You are on page 1of 230

‫سلسلة مطبوعات الطريقة السمانية ‪ -‬أم عيدان‬

‫دراسة وصفية تحليلية‬

‫الدكتور‪ /‬عبد الجليل عبد الله صالح‬


‫االستهالل‬

‫قال تعاىل‪:‬‬
‫{و ُه ُدوا إلى ا َ ّلط ِّيب ِم َن ال ْ َق ْول}‬
‫َ‬
‫الحج اآلية ‪24‬‬
‫وقال رسول الله صىل الله عليه وسلم‬
‫«إِ َّن ِم َن ا ِّلش ْع ِر ِح ْك َم ًة‪ .‬إِ َّن ِم َن ال ْ َب َيا ِن لَ ِس ْح ًرا»‬
‫اإلهـداء‬

‫إىل محي الطريقة ومقتفي أثر الجدود سيدي الشيخ السامين‬


‫الشيخ البكري مع دوام الصحة والعافية‬
‫املقدمة ‪11 ................................................................‬‬
‫الباب األول‬
‫‪27‬‬ ‫التصوف اإلسالمي‬
‫ماهو التصوف؟ ‪29 .....................................................‬‬
‫‪34‬‬ ‫موضوع التصوف ومثرته‬
‫الطرق الصوفية ‪35 .....................................................‬‬
‫األدب الصويف ‪36 .......................................................‬‬
‫الصوفية والشعر ‪38 ....................................................‬‬
‫الوجود والخيال عند الصوف ّية‪40 ................................. :‬‬
‫الشعر وعالقته بالخيال الصويفّ ‪41 ............................... :‬‬
‫الشعر و عالقته باإللهام الصويفّ‪42 ............................... :‬‬
‫الشعر الصويف يف اإلسالم ومراحله‪44 ............................... :‬‬
‫الشعر يف النصوص الدينية‪50 ...................................... :‬‬
‫أنواع الشعر اإلسالمي ‪52 .............................................‬‬
‫أهداف الشعر الصويف‪54 ............................................ :‬‬
‫قضايا الشعر الصويف ‪54 ...............................................‬‬
‫مميزات الشعر الصويف ‪56 ............................................‬‬
‫بيئة الشعر والشاعر ‪56 ...............................................‬‬
‫فن املديح النبوي ومثرته‪59 ........................................ :‬‬
‫مصادر األلفاظ الصوفية ‪62 .........................................‬‬
‫الرمز الصويف ‪64 .........................................................‬‬
‫مفهوم الرمز لغة وأصطالحا ‪64 .....................................‬‬
‫الشعر وعالقته بالرمز الصويفّ ‪68 ...................................‬‬
‫الخمر‪72 .................................................................. ‬‬
‫الربق ‪74 ...................................................................‬‬
‫األسد ‪76 ...................................................................‬‬
‫‪77‬‬ ‫التمساح ‪..............................................................‬‬
‫‪78‬‬ ‫اثر التصوف يف السودان ‪..........................................‬‬
‫‪80‬‬ ‫الدور االجتامعي للطرق الصوفية يف السودان ‪.............‬‬
‫‪82‬‬ ‫ائتالف املجتمعات ‪.................................................‬‬
‫‪84‬‬ ‫دور الصوفية يف إصالح ذات البني ‪...............................‬‬
‫‪85‬‬ ‫الصوفية والدبلوماسية الشعبية ‪................................‬‬
‫‪85‬‬ ‫الدور اإلصالحي ‪.....................................................‬‬
‫‪88‬‬ ‫املديح النبوي يف السودان ‪.......................................‬‬
‫‪89‬‬ ‫الشعر الصويف يف السودان ‪.......................................‬‬
‫‪90‬‬ ‫شعر املديح الصويف يف السودان ‪................................‬‬
‫‪100‬‬ ‫شكل قصيدة املدائح النبوية وعنارصها ‪........................‬‬
‫الباب الثاين‬
‫‪105‬‬ ‫الطريقة الطيبية السامنية‬
‫‪111‬‬ ‫نشأة السامنية بطابت الشيخ السامين ‪..........................‬‬
‫الباب الثالث‬
‫‪113‬‬ ‫السامنية بأم عيدان‬
‫‪115‬‬ ‫الشيخ السامين الشيخ البكري ‪.......................... : 1954‬‬
‫‪116‬‬ ‫الـموقـع ‪..............................................................‬‬
‫‪122‬‬ ‫الرقم ‪............................................................ 151‬‬
‫‪122‬‬ ‫الرقم ‪............................................................ 263‬‬
‫‪122‬‬ ‫السلم ‪............................................................... #‬‬
‫‪123‬‬ ‫رمزية اللون األحمر ‪................................................‬‬
‫‪125‬‬ ‫السامنية والشعر ‪...................................................‬‬
‫‪127‬‬ ‫لغة شعراء أم عيدان ‪..............................................‬‬
‫‪131‬‬ ‫الباب الرابع‬
‫‪131‬‬ ‫قصائد مختارة من الشعر الصويف بأم عيدان‬
‫‪201‬‬ ‫ثبت املراجع ‪....................................................... :‬‬
‫‪207‬‬ ‫مراجع باللغة االجنبية ‪.......................................... :‬‬
‫‪209‬‬ ‫ملحق الصور ‪.........................................................‬‬
‫املقدمة‬

‫ميثل الأدب ال�صويف لونا من �ألوان الأدب الرفيع يحمل يف طياته �أ�سمى معاين‬
‫وخ�صائ�ص ال�سمو الروحي‪ .‬وال�شعر ال�صويف نوع جديد قدمي من �أنواع الأدب الفني‬
‫‪1‬‬
‫الذي عرفته املجتمعات الإ�سالمية يف الع�صور املختلفة‬
‫هذا‪ ،‬وقد تطور الأدب ال�صويف نرثا و�شعرا‪ ،‬وبلغ ال�شعر ال�صويف ذروته مع ابن العربي‬
‫وابن الفار�ض يف ال�شعر العربي‪ ،‬وجالل الدين الرومي يف ال�شعر الفار�سي‪.‬‬
‫ومل يظهر ال�شعر ال�صويف �إال بعد �شعر الزهد والوعظ الذي ا�شتهر فيه كثريا �أبو‬
‫العتاهية‪ ،‬و قد ظهر ال�شعر ال�صويف كذلك بعد �شعر املديح النبوي وانت�شار التن�سك والورع‬
‫والتقوى بني �صفوف العلماء والأدباء والفقهاء واملحدثني ك�إبراهيم بن �أدهم‪ ،‬و�سفيان‬
‫الثوري‪ ،‬ود�أود الطائي‪ ،‬ورابعة العدوية‪ ،‬والف�ضيل بن عيا�ض‪ ،‬و�شقيق البلخي‪ ،‬و�سفيان بن‬
‫عيينة‪ ،‬ومعروف الكرخي‪،‬وعمرو بن عبيد‪ ،‬واملهتدي‪ .‬ويعني هذا �أن ال�شعر ال�صويف ظهر‬
‫يف البداية عند كبار الزهاد والن�ساك‪ ،‬ثم» �أخذت معامله تت�ضح يف الن�صف الأول من القرن‬
‫الثالث الهجري‪ .‬فذو النون (ت‪245‬هــ) وا�ضع �أ�س�س الت�صوف‪ ،‬ور�أ�س الفرقة لأن الكل‬
‫�أخذ عنه وانت�سب �إليه‪ ،‬وهو �أول من ف�سر �إ�شارات ال�صوفية وتكلم يف هذا الطريق‪.‬‬
‫يعد ال�شعر اقرب الإ�شكال التعبريية للنف�س الإن�سانية‪ ،‬فهو يعرب عن حلظة �شعورية‬
‫متميزة‪ ،‬وهو ال�صورة التي تربز حقيقة الإن�سان كا�إن�سان وحقيقته ك�شاعر الن‪ :‬ال�شاعر‬
‫الينطق بال�شعر �إال عندما ي�شعر بنف�سه‪ ،‬ومبا يحيط به من طبيعة وكون زاخرين باجلمال‬
‫‪1) http://www.startimes.com/?t=5868749‬‬

‫‪8‬‬
‫واجلالل ومملوءين بالإحداث واملنا�سبات التي تلح عليه وتدفعه �إىل نظم ال�شعر والنطق به‪.‬‬
‫جل�أ ال�صوفية للتعبري ال�شعري‪ ،‬ا�ستفادة مبا يحمله ال�شعر من طاقه ايحائيه وثوب‬
‫ف�ضفا�ض يت�سع بع�ض ال�شيء ملعاين الت�صوف الهائلة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬اعتقدت دوماً �أن الت�صوف‬
‫يدرك على نحو �أف�ضل‪ ،‬من خالل �شعر املت�صوفه‪ ،‬الذي هو ان�سب طرائق التعبري اللغوي‬
‫عند القوم‪.1‬‬
‫َخ رِ َب ال�صوفي ُة منذ وقت مبكر �إمكانات ال�شِّ عر‪ ،‬ال يف التعبري عن مواجدهم فح�سب‪،‬‬
‫بل ويف �إنتاج معرفة بالوجود وبالإن�سان كذلك‪ .‬ف ُهم بهذا �أ�صحاب ذوق‪ ،‬و�أهل �شعر‪،‬‬
‫ن�صيب يف �إحياء قلوبهم‬
‫ي�صعب عليهم �أن يعي�شوا جتاربهم الروحية دون �أن يكون لل�شعر ٌ‬
‫الظامئة‪ ،‬ونفو�سهم ِّ‬
‫املتعط�شة‪ ،‬و�أرواحهم التي تطرب ملعاين الق�صائد الرقيقة‪.‬‬
‫ال�شعر والأدب ال�صويف بوجه عام‪ ،‬يعنى بالتوجية والإر�شاد‪ ،‬ويكرث من‬
‫�صيغ الأمر والنهي‪ ،‬وال�شرط‪ ،‬و�ضرب احلكم والأمثال‪ ،‬وهذا طبيعي �إذا عرفنا‬
‫�أن التوجيه �أ�سا�س من �أ�س�س ال�صوفية‪ ،‬ولي�س (ت�سليك) الطريق الإ توجيها‬
‫و�إر�شادا‪.2‬‬
‫فالقاري لل�شعر ال�صويف‪ ،‬واملتمعن يف جمال لغته وطريقة نظمه‪ ،‬وتنوع �أ�ساليبه‪ ،‬يجد‬
‫�أن لغة الت�صوف يف جماليتها املميزة لها‪ ،‬تخلق وحدة فنية‪ ،‬ومن ثم �شعورية فكرية‪ ،‬ترتفع‬
‫بامل�شاعر‪ ،‬وهي تعرب عن جتربة عرفانية فريدة‪ ،‬تك�شف الداللة عن وعي مرهف وح�س‬
‫وثاب‪ ،‬قائمة على الق�صيدة منفتحة على ت�صور �شديد اخل�صو�صية‪ .‬وب�شكل عام‪ ،‬ف�إن‬
‫ال�شعر ال�صويف �شكل ن�صا لغويا ودالليا خا�صا يف الأدب العربي‪ ،‬خرج باللغة مما �ألفته �إىل‬
‫م�ستوي جديد‪ ،‬ثري بالدالالت والإيحاءات مما �سمح للباحثني والدار�سني �أن يتوجهوا‬

‫‪ )1‬يوسف زيدان‪ .‬شعراء الصوفية املجهولون‪ .‬دار الجيل بريوت‪ – 1996 .‬ص‪7-‬‬
‫‪ )2‬عبد املجيد عابدين‪ .‬تاريخ الثقافة العربية يف السودان‪ .‬دار النهضة‪ ،1967 ،‬ص ‪.209‬‬

‫‪9‬‬
‫‪1‬‬
‫بالبحث فيه م�ستعينني يف ذلك ب�شتى املناهج والإجراءات التي متكنهم من �سرب �أغواره‪.‬‬
‫متيز ال�شعر ال�صويف يف الأدب الإ�سالمي بعدد من الق�ضايا والأغرا�ض ا�ستقل بها‬
‫�شعراء ال�صوفية ومتيزوا فيها‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬التق�شف والزهد يف الدنيا‪ :‬ويتمحور حديث ال�شعراء فيه حول الوعظ والتذكري‬
‫من ناحية واحلكمة الدينية من ناحية �أخرى‪ ،‬حيث ميثل الزهد �أحد املقامات والطرق‬
‫املو�صلة �إىل اهلل‪.‬‬
‫‪ -2‬احلب الإلهي‪ :‬وميثل هذا االجتاه �أكرث املجاالت وفرة وارتيادا ل�شعراء ال�صوفية‪،‬‬
‫حيث اتخذوا الغر�ض �أداة لال�ستعانة على بث معاين القرب والتودد �إىل الذات الإلهية‪.‬‬
‫‪ -3‬املقامات‪ :‬وي�ستهدف هذا الغر�ض من ال�شعر �إبراز ما حتقق للعبد من املكا�سب‬
‫اخلا�صة من خالل جمهوداته وعباداته وما ح�صل عليه من املواهب الربانية‪.‬‬
‫‪ -4‬املناجاة‪ :‬ويعد هذا النوع من ال�شعر مبثابة �سرد للتجربة ال�شخ�صية يف الت�صوف‪.‬‬
‫‪ -5‬املديح النبوي‪ :‬وهو من �أكرث املجاالت �إنتاجا و�إبداعا لدى �شعراء ال�صوفية‪.‬‬
‫ويعتربه ال�صوفيون من �أجل �أبواب القربات �إىل اهلل‪.‬‬
‫‪ -6‬التو�سل واال�ستغاثة‪ :‬وهو من �أهم خ�صائ�ص ال�شعر ال�صويف‪ ،‬ويهدف �إىل التما�س‬
‫ق�ضاء احلاجة بوا�سطة النبي وبغريه من الأنبياء والأولياء ال�صاحلني عند اهلل‪.‬‬
‫‪ -7‬مدح ال�شيوخ‪ :‬وي�ستهدف هذا اللون �إطراء �شيوخ الطرق ال�صوفية و�إبراز م�آثرهم‬
‫وكراماتهم بغر�ض �إثبات �أحقيتهم يف التقدمي والتبجيل‪.2‬‬

‫‪ )1‬بولعشارمرسيل‪ .‬الشعر الصويف يف ضوء القراءات النقدية الحديثة‪ .‬أطروحة دكتوارة مقدمة لكية األداب جامعة وهران‪.‬‬
‫‪ ،2015‬ص ‪9‬‬
‫‪2) http://www.startimes.com/?t=5868749‬‬

‫‪10‬‬
‫ومن مميزات ال�شعر ال�صويف القدمي ال�سمو الروحي‪ ،‬املعاين النف�سية العميقة‪ ،‬واخل�ضوع‬
‫لإرادة اهلل القوية‪ ،‬والإكثار من اخليال‪ ،‬وا�ستعمال الرمزية وال�شطحات ال�صوفية‪ ،‬واجلنوح‬
‫نحو الإبهام والغمو�ض‪ ،‬والت�أرجح بني الظاهر والباطن‪ ،‬والت�أثر بال�شريعة الإ�سالمية كما‬
‫هو �ش�أن الت�صوف ال�سني‪ ،‬ومتثل امل�صادر الفل�سفية والعقائد الأجنبية كما هو حال ال�شعر‬
‫ال�صويف الفل�سفي‪.‬‬
‫فال�صوفية ي�ستعملون كل الآليات اللغوية املعروفة‪ ،‬والتي �إن �أنكرناها ف�إن كل اخلطابات‬
‫�سيكتنفها الغمو�ض‪ ،‬وت�صبح داللتها معر�ضة �إىل �أن حتمل على غري حمملها‪ ،‬ومن هذه‬
‫الآليات املجاز واال�ستعارة والكناية والعام الذي يراد به اخلا�ص‪ ،‬واخلا�ص الذي يراد به‬
‫العام واعتماد الإ�شارة عو�ض العبارة �إىل غري ذلك‪ ،‬ففي ل�سان القوم من اال�ستعارات‬
‫و�إطالق العام و�إرادة اخلا�ص و�إطالق اللفظ و�إرادة �إ�شارته دون حقيقة معناه ما لي�س‬
‫يف ل�سان �أحد من الطوائف غريهم‪ ،‬ولهذا يقولون‪ ››:‬نحن �أ�صحاب �إ�شارة ال �أ�صحاب‬
‫عبارة›› والإ�شارة لنا والعبارة لغرينا ››‪ .‬و�صار هذا �سببا لفتنة طائفتني‪ :‬طائفة تعلقوا‬
‫عليهم بظاهر عباراتهم فبدعوهم و�ضللوهم‪ .‬وطائفة‪ :‬نظروا �إىل مقا�صدهم ومغزاها‪ ،‬ف�صوبوا‬
‫تلك العبارات و�صححوا الإ�شارا‪.‬‬
‫�إن الأدب ال�صويف واحد من الأ�شياء التي �أ�سهمت يف حفظ التعاي�ش بني ال�سودانيني‬
‫مبختلف معتقداتهم الفكرية وان املديح وحد وجدان الأمة ال�سودانية وكان له اثر بالغ يف‬
‫تعظيم وحمبة الر�سول  يف قلوب كافة �أبناء البالد م�ؤكدين �أن الت�صوف هو املعني‬
‫الأول الذي �ساعد يف انت�شار الدعوة الإ�سالمية‪ ،‬مبينني �أن ال�صوفية هم من و�ضعوا‬
‫‪1‬‬
‫الأ�س�س ال�سليمة لطريق الدعوة‬
‫يعتقد العالمة عبد اهلل ال�شيخ الب�شري (‪� )1994-1928‬أن انت�شار الإ�سالم يف ال�سودان‬
‫و�إفريقيا قد حتقق من خالل جهود ال�صوفية‪ ،‬الفقهاء‪ ،‬احلفظة واملادحون‪ .‬و�أن هذه اجلهود‬
‫‪1)http://www.sudaress.com/alsahafa/33181‬‬

‫‪11‬‬
‫قد متت عرب الو�سائل ال�سلمية متثلت يف غر�س االعتقاد يف قلوب الوطنيني و�أخذهم نحو‬
‫حظرية الإ�سالم‪.1‬و�أتوا �أخريا لإحداث تغري رادكايل يف حياتهم و�أعدوهم ليكونوا النواة‬
‫لأول دولة �إ�سالمية يف البالد‪ .‬هذه املجموعات الأربعة قد ن�شرت الإ�سالم يف املليون‬
‫ميل مربع لي�س بال�سيف �أو �سائل الإكراه الأخرى بل عن طريق ك�سب الثقة والإميان‬
‫والإخال�ص‪ .‬وقد �أفلحوا يف �إحداث تغري يف منط �أ�سلوب حياة النا�س ف�أبدلوا الت�شتت‬
‫بالإجماع والغفلة بذكر اهلل وهذه قادت �إىل ت�أ�سي�س الدولة الإ�سالمية يف �سنار والتي‬
‫بدورها �ساهمت يف ترقية الفكر للعلماء والطالب على حد �سواء لي�ساهموا �إيجابا يف‬
‫حقل الدرا�سات الإ�سالمية‪.2‬‬
‫�إن حقيقة احلقائق يف هذا ال�ش�أن �أن م�شايخ الت�صوف ال�سابقني والالحقني منهم قد‬
‫اهتموا بالعلم ت�أليفا وتدري�سا‪ ،‬حتى �أن �إ�شعارهم و�إ�شعار املادحني يف م�سايدهم كانت هي‬
‫منبع املعارف وم�صدر املعلومات لعامة النا�س وال ينكر �إال مكابر �أثرها العظيم يف تب�سيط‬
‫�أ�سا�سيات العقيدة وال�سرية والفقه وقدموا ذلك يف قالب فني جذاب وم�ؤثر ومنا�سب مع‬
‫املجتمع الذي تتف�شى فيه الأمية ويقل فيه املتعلمون‪ ،‬ولقد �أح�سن و�صدق وان�صف �شيخ‬
‫�شعراء ال�سودان يف القرن الع�شرين الأ�ستاذ عبد اهلل ال�شيخ الب�شري حينما قال عن املادح‬
‫ال�سوداين‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫مه َيئ الفن للفقري‬ ‫(معلم) الشعب َجل قدرا‬

‫وقد قال ال�شعراء يف هذا الغر�ض ال�شعري – خا�صة ال�شيوخ ال�صاحلني والأولياء‬
‫‪3‬‬

‫والأ�ساتذة والعلماء الذين كانوا يقمون ب�أمر التعليم والتدري�س والإر�شاد والتوجيه‬
‫الأخالقي واملعريف والعلمي‪ ،‬وكانوا ال يقت�صرون يف ذلك على تدري�س العلوم واملعارف‬
‫الإ�سالمية والعربية وعلوم املنطق وعلم الكالم‪ ،‬بل كانوا يوجهون وير�شدون تالميذهم‬
‫‪1)Abdulgalil Abdalla Salih. The Sammaniyya: Doctrine، History & Future. 20015، p. 88-89‬‬
‫‪2)Ibid: 88-89‬‬
‫‪ )3‬أبو الطيب الحفياين‪ .‬حادي العيس‪ .‬األمانة العامة للذكر والذاكرين‪ ،2009 .‬ص‪4‬‬

‫‪12‬‬
‫ومريديهم �إىل الطريق ال�صحيح والدرب القومي وال�سلوك احلميد‪ ،‬ويوجهونهم للأخالق‬
‫الفا�ضلة والتعامل الرفيع مع الآخرين‪ ،‬وحببوا �إليهم العلم والتعلم كثريا‪ ،‬وكان ذلك‬
‫منارات عالية و�سامقة يف �سماء دولة الفوجن‪.1‬‬
‫«ال�شعر ال�صويف يف ال�سودان متغلغل يف املجتمع‪ ،‬وال�سبب يف ذلك النزعة الدينية‬
‫الفطرية الو�سطية لل�سودانيني وحمبتهم ال�شديدة جلناب �سيدنا حممد  ‪ ،‬لذلك‬
‫نالحظ �أنهم حينما ي�ستمعون �إىل هذا ال�شعر �سواء كان حلناً �أو �إلقا ًء ف�إنهم يتواجدون‬
‫ب�شدة‪ ،‬وي�صيحون ويبكون‪ ،‬وجند �أن ال�شعر ال�صويف قد �أثر ت�أثرياً كبرياً على ال�شعر‬
‫ال�سوداين خا�صة الغنائي منه بل حتى �أحلان الكثري من الأغاين ال�سودانية م�ستمدة من‬
‫‪2‬‬
‫�أحلان ق�صائد املديح النبوي»‪.‬‬
‫ويبد�أ املديح ال�سوداين بال�صالة علي النبي(�صلي اهلل عليه و�سلم) ومدحه وو�صف‬
‫مناقبه وزيارة قربه ويختم بال�صالة بعد التو�سل و�أحياناً تبد�أ الق�صيدة بال�شوق لزيارة‬
‫(�صلي اهلل عليه و�سلم(‪.‬‬
‫واملديح النبوي يغر�س حب ّر�سول اهلل (�صلي اهلل عليه و�سلم) مبا يذكر له من �صفات‬
‫حمبيه وتو�ضيح �أف�ضاله علي امل�سلمني رقيق م�ؤثر فال بدان تطرب نفو�س امل�سلمني وي�شتد‬
‫�شوقها �إىل ر�سول اهلل (�صلي اهلل عليه و�سلم) وامل�صادرالتي ا�ستقى منه ا�شعراء املديح‬
‫النبوي يف ال�سودان كما يقول د‪ .‬جعفر بخيت �إن �شمول املديح النبوي يدل علي انه‬
‫ا�ستقىمن م�صادر متعددة وت�أثر بعدة عوامل و�أهمال عوامل ال�سرية الدينية‪ ،‬مل يكتف‬
‫املداح مبا جاءيف كتب ال�سرية وو�صف جمال النبي(�صلي اهلل عليه و�سلم) وح�سن‬
‫خلقه بل ير�سمون له �صورةتعربعن نظرتهم له وتعك�س �صورته يف �أذهان النا�س وهذه‬
‫ال�صورة تختلف عما يراه املثقفون والذين لهم �صلة بالدين الإ�سالمي يف منابعه الأ�صلية‬
‫‪ )1‬بابكر األمني الدرديري‪ .‬من قضايا األدب السوداين‪ .‬مطبعة جامعة الجزيرة‪ .‬مدين‪ ،2014 ،‬ص‪.40‬‬
‫‪2 )https://arabic.sputniknews.com/arab_world/201802281030425912-‬‬

‫‪13‬‬
‫الكتاب وال�سنة لأن �صورة الإ�سالم‪ ،‬و بالتايل �صورة النبي (�صلي اهلل عليه و�سلم) لدي‬
‫بالت�صوف والكرامات وخوارق العادة وقد مدح �شعراء‬ ‫عامة النا�س يف ال�سودان مرتبطة ّ‬
‫‪1‬‬
‫الت�صوف النبي و�صحابته ك�أبطال ومدحوا �شجاعتهم وكرمهم وتقواهم‪.‬‬
‫وكان لوجود هجرات متتابعة لرجال الفقه والت�صوف خالل القرن العا�شر الهجري اثر‬
‫كبري لن�شر الثقافة العربية الإ�سالمية يف ال�سودان ف�أكرثوا فتح اخلالوي وت�أ�سي�س امل�ساجد‬
‫لتدري�س القر�آن والعلم‪ .‬وقد ت�أثر �شعراء ال�صوفية يف ال�سودان ل�شعراء الت�صوف وحاولوا‬
‫جماراتهم فت�أثروا بابن الفار�ض والربعي والبو�صريي وحاولوا جماارتهم يف ق�صائدهم‬
‫‪2‬‬
‫وموا�ضيعها و�أفكارها وحاولوا تخمي�سها وت�سبيعها‬
‫و�أمثالها كثرية باللغتني الف�صح والعامية يف �أ�شعار حاج املاحى وود�سعد وعبد امللك‬
‫وحياتى وال�سادة �آل �أبو ك�س�أوى وال�شيخ عبدهلل بن يون�س وال�سيد جعفر املريغنى وال�شيخ‬
‫عبداملحمود وال�شيخ قريب اهلل وال�شريف يو�سف الهندى وال�شيخ عبدالباقى املكا�شفى‬
‫وال�شيخ ال�صابونابى وال�شيخ الربعى وغريهم ممن اليح�صرلهم عدد‪.‬‬
‫�أ�س�س �سيدي ال�شيخ ال�سماين بن �سيدي ال�شيخ الب�شري منارة �أخرى من منارات‬
‫الهدى والإ�صالح الأ وهي «�أُ ْم َع ْي َدان»‪� .‬أعقب ال�شيخ البكري والده ال�شيخ ال�سماين يف‬
‫مهام الدعوة والإر�شاد يف ذات املنطقة �إىل �أن انتقل �إىل ربه را�ضيا مر�ضيا‪ .‬جاء ابنه ال�شيخ‬
‫ال�سماين ليوا�صل مهام و�أعباء الدعوة �إىل اهلل و�إر�شاد القوم وذلك يف العام ‪ .1977‬ولد‬
‫وترعرع يف ٍ‬
‫بيت معمور‬ ‫َ‬ ‫ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ البكري ب�أُ ْم َع ْي َدان عام (‪ ،)1954‬ن�ش�أ‬
‫ِ‬
‫بالنفحات ال�صوفية‪.‬‬ ‫براعم �أنفا�س ِه يف ج ٍو معط ٍر‬ ‫بالأذكار والأوراد‪ ،‬ف� َ‬
‫أر�سل َ‬
‫كغريها وكبقية الطرق ال�صوفية ف�إنً للطريقة ال�س ًمانية �شعراء ي�ؤلفون جمموعة كبرية‬
‫‪ )1‬فائزة الطیب محمدأحمد‪ .‬الشيخ املجذوب حياته وشعره‪ .‬بحث مقدم لنيل درجة املاجسترييف األدب والنقد‪ .‬جامعة‬
‫امدرمان اإلسالمية معهدبحوث ودراسات العاملا إلسالمي قسم الدراسات النظرية‪ ،2006 .‬ص‪60-‬‬
‫‪ )2‬املصدر السابق نفسه‬

‫‪14‬‬
‫وذلك بحكم تكوين الطريقة �أ�ضاف �إليها بيوتات دينية كثرية وال يخلو بيت منها �أو‬
‫خليفة من �إن�شاء �شئ من ال�شعر ال�صويف‪.1‬‬
‫تقع �أُ ْم َع ْي َدان يف والية �سنار حملية الدندر‪� ،‬شمال مدينة الدندر و�شرق مدينة �سنار‬
‫على ال�ضفة ال�شرقية لنهر الدندر يف منطقة �شبه جزيرة يحدها النهر من اجلنوب والغرب‬
‫وال�شمال‪� .‬أ�س�سها ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ الب�شري بن ال�شيخ نور الدائم بن �سيدي ال�شيخ‬
‫�أحمد الطيب بن الب�شري‪ ،‬وذلك منذ مايقارب املائة عام‪ .‬وتاله ال�شيخ البكري الذي‬
‫�أر�سى دعائم امل�سيد فيها على تقوى من اهلل‪ ،‬فكانت اللبنة الأوىل لتلك القرية التي تنب�أ‬
‫لها ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ الب�شري ب�أن تكون ب�ؤرة �صالح و�إر�شاد ‪.2‬‬
‫هذا الكتاب خ�ص لتن�أول ق�صائد خمتارة من ال�شعر ال�صويف ب�أم عيدان ال�شيخ‬
‫ال�سماين وهي احد �أفرع البيت الطيبي‪ ،‬وال�سادة الطيبية والتي قال عنها �سليل دوحتهم‬
‫ال�شاعر ُ‬
‫الفذ حممد �سعيد العبا�سي‪:‬‬
‫ال�ساقي م َنا وم َنا ال�صادح ال�شً ادي‬ ‫لنا الك�ؤو�س ونحن املنت�شون بها‬
‫وقد كانت ال�سمة ال�سائدة ملا نظم من ق�صائد قد جاءت يف معظمها بلهجة �أهل‬
‫ال�سودان العامية و�أكرث دقة لغة عامية مناطق �شرق �سنار‪ .‬وقد �سار علي هذا النهج الكثري‬
‫من رواة املديح يف ال�سودان كل يف مكان �إقامته و�سكنه‪ .‬وال�شك ان هذا النمط –‬
‫العامية ‪ -‬من اللغة قد �ساهم م�ساهمة فعالة يف ن�شر وانت�شار �أدبيات الطريقة ايل حيز كبري‬
‫لع�شاق وحمبي املديح ال�صويف يف ال�سودان‪ .‬وبف�ضل انت�شار وظهور و�سائط التوا�صل من‬
‫انرتنت وغريه فقد انت�شرت ق�صائد الطريقة يف داخل وخارج البالد‪.‬‬

‫‪ )1‬الطاهر محمد عيل‪ .‬األدب الصويف السوداين‪ -1970 .‬ص‪.82 -‬‬


‫‪ )2‬املصدر نفسه‬

‫‪15‬‬
‫تنوع �شكل وم�ضمون الق�صائد فعلى �سبيل املثال من الق�صائد امل�شهورة التى متا�شت‬
‫مع مفردة الوقت‪ ،‬ق�صيدة " �سمانتل"‬
‫«�سمانتل‪»Sammantel‬‬
‫ات���ن�ي�ن وس���ت�ي�ن ي����ون����س‪ 2‬رت���ل‬ ‫‪1‬‬
‫س�����م ب���ال���ل���ه ك����ن م��ت��ب��ت��ل‬
‫ِ‬
‫اس������م رشك���ت���ن���ا ال���س�م�ان���ت���ل‬ ‫‪3‬‬
‫دا م��ع��ن��ى ي��ش�ير الس���م جنتل‬
‫س���ب���ح���ان ت���ع���اىل م����ا ب��ي��غ��ف��ل‬ ‫ال�ش�رك���ة ب��ه��ا ال�����رب متكفل‬
‫أوع���اك ي��ا اخ���وي كوبسك يفصل‬ ‫ل���و ان���ت ق��دي��م ب����دري م��وص��ل‬
‫راك���ب�ي�ن ع���رب���ات وح��م�ير وال��ب��ل‬ ‫ل��ل�شرك��ة ال���ن���اس دامئ�����ا تقبل‬
‫‪11‬‬
‫فا رما ‪8‬وكا يبوي ‪9‬وتيتشا ‪1 0‬وبيو بل‬ ‫‪7‬‬
‫ع��رزي‪ 4‬وع��ززي‪ 5‬وعقيل‪ 6‬وسمبل‬
‫ال�شاعر �سيف ير�سم موقع الطريقة يف الق�صيد التي حملت العنوان «�أم عيدان �شروق‬ ‫‪1234567891011‬‬

‫�سنارك»‪:‬‬
‫فيـك صوت الدِّ نْ ِقـ ْر‬
‫ِ‬ ‫بِ�� ْر ِز ْم‬ ‫أُ ْم َع�� ْي��دَ ان ش�مال ال��دِّ نْ��د ْر‬
‫ِ‬
‫ما بْ َتـلقـا ُه يف ِس ُّنـو انَقِّـ ْر‬ ‫ِ ‪13‬‬
‫فيكْ َأسدْ الكَ َواين‪ْ 12‬م َص ْنق ْر‬
‫فيكْ َم ْرهم‪ِ ،‬شفا لىَ ْ َم َرضْ نا‬ ‫أُ ْم َع ْيدَ ان غَ��رِب لىَ ْ َرهَدْ نا‬
‫ْ�ِض�‪ ،‬متى جِ ْيـنا‪ ،‬وردن��ا‬ ‫يَ��ق يِ‬ ‫ود ضو ال ُّنـور‪ 14‬اِقُولُو غرضنا‬
‫ق�صيدة «اللوري»‬
‫‪12‬‬

‫‪1314‬‬

‫‪ )1‬التبتل كثري العبادة لله «وتبتل إلىه تبتيال»‪.‬‬


‫‪( )2‬اآلية) أَ اَل إِ َّن أولِيَا َء اللَّ ِه لاَ َخ ْو ٌف َعلَيْ ِه ْم َو اَل ُه ْم يَ ْح َزنُو َن (‪)62‬الَّذي َن آ َم ُنوا َوكَانُوا يَتَّقُو َن (‪)63‬ل ُه ُم البُ رْ َ‬
‫شى فيِ الْ َحيَاةِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ال ُّدنْيَا َوفيِ الآْ َ ِخ َر ِة اَل تَبْ ِد َيل لِ َكلِ اَم ِت اللَّ ِه َذلِ َك ُه َو الْ َف ْو ُز الْ َع ِظي ُم)‪64‬‬
‫‪ )3‬الكلمة أصلها انجليزي ‪ gentle‬مبعني نبيل‪.‬‬
‫‪ )4‬عرزي من قبائل رفاعة‪.‬‬
‫‪ )5‬عززي‪:‬من قبائل رفاعة‬
‫‪ )6‬عقيل‪:‬من قبائل رفاعة‬
‫‪ )7‬سمبل‪ :‬من قبائل رفاعة‬
‫‪ )8‬الكلمة االنجليزية(‪)farmer‬‬
‫‪ )9‬الكلمة االنجليزية ‪cowboy‬‬
‫‪ )10‬الكلمة االنجليزية ‪teacher‬‬
‫‪ )11‬الكلمة االنجليزية ‪pupil‬‬
‫‪ )12‬الكواين‪ :‬جمع كونية‪ ،‬مكان يف البحر التعاريج أو انحنات أو الخلجان التى يتخبا فيها التمساح‪.‬‬
‫‪ )13‬مصنقر‪ :‬جالس‪.‬‬
‫‪ )14‬قرى ود ضوء النور‪ ،‬ود الهنقول‪ ،‬جليدات ود تكتوك من القرى القريبة واملجأورة الم عيدان‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ومن الق�صائد زائعة ال�صيت ق�صيدة " اللوري"‬
‫ق�صيدة «اللوري»‬
‫ج��اب��و م��م��رك اب����و ال��ق��ريش‬ ‫ب��ال��ل��ي��ل ورك ف��زع��و رسي��ع‬
‫ي����ا ال����س��م�ان ل���ل���ه درك‬ ‫ن��ح��م��د رب���ن���ا ق�����دس رسك‬
‫ف��زع��و رسي���ع ج��اب��و م��م��رك‬ ‫‪5‬‬
‫فوق خيل الغيب‪ 4‬بالليل ورك‬
‫ض��ه��رو ام���ان وج��اه��و سالمة‬ ‫اب��وك يا البكري‪ 6‬اب��وك يا شامة‬
‫قضية ال���ل���وري رف���د حكاما‬ ‫ه���ز ال��ع��اص��م��ة س���وا ك��رام��ة‬
‫و�أن�شد ال�شاعر �سيف الدين �سليمان يف ق�صيدته «�صاحب ال�صولة» قائال‪:‬‬
‫‪123‬‬

‫ام��رك ص��ادر من املويل‬ ‫ص�����اح�����ب ال����ص����ول����ة‬


‫ذي ما يسوى هو اهال أوىل‬ ‫اسمع مني صحيح القول‬
‫اس��ال منو قمر الدولة‬ ‫أم���ر ال��ع��ايل ف���وق للدولة‬
‫فوق البغرا العايت عتوة‬ ‫م����ش���ى يف خ����ط����وة‬
‫البس رسمي حكم بسطوة‬ ‫قايض ومتحري وع��امل فتوى‬

‫ق�صيدة «�شيخنا ال�سماين»‬


‫ح��رزي وام��اين ف��وزي وضامين‬ ‫اسمو السامين وجدو السامين‬
‫ان��ا والحبان‬
‫ال ِكمو ضاري وللناس مداري‬ ‫العارف وداري قائد اداري‬
‫بلطف وحنان‬
‫س�����ب�����اق ل���ل���ص���اي���ح���ة‬ ‫نفحاتو فايحة وانوارو اليحة‬
‫وك�����م ج�����اب ال���راي���ح���ة‬
‫وعالج مرضان‬
‫نجحت ب��ذورو ي�لاك ن��زورو‬ ‫ذاكر مذكورو شاكر مشكورو‬
‫قمر ام عيدان‬
‫‪ )1‬خيل الغيب‪ :‬ليست كخيول الدنيا‪ ،‬إمنا تخلق بحكمة ربنا من همم الرجال العليا تتجسد يف شكل خيل وهي عند‬
‫العارفني هي الهمم التي تخلق من صالح اإلعامل وهي متيش بالجو وليس األرض‪ ،‬وهي ال تظهر للعني املجردة‪ ،‬وعيون‬
‫العامة ال تراها‪ ،‬لذلك نسبت لها كلمة الغيب‪.‬‬
‫‪ )2‬ورك‪ :‬أي ركب عىل ظهر الدابة ورجليه يف اتجاه وأحد‪ ،‬استعاملها الشاعر كناية عن العجلة والرسعة إذ أن األمر ال‬
‫يتحمل االنتظار حتى تجهز الدابة‪ ،‬فهي دليل عىل الهمة إلنقاذ من ينتظر النجدة‪.‬‬
‫‪ )3‬من أوالد الشيخ‬

‫‪17‬‬
‫الجن واالنس عربان والعجم‬ ‫للسامن شهود الليل والنجم‬
‫دا م��ا ب��ن�ترد‪ 2‬وال بنهجم‬ ‫‪1‬‬
‫ويل وصالحا فوق امات لجم‬
‫سامن يف الطريقة ظاهر وسم‬ ‫سامن يف واليتو شهري االسم‬
‫يا دقر‪ 3‬الحرائز كواي للخصم‬ ‫سامن يف املشارب كاسو دسم‬
‫‪123456‬‬

‫ال�شاعر حممد طيب يف ق�صيدة ال�سمان «دهب اخلزانة»‬


‫الدولة ام فوت‪ 4‬سيد مكانه‬ ‫س�ماين ي��ا ده��ب الخزانه‬
‫سامي ال��ق��در م��ع ال��رزان��ة‬ ‫ع���ايل ال���رت���ب وامل��ك��ان��ة‬
‫ال��دن��ي��ا ب��ي��ك امل���وىل زان��ا‬ ‫صاحب الرس صاحب الخزانة‬
‫ع�لا ق����درك وع�ل�ا شانك‬ ‫ريب والك وص���ان���ك‬
‫بالكيزان اروى عطشانك‬ ‫بالذكر عمرات حيشانك‬
‫ورزم يف ال��خ��ش��ه دايب‬ ‫ش��دو ليهو ال��ب��ش��ايب تب‬
‫ن��ال��ت ب��ي��ك ك��ل ال����روايب‬ ‫بيك اختصابات الحدايب‬
‫شويم‪ 5‬ق��ام رك��ب البغرين‬ ‫ش���دو ل��ي��ه��و ال��ب��ي��ط�يرن‬
‫م��رق��ن الم م���رح يشرين‬ ‫تسمع ف��وق الجو هديرا‬
‫ش��وي��م ق��ام رك��ب املمرك‬ ‫ش�����دو ل��ي��ه��و امل�����ورك‬
‫‪6‬‬
‫ش��ط��ب ب��ق��ل��م��وا امل�س�رك‬ ‫ج���اب ال���ل���وري امل��م��رك‬

‫ومن الذين �صاغوا ال�شعر يف �شيخ الطريقة ال�سمانية �أم عيدان ال�شيخ املادح املعروف‬
‫الأمني �أحمد القر�شي ومن ذلك ق�صيدته امل�سموعة «يا ما�شي لأم عيدان تزور» والتي‬
‫جاء يف مطلعها‪:‬‬
‫يا مايش ألم عيدان تزور‬ ‫تلقى الهنا وتلقى الرسور‬

‫‪ )1‬أمات لجم‪ :‬معناها الخيل وهي من خيول الغيب وهي واحد من أسامء خيول الغيب‪.‬‬
‫‪ )2‬ينرتد‪ :‬دراجية وهي من املفردات املتدأولة يف املنطقة معناها الستطيع احد أن يتحداه أو يتعدى عليه أن )تصله‬
‫سوء كان ماشيا‪.‬‬
‫‪ )3‬دقر‪ :‬كلمة شكر وكناية عن تعظيم لليش الذي وصف به‪ ،‬معناها صدي منه ياعني‪.‬‬
‫‪ )4‬أم فوت‪ :‬تعني الزيادة‪.‬‬
‫‪) )5‬شويم‪ :‬معناها قام‬
‫‪ )6‬املرسك‪ :‬الرسك عند القوم هو اإلذن‪ ،‬وهو املخول‪ ،‬النائل واملجاز واملرصح له أي املأذون له باملرور يف كل زمان ألي‬
‫مكان‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫تلقى القبول واالح�ت�رام‬ ‫تلقى الكريم ابن الكرام‬
‫تلقى امل��ح��ب��ة وال��غ��رام‬ ‫تلقى القصيد مهام ترام‬

‫وفيه اي�ضا نظم ق�صيدة «ود الغوث مرق برا»‬


‫ك��ف��و ال��ب��ك��رم درا‬ ‫ود ال��غ��وث م��رق برا‬
‫السامن وداعة الله‬
‫ل��ك��ل ال��ق��ل��وب رسا‬ ‫اس��م��و ب��ال��ب��ل��د ف��را‬
‫ج���دو ل��ل��ع��ي��ون ق��را‬ ‫حارسوا الجود من الدرا‬
‫ج��دو طيب القيامن‬ ‫ود البكري والسامن‬
‫اب�شر نلت كل امان‬ ‫يا سالك طريقو ضامن‬
‫‪1‬‬
‫وألو وريسو الجدان‬ ‫اس��د ساكن ام عيدان‬
‫صد من دربو يا رمدان‬ ‫ليهو متنو السيسان‬
‫السامي وبعيد حدو‬ ‫ودط��ه‪ 2‬الرشيف جدو‬
‫ب��وايس البفوت حدو‬ ‫ال���ف���ائ���ق ع�ل�ي ن��دو‬

‫�أما ال�شاعر والأديب عبد احلليم �سر اخلتم فقد �أجاد يف ق�صيدة جاءت �أبياتها مائة‬
‫‪1234‬‬
‫پپ‬

‫و�أربعة ع�شر بيتا حملت عنوان»�أيا �شيخ �أم عيدان» جاء فيها‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫وي���ا ح��ق�لي وغ��ي��ط��اين‬ ‫أي����ا ش��ي��خ أم ع��ي��دان‬
‫���ل���ي ح���ث���اين‬
‫ّ‬ ‫أل�������ح ع‬ ‫إل���ى���ك ال��ن��ب��ل ش���داين‬
‫��ل�ي أح��ض��اين‬
‫أح�����اط ع ّ‬ ‫وح�����ادي‪ 4‬ال����ود حضاين‬
‫ب��ص��دق األم�����ر أن��ب��اين‬ ‫ف���ه���ل ج���ن���د س��ل��ي�مان‬
‫م����ن ري�����ف وف���رق���اين‬ ‫وح���ول���ك ره���ط ع��رب��ان‬
‫س��ل��ي��ل ال��ط��ه��ر س�ماين‬ ‫أي����ا ش��ي��خ أم ع��ي��دان‬
‫مل يكن ال�شاعر مبارك حممد الب�شري بعيدا من الذين �أجادوا النظم يف �شيخ الطريق‬
‫ال�سمانية �أم عيدان فقد �أبدع يف نظمه لق�صيدة «الغوث طويل اليد»‬
‫‪ )1‬إشارة للشيخ احمد الطيب والشيخ السامين ود البشري‪.‬‬
‫‪ )2‬الشيخ محمد طه األزرق وهو من أبكار الشيخ احمد الطيب جده ألبيه المه الوارد يف قصيدة املكأوي «ود طه‬
‫الشهري بدبريك»‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ )3‬الغيطان‪ :‬هو املطم ُّنئ الواس ُع من األرض‪.‬‬
‫يسوق اإلبَل بال ُحداء‬
‫‪ )4‬حادي‪( :‬اسم الجمع‪ :‬حوادي ُر و ُحدا ٌة )‪ -‬الحادي‪ :‬الذي ُ‬

‫‪19‬‬
‫ي���اس�م�ان س��م��ي ال���ج���د شيخنا‬ ‫الغوث طويل اليد حقيت االسم‬
‫املددك بفوت الحد‬
‫يا سالكني طريقو من كد نال وجد‬ ‫حكاية النعامة‪ 1‬أعيت حروف الجر‬
‫والشيخ يفهم اصلح لهم وارش��د‬ ‫القيامن‪ 2‬تجيك كل زول بلغتو نشد‬

‫ومن الذين �أبدعوا النظم و�أجاد ال�شاعر املتمكن الب�شري الب�شري القالتي خ�صو�ص َا‬
‫‪123‬‬

‫عمله الرائع «نادر القوم»‬


‫ن��ادر األولي��اء امل��ن االل��ه مك��روم‬ ‫السامين مرحب جدو طيب القوم‬

‫قلب الفن جاب البصل موس��وم‬ ‫علت نفحاتو يف أم عيدان رشد القوم‬

‫اشنابو وفوق قرض السنط‪ 3‬دامئا مرتكش بابو‬ ‫يا االس��د البكتل الفي الكجوجا‬

‫بهم��د ن��ارا قب��ال الب�لاغ م��ا يجي��ا‬ ‫الكارث��ة البتاخ��د س��يدها متالقيا‬

‫ويف ال�برا والب�لاد نيلك محم��ر كارس‬ ‫نادر أولياء الليك الخصيم ما بعارص‬

‫فوقك هيبة البشاملو بخبت جارس‬

‫فيك نجم االسد وفيك هيبة عاجباين‬ ‫اسد املنطقة اب رس��وا البكر فرداين‬

‫قدر ما قلت ابلغ يف القوايف لساين‬ ‫وفي��ك حكام متتع كافة االنس��ان‬

‫قرص من نفايلك ياسمي السامين‬

‫برصف التعليامت والرتقية الس�ماين‬ ‫كس��ار قارب العايص وعني��د واناين‬


‫ّ‬

‫‪ )1‬األولياء يف السودان من كراماتهم التي سجلها الرتاث الصويف الشفوي أن الحيوانات املتوحشة كالغزالن واألسود تأنس‬
‫إلىهم وتأوي إلىهم وال ترضهم الحيوانات املؤذية ومنهم من كان يركب األسد كالحصان‪ ،‬طبعا من ال يصدق باألمور‬
‫الروحانية يعترب أن هذه خرافات من يؤمن بها هو جاهل‪ ،‬وتلك وجهة نظره‬
‫‪ )2‬القيامن‪ :‬القوم‬
‫‪ )3‬الغرضا يف ثقافة الخلوة عند الصوفية رمز للخلوة‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫و�شاعر ال�سمانية حممد البدوي ال�شاعر املخ�ضرم املجيد فقد �أجادت قريحته ب‬
‫«�سالم اهلل عليك يا فار�س تلوب الليل»‬
‫‪4‬‬
‫ي�����ا االس�����م�����ك ع�����م ل�ب�رت���ا‬ ‫‪3‬‬
‫س��ل�ام ال���ل���ه ع��ل��ي��ك ي���ا ف����ارس‬
‫‪5‬‬
‫ودي���������������ار س�����أول�����ي�����ل‬ ‫ت����������ل����������وب ال������ل������ي������ل‬
‫شني ما تسوي راجياك الحاكية قبيل‬ ‫أب جدا‪ 6‬مرابط فوق مشاريع النيل‬
‫منو الزي جدك الطيب صفا وإخالص‬ ‫منو الزي جدك الطيب بني العباس‬
‫منو الزي جدك الطيب تعرفو الناس‬ ‫منو ال��زي ج��دك الطيب رش��د لفاس‬
‫تشهدلو الرجال أهل النفوس الطاهرا‬ ‫بتعرفو الرجال اهل الليايل الساهرا‬
‫الطيب آم�ين حركة بحورا زاخ��را‬ ‫بتعرفوا الرجال الفائزة دنيا واخرة‬
‫تشهدلوا الرجال يف الكوفة شام والبرصة‬ ‫منو الزي جدك الطيب قدل بالنرص‬
‫اتجزا وفطر عند اربعني‪ 7‬يف مرص‬ ‫طيب ام م��رح املعاجزو ما مخترصا‬
‫‪8‬‬
‫ابليس اللعني من دربو لفا وزاق‬ ‫م��ن��و ال����زي ج���دك وض���ع ميثاقو‬
‫ظ���ه���ر رج��ل��ا ك�ل�ام���و م��ف��ي��د‬ ‫ق��ول لزيد كلم عبيد يف ام عيدان‬
‫ج��اي��ب��ا م���ن س���اف���ل وص��ع��ي��د‬ ‫ال���ش��� ّم���ر ال���ع��� ّم���ر امل��س��ي��د ي��دو‬
‫جدو الغوث مقويهو وموفر جندو‬ ‫سيد ام الرجال كل الرشاب من عندو‬
‫قاموس الكالم سيدو وبيعرف بندو‬ ‫ال��س�ماين م��ن م��ا ت��ب ك���ارب زن��دو‬
‫نحن القولنا فاهمنو بنعرف دفنو‬ ‫قاموس الكالم نحن البنرشح متنو‬
‫قالوا العندو الضهر ما بنرضب يف بطنو‬ ‫يف مثال قبيل رضبو الرجال ما برطنو‬
‫ودالبشري القطب الشهري ال��داين‬ ‫نحن ضهرنا طيب القوم راجل طابتالسامين‬
‫آسياد مرص واقطاب السام السوداين‬ ‫والطيبية واق��ف�ين رسه���م رسي��اين‬

‫‪ )1‬إشارة للقطب الشيخ احمد الطيب بن البشري‪.‬‬


‫‪ )2‬أوردها األستاذ يف األزاهري‪ .‬وهذا الفعل يعرف عند الصوفية بالتطور واستدلوا يف هذا املقام أن ليلة أعرج بالنبي صيل‬
‫الله عليه وسلم كان قد مر بسيدنا مويس وهو يصيل يف قربه وقد كان قد صيل به مع جمع من األنبياء ثم انه يف مقام‬
‫آخر ظهر يكلمه ويراجعة يف أمر الصالة التي فرضت خمسون صالة‪.‬‬
‫‪ )3‬الفارس تفيد الصالبة والشدة يف الوقوف ضد العدو (النفس والشيطان ونجدة املحتاج وللشيخ باع طويل يف هذا املضامر‪.‬‬
‫‪ )4‬إشارة لقبيلة الربتا‪.‬‬
‫‪ )5‬من اجناس الجنوب‪.‬‬
‫‪ )6‬إشارة للشيخ احمد الطيب و الشيخ السامين ود البشري‪.‬‬
‫‪ )7‬كرامة مشهورة أوردها الشيخ عبد املحمود نور الدائم يف أزاهري الرياض‪.‬‬
‫‪ )8‬دارجة عامية تعني انرصف واختفى‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ويف مناذج الق�صائد املختارة هنالك الن�سيب وفيه من �أنواع البديع واجلنا�س والطباق‬
‫واال�شتقاق واالقتبا�س والت�صريح والتلميح ماي�سحر الألباب‪.‬‬
‫فال�شيخ ن َها�ض بالتبعات ق َوام على املعالت ي�ستغرق الوقت يف اهلل وباهلل ويف حل‬
‫امل�شاكل و�إ�صالح ذات البني والإر�شاد وال�سري �إىل اهلل‪ .‬ويف هذه الق�صائد املختارة ثراء‬
‫لغوي عجيب‪.‬‬
‫فكل ق�صيدة لها ق�صة تعرب عنها فمثال ق�صيد ‪�« Sammantel‬سمانتل» من عنوانها‬
‫ف�إنها ت�شري �إىل ع�صر التكنولوجيا وانت�شار و�سائل االت�صال املعا�صرة‪ ،‬فكما قيل �أن ميالد‬
‫املفردة هي حتكي وقتها‪ ،‬وان ال�شاعر يت�أثر مبا يجري من حوله من مظاهر احلياة فقد جاء‬
‫�شاعرنا �سيف الدين �سليمان بهذه الق�صيدة والتي حوت على كثري من الكلمات التي‬
‫تعك�س واقعنا‪ ،‬وزماننا الذي نعي�ش فيه‪ ،‬فا�ستعار ا�سم للطريقة و�سماها ال�شركة «ا�سم‬
‫�شركتنا ال�سمانتل» فجاءت العبارة لتعرب عن واقع اليوم‪« .‬مقرو هناك خدمات و�سجل»‬
‫عبارة ال تخفى على اجلميع �أنها من م�ستلزمات العمل يف ال�شركات‪« .‬لو كنت �أنت قدمي‬
‫بدري مو�صل �أوعاك يا اخوي كب�سك يف�صل»‪« .‬عملت كيبل و�صفو يهول تلفون وجوال‬
‫للمتجوال»‪« .‬فاتورة �شريحة مدى يطول وتقوية فوق واهلل ميول»‪ .‬هذه ال�شركة غاية يف‬
‫النجاح من اجل ذلك فهى وجهة النا�س مبختلف قبائلهم وو�ضعهم االجتماعي» لل�شركة‬
‫النا�س دائما تقبل راكبني عربات وحمري والبل» «عززي وعرزي وعقلي و�سمبل فارما‬
‫وكابوي وتيت�شا و بيوبل»‪.‬‬
‫غي�ض من في�ض‪� ،‬إذ �أن مايزخر به‬ ‫واحلق ان ما جمع يف هذا الكتاب من �أ�شعار هو ٌ‬
‫امل�سيد من �شعراء نظموا الروائع من ال�شعر النبوي وال�صويف يحتاج �إىل جملدات وكتب‬
‫نتطلع لها �أن ترى النور لتن�شر فتقر�أ‪ .‬ولعل هذه هي البداية ق�صدنا منها �إعطاء ملح ٍة من‬
‫ملحات ال�شعر ال�صويف يف هذا الفرع الطيبي ال�سماين الذي قدر له �أن يكون رافد َا قوي َا‬
‫ِ‬

‫‪22‬‬
‫وا�ستمرار َا لتلك النزعة التجديدية التى ابتدارها امل�ؤ�س�س ال�شيخ �أحمد الطيب‪ ،‬و�صو َال‬
‫�إىل احلفيد ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ الب�شري‪ ،‬مرور َا ب�صاحب القدم الرا�سخ القدوة ال�شيخ‬
‫البكري‪ ،‬تتويج َا مبقتفي �أثر اجلدود وحمي الطريقة �سمي اجلد ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ‬
‫البكري �أطال اهلل يف عمره‪.‬‬

‫د‪ .‬عبد اجلليل عبد اهلل �صالح‬


‫�أم عيدان‬
‫‪2018-6-16‬م‬

‫‪23‬‬
‫ماهو الت�صوف؟‬
‫�إن العلماء وال�صوفية تن�أولوا الت�صوف بتعريفات �شتى تزيد على املائتني‪ .‬قال القا�ضي‬
‫�شيخ الإ�سالم زكريا الأن�صاري رحمه اهلل تعاىل‪ :‬الت�صوف علم تعرف به �أحوال تزكية‬
‫النفو�س‪ ،‬وت�صفية الأخالق وتعمري الظاهر والبـاطن لنيـل ال�سعادة الأبدية (على هام�ش‬
‫«الر�سالة الق�شريية» �ص‪ 7‬تويف �شيخ الإ�سالم زكريا الأن�صـاري �سـنة ‪929‬هـ‪ .‬ويقول‬
‫ال�شيخ �أحمد زروق رحمه اهلل‪ :‬الت�صوف علم ق�صد لإ�صالح القلوب‪ ،‬و�إفرادها اهلل تعاىل‬
‫عما �سواه‪ .‬والفقه لإ�صالح العمل‪ ،‬وحفظ النظام‪ ،‬وظهور احلكمة بالأحكام‪ .‬والأ�صول‬
‫«علم التوحيد» لتحقيق املقدمات بالرباهني‪ ،‬وحتلية الإميان بالإيقان‪ ،‬كالطب حلفظ‬
‫الأبدان‪ ،‬وكالنحو لإ�صالح الل�سان �إىل غري ذلك («قواعد الت�صوف» قاعدة ‪�13‬ص ‪ 6‬لأبي‬
‫العبا�س �أحمد ال�شهري بزروق الفا�سي‪ ،‬ولد �سنة ‪846‬هـ مبدينة ف�أ�س‪ ،‬وتـويف �سـنة ‪899‬هـ‬
‫يف طرابل�س الغرب‪ .‬قال �سيد الطائفتني الإمام اجلنيد رحمه اهلل‪ :‬الت�صوف ا�ستعمال‬
‫كل خلق �سني‪ ،‬وترك كل خلق دين) «الن�صرة النبوية» لل�شيخ م�صطفى املـدين �ص‪.22‬‬
‫تويف الإمام اجلنيد �سنة ‪297‬هـ‪ .‬وقال بع�ضهم‪ :‬الت�صوف كله �أخالق‪ ،‬فمن زاد عليك‬
‫بالأخالق زاد عليك بالت�صوف «الن�صرة النبوية» لل�شـيخ م�صطفى املدين �ص‪،22‬تويف‬
‫الإمام اجلنيد �سنة ‪297‬هـ‪.1‬‬

‫‪ )1‬عبد القادر عيىس‪ .‬حقائق عن التصوف‪ .‬حلب ‪2001‬م‬

‫‪25‬‬
‫(�أعلموا رحمكم اهلل تعاىل �أن امل�سلمني بعد ر�سول اهلل مل يت�سم �أف�ضلهم‬
‫يف �أجيالهم بت�سمية علم �سوى �صحبة ر�سول اهلل �إذ ال ف�ضيلة لهم فوقها فقيل‬
‫لهم‪( ،‬ال�صحابة)‪ ،‬وملا �أدركهم �أهل الع�صر الثاين �سمي من �صحب ال�صحابة‬
‫(التابعني)‪ ،‬ور�أوا ذلك �أ�شرف �سمة‪ ،‬ثم قيل ملن بعدهم (�أتباع التابعني)‪ ،‬ثم �أختلف‬
‫النا�س وتباينت املراتب‪ ،‬فقيل خلوا�ص النا�س ممن لهم �شدة عناية ب�أمر الدين (الزهاد‬
‫والعباد)‪ ،‬ثم ظهرت البد وح�صل التداعي بني الفرق فكل فريق �أدعوا �أن فيهم زهادا‪،‬‬
‫فانفرد خوا�ص �أهل ال�سنة املراعون �أنفا�سهم مع اهلل تعاىل احلافظون قلوبهم عن طوارق‬
‫الغفلة با�سم (ال�صوفية) وا�شتهر هذا اال�سم له�ؤالء الأكابر قبل املائتني من الهجرة‪.1‬‬
‫وهكذا يتبني لنا �أن الت�صوف ن�ش�أ مع الإ�سالم وولد معه‪ ،‬لأنه جزء منه ولي�س ب�شيء‬
‫زائد عليه بل هو التطبيق العملي واجلانب الروحي منه‪ ،‬وهو ال ميت ب�صلة �إىل ما يقوله‬
‫�أعداء الإ�سالم عنه �أنه م�أخوذ عن الأمم الأخرى‪ ،‬بل ما هو يف واقع الأمر �إال حال النبي‬
‫و�آله والقرون الثالثة الأوىل امل�شهود لها باخلريية‪ ،‬وما ال�صويف �إال امل�سلم الذي يكون يف حاله‬
‫مع اهلل ومع النا�س �أقرب �شئ �إىل ما كان عليه النبي عليه ال�صالة وال�سالم و�صفوة �أ�صحابه‪  .‬‬
‫وقد �أورد العلماء تعريفات عديدة مل�صطلح الت�صوف‪،‬وبالرغم من اختالف تعريفاته �إال‬
‫�أنها كلها ت�صب يف معني واحد هو تزكية النف�س‪.‬ف�إذا كان لنا �أن جنري مقارنة حتى تتميز‬
‫الأمور‪ ،‬لأنه بذلك تتبني الأ�شياء‪ ،‬فلنقل مع �أبي حامد الغزايل‪� :‬إن علم املعاملة ينق�سم‬
‫�إىل علم ظاهر وعلم باطن‪ ،‬فعلم الظاهر هو �أعمال اجلوارح وعلم الباطن هو �أعمال القلوب‪،‬‬
‫والوارد على القلوب‪ -‬التي هي بحكم االحتجاب عن احلوا�س من عامل امللكوت‪� -‬إما‬
‫حممود �أو مذموم‪ .‬فالت�صوف هو النظر لأحوال القلوب‪ ،‬كما �أن النظر لأحوال �أعمال‬
‫اجلوارح �سمي فقها �إذ الفقه هو العلم بالأحكام ال�شرعية الفرعية امل�ستنبطة من �أدلتها‬
‫‪ )1‬الشيخ السيد يوسف السيد هاشم الرفاعي‪ .‬الصوفيــة والتصــوف يف ضوء الكتاب والسنـة‪( .‬الكويت) الطبعة‬
‫األوىل‪.1999‬‬

‫‪26‬‬
‫التف�صيلية‪ .‬وال ينبغي التوقف عند اال�سم والعنوان فال م�شاحة يف اال�صطالح‪ ،‬والأ�سماء‬
‫�إمنا تعترب بح�سب حمتواها وفحواها عند �أهلها ف�إذا كان هذا املحتوى ح�سنا كانت الأ�سماء‬
‫‪1‬‬
‫ح�سنة والعك�س �صحيح‪ .‬ولعل ذلك مندرج يف قوله تعاىل (وعلم �آدم الأ�سماء كلها)‪.‬‬
‫وميكننا تلخي�ص الت�صوف يف‪:‬‬
‫التاء‪ :‬توبة‬
‫وال�صاد‪� :‬صفاء‬
‫والو�أو‪ :‬والية‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫والفاء‪ :‬فناء‬
‫فما هو فحوى الت�صوف وما هو حمتواه؟ �إنه‪� :‬صدق التوجه �إنه الإح�سان الذي هو اجلزء‬
‫الثالث من �أجزاء هذا الدين‪ ،‬والذي كان حديث جربيل فيه يعترب در�س مراجعة ملا در�سه‬
‫ال�صحابة يف الع�شرين �سنة ال�سابقة‪ .‬فقد جاء جربيل عليه ال�سالم ي�س�أل امل�صطفى ‬
‫حتى يلخ�ص ر�سالته العظيمة يف الإ�سالم والإميان والإح�سان‪.‬والإح�سان كمال ال حدود له‪،‬‬
‫وت�سام ال �سقف له فهو �شعور باحل�ضور وال�شهود مقارنا للعبادة‪ ،‬فال العبادة يف نف�سها متثل‬
‫الإح�سان‪ ،‬وال ذلك ال�شعور املت�سامي وال�شهود املتعايل ميثل الإح�سان حتى يجتمعا معا‪،‬‬
‫وكانت كلمته عليه ال�صالة وال�سالم �إعجازا «�أن تعبد اهلل ك�أنك تراه»‪ ،‬وهو يخاطب الأمة‬
‫من خالل الروح الأمني الذي كان ي�صدقه يف كل ما يقول ولهذا عجب ال�صحابة من هذا‬
‫الطالب الغريب الذي ي�صدق الأ�ستاذ‪« :‬عجبنا له ي�س�أله وي�صدقه» واملفرو�ض �أنه ال يعرف ما‬
‫ي�س�أل عنه‪� .‬إن ت�صديقه له دليل على �أنه على علم مبا ي�س�أل عنه‪.‬‬
‫واملعنى الذي �أ�شرت �إليه وهو مقارنة العبادة لل�شهود و�إن كان غري متد�أول فقد �أ�شار‬
‫‪1)http://www.binbayyah.net/portal/research/622‬‬
‫‪)2‬التصوف وارتباط األصل بالعرص ص‪14 -‬‬

‫‪27‬‬
‫بع�ضهم �إليه ك�سيدي �أحمد زروق يف القاعدة حيث �أ�شار �إىل التالزم بني العلم والعمل‬
‫قائال‪ :‬وقد عرف �أن الت�صوف ال يعرف �إال مع العمل به فاال�ستظهار به دون عمل تدلي�س‪،‬‬
‫فالعمل �شرط كماله‪ ،‬وقد قيل‪ :‬العلم بالعمل ف�إن وجده و�إال ارحتل‪.‬‬
‫ويتمثل هدف الت�صوف يف تزكية الب�شرية وتطهريها من الدن�س والرج�س بق�صد‬
‫الو�صول بها �إيل احل�ضرة العلوية وحتقيق ال�سعادة الأبدية‪.‬‬
‫ح�سن العمل واالت�صاف مبقت�ضى خطاب اهلل عز وجل ور�سوله‬ ‫فمن بلغ ثمرة ِ‬
‫امل�صطفى ذوقاً وحتققا‪ ،‬فهو ال�صويف‪ .‬فال ي�سمى �صوف ًّيا �إال َمن و�صل �إىل رتبة عني اليقني‪،‬‬
‫تعبد َ‬
‫اهلل ك�أنك تراه‪،‬‬ ‫قال ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�آله و�صحبه و�سلم‪( :‬الإح�سان‪� :‬أن َ‬
‫ف�إن مل تكن تراه ف�إنه يراك)‪ .‬رواه �أحمد والبخاري وم�سلم وابن ماجه عن �أبي هريرة‪،‬‬
‫ورواه الن�سائي عن �أبي هريرة و�أبي ذر معا‪.‬‬
‫�أما َمن واالهم و�سار يف طريقهم جمتهدا ومل يبلغ بعد مرتب َة عني اليقني فهو مت�صوف‪،‬‬
‫يكمل اجتها ُده فيال�سري ب�سريِهم فهو املت�شبه بهم‪ .‬قال‬
‫لي�س ب�صويف‪ .‬و�أما َمن واالهم ومل ُ‬
‫بقوم فهو منهم) رواه �أحمد و�أبو د�أود‬‫�صلى اهلل عليه و�آله و�صحبه و�سلم‪َ ( :‬من ت�ش َّبه ٍ‬
‫والن�سائي واحلكيم الرتمذي والبيهقي يف �شعب �إال ميان والطرباين وعبد ابن حميد‬
‫وابن �أبي �شيبة والبزار‪ .‬قال الإملام عبد اهلل بن �أبي بكر العيدرو�س يف كتابه الكربيت‬
‫الأحمر‪ :‬ال�صويف‪ :‬ال�سالك الوا�صل‪ .‬واملت�شبه‪ :‬املتم�سك بالطريق احملي هلم‪ .‬ومت�ش ِّبه‬
‫أحب قوماً كان منهم‪ ،‬ويف احلديث ال�صحيح‪( :‬املر ُء مع َمن �أحب)‪.1‬‬ ‫و َمن � َّ‬
‫معنى الت�صوف ا�صطالحاً‪�:‬إذا �أردنا �أن نعرف الت�صوف يف اال�صطالح فال بد مـن‬
‫الرجـوع �إىل �أقـوال ال�صوفية يف ماهية الت�صوف وكذلك �أقوال �أ�صحاب الطرق‪ .‬ومنـذ‬
‫ن�ش�أة ال�صوفية �إىل يومنا هـذا حـدث يف الت�صـوف ت�شعبات كثيـرة وانحرافات عن منهج‬
‫‪ http://chechnyaconference.org/material/chechnya-‬ماهية التصوف وسامت أهله متوفر عيل الرابط )‪1‬‬
‫‪convention2016-what-is-sufism.pdf‬‬

‫‪28‬‬
‫الأوائـل وكثـرت �أقوالهم فـي حقيقـة الت�صوف �إىل ما يزيد على �ألف قول‪ ،‬وكل قول‬
‫مـن هـذه الأقـوال ي�شيـر �إىل �أهم جانب يف الت�صوف عند قائله �سواءبالنظر �إىل الطريقـة‬
‫�أو اخللق �أو الغاية‪� ،‬أو بالنظـر �إىل حاجـة ال�صوفــي �أو مـن حوله وبالنظر �إىل حاله واخلط�أ‬
‫الذي يريد �أن يقومه وال تخلو �أقوالهم مـن جانــبفي اجلوانـب التاليـة(‬
‫الت�صوف مبعنى الزهد‪:‬قال �سمنون‪ :‬الت�صوف �أن ال متلك �شيئاً وال ميلكك �شيء‪.‬‬
‫(وقال معرو�ض الكرخي‪ :‬الت�صوف الأخذ باحلقائق والي�أ�س مما يف �أيدي اخلالئق)وقال‬
‫النوري‪ :‬الت�صوف من ال يتعلق ب�شي ٍء وال يتعلق به �شيء‪.‬‬
‫وقال ذو النون امل�صري‪ :‬ال�صويف من ال يتعبه طلب وال يزعجه �سلب‪-‬الت�صوف مبعنى‬
‫الأخالق‪:‬قال �أبو حممد اجلريري‪ :‬الت�صوف الدخول يف كل خلق �سني واخلروج من‬
‫كل خلـق دنى‪ - .‬وقال الكتاين‪ :‬الت�صوف خُ لق فمن زاد عليك يف ا ُخللق زاد عليك يف‬
‫ال�صفاء) الت�صوف مبعنى ال�صفاء‪ :‬قال �سهل بن عبد اهلل‪ :‬ال�صويف من �صفا من الكدر‪،‬‬
‫وامتلأ من الفكر‪ ،‬وانقطع �إىل اهلل عن الب�شر وا�ستوي عنده الذهب واملدر ‪ -‬وقال ب�شر‬
‫احلايف‪ :‬ال�صويف من �صفا اهلل قلبه‪ .‬وقال ال�شبلي‪ :‬الت�صوف اجللو�س مع اهلل بال هم‪.‬‬
‫الت�صوف مبعنى املجاهدة‪ - :‬قال اجلنيد‪ :‬الت�صوف عنوة ال �صلح فيها‪ .‬واملراد بالعنوة اجلد‬
‫والتعب واملراغمة‪ .‬وقال عمرو بن عثمان املكي‪ :‬الت�صوف �أن يكون العبد يف كل وقت‬
‫مبا هو �أوىل بـه‪ .‬يف الوقت‪.‬‬
‫الت�صوف التزام بال�شريعة‪ :‬قـال «لـو قال �أبو حف�ص‪ :‬ح�سن �آداب الظاهر عنوان‬
‫ح�سن �آداب الباطن لأن النبي خ�شع قلبه خل�شعت جوارحه»‪.‬‬
‫وقال اجلنيد‪ :‬الت�صوف بيت وال�شريعة بابه‪ .‬وقال حممد بن �أحمد املقرئ‪ :‬الت�صوف‬
‫ا�ستقامة الأحوال مع اهلل‪ - .‬وقال �أبو عمر بن اجلنيد‪ :‬الت�صوف ال�صرب حتت الأمر والنهي‬
‫الت�صوف مبعنى الت�سليم الكامل اهلل‪ - :‬قال الأ�ستاذ �أبو �سهل ال�صعلوكي‪ :‬الت�صوف‬

‫‪29‬‬
‫الإعرا�ض عن االعرتا�ض‪ - .‬وقال رومي‪ :‬الت�صوف ا�سرت�سال النف�س مع ااهلل تعاىل على‬
‫ما يريده‪ - .‬وقال �أبو يعقوب املزايلي عن الت�صوف‪ :‬حال ت�ضمحل فيه معامل الإن�سانية‪.‬‬
‫الت�صوف مبعنى الإخال�ص «الغاية وجه اهلل «‪ :‬قال اجلنيد‪ :‬الت�صوف �أن تكون مع اهلل‬
‫تعاىل بال عالقة‪ - .‬وقال ذو النون امل�صري‪� :‬أهل الت�صوف هم قوم �آثروا اهلل عز وجل‬
‫على كل �شـيء‪ ،‬ف�آثرهم اهلل على كل �شيء‪ - .‬وقال �أبو احل�سني النوري‪ :‬الت�صوف ترك‬
‫ن�صيب النف�س جملة ليكون احلق ن�صيبها‪ .‬الت�صوف مبعنى االرتباط الروحي بااهلل‪ :‬قال‬
‫�أبو ن�صر احل�صري‪ :‬ال�صويف الذي ال تقله �أر�ض وال تظله �سماء‪.‬وقال �أبو احل�سن اخلرقاين‪:‬‬
‫لي�س ال�صويف مبرقعته و�سجادته‪ ،‬وال بر�سـومه وعاداتـه بل ال�صويف من ال وجود له‪ .‬و ُن�سب‬
‫�إىل اجلنيد قوله‪ :‬الت�صوف هو �أن مييتك احلق عنك ويحييك به‪ .‬الت�صوف ترك التكلف‬
‫وال�شكليات‪ :‬قال اجلنيد‪� :‬إذا ر�أيت ال�صويف يعنى بظاهره فاعلم �أن باطنه خراب‪.‬‬
‫وقال حماد الدينوري‪ :‬الت�صوف �أن تظهر الغنى و�أن تـ�ؤثر �أن تكـون جمهـو ًال حتـى‬
‫ال يعرفك اخللق و�أن تكف عن كل ما ال خري فيه‪ .‬الت�صوف مبعنى الطريق املخ�صو�ص‬
‫لل�سالكني‪ - :‬قال اجلنيد‪ :‬ال�صوفية هم �أهل بيت واحد‪ ،‬ال يدخل فيهم غريهم‪ - .‬وقال‬
‫�أبو �سليمان الداراين‪ :‬الت�صوف �أن جتري على ال�صـويف �أعمـال ال يعلمهـا �إال احلق و�أن‬
‫يكون دائماً مع احلق على حال ال يعلمها �إال هو‪.1‬‬
‫مو�ضوع الت�صوف وثمرته‬
‫�إن غاية الت�صوف �أن يرتقي بالإن�سان �إىل تهذيب ال�سلوك الإن�ساين‪ ،‬وكيفية ال�سـمو‬
‫واالرتقاء بالنف�س الب�شرية بالتزكية والت�صفية‪ ،‬عن طريق عالج �أمرا�ض القلوب‪ ،‬وت�صـحيح‬
‫املفاهيم والت�صورات‪ ،‬وتقومي اجلوارح وفق �ضوابط ال�شريعة‪ ،‬وال�سـمو الأخالقـي عـن‬
‫ملذات الدنيا و�شهواتها للفوز بر�ضي اهلل تعاىل‪ ،‬ونيل �سعادة الدارين‪ .‬وي�سعى املت�صوف‬
‫‪)1‬محمود يوسف الشوبيك‪ .‬مفهوم التصوف وأنواعه يف امليزان الرشعي‪ .‬مجلة الجامعة اإلسالمية – املجلد العارش‪ ،‬العدد‬
‫الثاين‪ ،‬ص ‪– 355‬ص‪ .428،200‬متوفرة عىل الرابط ‪pdf.http://elibrary.mediu.edu.my/books/MAL02647‬‬

‫‪30‬‬
‫�إىل الو�صول �إىل مرتبة املراقبة و�إىل مرتبة الإح�سـان حتـى يكون رقيبه منه ورقيبه فيه‬
‫ورقيبه عليه و�أن يعبد اهلل ك�أنه يراه ف�إن مل يكن يـراه فـ�إن اهلل يراه‪.1‬‬
‫الطرق ال�صوفية‬
‫هي مدار�س يف التزكية والرتبية مرتبطة بوا�سطة ال�سند املت�صل‪ ،‬وجميعها تتبنى‬
‫عقيدة �أهل ال�سنة واجلماعة من الأثرية �أو الأ�شاعرة �أو املاتريدية‪ ،‬وتتبع �أحد املذاهب‬
‫الأربعة ال�سنية‪ ،‬واالختالف بينها �إمنا هو يف طريقة الرتبية وال�سلوك �إىل اهلل‪ ،‬حيث تختلف‬
‫الطرق التي يتبعها م�شايخ الطرق يف تربية طالبها ومريديها باختالف م�شاربهم واختالف‬
‫البيئة االجتماعية التي يظهرون فيها‪ ،‬وكل هذه الأ�ساليب ال تخرج عن كتاب اهلل و�سنة‬
‫ر�سوله‪ ،‬بل هي من باب االجتهاد املفتوح للأمة‪ ،‬فقد ي�سلك بع�ض امل�شايخ طريق ال�شدة‬
‫يف تربية املريدين في�أخذونهم بالريا�ضات العنيفة ومنها كرثة ال�صيام وال�سهر وكرثة اخللوة‬
‫واالعتزال عن النا�س وكرثة الذكر والفكر‪ ،‬وقد ي�سلك بع�ض امل�شايخ طريقة اللني يف‬
‫تربية املريدين في�أمرونهم مبمار�سة �شيء من ال�صيام وقيام مقدار من الليل وكرثة الذكر‪،‬‬
‫ولكن ال يلزمونهم باخللوة واالبتعاد عن النا�س �إال قليال‪ ،‬ومن امل�شايخ من يتخذ طريقة‬
‫و�سطى بني ال�شدة واللني يف تربية املريدين‪.‬‬
‫(�أنواع الطرق)‪ :‬توجد ثالثة �أنواع من الطرق وهي‪ :‬طريقة التربك‪ ،‬وطريقة الإر�شاد‪،‬‬
‫وطريقة الرتبية والرتقية‪ ،‬وذلك ح�سب م�ستوى �شيخ الطريقة‪ ،‬ف�شيخ التربك هو الذي‬
‫يبلغ �أوراد الذكر ملن يطلبها ب�إذن م�سند �صحيح‪ ،‬ويقف دوره عند هذا التبليغ‪ ،‬وينال‬
‫الآخذ عنه بركة الن�سبة ل�سل�سلة ال�شيوخ ال�صاحلني املت�صلة بر�سول اهلل  ‪ ،‬كما‬
‫ينال ثواب و�أنوار الأذكار التي يلتزم بها‪ ،‬و�أما �شيخ الإر�شاد فزيادة على تبليغ الأوراد‬
‫ك�شيخ التربك‪ ،‬ي�سعى لإر�شاد تالميذه �إىل مكارم الأخالق ودوام الذكر و�صفاء الباطن‬
‫‪)1‬محمود يوسف الشوبيك‪ .‬مفهوم التصوف وأنواعه يف امليزان الرشعي‪ .‬مجلة الجامعة اإلسالمية – املجلد العارش‪ ،‬العدد‬
‫الثاين‪ ،‬ص ‪– 355‬ص‪ .428،200‬متوفرة عىل الرابط ‪pdf.http://elibrary.mediu.edu.my/books/MAL02647‬‬

‫‪31‬‬
‫وينفث يف قلوب �أهل اال�ستعداد منهم عوارف معارف و�أنوار مقامات‪ .‬ف�شيخ التربك يدل‬
‫على مقام الإ�سالم وغايته علم اليقني والإ�شراف على النف�س املطمئنة‪ .‬و�شيخ الإر�شاد‬
‫ير�شد �إىل مقام الإميان وغايته عني اليقني والإ�شراف على مقامات القلب الرا�ضي املر�ضي‬
‫امل�ستنري بدوام الذكر‪ ،‬و�أما �شيخ الرتبية والرتقية فريفع �إىل مقام الإح�سان م�شاهدة‪  ‬يف‬
‫‪1‬‬
‫مقام «�أن تعبد اهلل ك�أنك تراه»‬
‫الأدب ال�صويف‬
‫ميثل الأدب ال�صويف لونا من �ألوان الأدب الرفيع يحمل يف طياته �أ�سمى معاين‬
‫وخ�صائ�ص ال�سمو الروحي‪ .‬وال�شعر ال�صويف نوع جديد قدمي من �أنواع الأدب الفني‬
‫الذي عرفته املجتمعات الإ�سالمية يف الع�صور املختلفة‪.2‬‬
‫ميكن تق�سيم الأدب ال�صويف �إىل ثالثة �أطوار‪ :‬الطور الأول يبد�أ من ظهور الإ�سالم‬
‫وينتهي يف �أوا�سط القرن الثاين للهجرة؛ «وكل ما بني �أيدينا منه طائفة كبرية من احلكم‬
‫واملواعظ الدينية والأخالق حتث على كثري من الف�ضائل‪ ،‬وتدعو �إىل الت�سليم ب�أحكام اهلل‬
‫ومقاديره‪ ،‬و�إىل الزهد والتق�شف وكرثة العبادة والورع‪ ،‬وعلى العموم ت�صور لنا عقيدة هذا‬
‫الع�صر من الب�ساطة واحلرية‪.‬‬
‫والطور الثاين يبد�أ من �أوا�سط القرن الثاين الهجري �إىل القرن الرابع‪ .‬وهنا يبدو‬
‫ظهور �آثار التلقيح بني اجلن�س العربي والأجنا�س الأخرى‪ ،‬وفيه يظهر ات�ساع �أفق التفكري‬
‫الالهوتي‪ ،‬وتبد�أ العقائد ت�ستقر يف النفو�س على �أثر منو علم الكالم‪ .‬وفيه يظهر عن�صر‬
‫جديد من الفل�سفة‪.‬‬
‫والأدب ال�صويف يف طوريه الأول والثاين �أغلبه نرث‪ ،‬و�إن ظهر ال�شعر قليال يف طوره‬
‫‪1) http://www.dar-eslah.com/index.php/20171780#/55-55-21-04-10-.W8stpfloQdU‬‬
‫‪2)http://www.startimes.com/?t=5868749‬‬

‫‪32‬‬
‫الثاين‪ .‬ويف الطور الثاين هذا يبد�أ تكون اال�صطالحات ال�صوفية وال�شطحات‪.‬‬
‫�أما الطور الثالث في�ستمر حتى نهاية القرن ال�سابع و�أوا�سط القرن الثامن‪ ،‬وهو الع�صر‬
‫الذهبي يف الأدب ال�صويف‪ ،‬غني يف �شعره‪ ،‬غني يف فل�سفته‪� ،‬شعره من �أغنى �ضروب‬
‫ال�شعر و�أرقاها‪ ،‬وهو �سل�س وا�ضح و�إن غم�ض �أحيانا‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد تطور الأدب ال�صويف نرثا و�شعرا‪ ،‬وبلغ ال�شعر ال�صويف ذروته مع ابن العربي‬
‫وابن الفار�ض يف ال�شعر العربي‪ ،‬وجالل الدين الرومي يف ال�شعر الفار�سي‪ .‬ومل يظهر‬
‫ال�شعر ال�صويف �إال بعد �شعر الزهد والوعظ الذي ا�شتهر فيه كثريا �أبو العتاهية‪ ،‬و قد‬
‫ظهر ال�شعر ال�صويف كذلك بعد �شعر املديح النبوي وانت�شار التن�سك والورع والتقوى‬
‫بني �صفوف العلماء والأدباء والفقهاء واملحدثني ك�إبراهيم بن �أدهم‪ ،‬و�سفيان الثوري‪،‬‬
‫ود�أود الطائي‪ ،‬ورابعة العدوية‪ ،‬والف�ضيل بن عيا�ض‪ ،‬و�شقيق البلخي‪ ،‬و�سفيان بن عيينة‪،‬‬
‫ومعروف الكرخي‪،‬وعمرو بن عبيد‪ ،‬واملهتدي‪ .‬ويعني هذا �أن ال�شعر ال�صويف ظهر يف‬
‫البداية عند كبار الزهاد والن�ساك‪ ،‬ثم» �أخذت معامله تت�ضح يف الن�صف الأول من القرن‬
‫الثالث الهجري‪ .‬فذو النون (ت‪245‬هــ) وا�ضع �أ�س�س الت�صوف‪ ،‬ور�أ�س الفرقة لأن الكل‬
‫�أخذ عنه وانت�سب �إليه‪ ،‬وهو �أول من ف�سر �إ�شارات ال�صوفية وتكلم يف هذا الطريق‪.‬‬
‫والأدب ال�صويف هو الأدب الذي �أنتجه الزهاد وال�صوفية مبختلف اجتاهاتها ال�سنية‬
‫والفل�سفية ويبحث يف النف�س الإن�سانية بعمق فل�سفي ي�سعى لتطهري النف�س والروح من‬
‫حب الدنيا وزينتها و�إدخال الطم�أنينة �إليها‪ .‬ويطرح يف �أكمل �صوره الفنية التجريدية‬
‫كوامن النف�س من حب وجمال وقيم �أخالقية ومعرفة‪ .‬ويف م�ضمونه �أي�ضا اخلطوات التي‬
‫يتدرجها ال�سالك ‪ -‬املريد ‪ -‬يف تطهري نف�سه والبلوغ بها مرتبة الك�شف‪ .‬كل ذلك يعك�س‬
‫الروح الدينية العالية عندهم وهو �آما ق�صائد منظمة �أم نرثا فنيا راقي البيان و�أغرا�ضه‬
‫هي‪ :‬االمتداح النبوية ‪ -‬ر�سائل ال�شوق �إىل الأماكن املقد�سة ‪ -‬الأحزاب والأوراد ‪-‬‬

‫‪33‬‬
‫التو�سالت ‪ -‬احلكم ‪ -‬الر�سائل ال�صوفية (املكاتبات ال�سنية) ‪ -‬احلكايات الكرمية ‪� -‬شعر‬
‫الزهد ‪� -‬شعر الت�صوف ال�سني ‪� -‬شعر الت�صوف الفل�سفي‪.1‬‬
‫ال�صوفية وال�شعر‬
‫يعد ال�شعر اقرب الإ�شكال التعبريية للنف�س الإن�سانية‪ ،‬فهو يعرب عن حلظة �شعورية‬
‫متميزة‪ ،‬وهو ال�صورة التي تربز حقيقة الإن�سان كا �إن�سان وحقيقته ك�شاعر الن‪ :‬ال�شاعر‬
‫الينطق بال�شعر �إال عندما ي�شعر بنف�سه‪ ،‬ومبا يحيط به من طبيعة وكون زاخرين باجلمال‬
‫واجلالل ومملوءين بالإحداث واملنا�سبات التي تلح عليه وتدفعه �إىل نظم ال�شعر والنطق به‪.‬‬
‫خ�صو�صا يف‬
‫ً‬ ‫ـعــ ُر و�أكرث فنون القول هيمنة على التاريخ الأدبي عند العرب‪،‬‬ ‫ال�شِّ ْ‬
‫ع�صورها الأوىل؛ ل�سهولة حفظه وتد�أوله‪ .‬وقد �شاركته يف الأهمية بع�ض الفنون الأدبية‬
‫الأخرى كاخلطابة‪ .‬وبعد تطور الكتابة وانت�شارها وات�صال العرب بغريهم‪ ،‬دخلت بقية الفنون‬
‫الأدبية الأخرى‪ ،‬املتمثلة يف النرث ب�أ�شكاله املختلفة لت�ساهم جنبا �إىل جنب‪ ،‬مع ال�شعر يف‬
‫تكوين تراث الأدب العربي‪ .‬و ُي ُّعد ال�شعر وثيقة ميكن االعتماد عليها يف التع ُّرف على‬
‫�أحوال العرب وبيئاتهم وثقافتهم وتاريخهم‪ ،‬ويلخ�ص ذلك قولهم‪ :‬ال�شعر ديوان العرب‪.2‬‬
‫الت�صوف‪ ،‬هو �أعمق التجارب الدينية و�أكرثها انطالقا يف العامل الالنهائي املمتد من‬
‫عامل املح�سو�سات �إىل ف�ضاء احل�ضرة الألهيه‪ .‬والتعبري عن التجربة ال�صوفية �أمر ع�سري‪،‬‬
‫فاللغة التي بتد�أولها النا�س‪ ،‬ال تفى بت�صوير الأحوال واملقامات التي مير بها ال�صويف يف‬
‫عروجه �إىل اهلل‪ ..‬من هنا‪ ،‬جل�أ ال�صوفية للتعبري ال�شعري‪ ،‬ا�ستفادة مبا يحمله ال�شعر من طاقه‬
‫ايحائيه وثوب ف�ضفا�ض يت�سع بع�ض ال�شىء ملعاين الت�صوف الهائلة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬اعتقدت‬
‫دوماً �أن الت�صوف يدرك على نحو �أف�ضل‪ ،‬من خالل �شعر املت�صوفه‪ ،‬الذي هو ان�سب‬
‫‪)1‬الطاهر بونايب‪ .‬نشأة وتطور األدب الصويف يف املغرب األوسط‪ .‬عىل الرابط ‪http://www.syrianstory.com/‬‬
‫‪htm.2-comment32‬‬
‫‪2)http://almontadaaladabi.blogspot.com/20101/12/.html‬‬

‫‪34‬‬
‫طرائق التعبري اللغوي عند القوم‪.1‬‬
‫ي�شكل ال�شعر ال�صويف جز ًءا متمي ًزا من �شعر الرمز الديني املكتوب يف اللغات العربية‬
‫والفار�سية والرتكية والأردية‪ .‬وميكن فهمه من خالل ثنائية الر�ؤية واللغة‪.2‬‬
‫فالقاري لل�شعر ال�صويف‪ ،‬واملتمعن يف جمال لغته وطريقة نظمه‪ ،‬وتنوع �أ�ساليبه‪ ،‬يجد‬
‫�أن لغة الت�صوف يف جماليتها املميزة لها‪ ،‬تخلق وحدة فنية‪ ،‬ومن ثم �شعورية فكرية‪ ،‬ترتفع‬
‫بامل�شاعر‪ ،‬وهي تعرب عن جتربة عرفانية فريدة‪ ،‬تك�شف الداللة عن وعي مرهف وح�س‬
‫وثاب‪ ،‬قائمة على الق�صيدة منفتحة على ت�صور �شديد اخل�صو�صية‪ .‬وب�شكل عام‪ ،‬ف�إن‬
‫ال�شعر ال�صويف �شكل ن�صا لغويا ودالليا خا�صا يف الأدب العربي‪ ،‬خرج باللغة مما �ألفته �إىل‬
‫م�ستوي جديد‪ ،‬ثري بالدالالت والإيحاءات مما �سمح للباحثني والدار�سني �أن يتوجهوا‬
‫‪3‬‬
‫بالبحث فيه م�ستعينني يف ذلك ب�شتى املناهج والإجراءات التي متكنهم من �سرب �أغواره‪.‬‬
‫الت�صوف‪ ،‬هو �أعمق التجارب الدينية و�أكرثها انطالقا يف العامل الالنهائي املمتد من‬
‫عامل املح�سو�سات �إىل ف�ضاء احل�ضرة الإلهية‪ .‬والتعبري عن الرتبية ال�صوفية �أمر ع�سري‪،‬‬
‫فاللغة التي يتد�أولها النا�س‪ ،‬ال يفي بت�صوير الأحوال واملقامات التي مير بها ال�صويف يف‬
‫عروجه �إىل اهلل‪ .‬من هنا‪ ،‬جل�أ ال�صوفية للتعبري ال�شعري‪ ،‬ا�ستفادة مبا يحمله ال�شعر من طاقة‬
‫�إيحائية‪ ،‬وثوب ف�ضفا�ض يت�سع بع�ض ال�شئ ملعاين الت�صوف الهائلة ومن هنا‪ ،‬اعتقدت‬
‫دوماً �أن الت�صوف يدرك علي نح ٍو �أف�ضل‪ ،‬من خالل �شعر املت�صوفة‪ ،‬الذي هو �أن�سب‬
‫طرائق التعبري اللغوي عند القوم‪.4‬ال�شعر ربيع �أرواح ال�صوفية وظاللهم بالغدو والآ�صال‬
‫يتنقلون فيه من رو�ض �إىل رو�ض �إنه �سل�سبيل يتدفق يف �أذانهم ووجدانهم يهتزون ملا فيه‬
‫‪ )1‬يوسف زيدان‪ .‬شعراء الصوفية املجهولون‪ .‬دار الجيل بريوت‪ – 1996 .‬ص‪7-‬‬
‫‪2)http://almontadaaladabi.blogspot.com/20101/12/.html‬‬
‫‪ 3‬بولعشارمرسيل‪ .‬الشعر الصويف يف ضوء القراءات النقدية الحديثة‪ .‬أطروحة دكتوارة مقدمة لكية األداب جامعة‬
‫وهران‪ ،2015 .‬ص ‪9‬‬
‫‪ )4‬يوسف زيدان‪ .‬شعراء الصوفية املجهولة‪ .‬دار الجيل‪ -1996 -‬ص‪7 -‬‬

‫‪35‬‬
‫من التطريب وتغريد ذلك لأنهم �أهل ذوق خا�ص و�أرباب �صف روحي وح�س و�صبايات‬
‫وجدانية يتذوقون العبارة اللماحة واملعنى الذي يدق فهمه على الألباب‪ .‬وقل �أن جتد‬
‫�صوفيا ال يقول ال�شعر �أو يطرب لل�شعر �إن�شادا وترجيعا‪ .‬و�شعر ال�صوفية تغلب عليه هواتف‬
‫الإلهام ال مقاطع الأوزان فهي تراتيل �أ�سرار القلوب قبل �أن يكون قوالب و�ألفاظا ملئية‬
‫باحلركة واجلر�س احل�سي‪.1‬‬
‫َخ رِ َب ال�صوفي ُة منذ وقت مبكر �إمكانات ال�شِّ عر‪ ،‬ال يف التعبري عن مواجدهم فح�سب‪،‬‬
‫بل ويف �إنتاج معرفة بالوجود وبالإن�سان كذلك‪ .‬ف ُهم بهذا �أ�صحاب ذوق‪ ،‬و�أهل �شعر‪،‬‬
‫ن�صيب يف �إحياء قلوبهم‬
‫ي�صعب عليهم �أن يعي�شوا جتاربهم الروحية دون �أن يكون لل�شعر ٌ‬
‫الظامئة‪ ،‬ونفو�سهم ِّ‬
‫املتعط�شة‪ ،‬و�أرواحهم التي تطرب ملعاين الق�صائد الرقيقة‪.‬‬
‫نزع ال�صوف ّية منذ ظهورهم �إىل التعبري عن جتاربهم ومواجيدهم م ّتخذين من ال�شعر‬
‫و�سيلة لهم‪ ،‬وملّا كانت لغة ال�شعر موحية يف ت�صويرها لتلك التجارب الروح ّية كان ُج ّل‬
‫ال�صوف ّية‪� ،‬إنْ مل نَقُلْ ك ّلهم‪� ،‬شعراء يجيدون الفنون ال�شعر ّية و�أغرا�ضها‪ ،‬ممتطني لغتهم الرمز ّية‬
‫كخ�صو�ص ّية م ّيزت �أ�شعارهم‪ .‬ولو دقّقنا النظر يف مظاهر ال�شعر ومم ّيزاته ولغته ونظرنا �إىل مظاهر‬
‫ال�صوف ّية و�سلوكهم وجتاربهم الروح ّية والأدب ّية لوجدنا عالقات وطيدة وتداخال بينهما‪.‬‬
‫أهم العالقات التي تربط بني ال�شعر والت�ص ّوف ؟‬ ‫فما هي � ّ‬
‫للإجابة على هذا ال�س�ؤال ال ّبد �أن ن�شري �إىل ر�ؤية ال�صوف ّية �إىل الوجود عموما وعالقته‬
‫كل من الإلهام و الرمز ال�صو ّيف‪ ،‬ونناق�ش يف العر�ض عالقة ال�شعر‬ ‫باخليال‪ّ ،‬ثم معرفة ٍّ‬
‫باخليال والإلهام والرمز ال�صو ّيف‪.‬‬
‫�أ‪ /‬الوجود واخليال عند ال�صوف ّية‪:‬‬
‫يق�سمون الوجود �إىل ُم ْطلق‪ ،‬وهو‬
‫خا�صة للوجود و عالقته باخليال‪َ ،‬ف ُه ْم ّ‬
‫لل�صوف ّية ر�ؤية ّ‬
‫‪1)http://www.nafahat7.net/index.php?page=soufisme_lettre‬‬

‫‪36‬‬
‫وامل�سمى(بالوجود املمكن)‪،‬‬ ‫وي�سمى(الوجود الواجب)‪ ،‬و�آخر مق ّيد‪ّ ،‬‬ ‫للحق �سبحانه ّ‬ ‫�صفة ّ‬
‫وهو �صفة للخلق واملوجودات‪ .‬والذات الإله ّية مطلقة حمجوبة عن اخللق‪ ،‬وملّا �أراد اهلل �أن‬
‫ي�سمى (امللكوت (‪،‬‬ ‫يعرف ويعبد جت ّلى للكونواحل�ضرة املتج ّلي فيها غيب ّية روحان ّية‪ ،‬وعاملها ّ‬
‫ويقابله عامل امللك �أو املح�سو�سات‪ ،‬وبني هذين العاملني برزخ وعامله يطلق عليه اجلربوت‬
‫وي�سميه �أهل‬‫قلت وما عامل الربزخ ؟ قلنا‪ :‬عامل اخليال‪ّ ،‬‬ ‫�أو اخليال‪ ،‬يقول ابن عربي «ف�إنْ َ‬
‫الطريق عامل اجلربوت‪ ،‬وهكذا هو عندي «‪ .‬واخليال عند ال�صوف ّية ‪ -‬كما ي�شري ن�صر �أبو‬
‫فيخ�ص اخللق‬ ‫يخ�ص اهلل تعاىل‪� ،‬أ ّما امل ّت�صل ّ‬
‫زيد ‪ -‬له ق�سمان‪ :‬منف�صل وم ّت�صل‪ .‬فاملنف�صل ّ‬
‫إلهي املطلق‪� ،‬أ ّما الثاين ف�صفته �إن�سان ّية‬
‫تخ�ص الوجود ال ّ‬ ‫فقط‪ ،‬لذا فالأ ّول �صفته �إله ّية ّ‬
‫النف�سي للإن�سان‪ .‬فاخليال �إ ًذا من حيث عالقته بعاملَ ّي‬ ‫ّ‬ ‫ي�شمل اجلانب ال�سيكولوجي‬
‫املعاين و املح�سو�سات هو الق ّوة الإله ّية التي ُتظهر املعاين يف �صور املح�سو�سات عن طريق‬
‫الكلبي)‪ .‬وقد ّق�سم ال�صوف ّية اخليال‬
‫ّ‬ ‫التج ّلي (ومثاله ر�ؤية �س ّيدنا جربيل على �صورة دحية‬
‫يركبه يف نف�سه‬ ‫امل ّت�صل �إىل ق�سمني‪ :‬ما ين�ش�أ عن �إرادة وتخ ّيل الإن�سان فهو ق�صدي‪ ،‬وما ّ‬
‫من �أخيلة مثل �صورة �أ�سد بر�أ�س �إن�سان‪� ،‬أو ما ال ين�ش�أ عن تخ ّيل الإن�سان و�إرادته فهو‬
‫عفوي ك�صور الر�ؤى والأحالم‪.‬‬
‫ّ‬
‫ب‪ /‬ال�شعر وعالقته باخليال ال�صو ّ‬
‫يف ‪:‬‬
‫على �ضوء ر�ؤية ال�صوف ّية للخيال‪ ،‬هل ميكننا �أن جند تداخال بني ال�شعر و اخليال‬
‫ال�صو ّيف ؟ ف�إن حتقّق ذلك‪ ،‬فب� ٍّأي يتع ّلق ال�شعر ؟ �أباخليال املنف�صل �أم امل ّت�صل ؟‬
‫اخلا�ص باحلقائق الإله ّية واخليال امل ّت�صل‬
‫انطالقا من متييزنا بني اخليال املنف�صل ّ‬
‫اخلا�ص بامل�شاعر الإن�سان ّية الإراد ّية وغري الإراد ّية ندرك �أنّ ال�شعر يتع ّلق باخليال امل ّت�صل‬
‫ّ‬
‫لأ ّنه ي�شمل امل�شاعر الداخل ّية (جانب النف�س و الأحالم)‬
‫وفكرة عالقة ال�شعر بالنف�س و م�شاعرها قدمية‪ ،‬فال�شاعر يعبرّ عن م�شاعر الفرح واحلزن‬

‫‪37‬‬
‫ح�سان ي�ص ّور‬
‫واالعتذار والفخر‪ ...‬الخ بوا�سطة خياله امل�ص ّور لتلك امل�شاعر‪ ،‬و�إليك قول ّ‬
‫تع ّلقه بر�سول اهلل �ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم‪:‬‬
‫و�أح�سن منك لــم تر ق َّط عيني ‪     ‬و�أجمل منك مل تلد الن�سـاء‬
‫‪1‬‬
‫قـت مـ ّرب ًءا من ّ‬
‫كـل عـيـب ‪     ‬كـ�أ ّنك قـد خلقت كمـات�شــاء‬ ‫خُ ِل َ‬
‫ال�شعر و عالقته بالإلهام ال�صو ّ‬
‫يف‪:‬‬
‫�أ‪ /‬الإلهام ال�صو ّيف‪� :‬إنّ احلقيقة الواحدة هي معرفة اهلل‪ ،‬وتنطلق من معرفة النف�س‪ ،‬ف�إن‬
‫ين الذي‬ ‫َ�صف َْت روح الإن�سان ف�إ ّنها تكون قابلة للأخذ من احلقّ ‪ ،‬فتكون حم ّال للإلهام الر ّبا ّ‬
‫ي�صل �إىل حالة الفناء‪ ،‬حينها يتلقّى قلب العارف الواردات‪ ،‬وهي املعاين الواردة على القلب‬
‫امل ّت�صفة باخلري‪ .‬ف َت َج ُّر ُد العارف من �صفاته الب�شر ّية وحتقّقه بال�صفات الإله ّية ُيحدث ا ّت�ساعا‬
‫لطاقاته الروح ّية �إذ ي ّت�سع جمال تلك ال�صفة �إىل �أق�صى احلدود بح�سب مقام �صاحبها فتخرق‬
‫له العادات‪ .‬وقد �ضرب اهلل لنا مثاال للإلهام ب�س ّيدنا مو�سى والعبد ال�صالح‪.‬‬
‫‪ /1‬وعليه فالإلهام حقيقة يعي�شها ال�صو ّيف وهو م�ستغرق يف ح ّبه ال ّ‬
‫إلهي فتنك�شف له‬
‫احلقائق باهلل في�ستفيد من ّ‬
‫كل العلوم‪.‬‬
‫‪ /2‬ويرى ال�صوف ّية �أنّ م�صادر التلقّي والإلهام على ثالث درجات‪:‬‬
‫متحدثا عن‬
‫�إلهام امل�شايخ‪� :‬إذ ي�ستح�ضر العارف �شيخه في�سعفه‪ ،‬يقول ابن عربي ّ‬
‫الكومي‪« :‬كان من �صدقي يف �صحبته �أنيّ �أمت ّناه يف �شيء‬
‫ّ‬ ‫�شيخه �أبي يعقوب بن يو�سف‬
‫مل�س�ألة تخطر ف�أراه �أمامي‪ ،‬ف�أ�س�أله ويجيبني ّثم ين�صرف‪.‬‬
‫ال�شعري‬
‫ّ‬ ‫�إلهام املالئكة‪� :‬إذ يتلقّى عنهم علوما و�أ�سرارا ومواهب‪ ،‬وت�أ�صيل هذا الإلهام‬
‫حل�سان‪�« :‬أهجم �أو هاجم وروح القد�س معك»‪،‬‬ ‫من قول ر�سول اهلل �ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم ّ‬
‫‪)1‬محمد الغايل نعيمي‪ .‬عالقة التص ّوف بالشعر من حيث التأثري والتأث ّر‪ .‬عىل الرابط ‪http://www.nafahat7.net/‬‬
‫‪index.php?page=soufisme_lettre‬‬

‫‪38‬‬
‫بل وي� ّؤكد ّ‬
‫ح�سان ذلك بقوله‪:‬‬
‫ينتابنا جربيل يف �أبياتنا ‪     ‬بفرائ�ض الإ�سالم والأحكام‬
‫وجند ابن عربي يقول‪:‬‬
‫بي �إذا نزل الروح الأمني على قلبي ‪     ‬ت�ضع�ضع تركيبي وحن �إىل الغيب‬
‫النبي �ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم �أو �سائر الأنبياء واملر�سلني‬
‫النبوي‪� :‬إذ يرى �صاحبه ّ‬ ‫الإلهام ّ‬
‫وي�سمونه (الفتح الأكرب)‪ ،‬فيتلقّى عنه �أو عن طريق الأنبياء الآخرين علوما‬ ‫مناما �أو يقظة‪ّ ،‬‬
‫البخاري ل�س ّيدنا اخلليل عليه ال�صالة وال�سالم)‪،‬‬‫ّ‬ ‫بها‪(،‬ق�صة ر�ؤية �أ ّم الإمام‬
‫ّ‬ ‫و�أ�سرارا ينتفع‬
‫وت�أ�صيل هذا الر�ؤية قوله �ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم‪« :‬من ر�آين يف املنام ف�سرياين يف اليقظة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬ال�شعر وعالقته بالإلهام ال�صو ّيف‪:‬‬
‫النف�سي لل�شاعر ت�شبه تقريبا حالة الفناء عند ال�صو ّيف لأنّ ال�شاعر‬
‫ّ‬ ‫�إنّ مرحلة الت�أ ّمل‬
‫يح�ضر الق�صيدة‪ ،‬كذلك ال�صو ّيف يفنى عن الوجود‬ ‫يغيب حلظة عن نف�سه وحميطه ح ّتى ّ‬
‫ونف�سه مب�شاهدة احلقائق‪ .‬وعليه ف�إنّ ّ‬
‫لكل �شاعر ت�أ ّمال وفج�أة تنقدح له الفكرة فين�ش�أ يف‬
‫النف�سي‪ ،‬وعند االنتهاء من نظم ق�صيدته يرجع‬‫ّ‬ ‫جت�سيد فكرته عن طريق �إمالءات خياله‬
‫ال�شعري ت�شبه مرحلة الفناء‬
‫ّ‬ ‫�إىل عامله (مرحلة العودة)‪ ،‬فنجد مرحلة الت�أ ّمل واالنقداح‬
‫والتلقّي‪ ،‬ومرحلة جت�سيد الفكرة ت�شبه مرحلة التلوين والتمكني‪ّ � ،‬أي انتقال العارف من‬
‫مقام �إىل مقام ّثم متك ّنه من مقامه‪� ،‬أ ّما مرحلة العودة فهي نف�سها مرحلة العودة عند ال�صو ّيف‪.‬‬
‫فال�شعر والت�صوف حقالن متقاربان يف عامل معريف و�أحد‪ ،‬هو عامل الروح املتخفي‬
‫وراء عامل الواقع‪� ،‬إنهما ي�صدران عن جتربة روحية للعامل‪ ،‬فهما يلتقيان يف الأ�سلوب �أي‬
‫يف ال�صورة والإيقاع واللغة‪ .‬فالن�ص ال�صويف مثل الن�ص ال�شعري يتميز ب�صدق التجربة‬
‫لكونها وليدة معاناة‪ ،‬ذلك الن ال�صويف عا�شق ينف�س عن م�شاعره بكلمات تت�سم بالرمزية‬

‫‪39‬‬
‫التي تفر�ضها طبيعة املعاين الروحية‪ ،‬فهو ال يعرب بلغة العموم‪ ،‬بل يلج�أ �إىل لغة اخل�صو�ص‪،‬‬
‫فالتجربتان (ال�صوفية وال�شعرية) مرتبطتان‪ ،‬غري �أن ال�شاعر قد ال يكون مت�صوفا وال يلزمه‬
‫ان يكون مت�صوفا‪ ،‬ولكن ال�صويف ال يبعد ان يكون �شاعرا‪ .‬فال�صويف هو �شاعر �سواء نظم‬
‫القول �أو نرثا‪ ،‬ف�أداة االدراك عنده هي نف�سها و�سيلة ال�شاعر‪ ،‬فكليهما يعتمدان على‬
‫‪1‬‬
‫الباطن‪ ،‬مما جعل لغتهما خمتلفة عن اللغة العادية‪.‬‬
‫ال�شعر ال�صويف يف الإ�سالم ومراحله‪:‬‬
‫ومن�ش�أ املديح الأول معروف يرجع �إىل عهد ر�سول اهلل ‪ ،‬فقد اثيتت كتب‬
‫ال�سرية مدح �أبي طالب و�أبي بكر وكعب بن زهري وح�سان بن ثابت وغريهم له ‬
‫وهو �شاهد واقرهم عليه بل و�أثايهم عليه كما ورد يف �إهدائه لربدته لكعب بن زهري ملا قر�أ‬
‫عليه ق�صيدته املعروفة‪:‬‬
‫بانت �سعاد فقلبي اليوم مبتول‬
‫وكيف �أن هذه الربدة ا�شرتاها بعد ذلك بع�شرات ال�سنني خليفة امل�سلمني مع�أوية ابن‬
‫�أبي �سفيان ر�ضي اهلل عنه بع�شرات الآالف من الدنانري الذهبية‪ .‬ثم �أو�صى من بعد �أن‬
‫جتعل يف كفنه وتدفن معه وهو مايعده بع�ض مبغ�ضي مع�أوية من حيل بني �أمية الكثرية‬
‫ودخولهم على الدين من مداخل االحابيل والدهاء‪.‬‬
‫وكل فن يبد�أ يف من�شئه الأول متعرثا ثم ينه�ض بالتطوير والإ�ضافة والإبداع اجلديد‪:‬‬
‫لكني �أرى �إن فن مديح ر�سول اهلل  قد ولد ناه�ضا قويا من �أول يوم‪ .‬وما ذاك‬
‫�إال للحب العظيم النائط ب�شغاف قلوب حمبيه ومادحيه مما جعلهم ينطقون من �أول‬
‫وهلة يكالم غاية يف التجويد ونهاية يف الأحكام‪ .‬و�إذا �شئت فا�ستمع حل�سان بن ثابت‬
‫‪ )1‬بولعشار مرسيل‪ .‬الشعر الصويف يف ضوء القراءات النقدية الحديثة‪ .‬أطروحة دكتوارة مقدمة لكية األداب جامعة‬
‫وهران‪ ،2015 .‬ص ‪.20‬‬

‫‪40‬‬
‫الأن�صاري يقول‪:‬‬
‫وأجمل منك مل تلد النساء‬ ‫وأحسن منك مل تر قط عيني‬
‫‪1‬‬
‫كأنك قد خلقت كام تشاء‬ ‫خلقت م�برا م��ن ك��ل عيب‬

‫وقد ذكر جماعة منهم ال�شيخ �أبو من�صور ال�صباغ يف كتابه (ال�شامل) احلكاية امل�شهورة‬
‫عن العتبى قال‪ :‬كنت جال�سا عند قرب النبي  فجاء �إعرابي فقال‪ :‬ال�سالم عليك‬
‫يار�سول اهلل‪� ،‬سمعت اهلل يقول‪« :‬ولو �أنهم اذ ظلموا انف�سهم جاءوك فا�ستغفروا اهلل ‪---‬‬
‫رحيما»‪ .‬وقد جئتك م�ستغفرا لذنبي‪ ،‬م�ست�شفعا بك �إىل ربي‪ ،‬ثم ان�ش�أ يقول‪:‬‬
‫فطاب من طيبهن القاع واالكم‬ ‫ياخري من دفنت بالقاع أعظمه‬
‫فيه العفاف وفيه الجود والكرم‬ ‫نفيس الفداء لقرب ان��ت ساكنه‬

‫ظهر يف عهد النبي‪� -‬ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم‪ -‬مناذج حية لل ُّزهد ال�شديد‪ ،‬ممّ ا ا�ستدعى‬
‫انتباه النبي‪� -‬ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم‪ -‬ومن ذلك – مث ًال عبد اهلل بن عمر ي�صو ُم النهار‪،‬‬
‫ويقو ُم الليل‪ ،‬ويختم القر�آن الكرمي كله يف ليلة واحدة‪ ،‬فين�صحه النبي‪� -‬ص ّلى اهلل عليه‬
‫و�س ّلم‪ -‬ويقول له‪�« :‬إن جل�سدك عليك حقاً»وعلى �أيدي التابعني‪� -‬أي�ضاً‪-‬وافتنا ب�شائر‬
‫�شدوا بها يف منا�سبات عبرّ وا بها عن �أحوالهم من تفوي�ض‬ ‫الأدب يف �صورة نثار الأبيات ّ‬
‫�أمورهم �إىل اهلل تعاىل‪ ،‬ومن هذه الب�شائر قول �أبي الأ�سود الد�ؤيل (ت‪ 69‬هـ)‪)6( :‬‬
‫فادع اإلله وأحسن األعامل‬ ‫واذا طلبت من الحواجز حاجة‬
‫فهو اللطيف ملا أراد ف َعال‬ ‫فليعطيك م��ا أراد بقدرة‬
‫بيد اإلل��ه يقلب األح��وال‬ ‫ان العباد وشانهم وامورهم‬
‫لححا تصعضع العباد سواال‬ ‫فدع العباد وال تكن بطالبهم‬

‫ق�سم ع�صور ال�شعر ال�صويف ون�شاطاته و�شيوعه‬ ‫وبعد هذه الإطاللة املوجزة ميكن �أن ُن ّ‬
‫�إىل مراحل زمنية متتالية املرحلة الأوىل – وهي «مرحلة اخلالفة العبا�س ّية وما قبلها بقليل‬
‫�أي (‪ 200-100‬هـ)‪ ،‬وت�شمل القرن الثاين الهجري ب�أكمله‪ ،‬وفيها كان ال�شعر ال�صويف‬

‫‪41‬‬
‫ُيك ّون نف�سه بنف�سه‪ ،‬وينه�ض بتقاليده الفكر ّية والفنية؛ لي�ؤ�صلها يف �أذهان النا�س‪ ،‬وكان‬
‫هذا ال�شعر ال�صويف ملحات دالة �أو قلي ًال من الأبيات املوجودة‪ ،‬ومن �شاعرات هذه املرحلة‬
‫ال�شاعرة رابعة العدو ّية (ت ‪185‬هـ)‪� -‬شهيدة الع�شق الإلهي‪ -‬التي «حت�س�ست وال �شك‬
‫ال�صراعات املت�ضاربة واحلادة يف الب�صرة تلك �أذاقتها مرارة الفقر واحلرمان �أو ًال‪ ،‬ثم جرفتها‬
‫بعد ذلك �إىل اله�أوية املجون واللهو‪ ،‬ثم �أفاقت �أخرياً لتجلو عن روحها‪ ،‬ثم �أقامت �أخرياً‬
‫لتجلوا عن روحها ما غ�شيها من �إ�سراف وت�أثيم‪ ،‬فاعتزلت النا�س و�ش�ؤونهم واحلياة ومتاعها‬
‫وعكفت على نف�سها تطهرها بالعبادة املت�صلة من �أدران الفجور وال�ضالل‪ ،‬وتن�شد االت�صال‬
‫الروحي باهلل» (‪.)7‬‬
‫ومن �شعرها‪)8( :‬‬
‫ًوأَن��ي�سي َوعُ���دّ يت َو ُم��ـ��رادي‬ ‫يَا سرُ وري َو ُمنيتي َو ِعامدي‬
‫أَن َْت ّيل ُمؤنس‪َ ،‬وشَ و ُمكَ زّا ِدي‬ ‫روح الْفُؤاد‪ ،‬أَ َ‬
‫نت َر َجايئ‬ ‫نت ُ‬ ‫أَ َ‬
‫َما تش ّت ُت يف فَسيح البـال ِد‬ ‫أَن َْت ل ْوالَك َيَا َحيايت َوأُنسـي‬
‫ِم ْن َعطـا ِء َونِ ْع َمـ ِة َوأَيادي‬ ‫دت َم ّنه‪َ ،‬وك َْم لَكَ ِعنـدي‬
‫ك َْم َب ْ‬
‫الصـادي‬ ‫َو َجال ٌء لِع ِني قلبي ّ‬ ‫ُحبـّكَ اآلنَ بُغيتي َونَعيمـي‬
‫السـواد‬‫أَن َْت ِم ْني ُممكَّن يف ّ‬ ‫ييت ِبراحِ‬‫لَ ْي َس ليِ َع ْنكَ َما َح ُ‬
‫القلب َقدْ بَدا إسعادي‬ ‫يَا ُمنى ِ‬ ‫يل فأنـي‬ ‫أنْ تَكُـ ْن َر ِاضياً َع ّ‬

‫ونلحظ يف هذه الفرتة الزمنية قلة عدد ال�شعراء وقلة الأ�شعار ال�صوفية‪ ،‬و رمبا يعود هذا‬
‫�إىل عدم تب ّلور ق�ضية الت�ص ّوف بال�شكل ال�صحيح حتى عند املت�صوفة �أنف�سهم (‪.)9‬‬
‫املرحلة الثانية‪ -‬وهذه املرحلة ت�شمل قرنيني من الزمان‪ :‬الثالث والرابع الهجريني‪،‬‬
‫وقد كان ال�شعر ال�صويف يف هذه املرحلة‪ -‬يف نه�ضة وازدهار‪ ،‬ومن �شعرائه‪� :‬أبي تراب‬
‫ع�سكر بن احل�سني النخ�شبي‪ ،‬و�أبو حمزة اخلرا�ساين‪ .‬و ُتعد هذه املرحلة بداية الت�ص ّوف‬
‫احلقيقي ودور املواجد والك�شف والأذواق»(‪.)10‬‬

‫‪42‬‬
‫ومن �شواهد ال�شعر ال�صويف يف هذه املرحلة قول (�أبو ُتراب ع�سكر بن احل�سني‬
‫النخ�شبي (ت ‪245‬هـ)) (‪)11‬‬
‫َولدي ِه من تُحف ال َحبيب َو َسائِ ُل‬ ‫للحبيب دَالئل‬
‫ِ‬ ‫الَ تّخْدَ عن َما‬
‫ورسور ِه يف ك ٍُّل َما هو فَا ِع ُل‬ ‫ِمنـْ َها تنعمة مب�� ِر بَالئِـه‬
‫َوالفقُـر إك��را ٌم وبُـ ٌر َعاجِ ُـل‬ ‫َاملنع ِم ْنه َعطية مقبولة‬ ‫ف ُ‬

‫املرحلة الثالثة‪ :‬و «ت�شمل القرنني اخلام�س وال�ساد�س‪ ،‬وفيها يتجه الأدب ال�صويف‬
‫�إىل احلب الإلهي‪ ،‬ومدح الر�سول الكرمي وال�شوق �إىل الأماكن املقد�سة ويدعو �إىل‬
‫عد هذا الدور دور‬
‫الف�ضائل الإ�سالم ّية‪،‬ويف هذه الفرتة ن�ش�أ الأدب ال�صويف الفار�سي‪ُ ،‬و ُّ‬
‫الكالم والتحرر» (‪ ،)12‬ومن ذلك قول البرُ عي‪)13( :‬‬
‫َه ّيج ُتموا يَ ْو َم ال ّرحيل فُؤادي‬ ‫منى بقيـادي‬ ‫يَا َرا ِحل َني إىل ً‬
‫وق أَقْل ِقي َو َص ُ‬
‫وت ال َحا ِدي‬ ‫الشّ ُ‬ ‫سرِ ْت ُْم وسار دَليلكَم يا َو ْحش ِت َي‬

‫املرحلة الرابعة‪ :‬وت�شمل القرن ال�سابع الهجري‪ ،‬وفيه بلغ ال�شعر ال�صويف قمة‬
‫النه�ضة‪،‬ومن �أَعالمه عمر بن الفار�ض (ت ‪632‬هـ)‪ ،‬وحمي الدين بن عربي (ت ‪638‬هـ)‪.‬‬
‫ومن �شعر هذه املرحلة قول عمر بن الفار�ض يف الذات الإله ّية‪)14( :‬‬
‫بأوصا ِفـ َها ِعل ُْم‬
‫أجل ِعنـدي َ‬ ‫َخ ْبريٌ ْ‬ ‫يَقُولُـونَ يل ِص ْف َهـا َفأَن َْت بِوص ِف َها‬
‫وح َوالَ جِ ْس ٌ‬
‫ـم‬ ‫َونُو ٌر َوالَ نَا ُر َو ُر ٌ‬ ‫ف َوالَ هَـوا‬ ‫َصفَا ٌء َوالَ ما ٌء ولُطْ ُ‬
‫‪1‬‬
‫ـم»‬ ‫َقدْ مياً َوالَ شَ ك ُْل هُناكَ َوالَ َر ْس ُ‬ ‫نـات َحدي ُث َهـا‬‫ت َقـدَّ َم ك ٍُّل الكَائِ ِ‬
‫‪1‬‬

‫ترى ال�صوفية �أن الكون على ثالث مراتب‪« :‬علوية‪ ،‬وهي املعقوالت‪ ،‬وهي مرتبة‬
‫للمعاين املجردة عن املواد التي من �ش�أنها �أن تدرك بالعقول‪ .‬و�سفلية‪ ،‬وهي املح�سو�سات‪،‬‬
‫من �ش�أنها �أن تدرك باحلوا�س‪ .‬وبرزخية‪ ،‬ومن �ش�أنها �أن تدرك بالعقل واحلوا�س‪ ،‬وهي‬
‫املتخ َّيالت‪ ،‬وهي ت�شكل املعاين يف ال�صور املح�سو�سة‪ ».‬و� ّأي مريد لل�صوفية �سوف‬
‫وصناعتها – دراسة نظريّة وتطبيق ّية‪ .‬إىل اللجنة املنظمة ملؤمتر‬‫‪ )1‬محمد ماجد الدّخيل‪ .‬طُقوس ال ُحب يف الشعر الصويف ِ‬
‫فيالدلفيا الدويل الثالث عرش بعنوان «ثقافة ال ُحب والكراهية»يف الفرتة ‪29-27‬ترشين أول‬
‫عمن‪.‬‬
‫(أكتوبر )‪2008‬م )جامعةفيالدلفيا‪ -‬كلية اآلداب‪ -‬األردن – اّ‬

‫‪43‬‬
‫يجاهد لل�سم ّو من العامل ال�سفلي املح�سو�س �إىل العامل العلوي املعنوي بهدف املكا�شفة‬
‫وامل�شاهدة فاالحتاد بالذات الإلهية الكربى‪ .‬لكن ذلك نادراً ما يتم �إال عن طريق عامل‬
‫الربزخ الذي هو تركيب من العاملني احل�سي واملعنوي‪ ،‬وهو عامل �شبيه باحللم ما دام‬
‫يعي�شه ال�صويف ذاتياً‪� ،‬أو وفقاً ملقامه الذي ا�ستطاع الو�صول �إليه‪  .‬‬
‫بعبارات �أخرى‪� ،‬إن ال�صوفية ال تتحقق من خالل هذا العامل املح�سو�س �أو وفقاً‬
‫لقوانينه الطبيعية‪ ،‬و�إمنا يبد�أ وجودها مع عامل الربزخ اخليايل‪ ،‬و�صو ًال �إىل العامل املعنوي‪.‬‬
‫وهي‪ ،‬بتب ِّنيها ملبد�أ الريا�ضة واملجاهدة‪ ،‬غري متماثلة عند جميع ال�صوفيني‪ ،‬بل �إنها‪ ،‬حني‬
‫ت� ِّؤكد على وجود مو�ضوعي للعامل اخليايل وللعامل املعنوي‪ ،‬ف�إنها ت�ؤكد من جهة �أخرى‬
‫على ذاتية مريديها يف ر�ؤيتهم للكون‪ ،‬وعلى متايز طرائقهم يف ذلك‪  .‬‬
‫ت�أ�سي�ساً على هذه الر�ؤية وحدها ميكن مقاربة ال�شعرية ال�صوفية على �أنها جتربة ذهنية‬
‫قد ت�سبقها �أو ترافقها جتربة ج�سدية لي�س غايتها التعبري عن املح�سو�س ب�أية طريقة‪ ،‬و�إمنا‬
‫على النقي�ض من ذلك – �أو على الأقل لي�س غايتها �سوى تهيئة النف�س للدخول �إىل‬
‫عامل اخليال احلقيقي‪ .‬وهكذا ال يكون ال�شعر «�صوفياً» �إال حني �صدوره عن مرتبتي‬
‫الربزخ واملعاين املج ّردة‪� ،‬أو عن التجربة املف�ضية �إليهما‪ .‬وبهذا �سوف تفرتق ال�صوفية‬
‫العربية‪ ،‬كم�صطلح‪ ،‬عن مرجع َّيتها اليونانية‪ ،‬فال يكون للحكمة �أو للزهد �أو للحب �أو‬
‫ل ّأي مو�ضوع �آخر �صلة جوهرية بها ح َّتى ولو قالها املت�صوفون �أنف�سهم‪ .‬بل �إن يف �أدبيات‬
‫ال�صوفية و�أقوالها ما مييز بني ما هو �صويف وما هو غري ذلك‪ ،‬حتى يف الأ�شعار ال�صادرة عن‬
‫مرتبة اخليال �أو الربزخ‪ .‬بل �إن ابن عربي جعل من هذا التمييز �سبباً من �أ�سباب الريا�ضة‬
‫واملجاهدة‪ .‬لذلك لن يكون �إغفال احلديث عن املو�ضوعات ال�صوفية وتقاطعاتها مع‬
‫املو�ضوعات العامة تقلي ًال من �أهميتها بقدر ما هو حم�أولة لإبراز �سمات ال�شعرية ال�صوفية‬
‫املم ِّيزة لها عن جماليات ال�شعر العربي املعروفة‪ ،‬علماً �أن ال�صوفية اتك�أت على هذا ال�شعر‬
‫حد ممكن‪.‬‬
‫�إىل �أق�صى ّ‬

‫‪44‬‬
‫ثم �إن القول بتماهي ال�شعرية ال�صوفية ور�ؤيتها ال يعني بال�ضرورة �أن كل من تب َّنى‬
‫هذه الر�ؤية هو �شاعر لذلك‪ .‬فلي�س كل ال�صوفيني �شعراء‪ ،‬ولي�س كل ال�شعراء ال�صوفيني‬
‫على م�ستوى متماثل يف الإبداع واملوهبة‪ .‬ومادامت غاية هذا البحث هي �شعرية يف كافة‬
‫يهمه منها �سوف يتعلق مبدى الإبداع الذي حققه ال�شعراء‬ ‫املعايري املطروحة فيه‪ ،‬ف�إن ما ُّ‬
‫بكونهم �صوفيني‪ ،‬ولي�س بكونهم �شعراء وح�سب‪ .‬ويف واقع احلال �أنه كلما كان ال�شاعر‬
‫مبدعاً و�صاحب موهبة‪ ،‬ا�ستطاع �أن يتمثل الر�ؤية ال�صوفية �إبداعياً‪ ،‬مع مالحظة �أن عك�س‬
‫ذلك لي�س �صحيحاً دائماً‪ .‬فهذا احلالج مث ًال هو �أحد �أعالم ال�صوفية الكبار على م ّر‬
‫ي�شكل قيمة �إبداعية توازي جتربته‬‫لكن نتاجه ال�شعري‪� ،‬إ�ضافة �إىل قلته‪ ،‬ال ِّ‬ ‫الع�صور‪ّ ،‬‬
‫الوجودية والفكرية‪ .‬بينما للنفَّري‪ ،‬مث ًال‪� ،‬ش�أن �إبداعي �آخر ال يقل عن منزلته ال�صوفية‬
‫عند مريديه‪ .‬لكن هذا الر�أي امل�سبق قد ال تو�ضحه متاماً �إال درا�سة �إجمالية لل�شعر ال�صويف‬
‫كله‪ .‬وال�شعر هو �أول مظهر للأدب عرفه النا�س فح�سنه ح�سن وقبيحة قبيح كما قال‬
‫الإمام الغزايل رحمه هلال‪�):‬أما ال�شعر فكامل ح�سنه ح�سن وقبيحه قبيح وعلى اجلملة‬
‫�إن�شاد ال�شعر ونظمه لي�س بحرام‪ ،‬و�إذا مل يكن فيه كامل م�ستكره (‪ ،‬وقال  ‪�(:‬إن من‬
‫ال�شعر حلكمه) عن احتياجات الع�صر(وقال �سعيد حوى يف كتابه)كي من�ضي بعيدا �إنه‬
‫�شيء ي�ؤثر يف ت�شكيل العواطف مثل ال�شعر والغناء‪ ،‬الن النف�س الب�شرية �أكرث تفاعال مع‬
‫ال�شعر‪ ،‬وهي ت�ستقبل الغناء با�سرتخاء‪ ،‬فتدخل �إليها املعاين وتتفاعل معها بال مق�أومة‪.‬‬
‫ومن ثم وجد ال�شعر عند ال�صحابة يف حياة الر�سول  ووجد احلداء والإن�شاد‪ ،‬ويف‬
‫بع�ض احلاالت �سمع ر�سول اهلل  الغناء ٍت ْريا ي َ و ُ من ج‪ ،‬و�سمع �أ�صحابه كذلك‬
‫يف كثري من دوائر‪� .‬أمل�سلمني كو�سيلة لرتبية العواطف اخلرية‪� ،‬أو لتهييج عواطف الوجد‬
‫الراقية(‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫ال�شعر يف الن�صو�ص الدينية‪:‬‬
‫ال�شعر ديوان العرب‪ ،‬و�أهميته يف التاريخ العربي ال ي�ضاهيها فن �آخر من الفنون‪ .‬وقد‬
‫التب�س لدى الكثريين من النا�س موقف الإ�سالم من ال�شعر ا�ستنادا على ن�صو�ص بعينها‬
‫يف القر�آن ويف ال�سنة‪ ،‬من ذلك‪:‬الآية ( َو َما َع َّل ْم َنا ُه ال�شِّ ْع َر َو َما َين َب ِغي َل ُه �إِنْ ُه َو �إِ اَّل ِذ ْك ٌر‬
‫َو ُق ْر�آنٌ ُّم ِب ٌني‪ )1‬وقد ر�أى البع�ض �أن هذه الآية تعترب ال�شعر �شيئا مذموما‪ .‬ومثلها ( َبلْ قَا ُلو ْا‬
‫َاث َ �أ ْح َال ٍم َب ِل ا ْفترَ َ ا ُه َبلْ ُه َو �شَ ِاع ٌر َف ْل َي�أْ ِت َنا بِ�آ َي ٍة َك َما �أُ ْر ِ�س َل الأو ُلونَ )‪ 2‬و( َو َيقُو ُلونَ �أَ ِئ َّنا‬
‫�أَ�ضْ غ ُ‬
‫َل َتار ُِكوا �آ ِل َه ِت َنا ِل�شَ ِاع ٍرمجَّ ْ ُنونٍ ‪ )3‬و(�أَ ْم َيقُو ُلونَ �شَ ِاع ٌر َّنترَ َ َّب ُ�ص ِب ِه َر ْي َب المْ َ ُنونِ ‪ )4‬و( َو َما ُه َو ِب َق ْولِ‬
‫�شَ ِاع ٍر َق ِليلاً َما ُت ْ�ؤ ِم ُنونَ )‪ .5‬وهذه الآيات لي�س الق�صد منها ا�ستهجان ال�شعر بل �أن القر�آن‬
‫تنزيل رب العاملني فهو لي�س �شعرا قر�ضه النبي ‪ .‬وقد ح�أول البع�ض �أن ينت�صر‬
‫لهذا املنطق للدرجة التي يقال فيها �أن النبي  كان يجهل ال�شعر متاما ف�إذا ا�ضطر‬
‫لال�ست�شهاد به ف�إنه يخطئ يف وزنه وقافيته‪ .‬وهذا يناق�ض ال�سرية النبوية يف �أوجه كثرية‪.‬‬
‫مثل ما قيل من رجز ر�سول اهلل  يوم خيرب‪:‬‬
‫أنا ابن عبد املطلب‬ ‫أنا النبي ال كذب‬

‫(لنْ يمَ ْ َت ِل َئ َج ْو ُف �أَ َح ِد ُك ْم َق ْي ًحا َخيرْ ٌ َل ُه ِم ْن �أَنْ يمَ ْ َت ِل َئ‬


‫الرواية �أن النبي  قال‪ َ :‬أ‬
‫�شِ ْع ًرا)‪ .6‬وذلك تف�سري قوله تعاىل‪):‬ال�شُّ َع َرا ُء َي َّت ِب ُع ُه ْم ا ْل َغ�أوون)‪ .7‬وقد تعر�ض لهذا احلديث‬
‫وجرحه الإمام ابن حزم الأندل�سي‪ ،‬وللإمام الغزايل يف كتاب �آداب ال�سماع كالم كثري‬
‫حول ال�شعر وال�سماع ي�ؤكد �أن ر�سول اهلل  وال�صحابة كانوا ين�شدون ال�شعر وي�ستمعون‬
‫له‪ .‬واجلمهور ي�ؤكد �أن الآيات هذه جاءت للتخ�صي�ص ل�شعراء امل�شركني الذين �آذوا‬
‫‪)1‬سورة يس اآلية ‪69‬‬
‫‪)2‬سورة األنبياء اآلية ‪5‬‬
‫‪)3‬سورة الصافات اآلية ‪36‬‬
‫‪)4‬سورة الطور اآلية ‪30‬‬
‫‪)5‬سورة الحاقة اآلية ‪41‬‬
‫‪)6‬أخرج هذا الحديث البخاري وأحمد والدارمي‬
‫‪)7‬سورة الشعراء اآلية ‪.224‬‬

‫‪46‬‬
‫بق�صائدهم ر�سول اهلل وامل�سلمني‪ .‬والآيات ت�ؤكد �أن ال�شعراء فريقان‪ :‬فريق يغوي‬
‫وفريق �آمن وعمل �صاحلا وانت�صر من بعد ما ظلم‪ ،‬وهم �شعراء امل�ؤمنني‪َ ( .‬وال�شُّ َع َرا ُء َي َّت ِب ُع ُه ْم‬
‫هِيمونَ ◌ َو�أَ َّن ُه ْم َيقُو ُلونَ َم اَال َي ْف َع ُلونَ ◌ �إِ اَّل ا َّل ِذ َين �آ َم ُنوا‬
‫ا ْل َغ�أوون◌ �أَلمَ ْ َت َر �أَ َّن ُه ْم فيِ ُك ِّل َوا ٍد َي ُ‬
‫ال�صالحِ َ ِات َو َذ َك ُروا اللهَّ َ َك ِث ًريا َوان َت َ�ص ُروا ِم ْن َب ْع ِد َما ُظ ِل ُموا َو َ�س َي ْع َل ُم ا َّل ِذ َين َظ َل ُموا‬ ‫َو َعمِ ُلوا َّ‬
‫�أَ َّي ُمن َق َل ٍب َين َق ِل ُبونَ )‪ .1‬لذلك �أجمع الفقهاء على �أن ال�شعر مثله مثل �أي عمل يقوم به‬
‫املرء حالله حالل وحرامه حرام‪.‬هذه الن�صو�ص يقابلها العديد من املرويات يف ال�سنة‬
‫النبوية ت�ؤكد احتفاء ر�سول اهلل بال�شعر وال�شعراء‪ .‬وحينما كان ال�سفهاء من امل�شركني‬
‫ورب الكعبة»‬ ‫يتن�أولون النبي و�صحابته بالذم قال الر�سول حل�سان بن ثابت «�أهجهم ّ‬
‫وقال عن �شعره يف هجائهم‪« :‬لهذا �أ�شد عليهم من وقع النبل»‪ .2‬ولذلك كان و�ضع ح�سان‬
‫ومنزلته لدى الر�سول  كبرية‪ ،‬عن عائ�شة ر�ضي اهلل عنها‪�« :‬سمعت ر�سول اهلل ‬
‫يقول عن ح�سان‪ :‬ال يحبه �إال م�ؤمن وال يبغ�ضه �إال منافق»‪.3‬وروى �أبو الفرج الأ�صفهاين‬
‫وغريه‪« :‬ملا كان عام الأحزاب ورد اهلل الذين كفروا بغيظهم مل ينالوا خريا‪ ،‬قال ر�سول‬
‫اهلل ‪ :‬من يحمي �أعرا�ض امل�سلمني؟ فقال كعب بن مالك‪� :‬أنا يا ر�سول اهلل‪ .‬وقال‬
‫عبد اهلل بن رواحة‪� :‬أنا يا ر�سول اهلل‪ .‬وقال ح�سان بن ثابت‪� :‬أنا يا ر�سول اهلل‪ ،‬فقال عليه‬
‫ال�سالم‪ :‬نعم اهجهم �أنت (يعني ح�سان) ف�إنه �سيعينك روح القد�س»‪.4‬وقد بلغ االحتفاء‬
‫بال�سماع لدى عامل كالإمام الغزايل قوله (من مل يحركه الربيع و�أزهاره والعود و�أوتاره فهو‬
‫فا�سد املزاج لي�س له عالج)‪.5‬‬

‫‪)1‬سورة الشعراء اآلية ‪.227‬‬


‫‪)2‬دكتور حسن فتح الباب حسان بن ثابت‪ :‬شاعر الرسول ‪e‬الدار املرصية اللبنانية ‪1997‬م ص ‪51‬‬
‫‪)3‬نفسه ص ‪52‬‬
‫‪)4‬نفسه‬
‫‪)5‬رباح الصادق املهدي‪ .‬الشعر واملدائح عند األنصار‪،2007 .‬ص‪5‬‬

‫‪47‬‬
‫�أنواع ال�شعر الإ�سالمي‬
‫هنالك عدد من الأغرا�ض ال�شعرية مثل الغزل والرثاء والفخر والهجاء‪ ،‬ومن ذلك‬
‫الذي ا�ستخدم يف ن�شر الدعوة الإ�سالمية جند �شعر احلما�سة واجلهاد وقد نبغ فيه ح�سان‬
‫بن ثابت وعبد اهلل بن �أبي رواحة‪ ،‬ومن ذلك �شعر ح�سان حول غزوة �أحد واخلندق‪:‬‬
‫قتل الرسول ومغنم األسالب‬ ‫حتى إذا وردوا املدينة وارتجوا‬
‫ردوا بغيظهم عىل األعقاب‬ ‫وغدوا علينا قادرين بأيدهــــم‬
‫وجنود ربك سيد األرباب‬ ‫بهبوب معصفة تفرق جمعهم‬
‫وأثابهم يف األجر خري ثواب‬ ‫فكفى اإلله املؤمنني قتالـــــهم‬
‫تنزيل نرص مليكنا الوهاب‬ ‫من بعد ما قنطوا ففرق جمعهم‬

‫وكذلك �شعر احلكمة والزهد وقد ن�سب بع�ضا منه للإمام علي بن �أبي طالب‪،‬‬
‫وكذلك للإمام ال�شافعي وغريهما من الن�ساك‪ ،‬وال�شعر ال�صويف والذي قيل يف املحبة‬
‫الإلهية و�أول من ا�شتهرت به ال�سيدة رابعة العدوية ثم تبعها كثري من املت�صوفة ال�شعراء‬
‫لعل �أ�شهرهم ابن الفار�ض‪ .‬وهنالك �أي�ضا املدح النبوي و�إن عده البع�ض جزءا من ال�شعر‬
‫ال�صويف‪ ،‬وقد برع فيه �شعراء بدءا بكعب بن مالك يف ق�صيدته (بانت �سعاد)‪ ،‬ولعل �أ�شهر‬
‫ق�صيدة مدح نبوي هي ق�صيدة الربدة للإمام البو�صريي (ومطلعها‪� :‬أ ِم ْن َت َـذ ِّك ِر جريانٍ‬
‫بـذي�سـ َلم َم َز ْج َت َدمعـا جرى ِمن ُمق َل ٍةب َِد ِم)‪ ،‬ومن �أ�شهر ال�شعراء يف هذا ال�ضرب ال�شيخ‬
‫َ‬
‫عبد الرحيم الربعي اليمني ومن �أ�شهر مدائحه التي مطلعها (يا راحلني �إىل منى بقياد‬
‫هيجتم يوم الرحيل ف�ؤادي)‪ .‬هذا النوع من ال�شعر والذي اخت�ص مبدح الر�سول ‬ ‫ُ‬
‫وال�صحابة‪ ،‬هو من �أهم �أنواع ال�شعر الإ�سالمي الذي ترك �أثرا يف ال�شعر ال�سوداين عامة‬
‫و�شعر املهدية على وجه اخل�صو�ص‪.‬‬
‫وهنالك �أي�ضا �شعر واقع الأمة وهو يف غالبه للتذكري مب�آثر دولة امل�سلمني الأوىل وبيان‬
‫كيف تردت �أحوال امل�سلمني الآن وذلك ل�شحذ الهمم والرغبة يف التغيري‪ ،‬وممن ا�شتهر‬

‫‪48‬‬
‫بهذا ال�ضرب حممد ح�سن هيتو‪ ،‬كما ا�ستخدم �أي�ضا �شعر الرثاء يف التذكري بخ�صال‬
‫الر�سول  و�أ�صحابه و�أئمة امل�سلمني احلاملني الراية عرب الع�صور‪ ،‬وقد �ساهم يف هذا‬
‫�شعر ح�سان وعبد اهلل وفاطمة الزهراء التي رثت الر�سول  يف ق�صيدتها التي جاء فيها‪:‬‬
‫ولتبكــــه مضــر وكـــليمــاين‬ ‫فلتبكه شــــرق البالد وغربهـــــا‬
‫والبيت ذو األستار واألركــــان‬ ‫وليبكه الطــــــود املعظم جــــوده‬
‫صىل عليــه منزل القــــــــرآن‬ ‫يا خاتم الرســل املبــارك ضوؤه‬

‫ورثى عبد اهلل بن رواحة حمزة بن عبد املطلب قائال‬


‫وما يغني البكاء وال العـــــويل‬ ‫بكت عيني وحق لها بكاها‬
‫قالواأحمـــــــزة ذاكم الرجل القتيل؟‬ ‫عــــىل أس��د اإلل���ه غ��داة‬
‫هنــــاك وقد أصيب به الرسول‬ ‫أصيب املسلمون به جميعا‬
‫وأنــــــــت املاجد الربالوصول‬ ‫أبا يعىل لك األركان هــدت‬
‫مخالطهــــــــــــا نعيــم ال يزول‬ ‫عليك سالم ربك يف جنـــان‬

‫ورثى ح�سان الر�سول  بق�صيدة طويلة جاء فيها‪:‬‬


‫منري وقد تعف الرسوم وتهمد‬ ‫بطيبة رس��م للرسول ومعهد‬
‫بها منرب الهادي الذي كان يصعد‬ ‫وال تنمحي اآليات من دار حرمة‬
‫بالد ثــــــوى فيها الرشيد املسدد‬ ‫فبوركت يا قرب الرسول وبوركت‬
‫عليه بناء من صفيح منضد‬ ‫وب��ورك لحد منك ضمن طيبا‬
‫عليه وقد غارت بذلك أسعــــــــد‬ ‫تهـيل عليــــه الرتب أيد وأعني‬
‫عشية علّوه الرثى اليوســـــــــد‬ ‫لقد غيبوا حلام وعلام ورحمة‬
‫وقد وهنــت منهم ظهور وأعضد‬ ‫وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم‬
‫معلــم صدق إن يطيعوه يسعدوا‬ ‫إمام لهم يهديهم الحق جاهدا‬
‫ذليل‪  ‬به نهج الطريقة يقصد‬ ‫فبينــــا هموا يف نعمة اللهب ينهم‬
‫إىل نورهم سهم من املوت مقصد‬ ‫فبينا هموا يف ذلك النور إذغدا‬
‫‪1‬‬
‫وال مثله حتى القيامة يفقد‬ ‫وما فقد املاضون مثل محمد‬
‫‪1‬‬

‫‪ )1‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪6‬‬

‫‪49‬‬
‫�أهداف ال�شعر ال�صويف‪:‬‬
‫كان من املالحظ �أن يرتك الإ�سالم ب�صماته الوا�ضحة على مو�ضوعات ال�شعر وفنونه‪،‬‬
‫فتت�أثر بتعاليمه وت�شريعاته يف املجتمع واحلياة‪ .‬وهو ت�أثري ي�شتد ويقوى‪� ،‬أو ي�ضعف ويبهت‬
‫تبعا لل�شعراء �أنف�سهم‪ ،‬ومدى جت�أوبهم يف حياتهم العلمية مع هذه التعليمات والت�شريعات‪.‬‬
‫وقد انت�شر الدعاة والوعاظ والن�ساك يف خمتلف الأ�صقاع الإ�سالمية‪ ،‬منذ بدء ع�صر‬
‫الفتوحات الإ�سالمية الأوىل حيث اتخذوا من امل�ساجد منابر لهم‪ ،‬يحدثون رجال الفتوح‬
‫وطبقات املجتمع عن البعث واحلياة الأخرى‪ ،‬وعن الثواب والعقاب واجلنة والنار‪،‬‬
‫والإ�سراف واالفتقار‪ ،‬والتو�سط يف احلياة واملعا�ش والتبذير‪ ،‬وان لي�س من ال�سلم يف احلياة‬
‫�إال مايجعله قادرا على العمل ليومه الآخر‪ .‬وقد اعتمد هوالء على كتاب اهلل و�سنة نبيه‬
‫�أوال‪ ،‬و�أقوال ال�صحابة و�أعمالهم يف الدرجة الثانية‪.1‬‬
‫ال�شعر والأدب ال�صويف بوجه عام‪ ،‬يعنى بالتوجية والإر�شاد‪ ،‬ويكرث من �صيغ الأمر‬
‫والنهي‪ ،‬وال�شرط‪ ،‬و�ضرب احلكم والأمثال‪ ،‬وهذا طبيعي �إذا عرفنا �أن التوجيه �أ�سا�س من‬
‫�أ�س�س ال�صوفية‪ ،‬ولي�س (ت�سليك) الطريق الإ توجيها و�إر�شادا‪.2‬‬
‫ق�ضايا ال�شعر ال�صويف‬
‫متيز ال�شعر ال�صويف يف الأدب الإ�سالمي بعدد من الق�ضايا والأغرا�ض ا�ستقل بها‬
‫�شعراء ال�صوفية ومتيزوا فيها‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬التق�شف والزهد يف الدنيا‪ :‬ويتمحور حديث ال�شعراء فيه حول الوعظ والتذكري‬
‫من ناحية واحلكمة الدينية من ناحية �أخرى‪ ،‬حيث ميثل الزهد �أحد املقامات والطرق‬
‫‪ 20%‬أعالم الشعر الصويف عىل الرابط ‪1) http://www.drqandil.com/resources/1620%-‬‬
‫‪%D8%A7%D984%%D8%B4%D8%B9%D8%B120%%D8%A7%D984%%D8%B5%D988%%D981%‬‬
‫‪%D98%A.pdf‬‬
‫‪ )2‬عبد املجيد عابدين‪ .‬تاريخ الثقافة العربية يف السودان‪ .‬دار النهضة‪ ،1967 ،‬ص ‪.209‬‬

‫‪50‬‬
‫املو�صلة �إىل اهلل‪.‬‬
‫‪ -2‬احلب الإلهي‪ :‬وميثل هذا االجتاه �أكرث املجاالت وفرة وارتيادا ل�شعراء ال�صوفية‪،‬‬
‫حيث اتخذوا الغر�ض �أداة لال�ستعانة على بث معاين القرب والتودد �إىل الذات الإلهية‪.‬‬
‫‪ -3‬املقامات‪ :‬وي�ستهدف هذا الغر�ض من ال�شعر �إبراز ما حتقق للعبد من املكا�سب‬
‫اخلا�صة من خالل جمهوداته وعباداته وما ح�صل عليه من املواهب الربانية‪.‬‬
‫‪ -4‬املناجاة‪ :‬ويعد هذا النوع من ال�شعر مبثابة �سرد للتجربة ال�شخ�صية يف الت�صوف‪.‬‬
‫‪ -5‬املديح النبوي‪ :‬وهو من �أكرث املجاالت �إنتاجا و�إبداعا لدى �شعراء ال�صوفية‪.‬‬
‫ويعتربه ال�صوفيون من �أجل �أبواب القربات �إىل اهلل‪.‬‬
‫‪ -6‬التو�سل واال�ستغاثة‪ :‬وهو من �أهم خ�صائ�ص ال�شعر ال�صويف‪ ،‬ويهدف �إىل التما�س‬
‫ق�ضاء احلاجة بوا�سطة النبي وبغريه من الأنبياء والأولياء ال�صاحلني عند اهلل‪.‬‬
‫‪ -8‬مدح ال�شيوخ‪ :‬وي�ستهدف هذا اللون �إطراء �شيوخ الطرق ال�صوفية و�إبراز م�آثرهم‬
‫وكراماتهم بغر�ض �إثبات �أحقيتهم يف التقدمي والتبجيل‪.1‬‬
‫والباحث يف ماهية �شعراء الت�صوف الإ�سالمي ال�سوداين يجد �أن ق�صائدهم ال�صوفية‬
‫و�أنا�شيدهم تدور يف ثالثة �أفالك‪ :‬الفلك الأول هو الع�شق الإلهي‪� ،‬أي حب اهلل‪ ،‬والفلك‬
‫الثاين هو الع�شق املحمدي‪� ،‬أي حب الر�سول ‪ ،‬والفلك الثالث هو حب ال�شيخ‬
‫والوالء له‪ ،‬فال�شيخ الوا�صل عندهم هو الو�سيلة �إىل الر�سول‪ ،‬والر�سول هو الو�سيلة �إىل‬
‫‪2‬‬
‫اهلل‪.‬‬
‫يعد الت�صوف من �أهم املباحث الأ�سا�سية التي يدر�سها الفكر الإ�سالمي �إىل جانب‬
‫‪1) http://www.startimes.com/?t=5868749‬‬
‫‪ )2‬عاطف بابكر جميل اإلمام‪ .‬أثر التصوف عىل الدعوة اإلسالمية يف السودان‪ .‬بحث مقدم لنيل درجة الدكتوارة يف‬
‫الدعوة‪ ,‬جامعة القرآن الكريم‪ ,‬الخرطوم‪.198 ,2004 ,‬‬

‫‪51‬‬
‫علم الكالم والفل�سفة والفكر العربي املعا�صر‪ .‬وقد قطع الت�صوف الإ�سالمي �أ�شواطا كثرية‬
‫يف تطوره �إىل �أن حتول �إىل طرق وزوايا ورباطات دينية لل�سالكني واملريدين يقودهم �شيخ‬
‫�أو قطب‪ .‬وقد قامت هذه الطرق والزوايا ب�أدوار �إيجابية تتمثل يف خدمة النا�س والفقراء‬
‫واملحتاجني على م�ستوى االجتماعي‪ ،‬والدعوة �إىل اجلهاد على امل�ستوى ال�سيا�سي‪ .‬هذا‬
‫وللت�صوف عالقة وطيدة بالأدب نرثا و�شعرا‪� ،‬إذ ا�ستعان املت�صوفة بال�شعر للتعبري عن‬
‫جماهداتهم و�شطحاتهم العرفانية‪ ،‬كما ا�ستعانوا بالنرث لتقدمي قب�ساتهم النورانية وجتاربهم‬
‫العرفانية الباطنية‪� .‬إذاً‪ ،‬ما هي عالقة الت�صوف بالأدب ب�صفة عامة وال�شعر ب�صفة خا�صة؟‬
‫مميزات ال�شعر ال�صويف‬
‫ومن مميزات ال�شعر ال�صويف القدمي ال�سمو الروحي‪ ،‬وا�ستكناه املعاين النف�سية‬
‫العميقة‪ ،‬واخل�ضوع لإرادة اهلل القوية‪ ،‬والإكثار من اخليال‪ ،‬وا�ستعمال الرمزية وال�شطحات‬
‫ال�صوفية‪ ،‬واجلنوح نحو الإبهام والغمو�ض‪ ،‬والت�أرجح بني الظاهر والباطن‪ ،‬والت�أثر بال�شريعة‬
‫الإ�سالمية كما هو �ش�أن الت�صوف ال�سني‪ ،‬ومتثل امل�صادر الفل�سفية والعقائد الأجنبية كما‬
‫هو حال ال�شعر ال�صويف الفل�سفي‪.‬‬
‫بيئة ال�شعر وال�شاعر‬
‫تتحدى املُ ّتفق عليه‬
‫�إنّ اللغة لدى املت�ص ّوفة هي �أداة تعبريية غري محُ ايدة‪ ،‬فهي لغة ّ‬
‫يف القوامي�س �أو املُتوا�ضع عليه يف اال�ستعمال املتواتر يف �أ ْعراف ال ّنا�س ويف العادات‬
‫والتقاليد‪� ،‬إ ّنها لغة جتربة روحية وثمرة من ثمار معاناة ال�سفر والبحث املُ�ضني يف غياهب‬
‫الروح املظلمة والتي جعلت ال�شاعر الإ�سباين املت�أله ‪ ،San Juan de la Cruz‬يوح ّنى‬
‫ال�صليبي (‪ )1591 - 1542‬يكتب ق�صيدته اخلالدة «‪»La noche oscura del alma‬‬
‫(ليلة ال ّروح املُظلمة) املُعبرّ ة بجدارة واقتدار عن البحث املُ�ضني عن اللحظة الهاربة وراء‬
‫ُبعد ال ُبعد و ُقرب القُرب والتح ّلي والتج ّلي‪.‬لهذا قال �آخر املت�صوفة عبد الكرمي اجليلي‬

‫‪52‬‬
‫املتويف ببغداد عام‪  1428‬يف كتابه «الإن�سان الكامل» ُروي عن جمنون ليلى �أ ّنها م ّرت به‬
‫لتحدثه‪ ،‬فقال لها‪ :‬دعيني ف�إنيّ م�شغول بليلى عنك‪ ...‬وهذا �آخر‬ ‫ذات يوم فدعته �إليها ّ‬
‫مقامات الو�صول‪ ..‬ال يبقى عا�شق وال مع�شوق وال يبقى �إ ّال الع�شق وحده وع�شق ّ‬
‫الذات‬
‫املح�ض‪.1‬‬
‫وال�شاعر غري مطالب �أن يعر�ض لنا حقائق مو�ضوعية عن العامل‪ ،‬فكل ما يدركه‬
‫ال�شاعر ويتح�س�س به يف الق�صيدة حمملة بجزء من ذاتيته‪ ،‬وكيانه وفرديته‪.2‬ويقول دكتور‬
‫عبد املح�سن عن عالقة الأديب بالواقع‪(:‬ب�أنه يرتبط بالواقع الذي يعي�شه فيه‪ ،‬وينفي‬
‫�أنه يكون ن�شاط الأديب‪ ،‬ن�شاط غري �إن�ساين ف�إن معناه ‪ -‬عجزنا الكامل عن التعامل‬
‫مع الإنتاج الذي يقدمه‪ ،‬وامتناعنا عن حم�أولة اال�ستمتاع به �أو فهمه �أو تقييمه �أو‬
‫حتليفه‪� .3‬أما عن هل هناك �سمات خا�صة بال�شاعر؟ تقول �إليزابيث درو‪(:‬ال�شعر نظمه‬
‫الأمراء والفالحون والعلماء والعامة‪ ،‬والن�ساك والدنيويون والثوار امل�ساملون والق�س�أو�سة‬
‫والعقالء واملجانني‪ -‬وقد نتج الفن حتت كل الظروف‪ ،‬ونظم ال�شعر يف ظل الأنظمة امللكية‬
‫والدميقراطية والديكتاتورية‪ ،‬ويف ع�صور اال�ضطهاد الديني وال�سيا�سي‪ ،‬ويف ظروف احلرب‬
‫وال�سالم‪� ،‬أما �أودن فيقول‪(:‬ال�شاعر هو الأب الذي ‪ -‬ينزل ‪ -‬الق�صيدة واللغة هي التي‬
‫حتبل بها) �أما وورد ورث يقول عن ال�شاعر (�أريد �أن �أقف طويال مع الألفاظ �أ�ستمتع‬
‫حلديثها)‪.4‬‬
‫ويقول دكتور �أحمد عبد احلي‪� :‬إن تغلل الناقد يف �إطار الن�ص‪ ،‬ومبعزل عن العوامل‬
‫املت�شابكة التي �أ�سهمت ‪ -‬بدرجات متف�أوتة يف تكوينه‪ ،‬يقطع �صلة هذا الن�ص باحلبل‬
‫ال�سري‪ ،‬الذي دفع الدماء يف �شرايينه!‪ .‬لذا يرى من حق الناقد بل من واجبه �أن ي�ستعني‬
‫‪)1‬عبد الله حامدي‪ .‬العالقة التامث ُلية بني الشعر والتصوف‪ .‬صحيفة النرص االلكرتونية‪ .‬الثالثاء‪ 05 ،‬كانون‪/2‬يناير ‪:00 2016‬‬
‫‪ )2‬د‪/‬عدنان خالد عبد الله‪ ،‬النقد التطبيقي التحلييل ـ الطبعة األوىل ـ بغداد ‪1986‬م ـ ص(‪.54‬‬
‫‪ )3‬د‪/‬عبد املحسن طه بدر‪ ،‬حول األديب والواقع ـ الطبعة الثانية ـ القاهرة دار املعارف ‪ 1980‬ـ ص(‪6‬‬
‫‪)4‬إلىزابث درو‪،‬الشعر كيف نفهمه ونتذوقه ـ ترجمة محمد إبراهيم الشوش ـ مؤسسة فرنكلني للطباعة والنرش ‪1961‬م‬
‫ـ بريوت نيويورك‪،‬ص (‪.24‬‬

‫‪53‬‬
‫بكل و�سيلة تنري جانبا من جوانب الن�ص‪.1‬ويقول عبد الرحمن �صدقي‪(:‬فالفن هنا وحياة‬
‫الفنان كل ال يتجز�أ) �إىل �أن يقول‪( :‬لن نعرف الرجل حق معرفته‪�،‬إال �إذا ت�أملنا يف �شعره‪،‬‬
‫ولن نقدر ال�شعر حق قدره‪،‬ونفهم ما يقول على وجهه‪�،‬إال �إذا اطلعنا على حياته‪ ،‬ووقفنا‬
‫على خربه)‪.2‬‬
‫ويقول الدكتور طه وادي‪ :‬تراثنا العربي حافل برتاجم الرجال‪ ،‬على اختالف �أعمالهم‪،‬‬
‫ولقد ازدهر فن كتابة ال�سري‪ ،‬يف ظل الفل�سفة الرومان�سية‪ ،‬التي تعلق من �ش�أن الفرد‬
‫وحتتفي بحياته)‪.3‬ويقول �أي�ضاً الدكتور طه وادي‪(:‬ولعل �أو�ضح منطني‪ ،‬ملنهج الكتابة عن‬
‫ال�شخ�صيات الأدبية العربية‪ ،‬ميكن �أن نلم�سهما عند العقاد وطه ح�سني �إن ال�شاعر ال�شعبي‬
‫(�أو �شاعر امللحون) ميت�ص جانبا من الت�صوف ثم يعيد ن�سجه وتنظيمه وفق ما تزود به من‬
‫علوم ومعارف دينية‪ .‬وهنا نالحظ �أن ال�شاعر ال�شعبي ال يجهل الأبعاد احل�ضارية خلطابه‪،‬‬
‫فهو ي�ستفيد مما تعطيه اجلماعة ال�شعبية كما ي�ستفيد من م�ؤهالته االجتماعية و الثقافية‪.‬‬
‫ويالحظ املتتبع لق�صائد ال�شعر ال�شعبي (امللحون) �أن احلكاية التي يرويها الأدب‬
‫ال�شعبي هي �سبيل وا�ضح ال�ستك�شاف الوعي ال�صويف يف م�ستوى من م�ستوياته‪،‬‬
‫والتعرف و لو ب�شكل �أويل على ما يعتمل داخل املجتمع من ن�شاط ديني وثقايف‪ .‬وغني‬
‫عن القول �أن ال�شاعر ال�شعبي ال�صويف مت�أثر بالثقافة الدينية وال�شعبية التي �أخذها من‬
‫حميطه والو�سط الذي عا�ش فيه‪ ،‬هذه الثقافة التي تعترب زا ًدا معرف ًيا متنو ًعا تقدمه (اجلامعة‬
‫‪4‬‬
‫ال�شعبية) املتمثلة يف امل�ساجد والزوايا‪.‬‬

‫‪ )1‬د‪/‬أحمد عبد الحي‪ ،‬شعر صالح عبد الصبور الغنايئ ـ الطبعة األوىل ـ القاهرة الهيئة املرصية العامة للكتاب ‪1988‬م ـ ص(‪.7‬‬
‫‪)2‬عبد الرحمن صدقي‪،‬الشاعر الرجيم بودلري ـ سلسلة إقرأ رقم (‪ )7‬القاهرة دار املعارف ـ ص (‪.7‬‬
‫‪)3‬طه وادي‪ ،‬شعر ناجي املوقف واألداء ـ الطبعة األوىل ـ القاهرة ـ مكتبة النرص املرصية ‪1976‬م ـ ص(‪57‬‬
‫‪ )4‬سعيد جاب الخري‪ .‬العالقة بني التصوف وشعراء امللحون (الشعر الشعبي)يف الجزائر‪« ،‬محمد بن مسايب» منوذجا‪.‬‬
‫عىل الرابط ‪htm.2-http://www.syrianstory.com/comment32‬‬

‫‪54‬‬
‫فن املديح النبوي وثمرته‪:‬‬
‫يعترب املديح النبوي فنا من فنون ال�شعر التي ن�شرها الت�صوف و�ساهم يف �إذكائها‪ ،‬وهو‬
‫لون من التعبري عن العواطف الدينية‪ ،‬وباب «من الأدب الرفيع‪ ،‬لأنه ي�صدر عن قلوب‬
‫مفعمة بال�صدق والإخال�ص»‪ 1‬تنب�ض بحب النبي ‪ r‬وبتعداد �صفاته اخللقية‪ ،‬و�إظهار‬
‫ال�شوق لر�ؤيته وزيارة قربه‪ ،‬كما يهتم هذا ال�شعر بذكر معجزاته املادية واملعنوية‪ ،‬والإ�شادة‬
‫بغزواته و�صفاته املثلى‪ ،‬والإكثار من ال�صالة وال�سالم عليه تقدي ًرا وتعظي ًما‪ ،‬وطلب الأجر‬
‫من اهلل ع ّز ّ‬
‫وجل بالثناء عليه‪.r‬‬
‫وغال ًبا ما يجتهد ال�شاعر املادح لإظهار تق�صريه يف �أداء واجباته الدينية والدنيوية‪ ،‬كما‬
‫يذكر �آثامه و�س ّيئاته وكرثة ذنوبه يف الدنيا معرت ًفا بها‪ ،‬ومظه ًرا كل م�سترتٍ‪ّ ،‬ثم يناجي اهلل‬
‫تعاىل ب�صدق و�شوق راج ًيا منه التوبة واملغفرة‪ ،‬وينتقل بعد ذلك �إىل الر�سول  طام ًعا‬
‫يف و�ساطته و�شفاعته يوم القيامة‪ ،‬ومتو�س ًال ب�أ�سمائه و�صفاته التي عرف بها‪.‬‬
‫ظن‪،‬‬ ‫ويتميز املديح النبوي بال�صدق والإخال�ص والنقاء من ّ‬
‫كل �شائعة واخللو من ّ‬
‫ويختلف متا ًما عن املدح التك�سب �أو املدح التملق املوجه للأ�شخا�ص والأعيان والأمراء‬
‫وامللوك‪ ،‬لأنه مدح خال�ص لأف�ضل خلق اهلل و�أح�سنهم على الإطالق �سيدنا حممد ‪ r‬فهو‬
‫معب�أ بال�صدق والوفاء واملحبة‪ ،‬تغمره التجربة الروحية والع�شق ل�شخ�صه الكرمي‪ ،‬فحبه من‬
‫العقيدة وواجب على كل م�سلم‪.1‬‬
‫«وال�صوفية عرفوا ب�أنهم من �أ�صحاب القلوب ومن �أ�صحاب الذوق يتحركون من‬
‫ن�سمات القرب (بك�سر القاف) وتهزمهم النغمات الناعمة اللطيفة ويا�ستهويهم ال�صوت‬
‫‪2‬‬
‫اجلميل واللحن الطروب فيت�صورون جالل اهلل يف كل حلن جميل ويف كل منظر جميل»‬
‫‪ )1‬ثاين أبوبكر عبدالله‪ .‬املديح النبوي يف شعر الشيخ عبد القادر بن محمد التاليك النيجريي‪ .‬ورقة منشورة يف مجلة‬
‫جامعة بخت الرضا العلمية‪ ،‬العدد الخامس عرش ‪.2015‬‬
‫‪)2‬عبد الهادي الصديق‪ .‬أصول الشعر السوداين‪ .‬املجلس القومي لرعاية اآلداب والفنون‪ -‬الخرطوم‪ ،1973 .‬ص‪97‬‬

‫‪55‬‬
‫لقد اكت�سح فن املديح م�ساحة كبرية يف خريطة ال�شعر العربي عرب ع�صوره املتالحقة‪،‬‬
‫كما �أجمع �أغلب الدار�سني على �أن هذا الفن ن�ش�أ يف �شعر العرب �إعجابا بالف�ضيلة‬
‫وثناء على �صاحبها‪ ،‬و�أن الغاية منه مل تكن يف البدء �سوى غاية خلقية‪ ،‬تتمثل يف توق‬
‫الإن�سان �إىل احلياة الف�ضلى‪ ،‬وبلوغ ما ارت�سمته من مثل �أعلى له‪ ،‬وحث الآخرين على‬
‫التحلي مبا يراه �صفات خرية‪ .‬وقد مل�س �أر�سطو عظمة هذا الفن‪ ،‬ذاكرا �أن «ال�شعر انق�سم‬
‫وفقا لطباع ال�شعراء‪ ،‬فذوو النفو�س النبيلة حاكوا الفعال النبيلة و�أعمال الف�ضالء‪ ،‬وذوو‬
‫النفو�س اخل�سي�سة‪ ،‬حاكوا فعال الأدنياء‪ ،‬ف�أن�ش�أوا الأهاجيز‪ ،‬بينما �أن�ش�أ الآخرون الأنا�شيد‬
‫والأماديح»‪.1‬‬
‫فكانت �أعراف ختم امل�ؤلفات يف جمال�س ال�شيوخ واالحتفال بها‪ ،‬منا�سبة يت�سابق‬
‫الطلبة فيها �إىل �صنع املدائح يف �شيوخهم م�شاركة منهم حدث االحتفال واعرتافا منهم‬
‫بف�ضل الأ�شياخ‪.‬وال يكاد يخلو جمموع من جماميع الأ�شعار مما عرفته هذه الفرتة من‬
‫�أعمال �شعرية متعددة يف مدح ال�شيوخ‪� ،‬أما املعاين التي وظفها ال�شعراء يف هذا املدح‪،‬‬
‫فهي ال تكاد تخرج عن املعاين التي حددها قدامة وهي العقل وال�شجاعة والعدل‬
‫والعفة‪.2‬‬
‫كما مدحه بالكرم واجلود واحللم ميدحه بال�شجاعة‪ ،‬وي�ضفي عليه �صفة الهمة واملجد‪.‬‬
‫وهذا منط �آخر من و�سائل الدعوة ال�صوفية‪� .‬أن �أعظم ما مييز الإعالم ال�صويف يف‬
‫الدعوة �إىل اهلل تعاىل من قبل ال�صوفية هو ولعهم واهتمامهم الوا�سع بالكلمة املنظومة ‪-‬‬
‫�أي ال�شعر ‪ -‬فال�شعر مبا ميتاز به من حرية االنطالق عرب الأخيلة وال�صور الفنية ال�شفيفة‬
‫واقتحام الغام�ض من دهاليز املعاين الغام�ضة لهو خري ماي�سعف ال�صويف عندما ترق العبارة‬
‫واليبقى �سوى الإ�شارة‪ .‬فعرب الق�صيدة التي حتررت من كثافة الكلمات و�سبحت يف غيوم‬
‫‪1) http://www.nooreladab.com/articles.php?action=show&id=52Retrieved)202016/7/‬‬
‫‪ )2‬املصدر نفسه‬

‫‪56‬‬
‫الإ�شارات يت�سنى لل�صويف �أن ي�سكب ع�صارة جتربته الوجدانية الذاتية م�ستخدما ف�صاحة‬
‫البيان ملخاطبة العامة‪ ،‬ومعميات الرمزية للتعبري عن جتربته الذاتية امل�ضمون بها على غري‬
‫�أهلها؛ فال�صويف �صاحب خطاب عام‪ ،‬كما انه �صاحب خطاب خا�ص‪� ،‬شانه يف ذلك �شان‬
‫�أرباب كل �صنعة يحفظونها من �سرقة املبطلني وتغول املنتحلني ومكر املند�سني‪.1‬‬
‫ومن ق�صائد ال�صوفية و�أ�شعارهم تعلم النا�س الكثري عن الإ�سالم وعن التوحيد‪،‬‬
‫وعرفوا ال�سرية النبوية ال�شريفة و�أخالق النبي ‪ ،‬ووقفوا على مناقب �آل البيت‬
‫وال�صحابة وال�سلف ال�صالح؛ فكان ال�شعر ال�صويف مدر�سة للإر�شاد‪ ،‬وكان �أ�شبه بال�شعر‬
‫التعليمي (‪ )didactive verse‬الذي نظم به العلماء قواعد االعتقاد والتوحيد وقواعد‬
‫اللغة العربية‪ .‬ف (املدحة) والق�صيدة ال�صوفية ‪ -‬وال �سيما تلك املكتوبة باللغة العامية‬
‫‪� -‬سهلة الفهم لعامة النا�س‪ ،‬وهي بهذا ال�سبب �أكرث فاعلية يف ن�شر ال�سرية النبوية وعلوم‬
‫الإ�سالم‪.2‬‬
‫فقد �صاغت املت�صوفة �آدابها بالطريقة التي ر�أت فيها منوذج احلقيقة النا�صعة لروح‬
‫الإ�سالم‪� .‬أي �أنها طابقت �سعيها الرتبوي وقواعد �سلوكها بال�صيغة التي تتج�أوب فيه‬
‫تعاليم الإ�سالم مع ثالثية العلم واحلال والعمل‪ .‬ولهذا انطلق �سراج الدين الطر�سي (ت‬
‫‪378 -‬هـ) يف ا�ستعرا�ض مقدمات الأدب ال�صويف من الآية القر�آنية‪( :‬يا �أيها الذين �آمنوا‬
‫قوا �أنف�سكم و�أهليكم نار) �إال معتربا �إياها حتذيرا وو�صاية على �ضرورة الرتبية والأدب‬
‫والتعلم من �أجل وقايتهم‪� ،‬أما الق�شريي (ت‪475-‬هـ)‪  ‬فانه ا�ستند �إىل الآية‪( :‬ما زاغ‬
‫الب�صر وما طغى) باعتبارها التمثيل الأعمق حلفظ �آداب احل�ضرة الإلهية‪.3‬‬

‫‪ )1‬عبد الحمن محمد عبد املاجد ود الكبيدة‪ .‬االعالم عند الصوفية‪ .‬مطبعة حصاد ‪ -‬الخرطوم ‪ 2007‬ص ‪49‬‬
‫‪ )2‬عبد الحمن محمد عبد املاجد ود الكبيدة‪ .‬االعالم عند الصوفية‪ .‬مطبعة حصاد ‪ -‬الخرطوم ‪ 2007‬ص‪52‬‬
‫‪3)http://www.syrianstory.com/comment322-.htm‬‬

‫‪57‬‬
‫م�صادر الألفاظ ال�صوفية‬
‫يقف املطالع يف �ألفاظ املت�صوفة وا�صطالحاتهم‪ ،‬على �أنها م�ستمدة من عدة م�صادر‪،‬‬
‫ثم �صرفت لدالالت جديدة خا�صة بهم‪ ،‬وي�صعب فهمها فهما دقيقا من قبل غريهم؛‬
‫ذلك لأنها تعتمد على التجربة واملعرفة الذوقية‪ ،‬وهما �أمران ال �سبيل �إىل «ت�أطريهما» وفقا‬
‫ملعايري و�أقي�سة علمية منطقية‪.‬‬
‫ون�ستطيع رد ا�صطالحات ال�صوفية �إىل الفقه والتوحيد من علوم الديانة الإ�سالمية‪،‬‬
‫و�أكرثها م�ستمد من القر�آن الكرمي واحلديث النبوي ال�شريف‪ ،‬فلو ت�أملنا يف ا�صطالحات‬
‫البدايات ومقاماتها من عنا�صر ودعامات املنازل الع�شرة عند الهروي‪ :‬اليقظة‪ ،‬التوبة‪،‬‬
‫املحا�سبة‪ ،‬الإنابة‪ ،‬التفكر‪ ،‬التذكر‪ ،‬واالعت�صام‪ ،‬والفرار‪ ،‬والريا�ضة وال�سماع ـ لوجدنا �أنها‬
‫مما ورد يف القر�آن الكرمي بلفظه �أو بفعله عدا الريا�ضة‪ ،‬ونظري ذلك يف الأبواب‪ :‬احلزن‪،‬‬
‫اخلوف‪ ،‬الإ�شفاق‪ ،‬واخل�شوع‪ ،‬والإخبات‪ ،‬والزهد‪ ،‬والورع‪ ،‬والتبتل‪ ،‬والرجاء والرغبة‪� .‬إذ‬
‫�إن معظم هذه الألفاظ قر�آنية ملعانيها‪ ،‬لوال �أن القوم �أ�ضفوا عليها �أبعادا‪ ،‬واخت�صوا بها دون‬
‫غريهم‪ .‬وقد يطول بنا احلديث يف ا�ستعرا�ض اال�صطالحات التي ا�ستمدها املت�صوفة من‬
‫القر�آن الكرمي واحلديث ال�شريف‪ ،‬وقد يكون خري مثال يو�ضح مذهب القوم يف الت�صوف‬
‫يف الألفاظ وتوليدها ما يعرف يف ا�صطالحاتهم با�سم «العلم اللدين»‪ ،‬من كلمة «لدن»‬
‫الواردة يف قوله تعاىل‪« :‬وعلمناه من لدنا علما»‪ ،‬وهو العلم الذي ينفتح يف �سر القلب من‬
‫غري �سبب م�ألوف من اخلارج‪.‬‬
‫كما ي�ستخدم املت�صوفة ا�صطالحات م�ستمدة من معجم اللغة العام‪ ،‬كاحلرية واحلزن‪،‬‬
‫ولكنها ال ت�ستخدم للداللة على املعنى امل�ألوف‪ ،‬فاحلرية والعبودية عندهم لعالقة‬
‫بال�شهوات والنف�س وال�شيطان‪ ،‬فمن توالها فهو عبد لها‪ ،‬ومن �أفلت من �سطوتها فهو‬
‫احلر‪ .‬واحلزن عند عامة النا�س �إمنا يكون على الدنيا وما فيها‪ ،‬ونادرا ما ميون على �شيء‬

‫‪58‬‬
‫�آخر‪ ،‬بينما �شرطه عندهم �أال يكون على الدنيا وما فيها‪ .‬واحلزن هو زاد ال�صويف وراحلته‪،‬‬
‫والقلب الطروب يف نظرهم هو قلب فارغ خرب‪ ،‬والقلب احلزين قلب مملوء بالإميان واخل�شية‬
‫والرجاء‪.‬‬
‫ب�إجمال‪ ،‬ف�إن الت�صوف العالقة بالنف�س و�أحوالها‪ ،‬وباملعرفة و�سبيلها‪ ،‬وهو عندهم‬
‫القلب والذوق‪ ،‬ومن هنا كانت ا�صطالحاتهم م�ستمدة من معجم النف�س‪ ،‬و�أكرث ذلك‬
‫من القر�آن الكرمي‪ ،‬كتاب النف�س ودليلها الذي و�ضعه �صانعها ـ ع َّز وجل ـ وهو �أدرى بها‪.‬‬
‫وقد ذهب القوم بعيدا يف التحليل‪ ،‬وتعمقوا‪ ،‬فو�صلوا �آفاقا مل ي�صل �إليها �سواهم‪ ،‬فعرفوا‬
‫من احلقائق ما مل يعرفه غريهم‪ ،‬وبالتايل ف�إنهم و�إن ا�ستخدموا �ألفاظنا‪� ،‬إال �أنهم يحلقون‬
‫مبعانيها يف �أجواء �أرحب من �أجواء معانينا‪ ،‬و�أكرث �إ�شراقا‪ ،‬فال عجب �إن نحن حمنا حول‬
‫معانيهم دون �أن ندركها مثل ما يدركونها هم‪.‬‬
‫وكي نتمكن من �سرب العالقة بني �ألفاظ املت�صوفة ودالالتها‪ ،‬فغنه ال بد لنا بداية من‬
‫ا�ستعرا�ض نظرية املعرفة عندهم‪ ،‬و�سبيلهم �إىل حتقيقها و�إدراكهاـ وهل هم �سواء وغريهم‬
‫يف ذلك‪� ،‬أم �أنهم خمتلفون‪ ،‬وهل يخ�ضع االختالف �إىل �أقي�سة ومعايري متكنا من التحقق‬
‫مما يعر�ض لنا ويكت�شف منه؟ وتوجيه ذلك كله‪ ،‬ان نظرية املعرفة ت�ضبط العالقة بني‬
‫املدركات والإن�سان‪ ،‬وتوجها وتتحكم يف م�سار داللة الألفاظ واال�صطالحات يف رحلة‬
‫ين‪.1‬‬
‫التطور‪ ،‬ومتكننا من ر�صد الأبعاد اجلديدة التي بلغتها رموز ال�صوفية �ألفاظا ومعا َ‬
‫و�سنعر�ض يف اال�سطر التالية عددا من االلفاظ وامل�صطلحات املتد�أولة خا�صة يف‬
‫ا�شعارهم‪.‬‬

‫‪ http://blogs.najah.‬اصطالحات الصوفية‪ ،‬أبعاد جديدة يف التطور الدإلىل)‪1)Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber‬‬


‫‪edu/staff/yahya-jaber/article/article144-‬‬

‫‪59‬‬
‫الرمز ال�صويف‬
‫مفهوم الرمز لغة و�أ�صطالحا‬
‫الرمز لغة‪ :‬ت�صويت خفي بالل�سان كالهم�س‪ ،‬ويكون حتريك ال�شفتني بكالم غريمفهم‬
‫باللفظ من غري �إبانة ب�صوت‪ ،‬و�إمنا هو �إ�شارة بال�شفتني‪.‬‬
‫وقيل‪� :‬إ�شارة و�إمياء بالعينني واحلاجبني وال�شفتني والفم‪ .‬وقيل‪ :‬كلما �أ�شرت �إليهم ما‬
‫يبان بلفظ ب�أي �شيء �أ�شرت �إليه بيد �أوبعني‪.‬‬
‫�أما الرمز ا�صطالحا‪ :‬يق�صد به معنى باطن خمزون حتت كال مظاهر ال يظفر به‬
‫�إال�أهله‪ .‬وقد�صدق من قال‪:‬‬
‫و�إن �سكتوا هيهات منك �إت�صاله‪4‬‬ ‫�إذانطقوا �أعجزكم مرمى رموزهم‬
‫�أما الرمز كمذهب �أدبي هو مذهب غربي‪ ،‬نهج نهجه رامبو (‪ ،)Rampoo‬وفرلني‬
‫(‪� .)Frleen‬أما هذا املذهب فقد نتج عن قدرة ال�صويف يف «و�صف ماال يو�صف وقول‬
‫ما ال ُيقال‪ ،‬ومرد هذا �إىل �شعورهم اللغوي احل�سا�س الذي ال يطيق املنطق وال التحليل‬
‫العقلي»(‪.)39‬‬
‫يقول �أحمد �أمني �إن من «خ�صائ�ص الأدب ال�صويف ال�سمو الروحي‪ ،‬واملعاين‬
‫النف�سية العميقة‪ ،‬واخل�ضوع التام لإرادة اهلل القوية‪ ،‬و ُبعد اخليال وال�شطحات‪ ،‬كما يت�صف‬
‫بالغمو�ض واملعاين الرمزية» (‪.)40‬‬
‫وجند – �أحياناً‪� -‬أن ال�صويف – ُيح�أول �أن ُيف�سر �ألفاظه الرمزية برمز �آخر‪ ،‬فيزيد من‬
‫ذكرت امل�شاهدة و «هي ح�ضو ُر‬
‫الإبهام‪ ،‬ومن ذلك ما ورد يف «الر�سالة الق�شري ّية» عندما ْ‬
‫احلق من غري بقاء تهمة‪ ،‬في�شعر ب�أن هذا الكالم فيه �إبهام على ال�سامع‪ ،‬ويحتاج �إىل تقريب‬

‫‪60‬‬
‫من الإ�سماع‪ ،‬وذكرت الر�سالة الق�شري ّية» �شرحاً‪ ،‬وقالت‪« :‬ف�إذا �أ�صبحت �سماء ال�س ّر عن‬
‫غيوم ال�سرت‪ ،‬ف�شم�س ال�شهود م�شرقة من برج ال�شرف‪ ،‬فالق�شريي يرمز �إىل امل�شاهدة ب�أنها‬
‫ح�ضور اهلل �سبحانه وتعاىل من غري �أي �شك �أو تهمة لكن ال�سامع يقف موقف حرية من‬
‫هذه امل�شاهدة‪ ،‬ولكي ُيزيل الكاتب هذه احلرية عن ال�سامع يبد�أ بال�شرح الذي يزيل‬
‫الإبهام‪ ،‬مع �أن هذا الكالم ُمنمقاً بالت�شبيهات التي ُت�ضفي على التعبري جما ًال مميزاً‪.1‬‬
‫فال�شاعر ميتح من الباطن ومثله ال�صويف ولدلك كانت لغتها مباينة للغة النا�س كافة‪،‬‬
‫هي لغة اخل�صو�ص ال لغة العموم‪ ،‬لغة املجاز والرمز ال لغة الت�صريح والو�ضوح‪ ،‬يلج�أ �إليها‬
‫املت�صوفة �أما الن لغة العموم ال تفي بالتعبري عن معانيهم ومواجيدهم و�أما �ضنا با يقولون‬
‫علي من �سواهم‪ ،‬وال�صويف بلغته الرمزية الغام�ضة اليخرج كل ما بداخله‪ ،‬ال من يريد �أن‬
‫يعرف حقيقة التجربة ال�صوفية فعليه �أن «يذوقها» ال �أن يقراها فح�سب‪.2‬‬
‫فال�صوفية ي�ستعملون كل الآليات اللغوية املعروفة‪ ،‬والتي �إن �أنكرناها ف�إن كل اخلطابات‬
‫�سيكتنفها الغمو�ض‪ ،‬وت�صبح داللتها معر�ضة �إىل �أن حتمل على غري حمملها‪ ،‬ومن هذه‬
‫الآليات املجاز واال�ستعارة والكناية والعام الذي يراد به اخلا�ص‪ ،‬واخلا�ص الذي يراد به‬
‫العام واعتماد الإ�شارة عو�ض العبارة �إىل غري ذلك‪ ،‬ففي ل�سان القوم من اال�ستعارات‬
‫و�إطالق العام و�إرادة اخلا�ص و�إطالق اللفظ و�إرادة �إ�شارته دون حقيقة معناه ما لي�س‬
‫يف ل�سان �أحد من الطوائف غريهم‪ ،‬ولهذا يقولون‪ ››:‬نحن �أ�صحاب �إ�شارة ال �أ�صحاب‬
‫عبارة›› و‹الإ�شارة لنا والعبارة لغرينا ›‪ .‬و�صار هذا �سببا لفتنة طائفتني‪:‬‬
‫طائفة تعلقوا عليهم بظاهر عباراتهم فبدعوهم و�ضللوهم‪.‬‬
‫وطائفة‪ :‬نظروا �إىل مقا�صدهم ومغزاها‪ ،‬ف�صوبوا تلك العبارات و�صححوا الإ�شارات‪،‬‬
‫فطالب احلق بقلبه ممن كان ويرد ما خالفهمن الق�ضايا التي ميكن �أن ت�ضيء املقاربة اللغوية‬
‫‪1)http://www.ghrib.net/vb/showthread.php?t=20731‬‬
‫‪ )2‬إبراهيم محمد منصور‪ .‬الشعر الصويف‪ .‬دار األمني للنرش والتوزيع‪ – 1996 .‬ص‪.24 -‬‬

‫‪61‬‬
‫جوانبها ق�ضية ا�ستعمال الرمز يف اللغة ال�صوفية‪ ،‬وهو �أمر يعود ‹› �إىل ق�صور اللغة الو�ضعية‬
‫نف�سها‪� ،‬إذ �أنها لغة و�ضعية ا�صطالحية تخت�ص بالتعبري عن الأ�شياء املح�سو�سة واملعاين‬
‫املعقولة‪ ،‬يف حني �أن املعاين ال�صوفية ال تدخل �ضمن نطاق املح�سو�س‪ .‬وقرر الغزايل ذلك‬
‫الأمر �أي�ضايف قوله‪ ‹‹ :‬ال يح�أول معرب �أن يعرب عنها (�أي احلقيقة ال�صوفية)ال ا�شتمل لفظه‬
‫على خط�أ �صريح‪ ،‬ال ميكنه االحرتاز عنه››‪.‬‬
‫ومن املالحظات املهمة حول طبيعة (الرمز) ال�صويف جلوء ال�صويف ا�ضطرارا �إىل‬
‫ا�ستخدام الأمثلة املح�سو�سة يف التعبري عن معان غري حم�سو�سة وغري معهودة‪ ،‬وهذا ما‬
‫و�ضحه الغزايل يف قوله‪‹‹:‬اعلم �أن عجائب القلب خارجة عن مدركات احلوا�س››‪ ،‬وهو‬
‫ما �أثبته ‪ -‬فيما بعد ‪ -‬الباحثون �سمة مالزمة لطبيعة الرمز ال�صويف‪.‬‬
‫�إن هذه الطبيعة املزدوجة املتناق�ضة يف التعبري عما هو غري حم�سو�س مبثال حم�سو�س‬
‫ت�ضفي على الرمز ال�صويف قابليته للت�أويل ب�أكرث من وجه‪ ،‬ولهذا ي�صادفك �أكرث من ت�أويل‬
‫واحد للرمز الواحد‪ ،‬مما يجعل الرمز ال�صويف بقدر ما يعطي من معناه فهو يف نف�س الوقت‬
‫يخفي من معناه �شيئا �آخر‪ ،‬وهكذا يكون الرمز خفاء وظهورا معا ويف �آن واحد‪ .‬فهو على‬
‫نقي�ض الرمز الريا�ضي الذي �أريد له �أن ي�ضبط الداللة ويق�صي بعيدا �أية �إمكانية �أو مرونة‬
‫للت�أويل �أو التف�سري الذي قد حتمله العبارات اللغوية االعتيادية››‬
‫�إن م�س�ألة حجاب الرمز الذي قد يحول بني القارئ وبني الن�ص ال�صويف هي من‬
‫�أعو�ص امل�شكالت‪ ،‬باعتبار �أن حجاب الرمز هذا قد يكون وراء كثري من الت�شوهات التي‬
‫تلحق فهم القارئ للن�ص‪ ،‬وبالتايل �إىل ت�شوه الر�ؤية الفكرية للت�صوف ككل‪ ،‬ومن هنا كان‬
‫من ال�ضروري التو�سل ب�آليات فهم الن�ص ال�صويف كي ال تقع يف هذه املزالق‪ ،‬خ�صو�صا‬
‫و�أن ‹›م�ؤلفات و�أقوال املت�صوفة تزخر بالرمز‪ ،‬والرمز من حيث هو رمز‪ ،‬له قابلية لت�أويالت‬
‫�شتى‪ ،‬لذا �شدد املتخ�ص�صون على وجوب احلذر‪ ،‬يقول عفيفي‪ ››:‬كان لزاما على الناظر‬

‫‪62‬‬
‫يف �أقوال ال�صوفية �أن يكون على حذر يف فهمها وت�أويلها واحلكم عليها‪ ،‬و�إال �صرفها �إىل‬
‫غري معانيها‪ ،‬وقدميا �أن�شد �أحد ال�صوفية‪:‬‬
‫�إذانطقوا �أعجزكم مرمى رموزهم و�إن �سكتوا هيهات منك �إت�صاله‬
‫�إن القراءة اجلامدة التي تق�صي البعد الوجداين يف الن�ص ال�صويف هي قراءة واقعة‬
‫يف خلل الفهم ال حمالة‪ ،‬فالرمز ال�صويف ‹‹عامل خا�ص لكي ندخله ال بد �أن نتج�أوز››‬
‫العقل››‪،‬لأنه �إمنا يعمل وفقا ملبد�أ الذاتية وعدم التناق�ض والرمز على العك�س من‬
‫ذلك يحت�ضن الأطراف املتناق�ضة وهو ال ينك�شف لنا عن طريق الت�صورات املجردة‪،‬‬
‫و�إمنا يك�شفه احلد�س الذي مي�س باطن الذات فيجلو لها حقائق جتل عن الفهم‪ ،‬لو �أردنا‬
‫�أن نتن�أولها بعدة املنطق التقليدي واملعرفة العقلية‪ ،‬ومعنى هذا �أن التجربة ال�صوفية ينبغي‬
‫�أن تف�سر مبنطق �آخر عاطفي وجداين‪،‬لأننا ل�سنا يف جمال فيزيائي يعتمد على املعطيات‬
‫احل�سية‪ ،‬وهذا املنطق املف�سر للتجربة ال�صوفية مبا فيها من و�ضعية روحية وما فيها من �أذواق‬
‫وتلويحات وظواهر نف�سية ووجودية على �إثبات التمزق والوحدة املتوترة التي ت�ستقطب‬
‫الأطراف املتقابلة‪.‬‬
‫وتو�ضيح ذلك �أن ال�صويف �إمنا ين�شد خال�صه ويحقق علوه وهو مغرو�س يف طينة هذا‬
‫العامل الذي يبدو موقفا نهائيا مفرو�ضا‪ ،‬لكنه يف ارتباطه بالعامل ي�ستوح�ش مما �سوى اهلل‬
‫لأنه هو الوجود احلق املطلق‪ .‬وهكذا تنمو النزعة ال�صوفية حتت ت�أثري ديالكتيك وجداين‬
‫يت�سم بالتوتر‪.‬‬
‫وهاهنا ينبغي �أن منيز بني لغة مو�ضعية ولغة رمزية وفقا للتمييز بني ما هو فيزيائي وما هو‬
‫نف�سي حيوي‪ ،‬ومن البديهي �أن التجربة ال�صوفية ال يجدي يف تن�أولها اللغة الأوىل لأنها‬
‫جتربة ذات طابع نف�سي حيوي‪ ،‬ولذا جندها لغة مرموزة توائم ما تعرب عنه من �أحوال نف�سية‬
‫ووجودية عالية››‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫وجترنا املقاربة اللغوية �إىل املقاربة الإبداعية الأدبية‪ ،‬وهو جمال لل�صوفية فيه الباع‬
‫الطويل باعتبار ما �أنتجوه من �أدب عال �شعرا ونرثا‪ ،‬و�إن كنا �سنجد �أن البع�ض ي�ؤاخذ‬
‫ال�صوفية نظرا لبعد غور الرمزية التي ي�ستعملونها يف �أدبهم‪ ،‬واحلقيقة هي ما عرب عنها‬
‫�صاحب اجتاهات الأدب ال�صويف الذي يقول‪ ›‹ :‬الت�صوف يف حقيقته �إيثار وت�ضحية‪ ،‬وهو‬
‫نزوع فطري �إىل الكمال الإن�ساين والت�سامي واملعرفة‪ ،‬والواقع �أننا �إذا ت�أملنا �أدب ال�صوفية‬
‫�شعرا ونرث �أوجدنا رمزا غريبا‪ ،‬ومنطا عجيبا‪ ،‬وبعدا عن الت�صريح‪ ،‬و�إيثارا للتلويح‪ ،‬واعتمادا‬
‫على الإ�شارة‪ ،‬وعالقات خفية يف التجوز بالكالم‪ ،‬ودرجات بعيدة بني املعاين احلقيقية‬
‫واملعاين اللزومية ال يكاد يفهمها فاهم‪ ،‬وال ي�صل �إىل جوهرها عامل �أو حامل»ولي�س الرمز‬
‫يف ال�شعر ال�صويف راجعا �إىل الكنايات البعيدة وحدها‪ ،‬و�إطالق �أ�سماء من قبيل الرموز‬
‫اخلفية على م�سميات ال يراد الت�صريح بها‪ ،‬ك�إطالقهم اخلمرة على لذة الو�صل ون�شوته‪.‬‬
‫واملعاين احل�سية التي ي�ستعملها ال�صوفية يف الداللة على املعاين الروحية يرمزون بها �إىل‬
‫مفاهيم وجدانية على الرغم من الرداء املادي الذي تبدو فيه‪ ،‬ومن ثم ا�ستعمل ال�صوفية‬
‫الو�صف احل�سي والغزل احل�سي واخلمر احل�سية و�أرادوا بها معاين روحية‪.1‬‬
‫ال�شعر وعالقته بالرمز ال�صو ّ‬
‫يف‬
‫حمل تن ُّزل الواردات والإلهامات‪ ،‬وهو كذلك‬ ‫ندرك ّمما �سبق �أنّ قلب العارف ّ‬
‫إبداعي‪ ،‬ونظرا للطافة املعاين املتلقّاة اعتمد ال�صوف ّية‬
‫ال�شعري والإنتاج ال ّ‬
‫ّ‬ ‫حمل الفي�ض‬‫ّ‬
‫احل�س ّي �إىل الالحم�سو�س نحو‬‫خا�صة هي لغة الرمز والإ�شارة لأ ّنهم جتاوزوا الواقع ّ‬ ‫لغة ّ‬
‫كل عارف‪ .‬ف ُعرفوا بتكثيفهم للرمز لأنّ اللغة العاد ّية مل‬‫الو�صول �إىل املعرفة الإله ّية �أمل ّ‬
‫َت ِف بغر�ضهم‪ ،‬فا�ستغلقت معاين ق�صائدهم‪ ،‬وما �أ�صاب احل ّالج من املطاردة والقتل �أخريا‬
‫�أعطى الت�ص ّوف منحى �آخر و�أ�صبح �أكرث باطنية وتعقيدا وغمو�ضا‪ .‬يقول ابن عربي‪:‬‬
‫‪ )1‬أحمد غاين‪ .‬مع مقاربات التصوف وقفة مع املقاربة اللغوية ‪ -‬املصطلحية‪ .‬عىل الرابط ‪http://www.syrianstory.‬‬
‫‪htm.2-com/comment32‬‬

‫‪64‬‬
‫�أال �إنّ الرموز دليل �صدق ‪     ‬على املعنى املُغ َّيب يف الف�ؤاد‬
‫وي� ّؤكد ابن عربي �أنّ عدم ا�ستطاعة ال�صوف ّية التعبري عن مدركاتهم �أجل�أهم �إىل الرمز‪.‬‬
‫ويلتقي ال�شعر والرمز ال�صو ّيف يف فكرة الغمو�ض‪� ،‬إذ ي� ّؤكد النقّاد القدامى)�أنّ‬
‫�أح�سن ال�شعر ما غم�ض) لأنّ ال�شعراء يعتمدون لغة اخليال املرتكزة على اال�ستعارات‬
‫وجت�سدها من املح�سو�سات‪ .‬ويرى العارفون‪ ،‬حال‬ ‫لرتكب ال�صور ال�شعر ّية ّ‬‫والكنايات ِّ‬
‫تلقّيهم الإلهامات العلو ّية‪� ،‬أنّ تلك املواقف يف غاية اللطافة‪ ،‬واللغة عاجزة على احتواء‬
‫فيوظفون الرمز ل�سرت تلك الإلهامات فت�صبح �إ�شارية �إميائية‪ ،‬ذات معاين‬‫ذلك املوقف‪ّ ،‬‬
‫تلخ�ص يف ثالثة رموز‪ :‬رمز املر�أة والطبيعة واخلمر‪ّ ،‬‬
‫ولكل رمز داللته‬ ‫روحان ّية علو ّية‪ّ ،‬‬
‫العربي عموما‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الروح ّية ح�سب املقامات واملراتب‪ ،‬والرموز الثالثة مقتب�سة من ال�شعر‬
‫والعذري خ�صو�صا‪.‬‬
‫ّ‬
‫املر�سي (‪ 686‬هـ)‪ ،‬تلميذ ال�شاذ ّيل‪:‬‬
‫فمِ ن رمز املر�أة‪ :‬قول �أبي الع ّبا�س ّ‬
‫�أعندك من ليلى حديث حم ّرر ‪     ‬ب�إيراده يحيا الرميم وين�شر‬
‫فـ (ليلى) هنا رمز للمح ّبة الإله ّية‪ ،‬فال�صو ّيف ال�شاعر �أخذ لفظة (ليلى)التي تعني‬
‫إلهي �أو املعرفة الر ّبان ّية‪.‬‬
‫احلب ال ّ‬
‫املر�أة التي هام بها قي�س‪ ،‬و�شحنها مبعاين روح ّية ق�صد بها ّ‬
‫ومن رمز الطبيعة‪ :‬قول احل ّالج (‪ 309‬ﻫـ)‪ ،‬م�شريا �إىل احلقيقة بال�شم�س‪:‬‬
‫أحببليـل‪     ‬فا�ستنارت فما لها من ‪ ‬غروب‬ ‫طلعت�شمـ�س َمن� ّ‬
‫�إنّ �شم�س النهـار تغرب بالليـ ‪    ‬ــل و�شمـ�س القـلوب ليـ�س تغيـب‬
‫فال�شم�س يف البيت الأ ّول رمز للحقيقة الإله ّية التي تتج ّلى مبعارفها على قلب‬
‫العا�شق ال�صو ّيف‪ ،‬وهي �شم�س القلوب‪ .‬وال�شم�س الثانية هي ال�شم�س ّ‬
‫احل�س ّية التي تغيب‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫ين‪:‬‬
‫ومن رمز اخلمر‪ :‬قول ال�شيخ �س ّيدي �أحمد التجا ّ‬
‫�أال ليت �شعري هل �أفوز ب َِ�س ْك َر ٍة ‪     ‬من ّ‬
‫احلب حتيي م ّني ّ‬
‫كل رميمـة‬
‫ال�س ْكر‪ ،‬فهو ُ�س ْكر املح ّبة الإله ّية ال ال�سكر ّ‬
‫احل�س ّي‬ ‫فنجد ال�شيخ هنا ي�شري �إىل معنى ُّ‬
‫كل رميم مبعارفها و�أ�سرارها‪ ،‬وقد �شرب منها‬ ‫املعروف‪ ،‬تلك املح ّبة التي من �ش�أنها �أن تحُ يي ّ‬
‫ال�شيخ‪ ،‬بل ا�ستغرق يف حقيقتها‪ .‬يقول مادحه �س ّيدي احلاج بلم�سق ّْم بل�سانه امللحون‪:‬‬
‫�شربت من طريق املعرفة كا�س ‪     ‬يف الكون وفقك عالم الغيوب‬
‫باحلب واملعرفة الإله ّية‪ .‬و�إذا كانت هذه اللغة غري‬
‫فال�شراب عند ال�صوف ّية يقرتن ّ‬
‫مبا�شرة ف�إنّ لها عالقة بلغة ال�شعر امل ّت�صفة بالإمياء وتوظيف املجاز والكناية‪ ،‬وهنا نلتم�س‬
‫التداخل بني ال�شعر والرمز ال�صو ّيف‪.‬‬
‫وهناك وجه �آخر يربط بني ال�شعر والرمز ال�صو ّيف يكمن يف عمل ّية �شحن الألفاظ‪،‬‬
‫فكل من ال�شاعر الف ّن ّي وال�شاعر ال�صو ّيف يعتمدان يف بناء �صورهما ال�شعر ّية على �شحن‬
‫ّ‬
‫إ�شاري) مبا‬
‫خا�صة‪ .‬ونلتم�س هذا (ال�شحن ال ّ‬ ‫لتدل على معاين ّ‬ ‫اللفظة بطاقات �إيحائية ّ‬
‫�ص ّوب به ر�سول اهلل �ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم ال�شاعر كعب بن زهري يف الميته (بانت �سعاد)‪،‬‬
‫�إذ قال‪:‬‬
‫�إن الر�سول لنور ي�ست�ضاء به ‪     ‬مه ّند من �سيوف الهند م�سلول‬
‫فقال ر�سول اهلل �ص ّلى اهلل عليه و�س ّلم‪« :‬بل من �سيوف اهلل ال الهند »‪ .،‬ومنه �شحنت‬
‫املقد�سة ال�سم اجلاللة (اهلل) بطاقات �أخرجت معنى ال�سيف‬ ‫لفظة (�سيوف) ب�إ�ضافتها ّ‬
‫احلق‪ ،‬الق ّوة‪ ،‬النور‪ ،‬القدرة‪،‬‬
‫من حقيقته �إىل رموز و�إ�شارات �أخرى جديدة مثل (العدل‪ّ ،‬‬
‫الرحمة‪ ،)...‬وانزاحت عن معنى القتل والبط�ش املعروفينْ ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫الرمزي الدا ّلة على الفناء التا ّم يف حم ّبة اهلل يف قول احل ّالج‪:‬‬
‫ّ‬ ‫وجند ّقمة التعبري‬
‫�أقتلوين يا ثقاتي ‪�     ‬إنّ يف قتلي حياتي‬
‫احلقيقي فيه انقطاع عن احلياة وحتف النف�س وموتها‪� ،‬أ ّما (القتل)املق�صود يف‬ ‫ّ‬ ‫فالقتل‬
‫البيت هو رمز حياة ال�سعادة الأبد ّية مع اهلل‪ ،‬والقتل هنا يرمز �إىل الفناء مبفهومه ال�صو ّيف‪.‬‬
‫التغزوتي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫امعمر بن �سعده‬
‫ين ّ‬ ‫املداح التجا ّ‬
‫وملثل هذا القتل ي�شري ّ‬
‫اقتلني باحلب مانطلب�شي الثار ‪     ‬يف موتي حياة �أفـــهم ملعاين‬
‫وجند من ال�صوف ّية من ّوظف البديع من جنا�س وطباق ومقابلة و تورية‪...‬الخ توظيفا‬
‫ين‪ ،‬ويظهر‬
‫مبا�شرا يف بع�ض من ن�صو�صهم لكن �سرعان ما يرجعون �إىل التوظيف الروحا ّ‬
‫هذا يف �شعر ابن الفار�ض‪.‬‬
‫و ن�شري �إىل ظاهرة �أخرى لها ارتباط بالرمز ال�صو ّيف تتمثّل يف توظيفهم لل�شعر و�سيلة‬
‫للتعبري عن معارفهم‪ ،‬فما مر ّد ذلك ؟‬
‫يجيب ابن عربي ب�أنّ «ال�شعر ّ‬
‫حمل الإجمال والرموز والإلغاز والتورية«‪.‬‬
‫فال�صو ّيف لغته الرمز وال�شعر يرتكز على الرمز‪ ،‬لذا جل�أ ال�صوف ّية لل�شعر لت�صوير جتاربهم‬
‫لتحمل هذا العبء‪ ،‬لكن تلك الرموز «لي�ست مرادة لنف�سها و�إنمّ ا هي‬ ‫ملا له من �أهل ّية ّ‬
‫مرادة لمِ ا رمزت له ولمِ ا �ألغز فيها «‪ .‬ومن هذه احليث ّية نكت�شف العالقة الوثيقة بني ال�شعر‬
‫من الناحية الف ّنية ور�ؤية ال�صوف ّية للرمز والإ�شارة‪ ،‬كذا نظرتهم �إىل جوهر اللغة‪ .‬فلو ت�أ ّملنا‬
‫ال�شعري وجدناه يقوم على لغة املجاز‪ ،‬واملجاز مف ّعل لل�صورة ال�شعر ّية‪ ،‬بل‬ ‫ّ‬ ‫اخليال الف ّن ّي‬
‫هو عمود ال�شعر‪ .‬ومبا �أنّ ال�صوف ّية �س ّباقون �إىل فكرة الرمز‪ ،‬وفل�سفة االنزياح‪ ،‬و�إ�شارية اللغة‪،‬‬
‫فقد �أثّر ذلك يف الت ّيار احلداثي اليوم «من الرمز ّية و ال�سريال ّية‪ ،‬بل تب ّنوا الرمز ال�صو ّيف‬
‫واعتمدوه يف ق�صائدهم «و�إن كانت التجربتان خمتلفتني‪ .‬والقائمة طويلة لل�شعراء الذين‬

‫‪67‬‬
‫ين يو�سف يف ديوانه (�إ�شراقة)‪ ،‬نذكر منهم‬ ‫نزعوا منزع ال�صوف ّية �إىل جانب �أحمد التجا ّ‬
‫حمزة امللك طنبل يف (الطبيعة)‪� ،‬إيليا �أبو ما�ضي يف (الطال�سم)‪ ،‬حممد علي يف (�أحلان‬
‫و�أ�شجان)‪ ،‬و�أدوني�س يف (مفرد ب�صيغة اجلمع)‪ ،‬و�صالح عبد ال�صبور يف (النا�س يف بالدي)‪،‬‬
‫وعبد الوهاب البياتي يف (�أباريق مه�شّ مة)‪ ،‬و ب�شر فار�س يف (وحي)‪ ،‬وحممد عفيفي‬
‫مطر يف (النهر يلب�س �أقنعة)‪ ،‬والقائمة طويلة‪ .‬وقد �أ�شار النقّاد املحدثون‪َ ،‬و ُه ْم يبحثون يف‬
‫والديني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أ�سطوري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الرمزي احلديث هي‪« :‬الرمز ال‬‫موظفة يف ال�شعر ّ‬ ‫الرمز‪� ،‬إىل �أربعة رموز ّ‬
‫ال�شعري‬
‫ّ‬ ‫�شكلت الرتاث‬ ‫وال�شعبي»‪� .‬أ ّما ال�صوف ّية فنجد الرموز الكربى التي ّ‬
‫ّ‬ ‫والتاريخي‪،‬‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫و�شيئ من رموز احلروف والأعداد‪.‬‬ ‫ال�صو ّيف هي‪ :‬رمز املر�أة‪ ،‬والطبيعة‪ ،‬واخلمرة‪ٌ ،‬‬
‫اخلمر‪ ‬‬
‫اخلمر كما علم لفظ يطلق على ما خ�آمر العقل ف�سرته �أو غطاه �أو �أف�سده �أو فناه‪،‬‬
‫وا�ستعمال ال�شعراء من املت�صوفة لهذا اللفظ يجي على �سبيل املجاز والرمز واال�صطالح‪،‬‬
‫وقد و�صفوه ببع�ض ما و�صف به بع�ض العرب اخلمر من �أو�صاف‪ ،‬وهم بذا قد انتقلوا‬
‫باللفظ عن م�أو�ضع له لغة يف ا�صطالح التخاطب‪ ،‬وعن ما ا�ستعمله ال�شارع للفظ من‬
‫معنى‪� ،‬إىل ا�صطالح اقره عندهم العرف اخلا�ص‪ ،‬وجتوزوا ورمزوا مبا يالزم ا�صطالحهم‬
‫وال�سكر‪ ،‬وما �إىل غري ذلك من‬ ‫وال�ساقي‪ ،‬واحلان‪ ،‬والكرم‪ُ ،‬‬
‫من �ألفاظ كالك�أ�س‪ ،‬والدنان‪َ ،‬‬
‫متالزمات‪.2‬‬
‫باالنتقال �إىل اخلمرة ال�صوفية‪ ،‬ف�إمنا ذكر اخلمرة يف ال�شعر ال�صويف كان من قبيل عجز‬
‫كلمات لغتنا العادية عن حمل ن�شوة الغياب يف الذات الإلهية‪ ،‬وهي رمز على املح ّبة‬
‫الإلهية بو�صفها �أزلية قدمية‪ ،‬من ّزهة عن العلل املج ّردة عن حدود الزمان واملكان‪ ،‬وهذه‬
‫‪ )1‬محمد الغايل نعيمي‪ .‬عالقة التص ّوف بالشعر من حيث التأثري والتأث ّر‪ .‬عىل الرابط ‪http://www.nafahat7.net/‬‬
‫‪index.php?page=soufisme_lettre‬‬
‫‪( 2‬أبو الطيب الحفيني‪ .‬حادي العيس‪ .‬املجلس القومي للذكر والذاكرين‪).‬الخرطوم‪ ،‬نوفمرب ‪ ،2008‬ص ‪23‬‬

‫‪68‬‬
‫التي بوا�سطتها ظهرت الأ�شياء‪ ،‬وجت ّلت احلقائق و�أ�شرقت الأكوان‪ ،‬وهي اخلمرة الأزلية‬
‫فانت�شت و�أخذها ال�سكر وا�ستخفّها الطرب قبل �أن ُيخلق‬
‫ْ‬ ‫ا ّلتي �شربته الأرواح املج ّردة‬
‫‪1‬‬
‫العامل‪.‬‬
‫وملا كانت اخلمر رمزاً على املح ّبة الإله ّية بح�سب ما يقت�ضيه بناء لهذا ال�شعر‪ ،‬اقت�ضى‬
‫تنحل املفردات الأخرى املرتبطة بهذه اخلمرة‪ ،‬كالكرم‪ ،‬والبدر‪ ،‬والهالل‪،‬‬ ‫ذلك �أن ّ‬
‫وال�شم�س‪ ،‬وال ّنجم‪ ،‬وال�شّ ذا‪ ،‬فالبدر من حيث �إ ّنه ك�أ�س هذه املدامة �إنمّ ا هو رمز الإن�سان‬
‫الكامل بو�صفه �أفقاً لتج ّلي املح ّبة ومظهراً للمقام الأعلى‪.‬‬
‫وعلى الرغم من �أن اخلمرة يف الآخرة هي �إحدى جوائز امل�ؤمنني والأبرار‪� ،‬إال �أن‬
‫ال�صويف ال�شاعر �أو الفنان يقدمها لنا �ضمن �إطارها الدنيوي مع ما يتعلق به من مناظر‬
‫للحانة‪ ،‬وال�ساقي‪ ،‬وال�شرب‪ ،‬والطرب ل�صناعة �أبعاد درامية للعالقة باخلمرة‪ ،‬يح�أول ال�شاعر‬
‫من خاللها تطوير هذه العالقة للو�صول �إىل قمتها �أو ذروتها يف (الرواء املو�صل) �إىل الفناء‬
‫باملحبة الإلهية التي يغيب بها املرء عن الأغيار‪ ..‬والختيار اخلمرة �سبب �آخر‪.‬‬
‫خمرة ال�صويف بال طعم ورائحة لك َّنها نكهة قلب‪ ،‬وال توابع لها لأنها بدون بداية‬
‫ونهاية‪ ،‬واملخامرة هنا ال تخاطب حا�سة من حوا�س املدرك وامللمو�س وتفتك يف ُلب‬
‫العا�شق و�أخيلته وتخاطب �أحر منطقة يف �صدره مت�سامي ًة بروحه‪ ،‬والعا�شق �إذ ي�سكر مبعرفة‬
‫وحب مع�شوقه (اهلل) ال تذبل له حا�سة وال ين�أى به �أي ظاهر‪ ،‬فهو يح�أول قدر الإمكان‬
‫�أن ُي َع ِّط َل �أي دور للعقل العاجز عن �إنقاذه من فقدان الوعي املطلق يف ح�ضرة البحث‬
‫عن خالق الوعي وعدمه‪ ،‬فرتاه ثم ًال دون ك�أ�س وت�أرجح دون ذبول واجنذاب دون جاذب‪،‬‬
‫�سعياً ملوا�صلة الرنيفانا الإميانية التي يحرتق بها بلذ ٍة انعدم نظريها يف م�سكرات الدنيا‪ .2‬‬
‫‪ )1‬لني جمران‪ .‬الخمر واملرأة‪ ...‬ألن الصوفية تجأوزت الحواس‪ .‬نوفمرب ‪ .2014‬عىل الرابط‬
‫‪html.52-33-14-09-1-2014-25150/25-02-13-28-04-2013-eye.com/cuture/132-http://rep‬‬
‫‪(2‬عيل عبيدات‪ .‬ابن الفارض يف أوج نريفانا الخمر‪ 2015 .‬عىل الرابط ‪28970/11/http://thaqafat.com/2015‬‬

‫‪69‬‬
‫( َو ُي ْ�س َق ْونَ ِفي َها َك ْ�أ ً�سا كَانَ ِم َز ُاج َها َزنجْ َ ِبيلاً )‪( .‬الإن�سان ‪)17‬‬
‫( َو َ�سقَا ُه ْم َر ُّب ُه ْم �شَ َرابًا َط ُهو ًرا) (الإن�سان‪)21‬‬
‫ق���د ح����ار ف��ي��ه��ا ال��ص�ررصي‬ ‫خمرة االق���وام طامي بحرها‬
‫الزم األوراد وق���ت السحر‬ ‫إن تريد ان ترشبها ياصاحي‬

‫وقال خمرة ما قد دا�سها الفالح‬


‫ومن غري �سلطان العا�شقني ن�ست�شهد بكالمه دلي ًال على ما تقدمنا بذكره‪ ،‬فابن‬
‫يعد �أف�ضل من و�صف اخلمرة ال�صوفية‪:‬‬
‫الفار�ض ّ‬
‫َس ِكرنا بها‪ِ ،‬من قبل أن يُخل ََق الكَ ْر ُم‬ ‫الحبيب ُمدام ًة‬
‫ِ‬ ‫شرَ بنا َعىل ذكر‬
‫ِجت نَ ْج ُم‬
‫هالل‪ ،‬وكم يبدو إذا ُمز ْ‬ ‫ٌ‬ ‫شمس‪ ،‬يُديرها‬
‫كأس‪ ،‬وهي ٌ‬
‫لَها ال َبد ُر ٌ‬

‫الربق‬
‫كثري من �شعراء املديح يف ال�سودان يذكرون الربق الذي يظهر من اجتاه ال�شرق يف‬
‫�أ�شعارهم‪،‬لأنه ي�شري �إيل �أر�ض احلجاز التي فيها مقام الر�سول  و هو الربق القبلي‬
‫فيهيج م�شاعرهم وي�ؤجج �شوقهم في�سمونه »بريق �أم �سور وبرق احلجاز»‪ ،‬فيقل نومهم كما‬
‫جاء يف �إحدى ق�صائد �شاعرنا‪( :‬هادي الهدو) �إذ قال‪ :‬الربق تلو للو �شال نومي و�سافر ‪....‬‬
‫ومن املنام �صحو و�أ�صبحت متيم(‪�( )18‬سامل‪ ،‬عون‪2006،‬م) فيفعل فيه هذا الربق فعل‬
‫ال�سحر حترقاً و�شوقاً لر�ؤية مقام ر�سول اهلل �صلي اهلل عليه و�سلم وال�سفر �إىل الأرا�ضي املقد�سة‬
‫والنظر �إىل احلجرة ال�شريفة التي فيها �ضريح النبي �صلي اهلل عليه و�سلم والتي ب�سببها‬
‫يجلي نظره بتلك الر�ؤية‪،‬وهذا الربق يزيد من ولعه و�شوقه وهيامه للأرا�ضي املقد�سة‪ ،‬كناية‬
‫عن تعلقه‪،‬ويقال �إن الربق يعني النور املحمدي‪،‬و يعنى �أي�ضاً خفقان القلب بتلك الأماكن‬
‫ي�شتد ولعهم‬
‫الرتباطها بامل�صطفى عند املحبني‪،‬حيث �إنه كلما خطر خاطر بذكر امل�صطفى‪ُّ ،‬‬
‫وهيامهم به‪ ،‬ثم ختم الق�صيدة با�سم ال�شاعر كما درج �شعراء املديح على ذلك‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫ال�شرب‬
‫ال�شرب عموما يف الرمز ال�صويف ماخوذ من قوله تعاىل } َّمث َُل الجْ َ َّن ِة ا َّل ِتي ُو ِع َد المْ ُ َّتقُونَ ِفي َها‬
‫�أَ ْن َها ٌر ِّمن َّما ٍء َغيرِْ � ِآ�س ٍن َو�أَ ْن َها ٌر ِّمن َّل نَ ٍب لمَّ ْ َي َت َغيرَّ ْ َط ْع ُم ُه َو�أَنْ َها ٌر ِّم ْن َخ ْم ٍر َّل َّذ ٍة ِّلل�شَّ ا ِر ِب َني َو�أَنْ َها ٌر‬
‫ِّم ْن َع َ�س ٍل ُّم َ�صفًّى َو َل ُه ْم ِفي َها ِمن ُك ِّل ال َّث َم َر ِات َو َم ْغ ِف َر ٌة ِّمن َّر ِّب ْ‬
‫هِم{‬
‫�إال وان الذكر هو ال�سبيل �إىل هذا ال�شرب‪ ،‬وان حلق الذكر هي ريا�ض اجلنة يف‬
‫الأر�ض‪ ،‬وقد �أمرنا �أن نرتع فيها‪ ،‬وريا�ض اجلنة هذه جتري فيها انهار من لنب‪ ،‬ومن ماء‪،‬‬
‫ومن ع�سل‪ ،‬ومن خمر لذة لل�شاربني‪ ،‬وال يكون الرتع فيها �إال بالذكر‪ ،‬الذي �أن �صحبه‬
‫احل�ضور نتج عنه �شعور قلبي بهذه الريا�ض‪ ،‬ومبا حوت من �أنواع هذا ال�شراب الطهور‪،‬‬
‫الذي يتعاطاه الذاكر بفم قلب طهور كذلك‪ ،‬ولذا فقد يكون ال�شراب‪:‬‬
‫لبنا‪� :‬إ�شارة لعلوم الفطرة‪ ،‬ومن �شرب منها �شرب بكا�س الفطرة‪ ،‬ولعله م�أخوذ مما‬
‫�أخرجه البخاري يف �صحيحه عن عبد اهلل بن عمر �أن ابن عمر قال‪� :‬سمعت ر�سول اهلل‬
‫ قال بينا �أنا نائم �أتيت بقدح لنب ف�شربت حتى �إين لأرى الري يخرج يف �إظفاري‬
‫ثم �أعطيت ف�ضلي عمر بن اخلطاب قالوا فما �أولته يا ر�سول اهلل قال العلم‪.‬‬
‫�أو ماء قراحا‪� :‬إ�شارة لعلم التوحيد �شهودا‪ ،‬و�إ�شارة املاء للعلم اللدين والفي�ض‬
‫الرحماين جتدها فيما �أخرجه البخاري يف �صحيحة عن �أبي هريرة ر�ضي اهلل عنه قال‬
‫�سمعت النبي (�ص) يقول بينما �أنا نائم ر�أيتني على قليب عليها دلو فنزعت منها ما�شاء‬
‫اهلل ثم �أخذها ابن �أبي قحافة فنزع بها ذنوبا �أو ذنوبني ويف نزعه �ضعف‪ ،‬واهلل يغفر له‬
‫�ضعفه‪ ،‬ثم ا�ستحالت غربا ف�أخذها ابن اخلطاب فلم ار عبقريا من النا�س ينزع نزع عمر‬
‫حتى �ضرب النا�س بعطن‪ .1‬ون�ست�أن�س يف ذلك بقوله تعاىل‪َ »:‬و�أَ َّلو ْ‬
‫ِا�س َتقَا ُموا َع َلى َّ‬
‫الطرِي َق ِة‬
‫َ ألَ ْ�س َق ْي َنا ُه ْم َما ًء َغ َدقًا }اجلن‪{16:‬‬

‫‪ )1‬أبو الطيب الحفيني‪ .‬حادي العيس‪ .‬املجلس القومي للذكر والذاكرين‪).‬الخرطوم‪ ،‬نوفمرب ‪،2008‬ص‪39‬‬

‫‪71‬‬
‫فقد اخرج الإمام احمد بن حنبل يف كتاب الزاد عن خالد بن معدان قال‪�« :‬إن هلل‬
‫تبارك وتعاىل يف الأر�ض �آنية و�أحب �آنية اهلل �إليه ما رق منها و�صفا‪ ،‬و�آنية اهلل يف الأر�ض‬
‫قلوب عباده ال�صاحلني»‪.‬‬
‫فال �شك �أن القلب �أن كانت تربته �صاحلة و�أم�سكت من ماء العلم باهلل املوهوب �أن‬
‫تكون له من الإميان �شجرة �أ�صلها ثابت يف ار�ض القلوب وفرعها يف ال�سماء ت�ؤتي �أكلها‬
‫كل حني ب�إذن اهلل عطاء للنا�س غري ممنوع وال مقطوع‪.‬‬
‫�أو ع�سال‪� :‬إ�شارة للعلوم املحققة بالك�شف والإيحاء والفتوح والإلهام‪.‬‬
‫�أو خمرا‪� :‬إ�شارة لعلم احلال‪ ،‬مبا فيه من الب�سط الذي يعطي الطرب واال�ستلذاذ املفرط‬
‫الذي يغري بهتك الأ�سرار‪ ،‬وكل حال ان�ش�أ �أ�سرارا ومل يورث طربا وب�سطا وادالال‪ ،‬فلي�س‬
‫ب�سكر ولكنه غيبة قد تكون عن فناء �أو حمو �أو غري ذلك‪.1‬‬
‫الأ�سد‬
‫كان اال�سد معبودا يف بالد النوبة‪ ،‬وعند ال�صوفية هو حار�س املريدين يف رحلتهم‬
‫لزيارة اال�شياخ‪ .‬لال�سد ح�ضور طاغ يف كرامات الأولياء‪ ،‬من ذلك قيامه بدور الويل الذي‬
‫يهب الن�صرة ويغيث امللهوف ويفعل افعاال حم�سو�سة وقد يعطي النذارة‪ .‬كما يتج�سد‬
‫مدد ال�شيخ يف �صورة الأ�سد �سندا لطلب الغوث‪ ،‬وقد قال حاج املاحي‪:‬‬
‫�أ�سد اهلل الب�ضرع‬
‫ينهر يف املجمع‬
‫كما عوقا في�سرع‬
‫من �شوفتو اتفرزع‬
‫وقد وجدت الثقافة ال�صوفية �ضالتها يف الأ�سد كرمز مقد�س يف الذهن ال�سوداين‪،‬‬
‫‪ )1‬املصدر نفسه ‪41‬‬

‫‪72‬‬
‫‪1‬‬
‫فعربت من خالله عن حالة القوة الروحية واالجتماعية لأولياء الت�صوف‪.‬‬
‫والأ�سد ميثل رمز القوة وال�سطوة‪ ،‬وقد جاء ا�ستخدامه يف ال�شعر ال�صويف لي�شري اىل‬
‫هذا املعنى‪.‬‬
‫التم�ساح‬
‫هو �ساكن النيل الأ�شهر وهو الرمز الأكرث �إثارة يف كرامات ال�صوفية بال�سودان لكونه‬
‫حيوان فريد ي�شبه احلالة ال�سودانية يف ان�سجامها وتناق�ضها‪.‬‬
‫التم�ساح رمز للخطر وال�ضرر وو�سيط غارات بني الأولياء‪ ،‬وكان النا�س يجدون احلماية‬
‫‪2‬‬
‫من خطر التما�سيح عند ال�صوفية‪.‬‬
‫وكما هو احلال مع ا�ستخدام لفظ الأ�سد يف الأ�شعار ال�صوفية‪ ،‬جندهم �أي�ضا كثريي‬
‫الأ�ستخدام لعبارة التم�ساح يف �أ�شعارهم‪ ،‬فهو عندهم ي�شري �إىل القوة‪ ،‬وال�سطوة‪ ،‬وكذلك‬
‫ال�شجاعة وحتدي ال�صعاب‪.‬‬
‫ومما قيل يف ال�شيخ حممد العبيد بدر وهو العبيد ودر َيا تلك الق�صيدة املعروفة التي‬
‫مطلها‪:‬‬
‫ي��امت��س��اح األرب��ع�ين‬
‫يامكدَ ل نايبك سنني‬
‫ن�������ادر ود ب���در‬
‫يف أم ضبان ساسك متني‬

‫اثر الت�صوف يف ال�سودان‬


‫‪ )1‬عبد الله الشيخ‪ .‬التصوف بني الدروشة والتثوير‪ .‬الطبعة الثالثة‪ ،‬امزون‪ ،2018 ،‬ص‪7/106-‬‬
‫‪ )2‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪8/107-‬‬

‫‪73‬‬
‫املعلوم �أن الدين الإ�سالمي احلنيف قد دخل بالد ال�سودان دون �أن يكون م�صحوبا‬
‫بدولة‪ .‬فم�صر والعراق وبالد فار�س وغريها دخلتها اجليو�ش الإ�سالمية غازية وحطمت‬
‫الأنظمة القائمة و�أقامت على �أنقا�ضها عماالت �إ�سالمية وبعدها دخل �أهل تلك البالد يف‬
‫دين اهلل �أفواجا‪� .‬أما بالد ال�سودان فقد اخذ امل�سلمون يفدون ك�أفراد وجماعات عرب البحر‬
‫الأحمر �أو من ال�شمال �أو من الغرب وي�ستقرون ويختلطون بالأهايل اختالطا كامال‪.‬‬
‫ومن �أقدار املوىل عز وجل �أن ار�ض بالد ال�سودان مل ت�شهد الإ�سالم �إال بعد �أن‬
‫ظهرت الطرق ال�صوفية يف املمار�سة الإ�سالمية‪ ،‬ولعل املتفق عليه �أن التطرق �أي فكرة‬
‫الطريقة دخلت على الفكر الإ�سالمي الحقا قد يكون الت�صوف النظري �أو فل�سفة‬
‫الت�صوف قد ظهرت مبكرة يف الإ�سالم ولكن التطرق وظهور ال�شيخ �أو الويل �أو الإتباع‬
‫واملريدين وال�سجادة واملقام كل هذا جاء الحقا‪.‬وبعد ظهور هذا الطابع امل�ؤ�س�سي دخل‬
‫الإ�سالم يف بالد ال�سودان فكان االنت�ساب للإ�سالم يعني االنت�ساب للطريقة ال�صوفية‬
‫‪1‬‬
‫يف نف�س الوقت‪.‬‬
‫�ساهمت الطرق ال�صوفية يف ن�شر الإ�سالم يف ال�سودان‪ ،‬و�أ�صبح الت�صوف وقيمه‬
‫ال�سلوكية واملعرفية ‪� -‬أحد مكونات ال�شخ�صية ال�سودانية‪.‬يقول د‪ .‬التجانى م�صطفى(‪...‬‬
‫�إال �أن النظرة املتانيه لهذه الطرق ال�صوفية ت�ؤكد �أنها �أي�ضا عامل وحده وترابط ومتا�سك‬
‫لأفراد املجتمع ال�سوداين الكبري لأنها وعاء جامع ومبثابة بوتقة تن�صهر فيها كل الأجنا�س‬
‫ب�صرف النظر عن االنتماء العرقي واالثنى �أو الغنى �أو اجلاه‪.)4()....‬وهنا جند �أن الكثري‬
‫من القيم التي متيز ال�شخ�صية ال�سودانية كالت�سامح والزهد والت�ضامن مع الآخرين‬
‫مرجعها الت�صوف‪ .‬كما �ساهم الت�صوف يف حل م�شكلة �أنه رغم معرفه �أغلب النا�س‬
‫باللغة العربية (لغة الدين)؛ ف�إن واقع جهلهم به كما بينا �سابقا �أدى �إىل �أن ي�صبحوا‬
‫غري قادرين على ا�ستنباط قواعده وميار�سون حياتهم طبقاً ملذاهب فقهيه مل حتط‬
‫‪ )1‬عبد اللطيف البوين وعبد اللطيف سعيد‪ .‬الربعي رجل الوقت‪ .‬مطبعة التيسري‪ ،‬الخرطوم‪ ،2000 ،‬ص‪24‬‬

‫‪74‬‬
‫بواقعهم القبلي وال�شعوبي‪ ،‬وال تراثهم احل�ضاري ب�صوره تا َّمة‪ .‬ف�أكملوا ما مل يجدوا فيها‬
‫بقواعد‪ ،‬وطرق‪ ،‬وتقاليد‪ ،‬و�آداب �سلوك تتفق ب�صوره عامة مع (روح) الإ�سالم؛ ولكنها‬
‫�أكرث تف�صي ًال و�أ�سهل �إدراكاً يتبعها من (يريد) �أن يتبعها(كطريقة) للتعامل مع غريه‪.‬‬
‫كما اثر الأ�سلوب اجلماعي يف احلياة املوروث من النظم القبلية يف تركيب هذه الطرق‪ .‬‬
‫وقد �ساهم الت�صوف يف �إغناء ال�شخ�صية وال�شخ�صية ال�سودانية مبذاهب وقيم ايجابية �إبان‬
‫فرته التقدم احل�ضاري للمجتمعات امل�سلمة؛ غري �أن توقف هذه املجتمعات عن التقدم‬
‫للعوامل ال�سابقة الذكر �أدى �إىل جتمد هذه املذاهب والقيم على م�ضامني ك�سبتها يف‬
‫‪1‬‬
‫مراحل �سابقة؛ ف�أ�صبحت قا�صرة عن �أن توفى بحلول مل�شاكل احلياة‪.‬‬
‫لقد كان دخول الطرق ال�صوفية يف بالد ال�سودان تطورا كبريا جدا يف الواقع‬
‫االجتماعي ال�سوداين‪ .‬فبعد �أن كان املجتمع ال�سوداين اليعرف الوالء �إال للقبيلة �أ�صبح‬
‫دخول الطرق ال�صوفية ينت�سب لها الأفراد من قبائل خمتلفة فتحقق بذلك قدرا عاليا‬
‫من التدامج اجلديد‪ ،‬فكان كما قال احد الرحالة انك جتد عند مدخل خلوة الفكي نعال‬
‫ال�شايقي والدنقلأوي واجلعلي‪ .‬ورغم �أن الطرق ال�صوفية قد تعترب يف نف�سها عامل جتزئة‬
‫الختالفها – قادرية و�سمانية وجتانية وادر�سيه وغريها – �إال �أن مرجعيتها الإ�سالمية‬
‫‪2‬‬
‫الواحدة جتعلها عامل وحدة �أكرث من �أنها عامل جتزئة وتفرق‪.‬‬
‫ومن املالمح الهامة التي يجب الوقوف عندها كذلك هو رقة التدين عند �أهل‬
‫ال�سودان عند انت�شار الإ�سالم يف ال�سودان مبعنى �أن االنت�ساب للإ�سالم ما كان يتطلب‬
‫الأخذ بالكثري من العزائم و�أحيانا يكتفي من امل�سلم النطق بال�شهادتني فقط وبعد ذلك‬
‫تدريجيا تكت�سب �أركان الإ�سالم ويتم التباعد عن نواهيه‪ ،‬وهذا الال ت�شدد يرجع للفكر‬
‫‪ )1‬صربي محمد خليل‪ .‬كتاب عن الشخصية السودانية‪ ‬دراسة منهجيه للمظاهر الفكرية والسلوكية للشخصية السوداين‬
‫النارش‪ :‬هيئه الخرطوم للصحافة والنرش‪.‬‬
‫‪topic-forum.com/t176-http://omdoban.his‬‬
‫‪ )2‬عبد اللطيف البوين وعبد اللطيف سعيد‪ .‬الربعي رجل الوقت‪ .‬مطبعة التيسري‪ ،‬الخرطوم‪ ،2000 ،‬ص‪13‬‬

‫‪75‬‬
‫ال�صويف الذي دخل ال�سودان فقد كان ال ي�أبه كثريا بظواهر ال�شرع وال ي�ضعها مانعا‬
‫يف االنت�ساب للإ�سالم ولعل يف ذلك حكمة كبرية تقوم على التدرج و�سهلت كثريا‬
‫من انت�شار الإ�سالم وتعاي�شه مع امللل الأخرى يف بالد ال�سودان وفيما بعد ا�ستيعابه‬
‫لها وانفراده بال�ساحة‪ ،‬فلو كان امل�سلمون الأوائل الذين جاءوا �إىل بالد ال�سودان اخذوا‬
‫النا�س بال�شدة وفر�ضوا عليهم عزائم الدين لكانوا قد اظهروا فظاظة وغلظة وانف�ض النا�س‬
‫‪1‬‬
‫من حولهم‪.‬‬
‫ومن املالمح الهامة للت�صوف يف ال�سودان املرتبطة بطريقة دخول الإ�سالم يف ال�سودان‬
‫هو �أن �سكان هذه الأر�ض عندما اقبلوا على الإ�سالم ودخلوا فيه �أفواجا مل يكن ذلك‬
‫نتيجة جلهد نظري ت�أملي بحثا عن الهداية �إمنا كان بحثا عن انتماء اجتماعي �شامل‪،‬‬
‫فالإن�سان كان يريد الدين التدين املعاملة‪� ،‬أي الدين والدنيا معا «الدين والعجني» لذلك‬
‫كانت مقامات ال�صوفية مالذا للخائفني و�سوقا للتجار امل�شرتين ومكان �أكل اجلائعني و�سقيا‬
‫للعط�شى ومعهدا للباحثني عن العلم ومنارة للمهتدين وحمكمة عدل للمتخا�صمني‬
‫ومنها يت�شفع لدى احلاكمني وفيها يت�صدق على املحرومني‪ .‬لقد كان املقام ال�صويف خلية‬
‫اجتماعية متكاملة تنب�ض باحلياة‪ .‬وم�ؤ�س�سة منظمة متعددة الإغرا�ض والأهداف‪ .‬وكان‬
‫ال�شيخ �أو الويل يقف على �إدارة تلك امل�ؤ�س�سة م�ستمدا �سلطته ونفوذه من �إجماع النا�س‬
‫عليه لورعه وتقواه وقدراته الدينية والدنيوية‪ ،‬فهنالك من يطيع ال�شيخ طمعا وكرها بيد �أن‬
‫‪2‬‬
‫الأغلبية تخ�ضع له حبا وطوعا‪.‬‬
‫الدور االجتماعي للطرق ال�صوفية يف ال�سودان‬
‫لقد َ‬
‫مكن ال�صوفية من بلوغ ذلك الأثر يف �أوا�سط النا�س واملجتمع الت�صاقهم بحياة‬
‫النا�س اليومية وارتباطهم بهمومهم و�آالمهم وخم�أوفهم ومعاجلة �أمرا�ضهم‪ ،‬ومالذهم من‬
‫‪ )1‬املصدر نفسه ص ‪26‬‬
‫‪ )2‬املصدر نفسه ص ‪.27‬‬

‫‪76‬‬
‫بط�ش وق�سوة احلكام‪ .‬مل يكن بينهم وبني عامة النا�س �أي حجاب‪ ،‬فقد كان عامة النا�س‬
‫يلج�أون �إىل ال�صوفية متى �أ�صابهم مكروه فيجدون عندهم ال�سلوى والعون وما يخفف‬
‫عنهم م�صابهم‪ ،‬يلج�أون �إليهم �إذا �شحت الإمطار �أو انخف�ض في�ضان النيل وخ�شي النا�س‬
‫املحل فيجدون عندهم مايدخل يف نفو�سهم الطم�أنينة بل رمبا تنق�شع املحنة ويرجع النا�س‬
‫ذلك �إىل كرامة من كراماتهم‪ ،‬وكان امل�سافرون يجدون عندهم ال�ضيافة وامل�أوى والطعام‬
‫مهما كرث عددهم‪ ،‬والتجار يغ�شونهم ملباركة جتارتهم وامللوك يلج�أون �إليهم ال�ست�شارتهم‬
‫�إذا �أقدموا على �أمر عظيم �أو جلل كاحلرب‪ ،‬ولقراءة طالع ماهم مقدمون عليه من خطوة‪.‬‬
‫وكانت بع�ض نبوءاتهم ت�أتي �صحيحة فتزداد مكانتهم بني امللوك واحلكام يف نفو�س عامة‬
‫النا�س ويتناقلون �إخبارها‪ .‬هذا االلت�صاق املبا�شر بهموم عامة النا�س وان�شغالهم بها‪ ،‬وحل‬
‫م�شكالتهم مل يعرف عن املتعلمني املثقفني املحدثني والذين كانوا �صفوة ذات توجهات‬
‫متالية ق�صرت ن�شاطها بني �أفرادها وجماعتها ولذلك ظلوا بعيدين وغرباء عنهم‪ .‬ويجمل‬
‫الربوف�سري يو�سف ف�ضل ح�سن اثر ال�صوفية يف نفو�س النا�س يف ع�صر �سنار بقوله عملوا‬
‫على (ن�شر وتعميق مبادئ العقيدة الإ�سالمية بطريقة مب�سطة �أ�سا�سها فيما �أرجح �إلزام‬
‫املريدين �إتباع منهج خلقي وتعبدي خا�ص مع املد�أومة على قراءة �أذكار و�أوراد معلومة‪.‬‬
‫وكانت درجة جناحهم يف هذا امل�سعى تعتمد اعتمادا مطردا على مايتمتعون به من علم‬
‫وخلق ديني وورع‪ ،‬وزهد‪ ،‬و�سلطان روحي‪ ،‬وكرامات‪ .‬ف�صار ال�شيوخ ميثلون قوة روحية‬
‫ذات �سلطان عظيم على النفو�س‪ .‬كما كانوا م�صدر خري لل�ضعفاء والفقراء يحمونهم من‬
‫غدر احلكام وظلم ال�سالطني‪ ،‬ومالذا يلوذون به عند كل نازلة)‪.1‬‬
‫لقد لعبت الطرق ال�صوفية دوراً رائداً يف تدامج املجتمعات ال�سودانية منذ القرن‬
‫ال�ساد�س ع�شر‪ ،‬وقد اخرتقت احلركة ال�صوفية احلواجز القبلية والإقليمية وجتاوزت‬
‫مب�سلكيتها الأخالقية �أطر التع�صب‪� ،‬ساعية بكل قوتها – وعلى نحو عفوي – لإيجاد‬
‫‪ )1‬محمد عوض عبوش‪ .‬بني سنار والخرطوم‪ .‬مركز عبد الكريم مرغني‪ -‬أم درمان‪ .2014 -‬ص‪.36‬‬

‫‪77‬‬
‫تدامج وطني عام ي�شمل كل الكيانات‪ ،‬وكان للحركات ال�صوفية دور الي�ستهان به يف‬
‫تدامج جمتمع اجلزيرة حتى �أ�صبح انتما�ؤهم �إىل منطقة اجلزيرة ولي�س �إىل قبائلهم‪ ،‬ولعل‬
‫�أ�سطع مثال على ذلك هو �أن جتمع النا�س حول مقامات الأولياء وتداخلهم جميعها‬
‫جعلهم يتج�أوزون الع�صبية القبلية فتحولت الوحدة االجتماعية التي ينتمي �إليها الفرد‬
‫هي القرية فما من قرية من قري اجلزيرة تقطنها قبيلة خال�صة‪ ..‬بل عدة قبائل متداخلة‬
‫ف�أ�صبح الفرد يعرف بقريته �أو طريقته ولي�س بالقبيلة‪.‬ولأن معيار الطريقة هو التقوى �أ�صبح‬
‫ال�سلم االجتماعي مبنياً على التقوى فال ف�ضل لعربي على عجمي �إال بالتقوى‪.1‬‬
‫و�إذا ما نظرنا من الناحية االجتماعية فنجد �أن الطرق ال�صوفية عملت على �إزالة‬
‫اخلالفات بني خمتلف فئات املجتمع وفك النزاع بني الع�شائر والقبائل و�إزالة الفوارق‪،‬‬
‫وبذلك كرثت يف املدن والأرياف والزوايا والقباب التي تودي دورا اجتماعيا كايواء‬
‫العجزة وامل�ساكني والغرباء‪ ،‬ليكون ال�شيخ الذي يرت�أ�س �أو ميثل الطريقة ال�صوفية هو مبثابة‬
‫امل�س�ؤول �أو احلاكم بني الإفراد الذي يف�صل ف جميع الق�ضايا واخلالفات االجتماعية‪.2‬‬
‫ائتالف املجتمعات‬
‫�إن لل�صوفية دوراً عرب الزمان بال�سودان يف تقارب املجتمعات وائتالفها‪ ،‬فمثلما قاربت يف‬
‫املا�ضيبنيالقبائلودجمتهايفبع�ضهاف�إنهاتقارباليومبنيالقرىواملناطقاملختلفةوهذاعلى‬
‫امل�ستوى الأفقي‪� ،‬أما ر�أ�سياً ف�إنها تقارب بني خمتلف طبقات املجتمع فنجد �أن الغني والفقري‬
‫واملتعلم وغري املتعلم املزارع والتاجر كلهم �إخوان طريقة واحدة و�سالكني على يد �شيخ واحد‪ .‬‬
‫لقد اخرتقت الطرق ال�صوفية احلواجز القبلية والإقليمية وجت�أوزت مب�سلكيتها الأخالقية‬
‫�أطر التع�صب‪� ،‬ساعية بكل قوتها وعلي نحو عفوي لإيجاد تدامج وطني عام ي�شمل كل‬
‫‪ )1‬أبو عاقلة الرتايب‪ .‬دور الصوفية يف املجتمع‪ .‬عىل الرابط ‪https://www.facebook.com/majmaasufi/‬‬
‫‪88%%photos/%D8%AF%D9‬‬
‫‪ )2‬عبد الله باباحد‪ .‬متثل األولياء الصالحني لدى مريدي الزوايا‪ ،‬دراسة ميدانية ملرييدي الزأوية القادرية بورقلة‪ .‬جامعة‬
‫قاصدي مرباح ورقلة‪ .‬الجزائر‪ 2014 -‬ص‪9‬‬

‫‪78‬‬
‫هذه الكيانات وكانت احلركات ال�صوفية العابرة للأقاليم هي الرد الوحيد على �أ�شكال‬
‫التجزئية ولكنها �أقل خطورة من التجزئة رغم �أنها جتزئة يف حد ذاتها التي حاربتها‪ ،‬وقد‬
‫�ساهمت اخللأوي بق�سط كبري يف ن�ش�أة املدن وازدهارها و�صارت تعج باحلركة التجارية‬
‫بالبيع وال�شراء وجتمعت حولها امل�ساكن‪ ،‬وعندما ي�شتهر عامل �أو �شيخ فهذا يعني ن�ش�أة‬
‫قرية �أو مدينة ي�شد النا�س �إليها الرحال طلباً للعلم والتما�ساً للربكة �أو وتقام بها الأ�سواق‬
‫واملوالد والأعياد‪ .‬وتفي�ض الروايات ال�شفهية بن�ش�أة مدن حول خلأوي القر�آن الكرمي‪،‬‬
‫فالدامر قيل �إن تاريخها الأول يرجع �إىل وجود عبداهلل راجل دور الذي كان زاهداً يتعبد‬
‫يف غار فتمر عليه جماعات من الدناقلة وال�شايقية ف�سكنوا حول غاره الذي �صار بعد‬
‫ذلك مورداً لبع�ض العربان وما�شيتهم‪ ،‬وال�شيخ �أرباب العقائد خرج من جزيرة توتي‬
‫وا�ستقر املقام به يف اخلرطوم وتكاثر النا�س حوله وكان هذا بداية لعمارتها حتى �سميت‬
‫بخرطوم توتي‪ ،‬كما �أن �شهرة كرتاجن ترجع لل�شيخ عي�سى بن ب�شارة الأن�صاري و�أوالده‬
‫وحفدته‪ ،‬وهذه هي مدينة ودمدين قامت علي جهود ال�شيخ مدين ال�سني‪ .‬‬
‫لقد تركت اخللأوي بالقرى �آثاراً اجتماعية طيبة وكان لل�شيوخ ومعلمي اخللأوي دور‬
‫كبري يف ن�ش�أة املدن وتدامج ال�ساكنني‪ ،‬فه�ؤالء ب�سلوكهم القومي وبتقواهم اكت�سبوا حمبة‬
‫النا�س وتقديرهم وتفي�ض طبقات ود �ضيف اهلل ب�أمثلة كثرية عن �سلوك ه�ؤالء‪ .‬وبهذه‬
‫ال�صفات وغريها ارتفعت مكانتهم عند العامة واخلا�صة ومن ثم ت�سنى لهم �أن يرتكوا‬
‫�آثار اجتماعية وا�ضحة خا�صة باجلزيرة‪ ،‬وترجع بع�ض الدرا�سات كل التدامج احلادث يف‬
‫منطقة اجلزيرة �إىل جهود الطرق ال�صوفية‪ ،‬وال�شك �أن هناك عوامل كثرية متداخلة منها‬
‫ماهو اقت�صادي وماهو �سيا�سي وماهو اجتماعي وقد �أ�سهمت الطرق ال�صوفية �إ�سهاماً كبرياً‬
‫يف التدامج املجتمعي يف اجلزيرة ولكن يبقي لل�صوفية ف�ضل الريادة يف هذا الأمر‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫دور ال�صوفية يف �إ�صالح ذات البني‬
‫وال�صوفية قوم اخت�صهم اهلل بالقبول واملحبة من النا�س مما ي�سر لهم �أن يلعبوا دوراً‬
‫بارزاً يف ف�ض النزاعات بني الأفراد واجلماعات باملجتمع ال�سوداين‪ ،‬والدور الوقائي من‬
‫الأدوار الرئي�سية التي تقوم بها الطرق ال�صوفية مبلء فراغ ال�شباب و�إ�شغالهم ب�أفعال‬
‫اخلري وكذا الأج�أويد وحل النزاعات‪ ،‬وهي من الأدوار امل�شرتكة بني منظمات العمل‬
‫التطوعي والطرق ال�صوفية‪ ،‬كما �أنهم يقومون بدور الن�صح للحكام واليتخلفون عن ذلك‬
‫وال يرهبون وكان لهم دور بارز ك�أج�أويد خري يف ف�ض النزاعات الدموية واخلالفات بني‬
‫احلكام والأ�سر احلاكمة فيما بينها‪ ،‬وكانت و�ساطتهم جتد القبول واال�ستح�سان‪ ،‬وعلي‬
‫الرغم من ذلك ف�إنهم كانوا يتجنبون الوقوف ب�أبواب ال�سالطني طلباً لأمر �شخ�صي‪.‬‬
‫لقد كان لل�صوفية دور كبري يف الدبلوما�سية ال�شعبية على ال�صعيدين املحلي‬
‫والدويل وكانوا يقومون مبا يقوم به ال�سفراء‪ .‬وال زال ال�سادة ال�صوفية هذا د�أبهم �إىل يومنا‬
‫هذا يجتهدون يف االطالع بوظيفة الأمر باملعروف والنهي عن املنكر وف�ض املنازعات‬
‫وال�شفاعة واجلودية والتو�سط و�إ�صالح ذات البني‪ ،‬وللتحكيم وال�صلح جذور �ضاربة يف‬
‫الإرث ال�صويف يف �إفريقيا والدول العربية والبالد الإ�سالمية على امتداد الب�سيطة غري‬
‫�أنه مت�أ�صل لدى �أهل ال�سودان‪ ،‬وهو نظام غري مكلف و�سريع وله �آثار قوية وترتاح �إليه‬
‫النفو�س لب�ساطته و�سهولته ووجود �سند له يف القر�آن الكرمي وملا فيه من عبقرية وحنكة‬
‫ودراية لدي املحكمني وامل�صلحني من ال�شيوخ وال�شخ�صيات االجتماعية البارزة يف تفهم‬
‫لنف�سيات ومطالب ال�شاكني‪ ،‬وكذلك ملقدرتهم على امت�صا�ص الآثار ال�سلبية للمنازعات‬
‫مبا ي�ضمن دوام اال�ستقرار والأمان للمواطنني‪ .‬ولعل املقارنة بني منظمات العمل التطوعي‬
‫والطرق ال�صوفية يف �أن�شطة ف�ض النزاعات تو�ضح رجحان كفة �شيوخ الطرق ال�صوفية‬
‫يف هذا الن�شاط‪ ،‬فالطرق ال�صوفية تت�سم بالتغلغل يف جذور املجتمع ال�سوداين وتنت�شر‬
‫على ات�ساع الريف ال�سوداين حيث تقع �أكرث النزاعات حول ملكية الأر�ض واملرعى‬

‫‪80‬‬
‫فيحتكم املتخا�صمون �إىل م�شايخ الت�صوف وير�ضون مبا يحكمون وتطيب به نفو�سهم‪ .‬ومن‬
‫�أكرث النزاعات التي يتدخل فيها �شيوخ الطرق ال�صوفية هي ق�ضايا املواريث والأحوال‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬حيث يحلون النزاعات التي تقع بني الأقارب والأزواج‪ ،‬ولعل �شعور النا�س‬
‫ب�أن �شيوخ الطرق ال�صوفية هم حماة العقيدة والعرف ولهم متكن يف ثقافة املجتمع ودراية‬
‫باحلالل واحلرام وباخلط�أ وال�صواب وال�شرف والعيب يعني ذلك كثرياً يف الر�ضا والقناعة‪.‬‬
‫ال�صوفية والدبلوما�سية ال�شعبية‬
‫م يقت�صر دور ال�صوفية يف الدبلوما�سية ال�شعبية على الإطار املحلي بل تعداها �إىل الإطار‬
‫الدويل فقد كان ال�صوفية يقومون مبا يقوم به ال�سفراء حالياً‪ ،‬فال�صوفية يتز�أورون وي�شدون‬
‫الرحال �إىل بع�ضهم البع�ض بني البالد ويتح�س�سون م�شاكل البالد والعباد وي�شفعون‬
‫لدى احلاكم يف رعايا لهم يف بلد �آخر‪ ،‬فهم دبلوما�سية �شعبية راقية وهم قن�صليات �إ�سالمية‬
‫لدى جميع ال�شعوب وهم مالذ للمهاجرين طالب الرزق والأمن وال�شفاء‪ ..‬قال ‬
‫عليه و�سلم (من بات �آمنا يف �سربه‪ ،‬معافى يف بدنه‪ ،‬فقد �سيقت له الدنيا)‪ ،‬فال هم لهم‬
‫يف �سلطة �أو �سلطان‪ ،‬بل كل همهم يف �إ�صالح ذات البني وعتق الرقاب و�إبعاد العباد عن‬
‫�سفك الدماء وهذا الدور مثمر وكبري �إذ نه�ضوا به وا�ستثمره �أهل القبلة يف حل نزاعاتهم‬
‫دون اللجوء �إىل التدويل‪.‬‬
‫الدور الإ�صالحي‬
‫�إن املجتمعات ب�صورة عامة التخلو من وجود فئات املنحرفني و�أهل اجلنح وتكون هذه‬
‫الفئات يف الغالب الأعم م�صدر ا�ضطراب �أمني وخلل اجتماعي �إذا �أهمل �أمرها‪ ،‬وحتتاج‬
‫هذه الفئات �إىل العالج والرعاية واملوا�ساة‪ ،‬ومهما بلغت كفاءة الأجهزة الر�سمية ف�إنها‬
‫بحاجة للم�ساعدة ال�شعبية للح�صول على العالج الناجع‪� .‬إن الدور الإ�صالحي لل�شيوخ‬
‫يهتم مبع�أونة ذوي اال�ضطرابات العقلية والنف�سية ورعاية الأحداث ومكافحة املخدرات‬

‫‪81‬‬
‫والبغاء واخلمور‪ ،‬ونح�أول فيما يلي �أن نتطرق لدور امل�سيد يف حل بع�ض هذه امل�شاكل‪.‬‬
‫مكافحة املخدرات واخلمور‪ :‬لقد ثبت مبا اليدع جما ًال لل�شك ف�شل القوانني الو�ضعية‬
‫والأجهزة الر�سمية يف مكافحة اخلمور �أو التقليل من ا�ستخدامها‪ ،‬وذلك بالرغم من �أن‬
‫اخل�سارة االجتماعية واالقت�صادية التي تنتج عن تعاطي اخلمور تظل يف ازدياد دائم ومنو‪،‬‬
‫ومبا �أن القوانني والأجهزة الر�سمية يف الغرب والعامل الإ�سالمي قد ف�شلت يف مكافحة‬
‫�شرب اخلمر فهي �أ�شد عجزاً يف مكافحة املخدرات‪ .‬لقد حاربت الطرق ال�صوفية �شرب‬
‫اخلمر وتعاطي املخدرات بتبنيها لهذه امل�شكلة وذلك بالن�صح والإر�شاد ودعوة املدمنني‬
‫لالنتماء للم�سيد ولقد ا�ستفاد عدد كثري من �شاربي اخلمر ومتعاطي املخدرات من‬
‫اجلوانب الروحية والرتبوية يف امل�سيد‪ ،‬ولقد حارب كثري من ال�شيوخ �صناعة اخلمر يف‬
‫مناطقهم وذلك مبع�أونة ال�سكان والأجهزة الر�سمية‪ ،‬ولقد جمع ال�شيخ عبدالرحيم الربعي‬
‫على �سبيل املثال يف منطقة �أهله الزريبة ومريديه وحتدث �إليهم عن �أ�ضرار تعاطي اخلمر‬
‫والآثار ال�ضارة التي ترتتب على تعاطيها وعقوبة �شاربها و�أبرم معهم ميثاقاً وعهداً على‬
‫تركها وجند لذلك �أ�شخا�صاً ي�شرفون على و�ضع ذلك العهد مو�ضع التنفيذ ال�صارم‬
‫مبتابعة املنحرفني والناكثني للعهد مو�ضع الإبرام‪ ،‬وبالفعل لقد تركها كثري من الذين كانوا‬
‫يقطعون الأميال للبحث عنها واحل�صول عليها وتعاطيها يف �سرية بعيداً عن �أعني النا�س‪.‬‬
‫ورويداً رويداً تنا�سى النا�س �أمر اخلمر و�أ�صبحت القاعدة الثابتة عدم تعاطيها وال�شاذ من‬
‫النا�س من يتعاطاها الآن‪..‬‬
‫الرعاية االجتماعية ورعاية الأحداث‪ :‬واملق�صود بالرعاية االجتماعية رعاية اللقطاء‬
‫والأرامل واليتامى وهو من الأهمية مبكان‪ ،‬ومن املهم عدم عزل هذه ال�شرائح من املجتمع‬
‫ويف كثري من امل�سائد يوجد اهتمام بهذه الفئات‪ ،‬فيقوم امل�سيد بتدري�س و�إطعام الأيتام‬
‫وتبني اللقطاء و�إعطائهم ا�سم ال�شيخ كما يتن�أول املت�سولون وجباتهم و�ضعفاء العقول‬
‫بدون �أي اعرتا�ض من امل�سئولني بامل�سيد‪ ،‬ويوجد الآن �إجماع بني معظم علماء النف�س‬

‫‪82‬‬
‫والعقوبات اجلنائية بان �أف�شل و�سيلة لإ�صالح الأحداث هي حب�سهم يف ال�سجون �أو‬
‫عزلهم يف الإ�صالحيات بعيداً عن املجتمع‪ ،‬لذلك يوفر امل�سيد لهذه الفئات مبد�أ الدمج‬
‫يف احلياة االجتماعية ال�سامية فكانت امل�سايد واخللأوي يف بالدنا م�أوى للقادمني وعوناً‬
‫للمظلومني و�ساعد يف ذلك اعتقاد النا�س يف امل�شايخ وكراماتهم و�صالحهم وبركتهم‬
‫وبالتايل قبول ال�سالطني والأمراء ل�شفاعتهم‪ ،‬وهنالك �أمثلة كثرية علي ذلك يف طبقات‬
‫ود �ضيف اهلل‪ ،‬وكانت اخللأوي مالذاً للفارين من �سطوة بع�ض احلكام ومن عقوبات‬
‫القتل وه�ؤالء كانوا يحتمون بها العتقادهم �أنهم يكونون يف م�أمن من الق�صا�ص‪ ،‬كذلك‬
‫اخللأوي كانت حم ًال حلل النزاعات بني اجلماعات ويذكر نعوم �شقري �أن اجلعليني كانوا‬
‫يف عهد الفوجن �إذا وقع قتل احتمى املذنب منهم مب�شايخهم وفقهائهم ثم ينظر يف �أ�سباب‬
‫القتل ويحكمون على القاتل بالعفو �أو الق�صا�ص‪ ،‬وكان تو�سطهم يف مثل هذه املواقف‬
‫�سبباً يف �إخماد نار فنت وا�ستئ�صال جذور عد�أوات لو �أطلق لها العنان لأحدثت ت�صدعاً‬
‫يف بنيات جمتمع ذلك العهد‪ .‬وكانت امل�سايد �أي�ضاً مالذاً للفارين خالل �سنوات املجاعة‬
‫وكان النا�س يجدون العون من ال�شيوخ الذين كانوا يقدمون لهم ماي�أتي به النا�س من‬
‫الأكل والطيبات‪ ،‬ويروي يف ذلك عن ال�شيخ �إدري�س ود الأرباب �أنه كان يق�سم الأموال‬
‫والهدايا التي ترد �إليه على النا�س فال يبقي منها �شيئاً‪ .‬ومن دالئل ت�شبع ال�شيوخ بروح‬
‫الإنفاق ما يروى �أن فقيهاً بعينه كان يذبح لكل خلوة من خلأويه الإحدى ع�شرة �شاتني‬
‫كل يوم‪ ،‬و�آخر نزل من ح�صانه وباعه ليق�سم ثمن ح�صانه على امل�ساكني يف �شهر رم�ضان‪،‬‬
‫وهم بذلك �أول من ابتدع الإفطار اجلماعي يف رم�ضان‪.‬ولوحظ �أن حاالت االنحراف‬
‫التي وقعت لأحداث بالأحياء ب�إغراء من قرناء ال�سوء مت عالجها بامل�سيد‪ ،‬وتقوم الآن كثري‬
‫من الأ�سر بت�سليم �أبنائها الأحداث �إىل معلمي اخللأوي و�شيوخ امل�سايد مما ي�ؤدي لتقوميهم‬
‫وتهذيبهم ت�أثرا بزمالئهم‪ .‬ومبد�أ العقوبة م�أخوذ به يف اخللأوي وللمربني امل�سلمني �آراء فيه‬
‫ولكن مع الرفق واللني وحمل الطفل على ال�صفات احلميدة والبدء بالن�صح والإر�شاد ثم‬

‫‪83‬‬
‫اللوم والتقريع وبع�ضهم ي�شرتط �إذن الوالدين يف بع�ض حاالت العقوبة‪.1‬‬
‫املديح النبوي يف ال�سودان‬
‫من املعروف �أن الق�صائد الدينية �أو املدائح النبوية �سمها ما�شئت قدمية يف ال�سودان‬
‫قد الدين الإ�سالمي فيه‪ ،‬فالدين الإ�سالمي كما هو معلوم دخل ال�سودان حممول على‬
‫‪2‬‬
‫�أدوات ال�صوفية ولعل من �أهمها املديح‪.‬‬
‫�إن الأدب ال�سوداين بكافة �ضروبه له �صلة وا�ضحة ب�أمر الإ�صالح الديني‪ ،‬بل هو‬
‫مو�ضوع حا�ضر با�ستمرار لدى �شعراء ال�سودان �إذ �أن قيم الدين مكون �أ�صيل ومرجعية‬
‫هامة للذهنية ال�سودانية يلهمها با�ستمرار ويوجه منتجوها الأدبي ويتجلى ذلك يف �شعر‬
‫احلكمة والرثاء و�إالخوانيات وحتى �أ�شعار الغزل‪ ،‬ولكن �سيد كل ذلك ورائده هو املديح‬
‫ال�سوداين الذي �شكل وجدان �أهل ال�سودان على قاعدة حمبة الر�سول ‪ .‬من‬
‫املديح النبوي �أخذ كثري من النا�س معلوماتهم الإ�سالمية‪ ،‬منه عرفوا �أحداث ال�سرية‬
‫النبوية وغزوات الر�سول  وجهاده يف �سبيل الدعوة‪ ،‬ومنه تعرفوا على �شعائر الدين‬
‫و�أركانه‪ ،‬ويف ثنياها �أحكام وحكم العبادات والقربات من �صالة و�صيام وزكاة ويف مادته‬
‫�أحكام التوحيد‪� ،‬أما احلج وزيارة النبي الأكرم  فهي مادة �أ�سا�س فيه تهييج �أ�شواق‬
‫املحبني‪ ،‬وتربطهم بالأرا�ضي املقد�سة وب�سيدنا ر�سول هلال �صلى هلال عليه و�سلم‪ ،‬واملديح‬
‫ير�صد معجزات الر�سول  و�أخالقه و�سرية �أ�صحابه‪ ،‬فهو �إذن امل�صدر الأهم لثقافة‬
‫جمتمع ال�سودان‪.3‬‬
‫فال�شعراء ال�صوفية يف ال�سودان قلدوا �أ�شهر املدائح كق�صائد الربعي والبو�صريي وابن‬
‫‪1) https://arar.facebook.com/majmaasufi/photos/a.1 073741826.18 -- 500.1 -- 331 -- 41 -- 884371 --‬‬
‫‪382504418591437/8421337999747/?type=3‬‬
‫‪ )2‬عبد اللطيف البوين وعبد اللطيف سعيد‪ .‬الربعي رجل الوقت‪ .‬مطبعة التيسري‪ ،‬الخرطوم‪ ،2000 ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ )3‬املسلمي كامل الدين الحاج أحمد‪ .‬دور املسيد والخلوة يف التعليم والدعوة‪ .‬املجلة العلمية لجامعة اإلمام املهدي‬
‫العدد (‪( - 7‬يوليو ‪2016‬م‬

‫‪84‬‬
‫الفار�ض ف�شعرهم ك�أنه غزل حي لكن ال�شاعر يرمز رمزا �صوفيا بليلي و�سلمي وهو نوع‬
‫من الغزل ال�صويف ونالحظ الت�سطري والتخمي�س عند �شعراء املجاذيب الذين ميثلون قمة‬
‫الت�صوف في�شعرهم حيث جاءت معظم كلماتهم ُحبلي بع�شق ال�صدق ال�صويف وقّلما‬
‫جندهم كتبوا �أ�شعاراً غري �صوفية‪.‬‬
‫ال�شعر ال�صويف يف ال�سودان‬
‫�إن الطرق ال�صوفية قد تركت �أثارا متعددة ومتجددة يف احلياة ال�سودانية منذ منت�صف‬
‫القرن ال�ساد�س ع�شر امليالدي مما جعل لتلك الآثار �أهمية خا�صة يف درا�سة املجتمع‬
‫وال�سيا�سة والثقافة وروافد ال�شخ�صية من خالل نهجها الرتبوي و�أورادها و�آداب الطريق‪.1‬‬
‫�إ�ضافة �إيل الأوراد املتوارثة‪ .‬هناك �إنتاج �أدبي رفيع‪ ،‬يخ�ضع للمقدرات الفردية املتح�صنة‬
‫بهذه الطرق ال�صوفية وال�شعر احد �ضروب هذه الأدبيات‪ .‬ولعلنا نعلم �أن نظم ال�شعر �إبداع‬
‫فردي يف �إطار وافق ماي�ستظل به من طريقة �صوفية وهي �أي�ضا من امل�سائل التي مل تكن‬
‫وقفا علي �شعراء ال�سودان‪ ،‬بل وجدنا طوال م�سرية ال�صوفية قدرا من هذا الإنتاج الأدبي‪،‬‬
‫الذي ي�صعب ح�صره‪ ،‬ولي�س من املمكن الوقوف علي حدوده بدا من الربدة وتخمي�سها‬
‫وت�شطريها‪ ،‬وما جا مدحا لر�سولنا الكرمي  وممررا بالأنا�شيد الدينية باللغتني العربية‬
‫الف�صحى والعامية املوجودة يف كل بلد م�سلم �أو عربي‪ .‬وهنا رواد و�شيوخ بع�ضهم وجد‬
‫العنت حتى مرحلة القتل مبا �أتوا من �أفكار ظنها بع�ض النا�س �شاذة ولل�صوفية �أدبيات‬
‫و�شعرها‪.2‬‬

‫‪ )1‬عبد الحميد محمد احمد‪ .‬الصوفية تجربة إنسانية متميزة‪ .‬مجلة الفيض العدد التاسع رجب ‪1421‬ه‪ -‬أكتوبر ‪2000‬م‬
‫‪ )2‬املصدر نفسه‬

‫‪85‬‬
‫�شعر املديح ال�صويف يف ال�سودان‬
‫املدح نقي�ض الهجاء وهو ح�سن الثناء‪ ،‬ويقال مدحت مدحة واحدة‪ ،‬ومدحه ميدحه‬
‫مدحا واجلمع مدائح‪.‬‬
‫تعود العرب منذ الع�صر اجلاهلي �أن ينوهوا يف �أ�شعارهم ب�أ�شرافهم وذوي النباهة منهم‪،‬‬
‫ويتحدثون عن خ�صالهم النبيلة من الكرم‪ ،‬وال�شجاعة والعلم والوفاء وحماية اجلار‪ ،‬وكان‬
‫ال يعد ال�سيد فيهم كامال �إال �إذا تغنى بنباهته ومناقبه غري �شاعر وم�ضوا على هذه ال�سنة‬
‫يف الإ�سالم‪.1‬‬
‫لقد ابتدع ال�صوفية فنونا يف الآداب العربية‪ ،‬مل ي�شاركها فيها غريهم مثل املدائح‬
‫النبوية‪ ،‬والتزهد واحلب الإلهي‪ ،‬والأوراد‪ ،‬وهي باحلق �ألوانا حية طاملا �أثارت اللواعج‬
‫وحركت الأ�شواق يف قلوب العا�شقني وال�سالكني‪ .2‬املالحظ �أن ابتداع املت�صوفة لفنون‬
‫املديح «�أو الق�صيد» كما �سمعت عن بع�ض ال�شيوخ يقوم عليه ب�صورة �أو�ضح ال�شيوخ‬
‫�أنف�سهم تو�سال به لنيل الر�ضا والتبدل‪ .‬ف�إن االماديح واملدائح ال�صوفية يف الآداب العربية‬
‫والتي تقوم على ال�صدق والإخال�ص واملحبة حيث ال تعرت�ضها عوار�ض من املدح‬
‫الكاذب �أو اال�ستجداء على �أبواب احلكام والأمراء وامللوك‪.3‬‬
‫�إن الأدب ال�صويف واحد من الأ�شياء التي �أ�سهمت يف حفظ التعاي�ش بني ال�سودانيني‬
‫مبختلف معتقداتهم الفكرية وان املديح وحد وجدان الأمة ال�سودانية وكان له اثر بالغ يف‬
‫تعظيم وحمبة الر�سول  يف قلوب كافة �أبناء البالد م�ؤكدين �أن الت�صوف هو املعني‬
‫الأول الذي �ساعد يف انت�شار الدعوة الإ�سالمية‪ ،‬مبينني �أن ال�صوفية هم من و�ضعوا‬
‫‪ )1‬رفيدة محمد سلامن محمد‪ .‬أدب الشيخ الصابونايب (دراسة وتحليل‪ .‬رسالة ماجستري غري منشورة‪ -‬جامعة الجزيرة‪-‬‬
‫كلية الرتيب (حنتوب‪ .2002 -‬ص‪.3 -‬‬
‫‪ )2‬نرص الدين سليامن عيل فضل الله‪ .‬دراسات فكرية يف التصوف بالسودان‪ ،‬أوراق وتوصيات املؤمتر األول للدراسات‬
‫الفكرية للتصوف يف السودان‪ .‬دار عزة للنرش والتوزيع‪2008( .‬م‪ .‬ص‪45‬‬
‫‪)3‬املصدر نفسه ص‪47 -‬‬

‫‪86‬‬
‫‪1‬‬
‫الأ�س�س ال�سليمة لطريق الدعوة‬
‫يعتقد العالمة عبد اهلل ال�شيخ الب�شري (‪� )1994-1928‬أن انت�شار الإ�سالم يف ال�سودان‬
‫و�إفريقيا قد حتقق من خالل جهود ال�صوفية‪ ،‬الفقهاء‪ ،‬احلفظة واملادحون‪ .‬و�أن هذه اجلهود‬
‫قد متت عرب الو�سائل ال�سلمية متثلت يف غر�س االعتقاد يف قلوب الوطنيني و�أخذهم نحو‬
‫حظرية الإ�سالم‪.2‬و�أتوا �أخريا لإحداث تغري رادكايل يف حياتهم و�أعدوهم ليكونوا النواة‬
‫لأول دولة �إ�سالمية يف البالد‪ .‬هذه املجموعات الأربعة قد ن�شرت الإ�سالم يف املليون‬
‫ميل مربع لي�س بال�سيف �أو �سائل الإكراه الأخرى بل عن طريق ك�سب الثقة والإميان‬
‫والإخال�ص‪ .‬وقد �أفلحوا يف �إحداث تغري يف منط �أ�سلوب حياة النا�س ف�أبدلوا الت�شتت‬
‫بالإجماع والغفلة بذكر اهلل وهذه قادت �إىل ت�أ�سي�س الدولة الإ�سالمية يف �سنار والتي‬
‫بدورها �ساهمت يف ترقية الفكر للعلماء والطالب على حد �سواء لي�ساهموا �إيجابا يف‬
‫حقل الدرا�سات الإ�سالمية‪.3‬‬
‫ميتاز ال�سودان بكرثة املدائح النبوية ال�شعبية وال �أعتقد �أن هناك قطرا عربيا مياثل‬
‫‪4‬‬
‫يف هذه الكرثة‪.‬‬
‫للمديح النبوي يف ال�سودان �ش�أن عظيم ومكانة كبرية ويظهر ذلك من خالل املحبة‬
‫ال�شديدة التي يك ّنها �أهل ال�سودان للنبي حممد ولكرثة املادحني الذين برعوا يف فنون‬
‫املديح و�أبدعوا فيها حتى �أ�صبحنا الأ�شهر يف هذا املجال ‪...5‬‬
‫یلعب فن املدائح النبویة دورا مهما فى حیاة ال�شعوب امل�سلمة كما انه میثل احدى‬
‫‪1) http://www.sudaress.com/alsahafa/33181‬‬
‫‪2) Abdulgalil Abdalla Salih. The Sammaniyya: Doctrine، History & Future. 20015، p. 8889-‬‬
‫‪3) Ibid: 8889-‬‬
‫‪ )4‬جعفر محمد عثامن بخيت‪ .‬شعر املديح نشأته وتطوره (حتى قبيل عرص النهضة)‪ .‬بحث مقدم لنيل درجة املاجستري‪،‬‬
‫كلية اآلداب‪ -‬جامعة الخرطوم‪ ،1969 .‬ص‪.225-‬‬
‫‪%-https://www.facebook.com/alabyadab66/posts/%D8%A3%D8%AF%D8%A8 5‬‬

‫‪87‬‬
‫االمناط الغنائیه التى تتمیز باحلان �صوفیة ت�سمو بالنف�س وتخدم الأهداف الدینیه‪ .‬فهى‬
‫قدمیه ولكنها تطورت عرب التاریخ مبا یالئم طبائع االفراد وظروف احلیاة وتقالید املجتمع‬
‫وعاداته ولها مزاج خا�ص عند ال�سودانینی الرتباطها بالدعوة اال�سالمیة منذ بدایتها‬
‫االوىل‪ ،‬ون�سبه ال�ستخدامها لعن�صرى االیقاع والنغم فقد انت�شرت فى كل بقاع ال�سودان‬
‫�إنت�شارا وا�سعا بف�ضل تعدد الطرق ال�صوفیه وقد جاءت احلانها م�شابهه الحلان الغناء‬
‫‪1‬‬
‫ال�شعبى مما جعل تذوقها �سهال ومبا�شرا‪.‬‬
‫ُوعرف املديح النبوي يف ال�سودان ب�أنه م�ؤ�س�سة �شاخمة عرب التاريخ لها �أعالمها‬
‫القدامى واملحدثون وملتزموها من املحبني‪ .‬واعتزت بايقاعاتها املن َّوعة و�أ�صواتها املميزة و‬
‫�سمتها وهيئتها املهيبة الأنيقة ف�أثرت وجدان املجتمع وعا�شت يف �شعوره و�صارت له �سكناً‬
‫يتفي�أ فيه معية ر�سول اهلل ‪.‬‬
‫و�سيبقى املديح ـ ذلك الغناء امل�سداري التجاوبي املده�ش ـ يف ال�سودان منظومات‬
‫‪2‬‬
‫خالدة وايقاعات �آ�سرة واحلانا تغافل القلوب فت�أخذ ب�شغافها‪.‬‬
‫كان ل�شعراء الت�صوف دور بارز يف ن�شر الإ�سالم يف ربوع ال�سودان املختلفة‪� ،‬إذ‬
‫ا�ستطاعوا �أن يقدموا الإ�سالم ب�أ�سلوب �سل�س نابع من البيئة ال�سودانية‪ ،‬فنظموا الأ�شعار‬
‫والق�صائد املدحية ب�أ�سلوب يفهمه عامة النا�س‪ ،‬متن�أولني �سرية امل�صطفي �صلي اهلل عليه‬
‫و�سلم العطرة وما ا�شتملت عليه من ف�ضائل و�شمائل ونفائ�س معربين عن حبهم له‪،‬‬
‫ف�ساهموا يف ن�شر الوعي الإ�سالمي بني النا�س وكان دورهم عظيماً وم�شهودا‪.3‬‬
‫ان حقيقة احلقائق يف هذا ال�ش�أن �أن م�شايخ الت�صوف ال�سابقني والالحقني منهم قد‬
‫‪ )1‬النور حسن عبد الرحمن عيل و املاحي سلیامن العوض‪ .‬العنارص العلمیة ىف مدائح اوالد حاج املاحى‪ .‬عامدة البحث‬
‫العلمي مجلة العلوم االنسانیة ‪ ،2015‬ص‪.3-‬‬
‫‪ )2‬أحمد املجذوب حاج املاحي‪ .‬ساقية حاج املاحي‪ .‬الجزء األول‪ .‬عىل الرابط ‪nile.com/?p=1842-http://m ‬‬
‫‪ )3‬بكري النایر محمد الزین‪ .‬شعر املدیح النبوي عند الشیخ الصابونايب دراسة أدبیة نقدیة‪ .‬مجلة العلوم اإلنسانیة ‪-‬‬
‫‪ .2014‬عىل الرابط ‪http://www.sustech.edu/staff_publications/20140603105135248.pdf‬‬

‫‪88‬‬
‫اهتموا بالعلم ت�أليفا وتدري�سا‪ ،‬حتى �أن �أ�شعارهم و�أ�شعار املادحني يف م�سايدهم كانت هي‬
‫منبع املعارف وم�صدر املعلومات لعامة النا�س وال ينكر �إال مكابر �أثرها العظيم يف تب�سيط‬
‫�أ�سا�سيات العقيدة وال�سرية والفقه وقدموا ذلك يف قالب فني جذاب وم�ؤثر ومنا�سب مع‬
‫املجتمع الذي تتف�شى فيه الأمية ويقل فيه املتعلمون‪ ،‬ولقد �أح�سن و�صدق زان�صف �شيخ‬
‫�شعراء ال�سودان يف القرن الع�شرين الأ�ستاذ عبد اهلل ال�شيخ الب�شري حينما قال عن املادح‬
‫ال�سوداين‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫(معلم) ال�شعب َجل قدرا مه َيئ الفـن للفقري‬
‫ثم كان دور املداحني الذين يجوبون البالد بال�شعر الإ�سالمي �سواء كان باللغة‬
‫الف�صحى �أو العاميات املتد�أولة‪ ..‬وترك هذا �أثرا وا�ضحا يف كل املحافل التي كانوا‬
‫يغ�شونها‪ ..‬كما �أن التنويع يف امل�صادر التي ي�ستقي منها املداحون �أ�شعارهم �سواء كان من‬
‫‪2‬‬
‫ال�سودان �أو من خارج القطر �ساهم يف التنوع الثقايف الذي �أثرى الفكر املتد�أول‪.‬‬
‫وقد كان املادح قدميا يف مرتبة العلماء فاملديح كله يتعلق ب�سرية الر�سول ‪...‬‬
‫فمعظم علوم ال�سرية يتلقاها النا�س من املادحني الذين كانوا يجوبون القرى لتو�صيل‬
‫‪3‬‬
‫ر�سالتهم كما �أن النا�س كانوا ي�ستقبلونهم بكل حفاوة‪.‬‬
‫وعندما جلا بع�ض املداحني �إىل اال�ستعانة بالدفوف والطبول مل�صاحبة ال�شعر‬
‫الإ�سالمي الغنائي‪ ..‬كان هذا حتايال على الظروف مع �أنا�س لهم باع طويل من الإيقاعات‬
‫الإفريقية‪..‬ورمبا المييلون �إىل �أية و�سائل تبعدهم عن هذا املوروث‪ ..‬وكانت هذه اال�ستعانة‬
‫مبنية على �أ�س�س م�ستوحاة من ال�سنة النبوية ال�شريفة‪ ..‬وقام ال�شعر وال�شعراء واملداحون‬
‫بدور الإعالم بكل معانيه يف التخاطب مع اجلماهري ونقل الأفكار �إليهم بال�شكل الذي‬
‫‪ )1‬أبو الطيب الحفياين‪ .‬حادي العيس‪ .‬األمانة العامة للذكر والذاكرين‪ ،2009 .‬ص‪4‬‬
‫‪ )2‬محي الدين صالح‪ .‬األدب الصويف وأثره يف الدعوة اإلسالمية منوذج من السودان العريب اإلفريقي‪ .‬جامعة أفريقيا‬
‫العاملية‪ ،‬ورقة علمية قدمت يف مؤمتر اإلسالم يف إفريقيا‪ ،2006 ،‬ص ‪.265‬‬
‫‪%-https://www.facebook.com/alabyadab66/posts/%D8%A3%D8%AF%D8%A8 3‬‬

‫‪89‬‬
‫‪1‬‬
‫ينا�سب كل فئة‪ ،‬كما جاء يف الأثر «خاطبوا النا�س على قدر عقولهم»‪.‬‬
‫�إن ال�شعر الذي نظمه املت�صوفة يف الدعوة واملدح النبوي كان له اكرب الأثر يف انت�شار‬
‫الدعوة الإ�سالمية يف ربوع ال�سودان املرتامية الأطراف قدميا وحديثا‪.‬‬
‫ولقد كان التحالف والتن�أ�صر والتوا�صي من �أهم ال�سمات التي ميزت �شعراء ال�صوفية‬
‫يف ال�سودان رغم اختالف مذاهبهم وم�شاربهم‪ .‬فجاءت �أ�شعارهم ن�سيجا متجان�سا مما �سهل‬
‫على الب�سطاء من النا�س ت�شرب هذه الدعوات الدينية خ�صو�صا لتما�شيها وتوافقها مع‬
‫�أخالقاياتهم املتوارثة منذ القدم واتفاقها يف �أ�سلوب مع النظم االجتماعية التي اعتادوها‬
‫‪2‬‬
‫يف معامالتهم‪.‬‬
‫مامييز املدائح ال�سودانية هنا‪ ،‬هو �إخراج تلك ال�صور التاريخية وتقدمي مبادئ التدين‬
‫يف قالب العامية‪ ،‬وي�شكل هذا اللون من املدائح الر�صيد الأكرب يف تراث الت�صوف‬
‫‪3‬‬
‫بال�سودان‪.‬‬
‫واملت�أمل يف �أخالقيات �أهل ال�سودان الذين تعر�ضوا لهذا الكم الهائل من الأ�شعار‬
‫الدعوية �سيجد بدون عناء الأثر العميق للتعاليم الإ�سالمية �سواء على م�ستوى الأفراد �أو‬
‫اجلماعات‪ ..‬من ب�ساطة يف احلياة املادية وقوة يف العالقات االجتماعية‪ ..‬مع �صرب �شديد‬
‫‪4‬‬
‫على تقلبات الزمن وابتالءات القدر‪.‬‬
‫يقول املرحوم القر�شي �إن مدائحنا ال�شعبية «تنتمي �إىل �أ�صول املدحة النبوية العربية‬
‫الف�صحى التي كتبها �شعراء الر�سول الثالثة ح�سان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد اهلل‬
‫بن رواحة»‪...‬وذلك «تربكا و�سلوكا وعقيدة» و�أن (الباحث يف م�ضامني مدائحنا النوبية‬
‫‪ )1‬املصدر السابق نفسه‬
‫‪ )2‬املصدر السابق نفسه‬
‫‪ )3‬عبد الله الشيخ‪ .‬التصوف بني الدروشة والتثوير‪ .‬الطبعة الثالثة‪ ،‬امزون‪ ،2018 ،‬ص‪123-‬‬
‫‪ )4‬املصدر السابق نفسه‬

‫‪90‬‬
‫ال�شعبية يف ال�سودان يجد �أن و�شائج القربى بينها وبني مدائح الإمام البو�صريي والربعي‬
‫�أقوى بكثري من و�شائج القربى يف عهد الر�سول)‪ .‬وي�ؤكد القر�شي �أن هنالك �صعوبة يف‬
‫التحديد الزمني لأول �شاعر كتب املدحة ال�شعبية ال�سودان وي�ستنتج �أن ذلك مت يف بداية‬
‫العهد الرتكي‪ ،‬وان �أقدم �شاعر من �شعراء املدائح النبوية يف ال�سودان هو النقر ود ال�شاعر‬
‫من اجلعليني البادراب‪ ،‬وهو �صاحب مدحة ال�سالمة‪:‬‬
‫بديت بــــي الله النظاما‬ ‫يا الله السالما‬
‫يا حيا طول الدواما ‪ ..‬قديم الله يا فهامه‬
‫‪1‬‬

‫وما �إن انت�شرت ال�صوفية يف �أيام الفوجن حتى ر�أينا البطولة ال�شعبية يف ال�شعر تتخذ‬
‫لها مظهرا �أخر تتغنى به يف �شخ�صية (ال�شيخ)‪ .‬وقد يتوقف املت�أمل قليال ليدرك العالقة‬
‫بني البطولة العربية القدمية التي متثلت يف ال�شجاعة والفرو�سية‪ ،‬واحلب والكرم‪ ،‬وبينب‬
‫�صفات ال�شيخ ال�صويف التي جتعل التعبد‪ ،‬والتوا�ضع‪ ،‬وامل�ساملة يف املقام الأول‪ .‬والواقع �أن‬
‫�أدب البطولة الدارج‪ ،‬حني التقى برجال ال�صوفية يف هذا الع�صر‪ ،‬اخذ يتمثلهم بطريقته‪،‬‬
‫ف�صارت تعجبه فيهم �صفات متت �إيل البطوالت احلربية واخللقية القدمية ب�سبب‪ ،‬فمدح‬
‫فيهم الكرم واملروة بل ت�صورهم �أحيانا على �أنهم �أبطال لهم ميادين حرب وقتال‪ ،‬وفيهم‬
‫فرو�سية و�شجاعة‪ ،‬ومزج ال�شاعر ال�شعبي هذا كله ب�صفات �إ�سالمية �صوفية‪ ،‬فدعا وابتهل‪،‬‬
‫ومتنى نعيم اجلنة‪ ،‬وتربك بال�شيخ‪ .‬ومهما يكن من �أمر فقد كانت هنالك م�شابه قوية بني‬
‫املدائح النبوية ال�شعبية التي عرفت من قبل على �أيادي الزمال واملداح‪ ،‬وبني مدائح‬
‫ال�شيخ ال�صويف التي ظهرت يف ع�صر الفوجن‪ ،‬ومل تتحقق يف ن�ش�أة تلك املدائح �صفة‬
‫(الأدب البطويل) وحدها‪ ،‬بل حتققت فيه �صفة الغناء والرتنيم كذلك‪ ،‬ف�صاروا يتغنون‬
‫هذه املدائح‪ ،‬لي�س على �صورة مطابقة للغناء القدمي‪ ،‬بل طبقا للغناء ال�صويف الذي ي�سمونه‬
‫(الكرير)‪ ،‬وي�صف نا�شر (الطبقات) الكرير بقوله‪( :‬هو ذكر �أهل الطرق بالأ�صوات العالية‪،‬‬
‫وهم يرونه ح�سنا يثابون عليه‪ ،‬والعلماء يجعلونه من البدع املحرمة‪ ،‬واهلل اعلم بال�صواب‪،‬‬
‫‪ )1‬قريش محمد حسن ديوان ود سعد الصفحات ‪20-7‬‬

‫‪91‬‬
‫فقد عمله قوم �صاحلون‪ ،‬وتركه قوم �صاحلون‪.1‬‬
‫وقد قال ال�شعراء يف هذا الغر�ض ال�شعري – خا�صة ال�شيوخ ال�صاحلني والأولياء‬
‫والأ�ساتذة والعلماء الذين كانوا يقمون ب�أمر التعليم والتدري�س والإر�شاد والتوجيه‬
‫الأخالقي واملعريف والعلمي‪ ،‬وكانوا ال يقت�صرون يف ذلك على تدري�س العلوم واملعارف‬
‫الإ�سالمية والعربية وعلوم املنطق وعلم الكالم‪ ،‬بل كانوا يوجهون وير�شدون تالميذهم‬
‫ومريديهم ايل الطريق ال�صحيح والدرب القومي وال�سلوك احلميد‪ ،‬ويوجهونهم للأخالق‬
‫الفا�ضلة والتعامل الرفيع مع الآخرين‪ ،‬وحببوا �إليهم العلم والتعلم كثريا‪ ،‬وكان ذلك‬
‫منارات عالية و�سامقة يف �سماء دولة الفوجن‪.2‬‬
‫وقد بد�أ املديح دارج �أو�أزدهر يف ع�صرالفوجن ومن �شعراء ذلك الع�صر ودحليب‬
‫وحاج العاقب وحاج املاحي يف القرن العا�شر الهجري وقامت املدائح النبوية بدور هام يف‬
‫املجتمع ال�سوداين بتوجيه وتهذيبه وتعليمه فهي نافذة للوعظ والإر�شاد والعربة واالعتبار‬
‫ربطت بني ما�ضي الأمة ال�سوداين وحا�ضرها بتمجيده اللإ�سالم و�أبطال الإ�سالم وتناول‬
‫متدح الر�سول  والدعوة �إىل العبادة وزجرالنف�س و�إتباع الهوى وهي و�سيلة لن�شر‬
‫‪3‬‬
‫الثقافة الإ�سالمية وهي مليئة ب�أحدث ال�سرية العطرة وتعاليم الإ�سالم‪.‬‬
‫«ال�شعر ال�صويف يف ال�سودان متغلغل يف املجتمع‪ ،‬وال�سبب يف ذلك النزعة الدينية‬
‫الفطرية الو�سطية لل�سودانيني وحمبتهم ال�شديدة جلناب �سيدنا حممد  ‪ ،‬لذلك‬
‫نالحظ �أنهم حينما ي�ستمعون �إىل هذا ال�شعر �سواء كان حلناً �أو �إلقا ًء ف�إنهم يتواجدون‬
‫ب�شدة‪ ،‬وي�صيحون ويبكون‪ ،‬وجند �أن ال�شعر ال�صويف قد �أثر ت�أثرياً كبرياً على ال�شعر‬
‫ال�سوداين خا�صة الغنائي منه بل حتى �أحلان الكثري من الأغاين ال�سودانية م�ستمدة من‬
‫‪ )1‬عبد املجيد عابدين‪ .‬تاريخ الثقافة العربية يف السودان‪ .‬دار الثقافة للنرش والتوزيع‪ ،1967 .‬ص‪191 -‬‬
‫‪ )2‬بابكر األمني الدرديري‪ .‬من قضايا األدب السوداين‪ .‬مطبعة جامعة الجزيرة‪ .‬مدين‪ ،2014 ،‬ص‪.40‬‬
‫‪ )3‬ص‪55‬‬

‫‪92‬‬
‫�أحلان ق�صائد املديح النبوي‪.1‬‬
‫ولقد ت�أ�سى �شعراء املديح فى ال�سودان ب�سلفهم ال�صالح فكان املدح النبوى ومازال‬
‫هو �إحدى دوائر معارف ال�سرية النبوية فى ال�سودان‪.‬‬
‫فنجد فى البيئة ال�سودانية �أن معجزاته  وزهده وجهاده الكفار و�أ�سماء ال�صحابة‬
‫ال�سابقني للإ�سالم قد انت�شرت بني اخلا�ص والعام خالل املدائح النبوية �سواءكانت باللغة‬
‫العربية الف�صحى �أو العامية‪ .‬والتعرف على �سرية النبى  ومواقفه وغزواته وجهاده‬
‫ومعجزاته وغريها مما يتعلق به  وب�أ�صحابه �أمر مهم‪ ،‬بل واجب لأنه هو قدوتنا وكيف‬
‫نقتدى به �إذا ملن تعرف علىحياته؟فجزىاهلل جميع من �أو�صل حالة �أو موقفاً من مواقفه‬
‫ ب�أى �صورة (لغة عربية ف�صحى �أوعامية) فانظر �إىل هذا املادح كيف َبينَّ زهده‬
‫ وترفع هعن هذه الدنيا وزهرتها فهاهو البو�صريى ي�صور لناذلك فىلغةعربية‬
‫ف�صيحة‪:‬‬
‫وراودته اجلبال ال�شّ ّم من ذهب‪...‬عن نف�سه ف�أراها �أيمّ ا �شمم‬
‫فقال املادح ابن �أبى �شريعة باللغة العامية ال�سودانية‪:‬‬
‫َم��ا ْل َذهب��اً َخزِين��ا‬ ‫��ال محَ َ ُمو َله‬
‫جاتو ا ِجل َم ْ‬
‫ام�� َا ْل َق ْل ُب��و ال َّرزِين��ا‬ ‫ط��ه ا ْبج َم��ال ْ م َا ِلي�� َه‬
‫و�أمثالها كثرية باللغتني الف�صحى والعامية فى �أ�شعار حاج املاحى وود�سعد وعبد امللك‬
‫وحياتى وال�سادة �آل �أبىك�ساوى وال�شيخ عبدهلل بن يون�س و ال�سيد جعفراملريغنى‬
‫وال�شيخ عبداملحمود وال�شيخ قريب اهلل وال�شريف يو�سف الهندى وال�شيخ عبدالباقى‬
‫املكا�شفى وال�شيخ ال�صابونابى وال�شيخ الربعى وغريهم ممن اليح�صرلهم عدد فجزاهم‬
‫‪-https://arabic.sputniknews.com/arab_world/201802281030425912h1‬‬

‫‪93‬‬
‫اهلل خري اجلزاء‪ .‬فال جتد �أح ًدا من العامة �إال ويعرف �شيئاً عن �سرية ر�سول اهلل ‬
‫وكذلك بف�ضل املديح النبوى و�إخال�ص من �أن�ش�أها �إبتغاء ًملر�ضاة اهلل ور�سوله‪ ،‬فمن‬
‫عار�ض هذا الرتاث وهذا الفي�ض فقد عار�ض �صاحب ال�سرية وال�شمائل الكرمية‪،‬‬
‫فاحلذر كل احلذر �أن تقف حجر عرثة �أمام انت�شار �سرية النبى  خا�صة فى هذا‬
‫الزمان الذى كرث فيه الف�ساد ب�شتى �سبله وغزا بالد امل�سلمني خا�صة �شبابهم‪ ،‬فعلينا‬
‫�أن ن�سعى بكل و�سيلة و ُن َ�سخِّ ر كل مامنلك لن�شر ف�ضائل النبى  و�أخالقه وقيم‬
‫الإ�سالم و�أهدافه النبيلة فى �إ�سعاد الب�شرية و�إخراجها من ظلمات االنحراف فىالعقائد‬
‫والأخالق‪ ،‬فيا�شباب الإ�سالم �أعكفوا درا�سة وفهماً واملأوا ال�ساحة بال�سرية النبوية‬
‫نظما ونرثاً لنربهن ونثبت �أن فطرة الإ�سالم هى الفطرة ال�سليمة امل�ستقيمةال�صاحلة لكل‬
‫زمان ومكان‪ ،‬لكل بنى�آدم ال فرق بني �أبي�ض و�أ�سود و الحر وعبد وال ذكر و�أنثى �إال‬
‫الد ُين ا ْل َق ِّي ُم َو َل ِك َّن‬ ‫ا�س َع َل ْي َها ال َت ْب ِد َيل لخِ َ ْلقِ َهِّ‬
‫الل َذ ِل َك ِّ‬ ‫بالتقوى( ِف ْط َر َت َهِّ‬
‫الل ا َّل ِتي ف ََط َر ال َّن َ‬
‫�أَ ْكثرَ َ ال َّنا�سِ ال َي ْع َل ُمونَ ‪.(1‬‬
‫وقد فهم �شيوخ و�أقطاب ال�صوفية يف املنطقة املغاربية منذ زمن بعيد �أن ال�شعر امللحون‬
‫هو �أثقل وزنا و�أكرث ر�سوخا يف �أذهان العامة الذين �شكلوا وما يزالون ي�شكلون �أغلبية‬
‫�أتباعهم‪ .‬وفهم ه�ؤالء ال�شيوخ �أي�ضا �أن هذا ال�شعر ال ميكن �أن ير�سخ يف �أذهان العامة‬
‫�إذا مل يغن‪ .‬ومن هنا جاءت العالقة الع�ضوية املتينة بني �شيوخ و�أقطاب الت�صوف وبني‬
‫�شعراء امللحون‪ .‬وال يعني ذلك �أن �شعراء امللحون كانوا عاجزين عن نظم ال�شعر الف�صيح‬
‫ولكنهم كانوا ينظمون امللحون �أكرث من الف�صيح (�سيدي قدور العلمي منوذجا) لأنه �أكرث‬
‫و�أ�سرع انت�شارا و�أكرب �أثرا وبالتايل �أكرث فاعلية يف تو�صيل الر�سالة ال�صوفية‪.2‬‬
‫لأنه �أكرث و�أ�سرع انت�شارا و�أكرب �أثرا وبالتايل �أكرث فاعلية يف تو�صيل الر�سالة ال�صوفية‪.‬‬
‫‪ )1‬أحمد بن الشيخ دفع لله الصائم دميه‪ .‬القول الصحيح يف مرشوعية املديح‪ .‬الطبعة الثانية‪ -‬حصاد للطباعة ‪( 2007 -‬ص ‪32‬‬
‫‪ )2‬سعيد جاب الخري‪.‬العالقة بني التصوف وشعراء امللحون (الشعر الشعبي (يف الجزائر‪« ،‬محمد بن مسايب» منوذجا‪.‬‬
‫عىل الرابط‪htm.2-http://www.syrianstory.com/comment32‬‬

‫‪94‬‬
‫ومن هذا املنطلق ميكن اعتبار ظاهرة (املداح) اخرتاقًا فنيا للمجتمع من طرف ال�صوفية‪� ،‬أو‬
‫بتعبري �آخر توظيفا للفن كو�سيلة لتحريك اخلطاب الديني ال�صويف على م�ستوى الطبقات‬
‫االجتماعية املختلفة وخا�صة الب�سيطة منها‪.‬ولهذا نالحظ �أن العديد من �شعراء امللحون‬
‫من ال�صوفية كان با�ستطاعتهم نظم ال�شعر الف�صيح على الأوزان اخلليلية التقليدية‪ ،‬غري �أن‬
‫ذلك مل يكن ليحقق لهم الهدف الذي يق�صدونه من النظم‪ ،‬لأن �شعرهم يف هذه احلالة‬
‫‪1‬‬
‫لن يكون يف متن�أول الأغلبية ولن تفهمه �سوى النخبة الذي متثل الأقلية داخل املجتمع‪.‬‬
‫وال�سودانيون لهم هيام باملديح عجيب‪ ،‬وماذلك اال حلبهم االكيد للمدوح بهذا املديح‬
‫وهو النبي الكرمي حممد عليه اف�ضل ال�صالة والت�سليم‪.‬‬
‫ونحاكي يف ذلك مارواه لنا �صديقنا حافظ ال�سيد من الهاللية الذي هو ا�صال من‬
‫بربر‪ ،‬اذ حكى عن ال�شيخ جمذوب مدثر احلجاز ان �شيخ جمذوب حكى ان �شيخا من‬
‫تلك املنطقة كان يدر�س يف امل�سجد ق�صة براءة ال�سيدة عائ�شة �أم امل�ؤمنني ر�ضي اهلل عنها‬
‫وعنابيها وبدا ي�سرد الف�صة من �أواللها وماتواله املنافقون واليهود من كربها وكيف ان‬
‫االمر قد �شق على ر�سول اهلل‪ ،‬وكيف انه �شق على �أبي بكر ال�صديق و�أم رومان والدة‬
‫ال�سيدة عائ�شة ثم كيف قد �شق على ال�سيدة عائ�شة وعلى جميع امل�ؤمنني حتى و�صل يف‬
‫الق�صة �إىل ما انزل اهلل من االيات القر�آنية يف براءة �أمنا عائ�شة‪ .‬فلما انتهى به الدر�س �إىل‬
‫هنا‪� ...‬أخذ ع�صاه وقال لتالميذه «�إن براءة ال�سيدة عائ�شة هذه �شئ مفرح (دايرة عر�ضة)»‬
‫‪2‬‬
‫فعر�ض ال�شيخ وعر�ض معه تالميذه فرحا برباءة ال�سيدة عائ�شة‪.‬‬

‫‪ )1‬سعيد جاب الخري‪.‬العالقة بني التصوف وشعراء امللحون (الشعر الشعبي (يف الجزائر‪« ،‬محمد بن مسايب» منوذجا‪.‬‬
‫‪ )2‬عبد اللطيف البوين وعبد اللطيف سعيد‪ .‬الربعي رجل الوقت‪ .‬مطبعة التيسري‪ ،‬الخرطوم‪ ،2000 ،‬ص‪50‬‬

‫‪95‬‬
‫�شكل ق�صيدة املدائح النبوية وعنا�صرها‬
‫كما �أن للمدائح النبوية العربية �شكل التخرج عنه‪ ،‬فالق�صيدة املديح النبوي ال�شعبية‬
‫�شكل اليختلف عن كثريا بني ق�صيدة و�أخرى‪ .‬فهي تتكون من «ال�شيلة» وهي املقدمة‬
‫يرددها ال�سامعون خلف املن�شد بعدد كل مقطع‪ ،‬ثم الق�صيدة وتتكون من العنا�صر‬
‫التالية‪ :‬فبعد �أن ي�سمي ال�شاعر اهلل ويثني بال�صالة على النبي ي�شرع يف مديح النبي‬
‫وو�صف مناقبه‪ ،‬ثم يذكر رغبته يف احلج وزيارة قرب النبي‪ .‬ويختم الق�صيدة بال�صالة على‬
‫‪1‬‬
‫النبي بعد ان يتو�سل بالنبي ليغفر اهلل له ذنوبه‪.‬‬
‫و�أحيانا تبد�أ ق�صيدة املديح ال�شعبية بذكر ال�شوق اىل زيارة قرب النبي وتعرب عن حب‬
‫�أولئك املداح العميق للنبي عليه ال�سالم‪ ،‬مثال ذلك‪:‬‬
‫ي��ام��والي بتني ننظر نخيلو‬ ‫م���ش���ت���اق���ل���و وح��ل��ي��ل��و‬
‫أن��ت ال��ل��ه م��والن��ا الجليل‬ ‫بسم ال��ل��ه سائلك يافضيل‬
‫يف حق ربنا الفنا مستحيل‬ ‫منصوص جانا وارديف الدليل‬
‫سيد زينة الجنان والسلسبيل‬ ‫بثني القول عىل اب رشعا عديل‬
‫املختار شفاعتو الكربى هيلو‬ ‫ي���وم امل��ح��ن��ة وال��ي��وم طويل‬
‫نبيا تفلو باركبو القليلو‬ ‫نبيا م��س��و يشفابو العليل‬
‫جاهك ًع��م للناس القبيل‬ ‫نبيا ج��ودو ف��اق النيل وسيل‬
‫من خيل الجنا مبزومة‪ 2‬هيلو‬ ‫جابلو ال�ب�راق ملجومة هيلو‬
‫للغايل الرسول معلومه هيلو‬ ‫بالدر والكنار منظومه هيلو‬
‫ق�لي ال تخاف منك بشيلو‬ ‫ي��اش��دة ق��ف��اي ح��م�لا ثقيل‬
‫والتسليم يفوق النيل وسيل‬ ‫الصلوات ع��دد علم الجليل‬
‫يل نور يرثب الهاشمي االصيل‬ ‫مت�لا السبعتني وت��رج��ح متيل‬

‫وت�شتمل املدائح ال�شعبية على �أ�سلوب ق�ص�صي جميل من ذلك النوع الذي تتميز‬
‫‪2‬‬

‫‪ )1‬جعفر محمد عثامن بخيت‪ .‬شعر املديح نشأته وتطوره (حتى قبيل عرص النهضة)‪ .‬بحث مقدم لنيل درجة‬
‫املاجستري‪ ،‬كلية اآلداب‪ -‬جامعة الخرطوم‪ ،1969 .‬ص ‪261‬‬
‫‪ )2‬مبزومة‪ :‬مخصوصة‬

‫‪96‬‬
‫به املالحم‪ .‬فها هو �أحمد ابن ابي �شريعة ي�صف هجرة النبي يف �أ�سلوب ملحمي يقول‪:‬‬
‫مهام نحيك قول يعلم كالمنا القلنا‬ ‫قالوا املرشكني هذا الغالم م ّحنا‬
‫واخيبة رجانا أريتنا كان ما كُنا‬ ‫كيف الراي دحني هذا األمر ماك ّنا‬

‫ومن كافة عبادة أصنامنا اتعطلنا‬ ‫ابجهل قالولو نحن بطلنا‬


‫شاوروا ىل ْ‬
‫ملوا والد قريش ال ّنخيل م ّنو وطنا‬ ‫رايكُم متموا ال ينكشف باطلنا‬

‫سوا اسحاروا ىب قبضة تراب خجلنا‬ ‫أبليس قالهم يا قوم مرق راجلنا‬
‫سكان مكة قالت عبنا واتجلجلنا‬ ‫ن ّومنا الجميع واعيبنا ما ع ّجلنا‬
‫خيبة عىل دقونا الكُلنا اتبومنا‬ ‫اتلموا الصباح قالوا األمر ل ّومنا‬

‫تبد�أ �سهرة املديح والتي ت�سمى (الل ّيلية) عقب �صالة الع�شاء وي�أتي اليها النا�س‬
‫من كل مكان ويبد�أ املداح ب�ضرب الطار (وهي الآالت امل�ستخدمة يف املديح) ويبد�أون‬
‫بايقاع املربع (�أحد ايقاعات الطار) و‪....‬وكمثال له مدحة (�سالمة للر�سول �أب عالمة)‬
‫(ال�شوق للر�سول املاحي) وهذا مبثابة اعالن لبدء الليلية‪ ...‬عندما ي�سمع النا�س �صوت‬
‫الطار يتوافدون من كل مكان حل�ضور (الليلية)‪ ...‬ويقف النا�س يف �شكل حلقة تزيد‬
‫م�ساحتها على ح�سب كمية احل�ضور ويدور املادح داخل احللقة بعك�س عقارب ال�ساعة‬
‫ويو�ضع اناء كبري (ال�صحن) لي�ضع النا�س فيه النقود وهي عبارة عن مال يرميه الرجل‬
‫اذا اراد العر�ضة (وهي تعبري باجل�سم والل�سان عن حالة تعرتي االن�سان حلظة �سماعه‬
‫لكالم يحرك �أ�شواقه ولكل قبيلة يف ال�سودان منوذج خمتلف‪ ...‬وي�ضرب له الطار حتى‬
‫ينهي عر�ضته وطوال الليلية يكون النا�س يف طرب وا�ستمتاع وكذلك منهم من تعرتيه‬
‫حالة من البكاء وال�شجن ويزرف الدمع حبا و�شوقا للممدوح ‪...‬‬

‫‪97‬‬
‫نبد�أ مع ايقاعات املديح‬
‫وهي ثالثة (الع�صى ‪ -‬الطار ‪ -‬الت�صفيق) كما قال ود ابو�شريعة (مراً بالدفوف مراً‬
‫ع�صى وت�صفيق)‪...‬وقد دخلت حديثا الآالت املو�سيقية والتي مل تكن يف معروفة �سابقا‪.‬‬
‫وللعلم فان �شعراء وفنانو الغناء �أخذو من املديح ولي�س العك�س كما يعتقد الكثريين‪...‬‬
‫وذلك بدليل �أن تاريخ رواة املديح �أقدم من تاريخ �شعراء الأغاين‪ ...‬ولنا عودة لهذا‬
‫املو�ضوع منفردا باذن اهلل‪...‬‬
‫◌ الع�صى‪ -:‬وكانت م�ستخدمة قدميا وهي �أن ي�ضرب املادح بع�صاتني ت�صدران ايقاعا‬
‫ح�سب حلن املدحة وقد اندثر هذا الفن لأن الذين يجيدونه معظمهم قد انتقل‬
‫◌ الت�صفيق‪ -:‬وهو الت�صفيق بالأيدي على ن�سق حلن املدحة‬
‫◌ الطار‪ - :‬وله نوعان �صغري احلجم و�سيمى (ال�شتم) وكبري احلجم وي�سمى (الأم ّية)‬
‫وعدد املداح يكون من اثنان اىل ثالثة �أو اربعة‪....‬‬
‫فنون الطار‪-:‬‬
‫وتنق�سم ايقاعات الطار وفنونه اىل عدة �أق�سام هي‪-:‬‬
‫املربع‪ -:‬والذي غالبا ما يبد�أ به املداح وكمثال له مدحة احمد ود ابوك�ساوي‪...‬‬
‫ال�شوق حلبيب موالنا اجلاب الب�شارة وجانا)‬
‫املخبوت‪ -:‬وهو ايقاع بطئ وقد قال املادحني الكبار‪( :‬املخبوت قيد املداح) �أي‬
‫�أنه يخترب قدرة املادح وبراعته ل�صعوبة �أدائه وكمثال له مدحة (مرادي للذنوب �صفوح‬
‫�أواجهو وعندو روحي تروح)‬
‫ح�سن رجاء يا وهي بنبيك التج�أ)‬
‫املع�شر‪ -:‬مثل مدحة ود �سعد (عبدا ّ‬

‫‪98‬‬
‫الدقال�شي‪ -:‬مدحة حاج املاحي (�أ�سد اهلل الب�ضرع ينهر يف املجمع كم عوقا يف �سراع‬
‫من �شوفتو اتفرزع)‬
‫ال ّبناتي‪ -:‬مدحة ال�شيخ الربعي (للنبي �سيد هوازن �صلوات للكون توازن)‬
‫احلربي‪ -:‬وهو من ا�سرع االيقاعات وتكون فيه العر�ضة وكمثال له لل�شيخ الربعي‬
‫(الليلة حن قلبي وبكى على الر�سول طال البكى)‬
‫القدورابي‪ -:‬وهو من �أنواع احلربي ولكنه خا�ص مبديح ال�شيخ ود جبور (قدورة) مثل‬
‫‪1‬‬
‫مدحة (�صلو يا �أمم لنبي الكرم و�سيلتنا طه مونتنا)ه‬

‫‪1 https://www.facebook.com/alabyadab66/posts/%D8%A3%D8%AF%D8%A8-%D8%A7%D984%‬‬
‫‪%D985%%D8%AF%D98%A%D8%AD-%D8%A7%D984%%D986%%D8%A8%D988%%D98%A-‬‬
‫‪%D981%%D98%A-%D8%A7%D984%%D8%B3%D988%%D8%AF%D8%A7802843333079134//‬‬

‫‪99‬‬
‫الطريقة ال�س ًمانية واحدة من الطرق ال�صوفية الوا�سعة االنت�شار يف العامل الإ�سالمي‪،‬‬
‫وقد ظهرت على يد العارف باهلل تعاىل �سيدي حممد بن عبد الكرمي ال�س ًمان املدين ر�ضي‬
‫اهلل عنه فا�ستمرت با�سم الطريقة ال�س ًمانية‪ .‬تمُ ثل الطريقة ال�س ًمانية �إحدى الطرق املنظمة‬
‫ذات الكيان املركزي املوحد‪ ،‬واملت�أثر بالنزعة التب�شريية‪ ،‬وهي تن�سب لل�شيخ حممد عبد‬
‫الكرمي ال�س ًمان (ت ‪1189‬هـ) الذي جمع بني ثقافة املغرب واحلجاز‪ ،‬ودر�س علوم اللغة‬
‫العربية والدين‪ ،‬واخذ اخللوتية عن ال�شيخ م�صطفي البكري والنق�شبندية عن ال�شيخ‬
‫بهان�شاه النق�شبندي حتى ذاعت �شهرته فق�صده كثري من التالميذ واخذوا عنه‪.1‬‬
‫والطريقة ال�سمانية هي �أحدى الطرق ال�صوفية ال�شهرية يف العامل الإ�سالمي‪ ،‬وهي‬
‫و�إن كانت با�سمها اال�صطالحي املعروفة به حديثة الن�ش�أة ن�سبياً‪ ،‬حيث �إنها مل تن�ش�أ �إال يف‬
‫القرن الثاين ع�شر الهجري‪� ،‬إبان حياة م�ؤ�س�سها ال�شيخ حممد عبدالكرمي ال�سمان (املولود‬
‫يف عام ‪1132‬هـ‪ ،1717 -‬واملتويف يف عام ‪1189‬هـ‪1775 -‬م)‪� ،‬إال �أنها مبا ت�شري �إليه من طرق‬
‫ذات ن�ش�أة قدمية‪ ،‬ال يف ال�سودان فح�سب بل يف كل �أنحاء العامل الإ�سالمي‪.‬‬
‫تتكون الطريقة ال�سمانية يتمثل فيما يلي‪ :‬الطريقة القادرية‪ :‬وهي �أول الطرق‬
‫(اجلماعية) التي عرفت يف العامل‪ ،‬وكان رائدها ال�شيخ عبدالقادر اجليالين‪ ،‬قد عا�ش يف‬
‫‪ )1‬يحيي محمد إبراهيم‪ .‬مدرسة أحمد بن إدريس املغريب وأثرها يف السودان‪ .‬دار الجيل بريوت‪ 1993‬ص‪320-‬‬

‫‪101‬‬
‫الفرتة من عام ‪470‬هـ‪1077 -‬م‪� ،‬إىل عام ‪560‬هـ‪1164 -‬م‪.‬‬
‫الطريقة النق�شبندية‪ :‬وهي ثاين الطرق التي منها تتكون الطريقة ال�سمانية‪ ،‬وكان‬
‫رائدها – �سيدي حممد بهاء الدين نق�شبند‪ -‬قد عا�ش يف الفرتة من عام ‪717‬هـ ‪1317 -‬م‬
‫�إىل عام ‪761‬هـ‪1388 -‬م‪.‬‬
‫الطريقة اخللوتية‪ :‬وهي ثالث الطرق ال�صوفية التي منها تتكون الطريقة‬
‫ال�سمانية‪ ،‬وكان رائدها ال�شيخ م�صطفى البكري – قد عا�ش يف الفرتة من‬
‫عام ‪1099‬هـ‪1687 -‬م �إىل عام ‪1162‬هـ‪1848 -‬م‪ .‬علماً ب�أن �أو ل من �شهر‬
‫بو�صف (اخللوتي) هو ال�شيخ حممد البا�سل‪ ،‬وكان �أتباعه قد ا�شتهروا‬
‫بـ(القرة با�شلية) ن�سبة لل�شيخ علي �أفندي (قر با�ش) وهي كلمة تركية معناها باللغة‬
‫العربية‪� :‬أ�سود الر�أ�س‪.‬‬
‫طريقة الأنفا�س‪ :‬وهي رابع الطرق التي منها تتكون الطريقة ال�سمانية‪ ،‬وهي �إن كانت‬
‫ال تن�سب �إىل رائد معني �إال �أنها مبتغى كل فرد (�شيخاً كان �أم مريداً) يبقى الكمال يف‬
‫دينه‪ ،‬ويف عالقته بخالقه‪ ،‬ذلك �أنها ت�شري �إىل ا�ستثمار الفرد لكل نف�س‪ ،‬يدخل �إليه �أو‬
‫يخرج منه‪ ،‬بحيث ال يكون هناك نف�س داخل �إليه‪� ،‬أو خارج منه �إال وهو م�صحوب ما‬
‫�أمكن بالذكر واليقظة وعدم الغفلة‪.‬‬
‫طريقة املوافقة‪ ،‬امل�سماة �أحياناً (الطريقة الأ�سمائية)‪ ،‬ن�سبة للتوافق العددي يف‬
‫(حروف اجل َمل) بني بع�ض �أ�سماء اهلل احل�سنى وا�سم الذاكر‪ ..‬علماً ب�أنَ التوافق العددي‬
‫املذكور يكون علي النحو التايل‪،:‬‬
‫�أ=‪ ،1‬ب=‪ ،2‬ج=‪ ،3‬د=‪ ،4‬هـ=‪ ،5‬و=‪ ،6‬ز=‪ ،7‬ح=‪ ،8‬ط=‪9‬‬

‫ي=‪ ،10‬ك=‪ ،20‬ل=‪ ،30‬م=‪ ،40‬ن=‪� ،50‬س=‪ ،60‬ع=‪ ،70‬ف=‪� ،80‬ص=‪90‬‬

‫‪102‬‬
‫ق=‪ ،100‬ر=‪� ،200‬ش=‪ ،300‬ت=‪ ،400‬ث=‪ ،500‬خ=‪ ،600‬ذ=‪� ،700‬ض=‪،800‬‬
‫ظ=‪.900‬غ=‪.11000‬‬
‫فمث ًال ا�سم «�سمان» هو الرقم «‪ »151‬على النحو التايل‪� :‬س= ‪ ،60‬م= ‪ ،40‬ا=‪ ،1‬ن‬
‫=‪ ،50‬يبقى املجموع ‪.151‬‬

‫القادرية‬

‫اخللوتية‬ ‫املوافقة‬

‫ال�سمانية‬

‫النق�شبندية‬
‫الأنفا�س‬

‫�شكل ‪ 1 -1‬يو�ضح الطرق الرئي�سية التي تكونت منها ال�سمانية‬

‫‪ )1‬حسن الفاتح‪ .‬الدور الديني واالجتامعي والفكري (للطريقة السامنية‪ -2004 .‬ص‪45 -‬‬

‫‪103‬‬
‫مزج حممد بن عبد الكرمي ال�سماين بني الطرق اخللوتية‪ ،‬القادرية والنق�شبندية‬
‫وال�شاذلية – التي كان يظفر باجازاتها جميعاً‪ -‬يف قالب جديد ُعرف بال�سمانية‪.1‬‬
‫يعترب �سيدي ال�شيخ �أحمد الطيب ر�ضي اهلل عنه من � َّ‬
‫أجل العارفني املحقيقني الذين‬
‫ذاع �صيتهم يف بالد ال�سودان خا�صة والبالد الإ�سالمية عامة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وهو �أول من ادخل الطريقة ال�س ًمانية �إىل ال�سودان‪.‬‬
‫ينتمي ال�شيخ �أحمد الطيب �إىل �أ�سرة ال�شيخ حممد �سرور هو من خوا�ص تالميذ‬
‫ال�شيخ ح�سن ود ح�سونة‪ .‬لقد و�صف عبد املجيد عابدين هذه الأ�سرة ب�أنها �أ�سرة دينية‬
‫عريقة �أ�سهمت بن�صيب موفور يف بث القيم الروحية ون�شر الثقافة الإ�سالمية يف ال�سودان‪،‬‬
‫وخ َلفت على م َر الأجيال �أثارا علمية و�أدبية معروفة‪ .‬ونبع فيها عدد من العلماء وال�شعراء‬
‫�صانوا جمد الأجداد وتلقَوا خلفاً عن �سلفاً راية العلم يف جد و�إخال�ص‪ .3‬هذه الأ�سرة الطيبية‬
‫و�صفت ب�أنً لها الوراثة الروحية والزمنية كما �أبان ذلك الأ�ستاذ حممد �شريف نور الدائم‬
‫(‪ )1907-1841‬يف �إحدى ق�صائده ال�شهرية حينما قال‪:‬‬
‫ومن فوقهم كانوا عىل امللك والقه ِر‬ ‫رش أجدا ٍد عىل العلم والتقى‬
‫ويل ع ُ‬

‫ومن احلرمني ال�شريفني نقل الطالب واحلجيج ال�سوداين ودعاة الطرق ال�صوفية‬
‫�آثار البعث ال�صويف اجلديد �إىل ال�سودان يف العقود الأخرية قبل �سقوط �سلطنة الفوجن‬
‫الإ�سالمية‪.‬كان من �أول الدار�سني قدوما �إىلال�سودان ال�شيخ �أحمد الب�شري الطيب‬
‫(‪ )1823-1742‬الذي ق�ضى �سبع �سنوات يف احلرمني ال�شريفني و�أخذ الطريقة ال�س ًمانية‬
‫من ال�شيخ حممد عبد الكرمي ال�س ًمان ومنذ عام ‪ 1800‬بد�أ ال�شيخ �أحمد الب�شري يدعوا �إىل‬
‫‪ )1‬عبد الجليل عبد الله صالح‪ .‬السامنية‪ :‬املنهج‪ ،‬التاريخ واملستقبل‪ .‬دراسة معارصة تحت النرش‪.‬‬
‫‪20%8D8%B9%http://www.mohameddawood.com/Article/view.aspx?ID=987&Section=%D9)2‬‬
‫‪87%84%D9%84%D9%%D8%A7%D9‬‬
‫‪ )3‬حسان بشري حسان‪ .‬رثاء األب بني العبايس وأبنيه‪ .‬ورقة منشورة يف مجلة جامعة بحري السنة الثانية‪ -‬العدد الرابع‪-‬‬
‫ديسمرب ‪ .2013‬ص‪.12 -‬‬

‫‪104‬‬
‫الطريقةاجلديدةبني �أتباع القادرية وال�شاذلية يف ال�سودان‪ .‬وكانت دعوته ودعوة ر�صفائه‬
‫من دعاة ال�صوفيةاجلديدةمن املجذوبية واخلتمية �أكرث ت�شددا يف تطبيق تعاليم الدين‪ .‬فقد‬
‫�سعى �إىل تعميق املمار�سات التعبدية من ذكر‪ ،‬وت�أمل وتفكر يف الت�صوف‪ .‬ك�سب ال�شيخ‬
‫�أحمد الب�شري �أتباعا كرث بني �أهله اجلعليني والكواهلة واحللأويني واليعقوقاب‪ .‬وا�شتهر‬
‫�أحفاده بالعلم واالهتمام بالت�أليف فيالت�صوف والعلوم الإ�سالمية‪ .‬وقام ال�س ًمانية بدور‬
‫ن�شط يف ن�شر الإ�سالم يف منطقتي �أعايل النيل الأزرقوجنوبكردفان‪ ،‬ومن خريروادهمفي‬
‫هذا املن�شط ال�شيخ بدوي �أبو�صفية (‪ )1848‬الذي ا�سلم علي يديه و�إخوانه جماعات من‬
‫النوبة فيجنوبكردفان‪ .‬يري ح�سن مكي �أن قدوم ال�شيخ �أحمد الطيب بتعاليم �شيخه‬
‫ال�س ًمان التجديدية مع مدار�س �صوفية �أخرى �ساهمت يف تكوين ال�شخ�صية ال�سودانية‬
‫يورد مكي ويقول‪« :‬ثم دخلت الهوية ال�سودانية املختلطة‪ ،‬يف رحاب الت�صوف‪ ،‬مع بروز‬
‫حركة الت�صوف امل�ؤ�س�سي‪ ،‬مع القادرية وال�شاذلية واملجاذيب والتجانية وجهود ال�شيخ‬
‫�أحمد الطيب الب�شري ال�س ًماين»‪.1‬‬
‫ن�ش�أة ال�سمانية بطابت ال�شيخ ال�سماين‬
‫رائد الطريقة ال�سمانية بطابت �شرق هو اال�ستاذ ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ الب�شري بن‬
‫ال�شيخ نورالدائم (ت‪ )1852‬بن القطب ال�شيخ �أحمد الطيب بن الب�شري (‪1742‬م‪1824-‬م)‪.‬‬
‫�أم�ضى ال�شيخ الب�شري بقية حياته املباركة مع ابنه الويل ال�صالح �سيدي ال�شيخ‬
‫ال�سماين بطابت‪.‬ق�صة �إقامته بطابت ال�سماين‪.‬‬
‫واحلق �أن ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ الب�شري يعترب امل�ؤ�س�س الأول لفرع الطريقة مبناطق‬
‫�سنار وماج�أورها من مناطق �شرق وغرب النيل الأزرق وقد عرفت الطريقة با�سم الطريقة‬
‫الطيبية ال�سمانية القادرية‪ .‬ولد ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ الب�شري بقرية دلوت بالقرب‬
‫‪(1‬حسن ميك‪ .‬أســئلة الهـــوية والتجـــديد واالندماج القــومي يف الســودان‪ * .‬ورقة قدمت يف منتدى مركز التنوير‬
‫املعريف‪-‬الخرطوم‪ -‬املنعقد بدار املركز يوم ‪2009/3/18‬م ص‪13 -‬‬

‫‪105‬‬
‫من رفاعة �شرق اجلزيرة يف حوايل العام ‪1850‬م‪ .‬كان ر�ضي اهلل عنه على قدم �صدقٍ‬
‫كتب الت�صوف‬ ‫يف الوالية‪ ،‬وبات مثا ًال لل�صويف الذي الزلنا نطل ُع على �أو�صاف ِه يف ِ‬
‫قدمياً وحديثاً‪.‬كان رحمه اهلل تعاىل من �أولياء اهلل تعاىل العارفني‪ ،‬وكان ولياً عارفاً باهلل‪،‬‬
‫كام ًال تقياً عابداً ورعاً زاهداً عاملاً فقيهاً جمع بني ال�شريعة والطريقة واحلقيقة‪ .‬ت�سرك‬
‫نظرته وتذكرك باهلل ر�ؤيته يدلك على اهلل مقاله وينه�ضك لل�سري حاله وترغبك يف‬
‫الآخرة �أفعاله‪ .‬وقد �أفلح وحقق النجاح املعا�ش يف نقل نهجه ال�صويف من بروج الهيام‬
‫ووظفه يف ق�ضاء حوائج النا�س‪ .‬كان منهج ال�شيخ ال�سماين الذي اتبعه يف ن�شر املنهج‬
‫ال�صويف ال�سماين القادري مب�سطاً ومت�سقاً مع طبيعة ال�سكان البدوية والرعوية‪ ،‬متخذاً‬
‫الرتاث القادري املب�سط و�سيل ًة للتذك ِري با ِهلل والرجعى �إليه‪� .‬سعى �سيدي ال�شيخ‬
‫من ِ‬
‫إتباع‬
‫املريدين � ِ‬
‫َ‬ ‫إلزام‬ ‫مبادئ العقيد ِة الإ�سالمية بطريق ٍة مب�سطة � ُ‬
‫أ�سا�سها � ِ‬ ‫َ‬ ‫�إىل ن�ش ِر وتعميقِ‬
‫وتعبدي خا�ص مع املد�أومة على قراء ِة �أذكار و�أورا ِد الطريق ِة‪ ،‬وكانت درجة‬
‫ٍ‬ ‫منهج خلقي‬
‫جناح ِه يف هذا امل�سعى اعتمدت اعتمادا كبرياً على ما يتمتع به ر�ضي اهلل عنه وعنابه من‬
‫الدين‪.1‬‬
‫وكرامات وا�ستقام ٍة على ِ‬
‫ٍ‬ ‫وزهد‪ ،‬و�سلطانٍ روحي‪،‬‬‫وورع‪ٍ ،‬‬
‫معرف ِة با ِهلل‪ ،‬وخلق ديني‪ٍ ،‬‬
‫وقد خلفه علي �أمر ال�سجادة ال�سمانية ابنه الوايل الكامل ال�شيخ م�صطفي البكري‬
‫(‪.)1970-1917‬‬

‫‪ )1‬عبد الجليل عبد الله صالح‪ .‬الشيخ السامين الشيخ البشري (أبو النسيم (‪ ،‬مطبعة العملة السودانية‪2016 ،‬‬

‫‪106‬‬
‫ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ البكري ‪: 1954‬‬
‫كان هناك علي مدي التاريخ �أًنا�س م�صلحون‪،‬اجتمعت قلوب النا�س حولهم‪،‬وذلك‬
‫ملا ا�شتملت عليه نفو�سهم من �صفات و�سجايا حميدة جعلت �أفئدة النا�س تهوي‬
‫�إليهم‪،‬وعندما �أتى الإ�سالم برز رجال �صاحلون جعلوا الر�سول الأعظم  قدو ًة لهم‪،‬‬
‫فتمثلوا �صفاته و�أخالقه و�أ�صبحوا نربا�ساً ي�ضي للنا�س معامل الطريق‪� ،‬ساروا علي خطى‬
‫امل�صطفى �صلي اهلل عليه و�سلم‪ ،‬اتبعوا قائدهم �أينما يقودهم وي�ستقيمون علي الطريق‬
‫ويقيمون الدين وي�ؤ�س�سوا دولة الإ�سالم‪.‬‬
‫�أ�س�س �سيدي ال�شيخ ال�سماين بن �سيدي ال�شيخ الب�شري منارة �أخرى من منارات‬
‫الهدى والإ�صالح الأ وهي «�أُ ْم َع ْي َدان»‪� .1‬أعقب ال�شيخ البكري والده ال�شيخ ال�سماين‬
‫يف مهام الدعوة والإر�شاد يف ذات املنطقة �إيل �أن انتقل �إيل ربه را�ضيا مر�ضيا‪ .‬جاء ابنه‬
‫ال�شيخ ال�سماين ليوا�صل مهام و�أعباء الدعوة �إيل اهلل و�إر�شاد القوم وذلك يف العام‬
‫وترعرع يف‬
‫َ‬ ‫‪ .1977‬ولد ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ البكري ب�أُ ْم َع ْي َدان عام (‪ ،)1954‬ن�ش�أ‬
‫ِ‬
‫بالنفحات ال�صوفية‪ .‬هو‬ ‫براعم �أنفا�س ِه يف ج ٍو معط ٍر‬ ‫بيت معمور بالأذكار والأوراد‪ ،‬ف� َ‬
‫أر�سل َ‬ ‫ٍ‬
‫ال�شيخ ال�سماين بن ال�شيخ البكري بن ال�شيخ ال�سماين بن ال�شيخ الب�شري بن ال�شيخ‬
‫نورالدائم بن املالذ الأعظم القطب وارث القدم النبوي �سيدي ال�شيخ �أحمد الطيب بن‬
‫‪-91‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪9‬‬ ‫‪-5‬مايو ‪.2007‬ص‪..5 -‬‬

‫‪108‬‬
‫الب�شري‪ .‬حتت ظل هذا املجد الفخيم تربى ال�شيخ و�شب ور�ضع من و�صال �آبائه الكرام‬
‫فتخلق عندئذ ب�أخالقهم وحتلى ب�آدابهم فكانَ �سر �آبائ ِه ُ‬
‫ووارث �أجداده‪ .‬فهو ميثل الأ�سالف‬
‫الأتقياء من �آبائه ال�صاحلني‪.‬‬
‫الـموقـع‬
‫تقع �أُ ْم َع ْي َدان يف والية �سنار حملية الدندر‪� ،‬شمال مدينة الدندر و�شرق مدينة �سنار‬
‫على ال�ضفة ال�شرقية لنهر الدندر يف منطقة �شبه جزيرة يحدها النهر من اجلنوب والغرب‬
‫وال�شمال‪� .‬أ�س�سها ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ الب�شري بن ال�شيخ نور الدائم بن �سيدي ال�شيخ‬
‫�أحمد الطيب بن الب�شري‪ ،‬وذلك منذ مايقارب املائة عام‪ .‬وتاله ال�شيخ البكري الذي‬
‫�أر�سى دعائم امل�سيد فيها على تقوى من اهلل‪ ،‬فكانت اللبنة الأوىل لتلك القرية التي تنب�أ‬
‫لها ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ الب�شري ب�أن تكون ب�ؤرة �صالح و�إر�شاد‪�« .1‬إنّ �أهم قرية من‬
‫هذه القرى جمتمعة‪� ،‬أعني قرى قبيلتي رفاعة والكواهلة‪ ،‬على الأقل بالن�سبة لأغرا�ض‬
‫هذا البحث‪ ،‬هي قرية �أُ ْم َع ْي َدان وقد اكت�سبت هذه الأهمية من كونها �أقرب قرى العرب‬
‫(ح َّل ْة ِ�س َل ْيمانْ ) (‪Hellat‬‬
‫بالن�سبة للفوالنيني‪� ،‬إذ ال تبعد عن قرية ال َعاف َية (‪ِ )Al-Aafya‬‬
‫‪� )Selaiman‬آخر قرى الفوالنيني من الناحية اجلنوبية �سوى ب�ضعة كيلومرتات‪ ،‬كما �أن‬
‫قرى الفوالنيني نف�سها لي�ست بعيدة عن بع�ضها‪ .‬ولهذا القرب اجلغرا ّيف دور يف التفاعل‬
‫االجتماعي والثقا ّيف بني العرب والفوالنيني‪ ،‬بخا�صة �أهايل قرية �أُ ْم َع ْي َدان‪ ،‬حيث توجد‬
‫ّ‬
‫بينهم والفوالنيني م�صالح م�شرتكة مثل الأرا�ضي الزراعية (ال ِب ْل َدات) واملدار�س وخلأوى‬
‫القر�آن‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫علأو ًة على ما ذكر �أعاله ف�إن قرية �أُ ْم َع ْي َدان متتاز ب�أنها مركز �إ�شعاع ّ‬
‫ديني و�صو ّيف‪ ،‬فهي‬
‫ال�سماين ابن ال�شيخ الب�شري بن‬ ‫البكري بن ال�شيخ َّ‬
‫ّ‬ ‫حتت�ضن َم�سِ ْيد ال�شيخ َّ‬
‫ال�س َّماين بن ال�شيخ‬
‫‪-919‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪-5‬مايو ‪.2007‬ص‪..5 -‬‬

‫‪109‬‬
‫جل �أهايل‬ ‫ال�سمانية الط ّيبية‪ ،‬الطريقة التي ينتظم يف �سلكها ّ‬‫ال�شيخ �أحمد الط ّيب �شيخ الطريقة َّ‬
‫املنطقة �إن مل يكونوا ك ّلهم‪ ،‬عرباً وفوالنيني‪ .‬بل ميكن القول �إن قرية �أُ ْم َع ْيدَان كلها تتلخ�ص يف‬
‫هذا املَ�سِ يد‪ .‬فهو �أبرز معاملها‪ ،‬بل �أبرز معامل قرى قبيلة رفاعة املذكورة �آنفاً وقرى حملية الدندر‬
‫وب�سبب منه نالت �أُ ْم َع ْيدَان �شهر ًة و�صيتاً ال يف حمليتي �شرق �سنار والدندر فح�سب‬ ‫قاطبة‪ٍ .‬‬
‫بل يف كل �أرجاء الوالية‪ ،‬ويعترب هذا املَ�سِ يد حا�ضنة اجتماع ّية وثقاف ّية يتفاعل فيها �سكان‬
‫املنطقة من عرب وفوالنيني‪ ،‬وتتال�شى عندها الفروق العِرق ّية وال ُّلغو ّية والدين ّية واالقت�صادية‬
‫وغريها‪ ،‬كما يعدّ ب�ؤرة حقيقية لتج ِّليات هذا التفاعل‪ .‬وفوق هذا وذاك ف�إن املَ�سِ يد – �سي�أتي‬
‫احلديث عنه تف�صي ًال يف اجلزء اخلا�ص باملعتقدات – هو النواة الأوىل التي نه�ضت عليها قرية‬
‫رى �صوف ّية‪.1‬‬ ‫�أُ ْم َع ْيدَان‪� ،‬ش�أنها يف ذلك �ش�أن معظم قرى ال�سودان التي �أ�س�ست على ُع ً‬
‫ال�سماين ابن‬ ‫ال�سماين ا ِجلدّ (ال�شيخ ّ‬ ‫يجمع الرواة على �أن م� ّؤ�س�س ُ�أ ْم َع ْيدَان هو ال�شيخ َّ‬
‫ال�شيخ الب�شري بن ال�شيخ �أحمد الط ّيب) لكنهم مل يع ّينوا �سنة ن�ش�أتها‪ .‬ومع ذلك ف�إن بع�ض‬
‫الروايات ال�شفاهية ت�ضمنت �إ�شارات �إىل �أن تاريخ ن�ش�أة هذه القرية يرجع �إىل العقد الثاين من‬
‫ال�سماين امل� ّؤ�س�س كانت يف العام ‪1967‬م‬ ‫القرن الع�شرين‪ .‬من هذه الإ�شارات �أن وفاة ال�شيخ ّ‬
‫عن عمر يناهز ثمانني عاماً يف روايةٍ‪ ،‬ويف �أخرى مائة ون ِّيفاً‪ .‬و�إذا �أخذنا بالرواية الأوىل ف�إن ميالد‬
‫ال�شيخ يكون يف العام ‪1897‬م وبانق�ضاء القرن التا�سع ع�شر يكون قد �أكمل فقط ثالثاً وثالثني‬
‫�سن ال يت�أتى ل�صاحبها – وقتذاك – �أن ين�شئ قرية‪ ،‬ف�ض ًال عن �أن ّ‬
‫ال�سماين‬ ‫�سنة‪ ،‬وهذه ٌّ‬
‫ال�سن‪� .‬إذن فالرواية الثانية الأقرب‬ ‫نف�سه قد ال يكون جال�ساً على �سجادة الطريقة يف هذه ّ‬
‫�إىل ال�صواب‪ ،‬وعلى �ضوئها يكون ال�شيخ قد �أ�س�س �أُ ْم َع ْيدَان وعمره حوايل خم�سني وثالث‬
‫�سنوات‪ ،‬هذا بافرتا�ض �أنه تويف عن مائة عام حتديداً‪ .‬والراجح عندي �أن �سنة ن�ش�أتها قد تكون‬
‫يف العام ‪1920‬م‪ .‬وذلك جلملة �أ�سباب منها‪� :‬أن �أول قرية للفوالنيني ( َكوْليِ ) (‪ُ )Kauli‬ان�شِ ئَت‬
‫على نهر الدندر يف العقد الأول من القرن الع�شرين كما �سنبني و�شيكاً‪ ،‬و�أن ال َعاف َية (حِ َّلة‬
‫‪ )1‬عباس الحاج‪ .‬دراسة أم عيدان مسيد‪ ،‬معهد الدراسات األفريقية واألسيوية‪.2011 ،‬‬

‫‪110‬‬
‫�سِ لي َمانْ ) التي جت�أور �أُ ْم َع ْيدَان كما ذكر �آنفاً قد ُان�شِ ئت يف العام ‪1917‬م‪ .‬ويتفق الرواة �سواء‬
‫ٍ‬
‫ب�سنوات قليلة‪.‬‬ ‫من �أُ ْم َع ْيدَان �أو من حِ َّلة �سليمان على � ّأن الأخرية �سابقة يف الوجود �أُ ْم َع ْيدَان‬
‫�أم عيدان هذه البقعة املباركة وهي تتج�سد ال�ضفة ال�شرقية لنهر الدندر الفيا�ض بوالية‬
‫�سنار وهي واحة وراحة القادم من عناء وهي راغبة جنب النيل وز�أوية قمر ع�شاء‪.1‬‬
‫ير�سم �أحد �شعراء الطريقة ال�سمانية ب�أُ ْم َع ْيدَان‪ ،‬ال�شاعر �سيف الدين �سليمان حممد‬
‫عو�ض الف�ضيل‪ ،‬خارطة طريق تبني موقع قرية �أُ ْم َع ْي َدان‪ ،‬يف �إحدى ق�صائده التي ميتدح فيها‬
‫ال�سماين وي�ؤديها مادحوه‪ ،‬م�ؤ�شراً �إىل �أنها تقع �شرق �سنار و�شمال الدندر (املدينة)‬ ‫ال�شيخ ّ‬
‫وغرب ال َّرهد (النهر)‪ ،‬وذاكراً بع�ض القرى التي جت�أورها (جِ َل ْي ْ‬
‫دات‪َ ،‬و ْد ال َه ْنقُول‪َ ،‬و ْد َت ْك ُت ْ‬
‫وك‬
‫وغريها)‪ .‬يقول ال�شاعر‪:‬‬
‫الس َّمـاين ُمـو ِقـدْ نَـارِكْ‬ ‫(س َّنارِكْ )‬ ‫وق ِ‬ ‫أُ ْم َع ْيدَ ان شرُ ُ ْ‬
‫لَ ْو يف ال َّنوم تجينا أخبـارِكْ‬ ‫سائلني الكَرِيم َج َّبارِكْ‬
‫فيـك صوت الدِّ نْ ِقـ ْر‬ ‫ِب ْر ِز ْم ِ‬ ‫أُ ْم َع ْيدَ ان شامل (الدِّ نْد ْر)‬
‫ما ْب َتـلقـا ُه يف ِس ُّنـو ِب َنقِّـ ْر‬ ‫فيكْ َأسدْ الكَ َواليِ ْم َص ْن ِق ْر‬
‫فيكْ َم ْرهم‪ِ ،‬شفا لىَ ْ َم َرضْ نا‬ ‫أُ ْم َع ْيدَ ان َغرِب لىَ ْ ( َرهَدْ نا)‬
‫يَ ْقضيِ ‪ ،‬متى جِ ْيـنا‪َ ،‬غ َرضْ نا‬ ‫لىَ ْ ال ُّنـور اِقُ��ولُ��و َو َردْن���ا‬
‫ِف ْيـكْ َح ْيـ َراناً اِشْ َتـاقُـولُو‬ ‫َغ ْربِكْ ِفي ُهو ( َو ْد َه ْنقَـولُو)‬
‫دات) اِ ُجوا ؤاِشْ كُولُو‬‫ناس (جِ لَ ْي ْ‬‫ْ‬ ‫ناس (تَكْتُوكْ ) كَ ِت ْري ِب ْبكُولُو‬ ‫ْ‬
‫يف َم ِس ْيـدُ و ز َْي الشَّ ـا َمـهْ‬ ‫ناس أَ ْب شَ ا َمهْ‬ ‫ِم ْن ْ ُ ْ‬
‫و‬ ‫ب‬ ‫با‬‫ح‬ ‫أ‬
‫‪2‬‬
‫لىَ ْ حَ�ْي�رْ ان َرضيِ وبَ َّسا َما‬ ‫نعم الشَّ يخْ أبُوكْ يا (شَ ا َمهْ )‬
‫‪2‬‬

‫القرية قائمة علي ت�أ�سي�س امل�سيد وعندما يرد ذكر ا�سم القرية فان املق�صود هو ال�شيخ‬
‫دلك �أن ذكر املكان هو رمزية ايل من �سكن املكان وقد قالت العرب قدميا �أن النحلة‬
‫علمت ال ّزنبورطرقالن�سجفن�سجعلىمنوالها‪،‬و�صنعبي ًتاعلىمثالها‪،‬ثمادعى�أنلهمنالف�ضيلةما‬
‫‪ )1‬محمدأحمدالكنون‪ .‬وقفامتعمولدالهدى‪ -‬الطريقةالسامنيةالدندر‪ .‬جريدةاأليام ‪ 17‬ربيعاألول ‪1438‬ه‪ -16 -‬ديسمرب ‪2016‬م‪.‬‬
‫‪ )2‬عباس الحاج دراسة أم عيدان مسيد ‬

‫‪111‬‬
‫لها؛فقالتله‪ :‬هذاالبيت‪ ،‬و�أين الع�سل؟‬
‫ال�سر يف ال�سكان اليف املكان – �أفاده َ‬
‫با�سو َدانفي ذخريةاملعاد؛�شرحراتباحلداد‬ ‫و�إمنا ِّ‬
‫والق�أوقجيال�شامي‪.‬‬
‫«تغنى ال�شعراء وتباروا يف مدح �أُ ْم َع ْي َدان و�شيخها الهمام وذلك ملا وجده املريدين‬
‫‪1‬‬
‫من خري دفيق يف تلك الرحاب الطاهرة‪ ،‬ومن هوالء ال�شعراء �سيف الدين �سليمان‬
‫الذي قال فيه‪:‬‬
‫القمر أنت والنجم سواك‬ ‫رس أمرح مكنون جواك‬
‫ْ‬

‫وفيه قال ال�شيخ الأمني القر�شي‬


‫السعاد االصحبوك‬
‫نعم ُ‬ ‫وارث مقام جدك وأبوك‬

‫�إىل جانب ال�شاعر املخ�ضرم �صاحب ال�صوت اجلهور حممد البدوي حيث قال‪:‬‬
‫يف أُ ْم َع ْيدَ ان ظهر رجال كالم مفيد‬
‫‪2‬‬
‫قــــــل لزيد كلم عبيد‬

‫كما �أنه على درج ٍة عالي ٍة من �أخالقِ الت�صوف احلقة‪ ،‬من الزهد والرجاء والأمل يف‬
‫اهلل‪ ،‬وامتداد جلده ال�شيخ �أحمد الطيب بن الب�شري‪� .‬سلك طريق القوم على يد والده‬
‫القدوة �سيدي ال�شيخ ال�سماين‪ .‬يف بداية عهده كان ال�شيخ كثري دخول اخللوات اجتهد‬
‫بروح يعلوها ال�صدق وعلو الهمة حيث مل يركن ر�ضي اهلل عنه �إىل �إرث الأجداد التليد‪،‬‬
‫بل �شق طريقه مبفرده‪ ،‬ونال كل درجاته ومقاماته العليا‪.‬‬
‫وفيه �أي�ضا قال �سيف الدين ال�شاعر‪:‬‬
‫خدمت بكفك ما أتحريت‬ ‫يالسامن من يوم ماجيت‬

‫‪-919‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪-5‬مايو ‪.2007‬ص‪..5 -‬‬
‫‪ )2‬املصدر نفسه ص‪ -5‬‬

‫‪112‬‬
‫كانت بينه وبني جده ال�سمان والذي ت�سمى به �سر عالق ٍة ظلت خافية على الكثريين‬
‫ويجل�سه بجانب ِه‬
‫االبن ويقدر ُه ُ‬ ‫جاءت فاف�صحت عنها الأيام‪ ،‬فقد ورد �أن اجلد كان ُيجل َ‬
‫مبحمد ال�سمان تيمناً مب�ؤ�س�س الطريقة القطب حممد ال�سمان‪ ،‬وقد ُذكر‬ ‫وكان ال ُيناديه �إال ٍ‬
‫�أن �سيدي ال�شيخ ال�سماين كان قد �أهدى احلفيد يف �أو ل زيارة له ناق ًة �إكرا ًما وحمب ًة فيه‪.‬‬
‫مهدت هذه العالقة احلميمة بني اجلد واحلفيد �إىل �أن يكون احلفيد وارثاً للجد ح�ساً ومعناً‬
‫لكل مكرم ٍة وكل خ�صلة حميدة‪ .‬فكما كان اجلد فال�شيخ الآن هو ملج�أ‬ ‫ظاهراً وباطناً ِ‬
‫الفقراء وامل�ساكني والعوزة واملحتاجني واهباً كل وقته لق�ضاء حوائج النا�س‪.‬‬
‫يقول ال�شاعر ود البدوي‪:‬‬
‫خرياتك كتار والله ما بتعد‬ ‫سمى السامن ود البشري الجد‬
‫كريم أخالق وعطفي وسخى اليد‬ ‫يابحر املحيط املا اتلحقلك حد‬

‫و�أن�شد فيه �سيف الدين قائ ًال‪:‬‬


‫تفله ونظره للعلة دواك‬ ‫سامن جدك الوصفو حواك‬

‫يف زيارته له يف امل�سيد يف ابريل من عام ‪ 2011‬قال عنه ال�شيخ عبد الرحيم ال�شيخ‬
‫�صالح خليفة املقام ب�أمرح يف بيان حديثه عن �أ�سالفه و�أجداده الذين �شمروا عن �ساعد‬
‫اجلد يف ن�شر ر�سالة الإ�سالم عرب املنهج ال�صويف املت�سامح مع الأخر‪�« :‬أٌر�سل �إليكم فيها(�أم‬
‫عيدان) فار�س من الفر�سان لكي يوريكم مثل هذه املعاين ومثل هذه الأمثال الطيبة‬
‫ومثل هذه املكرمات‪ .‬كان ال�شيخ ال�سماين تعلمونه �شاية وراية وكان يعطي وكان يفعل‬
‫كل �شي و�إخوانه من حوله‪ ،‬كل بدوره وكل مبكانته وبكل ماراد �أنه يفعله وهو را�ض عنه‪.‬‬
‫وما كان هذا املوقع الذي نحن فيه و�أنتم من حوله �أدر النا�س و�أعلم النا�س و�أعرف النا�س‬
‫مبا عليه من حال‪ .‬فقد ر�أيت �شيخ ال�سماين وهو �أبن �أخي مرة واحدة حينما جاء ليعزي‬
‫يف موالنا �شيخ ح�سن ال�شيخ الفاحت‪ ،‬ولكن كانت �سمعته ت�سبقه مبكارمه وبف�ضله وب�أخالقه‬

‫‪113‬‬
‫وبزهده وبعبادته وما كان هذا منف�صال عنكم‪ ،‬ما كان هو �إال منكم واليكم وما كان هذا �إال‬
‫هو بينكم و�أنتم تقفون هذه املواقف‪ .‬ون�شعر ب�أنه لنا يف هذا املكان وجودا مكثفا ووجودا‬
‫مقدرا ووجودا حمرتما‪ ،‬ونحن ن�شعر ب�أن هذا املكان فيه من احلماية وفيه من املقدرة وفيه‬
‫من اخلري مايجعلنا مطمئنني متاما ب�أن هذا املكان �سيظل �إن�شاء اهلل �إيل �أن تقوم ال�ساعة»‪.1‬‬
‫�شهد ع�صره �أطال اهلل يف عمره تاريخاً جميداً ووقتاً فريداً‪ ،‬ف�أُ ْم َع ْي َدان يف عهده �صارت‬
‫قبلة ومق�صداً‪ ،‬هرعت �إليها اجلموع‪ ،‬فهد�أ روعها و�أروى ظمه�أ يف بحار العرفان والإح�سان‪.‬‬
‫كما كان �سلفه وا�صل ال�شيخ ال�سماين م�سرية �آبائه القا�صدة �إىل اهلل متبعاً ن�سق املنهج‬
‫القادري ال�سماين املب�سط واملت�سق مع طبيعة �سكان املنطقة‪ ،‬كان هذا امل�سلك حافزاً‬
‫جذب �إليه الكثري من اخللق‪ .‬على ال�صعيد االجتماعي ال�شيخ دائم احل�ضور يف م�شاركة‬
‫الإخوان واملريدين للمنا�سبات االجتماعية فرتاه يعقد الزيجات وي�صلح ذات البني بني‬
‫املتخا�صمني‪.‬‬
‫و�ضع ال�شيخ ال�سماين ب�صمات م�ضيئة و�صفحات نا�صحة البيا�ض تطول عنان ال�سماء‬
‫رجل مثل ال�شموع التي حترق نف�سها لتنري الطريق للآخرين‪ ،‬رجال لن ينزل له قدرا عن‬
‫نار ومل يوجد له باب �أمام طارق‪ ،‬يطعم اجلائع ويجري امل�سكني وي�ؤمن اخلائف‪ .‬ماذا ميكن‬
‫�أن يقال عن هذا الرجل وقد ت�سابق املحدثون واملادحون عنه الفائه بع�ض ماي�ستحقه من‬
‫ثناء وتقدير وتوقري رقم ذلك ق�صرنا‪.2‬‬
‫والن�شاط الذي حققه ال�شيخ ال�سماين التهيئه العني فالإقبال والتفاكر ي�ؤكد مدى‬
‫�صدق ونوايا هذا ال�شيخ‪ .‬وقد �شكل م�سيد �أم عيدان �إ�ضاءة م�شرقة ومنهج فكري يالم�س‬
‫وجدان �إن�سان الريف وفرقان الرحل وحتى مدينة الدندر واملدن املج�أورة‪.3‬‬
‫‪ )1‬فيديو مسجل لشيخ عبد الرحيم الشيخ محمد صالح خليفة املقام بامرح يف زيارة الم عيدان ‪2011‬م‬
‫‪ 17‬ربيع األول ‪1438‬ه‪-16 -‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪2016‬م‪.‬‬ ‫ديسمرب‬
‫‪ )3‬املصدر نفسه‬

‫‪114‬‬
‫الرقم ‪151‬‬
‫من املالحظ �أن مامييز تالميذ و�أحباب ال�شيخ ال�سماين هو ا�ستخدام ماعرف قدميا عند‬
‫اجلـمـل»هو علم يجمع بني الأعداد والأرقام‬ ‫اجلـمـل‪ ،‬فما هو ح�ساب َّ‬‫العرب ح�ساب َّ‬
‫ويخت�صر الأرقام باحلروف وهو علم عربي �أ�صيل يدين له العلماء حتى هذا التاريخ يف‬
‫االخت�صارات «ا�ستعمل العرب كغريهم من الأمم قبل ظهور الإ�سالم الرتقيم‪،‬و�سجلوا‬
‫تلك الأرقام بالكلمات‪ .‬كما �أنهم ا�ستعملوا حروف �أبجديتهم للداللة على �أرقامهم (يرى‬
‫و�سموه‬
‫بع�ض الباحثني �أن العرب مل ي�ستعملوا ذلك �إال بعد قيام الدولة الإ�سالمية ) ّ‬
‫اجلمل) (وهوبه �شديد امليم كما �ضبطه اجلوهري يف ال�صحاح ‪ . 4/1662‬وينظر‬ ‫(ح�ساب ّ‬
‫املحكم واملحيط الأعظم البن�سيده ‪ .7/315‬وقدع ّرفها بن�سيده يف كتابه املذكور بقوله ‪:‬‬
‫املقطعة على �أبيجاد»‪ 1‬ملحق‪.‬‬
‫اجلـمـل ‪ :‬احلروف َّ‬‫«وح�ساب َّ‬
‫فح�سب ح�ساب اجل َمل ف�إنَ ا�سم «�سمان» هو �س = ‪ ،« 60‬م = ‪ ،40‬ا=‪ ،1‬ن= ‪ 50‬وعليه‬
‫ف�إن جمموع كلمة «�سمان» ت�صيح ‪ .151‬املالحظ يجد كتابة هذا الرقم يف كثري من املنازل‬
‫واملتاجر وغريها فهي ت�شري �إيل الرقم بدال من كتابة اال�سم‪.2‬‬
‫الرقم ‪263‬‬
‫كذلك من ماهو منت�شر و�شائع عند �أتباع ومريدي الطريقة الطيبية ال�سمانية القادرية‬
‫هو ا�ستخدامهم يف حمال جتارتهم وغريها الرقم ‪ 263‬وهو ي�شري �إيل ا�سم ال�شيخ البكري _‬
‫يف كلمة البكري ا=‪ ،1‬ل‪ ،30‬ب =‪ ،2‬ك=‪ ،20‬ر= ‪ ،200‬ي=‪ ،10‬املجموع ‪.263‬‬
‫ال�سلم ‪#‬‬
‫ي�شري �إيل �سلم ال�شيخ �أحمد الطيب بن الب�شري‪ .‬وهو يرمز �إىل �سلم ال�صعود �إىل االعايل‪.‬‬
‫‪1) http://www.alargam.com/prove/jommal/‬‬
‫‪ )2‬عبد الجليل عبد الله صالح‪ .‬الشيخ السامين الشيخ البشري أبو النسيم‪ .‬مطابع العملة السودانية – ‪2016‬م‬

‫‪115‬‬
‫رمزية اللون الأحمر‬
‫أهم العنا�صر التي ت�شكل ال�صورة‬ ‫اللون من �أهم و�أجمل ظواهر الطبيعة‪ ،‬ومن � ّ‬
‫الأدبية لمِ ا ي�شتمل عليه من �شتى الدالالت الفنية‪ ،‬الدينية‪ ،‬النف�سية‪ ،‬االجتماعية الرمزية‬
‫والأ�سطورية‪.‬‬
‫ويوظف يف‬‫للون دوره اخلا�ص يف ال�صورة الفنية القر�آنية لأن اللون قد ُو ّظــف ّ‬
‫امل�ستويات البنيوية والتعبريية‪ ،‬احل�سية‪ ،‬التزيينية واجلمالية والرمزية للت�صوير الفني‬
‫القر�آين‪ .‬فاللون يف القر�آن قد يدل على القدرة الإلهية‪ ،‬والرحمة الربانية‪ ،‬واجلمال الإلهي‬
‫الذي تبارز وتظاهر يف الطبيعة وقد يرمز �إىل احلياة‪� ،‬أو املوت والأمل �أو اخليبة والكفر‪� ،‬أو‬
‫الإميان‪ ،‬الهداية �أو ال�ضاللة‪ ،‬والن�شاط �أو احلزن و‪...‬‬
‫ا�س ُتـــخدم اللون ل�شتى الدالالت فيما يدل عليه مبا�شرا كالأخ�ضر والأ�صفر‪،‬‬
‫والأبي�ض والأحمر‪ ،‬والأزرق والأ�سود‪ ،‬وما يدل عليه غري مبا�شر كالليل والنهار والنور‬
‫والظالم‪.‬‬
‫�إن الت�صوير هو الأداة املف�ضلة يف �أ�سلوب القر�آن الكرمي‪� ،‬إ ْذ يعرب بال�صورة املح�سة‬
‫املتخيلة عن املعنى الذهني‪ ،‬واحلالة النف�سية‪ ،‬وعن الطبيعة الب�شرية؛ ثم يرتقى بال�صورة‬
‫التي ير�سمها فيمنحها احلياة ال�شاخ�صة �أو احلركة املتجددة‪ ،‬ف�إذا املعنى الذهني هيئة �أو‬
‫حركة‪ ،‬و�إذا احلالة النف�سية لوحة �أو م�شهد‪ ،‬و�إذا النموذج الإن�ساين �شاخ�ص حي‪ ،‬و�إذا‬
‫الطبيعة الب�شرية جم�سمة مرئية‪.‬‬
‫كما �أن اللون من �أهم الظواهر‪ ،‬والعنا�صر التي ت�شكل ال�صورة الأدبية لأن له ارتباطا‬
‫وثيقا بجميع جماالت احلياة‪ ،‬وظواهر الكون‪ ،‬وله عالقة وطيدة بالعلوم الطبيعية وعلم‬
‫النف�س‪ ،‬الدين والثقافة والأدب‪ ،‬الفن والأ�سطورة و‪..‬هذا وقد يعمق اللون عالقة الأدب‬
‫بفن الر�سم لأنه كما يقول �سيمونيد�س ال�شاعر اليوناين‪ »:‬الر�سم �شع ٌر �صامت‪ ،‬وال�شعر‬

‫‪116‬‬
‫ت�صوير ناطق‪».‬‬
‫الأديب ي�ستثمر الألوان خللق التوازن والتنا�سب‪ ،‬والوحدة واالن�سجام التي هي من‬
‫�أهم مباين علم اجلمال؛ بحيث يعتقد بع�ض كبار ال�شعراء �أنه البد من تدمري الواقع‬
‫اخلارجي خللق واقعية جديدة‪ ،‬وحل�صول هذا الغر�ض البد من االلتجاء �إىل الألوان‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫(جملة البالغ‪�..‬أدب وفن)‬
‫لأحاديث الواردة ب�ش�أنها‪ ،‬فقد روى البخاري وم�سلم ‪-‬واللفظ للبخاري –عن الرباء‬
‫بن عازب ر�ضي اهلل عنه قال‪ :‬كان النبي  مربوعاً وقد ر�أيته يف حلة حمراء ما ر�أيت‬
‫�شيئاً �أح�سن منه‪.2‬‬
‫وعن جابر بن �سمرةـ ر�ضي اهلل عنه ـقال‪ ( :‬ر�أيت ر�سول اهلل  يف ليلة �أ�ضحي‬
‫�أن (م�ضيئة مقمرة) وعليه حلة حمراء‪،‬فجعلت �أنظر �إليه و�إيل القمر‪،‬فلهو عندي �أح�سن‬
‫من القمر)‪3‬رواه الرتمذي‪.‬‬
‫وقد كتب ال�صوفية يف م�صنافاتهم ان اللون الأحمر هو لون النف�س امللهمة‪،‬من �صفاتها‬
‫ال�سخ�أوة‪،‬والقناعة والعلم‪،‬والتوا�ضع وال�صرب‪،‬والتحلم‪،‬وحتمل الأذى والعفو عن النا�س‬
‫وحملهم على ال�صالح وقبول عذرهم‪،‬و�شهود �أن اهلل تعاىل �آخذ بنا�صية كل دابة‪.4‬‬
‫يعد من الألوان الدافئة القوية التي توقظ امل�شاعر وتلفت االنتباه‪ ،‬لذلك ي�ستخدم يف‬
‫رموز وعبارات التنبيه والتحذير‪ ،‬وفيه داللة على احلرب والعنف والقوة‪ ،‬وكونه ميثل لون‬
‫الدم الذي ي�سري يف ج�سم الإن�سان وميده باحلياة‪ ،‬فهو يرمز �إىل الفرح واحلب واالرتباط‪.5‬‬
‫‪ )1‬بشري خلف‪ .‬جإملىة اللون يف القرآن الكريم والشعر عىل الرابط‬
‫‪http://www.diwanalarab.com/spip.php?article28285‬‬
‫‪(2‬فتح الباري‬
‫‪http://consult.islamweb.net/mohammad/index.php?group=articles&lang=A&id=183157)3‬‬
‫‪http://www.kasnazan.com/article.php?id=624( 4‬‬
‫‪85%D8%A7%D8%B0%D8%A7_%D8%%D9%_89%84%D9%http://mawdoo3.com/%D8%A5%D9)5‬‬

‫‪117‬‬
‫كما هو معلوم �أن الطرق ال�صوفية لها مامييزها من زي و�شعار فمثال اللون الأخ�ضر‬
‫هو لون الطريقة القادرية والأ�سود هو لون �أتباع ومريدي ال�شيخ احمد الرفاعي واللون‬
‫الأحمر هو لون مريدي الطريقة االحمدية البدوية واللون الأ�صفر لون مريدي الطريقة‬
‫الربهانية‪ .‬والطريقة ال�سمانية القادرية لون �شعارها هو اللون الأخ�ضر‪ .‬ولعل مامييز مريدي‬
‫الطريقة الطيبية ال�سمانية يف �أم عيدان هو اللون الأحمر‪ .‬و�أخريا مما يجب الإ�شارة �إليه يف‬
‫هذا املنحى �أن فل�سفة ورمزية ا�ستخدم اللون الأحمر عند �أحباب الطريقة ال�سمانية يف �أم‬
‫عيدان ت�شري نحو االجتاه للتجديد والإحياء‪.‬‬
‫ال�سمانية وال�شعر‬
‫الت�صوف‪ ،‬هو �أعمق التجارب الدينية و�أكرثها انطالقا يف العامل الالنهائي املمتد من‬
‫عامل املح�سو�سات �إىل ف�ضاء احل�ضرة الآلهية‪ .‬والتعبري عن الرتبية ال�صوفية �أمر ع�سري‪،‬‬
‫فاللغة التي يتد�أولها النا�س‪ ،‬ال يفي بت�صوير الأحوال واملقامات التي مير بها ال�صويف يف‬
‫عروجه �إىل اهلل‪ .‬من هنا‪ ،‬جل�أ ال�صوفية للتعبري ال�شعري‪ ،‬ا�ستفادة مبا يحمله ال�شعر من طاقة‬
‫�إيحائية‪ ،‬وثوب ف�ضفا�ض يت�سع بع�ض ال�شئ ملعاين الت�صوف الهائلة ومن هنا‪ ،‬اعتقدت‬
‫دوماً �أن الت�صوف يدرك علي نح ٍو �أف�ضل‪ ،‬من خالل �شعر املت�صوفة‪ ،‬الذي هو �أن�سب‬
‫طرائق التعبري اللغوي عند القوم‪.1‬‬
‫ال�شعر ربيع �أرواح ال�صوفية وظاللهم بالغدو والآ�صال يتنقلون فيه من رو�ض �إىل رو�ض‬
‫�إنه �سل�سبيل يتدفق يف �أذانهم ووجدانهم يهتزون ملا فيه من التطريب وتغريد ذلك لأنهم‬
‫�أهل ذوق خا�ص و�أرباب �صف روحي وح�س و�صبايات وجدانية يتذوقون العبارة اللماحة‬
‫واملعنى الذي يدق فهمه على الألباب‪ .‬وقل �أن جتد �صوفيا ال يقول ال�شعر �أو يطرب‬
‫لل�شعر �إن�شادا وترجيعا‪ .‬و�شعر ال�صوفية تغلب عليه هواتف الإلهام ال مقاطع الأوزان فهي‬
‫‪86%88%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B2_%D8%A7%D9%AA%D8%B1%D9‬‬
‫‪ (1‬يوسف زيدان‪ .‬شعراء الصوفية املجهولة‪ .‬دار الجيل‪ -1996 -‬ص‪7 -‬‬

‫‪118‬‬
‫تراتيل �أ�سرار القلوب قبل �أن يكون قوالب و�ألفاظا ملئية باحلركة واجلر�س احل�سي‪.1‬‬
‫َخ رِ َب ال�صوفي ُة منذ وقت مبكر �إمكانات ال�شِّ عر‪ ،‬ال يف التعبري عن مواجدهم فح�سب‪،‬‬
‫بل ويف �إنتاج معرفة بالوجود وبالإن�سان كذلك‪ .‬ف ُهم بهذا �أ�صحاب ذوق‪ ،‬و�أهل �شعر‪،‬‬
‫ن�صيب يف �إحياء قلوبهم‬
‫ي�صعب عليهم �أن يعي�شوا جتاربهم الروحية دون �أن يكون لل�شعر ٌ‬
‫الظامئة‪ ،‬ونفو�سهم ِّ‬
‫املتعط�شة‪ ،‬و�أرواحهم التي تطرب ملعاين الق�صائد الرقيقة‪.‬‬
‫كغريها وكبقية الطرق ال�صوفية ف�إنً للطريقة ال�س ًمانية �شعراء ي�ؤلفون جمموعة كبرية‬
‫وذلك بحكم تكوين الطريقة �أ�ضاف �إليها بيوتات دينية كثرية وال يخلو بيت منها �أو‬
‫خليفة من �إن�شاء �شئ من ال�شعر ال�صويف‪.2‬‬
‫هذا الكتاب خ�ص بتن�أول ق�صائد خمتارة من ال�شعر ال�صويف لأحد �أفرع ال�سادة‬
‫ال�سمانية الطيبية والتي قال عنها �سليل دوحتهم ال�شاعر ُ‬
‫الفذ حممد �سعيد العبا�سي‪:‬‬
‫الساقي م َنا وم َنا الصادح الشً ادي‬ ‫لنا الكؤوس ونحن املنتشون بها‬

‫يعتقد الدكتور يو�سف بدري �أن �شعر الطريقة ال�سمانية بحاجة لدرا�سة كاملة هذا‬
‫ما�أكدته الباحثة �أماين حممد العبيد يف ر�سالتها «‬
‫‪Middle Class and Sufism: The Case Study of the Sammaniyya Order‬‬
‫‪Branch of ShaikhAl Bur’ai.‬‬

‫هذا االعتقاد كما يرى ب�سبب �أن �شيوخ ال�سمانية يتميزون بالت�أليف الوا�سعة‪ .‬كل‬
‫�شيخ �سماين علي الأقل لديه ع�شرة كتب وجملدات يف ال�شعر‪ .‬عبد املحمود نور الدائم‬
‫الذي كتب خم�س وثمانون يف املنهج ال�صويف وال�شعر يعد مثاال جيدا‪ .‬مديح �شيوخ‬
‫ال�سمانية عرب ال�سودان ميثل منطقة بحث مل تك�شف بعد‪ .‬هذا مرده �أن الطريقة ال�سمانية‬

‫‪http://www.nafahat7.net/index.php?page=soufisme_lettre )1‬‬
‫‪ )2‬الطاهر محمد عيل‪ .‬األدب الصويف السوداين‪ -1970 .‬ص‪.82 -‬‬

‫‪119‬‬
‫يف ال�سودان متثل التوافق بني �إ�سالم ال َعالمِ وال�شعبي‪ .1‬تناول ال�س ًمانية يف �شعرهم‬
‫مو�ضوعات كثرية تدعو �إىل الرتبية والإ�صالح وتهذيب النف�س ومراقبة املوىل ع ًز وجل يف‬
‫ال�سر والعلن‪ .‬وقد نظموا �أ�شعارا كثرية يحثون فيها املريد على مالزمة الأذكار والأوراد‬
‫والإكثار من ذلك‪ .‬كما كان لهم �شعرا �ساعد كثريا يف ن�شر الإ�سالم والقر�آن وكانت هذه‬
‫الطريقة �سهلة وب�سيطة مثل ق�صائد ال�شيخ برير يف �شب�شة التي كان يلقيها على النا�س‬
‫بلغتهم العامة‪ ،‬فقد كان يقوم ب�إر�شاد النا�س وت�سليكهم بطريقة حمببة عن طريق ال�شعر‬
‫وذلك يف �أوقات معينة‪.2‬‬
‫وقد �أوىل ال�س ًمانية يف ال�سودان (ويعرفون �أي�ضا بالطيبية) ك�سائر الطرق ال�صوفية‬
‫ال�سودانية‪� ،‬أدب املدائح مدح الر�سول  والأولياء مكانا خا�صا يف ممار�ستهم ال�صوفية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ولعل هذا يعك�س املكانة التي تبو�أها يف تعاليم ال�صوفية اجلديدة‪.‬‬
‫لغة �شعراء �أم عيدان‬
‫وقد كانت ال�سمة ال�سائدة ملا نظم من ق�صائد قد جاءت يف معظمها بلهجة �أهل‬
‫ال�سودان العامية و�أكرث دقة لغة عامية مناطق �شرق �سنار‪ .‬وقد �سار علي هذا النهج الكثري‬
‫من رواة املديح يف ال�سودان كل يف مكان �إقامته و�سكنه‪ .‬وال�شك �أن هذا النمط –‬
‫العامية – من اللغة قد �ساهم م�ساهمة فعالة يف ن�شر وانت�شار �أدبيات الطريقة �إيل حيز كبري‬
‫لع�شاق وحمبي املديح ال�صويف يف ال�سودان‪ .‬وبف�ضل انت�شار وظهور و�سائط التوا�صل من‬
‫انرتنت فقد انت�شرت ق�صائد الطريقة يف داخل وخارج البالد‪.‬‬

‫‪1) See Amani M. Obeid. Middle Class and Sufism: The Case Study of the Sammaniyya Order‬‬
‫‪Branch of ShaikhAl Bur’ai. (A Dissertation submitted for the fulfillment of the requirements of the‬‬
‫‪PhD Degree in Political Science، University of Khartoum May 2008 p143 -‬‬
‫‪ )2‬رابعة عىل عثامن‪ .‬تاريخ الطريقة السامنية يف السودان‪ .‬رسالة ماجستري جامعة الخرطوم – كلية الرتبية– ‪ -1996‬ص‪.67 -‬‬
‫‪3) http://www.sudaress.com/sudansite/1017‬‬

‫‪120‬‬
‫مل يكن ال�شيخ بعيدا من نظم ال�شعر فقد اجاد يف اكرث من ق�صيدة لعل ا�شهرها‬
‫ق�صيدة " العظيم يف ذاتو" والتي �صاغها مدحا يف والده ال�شيخ البكري‪ .‬وله من الروائع‬
‫ق�صيدة " اللوم اللوم يانائم" حث فيها على االجتهاد يف طريق القوم‪.‬‬

‫العظيم يف ذاتو‬
‫ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ البكري‬
‫بسقي م��ري��دو بالحظاتو‬ ‫ال���ع���ظ���ي���م يف ذات�����و‬
‫بكرينا‬
‫ال��ب��ك��ري��اب��ومي��ث��ي��ل��وي��ات��و‬ ‫ش�������وف�������و ث����ب����ات����و‬
‫يف االس��ح��ار بجن نفاحتو‬ ‫ازرق ب��اب��ن��وس‪ 1‬وحياتو‬
‫اجيك الغوث البس وشحاتو‬ ‫قوم يامريدو سو ليك ركعاتو‬
‫دا ال��راج��ي��ه��و م��ن اب��وات��و‬ ‫ت��ن��ي��ل ال��خ�ير يف أوق��ات��و‬
‫اب��وي كشفو مافيهو قالتو‬ ‫كالم مرصوف الهل الحرضاتو‬
‫اب��وي عظيم ومثيلو ياتو‬ ‫سامع بلحيل جياب خرباتو‬
‫جلب بالرس ذادت بركاتو‬ ‫ال��ب��ك��ري زائ���د يف حاالتو‬
‫وارث الطيب يف مقامتو‬ ‫كريم مكروم عظيم يف ذاتو‬
‫وي���ن ال��ح��ارت ياجنياتو‬ ‫خ�يرو كتري ب��دور حوراتو‬
‫اشوف واسمع والحق بالفاتو‬ ‫الحرت الكف زادت بركاتو‬
‫داي�����ر ت��ل��ح��ق��و ب��ال��ف��ات��و‬ ‫س����م���اين ي����اس����ادت����و‬
‫أن��ي��ل م��ق��ام ك��ل ال��ف��ات��و‬ ‫اك��ون ب��واب يف الحرضاتو‬
‫ع�لى م��ن ج��ان��ا بالربكاتو‬ ‫اآلل�������������ف ص��ل�ات����و‬
‫وبها الجنة ورض��ا االب��وات‬ ‫ب��ه��ا ال��ف��وز ب��ه��ا ال�برك��ات��و‬

‫‪1‬‬

‫‪ )1‬لقب ألبونا الشيخ البكري الشيخ السامين ‬

‫‪121‬‬
‫اللوم اللوم يانائم‬
‫ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ البكري‬
‫فاتوك القوم يانائم‬ ‫اللوم اللوم يانائم‬
‫ن�����اس�����ا ل�������وذاذ‬ ‫ال�����ق�����وم ع�����زاز‬
‫وان�����ا ب��ي��ه��م ه��از‬ ‫م���ح���ب���وب���م ف���از‬
‫ت�����رك�����و امل����ن����ام‬ ‫دي�������ل ال����ه��م�ام‬
‫ق����ل����و ال����ك��ل�ام‬ ‫ذه�����دوا ال��ط��ع��ام‬
‫ع����ظ����ام ال���ش���أن‬ ‫ق������وم ال���س�م�ان‬
‫يف ك�����ل م���ك���ان‬ ‫ي��ل��ف��و ال���درك���ان‬
‫ح��ام��دي��ن شاكرين‬ ‫ال���ق���وم ذاك���ري���ن‬
‫ل�����ل�����ه ح����اب��ي�ن‬ ‫ق����وم����ا ط��ي��ب�ين‬
‫ب��س��ب��ق��و ال���ري���ح‬ ‫ب��ل��ف��و ال��ب��ص��ي��ح‬
‫ك��ل�ام����ي ص��ح��ي��ح‬ ‫ن���م ب��ي��ه��م صيح‬
‫ذك�������روا ال��ج��ب��ار‬ ‫ال�����ق�����وم ذك�����ار‬
‫ج����اب����و االخ����ب����ار‬ ‫دخ���ل���وا يف ال��غ��ار‬
‫ف������وق ال���ح���ب���ور‬ ‫س���م���اين ب���ق���ول‬
‫ت��س�ري����ح م�����رور‬ ‫داي������ر ال���وص���ول‬
‫ع���ل��ي ال���خ���ت���ام‬ ‫ال���ص�ل�اة وال��س�لام‬
‫ت���ب���ق���ان���ا زم�����ام‬ ‫ي������وم ال����زح����ام‬

‫‪122‬‬
‫ميثل الويل املحور الأ�سا�سي يف الت�صوف احلايل والز�أوية ف�ضا�ؤها الأول والتمثالت‬
‫والطقو�س معانيها الدينية‪ ،‬فظاهرة تبجيل الأولياء ترتبط بجانب من التمثالت ب�ضرب‬
‫من التعبري ال�شفهي ي�أخذ �إ�شكاال خمتلفة فقد كانت هذه الظاهرة وال تزال متثل واقعا‬
‫فكريا وعاطفيا �أنتج �شكال من الإبداع متثل يف فن املديح والرتاتيل الدينية و�أدب املناقب‬
‫والكتابات يف الرد على املخالفني واملنكرين و�أي�ضا الق�ص ال�شعبي الذي يدور حول‬
‫كرامات الأولياء وماين�سب �إليهم من الأعمال اخلارقة وحتل هذه الق�ص�ص مكانة متميزة‬
‫يف الرتاث ال�شعبي‪.1‬والنا�س �أكي�س من �أن ميدحوا رجال من غري �أن يجدوا �آثار �إح�سانه‪.‬‬
‫هذا والذي كان ينطوي عليه ال�شيخ من الكماالت والعرفان �أكرب بكثري مما نعرفه ومما دونته‬
‫‪2‬‬
‫و�أجادت به قريحة ه�ؤالء الرجال‪.‬‬
‫تو�سلت املرجعيات ال�صوفية من الزهاد والعارفني و�شيوخ الطرق‪ ،‬منذ وقت‬ ‫وقد ّ‬
‫مبكر بالفنون والثقافة ال�شعبية لتقوم بوظيفتها يف ن�شر و جتذير خطابها الديني والروحي‬
‫واالجتماعي وحتى ال�سيا�سي �أحيانًا يف الطبقات ال�سفلى من املجتمع (الب�سطاء والفقراء)‬
‫�شكلت اخل ّزان الذي ال ين�ضب واملح ّرك الأقوى لدواليب احلركة ال�صوفية من‬ ‫التي ّ‬
‫خالل تركيز �شيوخ الطرق عليها والت�صاقهم بها يف اليومي املعي�ش وح ّتى يف ال�شعار‬
‫الذي اختاروه لأنف�سهم وت�سموا به (الفقراء)‪ .‬ويف هذا الإطار ي�أتي ال�شعر ال�شعبي‬
‫‪ )1‬عبد الله باباحد‪ .‬متثل األولياء الصالحني لدى مريدي الزوايا‪ ،‬دراسة ميدانية ملرييدي الزأوية القادرية بورقلة‪ .‬جامعة‬
‫قاصدي مرباح ورقلة‪ .‬الجزائر‪ 2014 -‬ص‪9‬‬
‫‪ )2‬عبدالجليل عبد الله صالح‪ .‬الشيخ السامين الشيخ البشري (ابوالنسيم‪ .‬مطابع العملة السودانية – ‪2016‬م ‪( -‬ص ‪117‬‬

‫‪125‬‬
‫(امللحون) على ر�أ�س الو�سائل التي وظفتها الطرق ال�صوفية يف ن�شر تعاليمها‪ .‬و�إذا مل يكن‬
‫با�ستطاعتنا القول �إن جميع ال�شعراء ال�شعبيني (�شعراء امللحون) كانوا �صوفية �أو منتمني‬
‫�إىل الطرق ال�صوفية‪ ،‬ف�إن امل�ؤكد �أنهم تعر�ضوا كلهم بطريقة �أو ب�أخرى لت�أثري الت�صوف‬
‫والطرق ال�صوفية ‪.‬‬
‫وبعد‪ ،‬يف ال�صفحات التاليه نعر�ض بعد الق�صائد اخرتنها لتمثل منط ال�شعر ال�صويف يف‬
‫هذه البقعة ال�سمانية الطيبية‪ ،‬ن�ستهلها ب�شاعر امل�سيد �سيف الدين �سليمان‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫�سمانتل‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫ات����ن��ي�ن وس����ت��ي�ن ي�����ون�����س‪ 3‬رت���ل‬ ‫‪1‬‬
‫س���������م ب�����ال�����ل�����ه ك�������ن م���ت���ب���ت���ل‬
‫ِ‬
‫اس��������م رشك����ت����ن����ا ال���س�م�ان���ت���ل‬ ‫‪2‬‬
‫دا م���ع���ن���ى ي���ش�ي�ر الس������م ج��ن��ت��ل‬
‫زرع��������ك اق�������و مث�������رو ات���ل���ت���ل‬
‫‪4‬‬
‫ص���ل���ي ع���ل���ي امل�����ع�����ص�����وم اش����ت����ل‬
‫ل����ح����ب����ل ص����ل���ات ال���س�م�ان���ت���ل‬ ‫اح�����ص�����د مث�������رك ب���ال���ل���ي���ف اف���ت���ل‬
‫ه���و يف ام ع���ي���دان ح��ص��ل وع��ج��ل‬ ‫م����دي����ر رشك����ت����ن����ا ال������ق������درو أج����ل‬
‫دي ف���رص���ة ع���م���رك اخ��ي��ر س��ج��ل‬ ‫م����ق����رو ه����ن����اك خ�����دم�����ات وس���ج���ل‬
‫أه������ل األف�����ض�����ال ل���ي���ه���و ت��ف��ض��ل‬ ‫ف����اض����ل يف ال����ج����ود م����اه����و م��ف��ض��ل‬
‫ل����ه����و ف����ض����ول ام��������دح وف���ض���ل‬ ‫م����ف����ض����اال ف����ض����ل����و ب������ه اف���ض���ل‬
‫س���ب���ح���ان ت����ع����اىل م�����ا ب��ي��غ��ف��ل‬ ‫ال���ش��رك������ة ب����ه����ا ال���������رب م��ت��ك��ف��ل‬
‫أوع�����اك ي���ا اخ����وي ك��وب��س��ك يفصل‬ ‫ل�����و ان������ت ق����دي����م ب��������دري م���وص���ل‬
‫ت���ل���ف���ون وج���������وال ل��ل��م��ت��ج��ول‬ ‫ع���م���ل���ت ك����ي���� ُب����ل وص�����ف�����و ي���ه���ول‬
‫وت����ق����وي����ة ف������وق وال�����ل�����ه مي���ول‬ ‫ف������ات������ورة رشي����ح����ة م�������دى ي���ط���ول‬
‫راك����ب��ي�ن ع����رب����ات وح���م�ي�ر وال���ب���ل‬ ‫ل����ل��ش�رك����ة ال�����ن�����اس دامئ���������ا ت��ق��ب��ل‬
‫ف��ارم��ا‪ 9‬وك��اي��ب��وي‪ 10‬وتيتشا‪ 11‬وبيوبل‬
‫‪12‬‬ ‫‪8‬‬
‫ع������رزي‪ 5‬وع�������ززي‪ 6‬وع���ق�ل�ي‪ 7‬وس��م��ب��ل‬
‫ج������� ّود ن���ظ���م���ك اغ�������زل وان���س���ج‬ ‫س����ي����ف ال������دي������ن ج�����ه�����دك اب������ذل‬
‫ح���اس���ب ن��ف��س��ك ل��ي��ك م���ا ت��خ��ذل‬ ‫يف ال��ش�رك����ة ال����ن����اس ت��ط��ل��ع وت���ن���زل‬
‫ع��ل��ي امل����ع����ص����وم ط�����ه امل���رس���ل‬ ‫ال������ص������ل������وات س���ي��رن������ا ت����وص����ل‬
‫ويف ام ع����ي����دان ل���ي���ن���ا ي��وص��ل‬ ‫ال�����ف�����ي ام م�������رح ب�����ك م���ت���وس���ل‬
‫‪123456789101112‬‬

‫‪ )1‬التبتل كثري العبادة لله «وتبتل إلىه تبتيال»‬


‫‪ )2‬الكلمة أصلها انجليزي ‪ gentle‬مبعني نبيل‬
‫‪ )3‬اآلية (أَلاَ إِ َّن أولِ َيا َء اللَّ ِه لاَ َخ ْو ٌف َعلَ ْي ِه ْم َو اَل ُه ْم يَ ْح َزنُو َن (‪)62‬ال َِّذي َن َآ َم ُنوا َوكَانُوا يَتَّقُو َن (‪ )63‬لَ ُه ُم الْ ُب َرْ‬
‫شى فيِ الْ َح َيا ِة‬
‫ال ُّدنْيَا َوفيِ الآْ َ ِخ َر ِة اَل تَبْ ِد َيل لِ َكلِ اَم ِت اللَّ ِه َذلِ َك ُه َو الْ َف ْو ُز الْ َع ِظي ُم (‪ )64‬‬
‫‪ )4‬اتلتل‪ :‬مثره يانع مستوي يانع كبري ‬
‫‪ )5‬عرزي من قبائل رفاعة ‬
‫‪ )6‬عززي‪:‬قواسمة ينتسبون لقبيلة رفاعة‪ .‬‬
‫‪ )7‬عقيل‪ :‬من قبائل رفاعة ‬
‫‪ )8‬سمبل‪:‬ينتسبون إىل قبيلة رفاعة‪ .‬‬
‫‪ ( )9‬الكلمة االنجليزية (‪ )farmer‬‬
‫‪ )10‬الكلمة االنجليزية (‪ )cowboy‬‬
‫‪ )11‬الكلمة االنجليزية (‪ )teacher‬‬
‫‪ )12‬الكلمة االنجليزية (‪ )pupil‬‬

‫‪127‬‬
‫‪1‬‬
‫�شروق �سنارك‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫الس َّمـاين ُمـو ِقـدْ نَـارِكْ‬ ‫وق ِس َّنارِكْ‬ ‫أُ ْم َع ْيدَ ان شرُ ُ ْ‬
‫لَ ْو يف ال َّنوم تجينا أخبـارِكْ‬ ‫سائلني الكَرِيم َج�� َّب��ارِكْ‬
‫ال���س�م�اين م���وق���د ن���ارك‬ ‫م��ن ح�براً‪2‬وري��ث احبارك‬
‫داك الطيبي القلبي رايدو‬ ‫حزبك ناجي يسلم قائدو‬
‫ثابت فضلو ثابته فوائدو‬ ‫هو السامن بجيب لقصائدو‬
‫ِ ‪5‬‬ ‫ِ‬
‫فيـك صوت الدِّ نْقـ ْر‬ ‫ِب ْر ِز ْم‬ ‫أُ ْم َع�� ْي��دَ ان ش�مال ال��دِّ نْ��د ْر‬
‫ما ْب َتـلقـا ُه يف ِس ُّنـو اِنَقِّـ ْر‬ ‫ِ ‪4‬‬
‫فيكْ َأسدْ الكَ َواين‪ْ 3‬م َص ْنق ْر‬
‫فيكْ َم ْرهم ‪ِ ،‬شفا لىَ ْ َم َرضْ نا‬ ‫أُ ْم َع ْيدَ ان غَ��رِب لىَ ْ َرهَدْ نا‬
‫يَ ْقضيِ ‪ ،‬متى جِ ْيـنا‪ ،‬وردنا‬ ‫ود ضو ال ُّنـور‪ 6‬اِقُولُو غرضنا‬
‫فيِ ْ َح ْيـ َراناً يشْ َتـاقُـولُو‬ ‫َغ ْربِكْ ِفي ُهو َو ْد َه ْنقَـولُو‬
‫دات اِ ُجوا يِشْ كُولُو‬‫ناس جِ لَ ْي ْ‬ ‫ْ‬ ‫ناس تَ ْكتُوكْ كَ ِت ْري ِب ْبكُولُو‬ ‫ْ‬
‫يف َم ِس ْيـدُ و ز َْي الشَّ ـا َمـهْ‬ ‫ناس أَ ْب شَ ا َمهْ‬ ‫ِم ْن أ ْحبابُو ْ‬
‫لىَ ْ حَ�ْي�رْ ان َرضيِ وبَ َّسا َما‬ ‫‪7‬‬
‫نعم الشَّ يخْ أبُوكْ يا شَ ا َمهْ‬
‫للسامن ونفحتو املاشا‬ ‫رشق���ك يف خ��ل��وق��ا ماشا‬
‫نظرتو امل��اه��ا بالرماشة‬ ‫‪8‬‬
‫نارو املا مشحودة باماشاة‬
‫الح���ت ل��ي��و يف بريقاتك‬ ‫سيف ما نساك حليل أوقاتك‬
‫اشوف الشيخ اقود حلقاتك‬ ‫م��ش��ت��اق ل��ي��ك ول�برك��ات��ك‬
‫يل من ليو‪ 9‬األلسن مادحة‬ ‫ال��ص�لاة جلية وواض��ح��ة‬
‫نشوف الشيخ يشيل الفاتحة‬ ‫ن��ك��رم بالبصرية الفاتحه‬

‫‪23456789‬‬

‫‪ )1‬متثل القصيدة دليل جغرايف ملوقع الطريقة بأم عيدان‪.‬‬


‫‪ )2‬الحرب‪:‬لجمع ‪ :‬أ ْح َبا ٌر ‪ ،‬و ُح ُبو ٌر‪ ،‬الحرب هو العامل‪ .‬‬
‫‪ )3‬الكواين‪ :‬جمع كونية‪ ،‬مكان يف البحر التعاريج أو انحنات أو الخلجان التى يتخبا فيها التمساح‪ .‬‬
‫‪ )4‬مصنقر‪ :‬جالس ‬
‫‪ )5‬الدنقر‪ :‬النحاس ‬
‫‪ )6‬قرى ود ضوء النور‪ ،‬ود الهنقول‪ ،‬جليدات ود تكتوك من القرى القريبة واملجأورة الم عيدان‪ .‬‬
‫‪ )7‬احدي بنات الشيخ ‬
‫‪ )8‬املشاة‪ :‬أداة صغرية تحول بها النار من مكان إىل آخر‪ .‬‬
‫‪ )9‬ليو‪ :‬له ‬

‫‪128‬‬
‫اللـــوري‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫ج��اب��و م��م��رك أب��و القريش‬ ‫ب��ال��ل��ي��ل ورك ف��زع��و رسي��ع‬
‫ي���ا ال���س�م�ان ل��ل��ه درك‬ ‫ن��ح��م��د رب���ن���ا ق�����دس رسك‬
‫ف��زع��و رسي��ع ج��اب��و ممرك‬ ‫‪2‬‬
‫فوق خيل الغيب‪ 1‬بالليل ورك‬
‫ضهرو أم��ان وجاهو سالمة‬ ‫أبوك يا البكري‪ 3‬ابوك يا شامة‬
‫قضية ال��ل��وري رف��د حكاما‬ ‫ه���ز ال��ع��اص��م��ة س���وا ك��رام��ة‬
‫يف الخرطوم شكل محكمتو‬ ‫ق���ام يب ت��ق��ل��و ورسو بركتو‬
‫خاف انكسفو الناس الشمتو‬ ‫ج��اب ال��ل��وري البينه عالمتو‬
‫الناس الشافو ضابط ال مراء‬ ‫ح�ض�ر يف امل��ك��ت��ب مل ي�ت�راء‬
‫بعد ما ص��ادر مرقو براءة‬ ‫ص���در يل ام���رو ب��ك��ل ج���راءة‬
‫اللون االحمر ش��ارة خطرو‬ ‫ش��ط��ب بقلمو ك��ل السطرو‬
‫جاب اللوري مباركة خطرو‬ ‫االت����ك����ل����م زج��������رو ن�ت�رو‬
‫القشا‪ 4‬الدمعة وللريق ّبل‬ ‫ول����ديت ال���غ���وث ي���ا ب���ت بله‬
‫زي ما س��وا زم��ان يف القلة‬ ‫ج��اب ال��ل��وري ع�لي ام��ان الله‬
‫أت��ص��ادر مي��رق م��ا معقولة‬ ‫ك��ل ال��ن��اس م��ح��ت��ارا عقوله‬
‫للتاريخ وال��ن��اس يف قوال‬ ‫ك��رام��ة عجيبة ن��ح�كي نقوال‬
‫للصيحات يف الستة يحوقن‬ ‫ياسيد ال��غُ��ر ال��دمي��ة يتوقن‬
‫ي��ال��س�مان اح��وال��و يروقن‬ ‫س��ي��ف ال���دي���ن اذوق ذوق���ا‬
‫عيل املعصوم الساكن الخرضا‬ ‫ص�لاة وتسليم ي��ا رب القدرة‬
‫تصونك من الكيد والغدرا‬ ‫ي���ا ال���س�م�اين ت���زي���دك ن���درة‬
‫‪1234‬‬

‫‪ )1‬خيل الغيب‪ :‬ليست كل خيول الدنيا‪ ،‬أمنا تخلق بحكمة ربنا من همم الرجال العليا تتجسد يف شكل خيل وهي عند‬
‫العارفني هي الهمم التي تخلق من صالح األعامل وهي متيش بالجو وليس األرض‪ ،‬وهي ال تظهر للعني املجردة وعيون‬
‫العامة ال تراها لذلك نسبت لها كلمة الغيب‪.‬‬
‫‪ )2‬ورك‪ :‬أي ركب عىل ظهر الدابة ورجليه يف اتجاه وأحد‪ ،‬استعاملها الشاعر كناية عن العجلة والرسعة إذ أن األمر ال‬
‫يتحمل االنتظار حتى تجهز الدابة‪ ،‬فهي دليل عىل الهمة إلنقاذ من ينتظر النجدة‪ .‬‬
‫‪ )3‬من أوالد الشيخ ‬
‫‪ )4‬القشـا ‪ :‬ازال‪ .‬‬

‫‪129‬‬
‫�صاحب ال�صولة‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫أم���رك ص���ادر م��ن امل��ويل‬ ‫ص����اح����ب ال���ص���ول���ة‬
‫زي ما يسوى هو أهال أوىل‬ ‫اسمع مني صحيح القول‬
‫أس���ال منو قمر ال��دول��ة‬ ‫أمرو العايل فوق للدولة‬
‫اب���و غ���ره ال��ع��ايت عتوة‬ ‫م���ش��ى يف خ���ط���وة‬
‫البس رسمي حكم بسطوة‬ ‫قايض ومتحري وعامل فتوى‬
‫أصبح ضابط البس اكليلو‬ ‫رسى يب ل��ي��ل��ي��و‬
‫السامن يف الضيق ناديلو‬ ‫حكم القايض امر تبديلو‬
‫لبس دب��ورا ونجمو وكابو‬ ‫ع���ص��ر يل رك����اب����و‬
‫ف��زع اللوري ممرك جابو‬ ‫جمع املكتب خافوا وهابوا‬
‫الضباط عمو منو وطرشو‬ ‫ابن البكري البني طرشو‬
‫قمر الدولة واهلو انفشوا‬ ‫الشامت بالجمرة انتشوا‬
‫للحكام حكمك وري��ت‬ ‫‪1‬‬
‫ي��ال��س�ماين م��ا ات��ن��ي��ت‬
‫من العاصمة لباب البيت‬ ‫بوري الليل بيرضب تيت‬
‫وج��ل‬
‫ّ‬ ‫عليه امل���ويل ع��� ّز‬ ‫ب�����ال�����ق�����درة ت��ج�لي‬
‫جاب اللوري رسيع يف الحلة‬ ‫جمع املكتب وب��خ وذل‬
‫للدركان وعدوهم ناشن‬ ‫يا سيد الغر الدميه يشاشن‬
‫واكسو البساَ ماهو قامشا‬ ‫سيف الدين ادهو معاشاً‬
‫ل��ل��ي�برأو الغيم والنافر‬ ‫ص�������ل ي�������ا غ����اف����ر‬
‫تصلح حالو ودمي��ا يسافر‬ ‫تعود لسيف بالخري الوافر‬

‫‪1‬‬

‫‪ )1‬اتنيت تعني توانيت أو تأخرت ‬

‫‪130‬‬
‫حب جميع قيمانك‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫ن����������ادي ل���س�م�ان���ك‬ ‫ح��ب ج��م��ي��ع قيامنك‬
‫س����اك����ن أم ع���ي���دان‬
‫ب��ي��ه��و ي���ق���وى إمي��ان��ك‬ ‫أب��������دا ب���رح�م�ان���ك‬
‫يك ت����زي����د ك��ي�مان��ك‬ ‫‪1‬‬
‫ح��ب جميع قيامنك‬
‫يف ال����رس����ول األع��ظ��م‬ ‫ب���ع���دو ق���ول���ك نظم‬
‫مل����ح����ب����ت����و ال�������زم‬ ‫ب��ال��ش��ف��اع��ة ات���ل���زم‬
‫ال���ق���ي�م�اين‬ ‫وارث‬ ‫ن���������ادي ل���ل���س�م�اين‬
‫ف�����وق�����و م�����ا ه��م�اين‬ ‫ط������رق������و ض��م��اين‬
‫ام�����دح ارضب ط���اري‬ ‫ل��ي��ه��و دامئ�����ا ط���اري‬
‫‪2‬‬
‫ب���ط���ل ام ب����ت����اري‬ ‫ل��ل��ب��ج��ي��ب يل ت���اري‬
‫ب��ي��ه��و زاد ت�شري��ف��ن��ا‬ ‫ال���خ���ب�ي�ر ب��ي��ع��رف��ن��ا‬
‫ي���ا ع��اص��ات��ن��ا وسيفنا‬ ‫ي����ا مت����وم����ة ك��ي��ف��ن��ا‬
‫ل��ل��ع��ش��ي��م وال����زائ����ر‬ ‫ي����ا دل���ي���ل ال��ح��ائ��ر‬
‫ك����اس����و دامئ�������ا داي����ر‬ ‫أب ج��ب��ي��ن��اً ن��ائ��ر‬
‫اص���ل���و م���ا ب��ن��ن��س��اه��ا‬ ‫‪3‬‬
‫ش��وف س��وات��و الساها‬
‫ال����دي����ن����ا م���ادس���ه���ا‬ ‫‪4‬‬
‫ال����رج����ال ك��س��اه��ا‬
‫ح����اش����ا م�����ا ب��ت��ن��ب��ا‬ ‫االص�����ي�����ل وم���ن���ب���ا‬
‫ك����م ص���ل���ح ك����م رىب‬ ‫ن��ف��ح��و‪ 5‬ق���ائ���م هبا‬
‫مت�������و يل ن����ي����ات����و‬ ‫س��ي��ف ك��ت��ب اب��ي��ات��و‬
‫ي��ك��ون سعيد يف حياتو‬ ‫ت���ن���غ���ف���ر س���ي���ات���و‬
‫ع�ل�ى ال���رس���ول ملجانا‬ ‫ص��ل��ي ي�����ا م����والن����ا‬
‫ن����ح����ن وال���ح���ب���ان���ا‬ ‫ب��ي��ه��ا ن��ل��ق��ى م��ن��ان��ا‬
‫‪1234‬‬

‫‪ )1‬قيامنك تعني القوم من أهل الطريق ‬


‫‪ )2‬أم بتاري‪ :‬مصطلح بني أولئك الذين يكتبون الحجبات الكبرية ‬
‫‪ )3‬الساها‪ :‬التي فعلها ‬
‫‪ )4‬الكسوة حسية ومعنوية واألصل الكسوة املعنوية ‬

‫‪131‬‬
‫قطـر ال�سمان‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫أن������ا ق�����ال�����وا يل ق���ائ���م‬ ‫ق���ط���ر ال�����س��م��ان وي���ن‬
‫أك���رم س��واق��و ب���ارك رك��اب��و‬ ‫حي يا وهاب أنا أكن يف رحابو‬
‫البي حركاتو سفري ووصويل‬ ‫سني باملرسول نبيا ورسول‬

‫فرملتو اآلخرة وتعشيقتو الدائم‬ ‫س��واق��و هائم قائم وصائم‬


‫مضمون يف الدنيا واليوم اآلخر‬ ‫موديلو فاخر وانا بيهو بفاخر‬

‫عجالتو الخمسة‪ 1‬بنزينو الذكر‬ ‫سايقو ابن البكري بخربة وفكر‬


‫‪2‬‬
‫كشافتو بتكشف يف القبل السته‬ ‫ال عفش ال شنطه اللوبتك وانت‬

‫نظف ج��واك من قبل ركوبو‬ ‫راقب يف ركوبو ترشب من كوبو‬


‫سيف يبقى معاهم ما ينزل منو‬ ‫هنوا الراكبينو الفوز ضامننو‬
‫‪3‬‬
‫نركب قطارنا ننزل عند بابو‬ ‫صل يا راكبو لنبيك واصحابو‬

‫‪123‬‬

‫‪ )1‬املعني املقصود الصلوات الخمس ‬


‫‪ )2‬القبل السته ‪ :‬الرشق والغرب الجنوب والشامل أسفل وأعىل ‬
‫‪ )3‬باب املصطفي صىل الله عليه وسلم‬
‫) التلب‪ :‬املصوف بالرجولة‬
‫ ‬

‫‪132‬‬
‫�شيخنا العظيم ال�ش�أن‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫يف بقعة أم عيدان أنا مبيش يل‬ ‫شيخنا العظيم الشأن‬
‫يف ب��ق��ع��ة أم ع��ي��دان‬ ‫االي�������دو ال���رح�م�ان‬
‫م����ن����و ال���ب���ت���ح���دان‬ ‫م��ن رسو رسيك ادان‬
‫ال����ف����وق����و ب���ن���م���رح‬ ‫ال���ج���دو يف ام م��رح‬
‫وع������ط������ره ي���ف���وح‬ ‫ال���ش���وف���ت���و ب�تري��ح‬
‫ب����ري����دو م����ن ق��ل��ب��ي‬ ‫‪1‬‬
‫ال�����ل�����زوم ت��ل��ب��ي‬
‫وك�������ي�������ا ل����ل��م�ايب‬ ‫ع��ل��ي��ه��و م����اش دريب‬
‫ال���ج���ال���ب ال���ث���ق���ات‬ ‫ي���ا م��ع��دن ال�برك��ات‬
‫داخ����رن����و ل��ل��ح��وب��ات‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫ي��ا مقنع الكاشفات‬
‫ول���ك���س���ادن���ا رب����اح‬ ‫ل���ظ�ل�ام���ن���ا ص���ب���اح‬
‫األرش���������د امل���ص���ب���اح‬ ‫ل���ل���س���م�ي�ن ض���ب���اح‬
‫ب����ال��ب�ر وامل�����ع�����روف‬ ‫ال����ع����ارف امل���ع���روف‬
‫ط��م��ن‪4‬ق��ل��وب ال��خ��وف‬ ‫ش��ال الحمل م��ردوف‬
‫رأوي���ن���ا غ�ي�ر م�ش�روب‬ ‫ب��ح��رن��ا ي���ا امل��ك��روب‬
‫م���ن رشوق وغ����روب‬ ‫عليهو م��اش��ا دروب‬
‫ص����ل ل���س���ي���د أي����وب‬ ‫ي����ا ع�����امل ال��غ��ي��وب‬
‫وك�����أس�����ه م���ك���ب���وب‬ ‫سيف اليكون محبوب‬

‫‪1234‬‬

‫‪ )1‬التلب‪ :‬املصوف بالرجولة‪ .‬‬


‫‪ )2‬مقنع الكاشفات‪:‬الذي ينترص ملن وقع عليه الضيم والظلم‪ .‬‬
‫‪ )3‬الحوبا‪ :‬الحاجة وقت الشدة‪ .‬‬
‫‪ )4‬طمن‪ :‬أصلها طمنئ صارت القلوب به متطمئنة ‬

‫‪133‬‬
‫م�شتاق يل لـماك‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫سامين أبوي وأنا أكون يف حامك‬ ‫م����ش����ت����اق يل مل������اك‬
‫‪1‬‬

‫يـا مريب الـروح‬


‫أس��ال��ه يصونك وي��ت��والك‬ ‫اب��د امل��ق��ال بالحي م��والك‬
‫يكرم زائ���رك وك��ذا ال��والك‬ ‫برسولو يزيد ويزيد يف عالك‬
‫بكري القيامن وهو الرباك‬ ‫ان��ع��م بيك وان��ع��م يب أب��اك‬
‫تقيل وزن��ك شهرة صباك‬ ‫دامئ���ا ط�ل�ال ق��ط م��ا غباك‬
‫هيبة وأرسار رب��ك أعطاك‬ ‫مشهور كرمك بذلك وعطاك‬
‫تفله ون��ظ��رة للعلة دواك‬ ‫س�مان ج��دك الوصفو حواك‬
‫القمر ان��ت والنجم سواك‬ ‫رس أم م��رح مكنون ج��واك‬
‫غ��رب نجمو سعد الياباك‬ ‫شقي الحال القال فيك سباك‬
‫ال��س�ماين ال��ك��ون ب�ين ي��داك‬ ‫أرضيت رب��ك وال��رب أرض��اك‬
‫سنني رمحك نسف العاداك‬ ‫للحابينك رش���دك وه��داك‬
‫م���ري���دك ف����از ال��ح��ب��اك‬ ‫الفخر ليك وأنا أصيح بنباك‬
‫يطيل عمرك واف��د االت��اك‬ ‫ندعو امل��وىل يسدد لخطاك‬
‫الفيهو رج���ايئ ث��م رج��اك‬ ‫ص���ل وس��ل��م ل��ط��ه ح��ج��اك‬
‫لرشيبك سيف بالنية رجاك‬ ‫اصاحبو جميعا النارو دجاك‬

‫‪1‬‬

‫‪ )1‬الليم ‪:‬االلتحاق واللحاق بالقوم ‪ .‬‬

‫‪134‬‬
‫مني ليك �سالم‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫ي��ا بحر ال���ورد ي��ا كنز العشم‬ ‫شيخي ال��س�مان مني ليك سالم‬
‫بنبي الحرم قل ذنبي انهدم‬ ‫م��والي ذو الكرم ليك عبدا جرم‬
‫من جدو استلم امانتو رس والم‬ ‫اك��ت��ب ي��ا ق��ل��م يف ه���ذا العلم‬

‫بالتقوى اعتشم رايك ما انقشم‬ ‫ي��ا ك��ن��ز ال��ع��ش��م ال��ج��ب��ل األش��م‬


‫امل����ا ق����ال أن����ا ل��ي��ه��و حبنا‬ ‫س�ماين الهنا يف أم ع��ي��دان هنا‬

‫يا السيف السنني املا ليك تنني‬ ‫ذو القلب الحنني خريف السنني‬
‫ذو سمع وشوف قبل العني تشوف‬ ‫ذو القلب العطوف باألرحام يطوف‬

‫وارث من هام ليو واقفني حام‬ ‫ام��ان��ت��و الزم����ا م����ورد للظام‬


‫يا ابخلقا لطيف فاق ظل الوريف‬ ‫س�مان العفيف بليلك خفيف‬

‫ب��ح��را ل��ل�يرد أوع����اك تعرتض‬ ‫يف ال��ك��ون منفرد ستار للعرض‬


‫سيف داير انصالح قلبو والفالح‬ ‫ب��رق��ا م��ن��و الح ع�ت�رة‪ 1‬ال��ص�لاح‬

‫لالخوان تعود بالخري والسعود‬ ‫ص��لِ ي��ا ودود يل خ�ير ال��وج��ود‬

‫‪ )1‬عرتة الصالح ذرية الصالحني ‬

‫‪135‬‬
‫�شيخنا ال�سمان‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫م��س��ي��دو ش��ي��خ��ن��ا ال��س�مان‬ ‫ي��ان��اس ب��ري��دو أم ع��ي��دان‬
‫كونك برتيدو وأك��رم مريدو‬ ‫ي���اريب زي���دو ع��م��ر مسيدو‬
‫ي��ف��وز بالجنان‬
‫ال��ب��ارك الي��دو طرقو االكيدو‬ ‫القولنا عيدو بشافع الوعيد‬
‫طيبي وس�مان‬
‫نعم الحابيهو وبئس املابيهو‬ ‫البكري ابيهو ب�شران��ا بيهو‬
‫محروم شقيان‬
‫ح��رزي وأم��اين ف��وزي وضامين‬ ‫اسمو السامين وجدو السامين‬
‫ان���ا وال��ح��ب��ان‬
‫ال ِكمو ضاري وللناس مداري‬ ‫العارف وداري قائد إداري‬
‫بلطف وحنان‬
‫سباق للصايحة وكم جاب الرايحة‬ ‫نفحاتو فايحة وان��وارو اليحة‬
‫وع��ال��ج مرضن‬
‫نجحت ب��ذورو ي�لاك ن��زورو‬ ‫ذاكر مذكورو شاكر مشكورو‬
‫قمر ام عيدان‬
‫قال سيف يف الحايل ابلغ سوايل‬ ‫صلوايت ليك توايل يا النبي الغايل‬
‫وأج����د األم���ان‬

‫‪136‬‬
‫يف �ساحة فار�س الـمالقا‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫متني يالله نتالقا‬ ‫يف ساحة فارس املالقا‬
‫عبيدك حسن أخالقا‬ ‫ال���ه ال��ن��اس خالقا‬
‫رشيعتو ب�ين بالغا‬ ‫ثنيت باالفصح بالغا‬

‫دوام خرياتو دفاقا‬ ‫ن��زور ال��ي��دو نفاقا‬


‫سواهم يف الله رفاقا‬ ‫أصلح ن��اس النفاقا‬

‫مثيلو م��ايف اطالقا‬ ‫الدنيا أعلن طالقا‬


‫سامن امواسو حالقا‬ ‫س�مان درب���و ذالق��ا‬

‫وريحا حاليه انتشاقا‬ ‫سامن الطافا ورشاقا‬


‫أرح منشيلو عشاقا‬ ‫قلوبنا الغريو ما شاقا‬

‫للدنيا قلبو ما طاقا‬ ‫امانتو ركز لها وطاقا‬


‫زه��ور خرياتو دفاقا‬ ‫‪1‬‬
‫امل���ق���دودا الت��ق��ا‬

‫دوام درب���و ب��راق��ا‬ ‫نزور الشمسو رشاقا‬


‫ال��وف ال��غ��ار فراقا‬ ‫‪2‬‬
‫للرش اي��دو دراق��ا‬

‫يل من مدحو ترياقا‬ ‫صالة وسالم بشتياقا‬


‫ي�ترك سيف الفياقا‬ ‫تزيل لألمة أضايقا‬

‫‪12‬‬

‫‪ )1‬إشارة للدنيا‬
‫‪ )2‬الدرقة ‬

‫‪137‬‬
‫جوف الليل ركوبو نـجائب‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫ال��س�ماين ك��ل��و عجائب‬ ‫جوف الليل ركوبو نجائب‬

‫قائد الصافينات ونجائب‬ ‫اسمع قوال فيهو عجائب‬


‫ندر والله سوى عجائب‬ ‫داب��ي��ن��ا امل��رب��ع��ن نائب‬

‫صاعك فاز عيل السبقوك‬ ‫ط��رش��ك ب�ّي�نّ مثل اب��وك‬


‫م��ن��اه��م م��ت��ي ي��واف��وك‬ ‫السامعني وم��ا شافوك‬

‫‪138‬‬
‫الكوب الرابع‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫يشهد انو حرض ومتابع رأيكم ايه‬ ‫ال������ك������وب ال�����راب�����ع‬
‫ك��وك��ب ن���ادر وليهو توابع‬ ‫الكوب كبو لكوكبنا الرابع‬
‫عند امو وحيد ومن أبو سابع‬ ‫رسو عجيب متبوعا تابع‬
‫للخرطوم نوى يصل ويجي راجع‬ ‫ق��ام م��ن ككرو ليال هاجع‬
‫وأص��ل��ح ام���را ل��ل��راس واج��ع‬ ‫الحرمه سقاها دواي��ا ناجع‬
‫ل��ل��ن��اده��و م������وازرو راب��ع‬ ‫وصل بالرس يف الحوش ومرابع‬
‫ج��ن أك���واب أرب��ع��ة للرابع‬ ‫لثالثة نفر ما معاهم رابع‬
‫الحرض الجلسة الكوب دا يخصو‬ ‫محتارين يف ال��راب��ع نفسو‬
‫دخول وخروج الناس ما بحسو‬ ‫الشيخ بتغري شكلو وحسو‬
‫كتري بظهر بعطر أو برقا‬ ‫ن��در الشيخ للعادات خرقا‬
‫دخ��ل وجلس بيبان ما طرقا‬ ‫ب�سر ال��ط��ي‪ 1‬ط��واه��ا الفرقا‬
‫الرسقت وجمعت اقل من ساعة‬ ‫احيك وأقول بحكاية الساعة‬
‫كونو سمي السقو سم الساعة‬ ‫ست الساعة بسطها يف ساعة‬
‫وكبسو الشيخ ما اترصف رصفا‬ ‫يف السوق الشعبي اللص اتحرفن‬
‫برصو بشوف ايديهو برصفن‬ ‫هو يف ام عيدان خيولو بلفن‬
‫يف وش اللص رمى يل الجبادا‬ ‫يف حني الرقة الشيخ اتبدا‬
‫وكتفو‪ 2‬بقيدا ما هو حداده‬ ‫عمل يل زريبة بغري سداده‬
‫وش��اف ستها ج��رى يب قداما‬ ‫جلس يف بحري بكل ندامة‬
‫هايك دي ساعتك وألف سالمة‬ ‫قال يا بت ليك مني خداما‬
‫ل��ل��درك��ان وع��دوه��ن ناشن‬ ‫‪3‬‬
‫سيد الغر الدمية يشاشن‬
‫واكسوهو لباسا ما هو قامشا‬ ‫سيف الدين ادوه��و معاشا‬
‫يومي تجيك أسبوعي وشهري‬ ‫ص�لايت عليك ي��ا ود فهري‬
‫وتشفيك م��ن األمل الظهري‬ ‫تعافيك يا الشيخ طول الدهري‬

‫‪123‬‬

‫‪ )1‬طي األر ‬
‫ض‬
‫‪ )2‬كتفو أي كتفه ‬
‫‪ )3‬يشاشن منها بشاشيلو ‬

‫‪139‬‬
‫دخري الغالبه‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫يا دخري الغالبه املدخور للمهم‬ ‫السالم عليك من رب رحيم‬
‫يا بحر املكارم والجود والحلم‬ ‫الكريم والك والكون بيك علم‬
‫والضعيف لوالك ينضام وينظلم‬ ‫ام عيدان بالك ال نور ال علم‬
‫الجن واألن��س عربان والعجم‬ ‫للسامن شهود الليل والنجم‬
‫دا م���ا ب���ن�ت�رد‪ 2‬وال بنهجم‬ ‫‪1‬‬
‫ويل وصالحا فوق أمات لجم‬
‫سامن يف الطريقة ظاهر وسم‬ ‫س�مان يف واليتو شهري االسم‬
‫يا دق��ر‪ 3‬الحراير ك��واي للخصم‬ ‫سامن يف املشارب كاسو دسم‬
‫احيك من نقايبو كتري من منكتم‬ ‫السامن بسوي وكل يش بتم‬
‫م��رق ب��ال�براءة ودق��ال��و الختم‬ ‫ود عبد الله نادى للشيخ يف القسم‬
‫بكيس القرية واحد محكوم ما غرم‬ ‫بيت القرية واحد بالنار ما رضم‬
‫نجى سائق البوكيس يف الكاملني سلم‬ ‫حكاية اللوري الفي السودان علم‬
‫ان دركت‪5‬نادي يف اليض والبهيم‬
‫‪6‬‬
‫ابو ود حسونه‪4‬املدخور للمهم‬
‫للعقر ج��ن�ين اف��ه��م ي��ا فهم‬ ‫ريب يب دعاهو يخلق يف الرحم‬
‫يل من ق��ال ام��ن بالله واستق‬ ‫ص��ل ي��ام��والي ع��زي��ز منتقم‬
‫من روايح القوم سيف ال ينزكم‬ ‫يالسامين اسبل فوق الجابا كم‬

‫‪123456‬‬

‫‪ )1‬أمات لجم‪ :‬معناها الخيل وهي من خيول الغيب وهي واحد من أسامء خيول الغيب ‪.‬‬
‫‪ )2‬ينرتد‪:‬دراجية وهي من املفردات املتدأولة يف املنطقة معناها الستطيع احد أن يتحداه أو يتعدى عليه أنتصله سوء‬
‫كان ماشيا ‬
‫‪ )3‬دقر‪:‬كلمة شكر وكناية عن تعظيم لليش الذي وصف به‪ ،‬معناها صدي منه ياعني‪ .‬‬
‫‪ )4‬من أوالد الشيخ ‬
‫‪ )5‬دركت أي ادركتك املصائب والشدائد ‬
‫‪ )6‬اليض والبهم يف الليل والنهار ‬

‫‪140‬‬
‫ياحلاق بعيد‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫ورسك م���ا بنفيش‬ ‫درب����ك م��ا بنميش‬
‫يا لحاق بعيد‬
‫النبي أداك منو يش‬ ‫ع��ن��د ال��ل��ه ك��ل يش‬
‫وجهدك جاب كل يش‬ ‫من ح�ماد نلت يش‬
‫وطيب القوم معدنك‬ ‫رب ال��ن��اس مكنك‬
‫وزلت عشت الضنك‬ ‫يف ام عيدان مسكنك‬
‫ليمك غ��رف الجنان‬ ‫ليك يشار بالبنان‬
‫فيك البأس والحنان‬ ‫فيك ال��دان والدنان‬
‫عم الشاب والكهل‬ ‫رسك رسى بالسهل‬
‫ام��ن وراح���ة ومهل‬ ‫ل��ل��ق��ري��ب واأله���ل‬
‫وك���م أدي���ت ال��ول��د‬ ‫ي��ااالم��ن��ت البلد‬
‫ل���ك���ي�ل�ان ال���ع���دد‬ ‫جلبك جايب املدد‬
‫جبت الفصحأ ولكك‬ ‫ن��ادر قاطع الشكك‬
‫وامل��اش�ين بالسكك‬ ‫جالب للفي الدكك‬
‫نجدة وجيت يف األوان‬ ‫الم عيدان من هوان‬
‫حبو ابشوقا ش��وان‬ ‫عرفو الدين والديوان‬
‫ج�����اب يل ب��ن��ك��م‬ ‫ب�����رق�����ا م��ن��ك��م‬
‫وداي���������ر م��ن��ك��م‬ ‫ن�����اظ�����م ف��ن��ك��م‬
‫ل��ل��ه��ادي ال��ن��زي��ر‬ ‫صليت صليت كتري‬
‫بيكم ب��رك��ات ورس‬ ‫سيف القال منتظر‬

‫‪141‬‬
‫نعم الـالذو‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫ل����ل����خ��ي�ر ح�������ازو‬ ‫ن��ع��م ال��ل��اذو ي��اس�مان‬
‫يف الطريق شوف انجازو‬ ‫ع������������ارص ج���������ازو‬
‫عندو حقيقتو ومجازو‬ ‫ع����ت����ب����و اج�����ت�����ازو‬
‫ب��وايس الطول بتوبازو‬ ‫طريق القوم الشيخ بازو‬
‫خ��ل��و ال��ع��ي��ش لخبازو‬ ‫ي��ام��ب��ت��ار م���ا ت��ت��ق��اذو‬
‫لهبو ح���رق مل��ن رازو‬ ‫ول�������������ع غ����������ازو‬
‫وخ���در ع���ودو ح���رازو‬ ‫خريفو عجيب مايف طررازو‬
‫كلو س��م��وم مل��ن رازو‬ ‫ش��������وف اف����������رازو‬
‫عند الشيخ دوس قامزو‬ ‫فيلمو عجيب يف تلفازو‬
‫ص�لي ع�لي م��ن يب ف��ازو‬ ‫ك�لام الله ع��دد الفاظو‬
‫لسفر الليل ادو جوازو‬ ‫سيف يكرع ىب اك��وازو‬

‫‪142‬‬
‫حدثوين يا رفاقي‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫يف أم عيدان اسمو السامن‬ ‫حدثوين يا رفاقي بالفريد نــادر زمانو‬
‫كونه غوث الزماين‬
‫زي����دو ب��س�يرت��و اشتياقي‬ ‫ح������دث������وين ي������ا رف����اق����ي‬
‫ب��ل اح���وز كالقبيل ح��ازو‬ ‫يك أك����ون م��ح��ظ��وظ ل��ح��اظ��و‬
‫ويف الحضور محبوب لديه‬ ‫يف غ�����ي�����ايب ب���ي��ن ي���دي���ه‬
‫ك��ال��ش��م��س ظ��اه��ر ن��ب��اه‬ ‫ك����ون����ه غ�������وث ال����زم����اين‬
‫والكريم خصا وحباهو‬
‫ط��ول��و ك���م ط���ول ق��ص�يرو‬ ‫يف ال��ط��ري��ق س��ل��ك��و وس�ي�رو‬
‫رسو ك�����م ع��ل��ا ودال‬ ‫ذو ص���ل��اح ارش�������د ودل‬
‫أنت يا بحر األماين‬
‫واس��ق��ن��ا م��ن فيض معينو‬ ‫ريب زي����د ش��ي��خ��ن��ا وع��ي��ن��و‬
‫يف أم عيدان سوحو ودارو‬ ‫دره ال���ش���ي���خ ال��ط��ري��ق��ة‬
‫ن��ع��م م���ن ح��ب��اه��و دارو‬ ‫ب���ال�ش�ري���ع���ة وال��ح��ق��ي��ق��ة‬
‫يحظى بكاس الدناين‬
‫ل��ل��رس��ول ض����أوي املحيا‬ ‫ص��ل�ي ي����ا م����ن ب���اق���ي ح��ي��ا‬
‫ب��ه��ا س��ي��ف ي��ج��د امل����رام‬ ‫ال�������ه ص���ح���ب���ه ال�����ك�����رام‬
‫وال���ص�ب�ر ي��ل��ع��ق م��راي��رو‬ ‫ي��ت��ق��ي��ك ت��ن��ض��ف رسائ�����رو‬
‫يبقى ليك برحو داين‬

‫‪143‬‬
‫زور املوالف �صيدو‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫شيخي امل��ا ف��ات مسيدو‬ ‫زورو امل��وال��ف صيدو‬
‫ك��ل�ما ج���ا ك��اف��ف اي���دو‬ ‫ريب اكرمو يلقى فيضو‬
‫ج��رب��و س���ل مستفيدو‬ ‫بحرنا ال���زارو بفيدو‬

‫ه��ادر للموارد واملصادر‬ ‫ب��ح��ري وي���ن املثلو‬


‫يف زم��ان��و ف��ري��د ون���ادر‬ ‫غريو مني سمهو قادر‬

‫ه��و ال��ق��دل بحملو قائم‬ ‫هو املهر برئ أم متائم‬


‫وهو وريث طائل العامئم‬ ‫هو املدكك ما هو حائم‬

‫س��وى هيلتو دف��ع نصابا‬ ‫ال��وراث��ة عجبني سابا‬


‫غ�ي�رو م��ن ح��ق��اه��ا جابا‬ ‫األم���ان���ات ال��ع��ج��اب��ا‬

‫يف ج��ب��ال ال��ب��وم يعاين‬ ‫رسو كامتو كرمو باين‬


‫م���ا ب��ش��اي��ل م���ا ب��داي��ن‬ ‫س��وق��و رب��ح الزبائن‬

‫م���ره مي�ضي م���ره ناسخ‬ ‫املكني القدمو راس��خ‬


‫اي��دو جايبه وقرنو الفح‬ ‫خيلو تنجد كل صارخ‬

‫‪144‬‬
‫حربي القربو الرحمان‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫يا ناس اسمه السامن‬ ‫ح�بري القربو الرحامن‬
‫شامل الدندر أم عيدان‬ ‫ب��درا ض��وا يف ال��س��ودان‬
‫اثنوا واش��ارو يل ببنان‬ ‫القوم والنبي العدنان‬

‫بالحريان رووف وشفوق‬ ‫عايل الشأن رفيع الذوق‬


‫يهنو ول�شراب��و يذوق‬ ‫ال��ج��أو مب��ح��ب��ة وش��وق‬

‫الزم ككرو ماقام كاس‬ ‫م�� َه��ر ب�ئ�رو ل��ل�سر داس‬


‫بذر الصالحات والراس‬ ‫فاتح ببابو غ�ير ح��راس‬

‫ل��ل��درك��ان صقر تالب‬ ‫شيخ العلامء والطالب‬


‫والجاهو بغري‪ 2‬كطاب‬ ‫خريو ماهو داب الداب‬
‫‪1‬‬

‫الزم ككرو ما قام داح‬ ‫أب كرما ُصفَر واق��داح‬


‫جاب اشعارو للمداح‬ ‫سيف اسقاهو كاس نضاح‬

‫س��ل��م لنبيك واآلل‬ ‫ص�لي ي��ا واح���دا متعال‬


‫افرش فيو تاجر اجامل‬ ‫سوق الشيخ ميني وشامل‬

‫‪12‬‬

‫‪ )1‬دأب الدأب‪ :‬أصلها دأب أي شانه‪ ،‬كناية عن تقليل يف الشئ ‪،‬‬


‫‪ )2‬من املغارة وهي ولها معنيان األول مبعنى الحفرة التي يختبي فيها بعض من الحيوان كااالصله والثعلب وغريها‪،‬‬
‫والثاين معناها الصويف عند الصويف تعني محأولة تعدي ويل عيل آخر‪ .‬‬

‫‪145‬‬
‫ال�سماين يف جيلو نادر‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫جلب الناس ق��رى وبنادر‬ ‫س�ماين الفي جيلو ن��ادر‬
‫بريدو من اإلله‬
‫ام����رو ص���ادر‬
‫ل��ل��س�ماء واألرض فاطر‬ ‫ال��ه��ي ي��ا م��ن ان��ت ق��ادر‬
‫نجيه م��ن ك��ل املخاطر‬ ‫لعبدك عني ال يبقى فاتر‬
‫س��ي��د ع��م��ران وال ي��ارس‬ ‫ث��ن��ي��ت ب��ال��ح��ق ن��ارص‬
‫ياثر دينو زال دين القيارص‬ ‫نبيا ك��ري��م ع�لي نفسو‬
‫هيلو النبا وهيلو املفاخر‬ ‫فوق السامن مبدح بفاخر‬
‫واب���وي ق���دام م��اه��و اخر‬ ‫سامين طيبي وبحرو زاخر‬
‫جلب الناس ق��رى وبنادر‬ ‫نادر الندر الفي جيلو نادر‬
‫يقيض أم��رك وقتي حارض‬ ‫قوم يا نديم لزيارتو بادر‬
‫باعو طائل وط��رف��و بارص‬ ‫عزا الطريق لركابو عارص‬
‫وكل ما اقول انا منو قارص‬ ‫فاق النديد فاق املعارص‬
‫ي��ا حاسدين م��وت��و غيظا‬ ‫خدم الكف للوراثو خزن‬
‫وال���ب���ط���أول ي��ج��زو ج��زا‬ ‫سباق اليا صقر ال�برزن‬
‫يا حاسدين بالغيظ موتوا‬ ‫بجرو الواسع سمكو وحتو‬
‫من غري رض��ا أوع��اك تفتو‬ ‫اسمع كالمو احذر سكوتو‬
‫يف أم عيدان مسيد أبونا‬ ‫ل��ل��ح��ب��ون��ا واالب����ون����ا‬
‫دا ليهو شان وعندو شونه‬ ‫قول للنويس الهم فاشونا‬
‫م��ع ال��س�لام ادم ص�لايت‬ ‫عيل الكريم سيد أواليت‬
‫ب���ال���ك���رام ت��غ��ف��ر س��ي��ايت‬ ‫ق��ال سيف تسعد حيايت‬

‫‪146‬‬
‫�ضوالنا البلد قنديلك‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫ي��اال��س�ماين م��ايف مثيلك‬ ‫ضوالنا البلد قنديلك‬
‫ط�� َول لينا باعك وأي��دك‬ ‫م��ن ال��رب ن��زل تايدك‬
‫الله يصونك الله يزيدك‬ ‫قاطع يوت وخائف سيدك‬
‫ض��ول��ن��ا ال��ب��ل��د قنديلك‬ ‫يالنادر فريد يف جيلك‬
‫ما اكلني من مثار قنديلك‬ ‫يالفي الضيقا بناديلك‬
‫كل الناس يف رؤياك عيدا‬ ‫يا الحياتنا بيك سعيده‬
‫ن��أوي��ل��ك زي��ارت��و يعيدا‬ ‫الجاك من قريب وبعيدا‬
‫ياملنبور خ��ري��ف العينا‬ ‫ليك الناس يف يوما ظعينا‬
‫يحفظك الله ليك يعينا‬ ‫من قلب الحسود والعينا‬
‫يا رادف الحمل ليك شايل‬ ‫القول والشكر فيك خايل‬
‫م��ا غ����راك ن��ع��ي�ما زائ��ل‬ ‫يادخري العشيم والسائل‬
‫زارع الخري وتارك السوي‬ ‫كم سويت وكم بسوي‬
‫واملنضام ال��وراك متحوي‬ ‫ال��درك��ان تجيهو مخوي‬
‫اش��ن��اب��ك ج��ل��ل وذخ�ي�را‬ ‫يامزكور باطيب سرية‬
‫م���اب���ت���ع���رف���و م��ص�يرا‬ ‫ال��ن��اس ل���والك يف حريا‬
‫ه��اج��ر م��وج��و متالطم‬ ‫يابحري ومحممر قاطع‬
‫للفي الشيخ يقول ويقاطع‬ ‫سيف لسانو سيفا قاطع‬
‫ل��ش��ف��اع��ن��ا ل��ي��وم��ا ع��ايت‬ ‫صليت والسالم يومايت‬
‫بالسيف اقطع الجاك خاطي‬ ‫ال��س�ماين ق���ال ل��وص��ايت‬

‫‪147‬‬
‫ظاهر ظاهر‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫بحر ال�سر الباطن وظاهر‬ ‫ظ������اه������ر ظ����اه����ر‬
‫ن��ادي��ه��و‬
‫ت��ارك الحظ ل��ذات ومظاهر‬ ‫امل��������ا م���ت���ظ���اه���ر‬
‫شيخي السامن النورهو ظاهر‬ ‫ال����درب����ه����و ظ��اه��ر‬
‫صلح الكان عايص ومجاهر‬ ‫امل��������ا م���ت���ج���اه���ر‬
‫ه��زم إبليس لجنود محارص‬ ‫ل����رك����اب����ه����و ع����ارص‬
‫عرصو فريد فاق كل معارص‬ ‫ل���ل���م���ظ���ل���وم ن���ارص‬
‫صلح ال��ك��ان مخموال كارس‬ ‫ل����ن����ف����س����ه ك�����ارس‬
‫مسبل شونتو وت��ام القارص‬ ‫اب���ض���رب�������ا ك�����ارس‬
‫أبو صفا صايف وصفا العاكر‬ ‫ال�����ق�����ائ�����م ذاك������ر‬
‫دايب الليل اب��راه��و التقارص‬ ‫ك�����م ف�������رح ع���اق���ر‬
‫شوفتو تزيل وسواس الخاطر‬ ‫يف ال���ح���ق م��اب��خ��ات��ر‬
‫كفو درك م��ن ك��ل مخاتر‬ ‫ج����� َب�����ار ل��ل��خ��ات��ر‬
‫كريم الضيف أب خريا وافر‬ ‫م�����وج ب���ح���رو داف����ر‬
‫ق��رن��و سنني أوع���اك تعافر‬ ‫ل���ل���ن���اف���ر‬ ‫والَّف‬
‫سيد الحلقة أم طار ودناقر‬ ‫أب������و رم����ح����ا ب��اق��ر‬
‫راك����ب خ��ي�لا غ��ر واش��اق��ر‬ ‫أوع����������اك ت����داق����ر‬
‫ق��ال عند الله ج��زاك واف��ر‬ ‫ص����ل����وات ل��ل��ص��اب��ر‬
‫ف��ن الشعر يكن ل��ه خابر‬ ‫س��ي��ف ج��اه��د وث��اب��ر‬

‫‪148‬‬
‫زاد ال�شوق‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫زاد ال�����ش�����وق ك��ت�ير‬ ‫ياسامننا ليك يا أبو البشري‬
‫ي������ا ح������ي ي������ا ب��ص�ير‬ ‫ي������ا ن����ع����م ال���ن���ص�ي�ر‬
‫ب��������األخ��������وات ن��ص�ير‬ ‫ل�����ن�����ع�����م امل����ص��ي�ر‬
‫ب�����ب�����ش��ي��ر ال�����خ��ي��ر‬ ‫ث���ن���ي���ت ق�������ت‪ 1‬خ�ير‬
‫يف ال�����ي�����وم األخ��ي��ر‬ ‫ل����ل���أم��������م دخ���ي���ر‬
‫ال�����ق�����م�����ر ال���ظ���ه���ر‬ ‫يف أم ع����ي����دان ب��ه��ر‬
‫وال������ي������ت ال���س���ه���ر‬ ‫يف ال�����ك�����ون اش��ت��ه��ر‬
‫ال�����ك�����ري�����م ع������االك‬ ‫ب���������������األرسار م��ل��اك‬
‫رب������������ح ل������������واالك‬ ‫خ����رب����ان����ه ال����ب��ل�اك‬
‫ن��������ادر م�����ن ن��ش��ي��ت‬ ‫ل����ل��س�ر م������ا ف��ش��ي��ت‬
‫ل��ل��ض��ع��ي��ف راش���ي���ت‬ ‫ول����ل����دم����وع ف��ش��ي��ت‬
‫اس������م������ك ال�����س��م��ان‬ ‫ج����������دك ال�����س��م��ان‬
‫ع������ن������دك ال�����ض��م��ان‬ ‫ب������ح������زب األم���������ان‬
‫ط����م����آن ال����ق����ل����وب‬ ‫ك�����م ف���ش���ي���ت غ��ل��ب‬
‫ف�����ن�����ك امل����ق����ل����وب‬ ‫ك�������م ح���ب���ر ت����ل����وب‬
‫ق�����ال س���ي���ف ال��وض��ي��ع‬ ‫ط���ف�ل�ا ل���ي���ك رض���ي���ع‬
‫ب�����ح�����ق ال����ب����دي����ع‬ ‫ح�����ق�����و ال ي���ض���ي���ع‬
‫ص���ل���ي���ت ك��ال��ح��ص��ي��د‬ ‫ل�����ل��ي��رم�����و ال���ص���ي���د‬
‫ت����ع����م����ر ل��ل��م��س��ي��د‬ ‫وال��������ري��������ح ي����زي����د‬

‫‪1‬‬

‫‪ )1‬قلت‪ .‬‬

‫‪149‬‬
‫نعم ال�شراب وين‬
‫�سيف الدين �سليمان‬
‫ن��ع��م ال��ش��راب وي��ن‬ ‫س�م�ان ه��ن��اك زورو‬

‫ي������اراغ������ب ه����اك‬ ‫أس����ب����اب ش���ف���اءك‬

‫ال����س��م�ان‬ ‫رشب‬ ‫م����ن ك�����أس ك��ف��اك‬

‫ال���خ���م���ر ح��ال��ي��ة‬ ‫وال����ك����وب����ا م��ال��ي��ا‬

‫وال���س���اق���ي م��اه��ر‬ ‫وامل����وج����ة ع��ال��ي��ة‬

‫ات�����ب�����ع س����ادت����ا‬ ‫وال���������زم ع����ادات����ا‬

‫ال������ف وخ��م��س��ن��ا‬ ‫يف ح��ي�ن ق���اع���دات���ا‬

‫ات������ب������ع ف����ح����وال‬ ‫م�����ن غ��ي��ر م���ي���وال‬

‫ب����ي����ع ل��ن��ف��س��ك‬ ‫س��ل��م ت��رك��ب خ��ي��وال‬

‫ات�����ب�����ع ف���ن���ون���ا‬ ‫م����ن غ��ي�ر ظ��ن��ون��ا‬

‫ال ع�������ار ع��ل��ي��ك‬ ‫ل���و ك����ان م��ج��ن��ون��ا‬

‫ب�������راق�������ا الح�����ا‬ ‫س����ب����ب ج����راح����ا‬

‫ب�����اب ال���ل���ه ف��ات��ح‬ ‫ن����ك����رف ري����اح����ا‬

‫ص���ل��ى ال����ت����واب����ا‬ ‫ل���ي���ك ي�����ا آواب������ا‬

‫ق���ال س��ي��ف ال��ج��اب��ا‬ ‫ي��ح��ظ��ى االج���اب���ة‬

‫‪150‬‬
‫ود الغوث مرق برا‬
‫الأمني القر�شي‬
‫ك��ف��و ال���ب���ك���رم درا‬ ‫ود ال��غ��وث م���رق ب��را‬
‫السامن وداعة الله‬
‫ل��ك��ل ال���ق���ل���وب رسا‬ ‫اس���م���و ب��ال��ب��ل��د ف��را‬
‫ج����دو ل��ل��ع��ي��ون ق��را‬ ‫حارسوا الجود من الدرا‬
‫ج���دو ط��ي��ب القيامن‬ ‫ود ال��ب��ك��ري وال��س�مان‬
‫اب�ش�ر ن��ل��ت ك��ل أم��ان‬ ‫يا سالك طريقو ضامن‬
‫‪1‬‬
‫وألو وريسو الجدان‬ ‫أس��د ساكن أم عيدان‬
‫صد من دربو يا رمدان‬ ‫ليهو متنو السيسان‬
‫السامي وبعيد حدو‬ ‫ودط���ه‪ 2‬ال�شري��ف جدو‬
‫ب���وايس ال��ب��ف��وت حدو‬ ‫ال���ف���ائ���ق ع��ل�ي ن���دو‬
‫البس هيبة نور ووقار‬ ‫ي��ا وارث رج���ال الغار‬
‫محروس بالكبار وصغار‬ ‫ال بتنرض وال بتتغار‬
‫ربحو الجوك بعد كساد‬ ‫اس��م��ك ب��ال��دن��ادر ساد‬
‫خلفت الكية للحساد‬ ‫ك��م أص��ل��ح��ت للفساد‬
‫أم���ك م��ا بتلد بعدك‬ ‫فريد من قمت لوحدك‬
‫يا الصادق دوام وعدك‬ ‫يا الطالع نجم سعدك‬
‫‪3‬‬
‫كم اشفى وحل مرقوب‬ ‫الجلب الرشوق وغروب‬
‫الياىب شقي ومغلوب‬ ‫‪4‬‬
‫ذكرو الفي اللسان مرغوب‬
‫ال��ي��اب��ه��و م���و طيب‬ ‫أب��و ال��ب��ك��ري والطيب‬
‫ح��ت ك�لام��و موصيب‬ ‫خ���ايت وق��ل��ب��ه مغيب‬

‫‪1234‬‬

‫‪ )1‬إشارة للشيخ احمد الطيب والشيخ السامين ود البشري‪ .‬‬


‫‪ )2‬الشيخ محمد طه األزرق وهو من أبكار الشيخ احمد الطيب جده ألبيه المه الوارد يف قصيدة املكأوي «ود طه‬
‫الشهري بدبريك» ‬
‫‪ )3‬املرقوب‪ :‬هو الشخص الذي ارتكب جرمية قتل رقبة‪ .‬‬
‫‪ )4‬إلىاىب‪ :‬الذي يرفضه‪ .‬‬

‫‪151‬‬
‫يا ما�شي لأم عيدان تزور‬
‫الأمني القر�شي‬
‫ي��ا م��ايش ألم ع��ي��دان ت��زور‬ ‫تلقى الهنا وتلقى ال�سرور‬
‫ت��ل��ق��ى ال��ق��ب��ول واالح��ت�رام‬ ‫تلقى الكريم اب��ن الكرام‬
‫ت��ل��ق��ى امل��ح��ب��ة وال���غ���رام‬ ‫تلقى القصيد مهام ت��رام‬
‫تلقى ال��ب��ح��ر واس���ع تعوم‬ ‫تلقى الفريد واق��ف يحوم‬
‫تلقى الخريف ل�بن ولحوم‬ ‫‪1‬‬
‫تلقى الدوا البشفى الكلوم‬
‫تلقى امل���دد تلقى امل���راد‬ ‫تلقى الذكر تلقى األوراد‬
‫م��ن��ت�شري��ن م��ث��ل ال���ج���راد‬ ‫تلقى البخات تلقى السعاد‬
‫تلقى ال��رض��ا تلقى األم��ان‬ ‫تلقى السمي وارث السامن‬
‫تلقى العفو رسيك الضامن‬ ‫تلقى ال��رخ��ا وال��خ�ير كامن‬
‫م��ه�ما ت����روم ت��ل��ق��ى امل��ن��ى‬ ‫تلقى امل���دد تلقى الغنى‬
‫ك���ل ال��ب��ع��ي��د م��ن��ك دىن‬ ‫لو ك��ان عقيم تلقى الجنا‬
‫قط ما بيخيب فيهو األمل‬ ‫أب����و ال��ي��ت��ام��ى وال��ه��م��ل‬
‫ل��ي��ل��ي��و ون���ه���ارو م���ا بيمل‬ ‫جالس ع�لى بساط العمل‬
‫ن��ع��م ال��س��ع��اد االص��ح��ب��وك‬ ‫وارث م��ق��ام ج��دك وأب��وك‬
‫م��ا ب��س��أو نعلك ان أب��وك‬ ‫بئس الشقياء ال��ح��ارب��وك‬
‫للمن جدو نال سري السلوك‬ ‫ق���ال األم�ي�ن الب���ن امل��ل��وك‬
‫‪2‬‬
‫ان��ج��ده عند ساعة التبوك‬ ‫بشعرو ليك اسبك سبوك‬
‫ط����ه ال����رس����ول امل���ؤمت���ن‬ ‫ص��ل��ي��ت ع�لي س��ي��د األم��م‬
‫ال����ق����ريش ب��ي��ه��ا م��ن��ع�ما‬ ‫بيها ي���زول ن��ح��س ال��زم��ن‬
‫‪12‬‬

‫‪ )1‬الكلوم تعني اآلالم‪ .‬‬


‫‪ )2‬التبوك‪ :‬عند الهجوم‪ .‬‬

‫‪152‬‬
‫ود عزاز القوم‬
‫الأمني القر�شي‬
‫ال������ج������دو ط��ي��ب‬ ‫ود عزاز القوم انا قويل يل‬
‫ال���ق���وم أن���ا ق���ويل يل‬
‫حاشا الكسل والنوم‬ ‫س�م�ان ف��ري��د ال��ي��وم‬
‫من ري��دو ط��ار الشوم‬ ‫ال بظلم اح��د ال بلوم‬

‫ووس�������ع امل����ي����دان‬ ‫ال���� ّن����ور أم ع��ي��دان‬


‫م��ك��ب��ل ب��ال��ق��ي��دان‬ ‫امل�����ا ب��ح��ب��و م����دان‬

‫وارث البشري والتوم‬ ‫س�ماين ف���ارس أم توم‬


‫ف��ي��ه ال��ص�لاح محتوم‬ ‫ال��س�ره����و م��خ��ت��وم‬

‫ك��م رىب ودار الكأس‬ ‫ال��ج��دو دق���ا ال��س��اس‬


‫ب��ان نفلو يف ب��اق��راس‬ ‫أص��ل��ح أوالد ال��ن��اس‬

‫ك��ون��و أص��ي��ل ود عز‬ ‫ع��اج��ب��ن��ي ب��ي��ه��و بهز‬


‫م��ن��و ال��خ��ي��ول بتفز‬ ‫فارس البنحاس أبو زر‬

‫يف امل����دن وال��ق��رب��ان‬ ‫ال��ن��ف��ل��و ظ��اه��ر ب��ان‬


‫ش��ق��ي وع��ن��ي��د تعبان‬ ‫امل�����ا ب��ح��ب��و ج��ب��ان‬

‫ل���س���ي���د األع���ل���ام‬ ‫الصالة والسالم كل عام‬


‫تهدي الحسود وألوام‬ ‫ال��ق��ريش ق���ال ي��اس�لام‬

‫‪153‬‬
‫�أب�شوفتا تتم الكيف‬
‫الأمني القر�شي‬
‫أب��ش��وف��ت��ا ت��ت��م الكيف‬ ‫السامين البكرم الضيف‬
‫البسوحا خريف يف الصيف‬ ‫ضباح السمني الديف‬
‫ج�ل�اب امل���دن وال��ري��ف‬ ‫منو الحد خالص زبقيف‬
‫***‬
‫أب��و الضعفاء واألي��ت��ام‬ ‫ذو ال��رأي السديد التام‬
‫بيتو بيكفي للعدام‬ ‫امل��س��ك�ين وال��ع��ش��ام‬
‫***‬
‫ال��ب��ح��ر ال��ط��م��ح س��ادر‬ ‫من قمتا ونشيئت نادر‬
‫عند الضيف تجي مبادر‬ ‫ب��ق��درة ال��ع�لي ال��ق��ادر‬
‫***‬
‫ال��ح�بر امل��ك��ن��ى ف��ري��د‬ ‫انا من قلبي ليهو بريد‬
‫األش�����ول ط��وي��ل ال��ي��د‬ ‫كون فيكون مهام يريد‬
‫***‬
‫ود ح��م�اد وال��ب��ك��ري‬ ‫ال��ي��ه��و بجيب شكري‬
‫كم يف وصفو حار فكري‬ ‫أب��و الطيب والبكري‬
‫***‬
‫ال��ص�لاة تآمة غ�ير قياس‬ ‫ما يف الكتب وعلم الرأس‬
‫بيها القريش يلقى خالص‬ ‫من الوسواس والخناس‬

‫‪154‬‬
‫�أبو القر�شي الفي �أم عيدان‬
‫الأمني القر�شي‬
‫ي���ا زائ�����ر ح�ب�رن���ا اآلن‬ ‫أبو القريش الفي ام عيدان‬
‫ابو القيامن وارث السامن‬ ‫تلقى االمان رسيك الضامن‬
‫طن‪ 1‬يا مريد قول فوقو زيد‬ ‫سيد املسيد عندو املسيد‬

‫سفىل وصعيد داين وبعيد‬ ‫يف سوح العيد كل يوم سعيد‬


‫كن ذو فكري الزو‪ 2‬مكر‬ ‫ابوالبكري ساقي البكر‬

‫خلقو طيب تفلو يطيب‬ ‫ابوالطيب ج��دو الطيب‬


‫يا رقب الرس الطرق اكسري‬ ‫اب��وال��ب��ش�ير امل��ه��ر البرئ‬

‫احيا البلدان ما دارو بيان‬ ‫اب���و ت��ب��ي��ان اب��ن��ف��ل ب��ان‬


‫اب��راي��ا ت��ام مسك الختام‬ ‫اب��و االيتام كافل العدام‬

‫ما س��اري وصل بها اتصل‬ ‫يا القريش صل عيل املرسل‬

‫‪12‬‬

‫األصوات كصوت الناقوس والعود ‪ .‬وهو أيضا صوت الباعوض‪.‬‬ ‫‪ )1‬الطنني‪ :‬الطَّن ُني ‪ :‬رضب من َ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ويقال ‪ :‬قصيدة ‪ ،‬أو خطبة ‪ ،‬أو مقالة لها طَنني ‪ :‬صدًى وذك ٌر وجل َجلَة يف املحافل وغريها‬
‫‪ )2‬أصلها زول‪ ،‬جاءت ناقصة الحروف للرضورة الشعرية‪ .‬‬

‫‪155‬‬
‫الربيـدو‬
‫الأميـن القر�شي‬
‫ال��ع��ام��ر مسيدو‬ ‫ال�بري��دو الربيدو‬
‫للضيفان ثريدو‬ ‫س��م�ان ف��ري��دو‬

‫بقطع سيف جريدو‬ ‫شنق يامريدو‬


‫مهال واح�لى عيدو‬ ‫واحد يف صعيدو‬

‫جيب زكراهو عيدو‬ ‫ال��زاي��رو سعيد‬


‫ال��ب��وادي ودن���ادر‬ ‫الجلب البنادر‬

‫ف��ارس ج��دو نادر‬ ‫طامح نيلو سادر‬


‫وال��ك��ف السخيا‬ ‫ذو الجود الرضيا‬

‫ل��ل��ج��ار م��ا نخيا‬ ‫ق�ماك يا أوخيا‬


‫رق��و وارش��دوه��و‬ ‫عزو واكرموهو‬

‫للناس حببوهو‬ ‫من عني حجبوهو‬


‫اخ��ت��م بصالتك‬ ‫يالقريش وحاتك‬
‫عندساعة وفاتك‬ ‫ال��ب��ي��ه��و نجاتك‬

‫‪156‬‬
‫‪1‬‬
‫عظيم ال�شـ�أن‬
‫حممد الطيب‬
‫ب����ل����ف����ى ال������درك������ان‬ ‫عظيم الشان وارث الجدود‬
‫ا لسام ين‬
‫ي��اع��امل حالنا يف ك��ل أوان‬ ‫ح���������ي ي�������ارح���م���ان‬
‫ن��������������ورا وامي�����������ان‬ ‫ام������ل�����ا ق����ل����وب����ن����ا‬
‫ن�������������زور ال�����س��م��ان‬ ‫وح��������������ل ق����ي����دن����ا‬
‫ً‬
‫ع�لى ط��ه ال��ن��ب��ي ال��ع��دن��ان‬ ‫ب���������ص����ل����ي ك����م����ان‬
‫وشفيع الناس ي��وم امليزان‬ ‫كفُول للخلق يف كل مكان‬
‫صديق ف��اروق حيدر عثامن‬ ‫ص���ح���ب���و ال���ش���ج���ع���ان‬
‫وارض ي���اريب ع��ن ال��ع�مان‬ ‫والستة يف بيعة ال��رض��وان‬
‫م��ش��ت��اق ل��ي��ه��و ان���ا زم��ان‬ ‫سامين القوم من قم ياخوان‬
‫تطيب ت��أم��ن ح��اال رسع��ان‬ ‫ل��و جيتو خ��ائ��ف عشامن‬
‫ساللة تجر حتى الجيالن‬ ‫وارث الجد اب واالخ���وان‬
‫متاهو ليهو ج��دو السامن‬ ‫من الطيب جاهو الوهبان‬
‫س�لال��ة تجر للفي بغداد‬ ‫وارث االخ اب واالج���داد‬
‫مت��اه��و ليهو ج��دو ال��ب��والد‬ ‫م��ن الطيب جاهو االم��داد‬
‫سامين يشوف برصا سمعان‬ ‫سامين كريم عطفا واحسان‬
‫وامل���ا زارو ي��ان��اس ندمان‬ ‫س�ماين لذيذ منطق ولسان‬
‫وك��م اص��ل��ح ف��اس��دا ولهان‬ ‫البكري ابوك من قام بطران‬
‫ب�سر ال�س�ر ورس ال�سري��ان‬ ‫زاك��ر ي��وت م��ن غ�ير سهيان‬
‫نيتو ي���زورك يف ام عيدان‬ ‫اب���ن ال��ط��ي��ب ب��ي��ك هيامن‬
‫ي���دأوي العله اليها زم��ان‬ ‫مي��س ي��دي��ك يلمس ملسان‬
‫عىل الرسول خاتم النبيان‬ ‫ص����ل����ى ال�����رح�����م�����ن‬

‫‪ )1‬قصيدة عظيم الشان‪ :‬أول قصيدة نظمها الشاعر يف مدح الشيخ‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫ع�صر اجلمعة‬
‫ال�شاعر حممد الطيب‬
‫يف سوح البقعة الفي ام عيدان‬ ‫عرص الجمعة لذيذ يا أخ��وان‬

‫يا باري الكون من انس وجان‬ ‫يا خالق الناس حي يا رحمن‬


‫نكون يف العرصي مع السامن‬ ‫بنبيك الخري صحبو الشجعان‬

‫ش��م��ر ف��ي��ه��و ش���د ال��ح��ي��ل‬ ‫ع�صر الجمعة ل��ذي��ذ بالحيل‬


‫من ي��دو غ��رف تخم‪ 1‬وتشيل‬ ‫ي��ج��ي��ك س�م�اين يكيلك كيل‬

‫من سوح البكري تجيك نفحات‬ ‫يف عرص الجمعة تجيك نسامت‬
‫سعيد محظوظ لو جاك مامت‬ ‫ت��ش��ع��ر وك���ان���ك يف ج��ن��ات‬

‫ب��ل��ي��د من����ام راي���ه���و وف���اك‬ ‫اب��ن الطيب ج��اه�لا واف���اك‬


‫‪2‬‬

‫ام��ن��ح��ه ع��ف��وك ث��م رض��اك‬ ‫ي����روم م����ددا م��ن��ك وادراك‬

‫ع�ل�ي ط���ه ال��ن��ب��ي امل��ص��ب��اح‬ ‫ص�لى ال��ه��ادي يف ك��ل صباح‬


‫عبد العظيم ينجى وايضا املصباح‬ ‫ع��دد ما اطفي ووق��د مصباح‬

‫‪12‬‬

‫‪ )1‬تخم‪ :‬تأخد ‬
‫‪ )2‬افاك‪ :‬أفْكًا وإفْكًا ‪ ،‬فهو آفك ‪ ،‬واملفعول مأفوك ‪ -‬للمتعدِّي‪ ،‬تعني الكذاب ‬

‫‪158‬‬
‫دهب اخلزانة‬
‫ال�شاعر حممد الطيب‬
‫الدولة أم فوت‪ 1‬سيد مكانه‬ ‫س�ماين ي��ا ده��ب الخزانه‬
‫سامي القدر مع الرزانة‬ ‫ع���ايل ال���رت���ب وامل��ك��ان��ة‬
‫ال��دن��ي��ا بيك امل���وىل زان��ا‬ ‫صاحب الرس صاحب الخزانة‬
‫ع�لا ق���درك وع�ل�ا شانك‬ ‫ريب والك وص���ان���ك‬
‫بالكيزان اروى عطشانك‬ ‫بالذكر عمرات حيشانك‬
‫ورزم يف ال��خ��ش��ه دايب‬ ‫ش��دو ليهو ال��ب��ش��ايب تب‬
‫ن��ال��ت بيك ك��ل ال���روايب‬ ‫بيك اختصابات الحدايب‬
‫شويم‪ 2‬قام ركب البغرين‬ ‫ش����دو ل��ي��ه��و ال��ب��ي��ط�يرن‬
‫م��رق��ن الم م��رح يشرين‬ ‫تسمع ف��وق الجو هديرا‬
‫شويم ق��ام رك��ب املمرك‬ ‫ش�����دو ل��ي��ه��و امل�����ورك‬
‫‪3‬‬
‫شطب بقلموا امل�سرك‬ ‫ج���اب ال���ل���وري امل��م��رك‬
‫العفيف ال��وج��ه��و نائر‬ ‫ال��ك��ري��م ل��ج��اه��و زائ���ر‬
‫عبي زي��د ان��ا منك داي��ر‬ ‫كاسك يف الناس دميا دائر‬
‫‪4‬‬
‫ك��ل ال��ن��اس ليهو ترميو‬ ‫متواضعا نفسو وكرميو‬
‫ح�ل�ا ل���دي���ون ال��غ��رمي��و‬ ‫ي��رح��م امل��س��ك�ين رصمي��و‬
‫كل القوم جالبها سوقك‬ ‫يف العرصي بتلمع بروقك‬
‫‪5‬‬
‫زف��ن��ا م��ع��اك ل�شروق��ك‬ ‫منتظرين أوق��ات مروقك‬
‫عيل ال��رس��ول خري االناما‬ ‫ص��ل�ي ي������ارب االن���ام���ا‬
‫قولو نجيت العب وناما‬ ‫اب���ن ال��ط��ي��ب قلبو ناما‬

‫‪12345‬‬

‫‪ )1‬أم فوت‪ :‬تعني الزيادة ‬


‫‪ )2‬شويم‪:‬معناها قام ‬
‫‪ )3‬املرسك‪ :‬الرسك عند القوم هو األذن‪ ،‬وهو املخول‪ ،‬النائل واملجاز واملرصح له أي املأذون له باملرور يف كل زمان ألي مكان‪.‬‬
‫‪ ) )4‬ترميو‪ :‬معناها توالفه من الولف ‬
‫‪ )5‬الرشوق رمز لبلد املصطفى صىل الله عليه وسلم ‬

‫‪159‬‬
‫�أبو البكري‬
‫حممد الطيب‬
‫ال�����س��م��اين‬ ‫ال�������ذك�������ر‬ ‫وإىل‬ ‫اب����وال����ب����ك����ري ام��������رو غ��م��ي��س‬

‫ع��ق�لي وف��ك��ري متعلق دامئ���ا بالذكر‬ ‫ل��ي��ك ال��ش��ك��ري ي��ا م���والي ارف���ع ذك��ري‬

‫س��ي��ف ال��ن�صر ال��ب��ي��ه��و ن��ه��ز ونفتخر‬ ‫بنظم ش��ع��ري يف ال��س�ماين دايب الوعر‬

‫ق��رض��ا اك���ل ط��م��ح ن��ي��ل��و ب��ح��رو ادل‬ ‫ذاك���ر ال��ل��ه و ق��ائ��م الليل ق��ط م��ا كل‬

‫ذاكر سيدو يف بنك القوم عندو رصيدو‬ ‫جيبتا قصيدو دا العامر بالذكر مسيدو‬

‫ام��رو اتهول ج��دع املفتاح للشيخ أول‬ ‫البطحاين االتجول قال الكشك مرسوقطول‬

‫اصبح مبسوط فرحان جاهو الكشك راجع تاين‬ ‫ساكن الرقل البطحاين مهموم للراس حاين‬

‫وامرو رضوري قدامك نور و وراء حبور‬ ‫غري الكشك جاب اللوري مرك يرضب يف البري‬

‫اب��وك يا شامه للمنكرين سيفا هشاما‬ ‫ه���ذه ك��رام��ة للمنكرين تبقى عالمة‬

‫تعلم اي��ج��ب��وا م��ن غ�ير ال��ش��ال��و اجيبو‬ ‫ام���رو عجيب يف س��ن��ار وش���دا ركيبو‬

‫تفلو يطيب وارث القوم ن��اس الطيب‬ ‫الجر اقول بن الطيب يف ابوالقريش وابو الطيب‬

‫تكشف الكرب تنجي االمة رشقي وغريب‬ ‫ص��ل��وات ريب ع�لي امل��خ��ت��ار ط��ه ال��ع��ريب‬

‫‪160‬‬
‫�أيا �شيخ �أم عيدان‬
‫‪2009‬‬ ‫عبد احلليم �سر اخلتم‬

‫وي����������ا ح�����ق��ل��ي وغ����ي����ط����اين‬ ‫أي���������ا ش�����ي�����خ أم ع�����ي�����دان‬


‫�������ل������ي ح�����ث�����اين‬
‫ّ‬ ‫أل��������������ح ع‬ ‫إل������ي������ك ال�����ن�����ب�����ل ش�������داين‬
‫�����ل����ي أح�����ض�����اين‬
‫ّ‬ ‫أح������������اط ع‬ ‫وح�������������ادي ال����������ود ح���ض���اين‬
‫وال ت�������ده�������ش ل���ل���ه���ف���ان‬ ‫ف����ل���ا ت�����ع�����ج�����ب ل����ع����ج��ل�ان‬
‫وال ت����ش����ف����ق ب����ن����ش����وان‬ ‫وال ت������ذه������ل ل����س����ك����ران‬
‫ب����ك���ي ق�����ل�����ب�����ي ب�����أج�����ف�����اين‬ ‫إذا م������ا ال����ل����ي����ل اض��������واين‬
‫إذا م�������ا خ����������ان خ�������واين‬ ‫ول������س������ت أن���������ا ب����ن����دم����ان‬
‫وم����������ا ج������رح������ت ب����ل����س����ان‬ ‫ول�������س�������ت أن����������ا ب����ظ����ن����ان‬
‫وال ق�������������ويل ب�����ل�����ع�����ان‬ ‫ول�������س�������ت أن����������ا ب����ط����ع����ان‬
‫ع���ل���ي رص�����������دي ح����ري����ص����ان‬ ‫ويف ك�����ت�����ف�����ي م����ل����ك����ان‬
‫ب�����ص�����دق األم������������ر أن����ب����اين‬ ‫ف������ه������ل ج������ن������د س����ل����ي��م�ان‬
‫م������ت������ى ت������خ���ض��ر ع������ي������داين‬ ‫وي��������ا ش����ي����خ أم ع����ي����دان‬
‫وال ت����ت����ج����ي����ل ره������ب������ان‬ ‫وم�����������ا ق�����������ويل ب����ب����ه����ت����ان‬
‫وال أض��������غ��������اث أح����ل���ام‬ ‫وال أح�������ل������ام ي����ق����ظ����ان‬
‫وال ت��������أوي��������ه ت����ع����ب����ان‬ ‫وال ت�����ه�����ري�����ف م�����رض�����ان‬
‫إذا م������ا ال������وج������د أرداين‬ ‫وم���������ن ي�����اش�����ي�����خ أدراين‬
‫وان ال�������ه�������م ج������اف������اين‬ ‫ل������ع������ل ال������ف������ت������ح رب��������اين‬
‫أط�������������وف ب����������أم ع�����ي�����دان‬ ‫وه����������ل ك����������ان ب���ح���س���ب���اين‬
‫وي�����������ا ظ����ل����ي وأغ�������ص�������اين‬ ‫أي���������ا ش�����ي�����خ أم ع�����ي�����دان‬
‫وب��������اع��������د ب����ي���ن أزم�����������اين‬ ‫إذا م������ا ل�����ب�����ون أق����ص����اين‬
‫أن����������ا وال���������ي���������أس ض�������دان‬ ‫ت������ج������دين رغ����������م أش�����ج�����اين‬
‫ب�����������ان ال�������ل�������ه وح�����������داين‬ ‫واين ع�������ن�������دي إمي���������اين‬
‫واخ�������ب�������ر ع������ن������ك خ���ل��اين‬ ‫اح������������دث ع�����ن�����ك إخ����������واين‬
‫ل�������وج�������ه ال�������ل�������ه ح����ب����ان‬ ‫ل����ن����ا يف ال������ص������در ق���ل���ب���ان‬
‫ع����س���ى ي�����ن�����ظ�����ر يف ش������أين‬ ‫دع������������وت ال������ل������ه رح���م���اين‬
‫ص�����ل�����اة وزن أط������ن������ان‬ ‫وص������ل������ي������ت ب��������وج��������داين‬
‫ع����ل����ى ارشف إن������س������ان‬ ‫ب������ه������ا ت������ش�����رق أك������������واين‬
‫وت�����ع�����ل�����ن ف��������ك ق����ض����ب����اين‬ ‫ت�����ب�����ل ج������ف������اف ع���ط���ش���ان‬

‫‪161‬‬
‫وي�����ق�����ب�����ع ب���ي���ن أس�����ن�����اين‬ ‫وج��������دت ال�����ح�����رف ي���اب���اين‬
‫وأش�����ع�����ل ح�������رب ع���ص���ي���اين‬ ‫وح�����ت�����ى ال������ص������وت م��ل�اين‬
‫وال ال�����ق�����ام�����وس أوف�������اين‬ ‫ف���ل��ا ال����ت����ع����ب��ي�ر اع����ت����اىن‬
‫إذا ال�����ق�����رط�����اس ص������داين‬ ‫وأي���������ن أص���������وغ أذه�������اين‬
‫م����ل����ي����ك����ا م�������ا ل�������ه ث�����اين‬ ‫س�����ال�����ت ال�����ل�����ه رح���م��ان‬
‫م��������ن األغ�������ل�������ال ف����ك����أين‬ ‫ع���س��ى ي����ك����ش����ف ح����رم����اين‬
‫وي��������ا درع����������ي وإح�����ص�����اين‬ ‫أي�������ا ش����ي����خ أم ع����ي����دان‬
‫ون���������اب ال������ك������رب ع���ض���اين‬ ‫إذا م������ا األم����������ر ه��م�اىن‬
‫وب������������األذك������������ار وق��������اين‬ ‫أىت ب�������ال�������ورد ي����رق����اين‬
‫وي��������ا درع����������ي وح����ج����ب����اين‬ ‫أي�������ا ش����ي����خ أم ع����ي����دان‬
‫وي����������ا م������ي�����راث س����ل��م�ان‬ ‫وي�������ا روح اب�������ن ع���ف���ان‬
‫وي�������ا ع����ق����ل اب�������ن س���ف���ي���ان‬ ‫وي���������ا ح����ك����م����ة ل����ق��م�ان‬
‫وذل�������ف�������ى آل ع�����م�����ران‬ ‫وي��������ا ت������أوي������ب ث����وب����ان‬
‫ص�������ب�������ورا غ���ي���ر ش���ف���ق���ان‬ ‫م�����ت�����ى ت����ه����ف����و ل�����ح��ي��ران‬
‫دل�������ي���ل���ي ث��������م ب�����ره�����اين‬ ‫إل�����ي�����ك ت�����رك�����ت أرس��������اين‬
‫ع����ل���ى أب���������������واب ري��������اين‬ ‫ف����ل���ا ت�����ب�����خ�����ل ل����ظ��م�آن‬
‫غ�����ري�����ب�����ا ب���ي���ن غ�����رب�����ان‬ ‫وت�����ه�����ت أن��������ا ب�����ودي�����اين‬
‫ووخ���������ذ ال�����ش�����وك أدم�������اين‬ ‫أزي����������ز ال������ري������ح رج������اين‬
‫ت�������ع�������وذين م�������ن ال�����ج�����ان‬ ‫ف�����ل�����ذت ب����������ذات دي������ان‬
‫ل����ي����م����ن����ع رش ع����������دواين‬ ‫وق�������ل ل������دع������اك ي���غ���ش���اين‬
‫م��������ع ل�����������وح وف�������رق�������ان‬ ‫وأن��������ت ب�����روض�����ك ال���ج���اين‬
‫ويف أه����������ل وض����ي����ف����ان‬ ‫أخ�������ال�������ك ب���ي���ن أق���������راين‬
‫م��������ن ري����������ف وف������رق������اين‬ ‫وح�����ول�����ك ره�������ط ع����رب����ان‬
‫ع���ل���ي ال������خ���ي��ر ي���ع���ي���ن���ان‬ ‫ع���ل���ي ج����ن����ب����ك ص�����ه�����ران‬
‫ب������ش������وش غ���ي���ر غ���ض���ب���ان‬ ‫وأن��������ت ب���ط���ب���ع���ك ال���ح���اين‬
‫وي��������ا ب�����ح�����ري وخ����ل����ج����اين‬ ‫أي�������ا ش����ي����خ أم ع����ي����دان‬
‫ف����ك����ي����ف ت�����ب��ي��ن ش����ط����آين‬ ‫س���ي���ف���ن���ى غ�����ي����ر رب������ان‬
‫وع������ص������ف ال������ن������و ط��م��اين‬ ‫دوار ال�����ب�����ح�����ر ع��م��اين‬
‫وال ال�������ج�������ودي أرس�������اين‬ ‫وال ال�����ه�����ده�����د م����ن����اين‬
‫وح������ي������دا وس�������ط ط����وف����اين‬ ‫ف����م����ن ي�����دن�����و ل����ف����رق����ان‬
‫أن��������ا وال�������ش�������وق ص����ن����وان‬ ‫أي�������ا ش����ي����خ أم ع����ي����دان‬
‫أذا اص����ب����ح����ت إدم��������اين‬ ‫وم��������ا ق����ل����ب����ي ب����ن����دم����ان‬
‫إذا أض����ح����ي����ت إم����ع����اين‬ ‫وم��������ا ع����ق��ل�ي ب���غ���ل���ط���ان‬

‫‪162‬‬
‫م��ن��ع��ت ج��م��ي��ع ع�����دواين‬ ‫ف����ه����ل ك���ف���ك���ف���ت دم����ع����اين‬
‫وم�������ن ب�����ال�����ود خ���ص���اين‬ ‫أي��������ا ش����ي����خ أم ع����ي����دان‬
‫وم������ا اخ�����ط�����ات ع���ن���واين‬ ‫ح����������دوت إل�����ي�����ك رك����ب����اين‬
‫ت�����ح�����رش ىب وه��������داين‬ ‫وج�����������دت ال����ض����ر م����س����اين‬
‫وه�����ل�����ل يل وح�����ف�����اّين‬ ‫إذا أص����ب����ح����ت ح���� ّي����اين‬
‫وه�������ده�������دين وغ����ط����اين‬ ‫وان أم����س����ي����ت ح���ج���اين‬
‫أي������ا روح��������ي وري����ح����اين‬ ‫أي��������ا ش����ي����خ أم ع����ي����دان‬
‫ف���أن���ع���ش���ن���ي ف���اص���ح���اين‬ ‫ن����س����ي����م م�����ن�����ك واف���������اين‬
‫ع���ل��ي ق����ل����ق ب���س���ه���ران‬ ‫ف������رف������ت م�����ن�����ه ع���ي���ن���ان‬
‫ف���أض���ح���ك���ن���ي وأب����ك����اين‬ ‫وح��������لّ��������ق يب وم�����ن�����اين‬
‫ل�����ع�����ل ال������ص���ب��ر م��ل��اين‬ ‫ف����ق����ل����ت ل�������ه ب������اذع������ان‬
‫ش����ع����ور ال�����ف�����ال ع��م�اين‬ ‫وم�����������ن ح����ي���ن إيل آن‬
‫وي������ا ش���ي���خ���ي وس���ل���ط���اين‬ ‫أي���������ا ح���ب���ر أم ع�����ي�����دان‬
‫وص�������وت ال����ذك����ر ه����زاين‬ ‫ن�����ع�����ام ال������������دار ن��������اداين‬
‫ع��������دوت ب���غ�ي�ر س��ي��ق��ان‬ ‫ول�����������و أين ب�����إم�����ك�����اين‬
‫وب����ال����ت����أوي����ب أوص������اين‬ ‫ول������ك������ن ح����������ال س����ج����اين‬
‫ف����ه����اج وث��������ار ب����رك����اين‬ ‫واره������ف������ن������ي ب���ع���ص���ي���اين‬
‫ه�����ذي ب��ال��ش��ع��ر ش��ي��ط��اين‬ ‫ومل�����������ا ض�����������اق رشي��������اين‬
‫وال ن������اب������غ زب�����ي�����اين‬ ‫وم��������ا أن��������ا مب����ث����ل ح���س���ان‬
‫ف���أل���ه���م���ن���ي وأوح���������اين‬ ‫ن�����ظ�����رت ل���ن���ج���م���ك ال�������راين‬
‫ف���ب���ح���ت ل�����ه ب���ال���ح���اين‬ ‫وض���������وء ال����ف����ج����ر أغ�������راين‬
‫ع������ن اآلالم أل����ه����اين‬ ‫وف������ي������ض م�����ن�����ك ن���������وراين‬
‫ع����ف����ا ع����ن����ي وأرض���������اين‬ ‫ف������ق������ات ال������ل������ه ع�����اف�����اين‬
‫س���ل���ي���ل ال���ط���ه���ر س�م�اين‬ ‫أي��������ا ش����ي����خ أم ع����ي����دان‬
‫ب�����أن�����ك خ���ي��ر ع��������دّ ان‬ ‫وق����ل����ب����ي ف����ي����ك أف����ت����اين‬
‫وأك�����رم�����ه�����م ل���ض���ي���ف���اين‬ ‫م�����ق�����ي�����م غ����ي����ر ظ�����ع�����ان‬
‫غ����ن����ي����ا ف������رع������ه داين‬ ‫وق�������د أص����ب����ح����ت ب���س���ت���اين‬
‫وم�������ا ط���ف���ف���ت م����ي����زاين‬ ‫ب�����ش�����وش�����ا ح���ي���ن ت���ل���ق���اين‬
‫ي��ق��ن��ي��ن��ي م���ك���ر ع�����دواين‬ ‫دع�����������اء م�����ن�����ك ي���غ���ش���اين‬
‫وم������ن اس����ك����ت وج������داين‬ ‫أي��������ا ش����ي����خ أم ع����ي����دان‬
‫ن�����ق�����دم ف����ي����ه ع����رف����اين‬ ‫أزف إل������ي������ك ت����ب����ي����اين‬
‫غ����ن����ي����ا ط����ل����ع����ه داين‬ ‫ف����ق����د أص����ب����ح����ت ب���س���ت���اين‬
‫وادع ال���خ���ال���ق ال���ب���اين‬ ‫آذاين‬ ‫ف�����ي�����ه‬ ‫واردد‬

‫‪163‬‬
‫ش����ك����ر األن����������س وال�����ج�����ان‬ ‫أع�������������وذ ب��������ه وإخ�������������واين‬
‫وم���������ن ب����ال����ج����ه����ر آذاين‬ ‫وم����������ن ب�������ال���س���ر ع����������اداين‬
‫ك�����ري�����م األص���������ل وال�����ش�����أن‬ ‫اي���������ا ش�����ي�����خ ام ع�����ي�����دان‬
‫م�����ل�����ي�����ن�����ات ب�����ع�����رف�����اين‬ ‫ت������ج������ي إل�������ي�������ك أوزاين‬
‫م���������ع ق������������وم وح������ي�����ران‬ ‫وأن�������������ت ص����������در دي����������واين‬
‫وع�������ل�������م م������ن������ك رب��������اين‬ ‫ج����ل����س����ت ج������ل������وس إمي�������ان‬
‫وت�����ب�����ري ذم�����������ة ال�����ج�����اين‬ ‫ت����خ����ف����ف وط�����������أة ال�����ع�����اين‬
‫م��������ع األي���������������ام ت����ن����س����اين‬ ‫وخ������������ويف أي������ه������ا ال�����ح�����اين‬
‫وم�����������ن س�����م�����ي�����ت س���م��اين‬ ‫أي���������ا ش�����ي�����خ أم ع�����ي�����دان‬
‫ع���س��ي ب����ال����غ����ي����ب ت����ط����راين‬ ‫ط������رق������ت ب����ب����اب����ك����م ث�����اين‬
‫ب����ع��ي�ن ال����ل����ط����ف ي����رع����اين‬ ‫ف�����ت�����دع�����و رب���������ك ال�����ح�����اين‬
‫وي�����ح�����ف�����ظ�����ن�����ي ب������ق������رآن‬ ‫وي�����رح�����م�����ن�����ي ب�����غ�����ف�����ران‬
‫ي�������������دأوي داء أج�����ف�����اين‬ ‫ومي�������س�������ح ك��������ل أح�����������زاين‬
‫أوال����������ي����������ه ب�����ش�����ك�����ران‬ ‫ي������وال������ي������ن������ي ب�����إح�����س�����ان‬
‫أب����������ث إل������ي������ك إش�����ج�����اين‬ ‫أي���������ا ش�����ي�����خ أم ع�����ي�����دان‬
‫وه�����������ذا األم�����������ر أع�����ي�����اين‬ ‫رأي������������ت ال������ه������م أض�����ن�����اين‬
‫وم��������ن ال������ق������اص وال����������داين‬ ‫ف����ق����ل����ت أح����������ض إخ����������واين‬
‫ف����ي����ل����ط����ف يب وإن������س������ان‬ ‫ل������ي������دع������و ريب ال������ح������اين‬

‫‪164‬‬
‫الغوث طويل اليد‬
‫ال�شاعر ‪ /‬مبارك حممد الب�شري‬
‫ياسامن سمي الجد شيخنا املددك بفوت الحد‬ ‫ال��غ��وث طويل اليد حقيت االس��م‬

‫والبكيس ال��وق��ف م��ن غ�ير ف��رام��ل اليد‬ ‫للتلفون رف��ع شيخنا الهميم يا ود‬

‫ي��ا سالكني طريقو م��ن ك��د ن��ال وجد‬ ‫حكاية النعامة‪ 1‬أعيت حروف الجر‬

‫وال��ش��ي��خ يفهم اص��ل��ح ل��ه��م وارش���د‬ ‫القيامن‪ 2‬تجيك كل زول بلغتو نشد‬

‫ال���ع��� ّز ال���ط���ري���ق اس����س ل���ه مهد‬ ‫ابوالقريش الفريد بقارس له بتشهد‬

‫سالك ط��رق ابيهو س�ماين طيب الجد‬ ‫ي��ا تبيان اب��وك يف س�يرو ج��دَ وجد‬

‫اب��وك��م ط��ل��ع ن��ج��م��و ال��ب��ه��ي االس��ع��د‬ ‫يا سمي ود حسونه ود نورالدائم ابد‬

‫يف ام ع��ي��دان مل ذك����رين واف����ر امل��د‬ ‫يف وقت السحر الربيق معاهو رعد‬

‫مل���ب���ارك ت���ق���ول اب��ش�ر ون���ل���ت م��دد‬ ‫ال��ص�لاة للرسول متناميا م��اال عدد‬

‫‪21‬‬

‫‪ )1‬األولياء يف السودان من كراماتهم التي سجلها الرتاث الصويف الشفوي أن الحيوانات املتوحشة كالغزالن واألسود تأنس‬
‫إليهم وتأوي إليهم والترضهم الحيوانات املؤذية ومنهم منكان يركب األسد كالحصان‪ ،‬طبعامن اليصدق باألمور الروحانية‬
‫يعتربأن هذه خرافات من يؤمن بها هو جاهل‪ ،‬وتلك وجهة نظره‪ .‬‬
‫‪ )2‬القيامن‪ :‬القوم ‬

‫‪165‬‬
‫نـادر القـوم‬
‫الب�شري القالتي‬
‫ن��ادر األول��ي��اء امل��ن االل��ه مكروم‬ ‫ال��س�ماين م��رح��ب ج��دو طيب القوم‬
‫قلب الفن ج��اب البصل موسوم‬ ‫علت نفحاتو يف أم عيدان رشد القوم‬
‫وفوق قرض السنط‪ 1‬دامئا مرتكش بابو‬ ‫يا االسد البكتل الفي الكجوجا اشنابو‬
‫شطب دفرت اللوري املصلب وجابو‬ ‫دربو الساهو قيقر‪ 2‬زول قبل ما مشابو‬
‫فريد العرص ع��ارص فيهو بالرتتيب‬ ‫ابو القريش وابوك ياشامة امرو عجيب‬
‫نيلو م ّحمر الصيف جايب القلسيب‬ ‫الرمى جاباتو يف جمجم غ��رب بجيب‬
‫رسح‬
‫ويف ام عيدان ندر منو الرجال ب ّ‬ ‫يا دكتور عنرب الليل الطبيب وبجرح‬
‫نادر القوم رسيع النهمة يف ايب مروا‬ ‫شايل امانة الطارحني طريق ام مرح‬
‫ام�� َن ساحة ال��خ��ارج البالد والجوا‬ ‫ل��ف��زع املضيق ذي ال��ق��ط��ايب ال��خَ��وى‬
‫إت‪ 3‬بسوي‬
‫ذي ودالبشري‬
‫ما سوا‬
‫فيك نجم االسود فيك هيبة الفرسان‬ ‫ي��ا االس���د املثيلك دك يف ام عيدان‬
‫ابوك ود البشري‪ 4‬قطبي رئيس قيامن‬ ‫ف��ي��ك ح��ك�ما مت��ت��ع ك��اف��ة االن��س��ان‬
‫يف م�صر ال��ع��رب رشفلنا ال��س��ودان‬ ‫م�شرف ك��ون ام���ام يف ح�ضرة النبيان‬
‫بتاريخو موجود حيس يف ام درمان‬ ‫ع��ن��د االرب���ع�ي�ن‪ 5‬ات��ج��زا ذي م��ا ك��ان‬
‫يف مرص العرب دخل امتحن علامها‬ ‫اب��وك ود البشري ثبتت كرامتو الساها‬
‫تكا طاقيتو يف مرص اتكت التابعها‬ ‫وعند االرب��ع�ين وف��ا ال�شروط��ا قضاها‬
‫خالّق صيحة الهجعا‪ 6‬الرجاال شويا‬ ‫اس��د املنطقة اب��رس��وا امل��راق��دن ليا‬
‫رشك��ك ق��ج��ا‪ 7‬ج��اب العنيد زنديا‬ ‫س��ط��وات��ك ك��ت��ار غ�ير ق��ص��ة العربية‬
‫ح�م�اد‪8‬يف ال��ش��دائ��د ب��ج��رد االلفية‬ ‫اب��وك ود البشري ك��ان مالك الغوثية‬
‫عند االرب��ع�ين ات��ج��زا بالشخصية‬ ‫يف م�صر ال��ع��رب ش�� ّن��ق تكا الطاقية‬
‫يف مرص‬
‫اتكت‬
‫ذي ماتكا‬
‫الطاقية‬
‫يف حل املشاكل القاسية ايدو طويلة‬ ‫ال��س�ماين ن���در ن���ادر زم���ان م��ا الليا‬
‫اح��ك��ام امل��اب��دا‪ 9‬والسجونو تقيال‬ ‫وعندو الخربة يف العقد الصعب حلحيال‬

‫‪166‬‬
‫جبادك بجر‬
‫الغاب‪10‬ليايل‬
‫طويلة‬

‫والسامين ن��در هيس ال��ب��دورا بسيا‬ ‫ال��س�ماين اب���وي ف���ارس االل���ف واملية‬
‫قلب الفن وجابا مصالبا العربيا‬ ‫وه��� ّز امل��رك��ز ال��ف��وق��و ال��ح��رس دوري��ة‬
‫بهمد ن���ارا ق��ب��ال ال��ب�لاغ م��ا يجيا‬ ‫ال��ك��ارث��ة ال��ب��ت��اخ��د س��ي��ده��ا متالقيا‬
‫ويف ال�برا والبالد نيلك محمر كارس‬ ‫ن��ادر أولياء الليك الخصيم ما بعارص‬
‫فوقك هيبة‬
‫البشاملو‬
‫بخبت جارس‬
‫فيك نجم االسد وفيك هيبة عاجباين‬ ‫اس��د املنطقة اب رس��وا البكر ف��رداين‬
‫قدر ما قلت ابلغ يف القوايف لساين‬ ‫وف��ي��ك ح��ك�ما مت��ت��ع ك��اف��ة االن��س��ان‬
‫قرص من‬
‫نفايلك‬
‫ياسمي‬
‫السامين‬
‫برصف التعليامت والرتقية السامين‬ ‫�س��ار ق���ارب ال��ع��ايص وعنيد وان��اين‬
‫ك� ّ‬
‫بدي وظائف‬
‫الناس رسيك‬
‫بالرسياين‬
‫فريد املسيكر‪ 11‬امل��ايف ليهو زعيم‬ ‫اس�����د امل��ن��ط��ق��ة ال���ب���ك���ر وب���زي���م‬
‫جابن يف ال��ذك��ر متعلامت تعليم‬ ‫ع��رب��ي��د ال��ن��ع��ام واالزرق الهضليم‬
‫وي��ا النيلك دف��ر ك�ّس�رّ قيوفو متام‬ ‫ي��ا واس��ع امل��ج��االت ي��ا الخريفك عام‬
‫يالقلمك ب� رِ‬
‫�ك�ِس� أوام����ر الحكام‬ ‫ي��امل��اص��ع‪ 12‬م��س��اه��ر ليلو ك��ل��و زي��ام‬
‫ودرب��ك سيتو زالليق للورى وقدام‬ ‫ي��ا االس���د املربعن ص���درو فيهو كالم‬
‫ونيلك سايق‬
‫دفر جاب‬
‫النعام يا‬
‫سالم‬

‫‪167‬‬
‫ومرحب يالبحورك قاسيا مبتنقاس‬ ‫س�ل�ام ي���ا م��ن��ص��ب ال���ق���وم ال��رك��ي��زا‬
‫خضعت يل الجوان ثم الجنون والناس‬ ‫ومرحب يا االدارت��ك فوق عاليا خالص‬
‫دخل يف منصبا جاب النعام اجناس‬ ‫عتابات الصالح بكر‪ 13‬قطاعها خالص‬
‫وعندو الخربة يف العقد الصعيبات خاصا‬ ‫وصيحة الهجعا امللل ليليا ابوي خالصا‬
‫السامين بهدي القافية لشعارو بكراسا‬ ‫ود ال��ب��ك��ري ش��اي��ل ل��ل��ع��وايص مقاسا‬
‫برصف‬
‫الرتقيه وبدي‬
‫الوظائف‬
‫ناسا‬
‫ي��ا ق�لاب رسوج للمغارات شدن‬ ‫يا سيف حيدر املسنون رضايبك حدّ ن‬
‫حاكومات الجرائم رادعا ليهن ردن‬ ‫ي��ا ال��ن��ادر نقائبك شتى م��ا بنعدن‬
‫وزاخ����را ب��ح��ورو ب��ال�سر ك��ل ي��وم‬ ‫ي��ا ح�لال اليجب عرضو بسق بالقيد‬
‫شغل حلقاتو بالناس والنعام والصيد‬ ‫خ�لاّق صيحة الهجعا النظرتو بعيد‬
‫خالص هجعة الليل التلوب جررك‬ ‫ال���س�م�اين رك�����ازة ال��ب��ل��د م���ا ات��ح��رك‬
‫من كفو النعام اخد الطريق واتربك‬ ‫الجدع رمايتو فوق اللوري جابو ممرك‬
‫ف��زع اللينكبس قبال يصايحليهو‬ ‫ال���س�م�اين ح��ل�ال ال��ع��ق��د ب��ي��دي��ه��و‬
‫دكتور الحكم دولتنا بتفخر بيهو‬ ‫ن����ادر أول���ي���اء ك��ل ال��ن��ق��ائ��ب فيهو‬
‫وب��را قضية ال��ص��در ال��ق��رار بقتلو‬ ‫‪14‬‬
‫وح�لال البجابد يف ال��رب��اط وبنتلو‬
‫ودولتنا والدول املجأورات كلها اعرتفتلو‬ ‫ونعامكهدايفمسيدكماشقتشيخجامبثلو‬
‫وسلم نفسو ثابت ال نكر وال اندسا‬ ‫ود ب�����رك�����ات ص�������دم ال�������زول‬
‫اداه���ا رسيك ق��ب��ال ات��رس��م حادثا‬ ‫وم�����رق روح�����و وع���ض���ام���و درس���ا‬
‫ال��س�ماين اب���وي س��اع��ة الكبس فارسا‬
‫العلج صورتو يف الجو فوق والغطسا‬ ‫س��وا كرامة ب��ال��ذات يف الحرس والجثا‬
‫يف الكون‬
‫كلهم ماليهم‬
‫خرب يل‬
‫‪15‬‬
‫هسا‬
‫البكفن بحل صاملتو غ�ير زردي��ا‬ ‫ال���س�م�اين ف�����ارس ال���دق�ت�ن ح��رب��ي��ا‬
‫يل رشعي قضيتو ماقامت معها قضية‬ ‫ج��ام��وس امل���ح���اص‪ 16‬ال��ق��رن��و جايب‬
‫ق��ب��ال ال��ول��د يف القلة والعربية‬ ‫سطواتك كتار السينت غري قصة العربية‬
‫وغفار الذنوب للمحسنني والطاع‬ ‫وبنختم بالنبي العندو الفرج مرساع‬

‫‪168‬‬
‫الشاعر البشري ياباري قوي يقينو‬ ‫شفيع االم���ة م��ن كفو ال���زالل ن ّباع‬
‫وال��دن��ا العجب يب ارست��و والدينو‬ ‫ام�ل�اه���و مت���و ق��وي��ه��م دن��ي��ا ودي��ن��و‬
‫يدخل الحرضة ويشوف خري البرش بعينو‬ ‫ي�شرب ه���دا‪ 17‬يف الكوثر زالل بهينو‬

‫‪ )1‬الغرضا يف ثقافة الخلوة عند الصوفية رمز للخلوة‪ .‬‬


‫‪ )2‬قيقر‪:‬تعني حفر دربه أي طريقه‪ ،‬وهي كناية عن الصعوبة‪ ،‬مبعنى يصعب عىل غريه ان يسري يف الطريق الذي‬
‫صنعه لنفسه ‪.‬‬
‫‪ )3‬ات‪ :‬اصلها انت‪ .‬‬
‫‪ )4‬اشارة للقطب الشيخ احمد الطيب بن البشري ‪.‬‬
‫‪ )5‬أوردها االستاذ يف االزاهري‪ .‬وهذا الفعل يعرف عند الصوفية بالتطور واستدلوا يف هذا املقام ان ليلة اعرج بالنبي صيل‬
‫الله عليه وسلم كان قد مر بسيدنا مويس وهو يصيل يف قربه وقد كان قد صيل به مع جمع من االنبياء ثم انه يف مقام‬
‫اخر ظهر يكلمه ويراجعة يف امر الصالة التي فرضت خمسون صالة‪ .‬‬
‫‪ )6‬الهجعة‪ :‬تعرف بانها الزمن من الساعة الواحدة صباحا‪ .‬فقولهم «الليل هجع» معناه انقسم إىل نصفني‪ .‬‬
‫‪ )7‬قجا‪ :‬اي ارتفع صوته وعال‪ .‬‬
‫‪ )8‬اشارة للشيخ السامين ود البشري‪ .‬‬
‫‪ )9‬مابد أي حكم عليه بالسجن املؤي‪ .‬‬
‫‪ )10‬الذي غاب ايام طويلة‪ .‬‬
‫‪ )11‬املسيكر تعني الحاجة الهايجة‪ .‬‬
‫‪ )12‬املاصع‪ :‬تعني القوي ‬
‫‪ )13‬بكر‪:‬أي من وقت باكر‪ .‬‬
‫‪ )14‬اشارة للشخص الذي اصابه الجنون‪ .‬‬
‫‪ )15‬يل هسا‪ :‬إىل هذه الساعة‪ .‬‬
‫‪ )16‬املحاص‪ :‬حصحص‪ .‬‬
‫‪ )17‬هداطريقة رشاب االبل‪ .‬‬

‫‪169‬‬
‫دخري احلوبـا‬
‫حممد ود البدوي‬
‫ي��ا ص��اح��ب ال��ذك��ر وال��ن��وب��ا‬ ‫دخ���������ري ال���ح���وب���ا‬
‫ا لسام ين‬
‫ب���ع���رف ج��ل��س��ة ال��ل��وب��ا‬ ‫بعد الليل خالص ما بوبا‬
‫ن��ف��اح��ت��و ال���رج���ال بحكوبا‬ ‫دا الجلب العرب والنوبه‬

‫رط��ن دروي��ش��و قلب الهوبا‬ ‫س�����ي�����د م���ه���ي���وب���ا‬


‫ج��اب��ت يك ون����اس م��رب��وب��ا‬ ‫ح�لاق��ت��و امل����دور كوبا‬

‫وس������ع الرض م���ي���دان���و‬ ‫يف ام ع���ي���دان���و‬


‫ط��ال��ب�ين رشب���ه م��ن فيضانو‬ ‫الجوهو الخلوق ادان��و‬

‫واالرش������اد وم��دي��ن��ة الفكر‬ ‫ش�����ي�����خ ال�����ذك�����ر‬


‫ك���ام���ل ي��س��ت��ح��ق ال��ش��ك��ر‬ ‫دا اب������ن ال���ب���ك���ري‬

‫الرض امل���س���اك���ن ح��ش��ا‬ ‫م����������ا ان�����غ�����ش�����ا‬


‫م�ش�روع ج���دو اس���د الخشه‬ ‫م��ن االن��دل��س يل ابشا‬

‫مليون ح�شرة فيك ياحسود‬ ‫ط����ل����ع م����������ردودو‬


‫اب���ن ال���ب���دوي ال��ل��ه ي��زي��دو‬ ‫ن����ظ����م ل���ق���ص���ي���دو‬
‫للخمسية ق���ط م��اي��زي��دو‬ ‫ط������ال������ب س����ي����دو‬

‫ال���ص�ل�اة وال���س�ل�ام م��ؤمت��رة‬ ‫لسيد الحجيج والعمرة‬


‫وت��ك��وي ال��ح��اس��دي��ن بجمرة‬ ‫تغطي علينا من الحمرة‬

‫‪170‬‬
‫فار�س تلوب الليل‬
‫ال�شاعر حممد البدوي‬
‫‪4‬‬
‫ي��ا االس��م��ك ع��م ل�برت��ا‪ 3‬ودي����ار س��أول��ي��ل‬ ‫س�لام ال��ل��ه عليك ي��ا ف���ارس‪ 1‬ت��ل��وب‪ 2‬الليل‬
‫ش�ين م��ا ت��س��وي راج���ي���اك ال��ح��اك��ي��ة قبيل‬ ‫أب ج���دا‪5‬م���راب���ط ف���وق م��ش��اري��ع النيل‬
‫م��ن��و ال���زي ج���دك ال��ط��ي��ب ص��ف��ا وإخ�ل�اص‬ ‫م��ن��و ال����زي ج���دك ال��ط��ي��ب ب��ن��ي ال��ع��ب��اس‬
‫م��ن��و ال���زي ج���دك ال��ط��ي��ب ت��ع��رف��و ال��ن��اس‬ ‫م��ن��و ال����زي ج����دك ال��ط��ي��ب رش����د ل��ف��اس‬
‫تشهدلو ال��رج��ال أه��ل ال��ن��ف��وس الطاهرا‬ ‫ب��ت��ع��رف��و ال���رج���ال اه���ل ال��ل��ي��ايل ال��س��اه��را‬
‫ال��ط��ي��ب آم��ي�ن ح���رك���ة ب���ح���ورا زاخ����را‬ ‫ب��ت��ع��رف��وا ال���رج���ال ال��ف��ائ��زة دن��ي��ا واخ���رة‬
‫تشهدلوا ال��رج��ال يف الكوفة ش��ام والبرصة‬ ‫م��ن��و ال����زي ج���دك ال��ط��ي��ب ق���دل بالنرص‬
‫ات���ج���زا وف���ط���ر ع��ن��د ارب����ع��ي�ن‪6‬يف مرص‬ ‫ط��ي��ب ام م���رح امل��ع��اج��زو م���ا مخترصا‬
‫‪7‬‬
‫اب��ل��ي��س ال��ل��ع�ين م���ن درب����و ل��ف��ا وزاغ‬ ‫م���ن���و ال�������زي ج�����دك وض�����ع م��ي��ث��اق��و‬
‫م��ع��ظّ��م ش��ان��و م��ع��دوم اس��م��و ب��االط�لاق‬ ‫م��ت��وج اس��م��و غ���وث ف���وق ح�ض�رة ال��خ�لاق‬
‫وك��رم��ك ف���وق ك���رم ح��ات��م س��ح��اب��ك ش��ال‬ ‫م��ط��رك ص��ب��ا يف ال���س���ودان ج��ن��وب وش�مال‬
‫وث���ب���ت ت����اين وت��س��ل��م ان����ت ي���ا ق���دال‬ ‫‪8‬‬
‫م���ط���رك ص���ب���ا يف ب���ل���دا ب��ض��ري ع��ل�ال‬
‫مل��ل��م دي���ش���و‪ 9‬ل��ف��ا م���ن دي������ارك وط���ار‬ ‫اب���ل���ي���س ال���ل���ع�ي�ن رك���ب���ت���ا يل م��س�مار‬
‫يف ه���ذه امل��ن��ط��ق��ة ي��ض��ل ال��ص��غ��ار وك��ب��ار‬ ‫ل��و خ��ت��ا‪ 10‬م��ن وج����ودك اس���وي يل زم��ب��ار‬
‫‪11‬‬
‫ك���م ل��ل��ه ح��ل��ي��ت��و امل���ري���د م���ن ض��ب��ا‬ ‫ب��ال��ل��ي��ل وال��ن��ه��ار س�لاح��ك��م ان��ت��و معبا‬
‫وال��ب��ل��ف م��ن��ك��م م���ا اظ���ن ي�لاق��ى الحبا‬ ‫امل�����ا ب�ت�رب���و ان���ت���و م����ا اظ����ن����وا ات���رب���ا‬
‫م��ع��روف ي��اس�مان ان��ت يف الطريقة معلم‬ ‫ه��ن��ئ��ي��ت ال��ل��ج��ي��ك ام�����رو ل��ي��ك اس��ل��م‬
‫ك���م ح��ل��ي��ت اس��ي��را يف ال���ق���ي���ود م��ت��أمل‬ ‫‪12‬‬
‫ن����ورك ض���وا ف���وق ب��ل��دا س�ماه��و م��ض��ل��م‬
‫وان��ت��و ت��ع��اج��و للقلب ال�����دوام مغلوب‬ ‫ال���دك���ت���ور ب��ع��ال��ج ل��ل��م��رىض ب��ح��ب��وب‬
‫ن��ج��ادي��ن ح��االل�ين ان��ت��و ب��ت��ن�صرو املغلوب‬ ‫ف����وق درب االل�����ه ص�ب�رت���و ص�ب�ر اي���وب‬
‫ان��ت��و ت���ع���اج���وا مل����رض ال��ق��ل��وب ب��خ�برا‬ ‫ال���دك���ت���ور ب��ع��ال��ج ل��ل��م��رض ب���ا االب����را‬
‫ان��ت��و ال��ن��اس ب�لاك��م ك��ان��ت ح��اي��ت��م ع�برا‬ ‫ان���ت���و ج���ن���ود ح��ك��وم��ة االل�����ه ال��ك�برى‬
‫يف ح����دود ال��دن��ي��ا االم����ة س��م��ع��ت بيك‬ ‫ال�������زارك ك��ت�ير ل��س��ع وال�������درب ج��اي��ك‬
‫ال����ع����ايص امل���ش��رك ق��ل��ب��و آم�����ن ب��ي��ك‬ ‫خ��ري��ف��ك ع�م�ا م��ط��رك ص��ب��ا ف���وق وادي���ك‬
‫‪14‬‬
‫زادك م����ارق����و ل���ل���ه م���س���ب���ل���و‪13‬ب���را‬ ‫للضيف وال��ع��ش��ي��م وج��ه��ك دوام م��ان�صرا‬
‫ت��س��ل��م ي���ا ج��ن��ا ال��ب��ك��ري اب���ه���ات���ك‪ 15‬غ��را‬ ‫ك���م اح���ي���ت ب��ي��وت��ا ال خ����زن وال ص���ورا‬
‫ص��ل��ح��و االم�����ة خ���ل���وه ال��ط��ري��ق م�ي�راث‬ ‫اب���ه���ات���ك ق��ب��ي��ل ال���دق���و ل��ي��ن��ا ال��س��اس‬

‫‪171‬‬
‫ك���م اص���ل���ح ق��ل��وب��ا ق��ط��ع��ا ال���وس���واس‬ ‫ال���ط���ي���ب ج�����دك م����ن ال���ح���ج���از ل��ف��اس‬
‫ود ال��ب��ك��ري اب س��اس��ا ق��دي��م م��و جديد‬ ‫ك�������س�������ار ال�����ل�����ج�����م وال�����ق�����ي�����د‬
‫ظ�����ه�����ر رج����ل����ا ك���ل��ام������و م���ف���ي���د‬ ‫ق����ول ل���زي���د ك��ل��م ع��ب��ي��د يف ام ع��ي��دان‬
‫ج����اي����ب����ا م������ن س�����اف�����ل وص���ع���ي���د‬ ‫ال����ش���� ّم����ر ال����ع���� ّم����ر امل���س���ي���د ي���دو‬
‫ل��ي��ايل ال��ج��م��ع��ة ع��ن��دو ذي ل��ي��ايل العيد‬ ‫ض���و ال��ب��ي��ت يف ال���غ���رب ع��م��ر ل���و قصيد‬
‫ال�����س��م��اين‪ 16‬ج�����دك يف ال����والي����ة ج���زم‬ ‫ال��ب��ي��ت ال��ك��ب�ير ال��ف��ي��ه��و ال��ض��ع��ي��ف بلم‬
‫ف���ت���ح اب م���ي���ة‪17‬ل���ل���ه ون���ف���ق���ا ك���رم‬ ‫زم���ن ال��ع��ي��ش ع���دم وال���ف���ارس اضمضم‬
‫ف��� َت���ح���ت دروب��������ا ك���ل���ه���ن ق���اس���ي���ات‬ ‫ط���ي���ع���ت ق���ل���وب���ا ك���ل���ه���ن ع���اص���ي���ات‬
‫‪18‬‬
‫اغ��ن��ن يف ال��ص��ب��اح وي���زغ���ردن م��اس��ي��ات‬ ‫ع���ي���ون ال���س���ه���ر ص��ب��ح��ت��ه��ن راس���ي���ات‬
‫ي���ا ود ال���رج���ال ال��ب��ص��ل��ح��و ال��ع��وج��ات‬ ‫س��ل�ام ال���ل���ه ع��ل��ي��ك ي��اس��ي��د ال���س���ادات‬
‫‪19‬‬
‫يف ام ع��ي��دان ضحى ك��م لبسن جينيات‬ ‫يف ام م���رح ت��ل��وب خيلم دوام ش���اردات‬
‫ان����������ا ق����������ويل ف�����ي�����ك م����ع����ق����ول‬ ‫بتكلم ب��ج��ور ال��ق��ول وش���ن م��ا ات��ح��دث‬
‫م��ن ق��وم��ة ال��ج��ه��ل غ�ير ال��ل��ه م��ا مشغول‬ ‫اب زرع������ا ع����ب����ادة ال ق���ط���ن ال ف���ول‬
‫ابوطينتنا‪ 20‬ع��زي��زا ال��ن��اس ال����وراك فحول‬ ‫امل����أص����ل م���ن ب��ن��ي ش��ن��ق��ول‬
‫َ‬ ‫ال���ده���ب‬
‫ب��ق��ل��ب م��ص��م��م م���ا ب���خ���اف م���ن زول‬ ‫ف���وق ج��اه��ك ب��ن��ق��دل ب��ال��ع��رض وال��ط��ول‬
‫ي���ا ب��ح��ر امل��ح��ي��ط امل����ا ات��ل��ح��ق��ل��ك حد‬ ‫س���م���ي ال����س��م�اين ود ال���ب���ش�ي�ر ال��ج��د‬
‫ك���ري���م اخ��ل��اق وع��ط��ف��ي وس���خ���ي ال��ي��د‬ ‫خ��ي�رات����ك ك���ت�ي�را وال����ل����ه م����ا ب��ت��ن��ع��د‬
‫اب����وك ال��ب��ك��ري ص��م��د ال��ب��ق��ي��م��و الليل‬ ‫‪21‬‬
‫ال���س�م�اين ج����دك يف ال����رج����ال ع��ن��ت��ي��ل‬
‫ي���ا رح����ل ال��ك��ح��ل ال��ب��ي��ع��دل��ت��و مبيل‬ ‫ج��اب��وك ان���ت يف ام ع��ي��دان ن��زل��ت تقيل‬
‫ان�����ت ال���س��رد ب���ع���د ال����ج����رد ت��ش��ف��ي‬ ‫اب������وك ال����ف����رد وج������دك م���ع���دن ال�س�ر‬
‫امل���ري���ض ب��ت��ف��ل��ك وب���ي���دك ت��ق�ضي غ��رض‬ ‫وم������������ف������������ات������������ح������������االرض‬
‫وس�����ح�����اب�����ك ت���ق���ي���ل م������و غ��ي��م��ة‬ ‫خ����ري����ف����ك دمي�������ة وم�����ط�����رك ص����اب‬
‫والدنيا املحبوبا عند الناس انت بتنفقا بالكيام‬ ‫ل���خ���ل���ق ال����ل����ه ي������دك ن����دي����ة ك��رمي��ة‬
‫ود ال��ب��ك��ري اب���وي ال��ج��دو ط��ي��ب ال��ق��وم‬ ‫ات���ك���ل���م ي����ا ل���س���اين وش����كَ����ر امل���ك���روم‬
‫م��ن ق��وم��ة ال��ج��ه��ل ش���ال ال��ح��م��ل م���ردوم‬ ‫مت����س����اح ج���ل���ق���ن���ي‪ 22‬ل��ل��ح��م�لا ل����زوم‬
‫ودم�����رت ال��ش��ب��اب يف ط��اع��ة ال��رح��م��ن‬ ‫م���ن ق��وم��ة ال��ج��ه��ل وال���ل���ه ن��ف��ل��ك‪ 23‬ب��ان‬
‫ورب ال���ع���زة ج��اب��ك رح��م��ة الم ع��ي��دان‬ ‫ب��ت��ش��ه��د ل��ي��ك رج�����اال يف ال��ب��ل��د اع��ي��ان‬
‫خ��ال��ف��ت ال��ن��ف��س ب��ال��ت��ق��وى ت��ب ك��أوي��ت��ا‬ ‫م��ن ق��وم��ة ال��ج��ه��ل ت��ب ن��ي��ا‪ 24‬م��ا سويتا‬
‫اح���ي���ت ال��ب��ل��د ودار ال���ج���دود ع��زي��ت��ا‬ ‫ب��ت��ش��ه��د ل���ي���ك دق����ون����ا ك���ب���ار ه��زي��ت��ا‬
‫ت���ريض املصطفى وآل���و وص��ح��اب��ت��و عموم‬ ‫ال���ص�ل�اة وال���س�ل�ام م���ن ال���ع�ل�ي ال��ق��ي��وم‬
‫دن��ي��ا واخ�����رى ب��ي��ك��م ل��ل��س��ع��ادة ي��روك��م‬ ‫الشاعر محمد بن البدوي ال��رأوي للمنظوم‬

‫‪172‬‬
‫ألوذ م���ن اي����د ال���س�م�اين ث��اب��ت��ه ك��رام��ا‬ ‫ال��ح��اك��م البنفذ راي���و ب��ك��ل ق���وه وص�مام��ة‬
‫قالو الناس سيدو ما اظن يدين ليهو قريب‬ ‫ال����ل����وري ات����ص����ادر خ��ت��و ل��ي��ه��و صليب‬
‫ود ال���ب���ك���ري ف���ك���أو وف��ت��ح��ل��و قضيب‬ ‫‪25‬‬
‫م��ن ف���وق ل��ي��و اح��ت��ف��ل��ن خ��ي��ول ال��غ��ي��ب‬
‫ي����وم ال����ح����ارة ف���ارس���ا اص��ل�ا م��اب��ت�لاق��ا‬ ‫ود ال�������ب�������ي�������دو ال�����ن�����اق�����ة‬
‫‪26‬‬
‫ف���ك���أو وق�����دل ود ال��ب��ف��ك��و ال��غ��اق��ا‬ ‫ق��م��ر ال����دول����ة ات������ورط وق����ع يف ع�لاق��ة‬
‫يف ك�����ل ال���ب���ل���د ل���ح���ل ك�����ل ق��ض��ي��ة‬ ‫ال��������س����م���اين روك�����������������ازا ق����وي����ة‬
‫ح���ل���ت ن�����اس ق���ب���ال ق���ص���ة ال��ع��رب��ي��ة‬ ‫‪28‬‬
‫م���ك���ان���ت���و ال����س����ه����ا‪ 27‬رشق ب����ودي����ا‬
‫م������ن ت������ب ال�����ش�����ك�����را ب���س���ت���اه�ل�ا‬ ‫ود ال��ط��ي��ب ال���غ���وث ق���ائ���د ال��س��ل��س��ل��ة‬
‫ي��وم غ��رق اح��م��د اح��م��د ك��ج��رل��و‪ 30‬الخوال‬ ‫‪29‬‬
‫م��ث��ب��وت ال���ك���رام���ة ال���ك���ان يف ال��ق��ل��ه‬
‫ج��اب سفيان جناهو ال��واق��ع��ة فيهو العني‬ ‫اب���راه���ي���م م���ش���ه���ور االب������و اس�ماع��ي��ل‬
‫‪31‬‬
‫رج���ع ال��س��ويك يلمع ذي ق��م��ر دوري����ن‬ ‫ال����س��م�اين ف���ك���اه���و وط���ل���ع يف ال��ح�ين‬
‫ج���دو ال���غ���وث م��ق��وي��ه��و وم���وف���ر ج��ن��دو‬ ‫س��ي��د ام ال��رج��ال ك��ل ال��ش�راب م��ن عندو‬
‫ق��ام��وس ال��ك�لام س��ي��دو وب��ي��ع��رف بندو‬ ‫ال����س��م�اين م����ن م����ا ت����ب ك������ارب زن����دو‬
‫ن��ح��ن ال�سرم��ط��ام�يروال��ب��ن��ع��رف دف��ن��و‬ ‫ق���ام���وس ال���ك�ل�ام ن��ح��ن ال��ب��ن�شرح متنو‬
‫ق��ال��وا العندو الضهر م��ا ب��ن�ضرب يف بطنو‬ ‫يف م��ث�لا ق��ب��ي��ل رضب���و ال���رج���ال م��ا برطنو‬
‫ودال���ب���ش�ي�ر ال��ق��ط��ب ال��ش��ه�ير ال����داين‬ ‫نحن ضهرنا طيب القوم راجل طابت السامين‬
‫آس��ي��اد م�صر واق���ط���اب ال��س�ما ال��س��وداين‬ ‫وال���ط���ي���ب���ي���ة واق����ف��ي�ن رسه�����م رسي����اين‬
‫ود ال����غ����وث ن������ادر واب���اه���ت���و اج�ل�ا‬ ‫ال����س��م�اين ل���ع���ق���د ال����زم����ن ك����م ح��ل‬
‫ود ف����ض����ل ال�����ل�����ه م������ن ال����ذل����ه‬ ‫رف����ع ال���ي���د وق�����ال ي���ا ال���ل���ه ف��ك��ا ال�سر‬
‫وال���خ���رط���وم ش��ط��ب��ا االص�����م يف س��اع��ة‬ ‫م����ح����اك����م م�������دين وك����م���ان رف����اع����ة‬
‫‪32‬‬
‫ف���ك���ا ال���س��ر ب���س��رو وط����ل����ع ب���ب��را‬ ‫اه��ل الكلمة ق��ال��وا ليو السمع والطاعة‬
‫يف أم ع��ي��دان ع��ن��د م��ن ب��ال��ن�صر م��ع��روف‬ ‫األم����ر ال���واض���ح ذي ال��ش��م��س مكشوف‬
‫‪33‬‬
‫ث��اب��ت��ة ك��رام��ة يف ق��ص��ة ج�م�ال اب����روف‬ ‫ق���ب���ل ال��س��ر ب���ي���وم�ي�ن رف���ع���ل���و ك��ف��وف‬
‫ب��ق��رو راح اص��ب��ح يف ال���وص���ف محتار‬ ‫ود ال����دوراش‪34‬اب����وس����ك����ن��ت�ن س��ن��ار‬
‫ج��اب��ل��ي��و ال��ب��ق��ر م���ا دارل�����و م��ن��و اي��ج��ار‬ ‫ال����س��م�اين ش����دال����و ال���خ���ي���ول م���ش���وار‬
‫ل��س��ان ال��ط��ي��ب‪ 36‬البيهو ال��ن�صر مضمون‬ ‫ان���ح���ن���ا ب���ن���ن���ض���م‪ 35‬ب���ل���س���ان ال���ك���ون‬
‫وال����زول الضعيف بنقبالو حمية وع��ون‬ ‫ان��ح��ن ن��ه��ز م��ح��اك��م ال��ش�رع وال��ق��ان��ون‬
‫ول���ك���ل االم����ان����ات ن��ح��ن ق�����ادا وراس‬ ‫ن��ح��ن ط��ري��ق��ن��ا ل��ك��ل ال���ط���رق اس���اس‬
‫ال ب��ك��ت��ب��و ال��ق��ل��م ال ب��ح��م��ل��و ال���ك���راس‬ ‫ال��ع��ارف��ي��ن��وا يف ج���و ال��ق��ل��ب وال�����راس‬
‫يف ك���ل ال���ك���ون ب��ن��ك��ل��م ل��س��ان��ا فصيح‬ ‫ن����ح����ن ن�����ق�����ول وق����ول����ن����ا ص��ح��ي��ح‬
‫البيشيخو ل��و م��ا وص��ل��ن��ا ق��ط م��ا ب�صرح‬ ‫ال���س���ودان جميع تشهد ت��ع��رف ام م��رح‬

‫‪173‬‬
‫‪ ) 1‬الفارس تفيد الصالبة والشدة يف الوقوف ضد العدو (النفس والشيطان ونجدة املحتاج وللشيخ باع طويل يف هذا املضامر‪.‬‬
‫‪)2‬‬
‫‪ )3‬اشارة لقبيلة الربتا‬
‫‪ )4‬من اجناس الجنوب‬
‫‪ )5‬اشارة للشيخ احمد الطيب و الشيخ السامين ود البشري‬
‫‪ )6‬كرامة مشهورة أوردها الشيخ عبد املحمود نور الدائم يف ازاهري الرياض‬
‫‪ )7‬دارجة عامية تعني انرصف واختفى‬
‫‪ )8‬اشارة إىل انتشار اثار ارشاده ومدده الروحي‬
‫‪ )9‬عامية لجيش تعني جامعته وزمرته‬
‫‪ )10‬لوختا‪ :‬لوالك‬
‫‪ )11‬ضبا اشارة للضيقوالكرب‬
‫‪ )12‬مضلم‪ :‬دراجية تعنى مظلم‬
‫‪ )13‬مسابلو أي جاعله سبيال لله‬
‫‪ )14‬يف الساحة وللعامة‬
‫‪ )15‬ابهاتك أي ابائك من ذرية الشيخ احمد الطيب‬
‫‪ )16‬الشيخ السامين ود البشري‬
‫‪ )17‬اشارة للمطمورة التي عرف بها وقد قيل انها تسع ملائة اردب‪.‬‬
‫‪ )18‬اشارة االنتصار ملن سهرت به املشاكل (والهموم‬
‫‪ )19‬عامية تعني أوالد‬
‫‪ )20‬اشارة إىل نسله من بني العباس‬
‫‪ )21‬عنتيل‪:‬‬
‫‪ )22‬متساح جلقني‪ :‬جلقني منطقة مشهورة من ديار الجعلني قيل عاش متساح طوله اكرث من عرشة امتار‪ .‬فتمساح جلقني كناية‬
‫عن الفراسة والشجاعة‪.‬‬
‫‪ )23‬نفلك‪ :‬أي خصالك الجيدة أو افعالك الحميدة التى يرضب بها املثل‪.‬‬
‫‪ )24‬نيا‬
‫‪ )25‬خيول الغيب‪ :‬ليست كل خيول الدنيا‪ ،‬امنا تخلق بحكمة ربنا من همم الرجال العليا تتجسد يف شكل خيل وهي عند العارفني‬
‫هي الهمم التى تخلق من صالح االعامل وهي متيش بالجو وليس االرض‪ ،‬وهي ال تظهر للعني املجردة وعيون العامة ال تراها لذلك‬
‫نسبت لها كلمة الغيب‪.‬‬
‫‪ )26‬الغاقا‪:‬‬
‫‪ )27‬السها‪ :‬دراجية تعني التي سواها وشيدها‪.‬‬
‫‪ )28‬بوديا‪ :‬اسم لغابة الدليب تقع جنبوب ام عيدان‬
‫‪ )29‬قرية بالقرب من الدندر‬
‫‪ )30‬كجرلو‪ :‬مبعنى غطلوا أو سرتوا له‪.‬‬
‫‪ )31‬قمر اربعة عرشة ليلة‬
‫‪ )32‬برباءة‬
‫‪ )33‬قرية تقع شامل غرب ام عيدان‬
‫‪ )34‬من اهإىل ود العباس رشق سنار‬
‫‪ )35‬أي نتكلم‬
‫‪ )36‬الشيخ احمد الطيب‬

‫‪174‬‬
‫ويف ق�صيدة اخري يقول ود البدوي با�سم‬
‫عربت املراحل ال�سبعة‬
‫يف فضل تألوتك للمثاين السبعة‬ ‫ع�برت امل��راح��ل السبعة‬

‫قاصد للتامنية ومحارب دروب السبعة‬

‫ح��ك��م��ت ال��خ��م��س��ة ن��اق��ص‬ ‫بفضل ال���واح���د ال��رف��ع‬


‫اث����ن��ي�ن م�����ن ال��س��ب��ع��ة‬ ‫ال���ط���ب���اق ال��س��ب��ع��ة‬

‫واعطيت مدد ما بنحرص بالسبعة‬

‫ال��ش��اع��ر م��ح��م��د ال��ب��دوي‬ ‫ال�����ص��ل��اة وال����س��ل�ام‬


‫ال���ن���ظ���م ل���رق���م ال��س��ب��ع��ة‬ ‫م�ضروب��ة يف مية سبعة‬

‫‪1‬‬
‫تنجيهو وتعم العاملني يف السبعة ثم السبعة‬

‫ابو عبد الله واحمر ابل السبعة‬ ‫وال�����ي�����ت ال���ق���ي���ام‬


‫ص����اءم ل��ك��ل السبعة‬

‫تراستا امللوك السبعة‬

‫‪ )1‬سبعة يظلهم الله يف ظله يوم ال ظل اال ظله يف الحديث من حديث أيب هريرة ريض الله عنه أن النبي صىل الله عليه‬
‫اب نَشَ أَ فيِ ِع َبا َد ِة َربِّ ِه ‪َ ،‬و َر ُج ٌل قَلْ ُب ُه ُم َعلَّ ٌق فيِ‬
‫وسلم قال ‪َ ( :‬س ْب َع ٌة يُ ِظلُّ ُه ْم اللَّ ُه فيِ ِظلِّ ِه ‪ ،‬يَ ْو َم لاَ ِظ َّل إِلاَّ ِظلُّ ُه ‪ :‬الإْ ِ َما ُم الْ َعا ِد ُل ‪َ ،‬وشَ ٌّ‬
‫الْ َم َساج ِِد ‪َ ،‬و َر ُجلاَ نِ ت َ َحابَّا فيِ اللَّ ِه ا ْجتَ َم َعا َعلَيْ ِه َوت َ َف َّرقَا َعلَيْ ِه ‪َ ،‬و َر ُج ٌل َد َعتْ ُه ا ْم َرأَ ٌة ذَاتُ َم ْن ِص ٍب َو َج اَم ٍل ‪ ،‬فَق ََال ‪ :‬إِنيِّ أَخ ُ‬
‫َاف الل َهَّ‬
‫‪َ ،‬و َر ُج ٌل ت ََصد ََّق ب َِص َدقَ ٍة فَأَ ْخفَا َها َحتَّى لاَ ت َ ْعلَ َم ِش اَملُ ُه َما ت ُ ْن ِف ُق يمَ ِي ُن ُه ‪َ ،‬و َر ُج ٌل َذكَ َر اللَّ َه خَإلىا فَفَاضَ ْت َعيْ َنا ُه)‪ .‬‬

‫‪175‬‬
‫ال�سماين �أخوي بريدو‬
‫الرفاعي ال�شيخ �إبراهيم‬
‫س����م���اين أخ����������وي ب����ري����دو‬ ‫ح���ب���ري ال����ح����اب����س م���س���ي���دو‬

‫يا حي يامجيد وباعث يوم الوعيد‬ ‫بكلمة التوحيد أعمر ه��ذا املسيد‬

‫مشمر كارب شدَ حيلو ود البكري الرشيد‬ ‫نافعة وتعطي أيدو موالي طاع سيدو‬

‫ورح يامريدو ونحرض ليايل عيدو‬ ‫ك��رم لحد بعيدو ض ًباح ال���دً رة إيدو‬

‫ياجايب من بعيدو انظر دليبو وجريدو‬ ‫الفي أم عيدان جديدو أبدا مافيش نديدو‬

‫أري��د الربيدو وهو قمرا يف صعيدو‬ ‫بالفرحة قبل أيدو يارب ياكريم تزيدو‬

‫يارب أتم جديدو وعدوه دامئا كيدو‬ ‫ود العباس ياالفريدو بركات وكيله زيدو‬

‫الرفاعي ناظم القصيدو وبيك دامئا سعيدو‬

‫صل ياريب املجيدو عد الجراد والصيدو‬ ‫توصل للرسول يف مسيدو وللمسلمني تزيدو‬

‫‪176‬‬
‫ن�سامي الليل‬
‫‪1‬‬
‫ال�شاعر حممد بابكر الدروي�ش‬
‫ع��م��ي ب���ال���خ�ي�رات ل��ل��ب��ع��ي��د وال�����داين‬ ‫ن��س��ائ��م ال��ل��ي��ل ه��ب��ي يف أم ع��ي��دان‬
‫ه���ل ف��ي��ك ال��خ�ير ض��� َو ف��ي��ك مصباحك‬ ‫َ‬ ‫نعم ي��ا أم ع��ي��دان يف مساك وصباحك‬
‫زاي����دة يف التمكني زاي����دة يف ارب��اح��ك‬ ‫وح���ل ف��ي��ك اصباحك‬
‫َ‬ ‫م��ا دج���ى ال��ل��ي��ل‬

‫ط���اه���ر ال���ي���دي���ن ال���ج���ن���ان وال���س�ي�رة‬ ‫وارث ال����س����ادات ال���ك���رام ال��خ�يرة‬


‫ال��� ُت���ق���ى وال��ب��ر ب���اق���ي ل��ي��ه��ا ذخ�ي�رة‬ ‫اض��ح��ت أم ع��ي��دان بيكا زاف���ر خ�يره‬

‫س���اك���ن ام ع���ي���دان ال��ب��ع��ي��د ك��ش��اف��و‬ ‫ن��ع��م م���ن زارو ل��ح�برن��ا وش���اف���وا‬


‫ب����ل ل��ي��ن��ا ن��ش��اف��و‬
‫اح��ي��ا ل��ي��ن��ا ال�����دار َ‬ ‫ح�ب�رن���ا امل���ع���ل���وم ال����ظ��ل�ام ك��ش��اف��و‬

‫اح��ك��وا بالنفحات وش����دوا ليهو ازدن���ا‬ ‫زورت����و ي��ال��زاي��ري��ن ون��ح��ن ليكم زرن��ا‬
‫ام��ت��ى ليهو ن���زور ون���ويف ليهو ن���ذورن‬ ‫ان����ت ي���ام���ايش اح��ك�ي ل��ي��ه��و ع��ذرن��ا‬

‫ط���ه��� َر االل����ب����اب م���ن درن ادن���اس���ا‬ ‫ال���وف���ود ج���ات���وا م���ن ج��م��ي��ع اج��ن��اس��ا‬
‫وف��رح��ت ام ع��ي��دان وال���ق���رى يب ناسا‬ ‫ع��م��ت االف�������راح ب��ه��ج��ت��ا واي��ن��اس��ا‬

‫ت������ َوه االف�����ك�����ار يب رف���ي���ف ال��ب�رق‬ ‫ه�����ب ت�����اال ج���ه���ة ال��ش�رق‬


‫َ‬ ‫ال���ن���س���م‬
‫ن��ق��ت��ف��ى ون��س��ل��ك ل��ص��ح��ي��ح ال����درب‬ ‫ن��دم��ن ل�ل�اب���واب ب��ال��وق��وف وال��ط��رق‬

‫خ���ت خملو وهمو‬ ‫َ‬ ‫ف���وق س�م�اين ال��ق��وم‬ ‫ال���دروي���ش م��اس��ك يب اي���دي���و وف��م��و‬
‫س���اع���ة ال����وك����رات ي���دخ���ل���وا يف كمو‬ ‫ألَ�����ف االم�������داح ف���وق���و ج����دع منو‬

‫م���ن رسى وع����� َرج ن��اج��ا ف���وق الً��س��ل��م‬ ‫ص�ل�ي ي����اع��ل�اَم يل ش��ف��ي��ع��ن��ا وس��لً��م‬
‫ت��غ��س��ل األوزار وت��ش��ف��ي ل��ل��م��ت��أمل‬ ‫ت��ش��م��ل االس���ل��ام االم�����ي وامل��ت��ع��ل��م‬
‫‪(1‬األستاذ الشاعر محمد بابكر الدرويش يسكن مدينة الدندر‪ ،‬خريج معهد الرتبية الدلنج دفعة ‪966-1‬م حتى نزوله‬
‫باملعاش يف أكتوبر ‪2008‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬عضو مؤسس لخيمة الحردلو‪..‬‬
‫‪ -2‬عضو هيئة حلمنتيش العليا‪.‬‬
‫‪ -3‬كان أمري شعراء والية سنار‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫فرعك طـاب‬
‫حممد بابكر الدروي�ش‬
‫ال����س��م�اين ك���ل���و ن��ف��ائ��ل‬ ‫فرعك طاب وزن��دك طائل‬

‫ف��وق شيخي البعدل املائل‬ ‫ب��س��م ال��ل��ه ب���ادي وق��ائ��ل‬


‫رك��������ازة أرس وع���وائ���ل‬ ‫بنظم ق��ويل عندي دالئ��ل‬

‫ش��ي��خ ط��رق��ي بيهو ض�ماين‬ ‫ن����أوي ال��ق��وم��ة للسامين‬


‫ب��ع��د ال�������زورة م��اه�ماين‬ ‫م��رت��اح قلبي ك�لي ام��اين‬

‫الت��خ�شى ال��ط��ري��ق وب��ع��اده‬ ‫سمحة زي��ارت��و يف ميعاده‬


‫يالجيتهو مت��ش��و س��ع��اده‬ ‫ن��ف��ح��ات ج����دودو اع���اده‬

‫رشقا عرب والصعيد والسافل‬ ‫ح��ل��ت يف دي����ارو ق��واف��ل‬


‫يالفوا الصيد والنعام الجافل‬ ‫رضع��و ال���دَ ر اصبح حافل‬
‫الم������را وض�����ح ت��ث��ب��ي��ت��و‬ ‫ي���ام���ن���ك���ري���ن واب��ي��ت��و‬
‫ش��اق��ه الساحا داخ���ل بيتو‬ ‫ج����اب ل��ق��م��ر ع��رب��ي��ت��و‬

‫ب��ال��س��ن ل��غ��ات��ن��ا فصيحه‬ ‫ياسامعني عندي نصيحه‬


‫كم ح َ��ل املضيق يف الصيحة‬ ‫كاب القوم حديدتر نصيحه‬

‫ت���اال ال��ق��ب��ل��ه الح متامين‬ ‫ب��رق��ا يف السحايب كامن‬


‫ب��ج��اه ال��ش��ف��ي��ع ال��ض��ام��ن‬ ‫قلبي الخائف اصبح آمن‬

‫ل���وال���د ال���ب���ت���ول ورق��ي��ه‬ ‫دروي��ش جاب صالتو نقيه‬


‫م��ن ح��وض الجنان مسقيه‬ ‫الغ���رب���ي���ه والرشق����ي����ه‬

‫‪178‬‬
‫ياما�شي الم عيدان قريب‬
‫حممد بابكر الدروي�ش‬
‫ي��ام�شي الم ع��ي��دان قريب‬
‫م����أوى االرام�����ل وال��غ��ري��ب‬
‫ب��س��م ال��ل��ه ي��اح��ي يارقيب‬
‫رب امل����ش����ارق وامل��غ��ي��ب‬
‫ع����امل ع��ل��ي��م ب��ك��ل غيب‬
‫يف ع��ق��ول��ن��ا دائ����م اليغيب‬

‫ام���دح وق���ول ح��ق يالبيب‬


‫وث��ن��ي��ت ب��ال��ن��ب��ي الحبيب‬
‫ذك�������راه ل�ل�ال���ب���اب ط��ي��ب‬
‫وال����� َذ م���ن ط��ع��م ال��زب��ي��ب‬
‫ق��وم يامريد ش��د لينا جيب‬
‫ف���وق ك���ل م��ام��ون��ا نجيب‬
‫ي���أواس���ع ال��ع��ط��ا يامجيب‬
‫ج��ود ي��اك��ري��م ل��دع��ايئ جيب‬

‫م��ن ج��ه��ة ال��س��وح الرطيب‬


‫ف���اح ال��زم��ان عبقا وطيب‬
‫وق��ف اللبيب منشد خطيب‬
‫ل��ل��ذك��رت��م دامئ�����ا تطيب‬
‫ال��س�مان صلح شبان وشيب‬
‫وك��م البس ال��ث��وب القشيب‬
‫اح��ب��اب��و يف ال��ه��ول املشيب‬
‫يحلوا يف ال����وادي العشيب‬

‫شيخنا الوقور وامروا العجيب‬

‫‪179‬‬
‫ال�ض�رع���وا ل�لاح��ب��اب وجيب‬
‫للناس دع��ى وال���رب مجيب‬
‫ك��م م��ن همل اص��ب��ح نجيب‬
‫ه��ل��م ي���اص���اح���ي االري����ب‬
‫وخليك بعيد م��ن ك��ل ريب‬
‫يف س��اح��ة ال��ف��زع القريب‬
‫ت��ل��ق��ى االرام�����ل وال��غ��ري��ب‬
‫ي��اق��ص��دا ك���ن زول ادي���ب‬
‫وع�لى مصالحك ك��ن حديب‬
‫وايل ال���زراع���ة وال��ك��دي��ب‬
‫دي��ل بخصبو البلد الجديب‬
‫غنى ال��ح�مام سجع البليب‬
‫نغام ت��وا ف��وق ع��ايل الدليب‬
‫ال��س�مان جالب ال��ن��اس جلب‬
‫ال��ص��اب��ئ�ين واه����ل الصليب‬

‫سهام رم��ى للجوف مصيب‬


‫م��ن ج��ه��ة ال��ب��ل��د الخصيب‬
‫ي����ارب يف ال��ي��وم العصيب‬
‫يف الخري نحوز أوف��ر نصيب‬
‫درويش بقول جيت كل عيب‬
‫وك��م راك���ب االم���ر الصعيب‬
‫تبع الخطا وب���ارى اللعيب‬
‫يف الدنيا ص��ار ناقة شعيب‬
‫اخ���ت���م ص�ل�ات���ك ي��ال��ب��ي��ب‬
‫ع�ل�ى ن��ب��ي��ك ط���ه الحبيب‬
‫امل��زن��و ب��ال��رح�مات صبيب‬
‫س��ي��د ق��ت��ادة وس��ي��د خبيب‬

‫‪180‬‬
‫ال�ساكن �أم عيـدان‬
‫علي حميده‬
‫الساكن أم ع��ي��دان ان��ا مب�شي يل‬ ‫ود ال����غ����وث س���م���ي ال���س�م�ان‬
‫ي��ارب يارحمن ياخالق االنسان‬ ‫احفظنا واألخوان من كيد الحسود والجان‬
‫ثنيت بالعدنان أحمد عظيم الشأن‬ ‫شافع األن��س والجان الخلقو القرآن‬
‫قول يافمي يف السامن األيدو الرحمن‬ ‫خليت البلد مزان من غري كهربا وعمدان‬
‫الكفو يوت نديان الخلفو القيامن‬ ‫لضيفو ياخالن ض ًباح للسمني يف الضان‬
‫الوجهو مامرصور تلقاه يوت مرسور‬ ‫قوماك ملسيدو نزور من غريو مايف مرور‬
‫اليل الحمول شيال للدنيا ماميال‬ ‫شايل الربيم بشامل يف كتفو اليمني الشال‬
‫أبو البكري ودالغوث األيًدو القدوس‬ ‫كم احيا لينا نفوس لفو اب��رك بوس‬
‫أبو الطيب الفقاد حاشاه ما رقاد‬ ‫الشامت الحساد من دربو قبل صاد‬
‫البحرو ممتدو مايف البقيس حدو‬ ‫الغوث العظيم مادو وسيدي الرسول جدو‬
‫ودحميدهجابابياتيفسيدالسادات‬ ‫بحرمة االب��وات من فيضكم نفحات‬
‫ص�����ل ي���اع���ظ���ي���م ال�������ذات‬ ‫السامن يزيد ندرات يكون ريس الحرضات‬
‫للبيعنو شاف الذات‬

‫‪181‬‬
‫�ساكن ام عيدان‬
‫نور الدائم حممد الب�شري‬
‫ال��ض��و امل��ك��ان ب�شران��ا بيه‬ ‫ساكن ام عيدان سامننا‬
‫االن������س������ان‬ ‫رازق‬ ‫حي يا رحمن داحي االرض‬
‫واص��ح��اب��و امنحنا االم��ان‬ ‫يب حق نبيك طه العدنان‬
‫فوق الفريد شيخنا السامن‬ ‫أوزان‬ ‫ب����ن����ظ����م‬
‫سمي الندر ف��ارس القيامن‬ ‫ود البكري ملجا الحريان‬
‫كم كم انصف لكل مظلوم‬ ‫ال����ج����اف����ا ال����ن����وم‬
‫فخر الطريق جدو طيب القوم‬ ‫ص����ل����ح ال���ع���م���وم‬
‫يف بقعته يب رشوق سنار‬ ‫ع����������ايل امل�����ن�����ار‬
‫ال��ص��ال��ح�ين اه���ل االي��ث��ار‬ ‫ن����س����ل االب����������رار‬
‫يل ك��ل مريد بقالو ح��وار‬ ‫ال�����ك�����وب�����و دار‬
‫اصلح حالو وم�لأوه ارسار‬ ‫ال����ل����ي����ه����و زار‬
‫وهب الكنوز الهل العشم‬ ‫ه����ي����ل����و ال�����ك�����رم‬
‫ح��اش��اه ال س��اب وال شتم‬ ‫رضع���������و ال���ع���ت���م‬
‫للزائرين وه��ب املطلوب‬ ‫ش��ي��خ��ن��ا امل��ح��ب��وب‬
‫عنده العالج من غري حبوب‬ ‫ح��������ل امل�����رق�����وب‬
‫َ‬
‫وج��د االق��ب��ال م��ن الجميع‬ ‫ح���ص���ن���ي امل���ن���ي���ع‬
‫يف الخلوة والحر والصقيع‬ ‫ذاك��������ر ال��س��م��ي��ع‬
‫ال��ب��اس��م ال����ورع ال����ودود‬ ‫راع��������ى ال����ح����دود‬
‫نفحاته ج���أوزت ال��ح��دود‬ ‫ف����خ����ر ال�����ج�����دود‬
‫ب���� َراق����و ت��� َي���م ل��ل��م��ري��د‬ ‫م�������ن ال���ص���ع���ي���د‬
‫يب رؤي��ت��و واي���ام���و عيد‬ ‫أص������ب������ح س���ع���ي���د‬
‫م��ن ال��ل��ه لشافع امليعاد‬ ‫ص���ل��اة غ��ي��ر ع�����داد‬
‫ن��ورال��دائ��م وآل���و أج���داد‬ ‫إن ش���اء ال��ل��ه سعاد‬

‫‪182‬‬
‫�شيخ الفقري والغنيان‬
‫ال�شاعر حممد الب�شري‪ -‬ود القمبيال‬
‫س��ي��د البلحقن ع��ن��د رن���ة األج���راس‬
‫ك��رام��ات��ك وال بتنعد وال بتنقاس‬
‫ودبيلو الفيك وعبد الله يف باقراس‬
‫س��وي��ت��ون أذن تسمع ع��ي��ون تنظر‬
‫وي���دي���ن ت���خ���دم غ�����روض ال��ن��اس‬
‫ش���ي���خ ال����ف����ق����ري وال���غ���ن���ي���ان‬
‫وشيخنا جدو طيب القوم ويل وسلطان‬
‫الحارا التعرص الزول تضوقو نومة الكيعان‬
‫بتظهر فيها داك ال��ي��وم عيان وبيان‬
‫وكل ما اذكر فضائلك برضو ما كافيتك‬
‫ك��اب الحائر ال�لام��ي املساكني بيتك‬
‫تعيش يالحنضل القطع الورادين زيتك‬
‫شيخنا ع��ن��دي ال ب��ق��دم وال بتغري‬
‫شيخنا جدو طيب القوم مشار ومخري‬
‫شيخنا بنقذ ال��غ��اي��ث ب��ع��د م��ا جري‬
‫يظهر وينترص س��اع��ة ال��رج��ال تتحري‬
‫الشيخ كلو خ�ي�رات للبعرفو مقامو‬
‫ودب��رك��ات سمعتوبو وعرفتو ماهامو‬
‫ص��دم ال���زول وخ�لاه��ن رميام عضامو‬
‫شطبا قبل م��ا ات��ح��رو ي��اخ��دو كالمو‬
‫ال��ش��ي��خ ك���ان ب��ع��اي��ن ل��ل��ق��روش كتار‬
‫ماكان فيو سيف الدين كتب اشعار‬
‫وال إبراهيم فيك مدح بالليدين والطار‬
‫وال ك��ان نحن بنجيك املشايخة كتار‬
‫ال��ش��ي��خ ان���ت ع��ن��دك م��ع��دن االرسار‬
‫ال��ش��ي��خ ان���ت م��ن ك��ل ال����دول ت��ن��زار‬
‫ال��ش��ي��خ ان���ت م��ا ب��غ��روك ب��ال��دي��ن��ار‬
‫الشيخ انت بتنقذ البيهو الدليل احتار‬
‫ال��خ��رط��وم بتشهد خ�لي ن���اس سنار‬
‫ثابته ك��رام��ة يف ال�بردان��ه رده���ا حار‬
‫داي���ر اس��م��ع امل��اس��م��ع ع��ن��دي كالمو‬
‫وم��ا ادم��دم رق��د ذي الجامعة النامو‬

‫‪183‬‬
‫رسى ه��� ًزا البلد بعاصمتو وحكامو‬
‫ب���را‪ 1‬ذم��ة ال��ص��در الحكم ب��ا اع��دام��و‬
‫سيد اللحق العند صيحة الصياح‬
‫غ��ر وم��ح��ج�لات فوقكن ع�لام��ة صاح‬
‫راع��ي��ه��ن م��س��ق��د ل��ي��ل��ي��و ل��ل��ب��ي��اح‬
‫نيتواسويذيماجدومنغضبوالجبلقامزاح‬
‫ال��ل��ي��ل ال��ه��ج��ع مل��ا ال��ك��ب��ار ج��ت راح‬
‫وال��ن��ائ��م ش��خ��ر مث���ر امل��ق��م�بر م��اح‬
‫كشف رسا غميس بيهو اللسان ما باح‬
‫الناس منك غنو وكسبو ونصيبهم الح‬
‫يا أم عيدان هنئية الشاف مسيدك وزارك‬
‫ال��س�ماين ج�لائ��ك م��ن ص���داك وغ��ب��ارك‬
‫سباق صيحة الهجعة الرجلها ج��رارك‬
‫بطل الصالحني ك��م انترص يف معارك‬
‫نحن طريقنا ف��وق كل الطرق متقدم‬
‫وك��ل ما ي��وم يشيخ يف الرجال ويقدم‬
‫امل���ا زارن����ا وال��ل��ه ال��ع��ظ��ي��م متندم‬
‫م��اش��ف��ت ال��ب��ح��ر ف���وق قيفو بهدم‬
‫قليل م��ن كتري قولتو وعليو سكتا‬
‫داي�����ر م��ن��ك ي���ا اب��ن��خ��ائ��ب شتى‬
‫ان���ت اخ��ل��ص��ت ل��رب��ك ك��ت�ير وح��دت��ا‬
‫ب��دي��ك ك��ل م��ا ت��رف��ع اي��دي��ك يبسطا‬
‫يا من ليك الساجدين الجنون والناس‬
‫ص�ل�ي ع�ل�ى رس���ول���ك ق��ائ��د ال��ف��راس‬
‫محمد ب��اال��ح�لال تغنيو م��ن الناس‬
‫والبس تقوى دنيا واخ��رى ارق��ى لباس‬

‫‪ )1‬من الرباء ‬

‫‪184‬‬
‫تلفونو يرن‬
‫ال�شاعر �أن�س حممد املادح‬
‫فارس أم عيدان لديارو بحن‬ ‫تلفونو رضب اجراسو ترن‬
‫جاب من بغداد رصفو مؤمن‬ ‫س�م�اين ن���در ب��ق��وال علن‬
‫من طيب القوم كيبلو ممنت‬ ‫من أم م��رح شارتو بتعلن‬
‫فوقو النفحات نفسو موطن‬ ‫يف عرصو فريد يف طبعو رزن‬
‫ه���و آلالم دمي����ة مسكن‬ ‫غ���وث ال���زم���ان املتمكن‬
‫م����ش����ح����ون����ة ش���ح���ن‬ ‫اجراسو ترن كل الشبكات‬
‫ح��وائ��ج ال��ن��اس ليها بيوزن‬ ‫شاغل مدير يف ادارت��و فطن‬
‫ل���ج���ن���اب���و م��ت��م��س��ك��ن‬ ‫أوع�����ى ت��ط��ن��ط��ن اخ���دم‬
‫زور أم عيدان عىس ليكيحن‬ ‫قبل ليديهو ب��رأف��ة وحن‬
‫ل���و ف���كً زخ�ي�رت���و بتلجن‬ ‫م��اس��ك ل��ذن��ادو متحجن‬
‫وال���ع���اداه���و درس����و بلقن‬ ‫ال��ح��ب��اه��و زرع�����و بلنب‬
‫شوف سيف الدين ليها مدَ ون‬ ‫نفايلو كتار ما ليها وزن‬
‫وصاحب البوكيس املتمحن‬ ‫ال��ل��وري ج��اب بوريهويرن‬
‫ساحاتوترن ذك��رو مدندن‬ ‫يف سوق الليل دقشو ممنت‬
‫حتى ال��ن��ع��ام ذك���رو ميحن‬ ‫خ�لى الخلوق كلها ترطن‬
‫تصل امل��ع��ص��وم لينا تأمن‬ ‫ص�لاة وس�ل�ام للكل ت��وزن‬
‫فيك يالسامن بيك متيقن‬ ‫أن��س النظم اه���داك لحن‬

‫‪185‬‬
‫و�أرث القيمان‬
‫�شامة ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ البكري‬
‫وارث القيامن الساكن ام عيدان‬
‫ي���ام���ن���زل ال���ق���رآن‬ ‫ال����ه����ي ي����ارح��م�اين‬
‫ون�ش�رب م��ن دن��اين‬ ‫ب���ن���ب���ي���ك ن��س��ع��د‬
‫ي���اف���ارس ال��ف��رس��اين‬ ‫ف��ي��ك ب��ج��ر أوزاين‬
‫ماكانت ام عيداين‬ ‫ي���ال���س�م�ان ل����والك‬
‫دخ��ري��ن��ا ل��ل��ق��وايس‬ ‫اب���وي ي��اق��وم ن�برايس‬
‫ومطري حني يبايس‬ ‫ع�� َزي وسيلتي وسايس‬
‫يف ام ع��ي��داين دارو‬ ‫ق���م���را ت����ام م����دارو‬
‫وارسارو‬ ‫اس���م���ه‬ ‫اب���وي ح�ماد اعطاهو‬
‫ل���ل���ك�س�ر ج���ب���ارو‬ ‫عاجيبني اب��وي ندارو‬
‫وك���م ن��ف��ض غ��ب��ارو‬ ‫ك��م ه���دى وك���م رىب‬
‫بالخلوة واالذك���ارو‬ ‫اب����وي ع��م��ر دي����ارو‬
‫ض��أوي��ه��و ب��ا ان���وارو‬ ‫دم��اس الليل الحالك‬
‫ل��ل��وارد ي��ا اح��ب��ارو‬ ‫اب���وي عميقا بحارو‬
‫ول��ل��خ��ي��ول ام����ارو‬ ‫يف ال��ح�ضرات مشارو‬
‫واي����ده����و ك��ب��ارو‬ ‫ت���وج���و امل���خ���ت���ارو‬
‫اب��وات��ه��و االب����رارو‬ ‫وارث رج���ال ح���رارو‬
‫للفي الرسل خيارو‬ ‫ص��ل�ايت ل��ي��ل ن��ه��ارو‬
‫االرسار‬ ‫ت���ن���ه���ل‬ ‫ش���ام���ه م���ن ب��ح��ارو‬

‫‪186‬‬
‫�أبوي الطايله ايدو‬
‫�شامة ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ البكري‬
‫اب���وي ال��ط��اي��ل��ه اي��دو‬ ‫ع��اج��ب��ن��ي ان����ا وب��ري��دو‬
‫ك�����رم ب��ل�ا ت��ح��دي��دو‬ ‫ال�����ه�����ي ي���ام���ج���ي���دو‬
‫ادع����وك ي����ارب زي��دو‬ ‫بنبيك ش��اف��ع ال��وع��ي��دو‬
‫ال��ف��اق ن���دو ون��دي��دو‬ ‫اب����وي يف ع�ص�رو ف��ري��دو‬
‫ي���رش���د ي��ع��ز م��ري��دو‬ ‫ال������زار اب�����وي س��ع��ي��دو‬
‫ت��وب س�تري البتقتابو‬ ‫اب�����وي ي���اق���وم ح��ب��اب��و‬
‫ب��ف��خ��رب��و ب��ت��ن��ب��اب��و‬ ‫ب���ن���ف���ق ب��ل��ا ح��س��اب��و‬
‫للناس يعم ترحبابو‬ ‫ال��ج��ب��ل ال��ف��ي رح��ب��اب��و‬
‫اس��ق��اه��م ص��ايف رشاب��و‬ ‫ال���ج���وه���و ي���ا اح��ب��اب��و‬
‫اسقى الكشكش وكالو‬ ‫اب������وي دور ج��ري��ال��و‬
‫ب��ل��ح��ق مي�ي�ن وش�مال��و‬ ‫راك����ب ال��ب�رن خلخالو‬
‫ال�����ن�����دُ ر ال����ك��ُم�اُ ل‬ ‫م���ق���ام���و ك��ال��ق��ب��ال��و‬
‫العظمة هيلو وفالو‬ ‫طيبي وع��زي��ز صلصالو‬
‫وط��اب��ت ب��ه القيامنو‬ ‫زان�����ت ب���ه ام ع��ي��دان��و‬
‫يك ه����زو ي���ا ح�يران��و‬ ‫اب���وي ال��غ��وث يف زم��ان��و‬
‫ب��ال��ص��دق واالمي���ان���و‬ ‫خ�����دم ط���ري���ق س�مان��و‬
‫ك���ال���دوري وال��ج�مان��و‬ ‫م��س��ل��س��ل ن��س��ب��و ك�مان��و‬
‫ت�����م واظ����ه����ر والك‬ ‫َ‬ ‫اب������وي ال������رب ح��ب��اك‬
‫اج����د امل����دد ورض����اك‬ ‫ي���ا اب�����وي ب��ح��ق اب���اك‬
‫ت��وص��ل عظيم ال���ذات‬ ‫ال��ص�لاة وال��س�لام ي��وم��ايت‬
‫ب��ي��ك��م م��ت��ي��ن��ة ص�لايت‬ ‫ش��ام��ة ب��ت��ق��ول ي��ا اب���وايت‬

‫‪187‬‬
‫مربي جليل‬
‫�شامة ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ البكري‬
‫وأرف ظليلو لينا ظليل‬ ‫أب���وي ي��اق��وم م��ريب جليل‬
‫ال�����س��م��اين‬
‫دخ��ري الحوبا‬
‫ل��ي��ن��ا دل��ي��ل‬
‫ادع���وك بالضحي والليل‬ ‫ي��ام��والي عظيم وجليل‬
‫نرشب فوقو رشب الخيل‬ ‫ح��وض نبيك ي��وم الويل‬

‫م��خ��ب��ت�ين وج���وه���م ليل‬ ‫م��ن م��ن��ب��ت ك����رام سليل‬


‫الب���وايت ال��ك��رام ياحليل‬ ‫ق��وم��ا زه����دو دار امليل‬
‫هيلو الصافنات يف الخيل‬ ‫ف���ارس���ا ش��ه�ما العنتيل‬
‫امل��ق��م�بر ل��ي��ه��و يكيل‬ ‫م��ل��ث��م ب��ال��ص�لاح مهيل‬
‫ب�����زم دن����ق����رك رط����ان‬ ‫ت��س��ل��م ي���اب���ا ي��اس��ل��ط��ان‬
‫ككرك يرص ويوت سمتان‬ ‫دم����م س��ح��ب��ك ال��ه��ت��ان‬
‫ت��اج��ك ع��ز وق���ار وامي��ان‬ ‫ملكا ي��اب��ا ج��اه��ك ام��ان‬
‫تعيش ي��ا تركة الفرسان‬ ‫م���ت���ن���ول���ك ال��س��ي��س��ان‬

‫اب���وي دخ��ري��ن��ا ل�لازم��ان‬ ‫ملكا داره����و ام ع��ي��دان‬


‫وداف��رب��ح��رو دمي��ة مالن‬ ‫راك��ب ابصهيل قط ما الن‬

‫االس���ي���اد اه���ل السلوك‬ ‫م��ل��ك��ا ي���اب���ا ود م��ل��وك‬


‫طيب القوم والبكري ابوك‬ ‫دي���ل ال��ب��ن��ق��ذو امل����دروك‬
‫بيهو امل��ه�لا بيهو الخري‬ ‫س��م��ي ال���س�م�اين ال��ب��ش�ير‬
‫وعوسو العاسو ماهو فطري‬ ‫اب��وي ي��ا ق��وم م��ريب جدير‬
‫ل���ل���م���رس���ول امل�����ا ق���را‬ ‫ص�ل�ى ي����اب����اري ال����ورى‬
‫يف ال���داري���ن ال تتجرا‬ ‫اك������رم ش���ام���ة وان���ظ���را‬

‫‪188‬‬
‫خيل الغيب‬
‫�شامة ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ البكري‬
‫ح�ي�ن ق��ل��ب��ي وح��س��س��ن‬ ‫خ��ي��ل ال��غ��ي��ب ع��رك��س��ن‬
‫همسن يف اذين وحدثن‬ ‫ح�����س�����س�����ن‬ ‫يل‬
‫مثل النجوم مادسدسن‬ ‫ف�����������وق ع����رك����س����ن‬

‫مابيكلن ق��ش ال��غ��ب��اش‬ ‫م�����اه�����ن ه����وش����اش‬


‫مطرا غزير ماهو الرشاش‬ ‫م��ن جهنت ج��اين ال��دع��اش‬

‫بالرس رسن فوق للسحاب‬ ‫ديل حافرن مابشيل تراب‬


‫مابنقرع مب�شي الصعاب‬ ‫دي��ل ق��اي��دن ف��ارس��ا مهاب‬
‫يف ال��ج��و س����ارن بنظام‬ ‫طأويت لجوفن من طعام‬
‫التقوى سيفو ويل سهام‬ ‫دي��ل ق��اي��دن يف الله هام‬

‫تسمعلهن يف الجو صهيل‬ ‫طالبت نبيهن يف ام نخيل‬


‫ود ال��ب��ش�ير ف��وق��ن دليل‬ ‫دي��ل ق��اي��دن شمر عديل‬

‫وس��م س�مان ف��وق��ن ختم‬ ‫ف���رزت���ه���ن م���ن ال��وس��م‬


‫طالب ارك�بن وامسك لجم‬ ‫خيل الغيب ف��وق��ن بنم‬

‫الب��س الصالح ت��وب ودرع‬ ‫ود ال��ب��ش�ير ف��ارس��ا ورع‬


‫ح�م�اد اب����وي م��اب��ن�ضرع‬ ‫زارع ال��ك��رم يف الله زرع‬

‫امانة الكون عندو البطيح‬ ‫ود البشري سوحو الفسيح‬


‫تلفى البينهم والبصيح‬ ‫خيلو بتلف راح��ات رحيح‬

‫ل��خ�ير م���ن اىت م��رس�لا‬ ‫ص��ل��ايت دوم�������ا ب��رس�لا‬


‫وف��وق ح��واك من كل بالء‬ ‫ش���ام���ة ب���ي���ك م��ت��وس�لا‬

‫‪189‬‬
‫ياحليل الب�سامر الليل‬
‫الفاحت دفع اهلل �صالح‬
‫ياحليل البسامر الليل‬ ‫ياحليل ياحليل يا اخوي‬
‫ال���ع���اب���د ال���رح���م���ن‬ ‫س�ماين الفي ام عيدان‬
‫ال���ط���ائ���ف ام ارك����ان‬ ‫يف رات��ب��و حصن وام��ان‬
‫ال�����ت�����ايل ل���ل���ك���راس‬ ‫ال���ف���ارس امل��اب��ن��ق��اس‬
‫تشهد ل��و ق��وم بقراس‬ ‫ال���ج���ام���ع االج���ن���اس‬
‫ال�����واف�����ر يف م�����دَ و‬ ‫ال��ط��اي��ل��ة دي���ك اي���دو‬
‫س��م�اين ال��ب��ش�ير ج��دو‬ ‫ال����ف����اق ع��ل�ى ن���دو‬
‫ال��ط��رف��و ج���ايف ال��ن��وم‬ ‫ال����ع����اب����د ال���ق���ي���وم‬
‫م�������وايل الم ردوم‬ ‫شغلو ال����دوام معلوم‬
‫ل���ل���م�ت�ن ال��س��ي��س��ان‬ ‫ي����ازائ����ر ام ع��ي��دان‬
‫ال������� َن�������ور امل����ك����ان‬ ‫لضيفو ب��ت��ب حفيان‬
‫وال����ش����ام ع��ل�ي خ���دو‬ ‫ال��س��ب��ح��ة يف اي����دو‬
‫ال��غ��وث ال��ش��ه�ير ج��دو‬ ‫ال����ط����اب����ق ل������وردو‬
‫ب��ال��ت��ق��وى وال��ت��ح��ص�ين‬ ‫س��م��اين اس���م���ه ام�ي�ن‬
‫االرش����د س��ي��ف ال��دي��ن‬ ‫امل��ع��م��ر ب��ي��وت ال��دي��ن‬
‫ليك ي��ا ال��رس��ول الزين‬ ‫ص�ل�اة وس�ل�ام ك��ل حني‬
‫ي��اش��ي��خ��ن��ا ق����ول ام�ين‬ ‫ال��ف��ات��ح ي��ن��ي��ل ت��ام�ين‬

‫‪190‬‬
‫�أبو�شامة االغر‬
‫الفاحت دفع اهلل �صالح‬
‫ابوشامة االغ��ر االصلو مابنغار‬ ‫س�����اك�����ن رشوق س���ن���ار‬
‫يأود ملوك الدار‬
‫ابورسوة الندر مرحب خليفة الدار‬
‫القائم الليايل ودميه ألوي حكار‬
‫يالتلب اللزوم االصلو مابنغار‬
‫يابحر الصفا االيَ����دو الج َبار‬
‫س َموه السامن االسمو لينا امان‬
‫حالل الكرب االصلو عايل مكان‬
‫يابحر الكرم الفيضو لينا امان‬
‫ياالوارث النعم وم َوحد الرحمن‬
‫ابواتك تلوب علوك اعىل مكان‬
‫يالبحر الطمح وخ�َض�رَ الوديان‬
‫يا الجودو عامنا وسقانا بالكيزان‬
‫لضيفو بشوش ي��روي بااللبان‬
‫ق�� َوام الليايل وطرفو جافا النوم‬
‫الحرب اللزوم منك مشارب القوم‬
‫يف الدندر ملع اسمك شهري معلوم‬
‫يافارس اللقا ياجدك طيب القوم‬
‫يهواك النفور والصيد يجيك ينقاد‬
‫يالشيخ الهامم ي��أوارث االج��داد‬
‫يابيت العشم لليتيم فقاد‬
‫يالقائم الليايل وحاشاك ما رقاد‬
‫ياالقريش اب��وك امل�تن السيسان‬
‫تهواك النفوس ياساكن ام عيدان‬
‫يالفارس الهامم الشوفتو لينا امان‬
‫انا فوقك بهز ودمية بيك طربان‬
‫الصلوات ‪ ----‬تصول ام اركان‬
‫تغشاه وتعم اآلل والصحبان‬
‫للفاتح تقول بيها نلت ضامن‬
‫يف حوضو العميم ترشب بالكيزان‬

‫‪191‬‬
192
‫ثبت املراجع ‪:‬‬

‫‪ .Raouf Othman Jaber-Yahya Abdul -1‬ا�صطالحات ال�صوفية‪� ،‬أبعاد جديدة‬


‫يف التطور الداليل ‪jaber/article/-http://blogs.najah.edu/staff/yahya‬‬
‫‪144-article‬‬

‫‪– 1996 1‬‬ ‫‪2‬‬


‫�ص‪.24 -‬‬
‫‪� -3‬أبو الطيب احلفيني‪ .‬حادي العي�س‪ .‬املجل�س القومي للذكر والذاكرين‪ .‬اخلرطوم‪،‬‬
‫نفمرب ‪2008‬‬

‫‪� -4‬أحمدبنال�شيخ‪ /‬دفعللهال�صائمدميه‪ .‬القوالل�صحيح يف م�شروعيةاملديح‪ .‬الطبعة‬


‫الثانية‪ -‬ح�صاد للطباعة ‪ -‬اخلرطوم‪2007 .‬‬

‫‪�-5‬أحمد غاين‪ .‬مع مقاربات الت�صوف وقفة مع املقاربة اللغوية ‪ -‬امل�صطلحية‪ .‬على‬
‫الرابط ‪htm.2-http://www.syrianstory.com/comment32‬‬

‫‪� -6‬أعالم على طريق النور‪ .‬ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ البكري ال�شيخ ال�سماين (�أم‬
‫عيدان)‪� -‬صحيفة املائدة‪ -‬العدد رقم ‪-5 -91‬مايو ‪2007‬‬

‫‪ -7‬بابكر االمني الدرديري‪ .‬من ق�ضايا االدب ال�سوداين‪ .‬مطبعة جامعة اجلزيرة‪.‬‬
‫مدين‪2014 ،‬‬

‫‪ -8‬ب�شري خلف‪ .‬جمالية اللون يف القر�آن الكرمي وال�شعر على الرابط‬


‫‪ -9‬بكري الناير حممد الزين‪� .‬شعر املديح النبوي عند ال�شيخ ال�صابونابي درا�سة‬

‫‪193‬‬
‫�أدبية نقدية‪ .‬جملة العلوم الإن�سانية ‪ .2014 -‬على الرابط ‪http://www.sustech.edu/‬‬
‫‪staff_publications/20140603105135248.pdf‬‬

‫‪ -10‬ثاين �أبوبكر عبداهلل‪ .‬املديح النبوي يف �شعر ال�شيخ عبد القادر بن حممد التالكي‬
‫النيجريي‪ .‬ورقة من�شورة يف جملة جامعة بخت الر�ضا العلمية‪ ،‬العدد اخلام�س ع�شر ‪.2015‬‬
‫‪ -11‬ح�سان ب�شري ح�سان‪ .‬رثاء الأب بني العبا�سي و�أبنيه‪ .‬ورقة من�شورة يف جملة‬
‫جامعة بحري ال�سنة الثانية‪ -‬العدد الرابع‪ -‬دي�سمرب ‪2013‬‬

‫‪ -12‬ح�سن الفاحت‪ .‬الدور الديني واالجتماعي والفكري (للطريقة ال�سمانية)‪2004 .‬‬

‫‪ -13‬ح�سن فتح الباب ح�سان بن ثابت‪� :‬شاعر الر�سول ‪e‬الدار امل�صرية اللبنانية‬
‫‪1997‬م‬
‫‪ -14‬ح�سن مكي‪� .‬أ�ســئلة الهـــوية والتجـــديد واالندماج القــومي يف ال�ســودان‪.‬‬
‫* ورقة قدمت يف منتدى مركز التنوير املعريف‪-‬اخلرطوم‪ -‬املنعقد بدار املركز يوم‬
‫‪2009/3/18‬م‪.‬‬
‫‪ -15‬خالد علي عبا�س القط‪ .‬دالالت الأرقام �أمنوذجا رمزيا يف امل�صطلح ال�صويف‪ .‬ورقة‬
‫من�شورة جملة جامعة طيبة‪ :‬للآداب والعلوم الإن�سانية‪ ،‬ال�سنة اخلام�سة‪ ،‬العدد ‪1437 ،8‬ه‪.‬‬
‫‪ -16‬رابعة على عثمان‪ .‬تاريخ الطريقة ال�سمانية يف ال�سودان‪ .‬ر�سالة ماج�ستري جامعة‬
‫اخلرطوم – كلية الرتبية– ‪1996‬‬

‫‪ -17‬رباح ال�صادق املهدي‪ .‬ال�شعر واملدائح عند الأن�صار‪2007 .‬‬

‫‪ -18‬رفيدة حممد �سلمان حممد‪� .‬أدب ال�شيخ ال�صابونابي (درا�سة وحتليل)‪ .‬ر�سالة‬
‫ماج�ستري غري من�شورة‪ -‬جامعة اجلزيرة‪ -‬كلية الرتبي (حنتوب)‪� .2002 -‬ص‪.3 -‬‬

‫‪194‬‬
‫‪� -19‬سعيد جاب اخلري‪.‬العالقة بني الت�صوف و�شعراء امللحون (ال�شعر ال�شعبي) ‪ ‬يف‬
‫اجلزائر‪« ،‬حممد بن م�سايب» منوذجا‪ .‬على الرابط‪http://www.syrianstory.com/‬‬
‫‪htm.2-comment32‬‬

‫‪� -20‬سعيد جاب اخلري‪ .‬امللحون (ال�شعر ال�شعبي) ‪ ‬يف اجلزائر‪« ،‬حممد بن م�سايب»‬
‫منوذجا‪ .‬على الرابط ‪htm.2-http://www.syrianstory.com/comment32‬‬

‫‪ -21‬ال�شيخ ال�سيد يو�سف ال�سيد ها�شم الرفاعي‪ .‬ال�صوفيــة والت�صــوف يف �ضوء‬


‫الكتاب وال�سنـة‪( .‬الكويت ) الطبعة الأوىل ‪.1999‬‬
‫‪� -22‬صربي حممد خليل‪ .‬كتاب عن ال�شخ�صية ال�سودانية‪ ‬درا�سة منهجيه للمظاهر‬
‫الفكرية وال�سلوكية لل�شخ�صية ال�سوداين النا�شر‪ :‬هيئه اخلرطوم لل�صحافة والن�شر‪.‬‬
‫‪ -23‬الطاهر بونابي‪ .‬ن�ش�أة وتطور الأدب ال�صويف يف املغرب الأو�سط‪ .‬على الرابط‬
‫‪htm.2-http://www.syrianstory.com/comment32‬‬

‫‪ -24‬الطاهر حممد علي‪ .‬الأدب ال�صويف ال�سوداين‪1970 .‬‬

‫‪ -25‬عبا�س احلاج ‪ .‬درا�سة �أم عيدان م�سيد‪ ،‬معهد الدرا�سات االفريقية واال�سيوية‪،‬‬
‫‪.2011‬‬
‫‪ -26‬عبد اجلليل عبد اهلل �صالح‪ .‬ال�سمانية‪ :‬املنهج‪ ،‬التاريخ وامل�ستقبل‪ .‬درا�سة‬
‫معا�صرة حتت الن�شر‪.‬‬
‫‪ -27‬عبد اجلليل عبد اهلل �صالح‪ .‬ال�شيخ ال�سماين ال�شيخ الب�شري (�أبو الن�سيم) ‪،‬‬
‫مطبعة العملة ال�سودانية‪2016 ،‬‬

‫‪ -28‬عبد احلمن حممد عبد املاجد ود الكبيدة‪ .‬االعالم عند ال�صوفية‪ .‬مطبعة ح�صاد‬

‫‪195‬‬
‫‪ -‬اخلرطوم ‪� 2007‬ص ‪49‬‬

‫‪ -29‬عبد احلميد حممد احمد‪ .‬ال�صوفية جتربة �إن�سانية متميزة‪ .‬جملة الفي�ض العدد‬
‫التا�سع رجب ‪1421‬هـ‪� -‬أكتوبر ‪2000‬م‬
‫‪ -30‬عبد اللطيف البوين‪ .‬و عبداللطيف �سعيد‪ .‬مطبعة التي�سري‪ ،‬اخلرطوم‪2000 .‬م‪.‬‬
‫‪ -31‬عبد القادر عي�سى‪ .‬حقائق عن الت�صوف‪ .‬حلب ‪2001‬م‬
‫‪ -32‬عبداللطيف حني‪ .‬ال�شعر ال�صويف ال�شعبي اجلزائري بني كثافة الت�صوير وبالغة‬
‫املعنى‪ .‬درا�سات يف الرتجمة و وحتليل اخلطاب‪ .‬العدد ‪ 16 ،1‬ابريل ‪2016‬‬

‫‪ -33‬عبد اهلل باباحد‪ .‬متثل الأولياء ال�صاحلني لدى مريدي الزوايا‪ ،‬درا�سة ميدانية‬
‫ملرييدي الز�أوية القادرية بورقلة‪ .‬جامعة قا�صدي مرباح ورقلة‪ .‬اجلزائر‪.2014 -‬‬
‫‪ -34‬عبد اهلل حمادي‪ .‬العالقة التماثُلية بني ال�شعر والت�صوف ‪� .‬صحيفة الن�صر‬
‫االلكرتونية‪ .‬الثالثاء‪ 05 ،‬كانون‪/2‬يناير ‪ 2016‬العالقة بني الت�صوف و�شعراء‬
‫‪ -35‬عبد املجيد عابدين‪ .‬تاريخ الثقافة العربية يف ال�سودان‪ .‬دار النه�ضة‪،1967 ،‬‬
‫‪ -36‬عبد الهادي ال�صديق‪ .‬ا�صول ال�شعر ال�سوداين‪ .‬املجل�س القومي لرعاية االداب‬
‫والفنون‪ -‬اخلرطوم‪� ،1973 .‬ص‪97‬‬

‫‪ -37‬علي عبيدات‪ .‬ابن الفار�ض يف �أوج نريفانا اخلمر‪ 2015 .‬على الرابط ‪http://‬‬
‫‪28970/11/thaqafat.com/2015‬‬

‫‪ -38‬الفاحت قريب اهلل النا�صر كرب‪ .‬الطريقة ال�سمانية وانت�شارها يف نيجرييا‪.2011 -‬‬
‫‪ -39‬فائزةالطيب حممد�أحمد‪ .‬ال�شيخ املجذوب حياته و�شعره‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫بحثمقدملنيلدرجةاملاج�ستري يف الأدب والنقد‪ .‬جامعة امدرمان الإ�سالمية معهد بحوث‬
‫ودرا�سات العامل الإ�سالمي ق�سم الدرا�سات النظرية‪.2006 .‬‬
‫‪ -40‬لني جمران‪ .‬اخلمر واملر�أة‪ ...‬لأن ال�صوفية جت�أوزت احلوا�س‪ .‬نوفمرب ‪ .2014‬على‬
‫الرابط‬
‫‪http://rep-eye.com/cutu‬‬
‫‪re/13252-33-14-09-11-2014-25150/25-02-13-28-04-2013-.html‬‬
‫ماهية الت�صوف و�سمات �أهله متوفر علي الرابط‬
‫‪ -41‬حممد عو�ض عبو�ش‪ .‬بني �سنار واخلرطوم‪ .‬مركز عبد الكرمي مريغني‪ -‬ام‬
‫درمان‪� .2014 -‬ص‪.36‬‬
‫الدخيل‪ُ .‬طقو�س ا ُحلب يف ال�شعر ال�صويف و�صِ ناعتها – درا�سة‬‫‪ -42‬حممد ماجد ّ‬
‫نظر ّية وتطبيق ّية‪� .‬إىل اللجنة املنظمة مل�ؤمتر فيالدلفيا الدويل الثالث ع�شر بعنوان «ثقافة‬
‫ا ُحلب والكراهية» يف الفرتة ‪29-27‬ت�شرين �أول ( �أكتوبر) ‪2008‬م جامعة فيالدلفيا‪ -‬كلية‬
‫الآداب‪ -‬الأردن – ّ‬
‫عمان‪.‬‬
‫‪ -43‬حممد�أحمدالكنون‪ .‬وقفات مع مولدالهدى‪ -‬الطريقةال�سمانية الدندر‪.‬‬
‫جريدةالأيام ‪ 17‬ربيعالأول ‪1438‬هـ ‪ -16‬دي�سمرب ‪2016‬م‪.‬‬
‫‪ -45‬حممود يو�سف ال�شوبكي‪ .‬مفهوم الت�صوف و�أنواعه يف امليزان ال�شرعي‪ .‬جملة‬
‫اجلامعة الإ�سالمية – املجلد العا�شر ‪ ،‬العدد الثاين ‪� ،‬ص ‪�– 355‬ص‪ .200، 428‬متوفرة‬
‫على الرابط ‪http://elibrary.mediu.edu.my/books/MAL02647.pdf‬‬

‫‪ -46‬حمي الدين �صالح‪ .‬االدب ال�صويف واثره يف الدعوة اال�سالمية منوزج من‬
‫ال�سودان العربي االفريقي‪ .‬جامعة افريقيا العاملية‪ ،‬ورقة علمية قدمت يف مومتر اال�سالم‬

‫‪197‬‬
‫يف افريقيا‪،‬‬
‫‪ -47‬امل�سلمي كمال الدين احلاج �أحمد‪ .‬دور امل�سيد واخللوة يف التعليم والدعوة‪.‬‬
‫املجلة العلمية جلامعة الإمام املهدي العدد )‪) - 7‬يوليو ‪2016‬م‬
‫‪ -48‬ن�صر الدين �سليمان علي ف�ضل اهلل‪ .‬درا�سات فكرية يف الت�صوف بال�سودان‪،‬‬
‫�أوراق وتو�صيات امل�ؤمتر الأول للدرا�سات الفكرية للت�صوف يف ال�سودان‪ .‬دار عزة للن�شر‬
‫والتوزيع‪2008 .‬م‪.‬‬
‫‪ -49‬يحيي حممد �إبراهيم‪ .‬مدر�سة �أحمد بن �إدري�س املغربي و�أثرها يف ال�سودان‪ .‬دار‬
‫اجليل بريوت ‪.1993‬‬
‫‪ -50‬يو�سف زيدان‪� .‬شعراء ال�صوفية املجهولون‪ .‬دار اجليل بريوت‪1996 .‬‬

‫فيديو‬
‫‪ -51‬فيديو م�سجل ل�شيخ عبد الرحيم ال�شيخ حممد �صالح خليفة املقام بامرح يف‬
‫زيارة الم عيدان ‪2011‬م‪.‬‬

‫‪198‬‬
: ‫مراجع باللغة االجنبية‬

1- Amani M. Obeid. Middle Class and Sufism: The Case Study of


the Sammaniyya Order Branch of ShaikhAl Bur’ai. A Dissertation
submitted for the fulfillment of the requirements of the PhD Degree in
Political Science، University of Khartoum May 2008

2- Abdulgalil Abdalla Salih. The Sammaniyya: Doctrine، History &


Future. 20015.

Websites

3- http://almontadaaladabi.blogspot.com/20101/12/.html

4- http://almontadaaladabi.blogspot.com/20101/12/.html

5- http://chechnyaconference.org/material/chechnya-
convention2016-what-is-sufism.pdf

6- http://consult.islamweb.net/mohammad/index.php?group=artic
les&lang=A&id=183157

7- http://mawdoo3.com/

8- http://omdoban.his-forum.com/t176-topic

9- http://www.alargam.com/prove/jommal/

10- http://www.almesbar.net/356/.pdf

199
11- http://www.diwanalarab.com/spip.php?article28285

12- http://www.drqandil.com/resources/16‫ �أعالم ال�شعر ال�صويف‬20%


‫ على الرابط‬-
13- http://www.ghrib.net/vb/showthread.php?t=20731

14- http://www.kasnazan.com/article.php?id=624

15- http://www.mohameddawood.com/Article/view.aspx?
&Section

16- http://www.nafahat7.net/index.php?page=soufisme_lettre

17- http://www.nooreladab.com/articles.
php?action=show&id=52Retrieved 202016/7/

18- http://www.startimes.com/?t=5868749

19- http://www.sudaress.com/alsahafa/33181

20- http://www.sudaress.com/sudansite/1017

-https://arabic.sputniknews.com/arab_
world/201802281030425912-http://www.binbayyah.net/portal/
research/622

-‫ ماهية الت�صوف و�سمات �أهله متوفر علي الرابط‬http://chechnyaconference.


org/material/chechnya-convention2016-what-is-sufism.pdf

200
‫مسيد الشيخ أحمد الطيب بن البشري بأ مرح ‪ -‬شامل أم درم‬

‫قبة الشيخ البشري ود نورالدائم‬

‫‪203‬‬
‫قبة الشيخ محمد ود طه األزرق ‪ -‬دبريك‬

‫قبة الشيخ السامين الشيخ البشري‬

‫‪204‬‬
‫الشيخ السامين الشيخ البشري‬

‫‪205‬‬
‫الشيخ البكري الشيخ السامين‬

‫الشيخ السامين الشيخ البكري‬

‫‪206‬‬
‫الشيخ السامين الشيخ البكري‬

‫الشيخ السامين والشيخ حسن البرصي‬

‫‪207‬‬
‫الشيخ السامين وشيخ نور الدائم الشيخ البكري‬

‫الشيخ السامين وشيخ محمد الشيخ البكري‬

‫‪208‬‬
‫الشيخ السامين وشيخ الطيب الشيخ البكري‬

‫السند القادري السامين بأم عيدان‬

‫‪209‬‬
‫الشيخ السامين والشيخ حسن الشيخ الفاتح‬

‫الشيخ السامين والشيخ عبد الرحيم الشيخ محمد صالح‬

‫‪210‬‬
‫النعامة يف جلسة سكون مع الشيخ‬

‫غزالن املسيد‬

‫‪211‬‬
‫شجرة الدليب من املعامل االبارزة الم عيدان‬

‫مع محمد زيادة‬

‫‪212‬‬
‫عيد االضحى ‪2018‬م‬

‫عيد الفطر ‪2014‬م‬

‫‪213‬‬
214
‫الراية‬

‫عيد الفطر ‪2018‬م‬

‫‪215‬‬
‫عيد الفطر ‪2014‬م‬

‫‪216‬‬
‫مسيد أم عيدان‬

‫مع جامعة من رجال الدعوة والتبليغ ‪2014‬م‬

‫‪217‬‬
‫مع زائر امرييك ‪2009‬م‬

‫الشيخ يف جلسة صفاء مع شاعر املسيد سيف الدين سليامن‬

‫‪218‬‬
‫مع الفقراء‬

‫مع شيخ املصباح‬

‫‪219‬‬
‫الطيب تاج الدين و حاج أحمد ود النور‬

‫شيخ البكري الشيخ السامين‬

‫‪220‬‬
‫حاج الخري‬

‫الشاعر سيف الدين سليامن‬

‫‪221‬‬
‫الشاعر محمد الطيب العريق‬

‫الشاعر محمد ود البدوي‬

‫‪222‬‬
‫الشيخ الشاعر األمني أحمد القريش‬

‫األستاذ الشاعر محمد بابكر الدرويش‬

‫‪223‬‬
‫الشاعر محمد البشري‪ -‬القمبيال‬

‫الشاعر البشري القاليت‬

‫‪224‬‬
‫الشاعر الفاتح دفع الله صالح‬

‫املادح محي الدين األمني‬

‫‪225‬‬
‫محمد الشيخ السامين‬

‫‪226‬‬
‫الشاعر نورالدائم محمد البشري‬

‫شيخ البكري الشيخ السامين‬

‫‪227‬‬
‫منظومة ج�آلية الكرب‬
‫ل�سيدي حممد ال�سمان‬

‫يا ملجأ القاصد يا غوثاه‬ ‫ال���ل���ه ي���ا ال���ل���ه ي���ا ال��ل��ه‬


‫مبظهر االس�ماء برس الذات‬ ‫ندعوك مضطرين بالصفات‬

‫بكنزك املخفي بالبهاء‬ ‫ب�سر رس ال��ط��م��س بالعامء‬


‫من عامل الغيب إيل الشهود‬ ‫ب�����أول ال����ب����ازر ل��ل��وج��ود‬

‫وما حواه الكون من مكنون‬ ‫مبا انطوي يف علمك املصون‬


‫بالعامل االسني وباألمالك‬ ‫ب��ال��ع��رش ب��ال��ف��رش ب��االف�لاك‬
‫بالصحو واملحو وبالبقايئ‬ ‫ب�سر جمع الجمع بالفناء‬
‫ل��وح��دة املظاهر الكثرية‬ ‫بنقطة ال���دائ���رة امل��ش�يرة‬
‫وآل����ه وص��ح��ب��ه ال��ك��رام‬ ‫بالهاشمي املصطفي التهامي‬
‫خرب االنام ذا الحياء والجاه‬ ‫بالغوث واملحبوب عبد الله‬
‫غوث اللهيف وترجامن الذكر‬ ‫أعني بن عباس عظيم القدر‬
‫ومصطفي البكري ذي االيقان‬ ‫بالشيخ عبد القادر الجيالين‬
‫كذا الدسوقي سيدي الجليل‬ ‫وب��ال��رف��اع��ي م��رف��ق العليل‬
‫بالشافعي وم��ال��ك أواه‬ ‫ب��أح��م��د ال��ب��دوي ي��ا ألهي‬

‫وك��ل خرب ف��اق يف العرفان‬ ‫ب��أح��م��د وع��ب��دك النعامن‬


‫فقد توسلنا يهم ي��ا داين‬ ‫وك��ل قطب م��ن ح�ماك داين‬
‫وق��ت��ف��ي ألن��ه��ج املسالك‬ ‫بكل محبوب وع��ب��د سالك‬
‫وطيب الصوفية األعيان‬ ‫ب��س��ي��دي امل��ك��ن��ي بالسامين‬
‫نيل املني وي�سر املطالب‬ ‫هب يل وأتباعي وكل طالب‬
‫وح��ف��ن��ا بحصنك املنيع‬ ‫واس��ي��ل السرت ع�لي الجميع‬
‫وعافينا ي��ا رب واحمينا‬ ‫واش��ف��ن��ا م��ن ك��ل داء فينا‬
‫ونجنا م��ن ذل��ة ال��س��ؤال‬ ‫وي�سر الكسب م��ن الحالل‬
‫وص��ف��ه م��ن درن االك���دار‬ ‫وط��ه��ر القلب م��ن االغ��ي��ار‬

‫‪228‬‬
‫وأس��ل��ك ب��ه��ا سبيل خري‬ ‫وأحفظ لنا الرس مع الجنان‬
‫واسلك بها سبيل خري داعي‬ ‫وخلص النفس من الدواعي‬
‫وعمل إيل انقضاء األجل‬ ‫وم��ن��ك فأكرمنا بعلم أزيل‬
‫وس��ائ��ر االق���وال واالف��ع��ال‬ ‫وسهل االخ�ل�اص يف االع�مال‬
‫وم��ن حمى حبه فارزقنا‬ ‫وإلت��ب��اع املصطفى وفقنا‬
‫بكل علم ظ��اه��ر وباطن‬ ‫وزي���ن ال��ظ��واه��ر والبواطن‬
‫ومن بسوء قد نوى حامنا‬
‫ول��س��واك ي��ا رب ال تكلنا‬ ‫واق��ص��م بقهر ك��ل م��ن اذان��ا‬
‫وك���ف ك���ف ال��ظ��امل�ين عن‬
‫وش��ام��ت معنف معاند‬ ‫ونجنا م��ن كيد ك��ل حاسد‬
‫وم����ن ك���ل ه���م وب�ل�اء‬ ‫واجعل لنا منكل ضيق فرجا‬
‫م����خ����رج����ا(ث��ل�اث����ا)‬
‫ك���ل ع����دو م��ف�تر وج���ان‬ ‫واكمد بنار الغيظ والخرسان‬
‫ح��ج��اب س�تر ش��ام��ل ثني‬ ‫واجعل لنا من لطفك الخفي‬
‫ع�لي ي��ا عظيم ي��ا جبار‬ ‫ي��ا ح��ي ي��ا ي��ق��وم ي��ا قهار‬
‫م��ن ف�تن ال��زم��ان واآلف��ات‬ ‫ي���ارب اح��ف��ظ��ن��اايل امل�مات‬
‫وخصنا بالفوز يف الجنان‬ ‫واخ��ت��م لنا ي���ارب ب��اإلمي��ان‬
‫يا من لنا إحسانه املبذول‬ ‫ي���ا ب���ر ي��اك��ري��م ي��أوص��ول‬
‫بحق من فيك له أضحى قدم‬ ‫ومن لهم يف سلكهم قد انتظم‬
‫عيل شفيع املذنبني احمدا‬ ‫ث��م ال��ص�لاة وال��س�لام رسم��دا‬
‫وك��ل ص��ب ل��ح�ماك داع��ي‬ ‫االل واألص���ح���اب واإلت��ب��اع‬
‫واكشف السوء عنا فانا ضعفاء‬ ‫ي��أرب أدركنا بجاه املصطفي‬
‫(ث������ل�����اث������������ا)‬

‫‪229‬‬

You might also like