You are on page 1of 247

‫السلما عليكم ‪ ،‬إليكم هذا الكتاب من المؤلف لنشره في موقعكم للساتفادة الفردية ل التجارية و شكرا ‪.

‬‬

‫نقد فكر الفيلسوف ابن رشد الحفيد‬


‫على ضوء الشرع و العقل و العلم‬

‫‪-‬دراسة نقدية لكشف حقيقة فكر ابن رشد‪-‬‬

‫الدكتور خالد كبير عللا‬


‫‪ -‬حاصل على دكتوراه دولة من جامعة الجزائر –‬

‫‪ -‬دار المحتسب ‪-‬‬


‫‪1429/2008‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫المقدمة‬

‫المحد ل رب العاليم ‪ ،‬و الصلةا و السلما على أشرف الرسليم ‪ ،‬ممحد بن عبد ال ‪ ،‬و على آله‬
‫ت كتاب هذا لنقد فكر الفيلسوف أب الوليد بن رشد الفيد )ت‬ ‫و صحبه أجعيم ‪ ،‬و بعد ‪ :‬خصص ت‬
‫‪595‬ه ( ‪ ،‬و عنوانه الكامل ‪ :‬نقد فكر الفيلسوف ابن رشد الفيد على ضوء الشرع و العقل و العلم‬
‫‪1‬‬
‫ت الكتابة فيه بعدما أنزجت كتابا ف نقد فكر الباحثييم ممحد أركون ‪ ،‬و ممحد عابد الابري‬ ‫‪ .‬و قد قرر ت‬
‫‪ ،‬فتبييم ل أن الباحثييم و كثرا من العلمحانييم العاصرين يعتمحدون كثيا على فكر ابن رشد ‪ ،‬و تيبالغون‬
‫ف مدحه و تعظيمحه ‪ ،‬و توجيهه لدمة مصالهم الذهبية و الادية من جهة ‪ ،‬و تريف دين السلما ‪،‬‬
‫ت بأنه أصبح من الواجب القياما بدراسة نقدية تحيصية‬ ‫و فهم السلمحيم له من جهة أخرى ‪ .‬فاقتنع ت‬
‫صارمة لفكر ابن رشد الفيد ‪ ،‬للكشف عن حقيقته من حيث الصواب و الطخأ ‪ ،‬و الضعف و القوةا ‪،‬‬
‫و البناء و الدما ‪ ،‬و النفع و الضرر ‪ ،‬و الوافقة للشرع و مالفته ‪ .‬فجاءت دراستنا هذه لتكشف عن‬
‫ذلك ‪ ،‬و تضع فكره ف الكان الناسب له و اللئاق به ‪،‬و سيتبيم ذلك جليا ف كتابنا هذا إن شاء ال‬
‫تعال ‪.‬‬
‫و سنعتمحد –ف نقدنا لفكر ابن رشد‪ -‬على النهج النقدي التمححيصي القائام على الحتكاما إل‬
‫النقل الصحيح ‪ ،‬و العقل الصريح ‪ ،‬و العلم الصحيح ‪ ،‬من دون إفراط و ل تفريط ‪ ،‬و بل تعاطف و‬
‫ل تبير ‪ ،‬مع اللتزجاما بالوضوعية و الياد العلمحييم ‪ ،‬فل نكذب عليه ‪ ،‬و ل نقيوله ما ل يقل ‪ ،‬و ل‬
‫نيرف كلمه ‪ ،‬و ل نتددل كمحا دل الددللون العاصرون ‪.‬‬
‫ت‬
‫و ربا يقول بعض الناس ‪ :‬إن مؤلف هذا الكتاب تاوز حدود تصصه و ل يتحمه ‪ ،‬بتأليفه لذا‬
‫الكتاب ف نقد فكر ابن رشد الفلسفي ‪ .‬فأقول ‪ :‬إنن كمحؤرخ و باحث و ناقد ‪ ،‬ل أتاوز حدودي ‪،‬‬
‫ت عن تصصي ‪ ،‬فأنا متخصص ف تاريخ الفكر السلمي –خلل العصر الوسيط‪ -‬و‬ ‫و ل خرج ت‬
‫الانب الفلسفي جزجء ل يتجزجأ من تاريخ هذا الفكر ‪ ،‬و ابن رشد نفسه من فلسفة ذلك العصر ‪.‬‬
‫فدراست هذه هي من صمحيم تصصي ‪ ،‬و من ينكر عليي ذلك فبين و بينه الدليل ل الرجال ‪.‬‬
‫ت‬‫ت على العتمحاد أساسا على كتب ابن رشد نفسه ‪ ،‬فجمحع ت‬ ‫و أما بالنسبة للمحصادر ‪ ،‬فقد حرص ت‬
‫منها عددا كافيا‪-‬ف عمحومه‪ -‬لنقد فكر ابن رشد ‪ ،‬منها ‪ :‬فصل القال ف تقرير ما بيم الشريعة و‬
‫الكمحة من التصال ‪ ،‬و الكشف عن مناهج الدلة ف عقائاد اللة ‪ ،‬و تافت التهافت ‪ ،‬و تلخيص ما‬
‫بعد الطخبيعة ‪ ،‬و الثآار العلوية ‪ ،‬و تلخيص الثآار العلوية ‪ ،‬و تلخيص السمحاء و العال ‪ ،‬و رسائال ابن‬
‫‪ 1‬هذا الكتاب عنوانه ‪ :‬الخطاء التاريخية و المنهجية في مؤلفات محمد أركون و ‪،‬و محمد عابد الجابري ‪ ،‬و قد تأخر نشره بسبب عوائق‬
‫النشر ‪ ،‬لكن يبدو أنه في طريقه إلى النشر قريبا إن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫رشد الطخبية ‪ ،‬و رسالة النفس ‪ ،‬و تلخيص السفسطخة ‪ ،‬و تلخيص الطخابة ‪ ،‬و تلخيص كتاب الدل ‪،‬‬
‫تلخيص كتاب السياسة ‪ ،‬و تلخيص الس و السوس ‪ ،‬و تلخيص كتاب البهان ‪.‬‬
‫و أخيا أرجو أن تأوفق لظإهار حقيقة فكر الفيلسوف ابن رشد الفيد ‪ ،‬ليكون عمحلي هذا تخطخوةا‬
‫إيابية بناءةا ف إطار نقد العقل السلم من خلل تاريخ الفكر السلمي ‪ .‬فأسأل ال تعال التوفيق و‬
‫السداد ‪ ،‬و الخلصا ف القول و العمحل ‪،‬و أن ينفع بعمحلي هذا مؤلفه و ناشره قارئاه ‪ ،‬و كل من‬
‫سعى ف إخراجه و توزيعه ‪ ،‬إنه تعال سيع ميب ‪،‬و بالجابة جدير ‪ ،‬و على كل شيء قدير ‪.‬‬

‫د‪ /‬خالد كبي علل‬

‫‪/70‬رجب‪/ 22 – 1428/‬جويلية‪2007 /‬‬

‫الفصل الولا‬
‫نقد موقف ابن رشد في تأويله للشريعة‬

‫أول ‪ :‬معنى التأويل ‪ :‬لغة ‪ ،‬و شرعا ‪ ،‬و اصطلحا ‪.‬‬


‫ثانيا ‪ :‬مفهوم التأويل و أسبابه عند ابن رشد ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نماذج من تأويلتا ابن رشد للشريعة ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬من تناقضاتا ابن رشد في موقفه من التأويل ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬هل قالا ابن رشد بالحقيقتين ؟‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬موقف بعض أهل العلم من التأويل الرشدي ‪.‬‬

‫نقد موقف ابن رشد في تأويله للشريعة‬

‫اتبع ابن رشد الفيد‪)1‬ت ‪595‬ه ( أسلفه الؤوليم من الفلسفة و التكلمحيم ‪ ،‬ف تأويلهم‬
‫للنصوصا الشرعية ‪ ،‬لتتفق مع اتاهاتم و اختياراتم الذهبية الخالفة للشرع ‪ .‬و تيعد هو‪-‬أي ابن‬
‫رشد‪ -‬من أكثرهم اهتمحاما بالتأويل ‪ ،‬و مارسة له ‪ .‬فمحا هو مفهومه للتأويل ؟ ‪ ،‬و ما هي تفاصيل‬
‫مذهبه فيه ؟ ‪.‬‬
‫أول ‪ :‬معنى التأويل ‪ :‬لغة ‪ ،‬و شرعا ‪ ،‬و اصطلحا ‪:‬‬
‫‪ 1‬اسامه الكامل هو ‪ :‬أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الندلسي ‪ ،‬كان مالكي الفروع ‪ ،‬فلسفي أرساطي‬
‫الصأول ‪ ،‬له مؤلفات كثيرة في الفلسفة و غيرها ‪ ،‬و كان دائم الشتغال بطلب العلم ‪ .‬ابن العماد الحنبلي ‪ :‬شذرات الذهب ‪ ،‬حققه محمود‬
‫الرناؤوط ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬دار ابن كثير ‪1991 ،‬ن ج ‪ 6‬ص‪. 523-522 :‬‬
‫ذكر ابن منظور الفريقي أن معن التأويل ف اللغة العربية هو ‪ :‬التفسي ‪،‬و التدبي ‪ ،‬و التقدير ‪ ،‬و‬
‫مآل الشيء الذي يصي إليه ‪ .‬و عبارات ‪ :‬التأويل ‪ ،‬و العن ‪ ،‬و التفسي معناها واحد‪ . 1‬و أما معناه‬
‫ت دهـَدذا‬ ‫ف الشرع ‪ ،‬فله معنيان ‪ :‬أولمحا حقيقة الشيء و ما يؤول أمره إليه ‪ ،‬كقوله تعال ‪)) :‬ددقادل يا أدب ت‬
‫د د‬
‫ي تمن قدـَأبتل قدأد دجدعلددها دربب حقا((‪-‬سورةا يوسف ‪ - 100 :‬و ))دهأل دينظتترودن إتلل تدأتويلدهت يدـَأودما‬ ‫تدأتويتل ترأؤديا د‬
‫ت ترتستل دربـَدنا تباألدبق (( –سورةا العراف ‪ ،- 53 :‬بعن‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫يدأتت تدأتويلتهت يدـَتقوتل الذيدن ندتسوهت من قدـَأبتل قدأد دجاء أ‬
‫يوما يأت حقيقة ما تأخبوا به من أمر العاد ‪.‬و العن الثان هو ‪ :‬التفسي و البيان ‪ ،‬و التعبي عن الشيء‬
‫تت‬ ‫ت‬ ‫تت‬
‫يم ((‪-‬سورةا يوسف ‪.2- 36 :‬‬ ‫‪ ،‬كقوله تعال ‪)) :‬ندـَبأئِّـَدنا بتتد أتويله إتلنا ندـَدرادك مدن الأتمحأحسن د‬
‫و أما معناه عند السلف من الفسرين و الفقهاء و الدثآيم ‪ ،‬فمحعناه التفسي و البيان ‪ ،‬و بذا العن‬
‫عرف هؤلء معان القرآن الكري و الديث النبوي الشريف‪ . 3‬و أما معناه عند التأخرين ‪ ،‬من‬
‫التكلمحيم و الصولييم فهو ‪ )) :‬صرف اللفظ عن ظإاهره و حقيقته ‪ ،‬إل مازه و ما تيالف ظإاهره ‪،‬و‬
‫هذا هو الشائاع عندهم (( ‪ .‬لذا تيقال ‪ )) :‬التأويل على خلف الصل (( ‪ ،‬و )) التأويل يتاج إل‬
‫‪4‬‬
‫دليل (( ‪.‬و هذا العن ل يكن السلف يتريدونه بلفظ التأويل ‪،‬و ل هو معن التأويل ف كتاب ال تعال‬
‫‪.‬‬
‫و يتبيم من ذلك أنه تيوجد تطخابق تاما بيم معن التأويل ف الشرع و اللغة ‪،‬و أن علمحاء السلف‬
‫أخذوا بالعن الشرعي و اللغوي للتأويل ‪ ،‬التمحثل ف التفسي و البيان و الشرح ‪ .‬المر الذي يدل على‬
‫أن العن الصحيح للتأويل هو ما وافق الشرع أول ‪ ،‬و اللغة العربية ثآانيا ‪ ،‬و ما كان عليه السلف الول‬
‫ثآالثا ‪ .‬و ما خالف ذلك فهو باطل ‪ ،‬و تريف للنصوصا الشرعية و تلعب با ‪،‬و هو التأويل الذي‬
‫قال به التأخرون ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬مفهوم التأويل و أسبابه عند ابن رشد ‪:‬‬
‫عيرف ابن رشد التأويل بأنه )) إخراج دللة اللفظ من الدللة القيقية إل الدللة الازية ‪ ،‬من غي‬
‫أن تديل ف ذلك بعادةا لسان العرب ف التجيوز من تسمحية الشيء بشبيه أو بسببه أو لحقه أو تمقارنه ‪،‬‬
‫أو غي ذلك من الشياء الت تعددت ف تعريف أصناف الكلما الازي ((‪. 5‬‬
‫و أقول ‪ :‬أول إنه عيرف التأويل تعريفا غي صحيح شرعا و ل لغة ‪ ،‬و ل هو موافق لعناه عند‬
‫السلف الول ‪ .‬فلم يعله تفسيا ‪ ،‬و ل بيانا ‪،‬و ل شرحا ‪،‬و ل ما يصي إليه المر ‪،‬و إنا جعله‬

‫‪ 1‬ا بن منظور ‪ :‬لسان العرب ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬بيروت ‪ ،‬دار صأادر ‪ ،‬ج ‪ 11‬ص‪ . 32 :‬و الفيروز آبادي ‪ :‬القاموس المحيط ‪ ،‬ص‪. 1244 :‬‬
‫‪ 2‬ابن كثير ‪ :‬تفسير القرآن العظيم ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬دار الفكر ‪ ، 1401 ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 348 :‬‬
‫‪ 3‬ابن تيمية ‪ :‬دقائق التفسير ‪ ،‬حققه محمد السيد الجليند ‪ ،‬مؤساسة علوما القرآن ‪ ،‬دمشق ‪ 1404 ،‬ج ‪ 1‬ص‪ . 329 :‬و ابن قيم الجوزية ‪:‬‬
‫الصواعق المرسالة ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬تحقيق ‪ :‬د‪ .‬علي بن محمد الدخيل ا ‪ ،‬دار العاصأمة – الرياض ‪ 1998 - 1418،‬ج ‪ 1‬ص‪ . 175 :‬و ابن‬
‫سالما ‪ :‬غريب الحديث ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬تحقيق ‪ :‬د‪ .‬محمد عبد المعيد خانج ‪ ،‬دار الكتاب العربي – بيروت ‪ ، 13962 ،‬ص‪154 ، 146 ، 141 :‬‬
‫‪ 4‬ابن تيمية ‪ :‬نفس المصدر ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ . 330 :‬و ابن القيم ‪ :‬نفس المصدر ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 175 :‬‬
‫‪ 5‬ابن رشد ‪ :‬فصل القال ف تقرير ما بيم الشريعة و الكمحة من التصال ‪ ،‬حققه محمد عابد الجابري ‪ ،‬ط ‪ ، 3‬بيروت ‪ ،‬مركز دراساات الوحدة‬
‫العربية ‪ ، 2002 ،‬ص‪. 97 :‬‬
‫عمحلية فكرية تترج اللفاظ من دللتها القيقة إل ماز ‪ .‬و الاز ف اللغة العربية هو ‪ :‬استعمحال اللفظ‬
‫ف غي ما توضع له ‪ ،‬مع وجود قرينة مانعة من إرادةا العن الذكور ف ذلك اللفظ‪ . 1‬فالتأويل الصحيح‬
‫ف أصله ليس مازا ‪ ،‬اللهم إل إذا أولنا الاز بعن التفسي و الشرح و البيان ‪.‬‬
‫ص على أن‬ ‫و ثآانيا إن تعريفه للتأويل تيؤدي إل تريف النصوصا الشرعية و التلعب با ‪ ،‬عندما ن ي‬
‫التأويل هو ‪ :‬إخراج للفظ من دللته القيقية إل دللته الازية ‪ .‬ما يعن إخراجه إل دللة مغايرةا‬
‫لدللته القيقية ‪ .‬و هذا ف القيقة ليس مازا ‪ ،‬و إنا هو تريف ‪ ،‬لن الاز هو أسلوب عرب من‬
‫أساليب التعبي عن القيقة بطخريقة بيانية بلغية ‪،‬و ليس نفيا لا ‪ .‬كقوله تعال ‪)) :‬دواأسأدتل الأدقأريدةد التت‬
‫تكلنا تفيدها ((‪-‬سورةا يوسف ‪ ،- 82 :‬و با أن القرية ليست إنسانا لكي نسألا ‪ ،‬فالعن هو أسأل أهل‬
‫القرية ‪ .‬فهذا الاز –عند من جعله مازا‪ -‬عيب عن حقيقة بذا السلوب ‪ ،‬فهو ليس نفيا لا ‪.‬‬
‫و من ذلك أيضا قول رسول ال –عليه الصلةا و السلما‪ )) : -‬النة ف ضلل السيوف ((‪. 2‬‬
‫فالذي لشك فيه هو أن النة ل تتوجد حقيقة و عيانا تت ظإلل السيوف ‪ ،‬لكن الديث النبوي عيب‬
‫عن حقيقة شرعية هي أن الهاد طريق موصل إل النة ‪،‬و أن الهاد له مكانة هامة ف دين السلما ‪.‬‬
‫و من ذلك أيضا قولنا عن الرجل الشجاع إذا قدما إلينا ‪ :‬جاء السد ‪ .‬فعيبنا عن صفة الشجاعة فيه‬
‫بالسد ‪ .‬فوصفناه بصفة تمحل حقيقة لتصف حقيقة متصف با هذا الرجل ‪ .‬فهو ليس أسدا بعن‬
‫اليوان ‪ ،‬لكنه أسد بعن أنه تمتصف بصفة الشجاعة الت هي أخص صفات السد ‪.‬‬
‫و ثآالثا إنه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬عيرف التأويل بأنه إخراج للفظ من دللته القيقية إل دللته الازية ‪ ،‬و‬
‫هذا تعريف مالف للتأويل الصحيح الذي يعن التفسي و البيان و الشرح ‪،‬و نص عليه ال تعال ف‬
‫يم دلتتم التذي اأختدـَلدتفواأ تفيته دوتهددى دودرأحدةد لبدقأومما يـَتأؤتمتنودن – سورةا‬ ‫ت‬
‫ب إتلل لتتبدـَ ب د‬
‫قوله ‪)) :‬وما دأنزجلأدنا علدي د ت‬
‫ك الأكدتا د‬ ‫دد د د أ‬
‫النحل ‪ . - 64 :‬فالرسول –عليه الصلةا و السلما‪ -‬من مهامه تبييم القرآن الكري و شرحه‬
‫للمحسلمحيم ‪،‬و ليس تأويله لم بإخراجه عن دللته القيقية إل دللته الازية الزجعومة ‪ .‬مع أن النصوصا‬
‫الشرعية مكمحة تتفسر بعضها بعضا ‪،‬و ل يأتيها الباطل من بيم يديها و ل من خلفها ‪ ،‬لقوله تعال ‪:‬‬
‫ت تمن لتدأن دحتكيمم دخبتمي ((‪-‬سورةا هود ‪ ،- 1 :‬و ))ل يدأتتيته الأدباتطتل‬ ‫صلد أ‬
‫ت آدياتتهت تثل فت ب‬ ‫ت‬
‫ب أتأحكدمح أ‬
‫ت‬
‫))ادلر كدتا ب‬
‫حيمد ((‪ -‬سورةا فصلت ‪ .-42 :‬فالنصوصا الشرعية تأب‬ ‫يم يدديته ودل تمن خألتفته دتنتزجيل بمن حتكيمم دت‬
‫ب أ د‬ ‫من بدـَ أ ت د أ د أ د‬
‫ت‬
‫ذلك التأويل الرشدي الزجعوما و ترفضه رفضا مطخلقا ‪ .‬فإذا أخضعناها له فيحرفها و يتلعب با ‪ ،‬المر‬
‫الذي يدل على أن التأويل الرشدي ليس تفسيا و ل مازا ‪ ،‬و إنا هو تريف و تزجييف ‪ .‬لن التفسي‬
‫هو شرح و تبييم و توضيح لعان النصوصا من دون تريف لا ‪.‬و لن الاز هو أسلوب عرب تيعب به‬

‫‪ 1‬الشريف الجرجاني ‪ :‬كتاب التعريفات ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ، 1995 ،‬ص‪. 204 ، 203 :‬‬
‫‪ 2‬البخاري ك الصحيح ‪ ،‬حققه مصطفى ديب البغا ‪ ،‬دار ابن كثير ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1987 ،‬ج ‪ 3‬ص‪ ، 1037 :‬رقم الحديث ‪. 2663 :‬‬
‫عن القيقة الصلية بطخريقة بيانية بلغية بل نفي لا و ل تزجييف ‪ ،‬و بل إخراج لللفاظ من دللتها‬
‫القيقية ‪،‬و إنا هو تعبي عنها بطخريقة مازية بلغية ‪.‬‬
‫و رابعا إنه ما لشك أن القرآن الكري استعمحل متلف أساليب التعبي ف اللغة العربية ‪ ،‬كالتشبيه‬
‫ت‬
‫يم ((‪-‬سورةا الشعراء ‪:‬‬ ‫‪،‬و الستعارةا ‪،‬و الاز ‪ ،‬و قد وصف ال تعال كتابه بأنه أنزجله ))بتلدسامن دعدرت ب‬
‫ب مبت م‬
‫‪ .-195‬فاستعمحل ال تعال تلك الساليب للتعبي عن القائاق الذكورةا ف كتابه العزجيزج ‪ .‬و با أنا‬
‫حقائاق فل يصح أبدا إخضاعها للتأويل الرشدي لتيخرجها من دللتا القيقية إل مازات وهية ‪.‬‬
‫فمحاذا يبقى فيها إذا أخرجناها من دللتا القيقية ؟ ! ‪ ،‬ل يبقى فيها إل الظنون و الوهاما و الهواء ‪.‬‬
‫و با أن النصوصا الشرعية كلها حقائاق بختلف أساليبها التعبيية ‪ ،‬تتفهم بالتفسي و البيان و الشرح‬
‫على الطخريقة الشرعية ف فهم القرآن الكري ‪ ،‬فإن التأويل الرشدي –الخالف للشرع و اللغة‪ -‬ل يصح‬
‫استخدامه لفهم النصوصا الشرعية ‪.‬‬
‫و خامسا إن ابن رشد –ف تعريفه للتأويل‪ -‬ل يكن منطخلقه صحيحا ‪ ،‬فلم يأخذ معناه من الشرع ‪،‬‬
‫و ل من لغة القرآن الكري ‪،‬و ل من فهم السلف الول له ‪ .‬و إنا انطخلق –ف فهمحه له‪ -‬من منطخلق‬
‫كلمي فلسفي تمددثَ ‪ ،‬اختلقه الؤولون من التكلمحيم و الفلسفة ‪ .‬فلم يكن تمنطخلقه تمنطخلقا علمحيا‬
‫موضوعيا ‪ ،‬و إنا كان منطخلقا مذهبيا موجها لدمة أفكار مذهبية مسبقة ‪ .‬و عمحل هذا حاله مرفوض‬
‫شرعا و عقل ‪ ،‬لنه ل يصح تأويل الشرع بل دليل من الشرع نفسه من جهة ‪ ،‬و نفرض عليه مفهوما‬
‫ليس شرعيا و بل دليل صحيح من اللغة العربية من جهة أخرى ‪ .‬فمحسلك ابن رشد هو انراف‬
‫منهجي خطخي يقدح ف نزجاهته و موضوعيته ‪.‬‬
‫و سادسا إنه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬وصف تأويله ‪-‬الذي تبناه و ذكرناه سابقا‪ -‬بأنه على )) قانون التأويل‬
‫العرب ((‪ . 1‬و قوله هذا غي صحيح ‪ ،‬لن التأويل العرب الصحيح هو الوافق لعن التأويل ف الشرع و‬
‫لغة القرآن ‪،‬و عند السلف الول ‪ .‬با أن تأويله الزجعوما مالف لذا العن ‪ ،‬فإنه ليس على قانون التأويل‬
‫العرب بالضرورةا ‪ ،‬و إنا هو على قانون الؤوليم من التكلمحيم و الفقهاء و الفلسفة ‪.‬‬
‫و أما لاذا دعا ابن رشد إل تأويل الشرع ؟ ‪ -‬وفق مفهومه للتأويل‪ ، -‬فهو يرى أن سبب ذلك هو‬
‫التعارض الذي قد يدثَ بيم النظر البهان و النصوصا الشرعية ‪ ،‬فإذا أدى )) النظر البهان إل نو‬
‫ما من العرفة بوجود ما ‪ ،‬فل يلوا ذلك الوجود أن يكون قد تسكت عنه ف الشرع أو عتيرف به ‪ .‬فإن‬
‫كان ما قد تسكت عنه فل تعارض هناك ‪ ،‬و هو بنزجلة ما تسكت عنه من الحكاما ‪ ...‬و إن كانت‬
‫الشريعة نطخقت به ‪ ،‬فل يلو ظإاهر النطخق أن يكون موافقا لا أدى إليه البهان فيه أو مالفا ‪ .‬فإن كان‬
‫موافقا فل قول هناك ‪ ،‬و إن كان مالفا تطلب تأويله ((‪ .‬و قال أيضا ‪ )) :‬و نن نقطخع قطخعا أن كل‬

‫‪ 1‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 98 :‬‬


‫ما أدى إليه البهان و خالفه ظإاهر الشرع ‪ ،‬أن ذلك الظاهر يقبل التأويل على قانون التأويل العرب (( ‪.‬‬
‫ص صراحة على أن ف الشرع ظإواهر متعارضة بسببها يكون التأويل‪. 1‬‬ ‫ون ي‬
‫و قوله هذا غي صحيح ‪ ،‬و يتضمحن انرافا منهجيا كبيا ‪ ،‬لنه أول افتحض أمرا وهيا ل وجود له ف‬
‫الشرع أصل ‪ ،‬ث بن عليه أمرا خطخيا ‪ ،‬و هو ‪ :‬إقرار مبدأ التأويل و التأصيل له حسب مفهومه له ‪ .‬و‬
‫هذا أمر ل يصح لنه ل تيوجد أي تعارض بيم النصوصا الشرعية نفسها إذا فهمحناها وفق النهج‬
‫الشرعي الصحيح ‪ .‬و لنه أيضا ل تيوجد دليل ف الشرع نص على التأويل الرشدي ‪ ،‬أو دعا إليه و‬
‫حث عليه ‪ .‬فليس لبن رشد دليل على شرعية تأويله مبدأ و مفهوما ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن قوله باحتمحال مالفة النص الشرعي للنظر البهان –حسب زعمحه‪ -‬هو قول ل يصح‬
‫تصيوره و القول به شرعا و ل عقل ‪ .‬فإما شرعا فإن ال تعال وصف كتابه بأنه حق و برهان ‪،‬و نور و‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫ب مبت ب‬
‫يم‬ ‫بيان ‪ ،‬ل يأتيه الباطل من بيم يديه و ل من خلفه لقوله تعال ‪)) :‬قدأد دجاءتكم بمدن الليه تنوبر دوكدتا ب‬
‫س قدأد دجاءتكم بـَتأردهابن بمن لربتكأم دودأندزجلأدنا إتلدأيتكأم تنوراد متبيناد ((‪-‬‬
‫((‪-‬سورةا الائادةا ‪ ، - 15 :‬و )) ديا أديـَمدها اللنا ت‬
‫ت تمن لتدأن دحتكيمم دخبتمي ((‪-‬سورةا هود‬ ‫صلد أ‬
‫ت آدياتهت تثل فت ب‬ ‫ت‬
‫ب أتأحكدمح أ‬
‫ت‬
‫سورةا النساء ‪ ،- 174 :‬و ))ادلر كدتا ب‬
‫حيمد ((‪ -‬سورةا فصلت ‪:‬‬ ‫يم يدديته ودل تمن خألتفته دتنتزجيل بمن حتكيمم دت‬
‫ب أ د‬
‫تت ت ت‬
‫‪ ،- 1 :‬و ))ل يدأتيه الأدباطتل من بدـَ أ ت د أ د أ د‬
‫‪ . -42‬و كتاب هذه حاله و صفاته و حقيقته ل يصح أبدا فرض احتمحال مالفته للبهان الصحيح ‪،‬‬
‫و فرضه و القول به هو رد للشرع ‪،‬و طعن فيه ‪ ،‬و تكذيب ل و رسوله ‪.‬‬
‫و أما عقل فل يصح ف العقل افتحاض إمكانية تعارض حقائاق العلم الثابتة مع نصوصا الشرع‬
‫الصحيحة و القطخعية الدللة ‪ ،‬لن مصدرها واحد ‪ ،‬هو ال تعال ‪ ،‬فل يتعارض كتابه السطخور مع‬
‫كتابه النظور ‪ .‬فيستحيل أن يدثَ تعارض حقيقي بينهمحا ‪ ،‬و إنا قد يدثَ توهم للتعارض على‬
‫مستوى الفهاما و ليس على مستوى النصوصا و القائاق العلمحية ‪ .‬فإذا حدثَ ذلك فهو إما أنه خطخأ‬
‫ف فهم النصوصا ‪ ،‬و إما أنه اعتمحاد على نص غي صحيح ‪ ،‬و إما أنه خطخأ ف فهم الظاهرةا الطخبيعية ‪،‬‬
‫و إما أنه اعتمحاد على نظريات و آراء و ظإنون ل تثبت صحتها بالدليل العلمحي القطخعي ‪ .‬و قد تتمحع‬
‫كل هذه الحتمحالت أو بعضها ف سعينا لفهم نصوصا الشرع و مظاهر الطخبيعة ‪ .‬و بذلك يتبيم أنه‬
‫ل يصح القول أبدا بإمكانية حدوثَ تعارض حقيقي بيم النص الصحيح و القيقة البهانية العلمحية ‪،‬‬
‫لن النقل الصحيح ل تيالف العقل الصريح ‪ ،‬و العلم الصحيح ‪ ،‬و بذلك يسقط مبر ابن رشد ف‬
‫دعوى التأويل حسب فهمحه له ‪.‬‬
‫و ثآالثا إن منطخلقه البهان‪ -‬الذي اعتمحد عليه ف دعوى التعارض و التأويل‪ -‬هو منطخلق ظإن غي‬
‫قطخعي ‪ ،‬و التمحثل ف الفلسفة اليونانية عامة و الرسطخية خاصة‪ ، 2‬و هو منطخلق ل يصح العتمحاد عليه‬

‫‪ 1‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 98 ،97 :‬‬


‫‪ 2‬هذا أمر ثابت في فكر ابن رشد ل يحتاج إلى توثيقه هنا ‪،‬و سايتوثق عشرات المرات فيما يأتي من فصول هذا الكتاب ‪.‬‬
‫‪ ،‬و الحتكاما إليه ‪ ،‬و الوثآوق به ‪ ،‬شرعا و ل عقل ‪ .‬فأما شرعا فإنه ل يصح أن نعل تلك الفلسفة‬
‫البشرية القاصرةا الظنية دحكمحاد على الشرع ‪،‬و ل مساوية له ‪،‬و ل مزجاحة له ‪،‬و ل متقدمة عليه ‪ .‬لن‬
‫السلما شريعة إلية يرفض كل الذاهب و العقائاد و النحل الخالفة له ‪،‬و يأمر كل البشرية بالدخول‬
‫فيه و الستسلما له فكرا و روحا و سلوكا ‪،‬و من أب عليه أن يتحمحل مسؤوليته يوما يقوما الناس لرب‬
‫العاليم ‪ .‬قال تعال ‪)) :‬دوأدلن دهـَدذا تصدراتطي تمأستدتقيمحاد دفاتلبتتعوهت دولد تدـَتلبتعتواأ المسبتدل فدـَتدـَدفلردق بتتكأم دعن دستبيلتته‬
‫صاتكم بتته لددعلتكأم تدـَتلـَتقودن ((‪-‬سورةا النعاما ‪ ،- 153 :‬و ))إتلن البديدن تعندد الليته اتلأسلدتما ((‪ -‬سورةا‬ ‫دذلتتكأم دو ل‬
‫لاتستريدن ((‪-‬‬ ‫ت ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫غيـَدر اتلأسلدتما ديناد فدـَدلن يـَتأقبددل مأنهت دوتهدو تف الخدرتةا مدن ا أد‬ ‫آل عمحران ‪- 19 :‬و ))دودمن يدـَأبتدتغ دأ‬
‫سورةا آل عمحران ‪.-85 :‬‬
‫و أما عقل فل يصح أن نعل فلسفة اليونان دحكمحاد على الشرع ‪ ،‬و هي فكر بشري ‪ ،‬أخطخاؤها‬
‫كثيةا جدا ‪،‬و صوابا قليل جدا ‪ ،‬مليئِّة بالوهاما و الظنون و الرافات ‪ .‬و قد أثآبتت الدراسات العلمحية‬
‫الديثة خطخأ معظم ما ف تلك الفلسفة ‪ ،‬و سنقيم الدلة الصحيحة على ذلك ف الفصل الثان و‬
‫الرابع و الامس بول ال تعال ‪ .‬و عليه فل يصح أبدا اتاذ هذه الفلسفة منطخلقا و معيارا و حكمحا ف‬
‫النظر إل الشرع ‪،‬و إنا الصحيح هو عكس ذلك ‪ ،‬بأن نعل الشرع منطخلقا و حكمحا و معيارا ف النظر‬
‫إل تلك الفلسفة و ف كل الفكر البشري ‪.‬‬
‫و رابعا إنه واضح من كلمه السابق أن الداعي إل التأويل هو اعتقاد وجود تعارض بيم النظر‬
‫البهان الزجعوما ‪،‬و بعض النصوصا الشرعية ‪ ،‬المر الذي يعن أن التأويل عنده ليس تفسيا و شرحا ‪،‬و‬
‫ل بيانا و مازا ‪ ،‬و إنا هو إخراج لذلك التعارض التوهم من تلك النصوصا بإخراج اللفظ من دللته‬
‫ت‬
‫القيقية الصحيحة لتوافق ذلك النظر البهان الزجعوما الأخوذ من الفلسفة اليونانية الظنية ‪ .‬و هذا –بل‬
‫شك‪ -‬ليس تأويل صحيحا شرعا ‪ ،‬و ل لغة ‪ ،‬و ل عقل ‪ ،‬و ل هو على قانون التأويل العرب الذي‬
‫ادعاه ابن رشد ؛ و إنا هو عمحلية تريفية تلفيقية للنصوصا الشرعية لتتوافق مع تلك الفلسفة الزجعومة ‪.‬‬
‫و خامسا إنه واضح‪ -‬ما تقدما‪ -‬أن ابن رشد لأ إل التأويل –حسب فهمحه له‪ -‬لنه نظر إل الشرع‬
‫إنطخلقا من خلفيته الفلسفية الرسطخية الشائاية ‪ ،‬فمحا وافقها من الشرع قبله ‪ ،‬و ما خالفها منه يب‬
‫تأويله لزالة التعارض الوهوما ‪ .‬و هذا انراف منهجي كبي و خطخي ‪ ،‬مرفوض شرعا و عقل ‪،‬و قد‬
‫سبق أن بيناه ‪ .‬فكان يب عليه –تفاديا لذلك النراف‪ -‬أن ينطخلق من الشرع أول ‪ ،‬فيفهمحه من‬
‫داخله و يتخذه منطخلقا و معيارا و حكمحا ف نظره إل الشرع و الفلسفة معا ‪ .‬فلو فعل ذلك ما لأ‬
‫أصل إل حكاية التأويل و الاز ‪ ،‬و افتحاض احتمحالت التعارض بيم الشرع و النظر البهان حسب‬
‫زعمحه ‪ .‬و با أنه افتحض ذلك ‪ ،‬فيكون قد قيدما العقل الناقص النسب القاصر على الشرع الطخلق‬
‫الصحيح ‪ .‬و هذا ل يصح شرعا و ل عقل ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نماذج من تأويلتا ابن رشد للشريعة ‪:‬‬
‫اهتم ابن رشد بالتأويل‪-‬حسب فهمحه له‪ -‬اهتمحاما كبيا تأصيل و تطخبيقا ‪ .‬فمحن ذلك أنه أدعى أن‬
‫نصوصا الشريعة تتكون من قسمحيم ‪ ،‬الول قسم ظإاهر هو فرض المحهور ‪ ،‬و الثان قسم تمؤيول ‪ ،‬و‬
‫هو فرض العلمحاء‪. 1‬‬
‫و تقسيمحه هذا ليس له فيه دليل صحيح ‪ ،‬لنه أول أن اختلف مفهوما التأويل ف الشرع و عند ابن‬
‫رشد يعن أن الؤيول لديه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬ليس هو النص الشرعي غي الفهوما الذي يتاج إل شرح و‬
‫بيان و تفسي لكي تيفهم فهمحا صحيحا ‪ ،‬و إنا هو النص الشرعي الخالف للفلسفة الرسطخية الشائاية‬
‫‪ ،‬هو الذي يب تأويله –بل تريفه‪ -‬ليتفق مع تلك الفلسفة ‪ .‬و هذا مقياس باطل شرعا و عقل ‪،‬‬
‫سبق أن أثآبتنا بطخلنه ‪ .‬كمحا أنه ليس لبن رشد دليل صحيح أصل ف ذلك التقسيم ‪ .‬لن الشرع كله‬
‫حقائاق ‪ ،‬و براهيم ‪،‬و آيات بينات ‪ ،‬ل يتاج أبدا إل ذلك التأويل التحريفي التلفيقي ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن ذلك التقسيم للنصوصا الشرعية تمالف للشرع نفسه الذي قسم النصوصا إل تمكمحات و‬
‫متشابات ‪،‬و ل تيقسمحها إل ظإاهر خاصا بالمحهور ‪،‬و إل تمؤيول خاصا بالعلمحاء ‪ .‬و النصوصا‬
‫ص‬‫الشرعية بنوعيها هي ف النهاية كلها تمكمحة و ل تقبل التقسيم الرشدي ‪ ،‬لن ال تعال الذي ن ي‬
‫ك الأتكدتا ت‬ ‫لت‬
‫ت تهلن‬ ‫ت مأمدكدمحا ب‬ ‫ب مأنهت آديا ب‬ ‫د‬ ‫ي دأندزجدل دعلدأي د‬
‫على وجود الكم و التشابه ف قوله تعال ‪ )) :‬تهدو ا ذ د‬
‫ت فدأدلما التذيدن ف قتـَتلوتبتأم دزيأبغ فدـَيدتلبتتعودن دما تددشابدهد تمأنهت ابأتتدغاء الأتفأتـَندتة دوابأتتدغاء تدأتويلتته‬ ‫ت‬ ‫أتمما الأتكدتا ت‬
‫ب دوأتدختر تمتددشا دبا ب‬
‫وما يـَأعلدم تدأتويلدهت إتلل الليهت واللراتستخودن تف الأعتألتم يـَتقوتلودن آملنا بتته تكلل بمن تعنتد ربـَدنا وما يلذلكر إتلل أتولتواأ اللأبا ت‬
‫ب‬ ‫د‬ ‫د دد د ت أ‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫د‬ ‫د‬ ‫دد د ت‬
‫ب‬ ‫ت‬
‫ص أيضا على أن القرآن الكري هو ‪ )) :‬ادلر كدتا ب‬ ‫((‪-‬سورةا آل عمحران ‪ .- 7 :‬هو نفسه الذي ن ي‬
‫يم يددديأته‬‫ت تمن لتدأن دحتكيمم دخبتمي ((‪-‬سورةا هود ‪ - 1 :‬و ))دل يدأتتيته الأدباتطل تمن بدـَ أ ت‬
‫ت‬ ‫صلد أ‬
‫ت‬
‫أتأحكدمح أ‬
‫ت آدياتهت تثل فت ب‬
‫حيمد((‪-‬سورةا فصلت ‪ .-42 :‬فالنصوصا الشرعية ف النهاية كلها‬ ‫ودل تمن خألتفته دتنتزجيل بمن حتكيمم دت‬
‫ب أ د‬ ‫د أ د‬
‫تمكمحة ‪ ،‬لن التشابات تمكمحة هي أيضا بحكات الكتاب و السنة النبوية الصحيحة ‪ .‬المر الذي‬
‫يدل على أن كل من الكمحات و التشابات ل تقبل ذلك التقسيم الرشدي ‪ ،‬و ل يصح تطخبيقه‬
‫عليها ‪ ،‬و ل إخضاعها للتأويل الرشدي الشائاي التحريفي الخالف للشرع و اللغة معا ‪.‬‬
‫و النمحوذج الثان ‪ ،‬مفاده أن ابن رشد قيسم الشرع إل ظإاهر منه ما ل يوز تأويله ‪ ،‬فإن أتيول و كان‬
‫يتعلق بالبادئ فهو كفر ؛ و إن كان فيمحا دون ذلك فهو بدعة ‪ .‬و منه أيضا نوع يب على أهل‬
‫البهان تأويله و حلهم )) إياه على ظإاهره كفر (( ‪ .‬و تأويل غيهم‪-‬من غي أهل البهان‪ -‬لذا النوع‬
‫هو كفر ف حقهم أو بدعة ‪ .‬و من الصنف الذي يب تأويله آية الستواء و حديث النزجول ‪ ،‬لذا قال‬
‫الرسول‪-‬عليه الصلةا و السلما‪ -‬ف الارية السوداء عندما أخبته أن ال ف السمحاء‪ )) : -‬اعتقها فإنا‬
‫مؤمنة (( لنا ل تكن من )) أهل البهان ‪ .‬و السبب ف ذلك أن الصنف من الناس الذين ل يقع لم‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬الكشف عن مناهج الدلة في عقائد الملة ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬بيروت ‪ ،‬مركز دراساات الوحدة العربية ‪ ،2001 ،‬ص‪. 99 :‬‬
‫التصديق إل من قبل التخيل ‪ ،‬أعن أنم ل تيصدقون بالشيء إل من جهة ما يتخيلونه ‪ ،‬يعسر وقوع‬
‫التصديق لم بوجود ليس منسوبا إل شيء تمتخيل ((‪. 1‬‬
‫و ردا عليه أقول ‪ :‬أول إن قوله بأن ف الشرع ظإاهر ل يوز تأويله ‪ ،‬و تأويله كفر ‪ ،‬و فيه أيضا ظإاهر‬
‫يب تأويله و تركه كفر ‪ ،‬هو قول غي صحيح ‪ ،‬لن الشرع كله قابل للتأويل الشرعي الذي يعن‬
‫التفسي و البيان و الشرح ‪ ،‬و هذا ينطخبق على مكمحات الكتاب و متشاباته دون استثناء ‪ .‬و أما‬
‫التأويل الشائاي الرشدي الذي قال به ابن رشد و دعا إل تطخبيقه على الشرع فهو تأويل باطل ل يصح‬
‫استخدامه مع النوع الول و ل مع الثان ‪ .‬علمحا بأن هذا التقسيم ل دليل له عليه من الشرع و ل من‬
‫العقل ؛ فالشرع تمكم كله ل يأتيه الباطل من بيم يديه و ل من خلفه ‪ ،‬و تيفهم بنهجه الشرعي ‪ .‬و‬
‫العقل الفطخري الصريح ل ينكر من القرآن شيئِّا ‪،‬و ل تيوجد فيه دليل صحيح يقول بذلك التقسيم‬
‫الزجعوما ‪ ،‬و المثلة الت ذكرها ل تتؤيد ما ذهب إليه ‪ ،‬و سنتكلم عنها قريبا إن شاء ال تعال ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن قوله بأن آية الستواء هي من النوع الظاهر الذي يب على أهل البهان تأويله ‪،‬و إل‬
‫ص ف كتابه العزجيزج‬ ‫وقعوا ف الكفر ‪ ،‬فهو قول غي صحيح شرعا و ل عقل ‪ .‬فأما شرعا فإن ال تعال ن ي‬
‫على أنه استوى على العرش ف قوله ‪)) :‬اللرأحدتن دعدلى الأدعأرتش اأستدـَدوى ((‪-‬سورةا طه ‪ ،-5 :‬و عليه فل‬
‫يصح أبدا إنكار هذا الستواء ‪ ،‬و ل يوز تشبيهه و تسيمحه و تكييفه ‪ ،‬و إنا يب إثآباته ل تعال با‬
‫يليق به ‪،‬و نتحك كيفيته و حقيقته ل تعال ‪ ،‬فهو العال به ‪،‬و علينا أن ننظر إل الستواء و كل صفات‬
‫صيت (( –‬ ‫ال تعال ف إطار قواعد التنزجيه الشرعية كقوله تعال ‪ )) :‬لديس دكتمحثألتته دشيء وهو اللستمحيع الب ت‬
‫ت د‬ ‫أ ب دتد‬ ‫أ د‬
‫ضتربتواأ لتليته‬‫سورةا الشورى ‪ ،-11 :‬و ))دودلأ يدتكن لهت تكتفواد أددحبد ((‪-‬سورةا الخلصا ‪ ،-4 :‬و )) فدلد تد أ‬
‫الدأمدثادل إتلن الليهد يدـَأعلدتم دودأنتتأم لد تدـَأعلدتمحودن ((‪-‬سورةا النحل ‪- 74 :‬‬
‫و أما عقل فإن صفة الستواء ليست نقصا لكي ننفيها عن ال تعال ‪ ،‬بل هي صفة كمحال و علو ‪،‬‬
‫أثآبتها ال تعال لنفسه ‪ ،‬فيجب إثآباتا له ‪ .‬و ل تيوجد أي مانع عقلي صحيح يعلنا ننفي اتصاف ال‬
‫تعال بتلك الصفة ‪ ،‬فبمحا أن ال تعال له صفات الكمحال الثلى و السن ‪ ،‬و فعال لا يريد ‪ ،‬و وصف‬
‫ت‬
‫نفسه بالستواء ‪ ،‬فهذا يعن أن الستواء صفة كمحال يب إثآباته ‪ ،‬و ليس للعقل فيه أي مطخعن‬
‫صحيح ‪.‬‬
‫و ثآالثا إن قوله بأن حديث النزجول هو من النوع الظاهر الذي يب على أهل البهان تأويله ‪ ،‬هو‬
‫قول غي صحيح ‪ ،‬لن حديث النزجول هو حديث صحيح‪ ،2‬يب قبوله و فهمحه فهمحا صحيحا انطخلقا‬
‫من نصوصا التنزجيه الت هي قواعد أساسية ف موضوع الصفات اللية ‪ .‬و ذلك الديث ل يتناقض مع‬
‫تلك القواعد التنزجيهية ‪ ،‬و إنا يندرج فيها ‪ ،‬و با نضعه ف مكانه الصحيح ‪ .‬و إثآباتنا لديث النزجول ل‬
‫‪ 1‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 111 :‬‬
‫‪ 2‬يقول فيه الرساول‪-‬عليه الصلة و السلما‪ ) :)))) : -‬ينزلا ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الخر يقولا من يدعوني‬
‫فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له (( ‪ .‬مسلم ‪ :‬الصحيح ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ ، 384 :‬رقم الحديث ‪. 1094 :‬‬
‫يعن أننا ننظر إليه نظرتنا إل حركات النسان من نزجول و صعود و جلوس ‪ ،‬فهذا كلما باطل شرعا و‬
‫عقل ‪ ،‬و إنا ننظر إليه إنطخلقا من قواعد التنزجيه كقوله تعال ‪ )) :‬ليس كمحثله شيء و هو السمحيع‬
‫البصي (( ‪-‬سورةا النحل‪ . (( -74:‬فنزجوله سبحانه تنثبته له با يليق به ‪ ،‬بل تشبيه ‪ ،‬ول تسيم ‪ ،‬و ل‬
‫تكييف ‪ ،‬و ل تأويل ‪ ،‬و ل تعطخيل ‪ .‬و مثاله قوله تعال ‪)) :‬فدـَلدلمحا دتدللى دربمهت لتألدجبدتل دجدعلدهت ديكاد دودخلر‬
‫تت‬ ‫ت إتلدأي د‬ ‫صتعقاد فدـَلدلمحا أددفادق دقادل تسأبدحاند د‬
‫يم ((‪-‬سورةا العراف ‪،-143 :‬‬ ‫ك دوأدنداأ أدلوتل الأتمحأؤمن د‬ ‫ك تتـَأب ت‬ ‫مودسى د‬
‫فالتجلي حدثَ فعل ‪ ،‬لكننا ل نعرف كيفيته و ل حقيقته ‪،‬و ل يعلم ذلك إل ال تعال ‪ ،‬لكن يب‬
‫علينا إثآبات حدوثآه ‪ ،‬ننكل كيفيته و حقيقته لعلما الغيوب سبحانه و تعال ‪ .‬فحديث النزجول من هذا‬
‫القبيل يب إثآباته ‪ ،‬و هو ل يتناقض مع الشرع الصحيح‪ ،‬و ل مع العقل الفطخري الصريح ‪ .‬و أما زعم‬
‫ابن رشد بأنه يتناقض مع العقل ‪ ،‬فالمر ليس كذلك ‪ ،‬و إنا هو يتناقض مع العقل الرسطخي الشائاي‬
‫الرشدي ‪ ،‬الذي ل وزن و ل اعتبار له ف اليزجان الصحيح القائام على النقل الصحيح و العقل الصريح ‪،‬‬
‫لن ذلك العقل‪ -‬أي الرسطخي الشائاي‪ -‬هو عقل مريض تمشيوه أفسدته الفلسفة الرسطخسة الشائاية‬
‫بإلياتا الوهية الرافية‪. 1‬‬
‫و رابعا إن قوله بأن حديث الارية السوداء هو من الحاديث الت يب على أهل البهان تأويله ‪،‬‬
‫هو قول ل يصح ‪ ،‬لن هذا الديث قد صيح عن رسول ال –عليه الصلةا و السلما‪ ،-‬و نصه الكامل‬
‫هو أن صحابيا قال ‪ )) :‬كانت ل جارية ترعى غنمحا ل قبل أحد والوانية ‪ ،‬فاطلعت ذات يوما فإذا‬
‫الذيب ] الذئاب ؟ ؟ [ قد ذهب بشاةا من غنمحها ‪ ،‬و أنا رجل من بن آدما آسف كمحا يأسفون لكن‬
‫صككتها صكة‪ ،‬فأتيت رسول ال‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬فعظم ذلك علي قلت يا رسول ال أفل‬
‫أعتقها ؟ قال ‪ :‬ائاتن با فأتيته با فقال لا ‪ :‬أين ال ؟ قالت ‪ :‬ف السمحاء قال ‪ :‬من أنا ؟ قالت ‪ :‬أنت‬
‫رسول ال قال أعتقها فإنا مؤمنة ((‪ . 2‬فهو حديث صحيح و قاطع بأن ال تعال ف السمحاء ‪ ،‬و ل‬
‫يتاج إل تأويل رشدي ‪ ،‬و ل إل قول ابن رشد بأن الارية ل تكن من أهل البهان ‪ ،‬لن كلمه هذا‬
‫هو رد لديث رسول ال ‪ ،‬و طعن فيه أيضا ‪ ،‬و فيه تغليط و تلبيس على القراء ‪ ،‬لن الذي سألا أين‬
‫ال ؟ ‪ ،‬و وافقها على جوابا هو النب –عليه الصلةا و السلما‪ ، -‬و هو ل يقول إل حفا ‪ .‬و عليه‬
‫فإنه ل يصح شرعا و ل عقل الزجعم بأن رسول ال فعل معها ذلك لنا ل تكن من أهل البهان ‪.‬‬
‫فهذا الزجعم هو طعن ف ال و رسوله ‪ ،‬و مالف لضروريات الشرع و مبادئاه ‪ ،‬فالنب ل يقول إل حقا ‪،‬‬
‫أرسله ال تعال رحة للعلمحيم لتيخرج الناس من الظلمحات إل النور ‪ ،‬و تيبيم لم أمر دينهم و دنياهم ‪ .‬و‬
‫من كانت هذه صفات ل تيقال ‪ :‬أنه ل يكن صريا و ل صادقا ف كلمه مع الارية ‪ .‬لن هذا يعن‬

‫‪ 1‬سانثبت ذلك و نوثقه في الفصلين الثاني و الرابع ‪ ،‬إن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫‪ 2‬مسلم ‪ :‬الصحيح ‪ ،‬حققه فؤاد عبد البالقي ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي – بيروت ‪ ،‬دت ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ ، 381 :‬رقم الحديث ‪.‬‬
‫أنه غيشها ف سؤاله و موافقته لا ‪ ،‬و هذا –بل شك – زعم باطل ‪ ،‬و القول به هو ظإلل مبيم ‪ ،‬و‬
‫جهل كبي ‪.‬‬
‫و خامسا إنه يتبيم من كلمه السابق أمران خطخيان جدا ‪ ،‬و ذلك أنه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬زعم أن من‬
‫الشرع ظإاهر يب على أهل البهان تأويله ‪ ،‬فإن تركوه و حلوه على ظإاهره كان ذلك كفرا ‪ .‬فهذا‬
‫الزجعم يتضمحن المرين الطخيين ‪ ،‬أولمحا مفاده أن معظم السلمحيم هم على كفر ف موقفهم من ذلك‬
‫النوع من النصوصا ‪ ،‬لنم ليسوا من أهل البهان على حد زعمحه ‪ ،‬فإن حاولوا تأويله فهم على كفر أو‬
‫على بدعة ‪ ،‬لنم ليسوا أهل لذا التأويل ‪ ،‬و ل لم القدرةا على مارسته على حد زعمحه ‪.‬‬
‫و أما المر الثان فيعن أن ال تعال و رسوله قد أقرا معظم السلمحيم على هذا الكفر الزجعوما ‪،‬‬
‫عندما تركاهم على موقفهم من هذا النوع الظاهر من النصوصا ‪ ،‬و ل تيرشداهم إل الطخريق الصحيح ف‬
‫التعامل مع هذا النوع من اليات ‪ .‬فهم على هذا الكفر الزجعوما إل أن يرثَ ال الرض و من عليها ‪.‬‬
‫و ل يتخيلص منه إل ابن رشد و أمثاله من الشائايم أهل البهان الزجعوما ‪.‬‬
‫و ل شك أن ما زعمحه ابن رشد باطل جلة و تفصيل ‪ ،‬شرعا و عقل ‪ ،‬لن ال تعال ذكر مرارا –ف‬
‫كتابه العزجيزج – أنه أرسل ممحدا بدين الق لتيخرج الناس من الظلمحات إل النور ‪ ،‬و تيعلمحهم الكتابة و‬
‫ت‬
‫ت لدتكأم ديندتكأم دوأدأتدأمح ت‬
‫ت دعلدأيتكأم‬ ‫الكمحة ‪ ،‬و أنه أت للمحسلمحيم دينهم ‪ ،‬ف قوله تعال ‪)) :‬األيدـَأودما أدأكدمحأل ت‬
‫ت لدتكتم اتلأسلددما تديناد ((‪-‬سورةا الائادةا ‪ .-3 :‬و قد أمضى رسول ال –عليه الصلةا و‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫نأعدمحتت دودرضي ت‬
‫السلما‪ 23 -‬سنة ف الدعوةا و الهاد ‪ ،‬و التحبية و التعليم ‪ .‬ث بعد هذا تيزجعم ابن رشد أن النب‪-‬صلى‬
‫ال عليه و سلم‪ -‬تتوف و ل تيبيم لمته الوقف الصحيح من ذلك النوع الظاهر من النصوصا الشرعية ‪،‬‬
‫فذهب و تركها على كفر ف موقفها منه ‪ ،‬حت جاء الشاؤون كابن رشد و إخوانه ‪ ،‬فعرفوا ذلك ‪،‬و‬
‫نيوا أنفسهم من ذلك الكفر و تركوا معظم المة على الكفر الذي تركهم عليه رسول ال !! ‪ .‬فهذا‬
‫الزجعم الباطل الضحك هو الذي قاله ابن رشد ‪ ،‬و هو –بل شك‪ -‬بتان كبي ل دليل له عليه ‪ ،‬إل‬
‫التعصب و إتباع الظن و الوى ‪.‬‬
‫و أما عبارةا ‪ :‬أهل البهان ‪ ،‬الت أكثر ابن رشد من ترديدها ‪ ،‬فهي عبارةا جوفاء ‪ ،‬فيها تغليط و‬
‫تلبيس على القراء ‪ ،‬أطلقها على نفسه و أمثاله من الفلسفة الرسطخييم ‪ ،‬و تسلط با على مالفيه ‪،‬‬
‫مع أن القيقة خلف ذلك تاما ؛ فهو و أصحابه من أكثر الناس تريفا و تلفيقا ‪ ،‬ينطخلقون من‬
‫خلفياتم الذهبية التعصبة ف الكم على مالفيهم ‪ ،‬فيسمحون مالفيهم بالعامة و المحهور ‪ ،‬و أهل‬
‫الدل ‪ ،‬و يسمحون أنفسهم بأهل البهان و اليقيم ‪ .‬و القيقة خلف ذلك ‪ ،‬فهم من أبعد الناس عن‬
‫البهان و اليقيم ‪ ،‬و من أكثرهم خطخأ و ضلل و انرافا عن الشرع و العقل معا‪. 1‬‬

‫‪ 1‬سانتوساع في ذلك و نوثقه في الفصل الخامس إن شاء ا تعالى ‪.‬‬


‫و أما النمحوذج الثالث‪ -‬من التأويل الرشدي‪ -‬فمحفاده أن ابن رشد قسم أهل التأويل إل قسمحيم ‪،‬‬
‫الول يص أهل التأويل الدل ‪ ،‬و يثله التكلمحون ‪ ،‬و هم جدليون بالطخبع تأويلتم جهورية ‪ .‬و‬
‫ثآانيهمحا يتعلق بأهل التأويل البهان اليقين ‪ ،‬و يثله الفلسفة ‪ ،‬و هم برهانيون بالطخبع ‪ ،‬من أهل‬
‫صناعة الكمحة‪. 1‬‬
‫و قوله هذا فيه إغفال و تغليط ‪ ،‬و تلبيس على القراء ‪ ،‬لنه أول حصر أهل التأويل ف طائافتيم ‪،‬‬
‫ها ‪ :‬التكلمحون و الفلسفة ‪ ،‬و أغفل أهل التأويل الشرعي الصحيح ‪ .‬و بناء على ذلك فإن أهل‬
‫التأويل ثآلثآة أصناف و ليس اثآنيم ‪ .‬الصنف الول يثله أهل التأويل الشرعي ‪ ،‬و هم الذين تيارسون‬
‫التأويل بعن التفسي و الشرح و البيان ‪ ،‬و مصدرهم ف ذلك ‪ :‬الشرع أول ‪ ،‬ث اللغة العربية الت نزجل با‬
‫القرآن الكري ثآانيا ‪ ،‬ث إجاع الصحابة و السلف الصال ثآالثا ‪ ،‬ث ما قرره العقل الصريح رابعا ‪ ،‬ث ما‬
‫أثآبته العلم الصحيح خامسا ‪.‬‬
‫و أما الصنف الثان فيمحثله أهل التأويل التحريفي الكلمي ‪ ،‬و مصدر تأويلتم خليط من الفلسفة و‬
‫الشرع و أفكارهم الت ابتدعوها ‪،‬و هم يأخذون بالتأويل وفق معناه التحريفي ‪ ،‬ل بعناه الشرعي اللغوي‬
‫الصحيح ‪ ،‬لذا نفوا الفعال و الصفات اللية‪.2‬و الصنف الثالث هم أهل التأويل التحريفي التلفيقي ‪،‬‬
‫فل يأخذون بالعن الشرعي للتأويل ‪ ،‬و ل بعتاه الصحيح ف اللغة ‪ ،‬و مصدر تأويلتم هو الفلسفة‬
‫اليونانية عامة ‪ ،‬و الرسطخية الشائاية خاصة ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن زعمحه بأن تأويلت الفلسفة هي تأويلت برهانية يقينية ‪ ،‬و تأويلت التكلمحيم هي‬
‫تأويلت جهورية – من المحهور‪ ، -‬هو زعم باطل فيه تغليط و تلبيس على القراء ‪ ،‬لن كل من‬
‫تأويل الطخائافتيم هو تأويل تريفي مالف للتأويل للشرعي الصحيح ‪ .‬و الطخائافتان يمحعهمحا منطخلق واحد‬
‫ف موقفهمحا من صفات ال تعال ‪ ،‬لذا وجدنا ابن رشد يقول بتأويل آية الستواء ‪ ،‬و حديث النزجول ‪،‬‬
‫و حديث الارية السوداء ‪ ،‬إتباعا للمحتكلمحيم الذين سبقوه إل تأويل ذلك‪. 3‬‬
‫و النمحوذج الرابع مفاده أن ابن رشد يعتقد أن على أهل البهان –أي الفلسفة‪ -‬أن ل تيصيرحوا‬
‫بتأويلتم للجمحهور و أهل الدل –أي التكلمحون‪ ، -‬و ل يل لم الفصاح با إل هؤلء ‪ ،‬كمحا قال‬
‫علي ابن أب طالب‪-‬رضي ال عنه‪ )) : -‬حيدثآوا الناس با يفهمحون ‪ ،‬أتريدون أن تيكذب ال و رسوله‬
‫(( ‪.‬و دعا أيضا إل إخفاء الصنفات الت ساها ‪ :‬الكتب البهانية عن المحهور ‪،‬و عدما تدوين‬
‫تأويلت الفلسفة ف الكتب الطخابية و الدلية الوجهة للجمحهور و التكلمحيم ‪ .‬و من صيرح منهم‪-‬أي‬
‫من الفلسفة‪ -‬بتأويلت البهانييم لغي أهلها فهو كافر ‪ ،‬لدعوته الناس إل الكفر ‪ .‬و حثهم أيضا‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 118 :‬‬


‫‪ 2‬ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض بين العقل و النقل ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬محمد رشاد ساالم ‪ ،‬دار الكنوز الدبية ‪ -‬الرياض ‪ 1391 ،‬ج ‪ 1‬ص‪،146 :‬‬
‫‪ . 221 ،192‬و ابن قيم الجوزية ‪ :‬الصواعق المرسالة ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪ ، 1106 :‬ج ‪ 4‬ص‪. 1426 ، 1425 :‬‬

‫‪ 3‬نفسه ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ . 221 ،192 ،146 :‬و نفسه ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪ ، 1106 :‬ج ‪ 4‬ص‪. 1426 ، 1425 :‬‬
‫على السعي لقرار الشرع على ظإاهره ‪ ،‬و عدما التصريح للجمحور بعمحلية المحع الت قاموا با للجمحع بيم‬
‫الشرع و الفلسفة ‪ ،‬لن التصريح بنتائاجها للجمحور ل يصح ‪ ،‬لنم ليس لديهم براهيم تلك النتائاج ‪ ،‬و‬
‫إنا هي عند العلمحاء‪-‬أي الفلسفة‪ -‬الذين جعوا بيم الشرع و العقل‪. 1‬‬
‫و ردا عليه أقول ‪ :‬إن دعونه الفلسفة إل إخفاء تأويلتم عن غيهم من العواما و أهل العلم ‪ ،‬هي‬
‫دعوةا ل مبر لا شرعا و ل عقل ‪ ،‬لنم لو كانوا حقا من أهل العلم ‪ ،‬و ما عندهم حق و برهان ‪ ،‬ما‬
‫أخفوا علمحهم عن الناس ‪ .‬علمحا بأن الشرع يأمر بالق و يث على العلم ‪ ،‬و ينهي عن كتمحانه ‪،‬و‬
‫تيذر من إتباع الظنون و الهواء ‪ .‬فلمحاذا هو يدعوا إل إخفاء تأويلت الفلسفة ‪،‬و تيرما الناس منها با‬
‫أنا حق و برهان و يقيم ‪ ،‬على حد زعم ابن رشد ؟ ‪ .‬و هل التأويلت البهانية اليقينية تتفى ؟ ‪ .‬و‬
‫ها هو كتاب ال الق البيم ‪ ،‬و البهان الني ‪ ،‬لاذا ل يأمر ال تعال رسوله بإخفائاه عن عامة الناس ؟‬
‫!‪.‬‬
‫و با أن ابن رشد أصر على دعوته ف إخفاء تأويلت الفلسفة و كتمحانا عن غيهم من الناس ‪ ،‬فإن‬
‫هذا دليل قوي على أن تأويلتم مالفة للشرع و العقل و العلم ‪ .‬لن ما خالف الشرع فهو باطل ‪ ،‬و‬
‫ما خالفه فهو بالضرورةا مالف للعقل و العلم معا ‪ .‬و إل لاذا ياف من إظإهارها ؟ ‪ ،‬فلو كانت برهانا‬
‫و يقينا ما دعا إل إخفائاها ‪ .‬و لو كانت برهانا ما خالفت الشرع أبدا ‪ ،‬و با أنا خالفته فهي‬
‫تأويلت باطلة بالضرورةا ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن احتجاجه بقول علي بن أب طالب –رضي ال عنه‪ -‬هو احتجاج ل يصح و ف غي مله‬
‫‪ .‬و قد تعيقبه شيخ السلما تقي الدين بن تيمحية و رد عليه ‪ ،‬مبينا أنه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬حل ذلك القول‬
‫على علوما الباطنية الفلسفة تنفاةا الصفات ‪ ،‬و هذا تريف ظإاهر لقول علي ‪ ،‬لن قوله ‪ )) :‬حدثآوا‬
‫الناس با يفهمحون أتريدون أن تيكذب ال و رسوله (( ‪ ،‬دليل على أن ذلك ما أخب به النب‪-‬عليه‬
‫الصلةا و السلما‪ - 2‬بعن أنه ل تيفيه ‪.‬‬

‫و أشار الشيخ ابن تيمحية إل أن ابن رشد روى أن عليا قال ‪)) :‬حدثآوا الناس با يفهمون أتريدون أن‬
‫تيكذب ال و رسوله (( ‪ ،‬ث عيقب عليه بقوله ‪ :‬إن ابن رشد حيرف قول علي لفظا و معن ‪ ،‬لن عليا‬
‫قال‪ -‬فيمحا رواه عنه البخاري‪)) : -3‬حدثآوا الناس با يعرفون ودعوا ما ينكرون أتبون أن يكذب ال‬
‫ورسوله ((‪ .‬و هذا يدل على نقيض مطخلوبه لنه قال ‪ :‬أتبون أن يكذب ال ورسوله ‪ ،‬فعلم أن‬
‫الحاديث الت قالا ال ورسوله ‪ ،‬أحاديث ل يطخيق كل أحد حلها فإذا سعها من ل يطخيق ذلك كيذب‬
‫ال ورسوله ‪ .‬وهذا إنا يكون ف ما قاله الرسول‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وتكلم به ‪ ،‬ل ف خلف ما‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪ . 151 ، 99 :‬و فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 119 :‬‬
‫‪ 2‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 13‬ص‪. 260 :‬‬
‫‪ 3‬صأحيح البخاري ‪ ،‬باب من خص بالعلم قوما دون قوما كراهية أن ل يفهموا ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 59 :‬‬
‫قاله ‪ ،‬ول ف تأويل ما قال خلف ظإاهره ‪ ،‬فإن ذكر ذلك ل يوجب أن الستمحع يكذب ال ورسوله ‪،‬‬
‫بل يكذب التأيول الخالف لا قال ال ورسوله ‪ .‬نعم نفس ذلك التأويل الخالف لقوله يكون تكذيبا ل‬
‫ورسوله ‪ ،‬إما ف الظاهر وإما ف الباطن والظاهر ‪ ،‬فلو أتريد ذلك لكان يقول ‪ :‬أتريدون أن تكذبوا ال‬
‫ورسوله ‪ ،‬أو أن تتظهروا تكذيب ال ورسوله ‪ .‬فإن الكذب من قال ما يالف قول ال ورسوله ‪ ،‬إما‬
‫ظإاهرا وإما ظإاهرا وباطنا‪ ،‬وعلي إنا خاف تكذيب الستمحع ل ورسوله ((‪. 1‬‬
‫و ثآالثا إن القول الذي ذكره ابن رشد عن علي ‪ ،‬تياثآله قول لعبد ال بن مسعود –رضي ال عنه‪-‬‬
‫عندما قال ‪ )) :‬ما من رجل تيدثَ قوما حديثا ل تبلغه عقولم إل كان فتنة لبعضهم ((‪ . 2‬فهذان‬
‫القولن ليسا كتمحانا للحقيقة ‪ ،‬و ل اعتقادا بتعارض النصوصا معها ‪ ،‬و ل تأويل لا على طريقة ابن‬
‫رشد التحريفية ‪ .‬و ل تيوجد فيهمحا ما تيشي إل أن النب‪-‬عليه الصلةا و السلما‪ -‬كان تيظهر للناس‬
‫خلف ما تيفيه عنهم ‪ ،‬و إنا ها قولن يندرجان ف إطار ما أمر به الشرع باستخداما الكمحة و‬
‫الوعظة السنة ‪ ،‬و الدال بالت هي أحسن ‪ ،‬ف الدعوةا إل ال تعال ‪ ،‬على بصيةا و علم ‪ ،‬و حكمحة‬
‫ك تباألتأكدمحتة دوالأدمحأوتعظدتة األددسندتة دودجاتد أتلم تبالتت تهدي‬
‫و نباهة و فطخنة ‪ ،‬لقوله تعال ‪)) :‬اأدعت إتتل دستبيتل درب د‬
‫ضلل دعن دستبيلتته دوتهدو أدأعلدتم تبالأتمحأهتدتديدن ((‪-‬سورةا النحل ‪ ،-125 :‬و ))قتأل‬ ‫ك تهدو أدأعلدتم ت دبن د‬
‫أدأحدستن إتلن دربل د‬
‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت م‬ ‫ت‬ ‫تت ت‬
‫يم ((‪-‬سورةا‬ ‫دهـَذه دستبيلي أدأدتعو إتدل الليه دعدلى بدصديةا أدنداأ دودمتن اتلـَبدـَدعتن دوتسأبدحادن الليه دودما أدنداأ مدن الأتمحأشترك د‬
‫يوسف ‪ .-108 :‬فهذا هو النهج الصحيح السليم الوافق للشرع و العقل ف التعامل مع الناس ‪ ،‬فل‬
‫إخفاء فيه ‪ ،‬و ل تغليط ‪ ،‬و ل تدليس عليهم ‪ .‬و إنا هو دعوةا إل استخداما الكمحة ف ماطبة الناس‬
‫‪،‬و مراعاةا قدراتم و مستوياتم العلمحية و الجتمحاعية ‪.‬‬
‫علمحا بأنه –أي ابن رشد‪ -‬اعتحف بأمر خطخي جدا ‪ ،‬ذكر فيه أن تأويله الذي يدعو إليه يتضمحن‬
‫شيئِّا من إبطخال لظاهر من الشرع و إثآبات الؤيول‪ . 3‬فهذا اعتحاف صريح منه بأن تأويله تيرف النص ‪،‬‬
‫و هو أمر ينكره الشرع الكيم و ل يقل به علي و ل ابن مسعود‪ -‬رضي ال عنهمحا‪ -‬و ما أرداه من‬
‫قوليهمحا ‪ ،‬اللذين ها –ف القيقة‪ -‬استبطخنا منهجا دعويا ف الدعوةا إل ال بالكمحة و الوعظة السنة‬
‫‪.‬‬
‫و نن ل ننكر بأنه تيوجد تباين واضح بيم ما يفهمحه العامي من الشرع ‪ ،‬و بيم ما يفهمحه العال منه‬
‫‪ ،‬فهذا الخي – أي العال‪ -‬لشك أنه أكثر عمحقا ‪ ،‬و اتساعا ‪ ،‬و شولية ‪ ،‬و إدراكا لكمحة الشرع و‬
‫مراميه من العامي ؛ لكن هذا التباين ل يقوما على التعارض بيم النصوصا الشرعية ‪ ،‬و ل بينها و بيم‬
‫بدائاه العقول و حقائاق الطخبيعة ‪ ،‬و ل يقوما أيضا على التأويل التحريفي الذي يتبناه ابن رشد و تيدافع‬
‫عنه و يدعوا إليه ‪.‬‬

‫‪ 1‬بين تلبيس الجهمية ‪ ،‬مكة المكرمة ‪ ،‬مطبعة الحكومة ‪ 1392 ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 240-239 :‬‬
‫‪ 2‬ابن تيمية ‪ :‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 311 :‬‬
‫‪ 3‬ا‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 199 :‬‬
‫و رابعا إن دعوته إل إخفاء كتب الفلسفة عن المحهور و أهل العلم من غي الفلسفة ‪ ،‬هي‬
‫اعتحاف منه بأنا مالفة للشرع ‪ ،‬لنا لو كانت صحيحة موافقة له ‪ ،‬ما دعا إل إخفائاها ‪ ،‬و إنا يدعوا‬
‫إل نشرها بيم الناس و التباهي بأنا تتفق مع الشره و هي ف خدمته ‪ .‬و با أنه ل يفعل ذلك فمحا قلناه‬
‫هو الصحيح ‪ ،‬و تيؤكده أن ابن رشد نفسه اعتحف بذلك عندما قرر أن الصيرح بتأويلت الفلسفة‪-‬‬
‫الدونة ف كتبهم‪ -‬لغي )) أهلها كافر ‪ ،‬لكان دعائاه الناس إل الكفر((‪ . 1‬فهذا اعتحاف خطخي منه ‪،‬‬
‫بأن تأويلت الفلسفة‪ -‬الت دعا إل إخفائاها‪ -‬هي كفر يب كتمحانا عن غي أهلها ‪ .‬فلو كانت‬
‫حقا موافقا للشرع و العقل و العلم ما كانت كفرا ‪ ،‬و ما أمر بإخفائاها حت أنه كيفر من تيظهرها من‬
‫الؤوليم !! ‪.‬‬
‫و خامسا إن قوله بأن العلمحاء‪ -‬أي الفلسفة من أهل البهان حسب زعمحه‪ -‬هم الذين لم القدرةا‬
‫على المحع بيم الشريعة و الفلسفة – الرسطخية الشائاية‪، -‬و بيم الشريعة و العقل ‪ ،‬هو قول ل يصح ‪،‬‬
‫و فيه تغليط و تلبيس على القراء ‪ ،‬لن هؤلء الفلسفة ل يكنهم القياما بعمحل صحيح موافق للشرع و‬
‫العقل و العلم ‪ ،‬لنم –عندما يسعون للقياما بذه العمحلية‪ -‬ينطخلقون من منطخلقيم غي صحيحيم ‪،‬‬
‫أولمحا اتاذ الفلسفة‪ -‬اليونانية عامة و الرسطخية خاصة – مصدرا للمحعرفة و منطخلقا ف النظر إل الشرع‬
‫و العقل و العلم ‪ ،‬و هذا منطخلق باطل ل يصح ‪ ،‬لن تلك الفلسفة ليست مصدرا معرفيا يقينيا و ل‬
‫معيارا صحيحا ‪ ،‬لنا مليئِّة بالخطخاء و الظنون ‪ ،‬و الوهاما و الساطي ‪ ،‬و النرافات النهجية ‪ . 2‬و‬
‫فلسفة هذا حالا ل يصح أبدا اتاذها دحكمحاد و منطخلقا ف النظر إل الشرع و العقل و العلم ‪.‬‬
‫و النطخلق الثان هو أن هؤلء الفلسفة يستخدمون التأويل التحريفي ف التعامل مع الشرع ‪ ،‬و هذا‬
‫تأويل باطل مرفوض ‪ ،‬و ل يصح استخدامه ‪ ،‬لنه تيرف النصوصا ‪،‬و تيفسد العمحلية التأويلية كلية ‪،‬‬
‫حت أن ابن رشد نفسه اعتحف أنا عمحلية تدعو الناس إل الكفر !! ‪ .‬و بذلك يتبيم أن هذه العمحلية‬
‫التأويلية الزجعومة ل يستطخيع القياما با –على وجهها الصحيح‪ -‬ابن رشد و ل أصحابه ‪ ،‬لنم يفتقدون‬
‫إل النطخلق الشرعي الصحيح ‪ ،‬و ليس لديهم الوسيلة الصحيحة الوافقة للشرع و اللغة العربية معا ‪ ،‬و‬
‫فاقد الشيء ل تيعطخيه ‪.‬‬
‫و أما النمحوذج الامس فمحفاده أن ابن رشد ادعى أن المثال الضروبة ف الشرع هي الظاهر منه ‪،‬‬
‫ضربت للجمحهور من الطخابييم و الدلييم ‪ ،‬ضربا ال تلطخفا منه‬ ‫للتعبي عن العان الباطنة ف النص ‪ ،‬ت‬
‫بعباده الذين ل سبيل لم إل البهان ‪ ،‬لفاء العان الت ل تتعلم إل بالبهان ‪،‬و ل تيدركها إل أهل‬

‫‪ 1‬نفسه ‪ ،‬ص‪. 119 :‬‬


‫‪ 2‬سانتوساع في ذلك و نوثقه في الفصول التية ‪ ،‬بحول ا تعالى ‪.‬‬
‫البهان ‪ .‬و فضرب ال لم‪-‬أي للجمحهور‪ -‬أمثالا و )) أشباهها ‪،‬و دعاهم إل التصديق بتلك المثال‬
‫(( ‪. 1‬‬
‫و ردا عليه أقول ‪ :‬أول إنه قرر ما ادعاه من دون دليل من الشرع و ل من العقل ‪ ،‬و إنا قرره بناء‬
‫على مذهبيته الرسطخية الشائاية ‪ ،‬الت تيعب عنها بكاية البهان الزجعوما ‪ ،‬الت ل يل من ذكرها و‬
‫ترديدها ‪،‬و الفتخار و التعال با‪ . 2‬و هو عندما ادعى ذلك اغفل الشرع تاما ‪ ،‬و قرر ما تيالفه ‪.‬‬
‫لن ال تعال ذكر ف كتابه العزجيزج آيات كثيةا نيوه فيها بأهية الثل و المثال ‪،‬و قد ضربا لكل الناس‬
‫عامة و للعلمحاء خاصة لنم أكثر من غيهم أهل لتدبرها و تفهمحها و النتفاع با ‪ .‬من ذلك ‪ ،‬قوله‬
‫تعال ‪ )) :‬يضرب ال المثال للناس لعلهم يتذكرون ((‪-‬سورةا إبراهيم‪ ، -25/‬و )) تلك المثال‬
‫نضربا للناس لعلهم يتذكرون((‪-‬سورةا الشر‪ ، - 21/‬و )) تلك المثال نضربا للناس و ما يعقلها إل‬
‫العالون ((‪-‬سورةا العنكبوت‪ . - 43/‬و مع وضوح هذا اليات بأنا موجهة لكل الناس بعوامهم و‬
‫ضربت للجمحهور و الدلييم و‬ ‫خواصهم ‪،‬و باهلهم و عالهم ‪ ،‬فإن ابن رشد يزجعم أن المثال الشرعية ت‬
‫ل تتضرب لهل البهان ‪ ،‬مع أن ال تعال قال صراحة ‪ )) :‬و ما يعقلها إل العالون (( ‪ .‬فعجبا منه ‪،‬‬
‫كيف سح لنفسه بأن يتقدما على الشرع و تيقرر ما تيالفه ‪،‬و يقع ف هذه الخالفة الفاحشة ؟ !! ‪.‬‬
‫و ثآانيا إنه –أي ابن رشد‪ -‬عندما أغفل الشرع و قرر ما تيالفه ‪ ،‬طرح ذلك بطخريقة ظإاهرها مدح‬
‫للشرع ‪،‬و باطنها هو إغفاله و إبعاده له ‪ ،‬فقال ‪ )) :‬و أما الشياء الت لفائاها ل تتعلم إل بالبهان‬
‫فقد تلطخف ال فيها بعباده الذين ل سبيل لم إل البهان ‪ ...‬بأن ضرب لم أمثالا و أشباهها ‪ ،‬و‬
‫دعاهم إل التصديق بتلك المثال ((‪ . 3‬فهذه طريقة ملتوية من طرق التأويل الرشدي التحريفي للشرع‬
‫‪ ،‬فال تعال أخبنا أنه ضرب المثال للناس عامة ‪ ،‬و لهل العقل و الفهم و الفكر خاصة ‪ ،‬لكن ابن‬
‫رشد أغفل ذلك و تناساه ‪ ،‬و زعم أن تلك المثال موجهة للجمحهور ‪ ،‬بطخريقة فيها تظاهر بدح الشرع‬
‫عندما زعم بأن ال تلطخف بالمحهور ف ضربه لتلك المثال ‪ .‬فهذا الدح حقيقته إغفال للشرع و إبعاد‬
‫له ‪ ،‬و تريف له ‪ ،‬و تلعب به ‪،‬و توظإيف له لدمة الرسطخية الشائاية ‪.‬‬
‫و ثآالثا إنه –أي ابن رشد‪ -‬ف مدحه التكرر لكاية البهان الزجعوما ‪ ،‬أغفل أهية المثال ‪ ،‬و ادعى‬
‫أنا موجهة للجمحهور ‪ .‬و موقفه هذا غي صحيح ‪ ،‬و فيه إهال للمثال و تقزجي لا ‪ ،‬فهي إذا كانت‬
‫أمثلة صحيحة و دقيقة هادفة ‪،‬و تاستخدمت ف مكانا الناسب أصبحت هي نفسها أدلة و براهيم‬
‫دامغة ‪ ،‬لنا وسيلة من وسائال اليضاح و الستدلل و البهنة ‪ ،‬تتستخدما ف متلف مالت العلوما و‬
‫العارف و الفنون ‪،‬و ل تيستغن عنها ف أي علم من العلوما ‪ ،‬لنه بالثال يتضح القال و تتشرح‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 110 ، 109 :‬‬


‫‪ 2‬سانناقشه في حكاية البرهان ‪،‬و نبطل مزاعمه فيها ‪ ،‬في الفصول التية إن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫‪ 3‬فصل المقال ‪ ،‬ص ‪. 109 :‬‬
‫النظريات ‪ ،‬فهي تربة عمحلية ‪ ،‬و عينات تطخبيقية تيعب با عن الشياء و الالت و القائاق بأدلة‬
‫مسوسة ‪ ،‬و هذا خلف ما ذهب إليه ابن رشد الذي أزدرى بالمثال و قيزجمها ‪.‬‬
‫و النمحوذج السادس – من تأويلت ابن رشد‪ -‬إنه ادعى أن الظاهر من العقائاد الوارد ف الشريعة‬
‫قصد )) به الشرع حل المحهور عليها ((‪ . 1‬و هذا زعم باطل ل يصح ‪ ،‬و تأويل فاسد للشرع و‬
‫اعتداء عليه ‪ ،‬لنه ل تيقدما دليل شرعيا و ل عقليا على زعمحه هذا ‪ .‬و دين السلما شاهد –بعقائاده و‬
‫أخلقه و أحكامه و علومه‪ -‬على أنه موجه إل كل فئِّات الناس من السلمحيم ‪،‬و ليس خاصا بطخائافة‬
‫منهم دون غيها ‪ .‬و ال تعال عندما تكلم عن العقائاد ‪ ،‬و وصف نفسه بالساء السن و الصفات‬
‫ص العلمحاء الربانييم بالذكر و‬ ‫الثلى ل تيصصها بفئِّة من السلمحيم ‪ ،‬و إنا خاطبهم با كلهم ‪ ،‬و خ ي‬
‫التنويه ف آيات كثيةا ‪ ،‬لنم أعرف الناس بال و صفاته و أفعاله ‪ ،‬كقوله سبحانه ‪)) :‬إتلدنا ديأدشى‬
‫اللهد تمأن تعدباتدهت الأعتلددمحاء إتلن اللهد دعتزجيبزج دغتفوبر ((‪-‬سورةا فاطر ‪ ،- 28 :‬و ))دفاأعلدأم أدنلهت دل إتلدهد إتلل اللهت ((‪-‬‬
‫ضتربـَتدها تلللناتس دودما يدـَأعتقلتدها إتلل الأدعالتتمحودن ((‪-‬سورةا العنكبوت ‪:‬‬ ‫سورةا ممحد ‪ ،-19 :‬و ))دوتتأل د‬
‫ك األدأمدثاتل ند أ‬
‫‪.-43‬‬
‫و السيةا النبوية هي أيضا شاهدةا على بطخلن زعمحه ‪ ،‬لننا إذا تتبعنا سيةا رسول ال‪-‬عليه الصلةا‬
‫و السلما‪ -‬ف الدعوةا إل ال ‪ ،‬و تربيته لصحابه ل نده فيرق بيم ظإاهر العقائاد و باطنها ‪ ،‬و ل‬
‫خصص بعضها لعامة الناس ‪،‬و بعضها الخر لاصتهم ‪ .‬فهذا الرجل –أي ابن رشد‪ -‬فتنه التأويل‬
‫الباطن التحريفي حت أصبح تيقرر ما تيالف الشريعة صراحة ‪ ،‬بل دليل صحيح من الشرع و ل من‬
‫العقل ‪.‬‬
‫ص على أن الشرع تمقسم إل ظإاهر و باطن ‪،‬‬ ‫و أما النمحوذج السابع فيتمحثل ف أن ابن رشد ن ي‬
‫فالظاهر )) هو تلك المثال الضروبة لتلك العان ‪ .‬و الباطن هو تلك العان الت ل تتجلى إل لهل‬
‫البهان ((‪.‬و تقسيمحه هذا أقامه على أساس الزجعم بتعارض ظإواهر بعض نصوصا الشرع مع بواطنها‪.2‬‬

‫و زعمحه هذا سبق أن بينا بطخلنه ‪ ،‬و هو هنا تيغالط و تيدلس ف استخدامه لتلك اللفاظ ‪ .‬فمحمحا ل‬
‫شك فيه أن اللغة العربية فيها أساليب بيانية و بلغية كثيةا للتعبي با عن القائاق ‪ ،‬كالسجع ‪ ،‬و‬
‫الناس ‪ ،‬و الاز‪ ،‬و الستعارةا ‪ ،‬و الكناية ‪ ،‬و هي كلها ل ترج على أنا تعبيات عن العان الت‬
‫تمحلها من دون أن تتناقض مع الشرع ف استخدامه لا ‪ .‬و قد صدق الفقيه أبو ممحد بن حزجما‬
‫الندلسي عندما قال ‪ )) :‬واعلمحوا أن دين ال تعال ظإاهر ل باطن فيه ‪ ،‬وجهر ل سر تته ‪ ،‬كله‬
‫برهان ل مسامة فيه ‪ ،‬واتمحوا ‪...‬كل من ادعى للديانة سرا وباطنا ‪ ،‬فهي دعاوى و مارق ((‪. 3‬‬

‫‪ 1‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪. 99 :‬‬


‫‪ 2‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 109 ، 98 :‬‬
‫‪ 3‬ابن حزما ‪ :‬الفصل في الملل و الهواء و النحل ‪ ،‬مكتبة الخانجي القاهرة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 92-91 :‬‬
‫و كلمه هذا صحيح ‪ ،‬لن الشرع و إن اختلفت درجة فهم الناس له عمحقا و اتساعا ‪ ،‬فهذا ل‬
‫يعل له ظإاهرا و باطنا ‪ ،‬و ل باطنا معارضا لظاهر ‪ .‬فالختلف ف الفهم هو اختلف تنيوع ل‬
‫اختلف تعارض و ل تناقض ‪ ،‬لن الشرع تمكم ل يأتيه الباطل من بيم يديه و ل من خلفه ‪،‬و ))أدفدلد‬
‫لفاد دكتثياد )النساء ‪ ، - 82 :‬و هذا الذي‬ ‫يدـَتدددبـَلترودن الأتقأرآدن دو لدأو دكادن تمأن تعنتد دغ أتي الليته لددودجتدواأ تفيته اأختت د‬
‫قررناه يتلف تاما عن التأويل الرشدي بظاهريته و باطنيته التحريفيتيم ‪.‬‬
‫ص على أن التأويلت الصحيحة‪-‬‬ ‫و النمحوذج الثامن – من تأويلت ابن رشد‪ -‬مفاده أنه عندما ن ي‬
‫حسب زعمحه‪ -‬يب إخفاؤها و عدما ذكرها ف الكتب المحهورية ‪ ،‬قال ‪ )) :‬و التأويل الصحيح هي‬
‫حلها النسان ‪ ،‬فحمحلها و أشفق منها جيع الوجودات ‪ ،‬أعن الذكورةا ف قوله تعال ‪:‬‬ ‫المانة الت تي‬
‫ض دواألتدباتل (( ‪- 1‬سورةا الحزجاب ‪. -72 :‬‬ ‫ضدنا األدماندةد عدلى اللسمحاوا ت‬
‫ت دواألدأر ت‬ ‫دد‬ ‫))إتلنا دعدر أ د د‬
‫و زعمحه هذا ل يصح ‪ ،‬لنه ل يقصد به التأويل الصحيح بعناه الشرعي ‪،‬و إنا يقصد به تأويله‬
‫الباطن التحريفي ‪ ،‬الذي أقامه على حكاية تعارض النصوصا ‪،‬و إخفاء التأويل الباطن ‪ ،‬و هذا أمر‬
‫سبق أن بينا بطخلنه ‪ ،‬المر الذي يعن أنه ل يكن لبن رشد –بذا التأويل‪ -‬أن يفهم الشرع فهمحا‬
‫صحيحا ‪ ،‬و ل أن يسمحي تأويله تأويل صحيحا ‪.‬‬
‫و تفسيه لية المانة بأنه التأويل الصحيح ‪ ،‬هو تفسي ل يصح ‪ ،‬و إنا هو التفسي الرشدي ‪ ،‬و هو‬
‫تفسي باطل ‪ ،‬لنه لو أكمحل الية لتبيم معناها الخالف لا ذهب إليه ‪ .‬قال تعال ‪)) :‬إتلنا دعدر أ‬
‫ضدنا‬
‫يم دأن دأيتمحألندـَدها دوأدأشدفأقدن تمأنـَدها دودحدلددها ا أتلندساتن إتنلهت دكادن ظإدتلوماد‬ ‫ت واألدر ت ت‬ ‫ت‬
‫ض دواألدباتل فددأبدـَ أ د‬ ‫األددماندةد دعدلى اللسدمحادوا د أ‬
‫ت ويـَتوب الله عدلى الأمحؤتمنتيم والأمحؤتمدنا ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت ت‬ ‫تت‬ ‫ت‬
‫ت‬ ‫يم دوالأتمحأشتردكا د دت د ت د ت أ د د ت أ‬ ‫يم دوالأتمحدنافدقات دوالأتمحأشترك د‬‫ب اللهت الأتمحدنافق د‬
‫دجتهولد ليتـَدعبذ د‬
‫دودكادن اللهت دغتفوراد لرتحيمحاد ((‪-‬سورةا الحزجاب ‪ -73-72 :‬فواضح من هاتيم اليتيم أن المانة القصودةا‬
‫هي مسؤولية القياما بالطخاعة الت تقوما عليها العبودية التامة ل تعال ‪ .‬و قد قال كثي من السلف أن‬
‫تلك المانة هي القياما بالفرائاض و الدود و متلف الطخاعات ‪ ،‬و حاصل أمرها أنا )) التكليف و‬
‫قبول الوامر و النواهي بشرطها ‪ ،‬و هو أنه ‪ :‬إن قاما بذلك أتثآيب و إن تركها تعوقب ‪ ،‬فقبلها النسان‬
‫على ضعفه و جهله و ظإلمحه ((‪. 2‬و لو كان التأويل الرشدي على الطخريقة الشرعية الصحيحة ‪،‬‬
‫لوجدنا له وجها صحيحا ف تفسيه لية المانة ‪،‬و هو أن النسان فهم فهمحا صحيحا الهمحة الت تخلق‬
‫من أجلها و تكيلف با ‪ ،‬فكانت المانة هو هذا الفهم الصحيح لا ‪،‬و ليست المانة هي التأويل‬
‫التحريفي الرشدي ‪.‬‬
‫و أما النمحوذج الخي‪ -‬و هو التاسع‪ -‬فيتعلق بتأويل ابن رشد لية الكم و التشابه ‪،‬و الراسخيم ف‬
‫ت تهلن أتمما الأتكدتا ت‬ ‫ك الأتكدتا ت‬ ‫لت‬
‫ب دوأتدختر‬ ‫ت مأمدكدمحا ب‬ ‫ب مأنهت آديا ب‬ ‫د‬ ‫ي دأندزجدل دعلدأي د‬ ‫العلم ‪ ،‬ف قوله تعال ‪)) :‬تهدو ا ذ د‬

‫‪ 1‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 121 :‬‬


‫‪ 2‬ابن كثير ‪ :‬تفسير القرآن العظيم ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬دار الفيحاء ‪ 1994 ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 689 :‬‬
‫ت فدأدلما التذيدن ف قتـَتلوتبتأم دزيأبغ فدـَيدتلبتتعودن دما تددشابدهد تمأنهت ابأتتدغاء الأ ت أفتـَندتة دوابأتتدغاء تدأتويلتته دودما يدـَأعلدتم تدأتويلدهت إتلل‬ ‫ت‬
‫تمتددشا دبا ب‬
‫ب ((‪-‬سورةا آل‬ ‫الليهت واللراتستخودن تف الأعتألتم يـَتقوتلودن آملنا بتته تكلل بمن تعنتد ربـَدنا وما يلذلكر إتلل أتولتواأ اللأبا ت‬
‫د‬ ‫د دد د ت أ‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫د‬ ‫د‬
‫عمحران ‪ .-7 :‬فإنه يرى أن الراسخيم ف العلم هم الذين ذكرهم ال تعال ف هذه الية ‪ ،‬و توقف عند‬
‫قوله تعال ‪ )) :‬و الراسخون ف العلم (( ‪ ،‬فهم لم القدرةا على مارسة التأويل الامع بيم ظإواهر الشرع‬
‫التعارضة ‪.‬و اختار‪-‬أي ابن رشد‪ -‬التوقف عند )) و الراسخون ف العلم (( ‪ ،‬لنه )) إذا ل يكن أهل‬
‫العلم يعلمحون التأويل ‪ ،‬ل يكن عندهم مزجية تصديق تتوجب لم من اليان به مال تيوجد عند غي أهل‬
‫العلم ‪. 1(( ...‬‬
‫و قوله هذا غي صحيح ف معظمحه ‪ ،‬لنه أول أن الراسخيم ف العلم الذين ذكرتم الية هم العلمحاء‬
‫الؤمنون الربانيون على رأسهم الصحابة و التابعيم و من سار على نجهم إل يوما الدين ‪ ،‬لن الصحابة‬
‫هم الذين تلقوا التفسي و منهجه عن رسول ال‪-‬عليه الصلةا و السلما‪ ، -‬و عنه أخذ من جاء بعدهم‬
‫من السلمحيم ‪ .‬فهم الذين تيارسون التأويل الشرعي بعناه الصحيح ‪،‬و ليس أهل التأويل الباطن الشائاي‬
‫الرشدي الذين يزجعمحون وجود تعارض بيم النصوصا الشرعية ‪ ،‬فتيحرفونا و تيرجونا عن حقيقتها‬
‫بتأويلهم التحريفي ‪ ،‬ث تيفون تأويلتم الفاسدةا عن أئامحة السلمحيم و عامتهم ‪ ،‬لنا تالف النقل‬
‫الصحيح ‪ ،‬و العقل الصريح ‪ .‬و قد اعتحف بذا ابن رشد نفسه ‪ ،‬عندنا وصف تأويلتم بأنا كفرية ‪،‬‬
‫من أظإهرها منهم فهو كافر‪. 2‬‬
‫و ثآانيا إن دليله الذي احتج به ف التوقف عند قوله تعال )) و الراسخون ف العلم (( ‪ ،‬و مفاده أنه‬
‫لو ل يكن أهل العلم يعلمحون التأويل ل يكن عندهم مزجية تصديق تتوجب لم من اليان ما ل تيوجد‬
‫عند غي أهل العلم ‪ .‬فهو ل يصح ‪ ،‬و ل تيؤدي إل ما يريد الوصول إليه من مارسة تأويله التحريفي ‪.‬‬
‫فعلى فرض صحة التوقف عند )) و الراسخون ف العلم (( ‪ ،‬فهم تيارسون التأويل الشرعي ل التأويل‬
‫التحريفي الرشدي من جهة ‪ .‬و هم بفضل علمحهم أدركوا و تبينوا و علمحوا أن الحاطة بذلك التأويل و‬
‫معرفته على حقيقته النهائاية ‪ ،‬هو أمر ل يعلمحه إل ال تعال من جهة ثآانية ‪ .‬فسيلمحوا و خضعوا و أخبتوا‬
‫و قالوا ‪ )) :‬كل من عند ربنا (( ‪ .‬و بذا الفهم لم مزجية التصديق و التسليم عن علم و إدراك ‪،‬و أما‬
‫غيهم من عامة الناس فتسليمحهم عن عجزج بل علم ‪ ،‬فشتان بيم الوقفيم !! ‪.‬‬
‫و ثآالثا إن الية ل يكتمحل معناها إل إذا أتمحناها بقوله تعال ‪ )) :‬يقولون آمنا به كل من عند ربنا ((‬
‫فسواء توقفنا عند )) إل ال (( ‪ ،‬أو )) و الراسخون ف العلم (( ‪ ،‬فعلى الالتيم أن الراسخيم ف العلم‬
‫هم الذين يقولون ‪ )) :‬آمنا به كل من عند ربنا (( ‪ ،‬و هذا تسليم و إقرار منهم بالضوع و الستسلما‬
‫ل تعال ‪،‬و عدما قدرتم على الحاطة بتأويل التشابه ‪ .‬و سواء تي ذلك ببحث و تدبر و تفكر ‪ ،‬أو تي‬

‫‪ 1‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 102 ، 101 ،98 :‬‬


‫‪ 2‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 119 :‬‬
‫بتسليم مباشر ‪ ،‬فالنتيجة واحدةا ‪ .‬ما يعن أن الراسخيم ف العلم ليسوا كمحا زعم ابن رشد ‪ ،‬بأنم‬
‫يعلمحون تأويل التشابه على طريقته التحريفية ‪ ،‬الت تزجعم أن التأويل مالف لظاهر الشرع و يب إخفائاه‬
‫‪ .‬فالية على أي وجه أخذنا به ل تعن ما ادعاه ابن رشد ‪.‬‬
‫و رابعا إن ما يزجيد رأي ابن رشد ضعفا و استبعادا و إبطخال ‪ ،‬أن التأويل الرشدي هو عمحلية تريفية‬
‫مالفة للشرع و اللغة معا ‪ ،‬ل يليق بالراسخيم ف العلم مارستها ‪،‬و هم الذين مدحهم ال تعال‬
‫بالتسليم و الضوع و الستسلما ‪ .‬فهم أهل إيان و تقوى ‪ ،‬و علم و يقيم ‪ ,‬فلو كانوا مؤوليم على‬
‫الطخريقة الرشدية التحريفية ما كانوا من الراسخيم ف العلم ‪ ،‬و ما مدحهم ال تعال ‪،‬و ما وصفهم بأنم‬
‫قالوا ‪ )) :‬آمنا به كل من عند ربنا (( ‪ .‬و با أنه وصفهم بذلك فهم على الطخريقة التأويلية الشرعية ‪،‬و‬
‫ليسوا على الطخريقة التأويلية الشائاية الرشدية التحريفية الزجعومة ‪ ،‬الت تعل الؤيول مضطخربا قلقا ‪ ،‬مرفا‬
‫للشرع ‪ ،‬تيفي تأويلته عن الناس ‪ ،‬مافة الطلع عليها فينكشف أمره ‪ ،‬لنا مالفة للشرع و العقل‬
‫معا ‪ .‬فيصدق عليه وصف ال تعال بأنه من الذين ف قلوبم زيغ ‪ )) :‬و أما الذين ف قلوبم زيغ‬
‫فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله (( ‪.‬‬

‫و خامسا إنه تبيم ل من تدبر آية الراسخيم ‪ ،‬و ما قاله ابن رشد – بناء على تأويله التحريفي‪، -‬‬
‫أن هذه الية ترد على ابن رشد نفسه ‪ ،‬و تذما تأويله ‪ ،‬و تعله من الذين ف قلوبم زيغ الثيين للفت‬
‫بدليل الشواهد التية ‪ :‬أولا إن مفهومه للتأويل مالف للتأويل الشرعي و ل يصح ‪ .‬و ثآانيهمحا إنه ادعى‬
‫ص صراحة على أنه تمكم ل‬ ‫أن ف الشرع نصوصا متعارضة يب تأويلها ‪ ،‬و هذا مالف للشرع الذي ن ي‬
‫ص على وجود آيات متشابات ‪ ،‬فإن التشابه‬ ‫يأتيه الباطل من بيم يديه و ل من خلفه ‪ .‬و هو و إن ن ي‬
‫ل يعن التناقض و التعارض ‪ ،‬و إنا يعن أن التشابات تتمحل عدةا معان ‪ ،‬و بإرجاعها إل الكمحات‬
‫تتعرف معانيها ‪ ،‬إذا كانت من اليات الت يستطخيع العقل إدراكها و فهمحها ؛ و إل فهي تتعلق بالمور‬
‫الت ل يستطخيع العقل إدراكها ‪ ،‬لكنها مع ذلك ليست متعارضة و ل متناقضة ‪.‬‬
‫و الشاهد الثالث هو أن ابن رشد ل ينطخلق ف تأويله لية الراسخيم و الكمحات و التشابات من‬
‫الشرع ‪ ،‬و إنا انطخلق من الفلسفة الرسطخية الشائاية ف فهمحه للتأويل و تطخبيقه على الشرع ‪.‬و هذا هو‬
‫سبب زعمحه بأن ف الشرع نصوصا متعارضة ‪ ،‬و باطنها مالف لظاهرها ‪ ،‬و بواطنها كفريات يب‬
‫إخفاؤها ‪ ،‬و من أظإهرها فقد كفر ‪ .‬و بذلك يتبيم أن ابن رشد و أمثاله ليسوا من الراسخيم ف العلم‬
‫الذين ذكرهم ال تعال و مدحهم ف كتابه العزجيزج ‪ ،‬و إنا هم من الراسخيم ف التأويل الباطن الرف‬
‫للشرع و القائاق ‪.‬‬
‫و سادسا إن ابن رشد نفسه صيرح بأمر خطخي جدا ‪ ،‬اعتحف –ضمحنيا‪ -‬بأنه مالف للشرع ‪،‬و اختار‬
‫موقفا ل يتفق معه‪-‬أي الشرع‪ -‬و ذلك عندما قال ‪ :‬إن النسان إذا أصبح من العلمحاء الراسخيم ف‬
‫العلم ‪ ،‬فعرض له )) تأويل ف مبدأ من مبادئاها‪-‬أي الشرائاع‪ -‬ففرضه أل تيصيرح بذلك التأويل ‪ ،‬و أن‬
‫يقول كمحا قال سبحانه و تعال ‪ )) :‬و الراسخون ف العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا (( ‪ ،‬هذه‬
‫هي حدود الشرائاع و حدود العلمحاء((‪. 1‬‬
‫و قوله هذا فيه تناقض و طعن ف ابن رشد نفسه ‪ ،‬فهو هنا بدأ الية بقوله تعال ‪)) :‬و الراسخون ف‬
‫العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا (( ‪ ،‬بعن أنه وقف عند قوله تعال‪ )) :‬و ل يعلم تأويله إل ال‬
‫(( ‪ ،‬و هذا تيالف موقفه السابق من أنه اختار الوقف عند قوله تعال ‪ )) :‬و الراسخون ف العلم (( ‪،‬‬
‫فجعل هذا القطخع مضافا لا سبقه ‪ ،‬لكنه هنا وقف عند ))و ل يعلم تأويله إل ال (( ‪.‬‬
‫كمحا أن قوله هذا –أي الخي‪ -‬تيوحي بأن ابن رشد فهم من قوله تعال ‪ )) :‬و الراسخون ف العلم‬
‫يقولون آمنا به كل من عند ربنا (( ‪ ،‬أن الراسخيم أخفوا تأويلهم و ل تيصيرحوا به ‪ ،‬لذا نصح من‬
‫أصبح من العلمحاء الراسخيم ف العلم بأن تيفي تأويله التعلق ببادئ الشرائاع ‪ ،‬بدليل أنه قال ‪:‬‬
‫)) ففرضه أل تيصيرح بذلك التأويل‪،‬و أن يقول كمحا قال سبحانه و تعال ‪)) :‬و الراسخون ف العلم‬
‫يقولون آمنا به كل من عند ربنا (( ‪ .‬فقوله هذا شاهد على مارسة ابن رشد للتأويل التحريفي ‪ ،‬لنه ل‬
‫ث الؤوليم‪-‬على طريقته‪ -‬بإخفاء تأويلتم‬ ‫توجد مناسبة صحيحة بيم رأيه و الية الت ذكرها ‪ .‬فهو ح ي‬
‫لبادئ الشرائاع ‪،‬و استشهد بالية الكرية الت تالف زعمحه و سياق كلمه ‪ ،‬فهي صرية ف وصف‬
‫الراسخيم بأنم سيلمحوا و خضعوا و آمنوا و اقتنعوا ‪،‬و ليس فيها زعم ابن رشد بأنم أيولوا مبادئ الشرائاع‬
‫و أخفوها !! ‪.‬‬
‫و واضح من قوله أيضا أن استشهاده بالية ل يكن تبنيا لوقفها و مضمحونا ‪ ،‬و إنا كان تأويل لا‬
‫لتأييد موقفه التأويلي التحريفي لا ‪ ،‬الذي عيب عنه صراحة بأنه على الؤيول أل تيصيرح بتأويلته للشرع ‪.‬‬
‫فهو هنا ل يتب ما ذكرته الية ‪،‬و إنا تبن موقفا مغايرا لا ‪ ،‬و أيولا لتتمحاشى مع موقفه التأويلي‬
‫التحريفي الذي تبناه ‪.‬‬
‫و تأشي هنا إل أن السلف الول من الصحابة و التابعيم ‪ ،‬منهم طائافة وقفت عند قوله تعال ‪:‬‬
‫)) و ما يعلم تأويله إل ال (( ‪،‬و قالت ‪ :‬إن الراسخيم ل يعلمحون تأويل التشابه الذي ل يعلمحه إل ال‬
‫‪ .‬و منهم طائافة أخرى وقفت عند )) و الراسخون ف العلم (( ‪ ،‬و قالت ‪ :‬إن الراسخيم ف العلم‬
‫يعلمحون تأويل التشابه ‪ ،‬على طريقة التأويل الشرعي ‪ .‬و كل من الطخائافتيم أخذت بالتأويل بعن البيان‬
‫و الشرح و التفسي ‪ ،‬و ل تقل بالتأويل البدعي الخالف للشرع‪. 2‬‬
‫و يرى الافظ ابن كثي أننا إذا أخذنا بالوقف عند قوله تعال ‪ )) :‬و ما يعلم تأويله إل ال و‬
‫الراسخون ف العلم (( ‪ ،‬يكون الراسخون ف العلم يفهمحون ما تخوطبوا به ‪ ،‬و إن ل تييطخوا به علمحا‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ ،‬تهافت التهافت ‪ ،‬حققه صألحا الدين الهواري ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬المكتبة العصرية ‪ ، 2006 ،‬ص‪. 338-337 :‬‬
‫‪ 2‬ابن تيمية ‪ :‬دقائق التفسير ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 330 ، 329 :‬‬
‫بقائاق كنه ما هي عليه ‪ .‬و بذا يكون قوله تعال ‪ )) :‬يقولون آمنا به‪ ((...‬حال منهم ‪ ،‬و قوله ‪:‬‬
‫)) أمنا به (( أي التشابه )) كل من عند ربنا (( أي المحيع من الكم و التشابه حق و صدق ‪ ،‬و‬
‫كل واحد منهمحا تيصدق الخر و يشهد له ‪ ،‬لن المحيع من عند ال ‪،‬و ليس بشيء من عند ال‬
‫بختلف و ل متضاد ((‪ . 1‬و تفسيه هذا له وجه صحيح على طريقة التأويل الشرعي من جهة ‪ ،‬و فيه‬
‫رد على التأويل الرشدي التحريفي الذي يقول بتعارض النصوصا الشرعية من جهة أخرى ‪.‬‬
‫و ادعى ابن رشد أن السلمحيم أجعوا على )) أنه ليس يب أن تتمحل ألفاظ الشرع كلها على‬
‫ظإاهرها ‪،‬و ل تترج كلها عن ظإاهرها بالتأويل ‪ ،‬و اختلفوا ف الؤيول منها من غي الؤيول ؛ الشعريون‬
‫مثل يتأولون آية الستواء ‪،‬و حديث النزجول ‪،‬و النابلة تمحل ذلك على ظإاهره ((‪ . 2‬و معن كلمه أن‬
‫السلمحيم أجعوا على شرعية استخداما التأويل ف التعامل مع النصوصا الشرعية‪،‬و اختلفوا ف حدوده ‪.‬‬
‫لنه إذا كانوا أجعوا على أن ل يب أن تتمحل ألفاظ الشرع كلها على ظإاهرها فهذا يعن أن فيها‬
‫طائافة تتؤيول ‪ .‬و إذا كانوا قالوا ‪ :‬ل تترج النصوصا كلها عن ظإاهرها بالتأويل ‪ ،‬فهذا يعن أن التأويل‬
‫مشروع و مارس ‪،‬و ل تيطخبق على كل النصوصا ‪ .‬فهل هذا الجاع الذي حكاه ابن رشد حدثَ حقا‬
‫و فعل ؟ ‪.‬‬
‫و أقول ‪ :‬إن هذا الجاع الذي حكاه ابن رشد ل يدثَ بيم السلمحيم ‪ ،‬بدليل الشواهد التية ‪:‬‬
‫أولا عن التأويل الذي يتريده ابن رشد هو التأويل التحريفي و ليس التأويل الشرعي ‪ ،‬بدليل أنه ذكر‬
‫مثال عن الـَأويل الذي يقصده عندما ذكر أن الشاعرةا يؤيولون آية الستواء و حديث النزجول ‪ .‬و هذا‬
‫التأويل ل يدثَ حوله إجاع قط ‪ ،‬فمحنذ أن ظإهر اللف حوله ف القرنيم الثان و الثالث الجرييم ‪،‬‬
‫فإنه ل تيرفع و ظإل قائامحا بيم جناحي أهل السنة من السلف و اللف إل يومنا هذا ‪.3‬‬
‫و الشاهد الثان هو أن ذلك الجاع الزجعوما ينقضه موقف الصحابة و السلف الول من معن‬
‫التأويل عندهم ‪ ،‬فهم ل يعرفوا التأويل الرشدي التحريفي ‪،‬و من سع به منهم ل تيارسه ‪ ،‬لنم مارسوا‬
‫التأويل بالعن الشرعي الذي يعن التفسي و البيان و الشرح ‪،‬و الفهم الصحيح للشرع ‪ .‬و قد صنف‬
‫الفقيه الوفق بن قدامة القدسي )ت ‪620‬ه( كتابا ساه ‪ :‬ذما التأويل ‪ ،‬جع فيه روايات و نصوصا‬
‫كثيةا عن أئامحة السلف و التابعيم و من جاء بعدهم ‪ ،‬فيها ذما صريح للتأويل و التحريف‪،‬و التكييف و‬
‫التجسيم ‪،‬و فيها أيضا أمر صريح بوجوب إثآبات كل ما صيح ف الشرع ‪ ،‬ف إطار من التنزجيه و‬
‫التسليم‪.4‬‬

‫‪ 1‬ابن كثير ‪ :‬تفشسر القرآن العظيم ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 460 :‬‬


‫‪ 2‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 98 :‬‬
‫‪ 3‬للتوساع في ذلك أنظر كتابنا ‪ :‬الزمة العقيدية بين الشاعرة و أهل الحديث ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬الجزائر ‪ ،‬دار الماما مالك ‪. 2005 ،‬‬
‫‪ 4‬انظر ‪ :‬ذما التاويل ‪ ،‬حققه بدر بن عبد ا البدر ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬ضمن مجموع سالسلة عقائد السلف) ‪ ، (3-1‬الكويت ‪ ،‬دار ابن الثير ‪،‬‬
‫‪ ، 1995‬ص‪ 222 :‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫و آخرها –أي الشاهد الثالث‪ -‬يتضمحن اعتحافا صريا من ابن رشد ينقض به قوله السابق ‪ ،‬و يرد به‬
‫على نفسه أيضا ‪ .‬و ذلك أنه ذكر أن التأويل حادثَ ف المة ‪ ،‬ل يعرفه الصحابة ‪ ،‬فلمحا استعمحله من‬
‫جاء بعدهم )) قيل تقواهم و دكتثر اختلفهم‪،‬و ارتفعت مبتهم ‪،‬و تفيرقوا فرقا ((‪ . 1‬فهذا دليل قاطع‬
‫على أن التأويل الذي قصده ابن رشد هو أمر حادثَ ل يعرفه الصحابة ‪ ،‬و من ث فل تيوجد إجاع‬
‫على ذلك التأويل الذي ادعى ابن رشد أن السلمحيم أجعوا على شرعية استعمحاله مبدئايا ‪.‬‬

‫و ختاما لذا البحث تأشي هنا إل ثآلثآة أمور هامة ‪ ،‬أولا إن التأويل الفلسفي التحريفي ليس من‬
‫ابتداع ابن رشد‪ ،‬فهو معروف قبله عند الفلسفة السلمحيم ‪ ،‬فقالوا بالاصة و العامة ‪ ،‬و بالظاهر و‬
‫الباطن ‪ ،‬و من تأولتم أن ابن سينا )ق‪5 :‬ه( زعم أن الشرع خاطب المحهور با يفهمحونه مقربا ما ل‬
‫يفهمحونه إل أوهامهم بالتمحثيل و التشبيه ‪ .‬و قال هو و أمثاله ‪ :‬إن الرسل أظإهرت للناس ف اليان بال‬
‫و اليوما الخر خلف ما هو عليه ف نفسه ‪ ،‬لينتفع المحهور بذلك ؛ لنه لو تأظإهرت لم القيقة لا‬
‫تفهم منها إل التعطخيل ‪ ،‬فخييلوا و ميثلوا لم ما يناسب القيقة نوع مناسبة على وجه ينتفعون به‪. 2‬‬
‫و المر الثان أن حقيقة التأويل عند ابن رشد ‪ ،‬هو تأويل تريفي خطخي جدا على الشرع و العقل‬
‫معا ‪ ،‬عندما قرر أن ف الشرع ظإاهر يب تأويله لنه كفر ‪،‬و على الفلسفة إخفاء تأويلهم له عن‬
‫المحهور لن التصريح به تيؤدي إل الكفر ‪،‬و الصرح به كافر‪ . 3‬و زعمحه هذا خطخي جدا ‪،‬و باطل‬
‫ت‬
‫مالف للشرع و العقل معا ‪ ،‬كشف عن خطخورةا ما قاما به ابن رشد ‪ ،‬و مدى انراف تأويله الباطن‬
‫التحريفي للنصوصا الشرعية ‪ .‬و قد ذكر الشيخ تقي الدين بن تيمحية أن ابن رشد جعل )) فرض‬
‫المحهور اعتقاد الباطل ‪ ،‬الذي هو خلف الق ‪ ،‬إذا كان الق خلف ظإاهره‪ ،‬و قد تفرض عليهم‬
‫حله على ظإاهره((‪. 4‬‬
‫و بذلك يتبيم أن تأويل ابن رشد ل يقوما على الشرع ‪،‬و ل على اللغة العربية الوافقة للقرآن الكري‬
‫‪،‬و ل على مذهب الصحابة و السلف الصال ف تأويلهم للشرع ‪ ،‬الذين فسروا القرآن و شرحوه‬
‫بالتأويل الصحيح ‪ ،‬و ل يقولوا بالطخامات و ل بالتحريفات الت أظإهرها ابن رشد ‪ .‬لنه مارس التأويل‬
‫التحريفي الذي أقامه على الفلسفة الرسطخية الشائاية ‪ ،‬فكل ما خالفها فهو باطل يب تأويله ليتفق‬
‫معها ‪ ،‬أو تيغفل و تيبعد ‪ ،‬و هذا أمر مارسه ابن رشد مرارا ‪،‬و سنذكر من ذلك أمثلة كثيةا ‪ ،‬فيمحا يأت‬
‫من كتابنا هذا إن شاء ال تعال ‪.‬‬

‫‪ 1‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 124 :‬‬


‫‪ 2‬ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪ ، 330 :‬و ما بعدها ‪ ،‬و ج ‪ 6‬ص‪ ، 242 :‬و ج ‪ 10‬ص‪ . 270 :‬و جمال الدين بوقلي ‪ ،‬و آخرون‬
‫‪ :‬نصوص فلسفية ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬المعهد الوطني التربوي ‪ ، 2005 ،‬ص‪. 115 :‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 119 ،111 :‬‬
‫‪ 4‬ابن تيمية ‪ :‬بيان تلبيس الجهمية ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬تحقيق ‪ :‬محمد بن عبد الرحمن بن قاسام ‪ ،‬مطبعة الحكومة ‪ -‬مكة المكرمة ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 239 :‬‬
‫و المر الخي‪ -‬و هو الثالث‪ -‬يتعلق بزجعم الباحث ممحد عابد الابري بأن التمحييزج الذي أقامه ابن‬
‫رشد بيم العلمحاء و المحهور هو تييزج على مستوى العرفة فقط ‪ ،‬فهو اختلف ف التفاصيل ‪ ،‬بعن أنه‬
‫اختلف ف الدرجة ل ف النوع‪ . 1‬و زعمحه هذا ل يصح ‪،‬و فيه تغليط للقراء ‪ ،‬لن ابن رشد ذكر‬
‫صراحة أن التأويل الذي انفرد به الفلسفة أهل البهان هو تأويل يتعلق بنصوصا ظإاهرها كفر ‪ ،‬و تركها‬
‫على ذلك كفر ‪ ،‬و التصريح بتأويلتا كفر ‪ ،‬و مضمحونا كفر أيضا تمالف لظاهر النصوصا ‪ .‬أليس‬
‫هذا اختلف أساسي ف النوع و ليس ف الدرجة ؟ ‪ ،‬و أليس قوله هو حكم بكفر عامة السلمحيم ف‬
‫موقفهم من اليات الت زعم أنا متعارضة و ظإاهرها كفر ؟ ‪ .‬فلو كان التأويل الرشدي –ف التمحييزج‬
‫بيم العلمحاء و المحهور‪ -‬هو مرد اختلف ف درجة العرفة ‪ ،‬ما قال ابن رشد بصراحة ‪ :‬إن نصوصا من‬
‫الشرع ظإاهرها كفر ‪،‬و تتضمحن كفرا مالفا لظاهرها ‪ ،‬و أمر بإخفائاه و من أظإهره فهو كافر !! ‪ .‬فهذا‬
‫دليل قاطع على أن ما قاله الابري غيي صحيح ‪ ،‬أراد منه إخفاء حقيقة التأويل الرشدي ‪ ،‬و التلطخيف‬
‫منه ‪ ،‬تغليطخا و تلبيسا على القراء ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬من تناقضاتا ابن رشد في موقفه من التأويل ‪:‬‬
‫تبيم ل من تتبع موقف ابن رشد من التأويل و تطخبيقه له ‪ ،‬و مدى التزجامه به ف الحتكاما إليه ‪،‬و‬
‫النظر إل متلف السائال الشرعية ‪ ،‬أنه وقع ف ممحوعة من التناقضات ‪ ،‬تتبينها الشواهد التية ‪ :‬أولا إنه‬
‫ذما التأويل –حسب مفهومه له‪ -‬و قال ‪ :‬إن الصحابة ل يعرفوه ‪ ،‬و هو بدعة فيرق المة و جن عليها‬
‫‪ ،‬و يب الرجوع إل الكتاب للخذ منه مباشرةا‪ . 2‬و كلمه هذا جيد و صحيح ‪ ،‬لكنه عاد و نقضه‬
‫عندما قال ‪ :‬إن التأويل‪-‬حسب مفهومه له‪ -‬واجب ‪ ،‬و خاصا بأهل البهان تيؤيولون به ظإواهر الشرع‬
‫التعارضة على حد زعمحه‪. 3‬‬
‫و الشاهد الثان هو أن ابن رشد زعم أن أهل التأويل الق هم أهل البهان ‪،‬و أن تأويلتم حق‬
‫تدل على الق‪ . 4‬لكنه قال أيضا ‪ :‬إن تأويلت هؤلء تتضمحن شيئِّا من إبطخال الظاهر ‪ ،‬و إظإهارها‬
‫تيؤدي إل كفر المحهور ‪ ،‬و من أظإهرها لم فهو كافر ‪ ،‬لنه أظإهر كفرا تضمحنته تأويلتم‪ . 5‬و هذا‬
‫تناقض صارخ ‪ ،‬لنه لو كان هؤلء الؤيولون أهل برهان و تأويلتم حق‪ ،‬ما كانت هذه التأويلت‬
‫مالفة للشرع ‪،‬و ظإاهرها كفر يب إخفاؤه !! ‪ .‬فلو كانت حقا لوافقت الشرع ‪،‬و ما كانت كفرا ‪.‬‬
‫ص صراحة على أن الصفات اللية ل تيؤيول منها ما ل‬ ‫و الشاهد الثالث مفاده أن ابن رشد ن ي‬
‫)) تيصيرح الشرع بتأويله‪ . 6‬و قوله هذا يتضمحن تناقضيم ‪ ،‬أولمحا إنه قرر أمرا تيالف الشريعة ‪ ،‬لنه ل‬
‫تيوجد ف الشرع دليل صحيح ينص على شرعية تأويل النصوصا كلها و ل بعضها ‪،‬حسب الفهوما‬
‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬مقمة المحقق عابد الجابري ‪ ،‬ص‪. 73 :‬‬
‫‪ 2‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 124 :‬‬
‫‪ 3‬سابق توثيق ذلك ‪.‬‬
‫‪ 4‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 124 :‬‬
‫‪ 5‬سابق توثيق ذلك ‪.‬‬
‫‪ 6‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪. 147 :‬‬
‫الرشدي للتأويل ‪ .‬و ثآانيهمحا إنه أيول نصوصا كثيةا ليس له فيها دليل من الشرع على تأويلها ‪ ،‬و هو‬
‫هنا تيعلق التأويل بوجود الدليل الشرعي ‪.‬‬
‫و الشاهد الرابع مفاده أن ابن رشد أمر بالتسليم للشريعة و الضوع لا ‪ ،‬و قال ‪ :‬يب على كل‬
‫إنسان أن تيسيلم ببادئ الشريعة ‪،‬و تيقيلد فها ‪ ،‬لن مبادئاها )) تفوق العقول النسانية ‪ ،‬قلبد أن‬
‫تيعتحف با مع جهل أسبابا((‪ .‬و قال أيضا ‪ )) :‬إن الفلسفة تفحص عن كل ما جاء ف الشرع ‪ ،‬فإن‬
‫أدركته استوى الدراكان ‪ ،‬و كان ذلك أت ف العرفة ‪ ،‬و إن ل تدركه تأعلمحت بقصور العقل النسان‬
‫عنه ((‪ 1‬و قوله هذا يتطخلب منه ‪-‬أي من ابن رشد‪-‬الضوع التاما للشرع ‪ ،‬و عدما تقدي فلسفة اليونان‬
‫عليه ‪ .‬لكنه ل يلتزجما بذلك ‪ ،‬و ناقضه عندما سح لهل البهان‪-‬حسب زعمحه‪ -‬بتأويل حت مبادئ‬
‫الشرائاع مع عدما التصريح به‪ . 2‬و ناقضه أيضا عندما زعم أن ف الشرع نصوصا متعارضة و ظإاهرها‬
‫كفر يب تأويلها للتتفق مع فلسفة اليونان ‪ .‬كمحا أنه مارس تأويله التحريفي مع نصوصا كثيةا ‪،‬‬
‫كتأويله للصفات اللية ‪ ،‬و لليات التعلقة بلق العال ‪،‬و العاد الخروي ‪،‬و قوله بالتخيل ف موقفه‬
‫من النبوةا‪ . 3‬فهذه التأويلت ل تتفق مع ما قرره سابقا ‪ ،‬و تنقض عليه زعمحه ‪.‬‬
‫و أما الشاهد الامس فيتمحثل ف أن ابن رشد ذكر أن أهل التأويل –حسب مفهومه له‪ -‬ل يتشابه‬
‫عليهم الشرع ‪،‬و ل تيثي فيهم شكوكا و ل حيةا ‪ . 4‬و هذا يتناقض مع موقفه من وجوب التأويل لزالة‬
‫التعارض الزجعوما بيم النصوصا ‪ .‬فإذا كان حالم من العلم و الرسوخ فيه ما قاله عنهم هنا ‪ ،‬فأهل‬
‫التأويل ليسوا ف حاجة إل التأويل أصل ‪ ،‬و ل إل إخفائاه ‪ ،‬لن العلم ل يتشابه عليهم ‪ ،‬و ل تيثي‬
‫فيهم حيةا و ل شكوكا‪ .‬و با أنه نص على ضرورةا التأويل التحريفي لهل البهان الزجعوميم ‪ ،‬فالرجل‬
‫متناقض مع نفسه ‪.‬‬
‫و الشاهد السادس مفاده أن ابن رشد انتقد التكلمحيم ف مسلكهم الكلمي ‪،‬و قال ‪ :‬إنم اعتقدوا‬
‫أفكارا ف ال تعال صرفوا فيها كثيا من ألفاظ الشرع عن ظإاهرها إل تأويلت نزجلوها على اعتقاداتم‬
‫‪،‬و هي جلها أقاويل تمدثآة ‪،‬و تأويلت تمبتدعة‪ . 5‬لكنه ناقض نفسه عندما نسي أو تناسى أنه هو‬
‫شخصيا أخذ ببدأ التأويل التحريفي الذي عند التكلمحيم ‪ ،‬خاصة العتزجلة ‪ ،‬فهم أسبق إل استخداما‬
‫ذلك التأويل بكم ظإهورهم البكر ف القرن الثان الجري ‪ .‬ث بعد ذلك تابعهم ف تأويل الصفات‬
‫اللية ‪،‬و وافقهم ف بعضها كتأويل آية الستواء ‪ ،‬و حديث النزجول‪. 6‬‬
‫و انتقدهم أيضا ف أنم أخذوا بتأويلت تمدثآة بدعية ‪ ،‬و نسي أو تناسى أنه هو شخصيا وقع ف‬
‫انراف أخطخر من انراف هؤلء التكلمحيم ‪ ،‬عندما نظر إل الشرع من خلل فلسفة اليونان عامة و‬
‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 337 ،322 :‬‬
‫‪ 2‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 338-337 :‬‬
‫‪ 3‬سانوثق ذلك في الفصول التية إن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫‪ 4‬اكشف ‪ ،‬ص‪. 148 :‬‬
‫‪ 5‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪ . 118 :‬و الكشف ‪ ،‬ص‪. 100 :‬‬
‫‪ 6‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 111 ، 98 :‬‬
‫الرسطخية الشائاية خاصة ‪ ،‬و أخضع الشرع لا ف الليات و الطخبيعيات و النطخق‪ . 1‬فمحن الكثر انرافا‬
‫و خطخرا ‪ ،‬التكلمحون أما ابن رشد و أمثاله ؟ ! ‪.‬‬
‫و أما الشاهد السابع فيتمحثل ف أن ابن رشد بالغ كثيا ف تعظيم الفلسفة ‪ ،‬فهم أهل البهان و‬
‫اليقيم الذين خصهم ال بالعلم و الرسوخ فيه ‪ ،‬و هم أهل التأويل البهان الذي يدل على الق ‪،‬و‬
‫يتزجيل تعارض النصوصا ‪ .‬لكنه نقض هذه الزجاعم عندما قرر أنه )) ل يقل أحد من الناس ف العلوما‬
‫اللية قول تيعتد به ((‪. 2‬‬
‫و الشاهد الثامن مفاده أن ابن رشد قال ‪ :‬إن الشريعة حق ‪ ،‬و الفلسفة حق ‪ ،‬و الق ل تيضاد الق‬
‫‪،‬و ها متطخابقتان و متوافقتان ل مالفة بينهمحا ‪ ،‬و كل منهمحا تيكمحل الخر ‪ ،‬و ها مصطخحبتان‬
‫بالطخبع‪ . 3‬لكنه تيناقض نفسه عندما تيقرر أن ف الشرع نصوصا متعارضة ‪ ،‬و أن ظإاهرها تمالف للفلسفة‬
‫‪،‬و الخذ به على ظإاهره كفر ‪ ،‬لذا يب تأويله ليتفق معها ‪ ،‬أو إبعاده إذا تعيذر ذلك ‪ .‬و هذا على‬
‫حساب الشريعة الت يب تأويلها و ليست الفلسفة الت هي الكم و النطخلق و العيار عنده ‪ .‬فلو‬
‫كانتا‪ -‬أي الشريعة و الفلسفة‪ -‬متطخابفتيم و متصاحبتيم على حد زعمحه ‪ ،‬ما حدثَ هذا التناقض و‬
‫التحريف للشرع ‪ .‬فديل هذا على تناقضه و بطخلن زعمحه ‪ ،‬فالشريعة هي الق الطخلق ‪،‬و الفلسفة فكر‬
‫بشري فيها القائاق و الباطيل ‪ ،‬و الظنون و الساطي ‪ ،‬ل يكن أن تساوي الشرع و ل أن تتقدما عليه‬
‫‪،‬و ل أن تزجاحه ‪ ،‬و يب إخضاعها له و ليس العكس كمحا فعل ابن رشد ‪.‬‬
‫و آخرها‪ -‬أي الشاهد التاسع‪ -‬مفاده أن ابن رشد ذكر أن من خصائاص القاويل الشرعية أنا‬
‫)) تتضمحن التنبيه لهل الق على التأويل الق ((‪ . 4‬و معن كلمه أن الشرع يتضمحن منهج تفسيه و‬
‫فهمحه من داخله ‪ ،‬لكن ابن رشد تيناقض نفسه من وجهيم ‪ ،‬أولمحا إنه تبن مفهوما التأويل بطخريقة غي‬
‫شرعية ‪ ،‬فأخذ بعناه التحريفي الكلمي الفلسفي ‪،‬و ل يأخذ بعناه الصحيح الشرعي ‪ .‬و ثآانيهمحا إنه‬
‫ل يعل الشرع منطخلقا و معيارا و حكمحا ف فهمحه له ‪،‬و ف ضبط فكره و إخضاعه للشرع ‪،‬و إنا جعل‬
‫الفلسفة الرسطخية الشائاية منطخلقه و معياره ف النظر إل الشرع ‪ ،‬و البحث ف متلف السائال الفلسفية‬
‫اللية و الطخبيعية و النطخقية ‪ .‬و هذا‪-‬بلشك‪ -‬تناقض واضح مع ما نقلناه عنه آنفا !! ‪.‬‬

‫تلك الشواهد –الت ذكرناها‪ -‬هي ناذج من تناقضات ابن رشد ف موقفه من التأويل حسب فهمحه‬
‫و تطخبيقه له ‪ .‬فمحا هي أسباب وقوعه ف ذلك ؟ ‪ .‬إن السبب الساسي و العمحيق فيمحا وقع فيه ابن‬
‫رشد ‪ ،‬هو منطخلقه الفكري التمحثل ف الفلسفة الرسطخية الشائاية ‪ ،‬فهي مصدره العرف و مرجعيته‬
‫الفكرية ‪ ،‬فمحا وافقها قدتبله و ما خالفها أيوله ‪ ،‬أو أغفله و أهله ‪،‬و هذا أمر مارسه ابن رشد ف موقفه‬
‫‪ 1‬سانتناول ذلك بالتفصيل في الفصول التية إن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫‪ 2‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 236 :‬‬
‫‪ 3‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪ . 125 ،96 :‬و الكشف ‪ ،‬ص‪ . 154 ،153 :‬و تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 182 :‬‬
‫‪ 4‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 124 :‬‬
‫من الشريعة‪ . 1‬ما يعن أن تناقضاته تمتعمحدةا ف الغالب العم ‪ ،‬و إن كان بعضها قد يقع فيه خطخأ و‬
‫نسيانا ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬هل قالا ابن رشد بالحقيقتين ؟ ‪:‬‬
‫تاشتهر عن ابن رشد أنه يقول بالقيقتيم ف موقفه من الشريعة و الفلسفة ‪ ،‬و تضاربت مواقف‬
‫الباحثيم ف تأيد ذلك و نفيه عن ابن رشد ‪ .‬فمحا هي تفاصيل موقفه من السألة ؟ ‪ ،‬و هل قال بتعدد‬
‫القيقة أما ل ؟ ‪.‬‬
‫توجد شواهد من أقوال ابن رشد تدل على أنه قال بتعدد القيقة ‪،‬و له شواهد أخرى تدل على قوله‬
‫بالقيقة الواحدةا ‪ .‬فمحن الشواهد الت تدل على قوله بالقيقتيم ‪ ،‬أنه قرر أن الشريعة حق ‪ ،‬و الفلسفة‬
‫حق ‪،‬و الق ل تيضاد الق ‪ ،‬و ها متوافقتان متطخابقتان ‪ ،‬و كل تيتمحم الخر ‪ ،‬و ها مصطخحبتان‬
‫بالطخبع متحابتان بالوهر و الغريزجةا ‪،‬و ل مالفة بينهمحا ‪ .‬و نص أيضا على الشرائاع كلها حق ‪ ،‬و إن‬
‫تفاضلت فيمحا بينها ‪،‬و على الفيلسوف أن يتار أفضلها‪. 2‬‬
‫فهذه الشواهد تتبيم أن ابن رشد كان يرى أن كل من الشريعة و الفلسفة منفصل عن الخر و‬
‫مستقل عنه‪ ،‬و له ذاتيته و خصوصيته من جهة ‪ .‬و أن كل منهمحا حق و متطخابق و متوافق مع الخر‬
‫من جهة ثآانية ‪ .‬و حت الشرائاع –على اختلفاتا و تناقضاتا‪ -‬هي عنده كلها حق ‪ ،‬و إن تفاضلت‬
‫فيمحا بينها ‪ ،‬فهي على تعددها كلها حق ! ‪ .‬و هذا كله يستلزجما القول بتعدد القيقة بالضرورةا ‪.‬‬
‫و أما الشواهد الت تدل على أن ابن رشد يقول بالقيقة الواحدةا ‪ ،‬فهي مبثوثآة ف مؤلفاته ‪ ،‬و كررها‬
‫مرارا ف مواضع كثيةا من مصنفاته ‪ .‬فمحن ذلك أنه كان يعتقد أن الفلسفة الرسطخية هي الق الطخلق ‪،‬‬
‫و نظرها صحيح فوق نظر جيع الناس ‪ ،‬حت اعتقد فيها العصمحة‪ . 3‬و كان يرى ضرورةا تأويل ظإواهر‬
‫الشرع التعارضة‪-‬حسب زعمحه‪ -‬للتتفق مع الفلسفة الرسطخية ‪ ،‬المر الذي يعن أن القيقة واحدةا‬
‫متمحثلة ف هذه الفلسفة ‪ ،‬فمحا وافقها فهو حق ‪ ،‬و ما خالفها فهو باطل ‪ ،‬و ما عارضها من الشرع‬
‫يب تأويله ليتفق معها ‪ ،‬لن هذه الفلسفة هي مرجع الق و مصدره و معياره عند ابن رشد ‪.‬‬
‫و بذلك يتبيم أن الرجل قال بوحدةا القيقة و تعددها ‪،‬و بعن آخر أنه أظإهر القول بتعدد القيقة و‬
‫وحدتا ‪ .‬فهو متناقض مع نفسه ‪ ،‬مع أن القول بذلك ل يصح شرعا و ل عقل ‪ ،‬فأما شرعا فإن ال‬
‫صدرتفودن ((‪-‬سورةا يونس ‪-32 :‬و أما عقل فل‬ ‫تعال يقول ‪)) :‬فددمحادذا بدـَأعدد األدبق إتلل ال ل‬
‫ضلدتل فدأدلن تت أ‬
‫يصح فيه تصيور حقيقة متعددةا ‪ ،‬فهي واحدةا و إن تعددت زوايا النظر و طرق الوصول إليها ‪ .‬فل‬
‫يصح أن تنلط بيم القيقة ذاتا ‪ ،‬و بيم طرق الوصول و زوايا النظر إليها ‪.‬‬

‫‪ 1‬بالنسبة للتأويل فقد مارساه ابن رشد كثيرا ‪ ،‬و قد ذكرنا نماذج منه ‪ .‬أما فيما يخص ممارساته للغفال و الهمال في تعامله مع الشرع‬
‫فسنذكر نماذج منها في الفصل الثالث إن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫‪ 2‬ف المقال ‪ ،‬ص‪ . 125 ،96 :‬و الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪ , 154 ، 135 :‬و تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 373 ،182 :‬‬
‫‪ 3‬سانتوساع في ذلك في الفصل الخامس إن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫فمحا حقيقة موقف الرجل من هذه السألة ؟ ‪ ،‬نعم إن أقواله الظاهرةا متناقضة ‪ ،‬و قد تعمحد إظإهارها ‪،‬‬
‫لكن حقيقته الداخلية أنه ل يكن تيؤمن بتعدد القيقة‪ ،‬و إنا كان تيؤمن بوحدتا التمحثلة ف الفلسفة‬
‫الرسطخية الت بالغ ف تعظيمحها و الغلو فيها‪ ،‬و تأويل الشرع من أجلها ‪ ،‬و هذا أمر صيرح به علنية ‪.‬‬
‫لكنه‪-‬يبدو ل‪ -‬أنه أظإهر القول بتعددها ليجد مسلكا ف تعامله مع خصومه النكرين عليه اشتغاله‬
‫بالفلسفة من جهة ‪ ،‬و يتخذ لنفسه موقفا ف تعامله مع الشريعة من جهة ثآانية ‪ .‬و يبقى متمحسكا‬
‫بذهبيته الرسطخية من جهة ثآالثة ‪.‬‬
‫و بذلك يتبيم جليا أن وحدةا القيقة الت قال با ابن رشد هي )) القيقة (( الت قالت با الفلسفة‬
‫الرسطخية الشائاية ‪،‬و ليست القيقة الت نص عليها دين السلما ‪ ،‬علمحا بأن القيقة ل يكن أن تتعدد‬
‫أبدا ‪ ،‬و موقفه هذا باطل شرعا و عقل ‪ .‬لن الشرع يفرض عليه‪-‬كمحسلم‪ -‬أن يلتزجما به قلبا و قالبا ‪،‬‬
‫فكرا و سلوكا ‪ ،‬و ل يسمحح له أبدا أن يتخذ غيه مصدرا للفكر و العقائاد و الخلق و العاملت ‪،‬‬
‫لقوله تعال ‪)) :‬دوأدلن دهـَدذا تصدراتطي تمأستدتقيمحاد دفاتلبتتعوهت دولد تدـَتلبتعتواأ المسبتدل فدـَتدـَدفلردق بتتكأم دعن دستبيلتته دذلتتكأم‬
‫ت تيدبكتمحودك تفيدمحا‬ ‫ت‬ ‫صاتكم بتته لددعلتكأم تدـَتلـَتقودن ((‪-‬سورةا النعاما ‪ ، -153 :‬و ))فدلد دودرب د‬
‫ك لد يـَتأؤمتنودن دح لد‬ ‫دو ل‬
‫ت دويتدسلبتمحواأ تدأستليمحاد ((‪-‬سورةا النساء ‪. - 65 :‬‬ ‫ت‬
‫دشدجدر بدأـَيـَندـَتهأم تثل لد دتيتدواأ تف دأنتفستهأم دحدرجاد بلما قد د‬
‫ضأي د‬
‫و أما عقل فإن العقل البديهي الصريح الوضوعي مع نفسه ‪ ،‬ل يقبل من صاحبه أن يعتقد بدين ‪،‬‬
‫ث يتحكه وراء ظإهره و يتبن أفكارا و مذاهب تزجاحه‪ ،‬أو تتقدما عليه ‪ ،‬أو تالفه ‪.‬و هذا هو حال ابن‬
‫رشد مع دينه و فلسفته الرسطخية !! ‪.‬‬

‫و إكمحال لا أوردناه أذكر هنا مواقف بعض أهل العلم من القيقة عند ابن رشد ‪ ،‬أولم الشيخ‬
‫تقي الدين بن تيمحية ‪ ،‬ذكر أن ابن رشد جعل المحهور يعتقدون الباطل الذي هو خلف الق ‪ ،‬الذي‬
‫عليهم أن يمحلوه ‪ .‬و أما أهل التأويل فلهم الق الذي هو خلف ذلك الظاهر‪ . 1‬و قوله هذا صريح‬
‫ف أنه كان يرى أن ابن رشد يقول بوحدةا القيقة الفلسفية الرسطخية الخالفة للشرع الذي يب تأويله‬
‫ليتفق معها ‪.‬‬
‫و الثان هي الباحثة زينب ممحد الضيي ‪ ،‬فإنا ترى أن ابن رشد تسك دائامحا بفكرةا القيقة بيم‬
‫الفلسفة و الشرع ‪ .‬بعن أنه توجد حقيقة واحدةا دائامحا ‪ ،‬و إن كان لا تعبيان‪ :‬فلسفي و دين ‪ ،‬و‬
‫كأنمحا وجهان لعمحلة واحدةا ‪. 2‬‬
‫نعم إنه قال بوحدةا القيقة ‪،‬لكنه أظإهر القول أيضا بتعددها ‪ ،‬فالرجل كان مزجدوج الطخاب ف موقفه‬
‫من القيقة ‪ ،‬فهو و إن كان يعتقد ف باطنه بوحدتا التمحثلة ف الفلسفة اليونانية أساسا ‪ ،‬فإنه ظإل‬
‫تيظهر أيضا القول بتعددها ‪ .‬و ل يقل بأن للحقيقة تعبيان ‪ :‬فلسفي و دين ‪ ،‬و إنا قال بأن للحقيقة‬
‫‪ 1‬بيان تلبيس الجهمية ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 240 ،239 :‬‬
‫‪ 2‬زينب محمد الخضيري ‪ :‬أثر ابن رشد في فلسفة العصور الوساطى ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬دار الثقافة ‪ ،1993 ،‬ص‪. 134 :‬‬
‫مضمحونان متعددان ‪ :‬شرعي و فلسفي ‪ ،‬و الضمحون الفلسفي هو الق و الصل ‪ ،‬فإذا تعارض‬
‫الضمحون الشرعي مع الفلسفة الرسطخية أتيول ليتفق معها ‪ ،‬و إذا ل يتعارض معها فهمحا حقيقتان تيعبان‬
‫عن حقيقة واحدةا منطخلقها الفلسفة الرسطخية أول ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫و الباحث الثالث هو ممحد عاطف العراقي ‪ ،‬فإنه يرى أن ابن رشد قال بالقيقتيم ذات الوجهيم‬
‫‪ .‬و الصواب أن ابن رشد ل يقل بذلك و إنا أظإهر القول بتعدد القيقة استجابة للظروف النفسية و‬
‫الارجية الت كان يعيش فيها ‪.‬و قال بوحدتا انطخلقا من إيانه بالفلسفة الرسطخية الت ملكت عليه‬
‫عقله و قلبه ‪ ،‬فمحا وافقها قبله ‪ ،‬و ما خالفها رفضه ‪ ،‬و ما تعارض منها مع الشرع أيوله ‪ ،‬أو أغفله و‬
‫سكت عنه ‪.‬‬
‫و الباحث الرابع هو ممحود حدي زقزجوق ‪ ،‬نذكر له ثآلثآة أقوال ‪ ،‬أولا قال فيه ‪ )) :‬و معن‬
‫ذلك فإن ابن رشد الفقيه ل تيناقض ابن رشد الفيلسوف ‪ ،‬فالقيقة عنده واحدةا و إن كانت لا وجوه‬
‫عديدةا ((‪. 2‬‬
‫و أقول ‪ :‬يب أن ل يغيب عنا أن ابن رشد كان تيفرق بيم العلمحيات و العمحليات ف الشريعة ‪ ،‬فكان‬
‫تيؤيول العلمحيات كتأويله للصفات لتتفق مع الرسطخية ‪ ،‬و ل تيؤيول العمحليات من عبادات و معاملت‪. 3‬‬
‫ما يعن أن ابن رشد كان فعل متناقضا مع نفسه ‪ ،‬بيم ابن رشد الفقيه ‪،‬و بيم ابن رشد الفيلسوف ‪،‬‬
‫ففي العمحليات كان فقيها مالكيا ‪،‬و ف العلمحيات كان فيلسوفا أرسطخيا ‪ ،‬يأخذ بالرسطخية و إن‬
‫خالفت الشريعة ‪ ،‬و ف هذه الالة ‪ ،‬إما أن تيؤيول الشرع ليتفق معها ‪ ،‬أو تيغفله و يسكت عنه ‪ .‬و من‬
‫ك‬ ‫ت‬ ‫ب دوتدأكتفترودن تببدـَأع م‬‫ض الأتكدتا ت‬
‫ث يصدق عليه قوله تعال ‪ )) :‬دأفدـَتتـَأؤتمتنودن تببدـَأع ت‬
‫ض فددمحا دجدزجاء دمن يدـَأفدعتل ذدل د‬
‫ب دودما الليهت بتدغافتمل دعلمحا تدـَأعدمحتلودن (( –‬ ‫تمنتكم إتلل تخأزجي تف األياةات المدنأـَيا ويـَوما الأتقيامتة يـَرمدودن إتدل أددشبد الأعدذا ت‬
‫د‬ ‫د د د أ د د د تد‬ ‫دد‬ ‫ب‬ ‫أ‬
‫سورةا البقرةا ‪ ، - 85 /‬فهل تيعقل أن يكون ابن رشد فقيها إسلميا يأخذ بشريعة السلما‪ ،‬و يكون‬
‫فيلسوفا أرسطخيا يأخذ بإليات الرسطخية و طبيعياتا و منطخقها على حساب إليات الشرع و طبيعياته و‬
‫منطخقياته ؟ ! ‪ ،‬إن هذا ل تيعقل شرعا و ل عقل ‪،‬و هو التناقض بعينيه !! ‪.‬‬
‫و القيقة عند ابن رشد هي واحدةا ف باطنه ‪ ،‬و ف كتبه الفلسفية الاصة ‪ ،‬لكنها متعددةا ف‬
‫خطخابه العاما ‪ ،‬و ف كتبه العامة الوجهة للجمحهور ‪ .‬و هذا الذي يب أن نركزج عليه و نبزه لنعرف ابن‬
‫رشد على حقيقته الزجدوجة الطخاب الظاهري ‪.‬‬
‫و أما قوله الثان فمحفاده أن ابن رشد قال بالقيقة الواحدةا ‪،‬و ل يكن متأثآرا ف ذلك بالفلطونية‬
‫الديثة ‪ ،‬و ل بإخوان الصفا ‪ ،‬و ل بغيها من الؤثآرات ‪ ،‬و إنا )) كان اعتمحاده ف القاما الول على‬
‫‪ 1‬محمد عاطف العراقي ‪ :‬الفيلسوف ابن رشد و مستقبل الثقافة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬دار الرشاد ‪ ، 1999 ،‬ص‪. 11 :‬‬
‫‪ 2‬مراد وهبة ‪ ،‬و منى أبو ساتة ‪ :‬ابن رشد و التنوير ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬القاهرة ‪ ،‬دار الثقافة الجديدة ‪ ، 1998 ،‬ص‪. 109 :‬‬
‫ت منه من مطالعتي لكتبه ‪ ،‬فلم أعثر له على تأويل للعمليات ‪ ،‬و هو نفسه ذكر أنه على الفيلسوف أن يأخذ بشريعة قومه ‪،‬‬ ‫‪ 3‬هذا أمر تأكد ت‬
‫قد سابق ذكر قوله في ذلك ‪.‬‬
‫الصول السلمية الكامنة ف عقل ابن رشد و كيانه الدين و الفلسفي ‪ ،‬و هذا أمر ينضح تاما‬
‫الوضوح ف كتابه فصل القال ‪ ،‬و الكشف عن مناهج الدلة ‪. 1(( ...‬‬
‫و أقول ‪ :‬إن ما ذكره الباحث حدي زقزجوق ‪ ،‬فيه حق و باطل ‪ ،‬و ل يصح ف معظمحه ‪ ،‬لن ابن‬
‫رشد انطخلق أساسا من الفلسفة الشائاية ف مواقفه الفكرية الفلسفية ‪،‬و ل ينطخلق أساسا من الشريعة ‪،‬‬
‫فأخذ بالتأويل الكلمي و الفلسفي ‪،‬و أخذ بالرسطخية ف قوله بأزلية العال ‪،‬و موقفه من العاد‬
‫الخروي ‪ ،‬و الصفات اللية‪. 2‬‬
‫و أما الكتابان اللذان ذكرها ‪ ،‬فهمحا ل يكفيان لعرفة حقيقة فكر ابن رشد ‪ ،‬فلبد من الطلع على‬
‫كل كتبه للتعرف على حقيقة فكره ‪.‬و ها كتابان ضمحا خليطخا من التناقضات ‪ ،‬فأظإهر فيهمحا القول‬
‫بتعدد القيقة ‪،‬و بوحدتا أيضا ‪.‬و أظإهر فيهمحا حرصه على الشريعة و على الفلسفة أيضا ‪.‬و انتصر‬
‫فيهمحا للشرع و للفلسفة معا ‪.‬و ادعى فيهمحا أن ف الشرع ظإواهر متعارضة يب تأويلها انتصارا للفلسفة‬
‫الرسطخية الشائاية‪ . 3‬فهل من هذا حاله تيقال أنه اعتمحد ف فكره على الصول السلمية بالدرجة الول‬
‫؟ ‪ ،‬أليس العكس هو الصحيح ؟ ‪.‬‬
‫و أما قوله الخي – و هو الثالث‪ -‬فمحفاده أن ابن رشد ل يقل بالقيقتيم ‪ ،‬و أنه بريء من القول‬
‫بذلك‪،‬و بريء من دعوى التناقض بيم القيقتيم الدينية و الفلسفية‪ . 4‬فهل قوله هذا صحيح ؟ ‪ .‬ليس‬
‫صحيحا ‪ ،‬لن القيقة هي أن ابن رشد أظإهر فعل القول بتعدد القيقة ‪ ،‬فقال بصحة كل الشرائاع‬
‫على تنوعها و اختلفاتا و تناقضاتا !! ‪.‬و أظإهر القول بالقيقتيم الشرعية و الفلسفية ‪،‬و هذا أمر‬
‫سبق أن بيناه و وثآقناه ‪ .‬و هو ليس بريئِّا من دعوى التناقض ‪ ،‬فهو غارق فيه و من ضروريات ازدواجية‬
‫خطخابه ‪ ،‬فالتناقض جزجء أساسي من فكره و فلسفته الشائاية ‪.‬‬
‫و أما الباحث الامس فهو ممحد عابد الابري ‪ ،‬أنكر أن يكون ابن رشد قال بالقيقتيم الدينية‬
‫للعامة ‪،‬و الفلسفية للخاصة ‪ ،‬و إنا قال بالقيقة الواحدةا ‪ ،‬لكن إدراك العلمحاء لا يتلف عن إدراك‬
‫المحهور لا‪. 5‬‬
‫و تعليقا عليه أقول‪ :‬إن ابن رشد أظإهر القول بتعدد القيقة لغاية ف نفسه ‪ ،‬سبق ذكرها ‪.‬و قال أن‬
‫للعامة ظإاهر النص الذي قد يكون كفرا ‪ ،‬و أن للخاصة – و هم أهل البهان و التأويل‪ -‬القيقة‬
‫الوافقة للبهان الفلسفي ‪ .‬و هذا أمر صيرح به ابن رشد ‪ ،‬و دعا الؤيوليم إل إخفاء تأويلتم للشرع‬
‫لنا كفر تمالف لظاهر النص الذي عليه العامة ‪ .‬و مع هذا فإن ابن رشد أظإهر القول أيضا بوحدةا‬

‫‪ 1‬محمود حمدي زقزوق ‪ :‬الدين و الفلسفة و التنوير ‪،‬دار المعارف ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬دت ‪ ،‬ص‪. 57 :‬‬
‫‪ 2‬سانوثق كل ذلك في المواضع المناسابة من الفصول التية إن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫‪ 3‬ما ذكرناه سابق توثيقه ‪.‬‬
‫‪ 4‬حمدي زقزوق ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 74 ، 9 :‬‬
‫‪ 5‬محمد عابد الجابري ‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬سايرة و فكر ‪ ،‬ص‪. 180 :‬‬
‫القيقة التمحثلة ف الفلسفة الرسطخية ‪ ،‬فمحا وافقها فهو حق ‪ ،‬و ما خالفها فهو باطل ‪ ،‬و ما خالفها‬
‫من الشرع يب تأويله ‪ ،‬أو إغفاله و السكوت عنه‪. 1‬‬
‫و أما قوله بأن الختلف بيم العلمحاء و المحهور ‪ ،‬هو مرد اختلف ف الدراك فهو قول ل يصح ‪،‬‬
‫ص على أن ف الشرع نصوصا متعارضة يأخذ به جهور‬ ‫و تمالف لا صيرح به ابن رشد نفسه عندما ن ي‬
‫صيرح لم‬
‫الناس ‪ ،‬و هو كفر يب تأويله و ل تيصيرح به لم ‪ .‬فالمحهور على كفر ‪ ،‬ويكفرون إذا ت‬
‫بتأويلت تلك النصوصا التعارضة ‪،‬و حت الؤيولون يكفرون إذا صيرحوا بكفرياتم للجمحهور !! ‪ ،‬و هذا‬
‫أمر صيرح به ابن رشد ‪،‬و قد سبق إثآباته و توثآيقه ‪ .‬فهل هذا الختلف ف درجة الفهم و الدراك ‪ ،‬أما‬
‫هو اختلف ف النوع و الضمحون و القيقة ؟ ‪ ،‬لشك أنه اختلف ف النوع و العن و الضمحون ‪ ،‬ما‬
‫يعن أن المحهور عند ابن رشد على كفر وباطل ‪ ،‬متمحسكون بأمر زائاف ‪ ،‬خلف أهل البهان‬
‫الفلسفي فهم أهل الق و اليقيم‪. 2‬‬
‫و آخرهم – أي السادس‪ -‬هو الباحث عمحر فروخ ‪ ،‬ذكر أن ابن رشد قال صراحة بالقيقتيم ‪،‬و‬
‫ذلك بأنه تتوجد أمور تصح ف الدين و ل تصح ف الفلسفة ‪ ،‬و أخرى تصح ف الفلسفة و ل تصح ف‬
‫الدين ‪ .‬و هو يقبل كل ما جاءت به الفلسفة‪،‬و ما جاء به الدين شريطخة أن يأخذ بتأويل النصوصا‬
‫الشرعية الت ل تتفق ف ظإاهرها مع الرأي الفلسفي‪. 3‬‬
‫و أقول ‪ :‬إن الصواب ف موقف ابن رشد هو أنه أظإهر القول بتعدد القيقة ‪،‬و بوحدتا أيضا ‪ ،‬و‬
‫هذا أمر سبق شرحه و تعليله و توثآيقه ‪.‬لكنه ل يقل بوجود حقائاق تصح ف الدين ‪،‬و ل تصح ف‬
‫الفلسفة و العكس ‪ ،‬و إنا كان يعتقد أن الفلسفة الرسطخية هي القيقة و الددكم ‪ ،‬و ما خالفها فهو‬
‫باطل ‪ ،‬و ما عارضها من الشرع يب تأويله أو إغفاله و السكون عنه ‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬موقف بعض أهل العلم من التأويل الرشدي‪:‬‬
‫تباينت مواقف أهل العلم من التأويل الذي تبناه ابن رشد و مارسه ‪ ،‬و دعا إليه و دافع عنه ‪.‬‬
‫فبعضهم ذمه و أنكر عليه فعله ‪ ،‬و بعضهم دافع عنه و أقره على منهجه التأويلي و مدحه عليه؛ أذكر‬
‫منهم أربعة ‪ :‬أولم شيخ السلما تقي الدين بن تيمحية ‪ ،‬إنه تصدى للرد على ابن رشد ‪،‬و توسع ف‬
‫‪6‬‬
‫انتقاده و الرد عليه ف كتابه ممحوع الفتاوى‪، 4‬و درء تعارض العقل و النقل‪ ، 5‬و بيان تلبيس الهمحية‬
‫‪ .‬و قد انتقده انتقادا قويا و عمحيقا ف السائال التعلقة بالانب الشرعي من فكره ‪.‬‬

‫‪ 1‬سانذكر أمثلة عن ذلك في الفصل الثالث و الرابع ‪ ،‬بحول ا تعالى ‪.‬‬


‫‪ 2‬انظر مثل ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 124 :‬‬
‫‪ 3‬عمر فروخ ‪ :‬عبقرية العرب في العلم و الفلسفة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬المكتبة العصرية ‪ ،‬ص‪. 156 :‬‬
‫‪ 4‬ج ‪ 4‬ص‪ 163 :‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 5‬ج ‪ 1‬ص‪ 157 :‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 6‬ج ‪ 1‬ص‪ 239 :‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫فمحن ذلك انتقاده لبن رشد ف مسألة التأويل الباطن ‪ ،‬فجعله من باطنية الفلسفة الشائايم أتباع‬
‫أرسطخو ‪ .‬و هو على طريقة ابن سينا ف قوله بأن الشريعة مضروبة لتفهيم العامة ما يتخيلونه ف أمور‬
‫‪1‬‬
‫العقائاد ‪ ،‬كاليان بال و اليوما الخر ‪ .‬لكن الق الصريح الذي يصلح لهل العلم هو أقوال الفلسفة‬
‫‪.‬‬
‫و قال أيضا ‪ :‬إن ابن رشد على رأي ابن سينا ف القول بأن )) الرسل أظإهرت للناس ف اليان بال و‬
‫اليوما الخر خلف ما هو المر عليه ف نفسه ‪ ،‬لينتفع به المحهور بذلك ‪ .‬إذ كانت القيقة لو‬
‫تأظإهرت لم لا تفهم منها إل التعطخيل ‪ ،‬فخييلوا و ميثلوا لم ما تيناسب القيقة نوع مناسبة ‪ ،‬على وجه‬
‫ينتفعون به ((‪. 2‬‬
‫و قال أيضا ‪ :‬إن ابن رشد على طريقة الهمحية و العتزجلة ف تأويل رؤية ال تعال يوما القيامة ‪ ،‬فقد‬
‫أدعى أن الرؤية ف الباطن هي مزجيد علم ‪ .‬و هذا زعم ل يذكر عليه حجة ‪ ،‬و النصوصا قد نصت‬
‫صراحة ‪ ،‬وتعلم منها بالضرورةا أن رسول ال –صلى ال عليه و سلم‪ -‬أخب برؤية العاينة‪. 3‬‬
‫و ابن رشد عند ابن تيمحية هو من عقلء الباطنية الذين يقولون بالباطن الخالف للظاهر ف العلمحيات‬
‫‪ ،‬و ليس ف العمحليات ‪ ،‬الت تيقرونا على ظإاهرها ‪ .‬و هذا قول عقلء الفلسفة النتسبيم إل السلما‬
‫مع اضطخرابم ف اللتزجاما بالعمحال الشرعية لا ف قلوبم من الرض و النفاق‪. 4‬‬
‫تلك بعض النتقادات و التعليقات الت ذكرها ابن تيمحية ف رده على ابن رشد ‪ ،‬و هي تتعلق‬
‫كلها بالتأويل التحريفي الذي مارسه ابن رشد ف تأويله للشرع ‪ .‬و قد تبيم منها أن ابن تيمحية جعل ابن‬
‫رشد من باطنية الفلسفة ‪ .‬علمحا بأن الباطنية نوعان ‪ :‬باطنية الفلسفة ‪ ،‬و باطنية الصوفية ‪ ،‬و التفسي‬
‫الباطن هو أيضا نوعان ‪ :‬التأويل الباطن العمحلي ‪ ،‬تتؤيول فيه العمحال الشرعية الظاهرةا ‪ ،‬كالصلةا و‬
‫الج و الزجكاةا ‪.‬و يزجعم أصحابه أن القصود من تلك العمحال ليس ما يعرفه الناس منها ‪ ،‬و إنا لا‬
‫بواطن يعرفها أصحاب التأويل الباطن العمحلية ‪،‬و هم باطنية الصوفية‪ .‬و النوع الثان هو التأويل العلمحي‬
‫تيؤيول ظإواهر النصوصا التعلقة بال تعال و صفاته و اليوما الخر ‪،‬و يدعي أصحابه و منهم ابن رشد ‪،‬‬
‫أن لتلك النصوصا باطن تيالف الظاهر‪. 5‬‬
‫و أما الثان فهو الباحث ممحد عابد الابري فإنه ذكر أن مصطخلح الظاهر و الباطن عند ابن رشد‬
‫ل )) علقة له بعناها عند الشيعة و التصوفة و العرفانييم عمحوما ((‪ . 6‬نعم ل يكن ابن رشد من‬
‫باطنية الشيعة و الصوفية ‪ ،‬لكنه كان من باطنية الفلسفة ‪ ،‬و العن التأويلي الباطن واحد عند الصوفية‬
‫و الفلسفة معا ‪ ،‬سواء تعلق بالعلمحيات أو بالعمحليات ‪،‬و معناه ‪ :‬تأويل العن الظاهر من النص إل‬
‫‪ 1‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 6‬ص‪. 242 :‬‬
‫‪ 2‬نفس المصدر ‪ ،‬ج ‪ 10‬ص‪. 260 :‬‬
‫‪3‬ابن تيمية ‪ :‬بيان تلبيس الجهمية ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 367 :‬‬
‫‪ 4‬نفس المصدر ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 260 :‬‬
‫‪ 5‬ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 6‬ص‪ . 237 :‬و بيان تلبيس الجهمية ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 261 ، 260 :‬‬
‫‪ 6‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬تعليق المحقق عابد الجابري ‪ ،‬هامش ص ‪. 99 :‬‬
‫معن آخر باطن تمالف له ‪ .‬و هذه عمحلية تريفية للنص الشرعي ‪ ،‬تيارسها الباطنيون كلهم ‪ ،‬من‬
‫فلسفة و صوفية ‪ ،‬سواء تاعتمحد فيها الفكر و العقل ‪ ،‬أو العاطفة و القلب ‪ ،‬أو تجع فيها كل ذلك ‪،‬‬
‫فالنتيجة واحدةا ‪ ،‬و هي أنا عمحلية تريفية للنص الشرعي ‪ .‬و عليه فإن ابن رشد ل يتلف عن غيه‬
‫من الباطنييم ف استخدامه للتأويل الباطن التحريفي للنصوصا الشرعية ‪.‬‬
‫و أما ثآالث هؤلء ‪ ،‬فهي الباحثة زينب ممحد الضيي ‪ ،‬قالت ‪ :‬إن ابن رشد حاول التوفيق بيم‬
‫الدين و الفلسفة بالعتمحاد على التأويل الذي ما هو إل فرض النظرةا العقلية على الدين‪ . 1‬و قولا هذا‬
‫ل يصح ‪ ،‬لن التأويل الرشدي هو تأويل باطن تريفي يفتقد إل العيار الوضوعي الشرعي و اللغوي و‬
‫العقلي الذي يضبطخه و يوجهه تيحصه ‪ ،‬فهو مالف للشرع و اللغة و العقل ‪ .‬فهذا التأويل ل يصح‬
‫وصفه بأنه فرض النظرةا العقلية للدين ‪ ،‬إنه ليس كذلك ‪ ،‬إنه تلعب بالنصوصا و تريف لا ‪،‬و افتحاء‬
‫س (( –‬ ‫ت تل ل‬
‫على العقل ‪ .‬و أصحابه يصدق عليهم قوله تعال ‪ )) :‬تإن يدـَتلبتعودن إل الظلن دودما تدـَأهدوى اأ دلنتف ت‬
‫سورةا النجم ‪. - 23 /‬‬
‫و آخرهم –أي الرابع‪ -‬هو الباحث ممحد عاطف العراقي ‪ ،‬قال ‪ :‬إن ابن رشد أيول اليات القرآنية‬
‫على أساس العقل ‪،‬و تأويله هو اجتهاد ف فهم النص‪ . 2‬و قوله هذا ل يصح أيضا لن ابن رشد ل‬
‫تيقم تأويله على الشرع الكيم ‪،‬و ل على العقل الصريح ‪ ،‬و إنا أقامه على أساس الفلسفة الرسطخية‬
‫الشائاية الظنية الليئِّة بالخطخاء و النرافات النهجية‪ .3‬و تأويله هذا حاله و منطخلقه ل يصح أن‬
‫تيوصف بأنه تأويل عقلي اجتهادي ف فهم النص ‪ .‬لن الجتهاد الصحيح ف فهم النص ل يتم‬
‫بالعتمحاد على منهجه الشائاي الباطل العقيم ‪ ،‬و إنا يتم بإتباع النهج الشرعي البن على النقل‬
‫الصحيح ‪ ،‬و العقل الصريح ‪ ،‬و العلم الصحيح ‪ .‬و أما اجتهاده الزجعوما فهو اجتهاد ف تريف الشرع و‬
‫إخضاعه للفلسفة الرسطخية الشائاية ‪.‬‬
‫و ختاما لذا الفصل يتبيم منه أن ابن رشد الفيد –ف تأويله للشريعة‪ -‬تبن تأويل تريفيا مالفا‬
‫للشرع و اللغة العربية الوافقة له ‪ ،‬أخذه من التكلمحيم و الفلسفة الذين سبقوه ‪،‬و ل يأخذ مفهومه من‬
‫الشرع و اللغة الوافقة له ‪ .‬فجاء تأويله تأويل باطنيا مشائايا أدى إل تريف معن النص الظاهر إل معن‬
‫خلف ظإاهره الصحيح ‪ ،‬من دون أن يكن له ف ذلك دليل صحيح من الشرع و ل من العقل ‪.‬‬
‫و تبيم أيضا أن ابن رشد طعن ف الشرع عندما زعم أن فيه نصوصا متعارضة ظإاهرها كفر يب‬
‫تأويله خلف معناه الظاهر ‪ ،‬إل معن باطن يب إخفاؤه عن المحهور لنه كفر ‪ .‬و بذا الفهوما‬
‫التحريفي تسلط ابن رشد على تلك النصوصا الت زعم أنا متعارضة ‪ ،‬مالفا بذلك الشرع و العقل معا‬
‫‪ ،‬اللذان يشهدان بأنه ل يكن أن يكون دين ال الكمحة آياته نصوصه متعارضة ‪.‬‬

‫‪ 1‬زينب الخضيري ‪ :‬أثر ابن رشد في فلسفة العصور الوساطى ‪ ،‬ص‪. 139 :‬‬
‫‪ 2‬عاطف العراقي ‪ :‬الفيلسوف ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 132 ، 49 :‬‬
‫‪ 3‬هذا أمر سانتناوله بالتفصيل في الفصول التية إن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫و أتضح أيضا أنه –أي ابن رشد‪ -‬أظإهر القول بتعدد القيقة لغاية ف نفسه ‪ ،‬مكنه من اتاذ موقف‬
‫مريح ف تعامله مع تخصومه العارضيم له ف اشتغاله بالفلسفة اليونانية من جهة ‪ .‬و مكنه من اتاذ‬
‫موقف مريح له أيضا ف تعامله مع الشرع من جهة أخرى ‪ .‬مع أن موقفه القيقي هو القول بالقيقة‬
‫الواحدةا ‪ ،‬القائامحة على الفلسفة الرسطخية كمحرجع أساسي لفكره و دحدكم عليه ‪ ،‬فمحا وافقها قبله ‪ ،‬و ما‬
‫خالفها رفضه ‪ ،‬و إن كان من الشرع و خالفها فتيؤيوله ‪ ،‬أو تيغفله و يسكت عنه ‪ .‬و بذه الطخريقة جن‬
‫ابن رشد على النقل الصحيح ‪ ،‬و العقل الصريح ‪ ،‬و العلم الصحيح ‪ ،‬و هذا أمر سيتأكد أكثر و بقوةا‬
‫ف الفصول التية من كتبنا هذا ‪ ،‬إن شاء ال تعال ‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫نقد موقف ابن رشد في موضوع وجود ال و صفاته و خلقه للعالم‬

‫أول ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من الطريقة الشرعية في إثباتا وجود ال تعالى ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من صفاتا ال تعالى ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من خلق العالم و أزليته ‪.‬‬
‫نقد موقف ابن رشد في موضوع وجود ال و صفاته و خلقه للعالم‬

‫خاض أبو الوليد بن رشد الفيد ف مواضيع كثيةا تتعلق بإثآبات وجود ال تعال و صفاته ‪،‬و‬
‫خلقه للعال ‪ ،‬فكانت له منها مواقف و اجتهادات ‪ ،‬انطخلقا من خليفته الفلسفية الرسطخية الشائاية ف‬
‫اختياره لتلك الواقف و الجتهادات ‪ ،‬و هي الت ننتقده فيها على ضوء الشرع و العقل و العلم ‪.‬‬
‫أول ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من الطريقة الشرعية في إثباتا وجود ال تعالى ‪:‬‬
‫ذكر ابن رشد أن الطخريقة الشرعية ف إثآبات وجود ال تعلى الذكورةا ف القرآن تنحصر ف جنسيم‬
‫‪ ،‬أحدها ‪ :‬دليل العناية ‪ ،‬كالعناية بالنسان و خلق جيع الوجودات من أجله ‪ .‬و ثآانيهمحا دليل‬
‫الختحاع ‪ ،‬كاختحاع الياةا ف المحاد ‪ ،‬و العقل و الدراكات السية ف النسان‪. 1‬‬
‫و تيلحظ عليه ما يأت ‪ :‬أول إنه ل يذكر دليل الفطخرةا ‪ ،‬كدليل مستقل تيضاف إل الدليليم اللذين‬
‫ذكرها ‪ .‬مع أن دليل الفطخرةا هاما جدا ‪ ،‬أشارت إليه النصوصا الشرعية ‪ ،‬كقوله تعال ‪ )) :‬فتطخأدرةاد اللته‬
‫ك البديتن الأدقيبتم دولدتكلن أدأكثدـَدر اللناتس دل يدـَأعلدتمحودن ((‪-‬سورةا الروما‬ ‫ت‬ ‫ت ت‬
‫س دعدأليـَدها دل تدـَأبديدل لدألتق اللته ذدل د‬ ‫ل‬
‫ا تت فدطخددر اللنا د‬
‫ت بتدربتكأم‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫‪ ، (( 30 /‬و ))وإتأذ أدخدذ ربم د ت‬
‫ك من بدتن آدددما من ظإتتهوترهأم ذتبريلـَتدـَتهأم دوأدأشدهددتهأم دعدلى دأنتفستهأم أدلدأس ت‬ ‫د د د‬
‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫يم ((‪ -‬سورةا العراف ‪ ، (( 172 /‬و قول‬ ‫دقالتواأ بدـَدلى دشتهأددنا دأن تدـَتقولتواأ يدـَأودما الأقديادمة إتلنا تكلنا دعأن دهدذا دغافل د‬
‫رسول ال –عليه الصلةا و السلما‪)) -‬ما من مولود إل يولد على الفطخرةا فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو‬
‫يجسانه كمحا تنتج البهيمحة بيمحة جعاء هل تسون فيها من جدعاء ((‪ . 2‬لكن ابن رشد أغفل ذلك و‬
‫ل يذكره هنا ‪ ،‬لكنه أشار إليه –أي دليل الفطخرةا‪ -‬بعدما قرر ما نقلناه عنه ‪،‬و ل تيورده كدليل مستقل‬
‫‪ ،‬و إنا ذكره كأرضية للدليليم السابقيم‪. 3‬‬
‫و ثآانيا إن التسمحية الت أطلقها على الدليليم السابقيم ناقصة ‪ ،‬و إن كان معناها صحيحا ‪ ،‬فدليل‬
‫الختحاع ل يرد ف الشرع بذا اللفظ ‪ ،‬و ل وجود للفظ الختحاع ف القرآن الكري‪ .‬لذا فإن اللفظ‬
‫الشرعي الصحيح لفظا و معن هو ‪ :‬دليل اللق و البداع ‪ ،‬فهذان اللفظان لمحا ذكر ف النصوصا‬
‫م‬ ‫ت‬
‫الشرعية ‪ ،‬خاصة الول الذي تكرر مرات كثيةا ‪ ،‬كقوله تعال ‪ )) :‬الذي أدأحدسدن تكلل دشأيء دخلددقهت‬
‫ت دوالدأر ت‬
‫ض‬ ‫يم (( –سورةا السجدةا ‪ ،- 7 /‬و )) إلن تف خألتق اللسمحاوا ت‬ ‫وبدددأد دخألدق اأتلنساتن تمن تط م‬
‫دد‬ ‫د‬ ‫د‬ ‫د‬
‫ب ((‪ -‬سورةا آل عمحران ‪ ، (( 190 /‬و ))دبتديع اللسمحاواتت‬ ‫م‬
‫واأختلدف اللأيتل والنلـَهاتر ليات بلتوتل اللأبا ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫ت دد‬ ‫د‬ ‫أ‬ ‫د د د‬ ‫د‬
‫ضى أدأمراد فدتإلدنا يدـَتقوتل لدهت تكن فدـَيدتكوتن (( –سورةا البقرةا ‪. - 117 /‬‬ ‫ض دوإتدذا قد د‬‫دوالدأر ت‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪. 118 :‬‬


‫‪ 2‬البخاري ‪ :‬الصحيح ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ ، 856 :‬رقم الحديث ‪. 1292 :‬‬
‫‪ 3‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 122 ، 121 :‬‬
‫و أما بالنسبة لدليل العناية ‪ ،‬فإذا كان معناه صحيحا ‪ ،‬فإن هذا اللفظ ل أعثر له على ذكر ف‬
‫النصوصا الشرعية ‪ ،‬و تيستحسن تعويضه بدليل الكمحة ‪ ،‬لن ال تعال وصف نفسه بأن حكيم ف‬
‫ك‬‫آيات كثيةا جدا ‪ ،‬كقوله تعال ‪)) :‬إتلن الليهد دعتزجيبزج دحتكيبم ((‪ -‬سورةا البقرةا ‪، - 220 /‬و ))إتلن دربل د‬
‫دحتكيبم دعتليبم ((‪ -‬سورةا النعاما ‪ ، - 83 /‬فالعال الذي خلقه ال تعال شاهد علن أن خالفه حكيم ‪،‬و‬
‫ل يلقه سدا و عبثا ‪ ،‬و إنا خلقه لكم و غايات سامية ‪.‬‬
‫و ثآالثا إن لشيخ السلما تقي الدين ابن تيمحية ‪ ،‬تعليقا على طريقة ابن رشد الت قررها ف الكشف ‪،‬‬
‫أنصفه فيها ‪ ،‬بقوله ‪ )) :‬فهذا الرجل مع أنه من أعيان الفلسفة العظمحيم لطخريقتهم العتنيم بطخريقة‬
‫الفلسفة الشائايم كأرسطخو وأتباعه ‪ ،‬يبيم أن الدلة العقلية الدالة على إثآبات الصانع مستغنية عمحا‬
‫أحدثآه العتزجلة ومن وافقهم من الشعرية وغيهم من طريقة العراض ونوها ‪ ،‬وأن الطخرق الشرعية الت‬
‫جاء با القرآن هي طرق برهانية تفيد العلم للعامة وللخاصة ‪ ،‬والاصة عنده يدخل فيهم الفلسفة ‪ ،‬و‬
‫الطخرق الت لولئِّك هي مع طولا وصعوبتها ل تفيد العلم ل للعامة ول للخاصة‪ .‬هذا مع أنه يقدر‬
‫القرآن قدره ول يستوعب أنواع الطخرق الت ف القرآن ‪،‬فإن القرآن قد أشتمحل على بيان الطخالب اللية‬
‫بأنواع من الطخرق و أكمحل الطخرق كمحا قد تبسط ف موضعه ((‪. 1‬‬

‫و رابعا إنه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬قرر هنا الطخريقة الشرعية ف إثآبات وجود ال تعال معتمحدا على القرآن‬
‫الكري ‪ ،‬كمحا نيوه به الشيخ ابن تيمحية ‪ ،‬لكنه هنا و إن أصاب ف تقريره لذين الدليليم ‪ ،‬فإن الشيء‬
‫الذي تينتقد فيه ‪ ،‬هو أن هذه الطخريقة الت قررها ف كتابه الكشف عن مناهج الدلة ف عقائاد اللة ‪ ،‬ل‬
‫ت عليها‪ ، -‬فنجده ف هذه الكتب تيقرر ملها‬ ‫نعثر لا على ذكر ف كتبه الفلسفية الاصة –الت أطلع ت‬
‫طريقة أرسطخو و ينتصر لا ‪ ،‬ف موضوع خلق العال و أزليته ‪ ،‬و إثآبات وجود ال و صفاته و أفعاله ‪،‬‬
‫فينتصر للطخريقة الرسطخية الت تيؤمن با ‪،‬و تيهمحل الطخريقة الشرعية و تيقرر خلفها ‪ ،‬و هذا ما سيتب‬
‫جليا ف البحثيم الثان و الثالث من هذا الفصل ‪ ،‬المر الذي يعن أن ابن رشد ف ذكره للطخريقة‬
‫الشرعية ف كتابه الكشف كان واصفا و شارحا و مقررا لا ‪،‬و ل يكن معتقدا لا ‪ ،‬و إل ما قرر‬
‫خلفها و انتصر له !! ‪.‬‬
‫و يرى ابن رشد أن الطخريقة الت ذكرها القرآن الكري ف ماجة إبراهيم –عليه السلما‪ -‬لقومه ‪ ،‬ف‬
‫تت‬ ‫ت‬ ‫ت والدر ت ت‬‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫يم ((‪ -‬سورةا النعاما‬‫ض دوليدتكودن مدن الأتمحوقن د‬ ‫ك نتتري تإبأـَدراهيدم دملدتكو د‬
‫ت اللسدمحادوا د أ‬ ‫قوله تعال )) دودكدذل د‬
‫‪ . (( 75 /‬هي طريقة الفلسفة ف إثآبات وجود ال و معرفته ‪ ،‬الت تقوما على دليل الركة ‪ ،‬فهي طريقة‬
‫الواصا الوصلة إل اليقيم‪. 2‬‬

‫‪ 1‬ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 9‬ص‪. 333 :‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪. 108 :‬‬
‫و رأيه هذا ضعيف ‪ ،‬و تمستبعد جدا ‪ ،‬لن إبراهيم –عليه السلما‪ -‬ل يكن ف مقاما تقرير طريقة‬
‫إثآبات وجود ال و معرفته ‪ ،‬و إنا كان ف مقاما مناظإرةا قومه لبطخال ما هم عليه من الشرك ‪ ،‬ف‬
‫عبادتم للصناما و الكواكب ‪ ،‬بدليل أن تلك الية تسبقت بالشارةا إل ذما الشرك ‪ ،‬و تختمحت الادثآة‬
‫كلها بذما الشرك و التبؤ منه ‪ ،‬قال تعال ‪ )) :‬و إذ قال إبراهيم لبيه آزر أتتخذ أصناما آلة إن أراك‬
‫وقومك ف ضلل مبيم ‪ .‬و كذلك نري إبراهيم ملكوت السمحاوات والرض وليكون من الوقنيم ‪ .‬فلمحا‬
‫جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا رب فلمحا أفل قال ل أحب الفليم‪ .‬فلمحا رأى القمحر بازغا قال هذا‬
‫رب فلمحا أفل قال لئِّن ل يهدن رب لكونن من القوما الضاليم ‪ .‬فلمحا رأى الشمحس بازغة قال هذا رب‬
‫هذا أكب فلمحا أفلت قال يا قوما إن بريء ما تشركون ‪ .‬إن وجهت وجهي للذي فطخر السمحاوات‬
‫والرض حنيفا وما أنا من الشركيم ((‪-‬سورةا النعاما‪ . -79-74 /‬و ذكر الافظ ابن كثي أن قوما‬
‫إبراهيم‪ -‬عليه السلما‪ -‬كانوا يعبدون الصناما الرضية الت صيوروها على صورةا اللئاكة السمحاوييم‬
‫ليشفعوا لم ‪ ،‬فناظإرهم إبراهيم –عليه السلما‪ -‬لتيقيم عليهم الجة على بطخلن ما هم عليه من شرك‪. 1‬‬
‫و يرى شيخ السلما ابن تيمحية أن تلك اليات ل تدل على ما ذهب إليه ابن رشد ‪ ،‬موافقا‬
‫للجهمحية و العتزجلة فيمحا قالوا به قبله ‪ ،‬من أن إبراهيم‪-‬عليه السلما‪ -‬عندما قال ‪ )) :‬ل تأحب الفليم‬
‫(( ‪ ،‬استدل بالركة على حدوثَ الجساما ‪ ،‬و من ث على وجود ال ‪ .‬لن إبراهيم ل يتج بالركة و‬
‫إنا بالفول ‪ ،‬الذي هو الغيب و الحتجاب ‪ ،‬لن الفل ل يستحق أن تيعبد ‪ .‬لذا قال ‪ )) :‬إتنلتن بدـَدراء‬
‫بلما تدـَأعبتتدودن إتلل التذي فدطخددرتن فدتإنلهت دسيدـَأهتديتن ((‪ -‬سورةا الزجخرف ‪ ، -27- 26 /‬و )) إن وجهت وجهي‬
‫للذي فطخر السمحاوات والرض حنيفا وما أنا من الشركيم ((‪-‬سورةا النعاما‪ ، -79 /‬فاستدل على ذما‬
‫الشرك ل على إثآبات ال تعال ‪ ،‬و استدل على ذمه بالفول ل بالركة ‪ ،‬لن تلك الكواكب و‬
‫الشمحس و القمحر ل تتوقف عن الركة ‪ ،‬و ل تبيأ منها إبراهيم –عليه السلما‪ -‬بسبب حركتها ‪ ،‬و إنا‬
‫بسبب تأفولا ‪ ،‬لذا قال ‪ )) :‬ل تأحب الفليم (( ‪،‬و ل يقل ‪ :‬ل تأحب التحركيم‪. 2‬‬

‫و تأشي هنا إل أمر هاما جدا ‪ ،‬مفاده أن طريقة الفلسفة –ف إثآبات وجود ال تعال‪ -‬الت نيوه با‬
‫ابن رشد و مدحها ‪،‬و ادعى أنا طريقة الواصا الوصلة إل اليقيم ‪ ،‬و الت تقوما على مبدأ الركة ‪ ،‬هي‬
‫طريقة ليست كمحا وصفها ابن رشد ‪ ،‬و ل تقوما على الساس الذي وردت فيه تلك اليات ‪ ،‬و إنا‬
‫هي طريقة خاصة بالفلسفة الشائايم ‪ - ،‬منهم ابن رشد‪ -‬تقوما على القول بأزلية العال و أبديته ‪،‬و أن‬
‫ال ليس فاعل و ل موجدا و ل خالقا له على القيقة ‪ ،‬و إنا هو معشوق له ‪ ،‬و علة غائاية له ‪ ،‬صدر‬
‫عنه‪-‬أي عن ال‪ -‬بالضرورةا ‪ .‬فكان العشق هو علة الركة الذي حترك العال الزل ‪،‬و ليست الرادةا‬

‫‪ 1‬ابن كثير ‪ :‬تفسير القرآن العظيم ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪ 202 :‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 2‬ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 9‬ص‪ . 84 ،83 :‬و منهاج السنة النبوية ‪ ،‬حققه محمد رشاد ساالم ‪ ،‬مؤساسة قرطبة ‪ ، 1406 ،‬ج ‪2‬‬
‫ص‪ . 193 :‬و مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 6‬ص‪. 254 ،253 :‬‬
‫اللية هي الت حيركته و ل أوجدته ‪ .‬فهذه الطخريقة الرسطخية الشائاية الرشدية ‪ ،‬هي طريقة ظإنية وهية ‪،‬‬
‫تالف الشرع جلة و تفصيل ‪ ،‬و ضعيفة جدا ل تستلزجما إثآبات وجود ال باللزجوما و الضرورةا ‪ ،‬لنا ل‬
‫تقوما على أساس خلق العال ‪ ،‬و إنا قامت على أساس أزليته و أبديته ‪ ،‬و هذه القدمة النظرية تتؤدي‬
‫إل إمكانية الستغناء عن الله أصل ‪ .‬فبمحا أن العال ذلك حاله ‪ ،‬فهو موجود بل خالق ‪ ،‬فليكن كل‬
‫ما فيه أزل مثله ‪ ،‬بل بداية و ل ناية ‪ ،‬كمحا يقول الدهريون الذي حكى عنهم ال تعال أنم قالوا‪)) :‬‬
‫ك تمأن تعألمم إتأن تهأم إتلل‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫ت دودأنديا دودما يـَتأهلتكدنا إتلل اللدأهتر دودما دتلم بتدذل د‬
‫دودقالتوا دما هدي إتلل دحدياتتـَدنا المدنأـَديا دتنو ت‬
‫يدظتمنودن (( –سورةا الاثآية ‪، - 24 /‬و هذه الزجاعم و الوهاما باطلة شرعا و علمحا‪ ، 1‬لنا ل تقوما على‬
‫القول بلق العال ‪ ،‬الذي يعن بالضرورةا وجود الالق و الخلوق ‪ ،‬فل ملوق بل خالق ‪ .‬فشتان بيم‬
‫الطخريقة الشرعية و العلمحية ف القول بلق العال و إثآبات وجود ال ‪ ،‬و بيم طريقة ابن رشد و الشائايم‬
‫ف إثآبات وجود ال مع القول بأزلية العال و أبديته !! ‪.‬‬
‫و تأشي هنا أيضا إل أن ابن رشد قبل أن تيقرر طريقة القرآن الكري ف إثآبات وجود ال تعال ‪ ،‬أشار‬
‫إل طرق و آراء الفرق الكلمية ف ذلك ‪ ،‬كالشاعرةا و الصوفية‪ ، 2‬لكنه عندما وصل إل العتزجلة ‪ ،‬قال‬
‫‪ )) :‬و أما العتزجلة فإنه ل يصل إلينا ف هذه الزجيرةا من كتبهم شيء نقف منه على طرقهم الت سلكوها‬
‫ف هذا العن ‪ .‬و يشبه أن تكون طرقهم من جنس طرق الشعرية ((‪. 3‬‬
‫فهل صحيح أن تكتب العتزجلة ل تصله ؟ ‪ ،‬إنه أمر مشكوك فيه ‪ ،‬و تمستبعد جدا ‪ ،‬بدليل الشواهد‬
‫التية‪ :‬أولا إن ابن رشد )ت‪595‬ه( عاش ف دولة الوحدين) ‪ 668-541‬ه ( ‪ ،‬و هي دولة علم‬
‫الكلما و الفلسفة ‪ ،‬فكيف تصله كتب الفلسفة الكبار ‪ ،‬كأرسطخو ‪ ،‬و أفلطون ‪ ،‬و الكندي و ابن‬
‫سينا‪ ، 4‬و ل تصله كتب العتزجلة الت التمحع السلمي أقل مقاومة لا من كتب الفلسفة ؟ ! ‪ .‬فقد‬
‫كان بقدوره أن يتحصل على مؤلفات العتزجلة بنفس الطخريقة الت تصل با على مصنفات الفلسفة‪.‬‬
‫خاصة و أنه كان من رجالت دولة الوحدين القيربيم من السلطخان ‪ ،‬و قد شرح مؤلفات أرسطخو و‬
‫لصها بأمر من أحد سلطينهم‪. 5‬‬
‫و الشاهد الثان هو أن ف بعض مؤلفات ابن رشد ما تيفيد بأنه كان على إطلع و علم بقالت‬
‫العتزجلة ‪ ،‬فعندما ذكر أن للمحتكلمحيم تأويلت جدلية ‪ ،‬قال ‪ )) :‬و ف بعض هذا النس تدخل تأويلت‬
‫الشعرية و العتزجلة ‪ ،‬و إن كانت العتزجلة ف الكثر أوثآق أقوال ((‪ . 6‬فقوله هذا يدل على أنه كان خبيا‬
‫و متضلعا ف مقالت الشاعرةا و العتزجلة معا ‪ ،‬و إل ما أمكنه تقرير ما قاله ‪ .‬خاصة و أنه قال هذا‬

‫‪ 1‬سانتوساع في ذلك في المبحث الثالث من هذا الفصل ‪.‬‬


‫‪ 2‬أنظر ‪ :‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪ 101 :‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 3‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 118 :‬‬
‫‪ 4‬عن ذلك أنظر الفصل الخير ‪.‬‬
‫‪ 5‬الجابري‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪ 81 :‬و ما بعدها ‪. .‬‬
‫‪ 6‬الكشف ‪ ،‬ص‪. 118 :‬‬
‫الكلما ف كتابه فصل القال ‪ ،‬و هو أسبق ف التأليف من كتابه الكشف عن مناهج الدلة‪ ، 1‬الذي‬
‫ذكر فيه قوله السابق !! ‪.‬‬
‫و آخرها – أي الشاهد الثالث‪ -‬هو أيضا يتضمحن قول لبن رشد ‪ ،‬فعندما ادعى أن ف الشرع‬
‫أقاويل تتضمحن التنبيه لهل الق على التأويل الق ‪ ،‬قال ‪ )) :‬و هذا ليس تيوجد ل ف مذاهب‬
‫الشعرية ‪ ،‬و ل ف مذاهب العتزجلة ‪ .‬أعن أن تأويلهم ل يقبل النصرةا ‪ ،‬و ل يتضمحن التنبيه على الق‬
‫‪،‬و ل هو حسن ‪ ،‬و لذلك كتثرت البدع ((‪ . 2‬فقوله هذا شهادةا دامغة بأنه كان مطخلعا على مذاهب‬
‫الشاعرةا و العتزجلة و متضلعا فيها ‪ ،‬و إل ما كان ف مقدوره قول ذلك فيها ‪ .‬علمحا بأنه قال هذا‬
‫الكلما ف كتابه فصل القال ‪ ،‬و هو أسبق ف التأليف من الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬الذي ادعى ف‬
‫أن كتب العتزجلة ل تصله ‪ .‬فكيف هو يعتحف صراحة بأنه كان على علم واسع بذاهب العتزجلة ف‬
‫كتابه الفصل‪ ،‬ث هو يزجعم ف كتابه الكشف الذي كتبه بعد الفصل ‪ ،‬أن كتب العتزجلة ل تصله ‪ ،‬؟‬
‫! ‪ .‬إنه أمر تمستبعد جدا ‪ ،‬و ل يكاد تيصدق !! ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من صفاتا ال تعالى ‪:‬‬
‫اتذ ابن رشد مواقف من مسألة صفات ال تعال عند السلمحيم ‪،‬و ما يتعلق با ف إليات الفلسفة‬
‫الرسطخية ؛ فكانت له فيها اجتهادات و اختيارات تبناها انطخلقا من خلفيته الذهبية الرسطخية الشائاية‬
‫‪ ،‬نذكر بعضها و ننتقده فيها من خلل مواقفه التية ‪:‬‬
‫أولا يتعلق بوقفه من الصفات عامة ‪ ،‬فقال ‪ )) :‬و أما الوصاف الت صيرح الكتاب العزجيزج بوصف‬
‫الصانع الوجد للعال با ‪ ،‬فهي أوصاف الكمحال الوجودةا ف النسان للنسان ‪ ،‬و هي سبعة ‪ :‬العلم ‪،‬‬
‫و الياةا ‪ ،‬و القدرةا ‪ ،‬و الرادةا ‪ ،‬و السمحع ‪ ،‬و البصر ‪ ،‬و الكلما ((‪. 3‬‬
‫و تعقيبا عليه أقول ‪ :‬ليس صحيحا أن القرآن الكري صيرح بسبع صفات فقط ف وصفه ل تعال ‪.‬‬
‫فإنه قد وصف ال تعال بصفات كثيةا جدا ‪ ،‬منها ‪ :‬الكيم ‪ ،‬و العزجيزج ‪ ،‬و الوهاب ‪ ،‬و الرزاق ‪ ،‬و‬
‫الالق ‪ ،‬و البارئ ‪ ،‬و البديع ‪ ،‬و البار ‪ ،‬و التكب ‪ ،‬و الغفور ‪ ،‬و الرحن ‪ ،‬و الرحيم ‪ ... ،‬فأساؤه‬
‫ساء األتأسدن دفاأدتعوهت تدبا دودذترواأ‬ ‫تت‬
‫تعال و صفاته كثيةا جدا ‪ ،‬و كلها حسن لقوله تعال ‪ )) :‬دولليه الد أد‬
‫سآئاتته دسيتأجدزجأودن دما دكانتواأ يدـَأعدمحتلودن ((‪-‬سورةا العراف ‪ ، - 180 /‬فهذه الية شاهدةا‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫الذيدن يـَتألحتدودن تف أد أد‬
‫على أن أساء ال تعال هي صفات أيضا ‪ ،‬و إل ما وصفه ال تعال بأنا حسن ‪ ،‬و ما أمرنا بأن‬
‫ندعوه با ‪،‬و ما ذيما الذين تيلحدون فيها من جهة ‪ .‬و تنطخبق على ابن رشد ف تذيرها الذين تيلحدون‬

‫‪ 1‬الجابري ‪ :‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 103 :‬‬


‫‪ 2‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 124 :‬‬
‫‪ 3‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪. 129 :‬‬
‫ف أسائاه تعال ‪ ،‬لنه –أي ابن رشد‪ -‬من هؤلء ف تلعبه بأساء ال و صفاته و تريفه لا من جهة‬
‫ثآانية‪. 1‬‬
‫و ثآانيا إن حصره للصفات اللية بسبع صفات ‪ ،‬ل دليل له عليه من الشرع و ل من العقل ‪ ،‬و هو‬
‫هنا تمتبع للشاعرةا الذين أثآبتوا سبع صفات و أيولوا باقيها‪ . 2‬لن الشرع وصف ال تعال بصفات كثيةا‬
‫ذكرنا بعضها آنفا ‪ ،‬و منها ‪ :‬الستواء ‪ ،‬و النزجول ‪ ،‬و الكمحة ‪ ،‬و الرحة ‪ ،‬و الغفرةا ‪ ،‬و التوبة ‪ .‬و أما‬
‫عقل فل تيوجد فيه دليل صحيح يصر صفات ال تعال بسبع صفات فقط ‪ ،‬لن العقل –بتدبره ف‬
‫نفسه و ف العال‪ -‬كمحا أنه يصف خالق هذه الخلوقات ‪ ،‬بأنه حي‪،‬و سيع ‪ ،‬و قدير ‪ ،‬و متكلم ‪،‬‬
‫فإنه يصفه أيضا بأنه حكيم ‪ ،‬و رزاق‪ ،‬و عظيم ‪ ،‬و جبار ‪ ،‬و غفور ‪ ،‬رحان ‪ ،‬لن مظاهر هذه‬
‫الصفات كلها متجلية ف ملوقات هذا العال ‪.‬‬
‫و ل يصح أيضا زعمحه بأن القرآن وصف ال تعال بصفات هي أوصاف الكمحال الوجودةا ف النسان‬
‫للنسان ‪ .‬فهذا الصر ل يصح ‪ ،‬مع أنه مرد تشابه ف السم فقط ‪ ،‬لن ال تعال )) ليس كمحثله‬
‫شيء و هو السمحيع البصي (( ‪-‬سورةا النحل‪ . (( -74:‬فهو سبحانه وصف نفسه أيضا بصفات‬
‫كمحال ل تيوصف با النسان ‪ ،‬منها ‪ :‬الالق ‪ ،‬و ال ‪ ،‬و البارئ ‪ ،‬و الول ‪ ،‬و الخر ‪ ،‬و الصمحد ‪ ،‬و‬
‫الي الذي ل يوت و التقدما و التأخر ‪ ،‬و بأنه ))دلأ يدلتأد دودلأ تيولدأد دودلأ يدتكن لهت تكتفواد أددحبد ((‪-‬سورةا‬
‫الخلصا ‪. (( -4-3 :‬‬
‫و زعم أيضا أن تلك الصفات السبع هي )) القدر ما تيوصف به ال سبحانه و تيسمحى به ‪ .‬هو‬
‫القدر الذي قصد الشرع أن يعلمحه المحهور ل غي ((‪ . 3‬و هو هنا قد كرر افتحاءه على الشرع فيمحا‬
‫يتعلق بالصفات السبع ‪ ،‬و أغفل نصوصا الساء و الصفات الكثيةا الوجودةا ف الكتاب و السنة ‪ .‬و‬
‫افتحى عليه أيضا عندما زعم أن تلك الصفات موجهة للجمحهور ‪ ،‬بعن أنا ل تعن الفلسفة أهل‬
‫البهان على حد زعمحه ‪،‬و إنا تعن جهور الناس من التكلمحيم و الفقهاء ‪ ،‬و العواما‪ . 4‬و زعمحه هذا‬
‫باطل ليس له فيه دليل صحيح من الشرع و ل من العقل ‪ ،‬لن دين السلما جاء لكل الناس دون‬
‫استثناء ‪ ،‬سواء فيمحا يتعلق بالعقائاد و العاملت ‪ ،‬أو الخلق و العبادات ‪ .‬لكن الرجل يريد أن يصل‬
‫إل القول بأن تلك الصفات ل تعن الفلسفة ‪ ،‬فهم أهل البهان تيؤيولونا على طريقتهم التحريفية‪ .‬ما‬
‫يعن أنه هنا كان واصفا مقررا لا ذكره ل معتقدا له ‪.‬‬
‫و أما موقفه الثان من الصفات ‪ ،‬فيتعلق بصفة السمحية ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن الشرع سكت عن صفة‬
‫السمحية ‪ ،‬و هي )) إل التصريح بإثآباتا ف الشرع أقرب منها على نفيها ‪ .‬و ذلك أن الشرع قد صيرح‬
‫بالوجه و اليدين ‪ ،‬ف غي ما آية من الكتاب العزجيزج ‪ .‬و هذه اليات قد تتوهم أن السمحية هي له من‬
‫‪ 1‬سانذكر أمثلة كثيرة من تحريفات ابن رشد للصفات و تلعبه بها ‪ ،‬في هذا الفصل بحول ا تعالى ‪.‬‬
‫‪ 2‬خالد كبير علل ‪ :‬الزمة العقيدية بين الشاعرة و أهل الحديث ‪ ،‬ص‪. 102 :‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪. 134 :‬‬
‫‪ 4‬سابق توثق هذا الزعم في الفصل الول ‪.‬‬
‫ضله ف صفة الرادةا ‪ ،‬و غي ذلك من الصفات الت‬ ‫ضل فيها الالق الخلوق ‪ ،‬كمحا فد ت‬ ‫الصفات ‪ ،‬الت فد ت‬
‫هي مشتحكة بيم الالق و الخلوق ‪ ،‬إل أنا ف الالق أت وجودا ‪ .‬و لذا كثي من أهل السلما اعتقدوا‬
‫ص على أنه ل‬ ‫أن الالق جسم ل تيشبه سائار الجساما ‪ ،‬و على هذا النابلة و كثي من تبعهم ‪ .‬ث ن ي‬
‫تيصيرح ف صفة السمحية بنفي و ل إثآبات ‪،‬و تياب عمحن سأل عنها من المحهور بقوله تعال ‪ )) :‬ليس‬
‫كمحثله شيء و هو السمحيع البصي (( ‪-‬سورةا النحل‪. 1(( -74:‬‬
‫و زعم أيضا أن الشرع ل تيصيرح بنفي )) السم عن الالق سبحانه لن المحهور ‪ ،‬إنا يقع لم‬
‫صيرح بنفي السمحية فإن‬
‫التصديق بكم الغائاب من كان ذلك معلوما الوجود ف الشاهد (( ‪ .‬و لو ت‬
‫ذلك تيثي شكوكا كثيةا ف الشرع ‪ .‬منها ما يتعلق بالرؤية يوما القيامة ‪ ،‬و وجوب انتفاء صفة الهة ‪...‬‬
‫و عن الالق سبحانه لن المحهور ‪ ،‬إنا يقع لم التصديق بكم الغائاب من كان ذلك معلوما الوجود‬
‫صيرح بنفيها دعتسر تصيور ما جاء من ال تعال بتول حساب الناس يوما القيامة ‪،‬‬ ‫ف الشاهد (( ‪ .‬و إذا ت‬
‫ب أيضا تأويل‬‫صعت د‬
‫صيفاد ((‪ -‬سورةا الفجر ‪، - 22 /‬و د‬ ‫صيفاد د‬
‫ك د‬‫ك دوالأدمحلد ت‬
‫لقوله تعال ‪ )) :‬دودجاء دربم د‬
‫حديث النزجول‪. 2‬‬
‫و ردا عليه أقول ‪ :‬أول إن الشرع صيرح فعل بنفي السمحية ‪ ،‬لن ال تعال وصف نفسه بأنه ))دلأ يدلتأد‬
‫دودلأ تيولدأد و ددلأ يدتكن لهت تكتفواد أددحبد ((‪ -‬سورةا الخلصا ‪ ، - 4 /‬فهذا نفي عاما بعدما الكفء ل تعال‬
‫من كل الوانب ‪ ،‬فل كفء له مطخلقا ‪ .‬و وصف نفسه أيضا بأنه سبحانه ‪ )) :‬ليس كمحثله شيء و‬
‫هو السمحيع البصي (( ‪-‬سورةا النحل‪ ،(( -74:‬فهذا نفي عاما بعدما الشابة و المحاثآلة بينه و بيم كل‬
‫ملوقاته سبحانه و تعال ‪ .‬المر الذي يعن أن السمحية –الت هي من صفات الخلوقيم‪ -‬منفية عنه‬
‫قطخعا أيضا ‪.‬‬
‫و ثآانيا واضح – من كلما ابن رشد‪-‬إن مفهوما التجسيم عنده هو إثآبات الصفات الت وردت ف‬
‫الشرع ‪ ،‬و هذا مأخوذ من قوله ‪ )) :‬إل التصريح بإثآباتا ف الشرع أقرب منها على نفيها ‪ .‬و ذلك أن‬
‫الشرع قد صيرح بالوجه و اليدين ‪ ،‬ف غي ما آية من الكتاب العزجيزج ‪ .‬و هذه اليات قد تتوهم أن‬
‫السمحية هي له من الصفات ‪ . (( ...‬و هذا مفهوما غي صحيح للتجسيم ‪ ،‬لن التجسيم يتعلق‬
‫بالخلوق ‪ ،‬و ل يتعلق بالالق الذي ليس كمحثله شيء ‪ .‬و من ثي فل يصح وصف آيات الوجه و‬
‫اليدين بأنا قد تتوهم التجسيم ‪ ،‬فبمحا أنا صفات ل تعال ‪ ،‬و هو ليس كمحثله شيء ‪ ،‬فل يصح أبدا‬
‫الزجعم بأنا تتوهم التجسيم و التشبيه ‪ .‬لنه يب النظر إل صفات ال تعال –الت وردت ف الشرع‪-‬‬
‫انطخلقا من قاعدت التنزجيه الذهبيتيم ‪ ،‬و ها قوله تعال ‪ )) )) :‬ليس كمحثله شيء و هو السمحيع‬
‫البصي (( ‪-‬سورةا النحل‪ ، (( -74:‬و )) و ددلأ يدتكن لهت تكتفواد أددحبد (( ‪.‬‬

‫‪ 1‬الكشف ‪ ،‬ص‪. 139 ،138 :‬‬


‫‪ 2‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 147 ، 140 :‬‬
‫كمحا أن قوله بأن صفت الوجه و اليدين قد توهان السمحية ‪ ،‬هو قول ل يصح إطلقه على آيات‬
‫الصفات كلها ‪ ،‬لن الشرع بن مسألة الصفات على قاعدةا التنزجيه الطخلق اللئاق بال تعال ‪ ،‬و ليس‬
‫على قاعدةا التجسيم و التشبيه ‪ .‬لذا فإنه من الفروض و الواجب شرعا و عقل أن ل ننظر إل‬
‫الصفات اللية إل من خلل قاعدةا التنزجيه الت تنبنا النظر إليها من خلل التشبيه و التجسيم ‪.‬‬

‫و ثآالثا إنه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬كان متذبذبا و مضطخربا ف موقفه من السمحية ‪ ،‬فمحرةا قال ‪ :‬سكت عنها‬
‫الشرع ‪ .‬و قال ف أخرى ‪ :‬هي أقرب بالتصريح با ف الشرع من نفيها ‪ .‬و قال أيضا ‪ )) :‬فل تيصيرح‬
‫فيها بنفي و ل إثآبات ‪،‬و تياب عنها المحهور بقوله تعال ‪ )) :‬ليس كمحثله شيء و هو السمحيع البصي‬
‫(( ‪-‬سورةا النحل‪ . (( -74:‬فواضح من ذلك أنه كان مضطخربا ‪ ،‬مع أن الشرع صيرح بنفيها ‪ .‬و ل‬
‫تياب عنها للجمحهور بقوله تعال ‪ )) :‬ليس كمحثله شيء ‪ ، (( ...‬لن هذه الية نفسها تنفي السمحية‬
‫أصل ‪،‬و تيرد با على الشبهيم و السمحيم كلهم ‪ ،‬و ليست خاصة بالمحهور كمحا ادعى ابن رشد ‪ ،‬و‬
‫إنا هي رد دامغ عليه و على من قال برأيه ‪.‬‬
‫و رابعا إن تبيره بأن الشرع ل ينف السمحية تفاديا لدوثَ اضطخراب و شكوك ف تصيور المحهور‬
‫ص فعل على نفي السمحية ‪،‬و ل تيثر ذلك اضطخرابا و‬ ‫للصفات ‪ ،‬هو تبير غي صحيح ‪ ،‬لن الشرع ن ي‬
‫ل بلبلة و ل شكوكا ف نفوس الصحابة و من سار على نجهم من السلف الصال ‪،‬و ل أحدثَ فيهم‬
‫‪1‬‬
‫خلفا حول الصفات ‪ ،‬فهم قد اختلفوا كثيا ف مسائال الفقه ‪ ،‬لكنهم ل يتلفوا ف مسائال الصفات‬
‫‪ .‬المر الذي يدل على أن تبيره بكاية تصديق المحهور با )) يقع لم التصديق بكم الغائاب ‪ ،‬مت‬
‫كان ذلك معلوما الوجود ف الشاهد (( ‪ ،‬هو مغالطخة و تبير ل يصح ‪ ،‬لن الصحابة و من سار على‬
‫نجهم من السلف الصال ‪ ،‬نظروا إل الصفات انطخلقا من قاعدةا التنزجيه ‪،‬و ليس من الواقع الادي ‪،‬‬
‫لذا فهم أثآبتوا صفات ال تعال بل تشبيه و ل تسيم ‪ ،‬فآمنوا بقوله تعال ‪ )) :‬ل يلد و ل يتولد ((‪-‬‬
‫سورةا ‪، ،‬و ))تهدو األدلوتل دواألتختر دواللظاتهتر دوالأدباتطتن دوتهدو بتتكبل دشأيمء دعتليبم ((‪-‬سورةا الديد ‪ ، -3 :‬و‬
‫ت‬
‫ت ((‪-‬سورةا الفرقان ‪ ، -58 :‬و ليس لم ف ذلك أمثلة ف الواقع ‪.‬‬ ‫))دوتدـَدولكأل دعدلى األدبي الذي دل دتيو ت‬
‫لكن ابن رشد يبدو أنه ادعى ذلك ليجد مبرا و طريقا إل مارسة تأويله الباطن التحريفي ‪.‬‬

‫و بناء على ما قلناه ‪ ،‬فإن السلمحيم ليسوا ف حاجة أبدا إل تأويل الهة ‪ ،‬و ل اليدين ‪،‬ول الوجه‬
‫‪،‬و ل الرؤية ‪،‬و الستواء ‪ ،‬و ل النزجول ‪ ،‬إذا نظروا إل تلك الصفات و غيها انطخلقا من قاعدةا التنزجيه ‪،‬‬
‫الت ل تشبيه فيها و ل تعطخيل ‪،‬و ل تكييف فيها و ل تسيم ‪ ،‬و إنا هو إثآبات وجود ل إثآبات كيفية‬
‫‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن قيم الجوزية ‪ :‬الصواعق المرسالة على الجهمية والمعطلة ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬دار العاصأمة ‪ ، 1998 ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 510 ،509 :‬‬
‫و أخيا‪-‬أي خامسا – فإن قوله ‪ :‬إن النابلة قالوا بالتجسيم ‪ ،‬هو اتاما باطل ‪ ،‬ل دليل صحيح له‬
‫فيه ‪ ،‬و ل قال بذلك أئامحة أهل الديث و ل السلف الصال ‪ ،‬خلل القرون الثلثآة الول ‪،‬و ل من‬
‫سار على نجهم إل زمن ابن رشد و ما بعده ‪ .‬و ف هذا يقول شيخ السلما ابن تيمحية‪ -‬ردا على ابن‬
‫رشد‪)) : -‬وأما قوله ‪ :‬وعلى هذا النابلة وكثي من اتبعهم ‪ ،‬فيقال له ‪ :‬ليس ف النابلة من أطلق لفظ‬
‫السم ‪ .‬لكن تنفاةا الصفات يسمحون كل من أثآبتها مسمحا بطخريق اللزجوما ‪ ،‬إذا كانوا يقولون ‪ :‬إن الصفة‬
‫ل تقوما إل بسم ‪ ،‬وذلك لنم اصطخلحوا ف معن السم على غي العن العروف ف اللغة فإن السم‬
‫ف اللغة هو البدن ‪ .‬وهؤلء يسمحون كل ما يشار إليه جسمحا ‪ ،‬فلزجما ‪ -‬على قولم ‪ -‬أن يكون ما جاء‬
‫به الكتاب والسنة وما فطخر ال عليه عباده ‪ ،‬و ما اتفق عليه سلف المة وأئامحتها تسيمحا ‪ .‬وهذا ل‬
‫يتص طائافة ‪ :‬ل النابلة ول غيهم ‪،‬بل يطخلقون لفظ السمحة والشبهة على أتباع السلف كلهم‪ ،‬حت‬
‫يقولوا ف كتبهم ‪ :‬ومنهم طائافة يقال لم الالكية ينتسبون إل مالك بن أنس ‪ ،‬ومنهم طائافة يقال لم‬
‫الشافعية ينتسبون إل الشافعي ((‪. 1‬‬
‫علمحا بأنه إذا كان إثآبات الصفات اللية الواردةا ف الشرع ‪ ،‬هو تسيم على ما ادعاه ابن رشد ‪ ،‬فإن‬
‫كل من تيؤمن بال من الناس فهو تمسم با فيه ابن رشد نفسه ‪ .‬لن الذي ليس له صفة هو العدوما ‪،‬‬
‫و أما الوجود فلبد له من صفة أو صفات يتصف با و تليق به ‪ ،‬بغض النظر أكانت صفات كمحال ‪،‬‬
‫أما صفات نقص ‪ .‬المر الذي يعن أن مفهوما ابن رشد للتجسيم غي صحيح ‪ ،‬و معناه الصحيح هو‬
‫أن تتثبت ل صفات ‪ ،‬ث تيقال ‪ :‬إنا تتشبه صفات ملوقاته‪ .‬فهذا هو التشبيه و التجسيم ‪،‬و أما إذا أثآبتنا‬
‫ل تعال الصفات الت وردت ف الشرع ‪ ،‬انطخلقا من قاعدةا التنزجيه ‪ ،‬فهذا ليس تسيمحا و ل تشبيها ‪ ،‬و‬
‫إنا هو إثآبات صفات الكمحال ل ‪،‬و تنزجيهه عن ماثآلة ملوقاته ‪.‬‬
‫و أما موقفه الثالث – من الصفات‪ -‬فيتعلق بصفة العلو ‪ ،‬فذكر ف كتابه الكشف عن مناهج‬
‫ص على‬ ‫الدلة ‪ ،‬أن )) جيع الكمحاء‪-‬أي الفلسفة‪ -‬قد اتفقوا أن ال و اللئاكة ف السمحاء (( ‪ .‬و ن ي‬
‫أن ظإواهر الشرع كلها تقتضي إثآبات الهة الت تعن أن ال ف السمحاء ‪ ،‬كقوله تعال ‪ )) :‬يتددبـَتر األدأمدر‬
‫ف دسندمة بلما تدـَعتمدودن ((‪-‬سورةا السجدةا ‪، - 5 /‬‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫تمدن اللسدمحاتء إتدل األدأر ت‬
‫ض تثل يدـَأعترتج إتلدأيه تف يدـَأوما دكادن مأقدداترهت أدلأ د‬
‫و ))تدـَأعترتج الأدمحدلئاتدكةت دوالمروتح إتلدأيته ((‪-2‬سورةا العارج ‪. - 4 /‬‬
‫و أقول ‪ :‬أول إن إثآباته لصفة العلو هو أمر صحيح ‪ ،‬موافق للشرع تؤيده نصوصا ذكر بعضها ‪،‬و‬
‫أخرى ل يذكرها ‪ .‬لكن الغريب ف المر أن ابن رشد سيقول خلف ذلك ف بعض كتبه ‪ ،‬و الذي‬
‫حكاه هنا عن موقف الفلسفة من أنم جيعا قالوا بعلو ال و أنه ف السمحاء ‪ ،‬هو أمر غي ثآابت ‪،‬و‬
‫الروي عنهم خلف ما ذكره عنهم ‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 10‬ص‪. 250 :‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪. 145 :‬‬
‫فهو عندما ذكر موقف الفيلسوف السكندر الفروديسي من مكان وجود ال ‪ ،‬أورده و وافقه و‬
‫انتصر له ‪ ،‬فوصف ال بأنه )) قوةا روحية سارية ف جيع أجزجاء العال ((‪ . 1‬و قوله شاهد على أن ال‬
‫ص على أن ال تعال بائان‬ ‫موجود ف كل مكان من العال متزجج به ‪ ،‬و هذا خلف قوله الول الذي ن ي‬
‫عن خلقه تمتصف بصفة العلو ‪ ،‬و ليس متزججا بخلوقاته ‪ .‬و ما تيؤيد أن ابن رشد قال خلف قوله هذا‬
‫‪ ،‬أن الباحثييم ممحد عابد الابري ‪ ،‬و جورج طرابيشي ذكرا عن ابن رشد خلف هذا القول أيضا ‪.‬‬
‫فذكر الابري أن ال عند ابن رشد ليس داخل العال و ل هو خارجه‪. 2‬و ذكر الطخرابيشي أن ابن رشد‬
‫انتصر لرأي السكندر الفروديسي القائال بأن ال ليس مفارقا للعال ‪ ،‬و إنا هو سار فيه كالروح ف‬
‫جيع أجزجاء العال‪. 3‬‬

‫و أما الجاع الذي حكاه ابن رشد عن كل الفلسفة ‪ ،‬بأنم قالوا بأن ال ف السمحاء ‪ ،‬مؤيدا به ما‬
‫ذكره من اليات عن علو ال و استوائاه على عرشه ‪ ،‬فهو إجاع غي ثآابت ‪ ،‬ترده الشواهد التية ‪ :‬أولا‬
‫إن ابن رشد نفسه حكى رأي السكندر الفروديسي و وافقه عليه ‪ ،‬بأن ال ليس مفارقا للعال ‪،‬و إنا‬
‫هو قوةا روحية سارية ف جيع أجزجائاه ‪.‬‬
‫و الشاهد الثان هو ما ذكره الشيخ ابن تيمحية من أن طائافة من الفلسفة تنفاةا الصفات كابن سينا ‪،‬‬
‫قالوا ‪ :‬إن ال ل داخل العال و ل خارجه‪،‬و ل مبايناد له و ل حال فيه‪. 4‬و الشاهد الخي‪-‬أي‬
‫الثالث‪ -‬ما حكاه الباحث ممحد عابد الابري عن أرسطخو ‪ ،‬بأنه كان يقول ‪ :‬إن الرك الول –أي‬
‫ال‪ -‬ل هو داخل العال ‪،‬و ل هو خارجه‪. 5‬‬
‫و ثآانيا إنه –أي ابن رشد‪ -‬حكى عن الشاعرةا بأنم يقولون ‪ :‬إن ال الي العال الريد موجود‬
‫)) مع كل شيء و ف كل شيء ‪ .‬أعن متصل به اتصال وجود ((‪ . 6‬و قوله هذا غي ثآابت عن‬
‫الشاعرةا ‪ ،‬لن العروف عنهم أنه يقولون ‪ :‬إن ال ل داخل العال و ل خارجه ‪،‬و ل فوقه و ل تته ‪،‬‬
‫و ل تيوصف بأن له مكانا ‪ ،‬فضل عن أنه ف كل مكان((‪. 7‬‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تهافت الفلسافة ‪ ،‬ص‪. 274 :‬‬


‫‪ 2‬الجابري‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 194 :‬‬
‫‪ 3‬جورج طرابيشي ‪ :‬وحدة العقل العربي ‪ ،‬دار الساقي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ص‪. 261 :‬‬

‫‪ 4‬ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪ ، 331 :‬ج ‪ 3‬ص‪. 160 :‬‬
‫‪ 5‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬تعليق المحقق ‪ ،‬هامش ص‪. 146 :‬‬
‫‪ 6‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 163 :‬‬
‫‪ 7‬ابن تيمية ‪ :‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 6‬ص‪ , 310 :‬و الفتاوى الكبرى ‪ ،‬ج ‪ 6‬ص‪ . 617 :‬و أحمد بن إبراهيم بن عيسى ‪ :‬شرحا قصيدة ابن‬
‫القيم ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬المكتب السالمي ‪1406 -‬ه ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 193 :‬‬
‫و أما موقفه الرابع من الصفات ‪ ،‬فيتعلق بصفة الستواء على العرش ‪ ،‬فقد جعلها ابن رشد من‬
‫ظإواهر النص التعارضة الت ظإاهرها كفر ‪ ،‬و على أهل البهان تأويلها ‪،‬و هي من التشابات ف حق‬
‫المحهور‪. 8‬‬
‫و أقول ‪ :‬إنه هنا نفى صفة الستواء على العرش ‪ ،‬لنه دعا إل تأويلها بدعوى أنا من ظإواهر النص‬
‫التعارضة ‪ .‬و هذا الوضوع سبق أن ناقشناه ف البحث الثالث من الفصل الول ‪ ،‬لكننا تنشي هنا إل‬
‫أن ابن رشد متناقض مع نفسه ‪ ،‬فهو هنا قد نفى صفة الستواء على العرش ‪ ،‬و دعا إل تأويلها ‪ ،‬لكنه‬
‫ف كتابه الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬أثآبتها و أورد آيات تتضمحن العلو و الستواء‪ . 2‬فهذا تناقض‬
‫واضح يندرج ضمحن طريقته الزجدوجة الطخاب القائامحة على التأويل الباطن التحريفي للنصوصا الشرعية ‪.‬‬
‫و ليس صحيحا ما زعمحه بأن آية الستواء من اليات التشابات الت يب تأويلها لن ظإاهرها‬
‫متعارض‪ .‬فهذا زعم باطل سبق أن ناقشناه ف الفصل الول ‪ ،‬و بينا أنه ل تعارض أبدا بيم نصوصا‬
‫الشرع ‪ ،‬و ل مبر أصل للتأويل الرشدي ‪.‬و أما آيات الستواء على العرش فهي أيضا آيات تمكمحات‬
‫من حيث إثآبات حقائاقها و معانيها ل تعال‪ ،‬بل تشبيه و ل تسيم ‪،‬و بل تأويل و ل تعطخيل ‪ ،‬و إنا‬
‫هو إثآبات و تنزجيه مع عدما إدراكها و الهل التاما بكنهها ‪ ،‬فهو سبحانه )) ليس كمحثله شيء و هو‬
‫السمحيع البصي (( ‪-‬سورةا النحل‪. -74:‬‬
‫و أما موقفه الامس فيتعلق بصفت السمحع و البصر ‪ ،‬فذكر موقف الفلسفة منهمحا ‪ ،‬و دافع عنهم و‬
‫انتصر لهم ‪ ،‬و ل ينتقدهم ف موقفهم هذا الذي خالفوا فيه الشرع ‪ .‬فذكر أنم‪-‬أي الفلسفة‪ -‬ل‬
‫يصفوا ال تعال بالسمحع و البصر ‪ ،‬لنه )) يلزجما عن وصفه بمحا أن يكون ذا نفس ‪ .‬و إنا وصف نفسه‬
‫ف الشرع بالسمحع و البصر تنبيها على أنه سبحانه ل يفوته نوع من أنواع العلوما و العرفة ‪ .‬و ل يكن‬
‫تعريف هذا العن للجمحهور إل بالسمحع و البصر ‪ ،‬و لذلك كان هذا التأويل خاصا بالعلمحاء ‪ ،‬و ل يوز‬
‫أن تيعل من عقائاد الشرع الشتحكة للجمحيع ((‪.‬و قد صار عن هؤلء الفلسفة ما ليس )) له سع و ل‬
‫بصر أشرف ما ليس له سع و بصر ‪ ،‬ل بإطلق بل من جهة ما له إدراك أشرف من البصر و السمحع و‬
‫هو العلم ((‪. 3‬‬
‫و ردا عليه أقول ‪ :‬أول إنه بوقفه هذا من صفت السمحع و البصر ‪ ،‬يكون قد خالف الشرع صراحة ‪،‬‬
‫و أيوله تأويل تريفيا على طريقته العوجاء ‪ .‬لن ال تعال قد نص صراحة بأنه سيع و بصي ف آيات‬
‫كثيةا ‪ ،‬كقوله تعال ‪ )) :‬ليس كمحثله شيء و هو السمحيع البصي (( ‪-‬سورةا النحل‪ ، (( -74:‬و ))دقادل‬
‫دل ددتادفا إتنلتن دمدعتكدمحا أدأسدتع دوأددرى ((‪-‬سورةا طه ‪ ، - 46 /‬فال تعال يسمحع و يرى بطخريقة مالفة تاما لا‬

‫‪ 8‬ابن رشد ‪:‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 111 :‬‬


‫‪ 2‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪. 145 :‬‬
‫‪ 3‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 292 :‬‬
‫هو عند ملوقاته ‪ ،‬لنه سبحانه )) ليس كمحثله شيء(( ‪ ،‬و )) ل يكن له كفوا أحد (( ‪ .‬و عليه فل‬
‫معن أبدا لتأويل صفت السمحع و البصر ‪ ،‬لن تأويلهمحا هو تريف صارخ للشرع و اعتداء سافر عليه ‪.‬‬
‫و هو –أي ابن رشد‪ -‬بدفاعه عن موقف الفلسفة و انتصاره لم ‪ ،‬يكون قد وافقهم ضمحنيا على‬
‫موقفه هذا ‪ ،‬لنه فيلسوف مثلهم و انتصر لم ‪ .‬و هذا تمالف لا كان قد أظإهره من إثآباته للصفات‬
‫اللية عندما أثآبت منها سبعا ف كتابه الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬من بينها صفة السمحع و البصر ‪،‬‬
‫فمحرةا أثآبتهمحا باسم الشرع ‪ ،‬و مرةا أخرى نفاها باسم الفلسفة و التأويل ‪ .‬و موقفه هذا ليس غريبا عن‬
‫ابن رشد ‪ ،‬فهو مزجدوج الطخاب ‪ ،‬عودنا على مثل هذه التناقضات الت يتعمحد إظإهاره خدمة لذهبيته‬
‫الرسطخية التعصبة الت ملكت عليه قلبه و عقله ‪ .‬فهو تيقرر ما يقوله الشرع ف موضع ‪ ،‬ث يهجم عليه‬
‫ف موضع آخر بتأويله التحريفي لتيقرر ما تيالفه انتصارا لرسطخيته الشائاية ‪ ،‬و ل يهمحه بعد ذلك تناقضه‬
‫و تريفه للشرع !! ‪.‬‬
‫و ثآانيا إنه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬كان تمغالطخا ف دفاعه عن الفلسفة ف موقفهم من صفت السمحع و‬
‫البصر ‪ ،‬عندما قال ‪ )) :‬يلزجما عن وصفه بمحا أن يكون له نفس (( ‪،‬و هذا تغليط و تريف و تلبيس‬
‫على القراء ‪ ،‬من ثآلثآة أوجه ‪ ،‬أولا إن ال تعال ليس كمحثله شيء ف ذاته و صفاته ‪ ،‬و من ث فل مال‬
‫أبدا للمحقارنة بينه و بيم ملوقاته ‪ ،‬فسمحعه و بصره ل علقة لمحا بالنفس عند النسان ‪ ،‬لن إثآباتنا لمحا‬
‫هو إثآبات وجود ل إثآبات كيفية و تشبيه ‪ ،‬و من ث تسقط تمغالطخته و تريفه و تلبيسه ‪.‬‬
‫و الوجه الثان مفاده أن ال تعال قد ذكر أن له نفسا ف قوله سبحانه‪ -‬على لسان عيسى عليه‬
‫ت‬
‫ت دعللتما‬
‫ك دأن د‬ ‫ت قتـَألتتهت فدـَدقأد دعلأمحتدهت تدـَأعلدتم دما تف ندـَأفتسي دولد أدأعلدتم دما تف ندـَأفتس د‬
‫ك إتنل د‬ ‫السلما‪)) : -‬ت إن تكن ت‬
‫ب ((‪ -‬سورةا الائادةا ‪ . - 116 /‬فلمحاذا تاهل ابن رشد هذه الية و قرر خلفها ؟؟ !! ‪ .‬علمحا‬ ‫الأغتيو ت‬
‫ت‬
‫بأن نفسه سبحانه و تعال تتالف نفوس ملوقاته مالفة تامة ‪ ،‬لنه سبحانه ليس كمحثله شيء ‪.‬‬
‫و الوجه الثالث إنه ل فرق بيم إثآبات صفة العلم و صفت السمحع و البصر ‪ ،‬فبمحا أن ال تعال ليس‬
‫كمحثله شيء ‪ ،‬فل فرق أبدا بيم إثآباتنا له صفة العلم ‪ ،‬و بيم إثآباتنا له صفت السمحع و البصر ‪ ،‬انطخلقا‬
‫من قاعدةا التنزجيه الت قررها الشرع الكيم ‪ .‬و عليه فإن منطخلق ابن رشد غي صحيح ف نظرته إل صفة‬
‫العلم ‪،‬و صفت السمحع و البصر ‪،‬و يكننا أن نرد عليه بنطخقه الذي استعمحله ف موقفه من هذه الصفات‬
‫‪ ،‬فنقول ‪ :‬ل يصح وصف ال تعال بصفة العلم ‪ ،‬لن وصفه با يلزجما أن يكون ذا نفس ‪ ،‬لننا ل نعلم‬
‫و ل نرى ف الواقع عالا إل و له نفس ‪،‬و عليه فل يصح وصف ال بصفة العلم ‪ ،‬لن إثآباتا تيؤدي إل‬
‫التشبيه ‪ ،‬فيلزجما تأويلها ‪ .‬فهذا هو منطخقه العوج الذي ل يصلح أبدا للنظر به ف صفات ال تعال ‪.‬‬
‫لنه بناه على أساس التشبيه بيم الالق و الخلوق ‪،‬و ليس على أساس التنزجيه و عدما المحاثآلة ‪ ،‬فلو‬
‫استخدما منهجا صحيحا ما فيرق بيم صفة العلم و صفت السمحع و البصر ‪.‬‬
‫و ثآالثا إنه جعل صفة العلم ‪ ،‬صفة شاملة لعن صفت السمحع والبصر و تنوب عنهمحا ‪ ،‬و هذا غي‬
‫صحيح و تغليط و تلبيس على القراء ‪ ،‬لن الثابت و العروف أن هناك فرقا واضحا و أساسيا بيم معن‬
‫صفة العلم و صفت السمحع و البصر ‪ ،‬و عند الالق و الخلوق ‪ .‬فالنسان مثل ل تيغن علمحه عن سعه‬
‫و بصره ‪ ،‬و العلم نفسه ثرةا لواسه ‪ ،‬لذا قال ال تعال ‪ )) :‬دوالليهت أدأخدردجتكم بمن بتتطخوتن أتلمدهاتتتكأم لد‬
‫صادر دوالدفأئِّتدددةا لددعلتكأم تدأشتكترودن ((‪-‬سورةا النحل ‪ . (( 78 /‬و أما‬‫تدـَأعلدتمحودن دشأيئِّاد دودجدعدل لدتكتم الألسأمحدع دوالدبأ د‬
‫بالنسبة ل تعال ‪ ،‬فهو سبحانه أعلم بصفاته و نفسه ‪ ،‬و با أن وصف نفسه بصفة العلم ‪ ،‬و السمحع ‪،‬‬
‫و البصر ‪ ،‬فهي إذاد صفات حقيقة يب إثآباتا ل تعال ‪ ،‬و هي صفات كمحال ل نقص فيها ‪ .‬و لو‬
‫كانت صفة العلم تغن عن صفت السمحع و البصر ‪ ،‬ما وصف ال بمحا نفسه ‪ ،‬و ل أخبنا بذلك ‪ ،‬و‬
‫هذا أمر ل يكن معرفته على اليقيم إل بالوحي ‪ ،‬فكيف سح ابن رشد لنفسه أن يوض ف أمر غيب‬
‫بل دليل صحيح من الشرع و ل مع العقل ؟ ! ‪.‬‬
‫و زعمحه يعلنا نقول ‪ :‬إن ال ل يسمحع و ل يبصر ‪ .‬و با أنه زعم أن صفة العلم تنوب عن هذين‬
‫الصفتيم ‪ ،‬فإننا نقول ‪ :‬إن ال يسمحع و يبصر بصفة العلم ‪ ،‬فنكون قد أثآبتنا له صفت السمحع و البصر‬
‫من حيث أردنا نفيهمحا عنه ‪.‬المر الذي يعن أنه ل يصح شرعا و ل عقل نفي صفت السمحع و البصر‬
‫عن ال تعال ‪،‬و ماولة ابن و أصحابه هي عبث و تلعب باللفاظ ‪ ،‬و تريف للنصوصا الشرعية ‪ ،‬و‬
‫تلبيس على القراء ‪.‬‬
‫و أما زعمحه بأن صفة العلم أشرف من صفت السمحع و البصر ‪ ،‬فهو زعم غي صحيح ‪ ،‬لن كل‬
‫صفة لا وظإيفتها ‪،‬و ل تنوب عن الخرى إنابة حقيقة كاملة ‪ ،‬و هذه الصفات ف النسان كلها مرتبطخة‬
‫بالخ ‪،‬و الواس ‪ ،‬و ل علم دون مخ و حواس ‪ ،‬و العلم بالشيء بواسطخة اللمحس مثل ناقص جدا ‪،‬‬
‫فإذا سعنا صوته و أخباره ‪،‬و رأيناه أزداد علمحنا به زيادةا كبيةا‪ .‬و من ث ل يصح القول بأن صفة العلم‬
‫أشرف من صفت السمحع و البصر ‪ .‬و أما بالنسبة ل تعال ‪ ،‬فإن صفاته تعال كلها كمحال ل نقص فيها‬
‫أبدا ‪ ،‬و من ث ل يصح طرح ذلك الزجعم الباطل ف جنب ال تعال ‪.‬‬

‫و رابعا إنه حيرف الشرع عندما زعم أن ال وصف نفسه بالسمحع و البصر تنبيها على أنه سبحانه‬
‫ل يفوته نوع من أنواع العلوما ‪ .‬و هذا قول على ال بل علم‪ ،‬وطعن ف الشرع ورد له ‪ ،‬لن ال تعال‬
‫فيرق بيم هذه الصفات تفريقا واضحا ‪ ،‬عندما وصف نفسه بأنه )) يدـَأعلدتم تسلرتهأم دودأندواتهأم دوأدلن الليهد دعللتما‬
‫ب ((‪ -‬سورةا التوبة ‪ ، - 78 /‬و قوله ‪ )) :‬إتنلتن دمدعتكدمحا أدأسدتع دوأددرى ((‪ -‬سورةا طه ‪ . -46/‬فال‬ ‫الأغتيو ت‬
‫ت‬
‫حكيم و ل يعبث ‪ ،‬و با أنه وصف نفسه بتلك الصفات فيهي صفات أساسية و حقيقية ‪ ،‬و ليست‬
‫مازية و ل تنوب عن بعضها ‪ ،‬فلو كان معناها كمحا زعم ابن رشد ‪ ،‬لخبنا ال تعال بذلك ‪ ،‬و‬
‫لكتفى بصفة العلم وحدها ‪.‬و عليه فإن زعم ابن رشد ما هو إل تريف للنص ‪،‬و رد له بطخريقة ملتوية‬
‫ظإاهرها التوفيق بيم النصوصا ‪ ،‬و خلفياتا تريف الشرع ليتوافق مع الفلسفة الرسطخية الشائاية ‪.‬‬
‫و خامسا إنه‪ -‬أي ابن رشد‪ -‬ف نظرته إل صفة العلم ‪،‬و صفت السمحع و البصر ‪ ،‬كان تمطخئِّا و‬
‫تمغالطخا ‪ ،‬لنه نظر إل تلك الصفات من منطخلقيم متلفيم ‪ ،‬مع أنا –أي الصفات‪ -‬كلها تتعلق بال‬
‫تعال ‪ .‬و ذلك أنه عندما تكلم عن صفت السمحع و البصر ‪ ،‬نظر إليهمحا من منطخلق تشبيهي تسيمحي‬
‫خاصا بالخلوقات ‪ ،‬فنفاها عن ال تعال ‪ .‬و عندما تكلم عن صفة العلم نظر إليها من منطخلق تنزجيهي‬
‫متعلق بالالق تمغاير للمحنطخلق الول ‪ .‬و هذه الزدواحية ف النظر إل صفات ال تعال غي صحيحة ‪،‬‬
‫لنه يب النظر إليها من النطخلق الثان الذي يقوما على أن ال تعال بصفاته و ذاته )) ليس كمحثله شيء‬
‫هو السمحيع البصي (( ‪ ،‬و )) ل يكن له كفوا أحد (( ‪.‬‬
‫و أما موقفه السادس فيتعلق بصفة الكلما ‪ ،‬فقد أثآبتها ل تعال ضمحن إثآباته للصفات السبع الت سبق‬
‫ذكرها ‪.‬و استدل على إثآباتا بطخريق الول ‪ ،‬فقال عنها ‪ )) :‬و إذا كان الخلوق الذي ليس بفاعل‬
‫حقيقي ‪ ،‬أعن النسان يقدر على هذا الفعل –أي صفة الكلما‪ -‬من جهة ما هو عال قادر ‪ ،‬فكم‬
‫بالري أن يكون ذلك واجبا ف الفاعل القيقي ((‪. 1‬‬
‫و ذهب إل القول بأن القرآن الكري‪ -‬با أنه كلما ال‪ -‬معناه قدي غي ملوق ‪ ،‬و ألفاظإه ملوقة ل‬
‫تعال ‪ .‬و حروفه الت ف الصحف ملوقة ‪،‬و هي من صنعنا بإذن ال ‪،‬و هي تمعظمحة لنا دالة على‬
‫اللفظ الخلوق ل ‪ .‬و الصواب عنه هو أن نمحع بيم اللق و عدمه ‪ ،‬بعن أنه ملوق اللفظ ‪،‬و غي‬
‫ملوق العن‪. 2‬‬
‫و أقول ‪ :‬أول إن صفة الكلما ل يصح الوض فيها بجرد الظن و الفكر الرد عن الشرع ‪ ،‬لنه‬
‫خوض ف موضوع غيب ل تيدركه عقل النسان ‪ .‬لذا يب التكلم فيه انطخلقا من الشرع أول ‪ ،‬ث من‬
‫العقل العتمحد على النص و النظر الصحيح ثآانيا ‪،‬و ل يصح إصدار أحكاما عن صفة الكلما بجرد‬
‫الظن و العصبية الذهبية ‪ .‬لذا فنحن سنرد على ابن رشد انطخلقا من هذا النهج ‪ ،‬الذي يب اللتزجاما به‬
‫ف كل الصفات اللية ‪،‬و ليس ف صفة الكلما فقط ‪.‬‬
‫و ثآانيا إنه ف نظرته إل صفة الكلما ل تيفرق بيم أمر ال و خلقه ‪ ،‬مع أن الشرع قد فيرق بينهمحا‬
‫ض تف تستلتة أدليامما تثل‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫صراحة ف عدةا آيات ‪ ،‬كقوله تعال ‪)) :‬إتلن دربلتكتم الليهت الذي دخلددق اللسدمحادوات دوالدأر د‬
‫م‬ ‫ت‬ ‫ت ت ل‬
‫س دوالأدقدمحدر دوالنمتجودما تمدسلخدرات بتأدأمترته أدلد لدهت‬
‫اأستدـَدوى دعدلى الأدعأرش يـَتأغشي ال أيدل النلـَدهادر يدطخألتبتهت دحثيثاد دواللشأمح د‬
‫يم ((‪-‬سورةا العراف ‪ ، - 54 :‬و ))إتلدنا أدأمترهت إتدذا أددرادد دشأيئِّاد أدأن يدـَتقودل‬ ‫األدألق والدمر تدـَباردك الليه ر م ت‬
‫ب الأدعالدمح د‬ ‫ت د أت د د ت د‬
‫لدهت تكأن فدـَيدتكوتن (( –سورةا يس ‪ . - 82 :‬فأمره تعال من كلمه ‪،‬و قرآنه من كلمه و أمره أيضا ‪ .‬و أما‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪. 131 ، 129 :‬‬


‫‪ 2‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 132 :‬‬
‫خلقه فهو ملوقاته الت خلقها بأمره ‪ ،‬و الذي عيب عنه بقوله ‪ :‬كن ‪ ،‬الذي أوجد به ملوقاته ‪ .‬و هذا‬
‫يم ذكرته اليتيم السابقتيم بصراحة و وضوح ‪،‬و ل يصح إغفاله ‪.‬و هو المر الذي أغفله ابن رشد‬ ‫أمر بدـَ ي ب‬
‫‪ ،‬و هو انراف منهجي خطخي تيرف الشرع و تيفسد الفهم ‪.‬‬
‫و ثآالثا إنه ليس لبن رشد دليل صحيح من الشرع عندما جعل معن القرآن غي ملوق ‪،‬و ألفاظإه و‬
‫حروفه ملوقة ‪.‬و رأيه هذا غي صحيح بدليل الشاهدين التييم ‪ :‬أولمحا إن ال تعال وصف القرآن بأنه‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫يم اأستددجادردك فدأدجأرهت‬ ‫كلمه ‪ ،‬و ل تيفيرق بيم معناه و ألفاظإه و حروفه ‪ ،‬ف قوله ‪)) :‬دوإتأن أددحبد بمدن الأتمحأشترك د‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫ك بتأدنـَلتهأم قدـَأوبما لل يدـَأعلدتمحودن ((‪-‬سورةا التوبة ‪، - 6 :‬و ))دسيدـَتقوتل‬ ‫دحلت يدأسدمحدع دكلددما الليته تثل أدبألأغهت دم أدمندهت دذل د‬
‫الأتمحدخلتفودن إتدذا انطخدلدأقتتأم إتدل دمدغاتند لتتد أتختذودها دذترودنا ندـَتلبتأعتكأم يتتريتدودن دأن يـَتبدبدلتوا دكدلدما اللته((‪-‬سورةا الفتح ‪:‬‬
‫‪ ، - 15‬و ))أدفدـَتدطخأدمحتعودن دأن يـَتأؤتمنتواأ لدتكأم دوقدأد دكادن فدتريبق بمأنـَتهأم يدأسدمحتعودن دكلددما الليته تثل تيدبرتفوندهت تمن بدـَأعتد دما‬
‫دعدقتلوهت دوتهأم يدـَأعلدتمحودن ((‪-‬سورةا البقرةا ‪ . - 75 :‬و الشاهد الثان هو با أن القرآن من كلما ال تعال ‪ ،‬و‬
‫الكلما صفة أزلية له سبحانه و تعال ‪ ،‬فهذا يعن أن القرآن من كلمه و ليس من ملوقاته ‪ .‬و عليه فإن‬
‫أية مولة للتفريق بيم معان القرآن و حروفه و ألفاظإه ‪ ،‬هي تريف تمتعمحد له و تلعب به ‪ ،‬و افتحاء‬
‫عليه ‪.‬و لو كان المر كمحا زعم ابن رشد لبينه ال تعال ف كتابه الحكم البييم الكامل الذي ل يأتيه‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫الباطل من بيم يديه و ل من خلفه ‪.‬‬
‫و ل يصح أيضا أن تيقال ‪ :‬إن ألفاظ القرآن ملوقة ‪ .‬لن ذات ال تعال ليست مل للق‬
‫الخلوقات ‪ ،‬و لن القرآن الكري من أمره تعال و كلمه ‪،‬و ليس من خلقه ‪ .‬و عليه فإن كلمه تعال‬
‫ليس ملتبسا بخلوقاته ‪ .‬و أما قوله‪-‬أي ابن رشد‪ -‬بأن حروف القرآن ملوقة ‪،‬و هي من أفعالنا ‪ ،‬فهو‬
‫زعم ل دليل صحيح عليه ‪ ،‬لن القرآن كلما ال ‪،‬و هو سبحانه فعال لا يتريد يتكلم مت شاء ‪ ،‬و با‬
‫شاء ‪ ،‬و كيفمحا يشاء ‪،‬و هو على كل شيء قدير ‪ .‬و عليه فهو سبحانه تكلم بالقرآن العرب لفظا و‬
‫معن و حرفا ‪ .‬و الروف بالنسبة إليه ليست ملوقة ‪ ،‬لنه تعال هو الالق ‪،‬و ليست ذاته مل للق‬
‫الخلوقات ‪ ،‬و كلمه تعال صفة أزلية له ‪،‬و القرآن من كلمه ‪ ،‬فكلمه تعال ليس ملوقا و ل يصح‬
‫وصفه بذلك ‪ .‬و هذا خلف النسان ‪ ،‬الذي هو با أنه ملوق فكل ما يصدر منه من أفعال فهي‬
‫ملوقة ‪ ،‬فاللغة الت يتكلم با‪-‬مثل‪ -‬هي ملوقة لفظا و معن و حرفا ‪ ،‬لكنه إذا قرأ القرآن ‪ ،‬فإن صوته‬
‫الذي قرأ به القرآن ملوق ‪ ،‬لكن القرآن الذي تله بألفاظإه و معانيه و حروفه ليس ملوقا ‪ ،‬لنه ليس‬
‫كلمه و ل كلما غيه من البشر ‪،‬و إنا هو كلما ال تعال ‪.‬‬
‫و مثال ذلك صفة العلم ‪ ،‬فالعلم الذي يعلمحه ال تعال ليس ملوقا ‪ ،‬لكن العلم الذي يتعلق بالنسان‬
‫فهو ملوق ‪ ،‬مع أنه تعلم يعلمحه ال أيضا ‪ .‬لن النسان با أنه ملوق فكل ما يدثَ فيه هو ملوق ‪.‬‬
‫كالروف الت يستعمحلها النسان ف اللغة الت يتكلم با ‪ ،‬فهي ملوقة لنه هو ملوق ‪ ،‬لكنها ليست‬
‫ملوقة بالنسبة ل تعال ‪-،‬عندما تكلم با ف كتبه النزجلة‪ ، -‬لنه هو الالق ‪،‬و كلمه يليق به ‪،‬و هو‬
‫ليس مل للق الخلوقات ‪ ،‬مع أنه فعال لا يريد له اللق و المر ‪ ،‬و ال تعال أعلم بالصواب ‪.‬‬
‫و إضافة إل ما ذكرناه ‪ ،‬فإنه ما يدل على بطخلن ما زعمحه ابن رشد ف صفة الكلما ‪ ،‬أن زعمحه هذا‬
‫تمالف لذهب السلف و أهل الديث ‪ ،‬فإنم قالوا ‪ :‬إن القرآن كلما ال ‪ ،‬لفظا و معن و حرفا ‪ ،‬و‬
‫هو غي ملوق ‪ ،‬و ذموا من قال القرآن ملوق‪ ،‬و اشتدوا ف الرد عليه‪ . 1‬و موقفهم هذا هو موقف‬
‫صحيح موافق للشرع و العقل ‪ ،‬و هم أكثر الناس صوابا و استقامة ‪ ،‬أخذوا علمحهم عن التابعيم الذين‬
‫أخذوا هم أيضا عن الصحابة‪-‬رضي ال عنهم‪ ، -‬الذين رباهم رسول ال‪-‬عليه الصلةا و السلما‪ ، -‬و‬
‫الذين زكاهم القرآن الكري ‪،‬و شهد لم باليان و العمحل الصال ‪ .‬فكان على ابن رشد أن يرجع إل‬
‫مذهب السلف الصال ف مسألة كلما ال لينتفع به و يتبناه ‪.‬‬
‫و ختاما لصفة الكلما تأشي هنا إل أن ابن رشد –ف إثآباته لصفة الكلما‪ -‬استخدما استدلل‬
‫صحيحا لتأييد ما ذهب إليه ‪ ،‬و هو الستدلل بطخريق الول ‪ .‬فهذا استدلل صحيح ‪ ،‬موافق للشرع‬
‫و العقل معا ‪ ،‬يندرج ضمحن القاعدةا الذهبية التعلقة بالصفات اللية ‪ ،‬و الت تقول ‪ :‬كل صفة كمحال‬
‫ف النسان ‪ ،‬ال أول با ‪ ،‬و كل صفة نقص ف النسان ‪ ،‬ال تمنزجه عنها ‪ .‬لكن ابن رشد طبق ذلك ف‬
‫إثآباته لصفة الكلما ‪،‬و خالفه ف موقفه من الصفات الخرى الت نفاها و أيولا ‪.‬‬
‫و أما موقفه السابع ‪ ،‬فيتعلق بصفة اليد ‪ ،‬فزجعم أن هذه الصفة هي من بيم الصفات اللية الت ل ))‬
‫يقتصر الشرع الذي قصده الول تعليم المحهور ‪ ،‬ف تفهيم هذه الشياء ف البارئ سبحانه ‪ ،‬بوجودها‬
‫ت تل تدـَعبتد ما دل يسمحع ودل يـَب ت‬ ‫ت‬ ‫ت ت‬
‫ك‬‫صتر دودل يـَتأغتن دعن د‬ ‫ف النسان ‪ ،‬كمحا قال سبحانه ‪)) :‬إتأذ دقادل لدتبيه ديا أدبد د أ ت د د أ د ت د تأ‬
‫دشأيئِّاد (( –سورةا مري ‪ ، - 42 :‬بل و اضطخر إل تفهيم معان ف البارئ بتمحثيلها بالوارح النسانية ‪،‬‬
‫ت أديأتديدنا أدنأـَدعاماد فدـَتهأم ددلا دمالتتكودن ((‪ -‬سورةا يس ‪:‬‬ ‫ت ت‬
‫مثل قوله سبحانه ‪)) :‬أددودلأ يدـَدرأوا أدلنا دخلدأقدنا دلتأم لما دعمحلد أ‬
‫ت‬ ‫ي أدستدأكبـَرت أدما تكن ت‬
‫يم ((‪ -‬سورةا صـَ ‪ .- 75 :‬فهذه السألة خاصة‬ ‫ت مدن الأدعال د‬ ‫ت بتيددد ل أ د أ د أ د‬ ‫‪، - 71‬و ))دخلدأق ت‬
‫بالعلمحاء الراسخيم الذين أطلعهم ال على القائاق ((‪ . 2‬و معن ذلك أن صفة اليد عند ابن رشد‬
‫ليست صفة حقيقية ل تعال تليق به بناء عل أنه ليس كمحثله شيء ‪ ،‬و إنا هي تثيل تملت بالوارح‬
‫النسانية لتفهيم المحهور ‪،‬و ل يعرف تأويلها القيقي إل الراسخون ف العلم ‪ ،‬و هم الفلسفة أهل‬
‫البهان على حد زعمحه ‪.‬‬
‫و ردا عليه أقول ‪ :‬أول إن صفة اليد قد نص الشرع على إثآباتا ل تعال صراحة ‪ ،‬فمحن القرآن الكري‬
‫ت ت‬ ‫ت ت‬ ‫ت األيـَهود يتد الليته مأغتلولدةب غتل ت‬ ‫ت‬
‫ف‬‫ت أديأديتهأم دولتعنتواأ دبا دقالتواأ بدأل يددداهت دمأبتسوطددتان تينفتق دكأي د‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫قوله تعال ‪)) :‬دودقالد د ت ت د‬
‫ت بتيددد ل‬ ‫ت‬ ‫تت‬
‫ي أدأستدأكبدـَأر د‬
‫ت‬ ‫ك دأن تدأستجدد لدمحا دخلدأق ت‬ ‫س دما دمندـَدع د‬‫يددشاءت ((‪ -‬سورةا الائادةا ‪ ، - 64 :‬و ))دقادل ديا إبألي ت‬

‫‪ 1‬أنظر مثل ‪ :‬ابن أبي العز الحنفي ‪ :‬شرحا العقيدة الطحاوية ‪ ،‬ط ‪ ، 9‬بيروت ‪ ، 1988 ،‬ص‪ 170 :‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ ،‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 238-237 :‬‬
‫يم ((‪ -‬سورةا صـَ ‪ . - 75 :‬و من السنة النبوية قوله –عليه الصلةا و السلما‪. -‬‬ ‫ت‬ ‫أدما تكن ت‬
‫ت مدن الأدعال د‬‫أ د‬
‫‪1‬‬
‫))وكلتا يديه ييم (( ‪ .‬و عليه فل يصح نفي صفة اليد عن ال تعال و تأويلها ‪ ،‬لمرين أساسييم ‪،‬‬
‫أولمحا إن الشرع نص صراحة على إثآباتا ‪.‬و ثآانيهمحا إنه ل تيوجد مبر عقلي صحيح علي نفيها أو‬
‫تأويلها ‪ ،‬لن هذا الصفة ليست جارحة كمحا هي عند الخلوقات ‪،‬و إنا هي صفة يب النظر إليها‬
‫ص عليها الشرع ف قوله تعال ‪ )) :‬ليس كمحثله شيء و هو‬ ‫انطخلقا من قاعدةا التنزجيه الذهبية الت ن ي‬
‫السمحيع البصي (( ‪-‬سورةا النحل‪، (( -74:‬و ))دودلأ يدتكن لهت تكتفواد أددحبد ((‪-‬سورةا الخلصا ‪ ،-4 :‬و‬
‫ضتربتواأ لتليته الدأمدثادل إتلن الليهد يدـَأعلدتم دودأنتتأم لد تدـَأعلدتمحودن ((‪ -‬سورةا النحل ‪ . - 74 :‬فهي صفة يب‬ ‫))فدلد تد أ‬
‫إثآباتا كباقي الصفات اللية الخرى ‪ ،‬بل تشبيه و ل تسيم ‪ ،‬و ل تأويل و ل تعطخيل ‪ ،‬و إنا هو‬
‫إثآبات وجود و تنزجيه ‪ ،‬ل إثآبات كيفية و تشبيه ‪.‬‬
‫و ثآانيا إنه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬أخطخأ خطخأ فاحشا عندما زعم أن ال تعال –ف ذكره للصفات‪ -‬تأضطخر‬
‫إل تفهيم المحهور )) معان ف البارئ بتمحثيلها بالوارح النسانية (( ‪ .‬و قوله هذا غلط فاحش ل يصح‬
‫وصف ال تعال به ‪ ،‬لنه سبحانه هو الالق العظيم الفعال لا يريد القادر على كل شيء ‪ ،‬ل يضطخره‬
‫شيء أبدا ‪ .‬و لو كان ال تعال يريد من ذكره للصفات ما زعمحه ابن رشد ‪ ،‬لخبنا با يقصده من تلك‬
‫الصفات ‪،‬و أنه ل يد طريقا لتفهيمحنا إل التمحثيل ‪ .‬و با انه ل تيبنا بذلك و نص صراحة انه تمتصف‬
‫بتلك الصفات حقيقة و تأكيدا ف نصوصا كثيةا جدا ‪ ،‬فهذا دليل دامغ على بطخلن زعم ابن رشد‬
‫الذي اعتدى على الشرع و افتحى عليه ‪.‬‬
‫ت أديأتديدنا أدنأـَدعاماد فدـَتهأم ددلا دمالتتكودن‬ ‫ت ت‬
‫و ثآالثا إن ذكر ابن رشد لقوله تعال ))دأدودلأ يدـَدرأوا أدلنا دخلدأقدنا دلتأم لما دعمحلد أ‬
‫ت‬ ‫ي أدستدأكبـَرت أدما تكن ت‬
‫يم ((‪ -‬سورةا صـَ ‪، - 75 :‬‬ ‫ت بتيددد ل أ د أ د أ د‬
‫ت مدن الأدعال د‬ ‫((‪ -‬سورةا يس ‪، - 71 :‬و ))دخلدأق ت‬
‫هو أمر ل إشكال فيه ‪ ،‬على ما أراد أن تيوهنا به ابن رشد ‪ ،‬فل تعارض بيم اليتيم ‪ ،‬فمحعناها بيينه‬
‫علمحاء الشريعة بطخريقة التأويل الشرعي القائام على النصوصا الشرعية و اللغة العربية ‪،‬و الفهم الصحيح‬
‫لمحا ‪ ،‬فهم الذين بينوا معن اليتيم و ليس الفلسفة الشائايم بطخرريقتهم التأويلية التحريفية‪ .‬فبيم علمحاء‬
‫الشريعة أن الية الثانية نصت صراحة على أن ل يدين ‪،‬و ل تقبل التأويل التحريفي بأن تيقال ‪ :‬لا‬
‫ت بقدرت ‪ .‬و أما الية الول فعيبت عن أمر آخر ل يتعلق بصفة اليد الت‬ ‫ت بنعمحت ‪ ،‬أو لا خلق ت‬ ‫خلق ت‬
‫أثآبتتها الية الثانية ‪،‬و إنا عيبت عن أمر آخر باستخداما عبارةا اليد ‪ .‬و هذا أسلوب من أساليب التعبي‬
‫ف اللغة العربية الت تيضاف فيه العمحل إل اليد ‪ ،‬و يتراد به صاحبها ؛ فإضافة هذا العمحل إل اليد‬
‫كإضافته إل النسان الذي قاما بذا العمحل ‪ .‬فال تعال أضاف ذلك العمحل بقوله ‪ )) :‬ما عمحلته‬
‫أيدينا (( ‪،‬و أراد به نفسه ‪ ،‬كأنه يقول ‪ :‬ما عمحلناه ‪ ،‬أو ما عمحلناه نن ‪ ،‬أو ما عمحلناه بنفسنا ‪ .‬و هذه‬

‫‪ 1‬المؤلف ‪ :‬مسلم بن الحجاج ‪ :‬تحقيق ‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 1458 :‬‬
‫الطخريقة التعبيية هي طريقة صحيحة شرعا و لغة ‪ ،‬موجودةا ف القرآن الكري ‪ ،‬كقوله تعال ‪ )) :‬دودما‬
‫ت أديأتديتكأم دويدـَأعتفو دعن دكثتمي ((‪ -‬سورةا الشورى ‪ ، - 30 :‬و ))ظإددهدر‬ ‫ت م‬
‫صابدتكم بمن مصيبدة فدبتدمحا دكدسبد أ‬ ‫أد د‬
‫ض التذي دعتمحلتوا لددعلتهأم يدـَأرتجتعودن ((‪ -‬سورةا‬ ‫تت‬ ‫الأدفساد تف األبـَبر والأبحتر تبا دكسب ت‬
‫ت أديأدي اللناتس ليتذيدقتهم بدـَأع د‬‫د ت د د د أ د دد أ‬
‫س بتظدللمما لبألدعتبيتد (( –سورةا آل عمحران ‪182 :‬‬ ‫ل‬ ‫الروما ‪ ، - 41 :‬و ))دذلتك تبا قدلدم ت‬
‫ت أديأديتكأم دوأدن الليهد لدأي د‬
‫د د د أ‬
‫‪ ، -‬فالراد من هذه اليات ما كسبه النسان نفسه و ما قدمه من أعمحال ‪،‬و إن كان عمحلها بغي‬
‫يده‪ ، 1‬كأن يعمحلها برجله ‪ ،‬أو أذنه ‪ ،‬أو سعه ‪ ،‬أو بقلبه ‪ ،‬أو بكل ذلك ‪ ،‬فهي كلها أعمحاله عتيب عنها‬
‫بكسب اليد ‪.‬‬
‫و أما موقفه الثامن من الصفات ‪ ،‬فيتعلق بصفت الرادةا و الختيار ‪ ،‬و قد اتذ منهمحا موقفا‬
‫تمضطخربا بيم النفي و الثآبات ‪ ،‬فمحن ذلك أنه قال ‪ :‬إن الشرع ل تيصيرح باتصاف ال تعال بإرادةا قدية‬
‫و ل حادثآة ‪ ،‬بل )) صيرح با الظإهر منه أن الرادةا الوجدةا للمحوجودات حادثآة ‪ ،‬و ذلك ف قوله‬
‫تعال ‪)) :‬إتلدنا قدـَأولتدنا لتدشأيمء إتدذا أددرأددناهت دأن نـَلتقودل لدهت تكن فدـَيدتكوتن (( –سورةا النحل ‪. - 40 :‬و إنا كان‬
‫ذلك لن المحهور ل يفهمحون موجودات حادثآة عن إرادةا قدية ‪ ،‬بل الق أن الشرع ل تيصيرح ف الرادةا‬
‫ل بدوثَ و ل بقدما ((‪. 2‬‬
‫و قوله هذا مالف للشرع ‪،‬و فيه تغليط و تلبيس على القراء ‪ ،‬لن ال تعال با أنه أزل ل يلد و ل‬
‫يتولد ‪،‬و هو الول الذي ليس قبله شيء ‪ ،‬و الخر الذي ليس بعده شيء ‪ ،‬و الي الذي ل يوت ‪،‬و‬
‫الفعال لا يريد ‪ ،‬فإن صفاته أزلية كلها بالضرورةا ‪ ،‬با فيها صفة الرادةا ‪ ،‬لن الصفات تابعة للذات‬
‫اللية ل تنفك عنها ‪ .‬و قد وصف ال تعال نفسه بالرادةا و الشيئِّة و الختيار ف آيات كثيةا ‪ ،‬كقوله‬
‫ك فدـَلعابل لبدمحا يتتريتد ((‪-‬سورةا هود ‪ ، - 107 :‬و ))إتلدنا أدأمترهت إتدذا أددرادد دشأيئِّاد أدأن يدـَتقودل لدهت تكأن‬ ‫تعال ‪)) :‬إتلن دربل د‬
‫ليدـَدرةات تسأبدحادن اللته دوتدـَدعادل‬
‫ك ديألتق ما يدشاء وديأدتار ما دكادن دلم ا أت‬
‫تت‬ ‫فدـَيدتكوتن ((‪-‬سورةا يس ‪، - 82 :‬و ))دو دربم د ت د د ت د ت د‬
‫دعلمحا يتأشترتكودن ((‪-‬سورةا القصص ‪ ، - 68 :‬فهذه اليات شاهدةا على أن ال تعال تمتصف بصفة‬
‫الرادةا تمطخلقا ‪ ،‬فهي أزلية بأزلية ال تعال ‪ ،‬لذا وجدنا ال تعال كثيا ما وصف نفسه بصفات بصيغة‬
‫الاضي ‪ ،‬ما يعن أنه تمتصف با منذ الزل ‪ ،‬كقوله سبحانه ‪)) :‬إتنلهت دكادن دعتليمحاد قدتديراد ((‪-‬سورةا فاطر ‪:‬‬
‫‪ ، - 44‬و ))بدأل دكادن اللهت ت دبا تدـَأعدمحتلودن دختبياد ((‪-‬سورةا الفتح ‪ ، - 11 :‬و ))دودكادن أدأمتر اللته قدددراد لمأقتدوراد‬
‫صياد ((‪-‬سورةا النساء ‪. - 58 :‬‬ ‫((‪-‬سورةا الحزجاب ‪)) ، - 38 :‬إلن الليه دكادن دتسيعاد ب ت‬
‫د‬ ‫د‬
‫و أخطخأ أيضا عندما ل تيفيرق بيم صفة الرادةا الزلية و تعلقها بفعل ال تعال عند اللق ‪ ،‬فهو‬
‫سبحانه فعال لا يريد ‪ ،‬و يعلم ما كان و ما سيكون منذ الزل ‪ ،‬لكن إرادته ف اللق و الياد تتعلق‬
‫بشيئِّته تعال ‪ ،‬هو الذي يتار نوع الفعل و زمانه و مكانه مت شاء ‪ ،‬و كيفمحا يشاء ‪ ،‬بدليل قوله تعال‬

‫‪ 1‬ابن تيمية ‪ :‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪ . 45 :‬و محمد صأالح العثيمين ‪ :‬القواعد المثلى في أساماء ا الحسنى ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬الدار‬
‫السلفية ‪ ،‬ص‪. 73 ، 72 :‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪. 116 :‬‬
‫ك ديألتتق دما يددشاءت دوديأدتاتر (( ‪ ،‬و ))إتلدنا أدأمترهت إتدذا أددرادد دشأيئِّاد أدأن يدـَتقودل لدهت تكأن فدـَيدتكوتن (( ‪ ،‬و هذا‬
‫‪)))) :‬دو دربم د‬
‫التعلق ل يصح وصفه بأنه حادثَ ‪ ،‬بعن أنه ملوق ‪ ،‬لن ال تعال هو الالق ‪،‬و أفعاله ليست‬
‫ملوقة ‪،‬و هو ليس مل للمحخلوقات ‪ ،‬فإرادته سبحانه و تعال تمطخلقة غي تمقيدةا ‪،‬و ل توصف بأنا‬
‫حادثآة بعن أنا ملوقة ‪.‬‬
‫و عندما ذكر ابن رشد انتقادات حجة السلما أب حامد الغزجال للفلسفة ف موقفهم من‬
‫الرادةا ‪،‬و قال ‪:‬إنم نفوا اتصاف ال با ‪ .‬تصدى له ابن رشد للرد عليه بطخريقة غامضة ملتوية ‪،‬‬
‫تتضمحن النفي و الثآبات لصفة الرادةا ‪ .‬و بعن آخر أنه ل يكن صريا ف رده على الغزجال ‪،‬و ل ف‬
‫إبراز حقيقة موقف الفلسفة من هذه الصفة ‪ .‬فجاء رده جامعا بيم النفي و الثآبات معا ‪ ،‬و إن كان‬
‫نفيه لا أظإهر ما تيشي إل أن ابن رشد ل تيرد الفصاح عن الوقف القيقي للفلسفة الشائايم من صفة‬
‫الرادةا بطخريقة واضحة ل تلبس فيها و ل غمحوض ‪ ،‬ما تيرجح أن الفلسفة نفوا تلك الصفة ‪ ،‬أو على‬
‫القل ييلون إل نفيها ‪ .‬و الدليل على ذلك أن ابن رشد ذكر أن الشاهد ف الطخبيعة يرى أن الشياء‬
‫ت‬
‫الفاعلة فيها على نوعيم ‪ :‬نوع يعمحل بالطخبع ‪ ،‬كالرارةا تؤثآر ف غيها ‪ ،‬و نوع يعمحل بالختيار ‪ ،‬و هو‬
‫السمحى الريد و الختار ‪ ،‬كالنسان الذي يفعل ف وقت و يتحك ف وقت آخر ‪ .‬لكن ال تعال تمنزجه‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫)) عن الوصف بأحد هذين الفعليم على الهة الت تيوصف با الكائان الفاسد عند الفلسفة‪ ،‬وذلك أن‬
‫الختار و الريد هو الذي ينقصه الراد ‪ ،‬و ال سبحانه ل ينقصه شيء يتريده ‪ .‬و الختار هو الذي يتار‬
‫ت‬
‫أحد الفضليم لنفسه ‪،‬و ال ل يعوزه حالة فاضلة ‪ .‬و الريد هو الذي إذا حصل الراد كفت إرادته ‪ .‬و‬
‫بالمحلة فالرادةا هي انفعال و تغي ‪ ،‬و ال سبحانه تمنزجه عن النفعال و التغي ((‪. 1‬‬
‫واضح من قوله ‪ )) :‬منزجه عن الوصف بأحد هذين الفعليم على الهة الت تيوصف با الكائان‬
‫الفاسد ((أنه يتمحل القول بالرادةا و بالطخبع فيمحا يتعلق بأفعال ال تعال ‪ ،‬بعن انه متصف بأحد هذين‬
‫الفعليم ‪ ،‬بطخريقة تليق به ‪،‬و تمالفة لكيفية اتصاف الخلوق با ‪ .‬لكن كلمه الذي تل ذلك مباشرةا ‪،‬‬
‫تيشي إل أن ابن رشد ييل إل نفي اتصاف ال تعال بالرادةا تمطخلقا ‪ ،‬لنه تناولا بطخريقة تتشي إل أنا‬
‫ل تتلف عن إرادةا النسان ‪ ،‬فبن عليها نفيه للرادةا الت نفاها ‪ .‬فكان عليه أن تيوضح المر بلء ‪،‬‬
‫و تيفصح عن رأيه دون لف و ل دوران ‪ ،‬لكنه أقاما رأيه على تمغالطخة مكشوفة ‪ ،‬قاس من خللا الالق‬
‫بالخلوق ‪ ،‬و نفى عنه‪-‬أي الالق‪ -‬اتصافه بالرادةا ‪ ،‬و هذا انراف منهجي خطخي ‪ ،‬مرفوض شرعا و‬
‫عقل ‪ .‬لن النسان إذا كان يتريد و يتار عن حاجة ‪ ،‬فهذا ل يصدق أبدا على ال تعال ‪ ،‬فهو‬
‫سبحانه الغن الطخلق ‪ ،‬يفعل عن حكمحة و عدل و رحة ‪ ،‬و ل يفعل عن حاجة و نقص ‪ ،‬لنه الغن‬
‫الكامل ‪ .‬و الرادةا ف حقه سبحانه ليست انفعال و ل تغيا ‪ ،‬و إنا هي كذلك ف حق الخلوق ‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 125 :‬‬


‫و الغريب ف الوضوع أنه مع وضوحه شرعا و عقل أن ابن رشد تناوله بطخريقة ضبابية مزجدوجة‬
‫الطخاب ‪ ،‬ل يرد أن تيفصح عن موقفه صراحة ‪ ،‬لكن يبدو ل أنه عيب عنه با يكفي لعرفة موقفه‬
‫القيقي من الرادةا ‪،‬و هو أنه كان ينفيها بدليل الشواهد التية ‪ :‬أولا إن كلمه السابق فيه إشارات‬
‫كافية لقوله بنفي الرادةا من خلل شرحه لوقف الفلسفة و دفاعه عنه و انتصاره له‪ .‬و الشاهد الثان‬
‫هو أنه سبق أن ذكرنا أن ابن رشد ادعى أن ال تعال ف ذكره لصفاته ف القرآن )) تأضطخر إل تفهيم‬
‫معان ف البارئ بتمحثيلها بالوارح النسانية ((‪. 1‬و معن زعمحه هذا أن ال ل تكن له إرادةا و ل اختيار‬
‫ف ذكره لتلك الصفات ‪ ،‬و أنا تأضطخر إل ذكرها اضطخرارا بتلك الطخريقة !! ‪.‬‬
‫و الشاهد الثالث أنه زعم أن العادل أزل‪ 2‬بالضرورةا و الضطخرار‪ . 3‬و زعمحه هذا يعن أن ال تعال ل‬
‫يلق العال ‪،‬و ل كانت له فيه إرادةا و ل اختيار ‪،‬و إنا صدر عنه ضرورةا و اضطخرارا ‪،‬و هو نفي لصفت‬
‫الرادةا و الختيار ‪ ،‬و مناقض لا سبق أن ذكرناه عنه عندما تكلم عن اللق و الرادةا ف الشرع ‪ .‬و هو‬
‫تمالف لدين السلما تمالفة صرية ‪ ،‬لن ال تعال ذكر أنه خلق العال بإرادته الطخلقة وفق حكمحته‬
‫البالغة ‪ .‬و ليس من العقل و ل من العلم الزجعم بأن هذا العال صدر عن ال بالضرورةا و الضطخرار من‬
‫دون إرادةا منه و ل اختيار منه ‪ ،‬فهذا رجم بالغيب ‪،‬و قول على ال بل علم ‪ ،‬و وصف له بالنقص و‬
‫العجزج ‪،‬و تشبيه له بالنقوصات و الضعفاء !! ‪.‬‬
‫و أما موقفه التاسع من الصفات ‪ ،‬فيتعلق بسألة دواما الفاعلية ‪ ،‬العروفة بوادثَ ل أيول لا ‪ ،‬بعن‬
‫أن ال تعال با أنه أزل بذاته و صفاته ‪ ،‬فإن أفعاله ليست تمعطخلة عن الفعل ‪ ،‬فهي ف فاعلية دائامحة ل‬
‫أيول لا ‪ ،‬و من ث فهي تمتعلقة بوادثَ ل أيول لا ‪.‬و هذه الفاعلية الدائامحة هي عند ابن رشد قائامحة على‬
‫نفي الرادةا و الختيار ف حق ال تعال‪ ،‬فهي فاعلية قائامحة على الضرورةا الزلية الوجودةا بيم ال و‬
‫العال و التمحثلة ف الركة ‪.‬و هذه الفاعلية الدائامحة ل تقوما على اللق ‪ ،‬و إنا تقوما على فعل الركة فقط‬
‫ت‬
‫‪ .‬و هذه الفاعلية الركية الستمحرةا الدائامحة هي كعلقة العلول بعلته ل يتأخر عنها ‪ .‬فكذلك علقة دواما‬
‫الفاعلية بيم ال و العال ‪ ،‬فهي علقة أزلية ضرورية‪. 4‬‬
‫و ردا عليه أقول ‪ :‬أول إن موقفه من دواما الفاعلية ف أفعال ال تعال ‪ ،‬هو موقف تمالف للشرع ‪ ،‬و‬
‫رجم بالغيب ‪ ،‬و قول على ال بل علم ‪،‬و ل دليل صحيح عليه من العقل و ل من العلم ‪ .‬لن هذه‬
‫السألة يب النظر إليها انطخلقا من خلفية شرعية و عقلية صحيحة ‪ ،‬تكننا من التصيور الصحيح و‬
‫الشامل لا ‪ .‬و مفادها أنه با أن ال تعال هو الالق العظيم ‪ ،‬و الفعال لا يتريد ‪ ،‬و القادر على كل‬

‫‪ 1‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 237 :‬‬


‫‪ 2‬زعمه هذا باطل شرعا و علما ‪ ،‬و سانناقشه و نرد عليه في المبحث الثالث من هذا الفصل ‪.‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬حققه عثمان أمين ‪ ،‬مكتبة البابي الحلبي ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1958 ،‬ص‪. 130 ، 32 :‬‬
‫‪ 4‬أنظر ‪ :‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪ . 130 ، 32 ، 126 ، 125 ،124 :‬و تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪ . 56 :‬و ابن تيمية ‪ :‬درء‬
‫التعارض ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪ . 20 :‬و إماما عبد الفتاحا إماما ‪ :‬مدخل إلى الميتافيزيقا ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬مصر ‪ ،‬نهضة مصر ‪ ، 2005 ،‬ص‪. 123 ،122 :‬‬
‫و زينب عفيفي‪ :‬فلسفة ابن رشد الطبيعية ‪ ،‬دار الثقافة ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ذ ‪ ،993‬ص‪. 80 :‬‬
‫شيء ‪ ،‬فإن أفعاله تمطخلقة ‪ ،‬و ل يصح أبدا إخضاعها لية ضرورةا ‪ ،‬ما يعن أن ما ذهب إليه ابن رشد‬
‫يفتقد إل الرضية الشرعية و العقلية الصحيحة ‪.‬‬
‫لكننا مع ذلك سنناقش السألة بالتفصيل ‪ ،‬و نفتحض جلة احتمحالت ‪ ،‬من بينها ما ذهب إليه ابن‬
‫رشد ‪ ،‬لنزجيد السألة وضوحا و تريرا ‪،‬و تنبييم الطخأ من الصواب فيها ‪ ،‬بول ال تعال ‪ .‬فنقول ‪ :‬إن‬
‫أفعال ال تعال يكن تصيورها و افتحاضها انطخلقا من جلة احتمحالت مكنة ‪ .‬منها إن أفعاله سبحانه‬
‫دائامحة الفاعلية ‪،‬و أزلية بالضرورةا و الضطخرار من دون اختيار منه ‪ .‬و ثآانيها إنه سبحانه أختار أن تكون‬
‫أفعاله دائامحة الفاعلية ‪،‬و ملوقاته أزلية بناء على دواما أفعاله ‪ ،‬منذ الزل إل البد ‪ .‬و ثآالثها إنه سبحانه‬
‫و تعال أختار أن ل يلق شيئِّا منذ الزل إل البد ‪ ،‬مع قدرته على الفعل و اللق ‪ .‬و رابعها أنه‬
‫سبحانه أختار أن يلق ث يتوقف عن اللق ‪ ،‬ث يعود إليه دوريا منذ الزل ‪،‬و هو إل البد على هذه‬
‫الطخريقة ‪ .‬و خامسها إنه سبحانه أختار أن يلق بانقطخاع تمتتابع ‪ ،‬له بداية و له ناية ‪ ،‬بعن أن أفعاله‬
‫لا أول ‪ ،‬و لكن هذا العال ليس هو أول ملوقاته ‪ .‬و آخرها‪-‬أي السادس – هو أنه تعال كان متوقفا‬
‫عن اللق ‪ ،‬ث شاء أن يلق بإرادته ‪ ،‬فخلق هذا العال ‪ ،‬و كان أول ملوق خلقه‪.‬‬
‫هذه طائافة من الحتمحالت المحكنة التعلقة بأفعال ال تعال ‪ ،‬علينا أن نتبها لعرفة الحتمحال‬
‫الصحيح الذي اختاره ال تعال ف خلقه لخلوقاته‪ .‬فبالنسبة للحتمحال الول – الذي قال به ابن‬
‫رشد‪ -‬فهو ل يصح ف جنب ال تعال ‪ ،‬لن النصوصا الشرعية ذكرت خلف ما زعمحه ابن رشد ‪ ،‬و‬
‫صت على أن ال تعال فعال لا يريد ‪ ،‬و أنه خلق العال بإرادته الطخلقة ‪ ،‬من دون ضرورةا و ل اضطخرار‬ ‫ني‬
‫‪ ،‬خلقه بعد أن ل يكن ‪ ،‬و النصوصا الشرعية الت تتثبت ذلك كثيةا جدا ‪،‬و معروفة العامة و‬
‫الاصة‪. 1‬و أما عقل فإن ما ادعاه ابن رشد هو أمر تمستهجن و تمستبعد و مرفوض ‪ ،‬بأن تيوصف ال‬
‫بذلك ‪ .‬لنه ل يصح ول تيعقل أن يكون الله الالق العظيم ‪ ،‬خاضع للضرورةا و الكراه !! ‪ .‬كمحا أنه‬
‫ليس لبن رشد دليل عقلي تيرجح به الحتمحال الذي قال به على الحتمحالت الكثيةا الت يكن‬
‫افتحاضها ‪ ،‬كالت سبق ذكرها ‪ .‬و العلم الديث أثآبت بطخلن دعوى ابن رشد بأزلية العال ‪ ،‬فقد ثآتبت‬
‫علمحيا أن العال ملوق ‪ ،‬و ليس أزليا‪ . 2‬و عليه فإن دعوى ابن رشد دواما الفاعلية بناء على الضرورةا و‬
‫الضطخرار باطلة تمالفة للشرع و العقل و العلم ‪.‬‬
‫و أما الحتمحال الثان فهو احتمحال مكن ‪ ،‬و جائازج ف حق ال تعال ‪ ،‬لكنه ل يصح فيمحا يتعلق‬
‫بأزلية العال ‪ ،‬لن كل من الشرع و العلم يشهدان بأن العال ملوق ليس أزليا ‪ ،‬و له ناية مددةا ينتهي‬
‫عندها يوما القيامة ‪ .‬و هذا أمر معروف من دين السلما بالضرورةا ‪،‬و العلم الديث قال بإمكانيتها ‪،‬و‬
‫قد تنبأ بعض العلمحاء بكيفيتها‪. 3‬‬

‫‪ 1‬سانذكر بعضها في المبحث الثالث من هذا الفصل ‪ ،‬إن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫‪ 2‬سانتناول ذلك بالتفصيل في المبحث الثالث من هذا الفصل ‪.‬‬
‫‪ 3‬أنظر ‪ :‬عبد الحميد ساماحة ‪ :‬في أعماق الفضاء ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬دار الشروق ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1980 ،‬ص‪ 84 :‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫و أما الحتمحال الثالث ‪ ،‬فهو مكن نظريا ‪،‬و ل يصح عمحليا ‪ ،‬لن وجود العال الذي نعيش فيه شاهد‬
‫على عدما صحته ‪ .‬و أما الحتمحال الرابع فهو تمكن أيضا ‪ ،‬و وارد ف حق ال تعال ‪ ،‬و قد أخبنا‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫سبحانه أنه قبل خلقه للعال كان قد خلق العرش ‪ ،‬ف قوله ‪ )) :‬دوتهدو الذي دخدلق اللسدمحادوات دوالدأر د‬
‫ض‬
‫تف تستلتة أدليامما دودكادن دعأرتشهت دعدلى الأدمحاء ((‪-‬سورةا هود ‪ ، - 7 :‬لكن هذا ليس دليل قطخعيا على أن أفعال‬
‫ال تعال ف اللق ليس لا أيول ‪ ،‬و إنا يدل على أنه سبحانه كانت له ملوقات قبل خلقه للعال ‪ .‬و ل‬
‫أعثر ف الشرع على دليل صحيح ينص صراحة على أن أفعال ال ف عمحلية اللق ل أول لا ‪ ،‬و إنا هو‬
‫أمر جائازج نظريا بكم أزلية ال تعال و أنه فعال لا يريد ‪.‬‬
‫و أما الحتمحال الامس ‪ ،‬فهو مكن أيضا ‪ ،‬و جائازج ف حق ال تعال ‪ ،‬لنه سبحانه فعال لا‬
‫يريد ‪،‬و خلق لا يشاء ‪ ،‬و يشهد لذلك أن ال تعال قبل خلقه للعال خلق العرش ‪ ،‬و قبل خلقه‬
‫للنسان كان قد خلق الرض و هيأه لا بياتا و حيواناتا و كنوزها ‪ .‬لكننا ل نستطخيع أن نزجما بأن‬
‫ال ل يلق شيئِّا قبل خلقه للعرش‪،‬و بعن آخر ل نستطخيع أن نزجما بأن أفعال ال لا أول تمدد ‪ ،‬لنن‬
‫ل أعثر على دليل شرعي صحيح تيؤكد ذلك ‪،‬و ل أعثر فيه أيضا على دليل قطخعي ينفي ذلك ‪،‬‬
‫فالوضوع يبقى مفتوحا من الهتيم ‪.‬‬
‫و أما آخرها‪-‬و هو الحتمحال السادس‪ -‬فهو مكن أيضا ‪ ،‬و جائازج ف حق ال تعال ‪ ،‬بكم أنه‬
‫سبحانه فعال لا يريد ‪،‬و على كل شيء قدير ‪ ،‬لكنه ل يصح واقعيا ‪ ،‬لن ال أخبنا أن هذا العال ليس‬
‫هو أول ملوقاته ‪ ،‬فقد خلق قبله العرش و الاء ‪.‬‬
‫لكن المر الذي نؤكد عليه –من خلل هذه الحتمحالت – أن الرأي الذي قال به ابن رشد ل‬
‫يصح شرعا و ل عقل و ل علمحا ‪ .‬علمحا بأن القول بإمكانية دواما الفاعلية –أي حوادثَ ل أول لا‪ -‬ل‬
‫يستلزجما القول بالضرورةا و الزلية على رأي ابن رشد ‪ ،‬لنه لو أثآبت ل صفت الرادةا و الختيار ‪ ،‬ما‬
‫قال بذلك الزجعم الباطل ‪.‬‬
‫و ثآانيا إنه أخطخأ ف تصيور العلقة بيم العال و ال تعال ‪ ،‬فجعلها كعلقة العلول بعلته ‪ ،‬و هذا‬
‫خطخأ بييم وقع فيه ابن رشد ‪ .‬لن العلقة القيقية ليست معلول بعلته ‪،‬و إنا هي علقة ملوق بالقه ‪.‬‬
‫و هذه العلقة تقوما على أساس العلقة بيم الالق الكامل الزل الطخلق الرادةا ‪،‬و بيم الخلوق الناقص‬
‫ت‬
‫الفقي إل غيه ‪ ،‬فهي علقة بيم الالق و الخلوق و بيم الزلية و الدوثَ ‪ .‬فالخلوق ف القيقة ليس‬
‫مرد معلول لالقه ‪،‬و إنا هو ملوق له من العدما ‪ .‬علمحا بأن علقة العلة بالعلول ‪،‬و العلول بعلته ‪ ،‬ل‬
‫يصح استخدامها ف بيم الالق و الخلوق ‪،‬و إنا يصح استخدامها ف تفسي علقة الخلوقات فيمحا‬
‫بينها ‪،‬و تأثآي بعضها ف بعض ‪ ،‬بناء على قانون العلية الذي يكم عال الخلوقات ‪ ،‬فالعلول له‬
‫علة ‪،‬و العلة هي معلولة لعلة أخرى ‪ ،‬و هكذا ‪ .‬و هنا يتبيم خطخأ ابن رشد الفاحش عندما أخضع‬
‫الالق و الخلوق لعال السببية ؛ فجعل العلقة بينهمحا كعلقة العلة بالعلول ‪،‬و العلول بعلته ‪ ،‬بناء على‬
‫نفيه لصفات الكمحال الت يتصف با الالق العظيم ‪ ،‬حت أنه نفى عنه صفت الرادةا و الختيار ‪ ،‬ف‬
‫علقته بالعال ‪،‬و جعلها علقة ضرورةا و اضطخرار ‪ ،‬ل إرادةا و اختيار !! ‪.‬‬
‫و ثآانيا إنه جعل العلقة بيم الالق و العال علقة تمدترك بتدحلرك ‪ ،‬بواسطخة حركة الحرك الذي ل‬
‫ت‬
‫يتحرك –أي ال تعال‪ -‬الذي حيرك العال الزل ‪ .‬و قوله هذا هو زعم باطل ل يصح شرعا و ل علمحا‬
‫‪ .‬فأما شرعا فإن النصوصا الشرعية نصت صراحة على أن ال تعال خلق العال بعد أن ل يكن ‪ ،‬و أنه‬
‫تت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫ض تف ستلة أدليامما دودكادن دعأرتشهت‬
‫خلقه و ليس حيركه ‪ ،‬كقوله تعال ‪ )) :‬دوتهدو الذي دخدلق اللسدمحادوات دوالدأر د‬
‫دعدلى الأدمحاء ((‪-‬سورةا هود ‪ . - 7 :‬و أما علمحا فإن العلم الديث أثآبت بأدلة كثيةا أن العال ليس أزليا‬
‫‪،‬و أنه ل يكن موجودا قبل نو ‪ 20‬مليار سنة ‪،‬و أنه تخلق خلقا بادته و مكانه ‪،‬و زمانه و حركته‪. 1‬‬
‫و رابعا إنه‪ -‬أي ابن رشد‪ -‬مع ثآبوت قوله بدواما الفاعلية‪-‬حوادثَ ل أول لا‪ -‬القائامحة على الضرورةا و‬
‫الضطخرار ‪ ،‬فإن له أقوال ل تيصيرح فيها بتلك القولة ‪،‬و صيرح بلفها ‪ ،‬ربا ماولة منه لتخفيف مالفته‬
‫للشرع ‪،‬و معارضة علمحاء الشريعة له ‪ ،‬سعيا للتقريب بينهم و بيم الفلسفة الشائايم القائاليم بقولته ‪.‬‬
‫فمحن ذلك أنه قال ‪ :‬إن الفلسفة – و الشاؤون خاصة‪ -‬تييوزون القول بوادثَ ل أول له ‪ ،‬ما داما‬
‫الفاعل‪-‬أي ال‪ -‬باقيا ل أول لوجوده و ل آخر ‪ ،‬شريطخة وجود الادةا الزلية تمسبقا ‪ .‬و قالوا أيضا ‪ :‬إن‬
‫أفعال ال صادرةا عنه بإرادةا منه ل بالضرورةا الطخبيعية ‪ .‬و قالوا أيضا ‪،‬و منهم أرسطخو ‪ :‬إن ال مريد تمتار‬
‫‪ ،‬فعله صادر من غي ضرورةا‪. 2‬‬
‫تلك القوال ذكرها ابن رشد تعبيا عن رأيه و مواقف أصحابه الفلسفة الشائايم ‪ ،‬و قد دافع عنها و‬
‫انتصر لا ‪ ،‬ردا على أب حامد الغزجال الذي ذكر أن هؤلء‪ -‬أي الفلسفة‪ -‬نفوا الرادةا عن ال ‪،‬و قالوا‬
‫بالضرورةا ف أفعال ال تعال ‪ ،‬فهل كان ابن رشد متناقضا مع نفسه ؟ ‪.‬‬
‫و أقول ‪ :‬إن أقواله هذه ل تتعب عن الوقف القيقي لبن رشد و أصحابه ‪ ،‬من مسألة دواما الفاعلية‬
‫الت هل هي قائامحة على الضرورةا و الضطخرار ‪ ،‬أما قائامحة على الختيار و المكان ؟ ‪ .‬بدليل الشاهديين‬
‫التييم ‪ :‬أولمحا إنه سبق أن ذكرنا أن ابن رشد ذكر صراحة ف كتابه تلخيص ما بعد الطخبيعة ‪ ،‬أن العال‬
‫أزل بناء على دواما الفاعلية القائامحة على الضرورةا و الضطخرار ‪ ،‬و ليست قائامحة على أساس الرادةا و‬
‫الختيار ‪،‬و الواز و المكان ‪.‬‬
‫و الشاهد الثان هو أن ابن رشد نفسه ذكر ف كتابه تافت التهافت خلف ما نقلناه عنه من نفس‬
‫الكتاب ‪ .‬فذكر أن الفلسفة – و وافقهم على رأيهم‪ -‬أنم قالوا ‪ :‬إن العال قدي‪-‬أي أزل‪ -‬قائام على‬
‫مبدأ حوادثَ ل أول لا ‪ ،‬على أساس الوجوب و اللزجاما ‪ ،‬لن البهان لا )) أداهم إل أن ههنا مبدأ‬
‫تمركا أزليا ليس لوجوده ابتداء و ل انتهاء ‪،‬و أن فعله يب أن يكون غي متحاخ عن وجوده ‪ ،‬لتزجما أن ل‬

‫‪ 1‬سانتوساع في ذلك ‪ ،‬و نوثثقه لحقا ‪ ،‬إن شاء ا تعالى ‪.‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬تهافت الفلسافة ‪ ،‬ص‪. 283 ،127 ،76 ،75 :‬‬
‫يكون لفعله مبدأ كالال ف وجوده ‪ ،‬و إل كان فعله مكنا ل ضروريا ‪ ،‬فلم يكن مبدأ أول ‪ .‬فيلزجما أن‬
‫تكون أفعال الفاعل الذي ل مبدأ لوجوده ليس لا مبدأ ((‪. 1‬‬
‫فهذا النص دليل دامغ على تناقض أقوال ابن رشد‪ ،‬فيمحا بينها من جهة‪،‬و على أنه تيؤكد ما قلناه‬
‫سابقا من أن ابن رشد و أصحابه تينكرون فعل إرادةا ال و اختياره ف خلقه للعال ‪،‬و يقولون بأزلية‬
‫العال القائامحة على حوادثَ ل أول لا بالضرورةا و الضطخرار من جهة ثآانية ‪.‬‬
‫و أما تبيره العقلي الذي ذكره –دعمحا لوقفه‪ -‬فهو ل يصح ‪ ،‬لن اتصاف ال تعال بدواما الفاعلية‬
‫شيء ‪،‬و تعلق أفعاله باللق الفعلي شيء آخر ‪ .‬فهو سبحانه صفاته أزلية فعال لا يريد ‪ ،‬يلق مت شاء‬
‫‪،‬و كيفمحا يشاء ‪ ،‬لكن تعلق فعله باللق ليس ضروريا ف حقه سبحانه ‪ ،‬و إنا هو جائازج و مكن تمتعلق‬
‫بإرادةا ال و مشيئِّته ‪ .‬و هذه صفة كمحال ل نقص ‪ ،‬و دليل على أنه سبحانه خالق عظيم أزل تمتار ‪،‬‬
‫فعال لا يريد على كل شيء قدير ‪.‬‬
‫و هو أراد أن تيوهنا عندما ادعى أن القول بواز تعلق أفعال ال باللق يعن أنه تعال ليس مبدأ‬
‫أول ‪ .‬فهذا تغليط و تلبيس على القراء ‪ ،‬لن ال تعال با أنه فعال لا يريد ‪ ،‬فجائازج ف حقه أن تكون‬
‫أفعاله ل أول لا بإرادته ‪،‬و جائازج أيضا أن يكون لل أول بإرادته و اختياره ‪ .‬فهو على الحتمحاليم يبقى‬
‫الله الالق الزل العظيم الفعال لا يتريد ‪ ،‬و هذا أمر سبق أن بيناه ف الحتمحالت الستة الت شرحناها‬
‫آنفا ‪.‬‬
‫و واضح أيضا أن أقوال ابن رشد كانت متناقضة ف كتابه تافت التهافت ‪ ،‬فمحرةا يقول‪ :‬إن‬
‫الفلسفة تييوزون القول بدواما الفاعلية على شريطخة القول بقدما الادةا ‪.‬و مرةا يقول ‪ :‬إنم يقولون فعل‬
‫بأن ال تمريد تمتار ‪،‬و أفعاله ليست خاضعة للضرورةا ‪ .‬و مرةا يقول‪ :‬إنم قالوا بقدما العال بناء على دواما‬
‫الفاعلية القائامحة على الضرورةا و الوجوب و اللزجوما ف أفعال ال تعال ‪.‬و كان ف كل موقف يذكره تيظهر‬
‫تأييده و دفاعه و انتصاره له ‪ .‬فهو هنا تمتناقض مع نفسه ف هذا الكتاب الذي رد به على أب حامد‬
‫الغزجال‪ ،‬لذا فإنه إذا أردنا معرفة موقفه القيقي من هذه السألة فيجب الرجوع إل كتبه الفلسفية الاصة‬
‫الت ساها كتب أهل البهان الت أظإهر فيها تأويلته و شطخحاته ‪،‬و هذا أمر أشار إليه هو بنفسه‬
‫بصراحة ف كتابه فصل القال ‪ .‬فهذا النوع من كتبه ضروري لعرفة آرائاه القيقة الت أخفاها ف كتبه‬
‫العامة ‪ ،‬أو كان فيها مزجدوج الطخاب ‪ .‬و منها كتابه تلخيص ما بعد الطخبيعة ‪ ،‬ذكر فيه صراحة أن العال‬
‫أزل و أن أفعال ال حوادثَ ل أول لا بالضرورةا و الضطخرار‪، 2‬و با أن هذا الرأي ذكره أيضا ف كتابه‬
‫التهافت ضمحن الراء الخالفة له ‪ ،‬فإن الصحيح هنا هو القول الذي يتفق مع ما قاله ف تلخيص ما‬
‫بعد الطخبيعة ‪ ،‬الذي تيعد معيارا و حكمحا بيم تعارض آرائاه الت ذكرها ف التهافت ‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬التهافت ‪ ،‬ص‪. 56 :‬‬


‫‪ 2‬سابق توثيق ذلك ‪.‬‬
‫و نن هنا نتساءل ‪ :‬هل أخطخأ أبو حامد الغزجال ف اتامه للفلسفة الشائايم بأنم ينفون الرادةا عن‬
‫ال ‪،‬و يقولون بدواما الفاعلية بالضرورةا ؟ ‪،‬و هل أصاب ابن رشد ف تكذيبه للغزجال و دفاعه عن‬
‫الفلسفة ؟ ‪ ،‬و لاذا فعل ابن رشد ذلك ؟ ‪ .‬واضح ما ذكرناه أن أبا حامد الغزجال كان تمصيبا فيمحا ذكره‬
‫عن الفلسفة ‪ ،‬و أن ابن رشد هو الخطخئ ف إنكاره ما قاله الغزجال عن الفلسفة الشائايم ‪ .‬و يبدو أنه‬
‫ت‬
‫فعل ذلك تمتعمحدا تماولة منه لخفاء موقف هؤلء الفلسفة عن عامة أهل العلم ‪ ،‬أو على القل‬
‫إحداثَ بلبلة ف موقفهم منهم ‪ ،‬دفعا للتشنيع عليهم ‪،‬و قطخعا للطخريق أماما الغزجال الذي فضحهم ‪،‬و‬
‫أظإهر تمالفتهم للشرع و العقل ف نفيهم للرادةا و قولم بالضرورةا ف أفعال ال تعال ‪ .‬و هو –أي ابن‬
‫رشد‪ -‬قد فعل ذلك باستخداما التغليط و التأويل التحريفي ‪،‬و ل تيبال بتعارض أقواله ‪ ،‬لنه كان ينطخلق‬
‫من خلفية باطنية تأويلية تقوما على ازدواجية الطخاب ‪،‬و إظإهار التناقض ‪،‬و التلعب باللفاظ ‪ ،‬من‬
‫أجل الوصول إل ما يتريده ‪ ،‬لذا ل يد حرجا ف تناقض أقواله ‪.‬‬
‫و أما موقفه العاشر من الصفات ‪ ،‬فيتعلق بصفة اللق ‪ ،‬فال تعال وصف نفسه بأنه خالق و خلق‬
‫‪،‬و يلق ما يشاء و يتار ‪،‬و أنه خلق كل شيء ‪ ،‬فهو سبحانه كثي اللق و ل حد لقدرته فيه ‪ ،‬و أنه‬
‫على كل شيء قدير ‪ ،‬كقوله سبحانه ‪ )) :‬دودخلددق تكلل دشأيمء فدـَدقلددرهت تدـَأقتديراد ((‪-‬سورةا الفرقان ‪، - 2 :‬و‬
‫ك تهدو األدللتق الأدعتليتم ((‪-‬سورةا‬
‫ك ديألتتق دما يددشاءت دوديأدتاتر ((‪-‬سورةا القصص ‪ ، - 68 :‬و )) إتلن دربل د‬ ‫))دودربم د‬
‫الجر ‪ ، - 86 :‬و ))قتتل الليهت دخالتتق تكبل دشأيمء دوتهدو الأدواتحتد الأدقلهاتر ((‪-‬سورةا الرعد ‪ ، - 16 :‬هذه‬
‫الصفة العروفة من الدين بالضرورةا ‪،‬و من العقل بالبديهة ‪ ،‬نفاها ابن رشد و حيرفها من جانبيم ‪ ،‬عندما‬
‫قال ‪)) :‬بل الق هو أن الواحد ل يصدر عنه إل واحد فقط((‪،‬و أما الوجودات الخرى فهي صادرةا‬
‫عن العقول الزلية ذات الطخبيعة اللية‪ . 1‬فبالنسبة للجانب الول هو أن ال تعال أخبنا ف كتابه أنه‬
‫خلق العال ‪ ،‬لكن ابن رشد زعم أن العال صدر عن الواحد –أي ال‪. -‬و أما الانب الثان فهو أن ال‬
‫تعال أخبنا أنه كثي اللق ‪ ،‬و يلق ما يشاء ‪ ،‬و أنه خلق كل ما ف العال ‪ ،‬من ملئاكة و جن ‪ ،‬و‬
‫من إنس و حيوانات و جادات و غيها من الخلوقات ‪ ،‬لكن ابن رشد زعم أن الواحد‪-‬أي ال‪ -‬ل‬
‫يصدر عنه إل واحد ‪،‬و جعل معه آلة شركاء له ‪ ،‬صدرت عنها الكائانات الخرى !! ‪.‬‬
‫ك ‪ ،‬و ه من غرائاب ابن رشد و عجائابه ‪ ،‬ليس له فيه دليل من الشرع و‬ ‫ك و مب م‬
‫و زعمحه هذا تمضح ب ت‬
‫ل من العقل ‪ ،‬فأما من الشرع فقد سبق بيانه ‪،‬و أما من العقل فهو زعم ليس من العقل و ل من‬
‫العلم ‪ ،‬و إنا هو ظإنون و تمحينات ‪،‬و رجم بالغيب ‪،‬و قول على ال بل علم ‪ ،‬ساير فيه سلفه أرسطخو‬
‫و أصحابه ‪ .‬فالرجل‪-‬أي ابن رشد‪ -‬ل يتحما الشرع و ل العقل ‪،‬و خاض ف موضوع ل تيكنه تصوره‬
‫تصورا علمحيا صحيحا ‪ ،‬و الكم على الشيء جزجء من تصيوره كمحا هو معروف ‪ ،‬فكيف سح لنفسه أن‬
‫يوض ف أمر ل تيكنه تصيوره و ل إدراكه ؟؟ ‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪ 77 :‬و ما بعدها ‪ ،‬و ‪. 153‬‬
‫و ال تعال هو الذي خلق العال بأسره ‪ ،‬و أوجد من الوحدةا الكثرةا ‪ ،‬فقال سبحانه ‪ )) :‬أددودلأ يدـَدر‬
‫ها دودجدعألدنا تمدن الأدمحاء تكلل دشأيمء دحبي أدفددل يـَتأؤتمتنودن ((‪-‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫الذيدن دكدفتروا أدلن اللسدمحادوات دواألدأر د‬
‫ض دكاندـَدتا درأتقاد فدـَدفتدـَأقدنا تد‬
‫سورةا النبياء ‪. - 30 :‬و هذا أمر قال به العلم الديث ف نظرية النفجار العظيم ‪ ،‬الذي أوجد الكثرةا‬
‫و النظاما من اللق الول الذي حدثَ‪ . 1‬فالكثرةا الوجودةا ف العال كلها حدثآت بسبب اللق الول‬
‫بدليل الشرع و العلم ‪،‬و أما حكاية ابن رشد حول الواحد الذي ل يصدر عنه إل واحد ‪ ،‬و القول‬
‫بالعقول الزلية التصرفة ف اللق ‪ ،‬فهي حديث خرافة ‪ ،‬من خرافات اليونان الت تبناها ابن رشد و دافع‬
‫عنها ‪،‬و خالف فيه الشرع و العقل و العلم ‪.‬‬
‫و أما موقفه الخي – و هو الادي عشر‪ ، -‬فيتعلق بوقفه من إليات الفلسفة الشائايم عامة ‪،‬و‬
‫أرسطخو خاصة ‪ ،‬و ذلك أنه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬شرحها ف مؤلفاته ‪ ،‬ودافع عنها ‪ ،‬و انتصر لا ‪ ،‬بكل ما‬
‫يستطخيع ‪ ،‬مع أنا فلسفة باطلة تافهة ‪ .‬و ل أعثر له على انتقادات صحيحة قوية تتعلق بأساسيات تلك‬
‫الليات ‪ ،‬من حيث موقف الشرع منها ‪ ،‬و مدى صحتها على ضوء العقل الصريح ‪،‬و العلم‬
‫الصحيح ‪ .‬و سأذكر على ذلك خسة شواهد ‪ :‬أولا يتعلق بال تعال و صفاته عند أرسطخو‪ ،‬فال عنده‬
‫ليس خالقا للعال ‪،‬و ل يلق و ل يفعل ‪ ،‬و العال أزل صدر بالضرورةا من غي إرادةا و ل اختيار منه ‪،‬‬
‫و هو –أي ال‪ -‬عاطل خاضع للضرورةا ‪ ،‬فل اختيار له و ل إرادةا ‪ ،‬و ل يتريد و ل يفعل شيئِّا ‪،‬و ل‬
‫يقدر على خلق شيء ‪ ،‬و ل هو على كل شيء قدير ‪ ،‬و هو يتعب و يلحقه الكلل من تصيوره‬
‫للمحعلومات‪ . 2‬ذلك هو إله أرسطخو‪ ،‬إنه إله عاجزج ‪ ،‬ل خلق له و ل إرادةا ‪ ،‬و هو تصيور تمالف‬
‫للشرع ‪،‬و للعقل البديهي الصريح ‪ ،‬لكن ابن رشد دافع عن هذا التصيور الباطل بقوةا و حاس ‪ ،‬و أيول‬
‫الشرع من أجله ‪ ،‬و انتصر له ف كتبه العامة و الاصة بختلف الوسائال التحريفية‪ ،‬و التمحويهية ‪ ،‬و‬
‫التغليطخية ‪ ،‬و السوفسطخائاية ‪.‬‬
‫و الشاهد الثان يتعلق بتصيور أرسطخو للعلقة بيم ال و العال ‪ ،‬فال عنده ليس فاعل و ل خالقا و‬
‫ل مبدعا للعال الزل ‪ ،‬و إنا هو –أي ال – علة غائاية لذا العال الزل ‪ ،‬حيركه الشوق و العشق‬
‫نوه ‪ ،‬فالعال عاشق و الله معشوق له ‪ ،‬فالعشق هو الرابط بينهمحا ‪ .‬و هذا أمر اعتحف به ابن رشد‬
‫نفسه ف كتابه تلخيص ما بعد الطخبيعة‪. 3‬‬
‫‪ 1‬سانوثق ذلك في المبحث الثالث من هذا الفصل ‪.‬‬
‫‪ 2‬ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 10‬ص‪ ، 90 :‬ج ‪ 9‬ص‪ . 293 :‬و بيان تلبيس الجهمية ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 550 :‬و مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪9‬‬
‫ص‪ . 277 :‬و الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار العاصأمة ‪ ،‬الرياض ‪ ، 1414 ،‬ج ‪ 5‬ص‪ . 27 :‬و بن قيم الجوزية ‪:‬‬
‫إغاثة اللهفان ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1975 ،‬ج ‪ 2‬ص‪ . 259 :‬و مصطفى النشار ‪ :‬نظرية المعرفة عند أرساطو ‪ ،‬ط ‪ ، 3‬القاهرة ‪،‬‬
‫دار المعارف ‪ ، 1995 ،‬ص‪ . 106 :‬و زينب الخضيري ‪ :‬أثر ابن رشد في فلسفة العصور الوساطى ‪ ،‬ص‪ . 215 :‬و زينب عفيفي ‪:‬‬
‫فلسفة ابن رشد الطبيعية ‪ ،‬ص‪ . 80 :‬و على أبو ريان ‪ :‬تاريخ الفكر الفلسفي ‪ ،‬دار المعرفة الجامعية ‪ ،‬الساكندرية ‪ ،1990 ،‬ص‪،201 :‬‬
‫‪ . 208 ،207‬و إماما عبد الفتاحا إماما ‪ :‬مدخل إلى الميتافيزيقا ‪ ،‬ص‪ . 74 :‬و أميرة مطر ‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ :‬تاريخها و مشكلتها ‪،‬‬
‫القاهرة ‪ ،‬دار قباء ‪ ، 1998 ،‬ص‪. 276 :‬‬
‫‪ 3‬ابن رش‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪ . 136 ، 127 ، 126 :‬و ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 9‬ص‪ . 290 ، 239 :‬و زينب‬
‫الخضيري ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪ . 215 :‬و إماما عبد الفتاحا إماما ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪ . 74 :‬و أبو ريان ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪ . 201‬و عبد الرحمن بيصار ‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ ،‬دار الكتاب اللبناني ‪ ،‬بيروت ‪ ،1973 ،‬ص‪ . 130 :‬و فؤاد كامل و آخرون ‪:‬‬
‫الموساوعة الفلسفية ‪ ،‬دار العلم ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬د ت ‪ ،‬ص‪. 48 :‬‬
‫ذلك التصيور الوهي الباطل الخالف للشرع و العقل و العلم ‪ ،‬انتصر له ابن رشد مع وضوح بطخلنه‬
‫ص صراحة على أنه هو الذي خلق العال من عدما بإرادته و مشيئِّته و قدرته ‪ ،‬لكن‬ ‫‪ ،‬لن ال تعال ن ي‬
‫ابن رشد تيالف ذلك و يتوافق أرسطخو على خرافته و وهه ‪ ،‬و تيدافع عنها ‪ ،‬فينفي اللق أصل ‪ ،‬و يزجعم‬
‫أن الرك للعال ليس ال بإرادته و اختياره ‪،‬و إنا العال الزل هو الذي ترك بسبب العشق ‪ ،‬عندما‬
‫عشق العال معشوقه ‪،‬و هو الله ‪ .‬فهذا زعم باطل شرعا و علمحا و عقل ‪ ،‬فأما شرعا فسبق بيانه ‪ .‬و‬
‫أما علمحا فإن العلم الديث أثآبت أن العال بأسره ملوق ‪ ،‬و من ث تسقط حكاية العال الزل الذي‬
‫عشق معشوقه !! ‪.‬و أما عقل فالمر واضح أيضا ‪ ،‬فل تيوجد دليل عقلي تيثبت تلك الرافة ‪ ،‬الت بناها‬
‫أرسطخو على الظن و التخمحيم و الوى ‪ ،‬و وافقه عليها الشاؤون من أصحابه كابن رشد الفيد ‪ ،‬الذين‬
‫س دولددقأد دجاءتهم بمن لرببتتم األتددى((‪-‬‬ ‫ت ت تل ل‬
‫يصدق عليهم قوله تعال ‪ )) :‬إن يدـَتلبتعودن إل الظلن دودما تدـَأهدوى اأ دلنتف ت‬
‫سورةا النجم ‪. - 23 :‬‬
‫و أما الشاهد الثالث فيتضمحن نوذجا من تدفعات ابن رشد عن أرسطخو و أصحابه ف موقفهم من‬
‫الصفات اللية ‪ ،‬بطخريقة فيها تريف و تلعب ‪،‬و تضليل و تغليط ‪ ،‬و انتصار لم بالباطل ‪ ،‬فمحن‬
‫ذلك أنه قال ‪ :‬إن أرسطخو و أصحابه أثآبتوا ل الرادةا و الختيار و الشيئِّة ‪،‬و أنه فاعل للعال‪ ،‬صدر‬
‫عنه بإرادةا ل عن ضرورةا طبيعية‪. 1‬‬
‫و زعمحه هذا غي صحيح ‪ ،‬لن الثابت عن أرسطخو و أصحابه أن ال عندهم ليس خالقا للعال ‪،‬و ل‬
‫إرادةا له و ل اختيار ف إياده لنه أزل ترك ضرورةا ‪ ،‬كتحريك العشوق لعاشقه ‪،‬و هذا و غيه سبق‬
‫بيانه و توثآيقه ‪ ،‬فلمحاذا هذا التحريف و التغليط ؟ ! ‪ .‬و ذكر الشيخ ابن تيمحية أن ابن رشد يتعصب‬
‫للفلسفة ‪،‬و حكايته عنهم أنم يقولون ‪ :‬إن ال مريد ‪ ،‬كحكايته عنهم أنم يقولون ‪ :‬إن ال عال‬
‫بالخلوقات ‪ ،‬و )) ل ريب أن كلها قول طائافة منهم ‪،‬و أما نقل ذلك عن جلتهم أو الشائايم جلة‬
‫فغلط ظإاهر((‪. 2‬‬
‫و أما الشاهد الرابع فيتعلق بصفة العلم ‪ ،‬فعندما ذكر حجة السلما أبو حامد الغزجال أن الفلسفة‬
‫قالوا ‪ :‬إن ال يعلم الكليات و ل يعلم الزجئايات أنكر عليه ابن رشد قوله هذا ‪ ،‬و أكد على أن‬
‫الفلسفة‪-‬أرسطخو و أصحابه‪ -‬أثآبتوا صفة العلم ل ‪،‬و قالوا ‪ :‬إنه –أي ال‪ -‬يعقل غيه من ذاته ‪ .‬و‬
‫أصولم الفلسفية تقتضي إثآبات العلم الشامل ل بكلياته و جزجئاياته‪. 3‬‬
‫ذلك هو رد ابن رشد على ما حكاه الغزجال عن الفلسفة ف موقفهم من صفة العلم ‪ ،‬فهل يصح‬
‫قول ابن رشد ف أن الفلسفة قالوا بأن ال يعلم غيه ؟ ‪ .‬إن قوله هذا غي ثآابت و ل يصح ‪ ،‬بدليل ما‬
‫ذكره أهل العلم من موقف أرسطخو و أصحابه من صفة العلم ف حق ال تعال ‪ .‬و سأذكر منهم‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 283 ، 132 ، 127 :‬‬


‫‪ 2‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 10‬ص‪. 143 :‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪ . 375 ، 287 ، 236 ، 167 ،127 :‬و فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 103 ، 102 :‬‬
‫سبعة ‪ ،‬أولم الشيخ تقي الدين بن تيمحية ‪ ،‬إنه ذكر –ف مواضع عديدةا من كتبه‪ -‬أن ال عند أرسطخو و‬
‫أصحابه ل يعلم غيه ‪،‬و ليس له علم بالشياء مطخلقا ‪ ،‬و ل علم له على القيقة ‪،‬و لو علم بخلوقاته‬
‫لتعب ‪،‬و عدما علمحه با أفضل من علمحه با‪. 1‬‬
‫و انتقد ابن تيمحية ما ذكره ابن رشد عن موقف أرسطخو و أصحابه من صفة العلم ‪،‬و عيد ذلك‬
‫تعصبا جسيمحا منه لؤلء ‪،‬و عمحل سيئِّا ف نقل أقوال الناس ‪ .‬و ذكر أن الفيلسوف أبا البكات‬
‫البغدادي ) ق‪6 :‬ه ( أورد ف كتابه العتب ف الكمحة قول أرسطخو بأن ال ل يعلم إل ذاته ‪ .‬ث قال ابن‬
‫تيمحية ‪ )) :‬و ابن رشد تيعظم أرسطخو إل الغاية ‪ ،‬و هو من أعظم الفلسفة عنده ‪ ،‬فكيف ينفي ذلك‬
‫عنهم ؟ (( ‪ .‬و قال أيضا ‪ :‬إن ابن رشد يتعصب للفلسفة ‪ ،‬فحكايته عنهم أنم بقولون ‪ : :‬إن ال‬
‫مريد ‪ ،‬كحكايته عنهم أنم يقولون ‪ :‬إن ال عال بالخلوقات ‪ ،‬و )) ل ريب أن كلها قول طائافة‬
‫منهم ‪،‬و أما نقل ذلك عن جلتهم أو الشائايم جلة فغلط ظإاهر((‪. 2‬‬
‫و الثان هو القق ابن قيم الوزية ‪ ،‬ذكر أن ال عند أرسطخو و أصحابه الشائايم ‪ ،‬ل صفة ثآبوتية تقوما‬
‫به ‪ ،‬فهو )) ل يعلم شيئِّا من الوجودات أصل ‪ ،‬و ل يعلم عدد الفلك ‪ ،‬و ل شيئِّا من‬
‫الغيبات ((‪. 3‬‬
‫و الثالث هو الباحث ممحد علي أبو ريان ‪ ،‬ذكر أن ال عند أرسطخو ل يعلم شيئِّا عن العال و غافل‬
‫عنه‪ . 4‬و الباحث الرابع هو فتح ال خليف ‪ ،‬ذكر أن موقف أرسطخو من علم ال يتمحثل ف أن ال‬
‫)) اتد فيه العاقل و العقول ‪ ،‬فمحعقوله هو ذاته ‪،‬و ل شيء غي ذاته ‪،‬و بذلك فإن ال يهل تاما كل‬
‫ما عداه ‪ ،‬أي يهل العال ((‪. 5‬‬
‫‪6‬‬
‫و الامس هو الباحث مصطخفى النشار ‪ ،‬ذكر أن ال عند أرسطخو هو عقل خالص ل يعقل إل ذاته‬
‫‪ .‬و أما السادس فهي الباحثة أميةا حلمحي مطخر ‪ ،‬ذكرت أن أرسطخو كان واضحا ف موقفه من صفة‬
‫العلم ‪ ،‬ففرض احتمحاليم ‪ :‬معرفة ال بذاته ‪،‬و أو معرفته بالشياء ‪ ،‬فاختار الول و برره بأن ال إذا عقل‬
‫غيه ‪ ،‬إما )) أن يظل كمحا هو أو يتغي ‪ ،‬و ما هو معيرض للتغي ل يصلح موضوعا لذا العقل ‪ ،‬لنه‬
‫سوف تيسبب له عدما استمحرار التعقل ‪ . ،‬و ل يوز للعقل اللي أن ينفعل با هو ناقص ‪ ،‬لن هناك‬
‫من الشياء ما يكون من الفضل لنا أل نراها ‪ ،‬لذلك فإن العقل اللي ل يعقل إل ذاته ‪ ،‬لنا أكمحل‬
‫الشياء ‪ ،‬و تعقله لذاته هو اتصال مباشر ‪ ،‬أو حدس ل استدلل ‪ ،‬ينتقل العقل فيه من مقدمة إل‬

‫‪ 1‬ابن تيمية ‪ :‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 12‬ص‪ ، 154 :‬و ج ‪ 18‬ص‪ . 230 :‬و درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 8‬ص‪ ، 290 :‬ج ‪ 9‬ص ‪ ، 415 :‬ج ‪10‬‬
‫ص‪ . 401 ، 90 :‬و الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ . 353 :‬و الصفدية ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 219 :‬‬
‫‪ 2‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 10‬ص‪. 143 :‬‬
‫‪ 3‬ابن قيم الجوزية ‪ :‬إغاثة اللهفان ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 261 ، 260 :‬‬
‫‪ 4‬علي أبو ريان ‪ :‬تاريخ الفكر الفلسفي ‪ ،‬ص‪. 208 ، 207 ، 191 :‬‬
‫‪ 5‬مراد وهبة ‪،‬و منى أبو ساتة ‪ :‬ابن رشد و التنوير ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الثقافة الجديدة ‪ ،‬القاهرة ‪ 1998 ،‬ص‪. 154 :‬‬
‫‪ 6‬مصطفى النشار ‪ :‬مدخل لقراءة الفكر الفلسفي عند اليونان ‪ ،‬دار قباء ‪ ،‬مصر ‪ ، 1998 ،‬ص‪. 115 :‬‬
‫نتائاج ‪ .‬فهو بناء على ذلك عقل ‪ ،‬و عاقل ‪ ،‬و معقول ف آن واحد ‪ .‬و هذا التعقل الدائام يهبه أسى‬
‫أنواع السعادةا ‪ ،‬فهو ف سعادةا ل يصل إليها إل أحيانا نادرةا ((‪. 1‬‬
‫و أقول ‪ :‬إن ما نقلته الباحثة عن موقف أرسطخو من صفة العلم هو دليل دامغ على أن أرسطخو كان‬
‫ينفي علم ال بغيه خلف ما زعمحه ابن رشد‪ .‬لكن تبيرات أرسطخو ف زعمحه بأن ال ل يعلم إل ذاته ‪،‬‬
‫هي تبيرات ظإنية باطلة ‪ ،‬شرعا و عقل ‪ ،‬فأما شرعا فإن النصوصا الشرعية كثيةا جدا ف أن ال تعال‬
‫عال الغيب و الشهادةا ‪،‬و أنه يعلم خائانة العيم و ما تفي الصدور ‪،‬و يعلم السر و أخفى ‪ ،‬كقوله‬
‫ب ((‪ -‬سورةا التوبة ‪ ، - 78 :‬و‬ ‫تعال ‪)) :‬أددل يـَأعلدمحواأ أدلن الليهد يـَأعلدم تسلرتهم ودأنواتهم وأدلن الليهد دعللما الأغتيو ت‬
‫ت ت‬ ‫د ت أد د أد‬ ‫أد ت‬
‫))دوتإن دأتدهأر تبالأدقأوتل فدتإنلهت يدـَأعلدتم البسلر دوأدأخدفى ((‪ -‬سورةا طه ‪. - 7 :‬‬
‫و أما عقل فإن أرسطخو قاس الالق بالخلوق ‪ ،‬و زعم أن علمحه بغيه تيسبب له )) عدما استمحرا‬
‫التعقل (( ‪،‬و هذا كلما باطل ‪ ،‬يدل على فساد تصيور أرسطخو ل تعال ‪ ،‬فجعله كالنسان تتلط عليه‬
‫التعقلت ‪ ،‬و هذا زعم باطل ‪ ،‬لن ال تعال )) ليس كمحثله شيء و هو السمحيع البصي (( ‪-‬سورةا‬
‫النحل‪، (( -74:‬و )) ل يكن له كفوا أحد (( ‪ ،‬و صفاته سبحانه‪ -‬و منها علمحه‪ -‬كلها كمحال ل‬
‫نقص فيها ‪.‬‬
‫و علمحه تعال بذاته فقط نقص ‪ ،‬و علمحه بغيه فقط نقص أيضا ‪ ،‬و الكمحال الطخلق هو علمحه تعال‬
‫بذاته و بغيه ‪،‬و هذا هو الذي يقول الشرع الصحيح ‪،‬و العقل الصريح ‪ .‬و أما زعمحه بأن تعقل ال‬
‫لذاته )) يهبه أسى أنواع السعادةا ‪ ،‬فهو ف سعادةا ل يصل إليها غل أحيانا نادرةا (( ‪ ،‬فهذا كلما بل‬
‫علم ‪،‬و رجم بالغيب ‪،‬و حديث خرافة من خرفات أرسطخو ‪ ،‬و تمثي للضحك و الستغراب معا ‪،‬‬
‫فكيف سح لنفسه أن يوض ف غيب ل يكن أن تيدركه ؟ ‪ ،‬و من أين له ذلك الظن و الوهم و‬
‫الزجعم ؟ ‪ ،‬إن ذلك المر ل يكن معرفته إل عن طريق الوحي ‪ ،‬فهل كان أرسطخو نبيا ؟ ‪ ،‬إنه ل يكن‬
‫نبيا ‪ ،‬لكنه كان تمتبعا لظنه و هواه ‪ ،‬و هو من الذين يصدق غليهم قوله تعال ‪ )) :‬إتن يدـَتلبتتعودن إتلل الظللن‬
‫س ((‪-‬سورةا النجم ‪. - 23 :‬‬ ‫دودما تدـَأهدوى ا أ دلنتف ت‬
‫و أما آخرهم – أي السابع‪ ، -‬فهو الفيلسوف ابن رشد الفيد يرد على نفسه بنفسه ‪ ،‬فقد ذكر ف‬
‫ص صراحة على أن الواحد‪-‬‬ ‫كتابه تلخيص ما بعد الطخبيعة لرسطخو ‪ ،‬خلف ما نقلناه عنه سابقا ‪ ،‬فن ي‬
‫أي ال‪ -‬ل )) يعقل إل شيئِّا واحدا بسيطخا ‪ ،‬و هو ذاته ‪،‬و ل يكن فيه أن يعقل كثرةا ما ‪ ،‬ل ف ذاته‬
‫و ل خارجة عن ذاته ((‪. 2‬و قوله هذا هو تعبي عن رأيه هو و رأي سلفه أرسطخو ‪ ،‬و هو نقض لا‬
‫نقلناه عنه آنفا ‪ .‬فلمحاذا هذا التناقض ‪،‬و الزدواجية ف الطخاب ؟ ! ‪ ،‬ففي كتابيه الكشف عن مناهج‬
‫الدلة ‪،‬و تافت التهافت ‪ ،‬اللذين وجههمحا لمحهور السلمحيم ‪ ،‬نفى أن يكون الفلسفة نفوا صفة العلم‬

‫‪ 1‬أميرة حلمي مطر ‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ ،‬ص‪. 275-274 :‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪. 148 :‬‬
‫‪،‬و أنكر على الغزجال و خيطخأه فيمحا حكاه عنهم ‪ .‬لكنه ف كتابه تلخيص ما بعد الطخبيعة ناقض نفسه ‪،‬و‬
‫كشف عن حقيقة موقفه و موقف أرسطخو و أصحابه من صفة العلم ‪ ،‬و أكد ما قاله أهل العلم الذين‬
‫ذكرناهم قبله ‪ ،‬من أن ال عند أرسطخو و الشائايم ‪ ،‬ل يعلم إل ذاته ‪ .‬فعجبا من ابن رشد ‪،‬و ما فعله‬
‫ف نفسه !! ‪ ،‬فلمحاذا هذا التغليط و التدليس و التحريف ؟ ؟ ‪ ،‬لاذا ل يكن صريا مع نفسه و مع‬
‫الناس ؟ ! ‪ ،‬إن سلوكه هذا مارسه كثيا ف مصنفاته ‪،‬و هو ل يليق بالصادقيم من أهل العلم و‬
‫اليان ‪،‬و ل هو من شيمحة الحرار الشجعان ‪.‬‬
‫و أما الشاهد الخي –و هو الامس‪ -‬فيتعلق بانتصار ابن رشد لوقف أرسطخو و الشائايم ف‬
‫موقفهم من العقول و الجراما السمحاوية ‪ ،‬إنه اعتن بوقفهم منها ‪ ،‬شرحا و دفاعا ‪ ،‬انتصارا و تبنياد ‪،‬‬
‫مع تخطخورته و مالفته للشرع و العلم معا ‪ ،‬و إثآارته للضحك و الستغراب ‪ .‬فالعقول و الجراما‬
‫‪1‬‬
‫السمحاوية عند أرسطخو و أصحابه ‪ ،‬هي كائانات أزلية خالدةا ذات طبيعة إلية ‪،‬و لا دور ف تسيي العال‬
‫‪.‬‬
‫و هذا الكلما الطخي – الباطل شرعا و علمحا و عقل‪ - 2‬هو شرك صريح أقره ابن رشد ‪،‬و ل‬
‫تينكره ‪،‬و شرحه ف بعض كتبه ‪ ،‬فعندما تناوله ف كتابه تافت التهافت ل تيصيرح بأن الجراما السمحاوية‬
‫ذات طبيعة إلية ‪ ،‬لكنه ذكر بأنا أزلية و لا تصرف ف العال‪ . 3‬لكنه ف كتابه الفلسفي‪ :‬تلخيص ما‬
‫بعد الطخبيعة ‪ ،‬وصف الجراما السمحاوية بأنا )) الجراما السمحاوية اللية ((‪ . 4‬فبدل من أن تينكر على‬
‫أرسطخو زعمحه هذا ‪،‬و يرد عليه بقوةا ‪ ،‬وافقه وقال بقوله !! ‪.‬‬
‫و بذلك يتبيم أن ابن رشد –ف موقفه من إليات أرسطخو‪ -‬أنه انتصر لليات باطلة ‪ ،‬ميثلت فيها‬
‫الرافة و الظنون و الوهاما جانبا كبيا منها ‪ .‬و توضيحا للمر أكثر ‪ ،‬أذكر مواقف بعض أهل العلم من‬
‫تلك الليات ‪ ،‬لعرفة مدى جسامة خطخأ ابن رشد ف موقفه منها ‪ ،‬ث تأعيقب عليها بتعليق ختامي‬
‫عاما ‪.‬‬
‫أول فبالنسبة لهل العلم فأولم شيخ السلما تقي الدين ابن تيمحية ‪ ،‬فإنه يرى أن إليات أرسطخو‬
‫أكثرها مبن على مقدمات سوفسطخائاية ف غاية الفساد ‪ .‬و هي ناقصة جدا ‪،‬و قليلة الفائادةا ‪،‬و كثي‬
‫منها بل حجة ‪ ،‬ل تيتوصل إليها إل بتعب كبي ‪ ،‬و هي كمحا قيل ‪ :‬كمحثل لم جل )) غث على رأس‬

‫‪ 1‬أرساطو ‪ :‬مقالة الدال ‪ ،‬ضمن كتاب مدخل إلى الميتافيزيقا ‪ ،‬لماما عبد الفتاحا إماما ‪ ،‬ص‪. 356 :‬و ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪ . 146 ، 145‬و على أبو ريان ‪ :‬تاريخ الفكر الفلسفي ‪ . 203 ، 201 ،‬و أمينة مطر ‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ ،‬ص‪. 300 :‬‬
‫‪ 2‬باطل شرعا لن الشرع نص على أن ا تعالى هو خالق هذا العالم كله‪،‬و ل شريك له في خلقه و تسييره ‪ .‬و أما علما فإن العلم الحديث‬
‫أثبت بأدلة متنوعة أن العالم كله مخلوق ‪ ،‬و من ثم فإن ل الجراما أزلية ‪،‬و ل هي ذات طبيعة إلهية ‪ .‬و أما عقل فإن العقل العلمي‬
‫البديهي يحكم بأن كل ما في الكون تمسخر عاجز‪ ،‬و ل تيوجد أي دليل صأحيح على دعوى أزلية و إلهية بعض المخلوقات ‪ ،‬و هذا بدليل‬
‫الشرع و العلم أيضا ‪.‬‬
‫‪ 3‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪, 146 ،145 :‬‬
‫‪ 4‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪. 135 :‬‬
‫جبل وعر ‪ ،‬ل سهل فتيتقى ‪،‬و ل سيم فتينتقل (( ‪،‬و حظها ف معرفة ال تعال مبخوصا جدا ‪،‬و‬
‫تمعطخلة لكون ال ربا للعال ‪،‬و صاحبها‪-‬أي أرسطخو‪ -‬من أجهل الناس برب العاليم للغاية‪. 1‬‬
‫و الثان هو القق ابن قيم الوزية ‪ ،‬إنه يرى أن كلما أرسطخو ف الليات كله خطخأ من أوله إل‬
‫آخره ‪ ،‬و قد جاء با يسخر منه العقلء ‪ ،‬فادعى أن ال كان تيلحقه التعب و الكلل من تصيوره‬
‫للمحعلومات ‪،‬و أنكر أن يكون ال يعلم شيئِّا من الوجودات‪. 2‬‬
‫و آخرهم – أي الثالث‪ -‬هو الباحث ممحد علي أبو ريان ‪ ،‬إنه يرى أن إليات أرسطخو متناقضة ف‬
‫تصيورها ل تعال ‪ ،‬فهي تصفه بأنه عاطل عن الفعل ‪ ،‬فل خلق و ل قدرةا و ل اختيار و ل عناية ‪،‬‬
‫خاضع للضرورةا اللولبية ‪ .‬ث هي من جهة أخرى تصفه بأنه معشوق ‪ ،‬و له الكمحال الطخلق و الغبطخة‬
‫اللية و التأمل اللي ‪ .‬فمحذهبه هذا هو حفظ للوجود بعزجل عن ال ‪ ،‬حاول الربط بينهمحا بطخريقة‬
‫تعسفية ‪ ،‬ث )) تعود لتضفي على الوجود اللي أسى الصفات و أشرفها‪ ،‬دون أن يكون لذه الصفات‬
‫أدن تأثآي ف الخطخط الوجودي ‪ ،‬فتكون هذه الصفات مرد ألفاظ ل مدلول لا ((‪. 3‬‬
‫و ثآانيا إن بعض الفلسفة الرسطخييم الشائايم السلمحيم لا أدركوا مدى مالفة إليات أرسطخو لدين‬
‫السلما ‪ ،‬حاولوا التخفيف من التعارض الصارخ بينهمحا ف بعض السائال ‪ ،‬منهم أبو علي بن سينا ‪ ،‬إنه‬
‫ف صفة العلم ل يقل برأي سلفه أرسطخو بأن ال ل يعلم إل ذاته ‪،‬و إنا قال ‪ :‬إنه يعلم الكليات‪ . 4‬و‬
‫منهم أيضا ابن رشد نفسه ‪ ،‬فإنه قاما بذا الدور باستخدامه للتأويل التحريفي ‪ ،‬و قد ذكرنا على ذلك‬
‫أمثلة كثيةا ‪ ،‬و نورد هنا مثال تمعبا ل يسبق ذكره ‪،‬و مفاده أن الباحث الغرب طه عبد الرحن ذكر أن‬
‫ابن رشد –ف شروحه و تلخيصاته لكتب أرسطخو‪ -‬كان يتصرف ف الصطخلحات اليونانية حت وصل به‬
‫المر إل ما تيشبه التحريف لتجمحيل فلسفة أرسطخو ‪،‬و تقريب مضاميم بعضها تقريبا إسلميا ‪ ،‬فيجعل‬
‫)) من أطلس ‪ ،‬الله اليونان ملكا ‪ .‬و ف موضع آخر تيؤيول اسم النس‪ :‬الله ‪ ،‬بعن الفلك ((‪ . 5‬و‬
‫عمحله هذا هو عمحل خطخي جدا ‪ ،‬يطخعن ف أمانة ابن رشد العلمحية ‪ ،‬و يهدف إل أرسطخة السلما ‪ ،‬و‬
‫إخفاء شناعات و خرافات إليات اليونان ‪ ،‬تقريبا لا من السلما ‪ ،‬و نشرا لا بيم السلمحيم ‪ ،‬و تمحيل‬
‫لوجهها الصابئ الشركي ‪.‬‬
‫و ثآالثا إن الناظإر ف إليات أرسطخو ‪ -‬الت انتصر لا ابن رشد‪ -‬بوضوعية ‪ ،‬يتبيم له بلء ‪ ،‬أنا‬
‫ديانة أرضية شركية ‪ ،‬تقوما على تعدد اللة التمحثلة ف ‪ :‬الرك الول ‪ ،‬و هو كبيها ‪ ،‬ث صغار اللة و‬
‫هي ‪ :‬العقول الفارقة الزلية ذات الطخبيعة اللية ‪ ،‬و العاقلة الريدةا الختارةا التصرفة ف العال ‪ ،‬و لا‬

‫‪ 1‬ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 8‬ص‪ ، 234-233 :‬ج ‪ 9‬ص‪ . 399 :‬و مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 17‬ص‪ , 332 ،330 :‬و منهاج السنة‬
‫النبوية ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪ . 286 :‬و الرد على المنطقيين ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ص‪. 395 ، 268 :‬‬
‫‪ 2‬ابن قيم الجوزية ‪ :‬إغاثة اللهفان ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 259 :‬‬
‫‪ 3‬محمد علي أبو ريان ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 208 :‬‬
‫‪ 4‬ابن تيمية ‪ :‬الجواب الصحيح ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 353 :‬‬
‫‪ 5‬طه عبد الرحمن ‪ :‬لغة ابن رشد الفلسفية من خلل عرضه لنظرية المقولت ‪ .‬ضمن كتاب أعمال ندوة ابن رشد بجامعة محمد الخامس‬
‫‪ ،‬ط ‪ ، 1‬المؤساسة الجامعية للدراساات ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1981 ،‬ص‪. 197 :‬‬
‫صفات كمحال ل يتصف با حت الرك الول‪ . 1‬فهذه العطخيات شاهدةا على أن ابن رشد كان متبنيا و‬
‫منتصرا لليات شركية تقوما على تعدد اللة !! ‪.‬‬
‫و إتاما لا ذكرناه ‪ ،‬تأشي هنا إل أربعة أمور تتعلق بوقف ابن رشد من القضايا الت سبق التطخرق‬
‫إليها ‪ .‬أولا أن ابن رشد وقع ف تناقضات ف موقفه من الصفات و إليات أرسطخو ‪ ،‬أذكر منها سبعة‬
‫ناذج ‪ :‬الول مؤداه أن ابن رشد قال بأن ال تمتصف بالفعل و اللق من جهة‪ ، 2‬و قال بأزلية العال و‬
‫الضرورةا من جهة أخرى ‪ .‬و هذا تناقض واضح ‪ ،‬لنه إذا كان العال أزليا بالضرورةا ‪ ،‬فل فعل و ل خلق‬
‫و ل إرادةا !! ‪.‬‬
‫و النمحوذج الثان مفاده أن ابن رشد قال‪ :‬إن العشق هو الذي حيرك العال تاه معشوقه –أي ال –‬
‫عشقا له و تشبها به ‪ .‬لكنه –أي ابن رشد‪ -‬من جهة أخرى وصف ال بأنه فاعل للعال و تمتحع له ‪.‬‬
‫و هذا تناقض بييم ‪ ،‬لن حقيقة المر أن ال ليس فاعل و ل مبدعا ‪ ،‬و إنا هو معشوق للعال الزل‬
‫من دون فعل و ل إرادةا منه ‪ .‬لن الرك القيقي للعال هو العشق ‪ ،‬و بعن آخر أن العال حيرك نفسه‬
‫بعشقة لعشوقه الذي هو علة غائاية له !! ‪.‬‬
‫و النمحوذج الثالث مفاده أن ابن رشد ذكر أن القرآن الكري أثآبت وجود ال بدليل اللق و الختحاع‬
‫للعال ‪،‬و انتصر لطخريقة القرآن هذه ف كتابه الكشف عن مناهج الدلة ‪ .‬لكنه ف مؤلفاته الفلسفية‬
‫كتلخيص ما بعد الطخبيعة ‪،‬و تلخيص السمحاء و العال ‪ ،‬نسي طريقة القرآن ‪،‬و قرر خلفها عندما قال‬
‫فيها بأن العال أزل بالضرورةا‪ . 3‬فأين اللق و الختحاع ؟ ! ‪.‬‬
‫و النمحوذج الرابع يتمحثل ف أن ابن رشد انتقد الشاعرةا ف أن إثآباتم للصفات قد تيؤدي إل تعدد‬
‫القدماء‪ ، 4‬بعن أنه قد تيؤدي إل تعدد اللة ‪ .‬و نسي نفسه بأنه هو شخصيا قال فعل بتعدد اللة ‪،‬‬
‫عندما قال‪ :‬إن العقول الفارقة أزلية عاقلة ‪،‬و ذات طبيعة إلية ‪،‬و تمتصرفة ف العال‪ . 5‬أليس هذا قول‬
‫بتعدد اللة ‪ ،‬و هو تناقض واضح مع انتقاده الذي وجهه إل الشاعرةا ؟ ! ‪.‬‬
‫و النمحوذج الامس يتمحثل ف أن ابن رشد قال ‪ :‬إن ال علة غائاية للعال ‪،‬و أنه‪-‬أي العال‪ -‬أزل‬
‫بالضرورةا بالنسبة ل ‪ .‬ث وصف ال بأنه موصوف بالكمحة ف خلقه‪ . 6‬فأية حكمحة له ف العال ‪ ،‬با أن‬
‫العال أزل بالضرورةا ‪،‬و ال علة غائاية له ؟ ! ‪ .‬فل معن لوصف ال بالكمحة ف خلقه ‪ ،‬و العال ليس‬
‫من خلقه ‪ ،‬فهذا تناقض بييم ! ‪.‬‬

‫‪ 1‬هذه المعطيات سابق توثيقها ‪.‬‬


‫‪ 2‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪. 113 :‬‬
‫‪ 3‬سانتوساع في ذلك ‪ ،‬و نوثقه في المبحث الثالث من هذا الفصل ‪.‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪ . 134 :‬و التهافت ‪ ،‬ص‪. 163 :‬‬
‫‪ 5‬سابق توثيق ذلك ‪.‬‬
‫‪ 6‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪. 113 :‬‬
‫و النمحوذج السادس يتمحثل ف أن ابن رشد قال ‪ :‬إن ال تمتصف بالرادةا و الختيار ‪ .‬و قال أيضا‪:‬‬
‫إن العال أزل بالضرورةا ‪،‬و أن ال علة غائاية له ‪ ،‬ل علة فاعلة ول تمبدعة له ‪ .‬فأية إرادةا و اختيار يبقيان‬
‫له ؟ ! ‪.‬‬
‫و النمحوذج الخي يتمحثل ف أن ابن رشد قال ‪ :‬إن ف الشرع مال تدركه العقول بسبب قصور العقل‬
‫النسان عن إدراكه ‪ .‬و أنه ))ل يقل أحد من الناس ف العلوما اللية قول تيعتد به ((‪ .1‬لكنه ناقض‬
‫صهم ال بالذكر ف القرآن الكري ‪،‬‬ ‫نفسه عندما قال‪ :‬إن الفلسفة هم الراسخون ف العلم ‪ ،‬الذين خ ي‬
‫فهم الذين يعلمحون تأويله‪،‬و هم أهل البهان و اليقيم‪ . 2‬و زعم أيضا أن فلسفة أرسطخو هي الق ‪ ،‬و‬
‫أن نظره فوق نظر جيع الناس‪. !! 3‬‬
‫و أما المر الثان فمحفاده أن ابن رشد – ف موقفه من الصفات‪ -‬وصف ال تعال بصفات ل ترد ف‬
‫الشرع ‪،‬و معانيها ناقصة ‪ ،‬و ل تليق بال سبحانه و تعال ‪ .‬منها أنه وصفه بالرك الذي ل يتحرك ‪،‬و‬
‫البدأ الول ‪ ،‬و العقل الول الذي ل يعقل إل ذاته‪ . 4‬فال تعال ل يصف نفسه بأنه عقل ‪،‬و ل مبدأ‬
‫أول ‪،‬و ل مرك ‪ ،‬و إنا وصف نفسه بأنه خالق‪ ،‬و بديع ‪ ،‬و بارئ ‪ ،‬و رزاق ‪،‬و رحيم ‪ ،‬و قدوس ‪ ،‬و‬
‫أول ‪ ،‬و آخر ‪ . ...‬و ما قاما به ابن رشد هو عمحل خطخي ‪ ،‬تيؤدي تريف اللفاظ و العان الشرعية‬
‫من جهة ‪،‬و إبعاد الصطخلحات الشرعية و إحلل ملها الصطخلحات الرسطخية الشائاية من جهة ثآانية ‪.‬‬
‫و المر الثالث مفاده أن ابن رشد كمحا خالف الشرع و العقل ف موقفه من الصفات اللية ‪ ،‬فإنه‬
‫خالف أيضا مذهب السلف ف صفات ال تعال‪ .‬فقد تبييم أنه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬أيول الصفات على‬
‫طريقته التحريفية انطخلقا من خلفيته الرسطخية ‪ ،‬و هذا تمالف لا كان عليه السلف الول من الصحابة‬
‫و التابعيم و من سار على نجهم ‪ ،‬فإنم اختلفوا ف مسائال الفقه كثيا ‪ ،‬لكنهم ل يتلفوا ف النصوصا‬
‫التعلقة بصفات ال تعال ‪ ،‬ما يعن أنا كانت بينة لديهم ل تلبس فيها ‪ ،‬بينها الشرع بيانا كافيا شافيا ‪،‬‬
‫و ل تكن لديهم من التشابه ‪ .‬و بعن آخر أنم أثآبتوا ل تعال كل الصفات الت أثآبتها لنفسه ‪ ،‬من‬
‫دون تأويل و ل تعطخيل ‪ ،‬و ل تسيم و ل تشبيه ‪ ،‬و إنا هو إثآبات و تنزجيه ‪ ،‬من دون إدراك للكنه و ل‬
‫للكيفية‪ . 5‬و احتجاجنا بذهب السلف‪-‬ف انتقادنا لبن رشد‪ -‬له مبره الشرعي و العقلي القنع ‪ ،‬لن‬
‫السلف الول أخذوا دينهم –أصول و فروعا‪ -‬عن الصحابة الكراما‪ -‬رضي ال عنهم‪ ، -‬الذين أخذوا‬
‫دينهم –هم أيضا‪ -‬عن رسول ال‪-‬عليه الصلةا و السلما‪ ، -‬و ال تعال قد زكاهم ف آيات كثيةا ‪،‬و‬
‫صاتر دوالتذيدن اتلـَبدـَتعوتهم‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫أمر بإتباع سبيلهم ‪ ،‬كقوله تعال ‪)) :‬دواللسابتتقودن الدلوتلودن مدن الأتمحدهاجتريدن دوادلن د‬
‫ت‬ ‫تت ت‬ ‫بتتإحسامن لرتضي الليه عأنـَهم ورضواأ عأنه وأدعلد دلم جلنا م‬
‫ت دأتتري دأتتدـَدها الدنأـَدهاتر دخالديدن فيدها أددبداد ذدل د‬
‫ك الأدفأوتز‬ ‫د ت د ت أ دد ت د ت د د تأ د‬ ‫أد‬
‫‪ 1‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 336 ، 322 :‬‬
‫‪ 2‬سابق توثيق ذلك في الفصل الول ‪.‬‬
‫‪ 3‬سانتناول هذا الموضوع في الفصل الخامس إن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪. 162 ،149 ،148 ،147 ، 125 ، 124 :‬‬
‫‪ 5‬ابن قيم الجوزية ‪ :‬الصواعق المرسالة ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 213 ، 210 ،209 :‬‬
‫ت ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫يم لدهت األتددى دويدـَتلبتأع دأ‬
‫غيـَدر‬ ‫الأدعظيتم ((‪ -‬سورةا التوبة ‪ ، - 100 :‬و ))دودمن يتدشاقتق اللرتسودل من بدـَأعد دما تدـَبدـَ ل د‬
‫صياد ((‪ -‬سورةا النساء ‪ . - 115 :‬و عليه فإن‬ ‫تمت‬ ‫ستبيتل الأمحأؤتمنتيم نـَتولبته ما تدـَولل ونت ت ت‬
‫صله دجدهنلدم دودساء أ د‬‫ت د د د د د أ‬ ‫د‬
‫مالفة ابن رشد لذهب السلف ‪ ،‬هو من مظاهر انرافه الفكري ‪ ،‬و بعده عن النهج الشرعي و العقلي‬
‫الصحيح ‪.‬‬
‫و المر الرابع يتعلق بانتقادات وجهها شيخ السلما ابن تيمحية لبن رشد ‪ ،‬من القيد الطلع عليها‬
‫و النتفاع با ‪ ،‬منها أنه جعله أسوأ حال من العتزجلة ف الصفات ‪ ،‬لنه كان على طريقة إخوانه‬
‫الفلسفة الباطنية ف نفي الصفات ‪.‬و موقفه منها ينتهي إل التعطخيل الض ‪ ،‬و إثآبات وجود مطخلق ل‬
‫حقيقة له ف الارج غي وجود المحكنات ‪ ،‬و هذا نفس المر الذي انتهى إليه التاديون القائالون‬
‫باللول و وحدةا الوجود ‪.‬و أما زعمحه بأن طريقة إخوانه ف نفي الصفات هي الطخريقة البهانية ‪ ،‬فالمر‬
‫ليس كمحا زعم ‪ ،‬فإن مسلكهم أضعف من مسلك العتزجلة ‪ ،‬مع أن كل من مسلكيهمحا فاسد ‪.‬و منهجه‬
‫ل تيوصل إل إل الهل و اليةا و الضلل‪. 1‬‬
‫و مع انتقاده الشديد له ‪ ،‬فقد أنصفه عندما ذكر أن مقولة ابن رشد ف الصفات أحسن حال من‬
‫أصحاب النفي الض للصفات ‪ ،‬كالهمحية و القرامطخة ‪،‬و منحرف التفلسفة كالفاراب و ابن سينا ‪ ،‬و‬
‫جعله من مقتصدةا الفلسفة كأب البكات البغدادي ‪ ،‬ففي قولمحا من الثآبات ما هو خي من هؤلء‬
‫النفاةا ‪ ،‬فالشهور عنهمحا إثآبات الساء السن و أحكاما الصفات‪ . 2‬و قوله ‪ :‬الشهور عنهمحا ‪ ،‬يعن‬
‫–بالنسبة لبن رشد‪ -‬ما أظإهره ف كتبه العامة ‪ ،‬و ل يصدق ذلك عليه ف كتبه الاصة ‪ ،‬الت صيرح‬
‫فيها بنفيه للصفات ‪ ،‬كصفة الرادةا و الختيار ‪ ،‬و العلم ‪،‬و ل أدري هل وصلت هذه الكتب‪-‬أي‬
‫الفلسفية‪ -‬إل الشيخ ابن تيمحية و أطلع عليها أما ل ؟ ‪ ،‬فإن ل أعثر له على ذكر لا ف مؤلفاته‪. 3‬‬
‫و ختاما لذا البحث يتبيم منه أن ابن رشد أخطخأ ف معظم ما قاله عن الصفات اللية ‪ ،‬كثيا ما‬
‫كان فيها متناقضا ‪،‬و مالفا للشرع و العقل معا ‪ .‬علمحا بأن حقيقة موقفه من الصفات هو نفيها‬
‫باستخداما التأويل التحريفي انطخلقا من خلفيته الرسطخية الشائاية ‪ ،‬و انتصارا لا ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من خلق العالم و أزليته ‪:‬‬
‫تنصص هذا البحث لنقد ابن رشد ف موقفه من خلق العال و أزليته ‪ ،‬فهل العال أزل خالد ل بداية‬
‫له و ل ناية ‪ ،‬أما حادثَ ملوق توجد بع أن ل يكن ؟ ‪،‬و ما هو موقفه القيقي من هذه السألة ؟ ‪ ،‬و‬
‫هل كان صريا ف موقفه منها ‪ ،‬أما كان كعادته يلف و تيغالط و تيؤيول ؟ ‪ .‬هذه السئِّلة –و غيها‪-‬‬
‫ستجد إجابتها ف مبحثنا هذا ‪ ،‬إن شاء ال تعال ‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 6‬ص‪ ، 242 ،238 :‬ج ‪ 10‬ص‪. 282 ، 230 ،229 :‬‬
‫‪ 2‬ابن تيمية ‪ :‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 12‬ص‪. 206 ، 205 :‬‬
‫‪ 3‬ذكر فقط كتاب فصل المقال ‪،‬و الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬و تهافت التهافت ‪ ،‬ذكرها في مجموع الفتاوى ‪ ،‬و درء التعارض ‪،‬و‬
‫غيرها من مصنفاته ‪.‬‬
‫أول إنه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬ذكر أن القدماء و التأخرين من الفلسفة و التكلمحيم اتفقوا على القول‬
‫بدوثَ اليوانات و النباتات و الكائانات الرضية‪ . 1‬و قوله هذا تممحل و ينطخوي عل تغليط ‪ ،‬لن من‬
‫الفلسفة من يرى أن ذلك الدوثَ يص الفراد و ليس النواع ‪ ،‬بعن أن الفراد حادثآة لكن أنواعها‬
‫أزلية خالدةا ‪ ،‬فالنسان كفرد مثل هو حادثَ زائال ‪ ،‬لكنه كجنس و نوع يرمزج للنسانية التكاثآرةا ‪ ،‬هي‬
‫خالدةا ل تزجول و ل تفسد ‪ .‬و هذا قال به أرسطخو ‪ ،‬فقد كان يعتقد أن اليوانات كأنواع أزلية‪ . 2‬و‬
‫حت ابن رشد قال بذلك عندما ادعى أن عمحلية التكيون و الفساد ف العال السفلي أزلية‪ . 3‬فكان على‬
‫ابن رشد أن تيدد ما يقصده بدقة ‪،‬و ل يتحكه ممحل ‪ ،‬لن القول بدوثَ الكائانات الرضية يتمحل‬
‫معنييم و ل يتمحل معن واحدا ‪ .‬فإما أن تيقصد به الدوثَ القيقي الذي يعن الوجود من ل شيء ‪ ،‬و‬
‫إما أن تيقصد به الدوثَ الذي حكيناه عن أرسطخو و ابن رشد ‪.‬‬
‫و الدوثَ بعن الوجود من عدما ل تيوجد حوله اتفاق بيم الفلسفة الشائايم ‪،‬و بيم علمحاء الشريعة‬
‫و التكلمحيم ‪ ،‬لن أولئِّك الفلسفة ل يقولوا بذا الدوثَ ‪ ،‬لكن الخرين معروف عنهم أنم يقولون‬
‫بأن العال كله حادثَ من عدما ‪ ،‬توجد بعد أن ل يكن ‪ ،‬و هذا أمر ذكره ابن رشد نفسه عندما أشار‬
‫إل أن الشعرية تقول ‪ :‬إن طبيعة المحكن –أي الخلوق‪ -‬تمتحعة وحادثآة غي شيء‪. 4‬‬

‫و عندما تطخرق ابن رشد إل مسالة خلق العال و أزليته –ف كتابه فصل القال‪ -‬ل يتخذ موقفا‬
‫واضحا منها ‪ ،‬و ل تيفصح عن موقفه القيقي منها ‪،‬و تظاهر بوقف وسط بيم التنازعيم مع أن باطنه‬
‫مع القائاليم بقدما العال و أزليته‪ ، 5‬فقال ‪ )) :‬فهذا الوجود الخر المر فيه بييم أنه قد أخذ شبها من‬
‫الوجود الكائان القيقي ‪ ،‬و من الوجود القدي ‪ .‬فمحن غلب عليه ما فيه دشدبه القدي على ما فيه شبه‬
‫الدثَ ساه قديا ‪ .‬و من غلب عليه ما فيه من دشدبه الدثَ ساه مدثآا ‪ ،‬و هو ف القيقة ليس مدثآا‬
‫حقيقيا ‪،‬و ل قديا حقيقيا فإن الدثَ القيقي فاسد ضرورةا ‪،‬و القدي القيقي ليس له علة ‪ .‬و منهم‬
‫من ساه مدثآا أزليا ((‪. 6‬‬
‫و قوله هذا ليس شرعيا و ل موضوعيا ‪ ،‬لنه جعل الرضية الفكرية للمحتنازيعييم متساوية ‪ ،‬و كأنه يتريد‬
‫أن يقول ‪ :‬لكل طرف تمبراته الفكرية ‪ ،‬و عليه أن يقبل بالخر و يعذره و يعتحف به ‪ .‬و هذا ل يصح‬
‫لن القائاليم بلق العال و حدوثآه يعتمحدون على حجج قوية تقوما على الشرع و العقل ‪ ،‬أيدها العلم‬
‫الديث ‪ .‬و أما القائالون بلف ذلك فهم يعتمحدون عل الشبهات و الظنون و التخمحينات و التأويلت‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 104 :‬‬


‫‪ 2‬فؤاد كامل و آخرون‪ :‬الموساوعة الفلسفية ‪ ،‬ص‪. 46 :‬‬
‫‪ 3‬زينب عفيفي ‪ :‬فلسفة ابن رشد الطبيعية ‪ ،‬ص‪. 138 :‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 259 :‬‬
‫‪ 5‬سايتأكد ذلك لحقا ‪.‬‬
‫‪ 6‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 105 :‬‬
‫الفاسدةا ‪،‬و قد أثآبت العلم الديث بطخلنا‪. 1‬فشتان بيم الوقفيم !‪ ،‬و القائالون بالزلية يصدق عليهم‬
‫س (( –سورةا النجم ‪ . - 23 :‬و أما حكمحه بأن‬ ‫ت ت تل ل‬
‫قوله تعال ‪ )) :‬إن يدـَتلبتعودن إل الظلن دودما تدـَأهدوى اأ دلنتف ت‬
‫العال ف القيقة )) ليس مدثآا حقيقيا ‪،‬و ل قديا حقيقيا (( ‪ ،‬فل يصح شرعا و ل علمحا ‪،‬و سنبيم‬
‫بطخلنه قريبا إن شاء ال تعال ‪.‬‬
‫و موقفه هذا قد تيشي إل أنه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬كان تمضطخربا ف موقفه من مسألة خلق العال و‬
‫صت على أن ابن رشد قال فعل بقدما‬ ‫أزليته ؛ لكن طائافة كبيةا من أهل العلم ترى خلف ذلك ‪ ،‬و ن ي‬
‫العال و أزليته و أنكر حدوثآه ‪ ،‬منهم ‪ :‬إماما عبد الفتاح إماما ‪ ،‬و ممحد عابد الابري ‪ ،‬و زينب ممحد‬
‫الضيي ‪ ،‬و ممحد عمحارةا ‪ ،‬و جورج طرابيشي ‪ ،‬و ممحد أبو ريان ‪ ،‬و زينب عفيفي ‪ ،‬و ممحد عاطف‬
‫العراقي الذي ذكر أن ابن رشد ف كتابه فصل القال ‪ ،‬و الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬و تافت‬
‫صل ف كتب‬ ‫ص على أن ذلك تيف ي‬ ‫الفلسفة ل تيظهر علنية القول بقدما العال و ما تيالف الشرع ‪ ،‬و ن ي‬
‫البهان‪-‬أي كتب الفلسفة‪ -‬كالت شرح فيها كتب أرسطخو و لصها ‪ ،‬و فيها أظإهر القول بقدما‬
‫العال ‪،‬و دافع عنه و انتصر له ‪ ،‬و لرأي سلفه أرسطخو ‪ ،‬منها ‪ :‬تلخيص السمحاع الطخبيعي ‪ ،‬و تلخيص‬
‫السمحاء و العال ‪ ،‬و ف هذا الخي أكد على أزلية العال و أبديته ((‪. 2‬‬

‫فهل ما ذكره هؤلء صحيح ؟ ‪ ،‬نعم إنه صحيح ‪ ،‬فإن ابن رشد قال صراحة بأزلية العال و أبديته ‪،‬‬
‫بدليل الشواهد التية ‪ :‬أولا إنه ذكر صراحة أن السمحوات با فيها من عقول و أفلك و غيها كلها أزلية‬
‫بالضرورةا‪ . 3‬و ثآانيها إنه أكد على أن السمحاء ليست كائانة –أي ملوقة‪ -‬و ل فاسدةا ‪،‬و ل يكن أن‬
‫تفسد ‪ ،‬لكنها دائامحة ل مبدأ لا زمانيا و ل منتهى ‪ ،‬و ل هي قابلة للنفعال و الستحالة‪-‬أي التحلل‪-‬‬
‫‪ ،‬فل تيلحقها ف)) الركة السوسة لا نصب و ل تعب ‪ ،‬من أجل أنه ليس فيها مبدأ حركة تمالفة‬
‫للحركة الطخبيعية الت فيها ((‪. 4‬‬
‫و الشاهد الثالث مفاده أن العال العلوي عند ابن رشد أزل ل يوز عليه التغي ف السم و ل ف‬
‫الركة ‪ ،‬كالرك الول‪-‬أي ال‪، -‬و با أن حركته أزلية فل يوز أن تشتد زمانا ل ناية له ‪،‬و تفتح زمانا‬
‫ل ناية له ‪.‬و هذا العال العلوي تمكيون من عنصر خامس هو الثآي ‪ ،‬و يتلف عن العناصر الربعة‬
‫الرضية‪ -‬و هي الاء‪ ،‬و الواء‪ ،‬و التحاب ‪،‬و النار‪، -‬و هو عنصر له خصائاص كالوهر السمحاوي له‬
‫حركة دائارية أزلية ضرورية ‪ ،‬ل بداية لاو ل ناية‪.‬و أما العال السفلي –أي الرض‪ -‬فهو تمكيون من‬
‫‪ 1‬سانتوساع في ذلك و نوثقه قريبا ‪.‬‬
‫‪ 2‬محمد عاطف العراقي ‪ :‬الفيلسوف ابن رشد و الثقافة العربية ‪ ،‬ص‪ . 85-84 :‬و إماما عبد الفتاحا إماما ‪ :‬مدخل إلى الميتا فيزيقا ‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪ . 123 ،122‬و محمد عابد الجابري‪ :‬ابن رشد ‪ :‬سايرة و فكر ‪ ،‬ص‪ . 19 ، 18 :‬و زينب محمد الخضيري ‪ :‬أثر ابن رشد في فلسفة‬
‫العصور الوساطى ‪ ،‬ص‪. 235 :‬و محمد عمارة ‪ :‬المادية و المثالية في فلسفة ابن رشد ‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار المعارف ‪ ،‬القاهرة ‪ ،1983 ،‬ص‪:‬‬
‫‪ . 62‬و على أبو ريان ‪ :‬تاريخ الفكر الفلسفي ‪ ،‬ص‪ . 203 ،201 :‬و زينب عفيفي‪ :‬فلسفة ابن رشد الطبيعية ‪ ،‬ص‪ . 100 ،63 :‬و جورج‬
‫طرابيشي‪ :‬وحدة العقل العربي ‪ ،‬ص‪. 270 :‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪. 130 ، 77 ،32 :‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص السماء و العالم ‪،‬حققه جمال الدبن العلوي ‪ ،‬منشورات كلية الداب بفاس ‪ ،‬ص‪. 189 ، 188 :‬‬
‫العناصر الربعة العروفة ‪ ،‬و مادته الول هي أيضا أزلية ‪ ،‬و عمحلية التكيون و الفساد السائادةا فيه ‪ ،‬هي‬
‫عمحلية أزلية أيضا‪. 1‬‬
‫و أما الشاهد الرابع‪ -‬و هو الخي‪ -‬فمحفاده أن ابن رشد قال صراحة بأن الزجمان أزل غي متناه‬
‫بالضرورةا ‪ ،‬لرتباطه بالركة الت هي أزلية أيضا مرتبطخة بأزلية العال القائامحة على أساس حكاية العشق‬
‫الذي هو علة الركة‪. 2‬‬
‫و يتبيم من تلك الشواهد أن ابن رشد يسي على طريقة الفلسفة الشائايم –أرسطخو و أصحابه‪ -‬ف‬
‫قولم بأزلية العال و أبديته ‪ ،‬فقال بقولتهم ‪،‬و دافع عنهم ‪،‬و انتصر لم ‪ ،‬بختلف الوسائال ‪ ،‬كمحا هو‬
‫واضح ف كتابه تافت التهافت ‪،‬و كتبه الفلسفية كتلخيص ما بعد الطخبيعة لرسطخو ‪،‬و تلخيص السمحاء‬
‫و العال لرسطخو أيضا ‪.‬‬
‫و من مزجاعمحه أيضا أنه زعم أن الوجود الواحد‪-‬أي ال‪ -‬فاضت منه قوةا واحدةا ‪ ،‬با توجدت جيع‬
‫الوجودات ‪.‬و أن العلمحاء‪-‬أي الفلسفة‪ -‬أجعوا على أن العال بأسره فاض عن البدأ الول‪- 3‬أي ال‬
‫تعال ‪ .‬و زعم أيضا أن ذلك الواحد البسيط با أنه بسيط ‪ ،‬إنا يلزجما عنه واحد ‪،‬و الق أن الواحد ل‬
‫يصدر عنه إل واحد فقط‪. 4‬‬
‫و قوله هذا هو زعم باطل شرعا و عقل و علمحا‪ ،‬فأما شرعا فإن النصوصا الشرعية الكثيةا ‪ ،‬نصت‬
‫صراحة على أن ال تعال خلق العال بإرادته و مشيئِّته و اختياره و ل يفض عنه ‪ .‬و أخبنا ال تعال أنه‬
‫سبحانه فعال لا يريد ‪،‬و خلق عظيم ‪،‬و أنه على كل شيء قدير ‪،‬و ل حدود لقدرته ‪،‬و أنه خلق‬
‫ملوقات كثيةا جدا ‪ .‬لذا ل يصح أبدا الزجعم بأن ال تعال ل يصدر عنه إل واحد ‪.‬‬
‫و أما عقل فإن ذلك الزجعم هو ظإن و تمحيم و وهم ‪،‬و رجم بالغيب و قول على ال بل علم ‪ ،‬لن‬
‫الوضوع الذي خاض فيه و أصدر حكمحه عليه هو غيب مطخلق ل يكن للعقل البشري أن يوض‬
‫فيه ‪،‬و يصدر ذلك الكم فيه ‪ .‬و ل تيعرف إل عن طريق الوحي ‪،‬و ليس له ف زعمحه هذا دليل من‬
‫الشرع ‪ .‬و زعمحه هذا هو ف القيقة وصف ل تعال بالعجزج و التعطخيل ‪ ،‬بطخريقة ظإاهرها الثناء و باطنها‬
‫النفي و التعطخيل و القول بالضرورةا ‪.‬‬
‫و أما علمحا فإن العلم الديث أثآبت بأدلة كثرةا أن العال كله تخلق خلقا بعد أن ل يكن ‪ ،‬و هو كثي‬
‫التنيوع ‪ ،‬و مر براحل عديدةا شهد خللا ملوقات كثيةا جدا ‪ ،‬بعضها انقرض ‪ ،‬و بعضها الخر ما‬
‫يزجال حيا ‪ ،‬كل ذلك تي بناء على اللق الول الذي تيعرف بالنفجار العظيم ‪ ،‬مصداقا لقوله تعال ‪:‬‬
‫ها دودجدعألدنا تمدن الأدمحاء تكلل دشأيمء دحبي أدفددل‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫))أددودلأ يدـَدر الذيدن دكدفتروا أدلن اللسدمحادوات دواألدأر د‬
‫ض دكاندـَدتا درأتقاد فدـَدفتدـَأقدنا تد‬
‫‪ 1‬زينب عفيفي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ . 138 ،83 :‬و علي أبو ريان ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 203 :‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪ . 126 ،125 ،124 :‬و تلخيص السماء و العالم ‪ ،‬ص‪ . 189 ،188 :‬و زينب عفيفي‪ :‬المرجع‬
‫السابق ‪ ،‬ص‪ . 63 :‬و أما توثيق حكاية العشق فقد سابق توثيقها ‪.‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 168 ،143 :‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪. 153 ،149 :‬‬
‫يـَتأؤتمتنودن ((‪ -‬سورةا النبياء ‪ . 1 - 30 :‬فأين حكاية الزلية ‪،‬و الواحد الذي ل يصدر عنه إل الواحد‪،‬و‬
‫دور العقول الفارقة الت شاركت ال ف خلق العال‪ 2‬؟؟ !! ‪.‬‬
‫و أما قوله بأن الفلسفة أجعوا على القول بأن العال فاض عن ال فهو ل يصح ‪ ،‬لن نظرية‬
‫الفيض ل يقل با كل الفلسفة ‪ ،‬و إنا قال با أفلطون و أصحابه ‪ ،‬و تأثآر با بعض الفلسفة‬
‫السلمحيم‪ . 3‬علمحا بأن أرسطخو و أصحابه قالوا بأزلية الركة و العال ‪،‬و ل يقولوا بالفيض ‪ ،‬مع أن القول‬
‫بالزلية و الفيض يتضمحن تناقضا واضحا ‪ ،‬فإذا كان العال أزليا –حسب ابن رشد و أصحابه‪ -‬فهذا‬
‫يعن بالضرورةا أنه ل يفض عن ال ‪ .‬و إذا كان العال قد فاض عنه فهذا يعن بالضرورةا أنه ليس أزليا‬
‫مهمحا أوغل فيضانه ف الزجمن ‪ ،‬لنه ف النهاية حادثَ ملوق ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن ابن رشد لا كان يعتقد بأزلية العال ‪،‬و دافع عنها و انتصر لا ‪ ،‬و وجدها تتعارض مع دين‬
‫السلما ‪ ،‬أيول النصوصا الشرعية تأويل تريفيا لكي تيطخيوعها و تيويظإفها لدمة مذهبيته الرسطخية ف قولا‬
‫بأزلية العال ‪ .‬فمحن تأويلته أنه قال ‪ )) :‬إن الدوثَ الذي صيرح الشرع به ف هذا العال ‪ ،‬هو من نوع‬
‫الدوثَ الشاهد ههنا ‪ .‬و هو الذي يكون ف صيور الوجودات (( الت تسمحيها الشعرية صفات‬
‫ت‬
‫نفسية ‪،‬و تيسمحيها الفلسفة صورا ‪ ،‬و هذا الدوثَ )) إنا يكون من شيء آخر إل زمان (( ‪،‬و يدل‬
‫ها دودجدعألدنا تمدن‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫على ذلك قوله تعال ‪)) :‬أددودلأ يدـَدر الذيدن دكدفتروا أدلن اللسدمحادوات دواألدأر د‬
‫ض دكاندـَدتا درأتقاد فدـَدفتدـَأقدنا تد‬
‫الأدمحاء تكلل دشأيمء دحبي أدفددل يـَتأؤتمتنودن (( –سورةا النبياء ‪، - 30 :‬و ))تثل اأستدـَدوى إتدل اللسدمحاء دوتهدي تددخابن ((‬
‫–سورةا فصلت ‪ .- 11 :‬و أما كيف حال طبيعة الوجود المحكن مع الوجود الضروري ؟ ‪ ،‬فسكت‬
‫عنه الشرع لبعده عن أفهاما الناس ‪ ،‬لن معرفته ليست ضرورية ف سعادةا المحهور (( ‪.‬و أما الذي‬
‫)) تزجعمحه الشعرية من أن طبيعة المحكن‪-‬أي الخلوق‪ -‬تمتحعة وحادثآة من غي شيء ‪ ،‬فهو الذي‬
‫تيالفهم فيه الفلسفة من قال منهم بدوثَ العال و ل يقل ‪ .‬فمحا قالوا –أي الشاعرةا‪ -‬إذا تأملته‬
‫بالقيقة ليس هو من شريعة السلمحيم و ل يقوما عليه برهان ((‪. 4‬‬
‫و قال أيضا ‪ :‬إن ال تعال أخب )) أن العال وقع خلقه أياه ف زمان ‪،‬و أنه خلقه من شيء ‪ ،‬إذ كان‬
‫ل تيعرف ف الشاهد تمكيون إل بذه الصفة ‪ ،‬فقال سبحانه‪ -‬تمب عن حاله تعال قبل كون العال‪)) : -‬م‬
‫ت‬‫ودكادن عرتشه عدلى الأمحاء ((‪ -‬سورةا هود ‪، - 7 :‬و قال تعال ‪)) :‬إتلن ربلتكم الليه التذي خلدق اللسمحاوا ت‬
‫د د دد‬ ‫د ت ت‬ ‫د دأ ت د د‬
‫ض تف تستلتة أدليامما ((‪ -‬سورةا العراف ‪ ،- 54 :‬و ))تثل اأستدـَدوى إتدل اللسدمحاء دوتهدي تددخابن (( –سورةا‬ ‫دوالدأر د‬
‫فصلت ‪. 5(( - 11 :‬‬

‫‪ 1‬عبد الحميد ساماحة ‪ :‬في أعماق الفضاء ‪ ،‬ص ‪. 72 ، 71 :‬‬


‫‪ 2‬سابق توثيق ذلك ‪ ،‬و أنظر أيضا ‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪. 149 :‬‬
‫‪ 3‬الموساوعة العربية الميسرة ‪ ،‬تحت إشراف محمد شفيق غربال ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 1349 :‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 259 :‬‬
‫‪ 5‬ابن رشد ‪ :‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪. 171 :‬‬
‫و ردا عليه أقول ‪ :‬أول إن ابن رشد ل يلتزجما بالنهج الصحيح ف فهم النصوصا الشرعية التعلقة بلق‬
‫العال ‪ .‬فلم يأخذ بالعن الصحيح للفظي اللق و البداع ‪ ،‬و أخذ منهمحا ما يتفق مع مذهبيته‬
‫الرسطخية ‪ ،‬ففهمحهمحا بعن الخراج و التحيول ‪،‬و ليس بعناها الصحيح الفهوما من موقعهمحا ف النص‬
‫الشرعي ‪ .‬فلفظ اللق من معانيه ف اللغة العربية ‪ :‬إبداع الشيء على مثال ل تيسبق إليه ‪ .‬و إحداثَ‬
‫الشيء بعد أن ل يكن ‪ .‬و إياد الشيء بعد أن ل يكن موجودا‪ . 1‬و من معانيه عند علمحاء الشريعة ‪:‬‬
‫النشاء و الياد من العدما ‪.‬و البتداع على غي مثال ‪.‬و إياد الشياء بعد أن ل تكن‪. 2‬‬

‫و أما معن اللق ف القرآن الكري فله معنيان واضحان ‪ ،‬أولمحا إياد شيء من شيء ‪ ،‬لقوله‬
‫لالن تمن لماترمج بمن لنامر ((‪ -‬سورةا الرحن ‪-14:‬‬ ‫تعال‪ )) :‬خلدق اأتلنسادن تمن صأل م‬
‫صال دكالأدفلخاتر دودخلددق ا أد‬
‫د د‬ ‫د د د‬
‫‪ . - 15‬و ثآانيهمحا إياد شيء من غي أصل و ل احتذاء ‪ ،‬لقوله تعال ‪)) :‬إتلن دربلتكتم الليهت التذي دخلددق‬
‫ض تف تستلتة أدليامما ((‪ -‬سورةا يونس ‪ ، – 3 :‬فلم يقل لنا أنه خلق ذلك من مادةا سابقة‬ ‫ت‬
‫اللسدمحادوات دوالدأر د‬
‫كمحا ف النوع الول ‪ ،‬فهذا العن هو الذي تيسمحى خلق شيء من ل شيء ‪ ،‬بدليل قوله تعال ‪)) : ،‬‬
‫ت فدتإدذا‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫إتلدنا أدأمترهت إتدذا أددرادد دشأيئِّاد أدأن يدـَتقودل لدهت تكأن فدـَيدتكوتن ((‪-‬سورةا يس ‪، - 82 :‬و ))تهدو الذي تأيتيي دوتيي ت‬
‫ضى أدأمراد فدتإلدنا يدـَتقوتل لدهت تكن فدـَيدتكوتن ((‪-‬سورةا غافر ‪ ، - 68 :‬فإرادةا ال إرادةا مطخلقة تلق ما تشاء ‪،‬‬ ‫قد د‬
‫من شيء و من غي شيء ‪ ،‬فيندرج ف هاتيم اليتيم النوعان السابقان ‪،‬و ال تعال أعلم بالصواب ‪.‬‬
‫و أما لفظ البداع فمحن معانيه ف اللغة ‪ :‬الختحاع على غي مثال سابق‪. 3‬و تيستعمحل ف الشرع ف‬
‫حق ال تعال بعن إياد شيء بغي آلة و ل مادةا ‪ ،‬و ل زمان و ل مكان ‪ ،‬كقوله تعال ‪ )) :‬بدتديتع‬
‫ضى أدأمراد فدتإلدنا يدـَتقوتل لدهت تكن فدـَيدتكوتن ((‪ -‬سورةا البقرةا ‪ , - 117 :‬و هذا العن‬ ‫اللسمحاوا ت‬
‫ض دوإتدذا قد د‬
‫ت دوالدأر ت‬ ‫دد‬
‫ل تيستخدما إل ف حق ال تعال ‪ ،‬لذا قال سبحانه ‪ )) :‬أدفددمحن ديألتتق دكدمحن لل ديألتتق أددفل تددذلكترودن ((‪-‬‬
‫سورةا النحل ‪ ، - 17 :‬فهذا اللق بعن البداع الذي معناه اللق من عدما ‪. 4‬‬
‫لكن ابن رشد‪-‬ف تأويله ليات خلق العال‪ -‬ل يأخذ باللق و البداع بعناها الدال على إياد‬
‫الشيء من ل شيء حسب اليات الت ورد فيها هذان اللفظان ‪،‬و إنا حلها كلها على العن الرسطخي‬
‫الذي يرى اللق هو تمرد إخراج ما بالقوةا إل الفعل ‪ ،‬وفق عمحلية التكيون و الفساد ف العال الرضي ‪.‬‬
‫و فعله هذا ل يصح ‪،‬و هو انراف منهجي خطخي ف الفهم الصحيح للشرع ‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن منظور ‪ :‬لسان العرب ‪ ،‬ج ‪ 10‬ص‪. 858 :‬و مرتضي الزبيدي‪ :‬تاج العروس ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ , 6294 :‬و ابن الثير ‪ :‬النهاية في‬
‫غريب الثر ‪ ،‬المكتبة العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1979 ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 144 :‬‬
‫‪ 2‬ابن كثير‪ :‬تفسير القرآن العظيم ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪ . 691 :‬و البغوي ‪ :‬تفسير البغوي ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ . 88 :‬و الطبري ‪ :‬تفسير الطبري ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص‪:‬‬
‫‪. 504‬و السيوطي و الجلل أحمد المحلي ‪ :‬تفسير الجللينط ‪ ،1‬دار الحديث ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ . 733 :‬و ابن حجر ‪ :‬فتح الباري ‪،‬‬
‫دار المعرفة ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1979 ،‬ج ‪ 12‬ص‪ . 377 :‬و الشوكاني ‪ :‬تفسير الشوكاني ج ‪ 3‬ص‪. 139 :‬‬
‫‪ 3‬محمد بن أبي بكر الرازي‪ :‬مختار الصحاحا ‪ ،‬دار الهدى ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ص‪. 36 :‬‬
‫‪ 4‬الراغب الصأفهاني‪ :‬مفردات القرآن ‪ ،‬ص‪. 433 ، 95 :‬‬
‫و ثآانيا إن استشهاده بالنصوصا الشرعية كان انتقائايا ‪ ،‬فأخذ ما وافقه و أيوله تأويل تريفيا ‪ ،‬و أغفل‬
‫قسمحا آخر كأنه غي موجود تاما ؛ و هذا ليس من الياد و النزجاهة العلمحية ف شيء ‪ .‬فكان من‬
‫الواجب عليه أن يمحع كل النصوصا و تيرجع الفروع إل الصول ‪،‬و التشابه إل الكم ‪،‬و يفهمحا وفق‬
‫الفهم الصحيح للشرع أنطخلقا من الكتاب و السنة ‪ ،‬و منهج السلف الصال ‪،‬و العقل الصريح و العلم‬
‫الصحيح ‪ .‬فاليات الت ذكرها على طريقته التأويلية التحريفية ‪ ،‬كان عليه أن يردها إل آيات أخرى أعم‬
‫منها و يفهمحها من خللا ‪،‬و وفق تفاصيل خلق العال الت ذكرتا النصوصا الشرعية الخرى ‪ ،‬الت‬
‫نصت على أن ال تعال فعال لا يرد ‪ ،‬و على كل شيء قدير ‪،‬و خلق عظيم ‪،‬و أنه خالق كل شيء ‪،‬‬
‫كقوله تعال ‪ )) :‬دودخلددق تكلل دشأيمء فدـَدقلددرهت تدـَأقتديراد ((‪-‬سورةا الفرقان ‪. - 2 :‬‬
‫و هو ف تريفه للنصوصا الشرعية كان تمغالطخا أيضا ‪ ،‬لن الشرع نص صراحة مرارا و تكرارا على أن‬
‫العال خلقه ال تعال بعد أن ل يكن ‪ ،‬فهو ملوق له بداية و له ناية ل مالة ‪ ،‬و هذا يتناقض تاما مع‬
‫ما يعتقد ابن رشد و أصحابه من أن العال أزل خالد ل بداية له و ل ناية ‪ .‬و عليه فهو تمغالط ‪،‬و ل‬
‫ينفعه إذا كان العال تخلق من شيء سابق أو من ل شيء ‪ ،‬لن ف الاليم أن العال ملوق له بداية و له‬
‫ناية ‪،‬و هذا ل يقول به ابن رشد و أصحابه ‪ .‬فلمحاذا هذا التحريف و التغليط ‪،‬و التلعب بالنصوصا ؟‬
‫!‪.‬‬
‫و ثآالثا إن قوله بأن الدوثَ الذي صيرح به الشرع هو من نوع الدوثَ الشاهد على الرض ‪ ،‬فهو‬
‫ت‬
‫ليس صحيحا على إطلقه ‪ ،‬لن ال تعال أخبنا أنه يلق من شيء و من ل شيء ‪ ،‬كقوله تعال ‪:‬‬
‫))إتلدنا أدأمترهت إتدذا أددرادد دشأيئِّاد أدأن يدـَتقودل لدهت تكأن فدـَيدتكوتن ((‪-‬سورةا يس ‪، - 82 :‬و هذا أمر سبق أن بيناه ‪ .‬كمحا‬
‫ها دودجدعألدنا تمدن‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫أن استشهاده بقوله تعال ‪)) :‬أددودلأ يدـَدر الذيدن دكدفتروا أدلن اللسدمحادوات دواألدأر د‬
‫ض دكاندـَدتا درأتقاد فدـَدفتدـَأقدنا تد‬
‫الأدمحاء تكلل دشأيمء دحبي أدفددل يـَتأؤتمتنودن ((‪-‬سورةا النبياء ‪ ، - 30 :‬و ))تثل اأستدـَدوى إتدل اللسدمحاء دوتهدي تددخابن‬
‫تت‬ ‫فدـَدقادل دلا ولتألدر ت ت ت‬
‫يم ((‪-‬سورةا فصلت ‪ ، - 11 :‬فهو استشهاد ف‬ ‫ض ائاأتديا طدأوعاد أدأو دكأرهاد دقالددتا دأتدأـَيـَدنا دطائاع د‬ ‫دد أ‬
‫غي مله ‪ ،‬لن هذه اليات وصفت مرحلة مر با خلق العال ‪ ،‬و ل علقة لا بالادةا الت تخلقت‬
‫منها ‪ ،‬أهي من شيء ‪ ،‬أو من لشيء ‪.‬و ل علقة لا أيضا بالخلوقات الت كانت قبلها ‪ ،‬كالعرش و‬
‫الاء ‪ ،‬فلكل ملوق مادته و زمانه و مكانه‪ ،‬و هو ملوق ل تعال ‪ ،‬يلقه مت أراد و ما أراد ‪ ،‬من‬
‫شيء و من غي شيء ‪ ،‬فهو سبحانه فعال لا يريد ‪،‬و على كل شيء قدير ‪.‬‬
‫و أما قوله بأن ال خلق العال ف زمان و مادةا ‪ ،‬لنه ل تيعرف ف الشاهد تمكيون إل بذه الصفة ‪،‬و‬
‫ال تعال قد أخب عن حاله قبل خلقه للعال ‪ ،‬ف قوله ‪ )) :‬دودكادن دعأرتشهت دعدلى الأدمحاء ((‪ -‬سورةا هود ‪7 :‬‬
‫‪، -‬و ))))تثل اأستدـَدوى إتدل اللسدمحاء دوتهدي تددخابن ((‪-‬سورةا فصلت ‪ ، - 11 :‬فإن احتجاجه هذا ل يدل‬
‫على ما ذهب إليه ‪ ،‬لن خلق العال ل علقة له بالخلوقات الت كانت قبله ‪ ،‬و ل ف ذلك إشارةا إل‬
‫الادةا الت تخلق منها العال ‪ .‬و أما مسألة الزجمان فهي ليست مشكلة ف الشرع أصل ‪ ،‬لنه لا خلق ال‬
‫العال ظإهر الكان و الركة ‪ ،‬و الزجمان و الادةا ‪ .‬و إنا الزجمان تمشكلة عند ابن رشد و أصحابه الشائايم‬
‫القائاليم بأزلية العال و الركة ‪.‬و أما الزجمان الذي كان قائامحا قبل خلق ال للعال ‪،‬و التعلق بالخلوقات‬
‫الخرى ‪ ،‬فهو زمان خاصا با ‪ ،‬و ل دخل له بزجمان عالنا ‪ ،‬لن الزجمان نسب ‪،‬و ال تعال ل يده‬
‫زمان و ل مكان ‪،‬و هو خالق كل شيء ‪،‬و فعال لا يريد ‪.‬‬
‫و أما تأكيده على أن السمحاء أزلية دائامحة ‪ ،‬ل مبدأ لا و ل ناية ‪ ،‬فهو كلما باطل ‪،‬و ل يصح شرعا‬
‫ول عقل و ل علمحا ‪ ،‬لنه حكم على شيء غائاب عنه نشأةا و مصيا ‪،‬و ل تكن بيم يديه معطخيات‬
‫صحيحة علمحية ‪،‬و ل عقلية ‪،‬و ل شرعية تيكنه من إصدار ذلك الكم القاطع بأن العال أزل أبدي ‪.‬‬
‫و إنا العكس هو الصحيح ‪ ،‬فقد كانت أمامه نصوصا شرعية كثيةا و واضحة ‪ ،‬نصت صراحة على‬
‫بطخلن ما ادعاه ‪ ،‬و الت أكدت على أن العال ملوق و أنه سينتهي ل مالة ‪ ،‬كقوله تعال ‪ )) :‬دودخلددق‬
‫ت‬ ‫م‬
‫ك تذو األددلتل‬ ‫تكلل دشأيء فدـَدقلددرهت تدـَأقديراد ((‪-‬سورةا الفرقان ‪، - 2 :‬و ))تكمل دمأن دعدأليـَدها دفامن دويدأـَبـَدقى دوأجهت درب د‬
‫ت ((‪-‬سورةا‬ ‫ت دوإتدذا النمتجوتما اندكدددر أ‬ ‫س تكبودر أ‬ ‫ت‬ ‫ت ت‬
‫دواألأكدراما ((‪ -‬سورةا الرحن ‪ ، - 27 -26:‬و ))إدذا اللشأمح ت‬
‫غيـَدر‬
‫ض دأ‬ ‫ت ((‪ -‬سورةا النفطخار ‪ ، - 1 :‬و ))يدـَأودما تـَبدلدتل الدأر ت‬ ‫التكوير ‪ ، -2-1 :‬و ))إتدذا اللسدمحاء اندفطخددر أ‬
‫ت دوبدـَدرتزواأ لليته الأدواتحتد الأدقلهاتر ((‪ -‬سورةا إبراهيم ‪ . - 48 :‬فلمحاذا أغفل هذه النصوصا ؟‬ ‫ض دواللسدمحادوا ت‬‫الدأر ت‬
‫‪،‬و و هو قد ذكر بعض اليات الت تدل على خلق السمحوات و الرض ف كتابه الكشف عن مناهج‬
‫الدلة‪ ، 1‬لكنه ناقض نفسه عندما قرر عكس ذلك تاما و صراحة ف كتابه تلخيص السمحاء و العال ‪،‬‬
‫الذي أكد فيه على أزلية العال و أبديته‪، 2‬و جعل الشرع وراء ظإهره ‪،‬و خالفه صراحة ‪ ،‬ف أمر معروف‬
‫من دين السلما بالضرورةا ! فلمحاذا هذا التدليس و التغليط ‪،‬و الزدواجية ف الطخاب ؟ ! ‪.‬‬
‫و رابعا إنه كمحا أن زعم ابن رشد بأزلية العال و أبديته ل يصح شرعا ‪ ،‬فإنه ل يصح علمحا أيضا بدليل‬
‫الشواهد التية ‪ :‬أولا إن العلم الديث أثآبت أن العال ليس أزليا ‪ ،‬و له بداية تقدرت ب‪ 13 :‬مليار‬
‫سنة ‪ ،‬و أنه ستكون له ناية حتمحية‪ . 3‬و ثآانيها إن ابن رشد كان قد زعم أن العال العلوي أزل ل يفسد‬
‫و ل يتحلل ف السم و ل ف الركة‪ .‬و هذا زعم باطل ‪ ،‬لن الباثَ العلمحية الديثة أثآبتت أن العال‬
‫يسي إل النيار و الفناء ‪ ،‬و أن الشمحس –مثل‪ -‬ف طريقها إل الزجوال بسبب ما تفقده من طاقتها‬
‫تدرييا ‪ .‬و أن النجوما ف حالة ميلد و فناء من القدي إل يومنا هذا ‪ ،‬و لا آجال تمددةا تولد فيها و‬
‫توت كالدمييم ‪ .‬و تبيم من السابات العلمحية أن الرض عند تكيونا كان يومها تيساوي ‪ 4‬ساعات ‪،‬‬
‫و هو اليوما تيساوي ‪ 24‬ساعة ‪ ،‬بسبب تباطؤ سرعتها الورية‪. 4‬‬

‫‪ 1‬سابق ذكر بعضها ‪ ،‬لكن أنظر مثل ‪ ،‬ص ‪. 71 :‬‬


‫‪ 2‬أنظر ‪ ،‬ص‪. 188 :‬‬
‫‪ 3‬دافيد برجاميني ‪ :‬الكون ‪ ،‬دار الترجمة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ص‪ . 98 :‬و منصور حسب النبي ‪ :‬الزمان بين العلم و القرآن ‪ ،‬ص‪122 ،108 :‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ 4‬الكون ‪ ،‬ص‪ . 98 ،91 ،50 :‬و آن تري هوايت ‪ :‬النجوما ‪ ،‬ترجمة إساماعيل حقي ‪ ،‬ط ‪ ، 7‬دار المعارف ‪ ،‬مصر ‪ ، 1992 ،‬ص‪20 :‬‬
‫‪ . 21 ،‬و روبرت أغروس و جورج ساتانسيو ‪ :‬العلم في منظوره الجديد ‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة ‪ ،‬الكويت ‪ ،‬ص‪ . 61 ، 60 ، 9 :‬و‬
‫منصور حسب النبي ‪ :‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 100 ، 89 :‬‬
‫و الشاهد الثالث مفاده أن ابن رشد ادعى أن العال العلوي يتلف ف مادةا تكوينه عن العال السفلي‬
‫‪ ،‬فالول تمكيون من عنصر الثآي ‪ ،‬له خصائاص الوهر السمحاوي الزل ‪ .‬و أما الثان –أي العال‬
‫السفلي‪ -‬فتمحكيون من العناصر الرضية الربعة العروفة ‪ ،‬و هي ‪ :‬الاء ‪ ،‬و النار ‪ ،‬و التحاب ‪ ،‬و الواء ‪،‬‬
‫و هي أزلية أيضا ‪ .‬و زعمحه هذا باطل شرعا و علمحا ‪ .‬فأما شرعا فإن ال تعال نص صراحة ف القرآن‬
‫الكري ‪ ،‬على أن العال بأسره تخلق من مادةا واحدةا ‪ ،‬ف قوله تعال ‪ )) :‬أددودلأ يدـَدر التذيدن دكدفتروا أدلن‬
‫ها دودجدعألدنا تمدن الأدمحاء تكلل دشأيمء دحبي أدفددل يـَتأؤتمتنودن ((‪ -‬سورةا النبياء ‪:‬‬
‫ض دكاندـَدتا درأتقاد فدـَدفتدـَأقدنا تد‬
‫ت‬
‫اللسدمحادوات دواألدأر د‬
‫‪ . - 30‬و أما علمحا فقد تبيم حديثا أنه تيوجد تشابه كبي بيم مكونات العاليم العلوي و السفلي ‪،‬‬
‫لن العال بأسره أصل مادته واحدةا ‪ ،‬حسب نظرية النفجار العظيم‪ .‬فالشمحس مثل ‪ ،‬من مكوناتا ‪:‬‬
‫غازا اليدروجيم و الليوما ‪ ،‬يثل فيهيا الول ‪ 3/4‬من كتلتها ‪.‬و هذان الغازان موجودان ف الغلف‬
‫الغازي للرض‪. 1‬‬

‫و الشاهد الرابع –و هو الخي‪ -‬مفاده أن ابن رشد أدعى أن الزجمان أزل بناء على أزلية الادةا و‬
‫الركة ‪ ،‬و هذا زعم ل يصح شرعا و ل علمحا ‪ .‬فأما شرعا فبمحا أن ال تعال نص على أن العال ملوق‬
‫‪ ،‬فبالضرورةا أن ما ترتب عن هذا اللق من مادةا و زمان و حركة و مكان ‪ ،‬يكون ملوقا أيضا ‪ .‬و أما‬
‫علمحا فإن الباثَ العلمحية الديثة دلت على أن العال ملوق ‪ ،‬له بداية زمانية تمددةا حدثآت عند‬
‫حدوثَ النفجار العظيم ‪ ،‬فبدأت لظة الصفر الت هي لظة بداية الكون بادته و زمانه و مكانه‬
‫علمحا بأن الزجمان هو افتحاض ذهن ل وجود له –فيزجيائايا‪ -‬قبل اللق‪. 2‬‬
‫و خامسا إن إنكاره على القائاليم باللق من عدما –أي من ل شيء ‪، -‬و قوله بأن ذلك إذا تتؤمل‬
‫بالقيقة فهو ليس من شريعة السلمحيم ‪،‬و ل يقوما عليه برهان ‪ .‬فهو قول ل يصح شرعا و ل عقل و ل‬
‫علمحا ‪ .‬فأما شرعا فإننا إذا تأملنا النصوصا الشرعية تبيم منها أنا نصت على وجود نوعيم من اللق ‪،‬‬
‫ها ‪ :‬اللق من مادةا سابقن ‪ ,‬اللق من ل شيء ‪،‬و هذا أمر سبق أن بيناه و وثآقناه ‪.‬‬
‫و أما عقل فإن تبيراته الت ذكرها ف كتابه تلخيص ما بعد الطخبيعة‪ 3‬ما هي إل ظإنون و‬
‫تمحينات بناها على تمقدمات ظإنية وهية ‪ ،‬ل تصمحد أماما العقل الصريح ‪،‬و ل النقل الصحيح ‪ ،‬و ل‬
‫العلم الصحيح ‪ .‬فالعقل مثل ل ينع اللق من عدما بالنسبة للخالق عزج وجل ‪ ،‬فهو‪-‬أي العقل‪ -‬إذا‬
‫حكم باستحالة النسان أن تيوجد شيئِّا من ل شيء ‪ ،‬أو أن تيظهر شيئِّا من عدما ؛ فإنه ل تييل ذلك‬
‫ف حق ال تعال ‪ ،‬لنه هو الالق ‪ ،‬و كيف يكون خالقا ‪،‬و ل يستطخيع أن يلق من شيء و من غي‬

‫‪ 1‬منصور حسب النبي ‪ :‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪ . 108 :‬و الكون ‪ ،‬ص‪. 87 ، 13 :‬‬
‫‪ 2‬منصور حسب النبي‪ :‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪ . 126 ، 121 ، 120 ، 119 ،89 :‬و محمود فهمي زيدان ‪ :‬من نظريات العلم المعاصأر‬
‫إلى المواقف الفلسفية ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1982 ،‬ص‪ . 117 :‬و العلم في منظوره الجديد ‪ ،‬ص‪، 61 ، 60 ،21 ، 9 :‬‬
‫‪. 46‬‬
‫‪ 3‬أنظر مثل ص‪. 50 :‬‬
‫شيء ؟ ! ‪ ،‬فالخلوق هو الذي يعجزج عن اللق ‪،‬و أما الالق فل تيعجزجه شيء ‪ ،‬فهو يلق من شيء ‪،‬‬
‫و من غي شيء ‪ .‬لذا قال سبحانه و تعال ‪ )) :‬أدفددمحن ديألتتق دكدمحن لل ديألتتق أددفل تددذلكترودن ((‪ -‬سورةا‬
‫النحل ‪. - 17 :‬‬
‫و أما علمحا فإن فكرةا اللق من عدما‪-‬أي من لشيء‪ -‬أصبحت لا مكانتها ف علم الفيزجياء الديثة ‪،‬‬
‫و عنها يقول الفيزجيائاي منصور حسب النب ‪ )) :‬و ياليتها من نتيجة مذهلة يتحدثَ عنها علمحاء الفيزجياء‬
‫الن ‪ ،‬بعدما كانوا قديا يقولون ‪ :‬إن الادةا و الطخاقة ل تفن و ل تتستحدثَ ‪،‬و هذا صحيح طبعا ف‬
‫طور التسخي‪-‬أي بعد اللق‪ ، -‬أما ف طور اللق اللي فهناك قانونان ‪ ،‬أحدها ‪ :‬كن فيكون من‬
‫جهة ‪ ،‬و اللق من عدما من جهة أخرى (( ‪.‬و اللق من عدما ل يتاج مطخلقا إل زمن سابق لن‬
‫الزجمان هنا هو افتحاض ذهن ل وجود له فيزجيائايا عند بداية اللق ‪ ،‬و هو ما تيسمحى ف الفيزجياء الديثة‬
‫بأنه )) قفزجةا كمحية ف الزجمكان دون حاجة لادةا أو طاقة (( ‪. 1‬‬
‫و قال أيضا ‪ :‬إنه يب التمحييزج بيم اللق من عدما بل زمن ‪،‬و اللق بالمر اللي السخر بقوانيم‬
‫ت‬
‫ثآابتة ‪ ،‬و هو اللق من مادةا سابقة ‪ ,‬و اللق الول ل يتم إل ب ‪ :‬كن فيكون ‪،‬و ل يتاج لزجمان و ل‬
‫لادةا ‪ ،‬و ل لطخاقة ‪ .‬فهو خلق من ل شيء ف ل زمن ‪،‬و عندما تيوجد هذا النوع من اللق يصبح‬
‫خاضعا للنوع الثان من اللق الذي هو ف طور التسخي الاضع –ف الكان و الزجمان‪ -‬لقادير مددةا‬
‫ثآابتة يدرسها العلمحاء ‪ .‬و قال الفيزجيائاي ستيفن هوكنج ‪ )) :‬إن لظة النفجار العظيم ل تضع لقوانيننا‬
‫العادية الفيزجيائاية ‪ ،‬لنا تتوحي لنا باللق من عدما ((‪. 2‬‬
‫و بناء على ما ذكرناه ‪ ،‬فمحن الذي قوله ليس من شريعة السلمحيم و ل برهان عليه ‪ ،‬أهم القائالون‬
‫بإمكانية اللق من عدما –أي من ل شيء‪ ، -‬أما هم النكرون للخلق من عدما القائالون بأزلية العال و‬
‫أبديته كابن رشد و أصحابه ؟ ! ‪ .‬إنه زعم ابن رشد و أصحابه هو الذي ليس من شريعة السلما ‪،‬و ل‬
‫سند صحيح له من العقل و ل من العلم ‪.‬‬
‫و إتاما لذا الوضوع تأشي هنا إل آراء بعض الباحثيم العاصرين ف موقفهم من قول ابن رشد بأزلية‬
‫العال و ما يتصل به ‪ ،‬أذكر منهم أربعة ‪ ،‬أولم الباحث ممحد عمحارةا ‪ ،‬إنه يرى أن أخذ ابن رشد‬
‫بالتص يور الادي للطخبيعة ف قوله بأزليتها و تأويله للشرع ‪ ،‬فيه تثلت عبقريته ‪،‬و برزت القيمحة الكبى‬
‫لضافته البداعية الت أوصلته إل إياد أرضية مشتحكة بيم الادية و الثالية‪. 3‬‬
‫و قوله هذا ل يصح ‪،‬و فيه مبالغات ل مبر لا ‪ ،‬بدليل الشواهد التية ‪ :‬أولا إنه سبق أن أقمحنا‬
‫الدليل الشرعي و العقلي و العلمحي على بطخلن موقف ابن رشد ف قوله بأزلية العال و ما يتصل به ‪.‬و‬
‫تبيم أيضا أنه – أي ابن رشد‪ -‬مارس التأويل التحريفي ف تعامله مع النصوصا الشرعية ‪ ،‬مارسه تأويل و‬

‫‪ 1‬منصور حسب النبي ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 126 ، 124 ،123 :‬‬
‫‪ 2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 128 :‬‬
‫‪ 3‬محمد عمارة ‪ :‬المادية و المثالية ‪ ،‬ص‪. 61 :‬‬
‫إغفال بطخريقة انتقائاية موجهة للنتصار لذهبيته الرسطخية القائالة بأزلية العال ‪ .‬فهل عمحل كهذا تيسمحى‬
‫عبقرية و إبداعا ؟ ! ‪.‬‬
‫و الشاهد الثان مفاده أن القول بأزلية العال و القرار بالالق ليس جديدا ‪،‬و ل أبدعه ابن رشد ‪،‬‬
‫الذي هو على طريقة سلفه أرسطخو و أصحابه الشائايم ‪ ،‬فأية إضافة إبداعية أضافها بعبقريته الزجعزجمة ؟ !‬
‫‪ .‬و الشاهد الثالث مفاده أن ابن رشد أخطخأ ف ماولته التأويلية التحريفية ف تعامله مع النصوصا‬
‫الشرعية و انتصاره للرسطخية ‪ ،‬فخالف الشرع و العقل و العلم ف قوله بأزلية العال ‪ .‬و من هذا حاله ل‬
‫يصح وصف ما قاما به بأنه عمحل عبقري و إبداعي ‪ ،‬و إضافة لا قيمحة كبى ‪.‬‬
‫و الشاهد الخي – و هو الرابع‪ ، -‬مفاده أن طريقة ابن رشد ف ربط العلقة بيم القول بأزلية‬
‫الطخبيعة و القرار بالالق القائامحة على الركة الت تيركها عشقها لعشوقها ‪،‬و الذي هو علة غائاية‬
‫للعال ‪ ،‬هي طريقة ضعيفة جدا جدا ‪ ،‬و ل تستحق أن تتسمحى عبقرية و ل إبداعا ‪ ،‬و ل تصلح أن‬
‫تكون أرضية مشتحكة بيم الادية و الثالية ‪ .‬لن طريقته خالف با الشرع و العلم ‪،‬و ل تقوما على أساس‬
‫عقلي صحيح ‪ ،‬و إنا قامت على مقدمات ظإنية وهية ‪،‬و ل تقم على أساس اللزجوما و الضرورةا النطخقية‬
‫بيم ال و العال ‪ .‬لن القول بأزلية العال و أبديته و طبيعته اللية التمحثلة ف العقول الفارقة ‪ ،‬تعل‬
‫العلقة بينه و بيم ال تعال ليست ضرورية ‪،‬و يكن الستغناء عنها ‪ .‬لنه با أن العال أزل و عقوله‬
‫خالدةا أزلية ذات طبيعة إلية ‪،‬و لا تصيرف ف العال ‪ ،‬فيمحكننا أن نقول ‪ :‬إن ذلك العال كان ف‬
‫مقدوره أن يستغن عن ذلك العشوق الذي حركه بعشقه له ‪ ،‬لنه يتصف بصفات إلية تعله ليس ف‬
‫حاجة إل تلك الركة الزجعومة ‪ .‬فالعلقة بينهمحا علقة ظإنية وهية ل علقة ضرورةا و لزجوما ‪.‬‬
‫و هذا خلف ما إذا قلنا با يقوله الشرع و العقل الصريح و العلم الصحيح ‪ ،‬من أن العال ملوق‬
‫بعد أن ل يكن ‪ ،‬حيث تصبح العلقة بيم ال و العال علقة ضرورةا و تلزما ‪ ،‬لنه ل ملوق دون خالق‬
‫‪ ،‬فبمحا أن الخلوق موجود فالالق موجود بالضرورةا ‪ ،‬لنه ل بد للمحخلوق من خالق أزل خلقه ‪ .‬هذا‬
‫هو منطخق الشرع و العقل و العلم ‪ ،‬و هذه هي العبقرية و البداع ‪ ،‬اللذان يقومان على إليات الشرع‬
‫الت تمحع بيم الادية و الثالية بالطخريقة الصحيحة ‪.‬و أما تريفات و تلفيقات ابن رشد و أصحابه ‪،‬‬
‫فهي ليست من العبقرية و ل من البداع ف شيء ‪.‬‬
‫و أما ثآان هؤلء الباحثيم فهي زينب الضيي ‪ ،‬إنا ترى أن قول ابن رشد باللق الستمحر –أي‬
‫دواما الفاعلية‪ -‬مكنه تاما من حل)) مشكلة قدما أو حدوثَ العال ‪ ،‬فاللق مستمحر منذ الزل و إل‬
‫البد ‪ .‬فالعال قدي زمانا و إن كانت له علة خالقة هو ال ‪ ،‬الذي ل يكف عن اللق ‪ ،‬فالعال قدي‬
‫دائام (( ‪.‬و هو قد حل أيضا مشكلة علقة اليول‪-‬الادةا الول‪ -‬بالرك الول‪-‬أي ال‪ ، -‬فمحع قوله‬
‫بقدمها موافقا لرسطخو ‪ ،‬فإنه جعلها ف نفس الوقت ملوقة ‪ ،‬و بذا يكون قد حافظ على سلمة‬
‫العقيدةا ‪ .‬و قالت أيضا ‪ )) :‬إن العقل وحده ل يستطخيع القطخع أبدا بأحد الرأييم ‪ :‬هل العال قدي أما‬
‫حادثَ ؟ ‪ ...‬لن القوليم يتطخلبان منا ف الاليم الروج من الزجمان ‪،‬و بالتال تقيق الستحيل (( ‪،‬‬
‫فالستدلل العقلي ل يستطخيع إثآبات أحد الرأييم‪. 1‬‬
‫و ردا عليها أقول ‪ :‬أول إن ما ذكرته الباحثة ف قولا الول ‪ ،‬هو مرتبط بدواما الفاعلية ‪ ،‬العروف‬
‫بوادثَ ل أول لا ‪ ،‬و قد سبق أن ناقشنا هذه السألة ‪ ،‬و تبيم خطخأ ابن رشد فيها ‪ ،‬ما يعن أنه ل‬
‫يقدما حل ‪،‬و إنا طرح مشكلة عجزج عن حلها ‪ ،‬و خاض – من خللا – ف أمور غيبية ل يكنه البت‬
‫النهائاي فيها إل عن طريق الوحي ‪ .‬و هذا ل يفعله ابن رشد –مع وجود الوحي بيم يديه‪ ، -‬فلو عاد‬
‫إليه و اتذه منطخلقا له ف هذه السألة ‪ ،‬لوجده ينص على خلف ما ذهب إليه ‪.‬‬
‫و الل الذي أدعت أن ابن رشد قدمه ليس حل جديدا ‪ ،‬فهو رأي قدي قال به الدهريون الؤمنون‬
‫به و النكرون له على حد سواء ‪ .‬و قوله بالزلية هو قول دهري ‪ ،‬يصدق عليه قوله تعال ‪ )) :‬دودقالتوا‬
‫ك تمأن تعألمم إتأن تهأم إتلل يدظتمنودن ((‪-‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫ت دودأنديا دودما يـَتأهلتكدنا إتلل اللدأهتر دودما دتلم بتدذل د‬
‫دما هدي إتلل دحدياتتـَدنا المدنأـَديا دتنو ت‬
‫سورةا الاثآية ‪، - 24 :‬و رد عليهم ردا تمفحمحا عندما نص على أن قولم ليس لم فيه علم و ل‬
‫برهان ‪ ،‬و إنا أقاموه على الظن ‪ ،‬الذي ل يغن من الق شيئِّا ‪ ،‬الذي قال فيه سبحانه و تعال ‪)) :‬دودما‬
‫يدـَتلبتتع أدأكثدـَترتهأم إتلل ظإدنياد إدلن الظللن لد يـَتأغتن تمدن األدبق دشأيئِّاد إتلن الليهد دعدليبم ت دبا يدـَأفدعتلودن ((‪ -‬سورةا يونس ‪36 :‬‬
‫‪.-‬‬
‫و بناء على ذلك ل يصح أن تيقال ‪ :‬إن ابن رشد حل مشكلة القدما و الدوثَ ‪ ،‬لننا نعلم أن رأيه‬
‫القائال بأزلية العال و دواما الفاعلية ‪ ،‬هو رأي ل يصح شرعا و ل علمحا ‪،‬و هذا أمر سبق أن أثآبتناه و‬
‫وثآقناه ‪.‬و من هذا موقفه ل يصح أبدا القول بأنه حل مشكلة الدوثَ و القدما ‪ ،‬و إنا هو ساهم ف‬
‫تعقيد الشكلة انطخلقا من خلفيته الذهبية الرسطخية ‪ .‬علمحا بأن القول بأزلية العال هي الشكلة ‪،‬و ليس‬
‫القول بدوثآه و خلقه هو الشكلة ‪،‬و إنا القول بلقه هو الل الوافق للشرع و العقل و العلم ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن قولا ‪ :‬إن ابن رشد حل مشكلة علقة اليول بالرك الول ‪ .‬هو قول ل يصح ‪ ،‬لن‬
‫ابن رشد قال برأي أرسطخو ف أزلية العال با فيه مادةا الرض –اليول الول‪، -‬و وافقه أيضا على أن‬
‫عمحلية التك يون الفساد على الرض هي أزلية أيضا ‪،‬و إنا الفساد يلحق الفراد ل أنواع الكائانات‪.2‬و‬
‫هذه الزجاعم كلها باطلة شرعا و علمحا ‪ ،‬سبق أن بينا بطخلنا ‪ .‬و عليه فل يصح القول أبدا الزجعم بأن‬
‫ابن رشد حافظ على سلمة العقيدةا !! ‪ ،‬و إنا هو خالفها و جن عليها ‪ ،‬عندما قال بأزلية العال و‬
‫أبديته ‪.‬‬
‫و أما قولا الخي بأن العقل ل يستطخيع القطخع أبدا بدوثَ العال أو بأزليته ‪ ،‬فهو حكم قطخعي ل‬
‫يصح إصداره عقل ‪ ،‬لنه ل تيوجد مانع عقلي ينص على أن العقل وحده ل يستطخيع القطخع أبدا بأحد‬

‫‪ 1‬زينب محمد الخضيري ‪ :‬أثر ابن رشد في فلسفة العصور الوساطى ‪ ،‬ص‪. 239 ،238 ، 235 :‬‬
‫‪ 2‬سابق توثيق ذلك ‪،‬و أنظر أيضا ‪ :‬زينب عفيفي‪ :‬فلسفة ابن رشد ال‬
‫طبيعية ‪ ،‬ص‪ . 138 :‬و الموساوعة الفلسفية ‪ ،‬ص‪. 46 :‬‬
‫الرأييم إل بالروج من الزجمان ‪ .‬فهو حكم ليس لزما من لوازما العقل ‪،‬و ل ضرورةا من ضروراته ‪ .‬فل‬
‫تيوجد أي مانع عقلي من أن يبدأ العقل بالتأمل و البحث و الستنتاج ليصل إل التحجيح ث إل اليقيم‬
‫ف أمر حدوثَ العال من دون أن يرج من الزجمان ‪ ،‬ما يعن أن المر مكن و ليس مستحيل ‪ .‬و تيؤكد‬
‫ذلك أن ال تعال أمر النسان بالسي ف الرض و النظر و البحث فيها ليصل إل معرفة كيفية بداية‬
‫ف بدددأد األدألدق تثل اللهت تينتشتئ النلأشأددةا األتخدردةا إتلن‬ ‫اللق ‪ ،‬ف قوله سبحانه ‪)) :‬قتأل تسيتوا تف األدأر ت‬
‫ض دفانظتتروا دكأي د‬
‫اللهد دعدلى تكبل دشأيمء قدتديبر ((‪ -‬سورةا العنكبوت ‪ ، - 20 :‬فلو كانت معرفة بداية خلق العال و حدوثآه‬
‫مستحيلة ما أمر با ال تعال عباده بالسي ف الرض لعرفتها ‪،‬و با أنه أمر با فهي مكنة و ميسرةا لن‬
‫اتبع النهج العلمحي الصحيح ‪ .‬و هذا أمر قد تقق فعل ف العصر الديث عندما اتبع النسان النهج‬
‫العلمحي الصحيح الذي أمر به ال تعال ‪ ،‬فأصبح من الثابت علمحيا أن الكون له بداية و له ناية ‪،‬و‬
‫ليس أزليا و ل أبديا كمحا ادعى ابن رشد و أصحابه ‪.‬‬
‫و أما الباحث الثالث فهو ممحد عابد الابري ‪ ،‬فقد ذكر أن ابن رشد ف تناوله لسألة حدوثَ العال‬
‫تعامل مع )) فكر أرسطخو كمحا هو متحررا من الشكالت الت يطخرحها اللهوت السيحي و علم‬
‫الكلما الشعري‪ ... ،‬فقد تطخرق إل السألة –و هو يشرح أرسطخو‪ -‬من موقع الباحث الايد التحلي‬
‫بالوضوعية و المانة العلمحية (( ‪ .‬ث أورد قول لبن رشد يقول فيه ‪ )) :‬و نن نقول ف ذلك بسب‬
‫قوتنا و استطخاعتنا ‪،‬و بسب القدمات و الصول الت تقررت لدينا من مذهب هذا الرجل‪-‬أي‬
‫أرسطخو‪ -‬الذي وجدنا مذهبه كمحا يقول السكندر الفروديسي أقل الذاهب شكوكا ‪ ،‬و أشدها تمطخابقة‬
‫للواقع ‪،‬و أكثرها موافقة له و ملءمة ‪،‬و أبعدها عن التناقض ((‪, 1‬‬
‫و قوله هذا غي صحيح ف معظمحه ‪ ،‬لن ابن رشد إذا كان تمتحررا من اللهوت السيحي و الكلما‬
‫الشعري ‪ ،‬فإنه كان تمقيدا بالرسطخية و ل يكن تمتحررا من أغللا ‪،‬و كان منتصرا لا و مدافعا عنها ‪،‬و‬
‫تمتعصبا لا ‪،‬و ل يكن منتقدا لا على كثرةا تمالفتها للشرع و العقل و العلم‪ . 2‬فرجل هذا حاله ل يصح‬
‫القول بأنه كان تمايدا ‪ ،‬فهو ل يتلف عن أي باحث تمتعصب ينتصر لذهبه بق و بغي حق ‪.‬‬
‫و أما قوله بأنه كان تمتحليا بالوضوعية و المانة العلمحية ‪ ،‬فهذا ل يصدق عليه ف كل أحواله ‪ ،‬و ل‬
‫ف كل السائال الت خاض فيها ‪ .‬فقد تبيم بالدلة الدامغة أنه كان مزجدوج الشخصية و الطخاب ‪ ،‬و‬
‫مارس التأويل التحريفي ف تعامله مع النصوصا الشرعية ‪ ،‬و كثيا ما كان تمدلسا تمغالطخا ف مؤلفاته‬
‫العامة الوجهة لمحهور السلمحيم ‪ ،‬فقرر فيها أمورا خالفها صراحة ف كتبه الفلسفية ‪ .‬فهل رجل هذا‬
‫حاله تيقال ‪ :‬إنه كان متحليا بالوضوعية و المانة العلمحية ؟ ! ‪.‬‬

‫‪ 1‬الجابري ‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 170 :‬‬


‫‪ 2‬ذكرنا نماذج كثيرة من ذلك ‪،‬و سانذكر نماذج أخرى كثيرة في الفصول التية إن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫و أما آخرهم فهو الباحث ممحود فهمحي زيدان ‪ ،‬إنه يرى أن تنصوصا ابن رشد ف قدما العال أو‬
‫حدوثآه تميةا ‪ ،‬لنه يكن تفسي موقفه بأنه نصي التقدما بأدلة تمشتقة من أراء أرسطخو ‪ ،‬و يقول ف‬
‫))نفس الوقت أن ال علة وجود العال‪ ،‬و صانعه و خالقه و تمبدعه ‪ ،‬بل يستدل على التقدما من بعض‬
‫اليات القرآنية ليقول ليس بالقرآن نص على أن العال تخلق من عدما مض((‪.‬و لكن يكن تفسي‬
‫نصوصه على أنه تمتحدد بيم القدما و الدوثَ ‪ ،‬علمحا بأن النطخلق من التسليم با )) ورد ف الكتب‬
‫القدسة من أن ال خالق الكون ‪ ،‬هو أساس تصيور حدوثَ العال ‪ ،‬فإذا ل نبدأ هذه البداية فحجة‬
‫ال تقدما أقوى من حجة الدوثَ (( ‪.‬و أما الفلسفة الذين )) ل تنزجل ف أرضهم أديان ساوية ‪ ،‬أو ل‬
‫تيؤمنوا با ‪ ،‬فتصيور التقدما هو الراسخ ‪،‬و ل ينشأ الدوثَ على الطلق ‪ .‬و أساس القول بالقدما عند‬
‫أنصار القدما هو اعتقادهم بالبدأ ‪ :‬ل شيء تيوجد من ل شيء ‪ .‬و أن هذا الشيء لن يكون ال ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫لنم ل يتصيوروا خلق إله ل مادي لعال مادي من ذاته ((‬
‫و أقول ‪ :‬نعم إن نصوصا ابن رشد ظإاهرها تمتناقض ف موقفه من مسألة حدوثَ العال أو أزليته ‪،‬‬
‫لكن حقيقة أمره أنه ل يكن متناقضا و ل متحددا ‪ ،‬لنه كان يتعمحد الزدواجية ف الطخاب ف السائال‬
‫الفلسفية الرسطخية ا لخالفة للشرع ‪ ،‬فكان ينطخلق ف نظرته إليها من خلفيته الرسطخية ‪ ،‬فمحا وافقها من‬
‫ت‬
‫الشرع قبله ‪،‬و ما خالفها منه أيوله ‪ ،‬أو أغفله و أهله ‪ .‬ففي كتبه العامة تيظهر موقفه من الشرع و تأويله‬
‫له ‪،‬و قد تيظهر أيضا موقفه الفلسفي بطخريقة أو أخرى ‪ .‬لكنه ف كتبه الفلسفية تيصيرح بوقفه الفلسفي‬
‫الرسطخي الخالف للشرع صراحة من دون لف و ل دوران ‪،‬و بل تأويل للشرع ‪ ،‬بل و من دون ذكر له‬
‫ت‬
‫أصل ‪،‬و كأن المر عادي للغاية ‪ ،‬و قد مار س ذلك ف كتابيه تلخيص ما بعد الطخبيعة ‪،‬و تلخيص‬
‫السمحاء و العال ‪،‬و هذا أمر سبق إثآباته و توثآيقه ‪ ،‬كمحوقفه من الصفات و أزلية العال ‪.‬‬
‫و أما قوله بأن تحجج تقدما العال أقوى من حجج حدوثآه ‪ ،‬فهذا ل نوافقه عليه ‪ ،‬و العكس هو‬
‫الصحيح بفارق كبي بيم الجتيم ‪.‬و الددكتم هنا ليس ما قاله فلسفة اليونان و ل غيهم ‪ ،‬و إنا العقل‬
‫الفطخري الطخبيعي البيء من النرافات الفكرية ‪ .‬و ذلك أن القول بتقدما العال و أزليته يقوما أساسا على‬
‫ظإنون و توهات غيبية ‪ ،‬هي رجم بالغيب ‪ ،‬و قول بل علم ؛ قامت على مقدمات ظإنية لاولة معرفة‬
‫أصل العال أهو ملوق أما أزل ؟ ‪ .‬و القائالون بالقدما هم الدهريون الذين ذكرهم ال تعال ف قوله ‪:‬‬
‫ك تمأن تعألمم إتأن تهأم إتلل‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫ت دودأنديا دودما يـَتأهلتكدنا إتلل اللدأهتر دودما دتلم بتدذل د‬
‫))دودقالتوا دما هدي إتلل دحدياتـَدنا المدنأـَديا دتنو ت‬
‫يدظتمنودن ((‪-‬سورةا الاثآية ‪ . - 24 :‬فال تعال حكى زعمحهم و انتقدهم ف مستندهم العقلي بأنه ل‬
‫يقوما على العلم ‪،‬و إنا أقاموه على الظن ‪،‬و الظن ل تيغن من الق شيئِّا ‪.‬‬
‫و أما القول بدوثَ العال فهو خلف ذلك ‪ ،‬فحجته أقوى بكثي من حجة القائاليم بأزليته ‪ .‬و‬
‫حججه تستند إل اللمحوس و الستنتاج العلمحي الصحيح الذي ل تتخلله ظإنون و توهات ‪ ،‬و الدليل‬

‫‪ 1‬محمود فهمي زيدان ‪ :‬المرجع السابق ن ص‪. 135 ، 132 :‬‬


‫على ذلك الشواهد التية ‪ :‬أولا إن النسان إذا نظر ف ذاته نظرةا علمحية دقيقة فاحصة تبييم له أنه‬
‫ملوق ضعيف ‪ ،‬له بداية و له ناية ‪ .‬و هذا يصدق على كل الكائانات الية الت نراها على الرض ‪.‬و‬
‫أما الزجعم ‪-‬با قاله الشاؤون‪ -‬بأزلية النواع فهو مرد ظإن ل دليل على صحته ‪ ،‬عكس مسألة خلق‬
‫النسان كفرد فهي مسألة مسومة ل شك فيها ‪.‬‬
‫و الشاهد الثان مفاده أن مظاهر الطخبيعة تشهد على أنا تمسخرةا لدمة النسان ‪ ،‬و قائامحة على‬
‫قانون العلية ‪ ،‬الذي يقوما الفتقار ‪ .‬فلكل معلول علة ‪ ،‬و لكل علة معلول ‪ ،‬و هكذا دواليك ‪ .‬ما يعن‬
‫أن العال بأسره تمفتقر إل خالق خلقه ‪.‬‬
‫و الشاهد الثالث مفاده أنه با أن العال السفلي مشهود بأن كائاناته ملوقة زائالة لا بداية و ناية ‪،‬‬
‫فلمحاذا ل يكون كل العال على هذه الالة ؟ ‪ .‬بعن أنه يكون ملوقا زائال تمفتقرا إل غيه ‪ ،‬خاصة و‬
‫نن نرى العال تمسيخر يسي وفق نظاما تمكم ‪ .‬فإذا كان هذا النسان العاقل الريد ملوقا ‪ ،‬فمحن باب‬
‫أول أن تكون المحادات و الخلوقات الخرى هي أيضا ملوقة ‪.‬‬
‫و الدليل القاطع على صحة ما قلناه أمران ‪ :‬أولمحا أن الشرع الكيم أكد على ما قلناه ف آيات‬
‫كثيةا جدا ‪ ،‬تكيلمحت عن الفطخرةا ‪،‬و تسخي العال للنسان ‪.‬و ثآانيهمحا أن العلم الديث هو أيضا‬
‫أثآبت بأدلة كثيةا على أن العال حادثَ ملوق منذ أكثر من ‪ 13‬مليار سنة ‪،‬و هو سائار إل الزجوال ‪.‬‬
‫لكن القائاليم بقدما العال ليس لم إل الشبهات الخالفة للشرع و العلم و العقل الفطخري الصريح ‪.‬و‬
‫موقفهم ما هو إل رجم بالغيب ‪،‬و هروب من الواقع السوس ‪،‬و تعلق بالظنون و الوهاما ‪ ،‬و من هذا‬
‫حالم ل يصح أن تيقال‪ :‬إن حجتهم ف القدما أقوى من حجة القائاليم بالدوثَ ‪.‬‬
‫و أما ذكره لبدأ ‪ :‬ل شيء تيوجد من ل شيء ‪ ،‬فقد سبق أن تطخيرقنا إليه عندما تناولنا موضوع اللق‬
‫من عدما ‪ ،‬و بيينا تافته شرعا و عقل و علمحا ‪ ،‬و أنه ل يقوما على أساس علمحي صحيح ‪ ،‬و إنا يقوما‬
‫على ظإنون و شبهات و تمحينات ل تغن من الق شيئِّا ‪.‬‬
‫و قبل إناء مبحثنا هذا تأشي هنا إل أن ابن رشد كان ظإاهر التناقض ف موقفه من خلق العال و‬
‫أزليته ‪ ،‬بدليل الشواهد التية ‪ :‬أولا إنه قرر طريقة القرآن الكري ف خلق العال ف كتابه الكشف عن‬
‫مناهج الدلة ‪،‬و ذكر أن العال ملوق تمتحع مفعول ل تعال ‪ .‬لكنه خالف ذلك ف كتابيه تلخيص ما‬
‫بعد الطخبيعة ‪،‬و تلخيص السمحاء و العال ‪ ،‬عندما قال‪ :‬إن العال أزل أبدي ‪ .‬فهذا تناقض صارخ وقع‬
‫فيه ابن رشد ! ‪ ،‬فهو إما أنه ذكر ما قاله القرآن من باب العرض و التقرير و الوصف تلا جاء ف‬
‫القرآن ‪،‬و ل يقله اعتقادا و إيانا بذلك ‪ .‬و إما أنه كان يقصد باللق و الفعل و الختحاع العن‬
‫الرسطخي الذي يعن إخراج ما بالقوةا إل الفعل ‪،‬و ل يكن يقصد العن الشرعي للخلق ‪ .‬و إما أنه كان‬
‫يعتقد المرين معا ‪ ،‬و هذا وارد و هو الصحيح ‪ ،‬لنه يتفق مع قوله بأزلية العال و أبديته‪ .‬فهذه ماولة‬
‫لتفسي تناقضه الذي ينطخوي على التدليس و التغليط و التضليل للقراء ‪.‬‬
‫و الشاهد الثان مفاده أن ابن رشد قال ‪ :‬إن الفلسفة قالوا بأن ال أخرج العال من العدما إل‬
‫الوجود ‪ .‬لكنه قال أيضا ‪ :‬إن الفلسفة ل يقولون باللق من عدما ‪،‬و تيالفون الشاعرةا ف قولم‬
‫بذلك ‪ ،‬ث انتصر للفلسفة و اشتد ف نقد الشاعرةا‪ . 1‬و قوله هذا ظإاهر التناقض على طريقته الزجدوجة‬
‫الطخاب ‪ ،‬فكان عليه أن تيدد مقصوده بدقة و وضوح ‪ ،‬من دون غمحوض و ل تدليس ‪ ،‬لكنه ل‬
‫يفعل ذلك و سار على طريقته التأويلية التحريفية الرسطخية ف معن العدما ‪ .‬فالعدما الذي أثآبته للفلسفة‬
‫القصود به إخراج ما بالقوةا إل الفعل ‪ ،‬الذي يعن إياد شيء من شيء‪ .‬و أما العدما الذي نفاه عنهم‬
‫فهو إياد شيء من ل شيء ‪ .‬لكنه ل تيفرق بيم الفهوميم ‪ ،‬ما جعل كلمه ظإاهر التناقض ‪ ،‬يتضمحن‬
‫تدليسا و تغليطخا و تضليل للقراء ‪.‬‬
‫و الشاهد الثالث‪ -‬و هو الخي‪ -‬مفاده أن ابن رشد وافق الفلسفة –فيمحا حكاه عنهم‪ -‬بأنم‬
‫قالوا‪ :‬إن ال مريد تمتار ‪،‬و أفعاله صادرةا عنه من غي ضرورةا ‪ ،‬ذكر ذلك عنهم و دافع عنه ‪،‬و انتصر‬
‫لرأيهم ‪ . 2‬لكنه من جهة أخرى قال ‪ :‬إن العال أزل بالضرورةا ‪،‬و أن ال ل يصدر عنه إل واحد فقط‬
‫باللزجوما‪ . 3‬فهذا تناقض واضح ‪ ،‬كيف يكون ال مريدا متارا يفعل من غي ضرورةا ‪ ،‬ث يكون العال صدر‬
‫عنه ضرورةا ‪،‬و ل يصدر عنه إل واحد باللزجوما ؟ ! ‪ .‬إنه ذكر قوله الول ف كتابه التهافت الذي وجهه‬
‫لمحهور السلمحيم ‪،‬و ذكر قوله الثان ف كتابه تلخيص ما بعد الطخبيعة الذي وجهه إل الفلسفة ‪ .‬ففي‬
‫الول دذير الرماد ف عيون السلمحيم و غيلطخهم ليد بذلك الشناعات الت شينع با أبو حامد الغزجال على‬
‫الفلسفة ف نفيهم لصفت الرادةا و الختيار ‪ .‬و ف الثان كشف عن حقيقة موقفه ف نفيه للصفات‬
‫الختيارية القائامحة بذات ال تعال ‪ .‬و هذه الطخريقة عودنا عليها ابن رشد ‪ ،‬فهو مزجدوج الطخاب ‪،‬‬
‫أرسطخي النطخلق و الغاية ‪ ،‬ينتصر لرسطخيته بكل الوسائال التاحة أمامه ‪ ،‬حت و إن خالفت الشرع و‬
‫العقل و العلم ‪ ،‬و أخلقيات البحث العلمحي النزجيه ‪.‬‬

‫و ختاما لذا الفصل – و هو الثان‪ -‬يتبيم منه أن ابن رشد ل تيوفق تاما التوفيق ف عرضه لطخريقة‬
‫الشرع ف إثآبات وجود ال تعال ‪ .‬فقد تللتها نقائاص كثيةا بسبب مذهبيته الرسطخية ‪ ،‬الت أوقعته ف‬
‫تناقضات و أخطخاء فاحشة ف موقفه من صفات ال ‪،‬و قوله بأزلية العال ‪.‬‬
‫و تب ييم أيضا أنه كان مزجدوج الطخاب ف السائال الفكرية التعلقة بالشرع و الفلسفة معا ‪ .‬فكان ظإاهر‬
‫التناقض ف موقفه منها ‪ ،‬تمستخدما للتأويل التحريفي ف مسألت الصفات و أزلية العال ‪ ،‬انتصارا‬
‫لذهبيته الرسطخية ؛ فكان هه الول النتصار لا ‪،‬و أرسطخة ما تيالفها ‪ ،‬فإن ل يستطخع رفضه و أغفله‬
‫و أهله ‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن رشد‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 259 ، 127 ،126 :‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 127 :‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪. 153 ، 149 :‬‬
‫و أتضح أيضا أن النفي و التعطخيل غلبا عليه ف موقفه من الصفات اللية ‪ ،‬حت أنه وصف ال تعال‬
‫بالعجزج و عدما العلم ‪ ،‬عندما زعم أن ال ل يعقل إل ذاته ‪،‬و أن العال صدر عنه ضرورةا ‪،‬و أنه ل‬
‫يصدر عنه إل واحد فقط بالضرورةا ‪.‬و أما إثآباته لبعض الصفات ف كتبه العامة الوجهة لمحهور‬
‫السلمحيم ‪ ،‬فكثيا ما كان فيها مدلسا مغالطخا ‪ ،‬تظاهر بإثآباتا و أيولا تأويل باطنيا تريفيا ‪.‬‬
‫و تبيم أيضا أنه قال فعل بأزلية العال ف بعض مؤلفاته الفلسفية ‪ ،‬و أخفى ذلك ف كتبه العامة ‪،‬و‬
‫أيول بعض النصوصا تأويل تريفيا على مقاسه لتيطخيوعها وتيؤرسطخها و تيؤيد با زعمحه بأزلية العال و أبديته‬
‫‪ .‬لكنه فشل ف ذلك فشل ذريعا ‪ ،‬فخالف بذلك النقل الصحيح ‪،‬و العقل الصريح ‪،‬و العلم‬
‫الصحيح ‪،‬و بقيت ماولته التأويلية نوذجا سيئِّا للتأويل الباطن الرشدي التحريفي ‪.‬‬
‫‪...........................................................................‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫نقد موقف ابن رشد من السنة النبوية و مذهب أهل الحديث و مواضيع أخرى‬

‫أول ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من السنة النبوية ‪.‬‬


‫ثانيا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من مذهب أهل الحديث ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من الهداية و الضللا ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من وجود الشر في العالم ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬نقد ابن رشد في استخدامه لبعض المصطلحاتا ‪.‬‬
‫‪..................................................‬‬
‫نقد موقف ابن رشد من السنة النبوية و مذهب أهل الحديث و مواضيع أخرى‬

‫اتذ أبو الوليد بن رشد الفيد مواقف متمحيزجةا من مواضيع تتعلق بالسنة النبوية الطخهرةا ‪،‬و مذهب‬
‫أهل الديث ‪،‬و الداية و الضلل ‪،‬و مواضيع أخرى جعلته – أي تلك الواقف ‪ -‬مل انتقاد و اعتحاض‬
‫من قبلنا ‪ ،‬نذكرها فيمحا يأت تباعا ‪ ،‬إن شاء ال تعال ‪.‬‬
‫أول ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من السنة النبوية ‪:‬‬
‫نصص هذا البحث لنقد موقف ابن رشد من السنة النبوية ‪ ،‬من حيث مكانتها عنده كمحصدر‬
‫أساسي للتشريع بعد القرآن الكري من جهة ؛و مدى استخدامه لا ‪،‬و كيفية تعامله معها من جهة‬
‫أخرى ‪ .‬فبخصوصا مكانة السنة النبوية عنده ‪ ،‬فتيلحظ عليه قلة اهتمحامه با‪، 1‬و إغفاله لا ف مواضع‬
‫يستدعي القاما ذكرها و الحتكاما إليها ‪،‬و اللتزجاما با‪ . 2‬و الدليل على ذلك أنن ل أعثر له – ف كتبه‬
‫الكلمية و الفلسفية‪ -‬على ما يدل على اهتمحامه بالسنة و العلن من شأنا ‪،‬و الدعوةا إل الحتكاما‬
‫إليها ‪،‬و إنا عثرت على ما تيوحي إل عكس ذلك ؛ أذكر منه نصيم من أقواله ‪ ،‬أولمحا إنه عندما ذكر‬
‫الطخرق الت استخدمها الشرع ف تعليم متلف فئِّات الناس قال ‪ :‬إنا هي الطخرق الت )) تثبت ف‬
‫الكتاب فقط ‪ ،‬فإن الكتاب العزجيزج إذا تتؤمل توجدت فيه الطخرق الثلثَ الوجودةا لمحيع الناس ((‪. 3‬‬
‫ص على الكتاب و أغفل السنة النبوية بطخريقة تتوحي‬ ‫و قوله هذا ناقص من جانبيم ‪ ،‬الول إنه ن ي‬
‫و كأنه تيرج السنة من أن تكون مصدرا يب الحتكاما إليه ‪ ،‬و ذلك عندما قال ‪ )) :‬الكتاب‬
‫فقط (( ! ‪ .‬و الانب الثان أنه أغفل طرق الطخاب و القناع الكثيةا الت استخدمها رسول ال‪-‬عليه‬
‫الصلةا و السلما‪ -‬ف دعوةا الناس إل دين السلما ‪ ،‬إنه استخدما طرقا كثيةا جدا ‪ ،‬ف رده على‬
‫شبهات الشركيم و اليهود و النصارى ‪ ،‬و مادلته لم با تيفحمحهم و تيبطخل مزجاعمحهم ‪،‬و أمره بأن‬
‫تيادلم بالت هي أحسن ‪ .‬كمحا أنه استخدما طرقا أخرى ف تربيته للمحسلمحيم و الرد على تساؤلتم ‪.‬و‬
‫هذه الطخرق مبثوثآة ف كتب السنة و السيةا و الغازي و التاريخ ‪ ،‬كان عليه أن يرجع إليها للستفادةا‬
‫منها ‪.‬‬

‫و أما النص الثان فمحفاده أن ابن رشد عندما استنكر ما وصل إليه السلمحون –بعد الصحابة‪ -‬من‬
‫اختلف و تفيرق و كراهية بسبب استخدامهم للتأويل ‪ ،‬قال ‪ )) :‬فيجب على من أراد أن يرفع هذه‬
‫‪ 1‬قنا ‪ :‬قلة اهتماما ‪،‬و لم نقل ‪ :‬أنكر السنة ‪ ،‬أو أهمل السنة نهائيا ‪.‬‬
‫‪ 2‬سانذكر نماذج من ذلك قريبا ‪ ،‬إن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 123 :‬‬
‫البدعة عن الشريعة أن يعمحد إل الكتاب العزجيزج ‪ ،‬فيلتقط منه الستدللت الوجودةا ف شيء ما تكلفنا‬
‫اعتقاده‪. 1(( ...‬‬
‫و قوله هذا ناقص هو أيضا ‪ ،‬لن الشرع كلفنا و أمرنا صراحة بالرجوع إل الكتاب و السنة معا ‪،‬‬
‫و ليس إل الكتاب وحده ‪،‬و ل إل السنة وحدها ‪ ،‬الت هي أيضا مليئِّة بطخرق الدعوةا و الستدلل ‪،‬و‬
‫إل ما أمرنا الشرع بإتباعها ‪،‬و هذا أمر معروف من دين السلما بالضرورةا ‪،‬و ل يصح أن يغيب عن‬
‫مسلم ‪.‬‬
‫و أما بالنسبة لدى استخدامه للسنة النبوية ‪ ،‬فهو بل شك قد استخدما طائافة منها ‪ ،‬ف كتبه‬
‫الكلمية و الفلسفية ‪ ،‬منها أنه استخدما ‪ 5‬أحاديث ف كتابه فل القال‪ ، 2‬و استخدما ‪ 14‬حديثا ف‬
‫كتابه الكشف عن مناهج الدلة‪ . 3‬لكنها قليلة ‪ ،‬كان ف مقدوره استخداما أكثر من ذلك ‪ ،‬خاصة و‬
‫أنه تناول مواضيع متنوعة لا علقة وطيدةا بأحاديث كثيةا ‪ ،‬الفروض أنا ل تغيب عنه بكم أنه فقيه‬
‫من كبار قضاةا الالكية ‪.‬‬
‫و أما الحاديث الت غابت عنه أو أغفلها‪ ، 4‬فمحنها أربعة أحاديث ‪ ،‬أولا حديث صحيح يقول‬
‫فيه رسول ال –عليه الصلةا و السلما‪ )) : -‬كان ال ول يكن شيء قبله وكان عرشه على الاء ث‬
‫خلق السمحاوات والرض وكتب ف الذكر كل شيء ((‪ . 5‬و هذا حديث عظيم له علقة مباشرةا‬
‫بوضوع خلق العال ‪،‬و القضاء و القدر ‪ ،‬لكن ابن رشد ل يذكره عندما تطخرق إل موضوع خلق العال‬
‫ت عليها ‪ ،‬كالفصل ‪،‬و الكشف ‪،‬و التهافت ‪،‬و تلخيص ما بعد‬ ‫ف كتبه الكلمية و الفلسفية الت أطلع ت‬
‫الطخبيعة ‪ .‬فكان من الفروض عليه أن يذكره و يعتمحد عليه ‪ ،‬مع أنه تيالفه ف قوله بأزلية العال ‪،‬و ربا‬
‫هذا هو السبب الذي جعله يغفله ‪.‬‬
‫و أما الديث الثان فهو حديث صحيح ‪ ،‬يقول فيه رسول ال –عليه الصلةا و السلما‪)) : -‬لا‬
‫قضى ال اللق كتب كتابا عنده غلبت ‪ -‬أو قال سبقت ‪ -‬رحت غضب فهو عنده فوق‬
‫العرش ((‪. 6‬و هذا حديث هاما جدا ‪ ،‬يتعلق بلق العال ‪ ،‬و الصفات اللية ‪ ،‬و القضاء و القدر ‪،‬‬
‫لكن ابن رشد ل يذكره ف الواضع الت تناول فيها تلك الواضيع ف كتبه الكلمية و الفلسفية الت‬
‫تيكنت من الطلع عليها ‪.‬‬
‫و الديث الثالث يتعلق بوضوع الرؤيا ‪ ،‬و هو حديث صحيح يقول فيه النب‪-‬عليه الصلةا و‬
‫السلما‪)) : -‬الرؤيا ثآلثآا ‪ :‬فالرؤيا الصالة بشرى من ال عزج وجل ‪ ،‬والرؤيا تزجين من الشيطخان ‪ ،‬والرؤيا‬

‫‪ 1‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 124 :‬‬


‫‪ 2‬حسب فهرس الحاديث التي في آخر الكتاب‪ ،‬ص‪. 131 :‬‬
‫‪ 3‬حسب فهرس الحاديث التي في آخر الكتاب ‪ ،‬ص‪. 213 :‬‬
‫‪ 4‬ربما يكون قد ذكرها في مؤلفات أخرى ‪ ،‬لكنه لم يذكرها في المواضع التي كان من المفروض أو من المستحسن ذكرها فيها ‪،‬و هي‬
‫التي سانذكر نماذج منها ‪.‬‬
‫‪ 5‬البخاري ‪ :‬الجامع الصحيح ‪ ،‬رقم الحديث ‪ ، 6982 ،‬ج ‪ 6‬ص‪. 2699 :‬‬
‫‪ 6‬نفس المصدر ‪ ،‬رقم الحديث ‪ ، 7114 ،‬ج ‪ 6‬ص‪. 2745 :‬‬
‫من الشيء يدثَ به النسان نفسه ((‪ 1‬و هذا الديث ل يذكره ابن رشد عندما تكلم عن موضوع‬
‫لس و السوس ‪ ،‬فكان ما قاله ‪ )) :‬و إنا كان بعض الناس أصدق رؤيا من‬ ‫الرؤيا ف كتابه تلخيص ا ت‬
‫بعض ‪،‬و أكثر رؤيا ف النوما من بعض ‪ ،‬لوضع تفاضلهم ف هذه القوةا ‪ ،‬أعن قوةا التخيل ((‪ . 2‬فهو‬
‫هنا ل يذكر الديث النبوي الذي ذكرناه ‪،‬و ل الحاديث الخرى التعلقة بالرؤى و الحلما ‪ ،‬و بعن‬
‫آخر أنه أغفل السنة النبوية تاما ‪ .‬و قيدما تفسيا مغايرا لسبب صدق الرؤيا ف الشرع بناء على الديث‬
‫النبوي ‪ ،‬فهو جعل سبب صدقها قوةا التخيل ‪ ،‬لكن الديث قيسمحها إل ثآلثآة أنواع ‪ ،‬الول هي‬
‫الصحيحة لنا تبشرى من ال تعال ‪ .‬فابن رشد أغفل الديث ‪،‬و خالفه ف التفسي ‪ ،‬و أخطخأ ف‬
‫تعليله لصدق الرؤيا بالتخييل ‪ .‬لن معن كلمه هو أن النسان هو الذي يتحكم ف صدق رؤياه‬
‫بالتخيل ‪ ،‬فكلمحا كان أقوى تيل كان أصدق رؤيا ‪ ،‬و هذا مالف للحديث‪ ،‬و للواقع الذي يشهد أن‬
‫النسان ل يتحكم ف صدق رؤياه بالتخيل و ل بغيه ‪.‬‬

‫و أما الديث الخي – أي الرابع‪ -‬فهو حديث صحيح يتعلق بدور الرأةا ف نوع النيم من حيث‬
‫الذكورةا و النوثآة ‪ ،‬يقول فيه النب –عليه الصلةا و السلما‪ )) : -‬ماء الرجل أبيض وماء الرأةا أصفر ‪،‬‬
‫فإذا اجتمحعا فعل من الرجل من الرأةا أذكرا بإذن ال ‪ ،‬وإذا عل من الرأةا من الرجل آنثى بإذن‬
‫‪3‬‬
‫ص صراحة على أن كل من الرأةا تيساهم ف نوع النيم من حيث الذكورةا و‬ ‫ال ‪ . ((...‬فهذا الديث ن ي‬
‫‪4‬‬
‫ص‬‫النوثآة ‪ ،‬لكن ابن رشد أغفله و خالفه عندما تناول هذا الوضوع ف كتابه الكليات ف الطخب ‪،‬و ن ي‬
‫على أن من الرجل وحده هو السبب ف تكيون النيم و نوعه ‪ ،‬موافقا لرسطخو و منتصرا لرأيه‪ . 5‬فهو‬
‫هنا خالف الديث الصحيح ‪،‬و الطباء الذين حالفوا أرسطخو و انتقدوه فيمحا ذهب إليه‪ . 6‬و قد بييم‬
‫العلم الديث خطخأ أرسطخو و ابن رشد فيمحا قال به ‪،‬و وافق ما جاء ف الديث النبوي من أن كل من‬
‫الرجل و الرأةا له دور ف تكيون النيم و نوعه ‪،‬و هذا أمر أصبح من القائاق الثابتة الت ل تتاج إل‬
‫توثآيق ‪.‬‬

‫و تأشي هنا أيضا إل أن ابن رشد ل تيالف الديث فقط برأيه الذي قال به ‪،‬و إنا خالف أيضا القرآن‬
‫الكري ‪،‬و كبار مفسري السلف ‪ .‬لن القرآن أشار إل دور الرجل و الرأةا ف تكيون النيم ف قوله‬
‫تعال ‪ )) :‬إتلنا دخلدأقدنا ا أتلندسادن تمن نمطخأدفمة أدأمدشامج ((‪ -‬سورةا النسان ‪ ،- 2 :‬بعن من نطخفة أخلط ‪،‬‬

‫‪ 1‬ناصأر الدين اللباني ‪ :‬السلسلة الصحيحة ‪ ،‬مكتبة المعارف ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬ج ‪ 8‬ص‪. 15 :‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص الحس و المحسوس ‪ ،‬حققه ه ‪ .‬جاتيه ‪ ،‬فيسبادن ‪ ، 1961 ،‬ص‪. 91 :‬‬
‫‪ 3‬مسلم ‪ :‬الجامع الصحيح ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي دار إحياء التراث العربي – بيروت ‪ ،‬رقم الحديث ‪ 315 :‬ج ‪ 1‬ص‪. 252 :‬‬

‫‪ 4‬لم أتحصل على هذا الكتاب ‪ ،‬لكنني نقل ت‬


‫ت ذلك عن الباحث محمد عابد الجابري فالعهدة عليه ‪.‬‬
‫‪ 5‬الجابري‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 236 ،235 :‬‬
‫‪ 6‬ابن قيم الجوزية ‪ :‬التبيان في أقساما القرآن ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ص ‪. 211 ، 210 :‬‬
‫لن الشج هو الخلط ‪ ،‬و معناه أخلط من ماء الرجل و ماء الرأةا ‪ ،‬و هذا قال به طائافة من علمحاء‬
‫السلف الول ‪ ،‬كابن عباس ‪،‬و تعكرمة ‪ ،‬و ماهد ‪ ،‬و السن البصري و غيهم‪. 1‬‬

‫و من مظاهر إغفال ابن رشد للسنة النبوية أيضا ‪ ،‬أنه عندما زعم أن الشرع خاطب المحهور‬
‫ص الفلسفة بالتأويل البهان لتلك النصوصا الت هي كفر يب تأويله‪. 2‬أغفل‬ ‫بظواهر النصوصا ‪،‬و خ ي‬
‫سنة النب و سيته‪-‬عليه الصلةا و السلما‪، -‬و ل يتكم إليها ليعرف أكان زعمحه صحيحا أما باطل ؟ ‪.‬‬
‫فلو رجع إليها لعرف أنه كان تمطخئِّا ‪ ،‬لننا نعلم أن رسول ال أقاما دعوته على الصدق ‪،‬و الق ‪ ،‬و‬
‫المانة ‪ ،‬و الكمحة ‪ ،‬و الوضوح ‪ ،‬و ل تيقمحها على التدليس و التغليط و ازدواجية الطخاب و الشخصية‬
‫ف تعامله مع عامة الناس و خاصتهم ‪ .‬و قولنا هذا ل يتاج إل توثآيق ‪ ،‬فهو متواتر يشهد له القرآن‬
‫الكري ‪،‬و الروايات الديثية و التاريية‪.‬‬
‫و أما فيمحا يص كيفية تعامل ابن رشد مع الحاديث النبوية الت ذكرها ف مؤلفاته الكلمية و‬
‫الفلسفية ‪ ،‬فسأذكر من ذلك سبعة أحاديث كشواهد على ما أريد أن أقوله ‪ .‬أولا إنه عندما ذكر‬
‫حديث الارية الت سألا النب‪-‬عليه الصلةا و السلما‪ -‬بقوله ‪ :‬أين ال ؟ ‪ ،‬فقالت ‪ :‬ف السمحاء ‪ .‬فقال‬
‫‪ )) :‬اعتقها فإنا مؤمنة ((‪ . 3‬فإن ابن رشد زعم أن حل هذا الديث على ظإاهره كفر ‪ ،‬و يب‬
‫تأويله ‪ ،‬و الرسول‪-‬عليه الصلةا و السلما‪ -‬قال ذلك للجارية لنا ل تكن من أهل البهان الذين‬
‫عليهم تأويل هذا الصنف من النصوصا الشرعية‪. 4‬‬
‫و قوله هذا هو زعم باطل مرتبط بالتأويل التحريفي ‪ ،‬وقد سبق أن ناقشناه و أبطخلنا مزجاعم ابن رشد‬
‫ف ذلك ف الفصل الول من جهة ‪ ،‬و هو أيضا رد للحديث ‪ ،‬و اتاما لرسول ال من جهة أخرى بأنه‬
‫أقر مسلمحة على ظإاهر هو كفر ‪ ،‬و خادعها عندما ل تيبيم القيقة على حد زعم ابن رشد ؛ و حاشا‬
‫لرسول ال أن يفعل ذلك ‪ ،‬فهذا افتحاء على ال و رسوله ‪ ،‬و رد للنصوصا الشرعية ‪ .‬فعجبا من ابن‬
‫رشد ما ذا فعل ف نفسه ؟ ! ‪ ،‬و أين أوصله تعصبه الذهب ‪ ،‬حت يزجعم ذلك الزجعم الباطل ؟ ! ‪.‬‬
‫و الشاهد الثان يتعلق بديث ذكره ابن رشد يقوله ‪ )) :‬و لذلك قال عليه السلما‪ :‬إنا معشر النبياء‬
‫تأمرنا أن تننزجل الناس منازلم‪،‬و أن تناطبهم على قدر عقولم ((‪ . 5‬هذا الديث أورده ابن رشد و استدل‬
‫به على ما ذهب غليه من ضرورةا التفريق بيم طريقة تعليم المحهور ‪،‬و طريقة تعليم الواصا ‪ ،‬من دون‬
‫أية إشارةا إل رواةا الديث و درجته من حيث الصحة و السقم ‪ .‬و عليه فنحن نقول ‪:‬‬

‫‪ 1‬ابن كثير ‪ :‬تفسير القرآن العظيم ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص‪ . 582 :‬و الراغب الصأفهاني ‪ :‬مفردات القرآن ‪ ،‬ص‪. 1368 :‬‬
‫‪ 2‬سابق التوساع في ذلك و توثيقه في الفصل الول ‪.‬‬
‫‪ 3‬مسلم ‪ :‬الصحيح ‪ ،‬رقم الحديث ‪ ، 537 :‬ج ‪ 1‬ص‪. 381 :‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 111 :‬‬
‫‪ 5‬ابن رشد ‪ :‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪. 159 :‬‬
‫أول إن الديث بالصيغة الت ذكرها ل تيوجد ف كتب الديث السنية العتمحدةا ‪ ،‬كالصحاح ‪ ،‬و‬
‫السنن ‪،‬و السانيد ‪،‬و إنا الوجود من ذلك الديث هو ‪ )) :‬انزجلوا الناس منازلم ((‪ ، 1‬فل توجد فيه‬
‫عبارات ))إنا معشر النبياء تأمرنا ‪...‬و أن تناطبهم على قدر عقولم (( ‪،‬و هذه العبارات ل توجد‬
‫ت على الديث الذي ذكره ابن رشد ف بعض كتب‬ ‫أيضا ف تلك الصنفات السابق ذكرها ‪ ،‬لكنن عثر ت‬
‫الديث التأخرةا ‪ ،‬ألقته بالحاديث الضعيفة‪ . 2‬و أما الزجء من الديث الت روته بعض كتب الديث‬
‫السنية ‪ ،‬و هو ))انزجلوا الناس منازلم (( ‪ ،‬فهو أيضا حديث ضعيف‪. 3‬‬
‫و ثآانيا إن ابن رشد استدل بديث ضعيف يتعلق بأمر هاما جدا ‪ ،‬موضوعه طريقة تعليم عامة الناس‬
‫و خاصتهم ‪ ،‬فكان عليه أن ل يبن حكمحا على حديث ضعيف ‪ ،‬و أن تيد درجته من الصحة و‬
‫الضعف ‪ ،‬و أن ل يذكره بأسلوب تيفيد التأكيد و الثآبات عندما قال ‪ )) :‬و لذلك قال عليه الصلةا و‬
‫السلما (( ‪ ،‬فل يصح استخداما هذا السلوب مع الحاديث الضعيفة ‪ ،‬و كان عليه أن يستخدما‬
‫أسلوب التمحريض و التشكيك ‪ ،‬كقولنا ‪ :‬تيروى ‪ ،‬و تيكى ‪ ،‬و تيقال ‪.‬‬
‫و الديث الثالث ذكره ابن رشد عندما تكلم عن صنف من النصوصا الشرعية الت ل يتأولا إل‬
‫خواصا العلمحاء حسب زعمحه ‪ ،‬فقال ‪ )) :‬و هذا مثل قوله عليه الصلةا و السلما ‪ )) :‬الجر السود‬
‫ييم ال ف الرض((‪. 4‬و هذا الديث استدل به ابن رشد فيمحا ذهب إليه ‪ ،‬من دون تريج له ‪ ،‬و ل‬
‫ذكر لدرجته ‪ ،‬و أورده بصيغة الثآبات ل التمحريض ‪ ،‬ف أمر يتعلق بوضوع الصفات و تأويلها ‪ ،‬فلو‬
‫تقق من الديث ما استشهد به فيمحا ذهب إليه ‪ ،‬لنه حديث ضعيف‪ 5‬ل يصح استخدامه ف ذلك‬
‫الوضوع ‪.‬‬
‫و للشيخ تقي الدين بن تيمحية رأي مفيد ف قراءته لذا الديث الضعيف يقول فيه ‪)) :‬فهذا الب لو‬
‫صح عن النب‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬ل يكن ظإاهرةا أن الجر صفة ل ‪ ،‬بل صريح ف أنه ليس صفة‬
‫ل لقوله ييم ال ف الرض فقيده ف الرض ‪ ،‬و لقوله فمحن صافحه فكأنا صافح ال ‪،‬و الشبه ليس‬
‫هو الشبه به ‪ ،‬و إذا كان صريا ف أنه ليس صفة ل ل يتج إل تأويل يالف ظإاهرةا ‪.‬و نظائار هذا‬
‫كثيةا ما يكون ف الية والديث ما يبيم أنه ل يرد به العن الباطل ‪ ،‬فل يتاج نفي ذلك إل دليل‬
‫منفصل ول تأويل يرج اللفظ عن موجبه ومقتضاه ((‪. 6‬‬

‫‪ 1‬أبو داود السجستاني‪ :‬السنن ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬رقم الحديث ‪ ، 4842 ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 677 :‬‬
‫‪ 2‬السيوطي‪ :‬الدرر المنتثرة في الحاديث المشتهرة ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار العربية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ص‪ . 85 :‬و محمد بهاء الزكشي ‪ :‬التذكرة في‬
‫الحاديث المشتهرة ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1406 ،‬ص‪. 107 :‬‬
‫‪ 3‬اللباني‪ :‬السلسلة الضعيفة ‪،‬مكتبة المعارف الرياض‪ ،‬ج ‪ 4‬ص‪. 368 ،367 :‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪. 206 :‬‬
‫‪ 5‬ابن الجوزي‪ :‬العلل المتناهية ‪ ،‬ط! ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،1403 ،‬ج ‪ 2‬ص‪ . 575 :‬و اللباني ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪:‬‬
‫‪. 390‬‬
‫‪ 6‬درء تعارض العقل و النقل ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 146 :‬‬
‫و أما الديث الرابع فيتعلق بقول النب‪-‬عليه الصلةا و السلما‪)) : -‬إذا حكم الاكم فاجتهد ث‬
‫أصاب فله أجران ‪ ،‬وإذا حكم فاجتهد ث أخطخأ فله أجر ((‪ . 1‬هذا الديث أورده ابن رشد بالعن و‬
‫صهم ال بالتأويل ((‪ . 2‬و قوله هذا فيه‬ ‫عيقب عليه بقوله ‪ )) :‬و هؤلء الكاما هم العلمحاء الذين خ ي‬
‫تغليط و تريف للحديث ‪ ،‬لن ابن رشد يقصد بالعلمحاء الفلسفة ل علمحاء الشريعة ‪ ،‬لن علمحاء‬
‫الشريعة عنده هم من جهور أهل العلم ‪ ،‬أو من أهل الدل ‪ ،‬فهم على كل حال ليسوا من أهل البهان‬
‫و اليقيم على حد زعمحه ‪ .‬و التأويل عنده ليس هو التأويل الشرعي الصحيح ‪ ،‬وإنا هو التأويل الباطن‬
‫التحريفي الذي مارسه ابن رشد و تصص فيه ‪ .‬و قد ناقشناه ف ذلك و بينا بطخلن ما ذهب إليه ف‬
‫الفصل الول ‪ .‬لذا فالصواب هو أن بيقال ‪ :‬إن الكاما هم العلمحاء الذين خصهم ال بالفهم و التأويل‬
‫الشرعييم على منهاج الكتاب و السنة ‪،‬و طريقة السلف الصال ‪،‬و ما قال به العقل الصريح ‪،‬و العلم‬
‫الصحيح ‪.‬‬
‫و الديث الامس موضوعه الرؤيا و الحلما ‪ ،‬فعندما تعيرض ابن رشد لذا الوضوع ‪،‬و ذكر أن منه‬
‫النذار الشريف ‪،‬و الدراك الروحان ‪ ،‬قال ‪ )) :‬و لذلك قيل ‪ :‬إنه جزجء من كذا من كذا من‬
‫النبوةا ((‪ . 3‬فقوله هذا خطخأ فاحش ‪ ،‬فل يصح ذكره بذه الصيغة الت نسبت القول إل مهول ‪ ،‬و‬
‫أوردته بصيغة التمحريض و التشكيك ‪ .‬لن القول الذي ذكره هو معن لديث نبوي شريف صحيح ‪،‬‬
‫رواه البخاري و مسلم ‪ ،‬و نصه ‪ )) :‬رؤيا الؤمن جزجء من ستة و أربعيم جزجءا من النبوةا ‪ . 4((...‬فعمحله‬
‫هذا هو تصيرف غريب جدا ‪ ،‬فكان عليه أن تيشي بتأكيد و دقة إل أن ذلك هو حديث نبوي شريف‬
‫صحيح ‪ .‬و ل ندري سبب ذلك ‪ ،‬أهو سهو و نسيان ‪ ،‬أما هو أمر آخر ؟ ! ‪.‬‬
‫و أما الديث السادس –أي الخي‪ -‬فهو قوله‪ -‬عليه الصلةا و السلما‪ )) : -‬ستفتحق أمت على‬
‫اثآنتيم و سبعيم فرقة ‪ ،‬كلها ف النار إل واحدةا ((‪ .‬هذا الديث ذكره ابن رشد ف كتابه الكشف عن‬
‫‪6‬‬
‫مناهج الدلة‪ . 5‬و هو حديث صحيح أورده ابن رشد ناقصا ‪ ،‬فلم يذكر ف آخره )) و هي المحاعة ((‬
‫‪ .‬ث عيقب ابن رشد على الديث الناقص بقوله ‪ )) :‬يعن بالواحدةا الت سلكت ظإاهر الشرع ‪،‬و ل‬
‫تتؤيوله تأويل صيرحت به للناس ((‪. 7‬‬
‫و تعقيبا عليه أقول ‪ :‬أول إنه واضح من تعليقه أنه يرى أن الفرقة الناجية الت استثناها الديث هي الت‬
‫تتارس التأويل الباطن الرشدي و ل تتظهره للجمحهور ‪ ،‬فتتخفيه عنهم و تتظهر لم ظإاهر الشرع الذي هو‬
‫خلف التأويل ‪ .‬و تفسيه هذا ل يصح ‪ ،‬لنه تأويل ذات مذهب ل دليل عليه من الديث نفسه ‪،‬و ل‬

‫‪ 1‬مسلم ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬رقم الحديث ‪ ، 1716 :‬ج ‪ 3‬ص‪. 1342 :‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص ‪. 107 :‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص الححس و المحسوس ‪ ،‬ص‪. 89 :‬‬
‫‪ 4‬البخاري ‪ :‬الصحيح ‪ ،‬رقم الحديث ‪ ، 6586 :‬ج ‪ 6‬ص‪ . 2563 :‬و مسلم ‪ :‬الصحيح ‪ ،‬رقم الحديث ‪ ، 2263 :‬ج ‪ 4‬ص‪.1773 :‬‬
‫‪ 5‬ص ‪. 150 :‬‬
‫‪ 6‬أبو داود السجستاني ‪ :‬السنن ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪ . 608 :‬و اللباني ‪ :‬السلسلة الصحيحة ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 404 :‬‬
‫‪ 7‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪. 150 :‬‬
‫من نصوصا شرعية أخرى ‪ ،‬لن الديث واضح أنه يقصد جاعة السلمحيم الت كانت على منهاج‬
‫الصحابة و السلف الصال ‪،‬و ل يقصد فلسفة العصر السلمي الذين ظإهروا متأخرين ‪ ،‬و تيرفون‬
‫النصوصا و تيفونا عن جهور السلمحيم ‪.‬و زعمحه هذا ل تيشي إليه النص من قريب و ل من بعيد ‪،‬و‬
‫إنا هجم عليه و أخضعه لتأويله الباطن ‪ ،‬و قيوله ما ل يقله ‪ .‬و طريقته هذه ليست من الوضوعية و‬
‫النزجاهة العلمحية ف شيء ‪ ،‬ميهد با لكل فرقة أن تقول بأنا هي الفرقة الناجية الت قصدها الديث دون‬
‫غيها ‪،‬و بذلك أصبح الشرع نبا لكل تميرف يفهمحه كمحا يتريد ‪ ،‬و حسب مصاله و أهوائاه و ظإنونه‬
‫من دون أية مراعاةا لبادئ الفهم الصحيح للشرع ‪ .‬فابن رشد ل يفهم الديث بالعلم ‪،‬و إنا فهمحه‬
‫بذهبيته الرسطخية التأويلية التحريفية التعصبة ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن ما يدل على خطخأ ما ذهب إليه ابن رشد ‪ ،‬و أن الديث يقصد جاعة السلمحيم الت هي‬
‫أهل السنة و المحاعة من الصحابة و السلف الصال و من سار على نجهم ‪ ،‬أن الديث وصف‬
‫الفرقة الناجية بأنا المحاعة ‪،‬و ابن رشد ل يذكر هذه اللفظة ‪ ،‬فل ندري أنسيها أما تناساها ؟ ‪ .‬و هذه‬
‫المحاعة هي الت على منهاج النبوةا و الصحابة و من سار على طريقتهم ‪ ،‬بدليل أن ال تعال زكي‬
‫الصحابة و شهد لم باليان و العمحل الصال ‪ ،‬و وعدهم بالنصر و التمحكيم الدين و الدنيوي معا ف‬
‫ف‬‫ض دكدمحا اأستدأخلد د‬ ‫ت لديدأستدأخلتدفنلـَتهم تف األدأر ت‬ ‫صاتلا ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫قوله تعال ‪ )) :‬دودعدد اللهت الذيدن آدمنتوا منتكأم دودعمحلتوا ال ل د‬
‫ضى دلتأم دولديتبدبدلدنلـَتهم بمن بدـَأعتد دخأوفتتهأم أدأمناد يدـَأعبتتدوندتن دل‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت ت ت‬
‫الذيدن من قدـَأبلتهأم دولديتدمحبكندلن دلتأم ديندـَتهتم الذي اأرتد د‬
‫ك تهتم الأدفاتستقودن – سورةا النور ‪ - 55 :‬و هذا كله تقق‬ ‫ت‬
‫ك فدأتأولدئِّت د‬
‫يتأشترتكودن تب دشأيئِّاد دودمن دكدفدر بدـَأعدد دذل د‬
‫على أيديهم ف الواقع التاريي ‪ .‬فالفرقة الناجية هب الت كانت على منهاج الصحابة و التابعيم لم‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫صاتر‬‫بإحسان بدليل الية السابقة ‪،‬و الية التية الت تقول ‪ )):‬دواللسابتتقودن الدلوتلودن مدن الأتمحدهاجتريدن دوادلن د‬
‫ت دأتتري دأتتدـَدها الدنأـَدهاتر دخالتتديدن تفيدها‬ ‫والتذين اتلـَبـَعوهم بتتإحسامن لرتضي الليه عأنـَهم ورضواأ عأنه وأدعلد دلم جلنا م‬
‫د ت د ت أ دد ت د ت د د تأ د‬ ‫د د دت ت أ د‬
‫ك الأدفأوتز الأدعتظيتم (( – سورةا التوبة ‪ ، - 100 :‬فأهل السنة هم الفرقة الناجية ‪،‬و ليست جاعة‬ ‫ت‬
‫أددبداد دذل د‬
‫الفلسفة الشائايم و ل غيهم من الفرق السلمية الخرى ‪ .‬و ما يزجيد ما قلناه تأكيدا أن الديث‬
‫نفسه ورد بطخريق آخر بإسناد حسن فيه تديد و وصف للفرقة الناجية ‪،‬و صفها النب‪-‬عليه الصلةا و‬
‫السلما‪ -‬بأنا هي )) الت على ما أنا عليه و أصحاب ((‪. 1‬‬
‫و ثآالثا إن قوله يتضمحن تدليسا و تعارضا و تغليطخا ‪ ،‬و ذلك أنه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬زعم أن الفرقة‬
‫الناجية الت قصدها الديث هي الفرقة الت تأخذ بظاهر النص ‪ ،‬بعن أنا ل تتؤيول الشرع تأويل‬
‫تريفيا ‪ ،‬و تفهمحه وفق التأويل الشرعي‪ .‬لكنه ناقض نفسه عندما زعم أن تلك الفرقة‪ -‬الت سلكت‬
‫ظإاهر النص – تارس التأويل أيضا بطخريقة باطنية و تتفيه و ل تتصيرح به للجمحهور ‪،‬و هذا العمحل ينفي‬
‫عنها أخذها بظاهر النص ‪ ،‬فلو أخذت به ما أيولته تأويل باطنيا ! ! ‪ .‬فهي إما أن تأخذ بظاهر النص‬

‫‪ 1‬اللباني ‪ :‬الجامع الصغير و زياداته ‪ ،‬المكتب افسلمي‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 948 :‬‬
‫فل تتؤيول ذلك التأويل ‪ ،‬و إما ل تأخذ به و تتارس التأويل الباطن التحريفي ‪ ،‬فإذا أصرت على المحع‬
‫بينهمحا فهو تناقض ظإاهر ‪ ،‬يتفق مع طريقة ابن رشد الزجدوجة الطخاب ذات اللفية الرسطخية الباطنية ‪.‬‬
‫و ختاما لذا البحث تيستنتج منه أن ابن رشد ل تيعط للسنة النبوية مكانتها اللئاقة با كمحصدر‬
‫أساسي للشريعة السلمية بعد القرآن الكري ‪.،‬و ل يتوسع ف استخدامها ف كتبه الكلمية و‬
‫الفلسفية ‪ ،‬ففاتته أحاديث كثيةا ذات علقة مباشرةا بكثي من الواضيع الفكرية الت تطخرق إليها ‪ .‬كمحا‬
‫أن الحاديث الت استخدمها ف تلك الصنفات كثي منها ل يفهمحه فهمحا صحيحا ‪،‬و أخضعه للتأويل‬
‫التحريفي خدمة لفكره و أرسطخيته ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نقد موقفه من مذهب أهل الحديث ‪:‬‬
‫كان أهل الديث هم مثلو أهل السنة ف القرن الثان الجري و ما بعده ‪ ،‬إل غاية القرن الامس‬
‫الجري حيث انقسم السنيون على أنفسهم ف أصول الدين إل سلف و خلف ‪ ،‬فأما السلف فهم أهل‬
‫الديث ‪ ،‬و معظمحهم من النابلة و قلة من الشافعية و النفية و الالكية ‪ ،‬و أما اللف فهم الاتريدية‬
‫و الشاعرةا ‪ ،‬فكان معظم النفية ماتريدية ‪،‬و معظم الشافعية و الالكية و قلة من النابلة أشاعرةا ‪ ،‬و‬
‫بعد انقسامهم استمحر أهل الديث على مذهبهم ف أصول الدين على طريقة الصحابة و السلف الول‬
‫‪ .1‬فمحا هو موقف ابن رشد منهم ؟ ‪.‬‬
‫إنه جن عليهم بالغفال و التاما ‪ ،‬فأما إغفاله لم فمحن مظاهره ‪ :‬إنه أغفلهم كفرقة إسلمية كبيةا‬
‫لا وجودها الستقل ف الشرق و الغرب السلمييم ‪ ،‬و تأثآيها الكبي على متلف جوانب الياةا ‪،‬‬
‫فعندما تعرض لفرق عصره قال ‪ :‬أشهر الطخوائاف ف زماننا أربعة ‪ ،‬هي ‪ :‬الشعرية ‪ ،‬و العتزجلة ‪ ،‬و‬
‫الشوية ‪ ،‬و الباطنية و ذكر منهم الصوفية‪ . 2‬فلم يذكر أهل الديث من بيم فرق عصره ‪ ،‬مع تأثآيهم‬
‫الكبي على التمحع الغرب و الندلسي زمن دولة الرابطخيم الت كانت على مذهبهم إل ناية دولتهم على‬
‫أيدي الوحدين سنة ‪ 541‬هجرية‪، 3‬و هو نفسه قد عاش عقدين من الزجمن ف دولتهم‪ . 4‬فلمحاذا‬
‫أغفلهم ؟ ‪ ،‬يبدو ل أنه تعمحد إغفالم لسببيم ‪ ،‬أولمحا إنه كان يعيش ف كنف دولة الوحدين )‪-541‬‬
‫‪668‬ه( العادية للمحرابطخيم و لذهبهم السلفي ‪ ،‬فسايرها ف هذا التيار ‪ .‬و ثآانيهمحا إنه ل تكن له معرفة‬
‫كافية و جيدةا بذهب أهل الديث تعله يهتم به و تيقدره حق قدره ‪ .‬ما جعله تيهمحله و يتقر أصحابه‬
‫و يستعلي عليهم بدعوى أنم من عواما أهل العلم ‪،‬و ليسوا من أهل البهان على حد زعمحه ‪.‬‬
‫و مع ذلك فإنه يبدو ل أنه ل تيغفل أهل الديث إغفال تاما و موا لوجودهم كطخائافة مستقله‬
‫بكيانا ‪ ،‬و إنا ألقهم بالطخائافة الت ساها الشوية ‪ ،‬الت هي من الرعاع و السمحة ‪ ،‬و الخلطخيم من‬
‫ت‬
‫‪ 1‬للتوساع في ذلك أنظر‪ :‬خالد كبير علل ‪ :‬الزمة العقيدية بين الشاعرة و أهل الحديث ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬دار الماما مالك ‪ ، 2005 ،‬ص ‪7:‬‬
‫و ما بعدها ‪ 59 ،‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪. 117 ، 100 :‬‬
‫‪ 3‬خالد كبير علل ‪ :‬المرحع السابق ‪ ،‬ص‪. 174 :‬‬
‫‪ 4‬لنه ولد سانة ‪ 520‬هجرية ‪.‬‬
‫عواما أهل العلم النتسبيم لهل السنة ‪ .‬و إن صح هذا الحتمحال يكون ابن رشد قد أخطخاأ ف ذلك‬
‫خطخأ فاحشا لن أهل الديث ليسوا من الشوية ‪،‬ول من السمحة ‪،‬و ل من العطخلة ‪ ،‬و ل من‬
‫الؤيولة ‪،‬و إنا هم على مذهب الصحابة و السلف الصال ف أصول الدين‪. 1‬‬

‫و كمحا أغفلهم كطخائافة فاعلة ف التمحع أغفلهم أيضا كمحدرسة فكرية ‪ ،‬فلم يذكر مذهبهم كمحذهب‬
‫مستقل له مواقفه الفكرية التمحيزجةا ‪ .‬فعندما تطخرق إل موضوع صفات ال تعال ‪ ،‬و مواقف الفرق‬
‫الكلمية من طريقة إثآبات وجود ال تعال أغفل مذهبهم‪ . 2‬مع أن مذهبهم ف ال تعال و صفاته هو‬
‫أصح الذاهب و أقواها حجة شرعا و عقل‪. 3‬‬
‫و أما الظهر الثان من إغفاله لهل الديث ‪ ،‬فيتمحثل ف أنه عندما تعيرض لصفة السمحية ذكر أن‬
‫الذين صيرحوا بنفيها فرقتان ‪ ،‬ها ‪ :‬العتزجلة و الشعرية‪. 4‬و ل يذكر أهل الديث ‪ ،‬بأنهم هم أيضا نفوا‬
‫السمحية و ل يصفوا ال تعال با ‪ ،‬و هم ل يصفون ال إل با وصف به نفسه ‪ ،‬أو وصفه به رسوله‪-‬‬
‫عليه الصلةا و السلما‪ ، 5-‬فكان عليه أن يستثنيهم و أن ل يغفلهم ‪.‬‬
‫و الظهر الثالث من إغفاله لم فيتمحثل ف أنه عندما تطخرق إل موضوع السببية و الكمحة و الطخبائاع‬
‫ف العال ‪ ،‬و إنكار الشاعرةا لذلك و رده عليهم‪ ، 6‬أغفل موقف أهل الديث من هذا الوضوع و كأنه‬
‫غي موجود ‪ ،‬مع أهيته كطخرف تيعب عن الناح الول ف الطخائافة السنية ‪ .‬فهم خلف الشاعرةا ف ذلك‬
‫‪ ،‬فتيثبتون السببية و الكمحة ف العال بطخريقة شرعية و عقلية معا‪ ، 7‬فمحا كان لبن رشد أن يغفل موقفهم‬
‫!‪.‬‬
‫و آخرها‪-‬أي الظهر الرابع‪ -‬هو إغفاله لم ف موضوع القضاء و القدر ‪ ،‬فعندما تطخرق إل موضوع‬
‫الب و الختيار ‪ ،‬و علقته بالقضاء و القدر ذكر موقف العتزجلة و البية و الشعرية‪، 8‬و ل تيشر إل‬
‫موقف أهل الديث من هذا الوضوع ‪ ،‬مع أن لم كلما جيدا فيه ‪ ،‬موافقا للشرع و العقل معا ‪،‬و فيه‬
‫رد قوي على الطخوائاف الخالفة لم‪. 9‬‬
‫و أما اتامه لم ‪ ،‬فيتمحثل ف أنه عندما تكلم عن صفة السمحية ‪ ،‬ذكر أن النابلة و كثيا من اتبعهم‬
‫وصفوا ال بالسمحية ‪،‬و قالوا ‪ )) :‬إنه جسم ل تيشبه سائار الجساما (( ‪.‬و ذكر أن النابلة تمحل آية‬
‫الستواء و حديث النزجول على ظإاهرها من دون تأويل‪. 10‬‬
‫‪ 1‬خالد كبير علل ‪ :‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪ 7 :‬و ما بعها ‪.‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪ 101 :‬و ما بعدها ‪ .‬و تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 220 :‬‬
‫‪ 3‬أنظر مثل ‪ :‬ابن قيم الجوزية ‪ :‬الصواعق المرسالة على الجهمية و المعطلة ‪.‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪. 140 :‬‬
‫‪ 5‬ابن تيمية ‪ :‬درء تعارض العقل و النقل ‪ ،‬ج ‪ 10‬ص‪. 258 :‬‬
‫‪ 6‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪ 166 :‬و ما بعدها ‪ .‬و تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 165 ،164 :‬‬
‫‪ 7‬ابن تيمية ‪ :‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 16‬ص‪ . 418 :‬و الرد على المنطقيين ‪ ،‬ص‪. 530 :‬‬
‫‪ 8‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪. 187 :‬‬
‫‪ 9‬أنظر مثل ‪ :‬ابن قيم الجوزية ‪:‬شفاء العليل في مسائل القضاء و القدر و الحكمة و التعليل ‪ ،‬ط ‪ ، 3‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ .‬و ابن‬
‫أبي العز الحنفي ‪ :‬شرحا العقيدة الطحاوية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬المكتب السالمي ‪ ،‬ص‪ ،142 :‬و ما بعدها ‪،‬و ‪ 364‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 10‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪ . 139 :‬و فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 98 :‬‬
‫و أقول ‪ :‬أول واضح من كلمه أنه يتريد أهل الديث كلهم ‪ ،‬بكم أن النابلة‪-‬بعد انقساما السنييم‬
‫على أنفسهم‪ -‬هم قطخب أهل الديث ‪ ،‬و أنه قال ‪ )) :‬و كثي من تبعهم (( ‪ .‬و هذا اتاما ل يصح ف‬
‫حقهم ‪ ،‬لنم ل يقولوا بصفة السمحية ‪،‬و هم ل يصفون ال تعال إل با وصف بع نفسه ‪،‬و أو وصفه‬
‫به رسوله‪-‬عليه الصلةا و السلما‪ . 1-‬و أما النابلة فليس فيهم من أطلق لفظ السم على ال تعال ‪،‬‬
‫لكن تنفاةا الصفات كابن رشد و أصحابه يسمحون كل من أثآبتها مسمحا‪. 2‬‬
‫و ثآانيا إن اتامه لهل الديث بأنم وصفوا ال تعال بالتجسيم ‪ ،‬يدل على أن مفهومه للتجسيم‬
‫ليس مفهوما صحيحا شرعا و ل عقل‪ ،‬فهو عنده وصف ال بالصفات الت وصفه السرع با ‪ .‬و هذا‬
‫مفهوما غي صحيح تاما ‪ ،‬لن التجسيم و التشبيه هو أن نقول ‪ :‬إن ال تيشبه ملوقاته جسمحا وصفة‪.‬‬
‫و أما لاذا تعريفة للجسم غي صحيح شرعا و عقل ؟ ‪ ،‬فهو لن الشرع وصف ال تعال بصفات‬
‫كثيةا جدا ‪،‬و هو سبحانه ليس كمحثله شيء ‪ ،‬و با أنه وصف نفسه با ‪ ،‬هي بالضرورةا صفات حقيقية‬
‫ل مازية ‪ ،‬تليق به سبحانه و تعال ‪ ،‬وهي صفات كمحال و تنزجيه ل نقص فيها مطخلقا ‪ .‬علمحا بأنه ل‬
‫احد يستطخيع وصف ال تعال بطخريقة صحيحة كاملة ل نقص فيها إل ال تعال أو رسوله ‪-‬عليه‬
‫الصلةا و السلما‪ . -‬و أما عقل فإن اتصاف ال تعال بصفات الكمحال الت تليق به ‪ ،‬هي من‬
‫ضروريات العقل الصريح ‪ ،‬لنه ل موجود دون صفات تليق به ‪،‬و لن العال يشهد لالقه بكل صفات‬
‫الكمحال بالضرورةا ‪.‬‬
‫و أما ما قاله عن النابلة بأنم يمحلون أية الستواء و حديث النزجول على ظإاهرها ‪ ،‬فهم كغيهم من‬
‫السلف و أهل الديث تيثبتون الصفات بل تعطخيل ‪،‬و ل تسيم ‪،‬و ل تأويل ‪،‬و ل تشبيه و ل‬
‫تكييف ‪،‬و يرفضون تأويلها تمطخلقا‪ . 3‬لكن قوله بأنم يمحلونه على ظإاهره يتمحل معنييم ‪ ،‬أحدها‬
‫صحيح ‪،‬و الثان غي صحيح بالنسبة إل النابلة ‪ .‬فإذا تقصد به أنم تيثبتون النزجول و الستواء و يعلونه‬
‫كاستواء و نزجول الخلوقيم ‪ ،‬فهذا ل يقوله النابلة و ل أهل الديث ‪،‬و هذا هو العن الباطل الذي‬
‫يتمحله قوله ‪.‬‬
‫صد به أنه تيثبتون صفت الستواء و النزجول على القيقة ل الاز ‪ ،‬من دون تأويل و ل‬ ‫و أما إذا قت ت‬
‫تعطخيل و ل تشبيه ‪ ،‬ول تشبيه و ل تسيم ‪،‬و أنا هو إثآبات وجود ل إثآبات كيفية ‪ ،‬فهذا يقوله النابلة‬
‫و أهل الديث ‪ ،‬و هو العن الصحيح الذي يتمحله قول ابن رشد ف وصفه للحنابلة بأنم يأخذون‬
‫بظاهر النص ‪ .‬فكان عليه أن تيدد العن الذي يتريده بدقة ‪ ،‬لكي ل يلتبس كلمه على القارئ ‪ .‬علمحا‬
‫بأن الظاهر الذي أخذ به النابلة و أهل الديث هو الظاهر الصحيح ‪ ،‬و ليس هو ظإاهر الشبهة و‬
‫السمحة ‪ ،‬و ل هو ظإاهر الؤيولة و العطخلة ‪.‬‬
‫ت‬
‫‪ 1‬ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 10‬ص‪. 258 :‬‬
‫‪ 2‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 250 :‬‬
‫‪ 3‬لتوساع في ذلك أنظر ‪ :‬الموفق بن قدامة المقدساي ‪ :‬ذما التأويل ‪.‬‬
‫و قد ديل قوله السابق ف النابلة أنه –أي ابن رشد‪ -‬ل يكن على معرفة كاملة و صحيحة بذهب‬
‫السلف و أهل الديث ‪ ،‬فلو كان عارفا به معرفة جيدةا ما أخطخأ ف حق النابلة و أهل الديث ف‬
‫هذا الطخأ الواضح ‪ ،‬الذي اتمحهم فيه بالتجسيم ‪ .‬و يبدو أن سبب ذلك هو إما أنه قرأ مذهبهم من‬
‫كتب خصومهم ‪،‬و ل يرجع إل مؤلفاتم الصيلة ‪ .‬و إما أنه تعمحد وصفهم بذلك لنه نظر إل‬
‫مذهبهم انطخلقا من خلفيته الرسطخية الباطنية التأويلية التحريفية ‪ .‬و إما أنه اجتمحع فيه الحتمحالن ‪.‬‬

‫و أما لاذا اتذ ابن رشد موقف الغفال و التاما من مذهب أهل الديث ؟ ‪،‬و ماذا ترتب عن‬
‫ذلك ؟ ‪ ،‬فيبدو أنه أغفل مذهبهم لثلثآة أسباب رئايسية ‪ ،‬أولا قلة معرفته بذهبهم معرفة حقيقية و‬
‫شاملة ‪.‬و ثآانيها ضعف سيادةا مذهب أهل الديث و تأثآيه الجتمحاعي و السياسي و العلمحي زمن ابن‬
‫رشد ف أياما دولة الوحدين العادية لذهب أهل الديث ‪ ،‬ما جعل ابن رشد يصرف اهتمحامه به ‪.‬‬

‫و السبب الثالث هو تأثآر ابن رشد الكبي بالفلسفة الرسطخية و غليوه فيها‪ ، 1‬جعلته ينظر إل كل ما‬
‫تيالفها نظرةا ازدراء و استعلء ‪ ،‬و بكم تمسبق بأنه باطل ‪ ،‬حت أنه ألق علمحاء الشريعة بالمحهور و‬
‫أهل الدل ‪،‬و جعل الفلسفة أهل البهان و اليقيم على حد زعمحه ‪ .‬فهذا النظرةا الذهبية التعصبة و‬
‫الضيقة حرمته النظرةا العلمحية الوضوعية الصحيحة إل مذهب أهل الديث ‪.‬‬
‫فتحتب عن ذلك نتائاج سلبية خطخيةا أضرت بابن رشد و أهل الديث ‪ ،‬و بختلف طوائاف أهل العلم‬
‫‪ .‬من ذلك ‪ :‬إنه –أي ابن رشد‪ -‬حرما نفسه و قراءه من كنوز مذهب أهل الديث ‪،‬و سلمة منهجهم‬
‫ف أصول الدين و قضاياه التنوعة ‪ .‬و إنه ساهم ف تشويه ذلك الذهب و التضييق عليه بإغفاله له ‪،‬و‬
‫نشر الشناعات و التامات حوله ‪ .‬و إنه أقصى مذهبهم من أن يكون مذهبا جديرا بالهتمحاما و‬
‫التقدير لتينافس مذاهب الفلسفة و التكلمحيم ‪ ،‬و يرد عليهم بنهجه التمحيزج القوي القائام عل النقل‬
‫الصحيح ‪،‬و العقل الصريح ‪،‬و العلم الصحيح ‪،‬و ما أجع عليه السلف الصال ‪.‬‬
‫و إناءد لذا البحث تأشي هنا إل أن للباحث ممحد عابد الابري رأيا يتعلق با نن فيه ‪ ،‬و مفاده‬
‫أن ابن رشد سعى إل تليص الفلسفة من تأويلت ابن سينا لتيجعها إل أصول أرسطخو من جهة ‪ .‬و‬
‫سعى من جهة أخرى إل تليص العقيدةا السلمية من تأويلت الشاعرةا و غيهم التكلمحيم لتيجعها‬
‫إل الظاهر من العقائاد الت جل الشرع المحهور عليها ‪ ،‬و هي عقيدةا السلف‪ . 2‬فهل قوله هذا‬
‫صحيح ؟ ‪.‬‬

‫‪ 1‬سانتكلم عن ذلك في الفصل الخامس إن شاء ا تعالى ‪.‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪. 32 ، 31 :‬‬
‫نعم إن ابن رشد انتصر للرسطخية انتصارا كبيا تمغاليا فيه ‪،‬و تعصب لا تعصبا مذموما أخرجه عن‬
‫حدود الشرع و العقل‪ . 1‬و هذا أمر ثآابت ل شك فيه ‪ ،‬لكن الذي ل يصح زعمحه هو قوله ‪ :‬إنه سعى‬
‫لتخليص العقيدةا السلمية لتيجعها إل عقيدةا السلف ‪ .‬لن ابن رشد و إن كان قال كلما جيدا عن‬
‫أسباب افتحاق المة و تناحرها ‪،‬و علل ذلك بابتعادها عن منهج الصحابة و أخذها بالتأويل‪ ، 2‬فإنه قد‬
‫نقض ذلك و نسفه عندما انتصر للرسطخية على حساب الشرع ‪ ،‬و قيدمها عليه أيضا‪، 3‬و جعلها‬
‫منطخلقه الفكري ف نظره إل كل ما تيالفها من مذاهب ‪،‬و منها مذهب السلف و أهل الديث ‪ .‬فأيول‬
‫الصفات ‪،‬و وصف ال تعال بالسلب و العجزج ‪ ،‬و أغفل مذهب السلف ف أصول الدين و قضاياه ‪،‬‬
‫و اتمحه بعدةا اتامات من جهة ثآانية ‪ .‬فهل رجل هذا حاله ‪ ،‬و هذه أفعاله يصح أن تيقال فيه ‪ :‬إنه‬
‫سعى لتخليص العقيدةا السلمية من تأويلت التكلمحيم ‪ ،‬لتيجعها إل عقيدةا السلف ؟؟ !! ‪ ،‬كل ‪،‬‬
‫إن هذا الزجعم ل يصح أبدا ‪ ،‬لن الرجل كان أرسطخيا إل النخاع سعى جاهدا‪ -‬بل ملل و ل كلل‪ -‬إل‬
‫أرسطخة الشرع بتأويله الباطن التحريفي ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬نقد موقف ابن رشد من الهداية و الضللا ‪:‬‬
‫أفرد ابن رشد مبحثا لوضوع الداية و الضلل ف كتابه الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬تناوله من عدةا‬
‫جوانب انطخلقا من خلفيته الفلسفية الرسطخية ف فهمحه للنصوصا الشرعية و العطخيات الفكرية ‪ ،‬و هي‬
‫الت سننتقده ف بعضها إن شاء ال تعال ‪.‬‬
‫أول إنه يرى أن آيات الداية و الضلل متعارضة ‪،‬و ل يب حلها على ظإاهرها ‪ ،‬كقوله تعال ‪:‬‬
‫ك بتظدللمما لبألدعتبيتد ((‪ -‬سورةا فصلت ‪:‬‬ ‫))ودل يـَر ت ت ت‬
‫ضى لعتدباده الأتكأفدر ((‪ -‬سورةا الزجمر ‪ ، - 7 :‬و ))دودما دربم د‬‫د دأ د‬
‫ضمل الليهت دمن يددشاءت دويدـَأهتدي دمن يددشاءت ((‪ -‬سورةا إبراهيم ‪ . - 4 :‬ث تأيول قوله تعال ‪:‬‬ ‫‪ ، - 46‬و ))فدـَي ت‬
‫ت‬
‫ضى لتعتدباده الأتكأفدر (( بقوله ‪ )) :‬بييم إذ ل يرض لم الكفر أنه ليس تيظلهم (( ‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫))دودل يدـَأر د‬

‫و قوله هذا غي صحيح ‪ ،‬لنه ل يصح وصف نصوصا الشرع بأنا متعارضة ‪ ،‬لن الشريعة‬
‫نصوصها تمكمحة و ل تتاج إل للفهم الصحيح لا ‪،‬و من الطخأ الفاحش حلها على التأويل الباطن‬
‫التحريفي ‪ ،‬و إنا يب أخذها على ظإاهرها و تفسيها تفسيا صحيحا يمحع بينها انطخلقا من ثآوابت‬
‫الشرع و تمكمحاته وفق النهج الشرعي ف تفسي القرآن و فهمحه ‪.‬‬
‫و أما تأويله لقوله تعال )) و ل يرضى لعباده الكفر(( ‪ ،‬فهو تأويل ل يصح أيضا لنه نظر إليه من‬
‫خلفيته الذهبية التعلقة بصفات ال تعال ‪ ،‬و ل تيفيرق بيم إرادةا ال و مشيئِّته ‪،‬و بيم مبة ال و رضاه ‪.‬‬

‫‪ 1‬سانتكلم عن ذلك في الفصل الخامس ‪.‬‬


‫‪ 2‬سابق توثيق ذلك في الفصل الول ‪.‬‬
‫‪ 3‬سانقيم الدلة على ذلك في الفصل السادس إن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪. 195 :‬‬
‫ضمل الليهت دمن يددشاءت دويدـَأهتدي دمن يددشاءت ((‪ -‬سورةا إبراهيم ‪4 :‬‬ ‫فل يوجد تعارض بيم قوله تعال ‪)) :‬فدـَي ت‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫ضى لعدباده الأتكأفدر ((‪ -‬سورةا الزجمر ‪ ، - 7 :‬ففي الية الول نص ال تعال على أنه هو‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫‪، -‬و ))دودل يدـَأر د‬
‫ت دولدتكلن اللهد يدـَأهتدي دمن‬ ‫ت‬
‫الذي يهدي و تيضل بشيئِّته و إرادته ‪ ،‬كقوله تعال ‪)) :‬إتنل د‬
‫ك دل تدـَأهدي دمأن أدأحبدأب د‬
‫يددشاءت دوتهدو أدأعلدتم تبالأتمحأهتدتديدن ((‪ -‬سورةا القصص ‪ ، - 56 :‬فال تعال ل تيوجد ف ملوقاته إل ما شاءه‬
‫و أراده ‪ ،‬سواء أمر به أو ل يأمر به ‪ ،‬فكل ما ف هذا العال أراده ال و شاءه ‪ ،‬لكن ليس بالضرورةا أنه‬
‫تيبه و يرضاه و يأمر به‪ ،‬ففيه ما ل تيبه و ل يرضاه ‪ ،‬و هذا الذي أشارت إليه الية الثانية ‪ .‬فال تعال‬
‫إن كان ل يرضي لعباده الكفر ‪ ،‬فإنه‪-‬أي الكفر‪ -‬موجود بكثرةا ف العال ‪ ،‬لكنه سبحانه أراده و‬
‫شاءه ‪ ،‬لكنه ل تيبه و ل رضي به و ل أمر به‪ .‬و هذا الذي غاب عن ابن رشد أو أغفله ‪ ،‬لذا فإن‬
‫قوله ‪ )) :‬بييم إذ ل يرض لم الكفر أنه ليس تيظلهم (( ‪ ،‬ليس صحيحا ‪ ،‬لن ال تعال هو الذي‬
‫يهدي الؤمن برحته و حكمحته و فضله و عدله ‪ ،‬لنه سلك طريق اليان ‪،‬و هو تيضل الكافر بعدله‬
‫وحكمحته لنه سلك طريق الكفر و الضلل‪ ،‬فهو سبحانه ل تيب على الكفر ‪ ،‬لكنه تيضل أهله عندما‬
‫يتارون طريق الكفر و الضلل ‪.‬‬
‫ضمل الليهت دمن يددشاءت دويدـَأهتدي دمن يددشاءت ((‪ -‬سورةا إبراهيم ‪، - 4 :‬‬ ‫و ثآانيا إنه أول قوله تعال ))))فدـَي ت‬
‫ت‬ ‫ي‬
‫بقوله ‪ )) :‬فهي الشيئِّة الت اقتضت أن يكون ف أجناس الوجودات خلق ضالون ‪ ،‬أعن ‪ :‬مهيئِّيم‬
‫للضلل بطخباعهم و مسوقيم غليه ‪ ،‬با تكنفهم من السباب الضلة من داخل و خارج ((‪. 1‬‬
‫و تأويله للية ليس كمحا ذهب إليه ‪ ،‬لن هذه الية يب فهمحها على ضوء النصوصا الشرعية‬
‫الخرى التعلقة بوضوعها ‪،‬و ل تتفهم منفصلة عنها ‪ .‬فيجب أن تنفسر الشرع بالشرع من دون الذهاب‬
‫بعيدا ف تأويلها انطخلقا من خلفيات مذهبية تمسبقة بعيدا عن الشريعة وروحها و مقاصدها‪ .‬لن الية‬
‫ضمل الليهت دمن يددشاءت دويدـَأهتدي دمن‬ ‫الت ذكرها تتفسرها نصوصا أخرى ‪ ،‬فعندما نقرأ قوله تعال ‪ )) :‬فدـَي ت‬
‫ت‬
‫يددشاءت (( ‪ ،‬علينا أن نسأل ‪ :‬من هؤلء الذين تيضلهم ال ؟ ‪ ،‬و لاذا أضلهم ؟ ‪ ،‬فتيجيبنا الشرع بقوله‬
‫يم ((‪ -‬سورةا النافقون ‪، - 6 :‬و ))إتلن اللهد دل يدـَأهتدي دمأن تهدو‬ ‫تت‬ ‫ت‬
‫تعال ‪)) :‬إتلن اللهد دل يدـَأهدي الأدقأودما الأدفاسق د‬
‫ب دكلفابر ((‪ -‬سورةا الزجمر ‪ ، - 3 :‬و ))دوأدلن الليهد لد يدـَأهتدي الأدقأودما الأدكافتتريدن ((‪ -‬سورةا النحل ‪:‬‬ ‫ت‬
‫دكاذ ب‬
‫يم ((‪-‬سورةا الحقاف ‪، - 10 :‬و ))إتلن الليهد لد تتي ب‬ ‫تت‬ ‫ت‬
‫ب‬ ‫‪ ، -107‬و ))إتلن اللهد دل يدـَأهدي الأدقأودما اللظالمح د‬
‫ب تكلل دكلفامر أدتثآيمم ((‪ -‬سورةا البقرةا ‪، - 276 :‬و‬ ‫الأتمحأعتدتديدن ((‪-‬سورةا البقرةا ‪ ، -190 :‬و ))دوالليهت لد تتي م‬
‫ب الأدكافتترين ((‪-‬سورةا آل عمحران ‪، - 32 :‬و ))والليه لد تتي م ت ت‬ ‫))فدتإلن الليهد لد تتي م‬
‫يم ((‪-‬سورةا آل‬ ‫ب اللظالمح د‬ ‫د ت‬ ‫د‬
‫ب الأتمحأفتستديدن ((‪-‬سورةا الائادةا ‪ ، - 64 :‬فهؤلء هم الذين ل تيبهم‬ ‫عمحران ‪ ، - 57 :‬و ))دوالليهت لد تتي م‬
‫ال ‪،‬و أضلهم و ل تيرد لم الداية ‪ .‬و عندما نقرأ قوله تعال ‪ )) :‬و يهدي من يشاء (( ‪ ،‬علينا أن‬
‫نسأل ‪ :‬من هؤلء الذين هداهم ال ؟ ‪ ،‬و لاذا هداهم ؟ ‪ ،‬فتيجيبنا الشرع بقوله تعال ‪)) :‬دودمن يـَتأؤتمن‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪. 196 :‬‬


‫تباللته يدـَأهتد قدـَألبدهت دواللهت بتتكبل دشأيمء دعتليبم ((‪ -‬سورةا التغابن ‪ ، - 11 :‬و ))إتلن التذيدن آدمنتواأ دودعتمحلتواأ‬
‫ت النلتعيتم ((‪ -‬سورةا يونس ‪ ، - 9 :‬و‬ ‫ت يـَهتديتهم ربـَمهم بتتإدياتنتم دأتتري تمن دأتتتتهم الدنأـَهار تف جلنا ت‬ ‫صا ت ت‬
‫ت دت د‬ ‫أ‬ ‫لا د أ أ د ت أ‬ ‫ال ل د‬
‫ب أدتليبم ((‪-‬سورةا النحل ‪ . - 104 :‬هكذا‬ ‫ت‬ ‫ت ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫))إتلن الذيدن لد يـَتأؤمتنودن تبآديات الليه لد يدـَأهديتهتم الليهت دودلتأم دعدذا ب‬
‫تيفهم الشرع الفهم الصحيح ‪ ،‬فهو تيفسر نفسه ‪ ،‬فأين ما زعمحه ابن رشد ؟ ‪.‬‬
‫و أما تأويله لتلك الية فهو غي صحيح ‪ ،‬لنه يتعارض مع الشرع و العقل و الواقع ؛ فأما شرعا فإن‬
‫ال تعال أخبنا أنه خلق النسان مبول على الشر و الي معا ‪ ،‬و ل يعله كله خيا ‪،‬و ل كله شرا ‪،‬‬
‫س دودما دسلوادها فدأدألددمحدها فتتجودردها دوتدـَأقدوادها‬‫حله المانة ‪ ،‬قال تعال ‪)) :‬دوندـَأف م‬ ‫وإنا ريكب فيه الي و الشر و ي‬
‫ب دمن ددلسادها ((‪-‬سورةا الشمحس ‪، - 10 -7:‬و ))دودهدديأـَدناهت النلأجدديأتن ((‪-‬‬ ‫قدأد أدفأـَلددح دمن دزلكادها دوقدأد دخا د‬
‫سورةا البلد ‪، - 10 :‬و ))دوقتتل األدمق تمن لربتكأم فددمحن دشاء فدـَأليتـَأؤتمن دودمن دشاء فدـَأليدأكتفأر ((الكهف ‪29 :‬‬
‫‪، -‬و من ذلك أيضا قول رسول ال‪-‬عليه الصلةا و السلما‪)) : -‬كل مولود يولد على الفطخرةا فأبواه‬
‫يهودانه أو ينصراه أو يجسانه ((‪ . 1‬فالنسان يتولد و له استعداد للخي و الشر ‪ ،‬و للهداية و الضلل‬
‫‪.‬‬
‫و أما واقعا فالشاهد من حياةا الناس واقعا و تاريا ‪ ،‬يدل على أن النسان مبول على الي و الشر‬
‫ت‬
‫معا ‪ ،‬و تتساهم التحبية بدور كبي ف توجيه ذلك حسب التمحع الذي يعيش فيه ‪ .‬و كل الناس يتمحع‬
‫فيهم الي و الشر ‪ ،‬مع اختلف نسبة كل منهمحا ف الفرد الواحد ‪ ،‬فقد يغلب الي ‪ ،‬و قد يغلب‬
‫الشر ‪ .‬و كم من إنسان عاش معظم حياته ضال شريرا ‪ ،‬ث تاب ف آخر حياته و أصبح مؤمنا تقيا‬
‫خييا ‪ .‬و قد يد عكس ذلك ف بعض الفراد ‪ .‬و كم من أمة أمضت حياتا على الكفر ‪ ،‬و أخرى‬
‫أمضت حيتها على اليان ‪ ،‬و أخرى غييت مسارها من الكفر إل اليان ‪ .‬فكل أمة‪ -‬أفرادا و‬
‫جاعات‪ -‬لا الرادةا أن تتحكم ف مسارها بيم الكفر و اليان و بيم الداية و الضلل ‪ ،‬المر الذي‬
‫يعن أن ما ذهب إليه ابن رشد هو رأي غي صحيح ‪.‬‬
‫و أما عقل فإن قوله هو جبية مكشوفة بل قناع ‪ ،‬و اتاما ل تعال بالظلم ‪ ،‬نعم إن ال تعال‬
‫فعال لا يريد لكنه سبحانه أخبنا أنه ل يظلم أحدا ‪ ،‬فليس من العدل أصل أن يلق ال تعال قوما‬
‫شريرين بطخباعهم من دون سبب ‪ ،‬و يعل آخرين خيين بطخباعهم من دون سبب أيضا ‪ .‬فهذا يتناقض‬
‫مع العدل اللي ‪،‬و ل هو من الكمحة و ل من الرحة ف شيء ‪،‬و لذا قال ال تعال ‪)) :‬دودل يدظألتتم‬
‫ك أددحداد ((‪ -‬سورةا الكهف ‪ . - 49 :‬و هل تيوجد ظإلم أكثر ما زعمحه ابن رشد من أن ال خلق‬ ‫دربم د‬
‫أناسا شريرين بطخباعهم و أدخلهم النار من دون ذنب منهم و ل جريرةا ؟ ! ‪.‬‬
‫و حت الية الت استدل با فيمحا قاله ‪ ،‬فلو تدبرناها –بعزجل عن اليات الخرى‪ ، -‬فهي أيضا ل‬
‫ضمل الليهت دمن يددشاءت دويدـَأهتدي دمن يددشاءت (( ‪ ،‬فتيمحكننا‬ ‫تدل على ما ذهب إليه ‪ .‬فهي تقول‪ )) )) :‬فدـَي ت‬
‫ت‬
‫‪ 1‬البخاري‪ :‬الصحيح ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 465 :‬‬
‫فهمحها على وجهيم ‪ ،‬أولمحا إن ال تعال هو الذي شاء أن يضل إنسانا ما بسبب كفره و انرافه‪.‬و هو‬
‫الذي شاء أن يهدي إنسانا ما ليانه و صلحه ‪ .‬و ثآانيهمحا إن ال هو الذي يضل العبد الذي شاء‬
‫هو بنفسه أن تيضله ال لنرافه و كفره ‪ .‬و أن ال هو الذي يهدي العبد الذي شاء هو بنفسه أن‬
‫يهديه ال ليانه و صلحه ‪.‬‬
‫س تهددادها ((‪ -‬سورةا‬‫و ثآالثا إنه –أي ابن رشد‪ -‬أيول قوله تعال ‪ )) :‬دولدأو تشأئِّـَدنا دلتدأـَيـَدنا تكلل ندـَأف م‬
‫السجدةا ‪ ، - 13 :‬بأن معناه ‪ :‬لو شاء ال أن ل يلق خلقا مهيئِّيم أن تيعرض لم الضلل إما من‬
‫قبل طباعهم ‪،‬و إما من قبل السباب الت من خارج ‪ ...‬و نظرا لكون الطخباع تمتلفة كانت اليات‬
‫تمضلة لقوما و هادية لقوما ‪،‬و ليس القصود أن هذه اليات تقصد با الضلل‪. 1‬‬
‫و تأويله هذا ل يصح ‪ ،‬و قد بناه على تأويله السابق ‪ ،‬و هذه الية ل تنص على أنه تعال خلق‬
‫خلقا تمهيئِّيم للضلل ‪ ،‬و آخرين تمهيئِّيم للضلل ‪ ،‬لن الشرع نص صراحة على أن النسان تمكلف و‬
‫تمبتلى على أساس أنه مبول على الي و الشر ‪،‬و فابل للهداية و الضلل ‪،‬و هو السؤول عن نفسه ‪.‬‬
‫لكن ابن رشد يزجعم أن الناس ليسوا كذلك ‪ ،‬و إنا هم صنفان ‪ :‬صنف مهيء للهداية و مبول‬
‫عليها ‪،‬و صنف تمهيء للضلل و مبول عليه أيضا ‪ .‬و هذا فهم مالف للشرع و العقل و الواقع ‪،‬و قد‬
‫سبقت مناقشته و إظإهار بطخلنه ‪.‬‬
‫و أما الية الت ذكرها فمحعناها‪ -‬و ال أعلم‪ -‬أنا أشارت إل أمر فات ابن رشد ‪ ،‬أو ل يرد أن ينتبه‬
‫إليه ‪،‬و هو أنا تعيرضت لسألة الداية و الضلل على مستوى الرادةا اللية الطخلقة من حيث‬
‫المكان ‪ .‬فال تعال با أنه فعال لا يريد ‪،‬و على كل شيء قدير ‪ ،‬و يفعل ما يشاء و يتار ‪ ،‬فإن‬
‫الكفر و الضلل الوجودان ف العال ليسا خارجيم عن إرادته و مشيئِّته سبحانه و تعال ‪ ،‬بل ها‬
‫موجودان بإرادته و مشيئِّته ‪،‬و حكته و عدله‪ .‬فلو أراد أن يعل الناس كلهم كفارا لكانوا كذلك ‪،‬و لو‬
‫أراد أن يعلهم كلهم مؤمنيم لفعل ذلك ‪ ،‬لكنه سبحانه ل يرد ذلك ‪ ،‬و أراد أن يلق النسان مبول‬
‫حله أمانة العبودية ‪ ،‬فإما إل النة‬ ‫على الي و الشر ‪ ،‬و أعطخاه حرية الختيار بيم اليان و الكفر ‪،‬و ي‬
‫‪ ،‬و إما إل النار‪.‬‬
‫و رابعا إنه‪ -‬أي ابن رشد‪ -‬عندما أراد تبير موقفه و الحتجاج له ‪ ،‬تساءل ‪ :‬إذا قيل ما الاجة‬
‫إل خلق صنف من الخلوقات تمهيئِّيم بطخباعهم للضلل و هذا جور ؟ ‪ ،‬ث قال ‪ )) :‬إن الكمحة اللية‬
‫اقتضت ذلك ‪،‬و أن الور كان يكون ف غي ذلك ‪ .‬وذلك أن الطخبيعة الت تخلق منها النسان ‪،‬و‬
‫التحكيب الذي تركب عليه ‪ ،‬اقتضى أن يكون بعض الناس و هم القل شرارا بطخباعهم ‪ .‬و كذلك‬
‫لقها أن تكون لبعض الناس تمضلة ‪،‬و إن كانت للكثر‬ ‫السباب التحتبة من خارج لداية الناس دت‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪. 196 :‬‬


‫تمرشدةا ((‪ .‬فوجود الي الكثر مع الشر القل ‪ ،‬أفضل من إعداما الي الكثر بسب وجود الشر‬
‫القل‪. 2‬‬
‫و قوله ل يصح فيمحا يتعلق بداية النسان و ضلله ‪ ،‬لنه سبق أن بينا أن النسان مفطخور على الي‬
‫و الشر ‪ ،‬و أنه قابل للهداية و الضلل ‪ ،‬و من ث ل يصح زعمحه بوجود صنف من الناس تمهيئِّيم‬
‫للضلل ‪ .‬و هو زعم يتناقض مع العدل اللي شرعا و عقل ‪،‬و حقيقة قوله أنه قول بالبية ‪.‬‬
‫و أما احتجاجه بالكمحة ‪ ،‬فهو احتجاج نقض لا ‪ ،‬لن الكمحة اللية ل تقتضي ظإلمحا و ل جورا ‪،‬‬
‫و إنا تقتضي عدل و رحة و مصلحة ‪ ،‬و ليس من العدل و ل من الكمحة ‪،‬و ل من الصلحة أن يلق‬
‫ال صنفا من الناس ضاليم بطخباعهم من دون ذنب و ل اختيار منهم !!‪ .‬و ال تعال أخبنا أنه ل‬
‫يظلم أحدا ‪ ،‬و زعم ابن رشد هو الظلم بعينه ‪ ،‬فهذا الظلم الذي نسبه ابن رشد إل ال تعال يتنزجه عنه‬
‫النسان الحتحما العادل ‪ ،‬فمحا بالك برب العاليم أعدل العادليم ‪،‬و أحكم الاكمحيم ‪ ،‬و أرحم الراحيم‬
‫ت‬
‫؟؟!! ‪.‬‬
‫و أما احتجاجه بالشر القليل و الي الكثي ‪ ،‬فهو ل يصح الحتجاج به ف مسألة الداية و‬
‫الضلل ‪ ،‬لنه سبق أن بينا أن النسان مبول على الي و الشر ‪ ،‬و قابل للهداية و الضلل ‪ ،‬و أنه‬
‫حله ال تعال أمانة العبودية ‪،‬و هذا يستلزجما حتمحا أن يكون كل إنسان حرا على‬ ‫مسؤول عن أفعاله ‪ ،‬ي‬
‫قدر السؤولية الت تكيلف با ‪.‬‬
‫و زعمحه بأن تمكيونات النسان اقتضت أن يكون قلة من الناس أشرارا بطخباعهم فضليوا ‪،‬و أكثريتهم‬
‫كانت خييةا فاهتدت ‪ .‬فهذا ل يصح ‪،‬و خلف الشرع و العقل ‪ ،‬لنه سبق أن بينا بطخلن منطخلقه‬
‫ص صراحة على أن معظم الناس كفار ضالون أشرار و ليس العكس‬ ‫الفكري من جهة ‪ ،‬و أن الشرع ن ي‬
‫كمحا ادعى ابن رشد ‪ ،‬بدليل قوله تعال )) فدأددب أدأكثدـَتر اللناتس إتلل تكتفوراد ((‪-‬سورةا الفرقان ‪ ، - 50 :‬و‬
‫يم ((‪-‬سورةا يوسف ‪. - 103 :‬‬ ‫))وما أدأكثدـَر اللناتس ولدو حرص ت ت ت‬
‫ت بتأؤمن د‬
‫د أ دد أ د‬ ‫دد ت‬
‫و أما واقعا فإن التاريخ و الواقع يشهدان على عكس ما قاله ابن رشد ‪ ،‬فإن الكفر هو الغالب على‬
‫بن آدما ‪ ،‬فغالبية الشعوب و الضارات الت شهدها التاريخ ل تكن تدين بدين السلما ‪،‬و غالبية‬
‫سكان العال اليوما كفار ليسوا بسلمحيم ‪ .‬المر الذي يعن أن ال تعال سيدخل الغالبية الساحقة من‬
‫بن آدما جهنم و بئِّس الصي ‪ .‬فأين الي الكثي الوجود ف بن آدما مقابل الشر القليل ؟ ‪،‬و أليس‬
‫العكس هو الصحيح ؟ ‪ .‬لكن هذا ل يعن أن غالبية البشر أشرار بطخباعهم ‪ ،‬و إنا يعن أن هؤلء‬
‫اختاروا الكفر اختيارا أو ورثآوه عن أجدادهم ‪ ،‬و كان ف مقدورهم التخلص منه و اعتناق دين السلما‬
‫لو أرادوا ذلك ‪.‬‬

‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪. 196 :‬‬


‫و تيستنتج ما ذكرناه أن ابن رشد أخطخأ فيمحا ذهب إليه بسب انرافه منهجه الفكري الذي أقامه‬
‫على دعوى باطلة ‪ ،‬مفادها أن تنصوصا الشرع متعارضة ف موضوع الداية و الضلل يب تأويلها با‬
‫تيوجبه العقل ‪ .‬و هذا انراف خطخي أوقعه ف ذلك الطخأ الشنيع ‪ ،‬و قد تتبعنا زعمحه و ناقشناه فيه و‬
‫بينا بطخلنه شرعا و عقل و واقعا ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من وجود الشر في العالم ‪:‬‬
‫اتذ ابن رشد موقفيم من مسألة وجود الشر ف العال ‪ ،‬الول ذكره ف كتابه الكشف عن مناهج‬
‫ص فيه على أن ال تعال خالق الي و الشر معا ‪ ،‬على أن تيفهم ذلك بأنه )) خالق للخي‬ ‫الدلة ن ي‬
‫لذات الي ‪ ،‬و خالق للشر من أجل الي (( ‪ ،‬بعن )) من أجل ما يقتحن به من الي ‪ ،‬فيكون على‬
‫هذا خلقه عدل منه ((‪. 1‬‬
‫و أما موقفه الثان فذكره ف كتابه الفلسفي تلخيص ما بعد الطخبيعة ‪ ،‬أكد فيه على أن كل ما هو‬
‫على الرض من خي مض ‪ ،‬فهو عن إرادةا من ال و قصد منه ‪ .‬و أما )) الشرور فوجودها لضرورةا‬
‫اليول كالفساد و الرما و غي ذلك (( ‪ .‬بعن أنا ليست من المحكنات بالنسبة إل ال تعال ‪ ،‬لن‬
‫الذين يرون أن )) المور كلها مكنة للله تعال ‪ .‬فلذلك يلزجمهم ضرورةا أن تييوروه ((‪. 2‬‬
‫و أقول ‪ :‬أول إن ابن رشد ناقض نقسه‪-‬كعادته‪ -‬ف موقفه من وجود الشر ف الرض ‪ ،‬فمحرةا قال ‪:‬‬
‫إن ال خالق الي و الشر معا ‪ .‬و مرةا استثن الشر من أن يكون متعلقا بإرادةا ال و قصده ‪،‬و جعله‬
‫من ضروريات اليول ‪،‬و ل يعله من المحكنات التعلقة بإرادةا ال و فعله و قصده و اختياره ‪ .‬و هذا‬
‫تناقض واضح ‪ ،‬و موقف تمالف للشرع ‪،‬و ل دليل صحيح عليه من العقل ‪ ،‬إل إتباع الظن و القول‬
‫على ال بل علم ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن موقفه الول من الي و الشر هو موقف صحيح موافق للشرع ذكره ف كتاب عاما وجهه‬
‫لمحهور السلمحيم ‪ .‬لكن موقفه الثان تمالف للشرع ‪ ،‬و قد أورده ف كتاب خاصا موجه للفلسفة ‪ ،‬و‬
‫هذه ازدواجية ف الطخاب الت تعيود عليها ابن رشد !! ‪.‬علمحا بأن موقفه الثان تتالفه النصوصا الشرعية‬
‫صت على أن ال تعال هو خالق كل ما ف العال ‪ ،‬خلقه بإرادته و قدرته ‪ ،‬و أنه تعال‬ ‫صراحة ‪ ،‬فقد ن ي‬
‫فعال لا يريد ‪ ،‬و يفعل ما يشاء و يتار ‪ .‬المر الذي يعن أنه ل يصح أبدا الزجعم بأن الشر الوجود ف‬
‫العال صدر بالضرورةا ‪ ،‬و ل علقة له بإرادةا ال و اختياره ‪ .‬فهذا زعم باطل تمالف لقوله تعال‪)) :‬‬
‫دودخلددق تكلل دشأيمء فدـَدقلددرهت تدـَأقتديراد ((‪ -‬سورةا الفرقان ‪، - 2 :‬و ))تمن دشبر دما دخلددق ((‪ -‬سورةا الفلق ‪2 :‬‬
‫‪، -‬و ))دذلتتكتم اللهت دربمتكأم دخالتتق تكبل دشأيمء لل إتلدهد إتلل تهدو فدأدلن تـَأؤفدتكودن ((‪ -‬سورةا غافر ‪. - 62 :‬‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص ‪. 197 :‬‬


‫‪ 2‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪. 164 ، 163 ،162 :‬‬
‫علمحا بأن الشر ل تيضف إل ال تعال ف ))الكتاب و السنة إل على أحد و جوه ثآلثآة ‪ :‬إما بطخريق‬
‫العمحوما كقوله ‪ )):‬ال خالق كل شيء ((‪ -‬سورةا الزجمر ‪ - 62 :‬و أما بطخريقة إضافته إل السبب‬
‫كقوله‪)) :‬من شر ما خلق ((‪ -‬سورةا الفلق ‪. - 2 :‬و وإما أن يذف فاعله كقول الن ‪ )) :‬و إنا ل‬
‫ندري أشر أريد بن ف الرض أما أراد بم ربم رشدا ((‪ – 1‬سورةا الن ‪. - 10 :‬‬
‫و مع أن الشر من ملوقات ال تعال ‪ ،‬فهو ل تينسب إليه مباشرةا كصفة نقص و ظإلم ‪ ،‬و إنا‬
‫هو يندرج ف حكمحته تعال و عدله و رحته ‪ .‬لذا –و ال أعلم‪ -‬كان رسول ال‪-‬صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ -‬يقول ف دعاء الستفتاح ‪ )) :‬لبيك و سعديك ‪ ،‬و الي كله ف يديك ‪ ،‬و الشر ليس إليك‬
‫((‪ . 2‬فلم يقل ‪ :‬الشر ليس من ملوقاتك ‪ ،‬و إنا قال ‪ :‬ليس إليك ‪ ،‬فالفارق ف العن كبي بيم‬
‫القوليم‪.‬‬
‫و ثآالثا إن الشر ف الرض نوعان ‪ :‬نوع تسبب النسان ف وجوده بسبب ظإلمحه و حروبه ‪ .‬و نوع‬
‫خلقه ال تعال لتيؤدي وظإيفة حددها له وفق حكمحته وعدله و رحته ‪ ،‬فيبتلي به عباده ‪،‬و يتربيهم به ‪،‬و‬
‫تيازي به الضاليم و الظاليم و الرميم ‪ ،‬قال تعال ‪ )) :‬دوندأـَبـَتلوتكم تباللشبر دواألدأتي فتأتـَندةد دوإتدأليـَدنا تـَأردجتعودن ((‪-‬‬
‫سورةا النبياء ‪. - 35 :‬و با أن الشر من ملوقات فإنه خلقه لداء وظإيفة تمددةا له بكمحة و إتقان ‪،‬‬
‫و ليس صادرا بالضرورةا و اللزجوما كمحا زعم ابن رشد ‪.‬‬
‫و أما زعمحه بأن جعل الشر من المحكنات ‪ ،‬بعن أنه من ملوقات ال تعال ‪ ،‬يلزجما توير ال‬
‫بالضرورةا ‪ ،‬بعن أنه ظإال لعباده ‪ .‬فهذا زعم باطل ‪ ،‬لن القول بأن ال خالق كل شيء ل يلزجما وصفه‬
‫بأنه ظإال ‪ ،‬لنه سبحانه فعال لا يريد ‪ ،‬و عادل حكيم ل يظلم أحدا ‪ ،‬خلق الشر و وضعه ف مكانه‬
‫الناسب بالق و العدل و الكمحة بل جور و ل ظإلم ‪.‬‬
‫و زعمحه بأن الشر ليس من الفعال المحكنة ل تعال ‪ ،‬هو رد للشرع ‪ ،‬و وصف ل بالنقص و‬
‫العجزج ‪ ،‬و قول على ال بل علم ‪ ،‬و مناقض لا وصف ال به نفسه بأنه خالق كل شيء ‪،‬و فعال لا‬
‫يريد ‪ ،‬و على كل شيء قدير‪ ،‬له الساء السن و الصفات التعلى ‪.‬‬

‫و تيستنتج ما ذكرناه أن ابن رشد –ف موقفه من قضية الي و الشر‪ -‬ل يتخل عن طريقته التأويلية‬
‫الباطنية ‪،‬و عن ازدواجيته ف الطخاب ‪ ،‬ففي كتابه الكشف عن مناهج الدلة ذكر رأيا و وجهه‬
‫للجمحهور ‪،‬و ف كتابه تلخيص ما بعد الطخبيعة ذكر رأيا مالفا للول هو رأيه القيقي من تلك القضية‬
‫‪.‬و قد ناقشناه فيمحا ادعاه ‪،‬و بينا خطخأه ف تأويله للشرع ‪ ،‬و ف موقفه الفلسفي من وجود الشر على‬
‫الرض ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬نقد ابن رشد في استخدامه لبعض المصطلحاتا ‪:‬‬
‫‪ 1‬ابن تيمية ‪ :‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 8‬ص‪. 511 :‬‬
‫‪ 2‬مسلم ‪ :‬الصحيح ‪ ،‬الحديث رقم ‪ ، 771 :‬ج ‪ 1‬ص‪. 534 :‬‬
‫انتقد ابن رشد التكلمحيم بأنم استخدموا ألفاظإا بدعية ف الشرع ‪ ،‬كالقدما و الدوثَ ‪،‬و هذه‬
‫اللفاظ تتوقع ف )) شبهة عظيمحة تتفسد عقائاد المحهور ‪،‬و باصة الدلييم منهم ((‪ . 1‬و قوله هذا فيه‬
‫حق و باطل ‪ ،‬فأما الق فهو انتقاده للمحتكلمحيم و استنكاره عليهم استعمحال مصطخلحات بدعية ل‬
‫يستعمحلها الشرع ‪ ،‬مع أنه تيكن التعبي عنها بصطخلحات شرعية ‪ .‬و أما الباطل فهو زعمحه بأن تلك‬
‫الصطخلحات تتفسد عقائاد المحهور با فيهم الدلييم ‪،‬و يعن بم التكلمحيم ‪ .‬لن هذا الذور يشمحل‬
‫كل الناس دون استثناء ‪ ،‬و ل يص علمحاء الشريعة دون الفلسفة مثل ‪ .‬فبمحا أن تلك الصطخلحات‬
‫بدعية و يكن التعبي عنها بالصطخلحات الشرعية ‪ ،‬فالطخلوب من كل السلمحيم‪-‬دون استثناء‪-‬‬
‫استبعادها و تعويضها باللفاظ و الصطخلحات السلمية ‪.‬‬

‫و هو ف انتقاده –للمحتكلمحيم‪ -‬وقع ف نفس ما انتقدهم فيه ‪ ،‬بل و ف أخطخر ما وقعوا هم فيه ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫و ذلك أنه تصيرف ف معان بعض اللفاظ الشرعية و اللغوية ‪ ،‬كعبارةا اللق ‪ ،‬و الالق ‪ ،‬و الخلوق‬
‫‪ .‬هذه العبارات تفعتلها ‪ :‬خلق ‪ ،‬يلق ‪ ،‬و لا معنيان ف الشرع ‪ ،‬ها ‪ :‬الياد من مادةا سابقة ‪ ،‬و‬
‫الياد من ل شيء‪ . 3‬لكن ابن رشد ل يقصد ذلك من استعمحاله لتلك اللفاظ ‪ ،‬لنه سبق أن بينا أنه‬
‫يقول بأزلية العال و أبديته ‪ ،‬و ينكر خلق العال‪-‬بعد أن ل يكن‪ -‬من مادةا سابقة أو من ل شيء ‪،‬و‬
‫يرى أن اللق عنده يص العال السفلي ل العلوي ‪،‬و معناه التحيول من حالة على حالة أخرى ‪ ،‬و‬
‫بعن آخر إخراج ما بالقوةا إل الفعل‪ . 4‬فهذا الفهوما لعن اللق تمالف للشرع و اللغة و العلم ‪،‬و قد‬
‫سبق تبيان ذلك ف الفصل الثان ‪.‬‬
‫و منها ذلك أيضا استعمحاله لعبارةا الختحاع و الختحع‪ . 5‬و تفعتلها‪ :‬اختحع ‪ ،‬يتحع ‪ ،‬و معناها قريب‬
‫ت‬
‫جدا من معن اللق ‪ ،‬و أحيانا تيطخابقه ‪ ،‬فمحن معانيه ‪ :‬الياد و الحداثَ ‪ ،‬و البداع و النشاء‪. 6‬‬
‫لكن ابن رشد استعمحل تلك العبارةا بعن تمالف لعناها الصلي اللغوي ‪ ،‬و قصد به معن الياد عند‬
‫الشائايم الذي يعن إخراج ما بالقوةا إل الفعل ف عال التكيون و الفساد ف الرض ‪ ،‬و ل علقة له‬
‫بالعال العلوي الزل البدي عندهم ‪.‬‬
‫و من ذلك أيضا أنه استخدما ألفاظإا و مصطخلحات ليست إسلمية وصف با ال تعال ‪ ،‬فوصفه‬
‫بأنه العقل الول ‪ ،‬و البدأ الول ‪ ،‬و الواحد البسيط ‪،‬و الرك الذي ل يتحرك‪. 7‬و منها أيضا أنه‬
‫تصيرف ف ألفاظ بعض الصطخلحات للتخفيف من حدتا و وقعها و تأثآيها عندما يسمحعها أو يقرأها‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪. 172 :‬‬


‫‪ 2‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 193 ، 136 ،113 :‬‬
‫‪ 3‬سابق توثيق ذلك ‪.‬‬
‫‪ 4‬سابق توثيق ذلك في الفصل الثاني ‪.‬‬
‫‪ 5‬ابن رشد ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪. 119 ،118 :‬‬
‫‪ 6‬شهاب الدين الجياني ‪ :‬البيان في تفسير غريب القرآن ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الصحابة ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1992 ،‬ص‪. 65 :‬‬
‫‪ 7‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪. 149 ، 148 ،147 ، 125 ،124 :‬‬
‫السلمحون ‪ ،‬فل تتثي فيهم رد فعل قوي رافض لا ذكره ‪ .‬و مثال ذلك أنه عيب عن العقول السمحاوية‬
‫صيور الوهرية ‪،‬و مبادئ الجراما‬ ‫الزلية الالدةا ذات الطخبيعة اللية ‪،‬و التصرفة ف الكون ‪ ،‬بأنا ال ت‬
‫‪1‬‬

‫السمحاوية ‪ ،‬و الفارقات‪. 2‬‬


‫و ذكر الباحث الغرب طه عبد الرحن أن ابن رشد تصيرف ف بعض الصطخلحات اليونانية ‪ ،‬حت‬
‫وصل به المر إل ما يشبه التحريف ‪ ،‬لتيقيرب مضامينها تقريبا إسلميا ‪ ،‬فجعل من الله اليونان‬
‫)) أطلس (( ملكا ‪ .‬و أيول اسم النس )) الله (( ‪ ،‬بعن الفلك‪. 3‬‬
‫و تيستنتج من تلك النمحاذج أن ابن رشد مارس التحريف و التغليط التعمحدين ف استعمحاله اللفاظ‬
‫ت‬
‫و الصطخلحات ‪ .‬فديلس على القراء و غيلطخهم ‪ ،‬و بلبل أفكارهم ‪ ،‬و أثآار فيهم الشبهات ‪،‬و أبعدهم‬
‫عن الصطخلحات الشرعية ‪،‬و ريوج بينهم اللفاظ و الصطخلحات غي السلمية ‪ .‬فعل كل ذلك انتصارا‬
‫للرسطخية الشائاية ‪ ،‬و تأويل للنصوصا الشرعية لتتفق مع تلك الفلسفة و تكون ف خدمتها ‪ .‬و كلمنا‬
‫هذا يشهد له ما سبق أن ذكرناه ‪،‬و سيزجيده ما يأت تأكيدا و إثآراء ‪ ،‬إن شاء ال تعال ‪.‬‬

‫و ختاما لذا الفصل – و هو الثالث‪ -‬يتبيم منه أن ابن رشد كان قليل الهتمحاما بالسنة النبوية ف‬
‫ت عليها ‪ .‬و ل تينيوه بكانتها اللئاقة با ‪ ،‬و أغفلها ف مواضع‬ ‫كتبه الكلمية و الفلسفية الت أطلع ت‬
‫كثيةا كان سياق الوضوع يستدعي ذكرها ‪ ،‬و أحيانا قرر ما تيالفها ‪.‬‬
‫و تبيم أيضا أنه أهل أصحاب الديث كجمحاعة فاعلة ف التمحع ‪،‬و كطخائافة صاحبة مذهب فكري‬
‫عريق ف الصالة ‪،‬و تيعب عن الفهم الصحيح السلما ‪ .‬فمحارس ف حقهم الغفال و التاما ‪،‬و حرما‬
‫نفسه و قراءه من النتفاع الصحيح و الكامل بذهبهم ‪.‬‬
‫و أتضح أيضا أن فهمحه لفضية الداية و الضلل كان فهمحا ناقصا تمترفاد لا ‪ ،‬عندما زعم أن‬
‫النصوصا الشرعية التعلقة با متعارضة يب إخضاعها للتأويل العقلي حسب زعمحه ‪ .‬فجاء فهمحه لا‬
‫تمالفا للشرع و العقل معا ‪ ،‬لبعاده النهج الشرعي ف تناوله لتلك القضية بسبب منطخلقه الذهب‬
‫الرسطخي الذي تكم ف نظرته إليها ‪.‬‬
‫و تبيم أيضا أنه كان متناقضا ف موقفه من وجود الشر ف العال ‪ ،‬فمحرةا يقول أنه من ملوقات ال‬
‫تعال التعلقة بإرادته و مشيئِّته ‪ ،‬و مرةا أخرى يقول أنه ليس من المحكنات التعلقة بإرادته تعال و‬
‫اختياره ‪،‬و إنا هو من ضروريات اليول ف العال الرضي ‪ .‬و قد ناقشناه ف ذلك و بينا بطخلن قوله‬
‫الخالف للشرع و العقل معا ‪.‬‬

‫‪ 1‬سابق توثيق ذلك ‪.‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪ . 12 :‬و تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 146 ،145 :‬‬
‫‪ 3‬طه عبد الرحمن ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 197 :‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫نقد موقف ابن رشد من العقولا المفارقة و خلود النفس و طبيعياتا أرسطو‬

‫أول ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من النفوس بعد موتها ‪.‬‬


‫ثانيا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من العقولا المفارقة ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من طبيعياتا أرسطو ‪.‬‬
‫نقد موقف ابن رشد من العقولا المفارقة و خلود النفس و طبيعياتا أرسطو‬

‫تنصص هذا الفصل لنقد مواقف ابن رشد الفيد من ثآلثآة مواضيع لا أهية كبى ف الفلسفة‬
‫الرسطخية ‪،‬و تتحتب عنها نتائاج خطخيةا على الفكر الفلسفي ‪ .‬أولا يتعلق بصي النفوس بعد موتا من‬
‫معاد أخروي و علقتها بالنفس الكلية عند الشائايم ‪.،‬و ثآانيها يتعلق بالعقول الفارقة الزلية من جهة ‪،‬‬
‫و العقل الكلي و اتصاله بالعقل النسان من جهة أخرى ‪.‬و ثآالثها يتعلق بطخبيعيات أرسطخو الت بالغ‬
‫ابن رشد ف الثناء عليها و الحتجاج با ‪ .‬تلك هي الواضيع الت ستنخضعها للنقد العلمحي على ضوء‬
‫الشرع و العقل و العلم ‪ ،‬إن شاء ال تعال ‪.‬‬
‫أول ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من مصير النفوس بعد موتها ‪:‬‬
‫ذكر ابن رشد –ف كتابه فصل القال‪ -‬أن اليان بوجود العاد الخروي و أحواله واجب شرعا ‪ ،‬و‬
‫د‬
‫من أنكره فهو كافر ‪ .‬و أشار إل أن أهل العلم اختلفوا ف هذا العاد ‪ ،‬هل هو دمعاد مادي و روحي ‪،‬‬
‫أما هو روحي فقط ؟ ‪ .‬فمحنهم من أيول الادي و أقر بالروحي فقط ‪ ،‬و منهم من قال بمحا معا ‪ ،‬ث‬
‫اعتذر للفريقيم من دون ترجيح و ل انتصار لي منهمحا‪. 1‬‬
‫و أقول ‪ :‬إن موقفه هذا غي صحيح فيمحا يتعلق بوجود العادين الادي و الروحي ‪ ،‬لن اختلف أهل‬
‫العلم ف القول بالعادين أو بأحدها شيئ ‪ ،‬و موقف الشرع منهمحا شيء آخر ‪ .‬فأهل العلم كل منهم‬
‫نظر إل القضية انطخلقا من خلفيته الذهبية ‪ ،‬و منهجه ف فهم الشرع ‪ ،‬لكنها‪-‬أي القضية‪ -‬على ضوء‬
‫الشرع شيء آخر تاما ‪ .‬فكان عليه أن تيبيم موقف الشرع من هذه القضية بصراحة ‪،‬و بل لف و ل‬
‫دوران ‪،‬و ل يعله تابعا لراء أهل العلم ‪ .‬و عليه فإن اليان بالعادين الادي و الروحي يوما القيامة هو‬
‫من بديهيات الشرع و أصوله العروفة من دين السلما بالضرورةا ‪ ،‬و من أنكرها معا أو أحدها ‪ ،‬فهو‬
‫قد خرج عن أصل من أصول عقائاد السلما ‪ ،‬بل دليل صحيح إل إتباع الظنون و الذهبيات الباطلة‬
‫البنية على التخمحينات و الهواء ‪ .‬و النصوصا الشرعية ف إثآبات العادين كثيةا جدا ‪ ،‬منها قوله تعال ‪:‬‬
‫ك يـَوما األتتلوتد ((‪ -‬سورةا قـَ ‪ ، - 34 :‬و ))وأدسمرواأ النلددامةد لدلمحا رأدواأ الأعدذاب وقت ت‬ ‫م ت‬
‫ضدي‬ ‫دت د د د‬ ‫د‬ ‫د د‬ ‫))اأدتختلودها بتدسدلما دذل د د أ ت‬
‫صاتلا ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫تت ت‬
‫ت أدلن‬ ‫بدأـَيـَندـَتهم بالأقأسط دوتهأم لد يتظألدتمحودن ((‪-‬سورةا يونس ‪ ، - 54 :‬و ))دوبدبشتر الذين آدمنتواأ دودعمحلتواأ ال ل د‬
‫ت دأتتري تمن دأتتتدها الدنأـَدهاتر تكلدمحا ترتزقتواأ تمأنـَدها تمن دثددرمةا برأزقاد دقالتواأ دهـَدذا التذي ترتزقأـَدنا تمن قدـَأبلت دوأتتواأ بتته‬‫دلم جلنا م‬
‫تأ د‬
‫تت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫تمتددشاباد دودلتأم فيدها أدأزدوابج مطخدلهدرةاب دوتهأم فيدها دخالتدودن ((‪-‬سورةا البقرةا ‪ ، - 25 :‬و ))دودعدد ال الأتمحدنافق د‬
‫يم‬
‫ب متقيبم ((‪-‬سورةا‬ ‫تت ت ت‬ ‫ت ت‬
‫دوالأتمحدنافدقات دوالأتكلفادر دنادر دجدهنلدم دخالديدن فيدها هدي دحأسبتـَتهأم دولددعندـَتهتم الليهت دودلتأم دعدذا ب‬
‫ت لتألدكافتتريدن ((‪-‬سورةا البقرةا ‪- 24 :‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫س دواألدجادرةات أتعلد أ‬ ‫ل‬
‫التوبة ‪ ، - 68 :‬و ))دفاتلـَتقواأ اللنادر ا تت دوتقوتددها اللنا ت‬
‫‪ ،‬و ))يدـَأودما تأيدمحى دعدأليـَدها تف دناتر دجدهنلدم فدـَتتأكدوى تدبا تجدباتهتهأم دوتجنوبـَتتهأم دوظإتتهوترتهأم دهـَدذا دما دكندـَأزجتأت دلنتفتستكأم‬
‫فدتذوقتواأ دما تكنتتأم تدأكنتتزجودن ((‪-‬سورةا التوبة ‪ . - 35 :‬فهذه اليات‪ -‬وغيها‪ -‬أدلة قطخعية دامغة بوجود‬
‫العادين الادي و الروحي يوما القيامة ‪ ،‬لكن ابن رشد أغفلها و اتذ ذلك الوقف الباطل الذي مسك‬
‫فيه العصا من وسطخها ‪ ،‬و اعتذر للفريقيم التنازعيم و سوى بيم موقفيهمحا من حيث الضعف و القوةا ‪،‬‬
‫من دون أن يذكر موقف الشرع القيقي ‪،‬و من ث موقف الفريق الصيب الوافق للشرع ‪.‬‬
‫و أما موقفه القيقي فهو ل تيفصح عنه صراحة ف كتابيه فصل القال ‪ ،‬و الكشف عن مناهج‬
‫الدلة ‪،‬و أخفاه من خلل ذكره لختلف أهل العلم حول تلك القضية من دون أن يذكر رأيه ‪ ،‬أو‬
‫تيرجح أحد الرأييم على الخر ‪ .‬لكن الشيخ تقي الدين ابن تيمحية يرى أن ابن رشد كان تمظهرا للوقف‬
‫ف مسألة معاد البدان ‪ ،‬و مسوغا للقوليم القائاليم بالعاد الروحي و الادي ‪ .‬و إن كان ف باطنه أميل‬
‫إل سلفه الفلسفة القائاليم بالعاد الروحي فقط‪ . 2‬و رأيه هذا تيرجحه امتناع ابن رشد من الفصاح عن‬
‫موقفه ‪،‬و عدما التحجيح بيم الرأييم ف كتابيه السابقيم ‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬الفصل ‪ ،‬ص‪ 112 :‬و ما بعدها ‪ .‬و الكشف ‪ ،‬ص‪ 199 :‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 2‬ابن تيمية ‪ :‬منهاج السنة النبوية ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 356 :‬‬
‫و ذهب الباحث ممحد يوسف موسى إل القول ‪ :‬إن ابن رشد كان يرى أن العاد الخروي سيكون‬
‫روحيا فقط‪. 1‬و رأيه هذا هو الراجح عندي لمرين ‪ ،‬أولمحا إن ابن رشد كان على مذهب سلفه من‬
‫الفلسفة الشائايم الدافع عنهم و النتصر لم ‪ ،‬فمحن الستبعد جدا أن تيالفهم ف قولم بالعاد الروحي‬
‫ت‬
‫دون الادي ‪ .‬و ثآانيهمحا إنه من الراجح جدا أن ابن رشد لو كان يقول بالعادين الروحي و الادي معا ما‬
‫أخفى موقفه ‪ ،‬لنه هو الوقف الصحيح الوافق للشرع ‪،‬و لتدمحا يعتقده معظم السلمحيم ‪ ،‬و الذي ذكره‬
‫تيناسب كتاب الفصل و الكشف العاميم الوجهيم للجمحهور ‪ .‬و من ث فل يد ابن رشد أي حرج ف‬
‫ذكره و النتصار له ‪ ،‬لكنه يد عكس ذلك لو قال بالعاد الروحي دون الادي‪ ،‬لنه تيالف الشرع و‬
‫جهور السلمحيم ‪،‬و ل يستطخيع النتصار له صراحة ف كتبه العامة ‪ ،‬و هذا هو الذي حدثَ فعل ‪،‬‬
‫فبمحا أنه ل يقل بالعادين و ريجح القول بالروحي فقط أخفاه و ل تيظهره‪.‬‬
‫و أما لاذا أنكر الفلسفة الشاؤون العاد السمحان‪-‬أي الادي‪ ، -‬فهم أنكروه بناء على قولم بأزلية‬
‫العال ‪،‬و عدما اللق من عدما ‪ ،‬بدعوى أنه من الال أن تعود روح كل إنسان إل بدنه الذي كان فيه ف‬
‫الياةا الول ‪ ،‬لن بدنه تلل إل عناصر متلفة ‪ ،‬ربا صار بعضها جزجءا من بدن إنسان آخر ‪ ،‬فيكون‬
‫تمتعذرا أن يعاد بدن كل منهمحا كامل‪. 2‬‬
‫و قولم هذا ل دليل صحيح لم فيه من الشرع و ل من العقل ‪ ،‬و إنا هو قول لزما لم بناء على‬
‫مذهبيتهم الرسطخية الباطلة ‪ .‬و هو زعم قال به كفار كثيون ‪،‬و قد حكاه عنهم ال تعال ف قوله عزج و‬
‫ب لددنا دمثدلد دوندتسدي دخألدقهت دقادل دمأن تأيتيي الأعتدظادما دوتهدي درتميبم قتأل تأيتييدها التذي دأندشأددها أدلودل‬
‫ضدر د‬
‫جل ‪ )) :‬دو د‬
‫دملرمةا دوتهدو بتتكبل دخألمق دعتليبم ((‪-‬سورةا يس ‪ ، -79- 78 :‬و ))دودكانتوا يدـَتقوتلودن أدئاتدذا تمأتـَدنا دوتكلنا تـَدراباد دوتعدظاماد‬
‫ت‬
‫محبـَتعوتثآودن (( –سورةا الواقعة ‪ . - 47 :‬و قد رد عليهم ال تعال برد تمفحم ‪ ،‬فهو سبحانه فعال لا‬ ‫أدئالنا لد د أ‬
‫يريد ‪ ،‬إذا أراد شيئِّا فإنه يلقه من شيء و من ل شيء ‪.‬‬

‫و ليس من العقل و ل من العدل أن يعيش النسان على وجه الرض ‪ ،‬بسمحه و عقله و روحه ‪ ،‬و‬
‫بإيانه و كفره ‪ ،‬و بأفعاله الييةا و الشريرةا ‪ ،‬ث هو يوما القيامة ل تياسب و ل تيازى ‪ ،‬و ل تينيعم و ل‬
‫تيعاقب إل الانب الروحي منه فقط ‪،‬و تيلغى الانب الادي منه ‪ .‬فهذا تمستبعد عقل ‪ ،‬و ليس من‬
‫العدل أيضا ‪ ،‬لن تاما العدل أن تياسب و تيازى على كل أحواله و أفعاله الادية و الروحية معا ‪ .‬و‬
‫ص عليه الشرع الكيم ‪،‬و يقول به العقل الفطخري الصريح ‪.‬‬ ‫هذا هو عيم الق و العدل ‪ ،‬الذي ن ي‬

‫‪ 1‬محمد يوساف موساى ‪ :‬بين الدين و الفلسفة ‪ ،‬ص‪. 223 :‬‬


‫‪ 2‬ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض‪ ،‬ج ‪ 7‬ص‪ . 384 :‬و محمد يوساف موساى ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 221 :‬‬
‫و با أن ابن رشد قال بالعاد الخروي ‪،‬و مال إل القول بالروحي منه ‪ ،‬دون الادي و الروحي معا‬
‫‪ .‬فمحا هو موقفه من مصي النفوس النسانية بعد مفارقتها للجسد ؟ ‪،‬و كيف يكون حالا ؟ ‪ ،‬و أين‬
‫يكون مستقرها النهائاي ؟ ‪.‬‬
‫إنه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬عندما ذكر أن أبا حامد الغزجال انتقد قول أفلطون ف النفس النسانية بأنا‬
‫واحدةا قدية ‪ ،‬تعددت ف البدان ‪ ،‬فإذا فارقت الجساما‪-‬عند وفاتا‪ -‬فقدت فرديتها ‪،‬و عادت إل‬
‫أصلها الكلي الواحد ‪ .‬ريد عليه ابن رشد منتصرا لرأي أفلطون و قائال به ‪ ،‬فكان ما قاله ‪ )) :‬أما زيد‬
‫فهو غي عمحرو بالعدد ‪ ،‬و هو و عمحرو واحد بالصورةا و هي النفس ‪ ...‬فإذا كانت النفس ليس تلك‬
‫إذا هلك البدن ‪ ،‬و كان فيها شيء بذه الصفة ‪ ،‬فواجب إذا فارقت البدان أن تكون واحدةا بالعدد ‪،‬و‬
‫هذا العلم ل سبيل إل إفشائاه ف هذا الوضوع ((‪. 1‬‬

‫و معن كلمه أن النفوس النسانية عندما تتفارق أجسادها عند موتا ‪ ،‬تصبح بالضرورةا نفسا كلية‬
‫واحدةا من حيث العدد و تفقد فرديتها ‪ .‬فمحا موقف أهل العلم من رأي ابن رشد من هذه القضية ؟‪.‬‬
‫أولم الباحث ممحد جلل شرف ‪ ،‬يرى أن ابن رشد أنكر اللود ‪،‬و هذا خروج عن أصول الذين‬
‫السلمي‪ . 2‬و قوله هذا بناه على أساس أن ابن رشد يقول بلود النفس الكلية الواحدةا بعد مفارقتها‬
‫للبدن ‪،‬و ل يقول بتعدد النفوس الفردية بعد موتا ‪ .‬فل خلود إل للنفس الكلية الواحدةا ‪،‬و ليس‬
‫ص عليه دين السلما ‪.‬‬ ‫للنفوس الفردية التعددةا ‪.‬و هذا يعن إنكار للخلود الفردي الذي ن ي‬
‫و ثآانيهم الباحثة زينب ممحد الضيي ‪ ،‬فإنا ذكرت أن ابن رشد كان يقول بالنفس النسانية الكلية‬
‫الالدةا الت تدويحدت فيها النفوس الفردية النسانية بعد موتا ‪ .‬ما يعن إنكار اللود الفردي الشخصي‬
‫للنفس ‪،‬و خلود النفس الكلية ‪ ،‬و هذا يتعارض مع كل العقائاد السمحاوية‪. 3‬‬
‫و الثالث هو الباحث عبد اليد العنوشي ‪ ،‬فإنه ذكر أن ابن رشد أورد ف كتابه الكشف عن مناهج‬
‫الدلة آيات قرآنية قرر من خللا خلود النفس الشخصية من وجهة نظر اليان و العتقاد ‪ ،‬خلفا لا‬
‫قرره ف كتابه شرح كتاب النفس الذي ل يقل فيه باللود الفردي ‪،‬و إنا أقر فيه )) باللود للنوع‬
‫البشري عامة ‪ ،‬و بالصوصا لعقله الفعال ‪ ،‬أي للعقل الكلي بالنسبة إل النسانية جعاء ((‪. 4‬‬
‫و الرابع هو الباحث أوليفر ليمحان ‪ ،‬إنه ذكر أن ابن رشد كان يرى أنه ليس ثة مال للتفكي ف‬
‫اللود الفردي للروح ‪ ،‬أو لي جزجء منها ‪ ،‬و إنا يتمحثل اللود ف نوع من اللود الكلي الشامل حيث‬
‫يتلشى الفرد لتيشارك ف خلود النوع النسان‪. 5‬‬
‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 60 :‬‬
‫‪ 2‬دافيد ساانت لنا ‪ :‬المذاهب اليونانية في العالم السالمي ‪ ،‬حققه محمد جلل شرف ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1981 ،‬مقدمة‬
‫المحقق ص‪10 :‬‬
‫‪ 3‬زينب الخضيري ‪ :‬أثر ابن رشد في فلسفة العصور الوساطى ‪ ،‬ص‪. 333 :‬‬
‫‪ 4‬مراد وهبة ‪ :‬ابن رشد و التنوير ‪ ،‬ص‪. 248 :‬‬
‫‪ 5‬مراد وهبة ‪ :‬ابن رشد و التنوير ‪ ،‬ص ‪. 54 :‬‬
‫و آخرهم – أي الامس‪ -‬هو الباحث أوديرا أوروكا ‪ ،‬إنه يرى أن ابن رشد جاء بصياغة جديدةا‬
‫لرسطخو ‪ ،‬فأنكر )) خلود النفس الفردية و أثآبته للعقل الفعال ((‪. 1‬‬
‫و بذلك يتبيم أن ما فهمحناه من كلما ابن رشد ف رده على الغزجال ليس فهمحا خاصا بنا ‪ ،‬و ل تريفا‬
‫لكلمه ‪ .‬و إنا هو فهم واضح جلي من قوله ‪ ،‬وافقنا عليه طائافة من الباحثيم العاصرين ‪ ،‬من أن ابن‬
‫رشد أنكر اللود الفردي للنفس البشرية ‪،‬و أثآبت اللود الكلي للنفس النسانية الواحدةا ‪ .‬فمحاذا يعن‬
‫هذا ؟ ‪.‬‬
‫إنه يعن أن ابن رشد تمتناقض مع نفسه عندما قال ‪ :‬إن العاد الخروي واجب اليان به كافر من‬
‫أنكره ؛ ث عاد و أنكر خلود النفوس الفردية بعد موتا ‪ ،‬و جعلها نفسا كلية واحدةا تمتحدةا خالدةا !! ‪.‬‬
‫و كنا قد ذكرنا سابقا أن ابن رشد قال يأزلية العال و أبديته ‪ ،‬فكيف يكون العاد الخروي با أن‬
‫العال ل ينتهي ‪ ،‬و الشرع قد ربط العاد بفناء العال ؟ ! ‪ .‬و كيف يكون العاد الخروي إذا كانت‬
‫النفوس الفردية تتفي و تظهر بدلا نفس كلية أزلية واحدةا ؟ ‪ ،‬و أين النفوس الت تتاسب يوما القيامة ؟‬
‫‪ ،‬و لن تتوضع الوازين يوما القيامة ؟ ‪ ،‬و من الذي يدخل إل النة ‪ ،‬و من الذي يدخل إل النار ‪ ،‬با‬
‫أن النفوس الفردية تتفي ؟ ‪،‬و ما ذا نفعل بالنصوصا الشرعية الكثيةا جدا الت أكدت على العاد‬
‫ت درتهيندةب ((‪-‬سورةا اليدثآر ‪ -38 :‬؟ ‪ ،‬و هل‬ ‫الخروي الفردي للنفوس بكم أن ))تكمل ندـَأف م ت‬
‫س دبا دكدسبد أ‬
‫يبقى بعد ذلك معاد أخروي ؟ ‪ ،‬و أليس زعمحه هذا هو إنكار صريح لمر معروف من الدين بالضرورةا ؟‬
‫‪ ،‬فهل نتحك كلما ال و رسوله ‪،‬و نتبع أوهاما و خرافات ابن ر شد ف خلود النفس الكلية‬
‫الزجعومة ؟ ‪.‬‬
‫إنه ظإاهر التناقض مع نفسه ‪ ،‬سيا على طريقته ف ازدواجية الطخاب ف تعامله مع جهور السلمحيم‬
‫و الفلسفة ‪ ،‬فهو مقتنع بذه الطخريقة تمتعمحد ف استخدامها ‪ .‬و حقيقة موقفه السابق هو إنكار للمحعاد‬
‫الخروي أصل ‪ ،‬فل قيامة و ل حساب ‪ ،‬و ل جزجاء و ل عقاب ‪ ،‬و ل جنة و ل نار‪ .‬و هو خروج‬
‫سافر عن الدين ‪ ،‬لنه إنكار لعلوما من الدين بالضرورةا ‪ ,‬و أما ما قاله عن العاد الخروي الادي و‬
‫الروحي السابق ذكره ‪ ،‬فهو من باب حكاية ما قاله الشرع و أهل العلم ف ذلك الوضوع ‪،‬و هو يندرج‬
‫أيضا ف خانة التدليس و التغليط ‪ ،‬و إزدواجية الطخاب الت تعرف با ابن رشد ! ‪.‬‬
‫و هل معن ذلك أن الرجل كان منكرا حقا للمحعاد الخروي الذي هو أصل من أصول عقائاد دين‬
‫السلما ؟ ‪ ،‬نعم إنه تريجح عندي بأنه أنكر ذلك ‪ ،‬بدليل الشواهد التية ‪ :‬أولا إنه قال بلود النفس‬
‫الكلية الواحدةا ‪ ،‬ل يقل بلود النفس الفردية ‪ ،‬و هذا يستلزجما إنكار العاد كله ‪ ،‬لن العاد ل يكون إل‬
‫بوجود النفوس الفردية ‪ .‬و ثآانيها إنه با أن ابن رشد كان أرسطخيا إل النخاع متعصبا لرسطخو مغاليا فيه‬

‫‪ 1‬أوديرا أوروكا ‪ :‬العقل و الفعل في إفريقيا ‪ ،‬مجلة ابن رشد اليوما ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬العدد الول ‪ ، 1997 ،‬ص‪. 16 :‬‬
‫‪ ،‬و يأخذ بذهبه ‪ ،‬و هذا الرجل‪-‬أي أرسطخو‪ -‬ل يكن يعرف جنة و ل نار ‪ ،‬و قال بلود العقل الكلي‬
‫الواحد عندما تتفارق العقول الفردية أبدانا‪ ، 1‬فابن رشد على مذهبه ‪.‬‬
‫و الشاهد الثالث إنه سبق أن ذكرنا أن ابن رشد قال بأزلية العال و أبديته و خلوده ‪ ،‬و با أنه‬
‫كذلك فل توجد قيامة و ل معاد ‪ ،‬و ل جنة و ل نار ‪ ،‬لن الشرع أكد على أنه ل قيامة إل بعد فناء‬
‫هذا العال الذي نعيش فيه ‪،‬و با أن ابن رشد زعم أنه ل ناية لذا العال ‪ ،‬فهذا يعن أنه ل قيامة و ل‬
‫معاد !! ‪.‬‬
‫و الشاهد الخي‪-‬أي الرابع‪ -‬مفاده أن ابن رشد قال بالعقل النسان الكلي الواحد ‪ ،‬و ذلك أن‬
‫العقول بعد مفارقتها للجساد تلتحق بالعقل الفعال لتكيون العقل النسان الكلي‪ . 2‬و معن ذلك أنه‬
‫ل قيامة و ل معاد‪ ،‬و ل حساب و ل جزجاء ‪،‬و ل جنة و ل نار ‪ ،‬لن النسان الفرد العاقل غي موجود‬
‫‪،‬و كيف تيقاما له معاد و حساب من دون عقل ‪ ،‬و هو مناط التكليف ؟ ؟ !! ‪.‬‬

‫و أما قوله بأن ما ذهب إليه صحيح بالوجوب ‪،‬و أنه من العلم الذي ل سبيل إل إفشائاه هنا ‪ ،‬فهو‬
‫زعم باطل بناه على الظنون و التخمحينات ‪ ،‬و التخريات الذهبية الرسطخية ‪،‬و ليس له فيه دليل صحيح‬
‫من الشرع و ل من العقل ‪،‬و إنا هو حديث خرافة ‪ .‬لننا إذا تدبرنا ف ذواتنا تبيم لنا أن النفوس‬
‫التعددةا ل يصح أن تيقال أنا اتدت ف نفس كلية واحدةا بعد مفارقتها للبدان ‪ ،‬لمرين ‪ :‬أولمحا ليس‬
‫لنا دليل صحيح من الشرع و ل من العقل و ل من العلم يدل على أن هذه النفوس الفردية تويحدت‬
‫‪-‬بعد موتا‪ -‬ف نفس كلية واحدةا ‪ ،‬و من يزجعم ذلك هو الطخالب بالدليل و ليس النكر له ‪ .‬لن‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫النكر يكفيه أن يقول ‪ :‬إنن أنكره لن ل أراه ‪،‬و ليس عندي دليل صحيح تيثبت ذلك من النقل و ل‬
‫ت‬
‫من العقل‪ .‬لكن الدعي لذلك ليس لديه إل الظن و التخمحيم ‪ ،‬و الرجم بالغيب ‪ ،‬و القول بل علم ‪ ،‬و‬
‫ت‬
‫أما الدليل الصحيح فلن يظفر به ‪ .‬و أما المر الثان فهو أنه من الثابت منطخقيا أن الذوات الفردية‬
‫التعددةا ل تتوحد لتصبح ذاتا واحدةا ‪ ،‬لن التعدد التاما النفصل ل تيساوي واحدا ‪،‬و ل الواحد النفصل‬
‫التاما تيساوي أكثر من واحد ‪ .‬فهل شخص واحد يكن أن يصبح ‪ 10‬أشخاصا ؟ ‪،‬و هل ‪10‬‬
‫أشخاصا يكن أن يصبحوا شخصا واحدا ؟ ‪ .‬طبعا ل ‪ ،‬و هذا هو منطخق العقل الطخبيعي الفطخري ‪،‬و‬
‫الخالف هو الطخالب بالدليل الصحيح لدعم زعمحه ‪ .‬و عليه فإن ما يدعيه ابن رشد و أصحابه من‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫أوهاما و خيالت حول النفس الكلية الواحدةا بدعوى العلم ‪ ،‬فمحا هي إل ظإنون و أهواء و خرافات‬
‫ليست من الشرع ‪ ،‬و ل من العقل ‪ ،‬و ل العلم ف شيء ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من العقولا المفارقة الزلية ‪:‬‬

‫‪ 1‬مصطفى النشار ‪ :‬نظرية المعرفة عند أرساطو ‪ ،‬ص‪. 84 :‬‬


‫‪ 2‬زينب الخضيري ‪ :‬أثر ابن رشد في فلسفة العصور الوساطى ‪ ،‬ص‪. 331 :‬‬
‫ساير ابن رشد سلفه أرسطخو و أصحابه ف موقفهم من العقول الفارقة من حيث وجودها ‪،‬و طبيعتها‬
‫ن و دورها ف العال ‪ ،‬و علقتها بالعقل النسان‪ . 1‬فقال‪ :‬إن العقول الفارقة أزلية ‪،‬و هي الت ترك‬
‫الجراما السمحاوية ‪ ،‬و تتصرف ف العال بالتسيي و الياد و الختحاع عن طريق إخراج ما بالقوةا إل‬
‫الفعل ‪.‬و الجراما السمحاوية خاضعة لتلك العقول من جهة الطخاعة و البة ‪،‬و المتثال لمرها بالركة و‬
‫الفهم عنها‪. 2‬‬
‫و يرى شيخ السلما ابن تيمحية أن مقالة الشائايم‪ -‬و منهم ابن رشد‪ -‬ف العقول الفارقة هي شيء ل‬
‫يقله أحد من اليهود ‪ ،‬و ل النصارى ‪ ،‬و ل من مشركي العرب ‪ ،‬و هو كفر ل يصل إليه أحد من كفار‬
‫أهل الكتاب و مشركي العرب‪. 3‬‬
‫و قوله هذا صحيح ف ميزجان الشرع و العقل‪ ،‬فقد زعم ابن رشد و أصحابه قول ل دليل لم فيه من‬
‫الشرع ‪،‬و ل من العقل ‪ ،‬و ل من العلم ‪.‬و هو زعم يندرج ف خانة الساطي و الوهاما الهواء ‪ ،‬و ل‬
‫يت إل العلم بصلة ‪ .‬و هو شرك صريح يقوما على القول بتعدد اللة التمحثلة ف العقول الفارقة‬
‫الزجعومة‪.‬‬
‫و تأشي هنا إل أن ابن رشد و أصحابه زعمحوا أن اللئاكة هي العقول الفارقة ‪ ،‬كالعقل الفعال الذي‬
‫هو ملك الوحي‪-‬أي جبيل‪، -‬و هي أزلية ل توت ‪،‬و لا تصرف ف العال تسييا و إيادا‪. 4‬و قوله‬
‫هذا ل دليل عليه من الشرع و ل من العقل ‪ ،‬و هو رجم بالغيب ‪،‬وقول بل علم من جهة ‪ ،‬و تريف‬
‫ص صراحة على أن اللئاكة ملوقون‬ ‫للشرع ‪ ،‬و افتحاء عليه ‪،‬و تلعب به من جهة أخرى ‪ .‬لن الشرع ن ي‬
‫عبيد ل تعال ‪ ،‬ليسوا آلة و ل أربابا لذا العال ‪ ،‬قال تعال ‪ )) :‬دودخلددق تكلل دشأيمء فدـَدقلددرهت تدـَأقتديراد ((‪-‬‬
‫سورةا الفرقان ‪ ، - 2 :‬و ))دويتدسبتح اللرأعتد تبدأمحتدته دوالأدمحلدئاتدكةت تمأن تخيدفتتته ((‪-‬سورةا الرعد ‪ ، -13 :‬و‬
‫))فددسدجدد الأدمحدلئاتدكةت تكلمتهأم أدأجدتعودن ((‪ -‬سورةا صـَ ‪، - 73 :‬و ))دودجدعلتوا الأدمحدلئاتدكةد التذيدن تهأم تعدباتد اللرأحدتن‬
‫ب دشدهاددتتـَتهأم دويتأسأدتلودن ((‪-‬سورةا الزجخرف ‪. - 19 :‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫إنداثآاد أددشهتدوا دخألدقتهأم دستتأكتد ت‬
‫و أما موقفه من العقل النسان ‪ ،‬فيعتقد ابن رشد أن العقول الفردية النسانية هي عقول فاسدةا ‪ ،‬و‬
‫عندما تفارق أبدانا‪-‬بعد الوت‪ -‬تلتحق بالعقل الفعال الزل الالد ‪ ،‬فتتصبح أزلية مثله ‪ ،‬و تكيون‬
‫عقل كليا جوهريا أزليا خالدا واحدا لكل النسانية‪. 5‬‬

‫‪ 1‬عي أبو ريان ‪ :‬تاريخ الفكر الفلسفي ‪ ،‬ص‪ . 158 ، 157 :‬و مصطفى النشار ‪ :‬نظرية المعرفة عند أرساطو ‪ ،‬ص‪. 134 ، 133 ،84 :‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪ . 150 ،142 ، 140 ،137 ، 136 ، 130 :‬و تلخيص الحس و المحسوس ‪ ،‬ص‪. 81 ، 78 :‬‬
‫‪ 3‬ابن تيمية ‪ :‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 9‬ص‪ . 104 :‬و الرد على المنطقيين ‪ ،‬ص‪. 102 :‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬تهافت الفلسافة ‪ ،‬ص‪ . 331 :‬و تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪ . 87 :‬و الحس و المحسوس ‪ ،‬ص‪ .81 :‬و ابن تيمية ‪:‬‬
‫مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص‪ . 259 :‬و زينب الخضيري ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 236 :‬‬
‫‪ 5‬زينب الخضيري ‪ :‬نفس المرجع ‪ . 331 ،‬و محمد المصباحي‪ :‬الوجه الخر لحداثة ابن رشد ‪ ،‬ص‪ . 21 ،20 :‬و محمد عاطف‬
‫العراقي‪ :‬الفيلسوف ابن رشد ‪ ،‬ص‪ . 92 ،91 :‬و الموساوعة العربية الميسرة ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 16 :‬‬
‫و قوله هذا هو أيضا زعم باطل ل دليل عليه من الشرع و ل من العقل ‪ ،‬و ما هو إل ظإنون و‬
‫تمحينات و أوهاما ‪ ،‬خيرجها على مذهبيته الشائاية ف الليات الرسطخية ‪ .‬و نقدنا السابق ذكره ‪-‬الاصا‬
‫بالنفس الكلية‪ -‬هو نفسه تيوجه إليه هنا ف موقفه من العقل الكلي ‪ ،‬فل نعيد ذكره هنا ‪.‬‬
‫و ترى الباحثة زينب ممحد الضيي أن ابن رشد كان غامضا ف موقفه من العقل الفعال ‪ ،‬فهل هو‬
‫موجود ف كل فرد ‪ ،‬أما هو تمفارق للبشرية كلها ؟ ‪.‬و لعل أن من أسباب غمحوضه هو أنه قد )) لأ إل‬
‫هذا الغمحوض لطخورةا التصريح بثل هذه الفكرةا ف بيئِّة سيطخر عليها التعصب الدين من جانب علمحاء‬
‫الكلما ((‪. 1‬‬
‫و أقول ‪ :‬أول إن ابن رشد ثآابت و معروف عنه أنه ف كتبه العامة الوجهة للجمحهور ل تيفصح عن‬
‫آرائاه الخالفة للشرع بطخريقة واضحة ل تلبس فيها ‪ ،‬لكنه كثيا ما تيليمحح فيها إل آرائاه بطخريقته التأويلية‬
‫التحريفية ‪ .‬لكنه تيعلن صراحة عن آرائاه الرسطخية الخالفة للشرع ف مؤلفاته الفلسفية الاصة ‪ ،‬فقال‬
‫بأزلية العال ‪ ،‬و ألوهية العقول الفارقة ‪،‬و نفى صفة العلم و غيها من الصفات ‪،‬و هذا أمر سبق تبيانه‬
‫و توثآيقه ‪ .‬و أما مسألة العقل الفعال فهي نفسها تندرج فيمحا قلناه ‪ ،‬و قد ذكر ابن رشد صراحة بأن‬
‫ذلك العقل الفعال هو من العقول الفارقة – الزلية‪ -‬الركة للجراما السمحاوية ‪،‬و ليس لا تعلق باليول‬
‫أصل – و هي الادةا الرضية‪ ، -‬و هو تمرك فلك القمحر‪،‬و الساهم ف إياد اليوانات التناسلة على‬
‫ت‬
‫وجه الرض‪. 2‬و قوله هذا موافق لا ذكره الشيخ ابن تيمحية من أن أهل النطخق – و هم الشاؤون كابن‬
‫رشد‪ -‬يقولون ‪ :‬إن العقل الفعال من العقول العشرةا ‪ ،‬و هو تمبدع كل ما تت فلك القمحر‪. 3‬‬
‫و ثآانيا إن قولا بأن تعصب التكلمحيم قد يكون هو الذي حال دون ابن رشد من التصريح بوقفه‬
‫القيقي من العقل الفعال‪ ،‬فهو قول ضعيف و ليس هو السبب الرئايسي ‪ ،‬لن ابن رشد هو الذي تبن‬
‫ذلك النهج ف عرض أفكاره ‪ ،‬فكان تيفي كثيا من أفكاره الرسطخية ف كتبه العامة ‪،‬و تيظهرها ف‬
‫مؤلفاته الفلسفية ‪ .‬فلو كان واقعا تت النع و التعصب البالغ فيهمحا ما استطخاع التصريح بأفكاره‬
‫ت‬
‫أصل ‪ ،‬ف كتبه العامة و ل الاصة ‪ .‬لن مؤلفاته الاصة هي ف النهاية ترج إل أهل العلم ‪،‬و‬
‫سيطخلعون عليها ‪،‬و ل تيكنه إخفاؤها ‪.‬‬
‫و أما ما قالته عن تعصب علمحاء الكلما على ابن رشد ‪ ،‬فالمر كان من الانبيم ‪،‬و ليس من‬
‫جانب واحد فقط ‪ ،‬فابن رشد كان شديد التعصب و الغلو ف الرسطخية من جهة‪ ، 4‬و شديد النقد‬
‫لخالفيه من التكلمحيم من الشاعرةا و غيهم ف كتابه فصل القال ‪،‬و الكشف ‪،‬و التهافت ‪ .‬فالتعصب‬
‫كان من الطخرفيم ‪،‬و كل منها تعصب على الخر ‪.‬‬

‫‪ 1‬زيينب الخضيري ‪ .‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 336 :‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪ . 154 ،142 :‬و تلخيص الحس و المحسوس ‪ ،‬ص‪. 81 :‬‬
‫‪ 3‬ابن تيمية ‪ :‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 9‬صأك ‪ . 104‬و الرد على المنطقيين ‪ ،‬ص‪. 102 :‬‬
‫‪ 4‬سانفصل في ذلك في الفصل الخامس إن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫و أما ما ذهب إليه الباحث أحد عبد الهيمحن من أن ابن رشد ل يكن يرى أن العقل الفعال‬
‫تيوجد خارج النفس ‪،‬و إنا هو عيم العقل الادي‪ . 1‬فهو رأي ل يصح لمرين ‪ ،‬أولمحا إن ابن رشد –‬
‫كغيه من الشائايم‪ -‬قالوا صراحة بأن العقل الفعال من العقول الفارقة الزلية الالدةا الركة للجراما‬
‫السمحاوية ‪ ،‬منها العقل الفعال الذي هو تمرك فلك ما تت القمحر و السيي له تريكا و إيادا‪ .‬و له‬
‫ت‬
‫اتصال بالعقل و النفس البشريتيم ‪ ،‬فعندما تيفارقان البدن‪-‬بعد الوت‪ -‬يلتحقان بالعقل الفعال لتكوين‬
‫النفس الكلية الزلية الواحدةا‪ . 2‬و ثآانيهمحا هو أن الؤلف نفسه ذكر قبل قوله السابق أن )) العقل‬
‫الفعال هو غي هيولن ‪ ،‬أي بسب طبيعته غي تمتصل بالبدن إل بالعرض ‪ ،‬و انه تمفارق للبدن ((‪. 3‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من طبيعياتا أرسطو ‪:‬‬
‫كان ابن رشد الفيد شديد البالغة ف تعظيم فلسفة أرسطخو بإلياتا و طبيعياتا و منطخقها ‪ ،‬له فيها‬
‫ثآقة ل حدود لا ‪ ،‬و يزجعم أنا برهانية يقينية ‪ ،‬و أن صاحبها أرسطخو دكتمحل الق عنده ‪،‬و أنه جاء بق‬
‫عظيم ‪ ،‬و برهانه هو الق البيم‪ . 4‬فهل مزجاعمحه هذه صحيحة ؟ ‪.‬‬
‫ت‬
‫كل إنا ليست صحيحة ‪ ،‬لن فلسفة أرسطخو كمحا أن فيها كثيا من الصواب ‪ ،‬فهي أيضا ملوءةا‬
‫بالخطخاء و الرافات و الشناعات و الظنون و الهواء ‪.‬و ف مبحثنا هذا سنبيم ذلك جليا ‪ ،‬من خلل‬
‫انتقادنا لبن رشد ف موقفه من طبيعيات أرسطخو الت أوردها‪-‬أي ابن رشد‪ -‬ف مؤلفاته ‪ .‬و سنذكر من‬
‫ذلك شواهد كثيةا ضمحن أربع ممحوعات متنوعة ‪.‬‬
‫الول تتعلق بادةا العناصر الكيونة للعال و ثآبات أجسامه و وزنا ‪ ،‬و تتضمحن أربعة شواهد ‪:‬‬
‫ت‬
‫أولا مفاده أن ابن رشد ذكر أنه تبييم لديه و لدي غيه من الفلسفة أن الجراما السمحاوية غي متكيونة‬
‫من مادةا الوجودات الرضية الفاسدةا ‪ ،‬و إنا تتكون من عنصر خامس بسيط تيعرف بالثآي ‪،‬و هو أزل‬
‫ل يفسد‪. 5‬‬
‫ص على أن العال كله ملوق‬ ‫و قوله هذا ل يصح شرعا و ل عقل ‪ ،‬فأما شرعا فإن الشرع الكيم ن ي‬
‫ت‬‫و ليس أزليا ‪ ،‬خلقه ال تعال من مادةا واحدةا ‪ ،‬لقوله تعال ‪ )) :‬أدودل يـَر التذين دكدفروا أدلن اللسمحاوا ت‬
‫دد‬ ‫د أ دد د ت‬
‫ها دودجدعألدنا تمدن الأدمحاء تكلل دشأيمء دحبي أدفددل يـَتأؤتمتنودن ((‪ -‬سورةا النبياء ‪. - 30 :‬‬
‫ض دكاندـَدتا درأتقاد فدـَدفتدـَأقدنا تد‬
‫دواألدأر د‬
‫و أما علمحا فقد بينت الدراسات العلمحية الديثة ‪ ،‬أن عنصر الثآي الزجعوما ل وجود له أصل ‪ ،‬و أن‬
‫العال كله تمكيون من خامة واحدةا عناصرها تمتشابة ‪ .‬و تبيم أيضا أن العناصر الكيمحيائاية الكونة لادةا‬

‫‪ 1‬أحمد عبد المهيمن ‪ :‬نظرية المعرفة عند ابن رشد و ابن عربي ‪ ،‬دار قباء ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 200 ،‬ص‪. 191 :‬‬
‫‪ 2‬سابق توثيق ذلك ‪.‬‬
‫‪ 3‬أحمد عبد المهيمن ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 191 :‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 220 ،71 ،70 :‬و فرج أنطون ‪ :‬ابن رشد و فلسفته ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬المؤساسة الوطنية للتصال ‪ ،‬الجزائر ‪،‬‬
‫‪ ،2001‬ص‪ . 88 :‬و الجابري ‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 180 ،179 ، 170 :‬‬
‫‪ 5‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪ . 161 :‬و الثار العلوية ‪ ،‬ص‪ . 15 :‬و الكشف ‪ ،‬مقدمة المحقق ن ص‪ . 78 :‬و علي أبو ريان ‪ :‬تاريخ‬
‫الفكر الفلسفي ‪. 203 ،‬‬
‫النجوما اللتهبة هي بعينها الكونة لسم الرض ‪ ،‬مع اختلف نسبة وجودها ‪ .‬من ذلك أن ثآلثي‬
‫العناصر الكيونة للرض هي من مكيونات الشمحس أيضا‪. 1‬‬
‫و الشاهد الثان ادعى فيه ابن رشد أن أرسطخو تبييم له أن العناصر الربعة الكيونة للمحوجودات‬
‫الرضية هي أجساما بسيطخة غي مركبة ‪،‬و هي ‪ :‬التحاب ‪ ،‬و الواء ‪ ،‬و الاء ‪ ،‬و النار ‪،‬و هي تتلف عن‬
‫العنصر الامس الكيون للجساما السمحاوية ‪ .‬و يرى ابن رشد أن القول بعنصر واحد فقط ل تيؤدي إل‬
‫تفسي عمحلية التكيون و الفساد ‪ ،‬و تولت العناصر بسبب تأثآي بعضها ف بعض‪ . 2‬و قوله هذا غي‬
‫صحيح شرعا و ل علمحا ‪ ،‬تيبطخله ما قلناه ف انتقادنا لبن رشد ف الشاهد الول ‪.‬‬
‫و أما الشاهد الثالث فمحفاده أن ابن رشد ذكر أن الكواكب فيها الثابت و التحرك ‪،‬و منها‬
‫الرضي الذي هو من الثوابت ‪ .‬ث زعم أن أرسطخو أبطخل القول بأن الرض متحيركة ‪ ،‬و بييم أنا ثآابتة‬
‫بالطخبع ‪ ،‬و أعطخى سبب سكونا ‪ .‬و بذلك انل الشك الذي كان القدماء تييوا فيه ‪،‬و امضوا‬
‫ا‘عمحارهم ف طلبه‪. 3‬‬
‫و قوله هذا غي صحيح تاما ‪ ،‬و هو من سوء حظ ابن رشد الذي افتخر بأن أرسطخو أقاما الدلة‬
‫على بطخلن رأي القائاليم بركة الرض ‪،‬و أثآبت سكونا !! ‪ .‬فقد أصبح من الثابت علمحيا ‪،‬و من‬
‫حقائاق العلم العروفة ‪ ،‬أن الكواكب و الجراما السمحاوية الخرى كلها تمتحيركة با فيها كوكب الرض‪. 4‬‬
‫و تيلحظ على ابن رشد أنه أغفل اليات القرآنية الت فيها إشارات على حركة الرض و الجساما‬
‫السمحاوية عامة من جهة ‪ ،‬و ل يستعن با ف نقد موقف أرسطخو من جهة أخرى ‪ .‬فحرما نفسه و قراءه‬
‫من الستفادةا من كتاب ال تعال ‪،‬و ساير أرسطخو ف خطخئِّه ‪ .‬و من تلك اليات قوله تعال ‪ )) :‬دخلددق‬
‫س دوالأدقدمحدر تكلل‬ ‫لت‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ت واألدر د ت‬‫ت‬
‫ض باألدبق يتدكبوتر ال أيدل دعدلى النلـَدهار دويتدكبوتر النلـَدهادر دعدلى ال أيل دودسلخدر اللشأمح د‬ ‫اللسدمحادوا د أ‬
‫س دينبدتغي ددلا دأن تأدتردك‬ ‫ت‬
‫دأيري لددجل تمدسممحى أددل تهدو الأدعزجيتزج الأغدلفاتر ((‪ -‬سورةا الزجمر ‪ ، - 5 :‬و )) دل اللشأمح ت‬
‫ت ت م‬
‫ك يدأسبدتحودن ((‪ -‬سورةا يس ‪، -40 :‬و ))دوتدـَدرى األتدبادل دأتدسبتـَدها‬ ‫الأدقمحر ودل الليل سابتق النلـَهاتر وتكلل تف فدـَلد م‬
‫دد د أ ت د ت د د‬
‫صأندع اللته التذي أدتأـَدقدن تكلل دشأيمء إتنلهت دخبتيب ت دبا تدـَأفدعتلودن ((‪ -‬سورةا النمحل ‪:‬‬ ‫ت‬ ‫ت ت‬
‫دجامدددةا دوهدي دتتمر دملر اللسدحاب ت‬
‫‪ ، - 88‬و ))دواللسدمحاء بدـَند أـَيـَدنادها بتأديأمد دوإتلنا لدتمحوتستعودن ((‪ -‬سورةا الذاريات ‪ ، - 47 :‬فهذه اليات نصت‬
‫صراحة على حركة الشمحس و القمحر و فيها إشارات تدل على حركة الرض بالتصريح و التضمحن ‪ ،‬فلو‬
‫استعان با ابن رشد لكان له فضل كبي ف نقد الفكر الفلسفي و تقويه ‪ ،‬و تقدي البديل الشرعي له ‪،‬‬

‫‪ 1‬عبد الحميد ساماحة ‪ :‬في أعماق الفضاء ‪ ،‬ص‪ . 66 ،65 ،84 ،48 :‬و روبرت أغروس‪ ،‬و جورج ساتانسيو ‪ :‬العلم في منظوره‬
‫الجديد ‪ ،‬ص‪ . 128 :‬و محمود فهمي زيدان ‪ :‬من نظريات العلم إلى المواقف الفلسفية ‪ ،‬ص‪ . 34 :‬و الموساوعة العربية الميسرة ‪ ،‬ج ‪2‬‬
‫ص‪. 1095 :‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪ . 161 ، 160 :‬و الثار العلوية ‪ ،‬ص‪ . 15 :‬و زينب عفيفي‪ :‬فلسفة ابن رشد الطبيعية ‪ ،‬ص‪، 112 :‬‬
‫‪ . 114‬و محمود فهمي زيدان ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 15 ، 14 :‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص السماء و العالم ‪ ،‬ص‪ . 272 ، 268 :‬و الثار العلوية ‪ ،‬حققه حمال الدين العلوي‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الغرب السالمي‪،‬‬
‫بيروت ‪ ، 1994 ،‬ص‪. 18 :‬‬
‫‪ 4‬عبد الحميد ساماحة ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪ . 25 :‬و آن تري هوايت ‪ :‬النجوما ‪ ،‬ص‪. 39 :‬‬
‫لكن الرجل – و للسف‪ -‬ترك كتاب ال وراء ظإهره ‪ ،‬و أقبل على الرسطخية ‪ ،‬لن هواه كان مع‬
‫أرسطخو و طبيعياته !! ‪.‬‬
‫و آخرها – و هو الشاهد الرابع‪ -‬ذكر فيه ابن رشد أنه تبييم‪ -‬بناء على مقدماته النظرية‪ -‬أن الرما‬
‫السمحاوي ل ثآقيل و ل خفيف ‪ ،‬خلف الرض الت هي ثآقيلة بإطلق‪ . 1‬و قوله هذا غي صحيح ‪،‬‬
‫لن الجراما السمحاوية فيها الكبي جدا ‪،‬و التوسط ‪ ،‬و الصغي ‪ ،‬و فيها ما يزجيد عن وزن الرض آلف‬
‫الرات ‪ ،‬الت ذكر ابن رشد أنا ثآقيلة جدا ‪ .‬فالشمحس مثل أكب من الرض وزنا ب ‪ 330 :‬ألف‬
‫مرةا‪. 2‬‬
‫و أما المحوعة الثانية ‪ ،‬فتتعلق ببعض ظإواهر العال العلوي و حدوثَ الفصول الربعة ‪ .‬و تتضمحن‬
‫أربعة شواهد ‪ :‬أواها ذكر فيه ابن رشد أن سبب سخونة الشمحس و سائار الكواكب أمران ‪ ،‬ها ‪:‬‬
‫الركة ‪،‬و انعكاس الضوء‪. 3‬و قد حكى ابن تيمحية أن أرسطخو و أتباعه يقولون ‪ :‬إن الشمحس و القمحر و‬
‫الكواكب ل تتوصف برارةا و ل ببودةا‪ . 4‬و معن كلما ابن رشد أن الشمحس و سائار النجوما ليست‬
‫ساخنة بذاتا ‪،‬و إنا تسخن بسبب الركة و انعكاس الضوء ‪ .‬و قوله هذا ل يصح شرعا و ل علمحا ‪.‬‬
‫فأما شرعا فإن ف القرآن الكري آيات وصفت الشمحس بأنا مشتعلة حارةا مضيئِّة ‪ ،‬كقوله تعال ‪:‬‬
‫)) و جعلنا الشمحس سراجا (( –سورةا نوح‪ ، -16/‬و )) و جعلنا سراجا وهاجا ((‪-‬سورةا النبأ‪-13/‬‬
‫و )) جعل فيها سراجا و قمحرا منيا ((‪ -‬سورةا الفرقان‪ ، -16/‬و عليه فإن الشمحس سراج وهاج ‪ ،‬و‬
‫القمحر ل تيوصف بذلك ‪ ،‬و إنا هو تمني فقط ‪ ،‬و با أن الشمحس سراج وهاج فهذا يعن أنا مصدر‬
‫مشتعل وقاد يتلل ‪،‬و هذا يقتضي الرارةا الرتفعة ‪ ،‬لنه ل اشتعال و ل توقد و ل تللؤ بل حرارةا‬
‫مرتفعة ‪ .‬و السراج ف اللغة هو الصباح الزجاهر التوقد الشتعل ‪ ،‬بسبب ما فيه من الزجيت و الفتيل‪. 5‬‬
‫و أما علمحا فقد بينت الكتشافات العلمحية الديثة أن الشمحس شديدةا الرارةا ف سطخحها و باطنها ‪.‬‬
‫فسطخحها هائاج يغلي يتفجر ‪ ،‬و جوفها مركزج لتوليد الطخاقة الائالة ‪،‬و هي الت تعلها ساخنة إل حد‬
‫عظيم جدا ‪ ،‬فيندفع ذلك إل السطخح و خارجه ‪.‬و تتقدر درجة حرارتا السطخحية ب ‪ 6 :‬آلف درجة‬
‫مئِّوية ‪،‬و أما باطنها فتتقدر درجة حرارته باللييم‪. 6‬‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص السماء و العالم ‪ ،‬ص‪ . 84 :‬و تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 70 ، 67 :‬‬
‫‪ 2‬عبد الحميد ساماحة‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪ . 51 ، 26 :‬و آن تري هوايت ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 87 ،86 :‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬الثار العلوية ‪ ،‬ص‪. 16 :‬‬
‫‪ 4‬ابن تيمية ‪ :‬الجواب الصحيح ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 353 :‬‬
‫‪ 5‬انظر ‪ :‬ابن منظور الفريقي‪ :‬لسان العرب ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬بيروت ‪ ،‬دارصأادر ‪ ، ،‬ج ‪ 2‬ص‪ . 279 :‬و أبو بكر الرازي‪ :‬مختار الصحاحا ‪،‬‬
‫ط ‪ ، 4‬الجزائر ‪ ،‬دار الهدى ‪ ، 1990 ،‬ص‪ . 131 ،124 :‬و القرطبي ‪ :‬تفسير القرطبي ‪،‬حققه احمد البردوني ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬القاهرة ‪ ،‬دار‬
‫الشعب ‪ ، 1372 ،‬ج ‪ ، 13‬ص ‪ ، 65‬ج ‪ 19‬ص‪ . 172 :‬و الطبري ‪ :‬تفسير الطبري ‪،‬بيروت ‪ ،‬دار الفكر ‪ ، 1405 ،‬ج ‪ 30‬ص ‪. 4 :‬‬
‫البيضاوي‪ :‬تفسير البيضاوي‪ ،‬ج ‪ 5‬ص‪. 439 :‬‬
‫‪ 6‬عبد الحميد ساماحة ‪ :‬في أعماق الفضاء ‪ ،‬ص‪. 48 ، 47 :‬‬
‫و الشاهد الثان مفاده أن ابن رشد ادعى أن الالة الت تظهر حول الشمحس و القمحر و بعض‬
‫الكواكب ‪ ،‬هي ليست موجودةا على القيقة ‪ ،‬و إنا سببها الرؤية و التخييل عندما ينعكس الضوء الت‬
‫من تلك الجساما على الغمحاما ‪ ،‬ث إل أبصارنا انكسارا مستويا من جيع الهات‪. 1‬‬
‫و قوله هذا غي صحيح ‪ ،‬لن الالة‪-‬أو الكليل‪ -‬الت حول الشمحس و القمحر ‪ ،‬لا وجود حقيقي‬
‫تيط بكل منهمحا ‪ .‬و هي غلف خارجي تمكيون من الغازات ‪،‬و هي ف الشمحس تمتوهجة تتد إل‬
‫ملييم الكيلومتحات‪ ،‬و سكها أكب من قطخر الشمحس نفسه ‪،‬و عليها ينعكس ضوء الشمحس ن إل‬
‫جانب إشعاعها الذات‪ . 2‬فابن رشد أخطخأ – ف مسايرته لرسطخو‪ -‬من جهتيم ‪ :‬الول أنه نفى وجود‬
‫الالة أصل ‪ .‬و الثانية أن تفسيه لكيفية ظإهور الالة ل يكن صوابا ‪.‬‬
‫و أما الشاهد الثالث فمحفاده أن ابن رشد ادعى –مسايرا لرسطخو‪ -‬أن الشهب و الذنبات و النيازك‬
‫تمكيونة من بعض العناصر الرضية الربعة ‪ ،‬و هي‪ :‬الاء ‪ ،‬و النار ‪ ،‬و الواء ‪ ،‬و التحاب ‪ .‬و نفى أن‬
‫تكون من الكواكب لنا )) تشوهدت ف قدما الدهر هي بأعيانا الكواكب الوجودةا إل الن ‪ ،‬ل‬
‫ينخرما منها شيء ‪.‬و أيضا فإن الكواكب السيارةا مدودةا العدد (( ‪. 3‬‬
‫و أكد على أن تلك الشهب و الذنبات و النيازك ‪ ،‬تدثَ ف الرض و ليس خارجها ‪ .‬و ذلك أنه‬
‫عندما تسخن الرض –بالشمحس‪ -‬يرج منها تبار دخان ‪ ،‬فلمحا يصعد إل الطخبقة العليا من الواء‬
‫يكون أكثر استعدادا لللتهاب لدن تميرك له ‪ .‬فعندما يلتهب تظهر تلك الظواهر ‪ ،‬و تندفع النار‬
‫بشدةا و بسرعة كالسهم‪. 4‬‬
‫و قوله هذا غي صحيح تاما ‪ ،‬لن الباثَ و الكتشافات العلمحية الديثة بينت أن الشهب و‬
‫النيازك و الذنبات ليست من الرض ‪ ،‬و إنا هي قادمة إليها من المحوعة الشمحسية ‪ ،‬و من أعمحاق‬
‫الفضاء ‪ ،‬تمكيونة من مواد متنوعة ‪ ،‬كالكتل الصخرية ‪ ،‬و العادن ‪ ،‬و الليد ‪ ،‬و الغازات التجمحدةا ‪ ،‬و‬
‫التربة ‪ ،‬و مصدرها الجراما السمحاوية‪ . 5‬و بذلك يتبيم أن ما ذهب إليه ابن رشد ‪ ،‬و انتصر فيه لرأي‬
‫أرسطخو ليس صحيحا ‪،‬و ما هو إل ظإن و تمحيم ‪ ،‬و رجم بالغيب ‪ ،‬و ل يثبت عند أرسطخو و ل عند‬
‫الشائايم ‪ ،‬فلو ثآبت ما قالوه لكان صوابا ‪.‬‬

‫و آخرها – أي الشاهد الرابع من المحوعة الثانية‪ -‬مفاده أن ابن رشد قال ‪ :‬إن سبب ظإهور‬
‫الفصول الربعة هو قرب الشمحس و بعدها ف فلكها الائال ‪ ،‬فلو ل ميله ل يكن ههنا فصول أربعة ‪ ،‬و‬
‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬الثار العلوية ‪ ،‬ص‪ . 50 :‬و تلخيص الثار العلوية ‪ ،‬ص‪. 141 :‬‬
‫‪ 2‬دافيد برجماني ‪ :‬الكون ‪ ،‬ص‪ . 91 :‬و شوقي أبو خليل ‪ :‬النسان بين العلم و الدين ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬ص‪ . 65 :‬و الموساوعة‬
‫العربية الميسرة ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 190 :‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬الثار العلوية ‪ ،‬ص‪. 18 ، 17 :‬‬
‫‪ 4‬نفسه ‪ ،‬ص‪. 24 ، 19 ، 18 :‬‬
‫‪ 5‬آن تري هوايت ‪ :‬النجوما ‪ ،‬ص‪ . 74 :‬و آرثر بيزر ‪ :‬الرض ‪ ،‬ترجمة جمال الدين الفندي ‪ ،‬سالسلة مكتبة ل يف ‪ ، 1970 ،‬ص‪30 :‬‬
‫و ما بعدها ‪ .‬و شوقي أبو خليل ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪ 166 :‬و ما بعدها ‪ .‬و عبد الحليم خضر ‪ :‬المنهج اليماني في الدراساات الكونية ‪،‬‬
‫ط ‪ ، 1‬الدار السعودية ‪ ،‬الرياض ‪ ،1984 ،‬ص‪ 191 :‬و ما بعدها ‪ ،‬و ‪ ، 206‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫من ث فل نبات و ل حيوان‪ . 1‬و قوله هذا غي صحيح ‪ ،‬لن سبب ظإهور الفصول الربعة و القاليم‬
‫الناخية على وجه الرض هو حركة الرض و دورانا حول الشمحس مع ميل مورها –أي الرض‪. -‬‬
‫فعندما يكون القطخب الشمحال تمتجها نو الشمحس يكون الصيف ف الشمحال ‪،‬و الشتاء ف النوب ‪ ،‬و‬
‫يدثَ العكس عندما يكون القطخب النوب هو التجه نو الشمحس مقابل لا ‪ .‬و قولنا هذا ثآابت‬
‫معروف ف علمحي الفلك و الغرافيا ل يتاج إل توثآيق ‪.‬‬

‫و أما المحوعة الثالثة ‪ ،‬فتتعلق بالرياح و السحب و الرعد و الطخار ‪ ،‬و تتضمحن خسة شواهد ‪:‬‬
‫أولا ذكر فيه ابن رشد أن الرياح هي أبرةا دخانية مصدرها باطن الرض –بسبب تسخيم الشمحس لا‪-‬‬
‫تتحرك حول الرض ‪ .‬و الذليل على أنا تتولد عن البخار الدخان الار سرعة حركتها ‪ ،‬لن سرعتها و‬
‫حدتا إنا توجد للحار اليابس من البخار ‪ .‬و قد يظهر ذلك أيضا من فعلها الذي هو التجفيف و‬
‫التيبيس بلف فعل الطخر‪. 2‬‬
‫و قوله هذا غي صحح ف معظمحه ‪ ،‬لن الرياح ليست أبرةا من باطن الرض ‪ ،‬و إنا هي هواء‬
‫تمكيون من عدةا غازات تتحرك أفقيا على الرض ‪ ،‬بناء على قاعدت الضغط الرتفع و النخفض ‪.‬‬
‫فتتحرك من الرتفع البارد إل النخفض الساخن ‪،‬و تكون قوتا حسب الفارق بيم النطخقتيم ‪ .‬علمحا بأن‬
‫الشمحس هي الكيونة لاتيم النطخقتيم ‪ ،‬و هي سبب حركة الغلف الغازي للرض و نشاطه‪. 3‬‬
‫و الشاهد الثان مفاده أن ابن رشد ذكر أن ممحوع عدد الرياح على وجه الرض يبلغ ‪ 11‬أو ‪12‬‬
‫نوعا من الرياح ‪ ،‬لن النقل عن أرسطخو اختلف ف ذلك ‪ ،‬فقيل ‪ ، 11‬و قيل ‪ ، 12‬لكن مواصلة‬
‫الرصد و البحث قد يسم ذلك‪ . 4‬و حصره للرياح ب‪ ، 11 :‬أو ‪ 12‬نوعا غي صحيح ‪ ،‬لن عددها‬
‫ت منها أكثر من ‪ 28‬نوعا من الرياح ‪ ،‬منها الدائامحة ‪ ،‬و الوسية ‪ ،‬و‬‫أكثر من ذلك بكثي ‪ ،‬فقد أحصي ت‬
‫اللية ‪ .‬و من تلك الرياح ‪ :‬التجارية ‪ ،‬و العكسية ‪ ،‬و القطخبية ‪ ،‬و المحاسيم ‪ ،‬و السمحوما ‪ ،‬و السيوكو‬
‫‪ ،‬و الرمتان ‪ ،‬و البورا‪. 5‬‬
‫و أما الشاهد الثالث فمحفاده أن ابن رشد يرى أن سبب استدارةا الرياح حول الرض ‪ ،‬هو أنا‬
‫تتكون من البخار الدخان الار ‪ ،‬الذي عندما يصعد إل العلى ‪ ،‬و تيصادف الطخبقة الباردةا من الواء‬
‫تف حرارته و يبد نسبيا ‪ ،‬فيحدثَ فيه )) ميل إل أسفل ‪ ،‬فيتمحانع البدآن التضادان بهة ‪ .‬أعن ‪:‬‬
‫الثقل و الفة ‪ ،‬فيلزجما ضرورةا أن تتحرك من ذلك حركة تمستديرةا‪. 6((...‬‬
‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪ . 147 :‬و تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪. 160 :‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬الثار العلوية ‪ ،‬ص‪. 33 :‬‬
‫‪ 3‬حسن سايد أبو العينين ‪ :‬أصأول الجغرافيا المناخية ‪ ،‬مؤساسة الثقافة الجامعية ‪ ،‬الساكندرية ‪ ،‬ص‪ . 176 :‬و عبد الحليم خضر ‪ :‬المنهج‬
‫اليماني ‪ ،‬ص‪. 15 :‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬الثار العلوية ‪ ،‬ص‪. 33 :‬‬
‫‪ 5‬أنظر ‪ :‬حسن سايد أبو العينين ‪ :‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪ 214 ،213 ، 205 ،204 ، 201 ، 200 ،192 :‬و ما بعدها ‪ ،‬و ‪ 221‬و ما بعدها ‪،‬‬
‫و ‪ 230‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 6‬ابن رشد ‪ :‬الثار العلوية ‪ ،‬ص‪. 34 :‬‬
‫و تفسيه هذا غي صحيح ‪ ،‬لن استدارةا الرياح حول الرض سببها أمران ‪ :‬أولمحا تكم قاعدةا‬
‫الضغط الرتفع و النخفض ف حركة الرياح حول الرض ‪ .‬و هذه القاعدةا هي الت تتحكم ف حركة‬
‫الرياح الفقية السفلية السطخحية العروفة لدينا الت تكلم عنها ابن رشد ‪ ،‬فهذه الرياح سطخحية أفقية و‬
‫ليست رأسية عمحودية كمحا ادعى ابن رشد ‪ .‬و عليه فهي ل تضع للكيفية الت ذكرها ابن رشد ‪ ،‬مع‬
‫العلم أن الرياح هي هواء تمكيون من عدةا غازات ‪ ،‬و ليست من البخار الدخان الساخن الصادر من‬
‫باطن الرض كمحا ادعى ابن رشد ‪،‬و قد سبق انتقادنا له ف ذلك ‪.‬‬
‫علمحا بأنه توجد رياح رأسية الركة تصعد من سطخح الرض إل العلى حيث طبقات الو العليا بناء‬
‫على قاعدةا الضغط الرتفع و النخفض ‪ .‬و ف هذه الطخبقة –أي العليا‪ -‬توجد أيضا حركية رياح أفقية‬
‫أخرى للهواء تتشبه ما يدثَ على سطخح الرض‪ . 1‬و بذلك يتبيم أن –على كل الالت‪ -‬أن عمحلية‬
‫حركة الرياح الفقية السطخحية ‪ ،‬و الفقية العلوية ‪ ،‬و الرأسية التصاعدية ‪ ،‬ل تتم بالطخريقة الت ذكرها‬
‫ابن رشد و ل بالتفسي الذي قدمه ‪.‬‬
‫و المر الثان واضح معروف ‪ ،‬و هو أن الرض و غلفها الغازي و ما يري بداخله من حركات‬
‫للرياح ‪ ،‬كل ذلك يتحرك تركا مستديرا بكم أن الرض تدور حول نفسها يوميا ‪،‬و حول الشمحس‬
‫سنويا ‪ ،‬فمحن الطخبيعي جدا أن تكون للرياح حركة مستديرةا حول الرض ‪.‬‬
‫و الشاهد الرابع مفاده أن ابن رشد أرجع سبب انتظاما هبوب الرياح القطخبية الشمحالية ‪،‬و القطخبية‬
‫النوبية –من حيث أوقاتا و اتاهاتا‪ -‬إل حركة الشمحس بيم مداريها الصيفي و الشتوي‪. 2‬و تفسيه‬
‫غي صحيح ‪ ،‬لن هذه الرياح هي من الرياح الدائامحة الت يتأثآر هبوبا بالنطخاقات الرارية ‪،‬و مناطق‬
‫الضغط الوي ‪ ،‬و كل منها مرتبط برارةا الشمحس ‪ ،‬الت هي أيضا مرتبطخة بدوران الرض حول الشمحس‬
‫‪،‬و ميل مورها ‪ .‬و مثال ذلك أنه عندما يكون الصيف ف القسم الشمحال من الكرةا الرضية ‪ ،‬تصبح‬
‫النطخقة جاذبة للرياح القطخبية النوبية حيث الضغط الرتفع إل الضغط النخفض ف الشمحال ‪،‬و يدثَ‬
‫العكس عندما يكون الصيف ف القسم النوب من الكرةا الرضية ‪ .‬فذلك هو سبب و كيفية انتظاما‬
‫الرياح القطخبية ‪،‬و ليس ما قاله ابن رشد موافقا لا ذهب إليه أرسطخو ‪.‬‬

‫و الشاهد الخي – و هو الامس من المحوعة الثالثة‪ -‬فمحفاده أن ابن رشد أكد على أن سبب‬
‫حدوثَ الرعد هو أنه لا يتكاثآف السحاب يكون البخار الدخان ف عمحق ذلك السحاب ‪ ،‬فيخرج منه‬
‫بشدةا و حرارةا ‪ ،‬فيندفع على أسفل ‪ ،‬أو إل فوق ‪ ،‬أو إل أحد الوانب حت تيسمحع له صوت‬
‫‪...‬فبالضرورةا ل يكون سبب الرعد إل ذلك‪. 3‬‬

‫‪ 1‬حسن أبو العينين ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 159 ،158 :‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬الثار العلوية ‪ ،‬ص‪. 35 :‬‬
‫‪ 3‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 295 :‬‬
‫و قوله هذا فيه صواب و خطخأ ‪ ،‬فأما الصواب فهو أنه قد أشار إل التقاء شحنتيم متلفتيم ف‬
‫الواصا ‪ ،‬واحدةا باردةا و الخرى حارةا ‪.‬و أما الطخأ فهو قوله بأن الشحنة الساخنة هي من البخار‬
‫الدخان الصاعد من باطن الرض ‪ .‬و هذا غر صحيح ‪ ،‬لن كل من الشحنتيم السالبة و الوجبة ها‬
‫من الواء نفسه ‪ ،‬و إنا يتلفان ف درجة الرارةا و التحمحل ببخار الاء ‪ ،‬و ل دخل للبخار الدخان‬
‫أصل‪. 1‬‬
‫و أما المحوعة الخيةا – و هي الرابعة‪ ،-‬فتتعلق بواضيع متنوعة ‪ ،‬و تضم خسة شواهد ‪ :‬الول‬
‫مفاده أن ابن رشد يرى أن أهم أسباب ملوحة البحر هو الزجء الدخان الحتحق من البخار ‪ ،‬و )) يشبه‬
‫ت‬
‫أن يكون السبب ف تزجايد بعض البحار على بعض ف اللوحة قرب الرض من الحتحاق ‪،‬و الستعداد‬
‫ليتولد عنها ذلك البخار الدخان أكثر ‪ ،‬أو يكون من اجتمحاع السببيم كليهمحا (( ‪،‬و من )) الدليل‬
‫على أن الجزجاء التحقة الت تيلح ماء البحر هوائاية على الكثر ل أرضية ‪ ،‬الصفاء الوجود ف مائاه ‪ ،‬فإن‬
‫الجزجاء الرضية تمكيدرةا ضرورةا ((‪. 2‬‬
‫و تفسيه هذا غي صحيح علمحيا ‪ ،‬و ل دخل للبخار الدخان الزجعوما ف ملوحة البحار من عدمها ‪.‬‬
‫لن سبب ملوحتها هو وجود كلوريد الصوديوما ‪،‬و كربونات الكالسيوما ‪،‬و بعض الملح الخرى ‪ .‬و‬
‫أما مصادر هذا الملح –الت ف البحار و اليطخات‪ -‬فأهها أربعة ‪ :‬أولا يتمحثل فيمحا تلبه النار من‬
‫أملح و معادن و مواد عضوية إل البحار ‪ .‬و الثان هو عمحلية التبخر الت تدثَ لاه البحار بسبب‬
‫حرارةا الشمحس ‪ ،‬فيصعد البخار إل أعلى ‪،‬و يبقى اللح ف البحار‪ .‬و ثآالثها هو تلل الكائانات العضوية‬
‫النباتية و اليوانية اليتة الت تعيش ف البحار ‪ .‬و آخرها‪-‬أي الصدر الرابع‪ -‬فيتمحثل ف أملح النشأةا‬
‫الول عند تكيونت البحار ‪ .‬و ذلك أن القشرةا الرضية عندما كانت تمنصهرةا ‪،‬و تفاعلت مع المطخار‬
‫التهاطلة‪-‬عب عصور الرض الول‪ -‬كانت الياةا‪-‬مع ارتفاع درجة الرارةا‪ -‬أكثر قابلية لذابة الملح‬
‫‪،‬و تنشيط التفاعلت الكيمحيائاية ‪ ،‬فكانت مياه البحار تمشبعة بالملح عند النشأةا الول‪. 3‬‬
‫و الشاهد الثان مفاده أن ابن رشد ادعى أن الضوء يدثَ ف غي زمان ‪،‬و أن الضاءةا ليست‬
‫حاصلة ف زمان‪ . 4‬و قوله هذا غي صحيح ‪،‬و هو خطخأ فيزجيائاي واضح ‪ ،‬لن الضوء ملوق ‪ ،‬و كل‬
‫ملوق بالضرورةا له زمان ‪ ،‬مهمحا كانت سرعته عالية أو منخفضة ‪ .‬لذا فمحن العروف ف علم الفيزجياء‬
‫الديثة ‪ ،‬أن الضوء نوع من أنواع الطخاقة ‪ ،‬له تسرعة تتلف باختلف الوسط الذي يكون فيه ‪،‬و تتقدر‬
‫سرعته ب‪ 300 :‬ألف ‪/‬كم ف الثانية‪. 5‬‬

‫‪ 1‬حسن أبو العينين ‪ :‬أصأول الجغرافية المناخية ‪ ،‬ص‪. 295 :‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬الثار العلوية ‪ ،‬ص‪. 31 ، 30 :‬‬
‫‪ 3‬حسن أبو العينين ‪ :‬جغرافية البحار و المحيطات ‪ ،‬ط ‪ ، 6‬مؤساسة الثقافة الجامعية ‪ ،‬مصر ‪ ، 1982 ،‬ص‪ . 168 ، 165 :‬و جمال‬
‫الدين أفندي ‪ :‬طبيعيات البحر و ظواهره ‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1960 ،‬ص‪. 53 ، 52 ، 51 ، 50 :‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬رساالة النفس ‪ ،‬ص‪. 12 :‬‬
‫‪ 5‬الموساوعة العربية الميسرة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 1144 :‬‬
‫و الشاهد الثالث مفاده أن ابن رشد يرى أن )) الجر يتحرك إل أسفل بصفة فيه ملوقة ‪ ،‬و النار‬
‫إل فوق ‪،‬و الصفتان متضادتان‪ .‬فأمر معروف بنفسه ‪ ،‬و الكابرةا ف ذلك قحة((‪. 1‬و يرى أيضا‪-‬موافقا‬
‫لرسطخو‪ -‬أن الثقل هو التحكم ف حركة الجساما صعودا و هبوطا ‪ .‬و بعن آخر أن سرعة سقوط‬
‫الجساما تتناسب مع أوزانا ‪ ،‬فالسم الثقيل أسرع ف السقوط من السم الخف منه‪. 2‬‬
‫و قوله هذا غي صحيح ‪ ،‬أثآبت التجارب بطخلنه ‪ ،‬فبالنسبة لقوله بأن الجر يتحرك إل أسفل‬
‫لصفة ملوقة فيه ‪ ،‬فهو تفسي غي مقبول علمحيا ‪ ،‬لن السبب ف ذلك هو قوةا الاذبية الت تتعرف‬
‫بقانون الاذبية العاما‪. 3‬‬
‫و أما موقفه من سرعة سقوط الجساما ‪ ،‬فهو تابع فيه لرسطخو ‪ ،‬مع أن بعض علمحاء السلمحيم –‬
‫خلل العصر السلمي‪ -‬أثآبتوا بالتجربة خطخأ رأي أرسطخو و أصحابه ‪ ،‬و بيرهنوا أن تسارع السمحيم‬
‫يتلف باختلف الكثافة ‪ ،‬و ليس باختلف الوزن (( ‪ .‬فكان لم الفضل ف إثآبات ذلك قبل الفيزجيائاي‬
‫اليطخال غاليلو)ت ‪1642‬ما( بثمحانية قرون أو أكثر ‪ .‬لكن الوروبييم ظإلوا يعتقدون با قاله أرسطخو إل‬
‫أن جاء غاليلو و أثآبت بالتجارب خطخأ رأي أرسطخو ‪،‬و بييم أن الجساما الثقيلة و الفيفة تسقط بسرعة‬
‫واحدةا دون اعتبار لكتلتها ‪ ،‬إذا تاستبعدت مقاومة الواء لا‪. 4‬‬

‫و بناء على ما ذكره الباحث عمحر فروخ من أن السلمحيم أثآبتوا بالتجربة خطخأ أرسطخو قبل غاليلو‬
‫التوف سنة ‪1642‬ما‪ 1052/‬هجرية ‪ ،‬بثمحانية قرون أو أكثر‪، 5‬و ابن رشد التوف سنة ‪595‬ه‪119/‬‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫‪8‬ما ‪ ،‬يكون السلمحون قد أثآبتوا ذلك قبل وفاةا ابن رشد بأكثر من ‪ 330‬سنة ‪ .‬ما يعن أن ابن رشد‬
‫كان على علم بتلك التجارب الت أبطخلت ما قال به أرسطخو ‪ ،‬لكنه أهلها و ظإل تمتمحسكا برأي سلفه‬
‫أرسطخو تعصبا له !! ‪ .‬اللهم إل أن تيقال ‪ :‬إنه ل يكن على علم بتلك التجارب ‪ .‬و هذا تمستبعد جدا‬
‫جدا ‪ ،‬بكم أن ابن رشد كان واسع الطلع على طبيعيات عصره عامة و الرسطخية خاصة ‪ ،‬بدليل‬
‫كثرةا مؤلفاته الفلسفية ‪،‬و ال اعلم بالصواب ‪.‬‬
‫و أما الشاهد الرابع ‪ ،‬فمحفاده أن ابن رشد ذكر أن سبب الزجلزل معروف ‪ ،‬و هو البخار الدخان‬
‫الار الذي يبقى ف باطن الرض ‪ ،‬فالذي يرج منه تيسبب الرياح ‪،‬و الذي يبقى ف باطن الرض‬
‫تيسبب الزجلزل ‪ .‬لذا فإنه باضطخرار ل )) يكون سبب الزجلزجلة سواه ((‪. 6‬‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 305 :‬‬


‫‪ 2‬زينب عفيفي‪ :‬فلسفة ابن رشد الطبيعية ‪ ،‬ص‪ 53 :‬و ما بعدها ‪ .‬و عبد ا الدفاع ‪ :‬العلوما البحتة في الحضارة العربية السالمية ‪ ،‬دار‬
‫الرساالة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ص‪. 68 :‬‬
‫‪ 3‬عبد الحميد ساماحة ‪ :‬في أعماق الفضاء ‪ ،‬ص‪. 36 :‬‬
‫‪ 4‬عمر فروخ ‪ :‬عبقرية العرب في العلم و الفلسفة ‪ ،‬المكتبة العصرية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ص‪ . 94 :‬و زينب عفيفي ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪53 :‬‬
‫و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 5‬عمر فروخ ‪ :‬نفسه ‪ ،‬ص‪. 94 :‬‬
‫‪ 6‬ابن رشد ‪ :‬الثار العلوية ‪ ،‬ص‪. 43 :‬‬
‫و تفسيه هذا غي صحيح –رغم تأكيده على صحته‪ ، -‬لن الزجلزل لا أسباب كثيةا ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫حدوثَ إنكسارات وتصدعات ف بعض أجزجاء القشرةا الرضية ‪ .‬و وقوع إنزجلقات الصخور بعضها فوق‬
‫بعض‪ .‬و حدوثَ ثآورات الباكيم ‪،‬و انيار سقوف الكهوف الباطنية‪. 1‬‬
‫و آخرها‪-‬أي الشاهد الامس من المحوعة الرابعة‪ -‬مفاده أن ابن رشد قال ‪ )) :‬و الدما حت يتغي ف‬
‫اللحم لمحا ‪،‬و ف العظم عظمحا((‪ . 2‬و قوله هذا غي علمحي ‪،‬و ل يصح بذلك اللفظ ‪ ،‬لن الدما ل‬
‫يتحيول لمحا و ل عظمحا ‪ ،‬و إنا هو تيغذي السم و تينقيه و تيدافع عنه ‪ ،‬فتيدخل الكسجيم إل السم‬
‫‪ ،‬و تيرج ثآان تأكسيد الكربون عن طريق الرئاتيم ‪ .‬و تيغذي السم بامتصاصا الغذاء من جدار‬
‫المعاء‪،‬و يتول ماربة الراثآيم بكرياته البيضاء‪. 3‬‬
‫كانت تلك الشواهد –حسب ممحوعاتا الربع‪ -‬ناذج متنوعة من مواقف ابن رشد من طبيعيات‬
‫أرسطخو‪،‬و النتقادات الوجهة إليه فيمحا قاله فيها ‪ ،‬و لبالغته ف تعظيمحها و ثآقته فيها‪،‬و النتصار لا ‪.‬‬
‫فمحا رأي الباحثيم العاصرين من الطخبيعيات الت انتصر لا ابن رشد ؟ ‪،‬و هل ظإلمحناه ف انتقاداتنا له‬
‫بعطخيات الشرع و العلم الديث ؟ ‪.‬‬
‫أذكر منهم ثآلثآة باحثيم ‪ ،‬أولم ممحد عاطف العراقي ‪ ،‬ذكر أنه )) إذا كان العلم الديث ل يتوافق‬
‫على أكثر الراء الت قال با ابن رشد ‪ ،‬فإن هذا ل تيقلل من شأنه ‪ .‬إذ أن العلم تراكمحات ‪،‬و ل يصح‬
‫‪4‬‬
‫أن نتوقع من مفكر عاش ف القرن الثان عشر اليلدي أن يتوصل إل نتائاج العلم ف القرن العشرين ((‬
‫‪.‬‬
‫و ثآانيهم الباحثة زينب عفيفي ‪ ،‬إنا ذكرت أن أكثر أراء ابن رشد ف مال الطخبيعة ‪ ،‬و العناصر‬
‫الربعة ‪ ،‬و الادةا و الركة ‪،‬و الفلك و اليوان ‪ ،‬قد )) دحضها العلم الديث بتقنياته و أساليبه ‪...‬‬
‫لكن مت كانت تمكونات التحاثَ و الضارةا تتقاس بقياس الداثآة و التطخور ؟ ‪ .‬إنا تتقاس بعيار‬
‫زمانا‪،‬و وقت حدوثآها ‪ ،‬و لذلك كانت قيمحتها خالدةا خلود فكر أصحابا ((‪. 5‬‬
‫و آخرهم‪ -‬أي الثالث – هو الباحث ممحد عابد الابري ‪ ،‬إنه ذكر أن ابن رشد –ف اجتهاده‬
‫الفلسفي‪ -‬كان يعتمحد على العلم ‪ ،‬و هو علم عصره بالطخبع‪. 6‬‬
‫و تعقيبا عليهم أقول‪ :‬نعم إن له بعض العذر فيمحا وقع فيه من أخطخاء تتعلق بطخبيعيات أرسطخو ‪،‬‬
‫لكنه يبقى مسؤول مسؤولية كبيةا عن أخطخائاه من جهة ‪ ،‬و تتقلل من شأنه كثيا من جهة أخرى ‪ .‬لنه‬
‫أول ‪ :‬ل يلتزجما – ف موقفه من فلسفة أرسطخو‪ -‬بالنهج العلمحي الصحيح الذي يقوما أساسا على النقل‬
‫الصحيح ‪،‬و العقل الصريح ‪،‬و العلم الصحيح ‪ ،‬فلو اعتمحد على ذلك ما كانت أكثر أرائاه ف‬
‫‪ 1‬الموساوعة العربية الميسرة ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 925 :‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬جوامع الكون و الفساد ‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب ‪ ،‬مصر ‪ 1991 ،‬ص‪. 10 :‬‬
‫‪ 3‬الموساوعة العربية الميسرة ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ ، 801 :‬ج ‪ 2‬ص‪. 1898 :‬‬
‫‪ 4‬زينب عفيفي‪ :‬فلسفة ابن رشد الطبيعية ‪ ،‬تصدير محمد عاطف العراقي ‪ ،‬ص‪. 16 :‬‬
‫‪ 5‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 20 :‬‬
‫‪ 6‬الجابري‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص ‪. 189 :‬‬
‫الطخبيعيات خاطئِّة ؛ لن كثرةا الخطخاء و قلة الصواب هو مؤشر صحيح على انراف منهجه العلمحي ‪.‬‬
‫و ما يعن أن ابن رشد أقاما منهجه العلمحي على الظنون و التخمحينات ‪ ،‬و الهواء و الحتمحالت ‪،‬‬
‫أكثر من إقامته على الدلة القوية ‪،‬و الباهيم الدامغة ‪،‬و البينات اللمحوسة الواضحة ‪.‬و هذه خلف ما‬
‫كان يدعيه من أنه و أصحابه هم أهل البهان و اليقيم ‪،‬و غيهم من أهل من المحهور و أهل الدل ‪.‬‬
‫فلو كان حقا كمحا زعم ما كانت معظم فلسفته الطخبيعية غي صحيحة ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن طائافة من أخطخائاه العلمحية سببها مبالغته ف تعظيم فلسفة أرسطخو تعصبه لا ‪ ،‬و النتصار‬
‫لا بق و بغي حق‪،‬و الزجعم بأن نظره –أي أرسطخو‪ -‬هو فوق نظر جيع الناس ‪ .‬فأوقعه هذا ف أخطخاء‬
‫فاحشة كان ف مقدوره تنبها لو نظر إليها نظرةا علمحية موضوعية من كل جوانبها ‪ ،‬دون خلفية‬
‫أرسطخية متعصبة ‪ .‬من ذلك متباعته لرسطخو ف قوله بأزليته العال و أبديته ‪،‬و زعمحه بأن الدماغ ل دخل‬
‫له ف التعيقل ‪،‬و قوله بأن الرأةا ل دخل لا ف نوع النيم ‪ . 1‬فلو احتكم ف هذه القضايا – و غيها‪-‬‬
‫إل الشرع الكيم ‪،‬و العقل الصريح ‪،‬و العلم الصحيح ‪ ،‬و تاوز أرسطخو و ل يتعصب له ‪ ،‬ما وقع ف‬
‫تلك الخطخاء ‪،‬و غيها كثي ‪.‬‬
‫و ثآالثا إن قسمحا من أخطخاء ابن رشد ف الطخبيعيات كان من المحكن التحقق من خطخئِّها ف زمانه من‬
‫دون الستعانة بكتشفات العلم الديث ‪ ،‬لذا فل يصح تعمحيم ما قاله عاطف العراقي من أنه ل يصح‬
‫أن نتوقع من مفكر عاش ف القرن ‪12‬ما ‪ ،‬أن يتوصل إل نتائاج العلم ف القرن العشرين ‪ .‬فهذا التعمحيم‬
‫على كل أخطخاء ابن رشد ف الطخبيعيات هو مغالطخة و تدليس ‪ .‬و الدليل على ذلك أنه كان ف مقدور‬
‫ابن رشد أن يصل إل أدلة قوية تتبطخل مزجاعم أرسطخو ف أن الدماغ ل دخل له ف عمحلية التعقل ‪ .‬و قد‬
‫خالفه ف ذلك أطباء تمتخصصون ‪،‬و قد ردوا عليه بأدلة قوية‪. 2‬و منها أيضا قوله ف سقوط الجساما ‪،‬‬
‫فكان ف مقدور ابن رشد التحقق من ذلك ‪ ،‬بدليل أن بعض علمحاء السلمحيم أثآبتوا بالتجربة خطخأ‬
‫أرسطخو ‪ ،‬ث جاء غاليلو و أثآبت ذلك بالتجربة ف القرن ‪17‬ما ‪ ،‬و هذا كله قبل مكتشفات العلم‬
‫الديث ‪ ،‬لن تلك التجارب ما كانت تتاج إل وسائال العلم الديثة التطخيورةا ‪ .‬لكن ابن رشد ما‬
‫استخدما التجربة ‪ ،‬و ما أخذ بتجربة من سبقه ‪،‬و اكتفى بتابعته لسلفه أرسطخو ‪.‬‬
‫و رابعا إن طائافة من أخطخائاه كان ف مقدوره تينبها و مالفة أرسطخو فيها ‪ ،‬لو التزجما با قاله الشرع‬
‫الكيم من دون أي تريف له ‪ .‬فيكون له بذلك شرف الجتهاد ‪ ،‬و إتباع الشرع ‪،‬و قول الصواب‪.‬‬
‫لكنه ل يفعل ذلك ‪،‬و خالف الشرع ‪،‬و أخطخأ فيمحا قال به ‪ .‬من ذلك إنه قال بأزلية العال و أبديته ‪،‬و‬
‫اختلف مادةا الجراما السمحاوية عن مادةا العال الرضي ‪.‬و قال ‪ :‬إن الشمحس ليست ساخنة بذاتا ‪،‬و‬
‫أن الرض ل تتحرك ‪ ،‬و أن الرأةا ل دخل لا ف تكيون نوع النيم ‪ .‬فهذه القاويل أخطخأ فيها ابن رشد‬

‫‪ 1‬سابق توثيق ذلك ‪،‬و أما بالنسبة لدور الدماغ فسنتكلم عنه في الفصل الخامس إن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫‪ 2‬عن ذلك أنظر الفصل الخامس ‪.‬‬
‫‪ ،‬و خالف فيها الشرع مالفة واضحة ‪ .‬فلو أخذ بالشرع ما وقع ف تلك الخطخاء ‪ ،‬الت جاء العلم‬
‫الديث و أثآبت خطخأها من جهة ‪،‬و و وافق الشرع من جهة أخرى ‪ .‬فهو‪ -‬بوقفه هذا من الشرع‪-‬‬
‫غي معذور ‪،‬و مسؤول مسؤولية كبيةا شرعا و عقل ‪.‬‬
‫و خامسا إنه من الغالطخة القول بأن نقد أي فكر يب أن يكون بقياس عصره فقط ‪ .‬فهذا زعم‬
‫باطل ‪ ،‬و الصواب هو أن ننقد أي فكر كان بالحتكاما إل القيقة وحدها ‪ ،‬من دون حصر لا بزجمان‬
‫و ل بكان ‪ ،‬و الشرط الوحيد فيها هو أن نتكم إل القائاق ل إل الظنون و التخمحينات و‬
‫الحتمحالت ‪ ،‬على أن نأخذ تلك القائاق من النقل الصحيح ‪ ،‬و العقل الصريح ‪ ،‬و العلم الصحيح‬
‫‪.‬و عليه فإنه من حقنا أن ننقد أي فكر ‪-‬قديا كان أو حديثا – بالحتكاما إل تلك الصادر العرفية‬
‫الت منها العلم الديث ‪ .‬و ابن رشد نفسه كان –ف انتصاره للرسطخية‪ -‬يتكم إل علم عصره‪، 1‬‬
‫فمحن حقنا نن أيضا أن ننقده بالحتكاما إل علوما عصرنا ‪ .‬علمحا بأن ابن رشد ل يكن يتكم ف كل‬
‫مواقفه إل علوما عصره ‪،‬و إنا كان يتكم أساسا إل الفلسفة الرسطخية ‪ ،‬فمحا وافقها قبله ‪،‬و ما خالفها‬
‫رفضه ‪،‬و ما عارضها من الشرع حيرفه أو أغفله و سكت عنه ‪.‬‬
‫و سادسا إنه من حقنا أن نتشدد ف انتقادنا لبن رشد ‪ ،‬و ماسبته حسابا عسيا ‪ ،‬لنه كان كثي‬
‫الدعاوى و التعال ‪،‬و البالغات و العتداد بالنفس ‪،‬و التعال على أهل العلم من غي الفلسفة ‪ ،‬و‬
‫ألقهم بالمحهور و أهل الدل ‪ .‬و جعل نفسه و أصحابه الشائايم ‪ ،‬من أهل البهان و اليقيم خصهم‬
‫ال بالرسوخ ف العلم ‪ .‬لذا وجدناه يصدر أحكاما كثيةا يزجعم أنا صحيحة بالضرورةا و الوجوب ‪،‬و هي‬
‫ف القيقة ما هي إل ظإنون و تمحينات و احتمحالت تمالفة للشرع و العقل و العلم ‪.‬فرجل هذا حاله ل‬
‫يصح السكوت عنه ‪،‬و مسايرته ف دعاويه العريضة ‪،‬و العتذار له و تدليله ‪.‬‬
‫علمحا بأن البالغة ف العتذار لبن رشد و تدليله ‪،‬و السكوت عن أخطخائاه و تبيرها ‪،‬و عدما لومه‬
‫و تمحيله مسؤولية ما قاما به ‪ ،‬هو ف القيقة جرية ف حق الشرع ‪،‬و العقل ‪،‬و العلم ‪ ،‬ل يصح‬
‫السكوت عنها أبدا ‪ .‬فلبد من عرض فكره على ميزجان النقل الصحيح ‪،‬و العقل الصريح ‪،‬و العلم‬
‫الصحيح ‪ ،‬لتمحييزج صحيحه من سقيمحه ‪ ،‬ليأخذ صاحبه مكانه القيقي الناسب له ‪ ،‬بل إفراط و ل‬
‫تفريط ‪،‬و بل تضخيم و ل تقزجي ‪.‬و بذلك ل نظلم الرجل ‪،‬و ل نرمه حقه ‪،‬و ل نتعصب له ول عليه‬
‫إل بالق ‪،‬و ل تندليدله و نبالغ ف مدحه و الثناء عليه با ل يستحقه ‪.‬‬

‫و ف ختاما هذا الفصل‪-‬أي الرابع‪ -‬تأؤكد على أمرين هاميم جدا ‪ ،‬أولمحا هو أن ابن رشد أغفل‬
‫الشرع إغفال كبيا ‪ ،‬و قرر ما تيالفه ف موقفه من النفوس و العقول‪،‬و طبيعيات أرسطخو ‪ .‬فحرما نفسه‬
‫و قراءه و الفكر الفلسفي من كنوز الشرع و خصائاصه ‪ ،‬خاصة فيمحا يتعلق بالطخبيعيات ‪ ،‬فالشرع ملوء‬

‫‪ 1‬أنظر مثل ‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪. 130 ، 128 :‬‬


‫با ‪ ،‬فمحنها ما يتعلق بأصل العال و علم الفلك ‪ ،‬و منها ما يص اليولوجيا و التاريخ الطخبيعي للكون‬
‫‪،‬و منها ما يتعلق بعلم الجنة و البحار ؛ و هذا الال ألف فيه الختصون و غيهم ‪ ،‬مصنفات كثيةا‬
‫جدا ‪ .‬لكننا ل نعن بذلك أن ابن رشد أغفل الشرع تاما ‪،‬و إنا نعن أنه أغفله إغفال كبيا ‪،‬و خالفه‬
‫كثيا ‪ ،‬و ل يرجع إليه إل قليل ‪ ،‬لن مذهبيته الرسطخية كانت تمسيطخرةا عليه حالت دونه من‬
‫الستفادةا الصحيحة و الكاملة من الشرع النيف ‪،‬و ل من العقل الفطخري الصريح ‪.‬‬
‫و المر الثان هو أن ابن رشد‪-‬بتبنيه لطخبيعيات أرسطخو و انتصاره لا‪ -‬يكون قد ساهم بقوةا ف‬
‫التحويج لباطيلها و أخطخائاها الكثيةا باسم البهان و اليقيم و النطخق ‪ ،‬على حساب النهج العلمحي‬
‫الصحيح ‪،‬و القيقة العلمحية الت يشهد لا الشرع الكيم و العقل الصريح ‪ .‬فكان من آثآار ذلك أنه‬
‫ساهم ف تكريس طبيعيات أرسطخو و هيمحنتها على العقل النسان قرونا عديدةا ‪ ،‬ل يتخلص منها إل‬
‫ف العصر الديث ‪ ،‬فكان ضررها أكثر من نفعها بفارق كبي جدا ‪.‬‬

‫‪....................................................................................‬‬

‫الفصل الخامس‬
‫نقد موقف ابن رشد من البهان الرسطي و مكانة صاحبه العلمية‬

‫أول ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من دعوى برهانية فلسفة أرسطو ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من المنطق الصوري ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من الجدلا و الستقراء و قياس التمثيل ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من مكانة أرسطو العلمية ‪.‬‬

‫نقد موقف ابن رشد من البرهان الرسطي و مكانة صاحبه العلمية‬

‫اتذ أبو الوليد بن رشد الفيد مواقف متطخرفة تتعلق بدى برهانية الفلسفة الرسطخية ‪،‬و صحة‬
‫منطخقها الصوري ‪،‬و طرق الستدلل الخرى ‪ ،‬و مكانة أرسطخو العلمحية ف نظره هو‪-‬أي ابن رشد ‪.‬‬
‫فانتقدناه ف موقفه من ذلك ‪ ،‬و رددنا عليه بكل طاقتنا ‪ .‬فمحا تفاصيل ذلك ؟ ‪.‬‬
‫أول ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من دعوى برهانية فلسفة أرسطو ‪:‬‬
‫تيقصد بالبهان ف اللغة العربية ‪ :‬الجة الظاهرةا الفاصلة‪. 1‬و معناه ف الشرع هو ‪ :‬الجة و الدليل‬
‫‪،‬و هو أوكد الدلة ‪،‬و يقتضي الصدق أبدا ل مالة‪ . 2‬و معناه ف الصطخلح الفلسفي هو ‪ )) :‬القياس‬
‫الؤلف من اليقينيات سواء كانت ابتداء و هي الضروريات ‪ ،‬أو بواسطخة و هي النظريات ‪،‬و الد‬
‫الوسط فيه لبد أن يكون علة لنسبة الكب إل الصغر ((‪ . 3‬فالبهان هو الجة القاطعة اليقينية ‪،‬‬
‫فهل فلسفة أرسطخو و أصحابه برهانية ف نظر ابن رشد ؟ ‪.‬‬
‫نعم إنه يدعي أن تلك الفلسفة برهانية يقينية ‪ ،‬لن أهلها –أرسطخو و أصحابه‪ -‬هم أهل صناعة‬
‫صهم ال بعلمحه‪،‬و قرن شهادتم ف القرآن بشاهدته سبحانه و شهادةا ملئاكته ‪.‬و هم‬ ‫البهان الذين خ ي‬
‫البهانيون بالطخبع أهل اليقيم و صناعة الكمحة و التأويل اليقين‪ .‬ف كتبهم تتوجد القاويل البهانية ‪،‬‬
‫خاصة ف مؤلفات أرسطخو ‪ ،‬الذي برهانه هو الق البيم ‪.‬و قد بلغت فلسفتهم حد الكتمحال‪-‬زمن ابن‬
‫رشد‪ -‬حت أصبح من المحكن تعليمحها بطخريقة برهانية كالرياضات‪. 4‬‬
‫تلك هي بعض مزجاعم ابن رشد ف دعوى برهانية الفلسفة الشائاية عامة ‪،‬و الرسطخية خاصة ‪ .‬و‬
‫ردا عليه أقول ‪ :‬أول إن من أقوال ابن رشد شواهد كثيةا تنقض مزجاعمحه ببهانية تلك الفلسفة و يقينيتها‬
‫ت إل البهان و اليقيم بصلة‪،‬و ما هو إل ظإنون و تمحينات‬ ‫ت أن منها قسمحا كبيا جدا ‪ ،‬ل ي ت‬‫‪ ،‬و تتثب ت‬
‫و احتمحالت ‪ ،‬و بعضها يندرج ف الرافات و الساطي ‪،‬و ليس هو من العلم ف شيء ‪ .‬علمحا بأن‬
‫كل انتقاداتنا السابقة لفكره هي أدلة دامغة على بطخلن دعوى برهانية تلك الفلسفة ‪.‬‬
‫و أما الشواهد الت أشرنا إليها ‪ ،‬فمحنها أن ابن رشد زعم أن العقول الفارقة )) حية تملتذةا و مغبوطة‬
‫بذاتا ‪،‬و أن الول فيها‪ -‬أي ال – هو الي الذي ل حياةا أت من حياته ‪،‬و ل لذةا أعظم من لذته ‪.‬و‬
‫ذلك أنه الغبوط بذاته فقط ‪،‬و غيه إنا حصلت له الغبطخة و السرور به ‪ ...‬فإن كل واحد منها‪-‬أي‬
‫العقول الفارقة‪ -‬ما عدا الول تملتذ بذاته فقط و الغبوط با‪ .‬و لن إدراكه أشرف الدراكات فلذته‬
‫أعظم اللذات ‪،‬و هو إن اشتحك مع سائارها ف كونا تملتذةا دائامحا ‪ ،‬فلذتا تلك إنا صار لا الدواما به ‪،‬و‬
‫لذته هو بذاته ‪ .‬و كذلك أيضا سائار العان الشتحكة‪ ،‬إنا هي له بذاته و لا به((‪. 5‬‬
‫و كلمه هذا ل برهان له فيه و ل يقيم أبدا ‪ ،‬لنه تكلم ف موضوع ل تيكنه إدراكه و ل معرفته‬
‫بعقله ‪ ،‬و ل بعلمحه ‪ ،‬و ل بواسه ‪ ،‬إل بالشرع ‪ ،‬و با أن الشرع ل يذكر ذلك ‪،‬و ل هو احتج به‬
‫بطخريقته التحريفية ‪ ،‬فإن تلك الزجاعم هي مزجاعم باطلة مردودةا عليه جلة و تفصيل ‪،‬و ما هي إل‬

‫‪ 1‬عي بن هادية ‪ :‬القاموس الجديد ‪ ،‬ط ‪ ، 7‬المؤساسة الوطنية للكتاب ‪ ، 1991 ،‬ص‪. 147 :‬‬
‫‪ 2‬الراغب الصأفهاني ‪ :‬مفردات القرآن ‪ ،‬ص‪ . 111 :‬و ابن الثير ‪ :‬النهاية في غريب الحديث و الثر ‪ ،‬المكتبة العلمية ‪ ،‬بيروت ‪،‬‬
‫‪ ، 1979‬ج ‪ 1‬ص‪. 310 :‬‬
‫‪ 3‬الشريف الجرجاني‪ :‬التعريفات ‪،‬دالعلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1995 ،‬ص‪. 44 :‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪ . 173 ، 114 ، 75 :‬و تهافت الفلسافة ‪ ،‬ص‪ . 220 ، 144 ،71 :‬و فصل المقال ‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪ . 118‬و فرج أنطون ‪ :‬ابن رشد و فلسفته ‪ ،‬ص‪ . 88 :‬و الجابري ‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 118 :‬‬
‫‪ 5‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪. 148-147 :‬‬
‫تمحينات و ظإنون ‪ ،‬و أهواء و هذيانات ‪ ،‬ل يتحما فيها الشرع ‪،‬و ل العقل ‪ ،‬و ل العلم ‪ ،‬و ل القراء ‪.‬‬
‫و با أن الكم على الشيء جزجء من تصيوره ‪،‬و ابن رشد خاض ف موضوع ل تيكنه تصيوره على القيقة‬
‫أبدا ‪ ،‬يكون هو قد حكم على شيء من دون برهان و ل دليل و ل يقيم ‪ .‬فأين برهانية تلك الفلسفة‬
‫الزجعومة؟ ! ‪.‬‬
‫و الشاهد الثان مفاده أن ابن رشد قال ‪ :‬إن الفلسفة قاما عندهم الدليل‪-‬بعد البحث و الفحص‪-‬‬
‫أن الادةا الكيونة منها الجراما السمحاوية تتلف عن مادةا الوجودات الرضية الفاسدةا‪ . 1‬و قوله هذا ظإن‬
‫و تمحيم ل دليل صحيح عليه و ل برهان ‪ ،‬و هو باطل شرعا و علمحا ‪ ،‬و قد سبق أن بينا أن العال‬
‫بأسره ملوق من مادةا واحدةا ‪.‬‬
‫و أما قوله بأن هؤلء الفلسفة بنوا رأيهم على دليل صيح عندهم بعد البحث و الفحص ‪ ،‬فهو ليس‬
‫دليل صحيحا ‪،‬و إنا رأي بنوه على مقدمات ظإنية احتمحالية ‪ ،‬ليس لم فيه دليل صحيح من العقل ‪ ،‬و‬
‫ل من الشرع ‪ ،‬و ل من العلم ‪ .‬و لو عاد ابن رشد إل الشرع لعلم يقينا بطخلن ما حكاه عن هؤلء ‪،‬‬
‫ص صراحة على أن العال بأسره خلقه ال تعال من مادةا واحدةا ‪ ،‬ف قوله سبحانه ‪)) :‬‬ ‫لن الشرع ن ي‬
‫ها دودجدعألدنا تمدن الأدمحاء تكلل دشأيمء دحبي أدفددل‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫أددودلأ يدـَدر الذيدن دكدفتروا أدلن اللسدمحادوات دواألدأر د‬
‫ض دكاندـَدتا درأتقاد فدـَدفتدـَأقدنا تد‬
‫يـَتأؤتمتنودن ((‪-‬سورةا النبياء ‪ – 30 :‬فأين حكاية البهان و اليقيم الزجعومان ؟ ‪.‬‬
‫و الشاهد الثالث مفاده أن ابن رشد قال بوجود العقول الفارقة على طريقة الشائايم ‪ ،‬فهي عقول‬
‫حية أزلية خالدةا أبدية ذات طبيعة إلية ‪ ،‬تتصرف ف العال إيادا و تسييا و إعداما‪ . 2‬و قوله هذا هو‬
‫ترديد لزجاعم أرسطخو و أصحابه ‪ ،‬ل دليل له عليه من الشرع ‪،‬و ل من العقل ‪ ،‬و ل من العلم ‪،‬و هو‬
‫ت إل البهان و اليقيم بصلة أصل ‪،‬و ل هو من‬ ‫يندرج ف الوهاما و الظنون و الساطي ‪ ،‬و ل ي ت‬
‫الوضوعية و العلم ف شيء ‪ .‬و من يقول بذلك فيكون قد داس على العقل ‪،‬و ارتى ف أحضان‬
‫الظنون و الساطي ‪ ،‬و الرجم بالغيب ‪،‬و القول على ال بل علم ‪ ،‬و يكون من بيم الذين وصفهم ال‬
‫س دولددقأد دجاءتهم بمن لرببتتم األتددى ((‪-‬سورةا النجم ‪:‬‬ ‫ت ت تل ل‬
‫تعال بأنم))إن يدـَتلبتعودن إل الظلن دودما تدـَأهدوى ا أ دلنتف ت‬
‫‪ ، - 23‬فل برهان و ل يقيم ‪،‬و إنا هي أهواء و ظإنون !! ‪.‬‬
‫و الشاهد الرابع مفاده أن ابن رشد قال بوجوب دواما الفاعلية ف أفعال ال تعال ‪ ،‬العروفة بوادثَ‬
‫ل أول لا ‪ ،‬بدعوى أنه با أن ال أزل ل ابتداء له و ل انتهاء ‪ ،‬وجب أن تكون أفعاله ل ابتداء لا‬
‫أيضا ‪ ،‬و من ث فالعال أزل‪ . 3‬و قوله هذا هو مرد احتمحال مكن يتعلق بأفعال ال تعال ‪ ،‬ل يصح‬
‫التأكيد على وجوبه و لزجومه ‪ ،‬لن التأكيد على ذلك هو رجم بالغيب ‪،‬و قول على ال بل علم ‪ .‬لن‬
‫ال با أنه حي ل يوت ‪ ،‬و فعال لا يريد ‪،‬و خالق كل شيء ‪ ،‬و يلق ما يشاء و يتار ‪ ،‬فهو سبحانه‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 161 ، 160 :‬‬


‫‪ 2‬سابق توثيق ذلك مرارا ‪.‬‬
‫‪ 3‬سابق الرد عليه في الفصل الثاني ‪.‬‬
‫ل يب عليه شيء ‪ ،‬و ل يستطخيع إي إنسان أن يزجعم بأن أفعال ال خاضعة لدواما الفاعلية من عدمها‬
‫‪ .‬و عليه فإن هذا المر ل يكن التأكد منه و الزجما به ‪ ،‬إل عن طريق الوحي فقط ‪ ،‬و با أن ابن رشد‬
‫و أصحابه قالوا بوجوب دواما الفاعلية و لزجومها لفعال ال تعال من دون دليل شرعي ‪ ،‬فهو زعم باطل‬
‫‪،‬و قول على ال بل علم ‪،‬و رجم بالغيب ‪ ،‬ل دليل عل إثآباته من الشرع و ل من العقل ‪ ،‬لنه ليس ف‬
‫إمكان العقل الزجما بذلك ‪.‬و إنا هو ف مقدوره‪-‬أي العقل‪ -‬أن يفرض جلة احتمحالت نظرية ل تثبت‬
‫إل بدليل شرعي ‪ .‬و هذا أمر سبق أن ناقشناه و فصلناه ف الفصل الثان و بينا بطخلن رأي ابن رشد و‬
‫أصحابه ‪ .‬فأين البهان و اليقيم الزجعومان ؟ ‪.‬‬
‫و الشاهد الامس مفاده أن ابن رشد زعم انه تبييم أن الجراما السمحاوية ل ثآقيلة و ل خفيفة‪ . 1‬و‬
‫قوله هذا سبق إبطخاله ف الفصل الرابع ‪ ،‬ما يعن أنه زعم ل يقم على برهان و ل دليل صحيح ‪ ،‬و إنا‬
‫أقامه على مقدمات نظرية ظإنية احتمحالية‪ ،‬ادعى من خللا أنه تبييم منها ما زعمحه ‪ .‬فشتان بيم البهان‬
‫و الظن ‪،‬و بيم القيقة و الوهم ‪ ،‬فالرجل أقاما زعمحه على الظن و الوهم ل على البهان و اليقيم‪.‬‬
‫و الشاهد السادس مفاده أن ابن رشد عندما أنكر أن تكون الذنبات و الشهب من الجراما‬
‫السمحاوية ‪،‬و أرجع أصلها إل بعض العناصر الرضية الربعة العروفة ‪ ،‬قال ‪ )) :‬فليس لقائال أن يقول ‪:‬‬
‫إنا أحد الكواكب الثابتة و السيارةا ‪ ،‬لن الكواكب الت تشوهدت ف قدي الدهر هي بأعيانا الكواكب‬
‫الوجودةا إل الن ‪ ،‬ل ينخرما منها شيء ((‪. 2‬‬
‫و قوله هذا غي صحيح علمحيا ‪،‬و قد سبق بيانه ف الفصل الرابع ‪ ،‬لكن الذي يهمحنا هنا هو طريقة‬
‫استدلله على ما قاله ‪ .‬فهو هنا ل يعتمحد على دليل صحيح ‪،‬ول على برهان أقامه على دليل مسوس‬
‫‪ ،‬و إنا علله برأي ظإن ضعيف جدا ‪،‬و ل يكن النسان‪ -‬ف زمانه‪ -‬يستطخيع التأكد من أن الجراما‬
‫السمحاوية ل تفقد من مكوناتا شيئِّا طول عمحرها الديد ‪ .‬و من ث ل يصح القطخع با زعمحه ابن رشد‬
‫بأن تلك الجراما ل تفقد شيئِّا من مكوناتا‪ .‬و إذا كان النسان بواسه الردةا ل يستطخيع أن يس و‬
‫يشعر بالتناقص الذي يدثَ ف العادن الثمحينة الت يستعمحلها ‪ ،‬فأن له أن تيدرك ما يدثَ ف الجراما‬
‫السمحاوية من تناقص أو عدمه ‪ ،‬أو يزجعم بأنه ل ينخرما منها شيء على حد زعم ابن رشد ! ‪ .‬فالرأي‬
‫الذي قال به ابن رشد ليس برهانا و ل يقينا ‪ ،‬و إنا هو ظإن و تمحيم و احتمحال ‪ ،‬ثآتبت بطخلنه‬
‫علمحيا ف العصر الديث ‪.‬‬
‫و الشاهد السابع مفاده أن ابن رشد قال بأزلية العال و أبديته موافقة لرسطخو و أصحابه ‪ ،‬حت أنه‬
‫قال ‪ )) :‬إنه قد تبييم من القاويل السالفة كلها أن السمحاء ليست بكائانة‪-‬أي ملوقة‪ -‬و ل فاسدةا‪،‬و‬
‫ل يكن أن تفسد كمحا قال قوما ‪ ،‬لكنها دائامحة ل مبدأ لا زمانيا و ل تمنتهى ‪ ،‬بل هي علة الزجمان و‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص السماء و العالم ‪ ،‬ص‪. 84 :‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬الثار العلوية ‪ ،‬ص‪. 18 :‬‬
‫اليطخة به (( ‪ .‬و قال أيضا ‪ )) :‬و تبييم ما ذكرناه من القاييس و الباهيم على أنا –أي السمحاء‪ -‬غي‬
‫كائانة‪-‬أي غي ملوقة‪ -‬و ل فاسدةا ‪ ،‬و ل قابلة للنفعال و الستحالة –أي التحيول‪ ، -‬إنه ل تيلحقها‬
‫ف الركة السوسة لا نصب و ل تعب ‪ ،‬من أجل أنه ليس فيها مبدأ حركة تمالفة للحركة الطخبيعية الت‬
‫فيها ((‪. 1‬‬
‫و قوله هذا غي صحيح ‪،‬و باطل شرعا و علمحا ‪،‬و قد سبق إبطخاله ف الفصليم الثان و الرابع ‪ .‬لكن‬
‫الذي يهمحنا هنا هو طريقته غي العلمحية ف الستدلل ‪ ،‬أنه أصدر حكمحا قطخعيا زعم فيه أنه برهن عليه‬
‫ت‬‫‪،‬و أقاما الدليل القطخعي على صحته ‪ .‬و هذا ليس من الوضوعية ‪،‬و ل من العلم ف شيء ‪،‬و ل ي ت‬
‫إل البهان العلمحي بصلة ‪ ،‬لنه تكيلم ف أمر غيب ل يكنه إدراكه ‪،‬و ل تيقم عليه دليل صحيحا و ل‬
‫برهانا قطخعيا ‪،‬و إنا اعتمحد الظن و التخمحيم انطخلقا من خلفيته الرسطخية الت كانت توجهه ‪ ،‬حت أن‬
‫سح لنفسه باتاذ موقف تمالف للشرع من دون دليل قطخعي من العقل و ل من العلم ‪ .‬فتحيول الظن‬
‫عنده برهانا قطخعيا ‪ ،‬و أصبح هو من الذين قال ال تعال فيهم ‪ )) :‬إتن يدـَتلبتتعودن إتلل الظللن دودما تدـَأهدوى‬
‫س دولددقأد دجاءتهم بمن لرببتتم األتددى ((‪-‬سورةا النجم ‪ . - 23 :‬إنه ل يتحما الشرع و ل العقل و ل‬ ‫اأ دلنتف ت‬
‫العلم ‪ ،‬فأين البهان الزجعوما ؟ ! ‪.‬‬
‫و الشاهد الثامن مفاده أن ابن رشد كانت له مواقف أكد على صحتها و قياما الدليل على صدقها‬
‫من دون دليل صحيح ‪ ،‬و ل برهان قطخعي ‪ .‬فمحن ذلك أنه ذكر أن أرسطخو أثآبت أن الرض ثآابتة ل‬
‫تتحرك ‪،‬و أبطخل رأي القائاليم بركتها ‪،‬و بييم أنا ساكنة بالطخبع ف الوسط ‪ .‬و بذلك حيل الشك الذي‬
‫حيي القدماء ‪،‬و أفنوا أعمحارهم ف طلبه‪. 2‬‬
‫و قوله هذا غي صحيح ‪،‬و قد سبق إبطخاله ف الفصل الرابع ‪ ،‬لكن الذي يهمحنا هنا هو أن الرجل ل‬
‫يكن علمحيا ف طريقته الستدللية ‪ ،‬لنه أكد على ما ذهب إليه من دون برهان قطخعي ‪،‬و إنا اعتمحد‬
‫على الظن و التخمحيم و التحجيح ‪،‬و النظرةا السطخحية الظاهرية لركة الشمحس ‪ ،‬و أغفل النصوصا‬
‫الشرعية الت تتشي إل حركة الرض من جهة ‪ ،‬و أهل آراء القائاليم بركة الرض من جهة ثآانية ‪،‬و‬
‫افتخر با قاله سلفه أرسطخو من جهة ثآالثة ‪،‬و زعم أنه حيل الشك الذي حيي القدماء ‪ .‬لكن رأيه هذا‬
‫غي صحيح ‪ ،‬فنحن نعلم أن الرض متحركة بدليل الشرع و العقل و العلم ‪ ،‬فأين الدلة الصحيحة الت‬
‫أقامها أرسطخو على صحة رأيه ؟ ‪،‬و أين دعوى برهانية الفلسفة الرسطخية ؟ ‪.‬‬
‫و أما الشاهد الخي – و هو السابع‪ -‬فمحفاده أن لبن رشد أقوال و مواقف فلسفية استخدما فيها‬
‫الظن و التحجيح و الحتمحال ‪،‬و هذا ينقض عليه زعمحه دعوى برهانية الفلسفة الرسطخية الشائاية الت‬
‫تيؤمن با ‪ .‬فمحن ذلك قوله ‪ :‬إن القلسفة يزعمون كذا و كذا‪.‬و يظهر أنه ليس جسمحا ممحول و ل‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص السماء و العالم ‪ ،‬ص‪. 189 ،188 :‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص السماء و العالم ‪ ،‬ص‪. 268 :‬‬
‫حامل‪ .‬و لعله ينفع إذا كان عسر الولدةا ‪.‬و يشبه أن تكون لعلة ف لونا ‪.‬و هذا أحد ما يكن أن‬
‫ييظن به أنه سبب حركة هذا الرما‪ .‬و )) مثال ما تذكر أن ف بعض بلد الروما دثي نرين تمتقابليم ‪ ،‬إذا‬
‫شربت الغنم من أحدها ولدت خرافا بيضاء ‪ ،‬و إذا شربت من الخر ولدت حرافا سود ((‪ . 1‬فهذا‬
‫الرجل أمره غريب ‪ ،‬إنه ذكر هذه الرافة بعبارةا )) ما تذكر (( ‪ ،‬من دون أي إنكار واضح صريح لا ‪،‬و‬
‫ل تعقيب عليها ‪،‬و كأنه ييل إل تصديقها أو الستئِّناس با ‪ .‬فأين حكاية اليقيم الزجعوما ؟! ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن ف أقوال أرسطخو و مواقفه الفلسفية شواهد كثيةا تنقض دعوى ابن رشد برهانية الفلسفة‬
‫الرسطخية و يقينيتها ‪ .‬فمحن تلك الشواهد أن لرسطخو أقوال ل يقطخع فيها بكم و ل بتقرير و ل برأي ‪،‬‬
‫استخدما فيها عبارات ل تفيد يقينا و ل برهانا قطخعيا ‪ ،‬و إنا تتفيد الظن و التخمحيم‪ ،‬و التحجيح و‬
‫الحتمحال‪ .‬كقوله ‪ )) :‬إننا نظن أننا نتحدثَ عن جواهر الشياء السوسة ‪ ...‬غي أن تفسينا للطخريقة‬
‫الت با تكون جواهر للشياء السوسة هو كلم فارغ ‪ ، ((...‬و قوله ‪ )) :‬ف حيم أن الفلسفة تزعم‬
‫أنا معرفة (( ‪ ،‬و )) أما النار فيشبه أن تكون ف موضعها‪، ((...‬و )) إننا ل نتثبت من الوقائاع با فيه‬
‫الكفاية ((‪. 2‬‬
‫و الشاهد الثان مفاده أن أرسطخو زعم أن ال معشوق للعقول الفارقة‪،‬و هي عاشقة له ‪،‬و العشق علة‬
‫‪3‬‬
‫الركة ف العال بأسره ‪ ،‬فال ليس علة فاعلة له ‪،‬و إنا هو معشوق للعقول الفارقة الت حيركها العشق‬
‫‪ .‬و قوله هذا زعم باطل ‪ ،‬ليس له فيه دليل و ل برهان ‪ ،‬إل الظن و التخمحيم و الذيان و إتباع الوى‬
‫‪ .‬و زعمحه هذا ل يكن التأكد منه يقينا إل عن طريق الشرع وحده ‪،‬و با أن أرسطخو ل يعرف شرعا و‬
‫ل وحيا إليا ‪ ،‬فمحن أين جاء برافة العشق و العشوق ؟ ! ‪.‬و با أن الشرع بيم أيدينا و ليس فيه تلك‬
‫ت إل البهان و‬ ‫الرافة ‪ ،‬ديل كل ذلك على أن ما زعمحه أرسطخو و أصحابه هو ظإن و خيال ‪ ،‬ل ي ت‬
‫اليقيم بصلة ‪،‬و ل هو من العلم و الوضوعية ف شيء ‪.‬‬
‫و الشاهد الثالث مفاده أن أرسطخو أكد على ضرورةا القول بأزلية الزجمان بقوله ‪ )) :‬فواجب ضرورةا أن‬
‫يكون الزجمان سرمدا((‪ ،‬و من ل يقل بأزلية الركة فقوله بالتخريف أشبه ((‪ . 4‬و قوله هذا غي صحيح ‪،‬‬
‫و يتضمحن أربعة أخطخاء ‪ ،‬أولا قوله بأزلية الزجمان ‪،‬و هو زعم باطل شرعا و علمحا ‪ ،‬و قد سبق أن بيناه ‪.‬‬
‫و ثآانيها قوله أن أزلية الزجمان واجبة بالضرورةا ‪ ،‬فهذا حكم غي علمحي تاما ‪ ،‬و إنا هو ظإن و تمحيم ل‬
‫تيقمحه على برهان و ل على يقيم‪ .‬و ثآالثها إنه زعم بأن الركة أزلية ‪ ،‬و هذا باطل شرعا و علمحا ‪ ،‬لن‬
‫العال كله بزجمانه و مكانه و مادته ملوق ل تعال ‪ .‬و الطخأ الرابع إنه وصف من ل يقل بأزلية الركة‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪ . 147 ،102 ،69 :‬و تلخيص السماء و العالم ‪ ،‬ص‪ . 190 ،189 :‬و رساائل ابن رشد الطبية ‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪ . 409 ،366‬و الثار العلوية ‪ ،‬ص‪ . 21 :‬و تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪. 127 :‬‬
‫‪ 2‬أرساطو ‪ :‬مقالة اللفا الكبرى ‪ ،‬ملحقة بكتاب مدخل على الميتافيزيقا ‪ ،‬ص‪ . 282 :‬و مقالة الجيما ‪ ،‬ص‪ . 318 :‬و الموساوعة الفلسفية‬
‫المختصرة ‪ ،‬ص‪. 46 :‬‬
‫‪ 3‬سابق توثيق ذلك ‪.‬‬
‫‪ 4‬أرساطو ‪ :‬كتاب الطبيعة ‪ ،‬حققه عبد الرحمن بدوي‪ ،‬الدار القومية للطباعة و النشر ‪ ،1965 ،‬ج ‪ ،2‬ص‪. 812 ،811 :‬‬
‫بأن قوله بالتخريف أشبه ‪ .‬و هذا وصف ل يصح و غي علمحي ‪ ،‬و عكسه هو الصحيح ‪ ،‬بعن أن‬
‫قول أرسطخو هو ظإن و تمحيم ‪،‬و إل التخريف أشبه ‪ ،‬بل هو التخريف بعينه ‪ ،‬لنه خاض ف موضوع‬
‫غيب ليس له فيه دليل قطخعي ‪ ،‬ث بن عليه زعمحه بأزلية الركة ‪،‬و أنه واجب ضرورةا ‪ .‬فأين حكاية‬
‫برهانية فلسفة أرسطخو الت قال با ابن رشد ؟ ‪.‬‬
‫و الشاهد الرابع مفاده أن أرسطخو زعم أن العقل الالص‪-‬الكلي‪ -‬خالد أزل ‪ ،‬و هو واحد ف كل‬
‫الفراد ل يفن بفناء الفرد ‪ ،‬لذا فهو كلي خالد أزل ‪ ،‬و إن ))كان يتعدد ‪ ،‬فتعدده هذا يأت من اتاده‬
‫بالنفس الفردية (( ‪ ،‬عندما يفن السم يزجول التاد الذي حدثَ بيم العقل و البدن ‪ .‬و من ث تدثَ‬
‫الفارقة للعقل الصلي أو الالص ‪ ،‬لتيصبح ف حالته الاصة مردا من الادةا ‪ ،‬فتيصبح خالدا أزليا‪ . 1‬و‬
‫و قوله هذا زعم باطل ‪ ،‬ل دليل صحيح له فيه من العقل ‪ ،‬و ل من العلم ‪،‬و أنا هو ظإن و تمحيم‬
‫‪،‬و هذيان و تريف ‪ ،‬تيثي الضحك و البكاء ‪ ،‬فأما إثآارته للضحك فالرجل خاض ف مسائال غيبية‪ -‬ل‬
‫يكنه إدراكها أبدأ‪ -‬و كأنه إله يعلم ما كان و ما سيكون ‪ ،‬أو كأنه نب تمرسل من رب العاليم أخبه‬
‫بتلك الغيبيات الت ذكرها ‪.‬و با أن هذا الرجل ل هو إله و ل نب ‪ ،‬فمحن أين له تلك الخبار الغيبية‬
‫الت ادعاها ؟ ! ‪.‬‬
‫و أما إثآارته للبكاء ‪ ،‬فهو أن هذا الرجل الذي يزجعم العلم و العقل ‪ ،‬و البهان و النطخق ‪ ،‬قد داس‬
‫على كل ذلك ‪،‬و رمى بنفسه ف أحضان الرافة و السطخورةا ‪ .‬فخاض ف أمور غيبية ل تيكنه إدراكها‬
‫و وصفها بالعقل ‪ ،‬فمحن أين له أن العقل أزل ؟ ‪ ،‬و من أين له أن ذلك العقل عندما تيفارق البدن‬
‫يتحد لتيكون عقل كليا ؟ ! ‪ ،‬فهل هو يعلم ما كان و ما سيكون ؟ ‪ ،‬و هل مات فرأى مصيه ‪ ،‬ث‬
‫عاد إلينا لتيخبنا با رآه ؟ ‪،‬و هل جاءه الوحي فاخبه بذلك ؟ ‪ ،‬كل و ألف كل ‪ ،‬إن الرجل داس‬
‫على العقل و العلم ‪،‬و الوضوعية و النزجاهة العلمحية ‪،‬و ل يتحما عقله و ل قراءه ‪ .‬إنا منة العقل على‬
‫أيدي رجل يزجعم أنه عقلن برهان !! ‪.‬‬
‫و الشاهد الامس مفاده أن أرسطخو كان ينكر وجود أقمحار لكوكب الشتحي ‪ .‬و هذا غي صحيح ‪،‬‬
‫فقد ت اثآبات وجود أقمحار للمحشتحي منذ القرن السادس عشر اليلدي باستخداما القيرب ‪.‬و من طريف‬
‫ت‬
‫ما تيذكر ف هذا الشأن هو أن الفلكي غاليليو لا نظر ف السمحاء بالدقيرب و رأى أقمحارا للمحشتحي ‪،‬و‬
‫ت‬
‫تبيم له خطخأ أرسطخو ف تقسيمحه للعال إل عال ما فوق القمحر الزل ‪،‬و عال ما تت فلك القمحر‬
‫الفاسد ‪،‬و دعا بعض الرسطخييم لشاهدةا ذلك امتنعوا من الذهاب لشاهدةا ذلك ‪ ،‬غيةا على مذهب‬
‫أرسطخو‪. 2‬‬

‫‪ 1‬مصطفى النشار ‪ :‬نظرية المعرفة عند أرساطو ‪ ،‬ص‪. 84 :‬‬


‫‪ 2‬يوساف كرما ‪ :‬تاريخ الفلسفة الحديثة ‪ ،‬دار القلم ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ص‪. 20 ، 16 :‬‬
‫و يتمحثل خطخأ أرسطخو ف ذلك ف أمرين ‪ :‬أولمحا أنه نفى وجود أقمحار للمحشتحي ‪،‬و هذا تمالف‬
‫للحقيقة لن للمحشتحي أقمحارا ‪ .‬و الثان هو أنه‪-‬أي أرسطخو‪ -‬خاض ف أمر غيب ل تيكنه التأكد منه‬
‫بالبهان اليقين القاطع ‪ ،‬لن النظرةا الرده ل تيكنها أن تفصل ف الوضوع ‪ ،‬لدوديتها و بعد كوكب‬
‫الشتحي‪ .‬فكان عليه أن ل يزجما ف المر أبدا ‪ .‬لن الوسيلة الوحيدةا الت كانت لديه آنذاك هي الظن و‬
‫التحمحيم ‪،‬و التحجيح و الحتمحال‪ .‬و هذه ل تكفي أبدا لصدار حكم قطخعي ف هذا الوضوع ‪ ،‬فأخطخأ‬
‫لنه ل يلتزجما بالنهج العلمحي الصحيح ‪.‬‬
‫و الشاهد السادس مفاده أن أرسطخو ادعى أن الرارةا و الضوء اللذين تشعهمحا الجراما السمحاوية‬
‫يتولدان من احتكاكها‪-‬أي الجراما‪ -‬بالواء ‪ ،‬فمحن طبيعة الركة أن تولد الرارةا حت ف الشب و‬
‫الجارةا و الديد ‪ .‬و من ث فالول أن تتولد الرارةا فيمحا هو أقرب إل النار ‪ ،‬و هو الواء ‪ ،‬لكن‬
‫الجراما – لا كانت تدور ف فلكها‪ -‬فإنا ل تتحق‪ ،‬لكن الواء القريب منها هو الذي يلتهب خاصة‬
‫الواء القريب من الشمحس‪. 1‬‬
‫و قوله هذا تفسي خيال ل يصح شرعا و ل علمحا ‪ ،‬و قد سبق أن بينا أن الشمحس و النجوما تملتهبة‬
‫من ذاتا ‪،‬و هي الت تولد الرارةا و الضوء ‪،‬و ليس كمحا زعم أرسطخو و ابن رشد‪ . 2‬لكن الذي يهمحنا‬
‫هنا هو خطخأ طريقة أرسطخو ف الستدلل العلمحي ‪ ،‬فهو تكلم ف أمر غيب بعيد عنه‪ ،‬ول يكنه إدراكه‬
‫‪ ،‬و اتذ منه موقفا نائايا بل برهان و ل دليل ثآابت ‪ ،‬و نسي أنه خاض فيه بالظن و التخمحيم و‬
‫التحجيح و الحتمحال !! ‪ .‬فأين حكاية البهان و اليقيم ؟؟ ‪.‬‬

‫و أما الشاهد السابع فيتضمحن طائافة من أخطخاء أرسطخو تتعلق بالكائانات الية ‪ ،‬نذكرها كأمثلة و‬
‫أدلة دامغة تنثبت‪ -‬من خللا‪ -‬أن أرسطخو ل يكن يلتزجما بالبهان و الشاهدةا و اليقيم ف أباثآه الفلسفية‬
‫‪ ،‬فكان كثيا ما يعتمحد على الظن و التخمحيم‪ ،‬و الحتمحال و الخبار الضعيفة من جهة ‪ ،‬و بنبييم‬
‫أيضا بطخلن دعوى ابن رشد برهانية الفلسفة الرسطخية و يقينيتها من جهة أخرى ‪.‬‬
‫أولا‪-‬أي الشواهد‪ -‬إن أرسطخو طن أن رقبة السد تمكيونة من قطخعة واحدةا ‪ ،‬فل يستطخيع تريكها‬
‫كيف يشاء‪ . 3‬و ظإنه هذا غي صحيح ‪ ،‬لن رقبة السد تمكونة من عدةا فقرات ‪،‬و ليست من فقرةا‬
‫واحدةا‪. 4‬و هذا يعن أن أرسطخو ل ير رقبة السد و ل يفحصها ‪،‬و إنا قال ذلك على الظن و‬
‫الحتمحال ‪ .‬فأين الحتكاما إل البهان القائام على التجربة و الشاهدةا الدقيقة ؟‪ .‬علمحا بأن الشاهد‬
‫ت‬
‫للسد عندما يكون ف حالة تمطخاردةا و صراع و افتحاس لفريسته يتبيم له أن رقبة السد مكونة من عدةا‬

‫‪ 1‬أميرة حلمي مطر ‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ ،‬ص‪. 299 :‬‬


‫‪ 2‬أنظر الفصل الرابع ‪.‬‬
‫‪ 3‬أرساطو ‪ :‬كتاب طبائع الحيوان البري و البحري ‪ ،‬المقالة الرابعة عشر ‪ ،‬حققته عزة محمد ساالم ‪ ،‬الهيئة المصيرة العامة للكتاب ‪،‬‬
‫القاهرة ‪،1985 ،‬مقدمة المحقق ‪ ،‬ص‪. 14 :‬‬
‫‪ 4‬الموساوعة العربية العلمية ‪ ،‬مادة ‪ :‬أساد ‪ ،‬موقع ‪ :‬موساوعة نت ‪ ،‬على الشبكة المعلوماتية ‪.‬‬
‫فقرات ‪ ،‬لنه كثي الركة لرأسه و رقبته‪ ،‬فلو كانت رقبته فقرةا واحد لصعب عليه ذلك أو لتعذر ذلك‬
‫أصل ‪ .‬فالمر عكس ما قاله أرسطخو ‪ ،‬الذي –ربا‪ -‬ل ير السد ‪ ،‬أو ل يتحقق جيدا من ملحظته ‪،‬‬
‫أو ل يسأل العارفيم بياةا السد و طباعه ‪.‬‬
‫و الثال الثان مفاده أن أرسطخو زعم أن الرارةا فضلة ف النسان ‪ ،‬فقال‪ )) :‬و لكن يشبه أن تكون‬
‫الرةا‪-‬أي الرارةا‪ -‬مثل سائار السد ‪،‬و ليس لال شيء آخر مثل الثفل‪ 1‬الذي يتمحع ف البطخن و العي‬
‫(( ‪ .‬و قال أيضا ‪ )) :‬فهو بييم من الجج الت احتججنا أن خلقة الرةا ليست لال شيء ‪ ،‬بل هي‬
‫فضلة (( ‪ ,‬و كرر أنا فضلة ف أكثر من موضع‪. 2‬‬
‫و قال أيضا ‪ )) :‬و أنا أظإن أن أصحاب أنكساغورس –فيلسوف يونان‪ -‬تمطخئِّون ف قولم ف الرةا ‪،‬‬
‫حيث زعمحوا أن تكون علة المراض الادةا ‪ ،‬لنا إذا كتثرت سالت إل الرئاة و الضلع و أسفل‬
‫الجاب ‪ .‬فإنه يقدر قول القائال ليس مرةا للذين تعرض هذه المراض لم ‪.‬و لو كان ذلك لعرف و‬
‫استبان بالشق ((‪. 3‬‬
‫و قوله هذا غي صحيح ‪،‬و ليس من البهان و ل من العلم ف شيء ‪ ،‬لن الرارةا ليست فضلة ‪ ،‬و‬
‫إنا هي عضو حيوي ف النسان ‪ ،‬لا دور هاما جدا ف السم ‪ ،‬فهي تتساعد على استحلب الدهون‬
‫و هضمحها و امتصاصها ‪ .‬و تتساعد أيضا على امتصاصا الفيتامينات الت تذوب ف الدهون‪ . 4‬و هي‬
‫إذا انفجرت أو حدثَ فيها خلل ‪ ،‬فإنا تتسبب أمراضا خطخيةا للنسان ‪ ،‬فتتسبب له الغص الراري ‪،‬و‬
‫التهاب الرارةا الاد‪ ،‬و اللتهاب الصوي ‪ ،‬و إذا سالت على السم تتدثَ تسمحمحا عاما و ألا شديدا‬
‫‪،‬و شلل للمعاء ‪،‬و قد ينتهي الال بالصاب إل الوت ‪ .‬لذا يب استئِّصالا بسرعة مع غسل تويف‬
‫ت‬
‫البطخن و علج اللتهاب‪. 5‬‬
‫و الغريب ف المر أن أرسطخو –ف رده على تمالفيه‪ -‬بدأ رده بقوله ‪ )) :‬و أنا أظإن ‪ ، ((...‬و‬
‫)) لكن يشبه‪ ، ((...‬بعن انه بدأ كلمه بالظن و عدما التيقن من المر ‪ ،‬ث بناء على ذلك ‪ -،‬و من‬
‫دون أن تيقد دليل صحيحا‪ -‬انتهي به المر إل قوله ‪ )) :‬فهو بييم من الجج الت احتججنا ‪.((...‬‬
‫فهذا منهج ناقص و ليس برهانيا ‪ ،‬فكان عليه‪-‬على القل‪ -‬أن يتحفظ ف موقفه النهائاي و ل يزجما به‬
‫‪ .‬فهو قد أخطخأ ف موقفه من دور الرارةا ‪،‬و ف استخدامه للمحنهج العلمحي ‪ ،‬فأين حكاية البهان و‬
‫اليقيم ف الفلسفة الرسطخية ؟ ‪.‬‬
‫و أما موقف ابن رشد الطخبيب من الرارةا ‪ ،‬فهو على طريقة سلفه أرسطخو ‪ ،‬فإنه جزجما بقوله ‪ )) :‬و‬
‫الذي تيقطخع به على أن الرار ليس يتولد ف الرارةا من دما يصل إليها من الكبد ‪ ،‬إن الدما ليس هو مادةا‬

‫‪ 1‬هو ما سساتفل و اساتقر تحت الشيء من كدرة ‪ .‬الفيروز أبادي‪ :‬القاموس المحيط ‪ ،‬ص‪. 1256 :‬‬
‫‪ 2‬أرساطو ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪. 33 ، 32 ،31 :‬‬
‫‪ 3‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 30 :‬‬
‫‪ 4‬الموساوعة العربية الميسرة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 1125 :‬‬
‫‪ 5‬حساما احمد فؤاد ‪ :‬أمراض المرارة و علجها ‪ ،‬موقع ‪ :‬طبيبك ‪ ،‬على الشبكة المعلوماتية ‪.‬‬
‫للمحرارةا ‪،‬و إنا الرار فضلة الدما ((‪. 1‬و هذا ليس صحيحا بأن الرار فضلة الدما ‪ ،‬و إنا هو سائال أصفر‬
‫أو أخضر تيفرزه الكبد باستمحرار ‪،‬و يتكون من الاء و أحاض الصفراء و أصباغها ‪،‬و الكوليستيول ‪،‬و‬
‫الليمحيسيم له وظإيفة هامة تيؤديها للجسم سبق ذكرها‪ .2‬و هذا يعن أن القول بان الرار فضلة للدما ‪ ،‬هو‬
‫قول ل يصح ‪،‬و ليس من البهان و ل من العلم ف شيء ‪،‬و إنا هو ظإن تبن على مقدمات ظإنية و‬
‫مشاهدات ناقصة ‪.‬‬
‫و الثال الثالث مفاده أن أرسطخو قال‪ )) :‬إن الطخمحث –اليض‪ -‬الذي يعرض للنساء ‪ ،‬فضلة من‬
‫الفضول ‪ ،‬و الن أيضا فضلة ((‪ . 3‬و هذه التسوية بيم الطخمحث و الن غي صحيحة علمحيا ‪ ،‬لن‬
‫الطخمحث إذا كان هو خروج للدما الفاسد من الرحم ف دورات شهرية على أثآر عدما حدوثَ المحل ‪ ،‬فإن‬
‫المر بالنسبة للمحن عند الرجل تمغاير لذلك تاما ‪ ،‬لن الن ليس فضلة ‪ ،‬و إنا هو ماء الياةا تمكيون‬
‫من حيوانات منوية تمستعدةا للخصاب عندما ترج من الرجل و تدخل رحم الرأةا ‪ . ،‬فخروج من‬
‫الرجل ليستقر ف رحم الرأةا ليس فضلة ‪،‬و إنا هو سبب بقاء النس البشري على وجه الرض ‪ .‬و‬
‫خروجه من الرجل ليس تمبرا لتسمحيته فضلة ‪ ،‬فهو يتلف تاما عن الفضلت الت ترج من النسان ‪،‬‬
‫كالعرق و البول و دما اليض ‪ .‬فالن يرج من النسان ليس لنه فضلة ‪،‬و إنا يرج لتيؤدي وظإيفة‬
‫التناسل ‪ ،‬فالروج ف حقه ضروري ل بد منه ‪.‬‬
‫و الثال الرابع مفاده أن أرسطخو زعم أن )) فخذي و ساقي النسان كثيةا اللحم ‪،‬و أما سائار‬
‫اليوان ففخذاه و ساقاه عادمة اللحم ((‪. 4‬و قوله عن اليوان غي صحيح تاما ‪ ،‬لن أفخاذ الكباش ‪،‬‬
‫و البقار ‪ ،‬و الفيلة ‪ ،‬و الدجاج مثل ‪ ،‬مليئِّة باللحم و ليست معدومة اللحم !! ‪ .‬فهذا من أغرب‬
‫الخطخاء الت وقع فيها أرسطخو ‪ ،‬و الت ل يصح الوقوع فيها أبدا ‪ .‬فلعله نسي أو سها ‪ ،‬أو هو من‬
‫أخطخاء النساخ ‪.‬‬
‫و الثال الامس مفاده أن أرسطخو قال عن الية ‪ )) :‬فإنا ما تيظن أنه ليس لا عنق ‪ ،‬بل عضو‬
‫آخر ملئام للعنق‪ .‬و ذاك لن ليس هذا العضو مدودا بأطراف معروفة ((‪ .5‬واضح من كلمه أنه ل‬
‫يعتمحد على برهان و ل مشاهدةا حقيقية ‪ ،‬و إنا اعتمحد على الظن و النظرةا السطخحية العامة ‪ .‬و هو قد‬
‫أخطخأ فيمحا ذهب إليه ‪ ،‬لن الثعابيم لا عمحود فقري تمكيون من فقرات كثيةا ‪ ،‬ابتداء من الرأس إل ناية‬
‫الذنب‪ .‬و بعضها ظإاهر العنق ‪،‬و بعضها الخر غي واضح ‪ .‬فمحن النوع الول ‪ :‬حية القرناء ‪ ،‬لا عنق‬
‫واضح يفصل الرأس عن بنية السم ‪ .‬و منها أيضا حية الكوبرا الصرية ‪ ،‬لا عنق واضح تبسطخه عندما‬
‫تتحيفزج لهاجة فريستها ‪.‬و كذلك تثآعبان الزورد الصري ‪ ،‬له عنق واضح من الارج ‪ ،‬يفصل الرأس عن‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬رساائل ابن رشد الطبية ‪ ،‬ص‪. 191 :‬‬


‫‪ 2‬حساما أحمد فؤاد ‪ :‬المرجع السابق ‪.‬‬
‫‪ 3‬أرساطو ‪ :‬طبائع الحيوان ‪ ،‬ص‪. 127 :‬‬
‫‪4‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 131 :‬‬
‫‪ 5‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 153 :‬‬
‫صر كثيا ف موقفه هذا ‪ ،‬فاكتفى بالظن و ل تيكلف نفسه‬ ‫بقية السم ‪ .‬و هو –أي أرسطخو‪ -‬قد ق ي‬
‫‪1‬‬

‫التحقق من ذلك ‪ ،‬فهذا ليس من البهان و ل من اليقيم ف شيء ‪ .‬و قد كان ف مقدوره التأكد من‬
‫ذلك بنفسه أو بسؤال الختصيم ‪.‬‬
‫و الثال السادس مفاده أن أرسطخو قال ‪ :‬إن للنعامة ظإلفيم‪ 2‬كاليوان الذي له )) أربع أرجل ‪ ،‬لنه‬
‫ليس له أصابع بل أظإلف ‪،‬و علة ذلك من قتدبل أن دعدظم جسده ل تيشبه عظم طي ‪ ،‬بل تيشبه عظم‬
‫حيوان له أربع أرجل ((‪ . 3‬و قوله هذا غي صحيح ‪ ،‬لن النعامة لا أصبعان ف قدمها ‪،‬و ليس لا‬
‫ظإلفان كمحا ذكر أرسطخو ‪.‬و ها أصبعان قويان و مناسبان للجري و حل جسم النعامة الكبي‪ . 4‬المر‬
‫الذي يعن أن أرسطخو كان يسمحع بالنعامة و ل يراها ‪،‬و ل سأل العارفيم با ‪ ،‬لنه لو رآها أو سأل‬
‫الختصيم ما أخطخأ ف ذلك ‪ .‬فكيف سح لنفسه أن يتكلم عنها ف كتابه طبائاع اليوان من دون أن‬
‫يراها ‪،‬و ل تأكد ما قاله عنها ‪ ،‬مكتفيا بالظن و التخمحيم؟! ‪ .‬فأين برهانية فلسفته الزجعومة ؟ ‪.‬‬

‫و الثال السابع مفاده أن أرسطخو زعم أن )) جيع و سائار اليوان تيرك فكه السفل ما خل‬
‫التمحساح النهري ‪ ،‬فإنه تيرك الفك العلى‪ .‬و تعلة ذلك من قتدبل أن رجليه ليست بوافقة لخذ و‬
‫إمساك شيء من الشياء ‪ ،‬لنا تصغار جدا ‪ ،‬فهيأ الطخباع فم هذا اليوان موافقا لذه العمحال بدل‬
‫الرجليم ‪ . 5((...‬و قوله هذا دعيلقت عليه الباحثة عزجةا ممحد سال بقولا ‪ )) :‬ذاع و اشتهر ذلك الطخأ‬
‫الرسطخي أن كل حيوان تيرك فكه السفل إل التمحساح ‪ .‬و قد نقل العرب هذا الطخأ و امتلت به‬
‫مؤلفاتم النحوية و الفلسفية و العلمحية‪ .‬و الظاهر أن أرسطخو ل ير تساحا حيا ف حياته ((‪ . 6‬فكيف‬
‫سح لنفسه بأن يتكلم ف أمر ل يره و ل تأكد منه ؟ ! ‪ .‬فأين برهانية فلسفته و يقينيتها؟ ! ‪.‬‬
‫ص باسة اللمحس الوصوفة بالعتدال ‪ .‬و قد‬ ‫و الثال الثامن مفاده أن أرسطخو يرى أن اللحم تخ ل‬
‫ص على أن اللحم هو اللة الول للتحس ‪ .‬و البدأ الول للتحس و سائار‬ ‫وافقه ابن رشد على ذلك‪،‬و ن ي‬
‫الفعال هو القلب ‪ ،‬ث منه إل الدماغ‪. 7‬‬
‫و قولمحا هذا غي صحيح ‪،‬و ل برهان لمحا فيه و ل يقيم ‪،‬و ما هو إل ظإن و تمحيم ‪،‬و احتمحال و‬
‫ترجيح ‪ .‬و الصحيح هو أن اللد –الكيون من الوعية الدموية و العصاب السية – هو الذي يقوما‬
‫باسة اللمحس ل اللحم ‪ ،‬و هو‪-‬أي اللد‪ -‬العضو الخصص لا بمحيع درجاته ‪ ،‬من لس خفيف إل‬
‫ت‬
‫ضغط ‪،‬و وخزج تمؤل‪. 8‬‬
‫‪ 1‬محمد رشاد الطوبي‪ )) :‬فمنهم من يمشي على بطنه (( ‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬مصر ‪ ،‬دت ‪ ،‬ص‪. 91 ،89 ،88 ،86 ،79 ، 24 :‬‬
‫‪ 2‬الظلف هو ال ت‬
‫ظفر المشقوق للبقرة و الشاة و الظبي ‪،‬و ما شاكلها من الحيوانات المجترة ‪ .‬علي بن هادية ‪ :‬القاموس الجديد ‪ ،‬ص‪.627 :‬‬
‫‪ 3‬أرساطو ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪. 193 :‬‬
‫‪ 4‬الموساوعة العربية الميسرة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 1840 :‬‬
‫‪ 5‬أرساطو ‪ :‬طبائع الحيوان ‪ ،‬ص‪. 159-194 :‬‬
‫‪ 6‬نفسه ‪ ،‬تعليق المحققة عزة محمد ساالم ‪ ،‬هامش ص‪. 150 :‬‬
‫‪ 7‬ابن رشد ‪ :‬رساائل ابن رشد الطبية ‪ ،‬ص‪. 353 ،347 ،106 :‬‬
‫‪ 8‬الموساوعة العربية الميسرة ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 637 :‬‬
‫لس الوجود ف اللد هو الذي ينقل آثآار النبهات الارجية إل الدماغ ‪ ،‬فتتحول إل إحساسات‬ ‫وا ت‬
‫شعورية ‪ ،‬فالدماغ هو مركزج الس و الركة و الدراك‪، 1‬و ليس القلب على رأي ابن رشد ‪ .‬و قد كان‬
‫الطخبيب جالينوس )ت ‪200‬ما ( قد قال بأن الدماغ هو مركزج الحساسات كلها ‪ ،‬لكن ابن رشد‬
‫خالفه و انتصر لرأي أرسطخو‪. 2‬‬
‫و تيلحظ على ابن رشد الطخبيب أنه أغفل الشرع ف هذه السألة و ل يستفد منه ‪ ،‬و قرر ما تيالفه ‪،‬‬
‫ب إتلن الليهد دكادن دعتزجيزجاد‬ ‫ضجت جتلودهم بلدلأناهم جتلوداد د ت‬‫ت‬
‫غيـَدردها ليدتذوقتواأ الأدعدذا د‬
‫أ‬ ‫لن ف قوله تعال ‪)) :‬تكلدمحا ند د أ ت ت ت أ د د ت أ ت‬
‫لس و الحساس وليس اللحم‬ ‫حتكيمحاد ((‪-‬سورةا النساء ‪ – 56 :‬إشارةا واضحة إل أن اللد هو آلة ا ت‬
‫د‬
‫و ل غيه من أعضاء السم الادية ‪ .‬فلمحاذا أغفل ذلك ؟ ‪ ،‬ل ندري أنسيها ‪ ،‬أما تناسها لنا تالف‬
‫موقفه الرسطخي من تلك السألة؟ ‪ ،‬فلو استخدما تلك الشارةا القرآنية و انتقد با أرسطخو و أصحابه ‪،‬‬
‫لكان عمحل رائاعا ف طريق نقد الفلسفة الرسطخية من منطخلق شرعي ‪ ،‬و طرح البديل السلمي من جهة‬
‫‪،‬و السعي لسلمحة جوانب من تلك الفلسفة من جهة أخرى ‪ .‬لكنه ل يفعل ذلك ‪ ،‬و حدرما نفسه و‬
‫قراءه من نور السلما ‪ ،‬لنه كان شارحا لرسطخو و متعصبا له ‪،‬و ل يكن ناقدا إسلميا حرا حامل‬
‫للمحشروع السلمي الفكري ‪.‬‬
‫و الثال التاسع مفاده أن أرسطخو زعم أن الرأةا معدومة الذكاء ‪ ،‬ليس ف استطخاعتها أن تعرف شيئِّا‬
‫عن طبيعتها ‪ ،‬لن عقلها )) ل يستوعب هذه الدراسة ‪ ،‬و ليس لا قدرةا على تمحل السائال النظرية أو‬
‫فهمحها (( ‪ ،‬لذا استبعدها أرسطخو من ميدان الثقافة و السياسة ‪،‬و الياةا الفكرية عامة‪. 3‬‬
‫و زعمحه هذا غي صحيح ‪ ،‬تمالف لشواهد التاريخ و الواقع ‪ ،‬أقامه على الظن و التخمحيم و خلفياته‬
‫الفلسفية و الجتمحاعية الت كان يعيش فيها ‪،‬و ل تيقمحه على أساس من البحث العلمحي القائام على‬
‫الستقراء و الوضوعية و البهان ‪ .‬و نن ل ندخل معه ف نقاش نظري‪،‬و إنا نكتفي بذكر شواهد‬
‫دامغة تتثبت خطخأه و تافت دعوي ابن رشد برهانية الفلسفة الرسطخية ‪ .‬من ذلك أن القرآن الكري ذكر‬
‫لنا ناذج من نساء مؤمنات على درجة عالية من اليان و الزجما و النضج الفكري ‪ ،‬كمحري و بلقيس‪ ،‬و‬
‫امرأةا فرعون ‪ .‬و قد كانت عائاشة أما الؤمنيم –رضي ال عنها‪ -‬عالة متضلعة ف علوما الشريعة و اللغة‬
‫‪ ،‬حت أنا فاقت بعلمحها و رجاحة عقلها كثيا من الرجال ‪،‬و هذا أمر ثآابت عنها ل يتاج إل توثآيق ‪.‬‬
‫و أما الواقع الذي نعيشه فهو شاهد بقوةا على أن الرأةا حققت انتصارات كثيةا ‪،‬و أثآبتت جدارتا ف‬
‫علوما جة ‪.‬‬
‫و آخرها – و هو الثال العاشر‪ -‬مفاده أن الباحث إماما عبد الفتاح إماما ذكر ان أرسطخو‪-‬ف كتابه‬
‫تاريخ اليوان‪ -‬قال‪ :‬إن للنساء أسنانا أقل من أسنان الرجال ‪ .‬فستخر منه الفيلسوف العاصر برتراند‬
‫‪ 1‬نفس المصدر ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 801 :‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬رساالة النفس ‪ ،‬ص‪ . 18 :‬و زينب عفيفي ‪ :‬فلسفة ابن رشد الطبيعية ‪ ،‬ص‪. 219 ،218 :‬‬
‫‪ 3‬إماما عبد الفتاحا إماما ‪ :‬أرساطو و المرأة ‪ ،‬ط ‪ ،2‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1996 ،‬ص‪ . 63 ،59 :‬و أحمد فؤاد كامل‪ :‬ما بعد الطبيعة‬
‫عند ابن رشد ‪ ،‬ضمن كتاب أعمال ندوة ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 235 ،234 :‬‬
‫راسل بقوله ‪ )) :‬إن أرسطخو ل يكن من المحكن أن يرتكب أبدا مثل هذا الطخأ لو أنه طلب من زوجته‬
‫أن تفتح فمحها لظة واحدةا ((‪ . 1‬و خطخأه هذا هو من أغرب الخطخاء الت وقع فيها أرسطخو الت ل‬
‫مبر مقبول لا ‪ .‬فالرجل يتكلم بل تثبت و ل دليل و ل برهان ‪ ،‬ما تيشي إل ضعف نزجعة التجريب‬
‫عنده ‪ ،‬الت ل تكن أساسية عنده ‪ ،‬فكان كثيا ما يسمحح لنفسه أن يعتمحد على الظن و التخمحيم دون‬
‫الحتكاما إل التجربة مع سهولتها ‪ .‬حت أنه ل يكلف نفسه فتح فم زوجته أو خادمته ليتأكد من عدد‬
‫أسنان الرأةا بالنسبة للرجل !! ‪ .‬فأين حكاية برهانية فلسفة أرسطخو و يقينيتها ؟ ! ‪.‬‬

‫تلك الشواهد و المثلة‪ -‬الت ذكرناها ‪-‬كان الدف منها الرد على ابن رشد ف زعمحه برهانية‬
‫الفلسفة الرسطخية و يقينيتها ‪ .‬و هي من باب التمحثيل ل الصر ‪ ،‬و إل فالمثلة على نقض دعواه‬
‫كثيةا جدا ف مؤلفات أرسطخو ‪ ،‬فاكتفينا بالذي ذكرناه ‪ .‬حت أنه قيل عن قسم من مصنفاته ))إن‬
‫مؤلفات أرسطخو ف البيولوجيا غريبة ‪ ،‬فهي خليط تمشيوه من الشائاعات و القاويل ‪ ،‬و اللحظات‬
‫الناقصة ‪ ،‬و التفكي بالتمحن و السذاجة ‪،‬و سرعة التصديق ((‪. 2‬‬
‫و ف ختاما بثنا هذا تأشي هنا إل ثآلثآة أمور هامة ‪ ،‬أولا إن دعوى ابن رشد بأن الفلسفة الرسطخية‬
‫و الشائاية برهانية ف إلياتا و طبيعياتا ‪،‬و أنا اكتمحلت ف عصره حت أصبح من المحكن تعليمحها‬
‫بطخريقة برهانية كمحا تتعيلم الرياضيات‪ ، 3‬هي دعوى باطلة شرعا و عقل و علمحا ‪،‬و تمثيةا للضحك و‬
‫الستغراب معا‪.‬‬
‫و ثآانيها إن شيخ السلما ابن تيمحية تيعد من أوائال أهل العلم الذين تصدوا لنقد النهج الفكري لدى‬
‫ابن رشد و أصحابه ‪ ،‬و بييم أن دعوى برهانية فلسفتهم هي دعوى كاذبة ‪،‬و أن كلمهم ف الليات‬
‫قليل الفائادةا ‪ ،‬و كثي منه بل حجة‪. 4‬‬
‫و المر الخي –أي الثالث‪ -‬مفاده أن الباحث ممحد عابد الابري قال ‪ :‬إن ابن رشد ف ردوده‬
‫على التكلمحيم كان ينطخلق من )) فلسفة أرسطخو الت كان تيعتقد أنا علمحية برهانية ف ذلك الزجمان‬
‫((‪ . 5‬وقوله هذا ينطخوي على تبير لخطخاء ابن رشد ‪،‬و تغليط للقراء ‪ ،‬فأما التبير فهو غي مقبول ‪،‬‬
‫لنه سبق أن بينا‪-‬بأمثلة كثيةا جدا‪ -‬أن ابن رشد خالف النقل الصحيح ‪ ،‬و العقل الصريح ‪ ،‬و العلم‬
‫الصحيح ‪ ،‬ف مواضيع كثيةا جدا ‪ ،‬ل يعتمحد فيها أساسا على البهان و اليقيم ‪،‬و إنا اعتمحد أساسا‬
‫على الظن و التخمحيم ‪،‬و التحجيح و الحتمحال ‪،‬و على التعصب لذهبيته الرسطخية ‪.‬و أخطخاء هذه‬
‫أسبابا ل يصح تبيرها بدعوى أن فلسفة أرسطخو كان تيعتقد أنا برهانية ‪ ،‬زمن ابن رشد ‪ .‬لن سببها‬

‫‪ 1‬أرساطو و المرأة ‪ ،‬ص‪. 61 :‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 61 :‬‬
‫‪ 3‬الجابري‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 118 :‬‬
‫‪ 4‬ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض‪ ،‬ج ‪ 9‬ص‪. 399 ، 123 :‬‬
‫‪ 5‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬مدخل المحقق ص‪. 74 :‬‬
‫ليس أنا برهانية ‪،‬و إنا سببها تعصب ابن رشد و سلبيته تاه أرسطخو ‪،‬و انراف منهجه العلمحي‬
‫الستدلل و النقدي ‪،‬و إغفاله للشرع و جعله وراء ظإهره ‪ ،‬لن هواه كان مع سلفه أرسطخو و فلسفته‬
‫‪ ،‬و ل يكن مع دين السلما و ما يفرضه عليه ‪.‬‬
‫و أما تغليطخه للقراء فيتمحثل ف قوله ‪ :‬إن فلسفة أرسطخو كان تيعتقد أنا علمحية ف ذلك الزجمان ‪ .‬فهذا‬
‫قول ل يصح على إطلقه ‪ ،‬و إنا يصح على الفلسفة الشائايم و أتباعهم ‪ ،‬و ل يصدق على كل‬
‫أهل العلم ‪ ،‬فقد كان الطخبيب جالينوس تيالف أرسطخو ف مسائال طبيه كثيةا‪. 1‬و كان معظم علمحاء‬
‫الشريعة يرفضون الفلسفة الرسطخية ‪،‬و ل يعتقدوا أنا علمحية برهانية ‪ ،‬و كيف يعتقدون فيها ذلك ‪،‬و‬
‫هي تالف دين السلما ف معظم أصولا و فروعها ؟ ! ‪.‬و تيعد الشيخان ابن تيمحية و ابن قيم الوزية ‪،‬‬
‫من أكثر علمحاء الشريعة انتقادا و رفضا لتلك الفلسفة ‪ ،‬خاصة ابن تيمحية الذي كتب أباثآا كثيةا ف‬
‫انتقاد تلك الفلسفة ف إلياتا و منطخقها ‪.‬فمحقولة الابري غي علمحية ‪،‬و ليست صحيحة ‪،‬و غي مقبولة‬
‫على إطلقها ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من المنطق الصوري‪: 2‬‬
‫بالغ ابن رشد‪ -‬ف موقفه من النطخق الصوري‪ -‬مبالغة كبيةا جدا ‪ ،‬حت بلغ حد الغلو فيه تعظيمحا و‬
‫انتصارا ‪ ،‬المر جعله مل انتقاداتنا الشديدةا له ‪ .‬فمحن ذلك أنه يعتقد أن صناعة البهان‪-‬أي النطخق‬
‫الصوري‪ -‬من ل يتعلمحها فل برهان حقيقي له‪ ،‬بل هي البهان بعينه ‪،‬و هي أحرى بالتعلم من سائار‬
‫الصنائاع ‪.‬و القاويل البهانية ل تتأتى إل بتلك الصناعة الت هي النطخق الصوري‪ . 3‬لذا فهو تيطخالب أن‬
‫تبدأ عمحلية التعليم بدراسة هذا النطخق أول ‪ ،‬ث الساب‪ ،‬ث الندسة ‪ ،‬ث الفلك ‪ ،‬ث الوسيقى ‪ ،‬ث علم‬
‫البصريات ‪ ...‬ث يأت العلم الطخبيعي ‪ ،‬و أخيا علم ما بعد الطخبيعة ‪.‬و يرى أنه من الضروري أن نبدأ‬
‫تعليم الكاما النطخق أول‪. 4‬‬
‫و بناء على ذلك فإنه يزجعم أنه ل حقيقة دون صناعة البهان الت هي آلة للعتبار واجبة لعرفة ال‬
‫تعال ‪ ،‬فتعلمحها شرط لعرفته سبحانه و تعال ‪ .‬و زعم أن الفلسفة هم الذين علمحونا القوانيم النطخقية ‪،‬‬
‫لذا يب شكرهم عليها لنا ذات قيمحة كبيةا ‪ ،‬جعلت قياس صاحب النطخق يقينيا لستخدامه لا‪.‬و‬
‫جعلت قياس الفقيه ظإنيا لفتقاره لا‪. 5‬‬

‫‪ 1‬منها دور الدماغ و مصدر الحساس ‪،‬و قد سايق توثيقه ‪،‬و أشار ابن رشد إلى مخالفة جالينوس لرساطو في مسائل الطب في كتابه‬
‫رساائل ابن رشد الطبية ‪.‬‬
‫‪ 2‬هو منطق اساتنباطي يدرس صأثور الفكر و الساتدلل السليم ‪،‬و تيعرف أيضا بالمنطق الصوري ‪ ،‬لن أرساطو أول من ألف فيه باعتباره‬
‫علما مستقل ‪.‬و صأ ثوره الساتدللية هي‪ :‬القياس ذو المقدمتين و النتيجة ‪ ،‬مثل‪ :‬كل الناس فانون ‪ ،‬و ساقراط إنسان ‪ ،‬فسقراط فان ‪.‬و هذا‬
‫المنطق ل يصلح للعلوما الطبيعية ‪ ،‬التي اساتخدما لها الساتقراء ‪ .‬الموساوعة العربية الميسرة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 1755 :‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 278 :‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص السياساة لفلطون ‪،‬ترجمة حسن مجيد العبيديو فاطمة كاظم الذهبي‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الطليعة ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1998 ،‬ص‪:‬‬
‫‪. 168‬‬
‫‪ 5‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪ . 98 ،91 ،89 ،87 :‬و تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 278 ، 235 :‬‬
‫تلك بعض مزجاعمحه ف تعصبه و غلوه ف النطخق الصوري ‪،‬و ردا عليه أقول ‪ :‬أول ليس لبن رشد‬
‫أي مبر شرعي و ل عقلي و ل علمحي فيمحا قاله عن ذلك النطخق ‪ ،‬إل التعصب لذهبيته الرسطخية أول‬
‫‪،‬و قلة معرفته بطخرق السدلل العلمحي ثآانيا ‪.‬و الدلة القاطعة و الدامغة على بطخلن تلك الزجاعم كثيةا‬
‫جدا ‪ ،‬شرعا و عقل ‪ ،‬علمحا و تاريا‪ ،‬نذكر بعضها فيمحا يأت تباعا إن شاء ال تعال ‪.‬‬
‫من ذلك أن ال تعال لا خلق النسان زوده بالعقل و العلم ‪ ،‬و الواس و البيان ‪،‬و أمره بعبادته و‬
‫ساء تكلدها تثل‬‫عمحارةا الرض ‪،‬و سيخر له ما ف السمحوات و الرض ‪ ،‬لقوله تعال ‪ )) :‬دودعلدم آدددما الد أد‬
‫يم ((‪ -‬سورةا البقرةا ‪ ، - 31 :‬و ))‬ ‫عرضهم عدلى الأمحلدئاتدكتة فدـَدقادل دأنبتئِّوتن بتأدأساء هـَؤلء تإن تكنتم ت ت‬
‫صادق د‬ ‫تأ د‬ ‫د دت‬ ‫ت‬ ‫دد د ت أ د د‬
‫دعلدم ا أتلندسادن دما دلأ يدـَأعلدأم ((‪-‬سورةا العلق ‪)) ، - 5 :‬دخلددق اأتلندسادن دعلدمحهت األبدـَديادن ((‪-‬سورةا الرحن ‪-3:‬‬
‫س إتلل تليدـَأعبتتدوتن ((‪-‬سورةا الذاريات ‪ ، - 56 :‬و ))دودسلخدر لدتكم لما‬ ‫‪ ، -( 4‬و ))دودما دخلدأق ت ت ت‬
‫ت األلن دواألن د‬
‫ت لدقأومما يدـَتدـَدفلكترودن ((‪ -‬سورةا الاثآية ‪:‬‬
‫ك دليا م‬‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت وما تف األدر ت ت‬
‫ض دجيعاد بمأنهت إلن تف دذل د د‬ ‫أ‬
‫ت‬
‫تف اللسدمحادوا د د‬
‫حلها‬ ‫‪. -( 13‬و با أن المر كذلك فإن النسان له قدرات كثيةا‪ -‬بفضلها يستطخيع أداء المانة الت تي‬
‫‪ ، -‬منها القدرات العقلية ‪ ،‬فالنسان له عقل طبيعي فطخري يتمحتع بقدرات فائاقة ‪ ،‬و بطخرق استدلل‬
‫كثيةا ‪ ،‬المر الذي يعن أنه قادر على تسخي مظاهر الطخبيعة ‪،‬و السي و البحث ف الرض للوصول‬
‫إل البهان و اليقيم و القيقة ‪ ،‬قبل أن يكتب أرسطخو عن النطخق الصوري ‪ .‬و هذا الذي حدثَ‬
‫بالفعل ‪ ،‬فقد شهد التاريخ حضارات كثيةا ف الصيم و الند و مصر و العراق ‪ ،‬قبل ظإهور الضارةا‬
‫اليونانية بعشرات القرون ‪ .‬و قد توصلت تلك الضارات إل علوما كثيةا و حقائاق متنوعة ف متلف‬
‫مالت العرفة ‪ ،‬فالصريون مثل برعوا ف الكيمحياء و بفضلها حينطخوا الثث ‪،‬و أبدعوا ف الندسة و با‬
‫بنوا الهرامات ‪.‬و برعوا أيضا ف الطخب و كانت لم عمحليات جراحية ‪،‬و صنعوا الورق و القلما و‬
‫الداد من نبات الربدي ‪ .‬و أما البابليون ف العراق فمحن متحعاتم ‪ :‬الصبائاغ و التطخريزج ‪،‬و الوازين و‬
‫الكاييل ‪،‬و الساب‪ . 1‬و معن ذلك أن تلك الضارات وصلت إل علوما و حقائاق كثيةا ‪ ،‬و ل‬
‫حقيقة و ل علم دون برهان و يقيم ‪ ،‬فهي قد عرفت ذلك قبل ظإهور النطخق الصوري بعشرات القرون‬
‫‪ ،‬المر الذي تيبت قطخعا أن زعم ابن رشد بأنه ل حقيقة بل صناعة البهان الرسطخي هو زعم باطل‬
‫ليس من البهان و ل من العلم ف شيء ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن ال تعال أخبنا أنه أرسل أنبياء كثيين ‪،‬و أنزجل معهم الكتب إل بن آدما قبل حضارةا‬
‫اليونان بعشرات القرون ‪ ،‬فعيلمحوهم الليات و الشرائاع و الخلق ‪،‬و كثيا من الطخبيعيات عن نشأةا‬
‫الكون و مظاهره ‪ ،‬و علمحوهم كيف تيفكرون التفكي العلمحي الصحيح ‪،‬و دحيذروهم من الشرك و عبادةا‬
‫مظاهر الطخبيعة ‪ ،‬فتكيون على أيديهم أصحاب و أتباع من أهل العلم و الدعوةا توليوا مهمحتهم من‬

‫‪ 1‬توفيق الطويل ‪ :‬الفلسفة في مسارها التاريخي ‪ ،‬دار المعارف ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬د ت ‪ ،‬ص‪ . 31 :‬و نور الدين حاطوما و آخرون ‪ :‬موجز‬
‫تاريخ الحضارة ‪ ،‬مطبعة الكمال ‪ ،‬دمشق ‪ 1965 ،‬ص‪ 131 :‬و ما بعدها ‪. 247 ،‬‬
‫بعدهم ف التحبية و التعليم بالعتمحاد النطخق الطخبيعي الفطخري الغروز ف النسان ‪،‬و ل تيعيلمحوهم النطخق‬
‫الصوري الزجعوما الذي ل يكن ظإهر بعد‪ .‬و النصوصا الشرعية الت تتثبت ما قلته كثيةا جدا ‪ ،‬منها قوله‬
‫ب دواألتأكدم دوالمنبتـَلودةا تثل يدـَتقودل تلللناتس تكونتواأ تعدباداد بل تمن تدوتن‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫تعال ‪ )) :‬دما دكادن لبددشمر دأن يـَتأؤتيدهت الليهت الأكدتا د‬
‫ت‬ ‫الليته ولدـَتكن تكونتواأ رلبانتيب ت‬
‫ب دوتدبا تكنتتأم تدأدترتسودن ‪-((--‬سورةا آل عمحران ‪79 :‬‬ ‫يم دبا تكنتتأم تـَدعلبتمحودن الأكدتا د‬ ‫د د‬ ‫د‬
‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫‪ ، -‬و ))إتلنا دأندزجلأدنا التلـَأودرادةا فيدها تهددى دوتنوبر دأيتكتم دبا النلبتميودن الذيدن أدأسلدتمحواأ للذيدن دهاتدواأ دواللرلبانميودن دوالدأحدباتر‬
‫ب الليته دودكانتواأ دعلدأيته تشدهدداء ((‪-‬سورةا الائادةا ‪ ، - 44 :‬و ))لما لدتكأم دل تدـَأرتجودن لتلته‬ ‫ت دبا اأستتأحتفظتواأ تمن كتدتا ت‬
‫ودقاراد وقدأد خلددقتكم أدطأواراد ((‪-‬سورةا نوح ‪ ، - 14 -13:‬و ))يا ت‬
‫خيـَبر‬ ‫صاح دتب البسأجتن أدأدأردبا ب‬
‫ب ممتدـَدفبرتقودن د أ‬ ‫د د‬ ‫د د د أ د‬
‫ت‬
‫أدتما الليهت الأدواتحتد الأدقلهاتر ((‪-‬سورةا يوسف ‪)) ، - 39 :‬إتأذ دقادل لدتبيه ديا أدبدت لد تدـَأعبتتد دما دل يدأسدمحتع دودل‬
‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫ك دشأيئِّاد ((‪ -‬سورةا مري ‪. - 42 :‬‬ ‫صتر دودل يـَتأغتن دعن د‬‫يـَب ت‬
‫تأ‬

‫و ثآالثا إن نظرةا ابن رشد للمحنطخق النسان هي نظرةا حزجئاية ذاتية متعصبة ‪ ،‬نظر إليه من خلل‬
‫النطخق الصوري القائام على الستدلل بقياس الشمحول ذي القدمتيم و النتيجة ‪ ،‬فتعصب لذا‬
‫ط من قيمحتها ‪ .‬و‬ ‫الستدلل و بالغ ف تعظيمحه و النتصار له ‪،‬و أهل طرق الستدلل الخرى ‪ ،‬أو ح ي‬
‫الصواب هو أن النطخق البشري الطخبيعي الفطخري ‪ ،‬هو منطخق واسع جدا ‪ ،‬ل تيثل فيه القياس الرسطخي‬
‫إل جزجءا صغيا جدا منه ‪ ،‬يصلح ف مال معيم و مدود ‪،‬و ل يستحق ذلك التضخيم و التهويل أبدا‬
‫‪.‬لن النطخق الطخبيعي يستخدما طرق استدلل كثيةا ‪ ،‬بطخريقة سريعة و متنوعة ‪،‬و متداخلة و ل تعارض‬
‫بينها ‪ ،‬لن هذه الكثرةا هي اختلف تنيوع ل اختلف تضاد أو تناقض ‪ .‬فالنطخق الطخبيعي يستخدما‬
‫طرق استدلل كثيةا ‪ ،‬منها ‪ :‬الستقراء التاما و الناقص ‪،‬و قياس التمحثيل و قياس الشمحول ‪،‬و قياس‬
‫الول و الفضل ‪،‬و قياس النفع و القل ضررا ‪،‬و قياس الشرف و المحيل و الجل ‪ ،‬حت أن علم‬
‫الفيزجياء الديثة أعطخى لقياس المحيل و الجل مكانة معتبةا ف الستدلل العلمحي ‪ ،‬فأصبح عنصر‬
‫المحال معيارا مقبول لديها ‪ ،‬حت أن نظرية النسبية من خصائاصها أنا جيلة جدا‪. 1‬‬
‫علمحا بأن الستدلل الصوري ليس خاصا بالنطخق الصوري الرسطخي ‪ ،‬لن النسان عرفه و مارسه‬
‫منذ أن خلقه ال تعال كطخريقة من طرق الستدلل الت تيارسها العقل البشري أليا فطخريا‪ .‬و ما يزجال‬
‫الناس يستعمحلونه مع جهل غالبيتهم العظمحى للمحنطخق الصوري الرسطخي ‪ ،‬لنه استدلل طبيعي‬
‫يستخدمه العقل ف مكانه الناسب ‪ ،‬من دون أي حاجة أو تلزما بينه و بيم معرفة النطخق الرسطخي‬
‫الصناعي الشيوه للفكر و العيق له بقوالبه الامدةا العقيمحة ‪.‬لذا ل يصح أبدا أن نسمحي مبادئ العقل ‪،‬و‬
‫ت‬
‫طرق الستدلل بالنطخق الصوري و ننسبه لرسطخو ‪،‬لن تلك البادئ و الطخرق هي فطخرية ف النسان‬

‫‪ 1‬روبرت أغروس‪ ،‬و جورج ساتانسيو ‪ :‬العلم في منظوره الجديد ‪ ،‬ص‪ 45 :‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫تعمحل آليا فيه منذ آدما عليه السلما إل أن يرثَ ال الرض و من عليها ‪ .‬و العمحل الذي فعله أرسطخو‬
‫ف النطخق الصوري ل يكفي أبدا أن ننسب إليه مبادئ العقل و قياس الشمحول ‪.‬‬

‫و يب أن ل ننس أن الستدلل الرسطخي‪-‬قياس الشمحول‪ -‬قائام ف حقيقته على الستقراء الزجئاي‬


‫الناقص ‪ ،‬لن القدمة الكبى ل يكن الوصول إليها بالستدلل الرسطخي مباشرةا ‪ .‬فنحن من أين‬
‫عرفنا أن كل إنسان فان ؟ ‪ ،‬إننا ل نعرف ذلك إل بالستقراء الناقص من خلل استقرائانا للتاريخ و‬
‫الواقع ‪ ،‬مع أننا ل نستقرئ كل الالت الت ستأت مستقبل ‪،‬و منه أيضا استنتجنا القدمة الكبى ‪ ،‬و‬
‫حت القدمة الصغرى هي أيضا مأخوذةا من الستقراء الزجئاي ‪ ،‬ث تأت النتيجة الت هي مبنية على‬
‫القدمتيم ‪ .‬فالستقراء الناقص هو الساس و ليس قياس الشمحول الذي هو ثرةا للول ‪،‬و حت‬
‫الستقراء التاما هو ف أساسه استقراء جزجئاي و ثرةا له ‪ .‬فالستقراء الزجئاي هو أساس التقدما العلمحي و‬
‫الضاري ف متلف مالت الياةا ‪،‬و ليس الستقراء الصوري الرسطخي ‪ ،‬لذا أصبح من العروف عند‬
‫أهل العلم أن النطخق الصوري هو منطخق شكلي تريدي مدود للغاية ‪،‬و تمعيق للتفكي العلمحي الصحيح‬
‫‪،‬و غي تمنتج و ل تمبدع ‪ ،‬و ل يصلح للعلوما التطخبيقية و التجريبية ‪ ،‬الطخبيعية منها و النسانية حسب‬
‫طبيعة كل علم و تخصوصياته ‪ .‬و أما ذلك النطخق‪-‬أي الصوري‪ -‬فل مكان له كمحنهج عمحلي تمنتج ‪،‬و‬
‫إنا أصبح تيدرس ف أقساما الفلسفة و أصول الدين‪ ،‬كوحدةا جافة ميتة من الوحدات القررةا الواجب‬
‫على الطخلب دراستها ‪ ،‬ث سرعان ما ينسونا و كأنم ل يدرسوها ‪ ،‬لنا كانت حل ثآقيل عليهم‬
‫تيلصوا منه ‪.‬‬
‫و رابعا إن حضارةا اليونان و علومهم ل تكن ثرةا للمحنطخق الصوري الرسطخي ‪،‬و إنا كان هو من‬
‫ثارها ‪ ،‬لن حضارتم قامت أول على الضارات السابقة لا كالصرية و البابلية‪ ، 1‬ث على ما أبدعته‬
‫حضارتم ثآانيا من علوما و اختحاعات ‪ .‬فلمحا ظإهر أرسطخو )‪322-384‬ق ما ( كانت حضارتم ف قمحة‬
‫نضجها و ازدهارها العلمحي ‪ ،‬قبل أن يكتب أرسطخو منطخقه ‪ ،‬فكان هو نفسه و علمحه و منطخقه ثرةا لذه‬
‫الضارةا ‪،‬و ل يكن ذلك ثرةا لنطخقه الصوري ‪ ،‬فعلمحه‪-‬مثل‪ -‬ل يكن ثرةا لنطخقه ‪،‬و إنا منطخقه هو‬
‫الذي كان ثرةا لعلمحه الذي وفيرته له حضارةا اليونان‪ ،‬المر الذي تيثبت ‪-‬بالدليل القاطع‪ -‬أن ما حققته‬
‫تلك الضارةا ت قبل أن يكتب أرسطخو منطخقه ‪،‬و من ث فإنا استغنت عنه ‪،‬و ل تكن ف حاجة إليه‬
‫أبدا ‪ .‬و عليه فإن دعوى ابن رشد بأنه ل حقيقة و ل علم دون برهان أرسطخو هي دعوى غي صحيحة‬
‫‪ ،‬تاريخ اليونان و البشرية شاهدان على بطخلنا ‪.‬‬
‫و خامسا إن زعمحه بأن النطخق الصوري هو الطخريق الوصل إل القيقة ‪ ،‬عندما زعم أنه ل حقيقة‬
‫دون صناعة البهان ‪،‬و ل برهان بل صناعة البهان‪-‬أي منطخق أرسطخو‪ ، -‬هو زعم باطل ‪ ،‬لن‬

‫‪ 1‬حسن طالب ‪ :‬أصأل الفلسفة ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬عين للدراساات و البحوث‪ ،‬مصر ‪ ، 2003 ،‬ص‪. 131 ، 130 ، 18 :‬‬
‫الستدلل الصوري الرسطخي ما هو إل طريقة من طرق الستدلل الكثيةا الت يستخدمها العقل‬
‫البشري ‪ ،‬و بفضلها يصل إل البهان و اليقيم و القيقة‪ -‬إذا أحسن استخدامها‪ . -‬فالعقل إذاد عنده‬
‫طرق كثيةا توصله إل القيقة ‪،‬و ليس عنده طريقا واحدا فقط ‪.‬‬
‫علمحا بأن كل تلك الطخرق الستدللية نسبية النتائاج ‪ ،‬فليس كل ما تصل إليه صحيح بالضرورةا ‪ ،‬و‬
‫إنا فيها الصحيح و الطخأ ‪،‬و التحكم ف صحتها عوامل كثيةا ‪ ،‬كالتأكد من صحة الادةا الول ‪ ،‬و‬
‫ت‬
‫حسن إخضاعها للتجربة ‪،‬و صحة طريقة استنتاجها ‪ .‬و أما ما تيشاع من أن الطخريقة الصورية الرسطخية‬
‫يقينية النتيجة ‪ ،‬فهي تمغالطخة ‪ ،‬لن القدمة الكبى ليس من السهل الوصول إليها ‪،‬و ل يكن الوصول‬
‫إليها إل عن طريق الستقراء الزجئاي ‪ ،‬فإذا صيح هو صيحت القدمة الكبى ‪،‬و إذا ل يصح فهي ل‬
‫تصح بالضرورةا ‪ .‬فيقينية هذه القدمة مبنية على صحة الستقراء الزجئاي ‪،‬و ليس على الستدلل‬
‫الصوري ‪ ،‬لرد أنه صوري ‪ .‬و عليه فإن القياس الصوري اللفظي يكون صادقا بناء على مادته ‪،‬و ليس‬
‫على صورته اللفظية ‪ .‬فإذا قلنا ‪ :‬كل إنسان فان ‪،‬و أرسطخو إنسان ‪ ،‬فأرسطخو فان ‪ ،‬فهذا القياس‬
‫صحيح بناء على صحة مادته ف القدمتيم ‪،‬و ليس على صورته ‪ ،‬اللفظية ‪ .‬فإذا قلنا أيضا ‪ :‬كل من‬
‫يشي على رجليم هو من الطخيور ‪ ،‬و النسان يشي على رجليم ‪ ،‬فالنسان من الطخيور ‪ .‬تكون النتيجة‬
‫كاذبة رغم صحة صورتا الستدللية القياسية اللفظية ‪ ،‬لن مادتا الستقرائاية الزجئاية ف القدمة الكبى‬
‫ليست صحيحة على إطلقها ‪ .‬و عليه فل صدق للكليات إل بصدق الزجئايات ‪.‬‬
‫و ما يزجيد ذلك تأكيدا و توضيحا أن أصحاب النطخق الصوري كأرسطخو و ابن رشد هم من أكثر‬
‫الناس خطخأ ف الليات و الطخبيعيات ‪،‬و قد ذكرنا على ذلك عشرات المثلة ‪ .‬فلو كان منطخقهم‬
‫الزجعوما عاصمحا من الطخأ‪ ،‬و موصل إل القيقة و البهان بالضرورةا ما وقع أهله ف كثرةا الخطخاء و‬
‫الوهاما ‪ ،‬و النرافات و البالغات ف أحكامهم من جهة ‪،‬و مطخالبة تمالفيهم بالدليل و البهان و‬
‫نسيان أنفسهم من جهة أخرى ‪ .‬و تيوضح ذلك و تيثريه الشاهدان التيان ‪ :‬أولمحا يتعلق بالسبب الؤثآر‬
‫ف ذكورةا النيم و أنوثآته ‪،‬و طريقة حدوثَ ذلك ‪ ،‬فذكر القق ابن قيم الوزية )ت ‪751‬ه( أن أرسطخو‬
‫تطخيرق ف كتابه اليوان ف القالة الثامنة عشر إل ذلك الوضوع ‪ ،‬فكان ما قاله ‪ )) :‬و إذا كانت الريح‬
‫شال كان الولد ذكراد ‪،‬و إذا كانت جنوبا كان الولود أنثى ‪ ،‬لن الجساد إذا هبت النوب كانت‬
‫رطبة‪ . 1((...‬و تفسيه هذا هو تفسي باطل ‪ ،‬و تمضحك ‪ ،‬و خيال ظإن ل برهان عليه و ل يقيم ‪،‬‬
‫وتمالف للشرع و العلم معا ‪ ،‬لن الثابت أن الرياح ل دخل لا ف عمحلية الناب و ل ف نوع النيم ‪،‬‬
‫علمحا بأن كل من الرجل و الرأةا تيساهان ف عمحلية الناب ‪ ،‬لكن من الرجل هو السبب ف نوع‬
‫النيم أذكر أما أنثى ؟ ‪ .‬فأين اليقيم و البهان و النطخق ؟ ‪ ،‬و ما دخل الرياح ف عمحلية الناب و نوع‬

‫‪ 1‬ابن قيم الجوزية ‪ :‬مفتاحا دار السعادة ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ج ‪ 2‬ص‪. 155 ، 154 :‬‬
‫النيم ؟ ‪ ,،‬فهل زعمحه هذا بناه على القياس الرسطخي اليقين الزجعوما ‪ ،‬أما بناه الظنون و التخمحينات ‪ ،‬و‬
‫التفسيات الوهية البعيدةا عن النطخق و العلم ؟ ‪.‬‬
‫و الشاهد الثان مفاده أن أرسطخو ذكر أن بعض الفلسفة كأنباتدقليس قالوا ‪ :‬إن البة و الغلبة ها‬
‫سبب الركة ف الطخبيعة‪ .‬فاستحسن أرسطخو رأيهم ‪ ،‬لكنه انتقدهم بقوله ‪ :‬إن قولم تمرد إخبار فقط و‬
‫ليس حجة ‪،‬و كان عليهم أن يأتوا فيه باستقراء أو برهان‪ . 1‬و انتقاده لم صحيح ‪ ،‬لكنه‪-‬أي‬
‫أرسطخو‪ -‬طالب غيه بالدليل من الستقراء أو من البهان الصوري ‪ ،‬و نسي نفسه أنه هو شخصيا قال‬
‫برأيهم ‪ ،‬و بأكثر من ذلك من دون أي برهان صحيح ‪،‬و ل دليل بمقنع ! ‪ .‬فهو قد قال بكاية العشق‬
‫و العشوق ‪،‬و العقول الفارقة ‪،‬و أزلية الادةا و الزجمان ‪ ،‬و النفس الكلية الزلية ‪ ،‬و العقل الكلي الزل‬
‫‪ ،‬و قد تكيلم ف كل ذلك و غيه ‪ ،‬بالظنون و التخريفات ‪،‬و الحتمحالت و التحجيحات ‪ ،‬من دون‬
‫أي برهان صحيح ‪ .‬فلمحاذا طالب غيه بالدليل و البهان ونسي نفسه ؟ ! ‪.‬‬

‫و سادسا إنه ليس لبن رشد دليل من الشرع تيؤيد به زعمحه بضرورةا تعلم النطخق الصوري لعرفة ال‬
‫تعال ‪ ،‬لن النصوصا الشرعية شاهدةا على أن ال تعال أرسل النبياء إل الناس لتعريفهم بال تعال و‬
‫بواجباتم تاه خالقهم و أنفسهم ‪،‬و أمروهم بالعلم و العمحل ‪،‬و ل يأمروهم أبدا بتعلم النطخق الصوري‬
‫‪،‬و ل قالوا لم ‪ :‬إن ذلك النطخق شرط لعرفة ال تعال ‪ .‬لذا فمحن يزجعم ذلك فهو يفتحي على الشرع و‬
‫التاريخ معا ‪ ،‬لن معرفة ال تعال تتم بالعقل الفطخري الطخبيعي و ل تتاج أبدا إل النطخق الرسطخي‬
‫الزجعوما ‪.‬‬
‫و ل يصح الزجعم بأنه با أن ال تعال أمر بالنظر العقلي و حث عليه ‪،‬و مدح أهله ‪ ،‬فهو إذاد أمر‬
‫بعرفة النطخق الصوري ‪ .‬فهذا تعليط و تدليس ‪ ،‬و تلعب بالشرع ‪ ،‬لن النظر العقلي الذي أمرت به‬
‫الشريعة هو النظر الفطخري الطخبيعي ف النسان الشامل لكل طرق الستدلل دون استثناء ‪،‬و هو العقل‬
‫الذي خاطبه ال تعال بكتبه و رسله ‪،‬و هو ل يستلزجما أبدا الرجوع إل النطخق الرسطخي ‪ ،‬لكن ابن رشد‬
‫تيغالط و تيدلس ‪،‬و يتفي من وراء دعوى النظر العقلي الذي أمر به الشرع ليصل إل ما خطخط له‬
‫تمسبقا ‪،‬و هو إياد الشرعية للمحنطخق الصوري ‪،‬و الدعوةا إليه لنشر مذهبيته الرسطخية ‪.‬‬
‫و هو بذلك الزجعم الباطل يكون قد أوجب على السلم ما ل تيوجبه ال عليه ‪ ،‬و شيرع له ما ل‬
‫تيشيرعه ال له ‪ .‬و هذا اعتداء عل الشريعة ‪،‬و افتحاء عليها ‪،‬و تلعب با ‪ ،‬و طعن فيها لنه ل تيوجد‬
‫فيها أمر بتعلم ذلك النطخق و ل بوجوبه ‪ ،‬إنه فعل ذلك من أجل مذهبيته الرسطخية التعصبة ‪ .‬و معن‬
‫زعمحه أيضا أن الصحابة‪-‬رضي ال عنهم‪ -‬ل يعرفوا ال تعال لنم ل يعرفوا النطخق الصوري و ل‬

‫‪ 1‬أرساطو ‪ :‬كتاب الطبيعة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 814 ، 812 :‬‬


‫مارسوه ‪ ،‬و هذا زعم باطل ‪ ،‬لن ال تعال شهد لم‪-‬أي الصحابة‪ -‬باليان و العمحل الصال ‪ ،‬ما‬
‫يعن أنم عرفوا ال حق معرفته من دون منطخق أرسطخو الزجعوما ‪.‬‬
‫و ذلك الزجعم الباطل يستلزجما الطخعن ف ال و رسوله و صحابته ‪ ،‬و من سار على نجهم إل يوما‬
‫الدين ‪ ،‬لنه با أن الشرع ل يأمر بالنطخق الرسطخي ‪،‬و ابن رشد جعله شرطا لعرفة ال ‪ ،‬فهذا يستلزجما‬
‫أن ال تعال ل يذكر لنا الطخريق الصحيح لعرفته ‪- ،‬مع أنه أخبنا أنه أكمحل لنا ديننا ‪، -‬و أن رسوله و‬
‫الصحابة ل يعرفوه معرفة صحيحة و ل باطلة ‪ ،‬لن ابن رشد علق معرفته بالنطخق الصوري ‪،‬و هم ل‬
‫يعرفوه !!‪ .‬و مقابل ذلك فإن زعمحه يعن أن الفلسفة الشائايم هم الذين عرفوا ال تعال لعرفتهم‬
‫بذلك النطخق الزجعوما !! ‪ .‬و هذا كله ضلل تمبيم ‪،‬و قول على ال بل علم ‪،‬و افتحاء عليه ‪ ،‬أوصلنا إليه‬
‫زعم ابن رشد و غلوه ف النطخق الرسطخي العقيم ‪.‬‬
‫و ذلك الزجعم كمحا أنه ل يصح شرعا و ل تاريا ‪ ،‬فهو ل يصح أيضا عقل ‪ ،‬لنه ل تلزما بيم‬
‫معرفة ال تعال و معرفة النطخق الصوري ‪ .‬فبمحقدور أي إنسان أن يصل إل معرفة ال ‪ ،‬و يعرفه معرفة‬
‫صتدقت نيته و اتبع العقل الفطخري السليم ‪ ،‬بواسطخة التفكي العلمحي الصحيح ف‬ ‫صحيحة تممحلة ‪ ،‬إذا د‬
‫آيات الفاق و النفس ‪،‬و ف متلف مظاهر الطخبيعة ‪ ،‬يصل إل ذلك من دون أن يعود إل النطخق‬
‫الصوري ‪،‬و ل توجد أية ضرورةا لن يرجع إليه ‪ .‬لن العقل البديهي الفطخري ف النسان قادر على‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫ض‬‫معرفة ال من دون ذلك النطخق الزجعوما ‪ ،‬قال تعال ‪ )) :‬دولدئِّن دسأدألتدـَتهم لمأن دخلددق اللسدمحادوات دواألدأر د‬
‫ت‬
‫ك‬‫س دوالأدقدمحدر دليدـَتقولتلن اللهت فدأدلن يـَتأؤفدتكودن ((‪-‬سورةا العنكبوت ‪ ، - 61 :‬و )) فدأدقأم دوأجده د‬ ‫دودسلخدر اللشأمح د‬
‫ك البديتن الأدقيبتم دولدتكلن أدأكثدـَدر اللناتس دل‬ ‫ت‬ ‫ت ت‬ ‫ت ت لت ل‬ ‫ت‬
‫س دعدأليـَدها دل تدـَأبديدل لدألتق اللته دذل د‬
‫للبديتن دحنيفاد فطخأدردةا ال ه ا تت فدطخددر اللنا د‬
‫ض ((‪ -‬سورةا‬ ‫ت دوالدأر ت‬ ‫ك دفاتطتر اللسمحاوا ت‬‫ت ترتسلتتهأم أدتف الليته دش ل‬
‫دد‬ ‫يدـَأعلدتمحودن ((‪-‬سورةا الروما ‪ ، - 30 :‬و ))دقالد أ‬
‫لالتتقودن ((‪-‬سورةا الطخور ‪ ، - 35 :‬فالعقل‬ ‫م‬ ‫ت ت‬
‫إبراهيم ‪ ، - 10 :‬و ))أدأما تخلتقوا مأن دغ أتي دشأيء أدأما تهتم ا أد‬
‫الفطخري إذا اعتمحد على العقل الصريح ‪،‬و العلم الصحيح‪،‬و الفطخرةا السليمحة ‪ ،‬يستطخيع أن يصل إل‬
‫العرفة المحلة الصحيحة بال تعال ‪ ،‬لكنه ل يصل إل العرفة الصحيحة الدفصلة و النجية من عذاب‬
‫ت‬
‫ال إل عن طريق الشرع ‪ .‬فأين حكاية ابن رشد الت زعم فيها وجوب تعلم النطخق الصوري الرسطخي‬
‫لعرفة ال تعال ؟ !! ‪.‬‬
‫و سابعا إن تفضيله للمحنطخق بأن يكون هو أول ما تيتعلم ‪،‬و جعله واجبا ف حق العدين ليكونوا‬
‫ت‬
‫حكاما ‪ ،‬هو قول باطل شرعا و واقعا ‪ ،‬فأما شرعا فإن رسول ال‪-‬عليه الصلةا و السلما‪ -‬عيلم‬
‫السلمحيم –كبارا و صغارا ‪ ،‬عامتهم و خاصتهم‪ -‬القرآن الكري ‪،‬و الخلق المحيدةا ‪،‬و أمرهم بالقراءةا‬
‫و الكتابة و حثهم على ذلك ‪ ،‬من دون أية حاجة إل منطخق أرسطخو ‪،‬و ل يدوا أية صعوبة ف تعلم‬
‫العلوما الشرعية ‪ ،‬و قد سار السلف الول على ذلك النهج ‪،‬و وسعوا دراساتم لتشمحل مالت أخرى‬
‫من العلوما كعلم مصطخلح الديث‪ ،‬و السيةا النبوية ‪،‬و اللغة العربية و آدابا ‪ ،‬من دون النطخق الرسطخي‬
‫‪ .‬و هو –أي ابن رشد – بوقفه هذا يكون قد ارتكب خطخأ شرعيا فاحشا ل عذر له فيه ‪ ،‬هو إغفاله‬
‫لسنة رسول ال ف التحبية و التعليم ‪ ،‬و نن تمطخالبون شرعا بإتباع سنته ‪ .‬لكنه جعل السنة وراء ظإهره‬
‫‪،‬و أقبل على النطخق الرسطخي و جعله مقدمة لكل العلوما على طريقة سلفه من الشائايم ‪ ،‬كأب نصر‬
‫الفاراب الذي جعل النطخق هو أول ما تيتعيلم‪. 1‬‬
‫و أما واقعا فالشواهد الادية الية ‪-‬على بطخلن زعمحه‪ -‬كثيةا جدا ل تتعد و ل تتصى ‪ ،‬فنحن نرى‬
‫التلميذ ف البتدائايات يتعلمحون أول الروف و القرآن ‪،‬و الكتابة و الساب ‪،‬و الخلق و الرسم ‪ ،‬ث‬
‫بعد ذلك يدرسون مواد أخرى متنوعة ‪ ،‬كالتاريخ و الغرافيا ‪ ،‬و أساسيات ف العلوما التطخبيقية و‬
‫الطخبيعية ‪ ،‬و ل يدرسون النطخق أبدا ‪،‬و عندما يدرسونه ف السنة الثنية ثآانوي أو الثالثة ثآانوي يكونون‬
‫قد تعلمحوا علوما كثيةا بدونه ‪ ،‬و عندما يدرسونه ل يكونوا ف حاجة ضرورية إليه ‪،‬و إنا يدرسونه‬
‫كوحدةا جافة ثآقيلة ضمحن مادةا الفلسفة ‪ ،‬ث عندما يتجاوزنه سرعان ما ينسونه و يفرحون بالتخلص‬
‫منه ‪،‬و ل يعودون إليه ف باقي حياتم العلمحية ‪ ،‬اللهم إل من تصص ف النطخق ‪ ،‬مع أن كثيا من‬
‫تصص ف الفلسفة ل يعود إليه إل نادرا ‪ .‬فلو أن النطخق الصوري ضروري و مقدمة لكل العلوما ما‬
‫كانت هذه حالته و مكانته ف التعليم البتدائاي و العال ‪ .‬و هذا خلف مادةا النحو و القواعد مثل ‪،‬‬
‫فهي مادةا يبقى النسان ف حاجة إليها طوال حياته العلمحية لكي تيقيوما لسانه ‪،‬و تيصحح كتاباته و‬
‫تينقيها من الخطخاء الملئاية و النحوية ‪.‬‬

‫و ختاما لا ذكرناه و إثآراء له أذكر هنا مواقف بعض أهل العلم ما قلناه ‪ ،‬أولم الشيخ تقي الدين‬
‫بن تيمحية ‪ ،‬إنه انتقد ابن رشد ف موقفه من البهان الرسطخي ‪ ،‬فقال ‪ :‬إنه ل يك عن )) الفلسفة ف‬
‫الليات طريقة إقناعية فضل عن طريقة برهانية ‪ .‬و إذا قتيدر أنه تعن بالبهان ‪ :‬القياس العقلي النطخقي ‪،‬‬
‫فمحن العلوما أن صورةا القياس ل تفيد العلم بواده‪ ،‬و البهان إنا يكون برهانه بواده اليقينية ‪،‬و إل‬
‫فصورته أمر سهل يقدر عليه عامة الناس ((‪. 2‬‬
‫و انتقده أيضا ف موقفه من منهج الستدلل عند التكلمحيم عندما جعلهم من أهل الدل ‪،‬و عيد‬
‫مقدماتم‪ -‬الت يتجون با‪ -‬جدلية و ليست برهانية ‪ ،‬و جعل نفسه و أصحابه من أهل البهان ‪ .‬ف‬
‫حيم أن حقيقة المر هي عكس ذلك ‪ ،‬لن التكلمحيم يستخدمون من القدمات البهانية أكثر من‬
‫الفلسفة بكثي ‪،‬و أرسطخو )) أكثر ما بن المور اللية على مقدمات سوفسطخائاية ف غاية الفساد ‪،‬و‬
‫ت من كلمه ف مقالة اللما ‪،‬و هي آخر علومه بألفاظإها ‪،‬و كذلك‬ ‫لول هذا ليس موضع ذكره ‪ ،‬لذكر ت‬
‫كلمه ف أثآولوجيا ((‪. 3‬‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص السياساة لفلطون ‪ ،‬تعليق المحققثين هامش ص‪. 168 :‬‬
‫‪ 2‬ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 10‬ص‪. 224 :‬‬
‫‪ 3‬ابن تيمية ‪ :‬الرد على المنطقيين ‪ ،‬ص‪. 395 :‬‬
‫و يرى أيضا أن صناعة النطخق الصوري قليلة النفعة عظيمحة الشو ‪،‬و أكثر المور العمحلية ل يصح‬
‫استعمحال ذلك النطخق فيها‪.1‬و ليس فيه )) فائادةا علمحية بل كل ما يكن علمحه بقياسهم النطخقي يكن‬
‫علمحه بدون قياسهم النطخقي ‪ .‬و ما ل يكن علمحه بدون قياسهم ل يكن علمحه بقياسهم ‪ ،‬فلم يكن‬
‫ف قياسهم ل تصيل العلم بالهول الذي ل يعلم بدونه ‪ ،‬و ل حاجة به إل ما يكن العلم به بدونه ‪،‬‬
‫فصار عدي التأثآي ف العلم وجودا وعدما ‪ .‬و لكن فيه تطخويل كثي متعب ‪ ،‬فهو مع أنه ل ينفع ف‬
‫العلم ‪ ،‬فيه إتعاب الذهان ‪ ،‬و تضييع الزجمان وكثرةا الذيان ((‪. 2‬‬

‫و الثان هو القق الناقد ابن قيم الوزية ‪ ،‬إنه انتقد ابن رشد انتقادا لذعا بسبب موقفه من‬
‫النطخق الصوري ‪ ،‬من دون أن يذكره باسه عندما وصفه بأنه )) أسي منطخق اليونان(( ‪،‬و خيطخأه ف‬
‫ك تباألتأكدمحتة دوالأدمحأوتعظدتة األددسندتة دودجاتد أتلم تبالتت تهدي أدأحدستن ((‪-‬سورةا‬
‫تفسيه لقوله تعال ))اأدعت إتتل دستبيتل درب د‬
‫النحل ‪ ، - 125 :‬فيى ابن القيم أن الية ذكرت مراتب الدعوةا إل ال تعال بسب مراتب اللق ‪،‬‬
‫فالنسان الحتسب القابل الذكي ل تيعاند الق و ل يرفضه ‪ ،‬تيدعى بطخريق الكمحة ‪.‬و النسان القابل‬
‫ت‬
‫الذي له نوع غفلة تيدعى بالوعظة السنة ‪.‬و النسان العاند و الاحد تيادل بالت هي أحسن ‪ .‬هذا‬
‫ت‬
‫هو الصحيح ف معن تلك الية عند ابن القيم ‪،‬و ليس كمحا )) يزجعم أسي منطخق اليونان أن الكمحة‬
‫قياس البهان و هي دعوةا الواصا ‪.‬و الوعظة السنة قياس الطخابة وهي دعوةا العواما ‪ .‬والادلة بالت‬
‫هي أحسن القياس الدل‪ ،‬وهو رد شغب الشاغب بقياس جدل مسلم القدمات (( وهذا عند ابن‬
‫القيم )) باطل و هو مبن على أصول الفلسفة ‪ ،‬و هو مناف لصول السلمحيم و قواعد الدين من‬
‫وجوه كثيةا ‪ ،‬ليس هذا موضع ذكرها ((‪. 3‬‬
‫و الباحث الثالث هو ممحد عاطف العراقي ‪ ،‬إنه يرى أن ابن رشد ليس له‪-‬ف مال النطخق‪ -‬أي‬
‫لص كتاب القياس لرسطخو ل تكن‬ ‫جديد و ل إبداع له قيمحة تستحق التنويه و الشادةا ‪ ،‬فهو عندما ي‬
‫له فيه )) أراء ذات شأن تضييف جديدا إل فكر أرسطخو ((‪ . 4‬هذه شهادةا من باحث رشدي تمعاصر‬
‫أمضى عقودا من حياته ف دراسة الفكر الرشدي ‪ ،‬و الدعوةا إليه و النتصار له ‪ .‬فهي شهادةا كافية‬
‫فيمحا قدمه ابن رشد ف مال النطخق الصوري ‪،‬و هي من باب )) دودشتهدد دشاتهبد بمأن أدأهلتدها((‪-‬سورةا‬
‫يوسف ‪. - 26 :‬‬
‫و الباحث الرابع هو النطخقي زكي نيب ممحود له نظرةا نقدية فاحصة للمحنطخق الصوري تستحق التدبر‬
‫و التنويه ‪،‬و و هي نظرةا ناقد متخصص ف النطخق ‪ ،‬فيى أن )) نظرية القياس الرسطخية بداية قوية ف‬

‫‪ 1‬ابن تيمية‪ :‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 9‬ص‪. 27 ،26 :‬‬


‫‪ 2‬ابن تيمية ‪ :‬الرد على المنطقيين ‪ ،‬ص‪. 248 :‬‬
‫‪ 3‬بن قيم الجوزية ‪ :‬مفتاحا دار السعادة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 154-153 :‬‬
‫‪ 4‬عاطف العراقي ‪ :‬الفيلسوف ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 88 :‬‬
‫بناء النطخق ‪ ،‬أما أن تتؤخذ على أنا البداية و النهاية معا ‪ ،‬فذلك هو موضع الطخأ عند أصحاب النطخق‬
‫التقليدي ‪ .‬فلو تيلنا بناء النطخق عمحارةا شامة ذات عدةا طوابق وجب أن ل ننظر إل نظرية القياس‬
‫الرسطخية إل على أنا طابق من تلك الطخوابق ‪ ،‬بل هي رغم كونا طابقا واحدا من عمحارةا واحدةا شامة‬
‫ل تلو من عيوب و نقائاص ل مندوحة من إصلحها‪ .‬فمحا نظرية القياس الرسطخية إل تليل لضرب‬
‫واحد من ضروب العلقات‪،‬و هو علقة التعدي ‪ ،‬فإذا عرفت أن العلقات كثيةا ل تكاد تقع تت‬
‫الصر أدركت كم تنحصر قيمحة القياس الرسطخي ف دائارةا غاية الصغر و الضيق ((‪. 1‬‬
‫و آخرهم‪-‬أي الامس‪ -‬هو الباحث ممحد عابد الابري ‪ ،‬إنه ذكر أن منطخق أرسطخو بقي )) إل‬
‫القرن الثامن عشر يثل السقف الذي ل يكن تاوزه ف موضوعه (( ‪،‬و ظإلت فلسفته‪-‬بصفة عامة‪-‬‬
‫تثل السلطخة الرجعية العلمحية الول إل القرن السادس عشر ف العال العرب و أوروبا ((‪ .‬ث وصف‬
‫الابري تلك الفلسفة بأنا الفلسفة العلمحية البهانية الت جعلت العقل هو الرجعية الوحيدةا لا ‪.‬و‬
‫طريقتها البهانية هي الت اعتمحد عليها ابن رشد ‪،‬و الت تنطخلق من السوس إل العقول‪. 2‬‬
‫و ردا عليه أقول ‪ :‬أول إن قوله بأن النطخق الرسطخي بقي السقف الذي ل يكن تاوزه ف موضوعه‬
‫إل القرن ‪ 18‬ما ‪ ،‬هو قول مبالغ فيه جدا ‪ ،‬و ل تيعب عن القيقة التاريية ‪ ،‬لنه ليس صحيحا أن‬
‫ذلك النطخق ل تيتجاوز ‪ ،‬فقد تاوزه كبار علمحاء السلما قبل تسلله إل علوما الشريعة ف القرن الامس‬
‫الجري و ما بعده ‪،‬ث تاوزه بعد ذلك أيضا معظم علمحاء أهل الديث إل ناية العصر السلمي ‪ .‬و‬
‫هؤلء تاوزوا ذلك النطخق بوقفيم ‪ ،‬ها ‪ :‬الرد العمحلي ‪،‬و الرد العلمحي ‪ ،‬فأما الرد الول فتمحثل ف‬
‫رفضهم لذلك النطخق و إبعاده كلية من علومهم الشرعية و غيها‪ ، 3‬فأقاموها على منهج الشرع الكيم‬
‫‪،‬و العقل الفطخري الصريح ‪ ،‬و بلغت –أي علومهم‪ -‬أوجها من دون النطخق الرسطخي ‪ .‬فكان عمحلهم‬
‫هذا ردا عمحليا دامغا و قاطعا على بطخلن دعوى الشائايم بأن منطخقهم هو معيار العلم و قانونه ‪،‬و أنه‬
‫عاصم للفكر من أخطخائاه ‪ .‬و بذلك فهم تاوزه و أقاموا علومهم بعيدا عنه ‪،‬و ليسوا ف حاجة إليه أبدا‬
‫‪.‬‬
‫و أما ردهم العلمحي فإن بعض علمحاء السلمحيم ل يكتفوا بالرد العمحلي‪-‬على قوته و أهيته‪، -‬و‬
‫تصدوا له بالرد العلمحي ‪ ،‬فوجهوا له انتقادات كثيةا منذ القرن الثالث الجري و ما بعده ‪ ،‬كان من‬
‫بينهم ابن قتيبة الدينوري ‪،‬و أبو سعيد السياف ‪،‬و أبو بكر الباقلن ‪،‬و أبو عمحر بن الصلح ‪،‬و ابن‬
‫تيمحية ‪،‬و ابن قيم الوزية ‪ ،‬و ابن الوزير الصنعان ‪،‬و جلل الدين السيوطي‪ . 4‬و يأت ابن تيمحية ف‬
‫مقدمة هؤلء من حيث أهية عمحله العلمحي الذي قاما به ف نقده للمحنطخق الرسطخي ‪ ،‬فقد تيزج بالعمحق و‬

‫‪ 1‬أحمد ورياشي ‪ :‬نصوص فلسفية ‪ ،‬المعهد التربوي الوطني ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2005 ،‬ص‪. 51 :‬‬
‫‪ 2‬الجابري‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪ . 176 ،175 ، 117 :‬و ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬مدخل الجابري ‪ ،‬ص‪. 43 ،42 ،19 :‬‬
‫‪ 3‬أنظر مثل ‪ :‬علي ساامي النشار ‪ :‬مناهج البحث عند مفكري السالما‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬بيروت ‪ ،1984 ،‬ص‪ 79 :‬و ما بهده ‪.92 ،‬‬
‫‪ 4‬أنظر مثل ‪ :‬محمود يعقوبي‪ :‬ابن تيمية و المنطق الصوري ‪ :‬الصأول التجريبية لنقد المنطق المشائي ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪،‬‬
‫الجزائر ‪ ،‬ص‪ 23 :‬و ما بعدها ‪ 230 ،‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫التوسع و الصالة و البداع ‪ ،‬فجاء رده ردا علمحيا شرعيا عمحيقا صائابا جع بيم معطخيات النقل‬
‫الصحيح‪،‬و العقل الصريح ‪،‬و العلم الصحيح ‪،‬و قد بينت بعض الدراسات التخصصة مدى أهية ما‬
‫قاما به ابن تيمحية ف رده على النطخق الرسطخي ف كتابه الرد على النطخقييم و غيه ‪ ،‬و أظإهرت سبقه‬
‫للغربييم ف انتقاده لذلك النطخق على أسس علمحية صحيحة ‪،‬و تاوزه له ‪،‬و طرحه للبديل الشرعي‬
‫الصحيح‪. 1‬‬
‫و بناء على ذلك فل يق للجابري أن يغفل هؤلء و تيصدر حكمحه العاما ‪ ،‬فإذا كان الفلسفة‬
‫الشاؤون سلبييم انزجامييم تاه منطخق شيخهم أرسطخو فل يصح إغفال علمحاء السلمحيم الذين ردوا على‬
‫ذلك النطخق علمحيا و عمحليا ‪.‬‬
‫و أما تنويهه بالنطخق الصوري بأنه هيمحن على العقل البشري إل القرن ‪ 18‬ما ‪ ،‬فهو قول بينا أنه‬
‫ليس حكمحا عاما ‪ ،‬فإن صدق على الغربييم فل يصدق على كل علمحاء السلمحيم ‪ .‬كمحا أن سيادةا‬
‫ذلك النطخق و هيمحنته على العقل النسان قرونا عديدةا ‪ ،‬ليس هو ما تينيوه و تيفتخر به – إن أراد‬
‫الابري ذلك‪ ، -‬فهو ما تيؤسف له ‪،‬و دليل على سلبية الفلسفة الشائايم و انزجاميتهم تاه منطخق‬
‫أرسطخو و فلسفته عامة ‪ .‬فلو تفيرغ ناقد متهد مطخلق تمتحرر من قيود التقليد الذهب لنقد الفلسفة‬
‫الرسطخية ‪،‬و تسيلح بالنقل الصحيح ‪،‬و العقل الصريح ‪ ،‬و العلم الصحيح ‪ ،‬لنسفها من أصولا نسفا ‪،‬‬
‫و ما ترك من أصولا قائامحة ‪،‬و لتم له ذلك ف العصر السلمي قبل الثورةا العلمحية الديثة‪ .‬و هذا ما‬
‫فعله بعض علمحاء السلما كالشيخ تقي الدين ابن تيمحية ‪ ،‬فقد قدما لنا أعمحال نقدية عمحيقة ف نقد‬
‫الفلسفة اليونانية عامة و الشائاية خاصة ‪ ،‬ندها ف كثي من مؤلفاته ‪ ،‬كالرد على النطخقييم ‪،‬و تبغية‬
‫الرتاد‪ ،‬و درء تعارض العقل و النقل ‪ ،‬لكن أعمحاله هذه ل تد من تيكمحلها و يهتم با الهتمحاما الكبي‬
‫‪2‬‬
‫الذي تستحقه ‪ ،‬و وجدت من جهة أخرى إهال و اعتحاضا و مطخاردةا من طوائاف كثيةا من السلمحيم‬
‫‪.‬‬

‫و ثآانيا إنه ل يصح وصف فلسفة أرسطخو بأنا علمحية برهانية عقلية ‪ ،‬فهذه الوصاف الطخلقة هي‬
‫من الغالطخات و التدليسات ‪ ،‬لن حقيقة هذه الفلسفة هي أنا فلسفة خليط من الظنون و الوهاما ‪،‬و‬
‫القائاق و الباطيل و الخطخاء و الحتمحالت ‪،‬و الرافات و النطخقيات ‪ ،‬و الهواء و العقولت ‪.‬‬
‫ففلسفة هذا حالا ل يصح أبدا وصفها بتلك الوصاف ‪،‬و ل الزجعم بأنا جعلت العقل مرجعا وحيدا‬
‫لا ‪ ،‬فهذا وصف تمبالغ فيه و ل يصح على إطلقه ‪ ،‬و الصواب هو أن تيقال ‪ :‬إنا فلسفة اتذت‬
‫النسان مرجعا وحيدا لا ‪ .‬لن الفرق كبي جدا بيم أن يكون العقل مرجعها الوحيد ‪،‬و بيم أن يكون‬
‫‪ 1‬من تلك الدراساات ‪ :‬علي ساامي النشار ‪ :،‬المرجع السابق ‪ .‬و محمود يعقوبي ‪ :‬نفس المرجع ‪ .‬و محمد حسني الزين ‪ :‬منطق ابن‬
‫تيمية ‪ ،‬ط الولى ‪ ،‬المكتب افسلمي ‪ ،‬بيروت ‪. 1979 ،‬‬
‫‪ 2‬معروف أن ابن تيمية كان له تخصوما كثيرون ‪ ،‬و أدخلوه السجن مرارا و طاردوه هو فكره و تلمذته ‪ ،‬أنظر مثل البداية و النهاية‬
‫لبن كثير ‪.‬‬
‫النسان مرجعها الوحيد ‪ ،‬فالول تيشي إل أنا قامت على الدليل و البهان العقلييم الردين من الظنون‬
‫و الهواء ‪.‬و أما الثان فل تيشي إل ذلك مباشرةا و صراحة ‪ ،‬و إنا يعن أنا اتذت النسان مرجعا لا‬
‫بكل مكوناته و نزجاعاته ‪ ،‬و قدراته و أهوائاه ‪ ،‬و وظإنونه و خيالته ‪ ،‬و خرافاته و معقولته ‪ ...‬فهذه‬
‫العطخيات هي الت صاغت فكر أرسطخو ‪ ،‬فجاءت فلسفته تعبيا صادقا عن ذلك ‪،‬و هذا أمر قد سبق‬
‫أن أثآبتناه بالدلة الصحيحة و الباهيم الدامغة بأن فلسفة أرسطخو –الت تبناها ابن رشد‪ -‬مليئِّة بالظنون‬
‫و الهواء ‪،‬و الرافات و التخمحينات ‪،‬و الخطخاء العلمحية و النرافات النهجية ‪ ،‬المر الذي تيثبت أن‬
‫الوصاف الت أطلقها الابري ل تنطخبق على تلك الفلسفة ‪.‬‬

‫و ثآالثا إن قوله بأن ابن رشد اتبع طريقة أرسطخو الت تنطخلق من السوس إل العقول ‪ ،‬فهو قول‬
‫مبالغ فيه ‪،‬و ل يصح على إطلقه ‪ ،‬و ينطخوي على النغليط و التدليس ‪ ،‬لن أصول فلسفة أرسطخو ف‬
‫حقيقتها ظإنية خيالية وهية ‪ ،‬و قسم كبي منها خراف أسطخوري ‪ ،‬و هذا أمر سبق بيانه و إثآباته ‪ .‬فأين‬
‫حكاية السوس ف هذا الانب من فلسفته كالذي يتعلق بالليات ؟ ! ‪ .‬علمحا بأن العتمحاد على‬
‫السوس و النتقال إل العقول ‪ ،‬يثل جانبا فقط من فلسفة أرسطخو ‪،‬و هو ليس خاصا بابن رشد و‬
‫أصحابه ‪ ،‬و إنا هو يشمحل أيضا كل أهل العلم دون استثناء ‪ ،‬مع الختلف ف درجة اللتزجاما به ‪،‬و‬
‫حسب طبيعة الوضوع الدروس ‪ .‬لنه ل علم دون ثآوابت و حقائاق و براهيم ‪ ،‬فإذا كان العلم نظريا‬
‫قاما أساسا على بديهيات العقول و ما تيستنتج منها و من الطخبيعة من حقائاق ‪ .‬و إذا كان علمحا ماديا‬
‫تريبيا فهو يقوما على بديهيات العقول من جهة ‪،‬و على السوسات من جهة أخرى‪ ،‬و هذا أمر‬
‫يصدق على كل علم حقيقي ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬نقد موقف ابن رشد من الجدلا و الستقراء وقياس التمثيل ‪:‬‬
‫نظر ابن رشد إل الدل و الستقراء و قياس التمحثيل نظرةا مذهبية أرسطخية مشائاية ‪ ،‬فبقدر ما أعلى‬
‫من مكانة و قيمحة قياس الشمحول الرسطخي ‪ ،‬فإنه أحط من قيمحة تلك طرق الستدللية ‪ ،‬فمحا هي‬
‫تفاصيل مواقفه منها ؟ ‪.‬‬
‫فبالنسبة للجدل فإن معناه عند الفلسفة السلمحيم هو )) القياس الؤلف من الشهورات و‬
‫السلمحات ‪،‬و الغرض منه إلزجاما الصم و إفحاما من هو قاصر عن إدراك مقدمات البهان ((‪. 1‬و هذا‬
‫ط من مكانة أهله ‪ ،‬فذمهم و وصفهم بأنم من الذين ف قلوبم زيغ‬ ‫الدل ذمه ابن رشد و ازدراه ‪،‬و ح ي‬
‫‪ ،‬الذكورين ف القرآن الكري‪ . 2‬و هم يأتون ف الرتبة الثانية –بعد أهل البهان الذين يتلون الرتبة‬
‫الول‪ -‬من بيم أصناف الناس حسب التقسيم الرشدي الشائاي ‪ ،‬و جدالم غي مضمحون الصدق لنه‬

‫‪ 1‬الشريف الجرجاني ‪ :‬التعريفات ‪ ،‬ص‪. 74 :‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪ . 148 :‬و تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 82 ،81 :‬‬
‫يرد على الراء الخالفة له بالقاويل الشهورةا الت ل تيؤمن أن تنطخوي على الكذب‪ . 1‬و ليس لصناعتهم‬
‫الدلية قوةا الوقوف على الق ف مسألة صفات ال تعال ‪ ،‬لن طريقتهم حكمحة جدلية ل برهانية ‪.‬‬
‫لذا فهم ليسوا أهل للطلع على تأويلت أهل التأويل اليقين البهان ‪ ،‬و ينبغي عدما التصريح لم‬
‫بذلك ‪ ،‬كمحا هو الال مع المحهور‪. 2‬‬
‫و تعليقا عليه أقول ‪ :‬أول إن ابن رشد بالغ جدا ف تقزجيه للجدل و أهله من جهة ‪،‬و بالغ ف‬
‫تعظيمحه لا ساه بالبهان و أهله من جهة أخرى‪.‬و نسي أو تناسى أن ذمه للجدل و أصحابه هو ذما‬
‫لبن رشد و أصحابه أيضا ‪ ،‬لن فكره شاهد على أنه فكر ملوء بالدل و السفسطخة ‪،‬و الباطيل و‬
‫الظنون ‪،‬و الخطخاء العلمحية و النرافات النهجية ‪ ،‬و ليس فيه من البهان إل القليل ‪،‬و هذا أمر سبق‬
‫إثآباته و توثآيقه فيمحا تقدما من كتابنا هذا ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن ابن رشد فهم معن الدل ف الشرع بلفية مذهبية أرسطخية مشائاية ‪ ،‬و ل يفهمحه بالعن‬
‫الشرعي للجدل ‪،‬و هذا انراف منهجي كبي و خطخي ‪ ،‬يندرج ضمحن تأويله التحريفي للنصوصا‬
‫الشرعية العروف به ابن رشد ‪ .‬لذا وجدناه استبعد العن الشرعي للجدل ‪،‬و فهم الشرع بلفيته‬
‫الرسطخية الشائاية ‪ ،‬حت أنه ف كتابه تلخيص الدل أهل الدل الشرعي ‪،‬و ل أعثر له على أي‬
‫اهتمحاما به ف كتابه هذا الخصص للجدل‪ . 3‬مع أنه كان ف مقدوره أن تيصص له مبحثا للتعريف به‬
‫ت‬
‫‪،‬و مقارنته بالدل الرسطخي ‪ ،‬فتيقدما لنا بذلك عمحل مفيدا للقراء ‪ ،‬و تيدخل البديل السلمي ف‬
‫مؤلفاته الفلسفية الشائاية ‪ .‬لكنه ل يفعل ذلك مع وضوح المر و بديهيته !! ‪ ،‬و كأنه كان حريصا‬
‫على أن ل تيدخل البديل السلمي ف مصنفاته الفلسفية ‪ .‬و هذه الظاهرةا أشرنا إليها مرارا بأن ابن‬
‫رشد ل يستخدما الشرع لنقد الفلسفة و أسلمحتها ‪ ،‬و ل يمحله بديل لا ‪ .‬لكنه كان حريصا على تأويل‬
‫الشرع و أرسطخته ليكون ف خدمة الرسطخية ! ‪.‬‬
‫علمحا بأن السلما قد اهتم بالدل اهتمحاما بالغا ‪،‬و وضعه ف مكانه الناسب له ‪ ،‬من ذلك قوله‬
‫ضلل دعن دستبيلتته دوتهدو أدأعلدتم تبالأتمحأهتدتديدن ((‪-‬‬ ‫ك تهدو أدأعلدتم ت دبن د‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫تعال ‪ )) :‬دودجاد أتلم تبالتت هدي أدأحدستن إتلن دربل د‬
‫ت تمدن‬ ‫تت ت‬ ‫سورةا النحل ‪ ، - 125 :‬و ))دقالتواأ يا تنوح قدأد جادألتـَنا فدأدأكثـَر ت‬
‫ت جددالددنا فدأتدنا دبا تدعتددنا تإن تكن د‬ ‫د ت د د دد دأ د‬
‫يم ((‪-‬سورةا هود ‪، - 32 :‬و ))دودكادن ا أتلندساتن أدأكثدـَدر دشأيمء دجددلد ((‪-‬سورةا الكهف ‪، - 54 :‬‬ ‫ال ل ت ت‬
‫صادق د‬
‫ك إتلل جددلد بل هم قدـَوما خ ت‬ ‫ت‬
‫صتمحودن ((‪-‬سورةا الزجخرف ‪58 :‬‬ ‫د د أ ت أ أب د‬ ‫خيـَبر أدأما تهدو دما د‬
‫ضدرتبوهت لد د‬ ‫و ))دودقالتوا دأآ دلتتـَدنا د أ‬
‫ب إتلل تبالتت تهدي أدأحدستن إتلل التذيدن ظإدلدتمحوا تمأنـَتهأم دوتقولتوا آدملنا تبالتذي تأنتزجدل‬ ‫‪ ، -‬و ))ودل تدتاتدلتوا أدأهل الأتكدتا ت‬
‫د‬ ‫د‬
‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫إتدأليـَدنا دوتأنتزجدل إتلدأيتكأم دوإتدلتدنا دوإتدلتتكأم دواحبد دودأنتن لدهت تمأسلتمحودن ((‪-‬سورةا العنكبوت ‪ ، - 46 :‬و ))قدأد دسدع اللهت‬
‫ك تف دزوتجها وتدأشتدتكي إتدل اللته والله يسمحع دتاورتكمحا إتلن الله دتسيع ب ت‬ ‫ت‬ ‫ل‬
‫صيب ((‪-‬سورةا الادلة‬ ‫د بد‬ ‫د ت د أ د ت د تد د‬ ‫قدـَأودل ا تت تدتادلت د أ د د‬
‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص كتاب الجدل ‪ ،‬حققه تشالز بتروث ‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1979 ،‬ص‪ . 359 :‬و تلخيص ما‬
‫بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪. 6 ، 5 :‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪ . 136 ،135 :‬و فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 119 ،118 :‬‬
‫‪ 3‬أنظر كتابه تلخيص كتاب الجدل لرساطو ‪.‬‬
‫‪ . - 1 :‬واضح من ذلك أن الدل هو مقابلة الجة بالجة ‪،‬و هو على نوعيم ‪ :‬جدل ممحود مدوح‬
‫‪ ،‬هدفه إظإهار الق و النتصار له ‪ .‬و الثان جدل مذموما هدفه طلب الباطل و الغلبة‪ . 1‬فالدل ف‬
‫الشرع ليس مدوحا كله ‪،‬و ل مذموما كله ‪ ،‬و إنا هو حسب خلفيات أصحابه و غاياتم ‪ ،‬فهو قد‬
‫يكون طريقا إل الق و الداية ‪ ،‬و قد يكون طريقا للباطل و الغواية ‪ .‬النوع الول هو الذي مارسه‬
‫النبياء‪-‬عليهم السلما‪ -‬و أتباعهم ‪،‬و الثان مارسه الكفار و أهل الضلل ‪ .‬فالدل وسيلة تتستخدما‬
‫للحق و للباطل ‪ ،‬لكن ابن رشد أغفل الفهوما الشرعي للجدل و ذما الدل تمطخلقا و أزدرى به و بأهله‬
‫‪،‬و ل يضعه ف مكانه الصحيح الذي وضعه الشرع فيه ‪،‬و استبعده من فهمحه ‪،‬و أخضعه للمحفهوما‬
‫الرسي الشائاي ‪.‬‬
‫و أما زعمحه بأن الدل ل تيوصل إل البهان و الق و اليقيم ‪ ،‬فهو زعم باطل ‪ ،‬أوقعه فيه مفهومه‬
‫الرسطخي لعن الدل ‪ .‬و إل فإن الدل بعناه الشرعي و اللغوي فهو وسيلة تيكنها أن تتوصل صاحبها‬
‫إل البهان و الق و اليقيم ‪،‬و تيكنها أيضا أن تتوصله إل الضلل و الرافات و الباطيل ‪ .‬و لو ل‬
‫يكن الدل تيكن أن تيوصل إل الق و اليقيم ما أمر ال با أنبياءه باستخداما الدل السن ف دعوتم‬
‫إل ال تعال ‪ .‬و الدل ف حقيقته وسيلة حيادية ‪،‬و ليس كمحا عيرفه الفلسفة الشاؤون ‪ ،‬فهو يكنه‬
‫أن يمحل القائاق و الباهيم و الهداف السامية ‪،‬و يكنه أن يمحل الرافات و الغالطخات ‪ ،‬و الهداف‬
‫البيثة و الهنمحية ‪.‬‬
‫و أما بالنسبة لوقفه من الستقراء ‪ ،‬فإنه يرى أن الستقراء من الدل‪،‬و هو تمفيد للتصديق الدل‪،‬و‬
‫هو أقل أهية من القياس الرسطخي ‪ ،‬لنه أوثآق منه و أشرف ‪ ،‬و إن كان الستقراء أظإهر منه إقناعا‪،‬‬
‫لنه يستند إل السوس ‪ .‬لذا فهو أنفع مع المحهور ‪،‬و أسهل معاندةا ‪ ،‬خلف القياس الذي هو‬
‫)) أقل نفعا و باصة عند المحهور ‪،‬و أصعب معاندةا ‪ ،‬لذلك كان استعمحاله أنفع مع الرتاضييم ف‬
‫هذه الصناعة ((‪ . 2‬و مصلة موقفه هو أن الستقراء منطخق المحهور ‪،‬و القياس الرسطخي منطخق الواصا‬
‫‪،‬و هم أهل اليقيم و البهان من الراسخيم ف العلم حسب زعمحه ‪.‬‬
‫و أقول ‪ :‬أول إنه من الواضح أن كل استدلل له ماله الذي ينفع فيه ‪،‬و يصعب تعويضه باستدلل‬
‫آخر ‪ ،‬و قد ل يكن تعويضه أصل ‪ .‬لذا فإن الستقراء يتفيوق علي النطخق الصوري ف مال الدراسات‬
‫و البحوثَ التجريبية الطخبيعية منها و النسانية ‪،‬و عليه فل يصح ما زعمحه ابن رشد من أن الستقراء‬
‫خاصا بالدلييم و المحهور ‪ ،‬فهذا ازدراء ل مبر له إل التعصب للمحنطخق الصوري ‪،‬و قلة معرفة بأهية‬
‫الستقراء ‪ ،‬و إل فإن الواقع يشهد بأن الستقراء حقق انتصارات باهرةا ف متلف ملت العلوما ‪ ،‬ف‬
‫حيم ما يزجال النطخق الصوري مهجورا قابعا ف زاوية النسيان ف الغالب العم ‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن الثير ‪ :‬النهاية في غريب الثر ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 707 :‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص السفسطة ‪ ،‬ص‪ . 14 :‬و تلخيص الجدل ‪ ،‬ص‪. 48 :‬‬
‫فالستقراء ليس خاصا بالمحهور و الدلييم كمحا ادعى ابن رشد ‪،‬و إنا هو خاصا بالعلوما الطخبيعية‬
‫و التطخبيقية ‪،‬و له مكانة مرموقة عند علمحاء العصر ‪ ،‬فاهتمحوا به و أفردوه بالتأليف شرحا و تقعيدا و‬
‫تطخويرا و انتقادا ‪ .‬و ابن رشد غاب عنه أن الزدراء بالستقراء و الط من مكانته هو ف النهاية ازدراء‬
‫أيضا بالقياس الرسطخي و طعن فيه ‪،‬و حط من قيمحته ‪ ،‬لنه ل قياس شول دون استقراء ‪،‬و هذا أمر‬
‫سبق بيانه ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن ابن رشد‪-‬كعادته‪ -‬أهل مكانة الستقراء ف الشرع ‪ ،‬فلم أعثر له على أي اهتمحاما‬
‫بالستقراء ف الشريعة السلمية ‪-‬و هو من علمحائاها‪ -‬مع أنا أولته أهية كبيةا ‪ ،‬فأرشدت إليه وحثت‬
‫ف بدددأد األدألدق تثل اللهت‬ ‫عليه ف نصوصا كثيةا ‪ ،‬منها قوله تعال ‪ )) :‬قتأل تسيتوا تف األدأر ت‬
‫ض دفانظتتروا دكأي د‬
‫تينتشتئ النلأشأددةا األتخدردةا إتلن اللهد دعدلى تكبل دشأيمء قدتديبر ((‪ -‬سورةا العنكبوت ‪ ، - 20 :‬فهذه دعوةا إل‬
‫استخداما الستقراء لدراسة التاريخ الطخبيعي للعال ‪،‬و هذا ل يتم إل بالستقراء التجريب القائام على‬
‫ت تمن قدـَأبلتتكأم تسندبن فدتسيتواأ‬ ‫اللحظة و البحث و التجريب ‪ . ...‬و منها أيضا قوله تعال ‪ )) :‬قدأد دخلد أ‬
‫ت‬
‫يم ((‪-‬سورةا آل عمحران ‪ ، - 137 :‬و هذه أيضا دعوةا إل‬ ‫ف دكادن دعاقبدةت الأتمحدكلذبت د‬ ‫تف الدأر ت‬
‫ض دفانأظتترواأ دكأي د‬
‫استخداما الستقراء لدراسة تاريخ البشرية بواسطخة الثآار الت تركها النسان عب تاريه الطخويل ‪ ،‬لعرفة‬
‫أحوال القواما الكذبيم و مصائارهم ‪.‬‬
‫و أما موقفه من قياس التمحثيل –القياس الفقهي‪ -‬فعيرفه بأنه قياس يتم من جزجء واحد إل جزجئاي واحد‬
‫‪ ،‬أو من جزجئايات كثيةا إل جزجئاي واحد ‪ .‬و هو قياس ظإن خاصا بالطخابة ‪،‬و تمفيد للتصديق البلغي‬
‫‪ .‬لذا كان قياس الفقيه ظإنيا ‪،‬و قياس الفيلسوف قياسا يقينيا ‪ .‬علمحا بأن كل من القياسييم أوجبهمحا‬
‫الشرع عندما أوجب النظرين الفقهي و العقلي‪. 1‬‬
‫و أقول ‪ :‬أول ليس صحيحا أن قياس الفقيه ظإن و قياس الفيلسوف يقين ‪ ،‬لنه ل توجد طريقة من‬
‫طرق الستلل صحيحة مطخلقا ‪ ،‬فهي كلها نسبية حسب الادةا الت تمحلها و الكيفية الت تتعرض‬
‫با ‪ .‬و عليه فإنه با أن القياس الرسطخي يقوما على الستقراء ‪ ،‬فهو ل يصح إل إذا صيح الستقراء ‪،‬‬
‫فيكون بذلك يقينيا ‪ ،‬فإذا ل يصح فل يكون يقينيا ‪ .‬و كذلك الال مع قياس التمحثيل ‪ ،‬فإذا كان‬
‫قياسا جليا صحيحا واضح العلة ‪ ،‬فهو قياس فقهي يقين صحيح ‪ .‬كقولنا ‪ :‬إذا كان المحر حراما لنه‬
‫تمسيكر و تمذتهب للعقل و الموال ‪ ،‬فإن الخدرات –الت ل تيوجد فيها نص صريح بتحريها‪ -‬هي أيضا‬
‫حراما لنا تمسيكرةا و مذهبة للعقل و الموال ‪ .‬و أما إذا كان القياس الفقهي قياسا تمشتبها و علته غي‬
‫واضحة ‪ ،‬فهو قياس ظإن يقوما على التحجيح و الحتمحال‪ ،‬المر الذي يعن أن العيب ليس ف قياس‬
‫التمحثيل نفسه ‪ ،‬و إنا ف الالة الت يكون فيها ظإنيا بناء على علته و مادته العلمحية ‪ .‬و هذا ليس خاصا‬
‫بقياس التمحثيل وحده ‪ ،‬و إنا هو يشمحل كل طرق الستدلل الخرى ‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص كتاب الجدل ‪ ،‬ص‪ . 48 :‬و تلخيص السفسطة ‪ ،‬ص‪ . 14 :‬و فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 98 ، 90 :‬‬
‫علمحا بأن تقزجي ابن رشد لقياس التمحثيل هو ف القيقة تقزجي أيضا لقياس الشمحول أيضا ‪ ،‬الذي يقوما‬
‫ف أساسه على الستقراء ‪ ،‬الذي هو بدوره أيضا يعتمحد على التمحاثآل أثآناء البحث عن وحداته و‬
‫التعيرف عليها و تصنيفها ‪.‬و بذلك يكون قياس التمحثيل من مكونان الستقراء الساسية ‪ ،‬و من ث من‬
‫مكونات القدمة الكبى ف القياس الرسطخي ‪ .‬و حت القدمة الصغرى هي أيضا تقوما على قياس‬
‫التمحثيل ‪ ،‬فعندما نقول ‪ :‬كل إنسان فان ‪ ،‬و ابن رشد إنسان ‪ ،‬نكون قد استخدمنا قياس التمحثيل ف‬
‫العلقة بيم القدمتيم ‪،‬و إل ما استطخعنا إلاق ابن رشد بادةا القدمة الصغرى ‪.‬‬
‫و حت نتيجة القدمتيم هي أيضا تقوما على التمحاثآل ‪ ،‬فعندما نقول ‪ :‬كل إنسان فان ‪ ،‬و ابن رشد‬
‫إنسان ‪ ،‬فابن رشد فان ‪ ،‬فإننا نكون قد اعتمحدنا على التمحاثآل بيم بن آدما و فناء فرد منهم ‪ ،‬و هو‬
‫فناء ابن رشد ‪ .‬المر الذي يعن أن ازدراء ابن رشد بقياس التمحثيل و تقزجيه له ‪ ،‬و تعظيمحه للقياس‬
‫الرسطخي و مبالغته فيه ‪ ،‬هو موقف غي صحيح ‪ ،‬سببه تعصبه لذهبيته الرسطخية ‪ ،‬و إل فإن ابن‬
‫رشد‪-‬بكم أنه فقيه و قاض‪ -‬ل يهل القياس الفقهي بأنه ليس ف درجة واحدةا من حيث القوةا و‬
‫الضعف ‪ ،‬و الصحة و الطخأ ‪،‬و اليقيم و الظن ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن قوله بأن الشرع كمحا أوجب النظر الفقهي ‪ ،‬فهو أوجب النظر العقلي أيضا ‪ ،‬فهو قول‬
‫حق أتريد به باطل ‪،‬و ينطخوي على تغليط للقراء ‪ .‬لن القيقة هي أن الشرع أمر بالنظر العقلي تمطخلقا‬
‫‪،‬و حث على استخدامه ف التأمل و التدبر ف القرآن الكري ‪،‬و ف النفس و التمحع ‪،‬و التاريخ و‬
‫ب اللهت اللأيدل‬‫العال بأسره ‪ ،‬و هذه حقيقة شرعية ثآابتة تشهد لا تنصوصا كثيةا ‪ ،‬كقوله تعال ))يـَتدقلب ت‬
‫ك لدتعبـَردةا بلتوتل األدبصاتر ((‪-‬سورةا النور ‪ ، - 44 :‬و ))إتلن تف خألتق اللسمحاوا ت‬ ‫ت‬
‫ض‬‫ت دوالدأر ت‬ ‫دد‬ ‫د‬ ‫أد‬ ‫دوالنلـَدهادر إتلن تف دذل د أ د أ‬
‫ب ((‪-‬سورةا آل عمحران ‪ ، - 190 :‬و ))دوتف دأنتفتستكأم أدفددل‬ ‫م‬
‫ت بلتوتل اللأبا ت‬ ‫ت ت‬
‫د‬ ‫دواأختلدف اللأيتل دوالنلـَدهاتر لديا أ‬
‫صترودن ((‪-‬سورةا الذاريات ‪ ، - 21 :‬و ))أدفدلد يدـَتدددبـَلترودن الأتقأرآدن دولدأو دكادن تمأن تعنتد دغ أتي الليته لددودجتدواأ تفيته‬ ‫تـَب ت‬
‫أ‬
‫ف بدددأد األدألدق تثل اللهت‬ ‫لفاد دكتثياد ((‪-‬سورةا النساء ‪ ، - 82 :‬و ))قتأل تسيتوا تف األدأر ت‬
‫ض دفانظتتروا دكأي د‬ ‫اأختت د‬
‫تينتشتئ النلأشأددةا األتخدردةا إتلن اللهد دعدلى تكبل دشأيمء قدتديبر ((‪ -‬سورةا العنكبوت ‪ . - 20 :‬و بذلك يكون النظر‬
‫الفقهي جزجءا ل يتجزجأ من النظر الشرعي العاما ‪ ،‬الذي تندرج فيه أيضا كل طرق الستدلل العلمحي دون‬
‫استثناء ‪ .‬لكن ابن رشد واضح بأنه يقصد بالنظر العقلي القياس الرسطخي تديدا ‪ ،‬لنه سبق أن بينا‬
‫أنه ازدري بالستقراء و الدل و قياس التمحثيل ‪،‬و رفع من شأن القياس الرسطخي و بالغ ف تعظيمحه‪،‬و‬
‫ضله على كل طرق الستدلل الخرى ‪ .‬و موقفه هذا غي صحيح ‪ ،‬لن النطخق الصوري ل يثل إل‬ ‫في‬
‫جزجءا صغيا جدا ‪ ،‬من النظر العقلي الكلي الذي أمر به الشرع النيف ‪ ،‬و هذا الزجء الصغي يستخدمه‬
‫العقل الفطخري آليا ‪ ،‬من دون العودةا إل قوالب القياس الرسطخي ‪ ،‬المر الذي تيثبت أن زعم ابن رشد‬
‫وجوب معرفة النطخق الرسطخي ‪ -‬بناء على إياب الشرع للنظرين الفقهي و العقلي ‪ -‬هو زعم باطل ‪،‬‬
‫و إياب على السلمحيم ما ل تيوجبه ال تعال عليهم ! ‪.‬‬
‫و ثآالثا إن ابن رشد نفسه –مع ازدرائاه بقياس التمحثيل‪ -‬فإنه قد استخدمه ليس ف الفقه فقط ‪ ،‬و إنا‬
‫استخدمه أيضا حت ف طبيعيات أرسطخو ‪ .‬فمحن ذلك إنه عندما تكلم عن تلل الغذية ف جسم‬
‫اليوان و اختلطها بالرطوبة و الرارةا ‪ ،‬فتصي لمحا وعظمحا ‪ ،‬فإنه قال ‪ )) :‬و كذلك يشبه أن يكون‬
‫المر ف النبات و ف كل نامما ((‪ . 1‬فهذا قياس تثيل واضح ‪ ،‬استخدمه ابن رشد بطخريقة ظإنية أوصلته‬
‫إل نتيجة عامة ل يكن التأكد منها إل بالستقراء‪.‬‬
‫و الثال الثان مفاده أن ابن رشد عندما أخذ برأي أرسطخو ف أن الرأةا ل دخل لا ف تكيون النيم‬
‫و أن من الرجل هو الكيون له وحده ‪ ،‬أيده بلحظاته أثآناء مارسته للطخب ‪ ،‬فقال ‪ )) :‬و أما أنا فمحذ‬
‫ت‬
‫ت أكثر المحل الذي‬ ‫ت‬ ‫الفي‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫صحيحة‬ ‫بة‬‫ر‬ ‫التج‬ ‫ت‬
‫ت‬ ‫فوجد‬ ‫‪،‬‬ ‫ذلك‬ ‫جس‬ ‫أتعمحد‬ ‫أزل‬ ‫سعت كلما أرسطخو ل‬
‫بذه الصفة إنا يكون بالذكورةا ‪،‬و سألت النساء عن ذلك ‪ ،‬فأخبتن أيضا بذلك ‪ .‬أعن أنن كثيا ما‬
‫يمحلن دون أن تكون منهن لذةا (( ‪ .‬وبذه اللحظة استدل ابن رشد على صحة رأي أرسطخو من أن‬
‫من الرجل هو الكيون الوحيد للجنيم‪ . 2‬و نن هنا ل يهمحنا خطخأ ابن رشد فيمحا ذهب إليه ‪،‬و تمالفته‬
‫ت‬
‫للشرع و العقل معا ‪ ،‬فهذا أمر سبق بيانه ف الفصل الثالث ‪ ،‬لكن الذي يهمحنا هنا هو أن الرجل‬
‫استخدما قياس التمحثيل ‪،‬و ل يعتمحد على التجربة الصحيحة القيقية الشاهدةا ‪،‬و إنا قاس حالة الرأةا با‬
‫ت‬
‫يدثَ عند الرجل ‪ ،‬فاعتقد أنه با أن الرجل ل ينزجل منه الن إل بشهوةا عند تجاعة لهله ‪ ،‬فكذلك‬
‫الال عند الرأةا ‪ ،‬فل ينزجل ماؤها –لكي يتلط بن الرجل‪ -‬إل بالشهوةا أيضا ‪ .‬و با أنه ذكر أنه تأكد‬
‫من النساء اللوت سألن بأنن كثيا ما يمحلن دون لذةا ‪ ،‬فهذا دليل على عدما نزجول مائاها ‪ .‬و من ث‬
‫فل دور لا ف تكيون النيم ‪،‬و إنا تيكيونه من الرجل وحده ‪.‬‬
‫فهذا قياس تثيلي ظإن ‪ ،‬أقامه ابن رشد على ملحظة ظإاهرية ناقصة ‪ ،‬فأخطخأ فيه ‪ ،‬لنه إذا كان‬
‫نزجول من الرجل تمرتبط بالشهوةا ‪ ،‬فليس المر كذلك بالنسبة لبويضة الرأةا ‪ ،‬الت ل علقة لا باللذةا‬
‫النسية عند الرأةا ‪ ،‬و إنا هي مرتبطخة بالدورةا الشهرية عند الرأةا ‪ ،‬الت هي‪-‬أي البويضة‪ -‬عادةا ما تنزجل‬
‫ف أواسط الدورةا من كل شهر ‪ ،‬سواء كانت الرأةا متزجوجة أما ل ‪ ،‬و سواء حدثَ خللا جاع أما ل‬
‫يدثَ ‪ ،‬و سواء ذاقت الرأةا لذةا المحاع أما ل تذقها ‪.‬‬
‫و الثال الثالث من قياس التمحثيل مارسه أرسطخو‪ -‬الذي يتبعه ابن رشد و ينتصر له‪ ،-‬و مفاده أن‬
‫أرسطخو قال ‪ :‬إن للنعامة ظإلفيم كاليوان الذي له )) أربع أرجل ‪ ،‬لن ليست له أصابع بل أظإلف ‪،‬‬
‫و تعلة ذلك من تقبل أن دعدظم جسده ل تيشبه عظم طي ‪ ،‬بل تيشبه دعدظم حيوان له أربع أرجل ((‪ . 3‬و‬
‫قوله بناه على قياس التمحثيل بيم عظم النعامة و جسدها ‪ ،‬و بيم عظم اليوان و جسده الذي يشي‬
‫على أربع أرجل و له أظإلف ‪ .‬لكنه أخطخأ ف هذا القياس ‪ ،‬لن النعامة لا أصبعان ف كل رجل ‪ ،‬و‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬جوامع الكون و الفساد ‪ ،‬ص‪. 13 :‬‬


‫‪ 2‬الجابري ‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 236-235 :‬‬
‫‪ 3‬أرساطو ‪ :‬كتاب طبائع الحيوان ‪ ،‬ص‪. 193 :‬‬
‫ليس لا ظإلفان كمحا زعم أرسطخو ‪،‬و قد سبق أن بينا ذلك و أثآبتناه ‪ .‬فقياسه هذا هو قياس ظإن ناقص‬
‫غي صحيح ‪ ،‬و لو بناه على أساس رجل النعامة و ليس على عظم جسده ‪ ،‬لكان قياسه صحيحا ‪ ،‬و‬
‫ذلك أن النعامة لا رجلن و ليس لا أربع أرجل ‪ ،‬و با أنا طائار كبي ضخم الثة قوي البنية ‪ ،‬فهذا‬
‫ل يتناسب مع وجود أظإلف ف رجليها ‪ ،‬لن وزنا الكبي يتناسب مع وجود أصابع قوية ف رجليها‬
‫ذات أظإفار قوية متينة ‪،‬و وسادةا مبطخنة تت القدما ‪ ،‬لكي يتمحكن الرجلن من حل جسدها الكبي ‪.‬‬
‫و هذا خلف اليوانات الضخمحة الت لا أربع أرجل ‪ ،‬فهي ل تتاج إل أصابع ‪ ،‬و إنا عندها‬
‫أظإلف ‪ ،‬لن أرجلها الربع كافية لمحلها ‪ ،‬فهذا هو الذي غاب عن أرسطخو ‪.‬‬
‫و كان ف مقدوره أيضا أن يستخدما قياس التمحثيل بطخريقة أخرى توصله إل نتيجة صحيحة‬
‫بالعتمحاد على الفصيلة الت تنتمحي إليها النعامة ‪ .‬و ذلك با أن النعامة تنتمحي إل فصيلة الطخيور ‪،‬و هي‬
‫–أي الطخيور‪ -‬تشي على رجليم و لا أصابع ‪ ،‬فالنعامة هي أيضا مثلها لا أصابع ‪ .‬فلو استخدما هذا‬
‫القياس لكانت نتيجته صحيحة ‪ ،‬لكنه اعتمحد على جانب ليس حاسا ف الفصل بيم النعامة و اليوان‬
‫الذي يشي على أربع أرجل ‪ .‬لكن الذي يهمحنا هنا هو أن الرجليم‪-‬أرسطخو و ابن رشد‪ -‬استخدما‬
‫قياس التمحثيل مع ازدراؤها به ‪،‬و وصفه بأنه ظإن خاصا بالطخابة و تمفيد للتصديق البلغي ‪ ،‬فأين‬
‫برهان و يقيم أهل البهان و اليقيم ؟ ! ‪.‬‬
‫و قبل إنائانا لذا البحث تأشي هنا إل خصائاص عامة تيزج با منهج الستدلل عند ابن رشد ‪،‬‬
‫منها إنه منهج أرسطخي قلبا وقالبا ‪ ،‬على أساسه زعم أن طرق التصديق ف الشريعة ثآلثآة أنواع مذكورةا‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫ك‬‫ك تباألتأكدمحتة دوالأدمحأوتعظدتة األددسندتة دودجاد أتلم تبالتت هدي أدأحدستن إتلن دربل د‬
‫ف قوله تعال ‪ )) :‬اأدعت إتتل دستبيتل درب د‬
‫ضلل دعن دستبيلتته دوتهدو أدأعلدتم تبالأتمحأهتدتديدن ((‪-‬سورةا النحل ‪ ، - 125 :‬وهي ‪ :‬الطخابية‬ ‫تهدو أدأعلدتم ت دبن د‬
‫للجمحهور ‪،‬و الدلية للمحتكلمحيم ‪،‬و البهانية للفلسفة‪. 1‬و فهمحه هذا ل يستقيم مع تلك الية ‪ ،‬و ل‬
‫مع نصوصا الشرع الخرى ‪ ،‬لن تلك الية نصت صراحة على مراتب الدعوةا إل ال تعال حسب‬
‫أصناف الناس ‪،‬و طريقة التعامل معهم ‪،‬و ليست خاصة بطخرق التصديق و الستدلل ‪ ،‬الت هي كثيةا‬
‫جدا ف القرآن الكري و السنة النبوية ‪ ،‬و ل تنحصر أبدا ف ثآلثآة أنواع فقط ‪ ،‬على ما ادعاه ابن رشد‬
‫؛ فهي أكثر من ذلك بكثي ‪ ،‬منها استدلل ال تعال على وجوده و صفاته و حكمحته ‪ ،‬بلقه للكون‬
‫عامة و للنسان خاصة ‪ ،‬و بإظإهار بديع صنعته و جيل كرمه ‪ ،‬كقوله تعال ‪ )) :‬هل من خالق غي‬
‫ال يرزقكم من السمحاء و الرض ((‪-‬سورةا فاطر‪ ، -3/‬و )) أأنتم أشد خلقا أما السمحاء بناها ((‪-‬سورةا‬
‫النازعات ‪ ، -27/‬و )) قل هل من شركائاكم من يبدأ اللق ث تيعيده ((‪-‬سورةا يونس‪ ، -34/‬و‬
‫)) هذا خلق ال فأرون ماذا خلق الذين من دونه ((‪-‬سورةا لقمحان ‪ ، -11/‬و )) أما خلقوا السمحوات و‬
‫الرض بل ل يوقنون ((‪-‬سورةا الطخور‪ ، . 36/‬و )) أفرأيتم ما تنون أأنتم تلقونه أما نن الالقون ((‪-‬‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 117 :‬‬


‫سورةا الواقعة ‪ ، -59/‬و )) إن الذين تدعون من دون ال لن يلقوا ذبابا و لو اجتمحعوا له ((‪-‬سورةا‬
‫الج‪. 73/‬‬
‫و منها الستدلل على صدق النبياء –عليهم السلما‪ -‬باليات و العجزجات و الكتب الت جاءوا‬
‫بـَـَا ‪ ،‬كقـَ ـَوله تعـَـَال ‪ )) :‬و تلـَـَك حجتنـَـَا أتيناهـَـَا إبراهيـَـَم علـَـَى قـَـَومه ((‪-‬سـَـَورةا النعـَـَاما‪ ، 83/‬و )) لقـَـَد‬
‫جاءتم رسلهم بالبينات فمحا كانوا ليؤمنوا با كذبوا من قبل ((‪-‬سورةا العـَراف‪ ، -101/‬و )) جـَاءتم‬
‫رسلهم بالبينات و بالزجبر و بالكتاب الني ((‪-‬سورةا فاطر‪. - 21/‬‬
‫و منها الستدلل على صدق نبوةا رسول السلما ‪ ،‬بالقرآن الكرما ‪ ،‬فهو كتاب عرب معجزج‪،‬‬
‫تدى به ال تعال العرب و العال كله ‪ ،‬من النس و الن معا ‪ ،‬فهو معجزجةا علمحية مادية باقية خالدةا‪،‬‬
‫ت‬ ‫إل أن يرثَ ال الرض و من عليها ‪ ،‬ل يوجد مثلها ف العال كله ‪ ،‬قال تعال ‪}- :‬تقل لئِّتتن اجتدمحع ت‬
‫أ دد‬
‫ض ظإدتهديا{ ‪ -‬سورةا‬ ‫ضتهأم تلبدـَأع م‬ ‫ت تت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫س دواألمن دعدلى دأن يدأتتواأ تبثأتل دهدذا الأتقأرآتن لد يدأتتودن تبثأله دولدأو دكادن بدـَأع ت‬ ‫ت‬
‫الن ت‬
‫ب بلما ندـَلزجلأدنا دعدلى دعأبتددنا فد أتتواأ بتتسودرمةا بمن بمثألتته دواأدعتواأ تشدهدداءتكم بمن‬‫السراء‪ -88/‬و ‪}-‬وتإن تكنتتم تف ريأ م‬
‫أ د‬ ‫د‬
‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت ت‬
‫يم{ ‪-‬سورةا البقرةا ‪. -23/‬‬ ‫صادق د‬ ‫تدون الليه إتأن تكأنتتأم د‬
‫و منها أيضا الستدلل على صدق نبوةا رسول السلما ‪ ،‬من خلل شخصية ممحد عليه الصلةا و‬
‫السلما ‪ ،‬فال تعال خاطب قريش و من على شاكلتها ‪ ،‬بالنطخق و التاريخ و أقاما عليهم الجة ‪،‬‬
‫فقال لم ‪ :‬إن هذا النب الذي كذبتمحوه و رفضتم دينه و دعوته ‪ ،‬ل دليل عندكم ف تكذيبه ‪ ،‬لنكم‬
‫تعرفونه معرفة جيدةا قبل النبوةا ‪ ،‬و هو الصادق الميم الذي ل تكذبونه ‪ ،‬و صاحب اللق العظيم ‪،‬‬
‫و هو المي الذي ل يقرأ و ل يكتب و انتم تعلمحون ذلك جيدا ‪ ،‬و مع ذلك تداكم بكتاب معجزج‬
‫‪،‬و أن تكذيبكم له ل يقوما على أي برهان و ل حجة ‪ ،‬قال تعال ‪}:‬تقل لأو دشاء الليهت دما تدـَلدأوتهت دعلدأيتكأم‬
‫ت‬ ‫تت‬ ‫ولد أددراتكم بتته فدـَدقأد لدبتثأ ت‬
‫ت فيتكأم عتتمحدرا بمن قدـَأبله أدفدلد تدـَأعقتلودن{ ‪-‬سورةا يونس‪ ، -16/‬و}قدأد ندـَأعلدتم إتنلهت‬ ‫ت‬ ‫د أد‬
‫ت الليته دأيدحتدودن{ ‪ -‬سورةا النعاما‪-33/‬‬ ‫ك ولدتكلن اللظالتتمحيم تبآيا ت‬ ‫ت‬ ‫لديحزجنت ل ت‬
‫د د‬ ‫ك ا ذي يدـَتقوتلودن فدإنـَلتهأم لد يتدكبذتبوند د د‬ ‫د أت د‬
‫ب التبمبي التذي يـَتأؤتمتن‬ ‫تت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫ك لددعلى تخلتمق دعظيمم{ ‪ -‬سورةا القلم‪ ،-4/‬و ) دفآمنتواأ تبالليه دودرتسوله النلت ب‬ ‫‪ ،‬و }دوإتنل د‬
‫ب‬ ‫ت تدأـَتـَتلو تمن قدـَأبلتته تمن كتدتا م‬ ‫تبالليه دودكلدمحاته دواتلبتتعوهت لددعلتكأم تدـَأهتدتدودن{ ‪ -‬سورةا العراف‪ ،-158/‬و}دودما تكن د‬
‫ت ت تت‬
‫ب الأتمحأبتطختلودن{ ‪ -‬سورةا العنكبوت‪. -48/‬‬ ‫ك إتدذا للأردتا د‬‫دودل دتتطخمهت بتيدتمحينت د‬

‫و منها إقامة الجة العقلية باستخداما الستدلل العقلي الض ‪ ،‬كثقـَوله تعـَال ‪ )) :‬أما خلقـَوا مـَن‬
‫غي ـَ شـَـَيء أما هـَـَم الـَـَالقون ‪ ،‬أما خلق ـَوا السـَـَمحوات و الرض بـَـَل ل يوقنـَـَون ((‪-‬سـَـَورةا الطخـَـَور‪-35/‬ـَ ‪ ،‬و‬
‫)) لو كان فيهمحا آلة إل ال لفسدتا ‪ ،‬فسبحان ال رب العرش عمحا يصـَفون ((‪-‬سـَورةا النبيـَاء ‪- 22/‬‬
‫‪ ،‬و )) و ما اتذ ال من ولد ‪ ،‬و ما كان معـَه مـَـَن إلـَـَه ‪ ،‬إذا لـَذهب كـَل إلـَه بـَا خلـَق ‪ ،‬و لعل بعضـَـَهم‬
‫على بعض ‪ ،‬سبحان ال عمحا يصفون ((‪-‬سورةا الؤمنون‪. - 91/‬‬
‫و منهـَـَا أيضـَـَا السـَـَتدلل بطخريـَـَق الولـَ و النفـَـَع ‪ ،‬و الصـَـَلح و الضـَـَمحن ‪ ،‬فاليـَـَان أحسـَـَن مـَـَن‬
‫الكفـَـَر‪ ،‬و النـَـَة أحسـَـَن مـَـَن النـَـَار ‪،‬و اليـَـَان أضـَـَمحن للنسـَـَان مـَـَن الكفـَـَر ‪ ،‬كقـَ ـَوله تعـَـَال‪-‬علـَـَى لسـَـَان‬
‫يوسف‪ )) : -‬أأرباب متفرقون خي أما ال الواحد القهار ((‪-‬سورةا يوسف‪ ، -39/‬و )) ماذا عليهـَـَم لـَـَو‬
‫آمنوا بال و اليوما الخر ‪،‬و انفقوا ما رزقناهم ((‪ -‬سورةا النساء‪ ، -39/‬و ))قتتل األدأمحتد لتلته دودسـَدلبما دعلـَدـَى‬
‫ت تت ت‬
‫خيـَبر أدلمـَا يتأشـَترتكودن ((‪ -‬سـَورةا النمحل ‪ ، - 59 :‬و )) الدار الخـَرةا خيـَ للذين‬ ‫صطخددفى آللهت د أ‬ ‫عدباده الذيدن ا أ‬
‫يتقون ‪ ،‬أفل تعقلون ((سورةا النعاما‪. -169/‬‬
‫و منهـَـَا إظإهـَـَار بعـَـَض طـَـَرق السـَـَتدلل الـَـَت اسـَـَتخدمها النبيـَـَاء فـَ مـَـَادلتم لقـَوامهم و إقامـَـَة‬
‫الجج العقلية و الادية الدامغة عليهم ‪ ،‬كمحا فعل إبراهيم‪ -‬عليـَه السـَلما – عنـَدما كسـَـَر أصـَـَناما قـَومه و‬
‫أبقـَـَى كـَـَبيهم ‪ ،‬و قـَـَالوا لـَـَه ‪ )) :‬أأنـَـَت فعلـَـَت هـَـَذا بألتنـَـَا يـَـَا إبراهيـَـَم (( ‪ ،‬قـَـَال لـَـَم ‪ )) :‬بـَـَل فعلـَـَه كـَـَبيهم‬
‫هـَـَذا فاسـَـَألوهم إن كـَـَانوا ينطخقـَـَون ‪ ،‬فرجعـَ ـَوا إلـَ ـَ أنفسـَـَهم فقـَـَالوا إنكـَـَم أنتـَـَم الظـَـَالون ‪ ،‬ثـَ ـَ تنكسـَ ـَوا علـَـَى‬
‫رؤوس ـَـَهم ‪ ،‬لق ـَـَد علمح ـَـَت م ـَـَا ه ـَـَؤلء ينطخق ـَـَون ((‪-‬س ـَـَورةا النبي ـَـَاء‪ . -65-62 /‬و ك ـَـَذلك قـَ ـَوله تع ـَـَال ‪:‬‬
‫)) إنا تعبدون من دون ال أوثآانا و تلقون إفكا ((‪-‬سورةا العنكبوت‪ ، -17/‬و )) أتعبدون ما تنحتـَـَون‬
‫((‪-‬سورةا الصافات‪ ، -95/‬و )) إذ قال لبيه يا أبت لـَ تعبـَد مـَا ل يسـَمحع و ل تيبصـَر ((‪-‬سورةا مريـَ‪/‬‬
‫‪. -42‬‬

‫و منها أيضا الستدلل بنقض النطخلق الفكري الذي ينطخلق منه الكفار ‪ ،‬ف بناء أفكـَارهم و عقائاـَـَدهم‬
‫ت‬
‫ت‬ ‫‪ ،‬من ذلك أن الـَ تعـَال حكـَى عـَن الدهرييم و اللحـَدةا أنـَم قالوا ‪ } :‬دمـَا هـَدي إتلل دحدياتـَندـَا الـَمدنأـَديا دنتـَو ت‬
‫ك تمأن تعألمم إتأن تهأم إتلل يدظتمنودن{ ‪ -‬سورةا الاثآيـَـَة‪ -24/‬فـَـَرد عليهـَـَم‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫دودأنديا دودما يـَتأهلتكدنا إتلل اللدأهتر دودما دتلم بتدذل د‬
‫الـَ تعـَـَال بقـَوله ‪ )) :‬و مـَـَالم بـَـَذلك مـَـَن علـَـَم إن إل يظنـَـَون ((‪-‬سـَـَورةا الاثآيـَـَة ‪ ، -24/‬فنقـَـَض دعـَواهم‬
‫بأنم ل تيؤسسوها على أساس صحيح من العلم و النطخق‪ ،‬و إنا أقاموها علـَـَى الظـَـَن ‪ ،‬و إن )) الظـَـَن ل‬
‫تيغن من الق شيئِّا ((‪-‬سورةا النجم‪ ، -28/‬و إنم )) إن يتبعـَـَون إل الظـَن‪،‬و إن إل يرصـَـَون ((‪-‬سـَورةا‬
‫النعاما‪ . -116/‬و من ذلك أيضا قوله تعال ‪ )) :‬و من الناس من يـَـَادل فـَ الـَ بغيـَ علـَـَم و ل هـَـَدى‬
‫و ل كتاب مني ((‪-‬سورةا الج‪ ، -8/‬فال تعال أبطخل جدالم و نقضـَه بأن ذكـَر أن هـَؤلء لـَ تيقيمحـَوا‬
‫جدالم على علم صحيح ‪ ،‬ول على هداية ربانية ‪ ،‬و ل على كتاب ربان مني ‪.‬‬
‫و منها أن القرآن الكري دعا إل استخداما النهـَج السـَتدلل التجريـَـَب لدراسـَة الطخبيعـَة و التاريـَـَخ ‪،‬‬
‫ف بدددأد األدألـَدق تثلـَ اللـَهت تينتش تئ النلأشـَأددةا األتخـَدردةا إتلن اللـَهد دعلدـَى‬ ‫ض دفانظتتروا دكأيـَ د‬ ‫كقوله تعال ‪} :‬قتأل تسيتوا تف األدأر ت‬
‫ض فـَدـَانأظتترواأ‬‫ت تمـَـَن قدـَأبلتتكـَأم تسـَندبن فدتسـَيتواأ تفـَ الدأر ت‬ ‫م ت‬
‫تكـَبل دشـَأيء قدـَديبر{ ‪ -‬سـَـَورةا العنكبـَـَوت‪، -20/‬و}قدـَأد دخلدـَ أ‬
‫ت‬
‫يم { ‪ -‬سـَـَورةا آل عمحـَران‪ ،-137/‬و )) فـَـَل سـَـَيوا فـَ الرض فـَـَانظروا كيـَـَف‬ ‫ف دكـَـَادن دعاقبدـَةت الأتمحدكـَلذبت د‬
‫دكأيـَ د‬
‫كان عاقبة الذين من قبل ‪ ،‬كان أكـَثرهم مشـَـَركيم ((‪-‬سـَورةا الـَـَروما‪ ، -42/‬فـَال تعـَـَال دعـَـَا النسـَـَان إلـَ‬
‫السي ف الرض و النظر فيها ‪ ،‬و البحـَث عـَن الكيفيـَة و الصـَي معـَا ‪ ،‬لتيقيـَم عليـَه الجة ‪ ،‬و لتيعرفـَه بـَا‬
‫يهله من تاريخ الطخبيعة و النسان معا ‪ ،‬و ليحثه على استغلل الطخبيعة الت سخرها لـَـَه ‪ .‬و ل شـَـَك أن‬
‫هذا السي با فيه من نظر و بث و اعتبار و استغلل و استنتاج يتضمحن منهجا علمحيا اسـَـَتدلليا تريبيـَـَا‬
‫‪ ،‬إذ بدونه ل يكن الوصول إل ما دعت إليه تلك اليات و غيها ‪.‬‬

‫و أما ما ذكره الباحث ممحود حدي زقزجوق من أن الستشرق جوتيه ذكـَر أن ابـَن رشـَد فـَ تقسيمحه‬
‫للدلة إلـَ برهانيـَة ‪ ،‬و جدليـَة ‪ ،‬و خطخابية هـَي طريقـَة أو نظريـَة يونانيـَة بتـَة ‪ .‬ثـَ علـَق عليـَه بقـَوله ‪ :‬هـَذا‬
‫زعم تنقصه الدقة ‪ ،‬و فات جوتية التفريـَق بيمـَ أمريـَن ‪ ،‬هـَا ‪ :‬الشـَكل و الضـَمحون فـَ اسـَتخداما ابن رشـَد‬
‫للدلة الثلثآة ‪ ،‬فبالنسبة للمحضـَـَمحون فـَإنه‪-‬أي ابـَن رشـَـَد – اعتمحـَـَد فيمحـَا ذهـَـَب إليـَه علـَى قـَوله تعـَـَال ))اأدعت‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫ضـَلل دعـَـَن‬ ‫ك تباألتأكدمحـَتة دوالأدمحأوتعظدـَتة األددسـَندتة دودجـَـَاد أتلم بـَتـَالتت هـَدي أدأحدسـَتن إتلن دربلـَ د‬
‫ك تهـَدو أدأعلدـَتم تبـَدـَن د‬ ‫إتتلـَ دسـَتبيتل دربـَ د‬
‫دستبيلتته دوتهـَدو أدأعلدـَتم تبالأتمحأهتدـَتديدن ((‪-‬سـَورةا النحـَل ‪، - 125 :‬و بنـَاء علـَـَى ذلـَك فل مـَـَال للقـَول)) بـَأن ابـَن‬
‫رشد قـَد أخـَذ نظريـَة الطخبقـَات الثلثَ للدلـَة ‪ ...‬مـَن الفلسـَفة الغريقيـَة (( ‪ ،‬لكـَن الذي يكـَن أن يتقـَال‬
‫هنا هو ‪ :‬إن ابن رشد –على أكثر تقدير‪ -‬استعار ف هذه النظرية شكل يونانيا لضمحون إسلمي‪. 1‬‬
‫و أقـَـَول ‪ :‬إن مـَـَا ذهـَـَب إليـَـَه البحـَـَث حـَـَدي زقـَـَزجوق ضـَـَعيف جـَـَدا و ل يصـَـَح ‪ ،‬لن ابـَـَن رشـَـَد أخـَـَذ‬
‫التقسيم الثلثآي من النطخق الرسطخي شكل و مضمحونا بلشك ‪ .‬لن ابن رشد بـَـَا أنـَـَه كـَـَان أرسـَطخيا قلبـَا‬
‫و قالبـَـَا فمحـَـَن الطخـَـَبيعي جـَـَدا أن يأخـَـَذ ذلـَـَك التقسـَـَيم مـَـَن الرسـَـَطخية لنـَـَه موجـَـَود فيهـَـَا حقيقـَـَة ‪،‬و إنـَـَا هـَـَو‬
‫اسـَتخدما تلـَك اليـَة لنـَه رآهـَا توافـَق مـَا أراد أن يقـَوله ‪ .‬و ذلـَك التقسيم موجـَود فـَ النطخـَق الصـَوري ‪ ،‬و‬
‫هو واضح من مؤلفات أرسطخو النطخقية ‪ ،‬و منها ‪ :‬الطخابة ‪،‬و الدل ‪ ،‬و البهان ‪ ،‬فهذه الصنفات تعب‬
‫عن ذلك التقسيم شكل و مضمحونا‪.‬‬
‫علمحا بأن ابن رشد ف تفسيه لتلك الية أخضعها للتأويل التحريفي لتوافق ذلك التقسيم الرسطخي‪ ،‬و‬
‫صت صراحة على الدعوةا إل ال حسب مراتب النـَـَاس ‪،‬و ليـَـَس‬ ‫هذا أمر سبق بيانه و توثآيقه ‪،‬لن الية ن ي‬
‫خاصة بطخرق التصديق و الستدلل العلمحي ‪.‬‬
‫و أما قوله بأن ابن رشد أعطخى لـَذلك التقسـَيم مضـَمحونا إسـَلميا ‪ ،‬فهـَو ضـَعيف جـَدا ‪ ،‬لن ابـَن رشـَد‬
‫جعـَـَل الطخابـَـَة و الـَـَوعظ خاصـَـَيم بـَـَالمحهور ‪ ،‬و هـَـَذا تمـَـَالف للشـَـَرع ‪ ،‬لن ذلـَـَك الطخـَـَاب الشـَـَرعي مـَـَوجه‬
‫لكل السلمحيم دون استثناء و ل تصيص ‪ ،‬و ينتفع بـَه كـَل النـَاس ‪،‬و أهـَل البهـَان أولـَ مـَن غيهـَم بأن‬
‫تت‬
‫يم ((‪-‬سورةا الذاريات ‪. - 55 :‬‬ ‫ينتفعوا بذلك ‪ ،‬لذا قال ال تعلى ‪ )) :‬دوذدبكأر فدتإلن البذأكدرى دتندفتع الأتمحأؤمن د‬
‫و أما الدل فقد سبق أن بينا أن ابن رشد أعطخى للجدل مفهوما أرسطخيا و لـَ تيعطخـَـَه مفهومـَا شـَرعيا ‪،‬‬
‫و ذكرنا أنه أغفل الفهـَوما الشـَرعي للجـَدل فـَ مؤلفـَاته ‪ .‬و أمـَا مفهـَومه للحكمحـَة فهـَو أيضـَا ليـَس مفهومـَا‬

‫‪ 1‬محمود حمدي زقزوق ‪ :‬الدين و الفلسفة و التنوير ‪ ،‬دار المعارف ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬د ت ‪ ،‬ص‪. 60 ،59 :‬‬
‫شـَرعيا ‪ ،‬لن الكمحـَة عنـَده هـَي الفلسـَفة عامـَة و الرسـَطخية خاصـَة ‪ ،‬و الكمحـَاء عنـَده هـَم الفلسـَفة ‪،‬و‬
‫أما غيهم مـَـَن أهـَل العلـَـَم فهـَم مـَن الـَدلييم و المحهـَور‪ .1‬و هـَذا اعتـَداء علـَـَى الشـَرع و تريـَـَف لـَـَه ‪ ،‬لن‬
‫الكمحـَـَة فـَ ـَ الشـَ ـَريعة أساسـَـَها معرفـَـَة علـَ ـَوما الكتـَـَاب و السـَـَنة واللـَـَتزجاما بمحـَـَا أول ‪ ،‬ثـَ ـَ كـَـَل صـَـَحيح ينفـَـَع‬
‫النسان ثآانيا ‪،‬و أهلهـَا هـَم النبيـَاء و أتبـَاعهم ‪،‬و مـَن سـَار علـَى نجهـَم إلـَ يـَوما الدين‪ . 2‬و أمـَا فلسـَفة‬
‫أرسـَـَطخو فليـَـَس فيهـَا مـَـَن الكمحـَة إل القليـَـَل ‪،‬و هـَـَي مليئِّـَـَة بالشـَـَركيات‪،‬و الباطيـَـَل ‪،‬و الظنـَـَون الرافـَـَات ‪،‬و‬
‫الوهاما و الخطخاء ‪ .‬فأين الفهوما الشرعي الذي أعطخاه ابن رشد لذلك التقسيم ؟ ! ‪.‬‬
‫و أما الاصية الثانية فإن منهجه الستدلل يتصـَف بكثرةا الـَدعاوى العريضـَة ‪ ،‬و الحكـَاما القطخعية‬
‫‪،‬و الستعلء على أهل العلم من جهة ‪،‬و كثرةا الخالفات الشرعية ‪،‬و التأويلت الباطلة ‪،‬و قلـَـَة البهـَـَان‬
‫و اليقيم و التحقيق من جهة ثآانية ‪.‬‬
‫و الاصـَـَية الثالثـَـَة ‪ ،‬إن منهجـَـَه ليـَـَس منهجـَـَا شـَـَرعيا فـَ أسسـَـَه و تطخبيقـَـَاته و غايـَـَاته ‪،‬و إنـَـَا هـَـَو منهـَـَج‬
‫أرس ـَـَطخي ‪ ،‬غ ـَـَايته خدم ـَـَة الرس ـَـَطخية الشـَ ـَائاية بختل ـَـَف الوسـَ ـَائال المحكنـَـَة ‪ ،‬فـَ ـَ مق ـَـَدمتها اسـَـَتخداما التأوي ـَـَل‬
‫التحريفي ف التعامل نصوصا الكتاب و السنة‪.‬‬
‫و الاصية الخيةا –و هـَي الرابعـَة‪ -‬إنـَه منهـَج خطخيـَ علـَى الشـَريعة يستبطخن إنكار تحجيتهـَا ‪ ،‬بدليل‬
‫أنه قال ‪ :‬إن الفلسفة جيعا اتفقـَوا علـَى أن مبـَادئ العمحـَل بالشـَريعة يـَب )) أن تتؤخـَذ تقليـَدا ‪ ،‬إذ كـَان‬
‫ل سبيل إل البهان على وجوب العمحل إل بوجود الفضائال الاصلة عن العمحال اللقية و العمحلية ((‪.3‬‬
‫و معن قوله هذا أن مبادئ العمحل بالشريعة ليست تمبهنة من داخلها ‪،‬و ل سبيل للبهنة على وجوب‬
‫العمحل با إل من آثآار تطخبيقها ف الواقع العمحلي ‪ .‬و هذا زعـَم باطـَل شـَرعا و عقل ‪ ،‬فأمـَا شـَرعا فـَإن الـَ‬
‫س‬ ‫تعال وصف شريعته بأنا حق و علم ‪،‬و برهان و بيان ‪،‬و نور و آيات ‪ ،‬كقوله تعال ‪)) :‬ديا أديـَمدها النلـَـَا ت‬
‫ت‬
‫ت‬‫قدـَأد دجـَـَاءتكم بـَتأردهـَـَابن بمـَـَن لربتك ـَأم دودأندزجلأندـَـَا إتلدأيتك ـَأم نـَتـَوراد متبين ـَاد((‪-‬سـَـَورةا النسـَـَاء ‪ ، - 174 :‬و ))دولدئِّ ـَتن اتلـَبدـَأع ـَ د‬
‫تت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫أدأه ـَدواءتهم بمـَـَن بدـَأع ـَد دمـَـَا دجـَـَاءدك تم ـَدن الأعتأل ـَتم إتنلـَ د‬
‫يم ((‪-‬سـَـَورةا البق ـَرةا ‪ ، - 145 :‬و ))قدـَأد‬ ‫ك إتدذاد لمح ـَدن الظـَلـَالمح د‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫يم ((‪-‬سورةا الائادةا ‪ ، - 15 :‬فالشريعة كلها حـَـَق و برهـَـَان ل تتـَـَاج إلـَ‬ ‫ب مبت ب‬ ‫دجاءتكم بمدن الليه تنوبر دوكدتا ب‬
‫من تيبهنها من خارجها ‪.‬‬
‫و أما عقل فالمر واضح أيضـَا ‪ ،‬فعنـَدما يتقـَال ‪ :‬إن فلنـَا قال كـَذا و كـَذا ‪ ،‬فنحـَن نتطخـَالبه بالـَدليل و‬
‫البهان ‪ ،‬لنه ليس معصوما ‪ ،‬و قـَوله يتمحـَل الطخـَأ و الصـَواب ‪ .‬لكننـَا إذا قلنـَا ‪ :‬إن السـَلما شـَريعة الـَ‬
‫الالدةا ‪،‬و وحيه الخي إل بن آدما على وجه الرض ‪ ،‬فهذا يعن بالضرورةا أنه حق و برهان ‪ ،‬مـَـَن دون‬
‫الرجوع إل مصادر معرفية أخرى للبهنة على برهانية الشريعة ‪.‬‬

‫‪ 1‬سابق توثيق ذلك مرارا ‪.‬‬


‫‪ 2‬الراغب الصأفهاني‪ :‬مفردات القرآن ‪ ،‬ص‪. 347 :‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 374:‬‬
‫و هو با أنه كان يعتقد أن الفلسـَـَفة الشـَائايم هـَم أهـَـَل البهـَـَان و اليقيمـَ مـَن جهـَة ‪،‬و أنـَـَم تيؤمنـَـَون‬
‫بالش ـَريعة السـَـَلمية مـَـَن جهـَـَة أخـَـَرى ‪ ،‬فهـَـَذا يعن ـَ أنـَـَم آمن ـَوا بـَـَا بنـَـَاء علـَـَى براهيم ـَ قـَـَامت عنـَـَدهم علـَـَى‬
‫صـَـَدق الش ـَريعة ‪،‬و بـَـَا أنـَـَا كـَـَذلك فهـَـَم ل يتـَـَاجون إل ـَ ش ـَواهد و براهيم ـَ مـَـَن خارجهـَـَا ليعرف ـَوا وجـَـَوب‬
‫العمحل با ! ‪ .‬و إذا أصروا على البحث عن ذلك من خارجها فهذا نقض ليانم الول با ‪.‬‬

‫و أما قوله )) يب أن تتؤخـَذ تقليـَدا (( ‪ ،‬فهـَذا ل يصـَح شـَرعا و ل عقل فـَ حق أهـَل العلـَم ‪ ،‬لن‬
‫التقليد هو أخذ برأي الغي من دون دليل ‪،‬و هذا أمر مذموما ‪،‬و تربية على العجـَـَزج ‪ ،‬لـَ يـَأمر بـَـَه الشـَرع و‬
‫ل يليق بأهل البهان و اليقيم ‪ .‬فكيف سح لنفسـَه بأن وصـَف نفسـَه و أصـَحابه بأنم يقليـَدون الشـَريعة‬
‫صهم ال بالتأويل حسب زعمحه ؟ ! ‪.‬‬ ‫‪،‬و كان قد جعلهم من الراسخيم ف العلم الذين خ ي‬
‫و ختامـَ ـَـَا لـَ ـَـَذا البحـَ ـَـَث يتـَ ـَـَبيم ‪-‬مـَ ـَـَا ذكرنـَ ـَـَاه ‪ -‬أن السـَ ـَـَباب العمحيقـَ ـَـَة فـَ ـَ كـَ ـَـَثرةا أخطخـَ ـَـَاء اب ـَـَن رشـَ ـَـَد‬
‫السـَـَتدللية تتعل ـَـَق أساس ـَـَا بانراف ـَـَات منهج ـَـَه الس ـَـَتدلل و نقائاص ـَـَه ‪ ،‬كنظرت ـَـَه القاصـَ ـَرةا للش ـَـَرع و ط ـَـَرق‬
‫الستدلل ‪،‬و مبالغته ف تعظيم النطخق الصوري و غليوه فيه ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من مكانة أرسطو العلمية ‪:‬‬
‫بـَـَالغ ابـَـَن رشـَـَد مبالغـَـَة شـَـَديدةا فـَ مـَـَوقفه مـَـَن أرسـَـَطخو ‪،‬و غـَـَال فيـَـَه غلـَوا كـَـَبيا حـَـَت خـَـَرج عـَـَن حـَـَدود‬
‫الشرع و العقل معا ‪ .‬فمحا هي تفاصيل ذلـَك ؟ ‪،‬و مـَا هـَي النتقـَادات الوجهـَة إليـَه فـَ غلـَوه هـَذا ؟ ‪ .‬إنـَه‬
‫صـَـَر ف ـَ مـَـَوقفه مـَـَن هالـَـَة الشـَـَمحس و القمحـَـَر ‪ ،‬فهكـَـَذا‬ ‫وصـَـَف أرسـَـَطخو بـَـَأنه الكيـَـَم الول ‪ .‬و أنـَـَه ل ـَ تيق ي‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫صـَـَر قـَي ذلـَـَك و تـَـَرك شـَيئِّا يـَـَب ذكـَـَره فـَ‬ ‫ينبغي أن )) تيفهم المر عن أرسطخو ف هذه الشياء ‪ ،‬ل أنـَـَه ق ي‬
‫صـَـَه بالكمحـَـَال النسـَـَان‪،‬و كـَـَان الـَـَددرك عنـَـَده بسـَـَهولة ‪ ،‬هـَـَو‬ ‫هـَـَذا العلـَـَم و ل فـَ غيه ‪ .‬فسـَـَبحان الـَـَذي خ ي‬
‫ت‬
‫الددرك عند الناس بعد فحص طويل و صعوبة كثيةا ‪.‬و الـَدرك عنـَـَد غيه بسـَـَهولة خلف الـَدرك عنـَـَده ‪.‬‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫و لذلك كثيا ما ينشأ للمحفسرين شكوك على أقاويل هذا الرجل ‪ ،‬ث يتبيم بعد زمان طويل صـَواب قـَوله‬
‫‪ ،‬و تقص ـَـَي نظـَـَر الغيـَ ـَ ‪ ،‬بالظإافـَـَة إلـَ ـَ نظ ـَـَره ‪ .‬و بـَـَذه القـَ ـَوةا الليـَـَة الـَـَت توجـَـَدت في ـَـَه كـَـَان ه ـَـَو الوج ـَـَد‬
‫للحكمحـَـَة و التمحـَـَم لـَـَا ‪ .‬و ذلـَـَك شـَـَيء يقـَـَل وجـَـَوده ف ـَ الصـَـَنائاع ‪ ،‬أي صـَـَناعة كـَـَانت ‪ ،‬فكيـَـَف ف ـَ هـَـَذه‬
‫الصناعة العظمحى ؟ ‪ .‬و إنا قلنا أنه الوجد و التمحم لن ما سلف لغيه فـَ هـَـَذه الشـَـَياء ليسـَـَت تسـَـَتأهل‬
‫ت‬
‫أن تتعل شكوكا علـَى هـَذه الشياء ‪ ،‬فضـَل عـَن أن تكـَون مبـَادئ ‪ .‬و إذ قـَد تبيم هـَذا ‪ ،‬فـَإذن ليـَس فـَ‬
‫أقاويـَـَل أرسـَـَطخو شـَـَيء يتـَـَاج إلـَ تتمحيـَـَم ‪ ،‬كمحـَـَا زعـَـَم أبـَـَو بكـَـَر بـَـَن الصـَائاغ‪-‬ابـَـَن باجـَـَة‪ . -‬نعـَـَم فيهـَـَا أشـَـَياء‬
‫كثيةا ل يفهمحها هو و ل نن بعده ‪،‬و باصة ف الكتب الت ل تصل غلينا ‪ ،‬فيهـَـَا أقاويـَـَل الفسـَرين ‪ .‬و‬

‫‪ 1‬سانعتمد في ذلك على كتب ابن رشد أول ‪،‬و على مصنفات الرشدييين المتخصصين في ابن رشد عندما يتعذر علينا العثور على بعض‬
‫أقوله من كتبه مباشرة ‪.‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 220 :‬‬
‫لذلك كـَان الـَواجب عليـَه أن يسـَتعمحل الفحـَص عـَن كلمـَه ل بتلـَك الشـَياء الارجـَة عـَن طريقـَة التعليـَم‬
‫((‪. 1‬‬
‫و من ذلك أيضا أنه –أي ابن رشد‪ -‬كان يعتقد أن نظر أرسطخو فوق نظر جيع الناس‪. 2‬و أنه قال‬
‫–فيمحا بعد الطخبيعة قـَول )) تامـَا و حـَل كـَـَل الشـَكوك فـَ لـَـَك ((‪،‬و )) رأيـَـَه هـَو الـَرأي الـَذي تنفصـَل عنـَـَه‬
‫جيـَع العتحاضـَـَات ‪ ،‬و تنحـَل بـَـَه جيـَع الشـَـَكوك الواقعـَة فـَ البـَادئ ((‪. 3‬و إذا كـَـَان واجبـَا علـَى أرسـَـَطخو‬
‫شكر من تقدمه مع )) قلة ما كان عند من تقدمه من معرفة الق ‪،‬و تعظـَـَم مـَـَا أتـَـَى بـَـَه مـَـَن الـَـَق بعـَـَدهم‬
‫و انفـَـَرد بـَـَه ‪ ،‬حـَت انـَه دكتمحـَل عنـَده الـَـَق ‪ .‬فكـَم أضـَـَعاف ‪ ...‬مـَا يـَـَب علـَى مـَـَن جـَاء بعـَده مـَـَن شـَكره و‬
‫معرفة حقه‪،‬و شكره الاصا به ‪ ،‬إنا هو العناية بأقاويله و شرحها و إيضاحها لمحيع الناس ((‪. 4‬‬
‫و وصفه بأنه أكب الناس عقل ‪،‬و هو الـَذي ألـَف علـَوما النطخـَـَق و الطخبيعيـَات ‪ ،‬و مـَـَا بعـَد الطخبيعـَة و‬
‫أكمحلها ‪ .‬و سبب قوله هذا هو أن جيع الكتب الت تألفت ف هذه العلوما قبـَل ميـَء أرسـَطخو ل تسـَتحق‬
‫جهـَـَد التحـَـَدثَ عنهـَـَا ‪ .‬ثـَ قـَـَال ‪ )) :‬نمحـَـَد الـَ كـَـَثيا علـَـَى اختيـَـَاره ذلـَـَك الرجـَـَل‪-‬أي أرسـَـَطخو‪ -‬للكمحـَـَال ‪،‬‬
‫فوضعه ف أسى درجات العقل البشري ‪،‬و الت لـَ يسـَتطخع أن يصـَـَل إليهـَـَا أي رجـَـَل فـَ أي عصـَـَر ((‪ 5‬و‬
‫هو أعقل اليونان و واضع علوما النطخق و الطخبيعيات ‪،‬و ما وراء الطخبيعة و متمحمحهـَـَا ‪ ...‬و ل وجـَـَدوا خطخـَـَأ‬
‫فيها ‪... ،‬و )) تيوجب تسمحيته ملكا إليا ل بشرا (( ‪،‬و إننا نمحد ال حـَدا كثيا لنـَه ق يدر الكمحـَال لـَذا‬
‫الرجل‪ ،‬و وضعه ف درجة ل يبغلها أحد غيه من البشر ف جيع الزجمان ‪،‬و ربا كان البارئ تمشيا إليه لا‬
‫قال ف كتابه )) و الفضل ل تيؤتيه من يشاء ((‪ ، 6‬و برهانه لو )) الق البيم ‪،‬و يكننا أن نقول عنه ‪:‬‬
‫إن العناية اللية أرسلته إلينا لتعليمحنا ما يكن علمحه ((‪. 7‬‬
‫و مذهب أرسطخو –عند ابن رشد – هـَو )) الـَذهب الذي ترتفـَع عنـَه جيـَع الشـَكوك التقدمـَة الت تلـَزجما‬
‫الفريقيم ‪ ،‬مع أنه أمر حق ف نفسه ‪ ،‬و معروف با تعرف به الوائال ‪ .‬فمحا اشـَد مطخابقـَـَة مـَذهب أرسـَطخو‬
‫للحق ‪،‬و ما أبعد الناس من الفهم عنه ف كثي من الشياء العروفة بنفسـَها ‪ ،‬فضـَل عـَن العروفـَة بغيهـَا‬
‫‪،‬و ال تيؤت فضله من يشاء ((‪. 8‬‬
‫تلـَك بعـَض أقـَوال ابـَن رشـَد التطخرفـَة و الغاليـَة فـَ مـَوقفه مـَن شخصـَية أرسـَطخو العلمحيـَة ‪،‬و هـَي صـَـَرية‬
‫بـَـَأنه ادعـَـَى فيـَـَه العصـَـَمحة مـَـَن الطخـَـَأ ‪،‬و بلـَـَوغ الكمحـَـَال ف ـَ العلـَـَم و الحاطـَـَة بـَـَه ‪ ،‬و وصـَـَفه بأوصـَـَاف غي ـَ‬
‫بشرية ل يتصف با إل نب ‪،‬و بعضها ل يتصف با إل ملك تمقيرب ‪ ،‬عندما ادعى فيه العصـَـَمحة و بلـَـَوغ‬
‫الكمحـَـَال النسـَـَان ‪،‬و وصـَـَفه بـَـَأنه ملـَـَك إلـَـَي ل بشـَـَر ‪ .‬و هـَـَذه الوصـَـَاف مصـَـَدرها التعصـَـَب لرسـَـَطخو و‬
‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص الثار العلوية ‪ ،‬ص‪. 146 ، 145 :‬‬
‫‪ 2‬الجابري‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 166 ،-165 :‬‬
‫‪ 3‬محمد المصباحي ‪ :‬الوجه الخر لحداثة ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 76 :‬‬
‫‪ 4‬نفسه ‪ ،‬ص‪ . 77 ، 76 :‬و الجابري ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 180 ، 179 :‬‬
‫‪ 5‬عاطف العراقي ‪ :‬الفيلسوف ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 53 :‬‬
‫ل‬ ‫س‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫ضتل اح يتلؤحتيحه سمن يسسشاتء سوات ذو الف ل‬
‫ضحل السعحظيحم ((‪-‬ساورة الجمعة ‪- 4 :‬‬ ‫‪ 6‬هذه الية ذكرها بالمعنى ‪،‬و نصها هو ))سذلح س‬
‫ك فس ل‬
‫‪ 7‬فرج أنطون ‪ :‬ابن رشد و فلسفته ‪ ،‬ص‪. 88 :‬‬
‫‪ 8‬محمد المصباحي ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 131 :‬‬
‫تقليده ‪،‬و قلة العلـَم و ضـَعف اليـَان بـَدين السـَلما ‪ .‬لن تلـَك الوصـَاف ل تصـَدر عـَن مـَؤمن صـَادق‬
‫اليـَـَان عـَـَال بالشـَ ـَريعة ‪ ،‬و عـَـَارف بيـَ ـَزجان تقـَـَوي الرجـَـَال و تقييمحهـَـَم ‪،‬و الـَ ـَ سـَـَبحانه و تعـَـَال يقـَـَول ‪)) :‬‬
‫دوفدـَ ـَأودق تكـَ ـَبل تذي تعألـَ ـَمم دعلتي ـَبم ((‪-‬سـَـَورةا يوسـَـَف ‪- 76 :‬ـَ ‪ ،‬و )) دوقتـَـَل لر ب‬
‫ب تزأدتنـَ ـَ تعألمحـَ ـَاد ((‪-‬سـَـَورةا طـَـَه ‪:‬‬
‫‪ ، - 114‬و ))دودما تأوتتيتتم بمن الأعتألتم إتلل قدتليلد ((‪-‬سورةا السراء ‪، - 85 :‬و قال الرسول‪-‬عليـَه الصـَلةا‬
‫و السـَلما‪)) : -‬كـَل بنـَ آدما خطخـَاء وخيـَ الطخـَائايم التوابـَون ((‪ . 1‬فهـَذا الرجـَل‪-‬أي ابـَن رشـَد‪ -‬مـَا كـَان‬
‫ف مستوى علوما الشريعة ‪ ،‬و ل علوما الطخبيعة ‪ ،‬و ل علـَوما العمحـَران ‪ ،‬لـَذلك صـَدرت عنـَه تلـَك الباطيـَل‬
‫و الشـَـَطخحات ‪،‬و المحاقـَـَات و التعصـَـَبات الرفوضـَـَة شـَـَرعا و عقل و علمحـَـَا و ل مـَـَبر صـَـَحيح مقبـَـَول لـَـَا‬
‫أبدا‪.‬‬
‫و ردا عليه أقول ‪ :‬أول إن زعمحه بأن أرسطخو موجد الكمحة‪ -‬الفلسفة‪ -‬و تمتمحمحها ‪ ،‬و أنه أعطخي لغيه‬
‫من أهل العلم أكثر من ما أخذ منهم ‪ ،‬هو زعـَم باطـَل تمـَـَالف لعطخيـَـَات تاريـَـَخ الفكـَـَر اليونـَان و حقـَائاقه‬
‫‪ ،‬الت تتثبت أن تمعظم أصول فكر أرسطخو و فروعـَه تـَد جـَذورها و مادتـَا و تفاصـَيلها فـَ ذلـَك الفكـَر ‪.‬‬
‫المـَـَر الـَـَذي يعنـَ أن أرسـَـَطخو لـَ تيوجـَـَد الفلسـَـَفة ‪،‬و أنـَـَه أخـَـَذ مـَـَن ذلـَـَك الفكـَـَر أكـَثر مـَـَا أعطخـَـَى لـَـَه ‪،‬و هـَـَذا‬
‫خلف ما زعمحـَه ابـَن رشـَد ‪ ،‬مـَا يعنـَ أنـَه إمـَا تعمحـَد التحريـَف و البالغـَة و الغلـَو ‪ ،‬و إمـَا أنـَه كـَان يهـَل‬
‫تاريـَـَخ الفكـَـَر اليونـَـَان و تطخـَـَوراته ‪ ،‬و إمـَـَا أنـَـَه جـَـَع المريـَـَن معـَـَا ‪ .‬و الشـَواهد الكـَـَثيةا و القويـَـَة التيـَـَة تتثبـَـَت‬
‫ذلك با ل يدع مال للشك ‪.‬‬
‫أولا يتعلق بالفلسفة و النطخق الصوري عامة ‪ ،‬فالفلسفة بعناها الشامل ليست من إبداعات اليونـَـَان ‪،‬‬
‫فقـَد توجـَـَدت عنـَد الكلـَدانييم و البـَابلييم و الصـَرييم بإلياتـَـَا و طبيعياتـَـَا ‪ ،‬ثـَ ازدهـَـَرت أكـَثر عنـَـَد اليونـَان‬
‫قبل أرسطخو‪. 2‬و ابن رشد نفسه ذكر أن الكمحة تعرفت قديا عند الكلدانيييم ث بادت‪. 3‬‬
‫و أمـَـَا بالنسـَـَبة للمحنطخـَـَق الصـَـَوري‪-‬الـَـَذي هـَـَو جـَـَزجء صـَـَغي مـَـَن العقـَـَل الفطخـَـَري‪ -‬فجـَـَذوره و بـَـَداياته كـَـَانت‬
‫واضحة فـَ الفلسـَفة اليونانيـَة قبـَل أرسـَطخو ‪ .‬فمحـَن ذلـَك أن السوفسـَطخائاييم عترفـَوا بـَالعلمحيم و رجـَال العرفـَة‬
‫الـَـَذين تيعلمحـَـَون النـَـَاس الكمحـَـَة‪،‬و هـَـَي علـَـَم القنـَـَاع و البهـَـَان ‪،‬و التعـَـَبي الصـَـَحيح ‪،‬و علـَـَم العلـَوما ‪ .‬فكـَـَان‬
‫لعلمحهـَـَم هـَـَذا بـَـَالغ التـَأثآي )) فـَ نـَـَو الفكـَـَر النطخقـَـَي ‪،‬و فـَ البحـَـَث فـَ اللفـَـَاظ ‪،‬و دللتهـَـَا ‪،‬و القضـَـَايا و‬
‫أنواعها ‪،‬و ف وضع قواعـَد و شـَروط البهـَان ‪ .‬فالرأي الصـَحيح بنظرهـَم هـَو الذي يكـَن أن تيبهن ‪ .‬أي‬
‫تيقنـَـَع النـَـَاس ‪،‬و برهـَـَن تعنـَ ـَ أقنـَـَع فـَ ـَ مـَـَذهبهم (( ‪ .‬و علمحـَ ـَوا النـَـَاس أيضـَـَا مارسـَـَة النطخـَـَق و النـَـَاظإرات و‬
‫الستدلل ‪،‬و اكتشاف الطخأ ‪ .‬فساهوا ف ظإهور النطخق ‪،‬و كانوا وراء سقراط و أفلطون و أرسـَـَطخو فـَ‬
‫متابعـَـَة مهمحتهـَـَم ‪،‬و العتمحـَـَاد علـَـَى العقـَـَل ف ـَ أمـَـَور الـَـَذين و القيـَـَم ‪ .‬لكـَـَن أفلطـَـَون و أرسـَـَطخوا سـَـَاها ف ـَ‬

‫‪ 1‬ناصأر الدين اللباني ‪ :‬صأحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته ‪ ،‬المكتب السالمي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ ، 865 :‬رقم الحديث ‪:‬‬
‫‪. 25550‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص السماء و العالم ‪ ،‬ص‪ . 88 :‬و ماهر جابر محمد ‪ :‬تطور الهندساة و التكنولوجية ‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪،‬‬
‫القاهرة ‪ ، 2006 ،‬ص‪ . 28 ، 27 :‬و مصطفى النشار ‪ :‬مدخل لقراءة الفكر الفلسفي ‪ ،‬ص‪. 131 ،91 :‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 88 :‬‬
‫تشويه مذهب السوفسطخائاييم ‪،‬و ساعدها على ذلك تيول التأخرين منهم إلـَ تمغـَـَالطخيم و متـَاليم لخـَذ‬
‫الموال زمن أفلطون‪. 1‬‬
‫و من ذلك أيضا دور الفيلسوف برمنيدس و سقراط و أفلطون ف نشأنة النطخق الصوري و تطخويره ‪،‬‬
‫فالول أهتم كثيا بالعقل الالص و بالغ فيه ‪،‬و أثآر إل حد بعيد ف استخراج )) قواعـَـَد النطخـَـَق الصـَـَوري‬
‫الرسطخي ‪ ،‬و خاصة مبدأ الوية ‪ ،‬و مبدأ عدما التنـَاقض (( ‪ ،‬فكـَـَان لـَه بـَذلك تـَأثآي كـَبي فـَ أفلطـَون و‬
‫أرسطخو‪. 2‬و أما سقراط فهو قد اشتغل بالنطخق الصوري عندما كان يرد علـَـَى السوفسـَـَطخائاييم فـَ إنكـَـَارهم‬
‫لقائاق الشياء ‪ ،‬فكان له دور كبي هاما ف تأسيس ذلك النطخق ‪ ،‬فتكيلم عن اكتسـَـَاب الـَـَد بالسـَـَتقراء‬
‫‪،‬و تركيب القياس من الدود‪. 3‬‬
‫و أما أفلطون فهو أيضا ساهم بقوةا ف نشأةا النطخق الصوري و تطخويره ‪ ،‬فاهتم كـَثيا بالـَدل‪ -‬هـَـَو‬
‫جـَـَزجء مـَـَن النطخـَـَق‪ -‬و بييمـَ أهيتـَـَه ‪،‬و ذكـَـَر أن العلـَـَم تيبنـَ علـَـَى البهـَـَان ‪،‬و أن الظـَـَن مبنـَ علـَـَى التخمحيمـَ ‪.‬و‬
‫بث ف التصورات العقلية الت تشمحل عال الطخبيعة كله ‪،‬و الت تتفسـَـَر الوجـَـَودات الزجئايـَـَة السوسـَـَة أيضـَـَا‬
‫‪.‬و تكلـَيـَم فـَ الجنـَـَاس و النـَواع ‪،‬و الطخـَـَرق الـَـَت تسـَـَتخدما فـَ الـَـَدل‪. 4‬و هـَـَو‪-‬أي الـَـَدل‪ -‬يرتفـَـَع بالعقـَـَل‬
‫من السوس إل العقول ‪،‬و و هو العلم )) الكلي بالبادئ الول و المور الدائامحـَة ‪ ،‬يصـَل غليهـَـَا العقـَـَل‬
‫بعـَـَد العلـَ ـَوما الزجئايـَـَة ‪ ،‬و ينـَـَزجل بـَـَه إلـَ ـَ هـَـَذه العل ـَوما و يترتبهـَـَا ببادئاهـَـَا ‪،‬و إلـَ ـَ السوسـَـَات تيفيسـَـَرها ((‪ . 5‬و‬
‫أرسطخو نفسه اعتحف بأن أفلطون كان له اشـَتغال بالنطخق فيمحـَا يتعلـَق بالقيـَاس السوفسـَطخائاي ‪،‬و القيـَاس‬
‫الصحيح‪ . 6‬فكان له بذلك تأثآي واضح ف أرسطخو عندما قال بالقياس الصوري‪. 7‬‬
‫و أما أرسطخو فإن دوره ف النطخق الصوري ‪ ،‬فقد تثل ف مواصلة تطخويره و خدمته ‪ ،‬فريتب مباحثه ‪،‬‬
‫صـَـَله‪ . 8‬و أمـَـَا القـَـَول بـَـَأنه واضـَـَع ذلـَـَك النطخـَـَق بمحلتـَـَه ‪،‬و أنـَـَه ل ـَ‬
‫و نظيمحـَـَه كعلـَـَم لـَـَه موضـَـَوعه‪،‬و ب ـَيوبه و ف ي‬
‫يتس ـَـَبق إلي ـَـَه ‪ ،‬فه ـَـَو ق ـَـَول غيـَ ـَ ص ـَـَحيح ‪ ،‬لن أص ـَـَول ذل ـَـَك النطخ ـَـَق و مش ـَـَاكله و مب ـَـَاحثه تع ـَـَود إلـَ ـَ زم ـَـَن‬
‫السوفسـَـَطخائاييم و سـَـَقراط و أفلطـَـَون ‪ .‬فعمحـَـَل أرسـَـَطخو هـَـَو حلقـَـَة مـَـَن حلقـَـَات تاريـَـَخ النطخـَـَق الصـَـَوري ‪ ،‬و‬
‫قـَـَد جـَـَاء الشـَـَاؤون بعـَـَده و واصـَـَلوا خـَـَدمته بشـَـَرح مـَـَا أجلـَـَه سـَـَلفهم أرسـَـَطخو‪ . 9‬و هـَـَم الـَـَذين أوصـَـَلوه إل ـَ‬
‫حالته الت هو عليها الن ‪.‬‬
‫و أما قول التكلم أب الفتح الشهرستان)ت ‪548‬ه( من أن أرسطخو أجل القول فـَ النطخـَق إجـَال‬
‫المحهدين ‪.‬و له حق السبق ‪،‬و فضيلة التمحهيد‪ . 10‬فهو قـَول ليـَس صـَحيحا علـَى إطلقـَه ‪ ،‬و فيـَه إغمحـَاط‬
‫‪ 1‬حسين حرب ‪ :‬الفكر اليوناني قبل أفلطون ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الفكر اللبناني‪ ،‬بيروت ‪ ، 1990 ،‬ص‪. 94 ، 90 ، 89 :‬‬
‫‪ 2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 70 :‬‬
‫‪ 3‬عبد الرحمن بيصار ‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ ،‬ص‪. 81 :‬‬
‫‪ 4‬أميرة حلمي‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ ،‬ص‪ . 252 ، 180 ، 179 ، 178 :‬و عبد الرحمن بيصار ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 97 ، 96 ،95 :‬‬
‫‪ 5‬عبد الرحمن بيصار ‪ :‬تأملت في الفلسفة الحديثة و المعاصأرة ‪ ،‬المكتبة العصرية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ص‪. 180 ، 179 :‬‬
‫‪ 6‬ابن ‪ :‬تلخيص السفسطة ‪ ،‬ص‪. 16 :‬‬
‫‪ 7‬علي أبو ريان ‪ :‬تاريخ الفكر الفلسفي ‪ ،‬ص‪. 44 :‬‬
‫‪ 8‬نفس المرجع ‪ . 58 ،‬و عبد الرحمن بيصار ‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ ،‬ص‪. 124 :‬‬
‫‪ 9‬الشهرساتاني ‪ :‬الملل و النحل ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1404 ،‬ص‪. 444 :‬‬
‫‪ 10‬نفسه ‪ ،‬ص‪. 444 :‬‬
‫لق السابقيم له ‪ ،‬لن أرسطخو ليس هو الذي مهـَد لظهـَور ذلـَك النطخـَق ‪ ،‬و ليـَس هـَو الـَذي أتـَه ‪،‬و إنـَا‬
‫الـَـَذين أبـَـَدعوه و مهـَـَدوا لـَـَه هـَـَم الـَـَذين سـَـَبقوه ‪ ،‬و الـَـَذين أتـَـَوه هـَـَم الـَـَذين جـَـَاؤوا مـَـَن بعـَـَده مـَـَن أصـَـَحابه‬
‫الشائايم ‪ .‬فعمحل أرسطخو القيقـَـَي هـَـَو التطخـَوير و المحـَع و التبـَويب ‪،‬و ليـَس هـَو مبـَدعه و ل مكتشـَـَفه و‬
‫ل متمحمحـَـَه‪ .‬و ل ـَ يكـَـَن لـَـَه حـَـَق السـَـَبق و ل فضـَـَيلة البـَـَداع و التـَـَاما ‪،‬و هـَـَو إذا كـَـَان لـَـَه فضـَـَل المحـَـَع و‬
‫التطخوير ‪ ،‬فإن لغيه فضل الكتشاف و التتمحيم ‪،‬و للمحكتشفيم حق السبق أيضـَـَا ‪،‬و ليـَـَس ذلـَـَك لرسـَـَطخو‬
‫‪ .‬و مـَـَع أن كـَـَل هـَـَؤلء سـَـَاهوا ف ـَ خدمـَـَة النطخـَـَق الصـَـَوري ‪،‬و لـَـَم الفضـَـَل ف ـَ ذلـَـَك ‪ ،‬فـَـَإن الكتشـَـَف و‬
‫البدع هو الكثر فضل من الطخيور و التمحم‪ ،‬لن البداع أصعب من التطخوير و التتمحيم فـَ الغـَـَالب العـَـَم‬
‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫‪ .‬فالشهرستان قلب القاعدةا ‪،‬و ابن رشد أغفل الذين سبقوا أرسطخو ‪،‬و زعم أنه هو الوجد للمحنطخق!‪.‬‬
‫و أشـَـَي هنـَـَا إل ـَ أن ابـَـَن رشـَـَد كمحـَـَا أغفـَـَل دور الفلسـَـَفة الـَـَذين سـَـَبقوا أرسـَـَطخو ‪ ،‬فـَـَإنه أغفـَـَل أيضـَـَا‬
‫الكمحـَـَة الليـَـَة الـَـَت جـَـَاء بـَـَا النبيـَـَاء قبـَـَل أرسـَـَطخو بعش ـَرات القـَـَرون ‪ ،‬فهـَـَؤلء هـَـَم الـَـَذين جـَـَاؤوا بالكمحـَـَة‬
‫القيقـَـَة الكاملـَـَة و الشـَـَاملة للليـَـَات و النسـَـَانيات‪ ،‬و أصـَـَول الطخبيعيـَـَات ‪،‬و هـَـَم الـَـَذين عليمح ـَوا البش ـَرية‬
‫التفكيـَ ـَ العلمحـَـَي ‪،‬و عيرفـَـَوهم بالعقائاـَـَد الصـَـَحيحة ‪،‬و أرشـَـَدوهم إلـَ ـَ العمحـَـَال الصـَـَالة ‪ ،‬و عـَـَن طريقهـَـَم‬
‫انتقلـَـَت الكمحـَـَة الليـَـَة –بعناهـَـَا الواسـَـَع‪ -‬إل ـَ كـَـَثي مـَـَن شـَـَعوب العـَـَال‪ .‬و عـَـَن ذلـَـَك يقـَـَول ال ـَ تعـَـَال ‪:‬‬
‫حيـَبد‬ ‫))ولددقأد آتدـَيـَدنا لتأقمحادن األتأكمحةد أدتن اأشـَتكر لتلـَته ومـَن يأشـَتكر فدتإلندـَا يأشـَتكر تلندـَأفتسـَته ومـَن دكدفـَر فدـَتإلن اللـَه دغتنـَ دت‬
‫د ل‬ ‫د‬ ‫دد‬ ‫د ت‬ ‫أ دد د أ‬ ‫د‬ ‫أ د‬ ‫د‬
‫ت‬
‫صـَدل األطخـَدـَاب ((‪ -‬سـَـَورةا ص ـَ ‪20 :‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫((‪-‬سـَـَورةا لقمحـَـَان ‪ ، - 12 :‬و ))دودشـَددأددنا تمألدكـَهت دوآتد أـَيـَندـَـَاهت األأكدمحـَةد دوفد أ‬
‫ب دواألتأكدمح ـَةد دوآتدأـَيـَندـَـَاتهم مألك ـَاد دعتظيمح ـَاد ((‪-‬سـَـَورةا النسـَـَاء ‪. - 54 :‬و‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫‪)) ، -‬فدـَدق ـَأد آتدأـَيـَندـَـَا آدل تإبأـَدراهي ـَدم الأكتدـَـَا د‬
‫النبياء كلهم جاؤوا بالكمحة اللية قبل أرسطخو و بعده ‪ ،‬فمحـَـَا كـَـَان لبـَـَن رشـَـَد أن يغفـَـَل هـَـَؤلء و يطخلـَـَق‬
‫تلك الازفة ! ‪.‬‬
‫و الشـَـَاهد الثـَـَان يتعلـَـَق بأزليـَـَة العـَـَال و قـَـَدمه زمانـَـَا و مكانـَـَا ‪ ،‬فـَـَإنه قـَـَد سـَـَبق أن ذكرنـَـَا أرسـَـَطخو و‬
‫أصـَـَحابه مـَـَن بعـَـَده قـَـَالوا بأزليـَـَة العـَـَال و قـَـَدمه زمانـَـَا و مكانـَـَا ‪ .‬و هـَـَذه الفكـَرةا ليسـَـَت جديـَـَدةا ‪،‬و ل هـَـَي‬
‫خاصة بأرسطخو ‪ ،‬فقـَـَد قـَال بـَا قبلـَه ‪ :‬الفيلسـَـَوف هرقليطخـَـَس )ق‪5 :‬قـَم ( ‪،‬و أكيسـَينوفان) ق‪5 :‬ق ما( ‪،‬‬
‫و لوقيبوس )ق‪5 :‬ق ما( ‪،‬و أنبادوقليس )ق‪5 :‬ق ما(‪ . 1‬و قد حكى أرسطخو نفسه أن الفلسفة‪ -‬الـَذين‬
‫سبقوه‪ -‬قالوا كلهم بأزلية الزجمان ما عدا أفلطون‪ . 2‬و فكـَرةا أزليـَـَة العـَـَال و قـَدمه هـَي حجـَر السـَـَاس فـَ‬
‫إليات أرسطخو ‪،‬و هي –على بطخلنا‪ -‬ليست من إبداعه ‪،‬و إنا ساير فيهـَـَا مـَـَن سـَـَبقه إليهـَـَا ‪،‬و حـَـَت إذا‬
‫كان قد تبناها عن بث ‪ ،‬فهو ليس تمبدعا لا أيضا ‪.‬‬
‫و الشاهد الثالث يتعلق بوضوع بالعناصـَر الربعـَة الكيونـَة للعـَال السـَفلي ‪ ،‬و بالعنصـَر الـَامس الكـَيون‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫للعـَـَال العلـَـَوي حسـَـَب زعـَـَم الفلسـَـَفة الرسـَـَطخية ‪ ،‬و قـَـَد سـَـَبق أن ذكرنـَـَا أن أرسـَـَطخو و أصـَـَحابه قـَـَالوا بـَـَأن‬

‫‪ 1‬حسين حرب ‪ :‬الفكر اليوناني قبل أفلطون ‪ ،‬ص‪. 77 ، 64 ، 59 :‬‬


‫‪ 2‬أرساطو ‪ :‬كتاب الطبيعة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 810 :‬‬
‫العـَال السـَفلي تمكـَيون الاء و الـَواء ‪ ،‬و النـَار و الـَتحاب ‪ ،‬و العـَال العلـَوي تمكـَيون مـَن عنصـَر خامس أزلـَ‬
‫تمغـَـَاير للعناصـَـَر السـَـَفلية ‪،‬و هـَـَو الثآيـَ ‪ .‬و هـَـَذه الفكـَرةا الباطلـَـَة ‪ ،‬قـَـَال بـَـَا فلسـَـَفة كـَـَثيون قبـَـَل أرسـَـَطخو ‪،‬‬
‫منهـَـَم ‪ :‬أبقـَراط ‪ ،‬و أنبـَـَادوقليس‪ ،‬و أنكسـَـَيمحندر ‪ ،‬و أنكسـَـَاغوراس ‪،‬و الطخبـَائاعيون عامـَـَة ‪،‬و أرسـَـَطخو أخـَـَذ‬
‫فكرةا العناصر الربعة من الطخبائاعييم‪. 1‬‬
‫و أما الشاهد الرابع فيتعلق بالركة و الضداد ‪،‬و الصورةا و اليول ف الطخبيعة ‪ ،‬من حيث النشأةا و‬
‫التكيون و الفساد ‪ ،‬و هذه الفكرةا هي حجر الساس ف فلسفة أرسطخو فيسر با التغيات الـَـَت تـَـَدثَ فـَ‬
‫العال السفلي ف إخراج ما بالقوةا إل الفعل ‪،‬و قد تكيلم عن ذلك ف كتابه الكـَون و الفساد و غيـَ مـَن‬
‫مصـَـَنفاته‪ .‬لكـَـَن هـَـَذه الفكـَرةا ليـَـَس مـَـَن إبـَـَداعاته و ل مـَـَن مكتشـَـَفاته ‪ ،‬فقـَـَد سـَـَبقه إلـَ القـَـَول بـَـَا فلسـَـَفة‬
‫يونانيون كأنبادوقليس‪ ،‬و هرقليطخس ‪،‬و أنكسيمحندر ‪،‬و أنطخيفن ‪،‬و ديقريطخس‪. 2‬‬

‫و الشـَـَاهد الـَـَامس يتعلـَـَق بالتـَـَاهيم الـَـَادي و الثـَـَال فـَ الفلسـَـَفة اليونانيـَـَة ‪ ،‬و أرسـَـَطخو و أصـَـَحابه‬
‫تبنوا التاهيم وفق فلسفتهم الشائاية الاصة بم‪ . 3‬لكن التاهيم ليسـَا مـَن إبـَداعهم ‪ ،‬فهمحـَا موجـَودان‬
‫ف ـَ الفكـَـَر اليونـَـَان قيـَـَل أرسـَـَطخو بقـَـَرون ‪ ،‬فقـَـَال بالتـَـَاه الـَـَادي الفلسـَـَفة الطخب ـَائاعيون ‪،‬و هريقليطخـَـَس‪ . 4‬و‬
‫قـَـَال بالتـَـَاه الثـَـَال برمنيـَـَدس ‪،‬و سـَـَقراط ‪ ،‬و أفلطـَـَون‪ . 5‬و جـَـَع أنبـَـَادوقليس بيمـَ ـَ التـَـَاهيم الـَـَادي و‬
‫الثال‪ .6‬و أرسطخو –ف جعه بيمـَ التـَاهيم‪ -‬كـَـَان قـَد أخـَـَذ الثاليـَة عـَـَن أسـَتاذه أفلطـَـَون ‪،‬و أخـَذ التـَاه‬
‫الادي عن الطخبائاعييم‪ . 7‬فأين الياد و البداع اللـَذان جـَاء بمحـَا أرسـَطخو فـَ هـَذين التاهيم الـَاميم فـَ‬
‫الفلسفة العامة ؟ ‪.‬‬
‫و الشاهد السادس يتعلق بالعرفة العلمحية و مصدرها ‪ ،‬فقد تكلم فيها فلسفة يونانيون قبل أرسطخو‬
‫‪ ،‬ث تكلم هو فيها من بعدهم ‪ ،‬فاتذ موقفا وسطخا بناء علـَى جعـَه بيمـَ الادية و الثالية ‪ ،‬لكنـَه لـَ يتبـَدع‬
‫فيهـَـَا و ل أوجـَـَد شـَيئِّا جديـَـَدا حاسـَـَا فاصـَـَل فـَ الوضـَـَوع ‪ ،‬لنـَـَه كـَـَان قـَـَد سـَـَبقه إلـَ الـَـَوض فيـَـَه فلسـَـَفة‬
‫يونان ‪ ،‬كديقريطخس ‪،‬و بارمنيـَدس ‪ ،‬و سـَقراط ‪،‬و أفلطـَون‪. 8‬و كـَان السوفسـَطخائايون مـَن الوائاـَل الـَذين‬
‫تكلمح ـَوا ف ـَ موضـَـَوع العرفـَـَة العلمحيـَـَة ‪ ،‬الـَـَت بنوهـَـَا علـَـَى ال ـَواس ‪،‬و حصـَـَروا موضـَـَوعها ف ـَ السوسـَـَات ‪ ,‬و‬
‫كان ديقريطخس يرى أن الحساس هو الصدر الوحيد للمحعرفـَـَة‪ . 9‬لكـَـَن سـَـَقراط جعـَـَل العرفـَـَة تشـَـَمحل كـَـَل‬

‫‪ 1‬أرساطو ‪ :‬كتاب الطبيعة ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ . 35 :‬و ابن رشد ‪ :‬رساائل ابن رشد الطبية ‪ ،‬ص‪ . 63 :‬و عبد الرحمن بيصار ‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪،‬‬
‫ص‪ 55 :‬و ما بعدها ‪ .‬و أميرة مطر ‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ ،‬ص‪ . 101 :‬و مصطفى النشار ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪ . 61-60 :‬و علي ابو‬
‫ريان ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 27 :‬‬
‫‪ 2‬أرساطو ‪ :‬كتاب الطبيعة ‪ ،‬ص‪ . 94 ،98 :‬و حسين حرب ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ . 56 :‬و أميرة مطر ‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ ،‬ص‪.101 :‬‬
‫‪ 3‬علي أبو ريان ‪ :‬دراساات في الفلسفة القديمة و العصور و الوساطى ‪ ،‬دار المعرفة الجامعية ‪ ،‬مصر ‪ ، 1999 ،‬ص‪, 13 :‬‬
‫‪ 4‬علي أبو ريان ‪ :‬تاريخ الفكر الفلسفي‪ ،‬ص‪ . 27 :‬و حسين حرب ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 71 :‬‬
‫‪ 5‬علي أبو ريان ‪ :‬دراساات في الفلسفة القديمة ‪ ،‬ص‪. 13 :‬‬
‫‪ 6‬حسين حرب ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 71 :‬‬
‫‪ 7‬علي أبو ريان ‪ :‬تاريخ الفكر الفلسفي ‪ ،‬ص‪. 32 :‬‬
‫‪ 8‬مصطفى النشار ‪ :‬نظرية المعرفة عند أرساطو ‪ ،‬ص‪. 33 ،31 :‬‬
‫‪ 9‬عبد الرحمن بيصار‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ ،‬ص‪. 85 ،70 :‬‬
‫الـَـَدركات السـَـَية و العقليـَـَة معـَـَا ‪،‬و جعـَـَل العقليـَـَة هـَـَي القيقيـَـَة ‪،‬و قـَـَد سـَـَار علـَـَى نجـَـَه تلمحيـَـَذه أفلطـَـَون‬
‫الذي توسع ف نظرية العرفة‪ . 1‬و أما أرسطخو فهو كعادته ‪ ،‬وجد الراء و النظريات جاهزجةا ‪ ،‬فسـَـَار علـَـَى‬
‫‪2‬‬
‫طريق أستاذه أفلطون ‪،‬و استفاد من سبقه ‪،‬و أضاف إل موقـَف شـَيخه اختيـَاراته و اجتهـَـَاداته الاصـَة‬
‫‪ .‬فأين الياد الزجعوما ؟ ‪.‬‬
‫و أما الشاهد السابع فيتعلق بالنهـَج التجريـَب فـَ دراسـَة الظـَواهر الطخبيعيـَة و تفسـَيها بالعلـَل الاديـَة‪.‬‬
‫هذا النهج مارسه أرسطخو ف كتبه الطخبيعية ‪ ،‬كمحا ف الثآار العلوية ‪،‬و السمحاء و العال ‪،‬و طبائاع اليـَوان‬
‫‪ ،‬من دون أن يلـَتزجما بـَه التزجامـَـَا كـَـَامل ‪،‬و ل مارسـَـَه مارسـَـَة صـَحيحة كاملـَة‪ . 3‬لكـَـَن هـَذا النهـَج ليـَس مـَن‬
‫ابتكـَاره و ل مـَن إبـَداعه ‪،‬و ل هـَو أوجـَده ‪ ،‬فقـَد مارسـَه النسـَان فـَ الضـَارات القديـَة بطخـَرق تمتلفـَة ‪،‬و‬
‫بنسب تمتفاوتة ‪ ،‬و أبرز مثال على ذلك ما حققـَه الصـَريون –زمـَـَن الفراعنـَـَة‪ -‬مـَن انتصـَارات و ابتكـَارات‬
‫ف مال الندسة و الطخب و الكيمحياء‪ . 4‬و أما عند اليونـَان قبـَل أرسـَطخو ‪ ،‬فقـَـَد مارسـَه فلسـَفة كـَثيون ‪،‬‬
‫منهم ‪ :‬الطخبائاعيون ‪،‬و أنبادوقليس ‪،‬و أنكساجوراس ‪،‬و أتبقراط‪. 5‬‬
‫و الشـَـَاهد الثـَـَامن يتعلـَـَق بعلـَـَم الي ـَوان ‪ ،‬فقـَـَد كـَـَانت لرسـَـَطخو معرفـَـَة واسـَـَعة بعلـَـَم الي ـَوان ‪ ،‬و لـَـَه فيـَـَه‬
‫مصنفات ‪ ،‬منها كتاب طبائاع اليوان البحري و البي ‪ ،‬لكنه ليس هو الوجد لذا العلم ‪،‬و ل البدع له‬
‫ت‬
‫‪ ،‬و ل هـَـَو البـَـَارع فيـَـَه ‪ ،‬فقـَـَد كـَـَانت لـَـَه فيـَـَه أخطخـَـَاء كـَـَثيةا جـَـَدا ‪ ،‬ذكرنـَـَا طرفـَـَا منهـَـَا فيمحـَـَا تقـَـَدما مـَـَن هـَـَذا‬
‫الفصل ‪.‬و من الذين سبقوه إل هـَذا العلـَم ‪ :‬الفيلسـَـَوف أنبـَادوقليس ‪ ،‬فقـَد كـَـَانت لـَـَه معرفـَـَة واسـَعة بعلـَم‬
‫اليـَوان ‪،‬و أثآـَر كثيا فـَ أرسـَطخو الذي أخـَذ بـَآرائاه التعلقـَة بعلـَم وظإـَائاف العضـَاء فـَ اليـَوان‪ . 6‬و منهـَم‬
‫أيضا أفلطون ‪ ،‬فقد كان له إطلع واسع بعلم وظإائاف العضاء ‪ ،‬و قد توسـَـَع فـَ مـَـَاورته لتيمحـَـَاوس فـَ‬
‫وصف تركيب أجساما الكائانات اليـَة ‪،‬و وظإـَائاف أعضـَائاها بنـَاء علـَى فكـَرةا الغائاية‪. 7‬و أمـَا أرسـَطخو فقـَد‬
‫تأثآر ف ذلك العلم بؤلء ‪،‬و بوالـَده الـَذي كـَـَان طبيبـَا ‪،‬و اعتمحـَـَد أيضـَـَا علـَى مشـَـَاهداته و تـَـَاربه الاصـَـَة‬
‫‪،‬و على ملحظات الرعاةا و صيادي الطخيور و الساك الذين كان يسألم عن طبـَائاع اليوانـَات العـَـَارفيم‬
‫با‪ .8‬فهل يصح بعد الذي ذكرناه الزجعم بأن أرسطخو هو تموجد علم وظإائاف العضاء ؟ ! ‪.‬‬

‫و الشـَـَاهد التاسـَـَع يتعلـَـَق بعلـَـَم الطخـَـَب ‪ ،‬فقـَـَد كـَـَان أرسـَـَطخو علـَـَى معرفـَـَة بـَذا العلـَـَم ‪ ،‬و قـَـَد سـَبقه إليـَـَه‬
‫مارسته و تنظيمحه و تنظيه و تقعيده أطباء كبار ‪ ،‬ل يصح معهم الزجعم بأن أرسطخو أوجد علم‬

‫‪ 1‬عبد الرحمن بيصار ‪ :‬تأملت في الفلسفة الحديثة و المعاصأرة ‪ ،‬ص‪ 173 :‬و ما بعدها ‪. 179 ،‬‬
‫‪ 2‬مصطفى النشار ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 32 ، 31 :‬‬
‫‪ 3‬سابق ذكر نماذج كثيرة من ذلك ‪،‬و بينا من خللها أنه كان كثير الخطأ في ممارساته لذلك المنهج ‪.‬‬
‫‪ 4‬سابق توثيق ذلك ‪.‬‬
‫‪ 5‬أميرة مطر ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪ . 107 ،101 :‬و علي أبو ريان ‪ :‬تاريخ الفكر الفلسفي ‪ ،‬ص‪ 237 :‬و ما بعدها ‪ .‬حسين حرب‪:‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬ص‪ . 105 :‬و الموساوعة العربية الميسرة ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 7 :‬‬
‫‪ 6‬أميرة مطر ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 104 :‬‬
‫‪ 7‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 191 :‬‬
‫‪ 8‬إماما عبد الفتاحا إماما ‪ :‬أرساطو و المرأة ‪ ،‬ص‪. 44 :‬‬
‫الطخـَـَب و أبـَـَدعه كعلـَـَم ‪ ،‬منهـَـَم ‪ :‬أنبـَـَادوقليس كـَـَان طبيبـَـَا معروفـَـَا ‪ ،‬ت ـَأثآر بـَـَه أرسـَـَطخو و قـَـَال برأيـَـَه ف ـَ أن‬
‫القلب هو مركزج الحساس ‪،‬و العقل هو القلب و ليس الخ ‪ ،‬لن القلب ينبوع الدما‪. 1‬‬

‫و منهم أيضا الطخبيب الفيلسوف أتبقراط ‪،‬و هو أشهر أطباء اليونان ‪ ،‬كان له دور كبي ف وضـَـَع‬
‫النهج العلجي الطخب على اللحظـَة و الـَبةا ‪،‬و التجربـَة العمحليـَة ‪ ،‬و قـَد ت أثآر بـَه أرسـَطخو ‪،‬و أخـَذ بكـَثي‬
‫من آرائاه‪ . 2‬فهل بعد هذا يصح القول بأن أرسطخو هو موجد علم الطخب ‪،‬و أنه أعطخى لهل العلم أكـَـَثر‬
‫ما أخذ منهم ؟ ‪.‬‬

‫و الشاهد العاشر يتعلق بعلم الفلك ‪،‬و قد خاض فيه أرسطخو ف كتابه السمحاء و العال ‪،‬و قد ذكرنا‬
‫بعض أقواله فيه ‪،‬و بينا خطخأه فيها ف الفصليم الرابع و الامس مـَن كتابنـَا هـَذا‪ .‬و قد سـَبقه إلـَ التكلـَم‬
‫فيـَـَه الفيثـَـَاغوريون ‪ ،‬كـَـَأفلطون و إيـَـَدوكس ‪،‬و هـَـَم الـَـَذين قيسـَـَمحوا العـَـَال إلـَ قسـَـَمحيم ‪ :‬عـَـَال مـَـَا فـَـَوق فلـَـَك‬
‫القمحر بوجوداته اللية و شبه اللية ‪،‬و جواهره الزليـَـَة ‪.‬و الثـَان هـَـَو عـَـَال مـَا تـَـَت فلـَك القمحـَر ‪ ،‬يضـَـَع‬
‫‪3‬‬
‫لعمحلية التكيون و الفساد ‪.‬و على هؤلء اعتمحد أرسطخو ف علـَم الفلـَك ‪،‬و أخـَذ بتقسـَيمحهم الذي ذكرنـَاه‬
‫‪ ،‬حت أصبح ذلك النظاما الفلكي هو الساس الذي قامت عليه إليات أرسطخو ‪ .‬لكن الغريب فـَ المـَـَر‬
‫أن ذلـَـَك نتسـَـَي و أصـَـَبح النظـَـَاما الفلكـَـَي الفيثـَـَاغوري موروثآـَـَا أرسـَـَطخيا أصـَـَيل عنـَـَد كـَـَثي مـَـَن البـَـَاحثيم‪ .4‬و‬
‫أصـَـَبح تيزجعـَـَم أن أرسـَـَطخو موجـَـَد علـَـَم الفلـَـَك ‪،‬و أنـَـَه أعطخـَـَى لغيه مـَـَن أهـَـَل العلـَـَم أكـَـَثر مـَـَا أخـَـَذ منهـَـَم ! ‪،‬‬
‫أليس هذا تريف للحقيقة التاريية ؟ ! ‪.‬‬

‫و أما الشاهد الادي عشر فيتعلق بالعقول الفارقة ‪ ،‬قال با أرسطخو و أصـَحابه ‪ ،‬و قـَد سـَبقه إلـَ‬
‫ت‬
‫القول با أستاذه أفلطون ‪،‬و كل منهمحا استفاد ف ذلـَـَك مـَـَن نظريـَـَة العقـَـَل عنـَد أنكسـَـَاغوراس‪ . 5‬و ذكـَر‬
‫إرنست رينان أن جيـَع نظريـَة العقـَل عنـَد أرسـَطخو أقتبسـَها مـَن الفيلسـَوف أنكسـَاغوراس ‪،‬و أرسـَطخو نفسـَه‬
‫اعتحف بذلك ‪ ،‬و قد نقل من كلمه نصا طويل أورده بعبـَـَارةا أنكسـَـَاغوراس فـَ كتـَـَابه النفـَـَس ‪،‬و عرضـَـَها‬
‫أيضا ف الزجء الثان من الطخبيعيات بصراحة كمحا عرضـَها صـَاحبها أنكسـَاغوراس‪ . 6‬فهـَل يصـَح بعـَـَد هـَذا‬
‫كله القول بأن أرسطخو موجد نظرية العقول ؟ ‪.‬‬

‫‪ 1‬أميرة مطر ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪ . 105 :‬و حسين حرب ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 75 :‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬رساائل ابن رشد الطبية ‪ ،‬ص‪ . 220 ،167 :‬و حسين حرب ‪ :‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 105 :‬‬
‫‪ 3‬علي أبو ريان ‪ :‬دراساات في الفلسفة القديمة ‪ ،‬ص‪. 161 :‬و أميرة مطر ‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ ،‬ص‪ . 186 ،185 :‬و جورج طرابيشي ‪:‬‬
‫العقل المستقيل ‪ ،‬ص‪. 390 :‬‬
‫‪ 4‬جورج طرابيشي ‪ :‬نفسه ‪ ،‬ص‪. 390 :‬‬
‫‪ 5‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص ما بعد الطبيعة ‪ ،‬ص‪ . 53 :‬و حسين حرب ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 87 :‬‬
‫‪ 6‬إرنست رينان ‪ :‬ابن رشد و الرشدية ‪ ،‬ترجمه عادل زعيتر ‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1957 ،‬ص‪. 138 ،137 :‬‬
‫لطخابـَة ‪ ،‬فقـَد ألـَف فيها أرسـَطخو كتـَابه الطخابـَة ‪،‬و لصـَه ابن‬ ‫و الشاهد الثان عشر يتعلق بوضوع ا ت‬
‫رشد ‪ ،‬لكنه‪-‬أي أرسطخو‪ -‬ليس هو الوجد لا ‪ ،‬لنه هو شخصيا ذكر أنه توجد مـَـَن سـَـَبقه مـَـَن اليونـَـَانييم‬
‫لطخابة‪. 1‬‬ ‫من تكلم عن صناعة ا ت‬
‫و الشاهد الخي‪ -‬و هو الثالث عشر‪ -‬يتعلـَق بأكثر الفلسـَفة الذين ت أثآر بـَم أرسـَطخو فـَ فلسـَفته ‪،‬‬
‫فهو و إن تأثآر بكثي منهم ‪ ،‬كهريقليطخس ‪،‬و أنكساغوراس ‪ ،‬و أنبادوقليس ‪ ،‬فإننا نتريكزج علـَـَى اثآنيمـَ فقـَـَط‬
‫‪ ،‬ها ‪ :‬أتبقراط و أفلطون ‪ ،‬الول تـَأثآر بـَه أرسـَطخو فـَ الطخـَب و القـَوى الطخبيعيـَة ‪ ،‬فقـَد ذكـَر ابن رشـَد أن‬
‫الطخبيب جالينوس قال ‪ :‬إن جيع الشياء الت عند أرسطخو ف موضوع القوى الطخبيعية ف جسم اليوان ‪،‬‬
‫كـَـَان أبتقـَراط هـَـَو أول مـَـَن وقـَـَف عليهـَـَا‪،‬و أعطخـَـَى مبادئاهـَـَا البهانيـَـَة ‪ ،‬فاعتمحـَـَد عليهـَـَا أرسـَـَطخو ‪.‬و قـَـَال أيضـَـَا‬
‫برأيـَـَه فـَ إثآبـَـَات الطخبيعـَـَة و النفـَـَس و الـَـَوهر‪،‬و التكـَيون و الفسـَـَاد ‪ ،‬و اسـَـَتحالة العناصـَـَر ‪،‬و أن الطخبيعـَـَة ل‬
‫تفعل باطل‪.‬و قـَال جـَالينوس أيضـَـَا ‪ :‬إن كـَل مـَـَا قيـَل فـَ قـَوى السـَـَم ‪،‬و فـَ تولـَد المـَراض ‪،‬و فـَ وجـَـَود‬
‫العلج فـَـَإنه تيعلـَـَم )) أن أول مـَـَن قـَـَاله علـَـَى الص ـَواب أبق ـَراط ‪ ،‬ث ـَ شـَـَرح ذلـَـَك كلـَـَه بعـَـَده أرسـَـَطخو شـَـَرحا‬
‫تمكمحا (( ‪،‬و أصحابه من بعده ‪ ،‬ث الرواقيون‪. 2‬‬
‫و هذه شهادةا من الطخبيب جالينوس أوردها ابن رشد نفسه ‪ ،‬فمحن الوجد لعلم الطخب و البدع له عند‬
‫ت‬
‫اليونـَـَان ؟ ‪،‬و مـَـَن هـَـَو السـَـَتاذ أهـَـَو أبقـَراط أما أرسـَـَطخو ؟ ‪،‬و مـَـَن هـَـَو التلمحيـَـَذ أهـَـَو أبقـَراط اما أرسـَـَطخو ؟ ‪ ،‬و‬
‫من له الفضل الكب ف علم الطخـَب أهـَو أبقـَراط أما أرسـَطخو ؟ ‪،‬و مـَع أن الجابـَة واضـَحة ل لتبـَس فيها ‪،‬‬
‫بأن أبقراط هو الوجد و الستاذ و صاحب الفضل الكب ‪ ،‬فإن ابـَن رشـَد أورد تلـَك الشـَـَهادةا فـَ بعـَض‬
‫رس ـَائاله الطخبيـَـَة ‪ ،‬و سـَـَكت عنهـَـَا و ل ـَ يعليـَـَق عليهـَـَا ‪ ،‬و هـَـَي تنقـَـَض زعمحـَـَه بـَـَأن أرسـَـَطخو تموجـَـَد الكمحـَـَة و‬
‫متمحمحها ‪،‬و تشهد أيضا على أنه تعمحد إخفاء ذلك عندما زعم ذلك الزجعم الطخويل و العريض ‪.‬‬
‫و أما أفلطون فإن أرسطخو تأثآر بـَه كثيا فـَ متلـَف جـَوانب فلسـَفته ‪ ،‬فأخـَذ منـَه أفكارا جاهزجةا ‪ ،‬و‬
‫أخـَـَرى عـَيدل بعضـَـَها ‪ ،‬و أخـَـَرى أظإهـَـَر تمـَـَالفته الشـَـَكلية لـَـَه و أخـَـَذ بقيقتهـَـَا ‪ .‬فمحـَـَن ذلـَـَك أنـَـَه تـَأثآر بـَـَه فـَ‬
‫القـَول بـَالرك الذي ل يتحـَرك ‪ ،‬و الغائاية الت تكـَم الطخبيعـَة ‪ ،‬و فـَ الثآـَار العلويـَة ‪،‬و القـَول بـَالكواكب‬
‫ذات النفـَـَوس الزليـَـَة الالـَـَدةا ‪،‬و ذات الطخبيعـَـَة الليـَـَة ‪ .‬و تـَأثآر بـَـَه أيضـَـَا ف ـَ النطخـَـَق ‪،‬و العقـَـَل الكلـَـَي ذي‬
‫الطخابع اللي‪،‬و قوله بالواهر الالدةا ‪،‬و أخذ معظم فكـَـَره السياسـَـَي مـَن أفلطـَون مـَـَن دون جديـَد يتـَذكر‬
‫ف الغـَالب العـَم ‪،‬و وافقـَه فـَ رفـَض نظـَامي الطخغيـَان و الديقراطي‪ . 3‬المـَر الذي جعـَل الباحث جـَورج‬
‫طرابيشـَـَي يقـَـَول ‪ :‬إن أرسـَـَطخو مـَـَع أسـَـَتاذه أفلطـَـَون ينطخبـَـَق عليـَـَه مـَـَا قـَـَاله القاضـَـَي أبـَـَو بكـَـَر بـَـَن العرب ـَ عـَـَن‬
‫شيخه أب حامد الغزجال فـَ ت أثآره بالفلسـَفة و عـَدما قدرته مـَن التخليـَص مـَن ت أثآياتم فيـَه ‪ ،‬فذلك ينطخبـَق‬
‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص الخطابة ‪ ،‬ص‪. 18 ،2 :‬‬
‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬رساائل ابن رشد الطبية ‪ ،‬ص‪. 220 ،185 ،167 :‬‬
‫‪ 3‬ل نوثق ما سابق توثيقه من الفكار ‪،‬و إنما نوثق ما لم تيثق منها ‪ .‬أميرة مطر‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ ،‬ص‪،191 ،186 ،185 ،184 ،148 :‬‬
‫‪. 484 ،192‬و نور الدين حاطوما و آخرون ‪ :‬موجز تاريخ الحضارة ‪ ،‬ص‪ . 436 :‬و مصطفى النشار ‪ :‬نظرية المعرفة ‪ ،‬ص‪ . 131 :‬و‬
‫عبد الرحمن بيصار ‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ ،‬ص‪ 104 :‬و ما بعدها ‪. 140 ،110 ،‬و تأملت في الفلسفة الحديثة و المعاصأرة ‪ ،‬ص‪. 186 :‬‬
‫و علي أبو ريان ‪ :‬تاريخ الفكر الفلسفي‪ ،‬ص‪ . 240 ، 234 ،182 :‬و جورج طرابيشي ‪ :‬وحدة العقل العربي ‪ ،‬ص‪. 92 :‬‬
‫أيضـَـَا علـَـَى أرسـَـَطخو فـَـَإنه ابتلـَـَع معلمحـَـَه)) أفلطـَـَون ‪ ،‬ث ـَ لـَـَا أراد أن يتقيـَـَأه مـَـَا اسـَـَتطخاع ((‪ . 1‬لـَـَذا يكننـَـَا أن‬
‫نقول ‪:‬إن أرسطخو‪-‬ف حقيقتـَه‪ -‬نتسـَخة عـَن أستاذه فـَ معظـَم فلسـَفته ‪ ،‬لكنهـَا تمسـَنة و تمعدلـَة فـَ بعـَض‬
‫جوانبها ‪.‬‬
‫و بناء على ما ذكرناه ‪ ،‬فإنه يتبيم جليا أن مقولة ابن رشد بأن أرسطخو هو موجد الفلسفة و تمتمحمحها‬
‫‪،‬و أنـَـَه أعطخـَـَى لهـَـَل العلـَـَم أكـَـَثر مـَـَا أخـَـَذ منهـَـَم ‪ ،‬هـَـَي مقولـَـَة ل تصـَـَح ‪،‬و تمالفـَـَة للحق ـَائاق التارييـَـَة ‪،‬و‬
‫عكسها هو الصحيح ‪.‬و نن ل نقيزجما أرسطخو و ل نعظيمحـَه كمحا عظيمحـَه ابـَن رشـَد إلـَ حد الغلـَو ‪ ،‬فحـَيول‬
‫البة الصغيةا إل قبة كبيةا جدا ‪ .‬فالرجل –أي أرسطخو‪ -‬عاش ف زمن ازدهـَار الفكـَر اليونـَـَان و نضـَوجه‬
‫‪ ،‬و وجده جاهزجا فأخذ منه ما تيناسبه من دون أي إياد و ل إبداع لصول فكره و منهجه الفلسـَـَفي ‪،‬و‬
‫كانت له تسينات و اجتهادات و إضافات ل تكفي لرفعه إل ما رفعه إليه ابن رشد و أصحابه ‪.‬‬
‫و أشـَي هنـَا إلـَ أن أرسـَطخو و أصـَحابه قاموا بعمحلية سـَطخو و تأميم لـَانب كـَبي مـَن الفكـَر الفلسـَفي‬
‫اليونان ‪ ،‬ث نسبوه لفكرهم و فلسـَفتهم مـَـَن دون حـَق ‪ .‬و مـَـَن خللـَـَه نفخـَوا أسـَتاذهم أرسـَـَطخو و لعـَـَوه و‬
‫ي‬
‫صبوا له ‪ ،‬حت اعتقد فيه ابن رشد العصمحة و الكمحال البشـَري اللـَي و اللئاكـَي ‪ .‬فهـَذه جريـَة نكـَراء‬ ‫تع ي‬
‫فـَ ـَ ح ـَـَق التاري ـَـَخ و العل ـَـَم ‪،‬و النس ـَـَانية جع ـَـَاء ‪ ،‬ي ـَـَب كش ـَـَف خيوطه ـَـَا و مظاهره ـَـَا و رجال ـَـَا و ع ـَـَدما‬
‫السـَـَكوت عنهـَـَا ‪.‬و قـَـَد كـَـَان البـَـَاحث إرنسـَـَت رينـَـَان قـَـَد أشـَـَار إل ـَ ذلـَـَك عنـَـَدما قـَـَال ‪ :‬إن أرسـَـَطخو كـَـَان‬
‫يأخذ أفكارا من مدارس قدية ‪ ،‬ث يتـَدخلها فـَ نسـَـَقه الفكـَري مـَن )) غيـَ أن تيكليـَف نفسـَه عنـَـَاء التوفيـَق‬
‫بينها و بيم لاته الاصة ((‪ . 2‬و هذه العمحلية تندرج ضمحن عمحلية السطخو و التأميم الت أشرنا إليها آنفـَـَا‬
‫‪.‬‬
‫و ثآانيا إن وصفه لرسطخو بأنه الكيم الول‪-‬على عادةا الشائايم‪ -‬هـَـَو وصـَف ل يصـَح ‪ ،‬لن أرسـَـَطخو‬
‫ليس هو الول و ل هو الخر ‪ ،‬فقد سبقه حكمحـَاء كثيون مـَن النبيـَاء و الصـَاليم ‪،‬و أهـَل العلـَم قبـَل‬
‫العصـَـَر اليونـَـَان و بعـَـَده ‪ ،‬و مـَـَا أرسـَـَطخو إل حلقـَـَة عاديـَـَة مـَـَن حلقـَـَات فلسـَـَفة اليونـَـَان ‪ ،‬و هـَـَو مـَـَدين ف ـَ‬
‫بروزه لن سبقه من الفلسفة ‪ ،‬فهو لـَ يـَبز لنـَه أوجـَد أصـَـَول و مبـَادئ فلسـَفية لـَ يعرفهـَا مـَن سـَبقه ‪ ،‬و‬
‫إنـَـَا هـَـَو بـَـَرز لنـَـَه عـَـَرف كيـَـَف يسـَـَتغل الفكـَـَر اليونـَـَان و يـَتـَويظإفه لصـَـَاله مـَـَن جهـَـَة ‪،‬و مبالغـَـَة أصـَـَحابه فـَ‬
‫تضخيمحه و تلمحيعه و التعصب له ‪ ،‬مع سلبيتهم تاهه من جهة أخرى ‪.‬‬
‫و أما زعم ابن رشد بأن أرسطخو هـَو تمتمحـَم الفلسـَـَفة ‪ ،‬فهـَو زعـَـَم باطـَـَل ‪ ،‬لن النسـَان مهمحـَـَا أوتـَ مـَن‬
‫قدرات علمحية فأعمحاله تبقى عرضة للزجيادةا و النقصان ‪ ،‬و ل يكـَـَن لرسـَطخو و ل لفـَرد آخـَر مـَن البشـَر ‪،‬‬
‫أن تيتمحم الفلسفة بإلياتا و طبيعياتا و منطخقياتا ‪،‬و تاريخ الفلسفة شاهد على ذلك ‪ ،‬فهي ما تزجال إل ـَ‬
‫يومنا هذا ف صراع فكري بيم مذاهبها من جهة ‪،‬و ف نـَو و تطخـَور مـَن جهة أخـَرى و لـَ تكتمحـَل بعـَد ‪،‬‬

‫‪ 1‬جورج طرابيشي ‪ :‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪90 :‬‬


‫‪ 2‬إرنست رينان ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 138 ، 137 :‬‬
‫و قد أثآبت العلم الديث أن معظم فلسفة أرسطخو باطلـَة ‪،‬و ليـَس فيهـَا مـَـَن الصـَـَحيح إل القليـَـَل‪ ، 1‬فـَأين‬
‫الكمحال الزجعوما ‪.‬‬
‫صر ف موقفه من هالة الشمحس و القمحر ‪،‬و ل ف غيها ‪ ،‬و ل ترك ش يئِّا‬ ‫و أما زعمحه بأن أرسطخو ل تيق ي‬
‫يب ذكره ف ذلك ‪ .‬فهو زعم باطل و ل يصح ل يقوله إنسان عال يـَتحما علمحـَـَه و نفسـَـَه ‪ ،‬فمحـَـَن يكـَـَون‬
‫‪2‬‬
‫هذا أرسطخو لكي تيقال فيه ذلك ؟؟ ‪ ،‬إن أرسطخو نفسه ل يدع لنفسـَه ذلـَك ‪،‬و اعـَتحف صـَراحة بالنقص‬
‫‪ .‬لكن ابن رشد التعصب ل تيبال بذلك ‪،‬و تيازف ف وصفه لسلفه أرسطخو ‪،‬و نن نعلم اليوما أن دفـَـَاع‬
‫ابن رشد عن موقف أرسطخو من هالة القمحر ‪ ،‬كـَـَان دفاعـَـَا بـَاطل ‪ ،‬لن التفسـَـَي الـَذي قـَدمه غيـَ صـَـَحيح‬
‫علمحيا‪ . 3‬و قد أخطخأ أيضـَـَا فـَ عشـَرات الواضـَع الـَت تناولـَا فـَ إليـَاته و طبيعيـَـَاته و منطخقـَه‪ . 4‬فـَأين زعـَـَم‬
‫صر ف العلوما ؟ ‪.‬‬ ‫ابن رشد بأن أرسطخو ل تيق ي‬
‫و ثآالثا إن قـَول ابـَن رشـَد بـَأنه يعتقـَد أن نظـَر أرسـَطخو فـَوق نظـَر جيـَع الناس ‪ ،‬هـَو قـَول باطـَل ‪ ،‬مـَردود‬
‫عليـَـَه ‪ ،‬يـَـَدل علـَـَى أنـَـَه ل يعـَـَي مـَـَا يقـَـَول ‪ ،‬أو أنـَـَه يتعمحـَـَد ذلـَـَك ‪،‬و تيـَـَازف فـَ ـَ أقـَ ـَواله و مـَ ـَواقفه مـَـَن دون‬
‫ض ـَوابط شـَـَرعية و ل عقليـَـَة و ل علمحيـَـَة ‪ .‬و هـَـَو بجازفـَـَاته هـَـَذه يفـَـَتحي علـَـَى أرسـَـَطخو و التاريـَـَخ ‪،‬و علـَـَى‬
‫القيقـَـَة و القـَراء ‪،‬و نـَـَن ل نتوسـَـَع فـَ الـَـَرد علـَـَى هـَـَذا الـَـَذيان لنـَـَه ظإـَـَاهر البطخلن مـَـَن جهـَـَة ‪ ،‬و لن مـَـَا‬
‫ذكرناه ف كتابنا هذا هو رد دامغ قاطع على ترهاته و هذيانه من جهة أخرى ‪.‬‬
‫و أما زعمحه بأن عمحل أرسطخو ف وضع علوما النطخق و الطخبيعيـَات و الليـَات يتـَوجب تسمحيته ملكـَا‬
‫إليا ل بشـَرا ‪،‬و أن العنايـَة اللية أرسـَلته إلينـَا لتيعلمحنـَا مـَا تيكـَن علمحـَه ‪ .‬فهـَو زعـَم باطـَل مـَردود عليـَه ‪ ،‬ل‬
‫يصح أن يصدر عن عـَـَال يـَتحما نفسـَه و علمحـَـَه ‪ ،‬و يـَدل أيضـَـَا علـَى أن صـَـَاحبه سـَلب قليـَل العلـَـَم ‪ ،‬كـَثي‬
‫التعصـَـَب و الـَـَدعاوى الوف ـَـَاء ‪ .‬لن قـَ ـَوله الزجعـَ ـَوما باطـَـَل ش ـَـَرعا و عقل و علمح ـَـَا ‪ ،‬فأمـَـَا شـَـَرعا فل يصـَـَح‬
‫وصـَـَف أرسـَـَطخو بتلـَـَك الوصـَـَاف ‪ ،‬فهـَـَو ليـَـَس ملكـَـَا و ل نبيـَـَا ‪ ،‬و زعمحـَـَه هـَـَذا هـَـَو رجـَـَم بـَـَالغيب ‪ ،‬و قـَـَول‬
‫على ال بل علم ‪،‬و اف تحاء عليـَه ‪ ،‬لن الـَ تعـَال أرسـَل أنبيـَاءه و ترسـَله لتيعيرفـَوا الناس بـَالقهم و بكـَل مـَا‬
‫يتـَـَاجونه فـَ دنيـَـَاهم و آخرتـَـَم ‪،‬و لـَ يرسـَـَل أرسـَـَطخو الشـَـَرك الصـَـَابئ ليـَـَدعوا النـَـَاس إلـَ الشـَـَرك ‪ ،‬و القـَـَول‬
‫بتعدد اللة ‪ ،‬و أزلية العال ‪،‬و إنكار يوما العاد !! ‪.‬‬
‫و أما عقل و علمحا ‪ ،‬فأرسطخو ل تيبدع علمحا ف الليات و ل ف الطخبيعيات و ل ف النطخقيات ‪ ،‬و‬
‫ل جاء بعلم جديد ل يكن قومه يعرفونه ‪ .‬و ل كان ف مقـَدوره أن تيعليـَم الناس علومـَا ل يعرفونـَا ‪ .‬لن‬
‫الرجل أخذ علوما عصـَره الـَاهزجةا و فق الطخريقـَة الـَت تناسـَبه ‪،‬و لـَ يأت بديـَد خـَارق تيناسـَب مرتبـَة اللـَك‬
‫اللي الت رفعه إليها ابن رشد ‪،‬و البشرية ل تكن ف حاجة ضـَرورية لعلـَوما أرسـَطخو ‪ ،‬لنـَا –أي العلـَوما‪-‬‬
‫كانت معروفة قبله ‪،‬و عمحله فيها ل تيؤهله أبدا بأن تيوصف بتلك الوصاف الت ل تيوصـَـَف ببعضـَـَها إل‬
‫‪ 1‬سابق أن ذكرنا نماذج من ذلك ‪.‬‬
‫‪ 2‬أبن رشد ‪ :‬تلخيص السفسطة ‪ ،‬ص‪. 40 :‬‬
‫‪ 3‬سابق تبيان ذلك في الفصل الرابع ‪.‬‬
‫‪ 4‬سابق ذكر نماذج كثيرة من تلك الخطاء ‪.‬‬
‫نب تمرسل ‪،‬و بأخرى إل ملك تمقـَيرب ‪ .‬فـَابن رشـَد لـَ يلـَتزجما بالشـَرع و ل بالعقـَل و ل بـَالعلم فـَ تطخرفـَه و‬
‫غليوه ف أرسطخو الذي هو شخصيا أقر بأنه قد تيوجد نقص ف بعض أعمحاله‪ . 1‬لكـَـَن ابـَـَن رشـَـَد التعصـَـَب‬
‫صـَر‬
‫و التطخرف خالف أرسطخو فيمحا قاله و أنكر عليه ذلك ‪ ،‬عندما اعتقد فيـَه العصـَمحة ‪،‬و زعـَم أنـَه لـَ تيق ي‬
‫ف العلوما الت خاض فيها ‪،‬و ل توجدت له فيها أخطخاء ‪.‬و هذه مزجاعم باطلة ل تصدر عن عال نزجيه حر‬
‫التفكي يعي ما يقول ‪.‬‬
‫و رابعا إن زعمحه بأن أرسطخو بلغ الكمحال النسان ‪،‬و ل يصل أحد إل درجته ف زمانه و بعده ‪،‬و أن‬
‫رأيه هو الددكم و الفصل ‪،‬و مذهبه ترتفع عنده جيع الشبهات و الشكوك ‪،‬و ل يد له أهل العلم خطخأ‬
‫فيمحـَـَا ذهـَـَب إليـَـَه ‪ .‬فهـَـَو زعـَـَم باطـَـَل مـَـَردود عليـَـَه ‪ ،‬و تمـَـَثي للضـَـَحك و الدهشـَـَة و السـَـَتغراب مـَـَن هـَـَذا‬
‫الرجـَـَل‪-‬أي ابـَـَن رشـَـَد‪ -‬الـَـَذي أوصـَـَله تعصـَـَبه إل ـَ هـَـَذه الدرجـَـَة مـَـَن النطخـَـَاط و الدونيـَـَة و السـَـَقوط إل ـَ‬
‫الضيض ف تطخرفه و غليوه ف أرسطخو ‪ .‬علمحـَا بـَأن القيقـَة خلف ذلـَك تامـَا ‪ ،‬لن الدرجـَـَة العلمحيـَة الـَت‬
‫بلغه ـَـَا أرس ـَـَطخو ه ـَـَي عادي ـَـَة للغاي ـَـَة ل تت ـَـَاج إلـَ ـَ ق ـَـَدرات خارق ـَـَة و ل عبقري ـَـَة ملئاكي ـَـَة ‪ ،‬و ق ـَـَد يص ـَـَلها و‬
‫يتجاوزها أي طالب علم لـَه تهـَة و إرادةا قويـَة ‪،‬و صـَـَب علـَى الشـَاق ‪ .‬علمحـَا أن مكانـَة أرسـَطخو العلمحيـَة لـَ‬
‫تكن ف البداع و الكتشاف‪،‬و إنا كانت ف الوسوعية العلمحية عندما وجد الفكر اليونـَـَان أمـَـَامه جـَـَاهزجا‬
‫‪ ،‬فاختـَـَار منـَـَه مـَـَا يناسـَـَبه ‪،‬و هـَـَذا عمحـَـَل عـَـَادي للغايـَـَة ل يتطخلـَـَب قـَـَدرات خارقـَـَة و خلقـَـَة‪،‬و إنـَـَا تتطخلـَـَب‬
‫جهودا و اجتهادات هي متاحة لكثي من أهل العلم لن طلبها و أخذها بقوةا و شجاعة ‪.‬‬

‫و أما حكاية بلوغه الكمحال النسان ‪،‬و أن مذهبه هو الكـَم الـَذي ترتفـَع عنـَده جيـَع الشـَكوك ‪،‬و‬
‫ل يد له أهل العم خطخأ ‪ ،‬فهي حكاية تمضحكة ‪،‬و خرافة من خرافـَات الشـَائايم كـَابن رشـَد و أمثـَاله ‪.‬‬
‫لن أرسـَـَطخو مـَـَا بلـَـَغ كمحـَـَال فـَ عقيـَـَدةا و ل فـَ سـَـَلوك و ل فـَ علـَـَم ‪ ،‬فالرجـَـَل كـَـَان مشـَـَركا صـَـَابئِّيا دهريـَـَا‬
‫يقـَـَول بتعـَـَدد اللـَـَة ‪،‬و أزليـَـَة العـَـَال و أبـَـَديته ‪،‬و مـَـَن هـَـَذه عقيـَـَدته ل يصـَـَح أبـَـَدا الزجعـَـَم بـَـَأنه بلـَـَغ الكمحـَـَال‬
‫النسان ‪ .‬و هو ما كان معصوما لتيقال أنه بلغ الكمحال النسان ‪ ،‬فهو شخصيا اعـَـَتحف بوجـَـَود النقـَـَص‬
‫فـَ أعمحـَـَاله الفكريـَـَة ‪،‬و فلسـَـَفته شـَاهدةا علـَـَى كـَـَثرةا أخطخـَائاه و أوهـَـَامه و ظإنـَـَونه و خرافـَـَاته فـَ الطخبيعيـَـَات و‬
‫الليات و النطخقيات ‪.‬‬
‫لكن الغريب ف المر أن ابن رشد قال ف كتابه تافت التهافت ‪ )) :‬و ليس تيعصـَـَم أحـَـَد مـَن الطخـَأ‬
‫إل من عصمحه ال تعال بأمر إلي خارج عن طبيعة النسان ‪ ،‬و هـَم النبيـَـَاء((‪ .2‬و قـَوله هـَذا تيـَالف مـَا‬
‫قاله ف كتبه الفلسفية ف تعظيمحه لرسطخو و غليوه فيه حت اعتقـَـَد فيـَه العصـَمحة و الكمحـَـَال النسـَان ‪ ،‬بـَل‬
‫جعله ملكا ل بشرا ‪ ،‬فهذا تناقض ظإاهر صارخ ‪ ،‬فمحا تفسي ذلك ؟ ! ‪ .‬نعم إنه قـَـَول ظإـَـَاهر التنـَـَاقض ‪،‬‬
‫لكنـَـَه ل يتعـَـَد تناقضـَـَا حقيقيـَـَا بالنسـَـَبة لبـَـَن رشـَـَد الـَـَزجدوج الطخـَـَاب و الشخصـَـَية ‪ ،‬و التعصـَـَب لرسـَـَطخو ‪،‬‬
‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص السفسطة ‪ ،‬ص‪. 40 :‬‬
‫‪ 2‬ص ‪. 236 :‬‬
‫فهـَـَو ل يـَـَد حرجـَـَا بـَـَأن تيظهـَـَر ف ـَ كتبـَـَه العامـَـَة مـَـَا تيرضـَـَي المحهـَـَور ‪،‬و يـَـَذكر خلف ذلـَـَك ف ـَ مصـَـَنفاته‬
‫الفلسفية الاصة ‪ .‬و هذا معروف عنه ‪ ،‬فهو كـَثيا مـَـَا نصـَح إخـَوانه الفلسـَفة بإخفـَـَاء تـَأويلتم الباطنيـَة‬
‫عن المحهور من العواما و التكلمحيم ‪.‬‬
‫و تيستنتج ما ذكرناه أن ابن رشد كان تمغاليا ف أرسطخو ‪،‬و ل يلتزجما بالشرع و ل بالعقل و ل بالعلم‬
‫ف موقفه مـَن أرسـَطخو و فكـَره ‪.‬و لـَ يكـَن يتمحتـَع بـَالروح العلمحيـَة النقديـَة الوضـَوعية فـَ حكمحـَه علـَى ذلـَك‬
‫الرجـَـَل ‪ .‬فأضـَـَر بنفسـَـَه و بـَـَالعلم ‪،‬و ق ـَيزجما ذاتـَـَه أمـَـَاما أرسـَـَطخو و جعلهـَـَا تابعـَـَة لرجـَـَل مشـَـَرك دهـَـَري صـَـَابئ ‪،‬‬
‫فلسفته مليئِّة بالخطخاء و الخالفات الشرعية ‪ .‬و نن ل نعتذر ل بن رشد ‪ ،‬لنه تاوز الـَـَدود الشـَـَرعية‬
‫و العقلية ‪ ،‬ف تعصبه لرسطخو و غلوه فيه ‪.‬و مهمحا اعتذر له مبـَـَوه ‪ ،‬فـَـَإن اعتـَـَذارهم لـَـَه باطـَـَل لن الرجـَـَل‬
‫تـَـَاوز حـَـَدود الشـَـَرع و العقـَـَل و العلـَـَم ‪ .‬فمحـَـَا رأي أهـَـَل العلـَـَم مـَـَن موقـَـَف ابـَـَن رشـَـَد مـَـَن شخصـَـَية أرسـَـَطخو‬
‫العلمحية ‪،‬و من تعصبه له ؟ ‪.‬‬
‫أولـَـَم شـَـَيخ السـَـَلما ابـَـَن تيمحيـَـَة ‪ ،‬إنـَـَه ذكـَـَر صـَراحة بـَـَأن ابـَـَن رشـَـَد كـَـَان متعصـَـَبا و مغاليـَـَا فـَ تعظيمحـَـَه‬
‫لرسطخو و شيعته ‪ ،‬حت أنه زعم أن هؤلء وقفوا على أسرار العلوما اللية‪ . 1‬و الثان هـَـَو البـَـَاحث ممحـَـَد‬
‫عبد ال الدفاع ‪ ،‬إنه قال ‪ )) :‬إن ابن رشد كان تمعجبا بأرسـَـَطخو ‪،‬و يتـَدافع عنـَه و يفتخـَـَر بالتلمحـَذةا لكتبـَه‬
‫((‪ . 2‬و ق ـَوله هـَـَذا ل يثـَـَل إل جانبـَـَا صـَـَغيا جـَـَدا مـَـَن القيقيـَـَة ‪ ،‬لن ابـَـَن رشـَـَد ل ـَ يكتـَـَف بالعجـَـَاب و‬
‫الدح لرسطخو ‪،‬وإنا تاوز ذلـَـَك كـَثيا حـَت وصـَل إلـَ التعصـَـَب و التطخـَـَرف و الغلـَـَو فـَ أرسـَطخو ‪ ،‬فاعتقـَـَد‬
‫فيـَـَه العصـَـَمحة و رفعـَـَه إلـَ ـَ مرتبـَـَة النبيـَـَاء و اللئاكـَـَة‪ .‬لـَـَذا فنحـَـَن ل نـَـَتحك أقـَ ـَوال ابـَـَن رشـَـَد نفسـَـَه ‪،‬و نتـَـَابع‬
‫الباحث عبد ال الدفاع فيمحا ذهب إليه ‪.‬‬
‫و أما الثالث فهو الباحث ممحد عبد الـَادي أبـَو ريـَدةا ‪ ،‬فـَإنه يقـَول ‪ )) :‬كـَان موقـَف فيلسـَوفينا –أي‬
‫ابـَـَن رشـَـَد‪ -‬مـَـَن أرسـَـَطخو موقـَـَف التقـَـَدير الـَـَذي ل حـَـَد لـَـَه ‪،‬و عبـَـَاراته ف ـَ تعظيـَـَم الفيلسـَـَوف اليونـَـَان تكـَـَاد‬
‫تضـَـَعه فـَـَوق البشـَـَر ((‪.‬و دافـَـَع عنـَـَه فـَ )) كـَـَل شـَـَيء تقريبـَـَا دفاعـَـَا ل يلـَـَو مـَـَن تعصـَـَب ‪ ،‬اعتقـَـَادا منـَـَه بـَـَأن‬
‫فيلسوف اليونان من أهل البهان ((‪. 3‬‬
‫و قوله هذا صحيح موافق لانب من غلو ابن رشد ف أرسطخو ‪،‬و إل فهـَو قـَد رفـَـَع أرسـَـَطخو فعل فـَـَوق‬
‫البشر عندما اعتقد فيه العصمحة ‪،‬و رفعه إل مرتبة النبياء و اللئاكة ‪.‬و ل يشفع له اعتقـَـَاده بـَـَأن أرسـَـَطخو‬
‫مـَـَن أهـَـَل البهـَـَان ‪ ،‬لن هـَـَذا البهـَـَان الزجعـَوما –حـَـَت إذا كـَـَان صـَـَحيحا‪ -‬ليـَـَس مـَـَبرا للغلـَـَو و التطخـَـَرف فـَ‬
‫أرسـَـَطخو ‪ ،‬مـَـَا بالـَـَك و أن تلـَـَك الفلسـَـَفة ليـَـَس فيهـَـَا مـَـَن البهـَـَان الصـَـَحيح إل القليـَـَل ؟ ‪ .‬لن أي بـَـَاحث‬
‫موضـَـَوعي حـَـَر التفكيـَ ـَ تمتحـَـَرر مـَـَن التقليـَـَد و التعصـَـَب الـَـَذهبييم ‪ ،‬إذا درس فلسـَـَفة أرسـَـَطخو –زمـَـَن ابـَـَن‬
‫رشـَـَد‪ -‬علـَـَى ضـَـَوء النقـَـَل الصـَـَحيح ‪،‬و العقـَـَل الصـَريح ‪،‬و العلـَـَم الصـَـَحيح ‪ ،‬فـَـَإنه يتأكـَـَد قطخعـَـَا بـَـَأن فلسـَـَفة‬
‫‪ 1‬ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 8‬ص‪ ، 181 :‬ج ‪ 9‬ص‪ ، 434 :‬ج ‪ 10‬ص‪. 143 :‬‬
‫‪ 2‬محمد عبد ا الدفاع ‪ :‬العلوما البحتة في الحضارة العربية السالمية ‪ ،‬ص‪. 94 :‬‬
‫‪ 3‬محمد عبد الهادي أبو ريدة ‪ :‬مواقف ابن رشد في مجالت الفكر الديني الفلسفي و العلمي و السياساي و الدبي ‪ ،‬ضمن كتاب مؤتمر‬
‫ابن رشد ‪ ،‬الذكرى المئوية الثامنة لوفاته ‪ ، 1978 ،‬الشركة و الوطنية للنشر و التوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪ ،1983 ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 285 ،283 :‬‬
‫هـَـَذا الرجـَـَل باطلـَـَة ف ـَ أساسـَـَها ‪،‬و مليئِّـَـَة بالخطخـَـَاء و الباطيـَـَل و الضـَـَللت ‪،‬و ليـَـَس فيهـَـَا مـَـَن الـَـَق إل‬
‫القليل ‪.‬‬
‫و الباحث الرابع هو عبد المحيد صبةا ‪ ،‬إنه ذكر أن ابن رشد كـَان منكـَرا علـَى كـَل مـَن خـَرج علـَى‬
‫الفلسـَـَفة الرسـَـَطخية و تمكـَ ـَبا لصـَـَاحبها ‪ ،‬حـَـَت أنـَـَه أضـَـَفى عليـَـَه‪-‬أي أرسـَـَطخو‪-‬مـَـَن عبـَـَارات )) الكبـَـَار و‬
‫التمحجيـَـَد مـَـَا ل نـَـَد لـَـَه مـَـَثيل ف ـَ مفكـَـَر إسـَـَلمي آخـَـَر انتمحـَـَى إل ـَ التـَـَاه الش ـَائاي ‪ ،‬فأرسـَـَطخو عنـَـَده هـَـَو‬
‫النسان الذي منحه الالق قوةا تفيوق با على سائار البشر ‪. 1((...‬‬
‫و آخرهم هو الباحث ممحد عابد الابري ‪ ،‬إنه يرى أن ابن رشد ل )) يتعصب إل للحق و الصواب‬
‫((‪ . 2‬و قوله هذا غي صحيح على إطلقه ‪،‬و فيه تغليـَـَط و تـَدليس ‪ ،‬لن طلـَـَب الـَـَق ليـَـَس خاصـَـَا بـَابن‬
‫رشد ‪ ،‬فكل أهل العلم يقولون أن مطخلبهم هو الق ‪ ،‬لكن النقد و البحث كفيلن بإظإهـَـَار حقيقـَـَة كـَـَل‬
‫منهم ‪ .‬لذا فإن تعصب ابن رشد كان‪-‬ف الغالب‪ -‬تعصبا لرسـَطخو و فلسـَفته ‪،‬و لـَ يكـَن تعصـَبا للحـَق‬
‫الذي جاء به الشرع الكيم ‪،‬و قال به العقل الصريح ‪،‬و العلم الصحيح ‪ .‬لـَـَذا وجـَـَدناه قـَـَد زعـَـَم أن الـَـَق‬
‫هو ما قال به أرسطخو ‪،‬و ما خـَالفه فهـَـَو باطـَـَل ‪ ،‬و هـَـَذا مقيـَـَاس باطـَل شـَـَرعا و عقل و علمحـَـَا ‪ ،‬لن الـَق‬
‫تيعرف بالدليل ل بالرجال ‪ .‬و هو لـَو كـَان طالبـَا للحـَق فـَ كـَل أحـَواله ‪،‬و مـَن طريقـَه الصـَحيح مـَن دون‬
‫تعصـَـَب ‪ ،‬مـَـَا وقـَـَع ف ـَ ذلـَـَك التطخـَـَرف و التعصـَـَب و الغلـَـَو ف ـَ رجـَـَل عـَـَادي مـَـَن أهـَـَل العلـَـَم ‪ ،‬فكـَـَره ملـَـَوء‬
‫بالخطخاء و الوهاما ‪،‬و الرافات و الخالفات الشرعية ‪ .‬فلو تـَيرد للحـَـَق و أتـَـَاه مـَن الطخريـَـَق الصـَحيح مـَـَا‬
‫وقـَـَع أبـَـَدا فـَ ـَ ذلـَـَك التعصـَـَب والغلـَـَو الفـَـَاحش ‪ .‬لـَـَذا فنحـَـَن ل نـَـَتحك أقـَ ـَوال ابـَـَن رشـَـَد الـَـَت تؤكـَـَد تعصـَـَبه‬
‫لرسطخو و غليوه فيه ‪،‬و نأخـَذ بالرأي الذي ذهـَب إليـَه الـَابري ماولـَة منـَه للتلـَبيس علـَى القـَراء ‪،‬و تـَوجيه‬
‫تعصب ابن رشد لرسطخو توجيها يدمه ‪.‬‬
‫و قال الابري أيضا ‪ :‬إن موقف ابن رشد من أرسطخو و فلسـَفته هـَـَو تقـَـَدير و إعجـَاب ‪ ،‬جـَاء نتيجـَة‬
‫)) تعامل علمحي و تمعانقـَـَة منهجيـَة ‪ ،‬و بالتـَال نتيجـَة ارتفـَـَاعه هـَو إلـَ مسـَتوى أرسـَطخو ((‪ . 3‬و قـَوله هـَـَذا‬
‫تمالف للحقيقة ‪،‬و فيه تغليط للقراء ‪ ،‬و تبير ل يصح ‪ .‬لنـَـَه أول أن موقـَف ابـَن رشـَد مـَن أرسـَـَطخو ليـَس‬
‫هـَـَو مـَـَن التقـَـَدير و ل مـَـَن العجـَـَاب ‪،‬و إنـَـَا هـَـَو تـَـَاوز ذلـَـَك بكـَـَثي ‪ ،‬حـَـَت وصـَـَل المـَـَر بـَـَابن رشـَـَد إل ـَ‬
‫اعتقاد العصمحة ف أرسطخو ‪،‬و رفعـَه إلـَ مكانـَة النبيـَـَاء و اللئاكـَة ‪،‬و أقـَواله السـَـَابقة شـَاهدةا علـَى ذلـَـَك ‪.‬‬
‫لذا فل يصـَح أبـَدا تـَاوز أقـَواله التعصـَبة و الغالية ‪،‬و ذر الرمـَاد فـَ أعيمـَ القـَراء لصـَرفهم عـَن حقيقـَة غلـَو‬
‫ابن رشد ف أرسطخو و تعصبه الشديد له بالباطل ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن قوله‪-‬أي الابري‪ -‬بأن تقدير ابن رشد لرسطخو جاء نتيجة لتعامله العلمحي و النهجي مـَع‬
‫فلسفة أرسطخو ‪ ،‬هو قول غي صـَـَحيح فـَ معظمحـَه ‪ ،‬لن ابـَن رشـَـَد لـَ يتعامـَـَل مـَع فلسـَفته بالشـَـَرع الكيـَم‬

‫‪ 1‬عبد الحميد صأبرة ‪ :‬ابن رشد و موقفه من فلك بطليموس ‪ ،‬ضمن كتاب مؤتمر ابن رشد بالجزائر ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 338 :‬‬
‫‪ 2‬الجابري ‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 17 :‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 176 ، 166 :‬‬
‫‪،‬و ل بالعقـَـَل الص ـَريح ‪،‬و ل بـَـَالعلم الصـَـَحيح ‪،‬و إنـَـَا تعامـَـَل معهـَـَا بالتعصـَـَب و الظنـَـَون ‪ ،‬و البالغـَـَات و‬
‫السـَـَلبية ‪ ،‬فلـَـَو تعامـَـَل نعهـَـَا بالنهـَـَج الصـَـَحيح ‪ ،‬لـَـَا خـَـَالف الشـَـَرع و العقـَـَل و العلـَـَم ‪،‬و هـَـَذا أمـَـَر سـَـَبق أن‬
‫بينـَـَاه و أثآبتنـَـَاه بعش ـَرات الدلـَـَة فيمحـَـَا تقـَـَدما مـَـَن كتابنـَـَا هـَـَذا ‪.‬و نـَـَن لـَـَو تعاملنـَـَا مـَـَع فلسـَـَفة أرسـَـَطخو بـَـَالعلم‬
‫القيقي الذي يقوله الشرع و العقل و العلم ما صيح منها إل القليل ‪،‬و لنارت معظـَم أصـَولا ‪،‬و أدركنـَا‬
‫من صاحبها عجبا ‪ ،‬ما كان يتخبط فيه من أوهاما و ظإنـَـَون ‪ ،‬و ضـَـَللت و خرافـَات ‪ .‬فنقـَـَدنا لفلسـَـَفته‬
‫ل يقودنـَـَا إلـَ العجـَـَاب و الفتخـَـَار بـَـَه ‪،‬و البالغـَـَة فـَ تعظيمحـَـَه ‪،‬و إنـَـَا يـَتـَؤدي بنـَـَا إلـَ التعجـَـَب منـَـَه علـَـَى‬
‫جرأته ف القول بل علم ‪،‬و الوض ف أمور غيبية ل تيكنه إدراكها أبدا ‪ ،‬معتمحدا على الظنون و الوهاما‬
‫‪،‬و الحتمحالت و الرافات ‪ ،‬كل ذلك باسم العلم و ما هو من العلم ‪ ،‬و إنا هو ف معظمحـَـَه مـَـَن بـَـَاب‬
‫س دولددقـَأد دجـَاءتهم بمـَن لرببتـَتم األـَتددى ((‪ -‬سـَورةا النجـَم ‪:‬‬ ‫ت ت تل ل‬
‫قوله تعال ‪)) :‬إن يدـَتلبتعودن إل الظلن دودما تدـَأهدوى ا أ دلنتف ت‬
‫‪. - 23‬‬
‫و قـَـَال أيضـَـَا ‪ :‬إن ابـَـَن رشـَـَد كـَـَان شـَـَديد العجـَـَاب بأرسـَـَطخو ‪ ،‬ل يتـَوازيه و ل يتف ـَيوق عليـَـَه إل إعجـَـَابه‬
‫بالقرآن و إيـَانه بـَه‪ . 1‬و قـَوله هـَذا غيـَ ثآابت و ل يصـَح ‪ ،‬و فيـَه تغليـَط و تلبيس علـَى القـَراء ‪ ،‬لن ابن‬
‫رشد ل يكن تمعجبا بأرسطخو فقط ‪،‬و إنا كان تمتعصـَـَبا تمغاليـَا فيـَـَه ‪ ،‬حـَت اعتقـَـَد فيـَه العصـَمحة و رفعـَـَه إلـَ‬
‫مرتبـَة النبيـَـَاء و اللئاكـَة ‪ ،‬المـَر الـَذي يـَدل علـَـَى أنـَـَه كـَـَان تمعجبـَا بأرسـَطخو أكـَثي مـَـَن إعجـَابه بـَالقرآن و‬
‫إيـَانه بـَه ‪ .‬فلـَو كـَان تمقـَدما للقـَرآن علـَى أرسـَطخو و فلسـَفته ‪ ،‬لتـَذه مقياسـَا لـَه فـَ علمحـَه و حكمحـَه علـَى‬
‫أرسـَـَطخو و فلسـَـَفته ‪،‬و مـَـَا قـَـَدما الفلسـَـَفة الرسـَـَطخية علـَـَى ش ـَريعة القـَـَرآن الكري ـَ‪. 2‬و ذلـَـَك أن القـَـَرآن الكري ـَ‬
‫نـَـَص ص ـَراحة علـَـَى ذما الشـَـَرك و الشـَـَركيم ‪،‬و الكفـَـَر و الكـَـَافرين ‪،‬و تويعـَـَدهم كلهـَـَم بـَـَالحيم و العـَـَذاب‬
‫القيم ‪ ،‬و نص على أن الب ف ال و البغض ف ال ف قوله سـَبحانه ‪ )) :‬دل دتتـَتد قدـَأومـَاد يـَتأؤتمنـَتـَودن بتـَاللته‬
‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫ك‬ ‫ـَ‬ ‫ئِّ‬ ‫ل‬‫و‬‫ت‬
‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ـَ‬ ‫ت‬‫ي‬ ‫ـَ‬ ‫ش‬ ‫ع‬ ‫و‬‫د‬‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ـَ‬ ‫ن‬‫ا‬‫و‬‫ـَ‬ ‫خ‬‫ت‬
‫إ‬ ‫و‬‫د‬
‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ـَاء‬ ‫ـَ‬
‫ن‬ ‫ـَ‬ ‫د‬
‫أب‬ ‫و‬‫د‬
‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ـَاء‬ ‫ـَ‬
‫ب‬ ‫آ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ن‬ ‫كا‬ ‫و‬‫ل‬‫و‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫سو‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ه‬‫ل‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫حا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫دو‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ـَ‬ ‫ي‬ ‫ت‬
‫ر‬ ‫خ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ما‬‫و‬
‫د‬
‫ت د د د أ د د د د ت ت د أ د ت د ت أ أ أد ت أ أ أ د د ت أ أ د دد ت أ أ د‬ ‫د‬ ‫د‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫دوا د أ‬
‫ـَ‬ ‫لي‬
‫أ‬
‫ت دأتـَتري تمـَن دأتتتدهـَا األدنأـَدهـَاتر دخالتـَتديدن تفيدهـَا درتضـَدي‬ ‫دكتب تف قتـَتلوتبتم ا أتلديادن وأديـَلددهم بترومح بمأنـَه ويـَأدتخلتهم جلنا م‬
‫ت دت ت أ د‬ ‫د ت ت‬ ‫ت‬ ‫دد‬
‫ب اللـَته تهـَتم الأتمحأفلتتحـَـَودن ((‪-‬سـَورةا الادلـَة ‪، - 22 :‬‬ ‫ت‬ ‫ك تحـَزج ت‬
‫ب اللـَه أددل إتلن حـَأزج د‬
‫ت‬
‫اللـَهت دعأنـَتهـَأم دودر ت‬
‫ضـَوا دعأنـَهت أتأولدئِّـَ د أ ت‬
‫فالسـَلم الصـَادق الكامـَـَل اليـَـَان ل تيـَب الكفـَار ‪،‬و ل ينتصـَـَر لرائاهـَـَم الخالفـَة للشـَـَرع ‪ ،‬لكـَن ابـَن رشـَد‬
‫خالف ذلك تمالفة صرية عندما تعصـَـَب لرسـَـَطخو الشـَـَرك الصـَـَابئ ‪،‬و انتصـَـَر لفلسـَـَفته الخالفـَـَة للشـَـَرع و‬
‫العقـَـَل و العلـَـَم ‪ .‬فهـَـَل مـَـَن هـَـَذا حـَـَاله يتقـَـَال فيـَـَه أنـَـَه تمعجـَـَب بـَـَالقرآن أكـَـَثر مـَـَن إعجـَـَابه مـَـَن أرسـَـَطخو ؟! ‪،‬‬
‫أليس العكس هو الصحيح ؟ ‪ ،‬نعم إنه هو الصحيح !! ‪.‬‬
‫و من الدلة على ذلك أيضا ‪ ،‬أن طريقة تعامل ابن رشـَد مـَع نصـَوصا القـَرآن هـَي دليـَل دامـَغ علـَى أن‬
‫ابن رشد كان إعجابه بأرسطخو كان أكثر من إعجابه بالقرآن و إيانه به ‪ .‬و ذلك أنه تعامـَـَل معـَـَه بثلثآـَـَة‬

‫‪ 1‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 119 :‬‬


‫‪ 2‬سانثبت ذلك في الفصل السادس عن شاء ا تعالى ‪.‬‬
‫طـَـَرق ‪ ،‬أولـَـَا أنـَـَه أيول آيـَـَات كـَـَثيةا تـَـَأويل تريفيـَـَا لتتفـَـَق مـَـَع الرسـَـَطخية ‪ ،‬فأرسـَـَط السـَـَلما و لـَ ـَ تيؤسـَـَلم‬
‫الرسطخية ‪.‬‬
‫و ثآانيها إنه كثيا ما اتـَذ مواقـَف فلسـَفية انتصـَر فيهـَا للرسـَطخية و أغفـَل فيها موقـَف الشـَرع منهـَا ‪،‬‬
‫مع أن الشرع يفرض عليه كمحسلم أن يـَذكره ‪ .‬و ثآالثهـَا إنـَه كثيا مـَا اتـَذ مواقـَف فلسـَفية أرسـَطخية تمالفـَة‬
‫للشـَـَرع ‪ ،‬مـَـَن دون أن يتشـَـَي إلـَ ـَ ذلـَـَك مـَـَن قريـَـَب و ل مـَـَن بعيـَـَد ‪ ،‬و كـَـَأن المـَـَر عـَـَادي للغايـَـَة ‪ .‬فهـَـَذه‬
‫الطخرق الثلثآة ف تعامله مع الشرع هي شاهدةا على تقدي ابن رشد للرسطخية على الشرع ‪ ،‬و من ث فإن‬
‫إعجابه بأرسطخو و فكره كان أكثر من إعجابه بالقرآن و إيانه به بالضرورةا النطخقية ‪.‬‬
‫و ثآالثـَـَا إن الـَـَابري يـَـَرى إن العبـَـَارات الـَـَت وصـَـَف بـَـَا ابـَـَن رشـَـَد أرسـَـَطخو ل )) تنـَـَم عـَـَن موقـَـَف غي ـَ‬
‫مـَـَوزون ‪،‬و ل عـَـَن مبالغـَـَة مانيـَـَة ‪ ،‬فمحـَـَن النتظـَـَر أن تيكبهـَـَا مـَـَن ل ـَ يتع ـَيود علـَـَى نصـَـَوصا ابـَـَن رشـَـَد و علـَـَى‬
‫مصـَـَطخلحه ف ـَ التعـَـَبي(( ‪ .‬كقولنـَـَا ‪ :‬عـَـَال ‪ ،‬و علمـَـَة ‪ ،‬و نابغـَـَة ‪ ،‬و عبقـَـَري ‪ ،‬و بـَـَر العل ـَوما ‪،‬و ل تيـَـَادل‬
‫)) أحـَـَد ف ـَ العصـَـَور القديـَـَة و ل الديثـَـَة ‪ ،‬ف ـَ أن أرسـَـَطخو يسـَـَتحق أن تيوصـَـَف بـَـَأنه كـَـَان نابغـَـَة أو بـَـَر‬
‫العلوما ((‪. 1‬‬
‫و ت ـَبيره هـَـَذا ل يصـَـَح ‪ ،‬و فيـَـَه تغليـَـَط و تلـَـَبيس علـَـَى الق ـَراء ‪ ،‬لن كـَـَثيا مـَـَن عبـَـَارات ابـَـَن رشـَـَد ‪-‬ف ـَ‬
‫وصفه لرسطخو‪ -‬هي حقا و فعل أنا تنم عن موقف غي موزون ‪،‬و عـَـَن مبالغـَـَات و تعصـَـَبات مانيـَة ‪،‬و‬
‫تعب أيضا عن موقف غي مسؤول و غي علمحي ‪ .‬لنـَـَه لـَ يكتـَف بعبـَارات التبجيـَل و العجـَاب و الـَدح‬
‫‪،‬و إنا اعتقد فيه العصـَمحة و الكمحـَال النسـَان ‪،‬و أنـَه أحـَاط بـَالعلوما ‪،‬و رفعـَه فـَوق كـَل البشـَر ‪،‬و أوصـَله‬
‫إلـَ مرتبـَـَة النبيـَـَاء و اللئاكـَـَة ‪ .‬فهـَـَل هـَـَذه عبـَـَارات اعتـَـَدال ‪ ،‬أما هـَـَي عبـَـَارات غلـَـَو و تعصـَـَب و تطخـَـَرف ‪،‬‬
‫تاوزت كل حدود الشرع و العقل و العلم ؟ ! ‪.‬‬
‫إنـَـَا ليسـَـَت عبـَـَارات مـَـَدح و إعجـَـَاب ‪،‬و ل تنـَـَدرج ف ـَ قولنـَـَا ‪ :‬عـَـَال ‪،‬و علمـَـَة ‪ ،‬و عبقـَـَري ‪ ،‬و بـَـَر‬
‫العلـَ ـَوما ‪ ،‬إنـَـَا عبـَـَارات غلـَـَو و تطخـَـَرف ل يكـَـَن قبولـَـَا شـَـَرعا و ل عقل و ل علمحـَـَا ‪ .‬إن ابـَـَن رشـَـَد كـَـَان‬
‫متطخرفا غاليا تمازفا ف وصفه لرسطخو الذي ل يستحق تلك الوصاف هو و ل غيه من أهـَـَل العلـَـَم ‪ .‬و‬
‫أرسـَـَطخو و إن كـَـَان يسـَـَتحق بـَـَأن تيوصـَـَف بـَـَأنه بـَـَر العل ـَوما ‪ ،‬فهـَـَو أيضـَـَا يسـَـَتحق أن تيوصـَـَف بـَـَأنه بـَـَر مـَـَن‬
‫الخطخاء و الظنون ‪،‬و الوهاما و الرافات الت تكيلم فيها بل عقل صـَريح ‪،‬و ل علـَـَم صـَـَحيح ‪ ،‬حـَـَت أن‬
‫الشـَـَيخ تقـَـَي الـَـَدين ابـَـَن تيمحيـَـَة وصـَـَف أق ـَوال أرسـَـَطخو و أصـَـَحابه ف ـَ ال ـَ و صـَـَفاته و أفعـَـَاله بأنـَـَا أق ـَوال ل‬
‫يقولا )) إل من هو من أجهل الناس و أضلهم ‪،‬و أشبههم بالبهائام من اليوان ((‪. 2‬‬

‫و بـَـَا أن ابـَـَن رشـَـَد كـَـَان متعصـَـَبا لرسـَـَطخو تمغاليـَـَا فيـَـَه ‪ ،‬فمحـَـَا هـَـَي أسـَـَباب ذلـَـَك ؟ ‪ ،‬يبـَـَدو ل ـَ أن‬
‫أسباب ذلك هي خسة أسباب ‪ :‬أولا ضعف حصانة ابـَن رشـَد اليانية السـَلمية ‪ ،‬مـَا جعلتـَه ضـَعيف‬
‫‪ 1‬الجابري ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 173 :‬‬
‫‪ 2‬ابن تيمية ‪ :‬درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 355 :‬‬
‫القاومـَ ـَـَة ‪ ،‬قليـَ ـَـَل العـَ ـَـَتزجاز بـَ ـَـَدينه و السـَ ـَـَتعلء بـَ ـَـَه‪ .‬و ثآانيهـَ ـَـَا هـَ ـَـَو عـَ ـَـَدما حلـَ ـَـَه‪-‬أي ابـَ ـَـَن رشـَ ـَـَد‪ -‬للمحشـَ ـَـَروع‬
‫السلمي الفكري كبديل شامل كامل للفلسفة ف إلياتا و طبيعياتـَـَا ‪ ،‬و إنسـَـَانياتا و منطخقياتـَـَا ‪ .‬فلـَـَم‬
‫أعـَـَثر لـَـَه علـَـَى أي أثآـَـَر يتشـَـَي إل ـَ أنـَـَه كـَـَان يمحـَـَل ذلـَـَك البـَـَديل السـَـَلمي ‪ ،‬لـَـَذا وجـَـَدناه تيـَـَالف الشـَـَرع و‬
‫تيغفله ‪،‬و تيؤويله خدمة للرسطخية ‪.‬‬
‫و السـَـَبب الثـَـَالث هـَـَو شـَـَدةا انبهـَـَار ابـَـَن رشـَـَد بالفلسـَـَفة اليونانيـَـَة عامـَـَة ‪،‬و الرسـَـَطخية خاصـَـَة ‪ ،‬فغددزجتـَـَه و‬
‫صـَـَرعته ‪،‬و كيبلتـَـَه و أسـَ ـَرته ‪ ،‬لنـَـَا وج ـَـَدت مقاوم ـَـَة ضـَـَعيفة ‪ ،‬و قلبـَـَا مهيئِّ ـَـَا لـَـَذلك ‪ ،‬فتمحيكن ـَـَت من ـَـَه ‪ ،‬و‬
‫ملكته ‪ ،‬و تريبعت عليه ‪ ،‬حت أوصلته إل أن تيقدمها على الشرع قول و فعل‪. 1‬‬
‫و السـَـَبب الرابـَـَع هـَـَو ضـَـَعف تكـَـَوين ابـَـَن رشـَـَد العلمحـَـَي فـَ مـَـَال الطلع علـَـَى تاريـَـَخ الفكـَـَر اليونـَـَان و‬
‫حضـَـَارته قبـَـَل أرسـَـَطخو ‪ ،‬فلـَـَو كـَـَان لـَـَه إطلع صـَـَحيح و واسـَـَع بختلـَـَف مـَـَالت ذلـَـَك الفكـَـَر لربـَـَا خفـَـَف‬
‫ذلك من تعصبه لرسطخو و غليوه فيه ‪.‬‬

‫و آخرهـَـَا‪-‬أي السـَـَبب الـَـَامس‪ -‬هـَـَو ضـَـَعف منهجـَـَه النقـَـَدي فـَ الـَـَدما و البنـَـَاء ‪ ،‬فالرجـَـَل‪-‬أي ابـَـَن‬
‫رشد‪ -‬ل يكن من فرسانه ‪ ،‬و ل كان ناقدا تمبدعا تمتحررا من قيـَود التقليـَد و السـَلبية ‪ ،‬لـَذا غلبـَـَت علـَى‬
‫أعمح ـَـَاله الفلسـَ ـَـَفية الش ـَـَروح و الختصـَ ـَرات و التلخيصـَ ـَـَات ‪ ،‬و ل تتوج ـَـَد م ـَـَن بينهـَ ـَـَا دراس ـَـَة نقدي ـَـَة هدمي ـَـَة‬
‫للفلسـَـَفة الرسـَـَطخية الـَـَت هـَـَي فلسـَـَفة ضـَـَعيفة تمهللـَـَة تمالفـَـَة للشـَـَرع و العقـَـَل و العلـَـَم فـَ ـَ معظـَـَم أصـَـَولا ‪.‬‬
‫فالرجل كان من فرسان الشروح و التلخيصات ‪،‬و البالغات و التبجيلت ‪،‬و التعصبات و التطخرفـَـَات فـَ‬
‫مـَـَوقفه مـَـَن أرسـَـَطخو و فلسـَـَفته‪ .‬فلـَـَو كـَـَان يلـَـَك ذلـَـَك النهـَـَج الـَـَذي ذكرنـَـَاه لمكنـَـَه تـَـَاوز تلـَـَك الفلسـَـَفة و‬
‫لنزج دراسة نقدية هدمية بناءةا تقوما على الشـَرع الكيـَم ‪،‬و العقـَل الصـَريح ‪،‬و و العلـَم الصـَحيح ‪ .‬لكنـَه‬
‫ل يفعل ذلك لنه رضي بأن يكون تابعا لرسطخو تمتعصبا له تمغاليا فيه ‪ ،‬داعيـَا إلـَ فكـَره خادمـَا لكتبـَه ‪،‬‬
‫و هـَـَذا بـَـَاعتحاف منـَـَه عنـَـَدما قـَـَال‪ )) :‬إنـَـَا هـَـَو العنايـَـَة بأقـَـَاويله‪-‬أي أرسـَـَطخو‪ -‬و شـَـَرحها و إيضـَـَاحها لمحيـَـَع‬
‫النـَاس ((‪ ، 2‬فهـَذا هـَـَو النهـَج الـَذي ارتضـَـَاه هـَـَذا الرجـَـَل لنفسـَـَه ‪ ،‬فـَأن لـَـَه –بـَـَذا النهـَج‪ -‬أن يكـَـَون ناقـَـَدا‬
‫حرا تمبدعا تمفلقا !! ‪.‬‬

‫و ختامـَـَا لـَـَذا الفصـَـَل‪ -‬و هـَـَو الـَـَامس‪ -‬يتـَـَبيم أن ابـَـَن رشـَـَد ل ـَ يكـَـَن موفقـَـَا ف ـَ مـَـَوقفه مـَـَن البهـَـَان‬
‫الرسطخي و منطخقه الصوري ‪،‬و ل ف موقفه من طرق الستدلل الخرى ‪،‬و مكانة أرسطخو العلمحية عنـَـَده‬
‫‪ ،‬الت بالغ ف نفخها تعصبا و غلوا ف صاحبها‪.‬‬
‫و ق ـَـَد ت ـَـَبيم أن دع ـَـَوى برهاني ـَـَة الفلس ـَـَفة الرس ـَـَطخية ه ـَـَي دع ـَـَوى باطل ـَـَة فـَ ـَ عمحومه ـَـَا ‪،‬و ل تص ـَـَح عل ـَـَى‬
‫إطلقها‪ .‬لنا فلسفة جعت بيم الباهيم و الظنـَون ‪،‬و الباطيـَل و الرافـَات ‪،‬و لـَ تكـَن برهانية خالصة‬

‫‪ 1‬سانفصل ذلك في الفصل السادس إن شاء ا تعالى ‪.‬‬


‫‪2‬سابق توثيق ذلك في بداية هذا المبحث ‪.‬‬
‫كمح ـَـَا ادع ـَـَى اب ـَـَن رش ـَـَد ‪،‬و ق ـَـَد أثآبتن ـَـَا أن معظ ـَـَم أص ـَـَول تل ـَـَك الفلس ـَـَفة ليس ـَـَت ص ـَـَحيحة ‪،‬و ل ه ـَـَي م ـَـَن‬
‫إبداعات أرسطخو ‪.‬‬
‫و أتضـَـَح أيضـَـَا أنـَـَه‪ -‬أي ابـَـَن رشـَـَد‪ -‬أخطخـَـَا خطخـَـَأ فاحشـَـَا عنـَـَدما غـَـَال فـَ مـَـَوقفه مـَـَن النطخـَـَق الصـَـَوري ‪،‬و‬
‫قوله بوجوب تعليمحه ‪،‬و ضرورته لعرفة ال تعال من جهة ‪ ،‬و إغفاله لطخرق السـَـَتدلل الخـَـَرى ‪،‬و تقزجيـَـَه‬
‫لا من جهة أخرى ‪ .‬فبينا بطخلن زعمحه و تافته شرعا و عقل ‪ ،‬علمحا و واقعا ‪ ،‬و ل المحد ‪.‬‬
‫الفصل السادس‬
‫نقد موقف ابن رشد في العلقة بين الشريعة و الفلسفة‬

‫أول‪ :‬عرض و نقد لراء ابن رشد في العلقة بين الشريعة و الفلسفة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نقد وسائل ابن رشد في العلقة بين الشريعة و الفلسفة ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬مواقف أهل العلم من عمل ابن رشد في العلقة بين الشريعة و الفلسفة ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬أسباب تقرير ابن رشد لتلك العلقة و أهدافه منها ‪،‬و تقييمنا له ‪.‬‬

‫نقد موقف ابن رشد ف العلقة بيم الشريعة و الفلسفة‬

‫اهتم ابن رشد بوضوع العلقة بيم الشريعة و الفلسفة‪ 1‬اهتمحاما كبيا ‪ ،‬حت أنه أفرد له كتابا ساه ‪:‬‬
‫فصل القال ف تقرير ما بيم الشريعة و الكمحة من التصال ‪ .‬فمحا هي تفاصيل موقفه من تلك العلقة ؟‬
‫‪،‬و ما هي وسائاله الت استخدمها ف تقريره لا ؟‪ ،‬و ما هي حقيقة عمحله الذي قاما به ؟ ‪،‬و ما هي‬
‫خلفياته و أهدافه من اهتمحامه بذلك الوضوع و قيامه به ؟ ‪.‬‬
‫أول‪ :‬عرض و نقد لراء ابن رشد في العلقة بين الشريعة و الفلسفة ‪:‬‬
‫‪ 1‬ذك واضح من كتاب ابن رشد ‪ :‬فصل المقال في تقرير ما بين الشريعة و الحكمة من التصال ‪ ،‬فهو هنا ذكر الفلسفة –و هي الحكمة‪-‬‬
‫عامة دون تحديد لها ‪ ،‬و إن كان ابن رشد يقصد أسااساا الفلسفة الرساطية المشائية ‪ ،‬فهي الفلسفة الحقة عنده كما سابق أن بيناه ‪ .‬و عليه‬
‫فاساتخدامنا لعبارة الفلسفة مطلقا تيقصد بها الفلسفة الرساطية ‪ ،‬و الفلسفات التي على شاكلتها ‪.‬‬
‫يعتقد ابن رشد أن الشرع أمر بالكمحة‪-‬أي الفلسفة – و هي تمطخابقة له ‪،‬و أصول الشريعة إذا‬
‫)) تتؤملت توجدت أشد تمطخابقة للحكمحة ما أتيول فيها‪.‬و كذلك الرأي الذي تظإن ف الكمحة أنه تمالف‬
‫للشريعة يعرف أن السبب ف ذلك أنه ل تيط علمحا بالكمحة و ل بالشريعة((‪ . 1‬و قوله هذا غي‬
‫صحيح ف معظمحه ‪ ،‬و فيه تغليط و تلبيس على القراء ‪ ،‬لنه أول أن التأمل الدقيق و الصحيح ف‬
‫الشريعة و الفلسفة –و هي الرسطخية ف اعتقاد ابن رشد‪ -‬تيثبت عكس ما قاله ابن رشد ‪ ،‬لنه با أن‬
‫معن التطخابق ف اللغة العربية هو التوافق و التساوي‪ ، 2‬فإن القول بطخابقة الفلسفة للشريعة و العكس ‪،‬‬
‫هو قول ل يصح تمطخلقا من حيث الصدر و القداسة ‪ ،‬و القيمحة و الكانة ‪ ،‬و الصحة و الصدق ‪،‬و‬
‫الغاية و الصلحية‪ -‬زمانا و مكانا ‪ .-‬فبتخصوصا الصدر فإن شريعة السلما هي من عند ال ‪،‬و أما‬
‫صبـَغدةد الليته دودمأن أدأحدستن تمدن‬ ‫ت‬
‫الفلسفة فمحصدرها النسان ‪،‬و شتان بيم الصدرين ! ‪،‬و ال تعال يقول ‪ )) :‬أ‬
‫صبـَغدةد دودأنتن لدهت دعاتبدودن ((‪-‬سورةا البقرةا ‪ ، - 138 :‬فهناك فرق كبي جدا بيم صبغة ال و صبغة‬ ‫ت ت‬
‫الليه أ‬
‫النسان !! ‪.‬‬
‫و أما من حيث القداسة و القيمحة و الكانة ‪ ،‬فإن شريعة ال تعال تمقدسة قداسة تمطخلقة ‪،‬و لا‬
‫ت‬
‫صبدعاد بمأن‬ ‫مكانة ل تبلغها شريعة أخرى ‪ ،‬قال تعال ‪)) :‬لدأو دأندزجلأدنا دهدذا الأتقأرآدن دعدلى دجبدمل لدردأيأـَتدهت دخاشعاد متد د‬
‫ت‬ ‫خأشيتة اللته وتتألك األدمثاتل ند أ ت‬
‫ب دأندزجلأدناهت‬‫ضتربـَتدها لللناتس لددعلتهأم يدـَتدـَدفلكترودن ((‪ -‬سورةا الشر ‪ ، - 21 :‬و ))كدتا ب‬ ‫د د أد‬ ‫د د‬
‫ك مباربك لبيلدبـَلروا آياتتته ولتيتددذلكر أتولتوا األدلأبا ت‬
‫ب ((‪-‬سورةا صـَ ‪ . - 29 :‬و أما الفلسفة فهي فكر بشري‬ ‫د‬ ‫إتلدأي د تد د د ت د د د د أ‬
‫ناقص ‪ ،‬ل قداسة له و ل عصمحة ‪،‬و ل يكنه أن يصل مكانة الشريعة أبدا ‪.‬‬
‫و أما من حيث الصحة ‪ ،‬فشريعة ال تمطخلقة الصحة و الصدق ‪،‬و هي كلها حق و نور ‪ ،‬برهان و‬
‫بيان ‪ .‬و أما الفلسفة فهي نسبية الصحة و الصدق ‪ ،‬فيها القائاق و الباهيم ‪ ،‬كمحا فيها الرافات و‬
‫الباطيل ‪ ،‬و هذا أمر سبق أن بيناه بالنسبة للفلسفة الرسطخية الت تيؤمن با ابن رشد و يقدسها و‬
‫يعتقد فيها العصمحة ‪.‬‬
‫و أما من حيث الصلحية ‪ ،‬فإن الشرع الكيم هو آخر الرسالت صال لكل زمان و مكان إل أن‬
‫يرثَ ال الرض و من عليها ‪.‬و أما الفلسفة فهي عمحل بشري نسب مدود ل يكنه أن يتجاوز حدود‬
‫زمانه و مكانه ف معظم الحيان ‪ .‬و هذا حال الذاهب الفكرية القدية منها و الديثة ‪.‬‬
‫و أما من حيث الغاية فشريعة السلما تقوما على غاية أساسية واحدةا هي تعبيد البشر ل تعال ‪،‬‬
‫فمحن آمن بدين ال تعال و التزجما به فقد فاز ف الدنيا و الخرةا ‪ ،‬و من كفر به فقد ضل ضلل مبينا و‬
‫مأواه جهنم و بئِّس الصي ‪.‬و أما الفلسفة فغايتها دنيوية‪ 3‬تاول إسعاد النسان ف دنياه ‪،‬و ل عبادةا‬
‫فيها و ل قيامة ‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬ص‪. 153 :‬‬


‫‪ 2‬علي بن هادية ‪ :‬القاموس الجديد ‪ ،‬ص‪. 197 :‬‬
‫‪ 3‬هذا ل يصدق على الفلسفة التي تقوما على دين السالما قلبا و قالبا ‪.‬‬
‫و بذلك يتبيم أن دعوى ابن رشد تمطخابقة الشريعة للفلسفة ‪،‬و الفلسفة للشريعة ‪ ،‬هي دعوى ل‬
‫تصح ‪،‬و هذا هو الصل ف العلقة بينهمحا ‪.‬و حت إذا تطخابقت الفلسفة مع الشريعة ف بعض الوانب‬
‫الفرعية ‪ ،‬فهو تطخابق جزجئاي أساسه التوافق بيم حقائاق الشريعة و ما صيح من الفلسفة ف المور التعلقة‬
‫بالليات و الطخبيعيات و الخلقيات و النطخقيات ‪ .‬و قولنا هذا يصدق على الفلسفات الت ل تقوما‬
‫على الشرع ف أصولا و فروعها ‪،‬و أما إذا توجدت فلسفة قامت على شريعة السلما قلبا و قالبا ‪ ،‬فهي‬
‫فلسفة موافقة للشرع لكنها ل تساويه ‪،‬ول تزجاحه ‪،‬و ل تتقدما عليه ‪ .‬و أما التوافق الذي زعمحه ابن رشد‬
‫بيم شريعة السلما و فلسفة أرسطخو فهو توافق باطل ‪ ،‬لذا كانت معظم جوانب الشريعة ل تتفق مع‬
‫تلك الفلسفة ف مال التوحيد و العقائاد ‪،‬و العبادات و الفاهيم ‪.‬و قد سبق أن ذكرنا عشرات المثلة‬
‫من عدما التوافق بينهمحا ف الليات و الطخبيعيات و طرق الستدلل ‪ .‬علمحا بأنه تيوجد تطخابق تاما و‬
‫ضروري بيم الشريعة و بيم قوانيم العال و حقائاقه ‪ ،‬لن مصدرها واحد هو ال تعال ‪ .‬لكن ذلك‬
‫التطخابق الضروري ل تيوجد بيم الفلسفة و الشريعة ‪،‬و ل بيم الفلسفة و قوانيم العال و حقائاقه ‪ ،‬لن‬
‫مصدر الفلسفة النسان ‪ ،‬و هو ملوق ناقص نسب تتمحل أعمحاله الطخأ و الصواب معا‪.‬‬

‫و أما قوله بأن الشريعة أمرت بالمحكة ‪ ،‬فهو قول ل يصح على إطلقه ‪،‬و فيه تغليط و تلبيس على‬
‫القراء ‪ ،‬لن الشريعة أمرت بالعلم و الكمحة ‪،‬و التدبر ف مظاهر الطخبيعة و تسخيها لدمة النسان ‪ ،‬و‬
‫أمرت بكل ما ينفع النسان ف دينه و دنياه ‪ ،‬لكن ل يصح القول بأنا أمرت بالفلسفة بالباطلة‬
‫كالرسطخية ‪ ،‬و إنا أمرت بقبول الق القليل الذي فيها ‪،‬و تنب أباطيلها و ضللتا ‪،‬و خرافاتا و‬
‫أخطخائاها ‪ .‬فالشريعة هي الصل و الرجع و النطخلق ف كل مظاهر الياةا ‪.‬‬
‫و بناء على ذلك فإن زعم ابن رشد بأن من تيالفه فيمحا ذهب إليه فهو ل تيط علمحا بالفلسفة و‬
‫ل بالشريعة ‪ ،‬فهو زعم باطل ل يصمحد أماما النقاش العلمحي الصحيح القائام على النقل الصحيح و‬
‫العقل الصريح ‪ .‬و رأيه هو الذي يدل على أن صاحبه ل تيط علمحا بالشريعة و ل الفلسفة الرسطخية ‪،‬‬
‫أو أنه ل تيرد قول القيقة خدمة لذهبيته الفلسفية ‪. .‬‬
‫و من آرائاه أيضا أنه – أي ابن رشد‪ -‬يرى أن الشريعة با أنا حق و )) داعية إل النظر الؤدي إل‬
‫معرفة الق ‪ ،‬فإنا معشر السلمحيم نعلم على القطخع أنه ل تيؤدي النظر البهان إل تمالفة ما ورد به‬
‫الشرع ‪ .‬فإن الق ل تيضاد الق بل يتوافقه و يشهد له ((‪ . 1‬و معن قوله هذا ‪ :‬أنه با أن الشريعة‬
‫حق ‪،‬و النظر البهان الرسطخي حق ‪،‬و ل تيالف الق الذي ف الشريعة ‪ ،‬فإن الفلسفة الرسطخية‬
‫حق ‪ ،‬و ل تتضاد الشريعة الت هي حق أيضا ‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 96 :‬‬


‫و قوله هذا غي صحيح ‪ ،‬و فيه تلبيس على القراء ‪ ،‬لنه بناه على مقدمة ثآانية هي ليست صحيحة‬
‫بالضرورةا ‪ ،‬و إنا هي تتمحل الطخأ و الصواب ‪ ،‬فهي مقدمة ظإنية احتمحالية ل يصح العتمحاد عليها ف‬
‫الستنتاج من القدمة الول الصحيحة ‪ ،‬لنصل إل القول ‪ :‬الشريعة حق ‪،‬و الفلسفة حق ‪ ،‬فكل منهمحا‬
‫حق و الق ل تيضاد الق ‪ .‬فهذه مغالطخة و قياس ل يصح ‪ .‬لكنه قد يصح إذا قلنا ‪ :‬الشريعة حق ‪،‬و‬
‫ف الفلسفة –الشائاية و أمثالا‪ -‬بعض الق ‪ ،‬فإن هذا الق ل تيضاد الشريعة ‪ ،‬فهذا قياس صحيح ‪.‬‬
‫لكن ابن رشد ل يتريد هذا ‪،‬و إنا يريد أن يعل فلسفة أرسطخو كلها برهان و حق كالشريعة ‪.‬و هذا أمر‬
‫ل يكنه إثآباته أبدا ‪ ،‬و قد سبق أن أقمحنا الدليل الشرعي و العقلي و العلمحي على بطخلن معظم تلك‬
‫الفلسفة ‪.‬‬
‫و الغريب ف المر أن ابن رشد ل يكتف بزجعمحه أن الفلسفة حق كالشريعة السلمية ‪،‬و إنا زعم‬
‫أيضا أن الشرائاع كلها حق عند الفيلسوف ‪ ،‬الذي عليه أن يتار أفضلها ف زمانه ‪،‬و إن )) كانت كلها‬
‫عنده حقا ‪ ،‬و أن يعتقد أن الفضل تينسخ با هو أفضل منه((‪. 1‬‬
‫و قوله هذا ل يصح شرعا و ل عقل ‪ ،‬فأما شرعا فإن ال تعال نص صراحة على أن الدين الوحيد‬
‫الق من بيم جيع الديان هو دين السلما و شريعته ‪ ،‬كقوله تعال ‪)) :‬إتلن البديدن تعندد الليته‬
‫غيـَدر اتلأسلدتما تديناد فدـَدلن يـَتأقبددل تمأنهت دوتهدو تف التخدرتةا تمدن‬ ‫اتلأسلدتما((آل عمحران ‪ ، - 19 :‬و ))دودمن يدـَأبتدتغ دأ‬
‫صدرتفودن((‪-‬سورةا‬ ‫ضلدتل فدأدلن ت أ‬ ‫لاتستريدن ((‪-‬سورةا آل عمحران ‪ ، - 85 :‬و ))فددمحادذا بدـَأعدد األدبق إتلل ال ل‬ ‫ا أد‬
‫يونس ‪ ، - 32 :‬و ))دوأدلن دهـَدذا تصدراتطي تمأستدتقيمحاد دفاتلبتتعوهت دولد تدـَتلبتعتواأ المسبتدل فدـَتدـَدفلردق بتتكأم دعن دستبيلتته دذلتتكأم‬
‫صاتكم بتته لددعلتكأم تدـَتلـَتقودن ((‪-‬سورةا النعاما ‪ ، - 153 :‬فشريعة السلما هي الق ‪،‬و ما عداها فهي‬ ‫دو ل‬
‫شرائاع باطلة ‪ ،‬ل تتنجي صاحبها يوما القيامة و مصيه جهنم و بئِّس الهاد ‪ .‬و ل يق لي مسلم أن‬
‫يقول ما قاله ابن رشد ‪ ،‬فهو زعم باطل تمالف للشرع بالضرورةا ‪،‬و يطخعن ف إيان صاحبه ‪.‬‬
‫و أما عقل فنحن نعلم يقينا أن الق ل يتعدد ‪ ،‬فقد تتعدد طرق الوصول إليه ‪،‬و زوايا النظر إليه ‪،‬‬
‫لكنه واحد ف ذاته ل يتعدد ‪ .‬و با أن الشرائاع كثيةا حسب أديانا و تمللها ‪ ،‬و نلها و مذاهبها الدينية‬
‫و العلمحانية ‪ ،‬و هي تمتعارضة و متناقضة ف أصولا و فروعها ‪ ،‬فل يكن أبدا أن تكون كلها صحيحة ‪.‬‬
‫فهي إما أن تكون كلها باطلة ‪،‬و إما أن تكون واحدةا منها صحيحة فقط ‪،‬و أما الزجعم بأنا صحيحة‬
‫كلها ‪ ،‬فهذا باطل شرعا و عقل ‪ .‬و من يصر على ذلك فهو تمتناقض مع نفسه ‪،‬و تمتبع لواه ‪ ،‬و‬
‫تيليبس على الناس و تيغالطخهم ‪.‬‬
‫و قوله هذا تيذكرنا بقوله ف تعدد القيقة ‪ ،‬فهو هنا أظإهر القول بتعدد القيقة صراحة ‪ ،‬حسب‬
‫تعدد الشرائاع ‪ .‬و هذا أمر باطل ‪،‬و خطخي جدا أيضا ‪،‬و قد سبق أن تطخيرقنا إليه و بينا أن الرجل أظإهر‬
‫فعل القول بتعدد القيقة ‪ ،‬على طريقته التأويلية التحريفية للنصوصا الشرعية ‪ ،‬ليس لنه تيؤمن بذلك‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 373 :‬‬


‫حقيقة ‪،‬و إنا فعل ذلك ليدفع الذى عن نفسه ‪،‬و يد لا مكانا ف متمحعه من جهة ‪ ،‬و يتمحكن من‬
‫الحتفاظ باعتقاده الرسطخي ‪،‬و الدفاع عنه و النتصار له ‪،‬و لو باستخداما الشريعة نفسها من جهة‬
‫أخرى ‪ .‬و بعن آخر أنه مارس الكتمحان و التقية ف موقفه من الشرائاع و متمحعاتا ‪،‬و بذلك هو يرسم‬
‫الطخريق لخوانه الشائايم ف التعامل مع الشرائاع الوجودةا ف متمحعاتم من جهة ‪ ،‬و الحتفاظ‬
‫بأرسطخيتهم الت هي عندهم القيقة الوحيدةا الطخلقة ‪ ،‬ما خالفها باطل يب إغفاله و إهاله ‪ ،‬أو تأويله‬
‫عند الاجة ‪.‬‬
‫و يرى أيضا أنه ل تتوجد تمالفة بيم الشريعة و الكمحة‪-‬الفلسفة الرسطخية‪ ، -‬و من ظإن أنه توجد‬
‫تمالفة بينهمحا فإنه ل يق على تكنههمحا بالقيقة (( ‪،‬و من ظإن ذلك فهو على خطخأ لسوء فهمحه للشريعة‬
‫أو للفلسفة‪. 1‬‬
‫و قوله غي صحيح ‪ ،‬و فيه تغليط و تلبيس على القراء ‪ ،‬لن الخالفة بيم الشريعة و الكمحة‪-‬أي‬
‫الفلسفة الرسطخية‪ -‬واضحة ثآابتة بالنظرتيم العامة و التفيحصة معا ‪ .‬و اللف بينهمحا أساسي ف‬
‫ت‬
‫الصول و الفروع ‪،‬و على مستوى الصدر و الغاية ‪،‬و الكانة و الصحة ‪،‬و هذا أمر سبق تبيانه ‪.‬‬
‫فالذي تيفيرق بينهمحا كثي جدا ‪،‬و كبي جدا ‪،‬و الق الذي الذي يمحع بينهمحا قليل جدا ‪ ،‬لن تلك‬
‫الفلسفة الزجعومة‪ -‬الت ساها ابن رشد حكمحة‪ -‬ما هي إل ممحوعة أفكار قامت على الظنون و الوهاما‬
‫‪،‬و الرافات و الباطيل ‪ ،‬ليس فيها من البهان و القائاق إل القليل ‪ .‬المر الذي يثبت أن دعوى ابن‬
‫رشد باطلة ‪،‬و أنه هو الذي ل يفهم حقيقة الشريعة و ل الفلسفة ‪ ،‬أو هو الذي ل يرد إظإهار فهمحه لا‬
‫تخدمة لرسطخيته ‪ .‬فشتان بيم كلما ال و كلما البشر ‪ ،‬و بيم التوحيد و الشرك ‪ ،‬و بيم النور و‬
‫الظلمحات ‪ ،‬و بيم عبادةا ال و عبادةا الوى ‪ ،‬و بيم دين السلما و دين اليونان ‪ ،‬و بيم حقائاق السلما‬
‫و أساطي اليونان !! ‪.‬‬
‫و يرى أيضا أن )) العلم التلقي من قبل الوحي إنا جاء تمتمحمحا لعلوما العقل ‪ ،‬أعن ‪ :‬أن كل ما‬
‫عجزج عنه العقل أفاده ال تعال النسان من قبل الوحي ((‪ . 2‬و رأيه هذا تيشي إل نظرته القاصرةا و‬
‫الناقصة و الدودةا للعلقة بيم علوما الوحي و علوما العقل‪ ،‬لن حقيقة العلقة بينهمحا أوسع من ذلك‬
‫بكثي ‪ ،‬فهي علقة ل تقوما على التاما فقط ‪،‬و إنا لا أيضا جوانب أخرى كثيةا هامة ‪ ،‬أشارات إليها‬
‫النصوصا الشرعية ‪،‬و نسيها ابن رشد أو تناساها ‪ .‬فعلوما الوحي هي النطخلق و الراقب ‪،‬و الامي و‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫العاصم ‪،‬و الشيجع و الحرض ‪،‬و المر و الناهي ‪ ،‬و الواضع للمحناهج ‪،‬و القيوما و الوجه لعلوما الطخبيعة‬
‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫و النسان ‪،‬و الشارك فيها أيضا ‪ ،‬لن ف الشرع علوما كثيةا تتعلق بالفقه و العقائاد‪،‬و الخلق و‬
‫ت‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬ص‪. 152 :‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 182 :‬‬
‫التاريخ ‪،‬و علوما الطخبيعة و العمحران‪ . 3‬فهذه النطخلقات و الصائاص الشرعية هي الت تضمحن للنسان‬
‫الطخريق الصحيح ‪ ،‬ف طلبه لعلوما الوحي و العقل معا ‪،‬و تمحيه من الزجالق و الخطخار‪.‬‬

‫و يرى أيضا أن الكمحة هي صاحبة الشريعة ‪ ،‬و الخت الرضيعة ‪ ...‬و ها الصطخحبتان بالطخبع‬
‫التحابتان بالوهر و الغريزجةا ((‪ . 1‬و قوله هذا غي صحيح ‪ ،‬و فيه تغليط و تلبيس على القراء ‪ ،‬لن‬
‫الرجل انطخلق من تمنطخلق الساواةا بيم الفلسفة و الشريعة ‪ ،‬و هذا تمنطخلق ل يصح شرعا و ل عقل ‪،‬و‬
‫قد سبق أن بينا بطخلنه ‪ .‬فل مال للجمحع و التسوية بينهمحا ‪ ،‬لنه ل يكن أن تكون تلك الفلسفة أختا‬
‫رضيعة للشريعة ‪ ،‬و ل صاحبة لا ‪،‬و ل ها تمصطخحبتان بالطخبع و الوهر و الغريزجية ‪ ،‬لسبب واحد‬
‫أساسي ل يرد ابن رشد أن يفهمحه ‪ ،‬و هو أن الشريعة وحي إلي تمعجزج كله حق و نور ‪،‬و تلك الفلسفة‬
‫فكر بشري قاصر صوابه قليل و باطله كثي ‪ ،‬فهذا الختلف ف الساس و النطخلق و الصول و الفروع‬
‫‪ ،‬يعل من الطخأ الفاحش و من الناية على الشرع و العقل الزجعم بأن تلك الفلسفة أخت الشريعة و‬
‫صاحبتها ‪. ...‬‬
‫و ختاما لذا البحث تيلحظ على ابن رشد أنه أول ل ينطخلق‪-‬ف موقفه من العلقة بيم الشريعة و‬
‫الفلسفة‪ -‬من النقل الصحيح ‪،‬و ل من العقل الصريح ‪ ،‬و إنا انطخلق من الفلسفة الرسطخية ‪ ،‬و هذا‬
‫ساها حكمحة‪ -‬سبق أن بينا أن‬ ‫انراف منهجي خطخي مرفوض شرعا و عقل ‪ ،‬لن هذه الفلسفة –الت ي‬
‫معظم أصولا و فروها باطلة ‪،‬و ليس فيها من الكمحة و الصواب إل القليل ‪ .‬فكان من الواجب عليه‬
‫أن ينطخلق من الشرع أول ‪ ،‬ث من العقل الفطخري ثآانيا ‪ ،‬فيقرأ السلما بالسلما ول يقرأه بالرسطخية ‪،‬‬
‫لكنه أخضع كل من الشرع و العقل الفطخري للرسطخية الت جعلها منطخلقا و دحدكمحا ‪ .‬و هذا انراف‬
‫منهجي خطخي هو الذي ويرطه ف أخطخاء كثيةا جدا ‪ ،‬أشرنا إل كثي منها فيمحا تقدما من كتابنا هذا ‪.‬‬
‫و ثآانيا إنه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬ل يكن موضوعيا ف منطخلق نظره إل العلقة بيم الشريعة و الفلسفة‬
‫الرسطخية‪-‬الت ساها الكمحة‪ -‬و حكمحه عليها ‪ ،‬لن كل منهمحا –ف القيقة‪ -‬يرفض الخر ‪ ،‬و تيالفه‬
‫ف معظم أصوله و فروعه ‪ .‬فالعمحلية ل مبر صحيح لا أصل ‪ ،‬و حكاية التطخابق و الخوةا ‪ ،‬و الرضاعة‬
‫الصطخحاب بيم الشريعة و تلك الفلسفة هي مغالطخة و لعب باللفاظ ‪ ،‬لن الرسطخية ليست ندا‬
‫للشريعة ‪،‬و ل تتفوق عليها ‪،‬و ل تستطخيع حت مزجاحتها ‪ .‬فشتان بيم النور و الظلما ‪،‬و بيم الوحي‬
‫اللي و كلما البشر و هذيانم !! ‪.‬‬
‫و ثآالثا إنه –أي ابن رشد‪ -‬ف موقفه من العلقة بيم الشريعة و الفلسفة الشائاية‪-‬الت ساها حكمحة‪-‬‬
‫انطخلق ف نظرته إل تلك الفلسفة بأنا حق و حكمحة و علم و برهان كالشريعة ‪ ،‬فسوي بينهمحا ف ذلك‬

‫‪ 3‬ليس هنا مجال تفصيل ذلك ‪ ،‬فهناك كتب كثيرة متخصصة تناولت تلك المواضيع ‪.‬‬
‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 125 :‬‬
‫‪ ،‬و هذا ل يصح شرعا و ل عقل ‪ ،‬و هو جناية على القيقة أيضا ‪ ،‬لن تلك الفلسفة فكر بشري‬
‫باطلها كثي جدا ‪ ،‬و حكمحتها و صوابا قليل جدا ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نقد وسائل ابن رشد في تقريره للعلقة بين الشريعة و الفلسفة ‪:‬‬
‫استخدما ابن رشد وسائال عديدةا ف تقريره للعلقة بيم الشريعة و الفلسفة الرسطخية –الت ساها‬
‫الكمحة‪ -‬و دعوته إليها ‪،‬و دفاعه عنها ‪،‬و مارسته لا ‪ .‬سأذكر منها ممحوعة متنوعة ‪ ،‬أولا إصدار‬
‫فتوى شرعية بوجوب دراسة كتب الفلسفة اليونانية عامة و الرسطخية الشائاية خاصة ‪ ،‬فهو يرى أنه قد‬
‫)) يب علينا إن ألفينا لن تقدمنا من المم السالفة نظرا ف الوجودات و اعتبارا لا بسب ما اقتضته‬
‫شرائاط البهان ‪ ،‬أن ننظر ف الذي قالوه من ذلك ‪،‬و ما أثآبتوه ف كتبهم ‪ .‬فمحا كان منها موافقا للحق‬
‫قبلناه منهم و سررنا به و شكرناهم عليه ‪ ،‬و ما كان منها غي موافق للحق نبهنا عليه و حيذرنا منه و‬
‫عذرناهم ‪ .‬فقد تبيم من هذا أن النظر ف كتب القدماء واجب بالشرع ‪ ،‬إذ كان مغزجاهم ف كتبهم و‬
‫مقصدهم هو القصد الذي حثنا الشرع عليه ((‪. 1‬‬
‫و قوله هذا غي صحيح ‪ ،‬و فيه تغليط و تلبيس على القراء ‪ ،‬لنه أول أصدر حكمحا شرعيا‬
‫بوجوب النظر ف كتب التقدميم من دون أن تيقدما دليل شرعيا و ل عقليا يستلزجما القول برأيه ‪ .‬لن‬
‫القدمة الت ذكرها ل تستلزجما ذلك الوجوب أبدا ‪ ،‬و ل يستلزجما ذلك علينا إل إذا كنا تمضطخرين إل دراسة‬
‫تلك الؤلفات ‪،‬و ليس لدينا طريقا آخر لتحقيق ما نريد إل بقراءةا تلك الكتب ‪ .‬و هذه الالة ل يعرفها‬
‫السلمحون و ل مروا با ‪ ،‬فقد عاشوا أكثر من ‪ 150‬سنة من دون علوما الوائال قبل ترجتها ‪ ،‬و كان ف‬
‫مقدورهم أن يعيشوا بدونا إل أن يرثَ ال الرض و من عليها ‪ ،‬و يكفيهم العتمحاد على الشرع أول ‪،‬‬
‫و على جهودهم الذاتية ف إطار من الفهم الصحيح الشامل للدين و الدنيا معا ‪.‬‬
‫لكننا مع ذلك نقول ‪ :‬نعم ل يكن من الواجب على السلمحيم قراءةا كتب القدماء ‪ ،‬لكنه كان من‬
‫الباح و الائازج أن يطخلع منهم بعض أهل العلم الكفاء التقياء على التحاثَ القدي ‪ ،‬فينتقي منه ما ينفع‬
‫المة –ف دينها و دنياها‪ -‬حسب ظإروفها و حاجياتا ‪ .‬فهذا الوقف تمغاير للمحوقف الذي تبناه ابن‬
‫رشد و أوجب من خلله دراسة تلك الكتب ‪ ،‬فشتان بيم الوقفيم ‪ ،‬فالبون شاسع بينهمحا جدا !! ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن الشرع نص صراحة على أن دين السلما كامل شامل تيغن أهله من أن يضطخروا إل طلب‬
‫ب تمن دشأيمء تثل إتدل درببتأم تأيدشترودن‬‫كتب القدماء بالضرورةا و الوجوب ‪ ،‬قال تعال ‪)) :‬لما فدـَلرطأدنا تف التكدتا ت‬
‫ت تت‬ ‫م‬ ‫ك الأتكدتا ت‬
‫ب أتبـَدياناد لبتكبل دشأيء دوتهددى دودرأحدةد دوبتأشدرى لألتمحأسلمح د‬
‫يم‬ ‫د‬ ‫((‪-‬سورةا النعاما ‪ ، - 38 :‬و ))دوندـَلزجلأدنا دعلدأي د‬
‫ت لدتكتم اتلأسلددما‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫ت دعلدأيتكأم نأعدمحتت دودرضي ت‬
‫ت لدتكأم ديندتكأم دوأدأتدأمح ت‬
‫((‪-‬سورةا النحل ‪ ، - 89 :‬و ))أليدـَأودما أدأكدمحأل ت‬
‫تديناد ((‪-‬سورةا الائادةا ‪ . - 3 :‬فالسلمحون ليسوا تمضطخرين أبدا إل كتب اليونان الت زعم أبن رشد‬
‫وجوب دراستها ‪ ،‬و ليس لفلسفة اليونان ما تقدمه لنا –ف الغالب‪ -‬إل الظنون و الهواء ‪،‬و الرافات‬

‫‪ 1‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 93 :‬‬


‫و الشركيات ‪ ،‬و ما فيها من حق قليل فيمحكننا الستغناء عنه با ورد ف الشرع ‪،‬و بالبحث عنه‬
‫بجهوداتنا الذاتية ‪ .‬و حت إذا افتحضنا أننا أخذنا ذلك القليل من اليونان و غيهم ‪ ،‬فسنأخذه تمنفصل‬
‫عن فلسفتهم ‪ ،‬و نضعه ف مكانه الصحيح ‪ ،‬و نن أول به من كل الناس ‪ ،‬لن ذلك الق هو جزجء‬
‫من كتاب ال النظور‪-‬أي العال‪ -‬الذي سخره ال تعال للنسان و أمره باكتشافه و النتفاع به ‪ .‬فأين‬
‫الوجوب الزجعوما ؟ ‪.‬‬
‫و ثآالثا إن رسول ال –عليه الصلةا و السلما‪ -‬قد رب الصحابة و عيلمحهم و بييم لم ما ينفعهم ف‬
‫دينهم و دنياهم و ل يأمرهم بوجوب الطلع على كتب التقدميم من اليهود و النصارى و غيهم ‪ ،‬و‬
‫ل أوجب عليهم ذلك ‪ ،‬و قد ناهم عن الخذ عن أهل الكتاب‪ ، 1‬و على نجهم سار التابعون و‬
‫السلف الصال ‪،‬و ل نسمحع أن أحدا منهم أفت بوجوب دراسة كتب الفلسفة ‪ .‬و الغريب ف المر أن‬
‫ابن رشد ل يقل بالواز و ل بالباحة ول بالستحسان ‪،‬و إنا قال بالوجوب ‪،‬و هذا من غرائاب فتاوى‬
‫ابن رشد الفقيه الفيلسوف الرسطخي الشائاي !! ‪.‬‬
‫و تيلحظ عليه أيضا أنه عندما دعا إل النظر ف كتب الفلسفة و عرضها على الق ‪ ،‬ل تيدد اليزجان‬
‫الذي نزجن به ‪،‬و النطخلق الذي ننطخلق منه ‪ ،‬أهو الشرع الكيم ‪ ،‬أما العقل الفطخري ‪ ،‬أما الفلسفة‬
‫الرسطخية ‪ .‬لكن المر واضح وضوح الشمحس أن معيار الق و ميزجانه هو الفلسفة الرسطخية ‪ ،‬و ل‬
‫الشرع و ل العقل ‪ ،‬لن الرجل كان يعتقد أن تلك الفلسفة هي الق البيم الذي ل يأتيه الباطل من بيم‬
‫يديه و ل من خلفه ‪ .‬و بذلك تكم هذه الفلسفة على نفسها بالق و على ما تيالفها من الشرع و‬
‫العقل بالبطخلن ‪ ،‬و هذه تمغالطخة من ابن رشد‪ ،‬و تلبيس على القراء !! ‪.‬‬
‫و رابعا إن احتجاجه بقصد التقدميم ل يصح القول به و ل الحتكاما إليه ‪ .‬لن كل أهل العلم –‬
‫قديا و حديثا‪ -‬يقولون أن مقصدهم ما يقومون به هو طلب الق و العلم ‪،‬و هذا ليس حجة على‬
‫أنم على صواب و كلمهم حق ‪.‬و الصواب هنا هو أن نتمحسك بالق الذي ذكره الشرع ‪،‬و حكم‬
‫بصدقه العقل الصريح و العلم الصحيح ‪،‬و ل دخل هنا للمحقاصد و النوايا ‪ ،‬فنوايا فلسفة اليونان شيء‬
‫‪،‬و فلسفتهم شيء آخر ‪.‬‬
‫و أما رأيه ف أن الضرر الذي لق بعض من اشتغل بالفلسفة هو ضرر من خارجها ‪ ،‬لن )) الضرر‬
‫الداخل من قبلها هو شيء لقها بالعرض ل بالذات ‪،‬و ليس يب فيمحا كان نافعا بطخباعه و ذاته أن‬
‫تيتحك لكان مضرةا موجودةا فيه بالعرض ((‪. 2‬‬
‫نعم ل تيتحك الشيء النافع بطخبعه لمر طارئ فيه بالعرض ‪ ،‬لكن قياس ابن رشد ل يصح ‪ ،‬لن‬
‫الفلسفة الرسطخية الت تيؤمن با ‪،‬و يدعوا إليها و ينتصر لا ‪ ،‬هي فلسفة ضررها كبي و كثي جدا ‪ ،‬و‬

‫‪ 1‬ابن كثير ‪ :‬تفسير القرآن العظيم ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 551 :‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪. 94 :‬‬
‫نفعها و صوابا قليل جدا ‪ ،‬لن ضررها أصل أصيل ف ذاتا و ل يأتا عرضا ‪ .‬فهي فلسفة باطلة إلياتا‬
‫‪،‬و الغالب على منطخقها و طبيعياتا عدما الصحة ‪،‬و هذا أمر سبق أن أثآبتناه بعشرات الشواهد و الدلة‬
‫الشرعية و العقلية و العلمحية ‪ .‬فهل فلسفة هذا حالا يصح أن تيقال فيها ‪ :‬إن ضررها بالعرض ل‬
‫بالذات ؟ ! ‪ .‬إن هذا الرجل‪-‬أي ابن رشد‪ -‬بوقفه هذا إما أنه ل يكن بقدوره معرفة تلك الفلسفة‬
‫الزجائافة على حقيقتها ‪ ،‬و إما انه كان بقدوره معرفتها على حقيقتها إل أن تعصبه الذهب أبعده عن‬
‫ذلك ‪ ،‬و إما جع بيم المرين معا ‪ .‬علمحا بأن معرفة زيف تلك الفلسفة ل يستلزجما النتظار إل ظإهور‬
‫العلوما و الديثة ‪ ،‬فقد كان بقدوره أن يعرف زيفها لو كان متحررا من التعصب الذهب ‪،‬و متبعا‬
‫للمحنهج العلمحي الصارما ‪،‬و تمتكمحا للنقل الصحيح و العقل الصريح ‪.‬‬
‫و أما رأيه بأنه ل يصح أن ننع دراسة الفلسفة من أجل أن )) قوما من أراذل الناس قد تيظن بم أنم‬
‫ضلوا من قبل نظرهم فيها ‪ .‬مثل من منع التعطخاش من شرب الاء البارد العذب حت ماتوا من العطخش‬
‫‪1‬‬
‫لن قوما شرقوا به فمحاتوا ‪ .‬فإن الوت عن الاء بالشرق أمر عارض ‪،‬و عن العطخش أمر ذات ضروري ((‬
‫‪.‬‬
‫و رأيه هذا غي صحيح ‪ ،‬و فيه تغليط و تلبيس على القراء ‪ ،‬لنه أول فقد أصبح من الؤكد أن‬
‫الفلسفة الرسطخية‪ -‬و هي الت ينتصر لا ابن رشد‪ -‬بطخلنا و ضررها ف ذاتا ‪،‬و ليس بأمر خارج منها‬
‫‪ .‬و أن الذين تضرروا منها ليسوا من أراذل الناس و إنا أصحابا المحثلون لا هم أول من تضرر با من‬
‫أرسطخو إل ابن رشد و من جاء بعده من الرسطخييم ‪ .‬فهم أول ضحاياها ‪ ،‬فأفسدت عليهم إلياتم و‬
‫منطخقهم و معطخم طبيعياتم ‪ .‬و هذا الضرر هو بالضرورةا ‪ ،‬فكل من آمن بتلك الفلسفة أصابه‬
‫ضررها ‪،‬و ابن رشد نوذج شاهد على ذلك ‪ ،‬فهذا الرجل من بداية كتابنا هذا إل موضعنا هذا و نن‬
‫نسرد ف أخطخائاه و انرافاته الت ل تنته بعد ‪ ،‬بسبب إيانه بالرسطخية الت ملكت عليه عقله و قلبه و‬
‫عاطفته ‪ ،‬فأفسدت عقيدته و فكره ‪ ،‬و أبعدته عن الشرع و جعلته تمرفا عنه ‪.‬‬
‫و نن ل نقول أن كل من يدرس الرسطخية يتضرر با ‪ ،‬و إنا نقول كل من آمن بتلك الفلسفة‬
‫الزجائافة و اعتقد صحتها و صدقها فإنه تضره و تتفسد فكره و سلوكه على قدر إيانه با و تبعده عن‬
‫الشرع ‪ .‬و أما من درسها دراسة نقدية بصانة إيانية قوية فل تضره ‪ ،‬و يرج منها منتصرا قويا أشد‬
‫إيانا بدينه ‪،‬و أكثر قوةا و عزجية و احتقارا لتلك الفلسفة الظلمية الزجائافة ‪.‬‬
‫و أما الثال الذي ذكره ف القارنة بيم منع الاء عن العطخشانييم لن قوما شرقوا عندما شربوا الاء ‪ ،‬و‬
‫منع دراسة الفلسفة لن قوما من الراذل تضرروا با ‪ .‬فهو مثال ل يصح ذكره ‪ ،‬لنه ل مال للمحقارنة‬
‫بيم الاء و الفلسفة الرسطخية ‪ ،‬لن الاء أكيد أنه ضروري و نافع للجسد ‪،‬و منعه تيؤدي إل الوت‬
‫بالضرورةا ‪ .‬لكن تلك الفلسفة أكيد أيضا أنا باطلة و مضرةا بذاتا و تمهلكة لن آمن با و تعطخاها ‪.‬‬

‫‪ 1‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 95 :‬‬


‫فالاء ضروري و نافع بذاته ‪،‬و الرسطخية ضارةا بذاتا بالضرورةا ‪،‬و عليه فإن الثال الذي ذكره ل يصح ‪،‬و‬
‫فيه تغليط و تلبيس على القراء ‪ .‬و ابن رشد و أصحابه هم شواهد دامغة على تضررهم با ‪ ،‬فأضلتهم‬
‫عن الصراط السوي و ما هدتم إليه ‪.‬‬
‫و أما قوله بأنه ‪ )) :‬إن كان غينا قد فحص عن ذلك –ف أي علم‪ -‬فتبيم أن يب علينا أن‬
‫نستعيم على ما نن بسبيله با قاله من تقدمنا ف ذلك ‪ .‬سواء كان ذلك الغي مشاركا لنا أو غي‬
‫مشارك ف اللة ‪ .‬فإن اللة الت تصح با التذكية‪-‬أي الذبح‪ -‬ليس تيعتب ف صحة التذكية با كونا آلة‬
‫لشارك لنا ف اللة أو غي مشارك إذا كانت فيها شروط الصحة ‪. 1((...‬‬
‫و قوله هذا غي صحيح ف معظمحه ‪ ،‬و فيه تغليط و تلبيس على القراء ‪ ،‬لنه ليس واجبا علينا‬
‫بالضرورةا الستعانة بن تقدمنا من أهل العلم ‪ ،‬فيمحكننا الستغناء با جاء ف الشرع عن ذلك ‪،‬و البحث‬
‫عمحا نريد بهودنا الاصة من طرق أخرى ‪.‬و ل شك أن الشرع قد حثنا على دراسة الاضي و العتبار‬
‫و النتفاع به ‪ ،‬لكن ف إطار الضوابط الشرعية ‪ ،‬لذا حذرنا الشرع النيف من إتباع الذين كفروا من‬
‫صادرى أدأولتدياء‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫أهل الكتاب و أمثالم ‪ ،‬كقوله تعال ‪ )) :‬ديا أديـَمدها الذيدن آدمنتواأ لد تدـَتلختذواأ األيدـَتهودد دوالنل د‬
‫يم ((‪-‬سورةا الائادةا ‪:‬‬ ‫تت‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ضتهأم أدأولتدياء بدـَأع م‬
‫ض دودمن يدـَتدـَدولتلم بمنتكأم فدتإنلهت مأنـَتهأم إتلن الليهد لد يدـَأهدي الأدقأودما اللظالمح د‬ ‫بدـَأع ت‬
‫‪ ، - 51‬فالشرع ينهانا عن الهتمحاما بتحاثَ اليونان و نشره و الدعوةا إليه و النتصار له بدعوى النتفاع‬
‫به ‪ ،‬لنه ملوء بالخطخاء و الظنون ‪،‬و الهواء و الباطيل ‪،‬و الشركيات و الرافات ‪ ،‬اللهم إل إذا درسه‬
‫بعضنا دراسة نقدية للرد عليه أو أخذ ما فيه من صواب قليل ‪،‬و هذا عمحوما ليس واجبا بالضرورةا كمحا‬
‫ادعى ابن رشد ‪.‬‬
‫و أما مثال السكيم الذي ضربه فل يصح ‪ ،‬لنه ل مال للمحقارنة بيم السكيم و الفكر ‪ ،‬لن‬
‫السكيم وسيلة مادية حيادية يستخدمها الؤمن و الكافر على حد سواء ‪ ،‬و قد تتستخدما ف الي كمحا‬
‫قد تتستخدما ف الشر ‪ .‬لكن المر يتلف بالنسبة للفلسفة و الديان و العقائاد ‪ ،‬فهي أفكار بشرية‬
‫ليست حيادية ‪ ،‬تتعب عن قناعات و خلفيات و اتاهات أصحابا ‪ ،‬و هي تمحل شرا كمحا قد تمحل‬
‫خيا ‪ ،‬أو تمحع بينهمحا ‪ .‬و مثال ذلك الفلسفة الرسطخية الشائاية ‪ ،‬فهي فلسفة كثيةا الخطخاء و‬
‫الباطيل و الضللت ‪ ،‬مقابل صوابا القليل ‪ ،‬فهي ف حقيقتها ليست وسيلة حيادية ‪ ،‬و إنا هي‬
‫ديانة أرضية لا إلياتا و طبيعياتا و منطخقها ‪ ،‬و أخلقها و نظامها السياسي ‪ ،‬و تتصادما مع دين‬
‫السلما قلبا و قالبا ‪ ،‬نصا و روحا ‪ ،‬و ل يكن المحع بينهمحا إل إذا تناقضنا مع ديننا و أنفسنا و حريفنا‬
‫النصوصا لرسطخة السلما خدمة للرسطخية الت هي ف القيقة ل يتفق معها ذلك التحريف و التحقيع و‬
‫التلفيق ‪ ،‬و تأب العمحلية التحريفية الت قاما با ابن رشد ‪ .‬المر الذي تيثبت أن فتوى ابن رشد بوجوب‬
‫دراسة كتب الفلسفة القدية‪-‬أي اليونانية‪ -‬هي فتوى باطلة و ل تصح شرعا و ل عقل ‪ .‬استخدمها‬

‫‪ 1‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 91 :‬‬


‫وسيلة للوصول إل إياد شرعية لتعاطي فلسفة اليونان عامة و الرسطخية خاصة ‪ ،‬و تبير موقفه من‬
‫العلقة بيم الشريعة و تلك الفلسفة من جهة ‪ ،‬و الساهة ف إزالة الواجزج الت تعوق انتشارها بيم‬
‫السلمحيم من جهة أخرى ‪.‬‬
‫و أما الوسيلة الثانية –الت استخدمها ابن رشد‪ -‬فهي إظإهار احتحاما الفيلسوف للشرائاع عامة و‬
‫السلمية خاصة ‪ ،‬فأكد على أنه يب على كل إنسان أن )) تيسلم مبادئ الشريعة و أن تيقيلد فيها ((‬
‫‪ ،‬لن مبادئاها )) أمور إلية تفوق العقول النسانية ‪ ،‬فلبد أن تيعتحف با مع جهل أسبابا (( ‪.‬و إذا‬
‫شك الفيلسوف ف مبادئ الشريعة الت نشأ عليها ‪ ،‬أو بتأويل تمناقض للنبياء‪-‬عليهم السلما‪ -‬و صاد‬
‫عن سبيلهم ‪ ،‬فمحن حق الناس أن يطخلقوا عليه اسم الكفر ‪ ،‬و تتوجب عليه اللة الت نشأ فيها عقوبة‬
‫الكفر‪. 1‬‬
‫و قوله هذا هو من باب التضليل و التغليط و الستهلك اللي المحاهيي قاله ف كتبه العامة‬
‫الوجهة لغي الفلسفة من أهل العلم و العواما ‪ .‬لن قوله هذا تنقضه و ترده شواهد كثيةا ‪ ،‬أولا إن‬
‫معظم أصول الفلسفة الرسطخية و فروعها تمالفة لدين السلما صراحة ‪ ،‬ف الليات و الطخبيعيات و‬
‫طرق الستدلل ‪ ،‬كإنكارها للصفات اللية‪ ،‬و الفعال الختيارية ‪،‬و قولا بأزلية العال ‪،‬و تألوهية‬
‫العقول الفارقة ‪ ،‬و إنكار يوما العاد ‪ ،‬فهل الفلسفة الت تقول بذلك يصح أن تيقال ‪ :‬إن أصحابا‬
‫ت‬
‫يتحمون تلك الشريعة ؟ ! ‪ ،‬و ماذا بقي للشريعة بإنكار تلك الصول و غيها ؟ ‪ ،‬و هل من ينكر ذلك‬
‫تيسمحى تمسلمحا ؟ ! ‪.‬‬
‫و الشاهد الثان مفاده إن قول ابن رشد بأنه يب على كل إنسان أن تيقيلد الشريعة و تيسيلم لا‬
‫مبادئاها ‪،‬و هذا ينطخبق على الفيلسوف أيضا ‪ ،‬لن قوله‪-‬أي ابن رشد –هو حكم عاما ينطخبق على كل‬
‫إنسان ‪ .‬لكنه ف القيقة ل ينطخبق على ابن رشد و أمثاله ‪ ،‬لنه هو نفسه نص على وجوب استخداما‬
‫التأويل الباطن ‪،‬و زعم أن الفلسفة هم الراسخون ف العلم ‪،‬و أصحاب البهان و اليقيم‪ ،‬الذين لم‬
‫القدرةا على تأويل الشرع و معرفة معناه الباطن لصرفه عن معناه الظاهري‪ . 2‬و من يقول ذلك و‬
‫يفعله ‪،‬و يدعوا إليه و ينتصر له ل يصح أن تيقال عنه ‪ :‬إنه قيلد الشريعة و سيلم لا مبادئاها ‪ .‬لن موقفه‬
‫من التأويل هو نقض لدعوى التسليم للشريعة و تقليدها ‪ .‬علمحا بأن القيقة هي أن الفلسفة الشائايم‬
‫– بأصولم و فروعهم و تأويلهم‪ -‬هم حرب على الشريعة قلبا و قالبا ‪ ،‬و ما إغفالم لا ‪،‬و تقريرهم لا‬
‫تيالفها ‪ ،‬و و تريفهم لا بالتأويل ‪ ،‬إل أدلة دامغة على صحة ما أقول ‪،‬و على نقض مزجاعم ابن رشد ‪.‬‬
‫و الشاهد الثالث –على نقض زعم ابن رشد‪ -‬هو أنه قال ‪ :‬إن الشرائاع كلها صحيحة عند‬
‫الفيلسوف ‪،‬و عليه أن يتار أفضلها ف زمانه ‪ . 3‬و قوله هذا خطخي جدا لنه هدما لشريعة السلما ‪،‬و‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 373 ، 337 :‬‬


‫‪ 2‬سابق توثيق ذلك في الفصل الول ‪.‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪. 373 :‬‬
‫نقض لدعوى التسليم لا و احتحامها ‪ ،‬و تبجيلها و اللتزجاما با من جهة ‪،‬و إنكار لصحتها و قداستها‬
‫و وجوب اليان با من جهة أخرى ‪ .‬لن شريعة السلما نصت صراحة على أنا خاتة الرسالت‬
‫السمحاوية ‪،‬و أنا الكلمحة اللية الخيةا إل النس و الن كلهم ‪ ،‬من آمن با نا و مصيه إل جنة‬
‫اللد ‪،‬و من كفر با هلك و مصيه إل جهنم و بئِّس الهاد ‪ .‬و هذا أمر معروف من دين السلما‬
‫بالضرورةا ل يتاج إل شواهد و توثآيق لثآباته ‪ .‬لكن ابن رشد نقض ذلك بزجعمحه الباطل لنه أغفل‬
‫موقف الشريعة السلمية و تخصوصياتا ‪،‬و سوى بينها و بيم الشرائاع الخرى و جعلها كلها‬
‫صحيحة !! ‪ .‬و هذا أمر باطل شرعا و عقل ‪،‬و ل يصح أن يصدر عن إنسان تيؤمن بالشريعة ‪ ،‬لنه‬
‫نقض ليانه با ‪ .‬لكن الرجل ل يبال بذلك لن هواه ليس ف الشريعة و إنا هو ف الفلسفة‬
‫الرسطخية ‪،‬و أما الشريعة فهي كالشرائاع الخرى ‪ ،‬صحت أما ل تصح فالمر سيان عنده ‪،‬و ل يهمحه‪-‬‬
‫بالدرجة الول‪ -‬إل أمر الفلسفة الرسطخية ‪.‬‬
‫لذا وجدناه واقفا حازما مناضل ف دفاعه عن تلك الفلسفة و تمغاليا فيها ‪ ،‬و وصفها بأنا برهان‬
‫و يقيم ‪،‬و اعتقد ف صاحبها أرسطخو العصمحة ‪،‬و رفعه إل مرتبة النبياء و اللئاكة ‪،‬و ل يسو بيم‬
‫فلسفته و فلسفات غيه من فلسفة اليونان ‪ ،‬لنه يعلم أن القيقة ل تتعدد ‪-‬عندما تتناقض الذاهب‬
‫‪، -‬و التمحثلة ف الفلسفة الرسطخية ‪ .‬لكنه سوى بيم الشرائاع و جعلها كلها صحيحة رغم تناقضها‬
‫ت‬
‫فيمحا بينها ‪،‬و تناقضها مع فلسفته الرسطخية أيضا و ل تيبال بذا التناقض الصارخ السافر ‪ .‬فهذا دليل‬
‫دامغ على أن الرجل‪-‬أي ابن رشد‪ -‬قال ذلك الكلما ذرا للرماد ف العيون لبعاد أو تفيف معارضة‬
‫السلمحيم له من جهة ‪ ،‬و ليتمحكن من الوصول إل خدمة مذهبيته الرسطخية من جهة أخرى ‪.‬‬
‫و أما الوسيلة الثالثة –الت استخدمها ابن رشد‪ -‬فهي تقرير و تكريس مبدأ الفصل ‪،‬و الوصل ‪،‬و‬
‫التوفيق بيم الشريعة و الفلسفة‪ -‬يعن الرسطخية‪، -‬و ذلك أنه نص على أن كل منهمحا حق ‪،‬و ها‬
‫متطخابقتان ‪ ،‬و أختان رضيعتان تمصطخحبتان بالطخبع ‪ .‬و قال أيضا ‪ )) :‬و ذلك أنه لا كانت كل صناعة‬
‫لا مبادئ ‪ ،‬و واجب على الناظإر ف تلك الصناعة أن تيسيلم مبادئاها ‪،‬و ل يعرض لا بنفي و ل بإبطخال‬
‫‪. 1(( ...‬‬
‫و هو بذلك يكون قد أقر ثآلثآة مبادئ ‪ ،‬و كيرسها لدمة مذهبيته الرسطخية ‪ ،‬أولا مبدأ الفصل بيم‬
‫الشريعة و الفلسفة‪-‬يعن با الرسطخية‪ ، -‬فكل منهمحا تمنفصل عن الخر بذاته و خصائاصه ‪ ،‬و على‬
‫كل منهمحا أن يعتحف بالخر و يتحمه من دون إقصاء و ل إنكار ‪ .‬و بذا يكون ابن رشد قد وضع‬
‫الساس الفكري للعتحاف بالفلسفة الرسطخية كمحذهب تمعتحف به ف التمحع السلمي ‪.‬‬
‫و أما البدأ الثان فهو مبدأ الوصل ‪ ،‬و يعن أن الفصل الذي قرره بيم الشريعة و تلك الفلسفة ل‬
‫يعن وجود انفصال تاما بينهمحا ‪،‬و إنا‪ -‬إل جانب ذلك‪ -‬تيوجد اتصال بينهمحا بثابة جسر يربطخهمحا ‪،‬و‬

‫‪ 1‬ا‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪. 337 :‬‬


‫هذا واضح و تمستنتج أيضا من عنوان كتابه ‪ :‬فصل القال ف تقرير ما بيم الشريعة و الكمحة من‬
‫التصال ‪ .‬فالتصال بينهمحا موجود على أساس مبدأ النفصال ‪،‬و هو ضروري عند ابن رشد ‪ ،‬و بدونه‬
‫ل تيكنه القياما بالعمحلية الت يسعى إل تقيقها ‪ ،‬و بناء على هذا التصال زعم ابن رشد أن الشريعة و‬
‫الفلسفة الرسطخية متطخابقتان و متوافقتان ‪،‬و هذا زعم باطل ‪ ،‬فقد سبق أن بينا أنه ل تطخابق و ل توافق‬
‫بينهمحا ‪.‬‬
‫و أما البدأ الثالث فهو مبدأ التوفيق ‪،‬و تيشبه البدأ الثان من جهة ‪ ،‬و يتلف عنه من جهة أخرى ‪،‬‬
‫لنه تيوجد فرق واضح بيم التوافق و التوفيق ‪ ،‬الول يعتمحد على كشف و إظإهار التواصل الوجود بيم‬
‫الشريعة و الفلسفة الرسطخية ‪،‬و هذا هو التوافق ‪ .‬لكن الثان –أي التوفيق‪ -‬ل يقوما على كشف اتصال‬
‫واضح متطخابق بينهمحا ‪،‬و إنا يستدعي القياما بعمحلية توفيقية تيستخدما فيها التأويل الباطن التحريفي‬
‫للنصوصا ‪ ،‬كمحا فعل ابن رشد ف موضوع أزلية العال و صفات ال تعال ‪ ،‬حيم أخضع نصوصها‬
‫للتأويل التحريفي لياد توفيق و جع و تقريب بيم الشريعة و الرسطخية ف السائال الت أخضعها للتأويل‬
‫الباطن الذي هو ف حقيقته تلفيق ل توفيق ‪.‬‬
‫و الوسيلة الرابعة هي الشتداد ف نقد التكلمحيم و التهجم عليهم ‪،‬و تمحيلهم مسؤولية إفساد النهج‬
‫الشرعي ف العقائاد‪ . 1‬إنه اشتد ف انتقادهم و خيطخأهم ف معظم ما قالوه ‪،‬و نسي أو تناسى إخوانه‬
‫الفلسفة الشائايم الذين بالغ ف مدحهم و الرفع من شأنم ‪،‬و ساهم أهل البهان و اليقيم مقابل‬
‫التكلمحيم الدلييم ‪ ،‬و تناسى شناعات و أباطيل و خرافات الشائايم الذين أنكروا باحقائاق الدين‬
‫الثابتة العروفة من دين السلما بالضرورةا ‪ .‬علمحا بأن التكلمحيم –على كثرةا أخطخائاهم‪ -‬فهم أحسن حال‬
‫من الشائايم بفارق كبي ‪ ،‬فهم يقولون بلق العال ‪،‬و العاد الخروي ‪،‬و يثبتون كثيا من الصفات ‪،‬‬
‫خلف الشائايم الذين ل يقولون بذلك ‪ .‬و قد بالغ ابن رشد ف انتقادهم لتيكسر شوكتهم ‪ ،‬و يطخرح‬
‫بديله الفلسفي الرسطخي التحريفي ‪،‬و ليس لطخرح البديل الشرعي الصحيح ‪.‬‬
‫و الوسيلة الامسة – الت استخدمها ابن رشد‪ -‬هي إظإهاره النتصار للشريعة و الزجن عليها بسبب‬
‫ما أصابا على أيدي التكلمحيم و غيهم‪ ، 2‬و هذا ليس من أجل العودةا الصحيحة إليها و تنقيتها من‬
‫تريفات التكلمحيم و الفلسفة و أباطيلهم ‪،‬و إنا من أجل خدمة الرسطخية أساسا ‪ ،‬بناء على العلقة‬
‫الت أقامها بيم الشريعة و فلسفته الرسطخية ‪ .‬لنه مع إظإهاره لذلك فإنه كثيا ما كان تمقزجما للشريعة و‬
‫تمهمحل لا ‪،‬و تمرفا و تمؤخرا لا ‪،‬و ذلك بإغفاله لا و تقرير لا تيالفها‪،‬و إخضاعها للتأويل الباطن‬
‫الشائاي‪،‬و عدما حلها كبديل شرعي لكل الديان و الذاهب و الفلسفات ‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪ . 106 :‬و الكشف ‪ ،‬ص‪ 103 :‬و ما بعدها ‪ 172 ،‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 2‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪. 125 :‬‬
‫و أما الوسيلة الامسة‪ -‬و هي الخيةا‪ -‬فتتمحثل ف استخداما ابن رشد للسلما وسيلة لدمة‬
‫الرسطخية من جهة ‪ ،‬و استخدامها لرسطخة السلما و ليس لسلمحتها من جهة أخرى ‪ .‬كإعطخاء‬
‫الشرعية لا باسم السلما‪، 1‬و تبير بعض عقائادها بالتأويل التحريفي‪، 2‬و إطلق أساء إسلمية على‬
‫مفاهيم و مبادئ تيونانية ‪ ،‬كتسمحية العقول الفارقة باللئاكة ‪.‬‬
‫و يتبيم من تلك الوسائال‪-‬الت ذكرناها‪ -‬أنا تندرج ضمحن الطخرق الت استخدمها ابن رشد ف تقريره‬
‫للعلقة بيم الشريعة و الفلسفة الرسطخية القائامحة على ثآلثآة مبادئ ‪،‬و هي ‪ :‬الفصل ‪ ،‬و الوصل ‪،‬و‬
‫التوفيق ‪ ،‬خدمة للرسطخية و دفاعا عنها و نتصارا و نشرا لا ‪ .‬فكانت الشريعة هي الاسر الول و‬
‫الفلسفة الرسطخية هي الراح الول ف مشروع ابن رشد الرسطخي الظلمي ‪.‬‬
‫مواقف أهل العلم من حقيقة عمل ابن رشد في تقريره للعلقة بين الشريعة و الفلسفة ‪:‬‬
‫تباينت آراء أهل العلم ف مواقفهم من العمحلية الفكرية الت قاما با ابن رشد ف تقريره للعلقة بيم‬
‫الشريعة و الفلسفة الرسطخية ‪ ،‬أذكر منها اثآن عشر موقفا ‪ ،‬أولا موقف الشيخ تقي الدين بن تيمحية ‪،‬إنه‬
‫يرى أن ابن رشد سعى إل المحع بيم الشريعة و الفلسفة لتقريب أصول الفلسفة إل طريقة النبياء‬
‫لتيظهر أن أصولم ل تتالف الشرائاع النبوية ‪،‬و إن كان ف باطنه يقول ‪ :‬إن ما أخبت به الرسل ل‬
‫حقيقة له‪. 3‬‬

‫و الوقف الثان هو للحـَافظ شـَس الـَدين الذهب ‪ ،‬إنـَه وصـَف عمحـَل الفلسـَفة الش ائايم و منهـَم ابـَن‬
‫رشد ‪ ،‬بأنه سعي للجمحع بيم الشريعة و فلسفة اليونان ‪ ،‬هـَـَو عمحـَـَل خـَاطئ ‪ ،‬لنـَه ل يكـَن المحـَع بينهمحـَا‬
‫‪ ،‬و من راما المحع بيم علـَوما النبيـَـَاء –عليهـَم الصـَـَلةا و السـَـَلما – و علـَوما الفلسـَـَفة ‪ ،‬فلبـَـَد أن يـَالف‬
‫ف و مشـَى خلـَف مـَا جاءت بـَه الرسـَل ‪ ،‬سدـَتلم لـَه دينـَه و يقينـَه ‪ .‬ثـَ قـَال ‪ )) :‬و لقـَد‬ ‫الثآنيم ‪،‬و من كـَ ي‬
‫شـَـَريف ال ـَ السـَـَلما و أوضـَـَح حججـَـَه ‪،‬و قطخـَـَع العـَـَذر بالدلـَـَة ‪ ،‬و مـَـَا مثـَـَل مـَـَن نصـَـَر السـَـَلما بـَـَذاهب‬
‫الفلسفة و الراء النطخقية ‪ ،‬إل كمحن يغسل الثوب بالبول ((‪. 4‬‬
‫و ق ـَوله هـَـَذا صـَـَحيح بنـَـَاه علـَـَى أسـَـَاس نظ ـَرةا موضـَـَوعية عمحيقـَـَة لصـَـَول الش ـَريعة و الفلسـَـَفة الرسـَـَطخية‬
‫الشائاية ‪،‬و هو يتوافق ابن تيمحية ف أن ابن رشد و أصـَـَحابه سـَعوا للجمحـَـَع بيمـَ الشـَريعة و تلـَك الفلسـَـَفة‪،‬و‬
‫بعن آخر أنم سعوا للتوفيق بنهمحا انطخلقا من خلفيتهم الذهبية الرسطخية الخالفة للشرع ‪.‬‬
‫ت‬

‫‪ 1‬كالفتوى التي أصأدرها بوجوب دراساة كتب الفلسفة ‪.‬‬


‫‪ 2‬كتأويل بعض اليات في قوله بأزلية العالم و أبديته ‪.‬‬
‫‪ 3‬ابن تيمية ‪ :‬الصفدية ‪ ،‬ص‪. 237 ، 160 :‬‬
‫‪ 4‬ميزان العتدال ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،1995 ،‬ج ‪ 5‬ص‪. 174 ،173 :‬و تذكرة الحفاظ ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الصميعي ‪،‬‬
‫الرياض‪ ، 1415 ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 205 :‬و السثير ‪ ،‬مؤساسة الرساالة ‪ ،‬بيروت ‪،‬ج ‪ 19‬ص‪. 495 :‬‬
‫و أما الوقف الثالث فهـَو للبـَاحث ممحـَد يوسـَف موسـَى ‪ ،‬إنـَه ذكـَر أن ابـَن رشـَد كـَانت فيـَه نزجعـَة‬
‫شديدةا للتوفيق بيم الشريعة و الفلسفة ‪ ،‬حت أنـَا تتعتـَب )) معقـَد الصـَالة و الطخرافـَة فـَ تفكيه الفلسـَفي‬
‫((‪ . 1‬و نـَـَن ل نـَوافقه علـَـَى مـَـَا ذهـَـَب غليـَـَه ‪ ،‬لن اهتمحـَـَاما ابـَـَن رشـَـَد بـَـَذلك التوفيـَق ‪ ،‬و تركيـَـَزجه عليـَـَه ‪ ،‬و‬
‫تمحسه له ‪ ،‬تيعب ف القيقة و بالدرجة الول عن أزمة فكرية حادةا كان تيعان منها ابن رشـَد ‪،‬و ل يتعـَب‬
‫عن أصالة ول ظإرافة و ل أبداع ‪ ،‬لن النسان السوي الصادق اليان بالسلما يعناه الصـَـَحيح الشـَـَامل‬
‫الكامل ل يتـَاج أبـَدا إلـَ الفلسـَفة الرسـَطخية و اليونانيـَة عامـَة‪.‬و النسـَان الصـَادق اليـَان بتلـَك الفلسـَفة‬
‫الكتفـَي بـَا ‪ ،‬و النسـَـَجم مـَـَع نفسـَه ل يتـَـَاج إلـَ أن تيوفـَق بينهـَا و بيمـَ شـَريعة السـَـَلما ‪ ،‬لنـَـَه موضـَـَوعي‬
‫ت‬
‫مع نفسه ‪،‬و يعرف أن المحع بينهمحا هو تناقص واضح و رفض لمحـَا معـَا ‪ .‬لكـَن ابـَن رشـَد لـَ يكـَن أحـَد‬
‫الثآنيم ‪ ،‬فهو مع إيانه القوي بالرسطخية ل يستطخع التخلي عن دينه من جهة ‪،‬و هو مع إيـَانه الضـَعيف‬
‫بدينه ل يسـَتطخع التخلـَي عـَن الرسـَطخية ‪ .‬فالرجـَل كـَان يتعـَان مـَن أزمـَة فكريـَة نفسية ‪ ،‬أوصـَلته إلـَ تأويـَل‬
‫الشريعة لتتوافق مع الرسطخية بطخريقة تريفية تلفيقية ‪.‬‬
‫و يرى أيضا أن ابن رشد –ف عمحليته التوفيقية‪ -‬ل يغل ف التأويل كالعتزجلة ‪ ،‬و ل تياول أن )) يعل‬
‫من القرآن و الديث كتابا فلسفيا ‪ ،‬أو ل تياول –بتعبي آخر‪ -‬أن يد فلسفة أرسطخو‪-‬الذي عتـَـَرف أنـَـَه‬
‫شارحها الول‪ -‬ف القرآن و الديث ليكون توفيقا بيم الوحي و الفلسفة ((‪. 2‬‬
‫و تعليقـَـَا عليـَـَه أقـَـَول ‪ :‬أول إن ابـَـَن رشـَـَد هـَـَو فعل و حقيقـَـَة مـَـَن الغلةا فـَ التأويـَـَل البـَـَاطن ‪،‬و هـَـَذا أمـَـَر‬
‫ثآابت ل شك فيه ‪ ،‬و قد ذكرنا ناذج كثيةا من تـَأويلته التحريفيـَة لنصـَوصا شـَرعية تتعلـَق بأصـَول الدين‬
‫‪ ،‬كتأويله لبعض النصوصا التعلقة بلق العال ‪ ،‬و العاد الخروي ‪ ،‬و الصفات اللية ‪ ،‬و مـَـَن يصـَـَل بـَـَه‬
‫المر إل تأويل ذلك فهو من غلةا الؤوليم بل شك ‪،‬و إن اختلفت درجة الغلو بيم الغلةا ‪.‬‬
‫و ثآانيـَـَا إن ابـَـَن رشـَـَد أنطخلـَـَق –فـَ تفلسـَـَفه‪ -‬مـَـَن الرسـَـَطخية و ليـَـَس مـَـَن السـَـَلما ‪ ،‬لـَـَذا فهـَـَو لـَ يكـَـَن فـَ‬
‫حاجـَـَة إلـَ أن يـَـَد فلسـَـَفة أرسـَـَطخو فـَ السـَـَلما ‪ ،‬لنـَـَه آمـَـَن بـَـَا مـَـَع تمالفتهـَـَا لـَـَه‪-‬أي للسـَـَلما‪، -‬و فصـَـَل‬
‫بينهمحا ‪ ،‬لكنه كان ف حاجة ماسة إل استخداما السلما لدمـَـَة عقيـَـَدته و مـَـَذهبيته الرسـَـَطخية فـَ قضـَـَايا‬
‫معينـَـَة تمحـَـَه ‪ ،‬فاسـَـَتخدما بعـَـَض عقائاـَـَد السـَـَلما –بتـَـَأويله لـَـَا‪ -‬لتحقيـَـَق مـَـَا كـَـَان يتريـَـَده خدمـَـَة للرسـَـَطخية ‪.‬‬
‫فهـَـَو ل ـَ يسـَـَتخدما السـَـَلما لسـَـَلمحة الرسـَـَطخية ‪،‬و ل لرسـَـَطخة السـَـَلما كلـَـَه ‪،‬و إنـَـَا أخـَـَذ منـَـَه مـَـَا يـَـَدمه‬
‫باستخداما التأويل التحريفي التلفيقي ‪،‬و بذه الطخريقة وجد ف السلما ما يدما مذهبيته الفلسفية ‪ ،‬لكنـَـَه‬
‫ل يد فيه فلسفته الرسطخية لنا ل توجد فيه أصل ‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد يوساف موساى ‪ :‬بين الدين و الفلسفة في رأي ابن رشد و فلسافة العصر الوسايط ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬دار العصر الحديث ‪ ،‬بيروت ‪،‬‬
‫‪ ، 1988‬ص‪. 7 :‬‬
‫‪2‬‬
‫و هو –أي ابن رشـَد‪ -‬لـَو أقـَاما تفلسـَفه علـَى النقـَل الصـَحيح ‪،‬و العقـَل الصـَريح ‪ ،‬و العلـَم الصـَحيح ‪،‬‬
‫لبـَـَدع إبـَـَداعا كـَـَبيا ‪ ،‬و تليـَـَص مـَـَن أغلل الفلسـَـَفة الرسـَـَطخية و خرافاتـَـَا و ظإنياتـَـَا ‪ ،‬لكنـَـَه ل ـَ يكـَـَن ف ـَ‬
‫مستوى القياما بذا العمحل الاما ‪،‬ول ف مستوى الشرع و العقل و العلم ‪.‬‬
‫و ذكر أيضا‪-‬أي ممحد يوسف موسى‪ -‬أن ابن رشد قال ‪ )) :‬كل نـَب فيلسـَوف ((‪ . 1‬و قـَوله هـَذا‬
‫يبدوا أنه من آثآار العلقـَة الـَت أقامهـَا بيمـَ الشـَريعة و الفلسـَفة اليونانيـَة الـَت يـَرى ممحـَـَد يوسـَف موسـَـَى أنـَه‬
‫توفق فيها‪ . 2‬لكن القيقة خلف ذلك ‪ ،‬لن النب ليس فيلسوفا و ل باحثا و ل مفكـَرا و ل عالـَـَا ‪ ،‬و‬
‫ت‬‫ضـَله عليهـَم بالوحي ‪ ،‬لقـَوله تعـَال ‪)) :‬دقالد أ‬ ‫إنـَا هـَو رسـَول مـَن الـَ تعـَال اختاره الـَ مـَن بيمـَ البشـَر و ف ي‬
‫دلـَتأم ترتسـَلتتهأم تإن لأنـَتن إتلل بددشـَبر بمثأـَلتتكـَأم دولد ـَتكلن الليـَهد ديـَتمن دعلدـَـَى دمـَـَن يددشـَـَاءت تمـَأن تعبدـَـَاتدهت دودمـَـَا دكـَـَادن لدنـَدـَا دأن نلـَ أتتيدتكم‬
‫بتتسألدطخامن إتلل بتتإأذتن الليته دوعلدـَى الليـَته فدـَألديتدـَدولكـَتل الأتمحأؤتمنتـَودن ((‪-‬سورةا إبراهيـَم ‪، - 11 :‬و هـَو فـَ غايـَة الكمحـَال‬
‫ك تمـَأن دأنبـَدـَاء دمـَا قدـَأد‬ ‫ت‬
‫ص دعلدأيـَ د‬ ‫ك ندـَتقـَ م‬ ‫البشري علمحا و خلقا ‪،‬و علمحه لدتدن أتاه ال أيـَـَاه ‪ ،‬قـَال تعـَـَال ‪)) :‬دكـَدذل د‬
‫دسـَبددق دوقدـَأد آتدأـَيـَندـَادك تمـَـَن لـَتدلنا تذأكـَراد ((‪-‬سـَورةا طـَـَه ‪، - 99 :‬و ))فدـَدودجـَددا دعأبـَـَداد بمـَأن تعدباتدنـَدـَا آتد أـَيـَنـَدـَاهت درأحدـَةد تمـَأن‬
‫تعنـَ ـَتددنا دودعلأمحندـَـَاهت تمـَـَن ـَل ـَتدلنا تعألمحـَ ـَاد ((‪ -‬سـَـَورةا الكهـَـَف ‪- 65 :‬ـَ ‪ ،‬فـَـَالنب صـَـَناعة إليـَـَة مباشـَ ـَرةا ‪ ،‬خلف‬
‫الفيلسـَـَوف الـَذي هـَـَو إنسـَـَان عـَـَادي ل يتلـَـَف عـَـَن غيه مـَـَن أهـَـَل العلـَـَم ‪ ،‬الـَذين يعتمحـَـَدون علـَـَى العقـَـَل و‬
‫ال ـَواس ف ـَ طلـَـَب العلـَـَم واكتشـَـَافه ‪.‬و أعمحـَـَاله العلمحيـَـَة ليسـَـَت تمطخلقـَـَة الصـَـَحة ‪،‬و إنـَـَا هـَـَي نسـَـَبية تمتمحلـَـَة‬
‫للخطخأ و الصواب معا ‪ .‬لذا ل يصح القول ‪ :‬إن كل نب فيلسوف ‪ ،‬لن النب يتلف عنه بالوحي و مـَـَا‬
‫يتحتب عن ذلك من صفات و سلوكيات ‪.‬‬
‫و أما الوقف الرابع فهو يص الباحث ممحد عمحارةا الذي يـَرى أن ابن رشـَد حـَرصا علـَى أن )) تيوفـَق‬
‫مـَـَا بيمـَ الكمحـَـَة و الشـَريعة مـَـَن علـَـَى أرض الفلسـَـَفة حـَـَت يـَـَأت التوفيـَـَق بفكـَـَر فلسـَـَفي جديـَـَد ويـَبأ مـَـَن داء‬
‫التنازلت و اللول الوسط الت تتصاب با عادةا هذه الاولت ((‪. 3‬‬
‫و أقـَـَول ‪ :‬إن ابـَـَن رشـَـَد أنطخلـَـَق فـَ عمحليـَة التوفيـَـَق الزجعومـَـَة مـَـَن تمنطخلـَق الفلسـَـَفة الرسـَـَطخية الشـَائاية ‪،‬و‬
‫ليس من الفلسفة تمطخلقا لن التفريق بيم المرين هاما جـَدا و يـَـَب أن ل يغيـَب عنـَـَا ‪ .‬و قـَد كـَـَان ذلـَك‬
‫التوفيق نتيجة تأويله الباطن التحريفي للشرع خدمة للرسطخية ‪ ،‬فأرسط النصوصا الت أيولا و جـَاء بفكـَر‬
‫تلفيقي ليس جديدا على الشائايم ‪ ،‬فهو على نجهم ‪ ،‬و قد مارسوه قبله بعدةا قرون‪ . 4‬علمحـَـَا بـَأن اتـَـَاذ‬
‫الفلسـَـَفة تمنطخلقـَـَا لـَـَه هـَـَو أمـَـَر مرفـَـَوض شـَـَرعا و عقل ‪ ،‬لن الفـَـَروض عليـَـَه‪-‬كمحسـَـَلم‪ -‬أن يتخـَـَذ الش ـَريعة‬
‫تمنطخلقا وحيدا لفكره و معيارا له ‪ ،‬فمحـَا وافقهـَا –أي الشـَريعة‪ -‬قبلـَه و مـَا خالفهـَا رفضـَه ‪ .‬لكـَن ابن رشـَد‬
‫قلـَـَب المـَـَر ‪ ،‬فقـَـَدما الفلسـَـَفة علـَـَى الشـَريعة السـَـَلمية و أحـَـَط مـَـَن مكانتهـَـَا بـَـَذا الـَـَذي قـَـَاما بـَـَه ‪،‬و هـَـَذا‬

‫‪ 1‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 108 :‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 226 :‬‬
‫‪ 3‬محمد عمارة ‪ :‬المادية و المثالية في فلسفة ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 15 :‬‬
‫‪ 4‬سايأتي توثيق ذلك لحقا ‪.‬‬
‫خلف ما أراد أن يدحه به ممحد عمحارةا عندما قال ‪ )) :‬و يـَبأ مـَـَن داء التنـَـَازلت ‪، (( ...‬و أليـَـَس هـَـَذا‬
‫من أكب التنازلت ؟ ! ‪ .‬إن عمحله هذا هو حط من قيمحة الشريعة ‪،‬و تقدما بيم يدي ال و رسوله )) ديا‬
‫يم يدددتي اللته دودرتسولتته دواتلـَتقوا اللهد إتلن اللهد دتسيبع دعتليبم ((‪-‬سورةا الج ـَرات ‪-1 :‬‬ ‫ت‬
‫أديـَمدها الذيدن آدمنتوا دل تـَدقبدتموا بدـَ أ د‬
‫‪.‬‬
‫لكنه‪ -‬أي الباحث ممحد عمحارةا ‪ -‬يبدو أنه غيي موقفه بعض الشيء عندما قال ‪ :‬إن ابن رشد وفيـَق‬
‫بيمـَ الكمحـَـَة و الشـَريعة انطخلقـَـَا مـَـَن أن الـَ هـَـَو مصـَـَدر الكتـَـَاب و الكمحـَـَة مـَـَن دون أن يـَـَل )) الفلسـَـَفة‬
‫العقلية مل الشريعة اللية ‪-‬كمحا يصنع الاديون الغربيون‪ -‬و ل يعلهمحا متجاورتيم و منفصلتيم ‪ .‬و إنا‬
‫تيؤسس الفكر عليهمحا معا ‪ ،‬بعد التوفيق بينهمحا و الؤخاةا بينهمحا ((‪. 1‬‬
‫و أقول ‪ :‬إن حقيقـَة موقـَف ابـَن رشـَد مـَن الشـَريعة و الفلسـَفة ليـَس هـَو إحلل أحـَدها مـَل الخـَر ‪،‬و‬
‫إنـَـَا هـَـَو الفصـَـَل بينهمحـَـَا ككيـَـَانيم تمسـَـَتقليم مـَـَن جهـَـَة ‪ ،‬و مـَـَد جسـَـَر التصـَـَال بينهمحـَـَا مـَـَن جهـَـَة ثآانيـَـَة ‪ ،‬و‬
‫التوفيـَـَق بينهمحـَـَا ف ـَ مواضـَـَع تمعينـَـَة بواسـَـَطخة التأويـَـَل البـَـَاطن التحريفـَـَي مـَـَن جهـَـَة ثآالثـَـَة ‪ ،‬مـَـَع عـَـَدما التسـَـَوية‬
‫بينهمحا ف الكانة و الفضلية من جهة رابعة ‪ .‬لن الرجل‪-‬أي ابن رشـَد‪ -‬عنـَدما فصـَل بينهمحـَل ككيـَانيم‬
‫تمستقليم فإنه ل يسو بينهمحا ف الكانـَة ‪ ،‬فقـَدما الرسـَطخية علـَى الشـَرع ‪،‬و جعلهـَا هـَي الصـَل و النطخلـَق‪،‬‬
‫و الك و العيار لفكره ‪ ،‬فمحا وفقها قبله ‪،‬و ما خالفها رفضه و أغفله أو أيوله إن كان من الشرع و أراد‬
‫تأويله ‪.‬‬
‫و ل يصح قوله بأن ابن رشد أسس فكره عليهمحا معا ‪ ،‬لن الصل الذي يمحعهمحـَـَا هـَـَو التنـَـَاقض و هـَـَو‬
‫ل تيكنه من تأسيس ما ادعاه ممحد عمحارةا ‪ ،‬لـَذا فـَابن رشـَد تصـَرف مـَـَع هـَـَذا التنـَاقض بعمحليـَـَاته الثلثَ ‪:‬‬
‫الفصـَـَل ‪ ،‬و الوصـَـَل ‪،‬و التوفيـَـَق التـَـَأويلي البـَـَاطن التحريفـَـَي ‪ ،‬فأقـَـَاما فكـَـَره علـَـَى الرسـَـَطخية أول ‪ ،‬ث ـَ علـَـَى‬
‫الفكر الؤيول الذي هو أرسطخي الروح شرعي الشكل ثآانيا ‪ .‬مع إغفاله لقسم كبي مـَن الشـَريعة كـَأنه غيـَ‬
‫ت‬
‫موجود ‪،‬و مالفة قسم آخر ف مواضع كثيةا‪. 2‬‬
‫و إنـَـَه مـَـَن الغالطخـَـَة و الريـَـَة أيضـَـَا قـَوله ‪ :‬إن ابـَـَن رشـَـَد وفـَيـَق بيمـَ الكتـَـَاب و المحكـَـَة بـَـَدعوى أن الـَ‬
‫مص ـَـَدرها ‪ .‬فه ـَـَذا تمنك ـَـَر و تغلي ـَـَط و تل ـَـَبيس عل ـَـَى القـَ ـَراء ‪ ،‬لن الكمح ـَـَة ال ـَـَت قص ـَـَدها اب ـَـَن رش ـَـَد ليس ـَـَت‬
‫الكمحة الت يدعو إليها الشرع و العقل الفطخري و العلم الصحيح ‪،‬و إنا هي الفلسفة الرسطخية الظلمية‬
‫الزجائافـَـَة الـَـَت ليـَـَس فيهـَـَا مـَـَن الكمحـَـَة الصـَـَحيحة إل القليـَـَل ‪،‬و الليئِّـَـَة بالخطخـَـَاء و الباطيـَـَل‪ ،‬و الظنـَـَون و‬
‫الهـَواء ‪ ،‬و الشـَـَركيات و الرافـَـَات ‪ .‬فـَـَابن رشـَـَد لـَ تيوفـَيـَق بيمـَ السـَـَلما و الكمحـَـَة الشـَـَرعية و إنـَـَا سـَـَعى‬
‫للتوفيـَـَق بيم ـَ مواضـَـَيع إسـَـَلمية و الفلسـَـَفة الرسـَـَطخية‪ -‬السـَـَمحاةا زورا بالكمحـَـَة‪ -‬انطخلقـَـَا مـَـَن أرسـَـَطخيته الـَـَت‬
‫ت‬
‫ملكت عليه قلبه و عقله و حواسه ‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد عمارة ‪ :‬الموقع الفكري لبن رشد بين الغرب و السالما ‪ ،‬مجلة إسالمية المعرفة ‪ ،‬العدد الثاني ‪ ،‬موقع المجلة على النترنت ‪.‬‬
‫‪ 2‬ك ما ذكرناه سابق توثيقه ‪.‬‬
‫و أما الوقف الامس فيتعلق بالرشدي العـَروف ممحـَد عـَاطف العراقـَي ‪ ،‬فهـَو يـَرى أن ابن رشـَد حاول‬
‫المحع بيم الدين و الفلسفة انطخلقا من )) إيانه ببدأ التأويل أو الجتهاد ف فهم النص ((‪. 1‬‬
‫و تعقيبا عليه أقول ‪ :‬إن حقيقة ماولة ابن رشد هي السعي لياد نوع مدود من التوفيـَق بيمـَ الشـَريعة‬
‫و الفلسفة الرسطخية تديدا ‪،‬و ليس بينها و بيم الفلسفة تمطخلقا ‪ .‬و هي ماولة أساسها إيانه بالرسطخية‬
‫أول و أخيا ‪،‬و ليس حكاية المحع إل وسـَيلة لتأويـَل النصـَوصا الشـَرعية‪ -‬الـَت يتريـَدها‪ -‬خدمـَة لرسـَطخيته‬
‫‪ .‬و هـَ ـَـَذا التأويـَ ـَـَل التحريفـَ ـَـَي ال ـَـَذي مارسـَ ـَـَه ليـَ ـَـَس اجتهـَ ـَـَادا و ل مارسـَ ـَـَة فـَ ـَ القـَ ـَراءةا الصـَ ـَـَحيحة للنصـَ ـَـَوصا‬
‫الشرعية ‪،‬وإنا هو اجتهاد ف التأويل الباطن التحريفي لتلك النصوصا ‪ .‬فهـَـَذه هـَـَي القيقـَـَة الـَـَت يـَـَب أن‬
‫ل تغيب عنا ‪ ،‬لن ما قاله عاطف العراقي هو نوع من التغليط و التلبيس على القراء ‪.‬‬
‫و الوقف السادس هو للباحث ممحد الصباحي ‪ ،‬فهو يرى أن دعوةا ابن رشد كانت تدعو إلـَ وحـَدةا‬
‫الفلسـَـَفة و الشـَ ـَريعة‪ . 2‬و قـَ ـَوله هـَـَذا غيـَ ـَ صـَـَحيح ‪ ،‬لن ابـَـَن رشـَـَد كـَـَان شـَـَديد الـَـَرصا علـَـَى اسـَـَتقللية‬
‫الفلسفة الرسطخية و انفصالا عن الشريعة ‪ ،‬مع احتحاما كـَـَل منهمحـَـَا للخـَـَر ‪،‬و مـَـَد جسـَـَر التصـَـَال بينهمحـَـَا‬
‫ف ـَ نقـَـَاط معينـَـَة و مـَـَدودةا لمحايـَـَة اسـَـَتقللية تلـَـَك الفلسـَـَفة ‪،‬و اسـَـَتخداما السـَـَلما وسـَـَيلة لتكريـَـَس ذلـَـَك‬
‫الفصل و الوصل و التوفيق الزجعوما ‪ .‬فالرجـَل كـَان شديد الغيةا علـَى الرسـَطخية حت اعتقـَد فيهـَا العصـَمحة‬
‫و قيدمها على الشريعة ‪،‬و أيول الشرع مـَن أجلهـَا ! ‪ .‬فهـَو لـَ يكـَن يـَدعوا إلـَ وحـَدةا الفلسـَفة الرسـَطخية و‬
‫الشريعة على ما ذهب إليه ممحد الصباحي ‪ ،‬و إنا كان يدعو إل الفصل و التصـَـَال و التوفيـَق انطخلقـَـَا‬
‫من الرسطخية ل الشريعة ‪،‬و هـَذا مـَا أشـَار إليـَه الصـَباحي نفسـَه عنـَدما ذكـَر أن ابن رشـَد كـَان يرمـَي مـَن‬
‫ت‬
‫مشـَـَروعه الفكـَـَري البقـَـَاء ف ـَ )) الفـَـَق الرسـَـَطخي بوصـَـَفه الفـَـَق النه ـَائاي لتاريـَـَخ الفلسـَـَفة ((‪ . 3‬و مشـَـَروعه‬
‫هـَذا دليـَل دامـَغ علـَى أن ابن رشـَد لـَ يكـَن يـَدعو إلـَ وحـَدةا الفلسـَفة و الشـَريعة ‪ ،‬لن مشـَروعه الفكـَري‬
‫هـَـَذا تمنـَـَاقض للشـَ ـَريعة ‪،‬و كـَـَل منهمحـَـَا ل يقبـَـَل الخـَـَر ‪ ،‬فكيـَـَف تتـَـَم هـَـَذه الوحـَـَدةا الزجعومـَـَة ؟ ‪ .‬و عن ـَوان‬
‫كتابه ‪ :‬فصل القال فـَ تقريـَر مـَا بيمـَ الشـَريعة و الكمحة مـَن التصـَال ‪ ،‬فهذا شاهد قـَوي جدا علـَى أن‬
‫الرجل فصل بينهمحا و ميد بينهمحا جسورا ‪،‬و ل يكن يدعو إل وحدةا الفلسفة و الشريعة ‪.‬‬
‫و أما الوقف السابع فهو للباحث أوليفر ليمحان الذي يرى أن ابن رشد –ف كتابه فصل القال‪ -‬ل‬
‫يـَـَدلل علـَـَى أن الفلسـَـَفة أعلـَـَى مرتبـَـَة مـَـَن الـَـَدين ‪ ،‬و ل أن الفلسـَـَفة أعلـَـَى مرتبـَـَة مـَـَن علمحـَـَاء الكلما ‪ 4.‬و‬
‫ص فعل علـَـَى أن الفلسـَـَفة أعلـَـَى مرتبـَـَة مـَـَن الش ـَريعة بـَـَدليل‬
‫ق ـَوله غي ـَ صـَـَحيح ‪ ،‬لنـَـَه أول أن ابـَـَن رشـَـَد ن ـَ ي‬
‫الشاهدين التييم ‪ :‬أولمحا إنه سوى بينهمحا ف الرتبة عندما جعلهمحا أخـَتيم رضـَيعتيم مصـَطخحبتيم بـَالطخبع‬
‫‪،‬و متآخيتيم بالوهر و الغريزجةا ‪ .‬و هـَذه تسـَـَوية باطلـَة شـَـَرعا و عقل ‪ ،‬لن الشـَريعة السـَـَلمية شـَـَرع إلـَي‬

‫‪ 1‬عاطف العراقي ‪ :‬الفيلسوف ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 132 :‬‬


‫‪ 2‬محمد المصباحي ‪ :‬الوجه الخر لحداثة ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 132 :‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 133 :‬‬
‫‪ 4‬مراد وهبة و منى أبو ساتة ‪ :‬ابن رشد و التنوير ‪ ،‬ص‪. 53 :‬‬
‫ل يصح أبدا تسويتها بأي دين أو مذهب آخـَر ‪ ،‬و هـَذه التسـَوية هـَي حـَط مـَن قيمحة الشـَريعة ‪،‬و تـَأخي‬
‫ي الـَ و رسـَوله ‪،‬و الـَ تعـَـَال‬ ‫لـَـَا ‪ .‬فعمحلـَـَه هـَـَذا هـَـَو جريـَـَة فـَ حـَـَق الشـَريعة و طعـَـَن فيهـَـَا ‪،‬و تقـَـَدما بيمـَ يـَـَد ي‬
‫يمـَ يدـَددتي اللـَته دودرتسـَـَولتته دواتلـَتقـَوا اللـَهد إتلن اللـَهد دتسـَـَيبع دعلتيـَبم ((‪-‬سـَـَورةا‬ ‫ت‬
‫يقـَـَول‪)) :‬يـَدـَا أديـَمدهـَـَا الـَذيدن آدمنتـَوا دل تـَدقـَبدتموا بدـَ أ د‬
‫الجـَرات ‪ ، - 1 :‬فهـَـَذه التسـَـَوية هـَـَي نـَـَوع مـَـَن أنـَواع التقـَـَدما بيمـَ يـَـَدي الـَ و رسـَوله‪ ،‬و مـَـَن ثيـَ تقـَـَدي‬
‫الفلسفة الرسطخية على شريعة ال تعال ‪.‬‬
‫و الشاهد الثان هو أنه‪-‬أي ابـَن رشـَـَد‪ -‬فـَ مارسـَته للتأويـَل البـَاطن التحريفـَي أيول النصـَوصا الشـَرعية‬
‫لتوافق الرسطخية و ل تيؤيول الرسطخية لتوافق الشريعة ‪ ،‬فهو أرسط جانبا من السلما خدمة للرسطخية ‪،‬و‬
‫لـَ تيؤسـَلم الرسـَطخية مـَن أجـَل السـَـَلما ‪ .‬فالصـَـَل عنـَـَده هـَـَو الرسـَطخية و ليـَـَس الشـَريعة ‪،‬و هـَذا حـَط مـَـَن‬
‫قيمحتها و تقدي للرسطخية عليها ‪.‬‬
‫ص صـَ ـَراحة –فـَ ـَ كتـَـَابه فص ـَـَل القـَـَال‪ -‬علـَـَى أن الفلسـَـَفة أعلـَـَى مرتب ـَـَة مـَـَن‬ ‫و ثآانيـَـَا إن ابـَـَن رشـَـَد نـَ ـَ ي‬
‫التكلمحيم و من باقي طوائاف أهل العلم ‪ .‬فجعل الفلسفة أهل البهـَـَان و اليقيمـَ الراسـَـَخيم فـَ العلـَـَم ‪،‬و‬
‫جعل التكلمحيم من أهل الدل و ألقهم بالمحهور و الطخابييم ‪ .‬أليس هذا هو استعلء على التكلمحيم‬
‫‪،‬و إهانة لم ‪ ،‬و تعال عليهم ؟ ! ‪.‬‬
‫و الوقـَـَف الثـَـَامن هـَـَو للبـَـَاحث ألفـَـَرد إيفـَـَري ‪ ،‬إنـَـَه يـَـَرى أن ابـَـَن رشـَـَد –فـَ كتـَـَابه فصـَـَل القـَـَال‪ -‬جعـَـَل‬
‫الفلسفة أعلى )) مقاما من الشريعة لن الفقيه يشتغل بقياس يستند إلـَ الظـَن‪ ،‬أمـَا الفيلسـَوف فيبـَدأ مـَن‬
‫مقدمات ضرورية ‪ ،‬و لذا فقياسه يستند إل اليقيم ((‪ . 1‬و رأيه هذا صحيح ‪ ،‬و الشـَـَاهد‪ 2‬الـَـَذي ذكـَـَره‬
‫تيثبت ما ذهب إليه‪ .‬و يزجيده قوةا و توضيحا ما قلناه ف ردنا على الباحث أوليفر ليمحان ‪.‬‬
‫و أما الوقف التاسع فيخص الباحث ممحد عابد الابري الـَذي يـَرى أن جيـَع البـَاحثيم انساقوا‬
‫مـَـَع )) الـَـَدعوى القائالـَـَة ‪ :‬إن ابـَـَن رشـَـَد تيوفـَـَق بيم ـَ الـَـَدين و الفلسـَـَفة ف ـَ هـَـَذه الؤلفـَـَات –أي الفصـَـَل ‪ ،‬و‬
‫الكشف ‪،‬و التهافت‪، -‬و الق أن مقصد ابن رشد كان ش يئِّا آخـَر ‪ :‬إنـَه تيؤكـَد فعل علـَى توافـَق و عـَدما‬
‫تعارض الشريعة السلمية مع الفلسفة – و هذا غي التوفيق‪، -‬و لكنه يتريكزج علـَـَى قضـَية أساسـَية عنـَـَده ‪،‬‬
‫و ه ـَ ـَـَي أن التع ـَ ـَـَارض قـَ ـَ ـَائام فعل بيمـَ ـَ ـَ الطخ ـَ ـَـَاب البه ـَ ـَـَان ال ـَ ـَـَذي تعتمح ـَ ـَـَده الفلس ـَ ـَـَفة ‪،‬و الطخ ـَ ـَـَاب ال ـَ ـَـَدل‬
‫السوفسطخائاي الذي اعتمحدته الفرق الكلمية ‪ ،‬الـَت لـَ يكـَن هـَدفها بنـَاء القيقـَة ‪،‬و إنـَا التـَأثآي فـَ الصـَم‬
‫و هدما آرائاه و معتقداته ‪.‬و هذا أدى إل تشتت شـَل المـَة و اللة ‪،‬و إلـَاق الذى بالشـَريعة و الكمحة‬
‫((‪. 3‬‬

‫‪ 1‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 65 :‬‬


‫‪ 2‬سابق أن ناقشنا دعوى ابن رشد في أن قياس الفقيه ظني و قياس الفيلسوف يقيني ‪ ،‬و بينا الحقيقة في هذه القضية ‪ ،‬في الفصل الخامس ‪.‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬تقديم محمد عابد الجابري ‪ ،‬ص‪. 8-7 :‬‬
‫و تعقيبـَـَا عليـَه أقـَـَول ‪ :‬أول إن مقصـَـَد ابـَن رشـَـَد الساسـَي –مـَـَن تـَأليفه لتلـَك الكتـَب‪ -‬هـَو تقريـَر ثآلثآـَة‬
‫مبادئ أساسية هي ‪ :‬مبدأ الفصل ‪،‬و مبدأ الوصل ‪ ،‬و مبدأ التوفيق بيم الشريعة و الفلسفة الرسطخية ‪،‬و‬
‫هذا أمر سبق تبيانه و مناقشته ‪،‬و الرد –من خلله‪ -‬على ابن رشد فيمحا ذهب غليه ‪.‬‬
‫و أما قوله‪-‬أي الابري‪-‬بأن ابن رشد أكد على التوافق ‪،‬و هو حلف التوفيق ‪ ،‬فـَإن القيقـَة ليسـَـَت‬
‫كـَـَذلك ‪،‬و إنـَـَا هـَـَي فـَ أن ابـَـَن رشـَـَد كمحـَـَا أكـَـَد علـَـَى التطخـَـَابق و التوافـَـَق علـَـَى أسـَـَاس مبـَـَدأ الوصـَـَل ‪ ،‬فـَـَإنه‬
‫أكد أيضا على عمحلية التوفيق و مارسها بناء على مبدأ التأويل الباطن التحريفي ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن القيقة الثابتة الشـَرعية و التارييـَة هـَي أن التعـَارض لـَ يكـَن قائامحـَا بيمـَ خطخـَاب التكلمحيمـَ و‬
‫خطخـَـَاب الفلسـَـَفة و إنـَـَا كـَـَان قائامحـَـَا أساسـَـَا بسـَـَبب التنـَـَاقض العمحيـَـَق بيمـَ الشـَريعة و الفلسـَـَفة اليونانيـَـَة ‪،‬و‬
‫هو ‪-‬أي التناقض‪ -‬الذي أجب ابن رشد على التأكيد على مبادئاه الثلثآة الت ذكرناهـَـَا سـَابقا ‪،‬و مارسـَـَته‬
‫للتأويل الباطن من خلل تلك البادئ ‪ .‬و لو كان التوافـَـَق قائامحـَا بينهمحـَا حقيقـَة ‪ ،‬لـَا اسـَتخدما ابـَن رشـَـَد‬
‫ذلـَـَك التأويـَـَل أصـَـَل ‪ .‬لن التوافـَـَق هـَـَو تسـَـَامو و تطخـَـَابق بيم ـَ شـَيئِّيم ‪ ،‬فلوكانـَـَا –أي الش ـَريعة و الفلسـَـَفة‪-‬‬
‫متطخـَـَابقتيم لكانـَـَا حقيقـَـَة واحـَـَدةا ‪،‬و مـَـَا احتـَـَاج أصـَـَل إل ـَ التأويـَـَل البـَـَاطن التحريفـَـَي أصـَـَل ‪ ،‬لكـَـَن الواقـَـَع‬
‫خلف ذلك تاما ‪.‬‬
‫و ثآالثـَـَا إن قـَ ـَوله‪-‬أي الـَـَابري‪ -‬بـَـَأن التفـَـَرق الكلميـَـَة لـَ ـَ يكـَـَن هـَـَدفها القيقـَـَة ‪،‬و إنـَـَا كـَـَان هـَـَدفها‬
‫النتصـَـَار لـَـَذاهبها ‪ ،‬فهـَـَو اتـَـَاما ل يصـَـَح علـَـَى إطلقـَـَه ‪ ،‬لنـَـَه إن صـَـَدق علـَـَى بعضـَـَهم فل يصـَـَدق عليهـَـَم‬
‫جيعا ‪ .‬علمحا بأن كل الفرق تقول ‪ :‬إن هدفها القيقة ‪،‬و ل نعلـَم فرقـَة منهـَم أنـَا قـَالت خلف ذلـَك ‪.‬‬
‫علمحا بأن النتصار للمحذهب ليس عيبا ‪،‬و ل هو طعنا ف النوايا بالضرورةا ‪ ،‬لن انتصارها هذا قـَـَد يكـَـَون‬
‫طلبا للحقيقة من خللا‪-‬أي الذاهب‪ . -‬لذا فل تصح هذه الزجايـَـَدةا عليهـَـَم و تنزجيـَـَه الفلسـَـَفة مـَـَن التهـَـَم‬
‫الوجهـَـَة للمحتكلمحيمـَ ـَ ‪ ،‬لن الفلسـَـَفة أنفسـَـَهم تعصـَـَبوا لفكـَـَارهم و دافعـَ ـَوا عنهـَـَا و انتصـَـَروا لـَـَا بكـَـَل مـَـَا‬
‫يلكون من جدل و ظإنون‪ ،‬و براهيم و أساطي ‪ ،‬و هذا عمحل مارسه ابن رشد نفسـَـَه بغلـَو و تعصـَـَب ‪،‬و‬
‫قد سبق بيانه و توثآيقه ‪.‬‬
‫و رابعا عن اتاما التفرق الكلمية بتشتيت شل المة و اللة ‪،‬و إلاق الذي بالشـَريعة ‪ ،‬هـَو اتاما ل‬
‫يصدق على كل الفرق الكلمية ‪،‬و ليس خاصا بالتكلمحيم فقط ‪ .‬فكل الفرق السـَلمية تتحمحل نصـَيبا‬
‫ما حل بذه المة بنسب متفاوتة ‪ ،‬منها طائافة الفلسفة الـَت سـَاهت فـَ تزجيـَق المـَة فكريـَا و مـَذهبيا ‪،‬‬
‫و جـَ ـَيرت عليهـَـَا كـَ ـَوارثَ فكريـَـَة و سـَـَلوكية كـَـَثيةا بـَـَا أدخلتـَـَه عليهـَـَا مـَـَن أباطيـَـَل اليونـَـَان و ضـَـَللتم و‬
‫شركياتم و خرافـَاتم باسـَم الفلسـَفة ‪ .‬و الدليل الـَدامغ علـَى مـَا قلنـَاه يتمحثـَل فـَ ابـَن رشـَد و فكـَره ‪ ،‬فهـَو‬
‫نـَـَوذج لـَـَا جنـَـَاه هـَـَؤلء علـَـَى السـَـَلما و السـَـَلمحيم‪،‬وكـَـَل انتقاداتنـَـَا الـَـَذكورةا فـَ كتابنـَـَا هـَـَذا هـَـَي شـَـَاهد علـَـَى‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫و أما الوقف العاشر فصاحبته الباحثة زينب ممحد الضيي ‪ ،‬إنا ترى أن ابن رشد كانت له نظرةا‬
‫عقلنيـَـَة للـَـَدين ف ـَ مـَـَوقفه مـَـَن التوفيـَـَق بيم ـَ الفلسـَـَفة و الـَـَدين‪ . 1‬و قولـَـَا هـَـَذا ل يصـَـَح ‪ ،‬لنـَـَه ليـَـَس مـَـَن‬
‫العقلنيـَـَة السـَـَعي للتوفيـَـَق بيم ـَ الش ـَريعة و الفلسـَـَفة ‪ -‬أي الرسـَـَطخية‪ -‬لن كل منهمحـَـَا مـَـَالف للخـَـَر ف ـَ‬
‫أصـَ ـَوله و معظـَـَم فروعـَـَه ‪ .‬و عليـَـَه فليـَـَس مـَـَن العقلنيـَـَة فـَ ـَ شـَـَيء التوفيـَـَق بيمـَ ـَ الـَـَق و الباطـَـَل ‪،‬و ل بيمـَ ـَ‬
‫التناقضيم ‪،‬و ل بيم التوحيد و الشرك ‪،‬و ل بيم كلما ال و ظإنون البشر و أساطيهم ‪ .‬لذا فـَـَإن العمحـَـَل‬
‫الذي قاما به ابن رشد ‪ -‬ف العلقة بيم الشريعة و الفلسفة الرسطخية‪ -‬ليس عقلنية و إنـَـَا هـَو تريـَف و‬
‫تلفيـَق ‪،‬و اعتـَداء علـَـَى الـَدين و العقـَـَل ‪،‬و تلعـَـَب بالشـَـَرع و حـَط مـَـَن مكـَانته ‪ ،‬و تقـَـَدي لفلسـَـَفة اليونـَـَان‬
‫على شريعة الرحن ‪.‬‬
‫و أمـَـَا إذا جارينـَـَا الباحثـَـَة زينـَـَب الضـَـَيي و سـَـَينا عمحـَـَل ابـَـَن رشـَـَد بـَـَأنه عقلنيـَـَة ‪ ،‬فإننـَـَا نقـَـَول ‪ :‬إن‬
‫العقلنيـَـَة نوعـَـَان ‪ ،‬هـَـَا ‪ :‬عقلنيـَـَة قائامحـَـَة علـَـَى الشـَـَرع الكيـَـَم ‪،‬و العقـَـَل الص ـَريح ‪،‬و العلـَـَم الصـَـَحيح ‪ .‬و‬
‫الثانية هي عقلنية تقوما على الهواء و الظنون ‪ ،‬و التحريفات و التخريفات ‪ ،‬و قليـَل مـَن الصـَواب ‪ .‬و‬
‫هـَـَذا النـَـَوع هـَـَو الـَـَذي ينطخبـَـَق علـَـَى عقلنيـَـَة ابـَـَن رشـَـَد ف ـَ تـَـَوفيقه الزجع ـَوما بيم ـَ الش ـَريعة و الفلسـَـَفة ‪ .‬فهـَـَي‬
‫عقلنية أرسطخية تريفية تمتعصبة نفعية تدف إلـَ خدمـَة الرسـَطخية أساسـَا علىحسـَاب الشـَريعة!‪ ،‬فشـَاتان‬
‫بيم العقلنيتيم !! ‪.‬‬
‫و الوقف الادي عشر هو للباحث بركات ممحد ‪ ،‬إنه يرى أن لبن رشد منهجا )) رائادا و متمحيزجا‬
‫ف تصيوره العلقة بيم الدين و الفلسفة ‪ ...‬فقد أسس هذا النهج على مبدأ ثآابت ‪،‬و هو ضرورةا الفصـَـَل‬
‫التاما بيم عال الغيب و عال الشهادةا ‪ ،‬فصل جذريا أساسه أن لكل منهمحـَـَا طـَـَبيعته الاصـَـَة الـَت تتلـَـَف‬
‫جوهريـَـَا عـَـَن طبيعـَـَة الخـَـَر (( ‪ .‬ثـَ ـَ ذكـَـَر أن ابـَـَن رشـَـَد يـَـَرى أنـَـَه ل يصـَـَح دمـَـَج قضـَـَايا الـَـَدين فـَ ـَ قضـَـَايا‬
‫الفلسـَ ـَـَفة أو العكـَ ـَـَس ‪ .‬و هـَ ـَـَذا غيـَ ـَ مكـَ ـَـَن إل بالتضـَ ـَـَحية إمـَ ـَـَا بأصـَ ـَـَول الـَ ـَـَدين و مبـَ ـَـَادئاه ‪ ،‬و إمـَ ـَـَا بأصـَ ـَـَول‬
‫الفلسفة و مبادئاها‪. 2‬‬
‫و أقول ‪ :‬إن ابن رشد ل يفصل فصل تاما و جذريا ف تصيوره للعلقة بيم الشريعة و الفلسفة ‪ ،‬و إنا‬
‫أكد على ثآلثآة مبادئ تقوما عليها تلك العلقة ‪،‬و هـَي –أي البادئ‪ : -‬الفصـَل و الوصـَل و التوفيـَق ‪،‬‬
‫ص صـَراحة علـَـَى مطخابقـَـَة كـَـَل منهمحـَـَا للخـَـَر ‪ .‬و مارسـَـَته للتأويـَـَل البـَـَاطن بتوسـَـَع ‪،‬و تأكيـَـَده‬ ‫و هـَـَو قـَـَد نـَ ي‬
‫عليه و اهتمحامه بـَه دليـَل قـَوي علـَى أنـَه لـَ يكـَن مـَوقفه هـَو الفصـَل الـَذري التاما بينهمحا ‪ ،‬و كتـَابه فصـَل‬
‫القال شاهد على ذلك ‪ .‬فالرجل‪-‬أي ابن رشد – ما كـَـَان يـَرى الفصـَل التـَاما و عـَـَدما دمـَـَج قضـَـَايا الـَدين‬
‫ف قضايا الفلسفة و العكس ‪ ،‬فلو قلنا ذلـَـَك لنـَارت أعمحـَـَال ابـَن رشـَد فـَ موضـَـَوع التطخـَـَابق و التوفيـَق و‬
‫التأويـَـَل البـَـَاطن ‪،‬و قـَـَد خصـَـَص لـَـَا بعـَـَض كتبـَـَه ‪ .‬و هـَـَو أيضـَـَا ل ـَ يكـَـَن يفصـَـَل بيم ـَ عـَـَال الغيـَـَب و عـَـَال‬

‫‪ 1‬زينب الخضيري ‪ :‬أثر ابن رشد في فلسفة العصور الوساطى ‪ ،‬ص‪. 134 :‬‬
‫‪ 2‬بركات محمد مراد ‪ :‬تاملت في فلسفة ابن رشد ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬المصدر لخدمات الطباعة ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1988 ،‬ص‪. 160 :‬‬
‫الشـَـَهادةا بالطخريقـَـَة الـَـَت ذكرهـَـَا البـَـَاحث بركـَـَات ممحـَـَد مـَراد ‪ ،‬فقـَـَد جـَـَع بينهمحـَـَا فـَ مواضـَـَع كـَـَثيةا مـَـَن كتبـَـَه‬
‫الفلسـَـَفية ‪ ،‬ككتـَـَاب تلخيـَـَص مـَـَا بعـَـَد الطخبيعـَـَة ‪ ،‬و الثآـَـَار العلويـَـَة ‪ ،‬و تلخيـَـَص السـَـَمحاء و العـَـَال ‪،‬و هـَـَذه‬
‫الطخريقة هي نفسها طريقة أرسطخو الذي تكلم عن عالي الغيب و الشهادةا ف كتابه الطخبيعة ‪.‬‬
‫و أمـَـَا الوقـَـَف الخيـَ –أي الثـَـَان عشـَـَر‪ ، -‬فهـَـَو للبـَـَاحث ممحـَـَود حـَـَدي زقـَـَزجوق ‪ ،‬ذكـَـَر أن ابـَـَن رشـَـَد‬
‫كان على اقتناع بعدما وجود تناقض بيم القيقتيم الفلسفية و الدينية ‪،‬و ل ينتقص من إحدى القيقـَـَتيم‬
‫لس ـَـَاب الخ ـَـَرى ‪ ،‬و ظإل ـَـَت العلق ـَـَة بينهمح ـَـَا )) علق ـَـَة متزجن ـَـَة ترتف ـَـَع فيه ـَـَا ك ـَـَل التناقض ـَـَات (( ‪،‬و ت ـَـَدل‬
‫تنصوصـَـَه فـَ ـَ الفصـَـَل ‪ ،‬و الكشـَـَف ‪ ،‬و التهـَـَافت ‪ ،‬علـَـَى أنـَـَه لـَ ـَ تيـَـَاول إعلء )) الفلسـَـَفة علـَـَى الـَـَدين و‬
‫العكس ‪ ،‬بل حاول بيـَان مـَا بيمـَ الشـَريعة و الكمحة مـَن اتفـَاق و اتسـَاق ‪ ،‬و بالتـَال بيـَان أنـَه ل تنـَاقض‬
‫بينهمحا البتة ((‪. 1‬‬
‫و قوله هذا غي صحيح ف معظمحه ‪ ،‬و قـَد سبق الـَرد عليـَه فيمحـَا تقـَدما مـَن الـَرد علـَى بعض البـَاحثيم‬
‫السابقيم ‪ ،‬لكننا نقول ‪ :‬إن القول بوجود حقيقتيم فلسفية و دينية ‪ ،‬هو تناقض صارخ ‪ ،‬لن القيقة ل‬
‫تتعدد ‪ ،‬و إن اختلقت طرق الوصول إليها ‪،‬و زوايا النظـَر إليهـَا ‪ ،‬لكـَن القيقـَة فـَ ذاتا واحـَدةا ل تتعـَدد‬
‫‪ .‬و التناقض بيم الفلسفة الرسطخية –الت تيؤمن با ابن رشد‪ -‬و الشـَريعة موجـَود فعل و حقيقـَة ‪ ،‬و هـَو‬
‫الذي جعل ابن رشد يطخرح حكاية التطخابق و التوفيق ‪ ،‬ماولة منه لزالته ‪ ،‬أو التخفيف منه ‪ ،‬أو إخفـَائاه‬
‫خدمة لرسطخيته الت هي خليط من القائاق و الباطيل ‪،‬و الظنون و الرافات ‪.‬‬
‫و أما قوله بأن ابن رشد ل تياول إعلء الفلسفة على الدين و العكس ‪ ،‬فهو‪-‬أي ابن رشـَد‪ -‬ليـَـَس‬
‫أنـَـَه لـَ تيـَـَاول فقـَـَط ‪،‬و إنـَـَا أقـَـَره قـَـَول و مارسـَـَة عنـَـَدما أكـَـَد علـَـَى مبـَـَدأ الفصـَـَل ‪،‬و الوصـَـَل ‪،‬و التوفيـَـَق ‪ ،‬و‬
‫هذه البادئ هي الت بواسطختها أعطخى مكانة للفلسفة الشائاية جعلتها ندا للشـَريعة مـَـَن جهـَـَة ‪،‬و أصـَـَل و‬
‫معيارا و دحدكمحا ف النظر إل الشريعة من جهة ثآانية ‪ ،‬ما يعن أنه جعـَـَل الشـَريعة تابعـَة للرسـَطخية الشـَائاية‬
‫مـَـَن جهـَـَة ثآالثـَـَة ‪ .‬و عمحلـَـَه هـَـَذا هـَـَو ف ـَ القيقـَـَة حـَـَط مـَـَن قيمحـَـَة الش ـَريعة و مكانتهـَـَا ‪ ،‬و إعلء مـَـَن شـَـَأن‬
‫الرسطخية الشركية و تقدي لا على الشرع ‪.‬‬
‫و أما قوله بـَأن القيقـَـَتيم الدينيـَة و الفلسـَـَفية هـَا وجهـَان لعمحلـَة واحـَدةا‪ . 2‬فهـَو ل يصـَح ‪ ،‬لن معنـَاه‬
‫أن القيقـَ ـَـَتيم هـَ ـَـَا وجهـَ ـَـَان لقيقـَ ـَـَة واحـَ ـَـَدةا ‪،‬و هـَ ـَـَذا باطـَ ـَـَل شـَ ـَـَرعا و عقل‪ .‬لنـَ ـَـَه ل يصـَ ـَـَح أن نقـَ ـَـَول ‪ :‬إن‬
‫الشـَريعة هـَي الفلسـَـَفة الشـَائاية ‪،‬و ل الفلسـَـَفة الشـَائاية هـَي الفلسـَـَفة ‪،‬و إن كل منهمحـَا تيغنـَ عـَـَن الخـَر ‪.‬‬
‫لن الواقـَـَع شـَـَاهد علـَـَى بطخلن ذلـَـَك ‪ ،‬فهمحـَـَا ليسـَـَتا متطخـَـَابقتيم ‪،‬ول متوافقـَـَتيم ‪ ،‬ول متسـَـَاويتيم ‪،‬و مـَـَن ثيـَ‬
‫فهمحـَـَا ليسـَـَتا وجهـَـَان لعمحلـَة واحـَـَدةا مـَـَن جهـَـَة ‪،‬و ليسـَـَتا حقيقـَـَتيم منفصـَـَلتيم مـَـَن جهـَة ثآانيـَة ‪ .‬لن الشـَريعة‬
‫حق كله ‪،‬و تلك الفلسفة خليط من القائاق و الباطيل ‪،‬و الظنون و الرافات ‪.‬‬

‫‪ 1‬محمود حمدي زقزوق ‪ :‬الدين و الفلسفة ‪ ،‬ص‪. 69 ، 68 ،61 :‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 70 :‬‬
‫ص علـَـَى ثآلثآـَة‬
‫و ختاما‪ -‬لا ذكرناه يتبيم أن ابن رشد –ف تقريره للعلقة بيم الشريعة و الفلسفة‪ -‬نـَ ي‬
‫مبادئ ‪ ،‬هي ‪ :‬الفصـَل ‪ ،‬و الوصـَل ‪ ،‬و التوفيق ‪ ،‬و قد أكـَد عليهـَا و طيبقهـَا فـَ تقريـَره لتلـَك العلقـَة ‪،‬و‬
‫تقديه للرسطخية على الشريعة السلمية ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬أسباب تقريره لتلك العلقة و أهدافه منها ‪،‬و تقييمنا له ‪:‬‬
‫تبيم ما سبق أن ابن رشد أقاما العلقة بيم الشريعة و الفلسفة الرسطخية على ثآلثآة مبادئ ‪ ،‬هـَي ‪:‬‬
‫الفصل ‪ ،‬و الوصل ‪،‬و التوفيق ‪ ،‬فمحا هي أسباب إقدامه على ذلك ؟ ‪ ،‬إنه فعـَل ذلـَـَك لسـَببيم رئايسـَييم ‪،‬‬
‫أولمحـَـَا التنـَـَاقض الق ـَائام بيم ـَ ش ـَريعة السـَـَلما و الفلسـَـَفة الرسـَـَطخية ‪،‬و هـَـَذا التنـَـَاقض ينـَـَع المحـَـَع بينهمحـَـَا ‪،‬‬
‫فكان على ابن رشد أن يبحث عن طريقة أو وسيلة للتقريب بينهمحا ما أمكن ‪.‬‬
‫و السب الثان هو إيان ابن رشد بالرسطخية و السلما ‪ ،‬فأوجد هذا ف نفسه تناقضا داخليـَـَا ‪،‬و ولـَيـَد‬
‫فيه أزمة نفسية و فكرية ‪ .‬و هو ل يكن قادرا على أن يتخلى عن أحدها و تيضحي به ‪ ،‬أو أنه ل يكن‬
‫يتريد فعـَل ذلـَـَك ‪ ،‬لن إيـَانه بمحـَا لـَ يكـَـَن فـَ درجـَـَة واحـَـَدةا ‪،‬و ل إيـَانه بأحـَدها كـَـَان كـَامل تامـَا بيـَث‬
‫تيلغـَي الخـَر و يتسـَقطخه نائايـَا ‪ .‬و هـَو لـَو آمـَن بالرسـَطخية وحـَدها مـَا احتـَاج أبـَدا إلـَ التوفيـَق بينهـَا و بيمـَ‬
‫الشـَريعة ‪ ،‬لن التنـَاقض ل تيوجـَد فـَ هـَذه الالـَة ‪ .‬و لـَو آمـَن بالسـَلما وحـَده مـَا احتـَاج أبـَدا إلـَ حكايـَة‬
‫التوفيق بينه و بيم الرسطخية لن التناقض ل تيوجد ف هذه الالة أيضا ‪ .‬علمحا بأن إيانه بالرسطخية كـَـَان‬
‫أقوى بكثي من إيانه بالشريعة ‪ ،‬بـَدليل أنـَه سـَوى بينهمحـَا فـَ الكانـَة وحـَـَق الوجـَـَود أول ‪،‬و اتـَـَذ الرسـَـَطخية‬
‫منطخلقا و معيارا فكريا له ثآانيا ‪،‬و أيول الشريعة تـَأويل باطنيـَا تريفيـَـَا لتتوافـَق مـَـَع الرسـَطخية ثآالثـَا ‪،‬و حـَـَرصا‬
‫على أرسطخة السلما و ل يرصا على أسلمحة الرسطخية رابعا ‪.‬‬
‫فهذه الالـَة أوجـَدت فـَ نفسـَه‪-‬أي ابـَن رشـَد‪ -‬اضـَطخرابا نفسيا و فكريـَا بسبب التنـَاقض القـَائام بيمـَ‬
‫الشـَريعة و الرسـَـَطخية مـَـَن جهـَـَة ‪،‬و إيـَـَانه –غيـَ التسـَـَاوي‪ -‬بمحـَا مـَـَن جهـَة أخـَـَرى ‪ .‬فأصـَـَبح مـَـَن الضـَـَروري‬
‫علـَـَى ابـَـَن رشـَـَد البحـَـَث عـَـَن مـَـَرج لزمتـَـَه النفسـَـَية و الفكريـَـَة ‪ ،‬فطخـَـَرح نظرتـَـَه فـَ ـَ العلقـَـَة بيمـَ ـَ الشـَ ـَريعة و‬
‫الرسطخية الت سبق شرحها و مناقشتها فيمحا تقدما من هذا الفصل ‪.‬‬
‫و أمـَـَا أهـَـَدافه مـَـَن تلـَـَك العمحليـَـَة ‪ ،‬فيظهـَـَر أن أههـَـَا خسـَـَة ‪ ،‬أولـَـَا إيـَـَاد مـَـَرج شـَـَكلي تلفيقـَـَي للتنـَـَاقض‬
‫الـَـَذي هـَـَو فيـَـَه ‪،‬و ليـَـَس إزالتـَـَه كليـَـَة ‪ ،‬لن هـَـَذه الزالـَـَة ل تتـَـَم إل بأحـَـَد أمريـَـَن ‪ ،‬الول تسـَـَكه بالسـَـَلما‬
‫وحـَده ‪ ،‬و التخليـَص مـَـَن الرسـَـَطخية و رميهـَـَا بعيـَـَدا ‪ ،‬و ثآانيهمحـَـَا التخلـَي عـَـَن السـَلما و تيسـَكه بالرسـَطخية‬
‫وحدها ‪ .‬لكن الرجل ل يكن مستعدا للخـَذ بأحـَد هـَذيين اللييمـَ ‪ ،‬و اكتفـَى بـَالخرج الشـَكلي التلفيقـَي‬
‫الزجدوج الطخاب ‪ ،‬ف تقريره للعلقة بيم الشريعة و الرسطخية ‪.‬‬
‫و الـَـَدف الثـَـَان هـَـَو إيـَـَاد فتـَـَوى فقهيـَـَة لعطخـَـَاء شـَـَرعية للفلسـَـَفة اليونانيـَـَة عامـَـَة و الرسـَـَطخية الشـَائاية‬
‫خاصـَـَة ‪ ،‬و ضـَـَمحان لـَـَا مكانـَـَة تمعـَـَتحف بـَـَا ف ـَ التمحـَـَع ‪ ،‬لمحايتهـَـَا مـَـَن تخصـَـَومها و التخفيـَـَف مـَـَن رفـَـَض‬
‫التمحع السلمي لا على القل ‪.‬‬
‫و الثـَـَالث هـَـَو السـَـَعي ليـَـَاد حلـَـَول للمحشـَـَاكل و القضـَـَايا الفكريـَـَة الشـَـَتحكة بيم ـَ الفلسـَـَفة و الش ـَريعة ‪،‬‬
‫كمحسـَ ـَـَألة خلـَ ـَـَق العـَ ـَـَال ‪ ،‬و الصـَ ـَـَفات الليـَ ـَـَة ‪،‬و العـَ ـَـَاد الخـَ ـَـَروي ‪،‬و ذلـَ ـَـَك باسـَ ـَـَتخداما التأويـَ ـَـَل البـَ ـَـَاطن‬
‫التحريفي ف التعامل مع النصوصا الشرعية لتساير الفلسفة الرسطخية و لو بالتلفيق و التحريف ‪.‬‬
‫و الدف الرابع هو السعي لياد أرضية فكرية تمشتحكة بيم الشريعة و الفلسفة الرسـَطخية تكـَـَون قاسـَا‬
‫تمشـَـَتحكا بينهمحـَـَا ‪ ،‬بـَـَدعوى التطخـَـَابق و التوافـَـَق و التوفيـَـَق ‪ ،‬يتـَـَم مـَـَن خللـَـَه تفاعلهمحـَـَا الفكـَـَري باسـَـَتخداما‬
‫متلف الوسائال المحكنة ‪ ،‬كالتأويل الباطن التحريفي الذي هو الساس الذي أقاما عليه ابن رشد العلقـَـَة‬
‫بيم الشريعة و الفلسفة ‪.‬‬
‫و آخره ـَـَا‪ -‬أي ال ـَـَدف ال ـَـَامس‪ -‬ه ـَـَو الس ـَـَعي لنش ـَـَر الفلس ـَـَفة اليوناني ـَـَة عام ـَـَة و الشـَ ـَائاية خاص ـَـَة بيمـَ ـَ‬
‫السـَـَلمحيم ‪ ،‬عـَـَن طريـَـَق إعـَـَادةا نشـَـَر تراثآهـَـَا الفكـَـَري بالشـَـَروح و التلخيصـَـَات و الـَـَاميع ‪ .‬و هـَـَو قـَـَد بـَـَرع فـَ‬
‫ذلك و تفيرغ له ‪،‬و أمضي سنوات طويلة من حياته من أجل مشروعه هذا ‪.‬‬
‫تلك هي أهم الهـَداف الت يبدو أن ابـَن رشـَد كـَان يرجوهـَا و يسـَعى إلـَ تقيقهـَا مـَن خلل نظرتـَه‬
‫إل العلقة بيم الشريعة و الفلسفة الرسطخية الشائاية ‪ ،‬فهل نح فيمحا قاما به ؟ ‪.‬‬
‫أول إن مـَـَا قـَـَاما بـَـَه ابـَـَن رشـَـَد مـَـَن الناحيـَـَة الفكريـَـَة و التارييـَـَة لـَ يكـَـَن عمحل جديـَـَدا ‪ ،‬فقـَـَد سـَـَبقه إليـَـَه‬
‫إخوانه الشاؤون ف قولم بالتوفيق بيم الشريعة و الفلسفة الذي أقاموه علـَـَى التحريفـَـَات و التلفيقـَـَات ‪ ،‬و‬
‫منهم ‪ :‬يعقوب الكندي‪ ،‬و أبو نصر الفاراب ‪ ،‬و أبو علي بن سينا‪. 1‬‬
‫كمحا أن تلك العمحلية‪ -‬الت قاما با‪ -‬هي عمحلية باطلة شرعا و عقل ‪ ،‬لن شريعة السلما دين إلي‬
‫توحيـَـَدي كامـَـَل شـَـَامل ق ـَائام بـَـَذاته ‪ ،‬يتنـَـَاقض مـَـَع الفلسـَـَفة الشـَ ـَائاية تناقضـَـَا أساسـَـَيا ‪ ،‬الـَـَت هـَـَي مـَـَذهب‬
‫بش ـَـَري قـَ ـَائام عل ـَـَى الظن ـَـَون و الش ـَـَركيات ‪،‬و الراف ـَـَات و الباطي ـَـَل ‪،‬و الهـَ ـَواء و الض ـَـَللت ‪ .‬فل م ـَـَال‬
‫للمحقارنـَـَة و ل للتوفيـَـَق بينهمحـَـَا‪ ،‬فش ـَريعة السـَـَلما ل تقبـَـَل النافسـَـَة ‪،‬و ل الزجاحـَـَة ‪ ،‬و ل مسـَـَاواتا بغيهـَـَا‬
‫‪،‬ول التقدما عليها ‪.‬‬
‫و تلـَـَك العمحليـَـَة هـَـَي ظإـَـَاهرةا البطخلن ‪ ،‬لنـَـَه ل يكـَـَن إيـَـَاد تطخـَـَابق و توافـَـَق بيم ـَ الش ـَريعة و تلـَـَك‬
‫الفلسـَـَفة بسـَـَبب التنـَـَاقض الق ـَائام بينهمحـَـَا ‪،‬و مـَـَن ثيـَ فهمحـَـَا ل يتمحعـَـَان ‪ .‬و أمـَـَا حكايـَـَة التوفيـَـَق و التقريـَـَب‬
‫بينهمحـَـَا ‪،‬و أنمحـَـَا أختـَـَان رضـَـَيعتان تمصـَـَطخحبتان بـَـَالطخبع ‪ ،‬فهـَـَي عمحليـَـَة تلفيقيـَـَة تريفيـَـَة تـَـَدف إلـَ ـَ تقيـَـَق‬
‫مكاسب مذهبية أرسطخية تمسطخرةا سلفا من جهة ‪،‬و ذر الرماد فـَ عيـَون الناس لتضـَليلهم و تغليطخهـَم ‪ ،‬و‬
‫التدليس عليهـَـَم مـَـَن جهـَة ثآانيـَة ‪ .‬فهـَي عمحليـَة فاشـَلة تفتقـَد إلـَ الـَدليل الصـَـَحيح شـَرعا و عقل ‪ ،‬أقامهـَـَا‬
‫ابن رشد على التحريف و التلفيق و التلبيس على القراء ‪.‬‬
‫و أما مصيها من الناحية العمحلية ‪ ،‬فإن المر يتلف عن الناحية النظرية الفكرية ‪ ،‬فهي قد حققت‬
‫ناحـَـَات كـَـَبيةا مـَـَن حيـَـَث التـَأثآي و النتشـَـَار بيمـَ طوائاـَـَف أهـَـَل فـَ العـَـَاليم السـَـَيحي و السـَـَلمي خلل‬

‫‪ 1‬ابن تيمية ‪ :‬مجموع الفتاوى ج ‪ 9‬ص‪ ، 136-135 :‬ج ‪ 10‬ص‪. 402 :‬‬
‫العصر الديث ‪ ،‬فكان من آثآار ذلك ظإهور ما تيعرف بالرشدية و الرشدييم ‪ .‬لكـَـَن هـَـَذه النجاحـَـَات ل‬
‫تتعـَـَب عـَـَن ص ـَواب النظريـَـَة و صـَـَحتها ‪ ،‬فقـَـَد سـَـَبق أن بينـَـَا بطخلنـَـَا ‪،‬و إنـَـَا تتعـَـَب عـَـَن وجـَـَود أرضـَـَية مناسـَـَبة‬
‫لنتشارها ‪ ،‬عندما وجدت من يتقبلها بيم كثي مـَـَن اللدينييمـَ و العلمحـَانييم ‪،‬و بعـَض السـَـَلمييم الـَذين‬
‫التبس عليهم المر ‪ ،‬أو نظروا إليه من زاوية أخرى ‪.‬‬
‫و ختامـَـَا لـَـَذا الفصـَـَل‪ -‬و هـَـَو السـَـَادس‪ -‬يتـَـَبيم أن ابـَـَن رشـَـَد –فـَ ـَ تقريريـَـَه للعلقـَـَة بيمـَ ـَ الشـَ ـَريعة و‬
‫الفلسـَـَفة‪ -‬ل ـَ يكـَـَن موفقـَـَا فيهـَـَا شـَـَرعا و ل عقل ‪ .‬لن العمحليـَـَة بكاملهـَـَا ل ـَ تكـَـَن قابلـَـَة للتحقيـَـَق ‪ ،‬لنـَـَه‬
‫أقامها على المحع بيم التناقضيم ‪،‬و هذا تمال ‪ .‬فجاءت مـَاولته هـَذه شكلية سطخحية تريفيـَة تلفيقيـَة ‪،‬‬
‫ل تصمحد أماما الناقشة العلمحية و انارت بسهولة ‪.‬‬
‫و أتضح أيضا أن ابـَن رشـَد –فـَ قيـَامه بتلـَك العمحليـَة‪ -‬كـَـَان يرمـَي إلـَ التخلـَص مـَـَن التنـَـَاقض القـَائام‬
‫بيم ـَ ـَ الش ـَ ـَريعة و الفلسـَ ـَـَفة الرسـَ ـَـَطخية مـَ ـَـَن جهـَ ـَـَة ‪،‬و التخليـَ ـَـَص مـَ ـَـَن تناقضـَ ـَـَه الـَ ـَـَداخلي لمحعـَ ـَـَه بيم ـَ ـَ اليـَ ـَـَان‬
‫بالرسـَـَطخية و ديـَن السـَـَلما مـَـَن جهـَة ثآانيـَة ‪ .‬فكـَـَان يتعـَـَان مـَن أزمـَـَة فكريـَـَة و نفسـَية جعلتـَه يسـَـَعى جاهـَـَدا‬
‫للتخيلص منها ‪ ،‬فطخرح نظرته ف العلقة بيم الشريعة و الفلسفة أمل منـَـَه فـَ أن يـَـَد مرجـَـَا مناسـَبا لزمتـَـَه‬
‫الداخليـَـَة أول ‪،‬و أن تيقـَـَق مكاسـَـَب مذهبيـَـَة أرسـَـَطخية ثآانيـَـَا ‪ .‬فـَـَارتكب بـَـَذلك جريـَـَة نك ـَراء ف ـَ حـَـَق ديـَـَن‬
‫السـَـَلما و أهلـَـَه عنـَـَدما قـَيدما الرسـَـَطخية علـَـَى الشـَريعة مـَـَن جهـَـَة ‪،‬و قـَيدما برهـَـَان الفلسـَـَفة الرسـَـَطخييم علـَـَى‬
‫برهان فقهاء السلما من جهة أخرى ‪.‬‬
‫‪.......................................................‬‬

‫الفصل السابع‬

‫خصائص فكر ابن رشد و تراثه العلمي‬

‫أول ‪ :‬الخصائص العامة لفكر ابن رشد ‪.‬‬


‫ثانيا ‪ :‬نظرة نقدية عامة في تراث ابن رشد العلمي‬
‫‪...........................................................................‬‬

‫خصائاص فكر ابن رشد و تراثآه العلمحي‬

‫تييزج فكر ابن رشد الفيد و تراثآه العلمحي بصائاص عامة ‪ ،‬نستنتج معظمحها ما ذكرناه فـَ كتابنـَا هـَـَذا‬
‫‪ ،‬من دون أن تنعيد توثآيقها هنا ‪ .‬فنبدأ أول بصائاص فكره ‪ ،‬ث نثن بقراءةا نقدية عامة لتحاثآه العلمحي ‪.‬‬
‫أول ‪ :‬الخصائص العامة لفكر ابن رشد ‪:‬‬
‫بالنسبة لصائاص فكره و فلسفته‪ ،‬فسنذكر منها ثان عشرةا خاصية نوردها بطخريقة اسـَتفهامية إن شـَاء‬
‫ال تعال ‪ .‬أولا ‪ :‬هل فلسفة ابن رشـَد فلسـَفة إسـَلمية ‪ ،‬أما عربيـَة ‪ ،‬أما أرسـَطخية مشـَائاية ‪ ،‬أما هـَي خليـَط‬
‫من ذلك ؟ ‪.‬‬
‫هـَـَي عنـَـَد كـَـَثي مـَـَن البـَـَاحثيم العاصـَرين فلسـَـَفة إسـَـَلمية ‪ ،‬فالبـَـَاحث ممحـَـَد عمحـَـَارةا يـَـَرى أن فلسـَـَفة ابـَـَن‬
‫رشد إسلمية ‪ ،‬لكن دعاةا التنوير الادي الغرب تياولون اغتيال إسـَـَلمية فلسـَـَفته‪. 1‬و وصـَـَفها الـَـَؤرخ عمحـَـَر‬
‫فروخ بأنا نـَور مـَن أنـَوار الفلسـَفة السـَلمية‪ . 2‬و ذهـَب الباحث بركـَات ممحـَد مـَراد إلـَ القـَول بأن لبـَن‬
‫رشد فلسفة إسلمية أصيلة خالصة‪ . 3‬و يـَرى الباحث ممحـَد يوسـَف موسـَى أن ابـَن رشـَد هـَو أكـَب مثل‬
‫و نصي للفلسفة السلمية‪. 4‬‬
‫و أمـَـَا الباحثـَـَان إرنسـَـَت رينـَـَان و ممحـَـَد عـَـَاطف العراقـَـَي فلهمحـَـَا وجهـَـَة نظـَـَر متقاربـَـَة ‪ ،‬فيى الول أن‬
‫فلسفة ابن رشد هي فلسفة أرسطخية عربية ‪،‬و ذلك أن التحاثَ الرسطخي قد أنى السلما ‪،‬و حل مله ف‬
‫الفلسفة العربية‪ ،‬على نو ما هو واضح ف فلسفة ابن رشد‪. 5‬‬
‫و يرى الثان أن فلسفة ابن رشد هي فلسفة عربيـَة ‪ ،‬كقولنـَا ‪ :‬فلسـَفة فرنسية و ألانية ‪.‬و أنكـَر أن‬
‫تكون فلسفة ابن رشد إسلمية ‪ ،‬لن صاحبها كان )) تيقدما أفكاره بصـَرف النظـَر عـَن مـَدى اتفاقهـَا أو‬
‫اختلفها مع الدين ‪ ،‬و هكذا فعل الفلسفة ‪ .‬فلمحاذا إذن نطخلق على فلسفاتم أنا فلسفات إسـَلمية ؟‬
‫((‪. 6‬‬
‫و تعقيبا عليهـَم أقـَول ‪ :‬أول إن مـَا قـَاله الباحث ممحـَد عمحـَارةا هـَو دفـَاع غيـَ صـَحيح فـَ معظمحـَه ‪ ،‬لن‬
‫الغربييم ـَ الـَـَذين اسـَـَتخدموا فكـَـَر ابـَـَن رشـَـَد لدمـَـَة أفكـَـَارهم ل ـَ ينطخلق ـَوا مـَـَن ف ـَراغ ‪ ،‬و إنـَـَا وجـَـَدوا الرضـَـَية‬
‫الفكرية مهيأةا و واضحة ف فكر ابن رشد الرسطخي الشـَائاي ‪ ،‬فأخذوا مـَن فكـَره مـَا اتفـَق مـَع فكرهـَم فـَ‬
‫الص ـَـَول و الف ـَـَروع ‪،‬و لـَ ـَ يغت ـَـَالوا فلس ـَـَفته‪ -‬ال ـَـَت س ـَـَاه ممح ـَـَد عمح ـَـَارةا بأن ـَـَا إس ـَـَلمية‪ ، -‬لن فلس ـَـَفته ال ـَـَت‬
‫‪ 1‬محمد عمارة ‪ :‬الموقع الفكري لبن رشد بين الغرب و السالما ‪ ،‬مجلة إسالمية المعرفة ‪ ،‬العدد ‪ ،02‬على موقع المجلة في النترنت ‪.‬‬
‫‪ 2‬عمر فروخ ‪ :‬عبقرية العرب في العلم و الفلسفة ‪ ،‬ص‪. 157 :‬‬
‫‪ 3‬بركات محمد مراد ‪ :‬تأملت في فلسفة ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 23 :‬‬
‫‪ 4‬محمد يوساف موساى ‪ :‬بين الدين و الفلسفة ‪ ،‬ص‪. 227 :‬‬
‫‪ 5‬مراد وهبة ‪ :‬ابن رشد و التنوير ‪ ،‬ص‪. 93 :‬‬
‫‪ 6‬محمد عاطف العراقي ‪ :‬الفيلسوف ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 44 ، 43 ، 40 ، 39 :‬‬
‫ويظإفوها لصالهم لـَ تكـَن إسـَلمية أصـَل ‪ ،‬فكيـَف يغتالونـَا و هـَي لـَ تتوجـَد أصـَل ؟ ! ‪ .‬و القيقـَة هـَي‬
‫أن ابـَـَن رشـَـَد هـَـَو الـَـَذي جنـَ علـَـَى فكـَـَره بتبنيـَـَه للرسـَـَطخية مـَـَذهبا فلسـَـَفيا لـَـَه ‪ ،‬حـَـَت أنـَـَه أرسـَـَط جانبـَـَا مـَـَن‬
‫السلما من أجلها ‪ .‬فهل فلسفة هذا حالا يصح أن تيقال فيها ‪ :‬إنا إسلمية تعيرضت للغتيال ؟ ! ‪.‬‬
‫و أمـَـَا مـَا ذهـَـَب إليـَه البـَاحث عمحـَـَر فـَـَروخ ‪ ،‬فهـَـَو غيـَ صـَـَحيح فـَ معظمحـَه أيضـَا ‪ ،‬لن فلسـَـَفة ابـَن رشـَد‬
‫ليسـَـَت نـَـَورا ‪،‬و ل هـَـَي إسـَـَلمية ‪ ،‬و إنـَـَا هـَـَي فلسـَـَفة أرسـَـَطخية مشـَائاية خليـَـَط مـَـَن القـَائاق و الباطيـَـَل ‪،‬و‬
‫الرافـَـَات و اله ـَواء ‪،‬و قـَـَد سـَـَبق أن أثآبتنـَـَا ذلـَـَك بش ـَواهد كـَـَثيةا جـَـَدا ‪ .‬و النـَـَور الوجـَـَود فيهـَـَا قليـَـَل جـَـَدا‬
‫بالقارنة إل ظإلمها الدامس الكثيف الكثي ‪.‬‬
‫و أما رأي الباحث بركات ممحد مراد فهو ل يصح ‪ ،‬و تمبالغ فيه جدا ‪ .‬لن كل مـَن يتطخـَالع فلسـَفة‬
‫ابن رشد بياد و موضوعية و شولية تيدرك –بل شك‪ -‬أنـَـَا ليسـَـَت أصـَـَيلة و ل إسـَـَلمية خالصـَـَة ‪،‬و إنـَـَا‬
‫هي فلسفة أرسطخية مشائاية أصيلة كثيةا التلفيق و التحريف ‪،‬و هذا أمر سبق أن بينا جانبا كبيا منه ‪.‬‬
‫و فيمحـَـَا يـَـَص قـَـَول البـَـَاحث ممحـَـَد يوسـَـَف موسـَـَى فهـَـَو ل يصـَـَح أيضـَـَا ‪ ،‬لن ابـَـَن رشـَـَد كـَـَان فيلسـَـَوفا‬
‫أرسطخيا مشائايا كبيا شديد التعصب و الغلو ف أرسطخو و فلسفته ‪ ،‬فكيف تيقال ‪ :‬إنه كان أكب مثل و‬
‫نصي للفلسفة السلمية ؟ ! ‪ .‬فهذا تناقض و تغليط ‪،‬و تلبيس على القراء ‪ ،‬و با أن التناقض قائام بيم ـَ‬
‫الشريعة و الرسطخية فل يكن أن يكون ابن رشد كمحا وصفه ممحد يوسف موسى ‪.‬‬
‫و أما ما قاله الباحث إرنست رينان فهـَو قـَـَول صـَـَحيح ‪ ،‬و كلمحـَة حـَق قالـَا عـَـَن مضـَمحون فلسـَفة ابـَن‬
‫رشد ‪ .‬فهي فلسفة أرسطخية أبعدت السلما و حلت مله ف الفلسفة الـَت ساها رينـَان فلسـَفة عربيـَة ‪ .‬و‬
‫هي تسمحية ل تصح ‪ ،‬لنه با أن مضـَمحونا أرسـَطخي ‪ ،‬فكيـَف تكـَون عربيـَة ؟ ‪،‬و مـَا القصـَود بالعربيـَة ؟ ‪،‬‬
‫فهـَـَل عربيـَـَة اللسـَـَان ‪ ،‬أما عربيـَـَة الفكـَـَر و الـَـَروح ‪ ،‬أما عربيـَـَة الضـَـَمحون و العـَـَرق ‪ ،‬أما مـَـَاذا ؟ ‪ .‬و أي وجـَـَه‬
‫أخذنا به فتلك التسمحية‪ -‬أي الفلسفة العربية‪ -‬ل تصح با أن مضمحونا أرسطخي ‪.‬‬
‫و أما ما ذهب إليه الباحث عاطف العراقي فإنه أصاب عندما أنكر كون فلسفة ابن رشد إسلمية ‪،‬‬
‫لنه ل يصح أن تكون كذلك ‪ .‬لكنه جانب الصـَواب عنـَدما سـَاها فلسـَفة عربيـَة و هـَي ليسـَت كـَذلك‬
‫‪ ،‬لنـَا كـَانت أرسـَطخية الفكـَر و الـَروح و الضـَمحون ‪ .‬و هـَي و إن كـَانت عربيـَة اللسـَان فـَإن اللسـَان مـَرد‬
‫وسيلة ‪،‬و الفكار و الـَذاهب و العقائاـَد و الديـَان تعـَـَرف بـَالفكر الـَذي تمحلـَه‪،‬و ل تعـَرف باللغـَـَات الـَت‬
‫تتكتب با ‪ .‬فدين السلما مثل ‪ ،‬لو كتبناه بكـَـَل لغـَـَات العـَـَال فيبقـَـَى هـَـَو السـَـَلما و ل يتغيـَ فكـَـَره و ل‬
‫اسه أبدا ‪.‬‬
‫و أما اقتحاحه بأن نسمحيها عربية ‪ ،‬كقولنا ‪ :‬فلسفة فرنسية ‪،‬و فلسفة ألانية فالمر ليس كمحا تصيوره ‪،‬‬
‫لن معن ‪ :‬فلسفة فرنسية هو نسـَبه إلـَ أمـَة فرنسية بروحهـَا و فكرهـَا و عقائاـَدها أول ‪ ،‬كقولنـَا ‪ :‬فلسـَفة‬
‫مصرية ‪،‬و فلسفة جزجائارية ‪ ،‬ث تأت لغتها ثآانيا ‪ .‬لكن اللغة قد تتخلف لنا وسيلة بالدرجة الولـَ ‪ ،‬فـَـَإذا‬
‫ترجنـَـَا تلـَـَك الفلسـَـَفة –أي الفرنسـَـَية‪ -‬إلـَ اللغـَـَة العربيـَـَة ‪ ،‬أو كتبهـَـَا بعـَض الفرنسـَـَييم باللغـَـَة العربيـَـَة ‪ ،‬فهـَي‬
‫سـَـَتبقى فلسـَـَفة فرنسـَـَية ‪،‬و تسـَـَمحى الفلسـَـَفة الفرنسـَـَية ‪،‬و ل تسـَـَمحى الفلسـَـَفة العربيـَـَة ‪ ،‬و هـَـَذا يصـَـَدق علـَـَى‬
‫كل الفلسفات ‪ .‬المر الذي يعن أن ما ذهب إليـَه عـَـَاطف العراقـَـَي –فـَ تسـَمحيته للرسـَـَطخية بالعربيـَة‪ -‬ل‬
‫يصح ‪.‬‬
‫و ثآانيـَـَا إن حقيقـَـَة فلسـَـَفة ابـَـَن رشـَـَد أنـَـَا ليسـَـَت إسـَـَلمية و ل عربيـَـَة و ل خليطخـَـَا ‪ ،‬و إنـَـَا هـَـَي فلسـَـَفة‬
‫أرسطخية مشائاية ف أصولا و معظم فروعها ‪ ،‬و وجود بعض التأويلت الشرعية فيها ل تيغيي مـَن حقيقتهـَا‬
‫و أمرهـَـَا ش ـَيئِّا و إنـَـَا تتؤكـَـَد تلـَـَك القيقـَـَة ‪ ،‬لنـَـَا‪-‬أي التـَـَأويلت‪ -‬مـَـَا هـَـَي إل عمحليـَـَة تريفيـَـَة لتتوافـَـَق مـَـَع‬
‫الرسطخية ‪ .‬و ل يكن أن تكون فلسفته إسلمية إل إذا قامت على ثآلثآة أسس رئايسية ‪ ،‬أولـَـَا العتمحـَـَاد‬
‫الباشر على القرآن الكري ف الصول و الفروع ‪ .‬و ثآانيها العتمحاد الباشـَر علـَى السـَنة النبويـَة الصـَحيحة‬
‫أصول و فروعا ‪ .‬و الثالث هـَو العتمحـَاد علـَى الجتهـَاد بعنـَاه الواسـَع ‪،‬و مارسـَته انطخلقـَا مـَن الكتـَاب و‬
‫السنة ‪،‬و العقل الصريح و العلم الصحيح ‪ .‬و بـَـَا أن فلسـَفة ابـَن رشـَـَد لـَ تقـَم علـَى هـَـَذه السـَـَس ‪،‬و إنـَا‬
‫قامت على الرسطخية الشائاية ‪ ،‬فهي بالضرورةا أرسطخية و ليست إسلمية ‪.‬‬
‫و تأشي هنا إل أن للباحثييم ممحد يوسف موسى و إبراهيم تركي رأييم يب الوقوف عندها ‪ ،‬فالول‬
‫يرى أن الفلسفة السلمحيم‪ -‬من بينهم ابن رشد‪ -‬ف توفيقهم بيمـَ السـَـَلما و فلسـَـَفة اليونـَـَان ‪ ،‬كـَـَان لـَم‬
‫دور كبي ف أن صار للسلما فلسفة إلية و طبيعية‪. 1‬‬
‫و قوله هذا ل يصح ‪ ،‬لن ما قاما به هؤلء هو أنم أخذوا الفلسـَـَفة اليونانيـَة عامـَـَة و الرسـَـَطخية خاصـَـَة‬
‫‪ ،‬فشرحوها و عيلقوا عليها ‪،‬و حاولوا التوفيق بينها و بيم الشريعة ف بعض الواضـَيع ‪ ،‬فجاء عمحلهـَم هـَذا‬
‫تريفا و تلفقا خدمة للرسطخية ‪ ،‬و هذا أمر سبق أن بيناه ف انتقادنا لبن رشد ‪ .‬و ل يصح أبدا القول‬
‫با ذهـَب إليـَه الباحث ممحـَد يوسـَف موسـَى ‪ ،‬لن ديـَن السـَلما لـَه إليـَاته ‪ ،‬و طبيعيـَاته ‪،‬و منطخقيـَاته ‪،‬و‬
‫فقهياته ‪،‬و ل يتاج أبدا إل فلسفة هؤلء الرسطخية ‪ .‬علمحا بأن السلما كلـَه حـَق و نـَور و ليـَس فلسـَفة‬
‫‪،‬و إذا سلمحنا بإمكانية وجود فلسفة إسلمية ‪ ،‬فليست هي الفلسفة الـَـَت قـَـَال بـَـَا الشـَـَاؤون كالفـَـَاراب ‪،‬و‬
‫ابـَـَن سـَـَينا ‪،‬و ابـَـَن رشـَـَد ‪ ،‬فهـَـَي فلسـَـَفة أرسـَـَطخية مشـَائاية ‪،‬و ل تكـَـَون إسـَـَلمية إل إذا قـَـَامت علـَـَى السـَـَس‬
‫الثلثآة الذكورةا آنفا ‪.‬‬

‫و أمـَـَا البـَـَاحث الثـَـَان‪-‬أي إبراهيـَـَم تركـَـَي‪ -‬فـَـَذكر أن ابـَـَن قيـَـَم الوزيـَـَة وصـَـَف ابـَـَن رشـَـَد بـَـَأنه فيلسـَـَوف‬
‫السلما ‪ ،‬و هذه )) التسمحية كانت مرفوضة لدى ابن تيمحية ‪،‬و كـَأن ابن القيـَم ل تيكفـَر ابن رشـَد كمحا‬
‫فعل غيه ‪ .‬بل يعتبه مفكرا تمسلمحا خاض ف مسائال الفلسفة ((‪. 2‬‬

‫‪ 1‬محمد يوساف موساى ‪ :‬بين الدين و الفلسفة ‪ ،‬ص‪. 224 :‬‬


‫‪ 2‬إبراهيم تركي ‪ :‬أزمة الرشدية العربية ‪ ،‬ص‪. 32 :‬‬
‫و أقول ‪ :‬إن إطلق اسم فلسفة السلما ‪،‬و فيلسوف السلما على الفلسفة السلمحيم ليس جديدا‬
‫‪،‬ول خاصا بابن القيم و عصره ‪ ،‬فهو اسم قـَدي ‪ ،‬اسـَتعمحله أهـَل العلـَـَم قبـَل زمـَـَانه ‪ ،‬فاسـَتعمحله أبـَـَو الفتـَح‬
‫الشهرستان)ق‪6 :‬ه( ف كتابه اللل و النحل‪، 1‬و ابن رشد ف كتابه تافت التهافت‪. 2‬‬
‫و ابن القيم ل يص ابن رشد بتلك التسمحية ‪ ،‬فقد أطلقها على أب البكات البغدادي )ق‪6 :‬ه (‪،‬‬
‫و علـَـَى الفلسـَـَفة السـَـَلمحيم ‪ ،‬فوصـَـَفهم بـَـَأنم فلسـَـَفة السـَـَلما‪ . 3‬لكنـَـَه ل يقصـَـَد بـَـَذلك أن فلسـَـَفتهم‬
‫ض عنها و عنهم ‪ .‬و إنا يقصد فلسفة عصر السـَـَلما ‪ ،‬و فلسـَـَفة العصـَـَر السـَـَلمي‬ ‫إسلمية ‪،‬و أنه را م‬
‫‪ ،‬و بعن ـَ آخـَـَر الفلسـَـَفة الـَـَذين ظإهـَـَروا ف ـَ تاريـَـَخ السـَـَلما ‪ .‬و ليـَـَس القصـَـَود بـَـَذلك أنـَـَم فلسـَـَفة ديـَـَن‬
‫السـَلما ‪ ،‬أو فلسـَـَفة شـَريعة السـَـَلما ‪ ،‬فهـَم ليسـَوا كـَـَذلك بـَأي حـَال مـَـَن الحـَوال ‪ ،‬لن لـَم فلسـَـَفتهم‬
‫الاصة بم ‪،‬و هي مناقضة لدين السلما ‪.‬‬
‫و الشـَ ـَواهد التي ـَـَة توض ـَـَح ذل ـَـَك و تتؤك ـَـَده ‪ ،‬أول ـَـَا إن ش ـَـَيخ الس ـَـَلما اب ـَـَن تيمحي ـَـَة عن ـَـَدما أطل ـَـَق اس ـَـَم ‪:‬‬
‫فيلس ـَـَوف الس ـَـَلما عل ـَـَى يعق ـَـَوب الكن ـَـَدي ق ـَـَال ‪ )) :‬أعنـَ ـَ الفيلس ـَـَوف ال ـَـَذي فـَ ـَ الس ـَـَلما ‪ ،‬و إل لي ـَـَس‬
‫الفلسـَـَفة مـَـَن السـَـَلمحيم ‪ .‬كمحـَـَا قـَـَالوا لبعـَـَض القضـَـَاةا فـَ زماننـَـَا‪ :‬ابـَـَن سـَـَينا مـَـَن فلسـَـَفة السـَـَلما ‪ ،‬فقـَـَال ‪:‬‬
‫ليس للسلما فلسفة ((‪. 4‬‬
‫و الشـَـَاهد الثـَـَان أن الـَـَؤرخ ابـَـَن الـَـَوزي قـَـَال ‪ )) :‬زنادقـَـَة السـَـَلما ثآلثآـَـَة ‪ :‬ابـَـَن الروانـَـَدي ‪،‬و أبـَـَو العلء‬
‫العـَ ـَـَري ‪ ،‬و أبـَ ـَـَو حي ـَـَان التوحيـَ ـَـَدي ((‪ . 5‬و مقصـَ ـَـَوده زنادقـَ ـَـَة العصـَ ـَـَر السـَ ـَـَلمي الـَ ـَـَذين ظإهـَ ـَـَروا فـَ ـَ تاريـَ ـَـَخ‬
‫السـَـَلما ‪،‬و ليـَـَس مقصـَـَوده زنادقـَـَة ديـَـَن السـَـَلما ‪ ،‬لن ديـَـَن السـَـَلما لـَـَه مؤمنـَـَون و علمحـَـَاء ‪،‬و ليـَـَس لـَـَه‬
‫زنادقة ‪.‬‬
‫و الشاهد الثالث يتمحثل ف موقف ابن قيم الوزيـَة مـَن الفلسـَفة الرسـَطخية و رجالـَا الـَذين انتقـَدهم و‬
‫ذمهم كثيا ف مؤلفاته ‪ ،‬و وجـَه انتقـَادات لذعـَة لبـَن رشـَد نفسـَه فـَ تفسـَيه لقـَوله تعـَال ‪ )) :‬اأدعت إتتلـَ‬
‫ك تباألتأكدمحتة دوالأدمحأوتعظدتة األددسندتة دودجاتد أتلم تبالتت تهدي أدأحدستن((النحل ‪، - 125 :‬و وصفه بأنه أسي‬ ‫دستبيتل درب د‬
‫منطخق اليونان‪. 6‬‬
‫و انتقدهم أيضـَا فـَ مـَاولتهم المحـَع بيمـَ الشـَريعة و الفلسـَفة ‪،‬و وصـَف بعـَض أقـَوالم و مـَواقفهم بأنـَا‬
‫من )) أفسد مذاهب العال و أخبثها ‪ ،‬و هو مبن على إنكار الفاعل الختار ((‪ . 7‬فهو لـَ يـَـَدح هـَـَؤلء‬
‫ت‬
‫الفلسـَـَفة ‪ ،‬و ل أقـَـَر بفلسـَـَفتهم ‪،‬و إنـَـَا أطلـَـَق عليهـَـَم ذلـَـَك السـَـَم لنـَـَه كـَـَان ش ـَائاعا بيم ـَ أهـَـَل العلـَـَم ‪،‬و‬

‫‪ 1‬ج ‪ 2‬ص‪. 118 ، 60 :‬‬


‫‪ 2‬ص‪. 142 ،139 :‬‬
‫‪ 3‬ابن قيم الجوزية ‪ :‬إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 259 ، 258 :‬‬
‫‪ 4‬ابن تيمية ‪ :‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 9‬ص‪. 186 :‬‬
‫‪ 5‬الذهبي ‪ :‬ساير أعلما النبلء ‪ ،‬ج ‪ 17‬ص ‪. 120 :‬‬
‫‪ 6‬سابق توثيق ذلك ‪.‬‬
‫‪ 7‬ابن قيم الجوزية ك مفتاحا دار السعادة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 119 :‬‬
‫معنـَاه تيـَالف مـَا ذهـَـَب إليـَه البـَاحث إبراهيـَم تركـَي ‪ ،‬لكـَـَن ل ينـَع مـَـَن أنـَـَه‪-‬أي ابـَن القيـَـَم‪ -‬قـَد يثنـَ علـَى‬
‫بعضهم إذا قال كلما صحيحا ف مسألة ما ‪.‬‬
‫و تيستنتج ما ذكرناه أن فلسفة ابن رشد ليست إسلمية و ل عربية ‪،‬و ل حت رشدية أصيلة ‪ ،‬و إنا‬
‫هي فلسفة أرسطخية مشائاية ‪ .‬و الرجل له فكران ‪ ،‬الول فقهي إسلمي ‪ ،‬و الثان فلسفي يونان أرسطخي‬
‫مشـَ ـَائاي ه ـَـَو ال ـَـَذي ك ـَـَان مهيمحن ـَـَا عل ـَـَى فك ـَـَره و نش ـَـَاطه العلمح ـَـَي ‪ .‬و ه ـَـَذا يعنـَ ـَ أن تس ـَـَمحية فلس ـَـَفته بأن ـَـَا‬
‫إسلمية هو تضليل و تغليط ‪ ،‬و تدليس على القراء من جهة ؛ و افـَتحاء علـَـَى الشـَـَرع و العقـَـَل و العلـَـَم و‬
‫القيقة من جهة أخرى ‪.‬‬
‫و بـَـَا أن تلـَـَك التسـَـَمحية‪ -‬أي السـَـَلمية‪ -‬ل يصـَـَح إطلقهـَـَا علـَـَى فلسـَـَفة ابـَـَن رشـَـَد و أصـَـَحابه مـَـَن‬
‫الفلسفة السلمحيم ‪ ،‬فإن المر تيتم علينا تغيي اسها ‪ ،‬و تسمحيتها باسم ينطخبق عليها و يتفق مع الشرع‬
‫و العقل و التاريخ ‪ .‬لذا أقتحح تسمحيتها ب ‪ :‬الفلسفة اليونانية العيربـَـَة ‪ ،‬أو الفلسـَـَفة الرسـَـَطخية العربـَـَة ‪ ،‬أو‬
‫ت‬
‫الفلسفة اليونانية العربية‪ -‬العربيـَـَة اللسـَـَان‪ ، -‬أو الفلسـَـَفة الرسـَـَطخية العربيـَـَة ‪ ،‬أو فلسـَـَفة العـَـَرب اليونانيـَة ‪،‬‬
‫أو فلسـَ ـَـَفة الرسـَ ـَـَطخييم السـَ ـَـَلمحيم ‪ ،‬أو فلسـَ ـَـَفة الرسـَ ـَـَطخييم العـَ ـَـَرب ‪ ،‬أو فلسـَ ـَـَفة السـَ ـَـَلمحيم اليونانيـَ ـَـَة ‪ ،‬أو‬
‫الفلسفة اليونانيـَة فـَ العصـَر السـَـَلمي ‪ ،‬أو فلسـَـَفة الشـَائايم العـَرب ‪ ،‬أو فلسـَـَفة الشـَائايم السـَلمحيم ‪... ،‬‬
‫إل ‪.‬‬
‫و موقفنـَـَا هـَـَذا ل يعن ـَ أننـَـَا ضـَـَد الفلسـَـَفة تمطخلقـَـَا ‪ ،‬و إنـَـَا هـَـَو ضـَـَد الفلسـَـَفة الباطلـَـَة ‪ ،‬كالفلسـَـَفة‬
‫الرسطخية ‪ . ،‬و أما الفلسفة الصحيحة القائامحة على الشرع الكيم ‪،‬و العقل الصريح ‪ ،‬و العلم الصحيح‬
‫ث عليهـَم ديـَن‬ ‫‪ ،‬فنحن ندعو إليها و نتمحسك با ‪ ،‬لنا من الكمحة الصحيحة و العلم النافع اللذيين حـَ ي‬
‫السلما ‪ .‬و موقفنا هذا ليس حربا على العقل و ل حجرا عليه ‪ ،‬و ل مقاومة له و ل حجرا عليه ‪،‬و ل‬
‫طعنـَـَا فيـَـَه و ل تقزجيـَـَا لـَـَه ‪ ،‬و إنـَـَا هـَـَو انتصـَـَار للعقـَـَل و حايـَـَة لـَـَه ‪،‬و إنقـَـَاذ لـَـَه مـَـَن الهـَواء و الظنـَـَون ‪ ،‬و‬
‫الرافـَات و الشـَركيات ‪،‬و الشبهات و الضـَللت ‪ .‬لن العقـَل السـَليم و الفلسـَفة الصـَحيحة هـَا اللذيين‬
‫تيوصلن النسان إل ال تعال و عبادته و اللتزجاما بشرعه ‪،‬و هـَـَذا قمحـَة التفلسـَـَف الصـَـَحيح ‪ ،‬و العقلنيـَة‬
‫الؤمنة ‪ ،‬و الوضوعية العلمحية ‪.‬‬
‫و أمـَـَا الاصـَـَية الثانيـَـَة‪ -‬مـَـَن خصـَائاص فكـَـَر ابـَـَن رشـَـَد‪ -‬فتتعلـَـَق بالعقلنيـَـَة ‪ ،‬فهـَـَل فكـَـَره الفلسـَـَفي‬
‫عقلن ؟ ‪ .‬يرى الباحث ممحد الصباحي أن أهم إناز )) قـَاما بـَه ابـَن رشـَد هـَو إرسـَاء العقـَل النظـَري فـَ‬
‫قلـَـَب الشـَ ـَريعة ((‪ . 1‬و وصـَـَف البـَـَاحث ممحـَـَد عـَـَاطف العراقـَـَي ابـَـَن رشـَـَد بـَـَأنه عمحيـَـَد الفلسـَـَفة العقليـَـَة و‬
‫فيلسوف العقل ‪ ،‬أقاما دعوته الفلسفية على العقل ‪ ،‬عليه قامت نزجعته العقلية الـَت كـَانت تعـَبيا عـَـَن ثآـَورةا‬
‫العقل‪.2‬‬

‫‪ 1‬محمد المصباحي ‪ :‬الوجه الخر لحداث ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 35 :‬‬


‫‪ 2‬محمد عاطف العراقي ‪ :‬الفيلسوف ابن رشد ‪ ،‬ص‪ . 605 ، 15 ، 13 :‬و المنهج النقدي في فلسفة ابن رشد ‪ ،‬مؤتمر ابن رشد في‬
‫الذكرى المئوية بالجزائر ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 101 ، 76 ، 75 :‬‬
‫و ردا عليهمحا أقول ‪ :‬أول إن ما قاله الباحثان غي صحيح ف معظمحه ‪ ،‬و يتضمحن دعاوى تمبـَـَالغ فيهـَا‬
‫جـَـَدا ل تصـَـَمحد أمـَـَاما النقـَـَد العلمحـَـَي النزجيـَـَه ‪ .‬لنـَـَه سـَـَبق أن بينـَـَا أن معظـَـَم فكـَـَر ابـَـَن رشـَـَد الفلسـَـَفي تمـَـَالف‬
‫للنقـَـَل الصـَـَحيح ‪،‬و العقـَـَل الص ـَريح ‪،‬و العلـَـَم الصـَـَحيح ‪ ،‬و فكـَـَر هـَـَذا حـَـَاله ل يصـَـَح أبـَـَدا و صـَـَفه بتلـَـَك‬
‫الص ـَـَفات ال ـَـَت وص ـَـَفه بـَـَا الباحث ـَـَان الص ـَـَباحي و العراق ـَـَي ‪ .‬لن العقلي ـَـَة ال ـَـَت اتص ـَـَف ب ـَـَا اب ـَـَن رش ـَـَد ه ـَـَي‬
‫عقلنيـَـَة ضـَـَيقة مـَـَدودةا تمتعصـَـَبة تمغاليـَـَة غيـَ قـَـَادرةا علـَـَى عـَـَرض الفلسـَـَفة اليونانيـَـَة علـَـَى مـَـَك النقـَـَد العلمحـَـَي‬
‫الصـَـَارما النزجيـَـَه ‪،‬و التسـَـَلح بالشـَـَرع الكيـَـَم ‪،‬و العقـَـَل الص ـَريح‪ ،‬و العلـَـَم الصـَـَحيح ‪ ،‬بسسـَـَب وقـَـَوعه تـَـَت‬
‫ت‬
‫تأثآي الفلسفة الرسطخية الشائاية الليئِّة بالنرافات النهجية و الخطخاء العمحلية ‪.‬‬
‫علمحا بأن كل أهل العلـَم يسـَتخدمون العقـَل ‪،‬و لـَم عقلنيـَاتم الناسبة لعلـَومهم ‪ ،‬فهـَذا أمـَر تمشـَتحك‬
‫بيم كل أهل العلم ‪،‬و ليس خاصا بابن رشد وحده ‪ .‬و عليه فل دامع للمحزجايدات و البالغات ف وصـَف‬
‫فكر ابن رشد بأنه عقلن ‪ ،‬فإذا صيح ذلك فيه فهو يصح أيضا ف كل طوائاف العلمحاء ‪.‬‬
‫و ل يغيب عنا بأن العقلنية نوعان ‪ :‬عقلنية صحيحة تقوما على الشرع الكيم ‪،‬و العقل الصريح ‪،‬‬
‫و العلـَـَم الصـَـَحيح ‪ ،‬و هـَـَي العقلنيـَـَة الفطخريـَـَة الشـَـَرعية الـَـَت تتوجـَـَد ف ـَ النسـَـَان الطخـَـَبيعي الـَـَذي ل ـَ تتفسـَـَده‬
‫الذاهب و العقائاد الباطلة ‪.‬‬
‫و الثانية هـَي العقلنيـَة الذهبية النحرفـَة ‪ ،‬و تقـَوما أساسـَا علـَى الظنـَون و الشـَركيات ‪،‬و الضـَللت و‬
‫الباطيل ‪ ،‬و ليس فيها من العقلنية الصحيحة إل القليل العاجزج عن التحكـَم فـَ العقلنيـَة الذهبية الت‬
‫أفسـَدت التفكيـَ الصـَحيح فـَ النسـَان الطخـَبيعي السـَوي ‪ .‬و هـَذه العقلنية –أي الذهبية النحرفـَة‪ -‬هي‬
‫الـَـَت ينتمحـَـَي إليهـَـَا معظـَـَم فكـَـَر ابـَـَن رشـَـَد الفلسـَـَفي ‪ .‬فهـَـَي عقلنيـَـَة يغلـَـَب عليهـَـَا التحريـَـَف و التلفيـَـَق ‪،‬و‬
‫التغليط و التدليس ‪ ،‬و التعصب للباطل ‪،‬و يصدق عليهـَـَا و علـَـَى أهلهـَـَا قـَوله تعـَـَال ‪ )) :‬إتن يدـَتلبتعتـَـَودن إتلل‬
‫س دولددقأد دجاءتهم بمن لرببتتم األـَتددى ((‪-‬سـَورةا النجـَم ‪ ، - 23 :‬و ))دوتمـَدن النلـَاتس دمـَن‬ ‫ل‬
‫الظلن دودما تدـَأهدوى ا أ دلنتف ت‬
‫ب منتمي ((‪-‬سورةا الج ‪ . - 8 :‬فشتان بيم العقلنية الفطخريـَـَة‬ ‫تدياتدتل تف اللته بتغد أتي تعألمم ودل تهددى ودل كتدتا م‬
‫د‬ ‫د‬
‫الشرعية و العقلنية الذهبية النحرفة !! ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن مـَا ذهـَب إليـَه البـَاحث ممحـَد الصـَباحي غيـَ صـَحيح فـَ معظمحـَه ‪ ،‬لن الشـَريعة ليسـَت فـَ‬
‫حاجة أبدا إل مثل ذلك العمحل الذي قال بأن ابن رشد قاما به ‪ .‬لنا أيضا كلها حق و نـَـَور ‪،‬و علـَـَم و‬
‫برهـَـَان ‪ ،‬دسـَـَنت للعقـَـَل البشـَـَري قواعـَـَده النظريـَـَة و العمحليـَـَة قبـَـَل أن تيلـَـَق ابـَـَن رشـَـَد بـَـَأكثر مـَـَن ‪ 05‬قـَـَرون ‪.‬‬
‫فهي شريعة كاملة شـَاملة للدين و الـَدنيا معـَا ‪،‬و ليسـَت فـَ حاجـَة أبـَدا إلـَ ابن رشـَد و ل إلـَ غيه مـَن‬
‫أهل العلم لتيسي فيها أسس العقـَـَل النظـَري و ل العمحلـَـَي ‪ .‬و حقيقـَة عمحـَـَل ابـَن رشـَـَد أنـَه أخضـَـَع الشـَريعة‬
‫للتحريف و التلفيق لرسـَطختها ‪،‬و ليـَس لرسـَاء العقـَل النظـَري فيهـَا ‪ .‬إنـَه لـَ يتـَرس عقل و ل نظـَرا ‪،‬و إنـَا‬
‫أرسى أرسطخية مشائاية قاصرةا تمتعصبة ‪،‬كثيةا الخطخاء و النرافات ‪ ،‬و التحريفات و التلفيقات ‪.‬‬
‫و ثآالثا إن معظم مزجاعم الباحث ممحد العراقي غي صحيحة ‪ ،‬فلم يكن ابن رشد عمحيـَـَد العقلنيـَة و ل‬
‫أحدثَ ثآورةا عقلية ‪ ،‬و ل هو فيلسوف العقل ‪،‬و ل كان قادرا أن يكون كذلك ‪،‬و ل أن يقوما بذلك ‪،‬‬
‫و إنـَـَا كـَـَان فيلسـَـَوفا أرسـَـَطخيا تمتعصـَـَبا لـَـَذهبيته الفلسـَـَفية و تمغـَـَامل فيهـَـَا ‪ ،‬أقـَـَاما قسـَـَمحا كـَـَبيا مـَـَن فكـَـَره علـَـَى‬
‫الظنون و الشركيات ‪،‬و الهواء و الرافات ‪ ،‬متابعا لرسطخو و متعصبا لـَـَه ‪ .‬إنـَـَه رجـَـَل لـَ يكـَـَن يلـَـَك مـَـَن‬
‫العقلنية الصحيحة إل القليل ‪ ،‬و قد تغيلبت عليه العقلنية الرسطخية الت أفسدت قسمحا كبيا من فكره‬
‫‪،‬و أوصـَـَلته إل ـَ اعتقـَـَاد العصـَـَمحة ف ـَ أرسـَـَطخو و ف ـَ فلسـَـَفته ‪ .‬فهـَـَو ل ـَ يكـَـَن ينتصـَـَر للعقـَـَل بقـَـَدر مـَـَا كـَـَان‬
‫ينتصر لرسطخيته ‪ ،‬حت أنه قد تيالف الشرع و العقـَل و العلـَم انتصـَارا لـَذهبيته الفلسـَفية ‪،‬و قد سـَبق أن‬
‫ذكرنـَـَا طرفـَـَا مـَـَن ذلـَـَك ‪ .‬فرجـَـَل هـَـَذا حـَـَاله ل يصـَـَح أبـَـَدا وصـَـَفه بتلـَـَك الازفـَـَات الـَـَت وصـَـَفه بـَـَا عـَـَاطف‬
‫العراقي !! ‪.‬‬
‫و لـَـَو كـَـَان ابـَـَن رشـَـَد مثل لثـَـَورةا العقـَـَل فـَ تاريـَـَخ الفلسـَـَفة عنـَـَد السـَلمحيم ‪ ،‬مـَـَا رضـَـَي لنفسـَـَه أن يكـَـَون‬
‫تلمحيذا تمغاليا متعصبا لرجل تمشرك ‪ ،‬دافع عنه و عن فلسفته بباطل كـَـَثي و حـَق قليـَـَل جـَدا ‪ .‬و لـَـَو كـَـَان‬
‫كذلك لركل الرسطخية ركل ‪،‬و لداس عليها دوسا ‪ ،‬و لبدع فكرا فلسفيا نقـَديا تمبـَدعا قائامحـَـَا علـَـَى النقـَل‬
‫الصـَـَحيح ‪،‬و العقـَل الصـَريح ‪،‬و العلـَم الصـَحيح ‪ .‬لكنـَه لـَ يفعـَـَل ذلـَك لنـَـَه لـَ يكـَـَن مثل لثـَورةا العقـَـَل فـَ‬
‫تاريخ الفكر الفلسفي عند السلمحيم ‪،‬و إنا كان مثل للفكر الرسطخي السلب التعصب ‪.‬‬
‫و أما الاصية الثالية –من خصائاص فكر ابن رشد‪ -‬فتتعلق بالنقـَد و الجتهـَاد بعنـَاه الواسـَع ‪ ،‬فهـَل‬
‫فلسـَـَفة ابـَـَن رشـَـَد فلسـَـَفة نقديـَـَة اجتهاديـَـَة إبداعيـَـَة تمنتجـَـَة ؟ ‪ .‬يـَـَرى البـَـَاحث عـَـَاطف العراقـَـَي أن ابـَـَن رشـَـَد‬
‫أحدثَ ثآورةا ف النقد الفلسفي‪. 1‬و ذهب البـَاحث ممحـَد عابـَد الـَابري إلـَ القـَول بأن ابن رشـَد كـَان لـَه‬
‫اجتهاد فـَ مـَـَال العقيـَدةا لصـَـَلحها و تصـَحيحها ‪،‬و إرجاعهـَا إلـَ عقيـَـَدةا السـَلف ‪ ،‬أو علـَى القـَـَل فتـَح‬
‫باب الجتهاد فيها ‪ ،‬كمحا كان له الفضل ف فتح بـَاب الجتهـَـَاد فـَ الفقـَـَه السـَـَلمي‪. 2‬و يـَـَرى البـَـَاحث‬
‫حـَـَادي العبيـَدي أن ابـَـَن رشـَـَد هـَـَو الوحيـَـَد الـَـَذي بنـَ مقاصـَـَد الشـَريعة علـَـَى الخلق و الفضـَـَيلة الـَت هـَـَي‬
‫غاية الشريعة و الفلسفة معـَا ‪ ،‬حت أنـَه )) كاد أن تيؤسـَس نظريـَة فلسـَفية خاصـَة بـَذا النحـَى فـَ الشـَرع‬
‫(( ‪.‬و ال ـَـَذين فيس ـَـَروا الشـَ ـَريعة بالص ـَـَلحة ‪ ،‬فعمحله ـَـَم ك ـَـَان خطخـَ ـَرا عليه ـَـَا ‪ ،‬لن كل م ـَـَن أراد ال ـَـَروج ع ـَـَن‬
‫أحكامها تعلل بالصلحة و عيطخل أحكامها‪. 3‬‬
‫و ردا عليهـَـَم أقـَـَول ‪ :‬أول إنـَـَه كـَـَانت لبـَـَن رشـَـَد انتقـَـَادات و اجتهـَـَادات متنوعـَـَة تتعلـَـَق بالفلسـَـَفة و‬
‫قضاياها ‪ ،‬لكنها كانت قليلة و جزجئاية بالقارنة إل اتسـَـَاع الـَالت الفلسـَفية و الشـَـَرعية الـَت خـَاض فيهـَا‬
‫ابـَـَن رشـَـَد ‪ .‬فهـَـَو ل ـَ يتعـَـَرض لنقـَـَد أصـَـَول الفلسـَـَفة الرسـَـَطخية و أساسـَـَيات فروعهـَـَا ‪ .‬و معظـَـَم اجتهـَـَاداته‬
‫تتعلق بذهبيته الرسطخية و ل ترج عنها ‪ ،‬فهو ل يكن متهدا حرا مطخلقا ‪،‬و إنا كان متهـَـَدا فـَ مـَـَذهبه‬

‫‪ 1‬عاطف العراقي ‪ :‬الفيلسوف ابن رشد ‪ ،‬ص‪ 139 :‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 2‬الجابري ‪ :‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬مدخل المحقق ‪ ،‬ص‪ . 32 :‬و ابن رشد ‪ :‬سايرة و فكر ‪ ،‬ص‪. 15 ، 14 ، 13 :‬‬
‫‪ 3‬حمادي العبيدي ‪ :‬ابن رشد و علوما الشريعة ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الكتاب العربي ‪ ،‬بيروت ‪ ، 19991 ،‬ص‪ 46 :‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫الفلسفي متقيدا به ‪،‬و متعصبا له ‪،‬و تمغاليا فيه ‪ ،‬حت أنه أرسط من أجله نصوصا شـَـَرعية كـَـَثيةا ‪ ،‬فجنـَ‬
‫بذلك على الشرع و العقل معا ‪.‬‬
‫و لـَـَو كـَـَان متهـَـَدا حـَ ـَرا تمطخلقـَـَا ‪،‬و ناقـَـَدا قـَـَديرا لسـَـَتطخاع أن يتقـَ ـَيوض الفلسـَـَفة الرسـَـَطخية مـَـَن أساسـَـَها‬
‫بإلياتا و طبيعياتا و منطخقها ‪ .‬لكنه ل يكن فـَ مسـَتوى ذلـَك النقـَد و الجتهـَاد ‪ ،‬فجـَاء عمحلـَـَه النقـَـَدي‬
‫الجتهـَـَادي قليل مـَـَدودا سـَـَطخحيا ‪ ،‬ل يصـَـَح أن يتسـَـَمحى بـَـَأنه كـَـَان ثآـَـَورةا فـَ ـَ النقـَـَد الفلسـَـَفي ‪ ،‬و إنتـَـَاجه‬
‫العلمحي شاهد على صحة ما أقول ‪ ،‬فل توجد من بينه دراسة علمحية نقدية هدميـَة بنائايـَة عمحيقـَـَة للفلسـَفة‬
‫الرسطخية الشائاية ‪ .‬لذا غلبت على ذلك النتاج الشروح و التعليقات ‪،‬و التلخيصات و الاميع‪. 1‬‬
‫و ما تيؤيد ذلك أن بعض الرشدييم العاصرين اعتحفوا ببعض ما قلناه ‪ ،‬فذكر الباحث ممحد الصباحي‬
‫أن البـَـَداع عنـَـَد ابـَـَن رشـَـَد هـَـَو البـَـَداع فـَ بيـَـَان مـَـَا قـَـَاله )) أرسـَـَطخو ‪،‬و توضـَـَيحا لـَ دغتمحـَـَض مـَـَن قـَوله ‪ ،‬ل‬
‫الروج عليه ‪ .‬لقد أراد ابن رشد أن يبدأ من حيـَـَث بـَـَدأ أرسـَـَطخو ‪ ،‬ل أن تيديشـَـَن بدايـَـَة جديـَـَدةا للنظـَـَر إلـَ‬
‫العرفة و الوجود ‪ .‬إنه تيصر على أن يبقى ف إطار الفـَق الرسـَطخي بوصـَفه الفـَق النهـَائاي لتاريـَخ الفلسـَفة‬
‫((‪ . 2‬و الثـَـَان هـَـَو البـَـَاحث ممحـَـَد عابـَـَد الـَـَابري ‪ ،‬إنـَـَه ذكـَـَر أن ابـَـَن رشـَـَد شـَـَرح كتـَـَب أرسـَـَطخو ‪،‬و سـَـَد‬
‫ثآغراتـَـَا بالجتهـَـَاد داخـَـَل مـَـَا يقتضـَـَيه مـَـَذهبه‪ . 3‬فاجتهـَـَاد ابـَـَن رشـَـَد هـَـَو اجتهـَـَاد مـَـَدود داخـَـَل الذهبيـَـَة‬
‫الرسطخية و مقتضياتا ‪،‬و عقلية هذا حالا ل تيكنها أبدا إحداثَ ثآورةا نقدية ف الفكر الفلسفي ‪.‬‬
‫و ثآانيا إن ما قاله الباحث عاطف العراقي هو قول ل يصح ‪ ،‬و تمبالغ فيه جدا ‪ ،‬يدل على أنه تمازف‬
‫فيمحا قاله ‪ .‬و ما ذكرناه ف كتابنا هذا ‪-‬من انتقادات‪ -‬ينقض زعمحه هذا و ينسفه نسفا ‪ .‬لن ابن رشـَـَد‬
‫كان مدود الجتهاد و النقد كمحاد و نوعاد ‪،‬و ل ترقى به تقدراته إل إحداثَ تلـَـَك الثـَـَورةا النقديـَـَة الزجعومـَـَة‬
‫‪.‬‬
‫و أما مـَا قاله الـَابري مـَن أن ابـَن رشـَد اجتهـَد لصـَلح العقيـَدةا السـَلمية و تصـَحيحها ‪،‬و إرجاعهـَا‬
‫إل عقيدةا السلف ‪ ،‬فهو زعم سبق إبطخاله ف كتابنا هذا ‪،‬و بيينا أن ابن رشد أظإهر حرصـَه علـَى الشـَريعة‬
‫ليـَـَد عل ـَـَى التكلمحيمـَ ـَ ‪ ،‬و لينتص ـَـَر للرس ـَـَطخية ‪،‬و لتيخض ـَـَع الشـَ ـَريعة للتأوي ـَـَل الب ـَـَاطن التحريف ـَـَي لتتف ـَـَق م ـَـَع‬
‫الرسطخية ‪ .‬فهل عمحله هذا هو إصلح للعقيدةا و تصحيح لا ‪ ،‬أما هو تريـَـَف لـَـَا و تقـَـَدما عليهـَـَا ؟؟ ! ‪،‬‬
‫إنه عمحل تلفيقي تريفي خدمة للرسطخية ‪،‬و قد سبق أن بيناه و ويثآقناه ‪.‬‬
‫و أمـَـَا قـَوله بـَأن ابـَن رشـَـَد كـَـَان يسـَـَعى أيضـَـَا لفتـَح بـَاب الجتهـَـَاد فـَ العقيـَـَدةا علـَـَى القـَل ‪ ،‬فهـَو قـَـَول‬
‫تمالف للحقيقة التاريية ‪ ،‬لن باب الجتهاد ف العقائاد ل تيغلق كمحا حدثَ ف مال الفقه ‪ ،‬فقـَـَد كـَـَان‬
‫مفتوحا قبل زمن ابن رشد و خلله و بعده ‪،‬و شهدت هذه الفتحةا منازعات و تديدات و مناظإرات بيم‬
‫الفرق السلمية فيمحا بينها ‪،‬و حت بيم الفرقة الواحدةا أيضـَـَا ‪ .‬فالشـَاعرةا مثل كـَانت لـَم اجتهـَـَادات فـَ‬

‫‪ 1‬سانتناول ذلك في المبحث الثاني من هذا الفصل ‪.‬‬


‫‪ 2‬محمد المصباحي ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 133 :‬‬
‫‪ 3‬الجابري ‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪ ، 162 :‬و ما بعدها ‪ 167 ،‬و ما بعدها ‪،‬و ‪ 183‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫العقائاـَـَد خلل القـَـَرن الـَـَامس الجـَـَري ‪ ،‬خـَـَالفوا فيهـَـَا شـَـَيخهم أب ـَ السـَـَن الشـَـَعري)ق ‪4‬ه ( ‪ .‬و أهـَـَل‬
‫الـَـَديث هـَـَم أيضـَـَا كـَـَانت لـَـَم اجتهـَـَادات و منـَـَاظإرات فيمحـَـَا بينهـَـَم ‪،‬و بينهـَـَم و بيم ـَ مـَـَالفيهم مـَـَن الفـَـَرق‬
‫الخـَـَرى ‪ .‬و قـَـَد مثلهـَـَم فـَ ـَ ذلـَـَك كبـَـَار علمحـَ ـَائاهم كـَـَأب نصـَـَر السـَـَجزجي)ق‪5 :‬ه ‪( 9‬ـَ ‪ ،‬و أبـَ ـَ السـَـَن‬
‫الكرجي الشافعي)ق‪6 :‬ه( ‪،‬و الوفق بن قدامة القدسي )ق‪7 :‬ه( ‪،‬و ابن تيمحية ‪،‬و ابن قيم الوزية‪. 1‬‬
‫و أما قوله بـَأن ابـَن رشـَد كـَان يسـَعى لفتـَح بـَاب الجتهـَـَاد فـَ الفقـَـَه ‪ ،‬فـَإن هـَـَذا البـَاب – و إن أغلقـَـَه‬
‫أكثر الفقهاء‪ -‬فهو ل يكن تمغلقا غلقا تاما ‪ ،‬و ل قال بغلقه كل الفقهاء ‪ .‬و قـَد مـَـَارس الجتهـَاد الـَـَر‬
‫علمحـَـَاء مـَـَن الغـَـَرب و الشـَـَرق زمـَـَن التقليـَـَد الـَـَذهب قبـَـَل أن تيارسـَـَه ابـَـَن رشـَـَد ‪ ،‬و منهـَـَم ‪ :‬بقـَـَي بـَـَن ملـَـَد‬
‫الندلسي)ت ‪276‬ه (‪ ،‬و ابن حزجما الندلسي )ق‪5 :‬ه( الـَذي حـَيرما التقليد و دعـَا إلـَ الجتهـَاد بقـَوةا‬
‫‪ ،‬و منهم أيضا ‪ :‬أبو الطخاب الكلوذان البغـَدادي )ت ‪510‬ه( ‪ ،‬و أبـَو الوفـَاء بن عقيـَل البغـَدادي)ت‬
‫‪513‬ه ‪، 9‬و أبو السن الزجاغون البغدادي)ت ‪527‬ه( ‪،‬و عبد الرحن بن الوزي)ت ‪597‬ه(‪. 2‬‬
‫و ثآالثا إن ما قاله الباحث حادي العبيدي غي صحيح ف معظمحه ‪،‬و فيـَـَه تغليـَط و تلـَبيس علـَى القـَراء‬
‫‪ ،‬لنـَـَه ليـَـَس صـَـَحيحا أن غايـَـَة الش ـَريعة و الفلسـَـَفة واحـَـَدةا و هـَـَي الفضـَـَيلة ‪ .‬فهـَـَذا تمـَـَالف للش ـَريعة الـَـَت‬
‫نصت صراحة علـَى أن غايتهـَا هـَي تعبيـَد العبـَاد لـَرب العبـَاد ‪ ،‬فالغايـَة مـَن وجـَود النسـَان أن يكـَون عبـَدا‬
‫ل ف كل أحواله ‪ ،‬فمحن آمن و التزجما بالشرع فمحصيه إل النة ‪،‬و من كفـَر و ضـَييع الشـَريعة فمحصـَيه إلـَ‬
‫س إتلل تليدـَأعبتـَتدوتن ((‪-‬سـَورةا الـَـَذاريات ‪، - 56 :‬و ))قتـَأل إتلن‬ ‫النـَار ‪ ،‬قـَـَال تعـَـَال ‪)) :‬دودمـَـَا دخلدأقـَ ت ت ت‬
‫ت األـَلن دواألنـَ د‬
‫يم ((‪-‬سورةا النعاما ‪. - 162 :‬‬ ‫ت‬
‫ب الأدعالدمح د‬ ‫ي دوددماتت لتليته در ب‬ ‫ت‬ ‫د ت‬
‫صلدت دونتتسكي دودأمديا د‬
‫و أما الخلق و الفضائال فهـَي ليسـَت غايـَات ‪،‬و إنـَا هـَي مـَن الوسـَائال و الهـَداف الثانوية الامـَة‬
‫الـَـَت أمـَـَرت الشـَ ـَريعة بـَـَالتحلي بـَـَا ‪ ،‬لـَـَتحفع السـَـَتوى اليـَـَان و الـَ ـَتحبوي للمحسـَـَلمحيم ‪ .‬و بـَـَذلك تكـَـَون هـَـَذا‬
‫الفضائال ف خدمـَة الغاية الكـَبى الت هـَي العبوديـَة التامـَة الـَ تعـَال ‪ .‬و أمـَا الفلسـَفة اليونانية و غيهـَا ‪،‬‬
‫فل عبـَـَادةا فيهـَـَا و ل تق ـَـَوى ‪،‬و ل جنـَـَة و ل نـَـَار ‪ ،‬فهـَـَي فلس ـَـَفة دنيويـَـَة نفعيـَـَة ‪ .‬فشـَـَتان بيمـَ ـَ غايـَـَة ديـَـَن‬
‫السلما و غاية فلسـَفة اليونـَان !! ‪ .‬و شـَتان بيمـَ فضـَائال دين السـَلما و أخلقـَه القائامحـَة علـَى اليـَان و‬
‫العمحل الصال ‪،‬و بيم فضائال فلسفة اليونان القائامحة على الشرك و الهواء و الصال الدنيوية !! ‪.‬‬
‫و أمـَـَا قـَوله بـَـَأن ربـَـَط الشـَريعة بالصـَـَال هـَـَو خطخـَـَر عليهـَـَا لنـَـَه يعـَـَل كل مـَـَن يتريـَـَد الـَـَروج عليهـَـَا يتعلـَـَل‬
‫بالصـَـَلحة و تيعيطخلهـَـَا ‪ .‬فـَـَالمر ليـَـَس كمحـَـَا ذهـَـَب إليـَـَه ‪ ،‬لن الصـَـَلحة فـَ ـَ الشـَ ـَريعة السـَـَلمية تقـَ ـَوما علـَـَى‬
‫اليان أول ‪ ،‬ث على الضوابط الشرعية ثآانيا ‪ ،‬ث على العمحال الصالة ثآالثا ‪ .‬و أمـَـَا مـَـَن تيـَـَاول التحايـَـَل‬
‫على الشريعة فهذا انـَراف عنهـَا ليـَس هـَي السـَؤولة عنـَه ‪ .‬و هـَذا النـَراف قـَد يقـَع أيضـَا فـَ حالـَة جعـَل‬

‫‪ 1‬خالد كبير علل ‪ :‬الزمة العقيدية بين الشاعرة و اهل الحديث ‪ ،‬ص‪ 87 :‬و ما بعدها ‪ ،‬و ‪ 90‬و ما بعدها ‪ ،‬و ‪ 102‬و ما بعدها ‪ ،‬و‬
‫‪ 148‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 2‬ابن حجر العسقلني‪ :‬لسان الميزان ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ ، 485 :‬ج ‪ 4‬ص‪ . 200 :‬و ابن رجب الغدادي ‪ :‬الذيل على طبقات الحنابلة ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪:‬‬
‫‪ 147‬و ما بعدها ‪ 190 ،‬و ما بعدها ‪ .‬و الذهبي ‪ :‬تذكرة الحفاظ ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪ ، 630 :‬ج ‪ 3‬ص‪ . 1145 :‬و ابن الجوزي ‪ :‬صأيد الخاطر ‪،‬‬
‫ص‪. 87 ، 33 ،31 :‬‬
‫مقاصـَد الشـَريعة علـَى الخلق و الفضـَائال بالطخريقـَـَة الرسـَطخية ‪ ،‬فيسـَتطخيع أي إنسـَـَان أن يتسـَخر مقاصـَد‬
‫الشريعة لهـَوائاه و مصـَاله الاصـَة ‪،‬و يتلعـَب با ‪،‬و يتحايـَل عليهـَا ‪ ،‬بـَدعوى أن مـَا يـَراه هـَو يتفـَق مـَع‬
‫الخلق و الفضـَائال ‪ ،‬حـَـَت و إن خـَـَالفه معظـَـَم النـَـَاس ‪ .‬و فـَ هـَـَذه الالـَـَة تصـَـَبح الخلق نسـَـَبية تتغيـَ‬
‫بتغي أراء الناس و مذاهبهم‪،‬و مصالهم و أهوائاهم ‪.‬‬
‫و أما قوله بأن ابن رشد‪ -‬بسبب دعوته إل الجتهاد‪ -‬كان أول ضـَحايا الفقهـَاء القلـَدين ‪ ،‬فهـَو قـَول‬
‫تمالف للحقيقة التاريية ‪ ،‬و ذلك أن طائافة من الفقهاء قد تعرضـَت قبلـَه للمحضـَايقات و الطخـَاردات ‪ ،‬و‬
‫النفي و التهديد بالقتل ‪ ،‬بسبب اجتهاداتم و آرائاهم الرةا ‪ ،‬منهم ‪ :‬بقي بن ملد ‪ ،‬و ابـَـَن حـَزجما ‪،‬و أبـَـَو‬
‫الوفاء بن عقيل ‪،‬و ابن الوزي الذي كان معاصرا لبن رشد‪. 1‬‬

‫و بـَـَذلك يتـَـَبيم أن النقـَـَد و الجتهـَـَاد ف ـَ فلسـَـَفة ابـَـَن رشـَـَد كانـَـَا ضـَـَعيفييم مـَـَدوديين جزجئايييمـَـَ‪ ،‬شـَـَل‬
‫مسائال تمتفرقة من الفلسفة اليونانية ‪،‬و ل يكونا ف مستوى عـَـَامل يسـَـَمحح بنقـَـَد أصـَـَول الفلسـَـَفة الرسـَـَطخية‬
‫و أساسـَياتا ‪ ،‬لنـَـَه كـَـَان يفتقـَـَد إلـَ الليـَة العلمحيـَة و النفسـَية الـَت تتكنـَـَه مـَـَن القيـَاما بـَذلك العمحـَـَل النقـَدي‬
‫الكبي ‪ .‬و هذا العمحل كان أكب منه بكثي ‪ ،‬ل يستطخيع أن يقوما به رجل كابن رشـَـَد الـَذي جعـَـَل نفسـَـَه‬
‫تلمحيذا لرسطخو متعصبا له ‪،‬و تمغاليا فيه بالباطل ‪ .‬فرجل هذا حـَاله ل تيكنـَه أبـَـَدا إحـَداثَ ثآـَـَورةا نقديـَة فـَ‬
‫الفكر الفلسفي ‪.‬‬
‫و أما الاصية الرابعة فتتعلق بالتنوير ‪ ،‬فهل فلسفة ابن رشد فلسفة تنويرية أما ظإلمية ‪ ،‬أما جعت بيم‬
‫التنوير و الظلمية ؟ ‪ .‬هي عند الباحث عمحر فـَروخ نـَور مـَن أنـَوار الفلسـَفة السـَلمية‪ . 2‬و عنـَد الباحث‬
‫ممحـَـَود حـَـَدي زقـَـَزجوق هـَـَي فلسـَـَفة تنويريـَـَة ‪ ،‬صـَـَاحبها زعيـَـَم الفكـَـَر التنـَـَويري ‪،‬و مـَـَن أعظـَـَم رواد التنـَـَوير فـَ‬
‫العال ‪.‬و قد تييزج تنويره بالتمحسك بالعقل و العلم معا‪. 3‬‬
‫و يرى البـَاحث عـَاطف العراقـَي أن ابن رشـَد هـَو عمحيـَد الفلسـَفة التنويريـَة ‪ ،‬دعـَا إلـَ التنـَوير ‪ ،‬و الـَذين‬
‫يتهـَـَاجونه يتريـَـَدون الظلما ‪ .‬و ل تنـَـَوير دون فلسـَـَفة ابـَـَن رشـَـَد الـَـَذي كـَـَان تمتمحسـَـَكا بكـَـَل مـَـَا هـَـَو عقلن ـَ‬
‫تنويري بعيدا عن فكر الظلما و حيـَاته ‪،‬و كـَان ناقـَـَدا للمحقلـَـَدين و الرجعييمـَ و الصـَـَوفية و الشـَـَاعرةا‪ . 4‬و‬
‫‪5‬‬
‫يرى جاعة من الرشدييم العاصرين أن فلسفة ابن رشـَد تثل روح التنـَوير فـَ العـَالييم الغربـَ و السـَلمي‬
‫‪.‬‬
‫و ردا عليهم أقول ‪ :‬أول إن الزجعم بأن ابن رشد هو زعيم و عمحيد الفكر التنويري ف العال هو زعم‬
‫باطـَـَل‪،‬و تمبـَـَالغ فيـَـَه جـَـَدا ‪ ،‬و مازفـَـَة ل مـَـَبر صـَـَحيح لـَـَا ‪ .‬لن فلسـَـَفته ليـَـَس فيهـَـَا مـَـَن التنـَـَوير و النـَـَارةا و‬
‫‪ 1‬ابن حجر العسقلني‪ :‬لسان الميزان ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ ، 485 :‬ج ‪ 4‬ص‪ . 200 :‬و ابن رجب الغدادي ‪ :‬الذيل على طبقات الحنابلة ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪:‬‬
‫‪ 173 ،106‬و ما بعدها ‪ .‬و الذهبي ‪ :‬تذكرة الحفاظ ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪ ، 630 :‬ج ‪ 3‬ص‪ . 1145 :‬و ابن خلدون ‪ :‬المقدمة ‪ ،‬ص‪. 354 :‬‬
‫‪ 2‬عمر فروخ ‪ :‬عبقرية العرب في العلم و الفلسفة ‪ ،‬ص‪. 157 :‬‬
‫‪ 3‬محمود حمدي زقزوق ‪ :‬الدين و الفلسفة ‪ ،‬ص‪. 96 ، 95 ، 91 ، 89 ، 77 :‬‬
‫‪ 4‬عاطف العراقي ‪ :‬الفيلسوف ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 437 ، 31 ، 30 ، 27 :‬‬
‫‪ 5‬مراد وهبة و منى و منى أبو ساتة ‪ :‬أنباء فلسفية ‪ ،‬مجلة ابن رشد اليوما ‪ ،‬ص‪. 9 :‬‬
‫الضاءةا إل القليل اليسـَي الـَذي ل يستحق بـَه فكـَر ابن رشـَد وصـَفه بتلـَك الوصـَاف ‪ .‬و الصـَحيح هـَو‬
‫أن فلس ـَـَفته ظإلمي ـَـَة فـَ ـَ معظمحه ـَـَا ‪ ،‬ك ـَـَثيةا الظن ـَـَون و الش ـَـَكوك ‪ ،‬و الهـَ ـَواء و الراف ـَـَات ‪،‬و الخالف ـَـَات‬
‫الشرعية و الخطخاء العلمحية ‪،‬و ليس فيها من الشرع الكيم ‪ ،‬و العقل الصـَريح ‪ ،‬و العلـَم الصـَحيح إل‬
‫القليل ‪ .‬المر الذي يعن أنه ل مال للمحقارنة بيم صـَوابا القليـَل و أباطيلهـَا و أخطخائاهـَا الكثيةا جـَدا ‪،‬و‬
‫هذا أمر سبق أن بيناه و وثآقناه ‪ ،‬ما يعل الديث عن تنوير ابن رشـَد و جعـَه بيمـَ العقـَل و العلـَم ‪ ،‬هـَو‬
‫حـَـَديث باطـَـَل تمـَـَثي للضـَـَحك و الدهشـَـَة و السـَـَتغراب !! ‪ .‬فكيـَـَف سـَـَح هـَـَؤلء لنفسـَـَهم بوصـَـَف ابـَـَن‬
‫رشـَـَد بتلـَـَك الوصـَـَاف الزجائافـَـَة البـَـَالغ فيهـَـَا جـَـَدا ‪ ،‬الـَـَت حـَيولت البـَـَة الصـَـَغيةا جـَـَدا إلـَ قبـَـَة كـَـَبيةا جـَـَدا ؟؟‬
‫ت‬
‫!! ‪.‬‬
‫و أمـَـَا زعـَـَم عـَـَاطف العراقـَـَي بـَـَأن ابـَـَن رشـَـَد كـَـَان متمحسـَـَكا بكـَـَل مـَـَا هـَـَو عقلنـَ تنـَـَويري بعيـَـَدا عـَـَن فكـَـَر‬
‫الظلما و حيـَـَاته ‪ ...‬إلـَ ‪ ،‬فهـَـَو زعـَـَم باطـَـَل فـَ معظمحـَـَه ‪،‬و عكسـَـَه هـَـَو الصـَـَحيح الـَـَذي يصـَـَدق علـَـَى ابـَـَن‬
‫رشـَد نفسـَه ‪ ،‬الـَذي رضـَي بالظلميـَة الرسـَطخية مـَذهبا لـَه‪ ،‬و هـَي مـَن أكـَثر الفلسـَفات العروفـَة ظإلمية و‬
‫شركا ‪ .‬و قد كان ابن رشد ف مقدمة الشائايم الرجعييمـَ التعصـَبيم لرسـَطخو و الغـَاليم فيـَه و القلـَدين لـَه‬
‫؟! ‪ .‬فمحن هو الكثر تعصبا و تقليدا و رجعية ؟ ‪.‬‬
‫و ثآانيا أين التنوير الزجعوما ف فلسفة ابن رشد الرسطخية ؟ ‪ ،‬إنه ل وجود له ف إلياتا‪،‬و ل ف طبيعياتا‬
‫‪،‬و ل فـَ منطخقهـَـَا ‪،‬و الصـَـَحيح منهـَـَا قليـَـَل و هـَـَو عـَـَادي للغايـَـَة بالقارنـَـَة إلـَ كـَـَثرةا أباطيلهـَـَا و أخطخائاهـَـَا ‪.‬‬
‫إنه‪-‬أي ابن رشد‪ -‬ليس تنويريا و ما عنـَـَده مـَـَن تنـَـَوير قليـَل ل يتـَؤهله ليكـَون تنويريـَا و ل رائاـَدا و ل زعيمحـَا‬
‫للتنوير ‪ ،‬لنـَه أول لـَ يكـَن متهـَدا حـَرا تمطخلقـَا ‪،‬و إنـَا كـَان أرسـَطخيا سـَلبيا متعصـَبا لرسـَطخو و فلسـَفته ‪،‬و‬
‫اجتهاداته الت اختارها هي اجتهادات مذهبية قليلة ل تتؤهله ليكون متهدا تنويريا ‪.‬‬
‫و لنـَه ثآانيـَـَا كـَان كـَثي النـَراف عـَن الشـَـَرع الكيـَم ‪،‬و العقـَـَل الصـَحيح ‪،‬و العلـَم الصـَحيح ‪ ،‬انتصـَارا‬
‫لـَـَذهبيته الرسـَـَطخية ‪ ،‬و رجـَـَل هـَـَذا حـَـَاله ليـَـَس تنويريـَـَا ‪ .‬و لنـَـَه ثآالثـَـَا قـَيدما أرسـَـَطخيته الظلميـَـَة علـَـَى ديـَـَن الـَ‬
‫تعال و حيرفه من أجلها بتأويله الباطن ‪،‬و ل يعمحل على أسلمحتها ‪،‬و من هذا عمحله ليس تنويريا ‪.‬‬

‫و لنه رابعا ل ند ف فلسفته السلما الصحيح الشامل الكامـَل البـَـَديل لكـَـَل الـَذاهب و العقائاـَـَد و‬
‫الفلسفات ‪ ،‬و إنا ند فيها الرسطخية الظلمية و جوانب من السلما الحيرف الوجه لدمتها ‪ .‬و رجـَـَل‬
‫ك لتتتأخ ـَتردج‬
‫ب دأندزجلأندـَـَاهت إتلدأي ـَ د‬ ‫ـَا‬ ‫ـَ‬
‫ت‬ ‫هـَـَذا عمحلـَـَه هـَـَو ظإلمـَـَي و ليـَـَس تنـَـَويري ‪ ،‬علـَـَى خلف ق ـَوله تعـَـَال ‪ )) :‬ت الـَدـَر كت‬
‫ب‬ ‫د‬
‫ت إتدلـَ النمـَوتر بتـَتإأذتن درببتأم إتدلـَ تصـَدراتط الأدعتزجيـَتزج األدتمحيـَتد ((‪-‬سورةا إبراهيـَم ‪ ، - 1 :‬فهـَو‪-‬أي‬ ‫اللناس تمـَن الظملتمحـَا ت‬
‫د د د‬
‫ابن رشد‪ -‬خرج بفلسفته من نور الشريعة إل ظإلمحات الفلسفة اليونانية عامة و الرسطخية خاصة ‪.‬‬
‫و ثآالثا إن الرشدييم العاصرين‪ 1‬يعلمحون جيدا أن فلسفة ابـَن رشـَد الليـَة و الطخبيعية و النطخقيـَة باطلة‬
‫ف معظمحها ‪،‬و تمالفة للشرع و العقل و العلم ‪،‬و قد تاوزها الزجمن ‪،‬و ليس فيها من الق و الصواب إل‬
‫القليـَـَل اليسـَـَي الـَـَذي ل تيغن ـَ و ل يتسـَـَمحن مـَـَن جـَـَوع ؛ لكنهـَـَم –مـَـَع ذلـَـَك‪ -‬تمصـَـَرون علـَـَى وصـَـَفهم لبـَـَن‬
‫رشـَـَد بـَـَأن زعيـَـَم الفكـَـَر التنـَـَويري و عمحيـَـَده ‪ ،‬فلمحـَـَاذا هـَـَذا الص ـَرار ؟ ‪،‬و مـَـَا هـَـَي خلفيـَـَاته الذهبيـَـَة ؟ ‪ .‬إن‬
‫الـَواب عـَـَن هـَـَذين السـَؤاليم واضـَـَح نـَـَده عنـَـَد هـَـَؤلء الرشـَـَدييم ‪ ،‬إنـَـَم عقـَـَدوا مـَـَؤترا دوليـَـَا لـَـَم فـَ القـَـَاهرةا‬
‫سنة ‪ 1994‬موضوعه ‪ :‬ابن رشد و التنوير ‪ ،‬برعاية المحعية الفلسفية الفرو أسيوية كانت الغاية منـَـَه ))‬
‫بث روح التنوير ف العلم الغرب و السلمي استنادا إل الفلسفة العقلية لبـَـَن رشـَـَد كمحضـَـَاد حيـَـَوي ضـَـَد‬
‫الص ـَولية الدينيـَـَة ((‪ . 2‬و قـَـَال أحـَـَدهم‪ : 3‬إن ابـَـَن رشـَـَد جـَـَاء بصـَـَياغة جديـَـَدةا لرسـَـَطخو )) فـَـَأنكر خلـَـَود‬
‫النفـَـَس الفرديـَـَة ‪،‬و أثآبتـَـَه للعقـَـَل الفعـَـَال ‪،‬و مـَـَن ثـَ كـَـَان ابـَـَن رشـَـَد مـَـَع التنـَـَوير ‪،‬و ضـَـَد أي تزجمـَـَت غيـَ تمـَـَبر‬
‫صـَـَور رمزجيـَـَة للحقيقـَـَة‬
‫((‪ .‬و قال أيضا ‪ :‬إن ابن رشد ذكر ف كتابه تافت التهافت أن الدين )) هو مرد ت‬
‫الفلسفية ‪،‬و هو ما عجزج عن فهمحه التيار التزجمت ((‪. 4‬‬
‫فالتنوير عند هؤلء ليـَس هـَو الـَق و القيقـَة و العلـَم و الدايـَة الربانية ‪ ،‬و إنـَا هـَو تريـَف الشـَريعة و‬
‫العتداء عليها و توظإيفها لدمة العلمحانية و أهلها ‪ .‬فهم باركوا عمحل ابـَن رشـَـَد –فـَ تريفـَـَه للشـَريعة‪ -‬و‬
‫سـَـَوه تنـَـَويرا ‪ ،‬مـَـَع أنـَـَه عمحـَـَل تريفـَـَي تلفيقـَـَي إجرامـَـَي فـَ حـَـَق الشـَـَرع و العقـَـَل و العلـَـَم و النسـَـَانية ‪ .‬فهـَـَم‬
‫عنـَـَدما ل ـَ يـَـَدوا التنـَـَوير ف ـَ إليـَـَات ابـَـَن رشـَـَد و ل ف ـَ طبيعيـَـَاته و ل ف ـَ منطخقـَـَه العقيـَـَم تسـَـَكوا بتـَـَأويلته‬
‫الباطنيـَـَة التحريفيـَـَة للشـَـَرع و سـَـَوها تنـَـَويرا ‪،‬و اتـَـَذوها وسـَـَيلة للنفلت مـَـَن الشـَـَرع و تريفـَـَه و إفسـَـَاده ‪،‬و‬
‫مقاومة أهله و الد من انتشاره ‪ ،‬من أجل مصالهم الذهبية و الادية معا ‪.‬‬
‫و بـَـَذلك يتـَـَبيم أن فلسـَـَفة ابـَـَن رشـَـَد ليسـَـَت فلسـَـَفة تنويريـَـَة ‪،‬و ليـَـَس فيهـَـَا مـَـَن النـَـَور إل القليـَـَل اليسـَـَي ‪،‬‬
‫الـَـَذي ل تيؤهلهـَـَا لتكـَـَون فلسـَـَفة تنويريـَـَة ؛ و إنـَـَا هـَـَي – فـَ ـَ أساسـَـَها‪ -‬فلسـَـَفة تريفيـَـَة ظإلميـَـَة ل يصـَـَل‬
‫الطخـَـَالب للتنـَـَوير القيقـَـَي إل بـَـَالتخلص منهـَـَا كليـَـَة ‪،‬و التمحسـَـَك بالنقـَـَل الصـَـَحيح ‪،‬و العقـَـَل الصـَ ـَريح ‪،‬و‬
‫العلم الصحيح ‪.‬‬
‫و أما الاصية الامسة – من خصائاص فكر ابن رشد‪ -‬فتتعلق بطخر فلسفة ابن رشد على الشرع ‪،‬‬
‫فهل هي خطخر عليه ‪ ،‬أما هـَي فـَ خـَدمته ؟ ‪ ،‬نعـَـَم إنـَـَا خطخـَـَر عليـَـَه ‪،‬و أضـَرته أكـَثر مـَا نفعتـَـَه بفـَـَارق كـَبي‬
‫جـَـَدا ‪ ،‬بـَـَدليل الشـَواهد و العطخيـَـَات التيـَـَة ‪ :‬أولـَـَا إن ابـَـَن رشـَـَد قـَيدما الرسـَـَطخية علـَـَى الشـَـَرع و أرسـَـَطخه مـَـَن‬
‫أجلها ‪،‬و ل تيؤسلمحها من أجله ‪،‬و انتصـَر لـَا و حـَيرف الشـَرع بالتأويـَـَل البـَاطن خدمـَـَة لـَا ‪ .‬و عمحلـَـَه هـَـَذا‬
‫جناية كبيةا على دين السلما ‪.‬‬

‫‪ 1‬ذكرنا بعضهم في الفصل الرابع في موقفهم من طبيعيات أرساطو و ابن رشد ‪ ،‬و منهم محمد عاطف العراقي ‪.‬‬
‫‪ 2‬مراد وهبة و منى أبو ساتة ‪ :‬أنباء فلسفية ‪ ،‬مجلة ابن رشد اليوما ‪ ،‬العدد ‪ ،1997 ، 1‬ص‪. 9 :‬‬
‫‪ 3‬هو أوديرا أوروكا ‪.‬‬
‫‪ 4‬أوديرا أوروكا ‪ :‬العقل و الفعل في إفريقيا ‪ ،‬مجلة ابن رشد اليوما ‪ ،‬ص‪. 16 :‬‬
‫و الثـَان إن ابـَن رشـَد لـَ يكـَن يمحل السـَلما مشـَروعا فكريـَا لـَه ‪،‬و إنـَا كـَان يمحـَل الفلسـَفة الرسـَطخية‬
‫الش ـَائاية بـَـَديل عنـَـَه ‪ ،‬فكـَـَانت هـَـَي العيـَـَار و الددكـَـَم عنـَـَده ؛ فخـَـَالف بـَـَذلك الشـَـَرع ف ـَ مس ـَائال كـَـَثيةا ‪،‬و‬
‫أغفله ف مواضع عديدةا انتصارا لذهبيته الفلسفية ‪.‬‬
‫و الشاهد الثالث هو أن ابن رشد – بتقريره للعلقة بيم الشريعة و الفلسـَـَفة‪ -‬أوجـَـَد الرضـَـَية للعلمحانيـَة‬
‫الفكريـَـَة الـَـَت اعتمحـَـَد عليهـَـَا الرشـَـَديون العلمحـَـَانيون فـَ ـَ النفلت مـَـَن الشـَـَرع و مـَـَاربته ‪،‬و مقاومـَـَة أهلـَـَه ‪،‬‬
‫فوجـَـَدوا ف ـَ فكـَـَره ظإـَـَالتهم باسـَـَم ابـَـَن رشـَـَد و الرشـَـَدية ‪ ،‬و لـَـَو كـَـَان فكـَـَره يـَـَدما الش ـَريعة خدمـَـَة كاملـَـَة و‬
‫صحيحة ما اهتمحوا به ذلك الهتمحاما البالغ فيه ‪.‬‬
‫و آخرهـَـَا ‪-‬أي الشـَـَاهد الرابـَـَع‪ -‬هـَـَو أن ابـَـَن رشـَـَد كـَـَان فقيهـَـَا مسـَـَوبا علـَـَى علمحـَـَاء الشـَريعة ‪،‬و يتعيـَـَش‬
‫بالقضاء ف التمحع السـَـَلمي ‪ ،‬فكـَان ظإـَـَاهره فقيهـَا قاضـَيا ‪ ،‬و بـَاطنه فيلسـَوفا أرسـَـَطخيا تمتعصـَبا تمغاليـَا ‪،‬و‬
‫تمرفا للشرع من أجل أرسطخيته ‪ .‬حت أنه أوجب على المة السلمحة ما ل يتـَوجبه الـَ عليهـَـَا ‪ ،‬عنـَـَدما أفـَـَت‬
‫بوجوب الطلع على كتب الفلسفة ‪،‬و جعل معرفة البهان الرسطخي شـَرطا لعرفـَة الـَ تعـَال‪ . 1‬و فعلـَه‬
‫هذا خطخي جدا ل يصح أن يصدر عن عال مسلم ‪ ،‬لن السلم عزجيزج بعزجةا اليان ‪،‬و دينه تيغنيه من أن‬
‫يتاج إل مذاهب و عقائاد و فلسـَـَفات البشـَر ‪ .‬لكـَن هـَـَذا الرجـَل ملكـَت عليـَه الرسـَـَطخية قلبـَـَه و عقلـَه و‬
‫حيـَـَاته ‪،‬و لـَ يتـَؤثآر فيـَـَه الفقـَـَه إل تـَأثآيا سـَـَطخحيا ‪ ،‬لـَـَذا ل ـَ يكـَـَن يمحـَـَل السـَـَلما مشـَـَروعا فكريـَـَا بـَـَديل لكـَـَل‬
‫الفلسفات ‪.‬‬
‫و أما ما قاله الباحث ممحد عابد الابري من أن ابن رشد قاما بإصلح دين‪ . 2‬فهو قول غي صحيح‬
‫فـَ ـَ معظمح ـَـَه ‪ ،‬لن أعمح ـَـَال ابـَـَن رشـَـَد فـَ ـَ الشـَ ـَريعة لـَ ـَ تك ـَـَن إصـَـَلحات ‪ ،‬و إنـَـَا ك ـَـَانت –فـَ ـَ معظمحهـَـَا‪-‬‬
‫إسلخات و تريفات ‪،‬و تلفيقـَات و تغليطخـَات ‪ ،‬خدمـَة للرسـَطخية و أرسـَطخة للسـَلما ليكـَون خادمـَا لـَا‬
‫صب ابن رشد نفسه للقياما به ‪.‬‬ ‫‪.‬و هذا عمحل خطخي و دنء ‪ ،‬ن ي‬

‫و مـَا يزجيـَد مـَا قلنـَاه تأكيـَدا و توضـَيحا و إثآـَراء أن أحـَد الرشـَدييم العاصـَرين‪ 3‬قال كلمحة حـَق عنـَدما‬
‫قال ‪ )) :‬إن طرح مسألة صلة الكمحة بالشريعة من تقبل ابن رشد ‪ ،‬هو اعتحاف ضـَـَمحن بـَأن السـَلما غيـَ‬
‫كاف بذاته كمحنظومة معرفية و منطخقية ‪ .‬و هذا اعتحاف جوهري(( يعل كل انفتـَاح مكـَن للسـَلما يتم‬
‫بالعتمحاد على الغي‪. 4‬‬
‫و قوله هذا كلمحة حق فيها كشف لا قاما به ابن رشد ‪،‬و ما يتحتب عنه ف تقريره للعلقة بيم الشريعة‬
‫و الفلسفة الرسطخية ‪ .‬و نن ل ند لبن رشد عذرا فيمحا قـَاما بـَه إل أن نقـَـَول ‪ :‬إن فعلـَـَه هـَـَذا هـَـَو جنايـَة‬

‫‪ 1‬سابق توثيق ذلك ‪.‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬مدخل المحقق ‪ ،‬ص‪. 71 ، 70 :‬‬
‫‪ 3‬هو محمد المصباحي ‪.‬‬
‫‪ 4‬محمد المصباحي ‪ :‬الوجه الخر لحداثة ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 29 :‬‬
‫على الشرع يدل على أنه كان ضعيف اليان به ‪ ،‬مهزجوزا داخليـَـَا ‪ ،‬و مريضـَـَا نفسـَـَيا مـَـَن جهـَة ‪،‬و شـَديد‬
‫اليان بالرسطخية الظلمية الت أمضى حياته ف خدمتها من جهة أخرى ‪.‬‬
‫و أما الاصية السادسة‪ -‬من خصائاص فكر ابن رشد‪ -‬فتتعلق بطخر فلسفته علـَـَى العقـَـَل و العلـَـَم ‪،‬‬
‫فهـَـَل كـَـَانت خطخـَرا عليهمحـَـَا ؟ ‪ .‬نعـَـَم إنـَـَا كـَـَانت خطخـَرا عليهمحـَـَا معـَـَا ‪ ،‬و ذلـَـَك بـَـَا أنـَـَا كـَـَانت خطخـَرا علـَـَى‬
‫الشرع بوقفها منه و تريفها له فإنا بالضرورةا هي خطخر على العقل و العلم برمانمحا من حقائاق الشرع‬
‫و أنواره ‪.‬‬
‫و بـَـَا أن ابـَـَن رشـَـَد بـَـَالغ ف ـَ تعظيـَـَم تلـَـَك الفلسـَـَفة و التعصـَـَب لصـَـَاحبها و الغلـَـَو فيـَـَه ‪ ،‬حـَـَت اعتقـَـَد فيـَـَه‬
‫العصـَـَمحة ‪ ،‬و رفعـَـَه إل ـَ درجـَـَة اللئاكـَـَة ‪،‬و جعـَـَل نظـَـَره فـَـَوق نظـَـَر جيـَـَع النـَـَاس ‪ ،‬فـَـَإنه بـَـَذه الزجاعـَـَم الباطلـَـَة‬
‫يكون قد شيكل خطخرا داها على العقل و العلم معا ‪ ،‬و أسس با –أي تلك الزجاعم‪ -‬للسـَلبية و التقليـَد‬
‫‪ ،‬و النزجاميـَة و تقـَديس الشخصـَية و عبادتا ‪ .‬فكـَانت أفعـَاله هـَذه أغلل و عوائاـَق أمـَاما حريـَة العقـَل و‬
‫البحث العلمحي البدع النزجيه ‪.‬‬
‫و كـَـَان مـَـَن آثآـَـَار ذلـَـَك أنـَـَه سـَـَاهم بق ـَوةا ف ـَ تلـَـَف الفكـَـَر البشـَـَري و رزوخـَـَه تـَـَت الرسـَـَطخية الظلميـَـَة‬
‫العقيمحـَـَة الـَـَت هيمحنـَـَت علـَـَى ذلـَـَك الفكـَـَر قرونـَـَا عديـَـَدةا بعـَـَد ابـَـَن رشـَـَد ‪ .‬فلـَـَم تتكسـَـَر أغللـَـَا ‪،‬و لـَ ـَ تـَـَزجح‬
‫حواجزجها ‪،‬و ل تترفع ظإلمياتا إل ف العصر الديث عندما تاوز النسان تلك الفلسفة العقيمحة ‪.‬‬
‫و أما قول الباحث ممحد عابد الابري بأن ابن رشد دافع عن العلم من داخل الدين و بواسـَطخته ‪ ،‬و‬
‫لفائاـَـَدةا فهـَـَم تمتفتـَـَح للـَـَدين و ثآ ـَوابته‪ . 1‬فهـَـَو قـَـَول غي ـَ صـَـَحيح ف ـَ معظمحـَـَه ‪ ،‬و فيـَـَه تغليـَـَط و تلـَـَبيس علـَـَى‬
‫القراء ‪ ،‬لن ابن رشد –ف حقيقته‪ -‬ل تيدافع عن الدين و ل عن العلم و ل عن العقل ‪،‬و إنا دافع عن‬
‫الرسـَـَطخية الظلميـَـَة الـَـَت ملكـَـَت عليـَـَه قلبـَـَه و عقلـَـَه ‪ .‬فكـَـَان يعتقـَـَد فيهـَـَا العصـَـَمحة ‪،‬و أمضـَـَى حيـَـَاته فـَ ـَ‬
‫النتصار لا ‪،‬و حيرف الشرع و أرسطخه من أجلها ‪ ،‬و ليس من أجل فهم تمتفتح صحيح للدين ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫و أمـَـَا قـَوله بـَـَأن عمحـَـَل ابـَـَن رشـَـَد –فـَ شـَـَرحه لكتـَـَب أرسـَـَطخو و خـَـَدمتها‪ -‬كـَـَان )) ثآـَـَورةا علمحيـَـَة ((‬
‫‪.‬فهـَو قـَول تمـَالف للحقيقـَة و صـَوابه عكـَس ذلـَك ‪ ،‬فأعمحـَاله الفكريـَة كـَانت ثآـَورةا أرسـَطخية علـَى الشـَرع و‬
‫العقل و العلم ‪ ،‬من أجل الرسطخية الظلمية السلبية التعصبة العقيمحة ‪.‬‬
‫و أما الاصية السابعة فتتعلق بطخر الفلسفة الرشدية على ابن رشد نفسه ‪ ،‬فهل كانت خطخرا عليه ؟‬
‫‪ .‬نعم إنا كانت خطخرا كبيا عليه ‪،‬و هو أول ضحية لا ‪ ،‬و ذلك أنه با أن فلسـَـَفته كـَـَانت خطخـَرا علـَـَى‬
‫الشرع و العقل و العلم ‪ ،‬فهي بالضرورةا خطخرا على ابن رشد قبل غيه من الناس ‪ .‬فأفسدت جانبا كبيا‬
‫مـَـَن تفكيه الشـَـَرعي و العقلـَـَي و العلمحـَـَي ‪ ،‬و قـَـَد تلـَـَى ذلـَـَك فـَ كـَـَثرةا انرافـَـَاته و أخطخـَائاه ‪،‬الـَـَت سـَـَبق أن‬
‫ذكرنا قسمحا كبيا منها ‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن رشد ‪ :‬الكشف عن مناهج الدلة ‪ ،‬مدخل المحقق ‪ ،‬ص‪. 84 :‬‬


‫‪ 2‬الجابري ‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 81 :‬‬
‫و هـَـَي الـَـَت أوصـَـَلته إل ـَ تريـَـَف الشـَـَرع و إغفـَـَاله ‪،‬و تقـَـَدي الرسـَـَطخية عليـَـَه ‪ ،‬و تمـَـَالفته ص ـَراحة ف ـَ‬
‫مواضـَـَيع كـَـَثيةا ‪ ،‬كق ـَوله بأزليـَـَة العـَـَال ‪،‬و نفـَـَي الصـَـَفات الليـَـَة ‪ ،‬و إنكـَـَار العـَـَاد الخـَـَروي ‪ .‬و هـَـَي الـَـَت‬
‫أوصـَـَلته أيضـَـَا إلـَ التعصـَـَب لرسـَـَطخو و الغلـَـَو فيـَـَه ‪،‬و اليـَـَان بالرافـَـَات و الباطيـَـَل الرسـَـَطخية ‪ .‬و بـَـَذلك‬
‫كان ابن رشد أول ضحية للفلسفة الرسطخية الت أضلته و ما هدته ‪،‬و قيدته و مـَـَا حررتـَـَه ‪ ،‬و أفسـَـَدته و‬
‫مـَـَا أصـَـَلحته ‪ ،‬و أبعـَـَدته عـَـَن الـَـَق و مـَـَا قيربتـَـَه منـَـَه ‪ ،‬و جعلتـَـَه فريسـَـَة للوهـَـَاما و الرافـَـَات الرسـَـَطخية ‪ ،‬و‬
‫أخذت منه أعزج أوقـَاته الـَت ضـَييعها فـَ خدمـَة الرسـَطخية الظلميـَة العقيمحـَة ‪،‬و أعـَاقته عـَن الفهـَم الصـَحيح‬
‫للدين و التفكي الر و النقد العلمحي البدع النزجيه ‪.‬‬
‫ت‬
‫و أما الاصية الثامنة‪ -‬من خصائاص فكر ابن رشد‪ -‬فتتعلـَق بالسـَلبية و العجـَـَزج و النزجاميـَة فـَ فلسـَفة‬
‫ابـَـَن رشـَـَد ‪ ،‬فهـَـَل اتصـَـَفت فلسـَـَفته بتلـَـَك الصـَـَفات ؟ ‪ .‬نعـَـَم إنـَـَا اتصـَـَفت بـَـَا ‪،‬و تلـَـَى ذلـَـَك فـَ الشـَواهد‬
‫التية ‪ :‬أولا إن تقدي ابن رشد للرسطخية على الشرع و تريفه له من أجلها هو دليل قاطع علـَى سلبيته‬
‫و عجزجه و انزجاميته تاه تلك الفلسفة ‪ .‬فلو كان قوي اليان بـَدينه شـَديد العتزجاز ‪ ،‬مـَا سح لنفسـَه أن‬
‫يرفع الرسطخية الظلمية الشركية إل تلك الكانة ‪،‬و يزجدري بدين السلما تاهها ‪.‬‬
‫و ثآانيهـَـَا إن تعصـَـَب ابـَـَن رشـَـَد لرسـَـَطخو و غل ـَيوه فيـَـَه ‪ ،‬حـَـَت اعتقـَـَد فيـَـَه العصـَـَمحة ‪،‬و رفعـَـَه إل ـَ مرتبـَـَة‬
‫اللئاكة ‪ ،‬لو دليل قاطع على سلبيته و عجزجه و انزجاميته ‪ ،‬فلو كان قوي اليان بدين السلما ‪،‬و قوي‬
‫الشخصـَـَية ‪ ،‬و لـَـَه شـَـَهامة و تأنفـَـَة مـَـَا قـَـَال ذلـَـَك الكلما الباطـَـَل ف ـَ رجـَـَل كـَـَافر مشـَـَرك كـَـَثي الباطيـَـَل و‬
‫الضللت ‪ ،‬و الشركيات و الرافات !! ‪.‬‬
‫و الشاهد الثالث مفاده أن ابن رشد أمضى مدةا طويلة من حياته ف خدمة الفلسفة الرسطخية شـَـَرحا‬
‫و تلخيصـَـَا ‪ ،‬دفاعـَـَا و انتصـَـَارا لـَـَا ‪،‬و تعصـَـَبا و غلـَ ـَوا فيهـَـَا ‪ ،‬مـَـَن دون أن يتق ـَيدما لنـَـَا دراسـَـَة نقديـَـَة هدميـَـَة‬
‫لصول تلك الفلسفة و أساسيات فروعها ‪ ،‬مع ظإهور بطخلنا ‪ ،‬و كثرةا أخطخائاها و نقائاصها و انرافاتا‬
‫‪ .‬فلو عرضـَها علـَى الشـَرع الكيـَم ‪،‬و العقـَل الصـَريح ‪ ،‬و العلـَم الصـَحيح لتبييم لـَه تافتهـَا بلء و كتـَب‬
‫ف تافتها بدل من أن يكتب ف الدفاع عنها ف كتابه تافت التهافت ردا علـَـَى الغزجالـَ فـَ كتـَـَابه تـَـَافت‬
‫الفلسفة ‪ .‬لكنه ل يفعل ذلك لنه كان عاجزجا مهزجوزا مبهورا با ‪.‬‬
‫و من أمثلة عجزجه أنه زعم أن النظر ف صناعة الطخب ل تتم إل بالعلوما الفلسفية ‪،‬و أيد رأيه بقـَول‬
‫للطخبيب جالينوس يقول فيه ‪ :‬إن الطخبيب الفاضل فيلسوف بالضرورةا‪ . 1‬و قوله هـَذا ل يصـَح شـَرعا و ل‬
‫عقل ‪ ،‬و ل تاريا و ل واقعا ‪،‬و يدل على أن ابن رشد كان عاجزجا عـَـَن القيـَـَاما بعمحليـَة فصـَـَل الطخـَـَب عـَـَن‬
‫الفلسـَـَفة ‪،‬و ل كـَـَان يتصـَ ـَيورها مـَـَع وضـَـَوحها و إمكانيـَـَة القيـَـَاما بـَـَا ‪ .‬فأمـَـَا شـَـَرعا فـَـَإن رسـَـَول الـَ ـَ –عليـَـَه‬
‫الص ـَـَلةا و الس ـَـَلما‪ -‬حـَـَث عل ـَـَى طل ـَـَب العلج و تعل ـَـَم الطخـَـَب فـَ ـَ قـَ ـَوله ‪ )) :‬تـَـَداووا عب ـَـَاد الـَ ـَ فـَـَإن الـَ ـَ‬

‫‪ 1‬ا‪ :‬رساائل ابن رشد الطبية ‪ ،‬ص‪. 162 :‬‬


‫سبحانه ل يضع داء إل وضع معه شفاء ((‪ . 1‬و ل يشتحط تعلم الفلسفة و ل أمر با ‪،‬و لو كـَـَان ذلـَك‬
‫شرطا لمر به ‪،‬و با أنه ل يأمر به ديل ذلك على بطخلن زعم ابن رشد ‪.‬‬
‫و أما عقل فإن النظر الصحيح ينفي وجود ارتباط حتمحي ضـَروري بيمـَ تعليـَم صـَـَناعة الطخـَـَب و الفلسـَـَفة‬
‫اليونانيـَـَة أو غيهـَـَا ‪ ،‬لن هـَـَذه الصـَـَناعة‪-‬أي الطخـَـَب‪ -‬هـَـَي صـَـَناعة تريبيـَـَة تطخبيقيـَـَة تيارسـَـَها مـَـَن طلبهـَـَا و‬
‫تصص فيها من دون أية ضرورةا لعرفة فلسفة أرسطخو ول غيها من الفلسفات ‪.‬‬
‫و أما تاريا و واقعا فإن النسان عرف الطخب و برع فيه ف الضارةا الصرية و غيهـَـَا مـَـَن الضـَـَارات ‪،‬‬
‫قبل أن تظهر فلسفة اليونان بقرون عديدةا ‪ .‬و مارسه أناس كثيون من دون أن تكون لم معرفة بفلسـَفة‬
‫اليونان من ظإهورها إل يومنا هذا ‪ ،‬الذي يشهد النفصال التاما بيم الطخب و فلسفة اليونان و غيهـَـَا مـَـَن‬
‫الفلسفات ‪ .‬لكن عجزج ابن رشد و سلبيته ‪ ،‬و انبهاره و انزجاميته جعلته يقول ذلك الزجعم الباطل ‪.‬‬
‫و بناء على ذلك فمحـَا هـَـَي السـَباب الـَت أوقعـَت ابـَن رشـَد فيمحـَا ذهـَـَب إليـَه ؟ ‪ ،‬إنـَا اسـَباب كـَثيةا و‬
‫متداخلة ‪ ،‬يبدو ل أن أهها أربعة أسباب ‪ ،‬أولا ضعف إيانه بدين السلما أوجد فيه انزجامية نفسـَـَية و‬
‫فراغـَا روحيـَا ملتـَه الفلسـَفة الرسـَطخية ‪ .‬و ثآانيهـَا انبهاره بالفلسـَفة الرسـَطخية و عجـَزجه أمامهـَا ‪،‬و هـَذا أمـَر‬
‫اعتحف به صراحة ف كتابه تلخيص الثآار العلوية ‪. 2‬‬
‫و السبب الثالث هو ضعف احتكامه للشرع ‪،‬و تريفه له بالتأويل الباطن ‪ ،‬حرمه ذلـَك مـَن النتفـَاع‬
‫بنور الكتاب و السنة و علمحهمحا ‪،‬و ألأه إل العتمحاد أساسا علـَى عقلـَه القاصـَر ‪،‬و حواسـَه الناقصـَة ‪،‬و‬
‫آرائاه الظنية من جهة ‪،‬و على أوهاما و أراء ‪ ،‬و أهواء و ظإنون فلسفة اليونان من جهة ثآانية ‪.‬‬
‫و آخرها‪-‬أي السبب الرابع‪ -‬هو تعصبه لرسطخو و غليوه فيـَـَه ‪ ،‬حرمـَـَاه مـَن اسـَتقللية الفكـَـَر ‪،‬و أبعـَداه‬
‫عـَـَن النقـَـَل الصـَـَحيح ‪،‬و العقـَـَل الص ـَريح ‪،‬و العلـَـَم الصـَـَحيح ‪ ،‬و أضـَـَعفا فيـَـَه الشـَـَجاعة الدبيـَـَة ‪ ،‬و الـَـَروح‬
‫العلمحية النقدية الدمية البدعة البناءةا من جهة ‪،‬و أغرقاه ف التناقضات و الخطخاء و النرافات الفكرية‬
‫ت‬
‫من جهة أخرى ‪.‬‬

‫و أما الاصية التاسـَعة – مـَن خصـَائاص فكـَر ابن رشـَد‪ -‬فتتعلـَق بالتعصـَب و الغلـَو فـَ فلسـَفة ابن‬
‫رشد ‪ ،‬فهل كانت فلسفته متعصبة تمغالية ؟ ‪ .‬نعم إنا فلسفة ذلـَـَك حالـَا ‪ ،‬فيهـَا تعصـَـَب كـَثي جـَدا ‪،‬و‬
‫غلو كبي تاوز حدود الشرع و العقل ‪ .‬لن ابن رشد كان تمغاليا ف أرسطخو عندما اعتقد فيه العصمحة ‪،‬‬
‫و رفعه فوق الكمحال النسان إل درجة اللئاكة ‪ ،‬و جعل نظره فوق نظر جيع الناس ‪ .‬و هذا أمر سبق‬
‫أن بيناه و وثآقناه ف الفصل الامس ‪ ،‬فل نعيده هنا و ل نقف عنده ‪،‬و تكفينـَـَا الشـَارةا إليـَه و التـَـَذكي‬
‫به ‪.‬‬

‫‪ 1‬ناصأر الدين اللباني ‪ :‬صأحيح ابن ماجة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪ ، 252 :‬رقم الحديث ‪. 2772 :‬‬
‫‪ 2‬ص‪. 146 :‬‬
‫لكنن تأشي هنا إل أمر هـَاما جدا ‪ ،‬مفـَاده أن الرشـَدية الديثـَة ورثآـَت التعصـَب و الغلـَو عـَن شـَيخها‬
‫ابـَـَن رشـَـَد و فلسـَـَفته ‪ ،‬فهـَـَي –أي الرشـَـَدية‪ -‬علـَـَى نجـَـَه س ـَائارةا و بـَـَه تمتمحسـَـَكة ‪ ،‬مـَـَع اسـَـَتعلئاها و كـَـَثرةا‬
‫مزجاعمحهـَـَا و أباطيلهـَـَا ‪ ،‬و وصـَـَفها لبـَـَن رشـَـَد بـَـَا ليـَـَس فيـَـَه ‪،‬و بـَـَا ل يسـَـَتحقه ‪ .‬فوصـَـَفه الرشـَـَديون بـَـَأنه ‪:‬‬
‫عمحيـَـَد التنـَـَوير و رائاـَـَده فـَ العـَـَال ‪ ،‬و أنـَـَه أحـَـَدثَ ثآـَـَورةا علمحيـَـَة و نقديـَـَة فـَ الفكـَـَر الفلسـَـَفي ‪،‬و أنـَـَه أحـَـَدثَ‬
‫إصـَلحا دينيـَا‪ . 1‬و أنـَه عمحيـَـَد الفلسـَفة العقليـَة و النقديـَة التنويريـَة ‪،‬و أنـَه فيلسـَـَوف عمحلق آخـَر فلسـَفة‬
‫العرب‪ . 2‬و وصفه الباحث المريكي بول كيتس بأنه نب ل تيكيرما ف زمانه‪. 3‬‬
‫و أما الاصية العاشرةا –من خصائاص فكـَر ابـَن رشـَد‪ -‬فتتعلـَق بالتعـَال و السـَتعلء و التكـَب ‪ ،‬فهـَل‬
‫كانت فلسفته متعالة مستعلية متكبةا ؟‪ .‬نعم إنـَا كـَانت كـَذلك ‪ ،‬فهـَي إلـَ جـَانب تعصـَبها و غليوهـَا ‪،‬‬
‫اتصـَـَفت بالتعـَـَال و السـَـَتعلء و التكـَـَب ‪ ،‬فمحـَـَن ذلـَـَك أن ابـَـَن رشـَـَد قيسـَـَم النـَـَاس إل ـَ ثآلثَ فئِّـَـَات ‪ ،‬أولـَـَا‬
‫المحهور ‪ ،‬و هم عامة الناس ‪ .‬و الثانية هم أهل الدل و يثلون التكلمحيم و باقي طوائاف أهل العلم ما‬
‫عدا الفلسفة ‪ ،‬و هؤلء عنـَد ابـَن رشـَد يفتقـَدون إلـَ البهـَان و اليقيمـَ ‪،‬و ليـَس لديهم إل الـَدل ‪،‬و قـَد‬
‫ألقهم‪-‬أحيانا‪ -‬بالمحهور ‪ .‬و الفئِّـَة الثالثـَة تثـَل أهـَـَل البهـَـَان و اليقيمـَ مـَن الفلسـَـَفة عامـَة و الرسـَطخييم‬
‫الشائايم خاصة‪. 4‬‬
‫و تقسيمحه هذا هو دليل قوي على أن ابن رشد كـَان تمتعالـَا تمستعليا تمتكـَبا علـَى غيه مـَن الناس ‪ .‬و‬
‫قـَـَد بيينـَـَت انتقاداتنـَـَا لـَـَه أن ذلـَـَك التعـَـَال و السـَـَتعلء و التكـَـَب كـَـَان قائامحـَـَا علـَـَى ف ـَراغ و أوهـَـَاما و ظإنـَـَون ‪،‬‬
‫عنـَـَدما أثآبتنـَا أن ابـَن رشـَـَد كـَـَان مـَن أكـَثر أهـَـَل العلـَم خطخـَأ‪ ،‬و ضـَلل ‪ ،‬و انرافـَـَا عـَن الشـَـَرع و العقـَـَل و‬
‫العلم ‪.‬‬
‫و أما الاصية الادية عشر –من خصائاص فكـَر ابـَن رشـَد‪ -‬فتتعلـَق بالتناقض فـَ فلسـَفة ابن رشـَد ‪،‬‬
‫فهل فلسفته متناقضة ؟ ‪ .‬نعم إنا متناقضة و مزجدوجة الطخاب ‪ ،‬فمحن ذلك أن صاحبها‪-‬أي ابن رشـَـَد‪-‬‬
‫يقـَـَول عـَـَن نفسـَـَه ‪ :‬إنـَـَه مسـَـَلم ‪،‬و تيظهـَـَر حرصـَـَه علـَـَى الشـَـَرع و غيتـَـَه عليـَـَه مـَـَن جهـَـَة ‪ ،‬و يـَتـَؤمن بالفلسـَـَفة‬
‫الرسطخة‪ -‬الخالفة للشرع ‪، -‬و يتعصب لا‪ ،‬و يغلو فيها ‪ ،‬و ينتصر لـَا علـَى حسـَاب الشـَرع و يقـَدمها‬
‫عليه ‪ ،‬و تيؤرسط السلما من أجلها ‪،‬و ل تيؤسلمحها من أجله من جهة أخرى ‪.‬‬
‫و يقول ‪ :‬إنه ل يقل أحد من الناس ف العلوما اللية قـَول تيعتـَد بـَه‪ . 5‬ثـَ نـَده تيؤمن بإليـَات أرسـَطخو‬
‫الرافية ‪،‬و يتعصب لا ‪،‬و تيقدمها على الشرع و تييرفه من أجلها باسم التأويل الباطن كمحا فعل فـَ قـَوله‬
‫بأزلية العال ‪.‬‬

‫‪ 1‬ساق توثيق ذلك ‪.‬‬


‫‪ 2‬عاطف العراقي ‪ :‬الفيلسوف ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 27 ، 15 ، 14 ، 13 :‬‬
‫‪ 3‬مراد وهبة ‪ :‬ابن رشد و التنوير ‪ ،‬ص‪. 31 :‬‬
‫‪ 4‬سابق توثيق ذلك في الفصل الول ‪،‬و في مواضع أخرى ‪.‬‬
‫‪ 5‬ابن رشد ‪ :‬تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 236 :‬‬
‫و يـَـَدعي أنـَـَه مـَـَن أهـَـَل النطخـَـَق البهـَـَان و اليقيم ـَ ‪،‬و هـَـَو غـَـَارق فـَ التناقضـَـَات و الوهـَـَاما و الظنـَـَون و‬
‫الرافات ‪ ،‬كقوله برافة العقـَول العشـَرةا ‪،‬و سـَعيه للجمحـَـَع بيمـَ التناقضـَيم فـَ تقريـَـَره فـَ تقريـَـَره للعلقـَة بيمـَ‬
‫الشريعة والفلسفة الرسطخية ‪.‬‬
‫و تيظهر إثآباته للصـَفات الليـَة فـَ كتبـَه العامـَة الوجهة للجمحهـَور ‪،‬و ينفيهـَا فـَ كتبـَه الاصـَة الوجهـَة‬
‫للفلسـَـَفة ‪ .‬و يقـَـَول بالعـَـَاد الخـَـَروي فـَ ـَ مؤلفـَـَاته المحهوريـَـَة ‪،‬و ينفيـَـَه فـَ ـَ مصـَـَنفاته الفلسـَـَفية ‪ .‬و تيظهـَـَر‬
‫توقفه ف مسألة خلق العـَال و أزليتـَه فـَ مؤلفـَاته العامـَة ‪ ،‬و يقـَول صـَراحة بأزليـَة العـَال و خلـَوده فـَ كتبـَه‬
‫الفلسفية الاصة ‪.‬‬
‫فه ـَـَذا الرج ـَـَل ظإ ـَـَاهر التن ـَـَاقض م ـَـَزجدوج الطخ ـَـَاب ‪ ،‬فمح ـَـَا تفس ـَـَي ذل ـَـَك ؟ ‪ ،‬إن ه ـَـَذا التن ـَـَاقض لي ـَـَس –فـَ ـَ‬
‫الغـَالب‪ -‬بسبب الطخـَأ ‪،‬و إنـَا هـَو تنـَاقض مقصـَود أظإهـَره ابن رشـَد عمحـَدا ‪ ،‬لنـَه تبنـَ ازدواجية الطخـَاب‬
‫لتحقيـَـَق أهـَـَداف مذهبيـَـَة تمبيتـَـَة سـَـَلفا ‪ .‬فكـَـَان تيظهـَـَر ف ـَ كتبـَـَه العامـَـَة خلف مـَـَا يـَتـَؤمن بـَـَه ف ـَ بـَـَاطنه ‪ ،‬و‬
‫تيظهـَـَر ف ـَ مصـَـَنفاته الاصـَـَة حقيقـَـَة مـَـَا يعتقـَـَده خلف مـَـَا أظإهـَـَره ف ـَ مؤلفـَـَاته العامـَـَة ‪ .‬فعـَـَل ذلـَـَك خدمـَـَة‬
‫لذهبيته الرسطخية و انتصارا لا ‪ ،‬و سلوكه هذا هو من التغليط و التدليس و التلبيس علـَـَى القـَراء ‪،‬و هـَـَو‬
‫ليس من أخلق السلمحيم الصادقيم ‪،‬و ل من صفات العلمحاء التنزجهاء الشجعان ‪.‬‬
‫و أما الاصية الثانية عشـَر –مـَن خصـَائاص فكـَر ابن رشـَد‪ -‬فتتعلـَق بالشـَروع الفكـَري الذي حلتـَه‬
‫فلسفة ابن رشد ‪ ،‬فهل كانت تمحل مشروعا إسلميا أما مشروعا أرسـَـَطخيا ؟ ‪ .‬إنـَـَا كـَـَانت تمحـَل مشـَـَروعا‬
‫أرسـَ ـَـَطخيا بل نقـَ ـَـَاش و ل جـَ ـَـَدال ‪،‬و هـَ ـَـَو أمـَ ـَـَر ثآ ـَـَابت ل يكـَ ـَـَن إنك ـَـَاره ‪،‬و معـَ ـَـَروف مـَ ـَـَن فلسـَ ـَـَفة ابـَ ـَـَن رشـَ ـَـَد‬
‫بالضرورةا ‪ .‬و ل تكن تمحل السلما مشروعا ‪ ،‬لكنها أفـَـَردت لـَـَه مكانـَـَا صـَغيا بـَداخلها احتـَواء و تـَدجينا‬
‫و توظإيفـَـَا لـَـَه لدمـَـَة مصـَـَالها ‪ .‬تلـَـَك هـَـَي مكانـَـَة كـَـَل مـَـَن الرسـَـَطخية و السـَـَلما فـَ ـَ مشـَـَروع ابـَـَن رشـَـَد‬
‫الفلسفي ‪ ،‬فالرسطخية هي الصل و النطخلق و الغاية ‪ ،‬و السلما خادمها عند الاجة ‪،‬و إل فهـَـَو تمبعـَـَد‬
‫تمقصى ‪ .‬و عمحله هذا هو عمحل مرفوض شرعا و عقل ‪ ،‬و هو وصمحة عار ف جبيم ابن رشد الذي قـَـَدما‬
‫فلسفة اليونان على دين السلما ‪.‬‬
‫و الاصية الثالثة عشر تتعلق بالعلمحانية ‪ ،‬فهل فلسفته علمحانية ؟ ‪ .‬نعم إنا فلسـَـَفة علمحانيـَة خطخيةا ‪،‬‬
‫و قـَـَد سـَـَبق إثآبـَـَات ذلـَـَك ف ـَ الفصـَـَل السـَـَادس ‪ ،‬و لجلهـَـَا اهتـَـَم بـَـَه العلمحـَـَانيون العاصـَـَرون مـَـَن الغـَـَرب و‬
‫الشرق ‪،‬و بالغوا ف تعظيمحه و مدحه و الثنـَـَاء عليـَـَه ‪ .‬إنـَـَم لـَ تيعجبهـَم فيـَه فقهـَـَه الـَالكي ‪،‬و إنـَـَا أعجبهـَـَم‬
‫فيـَـَه فلسـَـَفته العلمحانيـَـَة الـَـَت وجـَـَدوها تـَـَدما مصـَـَالهم الذهبيـَـَة و الاديـَـَة ‪.‬و ابـَـَن رشـَـَد لـَـَه شخصـَـَيتان الولـَ‬
‫شخصية فقهية شكلية ‪ ،‬و الثانية شخصية فلسفية حقيقية ‪ ،‬و لا وجهـَـَان ‪ :‬أولمحـَـَا شخصـَـَية الفيلسـَـَوف‬
‫الرسطخي ‪ ،‬و ثآانيهمحا شخصية الفيلسوف العلمحان ‪.‬‬
‫ص على‬ ‫و الدليل على ذلك هو أن ابن رشد عندما قرر العلقة بيم الشريعة و الفلسفة الرسطخية ن ي‬
‫ثآلثآة مبادئ أقاما عليها تلك العلقة ‪،‬و هي ‪ :‬مبدأ الفصل ‪ ،‬و مبدأ الوصل ‪ ،‬و مبدأ التوفيق ‪ .‬و بذلك‬
‫قيدما الفلسفة على الشريعة ‪،‬و فصل كل عن الخر بذاته و موضوعه و منهجه ‪ ،‬و ميد بينهمحا جسرا ‪،‬و‬
‫استخدما التأويل الباطن التحريفي لرسطخة الشريعة خدمة للفلسفة الرسطخية ‪ .‬و بذا يكون ابن رشد قد‬
‫نيظر و قيعد للعلمحانية الفكرية التمحثلة ف فصل الدين عن الفلسفة ‪ .‬و با أن تلك الفلسفة لا إلياتا ‪ ،‬و‬
‫طبيعيات ـَ ـَـَا ‪،‬و سياس ـَ ـَـَتها ‪ ،‬و أخلقه ـَ ـَـَا ‪ ،‬و منطخقه ـَ ـَـَا ‪،‬و تمقدم ـَ ـَـَة عل ـَ ـَـَى الشـَ ـَ ـَريعة فمح ـَ ـَـَا عل ـَ ـَـَى الس ـَ ـَـَلما إل‬
‫النسـَـَحاب مـَـَن اليـَـَدان و الستسـَـَلما ؛ و إذا تاحتيـَـَج إليـَـَه فل بـَـَأس مـَـَن السـَـَتعانة بـَـَه لدمـَـَة الرسـَـَطخية و‬
‫ليس لسلمحتها ‪ .‬و هذا أمـَـَر طبقـَه ابـَن رشـَد بنفسـَه ‪ ،‬عنـَدما قـَيدما الفلسـَـَفة علـَى الشـَـَرع ‪،‬و اعتقـَـَد فيهـَا و‬
‫فـَ صـَـَاحبها العصـَمحة ‪،‬و قـَال بأفكارهـَا الخالفـَـَة للشـَرع ‪،‬و زعـَم أن الشـَرائاع كلهـَـَا صـَحيحة و متسـَاوية ‪.‬‬
‫ت‬
‫فعمحله هذا خطخي جدا ‪،‬و هو انقلب علمحان على دين السـَـَلما باسـَـَم الفلسـَفة و السـَلما نفسـَـَه ‪ ،‬لـَذا‬
‫وجـَـَدنا العلمحـَـَانييم العاصـَرين يهتمحـَـَون بـَـَابن رشـَـَد ‪ ،‬لنـَـَم وجـَـَدوا فـَ فكـَـَره و شخصـَـَيته نـَـَوذجهم العلمحـَـَان‬
‫الذي يدمهم ‪.‬‬
‫و أما الاصية الرابعة عشر‪ -‬من خصائاص فكر ابن رشد‪ -‬فتتعلق بـَا قـَدمته فلسـَفة ابـَن رشـَد للغـَرب‬
‫‪ ،‬فمحـَـَاذا قـَـَدمت لـَـَه ؟ ‪ .‬لـَ يتقـَـَدما ابـَـَن رشـَـَد للغـَـَرب السـَـَيحي ديـَـَن السـَـَلما ‪ ،‬و إنـَـَا قـَيدما لـَـَه أمريـَـَن ‪ ،‬الول‬
‫تثـَـَل فـَ أنـَـَه أرجـَـَع إليـَـَه بضـَـَاعته التمحثلـَـَة فـَ الفلسـَـَفة الرسـَـَطخية الوربيـَـَة الصـَـَل ‪ ،‬أعادهـَـَا إليـَـَه مشـَـَروحة و‬
‫يمليخصة و مفوظإة بلسان عرب ‪ .‬و ثآانيهمحا تثل ف أنه قيدما إليـَـَه عمحلـَـَه التنظيي العلمحـَـَان فـَ العلقـَة بيمـَ‬
‫الشرع و الفلسفة الت قيعد من خللا للفصل بيم الدين و الفلسفة كمحا بيناه آنفا ‪.‬‬

‫ذلـَك هـَو مـَوجزج مـَا قدمته فلسـَفة ابن رشـَد للغـَرب السـَيحي ‪ ،‬فمحـَاذا أخـَذ هـَو منهـَا ؟ ‪ ،‬و إلـَ أي‬
‫حـَد تـَأثآر بـَا ‪،‬و اسـَـَتفاد منهـَـَا فـَ بنـَـَاء نضـَـَته العلمحيـَـَة الديثـَة ؟ ‪ .‬لقـَـَد بـَـَالغ بعـَـَض البـَاحثيم العاصـَرين فـَ‬
‫تضخيم ما أخذه الغرب من فلسفة ابن رشد و استفادته منها ف بناء حضارته الديثة ‪ ،‬و منهم ‪ :‬ممحد‬
‫عـَـَاطف العراقـَـَي ‪ ،‬إن ـَـَه ي ـَـَرى أن أوروبـَـَا لـَـَا ارتض ـَـَت لنفس ـَـَها فلسـَـَفة ابـَـَن رش ـَـَد ‪،‬و أخ ـَـَذت بفك ـَـَره و آرائاـَـَه‬
‫تقـَدمت إلـَ المـَـَاما‪ . 1‬و تسـَاءل البـَاحث ممحـَد الصـَـَباحي بقـَوله ‪ :‬لـَاذا كـَـَان الفكـَـَر الرشـَـَدي خصـَيبا فـَ‬
‫الغرب و عقيمحا عنـَـَدنا‪ . 2‬و ذكـَـَر البـَاحث سـَتيفان فيلـَد أن ابـَن رشـَد أدى دورا واضـَـَحا فـَ تطخـَوير فلسـَفة‬
‫التنوير ف أوروبا‪. 3‬‬
‫و أقـَـَول ‪ :‬إننـَـَا ل ننكـَـَر بـَـَأن أوروبـَـَا اسـَـَتفادت مـَـَن الضـَـَارةا السـَـَلمية اسـَـَتفادةا كـَـَبيةا ‪ ،‬لكـَـَن العامـَـَل‬
‫الداخلي هو الساسي و الاسم ف نضة أوروبا و تقدمها العلمحي الديث ‪ ،‬و أما العامل الارجي فهـَـَو‬
‫عامل ثآانوي تمساعد ‪ .‬و يب أن تنفيرق بيم ما أخـَذه الغـَرب مـَن الضـَارةا السـَلمية فـَ متلـَف الالت‬
‫العلمحية و الضارية ‪،‬و بيم ما أخذه من الفلسفة الرسطخية الرشدية خاصة ‪.‬‬

‫‪ 1‬عاطف العراقي ‪ :‬الفيلسوف ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 24 ، 23 ، 14 :‬‬


‫‪ 2‬محمد المصباحي ‪ :‬الوجه الخر لحداثة ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 6 ، 5 :‬‬
‫‪ 3‬مراد وهبة ‪ :‬ابن رشد و التنوير ‪ ،‬ص‪. 11 :‬‬
‫و أما قول عاطف العراقي فهو قول تمبالغ فيـَه جدا ‪ ،‬و ل يصـَح فـَ معظمحـَه ‪ ،‬لن مكانة ابن رشـَد‬
‫ف أوروبا سببها الساسي هو كونه شارحا وفيا ماهرا لرسطخو ‪ ،‬و حجـَة فـَ فلسـَفته ‪ .‬و الـَذي أدى إلـَ‬
‫تكيون الفلسـَفة فـَ أوروبـَا الغربيـَةهي القضـَايا الرسـَطخية فـَ القـَاما الول ‪ ،‬إنـَه )) أرسـَطخو عـَب ابـَن رشـَد ‪،‬و‬
‫ليس عكس ذلك هو الذي أدى إل تكوين الفلسفة ف أوروبا الغربيـَة ((‪.‬و مـَع أن بعـَض آراء ابـَن رشـَـَد‬
‫ظإلت حية ‪ ،‬فإنا كـَانت )) جـَزجءا مغمحـَورا فـَ تطخـَوير الفلسـَفة الغربيـَة الديثـَة ((‪ ،‬ثـَ تنسي اسم ابن رشـَد‬
‫قرونا إل أن تأعيد إحياؤه ف القرن التاسع عشر و ما بعده‪. 1‬‬
‫و أما الزجعم بأن أوروبا ارتضت فلسـَفة ابن رشـَد لنفسـَها ‪ ،‬فهـَو زعـَم باطـَل تمـَالف لقـَائاق التاريـَخ الـَت‬
‫تقول أن أوروبا ل تنهض و تتطخور علمحيا إل بعد تطخيمحها للفلسفة الرسطخية الشـَائاية الرشـَـَدية ‪،‬و رفضـَـَها‬
‫بإلياتا و طبيعياتا و منطخقها‪ . 2‬إنا نضت على أنقاضها ‪ ،‬لن ابن رشد قـَيدما لـَـَا فلسـَـَفة غيـَ علمحيـَة ‪،‬‬
‫كـَـَثيةا الخطخـَـَاء والوهـَـَاما ‪،‬و الرافـَـَات و الباطيـَـَل ‪ .‬فـَـَأين الزجعـَـَم بـَـَأن أوروبـَـَا ارتضـَـَت لنفسـَـَها فلسـَـَفة ابـَـَن‬
‫رشد الرسطخية ؟ ‪.‬‬
‫و أما أثآر العلمحانية الفكرية الت قيدمها ابن رشد للغرب ‪ ،‬فقد استفاد منها الرشديون اللتيم ف نزجاعهم‬
‫مـَـَع الكنيسـَـَة و ويظإفوهـَـَا لصـَـَالهم ‪ .‬لكـَـَن هـَـَذه النظريـَـَة العلمحانيـَـَة ليسـَـَت جديـَـَدةا علـَـَى الغـَـَرب السـَـَيحي ‪،‬‬
‫فمحنذ أن انتشرت فيه النصرانية و تكونت الكنيسة ‪،‬و أوروبا قائامحة على فصل الـَـَدين عـَـَن الدولـَـَة ‪،‬و كـَـَان‬
‫شـَـَعارها ‪ :‬دع لقيصـَـَر مـَـَا لقيصـَـَر ‪،‬و ل ـَ مـَـَا ل ـَ ‪.‬و قـَـَد كـَـَانت –أي أوروبـَـَا‪ -‬تعيـَـَش ف ـَ علمحانيـَـَة تامـَـَة ف ـَ‬
‫السياسة و القتصاد و الجتمحاع ‪ ،‬لن العلمحانية هي من صمحيم الديانة النصرانية‪. 3‬‬
‫و نن ل ننكر تأثآي الفلسفة الرسطخية الشائاية الرشدية ف أوروبا بأنا ساهت ف تريك الياةا العلمحية‬
‫و تنشـَـَيطخها ‪ ،‬لك ـَـَن ل يص ـَـَح أن نغف ـَـَل العام ـَـَل الـَـَداخلي الساس ـَـَي فـَ ـَ نض ـَـَة أوروب ـَـَا ‪،‬و نتض ـَـَخم العام ـَـَل‬
‫الـَـَارجي الثـَـَانوي و ن ـَيول البـَـَة الصـَـَغيةا جـَـَدا إل ـَ قبـَـَة كـَـَبيةا جـَـَدا ‪ .‬و يـَـَب أن ل يغيـَـَب عنـَـَا أن العلـَـَم‬
‫الديث و العاصر قاما أساسا على أنقاض الفلسفة الرسطخية الشائاية الرشدية ‪ ،‬الت تطخمحـَـَت بأصـَـَولا و‬
‫فروعها ‪ .‬لذا فإن الدعوةا إل العودةا على الرشدية و إحيائاها هي دعـَوةا إلـَ التخلـَف و الرجعيـَة ‪،‬و الرافـَة‬
‫و الظلمية من جهة ‪،‬و هي نصيحة مسمحومة يـَتراد منهـَا إفسـَـَاد ديـَن السـَـَلما ‪،‬و إبعـَـَاد المـَة عمحـَـَا ينفعهـَـَا‬
‫ف دينها و دنياها ‪.‬‬
‫و أمـَـَا الاصـَـَية الامسـَـَة عشـَـَر – مـَـَن خصـَائاص فكـَـَر ابـَن رشـَـَد‪ -‬فتتعلـَـَق بفلسـَـَفة ابـَن رشـَـَد كمحـَـَذهب‬
‫تمستقل ‪ ،‬فهل فلسفته تمستقلة تمتمحيزجةا خاصة به ‪ ،‬أما هـَي تابعـَة للفلسـَفة الرسـَطخية و امتـَداد لـَا ‪،‬و شـَرح‬
‫موسـَـَع لـَـَا ؟ ‪ .‬يـَـَرى البـَـَاحث ممحـَـَد عـَـَاطف العراقـَـَي أن ابـَـَن رشـَـَد فيلسـَـَوف عمحيـَـَد عمحلق ‪ ،‬لـَـَه فلسـَـَفة‬
‫رشدية ذات نسق فلسفي مكم فريد ‪ ،‬ناضج دقيق‪. 4‬‬
‫‪ 1‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 52 ، 49 :‬‬
‫‪ 2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 47 :‬‬
‫‪ 3‬أنظر ‪ :‬محمد قطب ‪ :‬مذاهب فكرية معاصأرة ‪ ،‬ط ‪ ، 3‬دار الشروق ‪ ،‬القاهرة ‪ 1988 ،‬ـ ص‪ 447 :‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 4‬عاطف العراقي ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 30 ، 23 ، 15 ، 13 :‬‬
‫و ق ـَوله هـَـَذا تمبـَـَالغ فيـَـَه جـَـَدا ‪،‬و ل يصـَـَح إن كـَـَان القصـَـَود بـَـَه أن لبـَـَن رشـَـَد فلسـَـَفة تمسـَـَتقلة تمتمحي ـَزجةا‬
‫خاصة به ‪، .‬و هذا هو العن الظاهر من كلمه ‪ .‬نعم لبن رشد فلسفة ‪ ،‬لكنها فلسفة أرسطخية مشائاية‬
‫قلبا و قالبا ‪،‬و ليست فلسفة رشدية تمستقلة تمتمحيزجةا خاصـَـَة بـَه ‪ .‬لن الفلسـَفة الـَت عنـَده هـَي أرسـَـَطخية فـَ‬
‫أصولا و أساسيات فروعها ‪ ،‬إذا نزجعنا منها ذلك ل يبق لبن رشد شيء تيسمحى فلسفة ‪.‬‬
‫و أما اجتهاداته و اختياراته الفلسفية البعثرةا ‪ ،‬فهي ف الغالب شـَروح للفلسـَفة الرسـَطخية و تابعـَة لـَا فـَ‬
‫إطـَـَار مـَـَذهبها ‪،‬و ل تكفـَـَي أبـَـَدا لتكـَـَوين فلسـَـَفة رشـَـَدية مسـَـَتقلة و متمحيـَزجةا خاصـَـَة ابـَـَن رشـَـَد ‪ .‬و هـَـَذا أمـَـَر‬
‫ثآـَـَابت واضـَـَح ل لتبـَـَس فيـَـَه ‪ ،‬اعـَـَتحف بـَـَه ابـَـَن رشـَـَد نفسـَـَه عنـَـَدما وقيـَـَف نفسـَـَه لدمـَـَة الرسـَـَطخية شـَـَرحا و‬
‫تلخيصـَـَا ‪ ،‬دفاعـَـَا و انتصـَـَارا ‪،‬و أمضـَـَى عمح ـَرا طـَـَويل مـَـَن حيـَـَاته ف ـَ خـَـَدمتها ‪ ،‬حـَـَت أنـَـَه تعصـَـَب لرسـَـَطخو‬
‫تعصـَـَبا أخرجـَـَه عـَـَن حـَـَدود الشـَـَرع و العقـَـَل ‪ .‬و رجـَـَل هـَـَذا حـَـَاله ل يصـَـَح أن يتقـَـَال أنـَـَه صـَـَاحب فلسـَـَفة‬
‫مستقلة متمحيزجةا ‪ .‬و من كانت تلك صفاته ل يسـَتطخيع تكـَوين فلسـَفة خاصـَة بـَه ‪ ،‬لنـَه رضـَي بأن يكـَون‬
‫تلمحيذا تابعا وفيا لرسطخو ‪،‬و حرما نفسه من الستقللية الفكرية و الجتهاد الطخلق ‪.‬‬
‫و حت الغرب الذي اهتم بابن رشد ل يهتم به لنه فيلسوف تمستقل متمحيزج له فلسفته الاصة بـَـَه ‪،‬و‬
‫إنـَـَا اهتـَـَم بـَـَه لنـَـَه شـَـَارح أميم ـَ و ناجـَـَح ف ـَ شـَـَرحه ل ـَتحاثَ أرسـَـَطخو‪ 1‬مـَـَن جهـَـَة ‪ ،‬و أنـَـَه أعـَـَاد إليـَـَه بضـَـَاعته‬
‫الوروبيـَـَة بأمانـَـَة مـَـَن جهـَـَة أخـَـَرى ‪ ،‬حـَـَت أن القـَـَق ابـَـَن قيـَـَم الوزيـَـَة وصـَـَف ابـَـَن رشـَـَد بـَـَأنه أسـَـَي منطخـَـَق‬
‫اليونان‪. 2‬و نن نقول ‪ :‬إن ابن رشد كان أسي الفلسفة الرسطخية كلها بإلياتا و طبيعياتا و منطخقها ‪.‬‬
‫و رجل هذا حاله ل تيكنه تكوين فلسفة مستقلة متمحيزجةا خاصة به ‪.‬‬
‫و أما الاصية السادسة عشر – من خصـَائاص فكـَر ابـَن رشـَد‪ -‬فتتعلـَـَق بالضـَـَايقات و الطخـَاردات و‬
‫الهال و الظلم ‪ ،‬فهل تعيرض فكر ابن رشد لثل تلك العمحال ؟ ‪ .‬يـَـَرى البـَـَاحث ممحـَـَد عـَـَاطف العراقـَـَي‬
‫أن ابن رشد تظإلم حيـَا و ميتـَا ‪،‬و أن المـَـَة أهلـَت فكـَـَره‪ . 3‬و قـَالت الباحثـَة تمنـَ أبـَـَو سـَنة ‪ :‬إن ابـَن رشـَـَد‬
‫فرضـَـَت عليـَـَه قيـَـَود ‪،‬و أن منـَـَاخ التفكي ـَ ف ـَ زمـَـَانه كـَـَان مقيـَـَدا لـَـَه‪ . 4‬و ذهـَـَب البـَـَاحث سـَـَتيفان فيلـَـَد إل ـَ‬
‫القول بأن الثقافة السلمية الت أنتجت ابن رشد هي نفسها الت أهلته و جحدته‪. 5‬‬
‫و تعقيبا عليهم أقول ‪ :‬أول نعم إن ابن رشد تعيرض لنة ف آخـَر حيـَاته دامـَت سـَنتيم عنـَدما غضـَب‬
‫عليه السلطخان النصور الوحدي)ت ‪595‬ه( ‪ ،‬لكن يب أن ل تنبالغ ف تضخيم ذلك ‪ ،‬لن مـَـَا أصـَـَابه‬
‫ليس جديدا ف التاريخ السلمي ‪ ،‬فعلمحاء السـَلما منـَذ القـَرن الول الجـَري و هـَم يتعرضـَـَون للمححـَن و‬
‫الفت إل يومنـَا هـَذا ‪ ،‬كالـَذي حـَدثَ لسـَعيد ابـَن تجبي ‪،‬و أحـَد بن حنبـَل ‪،‬و يعقـَوب البـَويطخي ‪،‬و تنعيـَم‬
‫بـَـَن حـَـَاد ‪،‬و بقـَـَي بـَـَن ملـَـَد ‪ ،‬و ابـَـَن حـَزجما ‪،‬و أبـَ الوفـَـَاء بـَـَن عقيـَـَل ‪،‬و الـَـَافظ عبـَـَد الغنـَ ‪،‬و الشـَـَيخ تقـَـَي‬

‫‪ 1‬مراد وهبة ‪ :‬ابن رشد و التنوير ‪ ،‬ص‪. 49 ، 43 ،31 :‬‬


‫‪ 2‬سابق توثيق ذلك ‪.‬‬
‫‪ 3‬عاطف العراقي ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 14 ، 11 :‬‬
‫‪ 4‬مراد وهبة و منى أبو سانة ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 87 :‬‬
‫‪ 5‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 91 ،11 :‬‬
‫الدين بن تيمحية ‪،‬و ابن قيم الوزية ‪،‬و غيهم كثي ‪ .‬و حت ف زمـَن ابـَن رشـَد‪ -‬أيـَـَاما الوحـَـَدين‪ -‬تعـَـَرض‬
‫بعـَـَض أهـَـَل العلـَـَم للنفـَـَي و الضـَـَطخهاد ‪ ،‬كـَـَالفقيه ممحـَـَد بـَـَن إبراهيـَـَم قاضـَـَي بايـَـَة ‪،‬و الـَـَافظ الشـَـَاعر أبـَ‬
‫العباس القراب‪. 1‬‬
‫و يب أن ل يغيب عنا أن ابن رشد قبل تعيرضه للمححنة ف آخر حياته ‪ ،‬كـَان قـَد عـَـَاش مـَـَدةا طويلـَة‬
‫ف ـَ كنـَـَف و رعايـَـَة و تشـَـَجيع بعـَـَض سـَـَلطيم الوحـَـَدين كـَـَأب يعقـَـَوب بـَـَن عبـَـَد الـَـَؤمن‪ . 2‬فيجـَـَب أن ل‬
‫تنسينا حادثآة النة الدةا الطخويلة الت عـَاش فيهـَا ابـَن رشـَد فـَ أمـَـَن و آمـَان و رعايـَة مـَـَن السـَلطخان ‪ .‬فهـَذه‬
‫الدةا بدأت من نو سنة ‪ 550‬إل نو سنة ‪ 595‬هجرية ‪ ،‬ث غضب عليـَـَه النصـَـَور الوحـَـَدي و نكبـَـَه ‪،‬‬
‫فدامت منته سنتيم ‪ ،‬ث عفا عنه السلطخان و طلبه سـَنة ‪595‬هجريـَة ‪ ،‬فتـَـَوف فـَ نفـَس السـَنة‪ . 3‬فالرجـَـَل‬
‫عاش أكثر من ‪ 50‬سنة ف أمن و آمان و رعاية من السلطخان ‪ ،‬ألف خللـَـَا كتبـَـَا فلسـَـَفية كـَـَثيةا جـَدا ‪.‬‬
‫فهل يصح بعد هذا أن تيزجعم بأن ابن رشد تظإلم حيا بصيغة البالغة و التعمحيم و التضخيم ؟ ! ‪.‬‬
‫و ثآانيـَـَا إن المـَـَة السـَـَلمية ل ـَ تمحـَـَل ابـَـَن رشـَـَد و ل جحـَـَدت فكـَـَره ‪،‬و إنـَـَا أخـَـَذت منـَـَه صـَـَحيحه و‬
‫نبذت سقيمحه ‪ ،‬فأخذت فقهه السـَـَلمي‪ 4‬و رفضـَـَت فكـَـَره الرسـَـَطخي الشـَـَركي الظلمـَـَي ‪ .‬فمحـَـَن حقهـَـَا أن‬
‫تفعل ذلك ‪ ،‬فتأخذ الصحيح من فكره الذي ينفعها و ترفض الذي يضرها منه ‪.‬‬
‫فالمـَـَة السـَـَلمية لـَ تحـَـَد فضـَـَل ابـَـَن رشـَـَد و ل أهلتـَـَه ‪،‬و إنـَـَا تصـَيرفت معـَـَه بالطخريقـَـَة الصـَـَحيحة الـَـَت‬
‫يقرها الشرع و العقل و الصلحة ‪ .‬و هذه الطخريقة هي نفسها الت اتبعتها أوروبا ف تعاملها مع تراثَ ابن‬
‫رشد ‪ ،‬فأخذت منه ما رأتـَه مفيـَـَدا لـَـَا ‪،‬و رفضـَـَت فقهـَـَه السـَـَلمي و أرسـَطخيته الباطلـَة ‪ .‬فهـَي قـَد أخـَـَذت‬
‫منـَـَه جانبـَـَا ‪،‬و رفضـَـَت منـَـَه جانبـَـَا آخـَـَر ‪ ،‬فلمحـَـَاذا تـَـَدح أوروبـَـَا علـَـَى مـَـَا فعلتـَـَه ‪،‬و تـَـَذما أمـَـَة السـَـَلما علـَـَى‬
‫أخذها بنفس الطخريقة ف تعاملها مع تراثَ ابن رشد الفكري ؟ ! ‪.‬‬
‫و أشـَـَي هنـَـَا أيضـَـَا إلـَ أن قـَـَول سـَـَتيفان فيلـَـَد بـَـَأن الثقافـَـَة السـَـَلمية أنتجـَـَت ابـَـَن رشـَـَد ثـَ أهلتـَـَه و‬
‫جحدته ‪ ،‬هو قول فيه تغليـَط و تلـَبيس علـَى القـَراء ‪ ،‬لن ابـَن رشـَد الذي تولـَد فـَ متمحـَع إسـَلمي تيمحـَن‬
‫عليـَـَه الثقافـَـَة السـَـَلمية ‪ ،‬فـَـَإن هـَـَذه الثقافـَـَة ليسـَـَت هـَـَي الـَـَت كـَيونت الـَـَانب الساسـَـَي و الـَـَاما مـَـَن تفكيـَ‬
‫ابن رشـَد ‪ ،‬و إنـَا كـَيونته الفلسـَفة الرسـَطخية الشـَائاية ‪ .‬و مـَن ثـَ فـَإن مـَن حق الثقافة السـَلمية أن تنكـَر‬
‫عليـَـَه ذلـَـَك ‪،‬و ترفـَـَض فكـَـَره الفلسـَـَفي الـَـَذي هـَـَو دخيـَـَل عليهـَـَا ‪ ،‬وتمـَـَالف لـَـَا‪ ،‬و خطخـَـَر عليهـَـَا و علـَـَى‬
‫متمحعها ‪.‬‬
‫و ثآالثـَـَا إنـَـَه ل يصـَـَح الزجعـَـَم بـَـَأن ابـَـَن رشـَـَد كـَـَان واقعـَـَا تـَـَت الضـَـَغوط و القيـَـَود ‪ ،‬فلـَـَو كـَـَان كـَـَذلك مـَـَا‬
‫استطخاع أن يتؤلف عشرات الكتب الفلسفية الت نشر من خللـَا كـَثيا مـَن ضـَـَللت اليونـَـَان و شـَركياتم‬
‫و خرافاتم من جهة ‪ ،‬و حيرف السلما فـَ بعـَض مؤلفـَاته مـَن جهة أخـَرى ‪ .‬فلـَو كـَان واقعـَا تـَت تلـَك‬
‫‪ 1‬ابن أبي تأصأيبعة ‪ :‬عيون النباء في طبقات الطباء ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 532 :‬‬
‫‪ 2‬الجابري ‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪ 45 :‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 60 ، 49 ، 48 :‬‬
‫‪ 4‬أنظر مثل ‪ :‬الشوكاني ‪ :‬نيل الوطار ‪ ،‬ج ‪ 5‬ص‪ . 292 :‬و الشاطبي ‪ :‬العتصاما ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 251 :‬‬
‫الضغوط و القيود الزجعومة ما استطخاع تـَأليف الكتـَب الخالفـَة لـَدين السـَلما و للفكـَر السـَائاد فـَ متمحعـَه‬
‫الذي كان يعيش فيـَه ‪ .‬و نـَن ل ننكـَر بأنه ربـَا قد يكـَون قد تعـَيرض لبعـَض الضـَايقات الفيفـَة ‪ ،‬لكـَن‬
‫الثابت ينفي ذلـَك الزجعـَـَم البـَالغ فيـَه ‪ .‬لن الرجـَـَل‪-‬أي ابـَن رشـَد‪ -‬كـَـَان يعيـَـَش تـَـَت مضـَـَلة السـَلطخان لـَـَدةا‬
‫ت‬
‫طويلـَـَة ‪ ،‬و كـَـَان تيـَـَارس القضـَـَاء ‪،‬و تكتبـَـَه تتـَـَرج إل ـَ الس ـَواق ‪ .‬فهـَـَل رجـَـَل هـَـَذا حـَـَاله يتقـَـَال ‪ :‬إنـَـَه عـَـَاش‬
‫مظلوما تمقيد الفكر ! ‪.‬‬
‫و أما الزجعم بأنه تظإلم حيا و ميتا ‪ ،‬فالمر تمبالغ فيه جدا ‪،‬و يتضمحن مغالطخة كبيةا ‪ ،‬لن ابن رشد‬
‫هـَـَو البـَـَادئ بـَـَالظلم عنـَـَدما ظإلـَـَم دينـَـَه و أمتـَـَه ‪ ،‬بتحريفـَـَه للشـَريعة و نشـَـَره لضـَـَللت اليونـَـَان و أبـَـَاطيلهم ‪.‬‬
‫فالفرد هنا هو الذي اعتدى علـَى التمحـَع و ظإلمحـَه ‪،‬و اسـَتغل حاية الدولـَة لـَه فـَ القيـَاما بتلـَك الريـَة الـَت‬
‫ارتكبهـَـَا فـَ حـَـَق دينـَـَه و أمتـَـَه ‪ .‬فأصـَـَبح مـَـَن حـَـَق التمحـَـَع و مـَـَن الـَواجب عليـَـَه حايـَـَة الـَـَدين و التمحـَـَع مـَـَن‬
‫الطخـَـَر الرشـَـَدي ‪،‬و الـَـَرد عليـَـَه بالطخريقـَـَة الناسـَـَبة الصـَـَحيحة و العادلـَـَة ‪ .‬فلمحـَـَاذا نتعـَـَاطف مـَـَع الفـَـَرد البـَـَادي‬
‫بالظلم و الدعوما من السلطخان ‪،‬و ل نفعل ذلك مع التمحع الظلوما عندما يرد على مـَـَن بـَـَدأه بـَـَالظلم ؟ !‬
‫‪.‬‬
‫و أمـَا الزجعـَم بأنه ظإتلـَم ميتـَا ‪ ،‬فهـَو زعـَم ل يصح أيضـَا ‪،‬و فيـَه تغليـَط و تلـَبيس علـَى القـَراء ‪ ،‬لن أمـَة‬
‫السـَـَلما تعـَـَاملت مـَـَع فكـَـَره بـَـَق و عـَـَدل ‪ ،‬فقبلـَـَت فكـَـَره الصـَـَحيح التمحثـَـَل فـَ ـَ فقهـَـَه ‪،‬و رفضـَـَت فكـَـَره‬
‫ت‬
‫الفلسفي الخالف للشرع و العقل و العلم ‪ .‬فهـَل هـَذا التعامـَل تيسمحى ظإلمحـَا ؟ ‪ ،‬إنـَه ليـَس ظإلمحـَا ‪،‬و إنـَا‬
‫ت‬
‫هو عيم الق و الصواب و النصاف ‪.‬‬

‫و أما أوروبا الت يتقـَال أنـَا كيرمتـَه ميتـَا فـَالمر تمبـَالغ فيـَه جـَدا ‪ ،‬و ينطخـَوي علـَى تمغالطخـَة كبيةا ‪ ،‬لن‬
‫أوروبـَـَا قبلـَـَت فكـَـَره الفلسـَـَفي الرسـَـَطخي الشـَ ـَائاي ‪ ،‬لنـَـَه أعـَـَاد إليهـَـَا بضـَـَاعتها الوروبيـَـَة ‪،‬و رفضـَـَت فكـَـَره‬
‫الفقهـَـَي السـَـَلمي لنـَـَا ل تتـَـَؤمن بـَـَه ‪ ،‬ثـَ ـَ لـَـَا تـَـَبييم لـَـَا بطخلن فكـَـَره الفلسـَـَفي الرسـَـَطخي رفضـَـَته برمتـَـَه و‬
‫انقلبت عليه ‪ .‬فأقامت بذلك الدليل الصحيح و الدامغ على صـَحة موقـَف أمـَة السـَلما عنـَدما رفضـَت‬
‫فكره الفلسفي ‪ .‬فأوروبا إذاد رفضت ابن رشد بفلسفته و فقهه ‪ ،‬لكنهـَـَا مـَع ذلـَك مـَا تـَزجال تمشـَجعة لفكـَر‬
‫ابـَـَن رشـَـَد ‪ ،‬ليـَـَس لنـَـَه جديـَـَد عليهـَـَا ‪،‬و أنـَـَا ف ـَ حاجـَـَة ماسـَـَة إليـَـَه لبنـَـَاء نفسـَـَها ‪،‬و إنـَـَا هـَـَو وسـَـَيلة لـَـَديها‬
‫تسـَـَتخدمها لاربـَـَة السـَـَلما و تضـَـَليل السـَـَلمحيم باسـَـَم رجـَـَل أرسـَـَطخي مشـَـَهور مسـَـَوب مـَـَن كبـَـَار فقهـَـَاء‬
‫السلمحيم ‪.‬‬
‫فهل بعد هذا يصح أن تيقال ‪ :‬إن ابن رشد تظإلم حيا و ميتا ؟ ‪ ،‬إن المر ل يصح و تمبالغ فيه جدا‬
‫‪،‬و صوابه هو ‪ :‬إن ابن رشد هو الذي ظإلم السلما و السلمحيم ف حياته و بعد وفاته ‪،‬و ما يـَزجال ظإلمحـَـَه‬
‫قائامحا إل يومنا هذا ‪.‬‬
‫و أما الاصية السابعة عشـَر‪ -‬مـَن خصـَائاص فكـَر ابن رشـَد‪ -‬فتتعلـَق باجتنـَا إلـَ فلسـَفة ابـَن رشـَد فـَ‬
‫وقتنا الاضر ‪ ،‬فهل السلمحون اليوما ف حاجة إل فلسفته ؟ ‪ .‬يرى الباحث ممحد عابـَد الـَابري أننـَـَا اليـَوما‬
‫فـَ ـَ حاجـَـَة إلـَ ـَ اب ـَـَن رش ـَـَد بروح ـَـَه العلمحي ـَـَة و النقدي ـَـَة الجتهادي ـَـَة ‪،‬و اتس ـَـَاع تأفق ـَـَه العرفـَ ـَ و انفت ـَـَاحه عل ـَـَى‬
‫القيقـَـَة‪.‬و أن اكتشـَـَافنا لـَـَذا الرجـَـَل القيقـَـَي العرب ـَ السـَـَلمي هـَـَو )) الـَـَدخل الضـَـَروري لكـَـَل تديـَـَد ف ـَ‬
‫الثقافة السلمية من داخلها ((‪،‬و جيلنا الصاعد إما أن )) يكـَون رشـَديا فيتقـَـَدما علـَى مـَـَدارج الصـَـَالة و‬
‫العاصـَ ـَرةا معـَـَا ‪ ،‬و إمـَـَا أن ل يكـَـَون لـَـَه كـَ ـَيون و ل مكـَـَان فـَ ـَ هـَـَذا العـَـَال ((‪ . 1‬و ذهـَـَب البـَـَاحث ممحـَـَد‬
‫عاطف العراقي إل القول ‪ :‬إننا اليوما نبحث عن اللـَـَول لكـَثي مـَـَن مشـَكلتنا ‪ ،‬فـَ الـَوقت الـَذي )) قـَيدما‬
‫لنا ابن رشد ‪ ...‬الفتاح أو النهج الذي تيساعدنا على حل هذه الشكلت ((‪. 2‬‬
‫و أقـَـَول ‪ :‬إنـَـَه سـَـَبق أن ناقشـَـَنا فكـَـَر ابـَـَن رشـَـَد الفلسـَـَفي ف ـَ متلـَـَف ج ـَوانبه ‪،‬و بينـَـَا بالدلـَـَة الشـَـَرعية و‬
‫العقلية و العلمحية بطخلنـَه فـَ أتصـَوله و أساسـَيات فروعـَه ‪ ،‬المـَر الذي يعنـَ أن الرشـَدية الزجعومـَة القتححـَة‬
‫ت‬
‫كبديل لل مشاكل السلمحيم ‪ ،‬هي رشدية عقيمحـَة ميتـَة ‪،‬و اسـَـَم بل تمسـَـَمحى ‪ ،‬و شـَكل بل مضـَـَمحون ‪،‬و‬
‫ليس عندها من شيء صحيح نـَافع تقـَدمه للمحسـَلمحيم ‪ .‬و الصـَحيح القليـَل الـَذي قـَد نـَـَده فيهـَا لسـَنا فـَ‬
‫حاجة إليه من طريقها ‪ ،‬لنه موجود ف ديننا ‪،‬و عرفه علمحاؤنا قبله ابن رشد و بعده من غي فلسفته ‪.‬‬
‫و اب ـَـَن رش ـَـَد الفيلس ـَـَوف لي ـَـَس نوذج ـَـَا للعربـَ ـَ الس ـَـَلم التفت ـَـَح ال ـَـَذي ه ـَـَو ال ـَـَدخل الض ـَـَروري لنهوض ـَـَنا‬
‫ت‬
‫الضـَ ـَـَاري ‪،‬و إنـَ ـَـَا هـَ ـَـَو نـَ ـَـَوذج للمحسـَ ـَـَلم الرسـَ ـَـَطخي التغـَ ـَيرب الهـَ ـَـَزجوما و الولـَ ـَـَوع بالرسـَ ـَـَطخية ‪،‬و هـَ ـَـَو سـَ ـَـَلف‬
‫العلمح ـَـَانييم العاصـَ ـَرين التغربيمـَ ـَ م ـَـَن أبن ـَـَاء الس ـَـَلمحيم ‪ .‬و ه ـَـَذا النمح ـَـَوذج لـَ ـَ يك ـَـَن الس ـَـَلما و ل الس ـَـَلمحون‬
‫الصادقون ف حاجة إليه أبدا ‪ ،‬قديا و ل حديثا ‪.‬‬
‫و فكره الفلسفي ل أصالة فيه و ل معاصرةا ‪ ،‬فبخصوصا الصالة فهو ليـَس أصـَيل إسـَلميا لنـَه فكـَـَر‬
‫أرسـَـَطخي مشـَائاي غريـَـَب عـَـَن ديـَـَن السـَـَلما و أهلـَـَه ‪ ،‬حـَيرف السـَـَلما و أرسـَـَطخه خدمـَـَة للفلسـَـَفة الرسـَـَطخية‬
‫الشـَ ـَائاية ‪ .‬و فكـَـَر هـَـَذا حـَـَاله ل يصـَـَح وصـَـَفه بـَـَأنه أصـَـَيل إسـَـَلمي و ل عربـَ ـَ ‪ ،‬اللهـَـَم إل إذا قصـَـَدنا‬
‫بذلك أنه أصـَـَيل فـَ الرسـَـَطخية الشـَائاية فهـَذا صـَـَحيح ‪ .‬و أمـَا بالنسـَبة للمحعاصـَرةا فهـَو فكـَر فلسـَـَفي تـَاوزه‬
‫الزجمن ‪،‬و قد قاما الدليل الشرعي و العقلي و العلمحي على بطخلنه ‪ .‬فأية معاصرةا بقيت له ؟ ‪.‬‬
‫و أما علمحانيته الفكرية الت يتشبث با الرشـَديون و العلمحـَانيون العاصـَرون ‪،‬و يدعون إليهـَا و يتبـَالغون‬
‫ف مدح صاحبها ‪ ،‬فهي علمحانية تريفية تلفيقية أثآبتنا بطخلنا شـَرعا و عقل فـَ الفصـَل السـَادس ‪.‬و نـَن‬
‫لسـَـَنا فـَ ـَ حاجـَـَة أبـَـَدا إلـَ ـَ تلـَـَك العلمحانيـَـَة الرشـَـَدية ‪،‬و ل إلـَ ـَ غيهـَـَا مـَـَن العلمحانيـَـَات ‪ ،‬لن أمـَـَة السـَـَلما‬
‫جربتها كلها ف العصر الديث ‪ ،‬فمحا زادتا إل تلفا و تقهقرا ‪ ،‬و ضعفا و انرافـَـَا عـَـَن الشـَـَرع و الطخريـَـَق‬

‫‪ 1‬الجابري ‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬صأك ‪. 265 ، 11 ، 10‬‬


‫‪ 2‬عاطف العراقي ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 44 :‬‬
‫السـَـَوي ‪ .‬فلتيوقـَـَف هـَـَؤلء العلمحـَـَانيون تلـَـَك الـَـَدعاوى الباطلـَـَة ‪،‬و ليعـَـَودوا إلـَ الطخريـَـَق السـَـَتقيم القـَائام علـَـَى‬
‫الشرع الكيم ‪،‬و العقل الصريح ‪،‬و العلم الصحيح ‪.‬‬
‫و أمـَـَا الاصـَـَية الثامنـَـَة عشـَـَر‪ -‬و هـَـَي الخيةا مـَـَن خصـَائاص فكـَـَر ابـَـَن رشـَـَد‪ -‬فتتعلـَـَق بكانـَـَة ابـَـَن رشـَـَد‬
‫العلمحية بيم أهل العلـَم ‪ ،‬فقـَد ادعـَى الباحث ممحـَد عابـَد الـَابري أن أهـَل العلـَم أجعـَوا علـَى التنـَويه بعلـَم‬
‫ابن رشد و نزجاهته‪ . 1‬فهل ما ذكره صحيح ؟ ‪.‬‬
‫إن قـَوله هـَـَذا غيـَ ثآـَـَابت و ل يصـَـَح ‪ ،‬لنـَـَه أول لـَ يـَـَرو خـَبا تاريـَـَا عـَـَن الجـَـَاع الـَـَذكور ‪ ،‬و ل ذكـَـَر‬
‫أقوال كثيةا لهل العلم تتضمحن ما ادعاه هو –أي الابري‪ . -‬و إنا أورد ما قاله ثآلثآة مؤرخيم ف الثناء‬
‫علـَـَى ابـَـَن رشـَـَد و علمحـَـَه ‪،‬و هـَـَم ‪ :‬ابـَـَن البـَـَار ‪،‬و ابـَـَن أب ـَ أتصـَـَيبعة ‪،‬و عبـَـَد الالـَـَك الراكشـَـَي‪ ، 2‬و أق ـَوالم‬
‫ليست إجاعا و ل نصفه و ل ربعه ‪.‬‬
‫و ثآانيا إننا ل ننكر بأن كثيا من أهـَل العلـَم قد اثآنـَوا علـَى ابن رشـَد و علمحـَه و شخصـَيته و نزجاهتـَه ‪،‬‬
‫لكـَـَن ذلـَك لـَ يكـَن ثآنـَاء تمطخلقـَـَا يشـَمحل كـَل علمحـَه و شخصـَـَيته ‪،‬و إنـَـَا هـَو ثآنـَاء جـَـَزجئ يـَص بعـَض علمحـَه‬
‫وصفاته ‪ ،‬أو هـَو ثآناء عـَاما غيـَ تمصـَص ‪ .‬و ل يكـَن أن تيمحـَع أهـَل العلـَم علـَى التنـَويه بعلـَم ابـَن رشـَد و‬
‫نزجاهته ‪ ،‬لن هذا الرجل كان منحرفا فلسفيا ‪،‬و حيرف الشرع و خالفه صراحة فـَ أساسـَيات معروفـَـَة مـَـَن‬
‫الدين بالضرورةا ‪ ،‬كمحسألة خلق العـَال و الصـَفات اللية و العـَاد الخـَروي ‪.‬و أمضـَى حيـَاته العلمحيـَة فـَ‬
‫نشـَـَر الرسـَـَطخية بأباطيلهـَـَا و ص ـَوابا ‪،‬و ضـَـَللتا و خرافاتـَـَا ‪ ،‬مـَـَع حرصـَـَه الشـَـَديد علـَـَى النتصـَـَار لـَـَا و‬
‫نشـَـَرها بيمـَ السـَـَلمحيم ‪ .‬فرجـَـَل هـَـَذه أعمحـَـَاله –فـَ تريـَـَف الـَـَدين و إفسـَـَاد الفكـَـَر السـَـَلمي‪ -‬ل يكـَـَن أن‬
‫تيمحع أهل العلم على التنويه بعلمحه و نزجاهته‪ .‬و هل مـَن كـَـَان يتعمحـَـَد التحريـَـَف و تيفـَي آرائاـَـَه القيقـَـَة عـَن‬
‫جهور السلمحيم تيقال فيه أنه كان نزجيها ؟ ! ‪.‬‬
‫و الـَدليل القـَاطع علـَى أن ذلـَـَك الجـَاع الزجعـَوما لـَ يـَدثَ ‪ ،‬هـَو أن ثآلثآـَة مـَن أهـَـَل العلـَم الشـَهورين‬
‫انتقـَـَدوا ابـَـَن رشـَـَد و ذمـَـَوه ‪،‬ولـَ يـَـَذكرهم الـَـَابري ‪ .‬أولـَـَم الصـَـَوف ابـَـَن سـَـَبعيم الندلسـَـَي)ت ‪668‬ه ( إنـَـَه‬
‫انتقد ابن رشد انتقادا لذعا ‪ ،‬و وصفه بأنه تمقلد لرسطخو قليل الباع و العرفة ‪،‬و بليد التصيور‪. 3‬‬
‫و الثان هو الشيخ تقي الدين بن تيمحية ‪ ،‬إنه انتقد ابن رشد كثيا ‪،‬و توسع ف الـَرد عليـَه فـَ ممحـَوع‬
‫الفتاوى ‪،‬و درء تعارض و العقل و النقل ‪ .‬و وصفه بأنه مـَن نفـَاةا الصـَفات كالهمحية و الباطنيـَة ‪ ،‬و لـَه‬
‫أقاويـَـَل تمالفـَـَة للشـَـَرع و العقـَـَل معـَـَا ‪ .‬و هـَـَو أس ـَوأ حـَـَال مـَـَن العتزجلـَـَة ف ـَ موضـَـَوع الصـَـَفات الليـَـَة ‪،‬و فيـَـَه‬
‫تعصب و غلو ف الفلسفة عامة و أرسطخو خاصة‪. 4‬‬

‫‪ 1‬الجابري ‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 37 :‬‬


‫‪ 2‬نفسه ‪ ،‬ص‪. 38 ، 37 :‬‬
‫‪ 3‬إبراهيم تركي‪ :‬أزمة الرشدية العربية ‪ ،‬ص‪. 40 :‬‬
‫‪ 4‬أنظر مثل ‪ :‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص‪ ، 164 ،163 :‬ج ‪ 6‬ص‪ . 518 ، 517 :‬و درء التعارض ‪ ،‬ج ‪ 6‬ص‪ ، 238 :‬ج ‪ 9‬ص‪434 :‬‬
‫‪ ، 443 ،‬ج ‪ 10‬ص‪. 143 :‬‬
‫و آخرهم‪-‬أي الثالث‪ -‬هو القـَق ابن قيم الوزيـَة إنـَه ذما الفلسـَفة الرسـَطخييم عامـَة ‪،‬و انتقـَدهم فـَ‬
‫ك‬‫أفكـَـَارهم الفلسـَـَفية الخالفـَـَة للشـَـَرع ‪،‬و انتقـَـَد ابـَـَن رشـَـَد ف ـَ تفسـَـَيه لق ـَوله تعـَـَال ‪)) :‬اأدعت إتتل ـَ دس ـَتبيتل درب ـَ د‬
‫تباألتأكدمحـَتة دوالأدمحأوتعظدـَتة األددسـَندتة دودجـَاتد أتلم بتـَالتت تهـَدي أدأحدسـَتن ((‪-‬سـَورةا النحـَـَل ‪، - 125 :‬و وصـَفه بـَأنه أسـَي‬
‫منطخق اليونان‪. 1‬‬
‫و ختامـَـَا لـَـَذا البحـَـَث يتـَـَبيم منـَـَه أن الصـَائاص السـَـَلبية هـَـَي الغالبـَـَة علـَـَى فكـَـَر ابـَـَن رشـَـَد الفلسـَـَفي ‪ ،‬و‬
‫النمحـَـَاذج الكـَـَثيةا و التنيوعـَـَة الـَـَت ذكرناهـَـَا شـَـَاهدةا علـَـَى ذلـَـَك ‪.‬و ليـَـَس فيـَـَه مـَـَن اليابيـَـَات إل القليـَـَل ‪،‬و‬
‫هي‪-‬على قلتها‪ -‬جزجئاية مدودةا ل تشمحل كل فكره الفلسفي ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نظرة نقدية عامة في تراث ابن رشد العلمي ‪:‬‬
‫تقدرت مؤلفات ابن رشد ب‪ 118 :‬كتابا ‪ ،‬معظمحها ف الفلسفة اليونانية عامة و الرسطخية خاصة ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫و قليل منهـَا فـَ الفقـَه و الدب‪ ،‬و قـَد صـَنف كتبـَه الفلسـَفية فـَ الـَدةا مـَا بيمـَ ‪-552 :‬ـَ ‪ 592‬هجريـَة‬
‫‪.‬و له كتـَب موجهـَة للعامـَـَة و هـَي علـَى قسـَمحيم‪ :‬قسـَـَم يتضـَـَمحن كتبـَا خطخابيـَة موجهـَة للجمحهـَور ‪،‬و قسـَم‬
‫يتض ـَـَمحن كتب ـَـَا جدلي ـَـَة موجه ـَـَة له ـَـَل ال ـَـَدل م ـَـَن التكلمحيمـَ ـَ و م ـَـَن عل ـَـَى ش ـَـَاكلتهم ‪.‬و ك ـَـَل م ـَـَن الكت ـَـَب‬
‫الطخابية و الدلية ل تتذكر فيها تأويلت الفلسفة و ل براهينهـَم‪ . 3‬و لـَه كتـَب أخـَرى موجهـَة للخاصة‬
‫من أهل العلم ‪ ،‬و هم الفلسفة أهل البهـَان و اليقيمـَ علـَى حـَد زعـَـَم ابـَن رشـَـَد ‪،‬و فيهـَا تـَذكر تـَأويلتم‬
‫و براهينهم الزجعومة‪. 4‬‬
‫و هذا التقسيم الثنائاي لصنفاته ليس من تمبتكراته ‪،‬و إنا هو تقسيم عرفه الشاؤون قبله ف تقسـَـَيمحهم‬
‫لؤلفـَ ـَـَات أرسـَ ـَـَطخو ‪ .‬و ذلـَ ـَـَك أن أرسـَ ـَـَطخو كـَ ـَـَان يـَتـَـَديرس تلمـَ ـَـَذته فـَ ـَ الصـَ ـَـَباح و يتنـَ ـَـَاقش معهـَ ـَـَم الشـَ ـَـَكلت‬
‫الفلسـَـَفية ‪،‬و فـَ السـَـَاء تيلقـَـَي دروسـَـَه علـَـَى جهـَـَور النـَـَاس ‪ ،‬فقيسـَـَم أصـَـَحابه مؤلفـَـَاته علـَـَى نـَـَوعيم ‪ :‬أولمحـَـَا‬
‫يثل الكتـَب الستورةا ‪،‬و هـَي الوجهـَة للطخلبة الختصـَيم ‪ .‬و ثآانيهمحـَا يثـَل الكتـَب النشـَورةا و هـَي الوجهـَة‬
‫للجمحهور‪. 5‬‬
‫و هـَـَذا التقسـَـَيم لـَـَو قـَـَاما علـَـَى أسـَـَاس مرعـَـَاةا مـَـَدارك الطخلب حسـَـَب قـَـَدراتم ابتـَـَداء مـَـَن البـَـَدايات إل ـَ‬
‫النهايات ‪ ،‬فهـَو تقسـَيم صـَحيح و جيد يقـَوما علـَى الرحيلـَة و التـَدرج ‪ .‬لكـَن المـَر ليـَس كـَذلك بالنسـَبة‬
‫لؤلفات ابن رشد العامة و الاصة ‪ ،‬فقد تبيم أنه كثيا ما كان تيظهـَـَر فـَ كتبـَه العامـَـَة خلف مـَـَا تيبطخنـَـَه‬
‫باسـَـَتخداما التعليـَـَط و التـَـَدليس و التحريـَـَف ‪ .‬و هـَـَو قـَـَد أعلـَـَن صـَ ـَراحة بـَـَأن فـَ ـَ الشـَـَرع نصوصـَـَا ظإاهرهـَـَا‬
‫تمـَـَالف للحقيقـَـَة يـَـَب تـَـَأويله و إخف ـَائاه عـَـَن المحهـَـَور مـَـَن الع ـَواما و التكلمحيم ـَ ‪،‬و هـَـَذا النـَـَوع مـَـَن التأويـَـَل‬

‫‪ 1‬سابق توثيق ذلك ‪.‬‬


‫‪ 2‬الجابري ‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪ 160 :‬و ما بعدها ‪ .‬و محمد عمارة ‪ :‬المثالية و المادية ‪ ،‬ص‪ 99 :‬و ما بعدها ‪ .‬و بركات محمد مراد ‪:‬‬
‫تأملت في فلسفة ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 31-24 :‬‬
‫‪ 3‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬ص‪ . 119 :‬و قد سابقت الشارة على هذا الموضوع في الفصل الول و غيره ‪.‬‬
‫‪ 4‬نفسه ‪ ،‬ص‪ . 119 :‬و تهافت التهافت ‪ ،‬ص‪. 71 ، 60 :‬‬
‫‪ 5‬أميرة حلمي مطر ‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ ،‬ص‪. 224 :‬‬
‫الباطن التحريفي أظإهره صراحة ف كتبه الاصة ‪ .‬من ذلك أنه ف مؤلفاته العامة أثآبت الصفات و العـَـَاد‬
‫الخروي ‪،‬و ف كتبه الاصة نفى ذلك صراحة‪. 1‬‬
‫صـَل‬ ‫و كتابه فصل القال –من مؤلفاته العامة‪ -‬هو رسالة صغيةا الجم لكنـَه كتـَـَاب خطخيـَ جـَدا ‪ ،‬أ ي‬
‫فيه ابن رشد منهجه الفلسفي ف مـَوقفه مـَن الشـَرع و الفلسـَفة معـَا ‪ ،‬فـَأعطخى للفلسـَفة الرسـَطخية الشـَرعية‬
‫باسـَـَم السـَـَلما ‪ ،‬عنـَـَدما قـَـَاما بفعليم ـَ حطخييـَـَن أولمحـَـَا أنـَـَه أصـَـَدر فت ـَواه الرسـَـَطخية بوجـَـَوب الطلع كتـَـَب‬
‫صـَـَل لنظرتـَـَه فـَ ـَ العلقـَـَة بيمـَ ـَ الشـَ ـَريعة و الفلسـَـَفة ‪ .‬فالكتـَـَاب –فـَ ـَ عمحـَـَومه و‬ ‫الفلسـَـَفة ‪ .‬و ثآانيهمحـَـَا أنـَـَه أ ي‬
‫حقيقته‪ -‬جناية على دين السلما و تريف له ‪،‬و ازدراء به و تسخي له خدمة للرسطخية ‪.‬‬
‫و أمـَـَا كتـَـَابه العـَـَامي‪ :‬الكشـَـَف عـَـَن مناهـَـَج الدلـَـَة ‪ ،‬فيى الـَـَابري أن هـَـَذا الكتـَـَاب هـَـَدفه الـَـَدفاع عـَـَن‬
‫العلم و إصلح العقيدةا و تصحيحها‪ . 2‬و قوله هذا غي صحيح فـَ معظمحـَـَه ‪ ،‬لن كتـَـَاب الكشـَـَف هـَـَو‬
‫تطخـَـَبيق عمحلـَـَي لـَـَانب مـَـَا نظيـَـَر لـَـَه ابـَـَن رشـَـَد ف ـَ كتـَـَابه فصـَـَل القـَـَال ‪ ،‬فانتقـَـَد فيـَـَه تمـَـَالفيه مـَـَن الشـَـَبهة و‬
‫ت‬
‫الشاعرةا و العتزجلة بق و بغي حق ‪ ،‬و سكت عن إخوانه الفلسفة من الشائايم و البـَـَاطنييم ‪ .‬و مـَـَارس‬
‫فيه التأويل التحريفي ف تعامله مع بعض النصوصا الشرعية التعلقة بالصفات و خلق العـَـَال‪ . 3‬فعـَـَل كـَـَل‬
‫ذلك ليس من أجل تقدي البديل السلمي الصحيح ‪،‬و إنا من أجل طرح البديل الرسـَـَطخي و النتصـَار‬
‫له ‪.‬‬
‫و أما كتابه بداية التهد و ناية القتصد ‪ ،‬فهو كتاب ف الفقه القارن علـَى الـَذاهب السـَنية ‪ ،‬وصـَفه‬
‫الباحث ممحد عابـَد الـَابري بـَأنه كتـَاب ل نظيـَ لـَه فـَ الفقـَه القـَارن‪ . 4‬و ذهـَب الباحث حـَاد العبيدي‬
‫إل ـَ القـَـَول بـَـَأن ابـَـَن رشـَـَد‪-‬ف ـَ كتـَـَابه بدايـَـَة التهـَـَد‪ -‬ل ـَ يكـَـَن ينتصـَـَر لـَـَذهب المـَـَاما مالـَـَك ‪،‬و إنـَـَا عـَـَامله‬
‫كغيه مـَـَن الـَذاهب ‪ ،‬خلف الوفـَق بـَن قدامـَـَة القدسـَـَي‪-‬فـَ كتـَابه الغنـَـَ‪ -‬فـَإنه انتصـَـَر لـَـَذهب )) إمـَـَامه‬
‫احد بن حنبل و تيريجحه على الذاهب الخرى ‪ ،‬لكنه كان موضوعيا ((‪. 5‬‬

‫و قال أيضا ‪ :‬إن كان الفقيه أبو علي الروزي)ت ‪462‬ه( هو أول من تنبـَه إلـَ القواعـَد الفقهيـَة ‪،‬و‬
‫كتاب بداية التهد لـَ يكـَن موجهـَا إلـَ القواعـَد الفقهية أساسـَا ‪،‬و إنـَا كـَان موجهـَا إلـَ فقـَه اللف ‪،‬‬
‫فإن ابن رشد هو )) أول من كتب ف هذه القواعد ‪ ،‬ذلك لننا ل نعرف تأليفا ف هـَـَذا الفـَـَن لبـَ علـَـَي‬
‫صـَـَه بالتـَـَأليف هـَـَو العـَـَزج بـَـَن عبـَـَد السـَـَلما التـَـَوف سـَـَنة ‪ 660‬هجريـَـَة (( ‪،‬و‬
‫التشـَـَار إليـَـَه‪ .‬كمحـَـَا أن أول مـَـَن خ ي‬
‫بذلك يكون ابن رشد هو أسبق من عرف تلك القواعد بعد الروزي‪. 6‬‬

‫‪ 1‬سابق توثيق ذلك و مناقشته ‪.‬‬


‫‪ 2‬ابن رشد ‪ :‬الكشف ‪ ،‬مخل المحقق ‪ ،‬ص‪ . 69 :‬و الجابري ‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪. 104 ،103 :‬‬
‫‪ 3‬سابق عرض ذلك و توثيقه ‪.‬‬
‫‪ 4‬ابن رشد ‪ :‬فصل المقال ‪ ،‬مدخل المحقق ‪ ،‬ص‪. 7 :‬‬
‫‪ 5‬حماد العبيدي ‪ :‬ابن رشد و علوما الشريعة ‪ ،‬ص‪. 60 :‬‬
‫‪ 6‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 93 :‬‬
‫و أقول ‪ :‬أول ليس صحيحا مـَا قـَاله الـَابري مـَن أن بداية التهـَد لبـَن رشـَد ليـَس لـَه نظيـَ ‪ ،‬لن ابن‬
‫حـَزجما الظـَـَاهري )ت ‪456‬ه( كتـَـَب فـَ الفقـَـَه القـَـَارن ‪ ،‬ففـَـَي كتـَـَابه اليصـَـَال )‪ 24‬ملـَـَدا( ذكـَـَر فيـَـَه أقـَوال‬
‫الصحابة و التابعيم و الئامحـَة مـَـَن بعـَدهم ‪،‬و أورد معهـَـَا أدلتهـَا و حججهـَـَا ‪،‬و فـَ عرضـَـَه لـَـَا كـَان متهـَدا‬
‫تمرجحا ناقدا حرا ‪ .‬و نفس الطخريقة اتبعها ف كتابه الحلى)‪11‬ملـَـَدا( ‪،‬و لـَ يتوسـَـَع فيـَـَه كـَـَالول ‪ ،‬لكنـَـَه‬
‫ت‬
‫ذكر فيه فقه الصحابة و السلف و أئامحة الذاهب ‪ ،‬فهو فقه تمقارن أيضا‪. 1‬‬

‫و من ذلك أيضا ‪ :‬كتاب الغن للمحوفق بن قدامة القدسي )‪620-541‬ه ( الذي كـَان تمعاصـَرا‬
‫ت‬
‫لبن رشد )ت ‪595‬ه( ‪ ،‬تناول فيه الوفق الفقه السلمي من كل أبوابه على مذاهب الئامحة الربعة و‬
‫السلف الصال ‪،‬و قد توسع فيه بذكر القوال و الدلة حت بلغ الكتاب ‪ 12‬ملدا ‪ .‬و قد نال إعجـَـَاب‬
‫كبـَـَار الفقهـَـَاء ‪ ،‬حـَـَت قـَـَال فيـَـَه العـَـَزج بـَـَن عبـَـَد السـَـَلما ‪ )) :‬مـَـَا طـَـَابت نفسـَـَي بالفتيـَـَا حـَـَت صـَـَارت عنـَـَدي‬
‫ت ف ـَ كتـَـَب السـَـَلما ف ـَ العلـَـَم مثـَـَل الحلـَـَى و الجلـَـَى و‬ ‫نتسـَـَخة مـَـَن الغنـَـَ(( ‪،‬و قـَـَال أيضـَـَا ‪ )) :‬مـَـَا رأي ـَ ت‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫كتـَـَاب الغنـَ ((‪ . 2‬فلـَـَم يـَـَذكر مـَـَن بينهـَـَا كتـَـَاب البدايـَـَة و النهايـَـَة لبـَـَن رشـَـَد ‪ ،‬و قـَوله هـَـَذا شـَـَهادةا لـَـَا‬
‫ت‬
‫مكانتهـَـَا مـَـَن عـَـَال كـَـَبي تمتخصـَـَص فـَ الفقـَـَه السـَـَلمي ‪،‬و نـَـَن ل ننكـَـَر بـَـَأن للبدايـَـَة التهـَـَد قيمحـَـَة علمحيـَـَة‬
‫كبيةا ‪ ،‬لكننا أنكرنا على الابري قوله الذي قاله ف الكتاب ‪.‬‬

‫و ثآانيا إن ما ذهب إليه حادي العبيـَدي فيـَه تغليـَط و إجحاف فـَ حق الوفـَق بـَن قدامـَة ‪ ،‬و ذلـَك‬
‫أنه إذا صيح أن ابن رشد تعامل مع كل الذاهب الفقهية بطخريقة واحدةا من دون النتصار لـَذهب مالـَك‬
‫و ل لغيه من الذاهب ‪ ،‬فإن هذا ل يعن أنه غي تمتعصـَب ‪ ،‬و إنـَا يتعـَب عـَن حقيقـَة شخصـَية ابن رشـَد‬
‫الفلسـَـَفية الرسـَـَطخية ‪ .‬الفقـَـَه عنـَـَده اقـَـَل مرتبـَـَة بكـَـَثي مـَـَن فلسـَـَفته الرسـَـَطخية الـَـَت قـَيدمها حـَـَت علـَـَى الشـَريعة‬
‫صـَـَبة ‪ ،‬فقـَـَد كـَانت لـَه نزجعـَـَة أرسـَـَطخية‬
‫السـَلمية نفسـَـَها ‪ .‬فـَإذا لـَ تكـَن لـَـَه‪-‬أي ابـَن رشـَد‪ -‬نزجعـَة فقهيـَة تمتع ي‬
‫متعصـَـَبة ملكـَـَت عليـَـَه قلبـَـَه و عقلـَـَه ‪،‬و لـَ تـَـَتحك لـَـَه مـَـَال لتصـَريف تعصـَـَبه فـَ جهـَـَة أخـَـَرى ‪ ،‬حـَـَت أنـَـَه بلـَـَغ‬
‫غايـَـَة التعصـَـَب و الغلـَـَو عنـَـَدما اعتقـَـَد العصـَـَمحة ف ـَ أرسـَـَطخو و فلسـَـَفته ‪،‬و رفعـَـَه إل ـَ درجـَـَة اللئاكـَـَة ‪ .‬فهـَـَذا‬
‫الرجـَـَل هـَـَو مـَـَن كبـَـَار التعصـَـَبيم الغلةا فـَ العـَـَال ‪،‬و ل تيمحـَـَد ف ـَ عـَـَدما تعصـَـَبه لي مـَـَذهب مـَـَن الـَـَذاهب‬
‫الفقهيـَـَة ‪ ،‬لنـَـَا ف ـَ نظـَـَره ل تسـَـَتحق أن تيتعصـَـَب لـَـَا لنـَـَا ظإنيـَـَات و تمحينـَـَات و جـَـَدليات ل ترقـَـَى إل ـَ‬
‫درجـَـَة فلسـَـَته الرسـَـَطخية الـَـَت يزجعـَـَم أنـَـَا حقـَائاق و يقيمـَ و براهيمـَ ‪ ،‬لـَـَذا كـَـَان حياديـَـَا فـَ مـَـَوقفه مـَـَن تلـَـَك‬
‫الذاهب و ل يكن حياديا ف موقفه من فلسفته الرسطخية الظلمية الشركية ‪.‬‬
‫و أما ما قاله عـَن الوفـَق بـَن قدامـَة فإن هـَذا الرجـَل‪-‬أي الوفـَق‪ -‬كـَان تمتبعـَا للـَدليل فـَ اجتهـَاده ‪ ،‬و‬
‫ينصر مـَذهبه النبلي فيمحـَا ثآبـَت أن الـَق معـَه و ل يتجـَاوزه ‪،‬و يتبـَالغ جهـَده فـَ رد مـَا تيـَالفه ‪ .‬لكـَن إذا‬

‫‪ 1‬عمر ساليمان الشفقر ‪ :‬تاريخ الفقه السالمي ‪ ،‬قصر الكتاب ‪ ،‬البليدة ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ص‪ 122 :‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 126 :‬‬
‫ظإهـَ ـَـَر لـَ ـَـَه فـَ ـَ مسـَ ـَـَألة مـَ ـَـَا أن مـَ ـَـَذهبه ضـَ ـَـَعيف ‪،‬و الراء الخالفـَ ـَـَة لـَ ـَـَه راجحـَ ـَـَة عليـَ ـَـَه اتبعهـَ ـَـَا و بـَ ـَـَرر صـَ ـَـَحتها‬
‫بالـَـَدليل‪،‬و ل يتـَـَدافع ع ـَـَن مـَـَذهبه‪ .‬م ـَـَن ذلـَـَك أن ـَـَه اختـَـَار فـَ ـَ مس ـَـَألة ص ـَـَلةا القصـَـَر –بع ـَـَد ذكـَـَره للدلـَـَة و‬
‫مناقشتها‪ -‬إباحة صلةا القصر لكل مسـَافر دون تديـَد لسـَافة ‪.‬و هـَذا يثخـَالف ظإـَاهر مـَذهبه النبلي ‪،‬‬
‫لن الراجـَـَح عنـَـَدهم تديـَـَدها‪ . 1‬و هـَـَذا الـَـَذي ذكرنـَـَاه أغفلـَـَه البـَـَاحث حـَـَاد العبيـَـَدي ‪،‬و مـَـَا كـَـَان لـَـَه أن‬
‫يغفله ‪ ،‬لنه ضروري لنصاف الرجل ‪.‬‬

‫و أما قوله الثان فل يصح ‪ ،‬لن السـَلمحيم تنبيهـَوا للقواعـَد الفقهيـَة تمبكـَرا منـَذ صـَدر السـَلما و مـَا‬
‫بعده ‪ ،‬عندما رأوا كثيا من النصوصا الشرعية جامعة تمحـَل العـَـَان الكـَثيةا فـَ ألفـَـَاظ قليلـَة ‪ ،‬حـَت أن أبـَا‬
‫داود السجسـَـَتان )ق ‪3 :‬ه (‪-‬صـَـَاحب السـَـَنن‪ -‬ذكـَـَر أن الحـَـَاديث الـَـَت يـَـَدور عليهـَـَا السـَـَلما أربعـَـَة ‪،‬‬
‫منهـَـَا قـَوله –عليـَـَه الصـَـَلةا و السـَـَلما‪)) : -‬إنـَـَا العمحـَـَال بالنيـَـَات و إنـَـَا لكـَـَل امرىـَـَء مـَـَا نـَـَوى فمحـَـَن كـَـَانت‬
‫هجرته إلـَ دنيـَا يصيبها أو إلـَ امـَرأةا ينكحهـَا فهجرتـَه إلـَ مـَا هـَاجر إليـَه ((‪ ، 2‬و )) اللل بييمـَ و الـَراما‬
‫بييم ‪،‬و بينهمحا مشبهات ل يعلمحها كثي من الناس ‪. 3((...‬‬
‫و أما الذين كتبوا ف القواعد الفقهية قبل ابن رشد ‪ ،‬فمحنهم ‪ :‬أبو طاهر الـَدباس )ق‪4 :‬ه (و الفقيـَـَه‬
‫الكرخـَـَي النفـَـَي)ق‪4 :‬ه( ‪،‬و الفقيـَـَه أبـَـَو زيـَـَد الدبوسـَـَي النفـَـَي )ت ‪430‬ه ( ألـَـَف كتابـَـَا فـَ ـَ القواعـَـَد‬
‫الفقهية ساه ‪ :‬تأسيس النظر‪. 4‬‬
‫و أما بالنسبة لؤلفات ابن رشد الشروحة و اللخصة فهـَي كـَثيةا جـَدا ‪ ،‬قتـَدر الشـَـَروح منهـَـَا ب‪38 :‬‬
‫كتابا معظمحها لرسطخو طاليس‪ . 5‬و كانت الغاية منهـَا خدمـَة الفلسـَفة عامـَة و الرسـَطخية خاصـَة ‪ ،‬مـَع‬
‫الـَـَرصا علـَـَى اسـَـَتخداما السـَـَلما وسـَـَيلة لتحقيـَـَق تلـَـَك الغايـَـَة ‪ ،‬حـَـَت أنـَـَه كـَـَان يتصـَـَرف ف ـَ بعـَـَض السـَـَاء‬
‫اليونانية‪-‬الت يريد شرحها‪ -‬إل حد التحريف ‪ ،‬فيعطخي لبعضها تسمحية إسلمية و تيقيرب مضامينها تقريبا‬
‫إسلميا ‪ ،‬فجعل من )) الطلس الله اليونان دملكاد (( ‪،‬و أيول )) اسم النس‪ :‬الله بعن الفلك ((‪. 6‬‬
‫و ل شـَـَك أن تلـَـَك الصـَنفات قـَد أخـَـَذت منـَـَه جهـَـَودا كـَبيةا و أوقاتـَا كـَثيةا و ثينـَة ‪ ،‬و كـَـَان ضـَررها‬
‫أكب من نفعها ‪،‬و ل يكن السلما و السلمحون ف حالة ضرورةا إل معظم تلك الصـَـَنفات ‪ .‬و قـَـَد فـَيوت‬
‫على نفسه –بتلك العمحال‪ -‬مال واسعا ف النقد و البداع ‪ ،‬فلو أنه اتبع منهجا شرعيا صحيحا أقـَـَامه‬
‫على النقل الصحيح و العقل الصريح و العلم الصـَـَحيح ‪،‬و تـَـَاوز الرسـَـَطخية و لـَ يكـَـَن أسـَيا لـَـَا ‪ ،‬لبـَـَدع‬
‫ف الفكر الفلسفي ‪ ،‬و جاء بالنافع الفيد لنفسه و دينه و أمته و النسانية جعـَـَاء ‪ .‬لكنـَـَه لـَ يفعـَـَل ذلـَـَك‬

‫‪ 1‬عبد ا بن منيع ‪ :‬كتاب المغني لبن قدامة ‪ ،‬مجلة الدارة ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬العدد الثاني ‪ ،‬السنة الثالثة ‪ ،1397 ،‬ص‪ . 357 :‬و ابن قدامة‬
‫المقدساي ‪ :‬التمغني و بهامشه الشرحا الكبير ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الحديث القاهرة ‪ ،1996 ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 546 :‬‬
‫‪ 2‬البخاري ‪ :‬الصحيح ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ ، 3 :‬رقم الحديث ‪. 2 :‬‬
‫‪ 3‬نفس المصدر ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ ، 28 :‬رقم الحديث ‪ . 52 :‬و عمر ساليمان الشقر ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 131 :‬‬
‫‪ 4‬عمر ساليمان الشقر ‪ :‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪. 134 :‬‬
‫‪ 5‬مراد وهبة ‪ :‬ابن رشد و التنوير ‪ ،‬ص‪. 63 :‬‬
‫‪ 6‬طه عبد الرحمن ‪ :‬لغة ابن رشد الفلسفية ‪ ،‬ندوة ابن رشد بجامعة محمد الخامس ‪ ،‬ص‪. 197 :‬‬
‫و ذهبت معظم جهوده فيمحا ل ينفع ‪ ،‬و فيمحا ضرره أكثر مـَن نفعـَه و صـَدق عليـَه قـَوله تعـَال ‪)) :‬الـَتذيدن‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫صـَأنعاد ((‪-‬سـَورةا الكهـَف ‪ . - 104 :‬و تلـَك‬ ‫ضلل دسأعيتـَتهأم تف األددياةا الـَمدنأـَديا دوتهـَأم دأيدس تبودن أدنـَلتهـَأم تأيس تنودن ت‬
‫د‬
‫الص ـَـَنفات ش ـَـَاهدةا عل ـَـَى أن ه ـَـَوى اب ـَـَن رش ـَـَد‪ -‬فـَ ـَ م ـَـَال الت ـَـَأليف‪ -‬ك ـَـَان م ـَـَع الفلس ـَـَفة اليوناني ـَـَة عام ـَـَة و‬
‫الرسطخية خاصة ‪،‬و ل يكن هواه مـَع شـَريعة السـَـَلما ‪ ،‬و الـَ تعـَال يقـَول ‪)) :‬ومـَن أد ت‬
‫ضـَمل مـَلتن اتلـَبدـَدع دهـَدواهت‬
‫دد أ د‬
‫تت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫يم ((‪-‬سورةا القصص ‪. - 50 :‬‬ ‫بتغد أتي تهددى بمدن الله إتلن اللهد دل يدـَأهدي الأدقأودما اللظالمح د‬
‫و تيلحظ على مؤلفات ابن رشد الكلمية و الفلسفية ملحظات انتقادية كثيةا ‪ ،‬منها إن ابن رشـَـَد‬
‫لـَ ـَ يكـَـَن صـَـَريا فـَ ـَ كـَـَل مـَـَا كتبـَـَه فـَ ـَ مؤلفـَـَاته العامـَـَة ‪ ،‬كفصـَـَل القـَـَال ‪،‬و الكشـَـَف ‪،‬و التهـَـَافت ‪ ،‬فقـَـَد‬
‫اسـَتخدما التغليـَط و التلـَبيس ‪ ،‬و التأويـَل التحريفـَي ‪،‬و عـَدما الفصـَاح عـَن بعـَض مـَواقفه صـَراحة ‪ .‬و هـَـَذا‬
‫أمر اعتحف به ابن رشد نفسه ‪ ،‬عندما ذكر أن تأويلت الفلسـَـَفة و براهينهـَـَم يـَـَب عـَـَدما الفصـَـَاح عنهـَـَا‬
‫ف ـَ الكتـَـَب العامـَـَة ‪،‬و مـَـَن أرادهـَـَا فليطخلبهـَـَا ف ـَ كتـَـَب الفلسـَـَفة الاصـَـَة ‪ .‬كمحـَـَا أنـَـَه أظإهـَـَر فيهـَـَا‪-‬أي كتـَـَب‬
‫المحهور‪ -‬مواقف خالفها صـَراحة فـَ مصـَـَنفاته الفلسـَـَفية الاصـَـَة ‪ ،‬كمحـَـَوقفه مـَن خلـَق العلـَم ‪،‬و الصـَـَفات‬
‫اللية ‪،‬و العاد الخروي ‪.‬‬
‫و اللحظة الثانية مفادها أن كتبه العامة و الاصة تشهد على أنه كان مـَزجدوج الطخـَاب و الشخصـَية‬
‫‪ ،‬و هـَـَذا واضـَـَح جـَـَدا فـَ بعـَـَض مـَواقفه الفكريـَـَة التناقضـَـَة ‪ ،‬و أقـَواله الـَـَت اعـَـَتحف فيهـَـَا بـَـَأنه تيفـَـَي تـَـَأويلته‬
‫عـَـَن المحهـَـَور ‪،‬و مـَـَن أرادهـَـَا فليطخلبهـَـَا فـَ كتبـَـَه الفلسـَـَفية ‪ .‬فهـَـَذا الرجـَـَل لـَـَه شخصـَـَيتان و حطخابـَـَان ‪ ،‬لكـَـَل‬
‫شخصية خطخابا الذي تيناسبها ‪،‬و هذا أمر خطخي و قادح ف شخصية ابن رشد و نزجاهته ‪.‬‬
‫و الثالثـَـَة مفادهـَـَا أن كل مـَـَن كتبـَـَه العامـَـَة و الاصـَـَة ضـَـَرورية للغايـَـَة لـَـَن أراد أن يعـَـَرف حقيقـَـَة هـَـَذا‬
‫الرجل و فكـَره ‪ ،‬فل يصـَح أبـَدا العتمحـَاد علـَى نـَوع و إهـَال الخـَر ‪ .‬لن فـَ كـَل صـَنف نـَد حقـَائاق ل‬
‫ندها ف الصنف الثان ‪،‬و ها تمتكاملن كل منهمحا يكشف جانبا من شخصية ابن رشد و فكره ‪.‬‬
‫ت ف قوائام مؤلفـَـَات ابـَن رشـَد‪ 1‬فلـَم أعـَثر لـَـَه علـَـَى كتـَـَاب خصصـَه‬ ‫و اللحظة الرابعة مفادها أنن بث ت‬
‫لنقد الفلسفة الرسـَطخية الشـَائاية فـَ طبيعياتـَا و إلياتـَا و منطخقهـَا ‪ .‬و ل عثرت لـَه أيضـَا علـَى كتـَاب فـَ‬
‫طبيعات الشرع و إلياته و طرقه الستدللية ‪ .‬و هذه اللحظة هامة جدا تتبيم أن الرجـَل مـَا كـَان يمحل‬
‫بـَـَديل شـَـَرعيا فـَ الفلسـَـَفة ‪،‬و ل كـَـَان قـَـَادرا علـَـَى نقـَـَد تلـَـَك الفلسـَـَفة الظلميـَـَة الشـَـَركية الخالفـَـَة للشـَـَرع و‬
‫العقل و العلم ‪.‬‬
‫و آخرها‪-‬أي اللحظة الامسة‪ -‬إنه يبدو ل أن أهم الهداف الت كان ابن رشد يرجوها مـَن كـَثرةا‬
‫مؤلفاته هي أربعة أهداف ‪ ،‬أولا خدمة الفلسفة الرسطخية الشائاية خدمة شاملة بإحيائاهـَـَا و الـَدفاع عنهـَا‬
‫‪،‬و بالنتصـَـَار لـَـَا و الـَـَدعوةا إليهـَـَا ‪ .‬و ثآانيهـَـَا هـَـَو تقريـَـَر العلقـَـَة بيمـَ ـَ الشـَ ـَريعة و الفلسـَـَفة بطخريقـَـَة تضـَـَمحن‬

‫‪ 1‬أنظر مثل ‪ :‬محمد عمارة ‪ :‬المادية و المثالية ‪ ،‬ص‪ 99 :‬و ما بعدها ‪ .‬و بركات محمد مراد ‪ :‬تأملت في فلسفة ابن رشد ‪ ،‬ص‪31-24 :‬‬
‫‪ .‬و عبد ا الدفاع ‪ :‬العلوما البحتة في الحضارة العربية السالمية ‪ ،‬ص‪. 97-96 :‬‬
‫للفلسفة مكانتها و اعـَتحاف الـَدين و التمحـَع بـَا مـَـَن جهـَة ‪،‬و توظإيـَـَف الشـَرع لـَـَدمتها بالتأويـَل التحريفـَي‬
‫الباطن من جهة أخرى ‪.‬‬
‫و الدف الثالث هو تلبية رغبة السلطخان الوحدي أب يوسف يعقوب الذي أمره يرفع القلق عن كتـَـَب‬
‫أرسـَـَطخوطاليس‪ 1‬مـَـَن جهـَـَة ‪،‬و خدمـَـَة الدولـَـَة الوحديـَـَة الـَـَت عـَـَاش ف ـَ كنفهـَـَا و حايتهـَـَا مـَـَن جهـَـَة أخـَـَرى ‪،‬‬
‫كتأليفه لكتاب ساه ‪ :‬شرح عقيدةا الماما الهدي‪، 2‬و هو ابن تومرت مؤسس تلك الدولة ‪.‬‬
‫و الدف الخي‪ -‬أي الرابع‪ -‬هو التأليف ف الفقه السلمي ‪ ،‬بكـَم أنـَه يتـَـَاج إليـَه هـَـَو و أعـَوانه فـَ‬
‫مارسته للقضاء من جهة ‪،‬و تكون له تمشاركة ف العلوما السلمية من جهة أخـَرى ‪ .‬هـَذا مـَا بـَدا لـَ مـَن‬
‫أهداف ابن رشد ف تاليفه لصنفاته ‪ ،‬و ال أعلم بقيقة نواياه ‪.‬‬
‫و ختاما لذا الفصل‪ -‬السابع و هو الخي‪ -‬تيستنتج منه أن وصف فكـَـَر ابـَن رشـَـَد بصـَـَفات إيابيـَـَة‬
‫بأنه عقلن ‪ ،‬و تنوري ‪،‬و نقـَدي ‪ ،‬و اجتهـَادي ‪،‬و أنـَه أحـَدثَ ثآـَورةا فـَ الفكـَر الفلسـَفي ‪ ،‬هـَي أوصـَاف‬
‫ل تصح على إطلقها ‪،‬و تمبالغ فيها جدا ‪،‬و ل تصدق على فكره كصفات أساسـَية ثآابتة و شـَاملة ‪ ،‬و‬
‫إنا يصدق بعضها كصفات استثنائاية مدودةا جزجئاية ‪،‬و خلفها هو الصل الذي تيييزج فكره ‪.‬‬
‫و هو أيضا فكر سلب تمتعصب مغال مهزجوما ‪،‬و فيه خطخر على الشـَـَرع و العقـَـَل ‪ ،‬و العلـَم و الفلسـَـَفة‬
‫‪،‬و علـَـَى ابـَـَن رشـَـَد نفسـَـَه الـَـَذي هـَـَو أول ضـَـَحية لـَـَه ‪ .‬لـَـَذا يـَـَب التحـَـَذير مـَـَن فكـَـَر هـَـَذا الرجـَـَل و كشـَـَف‬
‫حقيقته للناس ‪.‬‬

‫و تـَـَبييم أيضـَـَا أن تراثآـَـَه العلمحـَـَي هـَـَو فـَ معظمحـَـَه تـَراثَ فلسـَـَفي أرسـَـَطخي مـَـَوجه مـَـَذهبيا لدمـَـَة الفلسـَـَفة‬
‫الرسطخية الشائاية الت ملكت على ابن رشد عقلـَه و قلبـَه ‪ .‬و هـَو مـَن جهـَة أخـَرى فكـَر مـَزجدوج الطخـَاب‬
‫لحتواء السلما بالتأويل التحريفي ف مواضيع يقتضـَـَي الـَـَال تأويلهـَـَا ‪ ،‬أو لبعـَـَاده و إغفـَـَاله و السـَـَكوت‬
‫عنه ف مواضيع أخرى خدمة لشروعه الفلسفي الرسطخي ‪.‬‬

‫‪ 1‬الجابري ‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬ص‪ 89 :‬و ما بعدها ‪.‬‬


‫‪ 2‬هذا الكتاب تيوجد منه مخطوط في مكتبة الساكور بأسابانيا ‪ .‬محي الدين عطية ‪ :‬بيبلوغرافيا ‪ ،‬مجلة إسالمية المعرفة ‪ ،‬العدد ‪. 17‬‬
‫‪..........................................................‬‬

‫الاتة‬
‫صلت أيضا‬ ‫بيينت دراستنا النقدية لفكر الفيلسوف ابن رشد الفيد حقائاق كثيةا و متنوعة ‪ ،‬و تو ي‬
‫إلـَ نتائاـَـَج هامـَـَة تضـَيمحنتها ثآنايـَـَا كتابنـَـَا هـَـَذا ‪ ،‬منهـَـَا إن ابـَـَن رشـَـَد –فـَ تـَـَأويله للشـَريعة‪ -‬لـَ يأخـَـَذ بـَـَالعن‬
‫الصـَـَحيح للتأويـَل الوافـَق للشـَرع و اللغـَة العربيـَة الـَت نـَزجل بـَا القـَـَرآن الكريـَ مـَـَن جهـَة ‪،‬و لـَ يكـَـَن لـَه دليـَل‬
‫صحيح ف استخدامه للتأويل الباطن بدعوى تعارض النصوصا و أن ظإاهرها كفر يب تـَـَأويله مـَـَن جهـَـَة‬
‫أخـَـَرى ‪ .‬فطخعـَـَن بـَـَذلك ف ـَ الشـَـَرع بـَـَدعوى التعـَـَارض ‪،‬و حيرفـَـَه بتـَـَأويله البـَـَاطن لـَـَه ‪ ،‬المـَـَر الـَـَذي أوقعـَـَه ف ـَ‬
‫تناقضات كثيةا تتعلق بالصفات و خلق العلم و العاد الخروي ‪.‬‬
‫و منهـَـَا أيضـَـَا أنـَـَه أظإهـَـَر القـَـَول بـَـَالقيقتيم لغايـَـَة فـَ نفسـَـَه يتريـَـَد الوصـَـَول إليهـَـَا‪ ،‬و قـَـَد أفصـَـَح عنهـَـَا فـَ‬
‫تقريره للعلقـَة بيمـَ الشـَريعة و الفلسـَـَفة ‪،‬و إل فهـَو ل يقـَـَول إل بالقيقـَة الواحـَـَدةا فـَ اعتقـَـَاده الـَداخلي ‪،‬و‬
‫التمحثلة ف الفلسفة الرسطخية ‪ ،‬فهي عنـَده القـَول الفصـَل ‪،‬و القيقـَة الـَت ليـَس بعـَدها حقيقـَة‪ ،‬و كـَل مـَا‬
‫خالفها فهو باطل يب رفضه ‪،‬و أما إن توجد ف الشرع مـَـَا تيالفهـَـَا فيتـَؤيول ليتفـَق معهـَـَا أو تيغفـَل و تيهمحـَـَل‬
‫‪.‬‬
‫و تبييم أيضا أن ابن رشد أخطخأ ف معظم ما قـَاله فـَ الصـَـَفات الليـَة ‪ ،‬تمالفـَـَا بـَذلك الشـَرع و العقـَل‬
‫معـَـَا ‪ ،‬بسـَـَبب خلفيتـَـَه التأويليـَـَة التحريفيـَـَة الرسـَـَطخية الش ـَائاية الزجدوجـَـَة الطخـَـَاب ‪ ،‬الـَـَت أوصـَـَلته إل ـَ القـَـَول‬
‫بتعـَـَدد اللـَـَة و اعتقـَـَاد الشـَـَرك ‪،‬و ذلـَـَك عنـَـَدما زعـَـَم أن العقـَـَول الفارقـَـَة هـَـَي كائانـَـَات عاقلـَـَة أزليـَـَة أبديـَـَة‬
‫خالدةا ذات طبيعة إلية ‪،‬و لا تصرف ف تسيي العال !! ‪.‬‬
‫و منها أنه خالف الشرع السلمي تمالفة صرية عندما قال بأزلية العـَـَال و أبـَـَديته ‪،‬و زعـَم أن الشـَرائاع‬
‫كلهـَـَا صـَـَحيحة ‪ ،‬و أنكـَـَر العـَـَاد الخـَـَروي فـَ بعـَـَض كتبـَـَه الفلسـَـَفية ‪ ،‬و نفـَـَى كـَـَثيا مـَـَن الصـَـَفات الليـَـَة‬
‫كصفت العلم و الرادةا ‪.‬‬
‫و مـَـَن تلـَـَك النتائاـَـَج أيضـَـَا أنـَـَه ل ـَ يتعـَـَط للسـَـَنة النبويـَـَة مكانـَـَا الصـَـَحيح اللئاـَـَق بـَـَا كمحصـَـَدر أساسـَـَي‬
‫للسلما بعد القرآن الكري ‪ .‬فلم يتوسع ف العتمحاد عليهـَا ‪،‬و أهلهـَا فـَ مواضـَع يفـَرض عليـَه القـَاما ذكـَر‬
‫الحـَـَاديث التعلقـَـَة بـَـَا ‪ .‬علمحـَـَا بـَـَأن الحـَـَاديث الـَـَت ذكرهـَـَا كـَـَثي منهـَـَا أيولـَـَه تـَـَأويل أرسـَـَطخيا تريفيـَـَا خدمـَـَة‬
‫لذهبيته الفلسفية ‪.‬‬
‫و منها كذلك أنه تبييم أن ابن رشد كان شديد التعصب و الغلو ف أرسطخو و فلسفته ‪ ،‬حت أخرجه‬
‫ذلك عن حدود الشرع و العقل عندما اعتقد العصمحة ف أرسـَطخو و فكـَره ‪،‬و اعتقـَد فيـَه الكمحـَال ‪،‬و رفعـَه‬
‫إل مرتبة اللئاكة ‪ .‬فبيينت دراستنا بطخلن ذلك كله ‪،‬و أثآبتت أن الفلسفة الرسـَـَطخية هـَـَي فلسـَـَفة ظإلميـَـَة‬
‫شركية مليئِّة بالخطخاء و الرافات و الباطيل ‪،‬و ليس فيها من الصواب إل القليل ‪.‬‬

‫و تـَـَبييم أيضـَـَا أن ابـَـَن رشـَـَد – ف ـَ تقريريـَـَه للعلقـَـَة بيم ـَ الش ـَريعة و الفلسـَـَفة‪ -‬نظـَيـَر و قنـَـَن للعلمحانيـَـَة‬
‫الفكريـَـَة الـَـَت تعن ـَ فصـَـَل السـَـَلما عـَـَن الفكـَـَر الفلسـَـَفي مـَـَن أن يتـَـَدخل ف ـَ تـَـَوجيهه و انتقـَـَاده و تقـَـَويه ‪.‬‬
‫ففصل تلك الفلسفة عن الشرع و قيدمها عليه ‪،‬و جعله خادما لا ‪ .‬و هـَذا هـَو سـَبب اهتمحـَاما العلمحـَانييم‬
‫العاصرين ابن رشد و فكره ‪ ،‬فقيدموه للعال على أنه فيلسوف كبي ‪،‬و فقيه بارع ‪،‬و عقلن تنـَـَويري ثآـَائار‬
‫‪ ،‬و بالغوا ف نفخه و تعظيمحه ليس من أجل السلما و السلمحيم ‪،‬و إنا من أجل توظإيف فكره العلمحان‬
‫للنفلت من الشرع ‪،‬و الطخعن فيه ‪،‬و تشويش فهم السلمحيم لدينهم باسم ابن رشد و الرشدية ‪.‬‬
‫و أخيا إنه تبييم أن فكر ابن رشد الفلسفي هو فكر تمتعصب مهزجوما ليس فيه من الصائاص اليابية‬
‫إل القليـَل الزجئاـَي السـَتثنائاي ‪،‬و قد غلبـَت عليـَه الصـَائاص السـَلبية الت هـَي صـَفات أساسـَية فـَ فكـَره ‪،‬‬
‫كالتعصـَـَب و الغلـَـَو ‪،‬و التحريـَـَف و التغليـَـَط ‪ ،‬و السـَـَلبية و العجـَـَزج ‪،‬و الزدواجيـَـَة ف ـَ الطخـَـَاب و ضـَـَعف‬
‫النقـَـَد‪ .‬لكـَـَن الغريـَـَب فـَ المـَـَر أن كـَـَثيا مـَـَن البـَـَاحثيم العاصـَرين أغمحضـَوا أعينهـَـَم عـَـَن الـَـَانب السـَـَلب مـَـَن‬
‫فكـَـَر ابـَـَن رشـَـَد ‪،‬و بـَـَالغوا ف ـَ تضـَـَخيم إيابيـَـَاته القليلـَـَة و الزجئايـَـَة ‪ ،‬حـَـَت تـَـَاوزوا الـَـَدود ف ـَ ذلـَـَك و دليلـَـَوه‬
‫تدليل ‪،‬و نفخوه نفخا حـَت أصـَـَبح هـَـَو الفيلسـَوف الـَدلل عنـَدهم ‪ .‬مـَع أن القيقـَـَة خلف ذلـَـَك تامـَـَا ‪،‬‬
‫لن هـَـَذا الرجـَـَل‪-‬أي ابـَـَن رشـَـَد‪ -‬كـَـَان كـَـَثي الخطخـَـَاء و النرافـَـَات ‪،‬و ارتكـَـَب جنايـَـَات ف ـَ حـَـَق دينـَـَه و‬
‫أمته و النسانية عامة ‪ ،‬المـَر الـَذي يتـَم علينا كشـَف حقيقـَة هـَذا الرجـَل للنـَاس ‪،‬و تـَذيرهم مـَن فكـَره‬
‫الفلسفي الظلمي السمحوما ‪.‬‬

‫ت و ل المحد أول و أخيا ‪.‬‬

‫د‪/‬خالد كبي علل – الزجائار ‪ 7:‬رجب ‪22 /1428‬جويلية ‪. 2007‬‬


‫‪..............................................................................‬‬

‫المصادر و المراجع ‪:‬‬


‫‪-1‬القرآن الكري ‪.‬‬
‫‪-2‬ابن العمحاد النبلي ‪ :‬شذرات الذهب ‪ ،‬حققه ممحود الرناؤوط ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬دار ابن كثي ‪1991 ،‬‬
‫‪.‬‬
‫‪-3‬ابن منظور ‪ :‬لسان العرب ‪ ،‬ط ‪ ، ، 1‬دار صادر بيوت ‪.‬‬
‫‪-4‬ابن كثي ‪ :‬تفسي القرآن العظيم ‪ ، ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيوت ‪. 1401‬‬
‫‪-5‬ابن تيمحية ‪ :‬دقائاق التفسي ‪ ،‬حققه ممحد السيد الليند ‪ ،‬مؤسسة علوما القرآن ‪ ،‬دمشق ‪.1404 ،‬‬
‫‪-6‬ابن تيمحية ‪ :‬درء التعارض بيم العقل و النقل ‪ ،‬تقيق ‪ :‬ممحد رشاد سال ‪ ،‬دار الكنوز الدبية ‪-‬‬
‫الرياض ‪. 1391 ،‬‬
‫‪-7‬ابن تيمحية ‪ :‬بيان تلبيس الهمحية ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬تقيق ‪ :‬ممحد بن عبد الرحن بن قاسم ‪ ،‬مطخبعة‬
‫الكومة ‪ -‬مكة الكرمة ‪. 1392 ،‬‬
‫‪-8‬ابن تيمحية الواب الصحيح لن بدل دين السيح ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار العاصمحة ‪ ،‬الرياض ‪.1414 ،‬‬
‫‪-9‬ابن قيم الوزية ‪ :‬مفتاح دار السعادةا ‪ ،‬دار الكتب العلمحية ‪ ،‬بيوت ‪.‬‬
‫‪ -10‬ابن قيم الوزية ‪ :‬الصواعق الرسلة ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬تقيق ‪ :‬د‪ .‬علي بن ممحد الدخيل ال ‪ ،‬دار‬
‫العاصمحة – الرياض ‪. 1998 - 1418،‬‬
‫‪-11‬ابن قيم الوزية ‪ :‬إغاثآة اللهفان ‪ ،‬دار العرفة ‪ ،‬بيوت ‪. 1975 ،‬‬
‫‪-12‬ابن قيم الوزية ‪ :‬التبيان ف أقساما القرآن ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيوت ‪.‬‬
‫‪-13‬ابن سلما ‪ :‬غريب الديث ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬تقيق ‪ :‬د‪ .‬ممحد عبد العيد خانج ‪ ،‬دار الكتاب العرب –‬
‫بيوت ‪. 13962 ،‬‬
‫‪-14‬ابن رشد ‪ :‬فصل القال ف تقرير ما بيم الشريعة و الكمحة من التصال ‪ ،‬حققه ممحد عابد‬
‫الابري ‪ ،‬ط ‪ ، 3‬مركزج دراسات الوحدةا العربية ‪ ،‬بيوت‬
‫‪-15‬ابن رشد ‪ :‬الكشف عن مناهج الدلة ف عقائاد اللة ‪ ،‬ط ‪ ، ، 2‬مركزج دراسات الوحدةا العربية ‪،‬‬
‫بيوت ‪. 2001‬‬
‫‪-16‬ابن رشد ‪ ،‬تافت التهافت ‪ ،‬حققه صلح الدين الواري ‪ ،‬الكتبة العصرية ‪ ،‬بيوت ‪.2006 ،‬‬
‫‪-17‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص ما بعد الطخبيعة ‪ ،‬حققه عثمحان أميم ‪ ،‬مكتبة الباب اللب ‪ ،‬القاهرةا ‪1958 ،‬‬
‫‪.‬‬
‫‪-18‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص السمحاء و العال ‪،‬حققه جال الدبن العلوي ‪ ،‬منشورات كلية الداب بفاس‪.‬‬
‫‪-19‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص الس و السوس ‪ ،‬حققه ه جاتيه ‪ ،‬فيسبادن‪.1961 ،‬‬
‫‪-20‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص كتاب الدل ‪ ،‬حققه تشالزج بتحوثَ ‪ ،‬اليئِّة الصرية العامة للكتاب ‪ ،‬القاهرةا‬
‫‪-21‬ابن رشد ‪ :‬الثآار العلوية ‪ ،‬حققه سهي فضل ال ‪ ،‬اليئِّة الصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرةا‪1994 ،‬‬
‫‪.‬‬
‫‪-22‬ابن رشد ‪:‬تلخيص الثآار العلوية ‪ ،‬حققه حال الدين العلوي‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الغرب السلمي‪،‬‬
‫بيوت ‪.‬‬
‫‪-23‬ابن رشد ‪ :‬جوامع الكون و الفساد ‪ ،‬اليئِّة الصرية العامة للكتاب ‪ ،‬مصر ‪.‬‬
‫‪-24‬ابن رشد ‪ :‬رسائال ابن رشد الطخبية ‪ ،‬حققه سعيد زايد ‪ ،‬و جورج قنوات ‪ ،‬اليئِّة الصرية العامة‬
‫للكتاب ‪ ،‬القاهرةا ‪. 1987 ،‬‬
‫‪-25‬ابن رشد ‪ :‬تلخيص السياسة لفلطون ‪،‬ترجة حسن ميد العبيدي و فاطمحة كاظإم الذهب‪ ،‬ط ‪1‬‬
‫‪ ،‬دار الطخليعة ‪ ،‬بيوت ‪. 1998 ،‬‬
‫‪-26‬ابن قدامة القدسي ‪ :‬الغن و بامشه الشرح الكبي ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الديث القاهرةا ‪.‬‬
‫ت‬
‫‪-27‬ابن قدامة القدسي ‪ : :‬ذما التأويل ‪ ،‬حققه بدر بن عبد ال البدر ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬ضمحن ممحوع سلسلة‬
‫عقائاد السلف) ‪ ، (3-1‬الكويت ‪ ،‬دار ابن الثآي ‪. 1995 ،‬‬
‫‪-28‬ابن حزجما ‪ :‬الفصل ف اللل و الهواء و النحل ‪ ،‬مكتبة الاني القاهرةا ‪.‬‬
‫‪-29‬ابن الثآي ‪ :‬النهاية ف غريب الديث و الثآر ‪ ،‬الكتبة العلمحية ‪ ،‬بيوت ‪. 1979 ،‬‬
‫‪-30‬ابن الوزي‪ :‬العلل التناهية ‪ ،‬ط! ‪ ،‬دار الكتب العلمحية ‪ ،‬بيوت ‪.‬‬
‫‪-31‬ابن منظور الفريقي‪ :‬لسان العرب ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار صادر‪ ،‬بيوت ‪.‬‬
‫‪ -32‬أبو بكر الرازي‪ :‬متار الصحاح ‪ ،‬ط ‪ ، 4‬الزجائار ‪ ،‬دار الدى ‪1990 ،‬‬
‫‪-33‬أبو داود السجستان‪ :‬السنن ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيوت ‪.‬‬
‫‪-34‬أرسطخو ‪ :‬كتاب الطخبيعة ‪ ،‬حققه عبد الرحن بدوي‪ ،‬الدار القومية للطخباعة و النشر ‪. 1965 ،‬‬
‫‪-35‬أرسطخو ‪ :‬كتاب طبائاع اليوان البي و البحري ‪ ،‬القالة الرابعة عشر ‪ ،‬حققته عزجةا ممحد سال ‪،‬‬
‫اليئِّة الصيةا العامة للكتاب ‪ ،‬القاهرةا ‪. 1985 ،‬‬
‫‪-36‬البخاري ‪ :‬الصحيح ‪ ،‬حققه مصطخفى ديب البغا ‪ ،‬دار ابن كثي ‪ ،‬بيوت ‪. 1987 ،‬‬
‫‪-37‬اليان شهاب الدين‪ :‬البيان ف تفسي غريب القرآن ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الصحابة ‪ ،‬القاهرةا ‪.‬‬
‫‪-38‬الذهب‪ :‬ميزجان العتدال ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الكتب العلمحية ‪ ،‬بيوت ‪. 1995 ،‬‬
‫‪-39‬الذهب ‪:‬تذكرةا الفاظ ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الصمحيعي ‪ ،‬الرياض‪. 1415 ،‬‬
‫‪ -40‬الذهب ‪ :‬سي أعلما النبلء ‪ ،،‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬بيوت ‪.‬‬
‫‪-41‬السيوطي‪ :‬الدرر النتثرةا ف الحاديث الشتهرةا ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار العربية ‪ ،‬بيوت‪.‬‬
‫‪-42‬الشريف الرجان ‪ :‬كتاب التعريفات ‪ ،‬بيوت ‪ ،‬دار الكتب العلمحية ‪. 1995 ،‬‬
‫‪-43‬الشهرستان ‪ :‬اللل و النحل ‪ ،‬دار العرفة ‪ ،‬بيوت ‪. 1404 ،‬‬
‫‪-44‬ممحد باء الزجركشي ‪ :‬التذكرةا ف الحاديث الشتهرةا ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الكتب‬
‫‪-45‬مسلم ‪ :‬الصحيح ‪ ،‬حققه فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬دار إحياء التحاثَ العرب – بيوت ‪.‬‬
‫‪-46‬الطخبي ‪ :‬تفسي الطخبي ‪،‬بيوت ‪ ،‬دار الفكر ‪. 1405 ،‬‬
‫‪ -47‬القرطب ‪ :‬تفسي القرطب ‪،‬حققه احد البدون ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬القاهرةا ‪ ،‬دار الشعب ‪. 1372 ،‬‬
‫الراجع ‪:‬‬
‫‪-48‬إبراهيم تركي‪ :‬أزمة الرشدية العربية ‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطخباعة ‪ ،‬القاهرةا ‪. 2004 ،‬‬
‫‪ -49‬أحد ورياشي ‪ :‬نصوصا فلسفية ‪ ،‬العهد التحبوي الوطن ‪ ،‬الزجائار ‪.‬‬
‫‪-50‬أحد بن إبراهيم بن عيسى ‪ :‬شرح قصيدةا ابن القيم ‪ ،‬بيوت ‪ ،‬الكتب السلمي ‪1406 -‬ه‪.‬‬
‫‪-51‬أحد عبد الهيمحن ‪ :‬نظرية العرفة عند ابن رشد و ابن عرب ‪ ،‬دار قباء ‪ ،‬القاهرةا ‪.‬‬
‫‪-51‬آرثآر بيزجر ‪ :‬الرض ‪ ،‬ترجة جال الدين الفندي ‪ ،‬سلسلة مكتبة ل يف ‪. 1970 ،‬‬
‫‪-52‬إرنست رينان ‪ :‬ابن رشد و الرشدية ‪ ،‬ترجه عادل زعيتح ‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية ‪ ،‬القاهرةا‪.‬‬
‫‪-53‬اللبان ناصر الدين ‪ :‬السلسلة الضعيفة ‪،‬مكتبة العارف الرياض ‪.‬‬
‫‪-54‬اللبان ناصر الدين ‪ :‬الامع الصغي و زياداته ‪ ،‬الكتب السلمي‪ ،‬بيوت‬
‫‪-55‬اللبان ناصر الدين ‪ :‬السلسلة الصحيحة ‪ ،‬مكتبة العارف ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬
‫‪-56‬اللبان ‪ :‬صحيح وضعيف الامع الصغي وزيادته ‪ ،‬الكتب السلمي ‪ ،‬بيوت ‪.‬‬
‫‪-57‬إماما عبد الفتاح إماما ‪ :‬أرسطخو و الرأةا ‪ ،‬ط ‪ ،2‬مكتبة مدبول‪ ،‬القاهرةا ‪. 1996 ،‬‬
‫‪ -58‬إماما عبد الفتاح إماما ‪ :‬مدخل إل اليتافيزجيقا ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬مصر ‪ ،‬نضة مصر ‪. 2005 ،‬‬
‫‪-59‬أميةا مطخر ‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ :‬تاريها و مشكلتا ‪ ،‬القاهرةا ‪ ،‬دار قباء ‪.1998 ،‬‬
‫‪-60‬آن تري هوايت ‪ :‬النجوما ‪ ،‬ترجة إساعيل حقي ‪ ،‬ط ‪ ، 7‬دار العارف ‪ ،‬مصر ‪. 1992 ،‬‬
‫‪-61‬أوديرا أوروكا ‪ :‬العقل و الفعل ف إفريقيا ‪ ،‬ملة ابن رشد اليوما ‪ ،‬القاهرةا ‪ ،‬العدد الول ‪،‬‬
‫‪. 1997‬‬
‫‪-62‬بركات ممحد مراد ‪ :‬تأملت ف فلسفة ابن رشد ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬الصدر لدمات الطخباعة ‪ ،‬القاهرةا ‪،‬‬
‫‪. 1988‬‬
‫‪-63‬توفيق الطخويل ‪ :‬الفلسفة ف مسارها التاريي ‪ ،‬دار العارف ‪ ،‬القاهرةا ‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫‪ -64‬جال الدين أفندي ‪ :‬طبيعيات البحر و ظإواهره ‪ ،‬مكتبة النهضة الصرية ‪ ،‬القاهرةا ‪. 1960 ،‬‬
‫‪-65‬جال الدين بوقلي ‪ ،‬و آخرون ‪ :‬نصوصا فلسفية ‪ ،‬الزجائار ‪ ،‬العهد الوطن التحبوي ‪.2005 ،‬‬
‫‪-66‬جورج طرابيشي ‪ :‬وحدةا العقل العرب ‪ ،‬دار الساقي ‪ ،‬بيوت ‪.‬‬
‫‪-67‬حسن سيد أبو العينيم ‪ :‬أصول الغرافيا الناخية ‪ ،‬مؤسسة الثقافة الامعية ‪ ،‬السكندرية ‪.‬‬
‫‪-68‬حسن سيد أبو العينيم ‪ :‬جغرافية البحار و اليطخات ‪ ،‬ط ‪ ، 6‬مؤسسة الثقافة الامعية ‪،‬‬
‫السكندرية ‪.‬‬
‫‪-69‬حساما احد فؤاد ‪ :‬أمراض الرارةا و علجها ‪ ،‬موقع ‪ :‬طبيبك ‪ ،‬على الشبكة العلوماتية ‪.‬‬
‫‪-70‬حسن طالب ‪ :‬أصل الفلسفة ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬عيم للدراسات و البحوثَ‪ ،‬مصر ‪. 2003 ،‬‬
‫‪-71‬حسيم حرب ‪ :‬الفكر اليونان قبل أفلطون ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الفكر اللبنان‪ ،‬بيوت ‪.‬‬
‫‪-72‬حادي العبيدي ‪ :‬ابن رشد و علوما الشريعة ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الكتاب العرب ‪ ،‬بيوت ‪1991 ،‬‬
‫‪-73‬دافيد برجامين ‪ :‬الكون ‪ ،‬دار التحجة ‪ ،‬بيوت ‪.‬‬
‫‪-74‬دافيد سانت لنا ‪ :‬الذاهب اليونانية ف العال السلمي ‪ ،‬حققه ممحد جلل شرف ‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية ‪ ،‬بيوت ‪. 1981 ،‬‬
‫‪ -75‬روبرت أغروس و جورج ستانسيو ‪ :‬العلم ف منظوره الديد ‪ ،‬اللس الوطن للثقافة ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪-76‬زينب ممحد الضيي ‪ :‬أثآر ابن رشد ف فلسفة العصور الوسطخى ‪ ،‬القاهرةا ‪ ،‬دار الثقافة ‪.‬‬
‫‪-77‬زينب عفيفي‪ :‬فلسفة ابن رشد الطخبيعية ‪ ،‬دار الثقافة ‪ ،‬القاهرةا ‪. 1993 ،‬‬
‫‪-78‬شوقي أبو خليل ‪ :‬النسان بيم العلم و الدين ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫‪-79‬عبد الرحن بيصار ‪ :‬الفلسفة اليونانية ‪ ،‬دار الكتاب اللبنان ‪ ،‬بيوت ‪. 1973 ،‬‬
‫‪-80‬عبد الرحن بيصار ‪ :‬تأملت ف الفلسفة الديثة و العاصرةا ‪ ،‬الكتبة العصرية ‪.‬‬
‫‪-81‬عبد الليم خضر ‪ :‬النهج اليان ف الدراسات الكونية ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬الدار السعودية ‪ ،‬الرياض ‪،‬‬
‫‪. 1984‬‬
‫‪-82‬عبد المحيد ساحة ‪ :‬ف أعمحاق الفضاء ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬دار الشروق ‪ ،‬القاهرةا ‪. 1980 ،‬‬
‫‪-83‬عبد ال الدفاع ‪ :‬العلوما البحتة ف الضارةا العربية السلمية ‪ ،‬دار الرسالة ‪ ،‬بيوت ‪.‬‬
‫‪-84‬علي أبو ريان ‪ :‬دراسات ف الفلسفة القدية و العصور و الوسطخى ‪ ،‬دار العرفة الامعية ‪ ،‬مصر ‪،‬‬
‫‪. 1999‬‬
‫‪ 85‬علي أبو ريان ‪ :‬تاريخ الفكر الفلسفي ‪ ،‬دار العرفة الامعية ‪ ،‬السكندرية ‪. 1990 ،‬‬
‫‪-86‬عمحر سليمحان الشفقر ‪ :‬تاريخ الفقه السلمي ‪ ،‬قصر الكتاب ‪ ،‬البليدةا ‪ ،‬الزجائار ‪.‬‬
‫‪-87‬عمحر فروخ ‪ :‬عبقرية العرب ف العلم و الفلسفة ‪ ،‬الكتبة العصرية ‪ ،‬بيوت‪.‬‬
‫‪ -88‬فؤاد كامل و آخرون ‪ :‬الوسوعة الفلسفية ‪ ،‬دار العلم ‪ ،‬بيوت ‪ ،‬د ت ‪.‬‬
‫‪-89‬طه عبد الرحن ‪ :‬لغة ابن رشد الفلسفية من خلل عرضه لنظرية القولت ‪ .‬ضمحن كتاب أعمحال‬
‫ندوةا ابن رشد بامعة ممحد الامس ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬الؤسسة الامعية للدراسات ‪ ،‬بيوت ‪1981 ،‬‬
‫‪-90‬فرج أنطخون ‪ :‬ابن رشد و فلسفته ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬الؤسسة الوطنية للتصال ‪ ،‬الزجائار ‪. 2001 ،‬‬
‫‪-91‬ماهر جابر ممحد ‪ :‬تطخور الندسة و التكنولوجية ‪ ،‬اليئِّة الصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرةا ‪2006 ،‬‬
‫‪.‬‬
‫‪-92‬ممحد عمحارةا ‪ :‬الادية و الثالية ف فلسفة ابن رشد ‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار العارف ‪ ،‬القاهرةا ‪. 1983 ،‬‬
‫‪-93‬ممحدعاطف العراقي ‪ :‬الفيلسوف ابن رشد و مستقبل الثقافة العربية ‪ ،‬القاهرةا ‪ ،‬دار الرشاد ‪،‬‬
‫‪. 1999‬‬
‫‪-94‬ممحد صال العثيمحيم ‪ :‬القواعد الثلى ف أساء ال السن ‪ ،‬الزجائار ‪ ،‬الدار السلفية ‪.‬‬
‫‪-95‬ممحد عابد الابري ‪ :‬ابن رشد ‪ ،‬سيةا و فكر ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬مركزج دراسان الوحدةا العربية ‪2001 ،‬‬
‫‪-96‬ممحد رشاد الطخوب‪ )) :‬فمحنهم من يشي على بطخنه (( ‪ ،‬دار العارف‪ ،‬مصر ‪ ،‬دت ‪.‬‬
‫‪-97‬ممحد عبد ال الدفاع ‪ :‬العلوما البحتة ف الضارةا العربية السلمية ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬بيوت‪.‬‬
‫‪-98‬ممحد يوسف موسى ‪ :‬بيم الدين و الفلسفة ف رأي ابن رشد و فلسفة العصر الوسيط ‪ ،‬ط ‪، 2‬‬
‫دار العصر الديث ‪ ،‬بيوت ‪. 1988 ،‬‬
‫‪-99‬ممحد قطخب ‪ :‬مذاهب فكرية معاصرةا ‪ ،‬ط ‪ ، 3‬دار الشروق ‪ ،‬القاهرةا ‪.‬‬
‫‪-100‬ممحد الصباحي ‪ :‬الوجه الخر لداثآة ابن رشد ‪،‬ط ‪ ،1‬دار الطخليعة ‪ ،‬بيوت‪. 1998 ،‬‬
‫‪-101‬ممحود فهمحي زيدان ‪ :‬من نظريات العلم العاصر إل الواقف الفلسفية ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬‬
‫بيوت ‪. 1982 ،‬‬
‫‪-102‬ممحود حدي زقزجوق ‪ :‬الدين و الفلسفة و التنوير ‪،‬دار العارف ‪ ،‬القاهرةا ‪ ،‬دت ‪.‬‬
‫‪-103‬مراد وهبة ‪ ،‬و من أبو ستة ‪ :‬ابن رشد و التنوير ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬القاهرةا ‪ ،‬دار الثقافة الديدةا ‪،‬‬
‫‪. 1998‬‬
‫‪-104‬مصطخفى النشار ‪ :‬مدخل لقراءةا الفكر الفلسفي عند اليونان ‪ ،‬دار قباء ‪ ،‬مصر ‪. 1998 ،‬‬
‫‪-105‬مصطخفى النشار ‪ :‬نظرية العرفة عند أرسطخو ‪ ،‬ط ‪ ، 3‬القاهرةا ‪ ،‬دار العارف ‪. 1995 ،‬‬
‫‪-106‬منصور حسب النب ‪:‬الزجمان بيم العلم و القرآن ‪ ،‬دار العارف‪ ،‬القاهرةا ‪. 2001 ،‬‬
‫‪-107‬الوسوعة العربية العلمحية ‪ ،‬مادةا ‪ :‬أسد ‪ ،‬موقع ‪ :‬موسوعة نت ‪ ،‬على الشبكة العلوماتية ‪.‬‬
‫‪ -108‬نور الدين حاطوما و آخرون ‪ :‬موجزج تاريخ الضارةا ‪ ،‬مطخبعة الكمحال ‪ ،‬دمشق ‪. 1965 ،‬‬
‫‪-109‬يوسف كرما ‪ :‬تاريخ الفلسفة الديثة ‪ ،‬دار القلم ‪ ،‬بيوت ‪.‬‬

‫‪.........................................................................................‬‬
‫فهرس المحتوياتا‬
‫‪-‬المقدمة ‪:‬‬
‫‪ -‬الفصل الولا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد في تأويله للشريعة‬
‫أول ‪ :‬معنى التأويل ‪ :‬لغة ‪ ،‬و شرعا ‪ ،‬و اصطلحا ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬مفهوم التأويل و أسبابه عند ابن رشد ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نماذج من تأويلتا ابن رشد للشريعة ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬من تناقضاتا ابن رشد في موقفه من التأويل ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬هل قالا ابن رشد بالحقيقتين ؟‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬موقف بعض أهل العلم من التأويل الرشدي ‪.‬‬
‫‪ -‬الفصل الثاني ‪:‬نقد موقف ابن رشد في موضوع وجود ال و صفاته و خلقه للعالم‬
‫أول ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من الطريقة الشرعية في إثباتا وجود ال تعالى ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من صفاتا ال تعالى ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من خلق العالم و أزليته ‪.‬‬
‫‪ -‬الفصل الثالث ‪:‬نقد موقف ابن رشد من السنة النبوية و مذهب أهل الحديث و مواضيع أخرى‬
‫أول ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من السنة النبوية ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من مذهب أهل الحديث ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من الهداية و الضللا ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من وجود الشر في العالم ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬نقد ابن رشد في استخدامه لبعض المصطلحاتا ‪.‬‬
‫‪-‬الفصل الرابع ‪:‬نقد موقف ابن رشد من العقولا المفارقة و خلود النفس و طبيعياتا أرسطو‬
‫أول ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من النفوس بعد موتها ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من العقولا المفارقة ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من طبيعياتا أرسطو ‪.‬‬
‫‪-‬الفصل الخامس ‪:‬نقد موقف ابن رشد من البرهان الرسطي و مكانة صاحبه العلمية‬
‫أول ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من دعوى برهانية فلسفة أرسطو ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من المنطق الصوري ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من الجدلا و الستقراء و قياس التمثيل ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬نقد موقف ابن رشد من مكانة أرسطو العلمية ‪.‬‬
‫‪-‬الفصل السادس ‪:‬نقد موقف ابن رشد في العلقة بين الشريعة و الفلسفة‬
‫أول‪ :‬عرض و نقد لراء ابن رشد في العلقة بين الشريعة و الفلسفة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نقد وسائل ابن رشد في العلقة بين الشريعة و الفلسفة ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬مواقف أهل العلم من عمل ابن رشد في العلقة بين الشريعة و الفلسفة ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬أسباب تقرير ابن رشد لتلك العلقة و أهدافه منها ‪،‬و تقييمنا له ‪.‬‬
‫‪ -‬الفصل السابع ‪ :‬خصائص فكر ابن رشد و تراثه العلمي‬
‫أول ‪ :‬الخصائص العامة لفكر ابن رشد ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نظرة نقدية عامة في تراث ابن رشد العلمي‬
‫‪ -‬الخاتمة ‪:‬‬
‫‪-‬المصادر و المراجع ‪:‬‬
‫‪-‬فهرس المحتوياتا ‪:‬‬

‫مصنفاتا للمؤلف ‪:‬‬


‫‪-‬صفحاتا من تاريخ أهل السنة و الجماعة ببغداد ‪.‬‬
‫‪-‬الداروينية في ميزان السلم و العلم ‪.‬‬
‫‪ -‬قضية التحكيم في موقعة صفين – دراسة وفق منهج علم الجرح و التعديل –‬
‫‪ -‬الثورة على سيدنا عثمان بن عفان – دراسة وفق منهج علم الجرح و التعديل‪-‬‬
‫‪-‬مدرسة الكذابين في رواية التاريخ السلمي و تدوينه ‪.‬‬
‫‪ -‬الصحابة المعتزلون للفتنة الكبرى – دراسة وفق منهج أهل الجرح و التعديل –‬
‫‪ -‬الزمة العقيدية بين الشاعرة و أهل الحديث ‪.‬‬
‫‪ -‬أخطاء المؤرخ ابن خلدون في كتابه المقدمة ‪.‬‬

You might also like