You are on page 1of 153

1

‫حقوق الطبع حمفوظة للناشر‬


‫مؤسسة األجيال للتأليف والترمجة والنشر‬
‫ّ‬

‫ُيم َنع نقل أو ختزين أو إعادة إنتاج أي جزء من هذا‬


‫الكتاب ألغراض جتارية رحبية بأي شكل أو بأية وسيلة‪:‬‬
‫تصويرية أو تسجيلية أو إلكترونية أو غري ذلك إال بإذن‬
‫خطي مسبق من الناشر‪.‬‬

‫الطبعة اإللكترونية األوىل‬


‫جيوز تداول هذه الطبعة ‪-‬بإذن املؤلف‪ -‬ألغراض‬
‫شخصية أو تعليمية أو دعوية أو تربوية غري رحبية‪.‬‬

‫الطبعة الرابعة‬
‫‪2015‬‬

‫العنوان اإللكتروين للمؤلف‬


‫‪mujahed@al-ajyal.com‬‬

‫العنوان اإللكتروين للناشر‬


‫‪info@al-ajyal.com‬‬
‫موقعنا على اإلنترنت‬
‫‪www.al-ajyal.com‬‬

‫‪2‬‬
3
4
‫إىل أب َ َوين عظيمني‬
‫كارم األخالق‬
‫عل ََّماين َم َ‬

‫‪5‬‬
6
‫المقدمة‬
‫ّ‬

‫سبع عشر َة‬


‫تعود بدايات هذا الكتاب إلى أكثر من َ‬
‫َت‪ ،‬حين كان ولداي الكبيران في أول ِسني‬ ‫سن ًة خل ْ‬
‫حياتهم‪ ،‬وكذلك أبناء وبنات عدد ممن عرفت يومئذ‬
‫من األصدقاء‪.‬‬

‫رأيت ‪-‬يومها‪ -‬ندرة ما يعثر عليه المرء من كتابات‬


‫شدة حاجة اآلباء‬‫َع َملية تساعد على تربية األبناء (على ّ‬
‫نت عدداً من‬ ‫فدو ُ‬
‫واألمهات إلى مثل هذه الكتابات) ّ‬
‫األفكار التي خطرت ببالي وجمعتها في ُو َريقات سميتها‬
‫ووزعت‬‫صور ُتها ّ‬
‫>نظرات في تربية الطفل المسلم<‪ ،‬ثم ّ‬
‫نسخ ًا منها على األصدقاء والمقربين‪.‬‬

‫ولكن‬
‫ّ‬ ‫ولم أُر ِْد لها النشر ولم أظن أنها تصلح له‪،‬‬
‫بعض َمن رآها نقلها إلى سواه فلقيت بعض االنتشار‪ ،‬ثم‬
‫محرر في صحيفة محلية فنشرها على حلقات‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫أخذها‬
‫فوز َع ْتها في‬
‫وصو َر ْتها مديرة ُ مدرسة ‪-‬فيما علمت‪ّ -‬‬ ‫ّ‬
‫مدرستها‪ .‬فخطر لي ‪-‬بعد كل هذه السنوات‪ -‬أن أعود‬
‫وأعدها للنشر‪ ،‬لعل بعض الناس‬‫ّ‬ ‫إليها فأصلح أمرها‬

‫‪7‬‬
‫ينتفع ببعض ما فيها فيكون لي في اإلصالح سهم وفي‬
‫الخير نصيب‪.‬‬

‫فذهبت فأعدت صياغة كل فكرة لتغدو أكثر‬


‫فبلغ ْت مئ ًة‬
‫ال َ‬‫وضوح ًا‪ ،‬وزدت عليها مثلَها أو أكثر قلي ً‬
‫وعشر ِفكَ ر‪ ،‬وقد كانت بضع ًا وأربعين‪ .‬وكان اسمها‬
‫ال من‬ ‫فاستكبرت هذا االسم إذ ال يصح إ ّ‬
‫ُ‬ ‫>نظرات<‪،‬‬
‫أقرب‬
‫َ‬ ‫خبير مختص‪ ،‬فسميتها >نصائح< ألني وجدتها‬
‫ومن شاء تركها إلى‬ ‫إلى النصيحة؛ َمن شاء أخذ بها َ‬
‫سواها من أساليب التربية وطرقها‪.‬‬
‫ٍ‬
‫واحد من اآلباء الذين‬ ‫اجتهادات‬
‫ُ‬ ‫وما هي إال‬
‫أحسوا بثقل أمانة التربية واستشعروا ِعظَ م مسؤوليتها‪،‬‬
‫أجدت فيها كلها أو‬
‫ُ‬ ‫ال أزعم لها الكمال وال ّأدعي أني‬
‫الو َريقات‬
‫أصبت‪ .‬كما ال أزعم أنني أدرجت في هذه ُ‬
‫كل ما يحتاج إلى معرفته أو االنتباه إليه الوالدان‪ ،‬ولقد‬
‫بدأت (كما قلت آنف ًا) بأقل من خمسين فكرة‪ ،‬ثم ما‬ ‫ُ‬
‫زلت أضيف إليها وأضيف‪ ،‬وفي كل يوم تخطر ببالي‬
‫بلغ ْت ما ترون بين أيديكم‪ ،‬ولو‬ ‫أفكار جديدة‪ ،‬حتى َ‬
‫مزيد‬
‫يبق ٌ‬ ‫أن لم َ‬
‫أردت تأخير إصدار الكتاب حتى أقتنع ْ‬
‫ليُضاف إليه لما صدر أبداً‪.‬‬

‫* * *‬

‫‪8‬‬
‫وبعد‪ ،‬فإن مما ُيروى في بعض كتب التربية أن‬
‫سيدة سألت ‪-‬ذات مرة‪ -‬مربي ًا مشهوراً‪ :‬ما هو الوقت‬
‫المبكر الذي أستطيع أن أبدأ فيه تعليم طفلي؟ فسألها‬
‫المربي‪ :‬متى سيولد هذا الطفل؟ فأجابت السيدة‪ :‬يولد؟‬
‫إنه اآلن في الخامسة من عمره‪ .‬فصاح المربي‪ :‬ماذا‬
‫تقولين أيتها السيدة؟! ال تقفي هنا تتحدثين‪ .‬أسرعي إلى‬
‫البيت؛ لقد ضاعت منك أحسن خمس سنوات في حياته!‬

‫إن شخصية اإلنسان تتبلور وتتحدد معالمها خالل‬


‫السنوات السبع األولى من حياته كما يقول أهل التربية‪،‬‬
‫وهذه السنوات القالئل التي تسبق دخول الطفل إلى‬
‫المدرسة هي المرحلة التي تنغرس فيها في نفس الطفل‬
‫كل المبادئ والقيم التي يحملها معه طول حياته؛ سواء‬
‫في ذلك مبادئ الخير أو مبادئ الشر‪ ،‬والقيم الصالحة‬
‫أو القيم الفاسدة‪.‬‬

‫فمن أجل ذلك أميل إلى تسمية السنوات األربع‬


‫من عمر الطفل التي تمتد بين الثالثة والسادسة (والتي‬
‫الذهب< في‬
‫تسبق دخول المدرسة مباشرة) >سنوات َ‬
‫فو َت فيها فرص َة التكوين الصحيح‬
‫تربية األطفال؛ َمن ّ‬
‫ال ينجح في أي عالج من بعد! ومن أجل‬ ‫لطفله كاد أ ّ‬
‫ذلك ترون أن القسم الذي اهتم بهذه المرحلة من العمر‬

‫‪9‬‬
‫في هذا الكتاب هو األكثر ازدحام ًا بالنقاط واألفكار‪،‬‬
‫ويكاد يم ّثل ثلث الكتاب‪.‬‬

‫العمر كله‪،‬‬
‫َ‬ ‫تفوتوا فرص ًة قد تندمون عليها‬
‫فال ِّ‬
‫أساس كل‬
‫َ‬ ‫وعالجوا في هذه السن كل عيب وازرعوا‬
‫فضيلة وكل خلق قويم‪ .‬ثم إن استفدتم من هذا الكتاب‬
‫(ولو بسطر منه) فامنحوني ِم ّن َة الدعاء بظهر الغيب‪،‬‬
‫وادعوا لي اهلل أن يرزقني الهمة والوقت ويو ّفقني إلى‬
‫ال لبعض‬ ‫إخراج ما أخطط له من كتابات أكثر تفصي ً‬
‫َجملها هذا الكتاب‪.‬‬
‫القضايا التربوية المهمة التي أ َ‬
‫مجاهد‬
‫رجب ‪1422‬‬

‫‪10‬‬
‫تنبيهات‬

‫(‪ )1‬لم ُتر َّتب األفكار في الكتاب بحسب أهميتها‬


‫المعنوية‪ ،‬بل اقتصر تنظيمها على مراحل زمنية من‬
‫عمر الطفل‪ ،‬فأُفر َِدت السنة األولى بأفكار مستقلة‪ ،‬ثم‬
‫الثانية‪ ،‬وبعدهما السنوات األربع التالية (من الثالثة إلى‬
‫السادسة)‪ ،‬ثم من السابعة إلى الثانية عشرة‪ ،‬وهي سن‬
‫المرحلة المدرسية االبتدائية‪ .‬وابتدأ ذلك كله بقسم عام‬
‫أُدر َِجت فيه األفكار التي تشترك فيها المراحل السابقة‬
‫جميع ًا‪.‬‬

‫(‪ )2‬ليس هذا الكتاب الصغير موسوعة في التربية‪،‬‬


‫وليست األفكار التي ُكتبت فيه شاملة كاملة‪ ،‬وال هي‬
‫يؤخذ بعين االعتبار عند تربية الطفل‪.‬‬ ‫كل ما يجب أن َ‬
‫كثير من اآلباء واألمهات أن كثيراً من‬ ‫ولسوف يكتشف ٌ‬
‫األفكار النافعة والنصائح المفيدة التي يمكن التفكير‬
‫كل قارئ إلى‬‫ف ُّ‬ ‫فلي ِض ْ‬
‫بها قد غابت عن هذا الكتاب‪ُ ،‬‬
‫أكثر فائد ًة وأشد َّ نفع ًا (وال عليه أن‬
‫َ‬ ‫نسخته ما يحسبه‬
‫يضع اسمه فوق اسمي على غالف الكتاب)!‬

‫‪11‬‬
‫مجرد ًة دون استفاضة بالشرح‬ ‫ِ‬
‫(‪ُ )3‬ذكرت األفكار َّ‬
‫الكتيب‬
‫ّ‬ ‫ال)‪ ،‬ألن القصد من هذا‬‫ال قلي ً‬
‫ودون أمثلة (إ ّ‬
‫ال بمقدار ما هو تناصح وتذكير‬
‫ليس بحث ًا تربوي ًا متكام ً‬
‫في بعض أمور التربية (التي ربما عرفها بعض اآلباء‬
‫ولم يهتموا بها‪ ،‬وربما غابت عن آخرين)‪ .‬وقد ألزمت‬
‫ال تتجاوز أي فكرة صفح ًة واحدة‪ ،‬وضغطت‬ ‫نفسي بأ ّ‬
‫العبارات بقدر ما وسعني الضغط حتى أبقى ضمن هذه‬
‫الحدود‪.‬‬
‫(‪ )4‬كان يمكن لكثير مما ورد في هذا الكتاب من‬
‫ستشهد له بآيات أو بأحاديث‪،‬‬
‫أفكار أن ُيدلَّل عليه أو ُي َ‬
‫تجنبت أي تفصيل من هذا القبيل للسبب‬ ‫ُ‬ ‫غير أنني‬
‫َ‬
‫السابق نفسه‪.‬‬
‫(‪ )5‬إن األفكار والنقاط المذكورة في هذا البحث‬
‫قد تفقد أهميتها أو تصبح عكسية األثر اذا ما طُ ِّبق‬
‫بعضها يعتمد على‬ ‫أن َ‬ ‫بعضها بشكل جزئي‪ ،‬ذلك ّ‬
‫وتكاملُ التطبيق وتوازنه فيها أمر ضروري لتمام‬
‫ُ‬ ‫بعض‪،‬‬
‫االنتفاع بها‪.‬‬
‫(‪ )6‬الحلول التي طُرِحت هي الحلول العامة‪،‬‬
‫ولكن هذا ال يمنع من وجود حاالت ال ينطبق عليها كل‬
‫المربي األسلوب‬
‫ّ‬ ‫ما ُذكر‪ ،‬وفي مثل هذه الحالة يستبعد‬

‫‪12‬‬
‫المذكور أو يستبدل به غيره‪.‬‬

‫(‪ )7‬لبعض األفكار التربوية أهمي ٌة خاصة في عمر‬


‫معين وأهمي ٌة من نوع آخر في مرحلة أخرى‪ ،‬ومن‬
‫أجل ذلك فقد يتكرر عرض الموضوع الواحد أكثرَ من‬
‫مرة في أكثر من مرحلة زمنية‪ ،‬ولكنه لن يكون تكراراً‬
‫مجرداً‪ ،‬بل هو استعراض للموضوع ذاته من زواية‬
‫أخرى وبأسلوب مختلف يتناسب والمرحل َة الجديدة‬
‫من عمر الطفل‪.‬‬

‫(‪ )8‬بقيت مالحظة أخيرة مهمة‪ :‬هذا الكتاب‬


‫للوالدين كليهما ألن مسؤولية التربية موزعة‬‫َ‬ ‫موج ٌه‬
‫َّ‬
‫بينهما بالتساوي‪ .‬نعم‪ ،‬إن كثيراً من أدبيات التربية تزعم‬
‫أن المرأة هي المكلفة بتربية األوالد‪ ،‬ولست أنازع في‬
‫الدور العظيم الذي تلعبه األم في التربية‪ ،‬ولكني أخشى‬
‫ويدعوا‬
‫أن يستند إليه آباء كثيرون فيهربوا من بيوتهم َ‬
‫لزوجاتهم هذه المهمة الشاقة الجليلة بال مساعد وال‬
‫معين‪ .‬ال يا أيها اآلباء؛ بل أنتم أيض ًا مسؤولون‪ ،‬وأنتم‬
‫ربابنة هذه المراكب‪ ،‬فأين تولون وإلى أين تهربون؟‬

‫على أني قد استعملت أكثر الخطاب بصيغة‬


‫مشترك‬
‫َ‬ ‫المذكر‪ ،‬فحيثما ورد الكالم بهذه الصيغة فهو‬
‫بين األبوين (إال أن أخص األم بما هو من صميم عمل‬

‫‪13‬‬
‫األمهات)‪ .‬وليس في ذلك غضاضة وال فيه انتقاص من‬
‫المذكر على‬
‫ّ‬ ‫األمهات‪ ،‬فقد ذكر أهل اللغة أن اللفظ‬
‫حدد فيه الذكور‬
‫عمومه يشمل الذكور واإلناث ما لم ُي َّ‬
‫(قال ابن فارس في كتابه العظيم >الصاحبي<‪ :‬إذا جاء‬
‫ص فيه على ذكر الرجال فإن‬ ‫ٍ‬
‫الخطاب بلفظ مذكر ولم ُي َن ّ‬
‫للذكران واإلناث‪ ،‬وهو كثير في‬ ‫ذلك الخطاب شامل ّ‬
‫القرآن‪ .‬كذا تعرف العرب هذا)‪.‬‬

‫* * *‬

‫‪14‬‬
‫القسم األول‬
‫نصائح وأفكار عامة‬

‫يتضمن األفكار التي ال تخضع‬ ‫ّ‬ ‫هذا القسم‬


‫محددة من مراحل العمر وال ترتبط‬ ‫َّ‬ ‫لمرحلة‬
‫بسن معينة دون أخرى‪،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫ارتباط ًا مباشراً‬
‫وعلى هذا فهي تصلح للتطبيق في أي وقت‬
‫االثنتي عشرة األولى (التي‬‫َ‬ ‫خالل السنوات‬
‫وربما خالل‬
‫ّ‬ ‫هي مجال هذا الكتاب)‪،‬‬
‫ٍ‬
‫سنوات تالي ٍة أيض ًا‪.‬‬

‫‪15‬‬
16
‫‪1‬‬

‫المتبادلة‬
‫َ‬ ‫أساس التربية المحب َة والعاطف َة‬
‫ُ‬ ‫ليكن‬
‫بينك وبين ولدك وال تكن قائم ًة على التخويف‬
‫واإلرهاب‪ ،‬فإنهما ال يدومان‪.‬‬

‫فتذك ْر أنك‬
‫وإذا كنت تسيطر على ولدك بقوتك ّ‬
‫يوم يكون‬
‫فيقوى‪ ،‬وأنّه يأتي ٌ‬
‫تكبُر فتضعف ويكبر ولدك َ‬
‫وأكثر قوة‪ ،‬فكيف ستسيطر‬
‫َ‬ ‫وأكبر حجم ًا‬
‫َ‬ ‫فيه أطولَ منك‬
‫عليه في ذلك اليوم لو ُف ِق ْ‬
‫دت المحبة بينكما؟‬

‫والطفل يدركها إذا تلقاها‬


‫ُ‬ ‫والمحبة تولّد المحبة‪،‬‬
‫سيرد بأن‬
‫ُّ‬ ‫ويبادل معطيه بمثلها‪ ،‬فهو إذا تل ّقى المحبة‬
‫ُي ِح ّب اآلخرين‪ ،‬أما إذا تل ّقى القسوة والجفاء فسوف‬
‫ينشأ عدواني ًا قاسي ًا‪.‬‬

‫هل تعلم أن الذين عانوا في طفولتهم من قسوة‬


‫األب أو غياب عاطفة األم يشكلون األغلبي َة بين المنحرفين‬
‫والمجرمين والمرضى النفسيين؟‬

‫‪17‬‬
‫‪2‬‬

‫قو َة اإليحاء‪.‬‬
‫استخدم ّ‬
‫كل واحد من الناس يتأثر باإليحاء‪ ،‬واألطفال‬
‫يتأثرون به بشكل أكبر بالتأكيد‪ .‬قل للطفل مر ًة بعد مرة‬
‫مؤدب" ثم انظر كيف يصبح‬ ‫ويوم ًا بعد يوم‪" :‬أنت لطيف َّ‬
‫جرب العكس‪،‬‬ ‫كذلك‪ ،‬وإن شئت (وال أنصحك) ّ‬
‫سيئ مت ِعب‪ ،‬وعندئذ‬‫فخبره وداوم على إخباره كم هو ّ‬ ‫ّ‬
‫سيكون كما قلت‪.‬‬

‫إنه اإليحاء‪ ،‬هذه القوة السحرية التي تجعل‬


‫السقيم صحيح ًا‬
‫َ‬ ‫ال‪ ،‬و ُتحيل‬
‫والناجح فاش ً‬
‫َ‬ ‫الفاشل ناجح ًا‬
‫َ‬
‫والصحيح سقيم ًا‪ .‬فاستعملها كل يوم وال تملَّ من‬‫َ‬
‫استعمالها‪ ،‬وفكّ ْر في كل خصلة حميدة تحبها لطفلك‬
‫فأوح بها إليه حتى يظنها في نفسه‪ ،‬فإذا اقتنع عقلُه‬ ‫ِ‬
‫بأنه يملكها ظهر أثرها في جوارحه وحركاته وأفعاله‬
‫فأوح‬
‫ِ‬ ‫وأقواله‪ .‬وكذلك فكّ ْر في كل خصلة ال تريدها له‬
‫له بأنه منها َبراء‪ ،‬فلن يلبث أن يهجرها ويتخلص منها‬
‫وال يعود إليها بإذن اهلل‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪3‬‬

‫فتذكره‬
‫األسلوب السحري اآلخر هو التشجيع‪ّ ،‬‬
‫دائم ًا ومارسه مع أبنائك في كل يوم‪.‬‬

‫إنه وصفة تربوية عظيمة ق ّلما تخطئ‪ ،‬وهو‬


‫أسلوب يكاد ينجح في كل حالة مهما تكن هذه الحالة‬
‫التشجيع على أداء العمل‬
‫ُ‬ ‫مستعصية‪ .‬يستوي في ذلك‬
‫السيئ‪ :‬التشجيع‬
‫ّ‬ ‫والتشجيع على ترك الفعل‬
‫ُ‬ ‫الطيب‬
‫على الصالة‪ ،‬وعلى الدراسة‪ ،‬وعلى المساعدة في‬
‫عمل البيت‪ ،‬وعلى إيثار الغير‪ ...‬وعلى مئة فضيلة‪ ،‬بل‬
‫على مئات‪ .‬والتشجيع على تجنب الكذب‪ ،‬أو هجر‬
‫الكسل‪ ،‬أو التخلي عن السلوك العدواني مع الصغار‪...‬‬
‫أو االبتعاد عن مئة سلوك مذموم‪ ،‬بل مئات‪.‬‬

‫طو ْر لديك عاد ًة من أفضل عادات الحياة في‬


‫ِّ‬
‫التعامل مع اآلخرين‪ ،‬وهي أن تركز على الفعل‬
‫وتشجع على تنميته‪ .‬ال تتصيد أخطاء‬
‫ّ‬ ‫اإليجابي الجيد‬
‫الطفل لتوبيخه عليها بل حسناته لتشجيعه عليها‪ ،‬ثم‬
‫انظر أي طفل رائع سيكون‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪4‬‬

‫النفس وال‬
‫َن ِّم في طفلك َملَكة االعتماد على ّ‬
‫اتكالي ًا عديم المقدرة على تنفيذ أي أمر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تجعله‬

‫إن هذا سيحتاج منك إلى صبر واحتمال ألن‬


‫الطفل لن يتقن كل شيء من المرة األولى‪ :‬كيف يأكل‬
‫ال‪ ،‬ثم‬ ‫وحده ويشرب وحده وهو في سنته األولى مث ً‬
‫كيف ينفذ األعمال المختلفة وهو يتقدم في السن‪.‬‬
‫ال منك لمساعدته وإرشاده مر ًة‬ ‫وسيحتاج األمر تدخ ً‬
‫بعد مرة‪.‬‬

‫ونموه‪.‬‬
‫تتعجل تطور الطفل ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫وكذلك يجب عليك أ ّ‬
‫إن اآلباء يحبون أن يشاهدوا أبناءهم وقد صاروا كباراً‬ ‫ّ‬
‫في وقت مبكر‪ ،‬لكن من الحكمة أن تدع كل شيء‬
‫وتذك ْر أن األطفال الذين ال ُيشبعون‬ ‫ّ‬ ‫لوقته المناسب‪.‬‬
‫رغبات الطفولة في تلك المرحلة من عمرهم قد‬
‫يحملون معهم اشتياق ًا دفين ًا إليها بقي َة حياتهم فيأتون‬
‫‪-‬وهم كبار‪ -‬بالمضحكات!‬

‫‪20‬‬
‫‪5‬‬

‫ال تجعل طفلك ضعيف ًا مستسلم ًا مهزوز الشخصية‪،‬‬


‫وال تفسده بالدالل‪.‬‬

‫إن الطفل ينشأ بال شخصية إذا ُهر ِْع َت إليه كلما‬
‫أسرعت تحمله وتضمه إليك‬ ‫َ‬ ‫بكى أو اشتكى‪ ،‬وإذا‬
‫كلما وقع‪ ،‬وإذا أشعر َته بأنك وراءه دائم ًا كأنك المالك‬
‫جرح‬
‫وي َ‬
‫يقع ويقوم‪ ،‬ويبكي ويسكت‪ُ ،‬‬ ‫الحارس‪ .‬بل دعه ُ‬
‫فيداوي نفسه‪ ،‬ويتع ّثر فينهض بعزمه وإرادته‪.‬‬

‫يتضرر‬
‫ّ‬ ‫وليس معنى ذلك أن تهمله فيُصاب أو‬
‫ظ أنت ذلك ال سمح اهلل‪ ،‬وإنما المقصود‬ ‫وال تالح ُ‬
‫ال منك‬
‫تدخ ً‬
‫أن تراقب عن ُبعد‪ ،‬فإذا استدعى األمر ّ‬
‫تدخلت‪ ،‬ولكن ال تفعل حتى تتأكد أن لتدخلك‬
‫ضرورة حقيقية‪.‬‬

‫ولعل األمهات أحوج إلى االنتباه لهذا األمر من‬


‫ّ‬
‫اآلباء‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪6‬‬

‫ع ّل ْم أبناءك فضيلة االقتصاد‪ ،‬وساعدهم على‬


‫اإلحساس بقيمة األشياء‪.‬‬

‫ضاء أو‬
‫النور فيها ُم ً‬
‫َ‬ ‫غرفته وتركَ‬
‫َ‬ ‫ابنك‬
‫إذا غادر ُ‬
‫غسل يديه والماء يتدفق من الصنبور بكل قوة فنبهه إلى‬
‫وإن كسر لعبته‬
‫أن هدر الماء وتضييع الطاقة ال يجوز‪ْ .‬‬
‫باستهتار فأخبره أنك دفعت ثمنها وأنك تتعب حتى‬
‫وذكره‬
‫تحصل على النقود فال يصح إتالفها بغير حق‪ّ .‬‬
‫بمثل ذلك لو طلب شيئ ًا غالي الثمن له بديل رخيص‪.‬‬
‫فذكريه أنك‬
‫وسخ مالبسه أو َش ّق ثوبه وهو يلعب ّ‬ ‫وإذا ّ‬
‫ور ْتق الثوب‪ ،‬وأن تعبك ال يصح‬ ‫تتعبين بالتنظيف َ‬
‫االستهتار به‪.‬‬
‫ُ‬
‫إنكم بذلك تحققون بعض مقاصد الدين التي تنهى‬
‫ال أنتم‬
‫عن اإلسراف‪ ،‬وتوفرون على أنفسكم جهداً وما ً‬
‫الضياع‪ ،‬وتساعدون ابنكم على االستمتاع‬ ‫أَولى بهما من ّ‬
‫بما يملك‪ ،‬ألن َوفرة األشياء وسهولة الحصول عليها‬
‫ُيفقدانِها كثيراً من قيمتها وبهجة امتالكها‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪7‬‬

‫عل ِّْم ولدك أن يحسن إلى كل شيء‪.‬‬

‫لنخربه‬
‫سخر اهلل لنا الكون لنعمره بالصالح ال ّ‬ ‫لقد ّ‬
‫مزدحم‬
‫ٌ‬ ‫ونعتدي على كل ما فيه وكل َمن فيه‪ .‬إن العا َلم‬
‫بجيوش من المخربين والمعتدين الذين يسببون األذى‬
‫لكل شيء‪ :‬للناس والحيوانات والنباتات والبيئة واألبنية‬
‫والطرق وممتلكات الناس‪ ...‬فال تساهم في إضافة‬
‫المخربة!‬
‫ّ‬ ‫جندي جديد إلى هذه الجيوش‬

‫در ْب طفلك على العيش في سالم وعلى مصالحة‬ ‫ّ‬


‫الكون والخلق‪ ،‬وليكن صديق ًا للبيئة التي يعيش فيها‬
‫محسن ًا إليها مدافع ًا عنها ال مسيئ ًا إليها معتدي ًا عليها‪،‬‬
‫فال يعتدي على َمن هو أضعف منه (ال من الناس وال‬
‫من غيرهم من المخلوقات)‪ ،‬وال يؤذي قطة وال يكسر‬
‫عود شجرة وال يرمي قذارة في الطريق‪ ،‬بل وال يقتل‬
‫حشرة ال تسبب له الضرر وال يأتي منها خطر‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪8‬‬

‫اغرز الحياء في نفس طفلك منذ المهد‪.‬‬

‫السليمة التي يولد‬ ‫إن الحياء أصلٌ في الفطرة ّ‬ ‫ّ‬


‫عليها الطفل‪ ،‬ولكن التربية التي يتل ّقاها بعد ذلك ّإما أن‬
‫وتخر َبه‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫وتؤصلَه أو تفسده‬
‫ِّ‬ ‫تكرس هذا الحياء‬
‫ّ‬
‫يبدأ الطفل باإلدراك منذ أوائل السنة الثانية وينمو‬
‫كشف عورة‬ ‫ال ُت َ‬
‫إدراكه مع الوقت‪ ،‬فاحرص على أ ّ‬
‫الطفل أمام اآلخرين (سواء غيره من األطفال أو الكبار‬
‫كشف العورات أمامه (عورة األب أو‬ ‫ال ُت َ‬
‫من الناس) وأ ّ‬
‫ال‪ ،‬أو إخوة الطفل وأخواته الصغار) وال سيما‬ ‫األم مث ً‬
‫بعد أن يبلغ الرابعة من العمر‪.‬‬

‫تظن أنه أصغر من أن يعي‬ ‫وال تستصغر طفلك أو ّ‬


‫ما يرى‪ ،‬فإن الطفل يتأثر بما يقع أمامه ولو كان صغيراً‪،‬‬
‫والصور التي يراها الطفل ‪-‬حتى في سنواته األولى‪-‬‬
‫تنطبع في خياله الباطن أو في عقله الالواعي ولو بشكل‬
‫مبهم‪ ،‬وهي تؤ ّثر في تشكيل شخصيته وقناعاته و ِق َيمه‬
‫بعد ذلك‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪9‬‬

‫أسير عادة‪ ،‬بمعنى أن ُيخضع لها‬


‫ال تجعل طفلك َ‬
‫نفسه فال يعود يستطيع خرقها‪.‬‬

‫هزاً أو محموالً‪،‬‬
‫ال ّ‬
‫فمن ذلك أن ال ينام الرضيع إ ّ‬
‫والنور مضاء أو بوجود أمه‬
‫ُ‬ ‫ال‬
‫وال ينام وهو طفلٌ صغير إ ّ‬
‫أو أبيه بجانبه‪ .‬ومن ذلك أن يعتاد األكل أو الشرب في‬
‫معين‪ ،‬أو يعتاد لون ًا من الطعام أو نوع ًا من الشراب‬
‫إناء ّ‬
‫ال يستغني عنه في أي يوم‪ ،‬ثم يكبر فيعتاد مستوى من‬
‫العيش قد ال يحتمل أبواه الدوام عليه‪.‬‬

‫تغير ظروف طفلك باستمرار‪ ،‬واجتهد‬ ‫حاول أن ّ‬


‫ال تخضع لعادات طفلك‪ ،‬بل أطلقه من إسارها‪،‬‬ ‫أ ّ‬
‫فإن ذلك يعينه عندما يكبر فيصبح أقوى من ظروفه‬ ‫ّ‬
‫وذكره بأن الحياة‬
‫وأقوى من عاداته‪ .‬وإذا كبر فحاوره ّ‬
‫فخير له أن‬
‫ٌ‬ ‫من ِسماتها التقلب وأن الحال فيها ال يدوم‪،‬‬
‫يساير تقلب الحياة من أن َي ْح ِطمه تق ّل ُب الحياة‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪10‬‬

‫ال َّل ِعب حاجة طبيعية أساسية من حاجات الطفل‪،‬‬


‫بل ربما ال ينمو الطفل نمواً سليم ًا إذا ُحرم اللعب في‬
‫ِسني حياته المبكرة‪.‬‬

‫أحضر لطفلك ما يناسب عمره من ال ُل َعب؛ لعب ًا‬


‫تنمي لديه القدرة‬ ‫بسيطة في أول األمر‪ ،‬ثم تلك التي ّ‬
‫على التفكير وتساعده على اإلبداع واالبتكار (ل َُعب‬
‫فيها فك وتركيب وتشكيل وتشغيل)‪ .‬الحظ أن صانعي‬
‫فتخي ْر ما‬
‫ّ‬ ‫اللعب يوصون بما يناسب ُل َعبهم من سن‪،‬‬‫َ‬
‫يناسب عمر طفلك منها‪ .‬وتجنب اللعب المؤذية‪ ،‬فإن‬
‫منها ما يسبب الذعر للصغير‪ ،‬وبعضها قد ُيصدر أصوات ًا‬
‫عالية تؤذي السمع أو يحتوي على قطع حادة تسبب‬
‫الجروح‪.‬‬

‫ثم راقب طفلك وهو يلعب وساعده على ال َل ِعب‬


‫ال)‪ ،‬وال بأس بأن‬ ‫اللعب مث ً‬
‫بطريقة صحيحة (فال يحطّ م َ‬
‫تشاركه َل ِعبه في بعض األحيان‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪11‬‬

‫اعتمدوا نظام ًا عام ًا للحياة‪ ،‬فإن من شأن ذلك أن‬


‫يريح كل األطراف ويو ّفر كثيراً من المعاناة على األبناء‬
‫واآلباء جميع ًا‪.‬‬

‫هذا النظام يجب أن يحدد الخطوط العريضة‬


‫(وليس التفاصيل الدقيقة) ألسلوب الحياة في البيت‪:‬‬
‫كأوقات الوجبات والنوم والقيام من الفراش في الصباح‬
‫ال‪ .‬وللحقوق والواجبات أيض ًا‪ :‬كالمشاركة في أعمال‬
‫مث ً‬
‫البيت وتقسيم الوقت بين العمل والتسلية‪ .‬ولألصول‬
‫والقيم العامة‪ :‬كاحترام الصغير للكبير ومساعدة الكبير‬
‫للصغير واستئذان األبوين في األنشطة غير الرتيبة‬
‫(كاستعارة بعض أغراضهما أو زيارة األصدقاء أو‬
‫دعوتهم إلى البيت)‪.‬‬

‫على أن هذا النظام لن يكون بمنزلة الشرع الذي‬


‫بدل‪ ،‬فإذا دعت الضرورة‬ ‫ال يخالَف وال هو قرآن ال ُي َّ‬
‫تعديل أو تجاو ٍز فليكن فيه من المرونة ما‬
‫ٍ‬ ‫الم ِل ّحة إلى‬
‫ُ‬
‫يسمح بذلك‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪12‬‬

‫>الطفل الوحيد< ال تستقيم تربيته لكثير من‬


‫فض َل اهلل على األبوين فليسعيا إلى‬‫األسباب‪ ،‬فإذا َت ّ‬
‫ولدين أو أكثر‪ ،‬فإنهما يهيئان ‪-‬بذلك‪ -‬ألبنائهما ظروف ًا‬
‫أسلم للتربية‪.‬‬

‫ال أناني ًا ألنه اعتاد‬


‫إن الطفل الوحيد ينشأ طف ً‬
‫أن األشياء وال ُل َعب واالهتمام‪ :‬كل ذلك له وحده‬ ‫ّ‬
‫ال عدواني ًا ألنه يريد‬‫ال يشاركه فيه أحد‪ ،‬وينشأ طف ً‬
‫ال خيالي ًا‬
‫االستئثار بكل شيء وبكل اهتمام‪ ،‬وينشأ طف ً‬
‫ألنه يعيش وحيداً دون َمن يشاركه حياته وكالمه ولعبه‪،‬‬
‫ال انطوائي ًا غير اجتماعي‪.‬‬
‫وينشأ طف ً‬
‫إن العلل التي تنشأ عن طفل وحيد ال ُتحصى‪.‬‬
‫فأما إن كان ذلك بسبب من اهلل ال يملك معه الوالدان‬ ‫ّ‬
‫قادرين فليجتهدا‬
‫راد لقضاء اهلل‪ ،‬وأما إن كانا َ‬ ‫أمراً فال َّ‬
‫متقاربين في العمر فينشآ‬
‫َ‬ ‫بولدين على األقل‪ ،‬وليكونا‬
‫متفاهمين (وإن اختلفا أحيان ًا) متحابَّين (وإن تجافيا في‬
‫َ‬
‫بعض األوقات)‪ ،‬وتصبح التربية على األبوين أيسر‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪13‬‬

‫ل واحداً‬
‫تفض ْ‬
‫ال مقسط ًا بين أوالدك‪ ،‬فال ِّ‬
‫كن عاد ً‬
‫حاب أحداً على حساب أخيه‪.‬‬ ‫على اآلخر وال ُت ِ‬

‫الوالدين قد يميالن بشكل الإرادي إلى أصغر‬ ‫َ‬ ‫إن‬


‫األوالد‪ ،‬أو إلى الولد األكبر (البكر)‪ ،‬أو إلى الصبي إذا‬
‫كان بين أخوات بنات‪ ،‬أو إلى البنت إذا كانت بين إخوة‬
‫ذكور‪ .‬وفي كل هذه األحوال يجب على األب واألم أن‬
‫الميل الالإرادي‪ ،‬وحتى‬ ‫يقاوما هذا االتجاه القلبي وهذا َ‬
‫ال يسمحا‬ ‫فإن عليهما أ ّ‬
‫إن لم يمكنهما القضاء عليه تمام ًا ّ‬
‫له بالظهور وأن يحوال دون مالحظته من ِق َبل األبناء‪.‬‬

‫إن التفضيل في المحبة بين األوالد خطأ فادح‪،‬‬‫ّ‬


‫أما إظهار ذلك والتصريح به فهو خطيئة‪ ،‬بل هو جريمة‬
‫تعود أضرار التفضيل على المفضولين‬‫ُ‬ ‫ال ُتغت َفر‪ .‬وال‬
‫فقط بأن ينشؤوا ساخطين أو مع ّقدين‪ ،‬بل إن الضرر‬
‫أكبر من ذلك‪ ،‬حيث تسود بين اإلخوة أنفسهم‬ ‫يكون َ‬
‫روح الحسد والضغينة ومشاعر الكره المتبادل‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪29‬‬
‫‪14‬‬

‫(المحاكاة) من أدوات التربية المهمة‪ .‬إن‬ ‫التقليد ُ‬


‫الطفل يق ّلد الكلمة فيتع ّلم الكالم‪ ،‬ويق ّلد الحركة فيتع ّلم‬
‫السلوك‪ ،‬ويق ّلد الصالة فيتع ّلم العبادة‪.‬‬‫ّ‬
‫السادس‪ ،‬ويكون‬ ‫يبدأ الطفل بالتقليد منذ الشهر ّ‬
‫تقليد حركات وأصوات أوالً‪ ،‬لكنه ال يلبث أن‬ ‫َ‬ ‫تقليده‬
‫ُ‬
‫يصبح تقليد أعمال وعادات وعبادات‪ .‬ويولع الطفل‬
‫ولع ًا شديداً بالتقليد في سنته الثانية والثالثة‪ ،‬ثم هو ال‬
‫شخصي َتيهما‬
‫ّ‬ ‫وتقمص‬
‫والديه ّ‬‫يتوقف عن اقتباس أخالق َ‬
‫خيرة‬
‫بقي َة حياته‪ .‬فليحرص الوالدان على أن يكونا قدو ًة ّ‬
‫وال يكونا غير ذلك‪.‬‬

‫كن لطفلك قدو ًة حسنة في مظهرك وسلوكك‬


‫وتذكر أن طفلك إذا‬
‫ّ‬ ‫وتل ّفظك وفي كل نواحي الحياة‪.‬‬
‫كذاب ًا‪ ،‬وإذا رآك تغوص‬
‫رآك تكذب على ضيوفك نشأ ّ‬
‫في الطعام بال حساب نشأ شره ًا‪ ،‬وإذا رآك تتكاسل‬
‫عن الصالة نشأ ُمعرض ًا عنها‪ ...‬إنه مرآة لك فكن له‬
‫خير صورة‪.‬‬
‫َ‬

‫‪30‬‬
‫‪15‬‬

‫الوالدين في تفاصيل التربية وفي كيفية‬


‫َ‬ ‫اتفاق‬
‫غياب مثل هذا‬
‫َ‬ ‫فإن‬
‫أمر ضروري‪ّ ،‬‬‫التعامل مع االطفال ٌ‬
‫االتفاق قد يقود إلى نتائج عكسية لعملية التربية‪.‬‬

‫ليتفق الوالدان على الممنوعات والمباحات‪،‬‬


‫ال من األب مرفوض ًا من األم أو‬ ‫أمر مقبو ً‬
‫فال يكون ٌ‬
‫تصرفات األطفال‪ ،‬فال‬
‫ّ‬ ‫بالعكس‪ .‬وليتفق موقفهما من‬
‫أحدهما في معرض تأنيب اآلخر أو معاقبته‪،‬‬ ‫يبتسم ُ‬
‫ْ‬
‫الطفل‬
‫َ‬ ‫األم‬ ‫تحتضن‬ ‫وال‬ ‫زوجته‪،‬‬ ‫أمر‬
‫َ‬ ‫الزوج‬ ‫ض‬ ‫ق‬
‫وال ُ‬
‫ين‬
‫األب أو زجره‪.‬‬
‫وتراضيه إذا عاقبه ُ‬
‫ولكن حذا ِر أن يصل هذا االتفاق إلى درج ٍة‬
‫ُتش ِعر الطفل بأنه منبوذ أو أنه وحيد أمام >هجوم كاسح‬
‫كأن يشترك األب واألم كالهما في ضربه‬ ‫مزدوج<‪ْ ،‬‬
‫اتفاق في المواقف واآلراء‬
‫ٌ‬ ‫وزجره وتأنيبه‪ .‬المطلوب‬
‫المرهفة‬
‫َ‬ ‫وليس اإللقاء بالثقل الكامل على النفسية‬
‫قدر اهلل‪.‬‬
‫الحساسة للطفل ُفت ْس َحق ال ّ‬
‫ّ‬

‫‪31‬‬
‫‪16‬‬

‫قد ُت ِخ ّل ّ‬
‫تدخالت األهل بتربية الوالدين في كثير‬
‫سيما األجداد الذين يقترن تقدمهم في‬
‫من األحيان‪ ،‬ال ّ‬
‫العمر بفيض عواطفهم التي يسكبونها على األحفاد‪.‬‬

‫الوالدين أن يحوال دون التدخل‬


‫َ‬ ‫وال ريب أن على‬
‫مهم ٌة كهذه سهل ًة‬
‫ولكن لن تكون ّ‬
‫ْ‬ ‫أي كان‪،‬‬
‫السلبي من ٍّ‬
‫ٍ‬
‫اعتبارات‬ ‫عندما يكون المتدخل هو الجد أو الجدة‪ ،‬ألن‬
‫كثير ًة تمنعك من الحد من مثل هذا التدخل‪.‬‬

‫إن الطفل سيعتاد عصيان أوامرك وااللتجاء هارب ًا‬


‫ورحب بالتجائه إليه‬‫جده إذا فسح له َج ُّده المجال ّ‬ ‫إلى ّ‬
‫في كل حين‪ ،‬وسوف تكون أوامرك وتوبيخاتك عديم َة‬
‫شفاعات الجد أو الجدة أو‬
‫ُ‬ ‫الفائدة إذا راف َقتها دائم ًا‬
‫سواهما من الكبار‪ ،‬فمن الضروري ‪-‬إذن‪ -‬أن ُتفه َِم‬
‫الجميع (باألسلوب المناسب ومع تقدير أعمار ومراكز‬
‫الكبار خاصة) أنّك أرفق بابنك منهم وأن محبتك له‬
‫أمر‬
‫ولكن ذلك ٌ‬ ‫ّ‬ ‫تفوق محبتهم جميع ًا له مجتمعين‪،‬‬
‫أمر آخر‪.‬‬‫والتربي َة ٌ‬

‫‪32‬‬
‫‪17‬‬

‫تربية األوالد من أكثر المجاالت التي يميل فيها‬


‫الناس إلى تقديم المشورات والخبرات المجانية‪ .‬ولكن‬
‫ال ريب أن لديك خطة تتبعها في تربية أبنائك‪ ،‬فكيف‬
‫يسعك أن تتبع نصيحة كل ناصح وتجيب كل ذي رأي‬
‫إلى رأيه؟ ثم إن الناس أنفسهم ال يتفقون‪ ،‬فهم ‪-‬في‬
‫قضايا التربية‪ِ -‬ش َيع ومذاهب‪.‬‬

‫إذا كانت لك خطة معينة في التربية (ويجب‬


‫أن تكون كذلك) فال َت ْع َت ْد أن تتلقى النصح من كل‬
‫ناصح وأن تجعل أوالدك حقل تجارب آلراء ونظريات‬
‫اآلخرين التربوية‪ ،‬وحافظ على خطك التربوي الذي‬
‫أنت فيه‪.‬‬

‫ولكن ال يعني هذا أن تغلق أذنيك في وجه‬


‫كل نصيحة (لكان كتابي هذا قد كسد إذن!) فإن من‬
‫النصائح ما يفيد‪ ،‬وإن كثيرين يملكون في التربية خبرة‬
‫تؤخذ بعين االعتبار‪ ،‬ففكّ ْر بكل ما تسمع‬
‫تستحق أن َ‬
‫بعقل منفتح فخذ ما يناسبك ودع سواه‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪18‬‬

‫موقفنا نحن الكبار من الخطأ ينعكس على أبنائنا‬


‫بأعمق وأشد مما نظن‪.‬‬
‫ِ‬
‫أخطأت ‪-‬يا أيتها‬ ‫أخطأت ‪-‬يا أيها األب‪ -‬أو‬
‫َ‬ ‫إذا‬
‫األم‪ -‬في أمر ال يحتمل التأويل وال التعليل (ومن‬
‫منا ال يخطئ؟) فليس أفضل وال أعظم أثراً في تربية‬ ‫ّ‬
‫ال‪ -‬قد تتعجل‬ ‫األبناء من االعتراف بالخطأ‪ .‬فأنت ‪-‬مث ً‬
‫قيادة السيارة ذات يوم فتخترق إشارة حمراء وأبناؤك‬
‫فخير لك أن تبادر إلى إظهار الندم‬
‫ٌ‬ ‫معك في السيارة‪،‬‬
‫ابنك سيار َته (ذات يوم‬
‫واالعتراف بالخطأ حتى ال يقود ُ‬
‫بعد سنوات) فيخالف كل القوانين ويتسبب في مآس‬
‫وحوادث ال سمح اهلل‪ .‬وقل مثل ذلك عن كل خطأ‬
‫يقع منك‪.‬‬

‫أؤكد لك أن تصرف ًا كهذا سيولّد في نفس طفلك‬


‫احترام لك لصدقك وصراحتك‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫أثرين ال ينمحيان‪ :‬أولهما‬
‫َ‬
‫والثاني شجاعة لالعتراف بالخطأ واإلقرار بالذنب‬
‫سيتحلى بها إلى األبد‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪19‬‬

‫ازرع في نفس طفلك حب القراءة منذ طفولته‬


‫المبكرة‪ ،‬ثم َن ِّمها أبداً من بعد‪.‬‬
‫ِ‬
‫الوالدين أن القراءة مهارة يتعلمها‬ ‫يحسب بعض‬
‫الطفل في المدرسة فال يصنعون ألوالدهم شيئ ًا قبلها‪،‬‬
‫غرس في نفس الطفل في‬ ‫والصحيح أن عادة القراءة ُت َ‬
‫السنة األولى‪ ،‬فابدؤوا بغرسها منذ ذلك الوقت‪.‬‬

‫المفضلة‬
‫َّ‬ ‫لتكن الكتب بعض ًا من مقتنيات طفلك‬
‫حتى َليَرغب فيها كما يرغب في ال ُل َعب الجميلة‪ ،‬واختر‬
‫لكل عمر ما يناسبه من كتب وقصص حتى تصبح للطفل‬
‫مكتبة خاصة صغيرة في غرفته يفخر بها ويحرص عليها‪.‬‬

‫الرضع التي‬
‫كتب األطفال ّ‬ ‫اشت ِر له في أول األمر َ‬
‫ليس فيها إال ُص َور‪ ،‬ثم أحضر له القصص التي تمأل‬
‫الكلمات‬
‫ُ‬ ‫الملونة الجذابة وأقلَّها‬
‫ّ‬ ‫الصور‬
‫ُ‬ ‫أكثر مساحتها‬
‫َ‬
‫المكتوب ُة بخط واضح كبير‪ .‬وكلما كبر في السن صارت‬
‫أصغر وأكثر‪ ،‬حتى‬ ‫َ‬ ‫والكلمات‬
‫ُ‬ ‫وأصغر‬
‫َ‬ ‫الصور أقلَّ‬
‫ُ‬
‫تختفي الصور وال تبقى سوى الكلمات‪ ،‬فيألف القراءة‬
‫إلْف ًا متدرج ًا وتصبح من أهم عاداته في الحياة‪.‬‬

‫‪35‬‬
36
‫العقاب‬

‫العقاب وسيل ٌة تربوي ٌة كثيراً ما ُيساء فهمها وكثيراً‬


‫ولما كان ذلك يؤدي الى نتائج‬ ‫ما ُيساء استخدامها‪ّ ،‬‬
‫وخيمة على المدى القصير وعلى المدى الطويل فإن‬
‫الفهم الصحيح لهذه األداة التربوية من شأنه أن يوفر‬
‫على األبناء والوالدين جميع ًا الكثير الكثير من الجهد‬
‫والعناء‪.‬‬

‫وألن كثيراً من الوالدين َيمضون في معاقبة أبنائهم‬


‫مهما تقدم باألبناء العمر‪ ،‬فقد آثرت أن أضيف هذا‬
‫الموضوع إلى باب النصائح التربوية العامة التي ال‬
‫تتعلق بعمر معين أو بفترة زمنية محددة‪ ،‬على الرغم من‬
‫العقاب أدا ٌة تربوية مناسبة في سنوات‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫أن الصواب ّ‬
‫العمر المبكرة للطفل‪ ،‬وهي أداة تتراجع أهميتها مع‬
‫التقدم في العمر لحساب التربية بالثواب التي ُيتوقع أن‬
‫تكون الطريق َة المثلى لألوالد األكبر سن ًا‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫وإني ألتمنى أن يصبر على قراءة هذا الفصل قراء ًة‬
‫قرأ مرة بعد مرة حتى يصير‬ ‫متأنية كلُّ أ ٍ‬
‫وكل أم‪ ،‬وأن ُي َ‬
‫ب ُّ‬
‫>خلفية تربوية< مصاحبة لكل نصائح الكتاب‪ ،‬فإني ما‬
‫أغتم ويصيبني األسى والهم كلما سمعت كيف‬ ‫ّ‬ ‫أزال‬
‫بعض اآلباء أبناءهم الصغار‪ ،‬وإنكم لتسمعون‬ ‫يعاقب ُ‬
‫يذكركم بمحاكم التفتيش!‬ ‫من تلك القصص ما ّ‬
‫فيا أيها اآلباء واألمهات‪ :‬رفق ًا بهذه المخلوقات‬
‫الرقيقة التي نسميها >األطفال<‪ ،‬وال تستهينوا بالعقاب‬
‫والسالح ال‬
‫ُ‬ ‫سالح‬
‫ٌ‬ ‫فتستعملوه كيف كان‪ ،‬واعلموا أنه‬
‫ستعمل إال بحذر و ِمران‪ ،‬فإن لم يكن ذلك صار أداة‬ ‫ُي َ‬
‫خسران وأحزان‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫عاقبته‬
‫ُ‬ ‫قتل وتدمير‬

‫* * *‬

‫‪38‬‬
‫‪20‬‬

‫القاعدة األولى أن العقاب مرتبط بالذنب ومتر ّتب‬


‫يصح أن ُيعا َقب طفلٌ لم يذنب؟‬
‫ّ‬ ‫عليه‪ ،‬فكيف‬

‫لو فعلت بطفلك ذلك لكنت ظالم ًا‪ ،‬وهو ظلم‬


‫يحاسبك عليه اهلل في اآلخرة‪ .‬أما في الدنيا فإن الطفل‬
‫الذي يتلقى العقاب ظلم ًا مرة بعد مرة سوف تتراكم في‬
‫مشاعر المرارة حتى تورثه حقداً على الشخص الذي‬‫ُ‬ ‫نفسه‬
‫يظلمه بعينه أو على الناس كافة‪ ،‬وقد ينتهي به األمر ألن‬
‫يصبح هو نفسه من الظَّ لَمة المعتدين‪.‬‬

‫تذكر أن الظلم ممارسة يأباها ويبغضها الصغار‬‫ّ‬


‫كما يأباها ويبغضها الكبار‪ ،‬فاستشعر مرار َتها في ذاتك‬
‫قبل أن تسمح لنفسك بأن تؤذي بها نفسية الطفل‬
‫المرهفة‪ .‬وإياك والظلم في العقاب؛ تأكد من ذنب‬
‫بمجرد‬
‫ّ‬ ‫الطفل تأكد اليقين وال تعاقب ظلم ًا بشبهة أو‬
‫الظن‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪21‬‬

‫من الضروري أن يعرف الطفل لماذا ُيعا َقب حتى‬


‫ال يظن أنه ُيعا َقب بغير ذنب أو بال سبب‪.‬‬

‫كثيراً ما يعجز الطفل عن إدراك خطئه‪ ،‬وهو‬


‫يجهل ‪-‬غالب ًا‪ -‬أنه قد ارتكب ما يوجب العقاب‪ ،‬فإن‬
‫ال‪ -‬ال يتمتع‬
‫مداركه ليست مثل مدارك الكبار‪ ،‬فهو ‪-‬مث ً‬
‫بعقلية انتخابية قادرة على التفريق بين شيء يحق له‬
‫اإلمساك به ورميه على األرض (كلعبته الصغيرة) وبين‬
‫شيء آخر ال يمكنه أن يفعل به ذلك (كالتحف التي‬
‫أمه البيت)‪.‬‬
‫تزين بها ُّ‬
‫ّ‬
‫إذا اقترف الطفل ما يوجب العقاب فسوف تعاقبه‪،‬‬
‫عاقبته بسببها‪ .‬واعلم‬
‫َ‬ ‫ولكن تأكد من توضيح الع ّلة التي‬
‫أن طفلك قادر على فهم القوانين التي تضعها للبيت‬
‫والحياة مهما يكن صغيراً إذا ُق ِّد َم ْت له بالشكل الذي‬
‫يراعي عمره وإدراكه وعقله‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪22‬‬

‫ال مقسط ًا في أوامرك ونواهيك وعقوباتك‪.‬‬


‫كن عاد ً‬

‫إن من الخطأ الفادح أن تأمر الطفل بأمر ال يسعه‬ ‫ّ‬


‫مفر‬
‫تنفيذه فال يستطيع ذلك فتعاقبه‪ ،‬أو تنهاه عن أمر ال ّ‬
‫وتذك ْر أن من التكليفات ما‬
‫ّ‬ ‫من وقوعه فيقع فيه فتعاقبه‪.‬‬
‫يناسب عمراً وال يناسب آخر‪ ،‬وأن من المحظورات‬
‫كذلك‪.‬‬

‫ومن الخطأ ومن الظلم أن تعاقب الطفل قبل أن‬


‫تتأكد من ذنبه‪ ،‬أو أن تحاسبه حساب ابن عشر سنين‬
‫سنه‬
‫ال؛ بمعنى أن عليك أن تراعي ّ‬ ‫وهو ابن سنتين مث ً‬
‫ومستوى فهمه واستيعابه وقدرته قبل أن تقرر معاقبته من‬
‫عدمها‪ ،‬وقبل أن تقرر حجم العقوبة إن كانت الزمة‪.‬‬

‫ومن أبلغ الظلم أن تجعل أوالدك ُم َت َن َّفس ًا‬


‫لغضبك‪ ،‬فتعاقب وتضرب وتشتم ال لذنب اقترفوه‬
‫مكدر بسبب أمر ال شأن لهم به‪.‬‬ ‫غاضب أو َّ‬
‫ٌ‬ ‫ولكن أل ّنك‬
‫ْ‬

‫‪41‬‬
‫‪23‬‬

‫قرر العقاب المالئم (نوعه ودرجته) قبل أن تشرع‬


‫بالعقوبة‪.‬‬

‫وأنواع فيجب أن يكون‬


‫ٌ‬ ‫درجات‬
‫ٌ‬ ‫الذنب‬
‫َ‬ ‫كما أن‬
‫العقاب كذلك‪ ،‬فال ُيعقل أن تعاقب على الذنب الصغير‬
‫كما تعاقب على الذنب الكبير‪ ،‬وال تعاقب على الذنب‬
‫العارض كما تعاقب على الذنب المتكرر‪ ،‬وال على‬
‫يصر‬
‫وتخوف كالذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ذلك الذي يأتيه الطفل على تردد‬
‫عليه ويتحدى به أوامرك ونواهيك‪.‬‬

‫وتذك ْر أن ضرب االنتقام جريمة وأن الضرب مع‬‫ّ‬


‫الغضب خطأ فاحش‪ .‬فتجنب بأي حال من األحوال أن‬
‫برد فعل أو ثأراً منه أل ّنه أزعجك أو آذاك‬
‫تعاقب الطفل ّ‬
‫نفسك‬
‫مالك َ‬
‫ٌ‬ ‫ال وأنت‬‫أو أغاظك‪ ،‬وال تعاقبه ‪-‬كذلك‪ -‬إ ّ‬
‫تمام ًا‪ ،‬فإذا غضبت فدع العقوبة في حالة الغضب حتى‬
‫تسترجع هدوءك وسيطرتك على نفسك‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫‪24‬‬

‫صحيح أن الضرب عقوبة مشروعة يحتاج إليها‬


‫ٌ‬
‫الوالدون والمربون‪ ،‬ولكن ما هو الضرب الجائز؟‬

‫إنه الضرب الخفيف الذي يسبب ألم ًا عارض ًا‬


‫فحسب‪ ،‬كضربة خفيفة أو اثنتين على ظاهر اليد أو‬
‫ضرب الجنون الذي يقوم به‬ ‫َ‬ ‫على الفخذ‪ ،‬وليس هو أبداً‬
‫بعض اآلباء‪ ،‬الضرب الشديد الكثيف العنيف الذي ال‬
‫يفرق بين يد ورجل وظ َهر ورأس‪ .‬ال‪ ،‬هذا ليس ضرب ًا‬ ‫ّ‬
‫تربوي ًا‪ ،‬بل هو إجرام وعدوان يستحق فاعلُه العقوبة‪.‬‬

‫إن الهدف من العقاب ليس التعذيب واالنتقام‪،‬‬


‫بل هو إيصال رسالة للطفل المعا َقب بأنه تجاوز‬
‫الحدود‪ ،‬سواء باالمتناع عن تنفيذ أمر من األوامر أو‬
‫بالوقوع في محظور من المحظورات‪ ،‬وهذا الهدف‬
‫يحصل بأقل الضرب وأخ ّفه‪ ،‬واألفضل أن ُيستعاض‬
‫عنه بأي عقوبة أخرى وأن ال يلجأ الوالدون إليه إال إذا‬
‫تبق وسيل ُة ردع غيره‪.‬‬
‫لم َ‬

‫‪43‬‬
‫‪25‬‬

‫لم يكن العقاب المشروع يوم ًا للتعذيب‪ ،‬وإنما‬


‫هو للتهذيب‪ ،‬فتجنب العقاب المؤذي‪ ،‬سواء أكان أذاه‬
‫مادي ًا أم معنوي ًا‪.‬‬
‫يميزا بين العقاب‬
‫على األب واألم ‪-‬إذا عاقبا‪ -‬أن ّ‬
‫المدمر‪ ،‬فالغرض من العقوبة أن تترك‬
‫ّ‬ ‫المؤ ّثر والعقاب‬
‫أثراً محدوداً يردع المخطئ عن خطئه حتى ال يعود‬
‫تشوه جسم‬‫إليه‪ ،‬والعقوبة القاسية قد تترك آثاراً مدمرة ّ‬
‫تشوه نفسيته‪ ،‬وهي تشوهات قد ال يبرأ منها‬ ‫الطفل أو ّ‬
‫أبداً‪.‬‬
‫من الصنف األول الضرب القاسي أو الضرب على‬
‫ال)‪ ،‬فمثل‬
‫أجزاء حساسة من جسم الطفل (كالرأس مث ً‬
‫هذه العقوبات قد تسبب عاهات دائمة‪ .‬ومن الصنف‬
‫الثاني الحبس في مكان مظلم أو التهديد برمي الطفل‬
‫(غريب كيف يصدق‬
‫ٌ‬ ‫مع النفايات أو بإعطائه للشحادين‬
‫ال‬
‫الترهات!) وهي عقوبات قد تنشئ طف ً‬‫األطفال هذه ّ‬
‫الع َقد والمخاوف إلى آخر عمره‪.‬‬
‫مع ّقداً جبان ًا تالزمه ُ‬

‫‪44‬‬
‫‪26‬‬

‫تكثر منه وال‬


‫ْ‬ ‫قيمته مع تكراره‪ ،‬فال‬
‫العقاب َ‬
‫ُ‬ ‫يفقد‬
‫تعاقب إال عند الضرورة‪.‬‬

‫أن عليهم معاقب َة‬


‫بعض اآلباء واألمهات يحسبون ّ‬
‫أطفالهم على كل ِهنة وكل هفوة كما يعاقبونهم على‬
‫عظائم األمور‪ ،‬فتراهم في يومهم كله ينتقلون من‬
‫عقاب إلى عقاب‪ ،‬من زجر إلى تهديد إلى ضرب إلى‬
‫حرمان‪ ...‬فال تكاد تمر ساعة من اليوم بغير عقاب أو‬
‫تهديد بعقاب!‬

‫تذكر أن العقاب يغدو أقلَّ تأثيراً كلما أكثرت‬


‫منه (شأنه شأنَ كل موفور رخيص أو نادر ثمين)‪ ،‬فال‬
‫ٍ‬
‫تباعد‬ ‫تلجأ إليه إال في حاالت الضرورة الحقيقية وعلى‬
‫من الزمن‪ .‬إنه وسيلة تربوية مهمة ال بد أن يحتاج إليها‬
‫الوالدون في بعض األحيان‪ ،‬ولكنه مثل الكي الذي‬
‫ّ‬
‫قالوا إنه آخر الدواء‪ ،‬فال تجعله اإلجراء األول الذي‬
‫تفكر فيه كلما أزعجك طفلك‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪27‬‬

‫هياج‬
‫ٌ‬ ‫التأنيب‬
‫َ‬ ‫العقاب أو‬
‫َ‬ ‫ال ينبغي أن يصاحب‬
‫ولكن ليكن التعبير عنه بالنبرة‬
‫ْ‬ ‫وصخب وصياح وصراخ‪،‬‬
‫الجازمة واإلشارة القاطعة مع الهدوء وامتالك النفس‪،‬‬
‫وأبعد‬
‫ُ‬ ‫ال‬
‫الجاد المؤثر‪ ،‬وهو أشد فع ً‬
‫ّ‬ ‫فهذا هو العقاب‬
‫أثراً من >حفلة< عقاب صاخبة ُيرغي فيها األب ويزبد‬
‫ويتطاير فيها الشرر من العيون كأنها فصل من معركة!‬

‫وتذكر أمراً على درجة كبيرة من األهمية‪ :‬الذنب‬


‫آثاره‬
‫المحدود له عقاب محدود‪ ،‬ويجب أن تكون ُ‬
‫محدود ًة كذلك‪.‬‬

‫عندما ينتهي العقاب يجب أن تعود األمور كما‬


‫ويعامل الطفل معاملة طبيعية‪ ،‬وال ينبغي أن‬ ‫َ‬ ‫كانت‬
‫ال أو أيام ًا متوالية‬
‫يستمر العقاب بالتوالد ساعات طوا ً‬
‫ّ‬
‫(فال يتوقف إال حين ينساه األب أو األم) مما سيؤدي‬
‫يعاف البقاء معهما وإلى الميل إلى‬‫َ‬ ‫بالطفل إلى أن‬
‫اعتزالهما والهرب منهما‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫‪28‬‬

‫يظن بعض اآلباء أن العقاب كلمة مرادفة للضرب‪،‬‬


‫ولده إال‬
‫الواحد منهم إال ضارب ًا وال ترى َ‬
‫َ‬ ‫فال ترى‬
‫مضروب ًا‪.‬‬

‫ولكن َمن قال إن العقاب ال يكون إال بالضرب؟‬


‫ْ‬
‫قد يكون الضرب مناسب ًا لطفل وقد ال يكون‬
‫مناسب ًا آلخر‪ ،‬وقد يكون مالئم ًا في ظرف وال يكون‬
‫كذلك في سواه‪ .‬وحيث إننا علمنا أن العقاب يفقد‬
‫قيمته مع تكراره فإن من وسائل تجنب التكرار تغيير‬
‫نوع العقوبة‪ ،‬فتصبح ‪-‬بذلك‪ -‬أدعى إلى التأثير‪.‬‬

‫إن الضرب ينبغي أن يكون أقل العقوبات التي‬


‫يلجأ إليها المربون‪ ،‬ولو أن أب ًا ضرب ولده أكثر من‬
‫ود ْعه عشرين‬
‫فجربه مرة َ‬
‫مرة في العام لقلت إنه ُمكثر‪ّ .‬‬
‫مرة إلى وسائل أخرى (كالحرمان من اللعب لبعض‬
‫مجر ُد العبوس في‬
‫أبلغ عقوبة ّ‬
‫ال)‪ ،‬وقد تكون َ‬‫الوقت مث ً‬
‫تعبير مقتضب مثل‪ :‬لقد أزعجتني‬
‫ٌ‬ ‫وجه طفل حساس أو‬
‫بعملك هذا‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪29‬‬

‫تذك ْر أن في حياة ولدك فترة زمنية يصلح‬


‫وأخيراً ّ‬
‫أن يعا َقب فيها‪ّ ،‬أما في غيرها فال‪.‬‬

‫إن الرضيع ابن الشهر والشهرين والثالثة األشهر‬


‫ّ‬
‫ال‪ .‬ال يبدأ الطفل‬
‫ال ُيعا َقب بحال ألنّه لم يفهم أص ً‬
‫بالفهم قبل الشهر السابع أو الثامن‪ ،‬وإذن فال يجوز أن‬
‫يبدأ العقاب قبل ذلك‪.‬‬

‫ثم تذكر أن من العقوبات ما يناسب عمراً دون‬


‫سواه‪ ،‬وكلما ازداد الطفل تقدم ًا بالسن صار إلى العقوبة‬
‫أحوج منه إلى العقوبة البدنية‪ ،‬فأنت لن تؤثر‬
‫َ‬ ‫المعنوية‬
‫في ابن سنتين لو أظهرت تأثراً وألم ًا من فعل قبيح فعله‬
‫ولكن مثل هذا االنفعال سيكون مؤثراً جداً في‬ ‫ّ‬ ‫ال‪،‬‬
‫مث ً‬
‫ابن سبع سنين‪.‬‬

‫أما عقوبة الضرب بالذات فإن تطبيقها على َمن‬


‫تجاوز العاشرة من عمره خطأ‪ ،‬فال تجوز إال في عظائم‬
‫األمور‪ ،‬وهي على من تجاوز الثانية عشرة أو الثالثة عشرة‬
‫خطيئة تربوية كبيرة‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫القسم الثاني‬

‫األول‬ ‫ِِ‬
‫طفلك في عامه ّ‬

‫‪49‬‬
50
‫‪30‬‬

‫احرصي ‪-‬يا أيتها األم‪ -‬على إعطاء طفلك‬


‫الر َضاعة الطبيعية ما أمكن‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن لهذه الرضاعة من الفوائد ما ال ُيحصى‪ ،‬وقد‬
‫ثبت ‪-‬بأدلة كثيرة‪ -‬أن الطفل الذي ينمو على حليب‬ ‫َ‬
‫أُمّه يكون َ‬
‫أكثر مناعة ضد األمراض وأكثر استقراراً من‬
‫النواحي الصحية والنفسية جميعها‪.‬‬

‫اضطررت إلى فطمه وإعطائه الحليب‬ ‫ِ‬ ‫فإذا‬


‫الصناعي (في الرضاعات الزجاجية) فاحرصي على أن‬
‫تضميه إلى صدرك في أثناء الرضاعة‪ ،‬فإن‬
‫تحتضنيه وأن ّ‬
‫الطفل يرضع مع الحليب العاطف َة والحنان‪.‬‬

‫تضني على طفلك بوقتك فتوكلي غيرك‬ ‫وإياك أن ّ‬


‫بهذه المهمة (كما تفعل أمهات كثيرات)‪ ،‬فإن العالقة‬
‫الفريدة التي تربط األم بوليدها ستكون ‪-‬عندئذ‪ -‬قد‬
‫بدأت تتآكل بينك وبين هذا الطفل الرضيع‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪31‬‬

‫تذكروا أن المص عند الطفل غريزة‪.‬‬


‫ّ‬
‫>اللهاية< فيتمسك بها وال يستطيع‬
‫تعودوه على ّ‬
‫ال ّ‬
‫اإلقالع عنها وتتسبب في اعوجاج أسنانه األمامية‪،‬‬
‫مص اإلصبع عنده إذا بقيت في‬‫ولكن ال تقاوموا عادة ّ‬
‫حدود المعقول‪ .‬واعلموا أن المص يزيد عند الجوع‬
‫والتعب واإلثغار (بداية ظهور األسنان) وكذلك عند‬
‫النوم‪.‬‬

‫استمر الطفل‬
‫ّ‬ ‫هذا كله في حدود المعقول‪ ،‬فإذا‬
‫في مص إصبعه بعد ذلك بشكل دائم (وال سيما بعد‬
‫السنة الثانية من العمر) دلّ ذلك على اضطراب نفسي أو‬
‫قلق أو حياء‪ ،‬فاجتهدوا في معالجة السبب ال النتيجة‪.‬‬

‫مص إصبعه‬ ‫شاغلوا الطفل واصرفوا انتباهه عن ّ‬


‫جذابة يمسكها في يده‪ ،‬ولكن‬ ‫بل َُعب وأغراض زاهية ّ‬
‫ال تعاندوه وتجبروه على ترك هذه العادة بالقوة (بربط‬
‫ال‬
‫ال)‪ ،‬فإن فع ً‬
‫يده عند النوم كما يفعل بعض الوالدين مث ً‬
‫كهذا قد يزيد تعلقه بها وحرصه عليها‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪32‬‬

‫األصل أن الطفل ال يبكي خالل الشهور الستة‬


‫األولى من عمره إال لسبب‪ .‬فإذا بكى ابحثوا عن‬
‫السبب‪ ،‬فربما كان جائع ًا أو متألم ًا في بطنه (وهذا‬
‫من األسباب األكثر شيوع ًا‪ ،‬وال سيما بعد الوجبات)‬
‫لو من كل‬ ‫ِ‬
‫أو يشعر بالبرد أو بالحر‪ .‬فإذا تأكدتم أنه خ ٌ‬
‫يوسع رئتيه‬
‫األسباب الظاهرة فدعوه يبكي‪ ،‬فإن البكاء ّ‬
‫ويقوي عضالت صدره‪ ،‬ما لم يتجاوز القدر المعقول‪.‬‬ ‫ّ‬
‫أما بعد الشهر السادس فيغلب أن يبكي الطفل‬
‫المربون >بكاء االختبار<‪ ،‬أي أنه‬
‫ّ‬ ‫البكاء الذي يسميه‬
‫ردة فعل‬
‫يبكي ليتأكد من اهتمام والديه أو ليراقب ّ‬
‫َم ْن حولَه أو ليحصل على ما يريد‪ ،‬فإذا ُح ِمل مرة‬
‫بكى أخرى‪ ،‬وإذا ُترك علم أن البكاء ليس هو الوسيلة‬
‫المناسبة إلمالء الطلبات‪.‬‬

‫تهزيه في مهده‪،‬‬
‫فال تحملي الطفل كلما بكى أو ّ‬
‫فال يسكت بعد ذلك إال إذا ُه ّز أو ُحمل‪ ،‬ويكون هو‬
‫الفائز ‪-‬عندئذ‪ -‬في هذا االختبار!‬

‫‪53‬‬
‫‪33‬‬

‫يبدأ الطفل بعد الشهر الثامن بطلب األشياء التي‬


‫يراها‪ ،‬وهو يحرص على العبث بكل ما تصل إليه يداه‪،‬‬
‫عط ما يريد يعلو صوته بالبكاء‪.‬‬
‫وإذا لم ُي َ‬
‫َدعه يبكي وال ِ‬
‫تعط ِه كل ما يريد‪ ،‬بل ع ّل ْمه أنه‬ ‫ْ‬
‫ليس كل ما يطلبه ُيعطاه‪ ،‬فإنه سيشعر ‪-‬لو أعطيته‬
‫كل ما يريد‪ -‬بأنه متحكم بك‪ ،‬وسوف يتحول إلى‬
‫إمالء الطلبات عليك بال حساب‪ .‬أما إذا رفضت طلبه‬
‫وصبرت على بكائه فسوف يسكت ال محالة‪ ،‬ولن‬
‫يلبث أن يدرك حدوده ويعلم أن أبويه يختاران ما ُيجاب‬
‫إليه من الطلبات وما ال يجاب‪.‬‬

‫إن بذور التربية الصحيحة ُتبذَ ر في هذه الشهور‬


‫وعمادها أن يفهم الطفل سلط َة األبوين وأن‬
‫ُ‬ ‫األولى‪،‬‬
‫يدرك أن من األمور ما هو مسموح ومنها ما هو ممنوع‪،‬‬
‫ل تقديمها إلى الطفل‬ ‫تؤج ْ‬
‫تمي ْع هذه المفاهيم وال ِّ‬
‫فال ّ‬
‫أصعب وأشق عليك وعليه مع ًا‪.‬‬
‫َ‬ ‫فتجعل التربية‬

‫‪54‬‬
‫‪34‬‬

‫>ال< هي واحد ٌة من أهم المفردات التي يجب‬


‫تأخر في‬
‫تقديمها إلى الطفل في هذه المرحلة‪ ،‬وكل ّ‬
‫تقديمها أو في تفهيم الطفل معناها من شأنه أن يزيد‬
‫األمور صعوبة عليه وعلى والديه‪.‬‬

‫سيهم الطفل ذات مرة ‪-‬وقد بدأ يحبو‪ -‬باالقتراب‬


‫ّ‬
‫من شيء قد يسبب له األذى (مثل آلة كهربائية) أو قد‬
‫يسبب هو له األذى (كتحفة على طاولة) وسوف يمد‬
‫إليها يده لإلمساك بها‪ ،‬وعندئذ ستقولين‪> :‬ال<‪.‬‬

‫ما هي هذه الكلمة الجديدة؟ عليه أن يفهم أنها‬


‫يهم به‪ .‬أبعديه برفق‬
‫تدل على النهي عن العمل الذي ّ‬
‫في أول األمر (مرة أو مرات)‪ ،‬وفي مرة رابعة أو خامسة‬
‫شددي من لهجتك‪ ،‬وربما يفيد التقطيب والعبوس‬
‫أيض ًا‪ .‬وأخيراً سيلمسها (ال بد أنه سيفعل‪ ،‬أنا واثق من‬
‫ذلك) وفي تلك اللحظة اضربيه على يده برفق‪ ،‬ضربة‬
‫خفيفة فحسب ال ضربة شديدة‪ .‬وكرري هذا مرة بعد‬
‫مرة حتى تصبح >ال< ذات مفعول نافذ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪35‬‬

‫تعودي طفلك على النوم في غرفة نومك‪ .‬إن‬ ‫ال ّ‬


‫نوم الرضيع قريب ًا من أمه ضروري في الفترة األولى‪،‬‬
‫ولكن هذه الحاجة تتراجع بسرعة شهراً بعد شهر‪،‬‬
‫فأخرجيه إلى غرفته (أو إلى غرفة إخوته) عندما يصبح‬
‫ابتعاده عنك ممكن ًا‪.‬‬
‫ُ‬
‫هذا القرار يجب اتخاذه قبل نهاية السنة األولى‪،‬‬
‫يصعب تنفيذَ ه كثيراً‪.‬‬
‫ألن تأخيره إلى ما بعدها ّ‬
‫وال تستصغري الطفل‪ ،‬فإنه قد ال يفهم خصوصيات‬
‫والديه في غرفتهما‪ ،‬ولكن ما يجري بينهما قد ينطبع‬
‫في عقله الباطن ويحتفظ به في شعوره الالواعي فيؤثر‬
‫فيه عندما يتقدم في السن بعد ذلك‪.‬‬

‫وال تنسي أن أطفالك اآلخرين (إن كان للصغير‬


‫إخوة) سيتساءلون عن سبب محاباة أخيهم والسماح له‬
‫بالنوم في غرفتك‪ ،‬وقد يثير هذا التفضيلُ في نفوسهم‬
‫مشاعر سلبية من الحسد أو الكراهية أو إحساس ًا بالظلم‬
‫َ‬
‫واالنتقاص‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪36‬‬

‫لقد ثبت اآلن أن الطفل يسمع األصوات وهو في‬


‫مبهمة‪ ،‬كما‬
‫سماعه إياها بطريقة َ‬
‫ُ‬ ‫بطن أمه‪ ،‬وإن يكن‬
‫أن األصوات تتسلل إلى سمعه في شهوره األولى من‬
‫الحياة ولو كان نائم ًا‪.‬‬

‫فليتجنب الزوجان ‪-‬من أجل ذلك‪ -‬النزاع‬


‫والخصام الذي تعلو فيه األصوات ويكثر فيه الصراخ‬
‫ال (وهي وصية صالحة للتطبيق‬ ‫حين تكون األم حام ً‬
‫في غير هذه الحالة أيض ًا‪ ،‬بل في كل األوقات يا أيها‬
‫األزواج السعداء) أو حين يكون الرضيع نائم ًا‪ ،‬فإن هذا‬
‫األمر يترك في نفسيته آثاراً سلبية من الخوف والقلق‬
‫في مستقبل أيامه‪.‬‬

‫اجهر بقراءة القرآن أمام طفلك‬ ‫ْ‬ ‫ولهذا السبب ذاته‬


‫وسمعه تسجيالت التالوة‪ ،‬فإنها َت ِق ّر في قلبه‬ ‫ّ‬ ‫الصغير‬
‫وترسخ في أعماق نفسه وتنطبع في شعوره الالواعي‬
‫بناء إيماني ًا بعد ذلك‪.‬‬
‫فتساهم في بنائه ً‬

‫‪57‬‬
‫‪37‬‬

‫الطفل في سنته األولى يخاف إلى درجة الذعر من‬


‫بعض األشياء غير المألوفة‪ ،‬كالماء (إنزاله في الحوض‬
‫وسط الماء وقت االستحمام)‪ ،‬أو الحركة المفاجئة‬
‫ال)‪ ،‬أو الصوت العالي (كصوت‬ ‫(رميه في الهواء مث ً‬
‫المكنسة الكهربائية‪ ...‬وهي تفزعني أنا‪ ،‬فكيف بهذا‬
‫الرضيع!)‬
‫وعالج ذلك كله يكون بأمرين‪ :‬أولهما التدرج في‬
‫تقديم األمر الذي يسبب الهلع إلى عالم الطفل حتى‬
‫ال‪ -‬توضع أرجله في الماء‬‫يألفه (في الحالة األولى ‪-‬مث ً‬
‫في المرات األولى‪ ،‬ثم يغطس إلى وسطه بعد ذلك‪،‬‬
‫يعوده على الماء ويمنحه االطمئنان)‪.‬‬
‫وهذا التدرج ّ‬
‫يحس الطفل‬
‫ّ‬ ‫األمر الثاني (ويا له من أمر مهم) أن‬
‫طيارة‬
‫باألمان خالل هذه التجربة‪ ،‬فقد يكون مرور ّ‬
‫ضمته أمه‬
‫فوقه مصدر رعب فظيع له أولَ األمر‪ ،‬فإذا ّ‬
‫إلى صدرها زال أكثر هذا الرعب من قلبه‪ .‬والغريب أن‬
‫الطفل يكاد ال يستمد األمان في تلك المرحلة من العمر‬
‫إال من والديه‪ ،‬ومن ّأمه أكثر من أبيه‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪38‬‬

‫بيتك خادمة (واألفضل أن ال‬ ‫ِ‬ ‫إذا ُوجدت في‬


‫تكون موجودة ألكثر من سبب) فال تكلي إليها تربية‬
‫ولدك أو العناية به أبداً‪ ،‬فإن عناية األم بولدها تنشئ‬
‫بينهما آصرة ورابطة عاطفية قوية‪ ،‬وترك تلك العناية‬
‫ال من أمه‪.‬‬ ‫يحول عاطفة الطفل إليها بد ً‬
‫إلى الخادمة ّ‬
‫ال عن العادات السيئة أو التنشئة الفاسدة التي‬‫هذا فض ً‬
‫ال نأمن أن تقدمها الخادمة إلى الطفل ممزوج ًة بالعناية‬
‫المجردة به‪.‬‬

‫ال تتنازلي ‪-‬أيتها األم‪ -‬عن واجبك ألي كان‪،‬‬


‫ِ‬
‫احتجت‬ ‫فإن األمومة وظيفة غير قابلة للتجيير‪ .‬ولو أنك‬
‫ال‪،‬‬ ‫يوم ًا إلى معاونة في إطعام الطفل أو في تنظيفه مث ً‬
‫فاستعنت ببعض إخوته أو أخواته الكبار أو بقريبة لك‬
‫أو صديقة فال بأس في ذلك إذا كان أمراً عابراً‪ ،‬أما أن‬
‫تتركي لسواك العناية الدائمة بطفلك فهذا تفريط بأعظم‬
‫عمل من أعمال حياتك‪ ،‬وهو من أكثر األعمال فتك ًا‬
‫بعالقة األم بطفلها على مر الزمان‪.‬‬

‫‪59‬‬
60
‫القسم الثالث‬

‫طفلك في عامه الثاني‬

‫‪61‬‬
62
‫‪39‬‬

‫إنها السنة الحاسمة في عمر طفلك والتي ستقرر‬


‫سيشب ولداً طائع ًا أو ولداً متمرداً‪ ،‬وأنت‬
‫ّ‬ ‫إن كان‬
‫الشخص الذي سيقرر أي طريق من هذين سوف يسلك‬
‫بإذن اهلل‪.‬‬
‫ِ‬
‫الوالدين الذين ُيلقون األوامر إلى أبنائهم‬ ‫إن‬
‫الصغار كيفما اتفق ثم ال يهتمون بمتابعة وتأكيد تنفيذها‬
‫ويسهلون لهم ذلك‬
‫ّ‬ ‫يعودون أبناءهم على عصيانهم‬ ‫إنما ّ‬
‫منذ صغرهم دون أن يدركوا ما يفعلون‪.‬‬

‫عو ْد طفلك على تنفيذ أوامرك بأن تكون األوامر‬ ‫ّ‬


‫تتراخ في‬
‫َ‬ ‫واضحة وقليلة ومعقولة وقابلة للتنفيذ‪ ،‬وال‬
‫تنفيذ تلك األوامر‪ ،‬بل احرص على التأكد من تنفيذ كل‬
‫أم ٍر توجهه إلى طفلك مهما بدا لك صغيراً أو تافه ًا‪ ،‬فإن‬
‫معصية األمر الصغير تستوي ‪-‬في عقل الطفل وإدراكه‪-‬‬
‫بمعصية األمر الكبير‪ ،‬والطفل الذي ال ينقاد لهذا األمر‬
‫لن ينقاد إلى ذاك‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪40‬‬

‫إذا صاح الطفل في وجهك أو ارتمى على األرض‬


‫سبك وعصيانك‪،‬‬ ‫يضرب بيديه ورجليه فهذه كناية عن ّ‬
‫وهي داللة على التمرد في أسوأ حاالته‪ .‬إنها حالة لها ما‬
‫بعدها في السنوات الالحقة من العمر‪ ،‬وتغاضيك اليوم‬
‫سيفلت‬‫عنها (ألن الطفل صغير ال يعي فيما تحسب) ُ‬
‫قدر اهلل‪.‬‬
‫الزمام إلى األبد ال ّ‬
‫َ‬ ‫من يدك‬

‫امن ْع هذه الحركات (ولو بالضرب الخفيف)‪،‬‬ ‫َ‬


‫وعوده خالل تلك المرحلة من العمر على أن يطيع بغير‬
‫ّ‬
‫اعتراض أو مناقشة‪ ،‬واحذر كل الحذر من التغاضي‬
‫عن أي تمرد‪.‬‬

‫اجعل التنفيذ عند الطفل عادة من عاداته بأن تكون‬


‫األوامر جازمة وبصيغة األمر الواضح مثل‪> :‬افعل< أو‬
‫>هيا بنا نفعل كذا<‪ ،‬وال تكن أوامرك له اختيارية‪> :‬هل‬
‫تحب أن تفعل كذا؟< أو >هل تريد؟< حتى ال يعتاد‬
‫والتمرد على أوامرك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فرض رأيه‬

‫‪64‬‬
‫‪41‬‬

‫ولكن ال تحاول تحطيم إرادة طفلك حتى تجعله‬


‫ُيطيعك دائم ًا‪ ،‬وال تجعله مذعوراً جبان ًا مسخ ًا لكي‬
‫طيع ًا في يدك‪.‬‬
‫يكون مستسلم ًا لك ّ‬
‫يلجأ بعض اآلباء أو المربين إلى العقوبات العنيفة‬
‫واإلرهاب في أبشع صوره ليضمنوا انصياع أبنائهم‪،‬‬
‫وآخرون يذهبون إلى إرهاب أبنائهم وتخويفهم بقصص‬
‫الجن والعفاريت وبغيرها من أدوات الترويع وأسباب‬
‫التخويف‪.‬‬

‫ال تفعل ذلك أبداً‪ ،‬وال تخوف الطفل بالحبس‬


‫في األماكن المظلمة أو الحرق بالنار (أعواد الكبريت‬
‫خوفه من عقاب‬ ‫ال) أو أي عقاب جنوني آخر‪ ،‬ولكن ّ‬ ‫مث ً‬
‫واضح معقول‪ ،‬كالضرب غير المؤذي أو الحرمان من‬
‫وتذك ْر أن المطلوب أن يكون الطفل‬ ‫ّ‬ ‫ال‪.‬‬
‫معين مث ً‬
‫شيء ّ‬
‫مخلوق ًا حي ًا متجاوب ًا معك مطيع ًا لك‪ ،‬ال آل ًة َص ّماء‬
‫تضيفها إلى ما في بيتك من ُع َدد وآالت!‬

‫‪65‬‬
‫‪42‬‬

‫ال ِعناد من أسوأ ما يمكن أن يملكه الطفل من‬


‫طباع (وال يملكه كل األطفال لحسن الحظ)‪ ،‬ومعناه‬
‫أن يتشبث الطفل بموقفه لمجرد المخالفة‪ ،‬وليس لرغبة‬
‫حقيقية أو كراهية صادقة‪ .‬والطفل العنيد يسهل اكتشافه‬
‫منذ السنة الثانية من عمره‪ ،‬فإذا لم يهذَّ ب هذا الطبع‬
‫فيه خاللها فقد ال يعالَج أبداً‪.‬‬

‫سيصر الطفل على المخالفة ويتشبث‬ ‫ّ‬ ‫ذات يوم‬


‫غير عابئ بترهيب وال مستجيب لترغيب‪ ،‬ولربما‬ ‫برأيه َ‬
‫يكون األمر الذي اتخذ موقفه هذا تجاهه تافه ًا‪ .‬ال‬
‫تكترث بأهمية األمر ولكن اهتم بموقف الطفل منه‪.‬‬
‫إنه >اختبار< للوالدين‪ ،‬فال تدعه يمر مرور الكرام وال‬
‫يصر على عصيانك ويتشبث بموقفه‬ ‫تسمح لطفلك بأن ّ‬
‫المخالف حتى ال يتجذر العناد ويغدو عنده طبع ًا دائم ًا‪.‬‬

‫وتذك ْر أن الصعوبة الكبرى هي في المصادمة‬


‫ّ‬
‫األولى‪ ،‬وسوف تغدو أقل مع كل جولة عالج ِ‬
‫الحق‬
‫تضمحل بالكامل إن شاء اهلل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حتى‬

‫‪66‬‬
‫‪43‬‬

‫يحب الطفل الحصول على أشياء كثيرة وامتالك‬


‫ّ‬
‫كل لعبة يراها‪ ،‬وهو ال يدرك أبداً خالل سنته األولى‬
‫يفرق بين ما‬
‫الملكية وحدودها‪ ،‬فال ّ‬ ‫من العمر معنى ُ‬
‫هو له وما هو لغيره‪ ،‬وال يفهم السبب الذي من أجله‬
‫يحق له الحصول على شيء وال يحق له الحصول على‬
‫شيء آخر‪.‬‬

‫ال لفهم هذا المعنى في السنة‬


‫مؤه ً‬
‫ولكنه يصبح َّ‬
‫الثانية من العمر‪ ،‬وعندئذ ساعده على إدراكه بأن تعطيه‬
‫أشياء محددة وتضفي عليها صفة الملكية وتردد على‬
‫مسمع منه‪" :‬هذه اللعبة لك"‪.‬‬

‫إنه ‪-‬في أول األمر‪ -‬سوف يطلب كل ما يراه‬


‫فأجبه مر ًة‬
‫ْ‬ ‫ويمد يده الصغيرة إلى كل شيء حوله‪،‬‬
‫وامنع عنه مرات‪ ،‬ولو بكى وغضب‪ ،‬حتى يعلم أن‬
‫من األشياء ما هو خاص به وأن منها ما هو خاص‬
‫باآلخرين‪ ،‬وحتى يعلم أنه ليس كل ما ُيطلب ُينال‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪44‬‬

‫أكثر أمام طفلك من ترديد ألفاظ مثل >بسم اهلل<‬ ‫ْ‬


‫و>الحمد هلل< و>إن شاء اهلل< و>ما شاء اهلل<‪ ،‬فإنه يألف‬
‫تلك العبارات ويصبح لفظ الجاللة قريب ًا إلى سمعه‬
‫وقلبه‪ ،‬وتستقر في نفسه عقيد ُة وجود اهلل عز وجل‬
‫وقدرته وقربه من خلقه بعمقٍ وقوة‪.‬‬

‫وإذا ألبست الطفل مالبسه أو حذاءه فليكن‬


‫االبتداء معه باليمين‪ ،‬باليد اليمنى أو بالقدم اليمنى‪،‬‬
‫فإنه يعتاد ذلك‪ .‬واذا بدأ باإلمساك باألشياء أو باألكل‬
‫فعوده أن يفعل ذلك بيده اليمنى وقاوم لديه نزعة‬ ‫ّ‬
‫االعتماد على اليسرى إن ُو ِج َد ْت‪.‬‬

‫إن الطفل ال يفرق في سنته األولى بين يديه‬


‫ال منهما بالتناوب‪ ،‬فإذا كانت السنة الثانية‬
‫ويستعمل ك ً‬
‫استقر على واحدة من اليدين‪ ،‬وقد ثبت أن مساعدة‬
‫ال‬
‫الوالدين من شأنها أن تعينه على االختيار‪ ،‬بشرط أ ّ‬
‫تكون بالقسر أو بالمنع‪ ،‬بل باإليحاء والتشجيع‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫‪45‬‬

‫ُيمضي الطفل معظم وقته خالل الشهور األولى‬


‫من عمره في النوم واألكل وال يتفاعل مع الحياة إال‬
‫ال‪ ،‬ولكنه ال يلبث أن يتغير تغيراً سريع ًا خالل النصف‬ ‫قلي ً‬
‫الثاني من سنته األولى‪ ،‬ويستمر تغيره بالتسارع خالل‬
‫السنة الثانية‪ ،‬فيصبح كائن ًا متدفق ًا بالحيوية والرغبة في‬
‫التواصل مع العالم الخارجي‪.‬‬

‫تحدثوا مع الطفل في هذه المرحلة من عمره أطولَ‬


‫حديث ممكن‪ ،‬فكلما تحدثتم معه أكثر سينمو عقله‬
‫وتتطور قدراته بشكل أفضل‪ .‬وشجعوه على طلب ما‬
‫ال من االستجابة إليماءاته وهمهماته‪،‬‬
‫يريد بالكلمات بد ً‬
‫تخير كلمات ُيعاد تكرارها‬
‫وتحدثوا معه بجمل قصيرة مع ّ‬
‫حتى يألفها ويبدأ بتقليدها‪.‬‬

‫وإذا نطق المفردات بلفظه الناقص المضحك فال‬


‫ال‪ ،‬فإن نطقه‬
‫تعيدوها عليه كما نطقها بل كما ُتنطَ ق أص ً‬
‫المحرف سوف يستقيم مع الوقت إذا استمر بسماع‬ ‫َّ‬
‫الصواب أو يتكرس بسماع الخطأ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫‪46‬‬

‫وأظهر سرورك‬
‫ْ‬ ‫َأ ْث ِن على طفلك كلما أحسن‬
‫بإحسانه‪ ،‬فإنه يتشجع على معاودة اإلحسان‪.‬‬

‫اق إلى رضا والديه ومحبتهما‪،‬‬


‫إن الطفل الصغير ّتو ٌ‬
‫فإذا ارتبط هذا الرضا وهذه المحبة منهما بالعمل الطيب‬
‫فإنه سيحمل نفسه عليه ويدفع نفسه إليه‪.‬‬

‫وردة‬
‫ولكن ال تكثر من ذلك حتى يصبح شرط ًا ّ‬
‫فعل منتظ ََرة لكل عمل وقول‪ ،‬فإنك تخشى أن ُيدمن‬
‫استماع الثناء حتى يصبح عنده أمراً معتاداً فيفقد قيمته‪،‬‬
‫تقل قيمته في عين الناس ويزهدون‬ ‫كل كثي ٍر وفي ٍر ُّ‬
‫إذ إن ّ‬
‫فيه‪ .‬إنه قانون الحياة‪ ،‬وكلما قل الشيء وندر زادت‬
‫قيمته وارتفعت أهميته‪.‬‬‫ُ‬
‫أما إذا لم تظهر أي سرور ألي فعل حسن يقوم‬
‫مل أو أُحبِط فال يعود‬
‫ثن عليه أبداً فربما ّ‬
‫به الطفل ولم ُت ِ‬
‫إليه بعد ذلك‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫‪47‬‬

‫إذا أتى للطفل أخ أو أخت خالل سنته الثانية‬


‫فإن تالفي اآلثار السلبية المتو َّقعة سهلٌ نسبي ًا‪ .‬ال تهمل‬
‫ّ‬
‫الطفل األول على حساب الطفل الجديد‪ ،‬ولكن أيض ًا‬
‫توح للطفل القديم بأن الطفل الجديد ال يستأثر بأي‬ ‫ال ِ‬
‫اهتمام‪.‬‬

‫إن من الحكمة أن نقدم لطفلنا األكبر فكرة وجود‬


‫بتدرج‪ ،‬ولو احتاج األمر‬
‫َمن يشاركه باالهتمام والعاطفة ّ‬
‫أن نهمل الصغير (الوافد الجديد) لبعض الوقت في‬
‫البداية‪ .‬أما ما يفعله عامة الناس من إظهار كل اهتمام‬
‫ومحبة للقادم الجديد ونسيان وإهمال الطفل األكبر‬
‫فإنه السبب في معظم ما ينشأ بعد ذلك من مشكالت‪.‬‬

‫أبعد الصغير عن الكبير إذا شعرت بأنه قد يؤذيه‪.‬‬


‫بشدة تزيد حسده إذا ضربه أو آذاه‪ ،‬ولكن‬ ‫وال تعاقبه ّ‬
‫عاقبه بحزم ُي ْفه ُِم ُه أن ما فعله خطأ ال يجوز‪ ،‬ثم احرص‬
‫‪-‬بعد ذلك‪ -‬على أن ُتغدق المود َة على االثنين مع ًا في‬
‫وقت واحد‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫‪48‬‬

‫وإظهار‬ ‫واإلفراط في التعبير عنها‬


‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اللهفة‬ ‫المبالغ ُة في‬
‫ُ‬
‫يضر به أكثر مما يفيد‪.‬‬
‫كل ذلك أمام الطفل ُّ‬
‫قد تضطر األم لترك طفلها الصغير للدراسة أو‬
‫للعمل‪ ،‬فلو أنها دأبت على إظهار الجزع واألسى في‬
‫كل مرة تفارقه فيها‪ ،‬أو اللهفة الزائدة كلما لقيته من‬
‫جديد‪ ،‬فإن من شأن ذلك أن يولّد في نفسه شعوراً من‬
‫الخوف والقلق ربما ما كان ليتولد لوال ذلك‪.‬‬

‫مما‬
‫إن الطفل يستمد شعوره باألمن والسكينة ّ‬
‫يالحظه على أمه من استسالم واطمئنان‪ ،‬وهو يشعر‬
‫‪-‬بالمقابل‪ -‬بالخوف والقلق إذا بدا عليها الخوف‬
‫والقلق‪ .‬إنه سوف يتساءل‪ :‬لماذا سارعت أمه إلى ضمه‬
‫وأمطرته بالقبالت حين عادت إليه بعد فراق ساعات‬
‫معدودة وعيناها تفيضان بالدمع؟ لن يظن إال أن لهذا‬
‫القلق الذي يراه في عينيها سبب ًا يستحقه ويبرره‪ ،‬فلماذا‬
‫ال يشاركها فيه ويشعر هو أيض ًا بالجزع والهم والقلق‬
‫وفقدان األمان؟‬

‫‪72‬‬
‫‪49‬‬

‫من األطفال من يتعلق في هذه السن تعلق ًا عاطفي ًا‬


‫ال أو بالوسادة التي‬ ‫شديداً بأغراضه‪ ،‬بلعبة من ل َُعبه مث ً‬
‫ينام عليها أو المالءة التي ُيغط َّى بها في الليل‪.‬‬

‫ومثل هذه العادة تغدو ُمت ِعبة جداً للطرفين‪ :‬الطفل‬


‫ووالديه‪ ،‬ألن شيئ ًا من هذه األشياء لن يدوم أو يبقى‬
‫مناسب ًا للطفل وهو يكبر‪ ،‬وسوف يعاني كلما اضطر إلى‬
‫تعب بمعاناته والديه‪ ،‬فقد يأبى‬ ‫التخلي عن شيء منها وي ِ‬
‫ُ‬
‫ال‪ -‬ألن زجاجة الرضاعة التي‬ ‫النوم ليالي متعاقبة ‪-‬مث ً‬
‫اعتاد شرب الحليب فيها قبل النوم قد ُك ِسرت‪ ،‬أو ألن‬
‫فاستبدلت بها مالءة جديدة!‬ ‫ُ‬ ‫مالءته القديمة اهترأت‬

‫للوالدين أن يقاوما هذه العادة منذ‬


‫َ‬ ‫من الخير‬
‫ال يسمحا لها بأن تستفحل‪ ،‬وأفضل سبيل إلى‬ ‫بدايتها وأ ّ‬
‫ذلك هو المداومة على تغيير األشياء التي تحيط بالطفل‬
‫(أدوات النوم واللعب والطعام‪ )...‬وإغداق العاطفة‬
‫عليه حتى يحس بحبهما فيكون ارتباطه (بشكل معقول)‬
‫بهما وليس بهذه األشياء الجامدة‪.‬‬

‫‪73‬‬
74
‫القسم الرابع‬

‫والسادسة‬
‫طفلك بين الثالثة ّ‬

‫‪75‬‬
76
‫‪50‬‬

‫جذور الطاعة واالنضباط تعود إلى السنة األولى‬


‫من عمر الطفل كما رأينا سابق ًا‪ ،‬ولكن هذه السنوات‬
‫الحاسمة هي التي ستقرر إن كان ولدك منضبط ًا طائع ًا‬
‫أو متمرداً عاصي ًا ال سمح اهلل‪.‬‬

‫أوامرك وال تسمح بتمييعها‬


‫َ‬ ‫ولدك‬
‫تشب ْث بأن ينفذ ُ‬
‫ّ‬
‫والتملص منها أو التراخي في تنفيذها‪ ،‬ولكن اسمح‬
‫(في هذه المرحلة‪ ،‬وال سيما في آخرها) ب َق ْدر من‬
‫الحوار حول أوامرك ونواهيك‪.‬‬

‫ولتتأكد دوم ًا من مناسبة هذه األوامر لعمر‬


‫الطفل‪ ،‬وال بأس في أن تغ ّلفها ببعض المرونة‪ ،‬فقد‬
‫تطلب من ابنك المبادرة إلى تنفيذ أمر وهو منسجم‬
‫مشتركة مع آخرين‪ ،‬فال بأس ‪-‬والحالة هذه‪ -‬أن‬ ‫َ‬ ‫بلعبة‬
‫تعطيه مهلة إلنهاء لعبته قبل التنفيذ‪ .‬إن تنبيه ًا أو إنذاراً‬
‫مسبق ًا للخروج نفسي ًا وعملي ًا مما هو منهمك فيه يساعده‬
‫على التنفيذ بشكل أفضل‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫‪51‬‬

‫كن صارم ًا عند الضرورة‪ ،‬ولكن كن عطوف ًا طول‬


‫الوقت‪.‬‬

‫إن الطفل مخلوق رقيق يستحق منك كل رفق‬


‫ولطف وعطف ولين‪ ،‬فال ترتكب تلك الخطيئة الكبيرة‬
‫من خطيئات التربية أبداً‪ :‬القسوة الشديدة والصرامة‬
‫ليحس طفلُك بالخوف منك والنفور من‬ ‫ّ‬ ‫الدائمة حتى‬
‫ومي ْز‬
‫مقابلتك‪ .‬وتجاوز عن كثير من أخطاء الطفل‪ّ ،‬‬
‫بين ما يرتكبه منها متعمداً وما يقع فيه لصغر سنه وقلة‬
‫المهم ثم األدنى‬
‫َّ‬ ‫وصح ْح من تلك األخطاء‬‫ّ‬ ‫خبرته‪،‬‬
‫أسبق إلى وجهك‬ ‫َ‬ ‫أهمي ًة بالرفق والمحبة‪ .‬ولتكن البسم ُة‬
‫والعفو‬
‫ُ‬ ‫من العبوس‪ ،‬والرحم ُة إلى قلبك من القسوة‪،‬‬
‫إلى فعلك من العقوبة‪.‬‬

‫تنس أن من األخطاء ما يستوجب الصرامة‬ ‫ال َ‬


‫أن مقابل الدقائق العابرة‬
‫ويستحق العقاب‪ ،‬ولكن تذكر ّ‬
‫ٍ‬
‫ساعات‬ ‫التي يستغرقها مثل هذا األمر في اليوم الواحد‬
‫تحشوها بالرحمة والمحبة‪.‬‬
‫طويل ًة عليك أن َ‬

‫‪78‬‬
‫‪52‬‬

‫ما هي القيم الصالحة واألخالق القويمة التي‬


‫تحب أن يتحلى أبناؤك بها؟ ستفكر ‪-‬بالتأكيد‪ -‬بالصدق‬
‫واألمانة واالستقامة والشجاعة والكرم واإليثار والوفاء‬
‫والعدل والرضا بقضاء اهلل وقدره‪ ،‬وبكثير غيرها‪.‬‬

‫إليك الخبر الجيد إذن‪ :‬إنها السن المناسبة التي‬


‫غرس فيها هذه الخالئق في نفس الطفل‪ ،‬وإن ُخلُق ًا‬ ‫ُت َ‬
‫ُغرِس في نفس الطفل في السنين الست األولى من‬
‫عمره ل ََيتمكن منه حتى يصبح جزءاً أصلي ًا من شخصيته‬
‫إلى آخر عمره‪.‬‬

‫داوم على تأكيد هذه القيم واألخالق والمفاهيم‬


‫تمل من التأكيد المتكرر عليها‪ ،‬واجعل من نفسك‬ ‫وال ّ‬
‫كتسب بمحاضرات عابرة‬ ‫قدوة فيها‪ ،‬فاألخالق ال ُت َ‬
‫أو بنصائح متقطعة‪ ،‬بل تكون بالتهذيب والتدريب‬
‫المستمرين وبكثير من الصبر وكثير من الجهد وكثير‬
‫َّ‬
‫خير من ألف‬
‫تنس أن القدوة الصالحة ٌ‬‫من الوقت‪ ،‬وال َ‬
‫كلمة‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫‪53‬‬

‫ال بأول وصحح ما في‬ ‫قو ْم أخطاء طفلك أو ً‬ ‫ّ‬


‫إن ترك العيب اليسير كما هو دون‬‫سلوكه من عيب‪ّ .‬‬
‫تقويم قد يتسبب في استفحاله واستعصائه على العالج‪،‬‬
‫فال تأخذك الشفقة ُ بالطفل لصغر سنه فتتجاهل أنانيته‬
‫ال‪ -‬لو أراد أن يأكل الحلوى كلها وال يترك إلخوته‬ ‫‪-‬مث ً‬
‫منها شيئ ًا‪.‬‬

‫ال‬
‫إن الطفل األناني يكبر فيصبح شاب ًا أناني ًا ثم رج ً‬
‫أناني ًا ثم عجوزاً أناني ًا‪ ...‬ولن يصلحه ‪-‬عندئذ‪ -‬أي جهد‬
‫ولن يفيد معه أي تقويم‪ .‬وقل مثل ذلك عن كل عيب‬
‫من عيوب الطفولة‪.‬‬

‫وقو ْمه دوم ًا وهو معك بمفرده دون‬


‫وج ْهه ّ‬
‫ولكن ّ‬
‫موقف عابر على أن‬
‫ٌ‬ ‫أن يراكما اآلخرون‪ ،‬وال ِ‬
‫يحملْك‬
‫تقرع طفلك أو تحاول تصحيح عيوبه في مأل (وال سيما‬‫ّ‬
‫يؤدي عملٌ كهذا‬
‫أمام أطفال قريبين في السن منه)‪ ،‬فلن ّ‬
‫إلى ما تريد من إصالح العيب والقضاء عليه‪ ،‬بل ربما‬
‫يؤدي إلى عكس ما تريد‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫‪54‬‬

‫َق ِّو في طفلك شعور الثقة بالنفس وال تهدمه‬


‫فته به‪ ،‬وأفسح له مجال‬ ‫بالتأنيب إذا أخطأ في تكلي ٍ‬
‫ف ك ّل َ‬
‫مر األيام‪ ،‬ويا لها من‬
‫التعلُّم‪ .‬إن الثقة بالنفس ُت َبنى على ّ‬
‫مهمة شاقة! أما هدمها فيمكن أن يتم بقليل من التهكّ م‬
‫والتأنيب‪.‬‬

‫إن الصغير ال يتقن إنجاز األشياء كما يتقنها‬


‫حاسب محاسبة الكبار؟ كلفه بما‬ ‫الكبار‪ ،‬فكيف ُي َ‬
‫يطيق وتابع التكليف بالتوجيه والتعليم والتدريب‪ ،‬فإنه‬
‫سيخطئ ‪-‬ال محالة‪ -‬فتصحح خطأه‪ ،‬وسوف يكبو‬
‫لمد يد العون وتقديم‬
‫‪-‬بال ريب‪ -‬فتكون قريب ًا منه ّ‬
‫المساعدة‪.‬‬

‫مهامه أو يتلعثم‬
‫يتردد أو يخطئ في تنفيذ ّ‬ ‫وإذا كان ّ‬
‫نقص في ثقته بنفسه‪ ،‬فأعطه‬
‫ٍ‬ ‫تعبير عن‬
‫في كالمه فإن هذا ٌ‬
‫ص للخطأ‪ ،‬واستمع إليه ‪-‬إذا تحدث‪ -‬بإنصات‪،‬‬ ‫ال ُف َر َ‬
‫ال وال تنتقد ما قد يبدر منه من تلعثم‬ ‫ِ‬
‫مستعج ً‬ ‫وال تقاطعه‬
‫أو تردد حتى يعود إلى ثقته بنفسه‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫‪55‬‬

‫احذر السخرية من األطفال!‬

‫إنها ذلك األسلوب المدمر الفعال الذي ال‬


‫يخطئ‪ ،‬فاستعمله إن كنت واثق ًا من رغبتك في تحطيم‬
‫غير‬
‫نفسية ومشاعر طفلك‪ ،‬واهجره إلى األبد إن كنت َ‬
‫راغب في ذلك‪.‬‬

‫الجأ إلى أي أسلوب غير هذا‪ :‬التقويم الهادئ‪،‬‬


‫والتنبيه اللطيف‪ ،‬والتشجيع المستمر‪ ،‬وسوف يعود‬
‫عليك كل واحد من هذه األساليب بالخير العميم‪.‬‬
‫فالطفل (مثلنا نحن الكبار) تدفعه العوامل اإليجابية إلى‬
‫وتجره العوامل السلبية إلى الوراء‪ ،‬وما أسهلَ‬ ‫ّ‬ ‫األمام‬
‫دخوله ‪-‬عندئذ‪ -‬في دائرة الفشل واإلحباط المغلقة‪:‬‬
‫يسخر األب من الطفل ألنه نال التقدير الضعيف‬
‫ال‪ ،‬فيفقد الطفل الثقة بنفسه ويكره‬ ‫في المدرسة مث ً‬
‫الدراسة‪ ،‬وتزداد سخرية أبيه منه فيزداد عنها بعداً وفيها‬
‫ال إلى قاع الفشل واإلحباط‪.‬‬ ‫ال‪ ،‬وصو ً‬
‫فش ً‬

‫‪82‬‬
‫‪56‬‬

‫نهيت عنه إذا‬


‫َ‬ ‫أمرت به أو نهيٍ‬
‫َ‬ ‫ال ترجع عن أم ٍر‬
‫ألح عليك‪ .‬إن هذا يفتح باب ًا لمساومات‬ ‫ابنك أو ّ‬
‫راجعك ُ‬
‫قد تطبع عالقاتكما إلى االبد‪.‬‬

‫إن الطفل يشعر بالشدة أو بالتساهل من نبرتك‬


‫وتصرفك وطريقة أوامرك‪ ،‬فأشعره بالحزم في األوامر‬
‫والحزم ال يكون بحركات عسكرية‬
‫ُ‬ ‫وال ُتش ِعره بالتراخي‪.‬‬
‫وال بالقسوة والعنف‪ ،‬وإنما يكون باإلصرار على تنفيذ‬
‫األمر الصادر كما هو‪.‬‬

‫وليس معنى هذا أن تكون متسلط ًا (ديكتاتوري ًا)‬


‫تلتفت لرغبة الصغير وال تحفل بمشاعره وال‬ ‫ُ‬ ‫فال‬
‫برغباته‪ .‬ولكنه (وهو في هذه السن) أصغر من أن يفكر‬
‫أو يقرر‪ ،‬وأنت لن تأمره أو تنهاه إال لمصلحة في األمر‬
‫لتغي ٍر بدا لك في هذه‬ ‫تراج ُعك ّ‬
‫أو في النهي‪ ،‬فإن كان ُ‬
‫إرضاء للطفل وتجاوب ًا‬
‫ً‬ ‫فح َس ٌن‪ ،‬أما إن كان‬
‫المصلحة َ‬
‫مع إلحاحه فخطأ ال يصح اقترافه من أب عاقل‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪57‬‬

‫إن من مبادئ التربية الكبرى طاعة األبناء آلبائهم‬


‫وانقيادهم إلى أوامرهم ونواهيهم‪ ،‬فإذا أصاب هذا‬
‫ضعف تعرضت عملية التربية‬
‫ٌ‬ ‫المبد َأ خللٌ أو طرأ عليه‬
‫كلها إلى الخطر‪.‬‬

‫تعود طفلك على أن يطيعك بأجر‪ :‬تعطيه‬


‫إياك أن ّ‬
‫ال أو تشتري له لعبة أو تأخذه في نزهة إذا أطاعك‪،‬‬
‫ما ً‬
‫فتصبح الطاعة مقايضة‪.‬‬

‫حين وآخر‬ ‫ولكن ال يمنع ذلك من أن تكافئه بين ٍ‬


‫بأي مما ُيفرحه‪ ،‬ويكون ذلك متقطّ ع ًا في‬ ‫على طاعتك ٍّ‬
‫ومتنوع ًا‬
‫ّ‬ ‫الزمان‪ :‬تكافؤه يوم ًا وتمتنع من المكافأة أيام ًا‪،‬‬
‫ود في مرة ثانية‪،‬‬ ‫في القيمة‪ :‬كلمة لطيفة مرة وابتسامة ّ‬
‫وهدية صغيرة في يوم أو نزهة قصيرة في يوم آخر‪...‬‬
‫وهكذا فإنه سيغدو مبادراً إلى الطاعة غير ِ‬
‫منتظ ٍر‬ ‫َ‬
‫ب مكافأة‪.‬‬
‫أجراً وال متر ّق ٍ‬

‫‪84‬‬
‫‪58‬‬

‫غرس في نفس الطفل من‬ ‫تذكر أن العقيدة ال ُت َ‬


‫ّ‬
‫خالل حصة أو درس منهجي‪ ،‬وإنما من خالل التفاعل‬
‫مع أمور الحياة اليومية‪.‬‬

‫ذكر طفلك ‪-‬وهو ينمو في العمر‪ -‬باهلل؛ قل له‬ ‫ّ‬


‫إن اهلل يراقبه ويراه دائم ًا‪ ،‬قل له إن اهلل يعلم ماذا نفعل‬
‫وبماذا نفكر‪ ،‬وإذا أحضرت إلى البيت طعام ًا لذيذاً‬
‫فقل‪ :‬هذا رزقنا إياه اهلل‪ .‬وإذا جلبت له لعبة جديدة فقل‬
‫إنها مما أنعم به علينا اهلل‪ .‬وإذا خاف فقل له‪ :‬اهلل معك‬
‫دائم ًا وهو أقوى من كل شيء وأقوى من كل الناس‪...‬‬
‫واستمر في تكرار هذه المعاني‪.‬‬

‫إن الطفل عندما يسمع أمثال تلك العبارات كل‬ ‫ّ‬


‫يوم لمدة ست سنوات لن يحتاج ‪-‬بعد ذلك‪ -‬إلى أي‬
‫درس أو كتاب ليقنعه بوجود وعظمة وقدرة وجالل‬
‫الق‪.‬‬
‫المدبر الخ ّ‬
‫ّ‬ ‫ورحمة اهلل‬

‫‪85‬‬
‫‪59‬‬

‫يحب الطفل أن يكون محبوب ًا‪ ،‬فاستغل هذا الميل‬


‫ّ‬
‫وأهم رضا‬
‫َّ‬ ‫أعظم محبة يسعى إليها‬
‫َ‬ ‫واس َع ألن تجعل‬
‫ْ‬
‫يطلبه هما محبة اهلل عز وجل له ورضاه عنه‪.‬‬

‫أظهر أمامه على الدوام حرصك أنت على أن‬


‫أعظم َه ٍّم لك‪،‬‬
‫َ‬ ‫يرضى عنك اهلل واجعل كسب محبة اهلل‬
‫ِ‬
‫يقتد بك ويصبح هو كذلك‪.‬‬

‫ردد أمامه كل يوم مرات أن اهلل يحب المؤمنين‪.‬‬


‫إن الطفل حساس تجاه كلمة الحب وهو يتجاوب معها‬
‫ويحب أن يحبه اآلخرون‪ ،‬فكيف إذا كان هذا الحب‬
‫من اهلل الذي يرى كم يعظّ مه أبواه (وهما في ذهن الطفل‬
‫أعظم وأفهم المخلوقات) وكم يحبانه ويحرصان على‬
‫طاعته وعمل ما يرضيه؟‬

‫وهو إذا تعلق بمحبة اهلل سيسعى إليها على‬


‫الدوام‪ ،‬فيكفيك ‪-‬من بعد‪ -‬أن تقول له‪" :‬هذا عمل ال‬
‫يحب اهلل َمن يعمله" حتى ينصرف عنه‪ ،‬أو "هذا عمل‬
‫يحب اهلل َمن يعمله" حتى ُيقبل عليه‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪60‬‬

‫هذه السنوات من العمر هي األنسب لتقديم فكرة‬


‫>الجنة< للطفل‪.‬‬

‫إنه في مرحلة يقبل فيها ما يسمعه من أبويه بغير‬


‫إحساس بالشك وبال أي نقاش‪ ،‬وما يتلقاه يستقر في‬
‫ال أساس ًا ألفكار الغد‪ .‬وكم سيكون‬‫مشك ً‬
‫ّ‬ ‫أعماق عقله‬
‫ال ‪-‬في مستقبل األيام‪ -‬توجيه امرئ يؤمن بالجنة‬ ‫سه ً‬
‫ويتشوق إليها إلى كل خير وصرفه عن كل سوء‪.‬‬

‫قولوا للطفل إن الجنة هي المكان الذي يذهب‬


‫إليه المؤمنون الذين يحبهم اهلل‪ .‬حدثوا الطفل الصغير‬
‫عن الجنة على أنها ذلك المكان الجميل الذي يحصل‬
‫فيه على كل ما يحب (ولو كان ذلك طعام ًا أو لعبة أو‬
‫أي شيء آخر)‪ ،‬وحدثوه عنها على أنها المكان الذي‬
‫ال يخرج منه َمن دخله‪ ،‬وأنه حيث يذهب المؤمن حين‬
‫يموت‪ .‬إنها فكرة صغيرة ولكنها ستكون كبيرة الفائدة‬
‫الحساس لحدث كبير قد يشهده ذات‬ ‫ّ‬ ‫في تفهم الطفل‬
‫يوم حين ُيتو ّفى شخص قريب منه‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫‪61‬‬

‫َأ ْف ِسح المجال للطفل للتعبير عن حيويته‪.‬‬

‫الحيوية أمر طبيعي في كل طفل‪ ،‬فإذا خال منها‬


‫كان بحاجة إلى عالج‪ .‬فال تقلقك أبداً حيوية طفلك‬
‫ولو رأيتها زائدة عن الحد‪ ،‬ولكن لتقلق لو رأيته هامداً‬
‫خامداً ولتسرع به (لو كان كذلك) إلى الطبيب‪.‬‬

‫ولكن تعبير الطفل عن هذه الحيوية يحتاج إلى‬


‫تدخل منك بالتوجيه والتهذيب بين حين وحين‪.‬‬

‫إن الطفل عندما يكسر لعبته أو يقفز فوق الطاولة‬ ‫ّ‬


‫أو يسكب كأس الحليب على األرض فهو إ ّنما يعبر عن‬
‫تعاقبه على ذلك بشكل يكبت‬ ‫حيويته بشكل خاطئ؛ ال ْ‬
‫الحيوية فيه‪ ،‬ولكن ع ّلمه الطرق المالئمة للتعبير عنها‬
‫واجعل له متن ّفس ًا‪ ،‬وليكن ذلك باالعتماد على ال ُل َعب‬
‫التي تناسب عمره وبتخصيص مكان مالئم له من البيت‬
‫يعلم أنه يملك فيه حرية الحركة‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪62‬‬

‫هدام لشخصية الطفل الصغير‬ ‫الجبن عاملٌ ّ‬


‫الحساس‪ ،‬فال تسمح له بأن يتسلل اليه‪.‬‬

‫ال تهزأ بمخاوف الطفل أبداً‪ ،‬بل تفهمها وعالجها‬


‫وتخلص من أسبابها‪ .‬وشجع الطفل على البوح بما يحس‬
‫به من مخاوف والتعبير عنها وناقش معه أسباب الخوف‬
‫فنع َّته بالجبن أو‬
‫حتى تزول‪ .‬أما إذا أحسست بخوفه َ‬
‫انتقصت منه (وال سيما أمام اآلخرين) فإنه لن يفصح‬
‫عما في نفسه بعد ذلك فيتبلور فيها الخوف‪ ،‬وسيدفن‬ ‫ّ‬
‫مشاعر الجبن في نفسه فيصعب عليه التخلص منها في‬
‫المستقبل‪.‬‬

‫ومن أسباب الخوف ما يسمعه الطفل أو يراه من‬


‫تنشط >الخياالت المرعبة<‪ ،‬فال‬ ‫القصص الخرافية التي ّ‬
‫ك لولدك أمثال هذه الحكايات المخيفة (المملوءة‬ ‫َت ْح ِ‬
‫بالوحوش والعفاريت والساحرات) وامنع األفالم‬
‫الخيالية التي تدخل في هذا الباب‪ ،‬أو داوم على التنبيه‬
‫إلى خياليتها وعدم وجود شيء مما فيها في الواقع‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫‪63‬‬

‫أنت تتعامل مع طفلك الصغير الذي يعيش سنته‬


‫األولى في هذه الدنيا أو الثانية على أساس أنه مخلوق‬
‫عاجز ال يملك القدرة على التفكير الكامل أو اتخاذ‬
‫القرارات الصحيحة‪ ،‬لذلك فإنك تمارس عليه سلطة‬
‫مطلقة وترعاه رعاية كاملة‪ .‬وهذا صحيح‪.‬‬

‫غير أن الطفل ينمو وتنمو مداركه‪ ،‬وعليك أن‬


‫تطور الطريق َة التي تمارس بها السلطة عليه واألسلوب‬
‫ّ‬
‫الذي ترعاه به تبع ًا لذلك‪.‬‬

‫إن دماغ الطفل يستمر بالنمو خالل السنوات‬


‫الست األولى من عمره‪ ،‬وخالل هذه السنوات تزداد‬
‫قدرته على التفكير والفهم والتعامل مع العالم الخارجي‬
‫بشكل متدرج‪ ،‬وإن من الحكمة أن تتدرج أنت أيض ًا في‬
‫منحه حدوداً أكبر من الحرية والسماح لشخصيته بالنمو‬
‫جسمه وينمو بها عقله‪.‬‬
‫ُ‬ ‫بنفس الدرجة التي ينمو بها‬

‫‪90‬‬
‫‪64‬‬

‫فإذا وصل الطفل إلى آخر هذه المرحلة فإن من‬


‫الحكمة أن يكون قد اكتسب المهارات األساسية في‬
‫الحياة وبات قادراً على االعتماد على نفسه‪.‬‬

‫علمه االستقالل في شؤونه الخاصة واالعتماد‬


‫على نفسه في قضاء حاجاته‪ ،‬من غير معونة منك أو‬
‫بأقل القليل من المعونة‪ :‬في اللباس (ارتداء بنطاله‬
‫وتزرير قميصه وربط خيط حذائه)‪ ،‬وفي الطعام (اختيار‬
‫طعامه وتعبئة صحنه واألكل بالملعقة وتنظيف أسنانه‬
‫الحمام (قضاء الحاجة‬
‫ّ‬ ‫بالفرشاة بعد الوجبة)‪ ،‬وفي‬
‫والتطهر منها وتنظيف يديه بعدها)‪ ،‬وفي كل نواحي‬
‫ّ‬
‫الحياة‪.‬‬

‫وقد يفيد االنفصال المؤقت عن الوالدين ليوم‬


‫أو بعض يوم‪ ،‬عند بعض أقاربه أو في بيوت بعض‬
‫ال‪ ،‬ليعتاد البعد عن الوالدين‪ ،‬فهو سيذهب‬
‫األصدقاء مث ً‬
‫إلى المدرسة بعد قليل بعيداً عن رقابتك المباشرة‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫‪65‬‬

‫سيكذب الطفل مرة‪ ،‬وتصرفك إزاء الكذبة‬


‫األولى سيحكم ما إذا كان الكذب سيغدو عنده عادة‬
‫أو أنه لن يعود إليه أبداً‪.‬‬

‫يجب أن تكون حكيم ًا فتتعرف إلى الكذبة‬


‫شاك ًا ِ‬
‫آخذاً بالشبهة‪ .‬تأكد من‬ ‫مباشرة‪ ،‬ولكن ال تكن ّ‬
‫الكذبة أوالً‪ ،‬ثم حاول أن تبحث عن سبب الكذب‪:‬‬
‫متعمد أم‬
‫َّ‬ ‫هرب ًا من عقوبة أم سعي ًا إلى منفعة؟ وهل هو‬
‫عفوي؟‬

‫بعد ذلك اسأل الطفل وشجعه على أن يعترف‬


‫بأنه كذب‪ ،‬فإذا اعترف فأظهر قدراً من التسامح في‬
‫المرة األولى (مع الحزم الكافي وبيان قبح هذا العمل‬
‫وعقوبته عند اهلل)‪ ،‬ولكن ال تتسرع بالعقاب‪ .‬إن‬
‫ورد الفعل الطائش سيعلمه أن يكذب‬ ‫العقاب الصارم ّ‬
‫في المستقبل بشكل أفضل وأن ال يعترف أبداً‪ .‬أما إن‬
‫عاد إليه مرة ثانية فال بد من إجراءات أكثر صرامة لكيال‬
‫يصبح الكذب عنده عادة‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫‪66‬‬

‫األسلوب الذي يعيش الطفل به في هذه المرحلة‬


‫ال عن‬
‫من عمره يحدد ما إذا كان سينشأ إنسان ًا مسؤو ً‬
‫ال غير مسؤول‪.‬‬‫نفسه أو متواك ً‬
‫إنه هو الذي نام في فراشه‪ ،‬فهو المسؤول ‪-‬إذن‪-‬‬
‫عن ترتيبه عندما ينهض منه صباح ًا‪ .‬وحيث إنه قد لعب‬
‫ب ُل َعبه واستمتع بها فعليه أن يعيدها إلى صناديقها وال‬
‫وتؤذى‬
‫َ‬ ‫يبقيها على األرض حتى تطأها األقدام فتؤذي‬
‫(يمكن أن يبدأ هذا األمر بشكل تمرين ُم َسلٍّ‪ :‬هل تعرف‬
‫كيف تصفف هذه القطع في الصندوق؟ لنضع هذه‬
‫العروسة في فراشها لتمضي فيه الليل‪ .‬هذه السيارات‬
‫ال يجب أن ُتترك في الطريق‪ ،‬بل لنضعها في محطة‬
‫السيارات‪ ،‬إلخ)‪.‬‬

‫خدم من أول عمره‪ ،‬فلن‬


‫تعود الطفل على أن ُي َ‬
‫ال ّ‬
‫العمر مالك ًا حارس ًا له‪ ،‬ولو فعلت‬
‫َ‬ ‫يسعك أن تُمضي‬
‫فلن تكسب سوى أن يكبر فيكون من العاجزين‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫‪67‬‬

‫يحتاج الطفل في هذه السنوات من عمره إلى‬


‫َم َثلٍ أعلى يتع ّلق به ويجنح معه بخياله‪ .‬إن اإلعالم‬
‫مشوهة‬
‫المحيط بالطفل من كل الجهات يقدم له صورة ّ‬
‫لهذا المثل األعلى (في صور أبطال األفالم الكرتونية‬
‫المستوردة من الغرب والشرق)‪.‬‬
‫َ‬ ‫واللعب اإللكترونية‬
‫َ‬
‫فرغ من وقتك جزءاً خاص ًا تتحدث فيه إلى طفلك‬ ‫ِّ‬
‫عن رسول اهلل ’‪ ،‬بطل األبطال‪ ،‬ومغازيه وأخالقه‬
‫وقصصه‪ ،‬وكذلك عن ِسير أصحابه والقادة ِ‬
‫العظام‪:‬‬ ‫َ‬
‫والمثنى و ُق َتيبة وصالح الدين‪ ،‬والمئات‬
‫ّ‬ ‫خالد وطارق‬
‫غيرهم من أبطال تاريخنا الغني بالبطوالت‪.‬‬

‫وتذك ْر أن الطفل يتعلق بالقصص وينسجم مع‬ ‫ّ‬


‫أخبار البطولة وتستفزه تفصيالتها‪ ،‬فأكثِ ْر في قصصك‬
‫مركزاً على البطولة (فهي أكثر‬
‫من اإلشارات الحماسية ّ‬
‫أمنيته‬
‫ما يؤثر في طفلك في تلك الفترة)‪ ،‬وسوف تكون ّ‬
‫أن يصبح مثل أولئك عندما يكبر في المستقبل بإذن اهلل‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫‪68‬‬

‫إذا أتى الطفل الثاني أو الجديد في تلك المرحلة‬


‫فالمتوقع أن يثير الحسد في نفس أخيه بشكل جارف‪.‬‬

‫إن إشعار الطفل بأن أخاه الصغير أحب الى‬


‫مسمع‬
‫ٍ‬ ‫والديه منه خطأ فادح‪ ،‬أما التصريح بذلك على‬
‫منه فهو خطيئة‪ ،‬ومثل هذا التصرف الطائش من جانب‬
‫الوالدين سيزيد من حسد الطفل ويقود األمور إلى‬
‫حيث يصعب عالجها‪.‬‬

‫تذكر أن الحسد ال ُيداوى بالتأثير العقلي والمنطقي‬


‫ّ‬
‫وإنما بالتعويض عنه بشعور آخر‪ ،‬واإلصالح يقتضي‬
‫التأثير على العاطفة‪ ،‬ال العقل‪ .‬أغدق العاطفة على‬
‫الطفلين كليهما‪ :‬القديم والجديد‪ ،‬وامنحهما قدراً‬
‫متساوي ًا من االهتمام‪ .‬وال تجعل الطفل الجديد >شيئ ًا<‬
‫مقدس ًا فتمنع أخاه من لمسه أو حمله أو االقتراب منه‪،‬‬‫ّ‬
‫مع الحذر واالنتباه‪ ،‬فال تتركه معه دون رقابة‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫‪69‬‬

‫قد يختلف اإلخوة الصغار ويتخاصمون‪ ،‬وربما‬


‫الخالف والخصام‪ ،‬ولكنهم ال يلبثون أن‬
‫ُ‬ ‫اشتد بينهم‬
‫يصطلحوا ويح ّلوا ما بينهم من مشكالت‪.‬‬

‫تذكر أن نفوس الصغار أكثر صفاء من نفوس‬


‫الكبار وأن الصغير ال يعرف الكراهية والحقد كما‬
‫يعرفهما كثير من الراشدين‪ ،‬فحاول أن ُتبقي مشكالت‬
‫تدخل منك قدر اإلمكان‪ ،‬فإنه أدعى‬ ‫الصغار بينهم دون ّ‬
‫تدخل الكبار فإ ّنه غالب ًا‬
‫إلى أن ينسوها بعد ذلك‪ ،‬أما ّ‬
‫ويبقي في النفوس آثاراً‬ ‫يجر مزيداً من المشكالت ُ‬
‫ما ّ‬
‫سلبية‪.‬‬

‫على أن من واجبك أن تراقب من بعيد للتدخل‬


‫عند الضرورة‪ ،‬فقد يتطور الخالف إلى شكل يسبب‬
‫ال حيادي ًا‪،‬‬
‫األذى لبعض األطراف‪ .‬ولكن ليكن تدخ ً‬
‫وليكن غرضه تهدئة التوتر وإنهاء النزاع دون انحياز قد‬
‫يقودك إلى ظلم أو بعد عن الحق ال سمح اهلل‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫‪70‬‬

‫يكره الطفل الشعور بأن سواه من األطفال‬


‫مفضلون لدى أمه أو أبيه عليه‪ ،‬وقد يقوده إحساس‬ ‫َّ‬
‫من هذا النوع إلى الظن بأنهما قد نبذاه أو أنهما في‬
‫سبيل التخلي عنه‪.‬‬

‫ظهرت في طفلك ‪-‬ذات يوم‪ -‬صف ٌة ال تحبها‬ ‫فإن َ‬


‫أقد َم على تصرف كنت نهيته عنه فال تلجأ إلى تلك‬ ‫أو َ‬
‫الطريقة التي يتبعها كثير من اآلباء واألمهات‪ُ ،‬فتشعره‬
‫بأنه ليس الولد الذي تتمناه أو أن سواه من األطفال‬
‫أفضل منه‪ ،‬أو تذهب أبعد من ذلك فتتمنى ‪-‬على‬
‫ال منه!‬
‫مسمع منه‪ -‬لو أن غيره كان ولدك بد ً‬

‫إلحساس أن‬
‫ٍ‬ ‫ال تقارن طفلك بغيره وال تسمح‬
‫تفضل غيره عليه‪ ،‬فإن ذلك قد‬‫يتسلل إلى نفسه بأنك ّ‬
‫يجعله حاقداً ساخط ًا أو يفقده الثقة بنفسه أو يفقده‬
‫اإلحساس باألمان‪ ،‬وقد يفقده اإلحساس بقيمة التأنيب‬
‫أو يدفعه إلى االنزواء‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫‪71‬‬

‫يحبه‪ ،‬فإن‬
‫ال تجبر طفلك على أكل طعام ال ّ‬
‫ذلك قد يحمله على كره هذا الصنف من الطعام‪ ،‬بل‬
‫وتقب ْل فكرة أن يحب طفلك‬
‫هو قد يكرهه إلى األبد‪ّ .‬‬
‫بعضها ويكره بعض ًا‪ ،‬كما تحب أنت منها‬‫من األطعمة َ‬
‫أصناف ًا وتكره أصناف ًا‪ .‬نعم‪ ،‬إنه صغير‪ ،‬ولكن أال يملك‬
‫الصغير حاسة تذوق كما يملكها الكبار؟‬

‫وال ُتتعب نفسك بحشوه بالطعام خوف ًا عليه‪.‬‬


‫واطمئن‪ ،‬فال يموت طفلٌ جوع ًا وفي مطبخ بيته طعام‪،‬‬
‫ولكن إذا كان له صحن خاص ووضع فيه شيئ ًا من طعام‬
‫فيجب أن يأكل ما وضعه هو فيه فإنه مسؤول عنه‪.‬‬

‫وع ّل ْمه أن لألكل وقت ًا محدداً‪ ،‬فإذا انقضى فال‬


‫يعود إلى األكل حتى الموعد القادم‪ .‬وقاوم عادة أكل‬
‫وتسوس‬ ‫ذهب الشهية‬ ‫الحلوى والمثلجات (التي ُت ِ‬
‫ّ‬
‫األسنان) بين الوجبات وفي كل وقت من أوقات‬
‫النهار‪ ،‬ولو أنه اشتهى األكل في مثل تلك األوقات‬
‫فليأكل الفاكهة النافعة‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫‪72‬‬

‫علمي طفلك أن يعيد األشياء إلى أماكنها بعد‬


‫ِ‬
‫عليك‬ ‫الفراغ من استعمالها‪ ،‬فهذه العادة البسيطة توفر‬
‫اليوم وعليه في ٍ‬
‫غد كثيراً من الجهد والوقت‪.‬‬ ‫َ‬
‫واجعلي لكل ما يستعمله الطفل في البيت مكان ًا‬
‫(وهذا مما ينبغي أن يكون في أصل ترتيب البيت‬
‫وقوانينه العامة‪ :‬أن يكون لكل شيء موضع محدد وأن‬
‫كل واحد في البيت كلَّ شيء إلى موضعه بعد‬ ‫يعيد ُّ‬
‫الفراغ منه)‪.‬‬

‫فإذا استعمل الطفل فرشاة أسنانه بعد الغداء‬


‫ال) حتى‬
‫رف فوق المغسلة مث ً‬
‫فليضعها في مكانها (على ٍّ‬
‫ال يتحول البحث عنها إلى عملية عسكرية يتورط فيها‬
‫أهل البيت كلهم حين يحتاجها بعد العشاء! وكذلك‬
‫ليتعلم أن يعلق ثوب المدرسة في مكانه المحدد بعد‬
‫العودة من المدرسة‪ ،‬ويضع حذاءه في خزانة األحذية‬
‫بجانب الباب‪ ،‬ويعيد لعبته إلى صندوق الل َُعب بعد‬
‫الفراغ من ال َل ِعب بها‪ ،‬وأمثال هذا كثير‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫‪73‬‬

‫من الخطأ الفادح أن يتخاصم الوالدان ويختلفا‬


‫ويتصايحا أمام األطفال الصغار‪ ،‬فإن ذلك يجعلهم‬
‫مع ّقدين حائرين خائفين من الحياة‪.‬‬

‫يبدأ األطفال ‪-‬في هذه السن‪ -‬بالمشاركة العاطفية‬


‫لوالديهم في أحداث حياتهم‪ ،‬فيتمزقون بين األب‬
‫واألم عند اختالفهما‪ .‬فإذا أراد األب أن يختلف مع األم‬
‫فخير لهما أن يفعال ذلك في غرفة بعيدة عن االطفال‪،‬‬
‫ٌ‬
‫واألفضل ‪-‬قطع ًا‪ -‬أن يكون اختالفهما مؤدب ًا بغير سباب‬
‫أو صياح أو صراخ‪.‬‬

‫إن صراع األبوين ونزاعهما وتجريح أحدهما‬


‫اإلحساس باألمان‪،‬‬
‫َ‬ ‫لآلخر يهدم في نفس الطفل‬
‫دائمين من افتراق أبويه وتهدم‬
‫فيعيش في ذعر وخوف َ‬
‫بيته‪ ،‬فانظروا أي ثمن ٍ‬
‫غال يدفعه أولئك اآلباء الذين‬
‫يسمحون ألنفسهم بسلوك كهذا السلوك!‬

‫‪100‬‬
‫‪74‬‬

‫تدر ْج في تعريف الطفل بأوجه الحياة المختلفة‪.‬‬ ‫ّ‬


‫ِ‬
‫أكثر الوقت في أول سني عمره‬ ‫إنه ُيمضي في البيت َ‬
‫ال‪ ،‬ويغلب أن تقتصر الوجوه‬ ‫وقد ال يخرج منه إال قلي ً‬
‫ومن يزور األسرة من األقارب‬ ‫التي يراها على أهل بيته َ‬
‫واألصدقاء أو َمن تبادله األسر ُة منهم الزيارات‪.‬‬
‫ولكن في الحياة من األماكن غير البيت ومن‬ ‫ّ‬
‫الناس غير األسرة واألقارب واألصدقاء المقربين‪،‬‬
‫فأطلعه على الحياة الحقيقية حتى يألفها وتألفه‪.‬‬
‫اصطحبه ‪-‬بين حين وآخر‪ -‬إلى متجر أو مخبز‬
‫أو بقالة وأنت تشتري أغراض البيت‪ ،‬خذه معك إلى‬
‫ال يجعل‬ ‫صالة الجماعة في بعض األوقات (على أ ّ‬
‫من المسجد ملعب ًا فيؤذي المصلين)‪ ،‬وإذا ذهبت إلى‬
‫محطة غسيل السيارات لغسل السيارة أو تغيير زيتها‬
‫فليذهب معك‪ ،‬فإن هذه خبرة جديدة مثيرة في حياة‬
‫الطفل‪ .‬ومثل ذلك يقال عن زيارة مكتب البريد أو‬
‫المطار أو حديقة الحيوان‪ ،‬إلخ‪ .‬وليرافق كلَّ زيارة‬
‫بعض الشرح والتعريف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫لمكان جديد‬

‫‪101‬‬
‫‪75‬‬

‫قواعد األمان العامة‬


‫َ‬ ‫احرص على تعليم الطفل‬
‫منذ طفولته المبكرة وال تملَّ تكرار التنبيه إليها‪ ،‬فإن‬
‫خير‬
‫ألف مرة من خطرٍ من األخطار ٌ‬ ‫تكرار تحذير الطفل َ‬
‫قدر اهلل‪.‬‬
‫حادث أليم ال ّ‬
‫ٌ‬ ‫من االستهتار مرة واحدة يعقبها‬

‫علموا الطفل االنتباه في خارج البيت عند قطع‬


‫الطريق‪ :‬يلتفت يمين ًا ويساراً ويتأكد من عدم اقتراب‬
‫أي سيارة‪ ،‬وال يقطع شارع ًا عام ًا بغير رفقة من كبير‪.‬‬
‫وفي السوق‪ :‬أن يبقى مع والديه وال يبتعد أبداً‪ ،‬فلو‬
‫انتباه‬
‫َ‬ ‫ضاع فليثبت في مكانه وال يتحرك وال يلفت‬
‫أحد بالصياح (سيبحث عنك أبواك وسوف يعودان‬
‫إلى هذا المكان بالتأكيد)‪ .‬وداخل البيت‪ :‬ال يستخدم‬
‫دخل في فتحة الكهرباء‬ ‫السكاكين الحادة أبداً‪ ،‬وال ي ِ‬
‫ُ‬
‫شيئ ًا‪ ،‬ويبتعد عن الموقد المشتعل (وال سيما إن كان‬
‫على النار ِقدر فيه سائل يغلي)‪ ،‬وال يستعمل اآلالت‬
‫الكهربائية القاطعة‪ ...‬وأمثال ذلك كثير كثير‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫‪76‬‬

‫يريد الطفل من أبويه شيئ ًا من الوقت وشيئ ًا من‬


‫االهتمام‪ ،‬ولكن األبوين مشغوالن دائم ًا‪ ،‬لذلك تراه‬
‫يحاصرهما حين ًا باألسئلة‪ ،‬وقد يتصل حديثه ويطول‪،‬‬
‫كم أمه يمنعها من الحركة حتى ُتتِ ّم‬ ‫وربما قبض على ّ‬
‫فو َقفه عن السير حتى‬‫االستماع إلى قصته أو تع ّل َق بأبيه َ‬
‫يصغي إليه‪.‬‬
‫ِ‬
‫وأعط ابنك الوقت واالهتمام دون‬ ‫كن ذكي ًا حكيم ًا‬
‫أن تضطره إلى استجدائهما وابتداع الوسائل لنيلهما‪،‬‬
‫وقت ييأس فيه ويزهد في الحديث إليك‪،‬‬ ‫حتى ال يأتي ٌ‬
‫لتحدثه الحديث القصير فال تجد منه إصغاء وال‬ ‫ّ‬ ‫فتطلبه‬
‫رغبة في السماع‪.‬‬

‫وإذا خاطبك فالت ِف ْت إليه بالك ّلية‪ ،‬وانظر في‬


‫عينيه حين يتحدث معك‪ ،‬وأشعره بالمتابعة واالهتمام‬
‫تهز رأسك وتردد‬ ‫تعت ْد أن ّ‬
‫وأجب عن تساؤالته‪ ،‬وال َ‬
‫كلمة >نعم< مرة بعد مرة وأنت ال تسمعه وال تدرك‬
‫ما يقول‪ ،‬فإنه سيالحظ انشغال ذهنك وانصرافك عنه‬
‫فينصرف ‪-‬بدوره‪ -‬عنك‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫‪77‬‬

‫اقرأ لطفلك منذ سنته األولى‪ ،‬ثم ثابر على‬


‫هذه العادة خالل السنوات الالحقة إلى أن يبدأ هو‬
‫بالقراءة بنفسه‪ .‬واقرأ له في كل موضوع‪ :‬عن الحيوانات‬
‫والنباتات واألرض والكون واآلالت واالختراعات‪،‬‬
‫وحدثه عن‬
‫ّ‬ ‫واقرأ له قصص السيرة وأخبار الصحابة‬
‫المعارك والبطوالت التاريخية‪ ،‬على أن تتخير من‬
‫الكتابات ما أ ُِع ّد لألطفال وما يناسب القدرة المحدودة‬
‫للصغير على الفهم‪.‬‬
‫اجعل من عادات اليوم المتكررة أن تختار كتاب ًا‬
‫من مكتبة الطفل (ألم نتفق من قبل أن تجعل له مكتبة‬
‫خاصة؟) أو اطلب منه أن يأتي بالكتاب الذي يريد أن‬
‫تقرأه له‪ ،‬ثم اجلس معه لتقرأ له منه‪ ،‬فإن هذا األمر‬
‫يجعله محب ًا للقراءة فيألفها ويتعلمها بأسرع مما يتعلمها‬
‫بقية األطفال‪.‬‬
‫أسرع‬
‫َ‬ ‫وكلما استمع الطفل إلى القراءة أكثر صار‬
‫حصيلته اللغوية ونمت‬
‫ُ‬ ‫وأقدر على التحدث وزادت‬‫َ‬
‫وتنوعت حصيلته المعرفية‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪104‬‬
‫‪78‬‬

‫ِ‬
‫احك للطفل كثيراً من الحكايات (قبل النوم كل‬
‫ال)‪ ،‬واجعلها فرصة لتوصيل ما تشاء من األفكار‬ ‫ليلة مث ً‬
‫ويقبِل عليها‪ ،‬كالصدق والصبر‬
‫والقيم‪ :‬اإليجابية ليحبها ُ‬
‫واإليثار وطاعة الوالدين‪ ...‬والسلبية ليكرهها ويبتعد‬
‫كالطمع والكذب والغش (والعادات السيئة‬ ‫َ‬ ‫عنها‪،‬‬
‫تحصين أوالدنا منه منذ‬
‫َ‬ ‫أحسن‬
‫َ‬ ‫أيض ًا‪ ،‬كالتدخين‪ ،‬فما‬
‫الطفولة المبكرة)‪.‬‬
‫ما أشد تعلق األطفال بالقصص والحكايات وما‬
‫أبلغ تأثرهم بها! فال تهدر هذه األداة السحرية من‬
‫تضن بربع ساعة‬
‫َّ‬ ‫تتشاغل عنها‪ ،‬وال‬
‫ْ‬ ‫أدوات التربية أو‬
‫في اليوم تصرفها عليها‪ ،‬فإنك تصرف الساعات الطوال‬
‫في أعمال أقل نفع ًا وأدنى تأثيراً‪.‬‬
‫ولكن إياك وخزعبالت القصص الخرافية المرعبة‬
‫واألساطير التي تجلب الكوابيس وتعطل العقل وال‬
‫المشوقة الهادفة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تربي أي قيمة‪ ،‬بل تخيّر الحكاية‬
‫فإن لم تجدها في السوق (وال بد أن تجدها) فاخترع‬
‫منها ما تشاء واقتبس مما تراه في الحياة وتسمعه من‬
‫قصص وأحداث‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫‪79‬‬

‫الغيبة من الكبائر التي تتسلل إلى حياتنا دون أن‬


‫نشعر‪ ،‬فيغتاب بعضنا بعض ًا في كل يوم مرات ومرات‬
‫وال نكاد نحس بإثم‪.‬‬

‫فإذا سمع الطفل أباه وأمه يذكران بالسوء كل‬


‫غائب فإنه سيألف هذا األمر ويمارسه هو نفسه‪ ،‬ولكن‬
‫طبع يع ّلم طفلك الجبن والسلبية والهروب‬
‫هل تعلم أنه ٌ‬
‫(مع ما يستوجبه من غضب الرب تبارك وتعالى)؟‬

‫حدثك ابنك عن عيب في صديق له أو قريب‬ ‫إذا ّ‬


‫فشج ْعه على أن يقول ذلك له في وجهه (مع تخيّر‬ ‫ّ‬
‫اللفظ الرقيق واألسلوب الرفيق) في سبيل إصالح هذا‬
‫وبي ْن‬
‫العيب‪ ،‬فهذه هي النصيحة المطلوبة في الشرع‪ّ .‬‬
‫له أن ذكر اآلخرين بما يسوؤهم في غيابهم أمر محرم‬
‫حب اهلل له‪ ،‬وهو أسلوب ُيبقي على‬
‫وأن َمن فعله قلَّ ُّ‬
‫العيوب التي نكرهها في اآلخرين وال يساعد على‬
‫البين‪.‬‬
‫إصالح ذات َ‬

‫‪106‬‬
‫‪80‬‬

‫يصح أن يكون‬
‫ّ‬ ‫النظافة من ِسمات المسلم‪ ،‬فال‬
‫قذراً ال في بدنه وال في ثيابه‪ ،‬وهي من أهم أسباب‬
‫الصحة والعافية في الجسم والنفس‪.‬‬

‫والنظافة من الطباع التي إن لم ُي َر َّب عليها الطفل‬


‫صغيراً لم يألفها كبيراً‪ .‬فل ّق ْنه أساسيات النظافة وقواعدها‬
‫منذ طفولته المبكرة‪ .‬وال تحسب أن الطفل أصغر من‬
‫أن يتعلم هذه األمور‪ ،‬بل أرشده إليها وح ّثه عليها‬
‫دائم ًا‪ :‬ع ّلمه أن ينظف يديه بالماء والصابون بعد قضاء‬
‫الحاجة‪ ،‬وبعد تناول الطعام‪ ،‬وبعد دخول البيت من‬
‫الخارج‪...‬‬

‫وعلمه استعمال فرشاة األسنان بعد كل وجبة‪،‬‬


‫فإنه يغدو صاحب فم نظيف طيب الرائحة ويوفر على‬
‫نفسه عناء مداواة األسنان وحفرها وحشوها‪ ،‬وهو‬
‫واحد من أشد كوابيس الطفولة فظاعة (هو عندي‬
‫كذلك‪ ،‬وال أزال أذكر زياراتي المبكرة لطبيب األسنان‬
‫وقد مضى عليها اليوم أكثر من أربعين عام ًا)‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫‪81‬‬

‫إذا كان األدب واالحترام جزءاً من جو البيت العام‬


‫الذي ينشأ الطفل فيه فسوف ينشأ مهذب ًا مفطوراً على‬
‫احترام اآلخرين بالضرورة‪ ،‬وسينشأ على خالف ذلك‬
‫في بيت ال يسوده األدب واالحترام‪.‬‬

‫ليكن من المألوف أن يتبادل أفراد األسرة‬


‫العبارات اللبقة والمهذبة وأن يبتعدوا عن الغلظة‬
‫أحد من ٍ‬
‫أحد شيئ ًا فليشفع طلبه‬ ‫والفظاظة‪ .‬إذا طلب ٌ‬
‫فرد لآلخر‬
‫بعبارة >لو سمحت<‪ ،‬وليكن لكل خير يقدمه ٌ‬
‫جزاء مثل >شكراً‪ ،‬جزاك اهلل خيراً<‪ .‬وال تسمحوا بتبادل‬
‫الشتائم والعبارات النابية بين األوالد أبداً (ولكن ال‬
‫بأس بعبارة ين ّفس بها الطفل عن ضيقه وال مخالفة فيها‬
‫ألدب المسلم‪ ،‬كأن يقول الصغير لآلخر‪ :‬أنت مزعج‪،‬‬
‫ال أحب عملك هذا‪ ،‬إلخ)‪.‬‬

‫وتذكروا أخيراً ‪-‬يا أيها اآلباء واألمهات‪ -‬أن‬


‫احترام األبوين كل منهما لآلخر هو مفتاح االحترام‬
‫واالستقرار والعالقات الراسخة المطمئنة في البيت‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫‪82‬‬

‫لمعظم األطفال استعداد أصلي لإلبداع واالبتكار‪.‬‬


‫والموهبة تنمو لدى معظم الناس بشكل خاص بين‬
‫الثالثة والسادسة من العمر‪ ،‬إال أن البيئة األسرية والجو‬
‫العام في البيت سوف يحددان ما إذا كانت هذه القدرات‬
‫ستنمو أو ستخبو وتضمر‪.‬‬

‫نهيئ الجو المريح لالبتكار في البيت‪،‬‬‫علينا أن ّ‬


‫ولنشجع الطفل بإعطائه مزيداً من الفرص لإلبداع‬
‫بتوفير أدواته والتشجيع عليه (كأدوات الرسم والتلوين‪،‬‬
‫تدرب العقل وتو ّفر‬
‫واألنواع المختلفة من ال ُل َعب التي ّ‬
‫للفك والتركيب والتأليف وإطالق الخيال‬ ‫ّ‬ ‫المجال‬
‫للطفل)‪.‬‬

‫ولندعم ذلك كله بالثناء والتشجيع والتفهم والصبر‬


‫على األسئلة الكثيرة التي سنتوقع سماعها من الطفل‪ .‬قد‬
‫كل هذا في بعض األحيان‪،‬‬ ‫األب ُّ‬
‫األم أو يضايق َ‬ ‫يزعج َّ‬
‫ولكنه ثمن يسير لتنمية ورعاية بذور العبقرية المبكرة‬
‫لدى أطفالنا الصغار‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫‪83‬‬

‫يشعر الطفل بالغضب أو بالحقد تجاه من يحس‬


‫أنه يتعدى عليه أو يأخذ منه شيئ ًا من حقوقه‪ ،‬وهو يميل‬
‫إلى مبادلة العدوان بمثله‪.‬‬

‫بتقبل >مشاعر< األطفال العدائية في‬


‫ال بأس ّ‬
‫حاالت الغضب أو المشادات‪ ،‬ولكن علينا أن نقاوم‬
‫>السلوك< العدواني الذي قد ينشأ عن تلك المشاعر‪.‬‬

‫ع ّلم طفلك التسامح والعفو مع وقوفك إلى جانبه‬


‫وأك ْد له أنه يكسب بالتسامح‬ ‫واستعدادك إلنصافه‪ّ ،‬‬
‫محبة اهلل والدرجات العالية في الجنة‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫العالقات الطيبة مع الناس‪ .‬ولكن تذكر أن الطفل يحتاج‬
‫إلى تدريب ووقت لكي يصبح قادراً على السيطرة‬
‫على انفعاالته‪ ،‬فاصبر عليه وأنت تداوم على توجيهه‬
‫وتذكيره‪ ،‬واحذر أن ترغمه على التسامح أو التنازل‬
‫عن شيء من حقه إال برضاه الكامل‪ ،‬فالرضا النابع‬
‫من القلب سيجعله متسامح ًا حقيقي ًا‪ ،‬أما إكراهه عليه‬
‫فسيزيده سخط ًا وعدوانية‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫‪84‬‬

‫يتهاون بعض اآلباء واألمهات بحاجة الطفل إلى‬


‫البقاء بالقرب من والديه‪ ،‬فيبتعدان عنه كالهما لساعات‬
‫طويلة في اليوم الواحد‪ ،‬بل ربما أليام عديدة‪.‬‬

‫شعوره باألمان من بقاء والديه‬


‫َ‬ ‫إن الطفل يستمد‬
‫أو أحدهما بقربه‪ ،‬وتركه لفترات طويلة يجعله في‬
‫حالة من الخوف ويشعره بفقدان الحماية‪ ،‬بل إن فصله‬
‫(و ِجد في‬
‫إيذاء من الغارات والحروب ُ‬‫ً‬ ‫عنهما لهو أشد‬
‫الحرب العالمية الثانية أن األطفال الذين ُفصلوا عن‬
‫آبائهم في مدن بريطانيا و ُنقلوا إلى أماكن هادئة في‬
‫األرياف قاسوا من المخاوف أكثر من الذين بقوا مع‬
‫آبائهم تحت القصف في المدن!)‬

‫احرص على أن يكون ابتعادك عن طفلك لفترات‬


‫قصيرة‪ ،‬فال أنت تبقى بقربه أبداً كالمالك الحارس حتى‬
‫الوقت‬
‫َ‬ ‫يفزع من البعد عنك ولو لحظة‪ ،‬وال أنت تفارقه‬
‫المخاوف من‬
‫ُ‬ ‫نفسه‬
‫الطويل حتى يصاب بالقلق وتسكن َ‬
‫أن يفقدك بشكل دائم‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫‪85‬‬

‫وعب ْر له عن ثقتك‬
‫زد ثقتك بولدك وقدراته‪ّ ،‬‬
‫ال لها في أكثر األحيان‪.‬‬
‫الكبيرة به‪ ،‬وسوف تجده أه ً‬
‫إن آفة أكثر اآلباء أنهم يستصغرون أبناءهم دائم ًا‬
‫(مهما كبر هؤالء األبناء) ويق ّللون من شأنهم وال يظنون‬
‫فيهم القدرة والكفاية‪ ،‬فإنهم ما يزالون يرونهم كما‬
‫ال صغاراً عاجزين قاصرين‪.‬‬
‫عرفوهم أول مرة‪ :‬أطفا ً‬

‫ولكن الحقيقة أن قدرات األطفال تنمو خالل‬


‫السنوات السبع األولى من أعمارهم بسرعة خارقة‪ ،‬ونحن‬
‫آمنا‬
‫نساعدهم على النمو السليم والنضج السريع إذا ّ‬
‫بقدرتهم وأظهرنا لهم ثقتنا بهم‪.‬‬

‫زد االحتماالت المتوقعة من الطفل وسوف يكون‬


‫أكثر استعداداً ألداء ما ُيتو َّقع منه وأكثر نجاح ًا فيه‪.‬‬
‫كلفه بأكثر ما يطيق من المهام واألعمال وراقبه ودربه‪،‬‬
‫وسوف يدهشك مبلغ قدراته وكفايته‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫‪86‬‬

‫تعو ْد على إطراء كل عمل صالح تراه من طفلك‪،‬‬ ‫ّ‬


‫وأثن على اإليجابيات كما تنتقد السلبيات‪ .‬إن الخطأ‬
‫ِ‬
‫أكثر المربين هو أنهم يعاتبون ويعاقبون‬
‫الذي يقع فيه ُ‬
‫على الخطأ‪ ،‬أما الصواب فيحسبونه أمراً مفروغ ًا منه‬
‫ال يستحق الثناء‪.‬‬

‫إن الطفل يتطلع إلى رضا اآلخرين عنه‪ ،‬وال‬


‫سيما والديه‪ ،‬ويضيق بالنقد‪ .‬وهو يتوقع المديح على‬
‫الجهد الطيب الذي يبذله بنفس ال َق ْدر الذي يتوقع فيه‬
‫وإظهار عدم االنتباه لعمله الطيب‬
‫ُ‬ ‫العقوب َة على الخطأ‪،‬‬
‫أو االهتمام به قد يحبطه ويصرفه عن تكراره‪.‬‬

‫ينصب اإلطراء على الجهد المبذول‬ ‫ّ‬ ‫يجب أن‬


‫وعلى نتيجة العمل في آن مع ًا‪ ،‬فإن بذل الجهد بحد‬
‫ال‪ :‬لو كان الطفل يدرس كثيراً‬‫ذاته يستحق المديح (مث ً‬
‫فإنه يستحق المديح ولو كان ال ينال أعلى العالمات)‪.‬‬
‫وليكن إطراؤك صادق ًا‪ ،‬فالطفل يميز الثناء الصادق‬
‫ويدرك الفرق بينه وبين اإلطراء المتكلَّف‪.‬‬

‫‪113‬‬
114
‫القسم الخامس‬

‫طفلك بين السابعة‬


‫والثانية عشرة‬

‫(مرحلة الدراسة االبتدائية)‬

‫‪115‬‬
116
‫‪87‬‬

‫االستسالم واال ّتباع‪ ،‬وهما‬


‫ُ‬ ‫من صفات الطفولة‬
‫صفتان تنحسران كلما تقدم الطفل في العمر‪ ،‬فتجده‬
‫يؤمر به وانقياداً لما ُيطلَب منه‪،‬‬
‫يغدو أقلَّ تسليم ًا بما َ‬
‫وقد يتساءل عن جدوى ومبررات ما ُيكلَّف به‪.‬‬

‫والعبادات المحضة ال تقبل التبرير‪ ،‬فربما من‬


‫أجل ذلك ُشرِعت بدايا ُتها في الوقت الذي يبدأ فيه الطفل‬
‫بالتمييز واإلدراك الواعي‪ ،‬لكي يتدرب على العبادة‬
‫ال للنقاش من بعد‪.‬‬‫ويألفها ويستسلم لها فال تكون مح ً‬
‫شجعه على الصالة معك في البيت أو في المسجد‪،‬‬
‫ولتكن حكيم ًا غاي َة الحكمة‪ ،‬فال توقظه من جوف النوم‬
‫متع ٌب أو‬ ‫لصالة الفجر‪ ،‬وال ترغمه على الصالة وهو َ‬
‫مستغر ٌق في لعبة أو سواها من األنشطة التي يستغرق‬
‫َ‬
‫فيها الصغار‪ .‬ومثل ذلك يقال عن الصيام‪ :‬شجعه وأ ْث ِن‬
‫عليه إذا صام ولكن ال تجبره عليه وال تقلل من شأنه لو‬
‫بدأ اليوم صائم ًا فجاع أو عطش فقطع الصوم من وسط‬
‫اليوم‪ ،‬واقدر لكل عمر قدره‪ .‬وهذا المبدأ نفسه ينطبق‬
‫على حجاب الصغيرات‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫‪88‬‬

‫ساعد ولدك على تنمية مهارة اتخاذ القرار بنفسه‬


‫وال تعلق قراره بك وبتفكيرك‪.‬‬

‫إنها مهارة يحتاج إليها في كل يوم مرات في كل‬


‫أيام العمر‪ ،‬واألب الذي يعطل هذه الملكة عند ولده‬
‫ال‬
‫ويصر على أن يفكر بالنيابة عنه ويتخذ القرارات بد ً‬
‫ّ‬
‫منه يضر به غاية الضرر‪ ،‬ألنه سيتركه ‪-‬ذات يوم‪ -‬في‬
‫لجة الحياة وحيداً وقد أضاع واحداً من أهم أسباب‬ ‫ّ‬
‫النجاح فيها‪ :‬القدرة على التصرف الصحيح واتخاذ‬
‫القرار المناسب‪.‬‬

‫راقبه من بعيد وتدخل عند اللزوم بالنصح‬


‫والتوجيه والترشيد والتقويم‪ ،‬ولكن ال َتل ُْم وال ُتحب ِْط‪.‬‬
‫شجعه على أن يتخذ القرار المناسب في كل مراحل‬
‫تسع لتقديم النصح إال عند‬ ‫َ‬ ‫تتدخ ْل أو‬
‫ّ‬ ‫حياته وال‬
‫الضرورة الحقيقية أو إذا طلب هو منك ذلك‪ ،‬وح ّفزه‬
‫على التفكير الطويل المدى ووضع الخطط أليام حياته‬
‫القريبة والبعيدة‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫‪89‬‬

‫مارس على األطفال بصورة مطلقة‬ ‫السلطة التي ُت َ‬


‫جو من النصيحة والمراقبة‬
‫يجب أن تتحول تدريج ًا إلى ٍّ‬
‫والمعونة‪ ،‬وال سيما قريب ًا من نهاية هذه المرحلة‪.‬‬

‫يتدرب الطفل‬
‫ّ‬ ‫منح بالتدريج حتى‬ ‫إن الحرية ُت َ‬
‫عليها ويألف تبعاتها وتكاليفها‪ ،‬فإذا وصل إلى البلوغ‬
‫فقد صار حراً مكلَّف ًا في ميزان الشرع‪ ،‬فهل يعقل أن‬
‫للوالدين حتى ذلك الحين؟‬
‫َ‬ ‫يبقى تحت السيطرة المطلقة‬

‫تحولْ من السيطرة الكاملة إلى المراقبة من ُبعد‬


‫ّ‬
‫الشوط األكبر‬
‫َ‬ ‫والنصح والتوجيه عند اللزوم‪ ،‬ولتقطع‬
‫في هذا االنتقال في السنوات الثالث األخيرة من هذه‬
‫توس ْط؛ ال تخنق ولدك‬ ‫المرحلة من العمر‪ .‬ولكن ّ‬
‫المطلوب‬
‫ُ‬ ‫بالقيود‪ ،‬ولكن ال تتركه أيض ًا حراً بال حدود‪.‬‬
‫تدر ٌج يصل إلى قدر معقول من الحرية شبه الكاملة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫والعرف‪ ،‬ألن الحرية‬‫ُ‬ ‫المقيدة بقيود الشرع والعقل‬
‫َّ‬
‫المطلقة ال تكون إال للبهائم والمجانين!‬

‫‪119‬‬
‫‪90‬‬

‫نم لدى ولدك القدرة على تمييز الصواب من‬ ‫ِّ‬


‫الخطأ‪ ،‬فلن يمكنك أن تصحبه في كل خطوة من‬
‫لتبين له ذلك‪ ،‬وهو سيحتاج إلى الحكم‬‫خطوات حياته ّ‬
‫على كل ما يقابله في الحياة ليحدد موقفه منه‪ :‬رفض ًا‬
‫أو َقبوالً‪.‬‬

‫واحرص على أن يتمتع الولد بالقدرة على الحكم‬


‫الصحيح على األشياء والتمييز بين ال ِقيم األصلية‬
‫والزائفة‪ .‬وهكذا سيتعلم أن المالبس الثمينة والساعة‬
‫التي تحمل أشهر األسماء (وأمثال ذلك) ال تمثل إال‬
‫ال ِق َيم الزائفة‪ ،‬أما الصدق والوفاء واإليثار واإلخالص‬
‫(وأمثالها من الصفات) فإنها قيم أصلية ثمينة‪.‬‬

‫وسوف يحدد عالقاته ويبني صداقاته ويشق‬


‫طريقه في الحياة ‪-‬من بعد‪ -‬على أساس االختيار‬
‫تغذيه هذه المقدرة الثاقبة على التمييز بين‬
‫السليم الذي ّ‬
‫الصواب والخطأ وبين الزائف واألصيل‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫‪91‬‬

‫يحتاج ولدك ‪-‬وقد تجاوز مرحلة الطفولة‬


‫المبكرة‪ -‬إلى ما يشغل وقته وإلى شيء مثمر يصرف‬
‫فيه طاقاته‪ .‬لقد كان اللعب الساذج يشغل أكثر وقته‪،‬‬
‫ولكنه بدأ يكبر وتنمو قدراته العقلية وتتطور نفسيته‬
‫ملحة إلى نشاط ممتع جديد‪.‬‬
‫وشخصيته‪ ،‬والحاجة اآلن ّ‬
‫إن األب ال َف ِطن ال يترك هذه المسألة للظروف‬
‫قدر اهلل‪ -‬إلى ما يضر وال يفيد أو‬
‫فينصرف الولد ‪-‬ال ّ‬
‫األمر ويسعى إلى‬
‫َ‬ ‫إلى أمر فيه معصية‪ ،‬بل هو يستبق‬
‫فيهيئ‬
‫تنمية الهوايات الصالحة والتوجهات المفيدة‪ّ ،‬‬
‫أسبابها ويشجع أوالده عليها‪.‬‬

‫فكر دائم ًا في الهوايات واالهتمامات النافعة التي‬


‫َتعود على الولد بالخير وتشغل وقته بالفائدة‪ ،‬كالقراءة‬
‫والكتابة والتلوين والخياطة والتطريز واإلصالح‬
‫والتركيب والرياضة والشطرنج والكمبيوتر‪ ،‬فكل ذلك‬
‫ال يخلو من فائدة‪ ،‬فيدرب العقل أو الجسم أو يصقل‬
‫مهارة مفيدة من مهارات الحياة‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫‪92‬‬

‫ولكن ال َل ِعب ما يزال يشكّ ل حاجة أساسية للطفل‪،‬‬


‫وهو سيبقى كذلك إلى آخر هذه المرحلة من العمر (بل‬
‫شبع هذه‬‫ربما لسنوات تالية أيض ًا)‪ .‬امنحه الفرصة ليُ ِ‬
‫الحاجة‪ ،‬فإن اللعب يساعده على النمو النفسي القويم‬
‫وعلى النضج االنفعالي السليم‪.‬‬

‫امنحه الفرصة ليختار ما يشاء من ال ُل َعب التي‬


‫ينسجم معها (مع تدخلك بالتوجيه عند اللزوم) أو‬
‫أحضر له أنت ما يناسبه منها‪ ،‬وو ّفر له مكان ًا مالئم ًا‬
‫ل ّلعب في البيت‪.‬‬

‫إن الناس قد اهتدوا ‪-‬بتراكم الخبرة البشرية‪-‬‬


‫ولكن‬
‫ْ‬ ‫ال‪،‬‬
‫إلى ضرورة تهيئة مكان في بيوتهم للنوم مث ً‬
‫كثير منهم إلى ضرورة تهيئة مكان خاص‬ ‫لم َي ِ‬
‫هتد‬
‫ٌ‬
‫لألطفال ليلعبوا فيه‪ ،‬والنتيج ُة أن الطفل يلعب بين‬
‫حرم من اللعب ألن‬ ‫الكبار فيزعجهم ويزعجونه‪ ،‬وقد ُي َ‬
‫األب أو األم لم يصبرا على آثار اللعب (من ضجيج‬
‫وفوضى)‪ .‬ال ترتكب هذا الخطأ وأفسح ألطفالك مكان ًا‬
‫ال للعبه ونشاطه‪.‬‬
‫مناسب ًا مستق ً‬

‫‪122‬‬
‫‪93‬‬

‫لميول األطفال دور كبير في توجيه حياتهم‪،‬‬


‫وتظهر أهميتها بوضوح في اختيار دراساتهم الجامعية‬
‫وفي توجيه حياتهم المهنية في المستقبل‪.‬‬

‫وتذكر‬
‫ّ‬ ‫وطورها‪،‬‬
‫الحظ نشاط ولدك وراقب ميولَه ّ‬
‫أن للتشجيع والمديح أهمية بالغة في تطوير ميول األطفال‪.‬‬

‫ساعد ولدك على استكشاف ميوله‪ ،‬فإن كثيراً‬


‫من الناس (من الصغار والكبار على السواء) يجهلون‬
‫ميولهم الحقيقية‪ .‬أتح له فرص َة تجربة األنواع المختلفة‬
‫من العمل ومعرفة األشكال المتنوعة من أنشطة الحياة‪:‬‬
‫حدثه عن األعمال المختلفة في المجتمع وعن مختلف‬
‫المهن النافعة وال تحصره في عالمك المهني وعوالم‬
‫المقربين‪ ،‬وخذه في زيارات إلى مرافق‬ ‫َّ‬ ‫أصدقائك‬
‫متنوعة‪ ،‬كالمتاجر والمصانع والمستشفيات ومواقع‬
‫البناء وغير ذلك‪ ،‬واسمح الهتماماته بالنمو في االتجاه‬
‫يحب ال في االتجاه الذي تريد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الذي‬

‫‪123‬‬
‫‪94‬‬

‫قلب ولدك باآلخرة‪ ،‬وليكن من يقينيات‬ ‫عل ِّْق َ‬


‫اعتقاده ومن األفكار الراسخة في عقله أن الخلود‬
‫والبقاء من صفاتها‪ ،‬وأن الدنيا مؤقتة عابرة ولو طالت‬
‫أكبر همومه‬
‫يجعلْها َ‬
‫فيها الحيا ُة بمقياسنا القاصر‪ ،‬فال َ‬
‫واهتماماته‪.‬‬

‫في هذه المرحلة من العمر تكثر طلبات الولد‬


‫وترتقي نوعياتها‪ ،‬فبعدما كانت آماله محصورة في‬
‫لعبة أو قطعة من الحلوى إذا به يندفع اآلن وراء كل‬
‫شيء (وخصوص ًا ما يملكه أقرانه)‪ :‬من أجهزة سمعية‬
‫وبصرية وإلكترونية ومعدات رياضية وساعات وأحذية‬
‫وغيرها‪ ،‬وال تزال تسمعه يردد هذه الكلمة‪" :‬أريد‪،‬‬
‫أريد‪ ،‬أريد"‪ .‬فقل له إنه سيحصل على كل ما يريد في‬
‫فليسع إليها‪ ،‬وال يضيع في هذه الدنيا القصيرة‬
‫َ‬ ‫الجنة‬
‫بخ ُلق‬
‫مستقبله الحقيقي هناك‪ .‬وشجعه على أن يتخلق ُ‬
‫همك‬ ‫أكبر ّ‬
‫أهل الجنة ويعمل ما يوصل إليها‪ ،‬واجعل َ‬
‫والفوز‬
‫ُ‬ ‫همه‬
‫أكبر ّ‬
‫ومنتهى أملك أن يصبح الوصولُ إليها َ‬
‫بها منتهى أمله‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫‪95‬‬

‫طو ْر لدى ولدك موهب َة التفاؤل واالستمتاع‬


‫ّ‬
‫بالحياة‪.‬‬

‫يحب ولن توفر له‬ ‫ّ‬ ‫منحه كل ما‬‫إنك لن تستطيع َ‬


‫أوتيت من مال‪،‬‬ ‫َ‬ ‫كل ما يريد مهما كنت غني ًا ومهما‬
‫فساعده على امتالك أعظم ثروة في الدنيا‪ :‬القناعة‬
‫واالستسالم لقضاء اهلل بنفس راضية وقلب مطمئن‪.‬‬
‫وإذا علمت أن السعادة حالة عقلية وليست ظروف ًا مادية‬
‫فإنك ستنجح في نقل هذه الفكرة وإيصالها إليه‪.‬‬

‫إن التفاؤل بالحياة من أهم أسباب النجاح فيها‪،‬‬


‫الفعال وهذه األداة‬
‫فال تحرم ولدك من هذا السالح ّ‬
‫النافعة‪ .‬وعليك أن تكون (أنت نفسك) من المتفائلين‬
‫المستبشرين الذين يتوكلون على اهلل حق التوكل‬
‫ويرضون ‪-‬سعداء مطمئنين‪ -‬بما يأتي به اهلل‪ ،‬ثم علم‬
‫ودر ْبه على هذا الخلق العظيم‪.‬‬
‫ولدك كل ذلك ِّ‬

‫‪125‬‬
‫‪96‬‬

‫فن االهتمام باآلخرين والرغبة في‬ ‫ولدك َّ‬


‫ع ِّل ْم َ‬
‫مساعدتهم‪ ،‬وحارب أي اتجاه أو ميل لأل َثرة واألنانية‬
‫في شخصيته‪.‬‬

‫أكثر الناس ينغمسون في متعة األخذ والتلقي‬ ‫ُ‬


‫وقليل منهم من يدرك متعة العطاء‪ ،‬فساعد ولدك على‬ ‫ٌ‬
‫أن يكون من هؤالء القليل‪ .‬ساعده لكي يدرك جمال َ‬
‫العطاء والمتع َة العظيمة في مساعدة الناس‪ ،‬ولكي يبصر‬
‫أعده اهلل من أجر عظيم في اآلخرة لمن يصنع الخير‬‫ما ّ‬
‫لآلخرين‪.‬‬

‫الواحد الذي لو تخ ّلق به‬


‫َ‬ ‫لق‬
‫الخ َ‬
‫وعلمه ذلك ُ‬
‫الناس لكَ َفوا أنفسهم ثالثة أرباع الخالفات على ظهر هذا‬
‫لق‬
‫والخ َ‬
‫ُ‬ ‫الكوكب‪> :‬أن يحب للناس ما يحبه لنفسه<‪،‬‬
‫اآلخ َر الذي به ينتهي الربع الباقي من الخالفات‪ :‬أن‬‫َ‬
‫يحسن الظن (من غير غفلة) ويبحث عن العذر قبل أن‬
‫يبحث عن اإلدانة لكل واحد من الناس‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫‪97‬‬

‫اجعل التعاون في إنجاز أعمال البيت قانون ًا عام ًا‪،‬‬


‫قدم فيه خدمات الطعام‬ ‫فهو ليس مطعم ًا وال فندق ًا ُت َّ‬
‫والمنام‪ ،‬وال هو مصبغ ٌة ُتنظ َّف و ُتكوى فيها الثياب‪...‬‬
‫ومن هم العاملون إذن؟‬
‫َ‬
‫على كل فرد أن يساهم في عمل البيت ويتحمل‬
‫ٍ‬
‫وبنات على السواء‪ .‬فاإلنصاف‬ ‫قسط ًا من مؤونته‪ ،‬صبيان ًا‬
‫أن تو َّزع األعمال العامة على الكل بالتساوي (وهي‬
‫تشمل أعمال الترتيب والتنظيف اليومية التي تجعل‬
‫المنزل مكان ًا صالح ًا لسكنى البشر)‪ ،‬وبعد ذلك يمكن‬
‫سند إلى الصبيان من المهام ما يهيئهم لمسؤولياتهم‬ ‫أن ُي َ‬
‫ال)‬
‫المستقبلية (فيكلَّفون بشراء األغراض من البقالة مث ً‬
‫والبنات كذلك (فربما تكلَّف الواحدة منهن بإعداد‬
‫وجبة العشاء)‪.‬‬

‫إن في هذا النظام تكريس ًا لروح التعاون وتأكيداً‬


‫البر باألم التي ال تجد َمن يعاونها في عمل‬
‫على فريضة ّ‬
‫البيت في كثير من بيوت المسلمين!‬

‫‪127‬‬
‫‪98‬‬

‫الطفل الذي ال يشعر باالنتماء القوي إلى بيته وال‬


‫شبع حاجاته النفسية فيه يبحث عن االنتماء واإلشباع‬‫ُت َ‬
‫في غيره من األماكن‪ :‬ربما في بيوت بعض األقارب أو‬
‫مع األصدقاء‪ ،‬أو ربما في الطريق!‬

‫َق ِّو انتماء ولدك إلى البيت‪ ،‬وتذكر أن األوالد‬


‫ينتمون عندما يسهمون ويشاركون؛ وهكذا فإن اآلباء‬
‫شجعوا‬
‫وينمون الشعور باالنتماء إلى البيت إذا ما ّ‬
‫يغذون ّ‬ ‫ّ‬
‫األطفال على أن يشاركوا في حياة األسرة‪ ،‬ليس فقط‬
‫في العمل المنزلي (وهو ضروري) ولكن في المشاركة‬
‫في سياسة المنزل كذلك‪ .‬ما المانع أن يشكّ ل األبوان‬
‫مجلس إدار ٍة للبيت يضم األبناء (حتى الصغار منهم)‬
‫َ‬
‫منحون حق المشاركة في وضع الخطط ومناقشة‬ ‫وي َ‬‫ُ‬
‫التنظيمات‪ ،‬كتوزيع المسؤوليات واألعمال في البيت‬
‫وبرمجة األنشطة التي يمكن لألسرة القيام بها في آخر‬
‫األسبوع والتخطيط لبرنامج اإلجازة السنوية على سبيل‬
‫المثال؟‬

‫‪128‬‬
‫‪99‬‬

‫لقد بدأ الطفل بالذهاب إلى المدرسة ومخالطة‬


‫الغرباء من الناس‪ ،‬وقد يسمع أو يرى ما كنت تصرفه‬
‫عنه وتحميه منه‪.‬‬

‫عوده على الصراحة الكاملة معك وتعود على أن‬ ‫ّ‬


‫تصغي إليه‪ ،‬وشجعه على أن يصارحك بأفكاره ومشاعره‬
‫يحدثك بما يسمع وبما يرى‪ ،‬واسمح له بالتعبير‬ ‫وأن ّ‬
‫عما في نفسه من غير أن تضع حدوداً مصطنَعة لما‬ ‫ّ‬
‫يليق وما ال يليق‪ ،‬فإنه سوف يحتفظ لنفسه بالمعلومة‬
‫في المرات المقبلة لو فعلت ذلك‪ ،‬ويوم ًا بعد يوم‬
‫ترتفع بينكما األسوار حتى ينغلق عنك بالك ّلية ويتبادل‬
‫القصص مع أقرانه أو إخوته في معزل عنك‪.‬‬

‫إن االنفتاح واالسترخاء في االستماع لكل ما‬


‫ال‬
‫ولدك من قصص سيعاون على أن تظل متص ً‬ ‫يأتي به ُ‬
‫بعالمه مطّلع ًا على ما يدور فيه للتدخل ‪-‬عند الضرورة‪-‬‬
‫بالحكمة والنصيحة‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫‪100‬‬

‫ِ‬
‫فأدخلْه في‬ ‫ال‪،‬‬
‫لن يلبث هذا الغالم أن يصبح رج ً‬
‫وعر ْفه على دنيا الكبار (بما فيها من تنوع‬
‫الحياة العامة ِّ‬
‫وخبرات) بشكل متدرج‪.‬‬

‫وحده إلى البقالة القريبة (مع مراقبته‬


‫َ‬ ‫أرسله‬
‫من بعيد)‪ ،‬وك ِّل ْفه بالتفاوض مع البائع مرة وباختيار‬
‫يرد‬
‫األصناف التي ستشتريها في مرة أخرى‪ ،‬وعلمه أن ّ‬
‫ٍ‬
‫معلومات عن الذين يتصلون‬ ‫على الهاتف وأن يسجل‬
‫بك في غيابك‪ ،‬وإذا جاءك في البيت ضيوف فليدخل‬
‫هو عليهم بالضيافة (على أن تع ّلمه آدابها وأصولها حتى‬
‫فيرتكب خطأ يحرجه ويحرجك)‪ ...‬ومثل‬ ‫َ‬ ‫يرتبك‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫هذا كثير كثير‪.‬‬

‫أما القاعدة األهم في كل ذلك فهي أن تقبل أداءه‬


‫إن أصاب وأحسن في‬ ‫فال تلومه على النتائج أي ًا كانت‪ْ .‬‬
‫وجه‬
‫فبي ْن له َ‬‫وأثن عليه‪ ،‬وإن أخطأ ِّ‬
‫أي تكليف فشجعه ِ‬
‫الصواب وأرشده إلى ما يفعله في المرات التالية‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫‪101‬‬

‫يقولون إن الصاحب ساحب‪ ،‬وهذا القول صحيح‪.‬‬

‫بذلت مع ابنك ‪-‬حتى هذه اللحظة‪ -‬جهداً‬ ‫َ‬ ‫لقد‬


‫عظيم ًا وراقبته ورافقته وهو ينمو ويكبر شهراً بعد شهر‬
‫وعام ًا بعد عام‪ .‬فهل ستقبل أن يضيع جهد ُ السنين‬
‫اآلن بسبب صحبة سيئة ال سمح اهلل؟ راقب صداقات‬
‫ولدك؛ تعرف على أصدقائه واعرف بيئاتهم‪ ،‬وأوصله‬
‫إلى الزيارات بنفسك وتعرف على عائالت األصدقاء‪،‬‬
‫وتخير له الصالحين‪.‬‬

‫إن الصداقات قبل العاشرة مؤقتة ال عمق فيها‪،‬‬


‫العمق والدوام والتأثير‬
‫ُ‬ ‫ولكنها يغلب عليها ‪-‬بعد ذلك‪-‬‬
‫المتبادل‪ .‬فساعد ولدك على تكوين صداقات صالحة‬ ‫َ‬
‫يكون فيها مؤثراً أكثرَ من كونه متأثراً‪ .‬نعم؛ إن العالقات‬
‫البشرية تبادلية‪ ،‬ولكن المطلوب أن يكون هو الطرف‬
‫الطرف اآلخر‬
‫ُ‬ ‫يسحبه‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫األقوى في هذه العالقة لنضمن أ ّ‬
‫إلى أي سوء ال سمح اهلل‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫‪102‬‬

‫قد يعود الطفل من المدرسة ذات يوم فتجد األم‬


‫معه شيئ ًا ال يخصه وتكتشف أنه قد أخذه من جار له أو‬
‫زميل له بغير علمه‪ ...‬أي أنه سرقه!‬

‫تذكري أن مفهوم السرقة بالنسبة له ليس كما هو‬


‫لتوه إلى الحياة العامة بعدما‬
‫بالنسبة إليك‪ .‬لقد خرج ّ‬
‫يده إلى‬
‫يمد َ‬
‫اعتاد لسنوات طويلة ‪-‬وهو في البيت‪ -‬أن ّ‬
‫ما يريده فيحصل عليه‪.‬‬

‫وضحي له مبادئ الملكية وقدمي له مفهوم السرقة‬


‫ّ‬
‫وأكدي‬
‫واالعتداء على أمالك اآلخرين بغير رضاهم‪ّ ،‬‬
‫ال كهذا من األعمال التي ال يعملها المسلم وال‬‫أن عم ً‬
‫يحبها اهلل ويعاقب عليها القانون‪.‬‬

‫عالجي الموضوع بالحكمة والحزم مع الرفق‬


‫واللين‪ ،‬وألزميه بأن يعيد الشيء إلى صاحبه دون أن‬
‫ال‬
‫أي إذالل أو عقوبة‪ ،‬مع الوعد األكيد بأ ّ‬
‫يرافق ذلك ُّ‬
‫يكرر مثل هذه الفعلة من بعد‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫‪103‬‬

‫مرض ال‬
‫ٌ‬ ‫بعض علماء النفس أن الكآبة‬‫ُ‬ ‫يزعم‬
‫ولكن الثابت اآلن أن الصغار يصابون‬
‫ّ‬ ‫يصيب الصغار‪،‬‬
‫باالكتئاب كما يصاب به الكبار‪.‬‬

‫فتقص‬
‫َّ‬ ‫إذا رأيت طفلك وقد بات مهموم ًا حزين ًا‬
‫األمر وال تتهاون فيه‪ ،‬وعالج السبب برفق وباألسلوب‬
‫األمر إلى حيث ال عالج!‬
‫ُ‬ ‫الصحيح قبل أن يستشري‬

‫إن بعض أحزان الطفولة وإحباطاتها ترافق المرء‬


‫طول حياته فتحرمه من المشاركة الفاعلة في الحياة‪،‬‬
‫بعضها من أسباب قوية جارفة ال يجوز‬ ‫وقد ينشأ ُ‬
‫إهمال عالجها أو تأخيره (كالشعور بالنبذ أو الفشل أو‬
‫بسبب سقوط الطفل ضحي ًة لعدوان بعض زمالئه في‬
‫المدرسة)‪.‬‬

‫في كل األحوال عالج السبب وتابع العالج بصبر‬


‫وأناة حتى تتأكد من تعافي ولدك من مشاعر الحزن‬
‫واالكتئاب‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫‪104‬‬

‫في آخر هذه المرحلة أو في أعقابها (وفي وقت‬


‫ال عند البنات) سيأتي أهم تطور في تاريخ حياة‬
‫أبكر قلي ً‬
‫ولدك‪ :‬البلوغ‪.‬‬
‫ِ‬
‫الوالدين الذين يتهربون‬ ‫أكثر‬
‫ال تصنع كما يصنع ُ‬
‫من إعداد أوالدهم لهذا التحول ويخجلون من إمدادهم‬
‫أعد ولدك‬
‫بما يحتاجون إليه فيه من معلومات‪ ،‬بل ّ‬
‫اإلعداد المناسب لهذه المرحلة‪ ،‬وال تتركه نهب ًا للظنون‬
‫ليغذوه‬
‫والتساؤالت أو مرتع ًا لألقران وألصدقاء المدرسة ّ‬
‫ود ّب من األفكار‬ ‫بما يناسب وما ال يناسب وبما َه ّب َ‬
‫والمعلومات‪.‬‬

‫ال تخجل من تقديم هذه المفاهيم‪ ،‬ولكن ال‬


‫تبالغ في اإلفاضة فيها بغير داع ٍ كذلك‪ .‬قدمها باألسلوب‬
‫المناسب الذي يجيب عن التساؤالت المهمة‪ ،‬والذي‬
‫العلم به شرع ًا‪ .‬وليقم األب‬
‫ُ‬ ‫يزود الولد بما يلزمه‬
‫ّ‬
‫بالتحدث في ذلك إلى الصبيان واألم إلى البنات فإنه‬
‫أسهل وأفضل‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫طفلك في المدرسة‬

‫‪135‬‬
136
‫‪105‬‬

‫واحد من أهم األيام‬


‫ٌ‬ ‫اليوم األول في المدرسة‬
‫االستعداد له والتعامل معه‪.‬‬
‫َ‬ ‫في حياة الطفل‪ ،‬فال تهمل‬

‫من الحكمة أن تبدأ بالتمهيد لهذا اليوم قبله‬


‫بشهور‪ ،‬على أن تك ّثف الحملة في األسابيع األخيرة‪:‬‬
‫تحد ْث عن المدرسة بإيجابية‪ ،‬وارسم في خيال الطفل‬
‫ّ‬
‫يفاجأ بها‪ .‬ولتكن واقعية‪،‬‬
‫صورة تفصيلية لها حتى ال َ‬
‫تزين الصورة فيتخيل المدرسة كأنها من‬‫فال تحاول أن ّ‬
‫صدم بحقيقتها حين يصل إليها‪.‬‬
‫>مدن المالهي< ثم ُي َ‬
‫وحده‪ ،‬بل يذهب معه‬ ‫َ‬ ‫وال يذهب في اليوم األول‬
‫أحد الوالدين ليمنحه الشعور باألمان‪ ،‬وال بأس بترتيب‬
‫المدرس أو اإلدارة لتقديم بعض الهدايا في‬
‫خفي مع ّ‬ ‫ّ‬
‫األيام األولى حتى يغدو أكثرَ محب ًة للمدرسة وشوق ًا‬
‫إليها‪ .‬ومن األفضل ‪-‬قطع ًا‪ -‬أن يدخل سنة أو بعض‬
‫سنة في مدرسة الروضة قبل دخول المدرسة االبتدائية‪،‬‬
‫فإن في ذلك أفضل تهيئة نفسية وعملية لهذه النقلة في‬
‫حياته‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫‪106‬‬

‫في بعض الحاالت ال يكون من الحكمة أن ترغم‬


‫ابنك على الذهاب إلى المدرسة‪ ،‬وال من عالمات‬
‫ال‪ ،‬وإذا تأخر في النوم‬ ‫النظام كذلك‪ :‬إذا كان مريض ًا مث ً‬
‫بشكل فاحش في الليلة السابقة لسبب خارج عن إرادة‬
‫األسرة‪ ،‬وإذا كان ذلك اليوم مما يسمونه >يوم ًا مفتوح ًا<‬
‫ال دراسة فيه وهو غير راغب في الذهاب‪ ،‬وفي حاالت‬
‫الطوارئ مهما كانت‪.‬‬

‫كن مرن ًا بحيث ال ترغمه على الذهاب إلى‬


‫المدرسة لو كان لعدم الذهاب سبب واضح‪ ،‬أو لو‬
‫الذهاب غاية الكره‬
‫َ‬ ‫كان ‪-‬في بعض األيام القليلة‪ -‬كاره ًا‬
‫(حتى ولو لم تعرف السبب)‪ .‬ولكن ال تقبل أبداً أن‬
‫يصبح التخ ّلف عن المدرسة عادة‪ .‬إن الغياب مرة في‬
‫الشهر ال يصنع مشكلة‪ ،‬أما التعذر عن الذهاب في‬
‫كل أسبوع مرة فأمر غير مقبول‪ ،‬واستجابة الوالدين له‬
‫وأصعب على‬
‫َ‬ ‫ستجعل االلتزام بالنظام المدرسي أشقَّ‬
‫الصغير‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫‪107‬‬

‫كابوس الحياة للطفل‬


‫َ‬ ‫ال تجعل الواجبات المنزلية‬
‫وال تشارك في سياسة تعقيد الطفل وتنفيره من المدرسة‬
‫(التي تمارسها بعض المدارس التي تفتقر إلى فقه‬
‫التعليم)‪.‬‬

‫سبع ساعات‬
‫تذك ْر أن ولدك يمضي في المدرسة َ‬ ‫ّ‬
‫أو أكثر‪ ،‬وهو يحتاج إلى استجمام‪ .‬ال َت ْحمله على‬
‫ال‪ ،‬فمن حقه أن‬ ‫البدء الفوري بالواجبات بعد الغداء مث ً‬
‫يومه بالواجبات‬
‫يحصل على بعض التسلية‪ ،‬وال تزحم َ‬
‫(حتى ولو كان ذلك ما تراه المدرسة)‪.‬‬

‫ال‪ -‬ال يجوز أن‬ ‫طفل السنة االبتدائية األولى ‪-‬مث ً‬


‫ُيكلَّف بأكثر من نصف ساعة في اليوم من الواجبات‬
‫ال‬
‫المنزلية‪ ،‬وهذه المدة تتدرج إلى ساعة أو أكثر قلي ً‬
‫في آخر هذه المرحلة‪ .‬أما أن ُيحكَ م عليه بست ساعات‬
‫واجبات في البيت عدا السبع األولى في المدرسة فهذا‬
‫حكم بالسجن مع األشغال الشاقة‪ .‬اتقوا اهلل!‬

‫‪139‬‬
‫‪108‬‬

‫إذا احتاج الطفل إلى مساعدة فقدمها له‪ ،‬وتذكر‬


‫وص ِّممت لتناسب‬ ‫أن مناهج المدارس قد ُف ِّصلت ُ‬
‫متوسط ذكاء وقدرات األطفال‪ ،‬وقد يكون ابنك أقلَّ‬
‫مما يتعب سواه‪.‬‬ ‫أكثر ّ‬
‫من المستوى العام فيتعبه الدرس َ‬
‫لو كان الحال كذلك فال تتجاهل هذه الحقيقة وال‬
‫فإن تجاهلها قد يزيد األمور صعوب ًة‬ ‫تعتبرها إهانة‪ّ ،‬‬
‫ويراكم التقصير الذي قد يبدأ لدى ولدك بشكل يمكن‬ ‫ُ‬
‫تداركه في البداية‪ .‬عاونه في تبسيط الصعب وتقريب‬
‫الم ْشكل‪ ،‬وتأكد من فهمه كل ما يدرس‪ ،‬ولكن إياك‬ ‫ُ‬
‫تحل له واجباته فتعلمه االتكالية والغش والتزوير‪.‬‬
‫أن ّ‬
‫وال تهتم كثيراً بالعالمات‪ ،‬أو ُتدخل الولد في‬
‫دوامة الفشل بأن تنعته بالخيبة‪ ،‬أو تتهدده بالعقاب إذا‬
‫ال‪،‬‬
‫لم يكن من المتفوقين‪ ،‬أو تمارس عليه عقوبة فع ً‬
‫مثل هذا السلوك‬‫ويصعب ُ‬
‫ّ‬ ‫فسوف يزداد خوفه وتوتره‬
‫األمور فتزداد النتائج سوءاً‪ ،‬وقد يحمله الخوف من‬
‫َ‬
‫العقوبة على الغش فيخسر الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫‪109‬‬

‫ال تع ّق ْد ولدك بضرورة أن يكون األولَ على فصله‬


‫دائم ًا‪ ،‬وليكن ما تريده منه وتح ّثه عليه هو العلم والفهم‬
‫والتفوق النسبي‪.‬‬

‫كم يخطئ اآلباء واألمهات الذين يباهون بدرجات‬


‫أبنائهم فيجعلون هذه الدرجات ‪-‬من حيث يشعرون‬
‫ومن حيث ال يشعرون‪ -‬الشغلَ الشاغل للولد‪ ،‬وتنتقل‬
‫إلى الولد من أمه أو أبيه عدوى التفاخر والمباهاة‬
‫بالدرجة ال بالعلم الحقيقي الذي يحصل عليه‪ ،‬بل‬
‫هو قد يلجأ إلى الغش ليصل إلى تلك الدرجات أو‬
‫ليحافظ عليها!‬

‫َن ِّم لدى ولدك الرغبة الحقيقية بالتعلم‪ ،‬وال تقبل‬


‫أن ينحصر َه ُّمه في الدرجة العالية والمرتبة األولى بين‬
‫ال يقود ذلك إلى اإلهمال والتقاعس‬ ‫أقرانه‪ ،‬على أ ّ‬
‫والزهد في الدرجات العالية إطالق ًا‪ ،‬فلو حصل ذلك‬
‫لفقد الولد الفرص َة في دخول الكلية التي يريدها عندما‬
‫يتخرج في الثانوية‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫‪110‬‬

‫األطفال الموهوبون وأولئك الذين يتمتعون‬


‫بمستويات ذكاء عالية يشعرون بالملل من المدرسة‬
‫يحسون باإلحباط من الدراسة وال‬ ‫وبالغربة فيها‪ ،‬وهم ّ‬
‫ينسجمون مع المناهج (بل إن بعضهم قد يتفوق على‬
‫المدرسون‬
‫ّ‬ ‫مدرسه أحيان ًا!) ولذا فغالب ًا ما يضيق بهم‬
‫ّ‬
‫ويتهربون من أسئلتهم ومحاوراتهم‪ ،‬وربما ضاق‬
‫المتفرد كذلك بسبب‬
‫ّ‬ ‫الطالب اآلخرون بالموهوب‬
‫تعاليه عليهم واحتقاره لعقولهم في بعض األحيان‪.‬‬

‫إذا كان ولدك موهوب ًا (تأكد من ذلك أوالً‪ ،‬فأكثر‬


‫األبناء في نظر والديهم عباقرة!) فعالج هذه المشكالت‬
‫تنمي لديه روح مساعدة اآلخرين‪ ،‬بحيث تصبح‬ ‫بأن ّ‬
‫ال من أن تكون‬ ‫المدرسة مكان ًا للتنفيس عن تفوقه بد ً‬
‫ال للتعبير عن إبداعه‬
‫ال لوأد اإلبداع‪ ،‬ووفر له مجا ً‬ ‫مح ً‬
‫الزائد في البيت‪ ،‬واجتهد في االتصال بالمدرسين‬
‫ليصبحوا أكثر تفهم ًا له وتعاون ًا معه‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫الخالصة‬

‫لع ّلي قد أمللتكم بكثرة النصائح التي أدرجتها‬


‫في هذا الكتاب‪ ،‬ولعل بعضكم قد استعجل الفراغ منه‬
‫فقفز إلى هذه الصفحة األخيرة‪ ،‬فخيراً يفعل إن قرأها‬
‫قبل أن يلقي بالكتاب جانب ًا‪.‬‬

‫النصيحة األولى في الكتاب كانت عن التربية‬


‫بالحب‪ ،‬وإليها سأعود في الختام‪ .‬سأكرر مرة بعد مرة‬
‫ربوا أبناءكم بالمحبة‪،‬‬
‫ولن أمل حتى تم ّلوا من القراءة‪ّ :‬‬
‫واجعلوا اللطف والعطف والمودة رسولَ كل أمر ونهي‬
‫وكل توجيه وكل تقويم‪ ،‬وتأكدوا من إيصال رسالة المحبة‬
‫في كل يوم من أيام الحياة‪ ،‬بل في اليوم الواحد مرات‪.‬‬

‫إنها الهدية التي نقدمها ألبنائنا صغاراً ونسترجعها‬


‫منهم كباراً إلى آخر العمر‪ ،‬فماذا يبقى حين نكبر‬
‫أواصر المحبة؟‬
‫ُ‬ ‫ونضعف إذا ُف ِق َدت بيننا وبين أبنائنا‬

‫ولكن ال تنسوا أيض ًا ذلك األمر اآلخر المهم‬


‫نصائح كثيرة في الكتاب‪ :‬الحزم‬
‫ُ‬ ‫تعرض ْت له‬
‫َ‬ ‫الذي‬
‫واالنضباط‪ ،‬فإن محب ًة من غير ضبط وربط مآلُها إلى‬

‫‪143‬‬
‫إفساد الطفل بالعاطفة والدالل‪ ،‬والذي ُيفسده الدالل‬
‫ألمته!‬
‫ال ُيرجى منه خير‪ ،‬ال لنفسه وال لوالديه وال ّ‬
‫ركن ركين‬
‫أبناءهما ٌ‬
‫إن الحب الذي يمنحه الوالدان َ‬
‫آباءهم هي الركن‬
‫السوية‪ ،‬وطاعة األبناء َ‬
‫ّ‬ ‫من عملية التربية‬
‫أي من هذين الركنين‪.‬‬
‫اآلخر‪ ،‬ولن تستقيم تربي ٌة بغياب ّ‬
‫أن امرءاً قال لي‪ :‬لخص أفكارك عن التربية‬ ‫فلو ّ‬
‫في كلمتين‪ ،‬لقلت له‪> :‬الحب والحزم<‪َ ،‬من أوتيهما‬
‫فقد ملك أسباب التربية الناجحة الصالحة‪ .‬على أن‬
‫يستعين باهلل حق االستعانة ويسأله التوفيق في هذه‬
‫المهمة الدقيقة الجليلة‪ ،‬ويدعو لولده بالصالح في كل‬
‫يوم وليلة‪ ،‬فإن الواحد منا لَيمضي الليل والنهار بالدعاء‬
‫لولده بالشفاء لو مرض وبالنجاح يوم االمتحان‪ .‬أفيكون‬
‫مرض أو التفوق في امتحان من امتحانات‬ ‫ٍ‬ ‫البرء من‬
‫ُ‬
‫ولدك‪ :‬إلى‬
‫ُ‬ ‫بعده‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ز‬ ‫فر‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬
‫امتحان‬ ‫من‬ ‫وأخطر‬ ‫أهم‬ ‫الدنيا‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الجنة أو إلى النار؟‬

‫هلل لكم وألوالدكم التوفيق والفالح في‬


‫أسألُ ا َ‬
‫دار القرار‪.‬‬
‫الدنيا واآلخرة‪ ،‬وأن يجعل الجنة لكم ولهم َ‬
‫* * *‬

‫‪144‬‬
‫فهرس الموضوعات‬
‫(الرقم الذي يأتي بعد الموضوع في هذا الفهرس‬
‫يشير إلى رقم الفكرة ال إلى رقم الصفحة)‬

‫‪-‬أ‪-‬‬
‫اهلل‪ ،‬محبة اهلل واإلحساس بقدرته وعظمته‪60 ،59 :‬‬
‫اإلبداع‪ ،‬تنميته والتشجيع على االبتكار‪110 ،82 ،10 :‬‬
‫االتفاق‪ ،‬اتفاق الوالدين على خطة التربية‪15 :‬‬
‫األدب‪ ،‬تنشئة الطفل على األدب واالحترام‪81 :‬‬
‫اإلرادة‪ ،‬ال تحطم إرادة طفلك وشخصيته‪41 :‬‬
‫االستقالل‪ ،‬تربية الطفل عليه‪64 :‬‬
‫أصدقاء الطفل‪ ،‬مراقبتهم واختيار الصالح منهم‪101 :‬‬
‫اإلصغاء‪ ،‬أهمية االستماع واإلصغاء إلى الطفل‪76 :‬‬
‫االعتماد على النفس‪64 ،4 :‬‬
‫األمر‪ ،‬عدم التراجع عنه أمام اعتراضات الطفل‪56 :‬‬
‫األمان‪ ،‬تعليم األطفال قواعده واألخذ باحتياطاته‪75 :‬‬
‫األنانية‪ ،‬مقاومتها وتقويمها‪96 ،53 :‬‬
‫االنتماء‪ ،‬تنمية روح االنتماء إلى البيت‪98 :‬‬

‫‪145‬‬
‫االهتمام باآلخرين‪ ،‬تنمية الحرص عليه‪96 :‬‬
‫اإليحاء‪ ،‬قوة اإليحاء‪2 :‬‬
‫‪-‬ب‪-‬‬

‫تعد ولدك له‪104 :‬‬


‫البلوغ‪ ،‬كيف ّ‬
‫بكاء الطفل في السنة األولى‪ ،‬سببه وعالجه‪33 ،32 :‬‬
‫البيئة‪ ،‬الحرص على حمايتها وعدم تخريبها‪7 :‬‬

‫‪-‬ت‪-‬‬
‫التدخل‪ ،‬معالجة تدخل األهل واألقارب‪16 :‬‬
‫الترتيب‪ ،‬إعادة األشياء إلى أماكنها بعد استعمالها‪72 :‬‬
‫التسامح‪ ،‬تدريب الطفل وتشجيعه عليه‪83 :‬‬
‫التشجيع‪ ،‬التربية بالتشجيع‪3 :‬‬
‫التعاون في أعمال البيت‪97 :‬‬
‫التعلق‪ ،‬معالجة تعلق الطفل باألشياء عاطفي ًا‪49 :‬‬
‫تعير طفلك بأن غيره أفضل منه‪70 :‬‬
‫التعيير‪ ،‬ال ّ‬
‫التفاؤل واالستمتاع بالحياة‪ ،‬تدريب الطفل عليه‪95 :‬‬
‫تفضيل أحد اإلخوة على الباقين‪ ،‬خطورته‪35 ،13 :‬‬
‫التقليد‪ ،‬تقليد الطفل للكبار وأهمية القدوة ‪14 :‬‬
‫تمرد الطفل‪ ،‬منعه وعالجه‪50 ،40 ،39 :‬‬

‫‪146‬‬
‫‪-‬ث‪-‬‬
‫الثقة بالنفس‪ ،‬تنميتها عند األطفال‪54 :‬‬
‫أثن على الطفل حين يستحق الثناء‪46 :‬‬
‫الثناء‪ِ ،‬‬
‫الثناء‪ ،‬أهمية إطراء العمل الجيد‪86 :‬‬
‫‪-‬ج‪-‬‬
‫الجبن‪ ،‬معرفة أسبابه وعالجه‪62 :‬‬
‫الجنة‪ ،‬زرع الشوق إليها في نفس الطفل‪60 :‬‬
‫‪-‬ح‪-‬‬
‫الحب‪ ،‬التربية بالحب‪ ،51 ،46 ،1 :‬الخالصة‬
‫الحزم‪ ،‬أهميته في التربية‪ ،56 :‬الخالصة‬
‫الحزم‪ ،‬معنى كلمة >ال<‪34 :‬‬
‫الحكايات‪ ،‬جعلها من وسائل التربية‪78 :‬‬
‫الحياء‪ ،‬تنشئة الطفل عليه‪8 :‬‬
‫الحياة‪ ،‬الخبرة فيها وكيف نربي الطفل عليها‪100 ،74 :‬‬
‫الحيوية‪ ،‬السماح للطفل بالتعبير عنها وعدم خنقها‪61 :‬‬
‫‪-‬خ‪-‬‬
‫الخادمة‪ ،‬خطورة االعتماد عليها في تربية الطفل‪38 :‬‬
‫ال بأول حتى ال يتفاقم‪53 :‬‬
‫الخطأ‪ ،‬تقويم الخطأ أو ً‬
‫الخطأ‪ ،‬التجاوز عن خطأ الطفل غير المقصود‪51 :‬‬

‫‪147‬‬
‫الخطأ والصواب‪ ،‬تنمية القدرة على التمييز بينهما‪90 :‬‬
‫الخالف‪ ،‬خطورة اختالف الوالدين أمام األطفال‪73 :‬‬
‫الخوف‪ ،‬في السنة األولى من عمر الطفل‪37 :‬‬
‫الخوف‪ ،‬تشجيع الطفل على التعبير عن مخاوفه‪62 :‬‬
‫‪-‬ر‪-‬‬
‫الرحمة والمحبة‪ ،‬ضرورة تخلق الوالدين بهما‪51 :‬‬
‫الرضاعة الطبيعية‪30 :‬‬
‫‪-‬س‪-‬‬
‫السخرية من الطفل‪ ،‬خطورتها وآثارها السلبية‪55 :‬‬
‫سرقة الطفل‪ ،‬كشفها وعالجها‪102 :‬‬
‫السلطة‪ ،‬سلطة األبوين على الطفل الصغير‪63 ،33 :‬‬
‫السلطة‪ ،‬التحول المتدرج من السلطة المطلقة‪89 :‬‬
‫‪-‬ص‪-‬‬
‫وتخير الصالح منها‪101 :‬‬
‫ّ‬ ‫صداقات األوالد‪ ،‬مراقبتها‬
‫المتبادلة بين الطفل ووالديه‪99 :‬‬
‫َ‬ ‫الصراحة‬
‫الصرامة‪ ،‬استعمالها عند الضرورة وليس دائم ًا‪51 :‬‬
‫الصواب والخطأ‪ ،‬تنمية القدرة على التمييز بينهما‪90 :‬‬
‫صوت‪ ،‬تأثر الطفل باألصوات في السنة األولى‪36 :‬‬

‫‪148‬‬
‫‪-‬ض‪-‬‬
‫الضرب‪ ،‬خطورة اإلكثار منه في العقاب‪28 :‬‬
‫الضرب الممنوع‪29 ،25 ،23 ،22 :‬‬
‫الضعف‪ ،‬الحذر من تنشئة طفل ضعيف‪5 :‬‬
‫‪-‬ط‪-‬‬
‫الطاعة‪ ،‬عدم التراخي في تنفيذ األمر‪،50 ،40 ،34 :‬‬
‫‪ ،57‬الخاتمة‬
‫الطاعة‪ ،‬عدم ربطها بأجر أو مكافأة ‪57 :‬‬
‫الطعام‪ ،‬ال تجبر الطفل على أكل ما ال يحب‪71 :‬‬
‫طلبات‪ ،‬ال ُيجاب الطفل إلى كل ما يطلب‪43 ،33 :‬‬
‫‪-‬ظ‪-‬‬
‫الظلم في العقاب‪22 ،20 :‬‬
‫‪-‬ع‪-‬‬
‫العادة‪ ،‬ال تجعل طفلك أسيراً لعادة‪9 :‬‬
‫العبادات‪ ،‬تشجيع الطفل عليها‪87 :‬‬
‫العدل‪ ،‬العدل بين األوالد‪13 :‬‬
‫العدوان‪ ،‬تهذيب المشاعر العدوانية‪83 :‬‬
‫العقاب‪ ،‬ارتباطه بالذنب‪20 :‬‬
‫العقاب‪ ،‬تجنب العقاب المؤذي‪25 ،24 :‬‬
‫العقاب‪ ،‬تناسب شدته مع الذنب ‪23 :‬‬

‫‪149‬‬
‫العقاب‪ ،‬توضيح سببه للطفل‪21 :‬‬
‫العقاب‪ ،‬السن المالئمة للعقاب‪29 :‬‬
‫العقاب‪ ،‬ضرر اإلكثار منه‪26 :‬‬
‫العقاب‪ ،‬العدل فيه‪23 :‬‬
‫العقيدة‪ ،‬غرسها منذ الصغر‪94 ،60 ،59 ،58 ،44 :‬‬
‫العنيد‪ ،‬كيف تعالج الطفل العنيد‪42 :‬‬
‫‪-‬غ‪-‬‬
‫الغيبة‪ ،‬تنشئة الطفل على عدم الوقوع فيها‪79 :‬‬
‫‪-‬ق‪-‬‬
‫وتنميها‪85 :‬‬
‫قدرات الطفل‪ ،‬الثقة بها تزيدها ّ‬
‫القدوة الصالحة‪ ،‬أهميتها في التربية‪52 ،14 :‬‬
‫القراءة‪ ،‬اقرأ للطفل وهو صغير‪77 :‬‬
‫القراءة‪ ،‬تنميتها وتعويد الطفل عليها‪19 :‬‬
‫القرار‪ ،‬تنمية مهارة اتخاذ القرار والتدريب عليها‪88 :‬‬
‫القرب‪ ،‬أهميته وخطورة إقصاء الطفل عن أبويه‪84 :‬‬
‫القيم الصالحة‪ ،‬زرعها وتنميتها‪90 ،78 ،52 ،11 :‬‬
‫‪-‬ك‪-‬‬
‫الكآبة‪ ،‬اكتشاف أسبابها وعالجها‪103 :‬‬
‫الكذب‪ ،‬كشفه وعالجه‪65 :‬‬

‫‪150‬‬
‫‪-‬ل‪-‬‬
‫لعب‪ ،‬اختيار األلعاب المناسبة للطفل‪10 :‬‬
‫لعب‪ ،‬توفير مكان في البيت ليلعب فيه األطفال‪61 :‬‬
‫اللهفة على الطفل‪ ،‬ضرر المبالغة فيها‪48 :‬‬
‫‪-‬م‪-‬‬
‫ال أعلى صالح ًا‪67 :‬‬
‫قدم للطفل مث ً‬
‫المثل األعلى‪ّ ،‬‬
‫المدرسة‪ ،‬اإلعداد النفسي لها وأول يوم فيها‪105 :‬‬
‫المدرسة‪ ،‬تقديم االهتمام بالتع ّلم على الدرجات‪109 :‬‬
‫المدرسة‪ ،‬الواجبات المدرسية‪108 ،107 :‬‬
‫تحملها‪97 ،66 :‬‬
‫المسؤولية‪ ،‬تعويد الطفل على ّ‬
‫المشاركة في األعمال المنزلية‪98 :‬‬
‫المشكالت بين الصغار‪69 :‬‬
‫مص اإلصبع‪ ،‬كيف تتعامل مع هذه العادة‪31 :‬‬
‫ّ‬
‫المكافأة على الطاعة‪57 :‬‬
‫الملكية‪ ،‬مساعدة الطفل على فهم معناها‪102 ،43 :‬‬
‫ُ‬
‫المواهب‪ ،‬تنميتها وتشجيع اإلبداع‪82 :‬‬
‫المولود الجديد‪ ،‬معالجة مشكلة قدومه‪68 ،47 :‬‬
‫ميول األطفال‪ ،‬توجيهها وتنميتها‪93 :‬‬

‫‪151‬‬
‫‪-‬ن‪-‬‬
‫النظافة‪ ،‬أصولها وتنشئة الطفل على االهتمام بها‪80 :‬‬
‫النظام‪ ،‬تعليم الطفل النظام في الحياة‪97 ،11 :‬‬
‫النوم‪ ،‬ال ينام الطفل الصغير في غرفة نوم أبويه‪35 :‬‬
‫‪-‬هـ‪-‬‬
‫الهوايات‪ ،‬تنمية النافع منها والتشجيع عليها‪91 :‬‬
‫‪-‬و‪-‬‬
‫الوحيد‪ ،‬الطفل الوحيد وصعوبات تربيته‪12 :‬‬
‫الوقت‪ ،‬منح الطفل الوقت واالهتمام‪76 ،30 :‬‬
‫‪-‬ي‪-‬‬
‫اليمين‪ ،‬تعويد الطفل على استعمال اليد اليمنى‪44 :‬‬

‫‪152‬‬

You might also like