Professional Documents
Culture Documents
Politique Monetaire Inflation Cointegration Ciblage Algerie - Mag
Politique Monetaire Inflation Cointegration Ciblage Algerie - Mag
بعنوان
إهلي ال يطيب الليل إال بشكرك واليطيب النهار إىل بطاعتك ..والتطيب اللحظات إال بذكرك ..وال تطيب
اآلخرة إال بعفوك ..وال تطيب اجلنة إال برؤيتك
اهلل جل جالله.
إىل من بلغ الرسالة وأدى األمانة ..ونصح األمة ..إىل نيب الرمحة ونور العاملني
سيدنا حممد صلى اهلل عليه وسلم.
البد لنا وحنن خنطو خطواتنا األخرية يف احلياة اجلامعية من وقفة نعود إىل أعوام قضيناها يف رحاب
اجلامعة مع أساتذتنا الكرام الذين قدموا لنا الكثري باذلني بذلك جهودا كبرية يف بناء جيل الغد لتبعث األمة من
جديد وقبل أن منضي ،نقدم أمسى آيات الشكر واالمتنان والتقدير واحملبة إىل الذين محلوا أقدس رسالة يف احلياة
إىل الذين مهدوا لنا طريق العلم واملعرفة إىل مجيع أساتذتنا األفاضل وأخص بالتقدير والشكر الدكتورة "بارودي
نعيمة" اليت تفضلت بإشراف على هذا البحث ،فجزاها اهلل عين كل خري ،وهلا مين كل التقدير و االحرتام.
إىل من زرعوا التفاؤل يف دربنا ،و قدموا لنا التسهيالت و األفكار و املعلومات ،رمبا دون أن يشعروا
بذلك ،فلهم منا كل الشكر ،و أخص بالذكر عمال مكتبة االقتصاد.
إهداء
إىل من نذرت عمرها يف أداء رسالة صنعتها من أوراق الصرب ،وطرزهتا يف ظالم الدهر على سراج
األمل بال فتور أو كلل ،رسالة تعلم العطاء كيف يكون العطاء ،وتعلم الوفاء كيف يكون الوفاء ،إىل الغالية اليت ال
نرى األمل إال من عينيها ،أمي احلبيبة أهديك هذه الرسالة جزاك اهلل خرياً ..وأمد يف عمرك بالصاحلات فأنت
زهرة احلياة ونورها .
إىل اليد الطاهر اليت أزالت من أمامنا أشواك الطريق ،ورمست املستقبل خبطوط من األمل و الثقة ،إىل
الذي ال تفيه الكلمات و الشكر و العرفان ،إىل مثلي األعلى وقدويت يف احلياة ،أيب احلبيب أطال اهلل عمره،
وألبسه ثوب الصحة والعافية ،ومتعين بربه ورد مجيله.
بكل حب ..إىل رفيق دريب ،إىل من سار معي حنو احللم خطوة خبطوة بذرناه معا وحصدناه معا
وسنبقى معاً بإذن اهلل ،إىل من أخذ بيدي ،ورسم أمل كل خطوة مشيتها ،إىل من هو أقرب إيل من روحي ،زوجي
احلبيب ،جزاك اهلل خريا.
إىل القلوب الرقيقة الطاهرة ،والنفوس الربيئة ،إىل أخويت رياحني حيايت.
إىل حكميت و علمي ،إىل أديب وحلمي ،إىل طريقي املستقيم ،إىل طريقي يف اهلداية ،بابا عبد الرمحن
و ماما خليدة.
إىل من تذوقت معهم أمجل اللحظات ،إىل من جعلهم اهلل أخويت باهلل ،ومن أحببتهم باهلل ،أخويت
شكيب ،شكري ،نسيمة ،نوال ،أمينة وأمال.
إىل كل أفراد عائليت ،و إىل كل شخص يقرأ هذه الرسالة.
حمتويات فهرس الدراسة
كلمة شكر و عرفان
إهداء
فهرس اجلداول و األشكال
املقدمة العامة10......................................................................................
الفصل األول :اإلطار النظري للسياسة النقدية
متهيد01............................................................................................
املبحث األول :مفاهيم عامة حول السياسة النقدية00....................................................
املطلب األول :تعريف السياسة النقدية00...............................................................
املطلب الثاين :أنواع السياسة النقدية01..................................................................
الفرع األول :سياسة نقدية توسعية01...................................................................
الفرع الثاين :سياسة نقدية انكماشية01.................................................................
املطلب الثالث :أدوات السياسة النقدية01.............................................................
الفرع األول :األدوات الكمية (األدوات غري املباشرة)01................................................
الفرع الثاين :األدوات النوعية (األدوات املباشرة)01....................................................
املطلب الرابع :السياسة النقدية وعالج التضخم واالنكماش11.........................................
الفرع األول :السياسة النقدية وعالج التضخم11......................................................
الفرع الثاين :السياسة النقدية وعالج االنكماش10.....................................................
املطلب اخلامس :أهداف السياسة النقدية10.............................................................
الفرع األول :األهداف األولية10......................................................................
الفرع الثاين :األهداف الوسيطية11....................................................................
الفرع الثالث :األهداف النهائية17.....................................................................
املطلب السادس :آلية عمل السياسة النقدية12...........................................................
املبحث الثاين :السياسة النقدية يف الفكر االقتصادي10...................................................
املطلب األول :املدرسة الكالسيكية10..................................................................
أ
الفرع األول :نظرية كمية النقود11......................................................................
الفرع الثاين :نظرية الدخل ومعادلة كامربيدج (صيغة األرصدة النقدية)11...................................
املطلب الثاين :املدرسة الكينيزية13......................................................................
الفرع األول :دافع املبادالت13........................................................................
الفرع الثاين :دافع االحتياط17.........................................................................
الفرع الثالث :دافع املضاربة11..........................................................................
املطلب الثالث :املدرسة النقدية31......................................................................
املطلب الرابع :اجلدل النقدوي الكينيزي33...............................................................
الفرع األول :تأثري األفكار الكينيزية33...................................................................
الفرع الثاين :إدارة توجيه األفكار :من إدارة الطلب إىل إدارة 33............................................
املبحث الثالث :فعالية السياسة النقدية وقنوات انتقاهلا31.................................................
املطلب األول :فعالية السياسة النقدية ،شروطها وعوائقها يف الدول النامية31................................
الفرع األول :شروط جناعة السياسة النقدية31............................................................
الفرع الثاين :فعالية السياسة النقدية يف الدول الرأمسالية33..................................................
الفرع الثالث :عوائق فعالية السياسة النقدية يف الدول النامية33.............................................
املطلب الثاين :قنوات انتقال السياسة النقدية37..........................................................
الفرع األول :قناة سعر الفائدة31.......................................................................
الفرع الثاين :قناة سعر األصول31......................................................................
الفرع الثالث :قناة سعر الصرف32.....................................................................
الفرع الرابع :قناة القروض32...........................................................................
خامتة 30............................................................................................
الفصل الثاني :ظاهرة التضخم وسياسات استهدافها
متهيد31............................................................................................
املبحث األول :مفاهيم عامة عن التضخم33............................................................
املطلب األول :تعريف التضخم33.....................................................................
املطلب الثاين :أنواع التضخم33.......................................................................
ب
الفرع األول :حتكم الدولة يف جهاز االئتمان33..........................................................
الفرع الثاين:تعدد القطاعات االقتصادية33..............................................................
الفرع الثالث :مدى حدة الضغط التضخمي33..........................................................
الفرع الرابع :الظواهر اجلغرافية والطبيعية37...............................................................
الفرع اخلامس :اختالف النظم االقتصادية واالجتماعية37.................................................
الفرع السادس :الضغط التضخمي31...................................................................
املطلب الثالث :أسباب التضخم والكساد32............................................................
الفرع األول :العوامل الدافعة بالطلب الكلي إىل االرتفاع32................................................
الفرع الثاين :العوامل الدافعة بالعرض الكلي حنو االخنفاض30..............................................
املبحث الثاين :آثار التضخم وكيفية معاجلته31...........................................................
املطلب األول :آثار التضخم31........................................................................
الفرع األول :اآلثار االقتصادية للتضخم31...............................................................
الفرع الثاين :اآلثار السياسية واالجتماعية للتضخم33.....................................................
املطلب الثاين :السياسات املعاجلة للتضخم33............................................................
الفرع األول :السياسة النقدية يف ضبط التضخم33.......................................................
الفرع الثاين :السياسة املالية يف ضبط التضخم37.........................................................
الفرع الثالث :الرقابة املباشرة وإجراءات أخرى31.........................................................
املبحث الثالث :النظريات املفسرة للتضخم71............................................................
املطلب األول :النظرية النقدية التقليدية لتفسري التضخم71................................................
املطلب الثاين :النظرية الكينيزية لتفسري التضخم71........................................................
املطلب الثالث :النظرية املعاصرة لتفسري التضخم73.......................................................
املطلب الرابع :منحىن فيليبس بني التحليلني الكينيزي والنقدي73...........................................
الفرع األول :التحليل الكينيزي73.......................................................................
الفرع الثاين :التحليل النقدي77........................................................................
املطلب اخلامس :النظريات األخرى املفسرة للتضخم71...................................................
الفرع األول :نظرية حتويل الطلب71....................................................................
ت
الفرع الثاين :النظرية اهليكلية72.......................................................................
املبحث الرابع :طرق ومعايري قياس التضخم11.........................................................
املطلب األول :معايري قياس التضخم11................................................................
الفرع األول :معدل حساب السعر العام11..............................................................
الفرع الثاين :القياس من املنبع11........................................................................
الفرع الثالث :القياس من خالل السلوك العام للمجتمع10................................................
املطلب الثاين :قياس القوى التضخمية10................................................................
الفرع األول :معيار االستقرار النقدي أو الضغط التضخمي11.............................................
الفرع الثاين :معيار فائض الطلب11.....................................................................
الفرع الثالث :معيار اإلفراط النقدي11.................................................................
املطلب الثالث :مصادر التضخم13.....................................................................
الفرع األول :تضخم دفع التكاليف13...................................................................
الفرع الثاين :تضخم جذب الطلب13...................................................................
الفرع الثالث :صدمات العرض والتغذية النقدية17........................................................
املطلب الرابع :السياسات العالجية للتضخم12..........................................................
الفرع األول :السياسات العالجية للتضخم الناشئ من جانب الطلب12....................................
الفرع الثاين :السياسات العالجية للتضخم الناشئ من جانب العرض21....................................
الفرع الثالث :السياسات العالجية للتضخم الناشئ عن التغذية النقدية20..................................
املبحث اخلامس :سياسة استهداف التضخم23..........................................................
املطلب األول :تعريف سياسة استهداف التضخم23......................................................
املطلب الثاين :ظروف نشأة وتطور سياسة استهداف التضخم23..........................................
الفرع األول :ظروف نشأة سياسة استهداف التضخم 23..................................................
الفرع الثاين :تطور سياسة استهداف التضخم23.........................................................
املطلب الثالث :الشروط العامة والشروط األولية الستهداف التضخم21.....................................
الفرع األول :الشروط العامة الستهداف التضخم22......................................................
الفرع الثاين :الشروط األولية الستهداف التضخم011....................................................
ث
خالصة011...........................................................................................
الفصل الثالث :فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
متهيد013............................................................................................
املبحث األول :تطور اجلهاز املصريف اجلزائري013..........................................................
املطلب األول :نشأة وتطور اجلهاز املصريف اجلزائري013....................................................
الفرع األول :نشأة البنك املركزي اجلزائري013.............................................................
الفرع الثاين :البنوك التجارية013.........................................................................
املطلب الثاين :مراحل تطور اجلهاز املصريف011............................................................
الفرع األول :اصالحات السبعينات011..................................................................
الفرع الثاين :اصالحات الثمانينات001...................................................................
املطلب الثالث :هيكل النظام النقدي على ضوء قانون النقد
والقرض001.......................................
الفرع األول :بنك اجلزائر003............................................................................
الفرع الثاين :البنوك واملؤسسات املالية003................................................................
املبحث الثاين :دراسة مسار السياسة النقدية يف اجلزائر وتقييم فعاليتها003...................................
املطلب األول :تطور مسار السياسة النقدية يف اجلزائر001..................................................
الفرع األول :معامل السياسة النقدية 001.................................................0223-0221
الفرع الثاين :توجهات السياسة النقدية خالل الفرتة 001..................................1113-0223
املطلب الثاين :تقييم فعالية السياسة النقدية011...........................................................
الفرع األول :األهداف النهائية للسياسة النقدية يف اجلزائر011...............................................
الفرع الثاين :أهداف السياسة النقدية يف اجلزائر011........................................................
املبحث الثالث :سياسة استهداف التضخم يف اجلزائر017..................................................
املطلب األول :متطلبات تطبيق سياسة استهداف التضخم يف اجلزائر017....................................
املطلب الثاين :االنتقادات املوجهة لسياسة استهداف التضخم012..........................................
املبحث الرابع :دراسة قياسية يف اجلزائر خالل الفرتة 011...................................1113-0221
املطلب األول :استقرار السالسل الزمنية 011.............................................................
ج
الفرع األول :منوذج الدراسة011.........................................................................
الفرع الثاين :اختبارات النموذج011.....................................................................
املطلب الثاين :أشعة االحندار الذايت واختبار التكامل املشرتك011...........................................
الفرع األول :اختبار التكامل املتزامن011.................................................................
الفرع الثاين :اختبار العالقة يف املدى القصري013..........................................................
املطلب الثالث :النتائج العامة لسياسة استهداف التضخم013..............................................
الفرع األول :صعوبات التطبيق الفعال لسياسة استهداف التضخم يف املستقبل013............................
الفرع الثاين :معوقات استهداف التضخم يف اجلزائر017....................................................
خالصة 012..........................................................................................
اخلامتة العامة031......................................................................................
قائمة املراجع
امللخص
ح
فهرس األشكال و اجلداول
-1فهرس األشكال
14 تأثري سياسة إعادة اخلصم على تأثري االئتمان املصريف ()1-1
71 منحىن كمية النقود املعروضة بداللة املستوى العام لألسعار ()1-9
73 منحىن كمية النقود املعروضة بداللة املستوى العام لألسعار ()9-9
-9فهرس اجلداول
متثل السياسة النقدية مكان الصدارة يف هيكل السياسات االقتصادية الكلية منذ أمد بعيد ،فقد
ع ّدها االقتصاديون الكالسيك احملور الرئيس يف السياسة االقتصادية الكلية ،وبذلك كانت األداة الرئيسة اليت
متكـن الدولة من إدارة النشاط االقتصادي ،ونتيجة لذلك جند أن السياسة النقدية لعبت دوراً بارزاً يف حتقيق
النهضة االقتصادية يف كثري من الدول املتقدمة ،وهذا ما جعلها تتصدر السياسات االقتصادية الكلية لعدة
عقود ،حىت ظهور النظرية الكينيزية يف االقتصاد عقب انفجار األزمة االقتصادية الكربى يف الثالثينيات من القرن
املاضي ،واليت هيأت الظروف إلزاحة فكر املدرسة الكالسيكية عن صدارة الفكر االقتصادي يف املستويني
األكادميي والتطبيقي لتحتل مكان الصدارة النظرية االقتصادية الكينيزية ،واليت تؤمن أن السياسة املالية تُعد أكثر
فاعلية إلدارة االقتصاد من السياسة النقدية ،وبذلك تراجع االهتمام بالسياسة النقدية يف عقدي الثالثينيات
واألربعينيات وحىت مطلع اخلمسينيات من القرن العشرين ،حني برز تفاقم العديد من املشاكل والصعوبات
النامجة عن تزايد تدخل الدولة يف احلياة االقتصادية.
يف ظل تعاظم دور القطاع اخلاص يف احلياة االقتصادية والتطور العلمي يف أساليب اإلنتاج ،إىل
جانب إمهال دور السياسة النقدية يف تنظيم وإدارة االقتصاد ،فأسهم كل ذلك يف هتيئـة الظروف لتوجيه النقد
للسياسات االقتصادية املنبثقـة من النظرية االقتصادية الكينيزية ،والدعوة للتحول إىل فكر املدرسة النقدية
احلديثة ،واليت تزعمها االقتصادي األمريكي (ميلتون فريدمان ) .وبذلك أخذت السياسة النقدية ومنذ منتصف
السبعينيات من القرن العشرين -مرة أخرى -مكان الصدارة بني السياسات االقتصادية الكلية.
ومنذ ذلك التاريخ وحىت يومنا هذا ما تزال السياسة النقدية متثل حمور السياسة االقتصادية الكلية،
مع ظهور وجهة النظر املطالبة بضرورة املزج بني السياستني النقدية واملالية ،حىت يتسىن احلد من اآلثار االقتصادية
السالبة النامجة عن املبالغة يف تطبيق السياسة النقدية ،وحتقيق قدر أكرب من الفاعلية يف التأثري على وضع واجتاه
النشاط االقتصادي ،بل أن استناد البنك والصندوق الدوليني بدرجة أكرب على السياسة النقدية عند تصميمهما
برامج اإلصالح االقتصادي واملايل والنقـدي (برامج التثبيت والتكيف اهليكلي) يف معظم الدول النامية قد جعل
منها حمور السياسة االقتصادية الكلية ،وباألخص يف معاجلة مشكليت عدم االستقرار االقتصادي والتضخم.
وعليه قد احتلت السياسة النقدية مكانة هامة بني السياسات االقتصادية الكلية يف نظام
االقتصاد احلر ،وهو ما تسعى إليه خمتلف دول العامل وباألخص دول الكتلة الشرقية سابقاً والدول النامية.
وكون العديد من الدول النامية ما تزال حديثة العهد بعملية إدارة االقتصاد باالعتماد -بدرجة كبرية -على
السياسة النقدية فإن احلاجة تستدعي إيالء موضوع دراسة السياسة النقدية وفهمها أمهية كبرية ،وإخضاع
تنفيذها للتقومي والتمحيص املستمر ،حىت يتسىن للمختصني تطويعها وتكييفها مع الظروف االقتصادية
واالجتماعية السائدة فيها.
إن فعالية السياسة النقدية تبىن بصفة خاصة على مدى قدرة اجلهاز املصريف على تعبئة أكرب
معدل من املدخرات والودائع حبيث يصبح حجم النقود خارج الدورة املصرفية منخفضا إىل أدىن حد ممكن
1
المقدمة العامة
لتحقق بذلك النقود قيمة تنافسية باإلضافة إىل خلق مصداقية اجتاه السلطة النقدية ،إال أن هذا يكتنفه جمموعة
من التحديات والعوائق من بينها:
-شدة حساسية االقتصاد وسياسته النقدية للتغريات اليت حتدث على مستوى السوق خاصة النفطي ،وكذا
االضطرابات اليت قد تعرفها عملة التسديد النفطية.
-ضعف الوساطة املالية املتعلقة بالقروض الطويلة األجل ،واملتمثلة أساسا يف السوق املايل ذا النشأة احلديثة.
-ضعف التعامل مع البنوك مما يفسر قلة الثقة يف القطاع البنكي.
-ضعف التعامل بالنقد االلكرتوين ،وهذا قد يعمل على ارتفاع التعامل بالورق النقدي مما سيكون له تأثري على
عدم سيطرة اجلهاز املصريف على الكتلة النقدية.
يلعب البنك املركزي دوراً مهماً يف متثيل الدولة وبسط سيادهتا على أنشطة احلياة اليومية (املالية-
االقتصادية -االستثمارية -التجارية -االجتماعية) سواء للفرد أو اجملتمع ككل فالبنك املركزي يعكس دور
احلكومة يف النشاط املايل واالقتصادي وذلك من خالل التحكم باجتاهات التعامل النقدي يف السوق وضبط
السياسة النقدية وتوجيه املوارد وجماالت اإلنتاج حنو االستخدام األمثل والفعال وفق اإلمكانات املتاحة للدول،
إصدار األوراق النقدية ،،احملافظة على مستويات الدخول واألسعار ،ومراقبة أسعار الصرف ،واختاذ التدابري
الالزمة الستقرار احلياة االقتصادية واملالية عموما مستعينا باألساليب والوسائل اليت متكنه من األداء الكفء
والفعال هلذه املهام .باإلضافة إىل أنه يزاول جمموعة من الوظائف األخرى (مباشرة – غري مباشرة) من أمهها
متطلبات احلد األدىن لالحتياطي ،وتطبيق آلية سعر اخلصم ،ودور املقرض األخري ،وعمليات السوق املفتوحة.
وبالرغم من أمهية األدوار الوظيفية اليت ينهض هبا املصرف املركزي عموما من خالل حتمله ألعباء املسؤولية
القانونية باعتباره بنك الدولة وبنك البنوك فمن خالل املهام والوظائف اليت يطلع هبا قانونا تتضح مدى قوة
النظام النقدي واملصريف الكلي ومن مث املايل واالقتصادي للبلد املعين فضال عن كونه املرجع املسئول عن مراقبة
تنفيذ السياسة ال نقدية للدولة وكذلك سياستها املصرفية من خالل أدواته ووسائله اليت قد ختتلف من نظام
اقتصادي آلخر حسب مدى قوة هذا الدور وحد تدخل الدولة يف النشاط املايل واالقتصادي.
و نظرا ألمهية السياسة النقدية و الدور الفعال الذي تلعبه يف عملية التنمية ،هذا ما جعلها تتطور
ومتر بعدة مراحل و عقبات حىت أصبحت على وضعها احلايل ،ويهمنا هنا التعرف على املراحل اليت مرت هبا
السياسة النقدية من خالل املدارس الفكرية املختلفة اليت اهتمت بالسياسة النقدية.
أصبح احلديث عن السياسة النقدية يف اجلزائر ممكنا مع صدور قانون النقد و القرض (،)09-09
املعدل و املتمم لألمر ( )00-90واللذين ظهر فيهما اعتماد السياسة النقدية كأسلوب لتنظيم عرض وتداول
النقود ،والذي كرس مبدأ االهتمام و التوسع يف استخدام السياسة النقدية و حتديد أدواهتا واإلشراف عليها و
تقييمها ومنح استقاللية للبنك املركزي يف إدارهتا ،وهو األمر الذي استدعى ضرورة إدراج ضبط العرض النقدي
2
المقدمة العامة
يف سلم أولويات السياسة النقدية .ويف ظل اإلصالحات االقتصادية واملالية اليت شاهدهتا اجلزائر خاصة مع
مرحلة االنتقال من اقتصاد موجه إىل اقتصاد السوق ،عرفت ارتفاع معدالت التضخم إىل أعلى املستويات مع
بداية التسعينات ،خاصة بعد التحرير اجلزئي لألسعار سنة 0090و الذي تواصل حىت تطبيق قانون .09-09ويف
سنة 0999عرفت تراجعا قياسيا يف معدالت التضخم كنتيجة هلذه اإلصالحات وبعدها أصبح معدل التضخم
يف حالة تذبذب وذلك حسب احلالة االقتصادية القائمة ،واإلصالحات السائدة.
ينبغي أن تستجيب تدرجييا لتلك الصدمات ،هذا يصبح مهما خصوصا عندما يتم ضبط االقتصاد ملواجهة
الصدمات االقتصادية ببطء أو بشكل تدرجيي.
-0دراسة 0990ل Anders Verdin and Anders Warne، Per Jansson،Tor Jacobsonبعنوان:
"Monetary Policy analysis and inflation Targeting in Small open Economy: A VAR
"Approach
حيث قاموا بدراسة جتريبية حول السياسة النقدية و استخدام التضخم يف السويد من خالل منوذج
VARملا له من خصائص جيدة يف التنبؤ عندما يتعلق األمر بالتضخم (مقارنة مع غريه من النماذج التطبيقية
األكثر شيوعا) ،عالوة على ذلك يسمح بالقيام بالعالقات الديناميكية املعقدة اليت تبدو مهمة جتريبيا ،كما
يسمح باختبار القيود على املدى الطويل ومعرفة العالقة بينها خصوصا تلك اليت اقرتحتها النظرية االقتصادية،
بالتايل ميكن للنموذج أن يكون مبثابة أداة إحصائية ،و يف الوقت نفسه يقدم التفسري االقتصادي ،وأعطيت
جمموعة البيانات الفصلية املمتدة من 0090إىل .0001
وقد أظهرت التحليالت التجريبية هلذه الدراسة بأن التضخم يرتبط بشكل كبري مع وجود فجوة
الناتج اليت ميكن حساهبا باستخدام هذا النموذج ،كما ميكن حتديد سعر صرف التوازن احلقيقي الذي ميكن أن
يساعد يف التنبؤ بالتغريات املستقبلية يف سعر الصرف االمسي ،كما تساعد التقلبات اليت حتدث يف سعر الصرف
االمسي على التنبؤ مبعدل التضخم يف املستقبل ،كما أشار إىل تركيبات خطية من أسعار الصرف ومعدالت
الفائدة ليست جيدة عند إشراكها مع بعضها ،كما توصلوا إىل عدة نتائج أخرى حيث أن حصة كبرية من عدم
اليقني يف التنبؤ بالتضخم السويدي ينبع من الصدمات اخلارجية.
-4دراسة 0990لـ Ander Minellaبعنوان:
”“Monetary Policy and Inflation in Brazil (1975-2009( : A VAR estimation
الذي حاول البحث يف العالقة بني السياسة النقدية والعناصر األساسية لالقتصاد الكلي و اليت تنطوي
على العالقة بني كل من اإلنتاج ،معدل التضخم ،معدل الفائدة والنقود يف الربازيل باستخدام منوذج االحندار
الذايت للتقدير VARيف الفرتة املمتدة من 0095إلى .0999
ومن خالل هذه الدراسة متت مقارنة ثالثة فرتات خمتلفة لتغريات التضخم تتمثل يف زيادة معتدلة
للتضخم من خالل الفرتة املمتدة من 0095إىل ،0095ارتفاع معدالت التضخم من 0095إىل ،0004
واخنفاض معدالت التضخم من 0004إىل ،0999وكانت النتائج الرئيسية املتحصل عليها من خالل الدراسة
كمايلي:
-صدمات السياسة النقدية هلا آثار كبرية على اإلنتاج.
-ال حتفز على اخنفاض معدل التضخم خالل أول فرتتني ،ولكن هناك مؤشرات أخرى دلت على أهنا قد
اكتسبت قدرة للتأثري على األسعار بعد أن تبىن خطة حقيقية لالستهداف.
4
المقدمة العامة
-السياسة النقدية ال تستجيب عادة بسرعة أو بفعالية ملعدل التضخم والناتج يف الفرتة األخرية وهو ما وضحته
درجة استجابة معدل الفائدة لألزمات املالية ،و يرافق صدمات أسعار الفائدة اإلجيابية تراجع نقدي خالل
الفرتات الثالثة ،مع وجود استمرار للتضخم بدرجة أقل يف الفرتة الثالثة خصوصا بعد اعتماد استهداف التضخم
يف سنة .0000
-5دراسة 0990لـ ،Eser Tutarبعنوان:
” “Inflation Targeting in Developing Countries and Its Applicability to the Turkish Economy
حيث تناول من خالهلا تطبيق استهداف التضخم يف االقتصاد الرتكي و ذلك خالل الفرتة
( ،)0990-0099باستخدام أربع مناذج VARخمتلفة ،بداية قام باستخدام منوذج يضم متغريين مها :العرض
النقدي واألسعار ،وبعد ذلك أضاف أدوات السياسة النقدية األخرى مثل أسعار الفائدة وأسعار الصرف االمسية
من أجل تقييم مسامهتها يف نظام VARبالنسبة لرتكيا ،ويف األخري أضاف سلسلة الناتج احمللي اإلمجايل
احلقيقي ملعرفة آثارها على مستوى األسعار ،حيث تضم هذه السلسلة مناذج مومسية ،وقد خلصت هذه الدراسة
إىل ضرورة توافر شرطني يف تركيا الستهداف التضخم ومها:
-استقاللية البنك املركزي ،إذا قامت تركيا بإدخال تعديالت على قانون البنك املركزي وحل مشاكله مع اخلزينة
العامة إلعطائه احلرية من اهليمنة املالية.
-اهلدف الوحيد يف تركيا ،هو استقرار األسعار ومت إعطاء هذا اهلدف األولوية باإلضافة إىل مرونة سعر
الصرف.
وبعد الدراسة القياسية حول العالقة بني أدوات السياسة النقدية ،كانت النتائج املتحصل عليها
تكمن يف أن هناك عالقة مباشرة بني أدوات السياسة النقدية و لكنها ضعيفة ،ويف نفس الوقت استنتج أن
التضخم ليس مستقرا وال ميكن التنبؤ به .وبعبارة أخرى فإن أدوات السياسة النقدية من املعروض النقدي ،أسعار
الفائدة وأسعار الصرف ال حتتوي على أي معلومات ميكن التنبؤ هبا بشأن التضخم ،كما أهنا ال تظهر وجود
صلة مستقرة متكن من ذلك ،باإلضافة إىل أن التوقعات التضخمية من بني األسباب الرئيسية الرتفاع معدالت
التضخم يف تركيا ،لذا يتعني على السلطات النقدية السعي للتقليل من تأثري توقعات التضخم النتهاج سياسات
أكثر شفافية وهذا من خالل إعالم اجلمهور حول التغريات يف السياسة النقدية مع توضيح أسباب هذه التغريات
وكذا اهلدف من السياسة اجلديدة (أي سياسة استهداف التضخم).
-1دراسة 0990لـ Anietie Vincent Esseinبعنوان:
”“An econometric Analisis of Monetary Policy and Inflation: the Nigerian Case, 1970-2006
تبحث هذه الدراسة عن فعالية السياسة النقدية يف معاجلة مشكلة التضخم باالقتصاد النيجريي
لفشلها يف حتقيق األهداف االقتصادية الكلية األساسية باإلضافة إىل ما عانت منه البالد يف إطار اإلصالحات
خصوصا ارتفاع معدالت التضخم ،و من أجل القيام بدراسة هذه اإلشكالية مت حتديد منوذج اقتصادي قياسي
5
المقدمة العامة
للطلب على النقود و قد مت تقديره باستخدام طريقة املربعات الصغرى االعتيادية على بيانات سلسلة زمنية للفرتة
املمتدة من 0099إىل 0991لتحديد طبيعة واجتاه العالقة السببية بني الطلب على النقود و حمدداته ،وقد اعتمد
على النقود مبعناها الواسع ،نصيب الفرد احلقيقي من الناتج احمللي اإلمجايل ،معدل الفائدة ومعدل التضخم،
إضافة إىل ذلك فقد مت اعتماد تقنيات ثابتة كاختبار التكامل املشرتك لفحص البيانات من أجل حتديد ما إذا
كانت هناك عالقة بني املتغريات على املدى الطويل .وقد مت تقسيم فرتة العينة إىل فرتتني فرعيتني ،األوىل من
0099إلى ،0000والثانية من 0000إلى 0991وذلك من أجل اختبار استقرار معامل االحندار من خالل اختبار
شو ،وخلصت هذه الدراسة إىل أن االستهداف النقدي باعتباره إسرتاتيجية للسياسة النقدية ليس فعاال يف
السيطرة على التضخم يف نيجرييا ألن هناك عالقة غري متوقعة وغري مستقرة بني اهلدف النهائي ومتغريات وسيطة
حسب ما تبني من خالل اختبار شو .وقد أشار الباحث من خالل ما توصل إليه من نتائج إىل ضرورة
استهداف التضخم كبديل لالستهداف النقدي من اجل السيطرة على التضخم يف نيجرييا وذلك لفشل
األهداف الوسيطية يف معاجلة مشكلة التضخم يف نيجرييا حسب ما تبني من خالل الدراسة القياسية.
-9دراسة 0905لـ دبات أمينة بعنوان" :السياسة النقدية و استهداف التضخم باجلزائر"
حيث تناولت من خالل هذه الدراسة البحث عن العالقة بني منو الناتج الداخلي اخلام ،معدل
إعادة اخلصم يف اجلزائر ،مؤشر أسعار االستهالك باجلزائر ،نطور الكتلة النقدية ،سعر الصرف االمسي وهذا
باستخدام منوذج VARوذلك خالل الفرتة .0900-0099وكانت النتائج أن هناك ضآلة استجابة مؤشر أسعار
االستهالك ألي صدمات مفاجئة يف معدل إعادة اخلصم و سعر الصرف ،كما أن أي تغري مفاجئ يف سعر
الصرف يؤدي إىل تغري سليب يف مؤشر أسعار االستهالك ،أما فيما خيص معدل إعادة اخلصم فهناك عالقة
متبادلة خالل الفرتات األوىل فقط .ويف األخري الكتلة النقدية اليت كان تأثريها واضحا وهو يرتاوح ما بني
االرتفاع واالخنفاض ،أي يف حالة تذبذب.
إشكالية البحث:
ومن هنا وبناءا على ما مت استعراضه ،تكون إشكالية البحث اليت ميكن صياغتها يف التساؤل
التايل:
هل تعتبر السياسة النقدية أداة فعالة الستهداف التضخم في الجزائر؟
ولإلجابة على هذه اإلشكالية البد من تفريعها إىل أسئلة جزئية كما يلي:
-ما هو مفهوم السياسة النقدية ،أدواهتا ،أهدافها وقنوات انتقاهلا؟
-ما هو مفهوم التضخم؟ وما هي سياسات استهدافه؟
-ما هي فعالية السياسة النقدية يف استهداف التضخم يف اجلزائر؟
6
المقدمة العامة
فرضيات البحث:
أهمية الدراسة:
نظرا للتطورات اليت شهدهتا اجلزائر منذ االستقالل وخمتلف اإلصالحات اليت قامت هبا للتحكم يف
معدل التضخم ،تكمن أمهية البحث فيما يلي:
-دراسة و حتليل السياسة النقدية باعتبارها تعمل على حتقيق االستقرار يف األسعار.
-دراسة سياسة استهداف التضخم ملعرفة مدى حتقيقها لالستقرار االقتصادي يف املدى الطويل.
يكمن اهلدف من هذه الدراسة يف إبراز دور السياسة النقدية يف التأثري على الكتلة النقدية و
حتليل فعالية السياسة النقدية املطبقة يف اجلزائر يف مواجهة التضخم ،كم هتدف إىل دراسة ظاهرة استهداف
التضخم باجلزائر والتعرف على أسبابه املنشئة إضافة إىل حماولة البحث عن الشروط الضرورية لتطبيق سياسة
استهداف التضخم يف اجلزائر.
حدود الدراسة:
يقتصر اإلطار املكاين على دراسة السياسة النقدية و استهداف التضخم يف اجلزائر ،أما اإلطار
الزماين فيشمل الفرتة من 0009إلى 0904
محتويات الدراسة:
مت تقسيم هذه الدراسة إىل ثالثة فصول ،حيث كان الفصل األول بعنوان " اإلطار النظري للسياسة
النقدية" ،فقد خصص لدراسة اإلطار النظري والفكري للسياسة النقدية من خالل ثالثة مباحث ،فاألول تناول
مفاهيم عامة حول السياسة النقدية ،أما الثاين فقد تناول موضوع السياسة النقدية يف الفكر االقتصادي ،و
الثالث تضمن جمل مفاهيم البنك املركزي.
7
المقدمة العامة
والفصل الثاين كان بعنوان "ظاهرة التضخم وسياسات استهدافه" ،وقد حاولنا من خالله تقدمي
املفاهيم العامة عن التضخم ،وبعدها تطرقنا إىل آثاره وطرق معاجلته ،مث نظرياته املفسرة ،طرق معايريه وأخريا
سياسات استهدافه.
بعد أن مت التطرق إىل مفهوم السياسة النقدية والتضخم يتبقى حتديد طرق قياسهما ومن مث جاء
الفصل الثالث .الذي كان بعنوان "استهداف التضخم يف اجلزائر خالل الفرتة " ."0904-0009وقد مت من خالل
هذا الفصل التطرق إىل النظام املصريف اجلزائري مع التعرض ملختلف اإلصالحات اليت شهدها ،يليه دراسة مسار
السياسة النقدية يف اجلزائر وتقييم فعاليتها ،وأخريا الدراسة القياسية.
8
اإلطار النظري للسياسة النقدية
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
متهيد:
تعترب السياسة النقدية إحدى الوسائل اهلامة للسياسة االقتصادية اليت تعتمدها الدولة ويتم التخطيط
هلا من قبل البنك املركزي ،و تتخذ السياسة النقدية من املعطيات النقدية موضوعا لتدخلها هبدف حتقيق أغراض
اقتصادية خمتلفة كتحقيق املعدل األمثل للنمو االقتصادي ،والعمل على حتقيق االستقرار النقدي ،وتعبئة املدخرات
واملوارد الالزمة لتمويل الربامج االستثمارية ،والتوزيع العادل للثروة ،ومعاجلة االختالالت واملشكالت االقتصادية،
كما أهنا تنظم كمية النقد املتداولة يف االقتصاد بغرض القضاء على البطالة ،و حتقيق التوازن يف ميزان املدفوعات،
و احملافظة على استقرار املستوى العام لألسعار.
وتنقسم السياسة النقدية إىل سياسة توسعية وأخرى انكماشية ،فاألوىل تسعى إىل الزيادة من كمية
النقود املعروضة لينخفض معدل الفائدة مما يسمح بزيادة اإلقراض ،أي زيادة حجم النقود املتداولة يف السوق ،مما
يعين ارتفاع الطلب على السلع واخلدمات يف السوق .أما الثانية فتهدف إىل كبح النقود املتداولة واحلد من
القروض مما يؤدي إىل ارتفاع معدالت الفائدة فيتقلص حجم القروض اليت متنحها البنوك سواء تلك املوجهة
لالستهالك أو املوجهة لالستثمار.
وتتعدد أدوات السياسة النقدية ما بني كمية و كيفية ،فالكمية تتضمن سعر إعادة اخلصم،
االحتياطي القانوين وعمليات السوق املفتوحة .أما الكيفية فتتمثل يف أسلوب العالنية ،أسلوب اإلقناع األديب،
أسلوب األوامر والتعليمات ،تنظيم القروض االستهالكية ،النسبة الدنيا للسيولة والسقوف التمويلية.
ويعترب الكالسيك السياسة النقدية بأهنا سياسة حمايدة وال تؤثر على مستوى التشغيل ،ويتمثل دورها
يف خلق النقود الالزمة إلجراء املعامالت .أما كينز فريى بأهنا ليست حمايدة ألنه ال تأثري للنقود على املستوى
العام لألسعار ،أما فريدمان فيعتقد بأن للسياسة النقدية أثرا فعاال على خمتلف األنشطة االقتصادية مبينا أن
تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي يلعب دورا فعاال وهذا ما حيقق التوازن.
10
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
1
حماضرة لبعض األفكار بشأن التقارب الدويل ألقيت يف يوم 03أكتوبر 8811مبناسبة انعقاد ندوة التكامل االقتصادي بني دول اجمللس التعاون
اخلليجي يف الرياض اململكة العربية السعودية
2أمحد فريد مصطفى /سهري حممد السيد حسن "السياسات النقدية و البعد الدويل لليورو" مؤسسة شباب ،اجلامعة اإلسكندرية 0222، ،ص .93
3رحيم حسن "النقد و السياسة النقدية يف إطار الفكريني اإلسالمي و الغريب" دار املناهج للنشر و التوزيع ،0383 ،ص .878
4
Gabriel Gland et Alain Grandjean « la monnaie dévoilée, l’harmattan, 1996, p 180
11
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
5رمضان حممد مقلد /أسامة امحد الفيل "النظرية االقتصادية الكلية" دار التعليم اجلامعي للطباعة و النشر و التوزيع ،اإلسكندرية ،0200 ،ص ص
.077-072
6 Gabriel galand et Alain Grandjean op.cit, p 180.
12
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
األول :األدوات الكمية أو العامة واليت تسعى للتأثري على حجم االئتمان وكلفته وبالتايل على الكميات النقدية
اإلمجالية املعروضة يف االقتصاد.
الثاني :األدوات النوعية واليت هتدف التأثري على أنواع معينة من االئتمان بقصد توجيه بعض األنشطة االقتصادية.
الفرع األول :األدوات الكمية (األدوات غري املباشرة)
تتضمن السياسة النقدية جمموعة من األدوات غري املباشرة تتمثل فيما يلي:7
أوال :سياسة سعر إعادة اخلصم أو سياسة سعر املصرف Redisount Rate or Bank Rate
يقصد بسعر إعادة اخلصم –السعر أو الفائدة اليت يتقاضاها املصرف املركزي من املصارف التجارية
عندما تلجأ إىل إعادة خصم األوراق التجارية قصرية األجل اليت حبوزهتا ،أو االقرتاض بضمان األوراق املالية
احلكومية من أجل حصوهلا على موارد نقدية جديدة أو إضافية لتدعيم احتياطاهتا النقدية وبالتايل زيادة مقدرهتا
على منح االئتمان وخلق ودائع جارية جديدة.
ويهدف املصرف املركزي من سياسة إعادة اخلصم التأثري أوال على كلفة حصول املصارف التجارية
على املوارد النقدية اإلضافية اليت يقدمها ،وثانيا على كلفة االئتمان الذي تضعه املصارف حتت تصرف عمالئها
من الوحدات االقتصادية غري املصرفية.
ويعتمد سعر إعادة اخلصم على عرض وطلب السيولة داخل السوق النقدية أي على الظروف
االقتصادية وحاجة االقتصاد للسيولة من ناحية وعلى القدرة على اإليفاء هبذه السيولة من ناحية أخرى ،وتؤثر
سياسة إعادة اخلصم على حجم االئتمان املصريف وبالتايل على عرض النقد وفق اآللية اآلتية:
إذا شعر املصرف املركزي أن عرض النقد يف االقتصاد قد ارتفع إىل مستوى غري مرغوب فيه مما قد
يهدد استقرار مستوى األسعار ،فإنه يسارع إىل إتباع سياسة نقدية انكماشية (واليت تعرف باالخنفاض املتواصل يف
أسعار السلع واخلدمات يف كافة جوانب اقتصاد الدولة وهو أسوء من التضخم املايل من ناحية النتائج اآلثار ،إال
أنه نادر احلدوث) لتقليص الكمية املعروضة من النقد يف السوق حيث يعمل على رفع سعر إعادة اخلصم مما يزيد
من كلفة االقرتاض و بالتايل سيؤدي ذلك إىل تقليل احتياطيات املصارف من السيولة النقدية مما يدفعها لرفع
أسعار الفائدة على القروض وهذا اإلجراء سيؤدي إىل قلة إقبال األفراد على االقرتاض ألن العائد املتوقع من
استثمار األموال املقرتضة سيكون أقل من السابق وهذا من شأنه أن يقلل اإلنفاق النقدي وخيفف من حدة
الضغوط التضخمية وأخريا يقلل عرض النقد.
و ميكن ترتيب ذلك حسب النموذج التايل:
الشكل رقم ( )1-1تأثري سياسة إعادة اخلصم على تأثري االئتمان املصريف
أكرم حداد "النقود و املصارف مدخل حتليلي و نشري" دار وائل للنشر و التوزيع –عمان -الطبعة األوىل 0221ص .032-081 7
13
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
-1وفرة االحتياطات لدى املصارف التجارية و هذا ما يقلل من اعتماد البنوك التجارية على البنك املركزي و
اللجوء إىل إعادة خصم األوراق التجارية.
-2وجود مصادر أخرى للسيولة مما يؤدي إىل تقليل أمهية حاجة البنوك التجارية للقروض اليت يقدمها البنك
املركزي وحيصل ذلك عندما يكون هناك بنوك عاملة يف الدولة فروعا ملصارف أجنبية.
-3التوقعات ففي حالة ارتفاع سعر إعادة اخلصم وكانت توقعات رجال األعمال متفائلة وخاصة بالنسبة للطلب
و ارتفاع األرباح فقد ال يبايل رجال األعمال من ارتفاعه لتوقعهم بتعويض ارتفاع تكلفة االئتمان من األرباح
املتوقعة من اإلنتاج وهذا بدوره سيكون أعلى بكثري من تكلفة االقرتاض من املصرف ،أما يف حالة أن كون
التوقعات متشائمة ويف نفس الوقت كان سعر إعادة اخلصم منخفض فقد ال حيفز ذلك رجال األعمال على
اإلقبال على االئتمان لكي يزيد من اإلنتاج وخاصة يف حالة الركود االقتصادي.
وتتوقف فعالية هذه السياسة على حتقيق عدة شروط أمهها:
* أن تقوم البنوك التجارية بتغيري أسعار فائدهتا مع تغيري سعر إعادة اخلصم يف نفس االجتاه .وهذا الشرط ال
يتحقق يف كل األحوال ،والواقع أن فعالية هذه السياسة تستدعي أال تكون هناك مصادر أخرى للسيولة أو
االئتمان سواء يف السوق النقدية ذاهتا أو يف األسواق اجلانبية ،حيث ال ميكن هلا أن تقلل من القروض إذا كان
للمشروعات املختلفة االحتياطات السائلة املخصصة للتمويل الذايت ،أو وردت لالقتصاد القومي رؤوس أموال
أجنبية بغرض التوظيف ،فإن سعر اخلصم ال يؤثر.
* أن يكون الطلب على القروض حساس للتغيري يف سعر الفائدة مبعىن أنه يزيد إذا اخنفض وينقص إذا ارتفع،
لكن هذه احلساسية ليست كبرية يف مجيع األوقات ،فمجرد رفع سعر اخلصم من طرف البنك املركزي ليس كافيا
جلعل البنوك التجارية متتنع عن تقدمي االئتمان ومع ذلك فإن لسياسة سعر إعادة اخلصم تأثريا نفسيا ،إذ ترى
البنوك التجارية يف تغيريه هتديدا من طرف البنك املركزي باختاذ إجراءات فعالة أخرى إذ مل تفلح هذه السياسة.
ثانيا :نسبة االحتياطي القانوين
هي تلك النسبة أو الرصيد من النقود اليت يلزم البنك املركزي البنوك التجارية االحتفاظ هبا لديه يف
شكل نقود سائلة ،أو ودائع جارية أو آجلة.9
ويكون اهلدف املباشر من االحتفاظ هبذه الودائع لدى املصرف املركزي هو ضمان سالمة أموال
املودعني ،حيث تستخدم هذه األموال إلقراض املصارف اليت تتعرض ألزمات مالية أو لنقص السيولة هبدف بقاء
مراكزها املالية سليمة و بالتايل اطمئنان املودعني على أمواهلم على أن اهلدف اآلخر هلذه الودائع املقتطعة
كاحتياطي قانوين هو التأثري على عرض النقد لدى املصارف التجارية .ففي حالة االنكماش االقتصادي يسعى
8حممد ضيف اهلل القطابري "دور السياسة النقدية يف االستقرار و التنمية االقتصادية (نظرية -حتليلية-قياسية)" دار غيداء للنشر و التوزيع،0383 ،
الطبعة األوىل ،ص .01
15
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
البنك املركزي لتقليل نسبة االحتياطي القانوين حبيث تتوفر لدى املصارف كمية أكرب من الودائع اليت تستخدمها
يف منح االئتمنات وبالتايل التوسع يف عرض النقد للخروج من حالة الكساد االقتصادي .وزيادة عرض النقد
ستقلل بالضرورة من تكلفة األموال على املقرتضني من ناحيتني ،إحدامها بسبب املنافسة اليت ستحدث نتيجة
زيادة أموال املصارف مما يدفع باجتاه تقليل سعر الفائدة جلذب مزيد من املقرتضني ،والثانية اخنفاض تكلفة األموال
على املصارف التجارية ،على أن الستخدام هذه السياسة الكثري من احملاذير ،ففي حاالت التضخم تكون هذه
السياسة فاعلة بشكل أكرب عنها يف حاالت الكساد االقتصادي وذلك الخنفاض الطلب على القروض يف حالة
الكساد.10
وتعترب سياسة االحتياطي القانوين ذات أفضلية على سياسة السوق املفتوحة من حيث الرقابة على
االئتمان لعدة اعتبارات أمهها:11
-1تعترب وسيلة مباشرة وحتقق نتائج فورية مبجرد إصدار التوجيهات من البنك املركزي ،وبذلك فهي تقلل من
الوقت الالزم لظهور أثرها على البنوك التجارية.
-2أهنا ال حتتاج إىل سوق واسعة ومتقدمة للتعامل و لذلك فهي مناسبة لالستخدام يف البلدان النامية.
إال أن هناك بعض املوانع اليت جتعل فعالية هذه السياسة حمدودة وخاصة يف البلدان النامية ومن أبرز
تلك املوانع مايلي:
-1وجود فائض احتياطي لدى بعض البنوك التجارية و بالتايل فإن تغيري نسبة االحتياطي لن يؤثر على النشاط
االئتماين للبنوك التجارية.
-2إذا مل يتغري طلب االئتمان يف نفس االجتاه الذي يريده البنك املركزي فإن ختفيض نسبة االحتياطي قد ال
تكون ذات أثر فعال على االئتمان وخاصة أثناء فرتات الكساد.
-3رغم أن هذه السياسة سريعة وفعالة يف تأثريها على تغيري مقدار االحتياطي النقدي لدى البنوك التجارية إال
أن هذه السياسة ال ميكن استخدامها بشكل متكرر يف تغيري كمية العرض النقدي.
-4إن هذه السياسة هي سياسة انتقائية يف أثرها حيث يقتصر أثرها على البنوك التجارية أما املؤسسات املالية
غري املصرفية فال تأثري هلذه السياسة عليها وبذلك فإن هذه السياسة غري عادلة.
ورغم كل ما سبق فإن هذه السياسة تظل من أفضل األدوات اليت ميتلكها البنك املركزي و خاصة يف ظل
عدم فعالية سياسة السوق املفتوحة بسبب عدم توفر الشروط الالزمة لنجاحها وخاصة يف البلدان النامية ،إال أهنا
ليست بديال عنها ،وأفضل طريقة لنجاح البنك املركزي تكمن يف املزج املناسب لكل الوسائل الكمية من أجل
التوجيه والرقابة على االئتمان خصوصا يف البلدان النامية اليت تفتقر لألسواق املالية والنقدية املتطورة.
ثالثا -عمليات السوق املفتوحة Open Market Operations
يقصد بسياسة أو عمليات السوق املفتوحة قيام البنك املركزي بشراء أو بيع األوراق املالية احلكومية
للتحكم يف القاعدة النقدية ،وهي إحدى األدوات التقليدية التارخيية اليت اتبعتها البنوك املركزية يف عرض النقود.
فإذا كان اهلدف هو زيادة عرض النقود ،فإن البنك املركزي يقوم بشراء األوراق املالية احلكومية من البنوك التجارية
ويدفع مقابل هذه األوراق شيكات مسحوبة على البنك املركزي وهذه الشيكات تودع يف البنوك التجارية وبالتايل
يكون يف إمكان البنوك التجارية أن تتوسع يف حجم االئتمان وخلق النقود من الودائع ،ومن مث يزداد املعروض
النقدي .أما إذا كان اهلدف هو إنقاص عرض النقود ،فإن البنك املركزي يقوم ببيع األوراق املالية احلكومية ،ومن
املفرتض أن يدفع املشرتون مقابل هذه األوراق املالية شيكات مسحوبة على البنوك التجارية ولصاحل البنك
املركزي ،وبالتايل تزداد مديونية البنوك التجارية لدى البنك املركزي وتقل احتياطاهتا من النقود السائلة ،وبالتايل تقل
مقدرة البنوك التجارية على خلق االئتمان ،وخلق النقود ،ويقل املعروض النقدي أو عرض النقود.مع مالحظة أن
دخول البنك املركزي بائعا فإنه خيفض من سعر األوراق املالية يف السوق ،وبالتايل ترتفع أسعار الفائدة ،وتقل رغبة
رجال األعمال يف االقرتاض من البنوك والعكس صحيح يف حالة دخول مشرتين.12
ويتوقف جناح عمليات السوق املفتوحة على العوامل اآلتية:13
أ -مدى حجم و طبيعة السوق النقدية حبيث تكون معربة بشكل كبري عن إمكانيات النقود واالئتمان القتصاد
ما.
ب -مدى توفر الصكوك املتمثلة يف أذونات اخلزانة واألوراق املالية األخرى اليت ميكن تداوهلا يف السوق النقدية.
ج -مدى تالقي مصاحل البنوك التجارية مع توجه البنك املركزي حيث تزداد فعاليات عمليات السوق املفتوحة
بتالقي تلك املصاحل وتقل بتصادمها.
د -درجة تقدم الوعي االئتماين واملصريف يعترب حمددا هاما لزيادة فعالية سياسة السوق املفتوحة.
ولذلك نرى أن هذه السياسة فاعلة يف الدول املتقدمة أكثر منها يف الدول النامية لتوفر الشروط
السابقة وتتمتع هذه السياسة باملزايا التالية:14
-1مرونتها بشكل كبري من ناحيتني؛ األوىل يستطيع البنك املركزي إحداث األثر املطلوب بدقة ،فإذا أراد
املصرف املركزي مثال تقليل عرض النقد عشرة ماليني دينار فإنه سيقوم ببيع سندات حكومية بنفس املقدار و
الثانية عكس هذه السياسة فإذا قام بعملية شراء ووجد أهنا غري مناسبة ،فإنه يستطيع ودون تردد عكس العملية
أي القيام بعملية بيع مقابلها والعكس صحيح أيضا.
-2تتميز بإحداث األثر املطلوب وعلى املدى القصري.
-3أن املبادرة تكون بيد املصرف املركزي بصورة كاملة.
12عبد املطلب عبد احلميد "السياسة النقدية واستقاللية البنك املركزي" الدار اجلامعية ،اإلسكندرية ،0338 ،ص ص .02-02
13حممد ضيف اهلل القطابري ،مرجع سابق ،ص .08
14أكرم حداد ،مرجع سابق ،ص .883
17
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
ويعرب عن الكتلة النقدية باملفهوم الضيق ويستمد مكوناته من قيام النقود بوظيفة الوسيط يف التبادل
كما يتمتع بسيولة مطلقة مما يوفر إمكانية استعماله كوسيلة دفع آنية يف أسواق السلع واخلدمات ،وذلك عن
طريق التعامل اليدوي أو بالتسديد الكتايب ،وتشمل املتاحات النقدية كل من:
أ – األوراق النقدية و النقود المعدنية المساعدة :وهي اليت تصدر من طرف البنك املركزي وتتداول خارج
اجلهاز املصريف ،أي تكون يف حوزة األعوان غري املاليني.
ب – مختلف الودائع تحت الطلب :وهي الودائع املفتوحة لدى كل من البنوك التجارية واخلزينة العامة
واملؤسسات الربيدية لفائدة األعوان غري املاليني.
-2جممع االحتياطي النقدي M2
يشمل هذا اجملمع كل من جممع املتاحات النقدية وكذا الودائع ألجل ،وهو ما يسمح لنا بإدخال
أشباه النقود ضمن مكونات هذا اجملموع ،وبالتايل فهو ميزج بني رغبة الوحدات االقتصادية يف حتقيق األرباح
والفوائد ،وبني احلصول على سيولة نقدية ،ويضم هذا اجملمع كل من:
21 Philipe jaffré « monnaie et politique monétaire », 4 édition, Economica 1996, p 98 .
21
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
ويعترب من أكرب اجملمعات النقدية توسعا حيث يضم إىل جانب اجملمع النقدي ،الوظيفات القصرية
األجل لدى املؤسسات املالية غري املصرفية وتكون ممثلة يف جمموع الودائع املوجودة لدى صناديق التوفري واالحتياط و
كذا سندات اخلزينة العمومية املكتتبة من طرف اخلواص واملؤسسات غري املالية ،باإلضافة إىل اجملمع النقدي M1و
.M2
ثانيا -ظروف سوق النقد
وهي اجملموعة الثانية من األهداف األولية اليت تسمى ضبط سوق النقد وحتتوي على االحتياطات
احلرة ،ومعدل األرصدة البنكية وأسعار الفائدة األخرى يف سوق النقد وإال ميارس البنك املركزي عليها رقابة قوية،
ويعين بشكل عام ،قدرة املقرتضني ومواقفهم السريعة أو البطيئة يف معدل منو االئتمان ومدى ارتفاع أو اخنفاض
أسعار الفائدة وشروط اإلقراض األخرى ،وسعر فائدة األرصدة البنكية هو سعر الفائدة على األرصدة املقرتضة ملدة
قصرية (يوم أو اثنني) بني البنوك.22
االحتياطات الحرة :متثل االحتياطات الفائضة للبنوك لدى البنك املركزي مطروحا منها االحتياطات اليت اقرتضتها
هذه البنوك من البنك املركزي وتسمى صايف االقرتاض ،وتكون االحتياطات احلرة موجبة إذا كانت االحتياطات
الفائضة أكبر من االحتياطات املقرتضة ،وتكون سالبة إذا كانت االحتياطات الفائضة أقل من االحتياطات
املقرتضة.
الفرع الثاين :األهداف الوسيطية
األهداف الوسيطية هي املتغريات النقدية القابلة للمراقبة بواسطة السلطات واملرتبطة بشكل ثابت
ومقدر باألهداف النهائية مثل :مقدار النمو السنوي للكتلة النقدية.23
وتستخدم السياسة النقدية األهداف الوسيطية نظرا لفوائدها و هي:
-1ميكن للمصارف املركزية أن تؤثر على هذه املتغريات و بإمكان السياسة النقدية أن تؤثر على تقلباهتا.
-2تعترب األهداف الوسيطية مبثابة إعالن عن إسرتاتيجية السياسة النقدية ،فعندما يعلن البنك املركزي عن أهدافه
الوسيطية فإنه يريد:
-3إعطاء األعوان االقتصاديني إطارا مرجعيا لرتكيز و توجيه توقعاهتم.
-4االلتزام بالتح رك يف حالة عدم بلوغ هذه األهداف الوسيطية ،فهي متثل استقاللية لعمل السياسة النقدية ،كما
تشرط أن يكون اهلدف الوسيط يعكس اهلدف النهائي املنشود ،وتكون األهداف واضحة و سهلة االستيعاب بني
املتعاملني.
هناك ثالث مناذج أساسية ممكنة من األهداف الوسيطية و هي :مستوى املعدالت األساسية
للفائدة ،سوق الصرف ،اجملمعات النقدية الوسيطية.
أوال -معدل الفائدة كهدف وسيط
من املعروف أن الكينزيني يتمنون أن يتم تثبيت معدل الفائدة إل أدىن حد ممكن ،بينما ال يهتم
النقديون هبا كثريا ألن كمية النقود هي املهمة بالنسبة هلم ،ويضيفون بأنه عندما هنتم مبعدالت الفائدة ينبغي
ارتباطها مبستواها احلقيقي ،إال أن املستثمرين والعائالت على حد سواء هم شديدي احلساسية ملعدالت الفائدة
من ناحية تكلفة قروضهم ،ومن ناحية تلقي التعويضات عن توظيف مدخراهتم ،ولذلك جيب على السلطات
العامة أن هتتم بتقلبات معدالت الفائدة ،ولكن املشكل يكمن يف حتديد املستوى األفضل هلذه املعدالت ،وعلى
السلطات يف هذه احلالة أن حتافظ على أن تكون تغريات مستوى معدالت الفائدة ضمن هوامش أو جماالت
واسعة وحول مستوى وسطي مقابل التوازن يف األسواق ألن اجملال الواسع لتقلبات معدالت الفائدة ميكن أن
حيدث تذبذبا يف االستقرار االقتصادي إضافة إىل أن عمليات متتالية من عدم التوازن يتولد عنها حاالت أيضا
متتالية من التضخم والركود ،و هلذا السبب تكون السلطات مضطرة أن ترتك هامش خللق كمية من النقود أكرب أو
أقل من تلك اليت كان من املفروض تقييدها باهلدف الكمي بالنسبة للمجمعات النقدية ،إال أن معدالت الفائدة
مهمة سواء على مستوى الصعيد الداخلي أو اخلارجي:
←فعلى مستوى الصعيد الداخلي :تؤثر على مستوى استثمارات املؤسسات مثل االستثمار يف السكن ،وعلى
االختيارات بني السندات والنقد.
←وعلى مستوى الصعيد اخلارجي :تؤثر بشدة على حتركات رؤوس األموال يف األجل القصري ويف اجملموع جيب
أن تكون معدالت الفائدة إجيابية (ال هي مرتفعة و ال هي منخفضة) ومستقرة قدر اإلمكان يف الزمن ،فبعض
االقتصاديني يعتربون أن إحدى التفسريات لألداءات األملانية ل 01سنة تكمن يف استقرار املعدالت احلقيقية
للفائدة يف األجل القصري حوايل ،%9وهذه املعدالت املستقرة اإلجيابية هي اليت شجعت أفضل اختيارات
االستثمار و النمو املنتظم ،ويوجد العديد من معدالت الفائدة يف االقتصاديات املتطورة و أبرزها هي:
●املعدالت الرئيسية :وهي معدالت النقد املركزي أي املعدالت اليت يقرض هبا البنك املركزي البنوك التجارية ،كما
يستند إليها يف حتديد معدالت اإلقراض بني البنوك.
●معدالت السوق النقدية :وهي املعدالت اليت يتم على أساسها تداول األوراق املالية القصرية األجل القابلة
للتداول (أذونات خزينة ،شهادات خزينة قابلة للتداول ،شهادات إيداع...اخل).
● معدالت السوق املالية أو املعدالت طويلة األجل :و هي اليت على أساسها تصدر السندات.
●معدالت التوظيف يف األجل القصرية :حسابات على الدفاتر ،ادخار سكين ...اخل.
●املعدالت املدينة :و هي املطبقة على القروض املمنوحة.
وتتأثر هذه املعدالت كلها مبعدل الفائدة الذي يفرضه البنك املركزي على قروضه.
ثانيا -معدل صرف النقد مقابل العمالت األخرى
إن معدل صرف النقد هو دليل هام على األوضاع االقتصادية لدولة ما ،وذلك باحملافظة على هذا
املعدل حىت يكون قريبا من مستواه لتعادل القدرات الشرائية ،وميكن أن تكون السياسة النقدية مسامهة يف التوازن
االقتصادي عرب تدخلها من أجل رفع معدل صرف النقد جتاه العمالت األخرى ،وقد يكون حماربا للتضخم وهو
ما حيقق اهلدف النهائي للسياسة النقدية ،وعندما يتخذ معدل الصرف كهدف وسيط فإنه يظهر العديد من
العيوب ،ألن أسواق الصرف ليست منتظمة فهي تتعرض لتقلبات ،ومعدل الصرف يلعب دورا مهما يف معرفة
اإلسرتاتيجية االقتصادية واملالية حلكومة ما ،ولذلك فإن اختيار املدرك لعدم تقدمي سعر صرف مالئم ،له نتائج
ثقيلة منها:
-احملافظة على مستوى منخفض أكثر للعملة يشجع الضغوط التضخمية ويؤدي إىل إتباع سياسة سهلة يف
األجل القصري تدفع باملقابل يف األجل الطويل إىل إضعاف القدرة الصناعية للدولة واالخنفاض النسيب ملستوى
معيشة األفراد.
24
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
-إن البحث عن احلفاظ على مستوى مرتفع أكثر ،يفرض على األعوان االقتصاديني ضغطا انكماشيا ،وهو ما
يبطئ النمو و يف األخري يؤدي إىل سياسة متشددة ميكن أن تؤدي إىل الفشل ولذلك فإن االقتصاديات الواسعة
واملتنوعة واليت تتميز بانفتاح قليل على اخلارج واليت ترتبط بشريك اقتصادي أساسي ،ال ميكن هلا أن تركز مجيع
األهداف الوسيطية للسياسة النقدية على معدل الصرف ،ولذلك فإن اهلدف الوسيط الداخلي يبدو ضروريا يف
هذه احلالة ،ألنه يف حالة املضاربة على نقد معني إذا مل يكن ألسباب اقتصادية موضوعية ميكن للبنك املركزي أن
يستنفد احتياطاته من العملة الصعبة مقابل اخللق املفرط للنقد الوطين حىت ميكن تداوله حمليا.
ثالثا -اجملمعات النقدية
إن تثبيت معدل منو الكتلة النقدية يف مستوى قريب من معدل منو االقتصاد احلقيقي ميثل بالنسبة
للنقديني اهلدف املركزي للسلطات النقدية ،وهلذا السبب فإن السلطات النقدية يف كل الدول املتقدمة حددت
أهدافا يف هذه اجملمعات بالتدريج ،بداية بشكل غري معلن مث معلن مثل النظام الفدرايل االحتياطي األمريكي
ابتداء من ،0370بنك أملانيا الفدرايل انطالقا من ،0371بنك اجنلرتا وبنك فرنسا انطالقا من ،0372وتنص
نظرية النقديني على احلفاظ و لعدة سنوات على معدل منو ثابت (من %9إلى )%1للنقد ،و يعتقد النقديون بأن
كمية النقد هي الوسيط املفضل للتوازن االقتصادي ،و يبني فريدمان ثالث مزايا ملنهج التثبيت هي:24
-1حيول دون أن يصبح عرض النقود مصدر لعدم االستقرار.
-2إن الزيادة يف عرض النقود مبعدل ثابت ميكن السياسة النقدية من أن جتعل آثار االضطرابات النامجة عن
مصادر أخرى عند حدها األدىن.
-3تطبيق معدل ثابت لزيادة عرض النقود جيعل مستوى األسعار يف األجل الطويل ثابتا أو مقرتبا من ذلك و
ترتكز هذه النظرة الستعمال اجملمعات النقدية على املربرات التالية:
● إن اجملمعات النقدية تستقطب اهتمام البنوك املركزية ،فهي اليت تقوم بتحديدها و حساهبا و نشرها.
●ميكن التعرف على هذه اجملمعات النقدية من قبل اجلمهور و لذلك فإن الكتلة النقدية متثل النقود املتداولة اليت
يستطيع اجلميع التعرف عليها و تقديرها و لكن يف السنوات األخرية برز مشكل رئيسي يتمثل يف :إن حتديد
اجملمع النقدي أو كمية النقد مل تعد سهلة كما كانت يف املاضي نظرا لتغيري سرعة تداول النقد و نتيجة
االبتكارات املالية احلديثة و هلذا فإن اإلشكال يبقى مطروحا ،ما هي اجملمعات النقدية اليت ميكن ضبطها بسهولة
وبدون غموض أو تعقيد؟ و هل يلجأ إىل اجملمع النقدي الضيق M1عند وجود ابتكارات مالية مستمرة أو اجملمع
النقدي األوسع M2أو M3؟
وهناك مربرات الستخدام اجملمع الواسع واجملمع الضيق ،فاجملمع الضيق للنقود يسمح بالرتكيز على
وظيفة النقد ،وبينت التجارب االقتصادية أن اجملمع النقدي الضيق مل يكن بعيدا عن االبتكارات أو توظيفات
املشتقات املالية احلديثة ألن اجملمع النقدي M2الذي يضم M1يف حسابات على الدفاتر.
يتأثر بشدة باجتذاب أجهزة التوظيفات اجلماعية بالقيم املنقولة للمدخرين الذين كانوا يقومون بعملية
اإليداع يف حسابات على الدفاتر لدى البنوك .كما أن اجملمع النقدي M1هو اآلخر يتأثر باالبتكارات
املالية عندما يكون حيتوي على مبالغ كبرية من األموال غري املستثمرة ،فيستطيع أصحاهبا حتويلها
لكونه يدير مردودية أفضل ،أما اجملمع M3املوسع فإنه يسمح باالقرتاب من حتديد كل التوظيفات املالية ،لكنه قد
ال يصبح دقيقا وال ميكن ضبطه بسبب إعادة تركيب جديد حملفظات األوراق املالية مثل انتقال أصحاب
االستثمار من السندات إىل شهادات اإليداع نتيجة التنبؤات حول معدل الفائدة.
إن استخدام األهداف الوسيطية خيتلف غالبا من بلد آلخر ،فالسلطات النقدية ملختلف البلدان
تستعمل معطيات وجماميع معينة كأهداف وسيطية لسياستها النقدية ،فمثال جند القاعدة النقدية مع االرتباط
مبعدل الفائدة تستعمل يف الواليات املتحدة األمريكية ،بينما تستعمل القاعدة النقدية وحدها يف أملانيا ،معدل
الفائدة وجمموع قروض االقتصاد يف بلجيكا ،والكتلة النقدية يف فرنسا.
الفرع الثالث :األهداف النهائية
تبدأ إسرتاتيجية السياسة النقدية بتحديد األدوات النقدية الستخدامها للتأثري على األهداف األولية
اليت اختارهتا السلطات النقدية ،مث التأثري على األهداف الوسيطية وذلك من أجل الوصول إىل األهداف النهائية
اليت ترمسها يف ضوء السياسة االقتصادية العامة ،و عموما هناك اتفاق واسع على أن األهداف الرئيسية والنهائية
للسياسة النقدية تندرج يف أهداف السياسة االقتصادية واليت تتمثل يف:
-1استقرار األسعار (اخنفاض معدل التضخم).
-2العمالة الكاملة (حتقيق مستوى عال من االستخدام و بطالة منخفضة).
-3منو اقتصادي قوي (معدل منو إمجايل للناتج احمللي).
-4التوازن يف التجارة اخلارجية (ميزان املدفوعات).
تعترب أهداف السياسة النقدية جزء من أهداف السياسة االقتصادية ،فال يوجد إمجاع حول جمموعة
من األهداف احملددة ،إال أن هذه األهداف يف البلدان العربية هتتم بتحقيق االستقرار النقدي واحلفاظ على العملة
يف اخلارج لتشجيع النمو وحتقيق التوازن الداخلي و اخلارجي ،أما يف البلدان الصناعية املتطورة فاهلدف مرتكز على
استقرار األسعار أي استهداف التضخم .وتتمثل األهداف النهائية للسياسة النقدية يف:25
أوال -استقرار األسعار
تعترب احملافظة على استقرار األسعار من أهم العوامل اليت تؤثر على النشاط االقتصادي واملؤشرات
االقتصادية الرئيسية و تنحصر هذه الغاية يف العمل على حماربة التغريات املستمرة والعنيفة يف مستوى األسعار،
نظرا ألن أي تغريات كبرية يف مستويات األسعار تعترب من العوامل اليت تؤثر سلبا على قيمة النقود ،وبالتايل حتدث
آثار ضارة على مستوى الدخول والثروات وختصيص املوارد االقتصادية بني الفروع اإلنتاجية وبالتايل على األداء
االقتصادي.
ثانيا -العمالة الكاملة (حتقيق مستوى عال من االستخدام)
هناك إمجاع بني االقتصاديني على أن يكون ضمان التوظيف كامال أو مستوى مرتفع من التشغيل من
بني األهداف اليت تسعى إليها السياسة النقدية ،واملراد من ذلك هو أن حترص السلطات النقدية على تثبيت
النشاط االقتصادي عند أعلى مستوى ممكن من التوظيف للموارد الطبيعية والبشرية ،وعلى السلطات النقدية اختاذ
مجيع اإلجراءات الكفيلة بتجنيب االقتصاد البطالة وما يرافقها من عوامل انكماشية يف اإلنتاج والدخل،
واالضطرابات يف العالقات االجتماعية ،و من هذه اإلجراءات رفع حجم الطلب الكلي إىل املستوى الالزم
لتشغيل املوارد اإلنتاجية غري املستغلة.
ثالثا -منو اقتصادي قوي
كانت النظرية الكالسيكية تنظر إىل أن حتقيق هدف النمو االقتصادي هو متضمنا يف حتقيق هذه
العمالة الكاملة ،وهو األمر الذي دفعهم لعدم وضع سياسات اقتصادية (مالية كانت أم نقدية) للوصول إىل
ذلك .إال أنه بعد احلرب العاملية بدأ النمو االقتصادي يشغل بال املفكرين و يسيطر على اهتمامهم ،ومن مث بدأ
االهتمام بدور السياسات االقتصادية ومنها دور السياسة النقدية يف النمو االقتصادي .ويف اخلمسينات أصبح
النمو االقتصادي من أهداف السياسة االقتصادية بصفة عامة و السياسة النقدية بصفة خاصة.
إن حتقيق هدف العمالة الكاملة بصفة مستمرة يستلزم منوا مستمرا يف االقتصاد الوطين حبيث يكون
كافيا لتشغيل اإلضافات السنوية يف األيدي العاملة اجلديدة و العاطلة سابقا ،بينما يرى فريدمان أن وضع معدل
عال للنمو االقتصادي كهدف حمدد أو مرغوب فيه ليس أمرا حمققا ،وذلك يف قوله" :ليست هناك طريقة يف
اجملتمعات احلرة للقول مقدما أن هناك معدال حمددا للنمو ترغبه أو حتتاج إليه ،أو القول أن هناك معدل عال
وآخر منخفض ،ولكن معدل النمو هو الناتج الكلي لكل جمهودات األفراد الذين جنحوا يف حتقيق طموحاهتم
باملعدل السليم".
ولكن إذا نظرنا إىل دور السياسة النقدية يف حتقيق معدل عال لنمو االقتصاد الوطين ،جند أهنا
باستطاعتها أن تعمل على حتقيق ذلك ،كما أهنا تساعد يف احملافظة على النمو ،ولكن هناك عوامل أخرى غري
نقدية جيب توافرها لتحقيق هذا املعدل العايل ،كتوافر املوارد الطبيعية والقوى العاملة الكفءة وتوافر عوامل
وظروف سياسية واجتماعية مالئمة ،ولذلك فإن دور السياسة النقدية جيب أن يعمل بالتنسيق مع هذه العوامل،
وكذلك مع سياسة مالية مالئمة غري متناقضة لدور السياسة النقدية .وعند احلديث عن النمو االقتصادي كهدف
27
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
للسياسة النقدية جيب التفرقة بني النمو والتنمية ،فالتنمية واليت تعين تغري يف السنوات األخرية حتقق ثالث أهداف
أساسية وهي:
-1القضاء على الفقر و عالج أسبابه.
-2حتسني نوعية احلياة.
-3دعم القدرة على النمو.
وأما النمو فيعين معدل تغري الناتج الكلي احلقيقي ،إذن فكالمها مرتبط بدرجة التطور االقتصادي،
فالنمو االقتصادي مركز على التغري يف الناتج الكلي احلقيقي ،أما التنمية تشمل التغري اهليكلي يف الناتج ،وتوزيع
مثار النمو االقتصادي لتحسني معيشة األفراد ككل.
وهكذا قرر االقتصاديون استعمال كلمة النمو للتعبري عن التطور االقتصادي يف البلدان املتقدمة أما
مصطل ح التنمية فيستعمل عند احلديث عن التطورات يف الدول املتخلفة أو ما يسمى بالدول الصناعية للتقدم.
ومشكلة الدول املتخلفة عندما تريد حتقيق التنمية االقتصادية تتمثل يف قصور مواردها الداخلية
وخاصة املالية لتوفري التمويالت الالزمة لالستثمارات املخططة يف التنمية ،وضعف القدرة على تنمية رأس املال
املادي والبشري ،وهذا يتطلب حتقيق معدل مرتفع لالدخار ،وبالتايل فإن دور السياسة النقدية هو حتقيق معدل
مرتفع لالدخار والتأثري على معدل االستثمار يف السلع الرأمسالية من خالل زيادة الفرص االئتمانية ،وجيب أن ال
تقع هذه السياسات يف تفضيل التضخم باعتباره يساعد على ختفيض البطالة ،وزيادة معدالت التشغيل حىت
ميكنها الوصول إىل مرحلة االنطالق اليت تضع اقتصادياهتا على طريق النمو الذايت السريع ،وأما يف االقتصاد
اجلزائري فكانت التنمية االقتصادية هدفا لكل السياسات االقتصادية بصفة عامة ،أما بالنسبة للسياسة النقدية
فلم يكن هلا هدفا للنمو واضحا ولكنه ميارس ضمنيا من خالل دور السلطات النقدية اليت تقوم بالتوسع االئتماين
لتوفري التمويل الالزم لألفراد واملؤسسات.
رابعا -توازن ميزان املدفوعات
جيسد ميزان املدفوعات لبلد ما عالقاته النقدية واملالية والتجارية مع بقية العالقات األخرى يف العامل.
ويكون هذا امليزان يف صاحل البلد عندما تكون استسالماته من العامل بالعملة الصعبة أكرب من مدفوعاته للخارج
والعكس صحيح .وتسعى مجيع البلدان مهما اختلفت درجة تطورها االقتصادي إىل جعل هذا امليزان مييل يف
صاحلها من أجل احملافظة على ما لديها من خمزون ذهيب واحتياطات من العملة الصعبة .فالعجز يف ميزان
املدفوعات يعين أن البلد يدفع أكثر مما يستلم بصورة جارية بالعملة األجنبية وال ميكن تغطية هذا العجز إال
بالسحب ع لى احتياطاته النقدية األجنبية أو بيع بعض موجوداته عن طريق االقرتاض أو احلصول على بعض املنح
و اإلعانات ،مع ما يرتتب على ذلك من آثار سلبية على القيمة اخلارجية للعملة الوطنية .و دور السلطات
النقدية هنا التدخل للحد من التوسع يف حجم اإلنفاق املمنوح للوحدات االقتصادية غري املصرفية يف حماولة
لتقليص استرياداهتا .أما إذا كان سبب العجز يف ميزان املدفوعات كثرة التوظيفات القصرية والطويلة األجل يف
28
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
اخلارج ،فإن تقليص حجم االئتمان املصريف يقود إىل تقليص سيولة هذه الوحدات االقتصادية ،مما يرغمها على
استعادة رؤوس أمواهلا املوظفة يف اخلارج.
املطلب السادس :آلية عمل السياسة النقدية
تعترب أهداف السياسة النقدية ،أهدافا بعيدة املدى تؤثر على املستوى االقتصادي بشكل عام ،وهذا
يعين أن تأثري استخدام أدوات السياسة النقدية على هذه األهداف قد ال يظهر بصورة سريعة أو مباشرة ،وبالتايل
يصبح احلكم على كفاءة السياسة النقدية حكما غري صحيح .ولذلك تسعى السلطات النقدية التأثري على
أهداف وسيطية تتميز باستجابتها السريعة ألدوات السياسة النقدية ،وباملقابل ميكن اختبار تأثريها على األهداف
النهائية هلذه السياسة.26
ويعترب عرض النقد ( )Money Supplyو أسعار الفائدة طويلة األجل ()Interest Rat Long Term
أهم هذه األهداف ،و للتأثري عليها جيب التأثري مسبقا على أداء القاعدة النقدية ( )MBو احتياطات املصارف
الكلية ( )Rأو ما يسمى بأهداف األداء .و يوضح النموذج التايل تسلسل عمل أدوات السياسة النقدية:27
الشكل رقم ( ) 2-1آلية عمل السياسة النقدية
أدوات السياسة النقدية أهداف األداء األهداف الوسيطية األهداف النهائية
األدوات
أهداف Money
MB
Supply
الكمية
السياسة النقدية Interest R
Rate و النوعية
املصدر :أكرم حداد مرجع سابق ص 181
نظرا ألمهية السياسة النقدية والدور الفعال الذي تلعبه يف عملية التنمية ،هذا ما جعلها تتطور ومتر بعدة
مراحل وعقبات حىت أصبحت على وضعها احلايل ،ويهمنا هنا التعرف على املراحل اليت مرت هبا السياسة النقدية
من خالل املدارس الفكرية املختلفة اليت اهتمت بالسياسة النقدية على النحو التايل.
املطلب األول :املدرسة الكالسيكية
لقد اعترب االقتصاديون الكالسيك أن النمو يتم تلقائيا دون احلاجة إىل تدخل الدولة يف احلياة
االقتصادية ،وقد اعتقدوا أن التوازن االقتصادي يتحقق دائما عند مستوى التشغيل الكامل ،مع افرتاض حيادية
النقود ،حبيث يقتصر أثر التغريات يف كمية النقود على إحداث تغريات مقابلة يف قيمتها دون املساس بالنشاط
االقتصادي.28
وتعرب نظرية كمية النقود ( النظرية النقدية الكالسيكية ) عن وجه نظر الكالسيك يف هذا الشأن،
حيث تشري هذه النظرية إىل وجود عالقة بني كمية النقود يرتتب عليها زيادة ( بنفس القدر و يف نفس االجتاه )
يف املستوى العام لألسعار ،فأي تغري حيدث يف األول ( النقود املعروضة ) ينعكس بنفس القدر على الثاين (
املستوى العام لألسعار ) دون أدىن تأثري على اجلانب احلقيقي لالقتصاد الوطين ،وهذا مع افرتاض أيضا أن النقود
تؤدي وظيفة واحدة و هي "وسيط للتبادل" مما يعين أهنا تكون حيادية.
هلذا اعترب الكالسيك أن السياسة النقدية سياسة حمايدة وال تؤثر بأي صورة من الصور على مستوى
التشغيل أو اإلنتاج أو حىت األجور احلقيقية و أسعار الفائدة ،ويقتصر دورها يف خلق النقود الالزمة إلجراء
املعامالت .ويتضح من كل هذا أن الفكر الكالسيكي يعكس املرحلة األوىل من املراحل األساسية للنظرية النقدية،
أين اهتم االقتصاديون فقط بدراسة وحتليل العوامل اليت تؤثر على املستوى العام لألسعار بذلك تصبح السلطات
النقدية قادرة على التحكم يف املستوى العام لألسعار من خالل سيطرهتا على كمية النقود املعروضة.
ويستند النموذج الكالسيكي على االفرتاضات التالية:29
-إن كل األسواق ( أسواق السلع و العمل ) تسودها املنافسة الكاملة واالقتصاد يف حالة تشغيل كامل.
-ال خيضع أصحاب األعمال وال العمال للخداع النقدي مبعىن أهنم يبنون قراراهتم ،ليس على أساس املستوى
املطلق لألسعار أو على أساس معدل األجر النقدي لكن تبىن قراراهتم على أساس األسعار النسبية للسلع وعوامل
اإلنتاج و عندما يقرر العمال كمية العمل اليت يعرضوهنا إمنا يتأسس هذا القرار على األجر احلقيقي وليس على
املستوى املطلق لألجر النقدي.
-املرونة الكاملة لألجور النقدية و أسعار السلع.
28حممد زكي الشافعي "مقدمة يف النقود والبنوك" دار النهضة العربية القاهرة ،8883 ،ص ص .203-201
29عبد املطلب عبد احلميد ،مرجع سابق ،ص ص .27-23
30
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
لالقتصادي األمريكي Irving Fisherعام ،0307و قد استند فيشر يف عرضه لنظريته على صيغة التبادل املشهور
The equation of exchangeواليت كانت هتدف إىل دراسة العالقة بني كمية النقود (عرض النقد) واإلنفاق على
السلع و اخلدمات ()p×yأو ما يسمى بالدخل االمسي ،لقد افرتض فيشر أن النقود ال تطلب لذاهتا فإهنا حتما
ستنفق عاجال أو آجال و مبا أن االقتصاد يف حالة التشغيل الكامل و أن قيمة اإلنتاج يف اقتصاد ما يساوي
جمموع ما ينفق على السلع و اخلدمات املنتجة ،فإن:30
قيمة ما يباع يف جمتمع ما = قيمة ما يشرتى يف ذلك اجملتمع
احلجم املادي للسلع×أسعارها = عدد النقود اململوكة×عدد مرات الشراء
اإلنتاج و اخلدمات×مستويات األسعار = كمية النقود×سرعة تداوهلا
و تنطوي النظرية على بعض الفروض ،من أمهها:31
* إن الطلب على النقود هو طلب مشتق من الطلب على السلع واخلدمات ووظيفة النقود كوسيط يف التبادل.
* ثبات احلجم احلقيقي عند مستوى التشغيل الكامل.
* إن سرعة تداول النقود ثابتة ومستقلة من كمية النقود املتداولة ،وكذلك احلجم احلقيقي للمبادالت وتعترب
كعوامل مستقلة بطيئة التغيري.
* النظر إىل املستوى العام لألسعار كمتغري تابع وهو كنتيجة و ليس سببا للتغري يف العوامل األخرى ،وهناك عالقة
طردية بني اإلصدار النقدي ومستوى األسعار ،وهبذا يفسر الكالسيك االرتفاع يف املستوى العام لألسعار
(التضخم).
مضمون النظرية:
تقوم نظرية كمية النقود على أساس جمموعة من االفرتاضات املتعلقة بأمهية تغريات كمية النقود
بالنسبة إىل غريها من العوامل يف التأثري على مستوى االئتمان ،فريى أنصار هذه النظرية يف كمية النقود العامل
الفعال واملؤثر يف حتديد املستوى العام لألسعار والتناسب بينهما تناسبا عكسيا ،ويتخذ أنصار هذه النظرية معادلة
التبادل أداة حتليلية لبيان وجهات نظرهم كمايلي:
MV = PT
:Mكمية النقود املتداولة و تشمل النقود الورقية و النقود املساعدة و الودائع اجلارية.
:Vسرعة تداوهلا (و هي متوسط عدد املرات اليت تنتقل فيها وحدة النقد من يد ألخرى).
:Pاملستوى العام لألسعار.
:Tحجم املبادالت.
وبالتايل فاملعادلة حتدد مجيع العوامل اليت تتفاعل بطريقة مباشرة يف حتديد مستوى األسعار وقد
ظهرت معادلة أخرى تسمى مبعادلة التبادل االقتصادي لفيشر أيضا ،حيث أدخل النقود املصرفية يف التبادل،
فأصبحت املعادلة:
MV + M′V′ = PT
:Mالنقود القانونية.
:Vسرعة تداوهلا.
:'Mالنقود املصرفية.
:'Vسرعة تداوهلا.
واهلدف من الفصل بني ' Mو Mحىت يتبني أمهية كل واحدة يف حتقيق مستوى معني من املبادالت
وكل عنصر من العناصر النقدية له تأثري فقط على األسعار وبالتايل فإن النقود حمايدة وهذا ما جيعل السياسة
النقدية عند الكالسيك سياسة حمايدة يتمثل دورها يف خلق النقود لتسهيل املبادالت أي أن حجم املعامالت هو
الذي حيدد كمية النقود الواجب توافرها.
وقد واجهت هذه النظرية انتقادات أمهها:
-جتاهل أثر أسعار الفائدة على املستوى العام لألسعار.
-مل تبني النظرية أسباب التغريات اليت تطرأ على قيمة النقود.
-افرتاض أن األسعار تتغري تبعا لتغري كمية النقود املعروضة و ال ميكن أن تتغري نتيجة عوامل أخرى وهذا غري
صحيح فقد تتغري األسعار نتيجة أسباب أخرى غري نقدية كفشل موسم زراعي مثال.
-االهتمام بوظيفة "وسيط يف املبادالت" وإمهال الوظائف األخرى.
رغم هذه االنتقادات فإن هذه النظرية إمنا تعترب خطوة قيمة ،فقد أفلحت يف تركيز االنتباه حول
بعض الكميات الكلية اهلامة اليت تعكس النشاط االقتصادي ،مثل كمية املبادالت وكمية النقود ،كما أهنا مهدت
لدراسة اجلوانب األخرى من االقتصاد اليت تتحكم يف مسلك النقود وسرعة تداوهلا.
الفرع الثاين :نظرية الدخل و معادلة كامربيدج (صيغة األرصدة النقدية)
قام بصياغة هذه النظرية االقتصادي االجنليزي ألفرد مارشال A. Marshalهو أحد املفكرين
الكالسيك والذي كانت نظريته استكماال لنظرية املبادالت لفيشر ،حيث تنظر النظرية إىل النقود على أهنا جزء
من ثروة األفراد وأهنم سيحتفظون ببعضها لغايات االحتياط ،وألن النقود ختتزن قوة شرائية فال خوف من أن تكتنز
لفرتة طويلة أو قصرية .وبالتايل حبثت هذه الصيغة وألول مرة الدوافع السلوكية (االحتياط) للطلب على النقود.
32
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
واشتق مارشال و زمالؤه نظريتهم من صيغة املبادالت لفيشر و اليت افرتض فيها أن:32
M×V = P×Y
فإذا قسمنا طريف املعادلة ب ( )Vفإن املعادلة تصبح:
1
= M )× (PY
V
وعندما يكون سوق النقد يف حالة توازن فإن الكمية املعروضة من النقد تساوي تلك املطلوبة نستطيع
استبدال Mبـ Mdوباستبدال مقلوب السرعة ( )1/Vبالرمز kوبالتايل تصبح املعادلة:
Md = k × PY
:Mdالطلب على النقود.
:kالسيولة احملتفظ هبا.
:Yالدخل النقدي.
:Pاملستوى العام لألسعار.
ومبا أن kساكنة ( ألهنا مقلوب السرعة و السرعة ساكنة حسب التحليل الكالسيكي ) فإن مستوى
املبادالت املتولدة كنسبة ثابتة من الدخل االمسي تتحدد بكمية النقود اليت يطلبها األفراد لالحتفاظ هبا ،ولكن ما
الذي حيدد مقدار هذا اجلزء من الدخل الذي سيحتفظ به؟
إن النسبة kواليت سيحتفظ هبا على شكل نقود و لغايات االحتياط تتوقف على العوامل التالية:
أ -كلما كانت توقعات األفراد متفائلة كلما كان احتفاظهم بـ kأقل.
ب -كلما زادت ثروة األفراد ،قلت .k
ج -مستويات األسعار ،فكلما اخنفضت القيمة احلقيقية لألرصدة النقدية كلما كان علينا أن نزيد من kوذلك
ألن القوة الشرائية ليست ثابتة ،وبالتايل سريغب األفراد يف زيادة األرصدة النقدية لديهم لكي يعيدوا التوازن مع
ارتفاع األسعار.
ونالحظ أن kمعكوس .V
M )(PY
= k = V
PY M
وهذا يعين أنه كلما زادت األرصدة النقدية اليت يرغب األفراد االحتفاظ هبا كلما قلت سرعة تداول
النقود والعكس صحيح.
املطلب الثاين :املدرسة الكينيزية
لقد ظل الفكر الكالسيكي سائدا ومقبوال من جانب االقتصاديني حىت بداية الثالثينات من القرض
املاضي ،مث جاءت أزمة الكساد الدويل الكبري 0390 -0303وما نتج عنها من آثار سلبية أين عجزت نظرية كمية
النقود ( النظرية النقدية الكالسيكية ) على معاجلة األزمة بشكل فعال.
وهنا ظهرت النظرية الكينيزية اليت قدمت حلوال مقرتحة حلل مشكل األزمة ،ولقد وجه كينز اهتمامه
إىل دراسة الطلب على النقود لذاهتا ودرس عالقته مبستوى اإلنفاق الوطين ونادى بأن حيادية الدولة يف هذه
الظروف مل يعد مقبوال ومن مث فالبد من تدخلها إلنعاش الطلب الكلي للقضاء على خملفات األزمة ،حيث
ربطت النظرية الكينيزية بني الدخل واإلنفاق من خالل تعادل كمية النقود وبني الطلب على النقود باإلضافة إىل
أن التوازن بني االستثمار واالدخار ( توازن سوق السلع و اخلدمات ) مع التوازن يف السوق النقدي حيقق توازن
االقتصاد العام.33
لقد اقرتح كينز بعض السياسات املالية ( زيادة كمية النقود ) اليت تسمى سياسة النقود الرخيصة "أي
الزيادة يف عرض النقود مما يؤدي إىل تنشيط الطلب والذي يؤدي بدوره إىل حتسني املستوى العام لألسعار"
والتمويل عن طريق التضخم.
ومن هنا يتضح أن السياسة النقدية عند كينز ليست باحملايدة بل إجيابية إذن لن يقتصر تأثري النقود
على املستوى العام لألسعار يف كافة األحوال ،بل ميتد إىل مستويات الدخل و التشغيل و ذلك انطالقا من فرضية
أن حالة التوظيف الكامل حالة ضمن حاالت عديدة ميكن أن يتوازن عندها االقتصاد الوطين ،وهكذا قد
عكست النظرية الكينيزية املرحلة الثانية من تطور النظرية النقدية ،ولكن مت مبوجبها إدماج النظرية النقدية يف
النظرية االقتصادية الكلية و بدأ االهتمام يتحول من جمرد البحث عن أسباب تغري املستوى العام لألسعار إىل
دراسة معامل سلوك النقود وأثره على مستوى النشاط االقتصادي ،كما أوضح كينز إمكانية جناح السياسة النقدية
يف عالج مشكالت التضخم والكساد وقد فسر عمل هذه السياسة من خالل اعتماد السلطات النقدية لسياسة
السوق املفتوحة وبالتايل التأثري على كمية النقود املعروضة سواء بالزيادة أو بالنقصان و هذا وفقا للظروف الزائدة و
األهداف املرغوب فيها ،األمر الذي ينعكس على سعر الفائدة باعتبارها ظاهرة نقدية تتحدد بتالقي قوى العرض
والطلب على النقود ،ومن مث التأثري على اإلنفاق االستثماري والذي بدوره يؤثر على الدخل الوطين ،ومن مث
التأثري على مستوى النشاط االقتصادي ككل.34
ولقد طور كينز نظريته الشهرية بالطلب على النقود و اليت تتأثر بسعر الفائدة و اليت تدعى "نظرية
تفضيل السيولة " The General Theory of Employment Interest and Moneyواليت نشرها يف كتابه عام
،0392حيث تساءل كينز كغريه من املفكرين عن دوافع الطلب على النقود ،ووجد أن هذه الدوافع هي املبادالت
واالحتياط و املضاربة.
الفرع األول :دافع املبادالت Transaction Motive
اعرتف كينز بدافع املبادالت كما جاء به الكالسيك ( فيشر ) أي استخدام النقود كوسيط
للمبادالت اليومية و أن هذا الدافع يتأثر حبجم املبادالت بني األفراد و أن هذه املبادالت أصال تتأثر مبستوى
33مجيل زيدان "السياسات يف اجلهاز املايل" دار وائل للنشر ،عمان ،8888 ،ص ص .18-11
34مسري حممد معتوق ،مرجع سابق ،ص ص .818-820
34
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
الدخل وتشكل جزءا منه ،أي أن حمدد الطلب على النقود يف دافع املبادالت هو ) Md1 = f(yوأن هذا الطلب
ال يتأثر بسعر الفائدة.
ويوضح الشكل رقم ( )9-0منحىن الطلب على النقود و لغاية املبادالت حيث يتضح من املنحىن أن
الطلب لغاية املبادالت عدمي املرونة ألنه ال يتأثر بسعر الفائدة.
الشكل رقم ( )3-1منحىن دافع الطلب لغايات املبادالت
i
Md1
y
ص.027 املصدر أكرم حداد ،مرجع سابق،
35
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
Md2
y
املصدر أكرم حداد مرجع سابق ،ص .028
Speculative Motive الفرع الثالث :دافع املضاربة
لقد آمن كينز بوظيفة النقود كمستودع للقيمة ،وأن األفراد حيتفظون بالنقود لذاهتا ( لتحقيق ثروة
منها ) ،وأن ذلك يتأثر أساسا حبجم الدخل.
ولكن ملاذا احتفظ بالنقود و مل حيتفظ بأصول أخرى تدر عائد؟
لقد قسم كينز املوجودات إىل نقود وسندات فقط والسؤال الذي يطرح هنا جيب أن يكون كالتايل:
ما الذي حيدد احتفاظي بالنقود أو حيدد احتفاظي بالسندات لتحقيق عوائد منهما؟
اجلواب هو سعر الفائدة فهناك ثالث أسعار للفائدة و هي:
-1سعر الفائدة على السند و هو ثابت ( ال يتغري حاليا أو مستقبليا ).
-2سعر الفائدة السوقي السائد حاليا ( سعر الفائدة البنكية ).
-3سعر الفائدة التوازين ( هو املتوقع يف املستقبل ).
وسعر الفائدة املتوقع هو املعيار يف حتديد الطلب ،حيث نقارن بني األسعار الثالث:
●فإذا كان سعر الفائدة املتوقع سريتفع فمعىن ذلك أن سعر الفائدة احلايل منخفض وأن أسعار السندات مرتفعة،
لذلك احتفظ بالنقد.
●أما إذا كان املتوقع سينخفض ،فمعىن ذلك أن احلايل مرتفع وأن أسعار السندات منخفضة لذلك احتفظ
بالسندات ( فالسند ألنه موجود (أصل) يشرتى عندما ينخفض سعره يف السوق وذلك عندما يكون سعر الفائدة
مرتفع واملتوقع منخفض ).
● أما إذا كان سعر الفائدة املتوقع هو األعلى ،أي أن سعر الفائدة السائد و سعر الفائدة على السلع منخفض،
معىن ذلك أن سعر السند احلايل مرتفع وبالتايل احتفظ بالنقد .أي أن دالة الطلب يف دافع املضاربة هي سعر
الفائدة والدخل.
ويوضح الشكل رقم ( )1-1دافع الطلب لغاية املضاربة وهو منحىن مرن.
36
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
Md3
y
أكرم حداد ،مرجع سابق ،ص 101
و تصبح دالة الطلب على النقود بالدوافع الثالث كالتايل:
) Md1 = f (yلغايات املبادالت
) Md2 = f (yلغايات االحتياط
) Md3 = f (y, iلغايات املضاربة
و بتجميع هذه الدوافع يف دالة واحدة تصبح املعادلة كالتايل:
= Mdكما يوضحها الشكل رقم ( :)1-1 )f (i, y
37
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
Md3
y
املصدر أكرم حداد ،مرجع سابق ،ص .110
ولكن كينز ميز بني الكمية االمسية و الكمية احلقيقية من النقود و أن الطلب على النقود ألغراض
املضاربة هو طلب حقيقي أي على قوهتا الشرائية وليس على عددها (طلب امسي) وبالتايل كتب معادلته كالتايل:
𝑑𝑀
𝑝
)𝑦 𝑓(𝑖,
− +
واإلشارة السالبة يف دالة كينز تشري إىل أن الطلب على النقود كأرصدة حقيقية وليست كميات امسية
تتأثر سلبا بسعر الفائدة وإجيابا بالدخل ،وأن هذا الطلب ليس ثابتا فهو يتأثر بسرعة دوران النقد اليت ليست ثابتة
بالضرورة ألهنا أيضا بسعر الفائدة فإذا افرتضنا ومن املعدالت السابقة أن
𝑌𝑃
=𝑉
𝑀
هنا تعرب عن الطلب على النقود ،وباستبدال قيمة ( )Vيف معادلة كينز لدوافع الطلب على M وأن
النقود فإن:
𝑃 1
=
)𝑦 𝑀𝑑 𝑓(𝑖,
و إذا ضربنا طريف املعادلة بـ ( )Yفإن:
𝑌𝑃 𝑌
=𝑉 =
𝑀 )𝑦 𝑓 (𝑖,
ومنها تثبت أن العالقة بني الطلب على النقود و سعر الفائدة هي عالقة سلبية فإذا ارتفعت iفإن
) f (i, yتقل و بالتايل فإن سرعة تداول النقد Vترتفع و العكس صحيح.
ومبعىن آخر فإن ارتفاع سعر الفائدة يشجع األفراد على تقليل حجم النقود اليت ميسكوهنا كجزء من
دخلهم و بالتايل يقل احتفاظهم بالنقد و تزيد عندها سرعة تداول النقد ( )Vإذا:
Δv ← Md Δ ← iΔ
38
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
وأن vو iتسريان بنفس االجتاه وباجتاه الدورة االقتصادية حسب التحليل الكينيزي ،ففي حالة االنتعاش
تزداد iو vوالعكس صحيح يف حالة الكساد .ولكن إن وصلت iإىل مستوى منخفض جدا ماذا حيدث35؟
لقد ناقش كينز هذا الفرض واعترب أن اخنفاض معدل الفائدة إىل مستوى معني سيجعل من الطلب
على النقد مطلق ( ال هنائي املرونة فال شيء أفضل من االحتفاظ بالنقد ولن يكون هناك طلب على السندات )
ويكون االقت صاد قد وصل إىل مرحلة االهنيار (الكساد) ،وذلك ألن معدل الفائدة منخفض وبالتايل لن يشجع
األفراد على التخلي عن النقود ألنه لن يغطي االستثمار وخماطره .وهنا لن يكون ألي تغري يف Msأي تأثري على
سعر الفائدة ولن يتغري االستثمار وبالتايل لن يعمل املضاعف وسيصل االقتصاد إىل ما يسمى بفخ السيولة.
فخ السيولة :Liqudity Trap
هو اخنفاض سعر الفائدة لدرجة يصبح عندها الطلب على النقد مطلق ،وحلل مشكلة فخ السيولة
يقرتح كينز بإتباع سياسات مالية وليست سياسات نقدية ،ألن هناك حالة تشاؤم بني القطاع اخلاص ولن تتخلص
منها إال بتخفيض الضرائب وزيادة اإلنفاق احلكومي وتشجيع االستثمار وينتقد كينز بذلك أصحاب املدرسة
الكالسيكية اليت يفرضون فيها أن تغري عرض النقد سيؤدي إىل معاجلة حالة الكساد واليت مل تنجح نظريتهم إبان
الكساد الكبري عام 0303يف الواليات املتحدة األمريكية .وهذا كما هو موضح يف الشكل رقم (:)7-1
Ms2
Ms9
--------------------------------
y
املصدر بلعزوز بن علي ،مرجع سابق ،ص11
يتضح من الشكل أعاله أن الطلب على النقود و عند اخنفاض iإىل مستوى متدين (فخ السيولة)
يصبح تام املرونة أي أنه ال يتأثر هنائيا بسعر الفائدة ،وأن انتقال منحىن عرض النقد من Ms1إىل Ms2سيؤدي
إىل معاجلة الوضع جزئيا ولكن انتقال منحىن عرض النقد بعد ذلك إىل اليمني (زيادة كمية النقود يف االقتصاد) لن
تؤدي إىل دفع األفراد للتخلي عن النقود ولن خنرج من حالة الكساد.
انتقادات النظرية الكينيزية:
وجهت للنظرية الكينيزية جمموعة من االنتقادات أمهها:36
-1افرتض كينز وصول االقتصاد إىل حالة فخ السيولة وهي حالة نظرية وخاصة وقد ال يصل االقتصاد إليها هنائيا
كما أنه مل حيدد سعر الفائدة الذي يكون فيه الطلب على النقد مطلق يف هذه احلالة.
-2بىن كينز حتليله على حالة الكساد االقتصادي ولكنه يف نفس الوقت مل يستطيع تفسري حالة الكساد
التضخمي* أو باألحرى مل يؤمن بوجود تلك احلالة واليت يصل إليها االقتصاد فقط يف حال عدم تأثري زيادة عرض
النقد على سعر الفائدة وبالتايل لن يتغري االستثمار ولن يعمل املضاعف.
-3إن سعر الفائدة عند كينز يغطي فقط التفضيل الزمين ( الطلب بدافع تفضيل السيولة ) والذي يتحدد بعوامل
نقدية ومل يغطي العوامل األخرى كاملخاطر أو مستويات الدخل واليت تؤثر أيضا يف حتديد سعر الفائدة.
-4اقتصر كينز حت ليله على أن املوجودات هي نقد وسندات وأمهل املوجودات األخرى وتأثريها وافرتض أن األفراد
سيحتفظون بأحدمها وليس مبزيج من االثنني معا.
-1كانت نظرة كينز لالقتصاد نظرة ساكنة وعلى املدى القصري ومل يأخذ بعني االعتبار تغري األمناط االستهالكية
لألفراد وتأثره على العوامل احملددة لسعر الفائدة على املدى الطويل.
املطلب الثالث :املدرسة النقدية
لقد جاءت مدرسة شيكاغو بزعامة ميلتون فريدمان لتعيد احلياة من جديد للنظرية الكمية التقليدية
ولكن يف صورة جديدة ،حيث تعكس املرحلة الثالثة من مراحل تطور النظرية النقدية واليت يطلق عليها النظرية
املعاصرة لكمية النقود أو النظرية الكمية اجلديدة واليت مبوجبها حتويل النظرية الكمية من جمرد نظرية للطلب على
النقود إىل نظرية يف الدخل النقدي مما أعاد التأكيد على الدور الرئيسي للنقود يف النشاط االقتصادي.
وأصبح أنصار تلك النظرية يدعون بالنقديني ( أصحاب املذهب النقدي ) ويشكلون قوة ذات نفوذ
متزايد ليس يف جمال الفكر و التحليل النقدي وإمنا أيضا يف جمال حتديد السياسات االقتصادية عموما.
ويعتقد أصحاب املدرسة النقدية بأن للسياسة النقدية أثرا فعاال على خمتلف األنشطة االقتصادية،
بصرف النظر عما إذا كانت هذه السياسة انكماشية أو تضخمية ،وحسب اعتقادهم دائما أن تدخل الدولة يف
النشاط االقتصادي عن طريق السياسة املالية لتحقيق االستخدام الكامل لعناصر اإلنتاج ومن مث حتقيق التوازن
40
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
االقتصادي فإن هذا اهلدف لن يتحقق وإمنا على العكس فإن هذا التدخل قد يؤدي إىل تعميق الالتوازن ،وهلذا
حتتل السياسة النقدية املرتبة األوىل يف السياسة االقتصادية ،على اعتبار أن التغريات اليت تصيب األنشطة
االقتصادية تبعا للتغريات اليت حتدث يف كمية النقود أكثر تأثريا وأكثر فعالية من التأثريات النامجة عن السياسة
املالية ( سياسة اإلنفاق العام ).
لقد أوضح النقديون أن التغري يف املعروض النقدي له آثار واسعة النطاق على الطلب الكلي ومن مث
الناتج الوطين واألسعار ،وهذه األسعار ختتلف يف املدى القصري عنه يف املدى الطويل حيث ميارس عرض النقود
يف املدى الطويل أثره بصفة خاصة على املستوى العام لألسعار فقط كما يف احلالة الكالسيكية ،غري أنه يف املدى
ال قصري متارس النقود أثرا مباشرا وهاما على اإلنفاق الكلي ومن مث على الدخل الوطين وذلك على النحو التايل:37
الحالة األولى :إن زيادة املعروض النقدي من جانب السلطات النقدية يؤدي إىل زيادة األرصدة النقدية لدى
األفراد واملشروعات فوق املستوى املرغوب فيه مما يؤدي إىل ارتفاع اإلنفاق عند هؤالء األفراد ،وبالتايل تكون هناك
زيادة يف الطلب الكلي ينجز عنه زيادة يف اإلنتاج و التشغيل ،هذا إذا كان االقتصاد دون التشغيل الكامل مما
يؤدي إىل حدوث زيادة يف األرصدة املرغوبة ،أما إذا كان االقتصاد يف حالة التشغيل الكامل فإن األثر ينعكس
على األسعار اليت ترتفع ،أي أن عملية التعديل بني األرصدة املرغوبة ،واحلقيقة تتم يف هذه احلالة عن طريق
األسعار ( ارتفاع املستوى العام لألسعار ).
أما الحالة الثانية :عند ختفيض املعروض النقدي من طرف البنك املركزي من خالل قيامه ببيع األوراق احلكومية
يف السوق املفتوحة هذا يؤدي إىل تقليص كمية النقود عند اجلمهور ومن مث ينخفض اإلنفاق على السلع
واخلدمات ،مما يدفع الدخل الوطين إىل مستوى أدىن ،مبعىن أن اجلمهور عندما يواجه نقصا يف السيولة فإنه خيفض
من إنفاقه إىل أن ينخفض الدخل الوطين النقطة حيث تسرتد النسبة األصلية بينه وبني املعروض النقدي مرة
أخرى.
كما افرتض فريدمان أن األفراد يرغبون بكمية حقيقية من األرصدة و ليست كمية امسية ،وقد عرب
عن ذلك كله ب الصيغة التالية:38
)𝑈 𝑀 ⁄𝑃 = 𝑓(𝑅𝑏, 𝑅𝑒, 1⁄𝑃 . 𝑑𝑝⁄𝑑𝑡 , 𝑊,
)𝑃(𝑀 ⁄ يطلق على هذه املعادلة دالة الطلب على األرصدة النقدية احلقيقية
ويرى فريدمان خبصوص هذه الدالة مايلي:39
● أهنا صورة معدلة ملعادلة كامربيدج.
●أهنا دالة مستقرة ،وإن كان استقرارها ال يتطلب ثباهتا ،هذا االستقرار يتطلب نظرة خاصة إىل طبيعة هذه الدالة.
كما افرتض فريدمان أيضا أن ثروة األفراد تأخذ أشكال متعددة باإلضافة إىل النقود وقسمها إىل
ثالث تصنيفات رئيسية هي األسهم والسندات والسلع ،وإن احلافز وراء امتالك هذه األموال هو العائد املتوقع
منها مقارنة مع العائد املتوقع من النقود نفسها ،وكلما زاد هذا العائد كلما قل الطلب على النقود (عالقة سلبية).
ويتأثر الطلب على النقود أساسا بعاملني هو :اخلدمات املقدمة من املصارف ملودعيها ،وسعر الفائدة
على هذه الودائع ،فكلما زادت هذه العوامل كلما زاد الطلب على النقود وقل على األصول األخرى.
وقد مت التعبري عن قيمة السلع مبعدل التضخم و هو العائد املتوقع من بيع هذه األصول باملستقبل
وحتقيق أرباح رأمسالية وهذه األرباح تساوي معدل التضخم املتوقع.
أما ( )hالثروة البشرية (و هي ال تلعب دورا أساسيا يف حتديد نظرية الطلب على النقود عند
فريدمان) ،فهي تعين أن الدخل القادم إذا كان يف معظمه من اخلربات البشرية فإن األفراد سريغبون باالحتفاظ
بالنقود بشكل سائل أكثر وذلك ألن هذا الدخل بطبيعته غري سائل وهنا تصبح العالقة سلبية بني الدخل البشري
والنقود.
املطلب الرابع :اجلدل النقدوي-الكينيزي
لقد مسح النقاش بني النقديني والكينزيني اجلدد بتوضيح بعض األطروحات النيوكينيزية:40
-بدأ الكتاب الكينيزيون اجلدد من بناء النماذج القياسية بإعطاء أمهية كربى للنقد.
-لقد محل النقديون املنظرون و بناة النماذج ( من الكينزيني ) على األخذ يف احلسبان مشكل متويل النفقات
العمومية ،وعلى وجه اخلصوص إضفاء النقدية على حتليل املضاعف.
-أصبح االعتماد على معدالت الفائدة السائدة يف السوق أقل من االعتماد على الكتلة النقدية يف اختاذ
القرارات يف جمال السياسة النقدية.
وهكذا إذا فقد بدأ اجلدل منذ مطلع السبعينيات ،وامتد إىل وقتنا احلاضر ،بني النقديني والكينزيني
فيما يتعلق بفعالية السياسة النقدية .ولعل ما زاد من حدة النقاش ،طغيان التحليل االقتصادي الكلي والسياسات
االقتصادية الكلية على حساب التحليل االقتصادي اجلزئي ،وسبب ذلك تنامي االهتمام باالجتاه الكلي يف
االقتصاد ميدانيا منذ احلرب العاملية الثانية ،مث دعم ذلك بظهور أفكار وأراء كثرية من اقتصاديني وخرباء ،يف
منظمات اقتصادية ومالية ذات طابع إقليمي أو دويل ،حول السياسة االقتصادية الفعالة.
ويف إطار هذا اجلدل كتب جيمس توبن ( James Tobinوهو من الكينزيني اجلدد) يف مقال له نشر
يف اجمللة االقتصادية األمريكية (جوان " :41)0321إن الشعار الذي رفعه النقديني ،والذي ينص على أن للنقد
أمهية يف احلياة االقتصادية حتول عندهم يف النهاية ألن يكون النقد هو العامل الوحيد فقط الذي له أمهية يف احلياة
االقتصادية .إن جذور االضطرابات االقتصادية يف النظام الرأمسايل جيب البحث عنها إذن يف اجملال النقدي".
43
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
* الدخل الدائم هو ذلك اجلزء من الدخل احلايل الذي يتصف باالستمرارية واالستقرار وأقصى قدر ميكن للمستهلك استهالكه بينما حيتفظ بثروته ثابتة
ال تتغري أي أنه العائد من الثروة.
42رحيم حسن ،مرجع سابق ،ص ص .802-800
44
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
-توافر نظام معلومايت فعال؛ إذ تؤثر السياسة النقدية يف مجيع األسواق من خالل تأثريها على كمية النقود .ومن
هذا املنطلق فيجب على مصممي السياسة النقدية امتالك معرفة شاملة وتفصيلية عن وضع االقتصاد يف خمتلف
أسواقه وطبيعة اختالالته وإمكانياته.
-حالة نشاط السوق املوازي ،إذ كلما قل نشاط هذا السوق كلما أمكن التحكم يف االقتصاد وبالتايل تفعيل
السياسة النقدية.
الفرع الثاين :فعالية السياسة النقدية يف الدول الرأمسالية املتقدمة
تتبلور السياسة النقدية يف االقتصاديات الرأمسالية يف استخدام األدوات الكمية و اخلاصة للتأثري على
عرض النقود ،وبالتايل على االئتمان ،و يعتمد جناحها على التعاون التام والثقة املتبادلة بني البنوك املركزية والبنوك
التجارية (وغريها من املؤسسات املالية) من ناحية ،ومن ناحية أخرى يعتمد على وجود أسواق نقدية و مالية
منتظمة ومتقدمة .وبالتايل يؤدي جتاوب البنوك التجارية واملؤسسات املالية مع البنك املركزي ،إىل حتقيق األهداف
املرسومة للسياسة النقدية ،و بالتايل تزيد فعالية السياسة النقدية يف التأثري على النشاط االقتصادي .ويؤدي وجود
سوق نقدية كاملة و منتظمة تتعامل يف قبول وخصم األوراق التجارية قصرية األجل إىل زيادة فعالية سعر اخلصم
يف التأثري على االئتمان عن طريق ما حيدثه من أثر على تكلفة خصم األوراق التجارية الذي ميثل ائتمان قصري
األجل .كذلك يؤدي وجود سوق مالية كبرية مرنة تتعامل مع األوراق املالية إىل زيادة فعالية عمليات السوق
املفتوحة يف التأثري على االئتمان ،ومن مث على عرض النقود ،عن طريق البنك املركزي عندما يدخل مشرتيا أو بائعا
هلذه األوراق يف هذا السوق.
وإذا أضفنا إىل ذلك أن النقود املصرفية متثل اجلزء األكرب واهلام من كمية النقود املتداولة وبالتايل من
عرض النقود يف هذه الدول لتبني لنا أن تغيري نسبة االحتياطي والسيولة يكون هلا دور فعال يف التأثري على عرض
النقود.
ومعىن ذلك ،أن األدوات الكمية للسياسة النقدية إذا دعمت باألسلحة األخرى للسياسة النقدية أي
األدوات اخلاصة ،لتبني لنا الدور الفعال الذي ميكن أن تقوم به السياسة النقدية يف التأثري على عرض النقود ومن
مث على النشاط االقتصادي يف االقتصاديات الرأمسالية.
الفرع الثالث:عوائق فعالية السياسة النقدية يف الدول النامية
ميكن تلخيص أسباب ضعف السياسة النقدية يف الدول النامية يف النقاط التالية:45
-عدم وجود أسواق نقدية و مالية منظمة ،ويف حالة وجودها فهي تتميز بضيق يف نطاقها وهذا ما يؤدي إىل
ضعف فعالية سياسة معدل إعادة اخلصم واستحالة تطبيق سياسة السوق املفتوحة.
-ضعف الدور الذي يقوم به البنك املركزي يف التأثري على البنوك التجارية من شأنه أن حيول دون قيام البنوك
التجارية بأي دور فعال يف التأثري على النشاط االقتصادي.
-تتجه البنوك التجارية يف الدول النامية إىل تقدمي القروض لتمويل قطاع التجارة ( متويل قصري األجل) مقارنة
بالتمويل املقدم لتمويل القطاع اإلنتاجي ( متويل طويل األجل) الذي يعترب أحد دعامات التنمية االقتصادية.
-ضعف الوعي النقدي واملصريف ،حيث يتجه األفراد يف الدول النامية إىل االحتفاظ بأمواهلم يف شكل سيولة
وليست ودائع أو أوراق مالية ،األمر الذي يقلل من دور البنوك التجارية هلذه الدول مقارنة بالدول املتقدمة.
-ضآلة مرونة االستثمارات للتغريات اليت حتدث ألسعار الفائدة بسبب ارتفاع درجة املخاطر واخنفاض الكفاية
احلدية لرأس املال ،ولذلك فإن أي حماولة لزيادة االستثمار يستلزم ختفيض كبري لسعر الفائدة.
-عدم وجود استقرار يف املناخ السياسي ،وتقلب يف موازين مدفوعات تلك الدول واألنظمة الضريبية مما ال
يشجع على االستثمار األجنيب وبالتايل عدم حتقيق أهداف التنمية االقتصادية.
-يتم التداول النقدي يف الدول النامية على أساس النقود املادية خاصة الورقية ،أما النقود املصرفية فمازال دورها
حمدودا كأداة لتسوية املدفوعات باستثناء تلك املعامالت اليت تتم بني املؤسسات.
-اخنفاض مستوى الدخل وانتشار عادة االكتناز و عدم انتشار البنوك واملؤسسات املالية يف خمتلف أرجاء الوطن.
كما أن هناك العديد من األسباب اليت قد حتد من سلطة البنك املركزي وجهازه املصريف للقيام بالدور
املطلوب ،األمر الذي حيد من فاعلية السياسة النقدية يف االقتصاديات النامية ،إال أنه بالرغم من ذلك لتلك
االقتصاديات االستغناء عن السياسة النقدية ،بل إن برامج اإلصالح االقتصادي اليت تتبناها الكثري من
االقتصاديات باالتفاق مع صندوق النقد الدويل تشري إىل أن السياسة النقدية إحدى احملاور الرئيسية لتلك
الربامج ،بل إن اإلصالحات االقتصادية تتجه إىل سوق النقد واملال وحتقيق قابلية التحويل للعملة الوطنية وغريها
من اإلصالحات اليت ستزيد من فاعلية السياسة النقدية يف تلك الدول مستقبال.
املطلب الثاين :قنوات انتقال السياسة النقدية
ميكن أن ينتقل أثر السياسة النقدية إىل النشاط االقتصادي من خالل ما يعرف بقنوات السياسة
النقدية اليت يبلغ هبا أثر أدوات السياسة النقدية إىل اهلدف النهائي تبعا الختيار اهلدف الوسيط ،فالفكرة
األساسية يف هذا املوضوع هو أن تنتقل قرارات السياسة النقدية إىل االقتصاد من خالل طرق تنتهي بالتأثري على
األسعار و اإلنتاج ،حيث أنه إذا اخنفض سعر الفائدة الرئيسي فإن ذلك سيؤثر على كل من أسعار الفائدة يف
املدى الطويل ،حجم القروض املمنوحة من طرف البنوك التجارية و سعر الصرف ،وتتأثر آلية انتقال أثر السياسة
النقدية بشكل قوي بـ :مرونة املتغريات االقتصادية ،هيكل النظام املايل للدولة ،هيكل االقتصاد الكلي واألوضاع
47
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
االقتصادية بشكل عام .يوجد على العموم أربعة قنوات رئيسية تقليدية وهي كالتايل :معدل الفائدة ،سعر
األصول ،سعر الصرف اخلارجي ،وقناة القروض.46
الفرع األول :قناة سعر الفائدة
ال تشري هذه القناة إىل تأثري سعر الفائدة على تكلفة القروض فحسب بل أيضا إىل تغري التدفقات
النقدية للمدينني والدائنني .بالنسبة للمدينني فإن سعر الفائدة يؤثر على التكلفة احلدية واملردودية احلدية لرأس
املال ،مما يؤثر على التكلفة احلدية لالقرتاض .أما بالنسبة للدائنني فإن التغريات يف سعر الفائدة يؤثر على متوسط
سعر الفائدة للديون غري املسددة.
وحسب (( )Gali et Getmer, Farmer)0220فإنه نتيجة ألمهية هذه التأثريات على اإلقراض
واالقرتاض فإن إجراء تغريات على سعر الفائدة يؤدي إىل تغري التكلفة احلدية لالقرتاض و هو ما يؤدي بدوره إىل
إحداث تغريات يف االستثمار واالدخار وبالتايل يف الطلب الكلي .إن استجابة أسعار الفائدة اجلزئية للبنوك
التجارية يف السوق لتغريات سياسة أسعار الفائدة اجلزئية للبنوك التجارية يف السوق لتغريات سياسة أسعار البنك
املركزي هو السمة األساسية هلذه القناة.47
الفرع الثاين :قناة سعر األصول
تعرف أيضا هذه القناة بتأثري الثروة على تغريات سعر الفائدة ،وتعمل هذه القناة من خالل منهجني
أساسيني ،أحدمها يركز على املؤسسات واآلخر على سلوك العائالت وهو منهج املدرسة النقدية ،كما تركز على
تأثريات الثروة النامجة عن جمموعة واسعة من األصول "السندات واألوراق املالية والعقارات السكنية" نتيجة
التغريات يف أسعار الفائدة و عادة ما تقاس هذه األصول بأسعار األسهم وهذا حسب 0331 Mishkinفنظرية
Q.Tobinتشرح إحدى اآلليات الرئيسية اليت تؤدي بتغريات أسعار الفائدة إىل تغريات
يف أسعار األصول اليت بدورها تغذي يف هناية املطاف الطلب الكلي يف هذه اآللية يعرف على أنه القيمة السوقية
للمؤسسات مقسومة على تكلفة استبدال رأس املال.
وبصفة عامة ،فإن التغريات يف سعر األصول ميكن أن يؤثر على السلوك االنفاقي للمؤسسات
والعائالت على حد سواء ،مما قد يؤدي باملؤسسات و العائالت إىل عدم الوفاء بالتزاماهتم وعلى سبيل املثال فإن
االخنفاض الكبري يف سعر األسهم ميكن أن خيفض من قيمة املوجودات السائلة لتسديد القروض ونتيجة لذلك قد
تضطر العائالت واملؤسسات لتخفيض اإلنفاق واالقرتاض من أجل تدعيم ميزانياهتم.48
22أمحد شعبان حممد علي "انعكاسات املتغريات املعاصرة على القطاع املصريف ،و دور البنوك املركزية ،دراسة حتليلية ،تطبيقية ،حلاالت خمتارة من البلدان
العربية" مجهورية مصر العربية ،الدار اجلامعية ،الطبعة األوىل ،0332 ،ص .803
47 Frederik Mishkin et Christian bordes « monnaie, banque et marchés financières » 8e édition,
nouveau horizons , 2008, p 803.
48
Frederik Mishkin et Christian bordes, op.cit, p 805.
48
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
49قدي عبد اجمليد " مدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية" ديوان املطبوعات اجلزائرية ،اجلزائر ،0330،ص .77
50أمحد شعبان حممد علي ،مرجع سابق ،ص .800
49
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
هذا امليكانيزم .فمن جهة ،االنكماش النقدي و الذي من شأنه ختفيض أسعار أصول املؤسسات وكذا ختفيض
صايف ثرواهتا ميكن أن يؤدي إىل اخنفاض القروض لتمويل اإلنفاق االستهالكي ( مشكلة االختيار العكسي )،
ومن جهة ثانية فإن اخنفاض ثروة املؤسسات ( اخنفاض األصول ) يؤدي إىل ختفيض حصص الشركاء وهو ما
يعطيهم أكثر حتفيز للجوء االستثمارات اخلطرية ( اخلطر املعنوي ) وهذا ما قد يؤدي إىل ختفيض قروض االستثمار
من طرف املؤسسات املالية فيقل بذلك اإلنفاق االستهالكي.
يف هذا اجلانب وكنتيجة هنائية ،فإن اخنفاض القروض هو عبارة عن استجابة لدالة العرض نتيجة
مشكالت االختيار العكسي واخلطر املعنوي.
ب -ميكانيزم القرض البنكي
إن قناة القرض البنكي تعمل على أساس األدوار اخلاصة اليت تلعبها البنوك كوسيط مايل ،فهي األكثر
مالئمة للتعامل بني املاحنني واملقرتضني خاصة املؤسسات الصغرية أين ميكن مالحظة وجود مشكالت عدم تناظر
املعلومات وبالرغم من أن زيادة اإلبداع املايل قد أدى إىل انتقاد هذه القناة إال أن هناك شبه تأكد من أن هذه
القناة تكتسي أمهية كبرية خاصة يف الدول النامية .
50
الفصل األول اإلطار النظري للسياسة النقدية
خالصة:
إن للسياسة النقدية دور هام يف حتقيق النمو االقتصادي وتفادي العجز احلاصل يف اقتصادياهتا،
إضافة إىل اسرتاتيجياهتا واليت منها ما يعرف بالقدمية واليت تسمى اسرتاتيجيات غري كاملة مثل نظرية القرض
التجاري ،ومبدأ االحتياطات احلرة وأسعار الفائدة ،وهناك اسرتاتيجيات حديثة واليت تتمثل يف اختيار هدف
وسيط هو معدل النمو النقدي خالل سنة معينة ،كما أن خمطط اإلسرتاتيجية يبدأ من اختيار األهداف األولية مث
الوسيطية لتحقيق األهداف النهائية.
إن اختيار األهداف يعترب مهما جدا و ال ميكن استخدام هدفني وسيطني لتحقيق هدف هنائي
واحد لذلك يتعني على البنك املركزي اختيار هدف وسيط واحد ،وإن استخدام العرض النقدي كوسيط سيجعل
سعر الفائدة متقلبا ،وإذا كان اهلدف الوسيط هو سعر الفائدة فإنه سيجعل العرض النقدي متذبذبا.
وتعترب السياسة النقدية أداة للمراقبة ،فلقد اختلف هذا املفهوم بني املدارس االقتصادية ،فالكالسيك
اعتربوا أن النمو يتم تلقائيا دون تدخل الدولة واعتقدوا أن التوازن االقتصادي يتحقق دائما عند مستوى التشغيل
الكامل مع افرتاض حياد النقود ،أما الكينيزيون فانفوا النظرية الكالسيكية و بأن النقود حمايدة بل واعرتفوا بأهنا
إجيابية إذ يلعب معدل الفائدة دور هام يف انتقال أثر السياسة النقدية إىل املتغريات احلقيقية .وأما فيما خيص
النقديون فاعتقدوا أن للسياسة النقدية أثرا فعاال على خمتلف األنشطة االقتصادية.
51
ظاهرة التضخم وسياسة استهدافها
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
متهيد:
يعترب التضخم ظاهرة ومشكلة اقتصادية يف آن واحد قد تصيب اقتصاديات البلدان النامية واملتقدمة
على حد سواء ،وتكاد تكون هذه الظاهرة متصفة باالنتظام والتكرار يف حدوثها .فلقد ارتبطت أسباهبا بعوامل
عديدة وخمتلفة وهو ما يؤدي يف هناية املطاف إىل تغري قيمة العملة و ارتفاع أسعار خمتلف السلع و اخلدمات و
هذا ما يصاحبه آثار مجة على املستوى االقتصادي واالجتماعي.
لقد كان االعتقاد أن التأثري الفعال على التضخم يكون عن طريق السياسة النقدية اليت تؤثر يف
األسعار بشكل غري مباشر معتمدة على االستهدافات الوسيطية مثل الكتلة النقدية وسعر الصرف وسعر الفائدة
إال أنه ومع بداية التسعينات تراجعت الكثري من الدول املتقدمة والنامية عن هذا االعتقاد حيث انتقلت من الرتكيز
على تلك االستهدافات إىل الرتكيز على معدالت التضخم يف حد ذاهتا كاستهدافات وسيطية وهو ما يعرف
بسياسة استهداف التضخم اليت جتعل استقرار األسعار يف املدى الطويل هو اهلدف النهائي الذي جيب العمل
على حتقيقه.
وسنتطرق يف هذا الفصل إىل:
-1مفاهيم عامة حول التضخم.
-2آثار التضخم وكيفية معاجلته.
-3النظريات املفسرة للتضخم.
-4طرق معايري قياس التضخم.
-5سياسة استهداف التضخم.
53
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
1حسني بن سامل جابر الزبيدي "التضخم و الكساد" مؤسسة الوراق للنشر و التوزيع ،األردن ،الطبعة األوىل ،2111 ،ص.32
2حممد زكي الشافعي "مقدمة يف النقود والبنوك" دار النهضة العربية للنشر ،القاهرة ،1111 ،ص.11
3غازي حسني عناية "التضخم املايل" مؤسسة شباب اجلامعة للنشر ،اإلسكندرية ،2112 ،ص.1
4غازي حسني عناية ،مرجع سابق ،ص ص .01-52
54
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
الصناعات االستهالكية خيتلف عنه يف القطاعات االستثمارية ،وحيلل االقتصادي كينز أنواع التضخم املتعامل هبا
يف أسواق السلع إىل:7
أ-التضخم السلعي :وهو التضخم الذي حيصل يف قطاع صناعات االستهالك حيث يعرب عن زيادة نفقة إنتاج
سلع االستثمار على االدخار.
ب-التضخم الرأمسايل :وهو التضخم الذي حيصل يف قطاع صناعات االستثمار ،حيث يعرب عن زيادة قيمة سلع
االستثمار على نفقة إنتاجها .وكنتيجة لتفشي هذه االجتاهات التضخمية فإن أرباحا كبرية تتحقق يف كل من
قطاعي االستهالك ،واالستثمار.
وأما بالنسبة لالجتاهات التضخمية املتفشية يف أسواق عوامل اإلنتاج وأثارها على الدخول النقدية
لألفراد فإن كينز يفرق بني نوعني آخرين من التضخم:8
أ-التضخم الرحبي :وهو ما يعرب عن زيادة االستثمار على االدخار بصفة عامة ،حبيث حتقق أرباحا كبرية يف
قطاعي صناعات سلع االستهالك واالستثمار.
ب -التضخم الدخلي :وحيصل نتيجة ارتفاع و تزايد نفقات اإلنتاج ،ومنها أجور العمال ،وقد ورد هذا التقسيم
يف حتليل كينز للتغريات احلاصلة يف مستويات األسعار يف معادلتيه االثنتني ،فهو يقسم األسواق إىل أسواق سلع
االستهالك ،وأسواق سلع االستثمار ،فعندما تتعادل نفقة سلع االستثمار مع االدخار فإن حالة من التوازن
حتصل ،وهي اليت تتصف باستقرار يف األسعار .ويف هذه احلالة قد ينشأ النوع األول من التضخم ،وعندما تتعادل
نفقة إنتاج سلع االستثمار مع قيمة هذه السلع فإن النوع الثاين من التضخم قد ينشأ.
الفرع الثالث :مدى حدة الضغط التضخمي
ميكن تقسيم التضخم من حيث حدته ،ودرجة قوته إىل :تضخم جامح ،وتضخم غري جامح
(متوسط).9
أ -التضخم اجلامح :و هو أشد أنواع التضخم آثارا و ضررا على االقتصاد الكلي ،حيث تتواىل االرتفاعات
الشديدة لألسعار دون توقف ،حبيث ترتك آثارا ضارة ،و كبرية يصعب على السلطات احلكومية احلد منها ،أو
معاجلتها ،فتفقد النقود قوهتا الشرائية و قيمتها كوسيط للتبادل ،وخمزن للقيم ،مما يدفع األفراد إىل التخلص منها،
واستثمارها يف قطاعات غري إنتاجية مبددة للثورة مما جيعل السلطات احلكومية تلجأ إىل التخلص من هذه النقود
وذلك باستبداهلا بعملة جديدة ،كما حصل يف كثري من البلدان اليت عانت من تفشي هذه األنواع من االجتاهات
التضخمية خاصة يف فرتات احلروب.
ب-التضخم غري اجلامح (املتوسط) :وهو تضخم ترتفع فيه معدالت األسعار ،ولكن مبستوى أقل من ارتفاعها
بالنسبة للتضخم اجلامح .حبيث تكون آثاره أقل خطورة على االقتصاد القومي وحبيث يسهل على السلطات
احلكومية عالجه ،ومكافحته ،واحلد من آثاره حبيث ال يصل األمر إىل فقدان الثقة متاما بالنقد املتداول.
الفرع الرابع :الظواهر اجلغرافية والطبيعية
تتحدد بعض أنواع االجتاهات التضخمية حبدوث ظواهر جغرافية ،وطبيعية وقد ال يكون هلا صفة
الدوام ،أو قد تكون بصورة طارئة وغري اعتيادية مثل :التضخم الطبيعي (االستثنائي) ،والتضخم الدوري (احلركي).
أ -التضخم الطبيعي (االستثنائي) :وهو تضخم غري اعتيادي ينشأ نتيجة لظروف طبيعية حاصلة :كالتضخم
احلاصل نتيجة الزالزل و الرباكني ،أو انتشار األوبئة واألمراض ،أو انفجار ثورة من الثروات كحافز سياسي خللق
بوادر تضخمية ،أو بسبب احلروب .فهذه الظروف الطبيعية وغريها قد تكون حافزا لبدء ظهور االجتاهات
التضخمية ،واستفحاهلا بفضل العوامل األخرى ،فأثناء احلروب مير االقتصاد بثالث مراحل هي:فرتة االستعداد
احلر؛ي ،فرتة احلرب نفسها ،وفرتة ما بعد احلرب.
أوال -فرتة احلرب نفسها :حيث تتميز هذه الفرتة بتزايد اإلنفاق العام لتهيئة البالد للحرب والقيام باملشاريع احلربية
على حساب املشاريع املدنية ،مما يؤدي إىل اخنفاض الناتج من السلع املدنية كالسلع االستهالكية والغذائية ،مما
يرتتب عنه ارتفاع يف األسعار .وتتميز هذه الفرتة كذلك باخنفاض االسترياد لعدم توفر العملة األجنبية ،وضعف
االدخار ،وفرض احلماية اجلمركية ...اخل ،كما حصل يف أملانيا يف بداية احلرب العاملية الثانية.
ثانيا -فرتة احلرب نفسها :حيث تتميز هذه الفرتة بقلة األيدي العاملة ،ضعف اإلنتاج ،وظهور البوادر التضامنية
بني أفراد اجملتمع ،حيث تنتشر األفكار االجتماعية ،التضامنية ،الوطنية ،وغريها من اآلثار االجتماعية واالقتصادية
احلاصلة بسبب احلرب ،حيث يقال أن عدم شدة ارتفاع األسعار يف بريطانيا أثناء احلرب العاملية الثانية كان
بسبب النظام ،وتضامن الطبقة العاملة مع اإلجراءات احلكومية املتخذة ،ومنها جتميد األجور.
ثالثا -فرتة ما بعد احلرب :تعترب امتدادا لفرتة احلرب نفسها ،حيث يصعب مكافحة التضخم وارتفاعات األسعار
يف بداية هذه الفرتة.
ب-التضخم احلركي (الدوري) :و هذا التضخم يعترب مسة من مسات النظام الرأمسايل ،حيث يعرب عن حركات
الظواهر الرأمسالية املتجددة ،كاألزمات االقتصادية املتجددة ،ومنها الظواهر التضخمية الدورية اليت تتصف باحلركة
الدورية.
الفرع اخلام ::اختالف النظم االقتصادية واالجتماعية
فطبيعة القوى التضخمية تتمثل خباصية واحدة ومتشاهبة مهما تعددت النظم االقتصادية
واالجتماعية ،فاختالل التناسب والتوازن ما بني العرض والطلب هو سبب ظهور هذه االجتاهات التضخمية
كمؤشر من مؤشرات شدة الضغط التضخمي املتفشي .على أن ذلك ال يعين أن االجتاهات التضخمية واحدة
وذات خصائص متشاهبة ،فاالجتاهات التضخمية يف األنظمة الرأمسالية إمنا تتجلى بارتفاع مستمر يف املستويات
57
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
العامة لألسعار بينما تتجلى هذه االجتاهات التضخمية يف األنظمة االشرتاكية بتناقص مستمر يف املخزون
السلعي.
الفرع السادس :الضغط التضخمي
ميكن أن يقسم التضخم بالنسبة هلذا املعيار إىل:10
أ -تضخم الطلب أو التضخم الناشئ عن جذب الطلب :وهو" 11زيادة الطلب الكلي على السلع و املنتجات
عن نسبة املعروض منها حمددة بثمن معني ثابت" ،حبيث ينتج عن هذا اخللل يف التوازن ما بني العرض والطلب
ارتفاع عام يف املستوى العام لألسعار ،فهو يعرب عن اشتداد طلب األفراد على شراء السلع ،واملنتجات ،أو
احلصول عليها بنسبة تفوق املعروض من هذه السلع ،واملنتجات املتوفرة يف األسواق ،حبيث ال ميكن زيادة هذا
املعروض لتلبية الطلب الكلي ،لبلوغ اجلهاز اإلنتاجي القومي طاقته القصوى لتشغيل عناصر اإلنتاج اجلاهزة بصورة
تنم عن وصول االقتصاد القومي ملرحلة التشغيل الكامل مما يؤدي إىل ارتفاع يف املستوى العام لألسعار.
ب -تضخم التكاليف :وهو ما يعرب عنه بالتضخم الناشئ عن ارتفاع التكاليف أو تضخم النفقات .ينشأ هذا
النوع من الت ضخم نتيجة ارتفاع تكاليف اإلنتاج بنسبة تفوق عن معدل الزيادة اإلنتاجية ارتفاعا يؤدي إىل الزيادة
يف املستوى العام لألسعار السائدة ،حيث حيدث خلل يف التوازن بني املنتجات واخلدمات وبني التكاليف
والنفقات ،فالعوامل املنشئة هلذا النوع من التضخم ال ترجع إىل التغريات اخلاصة بعامل فائض الطلب بل هي
مستقلة عنه وتنسب إىل التغريات االقتصادية واالجتماعية احلاصلة يف اجملتمع واليت بدورها تسبب تغريات يف
حركات عوامل اإلنتاج حنو االرتفاع والزيادة فتدفع األسعار حنو االرتفاع.
ج -التضخم الذايت :يرجع إىل ارتفاع معدالت األجور ،ولي :لعوامل فائض الطلب ،حبيث ترتفع معدالت
األجور بنسبة تزيد عن ارتفاع معدالت الكفاءة اإلنتاجية ،فتكون هناك فوارق كبرية بني ارتفاعات األجور وبني
الكفاءات اإلنتاجية ،مما يرتتب عليه ارتفاع كبري ومستمر ملعدالت األسعار واألجور .فهذا النوع من التضخم ال
يستلزم بالضرورة وجود فائض يف الطلب حبيث يزيد عن العرض ،وإمنا ينشأ نتيجة االرتفاعات املستمرة يف
معدالت األجور واألسعار .كما حصل يف الواليات املتحدة األمريكية يف الفرتة مابني ،7591-7591حيث
سادت الظواهر التضخمية الناجتة عن االرتفاعات املتوالية ملعدالت األسعار واألجور دون أن يكون هناك فائض
الطلب يف األسواق .وكذلك فإن هذا النوع من التضخم التلقائي ال يوجد يف اجملتمعات االشرتاكية وإمنا هو خاص
باجملتمعات الرأمسالية ،حيث تسمح الظروف فيها لتسابق معدالت األسعار و ألجور حنو الزيادة واالرتفاع :كوجود
املنظمات النقابية القوية وانتشار العوامل اليت تساعد يف التحكم حبركات األسعار ،وحتديد الربح و السيطرة على
األسواق و االحتكار فيها .فالتضخم الذايت إذن يكون نتيجة الزيادات املتتالية لألجور يف البلدان الرأمسالية.
*العجز يف امليزانية :تعترب هذه أسهل طريقة تلجأ إليها احلكومات والدول من أجل متويل مشروعاهتا اإلنتاجية
وتشغيل العناصر اإلنتاجية املعطلة يف اجملتمع .والعجز يف امليزانية ال حيدث صدفة بقدر ما تتعمد الدول إحداثه،
لتمويل خطط متويلية تنوي احلكومة القيام هبا ،فتلجأ إىل توفري النفقات الضرورية الالزمة هلا بوسائل كثرية.
ويقصد بإحداث عجز يف امليزانية هو الزيادة يف النفقات العامة عن اإليرادات العامة بالقدر الذي
تقرتضه احلكومة من البنك املركزي .وإن عجز امليزانية هو وسيلة معتمدة تلجأ إليها احلكومة وهي على علم
بآثارها السيئة ،ومن قبيل االفرتاض أن ذلك يف سبيل إنعاش احلركة االقتصادية ،وتوفري رواج األشغال وتنفيذ
براجمها املدنية والعسكرية هذا يف حالة ما قبل مستوى التشغيل الكامل .أما إذا كانت مجيع العناصر اإلنتاجية
مشتغلة ،فإن النفقات العامة يف هذه احلالة ال جتد هلا منفذا سليما وتكون يف هذه احلالة سببا يف ارتفاع األسعار،
واليت كانت كنتيجة لعدم التوازن ما بني فائض النقد املتداول املتمثل بازدياد اإلنفاق العام واملعروض السلعي.
*متويل العمليات احلربية :تعترب احلروب من األسباب املنشأة للتضخم ملا يتخللها من نفقات عامة كبرية ،ففي هذه
احلالة إذا ما رأت الدولة أن قدرهتا املالية قد ضعفت ،تلجا إىل أقرب املوارد وهي آلة اإلصدار لتمدها باملال
الالزم ،واحلقيقة أن احلاجة إىل املال تبدأ قبل اندالع احلرب الستعدادها هلا ،و أثناء احلرب لتسيري أمور البالد،
وكذلك ما بعد احلرب ملعاجلة ما خلفته احلرب من ويالت تنصب معظمها على االقتصاد.
*االرتفاع يف معدالت األجور :السبب املباشر والفعال يف ارتفاع معدالت األجور ،ونفقات املعيشة يكمن يف
صلب األنظمة االقتصادية الرأمسالية ذاهتا اليت تسمح حبرية النقابة العمالية وإعطائها حق اإلضراب تربيرا لتحقيق
مطالبهم يف رفع األجور ،فزيادة األجور ترفع من حدة التكاليف اإلنتاجية مما خيفض من معدالت األرباح عند
مستوى التشغيل الكامل و ميكن جتاوز هذه املشكلة باقرتاح احلكومة للحلول التالية:15
-االتفاق مع االحتادات العمالية على عدم املطالبة بزيادة األجور لفرتة زمنية حمددة.
-االتفاق مع االحتادات العمالية على املطالبة بزيادات يف األجور بنسبة تتعادل مع نسبة الزيادة يف إنتاجياهتم
حمافظة على استقرار و لو نسيب لألسعار.
*التوقعات و األوضاع النفسية :قد يرجع االرتفاع يف الطلب الكلي الفعال إىل عوامل نفسية وتقديرية أكثر من
عوامل اقتصادية ،فكثريا ما يكون للحاالت النفسية لألفراد األثر الكبري يف نشوء بعض الظواهر التضخمية ولعل
أفضل احلاالت اليت يكون فيها للظروف النفسية آثارها الفعالة هي فرتات احلروب حيث تكون الظروف مهيأة
لتقبل األقاويل والتنبؤات بارتفاع األسعار مستقبال الذي يزيد من حركة النشاط واالنتعاش ،ويف قطاع االستثمار
يرتتب على التنبؤ بارتفاع األسعار ،إقدام املنتجني على جتنيد أصوهلم احلالية للحصول على معدالت اكرب من
األرباح ،فرتتفع الكفاية احلدية لرأس املال املستثمر ،مما يزيد من حدة ارتفاع الطلب الكلي الفعال و العك :عند
التنبؤ باخنفاض األسعار.
األجور النقدية أقل من معدل ارتفاع األسعار وباملقارنة مع أصحاب دخول الفئة السابقة ،فأصحاب األجور اقل
تعرضا الخنفاض القوة الشرائية لدخوهلم عن أصحاب الدخول الثابتة.
ثالثا -أصحاب املشروعات :أصحاب هذه الفئة غالبا ما حيققون زيادات كبرية يف دخوهلم احلقيقية خالل فرتة
التضخم فارتفاع األسعار يؤدي إىل زيادة اإليرادات النقدية اإلمجالية ،وألن النفقات اإلمجالية النقدية ال ترتفع
مباشرة بعد ارتفاع األسعار لذلك فإن األرباح اليت حيصل عليها أصحاب املشروعات سوف تزداد بنسبة أكرب
وبشكل أسرع من زيادة النفقات.
وهكذا فإن التضخم يتسبب يف إعادة توزيع الدخل احلقيقي نظرا الختالف معدالت الزيادة يف
الدخول النقدية ،فبعض الفئات تزداد دخوهلا على حساب فئات أخرى نتيجة عملية إعادة توزيع الدخل.
ب-إعادة توزيع الثروة
إن التغري يف ملكية الثروة يرتبط ارتباطا وثيقا بالتغريات يف الدخول احلقيقية .فمالك الثروات إذا ما
اخنفضت دخوهلم احلقيقية خالل عملية التضخم سيلجئون إىل التصرف يف ثروهتم بالبيع و ذلك بغية احملافظة على
مستوى معني من استهالك تعودوا عليه .فأصحاب األراضي والعقارات ما يشجعهم على البيع هو ارتفاع القيمة
النقدية هلذه األصول مبعدالت تفوق معدالت االرتفاع العام يف األسعار ،وهذا ما يعرف بإعادة توزيع الثروات
على اجملتمع .وحىت عمليات القروض تتأثر بالتضخم ،فإذا ما اقرتض شخص "أ" مبلغ "س "1من شخص " ب"
على أن يسدده بعد مخ :سنوات و حدث و أن ارتفعت األسعار ،فالشخص املدين مطالب برد املبلغ النقدي
"س " 1رغم أن القوة الشرائية للمبلغ املقرتض قد اخنفضت إىل النصف مثال ،فهو سيسدد نصف القوة الشرائية
فقط حني حلول اجل الوفاء.
وبذلك فإن ارتفاع األسعار باستمرار ينتج عنه اخنفاض القوة الشرائية للنقود يتسبب يف إحلاق األضرار
املالية بالدائنني و استفادة املدينني خاصة عندما تكون آجال الديون طويلة ،و خشية لذلك يطالب املدينني
باحتساب أسعار فائدة عالية قد تعوض الدائنني عما قد يلحق هبم من أخطار مالية ،فهذا يوطد العالقة الطردية
بني أسعار الفائدة و معدالت التضخم ،غري أن االرتفاع احلاد يف أسعار الفائدة له أضرار بالغة على االقتصاد قد
جتره إىل االنكماش و الركود.
ج -آثار التضخم على النشاط االقتصادي:
تؤدي إعادة توزيع الدخل احلقيقي و الثروة إىل زيادهتما لفئة واخنفاضهما لفئة أخرى وما ينجم عنه
من آثار بعيدة املدى على النشاط االقتصادي باإلضافة إىل اآلثار املباشرة اليت حيدثها على االقتصاد.
إذا كان االقتصاد يف مرحلة قريبة من مستوى التشغيل الكامل فإن زيادة الطلب الكلي وارتفاع
األسعار ميكن أن يؤدي إىل زيادة اإلنتاج لكن مبعدالت منخفضة ،وكلما اقرتب االقتصاد من مستوى التشغيل
الكامل كلما اقرتبت مرونة اإلنتاج من الصفر ،مما يزيد يف حدة ارتفاع األسعار ،وما ينجر عنها من انتشار
املضاربة وقيام رجال األعمال بتخزين السلع بغية بيعها يف وقت الحق لتزداد األرباح ،وهذا ما يؤدي إىل املزيد من
63
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
ارتفاع األسعار .ويف هذه احلالة ينصرف األفراد عن االستثمار يف اجملاالت ذات العائد على املدى الطويل اليت
تعود بنفع كبري على االقتصاد ،وبالتايل يوظفون أمواهلم يف إنتاج السلع االستهالكية الكمالية اليت تستهلكها فئات
معينة زادت دخوهلا زيادات كبرية خالل فرتة التضخم .وكلما اقرتب االقتصاد من مرحلة التشغيل الكامل تنتشر
فكرة ختفيض رجال األعمال الستثماراهتم و زيادة عرض السلع نتيجة طرح الكميات املخزنة ،األمر الذي يؤدي
باالقتصاد إىل الوقوع يف أزمة انكماش تبدأ من قطاعات معينة وتنتشر حىت تشمل االقتصاد مبجموعه.
الفرع الثاين :اآلثار السياسية واالجتماعية للتضخم
يؤدي التضخم إىل مشكلة عدم العدالة يف توزيع الدخول والثروة ،وهو بذلك يسبب عدم عدالة
اجتماعية و يزيد الفجوة بعدم عدالة توزيع الدخل التساع الفجوة بني األفراد ذاوي املداخيل املرتفعة وبني األفراد
ذوي املداخيل املنخفضة و حىت املتوسطة ،مما قد يولد و خيلق أمراضا اجتماعية خطرية ،يضاف إىل ذلك أن
التضخم يصب يف مصلحة األغنياء وأصحاب السوق السوداء ،لذا تنتفي هنا املعايري األخالقية يف النشاط
االقتصادي يف أوقات التضخم ،ويرتتب على التضخم أيضا ظهور أسواق البائعني اليت يستطيع البائعون أن ينتجوا
ويبيعوا فيها ما يش اءون من سلع و خدمات بغض النظر عن جودهتا ،و هذا يؤدي إىل تدهور نوعية ما ينتج ،مما
يثري عدم رضا املواطنني و اجلماعات اليت تفقد ثقتها يف احلكومة ،و بالتايل يؤدي التضخم إىل ضعف يف التنظيم
األساسي يف الدولة ،و يتولد نتيجة لذلك أحيانا ثورة ضد احلكومة ،و قد يؤدي إىل حدوث تغيريات سياسية
إضافة إىل تدهور األوضاع االقتصادية واالجتماعية.ومثال ذلك ،التضخم الذي أصاب أملانيا يف العشرينيات من
القرن العشرين.
ويؤدي التضخم أيضا إىل إعاقة التكوين الرأمسايل ،نتيجة تغيري اجتاهات األفراد بشكل إجباري بعيدا
عن االدخار وحنو االستهالك ،إضافة إىل أنه يشمل نشاط املضاربات بدال من األنشطة املنتجة ،كما أنه يعيق
تدفق االستثمارات األجنبية يف البلد واليت تعترب أساسية بالنسبة للدول النامية.19
املطلب الثاين :السياسات املعاجلة للتضخم
إن اإلجراءات الالزمة والكفيلة مبعاجلة التضخم ميكن تقسيمها إىل ثالث أقسام مهمة واملتمثلة يف:
السياسة النقدية ،السياسة املالية والرقابة املباشرة.
الفرع األول :السياسة النقدية يف ضبط التضخم
تتضمن وسائل السياسة النقدية السيطرة على عرض النقود بواسطة البنك املركزي ،ويهدف
باستخدامه هلذه الوسائل إىل تقليل عرض النقود لغرض املضاربة ،وبالتايل رفع تكاليف القروض املمنوحة من قبل
اجلهاز املصريف ،هذا ما جيعل األفراد يقللون من رغبتهم يف االقرتاض من أجل شراء وختزين السلع الضرورية اليت
19سعيد سامي احلالق/حممد حممود العجلوين" ،النقود و البنوك و املصارف املركزية" ،دار اليازوري العلمية للنشر و التوزيع ،عمان ،األردن،
،2111ص .221
64
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
تعاين من قلة العرض .ويعتمد البنك املركزي على جمموعة من األدوات الكمية والنوعية واألدوات املساعدة ،خاصة
سياسة السوق املفتوحة ،وسعر إعادة اخلصم ونسبة االحتياطي القانوين ،وغريهم من أدوات السياسة النقدية.20
وميكن إلقاء الضوء على بعض السياسات النقدية يف ضبط التضخم واليت جند منها:21
أ -أدوات الرقابة الفنية غري املباشرة
و يقسم سامسولون Samsulonأدوات الرقابة الفنية اليت ميارسها يف التأثري على حجم النقد
واالئتمان إىل أربعة أقسام و هي :سعر اخلصم ،عمليات السوق املفتوحة ،نسب االحتياطي القانوين ،الودائع
اخلاصة و احلد األقصى لسعر الفائدة.
ومتثل هذه األدوات وسائل تقليدية يتبعها البنك املركزي يف مراقبة كمية النقد واالئتمان والتأثري يف
السياسات االئتمانية جلميع املصارف التجارية بصفة موضوعية ،وعلى سوق األوراق املالية يف حالة سياسة السوق
املفتوحة .فمثال الرفع من سعر اخلصم يؤدي إىل الزيادة من حجم اإلنفاق الكلي يف حالة تقييد االئتمان و بالتايل
مكافحة التضخم ،وما ينطبق على سعر اخلصم ينطبق على سعر الفائدة ،بينما جند أن زيادة نسبة االحتياطي
اإلجباري سوف تقلل من املضاعف النقدي وبالتايل قدرة البنوك التجارية يف التوسع يف اإلقراض ،مما يقلل النقود
املعروضة يف السوق وهبذا ينخفض معدل التضخم و تتدخل الدولة يف عمليات السوق املفتوحة للتأثري على كمية
النقود املعروضة وبالتايل التحكم يف التضخم وذلك من خالل شراء و بيع السندات املختلفة.
ب -أدوات الرقابة الفنية املباشرة
وحتقق الرقابة النقدية الفنية املباشرة أهدافها يف احلد من ظاهرة التضخم من خالل مايلي:22
-العمل على توفري وسائل ائتمان واقية مبا يف ذلك التمويل عن طريق العجز يف امليزانية احلكومية.
-تعمل على ختفيض كلفة التمويل النقدي عموما تشجيعا لالستثمار بشرط أن تتكيف أسعار الفائدة بشكل
يتالءم مع الظروف اخلاصة بالقطاعات املراد متويلها.
-تؤدي للحد من امليل حنو التوسع يف اإلنفاق االستهالكي لتصحيح مسار التمويل وصرفه عن االجتاه حنو بعض
األنواع من االستثمارات اليت تالقي معاملة تفضيلية كالصناعات االستهالكية مثال.
-فرض أسعار خصم انتقائية حيث يستطيع البنك املركزي فرض أسعار إعادة خصم مناسبة منخفضة على أنواع
معينة من األوراق املالية.
-إعطاء البنوك التجارية اخليار يف استبدال نسب معينة من متطلبات االحتياطي النقدي القانوين بأنواع معينة من
القروض واالستثمارات.
-وضع حدود عليا انتقائية لالستثمار النقدي إلجبار البنوك التجارية على توسيع االئتمان لقطاعات معينة.
-وضع أسعار فائدة قصوى على بعض أنواع القروض تشجيعا لنوع منها دون غريه.
-املوافقة املسبقة على بعض أنواع و مقادير القروض و خاصة طويلة األجل.
-فرض إعفاءات انتقائية من التقييدات الشديدة للرقابة االئتمانية العامة.
وميكن مكافحة ظاهرة التضخم من خالل تبين احلكومة ألدوات تكميلية للسياسة النقدية كهوامش
الضمان املطلوبة ،ومراقبة االئتمان االستهالكي (أي البيع بالتقسيط) ،والرقابة على االئتمان العقاري ،وسياسة
املقاصة من البنوك ،وهناك أدوات بديلة للسياسة النقدية قد تساهم يف احلد من التضخم كالرقابة املادية على
االئتمان ،والتحكم يف التسعرية اإلجبارية ،واستخدام البطاقات ،واستخدام الرخص الالزمة للحصول على املوارد
األولية ،وحتديد حصص الواردات وتنويعها والرقابة على الصرف.
وتكمن صعوبة استخدام أدوات السياسة النقدية في مواجهة ظاهرة التضخم في المسائل التالية:23
-إذا قامت احلكومة بتقليص حجم الكتلة النقدية قبل الوصول إىل حالة التشغيل التام يؤدي إىل ارتفاع سعر
الفائدة والتقليص من حجم االستثمارات ،واخنفاض مستوى الدخل ،ويرتتب عن اخنفاض اإلنتاج ارتفاع األسعار.
-إن ارتفاع سعر الفائدة سيؤدي إىل ارتفاع قيمة القروض اليت ميكن أن حيصل عليها اجلمهور مما يطرح
مشكالت جديدة أمام احلكومة.
-إن اخنفاض أسعار األوراق املالية (السندات) نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة سيعرض أصحاهبا إىل اخلسارة مما
سيثري سخطهم على السياسة النقدية.
-قد تسمح السلطات النقدية باستمرار ارتفاع األسعار حىت بلوغ االقتصاد التشغيل الكامل ،حيث تتدخل
احلكومة للحد من ارتفاع األسعار ،إال أنه يف هذه احلالة ستواجه السياسة النقدية مشكلة حتديد أو معرفة مستوى
التشغيل الكامل.
بواسطة هذه الوسائل الكمية ،فإن البنك املركزي يستطيع حتديد احلجم األمثل لالئتمان والقروض
املمنوحة من قبل البنوك التجارية خالل فرتة معينة ،أي العمل على تنظيم عرض االئتمان مبا خيدم السياسة
االقتصادية االنكماشية اليت تتبعها الدولة يف فرتات التضخم ،بينما األدوات النوعية تنظم الطلب على االئتمان
أي تدخل البنك يف تبيان شروط وكيفية استخدام االئتمان و تبيان الكيفية اليت جيب على البنوك التجارية منح
االئتمان مبوجبها وهي تتمثل خاصة فيما يلي:24
-سياسة سعر الفائدة :يف حالة التضخم يتدخل البنك املركزي ليحدث التوازن عن طريق سعر الفائدة ،حيث
يقوم برفع هذه األخرية على القروض االستهالكية للحد منها.
-سياسة البيع بالتقسيط :تعتمد هذه السياسة على ثالثة عناصر ،احلصة األوىل ،احلصص املتبقية وسعر الفائدة.
-اإلقناع األد؛ي :يقوم البنك املركزي بتوجيه االقرتاحات واإلجراءات املتعلقة بكيفية تصرف البنوك التجارية
باحتياطاهتا وودائعها ،والبد على البنوك التجارية اإللزام هبا ،ففي حالة التضخم ترفع أسعار الفائدة على القروض
املمنوحة لغرض ختفيض مستويات األسعار والطلب الكلي إىل املستوى الالزم و املعقول.
-سياسة اإلجازات و العقوبات :مينح البنك املركزي امتيازات وإجازات لبعض البنوك ،كما قد تكون له عقوبات
صارمة يفرضها على البنوك اليت ال تلتزم بسياسته ،فقد تصل إىل إقصاء البنوك اليت ال تلتزم بقراراته.
الفرع الثاين :السياسة املالية يف ضبط التضخم
عندما ال تنجح احلكومات املعاصرة يف مواجهة الضغوطات التضخمية عن طريق إجراءات السياسة
النقدية فإهنا تكون ملزمة باستخدام جمموعة من وسائل وأدوات السياسة املالية ،ومن أهم تلك األدوات مايلي:25
أ-الرقابة الضريبية
تعترب فكرة الرقابة الضريبية جزء من السياسات املالية العامة يف التحكم يف عوامل اإلنفاق العام،
وإحدى املتغريات اليت تستخدمها سياسة امليزانية يف الرقابة على التضخم والكساد حبيث تشكل دعامة كربى من
دعائم سياسة امليزانية يف مواجهة التقلبات االقتصادية.
يف حالة قصور اإلنفاق اخلاص تقتضي سياسة الرقابة الضريبية زيادة اإلنفاق خبفض معدالت الضريبة
سواء على األرباح لرفع معدالت اإلنفاق االستثماري ،أو على االستهالك لرفع معدالت اإلنفاق االستهالكي
وترك جزء أكرب من الدخول النقدية بني األفراد الستخدامها يف حفز عناصر الطلب الفعلي من استهالك و
استثمار .أما يف حالة مجوح اإلنفاق اخلاص يقتضي رفع معدالت الضريبة التصاعدية على الدخول وذلك لسحب
جزء من القوة الشرائية فيقع األفراد يف ظل معدالت أعلى من الضريبة ،فيحجمون عن اإلنفاق إىل االدخار
الخنفاض مستويات دخوهلم مما خيفض من حدة الطلب ،ويف نف :الوقت يزيد من حمصالت الضريبة ،وهذا ما
حيدث يف فرتات التضخم ،غري أن سياسة الرقابة الضريبية غري مرنة لعدم قدرهتا على التكيف والتالؤم مع تعدد
امليزانيات وتغرياهتا ألكثر من مرة يف العام.
إن ارتفاع التكلفة الضريبية قد يضعف من حوافز اإلنتاج االستهالكي واالستثماري ما دام الناتج من
األرباح سيقتطع يف شكل ضرائب.
ب -الرقابة على الدين العام
تساهم رقابة الدين العام يف إدارة التحويالت املالية وتوجيه اإلنفاق اإلنتاجي بتجميد القوة الشرائية
الزائدة يف األسواق واستخدامها يف متويل امليزانية .فالسياسة املالية يف رقابتها على الدين العام تعمل على سد
العجز يف منابع التمويل.
غالبا ما تلجأ السلطات احلكومية إىل عقد القروض وطرح األسهم و السندات لالكتتاب فيها من
قبل اجلمهور.
ميكن استخدام سياسة متويل العجز املنظم بالقروض يف البلدان النامية نظرا لضعف معدالت اإلنتاج
فيها أو عدم التوظيف الكامل للعناصر اإلنتاجية إال أنه قد يرتتب عنها ارتفاع األسعار خاصة إذا كان التمويل
باإلصدار النقدي .إن ما حيد من سياسة القروض يف الدول النامية ،ضيق األسواق املالية وما جيري فيها من
معدالت ومبادالت للسندات احلكومية بيعا و شراءا و بالقدر الكايف مما يتطلب زيادة يف تعبئة االدخار
االختياري غري املتوفر وانصراف القادرين على توظيف أمواهلم يف توسيع مشاريعهم أو مشاريع جديدة أكثر رحبا
من توظيفها يف القروض احلكومية.
ج -الرقابة على اإلنفاق العام
تباشر سياسة امليزانية تأثريها يف الرقابة على التضخم واالنكماش من خالل اإلنفاق احلكومي سواء
االستهالكي أو االستثماري برفع معدالته أو ختفيضها حسب األحوال االقتصادية السائدة ،ويقصد باإلنفاق
احلكومي اإلنفاق املباشر الذي متارسه السلطات احلكومية عن طريق الضريبة.
تكرس سياسة اإلنفاق احلكومي يف إحداث العجز أو فائض يف امليزانية للتحكم يف الضغوط
التضخمية أو االنكماشية على أن يؤخذ بعني االعتبار ظروف النشاط االقتصادي يف البلدان النامية من حيث
ممارسة احلكومة سياستها االنفاقية ،يف حالة التضخم تقوم بإنقاص اإلنفاق احلكومي باستحداث فائض يف امليزانية
يؤثر به على أوجه اإلنفاق األخرى ،لذا جبب التفريق بني نوعي اإلنفاق العام حيث تكون الرقابة بالتقليل من
حجم االستهالك أقوى أثر و أكثر مفعوال من التأثري يف حجم االستثمار .ميكن القول أن سياسة تقييد اإلنفاق
احلكومي يف معاجلة التضخم تتعارض مع السياسة التنموية و ضرورة التنمية يف البلدان النامية.
ورغم االنتقادات اليت تعرضت هلا السياسة املالية إال أهنا أثبتت فعاليتها كوسيلة عالجية لألزمات
االقتصادية املختلفة خاصة يف حالة الكساد لتمتع أدواهتا بتأثري فعال يف التحكم بالظواهر التضخمية ،إال أن
تكاثف السياسات االقتصادية املالية و النقدية كفيلتان مبعاجلة األزمات ،فيمكن معاجلة ارتفاعات األسعار
بتخفيض حجم الطلب الفعلي بزيادة اإليرادات عن طريق االكتتاب بالقروض العامة المتصاص فائض القوة
الشرائية ،ويف نف :الوقت ميكن استخدام السياسة النقدية بتقليل حجم االئتمان و بتقييد شروط منحه و رفع
تكلفة منحه.
الفرع الثالث :الرقابة املباشرة و إجراءات أخرى
يقصد بالرقابة املباشرة تلك اإلجراءات التنظيمية اليت تتخذ هبدف حتويل التضخم املفتوح إىل
مراقب ،و تتضمن إجراءاهتا التنظيمية املباشرة على األسعار النادرة باستخدام نظام البطاقات ،و يهدف نظام
الرقابة هذا إىل حتديد حد أقصى ألسعار بعض السلع ال ميكن جتاوزه ،وعند حتديد هذا احلد فذلك يعين أن
األسعار لن يسمح هلا باالرتفاع أكثر وبالتايل ضغط التضخم ،ونتيجة لذلك فإنه ويف حالة وجود فائض طلب
68
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
على السلع واخلدمات فال يستطيع املنتجون رفع أسعارهم حتت أي ظرف كان ،األمر الذي عارضه "كينز" الذي
يرى يف سياسة حتديد األسعار عدم القدرة على حتقيق التوازن بني القوة الشرائية والسلع املتوافرة يف السوق ،و هي
يف رأيه بديل للتضخم القدمي ،ويقرر أن الرقابة على األسعار لن تكون فعالة إال إذا صاحبتها قيود على مقدار
القوة الشرائية ،و يرى ) (Kuriharaأن سياسة الرقابة على األسعار تصبح جمدية إذا ما أخذ بعني االعتبار
الصعوبات اإلدارية يف تطبيق األسعار اإلجبارية و القيود القانونية ضد السوق السوداء .ويؤكد "كينز" أن نظام
البطاقات يسئ إىل مبدأ سيادة املستهلك ،حيث يؤدي إىل ضياع الكثري من املوارد ،ويقرتح ) (Kuriharaتطبيق
برنامج للبطاقات يهدف إىل حتويل االستهالك الكلي عن بعض األصناف اليت يكون
عرضها أقل من العادي بدال من مراقبة االستهالك ،واقرتح أيضا إنتاج السلع الضرورية بدال من السلع الكمالية
كإجراء مضاد للتضخم لتبقى األسعار بعيدة عن االرتفاع بسرعة.
والرقابة على األجور أمر ضروري إليقاف ارتفاع األسعار واألجور وحتديد حد أقصى لألجور و
األرباح ،مما يؤدي إىل ختفيض الدخل املتاح ،و بالتايل ختفيض الطلب الكلي الفعال للسلع واخلدمات ،ويف بعض
احلاالت فإن ختفيض القيود على املستوردات قد يؤدي إىل زيادة عرض السلع األساسية وختفيض الضغوط
التضخمية ،ويعتمد ذلك على حالة ميزان املدفوعات ،وقد ختفض الصادرات هبدف زيادة العرض احمللي من أجل
ختفيض الضغوط التضخمية ،حيث أن البلد الذي يعاين من عجز يف امليزان التجاري أو ميزان املدفوعات سوف
لن جيرأ على ختفيض الصادرات و زيادة املستوردات ألن العالج يف هذه احلالة يكون أسوء من املرض نفسه .والبد
من التأكيد هنا أنه ويف حالة الكساد و البطالة البد أن تتضمن الرقابة على األجور حتقيق نوع من العمالة يتالءم
مع حجم الطلب الفعال الكايف لتحقيق ذلك النوع من العمالة ،حيث يرتتب على زيادة األجور زيادة يف الدخول
النقدية اليت تؤدي إىل زيادة اإلنفاق الكلي (الطلب الفعلي) ،وهذا بدوره ينعش احلركة يف االقتصاد الوطين ويرفع
من مستوى العمالة الكاملة.26
P
P3
P2
P1
املصدر :سعيد سامي احلالق ،حممد حممود العجلوين ،مرجع سابق ،ص .111
يتبني من الشكل ( )1-2أنه عندما كان املعروض من النقود يساوي ،M1كان مستوى األسعار هو ،P1
وعندما ارتفع املعروض النقدي إىل M2ازدادت مستويات األسعار إىل ،P2وإن نسبة التغري يف النقود املعروضة
هي مساوية لنسبة التغري يف مستوى األسعار و بنف :االجتاه ،أي أن تغري الطلب على النقود وبافرتاض ثبات
كمية النقود و حجم الناتج القومي سوف يرفع مستوى األسعار من P1إىل P2مثال.
وترى النظرية الكالسيكية أن التوسع النقدي هو تضخمي بطبيعته فهو يفرض ضريبة على كل ما
حيتفظ بأرصدته النقدية عند ارتفاع األسعار الناشئ عن التضخم ،حيث أن زيادة العرض النقدي سوف يؤدي إىل
زيادة الطلب الكلي على االرتفاع ،أما العرض الكلي للسلع واخلدمات فهو ثابت ،لذا ترتفع أسعاره وتنخفض
قيمة النقود ويسرع األفراد للتخلص منها بشراء السلع حىت ال يدفعوا ضريبة التضخم عن االحتفاظ بالنقد مما
يرتتب عليه إعادة توزيع األرصدة النقدية بني األفراد والسلطات احلكومية .ويشرتط الكالسيكيون أن االدخار هو
شرط مسبق لالستثمار ،وتؤكد هذه النظرية على الدور السليب للتضخم يف عملية رفع معدالت االدخار
والرتاكمات الرأمسالية وحصرها يف حركات سعر الفائدة وخفض االستهالك ،أما دور االستهالك يف متويل النفقات
العامة عن طريق اإلصدار اجلديد فريى الكالسيكيون على سلبية التضخم يف حتفيز االستثمارات ومضاعفة حجم
االستثمار و اإلنتاج املولدة للدخول.
املطلب الثاين :النظرية الكينيزية لتفسري التضخم
ميكن أن نسمي نظرية التضخم الكينيزية بـ "نظرية فائض القيمة" ،حيث أثار "كينز" يف نظريته
العامة أن النظرية التقليدية للنقود فشلت يف تشخيص أسباب الكساد العظيم ،كما رفض األفكار األساسية
للتحليل الكالسيكي ،فعند "كينز" يتحدد املستوى التوازين عند تقاطع منحىن الطلب الكلي مع منحىن العرض
الكلي .ويتميز التحليل الكينيزي يف تفسريه للتضخم مبرحلتني أساسيتني:29
*املرحلة األوىل :ال تكون فيها كال املواد اإلنتاجية لالقتصاد الرأمسايل الصناعي مستغلة ،يف هذه احلالة عند زيادة
اإلنفاق الوطين بزيادة إنفاق احلكومة مثال ،فإن ذلك سيؤدي إىل زيادة املداخيل ،وبالتايل يزيد اإلنفاق على
االستهالك أي يزيد الطلب الكلي ،فينعك :ذلك على زيادة اإلنتاج ،مما يسبب ارتفاعا بسيطا يف األسعار ألن
فائض الطلب ميتصه التوظيف واإلنتاج .غري أنه مع زيادة اإلنفاق يتجه االقتصاد الوطين من التشغيل التام حيث
ال يقابل فائض الطلب زيادة يف اإلنتاج ،حيث تبدأ االجتاهات التضخمية يف الظهور ،وهذا التضخم هو
"التضخم اجلزئي" يظهر قبل الوصول إىل مستوى التشغيل التام ،وسببه هو عجز بعض عناصر اإلنتاج عن مواجهة
الطلب املتزايد عليها و ضغوط نقابات العمال على أصحاب األعمال لرفع األجور ،و كذا املمارسات االحتكارية
لبعض املنتجني ،وهذا التضخم ال يثري املخاوف ألنه حيفز على زيادة اإلنتاج بسبب ارتفاع األرباح.
*املرحلة الثانية :وهي مرحلة التشغيل التام حيث تكون الطاقات اإلنتاجية قد وصلت إىل أقصى حد من تشغيلها،
فإذا افرتضنا أي زيادة يف الطلب الكلي ال تنجح يف إحداث أي زيادة يف اإلنتاج أو العرض الكلي للسلع و
اخلدمات ،حيث تكون مرونة العرض الكلي قد بلغت الصفر .ويسمى الفرق بني الطلب الكلي والناتج الوطين
"فائض الطلب" والذي ينعك :على ارتفاع األسعار .ومن املالحظ أن االرتفاع يف األسعار يستمر باستمرار
وجود فائض الطلب "القوة التضخمية" ويسمي "كينز" هذا التضخم "التضخم البحت" .ويف تقييم للتحليل
الكينيزي للتضخم ،فإنه يعرب أكثر عن الدول الرأمسالية الصناعية اليت تتميز بقطاع صناعي ضخم وأسواق عالية
الكفاءة ،و هذا ما خيلق فائضا إنتاجيا ،وال يعرب عن البلدان املتخلفة اليت تتميز بقصور حجم طاقتها اإلنتاجية،
وناتج وطين قريب من الثبات ،مما جيعل النظرية الكمية أكثر تعبريا عنها.
ورغم ذلك فإن هذه النظرية تلقي الضوء على االختالل بني قوى الطلب الكلي وقوى العرض
الكلي ،وهو أمر مهم للبلدان النامية واملتقدمة.
r2
r1
30ضياء اجمليد املوسوي" ،اقتصاديات النقود و البنوك" ،مؤسسة شباب اجلامعة ،مصر ،2112ص ص .222-221
31سعيد سامي احلالق/حممد حممود العجلوين ،مرجع سابق ،ص .212
73
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
-3مستويات العمالة و التشغيل املتحققة :وهي تعرب عن مستويات التضخم املرتفعة كلما كان التشغيل يف
ظروف اقرب إىل االكتمال.
املطلب الثالث :النظرية املعاصرة لتفسري التضخم
أعادت مدرسة شيكاغو بزعامة " ميلتون فريدمان" النظرية الكمية إىل احلياة يف صورة جديدة،
وانتشار هذه النظرية يف الواقع ال يرجع فقط إىل مسامهات "فريدمان" يف هذه الصياغة اجلديدة ،بل أيضا إىل
املناخ االقتصادي الذي ساد اقتصاديات الدول الرأمسالية يف السبعينيات ،وخاصة انتشار ظاهرة التضخم الركودي
حيث صاحب االرتفاع املتواصل لألسعار تزايد معدالت البطالة ،وهو ما يناقض منحىن "فيليب .":وكذلك عجز
سياسات مكافحة التضخم اليت تنصح هبا النظرية الكينيزية ،وهي الظروف اليت نشأت فيها النظرية ،هذه النظرية
اليت تنظر إىل التضخم على أنه ظاهرة نقدية حبتة ،وأن مصدره هو منو كمية النقود بسرعة اكرب من منو اإلنتاج،
حيث تقوم نظرية "فريدمان" على مبدأين مها:
-املؤثر يف املستوى العام لألسعار هو تطور التغري يف النسبة بني كمية النقود وبني الناتج ،أي نصيب الوحدة من
الناتج الوطين من كمية النقود ،ولي :جمرد تطور كمية النقود.
-التغري الذي يطرأ على سرعة دوران النقود أو التفضيل النقدي كمعرب عن األرصدة النقدية اليت يرغب األفراد
باالحتفاظ هبا من دخوهلم النقدية.
يتصور "فريدمان" أن التغري يف كمية النقود يدعمه تغري يف سرعة دوراهنا يف نف :االجتاه ،وينعك:
إمجايل أثر التغري يف كمية النقود وسرعة دوراهنا يف إحداث تغري يف كل من الناتج الوطين واألسعار بنسب متفاوتة.
ونلخص من هذا أن مصدر االرتفاع التضخمي يف النظرية املعاصرة لكمية النقود ،يرجع إىل زيادة
الرصيد النقدي يف اجملتمع عن "احلجم األمثل" الذي حيقق االستقرار يف املستوى العام لألسعار.32
وترى هذه املدرسة أن سبب االختالالت يرجع إىل مكونات دالة الطلب على النقود و لي :عرض
النقد الذي تتحكم فيه السلطات النقدية ،أما الطلب على النقود فهو يصعب التحكم فيه حيث تشمل متغريات
عديدة كما يقول "فريدمان" ،كسعر الفائدة احلايل واملتوقع ،ومعدل التضخم ،ومستوى الدخل القومي ،ومستوى
الثروة املادية على صيغة أصول ثابتة أو نقدية ،وميكن تلخيص دالة الطلب على النقود رياضيا (كما يراها
فريدمان) على النحو التايل:33
)𝑢 𝑀 = 𝑓(𝑃, 𝑅𝑏, 𝑅𝑒, 1⁄𝑝 , 𝑑𝑝⁄𝑑𝑡 , 𝑊,
ويوضح ذلك بيانيا من خالل الشكل التايل:34
1
𝑃
Ms1
1
(𝑃)1 Ms2
1
(𝑃)2 Md
0
M1 M2 M
املصدر :سعيد سامي احلالق ،حممد حممود العجلوين ،مرجع سابق ،ص .212
1
يتضح من الرسم أعاله أن احملدد الرئيسي ملستوى األسعار ) ( هو كمية النقود ،أي أن زيادة عرض
𝑃
(الكمية) النقود من MS1إىل MS2سوف يزيد مستوى األسعار من ( )P1إىل ( )P2فيسارع كنتيجة لذلك األفراد
الستبدال أرصدهتم النقدية بأصول حقيقية ،لذا يقرر "فريدمان" أن التضخم املتوقع يتحدد بزيادة كمية النقود
باعتبار أن مستويات األسعار تتغري بصورة متناسبة مع التغري يف عرض النقد ،وأن معكوس املستوى العام لألسعار
) (𝑃1ميثل قيمة النقود ،أي أن قيمة النقود أو املستوى العام لألسعار يتحدد بكمية النقود املعروضة.
املطلب الرابع :منحىن فيليب :بني التحليلني الكينيزي و النقدي
مسي املنحىن هبذا االسم نسبة إىل العامل ) (A.W.Philipsالذي كان أول من درس العالقة بني معدل
الزيادة يف األجور ومعدل البطالة يف االقتصاد الوطين ،وذلك يف سنة ،7591ومنحىن فيليب :يوضح العالقة بني
نسبة الزيادة يف األجور ونسبة الزيادة يف البطالة .و يقرتح املنحىن أن نسبة مرتفعة كافية من البطالة تكون مطلوبة،
وذلك لتحقيق استقرار غري تضخمي يف املستوى العام لألسعار ،أي أن تضخم دفع األجور ميكن القضاء عليه لو
أن اجملتمع كان على استعداد لقبول نسبة مرتفعة من البطالة ،وإن ارتفاع األجور ال يعد دائما تضخما إال إذا مل
يصاحبه زيادة يف اإلنتاجية.35
فميل املنحىن سالب نظرا لالرتباط العكسي بني التضخم والبطالة .فمثال تستطيع احلكومة احملافظة
على املعدالت املنخفضة للبطالة و لكن هذا يعين بأن تقبل هذا االختيار والذي يتمثل يف تعرض االقتصاد
ملعدالت مرتفعة للتضخم.36
الفرع األول :التحليل الكينيزي
يرى الكينيزيون أن زيادة الطلب الكلي يف املدى القصري نتيجة زيادة احد مكوناته ( كاالستثمار أو
االستهالك أو اإلنفاق احلكومي أو صايف التجارة اخلارجية) يؤدي إىل ارتفاع مستوى األسعار وزيادة اإلنتاج
والتوظيف يف االقتصاد الوطين ،أي أن معدل البطالة يقل وبالتايل فإن هناك عالقة عكسية بني معدل البطالة
ومعدل التضخم يف املدى القصري .ويف املدى الطويل فإن زيادة األجور النقدية سوف تنقل منحىن عرض العمل
يسارا وبالتايل التأثري سلبا على منحىن العرض الكلي الذي ينتقل هو اآلخر لليسار حىت يعود معدال التضخم و
البطالة إىل وضعهما األصلي ،و ميكن بيان ذلك بواسطة الرسم البياين التايل:37
AS1 NS1
P2 AS0 W2 NS0
P1 W1
املصدر :سعيد سامي احلالق/حممد حممود العجلوين ،مرجع سابق ،ص .210
يتضح من الشكل أعاله أنه يف املدى الطويل إذا زاد الطلب الكلي من AD1إلى AD0فإن مستوى
P2 األسعار ارتفع من P1إلى ، P0و عندما ارتفع الطلب الكلي إىل AD2رافقه ارتفاع يف مستوى األسعار إىل
وللحفاظ على مستوى اإلنتاج و العمالة عند مستواها األصلي فالبد من اخنفاض حيدث يف العرض الكلي
بالتدريج من AS0إىل AS1مث إىل AS2وقد جاء ذلك نتيجة الخنفاض عرض القوى العاملة من NS0إىل NS1
36امحد رمضان نعمة اهلل/إميان عطية ناصف/حممد سيد عابد "النظرية االقتصادية الكلية" الدار اجلامعية ،اإلسكندرية ،2113 ،ص .332
37سعيد سامي احلالق/حممد حممود العجلوين ،مرجع سابق ،ص ص .211-210
76
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
مث إىل ND2و نتيجة ذلك مث إىل NS2ملواكبة الزيادة احلاصلة يف الطلب على القوى العاملة من ND0إىل
ND1
فقد ظل مستوى العمالة عند ،N0و بقي مستوى اإلنتاج عند .Y0
B
SP
املصدر :سامي سعيد احلالق/حممد حممود العجلوين ،مرجع سابق ،ص .211
ويف املدى الطويل فإن موردي القوى العاملة يتوقعون املزيد من التضخم و ارتفاع األسعار ،وهذا
احلد الذي يقود فيه البطالة إىل معدهلا األصلي عند )(SP1 سوف ينقل منحىن فيليب :إىل اليمني من ) (SPإىل
النقطة ) (Aعلى النحو التايل:38
B C
SP1
اجملاالت العسكرية إىل السلمية ،فيزيد بذلك اإلنفاق االستهالكي وتزيد أسعار السلع االستهالكية فيندفع
املنتجون إلنتاج هذه السلع ومن مث زيادة حجم املعروض منها لضمان مقابلة الطلب املتنامي عليها ،وتغيري
مكونات الطلب الكلي عادة ما يرافقه تغيري يف عملية توزيع وختصيص املوارد االقتصادية بني القطاعات املختلفة
مما يبقي على ارتفاع األسعار يف قطاع معني يف ظل ثبات أو اخنفاض الطلب الكلي .إذن زيادة الطلب يف قطاع
معني سينعك :على بقية القطاعات فرتتفع األسعار فيها ويسود التضخم يف كافة القطاعات االقتصادية.
الفرع الثاين :النظرية اهليكلية
لقد تزعم هذه املدرسة االقتصادي (راؤول بريبش ) Raoul Prebischمن أمريكا الالتينية ،وحاولت
هذه النظرية تفسري التضخم يف البلدان النامية من خالل حتليل اخللل يف مكونات الطلب الكلي والعرض الكلي
وعالقة ذلك باجتاهات التنمية االقتصادية واالجتماعية يف تلك البلدان اليت تتعرض للتضخم االقتصادي بسبب
االختالل اهليكلي يف بنائها االقتصادي ،والبد من معاجلة تلك االختالالت ألن التضخم حيدث يف هذه البلدان
حىت يف ظل عدم تزايد حجم الطلب الكلي ألن األسباب الرئيسية للتضخم -كما تراها النظرية اهليكلية -ترجع
إىل إختالالت فعلية وحقيقية يف هيكل االقتصاد الوطين وبكيفية توزيع املوارد االقتصادية واستغالهلا و مظاهر
االختالل االقتصادي تنحصر فيما يلي:
-الطبيعة اهليكلية يف اإلنتاج املتخصص للمواد األولية ،حيث أن زيادة أسعار الصادرات مثال تؤدي إىل آثار
تضخمية ،حيث أن الصادرات تعترب موردا مهما يف تكوين الناتج القومي اإلمجايل وهيكل صادراهتا للعامل
اخلارجي.
-اجلمود النسيب يف اجلهاز املايل للبلدان النامية ،مما يعين ضعف اجلهاز الضرييب و اخنفاض كفاءته ،و جيب
االجتاه حنو متويل اإلنفاق العام بواسطة أسلوب عجز امليزانية و أسلوب اإلصدار النقدي اجلديد ،مما يساهم
بشكل كبري جدا يف زيادة املستوى العام لألسعار بسبب زيادة كمية النقود املعروضة بالنسبة حلجم اإلنتاج الثابت.
-ضآلة مرونة عرض املنتجات الغذائية يف ظل الزيادة السكانية وتواضع القدرة التصديرية للمنتجات الوطنية من
هذه السلع وغريها من السلع األخرى اليت ميكن أن توفر حصيلة مناسبة من النقد األجنيب.
-طبيعة اجتاهات التنمية االقتصادية واالجتماعية وما يرافقها من إختالالت يف مراحلها األوىل وخاصة تلك
االختالالت فيما بني تيارات اإلنفاق النقدي وتيارات املعروض من السلع واخلدمات.
وبذلك تكون النظرية اهليكلية قد ركزت على نوعني من العوامل اليت تؤثر يف زيادة معدالت
التضخم.
األول :عوامل نقدية ،وهو ما جاءت به النظريات السابقة الذكر.
الثاني :عوامل مادية حبتة كاإلنتاج والضرائب واالجتاهات العامة لألفراد واملؤسسات الوطنية.
79
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
كما أن االقتصاديني اليوم يرون أن استعمال األرقام القياسية لنفقات املعيشة هي أنسب وسيلة
لقياس تقلبات القوة الشرائية للنقود ،ومع ذلك يذكرون عدم دقتها حيث يقولون:
أوال :األرقام القياسية لألسعار ليست سوى متوسط إحصائي جملموعة خمتارة من املفردات ،ولذلك يرد عليها ما
يرد على تركيب املتوسطات أو استعماهلا .ومن املعلوم أن متوسط أية جمموعة إحصائية لي :سوى منوذج
للمجموعة حمل االعتبار ،يتاح لنا باستعماله أن نستدل برقم واحد على االجتاه العام ملفردات اجملموعة اليت
استخرج منها ،ومن مث ال داللة لألرقام القياسية لألسعار على السلوك الفردي لسعر أية سلعة بالذات .كما ال
يعين ثبات األرقام القياسية لألسعار ثبات خمتلف األسعار الفردية اليت تشتق منها ...فقد يعوض االرتفاع النسيب
أسعار بعض السلع عن االخنفاض النسيب يف أسعار البعض اآلخر حبيث يظل الرقم القياسي ثابتا يف النهاية بالرغم
من وقوع هذه التغريات.
ثانيا :ال تدل األرقام القياسية لألسعار أيا كانت طريقة تركيبها ،إال عن نتائج تقريبية على التغري النسيب يف مستوى
األسعار حمل القياس.
ثالثا :إن األرقام القياسية لنفقات املعيشة أدق ما تكون يف التعبري عن تقلبات نفقات املعيشة بالنسبة جلمهور
طبقة معينة من طبقات املستهلكني ،إذ يقوم اختيار أصناف السلع واخلدمات اليت تشق هذه األرقام من أسعارها،
كما ينبغي ترجيح هذه األصناف طبقا ألمهيتها النسبية يف اإلنفاق على أساس ميزانية األسرة ،النموذجية ،أو
األسرة العادية يف هذه الطبقة املعينة من طبقات املستهلكني.
وبناءا على هذا ،ال تتعدى داللة األرقام القياسية لنفقات املعيشة جمرد اإلشارة إىل التغيري النسيب يف
نفقات املعيشة ،لو أن األسرة النموذجية من هذه الطبقة املعينة قد استمرت على شراء الكميات النسبية نفسها
من السلع و اخلدمات اليت افرتضنا شراءها هلا يف سنة األساس.
الفرع الثالث :القياس من خالل السلوك العام للمجتمع
وذلك من موضوع التنمية مبختلف مفاهيمها البارزة على الصعيد الدويل ،واحمللي ،ففي اآلونة
األخرية لوحظ اهتماما دوليا متزايدا موجها حنو احلاجة إىل التنمية املستدامة للوصول إىل مستقبل مستدام وذلك
بعد أن كان العامل يتجه حنو جمموعة من الكوارث البشرية والبيئية احملتملة .فاالقتصاديون والسياسيون وخمططو
التنمية يعرفون التنمية االقتصادية بقدرة االقتصاد القومي على توليد واستدامة الزيادة السنوية يف الناتج القومي
اإلمجايل بنسبة ترتاوح بني %9و %1أو أكثر ،ويأخذونه مبعدل منو نصيب الفرد من الدخل أو الناتج احمللي
اإلمجايل ،إضافة إىل قدرة الدولة على توسيع إنتاجها مبعدالت أسرع من معدل النمو السكاين كمؤشر على
التنمية.
املطلب الثاين :قياس القوى التضخمية
إن املظهر العام للتضخم هو االرتفاع املستمر يف املستوى العام لألسعار وميكن مالحظة هذه
الظاهرة باالرتفاع املتتايل لألرقام القياسية الذي يعترب مؤشر للضغوط التضخمية خاصة يف حاالت االختالالت
81
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
االقتصادية اليت اختلفت النظريات االقتصادية يف تفسري أسباب و نتائجها .واستنادا إىل هذه النظريات فقد اشتق
االقتصاديون معايري حمددة لقياس القوى التضخمية وهي:41
الفرع األول :معيار االستقرار النقدي أو الضغط التضخمي
ويستند هذا املعيار إىل منطق النظرية الكمية النيوكالسيكية اليت تدخل يف اعتبارها إمكانية تغري كل
من الدخل أو الناتج القومي ،و أيضا إمكانية تغري الطلب على النقود أو سرعة دوراهنا ،وتبعا هلذه النظرية فإن
𝑀𝐷( مع التغري يف إمجايل الناتج القومي
𝑀
االستقرار النقدي يتحقق إذا ما تعادل معدل التغري يف كمية النقود )
و هنا يصبح الفرق بني املعدلني يساوي صفرا ،أما إذا كان معدل التغري النقدي أكرب من معدل التغري يف
الناتج القومي )𝑌𝐷 ( ،فيكون معامل االستقرار موجبا و هو يكشف عن وجود فائض يف القوة الشرائية يفوق املتاح
من السلع واخلدمات املنتجة و املتاحة ،وإذا ما استمر هذا الفرق يف االرتفاع فإن القوى التضخمية سوف تنمو
كما يعرب عنها معامل االستقرار النقدي مع األخذ بعني االعتبار ما ميارسه التغري يف الطلب على النقود أو سرعة
دوراهنا تكون وراء االرتفاع يف األسعار و اجتاهها املستمر حنو االرتفاع ،و ميكن بيان ذلك رياضيا على النحو
التايل:42
تشري النظرية الكمية احلديثة للنقود بأن:
𝑄 𝑀. 𝑉 = 𝑃.
حيث أن) (P. Qهي مقدار الدخل أو الناتج القومي ) (yوبالتايل فإن:
𝑦 = 𝑉 𝑀.
وحيث أن Vهي ثابتة القيمة لذا:
𝑌𝛥 = 𝑀𝛥
الفرع الثاين :معيار فائض الطلب
ويستند هذا املعيار إىل النظرية الكينيزية يف الطلب الفعال وإذا مل يرتتب على الزيادة يف حجم
الطلب الفعال زيادة مناظرة يف حجم اإلنتاج فسينشأ فائض طلب سوف ينعك :بارتفاع يف املستوى العام
لألسعار حيث سيواجه االقتصاد حالة تضخم حبت ،و بالتايل فإن فائض الطلب أو الفجوة التضخمية املتوقعة يف
املستقبل هي مقدار الطلب الفعال واملتوقع واملقاس باألسعار اجلارية مطروحا منه القيمة الكلية املتوقعة للسلع و
اخلدمات املتاحة للفرتة املقبلة مقاسة بأسعار فرتة األساس وأن هذا الفائض االنفاقي املتوقع سوف جيذب األسعار
إىل االرتفاع ،وميكن قياس إمجايل الطلب الفائض أو الفجوة التضخمية خالل فرتة سابقة واليت انعكست كليا أو
جزئيا يف االرتفاع املتواصل لألسعار باستخدام الصيغة التالية:43
𝑡𝑌 𝐷 = (𝐶𝑝 + 𝐶𝑔 + 𝐼) −
حيث:
:Dإمجايل فائض الطلب.
:Cpاالستهالك اخلاص باألسعار اجلارية.
:Cgاالستهالك احلكومي باألسعار اجلارية.
:Iاالستثمار باألسعار اجلارية.
:Ytإمجايل الناتج احمللي احلقيقي.
ويتضح هنا أن زيادة الطلب الفعال باألسعار اجلارية ) (Cp + Cg + Iعلى إمجايل الناتج احمللي
احلقيقي ) (Ytفذلك سوف يؤدي إىل نشوء فائض طلب أو فجوة تضخمية جتذب األسعار إىل األعلى ،والصيغة
السابقة هتمل دور التجارة اخلارجية املتمثلة بفرق الصادرات و الواردات ،والذي يعترب أحد مكونات الطلب الفعال
إذا كان صايف التجارة اخلارجية موجبا ،وعموما فإن حدوث عجز يف ميزان املدفوعات اجلارية ميارس أثرا
انكماشيا ،أي أنه يلغي جزء من مفعول القوى التضخمية احمللية ألنه يضيف إىل املتاح من السلع واخلدمات
مبقدار أكرب مما يضيف إىل الطلب الكلي الفعال.
الفرع الثالث :معيار اإلفراط النقدي
ويستند هذا املعيار إىل نظرية كمية النقود املعاصرة واليت ترى أن تغري نصيب الوحدة املنتجة من كمية
النقود هو املتغري الرئيسي الذي يسبب التغري يف مستوى األسعار ،ويرى فريدمان أن االستقرار يف مستوى األسعار
يف املدى الطويل ال يتحقق إال بنجاح السلطات النقدية يف حتديد احلجم األمثل لكمية النقود وهو احلجم الذي
البد أن يسود كي حيافظ على مستوى األسعار السائد يف بداية الفرتة الزمنية موضع االعتبار ،واحلجم األمثل
لكمية النقود هو ذلك احلجم الذي يتعني أن يلغي معدل تغريه يف كل فرتة زمنية األثر الذي ميارسه معدل تغري
الناتج القومي ومعدل تغري الطلب على النقود أو سرعة دوراهنا حمافظا على مستوى األسعار السائد يف فرتة
األساس .وبذلك فإنه إذا افرتضنا ثبات الطلب على النقود أو سرعة دوراهنا يتعني أن يظل نصيب الوحدة املنتجة
من كمية النقود (حاصل قسمة كمية النقود على الناتج القومي) ثابتا إذا أردنا أن حنافظ على املستوى العام
لألسعار السائد يف فرتة األساس ،أما إذا زاد الطلب على النقود أو اخنفضت سرعة دوراهنا فيتبني أن يزيد نصيب
الوحدة ا ملنتجة من كمية القوة بالقدر الذي يلغي أثر اخنفاض سرعة دوران النقود على مستويات األسعار ،و ميكن
صياغة حجم اإلفراط النقدي استنادا لنظرية كمية النقود املعاصرة على النحو التايل:44
𝑡𝑀 𝑀𝑒𝑥𝑡 = 𝑄𝑜 𝑌𝑡 −
حيث:
:Mextحجم اإلفراط النقدي.
:Qoمتوسط نصيب الوحدة من ال ناتج احمللي احلقيقي من كمية النقود املتداولة السائدة يف سنة األساس عند
84
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
االرتفاع وقامت الدولة بإتباع سياسات توسعية هبدف احملافظة على مستوى التشغيل فإن االقتصاد سوف
ينتقل إىل نقاط أعلى وحيصل التضخم مبفهوم "فريدمان".
يؤكد النقديون بأن صدمات العرض ال ميكن أن ختلق التضخم إال إذا اتبعت الدولة سياسات مالئمة
حيث أنه يف حالة عدم املالئمة يعود منحىن العرض الكلي إىل اليسار ،و بالتايل يعود االقتصاد إىل توازنه الطبيعي
دون زيادة يف املستوى العام لألسعار ،كذلك يؤكدون على أنه ال ميكن للسلطات أن تقوم بزيادة الطلب الكلي
باستمرار اعتمادا على السياسة املالية ،فالضرائب ال ميكن ختفيضها دون الصفر ،كما أن اإلنفاق احلكومي ال
ميكن أن يكون اكرب من الناتج الداخلي اإلمجايل ،وبالتايل لن يبقى للسلطات غري خلق النقود كوسيلة لنقل
منحىن الطلب الكلي إىل اليمني وبالتايل احملافظة على مستوى التشغيل.
الشكل ( :)0-2منحىن تضخم دفع التكاليف
املصدر :رمضان حممد مقلد/أسامة امحد الفيل "النظرية االقتصادية الكلية" دار التعليم اجلامعي ،اإلسكندرية ،2112 ،ص .179
الفرع الثاين :تضخم جذب الطلب
يرى كينز أن زيادة الطلب الكلي الفعال جتذب األسعار معها إىل األعلى (عند وضع التوظيف
الكامل) ،47حيث أن األسعار ترتفع كنتيجة لفائض يف الطلب على العرض الكلي السائد من السلع واخلدمات،
وحيدث هذا التضخم بداية من زيادة عرض النقود اليت يتولد معها زيادة طلب على السلع واخلدمات ،مما يؤدي
إىل ارتفاع أسعارها السيما يف احلاالت اليت يصل فيها االقتصاد إىل التوظيف الكامل لعوامل اإلنتاج وتتولد
الضغوط التضخمية ،و قد حيدث هذا النوع عندما تزداد الكفاية احلدية لراس املال أو عندما يزداد امليل احلدي
لالستهالك حبيث أن زيادة اإلنفاق االستثماري تؤدي إىل زيادة الطلب الكلي الذي يضغط حنو ارتفاع األسعار
بعد مستوى التوظيف الكامل الذي وصل إليه االقتصاد الوطين .ويرى أنصار نظرية تضخم جذب الطلب أنه
خالل خطوات تضخم الطلب فإن ارتفاع األجور سيتبع ارتفاع األسعار كنتيجة طبيعية ،ويزداد هنا معدل الربح
ويزداد معه معدل توظيف املنتجني لعوامل اإلنتاج واستثمارهم .وميكن جتنب التضخم بسبب جذب من خالل
اإلجراءات االنكماشية اليت تتخذ بواسطة السلطات النقدية واملالية.48
ويعرب الشكل ( )5-9عن وجهة نظر كينز يف حدوث التضخم:49
الشكل ( :)5-9منحىن تضخم جذب الطلب
املستوى العام لألسعار AS
)(P AD4
P3 AD3
P1
املصدر :رمضان حممد مقلد/أسامة امحد الفيل ،مرجع سابق ،ص .171
فرق كينز بني مرحلتني على حسب ظروف التوظيف يف االقتصاد ،50ففي املرحلة األوىل يرى كينز أن
منحىن العرض الكلي ) (ASيف األجل القصري ميكن أن يكون ال هنائي املرونة (خطا مستقيما موازيا للمحور
األفقي) داللة على إمكانية زيادة الناتج دون رفع األسعار طاملا توجد طاقات عاطلة يف االقتصاد .ذلك أن
املشروعات حتدد أسعار منتجاهتا مبا حيقق تعظيم أرباحها عند مستوى الناتج احلقيقي للتوظيف الكامل وال تغري
هذه األسعار طاملا كان مستوى الناتج يقل عن مستوى التوظيف الكامل ،ويف هذه احلالة ،فإن أي زيادة يف
الطلب الكلي (من AD2إىل )AD1ستؤدي إىل زيادة الناتج احلقيقي فقط (من Y2إىل )Y1دون تغري املستوى
العام لألسعار (.)P1
أما يف املرحلة الثانية (مرحلة التوظيف الكامل) عند وصول املشروعات إىل االستخدام الكامل
للطاقات اإلنتاجية ،ستؤدي أية زيادة يف الطلب الكلي (من AD3إىل )AD4إىل زيادة املستوى العام لألسعار
بنف :النسبة إىل ( من P2إىل ) P3دون تغيري يف الناتج القومي احلقيقي (’.)Y
وتجدر اإلشارة إلى عدة مالحظات مهمة:51
48سعيد سامي احلالق ،حممد حممود العجلوين ،مرجع سابق ،ص ص .111-101
49رمضان حممد مقلد/أسامة امحد الفيل ،مرجع سابق ،ص .310
50املرجع السابق ،ص ص .321-311
51رمضان حممد مقلد/أسامة امحد الفيل ،مرجع سابق ،ص ص .321-311
86
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
-أن جوهر التحليل الكينيزي يتمثل يف أن مستوى الناتج القومي احلقيقي يتحدد دائما مبستوى الطلب الكلي،
ولذا لن يظهر التضخم إال عندما ال تكون هناك إمكانية لزيادة هذا املستوى من الناتج (وهو ما يتحقق عند
التوظيف الكامل).
-تنتقد النظرية الكينيزية على اعتبار أن التضخم قد حيدث قبل الوصول إىل التوظيف الكامل ،فإذا كان اجلهاز
اإلنتاجي غري مرن بدرجة كافية ،فإن زيادة الطلب الكلي ستنعك :يف كل من ارتفاع املستوى العام لألسعار
وزيادة الناتج القومي احلقيقي ،و يالحظ أن ارتفاع املستوى العام لألسعار ال حيدث فجأة عند التوظيف الكامل
بل حيدث قبل الوصول إىل التوظيف الكامل بفرتة .فمع كل زيادة يف الناتج واخنفاض يف مستوى البطالة يكون
االرتفاع يف األسعار أسرع .حيث ال تنمو كل قطاعات اجملتمع بنف :املعدل ولذا تصل بعضها إىل التوظيف
الكامل قبل غريها (نظرا لزيادة الطلب على منتجاهتا قبل غريها) مما يؤدي إىل ارتفاع األسعار هبا ،مث بعد فرتة
ترتفع األسعار تدرجييا يف قطاعات أخرى وهكذا.
-تتفق النظرية الكينيزية مع النظرية الكالسيكية يف أن سبب التضخم يرجع إىل حدوث زيادة يف الطلب الكلي،
غري أهنما خيتلفان يف سبب حدوث هذه الزيادة يف الطلب الكلي ،فالكالسيك يرون أهنا ترجع إىل زيادة كمية
النقود ،بينما يرى كينز أهنا ترجع إىل زيادة أحد مكونات الطلب الكلي (االستهالك ،االستثمار ،اإلنفاق
احلكومي وصايف الصادرات) .وهذا لي :اختالفا جوهريا (أو حقيقيا) ألن أحد أسباب زيادة مكونات الطلب
الكلي هو زيادة كمية النقود ،ولذا فإن النظرية الكالسيكية للتضخم حالة خاصة من النظرية الكينيزية.
-ومرة أخرى يتفق التحليل الكينيزي مع حتليل الكالسيك لظاهرة التضخم يف مرحلة التوظيف الكامل ،حيث
تنعك :كل زيادات الطلب الكلي يف ارتفاع املستوى العام لألسعار وبنف :النسبة .األمر الذي يؤكد أن النظرية
الكالسيكية للتضخم حالة خاصة من النظرية الكينيزية.
الفرع الثالث :صدمات العرض والتغذية النقدية
يبني الشكل ( )71-9أن التوازن املبدئي يتحقق عند أقصى ناتج حقيقي (’ )Yويف ظل مستوى عام
لألسعار ( )P1وذلك بتقاطع منحىن الطلب الكلي ( )AD1مع منحىن العرض الكلي ( )AS1يف النقطة ( .)7فإذا
حدثت صدمة عرض ترتب عليها انتقال منحىن العرض الكلي إىل (( )AS2ظاهرة الركود التضخمي) فيتحقق
التوازن اجلديد عند النقطة ( ،)9حيث يرتفع املستوى العام لألسعار إىل ( )P2وينخفض الناتج القومي احلقيقي إىل
( .)Y1غري أن الناتج احلقيقي الفعلي ( )Y1أصبح اقل من الناتج احلقيقي احملتمل (’ ،)Yاألمر الذي يؤدي إىل
وجود فجوة انكماشية* .ويرتتب عن ذلك معدل زيادة معدل البطالة مما يدفع األجور وتكاليف اإلنتاج األخرى
إىل االخنفاض وينتقل منحىن العرض الكلي تدرجييا إىل وضعه األصلي (.52 )AS1
3
2
1
الناتج القومي
احلقيقي ()Y
.115 املصدر :رمضان حممد مقلد/أسامة امحد الفيل ،مرجع سابق ،ص
ولكن ما املدى الزمين الالزم الستعادة التوازن تلقائيا وفقا لآللية السابقة؟
إن هذا يتوقف بصفة أساسية على عاملني:53
-استجابة العمال إىل عملية ختفيض األجور (بسبب ظروف البطالة غري العادية) .وعمليا ال حيدث ذلك
للمشتغلني الذين ال يقبلون إطالقا خفض أجورهم ،وإمنا ينطبق فقط على العاطلني الذين يقبلون العمل مبعدل
أجور منخفض نسبيا ،ولذا فإن ختفيض األجور ال يتم إال بشكل جزئي حمدود للغاية.
-قوى التوقعات اليت قد تلعب دورا معاكسا ،حيث يطالب العمال الذين يتوقعون استمرار التضخم
بزيادة معدالت أجورهم وهو ما يقاومه رجال األعمال بسبب وجود الركود ولذا غالبا ما تتعرقل عملية ختفيض
األجور واستعادة التوازن تلقائيا.
ومع حدوث تغذية نقدية (متمثلة يف قيام البنك املركزي بزيادة عرض النقود من أجل التخلص من
الفجوة االنكماشية) ينتقل منحىن الطلب الكلي إىل اليمني ( )AD4حيث يتحدد التوازن عند النقطة ( )1وبذلك
ختتفي الفجوة االنكماشية عند حتقيق الناتج القومي احلقيقي احملتمل )’ (Yولكن عند مستوى أعلى لألسعار
) .(P3وبتكرار صدمات العرض املصحوبة بالتغذية النقدية ينتقل كل من منحىن العرض الكلي ومنحىن الطلب
الكلي إىل اليسار و إىل اليمني على الرتتيب مما يؤدي إىل استمرار التضخم.
54رمضان حممد مقلد/أسامة امحد الفيل ،مرجع سابق ،ص ص.342-341 ،
55رمضان حممد مقلد/أسامة امحد الفيل ،مرجع سابق ص .341
56نف :املرجع ،ص .341
89
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
● استخدام أسلوب الضرائب التصاعدية اليت تعمل على امتصاص القوة الشرائية من الشرائح ذات الدخول
املرتفعة.
ولكن الوضع بالنسبة للدول النامية يتطلب كثريا من احلكمة وال ميكن أن تطبق هذه السياسات
بالشكل املناظر ملا ميكن أن حيدث يف الدول الغربية املتقدمة .فالكثري من الدول النامية تعاين من مجود اهليكل
اإلنتاجي بسبب العوامل اهليكلية ،ولذا فإن إتباع سياسة مالية و نقدية انكماشية سيؤدي إىل املزيد من الركود،
وبالتايل جيب إتباع سياسات مالية و نقدية حكيمة يف األجل القصري تعاجل بعض العوامل اهليكلية وتسمح بنمو
الناتج احلقيقي يف كل من األجل القصري و الطويل ويتم ذلك يف ظل معدالت مقبولة ومتوقعة للتضخم .ولذا
جيب التفرقة بني زيادة الطلب الكلي اليت تعود إىل عوامل نقدية حبتة واملرتبطة بعوامل حقيقية .ففي احلالة األوىل
ميكن استخدام سياسات مالية ونقدية انكماشية متشددة .بينما استخدام مثل هذه السياسات يف احلالة الثانية
سيؤدي إىل ركود اقتصادي يغلق الباب أمام إمكانية زيادة الناتج القومي احلقيقي .ولذا يفضل يف هذه احلالة
األخرية استخدام سياسات ائتمانية ومالية تسمح بعالج العوامل اهليكلية املعرقلة لنمو الناتج احلقيقي (مثل إعطاء
أولوية للمشروعات االستثمارية اليت يتوقع منها مسامهة كبرية يف تنمية الناتج الكلي احلقيقي على مدى األجل
الطويل).
الفرع الثاين :السياسات العالجية للتضخم الناشئ من جانب العرض
هتدف هذه السياسات إىل زيادة العرض الكلي من السلع واخلدمات سواء باستخدام أدوات
السياسة النقدية و/أو أدوات السياسة املالية التوسعية.
بالنسبة للدول املتقدمة يرى البعض أنه ال ضرورة للتدخل لعالج الركود التضخمي ،حيث قد يستعيد
التوازن تلقائيا عند مستوى التوظيف الكامل ،ألن زيادة معدل البطالة عن املعدل التضخمي ستؤدي إىل اخنفاض
معدالت األجور ومن مث تكاليف اإلنتاج ،وبالتايل ينتقل منحىن العرض الكلي مرة أخرى إىل جهة اليمني و نعود
إىل مستوى دخل التوظيف الكامل واملستوى العام لألسعار السابق على حدوث التضخم.
بينما يرى البعض اآلخر أن عملية استعادة التوازن تلقائيا تتطلب فرتات زمنية (عامني أو ثالثة أو
أكثر) نظرا لوجود عوامل معرقلة هلذه العملية مثل التوقعات املعاكسة وعدم استجابة العمال لتخفيض األجور .لذا
جيب إتباع سياسة نقدية توسعية تزيد من الطلب الكلي من أجل التخلص من الركود يف األجل القصري ،غري أن
هذه السياسة سيرتتب عليها زيادة عرض النقود املصحوبة باخنفاض أسعار الفائدة مما يؤدي إىل ارتفاع املستوى
العام لألسعار ،وميكن معاجلة هذا االرتفاع يف األسعار يف األجل الطويل.
أما بالنسبة إىل الدول النامية ،فإن الوضع خيتلف كثريا ذلك أن التصفية الذاتية للركود التضخمي
غري متوافرة يف هذه الدول على األقل للسببني التاليني:57
أ-ال يعمل النشاط اإلنتاجي عند مستوى التوظيف الكامل أو حىت قريبا منه.
ب-ال تعمل آليات السوق والتوازن يف البلدان النامية بنف :الطريقة اليت تعمل هبا يف الدول املتقدمة ،ولذا فإن
استعادة التوازن التلقائي سيتطلب فرتة زمنية طويلة للغاية.
أما استخدام السياسة النقدية التوسعية فيرتتب عليه عدة خماطر أمهها اآليت:58
أ -ستؤدي زيادة العرض النقدي (يف ظل مجود اجلهاز اإلنتاجي) إىل ارتفاع املستوى العام لألسعار دون زيادة
الناتج القومي احلقيقي.
ب -إساءة استخدام الزيادة النقدية مما يزيد الوضع سوءا مقارنة بالدول املتقدمة.
ولذا يتطلب عالج صدمات العرض التضخمية بالدول النامية كاآليت:59
أ -سياسات أجرية تربط بني الزيادة يف األجور والزيادة يف اإلنتاجية وتعاجل االختالل بينهما.
ب-التخلص من البطالة املقنعة يف عدد من القطاعات مثل القطاع العام.
ج-استغالل الطاقات العاطلة يف املشروعات ،ألن هذا يساهم بصورة كبرية يف الزيادة الناتج والعرض الكلي وال
يرتتب عليه زيادة كبرية يف اإلنفاق أو الطلب الكلي.
ح-االهتمام مبشروعات القطاعات السلعية اليت تسهم مباشرة يف زيادة العرض من السلع ،وخاصة يف األنشطة
اليت تنتج سلعا ضرورية يزداد الطلب عليها مبعدالت كبرية مثل املنتجات الزراعية.
د-سياسات طويلة األجل تعمل على إحالل املواد األولية والوسطية احمللية الرخيصة بدال من تلك املستوردة الغالية
الثمن ،وتطبيق تقنيات جديدة ختفض من نسبة مسامهة هذه املواد املستوردة يف املنتجات النهائية.
ر-تشجيع االستثمارات اخلاصة واألجنبية وهتيئة املناخ املالئم هلا حيث يرتتب على ذلك زيادة الناتج والعرض
الكلي من سلع وخدمات السوق احمللي.
ه -سياسات هيكلية تعاجل العجز يف ميزان املدفوعات حبيث تشجع الصادرات وحتد من الواردات من جهة ،ومن
جهة أخرى تعمل هذه السياسات على تنويع هيكل اإلنتاج و الصادرات ،األمر الذي يرتتب عليه تقليل التقلبات
يف االقتصاد و زيادة قدرته على التكيف مع التقلبات العاملية ،وبالتايل التخفيف من حدة التضخم املستورد.
و-ميكن أن تلعب السياسات النقدية التوسعية دورا ثانويا مساعدا ولي :دورا رئيسيا.
الفرع الثالث :السياسات العالجية للتضخم الناشئ عن التغذية النقدية
هناك شبه اتفاق على أن مواجهة هذا التضخم يتطلب إتباع سياسة نقدية انكماشية من أجل
ختفيض أو إبطاء معدل الزيادة يف الطلب الكلي ،و من مث خفض معدل االرتفاع يف املستوى العام لألسعار،
ولكن الواقع العملي لي :هبذه السهولة ،حيث تلعب قوى التوقعات و غريها دورا معاكسا .وسوف يصاحب هذا
العالج النقدي تلقائيا ،ارتفاع سعر الفائدة الذي حيدث اآلثار التالية:60
أ -خيفض من حجم االستثمار مما يؤدي إىل اخنفاض الطلب الكلي ومن مث اخنفاض املستوى العام لألسعار.
ب -يزيد من تكاليف التمويل و اإلنتاج مما يؤدي إىل نقص العرض الكلي وارتفاع املستوى العام لألسعار.
وتتوقف احملصلة النهائية لكل من األمرين السابقني على مرونة الطلب على القروض .فإذا كانت هذه
املرونة منخفضة ستضطر املشروعات الصغرية واملتوسطة إىل االقرتاض مهما ارتفع سعر الفائدة ،وبالتايل لن
ينخفض االستثمار (ومن مث الطلب الكلي) ،بل سرتتفع تكاليف اإلنتاج بدرجة كبرية تؤدي إىل ارتفاع املستوى
العام لألسعار ،والعك :صحيح ،خاصة وأن ارتفاع سعر الفائدة قد ال يؤثر على استثمارات املشروعات الكبرية
اليت غالبا ما متول نفسها ذاتيا ،و بالتايل لن ينخفض كل من الطلب الكلي واملستوى العام لألسعار .غري أن
النقديني يرون أن األثر التضخمي لسعر الفائدة غالبا ما حيدث ملرة واحدة ،ولكن اخنفاض العرض النقدي
سيخفض من حجم الناتج والزيادة يف معدالت األجور النقدية مما يعين السيطرة على أهم العوامل املغذية
للتضخم.
أما بالنسبة للدول النامية فقد طبقت يف العقدين األخريين من القرن املاضي بعض برامج اإلصالح
االقتصادي مقرتحة من قبل صندوق النقد الدويل ،وكانت هذه الربامج حتتوي على العناصر األساسية للسياسة
النقدية االنكماشية (تقييد التوسع النقدي ورفع أسعار الفائدة) .وقد لوحظ على هذه السياسة اآليت:61
أ-كان االخنفاض يف الطلب الكلي ضئيال مقارنة بالدول املتقدمة نظرا ألن حجم التمويل املصريف كان متواضعا
من األصل.
ب -أدت أسعار الفائدة املرتفعة إىل زيادة تكاليف اإلنتاج ومن مث اخنفاض حجم النشاط اإلنتاجي ،خاصة وأن
معظم املشروعات هبذه الدول صغرية أو متوسطة تتأثر بشدة من ارتفاع أسعار الفائدة ،وقد ترتب على ذلك
ارتفاع املستوى العام لألسعار بدرجة كبرية.
إن تطبيق هذه السياسات يف معاجلة التضخم يف كثري من الدول النامية (مثل مصر مثال) قد فشل
وأدى إىل املزيد من الركود و التضخم يف آن واحد.
وعند تصميم سياسات ملعاجلة التضخم يف الدول النامية جيب مالحظة اآليت:62
أ-جلوء كثري من احلكومات إىل اإلصدار النقدي من أجل تغطية عجز املوازنة العامة ،وهلذا من الصعب تقييد مثل
هذا اإلصدار إال إذا استطاعت هذه احلكومات معاجلة العجز.
ب -قد تنجح السياسات النقدية االنكماشية يف احلد من التضخم يف األجل القصري ألهنا تؤدي إىل آثار
انكماشية فورية احلدوث .ولكن سيرتتب عليها يف األجل الطويل آثار سلبية بالنسبة للتنمية االقتصادية ،حيث
تنخفض معدالت االستثمار ،وهذا يعين أن تضحي الدول النامية باعتبارات النمو والعدالة حلساب اعتبارات
االستقرار.
ج-حتتاج الدول النامية إىل العالج اهليكلي الذي ينمي النشاط احلقيقي يف األجل الطويل .أما العالج النقدي
فهو نوع من املسكنات املؤقتة ال جيب التمادي يف استخدامه لفرتات طويلة.
93
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
63
Eser Tutar, « Inflation Targeting in developing Countries and its Applicability to the
Turkish Economy », July 18, 2002, p 01 http:// scholar.lib.vt.edu/theses/available/etd-
08012002-110233/unrestricted/thesis.pdf.12/04/2016.
64
Kenneth N.Kuttner, "A Snapshot of Inflation Targeting in its Adolescence".2004, p 07
www.rba.gov.au/PublicationsAndResearch/Conferences/2004/Kuttner.pdf.13/04/2016.
94
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
إذا كان التعريف العملي يأخذ منوذجه من وجهة نظر واضعيه أمثال ) Bernanke and Al (1999بأنه
أفضل وصف كإطار للسياسة النقدية بدال كقاعدة عريضة واليت تتميز بأربع خصائص:65
-االلتزام املعلن على استقرار األسعار كهدف أساسي للسياسة النقدية ،ومع ذلك ال ينبغي أن يكون استقرار
األسعار اهلدف الوحيد لتحقيق االستقرار يف اإلنتاج وأغراض أخرى.
-هناك هدف رقمي مفسر للتضخم .ويف كثري من األحيان ولكن لي :دائما ستكون هناك فرتة زمنية حمددة
للعودة إىل اهلدف بعد أي ثغرات.
-وجود درجة عالية من الشفافية فيما يتعلق بالسياسة النقدية تقوم بانتظام بنشر تقارير مفصلة عن األوضاع
االقتصادية وتوقعات التضخم .ويف كثري من األحيان تشمل تقارير البنك املركزي للتضخم ،منو الناتج احمللي
اإلمجايل ومتغريات االقتصاد الكلي األخرى.
-آلية املساءلة يف الغالب تكون اهلدف املوجه للتضخم ،وهذا ما يتطلب من البنك املركزي اختاذ تدابري حمددة
مثل نشر تفسري أو إرسال بريد الكرتوين إىل احلكومة.
املطلب الثاين :ظروف نشأة وتطور سياسة استهداف التضخم
إن اإلملام بظروف نشأة وتطور سياسة استهداف التضخم ميثل إسرتاتيجية جديدة إلدارة السياسة
النقدية من قبل البنوك املركزية من خالل حتديد معدالت كمية لتحقيق االستقرار يف املدى الطويل ،على الرغم من
قصر جتربتها إال أن هناك بلدان عديدة متقدمة و نامية تبنت هذا اإلطار للسياسة النقدية.66
الفرع األول :ظروف نشأة سياسة استهداف التضخم
بدأت أول جتارب استهداف التضخم كنظام إلدارة السياسة النقدية يف عدد متزايد من الدول
املتقدمة ،بدأ يف نيوزلندا يف ديسمرب ،7515مث يف كندا يف فيفري ،7557مث يف اململكة املتحدة يف ،7559مث تلتها
باقي الدول الصناعية األخرى كأسرتاليا والسويد يف .7551
إن حت قيق هذه الدول ملعدالت منخفضة و مستقرة للتضخم شجع عددا من الدول النامية على تبين
هذه السياسة مثل الشيلي وبولندا يف ،7555كولومبيا ،كوريا وجنوب إفريقيا يف ،9111هنغاريا ،إسلندا واملكسيك
يف ،9119وأخريا الفيليبني والبريو يف 2112أيضا.
دول قدمية و 74دولة الباقية، 11 دولة تستهدف معدالت التضخم ،منها 97 أن هناك Kuttner يرى
حديثة العهد.67
65
Kenneth N.Kuttner, op-cit, p 08.
22طيبة عبد العزيز "سياسة استهداف التضخم كأسلوب حديث للسياسة النقدية (دراسة حالة اجلزائر للفرتة ،")2113-1114رسالة ماجستري،
حتت إشراف بلعزوز بن علي ،جامعة الشلف ،2115 ،ص .111
67 Kenneth N.Kuttner, op-cit, p13.
95
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
97
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
وقد واجهت البنوك املركزية يف الدول الصناعية منذ منتصف الثمانينات مشكلة تعثر سياسة
استخدام املتغريات الوسيطة كالقاعدة النقدية وسعر الصرف.
أوال -استهداف سعر الصرف
مع أن معظم الدول انتهجت منذ اهنيار نظام برينت وودز ،ويف منتصف السبعينات ،سياسة سعر
الصرف املرن فقد ظلت بعض دول األسواق الناشئة واملتحولة تعتمد سياسة سعر الصرف الثابت كمتغري وسيط
للتحكم مبعدالت التضخم ،ومن هذه الدول على سبيل املثال األرجنتني سنة ،7557والربازيل من سنة 7554إىل
،7551حيث متكنت هذه األخرية من خالل استخدام سعر الصرف الثابت من التحكم يف معدالت التضخم
العالية يف فرتة وجيزة .لكن يف ظل االندماج املايل العاملي وحترير التجارة وسهولة تدفق األموال عرب القارات و
األزمات املالية ،أصبحت تلك الدول (اليت مازلت تصر على انتهاج سياسة سعر الصرف الثابت) حتت ضغوط
متزايدة للتحرك حنو سعر صرف أكثر مرونة لتجنب مواجهة أوضاع خطرة.69
ثانيا -استهداف التحكم بنمو القاعدة النقدية
يف ظل سياسة حترير أسعار الصرف ،يصبح التحكم بالقاعدة النقدية هو اهلدف أو املتغري الوسيط،
ولي :ثبات سعر الصرف .وقد أطلق على هذه املقاربة "سياسة االستهداف النقدي" ،حيث يقوم البنك املركزي
بتحريك أدواته كسعر الفائدة مثال ،من أجل التحكم يف منو القاعدة النقدية أو اجملاميع النقدية ذات العالقة واليت
تعترب حمددا قويا ملعدالت التضخم على املدى الطويل.
وتفرتض هذه السياسة أن التحكم أو القدرة على التحكم يف القاعدة النقدية ،تؤدي إىل حتكم
مماثل يف معدالت التضخم .وتصبح إمكانية منو القاعدة النقدية أو اجملاميع النقدية املختارة كأهداف وسيطة هي
العنصر الفعال يف حتقيق هدف استقرار األسعار .وتصبح قدرة البنك املركزي مرهونة مبدى معرفته التجريبية بفعالية
أدوات السياسة النقدية يف التأثري على تلك اجملاميع ،وهذا هو العنصر احلاسم .وينبع ذلك كله من التجارب
املرتاكمة لدى البنك املركزي اليت كوهنا عن طبيعة ومناخ القطاع النقدي واملصريف وعن االقتصاد عموما.70
املطلب الثالث :شروط استهداف التضخم
إذا كانت فعالية السياسة النقدية يف احلد من التضخم تنصرف إىل الكيفية اليت تستطيع السلطة
النقدية التأثري يف مستوى النشاط االقتصادي لتحقيق هدف استقرار األسعار ،فإن فعالية سياسة استهداف
التضخم تتعلق مبدى إمكانية السلطة النقدية التحكم يف املعدل أو املدى املستهدف كهدف أساسي للسياسة
21ناجي التوين" ،استهداف التضخم والسياسة النقدية" ،سلسلة جسر التنمية ،معهد التخطيط العر؛ي ،الكويت ،ص .13ميكن اإلطالع عليه يف
املوقع االلكرتوينwww.arab-api.org/develop_bridge6.pdf.13/04/2016.:
70نف :املرجع ،ص .13
98
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
النقدية يف املدى الطويل ،ولضمان فعالية هذه السياسة جيب توفري نوعني من الشروط :الشروط العامة والشروط
األولية (األساسية).71
الفرع األول :الشروط العامة الستهداف التضخم
نعين بالشروط العامة تلك املعايري أو اخلصائص اليت جيب أن تتميز هبا الدولة املعنية حىت ميكن
القول أهنا تستهدف التضخم ،فإذا نقص شرط من هذه الشروط يف أي بلد ،ال نستطيع احلكم على أنه
يستهدف التضخم.
هناك مخسة شروط عامة وضرورية لقيم سياسة استهداف التضخم وهي:72
-اإلعالن العام عن أهداف رقمية ملعدل التضخم يف األجل املتوسط.
-التزام مؤسسايت بأن استقرار األسعار هو اهلدف األويل للسياسة النقدي يف املدى الطويل مع االلتزام أو التعهد
بتحقيق اهلدف.
-إسرتاتيجية املعلومات الشاملة اليت حتتوي على العديد من املتغريات (تتعلق هذه املتغريات بالفرتة املستقبلية
للتحكم يف التضخم ،لي :فقط اجملمعات النقدية ،واستعماهلا يف اختاذ قرار السياسة النقدية ،جيب أن تتوفر لدى
البنك املركزي آليات فنية متقدمة للتنبؤ بالتضخم احمللي).
-زيادة الشفافية حول إسرتاتيجية السياسة النقدية لالتصال باجلمهور واألسواق حول خطط وأهداف صانعي
السياسة النقدية.
-إخضاع البنك املركزي للمساءلة أكثر يف اجناز هدف التضخم كهدف أساسي للسياسة النقدية يف املدى
الطويل.
تعترب الواليات املتحدة األمريكية من الدول اليت ال تستهدف التضخم على الرغم من التزام بنوكها
املركزية الفيدرالية من حتقيق مستوى منخفض من التضخم ،فهي ال تعلن أهداف رقمية صرحية للجمهور إىل
جانب التزامها بتحقيق أهداف أخرى كتحقيق العمالة الكاملة أو حتقيق أسعار فائدة مقبولة يف املدى الطويل ،أما
أملانيا تعد من البلدان اليت يتمتع بنكها املركزي باستقاللية كبرية و حيقق مستويات منخفضة من التضخم ،إال أنه
ال تعلن بشكل رمسي و صريح عن أهداف رقمية ملعدالت التضخم ،لذا فهي ال تطبق سياسة استهداف
ويسمح بتحقيق %9 التضخم .كما أن البنك املركزي األورو؛ي يضع أهداف رقمية معلنة للتضخم ال تتعدى
51بلعزوز بن علي/طيبة عبد العزيز" ،تقييم أداء بنك اجلزائر للسياسة النقدية حالل الفرتة 2114-1114مع الرتكيز على سياسة استهداف
التضخم" ،جملة كلية التجارة للبحوث العلمية ،جامعة الشلف ،2115،ص ص .12-11ميكن اإلطالع عليه يف املوقع االلكرتوين التايل:
رسائل www.elbassaire.net/centre de téléchargement/maktaba/
/séminaire/bechar/56.pdf.13/04/2016.ماجستري
72نف :املرجع ،ص .11
99
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
أهداف أخرى غري أهداف استقرار األسعار يف املدى الطويل ،لذا ال ميكن القول أنه يطبق هذا اإلطار إلدارة
السياسة النقدية ،جيب أن تتوفر هذه الشروط كلية حىت ميكن ألي بلد من تطبيق هذه السياسة.
الفرع الثاين :الشروط األولية الستهداف التضخم
تتمثل الشروط األولية يف تلك املعايري املبدئية اليت جيب أن تتوفر يف دولة ما حىت تكون لسياسة
استهداف التضخم فعالية أكرب يف تطبيقه ،على عك :الشروط العامة فإن استهداف التضخم ميكن أن يكون
فعاال حىت يف حالة عدم توفر بعض الشروط الالزمة يف تطبيقه.
وتوجد ثالثة شروط أولية لفعالية سياسة استهداف التضخم هي:73
-1استقاللية البنك املركزي
يعترب من املتطلبات األساسية الستهداف التضخم من خالل إعطاء استقاللية كاملة للبنك املركزي
للتعديل احلر ألدواته النقدية للوصول إىل هذا التضخم املنخفض ،وتعين االستقاللية الكاملة إعطاء قدر كبري
للسياسة النقدية بتوجيه األدوات بشكل فعال لبلوغ أهدافها .وتشري ضمنيا إىل عدم متويل البنك املركزي لعجز
امليزانية احلكومية من خالل التوسع النقدي ويف نف :الوقت عدم التقييد بالتمويل الالزم للقطاع العام بأسعار
فائدة منخفضة أو اإلبقاء على سعر صرف امسي معني ،كما جيب أن ال يكون هناك ضغط سياسي على البنك
املركزي لرفع معدالت النمو االقتصادي بطريقة تتعارض مع حتقيق استقرار األسعار يف األجل الطويل.
ال جيب أن يكون هناك متويل مباشر للقطاع العام من البنك املركزي ،كم ال جيب إعطاء ثقل كبري
للقطاع العام يف التمويل من اجلهاز املصريف بل جيب أن تكون اإليرادات احلكومية كافية لتغطية النفقات
احلكومية ،أن انعدام هذا الشرط يضعف فعالية السياسة النقدية يف بلوغ االستهدافات املوضوع مع إجبار البنك
املركزي التكيف مع سياسته النقدية حسب الظروف السائدة.
يرى ) Eser Tutar (2002أنه لي :هناك تعريف حتليلي لعتبة التضخم واليت عندها تفقد السياسة
النقدية فعاليتها ،وتصبح عندها متكيفة تقريبا مع األوضاع السائدة ،فهو يرى أن الدولة اليت ترتاوح معدالت
تضخماهتا بني %99-79ملدة ثالثة أو مخسة سنوات ال ميكنها االعتماد على سياسة نقدية تستهدف معدل
تضخم منخفض و دائم.
-2امتالك استهداف وحيد
يتمثل الشرط الثاين لتبين استهداف التضخم يف انعدام استهدافات امسية أخرى مثل األجور أو
مستوى التشغيل أو سعر الصرف االمسي تتعارض وحتقيق استقرار األسعار يف املدى الطويل ،فعندما ختتار الدولة
نظام لسعر الصرف الثابت تكون غري قادرة على بلوغ املعدل املستهدف وسعر الصرف الثابت يف نف :الوقت،
إذا كان اقتصاد البلد يعرف حركة كبرية النتقال رؤوس األموال ،فتحقيق هدف استقرار سعر الصرف يكون على
حساب حتقيق معدل تضخم منخفض ،مما يؤثر على مصداقية السياسة النقدية ،فعندما يتم حتديد معدل تضخم
سعر صرف العملة احمللية مقابل عملة الربط يف دولة أخرى يرتتب عليه قبول صانعي السياسة االقتصادية داخل
الدولة مبعدل التضخم يف الدولة األخرى كمعدل مستهدف للتضخم ،وعندما حيدث اخنفاض يف سعر صرف
عملة بنك دولة نتيجة الرتفاع أسعار الواردات من اخلارج مثال يؤدي ذلك إىل ارتفاع معدل التضخم حمليا وهو ما
يتعارض مع استهداف التضخم.
فإذا حدث تضارب بني األهداف يصعب على صانعي السياسة النقدية إعطاء األولوية هلذين
اهلدفني وتوضيحها للجمهور بطريقة موثوقة ،ولتفادي هذا التضارب يتطلب تبين نظام سعر صرف مرن إىل احلد
الذي يكون فيه التضخم له األولوية يف حالة حدوث أي تعارض لذا يكون الطريق األكثر أمانا لتفادي تلك
املشاكل أن ال تكون أي متغريات امسية مستهدفة مع النظر إىل هدف التضخم املنخفض يف املدى الطويل هو
اهلدف الوحيد واألساسي للسياسة النقدية.
-1وجود عالقة مستقرة بني أدوات السياسة النقدية ومعدل التضخم
جيب أن تكون هناك عالقة مستقرة و ميكن التنبؤ هبا بني أدوات السياسة النقدية ومعدالت
التضخم ،حيث جيب أن تكون السلطة النقدية قادرة على تشكيل منوذج ديناميكي للتضخم وتقديره عند مستوى
ميكن حتقيقه والتحكم فيه وفقا للمعلومات املستقبلية املتاحة ،لذا جيب على السلطة النقدية أن تكون هلا القدرة
على التأثري بأدواهتا املتاحة بفعالية يف حالة احنراف املعدل عن قيمته يف املستقبل .والبد أيضا أن تكون هناك
أسواق مالية (لرأس املال) متطورة لالستخدام األمثل لتلك األدوات لينتقل أثرها على النشاط االقتصادي إذا
حدثت احنرافات عن التضخم املستهدف ميكن تصحيحها يف الوقت املناسب.
وقد تبنت بعض الدول سياسة استهداف التضخم لكنها مل تستويف أحد الشروط السابقة لفعالية
هذا اإلطار إلدارة السياسة النقدية يف حتقيق تضخم منخفض يف بداية التطبيق.
إذا استوفت أي دولة للشروط العامة بصفة كاملة ،وللشروط األولية بصفة جزئية أو كاملة ميكنها
تطبيق سياسة استهداف التضخم.
101
الفصل الثاني ظاهرة التضخم و سياسات استهدافها
خالصة:
من أهم املشكالت االقتصادية اليت ثار حوهلا النقاش واآلراء والنظريات اليت عانت منها اجملتمعات
على اختالف أنظمتها االقتصادية والسياسية ،واختالف درجة تطورها االقتصادي واالجتماعي مشكلة التضخم
اليت تعددت تعاريفها ولعل أهم تعريف متداول هو االرتفاع العام واملستمر يف مستوى األسعار ،وميكن قياسه بعدة
طرق ،وكلما كان التشخيص صحيحا ودقيقا كلما سهلت مهمة القضاء عليه ،وللتضخم عدة أنواع ميكن
تقسيمها حسب القطاع الذي حدث فيه وحسب درجة التشغيل ،حسب درجة إشراف الدولة على األسعار،
حسب املصدر وحسب احلدة ،ولكل هذه األنواع أسباب حلدوثها قد تكون ناجتة عن الطلب أو عن التكاليف
أو من خالل اهلياكل االقتصادية واالجتماعية أو من خالل العامل النقدي أو نتيجة الربح.
ونتيجة ملا سبق تعددت النظريات املفسرة هلذه الظاهرة فمنها النظرية النقدية التقليدية اليت ترجع
سبب التضخم إىل التغريات بني ك مية النقود املعروضة وحجم الناتج املتاح من السلع واخلدمات ،والنظرية الكينيزية
اليت فسرت التضخم على أنه نتيجة عدم التوازن بني التشغيل والدخل الوطين بالطلب الكلي الفعال ،ونظرية
التضخم الناتج عن رفع النفقة اليت تفسر التضخم بأنه يرجع إىل ارتفاع تكاليف اإلنتاج عامة ،واألجور خاصة،
باإلضافة إىل النظرية املعاصرة اليت تقوم على تطور التغري يف كمية النقود بني الناتج الوطين أو الدخل الوطين
احلقيقي ،ومن جهة أخرى على التغري الذي يطرأ على سرعة دوران النقود ،وملعاجلة مشكلة التضخم استخدمت
الدول عدة سياسات أوهلا السياسة النقدية وهذا برفع سعر اخلصم ،ونسبة االحتياطي اإلجباري باإلضافة
استخدام عمليات السوق املفتوحة والسياسة املالية املتمثلة يف الرقابة الضريبية ،والرقابة على الدين العام واإلنفاق
العام ،وسياسة الرقابة على األسعار ،وسياسة الرقابة على األجور.
كما أن معظم الدول حاربت الظاهرة ووجهتها من ظهورها ومازلت إىل اآلن حتاول التخفيف من
حدة أثارها السلبية والقضاء عليها وهذا على اعتبار أن التضخم ظاهرة تأثر عكسياً على اقتصاديات الدول فهل
ميكن فعال ختلص منه بشكل هنائي والقضاء على كل آثاره السلبية متاشيا مع استقرار النظم االقتصادية ،ويف حالة
عدم القضاء عليه فهل كان البد من التعايش أوال والبحث ما إذا كان فعال ظاهرة ميكن الرتكيز عليها والبحث
فيها إن وجدت من أجل الوصول إىل حلول ملشاكل اقتصادية أخرى .
102
""4102-0991 استهداف التضخم يف اجلزائر خالل الفرتة
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
متهيد:
ورثت اجلزائر عند استقالهلا نظاما مصرفيا واسعا لكنه تابع أجنيب وقائم على أساس االقتصاد احلر
الليربايل ،وقد نتج عن استقالهلا مجلة من التغريات يف النظام املصريف الذي وجدته فيها ومن أهم هذه التغريات
إنشاء البنك املركزي اجلزائري سنة 3691والدينار اجلزائري سنة 3691وكان هذا بعد كل اجلهود اليت بذلتها من
أجل اسرتجاع حقوق سيادهتا مبا يف للك حقها يف إددار النقد وإنشاء عملة وطنية.
وتعترب السياسة النقدية من إحدى السياسات اليت تساهم يف احلد من ظاهرة التضخم ،إل تعترب
اجلزائر من بني الدول اليت تعاين من هذه الظاهرة خادة مع بداية التسعينات واليت عرفت فيها مرحلة االنتقال من
االقتصاد املوجه إىل اقتصاد السوق حيث سجلت اجلزائر أعلى مستويات هلا يف التضخم وللك بعد التحرير
اجلزئي لألسعار سنة ،3696إىل أن عرفت تراجعا بلغ %3.1سنة .0333
وملعرفة العالقة بني السياسة النقدية وسياسة استهداف التضخم ال بد من القيام بدراسة قياسية بني
املتغريات اليت اخرتنا دراستها تشمل خمتلف املراحل اليت سنتعرض هلا واليت تتعلق باالستقرارية مع لكر خمتلف
االختبارات ،عالقة التكامل املشرتك وأخريا دراسة العالقة يف املدى القصري والطويل.
104
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
1حممود محيدات "مدخل التحليل النقدي" ديوان املطبوعات اجلامعية ،3669 ،ص .331
105
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
والشروط تتحدد أدال بآليات وأهداف التنمية لاهتا ،وبني اعتبارات البنك كمؤسسة جتارية يلزمها ما يلزم املؤسسة
للعمل من أجل تطويرها.
الفرع الثاين :البنوك التجارية
يقصد بالبنك التجاري املؤسسة اليت متارس عملية االئتمان(لإلقراض و االقرتاض) ،إل حيصل البنك
التجاري على أموال العمالء فيفتح هلم ودائعهم ويتعهد بتسديد مبالغها عند الطلب أو عند استحقاق األجل،
كما يقدم هلم القروض ،و تعترب عملية خلق الودائع أهم وظيفة تقوم هبا البنوك التجارية يف الوقت احلاضر.
تؤدي البنوك التجارية ثالث مهام :
مهمة البنوك التجارية العمومية.
مهمة مراقبة التبادالت.
مهمة أساسية تتمثل يف عملية االئتمان.
وقد أسست اجلزائر بعد االستقالل مخسة بنوك جتارية وهي:2
البنك الوطين اجلزائري .BNA
القرض الشعيب اجلزائري .CPA
البنك اخلارجي اجلزائري .BEA
بنك الفالحة و التنمية الريفية .BADR
بنك التنمية احمللية .BDL
جوان ،3699وهو يعترب أول 31 أوال -نشأة و مهام البنك الوطين اجلزائري :أنشئ البنك الوطين اجلزائري يف
البنوك التجارية اليت مت تأسيسها يف اجلزائر املستقلة.
وميكن حصر أهم وظائفه فيما يلي:3
●تنفيذ خطة الدولة فيما خيص القرض القصري واملتوسط األجل وضمان القروض كتسهيالت الصندوق والسحب
على املكشوف و التسليف على البضائع و االعتمادات املستندية.
●منح القروض الزراعية للقطاع الفالحي املسري لاتيا ،مع املسامهة يف الرقابة على وحدات
اإلنتاج الزراعي حىت عام ،3690حيث أسس البنك الفالحي للتنمية.
● يقوم بتمويل التجارة اخلارجية باإلضافة إىل مسامهته يف رأس مال عدد من البنوك التجارية.
ثانيا :نشأة و مهام القرض الشعبي الجزائري :مت تأسيس القرض الشعيب اجلزائري يف 31ماي ،3699وهو ثاين
بنك جتاري يتم تأسيسه يف اجلزائر .ويقوم بالوظائف التالية:4
2الطاهر لطرش "تقنيات البنوك" ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر ،الطبعة الرابعة ،0332 ،ص ص .363-399
3املرجع السابق ،ص .396
4الطاهر لطرش ،مرجع سابق ،ص .396
106
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
تقدمي القروض للحرفني والفنادق ،وقطاع السياحة والصيد والتعاونيات واملؤسسات الصغرية واملتوسطة ،وكذلك
تقدمي القروض ألدحاب املهن احلرة وقطاع الري واملياه.
يقدم قروضا وسلفيات لقاء سندات عامة إىل اإلدارات احمللية ،ومتويل مشرتيات الدولة والوالية والبلدية
والشركات الوطنية.
●يقوم بعملية البناء والتسيري من خالل قروض متوسطة وطويلة األجل.
ثالثا :نشأة و مهام البنك اخلارجي اجلزائري :أنشئ مبوجب املرسوم رقم 031 – 96بتاريخ 33أكتوبر 3696على
شكل مؤسسة وطنية حيث أنه يعمل وفقا للقانون التجاري ،ففي اإلطار الداخلي يقوم مبا يلي:5
متويل املؤسسات خادة الشركات الكربى يف ميدان احملروقات.
متويل املؤسسات بالقروض الالزمة للتجهيز سواء كانت مباشرة مثل السحب على املكشوف والتسبيقات
املباشرة أو غري املباشرة و تشمل القروض بالتوقيع و االعتمادات املستندية و الكفاالت.
مينع القروض االستثمارية متوسطة األجل.
أما يف اإلطار اخلارجي فيقوم مبا يلي :
● ترقية عالقات اجلزائر اخلارجية من خالل االسترياد والتصدير
● متويل التجارة اخلارجية وتوفري كل املعلومات املتعلقة باملؤسسة اخلارجية.
رابعا :بنك الفالحة و التنمية الريفية :تأسس بنك الفالحة والتنمية الريفية يف 31مارس 3690مبقتضى املرسوم
رقم ،039-90وبصفة عامة يقدم البنك القروض على الشكل التايل:6
قروض العمل و اخلادة باليد العاملة .
قروض التمويل اليت تتخصص لتغطية التموين الفالحي وتطوير اإلنتاج الغذائي واحليواين والزراعي على املستوى
الوطين وعلى مستوى الريف.
قروض خادة بالضمان االجتماعي و الضرائب.
خامسا :بنك التنمية احمللية :تأسس مبوجب املرسوم رقم 92/92يف 13أفريل 3692وآخر بنك جتاري يتم تأسيسه
يف اجلزائر قبل الدخول يف مرحلة اإلدالحات ،وللك تبعا إلعادة هيكلة القرض الشعيب اجلزائري .وهو يقوم
بالوظائف التالية:7
خدمة اهليئات احمللية على مستوى البلديات والواليات.
منح القروض القصرية واملتوسطة األجل لتمويل عمليات االسترياد والتصدير.
احلق يف املصادقة على بداية تنفيذه .واجلدير بالذكر أن هذا النوع من القروض غري قابل للتعبئة لدى معهد
اإلددار.
ومتاشيا مع هذه اإلدالحات ،أسست الدولة اجلزائرية هيئتني مصرفيتني تتكفالن بتسيري البنوك
ومراقبة وإدارة القروض وتعمالن حتت ودية وزارة املالية مباشرة وهي :جملس القرض واللجنة التقنية للمنشآت
املصرفية.9
أوال-جملس القرض
أسندت له مهام عديدة من أمهها:10
-إبداء اآلراء واملالحظات املتعلقة بالنقد والقرض يف إطار املخططات التنموية.
-رفع تقارير دورية إىل وزير امللية ،تتضمن حالة النقد واالئتمان واآلثار املتوقعة على االقتصاد الوطين.
-اقرتاح التدابري لتسيري هذه احلاالت.
ثانيا -اللجنة التقنية للمنشآت املصرفية
أسندت هلا هي أيضا مهام عديدة منها:11
-رفع التقارير إىل وزير املالية تتضمن كل املالحظات واآلراء والتوديات لات الطبيعة املصرفية ،وكل املهن اليت
ترتبط هبا.
-اقرتاح طرق تنفيذ الربامج االستثمارية بسرعة وبفعالية ،كما يبحث أيضا يف طرق خلق االنسجام بني املؤسسات
املالية واملصرفية وتنسيق النشاطات فيما بينها.
-توحيد طرق العمل احملاسبية واإلدارية وكيفية مجع املعطيات أو حىت يف دراسة ومنح القروض.
ولكن ابتداءا من عام ،3669مت الرتاجع عن هذه املبادئ اليت جاء هبا إدالح ،3663فقد مت إلغاء
متويل املؤسسات بواسطة القروض البنكية متوسطة األجل ،وحلت اخلزينة حمل النظام البنكي يف متويل االستثمارات
العمومية املخططة بواسطة قروض طويلة األجل .وقد أدت هذه السياسة غالبا إىل اعتزال وظيفة البنوك ودورها يف
إطار حماسيب على الرغم من أهنا جاءت لتخفف من الضغوط املوجودة على خزينتها ،وأدبحت نشاطاهتا تتميز
بالسلبية يف توزيع القرض مع تعاظم دور اخلزينة يف هذا اجملال ،وقد أدى للك إىل إضعاف إرادهتا يف تعبئة
االدخار.
9إكن لونيس "السياسة النقدية و دورها يف ضبط العرض النقدي يف اجلزائر خالل الفرتة ( ،")0336-0333رسالة ماجستري ،حتت إشراف الدكتورة
دديقي مليكة ،جامعة اجلزائر ،0333-0333 ،31ص ص .319-316
10نفس املرجع ،ص .316
11املرجع السابق ،ص ص .319-316
109
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
أظهرت التغريات اليت أدخلت على النظام املايل اجلزائري خالل السبعينات وبداية الثمانينات
حمدوديتها ،وعليه أدبح إدالح هذا النظام حتميا سواء من حيث منهج تسيريه أو من حيث املهام املنوطة به.
حيث سجلت سنة 3699الشروع يف بلورة النظام املصريف اجلزائري بتودية البنوك بأخذ التدابري
الالزمة ملتابعة القروض املمنوحة ،وبالتايل وجوب ضمان النظام املصريف ملتابعة استخدام القروض اليت مينحها إىل
جانب متابعة الوضعية املالية للمؤسسات ،واختاله مجيع التدابري الضرورية للتقليل من خطر عدم اسرتجاع
القرض.12
استعاد البنك املركزي يف نفس الوقت دالحياته فيما خيص على األقل تطبيق السياسة النقدية ،حيث
كلف البنك املركزي اجلزائري يف هذا اإلطار بإعداد وتسيري أدوات السياسة النقدية مبا يف للك حتديد سقوف
إعادة اخلصم املفتوحة ملؤسسات القرض.
باإلضافة إىل للك ،أعيد النظر يف العالقات اليت تربط مؤسسة اإلددار باخلزينة إل أدبحت
القروض املمنوحة للخزينة تنحصر يف حدود يقرها مسبقا املخطط الوطين للقرض.
وجاء يف قانون 33– 99ليؤكد بشكل خاص على الطابع التجاري للمؤسسة العمومية االقتصادية
على أهنا شخصية معنوية تسريها قواعد القانون التجاري ،كما مت متييزها عن اهليئات العمومية بصفتها شخصية
معنوية خاضعة للقانون العام ومكلفة بتسيري اخلدمات العمومية .
على هذا األساس تضع نصوص اإلدالح هنائيا نشاط املؤسسة العمومية االقتصادية يف دائرة
املتاجرة بطرح املبدأ التايل :هل هي مطالبة بالتزاماهتا على ممتلكاهتا؟
تشكل املصادقة على القانونني 33– 99و 31– 99بالنسبة للبنوك اجلزائرية مرحلة أساسية ،نظرا
لكوهنا تابعة يف جمملها يف الفرتة احلالية على األقل للقطاع العمومي.
وعليه أدبح القانون املصريف لسنة 3699مندرج يف إطار االقتصاد املخطط غري مالئم ،و جاء
قانون 39 – 99املؤرخ يف 3699/ 33/ 30ليدعم دالحيات البنك املركزي فيما خيص السياسة النقدية فبإمكانه
إددار القوانني و التنظيمات كمؤسسة مستقلة مهمتها الرئيسية مراقبة مسريي التدفقات املالية من وإىل اخلارج
باإلضافة إىل مهامه التقليدية.
وميكن إجياز أهم املبادئ و القواعد اليت تضمنها القانون يف إطار إدالح املنظومة املصرفية
كمايلي:13
-مبوجب هذا القانون ،استعاد البنك املركزي دوره كبنك للبنوك ،وأدبح يتكفل باملهام التقليدية للبنوك املركزية
وإن كانت هذه املهام تبدو يف أحيان كثرية مقيدة.
-وضع نظام بنكي على مستويني ،ومبوجب للك مت الفصل بني البنك املركزي كملجأ أخري لإلقراض وبني
نشاطات البنوك التجارية.
-استعادة مؤسسات التمويل دورها داخل نظام التمويل من خالل تعبئة االدخار وتوزيع القروض يف إطار
املخطط الوطين للقرض.
-تقليل دور اخلزينة يف نظام التمويل.
-إنشاء هيئات رقابة على النظام البنكي وهيئات استشارية أخرى.
وهبدف إعطاء دور هام لضبط و توجيه النظام املصريف فقد أنشأت مبوجب هذا القانون هيئات
اإلشراف و الرقابة تتمثل فيما يلي:14
* اجمللس الوطين للقرض :يستشار اجمللس الوطين للقرض يف حتديد سياسته العامة باألخذ بعني االعتبار احتياجات
االقتصاد الوطين ،وخصودا ما تعلق مبخططات وبرامج التنمية االقتصادية والوضعية النقدية للبلد ،15ويقوم هذا
اجمللس بإعداد الدراسات املرتبطة بسياسة القرض والنقد وكل األمور املرتبطة بطبيعة وحجم تكلفة القرض يف إطار
خمططات وبرامج التنمية االقتصادية الوطنية ،وجتدر اإلشارة إىل أن اجمللس عمل حتت وداية وزارة املالية.
* اجمللس الوطين للقرض :يستشار اجمللس الوطين للقرض يف حتديد سياسته العامة باألخذ بعني االعتبار احتياجات
االقتصاد الوطين ،وخصودا ما تعلق مبخططات وبرامج التنمية االقتصادية والوضعية النقدية للبلد ،16ويقوم هذا
اجمللس بإعداد الدراسات املرتبطة بسياسة القرض والنقد وكل األمور املرتبطة بطبيعة و حجم تكلفة القرض يف
إطار خمططات و برامج التنمية االقتصادية الوطنية ،وجتدر اإلشارة إىل أن اجمللس عمل حتت وداية وزارة املالية.
* اللجنة التقنية للبنك :يرأس اللجنة التقنية للبنك حمافظ البنك املركزي ،واللجنة مكلفة مبتابعة مجيع املقاييس لات
العالقة بتنظيم الوظيفة البنكية ،كما تسهر على ضمان تطبيق التنظيمات والتشريعات القانونية والبنكية تبعا
لسلطات املراقبة املخولة هلا ،وهتدف هذه الصالحيات إىل تشجيع االدخار ومراقبة وتوزيع القروض.
ثالثا -اإلدالح النقدي لعام
3699
جاء ددور قانون 3699قبل ددور قوانني ،3699و عليه فإن بعض األحكام اليت جاء هبا مل تعد
تتماشى وهذه القوانني ،كما أنه مل يأخذ باالعتبار املستجدات اليت طرأت على مستوى التنظيم اجلديد لالقتصاد.
وكان من الالزم أن يكيف القانون النقدي مع هذه القوانني بالشكل الذي يسمح بانسجام البنوك كمؤسسات مع
القانون رقم 33-99الصادر يف 30جانفي 3699واملتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادية.
ويف هذا اإلطار بالذات جاء القانون 39-99الصادر يف 30جانفي 3699املعدل واملتمم للقانون .30-99
ومضمون قانون 3699هو إعطاء االستقاللية للبنوك يف إطار التنظيم اجلديد لالقتصاد واملؤسسات.
ويف هذا اإلطار ،ميكن أن نستنتج العنادر الرئيسية اليت جاء هبا هذا القانون وعرضها فيما يلي:17
-مبوجب هذا القانون يعترب البنك شخصية معنوية جتارية ختضع ملبدأ االستقاللية املالية والتوازن احملاسيب ،وهذا
يعين أن نشاط البنك خيضع ابتداءا من هذا التاريخ إىل قواعد التجارة وجيب أن يأخذ أثناء نشاطه مببدأ الرحبية
واملردودية .ولكي حيقق للك ،جيب أن يكيف نشاطاته يف هذا االجتاه.
-ميكن للمؤسسات املالية غري البنكية أن تقوم بعمليات التوظيف املايل كاحلصول على أسهم أو سندات دادرة
عن مؤسسات تعمل داخل الرتاب الوطين أو خارجه .ميكن أيضا ملؤسسات القرض أن تلجأ إىل اجلمهور من
أجل االقرتاض على املدى الطويل ،كما ميكنها أن تلجأ إىل طلب ديون خارجية.
الفرع الثالث :اإلدالح النقدي لعام
3663
يعترب القانون رقم 33-63الصادر يف 31أفريل 3663واملتعلق بالنقد والقرض نصا تشريعيا يعكس
أمهية املكانة اليت جيب أن يكون عليها النظام البنكي .ويعترب من القوانني التشريعية األساسية لإلدالحات.
وباإلضافة إىل أنه اخذ بأهم األفكار اليت جاء هبا قانونا 3699و ،3699فقد محل أفكارا جديدة فيما يتعلق
بتنظيم النظام البنكي وأدائه .كما أن املبادئ اليت يقوم عليها و ميكانيزمات العمل اليت يعتمدها ترتجم إىل حد
كبري الصورة اليت سوف يكون عليها هذا النظام يف املستقبل.
ميكن تلخيص اجلوانب الرئيسية إلدالحات 3663من خالل النقاط التالية:18
-توقف إدارة التدخل يف النظام املايل ،وإنشاء جملس النقد والتسليف (استبدال اجمللس الوطين لالئتمان) حيث
يقوم بدور جملس إدارة البنك املركزي وميثل السلطة النقدية وحدها (املادتان 11و 11من مركز إدارة السيولة املالية
.)3663/31/31
-أرادت السلطات النقدية احلد من منو املعروض النقدي يف مستوى مناسب وجها لوجه مع الناتج احمللي
اإلمجايل ،غري أن تقنية "استهداف النقد" مل تتمكن من حتقيق هدفها ،ويرجع للك يف املقام األول إىل
االختالفات بني بنك اجلزائر و البنوك التجارية من جهة ،و بني البنوك التجارية و الشركات من جهة أخرى .ويف
السياق الذي عاشت فيه اجلزائر يف للك الوقت كان من املستحيل تقريبا احلد من التوسع يف العرض النقدي دون
أن تنعكس يف النشاط االقتصادي وخادة فيما يتعلق بالتعهدات العامة غري املنتجة.
-ينص القانون على حتسني إدارة العملة الوطنية من أجل ضمان التوازن املايل اخلارجي وقد توجت املساعدات
املمنوحة للدولة حبد أقصى قدره %33من اإليرادات العادية يف العام املاضي وجيب سدادها قبل هناية العام (املادة
69من مركز إدارة السيولة املالية .)3663/31/31
-لقد وضعت السلطات النقدية نوعني من أجهزة التحكم يف املصارف ،أوال نظام املتطلبات االحتياطي (املادة
69من مركز إدارة السيولة املالية )3663/31/31وهو جتميد جزء من الودائع اليت مت مجعها من قبل البنوك التجارية
يف حساب مل يدفع من طرف البنك املركزي ( %09من املبالغ املستخدمة يف أساس احلساب) ويهدف هذا
اإلجراء إىل احلد من التسهيالت االئتمانية هلذه البنوك ،ثانيا نظام النسب االحرتازية ،حيث يطلب من املصارف
تلبية معايري إدارة معني لضمان سيولتها ومالءهتا فيما يتعلق باملودعني (املواد 311و 326من مركز إدارة السيولة
املالية .)3663/31/31
-لتعظيم دور البنوك يف مجع األموال حيث ينص القانون على مبدأ التخصيص املصريف ويشجعهم على تطوير
شبكاهتا .نفس التقرير اختذ بشأن شركات التأمني إىل أن انتشر بني القطاعات األخرى (املواد 339-333من مركز
إدارة السيولة املالية .)3663/31/31
-يشجع هذا القانون الشركات بني شركات وطنية وأجنبية ،ويشجع االستثمارات املفيدة مثل مشاريع خلق فرص
العمل أو تلك النامجة عن نقل التكنولوجيا .ويتم وضع قيود للعودة إىل رأس املال األجنيب والدخل ،ونقل الفوائد
واملعاشات (املواد 391 ،391و 392من مركز إدارة السيولة املالية .)3663/31/31
-إن اإلدالح اجلديد فتح أبواب التمويل لرأس املال اخلاص واألجنيب ،كانت النتيجة األوىل ،إنشاء بنك الربكة
يف 3663/39/30مبشاركة الربكة الدولية السعودية حبصة %16واجلزائر املمثلة ببنك الفالحة والتنمية الريفية حبصة
%23من رأس ماهلا.
-السماح للشركات العامة باستئناف النشاط العادي حيث ينص القانون على اخلالص من ديوهنا للخزينة العامة.
خالفا ملا حصل يف املاضي فإن وزارة املالية ال تغطي هذه العمليات من خالل األموال اليت مت احلصول عليها من
البنك املركزي و لكن عن طريق إددار السندات يف سوق رأس املال الذي يرتاوح بني ثالثة وثالثني عاما (املادة
033من مركز إدارة السيولة املالية ،3663/31/31التعميم رقم 36ل .)3663/36/09
113
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
-إن اإلطار التنظيمي اجلديد يف السوق النقدية قام بتحديد أوضاع املعامالت يف سوق املال ومتطلبات الودول
إىل األسواق (إلن مسبق من جملس النقد و االئتمان) وتقنيات وإجراءات تدخالت بنك اجلزائر يف هذا السوق.
وكان من النتائج املباشرة لتحرير سوق املال من خالل توسيعه لغريهم من أدحاب املصلحة مبا يف للك
-63 املؤسسات االستثمارية واملؤسسات املالية غري املصرفية حيث زاد عددهم من 2إىل 19متحدث (القانون رقم
39من ،3663/39/31األمر .)11-63
-إعداد نتائج معدالت فائدة منخفضة بشكل مصطنع يف أسعار الفائدة احلقيقية السلبية ،واليت تعترب غري مواتية
لتعبئة موارد االدخار .و قد دممت هذه اإلدالحات من أجل عدم السماح ألسعار الفائدة أن تتحدد يف
السوق (حفظ بعد القيود للمحاربة ضد خماطر التقلب السريع) .ويتحقق االلتزام بقرار من البنك املركزي إلزالة
.)3662/30/02 اإلشراف على هامش املصرفية (األمر رقم 62-66من
املطلب الثالث :هيكل النظام النقدي على ضوء قانون النقد والقرض
لقد أدخل قانون النقد والقرض تعديالت مهمة يف هيكل النظام البنكي اجلزائري سواء تعلق األمر
هبيكل البنوك.
وألول مرة منذ قرارات التأميم ،مت السماح للبنوك األجنبية بأن تقيم أعماال هلا يف اجلزائر ،كما مت
أيضا ومبوجب نفس األحكام السماح بإنشاء بنوك خادة.
الفرع األول :بنك اجلزائر
يعرف قانون النقد والقرض بنك اجلزائر يف مادته 33بأنه" :19مؤسسة وطنية تتمتع بالشخصية
املعنوية واالستقالل املايل" .ومنذ ددور هذا القانون ،أدبح البنك املركزي يسمى يف تعامله مع الغري "بنك
اجلزائر".
وخيضع بنك اجلزائر إىل قواعد احملاسبة التجارية باعتباره تاجرا .و تعود ملكية رأس ماله بالكامل إىل
الدولة .و بالرغم من للك فهو ال خيضع للتسجيل يف السجل التجاري ،و ال خيضع أيضا ألحكام القانون -99
33املؤرخ يف 33جانفي 3699واملتعلق بالقانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادية ،ويستطيع أن يفتح
فروعا له أو خيتار مراسلني أو ممثلني له يف أي نقطة من الرتاب الوطين كلما رأى للك ضروريا .و يسري بنك اجلزائر
جهازين مها :احملافظ و جملس النقد والقرض.20
115
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
و 12من قانون 11 مع الزبائن ،وتنظيم سوق الصرف ،باإلضافة إىل مهام أخرى حددت خادة مبوجب املادتني
النقد والقرض.
الفرع الثاين :البنوك واملؤسسات املالية
لقد أتاح قانون النقد والقرض إمكانية إنشاء عدة أنواع من مؤسسات القرض ،يستجيب كل نوع
إىل املقاييس و الشروط اليت تتحدد خادة بطبيعة النشاط واألهداف احملددة هلا.
أ-البنوك التجارية
يعرف قانون النقد والقرض يف مادته 331البنوك التجارية على أهنا" :21أشخاص معنوية مهمتها
العادية والرئيسية إجراء العمليات املذكورة يف املواد من 333إىل 331من هذا القانون ،وبالرجوع إىل هذه املواد جند
أن البنوك التجارية هي تلك املؤسسات اليت تقوم جبمع الودائع من اجلمهور ،منح القروض وتوفري وسائل الدفع
الالزمة ووضعها حتت تصرف الزبائن والسهر على إدارهتا".
ب -املؤسسات املالية
تعرف املادة 332من قانون النقد والقرض املؤسسات املالية بأهنا" :22أشخاص معنوية مهمتها
العادية و الرئيسية القيام باألعمال البنكية ما عدا تلقي األموال من اجلمهور".
ويعين هذا األمر أن املؤسسات املالية تقوم بالقرض على غرار البنوك التجارية ،ولكن دون أن
تستعمل أموال الغري (مبعىن أموال اجلمهور يف شكل ودائع) ،و ميكن القول أن املصدر األساسي لألموال
املستعملة يتمثل يف رأس مال املؤسسة املالية و قروض املسامهة و االدخارات طويلة األجل...
ج -البنوك و املؤسسات املالية األجنبية
ابتداءا من تاريخ ددور قانون النقد و القرض ،أدبح بإمكان البنوك و املؤسسات املالية األجنبية أن
تفتح فروعا هلا يف اجلزائر ختضع لقواعد القانون اجلزائري .وككل مؤسسة بنكية أو مالية ،جيب أن خيضع فتح هذه
الفروع إىل ترخيص مينحه جملس النقد القرض و يتجسد يف قرار دادر عن حمافظ بنك اجلزائر ،وجيب أن تستعمل
هذه البنوك و املؤسسات املالية رأس ماال يوازي على األقل رأس املال األدىن املطلوب تأمينه من طرف البنوك و
املؤسسات املالية اجلزائرية كما هو حمدد بواسطة النظام رقم 33-63املؤرخ يف 1جويلية 3663املتعلق برأس املال
األدىن للبنوك واملؤسسات املالية العاملة يف اجلزائر .و قد حدد النظام رقم 33-61املؤرخ يف 1جانفي 3661شروط
تأسيس أي بنك أو مؤسسة مالية و شروط إقامة فروع لبنوك و مؤسسات مالية أجنبية .و من بني الشروط
املطلوبة نذكر ما يلي:
-حتديد برنامج النشاط.
117
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
01بلعزوز بن علي ،طيبة عبد العزيز "تقييم أداء بنك اجلزائر للسياسة النقدية حالل الفرتة 0331-3661مع الرتكيز على سياسة استهداف التضخم"
جملة كلية التجارة للبحوث العلمية ،جامعة الشلف ،0332،ص ص .9-0ميكن اإلطالع عليه يف املوقع االلكرتوين التايل:
.vue le 13/04/2016www.elbassaire.net/centre de téléchargement/maktaba/séminaire/bechar/56.pdf
118
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
توجه السياسة النقدية حنو التوسع و هتدف بصفة أساسية إىل متويل عجز امليزانية الضخمة واحتياجات االئتمان
لدى املؤسسات العامة ،إل أن الرتاجع عن سياسة التشدد املايل اليت انتهجتها احلكومة يف السابق باعتماد برنامج
االستعداد االئتماين من خالل االتفاقيتني املنعقدتني يف 3696و 3663مع مؤسسات النقد الدولية اليت كانت
هتد ف إىل مراقبة توسع الكتلة النقدية باحلد من التدفق النقدي ،أثرت على التطورات النقدية بسبب إددار النقد
لتغطية العجز املوازين ومتويل دندوق إعادة التقييم الذي أنشئ خصيصا لتمويل إعادة هيكلة املؤسسات العامة،
ويظهر املسح النقدي للفرتة 3661-3663التوجه حنو تطبيق سياسة نقدية توسعية مما نتج عنه ارتفاع يف املستوى
العام لألسعار خالل هذه الفرتة.24
الفرع الثاين :توجهات السياسة النقدية خالل الفرتة 0331-3661
على عكس الفرتة السابقة مت تغيري توجه السياسة النقدية خالل فرتة تطبيق برنامج اإلدالح
االقتصادي حيث مت إتباع سياسة نقدية انكماشية دارمة ابتداءا من 3661هبدف ختفيض معدل التضخم الذي
بلغ مستويات أعلى خالل الفرتة السابقة نتيجة التوسع النقدي املفرط ،تزامن تقييد السياسة النقدية مع تطبيق
برامج التثبيت االقتصادي املمتد من 00ماي 3661إىل غاية 03ماي 3662والذي نص على حتقيق عدة
أهداف من بينها احلد من توسع الكتلة النقدية M2بتخفيضها من %03.2سنة 3661إىل %31سنة ،3661
حيث متتد املرحلة الثانية لتوجه السياسة النقدية إىل غاية سنة 0333أين بلغ معدل منو M2نسبة .25%31
نالحظ من خالل اجلدول ( )0-1تباطؤ منو العرض النقدي M2يف الفرتة 0333-3661ما عاد سنة
3669أين بلغ منو M2نسبة %16.0حيث ودل منو M2سنة 3662أدىن مستوى %33.2مقابل معدالت منو
منخفضة سنيت 3666و 033بـ %30.3و %31.0على الرتتيب ،تؤكد هذه النتائج فعليا التوجه اجلديد للسياسة
النقدية ملا حققته من ختفيض معدالت التضخم إىل %2سنة 3669ليبلغ لروته الدنيا ب %3.1سنة .0333
تدعم نسب سيولة االقتصاد هذا التوجه أكثر حيث اخنفضت ب 6نقاط سنة 3669مقارنة بسنة .3661
120
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
حيث تعززت مؤشرات االقتصاد الكلي بصفة كبرية خالل هذه الفرتة.
وقد ساعدت عدة عوامل على تطور الوضعية النقدية حنو التوسع من بينها حتسن أسعار البرتول اليت
ودلت إىل 09.6و 19.2دوالر للربميل سنيت 0331و 0331على الرتتيب بينما قدرت سنيت 0333و0330
121
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
122
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
124
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
بسبب تدهور أسعار البرتول يف األسواق الدولية ،فائضا سنة 0333فقد سجل 6.9مليار دوالر ليستقر عند نفس
مستواه سنة 0331ويعود سبب هذا التحسن يف ميزان املدفوعات إىل ارتفاع أسعار البرتول سنة 0331إىل 09.2
دوالر أمريكي للربميل .نالحظ أن وضع ميزان املدفوعات مل يستقر وبقي متذبذب نتيجة للصدمات اخلارجية اليت
يتعرض هلا االقتصاد الوطين جراء ارتفاع واخنفاض أسعار البرتول يف السوق الدولية وتقلبات أسعار الصرف ،لذا
فالسياسة النقدية غري قادرة على احملافظة على استقرار وضع ميزان املدفوعات الذي خيضع باألساس إىل تغريات
الوضع الدويل.
وعرف سعر الصرف تدهورا مستمرا خادة مع التخفيض الكبري للدينار اجلزائري حبوايل %23يف
مارس وأفريل 3661ليصل 19دينار لكل دوالر أمريكي مث يرتفع يف هناية السنة إىل 10.6دينار لكل دوالر.
استقر سعر الصرف ابتداءا من سنة 0333ليعرف حتسن سنة ،0331نستنتج أن السياسة النقدية مل تتمكن من
حتقيق هدف استقرار العملة خارجيا.
د -استقرار األسعار كهدف للسياسة النقدية
يعترب هدف استقرار األسعار إحدى أهداف السياسة النقدية يف اجلزائر ،فقد تطلبت مرحلة االنتقال
إىل اقتصاد السوق حترير األسعار الذي كان سنة 3696ليعرف حتريرا واسعا خالل الفرتة ،3669-3661لذا جند
125
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
أن معدل التضخم ارتفع من %6.1سنة 3696إىل %06.69سنة ،3662كما ركز برنامج التثبيت االقتصادي على
حتقيق استقرار مايل بتخفيض معدل التضخم إىل أقل من .%33
على الرغم من تعدد أسباب التضخم يف اجلزائر ( أسباب مؤسساتية ،هيكلية و نقدية) ،لكن
باستطاعة السياسية النقدية معاجلة األسباب األخرية مباشرة و األسباب األخرى بطريقة غري مباشرة من خالل
التأثري على حجم القروض يف االقتصاد ،إل نالحظ اخنفاض معدالت التضخم خالل فرتة تطبيق برنامج اإلدالح
االقتصادي مع مؤسسات النقد الدولية نتيجة لإلجراءات املتخذة يف هذا الربنامج كتحرير األسعار ،رفع أسعار
الفائدة ،تقليص منو الكتلة النقدية ،و التخلي عن اإلددار النقدي يف متويل العجز املوازين ،متت هذه اإلجراءات
يف إطار سياسة نقدية انكماشية للتحكم يف حجم الطلب الكلي ،وبالتايل احلد من الطلب على النقد من قبل
األعوان االقتصاديني.
حقق هذا الربنامج نتائج إجيابية حيث قلص معدل التضخم إىل %2سنة 3669ليستمر اخنفاضه
إىل %3.1سنة ،0333كما أدى اخنفاض معدل التضخم خالل سنة 3666إىل حتقيق معدالت فائدة حقيقية
موجبة مما يسمح بتعبئة املدخرات املالية لتمويل االستثمار و بالتايل حتقيق معدالت منو مقبولة ،و ال يعد التحكم
يف األسباب النقدية املنشأة للتضخم كافيا لتحقيق استقرار دائم يف األسعار على مستوى االقتصاد الكلي ما مل
يتم القضاء على األسباب األخرى اليت تبقى متثل هتديدا على االستقرار ،لذا يتطلب إحداث إدالحات هيكلية
يف مستوى العرض الكلي مما يسمح بتربير أي توسع نقدي مادام أنه يؤدي إىل خلق سلع وخدمات.
ما ميكن استنتاجه من هذا التحليل أن السياسة النقدية تعترب فعالة يف حتقيق استقرار األسعار للفرتة
، 0331-3661لذا يعد هدف استقرار األسعار اهلدف الوحيد الذي حققته السياسة النقدية على عكس األهداف
األخرى ،أما إمجاال فال ميكن أن نقول أن السياسة النقدية كانت فعالة يف حتقيق كل أهدافها ،فإن متكني السياسة
النقدية من حتقيق هدف واحد من شأنه أن يزيد يف فعاليتها و هو هدف استقرار األسعار ،وبالتايل نستنتج أن
فعالية السياسة النقدية تتقلص كلما تعدت إىل حتقيق أهداف أخرى غري هدف التحكم يف التضخم خادة إلا
كانت متر مبرحلة انتقالية.
إن التحديد الدقيق للهدف النهائي للسياسة النقدية املتمثل يف احلد من التضخم ،يعطي فعالية
أكرب هلذه السياسة وهو ما مل يدرج يف قانون النقد والقرض 33-63األمرين املعدلني له 33-33و 33-31حىت
نضمن فعالية أكرب للسياسة النقدية ،كما جيب أن يكون هناك تنسيق بني هدفها النهائي و األهداف األخرى
للسياسة النقدية.
126
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
تظهر بعض الشروط العامة من تعريف سياسة االستهداف اليت تركز بوضوح على معدل أو مدى
مستهدف من التضخم من خالل إعالن السلطة النقدية أو احلكومة أو االثنني مع/أو هيئة أخرى عن هدف
رقمي أو مدى حمدد ملعدل التضخم يف فرتة زمنية معينة يف املستقبل ،جند أن اإلعالن عن األهداف الرقمية هو
الشرط األول إلمكانية تطبيق هذه السياسة ،فال جند هذا الشرط متوفر ومل تلتزم به السلطة النقدية يف اجلزائر ،إل
مل ينص القانون 33-63و ال األمرين املعدلني هلذا القانون أو أي تعليمة دادرة عن بنك اجلزائر على حتديد معدل
التضخم أو مدى مستهدف خالل إطار زمين معني ،إل يعد هذه الشرط كافيا للحكم على أن السلطة النقدية
يف اجلزائر ال تستهدف التضخم كأسلوب إلدارة السياسة النقدية يف حتقيق استقرار األسعار يف املدى الطويل.
أما الشرط الثاين فيتمثل يف االلتزام املؤسسايت بأن استقرار األسعار هو اهلدف األساسي للسياسة
النقدية يف املدى الطويل ،حيث حصر قانون النقد و القرض عدة أهداف للسياسة النقدية من بينها هدف
استقرار األسعار ،أي أنه مل جيعل التحكم يف التضخم هو اهلدف األول واألساسي له رغم تعهد السلطة النقدية
13طيبة عبد العزيز" ،سياسة استهداف التضخم كأسلوب حديث للسياسة النقدية دراسة حالة اجلزائر للفرتة "1003-9111رسالة ماجستري ،حتت
إ شراف الدكتور بلعزوز بن علي ،جامعة حسيبة بوعلي ،الشلف ،1005 ،ص ص .985-983
127
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
بتحقيقه ،ويعد هذا الشرط غري قائم يف االقتصاد اجلزائري حىت تتمكن السلطة النقدية من تطبيق سياسة
استهداف التضخم.
تتطلب سياسة استهداف التضخم أن يكون للبنك املركزي آليات فنية متقدمة للتنبؤ مبعدل التضخم
لذا يستدعي منه تشكيل بنك معلومات حيتوي على معطيات عن املتغريات متكنه ن ردد معدل التضخم على
املدى البعيد ،كما جيب على البنك املركزي أن ميلك هذه املعلومات عن املتغريات إلا أراد أن يتبع سياسة
استهداف التضخم يف املستقبل ،كما يتعني عليه إددار تقارير ومطبوعات رمسية ودوريات وبيانات عن الوضعية
املستقبلية للمتغريات االقتصادية والنقدية اليت هلا تأثري على التضخم.
تعد زيادة الشفافية و إخضاع البنك املركزي للمساءلة واعتماد النظرة املستقبلية يف تقدير معدل
التضخم من الشروط األساسية لقيام سياسة استهداف التضخم ،ويتعني على البنك املركزي تعزيز هذه الشفافية
بتكثيف االتصال باجلمهور واألسواق لشرح أهدافه ،وإمكانية حتقيق للك حىت يأخذ األعوان االقتصاديني قراراهتم
يف جو من الشفافية و اليقني بشأن الظروف يف املستقبل ،ال تكفي الشفافية وحدها إلا مل توجد هيئة مساءلة
خيضع إليها البنك املركزي ،فال توجد هذه اهليئة يف اجلزائر اليت تسأل البنك املركزي عن مدى حتقيقه لألهداف،
لذا يتعني حتديد هيئة معينة تكلف هبذه املهمة سواء متثلت يف الربملان أو احلكومة أو هيئة مستقلة يعينها رئيس
اجلمهورية ،و ال جتدي املعطيات املستقبلية عن معدل التضخم املستهدف إلا مل توجد عالقة تأثري واضحة بني
أدوات السياسة النقدية و معدل التضخم حىت يتمكن من حتقيق معدالت أو املدى املستهدف عن التضخم ،لذا
يتطلب إحداث إدالحات على أدوات السياسة النقدية و العمل على إجياد منالج إحصائية قياسية تربط اجتاهات
التضخم بسلوكات السلطة النقدية من خالل تغيري أدواهتا النقدية.
تعترب أغلب الشروط العامة الستهداف التضخم غري حمققة مما جيعلنا نستنتج أنه ال ميكن أن تعتمد
السلطة النقدية على سياسة استهداف التضخم يف املدى القريب رغم أن معدالت التضخم احملققة يف اجلزائر
ترتاوح بني ،%2-3تعترب هذه احلدود مناسبة جدا لتطبيق هذا اإلطار إلدارة السياسة النقدية إلا اقرتنت بإدارة قوية
من قبل السلطة النقدية يف تبين سياسة استهداف التضخم يف املستقبل ،فربنامج اإلدالح النقدي 3669-3661
الذي طبقته اجلزائر قد أشار إىل االستهداف إل ملح إىل اعتماد معدالت تضخم تقارب املعدالت السائدة يف
الدول الصناعية املتقدمة واليت هلا عالقات جتارية مع اجلزائر.
ال تكفي هذه اإلدارة وحدها وال حىت الشروط العامة إلا توفرت –ميكن عن طريق إددار
التشريعات القانونية من حتقيق كل الشروط العامة مما جيعل إمكانية تطبيق سياسة االستهداف قائمة -من جناح
سياسة استهداف التضخم نظرا للصعوبات اليت حتول دون التطبيق الفعال هلذه السياسة.31
0331-3663
املبحث الرابع :دراسة قياسية يف اجلزائر خالل الفرتة
إن الدراسة القياسية متر مبراحل متعددة انطالقا من االستقرارية ودوال إىل دراسة العالقة يف املدى
القصري و الطويل ،لذا حاولنا يف هذا املبحث إعطاء فكرة على كل مرحلة.
املطلب األول :استقرار السالسل الزمنية
إن من بني الشروط الالزمة لتطبيق سياسة استهداف التضخم ،دراسة االستقرارية بني املتغريات
االقتصادية.
الفرع األول :منولج الدراسة
إن اهلدف من دراستنا هو دراسة العالقة بني السياسة النقدية وسياسة استهداف التضخم ،لذا قمنا
باختيار جمموعة من املتغريات تتمثل يف:
.PIB -نسبة نمو الناتج الداخلي الخام
النقدية.M2 -تطور الكتلة
.INF -معدل التضخم
-معدل الصرف :EXCHوهو يرمز إىل قيمة العملة بالدوالر األمريكي.
وقد اعتمدنا يف دراستنا على الفرتة ،0331-3663أي ما يغطي 02مشاهدة وقد مت احلصول عليها
من املوقع االلكرتوين للبنك العاملي )(www.données.banquemandiales.org
كما مت االعتماد على برنامج Eviews 8للحصول على النتائج.
الفرع الثاين :اختبارات النمولج
يف هذه االختبارات منر باملراحل التالية:
-1دراسة استقرار السالسل الزمنية باعتماد على اختبار ديكي-فولر »:Dickey-Fuller «DF
يعترب اختبار ديكي-فولر الذي قدم من طرف D.Dickey et W.Fullerسنة 3666من أهم
االختبارات للكشف عن جذر الوحدة يف السلسلة الزمنية ،و نوضح للك من خالل املعادلة التالية:33
)𝑌𝑡 = 𝜌𝑌𝑡−1 + 𝑒𝑡 … . . (1 −1 ≤ 𝜌 ≤ 1
حيث ميثل 𝑡𝑒 اخلطأ العشوائي .و خيترب وجود الفرضية العدمية اليت تنص على جذر الوحدة و بالتايل عدم
سكون السلسلة الزمنية عن طريق اختبار) .(tو ميكن دياغة الفرضية العدمية ) (H0اليت يتم اختبارها والفرضية
البديلة ) (H1كمايلي:
H : ρ = 1 ou δ = 0
{ 0
H1 : ρ < 1 ou δ < 0
28
Dickey D.A. & Fuller W.A “Distribution of the Estimators for Autoregressive Time Series with a Unit Root” Journal of
the American Statistical Association, June 1979, volume 74, number 366, pp 427-428.
130
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
حيث تعترب املعادلة ( )1إحدى احلاالت الثالثة اليت خيترب عندها سكون السلسلة الزمنية ،وفيما يلي ديغ
احلاالت الثالثة:
القاطع واالجتاه……………𝑡𝑒 𝑌𝑡 = 𝛼 + 𝛿𝑌𝑡−1 + 𝛽𝑡 +
سنقوم بتطبيق اختبار جذر الوحدة ديكي-فولر املوسع على كل متغري عند املستوى ،يف حالة وجود
جذر الوحدة نقوم بإعادة تطبيق االختبار عند الفرق األول .والنتائج مبينة من خالل اجلدول املوايل:
اجلدول رقم ( :)1-3اختبار ديكي-فولر املوسع جلذر الوحدة
الفرق األول املستوى املتغريات
و قاطع قاطع قاطع و اجتاه بدون قاطع قاطع بدون قاطع
اجتاه
3.3333 ***3.3333 3.3333 3.3696 3.3199 3.1339 pib
3.3310 ***3.3339 3.3333 3.9139 3.2663 3.3991 inf
3.3391 ***3.3332 3.3333 3.1336 3.9993 3.9693 m2
3.3913 3.3122 *3.3399 3.9969 3.3039 3.9210 exch
املصدر :من إعداد الطالبة بناءا على معطيات مستخرجة من برنامج
.Eviews8
*** :*/**/رفض فرضية العدم (وجود جذر الوحدة) عند معنوية %33 ،%2 ،%3على التسلسل.
34
Dickey D.A. & Fuller W.A “Likelihood Ratio Statistics for Autoregressive Time Series with a Unit Root” Econometrica, vol.
49, n° 4, July 1981, p 1057.
131
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
كما أشرنا يف السابق أن هذه االختبارات تتم من خالل مقارنة القيمة اجلدولية والقيمة احملسوبة فإلا
كانت القيمة اجلدولية أكرب من القيمة احملسوبة تكون السلسلة غري مستقرة ،والعكس دحيح .كما قمنا بإدخال
الفرق األول يف هذه احلالة .وعليه من خالل نتائج اجلدول أعاله رقم ( )1-1تعترب مجيع املتغريات غري مستقرة عند
املستوى .أما يف حالة الفرق األول فجميع املتغريات مستقرة مبعىن متكامل من الدرجة األوىل (بدرجات معنوية
متفاوتة) ،إلن لدينا احتمال وجود تكامل متزامن.
-3دراسة استقرار السالسل الزمنية باعتماد على اختبار فيليبس بريون :3699 "PP" Phillips et Perron
يتم استخدام هذا االختبار يف حالة وجود ارتباط بني األخطاء العشوائية ،أو عدم جتانس تباينات
األخطاء يف منولج ديكي-فولر حيث مير االختبار خبمسة مراحل:35
أ -تقدير منولج اختبار ديكي-فولر العادي بطريقة املربعات الصغرى املعممة.
ب-تقدير التباين يف املدى القصري.
n
1
̂ = ∑ et 2
σ2
𝑛
t=1
ج-تقدير التباين يف املدى الطويل.
1 i 1
𝑆t 2 = n ∑nt=1 et 2 + 2 ∑li=1(1 − l+1) n ∑nt=i+1 et et−1 Avec le nombre de retards 𝑙 défini
𝑛 2⁄
)selon la méthode de Newey-West (𝑙≈4(100 9 )
35
Perron P. & Phillips P.C.B “Testing for a Unit Root in Time Series Regression” Biometrika, vol. 75, n° 2, June 1988, pp 335-
346.
132
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
133
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
إن غياب درجة االستقرارية يف السلسلة الزمنية املستخدمة يف النمولج تؤكد غياب العالقة طويلة
األجل بني املتغريات املستقرة من نفس الدرجة ،يقوم هذا االختبار على وجود عالقة طويلة األجل بني املتغريات،
و لتحقيق للك البد من توفر الشرطني التاليني:
-كل املتغريات مستقرة عند نفس املستوى.
-هذا املستوى يكون أكرب من ).I(0
لذا سنقوم باختبار التكامل املشرتك للمتغريات من نفس الدرجة.
املعنوية %2
من اجلدول أعاله يتضح أن القيمة احملسوبة λtraceأدغر من القيمة احلرجة عند مستوى
و بالتايل نقبل الفرضية العدمية H0مما يعين عدم وجود تكامل مشرتك بني املتغريات ،و بالتايل ال توجد عالقة
طويلة األجل بني املتغريات و هذا ما سنتأكد منه من خالل الدراسة على املدى القصري.
الفرع الثاين :اختبار العالقة على املدى القصري
134
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
الختبار العالقة على املدى القصري البد لنا من القيام بنمولج تصحيح اخلطأ ،حيث يسمح هذا
األخري بقياس العالقة القصرية والطويلة األجل بني املتغريات و تظهر معادلة الدراسة و املستخرجة من برنامج
Eviews 8كما يلي:
– )D(PIB) = C(1)*( PIB(-1) + 1.0145368734*EXCH(-1) + 248.422018862*INF(-1) – 58.6140376324*M2(-1
)59.1141509199 ) + C(2)*D(PIB(-1)) + C(3)*D(EXCH(-1)) + C(4)*D(INF(-1)) + C(5)*D(M2(-1)) + C(6
تطبيق املادة 69من القانون 33-36اليت تنص على عدم إمكانية منح البنك املركزي للخزينة تسبيقات سنوية ال
تتعدى يف حدها األقصى %33من اإليرادات العادية للدولة املثبتة خالل السنة املالية السابقة ،إل أن تسبيقات
اخلزينة بلغت %311.9سنة 3660مقارنة بسنة 3663و %011.2لسنة 3661مقارنة بالسنة السابقة ،مث بدأت
يف التناقص املستمر من سنة إىل أخرى حبيث بلغت يف عام 3666نسبة %23.6مقارنة باإليرادات العادية لسنة
، 3669و يعد تدخل السلطة التنفيذية يف إعطاء توجيهات إىل البنوك العمومية مثال عن تدخلها يف املهام اليت
ميارسها البنك املركزي و الدليل على للك ،التصريح احلكومي الذي ينص على أن تضع املؤسسات العمومية
أمواهلا يف البنوك الع مومية.
إلا أرادت السلطة النقدية يف املستقبل تطبيق سياسة استهداف التضخم عليها أن ترسخ بصفة
أكرب االستقاللية القانونية واملمارسة امليدانية عما هي عليه اآلن خادة إلا علمنا أن هذه االستقاللية اهتز وزهنا
بعد ددور األمر . 33-31
يعد استخدام استهداف وسيط وحيد متمثل يف معدل رقمي أو مدى مستهدف الشرط الثاين من
الشروط األولية املسبقة لنجاح سياسة استهداف التضخم ،فال ميكن أن تستهدف السلطة النقدية استهدافات
امسية أخرى غري هذا االستهداف حىت ال حيدث تعارض بني االستهدافات مما يؤدي إىل عدم حتقيق استقرار
األسعار يف املدى الطويل ،لذا يتعني على السلطة النقدية يف اجلزائر عدم استهداف سعر الصرف إلا أرادت أن
تطبق بفعالية سياسة استهداف التضخم ،أي أهنا تعمل على حترير سعر الصرف وتقوميه.
جيب على السلطة النقدية أن تكون قادرة على التنبؤ مبعدل التضخم يف املستقبل من خالل تشكيل
منولج قياسي يربط أدواهتا مبعدل التضخم ،مما يعطي هلا القدرة على التأثري يف املعدل املستهدف عند احنرافه
بواسطة أدواهتا النقدية ألهنا مسؤولة على حتقيق هذه املعدالت يف الفرتة اليت اختارهتا ،وجيب على بنك اجلزائر أن
يسد الثغرة فيما يتعلق بتشكيل منالج اقتصادية معقدة جتمع عدة متغريات اقتصادية حيث يعد إنشاء بنك
املعلومات ضرورة حتمية تساعد يف حتديد املعدل املستهدف.
تعد مشكلة التأخريات الزمنية الطويلة لتأثري أدوات السياسة النقدية على معدل التضخم من
التحديات اليت تواجه بنك اجلزائر خادة يف املرحلة االنتقالية اليت ميوهلا االقتصاد الوطين مما جيعل تأثري هذه
األدوات غري فعال على معدل التضخم إلا حدثت احنرافات كبرية له مما يفقد مصداقية السلطة النقدية يف حتقيق
أهدافها.
إضافة إىل للك فإن االقتصاد اجلزائري يعتمد على إنتاج الثروات الباطنية اليت تشكل معظم دادراته
مما جيعل الناتج اإلمجايل احمللي خيضع ألسعار احملروقات يف األسواق العاملية ،حيث أن جهاز اإلنتاج خارج قطاع
احملروقات غري مرن مما ال يستطيع استيعاب الصدمات اخلارجية وهو ما يؤثر على معدل التضخم يف املستقبل .إن
عدم تطور األسواق املالية و النقدية و عدم كفاءة النظام املصريف له تأثري سليب على معدل التضخم املستهدف
136
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
باعتبار أن النظام املصريف هو الذي يقوم خبلق االئتمان داخل االقتصاد ويقوم بتخصيص املواد املالية يف القطاعات
لا ت املردودية كما أنه اإلطار الذي يعبئ املدخرات املالية لتمويل االستثمارات ،فيرتتب عن عدم أداء هذه املهام
بصفة جيدة زيادة مفرطة للتوسع النقدي غري املرغوب فيه املنشأة للفجوات التضخمية ،كما أن النظام املصريف هو
الوسيط املايل الذي ينقل تأثري أدوات السياسة النقدية من الدائرة املالية إىل الدائرة احلقيقية ومنه إىل التضخم. 37
إن جناح سياسة استهداف التضخم مرتبطة بتقليل هذه الصعوبات وللك بإعطاء استقاللية كبرية
للسلطة النقدية يف حتقيق هدف استقرار األسعار باعتباره اهلدف الوحيد و األساسي للسياسة النقدية يف املدى
الطويل من خالل إددار التشريعات اليت تعزز االستقاللية من الناحية القانونية ومن ناحية املمارسة امليدانية ،كما
يعد بناء منالج تنبئية مبعدل هذا األخري و عالقته بأدوات السياسة النقدية أهم خطوة لنجاح هذا اإلطار إلدارة
السياسة النقدية .إن إحداث إدالحات يف املنظومة املصرفية كفيل بإحداث السلطة النقدية عن طريق أدواهتا أثر
على النشاط االقتصادي.
الفرع الثاين :معوقات استهداف التضخم يف اجلزائر
من خالل ما مت دراسته نستخلص أن معوقات التضخم يف اجلزائر تعود لألسباب املختلفة التالية:38
-عودة ارتفاع التضخم بسبب السياسة التوسعية املنتهجة مما يقلل من مصداقيتها.
-عدم توفر الشروط األولية لالستهداف ،حيث يعد تدخل السلطة التنفيذية يف إعطاء توجيهات للبنوك العمومية
أكرب مثال عن عدم استقاللية البنك املركزي لتدخلها يف املهام اليت ميارسها.
-قلة البيانات وعدم دقتها يف تقدير مؤشرات التضخم ،وعدم تعميمها على كافة الرتاب الوطين ،كما جيب أن
توكل إىل هيئة واحدة كالديوان الوطين لإلحصاء الذي جيب أن تكون له فروع على مستوى الرتاب الوطين
بدوريات إحصائية جد حديثة ومستمرة.
-ضعف املؤسسات القائمة مما يضعف من قدرة احلكومة يف تنفيذ اإلدالحات اهليكلية الالزمة.
-عدم استق رار املتغريات خصودا خالل الفرتة االنتقالية مما حيد من قدرة االعتماد على التنبؤات.
-يفضل عدم استهداف التضخم املقاس بالرقم القياسي لألسعار يف حالة الدول اليت تقدم الدعم للسلع و
اخلدمات وهذا حلساسية املوضوع ،حيث أن التغيري يف للك يؤدي إىل هدم العملية بكاملها ،واجلزائر من بني
الدول اليت تقدم الدعم لبعض السلع كالطاقة و الغذاء لذا جيب استبدال التضخم احلايل بالتضخم األساسي،
الذي يتم من خالله استبعاد كافة السلع املدعومة من الدولة ،السلع املومسية و السلع املستوردة املكونة ملؤشر
أسعار املستهلك هبدف الودول إىل معدل التضخم احلقيقي.
-عدم مرونة جهاز اإلنتاج خارج قطاع احملروقات العتماد اجلزائر على الثروات الباطنية ،األمر الذي جيعل الناتج
الداخلي اخلام خيضع ألسعار احملروقات يف األسواق العاملية ،ما يؤثر على معدالت التضخم يف املستقبل.
138
الفصل الثالث فعالية السياسة النقدية في استهداف التضخم
خالدة:
قامت اجلزائر بعد االستقالل مباشرة بإنشاء البنك املركزي اجلزائري كمرحلة متهيدية يف تكوين النظام
املصريف اجلزائري ونظرا للتوجيهات االقتصادية لالنتقال حنو اقتصاد السوق ،بدأت يف طور اإلدالحات املصرفية
انطالقا من إدالح ،3699مث إدالح 3699ليليه اإلدالح الكبري يف 31أفريل 3663واملتعلق بقانون النقد
والقرض والذي كان مبثابة تغيري جذري يف اجلهاز املصريف اجلزائري وللك من خالل إددار جمموعة من األوامر
واملتمثلة يف األمر 33-33مث األمر 33-31وأخريا األمر .33-63
أما من حيث فعالية السياسة النقدية يف تطبيق سياسة استهداف التضخم فقد مت استخالص يف هذا
الفصل بأن أسباب التضخم يف اجلزائر هي أسباب هيكلية ،إضافة إىل أن معظم شروط استهداف التضخم غري حمققة يف
اجلزائر لكن باإلمكان االعتماد على هذا األسلوب وللك من خالل تبين السلطة النقدية هلدف استقرار األسعار يف
املدى الطويل كهدف أساسي للسياسة النقدية وإعطاء استقاللية أكرب لبنك اجلزائر.
ويف األخري قمنا بتطبيق الدراسة القياسية واليت عرضنا فيها خمتلف املتغريات واملتمثلة يف معدل منو
الناتج الداخلي اخلام ،معدل التضخم ،الكتلة النقدية وسعر الصرف مع اإلشارة ملختلف االختبارات اليت تبني إن
كان هناك حتقيق الستقرار األسعار يف املدى الطويل.
139
الخاتمة العامة
يعترب التضخم واحد من أهم املشكالت االقتصادية اليت تعاين منها معظم الدول ،إذ يعرب عن
االرتفاع املستمر لألسعار ،وميثل عنصر من عناصر الدخل النقدي كاألرباح أو األجور ،زيادة على ذلك اإلفراط
يف خلق األرصدة النقدية وارتفاع التكاليف.
وتعترب السياسة النقدية جمموعة من اإلجراءات اليت تستهدف التأثري على حجم الكتلة النقدية من
أجل حتقيق أهداف السياسة االقتصادية وذلك باستخدام جمموعة من األدوات ،سواء كانت كمية أو كيفية،
واملالحظ أن السياسة النقدية تعترب أكثر فعالية يف الدول املتقدمة منها يف الدول النامية وهذا لعدة اعتبارات منها
غياب قنوات إبالغ السياسة النقدية ،ومن هنا كان على تلك الدول العمل على تفعيل السياسة النقدية يف
اقتصادياهتا إال أن هدفها النهائي يبقى حتقيق استقرار األسعار هذا ما أدى بالبنوك املركزية إىل تبين تقنية جديدة
أال وهي سياسة استهداف التضخم و ذلك من أجل التحكم يف املستوى العام لألسعار.
فالسياسة النقدية هي جمموعة من األعمال والتدابري اليت يقوم هبا املصرف املركزي من خالل الرقابة
على النقد لتحقيق أهداف السياسة االقتصادية.
ميكن اإلشارة إىل السياسة النقدية بأهنا عملية توسعية أو انكماشية ،حيث أن التوسعية تزيد من
السياسة اإلمجالية املعروضة من النقود بسرعة أكرب من املعتاد ،بينما االنكماشية تقوم بتوسيع املعروض من النقود
ببطء أكثر من املعتاد ،و كل هذا باستخدام جمموعة من األدوات واليت تنقسم إىل أدوات كمية (غري مباشرة) و
أدوات نوعية (مباشرة) ،فاألوىل تنحصر يف معدل إعادة اخلصم ،عمليات السوق املفتوحة ،و سياسة االحتياطي
اإلجباري ،أما الثانية فتتمثل يف أسلوب العالنية ،اإلقناع األديب ،األوامر و التعليمات ،و كذا تنظيم القروض
االستهالكية .كما توجد جمموعة من القنوات النتقال هذه السياسة واليت تتمثل يف ،قناة سعر الفائدة ،قناة سعر
األصول ،قناة سعر الصرف ،وقناة القروض.
وللسياسة النقدية مجلة من األهداف تسعى إىل حتقيقها ،سواء كانت أهداف أولية ،وسيطية أو
هنائية.وباعتبارها مبثابة حجر الزاوية يف بناء السياسة االقتصادية الكلية شأهنا يف ذلك شأن السياسة املالية ،فهي
أحد العناصر األساسية املكونة هلا إذ أن هلا تأثري على حالة االقتصاد الوطين على املستوى الكلي.
ولقد اختلفت نظرة الفكر االقتصادي إىل السياسة النقدية عرب مراحل تطوره املختلفة ،حيث جند
أن السياسة النقدية مرت بأربعة مراحل من حيث درجة تأثريها على النشاط االقتصادي وفعالية هذا التأثري ،حيث
جندها ما قبل كينز يف القرن التاسع عشر تنظر إىل أن النقود هي عنصر حمايد ،وبالتايل ال يؤثر على حركة النشاط
االقتصادي ،وإذا زادت كمية النقود املتداولة مع ثبات اإلنتاج فإن ذلك يؤدي إىل ارتفاع املستوى العام لألسعار.
مث جاءت املرحلة الثانية بظهور الفكر الكينيزي إثر أزمة 9191ومع ظهور األفكار الكينيزية بدأ االهتمام أكرب
بالسياسة املالية ليؤكد أن السياسة املالية هي األكثر فعالية من خالل التمويل بعجز امليزانية ويف املرحلة الثالثة
خالل مطلع اخلمسينيات ( )9199أخذت السياسة النقدية مكاهنا يف الطليعة بني السياسات االقتصادية الكلية
140
الخاتمة العامة
على يد " ميلتون فريدمان " زعيم املدرسة النقدية احلديثة الذي صعد من اخلالف بني أنصار السياسة النقدية
وأنصار السياسة املالية ،الذي نادى بعدم التعصب لسياسة معينة ،بل طالب بضرورة عمل مزج لكل من أدوات
السياسة النقدية وأدوات السياسة املالية حىت يتسىن التأثري على النشاط االقتصادي.
إال أن سياسات التثبيت اهليكلي جتعل من السياسة النقدية أكثر إيقاعا يف خدمة السياسات اليت
يضمها برنامج اإلصالح االقتصادي الذي يطرحه صندوق النقد الدويل وخاصة تلك السياسات اهلادفة إىل عالج
التضخم وحتقيق االستقرار االقتصادي.
وللحديث عن سياسة استهداف التضخم حيث كان البد من احلديث عن ظاهرة التضخم إذ يعترب
واحداً من أهم مؤشرات الوضع االقتصادي واملؤثرات به .وهو مثله مثل أي حالة أو ظاهرة اقتصادية ،إذ ال يعترب
بالضرورة حالة طارئة إال بعد أن يتجاوز حدوده ،وبالعكس أيضاً ال يعترب اخنفاض معدالت التضخم وثباته على
معدالت متدنية حالة جيدة بالضرورة .إن قراءة واقع التضخم الستيضاح ما يشري إليه رهن الظروف املرافقة له ،و
من املعروف أنه عرض وليس مرض ،فهو مؤشر تكمن خلفه حقائق قد تكون اجيابية وقد تكون سلبية وبالتايل
فإن السيطرة على التضخم قبل أن يصل مستوى اخلطورة رهن بأسبابه هذا ما جعلنا نذكر يف هذا الفصل
مفهومه ،أسبابه ،آثاره ،نظرياته املفسرة ،طرق ومعايري قياسه ،وأخريا السياسات العالجية له .مث بعدها توجها
ملفهوم استهداف التضخم ،ظروف نشأته ومدى توفر شروطه يف اجلزائر لكن النتيجة كانت أن معظم هذه
الشروط غري حمققة يف اجلزائر.
واجلزائر بدورها مرت فيها السياسة النقدية بعدة مراحل انطالقا من سياسة نقدية يف ظل اقتصاد
خمطط إىل اقتصاد السوق .فقد عرف اجلهاز املصريف تطورا كبريا متبوعا مبجموعة من اإلصالحات اليت قامت هبا
اجلزائر منذ االستقالل إىل يومنا هذا ،إضافة إىل حماولة التعرف إىل فعالية السياسة النقدية يف احلد من التضخم.
ولقد كان للدراسة القياسية نصيب من هذا البحث إذ حاولنا القيام بدراسة قياسية حلالة اجلزائر
خالل الفرتة 9192-9111و اليت كانت متغريات دراستها ،الناتج الدخلي اخلام ،الكتلة النقدية ،معدل التضخم،
ومعدل الصرف حيث حاولنا دراسة االستقرارية فيما بينها ،يليها دراسة التكامل املشرتك ،ويف األخري قمنا
بدراسة العالقة يف املدى القصري.
يف البداية و بعد دراسة االستقرارية وجدنا أن كل املتغريات غري مستقرة عند املستوى لكنها متيزت
باالستقرارية عند الفرق األول و متكامل من الدرجة األوىل بدرجات معنوية متفاوتة ،وبالرغم من هذا فلم نتوصل
إىل وجود تكامل مشرتك مما دفع بنا إىل دراسة العالقة على املدى القصري قبل الطويل ،وذلك عن طريق إتباع
منوذج تصحيح األخطاء وبرنامج ،Eviews8فلم جند عالقة بني هذه املتغريات يف املدى القصري وبالتايل لن
تكون هناك عالقة يف املدى الطويل ،هذا ما جعلنا نستنتج أن هناك قدرة ضئيلة للسياسة النقدية يف التحكم يف
141
الخاتمة العامة
معدالت التضخم يف اجلزائر وذلك ألن أسباب هذا األخري ليست نقدية فقط و إمنا هي هيكلية و املتمثلة يف
العوامل اخلارجية كالتضخم املستورد.
ويف األخري ميكننا القول بأن تبين سياسة استهداف التضخم يتطلب توفر أدىن شروط تطبيق هذه
السياسة منها العامة و األولية ،وجند اجلزائر اعتمدت هذه السياسة إال أهنا مل تنجح إىل حد بعيد ،لذا يستوجب
توفري بيئة مواتية هلا ،كإعطاء استقاللية أكرب لبنك اجلزائر عن طريق التشريعات القانونية ،أو من ناحية املمارسة
امليدانية لتوفري كل الشروط العامة.
كما تتطلب سياسة استهداف التضخم أن يكون للبنك املركزي آليات فنية متقدمة للتنبؤ مبعدل
ال تضخم ،لذا فإن ذلك يستدعي منه إنشاء بنك معلومات حيتوي على معطيات املتغريات اليت متكنه من رصد
معدل التضخم على املدى البعيد .وحيب عليه أيضا أن ميلك معلومات هذه املتغريات إذا أراد أن يتبع سياسة
استهداف التضخم يف املستقبل ،كما ينبغي عليه أن يصدر تقارير دورية وبيانات عن املتغريات االقتصادية والنقدية
اليت هلا تأثري على معدل التضخم.
فضال عن ذلك ينبغي على البنك املركزي تعزيز الشفافية بتكثيف االتصال باجلمهور واألسواق لشرح
أهدافه وإمكانية حتقيق ذلك حىت ينبغي على الوحدات االقتصادية اختاذ قراراهتم جبو من الشفافية واليقني.
142
قائمة المراجع
قائمة املراجع
-1املراجع باللغة العربية:
أ -الكتب:
-1أمحد رمضان نعمة اهلل/إميان عطية ناصف/حممد سيد عابد "النظرية االقتصادية الكلية" الدار اجلامعية،
اإلسكندرية.3002 ،
-3أمحد شعبان حممد علي "انعكاسات املتغريات املعاصرة على القطاع املصريف ،ودور البنوك املركزية ،دراسة
حتليلية ،تطبيقية ،حلاالت خمتارة من البلدان العربية" مجهورية مصر العربية ،الدار اجلامعية ،الطبعة األوىل.3002 ،
-2أمحد فريد مصطفى و سهري حممد السيد حسن"السياسات النقدية و البعد الدويل لليورو" مؤسسة شباب
اجلامعة اإلسكندرية.3000
-4أكرم حداد "النقود واملصارف مدخل حتليلي ونشري" دار وائل للنشر والتوزيع –عمان-الطبعة األوىل
.3002
-2أكرم حداد "النقود واملصارف مدخل حتليلي ونشري" دار وائل للنشر والتوزيع –عمان-الطبعة األوىل،
.3002
-2بن علي بلعزوز "حماضرات يف النظريات و السياسات النقدية" ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر ،الطبعة
الثانية.3002 ،
-7بن علي بلعزوز "حماضرات يف النظريات و السياسات النقدية" ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر.3004 ،
-8مجيل زيدان "السياسات يف اجلهاز املايل" دار وائل للنشر عمان .1111
-1حسني بن سامل جابر الزبيدي "التضخم والكساد" مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع ،األردن ،الطبعة األوىل،
.3011
-10رحيم حسن "النقد والسياسة النقدية يف إطار الفكريني اإلسالمي والغريب" ،دار املناهج للنشر والتوزيع،
.3010
-11رمضان حممد مقلد ،أسامة امحد الفيل "النظرية االقتصادية الكلية" دار التعليم اجلامعي للطباعة والنشر
.3013 والتوزيع ،اإلسكندرية،
-13زكريا الدوري و يسري السامراين "البنوك املركزية و السياسات النقدية" دار اليازوري العلمية للنشر و التوزيع،
عمان ،األردن ،طبعة .3002
قائمة المراجع
-12سعيد سامي احلالق/حممد حممود العجلوين" ،النقود و البنوك و املصارف املركزية" ،دار اليازوري العلمية
للنشر و التوزيع ،عمان ،األردن.3010 ،
-14مسري حممد معتوق " النظريات والسياسات النقدية" دار النهضة العربية القاهرة .3000
-12ضياء اجمليد املوسوي" ،اقتصاديات النقود و البنوك" ،مؤسسة شباب اجلامعة ،مصر .3003
-12الطاهر لطرش "تقنيات البنوك" ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر ،الطبعة الرابعة.3002 ،
-17عبد احلميد عبد املطلب " السياسة النقدية واستقاللية البنك املركزي" الدار اجلامعية ،اإلسكندرية.3001 ،
-18عبد اجمليد قدي "مدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية" ديوان املطبوعات اجلزائرية ،اجلزائر.3002،
-11غازي حسني عناية "التضخم املايل" مؤسسة شباب اجلامعة للنشر ،اإلسكندرية.3002 ،
.1110 -30حممد زكي الشافعي "مقدمة يف النقود والبنوك" دار النهضة العربية القاهرة،
-31حممد ضيف اهلل القطابري "دور السياسة النقدية يف االستقرار و التنمية االقتصادية (نظرية -حتليلية-
قياسية) دار غيداء للنشر و التوزيع الطبعة األوىل .3010
.1112 -33حممود محيدات "مدخل التحليل النقدي" ديوان املطبوعات اجلامعية،
ب-املذكرات:
-32إكن لونيس "السياسة النقدية و دورها يف ضبط العرض النقدي يف اجلزائر خالل الفرتة (-3000
.)3001
-34دبات أمينة "السياسة النقدية واستهداف التضخم باجلزائر" رسالة ماجستري ،جامعة تلمسان.3012 ،
-32طيبة عبد العزيز "سياسة استهداف التضخم كأسلوب حديث الستهداف السياسة النقدية دراسة حالة
اجلزائر للفرتة "3002-1114رسالة ماجستري ،جامعة حسيبة بوعلي ،الشلف.3002 ،
ج -املقاالت:
-32بن علي بلعزوز /عبد العزيز طيبة " ،تقييم أداء بنك اجلزائر للسياسة النقدية حالل الفرتة -1114
3004مع الرتكيز على سياسة استهداف التضخم".
-37ناجي التوين" ،استهداف التضخم والسياسة النقدية".
28- Abdelkrim Nass «Le Système bancaire algérien : de la décolonisation à l’économie de
marché » Paris, maison neuve et la rose, 2004.
29- Amour Benhalima «Monnaie et régulation monétaire » Dahlab, Alger.
قائمة المراجع
33-Dickey D.A. & Fuller W.A “Distribution of the Estimators for Autoregressive Time Series
with a Unit Root” Journal of the American Statistical Association, vol. 74, n° 366, 06.1979.
34- Dickey D.A. & Fuller W.A “Likelihood Ratio Statistics for Autoregressive Time Series
with a Unit Root” Econometrica, vol. 49, n° 4, 07.1981.
35- Kenneth N Kuttner « A Snapshot of Inflation Targeting in its Adolescence».
36- Perron P. & Phillips P.C.B “Testing for a Unit Root in Time Series Regression”
Biometrika, vol. 75, n° 2, 06.1988.
B- Memoires:
37- Eser Tutar "Inflation Targeting in Developing Countries and Its Applicability to the
Turkish Economy" Thesis submitted to the faculty of the Virginia Polytechnic Institute and
State University in partial fulfillment of the requirements for the degree of Master of Arts in
Economics, July 18, 2002 Blacksburg, Virginia.
C- Site Internet :
www.données.banquemondiales.org
www.researchgate.net
http://ideas.respec.org
http://onlineliberary.wiley.com
www.scielo.br
http://scholar.lib.vt.edu
http://ssrn.com
:ملخص
تعترب السياسة النقدية أحد أشكال سياسات االستقرار اليت تنتهجها الدولة من أجل مكافحة االختالالت االقتصادية ادلختلفة اليت
، إال أن التضخم يظل انعكاسا و نتيجة للسياسات االقتصادية ادلتبعة، و كوهنا متثل اجلانب النقدي للسياسة االقتصادية.صاحبت التطور االقتصادي
وهتدف ىذه الدراسة إىل معرفة مدى إمكانية السياسة النقدية يف.ويف حتقيق أحد أىم أىدافها أال و ىو ىدف احلفاظ على االستقرار العام لألسعار
حيث مت القيام بدراسة قياسية باالعتماد على أربعة متغريات وىي. وبالتايل تطبيق سياسة استهداف التضخم،التحكم يف معدالت التضخم يف اجلزائر
وقد مت التوصل إىل أنو ال ميكن تطبيق، 2014-1990 تطور الكتلة النقدية ومعدل الصرف وىذا خالل الفرتة، معدل التضخم،الناتج الدخلي اخلام
. وىذا ألن التضخم يف اجلزائر يرجع ألسباب ىيكلية،سياسة استهداف التضخم يف اجلزائر لعدم توفر شروطو األولية وأمهها استقاللية البنك ادلركزي
. التكامل ادلشرتك، سياسة استهداف التضخم، التضخم، السياسة النقدية:الكلمات المفتاحية
Résumé :
La politique monétaire est considérée comme une forme de politiques de stabilité
menées par l'Etat afin de lutter contre les divers déséquilibres économiques qui ont
accompagné le développement économique. Et ils représentent un aspect essentiel de la
politique économique, mais que l'inflation demeure un reflet et le résultat des politiques
économiques suivies et dans la réalisation d'un des objectifs les plus importants et il est pas le
but de maintenir la stabilité globale des prix. Cette étude vise à déterminer la possibilité de la
politique monétaire pour contrôler les taux d'inflation en Algérie, et donc l'application de
l'inflation politique de ciblage. Là où il a été fait une étude standard basée sur quatre variables
sont le produit intérieur brut, taux d'inflation, l'évolution de la masse monétaire et le taux de
change, et ce durant la période de 1990 à 2014, et a été atteint qu'il ne peut pas être appliqué à
cibler l'inflation en Algérie à l'absence de politique des conditions initiales et le plus important
de l'indépendance de la banque centrale, et cela est parce que l'inflation en Algérie est due à
des raisons structurelles.
mots clés : Politique monétaire, inflation, l'application de l'inflation politique de ciblage,
cointégration.
Abstract:
Monetary policy is considered a form of stability policies pursued by the state in
order to combat the various economic imbalances that have accompanied economic
development. And they represent a critical aspect of economic policy, but that inflation
remains a reflection and result of the economic policies followed, and in the achievement of
one of the most important objectives and it is not the goal of maintaining the overall stability
of prices. This study aims to determine the possibility of monetary policy to control inflation
rates in Algeria, and therefore the application of inflation targeting policy. Where he was
doing a standard study based on four variables are total output of crude, inflation rate, the
evolution of the money supply and the exchange rate, and this during the period 1990-2014,
and has been reached that it can not be applied to target inflation in Algeria to the lack of
initial conditions Policy and most important of the independence of the central bank, and this
is because inflation in Algeria is due to structural reasons.
Keywords: Monetary policy, the inflation, the application of inflation targeting policy,
cointégration.