصر
الجاهلَّي ,مكتبة الكلَّيات الزهرية ,1980القاهرة.
* عبد ا كمال ,تجربة شخصية مع عبدة الشيطان ,الطبعة الولى ,1997دارأ
الخيال – القاهرة.
* عبد العزيز بن صالح العبيد السلَّمي ,تفسير آيات القرآن عن علقة الملئكة
بالنسان )رأسالة دكتورأاة( كلَّية القرآن الكريم بالجامعة السلمية بالمدينة المنورأة,
1411هـ.
* عبد المحسن صالح ,النسان الحائر بين العلَّم والخرافة) ,سلَّسلَّة عالم المعرفة:
العدد الخامس عشر ,(1979المجلَّس الوطني للَّثقافة والفنون والداب -الكويت.
* عمرو الشاعر ,نشأة النسان بين التورأاة والقرآن ونظرية دارأون ,الطبعة الولى
,2010مكتبة النافذة -الجيزة.
* عبد الملَّك بن هشام ,السيرة النبوية ,تحقيق :طه عبد الرءوف سعد ,الطبعة
الولى 1411هـ ,دارأ الجيل -بيروت.
* عمرو الشاعر ,قراءة لسورأ الطعن ,الطبعة الولى ,2009مكتبة النافذة -الجيزة.
* عمرو الشاعر ,عقائد السلميين بين وحدة المنهج وتباين الحكام ,الطبعة
الولى ,2008مكتبة النافذة -الجيزة.
* عمرو الشاعر ,السوبرمان بين نيتشه والقرآن ,الطبعة الولى ,2009مكتبة
النافذة -الجيزة.
* عمرو بن بحر الجاحظ ,الحيوان ,تحقيق :عبد السلم محمد هارأون ,دارأ الجيل-
بيروت .1996
* فارأس خضر ,العادات الشعبية بين السحر والجن والخرافة )كتاب مجلَّة الذاعة
والتلَّيفزيون( ,يناير .2008
* فراس السواح ,الرحمن والشيطان ,الطبعة الولى ,2000دارأ علء الدين-
دمشق.
209
* كمال الدين محمد الدميري ,حياة الحيوان الكبرى ,تحقيق :أحمد حسن بسج,
الطبعة الثانية ,2003دارأ الكتب العلَّمية ,بيروت.
* مجدي صادقا ,عبادة الشيطان )ضد المسيح( الطبعة الولى .1998
* مجدي محمد الشهاوي ,تحضير الرأواح وتسخير الجان بين الحقيقة والخرافة,
مكتبة القرآن -القاهرة )بدون تارأيخ(.
* محمد سيد أحمد المسير ,عبادة الشيطان في البيان القرآني والتارأيخ النساني,
الطبعة الولى ,1998المنصورأة.
* محمد بن عبد الوهاب العقيل ,معتقد فرقا المسلَّمين واليهود والنصارأى
والفلسفة والوثنيين في الملئكة المقربين ,الطبعة الولى ,2002أضواء السلَّف-
الرياض.
* محمد عيسى داود ,الخيوط الخفية بين المسيخ الدجاال وأسرارأ مثلَّث برمودا
والطباقا الطائرة ,دارأ البشير -القاهرة.
* محمد متولي الشعراوي ,الشيطان والنسان ,قطاع الثقافة -دارأ أخبارأ اليوم.
* محمد محمد حسين ,الروحية الحديثة دعوى هدامة ,تحضير الرأواح وصلَّته
بالصهيونية العالمية ,مؤسسة الرسالة )بدون تارأيخ(.
* مروة عماد الدين ,الرحلت المفقودة عند مثلَّث برمودا جازرأ الشيطان المخيفة,
دارأ الطلئع -القاهرة.
* وحيد عبد السلم بالي ,وقاية النسان من الجن والشيطان ,الطبعة العاشرة
,1997مكتبة التابعين -القاهرة.
الفهرست
........................................................................تقديم
الباب الول :تصورأ الجنة قبل السلم ....................................
الفصل الول :في الحضارأات القديمة ......................................
سمعيات ........................................................................
كائنات بشرية حيوانية .......................................................
أرأباب وشياطين ...................................................................
في الحضارأة المصرية القديمة ...................................................
عند الكنعانيين .......................................................................
عند السومريين .......................................................................
عند الغريق ..............................................................................
في الحضارأة الهندية القديمة ...........................................................
في اليهودية ................................................................................
في المسيحية ................................................................................
عبادة الشيطان ..............................................................................
210
الفصل الثاني :الجن في الجاهلَّية .........................................................
أصناف الجن ..................................................................................
الغول ...........................................................................................
مجتمعات الجن .................................................................................
شياطين الشعر ..................................................................................
الباب الثاني :اللجنة في السلم ................................................................
الفصل الول :تعريفات وتصورأات ...........................................................
تقديم ................................................................................................
تصورأ الملئكة ....................................................................................
هل الملئكة مسيرون ............................................................................
الشيطان ............................................................................................
إبلَّيس ...............................................................................................
الجن ................................................................................................
أقوال الفلسفة في الجن ........................................................................
الجان ..واللجنة ..................................................................................
"كان من الجن" ................................................................................
إشكاليات وحلَّول ..................................................................................
النسان والنس ...................................................................................
الفصل الثاني :ا والجن ........................................................................
هل خلَّق ا الجن.................................................................................
الجن والشريعة ................................................................................
هل يمكن وجاود جان كافر ......................................................................
..................................................................................القرآن ..والجن
الجن والجزاء .....................................................................................
الفصل الثالث :الجن في القرآن ................................................................
سورأة الجن.......................................................................................
التصورأ العام لسورأة الجن.....................................................................
الشيء وما يتضمنه.............................................................................
جان ....مسيحي! ................................................................................
ما هي السورأة التي استمعوا إليها؟ .........................................................
رأجاال الجن .......................................................................................
لمس السماء .....................................................................................
تملَّك سلَّيمان في الكتب القديمة ...............................................................
شياطين أم نجارأون ............................................................................
الجن في سبأ ...وأعماله ....................................................................
تفسير الدكتورأ محمد البهي ................................................................
الجن في سورأة النعام ......................................................................
211
الجن في سورأة العراف ...................................................................
الجن في سورأة سبأ ........................................................................
الجن في سورأة فصلَّت ..................................................................
الجن في سورأة الحقاف ................................................................
الجن في سورأة الذارأيات ..................................................................
الجن في سورأة الرحمن ..................................................................
هل الشيطان ليس إبلَّيس ...................................................................
الفصل الرابع :الجن في الروايات ........................................................
رأوايات عن سورأة الجن .....................................................................
رأوايات جان البشر ............................................................................
رأوايات من الجاهلَّية! .........................................................................
الباب الثالث :أقاويل ........................................................................
الفصل الول :غرام ...واختطاف ........................................................
خرافة ..واختطافه ........................................................................
نكاح الجن للنسان .......................................................................
مثلَّث برمودا ..والشيطان .................................................................
هدم الكذوبة ...............................................................................
الفصل الثاني :مس الجن النسان .......................................................
مس الشيطان أيوب ...................................................................
تحكيم الروايات .......................................................................
سلَّطان الشيطان ........................................................................
أسباب المس ............................................................................
القرآن شفاء أم عذاب .................................................................
تحضير الرأواح ...والجان ................................................................
القرين ........................................................................................
الفصل الثالث :السحر ..والجان ...........................................................
تعريف السحر ............................................................................
هارأوت ومارأوت ....ومحمد .............................................................
الية من منظورأ آخر ......................................................................
النفاثات في العقد .............................................................................
سحر الرسول فقط ............................................................................ ت
نقد رأوايات سحر الرسول ...................................................................
الخاتمة .........................................................................................
سرعد لهم المراجاع............................................................................
212