Professional Documents
Culture Documents
1
التعبير اأدبي الجزء الثاني
التعبير اأدبي
الجزء الثاني
د أنور غ ي الموسوي
2
التعبير اأدبي الجزء الثاني
عبود الجابري
اللغة التعبيرية هي التح ّدث بألم عميق ،عن العاصفة ،عن الواقع المرير ،أنّه
الكف عن التغّي بالخارج و وصفه و محاكاته ،أنّها اإبحار الى أعماق
ّ
الشعور و إعان الجوهر ال قي للشعور و الرؤية الصادقة .
الميزة اأبرز للغة الشعرية هو اإبهار ،ال اتج و با ريب من الشكل الفّي
الذي عليه تلك اللغة .و لقد بات ظاهراً أ ّن ما يميّز الشعر عن ال ثر ليس
موسيقى شكلية وا ترتيب شكلي لألفاظ ،إنّما المميّز الحقيقي هو الشكل
تحررها
التعبيري .و ا ريب أ ّن الثورة التي حصلت في ب ية الكتابة الشعرية و ّ
التحول ا يكمن ه ا فقط ،إنّما
من القوالب إنجاز إستث ائي ،إا أ ّن جوهر ّ
يكون في تب ّدل ال ظرة الى طريقة التعبير ،ف جد أ ّن لغة اأدب إنتقلت من
تمع اً أسمى
الحكائية اإنطباعية الى الرؤيوية التعبيرية التي تمثل عمقا فكرياً و ّ
في أداة الكتابة و توظيفها و تجاوز الحكائية اإنطباعية بأشواط حتى إنّ ا يمكن
3
التعبير اأدبي الجزء الثاني
تمجد
إ ّن قسوة الظروف و بشاعة الخارج ،ا يترك مجااً ل ظرة محايدة اليه ّ
و تتغّى به ،فتجلّى و بقوة صوت البوح الداخلي بمظاهر واضحة في لغة
الشاعر العراقي الذي عاني ما عانى من الخارج البائس القاسي .و من هذ
الموسعة لطاقات اللغة
ّ المظاهر على مستوى الكتابة الشعرية هي اللغة التعبيرية
و الرؤية اأدبية و إدراكات القراءة .
إذن يمكن إرجاع طغيان التعبيرية و الرؤيوية في الشعر العراقي المعاصر الى
توسع سلطة اإنسان و الثاني محلّي
عاملين اأول عالمي عام مرتبط بالعلم و ّ
بسبب الدمار الرهيب الذي لحق بالعراق و العراقيين ،فما عاد للرومانسية و
ا اإنطباعية مجااً .
للفن و
من ه ا يكون ظاهراً أنّ ا ا نتكلّم عن الحركة التعبيرية المعروفة كمذهب ّ
اأدب و إنّما نتح ّدث عن أسلوب بوحي تعبيري توظّف فيه ع اصر اللغة لبلوغ
طاقات عالية من التعبير .إ ّن اللغة التعبيرية ا تع ي أبداً الغرق في الذاتيات
والرمزيات ،قدر ما تع ي الصدق الخالص الجوهري ،و تصوير بشاعة اللحظة
التي يجب أا ت ساها البشريّة ،و كما أ ّن ذلك يكون بقاموس مع وي و صوري
كل هذ اأشكالمميّز فإنّه يتمثّل أيضا بصيغ تركيبية و لفظية واضحة ،و ّ
التعبيرية نجدها حاضرة في الشعر العراقي ،الذي س ورد نماذج م ه تكون
الثر التي هي م ه .
العامة و العطاء ّ
إنعكاساً و مرآة للكوكبة ّ
تبرز التعبيرية في اللغة على مستوى الموضوع و على مستوى الصورة و على
مستوى التراكيب اللفظية .إ ّن الح ّدة و العصف العاطفي في التعبيرات ال ابعة
4
التعبير اأدبي الجزء الثاني
التعبيرية الموضوعية
في لغة الشاعر العراقي تتجلّى المعاني الكئيبة و القاتمة ، ،حيث تتجلى
الحسرة و الفقدان في لوحة عبود الجابري إذ يقول ُقضيت وقتا طوياً \ في
5
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ِ
البحث عن بغداد \ ولم أرها \ أن جاري لم يعرني سترته َ إنّها حكاية
ات مهجورةٍ ِ
أخاديد ف ار ٍ عبر
هتاف يت اهى َ
الاجدوى .و يقول كريم عبد اه ُ ٌ
ت على عباءةِ ِ
الوهم نذور س واتي المجدبة َ ،و في م ظر له آخر /..عشع َش ْ
ِ
بخراب له يتجلّى الحزن و الخراب و الوداع حيث يقول ُ ِ
ثغورك ملطّخةٌ
مفارق الكلمات َ ا شيء ش ِ
مة /..ت طرح نواعيري تلهج بتودي ِع ِ ِ
اأبواق المه ّ
ُ ُ
سوى الخواء ،و ا مكان لحلم اانسان كما في مشهد أنور غ ي ُقلب
العالم يتقاعد كأرملة \.ا مكان لحلم اإنسان \ ،ا دفء و ا نشيد ُ.
وه ا الصمت الذي يخشا الشاعر التعبيري و يبوح به بكل نقاء و صدق
علي الصمت حين تعلوني
رفيع ففي لوحة قاسم وداي ُ أخشى أن يجهز ّ
المتجمد في مشهد أنور غ ي حيث ُأناشيد
ّ الشهقات َ ،و يتجلّى الصمت
الشتاء تغرق في الضباب \.تترك في ذاكرة الشوارع نشوة ا تُ سى \.زوايا
فأتجمد في حلمي كشجرة ٍ
غاب قديمة َ . ّ الباردة تحفل بالصمت \ ،
من مامح التعبيرية طلب الخاص و تقديم رؤية له ،و نرى ذلك في
ِ
وجهك شمساً أحمل أطوف العالم
ُ ُ يكفهر ُ ُ مشهد لكريم عبد اه حيث ُكلّما
أبواب الصباح َ فيطرق أبواب الصباح ِ
مشرقةً /..وبحجولك الفضيّة أطر ُق َ
كلما إكفهر العالم بالخاص الفضي و بوجه الشمس الذهبي ،و نحو الشمس
7
التعبير اأدبي الجزء الثاني
تكون سمرة الوجه طريق الخاص ع د قاسم وداي ُسمرة الوجه خارطتي نحو
الشمس \ا ترحلي كي ا يكون الثقب بحجم بغداد َ ،إن التعبيري يتشبث
بكل أشكال الخاص حتى لجام الهواء حتى أسراب المطر ففي مشهد لسلمى
أسمال غربتك وكوني
َ ك ِ
بالحزن \ إخلعي ع ِ اارض الغائرةُ حربة ُ أيتها
ُ
ِ
للسحب أمطري ِ
الهواء \وقولي سرب حمام \تيهي للفرح \أمسكي ِ
بلجام
اب مطر َ فان ألم هذ اارض شديد و حزنها قاتل . ِ ِ
على شفا الحزن \ أسر َ
بل يطلب الخاص من الظام كما عن عبود الجابري حيث يقول ُ وإ ْذ قلُ ُ
ت له
أهش به على ما أرى /من
/ما ذلك مرآتك؟؟ /قال :هو عماي /أتوكأ عليه /و ُ
الظام ) '...بل يكون الخاص حتى في الموت كما عن أنور غ ي اذ يقول
ُأجل ،ا ب ّد من الموت الجديد \ .هكذا أخرج من خاتمي شبحاً للسام
المجرة بالصوت العتيد َ .
ّ \.أجلد ظهر
ناح أو أذعن ، َ ..إنه الخارج المحزن الذي يقابله العمق ال قي موطن الصفاء
يقول رياض الغريب ُ بم تفكر \ بصديقي الشاعر \الذي جلس قبالة قاتله\
ا شيء بي هما \سوى رصاصة واحدة \ ومسافة \ عدها القاتل \ ألف مرة
8
التعبير اأدبي الجزء الثاني
\بي ما الشاعر \ إعتقدها وردة َ إنه العالم السقيم في مشهد أنور غ ي إذ
يقول ُ السيول ما عادت تكفي لتضع حدا لهذا العالم السقيم \جسد
إن اللغة التعبير هي الحديث بصدق و بعمق و ب قاء ففي مشهد للشاعر
اأمهر عبود الجابري يقول فيه ُ ا أحد \ يتحدث عن عاصفة \ رجل
المرور يكتفي بتحذير العربات \ التي تعبر الطريق الصحراوي \ البحارة
ي امون ليلة أخرى في ف دق المدي ة \القتلة يغت مون الفرصة \ حيث يختلط
دخان الرصاص بالغبار \العشاق يلع ون سوء الطالع \بي ما رجل وحيد \
يمضي بحرق أشياء قديمة \ ماتت في ذاكرته \ ويطلق غبارها في الفضاء
عمن يحزنه تش ّوش الرؤية \ فيتحدث بألم عميق \ عن العاصفة َ
\ثم يفتّش ّ
و يقول أنور غ ي ُأجل انا الوحيد الذي يعرف مع ى الحرب ،أني أتح ّدث
ع ها بصدق َ.
التعبيرية التصويرية
تعظيم طاقة اللغة بالصورة غاية اأسلوب التعبيري ،وتكمن جمالية التصوير
التعبيري في حالة إيجاد عاقة شفيفة بين الصورة و ما يراد البوح به أو
يتجسد ذلك في لوحة كريم عبد
التح ّدث ع ه ،و بقاء خيط اإيحاء بي هما ّ .
يرسم وجهي َ إنّه تجاوز ِ ِ ِ
ُحين أتلذذُ برائحة صوتك ....لسانك ُاه إذ يقول َ
للمعهود من المع ى يعلّم ا رائحة الصوت ،و في م ظر لعبود الجابري يكون
9
التعبير اأدبي الجزء الثاني
اللغة الصادمة ك ز التعبيرية حيث تخبرنا سلمى حربة أنّها حزن الهواء و
أحيك الصدى قصائ َد
يدي ُ ِ
أنّها تمأ جيوبها الخاوية به ُ أنا حز ُن الهواء \أمد ّ
10
التعبير اأدبي الجزء الثاني
11
التعبير اأدبي الجزء الثاني
التعبيرية التركيبية
ليست الاألفة و السرع الكامية العالية مجرد عاقة تجاورية ،بل هي
إيغال في العمق ،و تلمس غريب في زوايا الشعور ،ففي مشهد لعبود الجابري
ِ
البحث عن بغداد \ ولم أرها \ أن جاري لم يعرني ُقضيت وقتا طوياً \ في
سترته َ ان الاألفة ه ا ليست بين الكلمات فحسب و انما بين الوحدات
الجملية وهي لغة عالية التق ية و عميقة التأثير .و أيضا في سرع تجاورية
قفزت إلى
شةٌ \ َ
للجمل مقطع اخر لعبود الجابري يقول فيه ُكلما سقطت ق ّ
12
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الماء هاتفاً \:أدركوني أيها الغرقى َ ان السرع ه ا تصل ح ّداً يولّد اإنبهار
العميق .
13
التعبير اأدبي الجزء الثاني
فسهيل ا يصغي الى نداء الريح الخبيرة و يتحداها و يعلن إنّه ا عودة من
علن \ .................أن ا
دون ليا في مشهد لشال ع وز ُوهذ الريح تُ ُ
يلَ بع ُد \ !!.وهو
وصول الى ُليلىَ \ فقد سرقوها \ !...ولم يطلع ُ ُس َه ٌ
بلة\..مازال ممسكاً صولجانه \ يتح ّدى الريح \..يمّي نفسه ب ُق ٍ
ُ
علن أن اعودة بدونهاَ ... ِ
................من ُليلىَ \ويُ ُ
نعم ان اللغة العراقية تتحدى الريح الصفراء و الواقع المرير ،و تعلن أنّه
نقي عاصف يحيى الموات .ا عودة من دون جوهر ّ
القسم الثاني :العامل التعبيري
14
التعبير اأدبي الجزء الثاني
15
التعبير اأدبي الجزء الثاني
و بخصوص الفردية و ااسلوب الخاص الذي تتميز به كتابات كريم عبد اه
،فان اي متتبع و متأمل في تلك لكتابات سيجد واضحا الضربة
التأثيرية التي يعتمدها كريم عبد اه في اجزاء الجمل معطيا اياها توهجها
الخاص المستقل عن الجملة ،بمع ى اخر ان كريم عبد اه ليس فقط يعمد
الى التأثير الجملي و توهج الجملة الشعرية ،بل انه يعمد الى تركيب الجملة
و تكوي ها من اجزاء متوهجة لها تأثيرها الجمالي الخاص .
ان فهم ا للكتلة التعبيرية كمؤثر جمالي ضمن ادوات ال قد التعبيري
يختلف عن الفهم ااسلوبي له الذي يتمحور حول الشكل و ال ص و
العاقات ال صية لذلك كان اانحراف و اانزياح و الذي هو فهم متطور
للمجاز مركزيا في ااسلوبية .اما ال قد التعبيري الذي نتب ا فانه ي ظر الى
التوهج اكثر من ال ظر الى اانحراف ،و يرى الفردية و التفرد في تلك القدرة
على تعظيم الطاقات التوهجية للوحدات التعبيرية ،و ما اانزياح الى جزء من
ذلك التوهج ،ذلك التوهج الذي يمتد في عمق ال ص باعتبار كاما و نظاما
لغويا و في اانظمة الماوراء نصية باعتبارها انظمة جمالية و تأثيرية و شعورية و
انسانية ،بمع ى اخر ان ال قد التعبيري يهتم باانظمة الجمالية للوحدات
التعبيرية اللغوية اكثر من لغويتها و نصيتها .وهذا الفهم يعطي مساحة و فهم
اوسع للظواهر الجمالية و اادبية .لذلك يمك ا وصف ال قد التعبيري بانه
تجاوز للفهم ااسلوبي و انه يمثل مرحلة ُ ما بعد ااسلوبية َ للحقائق التي
بي اها .
في قصيدة ُ كلما أناديك تتعطر ح جرتي َ و اضافة الى ما نرا من ان هذا
الع وان وحد نص تقليلي متكامل ،و بجانب اابهار و الضربة الشعورية و
الجمالية في هذ الجملية الشرطية و الرابطة انسانية العميقة التي يصورها ،
فان ا ناحظ ان التوهج في عبارة ُ تتعطر ح جرتي َ غير مقتصرا على اانزياح
16
التعبير اأدبي الجزء الثاني
،و انما ه اك عمق تعبيري حقيقي ،و أثر جمالي يعطي للكلمات معان اخرى
وهذا ما نسميه ُ الرمزية ال صية َ حيث تصبح للكلمات رمزية و معان تختلف
عن معانها و دااتها خارجه ،كما ان هذا التوصيف للشعور اانساني الذي
يصف بها الشاعر نفسه ،اي تعطر ح جرته يعد من حاات بلوغ الحدود
الشعورية القوى ،اي ان المعبرقد بلغ اقصى درجات و مستويات التجربة
اانسانية في هذا الشأن و هذا حقيقة يذكرنا بالشعر العذري ع د العرب ،
حيث انهم يبلغون مثل تلك المستويات القوى جدا في تعبيراتهم و تعلقهم و
وضعهم اانساني مع من يحبون ،و لقد وصف ا في كتابات ل ا ُ بالبوح
ااقصى َ وهذا با ريب عامل من عوامل الصدمة و كاشف عن معادل جمالي
عميق يتحرك في مجال ما وراء ال ص في وعي القارئ و اانسانية .و من
المهم التأكيد ان التأثير التعبيري و الجمالي و الشعوري عموما بل و اانساني
ا يوجد في ال ص حقيقة بل يوجد في عوامل الوعي اانساني و المجاات
الجمالية و اللغوية الماوراء نصية ،و وظيفة الشاعر ليس اختيارات نصية فقط
،بل اختيارات ماوراء نصية ،بل الشاعرية تكمن في امساك الشاعر بتلك
المعارف الماوراء نصية ثم يترجمها الى عوامل نصية تعبيرية .
ان كريم عبد اه في نصه هذا ا يرى الكلمات فقط بل يرى الشعور اانساني
حتى انك تشعر انه يرى عوالم شعورية و تأثيرية عميقة في الوعي قبل ان يرى
التعابير مكتوبة وهذا من بديع اادب فعا ،اذ يقول في قصيدته هذ :
ليل عيوني َ ِ
تصاويرك وحدها تت فتّ ُح في ِ عطر
يحمل َ
ُ اأثير
ُ هذا ُ
العذوبة و الهزة ا تكمن في التصوير البديع و البوح الرقيق ،و انما في
الوقفات اانسانية في اجزاء هذ الجملة ،حيث نجد عمقا صوتيا شعوريا في
اسم ااشارة و بدله في عبارة ُ هذا ااثير َ و في الحقيقة ا يعطي ا كريم عبد
اه و في بداية قصيدته اا ان نلفظ هذ العبارة بهذ
17
التعبير اأدبي الجزء الثاني
18
التعبير اأدبي الجزء الثاني
حل بالشاعر تجا المثال الذي يحاكيه متمثا في ُ عتمة ال جوم َ ،و
اب ِم َن ِ
شرفتك َ و عبارة ُ أسر ٌ صباح على
أكاليل اأزهار تصطف كل ٍُ عبارة ُ
فقبل تغر ُد َ و عبارة ُ ِ
َ تات صوتك يجعلها ّ مائدتك لعل فُ َ الطيور تحطّ ُ على
ِ
أناديك تتعط ُّر ح جرتي َ لقد اراد كريم عبد اه ان يكتب هذ أ ْن
ِ
فأكتبك قصيدة التجربة اانسانية الرفيعة قصيدة خالدة حيث يقول ُ
خالدة َ و قد نجح فعا .
19
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ان هذا الشعور الوجداني و الجمالي متأت من حقيقة عميقة ،هي ان لغة عبود
الجابري تعبيرية بعمق ،فكلماته و ب اءاته تحكي و تعبر من جهات عدة و من
مستويات نصية مختلفة ،خالقة عالما من الثراء و السعة و القرب ،حيث
يتجلى ال ص و اللغة و المؤلف بقوة ،هذا التجلي ناتج عن عمق و تكامل
تجربة الشاعر .
في مجموعته الشعرية ُ فكرة اليد الواحدة َ اصدار داء فضاءات ُ 2014
عمان َ ،نجد تلك المامح التعبيرية و التجليات الجمالية لجهات اابداع
اع ي اللغة و ال ص و المؤلف ظاهرة ،مما يجعل القارئ يبحر في فضاء من
التعابير الجميلة ااخاذة و العميقة بب اءات و داات و نداءات و رساات
فذة .
20
التعبير اأدبي الجزء الثاني
21
التعبير اأدبي الجزء الثاني
و انه تزوج
و ليكون للزوجة
على ااماكن
و اازم ة .
22
التعبير اأدبي الجزء الثاني
انتقاات كان لانيثال اثر فيها ُللولد وجهة نظر اخرى \ فيما يفعل
ابو \كأن يموت قبل ان يعود من المدرسة َ ثم ي تقل الكاتب ُ و
ع دما يخبر ان الحضان \الذي يركبه في الصورة \كان مصابا في
ساقه َ ثم ُ و الب دقية المعلق على الكتف \ كانت لعبة في
مسابقات الحروب َ ،في هذ المركبات الثاثة نجد ترابطا واضحا
بين حقول معاني الوحدات ااساسية فيها فمن ااب و اابن ثم الى
الحصان الذي هو رفيق العائلة ثم الى الب دقية التي هي رفيق الحصان
.و بعد هذا الب اء تحضر الزوجة بشكل طبيعي في ال ص .
23
التعبير اأدبي الجزء الثاني
و كثيرا ما عدت
ثم يسطر لوحة من البوح العالي مع توظيفات عميقة غير متيسرة عادة
لغير
بعيدا عن الحقول
24
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ُ و اشفق عليه
و يغرق التاريخ
بالسطور البيضاء َ
25
التعبير اأدبي الجزء الثاني
انت صامتة
وانا
لسام نائم
اكثر شراسة
تعشق رجا
26
التعبير اأدبي الجزء الثاني
هذا من جهة و من جهة اخر اهم ان تلك المفرادت التي لها معان
اساسية لغوية ،لم تبق على تلك المعاني و ما ترمز اليه ،اذ ان ال ص
البسها معان عائقية جديدة ،خالفت المع ى ااساسي وهذا ما نسميه
المع ى ال ص الخاص في قبال المع ى ااساسي العام ،فالمراة
الصامتة و الرجل الذي ليس لديه رغبة في الكام لم يبقيا على ما لهما
من مع ى و رمزية ع د اهل اللغة بل اكتسبا معان اضافية بفعل ال ص .
نسبح في نه ٍر واحد
كانا ُ
نقتتل
وحين ُ
27
التعبير اأدبي الجزء الثاني
دمك من دمي،
لو َن َ
سيقولون فحسب:
ماء ال هر أحمر.
إن َ
فان البوح عال ه ا و صوت نداء ،و ادب قضية بدالة وحدة المصير
و الوجود ،و ان العابرين ا يهمه دم من يسقط من اب اء هذا ال هر
الكبير .
السردية التعبيرية التي هي المقوم و العامة ااهم على قصيدة ال ثر الحديثة ،
نجدها طاغية و متجلية بقوة في كتابات عبود الجابري ،وهذا مهم جدا و
يجعل كتاباته ذات اهمية ،لتمييز شعر قصيدة ال ثر عن الشعر التصويري في
القصيدة الحرة ،و نجد هذ السردية التعبيرية و التي تكون بشكل سرد يقاوم
السرد ،ا تجد تجليا واضحا لتق يات القص في هذا السرد ،حيث يعلو
صوت اايحاء و الرمز و ال فاذ الى العمق ااني بدل انتظار الحدث الطولي
المميز للسرد الحكائي .
28
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ك ت تتسلى
و ك ت سعيدا
بصوت الشظايا
هذا ال ص المركز جدا ،الذي يحقق عتبات فهم و دالة آنية عالية و واسعة ،
مع انه صيغ بشكل سردي اا انه مع كل تقدم في ال ص و ب اء تتعالى الرمزية
و اايحائية ،و تضعف قوة الحكاية و القص ،و ت بثق الشعرية ،انها الصورة
ال موذجية لقصيدة ال ثر .
29
التعبير اأدبي الجزء الثاني
تمهيد
الجملة اللفظية بما لها من إفادات ،تتّخذ أشكاا مختلفة من التعبير ،إذا
ما نظر اليها من جهة اإفادة اإبتدائية و المع ى الثانوي الذي يفهم من مع اها
كل من هذين المع يين ،أقصد اابتدائي و الثانوي ،يمكن أن
اابتدائي ّ .
خاصا و عاما .و من ه ا يكون لدي ا أربع صور ل ظام العاقة بين إفادة
يكون ّ
الجملة و ما تشير اليه من عوالم مع وية .
خاصة ،
ااولى :أن تكون اافادة و ما وراءها من داات ومفاهيم كلها ّ
فت تهي الدالة ع د اافادة اابتدائية وهذ ميزة اللفة التقريرية .
30
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الثالثة :وهي ااهم و تكون ف يّة بالدرجة اأساس تكون اافادة خاصة ،
لكن دااتها عامة ،وعادة ما توصف بانها إتجا من الخاص الى العام ،وهي
لغة راقية ،تح ّقق ل ّذة جمالية و ايحائية ب غم و موسيقى عميقة .
الرابعة :هي لغة تكون بإفادة عامة اا ان القارئ يسقطها على نفسه وهي
لغة عبقرية و عادة ما تكون لغة الحكمة و الموعظة .
31
التعبير اأدبي الجزء الثاني
مثقلة شرايي ي
32
التعبير اأدبي الجزء الثاني
بجداولي
ولدت أوتار َ
ُ من فواصل الغياب
تقف أنفاسي
الس ين
تغربل زاّت ّ
33
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الروح
زوابع القسوة تع ّفر ّ
متكررات َ
هاربة ...هاربة من عثرات ّ
انه الخراب من العثرات المتكررة ،و الوعود و الظ ون ،انه عالم الخراب
و الخواء و الظ ون حيث :
الريح
مهب ّ
ُ أرتعش في ّ
تقرحت أوجاعها
وردة ّ
في عالم ااوجاع التي تقطع الذات و القلب و اارادة و الحلم ،كل
شيء صار في عالم كئيب يقطع انفاس الخطى .
34
التعبير اأدبي الجزء الثاني
البوح عال و صوت التوصيل رفيع و واضح ،وسط هذا الصوت و العالم
الخاص ،ه اك اشعاعات عليا كلية ت طلق نحو العام ،نحو الكلي ،نحو
المرأة الكليّة ،بل نحو اانسان الكلي ،و الهم الكلي و الرغبة الكلية ،في
نشدان التغيير و تخطي ذاكرة العجز و التأخر و عدم ااقت اع .
و في لوحة شفيف في فصل جفون الكلمات بتعبير رقيق تقول الشاعرة :
ُ وأحزن إن أغمضت
في مقلتيكَ
وسط هذا البوح و القصد و العتاب المخلوط بال داء ،و سط هذا العالم
الخاص ،تبرز كليات المعاني في الحب و الشوق و اارادة و العواطف
الصريحة نحو المرادات و الرغبات ،نحو عالم واسع من المعاني الكلية .
35
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ُويسرق ي ازدحامي...
ُ يرتدي ي الوجع
والوتر مكسور...
ُ
36
التعبير اأدبي الجزء الثاني
انه عالم الوجع الخاص ،و اانكسار ،و زمن الفجيعة ،و ااام التي
تمزق الروح ،اا انه من هذ الخصوصية ت بثق المعاني الكلية المتجاوزة
للزمان و المكان ،لتمثل الوجع الكلي ،الذات المتألمة الكلية ،لتتمثل عالم
الفجيعة الممزق للروح .
37
التعبير اأدبي الجزء الثاني
تأبى اإنحاء...
لقد كانت كتابات عفاف السمعي بحق م اسبة ف يّة ف ّذة لتكون نموذجا واضحا
و رفيعا للغة التعبيرية الموغلة في التوظيف و تعدد ابعاد المع ى و التفلّت من
الزمان و المكان الخاص نحو المجانية نحو العالم العام ،باتجا عميق من
الجزئي الى الكلي ،بقلب شاعرة مليء بال ظر الى العالم و اانسانية ،حتى
ان كلماتها تأبى القرار و البقاء وسط المعاناة الخاصة فتلونها بالوان المعاناة و
الرغبات الكلية و اانسانية ،فتكون لس ا اانسان و الوطن و العالم ،بتعابير
عالية الدالة متعددة العوالم ضاربة في تجاوز الزمن نحو عالم مطلق رفيع .
38
التعبير اأدبي الجزء الثاني
39
التعبير اأدبي الجزء الثاني
40
التعبير اأدبي الجزء الثاني
41
التعبير اأدبي الجزء الثاني
42
التعبير اأدبي الجزء الثاني
و في مقطع مشاعري وجداني تتجلى فيه ذات الكاتبة تقول الشاعرة ُ يعود
ذاك الع دليب بقصفة ياسمين يبللها المطر والرصاص ..يغفو في شرفة
القصيدة ..اضحك بسخرية على خيبات الدنيا ..ابحث عن ضحكتي الوردية
في الحكايا المؤجلة ..في مهد ااحام
ألملم أجزاء الليل الم كسر بأنين التشظي َ ..وه ا تبلغ الشاعر اقصى
حاات البوح و اقصى حاات التجلي للذات ،انها التعبيرية الكاملة و
الموقف الكامل تجا الوجود و ااشياء و الزمن ،و يعرف المتتبع لرشا هال
انها من الكتاب التعبيريين ،فهي تأبى ان ترى العالم اا بالرؤية الخاصة و تأبى
ان تكتب عن ااشياء اا وفق الرؤية الخاصة فتسمي ااشياء باسماء من
عالمها و تضفي عليها صفات من داخلها ،فتكون لاشياء واضحها و
غامضها ع د رشا هال معان مختلفة مغايرة عما نعرفه و نفهمه ،وهذا المقطع
و ما تقدم كاشف عن تلك التعبيرية الواضحة .
و مثله مقطع ُ …والقمر السكران بجمال القمم ..يتدحرج على وجه
البحيرة الغربيةُ …… و من ثم يأتي موجه دالي و اداة راسمة متمثلة
بكلمة ُ ه ااااك َ..و التفصيل ه ا يطول اكتفي ا بااشارات ،ثم و ببراعة
تجمع رشا هال بين عوالم الروح و الذات و بين العوالم المثالية و
المافوقية مخاطبة المثال ُ وانا انا ..انظر في وجهك ارى ال جوم تسجد
تجل
لك ..وفي كفك وحدك لؤلؤة الحياة َ..وهذا اضافة الى كونه نظام ّ
واضح فانه رسم بارع بالكلمات و بوح اقصى تجيد رشا اهال السيد
احمد .
.
.
43
التعبير اأدبي الجزء الثاني
44
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ال قدية من دون اللجوء الى ال ص ،أجل بيان المامح التفصيلية و الدقيقة
لل ظرية ال قدية .و خير مثال على هذا هو اللغة المتوهجة ،اذ ا ريب في
ظهور اخفاق في المعالجة الذي تم ى به اطروحات العلوم اللغوية و علوم
ال فس و اابحاث الثقافية امام فكرة اللغة المتوهجة .و تكشف انه ليس
ه اك طريق موثوق به سوى ال ص اابداعي .
لقد اخذت فكرة اللغة المتوهجة مكانة متميزة و راسخة في الكتابات ال قدية
المعاصرة ،و نجح ال قد ال ظري في استال مامح لها ،و كذلك في جهة
التطبيق كان لل قد نجاحا في تلمس ظهورات تلك اللغة في اادب .فمثا
يقول اياد خضير في وصف لغة حسن البصام ُ وتكون جمله الشعرية في بعض
قصائد إشارات متوهجة دالياً مضغوطة الحجم كبيرة الكتلة الدالية ُ ،اا
انه ا يظهر ان تلك المامح وصلت حد التعريف التمييزي و تجلي المفهوم
رغم ترسخ الفكرة و الظاهرة .
وهجت ؛ توقدتمس َ
ار أو الش ُفي معجم اللغة العربية المعاصرة ُ توهجت ال ُ
الجوهر :
ُ ،توهجت رائحةُ الطِيب :انتشرت ،توهج ُ
نور الحقيقة ، .توهج
تأأ ،َ.و ا يظهر في ااصطاح ال قدي مع ى مغاير ،و ا بد من ااعتراف
ان ال قد اادبي لم يبذل الكثير في بيان مامح تلك اللغة و جمالياتها بشكل
وظيفي و موضوعي ،و ظلت في كثير من جوانبها تحت ااوصاف الفضفاضة
و غير المحددة .و ا ريب ان ااشارات الى انها لغة التكثيف و اادهاش و
العمق كانت قريبة الى عالمها الواسع ،اا انه أجل التطور اكثر فيها ،ا بد
من بذل جهد اكبر في هذا ااتجا .
لقد قدم ل ا الشعر الحديث اشكاا مبهرة من الصورة الشعرية غير مسبوقة في
عمقها و تعبيريتها ،كانت نتاجا لترسخ التكثيف والعمق و اادهاش في
45
التعبير اأدبي الجزء الثاني
46
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الشعورة من مقومات اابداع فيها .و في لغة الشاعر الفلسطي ي الكبير يعقوب
أحمد يعقوب نموذجا متقدما من لغة الرسالية و البوح و اإدهاش .
ان عمق الفكرة وتوهجها و قوة اللغة المبهرة بتحقيقها قدرة توصيلية وبوح
شفيف مع ف ية و تشكل تركيبي عال ،تمثل نموذجا يحتل مكانة متقدمة في
اللغة المتوهجة يتجاوز ما أشرنا اليه من التباين بين شكل التركيب و فكرته و
بين توصيلية اللغة و ف يتها العالية ،اذ ا بد أجل لغة ابداعية عالية المستوى
من اارتقاء بالجهتين و عدم تغليب احدهما على ااخرى وهذا سر من اسرار
اللغة العظيمة .و اللغة التي يكتب بها الشارع الفلسطي ي الفذ يعقوب أحمد
يعقوب تمثل شكا متقدما في اللغة المتوهجة ،و س عمد ه ا الى نماذج من
ادبه التي تضيء زوايا عالمي الدالة و الفكر .
لو تلمس ا الجوهر العميق للغة الشعر لكان باإمكان تبين مظهرين عميقين هما
من أسباب توهج اللغة الشعرية ،اأول في مجال الدالة و الثاني في مجال
الفكر ،و لو فهم ا عملية التفكير في طلب المعاني و اأفكار انها تعتمد على
اإضاءات و اإنارات لمواطن عميقة في الفكر ،و هو ما تؤكد نصائح خبراء
الكتابة بوجوب اإكثار من القراءة أجل تطوير القدرة الكتابية ،و الذي يمكن
رد بيسر الى تلك اإضاءة ،أمكن القول أن التوهج في مع ا العميق إضاءة
وتوهج في عالمي الدالة و الفكر ،و من ه ا يكون الطريق معبدا لسبر غور
اللغة المتوهج ببحث ااضاءات التي تحدثها .
في قصيدة ُ شرفة الفرح َ اضافة الى عذوبتها و ب اءها التق ي العالي و
مجازاتها البديعة ،من الظاهر الهمس الشفيف الذي ي ير مواطن من الفكر و
عالم المعاني في هذ الكلمات التي ليست ككل الكلمات ،انها مثال الويسلة
و الطريقة وصوت الخاص فهي سلم الفكر ،نحو غاية هي أمل و حلم فهي ُ
47
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الفرح البعيدَ ،و وسط هذا اأمل ه اك الخوف العميق الموحش للضعف
المر و التعب القاتل ُ انه الخشب المتعب َ فيتجلى من نافذة الرؤية اليأس
اآسر ُ الجرح المدد َ المشدو المتحير ُ بين البحر و البرَ ،فيبرز
المجروح ال ازف بدمائه ُ دماء القصيدة َ
و في قصيدة ُع د آخر السطر َ المكثفة و المتميزة بالبوح العالي ،و الم يرة
لمعاني العطاء و الحب و الح ان ،المخاطب ملهم متعدد في تصور ،اا انه
من يكون المتكلم صورة خاصة و سرور ُ يضع في كفه ُزهرًة من نورَ انه
سيد الطريق و المعلم و ال موذج ،او المحب المفرح ،او اأخ الح ون ،ثم
يبرز اايمان بالكلمة و بالشعر و بالعمل لل فس المعطاءة الطالبة للخير للغير
،تشعر ٍ
للحظة بروح القصيدة َ و ُوتجعلك
تخبر ااخر انها ُتُعطر أنفاسك ِ
ُ
سعيدا َ ثم بكل التبريرات الممك ة ،ببيان علل الفرحة و عطاءها أن ا في
ُزم ٍن صار فرحه كال جوم بعيدا َ.............انه همس شفيق و سلس و
بسيط بخطاب و رسائل و وعود ،ان هكذا لغة تتميز بطاقة ايحائية عالية تبهر
و تدهش .
و في قصيدة ُحين انتهى المشهد ،وأضاءت اأنوار العتمة ،ع دها فقط
اأبطال أناس مثل ا \لو حاول ا \ ...........أن
َ كت \ان
............أدر ُ
نكون مثلهم َ ....خطاب عميق صادم لل فس ،يكشف خبايا العجز و
الكسل و يوقظ في الفكر تساؤات و مطالب للسعي و العمل ،تكثيف و
توصيل مبهر و باسلوب صادم ،يبحر بال فس الى عالم عميق و تمثل
للمجتمع يحيي الرغبة في ال هوض .
ان الميزة العامة للغة يعقوب احمد يعقوب هو الجمع الصعب بين التركيب
الهادئ و السلس و بين اابهار و اادهاش وهذا نموذج اللغة القوية العميقة ،
48
التعبير اأدبي الجزء الثاني
و من الواضح اتكاء الشاعر على قوة الفكرة و اضاءتها لمواطن عميق في
ال فس تحقق لها اإبهار و اإمتاع ،و بذلك يتوافق عمق الفكرة و توهجها مع
توهج التركيب و ف يته ،فيكون لدي ا لغة متكاملة التوهج .
شرفة الفرح
****
تب الكلمات ُسلماً أر ُ
أصعد عليه
ِ
البعيدة ِ
لشرفة الفرح
المتعب
كسر الخشب ُ
وأخاف أن ي َ
ُ
ويداهم ي الجرح
....ممدداً.....
بين البحر
........والبر
ودماء القصيدة..........
ع د آخر السطر
ستجدني أنتظر.......
أضع بكفك زهرًة من نور
َ
49
التعبير اأدبي الجزء الثاني
بروح القصيدة
تُعطر أنفاسك ِ
وتجعلك
ٍ
للحظة
تشعر سعيدا
ُ
بزم ٍن صار فرحه
كال جوم بعيدا...............
...........................
حين انتهى المشهد
****
حين انتهى المشهد
وأضاءت اأنوار العتمة
ع دها فقط
كت
................أدر ُ
اأبطال أناس مثل ا
َ ان
لو حاول ا
...........أن نكون مثلهم ....
****
50
التعبير اأدبي الجزء الثاني
51
التعبير اأدبي الجزء الثاني
العوامل التعبيرية يمكن ان تتسع بسعة التجربة اانسانية و اارث اانساني .
هذ العوامل توجد بشكل دفين و بشكل قوى كام ة في العمق اانساني
الموحد و مترسخة في جانب الاوعي .ما يقوم به الف ان و ااديب هو
الكشف عن تلك المعارف و الحقائق و اخراجها من عالم الاوعي و السكون
و العمق و الخمول الى عالم الوعي و الحركة و الظهور و الخطاب .
في قصيدة ُنعاج الحقل َ نجد شعرا سرديا نموذجيا و بسردية تعبيرية عذبة ،
فيها وقع ة الخيال و التموج التعبيري ،وهذ التق ية و الصفة مازمة ل صوص
المجموعة التي كتبت بشكل كتلة واحدة و بشكل الفقرات و الجمل .يقول
الشاعر في هذ القصيدة وهي قصيدة نثر نموذجية متحررة من التقليد المعهود
التشطيري و العمودية في ما يكتب اان :
52
التعبير اأدبي الجزء الثاني
اول جدي إشراقة شمسه بقدح الفجر وغليونه القديم المشتعل بحطام ذاك
ُت َ
التاريخ ،مازالت تلك الفزاعة تتراقص بس ابل الحقل ،وصديق جدي الحميم
الزهايمر يغ ي له أغ ية الموت ،بصوت المزامير التي أيقظت أصحاب الكهف،
َ...
اضافة الى اانسيابية في التعبير ،المبتدئ بمجاز قريب و دالة قريبة باقت اص
لحظة شعرية مرتكزة على ثقافة المجموعة و ووعيها باانسان الكادح و الفجر
و الع اء ،يتجه ااسلوب الى التصاعد الجمالي نحو خيالية اكبر باقت اص
لحظة شعرية ب ظام الفزاعة التي تراقص س ابل الحقل بارتكاز و تعمق في الوعي
الجماعي ،ثم في حالة تعمق شعري اكبر نحو اقت اص لحظة شعرية عالية وهي
التركيز على مرض مازم للجد ،ثم تتوج الشعرية ه ا باقت اص لحظة شعرية
اعمق وهي خيالية حال اغ ية ذلك المرض .
53
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ان الفرق الجوهري بين الشعرية الشكلية و الشعرية العميقة ان ااولى تحقق
مساحة ادهاش ضيقة تقتصر على الشكل وقد تتوسع كثيرا ،اما الشعر
الحقيقي فانه يحقق مساحة ادهاش واسعة وعلى مستويات متعددة نصية و
ماوراء نصية و ما بعد نصية في القراءة و ااستجابة .اهم اللحظات الشعرية
العميقة التي اقت صها و كشف ع ها الشاعر ،و اخرجها من مجال الاوعي و
التجربة الدفي ة الى مجال الوعي و التجربة الظاهرة تتمثل بحميمية العاقة بين
اانسان الكادح و الفجر و رمزية كل ذلك ،و حميمية العاقة بين الفزاعة و
الحقل و رمزيتها و توظيفها تعبيريا ،و عاقة التأثير العميق و الواسع
للشيخوخة على اانسان ،من ثم العاقة الب ائية و التوليدية و الخيالية بين
المزامير واهل الكهف ،محققةمساحات واسعة من اادهاش .و من الواضح
ان ا نتحدث ه ا عن انظمة فكرية ماوراء نصية وهي ليست كلها جمالية ،اا
ان ا ناحظ ان العمق الجمالي حاضر و متصاعد في ذلك البعد العميق ،وهذا
ي اسب التطور التعبيري الذي كان في اجزاء ال ص الظاهرية و المعادات
التعبيرية ،و بهذا يتحقق نظام شعر عميق مت اغم متوافق .وهذا اامر بااضافة
الى انه يولد جهات متعددة لادهاش فانه يولد ايقاعا ،وبذات الفكرة عن
الترابط و الت اغم و التسلسل العميق التعبيري يمكن ان تتحقق وحدة عميقة
وان كانت المعادات و ااجزاء ال صية متشظية ،اا ان في هذا ال ص ُ نعاج
الحقل َ الوحدة الظاهرية موجودة كما بي ا بتسلسل و ترابط موضوعي و
تعبيري و الوحدة العميقة موجودة ايضا ،و من خال كل ما تقدم يتحقق نظام
القصيدة ،ف كون امام قصيدة نثر نموذجية .
54
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ُالعصافير لم تعد تب ي عشها على شجرة الص وبر ،وذاك الغراب مازال يحوم
على أقفاص الطيور ،تلك القبور اتسع اأحام ،أين ندفن ما تبقى م ها ،نعم
ه اك ديانة قديمة ،مركونة على رف العدم ،س جعل أحام ا ه دية ،حتى
نحرقها ونذرها مع الريح ،هذا يكون أول إصاح ،مازال الدمع يرقص على
وج ة اأزهار ،اا يعلم أن الرقص حرام َ...
ُ خلف ذاك البعد ،بين أزقة الغياب ،طاحونة هواء رمادية ،تطحن ذرات
الوجود ،بأس ان عمياء ا ترى .تسمع أزيز الضوء وضجيج الس ابل المحطمة،
55
التعبير اأدبي الجزء الثاني
تحركها أربعة فصول مزخرفة ،بليل هرم ونهار يكاد يلتقط أنفاسه .وساعة الوجع
قد بانت عورتها ،وأطلق الرقاص أغ يته اأخيرةَ....
ان التوافق ال ثروشعري متجل ه ا بوضوح ،فال ثر بلغة حرة قريبة يتطور و
يتصاعد و يتكامل ،يرافق ذلك تطور و تصاعد و تكامل في شعرية ال ص ،
لقد بي ا في مواضع سابقة و كررنا كثيرا ان غاية قصيدة ال ثر هو الشعر الكامل
في ال ثر الكامل ،وه ا في هذا ال ص يقت ص الشاعر رياض الفتاوي لحظ
ف ية جمالية اا وهي شخصية قصيدة ال ثر المتقدمة و ال موذجية ليحقق نظام
التوافق ال ثروشعري و يوسع مساحة اادهاش و اابهار باضافة جهة ادهاشية
جديدة .اضافة الى ذلك فان ال ص قد كتب و صيغ بمعادات و ع اصر
نصية متقدمة محاكية و عاكسة لعوامل تعبيرية ماوراء نصية عميقة و واسعة و
الهم اانساني و يقت ص الشاعر اللحظة
مؤثرة ،فه ا في هذا ال ص يتجلى ّ
الهم فيتجلى صوت الحسرة على الخسارات و البعد
الشعرية العميقة بهذا ّ
الذي يكت ف العالم و اتساع رقعة العمى العالمي و الخذان لجهات ال ور على
ايدي الرياء و القبح المتلون بالوان البراءة و الجمال .و كعادته يرتكزن ه ا
رياض الفتاوي في عوامله التعبيرية العميقة على الوعي اانساني و على
التجربة اانسانية و المعاناة الكونية ،فتجد نصوصه ت طلق دوما من معاناة
انسانية و كونية محققا نموذجا فذا أدب القضية و اأديب اانساني .
56
التعبير اأدبي الجزء الثاني
نصوصه يمك ا من القول ان ا امام شاعر مهم كما هو الحال مع شعراء اخرين
في مجموعة الشعر السردي المتق ين لقصيدة ال ثر المكتوب بالجمل و
الفقرات و الكتلة الواحدة ،مما يشير الى حصول تطور واقعي في كتابة
قصيدة ال ثر العربية المعاصرة .ب صوص مهمة تستحق التوقف و التحليل من
قبل المهتمين فعا باأدب و بقضيته .
صَ
حياة القارئ ال صيّة ُ أساليب نقل القارئ الى عالم ال ّ
57
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ّربما حان الوقت أجل ال ظر بعيدا و رمي الشباك الى وسط البحيرة
اقت اص أشكال و ألوان من السمك غير التي في الساحل التي تضعف فيه
الروح .ربّما نحتاج الى اإبحار نحو عمق البحر أكثر ،ل ص ع سفي ة رحبة
الكل نحو عالم الشعر الجميل ،ربّما حان الوقت ل بحث عن لغة تبهر
تحمل ّ
كل من يقرأها من ال خبة و من غيرهم و من اأدباء و من غيرهم ،لغة غير
ّ
مبتذلة ،و غير غارقة في التوصيل و التبسيط و المباشرة المخلّة ،و إنّما لغة
تمل االسن العالية و البسيطة من
لكل ال اس متوهجة عظيمة سلسة زاخرة ا ّ ّ
الحديث ع ها ،لغة قوية واسعة الطيف في ما ِ
تحدثه من إستجابات جمالية ، ّ
الكل يرى فيها الجمال الذي يريد .و ا يقال أ ّن هذا ضرب من الخيال
لغة ّ
و أنّه خاف الم طق ،أنّ ا أصحب ا نعلم إ ّن اابداع لم يعد محصورا بال ص ،
مهم م ه صار على عاتقة القارئ .
بل في جانب ّ
المهمة أجل ااقتراب من القارئ في اللغة اأدبية هو ش ّد من الع اصر ّ
ص ،مقرونا بالتق ية العالية و التوظيفات الف ّذة .حي ما يتح ّقق
القارئ الى ال ّ
58
التعبير اأدبي الجزء الثاني
نظام جامع بين اإقتراب و الف ية العالية نكون قد ح ّقق ا تلك اللغة الم شودة
،و أنّا قد تح ّدث ا كثيرا عن الع اصر الف ية و التوظيفات ااسلوبية كع اصر
لتوهج اللغة في مقاات سابقة ،فإنّا ه ا س رّكز على أساليب
إبداعية و مظاهر ّ
التوصل الى روح القارئ في نماذج تشتمل على ف ية عالية و
ّ القرب و
توظيفات واضحة ،تجعله يعيش لحظة ال ص و عالمه و ت قله بقدرة عالية و
كفاءة ظاهرة الى عالم ال ص م تجة بذلك حالة شعورية للقارئ يمكن ان
نسميها ُ حياة القارئ ال صية َ .
الجلي في تح ّقق
ّ ان التشويق ع وان السرد و عامته العظمى ،و الضوء
الف ية فيه ،اا ا ّن ما هو أعلى من ذلك من جهة نظرة سردية هو نقل القارئ
تتعمق اللغة و تشتمل على
الى عالم ال ص ،و خلق حياة نصيّة له .و حي ما ّ
الرمز و اايحاء ،ت تهي الى المقامات العالية .و في الجانب اآخر في لغة
الشعر يكون الحلم اآسر و اللغة الراسمة ،كفيلة ب قل القارئ الى ال ص ،و
بالرمزية و اايحاء تبلغ المقامات العالية .و في مستوى ثالث حي ما تكون
التوهج ،مخترقة لجميع إشكال ااحساس و
اللغة بذلك الوصول و العمق و ّ
المتخصص و غير ،و ااديب
ّ فيتذوقها القريب و البعيد و
مستويات الذوق ّ
و غير ،و تكسر حاجز التعالي و أكذوبة ال خبة ،نكون و با شك أمام لغة
عظيمة
59
التعبير اأدبي الجزء الثاني
على رؤية الخيال الذي تسبح فيه المعاني و اافكار ،بمع ى أخر ا بد من
حالة رسم بالكلمات ،و خيال شفيف يحاكي عوالم الجمال لدى القارئ ،
علو في التجربة تبهر القارئ و تدهشه .إذن أجل
بلغة بسيطة قريبة ،مع ّ
رفع الحجب والحواجز بين القارئ و الكتابة و جعله يعيش في عالم ال ص ،
تلمسه في
المركب الخارجي س ّ
ا ب ّد من ُ رسم خيال عال بسيط َ ،هذا ّ
ثاثة نصوص تحقق نقا ف ّذا لذهن القارئ الى عوالم ال ص ،كع صر أسلوبي
نص واضح التج يس ي تمي الى السرد ،متمثّل
لحياة القارئ ال صيّة ،اأول ّ
بقصة قصيرة ع وانها ُ وصال َ للقاص الفلسطي ي فريد قاسم غانم ،و الثاني
نص واضح التج يس إيضا ي تمي الى الشعر ،قصيدة ُ حورية الليل َ
للشاعرة التونسية العامرية سعداه ،و الثالث نص يقع بي مها في لغة تت قل
بي مها في نص مفتوح ُ الواحة َ للشاعر العراقي أنور غ ي الموسوي .
صٌ
ال ِو َ .1
60
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ضت.
وجهها َوَم َ
أدارت َ
ْ نار. الّ ُوِر الذي لم َ
تمس ْسهُ ٌ
أظافرها الطّويلةَ
وقال لها إن َ
شارعَ ،
الدفء في ال ّ
َ فبعث
ت ه َد يوماًَ ،
انغرَزت في قلبِ ِه فا م َفر.
َ
ت بعيداً.
وجه َها وانطلَ َق ْ
أدارت َ
ْ
حان علىطفلي ِن يتأرج ِ ِ ِ
َ مثل ْ المشاة ،إن قرطَْيها ُ
قال لها ،ع َد َمم ِر ُ َ
وغابت في الز َحام.
ْ الوَر ِاء دا ِة من قلبِ ِه .تر ْ
اجعت إلى َ شرايي ِن ُ
الم ّ ال ّ
ترص َدها.
يقول فيها َكاماً يشبِهُ ال ِ
ش ْع َر. يوم كان ُ وفي كل ٍ
ِ
ات غُ ّرتِها ،بأسا ِوِرها وحقائِبِها وأحذيتِها وجوا ِربِها والد ِ
بابيس تغزل بتبد ِ
وعقودها وخواتِ ِمها وم اديلِها وشااتِها وقُبّعاتِها. ِ ِ
وأكمامها على ياقاتِها
وكانت في ك ِل مرةٍ تج ُد جهةً خامسةً فتدخل فيها وتمضي في ِ
حال ُ
سبيلِها.
يق ومد يَ َديْ ِهفسد عليها الطر َ ِ
الرصيف َ
ِ
كع في م تَصف ّ
ِ
في أحد اأيام ،ر َ
الجميل ولو مرًة كَسمعي ي صوتَ ِ ِ
أرجوك ،أ ِ في حالَ ِة ٍ
ابتهال ،وقال:
َ ْ
واحدة.
تفهم.
لم ْ
كتبت:
قريب و ْ جت من حقيبتِها قلماً وورقةً ،أس َدتْها إلى ٍ
حائط ٍ أخر ْ
َ
الورقة ما تريد ،من
ب على هذ َ
"ماذا تقول؟ فأنا ا أسمع .أكتُ ْ
فضلك".
أمام عي ْي ِه. ِ
وعرضت كلماتها المكتوبةَ َ
يفهم.
لم ْ
ذلك أنهُ لم يتعلم القراءة.
رقت عي ا .
اغرْو ْ
َ
61
التعبير اأدبي الجزء الثاني
*********
ُ الواحة َ .2
أنور غ ي الموسوي
بين يدي الغروب يجلس اأقحوان ،كمسافر على بساط الهمس ،
يراقص ال سيم .
مرآ ًة ورديّةً كان وجه الماء ،بعذوبة غريبة تداعبها أيدي الريح .كالطفولة
اللذيذة أبهرني لون الشمس .
الرملي ،تخترق
ّ الرمال تعزف ألحانها المقرمشة ،و خيول البادية بعبقها
صوت الزمن الحالم .وه اك ،نحو الواحة ،نحو شجرة البلّوط ،صبيةٌ
يلعبون ،و فراشات ناعسة ،قد بلّل ثيابها المساء .
اللماعة ،و
كم قد أسرت ي ترانيم اأغصان ،و أوراقها ذات العيون ّ
الطيور ،أجل الطيور
62
التعبير اأدبي الجزء الثاني
*********
العامرية سعداه
ألقت شهبًا
ْ
رداء
والظلمة تلبس ي ً
كيف أهادن! ؟
63
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ت حت سورا من كثبان
يمضي ونمضي
ي سج من شااتي وشاحا
يدي..
حتى أمسك وجه الشمس بين ّ
*********
64
التعبير اأدبي الجزء الثاني
القراءاتيّة ،و ي تقل القارئ الى عالم ال ص و يعيش لحظاته و أحاسيسه .أجل
انه رسم الخيال العالي البسيط .
الرسم بالكلمات ظاهر ،أما رسم اإحساس فله تجليّاته ه ا ،ففي ُ
وصال َ يتجلّى اإحساس بالوهم و الخيبة ،و في ُ الواحة َ يتجلّى إحساس
ال شوة و اإبتهاج ،و في ُ حورية الليل َ يتجلى اإحساس بالصراع و
اإنبعاث .ورسم اإحساس هذا انما كان بواسطة رسم المعاني .ففي ُ وصال
َ نجد الرسم ظاهرا :
ِ
ُياح ُقها م ُذ ُشهور.
اقص سعف ال ِ قال لها في ٍ
يوم ساكِ ٍن إن َش ْعرها المتم ِر َد أجمل من ِ
خيل وهي تر ُ ُ َ ُ َ
الرياح.
ّ
تلتفت.
ْ لم
تفتح
أجمل من ِ
ُ ات العام ِة ،إن ُح ْمرةَ خديْها
قف الحافِ ِ
وقال لها يوماً ،ع َد مو ِ
ْ ْ َ
ت في طر ِيقها َم ْشياً على ال َفج ِر في ربي ٍع على قم ِة سي اء .فتجاهل ْتهُ وم َ
ض ْ
اأَقدامَ .
و في موضع اخر :
يق ومد يَ َديْ ِه
فسد عليها الطر َ ِ
الرصيف َ
ِ
كع في م تَصف ّ
ِ
ُفي أحد اأيام ،ر َ
الجميل ولو مرًة واحدة. كَسمعي ي صوتَ ِ ِ
أرجوك ،أ ِ في حالَ ِة ٍ
ابتهال ،وقال:
َ ْ
تفهم.
لم ْ
كتبت:
قريب و ْ جت من حقيبتِها قلماً وورقةً ،أس َدتْها إلى ٍ
حائط ٍ أخر ْ
َ
الورقة ما تريد ،من فضلك".
ب على هذ َ "ماذا تقول؟ فأنا ا أسمع .أكتُ ْ
أمام عي ْي ِه. ِ
وعرضت كلماتها المكتوبةَ َ
يفهم.
لم ْ
65
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ُبين يدي الغروب يجلس اأقحوان ،كمسافر على بساط الهمس ،
يراقص ال سيم .
مرآ ًة ورديّةً كان وجه الماء ،بعذوبة غريبة تداعبها أيدي الريح .كالطفولة
اللذيذة أبهرني لون الشمس َ .
بل ا ّن ال ص كله عبارة عن لوحة ،و في ُ حورية الليل َ نجد الرسم
حاضرا ايضا :
ألقت شهبًا
ْ
66
التعبير اأدبي الجزء الثاني
سعف ال ِ
خيل وهي يوم ساكِ ٍن إن َش ْعرها المتم ِر َد أجمل من ِ قال لها في ٍ ُ َ
ُ َ ُ
تفتح ال َفج ِر في ربي ٍع على قم ِة
أجمل من ِ ُ الرياح ،.إن ُح ْمرَة خديْها
اقص ّ
تر ُ
نار. جدائل الّ ُوِر الذي لم َ
تمس ْسهُ ٌ ِ أجمل من
ُ قال لها ه اك إن قادتَهاسي اء َ ،
دا ِة من قلبِ ِه ، .لم تج ْد شرايي ِن ُ
الم ّ طفلي ِن يتأرج ِ
حان على ال ّ َ مثل ْ
ِ
،إن قرطَْيها ُ
السيقان المتراكِضةَ . صيف ،وس َ ٍ
ط غابة من ّ حج ِر الر ِ ْ سوى دمعتَ ْي ِن على َ
الرملي ،تخترق
ّ ُالرمال تعزف ألحانها المقرمشة ،و خيول البادية بعبقها
صوت الزمن الحالم .وه اك ،نحو الواحة ،نحو شجرة البلّوط ،صبيةٌ
يلعبون ،و فراشات ناعسة ،قد بلّل ثيابها المساء َ
67
التعبير اأدبي الجزء الثاني
نص شعري و
نص سردي مع ّ
ا ّن ت اول ال صوص بهذا الشكل بإدراج ّ
نص مفتوح ،انّما هو تأكيد م ا على ا ّن عصر ما بعد الحداثة تجاوز التج يس
وا ب ّد لل قد ان يتجاوز ذلك ،كما ا ّن هذا الموضوع بالذات وهو ُ الف ية
العالية البسيطة َ ،أي كتابات عالية الف ية اا انها صيغت بلغة قريبة و محببة
لدى القارئ ،هي من سمات لغة الكتابات اابداعية في عصر ما بعد الحداثة
،و ا ّن هذا اامر لمحتاج لمزيد من التركيز و الت قيب و التوسع ،أجل فهم
أكبر و تبيّن جمالي أعمق لأعمال اإبداعية المعاصرة و لغتها المتطورة .
68
التعبير اأدبي الجزء الثاني
مظاهر اابداع في ديوان ُ وجع اشيب ...و كف عذراء َ للشاعر كريم عبد
اه
المقدمة
قد يتصور البعص ان الكام ممارسة حياتية سهلة ،لكن اامر ليس كذلك ،
الكام من اصعب الممارسات اانسانية و اكثرها تعقيدا .و ااصعب من ذلك
ان يتكلم اانسان بلغة ف ية ،و ااصعب من ذلك كله ان يتكلم بلغة ف ية
ابداعية .حي ما تجعل ا اللغة نشعر ان ا نغوص في بحر ا نرى له بداية و ا
نهاية و كلما ذهب ا عميقا شعرنا بالحاجة الى العودة الى السطح و كلما اتجه ا
الى السطح شعرنا بالحاجة الى الغوص نحو ااعماق ،حي ها نعلم ان ا امام لغة
ف ية ابداعية .ان اابداع في الفن اللغوي هو تجلي اللغة ،فكل موطن يكون
فيه تجلي للغة و حضور لذاتها فان ا امام عملية ابداعية .
69
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الرسالية فانا نكون امام عمل ف ي ابداعي .لذا سيكون بحث ا و كام ا موزعا
في هذ الجهات الثاث اقصد الشعرية و الجمالية و الرسالية .
اوا :التقديم :شعر ُ نصوص مفتوحة َ ،اي انا اما نصوص شعرية مفتوحة ،
اي نصوص تسمح بتعدد القراءات ،و يكون للقارئ دور في اكتشاف
الداات .وهذا ما س بحثه مفصا في الكم التصويري و التعدد الصوري في
مبحث الجمالية .
يتسم الديوان بميزة متفردة هو نمطية الشكل الع واني المغير شيئا ما للمالوف
،فان الع اوين ظهرت في ستة اشكال :
ااول :وهو الغالب :ع وان بشكل جملة خبرية حدثية استمرارية مثل ُعلى
ترسم حيرتهاَ
الرصيف ُ
صماء َ ِ
الثالث :جملي خبري اسمي مثل ُوح جرةُ العبث صخرًة ّ
الصمت َ
ْ الرابع :اسم مثل ُملحمة ثورةُ
70
التعبير اأدبي الجزء الثاني
خجل
َ لزل
تقود جحافاً تز ُالسادس :ع وان اختصاري فيه حذف مثل ُ ُ
تقود جحافاً
الكلمات َ وهو اختصار لُاختصار نقص ُت ح ي اأغصا ُن ُ
أشيب ....
وجع ٌ خجل الكلمات َ......وهذا الع وان مهم .و ع وان ُ ٌ
َ لزل
تز ُ
بغيمة بعيدةٍ /..شاحبةً
كف عذراء و هو مختصر لُوجع أشيب يحتمي ٍ
ٌ ٌ و ٌ
كسف في ر ٍ
احة عذراء َ ُ ت
ان حالة ااخبار بالحدثية المستمر فيها دالة على ان ذلك هو الواقع و الواقع
شديد الوطأة و المستمر ،و مع هكذا دالة اسلوبية ا يبقى للمع ى محورية
دالية وهذ صفة اللغة اايحائية لل ص المفتوح .
الع وان عادة يكون تلخيصا توصيليا لمضامين المع ون او ال ص ،و قد يكون
تلخيصا ايحائيا لما في ال ص ،او ابراز للتجربة ،و من الماحظ ه ا في
نصوص ُ وجع اشيبَ ان الع وان في اغلب ال صوص هو جزء مقتطع من
ال ص ،و مع انه يع ي ان ذلك التركيب الع واني هو محور و مرتكز في ال ص
اا انه ا يمكن القول انه موضوعه ،و هذ صفة متأصلة في ال ص المفتوح
الذي ا تحد اطراف .
71
التعبير اأدبي الجزء الثاني
في حالة جمع مجموعة نصوص في ديوان فانه يكون في جمعها مشترك معين
،و حي ما تكون الع اوين بدالة مع وية توصيلية انتزاعية يكون لبحث قاموس
الكلمات تأثير و واقعية ،اا انه في الع اوين الجزئية المقتطعة و التي يكون
بوحها ايحائي و اسلوبي فانه ا يكون لقاموس مفردات الع اوين ذلك التأثير
.اا ان مجال الحضور و شدة الوطأة و التجبر و اانكفاء و فقدان المبادرة
هذ المجاات حاضرة بقوة في الع اوين .
المجاز .2
من الواضح ان المجازية العالية طاغية في نصوص ُ وجع اشيبَ ،و نقصد
المجازية العالية ليس المجاز المفرداتي ،المت اوب ،و انما نقصد به لغة
الحلم ،بحيث تصبح جميع الكلمات و جميع التراكيب و جميع الفقرات
متخلية تماما عن مرجعياتها المع وية ،انزياح كلي للكل ،بحيث يفقد المع ى
المرجعي اية سلطة ،فتتجسد ذات اللغة و تطغى و تصبح جسدا و شكا و
هيئة و ا يبقى للمع ى حضور ،بل الدالة كلها لذات اللغة الظاهرة فتتشكل
معاني متكاثرة متسارعة متعددة و ربما غير محدودة .وهذا اداء ف ي لغوي
عال و هو ما تتميز به لغة هذا الديوان .وجميع فقرات نصوص الديوان شواهد
على ذلك .
الخيال .3
72
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الموسيقى .4
73
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الصور .5
الصور من حيث المجال فانها متسمة بالوصف و الحكاية و ااخبار ،و من
حيث التركيب فان المجازية العالية و الموسيقى العالية تجعل من هذ ال صوص
عالما غ يا جدا ،و لشدة سرعة الكلمات فان ه اك ميا غريبا للغة نحو
اانعتاق و التطاير في فضاءات ا مت اهية
و اما من حيث المحتوى فان ا امام عالم ا ي تهي من الب اءات الجميلة ،حيث
كم هائل من الث ائيات اارادة و العجز ،الياس و اامل ،و الفرحة و الغصة ،
عالم من الخاص ،و الرغبة ،وسط عالم من العجز و الخوف هي محور كثير
حين يكو ُن الزمن
ترسم حيرتهاَ ُ َمن الصور ،ففي نص ُ َُ2على الرصيف ُ
هات الب ِ
ادق /..ي بغى أ ْن ثقب إبرةٍ /..وتجلس المتاهات في فو ِ
من ِ
ّ ُ هارباً ْ /..
ِ
الخوف بيع بعط ِر ِ نهاجر في ِ
إعشوشب الر ُ
َ الدهشة َ و فيه ُوإذا عوالم َ
74
التعبير اأدبي الجزء الثاني
اوا :التصوير
ان جميع المميزات المتقدمة التي ذكرناها ،تجعل هذ اللغة في هذا الديوان
تحقق عما مفتوحا ،بامتياز ،و تكون جميع مقاطع ال صوص شواهد على لغة
متعددة القراءات
75
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الغيوم تتمدد فوق ضمائر مستترة ،ثم اراجيح الشرق ،تسرج الفرائس
.ا اشك انها فعا تحدث معاني و تصورات و تفسيرات ا تتشكل
اا بمعونة ثقافة القارئ و ميوله .و هكذا نجد ال صوص كلها ،فانها
متق ة في التعالي على التوصيلية ،فالبوح متحقق باايحاء و التعاونية ،
و التكاملية ،لقد اجاد الشاعر فعا في تحقيق لغة ا يستطيع المتلقى
ان يرى دااتها اا من خال نفسه .
ان اهم ما اريد التاكيد عليها هو ان شعر كريم عبد اه ،يقدم ل ا نموذجا
حقيقيا للغة الف ية التي ا توجد في الخارج متكاملة و انما توجد في عملية
القراءة ،ان الشاعر كريم عبد اه قد تجاوز الكتابة الحداثية و حلق عاليا في
كتابة رائدة في فن ما بعد الحداثة ،التي تست د على التكاملية بين الكاتب و
الكتابة و المتلقي و التلقي ،نظام رباعي ا يمكن القول بتحقق العمل و
تكامله اا بهذ العوامل ااربعة ،العمل الف ي الذي ي تجه المتلقي ب ور ال ص
،العمل الذي يكون فيه ال ص طريقا الى ال ص و مرشدا اليه .
اايحائية .2
76
التعبير اأدبي الجزء الثاني
دلق
ان ال عاس ..؟َ ُ ي ُسلطة التوصيل .في نص ُ َُ6من يلجم ع ِ
ُ ُ
تتكس ُر المواعيد صوت ِ
الرمل يمأُ قارورة اأرتعاش تتج ّذ ُر ال آ ّ /.. ُ
/..على ِ
طاولة القلق َ ه اك صوت الرمل ،فضاء بلونه المميز ،يما
بوجود المكاني قارورة اارتعاش ،عالم اارتعاش ،تتجلى ال ُ اَ و
اامت اع ،تتكسر المواعيد ،تكسرا على طاولة ،كيان رهيب هو
القلق ،انه تموج اللغة ،البوح العظيم بلغة حاضرة ،تؤجل المع ى
أصوات
َ تلوك
تؤجل البوح .و فيه ايضا ُ المد ُن الغارقةُ باآتي ُ /..
زف
حين ف ّكوا أزر َار حزنهم / ..و .....الصدى ي ُ
احلين َ /..
الر َ
المواويل َ ا يمكن الوصول الى ما يبوح به الشاعر اا بالتخلي عن
التوصيلية و اللجوء و اارتفاع الى مستوى ااستيحاء و تلقي ااشارة
و ااسترشاد .و هكذا اغلب المقاطع ،ا تمك ك من بلوغ استقرار
حكائي و قصدي اا بركوب موجة ااستيحاء .
ربما من اصعب ما يمكن ادعاؤ في كتابة للغير هو التجريدية اللغوية ،و بي ما
كان هذا الشيء سابقا ليس باامر المتاح للقارئ انغاق ال ص ،اا ان
الكتابة الحديثة و ال ص المفتوح يجوز للقارئ ان يدعي التجاورية و التجريدية
العالية ،ان استساغة التجريدية في غير االفاظ كاالوان و االحان كان سببه
تاصل المجانية التعبيرية في تلك المواد ،اما االفاظ فانه ا يمكن تصورها
قصديا من دون تعبيرية ،لذلك نجد الذين يحققون التجريدية اللغوية ي سبونها
الى الهذيان و اانثيال و الحلم ،نعم هي تشبه ذلك كله اا انه ليست ايا من
ذلك ،ففي حال صدور ذلك من شاعر متمكن من ادواته و حقق ابداعا في
اللغة التعبيرية ،فان صدور التجريدية القصدية م ه تحقق جمالية اللغة
77
التعبير اأدبي الجزء الثاني
التجريدية ،و توجب على القارئ و على ال قد اللحاق بذلك المستوى اللغوي
،و التعجيل من سرعة القراءة لبلوغ القصد ،و اامر يكون اسهل لو فهم ا ان
الكاتب يعتمد على القارئ في اكمال العمل اللغوي .و يجب التاكيد ان
عملية تحقيق القصدية من التجريديات هو عملية تلقياتية قراءاتية اكثر مما هي
كتابية ،انه ب اء قصيدة جديدة و شعر جديد بل هو انتاج كام جديد اصا ،
ان اللغة التجريدية لغة تجعل من القارئ شاعرا ،وه ا نقول هل يمكن لكل
قارئ ان يصبح شاعرا .لقد راجعت مقاطع هذ ال صوص ،و تلمست
الحكائية و التعبيرية كمتلقي في عباراتها ،فوقفت على تعابير تحتاج الى مزيد
من التخلي عن الم طقية الب ائية و مزيد من التأويل و اابتعاد عن خط الدالة
الظاهري اجل بلوغ استقرار قصدي ،اي تحتاج الى الشاعر داخلي انا
المتلقي لكي الحق بها .ففي نص ُ َُ 1تأتأت شقوق اللمس َ ُ مرآةُ جثّةُ
يكح ُل
العطر ّ ..
ط الظ ِل َ و في نص ُ َُ21ي مو ُتلتحف خطو َ
ُ ِ
الحلم /..
كرسي
ص داليةً يعاندها ٌ تتقم ُ جفو َن المشاحيفُ في آخ ِر ِ
الليل فراشةٌ ه اك ّ /..
هزاز َ
ّ
ثانيا :التجربة
حي ما تتجسد التجربة و تبرز و يكون لها ظهور و حضور في لغة رمزية
و ايحائية فان ذلك يع ي ان ا امام لغة ابداعية ،و لظهور التجربة
تفاوت ،و له اشكال متباي ة ،فالذاتية الموالية ال اقمة المتالمة
الصمت َ و تتجلى في
ْ تتجسد و تظهر في ال ص ُُ َ36ملحمة ثورةُ
78
التعبير اأدبي الجزء الثاني
أ – الحضور التصويري
الحضور الصوري يان يكون تدخل الذات المعي ة او الشيء المعين في
نظام تصويري تتحرك فيه .
79
التعبير اأدبي الجزء الثاني
للغربة ،التي تظهر بهذا الشكل المؤثر الذي يص ع عوالما و يم ع اخرى يقرب
كيانات و يبعد اخرى ،انه وجود مؤثر اثر في الكتابة و الكاتب و القراءة و
المعرفة المستفادة ،هذا الشكل من التجلي هو الحضور التصويري .
80
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الصورة التي تجلت بها الغربة ،كانت كتلة تعبيرية ،بمعية غيرها من كتل
التصوير للغربة ،يتكون لدي ا تاريخ للغربة في الديوان كله ،فقد ذكرت الغربة
رداء الخجلَُاأطياف ..تقد َ
ُ في مواطن متعددة من الديوان ،ففي نص
ِ
الشرفات تهدأُ وخلف ِ
اللمس /.. اقير ِ
َ جزر الياقوت /..لو تدغدغها م ُ ُتتفتّ ُح ُ
ِ
الشتاء وثقوب حشود الليالي /..تترنّ ُم فو َق غ ِج ال دى /.. الصواري \بقايا
ُ ُ
ضح شبابيكها /..فجراً في يُتمهاالعشق ت ُ ِ من
تفتّ ُق الغربة \في بقايا اآتي َ
تتاطم َ/..
ُ دلق أمواجها
الصارخ\ت ُ
صفحات ح َد ِ
قات ِ تفترس زوبعةَ المفاتنَُ0وعلى متوحشةٌ ..
َ ُ و في نص ُ ّ
يح عذابات عصافيرها /.... ٍ
ح بالشروق \أي زمان يز ُ تلو ُ
الذبول شهقةٌ حبيسةٌ ّ
شتات
َ يزحف /..ويلم
ُ طيف
يسكن لُحائها ٌ ِ
بالدفء /..آ َن المتوردة وأغصانها
ُ ّ
هذ ِ الغربة ....؟َ و في ال ص ذاته ُوقبلما يشر ُق اللوز في سريرها /..
وحين ِ
زجاج ذهول الصوت /..يرقّ ُق حواشي المساءات\ َ من ِ الضباب ْ
ُ سي جلي
وتعشعش
ُ المحيطات الضحلة /..يعم الطوفا ُن بأوردةِ الغر ِبة /..
ِ ط في
تهب ُ
تحت إبطيها َ
وارس َ
ال ُ
81
التعبير اأدبي الجزء الثاني
حول
تزحف َ
ُ عباب الغد ِر َ ُتلم الدنيا ّ
مسراتها ارات ...تشق َ
و في نص ُف ٌ
مجرحةً تقيّدها هاويةً
تشهق بها الشموع /..تتأو ُ ُّ ط حسرةً
الجروح /..تلتق ُ
ِ
بأعماق غراب
عق ٌ المواجع تس دها على جدا ِر الصب ِر /..ي ُ تدير ِ
َ للرحيل\ ُ ترتّل
ّل بالخم ِر َ ترجم وجهَ ِ ِ
اأفق المبل َ الغربة ُ /..
ِ
الياقوت /..لو جزر
رداء الخجل َ ُتتفتّ ُح ُ
ُاأطياف ..تقد َ
ُ و في نص
حشود ِ
الشرفات تهدأُ الصواري \بقايا وخلف ِ
اللمس /.. اقير
ُ َ تدغدغها م ُ
ِ
الشتاء تفتّ ُق الغربة \في بقايا وثقوب الليالي /..تترنّ ُم فو َق غ ِج ال دى /..
ُ
ضح شبابيكها /..فجراً في يُتمها الصارخ َ
العشق ت ُ ِ من
اآتي َ
فلدي ا تاريخ عريض للغربة في ال صوص ،فانها غربة تفتقها ثقوب الشتاء ،و
يلمم شتاتها طيف ،وجهها يتغطى بتسابيح الذكريات ،و يجرح الماضي ،و
ي عق في اعماقها غراب ،و بالتاكيد بعد تجلي فضاءات وحقول داات كل
عبارة في مكانها فانا س كون امام كائن متطور له تاريخه العريض ه ا هي الغربة
.
ج -الحضور الثيمي
82
التعبير اأدبي الجزء الثاني
83
التعبير اأدبي الجزء الثاني
اانسانية .3
محتوى التجربة هو الذي يحدد التمثيل الذي حققه الكاتب ل فسه و امته و
ج سه و عالمه ،و كلما كان التمثيل اوسع كانت الكتابة اكثر ميا للخاص .
الصمت َ تمثيل اامة وتاريخها ،في نص ُ35
ْ في ال ص ُ َُ36ملحمة ثورةُ
خجل الكلماتَ تمثل لانسانية في معاناة الجوع و
َ لزل
تقود جحافاً تز ُ
َُ ُ
أشيب ....و ٌ
كف عذراءَ تمثل لانسانية في وجع ٌ العوز .في نص ُ ٌ ُ َ34
84
التعبير اأدبي الجزء الثاني
و كلما اتجهت اللغة نحو التعالي التعبيري و التجريدية ،مع أيقاظ لمواطن
الشعور العميقة فانها تحقق حجما تاثيريا اكبر و تكون استجابة جمالية اطول و
اعمق .ان تاجيل البوح و المجاز و لغة الحلم و اابهار و الصدمة كلها
مصادر ااستجابة الجمالية ،و لقد تميزت لغة ديوان ُ وجع اشيب و كف
عذراء َ بكل تلك الع اصر ،و حققت لغة كتابية تحدت تاثيرا شعوريا عميقا و
واسعا كما هو ظاهر ،و جميع ال صوص شواهد على ذلك .
85
التعبير اأدبي الجزء الثاني
رسالية العمل الف ي تكون في بعدين ااول الرسالة الجماهيرية وهي المتبادر من
العمل اانساني ،و البعد الثاني هي الرسالة الجمالية ،و التي تحققها اللغة
الجديدة ،و ا ريب ان لغة ُ وجع اشيب و كف عذراء َ قد حققت لغة
ابداعية جديدة ،متميزة بخصائص واضحة .كما انا بي ا التمثيل و المحتوى
اانساني فيها ،وهما من ع اصر الرسالية الجماهيرية و كل ذلك يجسد الرؤية
العميقة و الواضحة التي هي ع صر من ع اصر الرسالية ،ان اللغة اايحائية
بابتعادها عن التوصيلية المباشرة ،و مع اسلوب اانتقاء اللفظي فانها تحقق
ابتعادا عن مجال المع ى المرجعي ،مما يستدعي ترقي القارئ ثقافيا اجل
اللحاق بالسرع الكامية لب اءات اللغة اايحائية ،فالتداولية و التعاونية التي
هي من ع اصر الرسالية الجمالية بقدر ما تكون من مهمة الكاتب فانها من
مهمة القارئ ،و بدل التخلي عن عبقرية اللغة و توهجها اجل انتاج لغة قريبة
للقارئ ،فان الواجب على القارئ تطوير استجابته الجمالية ،و اللحاق بعالم
الجماليات في الشعر المعاصر ،و ان عدم اهتمام المؤسسات ااكاديمية
باشكال الشعر الجديدة و جمالياته ادى الى تخلف القراءة في الوسط العام .
ما عاد صحيحا ت اول الشعر ال ثري كاشكالية فان جمالياته و ف يته اصبحت
من اامور الراسخة ،فالواجب هو اارتقاء بالقارئ العادي لتلمس تلك
الجماليات .
86
التعبير اأدبي الجزء الثاني
87
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ُ لست أحب الثلج أبدا \ وأحب فيه لون البياض \ فذاكرتي ا تحمل إا
وجعاً \ حين م فى في أيّار \ حين ولدت ي أمي في خيمة مشرعة للريح
وللبرد \ وكان صراخي يمأ الحي َ
التصور في م تهى
ّ التذوق ،و هذا
تصور أ ّن أساس عملية ال قد هو ّ
قد يُ ّ
الخطأ ،بل أساس عملية ال قد هو الفهم ،أي فهم لغة المؤلف ،و لكي
تستطيع نقد نص ا ب ّد أوا ان تفهم لغته.
88
التعبير اأدبي الجزء الثاني
واما من جهة الكيف فان نقاط ااستجابة مختلفة بال وع وهذا ظاهر .
حاسة لها انواع من الحواس و درجات ،فكذلك ااستجابة
وكما ا ّن كل ّ
الجمالية ،فبي ما تح ّفز الجمالية المباشرة نقاطا معي ة و الجمالية اايحائية
نقاطا اخرى مختلفة ،فان اللغة التي تجمع بين اايحاء و المباشرة تح ّفز
السر ااعظم للغة القويّة ،و هو ليس من مجال
جميع تلك ال قاط ،وه ا يبرز ّ
فاما مباشرة او ايحاء ،او ان تكون المباشرة
الدالة ،لكي يقال بتع ّذر الجمع ّ
طريقا الى اايحاء .بل اايحاء في اللغة القويّة اضاءة نقاط المعاني و الشعور
،انه ااشعاع ،هو ليس من دالة لفظ على اكثر من مع ى او دالة مع ى على
مع ى ،مع ا ّن هذ اشكال من اللغات الجمالية .
89
التعبير اأدبي الجزء الثاني
شة الجمالية
في البدء كان السؤال .كيف لشعر معيّن ان يح ّقق الده ّ
الكاملة ،كيف للغة المت بي العظيم و السيّاب و محمود درويش ان تفعل ذلك
؟
لطالما علمت أ ّن لغة المت بّي العظيم هي أفضل لغة في زمن الكاسيكيّة
،و لطالما علمت أ ّن لغة السيّاب هي أجود لغة في زمن الحداثة ،و لطالما
علمت أ ّن لغة محمود درويش هي أفضل لغة في زم ا .
وك ت أشعر أ ّن خيطا قويا يوصل بي ها ،من ثم التفت الى تلك اللغة
العميقة الموحية و الحاكية في الوقت نفسه ،التي تجمع ال قيضين المباشرة و
سر عظيم.
الامباشرة .فليس اأمر جمال صورة فقط .انّه أعظم من ذلك .انّه ّ
نحس
نحس بها قريبة و سهلة و بسيطة ،اا ان ا ّهذ هي اللغة القويّة ّ
ايضا انّها غير مت اهية و انّها واسعة و انّها ليست بسيطة .و مع انّه ا تأجيل
ه ا ،فكل شيء واضح ،المعاني واضحة ،و معاني المعاني واضحة و ما وراء
ذلك و ما وراء الوراء واضح ،عالم واسع من الوضوح ،عالم غير مت ا من
90
التعبير اأدبي الجزء الثاني
انّها ليست صورة فقط و ا حكمة و تفاخر و تبا ،انّها عالم ثائر و
هائج من اارادات و ال داءات انّها اضاءات مساحات افكر الشاسعة .و
يقول في بيت آخر :
ِ
َأود م َن اأيّ ِام َما ا تَ َود ُ َوأش ُكو إلَ َيها بَ ْي َ َا َو ْه َي ُج ْ ُد ُ
91
التعبير اأدبي الجزء الثاني
انّها ليست مجرد شكوى و صور شعرية و حزن عميق ،انّها عالم واسع
من ال داء ،و اارادات ،و الحكايات .
تتجسد هذ اللغة القوية المعطاءة التي ا حدود لها في شعر محمود درويش
الكبير حيث يقول :
ّمت كل
يليق بمحكمة الدم كي أكسر القاعد ْ \ تعل ُ
ّمت كل كام ُ
ُ تعل ُ
الوطن ُ ...
ُ الكام ،وفككته كي أركب مفردةً واحد ْ \ هي:
انها ليس مجرد اعتراض و شكوى و حزن و الم ،و ا مجرد صور شعرية
آسرة ،بل هي عوالم رفيعة و فضاءات واسعة من ال داء و اارادة و الخاص
.و بهذ المباشرية اايحائية تتكامل لوحة عظيمة له يقول فيها :
ه ا ليست فقط بوح شفيف و حوار رفيع و تجربة متجلية و صور رائعة ،بل
مديات واسعة من المعاني و الهموم و ااحزان متكاثرة .
92
التعبير اأدبي الجزء الثاني
أكلوا لساني
ليس اابهار ه ا وحد حاضر ،و ليست التوظيفات و الصور البديعة وحدها
حاضرة ،و ليس البوح الرفيع و الشكوى و لوحة الحزن وحدها حاضرة ،بل
93
التعبير اأدبي الجزء الثاني
يشرق ه ا عالم من المعاني ا ي تهي ،ليس له بداية وليس له نهاية ،انه يتمدد
في المكان من السماء حتى اارض ،و في الرؤية من الضياء الى الضام و في
الروح من الغ اء الى الصمت و من يأس و موت الى أمل و قبلة َ .هكذا اللغة
تتوهج باقصى درجة ممك ة .
تعبّأ باكبر طاقة ممك ة ّ ،
حين م فى في أيار
انها ليست فقط صورة تعبيرية عميقة ،و ليست فقط توظيف ماهر لاشياء
الباردة ،انها حكاية برد ،برد قاتل موحش ،انه عالم من الصراخ و ال داء و
سط عالم من الثلج َ
94
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ُ انه عالم من تداخل الذوات ،و الحواس ،و ااشياء ،انها ال داءات
التي تأسر المكان ،توقض كل شبر فيه ،فا يبقى له حدود ،انها الحياة بعد
الموت َ
95
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ليس ه ا بوح فقط ،و ا حكايات اسطورية عن المدي ة ،و ا قصيدة موت
فقط ،انه عالم واسع من المعاني المضاءة و الحكايات و ال داءات و
اارادات .
ُ لم يكن معي في ليلي إا حلمي وحقيبة سفر /ورنين لموتى قد رحلوا قبل
وقت يكتبون أسماءهم على سطح الماء /وقصيدة تدخل مخاضها اأخير /
غريبة كانت تلك الوجو التي تطل من الجهة البعيدة /ويتقلب جسدي في
الفراش وابعد عن حلمي الذئاب /وندخل اامحدود من القتال /وتصبح كل
شوارع المدي ة مصبوغة بلون احمر /هذا أنا الميت داخل حلمي /السائر
على طريق الماء َ
انه السير على طريق الماء ،انه الموت داخل الحلم ،انها اللغة القوية ،اللغة
التي تغّي التي تمأ اأرض بال داء .
96
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ِ
جمجمة الطفل ُ
ذاكرةَ الوجع
في ملح اأرض
وفي الطين
افتح بابك للهزيع اأخير
للغة تتشكل من دهشة الظ ون َ
انها ليست فقط فكرة الحياة ،و ا فكرة اللغة ،و ا فكرة الشعر حتى ،انها
عالم اوسع من الزمان و المكان ،اوسع بكثير ،و اعلى من الشعر و اعمق
السر الكبير َ
من اللغة ،انه ي بوع السحر المدهش ّ ،
ُ تذكر
سيكلمك اه من فوق سموات سبع
عبر األواح الممحية
وتعلمك المائكة اللغة البكر
قبل الذبح
وقبل أن تصل ذاكرة الخيال لعمى الكلمات َ
97
التعبير اأدبي الجزء الثاني
هذا ليس شعرا فحسب انه حياة و وجود ،و كيان و انفاس ،في عالم فسيح
،ا تتمكن الكلمات و اللغة العمياء من تلبية نداءاته .
ك ت احلم /كما يحلم الذين رحلوا وحين امسكوا خيط الشوق وحاكوا
ثوبا يحميهم من صقيع الباد
ك ت اخجل من أن احلم أكثر من الذين ماتوا حين كان الحلم بيد السلطان
ك ت اخجل حين امسك مزامير اآلهة القديمة فتبصق بوجهي
ك ت اخجل حين اجلس على طاولة المقهى ارتشف قهوتي في مقهى في
وسط المدي ة /ولفافة تبغي تحترق أمامي كما الباد /وأغمض عيوني الحزي ة
.
انه عالم من البكاء الرفيع ،انه صوت و نداء ،و حمم صقيع و ثلج
اهب .انها اللغة القوية .انها لغة عيسى أبو الراغب .
98
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ان الفهم المثمر لهذ الظاهرة هو بالتراجع قليا في فهم الوحدة في
الكتابة الشعرية ،فحي ما تكون الصور بشكل حلقات السلسلة يكون لدي ا ُ
اللغة المتسلسلة َ وهو صفة القصيدة المعهودة ،لكن في حال طغيان اللغة
التحرر من أحد طرفي
ااول ّالتحرر ،و هو على شكلين ّ :
فانّها تميل الى ّ
م طقية اللغة ،فتبدو كأنّها معلقة ،حي ها يكون الترابط بأمور غير الموضوع ،
فتكون بشكل ع اقيد الع ب و هذ هي ُ اللغة المعلّقة َ ،و حي ما تبلغ اللغة
موحد و رابط
تتحرر من الطرفين فا يكون ه اك ّ
درجة عالية من التشظّي ّ
ظاهري لها سوى مصدر تكوي ها و أعماق عوالم المع ى و الدالة ،وهذ هي
ُ اللغة المتشظّيّة َ .
فصول تجليّات العزلة ت تمي الى الشكل الثاني ،اذ انّها ُكتبت بَ َفس واحد
ظل
ملونة لشجرة عالية و ّ
موضوعي ،فكانت بشكل ع اقيد ع ب ّ
ّ مع تع ّدد
مديد ،ف جد ال صوص تتشح بلون الغربة و الح ين و التأو و الحسرة ،و
99
التعبير اأدبي الجزء الثاني
نجد الغربة تتجلّى بصور ظاهرة تخطف أبصار التل ّقي و مسامع الفكر .اذن
أشعة المعاني التي
يمك ا ان نرى قصيدة واحدة ،لكّها ملونة ،تتجلّى فيها ّ
توحد فصولها .
ّ
100
التعبير اأدبي الجزء الثاني
جربت
ُ هل ّ
ا ّن األم و الحال التي خلقتها الغربة ،انّما انبعثت و كانت صدى للح ين
الى تلك اأمور التي اغتالتها يد الغربة و الوحدة ،و ااعان المرير لموت
تجل ظاهر للح ين اليها .
الشمل و ااحضان العائلة و القبيلة هو ّ
ُ البارحة
و ضحكتك
كرجة قارب َ
ّ
ا ّن هذا البوح و ااستذكار لتلك اللحظات ،كان تجليّا صريحا للح ين من
م ابع اخرى عميقة وعاطفية اا انها ايضا ت عكس كموجات بوح للروح في عالم
الوحدة.
في مقطع نجد الح ين يتجلّى في صورة عميقة على شكل البحث عن
ضفة ااخرى ،في السعي نحوها بتوق ،بلغة شعرية و انزياحات عالية
ال ّ
المستوى و مبهرة يقول قحطان جاسم في الفصل ُ َ17
ُ أت صت
أصغي برهبة
لرصانة أوجاعي
رعونة الكابوس
انكفاءة الكأس
102
التعبير اأدبي الجزء الثاني
للحزن
و في مقطع يتجلى الح ين بلغة قريبة بلغة توصيلية و بوح ظاهر يصل حد
الصرخة اادبي و لغة ال داء .في فصل ُ َ3يقول قحطان جاسم :
موغلة في الماضي
أنت ..
هل أنت
103
التعبير اأدبي الجزء الثاني
في الفصل ُ َ1يتجلى الح ين بلغة بعيدة بلغة ايحائية رمزية يقول قحطان
جاسم :
ُ لس وات
يزاحم
ا ّن حضور الزمن و أسر للمكان ،و فعل المراقبة ،و مفردة ااختيال ،و
اجمة الروح ،و هجيانات اأسى َ هذا القاموس مع تركيبته الواردة ه ا ،يولّد
ايحاءات الفقدان و التأو و الح ين ،فقبال كل من تلك المفردات عوالم
مع وية و يرتبط بكل م ها انثياات فكرية ت ّمي روح الح ين و الشعور به ،الى
ما فات من العمر .
ُ هي المحطات
حدائق للغرباء
104
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ارتباكات مبهمة
تفاصيل طارئة
105
التعبير اأدبي الجزء الثاني
106
التعبير اأدبي الجزء الثاني
107
التعبير اأدبي الجزء الثاني
و هذا هو الجانب التعبيري في الخيال .اذن لدي ا جهاتان للتتبع الخيال في
اادب ،البعد التعبيري العرضي و يتمثل بانواع الخيال و البعد اادهشاي
الطولي و يتمثل بمستويات الخيال و اعماقها .
على مستوى التعبير و الوظيفة للخيال ه ا عدة صور ،م ها الخيال
الحكائي و الخيال التعبيري و الخيال المتعالي ،و لكل م ها جماليته و وظيفته
و ربما تجتمع كلها في عمل واحد .و ربما تتباين مقاطع ال ص بانواع الخيال .
اما على مستوى العمق فللخيال درجات واضحة من حيث العلو و العمق في
ال فس ،فلدي ا الخيال القريب و الخيال المتوسط و الخيال البعيد او العميق
و ه اك درجة من الخيال ما وراء العمق هي الخيال الساحر .
قصيدة ُ ليلة من أيام بحار عتيق خارج الخدمة َ لسعد غام اشتمل
على صور و تشكات و مظاهر للخيال رفيعة و بديعة سواء على مستوى
اانواع و الصور او على مستوى العمق و الدرجات .فه ا جهتان للبحث :
-1الخيال الحكائي
108
التعبير اأدبي الجزء الثاني
-2الخيال التعبيري
يبلغ سعد غام اللغة التعبيرية العالمية في مقطع مبهر له حيث يقول :
109
التعبير اأدبي الجزء الثاني
-3الخيال المتعالي
110
التعبير اأدبي الجزء الثاني
و يقول في مقطع اخر تتداخل فيه حقول المع ى و تتجاور با الفة عالية
ُ معتوهة الساعة تدق
ا أحد يواسيها ب ظرة
غشاوة بشعة شاسعة اأركان
تتراءى وهي تسقط تحت وطئتها مقلي الجاحظة
سمكة قرش حانية
مست صدغي
امتأ فراغ كالغرفة َ
111
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ناحظ و بقوة الميل الى البوح ،و الت اوات المجازية القريبة المتمحورة
حول الفكرة و اكشف .
و في مقطع بوحي اخر جميل يقول سعد غام
ُ يقرض اجفاني فأرات
خديجة
كقطعة الجبن
بهيمية رع اء اطلقها
من خلف العدم متخثر
صوت يترنح يعبر من الحانة
ال ت ة كورة الطابوق المكتظ
بسحب العطن وال يلج والاألوان
على مي اء جزيرة نائية
مررت بها ذات ابحارَ
من الواضح البوح الرمزي ه ا ،و تكثيف الوصف الوجداني و تصوير
الواقع .
-2الخيال المتوسط
112
التعبير اأدبي الجزء الثاني
في مقطع بوحي يذوب في نداءات مصوغة بتق يات ف ية و خال جزئي
واضح يقول سعد غام
ُ نرجسة ماانفكت وهي تذبل
تلوح لي كلوتسة في مست قع
صي ي في خلوة
ايها الممتقع المتش ج
الموتور
اوقف الفزع وقرع ااسوار
وهز القضبان
سج ك ابدي مع تهاويمك وهمستك
الى استيقاض الغيب
من غيابه َ
فالقاموس للمقطع يخيم عليه الغربة و الوحشة و البيؤس ،و التهاوي َ،
و االفة واضحة بين المفردات و التجاورات محققة خاا تركيبيا متوسطا
113
التعبير اأدبي الجزء الثاني
-4الخيال الساحر
114
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ان عمق التعبير ه ا ،و انطاق البوح من مكامن روحية عميق تدعو الى
القول ان هذا التعبير انما صدر من اشراقة فذة و نادرة لسعد غام على ي ابيع
الشعر السحرية التي طالما تحدث ا ع ها .
المصادر :
115
التعبير اأدبي الجزء الثاني
116
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الشعر اشراق على اسرار اللغة و تجل لعبقريتها و است طاق لصوت روحها
العميق .الشعر هو اقت اص اللحظة الشعورية العميقة و الكشف عن نقابها
فتشرق شمسا جديدة جميلة الى ال اس .ليس الشعر مجرد سبك جميل
حي و عميق و
للكلمات فان هذا من التصوير السطحي ،انما الشعر نفوذ ّ
متوهج الى روح اللغة و ي ابيعها السرية و عوالمها المتخفية خلف الحجب .
ان لم يخترق الشعر الحجب و ان لم يبلغ الكواكب المشعة و الحقول
المتوهجة للغة فانه لن يكون شعرا بالمع ى العميق .
حي ما تشعر ان ال ص ي قلك و بقوة و بسرعة الى عالم عميق و الى حياة
جديدة و يضيء لك مواطن الشعور و ااحساس و يولد في نفسك زخما
معرفيا و فكريا حي هما نكون أمام كتابة فذة و حقيقية و ليس مجرد تف ن
كامي و لفظي .هذ الكتابة العميقة التي تتجاوز السطح و ت فذ الى روح
اللغة نجدها متجلية في كتابات الشاعرة هاا الشعار ،و تبلغ تجليها ااكبر
في نصوصها التقليلية .
في نص عالي الشاعرية و متعدد الدالة يرتكز على عمق الفكرة و الرمزية تقول
الشاعرة فيه :
117
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ان المساحة الجمالية الواسعة سواء من جهة الكم او الكيف الشعوري او من
جهة ال فوذ و الحجم تتحقق ه ا بواسطة تق يات التعدد الدالي و ااستعارة
الكتلية ُ الجملية َ ،وهو فن كتابي تجيد هاا الشعار اشرنا اليه في م اسبة
سابقة حيث انها ا تقتصر في مجازها و استعارتها على اانزياح اللفظي في
المفردات بل تلجأ و بلغة متطورة الى الرمزية الكتلية و ااستعارة بالجمل و
التراكيب اللفظية ،محققة واقعا و عالما نصيا يعيش فيه القارئ وسط لغة
راسمة .و رغم قصر ال ص اا انه يحقق حالة الرسم و اابعاد الثاثة .هذا
ال ظام المتقن من اللغة الراسمة و الرمزية التعبيرية يحقق اضافة مفهومية و
اشراق على مك ونات اللغة و اطاع على الي ابيع السرية للشعر ،محققا ُ
التعبيرية المفهوميةَ التي ا تترك مجاا للفكر اا الشعور بالدهشة و العجز و
هما أهم غايات الكتابة الشعرية و التخيلية ،و بذلك يبلغ ال ص غاياته الف ية
و الجمالية و الرسالية .
و في نص مكثف و معبر ببوح شفيف ي تمي الى أدب القضية تقول فيه
الشاعرة :
ُتقاسم ي
الخراب َ
118
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ُبضع خطى
ُ
ان العذوبة الشعرية بأدب يتميز بالف ية العالية من انزياح و خيال ،هو أحد
أشكال ُ اللغة المثلى َ التي يبلغ بها ال ص غاياته ،و يتجه بالكتابة نحو
ال ص الكامل .و أهم تق يات اللغة المثلى او ما ك ا نسميه ُ اللغة القوية َ هو
التموج التعبيرية و وقع ة الخيال .فيتجلى التموج التعبير في قاموس لفظي
يجمع بين لحظات واقعية و اخرى خيالية فااول في ُ بضع خطى ،بي ي و
بين اليمامة َ و الثاني في ُ أكاد أامس الهديل َ ،كما أنه بذات اأسلوب
تحقق نظام ُ وقع ة الخيال َ حيث ان القارئ يُ قل الى حياة ال ص بكفاءة
عالية و ا يكاد يميز في ان التعبير ه ا نظام خيال ام واقع ،فا يجد نفسه اا
مبحرا في فضاء هذ الكتابة الجميلة بامتاع فكري و شعوري .
119
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ُسأجمع صمتي
ُ
صمتي كلّه
ابتاء الهواء
الم ْت َعب َ
سطح هذا الكوكب ُ
على ِ
فوسط البوح الشفيف و التوصيلية المخلصة نجد عبارة مركزية و مؤثرة تتمثل
بمقطع ُأدفع ع ي تهمةَ الماء \ ابتاء الهواء َ هذا ال ظام ااستعاري الرمزي
كسر حالة التوصيلية و حقق التموج التعبيري ،و نقل البوح الى حالة رمز و
حالة الخيال الى واقع نصي فيتحقق نظام ُ وقع ة الخيال َ .
هكذا نرى ان هاا الشعار و ب صوص تقليلية قصيرة تحقق انظمة شعرية عالية
بطاقات تعبيرية كبيرة ،باشراقات ذات نفوذ عميق و مساحات استجابات
جمالية واسعة ،تكشف ال قاب عن اسرار الكتابة المؤثرة و عن وجه اللغة
المتوهجة .
120
التعبير اأدبي الجزء الثاني
121
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ِ
وسلب رؤاي ِ
وتمزيق أخيلتي \ الغول عن ِ
قضم قافيتي ُ متى يمت ُع هذا ُ
والجسر َ . ِ
الرصافة أذوب غزاً بين . .؟ \
ْ َ
عبد الجبار الفياض
بج ب ع اصر الف ية و الجمالية تكون الرسالية الركن الثالث في اابداع ،
بتبّي هموم اامة و امتثال تطلعات الجماهير و تجسيد الرؤية اادبية ،
فالرسالية بقسميها الف ي و الجماهيري تبرز ع صرا مهما في عملية اابداع .ان
تمثّل هموم اامة و الشعب في هذا الزمن الصعب يجعل من اانغاق على
الذات و الذوبان في الذاتيات ترفا و بعدا عن جوهر اادب .لذلك نجد ان
الجل ااكبر من اادباء العرب في زم ا يتمثّلون قضية اامة فكانوا صوتا
ّ
صريحا و معبّرا ف ّذا عن هموم اامة ،و من بين هؤاء الشاعر العراقي الكبير
عبد الجبار الفياض الذي عجن أدبه بهموم الوطن و حكاياته و معاناته .في
هذ المقال س ت اول الرسالية الجماهيرية في ادب عبد الجبار الفياض ،في
مامحها و صورها الشعرية العميقة .
123
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ُ هاما ُن
يعزف لح اً يُطربُهُ
ُ
وربَه
رماد ٍ
ليال متعبة ولِ ْ
يسف ما عدا ُ َ
ِ
بأستباحة ما يُريد يحلم
فلتدع اأيادي ال اعمةُ الفرعو َن ُ
ِ
يحلم بحف ِة شب ٍع ِ
ومم وعٌ لغير أ ْن َ
أكوام لذتِه َ
من ِ
انه زمن الزخرف حيث يزين اهل الظلم و العمى بعضهم لبعض زخرف
القول ،وسط عالم من الظلم و القهر ،حيث اانسان في وجهه القبيح يسحق
اخا اانسان ،ي غمس في لذته السوداء ،تاركا اخا اانسان في عالم من
الجوع ،ان هذا الخطاب اانساني يتجاوز الزمان و المكان يتجه نحو المعاناة
الكلي نحو طلب العدالة في العالم ،ي دب الظلم و القهر
ّ الكلية و اانسان
العالميين .
125
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ان الشاعر ي شد زم ا با ألم ،با حزن ،في وطن ارهقه هذا التاريخ
الطويل الباكي ،هذا البلد الجريح ،المثقل بال كبات و الدمار و سلسة ا
ت تهي من الخسارات و الحسرات و ااحزان ،يبرز السؤال ،متى نهاية كل
هذ الموت و القتل و الدمار .
ان الحزن يأسر المكان ،فكان ارثا و رثه هذا الوطن الم كوب يقول عبد
الجبار في مقطع حزين :
ُ أي ٍ
حزن
هذا الذي ت ط ُقهُ ُكل ِ
لغات العالمين ؟
لحاّ ٍج
صباح تتسع بقعةُ ِ
دمه ُكل
ْ ُ
خارطةً لسائرين نحو م ِ
ازل القمر . . . َ
جذعةُ ِ
صلبه
أرث يستودعُهُ بغداد
ٌ
ِ
بصحبة موت ْه صرف
وي ُ
ٍ
أضداد ومسوخ َْ . ِ
سفالة باصقاً على
التف بروحه و سرقها ،حتى
التف بوطن هذا الشاعر ّ ،
ان الحزن الذي ّ
انك ا تجد عبارة و ا مقطعا اا و يخيم عليها الحزن ،ان شعر عبد الجبار
هو دموع الكلمات و بكاء من نوع اخر ،انه شعر البكاء و ال دب ،انه ادب
البكاء و الدموع .
و في مقطع يصف واقعا مريرا يقول فيه :
ِ
وتمزيق أخيلتي الغول عن ِ
قضم قافيتي ُ متى يمت ُع هذا ُ
ِ
وسلب رؤاي . .؟
126
التعبير اأدبي الجزء الثاني
تبن و تمثّل احام شباب هذا الوطن الم كوب ،انه يتطلع لزمن
انه ّ
الحب و الرفاهية و الدعة ،حيث يذوب الشباب في العشق و الغرام من دون
ألم و ا حسرات ،انها الحياة المفقودة ،حيث هذا الغول الدموي يسرق كل
شيء ،يسرق الكلمات و ااخيلة و الرؤى ،يسرق الروح و الزمان و المكان
.فا يبقى فسحة للفرحة في هذا البلد الجريح .
127
التعبير اأدبي الجزء الثاني
تمهيد
128
التعبير اأدبي الجزء الثاني
129
التعبير اأدبي الجزء الثاني
حي ما يعظم األم يصبح فيضانا من ااوجاع و العتمة ،ففي لوحة تعبيرية
عالية المستوى يقول يعقوب احمد يعقوب ُفي ظال غربتي \أشد
السماء \ كمعطف ممزق \ يفيض...باأوجاع \ وبعتمة الطريق َ ....و
الهم ال ازلة من جبال الغم ،حي ما تصبح الدموع دما ،يقول
حيث صخور ّ
يعقوب احمد يعقوب ُ هي بعض العيون \ بجوف الظام \ تقطر بالدم
\ و ع د الصباح ت تزع ابتسامة من صخور الهم من جبال الغم \ ا
لشيء لكن لكي يستدير ال ف م َ
و يخيّم الحزن حتى انه يكسر اامل و الطريق ،انه اامل المحطم الهشم
ظل طريقه ،حيث يقول يعقوب احمد ُ انا و اامل صديقان م ذ
الذي ّ
دقيقة \ صادفته\ مكسرا \ محطما \ مهشما\ ظل من الوجع \ طريقه
َ.
قصة األم المرير الذي يتجاوز صبر وتحكي ل ا كلمات الشاعر الفلسطي ي ّ
ميل لِز ِادها \ الج َ
شعب صي َر الص َبر َ اح ٍ الصابرين تقول ايمان مصاروة ُبِ ِجر ِ
ِ ِ كالعُ ْش ِ
اآهات ُر ْغ َم س ُحمرَة الم َكبِ ِر يحتَفي بالغَْيم \ يَلْبَ ُ
ب في َجبَ ِل ُ
المع ى َ و في لوحة تعبيرية عن الخواء ِ ِِ قوط بَ ِ س ِ
عض ُحروفه \ في ُه َوة َ ُ
ت الحيَاةِ \ ِأَلْتَ ِق َ
ط ثَ َم َرًة \ َس َقطَ ْ َص َع ُد َش َج َرَة َ
يقول محمد حلمي الريشة ُأ ْ
فِي ال َق ْب ِر َ
ان القضية الفلسطي ية هي الجرح العربي الكبير يقول عيسى ابو راغب ُ
أنا جرح عربي \ نصفه مطر \ونصفه تراب َ ,و في لوحة تعبيرية تبوح
130
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ليب َ ِِ
الص ُ
وح على مواجعه ّ
ايمان مصاروة بألم كبير فتقول ُتركتَ ي \زمًا ي ُ
و في بوح شفيف ي صدع ااسى من موطن الجرح و يطلع ال زف حيث
تقول مقبولة عبد الحليم ُمن موطن الجرح قلبي باأسى
انصدعا \أخ ط نزفً ا من اأوجاع قد طَلعا \ ك و ٌن بروحي من اآام
يذبح ي \ وم ا أزال بآهي أك توي ه لعاَ و يفيض الزمن باأسى حتى
خ
َص ُر ُ َسى \ نَ ْحلَ ًة َم ِري َ ِ
ضةًَ \،وأ ْ الشبع يقول محمد حلمي الريشةُ أَبْ تَل ُع اأ َ
ِم ْن َشبَ ِعي َ
و في صورة تعبيرية تبلغ عمق الجراح يهرب احمد فوزي الى الليل اذ يقول
جروح المدي ِة \ وا تَشفى َ
وء في ِض َ ب إلى الل ِ
ّيل \ َكي ترى ال ّ هر ُ
ُحين تَ ُ
َ
131
التعبير اأدبي الجزء الثاني
أن تعتلي سقف الروح والسماء /أن نشيح بوجه ا عن كل الخداع الكوني
/فهذا ال فاق قد استيقظ من نومه َ ،و يقول في موضع اخر ُ هذ فت ة
أرختها اأيام على جسدي /وكتبت خيانات الكون من بعد ما ولدت َ انه
دب في
كسيح ،اذ يقول عيسى ابو راغب ُ فهذا العدم قد ّ
ٌ عالم خائن
جذع الجسد وأصابه بالكساح َ .
ليس ه اك في هذا العالم سوى الخراب ،و اارض اليباب يقول عيسى
ابو راغب ُ تعال أيها الغراب الحكيم يا سيد هذ اأرض الخراب ل عود
تلك
أليست َ ْ للبداية َ انه الصمت الكوني القاتل ،تقول ايمان مصاروة ُ
بالصمت ؟ َ ،و في لوحة تعبيرية لهذا الزمن المظلم ِ اأرض \المذبوحةُ
ُ
اح \ بَ ْي َن
صبَ ٍ ٍ
ض ُكل لَْي لَة \ بَ ْحثًا َع ْن َ
يقول محمد حلمي الريشة ُ أَنْ َه ُ
احي غُر ٍ
اب َ َجَ َ ْ َ
امرأة تحمل في جدائل شعرها رسائل الباد قصت حبلي السري وأوثقته
باأرض َ و حي ما تضرب الغربة في العمق تتجلى الوحدة الممزقة يقول
يعقوب احمد ُفي ظال غربتي \أشد السماء \ كمعطف ممزق \
يفيض...باأوجاع \ وبعتمة الطريق . َ ....وتتساءل ايمان مصاروة هل
الخيام \هل يُوِر ُق الم َفى
ْ بين
اك أرا ُ ما َ
يورق الم فى ؟ اذ تقول ُ ه ا ،ه َ
ِ
العشق ؟ َ. \بعي ِن
ا يرى الشاعر الفلسطي ي هذا الزمن المليء بالغربة اا صقيعا قاتا يقول
عيسى ابو راغب ُ
ما زلت ابحث عن رحم اأرض الدافئ فقد اشتد الصقيع َ ،انها برودة
ارصفة الغرباء يقول يعقوب احمد ُوأحياناً \ كثيرة \ أتاشى \ وأتبخر \
وأنتهي حتى تلملم ي البرودة \ عن أرصفة الغرباء َ ،و ا يرى في بعد
عن الوطن اا سوادا مريرا خاليا من رغبة الحياة ،يقول عيسى ابو راغب
ُوقت با رغبة \ وقت بسواد ليل \ خذو م ي \ خذو \....وابقوا لي
\شرفة للبكاء \اكتفي قبل الوداع \بشي م كم مستطاع \ أن اقبل تراب
وط ي \ وبعدها يكون العمر انعتاقاً َ انه زمن ي وح عليه الصليب كما تقول
ليب َ ،انه زمن ا ِِ
لص ُوح على مواجعه ا ّ ايمان مصاروة ُتركتَ ي \ زمًا ي ُ
حياة فيه و ا فرق بين ايامه و ساعاته يقول بكر زواهرة ُمن غيمة العمر
السريعة تسقط ااعوام \ في لحم التجاعيد العميقة كالهبوط با هواء \
في بطون اانقراض \ ا فرق في ااعوام \أو شكل الس ين سوى \
اختاف في الوجو َ .ا فرق بين الغربة و الم فى فألم الحرية حاضر في
ااث ين يقول عيسى ابو راغب ُعيسى :فا فرق بين الغربة والم في \أما
الحرية فهي غريبة \ مثلي\ ا ارض لهاَ .و الى ااغتراب و الغياب
رسالة ونداء ودعوة الى انهاء فصول البعد و طلب اللقاء حيث تقول ايمان
133
التعبير اأدبي الجزء الثاني
كح ِل َ
العين ِ
الغياب \ و ّ ت ِمن
ُخذني إلى لحدي \ ولملِ ْم ما ترْك ُ مصاروة ُ
اك َ الشقيةَ في ِ
ابتعاد َك \ كي تر ْ
نشيد اأرض
حين تُذبَح اارض بصمت الصامتين ،يعلو ال داء الحزين ،اذ تقول ايمان
ِ
بالصمت َ .ان اانسان اأرض \المذبوحةُ
ُ تلك
ليست َ
مصارة ُ أ ْ
الفسلطي ي إلتحم بأرضه فكان هو اارض و كانا شيئا واحدا يقول عيسى
ابو راغب ُ أبي كتب على صدر بعود الس ابل اأصفر /نحن اأرض /
وحين طل برأسه من ه اك /على المدى البصري /لم ير إا طين اأرض
ووردة وزيتونة ت ح ي للعاشقين ،ت اديان بعضهما البعض َ ،و يتغّى
بالوطن فان ازقته اجمل من ال جمات يقول عيسى ابو راغب ُ أزقة وط ي
\أجمل من نجمة تترصد \غابات الليمون َ .
و تحضر دوما القدس رمزا و معشوقة في شعر الفلسطي يين فتقول ايمان
وعز
اب \ َ ش َه ُ
ى ال ّ ِ
القدس قلبي \تَ َه َاو َ رفعت الى
مصاروة ُإذا ما ُ
وحي قد دس ٌ الّظَ ْر َ انها الوحي الذي ترتل تقول ايمان مصاروة ُ فال ُق ُ
زورها َ انها اعجوبة الزمان انها حين تَ ُ
مس َنورا يُضاهي الش َ رحها \ ً تَرتَ َل ُج ُ
الملَ ِكي ِ
دس تَ ْب ُذ ُر س ْح َرها َ رئة التاريخ و الوجود تقول ايمان مصاروة ُفي ال ُق ِ
جيبة \ تَفتَ ُح ال ُدنيا نَوافِ َذها لِتلتَ ِق َ
ط بابِل \وال ُفتُ وةُ في حدائِِقها المعلَ َق ِة الع ِ
َ َُ ُ
ِ
ك من َجدي ْد َ
ض َح ُ واء \ َوت ْتَشي بِ َ
الح ْرف \تَ ْ اله َ
َ
134
التعبير اأدبي الجزء الثاني
لم يترك الشاعر الفلسطي ي و سيلة ليتكلّم فيها عن وط ه حتى انه احترف
السكوت أجل الحديث ع ه فه ا بكر زواهرة يقول ُحي ما يكثر الكام
عن الوطن \ ابحث عن طريقة كي يتذوق ي بها الوطن \ واحترف
السكوت َ .و بهذا ال داء العالي و الصوت الرفيع يتقدم الصوت
الفلسطي ي ليشق الصخر و يوحد الشعوب يقول أحمد فوزي ُ إذا َشق
دو الرعاةِ نَشي ًدا \يُ َو ِح ُد
فذاك ح ي ي \إذا ص َار َش ُ
بات \ َيوما نَ ٌ ِ
ص ْخ َرك \ ً
َ
عوب الفقيرةِ \ َ
ذاك أني يَ ش ِ لم ال ّ
ُح َ
135
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ان الشهادة طهر اانسانية و طهر اارض تقول ايمان مصاروة ُفي غزَة
تطهر
صوت المذي ِاع َ
ُ
ِ
بدمعة ٍأم ث كلى َ و تخاطب الحمقى الذين يجهلون ا ّن ِ
بالشهداء \
الشهادة باب الحرية و الصباح ،اذ تقول ُيا حمقى قد ول َد الصبح ب ِ
زف ُ
اء َ انليورث من نظرو ُ ضي ْ
َ ِ
اأرض اد شهي ُد
اء \ يا حمقى قد ع َ
دم ْ
الشهادة هي نار على المعتدين ،انها سقر اذ تقول ايمان مصارة ُشهي ٌد
ويشعل \ناراً توازي سقر َ و تبلغ مقبولة عبد الحليم
ُ يج ّد ُد عهداً \
شهي ٌد َ
الغاية فترى ان كل وجود غير الشهادة هو خ وع اذ تقول ُنالوا شهادتهم
من أج ل غايتهم \للقدس واستبقوا من خ ار أو خ عا َ .
لقد تمثل الشاعر الفلسطي ي قضيته و كان رسواّ ف ّذاً و صوتاً صادقاً و
فك عن قلبه وط ُه و ا يفارق عي يه املُه ،بل انه اتّحد مع
نداء عالياً ا ي ّ
ً
اارض و الوطن و يختصر ذلك بكر زواهرة في مقطوعة رائعة و يوح
بالهضاب
َ المحملُ باليراع \ وبالصراع \ وبالتراب
ّ شفيف ،اذ يقول ُ أنا
والشعوب َ .
ْ اح \ وبالحبيبةَ
\ وبالجر َ
تمهيد
137
التعبير اأدبي الجزء الثاني
من المحزن ان يتعرض هكذا بلد نبيل و معطاء الى فصل ظالم و مظلم
طويل يمتد قرابة نصف قرن من التدمير المستمر المم هج و الوحشي ،و كأن
العالم ليس له شعل اا تحطيم هذا الصرح الشامخ .ان العالم المعاصر
يتحمل المسؤولية كاملة عما طال و يطال العراق و العراقيين من اذى ،و لم
يتحمل مسؤوليته الواجبة عليه تجا العراق .
هذا االم العميق الذي بلغ المدى في الجرح العراقي لم يترك مساحة
لابتسامة على شفا العراقيين و لم يترك لهم باحة من البهجة ،ليس ه ا
سوى فصل رهيب من الموت و الدمار ،
الرسالية اادبية
138
التعبير اأدبي الجزء الثاني
فيها أجل تبين مامح المجتمع الذي يعيش فيه .ان الشعر كان و ا يزال
صوت اعتراض و طلب للخاص ،انه تمجيد للحرية السامية و الوجود
اافضل ،ما عاد الفن عموما و اادب خصوصا مكان ترفيه و تعبير وجداني
بسيط ،انما هو في كل جهاته رؤية و موقف ونداء ،انه نداء صادق و خالد ،
و حي ما يمتزج هذا الصوت بحلم اامة و يتمثل تطلعاتها فانه يكون رسالة
شفيفة الى العالم و ااجيال .
من المهم التاكيد ان الرسالية تتطلب بوحا ،بمع ى اخر تتطلب توصيا ،
و ا يع ي ذلك ان يكون التعبير بتراكيب لغوية مباشرة بحجة البوح و التوصيل
،و انما يمكن ذلك بالتعبير الف ي العالي ،وهذا سر اللغة القوية التي تبوح
بالكثير مع الف ية اادبية العالية ،البوح التوصيلي كما يمكن بالتعبيرية العالية ،
يمكن ايضا بالرمز و اايحاء بل ان من تجليات اللغة البوح اايحائي ،كما ان
الخيال ميدان خصب للبوح الرسالي .
140
التعبير اأدبي الجزء الثاني
141
التعبير اأدبي الجزء الثاني
رشقات على ِ
وجه التاريخ َ انه يتمثل العراقي الذي مسه البرد ،من نازح و ٍ
مهجر و فاقد و محزون و متألم ،انها ملحمة العراق الجريح المبكي ،الم
طويل ،و من ه اك تعزف السماء اغ ية هي فرحة راس الس ة لغير العراقيين اا
انها الم مر و صقيع حارق لهم ،انه الصقيع السجن الذي ا فرار م ه ،اين
يذهب العراقي الذي خذله كل شيء حتى البرد ،لقد فقد العراقيون كل شيء
يتوسدون اارض ،فصاروا لوحة عظيمة للموت الكئيب ،ه ا نحن بعيون ا
الجميلة البريئة الطفولية نتطلع للخاص وه اك في الجانب ااخر ا شيء
سوى الذئاب و ااعداء و المفترسين ،يقت صون الخبز و الخيرات ا شيء
ه اك في الجانب ااخر سوى المتفرج الوقح انه العالم القبيح .
لقد كانت الحداثة على قدر كبير من الشجاعة فأحدثت التغيير التأريخي ،
و بقدر تلك الشجاعة كانت ايضا شجاعة ُ ما بعد الحداثة َ و اصواتها ،اذ
بتمعن الى
لم تم عهم الب اءات العالية و ااضواء البراقة للحداثة من ال ظر ّ
ازمات الحداثة التي اسقطت حصونها الم يعة ،في عملية مراجعة عميقة
.فبي ما كانت الحداثة تريد التغيير في مستوى الغايات انبهارا بالعقل و العلم ،
جاءت ُ ما بعد الحداثة َ للمطالبة بالتغيير الجذري في وضع تفرضه العولمة و
تق ياتها و عواملها المرافقة لها .
142
التعبير اأدبي الجزء الثاني
لقد طرحت لغة ما بعد الحداثة كثيرا من الرؤى أجل تجاوز هذ اازمة ،
و العودة باادب الى وضعه القيادي و القريب من ال اس ،مع عدم التفريط
بالجماليات و التق يات الف ية التي بلغها .و من اشكال تلك المعالجات هي
اللغة القريبة ،و التي نجد طيفا واضحا من الكتاب صاروا يكتبون بها ،لغة
تتسع لانسانية قريبة من مشاعر اانسان و قضايا و بف ية عالية ،و من بين
من يكتبون اللغة القريبة الشاعرة التونسية جميلة عطوي ،بلغة تتميز بتق ايات
ف ية عالية و جماليات باهرة ،و في ذات الوقت تقترب من اانسان و مشاعر
و احاسيسه و وعيه الحاضر ،و تبلغ ال موذجية في قصيدة ُ كان يا مكان َ ،
و ه ا س بحر في اجواء تلك اللغة المميزة مع مامحها الف ية و الجمالية .
لقد كانت و ما زالت اللغة القريبة هي لغة الخاص الصارخة ،و بطيف
واسع من التعبيرية ،بل و مستويات مختلفة من حقول المع ى ،فيمكن تحقيق
غايات اللغة القريبة بالتوصيلية و اايحائية القريبة ،و باايحائية العالية ،بل و
بالتجريدية .ان اهم ما يميزها ان تكون الفكرة جلية و ان تتجلى الغاية و
القصد مهما كان مستوى اايحاء و شكل البوح ،و حي ما يتحقق القرب
الجماهيري ااستث ائي مع محافظة على تق يات و ع اصر ف ية عالية و عميقة
حي ها تتحقق لغة ثرية واسعة بسعة اانسانية ،و بتحقيق مستويات عالية من
التف ن و العمق الجمالي تتحقق لغة ساحرة عظيمة هي ميزة اللغة العالمية كما
هو واضح .
143
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ُ قال الراوي
كان ياما كان ..
مدي ة للعتمة
يحكمها الغربان ...
فيها تعثّر الفجر
بين الث ايا َ
فتحضر كلمة ُكاد َ لتبين ان اامل موجود ولم يحل الخراب العريض في
اارض ،يرى شعاع اامل و يلتقط ال ور ،يخفف العتمة و يجلي احساس
الضيق .لغة قريبة ا تعمد الى التأجل و ا التعقيد تبوح بايحاء عذب ،
بمجازات شعرية واضحة و قريبة .ثم تقدم الشاعرة شرحا لوعورة طريق
الخاص و تعثر الفجر و خفوت ال ور و اامل :
ااطياف المكبلة ،و البريق يموت بما البسو من رزايا ،في عرض اخر
للواقع المرير و سلبها نعمة ال ور و اشعة اامل ،ثم ت ظر الى الخاص الم بثق
وسط المأساة انه الشهادة فهي السبيل أجل الحياة اافضل رغم السواد :
145
التعبير اأدبي الجزء الثاني
حي ما يكون االم شديدا و تكون الوطأة كبيرة و الجرح كبيرا ،حي ها
يكون اادب المتعالي و ال خبوي في حرج ،فت بثق من رحمه ال قية صوت
صريح ي ادي بالخاص ،في لغة قريبة ،في اشكال و اساليب مختلفة ،و هي
في وجودها الواسع الطيف و الساحر تكون في غاية الصعوبة تتطلب قدرات
كبيرة ا تتوفر اا نادرا لكاتب حققت له مهارته الف ية و الجمالية القدرة على
هذا الشكل الصعب من اللغة .
ال ص
كان ياما كان
146
التعبير اأدبي الجزء الثاني
147
التعبير اأدبي الجزء الثاني
148
التعبير اأدبي الجزء الثاني
149
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ربما يمك ا القول -في وقت ا هذا و بفضل اارث ال قدي الكبير الذي
انتج خال العقود ااخير -بوجوب ظهور ال قد اادبي العربي بمظاهر
تطبيقية ثابتة ،بمع ى ان تكون اابحاث ال قدية ذات شكل علمي ثابت
وغير خاضع للفردية ،يقول ُ وندل هارز ُ َ1990ال قد ليس موضة ،
ولقد ابدل ب ظريات ادبية في معظم الجامعات ،اادب الذي يكتب صار
يركز على نماذج ثابتة َ1ُ .و ا يحتاج هكذا امر مهم اا لخطوة الى
اامام في اجراء مراجعة و فحص و تص يف و تدقيق لما انتج من نقد ،
يقول ُ احمد علي محمد ُ َ 2007إن الممارسات ال قدية التحليلية أو
التطبيقية ا تزال في كثير من اأحيان أسيرة الم اهج الغربية من نفسانية و
ب يوية و تفكيكية ،إذ أمضي ا وقتاً طوياً و نحن عاكفون على مدارسة
ال صوص اأدبية و ا سيما القديمة م ها بإحدى طريقتين :إما ااعتماد
على مفرزات ال قد الغربي ،و إما تقديم قراءات ذوقية متحللة من أي
تحديد م هجي ،و الواقع أن تلك الممارسات ا ي قصها سوى المراجعة
العقلية الفاحصة ،و قد آن اأوان إجراء مثل تلك المراجعة ،بمع ى ا
بد من تقويم تلك الممارسات لبيان محصولها الف ي و الفكري ُ .َ2هكذا
مراجعة تجعل من نقد ال قد ضرورة ملحة أجل تطوير ال ظرية اادبية و
ليس امرا تكميليا كما قد يعتقد .
150
التعبير اأدبي الجزء الثاني
اامر الثالث :بروز ع اصر مدركة في العمل الجميل تحظى بقبول عام
على انها ع اصر جمالية كااثارة و اادهاش و اابهار و التمكن من تمييز
ع اصر للف ية تمكن من تحقيق التعريف ،و ا ريب ان نظرية التعريف
مقومة للبحث الجمالي و ال قدي بحيث ان عدم وضوح التعريف و
ااختاف فيه يعد ازمة فيهما .
ان الشرعية التي حظيت بها ااعمال الف ية الغير مألوفة ،ما كانت
تحصل لوا تجاوز الفهم العام المألوف للجميل ،و انما كان
ااعمال ،و التي دفعت بال قد و ال ظرية الجمالية الى تفسير تلك
152
التعبير اأدبي الجزء الثاني
و التفكير العام بما يخص فكرة الجمال .يقول ماجد محمد ُفما
يرا العقل ليس حقيقياً ،وعلى هذا فأن مبادئ وحقائق الحساسية
الجمالي ،و ايضا ستساعد و بقوة على تطور فكرة الجميل في
ان فكرة ااعتماد على معرفة تجريبية في ادراك الجميل ت طلق من فكرة ان
ااحساس بالجميل اعمق و اوسع و اكثر تطورا من اادراك العقلي و
تحليله ،بمع ى اخر انها تست د الى فكرة ان ادراك الجمال ليس من
وظيفة التفكير و ا التحليل و انما هي من مجال اخر م فصل .يقول
هربرت ماركيوز " أن ال هج الجمالي يقيم نظام الحساسية باعتبار م اقضاً
ل ظام العقل .وإنه في إدخاله هذا المفهوم الى فلسفة الحضارة ،فإنه يتجه
153
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الى تحرير الحواس والتي بداً من أن تدمر الحضارة ،فإنها تقدم لها قاعدة
أشد إحكاماً وتزيد الى حد بعيد من ممك اتهاَ5ُ " .
154
التعبير اأدبي الجزء الثاني
المصادر
-1
http://www.textetc.com/criticism.html
?http://ouruba.alwehda.gov.sy/__archives.asp
FileName=44111242920071203083651
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?a
id=28470
-4المصدر السابق
-5المصدر السابق
155
التعبير اأدبي الجزء الثاني
-7المصدر السابق
156
التعبير اأدبي الجزء الثاني
لقد بلغ التباين الذوقي و التقييمي و الرؤيوي لاعمال اادبية و الف ية عموما
حدا ما عاد معه باامكان العثور على معايير ف ية و جمالية موحدة ،نحن ا
نتحدث ه ا عن عامة المتلقين و انما نتحدث عن المهتمين و الدارسين للف ون
.ان ااجيالية و المدرسية ا تقدم تبريرا جيدا لهذا التشظي ،و الذي بلغ
حد الفوضى احيانا .
ان الخطر في هكذا وضع يكمن في حالة عدم تبين المظاهر الجمالية للف ون ،
بحيث يحصل خلط و يصير ااعتماد في التقييم على اجتهادات فردية و ميول
نفسية قد ا تمت للواقع الجمالي بصلة ،و قد يحصل اخفاق في تعيين
الجميل و اابداعي و تمييز عن غير .
ان الحل الحقيقي لهكذا معضلة هو بلوغ ال قد درجة من العلمية ،و الكف
عن ال زول من ال ظرية الى المصاديق ،و استبدال ذلك ب قد تطبيقي استقرائي
ي طلق من ااعمال و المصاديق ،و من خال ذلك يتم تكوين القواعد و
القوانين في عملية ادراك و تشخيص المظاهر الف ية و الجمالية .ان الدعوة
الى علم نقد استقرائي لها مبرراتها الكافية و الجوهرية ،كما ان ادخال
ااستقرائية في ال قد الف ي هو ضرورة ملحة في ظل ااتساع الكبير لمجال
اابداع ،و حقيقية معيارية ااستقراء لما يبدو ظاهرا ان الفن هو ظاهر انسانية
و ليس انجازا تجاوبيا مع الخارج .
ان ال قد ااستقرائي يتخلى بالكلية عن فكرة التسليم للع صر الجمالي
المدعى و اعتبار معيارا ،و يكون مست د الحقيقي معارف استقرائية ا تقبل
الخطا وا اابتعاد عن الواقع .
ان فكرة ال قد ااستقرائي ت طلق من اايمان بالمبدع ،فانه يتعامل مع العمل
الف ي كظاهرة و ليس انجازا يسعى نحو تحقيق فرضيات و نظريات و افكار ،
و يتعامل مع العمل الف ي كظاهرة انسانية و ما يتحقق به من جماليانت كظواهر
157
التعبير اأدبي الجزء الثاني
انسانية ،و انجازات مميزة معرفية و تطورية ،ا تتصف بالسكون بل بالتطور ،
و ا يكون الدافع نحو مطالب فكرية وانتقادات تجديدية وانما يكون التطور
طبيعي ناتج من ذات ااعمال .و انا ناحظ ان التطورات التاريخية في الفن
انما حصلت بانجازات عبقرية تجاوزت الموجود من نظريات و مطالب نقدية ،
و ان السبب الحقيقي لتلكؤ الفن هو القيم و معاير فوقية تحضى
بالتسليم و تعد هي الع اصر الجمالية من دون استقراء او اثبت ،فبدل دفع
الفن نحو تحقيق مطالب ال قد ،و متابعهتا ،فان ال قد ااستقرائي دعوة الى
اتجا معاكس ،يكون فيه ال قد هو الماحق و التابع لاعمال الف ية .و
مسالة احراز المعرفة الحقائقية و عدم التوهم و التكلف و اادعاء تضمن
بااستقراء الذي يرتكز عليه هكذا نقد .
ا ريب ان ااستقراء هو المحور الحقيقي للمعارف العلمية ،و ان ال ظريات ا
يمكن ان تتصف بالواقعية و المصداقية مال لم يكن لها وجود و تمثيل جزئي
جيد في الخارج و المجال الواقعي لل ظرية ،فا يكفي اادعاء في مجال
العلوم .
الية ال قد ااستقرائي يمكن تحقيقها بصور متعددة ،و حسب ما هو معمول به
في العلوم التطبيقية ،اا ان ااساس و الجوهر هو ااعتماد بالكلية على
ااستقراء ،و الذي يع ي محورية المصاديق و صفاتها و ما يستحصل م ها من
قواعد .
ان عملية اابداع عملية حرة ،و ا يمكن تكبيلها بفرضيات و نظريات ،
تفرض و تعتبر مسلمة و اساسا للتذوق و المعرفة ،رغم انها لم تحظ باثبات و
ا دليل غير الفرضية ،بمع ى اخر ان ال قد ما لم يعتمد على ااستقراء فان
معارفه تبقى معارف فرضية ،و هذا هو السبب الحقيقي في التغيرات السريعة
في القيم الجمالية و المتطلبات اابداعية في ال قد الف ي ،اما لو اعتمد
158
التعبير اأدبي الجزء الثاني
159
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الحداثة .خصوصا بعد ظاهرة العزلة الجماهيرية لل صوص اادبية مما ادى الى
تراجع في نتاجات اللغة المتوهجة .
لقد نال اللغة المتوهجة شيء من الظلم ،بجعل الواجهة و الممثل الرسمي لها
هو لغة الهذيان و اانثياات و اللغة التجريدية و الغامضة ،و اامر ليس
كذلك ،ان اللغة المتوهجة ا تتعارض ابدا مع التداولية و التعاونية ،و يمكن
تحقيق اادهاش و التكثيف مع تحقيق مقدارعال ايضا من الجماهيرية .و لو
تلمس ا الجماليات الحقيقية و الجوهرية لتلك لغة لوجدنا الرسالية و ااستجابة
الشعورية من مقومات اابداع فيها .
لقد بي ا في مقاات سابقة ان اابداع اللغوي قائم على ثاث ركائز ثابتة هي
الشعرية و الجمالية و الرسالية ،تحقيق مقادير عالية في تلك الجهات يحقق
لغة ف ية ابداعية متميزة ،و تحقييق شكل معين من الشعرية و الجمالية يحقق
شكل اللغة المتوهجة .
160
التعبير اأدبي الجزء الثاني
متعددة ،و اما الكيف الصوري فهو ايحائي و اما المحتوى الصوري فقد بي ا
انه من اعلي مستويات ااالفة و الام طقية الى تصل حد التجريد احيانا .و
اما التجربة ،فالكم التجربي تجلياتي يكون للذات و التجربة حضور و ظهور و
هذا صفة للغة القوية عموما و م ها اللغة المتوهجة ،و اما كيف التجربة فانه
وسائطي امباشر يحتاج الى اعمال ادوات التلقي حتى يصل الى اابداع
القراءاتي و اكمال الفهم بمعونة المتلقي و هذا في الحقيقة من مميزات ال ص
المفتوح الذي يصبح فيه القارئ مبدعا و ليس متليقا فقط وهذا الفهم المعاصر
جوهري جدا في تطور الفكرة اانسانية عن اللغة الف ية ،و اما محتوى التجربة
فهو ي زع نحو المعاناة الجمعية و العميقة نحو ااممية و اانسانية و الكونية
مبتعدا عن الشخص ة .
و في ما يخص ااستجابة الشعورية فمن الواضح ان اللغة اايحائية تعتمد
ااستجابة الشعورية العميقة ،متجاوزة الهزة الشكلية الخطابية ،بمع ى انها لغة
كتابية ،فان اللذة العميقة المعرفية و الشعورية هي التي تمثل ال ظام المشاعري
في ااستجابة للغة المتوهجة ،انها لذة من ااعماق وهذا ا يم ع من لغة
متوهجة خطابية .
واخيرا الرسالية ،فان رسالية العمل الف ي تكمن في الرسالية الجمالية و
الرسالية الجماهيرية و الرسالية الجمالية تتحق بتقديم نموذج عالي المستوى
من الف ية و التق ية ،حتى يتوج بالتجديد اللغوي وا توجد لغة نعرفها الى اان
تقبل التجديد و التجريب القصدي اابداعي كاللغة المتوهجة لذلك نرى
بوضوح تسارع و تكاثر و تشعب اساليب اللغة المتوهجة ،و اما الرسالية
الجماهيرية ،فان تحمل المعاناة اانسانية و تمثل اامة و ال وع جزء مهم من
الرسالية ،و اما التداولية فانها ايضا من المطالب الجماهيرية ،اا ان ذلك ا
يع ي الت ازل عن المستويات العالية للكتابة اجل التوصيل الى جميع الشرائح
161
التعبير اأدبي الجزء الثاني
،فان هذا ليس امرا معقوا ،بل ولم يكن يوما مطلبا ف يا على مدى العصور ،
لكن في زم ا الحاضر الذي تتداخل المعاناة و تتعاظم فان الواجب على
المؤسسات اانسانية و الدولية من تطوير القارئ و المتلقي و اشاعة الثقافة
بدل مطالبة اادب بان يكون بلغة حياتية يومية و خطابية طاغية ،اي بدل ان
نجر اللغة نحو عالم اابتذال فاافضل ان نحلق معها في سماء اابداع ،و
من المهم ارجاع هيبة الكتابة و دورها القيادي في المجتمع و ازالة جميع
حجب العزلة المفتعلة بين الكاتب و القارئ بل بين اابداع و ال اس عموما ،و
التي تبدو احيانا مفتعلة .
ا تكمن اهمية اللغة المتوهجة في انها لغة ف ية جديدة و متطورة ،بل انها
تمثل انجازا انسانيا حضاريا يواكب التشكل العالمي لانسان العالمي ،
المتجاوز للحدود المكانية ،لذلك اذا ما بقي ال قد المحلي متاخرا فان التبعية
ستكون هي ال تيجة الحتمية ،وهذا سيؤدي الى صياغة ثقافة و رؤية تابعة الى
ما ي تج في الخارج ،فا بد من اانطاق من خال المصاديق و الجزئيات
للتعامل مع ال ظريات العامة ،فانه العمل الحقيقي الذي يجعل الثقافة المحلية
محص ة و فاعلة في صياغة ثقافة عالمية مائمة .
نحو ال قد التجلياتي
من الظاهر جدا ان فترة ما قبل الحداثة تميزت ببلوغ الجمالية اادبية فيها
درجات عالية من التشخيصية لع اصر جماليات اادب الكاسيكي ،حتى ان
درجات التوقع اانتاجي و التجريبي صار امرا راسخا في مجال التحليل
الجمالي لتلك ااعمال ،و حقق البحث التحليلي درجات تفصيلية
للمصطاحات العامة و الخاصة و الكلية و الفرعية و مراتب المفاهيم و صور
162
التعبير اأدبي الجزء الثاني
163
التعبير اأدبي الجزء الثاني
عن ع اضر جمالية ليست مادية ،و الجواب ان هذا صحيح في جزء كبير م ه
،فان ابداعات ما بعد العولمة وااعمال التجلياتية اثبتت وجود ع اصر
جمالية تتجاوز المادة ،عوامل مشتركاتية بين الف ون ،ولو ان ال قد اادب
اقترب اكثر من العلمية الجمالية لكان بامكانه ان يتلمس الخطوط العريضة
لتلك الع اصر الجمالية ،اا انه و لاسف اخذ يتقلب في احضان العلوم
المادية الخاصة بتلك المواد ،ولو استمر ذلك ال هج المعتمد على العلوم
المادية فانا س تهي الى نقد ف ي مليء بالمصطاح الفيزيائية و الكيميائية و
الرياضية ،مع افتقار حقيقي في تشخيص الع اصر الجمالية .اما ال قد
التجلياتي ال ابع من العلمية الجمالية ،فانه سيحقق انجازا جماليا و تشخيصا
لع اصر الجمال في ااعمال الف ية ،سواء كان على مستوى الج سية ُ
كالشعرية و السردية و الموسيقية و الرسمية و غيرها َ او على مستوى
الجمالية بع اصرها اايحائية و التلقياتية و القصدية و التجرباتية .
نعم الت اول التجلياتي لاعمال الجميلة هو الحل الحقيقي لمشكلة العوز
ااصطاحي العلمي لل قد الف ي ،و العلمية التي تتحقق بالم هج التجلياتي
علمية جمالية اصيلة ،و ليست علمية تابعة لعلوم اخرى متعلقة بمادة الفن .
ا بد من التاكيد و كثيرا على ان العمل الف ي بمادته له ت اول علمي من جهتين
،علم مختص بمادته و علم مختص بجمالها ،الخلط الذي حصل في عصر
الحداثة بين العلمين ادى الى مزلق خطير اوصل ال قد الف ي الى طريق مسدود
.
نعم تابعية ال قد الف ي لعلوم المادة ادى الى فقدان القدرة على تشخيص
الع اصر الجمالية بشكل واضحة ،طبعا من التج ي القول بعدم قدرته على
ااشارة و التلميح و اايحاء ،ان ذلك كام فارغ ،ما نقصد هو عدم قدرته
لبلوغ العلمية الم اسبة في المصطلح ،فكانت اكثر اطروحاته و مبتكراته و
164
التعبير اأدبي الجزء الثاني
165
التعبير اأدبي الجزء الثاني
166
التعبير اأدبي الجزء الثاني
كلما اتجه ال ظر نحو فكرة اعمق و اشمل تخص الف ون كلما استشعر
القصور و الاموضوعية في ااقتصار على مادة ف ية واحدة .و في ضوء
السعي نحو فكرة جمالية عامة فانه يكون باديا قصور ااقتصار على احدا
لف ون ،كاللغوية مثا .و ربما يكون من الجائز التساؤل عن انظمة جمالية
موحدة للف ون اذا ما كانت ااجابة إيجابية فيما يخص سؤاا يمهد اارضية
نحو هكذا فكرة .السؤال هو فرع فكرة ان العامل المشترك بين الف ون
هو ااثارة ،اذ يمكن بحث باقي الع اصر على انها ع اصر اختاف اا
ااثارة فانه ا يمكن ااختاف في انها عامل مشترك في الف ون باعتبارها
اعمال ابداعية .في ضوء ذلك يكون السؤال ُ هل ان ااثارة التي تحصل
ل ا ازاء ااعمال الف ية ترجع الى نقاط موحدة في المجال الشعوري و
167
التعبير اأدبي الجزء الثاني
من الواضح ان هذا الفهم يشتمل على واقعية ظاهرة مصدقة بالوجدان و
العلم ،و يكون البحث في كل من المجاات الثاث مثمرا دوما و
اختصاصي ايضا ،و البحث و ااكتشاف في كل من تلك الجوانب يؤدي
الى ثمرة مختلفة .فتطوير المعرفة بالع اصر الجميلة يمكن من قدرة اكبر
على اعادة انتاج الجميل ،و التطوير في مجال ااستجابة يمكن من قدرة
اكبر على التدخل في تطوير ااستجابة و تشخيص ما هو غير طبيعي ،و
التطوير في مجال ع اصر الوسط يمكن من انتاج محفزات و مستقبات
اكبر.
بعد وضوح امكانية فكرة المشترك الجمالي ،و رجوع الت وع الظاهري
لأشياء الجميلة الى مشتركات في مجال استجابت ا لها و الع اصر الوسطية
168
التعبير اأدبي الجزء الثاني
هذا الفهم يمكن ان يكون مدخا نحو فكرة جمال عرفية وجدانية ،
مدعومة بمظاهر فسلجية علمية ،تكون اقرب للواقع و اصدق في تمثيل
ااستجابة الجمالية .و ا يبقى الع صر الجمالي متذبذبا بين الشكلي او
المع وي او ما هو داخل العمل الف ي او ما خارجه ،و انما تكون لدي ا
جهات بحث و ميادين تصدق كل فكرة واقعية في مجالها و ان كانت
تخالف غيرها ،فيرتفع الت اقض فيما كان يعتقد انه مت اقض ،لتعدد ابعاد
التجربة الجمالية و تجلي ميكانزما لاستجابة الجمالية .هذا الم هج
العرفي الجمالي يبين انه ا ت اقض بين القول بالجمالية الداخلية و بين
القول بالجمالية الخارجية ،بل يؤكد ان تلك ال ظريات تشامل على مواطن
169
التعبير اأدبي الجزء الثاني
للصحة و يمهد نحو نظام علمي عام و شامل موحد لفكرة الجميل و
الجمال .
التعبيرية التجلياتية
لقد بات واضحا و بشكل ا يصح انكار ان الجمالية الف ية المتاحة لانسانية
قد مرت بثاث مراحل واضحة :ااولى مرحلة ما قبل الحداثة ،و الثانية
مرحلة الحداثة ،و الثالثة مرحلة ما بعد الحداثة و يمكن ان نسمي الجمالية
ااولى بالجمالية الكاسبكية و الثانية بالجمالية الحداثوية و الثالثة بالجمالية
العولماتية .من مميزات الجمالية الكاسيكية التشبث بالهيئة و المادة و
تقدسبهما بي ما الجمالية الحداثوية التي تجاوزت جوانب جزئبة من الهيئة بلغة
اج اسية انوعية او ا نمطية ،واهم صور ذلك هو قصيدة ال ثر اما الجمالية
العول اتية اي ما بعد الحداثوية فانها تجاوزت الهيئة بالكلية فظهر ل ا ال ص
العابر لاج اس او ال ص المفتوح .ولو نظرنا الى ان ذلك التطور في الجمالية
،نجد تابع و مرافق للتطور اادراكي العملي و ليس الت ظيري ،و من
المتصور ان للسعي نحو توحيد اادراكات و الجماليات سيستمر بل ان من
الواضح وجود بوادر العمل الف ي المتجاوز للمادة اي الذي تتداخل فيه المواد
الزمانية كاللغة و المواد المكانية كاالون ،فان من المتوفع انها ستتداخل قي
اعمال ف ية موحدة ع ،ليست فقط عابرة لاج اس بل عابرة للمادة ة هذا ما
170
التعبير اأدبي الجزء الثاني
-3التجلياتية ُ الاماداايتيةَ التداخلية :بان يحصل اضافة الى تعدد المواد ،
تداخلها و ليس فقط تجاورها .فا تتمايز .
-4التجلياتية ُ الاماداتية َ االشيئية :و التي يتم فيها تجاوز المادة بالكلية و
تتجلى التجربة بذاتها ،اي ا يكون االمادة و الهيئة داا بل عوامل مساعدة .
مثال على التجلياتية الوصفية :مقطع من عمل تجلياتي وصفي ع وانه تجليات.
حقل واسع من الزهور يتجاوز المشهد و ااطار ،في الزاوية البعيدة بئر تغرق
في الوحدة ،يتجمع في قعرها المظلم اكوام من العظام و الحلي .
او :
171
التعبير اأدبي الجزء الثاني
صدور الثائرين ج ائن معلقة بالعرش ،تختبئ في فجوات الزمن ،تاركة المكان
لكل ف اء بهيج .
http://vimeo.com/m/62745954
او:
وت زل الرغبة بثيابها اابدية ،محطمة كل فضاء جليدي يغرق في الوهم ،اجل
هكذا مفاصلها تأن ح ي ا الى عالم من الخوف ،و ال هاية الباسمة .
اما الشكل الثالث فيمكن تصور باجتماع قراءة شعري مع مشهد تمثيلي و
موسيقى متداخلة واما و الرابع فليس لدي تصور واضح ع ه الى اان .
مقدمة في ال قد التعبيري
172
التعبير اأدبي الجزء الثاني
رغم ان علماء اصول الفقه كان لهم السبق في دراسة العامة و دالتها اا ان
البروز و الظهور كان للغوين الغربيين في ترسيخ علم العامات ،و مع ان
السيميائية اشارت الى محورية العامة و الدالة في تحليل الرسالة و ال ص اا
انها بتركيزها على المع ى كمدلول لم تقدم نظرة متقدمة في علم الجمال ،و
اخفقت كثيرا في ااجابة عن السؤال المحوري في ال قد الف ي و الجمالي
الملخص في عبارة ُ لماذا هذا العمل او ال ص جميل او مدهش ؟َ و اامر
ااخر الذي لم تتلمس السيميائية غايتها فيه انها نقلت مجال التحليل كله الى
عقل المتلقي ،و صارت الدالة التي ع د القارئ و المتلقي هي الحاكم و
المشخص و هي بذلك تخفق في رؤية موطن اابداع الحقيقي المتمثل بال ص
.و لقد حاولت ااسلوبية التخفيف من هذا الطغيان فاشارات الى مجال دالة
اكثر نوعية و عمومية و كذلك حاولت التقليل من سلطة المع ى و ااتجا الى
مجال مدلولي اوسع .لقد حققت ااسلوبية نجاحا ملحوظا من خال
تشخيصها و معالجتها اخفاقات الم اهج السيمائية ال قدية و خصوصا الب يوية
و التفكيكية ،اا انه اضافة الى عدم تقديمها افكارا نظرية او اجرائية في ال قد
اادبي فانها ايضا عانت من شكل من التطرف في طغيان الشكانية و ال صانية
فيها بي ا في مقاات سابقة اهما مقال ا ااسلوبية و ما بعد ااسلوبية .
173
التعبير اأدبي الجزء الثاني
انها القدرة التعبيرية ،حيث يكون لكل وحدة تركيبية نصية فعل تعبيري مميز
يميزها عن وجودها العادي .ما يت اول تلك القدرة التعبيرية و ذلك الفعل
التعبيري هو ال قد التعبيري .
ان ال قد التعبيري اضافة الى كون فكرته ت طلق من رحم اابداع الف ي و اادبي
و تهتم بالظاهرة الجمالية شخص الخلل الذي عانت م ه الم اهج المتقدمة ،و
التي اضافة الى ما تقدم فانها اعطت محورية طاغية للمع ى كمدلول ،و
الحقيقة ان ما يحقق جمالية اادب ليس المع ى و انما دالة وعاماتية الوحدة
اادبية على الظاهرة الجمالية ،بمع ى آخر ان المدلول الجمالي للعامة
اادبية ا يكون في المع ى و انما يكون في ال ظام الجمالي اانساني الذي يثر
و يدهش .وه ا تكمن ابداعية اادب ،حيث ان القارئ لادب ا يبحث في
قراءته له عن مدلول مع وي بالقدر الذي يبحث عن مدلول جمالي يثير .
من ه ا يظهر بجاء ان القراءة التعبيرية للتعبير اادبي ليس بحثا عن مع ى او
عن شعور ،و انما عن نظام جمالي قد يكون مع ويا كما بي ا في مقاات ا
الشابقة في نظام اانثيال و تجلي اللغة و قد يكون انسانيا كما بي ا في قصدية
المؤلف و رساليته و قد يكون نصيا كما بي ا في تعبيرية التراكيب و قاموس
االفاظ و ع وان ال ص و نحو ذلك و قد يكون في جهة القارئ بما بي ا في
القراءة التعبيرية ،و وسط كل ذلك ا يكون دال و ا عامة على ذلك غير
الوحدة ال صية .
174
التعبير اأدبي الجزء الثاني
قانون اابداع
لقد ادى الخلط الشائع بين الف ية و الجمالية الى تدني في مستويات اابداع .
اذ ليس اي م هما هو اابداع ،و رغم اشتراكهما في بعض الع اصر اا ان
التمييز بي هما مهم جدا أجل الحفاظ على درجات متطورة من اابداع .
175
التعبير اأدبي الجزء الثاني
اما اابداع الضعيف فانه شكل من اشكال التطرف و هو اما ان يركز على
التق ية و الحرفية مع ضعف الجمالية او يميل نحو التجريب مع ضعف في
الف ية .
من ااول مثا العمل عالي التق ية و غير المحقق للجمالية المعتبرة ،وهذ بفعل
اانظمة المحافظة قد يكون الواجهة الرسمية و ااكاديمية للفن المعين ،و من
الشكال الثاني لغة التجريد الم غلق ،و الذي قد يبلغ درجات من التخلي عن
لغوية اللغة حتى نصل الى لغة الامع ى ،كل ذلك بحجة الجمالية .في
الحقيقة بخاف الفن التشكيلي الذي تكون المجانية و التجريدية متأصلة فيه
فان ادعاء تحقيق لغة تجريدية امر يصطدم بكثير من الحقائق الوجدانية .
اذن ليس تغليب الف ية و اانجاز ال وعي على الجمالية و اانجاز الفردي
صحيحا وا العكس هو الصحيح ،بل ان من تلك الممارسات ما يخرج
بالكلية عن عملية اابداع .اابداع الحق هو المتجه نحو كمالية في الف ية و
الجمالية ،واارفع من ذلك هو اابداع العالي المحقق لمستويات عالية م هما
حتى يصل الى العبقرية التجديدية ااصيلة .
176
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ع اصر الف ية اما ان ترجع الى ااصالة او الى المعاصرة و ااصالة تكون بتوفير
المتطلبات المطلوبة او ما نسميه الشرط الف ي و الى ااتقان ،و الشرط
يشتمل على التعريف و البحث في توفر متطلباته ،و المعاصرة تت اسب مع
اابتكار المتمثل بما يتميز به ال ص من ابداع ف ي متفرد و ااق اع و هو اخراج
العمل الف ي بمكوناته الف ية و اابتكارية بصورة متسقة سلسة .
الجمالية في أي عمل ف ي ترجع الى نظام التكامل بين البوح و التجريد .
البوح يرتكز على التعبير و التجربة حيث تتجلى بالرؤية و الموقف و بااسلوب
وم ه الع ونة و التصوير و ال سيج و بالقاموس اللفظي و المع وي .التعبير اما
مباشر توصيلي او رمزي او ايحائي او تجلياتي ،و التعبير ايضا ي حو الى
تجسيد المعاني او التجلي بعملية التوظيف و اعتماد التاريخ الخارجي ،و
ايضا بص اعة تاريخ داخلي للمع ى .فلدي ا في محث التعبير اص اف التعبير
177
التعبير اأدبي الجزء الثاني
و التجريد يتحقق بالخيال و اامتاع ،و الخيال اما شكلي بتجلي اللغة من
وظيفية ُ الم طقية َ الى ام طقية ُ التجريد َ الى اوظيفية ُ التجريد العالي َ
او مع وي و هو اما قريب او بعيد او غامض ،و اامتاع اما ان يكون باستجابة
شعورية ظاهرية ُ الهزة َ او بااستجابة الشعورية العميقة ُ اابهار َ او بكليهما
.
الرسالية مهمة جدا في قيمة العمل الف ي ،و التخلي ع ها يجعل العمل خاويا
و با روح .رسالية العمل الف ي اما ان تكون بالرسالة الجمالية او الجماهيري ،
و ااولى تت اسب مع الرؤية و اابتكار و الثانية تت اسب مع التعاونية أي التركيز
على المتلقي و درجة التمثيل لانتماء و الموقف من شخصي او اممي او
انساني او كوني .
178
التعبير اأدبي الجزء الثاني
لقد ادى الخلط الشائع بين الف ية و الجمالية الى تدني في مستويات
اابداع .اذ ليس اي م هما هو اابداع ،و رغم اشتراكهما في بعض
الع اصر اا ان التمييز بي هما مهم جدا أجل الحفاظ على درجات متطورة
من اابداع .
179
التعبير اأدبي الجزء الثاني
اما اابداع الضعيف فانه شكل من اشكال التطرف و هو اما ان يركز على
التق ية و الحرفية مع ضعف الجمالية او يميل نحو التجريب مع ضعف في
الف ية .
من ااول مثا العمل عالي التق ية و غير المحقق للجمالية المعتبرة ،وهذ
بفعل اانظمة المحافظة قد يكون الواجهة الرسمية و ااكاديمية للفن
المعين ،و من الشكال الثاني لغة التجريد الم غلق ،و الذي قد يبلغ
درجات من التخلي عن لغوية اللغة حتى نصل الى لغة الامع ى ،كل ذلك
بحجة الجمالية .في الحقيقة بخاف الفن التشكيلي الذي تكون المجانية
و التجريدية متأصلة فيه فان ادعاء تحقيق لغة تجريدية امر يصطدم بكثير
من الحقائق الوجدانية .
اذن ليس تغليب الف ية و اانجاز ال وعي على الجمالية و اانجاز الفردي
صحيحا وا العكس هو الصحيح ،بل ان من تلك الممارسات ما يخرج
بالكلية عن عملية اابداع .اابداع الحق هو المتجه نحو كمالية في الف ية
و الجمالية ،واارفع من ذلك هو اابداع العالي المحقق لمستويات عالية
م هما حتى يصل الى العبقرية التجديدية ااصيلة .
180
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ع اصر الف ية اما ان ترجع الى ااصالة او الى المعاصرة و ااصالة تكون
بتوفير المتطلبات المطلوبة او ما نسميه الشرط الف ي و الى ااتقان ،و
الشرط يشتمل على التعريف و البحث في توفر متطلباته ،و المعاصرة
تت اسب مع اابتكار المتمثل بما يتميز به ال ص من ابداع ف ي متفرد و
ااق اع و هو اخراج العمل الف ي بمكوناته الف ية و اابتكارية بصورة متسقة
سلسة .
الجمالية في أي عمل ف ي ترجع الى نظام التكامل بين البوح و التجريد .
181
التعبير اأدبي الجزء الثاني
و التجريد يتحقق بالخيال و اامتاع ،و الخيال اما شكلي بتجلي اللغة من
وظيفية ُ الم طقية َ الى ام طقية ُ التجريد َ الى اوظيفية ُ التجريد
العالي َ او مع وي و هو اما قريب او بعيد او غامض ،و اامتاع اما ان
يكون باستجابة شعورية ظاهرية ُ الهزة َ او بااستجابة الشعورية العميقة ُ
اابهار َ او بكليهما .
الرسالية مهمة جدا في قيمة العمل الف ي ،و التخلي ع ها يجعل العمل
خاويا و با روح .رسالية العمل الف ي اما ان تكون بالرسالة الجمالية او
الجماهيري ،و ااولى تت اسب مع الرؤية و اابتكار و الثانية تت اسب مع
التعاونية أي التركيز على المتلقي و درجة التمثيل لانتماء و الموقف من
شخصي او اممي او انساني او كوني .
182
التعبير اأدبي الجزء الثاني
183
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الجهات يحقق لغة ف ية ابداعية متميزة ،و تحقييق شكل معين من الشعرية
و الجمالية يحقق شكل اللغة المتوهجة .
184
التعبير اأدبي الجزء الثاني
185
التعبير اأدبي الجزء الثاني
لقد كانت ال زعة نحو عمق اأشياء في الكتابات اأدبية و غيرها حاضرة
دوما على مدى العصور ،اا انّها و بفعل عوامل كثيرة م ها الشعور
المت امي با ت اهي علم الخالق للعالم ،صار ال هج التأملي يتوسع في
ااوساط الفكرية ،حتى ان ا يمكن ان نقول ا ّن الكتابة اليوم اصبحت
أطروحة و فكرة ،أكثر من كونها وصفا و تعبيرا محضا .هذا التطور في
فهم التعبير و الكتابة كان له تأثير على لغتها ،فصارت الرمزية و التعبيرية
الوجه الراسخ في كل عمل يبتغي ال ضج و الجدية ،بل صار ذلك من
مقومات الكتابة الف ية في جميع ااج اس اأدبية وهذا من الواضحات .
186
التعبير اأدبي الجزء الثاني
من ه ا يمك ا القول أنه قد أصبح لدي ا في عالم الكتابة الوجود العميق و
المتجه عن الكليات و اانتزاعيات و ااعماق للمعاني و ااحاسيس ،و
في قبالها نماذج من التعبيرية البسيطة المسطّحة الم تمية الى أجيال سابقة
،و لربما نرى بشكل ملموس بواد عصر جديدة من الكتابة له اصوله في
زمن الحداثة هو ا ّن الكتابة عملية تفكير و رؤية ،و ليس مجرد وصف و
حكاية و انفعال .بمع ى اخر يمك ا التمييز بين الكتابة اانفعالية التي
تحتفي بااشياء و بالشعور تجاهها ،و بين الكتابة الرؤيوية التي تقدم فهما
جديدا و متفردا تجا ااشياء و المعاني ،متجهة نحو الوجودات الخالصة
و الكلية ،المجردة للمفاهيم و المعاني و ااحاسيس ،كتابة تتجه نحو
الثابت و الراسخ و الكلي من صور الجمال و ااحساس .
187
التعبير اأدبي الجزء الثاني
في الفن التشكيلي ،و ليس ه اك تعاقب معترف به لتلك ال زعة أو مدرسة
محددة . ،ومن المبادئ اأولى لتلك ال زعة أن التعبير يحدد الشكل،
ويحدد ب اء الصور وتركيب الجمل .وهكذا يمكن تحوير وفك أوصال أي
قاعدة شكلية أو ع صر من ع اصر الكتابة لتائم هدف التعبير .وفي
الشعر ه اك نطاق واسع لما يعرف بتق يات التعبيرية من ااعتماد على
التأثيرات الصوتية واللونية ،وعلى تراسل الحواس حيث ا يكون المع ى هو
اأساسَ .
188
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ُ. َ1و يقول محمد عادل زكي التجريد او "العلو بالظاهرة عن كل ما هو
ثانوى" بالفرعيات واأمور الثانوية تأتى فى المرتبة الثانية بعد ااستيعاب
العميق لأصول الجوهرية ،و كتب د .مراد وهبة ":التجريد لغة هو التعرية،
وسل السيف من غمد ،ونزع اأغصان من الشجرة .وفى اللغات
اأفرنجية اللفظ مأخوذ من الفعل الاتي ى ويع ى اانتزاع وهو المع ى الوارد
ع د ابن سي ا ،حيث يقول إنتزاع ال فس الكليات المفردة عن الجزئيات
على سبيل تجريد لمعانيها عن المادة وعن عائق المادة ولواحقها" .أما فى
المعجم الفلسفى الذى أصدر مجمع اللغة العربية بالقاهرة ،فقد جاء فيه
":التجريد سيكولوجياً :عزل صفة أو عاقة عزاً ذه ياً وقصر ااعتبار
عليها .والذهن من شأنه التجريد أنه ا يحيط بالواقع كله وا يدرى م ه إا
أجزاء معي ة فى وقت واحد ،وتسوقه التجربة أيضاً إلى التجريد أنها تعرض
له الواقع مجزءاً أو تظهر على صفة ما .وفى الم طق الصورى :عملية
ذه ية يسير فيها الذهن من الجزئيات واأفراد إلى الكليات واأص اف.
وع د المتصوفة :إماطة اأغيار واأعيان عن السر والقلب ،فت كشف
الحجب ويكون ااتصال" ُ .بتصرف َ ُ َ2يقول نوري الراوي :لقد بقي
الف ان الحديث ،زم ا طويا ،وهو في حالة من ااندهاش في هذا العالم
الغريب الذي ابد له في اختيار ،مثلما ظل يحمل خوفه الغامض من
المجهول والمحتجب واآتي من الغيب دون تحديد لبواعثه ومأتيه ودونما
جواب لما سيؤول اليه ،وهكذا ،عمد في مقابل هذ الحالة الى البحث
عن "العالم البديل " ضمن اشتراطات حسية – شكلية – فكرية – رمزية،
شعرية ،تجري وفق م اهجها وقيمها التي تعتمد بالدرجة اأولى على
اانطباعات البصرية الدائمة التردد ،مثلما تعتمد على رواسب الاوعي
والذاكرة الملغزة .وهكذا تحولت الرؤية الف ية الى ما يمكن أن يوصف
189
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ب ُالرمزية التجريديةَ التي تتميز عادة بقوة حدس عالية تتصل أساسا
بالبواعث الغريزية العميقة لحفظ ال وع ،وهذا ااتجا الرؤيوي في مجمله،
يؤلف ما يشبه الحصانة إزاء القلق والعذاب اللذين يعانيهما الف ان في
عصر مضطرب ،كما يؤدي الى احتياز الصور الذه ية الثابتة والمتغيرة عن
العالم ،بما في ذلك ،المدركات الحسية لهَ3ُ.
190
التعبير اأدبي الجزء الثاني
191
التعبير اأدبي الجزء الثاني
192
التعبير اأدبي الجزء الثاني
يتّجه الشعر في عصر ما بعد الحداثة نحو اللغة القوية معتمدا اايحاء و
العمق الواسع ،متخليّا بعض الشيء عن عروش الرمزية المتعالية ،و
الذاتية الم غلقة ،و مع ا ّن ااصوات المطالبة بتعاونية أكثر في ال ص
صارت تأخذ مساحة أكبر ،اا انّ ا نجد ا ّن البوح الرمزي و الوحدة العميقة
للقصيدة و الت اغم التضادي ا زال يتربّع عرش قصيدة ال ثر العربية .
193
التعبير اأدبي الجزء الثاني
لقد صار واضحا التخلّي في عصر ما بعد الحداثة عن مميزات بارزة للشعر
الحداثي كااعتداء على مادة اادب ،و تمثل ذلك بالرمزية المتعالية التي
تصل حد التجريد و السريالية ،و اايغال في التعبيرية و عكس صورة
الكلي الم بث من داخل الذات يصل حد الرؤية الخاصة المغتربة ،و
الكتلية المستقلّة ّ ،اما التكثيف و التوهج و التصوير العالي و المجانية و
عمق المع ى ،و الت اغم بالتضاد ،و وحدة القصيدة فانّها وان كانت من
تق يات الحداثة اا انّها استمرت الى زمن ما بعد الحداثة .
ا ّن التكثيف و التوهج و عمق اللغة صار شعار الشعر المعاصر الما بعد
حداثي ،وهو من ميزات اللغة القوية ،او لغة ما بعد الحداثة المشتملة
على التوصيل واايحاء ،بلغة جمالية ذات ايحاءات عالية و توصيلية
عرضية و عمق واسع .فبقي التكثيف و اللغة الكثيفة من مامح الشعرية
تخصصا من قبل اادباء
في عصر ما بعد الحداثة ،و نجد مطلبا نقديا و ّ
،بل وكذا صار معلوما لدى القراء المتذوقين .
واما الت اغم التضادي فا زال ع صرا أسلوبيا موافقا لروحية قصيدة ال ثر
القائمة على التضاد و الث ائيات ،و نجد هذ التضادية و بشكل متطور
يتجلّى في ال ص المفتوح الذي هو شكل متطور لقصيدة ال ثر و ليس
194
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ج سا مستقا مقابا لها كما يقول البعض ،حيث ا ّن التضادية تتحقق على
مستوى الج س الكتابي فيجمع بين السردية و الشعرية و على مستوى
الدالة فيجمع بين المجمل و البين و استحضار عوالم دالية مختلفة
مت وعة في تركب تعبيري واحد وهذا وجود و شكل متطور للغة .
195
التعبير اأدبي الجزء الثاني
كلما اتجه ال ظر نحو فكرة اعمق و اشمل تخص الف ون كلما استشعر القصور
و الاموضوعية في ااقتصار على مادة ف ية واحدة .و في ضوء السعي نحو
فكرة جمالية عامة فانه يكون باديا قصور ااقتصار على احدا لف ون ،كاللغوية
مثا .و ربما يكون من الجائز التساؤل عن انظمة جمالية موحدة للف ون اذا ما
كانت ااجابة إيجابية فيما يخص سؤاا يمهد اارضية نحو هكذا فكرة .
السؤال هو فرع فكرة ان العامل المشترك بين الف ون هو ااثارة ،اذ يمكن
بحث باقي الع اصر على انها ع اصر اختاف اا ااثارة فانه ا يمكن
ااختاف في انها عامل مشترك في الف ون باعتبارها اعمال ابداعية .في ضوء
ذلك يكون السؤال ُ هل ان ااثارة التي تحصل ل ا ازاء ااعمال الف ية ترجع
الى نقاط موحدة في المجال الشعوري و الفكري لإنسان ام انها مختلفة ؟َ
طبعا الوجدان و العلم بل و الممارسة الخبروية تؤكد محدودية نقاط الشعور و
ااثارة في ا ،اذن يصح افتراض رد ااختاف الخارجي الى مشترك داخلي ،و
بذلك يكون لدي ا واسط حقيقي يكون كاشفا عن ع اصر الجمال الخارجية و
نقاط ااستجابة الداخلية ،اذن يصح افتراض وجود ثاث مجموعات من
الع اصر المكونة لعملية التذوق الجمالي ع اصر العمل الف ي ،ع اصر
ااستجابة الجمالية و ع اصر الوسط الجمالي ،و يمكن فهم العملية على ان
المجموعة ااولى من المركبات الجميلة و ان الثانية هي مركبات ااستجابة و
196
التعبير اأدبي الجزء الثاني
من الواضح ان هذا الفهم يشتمل على واقعية ظاهرة مصدقة بالوجدان و العلم
،و يكون البحث في كل من المجاات الثاث مثمرا دوما و اختصاصي ايضا
،و البحث و ااكتشاف في كل من تلك الجوانب يؤدي الى ثمرة مختلفة .
فتطوير المعرفة بالع اصر الجميلة يمكن من قدرة اكبر على اعادة انتاج الجميل
،و التطوير في مجال ااستجابة يمكن من قدرة اكبر على التدخل في تطوير
ااستجابة و تشخيص ما هو غير طبيعي ،و التطوير في مجال ع اصر الوسط
يمكن من انتاج محفزات و مستقبات اكبر.
بعد وضوح امكانية فكرة المشترك الجمالي ،و رجوع الت وع الظاهري لأشياء
الجميلة الى مشتركات في مجال استجابت ا لها و الع اصر الوسطية بين كل
ذلك .ان اهم و اوضح ظاهرة تشخص القصور في استفادة احكام عامة من
البحث المقتصر على مادة ف ية واحدة كاللغة او الرسم مثا ،ان ما يبدو
للعيان ان ه اك نوع من العمل الف ي احادي البعد ،ساكن في البعد ااخر
كاللغة الزمانية الامكانية ،و الرسم المكاني الازماني ،طبعا الكام ه ا من
حيث المادة بذاتها ،لكن لدي ا ف ون زمكانية كالتمثيل ،فا ريب جمعها
للزماني و المكاني ،و يكون غير محكوم بما يمكن ان يستخلص من الزماني
او المكاني الم فرد .السؤال ااهم ه ا ُ هل عملية ااستجابة الجمالية عملية
زمانية ام زمكانية ؟ َ ،طبعا من الظاهر انها زمكانية ،سواء من حيث التحليل
للظاهري او من حيث استراجاع المدرك و تخيله ،اذن فمقولة ان اللغة تعكس
197
التعبير اأدبي الجزء الثاني
نظام التفكير تكون في المحك و تعاني حرجا في ااثبات ،و يكون ااصح
ان الف ون الزمكانية أي المكاني المتطور في الزمن ،كالتمثيل ،هو الصورة
الخارجة ااصدق المقاربة لعملية التفكير وااستجابة الجمالية ،بحيث يمكن
تمثيل عملية اادراك بانها صورة متتالية كالشريط السي مائي .
هذا الفهم يمكن ان يكون مدخا نحو فكرة جمال عرفية وجدانية ،مدعومة
بمظاهر فسلجية علمية ،تكون اقرب للواقع و اصدق في تمثيل ااستجابة
الجمالية .و ا يبقى الع صر الجمالي متذبذبا بين الشكلي او المع وي او ما
هو داخل العمل الف ي او ما خارجه ،و انما تكون لدي ا جهات بحث و
ميادين تصدق كل فكرة واقعية في مجالها و ان كانت تخالف غيرها ،فيرتفع
الت اقض فيما كان يعتقد انه مت اقض ،لتعدد ابعاد التجربة الجمالية و تجلي
ميكانزما لاستجابة الجمالية .هذا الم هج العرفي الجمالي يبين انه ا ت اقض
بين القول بالجمالية الداخلية و بين القول بالجمالية الخارجية ،بل يؤكد ان
تلك ال ظريات تشامل على مواطن للصحة و يمهد نحو نظام علمي عام و
شامل موحد لفكرة الجميل و الجمال .
198
التعبير اأدبي الجزء الثاني
لقد رأي ا كيف تهاوت كثير من نظريات ال قد الوصفي التخاطبي امام ظاهرة
اابداع و جماليته ،انها لم تكن ممثا حقيقا و مبرزا امي ا لظاهر الجمال
اادبي .
199
التعبير اأدبي الجزء الثاني
حي ها يتحقق اادب القريب الممتع .اذن اادب القريب ليس اادب
المباشر بالضرورة ،بل وا الرمزية القريبة و ا اانزياحات الم طقية في
قبال اانزياح العالي ،و انما هو ادب يستطيع ان يحضر القارئ الى ال ص
و يجعله يعيش اجواء و يهز مشاعر و فكر و يبهر بأي شكل من
اشكال اللغة حتى لو كانت لغة تجريدية ا توصيل فيها و ا حكاية .
200
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ا يمكن احد انكار ال قلة التي احدثتها الرومانسية في الكتابة اادبية من
المادية الباغية لادب الكاسيكي الى فضاءات اوسع و اكثر حرية و عمقا
ممهدة لعصر الحداثة ،لكن في الخمسين س ة ااخيرة نجد عودة الى المادية
اادبية و خصوصا على ايدي ااسلوبيين ،و جعل الكتابة ممارسة مادية
خاضعة امور وصفية و تجريبية و ع اصر ظاهراتية ،و ما كان التعمق في
عوالم المع ى و الداات اا امرا هامشيا ا ي اسب سعة اادب و الظاهرة
اابداعية .
لقد كانت الباغة شكا واضحا للمادية اادبية ،و بمظاهر عالية التحديد و
التجريب ،و حي ما ارتفع صوت الرمزية ،مالت الكتابة و القراءة معا الى
المع ويات و الخيال و تعالت المثالية اادبية و صارت المفاهيم الظاهرية اقل
و ضوحا و فضفاضة في كثير من ااحيان ،اا انها انتهت الى عقل ة الظاهرة
اادبية في الم اهج الظاهراتية و الوصفية من الب يوية و مابعدها وخصوصا
ااسلوبية .
ان في الوضع غير المستقر لاسلوبية مجموعة مظاهر انفتاحية تتوسع باتجه
عوالم كتابية و قراءاتية اكثر سعة و عمقا و حرية ،يمكن ان تمهد الى حالة
من الامادية في هذا الب اء ،و هي حقيقة ان للكتابة بعدين و ليس واحدا ،
فظاهرة القراءة ا تقتصر على البعد الدالي ،بل ه اك بعد اخر هو بعد
ااستجابة الجمالية .
201
التعبير اأدبي الجزء الثاني
202
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ال قد المفتوح
ااول :ان الصحة و ال موذجية امور تطورية ،لذلك من الخطأ تصور وجود
قراءة صحيحة خالدة و دائمة ،كما انه ا بد من اليقين انه ليس ه اك قراءة
صحيحة اكثر من القراءة المعاصرة .
203
التعبير اأدبي الجزء الثاني
في ضوء ما تقدم تكون القراءة الصحيحة متسمة بصفتين اوا المعاصرة و ثانيا
ااخاص ،انه من دون قراءة معاصرة تكون قراءة متخلفة و مسيئة لل ص ،و
اما ااخاص ،فمن دونه لن يكون ه اك مجال لتبين اوجه اابداع في غايات
ال ص المتقدمة ،فتكون القراءة ناقصة ايضا .
بجميع ما يتاح من ادوات وصلت الى ال اقد المعاصر ،و حي ها يكون من
التعسف القول بان م هجا معي ا و مدرسة معي ة هي التي تفي بحق الظاهرة
اابداعية .
الفن و الحياة
205
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الحاصل ،و ان كان الف ان غير مقت ع بالواقع فسيكون ف ه اعتراضا على
الواقع و فكرة للخاص .ان فكرة الخاص متأصلة في الفن ،و السعي
نحو حياة م شودة امر متأصل في الفن ،و كل اشكال الفن و صور و
تعبيراته ا تخلو اا من ااشارة الى الخاص و حياة م شودة .
ان رسوخ الرسالية و نشدان حياة اكمل في الفن يتمظهر عادة بحالة التمثل
اانتمائي للمجموعة او اانسانية ،بصورة المدافع عن المعرفة او المطالبة
بها ،لذلك فالشاعر ا يمتلك رؤية مختلفة عن غير كما قد يعتقد ،و
انما الشاعر يرى انه يمتلك الرؤية الصحيحة التي يراها غير من العارفين ،
بمع ى اخر ان الف ان ا يطرح نفسه ابدا كأحد من ال اس البسطاء الذين
يتقبلون الواقع من دون فحص و تدقيق ،و انما يرى ان كل ما في الواقع
ا يجب قبوله اا من خال رؤية صحيحة و معرفة حقيقة .و لو قل ا ان
ه اك علوم لها مختصون فالف ان مختص بعلم الوعي اانساني و الرؤية و
فكرة الخاص ،لذلك فان الف ان الحقيقي عادة ما يحدث حركة اجتماعية
في الشعوب الحية ،و عادة ما يترك اثرا و مثاا للطالبين للخاص .
الف ي تشعب و تعددت صور ،اا انه في الواقع بقي محتفظا على جوهر
و سيبقى محافظا عليه وهو ان الفن اعتراض على الواقع المرير و تبشير
بالخاص و الحياة الم شودة .
لقد عمدت العقليات غير ال اضجة على ص ع وهم اثر في حركة الفن ،
بطرح فكرة ان اامن القومي و ااجتماعي يوجب وضع حدود لابداع
تقيد و تم ع من بلوغه فضاءات اوسع ،و هذا الكام فارغ و ا يصدر
اا عن انسان جاهل ا يعرف مع ى اامن و ا اابداع ان هكذا تكتل ا
علمي و ا موضوعي يدعي الوصاية و ااطاع و ي بذ فكرة استقال
الفكر و الثقافة و الفن ،و يحارب كل وسائل التطور المعلوماتي بحجة
انها مفسدة و مضرة بال اس .هكذا نهج ا يمثل اا نظرة بائسة متخلفة .
و الصحيح معرفة امر مهم هو ان اابداع ممارسة انسانية حياتية ،ا
تختلف عن اية ممارسة اخرى ،لها مادتها و ادواتها ،و لها مسائلها و
قضاياها المستقلة ،و عاقتها بالمجتمع عاقة اية ممارسة انسانية
مجتمعية كااقتصاد و السياسة و غير ذلك .و من الخطأ الواضح تصور
ان الدين و العرف ااجتماعي السليم يضع حدودا لأبحاث الفكرية و
اابداعات الف ية و اانجازات الثقافة ،بل كل ما هو مطلوب اانطاق
من قاعدة ايمانية ،و التحليق في فضاءات الفكر و الفن و اابداع .
لقد اصبحت البشرية على علم و ق اعة بان تمحور التجربة الف ية على
الغ ائية الشهوانية لم تخدم قضية الفن و ذهبت به نحو اشكال سطحية و
تجارية ليس اا .من المهم جدا التأكيد على اهمية الفكر و الثقافة و الفن
في الحركة اانسانية ،و تشتد الحاجة في زمن الحرب و اختاط الرؤى ،
207
التعبير اأدبي الجزء الثاني
فانه كما ان الفكر ساحة لتجلي الذات الحقائقية ،و الثقافة ساحة لتجلي
الذات المعرفية ،فان الفن ساحة لتجلي الذات المعبرة .وهذا يدل و
بشكل ا يقبل الريب انه ا تقاطع ابدا بين الدين و الفن ،بل و ا يمكن
تصور تكامل التدين اا بوجود فكر مزدهر و ثقافة مزدهرة و فن مزدهر،
كما انه ا يمكن تصور فكر حقائقي و ثقافة عارفة و فن معبر بصدق اا
ما كان م طلقا عن قاعدة ايمانية .
ان حركة المجتمع و انتصار على تحدياته الداخلية كفساد السلطة و تغلبه
على تحدياته الخارجية و من يريد السوء به ،و تحقيق المكاسب و
المحافظة عليها كل ذلك ا يمكن ان يتحقق من دون فكر يكشف
الحقيقية و عري الزيف ،و من ثقافة تحصن الفرد و تعطيه ادواة المعرفة ،
و من فن يوصل الفكرة و يعبر عن االم و الحقيقة .
ان ا نرى و بوضوح المستويات الانسانية التي بلغتها اتجاهات غلبت
استغال الفكر و الف ية أجل م افع و توجهات برجماتية شرع ت
انتهاكات جسيمة بحق اانسان ،و لو تأمل ا في مسيرة الشعوب و
الطواغيت نجد الساح ااقوى استمرار السلطة الغاشمة و المتخلفة هو
قتل الفكر الجوهري و الثقافة الحقيقية و الفن ااصيل ،و
وضع م ظومات فكرية و ثقافية و ف ية تسويقية إبقاء الشعوب خاضعة
خانعة .
ان العالم اصبح اصغر مما يبدو ،و صارت المعلومات تت اقل بين ارجائه
بشكل اسرع مما نتصور ،و عهد المعرفة الورقية آيل الى الزوال ،بل زال
عمليا ،و بدأت المعرفة االكترونية تطغى ،لذلك كيف نتصور مجتمعا
محص ا قادر على الدفاع عن مبادئه و ثقافته من دون مثقف حقيقي و ف ان
حقيقي و يكون على مستوى عالي من ااقتدار المعلوماتي و اانفتاح
208
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ان الفهم الواقعي للمعرفة يشير وبقوة الى عدم امكانية نضوج التجربة و
الذات اانسانية اا بعوامل معرفية متكاملة ،فما عاد التجزؤ و التشظي و
التمرد وجها فعاا للمعرفة ،و لم يعد مقبوا ابدا الدعوة الى عزلة المفكر
و المثقف و الف ان بحجة من الحجج .و انه ا تقاطع ابدا بين
الممارسات اانسانية ،بل كلما ازاد الضغط ااجتماعي و االم
ااجتماعي و المعاناة ،فان الحاجة تكون ملحة لفكر قوي و ثقافة قوية
و فن مؤثر .ان احد وسائل قتل الشعوب هو عزلها عن مفكريها و مثقفيها
و ف انيها ،ان من واجب الشعوب اعطاء مكانة متميزة للمفكر و المثقف
و الف ان ،و من الخطأ تصور ان تأثير و انجاز يقل عن العالم او الخبير
،نعم الكل له دور و الكل يعمل ،لكن من المهم امران اوا استقال
الفكر و الثقافة و الفن و ابعاد ال فوذ و ااستغال ع ه ،و ثانيا اعطاء
الفكر و الثقافة و الفن مكانها الائق ،أنها ممارسات انسانية لو
نضجت فإنها ستحقق اانجاز اانساني الخالد ،وهل يشك احد م ا ان
مسيرة الخلود لم تكن اا للمفكرين و المبدعين ،و هل بإمكان احد ان
209
التعبير اأدبي الجزء الثاني
لقد بات راسخا تدخل و مشاركة القارئ في انتاج ال ص الحديث ،و صار
وعي القارئ و خلفيته المعرفية جزء حاسما في تشكل معاني ال ص و
دالته .هذا كله يكون في عملية القراءة .اذ قد اثبتت البحوث ان الكتابة
و القراءة كاهما عملية انتاج المعاني ُاندرسون ، 1977كريك َ 1980
.و ل ا ان نسأل ُهل لرؤية المتلقي تأثير على عملية الكتابة ؟َ.الجواب
على هذا السؤال يمكن ال ظر اليه من ثاث جهات :
الجهة ااولى :الكاتب باعتبار قارئا و متذوقا ع د الكتابة المؤثر بوعي .
حتى ان بعض الباحثين يرى ان الكاتب حين الكتابة يكون قارئا ُكريف
، 1983سمث ، َ1983و يقول انجر ُ اث اء الكتابة و ب اء ال ص
يمارس الكاتب بعض القراءة ،بل احيانا يضع الكاتب نفسه خلف تجربته
كقارئ ُانجر . َ1994و يقول سكوير ُ ان الكتابة و القراءة يؤثران في
عملية القراءة و الكتابة و التفكير ُ سكوير . َ1983
210
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الجهة الثالثة :مراعاة الكاتب للقارئ ع د الكتابة .وهذا ايضا ظاهر حتى
عد ااسلوب تابعا لذلك ففي الويكيبيديا ُ ُ َ 2014يكشف ااسلوب
عن كل من شخصية الكاتب ورأيه ,ولك ه يظهر أيضاً كيفية تصور الكاتب
أو الكاتبة للجمهورَ ،و يقول محمد المرزوقي ُ2012قد جاء عبر هذ
التحوات على المستوى الصحفي تحول العاقة بين "الكاتب و القارئ"
عبر "رجع الصدى" من خال ردود القراء التفاعلية على كتابهم ..مما نقل
هذ العاقة مما يشبه الشراكة في انتاج ال ص بقصد أو بدون قصد ،إلى
ما يشبه سلطة خفية على أفكار الكاتب ،ومع أنها ذات تأثيرات متفاوتة
من كاتب إلى آخر إا أن هذ العاقة لدى آخرين أشبه ما تكون بذراع
بوصلة يتخذ م ها بعض الكتاب وجهة لما يكتبون َ .بتصرف .
211
التعبير اأدبي الجزء الثاني
فبال سبة للجهة ااولى حي ما يقوم الكاتب اث اء الكتابة بدور القارئ ،فانه
مع حقيقة انه قارئ ه ا و يؤثر في عملية الكتابة بما هو قارئ ،فانه ايضا
بخلفيته الذوقية و تب يه م اهج ف ية و جمالية معي ة و بشكل واعي يسعى
لتحقيق متطلبات تلك الجهات و غاياتها .
و بال سبة للجهة الثانية ،فان التراكم المعرفي المترسخ في جهة الاوعي
يحدد جزء مهما من الذائقة ،بل و من السلوك اانتاجي ،و لهذا فمع
الكم الهائل من ااعمال الصغيرة و الكبيرة ،ا يمكن فهم التلون الثقافي
و الهوية الثقافية انها نتاج عملية واعية بالكلية ،وهذا اامر يشير الى
ااهتمام بمجال الاوعي العام أجل ت اول الهوية و تحدياتها .واما الجهة
الثالثة وهي المراعاة المقصودة و الواعية لذوق الجمهور المتخصص او
غير المتخصص فان تأثيرها على الكتابة ايضا يمكن تلمسه وان كانت
الكتابة ت زع دوما نحو التحرر من ارادة المؤلف و اماءاته.
يتمثل التأثير التخصيص بمواكبة المؤلف لل ظرية اادبية و يتمثل تأثير غير
المتخصص بالتعاونية التي ا بد م ها باعتبار الكتابة خطابا .تقول هيا عزيز
المحرض اأول على استمرارية
ّ ُ ما زلت أصر على أن القارئ هو
الكاتب ..إنه يستثيرك حين يقسو في نقد ويستحثك حين يرق في
رد َُ..هيا عزيز َ2008
212
التعبير اأدبي الجزء الثاني
متى تبدأ قراءة ال ص ؟ كيف نجيب عن هذا السؤال :متى نبدأ قراءة
ال ص ؟ و خصوصا ان رواند بارت نفى ان تكون ه اك قراءة أولى ُ ر
بارت ، َ 1990بل كل قراءة هي اعادة قراءة لما سبق ،كما ان مقولة
كون ان القراءة ااولى هي ااستث ائية و الخالصة قد عفا عليها الزمن ُ
اندرو ب ييت . َ2004وهذا السؤال يستتبعه سؤال اخر ،وهو متى يبدأ
ال ص ؟ من اول فكرة ام اول حرف ام من حين القراءة ؟ .وما هو ااصل
فيه هل هو المؤلف ام ال ص ام القارئ ؟ .
في ضوء ما تقدم و ما قيل من الت اص اازلي و ان القراءة ااولى انما هي
تكرار لقراءات سابقة ُ اندرو ب يت ، َ 2004فانه يمكن القول كما ان
ه اك ت اصا ُ َ inertextualityمازما لكل نص او كتابة ،فه اك
اعادة قراءة او تقارؤ ُ ُ interreadingمازم لكل قراءة ،فكما انه
ليس ه اك كتابة نقية ،فانه ا وجود لقراءة نقية ايضا ،ف حن حتى في
قراءت ا ااولى ل ص ما فان ا نعيد قراءة ما قرءنا سابقا و ما قرء ااساف
.
وفق هذا الطرح الجوهري يبدو جواب هذا السؤال مستعصيا ،لكن لو
تأمل ا قليا في حقيقة اأصل للكتابة و القراءة ،و ان فكرة الت اص اأزلي
و التقارؤ اأزلي غير معقولة و ا مقبولة وانما هي محض فرضية و ادعاء
با ادنى اثبات ،فان لدي ا ما هو اكثر وضوحا و قوة اا وهو العامل
المعرفي المكون اساسا من البيئة المعاصرة و الموروث ،فان الوجدان و
213
التعبير اأدبي الجزء الثاني
من ه ا يكون واضحا ما هي نقطة بداية ال ص كما انه يكون واضحا نقطة
بداية القراءة ،و بذلك يكون واضحا الم هج الواجب اتباعه في تعريف
ال قد اادبي و نقطة بدايته .
214
التعبير اأدبي الجزء الثاني
215
التعبير اأدبي الجزء الثاني
216
التعبير اأدبي الجزء الثاني
- 2السردية التعبيرية
217
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ان ما يقابل الشعر هو ال ثر و ليس السرد كما يعتقد البعض ،السرد يقابله
التصوير ،و الشعر حي ما يكتب بشكل نثر فانه بال هاية سيكون شعرا ،و
المميز بين ال ثر و الشعر ليس الوزن كما هو معلوم ،و ا الصورة الشعرية و
المجاز العالي كما اثبتته قصيدة ال ثر السردية بالكتلة ال ثرية الواحدة ،انما
المميز بي هما ان الشعر يشتمل على السردية التعبيرية و ا يقصد الحكاية او
التوصيل ،بي ما ال ثر اما قصصي حكائي يقصد الحكاية او توصيلي بشكل
خطاب و رسالة .بمع ى اخر ان الفرق بين الشعر و القص و اللذين يشتمان
على السرد ،ان السرد في القصة حكائي قصصي يقصد الحكاية و الوصف
ولو خياا ،بي ما السرد في الشعر تعبيري هو سرد ا بقصد السرد هو السرد
الذي يمانع و يقاوم السرد ،انه السرد بقصد اايحاء و الرمز ونقل العاطفة و
ااحساس ا الحكاية و الوصف.
218
التعبير اأدبي الجزء الثاني
السردي يكون موظفا أجل تعظيم طاقات اللغة التعبيرية ُ َ .انور الموسوي
َ215
جمال اأدب يكمن في طريقة التعبير و أسلوب الدالة ،و لكل تعبير أدبي
قدرة معي ة على الكشف عن جماليات بدرجات مختلفة ،هذ هي المرتكزات
ااساسية لل قد التعبيري ،اي البحث الواسع في اسلوب التعبير اادبي ،و ا
بد من ااشارة انه ا عاقة لل قد التعبيري بالمدرسة التعبيرية و انما هو م هج
اسلوبي موسع .مما تقدم من اهمية طريقة التعبير و الدالة و تدرج تجلي
ع اصر الجمال تتبين قلة ااهمية في مبحث المداليل كهدف اساسي أنه ا
يعين المكمن الحقيقي للجمالية اادبية و ايضا تتبين ا واقعية فكرة الوجود
التام و الفقدان التام لحقيقة الوجود الدرجاتي للع اصر الجمالية في العمل
اادبي .
219
التعبير اأدبي الجزء الثاني
على اسلوب التعبير و ال ظرة الواسعة الى الع صر اادبي ،و اانطاق من امور
بي ة كالتعبير و ااستجابة الجماليات و المؤثرات الجمالية من معادات و
عوامل جمالية ،كل ذلك يعطي لل قد التعبيري درجة عالية من الوضوح و
التجريبية و ااستقرائية .
الف ون اأدبية تعتمد الخيال في ب اءها ،ليس فقط في ما ترمي اليه من معان
وداات وانما في طريقة التعبير ،و ما اانزياح اا شكل من اشكال التعبير
بوساطة الخيال ،اذ ان العاقة اانزياحية خيالية كما هو حال المجاز ،اذ
ريب ان ه اك األفة بين المجاز و ذهن القارئ ،لذلك ا بد على ال ص ان
يطرح مجاز بشكل واقعي ،طرح المجاز وهو عاقة خيالية بصورة واقعية هو
ُ وقع ة الخيال َ ،و وق عة اشتقق اها من كلمة واقعي ،و يمكن وصف حالة
تحقيق األفة للاألفة التي يتميز بها الخيال التعبيري بانها حالة وقع ة له ،
فالخيال المجازي في علو و بعد و األفته الذه ية حي ما ي جح المؤلف في
تقريبه و الباسه ثوب الواقعية و الحقيقية فانه يكون طرحه بصورة واقعية
وحقيقية .
ان اللغة المتموجة التي توفرها السردية التعبيرية ،و التي تت اوب بين مفردات و
تراكيب توصيلية و اخرى مجازية انزياحية ،يعطيها ميزة ا تتوفر في الشكلين
ااخرين من الكتابة ،اقصد السردية القصصية و الشعرية التصويرية ،فااولى
220
التعبير اأدبي الجزء الثاني
221
التعبير اأدبي الجزء الثاني
-4البوليفونية
222
التعبير اأدبي الجزء الثاني
من شعورنا العميق بان ابعاد البوليفونية عن التعبيرية يحقق خسارة ف ية
فانا نحاول طرح فكرة الجمع بين ضدين بين تعدد الرؤى الظاهري و وحدة
الرؤية العميقة وهذا التوحيد هو جمع بين متضادين و هو توتري و مفيد
لقصيدة ال ثر ،ت طلق من ادراك ان البوليفونية خاصية سردية اسلوبية ،بي ما
التعبيرية فهي فهم و ادراك عميق لادب و الشعر و ااشياء ،لها مظاهر
اسلوبية م ها السردية التعبيرية و التي م ها البلويفونية التعبيرية .
-5الفسيفسائية
المعهود ان لكل لفظ و كام غاية تعبيرية و مقصد هي نهايته التعبيرية ،
اما في لغة المرايا فان هذ القاعدة و ال اموس يُحطم ،لتحل محله توظيفات و
تق ية مغايرة بحيث ان معادات تعبيرية متباعدة تكون مرايا لعوامل تعبيرية
متقاربة فيكون ُ الت اص الداخلي َ او ُ الترادف التعبيري َ ،او ان معادات
تعبيرية متقاربة تكون مرايا لعوامل تعبيرية عميقة او ُ ااشتراك التعبيري َ .
223
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ان طرح الفكرة ذاتها بتراكيب لفظية مختلفة يمكن من القول ان ا نظرنا
للشيء الواحد من زوايا متعددة ،و من هذ الحيثية يمكن وصف ال ص بانه
متعدد الزوايا ،اا انه لو نظرنا الى التراكيب فيما بي ها فانا س راها تركيبة
فسيفسائية يكون كل تركيب بشكل مرآة لذاك يمكن وصف هذ اللغة بلغة
المرايا و وصف ال ص بال ص الفسيفسائي .
-6التوافق ال ثروشعري
المعهود من الكتابة اأدبية ليس فقط التمييز بين الشعر و ال ثر ،بل رسوخ
فكرة تضادهما فالكتابة التي تميل الى الشعرية و توظف تق يات الشعر تضعف
فيها ال ثرية ،و هكذا العكس في الكتابة التي تميل الى ال ثرية و توظف
تق ياتها فان الشعرية تضعف فيها .هذا التضاد و الت اسب العكسي بين الشعر
و ال ثر هو المعروف و الراسخ في الكتابة لمئات الس ين ،و لقد مثل الشعر
الصوري المعهود ال موذج ااوضح لهذ الظاهرة ،اذ كلما تعالى ال ص في
شعريته ابتعد و نأى عن ال ثرية وهذا ما ا يحتاج الى مزيد بيان .
224
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ان السردية التعبيرية بسعيها نحو الغاية القصوى لقصيدة ال ثر في تحقيق الشعر
الكامل بال ثر الكامل و تحقيق حالة الشعر الم بثق من وسط ال ثر ،وفرت
اامكانية و القدرة على تحقيق نظام ُ التوافق ال ثروشعري َ .و ا بد من
التأكيد ان فكرة التوافق بين الشعر و ال ثر و ا ذاتية تضادهما هو نتاج اصيل
و مستقل للسردية التعبيرية و غير مسبوقة في هذا الفهم و ان كان تلمس
اشكال من تجليات نظام التوافق ال ثروشعري في سرديات تعبيرية عالية كالقران
الكريم و ملحمة جلجامش .
225
التعبير اأدبي الجزء الثاني
226
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ان اللغة الحرة و ال صوص الحرة العابرة لاج اس و التي ستكون و با شك
الشكل المستقبلي لادب لن تاخذ شرعيتها بسهولة و بفترة قصيرة أمور كثيرة
اهمها تجاوزها ااج اس اادبية و تحطيمها أعراف سائدة في اللغة و اادب
.لقد بقي اادب يعاني من سطوة ال اشر فكان يفارق رغبة المؤلف و رغبة
القارئ اجل ان يعجب ال اشر فاهدر الكثير من الوقت و الجهد لتلبية تلك
اارادات الاف ية و الاعلمية ،اما اآن و بفضل ال شر االكتروني و امكانية
ال شر بشكل حر و تحرر مواقع نشر كثيرة من تلك اافكار ،صار الوقت
م اسبا لظهور اادب الحر و اللغة الحرة و ال ص الحر العابر لاج اس ،فا
يكون امام عين القارئ سوى ما يريد ان يقوله و ا شيء سوى اللغة التي يريد
استعمالها ،من دون وصاية ا فكرية و ا موضوعية و ا سلوبية ،با و ا
ادبية فالمهم الكتابة و ا يهم ما ج سها و ما تص يفها ،و الجمهور هو
الحكم .لقد انتهى عصر الوصاية اادبية و بدا عصر اادب الحر و اللغة
الحرة.
227
التعبير اأدبي الجزء الثاني
-6اللغة التجريدية
228
التعبير اأدبي الجزء الثاني
229
التعبير اأدبي الجزء الثاني
مما ا شك فيه ان الشعر و الى فترة قريبة كان معتمدا في قوامه على ع صرين
مهمين هما المجاز و الصورة الشعرية ،فبعد تخلي الشعر عن الموسيقى
الشكلية و ااوزان برزت الصورة الشعرية و المجاز كمميز و معرف للشعر .
ببروز الشكل المميّز لقصيدة نثر ما بعد الحداثة بالكتلة ال ثرية الواحدة و
خصوصا في القصيدة اامريكية المعتمدة على السرد ،اصبحت وظيفة المجاز
كمحور ضعيفة ،و صارت الصورة الشعرية كمقوم للشعر في وضع اهتزاز و
حرج ،بل ان مظاهر تخلي الشعر عن الصورة الشعرية صار واضحا.
اذن بالسردية التعبيرية يدخل الشعر مرحلة جديدة و تجديدية حقيقية و ذلك
بالتخلي عن الصورة الشعرية و التقليل من مركزية المجاز فيه ،و بروز السرد
التعبيري كمظهر و ع صر و معرف شعري .
230
التعبير اأدبي الجزء الثاني
بالسردية التعبيرية ،صار وجه القصيدة اكثر نثرية ،وصارت الرغبة ملحة
بالكتابة بلغة واضحة سهلة بلغة يومية ،و بال ثر اليومي ،اا ان وسط هذ
السهولة و القرب و ال ثرية و السردية ،و بفقرة واحدة متصلة من دون تشطير
،تحدث الشعرية .انه الشعر في قلب ال ثر انه الشعر في داخل ال ثر ،هذا
الشكل المتميزة بمقطوعة نثرية واحدة من دون تشطير و ا ابراز للَ َفس و
السكونات اللفظية .و بهذا تختلف عن القصيدة الحرة التي تعتمد على
التشطير و الشكل المعهود .
231
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ان ما يقابل الشعر هو ال ثر و ليس السرد كما يعتقد البعض ،السرد يقابله
التصوير ،و الشعر حي ما يكتب بشكل نثر فانه بال هاية سيكون شعرا ،و
المميز بين ال ثر و الشعر ليس الوزن كما هو معلوم ،و ا الصورة الشعرية و
المجاز العالي كما اثبتته قصيدة ال ثر السردية بالكتلة ال ثرية الواحدة ،انما
المميز بي هما ان الشعر يشتمل على السردية التعبيرية و ا يقصد الحكاية او
التوصيل ،بي ما ال ثر اما قصصي حكائي يقصد الحكاية او توصيلي بشكل
خطاب و رسالة .بمع ى اخر ان الفرق بين الشعر و القص و اللذين يشتمان
على السرد ،ان السرد في القصة حكائي قصصي يقصد الحكاية و الوصف
ولو خياا ،بي ما السرد في الشعر تعبيري هو سرد ا بقصد السرد هو السرد
الذي يمانع و يقاوم السرد ،انه السرد بقصد اايحاء و الرمز ونقل العاطفة و
ااحساس ا الحكاية و الوصف.
قصيدة القصة قديمة و تمثلها الماحم وقد توصف ايضا بمصطلح حديث
بالقصيدة السردية ،و هي من مظاهر الشعر السردي و مثله ال ظم الذي
يحكي قصة ،اما السرد الشعري فغالبية هذا الوصف هو لل ثر الذي يطعم
بتق يات سعرية من مجاز ونحو للعذوبة و هو نثر في ال هاية و قصة ،و
استعمل مصطلح السرد الشعري للتعبير عن سردية القصيدة المعاصر ،اا ان
232
التعبير اأدبي الجزء الثاني
يي ما ازمت قصيدة نثر الحداثة العطاء و الريادة الفرنسية وخصوصا برتران و
بودلير و تأثير الرمزية و التصويرية بقصيدة نثر حرة ،فان قصيدة نثر ما بعد
الحداثة تجتلت باابداع اامريكي وخصوصا رسل ادسن و سيميك ،بالسرد
التعبيري الواضح و القريب بكتلة نثرية واحدة .
233
التعبير اأدبي الجزء الثاني
لل ص اادبي ابعاد ثاثة ،فاضافة الى بعد الكتابي الب ائي ك ص بمفردات و
جمل و فقرات متجاورة ،فان له بعدا ابداعيا اسلوبيا يتمثل بالف ية و الجمالية
و الرسالية ،و له ايضا بعد لغوي دالي يتمثل بتجلّي اللغة و ال ص و المؤلف
و القارئ .ما يحصل اث اء الكتابة هو تقاطع خطوط هذ اابعاد و تقابلها و
تاقيها في ال هاية في نقاط تعبيرية .بي ما يكون تتبع ع اصر البعد اابداعي
ااسلوبي هو من القراءة ااسلوبية ،و تتبع ع اصر البعد اللغوي الدالي هو
من القراءة الدالية اللغوية ،فان تتبع نقاط تاقيهما التعبيرية يكون بالقراءة
التعبيرية بادوات ال قد التعبيري .و من ه ا يتجلى الفرق الواضح واصالة ال قد
التعبيري و تميز عن اابحاث الدالية و ااسلوبية و ان كانت جزء م ه و
مستفيدا من ادواتهما .
حي ما تحدث عملية القراءة فانها تتطور من مستوى المفردة الى مستوى
ااس اد او التجاور المفرداتي الى مستوى الجملة الى مستوى الفقرة ثم الى
مستوى ال ص بكله .اث اء كل مستوى يحضر البعد اللغوي الدالي و البعد
234
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ان ال ظام الجامع لأبعاد الثاثة في القراءة التعبيرية يتجلى بالوحدة التعبيرية
المتكونة من عامة تعبيرية ُ كيان تعبيرية او معادل تعبيري َ يحدث ااثارة
التعبيرية ُ كيان شعوري او معادل شعوري َ بواسطة عملية فكرية و عقلية
تحليلية هي الوسط او العامل التعبيري َ .الوحدة التعبيرية يمكن ان ي ظر اليها
من جهة جمالية باعتبار المعادل التعبيري معادل جمالي ،و بواسطة العامل
الجمالي يحدث ااثارة الجمالية ،وهذا ما يمكن ان نسميه الوحدة الجمالية .
ان الوحدة الجمالية و الوحدة التعبيرية هي غير الوحدة الكامية او الكتابية او
ااسلوبية او الدالية .واهم ما يشير اليه نظام الوحدة التعبيرية ان ااثارة و
اانبهار بال ص ا يقتصر على ااثارة الجمالية و الذوقية و انما ه اك اثارة
فكرية تعبيرية قد اشرنا في مواطن عدة الى صور تجليها كالت قل بين حقول
المع ى و الدالة و نحو ذلك من انظمة عميقة فكرية .
235
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ال قد المفتوح
236
التعبير اأدبي الجزء الثاني
في ضوء ما تقدم تكون القراءة الصحيحة متسمة بصفتين اوا المعاصرة و
ثانيا ااخاص ،انه من دون قراءة معاصرة تكون قراءة متخلفة و مسيئة
لل ص ،و اما ااخاص ،فمن دونه لن يكون ه اك مجال لتبين اوجه
اابداع في غايات ال ص المتقدمة ،فتكون القراءة ناقصة ايضا .
ال قد المفتوح
ااول :ان الصحة و الم اسبة و ال موذجية كلها امور تطورية ان لم تصدر
من مصادر العلم الامت اهي ،لذلك من الخطأ تصور وجود قراءة صحيحة
خالدة و دائمة ،كما انه ا بد من اليقين انه ليس ه اك قراءة صحيحة
اكثر من القراءة المعاصرة لما هو معاصر ،لما بي ا من التطورية و تدخل
العامل التراكمي و التطوري فيها .
تكون تجربة الكاتب ناضجة و متكاملة تكون مظاهر تجلي تلك الغايات
على درجة عالية من الف ية و الرقي و الثراء .هذا الثراء و البذخ و العمق
الف ي ،يجعل من جهات اابداع و المتعة متعددة ،بل قد تصل احيانا الى
حد كبير او اكبر مما يتصور .
في ضوء ما تقدم تكون القراءة الصحيحة متسمة بصفتين اوا المعاصرة و
ثانيا ااخاص ،انه من دون قراءة معاصرة تكون قراءة متخلفة و مسيئة
لل ص و تفرض عليه رؤى هو ا يمثلها و ا يقترب م ها ،و اما ااخاص
،فمن دونه لن يكون ه اك مجال لتبين اوجه اابداع في غايات ال ص
المتقدمة ،فتكون القراءة ناقصة ايضا .
ربما يمك ا القول في عصرنا هذا ان الكتابة الف ية المعتبرة -و ليست
التسويقية طبعا -تتمتع بعدد كبير من الجوانب اابداعية في مستويا
متعددة و مختلفة ، ،أجل ما بي ا ان ه اك عوامل من الوعي و عوامل
من الاوعي ،و ه اك عوامل من ال ص ذاته و من اللغة الراسخة بفعل
البيئة و الثقافة في نفس الكاتب .كلها تعمل على التجلي في ب اءات و
تراكيب ف ية م اسبة تائم ما ترسخ و تراكم في تجربة المؤلف ،وهذ
الحقيقة ليس فقط المؤلف يدركها بل القارئ ايضا .
239
التعبير اأدبي الجزء الثاني
أدوات ال قد و شخصية ال ص
من الماحظ ان الكتابات ال قدية بدأت تميل بشكل شبه كامل الى طريقة
اأطروحة ال قدية ،بحيث يكون البحث ثيميا مركزا ،و يكون القصد من
المقال ال قدي استعراض جوانب تلك الثيمة المعي ة من دون ال ظر او التوسع
في غيرها من اامور الف ية و الجمالية في ال ص .لذلك حتى في حال اختيار
240
التعبير اأدبي الجزء الثاني
نص اجل الدراسة فانه ا يكون اجل ال ص باجماله و كليته ،و انما اجل
ثيمة معي ة قد حققها ذلك ال ص ،و الذي قد يشترك معه نص آخر .
هذ الم هجية ال قدية رغم فائدتها المهمة و قدرتها التطويرية و وضوح و
تفصيلية نقاط البحث فيها اا انها قد تتعرض الى سوء التطبيق ،و ذلك بلوي
ال ص ،و اقحامه فيما ليس فيه ،فتكون كتابة ا واقعية .
حي ما يؤسس و ي ظّر لثيمة معي ة ،و ع صر جمالي و ف ي معين ،فان تطبيقه
على ال ص يجب ان يكون صادقا و حقيقيا ،و ليس و هما و ادعاء .اذ ان
ااق اع ضروري في الكتابة ال قدية كما ان الوضوح و الصحة ايضا مطلوب ،
ان المقال ال قدي و ان كان ادبيا و حرا اا انه يطرح فكرة و معرفة و يؤسس
لب اء و اضافة .
ان التطبيق التعسفي للفكرة الموضوعية المعي ة على ال ص ،و لويه و تقريب
معطياته من متطلباتها ،ليس فقط يمثل خروجا عن العلمية و الواقعية ،وانما
يعد انتهاكا لشخصية ال ص ،و عبورا على حقيقة اابداع الكام ة فيه .
ان جهات اابداع متعددة و غير مقتصرة على جهة بحثية معي ة و ا مستوى
ب ائي معين في ال ص ،لذلك يكون من الم اسب اعتماد ال قد الحر الذي
241
التعبير اأدبي الجزء الثاني
يتلمس ع اصر اابداع في ال صوص و ي طلق م ها نحو رؤية ثيمية معي ة ،و
ليس العكس و خصوصا حالة ااقحام و اادعاء فانها خسارة لواقعية ال قد و
لشخصية ال ص ،و اذا ما اريد ترسيخ فكرة و ثيمة معي ة في ابحاث و
دراسات متكررة فمن الواجب اختيار ال ص الذي يمثلها خير تمثيل ،و ليس
مجرد تكرار ااداة ال قدية على نص ا تتوفر فيه فانه مجانبة للصدق و الواقع
.
إن مفهوم ُنقد ال قدَ إلى يوم ا هذا ما يزال ُمفهوماَ يشيد ويب ى ،فهو في بدء
اامر وغايته ،مثل كل المفاهيم التي لها حياة ت تقل من التسميات والتصورات
العامة ،وتمر بمراحل الصقل وااختبار قبل أن تستقر على مدلول اصطاحي
صصَُ. َ1
مخ ِ
242
التعبير اأدبي الجزء الثاني
من أوائل الذين عرفوا هذا المصطلح ال اقد جابر عصفور الذي يقول" :إن نقد
ال قد قول آخر في ال قد يدور حول مراجعة القول ال قدي ذاته و فحصه َُ4
و هو ع د د .نجوى القسط طي ي" :خطاب يبحث في مبادئ ال قد و لغته
ااصطاحية و آلياته اإجرائية و أدواته التحليليةَُ 5
243
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ثانيا :يكشف عن صيرورة ال قد اأدبي و تحواته ،و يربط بين العوامل السياقية
الخارجية التي تحفز عملية التطور اأدبي ،و من ثم تطور ال قد اأدبي نفسه.
ثالثا :يثير إشكاات تتصل بطبيعة ال قد و إجراءاته و لغته ،و هو لذلك يتوجه
في البحث الى ال قد اأدبي في المقام اأول .
الهامة التي تلعب دورا رئيسا في عملية تقويم وب اء الم تج اإبداعي ومن ه ا
تجيء أهمية تفعيل اشتغاات خطاب ُ نقد ال قدَ ،على الم جز ال قدي
المحلي وفق رؤية ،وم هجية واضحة ،وحتى ا يستمر تدوير اإبداع في فلك
نظريات وم اهج نقدية جامدة يتم اجترارها بعد أن ثبت عدم جدوى وفاعلية
بعضها َ14ُ .ولعل معاي ة واقع ا اأدبي وال قدي تشير بقوة إلى تحقيق قدر
مهم من التراكم ،ولك ها تشير أيضا إلى تلك الثغرة المتمثلة في ضعف نقد
ال قد َُ15
ا ريب ان المقال ال قدي هو نص بال هاية وهو كتابة ابداعية ،وهذا اامر
وان كان وجها إمكانية ت اول ال ص ال قدي بالدراسة ،وبيان مقدار اابداع
المتحقق و تسليط الضوء على مقدرة ال اقد اا ان ه اك امرا اكثر جوهرية من
ذلك ،اا وهو ب اء ال ظرية ال قدية ،فكما ان ال اقد يكشف عن اسرار اابداع
في ال ص اابداعي ،فان دراسة المقالة ال قدية ايضا تستطيع ان تكشف عن
ع اصر و مكونات ال ظرية ال قدية المتحققة في المقال المعين ،اذ ليس من
الضرورة ان تكون الممارسة ال قدية تطبيقا حرفيا ل ظريات جاهزة ،كما ان
لل اقد باعتبار كاتبا خاقا فان له القدرة على وضع بصمته الخاصة و المؤثر و
التي في ال هاية تكون الوعي ال قدي من ثم تترسخ في ال ظرية ال قدية .و
أجل الوصول الى نظرية نقد واضحة المعالم و اصيلة ا بد من التفاعل
الفكري و التكامل الكتابي بين ما يكتب في ال قد ،ومن ه ا يكون ظاهرا
اهمية نقد ال قد أجل هذ الغاية .
245
التعبير اأدبي الجزء الثاني
لحقيقة تعدد حقول عملية ال قد اادبي فان نقد ال قد تتعدد اشكاله بذلك ،
ان السمات الخاصة بكل حقل نقدي و وظائفه تختلف عن اخر ،ف قد ال قد
قد يت اول ال قد ال ظري ،و قد يت اول الممارسة ال قدية التطبيقية العامة و قد
يت اول الممارسة ال قدية الفردية .فعملية نقد ال قد كما يمكن ان تكون في
ت اول اطروحات ال قد ال ظري فإنها ايضا تتلمس الرؤية في الممارسة ال قدية ،
و كما ان عملية نقد ال قد يمكن ان ت اقش الممارسة التطبيقية العامة بشكل
اجمالي وعام فإنها ايضا يمك ها ان تتعمق في الممارسات الفردية الجزئية
المشتملة على اطروحات واضحة اجل ااستفادة من التجربة ال قدية لذلك
الكاتب بمع ى انها قراءة تحريرية تبرز بشكل كتابي ،كما انها شكل من
اشكال التوثيق التاريخي للسبق في كشف معالم مفهوم معين و الريادة في
شكل كتابي معين ،و بي ما يكون التقييم و الم اقشة متأصلة في نقد ال قد
ل ظرية ال قد او الممارسة العامة فان نقد ال قد الفردي اي المتعرض لمقالة
نقدية معي ة ابعد ما يكون عن التقييم و الحكم وانما عادة ما يكون لكشف
التفرد و اابداع و الريادة ،لذلك نجد المهتمين ب ظرية ال قد حي ما يتطرقون
الى كتابة نقدية او يستشهدون بها فان ذلك في الغالب أجل عمق تجربة ذلك
الكاتب و رؤيا الريادية و هذا معلوم ،بل يمكن القول ان نقد ال قد الفردي
الخاص غير مع ي ابدا بالتقييم و الحكم انما ذلك مجاله نقد ال ظرية و
الممارسة العامة .
246
التعبير اأدبي الجزء الثاني
جابر عصفور قراءة في نقاد نجيب محفوظ ،ماحظات أولية ، .4
1981
د.نجوى الرياحي القسط طي ي في الوعي بمصطلح نقد ال قد وعوامل .5
. 2009
د.نجوى الرياحي القسط طي ي في الوعي بمصطلح نقد ال قد وعوامل .8
ظهور 2009
محمد فقير مفهوم نقد ال قد 2009 .9
.11نفس المصدر
.11رشيد هارون رشيد هارون ااسس ال ظرية ل قد ال قد 2012
.12د.نجوى الرياحي القسط طي ي في الوعي بمصطلح نقد ال قد وعوامل
ظهور 2009 ،
.13جابر عصفور قراءة في نقاد نجيب محفوظ ،ماحظات أولية ،
1981
.14شمس علي نقد ال قد طريق ا لتجديد الخطاب ال قدي 2014
.15رشيد هارون رشيد هارون ااسس ال ظرية ل قد ال قد 2012
247
التعبير اأدبي الجزء الثاني
اوا :ااتجا الواقعي :و الذي يرى ان اادب ظاهرة اجتماعية وان
العاقة وثيقة بين اادب و المجتمع ،و يرى ان اادب انعكاس لمحيطه
اضافة الى وظيفته ااخاقية تجا المجتمع ،و من اشكاله الحديثة ال قد
الثقافي .و الذي يجابه بإشكاات جدية .يقول ابراهيم السعافين ُ فالدعوة
الى نقض اليد من ال قد الجمالي و اياء ااهتمام الى صور معي ة يهتم بها
ال اس تحت مسميات مختلفة من مثل فلكلور و لعبة كرة القدم و وسائل
ااتصال و اصطلح بعضهم تسميتها ال قد الثقافي ليست واقعية و ا حقيقية
و ااجدر ان نفكر في حالة اابداع و المبدعين و نتحدث بصراحة عن
248
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الثاني :ااتجا الجمالي :و الذي يرى ان اادب عمل متفرد ،فيهتم
بطبيعة اادب وان رسالته فيه ،و ااهتمام بب اء ال ص و خصائصه و التركيز
على الجمالية التركيبية ،و من اشكاله الحديثة ال قد االس ي .
ا ريب في تميز الكتابة ال قدية عن غيرها ،و اجماا يمكن القول ان
المعارف اانسانية ت قسم الى ظاهرية و تحليلية ،تعمد المعارف التحليلية الى
اعطاء تفسيرات ممك ة للظواهر ،ال قد اادبي ي تمي الى مجموعة المعارف
التحليلية ،لذلك فهو الى العلوم اقرب وان كان الجدل قائما في علمية ال قد
249
التعبير اأدبي الجزء الثاني
و ف يته ،و على ااول ا بد ان تتسم اللغة ال قدية بأعلى درجات التقريرية و
اانضباط و الدقة ،و مطالبة العرف و الوجدان بذلك من الواضحات ،و
هذا دليل عرفي على علمية ال قد .
اوا :التخصصية
250
التعبير اأدبي الجزء الثاني
اعتبر في ال اقد على ان يكون واسع ااطاع ،و ا يقصد بذلك ان
يكون موسوعيا ثقافيا ،بل المقصود ان يكون قادرا على تحديد مواطن
ااصالة و المعاصرة و ب ية ال صوص .فان ال قد في جوهر عملية بحث و
التطوير مهمة جدا لكل باحث ،و ا بد من ان يكون على معرفة تامة
بالم جز اادبي ،ان من ااحكام الرئيسية و اانظمة التحليلية ما يحتاج الى
مرجعيات و مقارنات ا تكاد تكتمل دون ااطاع الم اسب .
ان فكرة اأصالة تأتي من وجوب ااتصال بالسياق الثقافي الم بثق م ه
العمل ال قدي ،و اما المعاصرة فمن فكرة ان ال قد عملية انسانية تكون
الحركة في مجالها كوحدة واحدة .و من الواضح انه مع حصول ميل في
الرؤية فان هذ المكونات ستصبح م اهج مت احرة ا تلتقي ،فيصطدم
المواكب بالمحافظ ،اا ان هذا من الوهم ،اذ ليست المقومات الثقافية و
الفكرية مصدرا للتحزب و التعصب و انما هي ادوات و مكونات لل اقد ،و
251
التعبير اأدبي الجزء الثاني
كاهما ضروري لشخصيته الموضوعية ،اذ ا يمكن لل اقد غير ااصيل ان
يب ي أنه با جذور و ا يمكن لل اقد غير المعاصر ان يعطي أنه با ابواب ،
فاأول كالمعلق و الثاني كالمحبوس و كاهما يشتركان في عامل العزلة .
من الظاهر جدا وجود ازمة في المصطلح ال قدي ،و الى ذلك اشار مختصون
يقول وجيه فانوس ُ ليس ثمة من ا يعترف بوجود ازمة مصطلح نقدي عربي
معاصر َ ُوجيه فانوس َ2012
و عزي اامر الى ظاهرة اانكباب على ال تاج الغربي دون تروي او
استيعاب ،و عدم وجود مرجعية موحدة لترجمة المصطلحات ،يقول الطاهر
الهمامي :أوقعت ال قول الفردية التي واجه بها ال ّقاد العرب هجوم المدارس
جمة كان من نتائجها
ال قدية الحديثة وترسانتها ااصطاحية في إخاات ّ
فقدان المعرفة الم قولة ل جاعتها اإجرائية وهي تدخل فضاء اللغة العربية -
الى ان يقول -وتصحب هذ الفوضى الترجمية لمفردات الحقل ال قدي
الشعري إخاات عديدة من شأنها أن تزيد الوضع سوءاً ،مردها إلى قصور
في تدقيق مع ى المفردة الم قولة َُ الطاهر الهامي . َ2012
252
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ان التبعية و التقليد و ااست ساخ مظاهر في غاية الضعف الثقافي ،و
ا يمكن قبول تبريرات وحدة اانسانية و العولمة و القرية الواحدة ،فان
الهوية غير الخصوصية ،و ااست ساخ و التبعية ليس فقط ضد الخصوصية
لكي يقال ذلك ،وانما هي خاف الهوية و تمييع للوجود ،لذلك كل ما
يتصور من انجاز مرتقب في هكذا سلوك تبعي فانه ا يثمر من جهة انه محو
للهوية و اخال بالوجود ،حيث انه يفتقر الى اانسجام و الت اغم من البيئة
الثقافية العربية .يقول فخري صالح ُ لقد انسحب ال قد العربي من المشهد
الثقافي العام أسباب عديدة اهمها انفصاله عن سياق نتاجه السياسي و
ااجتماعي الذي يفترض انه طالع م ه َ ُ فخري صالح َ 2013
253
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ااحكام ال قدية صارت امرا مستشريا حتى ان اامر بلغ حد فقدان الثقة ،
فصارت تتدخل في ااحكام ال قدية عوامل كثرة ان لم تكن شخصية فهي
فكرية و غير ذلك .
لقد اشير كثيرا الى عجز الم هج الشكلي الحديث و على راسه ال قد
االس ي عن تكوين احكام قيمية لل صوص ،فصار ال قد مجرد بيان أنظمة
لغوية و وصف لعاقات ب ائية تتساوى ال صوص فيها ،يقول ابراهيم السعافين
ُ ان ال قد االس ي على جدته و اهميته لم يستطع ان يفيد ال قاد و الدارسين
العرب كثيرا في معاي ة ال ص بقدر ما مهد السبيل امام باغة شكلية جديد و
حسب ا ان نتذكر كتابا هو خطاب الحكاية لجيرار جي يت الذي فيه تص يف
ذكي وجهد كبير و لك ه اورث ا هما ثقيا بما قدمه من تص يفات شكلية ا
تفرق بين نص و اخر مهما كان البون بي هما واسعا ُ ابراهيم السعافين
254
التعبير اأدبي الجزء الثاني
. ََ2011وهذ احدى ااشكاليات ،بل الحقائق التي ادت الى ق اعة
راسخة بقصور تلك الم اهج عن معاي ة ااعمال اادبية .
من ابرز الحقائق التي تؤشر الى عدم وضوح انجاز نقدي هو ما صاحب
العملية اابداعية من عزلة متأثرة بالتبشير ال قدي نحو لغة ال خبة ،و التي
سرقت من عمر اادب عقودا ،و جعلت العمل اابداعي يقطن في قاع
عاجية عالية ،و كوكبا اخر بعيدا عن الواقع ،كما هو حال الكتابة ال قدية
البعيدة عن ادوات الفهم الثقافية التي ربما تطال القارئ المميز ايضا ،حتى
صار ادب نخبة ال خبة ،و تحققت عزلة مطبقة من جهتي العمل الف ي و
مفسر ال قدي يقول شاكر ال ابلسي في ُعزوف القارئ عن قراءة الدراسات
ال قدية التي اصبحت قاصرة على ال خبة الم تخبةَُ .لقد كان أمام ال قد
العربي فرصة كبيرة لتربية أجيال من الشباب على علم وفن ال قد اأدبي
والسياسي وااجتماعي وااقتصادي ،مما كان سيثري الحياة الثقافية العربية
بشكل كبير .ولكن إغراق ال قد اأدبي باأيديولوجيا ،وانتهاج لغة ملتوية
عسيرة ،أو كما قال طه حسين ُيوناني ا يُقرأَ جعل القراء عازفين عن قراءة
ال قد الذي أصبح جزء كبير م ه طاسم أشبه بمعادات الكيمياء والفيزياء
والرياضيات َُ .شاكري ال ابلسي َ2007
255
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ال قد تجا اأدب الرقمي العربي -الذي تطور نتيجة لتطور ااتصال -واجب
حضاري بامتياز ،وأن على ال اقد اأدبي الرقمي أن يتوفر على عدة جديدة
استجابة لمكونات ب ية ال ص الرقمي.
رغم ان ال قد اادبي علم قائم بذاته واضح الموضوع و المسائل ،و له
مبادئه التصورية و التصديقية ال اضجة ،اا انه يعاني من عدم وضوح
ااختصاصية ااكاديمية ،بل حتى المدرسية ،فليس من شيء سوى القدرات
الفردية التي تمكن من تحقيق المقدرة ال قدية للموهوبين .و ربما يعزى ذلك
ايضا الى ااختافات الموجودة في البيئة ال قدية التي لم تتمكن من تحقيق
هيكلية معرفية مشتركة بخصوص ال قد و ما يتعلق به من كيانات و مفاهيم ،و
تطبيق ذلك بشكل كتب و مراجع موحدة لل قد تكون ااساس لكل طالب
يسلك هذا الطريق ،و يكون التطوير و الترقي بعد تلك المرحلة .
لقد اشير كثيرا الى ان انعدام توفر الحرية الكافية لل اقد ،و انه كان من
ااسباب المهمة في ازمة ال قد اادبي ،و ليس فقط مختص بالجو
ااجتماعي السائد ،بل ايضا قد يكون بسبب الكتاب الذي ا يتقبلون ال قد
و يتميزن بحساسية مفرطة ،و اعتبار ان ال قد موجه اليهم و ليس عملية
257
التعبير اأدبي الجزء الثاني
لقد اشار كثير من المختصين ان المؤسسة التعليمية تعاني من خلل كبير في
اعداد الطلبة ،بحيث ان الطالب في الدراسة يكون مجرد متلقي اتفاعلي
يغذى المعلومات من دون حراك فكري .يقول شاكر ال ابلسي في معرض
حديثه عن اسباب ازمة ال قد اادبي ان م ها ُسوء م اهج التعليم العربية
التقليدية التي ت صب في الدرجة اأولى على التركيز على التلقين والحفظ
وتدريس الم اهج الموميائية ،ا على الخلق واابتكار .وضعف أو خلو هذ
الم اهج من المواد الف ية كالرسم والموسيقا وال حت والغ اء ونظم الشعر وكتابة
القصة والخطابة وخاف ذلك من المواد الف ية التي ت ّمي حس الطالب الف ي
والجمالي وتث ّقف حواسه ،وتجعل م ه ذائقة قابلة لقراءة اأعمال اابداعية
وممارسة ال قد الف ي واأدبي اأولي ،وهو ما زال على مقاعد الدراسة
المتوسطة أو الثانوية .ونتيجة لذلك أصبحت المدارس والجامعات تقذف كل
عام إلى الشارع العربي بآاف الطلبة الخريجين الذين ا يجيدون قراءة نص
ابداعي قراءة نقدية جمالية متذوقة ،كما ا يجيدون انتاج اابداع أو انتاج ال قد
المبدع َُ شاكر ال ابلسي َ2012
ليس ال قد عملية تذوق فقط ،و ا حكم انطباعي بسيط ،كما انه
ليس بحثا لغويا ،بل هو م هج موضوعي ،له اسسه و مقوماته و موضوعه
258
التعبير اأدبي الجزء الثاني
من الظاهر ان الفشل الذريع الذي عانته ال ظريات الم قولة الي ا من
الغرب صار حقيقة راسخة ،يقول فخري صالح ُ ان هذ التيارات ال ظرية ا
259
التعبير اأدبي الجزء الثاني
تتجذر في الواقع الثقافي الوافدة اليه فإنها تظل مجرد ايقونات ثقافية تهم
ال خب دون ان تتصل بحاجات حقيقية للثقافة العربية التي يمثل اادب
بال سبة اليها بل الف ون عموما تدخا سياسيا و اجتماعيا و انخراطا كيانيا في
الحياة العامة ُ فخري صالح . َ2013و بدل ترامي اطراف اللوم ،ا بد من
العمل على التحرر من تلك السلطة .طبعا ا بد من ااقرار بوجود فارق
حضاري بي ا و بين الغرب و انهم اقدر فكريا و فلسفيا ،اا ان ذلك ا يع ي
اعان التبعية ،بل ان ه اك معارف مشتركة انسانية حقيقة ممكن ااستعانة بها
في ااسراع في ب اء ال ظرية العربية الم بثقة من رحم هذ اارض و المترجمة
لحقائق أناسها و افكارهم .
و ربما يكون المدخل الحقيقي نحو نظرية نقد عربي هو ااقت اع بان
ال قد اادبي علم و ليس ف ا ،فيعامل كالعلوم ااخرى من حيث التسليم
بالحقائق و الب اء عليها و الم اقشة و التجريب و اللغة التقريرية ،و عدم
قبول ااجتهادات الفردية من دون ادلة معتبرة داعمة .و ا ريب ان ااستقراء
هو احد اهم اامور التي تعطي لل ظرية مصداقية و تحكم بواقعية المعامل
الثقافي او اادبي المشار اليه ،فا تبقى الع اصر اادبية و ال قدية مجرد
ممك ات بل واحيانا مجرد ادعاءات ا ثقة بها .
ان ال قد اادبي علم موضوعه اادب ،و اادب عمل ابداعي يرتكز في
حقيقة وجود كغير من الف ون الى وجدان اانسان و مشاعر و افكار ،و
كل هذ اامور في حقيقة اامر ترجع الى الم ظومة الفكرية العقائية التي
260
التعبير اأدبي الجزء الثاني
تدار بها امور الحياة و اانسان ،اذن ا بد أجل التصديق و ااقرار بوجود
معرفة حقيقة معي ة في تلك الجوانب اانسانية من ان يكون عليها شاهد و
برهان من العرف و سلوك العقاء ،هذا الم هج في ال قد المعتمد على
الحقيقة العرفية و الوجدانية ،يرسخ حقيقة ان المعارف الف ية و الجمالية
ليست امورا ثابتة و خالدة ،و انما هي امور تتغير بتغير الفكر و امور الحياة
،كما انها ا تسلب صفة الجميل عما يرا العرف و العقاء جميا وان كان
ضاربا في القدم ،و ا يقر بجمالية ما ا يمس وعي العرف و العقاء و ان
كان مشتما على خصائص نخبوية .و ا يكون ذلك من اانطباعية الساذجة
بل هو فهم وتحليل للمعارف الجمالية و انظمة ااستجابة الجمالية المست د
الى الحقيقة و الواقع و ليس مجرد اادعاء .
لو رجع ا الى العرف فان الراسخ ان ااعمال اادبية ظواهر عالية
المستوى ،تتصف بالعبقرية ،لذلك فان ال قد العرفي يؤمن بوجوب رقي ال قد
الى مستوى الظاهرة اابداعية و ليس العكس ،و مهما تأثرت اوجه الثقافة
فان اابداع العبقري يجد طريقه للخاص الفردي و احي ا يكون شرارة
للخاص العام .
نقد ال قد اأسلوبي
261
التعبير اأدبي الجزء الثاني
مهمة تخص
لقد اجاب ال قد اادبي حتى في صور البدائية عن تساؤات ّ
اادب و جمالياته ،و كان للباغة العربية و علمي البديع و البيان ب اءات
شاهقة عماقة في هذا الشأن ،نجد غيرها عاجزا عن بلوغ تلك المباني .
و رغم تطور الفهم اانساني للغة و عوالم الدالة ،اا ا ّن نظرية ال قد
بقيت غير مستقرة ،حتى ظهر اتجاهان متطرفان حديثان :ااول ادبية
نصا جماليا فوق ال ص مليء بالعبارات
ال قد اادبي بان يكون ال قد ّ
الشاعرية و الف ية ا يقيم و ا يصف حتى و في تسمية هذا الشكل نقدا
اشكال عريض .و ااتجا الثانية تذويب ال قد في علم اللغة ،هذا العلم
الذي يتفاخر البعض انّه اول من سبر غور و واكتشف عوالمه اا ا ّن
الكثيرين ا يعلمون ا ّن المشتغلين في علم اصول الفقه لديهم ابحاث
دقيقة و عميقة في علم اللغة و الدالة و ااشارات و التفريق بين مستوى
الفكر و الوضع للغة و مستوى ااستعمال و الكام يمتد الى مآت الس ين
كما هائا و عظيما من التحليل
.ا ّن في ابحاث ااصوليين المسلمين ّ
تصور حتى
الدقيق جدا لمستويات القول و الكام و اللغة يفوق كل ّ
تصورات االس يين انفسهم ،فه اك بحث مطول جدا عن الوضع و اقسام
الوضع و نشأة اللغة و تصور الموضوع له ،و ااصول اللفظية التي ا
نجد لها اثرا اصا ع د االس ية المعاصرة و ال قد المتكئ على علم اللعة
.
262
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ان ال قد ااسلوبي وان كان يح ّقق وصفا جيدا لجانب مهم من عملية
اابداع ،اا انّه ي ظر اليها من زاوية ضيقة بل و ميتة ،كما انّه يختزل
العمل اابداعي في هذا الجانب غير متعرض ،بل و ا فاهم لجوانب
جمالية كثيرة و كبيرة في لغة اابداع و اساليبه ،بمع ى ان ااسلوبية لم
تكن وفية اسمها ايضا اذا اقتصرت على جانب من ااسلوب و ادعت
انها تدرس ااسلوب كله .و مع ان ااسلوبية ت قل ال قد اادبي الى مكانه
الصحيح بتخليصه من اابحاث الخارجية كال فسية و ااجتماعية ،اا ان ا
نرى ا ّن تلك ال قلة مهزوزة و غير واثقة لذلك نجد احيانا عودة الى الغرق
في اابحاث الخارجية و خلط فضيع بين البحث الجمالي و مرتكزات
ااسلوب و مبادئه العامة من ظروف و احوال نفسية و تاريخية و اجتماعية
.
لو جئ ا الى تحليل عميق لل قد ااسلوبي فانا نجد وبوضح يهتم بالتوظيف
الف ي ،و انّه يرتكز على قواعد و مسائل علم اللغة العام و االس ية و
التخاطب ،فانه ا يستطيع ان يرى ذلك التوظيف اا من جهة ااسلوب
الخارق للقاعدة ،بي ما الواقع ليس كذلك ،جماليات اللغة غير محصورة
باسلوب الخرق ،بل احيانا يكون في توظيف راقي للمعهود و المعروف ،
و ربما تكون تلك ال تائج ناتجة عن تاثيرات الحداثة على ال قد ااسلوبي .
263
التعبير اأدبي الجزء الثاني
التوظيف الف ي الذي هو احد عوامل اابهار اوسع بكثير من اسلوبية ال قد
ااسلوبي كما ان المدقق يجد ان ااسلوبية ليست في واقعها تتبع حر
لمظاهر اابداع ااسلوبية كلها و انما يختصر بحثه على جزء صغير من
المظاهر ااسلوبية و التي يمكن تلمسها عن طريق علم ااشارات و
العامات و الدالة ،و اما غير ذلك من ااسلوبيات اللغوية فخارجة عن
دائرة ال قد ااسلوبي و اداوته وهذ هي المعضلة و المشكلة ااهم التي
توجه ال قد ااسلوبي لذلك ظهرت دعوات الى التحرر من مستوى ال ص
الى ما بعد ال ص ،و في الحقيقة هذ الحركة ايضا قاصرة انّها محدودة
في هذا الفضاء الضيق .
264
التعبير اأدبي الجزء الثاني
ال ظرية و ااجرائية ،مما يؤشر على عامات قصور سواء كم هج نقدي مستقل
او كأداة لل قد اادبي .
لقد رفع ااسلوبيون شعار محاولة فهم الظاهرة اادبية ،و لماذا كون ال ص
اادبي ف يا و مؤثرا ؟ اا انهم اوغلوا في لغوية و نصية الظاهرة اادبية كما هو
معلوم ،حتى ان جوهر ااسلوبية التحليلية ع د شارل بالي متقومة بفهم التأثير
العاطفي للوحدات اللغوية .لكن ه اك امر مهم في امكانية الجواب عن هذا
السؤال الجوهري ،وهو ان ااستجابة الشعورية لل ص و اللغة و المفردات
ليست فقط ناتجة بفعل تلك الوحدات ،و انما للقراءة و القارئ دور فاعل و
تأثير مهم في تحققها و درجتها ،وهذا من اوضح الواضحات ،و ان اهمال
هذا الجانب خطأ فضيع و قاتل وقعت فيه اأسلوبية .
ان ال ص في حقيقته ا يكون نصا كاما اا بالقراءة ،و ان عملية القراءة
تتصف باابداع و التعبير كما هو التأليف و ال ص .من ه ا فاجابة ااسلوبية
عن هذا السؤال المهم و الجوهري ا يمكن ان تكون كاملة اهمالها القارئ و
عملية انتاج ال ص اث اء القراءة .
من اشكاليات ااسلوبية ،معاناة مفاهيم مهمة رك ية و اساسية في نظريتها و
اجراءاتها من الت اقض او ااصطدام بمعارف لغوية و ادبية واضحة .وه ا
س ت اول ثاثة مفاهيم جوهرية في ااسلوبية نظريا و اجرائيا و مدى ت اقضها مع
بعضها و اصطدامها بحقائق لغوية و ادبية .
ان مفهوم ُ ااختيار َ جوهري اسلوبيا ،وهو مميز لاسلوب بل مقوم للفردية
ع د ااسلوبيين كما هو ظاهر ،لكن هذا الفهم يصطدم بامر داخلي تقر
ااسلوبية و اخر خارجي ،فالت اقض حاصل مع مفهوم ُ التركيب الغيابي
للكلمات َ ،و الذي هو في جوهر و نهايته شكل من اشكال اانثيال ،الذي
تتجلى فيه اللغة ،و هو مظهر من مظاهر طغيان المعارف اللغوية العامة
265
التعبير اأدبي الجزء الثاني
المكتسبة لدى المؤلف ،و التي تسلبه اارادة في بعض ااحيان ،حتى ان
الرمزيين قد تحدثوا عن لغة الهذيان .ان قاهرية ااثيال و خروجه ولو لفترة
زم ية بسيطة عن اختيار المؤلف مخالف قطعا لفهوم ااختيار الذي يعتمد
ااسلوبيون .
هذا وان مفهوم ااختيار يت اقض مع مفهوم الت اص ،اذ ا ريب ان هذا الت اص
في جوهر يمثل وجها من الاوعي المتجسد في الكتابة .و من ه ا فان مفهوم
ااختيار يعاني حرجا ،و يظهر بوضوح الخلط بين الوعي و ااختيار ،و ليس
كل ما يكون بوعي هو باختيار فعل ،بل ان دوام ااختيار شيء غير معقول في
الفعل اانساني عموما و ليس اادب فقط .
المفهوم ااخر الذي يعاني من الت اقض مع ما هو من ااسلوبية و مصطدم مع
ما هو من خارجها هو ُ التركيب َ بالفهم ااسلوبي .فتقسيم التركيب الى
حضوري و غيابي ا ي تهي الى حقيقة واقعية ،اذ ان ترتيب المفردات في
ال ص تتحكم فيه غايات مختلفة لغوية و نصية و تأليفية ،و ما عدا ااخير
فانها تصطدم بااختيار ،كما ان الت اغم الذي يفرضه ال ص و ما تتطلبه
التجاورات اللغوية بذاتها و نظام اانثيال يجعل تفسير ظاهرة اانزياح كعمل
جمالي غير مستساغ ،بل ان المفروض ان متطلبات ال ص و اللغة بااصوات
و نحوها من ت اغمات يكون خرقها و مخالفتها مخالفة للذائقة ،و مجرد فعل
ا جمالي و ان كان تعبيريا او صادما ،بمع ى اخر ان فهم التركيب بهذ
الصورة يضعف التفسير الجمالي لانزياح ،و ان ابقا كفعل تعبيري ،كما انه
يصور ااختيار كفعل اعتباطي تجريبي تجرؤي ا جمالي .
هذا من جهة و الجهة ااخرى ،تصادم هذا الفهم للتركيب مع حقيقة تأثر
تأثيرية التركيب بالمتلقي ،فا استقالية حقيقية ا جماليا و ا تعبيريا للتركيب
266
التعبير اأدبي الجزء الثاني
،و اهمال عميق لمتطلبات التداولية في الكام ،اذ ا تجد لها مكانا مع
هكذا نظام مغلق على ال ص و مؤلفه .
و اما المفهوم الثالث فهو ُ اانزياح َ ،و الذي ربما عد احيانا المظهر اابرز
لاسلوب الف ي ،وهذا شيء ا يمكن ااقرار به و لن يستمر طويا الدفاع ع ه
،فاانزياح اداة واحدة من ادوات اابداع ،و ليس بالضرورة ان يكون الفعل
اادبي انزياحيا بل ان ااستعمال المت اغم و المتوافق مع القواعد العامة يمكن
ان يكون احيانا محققا للف ية و اادبية و التأثير الجمالي ،الذي يريد
ااسلوبيون ااجابة ع ه .
من ه ا يكون ظاهرا العجز الخطير الذي يعاني م ه ال قد ااسلوبي في تفسير
الظاهرة اادبية ،وسط هذ الت اقضات الظاهرة ،و الخلط بين مستويات
المادة و ااداة اادبية ،اذ من الظاهر ان تلك المفاهيم مختلفة المستويات ،
مما يؤشر الى ضيق افق ال ظرة ااسلوبية لادب ،اذ من المعلوم ان الظاهرة
اادبية اوسع بكثير من تلك التصورات و لها مستويات متعددة وجهات
مختلفة في اللغة و ال ص و المؤلف و القارئ و ااستجابة الجمالية ،كلها
تستقل احيانا و تتداخل احيانا في نظام تعبيري عام يتطلب نقدا يتسع لتلك
الجهات التعبيرية .و ان الذي اشار الى قصور م اهج الباغة المعروفة كم هج
نقدي ،هو ذاته الذي يؤسر اخفاق ااسلوبية نقديا .
ان امكانية تحقيق ااسلوبية اضافة جوهرية لل قد امر بعيد جدا بل غير متيسر
.و بشكل عام فان تحقيق ااسلوبية لخطوة متقدمة استقالية عن الم هج
اللساني العام ،يعطيها احقية ااستقال كعلم مقابل السيمائية العامة ليس
واضحا ،كما انها باستث اء اعتمادها على ما قدمه علم العامات ا تحقق
تطورا جوهريا عن الباغة المعروفة .
267
التعبير اأدبي الجزء الثاني
نقد ال قد التفكيكي
من الظاهر لكل متابع لما تطرحه فكرة القراءة التفكيكية ،ا يجدها اا عبارة
عن تكلفات و افتعاات و اوهام ،التي لو سئل ع ها كاتب ال ص ااصلي
فضا عن غير لما استطاع ان يتيقن وجود ما قيل في نصه من قبل ال اقد
التفكيكي ،ان انطاق التفكيكية من فكرة الشك و عدم التصريح و تاجيل
البوح و ان ال ص يخون مؤلفه و غيرها من اابتعادات عن الفطرة و السلوك
السوي لانسان القصدي ،ما هو اا سير في الظام دون هدى ،ان هذا
اانحطاط في القراءة و التلقي اسبابه مفهومة و هو نابع من اانحطاط العام
في ااخاقيات العالمية و سيادة ال فاق و الكذب و الخيانة و الوهم ،اذ ا
ريب انا نعيش في عالم م افق و خائن يقول ما ا يفعل و يفعل ما ا يقول ،
لكن هذا ا يع ي ان ان كل خطاب يكون قد ب ي على ال فاق و الخيانة.
ان ادعاء وجود داات و بوح و اشارات مغاير لقصد الكاتب و على الضد
من قصد نتجت باوعي رغما ع ه و غير ذلك من اادعاءات و راء ما يمكن
تلقيه على خاف الظاهر الذي يفهمه المتلقي على اختاف مستوياته ،و غير
مرتبط بقصد الكاتب هو ادعاء ا يصدقه الواقع بل و يكذبه .و من الغريب
ان ه اك من يريد ان يق عانا ان اانسان مهما كان صادقا فانه باوعي يكذب و
ي افق و يقول غير ما نرى و نفهم و ان نصه يفضحه و انه ليس امام ا سوى
الشك .،طبعا لو سحب هذا الكام على ال صوص الدي ية فانه سيحل الخراب
في فهم ا لها و يحل الشك المريع في اليقين بالغيبيات و الذي هو من اهم
مامح التفكيكية .و مع ان هذا الفهم الذي تتب ا هذ الحركة ليس له واقعية
فانه ايضا يعتمد على نزعة عدائية مستشرية عالميا تجعل من كل تلك
اادعاءات مقبولة بسبب الواقع العالمي الم افق ،ان هكذا قراءة تجر العالم و
268
التعبير اأدبي الجزء الثاني
اانسان الى مستويات اكثر كذبا و وهما و تؤسس و تشرعن لعدم الوفاء و
لعدم ااخاق.
269
التعبير اأدبي الجزء الثاني
التفكيك ليس قراءة و انما ابداع نص جديد ،كما انه يشير و بصراحة في
نهاية كامه الى الوهم و اادعاء و اابتعاد في مثل هكذا ممارسة .
من الغريب فعا ،اعتبار ان العمل الف ي مجرد عملية بوح ،و قد قل ا ان ذلك
ايضا من المصائب التي خلفها اقحام اللسانيات في ال قد اادبي ،و مطالبتها
المستمرة بالبوح و الحكاية و التوصيل ،لكن كل ا يعلم ان اامر ليس كذلك ،
العمل الف ي م ظومة عظيمة من اانظمة و الكيانات و الجهات و اابعاد ،و
الكل فيها يسعى نحو اكبر قدر من الظهور .ان غاية اكبر قدر من الظهور و
الحضور ،هو نزعة فطرية و صفة متاصلة في كل شيء ،كل شيء في الوجود
يتجه و بقوة نحو التجلي و الظهور و الحضور و التاثير ،و ع دما يكون لدي ا
نظام مكون من اطراف متعددة ،تشكل كيانات محتلفة فان جميع تلك
ااطراف و جميع تلك الكيانات تميل و بشدة نحو التجلي و الظهور .وهذا
هو ااساس الفكري للجمالية التجلياتية ،التي تؤمن ان سر عظمة اابداع انه
فضاء لتجلي ذوات اطرافه التي يكون بها ،ان العمل الف ي اللغوي مثا هو
فرصة و ساحة لتجلي ذات الكاتب و لتجلي ذات القارئ و لتجلي عالميهما و
موروثيهما ،و تجلي الزمان و الحاضر و الماضي و المكان ،و تجلي اللغة
الكلمات و الحروف ،و شكل اللغة و عمقها ،كلها تتجه نحو الحضور
الصادق و التاثير الصادق .ان هذا الذي نراها هو الموافق فعا لما يحصل
من حضور قوي للعلم ،و العلم ما هو اا اداة التاثير ،ان القراءة التجلياتية
تؤمن ان ه اك عوالم و فضاءات و ب اءات خلف الظاهر ،اا انها ليست على
خافه ان ذلك خاف الفطرة و السلوك اانساني السوي و خاف اصالة
الصدق و الوفاء ،بل انها تكون به و تتحقق به وهو نور يرشد اليها .ان في
القراءة التجلياتية يكون ال ص نور على نفسه ،انها ب اء على ب اء متواصل و
متوسع اشعاعي ،يكون محور الجميع الصدق و الوفاء و التعاون اجل وجود
270
التعبير اأدبي الجزء الثاني
اكمل و ظهور افضل . ،و لو راجع ا وجدان ا نجد ذلك هو الراسخ و هو ما
نرا و نحسه به في تعامل ا مع ااشياء و ما تع يه بخاف دوامة الشك و الوهم
و اادعاء و الخيانة و الهدم التي تتباها التفكيكية .
نقد ال قد اللساني
لقد اكدنا مرارا و تكرارا على خطورة اقحام المصطلحات اللسانية و اابحاث
اللسانية و المتطلبات اللسانية في ال قد اادبي ،ان ذلك اضافة الى عدم
بلوغه مكامن الجمال في العمل اادبي فانه يؤسس الى نظرية ف ية للغة مزيفة
تجر اابداع الى غير مجاله الصحيح .ان هذا اامر من الخطورة بمكان و
يمس جوهر عملية اابداع انه يؤسس لم ظومة مفاهيمية تتسب مع غياب نقد
جمالي اصيل الى تحول اادب الى انتاج لساني توصيلي رث .
271
التعبير اأدبي الجزء الثاني
نقد ال قد الحاسوبي
د انور غ ي
مع ق اعتي بوجوب ان يكون ال قد اادبي اكثر علمية وصرامة و ان يبتعد عن
الفردية و الشخص ة ،اا ان ذلك يجب ان ي طلق من فكرة ان ال ص اادبي
هو ظاهرة فريدة متميزة على ال قد الحاق بها ،و هذا التصور يعطي مركزية
كبيرة للعمل اابداعي باعتبار ظاهرة انسانية متفردة .ان الوسيلة المثلى لذلك
– اي لابتعاد عن الفردية و تحقيق الحيادية و الموضوعية -هو اعتماد م هج
ااستقراء ،و المعارف العرفية و الوجدانية الجلية كاداة في التعامل مع
ال صوص .
272
التعبير اأدبي الجزء الثاني
يعتمد مختبر ستانفورد اادبي على التحليل الحاسوبي لادب ،او ال قد
الحاسوبي ُ ، َ literary computationalو الذي تدخل فيه اعمال
ادبية متفرقة حسب الفترة او الطبيعة التي يراد دراستها ،و تدخل بيانات و
مطاليب معي ة و يتم ااحصاء ،و من ثم يتم استخراج العوامل المشتركة و
مدى انتشار المعامل المعين في تلك ال صوص .
يقول مورتي ا داعي لقراءة الكتب ،و ا ال صوص ،بحجة ان ا س قرا حي ها
جزء صغيرا مقارنة بما هو موجود و سيكون ه اك شيء كثير غير مقروء ،لذلك
ا بد من اعتماد قراءة واحدة لمجموعة كبيرة من ال صوص تصل الى المئات و
اااف ،و طبعا كلما يكون العدد اكبر يكون التحليل اكثر واقعية كما هو
معلوم للعاملين في العلوم التطبيقية و ااحصاء .
ان من اهم مساوئ هذا ال هج امور :اولها الغاء ال ص تماما ،بحيث ا حاجة
لقراءته اصا و ا التعرف عليه و ا على كاتبه و ا يكون سوى بيئة لما يبحث
ع ه احصائيا .ثانيها الغاء عملية القراءة الفردية نفسها و استعمال طريقة
حاسوبية اكتشاف الحقائق اادبية ،و ثالثها تحقيق تبعية للحاسوب و
ااحصاء في تبين الحقائق .طبعا ستكون المجادلة ان هذا العمل مختص
بال قاد ك قاد و محترفين و ليس كقراء ،اذ ا عاقة لذلك بعملية القراءة ،
وهذا تصور خاطئ ان العملية ال قدية تدعي تعيين الجماليات و الحقائق ،
لذلك فان القراءة دوما تكون تابعا لها بل ان الثقافة كلها تكون تابعة لل قد ،
كما ان هذا الجواب ا يجب عن حقيقة موت ال ص ،حي ما ا يكون معروفا
اا للحاسوب وا حاجة لل اقد ان يقرا او ان يتعرف عليه .
274
التعبير اأدبي الجزء الثاني
الفهرست
الجهة الثانية :ااسلوبيات الماوراء نصية ϯ ................................... ................................
اللغة التعبيرية في ديوان ُ موسم الب فسج َ لعفاف السمعلي ϯϬ ........................................
التجليات الماوراء نصية ع د رشا اهال السيد احمد ϯϴ ............... ................................
اللغة المتوهجة ،لغة يعقوب احمد يعقوب نموذجا ϰϰ ................. ................................
اامساك باللحظة الشعرية في مجموعة ُ أساطير الزمن َ للشاعر رياض الفتاوي ϱϬ ....................
ص َ ϱϳ .........................................
حياة القارئ ال صيّة ُ أساليب نقل القارئ الى عالم ال ّ
مظاهر اابداع في ديوان ُ وجع اشيب ...و كف عذراء َ للشاعر كريم عبد اه ϲϵ ....................
275
التعبير اأدبي الجزء الثاني
276
التعبير اأدبي الجزء الثاني
277
التعبير اأدبي الجزء الثاني
278