You are on page 1of 89

‫نشر طي التعريف في فضل حملة العلم الشريف‬

‫والرد على ماقتهم السخيف‬


‫المإام العلمإة‬
‫جمإال الدين مإحمإد بن عبد الرحمإن بن عمإر الحبيشي‬

‫كتابب مفيد في بابه‪ ،‬يزهو بحق على أترابه؛ فهو ينشر فضل العلم‪ ،‬ويكشف عن سمو محمملته‪ ،‬ورفعة ناقليه‪ ،‬ويذود عن‬
‫لحوم العلماء‪ ،‬ويدافع عن هؤلء الصأفياء ورثة النبياء‪ ،‬وينوه بفضائلهم‪ ،‬ويشيد بشرفهم‪ ،‬ويرغغب في النخراط في‬
‫سلكهم‪ ،‬والتأدب في مجالسهم‪.‬‬
‫فالكتاب مليء بمناقب العلماء‪ ،‬وفضائل حملة الشريعة الغراء؛ ففصأوله مزينة بنصأوص من الكتاب والسنة تبرهن على‬
‫رفعة العلماء‪ ،‬وتؤكد على أهمية العلم الشرعي‪.‬‬
‫كما أضاف إلى ذلك ححكما بالغة من حكم القدمين‪ ،‬وآثارا سنيية من أقوال السالفين‪ ،‬وقصأصأا تحوي عبرا‪ ،‬ومواقف‬
‫مثالية لئمة ظهرت في مواقفهم عزة العلم‪ ،‬وجرأة المخلصأين‪ ،‬ونصأائح المتقين‪.‬‬
‫كما تخللل تلك الفصأول مناظيم حكملية‪ ،‬وأشعار هادفة‪ ،‬تضم نصأائح‪ ،‬وتهدي إلينا عصأارة فكر القدمين‪.‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬


‫الحمد ل رب العالمين ول إله إل ال الحق المبين والعاقبة للمتقين والصألة والسلم على‬
‫محمد خاتم النبيين وعلى آله وصأحبه وأهل بيته أجمعين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى‬
‫يوم الدين‬
‫وبعد فإنا نشهد ال سبحانه وتعالى وملئكته وأنبياءه ورسله وجميع خلقه أنا رضينا بال‬
‫ربا وبمحمد صألى نبيا وبالقرآن إماما وبالسلم دينا وبالشريعة هاديا ودليل وبآل‬
‫محمدأولياء وبالمؤمنين إخوانا وأنا حامدون ل على نعمائه راضون بتقديره وكل قضائه‬
‫معتقدون أن ال سبحانه عدل في جميع أقضيته حكيم في كل ما قدره في بريته ل‬
‫يعترض عليه فيما قضى بل يجب تلقي ذلك بالرضى إذ أفعاله سبحانه كلها عدل وما‬
‫أعطى فهو منه بر وفضل‬
‫وهو تبارك وتعالى أعلم بمصأالح خلقه فيجب على كل عاقل الرضا برزقه ومن اعتقد‬
‫هذا فقد أفلح وأنجح فإن ال تعالى ل يقضي للمؤمن إل ما هو له أصألح قال رسول ال‬
‫عجبا لمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لحد إل للمؤمن إن أصأابته سراء شكر‬
‫فكان خيرا له وإن أصأابته ضراء صأبر فكان خيرا له رواه مسلم في صأحيحه‬
‫فالمؤمن متقلب بين خيرين اثنين لنه ل يخلو من حالتين إن أنعم عليه فشكر أجر وإن‬
‫ابتلي فصأبر أجر‬
‫فالحمد ل على ما أنعم‬
‫وقد أرسل ال سبحانه وله الحمد رسوله محمدا علىحين فترة من الرسل وضللة في‬
‫السبل وعماية في القبل وجهل في الجاهلية الجهل وانصأراف عن الطريقة المثلى‬
‫فدعا الخلق كلهم إلى ال تعالى وإلى طاعته وأمرهم بامتثال أمر ال تعالى ومتابعته‬
‫وشرع لهم من دين ال ما وصأى به إبراهيم وموسى وعيسى بإقامة الدين‬
‫وتقوى ال رب العالمين وأوضح لهم الطريق وأخرجهم من المضيق وهداهم إلى‬
‫الصأواب بما أنزل عليه من الكتاب وشرع لهم الشريعة المطهرة وسلك بهم الطريق‬
‫الميسرة‬
‫ولم يزل يبين لهم الحكام وينصأب لهم العلم ويوضح لهم شرائع السلم‬
‫وأنزل ال سبحانه عليه امتنانا وإيضاحا وتبيينا اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم‬
‫نعمتي ورضيت لكم السلم دينا ثم دعاه ال تعالى إليه ونقله من الدنيا وأزلفه لديه‬
‫فترك بعده الخلفاء الراشدين والئمة الهداة المهتدين الحماة على الشريعة والدين رضي‬
‫ال عنهم أجمعين فتبعوا سبيله المستبين وبينوا الشريعة للمسلمين ووضعوا لها قواعد‬
‫وقوانين وجعلوا يهدون بالحق وبه يعدلون‬
‫ودعوا إلى الحجج الواضحة المنيعة وأقاموا الخلق على قانون الشريعة‬
‫ولم يزل المر يزكو وينمو والدين يعلو ويسمو‬
‫قد شرف ال سبحانه وله الحمد العلم والعلماء وجعلهم أفضل من تحت أديم السماء وأثنى‬
‫ال سبحانه‬

‫على العلماء بنفسه في اليات الزاهرة ورفع منازلهم وجعلها بينة ظاهرة وأعلى مراتبهم‬
‫في الدنيا و الخرة‬
‫وأوجب ال تعالى على جميع عباده وعلى الملوك الذين مكنهم ال في بلده طاعة العلماء‬
‫والنقياد لمرهم وجعلهم حجة على خلقه بأسرهم فهم النور الذي يستضيئون به في برهم‬
‫وبحرهم‬
‫وهم خلفاء ال وخلفاء رسله في أرضه وهم أمناؤه في تبيين شرعه وفرضه وهم حجته‬
‫على عباده اكتفى بهم عن بعث نبي وإرسال نذير كما قيل‬
‫حجج الله على الورى علماؤهم ‪ ...‬في كل عصأر بعد كل رسول‬
‫قال أبو السود الدؤلي الراوي عن علي رضي ال عنهما ليس شيء أعز من العلم‬
‫الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك ذكره الثعالبي في تفسيره سورة‬
‫النساء وذكره صأاحب كتاب زهرة العيون وغيرهما‬
‫فما زال العلماء حكاما على السلطين والسلطين سيفا ونصأرة للدين وما برح الملوك‬
‫بالعلماء يقتدون‬
‫وبقولهم يهتدون ل يضع الملوك سيفا ول يغمدونه إل بما قاله علماؤهم ل يعتدونه‬
‫قد عرفوا للعلماء حقوقهم وسلكوا بأفعالهم طريقم وأذلوا من رام عقوقهم‬
‫ونصأروا الشريعة بالسيف وردوا إليها من أظهر الحيف ولم يقولوا لم هذا ول كيف بل‬
‫مهدوا الرض للعلماء تمهيدا وتبعوا أحكامهم وقلدوهم تقليدا ونصأروا الشرع والعلماء‬
‫نصأرا حميدا‬
‫علموا أن العلماء هم الوسائط بن ال وبين خلقه وأنهم العارفون بما يجب من رعاية حقه‬
‫فقدروهم قدرهم وشدوا بهم أزرهم وجعلوا من طاعة ال نصأرهم‬
‫وتواضعوا للعلم والعلماء ولم يتكبروا وانقادوا تحت أمر علمائهم ولم يتجبروا‬
‫روي أن أمير المؤمنين هارون الرشيد لما قدم المدينة حاجا وجه البرمكي إلى المام‬
‫مالك بن أنس الفقيه رضي ال عنهما وقال له يقول لك أمير المؤمنين احمل إليه الكتاب‬
‫الذي صأنفته يعني الموطأ ليسمعه عليك فقال له مالك أقرئه السلم وقل له إن العلم يزار‬
‫ول يزور ويؤتى ول يأتي‬

‫فرجع البرمكي إلى هارون فأخبره ثم قال له البرمكي يا أمير المؤمنين يبلغ أهل العراق‬
‫أنك وجهت إلى مالك بأمر فخالفك اعزم عليه حتى يأتيك‬
‫فبينا هم كذلك إذ بمالك رحمه ال قد دخل وليس معه الكتاب جاء مسلما على الخليفة فسلم‬
‫وجلس فقال له هارون يبلغ أهل العراق أني سألتك أمرا من المور سهل فأبيت علي‬
‫فقال مالك يا أمير المؤمنين إن ال قد جعلك في هذا الموضع لعلمك فل تكن أول من‬
‫يضع العلم فيضعك ال ولقد رأيت من ليس هو في حسبك ونسبك يعز هذا العلم ويجله‬
‫فأنت أحرى أن تجله‬
‫ولم يزل يعدد عليه من ذلك أشياء حتى بكى هارون ثم قال مالك أخبرني الزهري عن‬
‫خارجة قال قال زيد بن ثابت كنت أكتب بين يدي رسول اللهالوحي في كتف ل يستوي‬
‫القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل ال وابن أم مكتوم عند النبيفقال يا رسول‬
‫ال أنا رجل ضرير البصأر فهل لي‬

‫من رخصأة يعني في ترك الجهاد‬


‫فقال النبي ل أدري قال زيد وقلمي رطب ما جف حتى غشي النبيالوحي فوقعت فخذه‬
‫على فخذي فكادت تندق من شدة الوحي ثم سري عنهفقال اكتب يا زيد غير أولي الضرر‬
‫قال فحرف واحد يا أمير المؤمنين بعث فيه جبريل عليه السلم والملئكة من مسيرة‬
‫خمسين ألف عام حتى نزل على النبيأفل ينبغي لي أن أعزه وأجله قال بلى ثم إن هارون‬
‫أتى إلى منزل مالك ليسمع منه الكتاب وال الموفق للصأواب‬
‫ولما رحل المام الشافعي رحمه ال إلى العراق أتاه رسول محمد بن الحسن وأبي يوسف‬
‫يطلبانه القدوم عليهما ليسأله عن الشيء من العلم فقال لرسولهما قل لهما إن من حكم‬
‫العلم أن يؤتى ول يأتي فإن كان لهما حاجة فليأتياني فرد عليهما الجواب فأتياه لذلك‬
‫وقد قيل بقاء الدنيا بسيوف المراء ولسان العلماء فعليك بطاعتهما إل في معصأية ال‬
‫سبحانه‬

‫وروى أبو نعيم في كتاب حلية الولياء أن عبد الرحمن بن خالد أرسل إلى أبي حازم‬
‫رحمه ال أن ائتنا حتى نسألك وتحدثنا فقال أبو حازم معاذ ال أدركت أهل العلم ل‬
‫يحملون الدين إلى أهل الدنيا فلن أكون أول من فعل ذلك فإن كان لك حاجة فأبلغنا‬
‫فتصأدى له أبو عبد الرحمن وقال ازددت بها علينا كرامة‬
‫وروينا في كتاب تقييد المهمل للحافظ الجباني رحمه ال بإسناده أن المير خالد بن أحمد‬
‫الذهلي والي بخارى بعث إلى المام البخاري رحمه ال أن احمل إلي كتاب الجامع‬
‫والتاريخ وغيرهما لسمع فقال البخاري لرسوله أنا ل أذل العلم ول أحمله إلى أبواب‬
‫الناس فإن كان لك إلى شيء منه حاجة فاحضرونى في مجلسي في داري فإن لم يعجبك‬
‫هذا فأنت سلطان فامنعني من المجلس ليكون عذرا لي عند ال يوم القيامة‬
‫ومن أمثال العرب المشهورة المتداولة بينهم في الجاهلية والسلم قولهم في بيته يؤتى‬
‫الحكم حتى إن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي ال عنه كان بينه وبين أبي رضي‬
‫ال عنه خصأومة في مواريث فأتيا‬

‫زيد بن ثابت رضي ال عنه في منزله ليحكم بينهما فقال يا أمير المؤمنين لو أمرتني‬
‫لجئتك قال عمر في بيته يؤتى الحكم‬
‫وقال بعض الحكماء من الشريعة أن يجل أهل الشريعة ويحكى أن أمير المؤمنين أبا‬
‫جعفر المنصأور خرج حاجا إلى بيت ال الحرام فلما قرب من المدينة تلقاه وجوه أهلها‬
‫من قريش والنصأار وغيرهم وكان فيمن تلقاه عبد ال بن الحسن بن الحسن بن علي بن‬
‫أبي طالب رضي ال عنهم في رجال من قريش ووجوه بني هاشم مشاة ولقيه محمد بن‬
‫عمران راكبا وكان قاضيه على المدينة وكان رجل بدينا فغاظ أبا جعفر المنصأور تلقيه‬
‫له راكبا وبلغ منه كل مبلغ وقال لوزيره الربيع يتلقاني سراة قريش والنصأار ورؤوس‬
‫العرب مشاة ويتلقاني عبد ال بن الحسن راجل في بني هاشم ويتلقاني ابن عمران راكبا‬
‫وال لعاقبنه ولنكلن به أو يخرج مما فعل‬
‫قال فلما استقر قراره وجه إليه فلما دخل عليه ومثل‬
‫بين يديه قال له يا ابن عمران بلغني أن فيك ثلث خصأال لتخرجن منها أو لجعلنك نكال‬
‫قال وما هن يا أمير المؤمنين قال بلغني أنك ل تصألي في مسجد رسول اللهوأنك ل‬
‫تخالط أشراف الناس ول سوقتهم تيها وكبرا وأنك بخيل بذات يدك‬
‫فقال يا أمير المؤمنين أما تركي للصألة في مسجد رسول اللهفإني ما تركت ذلك رغبة‬
‫عنه ول جهل بفضيلته ولكني رجل بدين ل ألحق المام في ركوعه وسجوده ول قيامه‬
‫وقعوده فلزمت الصألة في منزلي لؤدي فرضي كما وجب علي وأتم ركوعي وسجودي‬
‫ولول ذلك ما تلقيت أمير المؤمنين راكبا‬
‫وأما ما ذكره أمير المؤمنين من تركي مخالطة أشراف الناس وسوقتهم تيها وكبرا فإنما‬
‫تركت ذلك خوفا أن أخالط أشراف الناس فيجترئوا على ضعافئهم أو أخالط ضعفاءهم‬
‫فيجترئوا على أشرافهم وأنا عامل من عمال أمير المؤمنين ل يسعني فيما استرعاني فيه‬
‫إل العدل فيما بينهم فتركت هؤلء وهؤلء لذلك‬

‫وأما قول أمير المؤمنين أني بخيل بذات يدي فإني ما أحمد في حق ول أذم في باطل‬
‫وإنما هو رزق أمير المؤمنين ل أملك غيره فإن تفضل أمير المؤمنين بزيادة سمحت‬
‫وبسطت يدي ولكن يا أمير المؤمنين إن رأيت أن تنظر في أمر بني مخزوم فإنهم ذكروا‬
‫أن عينا ونخل لهم في يدك وقد أكثروا في ذلك وذكروا أنها لهم وأن معهم بذلك بينة‬
‫عادلة تشهد لهم‬
‫فقال المنصأور يا ابن عمران تلك العين والنخل كانت للعباس بن عبد المطلب فقال يا‬
‫أمير المؤمنين اثبت على حجتك وتقيم وكيل وتشهد له شاهدين ممن حضر مجلسك‬
‫فيتكلم بحجتك وما قضي له أو عليه كان لك أو عليك‬
‫قال أبو جعفر قد أقمت وكيل وأشهدت له فلنا وفلنا فقال ابن عمران للشاهدين اشهدا‬
‫على أمير المؤمنين وما وجب له أو عليه فلمير المؤمنين أو عليه قال نعم قال ابن‬
‫عمران فإني أشهدكما ومن حضر أني قد حكمت بالعين والنخل التي في يده لبني مخزوم‬
‫بما صأح عندي لهم‬
‫قال فرأيت أبا جعفر وقد نزل به من الغيظ ما‬

‫لم يملك نفسه معه ثم قام فدخل وقام ابن عمران إلى مسجد رسول اللهفصألى ركعتين ثم‬
‫جلس يحكم بن الناس‬
‫قال فجاءه قوم من الجمالين فقالوا أصألح ال القاضي إن أمير المؤمنين المنصأور اكترى‬
‫منا جمالنا على أن لنقيم في المدينة إل ثلثة أيام وهذا اليوم الثالث فإما رحل بنا ووفى‬
‫لنا وإل علف لنا جمالنا فقال لكاتبه قم معهم إلى باب أمير المؤمنين فإما أنصأفهم وإما‬
‫حضر معهم مجلس الحكم وأعطاه خاتما بإحضاره‬
‫فقام الكاتب مع الجمالين إلى باب الملك فوافى الربيع فقال له أصألحك ال أنا رسول‬
‫القاضي ابن عمران مع هؤلء القوم إلى أمير المؤمنين بكذا وكذا ول أحسب القاضي إل‬
‫قد خولط في عقله ومعي خاتمه ودفعه إلى الربيع فدخل الربيع مغضبا فقال يا أمير‬
‫المؤمنين إنك بسطت لبن عمران حتى تناولك بمثل هذا قال وما هو قال إنه وجه كاتبه‬
‫مع الجمالين ومعه خاتمه بجلبك إلى مجلسه مع خصأمائك قال الربيع فنظرت إلى وجه‬
‫المنصأور وهو يتلون يحمر ويصأفر ثم قال لخادمه‬

‫يا مسرور ائتني بجبة أسماط بيضاء أضعها فوق ثيابي وقلنسوة طويلة وعكاز أتوكأ عليه‬
‫ونعلين عربيتين وناد في الناس برئت الذمة من رجل قام إلى أمير المؤمنين في هذا اليوم‬
‫إذا رآه فليس ذلك‬
‫ثم خرج من دار المارة حتى دخل مسجد رسول اللهفأتى سارية علي رضي ال عنه‬
‫فصألى عندها ركعتين وكان ابن عمران جالسا ينظر في أمور الناس ل يلتفت يمينا ول‬
‫شمال ول يحول وجهه إلى أمير المؤمنين ول يدعو به فلما فرغ المنصأور من ركعتيه‬
‫قال للربيع لئن زادني ابن عمران على حقي شيئا لجعلنه نكال في هذا اليوم‬
‫قال الربيع فقلت في نفسي لنت أهون عليه من ذلك فلما خف مجلسه دعا بالجمالين ثم‬
‫نادى مناديه أين عبد ال بن محمد بن علي فلم يقم المنصأور ثم قال المنادي أين عبد ال‬
‫بن محمد الهاشمي فقام المنصأور قائما فدخل فجلس بين يديه فقال ابن عمران تكلموا‬
‫فقالوا أصألح ال القاضي هذا أمير المؤمنين‬

‫اكترا منا جمالنا إلى مكة على أن ل نقيم بالمدينة إل ثلثا وهذا اليوم الثالث فإما وفى لنا‬
‫بشرطنا وإما علف لنا جمالنا‬
‫فقال القاضي لبي جعفر ما تقول أنت قال ما هكذا شارطناهم فقال للجمالين قد سمعتم‬
‫مقالته فهل عندكم بينة تشهد عليه قالوا لنا ولكن يحلف قال لبي جعفر قد سمعت ما قالوا‬
‫قال له ل أحلف لهم ولكن أعلف لهم جمالهم ما أقاموا بالمدينة ثم نهض المنصأور‬
‫فلما فرغ ابن عمران من نظره بين الناس قام من مسجد رسول اللهفدخل إلى منزله فبكى‬
‫بكاء شديدا ثم اغتسل وتطيب وركب إلى الخليفة فاستأذن عليه فدخل وسلم عليه بالخلفة‬
‫ووقف بين يديه يبكي فقال له المنصأور مالك يا ابن عمران قال يا أمير المؤمنين إنك قد‬
‫قلدتني الحكم وجعلتني حجة بين ال وبينك فلم يسعني في الحكم عليك وعلى رعيتك إل‬
‫العدل والنصأاف‬
‫قال له المنصأور وال يا ابن عمران ما أردت بذلك إل ال ومالك عندي إل المكافأة‬
‫بالحسان فجزاك ال‬

‫خيرا ‪ . . .‬وإني لعلم أنك صأادق أمين ارجع إلى حكمك بين الناس فقد أمرت لك‬
‫بعشرة آلف دينار فاصأرفها في حوائجك وزد في بسط يدك واحكم بين الناس بالسوية‬
‫ول تأخذك في ال لومة لئم فأخذها ابن عمران وانصأرف فهكذا كانوا في اتباع شريعة‬
‫رسول اللهوفي التواضع لها واحترامها واحترام أهلها‬

‫فصأل‬
‫ثم ظهر بعد ذلك ملوك جهلة ووزراء خونة وأجناد فسقة فظلموا وهضموا بأعذار‬
‫وضعوها ورسومات ابتدعوها وتمويهات صأنعوها‬
‫وما نقل عن أحد ممن ظلم وهضم من ملوك العرب والعجم ممن وحد ال وأسلم أنه‬
‫عكس قانون الشريعة ول رام خذلنها في الدنيا الوسيعة ول غير قانونها الرفيع ول رمى‬
‫أهلها بالثلب والتبديع بل أقاموا الدين على رؤوسهم وآثروا نصأر الشريعة على نفوسهم‬
‫وبذلوا الرواح والموال لنصأره وقدروا شرع ال سبحانه حق قدره وأوصأوا بتوقيره‬
‫أخدامهم وأجروا بذلك في كتبهم أقلمهم فكانوا إذا ولوا أميرا على ناحية أو بلدة قاصأية‬
‫فمن أول ما يعهدون إليه ويأخذون عليه القيام بإعزاز الشريعة والحكام اللذين بهما قوام‬
‫السلم‬

‫ومن أمثلة ما يكتبونه له ما حكاه الوزير ضياء الدين نصأر ال بن محمد المعروف بابن‬
‫الثير رحمه ال في كتاب المثل السائر عن الخليفة الطائع ل إذ قال فيما كتبه لبعض من‬
‫وله وأمره أن يوصأي عماله بالشد على أيدي الحكام وتنفيذ ما يصأدر عنهم من الحكام‬
‫وأن يحضروا مجلس القضاة حضور الموقرين لها الذابين عنها المقيمين لرسوم الهيبة‬
‫وحدود الطاعة فيها‬
‫ومن خرج عن ذلك من ذي عقل ضعيف وحكم سخيف نالوه بما يردعه وأحلوا به ما‬
‫يزعجه‬
‫اه‬
‫ومتى تقاعس متقاعس عن حضوره مع خصأم يستدعيه بأمر يوجبه ال فيه أو التوى ملتو‬
‫بحق مقضي عليه ودين مستقر لديه قادوه إلى الشريعة بأزمة الصأغار وجرائم‬
‫الضطرار وأن يحبسوا ويطلقوا بأقوال الحكام وقضاياهم ويثبتوا اليدي في الملك‬
‫وينزعوها بحكمهم وفتواهم فإنهم أمناء ال في فصأل ما يقضون وبث ما يبتون وعن‬
‫كتاب ال وسنة نبيه يوردون ويصأدرون في كلم كثير يدل على التبجيل والتوقير‬
‫ومن تقليد آخر يقول فيه الملك للمشد القائم على‬

‫النظر في المظالم وأمره بإقامة الحق ونصأرته وإبانته وأزرته وأن ل يرد لحاكم حكومة‬
‫ول يغل له قضية ول يتعقب ما ينفذه الحاكم ويمضيه ول يتتبع ما يحكم به ويقضيه في‬
‫كلم طويل جزل يأمر بتعظيم الشرع ويحث على العدل‬
‫ومن تقليد آخر يقول فيه بعض الخلفاء قد جيء بنا في زمن أصأبح الناس فيه سدى وعاد‬
‫السلم فيه غريبا كما بدا وهو الزمن الذي كثرت فيه أشراط اليوم الخير وغربلت فيه‬
‫المة حتى لم يبق إل حثالة كحثالة التمر والشعير‬
‫ومن أهم ما نقرر بناءه ونقدم عناءه ونصألح به الدين وأبناءه أن نمضي أحكام الشريعة‬
‫المطهرة على ما قررته في تعريف ما عرفته وتنكير ما نكرته ولم يأت بنا ال ول ولنا‬
‫ال إل لنعيد الدين قائما على أصأوله صأادعا بحكم ال فيه وحكم رسوله في كلم طويل‬
‫يدل على التبجيل والتجليل للشريعة والدين الحسن الجميل‬
‫وذكر المام الماوردي رحمه ال عن بعض البلغاء أنه قال العلم عصأمة الملوك لنه‬
‫يمنعهم من الظلم ويردهم إلى الحكمة ويصأدهم عن الذية ويعطفهم على‬

‫الرعية فمن حقهم أن يعرفوا فضله ويستبطنوا أهله أي يجعلوهم بطانتهم وخواصأهم‬
‫وقد روي أن زيادا قام في وقت إمارته خطيبا على منبر الكوفة فقال أيها الناس إني قد‬
‫رأيت خلل أقدم إليكم فيهن النصأيحة رأيت إعظام الشريف وإجلل ذوي العلم وتوقير‬
‫ذوي السنان‬
‫وإني أعاهد ال تعالى أني ل أوتى برجل رد على ذي شرف ليرد به شرفه ويضع منه‬
‫إل عاقبته‬
‫ول أوتى بجاهل رد على ذي علم ولحاه ليهجنه ويضع بذلك من علمه إل عاقبته‬
‫ول أوتى بشاب رد على ذي شيبة لم يعرف له سنه إل عاقبته‬
‫إنما الناس بأعلمهم وعلمائهم وذوي أسنانهم‬
‫انتهى كلمه رحمه ال في هذه الخطبة الشريفة‬
‫فلم يزل الملوك والمراء والعوان لهم والوزراء صأادعين بإقامة الشريعة ذابين عن‬
‫معالمها الرفيعة‬
‫قد جعلوا من استخف بها مرتدا عن السلم والدين وأجروا عليه أحكام المرتدين من قتله‬
‫وسلبه ودفنه بغير مقابر المسلمين‬
‫بهذا جرت الولة على إعزاز الشرائع‬

‫تترى مقيمين لدين ال سرا وجهرا من زمن النبوة وهلم جرا‬


‫هذا الملك المجاهد رحمه ال الذي عرف منه ضرب الرقاب واليعاد واليجاف‬
‫والرهاب يقول في جوابه لبعض فقهاء وصأاب حين شكا إليه من رجل سفيه جسر على‬
‫فقيه بالذم والتنويه فكتب الملك إلى المير أجر حكم ال فيه‬
‫فالمستهزىء بالعلم والعلماء ملحق بمن استهزأ باليات والنبياء‬
‫والمستهزىء بذلك كافر بنص القرآن الكريم قال ال سبحانه قل أبال وآياته ورسوله كنتم‬
‫تستهزءون ل تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم فجعل المستهزىء بالعالم كافرا ولم يكن له‬
‫عاذرا‬
‫ووقع هذا الملك أيضا على قضية أخرى شكي إليه فيها عدم قيام الوالي بنصأر الشرع‬
‫الشريف والدين المؤيد الحنيف ما صأورته قد أمرنا بمنشور يقرأ على المنابر باحترام‬
‫الشريعة المطهرة واحترام أربابها حيث كانوا علما منا بأن من نصأرها نصأره ال ومن‬
‫أذلها خذله ال‬

‫قال أقضى القضاة ابن الجنيد رحمه ال وقد رأينا هذا عيانا قريبا في عصأرنا يعني أن‬
‫من أقامها فهو منصأور ومن أهانها فهو مخذول ويشهد لذلك قوله تعالى يا أيها الذين‬
‫آمنوا إن تنصأروا ال ينصأركم أراد بنصأر ال سبحانه وتعالى نصأر دينه وشريعته ورد‬
‫الناس بالسيف إلى طاعته‬
‫وكتب هذا الملك أيضا خطبة بيده توقيعا على قضية وردت من بعض القضاة إليه ما‬
‫مثاله نحن خدام الشريعة وأعوانها نحن سيف الشريعة وسنانها أجر الشرع الشريف‬
‫مجراه ولو على أحد أولدنا ول تحتشم‬
‫اه هذا لفظه منقول من خطه‬
‫فذكر الملك المذكور هذا الكلم الذي هو أشرف من در النظام وهو متشرف بقوله هذا‬
‫بين النام‬
‫ويا له من شرف ما أسناه وبين الملوك ما أعله وما أحسنه وأوله‬
‫وما أشرفه من مقال وما أكرمه من فعال‬
‫فإن جميع العلماء والصأالحين والتقياء والعارفين والفقهاء والمحدثين والئمة‬
‫المتصأدرين والجبابرة المتكبرين والملوك الظلمة والولة الغشمة يتشرفون بالمتداح‬
‫بخدمة‬
‫الشريعة شرفها ال لن خادمها مطيع ل ناصأر لدين ال مقيم لسنة رسول اللهوشرف‬
‫وكرم‬
‫وناهيك بها فضيلة ورتبة جليلة يفاخر عليها ويدعى إليها وفي ذلك فليتنافس المتنافسون‬
‫و لمثل هذا فليعمل العاملون‬

‫فصأل‬
‫وقد نجم في هذا الوقت ناجم وهجم على العلماء هاجم باللوم والعقوق وإهمال الشرائع‬
‫والحقوق ورام عكس المور الشرعية بإثارة المظالم البدعية‬
‫‪ ...‬فل الحق مسلوك ول الشرع قائم‬
‫لم يعرف للشرع الشريف حقه بل أهمله وجفاه وعقه‬
‫فلم ينصأر حاكما ول منع متعديا ظالما‬
‫قد أتعبه حسده وجهله حتى عزب عنه رشده وعقله‬
‫فجعل يتبع العلماء بذمه ويغتابهم بمقته ولومه‬
‫ويضحك الناس منهم ويعجب ويبحث عن زلتهم ويثرب‬
‫وليس بضارهم شيئا إن شاء ال‬
‫فإن سبحانه وتعالى قد أعز العلم والعلماء وشرفهم في الرض والسماء قال رسول ال‬
‫مثل العلماء في الناس كالنجوم‬

‫يهتدون بها في البر والبحر‬


‫وذكره في كتاب زهرة العيون وغيره‬
‫وقال ما انتعل عبد قط ول تخفف ول لبس ثوبا ليغدو في طلب العلم إل غفر له حين‬
‫يخطو عتبة داره ورويناه في كتاب الربعين المحررة في أحاديث المغفرة‬
‫وقال ما من متعلم يختلف إلى باب المعلم إل كتب ال له بكل قدم عبادة سنة وبنى له بكل‬
‫قدم مدينة في الجنة ويمشي على الرض تستغفر له ويمسي ويصأبح مغفورا له وشهدت‬
‫له الملئكة يقولون هؤلء عتقاء ال من النار رواه أبو الليث السمرقندي رحمه ال في‬
‫تنبيهه بإسناده‬
‫وقال إن الملئكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم وإن العالم يستغفر له من في‬
‫السموات ومن في الرض رواه الحافظ أبو عيسى الترمذي في جامعه‬
‫وقال ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صأغيرنا ويعرف لعالمنا حقه‬
‫رواه أبو نعيم الحافظ في كتابه بإسناده‬

‫فالعلماء هم ورثة النبياء وهم قدوة التقياء بل هم صأفوة الولياء‬


‫اه‬
‫روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه في سننهم المشهورة أن النبيقال إن العلماء ورثة‬
‫النبياء وإن النبياء لم يورثوا دينارا ول درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ‬
‫وافر‬
‫وذكر المام النووي في كتاب التبيان وغيره عن المامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي‬
‫رحمهما ال تعالى أنهما قال إن لم يكن العلماء أولياء ل فليس ل ولي‬
‫وروى المام الحافظ الخطيب البغدادي بإسناده عن الخليل بن أحمد رحمه ال أنه قال إن‬
‫لم يكن أهل القرآن والحديث أولياء ال فليس ل في الرض ولي‬
‫وروى أيضا بإسناده عن أبي عمران الصأوفي رحمه ال أنه قال رأى أحمد بن حنبل‬
‫رحمه ال أصأحاب الحديث وقد خرجوا من عند محدث والمحابر بأيديهم فقال أحمد إن لم‬
‫يكن هؤلء الناس فل أدري من الناس‬

‫والعلماء أيضا هم خلفاء رسول ال‬


‫روى الخطيب البغدادي وأبو نعيم الحافظ والقاضي الحسن بن خلد الرامهرمزي‬
‫بأسانيدهم عن علي رضي ال عنه أنه قال خرج رسول ال اللهم ارحم خلفائي قال قلنا يا‬
‫رسول ال ومن خلفاؤك قال الذين يأتون من بعدي يروون أحاديثي وسنتي ويعلمونها‬
‫الناس‬
‫وأنشد المام أبو عبد ال محمد بن النعمان رحمه ال شعرا في المعنى يقول فيه‬
‫هم خلفاء للنبي كما أتى ‪ ...‬علي رواه ثم عنه رويناه‬
‫فالعالم خليفة رسول ال في أمته وهو واسطة بين ال تعالى وبين بريته‬
‫يحرم ويبيح ويميز الفاسد من الصأحيح‬
‫وهو كما ذكر موقع عن ال ومعبر عن رسول ال‬
‫وهذه هي المرتبة العليا وهذا هو الشرف القصأى‬

‫روي أن معاوية نزل بالبطح حاجا في خلفته معه زوجته فاخته بنت قرظة والناس‬
‫يصأدرون وإذا برجل قد حف به لفيف من الناس يسألونه عن أشياء أشكلت عليهم من أمر‬
‫دينهم وذلك الرجل يفتيهم‬
‫فالتفت معاوية إلى بنت قرظة وقال هذا وأبيك الشرف هذا وال شرف الدنيا وشرف‬
‫الخرة‬
‫ولقد صأدق معاوية في قوله فإن العالم قائم في المة مقام النبياء وهو سراج المة‬
‫وضياؤها بل مراء‬
‫يبين لهم الحكام ويفرق لهم الحلل من الحرام ويخرجهم بفتواه من الثام ويوضح لهم‬
‫شرائع السلم‬
‫قال المام أبو عمرو بن الصألح رحمه ل فيما يرويه عن سهل بن عبد ال التستري‬
‫رحمه ال وكان أحد الصأالحين المعروفين بالمعارف والكرامات أنه قال من أراد أن‬
‫ينظر إلى مجالس النبياء عليهم السلم فلينظر إلى مجالس العلماء يجيء الرجل فيقول يا‬
‫فلن أيش تقول في رجل حلف على امرأته بكذا وكذا فيقول طلقت امرأته‬
‫وهذا مقام النبياء فاعرفوا لهم ذلك‬
‫هذا آخر كلمه رحمه ال‬

‫فيا له من شرف ما أعله ومن عز ومنصأب ما أسماه وما أخطره على من لم يتحر في‬
‫فتواه ولم يراقب في علمه وعمله موله‬
‫قال أبو الليث السمرقندي رحمه ال في كتاب أدب التعليم وينبغي أن ينوي المتعلم بطلب‬
‫العلم رضى ال تعالى والدار الخرة وإزالة الجهل عن نفسه وعن سائر الجهال وإحياء‬
‫الدين وإبقاء السلم فإن بقاء السلم بالعلم ول يصأح الزهد والتقوى مع الجهل‬
‫وقال في تنبيهه العلماء سرج الرض‬
‫وكل عالم مصأباح زمانه يستضيء به أهل زمانه وعصأره‬
‫وقيل العالم كالعين العذبة نفعها دائم‬
‫وقيل العالم كالغيث حيث وقع نفع‬
‫وقيل هو كالسراج من مر به اقتبس وقيل مثل العالم كمثل الحمة يأتيها البعداء ويتركها‬
‫القرباء فبينا هي كذلك إذ غار ماؤها وقد انتفع بها قوم وبقي قوم يتفكنون أي يتندمون‬
‫قال أهل اللغة الحمة بفتح الحاء عين ماء حار يستشفى بالغتسال فيها‬
‫وقال الحسن رحمه ال مثل العلماء كمثل النجوم إذا بدت اهتدوا بها‬
‫وموت العالم ثلمة في السلم ل يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار‬

‫وقال أبو جعفر لموت عالم أحب إلى إبليس من موت سبعين عابدا‬
‫ذكره عنه في كتاب الترغيب والترهيب وأنشد للشافعي رضي ال عنه‬
‫الرض تحيى إذا ما عاش عالمها ‪ ...‬متى يمت عالم منها يمت طرف‬
‫كالرض تحيى إذا ما الغيث حل بها ‪ ...‬وإن نأى عاد في أكنافها التلف‬
‫وروى الثعالبي عن عطاء في تفسير قوله تعالى أولم يروا أنا نأتي الرض ننقصأها من‬
‫أطرافها‬
‫قال موت علمائها وفقهائها‬
‫وعن سعيد بن جبير رضي ال عنه علمة هلك الناس هلك علمائهم‬
‫فإن بهم صألح الدين وقمع المعتدين ومعرفة رب العالمين‬

‫فصأل‬
‫وقد بين رسول اللهأن العلماء ثقات عدول وأوضح بقوله عليه السلم يحمل هذا العلم من‬
‫كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين‬
‫وهذا حديث حسن مشهور وهو في كتب الئمة مسند مذكور‬
‫فأخبرأن حملة العلم في كل أوان هم عدول أهل ذلك القرن والزمان‬
‫ول شرف أشرف من تعديل رسول اللهوشرف وكرم ومجد وعظم‬
‫قال المام النووي رحمه ال في أول كتاب التهذيب وهذا إخبار منهبصأيانة العلم وعدالة‬
‫ناقليه وأن ال تعالى يوفق في كل عصأر خلفاء‬

‫من العدول يحملونه وهذا تصأريح بعدالة حامليه‬


‫هذا كلمه رحمه ال عقب ذكره هذا الحديث وما عسى أن يقول ذوو الحسد والفضول‬
‫بعد تعديل الرسول لحملة الشرع المنقول‬
‫وقال رسول ال النبياء قادة والفقهاء سادة ومجالستهم زيادة‬
‫ذكره القضاعي في شهابه والخطيب البغدادي في كتابه‬
‫ومن عدله رسول اللهفما أن يبالي بذم الناس ول بما جرى عليه من باس‬
‫ول يسؤوه لومة لئم ول يشينه شتم شاتم ول يضره هضم هاضم إن شاء ال وله الحمد‬
‫على ما أنعم من قبل ومن بعد‬
‫وأنشد المام أبو الحسن التميمي من أصأحاب الشافعي رحمهم ال‬
‫عاب التفقه قوم ل عقول لهم ‪ ...‬وما عليه إذا عابوه من ضرر‬
‫ما ضر شمس الضحى في الفق طالعة ‪ ...‬أن ل يرى ضؤها من ليس ذا بصأر‬
‫كذا ذكره الشيخ أبو إسحاق في كتاب الطبقات له وزاد بعضهم بيتا وهو‬
‫وما يضر بأهل العلم ماقتهم ‪ ...‬إل كضر نباح الكلب بالقمر‬
‫فالعلماء هم الحافظون لكتاب ال القائمون بشرع رسول اللهوهم الموضحون لحكم ال‬
‫وهم الناصأرون لدين ال وهم المأمور بلزوم جماعتهم وترك مفارقتهم ومنازعتهم‬
‫قال المام البخاري رحمه ال في كتاب العتصأام من جامعه أمر رسول اللهبلزوم‬
‫الجماعة وهم أهل العلم‬
‫هذا لفظه‬
‫وفي سنن أبي داود أن النبيقال من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة السلم من عنقه‬
‫ونحوه في الصأحيحين أيضا‬
‫وقال من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة‬
‫رواه الترمذي وقال حديث حسن صأحيح‬
‫وروي أيضا أنهقال يد ال مع الجماعة‬
‫وفي رواية أخرى يد ال على‬

‫الجماعة ومن شذ شذ في النار‬


‫وقد سبق أن الجماعة هم العلماء رضي ال تعالى عنهم‬
‫والعلماء أيضا هم المسمون في كتاب ال أهل المر المأمور بطاعتهم في السر والجهر‬
‫قال ال تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا الرسول وأولي المر منكم‬
‫قال ابن عباس رضي ال عنهما أولوا المر العلماء حيث كانوا‬
‫وكذا قاله جابر ومجاهد وعطاء والحسن والضحاك والمبارك بن فضالة وإسماعيل بن‬
‫أبي خالد رحمهم ال تعالى ذكره الثعالبي وغيره‬
‫وقال الواحدي رحمه ال أولوا المر العلماء والفقهاء‬
‫وقال الثعالبي رحمه ال في قوله تعالى ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي المر منهم إنهم‬
‫حملة الفقه والحكمة‬
‫حكاه عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي ال عنهم‬
‫وقد قيل فيهما غير ذلك لكن هذا هو الصأح‬

‫وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن رحمه ال الناس عند علمائهم كالصأبيان في حجور‬
‫أمهاتهم ما أمروهم به ائتمروا وما نهوهم عنه انتهوا‬
‫رواه عنه أبو نعيم في كتاب حلية الولياء‬
‫وروى الثعالبي رحمه ال بإسناده أن النبيقال اعملوا بالقرآن أحلوا حلله وحرموا حرامه‬
‫وآمنوا به وما اشتبه عليكم فردوه إلى ال وإلى أولي العلم من بعدي كيما يخبروكم به‬
‫وآمنوا بالتوراة والنجيل والزبور وما أنزل إليكم من ربكم وليسعكم القرآن وما فيه من‬
‫البيان فإنه شافع مشفع وما حل مصأدق وإنه بكل حرف نور يوم القيامة‬
‫ففي هذا الحديث دليل على أن المشتبه مردود إلى أهل العلم دون غيرهم وكفى به شرفا‬
‫وتنبيها على فضلهم وال الموفق سبحانه‬
‫والكابر من العلماء هم ركن الدين وأصأاغرهم غرس الدين‬
‫وروى الخطيب البغدادي رحمه ال في كتابه عن ابن المبارك رحمه ال أنه كان إذا رأى‬
‫صأبيان أهل الحديث في أيديهم المحابر يقربهم ويقول هؤلء غرس الدين أخبرنا أن‬
‫رسول اللهقال‬

‫ل يزال ال سبحانه يغرس في هذا الدين غرسا يشد بهم الدين هم اليوم أصأاغر ويوشك‬
‫أن يكونوا كبارا من بعدكم‬
‫وروي بإسناده أيضا عن عبد العزيز بن أبي راود رضي ال عنه أنه نظر إلى شاب وفي‬
‫يده محبرة فقال هذه قناديل اليمان وأعلم المتقين‬
‫يعني قارورة الحبر قال وأنشد بعضهم في المحبرة‬
‫قناديل دين ال يسعى بحملها ‪ ...‬رجال بهم يحيى حديث محمد‬
‫هم حملوا الثار عن كل عالم ‪ ...‬تقي صأدوق فاضل متعبد‬
‫محابرهم زهر تضيء كأنها ‪ ...‬قناديل حبر ناسك وسط مسجد‬
‫تساق إلى من كان في الفقه عالما ‪ ...‬ومن صأنف الحكام من كل مسند‬
‫فكل هذه نصأوص متظاهرة تدل على شرفهم في الدنيا والخرة فسيحرق ماقتهم بنارهم‬
‫فإنهم خدم شرعه وسنته وهم الموصألون لهما إلى أمته وقد قال المام أبو القاسم ابن‬
‫عساكر رحمه ال في بعض رسالته‬

‫ما هذه صأورته اعلم يا أخي وفقنا ال وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق‬
‫تقاته أن لحوم العلماء مسمومة وعادة ال في هتك أستار منتقصأهم معلومة‬
‫وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب بله ال قبل موته بموت القلب فليحذر الذين‬
‫يخالفون عن أمره أن تصأيبهم فتنة أو يصأيبهم عذاب أليم‬
‫وكذا حكاه عنه المام النووي رحمهما ال في كتاب التبيان‬
‫وأي مصأيبة أعظم من موت القلب الذي هو دليل على غضب الرب سبحانه فإن الذي‬
‫مات قلبه ل يخشع ول فيه المواعظ قط تنجع وإذا تليت عليه آيات ربه أصأر مستكبرا‬
‫كأن لم يسمع‬
‫فبشره بعذاب أليم وخطب عظيم جسيم‬
‫حين قسا قلبه وران عليه ذنبه نسأل ال العافية لنا ولجميع المسلمين وأن يوفقنا لطاعته‬
‫أجمعين وأن يجعلنا من الخاشعين المتعظين‬
‫وأنشد بعضهم في معنى ما قاله ابن عساكر رحمه ال شعرا يقول فيه‬
‫وتجنب العلماء وإن هم خلطوا ‪ ...‬فالعلم يغفر زلة العلماء‬

‫فلحومهم مسمومة وبأكلها ‪ ...‬يخشى هلك الشعر والشعراء‬


‫قال المام السهروردي رحمه ال في أول كتاب عوارف المعارف والعالم وإن لم يعمل‬
‫بعمله ترجى له التوبة فإن العلم في السلم ل يضيع أهله ويرجى عود العالم ببركته‬
‫هذا كلمه رحمه ال‬
‫فالعالم وإن لم يكن بعلمه عامل فإن له شرف العلم إذ صأار له حامل وحامل الشيء‬
‫الشريف قد شرف بما حمل ومن أحب شيئا أحب حامله وإن لم يكن حامله حسن العمل‬
‫وقد شبه النبيمن أوتي القرآن ولم يقم به بجراب أوكي على مسك‬
‫في حديث أخرجه الترمذي والنسائي رحمهما ال في سننهما‬
‫وهذا المثل من أشرف المثال المعرفة لك بأحوال الرجال فكم بين من حمل المسك‬
‫الموكى وبين من حمل قذرا من النوكى‬
‫وفي الحديث اتقوا زلة العالم ول تقطعوه وانتظروا فيئته‬
‫ذكره السهروردي في عوارفه أيضا وفي حديث رتن المعمر المشهور عن النبي‬

‫قال تبرك بالعالم إن عمل وإن لم يعمل فتبرك به فللعالم حرمة العلم الشريف وإن لم‬
‫يعمل ويرجى له ببركة العلم صألحه في المستقبل ومن أحب عالما لجل العلم الذي في‬
‫قلبه ولم ينظر إلى ما يتخيل من زلته وذنبه فقد أدى ما يجب من حق العالم لجل ربه فقد‬
‫قال النبي من أحب العلم والعلماء لم تكتب عليه خطيئة أيام حياته ومن مات على محبة‬
‫العلم والعلماء فهو رفيقي في الجنة‬
‫وقال من أحب طالب العلم فقد أحب النبياء ومن أحب النبياء كان معهم ومن أبغض‬
‫طالب العلم فقد أبغض النبياء ومن أبغض النبياء فجزاؤه جهنم‬
‫وقال عليه السلم من حقر عالما فهو منافق ملعون في الدنيا والخرة‬
‫وقال علي رضي ال عنه سألت النبيعن صأاحب العلم فقال هو سراج أمتي في الدنيا‬
‫والخرة طوبى لمن عرفهم وأحبهم وويل لمن أنكر معرفتهم وأبغضهم ومن أحبهم شهدنا‬
‫له أنه في الجنة ومن أبغضهم أبغضناه وشهدنا أنه في النار‬
‫وعن ابن عباس رضي ال عنهما قال قال رسول ال اكتبوا العلم فإن ل‬

‫سبحانه ملئكة في السماء السابعة يستغفرون للفقهاء والمتعلمين ويعطيهم ال تعالى بكل‬
‫حرف ثواب نبي من النبياء ويكتب لهم كل يوم ألف حسنة ذكر هذه الخمسة الحاديث‬
‫المام موسى بن أحمد الوصأابي في كتابه الحجة من تصأانيفه‬
‫وقال يوزن حبر العلماء ودم الشهداء فيرجح ثواب حبر العلماء على ثواب دم الشهداء‬
‫ويقال للعالم اشفع في تلمذتك ولو بلغ عددهم عدد نجوم السماء ومن تقلد مسألة واحدة‬
‫قلده ال يوم القيامة ألف قلدة من نور وغفر له ألف ذنب وبنى له مدينة من ذهب‬
‫وقال عليه السلم أفضل العبادة طلب العلم ذكرهما المام عمر بن عبد المجيد الميانشي‬
‫رحمه ال في إيضاحه‬
‫وقال من جاءه الموت وهو يطلب العلم ليحيي به السلم فبينه وبين النبياء درجة واحدة‬
‫في الجنة رواه أبو محمد عبد ال بن عبد الرحمن‬

‫الدارمي في سننه وعن عكرمة في قوله تعالى السائحون‬


‫قال هم طلبة العلم رواه الثعالبي في تفسيره عنه‬
‫وقال رسول ال من طلب العلم كان كفارة لما مضى‬
‫رواه الترمذي في جامعه فلم يذكرغير الطلب‬
‫وقال عليه السلم من خرج في طلب العلم فهو في سبيل ال حتى يرجع‬
‫رواه الترمذي أيضا‬
‫وقال سارعوا في طلب العلم فلحديث عن صأادق خير من الرض وما عليها من ذهب‬
‫وفضة‬
‫رواه الخطيب البغدادي في كتابه وقال ساعة من عالم يتكىء على فراشه وينظر في‬
‫علمه خير من عبادة العابد سبعين عاما‬
‫رواه المام الثعالبي رحمه ال في تفسيره في أول سورة آل عمران وتابعه الحسين‬
‫الطبري رحمه ال في درره عليه وقال الحافظ ابن الجوزي رحمه ال في منتخبه عليكم‬
‫بالعلم فكفى به عمل‬
‫وقال رجل لبي هريرة رضي ال عنه إني أريد‬

‫أن أتعلم العلم وأخاف أن أضيعه فقال له كفى بترك العلم إضاعة‬
‫وقال رجل لبي ذر رضي ال عنه إني أريد أن أتعلم العلم وأخاف أن أضيعه ول أعمل‬
‫به فقال إنك إن توسد العلم خير من أن توسد الجهل‬
‫ويقال نفقة درهم في طلب العلم خير من عشرة آلف درهم ينفقها في سبيل ال‬
‫وقال المأمون لعمه إبراهيم بن المهدي لن تموت طالبا للعلم خير من أن تعيش قانعا‬
‫بالجهل‬
‫قال وإلى متى يحسن بي طلب العلم قال ما حسنت بك الحياة‬
‫وقال الشعبي رحمه ال لو أن رجل خرج من أقصأى المشرق إلى أقصأى المغرب فاستفاد‬
‫حرفا ما ظننت أن عمره ذهب باطل‬
‫وقال أبو الدرداء رضي ال عنه لن أتعلم مسألة أحب إلي من قيام ليلة وقال يحيى بن‬
‫كثير رحمه ال تعلم الفقه صألة ودراسة القرآن صألة‬
‫رواه عنه الحافظ أبو نعيم في حليته‬
‫وعن إبراهيم النخعي رحمه ال ل يزال الفقيه في الصألة قيل له كيف ذاك قال لنك ل‬
‫تلقاه إل وذكر ال على لسانه يحل حلل ويحرم حراما‬
‫ذكره أبو الليث في تنبيهه‬
‫وقال ابن‬

‫جريج رحمه ال أحب العباد إلى ال الغرباء في طلب العلم‬


‫وعن ابن مسعود رضي ال عنه قال قال رسول ال تعلموا وعلموا واعملوا فإن أجر‬
‫العالم والمتعلم سواء قيل وما أجرهما قال مائة مغفرة ومائة درجة في الجنة‬
‫وقال أجر المعلم كأجر الصأائم القائم‬
‫وعن أنس رضي ال عنه أن النبيقال التفقه في الدين حق على كل مسلم أل فتعلموا‬
‫وعلموا ول تموتوا جهال‬
‫ذكر هذه كلها الماوردي في كتابه أدب الدنيا والدين‬
‫وقال ما من مؤمن ذكر أو أنثى ول مملوك إل ول عليه حق واجب أن يتعلم من القرآن‬
‫ويتفقه ثم تل هذه الية ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون‬
‫رواه الثعالبي بإسناده عن معاذ رضي ال عنه‬
‫وعن معاذ بن جبل رضي ال عنه قال تعلموا العلم فإن تعلمه حسنة وطلبه عبادة‬
‫ومذاكرته تسبيح‬

‫والبحث عنه جهاد وتعليمه من ل يعلمه صأدقة وبذله لهله قربة أل إن العلم سبيل منازل‬
‫أهل الجنة وهو المؤنس في الوحشة والصأاحب في الغربة والمحدث في الخلوة والدليل‬
‫على السراء والمعين على الضر اء والزين عند ال خلء والسلح على العداء يرفع ال‬
‫به أقواما فيجعلهم في الخير قادة أئمة تقتفى آثارهم ويقتدى بأفعالهم وينتهى إلى رأيهم‬
‫وترغب الملئكة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم ويصألي عليهم كل رطب ويابس وحيتان‬
‫البحر وهوام الرض وسباع البر والبحر والنعام لن العلم حياة القلوب من الجهل‬
‫ومصأباح البصأار من الظلمة وقوة البدان من الضعف و يبلغ بالعبد منازل الخيار‬
‫والبرار والدرجات العلى في الدنيا والخرة والتفكر فيه يعدل بالصأيام ومذاكرته تعدل‬
‫بالقيام وبه توصأل الرحام ويعرف الحلل من الحرام وهو إمام والعمل تابعه يلهمه‬
‫السعداء ويحرمه الشقياء ‪ . . .‬ذكره صأاحب تنبيه الغافلين وزهرة العيون وغيرهما‬
‫وقد روي بعضه مرفوعا ورواه الثعالبي بإسناده عن أنس بن مالك عن رسول ال‬

‫وعن يحيى بن كثير رحمه ال في قوله تعلى واصأبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة‬
‫والعشي‬
‫قال هي مجالس الفقه وذكر المام النووي في أذكاره عن عطاء رحمهما ال أنه قال‬
‫مجالس الذكر هي مجالس الحلل والحرام كيف تشتري وتبيع وتصألي وتصأوم وتنكح‬
‫وتطلق وتحج وأشباه ذلك وكذا رواه أبو نعيم الحافظ في كتاب حلية الولياء عنه بإسناده‬
‫إليه وزاد في أوله من جلس مجلس ذكر كفر ال عنه بذلك المجلس عشرة مجالس من‬
‫مجالس الباطل فقيل له ما مجالس الذكر قال مجالس الحلل والحرام إلى آخر ما ذكره‬
‫النووي رحمهما ال‬
‫وروى أبو نعيم بإسناده عن عطاء بن رباح أنه قال النظر إلى العالم عبادة‬
‫وذكر المام أبو الليث في تنبيهه عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي ال عنه أنه‬
‫قال إن ال لم يخلق على وجه الرض أكرم من مجالس العلماء‬
‫وروى الحافظ أبو نعيم رحمه ال بإسناده في كتابه رياضة المتعلمين أن رسول‬

‫قال أصأبحتم في زمان كثير فقهاؤه قليل خطباؤه قليل سؤاله كثير معطوه العمل فيه خير‬
‫من العلم وسيأتي زمان قليل فقهاؤه كثير خطباؤه كثير سؤاله قليل معطوه العلم فيه خير‬
‫من العمل‬
‫وفي تنبيه الغافلين عن ابن مسعود رضي ال عنه قال أنتم في زمان العمل فيه خير من‬
‫العلم وسيأتي زمان العلم فيه خير من العمل‬
‫وروى الخطيب البغدادي رحمه ال بإسناده عن ابن أبي شيبة أنه رأى بعض أصأحاب‬
‫الحديث يضطربون‬
‫فقال أما إن فاسقهم خير من عابد غيرهم‬
‫وروى أيضا بإسناده عن عمر بن حفص بن غياث رحمه ال وقد قيل له أما ترى‬
‫أصأحاب الحديث كيف تغيروا كيف فسدوا فقال هم على ما هم خيار القبائل‬
‫وكذا رواه صأاحب الفاصأل بين الراوي والواعي بإسناده رحمه ال‬

‫فصأل‬
‫فعرف بهذا وأمثاله أن حرمة العلم ل تسقط بالزلل ول يباح عرض العالم بترك العمل‬
‫فبركة العلم ترده إلى الصأواب ويرجى لحامله التوفيق للمتاب لطفا من ال الرحيم‬
‫الوهاب‬
‫وروى أنس رضي ال عنه عن النبيأنه قال من طلب العلم لغير ال لم يخرج من الدنيا‬
‫حتى يأبى عليه العلم فيكون ل ومن طلب العلم ل فهو كالصأائم نهاره القائم ليله وإن بابا‬
‫من العلم يتعلمه الرجل خير له من أن لو كان له أبو قبيس ذهبا فأنفقه في سبيل ال‬
‫رواه المام أبو الليث رحمه ال في تنبيهه‬
‫وقيل ليحيى بن يمان رحمه ال إنهم يطلبونه وليس لهم فيه نية فقال طلبهم إياه له نية‬
‫وقال مجاهد رحمه ال طلبنا هذا العلم وليس لنا فيه نية ثم‬

‫أحسن ال النية بعد‬


‫وقال رجل لسفيان بن عيينة رحمه ال نشدتك بال أطلبت هذا العلم يوم طلبته ل فقال‬
‫سفيان اللهم ل إنما طلبناه تأدبا وتطرفا فأبى ال إل أن يكون له‬
‫ويروى طلبنا العلم لغير ال فأبى العلم إل أن يكون ل‬
‫وقال أبو ذر رضي ال عنه لن يبعث الرجل عالما خير له من أن يبعث جاهل ونحوه‬
‫عن أبي الدرداء وأبي هريرة رضي ال عنهما وقد اشتهر عن المقرىء المعروف بابن‬
‫شنبوذ أنه غير حروفا من القرآن تخالف المصأحف الكريم والجماع فقرأها وأقرأها‬
‫فأنكر عليه أهل زمانه فأحضره الوزير ابن مقلة وحبسه وشدد عليه وأمر بضربه حتى‬
‫رجع المقرئ عما فعله وأشهد على توبته وذلك سنة ثلث وعشرين وثلث مائة وقد كان‬
‫دعا وهو يضرب على ابن مقلة بقطع يده وتشتت شمله فاستجاب ال دعاءه عليه‬
‫فعزل ابن مقلة سنة أربع وعشرين وجرى عليه من الضرب والهانة أمر عظيم وتشتت‬
‫شمله وقطعت يده ولسانه مع أن ابن مقلة قصأد رده إلى الحق المبين وأنكر عليه ما يجب‬
‫إنكاره على كل متدين والمقرئ المذكور قد أتى بمنكر مشهور حين خالف الجمهور لكن‬
‫خطأه في قضية ل تسقط حظه من‬
‫حرمة القرآن والعلم فكان رده بالرفق أولى من العنف رعاية لحق العلم ولكن ال يفعل ما‬
‫يشاء‬
‫ذكره المام ابن أبي شامة في كتابه المرشد بما هذا معناه‬
‫وذكر المام ابن عبد السلم في قواعد الحكام أنه قال لو رفعت صأغائر الولياء إلى‬
‫الئمة والحكام لم يجز تعزيرهم عليها بل تقال عثرتهم وتغفر زلتهم فهم أولى من أقيلت‬
‫عثرته وغفرت زلته‬
‫هذا لفظه بحروفه وقد قال أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم ‪ . . . . .‬فأهل العلم أشرف ذوي‬
‫الهيئات إذ هم الولياء بقول الثقات فثبت أن القرآن والعلم أعلى من أن يهان حاملهما أو‬
‫يضام ناقلهما والحمد ل الذي أعزهما وأعز أهلهما‬
‫روت عائشة رضي ال عنها عن النبيأنه قال من وقر عالما فقد وقر ربه ذكره المام‬
‫الماوردي في كتابه‬
‫والتوقير هو التبجيل والتعظيم‬
‫وقال المشي بين يدي الكبراء من الكبائر ول يمشي بين يدي الكبراء إل ملعون يعني‬
‫قدامهم قيل يا رسول ال من الكبراء قال العلماء والصأالحون‬
‫وذكره المام موسى بن أحمد الوصأابي‬

‫رحمه ال في كتاب الحجة‬


‫وقال ثلث من توقير جلل ال إكرام ذي الشيبة في السلم وحامل كتاب ال وحامل‬
‫العلم من كان من صأغير أو كبير‬
‫رويناه في مجالس المام الميانشي بسنده‬
‫وقد كانوا يوقرون علماءهم ويتواضعون لهم وإن كانوا في النسب دونهم‬
‫هذا ابن عباس رضي ال عنهما ل يجهل شرفه ونسبه إذ هو ابن عم رسول اللهكان يأخذ‬
‫بركاب زيد بن ثابت الخزرجي إذا أراد أن يركب ليضع رجله في الركاب قيل له تمسك‬
‫بركابه وأنت ابن عم رسول اللهفقال إنا هكذا نصأنع بالعلماء وكان زيد هذا من فقهاء‬
‫النصأار رضي ال عنهم‬
‫وعن ابن عباس رضي ال عنهما من آذى فقيها فقد آذى رسول اللهومن آذى رسول‬
‫اللهفقد آذى رسول اللهفقد آذى ال عز وجل ذكره الخطيب في كتاب الفقيه والمتفقه‬
‫وقد أخبر ال تعالى في كتابه عن الجزاء لمن آذاه ما هو فقال تعالى إن الذين يؤذون ال‬
‫ورسوله لعنهم ال ورسوله لعنهم ال في الدنيا والخرة وأعد‬
‫لهم عذاب مهينا‬
‫وقال أبو منصأور الثعالبي رحمه ال في كتاب الفرائد والقلئد ل يستخف بالعلم وأهله إل‬
‫رفيع جاهل أو وضيع خامل‬
‫ذكره المام أبو حامد الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين عن حذيفة رضي ال عنه أنه‬
‫قال إنكم لن تزالوا بخير ما عرفتم الحق وكان العالم فيكم غير مستخف به‬
‫وذكر المام أبو القاسم الرافعي رحمه ال وتبعه النووي والصأبحي وغيرهم رضي ال‬
‫تعالى عنهم أن الوقيعة في العلماء محرمة أشد تحريم وألحقوها بالكبائر التي ترد بها‬
‫الشهادات وتسقط بها الوليات وهذا ما لم يقصأد بذلك استهزاء فإن قصأد الستهزاء بالعلم‬
‫أو بالعلماء أو بالشريعة العظمى أو بشيء من أحكام الدين فقد كفر بال رب العالمين‬
‫وصأار مرتدا تجري عليه أحكام المرتدين على ما سبق في أول الجزء بدليله من كتاب‬
‫ال تعالى وتنزيله وال الهادي إلى سبيله‬
‫والحمد ل على جميع نعمه ونسأله المزيد من جوده وكرمه‬

‫وقد أفصأح القرآن الكريم بأن حملته هم أهل الشرف العميم وأنهم الموصأوفون بالتعظيم‬
‫والصأطفاء والتكريم والنجاة من العذاب الليم فضل من ال الرحمن الرحيم‬
‫فقال سبحانه ثم أورثنا الكتاب أي أعطينا القرآن الذين اصأطفينا أي الذين اخترنا من‬
‫عبادنا‬
‫قال أكثر المفسرين هم أمة محمدثم قسمهم ثلث طبقات ورتبهم على ثلث درجات فقال‬
‫سبحانه فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصأد ومنهم سابق بالخيرات‬
‫وجعل كلهم في الجنة بحرمة القرآن وكلمة الخلص وقد اختلف المفسرون في معنى‬
‫الظالم والمقتصأد والسابق فقال أبو الدرداء رضي ال عنه سمعت رسول اللهقرأ هذه‬
‫الية ثم أورثنا الكتاب الذين اصأطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصأد ومنهم‬
‫سابق بالخيرات بإذن ال‬
‫فقال أما السابق فيدخل الجنة بغير حساب وأما المقتصأد فيحاسب حسابا يسيرا وأما‬

‫الظالم لنفسه فيحبس في المحشر ثم الذين تلفاهم ال برحمته وهم الذين يقولون الحمد ل‬
‫الذي أذهب عنا الحزن‬
‫وقال عثمان رضي ال عنه سابقنا أهل جهادنا ومقتصأدنا أهل حضرنا وظالمنا أهل بدونا‬
‫وقالت عائشة رضي ال عنها السابق بالخيرات من مضى على عهد رسول اللهشهد له‬
‫بالجنة والمقتصأد من اتبع أثره من أصأحابه والظالم مثلي ومثلكم‬
‫وقال ابن عباس رضي ال عنهما السابق المخلص والمقتصأد المرائي والظالم الكافر‬
‫نعمة ال عليه غير الجاحد لها وقيل الظالم لنفسه الذي مات على كبيرة ولم يتب منها‬
‫والمقتصأد الذي لم يصأب كبيرة والسابق الذي لم يعص ال والتائب من الذنب كمن ل‬
‫ذنب له‬
‫وعن الحسن رحمه ال السابق من رجحت حسناته على سيئاته والمقتصأد من استوت‬
‫حسناته وسيئاته والظالم الذي ترجح سيئاته على حسناته‬
‫وقال سهل بن عبد ال السابق العالم والمقتصأد المتعلم والظالم الجاهل‬
‫وقيل الظالم طالب الدنيا والمقتصأد طالب‬

‫العقبى والسابق طالب المولى‬


‫وقيل الظالم المسلم والمقتصأد المؤمن والسابق المحسن‬
‫وقيل الظالم المرائي والمقتصأد من يكون بعض عمله رياء وبعضه إخلصأا والسابق‬
‫المخلص في أعماله كلها‬
‫وقيل الظالم من أخذ الدنيا كيف سنحت والمقتصأد المجتهد في طلب الحلل والسابق الذي‬
‫ترك الدنيا جملة وأعرض عنها‬
‫وقيل الظالم من ظاهره خير من باطنه والمقتصأد من استوى ظاهره وباطنه والسابق من‬
‫باطنه خير من ظاهره‬
‫وقيل الظالم الذي يجزع عند البلء والمقتصأد الذي يصأبر على البلء والمقتصأد الذي‬
‫يصأبر على البلء والسابق المتلذذ بالبلء‬
‫وقيل الظالم الذي أعطي فمنع والمقتصأد الذي أعطي فبذل والسابق الذي منع فشكر وقيل‬
‫الظالم التالي للقرآن والمقتصأد القارئ له والعالم به والسابق القارئ له العالم به العامل به‬
‫وقال ذو النون المصأري رحمه ال الظالم الذي يذكر ال بلسانه والمقتصأد الذي يذكره‬
‫بقلبه والسابق الذي ل ينسى ربه‬
‫وقيل الظالم الذي يعبد ال خوفا من النار والمقتصأد الذي يعبده طمعا في الجنة والسابق‬
‫الذي يعبده سبحانه ل لسبب‬
‫وقيل السابق الذي يدخل المسجد قبل تأذين المؤذن والمقتصأد الذي يدخل المسجد وقد أذن‬

‫والظالم الذي يدخل المسجد وقد أقيم‬


‫وقال أبو القاسم بن حبيب رحمه ال الظالم من ينتصأف ول ينصأف والمقتصأد من ينصأف‬
‫وينتصأف والسابق من ينصأف ول ينتصأف‬
‫وقال أحمد بن قاسم النطاكي رحمه ال الظالم صأاحب القوال والمقتصأد صأاحب‬
‫الفعال والسابق صأاحب الحوال ‪ . . .‬ثم جمعهم ال سبحانه وتعالى على اختلف‬
‫طبقاتهم فقال جنات عدن يدخلونها‬
‫قال مقاتل رحمه ال يعني القسام الثلثة‬
‫وأسند المام المفسر الثعالبي رحمه ال عن أسامة بن زيد رضي ال عنه عن النبيفي‬
‫قوله تعالى فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصأد ومنهم سابق بالخيرات بإذن ال‬
‫قال كلهم في الجنة وروى بإسناده أيضا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي ال‬
‫عنه أنه قرأ على المنبر قوله تعالى ثم أورثنا الكتاب الذين اصأطفينا من عبادنا فمنهم‬
‫ظالم لنفسه ومنهم مقتصأد ومنهم سابق بالخيرات بإذن ال‬
‫فقال قال رسول ال سابقنا‬

‫سابق ومقتصأدنا ناج وظالمنا مغفور له‬


‫ذكر بعض ذلك الواحدي رحمه ال في وسيطه وذكر ذلك كله الثعالبي المفسر في كتابه‬
‫الكشف والبيان في تفسير القرآن وكفى بهذا شرفا لقراء القرآن وال المستعان على ما‬
‫يرضيه بمنه ولطفه‬

‫فصأل‬
‫وقد حكم رسول اللهبأن الفقهاء هم خيار الناس بقوله عليه السلم الناس معادن كمعادن‬
‫الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في السلم إذا فقهوا روياه إماما المحدثين‬
‫البخاري ومسلم رحمهما ال في صأحيحهما اللذين هما أصأح الكتب بعد القرآن‬
‫وقال من يرد ال به خيرا يفقهه في الدين‬
‫روياه في الصأحيحين أيضا زاد أبو نعيم في حليته يفقهه في الدين ويلهمه فيه رشده‬
‫هذا وفي كتاب ال تعالى هل يستوى الذين يعلمون والذين ل يعلمون إنما يتذكر أولوا‬
‫اللباب‬
‫فمنع ال سبحانه‬

‫المساواة بين العالم والجاهل لما خص به العالم من العلم‬


‫وقال خيار أمتي علماؤها وخيار علمائها فقهاؤها‬
‫ذكره الماوردي في كتابه وروينا عن المام بطال بن أحمد رحمه ال في كتاب وروينا‬
‫عن المام بطال بن أحمد رحمه في كتاب الربعين في لفظ الربعين بإسناده أن النبيال‬
‫خيار أمتي علماؤها وخيار علمائها حلماؤها وأنشد بعضهم في المعنى فقال‬
‫العلم والحلم حلتا كرم ‪ ...‬للمرء زين إذا هما اجتمعا‬
‫صأنوان ل يستتم حسنهما ‪ ...‬إل بجمع لذا وذاك معا‬
‫كم من وضيع سما به العلم ‪ ...‬والحلم فنال العل وارتفعا‬
‫ومن رفيع البناء أضاعهما ‪ ...‬أخمله ما أضاع فاتضعا‬
‫وقال آخر‬
‫العلم زين ومنجاة لصأاحبه ‪ ...‬من المهالك والفات والعطب‬

‫وما تلحف إنسان بملحفة ‪ ...‬أبهى وأجمل من علم ومن أدب‬


‫وروى أبو نعيم الحافظ رحمه ال في كتابه رياضة المتعلمين بإسناده أن النبيقال العالم‬
‫والمتعلم شريكان في الجر ول خير في سائر الناس بعد‬
‫وكذا رويناه في كتاب الربعين الجرى رحمه ال ثم قال الجري بعد ذكر هذا الحديث‬
‫فقد أعلمكأن الخير إنما هو فيمن يطلب العلم ومن يعلم فمن لم يكن كذلك فل خير فيه‬
‫هذا كلمه رحمه ال تعالى‬
‫ويؤيد قوله هذا ما رويناه في جامع الحافظ الترمذي رحمه ال أن رسول اللهقال الدنيا‬
‫ملعونة ملعون ما فيها إل ذكر ال وما واله أو عالما أو متعلما ورويناه في كتاب الفاضل‬
‫لبن خلد رحمه ال عن أنس رضي ال عنه قال قال رسول ال ل خير في العيش إل‬
‫لرجلين مستمع واع أو عالم ناطق‬
‫وذكر المام الغزالي رحمه ال في الحياء أن النبيقال أفضل‬

‫الناس المؤمن العالم الذي إن احتيج إليه نفع وإن استغني عنه أغنى نفسه‬
‫وأنشد بعضهم‬
‫العالم العاقل ابن نفسه ‪ ...‬أغناه جنس علمه عن جنسه‬
‫كن ابن من شئت وكن مؤدبا ‪ ...‬فإنما المرء بفضل كيسه‬
‫وليس من تكرمه لغيره ‪ ...‬كمثل من تكرمه لنفسه‬
‫وذكر صأاحب زهرة العيون أنه عليه السلم قال العالم من ذهب والمتعلم من فضة‬
‫والثالث من نحاس‬
‫وذكر صأاحب تنبيه الغافلين عن أبي الدرداء رضي ال عنه كن عالما أو متعلما أو‬
‫مستمعا ول تكن الرابع فتهلك‬
‫قال مصأنفه رحمه ال يعني بالرابع من ل يعلم ول يتعلم ول يسمع‬
‫ورويناه عن صأاحب كتاب الترغيب والترهيب بإسناده إلى ابن درستويه‬
‫قال سمعت سهل بن عبد ال ونحن بين يديه إذ أقبل أصأحاب الحديث ومعهم المحابر‬
‫فقال سهل اجهدوا أن‬

‫ل تلقوا ال إل ومعكم المحابر فغمزت بعضهم وقلت له قل له يملي شيئا فقال أيها الشيخ‬
‫قد مدحتها فذكرنا بشيء‬
‫قال اكتبوا الدنيا كلها ل شيء إل ما كان منها علم والعلم كله حجة إل ما كان منه عمل‬
‫والعمل كله هباء إل ما كان منه إخلص وأهل الخلص على وجل ثم تل والذين يؤتون‬
‫ما آتوا وقلوبهم وجلة‬
‫انتهى كلمه رحمه ال وما أحسنه‬
‫وقال ابن شهاب الزهري رحمه ال العلم عند أهل الجهل قبيح كما أن الجهل عند أهل‬
‫العلم قبيح والعلم ذكر ل يحبه من الرجال إل مذكروهم ول يبغضه منهم إل مؤنثوهم‬
‫وأنشد أبو الفضل العباس بن محمد الخراساني في المعنى‬
‫ل يطلب العلم إل بازل ذكر ‪ ...‬وليس يبغضه إل المخانيث‬
‫وقال الشافعي رضي ال عنه من ل يحب العلم فل خير فيه فل تكن بينك وبينه معرفة‬
‫وصأداقة‬

‫وينشد لعلي رضي ال عنه‬


‫الناس من جهة التمثيل أكفاء ‪ ...‬أبوهم آدم والم حواء‬
‫فإن يكن لهم من أصألهم شرف ‪ ...‬يفاخرون به فالطين والماء‬
‫ل تحقرن امرءا مهما تكون له ‪ ...‬أم من الروم أو سوداء عجماء‬
‫فإنما أمهات الناس أوعية ‪ ...‬مستودعات وللحساب آباء‬
‫ما الفخر إل لهل العلم إنهم ‪ ...‬على الهدى لمن استهدى أدلء‬
‫وقيمة المرء ما قد كان يحسنه ‪ ...‬والجاهلون لهل العلم أعداء‬
‫ومن هذه البيات أيضا‬
‫ففز بعلم تعش حيا به أبدا ‪ ...‬فالناس موتى وأهل العلم أحياء‬
‫وذكر المام أبو الحسن الماوردي رحمه ال في‬

‫كتاب أدب الدنيا والدين أن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما روى أن رسول اللهدخل‬
‫المسجد فإذا هو بمجلسين أحدهما يذكرون ال عز وجل والخر يتفقهون في الدين فقال‬
‫عليه السلم كل المجلسين على خير وأحدهما أحب إلي من صأاحبه أما هؤلء فيذكرون‬
‫ال عز وجل ويسألونه فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم وأما الخر فيتعلمون الفقه‬
‫ويعلمون الجاهل وإنما بعثت معلما فجلس إلى أصأحاب الفقه‬
‫ورواه أبو نعيم الحافظ في كتاب رياضة المتعلمين بإسناده ورواه أبو الليث السمرقندي‬
‫في كتابه‬
‫وقال رسول ال خير الناس وخير من يمشي على جديد الرض المعلمون كلما خلق‬
‫الدين جددوه‬
‫رواه الثعالبي بإسناده وتبعه الطبري عليه رحمة ال‬
‫وأنشد بعضهم‬
‫رأيت العلم صأاحبه شريف ‪ ...‬وإن ربته آباء لئام‬
‫ففي العلم النجاة من المخازي ‪ ...‬وفي الجهل المذلة والغرام‬

‫ولول العلم ما سعدت نفوس ‪ ...‬ول عرف الحلل ول الحرام‬


‫هو العلم الدليل إلى المعالي ‪ ...‬ومصأباح يضيء به الظلم‬

‫فصأل‬
‫وقد أخبربأن هذه الطائفة ل يزال أمرها ناميا على السلمة وشرفها عاليا إلى يوم القيامة‬
‫فروى البخاري ومسلم رضي ال عنهما في صأحيحيهما أن رسول اللهقال ل يزال من‬
‫أمتي أمة قائمة بأمر ال ل يضرهم من خذلهم ول من خالفهم حتى يأتيهم أمر ال وهم‬
‫على ذلك‬
‫قال النواوي رحمه ال في كتابه تهذيب السماء واللغات حمل العلماء هذا على أنهم حملة‬
‫العلم‬
‫ورويناه بالسانيد الصأحيحة عن المام أبي عبد ال البخاري رضي ال عنه أنهم أهل‬
‫العلم‬
‫ذكره قرب آخر كتابه‬

‫وفي رواية أخرى في صأحيح مسلم أن رسول اللهقال ل تزال طائفة من أمتي يقاتلون‬
‫على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة‬
‫ففي هذا إشارة عظيمة لطائفة أهل العلم بأنها منصأورة ظاهرة مجبورة حتى تقوم الساعة‬
‫إن شاء ال وذلك بقول الصأادق المصأدوق الذي ل ينطق عن الهوى إن هو إل وحي‬
‫يوحى‬
‫ل على ما أرشد وعلم وعلى جميع ما أسدى وأنعم‬
‫وروى أبو نعيم الحافظ في كتابه بإسناده أن النبيقال تكون فتنة يصأبح الرجل فيها مؤمنا‬
‫ويمسي كافرا إل من أجاره ال بالعلم‬
‫وفي الشهاب أنهقال إن الفتنة تجيء فتنسف العباد نسفا ينجو منها العالم بعلمه‬
‫نسأل ال سبحانه توفيقه ورضاه والوصأول إلى ما نتمناه بمنه وكرمه‬
‫آمين‬

‫فصأل‬
‫واعلم أن الشريعة فضلها قد تقادم منذ بعث ال سبحانه وتعالى آدم وقد جعل ال تعالى‬
‫لكل قوم شريعة يحكم بها أنبياؤهم ويتلقاها بعدهم علماؤهم ثم أنزل ال تعالى التوراة على‬
‫موسى عليه السلم قال ال تعالى فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين‬
‫هادوا والربانيون والحبار‬
‫أي ويحكم بها الربانيون والحبار واحدهم ربي وحبر وهم العلماء وقال تعالى كونوا‬
‫ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب أي كونوا فقهاء علماء قاله علي وابن عباس والحسن‬
‫والضحاك رضي ال عنهم ذكره الثعالبي رحمه ال‬
‫وقال‬

‫سبحانه وعندهم التوراة فيها حكم ال‬


‫ثم أنزل ال الزبور على داود عليه السلم وقال تعالى يا داود إنا جعلناك خليفة في‬
‫الرض فاحكم بين الناس بالحق ول تتبع الهوى‬
‫ثم أنزل ال تعالى النجيل على عيسى عليه السلم قال ال تعالى وليحكم أهل النجيل بما‬
‫أنزل ال فيه‬
‫وقال تعالى أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل وقال سبحانه لقد أرسلنا رسلنا‬
‫بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط‬
‫أي ليحكموا ويعملوا بالقسط وهو العدل ثم حصألت الفترة وظهرت الجاهلية وكفرت‬
‫العرب بالكلية وهم مع كفرهم لم يخلوا نفوسهم من حكام يصأيرون إلى قولهم ويقلدونهم‬
‫بما أشكل عليهم وقت‬
‫كفرهم فيذعنون لقولهم وينقادون لمرهم ويسعون بإقامتهم ونصأرهم ويردون من مال‬
‫منهم إلى طاعتهم‬
‫ومن الدليل على ذلك ما رواه أبو داود والنسائي رضي ال عنهما أن أبا شريح الحارثي‬
‫وفد على رسول اللهمع قومه مسلمين فسمعهم النبي صألى ال عليه وآله وسلم يكنونه‬
‫بأبي الحكم فدعاه رسول اللهفقال لم تكنى أبا الحكم قال لن قومي إذا اختلفوا في شيء‬
‫أتوني فحكمت فرضي كل الفريقين فقال ما أحسن هذا‬
‫فلما من ال سبحانه بظهور الشريعة المحمدية والملة الشريفة النبوية المباركة السمحة‬
‫القوية أنزل ال بها القرآن الكريم الذي فيه النبأ العظيم والذكر الحكيم وأمر نبيه محمدا‬
‫بالحكم بما أنزل ال إليه فقال سبحانه وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصأدقا لما بين يديه من‬
‫الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل ال‬
‫حتى قال سبحانه لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا‬

‫قال المفسرون أي جعل ال لهل كل ملة شرعة ومنهاجا فلهل التوراة شريعة ولهل‬
‫النجيل شريعة ولهل القرآن شريعة يحلل ال فيها ما يشاء ويحرم ما يشاء فالدين واحد‬
‫والله سبحانه واحد ولكل أمة رسول وشريعة شرعها ال تعالى لهم‬
‫ثم قال سبحانه لنبيهمؤكدا مكررا وأن احكم بينهم بما أنزل ال‬
‫فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ل يجدوا في أنفسهم حرجا مما‬
‫قضيت ويسلموا تسليما‬
‫وقال تعالى ثم جعلناك على شريعة من المر فاتبعها ول تتبع أهواء الذين ل يعلمون‬
‫وقال تعالى لتبين للناس ما نزل إليهم‬
‫وقال وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا‬
‫فلما لم يكن بعد محمدنبي ول رسول ول شريعة تنسخ ول تبدل ول تحول إذ هو خاتم‬
‫النبياء‬

‫جعل ال بعده العلماء فورثوا أحكامه وسننه وطلبوا من كل علم أحسنه وحفظوا لمن بعده‬
‫ما بينه وحكموا بالشرع واتبعوا سننه امتثال لقول ال عز وجل وإذا حكمتم بين الناس أن‬
‫تحكموا بالعدل‬
‫ثم وبخ ال تعالى من اتبع حكم الجاهلية وذم من لم يحكم بالشريعة المرضية‬
‫فقال سبحانه أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من ال حكما لقوم يوقنون‬
‫وحكم ال الذي أذن به هو الذي رقمه العلماء في الدفاتر ونقله الول منهم إلى الخر فمن‬
‫عدل عنه ومال فقد وقع في الضلل واستحق الذم والنكال‬
‫قال ال تعالى ومن لم يحكم بما أنزل ال فأولئك هم الكافرون ومن لم يحكم بما أنزل ال‬
‫فأولئك هم الظالمون ومن لم يحكم بما أنزل ال فأولئك هم الفاسقون‬

‫ثم ذم أقواما امتنعوا ولم يجيبوا لحكم ال ول اتبعوا فقال وإذا دعوا إلى ال ورسوله ليحكم‬
‫بينهم إذا فريق منهم معرضون‬
‫ومدح أقواما أجابوا إلى الحكم‬
‫فقال إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى ال ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا‬
‫وأطعنا وأولئك هم المفلحون‬
‫وقد سبق أن العلماء هم القائمون في المة مقام الرسول وهم الموضحون والحافظون لما‬
‫جاء من المنقول وهم الداعون إلى ملته الذابون عن شرعه وسنته فسنته ول الحمد باقية‬
‫وشريعته ول المنة غالبة عالية قد أكد ال على الخلق طاعتها وأوجب على الكل رعايتها‬
‫وفرض عليهم حمايتها وجعل من مال عنها أو تكره أمرها ظالما ومن أهملها وضيعها‬
‫فاسقا آثما لن بتضييع الشريعة هدم السلم وتغيير جملة الحكام والوقوع ف ي الشبه‬
‫والثام والتسبب إلى إهدار دماء النام‬
‫قال كعب الحبار لبن عباس رضي ال عنهم‬

‫إذا رأيتم السيوف قد أعريت والدماء قد أهرقت فاعلموا أن حكم ال سبحانه قد ضيع‬
‫فانتقم ال لبعضهم من بعض‬
‫وقيل في معنى قوله تعالى وما كان ال ليعذبهم وأنت فيهم‬
‫يعني وشريعتك فيهم‬
‫ذكره أبو جعفر في كتاب عجائب الملكوت وغيره‬
‫ومقتضى هذا أنهم إذا ضيعوا الشريعة حل بهم العذاب وتقطعت بهم السباب وقد ورد‬
‫في الحديث ل قدست أمة ل يؤخذ لضعيفها حقه من قويها‬
‫رواه صأاحب الترغيب والترهيب‬
‫وفي الصأحيحين أنهقال إنما هلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه‬
‫وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه‬
‫فأخبرأن تضييع الشرع سبب الهلك‬
‫ومن تضييع حكم ال تعالى أن يقول الرجل لصأاحبه بيني وبينك ما قال ال أو ما قال‬
‫رسول اللهأو ما قال حاكم المسلمين فيقول له خصأمه ل أقبل هذا ول أجيبك إلى ذا وقائل‬
‫هذا فاسق بالجماع معدود من الفجرة بل كافر إن قصأد به الستخفاف بالشريعة المطهرة‬
‫إذ قد سبق وتقرر بجميع ما تقدم وتكرر أن الفقهاء والحكام هم القائمون مقام الرسولومن‬
‫عصأاهم فقد عصأى ال ومن أطاعهم فقد أطاع ال إذ هم وراث رسل ال فمخالفهم مارق‬
‫عن الدين وخاذلهم فاسق بيقين‬
‫وقد عرض رجل بذم المفتي في زمن عمر بن الخطاب رضي ال عنه ضربا فأدبه عمر‬
‫رضي ال عنه ضربا بالدرة وقال له تغمص الفتيا أي تحتقرها وتطعن فيها‬
‫هكذا كانت شدتهم في دين ال وتعصأبهم لشريعة رسول اللهلن بإضاعة حكم ال‬
‫التعرض لسخط ال والتسبب إلى مقت ال‬
‫وفي الحديث عن النبي إن من علمات الساعة بيع الحكم‬
‫ومن بيعه أن يبذل مال على تغيير الحكم أو على عزل الحاكم من غير جرم أو على أن‬
‫ل يحضر من ادعي عليه ظلم‬
‫فمن فعل هذه السباب فقد بعد عن الرشد والصأواب ويخشى عليه تعجيل العذاب وال‬
‫الهادي بلطفه إلى المتاب‬

‫ولقد أرشد من أنشد في الحث على التقوى والصأبر عند تغير الولة في الدهر شعرا‬
‫إذا كان والي الناس ل يدفع الظلما ‪ ...‬ول يقمع الجاني ول ينصأر الحكما‬
‫ول يسمع المظلوم إن جاء شاكيا ‪ ...‬ول يتبع النصأاف والعدل والعلما‬
‫ول ينصأر الشرع الشريف بنفسه ‪ ...‬فأخسس به قد خس قدرا وهان آسما‬
‫وإن قيل هذا الشرع شرع محمد ‪ ...‬وسنته البيضاء وبرهانه السمى‬
‫تولى ولم ينصأف وأدبر معرضا ‪ ...‬وأتبع أهل العلم والفقها ذما‬
‫وصأار طلب العلم والدين عنده ‪ ...‬هباء وذو التقوى ينيلونه شتما‬
‫إذا كان هذا فاترك القوم جانبا ‪ ...‬وعذ بإله العرش ذي العزة العظمى‬
‫إذا استهزؤا بالدين والشرع والتقى ‪ ...‬فما فيهم خير يرجى ول سيما‬

‫ول خير في عبد يرد أموره ‪ ...‬إليهم ويرجو من جوانبهم غنما‬


‫فلذ بحبال الصأبر والدين دائما ‪ ...‬تنل خير ما ترجو وتكفى الذي هما‬
‫وقم بكتاب ال والسنن التي ‪ ...‬أتت عن رسول ال والعلما قدما‬
‫ولزم على درس البخاري ومسلم ‪ ...‬وإحيا علوم الدين واجل به الهما‬
‫وواظب على التقوى وكن متورعا ‪ ...‬صأبورا على البلوى وبالدين كن شهما‬
‫وشرع رسول ال فالزم بحبله ‪ ...‬وخل رجال الظلم يرتكبوا الثما‬
‫ودعهم جميعا يحطبوا لحريقهم ‪ ...‬ويحتقبوا شرا ويكتسبوا جرما‬
‫فكل أناس ضيعوا الشرع والتقى ‪ ...‬سيأتيهم خطب فيحطمهم حطما‬
‫فما الدين والدنيا ول الخير كله ‪ ...‬سوى سنة المختار يا حسنها أما‬

‫ويا حسن من يفني بها العمر كله ‪ ...‬ويجعلها أنسا ويضني بها الجسما‬
‫فلزم عليها ل يهولك قولهم ‪ ...‬تعزز بتقوى ال سر نحوها قدما‬
‫وتابع طريق الحق ل تتركنها ‪ ...‬وإن صأرت تؤذى في زمانك أو ترمى‬
‫فذو الحق والتقوى غريب بوقتنا ‪ ...‬تغرب بتقوى ال واتبع السلما‬
‫غريبا بدين ال منفردا به ‪ ...‬بعيدا عن السوا ممتلئا حزما‬
‫فطرق الهدى في آخر الدهر صأعبة ‪ ...‬ولكن عقباها المسرة والنعما‬
‫ول تتبع أهواء قوم تعاونوا ‪ ...‬على الثم والعدوان واستحسنوا الظلما‬
‫فعاقبة العاصأي وبال وذلة ‪ ...‬ونار وتنكيل يزيدهم غما‬

‫وعاقبة الداعي إلى الحق رحمة ‪ ...‬وجنة عدن ل يجوع ول يظما‬


‫فكن لزما للحق واسلك طريقه ‪ ...‬وكن صأابرا ل متخذا عزما‬
‫فهذا زمان الصأبر اغمض على القذى ‪ ...‬ول فاصأبر والزم الرفق والحلما‬
‫فذو العلم والتقوى وإن نيل بالذى ‪ ...‬فإن له نصأرا من ال يوما ما‬
‫ول تكترث في جهل وال وخله ‪ ...‬سيدركه شؤم ويحشره أعمى‬
‫وإن له في كل كيد يكيده ‪ ...‬فخوخا وأشراكا تصأير له سما‬
‫وتتركه في غابر الدهر عبرة ‪ ...‬وتأتيه أهوال فتصأدمه صأدما‬
‫فيا خير خلق ال يا خير مرسل ‪ ...‬لقد هجروا الشرع الشريف الذي تما‬
‫أتيت به من عند ربك موضحا ‪ ...‬شرائع حكم ال والحل والحرما‬

‫فقد غيروا الحكام واستبدلوا بها ‪ ...‬مظالم عمت ل نحيط بها علما‬
‫أحبو حطام المال عن نصأر شرعكم ‪ ...‬وصأارت أمور الظلم عندهم جما‬
‫إذا قال ذو حق أقيموا شريعتي ‪ ...‬وقوموا بحقى واصأرفوا عني الخصأما‬
‫يقول له الوالي أردت دراهما ‪ ...‬إذا شئت تلقى بالشريعة أو تحمى‬
‫وإن ذو فساد يرضهم بعطية ‪ ...‬أقروه يسعى آمنا لم يخف ثلما‬
‫وإن طلبوا رفقا تكاثر عنفهم ‪ ...‬وإن وعظوا يوما فكالصأخرة الصأما‬
‫فذو الدين فيهم خامل الحال بائر ‪ ...‬ولول ستور ال هموا به رجما‬
‫فما عرفوا للشرع حقا ول حمى ‪ ...‬ول تركوا للدين عزا ول رسما‬
‫إذا خوفوا بالموت والحشر والجزا ‪ ...‬يعدوه هزل بل يظنونه وهما‬

‫يريدون من ذي العلم يسعى بطوعهم ‪ ...‬ويطعمهم حلوى ويوسعهم نعما‬


‫وإن جنبوه الظلم عدوه منة ‪ ...‬فهل قط حمق مثل ذا إن ذا طما‬
‫إليك شكونا يا رسول إلهنا ‪ ...‬وفيك تشفعنا لنكفى بك الهضما‬
‫رضينا بحكم ال والدين والقضا ‪ ...‬رضينا بذا أنسا رضينا به قسما‬
‫لجأنا إلى الرحمن من شر كيدهم ‪ ...‬ومن يعتصأم بال يرزقه رحما‬
‫إلى ال رب العرش نرفع أمرنا ‪ ...‬ليحمينا ممن يروم لنا هزما‬
‫وبالنبياء والصأالحين أولي التقى ‪ ...‬سألناك يا ال أن تجبر الكلما‬
‫وتنصأر خدام الشريعة والنبي ‪ ...‬وترزقهم عزا وتعطيهم فهما‬
‫وتبقي لهم في العالمين حماية ‪ ...‬وتدفع عنهم من يريد لهم هدما‬

‫بجاه رسول ال نسأل فاكفنا ‪ ...‬عليه صألة ال نوفي بها النظما‬

‫فصأل‬
‫وقد نقم الناقد المذكور أول على العلماء بكسب المال الحلل وعابهم إذ رأى عليهم أثرا‬
‫من الجمال وقال هذا من حب الدنيا وحبها مذموم بكل حال ويحتج بقولهحيث قال حب‬
‫الدنيا رأس كل خطيئة‬
‫فجعل هذا الحديث سلما إلى نيلهم بالذية ولم يفهم المسكين معاني الحاديث المروية‬
‫فإن المذموم من ذلك هو حب الدنيا للدنيا وللبقاء فيها مغالبة ومفاخرة ومناوأة ومكاثرة‬
‫كما فعل فرعون وهامان ونمرود وخاقان وقارون وطرخان فإنهم أحبوا الدنيا للتنعم في‬
‫الدنيا ونيل مشتهاها حين ظنوا أن ل دار سواها فنسوا الخرة ونسوا حظهم منها نسوا ال‬
‫فنسيهم وأنكروا البعث والجزاء والحشر واللقاء وقالوا ل عيش إل في الدنيا نموت ونحيا‬

‫وما نحن بمبعوثين وكذلك أتباعهم من الجبابرة والعمالقة والقياصأرة وفجرة الكاسرة‬
‫الذين أحبوا الدنيا ليتنعموا فيها ويتغالبوا عليها ويتفاخروا بجمعها وبقتل بعضهم بعضا إن‬
‫الذين ل يرجون لقاءنا والذين رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا‬
‫غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون‬
‫فمن أحب الدنيا هكذا فحبه رأس كل خطيئة كما قالهلنه انهمك في المعاصأي والثام‬
‫وتابع الهوى والجرام ولم يبال بما جمع من الحرام‬
‫إن تهدد بالعذاب لم يرهب وإن رد إلى الخير لم يرغب حمله حب الدنيا على هذا فهو في‬
‫سكرته يتمادى‬
‫وأما العالم بال والمحمود عند ال فإنه لم يحب الدنيا ليلهو بها ويفاخر ول ليقاتل أهلها‬
‫ويكابر وإنما أحبها لنها معينة له على الخرة موصألة له إلى الفضائل الظاهرة من‬
‫الفراغ للعلم والستفادة والستعانة على التعليم والفادة ولهذا قال الشافعي رحمه ال‬
‫يحتاج طالب‬

‫العلم إلى سعة ذي اليد والذكاء‬


‫وحكى الغزالي رحمه ال في الحياء عن ابن المبارك رحمه ال أنه كان يخصأص‬
‫بمعروفه أهل العلم فقيل له لو عممت فقال إني ل أعرف بعد مقام النبوة أفضل من مقام‬
‫العلماء فإذا اشتغل قلب أحدهم بحاجته لم يقبل على التعلم فتفريغهم للعلم أفضل‬
‫وذكر في كتاب الشكر وتقسيم النعم فقال الفقيه في طلب العلم والكمال إذا لم يكن معه‬
‫كفاية كساع إلى الهيجا بغير سلح وكباز يروم الصأيد بغير جناح ثم قال بعد ذلك كيف‬
‫ومن عدم المال صأار مستغرق الوقات في طلب القوت وفي تهيئة اللباس والمسكن‬
‫وضرورات المعيشة‬
‫ثم يتعرض لنواع من الذى تشغله عن الذكر والفكر ول تندفع إل بسلح المال‬
‫وروى الخطيب الحافظ البغدادي في كتابه بإسناده أن عمر بن عبد العزيز رضي ال عنه‬
‫كتب إلى والي حمص مر لهل الصألح من بيت المال ما يغنيهم لئل يشغلهم شيء عن‬
‫تلوة القرآن وما حملوا من الحاديث‬
‫وأنشد الشاطبي رحمه ال تعالى‬

‫ول بد من مال به العلم يعتلي ‪ ...‬وجاه من الدنيا يكف بالمظالما‬


‫ولول مصأابيح السلطين لم تجد ‪ ...‬على سبلت الظلم بالحق قائما‬
‫فحب المال لهذا الوجه حب ل تعالى يؤجر عليه إن شاء ال تعالى‬
‫فقد ذكر المام الغزالي رحمه ال أيضا في كتاب إحياء علوم الدين الذي صأنفه للعابدين‬
‫والزاهدين أن من أحب تلميذه لنه ينال به رتبة التعليم فهو محب ل‬
‫قال وكذا إذا أحب من يخدمه في غسل ثيابه وكنس بيته وطبخ طعامه ويفرغه بذلك للعلم‬
‫أو العمل فهو محب ل‬
‫وكذا من أحب ولده لرجوى صألحه وانتفاعه به أو أحب زوجته لتعفه وتعينه على ما هو‬
‫بصأدده من دين أو دنيا فهو محب ل ‪ . .‬هذا معنى كلمه رحمه ال‬
‫قيل لمعاوية بن قرة رحمه ال كيف ابنك قال نعم البن كفاني أمر دنياي ففرغني لخرتي‬
‫رواه عنه أبو نعيم الحافظ في حليته‬
‫وكذا كل من أحب ضيعته أو شيئا من الدنيا ليستعين به على الطاعة والعلم ويتفرغ‬

‫بذلك قلبه لما يقصأده من الخير فإن حبه لذلك يكون ل ولوجه ال وليس من الحب‬
‫المذموم والحمد ل‬
‫وقد سئل المام أحمد بن حنبل رضي ال عنه عن هذا الحديث فقال حبها أن تكون في‬
‫قلبك تؤثرها على كل شيء‬
‫هذا كلمه رحمه ال‬
‫وقد بعث رسول اللهإلى أصأناف الخلق ومنهم التجار وأهل الصأناعات والمحترفون‬
‫وأرباب الضيعات ومنهم كسرى وقيصأر وملوك مدحج وأقيال حمير فلم يأمرالتاجر‬
‫بترك تجارته ول المحترف بترك حرفته ول أمر التارك لذلك بالشتغال به ول أمر‬
‫الغني بترك غناه ول بإهمال ضيعته وما حواه ول أمر الملك منهم بترك ما جمعت يداه‬
‫بل دعا الكل إلى ال وأرشدهم إلى معرفة ال وأعلمهم أن نجاتهم بطاعة ال وحضهم‬
‫على تقوى ال وأمرهم بالزكاة تطهيرا للمال ونهى عن قيل وقال وإضاعة المال وكثرة‬
‫السؤال‬
‫وقد كان في صأحابته وآله رضي ال عنهم بل العشرة البررة من جمع القناطير المقنطرة‬
‫كعثمان بن‬

‫عفان وطلحة وعبد الرحمن رضي ال عنهم فلم ينكر النبيأفعالهم ول أمرهم أن يضيعوا‬
‫أموالهم بل قال ليست الزهادة في الدنيا بتحريم الحلل ول بإضاعة المال ولكن الزهادة‬
‫في الدنيا أن تكون بما في يد ال أوثق منك بما في يدك‬
‫وأن تكون بثواب المصأيبة إذا أنت أصأبت بها أرغب منك فيها لو لم تصأبك‬
‫رواه الحافظ الترمذي رحمه ال في جامعه‬
‫وقيل لربيعة بن أبي عبد الرحمن رضي ال عنه وكان من الولياء ما رأس الزهادة قال‬
‫جمع الشياء من حلها ووضعها في حقها‬
‫حكاه عنه أبو نعيم في حليته‬
‫وقال رجل لبي حازم رحمه ال وكان من الولياء أشكو إليك حب الدنيا وليست لي بدار‬
‫فقال له انظر ما آتاك ال فل تأخذه إل بحله ول تضعه إل في حقه ول يضرك حب الدنيا‬
‫ونحوه‬
‫أسند أبو نعيم في حليته عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال قلت لبي حازم إني لجد‬
‫شيئا يحزنني‬
‫قال وما هو قلت حبي للدنيا قال لي اعلم أن هذا لشيء ما أعاتب نفسي على شيء‬

‫حببه ال إلي لن ال تعالى حبب هذه الدنيا إلينا ولكن لتكن معاتبتنا أنفسنا في غير هذا أن‬
‫ل يدعونا حبها إلى أن نأخذ شيئا يكرهه ال‬
‫ول نمنع شيئا من شيء أحبه ال فإذا فعلنا ذلك لم يضرنا حبنا إياها‬
‫هذا وقد أحبأشياء من الدنيا فقال حبب إلي من دنياكم ثلث النساء والطيب وجعلت قرة‬
‫عيني في الصألة‬
‫وكانيحب الحلوى والعسل وقال عليه السلم لما خرج من مكة شرفها ال ما أطيبك من‬
‫بلدة وأحبك إلي ولول أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك وقال اللهم حبب إلينا‬
‫المدينة كحبنا مكة أو أكثر‬
‫وذكرأنه يحب عائشة والحسن والحسين رضي ال عنهم‬
‫وكل هذا من الدنيا‬
‫ودعالخادمه أنس رضي ال عنه أن يكثر ال ماله وولده فاستجيب له في ذلك‬
‫وذلك كله دنيا ولو كان حب الدنيا على الطلق خطيئة لما سأله لنس ول دعا به ول‬
‫أحبه له وهو من خير أصأحابه‬

‫وقال اللهم إني أسألك من صأالح ما تؤتي الناس من المال والولد غير الضال والمضل‬
‫فطلبربه المال والولد وهما دنيا واحترز بقوله الضال والمضل عما ل بركة فيه منهما‬
‫فإنه يصأد عن ال ويدعو إلى معصأية ال‬
‫فما كان بهذه الصأفة فهو المذموم‬
‫وقال إن ال يعطي الدنيا من يحب ومن ل يحب ول يعطي الخرة إل من أحب‬
‫رواه الترمذي والنسائي رحمهما ال ورواه مالك رحمه ال في الموطأ ورواه الواحدي‬
‫في وسيطه وزاد فمن أعطاه الدين فقد أحبه يعني سواء كان غنيا أو فقيرا خامل كان أو‬
‫مشهورا وقد أحب ال تعالى قوما فجمع لهم بين النبوة والملك العظيم كيوسف وداود‬
‫وسليمان عليهم السلم‬
‫فما يضر الغنى مع حسن اليمان ول ينفع الفقر مع معصأية الرحمن ومن أطاع واتقى لم‬
‫يشنه فقر ول غنى‬
‫قال ليس خيركم من ترك الدنيا للخرة ول الخرة للدنيا ولكن خيركم من أخذ من هذه‬
‫وهذه‬
‫ذكر الماوردي في كتابه‬
‫وكان رسول ال‬

‫ويقول اللهم أصألح لنا ديننا الذي هو عصأمة أمرنا وأصألح لنا دنيانا التي فيها معاشنا‬
‫وأصألح لنا آخرتنا التي إليها معادنا‬
‫رواه مسلم في صأحيحه فطلبصألح الدنيا وصألح الدنيا دنيا لكن صألحها يعين على‬
‫التقوى والتقوى هي النافعة في العقبى الدافعة لكل بلوى وفي حديث آخر اللهم إني أسألك‬
‫الهدى والتقى والعفاف والغنى‬
‫وكانكثيرا ما يتعوذ من الفقر والقلة والذلة‬
‫وفي الحديث المشهور في الصأحيحين أنهنهى من أراد أن يوصأي بأكثر من ثلث ماله‬
‫وقال له إنك إن تذر ورثتك أغيناء خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس‬
‫وفي حلية الولياء لبي نعيم عن محمد بن المنكدر رحمه ال أنه كان يقول العون على‬
‫تقوى ال الغنى‬
‫وفي كتاب الحياء للمام الغزالي رضوان ال عليه أنهقال نعم العون على تقوى ال‬
‫المال‬
‫فمن أحب الدنيا للدنيا تنعما وتفكها وتكاثرا فهو المذموم وهو المال المضل المشؤوم ومن‬
‫أحبها ليستعين بها على الطاعة ويتفرغ بها للعلم والعبادة أو ليكف بها‬

‫نفسه عن سؤال الناس فهو المحمود والمشكور وهو على ذلك إن شاء ال تعالى مأجور‬
‫وقد فرق رسول ال بين المرين فقال عليه السلم من طلب الدنيا حلل استعفافا عن‬
‫المسألة وسعيا على عياله وتعطفا على جاره جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر‬
‫ومن طلب الدنيا حلل مكاثرا مرائيا لقي ال وهو عليه غضبان‬
‫رواه الئمة الحفاظ أبو بكر البيهقي في سننه وأبو نعيم في حليته وأبو الليث في تنبيهه‬
‫وغيرهم رضي ال عنهم‬
‫فذممن طلب الدنيا للمفاخرة والمكاثرة وإن كانت حلل فما الظن بمن أخذ الحرام وعده‬
‫مال وظلم الرامل وهضم اليتام وغير السنن وعكس الحكام ونصأب نفسه لعداوة أهل‬
‫السلم‬
‫فل يجري بباله سوى الدنيا وما ناله فيها ول يحب ول يبغض إل لسبب يحصأل له من‬
‫بنيها فمن رشاه أو أرضاه بعطاء عده محبا وإن كان سفيها ومن عمل بالحق ولم يداره‬
‫أبغضه وإن كان نبيها وسبه وجهله وإن كان رشيدا فقيها‬
‫فأي خصأال المرء ترضي وتحمد ‪ ...‬إذا كان في بحر المظالم يجهد‬

‫ينظر القذى في عين أخيه ول بصأر الجذع في عينه يشتغل في غيب سواه ول ينظر في‬
‫عيبه ينقد على أهل الدين والعلم وينكر على أهل الفضل والحلم‬
‫يمن على غيره بالسلمة من شره وإن لم يظلم شخصأا عد ذلك عليه من بره وهيهات‬
‫ليس ترك الظلم إحسانا‬
‫ول الكف عن القبيح يعد امتنانا وإنما الحسان هو البر والنصأاف والكرام والتحاف‬
‫والتواضع واللطاف والعمل بالكتاب والسنة رجاء الجر والفوز بالجنة وال يهدي من‬
‫يشاء إلى صأراط مستقيم‬

‫فصأل‬
‫ومن كسب المال الحلل ليكفل به الهل والعيال وتعفف به عن السؤال فقد أحسن بهذا‬
‫الفعال ونال الجر بهذه الخصأال لن النبيقال لن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة حطب‬
‫على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه خير له من يسأل الناس أعطوه أو منعوه‬
‫رواه البخاري ومسلم في صأحيحيهما‬
‫وقال طلب الحلل فريضة على كل مسلم‬
‫وقال نعم المال الصأالح للرجل الصأالح‬
‫وذكره صأاحب الشهاب‬
‫وقال أبو الليث السمرقندي رحمه ال في كتاب أدب التعليم وكانوا في الزمن الول‬
‫يتعلمون الحرفة ثم يتعلمون العلم حتى ل يطمعوا في أموال الناس‬
‫فإن الطمع فقر حاضر‬

‫وقال أفضل العمال على وجه الرض طلب العلم والجهاد والكسب‬
‫ذكره أبو الليث في تنبيهه‬
‫قال وقال بعض أهل العلم ل يقوم الدين والدنيا إل بأربعة العلماء والمراء والغزاة وأهل‬
‫الكسب‬
‫انتهى كلمه‬
‫وفي بعض الحاديث الغريبة أنهقال الفقر لصأحابي سعادة والغنى للمؤمن في آخر‬
‫الزمان سعادة قيل يا رسول ال كيف يكون ذلك قال لنه يصأير المال إلى بخلئهم‬
‫ويسودهم أشرارهم ومن سعادة المرء أن ل يحتاج في ذلك الزمان فإن استطعتم أن‬
‫تكونوا أغنياءهم فافعلوا‬
‫وقال بعض الحكماء حفظك ما في يدك أولى لك من طلب ما في يد غيرك‬
‫وقال الغزالي رحمه ال في كتاب النكاح من كتاب الحياء‬
‫النظر للعواقب وحفظ المال وادخاره مع كونه مناقضا للتوكل ل نقول أنه منهي عنه‬
‫وقال إمام الحفاظ ورأس الوعاظ ابن الجوزي رحمه ال في وصأيته لبنه ودبر أمرك في‬
‫إنفاقك من غير تبذير لئل تحتاج إلى الناس فإن حفظ المال من الدين ولن تخلفه لورثتك‬
‫خير من أن تحتاج إلى الناس‬

‫وقال ابن الجوزي أيضا رحمه ال في كتاب الطب الروحاني ول ينكر على من جمع ما‬
‫ل غنى للنفس عنه فاستغنى به عن الناس وأغنى أولده وبذل بعضه للمحتاجين إل أنه ل‬
‫ينبغي بعد حصأول المقدار المتوسط أن يضيع الزمن الشريف ويخاطر بالروح في‬
‫السفار‬
‫قال واعلم أن مجرد إمساك المال ل يسمى بخل لن النسان قد يمسك لحاجته ولحوادث‬
‫دهره ولجل عائلته ولقرابته قال وهذا كله من باب الحزم فل يذم‬
‫وإنما يقع البخل على مانع الحق الواجب والتبذير فيما يأمر به الهوى وينهى عنه العقل‬
‫قال واعلم أن النسان قد يعطى رزق شهر في يوم واحد فإذا بذر فيه بقي شهره يعاني‬
‫البلء وإذا دبر فيه عاش شهره طيب العيش‬
‫قال وينبغي للعاقل أن يكتسب أكثر مما يحتاج إليه ويقتني مما يعلم أنه لو حدث به حادث‬
‫كان في المقتنى عوض عما ذهب‬
‫ولو جاءه أولد أو احتاج إلى فضل زوجة أو خادم أو احتاج ولده إلى مثل ذلك كان في‬
‫كسبه ما يكفيه‬
‫وفي الجملة ينبغي أن تكون النفقة أقل من الكسب‬

‫ليقتني من الفضل ما يكون معدا للحادثة إذ ل تؤمن‬


‫روي عن النبيأنه قال من فقه الرجل رفقه في معيشته‬
‫انتهى كلمه رحمه ال‬
‫وروى هذا الحديث الخير أبو إسحاق الثعالبي في تفسيره‬
‫وقال ثلث من كن فيه فقد تمت مروءته من تفقه في دينه واقتصأد في معيشته وصأبر‬
‫على النوائب‬
‫ذكره منصأور الثعالبي في كتاب إنجاز المعروف وأنشد بعضهم‬
‫لمال المرء يصألحه فيغني ‪ ...‬مفاقره أعف من القنوع‬
‫يسد به نوائب تعتريه ‪ ...‬من اليام كالنهل الشروع‬
‫النهل جمع ناهل وهو العطشان‬
‫والقنوع هو السؤال ويروى أن زيد بن سلمة كان يغرس في أرضه فقال له‬
‫عمر رضي ال عنه أصأبت استغن عن الناس يكن أصأون لدينك وأكرم لك عليهم‬
‫كيف قال صأاحبكم أحيحه‬

‫فلن أزال على الزوراء أعمرها ‪ ...‬إن الكريم على الخوان ذو المال‬
‫ويروى عن الشافعي رضي ال عنه أنه أنشد‬
‫رب إن لم تبق لي جدتي ‪ ...‬كف عني فضلة العمر‬
‫لست أرضى العيش في زمن ‪ ...‬أنا محتاج إلى البشر‬
‫وروي أن إبراهيم بن أدهم رحمه ال كان مع قوم في السفينة فهاجت ريح عاصأفة‬
‫فقالوا أما ترى هذه الشدة فقال ليس هذه شدة إنما الشدة الحاجة إلى الناس‬
‫حكاه الغزالي عنه في الحياء‬
‫وقد نهى النبيعن سؤال الناس في غير حديث منها قوله من فتح على نفسه باب مسألة فتح‬
‫ال عليه باب فقر‬
‫وفي رواية سبعين بابا من الفقر ذكره في الحياء‬
‫ولما حضرت قيس بن عاصأم الوفاة دعا بنيه وقال لهم احفظوا عني فل أحد أنصأح لكم‬
‫مني إذا مت فسودوا كباركم أي اجعلوهم سادتكم ول تسودوا صأغاركم فيسفه‬

‫الناس كباركم وتهونوا عليهم‬


‫وعليكم بإصألح المال فإنه منبهة للكريم ويستغنى به عن اللئيم‬
‫وإياكم ومسألة الناس فإنها من أخس كسب الرجل‬
‫انتهى كلمه‬
‫هذا وفي السؤال إذلل المرء نفسه ول ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه‬
‫كان بعض العلماء إذا أعطي الصأدقة ظاهرا لم يقبلها وإذا أعطيها سرا قبلها ويقول إن‬
‫في إظهار الخذ والعطاء وإذلل للعلم وإذلل أهله فما كنت بالذي أرفع شيئا من الدنيا‬
‫بوضع العلم وإذلل أهله ‪ . . . .‬حكاه الغزالي في الحياء‬
‫فإذا كان هذا وقد أعطيها بل طلب فكيف يكون حال من تسبب لطلبها هل هو إل هاتك‬
‫ستر مروءته كاشف بيده عن عورته فأعظم بذلك وكراهته‬
‫وقال رسول ال ما أكل أحد طعاما قط خير له من أن يأكل من عمل يده‬
‫وفي رواية أحل ما أكل الرجل من كسبه‬
‫وأراد بهذه الحاديث الكسب بنحو الحتطاب والتجارة والستئجار والجارة والصأنعة‬
‫المباحة‬
‫قال ال تعالى ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضل من ربكم‬
‫قال المفسرون أراد‬

‫التجارة في مواسم الحج‬


‫فرفع ال سبحانه الحرج عمن طلب الدنيا بالتجارة في تلك الوقات الشريفات وأباحها لهم‬
‫عند الفاضة من عرفات وفي اليام المعدودات والمعلومات رحمة من رب الرض‬
‫والسموات فما ظنك في غيرها من الوقات‬
‫وذكر الحافظ محمد بن إبراهيم الفشلي رحمه ال في الجزء الذي صأنفه في ذكر المراتب‬
‫التي من ال بها على هذه المة فقال قال بعض العلماء من كثرت ذنوبه فعليه بكسب‬
‫الضياع‬
‫قال ولعمري لقد قال الحق فإن الضيعة إذا كسبت ‪ . . .‬فقد قال فيها رسول ال من أكل‬
‫من غرس المسلم أو زرعه فذلك له صأدقة‬
‫انتهى كلم الفشلي رحمه ال‬
‫وأراد أن الضيعة إذا كسبت حلل ل شبهة فيها ول في ثمنها فإن لمالكها ثوابا مستمرا‬
‫على مر الزمان ما دامت الرض تزرع والغراس تثمر‬
‫والضياع بكسر الضاد جمع ضيعة بفتحها وهي هنا الرض والعقار‬
‫وهذا الحديث الذي أورده الفشلي رحمه ال قد روي في الصأحيحين بأتم من هذا وهو أن‬
‫رسول اللهقال ما من مسلم‬

‫يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة إل كانت له صأدقة‬
‫وفي صأحيح مسلم أيضا وما سرق منه فهو له صأدقة‬
‫وذلك فضل ال يؤتيه من يشاء وهذا في من لم يجمعه سمعة ول رياء ول كسبه بشره ول‬
‫ضرر ول أذى نسأل ال أن يحفظ علينا ديننا ويصألح ظننا ويقيننا حتى يتوفانا مسلمين‬
‫ويلحقنا بالصأالحين بمنه وكرمه آمين‬
‫وينشد في الماقتين والحاسدين حتى يصأيروا في حسرة كامدين‬
‫كسبنا المال من أصأل حلل ‪ ...‬بمن ال ذي النعم الطوال‬
‫كسبناه لنكفل من لدينا ‪ ...‬من الهلين أو ضعف العيال‬
‫ونفرغ للعلوم ونجتليها ‪ ...‬ونخلص من مشقات السؤال‬
‫ولم نكسبه من ثمن حرام ‪ ...‬ول شبه ول منن ثقال‬
‫ولم نرب ولم نرش لحكم ‪ ...‬بحمد ال ربي ذي الجلل‬

‫كسبناه على وجه صأحيح ‪ ...‬بل خدع ول طول المطال‬


‫ولم نقصأد مفاخرة بهذا ‪ ...‬ولم نطلب به غلب الرجال‬
‫وكل المال أيضا فهو ربح ‪ ...‬ولم نحزن على ربح بحال‬
‫ورأس المال ديني ثم علمي ‪ ...‬وفهمي للمعاني والمعالي‬
‫ومعرفتي بفن الفقه عمري ‪ ...‬وشغلي الدهر في جمع الللي‬
‫فذا مالي وذا كنزي وذخري ‪ ...‬وذا عزي ومعتمدي وحالي‬
‫وإن المال يقنى ثم يفنى ‪ ...‬وعز العلم باق غير بال‬
‫لذاذته ألذ من الحلوى ‪ ...‬ومن عسل ومن ماء زلل‬
‫وإن العلم أنسي وقت كربي ‪ ...‬وذلك زيتني وبه جمالي‬

‫فمن ذا يستطيع زوال هذا ‪ ...‬وهل يخشى على ذا من زوال‬


‫وذا في الصأدر مخبو معد ‪ ...‬لما يحتاج من كل الخصأال‬
‫فأرجو نفعه ما دمت حيا ‪ ...‬بهذي الرض أو أرض الشمال‬
‫فأرجو نفعه يوم التلقي ‪ ...‬بيوم ليس فيه من ضلل‬
‫بيوم فيه أهل الظلم صأرعى ‪ ...‬لما يلقون من سوء النكال‬
‫جزى الرحمن عنا والدينا ‪ ...‬وأشياخا لنا خير النوال‬
‫كما أهدوا إلينا كل علم ‪ ...‬وأحكام وأداب عوال‬
‫إذا أبقى الله الدين فينا ‪ ...‬فإنا بالمصأائب ل نبالي‬
‫وإن نقصأد بمكروه صأبرنا ‪ ...‬ومن يصأبر ينل خير المآل‬

‫ول نخشى سوى رب البرايا ‪ ...‬مزيل الهم غالب كل وال‬


‫فإن قيل ما من غني إل ويدعي أن ما في يده أقل من كفايته فكم قدر الكفاية التي ل يكون‬
‫صأاحبها من أهل الدنيا‬
‫فالجواب ما ذكره المام الغزالي رحمه ال وذلك أنه قال إن الضرورة إنما تدعو إلى‬
‫المطعم والملبس فإن تركت التجمل في اللباس فيكفيك في السنة مثقالن لشتائك وصأيفك‬
‫وإن تركت التنعم في طعامك فيكفيك في كل يوم مد وهو الذي يجب في الكفارات فيكون‬
‫في السنة خمسمائة رطل ويكفيك لدامك إن اقتصأرت على القليل منه ثلثة مثاقيل على‬
‫التقريب في السنة عند رخص السعار وإذا مبلغ كفايته خمسة مثاقيل وخمسمائة رطل‬
‫وهو القدر الذي يفرض في نفقة الزوجة ونحوها على المعسر فإن كنت معيل فخذ لكل‬
‫واحد منهم مثل ذلك وإن كنت مشغول بالعلم والعبادة واقتنيت ضيعة يدخل منها هذا‬
‫القدر دائما ‪ . .‬فأرجو أن ل تصأير بذلك من أبناء الدنيا ل سيما في هذه العصأار وقد‬
‫تغيرت القلوب واستولى عليها الشح‬

‫وانصأرفت الهمم عن تفقد ذوي الحاجات‬


‫فاقتناء هذا أولى من السؤال فإذا قصأدت الزراعة للستعانة على الدين فأنت متزود‬
‫مسافر ل معرج على الضيعة‬
‫قال وربما ل يحتمل بعض الشخاص القناعة بالقدر الذي ذكرنا إل بشدة ومشقة‬
‫فل حرج في الدين في ازدياد الضعيف على القدر الذي ل يصأير به من أبناء الدنيا‬
‫وهذا مختصأر ما ذكره الغزالي رحمه ال في كتاب الربعين في أصأول الدين له‬
‫فعرف بهذا أن الغالب على أكثر أهل قطرنا فيما معهم أنه دون كفايتهم غالبا‬
‫وال المرشد إلى طلب رضاه برحمته وكرمه‬
‫وقال خير أمتي الذين لم يعطوا حتى يبطروا ولم يقتر عليهم حتى يسألوا‬
‫ذكره الماوردي رحمه ال في كتابه‬

‫فصأل‬
‫قد صأار هذا الناقد المذكور والجاهل المغرور في أودية ضلل يدور وفي بحار هلك‬
‫تمور قد غلب عليه الحسد فأورثه الهم والكمد وال سبحانه قد أبغض الحسدة وأعد لهم‬
‫ناره الموقدة ول يضر الحاسد إل نفسه ول يكسب إل نحسه‬
‫وقد حسد النبياء فما ضرهم بل ضاعف ال تعالى أجرهم وأبدى عزهم ونصأرهم وأخبر‬
‫سبحانه أنهم حسدوا بل كذبوا وأوذوا وجحدوا فأمروا بالصأبر حتى أتاهم النصأر قال ال‬
‫سبحانه وتعالى ولقد كذبت رسل من قبلك فصأبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم‬
‫نصأرنا ول مبدل لكلمات ال ولقد جاءك من نبأى المرسلين وقال‬

‫تعالى أم يحسدون الناس على ما آتاهم ال من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة‬
‫وآتيناهم ملكا عظيما‬
‫فلو كان الملك العظيم خطيئة لما من ال به ول أنزل مدحه في كتبه ول استجاب لسليمان‬
‫صألى ال على نبينا وعليه وسلم حين طلب الملك الكبير ول فتح لذي القرنين ومكنه حيث‬
‫يسير ول حكى عن يوسف الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم أنه قال اجعلني على‬
‫خزائن الرض إني حفيظ عليم‬
‫بل قال سبحانه وكذلك مكنا ليوسف في الرض يتبوأ منها حيث يشاء نصأيب برحمتنا من‬
‫نشاء ول نضيع أجر المحسنين‬
‫فذكر سبحانه أن الذي حصأل ليوسف من التمكين رحمة من رب السموات والرضين‬
‫وقال بعض علماء السلف إذا أراد ال بالناس خيرا جعل العلم في ملوكهم والملك في‬
‫علمائهم‬
‫ذكره أبو الحسن المارودي في كتابه‬
‫وقال سبحانه وتعالى في داود صألى ال على نبينا وعليه وسلم وآتاه ال الملك‬

‫والحكمة وعلمه مما يشاء‬


‫وقال تعالى فيه أيضا وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة‬
‫قال ابن عباس رضي ال عنهما كان داود عليه السلم أشد ملوك الرض سلطانا‬
‫وكان يحرس محرابه كل ليلة ستة وثلثون ألف رجل مع ما سخر ال له من الجبال‬
‫والطير والسباع وألن له الحديد‬
‫وكيف يقال المال منقصأة للدين وقد وعد ال به على طاعته عباده المتقين وشرطه شرطا‬
‫لزما رغب به التائبين والمستغفرين فقال سبحانه في كتابه المبين على ألسنة المرسلين‬
‫استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويقوم‬
‫استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ول‬
‫تتولوا مجرمين ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء‬

‫والرض ومن يتق ال يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث ل يحتسب‬


‫فجعل ال سبحانه جزاء الستغفار والتقوى المداد بالموال في الدنيا ثم قال وهو أصأدق‬
‫القائلين ولجر الخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون‬
‫وقال من لزم الستغفار جعل ال له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من‬
‫حيث ل يحتسب‬
‫رواه أبو داود في سننه وأبو نعيم في حليته وغيرهم‬
‫فجعل استغفار ال شرطا لحصأول رزق ال‬
‫وقد أخبر سبحانه عن اليتيمين المذكورين في سورة الكهف أن أباهما كان صأالحا‬
‫وقد ورث لهما كنزا فحفظه ال لهما بصألح أبيهما حتى يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما‬
‫رحمة من ربك فالصأل هو تقوى ال ول يضر معها الكثير ول يشين صأاحبها حسد كبير‬
‫ول صأغير فيا خادم سنة البشير النذير ويا حامل الشرع الشريف‬

‫الخطير لقد سعدت في الدنيا والخرة ونلت الشرف الكبير وسيلحق حاسدك الندم‬
‫والتدمير ول ينبيك مثل خبير فناد بصأوتك الجهير ول تبال بوزير ول أمير‬
‫وقل للحاسدين أل أفيقوا ‪ ...‬وإن أعطى الله فل تضيقوا‬
‫فذلك زينكم بين البرايا ‪ ...‬ومن يحسد سيلقاه المضيق‬
‫فإن ال عدل ذو اقتدار ‪ ...‬ومكر ال ليس له مطيق‬
‫فموعدنا من الرحمن نصأر ‪ ...‬وقاصأد ضرنا عرق سحيق‬
‫خدمنا شرعه نرجو رضاه ‪ ...‬وأحمد ذخرنا نعم الشفيق‬
‫عواقب من أطاع ال فوز ‪ ...‬وعقبى من بغى هول عميق‬
‫وعار ثم خزي ثم ذل ‪ ...‬وفي الخرى له فيها حريق‬
‫وخدام الرسول لهم فتوح ‪ ...‬ونصأر ال ركنهم الوثيق‬

‫مخالفهم يذل وهم يعزوا ‪ ...‬وحاسدهم يهون وهم يفيقوا‬


‫وخدام الملوك لهم فناء ‪ ...‬وذم ثم نار ثم ضيق‬
‫فيا من رام يهضم حزب ربي ‪ ...‬تهيأ للبلء ول تطيق‬
‫فجرب سوف تذكر لي كلمي ‪ ...‬وتذكر حين تأخذك الحقوق‬
‫فحاشا ال أن يخشوا سواه ‪ ...‬وما قدمت أنت له تذوق‬
‫إذا أنس الفخور بحسن زي ‪ ...‬وأبدى سيفه وله بريق‬
‫فإنا آنسون بمن خدمنا ‪ ...‬بسنة أحمد نعم الطريق‬
‫خدمناها ونخدم من رواها ‪ ...‬وخادمها له عز وثيق‬
‫إذا افتخر الظلوم بعز حصأن ‪ ...‬وجند كل فعلهم عقوق‬

‫فمفخرنا بأشياخ كرام ‪ ...‬من العلماء ليس بهم فسوق‬


‫ونفخر بالنبي رسول ربي ‪ ...‬وسنته التي سن الصأدوق‬
‫رويناها عن الخيار قوم ‪ ...‬فريق الحق يا نعم الفريق‬
‫وفي صأحب النبي لنا افتخار ‪ ...‬هداة الخلق إن ظهرت فتوق‬
‫ومفخرنا ابن أشعث والبخاري ‪ ...‬ومسلم وابن سورة يا شقيق‬
‫ومالك وابن حنبل المزكى ‪ ...‬ونعمان وسفيان الرفيق‬
‫ونفخر في مشايخنا إليهم ‪ ...‬فيالك سادة فيهم وثوق‬
‫ومفخرنا ابن إدريس إمام ‪ ...‬قريشي له نسب عريق‬
‫وفي أصأحابه أنس وفخر ‪ ...‬وإن بجاههم ينجو الغريق‬

‫أئمتنا وسادتنا جميعا ‪ ...‬وكل بالثنا قمن حقيق‬


‫أبو إسحاق شيخ الفقه حقا ‪ ...‬ومحيي الدين عدة من يضيق‬
‫ولتنسى الجويني والغزالي ‪ ...‬لهم في كل مكرمة طريق‬
‫ويحيى نسل عمران اليماني ‪ ...‬بما أنشا بذا المعنى الدقيق‬
‫فأهل العلم أحياء وموتى ‪ ...‬لنا نسب وكلهم صأديق‬
‫بحب العلم والعلماء نعلو ‪ ...‬على رغم الحسود ونستفيق‬
‫فقل للحاسدين أل أفيقوا ‪ ...‬وطولوا واقصأروا فغدا تذوقوا‬
‫وبال فعالكم من كل بد ‪ ...‬ومكركم بأنفسكم يحيق‬

‫فصأل‬
‫و اعلم أنه لطاعة إل ل سبحانه ولرسوله‬
‫فيجب على كل أحد وضع الشياء على مواضعها التى وضعها ال سبحانه وتعالى وأمر‬
‫بها رسوله إعزاز من أعزه ال وإهانة من أهانه ال‬
‫ومن خالف ذلك فقد أساء وظلم وتعدى حدود ال وهتك والحرم ومن يتعد حدود ال‬
‫فأولئك هم الظالمون‬
‫وقد أعز ال سبحانه العلم وأهله وشرف حامله وأبان فضله‬
‫فليس يوجد في الدنيا أشرف منه خلة ول أكرم منه نحلة ولم يزل صأاحبه معظما في كل‬
‫ملة وفي زمن الجاهلية والزمان قبله‬
‫قال الشافعي رحمه ال سمعت‬

‫سفيان بن عيينة رضي ال عنه يقول لم يعط أحد في الدنيا شيئا أعظم من النبوة ولم يعط‬
‫بعد النبوة أفضل من العلم والفقه‬
‫فينبغي للعالم أن ل يضع نفسه في موضع هوان ول يذلها لهل الجهل والعدوان‬
‫بل ينزه نفسه أول عما ينقص المروءة ويذهب الفتوة‬
‫ثم يصأونها ثانيا عن الدناس ومخالطة الفسقة والنجاس‬
‫ثم يحملها ثالثا على الهيئة العلية والفعال المرضية‬
‫ويجملها رابعا بالسكينة والوقار في الحضرة والسفار وإطراق الرأس وضبط الحواس‬
‫وتحسين الزي واللباس والهيبة الحسنة عند الناس‬
‫فقد كان أوائل هذه المة ليس لهم في طلب الزي همة إذ كانوا قد رسخ السلم في قلوبهم‬
‫فكان العلم والدين غاية مطلوبهم فزهدوا في الدنيا بالكثير واكتفوا من حطامها باليسير لما‬
‫وقع في قلوبهم من الجد والتشمير‬
‫ثم لما حدثت الفترة بعده في الطالبين ندب الشرع إلى إقامة صأورة الئمة المتصأدرين‬
‫والعلماء والمدرسين والقضاة والمفتين‬
‫على خلف ما كان عليه رسول اللهوأصأحابه رضي ال عنهم أجمعين‬
‫وسبب ذلك أن المقاصأد والمصأالح الشرعية وقمع‬

‫المفاسد والشبه البدعية ل تحصأل إل بعظمة القائم بذلك في نفوس الناس وكانوا في زمن‬
‫الصأحابة رضي ال عنهم معظم تعظيمهم إنما هو الدين وسابق الهجرة‬
‫فلما ذهب ذلك القرن الذي صأحبوا الرسول وشاهدوا هيبة الوحي والتنزيل حدث من‬
‫مداخلة فارس والروم ونحوهم من الغشام الذين داخلوا أهل السلم ما تغير بسببه شيء‬
‫من حسن النظام إذ صأاروا ل يعظمون إل بالصأور فتعين تعظيم الصأور وتحسين الزي‬
‫على الوجه الشرعي‬
‫حتى قال المام الرافعي رحمه ال تعالى في كتاب الفتح العزيز في شرح الوجيز ل يجب‬
‫على الئمة الكتفاء بما اكتفى به رسول ال‬
‫والخلفاء الراشدون من بعده رضي ال عنهم‬
‫قال لن الناس قد تغيروا بعدوا عن العهد بزمان النبوة الذي كانت النصأرة فيه بإلقاء‬
‫الرعب والهيبة في القلوب‬
‫قال ولو اقتصأر المام على مثل ذلك اليوم لم يطع‬
‫وتعطلت المور فيأخذ لنفسه ما يليق به من الخيل والغلمان والدار الواسعة‬
‫انتهى كلمه رحمه ال‬
‫فكذلك العالم والمفتي والقاضي ينبغي أن يتخذ كل واحد منهم ما يليق بحاله وحال أمثاله‬
‫فيوسعوا القميص‬
‫والكمام ويعظموا العمائم والطيلسان ويحسنوا المركوب ويكثروا الخدام بحسب الحال‬
‫الذي ينبغي من إشادة العلم وتجليله وتوقيره وتعظيمه وتبجيله كما روي عن المام أبي‬
‫حنيفة رضي ال عنه أنه قال عظموا عمائمكم ووسعوا أكمامكم‬
‫قال أبو الليث رحمه ال وإنما قال ذلك لئل يستخف بالعلم وأهله‬
‫وروي عن المام مالك رضي ال عنه أنه كان إذا أراد أن يحدث بحديث رسول‬
‫اللهتطيب وتلبس ثيابا جدادا ويلبس تاجه ويتعمم ويضع رداءه على رأسه وتلقى له منصأة‬
‫فيخرج ويجلس عليها‬
‫ول يزال يبخر بالعود حتى يفرغ من حديثه إعزازا لحديث رسول ال‬
‫وكان الشافعي رضي ال عنه يأمر غلمه أن يأتي السارية التي كان يقعد عندها الشافعي‬
‫لتعليم الفقه فيلطخها بالغالية كل يوم إكراما للعلم وحاضريه ففي تعظيم العلم يقع تعظيم‬
‫ال وفي إعزازه طاعة ال‬
‫ولهذا قالوا إن على كل أحد أن يخفض صأوته في مجالس أهل العلم وأن ينزهها‬

‫ويتواضع لها ول يتخطى حلقها‬


‫قال رسول ال من غض صأوته عند العلماء جاء مع الذين امتحن ال قلوبهم للتقوى من‬
‫أصأحابي‬
‫رواه أبو نعيم في كتابه رياضة المتعلمين بإسناده‬
‫فينبغي لكل أحد أن يستمع العلم والحكمة بالتعظيم والتوقير والحرمة‬
‫ولو رددت الكلمة والمسألة ألف مرة‬
‫فإن ل سبحانه ملئكة كراما يحضرون مجالس الذكر والعلماء‬
‫قال ابن سيرين رحمه ال أتاني آت في المنام فقال أما إنك لو أتيت الحلقة التي يذكر فيها‬
‫الفقه لوجدت جبريل عليه السلم معهم جالسا‬
‫ذكره صأاحب تنبيه الغافلين‬
‫ثم قال أبو الليث رحمه ال وإنما يتعلم العلم بواسطة ملك‬
‫فالعالم مأمور بتحسين لبسته والتوقر في حركته وجلسته لن ملئكة الرحمة تحضر‬
‫حلقته وتحفه وتحف درسته كما ورد في الحديث الصأحيح فيجب الستحياء من الملئكة‬
‫الكرام الحاضرين وتوقيرهم منه ومن السامعين وال المرشد بكرمه وهو خير معين‬
‫ولن الناس مجبولون على تعظيم الصأور الظاهرة‬

‫فيجب تفخيمها وتبجيلها حتى ل تختل المصأالح الموصألة إلى خير الدنيا والخرة‬
‫قال المام الغزالي رحمه ال في أوائل كتاب الحياء عن أم المؤمنين عائشة رضي ال‬
‫عنها أن النبي أراد الخروج إلى الجماعة فجعل يسوي من رأسه ولحيته فقلت أو تفعل‬
‫ذلك يا رسول ال قال نعم يا عائشة إن ال يحب من عبده أن يتجمل لخوانه إذا خرج‬
‫إليهم‬
‫قال الغزالي رحمه ال وكان من وظائفهأن يسعى في تعظيم أمر نفسه في قلوب الناس‬
‫كي ل تزدريه نفوسهم وفي تحسين صأورته في أعينهم كي ل تستصأغره أعينهم فينفرهم‬
‫ذلك عنه وهو مأمور بدعوتهم‬
‫قال الغزالي رحمه ال وهذا القصأد واجب على كل عالم يتصأدى لدعوة الخلق إلى ال‬
‫تعال وهو أن يراعي من ظاهره ما ل يوجب نفرة الناس عنه‬
‫انتهى كلمه رحمه ال‬
‫وكان عمر بن الخطاب رضي ال عنه يقول أحب أن يكون القارئ أبيض الثياب يعني‬
‫ليعظم في نفوس الناس فيعظم ما لديه من الحق وقد أمر القارئ أيضا‬

‫والمؤذن بتحسين الصأوت في القرآن والذان ليؤثر في قلوب السامعين وأمر الكاتب‬
‫بتحسين الخط‬
‫وقال رسول ال الخط الحسن يزيد الحق وضوحا‬
‫رواه الثعالبي بإسناده في تفسير سورة الملئكة فثبت أن لكل شيء من هذه الشياء وقعا‬
‫في القلوب‬
‫وكان عمر رضي ال عنه يأكل خبز الشعير والملح ويفرض لعامله في كل يوم نصأف‬
‫شاة وذلك لعلمه رضي ال عنه بأن الحالة التي هو عليها لو عملها غيره لهان في نفوس‬
‫الناس ولم يحترموه ولتجاسروا عليه بالمخالفة ولم يعظموه فاحتاج رضي ال عنه إلى أن‬
‫يضع غيره في صأورة أخرى لحفظ النظام وإقامة شريعة السلم‬
‫ولهذا لما قدم رضي ال عنه الشام وجد معاوية بن أبي سفيان قد اتخذ الحجاب والمراكب‬
‫النفيسة والثياب والهائلة الرفيعة وسلك ما سلكه الملوك فسأله عمر رضي ال عنه عن‬
‫ذلك فقال له معاوية إنا بأرض نحن محتاجون لهذا‬
‫فقال عمر رضي ال عنه ل آمرك ول أنهاك‬
‫قال المام شهاب الدين القرافي رحمه ال معناه أنت أعلم بحالك هل أنت محتاج إلى هذا‬
‫فيكون حسنا‬

‫أو أنت غير محتاج إليه قال فدل هذا من عمر رضي ال عنه وغيره على أن أحوال‬
‫الئمة وولة المور والقضاة تختلف باختلف المصأار والعصأار والقرون والحوال‬
‫وكذلك يحتاجون إلى تجديد زخارف وسياسات لم تكن قديما وربما وجبت في بعض‬
‫الحوال‬
‫انتهى كلمه رحمه ال‬
‫وروى أبو نعيم الحافظ في حليته عن سفيان الثوري رحمه ال قال دخلت على جعفر بن‬
‫محمد يعني الصأادق رضي ال عنهما وعليه جبة خز وكساء خز قال فجعلت أنظر إليه‬
‫متعجبا فقال لي يا ثوري ما لك تنظر إلي لعلك تعجب مما ترى قلت يا ابن رسول ال‬
‫ليس هذا من لباسك ول لباس آبائك‬
‫فقال يا ثوري كان ذلك زمانا مقترا وكانوا يعملون على قدر إقفاره وإقتاره‬
‫وهذا زمان قد أسبل كل شيء عز إليه ثم حسر عن ردن جبته فإذا تحتها جبة صأوف‬
‫بيضاء ثم قال يا ثوري هذا ل وهذا لكم فما كان ل أخفيناه وما كان لكم أبديناه‬
‫انتهى كلمه رحمه ال‬
‫فعرف بهذا أن لكل مقام مقال ولكل مباح ومستحب ومكروه حال فحال يختلف ذلك‬
‫باختلف الحوال‬

‫واليام كما قال المام ابن عبد السلم رحمه ال تعالى إن ل سبحانه أحكاما تحدث‬
‫بحدوث أسباب لم تكن في العصأر الول‬
‫فينبغي لكل عاقل أن يعرف الحال الموجبة للتحليل والتحريم والكراهة والستحباب حتى‬
‫يعمل بموجب ما يحدث من السباب على ما جرت به القواعد وتمشت به الشواهد‬
‫وهذه الشياء ل يعقلها إل العالمون ول ينكرها إل الجهلة الغافلون وال الموفق بمنه‬
‫وكرمه‬

‫فصأل‬
‫فعليك بالتمسك بالكتاب والسنة فل تفارقهما وإن طعنت بالسنة وكن صأابرا ل على‬
‫البلوى والمحنة‬
‫فقد قال رسول ال السلم بدأ غريبا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء‬
‫روي في الصأحيحين‬
‫وقال إن وراءكم أياما الصأبر فيهن مثل القبض على الجمر للعامل فيهن أجر خمسين‬
‫رجل يعملون مثل عملكم‬
‫رواه الترمذي في جامعه‬
‫وقال المام أبو الحسن الماوردي رحمه ال في كتابه العلماء غرباء لكثرة الجهال‬
‫وقال رسول ال المتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر مائة شهيد‬
‫ذكره أبو الليث في كتابه وصأاحب المصأابيح وغيرهما‬
‫وقال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين عضوا عليها بالنواجذ‬
‫أراد إلزموها وتمسكوا بها ول تهملوها كما يعض الرجل بنواجذه وهي أضراسه على‬
‫الشيء خشية أن يفلت منه‬
‫فالزم طريق الحق وإن صأعب وشق وغمض ودق‬
‫وامتثل ما أرشد إليه السيد الجليل أبو علي الفضيل بن عياض رحمه ال حيث قال وعليك‬
‫بطريق الهدى ول يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلل ول تغتر بكثرة الهالكين‬
‫انتهى كلمه رحمه ال تعالى‬
‫فل تفزع من قول ظالم ول فعله ول تجبن من جهله فإنه مبني على شفا جرف هار‬
‫وعاقبته إلى الدمار والبوار‬
‫وقد رأيت وفي اليام تجربة ‪ ...‬للصأبر عاقبة محمودة الثر‬
‫وكل من جد في أمر يحاوله ‪ ...‬واستشعر الصأبر إل فاز بالظفر‬
‫كم من وال تجبر وظلم وتعدى طوره ولم يرع الحرم دارت عليه دوائر النقم وصأار‬
‫عبرة لسائر المم‬

‫ولتعلمن نبأه بعد حين وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون‬


‫وإياك إن أحسن أن تركن إليه واحذر إن ظلم أن تدعو عليه بل كل أمره إلى ال فهو‬
‫حسبه وتوكل في أمورك على ال فهو رقيبه‬
‫إن المسيء ستكفيه إساءته ‪ ...‬من يظلم الناس يصأبح غير منتصأر‬
‫وقال بعضهم‬
‫ستكفى من عدوك كل كيد ‪ ...‬إذا كاد العدو فل تكده‬
‫وأنشد سلطان الطريقة وإمام الحقيقة يوسف الهمداني رحمه ال تعالى‬
‫دع المرء ل تجزيه عن سوء فعله ‪ ...‬سيكفيه ما فيه وما هو فاعل‬
‫وفي هذا قيل‬
‫أحسن إلى المحسن بإحسانه والمسيء ستكفيه إساءته‬
‫واعلم أن المسلم إذا ظلم فصأبر ورجع إلى ال في‬

‫الثر تائبا عما بطن وظهر متضرعا في الظلم والسحر فإن ال تعالى ناصأره وراحمه‬
‫وسيهلك عن قريب ظالمه وشاتمه‬
‫قال رسول ال إياك ونار المؤمن ل تحرقك وإن عثر في كل يوم سبع مرات فإن يمينه‬
‫بيد ال إذا شاء أن ينعشه أنعشه‬
‫رواه الحكيم الترمذي رحمه ال في كتابه بستان العارفين ومعنى قوله ينعشه أي يرفعه‬
‫ويقبله وقال الحسن وقتادة رضي ال عنهما إياكم وأذى المؤمن فإنه أحب ل فأحبه‬
‫وغضب لربه فغضب ال له وإن ال يحوطه ويؤذي من آذاه ‪ . .‬ذكره الثعالبي في‬
‫تفسيره ول سبحانه عباد يغضب لهم كما يغضب الليث الحرب‬
‫كذا ورد في الحديث‬
‫وحزب ال هم الغالبون وجند ال هم المنصأورون فاصأبر وما صأبرك إل بال ول تحزن‬
‫عليهم ول تك في ضيق مما يمكرون إن ال مع الذين اتقوا والذين هم محسنون‬
‫ومن كان ال معه لم يخف واليا وإن جرت عليه محنة كان بها راضيا لنه عرف أن ل‬
‫سبحانه وتعالى حكما‬

‫يقضيها ومقادير في خلقه يمضيها يبتلي من يشاء بما يشاء فليس إل التسليم والرضا‬
‫فعليك بالعمل بالطاعة تربح الفوز بأحسن البضاعة وتسهل عليك الهوال عند قيام‬
‫الساعة‬
‫واحذر أن تسلم له خفاره أو تكون صأاحبه وجاره ولو رماك بالسهم والحجارة‬
‫فصأاحب القرآن والعلم ل يحمل المذلة والهوان ول الدخول في الرق والصأغار بل ل‬
‫يبالي بمن عدل أو جار‬
‫فقد قال ال تعالى في كتابه المبين ول العزة ولرسوله وللمؤمنين‬
‫وقال رسول ال ل ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه رواه الترمذي وغيره وذكره صأاحب‬
‫الشهاب أيضا‬
‫وذكر ابن أبي شامة في كتاب المرشد قال أبو عبيد جلست إلى معتمر بن سليمان رحمه‬
‫ال وكان من خير من رأيت وكانت له حاجة إلى بعض الملوك فقيل له لو أتيته فكلمته‬
‫فقال قد أردت إتيانه ثم ذكرت القرآن والعلم فأكرمتهما عن ذلك‬
‫وأنشد القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني رحمه ال شعرا يقول فيه‬

‫يقولون لي فيك انقباض وإنما ‪ ...‬رأوا رجل عن موقف الذل أحجما‬


‫إذا قيل هذا منهل قلت قد أرى ‪ ...‬ولكن نفس الحر تحتمل الظما‬
‫ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي ‪ ...‬لخدم من لقيت ل لكن لخدما‬
‫أأغرس عزا واجتنيه مذلة ‪ ...‬إذا فاتباع الجهل قد كان أحزما‬
‫وقال الفضيل بن عياض رحمه ال ينبغي لحامل القرآن أن ل تكون له حاجة إلى أحد من‬
‫الخلق إلى الخليفة فمن دونه‬
‫وينبغي أن تكون حوائج الخلق إليه ومن أعزه ال بعز السلم وعلمه الشرائع والحكام‬
‫وسنة محمد عليه السلم فلقد أكرمه ال بأحسن إكرام وفضله على سائر النام من الجهلة‬
‫والغوغاء والطغام فديدنه الصأبر على نوب الدهر والرجوع إلى من له الخلق والمر‬
‫حتى يأتيه ال بالفرج ويزيل عنه الهم والضر والحرج إما بنصأر في الدنيا صأريح وإما‬
‫بموت من نصأبها مريح وإما بأجر في الدنيا مليح ربيح‬

‫ولقد أنصأف من أنشد ووعظ فأرشد‬


‫إن جار وال أو بدت شجون ‪ ...‬فالصأبر حصأن للفتى حصأين‬
‫فاصأبر فإن الدهر ذو انقلب ‪ ...‬إذا وفى لبد ما يخون‬
‫وإن جنى شرا أعاض خيرا ‪ ...‬وعكس ذا وكم له فنون‬
‫وكم رأينا من بلء حل ‪ ...‬فزال حتى قرت العيون‬
‫وكم وجدنا من قساة قوم ‪ ...‬تاهوا فذلوا بعد واستهينوا‬
‫وكم قسا من جهله حزون ‪ ...‬وعن قريب أمكن الحرون‬
‫وكم عتا على الورى غشوم ‪ ...‬وأسكرته الجند والحصأون‬
‫فعاقبته قدرة لربي ‪ ...‬وزالت السطوة والظنون‬
‫وفرق الشمل على هوان ‪ ...‬وأظهر المحجوب والمصأون‬

‫وشتت الحريم واستضيموا ‪ ...‬فدمعهم بين الورى هتون‬


‫فاصأبر لحكم ال كيف ماجا ‪ ...‬فكلما قدره يكون‬
‫لبد من أن يظهر المخبا ‪ ...‬ومن قسا لبد ما يلين‬
‫ومن عل ل بد من سقوط ‪ ...‬وتقلب الظهور والبطون‬
‫وما غل ل بد فيه رخص ‪ ...‬وكل رخص بعده زبون‬
‫وكل جبار له انتهاء ‪ ...‬وكل جري بعده سكون‬
‫سيندم الجاني على الخطايا ‪ ...‬إذا أتاه الويل والمنون‬
‫فإن تعش تجد جميع هذا ‪ ...‬محققا وتذهب الشجون‬
‫وترحم القاسي لما تراه ‪ ...‬من ذله وحاله يهون‬

‫وإن تمت من قبل أن ترى ذا ‪ ...‬تنل ثوابا قدره رزين‬


‫وترتجي لطفا وكل خير ‪ ...‬يأتي به مبشر أمين‬
‫وتنقل النفس التي أضيمت ‪ ...‬إلى المنى وتصألح الشؤون‬
‫وما ظلمت أو غصأبت يأتي ‪ ...‬موفرا وكل ذا يقين‬
‫ل تغبطن ظالما بظلم ‪ ...‬واغبط فتى بدينه ظنين‬
‫فإن عقبى الظالمين نار ‪ ...‬والمتقين في الجنان عين‬
‫فالزم بتقوى ال ل تدعها ‪ ...‬فإنها من الذى تصأون‬
‫وأقرب الخصأمين عند ربي ‪ ...‬من كان مظلوما له أنين‬
‫فأنت ترجو عدله ثوابا ‪ ...‬وذاك فيما قد جنى رهين‬

‫والظالم المشوم في عذاب ‪ ...‬في النار مصأفود به قرين‬


‫ويل الظلوم من عذاب يوم ‪ ...‬به الجزاء والويل والفتون‬
‫يوم الجزاء لبد من قصأاص ‪ ...‬والحاكم ال القوي المتين‬
‫ول شهود تبتغى لدعوى ‪ ...‬ول هناك تقبل اليمين‬
‫ول هناك للظلوم جند ‪ ...‬ول نصأير ل ول ضمين‬
‫ول يسار ثم منه يقضي ول شفيع ل ول معين‬
‫وأنت يا مظلوم في جنان ‪ ...‬منعم مكرم مكين‬
‫بشراك يا مظلوم ما تلقي ‪ ...‬من الرضا وكل ما يزين‬
‫واصأبر فإن الصأبر خير خل ‪ ...‬وإنه للصأالحين دين‬

‫فالصأبر عى المحن والبليات مذهب الذين آمنوا وعملوا الصأالحات وهو من الفضائل‬
‫المشهورات والمناقب المأثورات‬
‫وقد قيل خزائن المنن على قناطر المحن‬
‫وأنشد الشافعي رضي ال عنه‬
‫عزة النفس والسلمة في الدين ‪ ...‬اصأطبار الفتى لدهر عبوس‬
‫وقال المام جعفر بن محمد الصأادق رضي ال تعالى عنهما الكامل من الرجال من هو‬
‫فقيه في دينه صأابر على ما به فينبغي الصأبر الجميل لنتظار الجر الجزيل فانتظار‬
‫الفرج من ال بالصأبر عبادة‬
‫كذا قاله الرسولذكره في كتاب الشهاب وغيره‬
‫وينبغي أن ل يرجى إل ال ول يخاف إل ال فمن خاف غير ال فما عرف ال ول راقب‬
‫ال إذ السموات والرض ومن فيهما ملك ل سبحانه‬
‫فثق بالله الفرد ل تخش غيره ‪ ...‬فربك قيوم عظيم وذو رحم‬
‫ول لطف ل يحد ورحمة ‪ ...‬وتقليب أحوال ونقض لذي العزم‬

‫ول تيأسن يا صأاح فال قادر ‪ ...‬يفرج ما تلقى من الكرب والهم‬


‫فكم جاد بالحسان في كل حالة ‪ ...‬وكم صأب من خير ومن نعم عم‬
‫وكم حل من عقد تعسر فكه ‪ ...‬وكم فك من ضيق ومن عسر ترمي‬
‫وكم من أمور أشكلت وتفاقمت ‪ ...‬ففرجها الباري وفرج ذا الغم‬
‫فل تفزعن إن جاءك الشر إنه ‪ ...‬يفك الذي يخشى ويذهب بالسقم‬
‫ول تفرحن إن كنت يوما بنعمة ‪ ...‬فكم من نعيم عاد بالويل والكلم‬
‫وكم من سرور رده ال ترحة ‪ ...‬وكم من بلء بعده صأحة الجسم‬
‫وكم من فقير صأار للمال مالكا ‪ ...‬وكم من غني عاد ملقى من العدم‬
‫وكم يبتلي الرحمن ذا الدين بالبلء ‪ ...‬ويمهل من يعصأي ليزداد في الجرم‬

‫ويرفع أقواما وكانوا بذلة ‪ ...‬ويسقط أقواما وكانوا لدى النجم‬


‫فعد نحوه واطلب رضاه وعفوه ‪ ...‬فلله جود وهو ذو اللطف والحلم‬

‫فصأل‬
‫ومن تمسك بسنة رسول اللهوبالعلم الشريف وأحب العلم والعلماء وأهل الدين الحنيف‬
‫وصأبر على ما يلقاه من الجاهل السخيف فقد نال الحظ الكامل والشرف المنيف ل يضره‬
‫كيد كايد ول يشينه حسد حاسد إن شاء ال وله المنة وسيعود كيد كائده عليه ويرجع وبال‬
‫ظالمه إليه ول يحيق المكر السيئ إل بأهله‬
‫وسيحيق بالظالم سوء فعله‬
‫وقد وعد ال الصأابرين على الفتنة العاكفين على السنة والمحبة بالنصأر الحسن ونيل‬
‫المراد‬
‫فقال سبحانه وهو الكريم الجواد الصأادق العلي الذي ل يخلف الميعاد إنا لننصأر رسلنا‬
‫والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم‬

‫الشهاد‬
‫فكن من المنتظرين لوعده الواقفين عند أمره وحده فقد وعد سبحانه المؤمنين بالنصأر في‬
‫دنياهم وبالجر في أخراهم والحمد ل الذي لم يجعل لجبار سبيل إلى نزع ما أعطى من‬
‫العلم وجعل العلم شرفا لهله في الحرب والسلم وأعزه ال في كل ملة على كل حال‬
‫وفضل حامليه على سائر الرجال فقال سبحانه في اليات المحكمات يرفع ال الذي آمنوا‬
‫منكم والذين أوتوا العلم درجات‬
‫قال ابن عباس رضي ال عنهما للعلماء درجات فوق المؤمنين بسبعمائة درجة ما بين‬
‫كل درجتين مسيرة خمسمائة عام‬
‫ذكره الغزالي رحمه ال في الحياء وغيره‬
‫فينبغي لمن لم يكن عالما ول عامل أن فليحب العلماء العاملين ومن لم يكن صأالحا فلحب‬
‫الصأالحين فمن أحب قوما فهو منهم ومن تشبه بقوم فهو منهم‬
‫قال رسول ال المرء مع من أحب‬
‫وروي من أحب العلم والعلماء لم تكتب عليه‬

‫خطيئة أيام حياته رواه المقرئ أبو بكر النقاش في تفسيره شفاء الصأدور‬
‫وقال رسول ال عليكم بحب علمائكم ول تبغضوهم ول تحسدوهم ول تطعنوا فيهم أل‬
‫من أحبهم فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب ال ومن أبغضهم فقد أبغضني ومن أبغضني‬
‫فقد أبغض ال اللهم هل بلغت‬
‫رواه أبو الليث السمرقندي رحمه ال بإسناده قال ولو لم يكن في حضور مجلس العلم‬
‫منفعة سوى النظر إلى وجه العالم لكان الواجب على العاقل أن يرغب فيه‬
‫قال وقد أقام النبيالعلماء مقام نفسه‬
‫فقال من زار عالما فكأنما زارني ومن صأافح عالما فكأنما صأافحني ومن جالس عالما‬
‫فكأنما جالسني ومن جالسني في الدنيا أجلسه ال تعالى معي يوم القيامة في الجنة‬
‫انتهى كلمه‬
‫وقال العلم خزائن ومفتاحها السؤال فاسألوا يرحمكم ال فإنه يؤجر فيه أربعة السائل‬
‫والمعلم والمستمع والمحب لهم‬
‫ذكره في كتاب الفقيه‬

‫والمتفقه ورواه الحافظ أبو نعيم في حليته بإسناده‬


‫وعن أبي بكرة أن النبيقال اغد عالما أو متعلما أم مستمعا أو محبا ول تكن الخامس فتهلك‬
‫رواه أبو نعيم في كتابه بإسناده وقال فيه قال عطاء قال لي مسعر أحد رواة الحديث ويل‬
‫لمن لم يكن فيه واحدة من هذه‬
‫وعن ابن عباس رضي ال عنهما قال قال لقمان لبنه يا بني جالس العلماء فإنك إن لم‬
‫تعمل بعملهم أخذت من أخلقهم وإن لم تأخذ من أخلقهم نزلت الرحمة وأنت فيهم‬
‫ذكره في كتاب الترغيب والترهيب فالحمد ل الذي جعلنا للعلم والعلماء محبين وصأيرنا‬
‫بهم وإليهم منتسبين وجعلهم لنا نسبا وعزا وعدة بين العالمين نفتخر بذكرهم ونزداد‬
‫ونرجو ببركتهم نيل المراد كما قيل‬
‫أحب الصأالحين ولست منهم ‪ ...‬أرجي أن أنال بهم شفاعة‬
‫وقد قال رسول ال يشفع يوم القيامة النبياء ثم العلماء ثم الشهداء‬
‫رواه الحافظ أبو عبد ال بن ماجه القزويني رحمه ال في سننه وأعظم بمرتبة هي‬
‫واسطة بين النبياء والشهداء‬
‫وقال إن لطالب العلم شفاعة كشفاعة النبياء‬
‫ذكره الفقيه موسى في كتاب الحجة وقال‬

‫رسول ال يجاء بالعالم والعابد فيقال للعابد ادخل الجنة ويقال للعالم قف حتى تشفع للناس‬
‫رويناه في كتاب الترغيب والترهيب لبي القاسم الصأبهاني وفي كتاب ابن عبد المجيد‬
‫الميانشي رحمه ال عن ابن عباس رضي ال عنهما قال قال رسول ال إذا اجتمع العالم‬
‫والعابد على الصأراط قيل للعابد أدخل الجنة وتنعم بعبادتك وقيل للعالم قف اشفع لمن‬
‫أحببت‬
‫وقال المام الحافظ ابن الجوزي رحمه ال اصأحب الصأالحين وإن لم تكن منهم فإن ال‬
‫سبحانه لما أحيا عزيرا أحيا حماره ولما بعث أهل الكهف بعث كلبهم‬
‫وقال قتادة رحمه ال في كتابه إن عليا كرم ال وجهه قال كن عالما أو متعلما أو مستمعا‬
‫أو محبا ول تكن الخامس فتهلك‬
‫وإن رسول اللهقال كونوا علماء صأالحين فإن لم تكونوا علماء صأالحين فجالسوا العلماء‬
‫فاستمعوا علما يدلكم على الهدى أو يردعكم عن الردى‬
‫وذكر المام الغزالي في الحياء أن رجل قال‬

‫لعمر بن عبد العزيز رحمه ال إنه كان يقال إن استطعت أن تكون عالما فكن عالما وإن‬
‫لم تستطع أن تكون عالما فكن متعلما فإن لم تستطع أن تكون متعلما فأحبهم فإن لم‬
‫تستطع أن تحبهم فل تبغضهم فقال سبحان ال لقد جعل ال مخرجا‬
‫وقيل للفضيل رحمه ال إن سفيان بن عيينة قبل جائزة السلطان فقال الفضيل ما أخذ منهم‬
‫إل دون حقه ثم خل به وعاتبه برفق فقال يا أبا علي إن لم نكن من الصأالحين فإنا نحب‬
‫الصأالحين‬
‫ويقال كفى بالمرء إثما أن ل يكون صأالحا ويقع في الصأالحين ومعنى يقع فيهم أي‬
‫يغتابهم ليظهر للناس معايبهم وقيل‬
‫وما عبر النسان عن نقص نفسه ‪ ...‬بمثل اعتقاد النقص في كل فاضل‬
‫نسأل ال الكريم أن ينفعنا بهم وأن يحشرنا على حبهم ويجعلنا في زمرتهم بمنه وكرمه‬
‫ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم‬

‫فصأل‬
‫وإذا اختبرك مختبر بأذيته وعاندك مدل بدولته وتهددك ببأسه وسطوته فعليك بطريق‬
‫الصأبر والحتساب والتأمل لما ورد في السنة والكتاب من جزيل الجر للصأابرين‬
‫وانتظار الفرج من رب العالمين فقد قال سبحانه لنبيه محمدحين كاده من كاد وأبغضه‬
‫العداء والحساد وإن تصأبروا وتتقوا ل يضركم كيدهم شيئا إن ال بما يعملون محيط‬
‫فذكر ال سبحانه أنه من صأبر واتقى ل يضره كيد ول يخشى من عمرو ول زيد وإذا‬
‫مكر بك ماكر أو سخر منك ساخر فاذكر قول رب العالمين ومكروا ومكر ال وال خير‬
‫الماكرين فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا‬

‫دمرناهم وقومهم أجمعين وإن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون‬
‫من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم‬
‫وإن تهددك بالسطوة عليك والعدوان فقل له إن ال عز وجل كل يوم هو في شأن يرفع‬
‫ويضع ويعز ويهين فبه نعوذ ونستجير وإياه نستعين وهو سبحانه هو الذي يفعل ما يريد‬
‫وهو الذي بقبضته كل العبيد وليس لعبد أن يبلغ مراده ول يقدر أن ينفع نفسه ول أن‬
‫يضر أضداده إل بشيء قد قدره ال سبحانه وأراده‬
‫وإذا خفت من الهوال والخطب الجسيم وأعياك المخرج وتحير في أمرك الحليم ولم‬
‫ينفعك الصأديق ول أعانك الحميم فأكثر قول بسم ال الرحمن الرحيم ول حول ول قوة إل‬
‫بال العلي العظيم فإن ال سبحانه يدفع بها سبعين بابا من الضر أدناها الهم كذا قاله‬
‫رسول ال‬

‫ومهما ظهرت الفتن وانضربت فيها القاويل وخيف من شرها التعريض والتطويل‬
‫والتهويل فافرع إلى التوقي بما يقي من أمرها الوبيل بترداد قول حسبنا ال ونعم الوكيل‬
‫فإنها الكلمة التي ألهمها إبراهيم الخليل عليه أفضل الصألة والتسليم فقالها لما رموه‬
‫وألقوه في الجحيم فقال ال تعالى يا نار كوني بردا وسلما على إبراهيم وأرادوا به كيدا‬
‫فجعلناهم الخسرين‬
‫وإن افتخر عليك مفتخر بسلحه وزيه وعظم سطوته وكثرة ليه فقل إنما الفخر لمن خدم‬
‫شرع ال وسنة نبيه وليس الفخر بحسن الزي واللباس ول بارتفاع الحصأون وقهر الناس‬
‫ول بظلم الخلق وشدة الباس ول بحمل السلح والحلل الملح لكن الفخر بالتقى والصأبر‬
‫والرضى وخدمة شريعة المصأطفىوشرف وكرم‬
‫ونحن بحمد ال خدام شرعه ‪ ...‬وخادم شرع ال ل يخش من غلب‬

‫لنا شرف العلم العزيز الذي به ‪ ...‬رزقنا بحمد ال من أرفع الرتب‬


‫به أنسنا والعز والفخر والعل ‪ ...‬ففي العلم عز للفتى أينما ذهب‬
‫ومن كنز العلم الشريف بصأدره ‪ ...‬ينله إله الخلق من كل ما أحب‬
‫لنا الفقه بستان لنا الشرع عمدة ‪ ...‬وأحسابنا التقوى فيا لك من حسب‬
‫وسنة خير الخلق فهي سلحنا ‪ ...‬وتفسير كتب ال يا حبذا أدب‬
‫لنا الشعر ميدان لنا النحو سلوة ‪ ...‬لنا اللغة الفصأحى لنا النثر والخطب‬
‫وكم مشكلت في العلوم نحلها ‪ ...‬نرى حلها أغلى من الدر والذهب‬
‫وما الدر والياقوت في جنب علمنا ‪ ...‬وما المال إل مثل بعر لدى عنب‬
‫وكم من فنون رايقات بسوحنا ‪ ...‬تروق الذي قد مارس العلم وانتصأب‬

‫نغوص ببحر العلم نستخرج الذي ‪ ...‬يدق عن الفهام من كل ما احتجب‬


‫وأصأحابنا في كل أرض نجومها ‪ ...‬وأهل التقى والعلم صأاروا لنا نسب‬
‫وذاك بفضل ال ليس بفعلنا ‪ ...‬تبارك من أعطى ومن ل سواه رب‬
‫نحدث بالنعماء شكرا لربنا ‪ ...‬على ما حبا من كل خير وما وهب‬
‫نقول بهذا ل لفخر ونخوة ‪ ...‬ولكن لشكر ال فالشكر قد وجب‬
‫وقد أمر الرحمن بالشكر خلقه ‪ ...‬فقال اشكروا ل تكفروا أيها العرب‬

‫فصأل‬
‫فمهما أبقى ال سبحانه علينا نعمة السلم وما أنعم به علينا من معرفة الشرائع والحكام‬
‫وجنبنا جميع الفواحش والثام فقد خصأنا منه بأفضل إكرام وتفضل علينا سبحانه بكل‬
‫إنعام ول نبالي بعد ذلك بما تغير وتكدر من أسباب الدنيا ول بما تعسر وتعذر من بقية‬
‫الشياء لن الدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر نسأل ال أن يديم علينا نعمه وأن‬
‫يصأرف عنا بلطفه نقمه فالدين والعلم هو الذي عليه المعول وهو العز الذي ل يضيع ول‬
‫يتحول وإنه لهو الخر وهو الول وإن شرع ال لمحمود صأاحبه وهو الذي ل يفلح لئمه‬
‫وجاذبه وهو الذي عز في الورى جانبه والغالب بالباطل مغلوب تحقيقا وقل جاء الحق‬
‫وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا‬
‫وأنشد شيخنا‬

‫وأستاذنا وإمامنا وسيدنا والدنا لنفسه عفا ال عنه وجزاه خيرا‬


‫يد الشرع أعلى وهي أكرم منصأب ‪ ...‬وبالحق تنجى فالحق الحق واصأحب‬
‫فما ذاك بعد الحق إل ضللة ‪ ...‬وما بعد شرع ال غير التكذب‬
‫وكل امرئ لم يتبع الشرع فاسق ‪ ...‬ومن غالب الشرع المشرف يغلب‬
‫ومن رام ذل الشرع أو ذل أهله ‪ ...‬يعد رومه ذل عليه ويسغب‬
‫فما العز إل للله وحزبه ‪ ...‬وأهل كتاب ال أهل التحزب‬
‫وأخيار أهل الرض في كل موطن ‪ ...‬وشرق وغرب مع يمان ومغرب‬
‫هم الولياء السادة الفضلء لم ‪ ...‬يزل نورهم للناس في كل مذهب‬
‫أضاءوا ظلم الجهل فالحق واضح ‪ ...‬وصأانوا صأميم الحق في كل مشعب‬

‫كواكب أهل الرض عمرانها بهم ‪ ...‬وما تنجلي الظلماء إل بكوكب‬


‫فمن ينتقصأهم أو يرد ذلهم له ‪ ...‬فقد ظن أمرا ليس فيهم بموجب‬
‫ومن شيخه السلطان والحصأن أوله ‪ ...‬جنود فأهل العلم شيخهم النبي‬
‫ومن حزبه أهل السلح فحزبهم ‪ ...‬كتاب عزيز مانع كل مصأعب‬
‫وقال أيضا رضي ال عنه وجزاه خيرا‬
‫أيا حامل العلم استقم أنت غالب ‪ ...‬وقم بحقوق العلم ذلك واجب‬
‫ول تخش أهل الجهل فال دافع ‪ ...‬عن الدين من للدين منهم محارب‬
‫عليك بتقوى ال والصأبر والرضى ‪ ...‬بمقدور ربي تكف ما أنت راهب‬
‫ول تخش إل ال فالخلق ملكه ‪ ...‬وإن الله ال للكل غالب‬
‫وإنك إن عودت نفسك بالرضى ‪ ...‬بمقدوره هانت عليك المصأائب‬

‫فإن كنت ل ترضىسوى ما هويته ‪ ...‬بدت منك بين العالمين معايب‬


‫ففوض إلى ال المور جميعها ‪ ...‬سيكفيك من تخشاهم وتراقب‬
‫ول تكترث من ظالم واستعذ بمن ‪ ...‬يعيذك منه يندفع وهو خائب‬
‫إذا كان ربي راضيا عنك ل تبل ‪ ...‬بمن منهم راض ومن هو غاضب‬
‫ومن ظن أن يجري كما شاء أمره ‪ ...‬من الخلق فاعلم أن ذلك كاذب‬
‫والعاقل ل يجهل أن ل تعالى حكما يضعها ال في بلده ويختبر بها من يشاء من صأفوة‬
‫عباده فل يتزعزع لجهل جاهل يروم تغيير ما شرعه ال ول يتواضع لجاهل وفاجر قد‬
‫أهانه ال‬
‫فإذا رأيت ذا جهل قد عدل عن الصأواب ومال عما شرعه ال سبحانه في الكتاب‬
‫وأعرض عن قول العلماء وتغلب وتمرد عن طاعتهم وتولى وأضرب وأتبعهم ذمه‬
‫وتهدد وأرهب فخله وجهله وبأسه واضرب بتقوى ال تعالى رأسه‬
‫وراقب ال وحده واحذر بأسه فإن ال سبحانه‬

‫هو الذي يضر وينفع وهو الذي يهين ويعين ويرفع وهو الذي له الخلق والمر وهو الذي‬
‫يعلم السر والجهر ويعلم وسوسة الصأدر‬
‫فلزم طريق شريعته ول تدعها واعمل بسنة نبيه واتبعها وإن بقيت بها غريبا فريدا‬
‫وصأرت بطريقها مفارقا وحيدا فقد قال رسول ال السلم بدأ غريبا وسيعود غريبا كما‬
‫بدأ فطوبى للغرباء الذي يصألحون ما أفسد الناس من سنتي‬
‫رواه البخاري رحمه ال‬
‫فاتق ال ول تبالي بمن سلك سبيل الضلل واعتصأم بالكبير المتعال فإن ال تعالى ل‬
‫يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد ال بقوم سوءا فل مرد له وما لهم من‬
‫دونه من وال‬
‫ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم وهو حسبنا ونعم الوكيل‬

‫فصأل‬
‫وبعد فإني أوصأي ولدي وأحبائي ومن تبعهم من بني أبي وأصأحابي بفن العلم وحرفته‬
‫وأن يكونوا من محبيه وحملته فإنه فن التقياء وسلح الولياء ووراثة النبياء وهو الكنز‬
‫الذي ل يضيع ول يفوت وهو الرفيق الذي ل يفارقك حين تموت وهو الذي ينفع صأاحبه‬
‫في الدنيا وهو الذي يشفع لمن عمل به في العقبى‬
‫قال علي كرم ال وجهه لكميل بن زياد رضي ال عنه العلم خير من المال العلم يحرسك‬
‫وأنت تحرس المال المال تنقصأه النفقة والعلم يزكو على النفاق والعلم حاكم والمال‬
‫محكوم عليه محبة العلم دين يدان ال به العلم يكسب العالم الطاعة في حياته وجميل‬
‫الحدوثة بعد وفاته‬
‫مات خزان الموال وهم أحياء‬

‫والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة‬


‫انتهى كلمه رضي ال عنه‬
‫وينشد في المعنى‬
‫وفي الجهل قبل الموت موت لهله ‪ ...‬وأجسامهم قبل القبور قبور‬
‫وكل فتى لم يحي بالعلم ميت ‪ ...‬وليس له حتى النشور نشور‬
‫وقال رسول ال العلم سلحي والصأبر ردائي والرضا غنيمتي‬
‫ذكره في الشفا وعن ابن عباس رضي ال عنهما أنه قال العلم أفضل من المال لنه‬
‫ميراث النبياء والمال ميراث الفراعنة ولن العلم يحرسك وأنت تحرس المال ولن‬
‫العلم ل يعطيه ال إل من يحبه والمال يعطيه من يحبه ومن ل يحبه ولن العلم ل ينقص‬
‫بالبذل والنفاق والمال ينقص بذلك‬
‫ولن صأاحب المال ميت وصأاحب العلم ل يموت ولن صأاحب المال إذا مات انقطع‬
‫ذكره والعالم إذا مات فذكره باق‬
‫حكاه السمرقندي في كتابه عنه وينشد‬

‫الجاهلون فموتى قبل موتهم ‪ ...‬والعالمون وإن ماتوا فأحياء‬


‫وقال الشافعي رضي ال عنه من أراد الدنيا فعليه بالعلم ومن أراد الخرة فعليه بالعلم‬
‫وقال أيضا من نظر في الفقه نبل قدره ومن كتب الحديث قويت حجته‬
‫حكاهما عنه النواوي رحمه ال في أول شرح المهذب وغيره وأنشد بعضهم‬
‫العلم فيه جللة ومهابة ‪ ...‬والعلم أنفع من كنوز الجوهر‬
‫تفنى الكنوز على الزمان وصأرفه ‪ ...‬والعلم يبقى باقيات العصأر‬
‫وقال الحنف بن قيس رحمه ال كاد العلماء أن يكونوا أربابا وكل عز لم يوطد بعلم فإلى‬
‫الذل يصأير وقال بعض الحكماء ما رفع ال امرأ عن محله بغير التقى والعلم إل وحطه‬
‫وقال ابن المعتز رحمه ال علم النسان ولده المخلد وأنشد أبو الفتح البستي رحمه ال‬

‫يقولون ذكر المرء يبقى بنسله ‪ ...‬وليس له ذكر إذا لم يكن نسل‬
‫فقلت لهم نسلي بدائع حكمتي ‪ ...‬فمن سره نسل فإنا بذا نسلوا‬
‫وكان يحيى بن كثير رحمه ال يقول ميراث العلم خير من الذهب‬
‫وفي تفسير الثعالبي رحمه ال إن مصأعب بن الزبير رحمه ال قال لبنه يا بني تعلم العلم‬
‫فإن كان لك مال كان لك جمال وإن لم يكن لك مال كان لك مال‬
‫وينشد قيل إنه لبي السود الدؤلي رضي ال عنه‬
‫يا طالب العلم نعم الشيء تطلبه ‪ ...‬ل تعدلن به درا ول ذهبا‬
‫العلم زين وتشريف لصأاحبه ‪ ...‬فاطلب هديت فنون العلم والدبا‬
‫العلم كنز وذخر ل نفاد له ‪ ...‬نعم الوزير إذا ما عاقل صأحبا‬
‫فجامع العلم مغبوط به أبدا ‪ ...‬وليس يحذر منه الفوت والسلبا‬

‫فاشدد يديك به تحمد مغبته ‪ ...‬يقيك حر زفير النار واللهبا‬


‫وقال يحيى بن أكثم رحمه ال قال لي الرشيد ما أنبل المراتب قلت ما أنت فيه يا أمير‬
‫المؤمنين قال أفتعرف من أجل مني قلت ل قال لكني أعرفه رجل في حلقة يقول حدثنا‬
‫فلن عن فلن عن رسول اللهقال قلت يا أمير المؤمنين هذا خير منك وأنت ابن عم‬
‫رسول اللهوولي عهد المسلمين وأمير المؤمنين قال نعم ويلك هذا خير مني لنه ل يموت‬
‫أبدا ونحن نموت ونفنى والعلماء باقون ما بقي الدهر وأنشد بعضهم‬
‫لئن مات قوم بعد علم وطاعة ‪ ...‬فذكرهم في الناس ليس يموت‬
‫لقد نطقت آثارهم بعد موتهم ‪ ...‬بفضلهم والجاهلون سكوت‬
‫وقال آخر‬
‫الناس موتى وأهل العلم أحياء ‪ ...‬والناس مرضى وهم فيهم أطباء‬

‫والناس أرض وأهل العلم فوقهم ‪ ...‬سماء نور فما في النور ظلماء‬
‫ل تركنن إلى الجهال إنهم ‪ ...‬وحق ربي لهل العلم أعداء‬
‫فالعلم ولية ل يخشى عليها العزل ول ينعزل صأاحبها بموت ول قتل بل طاعة العالم بعد‬
‫موته قائمة والعمال بحكمه وفتاويه من بعده لزمة وآثاره ومعالمه شاهدة عليه دائمة‬
‫كما قيل‬
‫لعمري لئن أضحت رميما عظامهم ‪ ...‬لقد آذنت آثارهم بحياتها‬
‫وسلفنا ومشايخنا الماضون كأنهم لما لدينا من علمهم موجودن كما قيل‬
‫يموت قوم ويحيي العلم ذكرهم ‪ ...‬والجهل يلحق أمواتا بأموات‬
‫وأنشد البطليوسي النحوي المشهور رحمه ال تعالى‬
‫أخو العلم حي خالد بعد موته ‪ ...‬وأوصأاله تحت التراب رميم‬
‫وذو الجهل ميت وهو ماش على الثرى ‪ ...‬يظن من الحياء وهو عديم‬
‫ولم يمت من خلف علما نافعا ول كان سعيه بذلك ضائعا بل حسناته متزايدة وإن كان‬
‫رميما وأجره مضاعف وإن كان شخصأه معدوما‬
‫قال رسول ال إذا مات ابن آدم انقطع عمله إل من ثلث صأدقة جارية أو علم ينتفع به أو‬
‫ولد صأالح يدعو له‬
‫روي في الصأحيحين‬
‫وقال رسول ال سبع يجري للعبد أجرهن من بعد موته وهو في قبره من علم علما أو‬
‫أجرى نهرا أو حفر بئرا أو غرس نخل أو بنى مسجدا أو ورث مصأحفا أو ترك ولدا‬
‫يستغفر له بعد موته‬
‫ذكره في كتاب الكوكب عن مسند البزار ونحوه في منتخب ابن الجوزي رحمه ال فيا‬
‫حسنها من كرامة يتضاعف أجرها إلى يوم القيامة ويا لها من ولية ليس لها نهاية‬
‫وأنشد أبو بكر بن علي الحسن الكاتب القستهاني رحمه ال فيما حكاه السلفي عنه وما‬
‫أحسن ما قال‬

‫تعلم العلم فما أن على ‪ ...‬صأاحبه ضنك ول أزل‬


‫فإنما العلم لربابه ‪ ...‬ولية ليس لها عزل‬
‫وقال آخر قيل إنه الشيخ أبو إسحاق الشيرازي رحمه ال ونفع به وبما جمعه‬
‫عليكم بالمحابر فالزموها ‪ ...‬ول تعبوا بأصأحاب الدواة‬
‫فما لولية الفقهاء عزل ‪ ...‬وعزل ولية الكتاب يأتي‬
‫وقال رسول اللهلهلل بن يسار رحمه ال ل تفارق المحبرة فإن الخير فيها وفي أهلها‬
‫إلى يوم القيامة‬
‫وذكره أبو الليث السمرقندي في كتابه أدب التعليم وتبعه على ذكره رشيد الدين‬
‫الكاشغري رحمه ال في كتابه مختصأر الوسيلة‬
‫وعن ابن عباس رضي ال عنهما العلم يزيد‬

‫الشريف شرفا ويجلس المملوك على السرة‬


‫ورفعه أي الحديث إلى رسول ال‬
‫وعن الماوردي رحمه ال في كتابه عن أنس رضي ال تعالى عنه أن النبيقال إن الحكمة‬
‫تزيد الشريف شرفا وترفع العبد المملوك حتى تجلسه مجالس الملوك‬
‫وقال الحافظ ابن الجوزي رحمه ال في وصأيته لولده العلم يرفع الراذل فقد كان خلق‬
‫كثير ل نسب لهم يذكر ول صأورة تستحسن فعزوا وشرفوا بالعلم‬
‫كان عطاء بن أبي رباح رضي ال عنه مملوكا لمرأة من أهل مكة‬
‫وكان أسود مستوحش الخلقة كأن أنفه باقله فتعلم العلم فنال به العز والرفعة حتى أن‬
‫سليمان بن عبد الملك جاءه هو وولداه فجلسوا يسألونه عن المناسك فحدثهم وهو معرض‬
‫بوجهه عنهم من هوانهم لديه وعزته بالعلم وسليمان يومئذ هو الخليفة فقال سليمان لولديه‬
‫لما خرجا من عنده ل تنيا عن طلب العلم فما أنسى ذلنا بين يدي هذا العبد السود‬
‫وكان زيد بن أسلم مولى وكان زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب‬
‫رضي ال عنهم يتخطى‬

‫مجالس قومه حتى يأتيه فيجلس عنده فقيل له يغفر ال لك أنت سيد الناس وأفضلهم تذهب‬
‫إلى هذا العبد فتجلس معه فقال إنه ينبغي للعلم أن يتبع حيث ما كان‬
‫رواه الحافظ أبو نعيم في حليته بإسناده ونحوه ذكر المام النواوي رحمه ال في تهذيبه‬
‫حكاية عن تاريخ البخاري رحمه ال وفيه فقيل له تتخطى مجالس قومك إلى عبد عمر‬
‫بن الخطاب فقال إنما يجلس المرء إلى من ينفعه في دينه‬
‫وكان الحسن مولى وكذلك ابن سرين ومكحول رضي ال عنهم وخلق كثير فشرفوا‬
‫بالعلم والتقوى وبقي ذكرهم وشرفهم إلى آخر الدنيا وقال الخطيب البغدادي في كتابه كان‬
‫محمد بن عبد الرحمن الوقص عنقه داخل في بدنه وكان منكباه خارجين كأنهما زجان‬
‫فقالت له أمه يا بني إنك خلقت خلقة ل تكون في قوم إل كنت المضحوك منه المسخور به‬
‫فعليك بطلب العلم فيرفعك فطلب العلم ثم ولي قضاء مكة عشرين سنة‬
‫وكان الخصأم إذا قعد بين يديه يرعد من هيبته لجل علمه‬
‫وحكى أبو الليث رحمه ال في تنبيهه عن‬

‫سالم بن أبي الجعد رحمه ال أنه قال اشتراني مولي بثلث مئة وأعتقني فقلت في أي‬
‫الحرف احترف فاخترت العلم على كل حرفة فلم تمض لي مدة حتى أتاني الخليفة زائرا‬
‫فلم آذن له قال ودخل صأالح المري رحمه ال على الملك فأجلسه على وسادته فجلس‬
‫فقال صأالح قال الحسن وصأدق الحسن قال له أمير المؤمنين وأيش قال الحسن قال قال‬
‫الحسن إن العلم يزيد الشريف شرفا ويبلغ بالعبد منازل الحرار وإل فمن صأالح المري‬
‫حتى يجلس على وسادة أمير المؤمنين لول العلم وأنشد بعضهم‬
‫العلم ينهض بالخسيس إلى العل ‪ ...‬والجهل يقعد بالفتى المنسوب‬
‫وقد قيل ضمن العلم لكل من خدمه أن يجعل الناس كلهم خدمه وأنشد بعضهم‬
‫إذا أحببت أن تحيى سعيدا ‪ ...‬وتلقى ال بالعمل الكريم‬
‫فل تصأحب سوى الخيار واقطع ‪ ...‬زمانك في مدارسة العلوم‬

‫وقال أبو الفتح البستي في قصأيدته المشهورة‬


‫يا أيها العالم المرضي سيرته ‪ ...‬أبشر فأنت بغير الماء ريان‬
‫ويا أخا الجهل لو أصأبحت في لجج ‪ ...‬فأنت ما بينها ل شك ظمآن‬
‫ومن شرف العلم وفضله أن الهدهد مع ضعفه وقلة خطره لما تهدده سليمان عليه السلم‬
‫مع علو قدره وشدة سطوته أجابه الهدهد بصأولة العلم وقوته أحطت بما لم تحط به‬
‫وجئتك من سبأ بنبأ يقين‬
‫وعن مجاهد رحمه ال في قوله تعالى يؤتي الحكمة من يشاء‬
‫قال الفقه والعلم‬
‫وقال بعض الحكماء لم أجد رتبة أرفع ول شيء أنفع ول خيرا أجمع من العلم إذا قارنته‬
‫سكينة وإني رأيته يرفع وضيع الحسب إلى أرفع الرتب حتى تكون له الشراف أتباعا‬
‫والخيار أشياعا وأنشد بعضهم‬

‫العلم زين ومحمود عواقبه ‪ ...‬فمن ينله يكن من أسعد الناس‬


‫وهو المقدم والمختار بينهم ‪ ...‬كالرأس ما في الفتى أعل من الراس‬
‫وقال آخر‬
‫العلم للمرء مثل التاج للملك ‪ ...‬والعلم للمرء مثل الشمس للفلك‬
‫فاشدد يديك بحبل العلم معتصأما ‪ ...‬فالعلم للمرء مثل الماء للسمك‬
‫وأنشد آخر‬
‫العلم زين وفخر ل خفاء به ‪ ...‬من ناله نال أعلى عالي الرتب‬
‫يكسو الفتى حلل تبقى عليه وما ‪ ...‬نال الفتى حلة أبهى من الدب‬
‫وقال غيره‬
‫تعلم فليس المرء يولد عالما ‪ ...‬وليس أخو علم كمن هو جاهل‬

‫وإن كبير القوم ل علم عنده ‪ ...‬صأغير إذا التفت عليه المحافل‬
‫وإن صأغير القوم إن كان عالما ‪ ...‬فأكثرهم يرضون ما هو قائل‬
‫وللفقيه إبراهيم بن مسعود اللبيري رحمه ال تعالى قصأيدة طويلة مشهروة يحض ولده‬
‫أبا بكر على طلب العلم ويعظه فأحببت أن آخذ منها ما يليق بهذا المصأنف وهو قوله عفا‬
‫ال عنه وجزاه خيرا آمين آمين آمين‬
‫أبا بكر دعوتك لو أجبتا ‪ ...‬إلى ما فيه حظك إن عقلتا‬
‫إلى علم تكون به إماما ‪ ...‬مطاعا إن نهيت وإن أمرتا‬
‫ويجلو ما بعينك من عشاها ‪ ...‬ويهديك السبيل إذا ضللتا‬
‫وتحمل منه في ناديك تاجا ‪ ...‬ويكسوك الجمال إذا اغتربتا‬
‫ينالك نفعه ما دمت حيا ‪ ...‬ويبقى ذخره لك إن ذهبتا‬

‫هو العضب المهند ليس ينبو ‪ ...‬تصأيب به مقاتل من ضربتا‬


‫وكنز ل تخاف عليه لصأا ‪ ...‬خفيف الحمل يوجد حيث كنتا‬
‫يزيد بكثرة النفاق منه ‪ ...‬وينقص إن به كفا شددتا‬
‫فلو قد ذقت من حلواه طعما ‪ ...‬لثرت التعلم واجتهدتا‬
‫ولم يشغلك عنه هوى مطاع ‪ ...‬ول دنيا بزخرفها فتنتا‬
‫ول ألهاك عنه أنيق روض ‪ ...‬ول خدر بربته كلفتا‬
‫فقوت الروح أرواح المعاني ‪ ...‬وليس بأن طعمت وأن شربتا‬

‫فواظبه وخذ بالجد فيه ‪ ...‬فإن أعطاكه ال أخذتا‬


‫وإن أوتيت فيه طويل باع ‪ ...‬وقال الناس إنك قد سبقتا‬
‫فل تأمن سؤال ال عنه ‪ ...‬بتوبيخ علمت فهل عملتا‬
‫فرأس العلم تقوى ال حقا ‪ ...‬وليس بأن يقال لقد رأستا‬
‫ول تحفل بمالك واله عنه ‪ ...‬فليس المال إل ما علمتا‬
‫وليس لجاهل في الناس معنى ‪ ...‬ولو ملك العراق له تأتى‬

‫وما يغنيك تشييد المباني ‪ ...‬إذا بالجهل نفسك قد هدمتا‬


‫جعلت المال فوق العلم جهل ‪ ...‬لعمرك في القضية ما عدلتا‬
‫وبينهما بنص الوحي بون ‪ ...‬ستعلمه إذا طه قرأتا‬
‫لئن رفع الغني لواء مال ‪ ...‬لنت لواء علم قد رفعتا‬
‫وإن جلس الغني على الحشايا ‪ ...‬لنت على الكواكب قد جلستا‬
‫وإن ركب الجياد مسومات ‪ ...‬لنت منابر التقوى ركبتا‬
‫ومهما افتض أبكار الغواني ‪ ...‬فكم بكر من الحكم افتضضتا‬
‫وليس يضرك القتار شيئا ‪ ...‬وإذا ما أنت ربك قد عرفتا‬

‫فماذا عند ربك من جميل ‪ ...‬إذا بفناء طاعته أنختا‬


‫فقابل بالقبول صأحيح نصأحي ‪ ...‬وإن أعرضت عنه فقد خسرتا‬
‫فليست هذه الدنيا بشيء ‪ ...‬تسوؤك حقبة وتسر وقتا‬
‫وغايتها إذا فكرت فيها ‪ ...‬كفيئك أو كحلمك إن حلمتا‬
‫سجنت بها وأنت لها محب ‪ ...‬فكيف تحب ما فيه سجنتا‬
‫وتطعمك الطعام وعن قريب ‪ ...‬ستطعم منك ما منها طعمتا‬
‫وتعرى إن لبست لها ثيابا ‪ ...‬وتكسى إن ملبسها خلعتا‬
‫وتشهد كل يوم دفن خل ‪ ...‬كأنك ل تراد بما شهدتا‬
‫ولم تخلق لتعمرها ولكن ‪ ...‬لتعبرها فجد لما خلقتا‬

‫ول تحزن على ما فات منها ‪ ...‬إذا ما أنت في أخراك فزتا‬


‫ول تضحك مع السفهاء لهوا ‪ ...‬فإنك سوف تبكي إن ضحكتا‬
‫وكيف لك السرور وأنت رهن ‪ ...‬ول تدري ‪ . .‬أتفدى أم غلقتا‬
‫وسل من ربك التوفيق فيها ‪ ...‬واخلص في الدعاء إذا سألتا‬
‫وناد إذا سجدت له اعترافا ‪ ...‬بما ناداه ذون النون بن متى‬
‫ل إله إل أنت سبحانك إني كنت من الظالمين‬
‫وأنشد شيخنا والدنا رضي ال عنه واسمه عمر‬
‫عليكم بجمع العلم فهو أنيسكم ‪ ...‬بكل مكان والرفيق الموفق‬

‫به تكسب العلياء والعون والهدى ‪ ...‬به المرء في الدارين يعلو ويسبق‬
‫فإن قارن العلم اهتمام وفطنة ‪ ...‬وبحث وفكر فهو يعلي ويشرق‬
‫وقال بعض البلغاء تعلم العلم فإنه يقومك ويسددك صأغيرا ويقدمك ويسودك كبيرا‬
‫ويصألح زيغك وفاسدك ويرغم عدوك وحاسدك ويقيم عوجك وميلك ويصأحح همتك‬
‫وأملك‬
‫وقال آخر من تفرد بالعلم لم توحشه الخلوة ومن تسلى بالكتب لم تفته سلوة ومن آنسته‬
‫قراءة القرآن لم توحشه مفارقة الخوان‬
‫وقال عبد الملك بن مروان لبنيه يا بني تعلموا العلم فإن كنتم سادة فقتم وإن كنتم وسطا‬
‫سدتم وإن كنتم سوقة عشتم وأنشد بعضهم‬
‫العلم زين ما تعلمه الفتى ‪ ...‬فانهض إليه ول تكن كسلنا‬
‫إن شئت للدنيا علوت به العل ‪ ...‬أو شئت للخرى ظفرت جنانا‬

‫وقال آخر‬
‫تعلم فإن العلم زين لهله ‪ ...‬ولن تستطيع العلم حتى تعلما‬
‫ول خير فيمن عاش ليس بعالم ‪ ...‬بصأير بما يأتي ول متعلما‬
‫وقال آخر‬
‫العلم زين ومنجاة لصأاحبه ‪ ...‬ومن المهالك والفات والعطب‬
‫وما تلحف إنسان بملحفة ‪ ...‬أبهى وأجمل من علم ومن أدب‬
‫وقال الغزالي رحمه ال في أول المستصأفى العلم أربح المكاسب والمتاجر وأشرف‬
‫المعالي والمفاخر وأكرم المحامد والمآثر وأحمد الموارد والمصأادر فشرفت بإثباته‬
‫القلم والمحابر وتزينت بأسماعه المحاريب والمنابر وتحلت برقومه الوراق والدفاتر‬
‫وتقدم بشرفه الصأاغر على الكابر واستضاءت ببهائه السرار والضمائر وتنورت‬
‫بأنواره القلوب والبصأائر واستحقر في ضيائه ضياء الشمس الباهر على الفلك الدائر‬
‫وأنشد بعضهم‬

‫العلم يجلو العمى عن قلب صأاحبه ‪ ...‬كما يجلي سواد الظلمة القمر‬
‫والعلم يحيي قلوب الحاملين له ‪ ...‬كالرض تحيى إذا ما مسها المطر‬
‫وقال آخر‬
‫مع العلم فاسلك حيث ما سلك العلم ‪ ...‬وعنه فسائل كل من عنده فهم‬
‫ففيه جلء القلب من شدة العمى ‪ ...‬وعون على الدين الذي أمره حتم‬
‫فإني رأيت الجهل يزري بأهله ‪ ...‬وذو العلم في القوام يرفعه العلم‬
‫يعد كبير القوم وهو صأغيرهم ‪ ...‬وينفذ منه فيهم القول والحكم‬
‫فخالط رواة العلم واصأحب خيارهم ‪ ...‬فصأحبتهم زين وخلطتهم غنم‬
‫ول تعدون عيناك عنهم فإنهم ‪ ...‬نجوم إذا ما غاب نجم بدا نجم‬
‫وقال آخر‬

‫العلم بلغ قوما ذروة الشرف ‪ ...‬وصأاحب العلم محفوظ من الخرف‬


‫يا صأاحب العلم مهل ل تدنسه ‪ ...‬بالموبقات فما للعلم من خلف‬
‫وقال غيره رحمه ال تعالى‬
‫وقرة العين عند الناس أكثرهم ‪ ...‬لبس الثياب وذات الطرز والعلم‬
‫وقرة العين عندي أنني رجل ‪ ...‬ملئت بالعلم من قرني إلى قدمي‬
‫فمن يكن هكذا تم الفخار له ‪ ...‬وصأاحب الجهل معدود من النعم‬
‫وأنشد المام السلفي رحمه ال لنفسه‬
‫يا من تصأدى لطلب العل ‪ ...‬عليك بالعلم وتطلبه‬
‫فليس في العالم أعلى ول ‪ ...‬أرفع من رتبة طلبه‬
‫قال أبو الليث رحمه ال وأنشد الشيخ برهان الدين رحمه ال تعالى‬

‫أرى العلم أعلى رتبة في المراتب ‪ ...‬ومن دونه عز العل في المواكب‬


‫وذو العلم يبقى عمره متضاعفا ‪ ...‬وذو الجهل بعد الموت تحت الترائب‬
‫هو النور كل النور يهدي من العمى ‪ ...‬وذو الجهل مر الدهر بين الغياهب‬
‫هو الذروة الشماء يحمي من التجا ‪ ...‬إليها ويمسي آمنا في النوائب‬
‫به ينتجي والناس في غفلتهم ‪ ...‬به يرتجي والروح بين الترائب‬
‫فمن رامه رام المآرب كلها ‪ ...‬ومن حازه قد حاز كل المطالب‬
‫هو المنصأب الكلي يا صأاحب الحجى ‪ ...‬إذا نلته هون بفوت المناصأب‬
‫وإن فاتك الدنيا وطيب نعيمها ‪ ...‬فل تحزنن فالعلم خير المواهب‬

‫فصأل‬
‫فعليك يا ولدي بالعلم فإنه الموصأل إلى كل خير وهو الدافع لكل ضير وهو الذي شرفه‬
‫ال في الجملة وفضله وشرف أهله في كل ملة‬
‫واعلم أنه خلق نفيس ل ينال بالهوينا والدعة وإنما ينال بجد واجتهاد ومكابدة جوع وسهاد‬
‫فإن نيل العظيم ل يدرك إل بأمر عظيم وعلى قدر الراحة يكون التعب وأعز العلم ما‬
‫كان عن ذل الطلب وبقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى‬
‫فاشدد يديك بحبل الدرس مجتهدا ‪ ...‬وإن أمضك طول الجوع والسهر‬
‫إن التجار إذا راحوا وقد ربحوا ‪ ...‬أنساهم الربح ما عناهم السفر‬

‫وفي صأحيح مسلم وحلية الولياء لبي نعيم عن يحيى بن أبي كثير رحمهم ال تعالى ل‬
‫يستطاع العلم براحة الجسم‬
‫وروى الحسن بن خلد رحمه ال في كتابه الفاضل بإسناده عن إمامنا الشافعي رضي ال‬
‫عنه إنه قال ل يطلب هذا العلم من يطلبه بالملك وغنى النفس فيفلح ولكن من طلبه بذلة‬
‫النفس وضيق العيش وخدمة العلماء أفلح‬
‫وقال أيضا رضي ال عنه ل يدرك العلم إل بالصأبر على الذل وقال أيضا رضي ال عنه‬
‫حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الستكثار من علمه والصأبر على كل عارض‬
‫يعرض دون طلبه وإخلص النية ل تعالى في إدراك علمه نصأا واستنباطا والرغبة إلى‬
‫ال تعالى في العون عليه‬
‫وقال المام أبو حنيفة رضي ال عنه يستعان على الفقه بجمع الهمة ويستعان على حذف‬
‫العلئق بأخذ اليسير عند الحاجة وأنشد بعض المتقدمين‬
‫تمنيت أن تمسي فقيها مناظرا ‪ ...‬بغير عناء فالجنون فنون‬

‫وليس اكتساب المال دون مشقة ‪ ...‬تحملتها فالعلم كيف يكون‬


‫وقال المام مالك رضي ال عنه ل يبلغ أحد من هذا العلم حتى يضر به الفقر ويؤثره‬
‫على كل شيء‬
‫وقال إبراهيم الجري رحمه ال تعالى من طلب العلم بالفاقة ورث الفهم‬
‫وقيل لبعضهم بم أدركت العلم قال بالمصأباح والجلوس إلى الصأباح‬
‫وقيل لخر بم نلت العلم قال بالسفر والسهر والبكور في السحر وقال بعضهم ل يصألح‬
‫للعلم من يأكل حتى يشبع‬
‫وأنشد بعضهم‬
‫يا طالب العلم باشر الورعا ‪ ...‬واهجر النوم واترك الشبعا‬
‫ودم على الدرس ل تفارقه ‪ ...‬فالعلم بالدرس قام وارتفعا‬
‫وقال بعضهم العلم عز ل ذل فيه لكن ل ينال إل بذل ل عز فيه‬
‫وحكى الفخر الرازي عن الشافعي رضي ال عنهما أنه قال العلم حر وطالبه عبد فإن‬
‫خدم العلم قبله‬

‫العلم وإن تجبر عليه فالعلم أولى أن يتجبر عليه‬

‫وقال مجاهد رحمه ال ل يتعلم العلم مستحي ول متكبر‬


‫وكان ابن عباس رضي ال عنهما يقول ذللت طالبا فعزرت مطلوبا‬
‫ويقال‬
‫العلم حرب للفتى المتعالي ‪ ...‬كالسيل حرب للمكان العالي‬
‫وينشد‬
‫أرى لك نفسا تشتهي أن تعزها ‪ ...‬ولست تنال العلم حتى تذلها‬
‫وقال بعضهم العلم ل يحصأل إل باستناد الحجر وافتراش المدر وإدمان الجوع والسهر‬
‫وقال آخر لن يدرك العلم من ل يطيل درسه ول يكد نفسه‬
‫وينشد‬
‫صأابر على العلم ول تسترح ‪ ...‬فالعلم ل يدرك بالراحة‬
‫وعن الشافعي رضي ال عنه ل يفلح في هذا الشأن يعني الفقه إل من أثكل أبويه وأتلف‬
‫ماله وجعل‬

‫المسألة أمامه وأغلق دكانه وأحرق قلبه الجوع وتعلق في شعره القمل ولم يقل واغربتاه‬
‫وأنشد بعضهم‬
‫بقدر الكد تكتسب المعالي ‪ ...‬ومن طلب العل سهر الليالي‬
‫تروم العلم ثم تنام ليل ‪ ...‬يغوص البحر من طلب اللي‬
‫فاصأبر يا بني على تحصأيله لتنال العز عند حصأوله فقد قال أبو الليث رحمه ال من‬
‫صأبر على نصأب العلم في البتداء وجد عواقبه لذة تفوق سائر لذات الدنيا وإياك أن تهتم‬
‫للرزق فإنه مكتوب مقدر وكل له قسم منه ميسر أو معسر على ما سبق به قضاء ال‬
‫الكبر‬
‫ل الحرص زاد ول الهمال ينقصأه ‪ ...‬ثم القضاء فلم ينقص ولم يزد‬
‫وقد قال بعض الحكماء لبنيه يا بني تعلموا العلم وإن لم تنالوا به من الدنيا حظا فلن يذم‬
‫الزمان لكم أحب إلي أن يذم الزمان بكم‬
‫كيف وقد قال رسول ال من طلب العلم تكفل ال برزقه‬
‫رواه أبو نعيم الحافظ في كتابه بإسناده‬

‫وقال رسول ال من تفقه في دين ال كفاه ال همه ورزقه من حيث ل يحتسب‬


‫ذكره المام أبو الليث رحمه ال في كتابه‬
‫ويروى أن ال سبحانه أوحى إلى الرض يا أرض حرمت عليك أن تطعمي بني آدم إل‬
‫بكد اليمين وعرق الجبين غير طالب العلم فإني تكفلت برزقه‬
‫ذكره في حقائق التفسير‬
‫وروى أبو نعيم الحافظ رحمه ال بإسناده في كتب رياض المتعلمين أن النبيقال من غدا‬
‫في طلب العلم صألت عليه الملئكة وبورك له في معاشه ولم ينقص من رزقه وكان عليه‬
‫مباركا‬
‫واعتبر يا بني بي وما جمعت من كتبي فإني كنت ل لي مال ول أستطيع كسبا للعيال‬
‫ولست محترفا ول تاجر ول أنا على السفر للتجارة جاسر فما دخلت سوقا لبيع ول شراء‬
‫ول طلبت العشور من الورى ول درت في القرى للقرا بل اشتغلت بالعلم وطلبه وأفنيت‬
‫أيامي بالعلم وكتبه فأتاني ال برزقي من حيث ل أحتسب ووهب لي الجزيل ولست‬
‫بمكتسب تفضل من الرحمن الرحيم وقول كن فكان‬

‫لقد جاءني الرزق من ربنا ‪ ...‬تعالى الذي فوقي الرزق صأب‬


‫وأعطى الجزيل بل كلفة ‪ ...‬ول في اجتهاد ول في تعب‬
‫ول باتجار ول من ربا ‪ ...‬ول من رشا أو جنا أو طلب‬
‫وقد كنت في الفقر صأفر اليدين ‪ ...‬أراقب إحسان أم وأب‬
‫فأعطاني ال ما قد كفى ‪ ...‬وجاد وبارك فيما وهب‬
‫تعالى وعز وجل الذي ‪ ...‬ينيل الفتى الرزق ل في سبب‬
‫ولكنه قول كن حكمة ‪ ...‬وقد أحكم ال ما قد كتب‬
‫ولما رزقني ال سبحانه محبة العلم والعلماء وجدت ذلك أبرد على قلبي من الماء على‬
‫الظما وحبب إلي العلم حتى ل أحب من الدنيا سواه وظهرت لي بركته في الدنيا وهداه‬
‫وفي الخرة أرجو من ال رضاه وأن يحشرني مع‬

‫العلماء لحبي لهم وإن لم أكن عامل عملهم‬


‫فالمرء مع من أحب إن شاء ال‬
‫فاتبع يا ولدي في طلبه فني حتى أقول لسائلي إن ابني مني وقد قلت في ذلك أبياتا فاروها‬
‫عني وهي هذه‬
‫ما لذة التمر والحلواء والضرب ‪ ...‬ول عناق الغواني الخرد والعرب‬
‫كلذتي في انتخاب العلم أجمعه ‪ ...‬من المحابر بالقلم في الكتب‬
‫من ذا الكتاب إلى هذا مداولة ‪ ...‬وفي المعاني وكشف الستر والحجب‬
‫عن الدقائق والشكال أظهره ‪ ...‬أحلىلدي من الحلوا على سغب‬
‫فمؤنسي دفتري والعلم مفتخري ‪ ...‬وخاطري حاضري في العلم لم يغب‬
‫ما لذة الخلق في الدنيا جميعهم ‪ ...‬ول الملوك وأهل اللهو والطرب‬
‫كلذتي في طلب العلم يا ولدي ‪ ...‬فالعلم معتمدي حقا ومكتسبي‬
‫مهما وصألت إلى تحقيق مسألة ‪ ...‬سار السرور بأعضائي وبين بي‬
‫وغاب عني جميع الخلق قاطبة ‪ ...‬وصأرت ألهو بفن مونق عجب‬
‫ما المال ما الهل ما الولد كلهم ‪ ...‬ألذ عندي من علمي ومن كتبي‬
‫إن جلت في العلم أنساني السرور كما ‪ ...‬أنسى الهموم وأنسى شدة الكرب‬
‫فالعلم أنسي ومحبوبي ومطلبي ‪ ...‬ناهيك من متجر حلو ومكتسب‬
‫كل المسرات غير العلم فانية ‪ ...‬يا حبذا العلم من فخر ومن حسب‬
‫فاعكف عليه ول تهجره واغن به ‪ ...‬عن كل أهل وعن مال وعن نسب‬
‫وإن يحل دونه شغل وحادثة ‪ ...‬فاصأبر وجد وكن من أصأبر العرب‬
‫ول يصأدك عنه بعد شقته ‪ ...‬وما تقاسيه من فكر ومن نصأب‬

‫فإن عقباه في دنياك مربحة ‪ ...‬وفي القيامة يعلى أرفع الرتب‬


‫أشبه بنفسك أهل العلم يا ولدي ‪ ...‬فذاك خير بل شك ول ريب‬
‫ول يهمك كون الناس قد هجروا ‪ ...‬أهل العلوم وعقوهم بل سبب‬
‫من يجهل العلم عادى الحاملين له ‪ ...‬وكل غوغاء فل تعبأ بهم تصأب‬
‫فالحق مر وعلم الشرع يمنع عن ‪ ...‬نيل الحرام وعن ظلم وعن غلب‬
‫لذاك قد كرهوا من صأار يفطمهم ‪ ...‬عن المعاصأي ومن يهدي إلى الدب‬
‫فكن غريبا فريدا بالعلوم تجد ‪ ...‬عواقب العلم عزا غير منقلب‬
‫فالعلم كنز وذخر ليس يعدله ‪ ...‬كنز من الدر أو كنز من الذهب‬
‫يكفيك فضل بأن ال يمدحه ‪ ...‬والصأالحون أولو التقوى وكل نبي‬

‫هذا وكل بني حواء فحاجتهم ‪ ...‬تدعو إليه بل ريب ول كذب‬


‫فالزمه واحفظه واستعمل قواك به ‪ ...‬واعمل بعلمك كي تنجو من العطب‬
‫وأنشد إمامنا وسيدنا رضي ال عنه في كتاب المعتقد لللباب فقال في باب فضل العلم‬
‫منه‬
‫إن العلوم تميز الطيب عن خبث ‪ ...‬والحق عن باطل فاشدد لها الطلبا‬
‫ليطمس الجهل بالنوار جوهرها ‪ ...‬ويرشد المرء مأوى حاله عقبا‬
‫فالعلم يحيي القلوب الميتات به ‪ ...‬ويصألح الدين والدنيا إذا خربا‬
‫وكل حين به تزداد مرتبة ‪ ...‬وتكسب الفهم إيجاد الذي عزبا‬
‫فال أثنى عليه في الكتاب بما ‪ ...‬نتلوه في آل عمران وبعد سبا‬
‫واقرأ بطه وآي الروم مع قصأص ‪ ...‬والفرق في زمر في كل ذاك نبا‬

‫والعنكبوت ومدحا في مجادلة ‪ ...‬آي أتت ذكرها للسمع قد عذبا‬


‫وفي الحديث فقد نص الرسول على ‪ ...‬فضل العلوم فكن للعلم مطلبا‬
‫يضيق كل إناء حين تملؤه ‪ ...‬والصأدر إن يمتلىء علما به رحبا‬
‫ما ورث الرسل إل العلم كن علما ‪ ...‬ووارثا لرسول ال منتصأبا‬
‫ول تدع فتش كتب العلم إن بها ‪ ...‬ما يشحذ الفهم والفكار والدبا‬
‫وها كنوز المعالي والمعارف في ‪ ...‬ماض ومستقبل مجني لمن هدبا‬
‫هل غير شرع رسول ال معتمد ‪ ...‬شرع شريف على الشياء قد غلبا‬
‫وهذا ذكر اليات الكريمة الواردة في فضل العلم والعلماء التي أشار إليها في هذه البيات‬
‫وهي عشر نذكرها على ترتيب ما نظمه‬
‫وهي قوله شهد ال أنه‬

‫ل إله إل هو والملئكة وأولو العلم إنما يخشى ال من عباده العلماء رب زدني علما إن‬
‫في ذلك ليات للعالمين على قراءة من كسر اللم وقال الذين أوتوا العلم واليمان وقال‬
‫الذين أوتوا العلم قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ل يعلمون وما يعقلها إل العالمون‬
‫بل هو آيات بينات في صأدور الذين أوتوا العلم يرفع ال الذين آمنوا منكم والذين أوتوا‬
‫العلم درجات‬
‫واعلم أن العلوم كلها فاضلة وكلها أبازير للفقه قال‬

‫الغزالي رحمه ال ولجل شرف علم الفقه وفر ال دواعي الخلق على طلبه وكان العالم‬
‫به أرفع العلماء مكانا وأجلهم شأنا وأكثرهم اتباعا وأعوانا قال فقيه واحد أشد على‬
‫الشيطان من ألف عابد‬
‫رواه أبو عيسى الترمذي رحمه ال وروى المام الثعالبي المفسر رحمه ال بإسناده عن‬
‫عبد ال بن المبارك رحمه ال قال دخلت على سفيان الثوري رحمه ال بمكة فوجدته‬
‫مريضا شارب دواء‬
‫وبه غم شديد فسلمت عليه فقلت ما لك يا أبا عبد ال فقال أنا شارب دواء وبي غم شديد‬
‫فقلت أعندك بصألة قال نعم قلت فائتني بها فكسرتها ثم قلت له شمها فشمها فعطس عند‬
‫ذلك فقال الحمد ل رب العالمين فسكن ما به فقال لي يا ابن المبارك فقيه وطبيب أو قال‬
‫عالم وطبيب فقلت له مجربا يا أبا عبد ال قال فلما رأيته سكن ما به وطابت نفسه قلت‬
‫إني أريد أن أسألك حديثا قال سل ما شئت فقلت أخبرني من الناس قال الفقهاء قلت فمن‬
‫الملوك قال الزهاد قلت فمن الشراف قال التقياء‬
‫قلت فمن الغوغاء قال الذين يكتبون الحديث يستأكلون به الناس‬
‫قلت أخبرني رحمك ال من‬

‫السفلة قال الظلمة‬


‫ثم ودعته فخرجت من عنده فقال لي يا ابن المبارك عليك بهذا الحيز فإنه موجود‬
‫رخيص قبل أن يغلق فل يوجد بالثمن‬
‫انتهى كلمه‬
‫ذكره من تفسير الفقهاء سورة آل عمران‬
‫وهذا الذي ذكره من تفسير الفقهاء والملوك والشراف هو كذلك ليس فيه خلف‬
‫وأما الغوغاء فلغيره فيهم تفسير آخر‬
‫قال الشيخ ابن سليمان الخطابي رحمه ال يريد بهم الجهال وأهل الدناءة وقلة المروءة‬
‫وأسند عن الصأمعي أنه قال الصأل الجراد إذا ماج بعضه في بعض‬
‫قال وبه سمي الغوغاء من الناس وقال غيره الغوغاء من ل يجمع أمرهم رئيس لهم‬
‫فيركب كل منهم رأسه فيما يشاء ل يرده عقل ول حياء وهم الذين كانوا قتلة النبياء‬
‫نسأل ال العافية‬
‫وقال أبو الحسن الماوردي رحمه ال في كتابه ولكل شيء عماد وعماد الدين الفقه‬
‫وأنشد بعضهم‬
‫وعلم الفقه أشرف كل علم ‪ ...‬وعلم النحو زين للرجال‬
‫وتعليم الصأول أجل أصأل ‪ ...‬وتعليم الفروع من الكمال‬

‫وأنشد محمد بن الحسن صأاحب أبي حنيفة رضي ال عنهما‬


‫تعلم فإن العلم زين لهله ‪ ...‬وفضل وعنوان لكل المحامد‬
‫تفقه فإن الفقه أفضل قائد ‪ ...‬إلى البر والتقوى وأعدل قاصأد‬
‫وإن فقيها واحدا متورعا ‪ ...‬أشد على الشيطان من ألف عابد‬
‫هو العلم الهادي إلى سنن الهدى ‪ ...‬هو الحصأن ينجي من جميع الشدائد‬
‫وقال آخر عفا ال تعالى عنه‬
‫إذا ما اعتز ذو علم بعلم ‪ ...‬فعلم الفقه أولى باعتزاز‬
‫وكم طيب يفوح ول كمسك ‪ ...‬وكم طير يطير ول كباز‬
‫وقال غيره‬
‫غاية العلم بعيد غورها ‪ ...‬إنما العلم بحور زاخرة‬

‫فعليك الفقه منه يحتوي ‪ ...‬شرفا الدنيا وعز الخرة‬


‫وقال آخر‬
‫كل العلوم سوى القرآن مشغلة ‪ ...‬إل الحديث وإل الفقه في الدين‬

‫فصأل‬
‫وقد ذكر إمامنا وشيخنا وسيدنا رضي ال عنه في كتاب الرشاد للملوك والرعايا والعباد‬
‫نكتا موضحة للشأن فانتخبت منها ما يليق بهذا المكان‬
‫وإن كانت معاينها مكررة زيادة للبيان ول بأس بالتكرار فقد ورد به القرآن فمن جملة ما‬
‫قاله شيخنا رضي ال عنه في ذلك الكتاب قوله وقد هداه ال للصأواب والن فقد انتهى‬
‫المر كله إلى العلماء الثبات والئمة الثقات والمفتين والقضاة الذين نقلوا أحكام‬
‫الرسالت فهم الرؤساء في كل الحالت ولهم في الدنيا شرف الوليات‬
‫وهم أهل الحل والعقد والرئاسات وإليهم تنتهي الشارات وبهم تفهم العبارات وعنهم‬
‫تحفظ الحكايات وتصأح الروايات وتحصأل الفادات‬

‫فهم في الدنيا رؤوس الرؤساء وبعد أنبياء ال هم الخلفاء وفي يوم القيامة هم الشفعاء وفي‬
‫الجنة يحتاج الناس إليهم ويعول عند طلب المنية عليهم‬
‫كما ورد في الثر عن معاذ رضي ال عنه قال إن العلماء ليحتاج إليهم في الجنة إذ يقال‬
‫لهل الجنة تمنوا فل يدرون كيف يتمنون حتى يتعلموا من العلماء كذا ذكره المام‬
‫الغزالي في كتاب الدعوات من كتابه ورفعه صأاحب كتاب الفردوس عن جابر رضي ال‬
‫عنه عن النبيأنه قال إن أهل الجنة ليحتاجون إلى العلماء في الجنة‬
‫ثم قال شيخنا وإمامنا في الباب بعده فعلى الكل يعني من الراعي والرعية أن يحسنوا‬
‫الظن بحملة القرآن وبالقائمين بالعلم والتقوى والبرهان وأن يعزوهم ويجلوهم على مر‬
‫الزمان وأن يرفعوا قدرهم على كل الخوان بل يقدموهم على الوالدين والولدان‬
‫فوجدوهم زيادة في اليمان وسعادة في البلدان وعمارة للوطان وصألح للرعية‬
‫والسلطان وإرغام لنف الشيطان فينبغي إعانتهم على ما هم فيه من الشأن ونصأرهم عند‬
‫النوائب‬

‫والحدثان وتعظيمهم بقدر المكان فإنهم عند ال سبحانه بمكان وهم أشرف من يكون‬
‫ومن كان‬
‫ثم قال رحمه ال فيهم فهم الذين اصأطفى ال من العباد وأورثهم كتابه العزيز المستفاد‬
‫واختارهم للمعاش والمعاد وأنهم لهم قدوة المهتدين وقادة المتقين وأئمة المسلمين ورغم‬
‫العصأاة والمفسدين وهم حفاظ الشريعة والدين وسرج أهل اليقين وكواكب الرضين‬
‫وهداة العالمين ومصأابيح المتعلمين وأعداء الشياطين وبركة السلطين وأحباب الملئكة‬
‫المقربين والداعون إلى الحق المبين‬
‫ثم قال عفا ال عنه وجزاه خيرا فعلى الكل أن يعينوا العلماء للتفرغ للعلوم ويمنعوا عنهم‬
‫من يشغلهم عن ذلك المعلوم ويتفقدوهم لئل ترد عليهم الغموم وينصأروهم عند أن يظهر‬
‫لهم الخصأوم وأن يرفهوهم لقتباس العلم وإظهاره ونشره وبسطه واختصأاره‬
‫فإن العلماء هم عماد السلم وهم المعروفون بجميع الحكام وهم الفارقون بين الحلل‬
‫والحرام وهم المرشدون إلى دار المقام وهم المجددون لما درس من‬

‫الحق بصأحيح الثر واستنباط الفهام‬


‫وهم الذين يحلون الشبه المشكلة بصأريح الكلم وهم الذين يروون الثار الصأحيحة‬
‫بالقلم ويفصألون بين الناس عند التنازع والخصأام ومنهم الحفاظ والوعاظ والحكام وهم‬
‫نور الزمان المذهبون لكل جهل وظلم وهم الشموس المشرقة التي ل يغطيها الغمام‬
‫والشهب الثاقبة التي يقتدي بنورها النام يرشدون الغوي الجاهل وينكرون على كل ذي‬
‫باطل ويحلون مشكلت المسائل ويوضحون الحق بالدلئل فهم السادة الكابر الذين‬
‫يتخذون المحابر ويرقمون بمائها الدفاتر وهم الذين يكتسبون المفاخر ويرتقون ذروة‬
‫المنابر وهم الذين يزينون المحاضر ويفرقون بين الرابح والخاسر وبين البر والفاجر‬
‫وبين النجس والطاهر‬
‫فهم زينة الدهر وجمال العصأر فالناس على ما قاله العلماء يعتمدون وفي كل الشياء لهم‬
‫مقلدون وحزبهم العالي وحزب غيرهم الدون إن سئلوا عن معنى القرآن الكريم فسروا‬
‫وإن سئلوا عن سنة الرسول أخبروا وعن أسباب التنزيل ذكروا وعن الجتهاد قاسوا‬
‫واعتبروا وعن‬
‫سير الولين حققوا وسيروا وعن خبر يوم القيامة عرفوا وحذروا‬
‫فهم أعرف الناس بالماضي والمستقبل وهم الذين في كل حال عليهم المعول إن حضروا‬
‫ظهروا وإن غابوا ذكروا وإن تواضعوا كبروا وإن تكلموا أصأابوا وأجروا وإن سكتوا‬
‫أجروا وعذروا وإن أوذوا صأبروا وإن عودوا نصأروا وإن اطلعوا على عيب ستروا وهم‬
‫المحترمون أين ما عبروا‬
‫وهم المقدمون أينما حضروا فمدحهم ل يحصأى وشرفهم ل يستقصأى‬
‫وما عسى أن يكون مدح من أثنى ال سبحانه وملئكته عليهم وكل دين ل يؤخذ إل من‬
‫لديهم وكل خير فإنه يقتبس منهم ويعود إليهم وقال مولنا وسيدنا مصأنف كتاب الرشاد‬
‫فيهم رضي ال عنه وعنهم‬
‫أولو العلم في الدنيا بأعلى المنازل ‪ ...‬وهم وارثوا الرسل الكرام الوائل‬
‫فهم أنجم الدنيا ونور لهلها ‪ ...‬أئمة أهل الرض زين المحافل‬
‫وهم حجة الرحمن أيضا على الورى ‪ ...‬يقيمون أسباب الهدا والدلئل‬

‫يدلون خلق ال ما فيه رشدهم ‪ ...‬وينهون عن نكر وجهل وباطل‬


‫وهم شفعاء الناس في الحشر عندما ‪ ...‬تحيط المعاصأي عند هول النوازل‬
‫وفي جنة الفردوس يحتاج أهلها ‪ ...‬إليهم فقد خصأوا بطيب الشمائل‬
‫فهم عدة في كل حال وسائل ‪ ...‬إلى الخير أكرم بالهدى والوسائل‬
‫وهم رؤساء الناس في كل موقف ‪ ...‬فهل فوقهم حال وفضل لقائل‬
‫عل قدرهم دنيا وآخرى محلهم ‪ ...‬بأعلى المعالي من مراقي الفضائل‬
‫جزاهم إلهي الخير عنا وأكرموا ‪ ...‬جزاء كما قد أيقظوا رب غافل‬
‫واسأل ربي أن يبارك فيهم ‪ ...‬ول زال منهم قادم بعد راحل‬
‫أعيذهم بال من فتنة الهوى ‪ ...‬ومن خسر حبر عالم غير عامل‬

‫انتهى كلمه رضي ال عنه‬


‫وروي عن أنس بن مالك رضي ال عنه أن رسول اللهقال جالسوا العلماء وزاحموهم‬
‫بركبكم فإن ال يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيى الرض بوابل السماء‬
‫ذكره المام ابن عبد المجيد في إيضاحه عفا ال عنه‬
‫وقال الثعالبي المفسر رحمه ال العلماء أعلم السلم والسابقون إلى دار السلم وسرج‬
‫المكنة وحجج الزمنة وحصأون الضعفة وحملة الكتاب والسنة ومقيمو حدود ال‬
‫وشرائع دينه في أرضه قال‬
‫والحكم سيف ال في أرضه ‪ ...‬وحجة الحق على الباطل‬
‫وموضح النور لهل العمى ‪ ...‬ومذهب الشك عن الجاهل‬
‫وحاسم الجور عن المة ‪ ...‬وراحة المسئول والسائل‬

‫فصأل‬
‫ويجب على العوام أن ل يعترضوا على علمائهم بل يقلدونهم في أديانهم فيهتدون بهداهم‬
‫ويعلمون بفتواهم‬
‫ول ينكرون على العلماء ما يفعلونه ول يتعقبون عليهم ما يأتونه مما ظاهره مستنكر‬
‫فإن العلماء بالحق أعرف وهم به أخبر وهم بمداخله ومخارجه أبصأر‬
‫والعالم الورع بما قد أصألح ال من قلبه لينبغي لحد أن يدخل بينه وبين ربه فقد يفعل‬
‫العالم ما ظاهره الفساد وباطنه صأواب عند رب العباد بما اطلع عليه العالم من الفساد‬
‫والسداد‬
‫واعتبر بقصأة الخضر عليه السلم لما خرق سفينة المساكين وقتل بيده الغلم أنكر عليه‬
‫موسى صألى ال على نبينا وعليه وسلم ذلك ولمه على ما جرى هنالك‬
‫فلما عرفه الخضر بتأويله أقر موسى له بتفضيله وقد شرح ال‬

‫قصأتهما في الكتاب وأنه مأذون له من رب الرباب فر يعترض على العالم إل عالم‬


‫يكون فوقه أو مثله ليراجعه بالحق ويفهم به فعله وأن الذي ينكر على أعلم منه مليم‬
‫وفوق كل ذي علم عليم‬
‫وقد قال المام حجة السلم الغزالي رحمه ال في بعض مصأنفاته أوصأيك يا أخي‬
‫بإحسان الظن بالعلماء ومن جملة إحسان الظن بهم أن تطلب لكلمهم وجها وعذرا ما‬
‫أمكن فإن لم تعثر عليه فتتهم نفسك عن دركه وال أعلم‬
‫وقال رحمه ال في كتابه الملء على مشكل الحياء ل تعجل على أخذ بالتخطية ول‬
‫تبادر بالتجهيل فربما عاد عليك ذلك وأنت ل تشعر فلكل عالم غور وله في بعض ما‬
‫يأتي به احتجاجات وال الموفق بكرمه‬

‫فصأل‬
‫وقال شيخنا شرف الدين الذوالي رحمه ال في كتابه معارج التصأنيف إن من أعظم‬
‫الخيرات التوفيق لطلب العلم والعكوف على طلب العلم النافع ودفاتر الحكمة وذكر فيه‬
‫أيضا إن ال سبحانه أثنى بنفسه على العلم وشرف أهله‬
‫ثم أثنى سيد المرسلينعلى العلماء وأطنب في مدحهم وأمر بالجلوس إليهم والخذ منهم‬
‫وقال إنما بعثت معلما‬
‫ثم أثنى على العلم بعده عيه السلم صأحابته رضي ال عنهم والذين اتبعوهم بإحسان‬
‫ودعوا خلق ال إليه وحضوهم عليه حتى ضرب الناس أكباد البل في طلبه وقطعوا‬
‫المسافات الشاسعة في اكتسابه ثم أثنى على العلم‬

‫بعدهم عقلء الناس وخيار عباد ال المنقطعين إلى خدمته سبحانه وتبعهم على ذلك‬
‫دهماء الناس مع اختلف طبقاتهم‬
‫قال رحمه ال وشذ مراد من الناس خذلهم ال فاسترذلوا العلم واستحمقوا أهله‬
‫قال ولسنا بصأدد الرد على هؤلء ول بنا حاجة إلى ذلك إذ قد تولى ذلك عنا إلهنا سبحانه‬
‫ورسله وأنبياؤه وخيار عباده الذين اصأطفاهم ال لخلفه نبيه‬
‫انتهى كلمه رحمه ال‬

‫فصأل‬
‫وكل هذا في عالم تقي ورع نقي يعمل بعلمه ول يقنع منه باسمه بل يكذب نفسه فيه‬
‫ويحبه ويقتفيه فمن لم يجد من نفسه محبة العلم وأسبابه ول يجد للعلم ومطالعة كتابه لذة‬
‫تغلب لذة نومه وطعامه وشرابه فإنه ليس بفقيه وإن تسمى به ول ينجب فيه ول يعد من‬
‫أصأحابه‬
‫وأنشد إمامنا الشافعي رضي ال تعالى عنه ونفع به وبعلومه آمين‬
‫إذا رأيت شباب الحي قد نشأوا ‪ ...‬ل يحملون قلل الحبر والورقا‬
‫ول تراهم لدى الشياخ في حلق ‪ ...‬يعون من طيب الخبار ما اتسقا‬
‫فعد عنهم واعلم أنهم همج ‪ ...‬قد بدلوا بعلو الهمة الحمقا‬

‫وإنما يعد من أهل العلم من جد فيه ومهر وترك سائر لذاته له وهجر واستلذ الجوع لجله‬
‫والسهر لنه كلما دخل روضا منه تبدى له ما هو أحسن وأبرع فهو في رياضه وفنونه‬
‫وبساتينه يرتع ل يمل منه ول يقنع ول يروى ول يشبع فهو كما قيل‬
‫يا نسيم الريح قل لي للرشا ‪ ...‬لم يزدني الري إل عطشا‬
‫وقد قال رسول ال منهومان ل يشبعان طالب علم وطالب دنيا ول يستويان‬
‫أما طالب العلم فيزداد رضى الرحمن وأما طالب الدنيا فيزداد في الطغيان‬
‫رواه المام الواحدي رحمه ال في وسيطه وأبو الليث رحمه ال في تنبيهه‬
‫وقد ورد ل يشبع عالم من علم حتى يكون منتهاه الجنة ولفظ الترمذي رحمه ال فيه لن‬
‫يشبع المؤمن من خير سمعه حتى يكون منتهاه الجنة‬
‫وقال سفيان بن عيينة رضي ال عنه يوما لصأحابه من أحوج الناس إلى طلب العلم قالوا‬
‫قل يا أبا محمد قال ليس أحد أحوج إلى طلب العلم من العالم لنه ليس الجهل بأحد أقبح‬
‫به من العالم‬
‫وقال‬

‫أبو العباس أحمد بن يحيى وابن المبارك رحمهم ا ل ل يزال الرجل عالما ما طلب العلم‬
‫فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل‬
‫وقال سعيد بن جبير رحمه ال ل يزال الرجل عالما ما تعلم فإذا ترك التعلم وظن أنه قد‬
‫استغنى واكتفى بما عنده كان أجهل ما يكون وقيل لبعضهم من متى التعلم وإلى متى قال‬
‫من المهد إلى اللحد‬
‫وقال كل صأاحب علم غرثان إلى علم‬
‫رواه الحافظ أبو نعيم رضي ال عنه‬
‫وأن العلماء كلهم والحكماء من المتأخرين ومن سبقهم من القدماء هم الذين يجدون للعلم‬
‫لذة تفوق سائر اللذات ويحقرون عندها لذة الملوك وسائر الطيبات فيعكفون على إدمان‬
‫النظر فيه والمطالعات ويأنسون بالمذاكرة فيه وكثرة المراجعات ويرون أنسهم بذلك‬
‫خيرا من أنس النديم وألذ من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك ومزاجه من تسنيم وفي‬
‫ذلك أنشد إمامنا الشافعي رضي ال عنه أمين‬

‫لمحبرة تجالسني نهاري ‪ ...‬أحب إلى من أنس الصأديق‬


‫ورزمة كاغد في البيت عندي ‪ ...‬أحب إلي من عدل دقيق‬
‫ولطمة عالم في الخد مني ‪ ...‬أحب إلي من شرب الرحيق‬
‫وقال الشافعي رحمه ال أيضا‬
‫إن صأحبنا الملوك تاهوا علينا ‪ ...‬واستبدوا بالرأي دون الجليس‬
‫أو خدمناهم بقبض وبسط ‪ ...‬كان أدعى إلى دخول الحبوس‬
‫أو صأحبنا التجار عدنا إلى اللوم ‪ ...‬وصأرنا إلى حساب الفلوس‬
‫أو لزمنا السلح نبغي به العز ‪ ...‬تعدى إلى احترام النفوس‬
‫فلزمنا البيوت نتخذ الحبر ‪ ...‬ونطلي به وجوه الطروس‬
‫ونناجي العلوم في كل فن ‪ ...‬عوضا عن منادمات الكؤوس‬
‫وأنشد المام أبو محمد اليحيوي لنفسه في مسجده بمدينة دار السلم بغداد‬
‫إجعل كتابك كالصأندوق تفتحه ‪ ...‬فتأخذ المال منه ثم تطبقه‬
‫فالمال يذهب فيما ل التذاذ به ‪ ...‬والعلم يبقى ويبقى فيك رونقه‬
‫فيه الجمال على التأبيد تلبسه ‪ ...‬وهو الذي للسان العي ينطقه‬
‫وعن علي كرم ال وجهه أنه قال الكتب جلء القلوب ومسلة الهموم ولنعم الصأاحب‬
‫الكتاب في الحضر السفر‬
‫وقال بهاء الدين ابن حمدون رحمه ال وجدت الكتاب خير صأاحب وقرين وأفضل رفيق‬
‫وخدين ل يخون ول يمين ول يماكر ول يناكر ول يعصأي ول ينافر مأمون الهفوة والزلة‬
‫محمود الخلوة والخلة فهو لمن وفق للعتزال أسلم خليل وأكرم‬

‫أخ بر وصأول‬
‫وأنشد ابن العرابي رحمه ال في الكتب‬
‫لنا جلساء ل يمل حديثهم ‪ ...‬ألباء مأمونون غيبا ومشهدا‬
‫فل فتنة نخشى ول سوء عشرة ‪ ...‬ول نتقي منهم لسانا ول يدا‬
‫يفيدوننا من علمهم علم ما مضى ‪ ...‬وعقل وتأديبا ورأيا مسددا‬
‫فإن قلت أموات فلست بكاذب ‪ ...‬وإن قلت أحياء فلست مفندا‬
‫وكتب بعض العاجم على خزانة كتبه ما هذه صأورته‬
‫إذا ما خل الناس في دورهم ‪ ...‬بخمر سلف وخود كعاب‬
‫وآنسهم حسنات الليال ‪ ...‬بعز الندامى وزهر الصأحاب‬
‫خلوت وصأحبي كتب العلوم ‪ ...‬وبيت عروسي بيت الكتاب‬

‫ودرس العلوم شراب العقول ‪ ...‬فدوروا علي بذاك الشراب‬


‫وما يجمع المرء في دهره ‪ ...‬سوى العلم يجمعه للتراب‬
‫وقال غيره عفا ال عنه آمين‬
‫في كل شيء لذة تشتهى ‪ ...‬ولذة العالم في كتبه‬
‫وكلما قلبها زاده ‪ ...‬تقليبها لبا إلى لبه‬
‫وقال آخر عفا ال عنه‬
‫أنست إلى التفرد طول عمري ‪ ...‬فمالي في البرية من أنيس‬
‫جعلت محادثي ونديم نفسي ‪ ...‬وأنسي دفتري بدل العروس‬
‫وقيل لبي بكر الخوارزمي رحمه ال عند موته ما تشتهي قال النظرة في حواشي الكتب‬
‫وقال غيره الكتب بساتين العقلء وأنشد بعضهم‬

‫إذا ما خلوت من المؤنسين ‪ ...‬جعلت المؤانس لي دفتري‬


‫فلم أخل من شاعر محسن ‪ ...‬ومن عالم صأالح منذر‬
‫ومن حكم بين أثنائها ‪ ...‬فرائد للناظر المفكر‬
‫وقال المتنبي‬
‫أعز مكان في الدنا سرج سابح ‪ ...‬وخير جليس في الزمان كتاب‬
‫وقيل لعبد ال بن المبارك رضي ال عنه أتجلس في البيت وحدك ول تجلس معنا قال ما‬
‫أصأنع معكم أنتم تغتابون الناس ما أجلس إل مع الصأحابة والتابعين رضي ال عنهم يريد‬
‫مطالعة أخبارهم والنظر في سيرهم وآثارهم‬
‫قال المقرئ أبو الحسن السخاوي رحمه ال في خطبة كتاب الوسيلة له متى أردت‬
‫مجالسة إمام من الئمة الماضين فانظر إلى كتبه التي صأنفها ومجموعاته التي ألفها فإنك‬
‫تجده لك مخاطبا ومعلما ومرشدا ومفهما فهو حي من هذه الجهة ومرشد من هذا الجانب‬
‫وأنشد بعضهم‬

‫لذة العيش أن تكون مكبا ‪ ...‬أبد الدهر ناظرا في كتاب‬


‫إنما الكتب نزهة وبساتين ‪ ...‬وفيها فكاهة اللباب‬
‫فاعص من لم في الحديث وفي الكتب ‪ ...‬ففيها معادن الداب‬
‫وقال آخر‬
‫ولكل صأاحب لذة متنزه ‪ ...‬أبدا ولذة عالم في كتبه‬

‫فصأل‬
‫ثم وصأيتي لنفسي ولسائر المسلمين بتقوى ال رب العالمين فإنها وصأية ال سبحانه التي‬
‫أوصأى بها الولين والخرين‬
‫وبقوله سبحانه وهو أصأدق القائلين ولقد وصأينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن‬
‫اتقوا ال‬
‫وهي وصأية جميع رسل ال لخلق ال وهي التي وصأى بها إبراهيم بنيه ويعقوب‬
‫فتقوى ال سبحانه هي النافعة في الدارين وهي الرافعة في الدارين وهي الموصألة إلى‬
‫خير الدارين وهي الدافعة لشر الدارين وهي ثمرة العلم المطلوبة منه إذ ثمرة العلم هي‬
‫تقوى ال سبحانه‬
‫وحقيقة التقوى امتثال أمر ال سبحانه بفعل جميع ما أمر به وبترك ما نهى عنه على ما‬
‫ورد في القرآن الكريم‬

‫وأخبر به النبي عليه أفضل الصألة والتسليم‬


‫ولم يكرر ال في كتابه أكثر من التقوى والصأبر ووعد على كل واحد منهما النصأر‬
‫والجزيل من الجر‬
‫فقال تعالى أنه من يتق ويصأبر فإن ال ل يضيع أجر المحسنين والخرة عند ربك‬
‫للمتقين ومن يتق ال يجعل له من أمره يسرا ومن يتق ال يكفر عنه سيئاته ويعظم له‬
‫أجرا‬
‫ومحل التقوى هي القلوب الطاهرة ومنها تصأدر الطاعات الظاهرة‬
‫قال رسول ال إن ال ل ينظر إلى صأوركم ول إلى أعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم‬
‫فالقلب هو موضع نظر الرب سبحانه نسأل ال سبحانه أن يطهر قلوبنا عن الدناس وإن‬
‫يصألح منا القلوب والجوارح والحواس ويكفينا شر أنفسنا وشر الجنة والناس وأن يجعلنا‬
‫من أهل الرشاد والسداد وأن يرزقنا حسن العمل للمعاد وأن ينجينا من الكرب الشداد وأن‬

‫يجعلنا من المتمسكين بطرق الحق وإن ضاقت مواردها المستوحشين من طرق الضللة‬
‫وإن طالت مسالكها وال المستعان على نوب الزمان وهو الدافع للشجان والحزان‬
‫نسأل ال سبحانه العافية والمان لنا ولوالدينا وللولدان ولجميع المسلمين وسائر الخوان‬
‫وأن يحفظ علينا بكرمه اليمان حتى يوصألنا به إلى الجنان فإنه سبحانه كريم رحيم منان‬
‫ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم‬
‫وحسبنا ال ونعم الوكيل‬
‫عليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصأير والسلم على من اتبع الهدى والصألة على محمد‬
‫المجتبى والحمد ل وسلم على عباده الذين اصأطفى‬
‫وقد رأيت أن أختم هذا الجزء بقصأيدتين إحداهما في تعديد بعض النعم والرضى‬
‫بالمقدور والقسم وحسن الصأحبة للصأديق والمتهم وهي هذه‬
‫سبحان ربي لقد سواك معتدل ‪ ...‬خلقا جميل تعالى ربنا وعل‬
‫سبحان من أنشأ النسان من علق ‪ ...‬واختاره وحباه العقل والخول‬
‫من نطفة رده حيا وأكرمه ‪ ...‬أعاده ال خلقا كامل رجل‬
‫سبحان من رتب العضاء وصأورها ‪ ...‬والرض أحكم منها السهل والجبل‬
‫والفلك تمخر وسط البحر جارية ‪ ...‬والخيل سخرها والفيل والجمل‬
‫والشمس أنشأها للخلق منفعة ‪ ...‬والبدر والنجم يهدينا به السبل‬
‫سبحان من أبدع الشياء كيف يشأ ‪ ...‬من أبصأر الخلق لم ينظر به خلل‬
‫الملك والخلق والدنيا بقبضته ‪ ...‬كل لهيبته صأاروا له ذلل‬
‫والريح سخرها والسحب أنشأها ‪ ...‬والغيث أنزله يروي به العلل‬
‫وانظر إلى الرض يسقيها إذا عطشت ‪ ...‬غيثا مغيثا مريعا مغدقا هطل‬
‫سحا هنيا مريا طيبا غدقا ‪ ...‬عذبا فراتا فيروى القاع والقلل‬

‫فيظهر النبت من آثار رحمته ‪ ...‬للشم هذا وذا حلو لمن أكل‬
‫وتطلع النخل أكماما مرتبة ‪ ...‬طلعا نضيدا فكم من حملها حمل‬
‫ويظهر الزرع مخضرا يلقحه ‪ ...‬مر الريح فيبدي الحب والسبل‬
‫كل لرزاقنا أبداه خالقنا ‪ ...‬تبارك ال كم أعطى وكم نحل‬
‫هذاك قوت وذا حلو وفاكهة ‪ ...‬وأنشأ القطن والزيتون والعسل‬
‫والخز والقز والديباج أكسية ‪ ...‬والصأوف والشعر للغاني ومن رحل‬
‫والمسك والعود والحجار فهي لنا ‪ ...‬هذا حديد وذا كحل لمن كحل‬
‫وذا عقيق وياقوت وذا ذهب ‪ ...‬وفضة وجميع البر قد حصأل‬
‫وألهم الدين أهل الرشد فارتفعوا ‪ ...‬والشر للجاهل العاصأي الذي خذل‬

‫من ذا أياديه هل يعصأى ونعمته ‪ ...‬والجود منه على عاصأيه ما انفصأل‬


‫سبحان من خصأنا فيما يراه لنا ‪ ...‬والحمد ل حمدا دائما كمل‬
‫فاحمد إلهك واشكره وخفه ول ‪ ...‬تنس المعاد وتب واستقرب الجل‬
‫وازرع من الخير واحم النفس من طمع ‪ ...‬تلق المراد وتكفى الشر والوجل‬
‫رد المور إلى الباري مقدرها ‪ ...‬واستكفه الشر والسواء والزلل‬
‫سهل على النفس أمر العيش يا ولدي ‪ ...‬للعبد قسم من الرزاق قد جعل‬
‫ل الحرص زاد ول التسهيل ينقصأه ‪ ...‬هذا وذاك سواء فابق متكل‬
‫قد كان يكفيك في صأغر وأنت لقى ‪ ...‬في بطن أمك محبوسا ومنجدل‬
‫قد كنت في المهد ل تسطيع مقدرة ‪ ...‬وال يكفيك ما يؤذي وكل بل‬
‫قد كان يأتي بخيرات يسهلها ‪ ...‬ويسر الرزق قبل اليوم والحلل‬
‫وأخرج الدر والرزاق من عدم ‪ ...‬وأنبت اللحم فوق العظم معتدل‬
‫فهو القدير على إتمام نعمته ‪ ...‬وهو الكريم جواد طال ما نحل‬
‫فليس يغفل عنك اليوم قط ول ‪ ...‬ينساك سبحانه يعطي وما غفل‬
‫يعلي ويغني ويدني كل مكرمة ‪ ...‬يحمي ويكفي وبر ال قد شمل‬
‫يسقي ويشفي ويضني من يمحصأه ‪ ...‬يحيي ويفني ويبري السقم والعلل‬
‫كل من ال عدل كيف قدره ‪ ...‬ل يهرب العبد من حكم إذا نزل‬
‫فهو المقدر للشياء كيف يشا ‪ ...‬بر رءوف بمن قد جار أو عدل‬
‫إن أسبل الخير لم يردده ذو حسد ‪ ...‬ول حكيم يرد الرزق والنزل‬

‫أو أنزل الشر لم تردده مقدرة ‪ ...‬ول حبيب ولو أبدى لك الحيل‬
‫إن قدر ال أمرا فيك تحذره ‪ ...‬فأمره واقع ل شك فيه ول‬
‫إن شئت تطمع في شيء يعوقه ‪ ...‬قدرت تفتح أبوابا إذا قفل‬
‫أو شئت تحزم من شيء يسلطه ‪ ...‬فالحزم يلقيك في مقدروه عجل‬
‫كم من سقيم شفاه ال من دنف ‪ ...‬وكم طبيب لمن داواه قد قتل‬
‫هذا أراد له الرحمن عافية ‪ ...‬وذا أراد له التلف فاتصأل‬
‫فسلم المر واستسلم لحكمته ‪ ...‬وارض القضاء وكن بالخير مشتغل‬
‫واتبع من المر أوله وأسهله ‪ ...‬طوبى لعبد قنوع نال ما سهل‬
‫كن للمعاصأي تروكا معرضا بقلى ‪ ...‬وفي المعالي عليا عاليا بطل‬

‫عن المعاصأي نفورا ل يراك بها ‪ ...‬أهل ونسل ول خل ومرتحل‬


‫ثق بالله وشكر ال فيه رضا ‪ ...‬فاعكف عليه وخل النوم والكسل‬
‫صأل الفروض وكن بالعم مجتهدا ‪ ...‬وأفضل الناس من بالعلم قد عمل‬
‫أد الزكاة وصأم واقر وصأل رحما ‪ ...‬إن الوصأول بحبل ال قد وصأل‬
‫واستعمل الحلم إن الحلم مكرمة ‪ ...‬واترك مشاجرة القوام والجدل‬
‫ل تقطعن أخا ود لهفوته ‪ ...‬جامل أخاك وعد بالحلم إن جهل‬
‫واحذر من الناس فالخوان قد فسدوا ‪ ...‬كم من خدين بطبع السوء قد جبل‬
‫فاحذر عداوة من يرعاك وقت رضا ‪ ...‬يحصأى عيوبك أعدادا لوقت قل‬
‫ومن أذاقك مرا أو أتى بأذى ‪ ...‬فاحذر تكافيه بل أسقه عسل‬

‫واجرع له المر واصأبر يا بني ترى ‪ ...‬عقباك عزا وعقبى المفسد الفشل‬
‫واجعل بصأدرك للسرار منزلة ‪ ...‬واجعل لمن رامها من دونها شغل‬
‫ول تنلها أخا تندم وسوف ترى ‪ ...‬ممن تحب وإن صأافيته دخل‬
‫هذاك نصأحي وتذكيري وموعظتي ‪ ...‬فافهم مرادي وناد ال مبتهل‬
‫أن يكفي الكل منا ما نخاف وأن ‪ ...‬يهدي ويصألح منا القول والعمل‬
‫ويجمع الشمل في جناته كرما ‪ ...‬بالكل منا ومن أحبابنا كمل‬
‫بعد الصألة على المختار من مضر ‪ ...‬محمد المصأطفى خير النام مل‬
‫والقصأيدة الثانية في ذكر الكبر وتغير الصأور والمصأير في الحفر وهي هذه‬

‫رأيت وجهي في المرآة قد سهما ‪ ...‬وحال حالي وحسن الوجه قد عدما‬


‫تقيض الجلد منه بعد نضرته ‪ ...‬وغارت العين حتى ظن ذاك عمى‬
‫وقيل لونك قد حال الزمان به ‪ ...‬ولح شيبك مبيضا وما اكتتما‬
‫وصأرت تسعى على المنساة ثالثة ‪ ...‬ما ذاك إل لشيء أضعف القدما‬
‫فقلت هذا نذير جاء يعلمني ‪ ...‬أن الرحيل دنا والموت قد هجما‬
‫قد مات صأحبي وأترابي الذين هم ‪ ...‬أنس لنا ومضى الخيار والعلما‬
‫هل يستريح فتى قد مات مؤنسه ‪ ...‬والموت يطلبه والذنب قد رقما‬
‫بكاتبين شهود من ملئكة ‪ ...‬يحصأون من فعله ما دق أو عظما‬
‫والقبر موعده والترب مضجعه ‪ ...‬والدود يأكل لحما منه قد نعما‬

‫من ذاك موئله حقا ومرجعه ‪ ...‬ماذا عليه إذا ما اسود أو سقما‬
‫ما ينفع الحسن والتغيير يلحقه ‪ ...‬وكل عظم يرى في قبره رمما‬
‫ولو ترى أحسن القوام منجدل ‪ ...‬في القبر بعد ثلث عاليا ورما‬
‫نفرت عنه ول تسطيع تنظره ‪ ...‬أين النعيم وأين الحسن قد هدما‬
‫سال الصأديد على الكفان فاندرست ‪ ...‬والبطن شق ودود القبر فيه نما‬
‫ولو ترى المقلة الحسنا وقد نزلت ‪ ...‬في الخد سائلة أدبرت منهزما‬
‫ل تستطيع مقاما من فجيعته ‪ ...‬وإن يكن أقرب الحباب أو رحما‬
‫فحالنا كلنا حقا كحالته ‪ ...‬حق البكاء لنا والحزن وانحتما‬
‫من ذاك يسلم من هذا المصأير فل ‪ ...‬وال ما أحد من ذلكم سلما‬

‫من كان يعلم أن ال سائله ‪ ...‬عما جناه ولم يحدث له ندما‬


‫فسوف يأتيه هول ل يطيق له ‪ ...‬والحسن ل ينفع العاصأي إذا قدما‬
‫ل الحسن يبقى ول ينجي سوى عمل ‪ ...‬بالصأالحات وتقوى أعظم العظما‬
‫من يتق ال يظفر بالنجاة غدا ‪ ...‬وفي الحياة ينال العز والكرما‬
‫أستغفر ال رب العرش خالقنا ‪ ...‬مما جنيت ومما يورث الندما‬
‫يا رب يا رب يا ذا العفو يا أحد ‪ ...‬يا مالك الملك بل يا أكرم الكرما‬
‫يا بر يا حي يا قيوم يا صأمد ‪ ...‬أنت الكريم ومن يرجوك ما ندما‬
‫أدعوك يا رب تنجينا وترحمنا ‪ ...‬فأنت أكرم من يرجى ومن رحما‬
‫فكفر الذنب لي واستر على زللي ‪ ...‬يا غافر الذنب بل يا أرحم الرحما‬

‫ل تأخذني بزلتي وإن عظمت ‪ ...‬أنت اللطيف المعافي أحلم الحلما‬


‫ما لي سواك ول لي ناصأر أبدا ‪ ...‬إلك فانصأر وجمل واصأرف النقما‬
‫عنا ويسر لنا الخيرات ثم أجر ‪ ...‬مما نخاف وأسبغ فوقنا النعما‬
‫وارحم عبيدك والباء ومن ولدوا ‪ ...‬وكف عنا الذى والشر والنقما‬
‫أسبل علينا ستورا منك مانعة ‪ ...‬شر النام ومن عادى ومن ظلما‬
‫واختم لنا العمر في توب ومغفرة ‪ ...‬واجعل لنا منك في الدنيا غنى وحمى‬
‫شفيعنا أحمد المختار من مضر ‪ ...‬خير النام وأوفاهم لهم ذمما‬
‫منا عليه صألة ثم يتبعها ‪ ...‬منا السلم سلما ليس منصأرما‬
‫صألى عليه إله العرش ما طلعت ‪ ...‬شمس النهار ولح البرق وابتسما‬

You might also like