Professional Documents
Culture Documents
دور الإدارة المحلية في حماية البيئة من أخطار التلوث
دور الإدارة المحلية في حماية البيئة من أخطار التلوث
مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ـــــــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة
دور اإلدارة المحلية في حماية البيئة من أخطار التلوث "التجربة الجزائرية" ــــــــــــــــــــــــــــ
مقدمة:
يعد موضوع البيئة ومشكالهتا ،السيما مشكل التلوث ،من أهم املواضيع اليت
حتظى باهتمام الباحثني واألكادمييني واملنظمات احلكومية املختلفة ،حيث حتتل
قضايا البيئة سلم األولويات الوطنية يف أي دولة كوهنا تؤثر على كافة أنشطة
التنمية االقتصادية واالجتماعية ،خاصة يف ظل تنامي الوعي بآثار تلوث البيئة
وأخطارها على صحة ووجود اإلنسان على األرض ،وعليه أصبحت البيئة من
املداخل الرئيسية للتنمية املستدامة ،وظلت كلمة البيئة تتالزم مع التنمية
بأبعادها املختلفة ،ألن أي تنمية البد وأن تستند إىل أسس تتالءم والوضع البيئي،
فحماية البيئة وإدارهتا تعترب من املؤشرات اهلامة للتنمية الشاملة ،وهلذا أدركت
الدول العربية ومنها اجلزائر أمهية البيئة ،وسعت حلمايتها ووضعتها ضمن
أولوياهتا ،فأصدرت منظومة قانونية من تشريعات وأوامر حلماية البيئة من خمتلف
أنواع التلوث ،وأسست إدارات ومصاحل متخصصة ضمن تنظيماهتا احلكومية تابعة
للوزارات واجلماعات احمللية أوكلت إليها وضع السياسات العامة واخلطط الالزمة
ملعاجلة املشاكل البيئية ،خاصة وأن اجلزائر شهدت يف املدة األخرية نشاطا
اقتصاديا وجتاريا هاما مع تزايد حركة املواصالت والسيارات ،وقد صاحب هذا
النشاط زيادة وتركزا سكانيا يف املناطق الشمالية الساحلية السياحية ،وعليه
تنامى شعور السلطات العامة واجملتمع احمللي خبطر التلوث وأثاره على صحة
اإلنسان واالقتصاد واحلياة ،فكانت استجابة احلكومة مبؤسساهتا العامة وإدارهتا
املركزية واحمللية .
ومن هذا املنطلق حتاول هذه الدراسة رصد واقع البيئة يف اجلزائر ،وحتليل
السياسة العامة للبيئة وتبيان وظائف وأدوار وحدات اإلدارة احمللية وجماالت
تدخلها يف محاية البيئة من التلوث.
أسئلة الدراسة :حتاول هذه الدراسة اإلجابة عن األسئلة التالية:
-1ما هي اإلجراءات اليت اختذهتا اجلزائر حلماية وترقية البيئة ؟
- 2هل سطرت الدولة إستراتيجية أو وضعت سياسة عامة حلماية البيئة
وترقيتها مستقبال ؟
- 3ما مدى هتيؤ النظام احمللي يف اجلزائر للقيام بدور اجيايب يف محاية البيئة ؟
- 90 -
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ناجي عبد النور – جامعة عنابة (الجزائر)
- 4فيما تتمثل الوسائل واآلليات املمنوحة لإلدارة احمللية ألداء مهامها البيئية ؟
- 5هل ميكن أن يشجع النظام احمللي يف اجلزائر القطاع اخلاص وتنظيمات اجملتمع
املدين واملواطن احمللي على املشاركة يف مكافحة التلوث؟
- 6هل يعترب احلكم احمللي اجليد حمركا أساسيا للتنمية املستدامة؟
- 7ماهية العوامل اليت تؤثر على فاعلية دور اجملالس املنتخبة يف محاية البيئة؟
أمهية الدراسة:
تنبع أمهية الدراسة ،من خالل أمهية املوضوع الذي تعاجله واملتعلق بدور
اإلدارة احمللية يف محاية البيئة وحتقيق التنمية املستدامة ،إذ تعد الوحدات
احمللية النواة الرئيسية يف التنمية املستدامة ،ألن مسألة محاية البيئة هي قضية
حملية أكثر منها قضية مركزية ،نظرا لقرب اهليئات احمللية من الواقع ،ومن
املواطن ،وقد وضعت اإلدارة احمللية أساسا هبدف تسيري شؤون املواطنني وحتسني
مستوى وضعيتهم االجتماعية واالقتصادية والصحية والبيئية وتنفيذ السياسات
العامة.
أهداف الدراسة:
تسعى هذه الدراسة إىل حتقيق األهداف اآلتية:
- 1حتديد معامل السياسة العامة للبيئة يف اجلزائر.
- 2حتديد اإلطار القانوين والسياسي للبيئة يف اجلزائر ( احلماية القانونية
للبيئة ).
- 3توضيح اختصاصات اإلدارة املركزية واحمللية يف محاية البيئة ووسائل
تدخلها.
- 4حتليل السلوك اإلداري للمجالس والوحدات احمللية وإبراز التحديات
والعراقيل.
- 5تقدمي توصيات واقتراحات لتفعيل دور الوحدات احمللية يف محاية البيئة
ونشر الوعي مبخاطرها.
منهج الدراسة:
اعتمدت الدراسة علي املنهج الوصفي التحليلي واملقترب القانوين املؤسسي.
- 91 -
دور اإلدارة المحلية في حماية البيئة من أخطار التلوث "التجربة الجزائرية" ــــــــــــــــــــــــــــ
اوال /مفهوم البيئة والعوامل التي ساعدت على بداية االهتمام بالبيئة:
ا .تعريف البيئة :Environment
لقد عرف الدكتور حممد اخلويل رئيس دائرة اجليولوجي يف اجلامعة
األمريكية يف بريوت البيئة بأهنا" تشمل نواحي احلياة كافة" ،ودعا إىل محاية
البيئة من التلوث والرقابة على األعمال اإلنشائية ومدى توافقها مع البيئة ورفاه
اإلنسان.
وميكن تعريف البيئة أيضا بأهنا إمجايل األشياء اليت حتيط بنا وتؤثر على
وجود الكائنات احلية على سطح األرض ،متضمنة املاء واهلواء والتربة واملعادن
والكائنات واملناخ .أي ميكن القول بأن البيئة هي كل ما حييط بنا من الكائنات
احلية واجلماد .وعلم البيئة هو ذلك العلم الذي يدرس هذه البيئة ويدرس
القوانني الطبيعية ويعىن ببقاء التوازن لذلك احمليط(.)1
كما تعرف البيئة أيضا على أهنا الوسط احمليط باإلنسان والذي يشمل كافة
اجلوانب املادية وغري املادية ،البشرية منهما وغري البشرية ،فهي كل ما هو خارج
عن اإلنسان وعن كيانه ،وكل ما حييط به من موجودات.
والبيئة يف أبسط تعريف هلا هي ذلك احليز الذي ميارس فيه البشر خمتلف
أنشطة حياهتم ،وتشمل يف هذا اإلطار كافة الكائنات احلية من حيوان ونبات،
واليت يتعايش معها اإلنسان .وعلم البيئة Ecologyهو ذلك العلم الذي يبحث يف
أحواهلا الطبيعية أو جمموعات النباتات أو احليوانات اليت تعيش فيها ،وبني
الكائنات احلية املوجودة يف هذه البيئة Ecologyمكونة من مقطعني يونانية مها
Logosوهى تعىن دراسة أو علم و Olkosوتعين املزنل أو مكان الوجود .ولقد درج
- 92 -
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ناجي عبد النور – جامعة عنابة (الجزائر)
يف اللغة العربية على إطالق اسم البيئة على التسمية Ecoglogyفاختلط بذلك
األمر مع مفهوم البيئة مبعىن Environmentوأصبح عامل األيكولوجى وعامل
البيئة وكأهنما تسميتان مرادفتان جملال عمل واحد .ولكن الواقع خيتلف عن ذلك
متاما ،فعامل االيكولوجى يعىن كما ذكر " ايوجني ادوم " بدارسة وتركيب ووظيفة
الطبيعة ،أي انه حيدد احلياة وكيفية استخدام الكائنات للعناصر املتاحة ،أما عامل
البيئة Environmentalisفيعىن بدراسة التفاعل بني احلياة والبيئة ،أي أنه
يتناول تطبيق معلومات يف جماالت معرفية يف دراسة السيطرة على البيئة ،وهو
يعىن بوقاية اجملتمعات من التأثريات الضارة(.)2
وميكن تقسيم البيئة إىل ثالث أقسام:
.1بيئة طبيعية :وتتمثل يف اهلواء واملاء واألرض وما حتويه من نباتات
وحيوانات وإنسان.
.2بيئة اجتماعية :وهي جمموعة القوانني والنظم اليت حتكم العالقات
الداخلية لألفراد إىل جانب املؤسسات واهليئات السياسية واالجتماعية.
.3بيئة صناعية :وهي اليت صنعها اإلنسان من قرى ومدن ومزارع ومصنع
وشبكات...اخل.
ب .العوامل اليت ساعدت على بداية االهتمام بالبيئة:
هناك مجلة من العوامل واالعتبارات أدت إىل تزايد االهتمام بالبيئة ،سواء
على مستوى احلكومات أو على مستوى املؤسسات واألفراد ،وميكن إمجاهلا يف:
.1تنامي الوعي باألخطار البيئية خاصة يف اجملتمعات املتقدمة وإدراكها املخاطر
النامجة النامجة عن ارتفاع معدالت التلوث وإهدار املوارد الطبيعية املصاحبة
لعمليات التنمية املستمرة ،فقد أدى ذلك إىل إحداث تغيريات يف البيئة العاملية،
وكذا ظهور بعض القضايا البيئية ذات االهتمام العاملي املشترك ،كقضية ثقب
األوزون وارتفاع درجة حرارة األرض والتغيريات املناخية اليت يشهدها العامل.
.2دور اإلعالم يف انتشار الوعي البيئي ،من خالل اإلعالنات والربامج التلفزيونية
خاصة ووسائل اإلعالم األخرى ،كاإلعالنات اليت تشجع املستهلكني على التقليل من
استهالك الطاقة واملاء وكذا الربامج التوعوية حول نظافة احمليط وترويج
االستهالك الرشيد للمصادر الطبيعية..اخل.
- 93 -
دور اإلدارة المحلية في حماية البيئة من أخطار التلوث "التجربة الجزائرية" ــــــــــــــــــــــــــــ
.3الدور الذي لعبته األمم املتحدة يف لفت أنظار العامل إىل املخاطر البيئية
املتنامية وضرورة إدراج االعتبارات البيئية يف الصناعة والتجارة العاملية ،من خالل
مؤمتراهتا ونشاطاها املتعددة وبراجمها للبيئة كمؤمتر األمم املتحدة للبيئة
والتنمية بريو دي جانريو عام 1992والذي ناشد اجملتمع العاملي من أجل صنع
السياسات اخلاصة بالبيئة والتجارة وربطه بالتنمية( .)3ولقد كان هلذا املؤمتر
وغريه من املؤمترات أثر واضح على تبين الكثري من الدول للسياسات البيئية.
.4تنامي دور املنظمات غري احلكومية الوطنية منها والدولية وكذا اجلمعيات
األهلية يف نشر الوعي ولفت االنتباه إىل املخاطر البيئية املتزايدة ونشاطها يف
مواجهة هذه األخطار.
إن املتغريات االقتصادية اليت صاحبت العوملة(منظمة التجارة العاملية،
الشركات العابرة للقارات...،اخل) فرضت على العامل ضرورة االهتمام بالقضايا
البيئية ،كما فرضت على املشروعات االنتاجية ضرورة مراعاة االعتبارات البيئية
من أجل البقاء واالستمرارية والقدرة على املنافسة والتصدير لألسواق
اخلارجية(.)4
ثانيا /الوضع البيئي في الجزائر:
تعرف اجلزائر كغريها من البلدان املتخلفة وضعا بيئيا سيئا زاد من تفاقم
من املشاكل التنموية اليت تعاين منها.
أ .تقييم عام للوضع البيئي يف اجلزائر:
رغم االهتمام الذي توليه السلطات العمومية لقضية البيئة ملا هلا من أثر
مباشر على التنمية ،وبالنظر للوضع البيئي املتدهور ،فقد كشفت دراسة أجراها
البنك العاملي أن اجلزائر ختسر سنويا 078مليون دوالر بسبب اإلمهال البيئي،
فيما كشفت اجلمعية الوطنية حلماية البيئة يف 23نوفمرب أن اجلزائر تنتج سنويا
1114مليون طن من النفايات ،مل حتقق مشاريع معاجلتها أية نتائج إجيابية .وجاء
يف التقرير االقتصادي لسفارة فرنسا باجلزائر اخلاص بسنة 2885واملوسوم :سوق
البيئة يف اجلزائر ،الصادر يف نوفمرب 2885يصف قطاع البيئة بالقطاع العذري
والقابل لكل أنواع االستثمارات(.)5
- 94 -
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ناجي عبد النور – جامعة عنابة (الجزائر)
ومن أخطر أنواع التلوث البيئي الذي تعرفه اجلزائر جند تلوث العديد من
شواطئها بسبب تدفق النفايات الصناعية ومياه اجملاري فيها .لقد من اهلل على
اجلزائر مبناطق حبرية وشاطئية أكسبتها واجهة حبرية رائعة ممتدة على طول
1288كم ،وبالرغم من كون عمق هذه املنطقة الساحلية ال يتعدى ال58كم
مبساحة 450888كم ،2إال أهنا تأوي حوايل 1205مليون نسمة أي ما يعادل 43
باملائة من إمجايل السكان بكثافة سكانية تقدر ب388ن/كم 2مقابل 12022ن/كم2
بالنسبة جملموع اإلقليم( .)6وتسبب هذا التلوث إصابة املئات من األشخاص بأمراض
عدة كالتهاب العيون واإلسهال والتهابات جلدية خمتلفة ،مما دفع السلطات إىل
إغالق العديد من الشواطئ.
ومن أمثلة الشواطئ امللوثة يف اجلزائر شواطئ ازور بالج وبامل بيتش،
اللذين كانا يعتربان من اشهر شواطئ غرب العاصمة اجلزائرية ،وحيت شاطئ نادي
الصنوبر ،احلي الراقي الذي يقطنه كبار الشخصيات ،حظرت فيه السباحة .كما
تلوثت العديد من الشواطئ يف والية جباية (منطقة القبائل الصغري 062كلم
شرق العاصمة) بالنفايات الصناعية ومياه اجملاري .وأدى تلوث مياه السباحة يف
الغرب اجلزائري إىل انتشار وباء الطاعون والذي يظهر شكل دمل تنتشر علي كافة
أجزاء اجلسم ترافقها محي.
ويعود سبب تلوث مياه البحر يف اجلزائر إىل اختالطها مبياه اجملاري اليت
تصب مباشرة فيها بدون تصفيتها نظرا لتعطل حمطات التصفية(.)7
وأمام التدهور البيئي وعدم القدرة على التنسيق بني اهليئات واجلمعيات
حول صيغة موحدة حلماية البيئة ،باتت اجلزائر حتتل املرتبة الرابعة من حيث
التلوث البيئي من بني دول الشرق األوسط ومشال إفريقيا ،حيث أعابت املنظمات
الدولية غري احلكومية ،منها منظمة السالم األخضر Green Peaceفرع الشرق
األوسط على اجلزائر ،عدم االهتمام الفعلي وامليداين بالبيئة ،مكتفية بسن
القوانني اليت ال يتم تنفيذها على أرض الواقع ،حيث ال تزال اجلزائر تنعدم فيها
أدىن الشروط للحفاظ على حميط سليم(.)8
ورغم اإلجراءات اليت تقوم هبا الوزارة ،تظل النتائج ضئيلة أمام التحديات
الكبرية اليت تواجهها البيئة يف اجلزائر مما ميكن معه دق ناقوس اخلطر ،خاصة
- 95 -
دور اإلدارة المحلية في حماية البيئة من أخطار التلوث "التجربة الجزائرية" ــــــــــــــــــــــــــــ
وأن الثقافة البيئية مل تترسخ بعد يف السلوك اليومي للجزائريني ،لتبقى بذلك
معنية باملشاكل البيئية العاملية والنقاشات البيئية الكربى الدائرة يف العامل من
دون أن تتمكن من إجياد حل جدي وهنائي ملشكل البيئة الداخلي.
.2التصحر:
أما مسألة التصحر يف اجلزائر فقد أصبحت قضية استعجاليه ،نظرا
لتهديدها جملموع اجملال السهيب الواسع ،وهو املنطقة الرعوية عالية اجلودة يف
البالد ،حيث أظهرت الصور امللتقطة باألقمار الصناعية أمهية املساحات املهددة
بظاهرة التصحر واملقدرة بــ 1300210171هكتار أي 61باملائة من مساحة
السهوب( ،)9وهذا يرجع ألسباب عديدة منها اجلفاف ،األنشطة البشرية.
-3التوسع العمراين يف املناطق الشمالية الساحلية :يعترب التوسع العمراين
(ضغط دميغرايف شديد ومشاكل حضرية تؤثر سلبا على األوضاع صحية) غري
املدروس وتغري منط االستهالك فيه من العوامل املباشرة للتدهور التدرجيي لإلطار
املعيشي ،هذا التركز الكبري للسكان وما يتبعه من متركز ملعظم األنشطة الصناعية
والسياحية والتجهيزات القاعدية املتنامية ،أثر على املساحة الشاطئية (ضياع
حوايل 17باملائة من املساحة اإلمجالية للمنطقة الشاطئية) وعلى املوارد املائية،
حيث سجل التلوث البحري املتولد عن األقطاب الصناعية نسبا تبعث على القلق،
خاصة التسربات البترولية فحوايل 188مليون طن من احملروقات متر سنويا
بالقرب من الشواطئ اجلزائرية ،و 58مليون طن تشحن سنويا من املوانئ
اجلزائرية ،و 180888طن تفقد وتتسرب يف البحر أثناء هذه العمليات ،فهل ميكن
ختيل تأثري ترسب املعادن الثقيلة على األحياء البحرية ؟ وقد مت منع االستحمام
يف 103شاطئ ضمن 511شاطئا أي أكثر من الثلث ،ضف إىل ذلك مشكل االجنراف
الشاطئ واالقتالع املفرط للرمال من الشواطئ.
.4اآلثار االجتماعية الصحية النامجة عن هذا الواقع :بالرغم من أن
منظمة الصحة العاملية تعرف الصحة بأهنا "حالة من الراحة اجلسمية والنفسية
()11
إال أننا سنتحدث عن األمراض واالجتماعية وليست فقط اخللو من األمراض"
الناجتة عن واقع بيئتنا يف اجلزائر لنتمكن من استنتاج أمهية البيئة يف احلفاظ
- 96 -
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ناجي عبد النور – جامعة عنابة (الجزائر)
- 97 -
دور اإلدارة المحلية في حماية البيئة من أخطار التلوث "التجربة الجزائرية" ــــــــــــــــــــــــــــ
- 98 -
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د .ناجي عبد النور – جامعة عنابة (الجزائر)
- 99 -
دور اإلدارة المحلية في حماية البيئة من أخطار التلوث "التجربة الجزائرية" ــــــــــــــــــــــــــــ
-مبدأ تدهور املوارد الطبيعية :الذي ينبغي مبقتضاه جتنب إحلاق الضرر
باملوارد الطبيعية ،كاملاء واهلواء ،األرض واليت تعترب يف كل احلاالت جزء ال يتجزأ
من مسار التنمية ،وجيب أن ال تؤخذ بصفة منعزلة يف حتقيق تنمية مستدامة.
-مبدأ االستبدال :الذي ميكن مبقتضاه ،استبدال عمل مضر بالبيئة بآخر
يكون أقل خطرا عليها ،وخيتار هذا النشاط األخري حىت ولو كانت تكلفته مرتفعة،
ما دامت مناسبة للقيم البيئية موضوع احلماية.
-مبدأ اإلدماج :الذي جيب مبقتضاه دمج الترتيبات املتعلقة حبماية البيئية
والتنمية املستدامة عند إعداد املخططات والربامج القطاعية وتطبيقها.
-مبدأ النشاط الوقائي وتصحيح األضرار البيئية باألولوية عند املصدر:
يكون ذلك باستعمال أحسن التقنيات املتوفرة وبتكلفة اقتصادية مقبولة ،ويلزم كل
شخص ميكن أن يلحق نشاطه ضررا كبريا بالبيئة مراعاة مصاحل الغري قبل
التصرف.
-مبدأ احليطة :الذي مبقتضاه ،أال يكون عدم توفر التقنيات نظرا للمعارف
العلمية والتقنية احلالية ،سببا يف تأخري اختاذ التدابري احمللية واملناسبة للوقاية
من خطر األضرار اجلسمية املضرة بالبيئة ،ويكون ذلك بتكلفة اقتصادية مقبولة.
مبدأ امللوث الدافع :الذي يتحمل مبقتضاه كل شخص يتسبب نشاطه أو ميكن
أن يتسبب يف إحلاق الضرر بالبيئة ،نفقات كل تدابري الوقاية من التلوث والتقليص
منه وإعادة األماكن وبيئتها إىل حالتهما األصلية.
مبدأ اإلعالم واملشاركة :الذي يكون مبقتضاه لكل شخص احلق يف أن يكون
على علم حبالة البيئة واملشاركة يف اإلجراءات املسبقة عند اختاذ القرارات اليت
قد تضر بالبيئة.
رابعا /دور اإلدارة المحلية الجزائرية في حماية البيئة من التلوث:
تعترب اإلدارة احمللية امتدادا لإلدارة املركزية يف جمال محاية البيئة من
التلوث ،على اعتبار أن هذه املهمة من املهام الرئيسية للدولة مبختلف مؤسساهتا
املركزية واحمللية.
البلدي املنتخب ،ويساعده نائبا أو أكثر ،تكلف هذه اهليئة مبساعدة جلان خمتلفة
بتطبيق مداوالت اجمللس الشعيب البلدي والسياسات العامة الوطنية املختلفة علي
املستوي احمللي".
تقوم البلديات مبهامها يف إطار محاية البيئة بطرق مباشرة عن طريق إنشاء
مصاحل إدارية متخصصة تكلف بإدارة وتسيري مهامها ،أو بطرق غري مباشرة عن
طريق تكليف القطاع اخلاص أو املنظمات غري احلكومية أو تكليف أشخاص معنوية
أو طبيعية.
املصاحل اإلدارية :ميكن للبلدية يف إطار هياكلها أن تنشأ أو تؤسس مصاحل
عم ومية لتوفري االحتياجات اجلماعية ملواطنيها ،السيما يف جمال البيئة( :املادة
رقم 132من قانون البلدية)
-املياه الصاحلة للشرب والتنظيف.
-مجع القمامات املزنلية وغريها من الفضالت.
-تتألف املصاحل من مكاتب خاصة بالنظافة وحفظ الصحة توضع حتت تصرف
رئيس البلدية.
اللجان البلدية :لغرض متكني اجملالس البلدية من أداء مهامها أجازت املادة
( ) 24من قانون البلدية إنشاء جلان دائمة وأخرى مؤقتة تتشكل من النواب ،فمن
بني اللجان الثالثة توجد جلنة التهيئة العمرانية والتعمري املكلفة حبماية املواقع
الطبيعية واحلفاظ على البيئة والسهر على النظافة العمومية وطرق معاجلة املياه
ومحاية التربة والثروة املائية.
ويتلخص األمر بصفة أساسية يف مصاحل النظافة ومجع النفايات ،اليت
تعترب مصاحل تابعة للبلدية ،هذه املصاحل اليت كانت مهمتها ال هتدف بصفة مباشرة
إىل محاية البيئة من التلوث ،إال أن نتائج عملها تؤدي إىل نفس النتيجة .ميكن
لبلديتني أو أكثر أن تتجمع لالشتراك يف تسيري جزء من النفايات املزنلية وما
شاهبها ،وذلك من خالل وضع خمطط بلدي لتسيري النفايات وتسخري اإلمكانيات
الضرورية لذلك.
وميكن للبلدية أن تسند حسب دفتر شروط منوذجية لتسيري النفايات
الناجتة عن األشغال املزنلية إىل أشخاص طبيعيني أو معنويني خاضعني للقانون
العام أو اخلاص ،وذلك من خالل وضع نظام لفرز النفايات وتنظيم مجع النفايات
وتنظيف الطرقات ونقلها ومعاجلتها واختاذ إجراءات حتفيزية ،قصد تطوير
وترقية نظام فرز النفايات ،والسهر على تنظيم البناءات الفوضوية.
ونسجل هنا أن نشاط وجمال تدخل مثل هذه اهليئات احمللية يف جمال
محاية البيئة من التلوث ،هو جمال واسع يشمل مجيع األعمال والنشاطات واملهام
املختلفة اليت تقتضيها عمليات احلماية ،على النحو الذي سنبينه فيما بعد ،عكس
اهليئات املتعددة التمثيل اليت عادة ما ختتص مبهام معينة وحمددة يف نصوص
إنشائها.
ب .وسائل وطرق تدخل الوحدات احمللية يف جمال محاية البيئة من
التلوث:
ال ختتلف اهليئات احمللية عن اهليئات املركزية يف جمال التدخل لتنفيذ
مهامها الرامية حلماية البيئة من خمتلف أشكال التلوث ،حيث ختتلف وسائل تدخل
اإلدارة احمللية حسب طبيعة املهمة املراد حتقيقها ،فتارة تتدخل بصفة انفرادية
انطالقا من سلطات وصالحيات الضبط اإلداري اليت خيوهلا إياها القانون ،حيث
عادة ما يأخذ التدخل يف هذه احلالة شكل القرار اإلداري ،مثل حالة منح الرخص،
وحالة فرض بعض القيود على املتعاملني مبا حيافظ على سالمة البيئة ،أو منع
بعض األعمال أو التصرفات على املتعاملني االقتصاديني واالجتماعيني(.)11
:1الوسائل القانونية واملادية:
متتلك اإلدارة بصفة عامة ،ومنها اإلدارة احمللية وسائل قانونية عديدة ،يف
إطار سلطة الضبط اإلداري اليت مينحها القانون لإلدارة العمومية ،باعتبارها
اهليئة املكلفة بتطبيق القانون .تعترب القرارات اإلدارية والعقود واالتفاقيات من
الوسائل الشائعة يف العمل اإلداري ،حيث كثريا ما متنح القوانني املتعلقة بالبيئة
صالحيات واسعة لإلدارة يف جمال محاية البيئة ،مثل تقييد بعض األعمال
والتصرفات اليت من شأهنا أن تلحق أضرارا بالبيئة بوجوب احلصول على رخص
إدارية مسبقة متنحها اإلدارة وحتقيقات تتعلق حباالت خاصة خارج هذا الربنامج،
إما بطلب من الوزير املكلف حبماية البيئة ،أو من طرف الوايل املعين ،على أن تنتهي
مهامهم بتقارير يرفعوهنا إما إىل الوزير املكلف حبماية البيئة ،أو إىل الوايل املعين
باملهمة موضوع التقرير .كما يقومون مبهامهم وفق ما مينحه هلم قانون محاية
البيئة.
.2الوسائل القضائيــة:
يتمتع األعوان واملفتشني املكلفني حبماية البيئة بسلطات ضبطية قضائية
مقيدة حبدود املهام املوكلة إليهم يف جمال محاية البيئة من التلوث حمددة يف
قوانني املياه ،والغابات ،والعمران ،إىل جانب قانون محاية البيئة ،وتتمثل هذه
الصالحيات يف حترير حماضر املخالفات من قبل مفتشي البيئة ،وتقدميها إىل
اجلهات املختصة إقليميا وموضوعيا ،وبصفة خاصة إىل النيابة العامة يف هذه
احملاكم املختصة ،هبدف القيام بالتحريات والتحقيقات القضائية الالزمة ،وحتريك
الدعوى العمومية ،وتقدمي املخالفني للتشريعات املنظمة للموضوع حمل املخالفة ،مع
اإلشارة إىل أهلية هؤالء املفتشني لتمثيل اإلدارة املكلفة حبماية البيئة دون
احلاجة إىل وكالة أو تكليف خاص بذلك.
.3الوسائل البشرية:
تتمثل يف سلك مفتشي محاية البيئة الذي حددت صالحياته يف السهر علي
احترام وتطبيق القوانني والنظم املعمول هبا يف جمال محاية الطبيعة واملياه
واحمليط البحري ومراقبة كافة مصادر التلوث.
ج .جماالت تدخل الوحدات احمللية يف جمال محاية البيئة من التلوث:
تعد البلدية املؤسسة احمللية الرئيسية لتطبيق تدابري محاية البيئة
والتدخل يف امليادين التالية:
.1يف ميدان الرعاية الصحية:
تتكفل البلدية حبفظ الصحة واحملافظة على النظافة العمومية( .املادة
187من قانون البلدية) يف اجملاالت التالية:
.توزيع املياه الصاحلة للشرب.
.صرف املياه القذرة والنفايات اجلامدة احلضرية.
.مكافحة ناقالت األمراض املعدية.
.نظافة األغذية واألماكن واملؤسسات اليت تستقبل اجلمهور .هذا ما أدى
إىل تأسيس مكاتب حلفظ الصحة ونظافة البلدية(.)19
.6املساحات اخلضراء:
إنشاء وتوسيع وصيانة املساحات اخلضراء والسهر على محاية التربة
واملوارد املائية واملسامهة يف استعماهلا األمثل ،حسب ما نصت عليه املادة ( )180من
القانون البلدي.
باالضافة اىل إنشاء احلدائق واملنتزهات وصيانة الطرق(.)22
خامسا /العراقيل التي تؤثر على فاعلية أداء اإلدارة المحلية لوظائفها:
أ .العراقيل اليت تواجه البلدية يف عالقاهتا بالسلطة املركزية :يرتبط
عمل البلدية مبؤسسات وأجهزة تابعة للدولة متارس الرقابة اإلدارية واملالية على
عمل البلديات.
إن دراسة مدى التأثري على البيئة تبقى إحدى الوسائل الفعالة إن متت
جبدية للتوفيق بني النمو االقتصادي ومحاية البيئة لكن هذا اإلجراء يبق بيد
الوزير.
ب .العراقيل اليت تواجه البلدية يف املشاركة الفعالة يف محاية البيئة من
خالل اختاذ القرار ج .نقص اإلطار البشري املتخصص على املستوى احمللي :تعاين
الوحدات احمللية من نقص اإلطار البشري املالئم هلذه املهمة اجلديدة وهي محاية
البيئة ،والدور احملوري الذي ميكن أن تلعبه اإلدارة احمللية من خالل مدها بأساليب
حديثة يف تسيري البيئة من خالل التخطيط والتسيري والتنفيذ والتقييم.
خاتمـة:
تعرف اجلزائر وكغريها من البلدان وضعا بيئيا متدهورا أهم مساته التلوث
بأشكاله املختلفة :تلوث للهواء وللبحر وللمحيط .ونظرا ألمهية موضوع البيئة
الرتباطه بالتنمية املستدامة واعتبار مسالة البيئة مسألة حملية أكثر منها
مركزية ،لقرب الوحدات احمللية من الواقع ،جتلى موقف السلطات اجلزائرية يف
زيادة االهتمام بالبيئة واالرتقاء مبستوى الوعي البيئي لدى املواطنني من خالل
وضع إستراتيجية وسياسة عامة قائمة على منظومة قانونية من التشريعات
اخلاصة بالبيئة ومحايتها من التلوث ،ورسم خمططات حملية مع منح الوحدات
احمللية سلطات وصالحيات لقمع كل حماولة ملساس بالبيئة أو خرق للقوانني اليت
حتميها والعمل على خلق ثقافة بيئية أصيلة وراسخة.
ورغم اجملهودات اليت بذلتها اجلماعات احمللية يف جمال محاية البيئة
واألعمال والترتيبات اليت قامت هبا واملخططات اليت تسعى من خالهلا إىل توعية
املواطن وإشعاره بأمهية البيئة وإصدارها لقرارات تسعى من خالهلا للحد من
املشاكل البيئية ،إال أهنا حتتاج إىل فعالية أكثر ،وهذا راجع لعدم خصوصية
املشاكل البيئية واملتمثلة يف انتقال مظاهر التلوث الربي ،البحري ،واجلوي ،كذلك
لعدم مواجهة اجليل اجلديد للمشاكل البيئية اجلديدة جبدية وحزم ،كما أن معظم
القوانني واملخططات تبق جمردة وبعيدة كل البعد عن الواقعية العلمية ،إال أن
األمل يبقى يف إجياد بيئة صحية وسليمة تلقى االهتمام من كافة املؤسسات
واهليئات املختصة ،مع ربط عالقات متينة مع تنظيمات اجملتمع املدين املهتمة
بالبيئة والقطاع اخلاص ،ووسائل اإلعالم اجلواري لنشر الثقافة البيئية .إضافة
إىل تفعيل العمل البلدي البيئي على مستوى أصغر ،وتعميم مفهوم" جلان األحياء
البيئية وتفعيل النصوص املتعلقة بالبلدية يف جمال محاية البيئة ،مع تأهيل
وحتسني مستوى اإلداريني ورفع مهاراهتم وكفاءهتم.
الهوامش:
( )1عامر حممود طراف ،أخطار البيئة والنظام الدويل ،بريوت ،املؤسسة اجلامعية للدراسات
والنشر ،1110 ،ص 15
( )2عبد احلكيم حممود ،البيئة والتلوث:
:2884/11/28 http://www.4eco.com/2004/11/__99
( ) 3رانيا مصطفى" ،دور املنظمات غري احلكومية يف محاية البيئة" ،يف :دور املنظمات غري
احلكومية يف ظل العوملة ،القاهرة ،مركز الدراسات اآلسيوية ،2882 ،ص ص 141 - 140
( )4نفس املرجع ،ص .158
( )5عبد احلق عباس ،عام للنسيان ..البيئة:
http://www.chihab.net/modules.php?name=News&file=article&sid=1113
( )6الديوان الوطين لإلحصاء1110،
( )7تلوث العديد من الشواطئ اجلزائرية يف عز فصل الصيف:
http://www.algeria-voice.org/Akhbar/Akhbar6/hauptteil_akhbar6.html
( )0نفس املرجع.