Professional Documents
Culture Documents
نقل الزكاة من البلدِ التي فيها المزكِّي إلى بلدٍ آخر PDF
نقل الزكاة من البلدِ التي فيها المزكِّي إلى بلدٍ آخر PDF
رب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾن ،واﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻋﻠﻰ أﺷرف اﻟﺧﻠق وﺳﯾد اﻟﻣرﺳﻠﯾن ،ﻧﺑﯾﻧﺎ ﻣﺣﻣد وﻋﻠﻰ آﻟﮫ وﺻﺣﺑﮫ أﺟﻣﻌﯾن ،وﺑﻌد اﻟﺣﻣد
ﺑداﯾﺔ اﻟﻣراد ﺑﻧﻘل اﻟزﻛﺎة ﻓﻲ اﺻطﻼح اﻟﻔﻘﮭﺎء ھو ﻣﺎ ﻋﺑر ﻋﻧﮫ اﻟﻘﻠﯾوﺑﻲ ﺑﻘوﻟﮫ":اﻟﻣراد ﺑﻧﻘﻠﮭﺎ أن ﯾﻌطﻰ ﻣﻧﮭﺎ ﻣن ﻟم ﯾﻛن ﻓﻲ ﻣﺣﻠﮭﺎ وﻗت اﻟوﺟوب"
ﺳواء ﻛﺎن ﻣن أھل ذﻟك اﻟﻣﺣل أو ﻣن ﻏﯾرھم ،وﺳواء أﺧرﺟﮭﺎ ﻋن اﻟﻣﺣل أو ﺟﺎءوا ﺑﻌد وﻗت اﻟوﺟوب إﻟﯾﮫ)].([1
ﺗﺻوﯾر اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ:
ﻟﻧﻘل اﻟزﻛﺎة ﺛﻼث ﺻور:
ﻟداع ﻣن
اﻷوﻟﻰ :أن ﺗﺟب اﻟزﻛﺎة ﻋﻠﻰ أھل ﺑﻠد ،ﻣواطﻧون أو ﻣﺳﺗوطﻧون ﻓﯾﮭﺎ ،وأﻣواﻟﮭم ﻓﻲ ھذه اﻟﺑﻼد ،ﺛم ﯾرﯾدون أن ﯾﺧرﺟوھﺎ ﺧﺎرج اﻟﺑﻼدٍ ،
اﻟدواﻋﻲ.
اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :أن ﺗﺟب اﻟزﻛﺎة ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎﻓرﯾن ،أﻣواﻟﮭم ﻣﻌﮭم ،ﺛم ﯾرﯾدون أن ﯾﺧرﺟوھﺎ ﻟوطﻧﮭم اﻷﺻﻠﻲ.
اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ :أن ﺗﺟب اﻟزﻛﺎة ﻋﻠﻰ ﺷﺧص وھو ﻓﻲ وطن ،وﻣﺎﻟﮫ ﻓﻲ وطن آﺧر.
أﻣﺎ اﻟﺻورة اﻷوﻟﻰ واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﻓﺗﺣرﯾر اﻟﻧزاع ﻓﯾﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻵﺗﻲ:
أوﻻ :اﺗﻔق أھل اﻟﻌﻠم أﻧﮫ إذا ﻓﺎﺿت اﻟزﻛﺎة ﻓﻲ ﺑﻠد ﻋن ﺣﺎﺟﺔ أھﻠﮭﺎ ﺟﺎز ﻧﻘﻠﮭﺎ ،ﺑل ﻗﯾل ﺑوﺟوﺑﮭﺎ)].([2
ﺛﺎﻧﯾﺎ :اﺧﺗﻠف أھل اﻟﻌﻠم ﻓﯾﻣﺎ إذا أراد اﻟﻣزﻛﻲ ﻧﻘل اﻟزﻛﺎة ،وﺑﺎﻟﺑﻠد ﻣن ﯾﺳﺗﺣﻘﮭﺎ ﻋﻠﻰ أرﺑﻌﺔ أﻗوال ،وإﻧﻣﺎ وﻗﻊ اﻟﺧﻼف ﻓﻲ ﻧﻘﻠﮭﺎ ﻣن ﺑﻠد ﻣﻊ ﺣﺎﺟﺔ
ﻓﻘراﺋﮫ؛ ﻷﻧﮫ ﻣﺧ ﱞل ﺑﺎﻟﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻓرﺿت ﻷﺟﻠﮭﺎ اﻟزﻛﺎة ،ﻗﺎل اﺑن ﻗداﻣﺔ" :إن اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻟزﻛﺎة إﻏﻧﺎء اﻟﻔﻘراء ﺑﮭﺎ ﻋن اﻟﺳؤال ،ﻓﺈذا أﺑﺣﻧﺎ ﻧﻘﻠﮭﺎ،
أﻓﺿﻰ إﻟﻰ ﺑﻘﺎء ﻓﻘراء ذﻟك اﻟﺑﻠد ﻣﺣﺗﺎﺟﯾن")].([3
واﻟﺧﻼف ﻛﺎﻵﺗﻲ:
اﻟﻘول اﻷول :أﻧﮫ ﯾﻛره ﻧﻘل اﻟزﻛﺎة ﻣن ﺑﻠد إﻟﻰ ﺑﻠد ،وإﻧﻣﺎ ﺗﻔرق ﺻدﻗﺔ ﻛل أھل ﺑﻠد ﻓﯾﮭم ،وھو ﻣذھب اﻟﺣﻧﻔﯾﺔ)].([4
واﺳﺗﺛﻧﻰ اﻟﺣﻧﻔﯾﺔ ﻣﺳﺄﻟﺗﯾن:
اﻷوﻟﻰ :أن ﯾﻧﻘﻠﮭﺎ اﻟﻣزﻛﻲ إﻟﻰ ﻗراﺑﺗﮫ ،ﻟﻣﺎ ﻓﻲ إﯾﺻﺎل اﻟزﻛﺎة إﻟﯾﮭم ﻣن ﺻﻠﺔ اﻟرﺣم.
اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :أن ﯾﻧﻘﻠﮭﺎ إﻟﻰ ﻗوم ھم أﺣوج إﻟﯾﮭﺎ ﻣن أھل ﺑﻠده ،وﻛذا ﻷﺻﻠﺢ ،أو أورع ،أو أﻧﻔﻊ ﻟﻠﻣﺳﻠﻣﯾن ،أو ﻣن دار اﻟﺣرب إﻟﻰ دار اﻹﺳﻼم ،أو إﻟﻰ
طﺎﻟب ﻋﻠم.
اﻷدﻟﺔ:
اﺳﺗدﻟوا ﻟذﻟك ﺑﺎﻵﺗﻲ:
أوﻻ :ﻗول اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ) :ﺗؤﺧذ ﻣن أﻏﻧﯾﺎﺋﮭم ﻓﺗرد ﻋﻠﻰ ﻓﻘراﺋﮭم ()].([5
ووﺟﮫ اﻻﺳﺗدﻻل :أن اﻟﺧطﺎب ﻷھل اﻟﯾﻣن ،ﻓﯾﻛون اﻟﻣراد ﻓﻘراءھم دون ﻏﯾرھم.
اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ:
أﺟﺎب اﻟﻌﯾﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗدﻻل ﺑﮭذا اﻟﺣدﯾث ﺑﻘوﻟﮫ" :ھذا اﻻﺳﺗدﻻل ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ؛ ﻷن اﻟﺿﻣﯾر ﻓﻲ ﻓﻘراﺋﮭم ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ ﻓﻘراء اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،وھو أﻋم ﻣن
أن ﯾﻛون ﻣن ﻓﻘراء أھل ﺗﻠك اﻟﺑﻠدة أو ﻏﯾرھم")].([6
ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﺣدﯾث أﺑﻲ ﺟﺣﯾﻔﺔ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻗﺎل" :ﻗدم ﻋﻠﯾﻧﺎ ﻣﺻ ﱢدق رﺳول ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻓﺄﺧذ اﻟﺻدﻗﺔ ﻣن أﻏﻧﯾﺎﺋﻧﺎ ،ﻓﺟﻌﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﻓﻘراﺋﻧﺎ،
ﻓﻛﻧت ﯾﺗﯾﻣﺎ ﻓﺄﻋطﺎﻧﻲ ﻣﻧﮭﺎ ﻗﻠوﺻﺎ")].([8])([7
اﻟﺣدﯾث ﯾدل ﻋﻠﻰ أن ﺻدﻗﺔ ﻛل ﺑﻠد ﺗﺻرف ﻓﻲ ﻓﻘراء أھﻠﮫ ،وﻻ ﺗﻧﻘل إﻟﻰ ﻏﯾرھم)].([9
ﺛﺎﻟﺛﺎ :أن ﻓﯾﮫ رﻋﺎﯾﺔ ﺣق اﻟﺟوار.
اﻟﻘول اﻟﺛﺎﻧﻲ :أﻧﮫ ﻻ ﯾﺟوز ﻧﻘل اﻟزﻛﺎة إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾزﯾد ﻋن ﻣﺳﺎﻓﺔ اﻟﻘﺻر ،وھو ﻣذھب اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ واﻟﺷﺎﻓﻌﯾﺔ ﻓﻲ اﻷظﮭر واﻟﺣﻧﺎﺑﻠﺔ ،إﻻ أن اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ ﻗﺎﻟوا:
اﻟﻣﻌﺗﺑر ﻓﻲ اﻷﻣوال اﻟظﺎھرة اﻟﺑﻠد اﻟذي ﻓﯾﮫ اﻟﻣﺎل ،واﻟﻣﻌﺗﺑر ﻓﻲ اﻟﻧﻘد وﻋروض اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﺑﻠد اﻟذي ﻓﯾﮫ اﻟﻣﺎﻟك.
واﺳﺗﺛﻧﻰ اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ أن ﯾوﺟد ﻣن ھو أﺣوج ﻣﻣن ھو ﻓﻲ اﻟﺑﻠد ،ﻓﯾﺟب ﺣﯾﻧﺋذ اﻟﻧﻘل ﻣﻧﮭﺎ وﻟو ﻧﻘل أﻛﺛرھﺎ)].([10
اﻷدﻟﺔ:
أوﻻ :ﺣدﯾث ﻣﻌﺎذ اﻟﻣﺗﻘدم ،وﻓﯾﮫ ) :ﻓﺗرد ﻓﻲ ﻓﻘراﺋﮭم ()].([11
اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ:
ﻧوﻗش ﺑﻣﺎ ﺗﻘدم ﻣن ﻛون اﻟﺿﻣﯾر ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ) :ﻓﻘراﺋﮭم( ﯾﻌود ﻋﻠﻰ ﻓﻘراء اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن)].([12
ﺛﺎﻧﯾﺎ :أن ﻋﻣر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﺑﻌث ﻣﻌﺎذا إﻟﻰ اﻟﯾﻣن ،ﻓﺑﻌث إﻟﯾﮫ ﻣﻌﺎذ ﻣن اﻟﺻدﻗﺔ ،ﻓﺄﻧﻛر ﻋﻠﯾﮫ ﻋﻣر وﻗﺎل" :ﻟم أﺑﻌﺛك ﺟﺎﺑﯾﺎ ،وﻻ آﺧذ ﺟزﯾﺔ ،وﻟﻛن
ﺑﻌﺛﺗك ﻟﺗﺄﺧذ ﻣن أﻏﻧﯾﺎء اﻟﻧﺎس ﻓﺗرد ﻋﻠﻰ ﻓﻘراﺋﮭم" ،ﻓﻘﺎل ﻣﻌﺎذ" :ﻣﺎ ﺑﻌﺛت إﻟﯾك ﺑﺷﺊ ،وأﻧﺎ أﺟد ﻣن ﯾﺄﺧذه ﻣﻧﻲ ")].([13
اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ :ﻧوﻗش ھذا اﻷﺛر ﺑﺄﻧﮫ ﺿﻌﯾف.
ﺛﺎﻟﺛﺎ :أن ﻋﻣر ﺑن ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز رﺣﻣﮫ ﷲ أﺗﻲ ﺑزﻛﺎة ﻣن ﺧراﺳﺎن إﻟﻰ اﻟﺷﺎم ﻓردﱠھﺎ إﻟﻰ ﺧراﺳﺎن)].([14
واﻟﺟواب:
ﯾﺣﻣل ھذا ﻋﻠﻰ أن أھل ھذه اﻟﺑﻼد ﻟم ﯾﻛﺗﻔوا ﻣن اﻟزﻛﺎة ،ﺑل ﺑﮭﺎ ﻣن ھم ﻣﺳﺗﺣﻘون ﻟﻠزﻛﺎة.
اﻟﻘول اﻟﺛﺎﻟث :أﻧﮫ ﯾﺟوز ﻣطﻠﻘﺎ ﻧﻘل اﻟزﻛﺎة ﻣن ﺑﻠد ﻵﺧر ،وھو ﻣذھب اﻟﺷﺎﻓﻌﯾﺔ ﻓﻲ ﻏﯾر اﻷﺻﺢ ،وھو ﻗول ﻣﻧﻘول ﻋن اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك ،ووﺟﮫ ﻋﻧد
اﻟﺣﻧﺎﺑﻠﺔ إذا رﺟﯾت ﻣﺻﻠﺣﺔ ﺑﺷرط أﻻ ﺗزﯾد ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎﻓﺔ اﻟﻘﺻر)].([15
اﻷدﻟﺔ:
ﯾل َﻓ ِرﯾﺿ ًَﺔ
ْن اﻟﺳﱠﺑِ ِ ﯾل ّ
ﷲِ وَ اﺑ ِ ب َو ْاﻟ ِ
ﻐَﺎرﻣِﯾنَ وَ ﻓِﻲ ﺳَﺑِ ِ ِﯾن َو ْاﻟ َﻌﺎ ِﻣﻠِﯾنَ َﻋﻠَ ْﯾﮭَﺎ وَ ْاﻟﻣُؤَ ﻟﱠ َﻔ ِﺔ ﻗُﻠُو ُﺑ ُﮭ ْم َوﻓِﻲ اﻟرﱢ َﻗﺎ ِ
ﺎت ﻟ ِْﻠﻔُ َﻘرَ اء َو ْاﻟ َﻣﺳَﺎﻛ ِ أوﻻ :ﻗوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ [ :إِ ﱠﻧﻣَﺎ اﻟ ﱠ
ﺻ َد َﻗ ُ
ﷲ ُ ﻋَ ﻠِﯾ ٌم ﺣَ ﻛِﯾ ٌم ] اﻟﺗوﺑﺔ.60-ﷲ َو ّ
ﱢﻣنَ ّ ِ
ووﺟﮫ اﻟدﻻﻟﺔ :أن اﻵﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ﻏﯾر ﻣﻘﯾدة ﺑﻣﻛﺎن ﺧﺎص.
ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﻗول ﻣﻌﺎذ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻷھل اﻟﯾﻣن" :اﺋﺗوﻧﻲ ﺑﻌرض ﺛﯾﺎب ﺧﻣﯾس أو ﻟﺑﯾس ﻓﻲ اﻟﺻدﻗﺔ ﻣﻛﺎن اﻟﺷﻌﯾر واﻟذرة ،أھون ﻋﻠﯾﻛم ،وﺧﯾر
ﻷﺻﺣﺎب اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﺑﺎﻟﻣدﯾﻧﺔ")].([17])([16
ﻓﻔﯾﮫ دﻟﯾل ﻋﻠﻰ ﺟواز ﻧﻘل اﻟزﻛﺎة ﻣن اﻟﯾﻣن إﻟﻰ اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻟﯾﺗوﻟﻰ اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻗﺳﻣﺗﮭﺎ.
اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ :ﻧوﻗش ھذا اﻷﺛر ﺑﺎﻟﺿﻌف ،وأﻧﮫ ﻣﻧﻘطﻊ.
ﺛﺎﻟﺛﺎ :أن اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻛﺎن ﯾﺳﺗدﻋﻲ اﻟﺻدﻗﺎت ﻣن اﻷﻋراب إﻟﻰ اﻟﻣدﯾﻧﺔ ،وﯾﺻرﻓﮭﺎ ﻓﻲ ﻓﻘراء اﻟﻣﮭﺎﺟرﯾن واﻷﻧﺻﺎر.
اﻟﻘول اﻟراﺑﻊ :أﻧﮫ ﯾﺟوز ﻧﻘﻠﮭﺎ ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﺷرﻋﯾﺔ ﻛﻘرﯾب ﻣﺣﺗﺎج وﻧﺣوه ،وھو ﻣﺎ اﺧﺗﺎره ﺷﯾﺦ اﻹﺳﻼم اﺑن ﺗﯾﻣﯾﺔ رﺣﻣﮫ ﷲ)].([18
اﻷدﻟﺔ:
واﺳﺗدﻟوا ﺑﺎﻵﺗﻲ:
أوﻻ :ﻋن ﻋﺑد ﷲ ﺑن ھﻼل اﻟﺛﻘﻔﻲ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻗﺎل " :ﺟﺎء رﺟل إﻟﻰ رﺳول ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻓﻘﺎل :ﻛدت أﻗﺗل ﺑﻌدك ﻓﻲ ﻋﻧﺎق أو ﺷﺎة
ﻣن اﻟﺻدﻗﺔ ،ﻓﻘﺎل ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ) :ﻟوﻻ أﻧﮭﺎ ﺗﻌطﻲ ﻓﻘراء اﻟﻣﮭﺎﺟرﯾن ﻣﺎ أﺧذﺗﮭﺎ ()].([19
اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ :ﻧوﻗش ھذا اﻷﺛر ﺑﺎﻟﺿﻌف.
ﺛﺎﻧﯾﺎ :أﺛر ﻣﻌﺎذ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ اﻟﺳﺎﺑق " :اﺋﺗوﻧﻲ ﺑﻌرض ﺛﯾﺎب ﺧﻣﯾس أو ﻟﺑﯾس ﻓﻲ اﻟﺻدﻗﺔ ﻣﻛﺎن اﻟﺷﻌﯾر واﻟذرة ،أھون ﻋﻠﯾﻛم ،وﺧﯾر ﻷﺻﺣﺎب
اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﺑﺎﻟﻣدﯾﻧﺔ ")].([20
اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ :ﻧوﻗش ھذا اﻷﺛر ﺑﺎﻟﺿﻌف ،ﻛﻣﺎ ﺗﻘدم.
ﺛﺎﻟﺛﺎ :ذﻛر أﺷﮭب ﻋن ﻣﺎﻟك أن ﻋﻣر ﺑن اﻟﺧطﺎب ﻛﺗب إﻟﻰ ﻋﻣرو ﺑن اﻟﻌﺎص رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮭﻣﺎ ﻋﺎم اﻟرﻣﺎده وھو ﺑﻣﺻر" :واﻏوﺛﺎه ﻟﻠﻌرب ،ﺟﮭﱢز
إﻟﻲ ﻋﯾرا ﯾﻛون أوﻟﮭﺎ ﻋﻧدي وآﺧرھﺎ ﻋﻧدك ﺗﺣﻣل اﻟدﻗﯾق ﻓﻲ اﻟﻌﺑﺎء ﻓﻛﺎن ﻋﻣر ﯾﻘﺳم ذﻟك ﺑﯾﻧﮭم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرى .([21])" ..
اﻟﺗرﺟﯾﺢ:
ﺑﻌد اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻷﻗوال ﻓﻲ ھذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ،وأدﻟﺔ ﻛل ﻗول ،واﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺎت اﻟواردة ﻋﻠﯾﮭﺎ ،ﯾﺗﺿﺢ اﻵﺗﻲ:
أوﻻ :أن اﻷﺻل ﻓﻲ ﺗوزﯾﻊ اﻟزﻛﺎة أن ﯾﻛون ﻓﻲ ﻣﺣل اﻟوﺟوب ،وﻻ ﺗﻧﻘل ﻋﻧﮫ ﻣﺎ دام ﻓﯾﮫ ﻣﺳﺗﺣﻘون ﻟﻠزﻛﺎة ،ﻟﻶﺗﻲ:
-1أن اﻷﺣﺎدﯾث اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ﻗد دﻟت ﻋﻠﻰ أن اﻟزﻛﺎة ﺗؤﺧذ ﻣن اﻷﻏﻧﯾﺎء ﻓﻲ اﻟﺑﻠد وﺗرد ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘراء ﻓﯾﮫ.
-2أن اﻟﻔﻘﯾر ﯾرى اﻷﻣوال اﻟﺗﻲ ﺗﺟب ﻓﯾﮭﺎ اﻟزﻛﺎة ،وﯾﻘﻊ ﺑﺻره ﻋﻠﯾﮭﺎ ،ﻓﻼﺑد أن ﯾﻌطﻰ ﻣﻧﮭﺎ ﻟﻛﻲ ﻻ ﺗﺗوﻟد ﻋﻧده اﻟﻛراھﯾﺔ واﻟﺣﺳد واﻟﺿﻐﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ
اﻷﻏﻧﯾﺎء.
-3أن اﻹﺳﻼم ﯾﺣرص ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻛﺎﻓل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﯾن اﻟوﺣدات اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻷﺳرة واﻟﻌﺎﺋﻠﺔ واﻟﻘرﯾﺔ واﻟﺑﻠدة.
-4أن ﺗوزﯾﻊ اﻟزﻛﺎة ﻓﻲ ﻣﺣل اﻟوﺟوب ﯾؤدي إﻟﻰ اﻻﻛﺗﻔﺎء اﻟذاﺗﻲ ﻓﻲ ﻛل إﻗﻠﯾم)].([22
ﻗﺎل ﺷﯾﺦ اﻹﺳﻼم" :وإﻧﻣﺎ ﻗﺎل اﻟﺳﻠف :ﺟﯾران اﻟﻣﺎل أﺣق ﺑزﻛﺎﺗﮫ ،وﻛرھوا ﻧﻘل اﻟزﻛﺎة إﻟﻰ ﺑﻠد اﻟﺳﻠطﺎن وﻏﯾره ،ﻟﯾﻛﺗﻔﻲ أھل ﻛل ﻧﺎﺣﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﻋﻧدھم ﻣن
اﻟزﻛﺎة")].([23
ﻓﻼ ﯾﺟوز اﻟﺧروج ﻋن ھذا اﻷﺻل إﻻ ﺑﻣﺎ ﯾوﺟب ذﻟك.
ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﻋﻧد ﺗﺄﻣل اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟزﻛﺎة ﻧﺟد أن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎﺗﮭﺎ اﻟﻘول ﺑﺟواز ﻧﻘل اﻟزﻛﺎة ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗرﺟﺢ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﻲ ﻏﯾر ﺑﻠد اﻟوﺟوب؛ ﻷن دﻓﻊ
اﻟﺣﺎﺟﺔ واﻟﻣواﺳﺎة ھﻲ اﻷﺳﺎس ﻓﻲ ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟزﻛﺎة ،واﻟﺣﺎﺟﺔ ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻷﺷﺧﺎص واﻷﻣﻛﻧﺔ واﻷزﻣﻧﺔ ،ﻓﻘد ﺗﺗﻌﯾن اﻟﺣﺎﺟﺔ واﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﻲ
ﻏﯾر ﺑﻠد اﻟوﺟوب ،ﻓﯾﺣﺳن ﺣﯾﻧﺋذ ﻧﻘﻠﮭﺎ.
ﺛﺎﻟﺛﺎ :أﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺟد دﻟﯾﻼ ﺻرﯾﺣﺎ ﻓﻲ ﻋدم ﺟواز اﻟﻧﻘل ،ﻣﻣﺎ ﯾدﻋم اﻟﻘول ﺑﺟواز ﻧﻘﻠﮭﺎ ﻋﻧد وﺟود ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﻲ ذﻟك)].([24
ﻗﺎل ﺷﯾﺦ اﻹﺳﻼم رﺣﻣﮫ ﷲ " :وﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻧﻊ ﻣن ﻧﻘل اﻟزﻛﺎة ﺑﻣﺳﺎﻓﺔ اﻟﻘﺻر ﻟﯾس ﻋﻠﯾﮫ دﻟﯾل ﺷرﻋﻲ ،وﯾﺟوز ﻧﻘل اﻟزﻛﺎة وﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﻛﻣﮭﺎ ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ
ﺷرﻋﯾﺔ ")].([25
ﻟذا ﻓﺈن اﻟﻘول ﺑﺟواز اﻟﻧﻘل ﻋﻧد وﺟود اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﻲ ذﻟك ﻗول وﺟﯾﮫ ،ﻣواﻓق ﻟﻘواﻋد اﻟﺷرﯾﻌﺔ ،وﺗﺟﺗﻣﻊ ﺑﮫ اﻷدﻟﺔ ،وﷲ أﻋﻠم.
اﻟﺻورة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ :أن ﺗﺟب اﻟزﻛﺎة ﻋﻠﻰ ﺷﺧص وھو ﻓﻲ وطن ،وﻣﺎﻟﮫ ﻓﻲ ﺑﻠد آﺧر.
وﻟﮭذه اﻟﺻورة ﺣﺎﻟﺗﺎن:
اﻟﺣﺎل اﻷوﻟﻰ :أن ﯾوﺟد ﻓﻲ وطن آﺧر ،وھو ﻣواطن ﻓﯾﮫ ،أو ﻣﺳﺗوطن ﻟﮫ.
وﻗد ذھب ﺟﻣﮭور اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎل إﻟﻰ أن اﻟزﻛﺎة ﺗﺟب ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ اﻟوﺟوب ،وھو اﻟﻣوﺿﻊ اﻟذي ﯾوﺟد ﺑﮫ اﻟﻣﺎل ،ﻓﯾﺟب إﺧراج اﻟزﻛﺎة ﻓﻲ
اﻟوطن اﻟذي ﯾوﺟد ﺑﮫ اﻟﻣﺎل.
ﻗﺎل اﺑن ﻋﺎﺑدﯾن " :وﯾﻌﺗﺑر ﻓﻲ اﻟزﻛﺎة ﻣﻛﺎن اﻟﻣﺎل ﻓﻲ اﻟرواﯾﺎت ﻛﻠﮭﺎ ")].([26
وﺣﻛﻲ اﻟﺧرﺷﻲ ﻋن اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ ﻗوﻟﮭم" :أن اﻟزﻛﺎة ﯾﺟب أداؤھﺎ ﺑﻣوﺿﻊ اﻟوﺟوب ،وھو اﻟﻣوﺿﻊ اﻟذي ﯾﺟﺑﻰ ﻣﻧﮫ اﻟﻣﺎل وﻓﯾﮫ اﻟﻣﺎﻟك واﻟﻣﺳﺗﺣﻘون أو
إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻘرب ﻣن ﻣوﺿﻊ اﻟوﺟوب")].([27
وﻗﺎل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ رﺣﻣﮫ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ " :اذا ﻛﺎن ﻟﻠرﺟل ﻣﺎل ﺑﺑﻠد وﻛﺎن ﺳﺎﻛﻧﺎ ﺑﺑﻠد ﻏﯾره ،ﻗﺳﻣت ﺻدﻗﺗﮫ ﻋﻠﻰ أھل اﻟﺑﻠد اﻟذي ﺑﮫ ﻣﺎﻟﮫ اﻟذي ﻓﯾﮫ اﻟﺻدﻗﺔ،
ﻛﺎﻧوا أھل ﻗراﺑﺔ أو ﻏﯾر ﻗراﺑﺔ ")].([28
واﻟﺣﻧﺎﺑﻠﺔ ﻛذﻟك ،ﻗﺎل اﺑن ﻣﻔﻠﺢ" :وﻣن ﻟزﻣﮫ زﻛﺎة اﻟﻣﺎل ﻓﻲ ﺑﻠد وﻣﺎﻟﮫ ﻓﻲ ﺑﻠد آﺧر ﻓرﻗﮭﺎ ﻓﻲ ﺑﻠد اﻟﻣﺎل ،ﻧصﱠ ﻋﻠﯾﮫ")].([29
اﻟﺣﺎل اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :أن ﯾوﺟد اﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺑﻠد آﺧر ،وھو ﻟﯾس ﻣواطﻧﺎ ﻓﯾﮫ ،أو ﻣﺳﺗوطﻧﺎ ﻟﮫ ،إﻧﻣﺎ ﯾﻛون ﻣﺳﺎﻓرا ﻓﯾﮫ.
ﻓﺑﺎﻟرﻏم ﻣﻣﺎ ا ﱠﺗﻔق ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻣن وﺟوب دﻓﻊ اﻟزﻛﺎة ﻓﻲ ﻣﺣل اﻟﻣﺎل ﻣﺎ دام ھﻧﺎك ﺣﺎﺟﺔ ،ووﺟد ﻓﻲ اﻟﺑﻠد ﻣن اﻷﺻﻧﺎف اﻟﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ﻣﻣن ﯾﺳﺗﺣق
اﻟزﻛﺎة ،إﻻ أﻧﮭم اﺳﺗﺛﻧوا ﻣن ذﻟك ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺳﻔر ،وذﻟك ﻛﺄن ﯾﻛون اﻟﻣﺎﻟك ﻣﺳﺎﻓرا وﺣﺎل اﻟﺣول ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻟﮫ اﻟذي ﺗرﻛﮫ ﻓﻲ ﺑﻠده ،ﻓﻔﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾؤدي
زﻛﺎة ﻣﺎﻟﮫ ﻓﻲ دار ﺳﻔره ،وﻻ ﯾﺷﺗرط ﻋﻠﯾﮫ ﺗوزﯾﻌﮭﺎ ﻓﻲ وطﻧﮫ اﻷﺻﻠﻲ.
ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻣدوﻧﺔ "ﺳﺋل ﻣﺎﻟك ﻋن اﻟﻣﺳﺎﻓر ﺗﺟب ﻋﻠﯾﮫ اﻟزﻛﺎة ،وھو ﻓﻲ ﺳﻔر أﯾﻘﺳﻣﮭﺎ ﻓﻲ ﺳﻔره ﻓﻲ ﻏﯾر ﺑﻠده ،وإن ﻛﺎن ﻣﺎﻟﮫ وراءه ﻓﻲ ﺑﻠده؟ ﻗﺎل:
ﻧﻌم".
وﻟو أن ﺗﺎﺟرا ﺳﺎﻓر ﺑﺑﻌض ﻣﺎﻟﮫ ﻟﻠﺗﺟﺎرة ،وﺣﺎل اﻟﺣول ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛﮫ ﻣن ﻣﺎل ،ﻓﻔﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﺣق ﻟﮫ زﻛﺎة ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎﻟﮫ اﻟذي وﺟﺑت ﻓﯾﮫ اﻟزﻛﺎة ﻓﻲ
ﻣوﺿﻊ ﺳﻔره ،ﺳواء ﻛﺎن ﻣﺎ ﻣﻌﮫ أو اﻟذي ﺧﻠﻔﮫ ﻓﻲ ﻣﺻره)].([30
وﺣﻛﻰ اﻟﻧووي ﻋن اﻟﺷﺎﻓﻌﯾﺔ ﻣﺛل ھذا ،ﻓﻘﺎل" :وﻟو ﻛﺎن ﺗﺎﺟرا ﻣﺳﺎﻓرا ،ﺻرﻓﮭﺎ ﺣﯾث ﺣﺎل اﻟﺣول")].([31
وﺣﻛﻰ اﺑن ﻗداﻣﺔ ﻋن اﻟﺣﻧﺎﺑﻠﺔ ﻣﺎ ﯾﻘﺿﻲ ﺑدﻓﻊ اﻟﺗﺎﺟر زﻛﺎﺗﮫ ﺣﯾث ﺣﺎل اﻟﺣول ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻟﮫ ﻓﻲ أي ﻣوطن ﻛﺎن ،ﻗﺎل رﺣﻣﮫ ﷲ" :وﻣﻔﮭوم ﻛﻼم أﺣﻣد
ﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎره اﻟﺣول اﻟﺗﺎم ،أﻧﮫ ﯾﺳﮭل ﻓﻲ أن ﯾﻔرﻗﮭﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺑدل وﻏﯾره ﻣن اﻟﺑﻠدان اﻟﺗﻲ أﻗﺎم ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺣول")].([32
ﻧﻘل زﻛﺎة اﻟﻔطر:
ﺗﺣرﯾر اﻟﻧزاع:
أوﻻ :اﺗﻔق أھل اﻟﻌﻠم ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺷﺧص وﻣن ﯾﻠزﻣﮫ إﺧراج زﻛﺎة اﻟﻔطر ﻋﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن واﺣد أن زﻛﺎة اﻟﻔطر ﺗﻔرق ﻓﻲ اﻟﺑﻠد اﻟذي وﺟﺑت ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﻛﻠف ﻓﯾﮫ ،ﺳواء أﻛﺎن ﻣﺎﻟﮫ ﻓﯾﮫ أم ﻟم ﯾﻛن؛ ﻷن اﻟذي وﺟﺑت ﻋﻠﯾﮫ ھو ﺳﺑب وﺟوﺑﮭﺎ ،ﻓﺗﻔرق ﻓﻲ اﻟﺑﻠد اﻟذي ﺳﺑﺑﮭﺎ ﻓﯾﮫ)].([33
ﺛﺎﻧﯾﺎ :اﺧﺗﻠﻔوا ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻣﺧرج ﻟزﻛﺎة اﻟﻔطر ﻓﻲ ﺑﻠد ،وﻣن ﯾﻠزﻣﮫ إﺧراج اﻟزﻛﺎة ﻋﻧﮭم ﻓﻲ ﺑﻠد آﺧر ﻓﮭل اﻟﻌﺑرة ﺑﻣﻛﺎن إﻗﺎﻣﺔ اﻷب أو ﺑﻣﻛﺎﻧﮭم؟
ﻋﻠﻰ ﻗوﻟﯾن:اﻟﻘول اﻷول :إﻟﻰ أن اﻟﻌﺑرة ﺑﻣﻛﺎن اﻟﻣﺧرج ﻟﻠزﻛﺎة ،وﻻ ﻋﺑرة ﺑﻣﻛﺎن اﻟﻣﺧرج ﻋﻧﮫ ،وھو اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻣن ﻣذھب اﻟﺣﻧﻔﯾﺔ ،وﻣذھب اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ،
واﻟﺷﺎﻓﻌﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺻﺢ ،واﻟﻣﺷﮭور ﻣن ﻣذھب اﻟﺣﻧﺎﺑﻠﺔ .إﻻ أن اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ ﻗﺎﻟوا ﺑﺎﺳﺗﺣﺑﺎب ذﻟك ،ﻓﺈن أﺧرﺟﮭﺎ ﻋﻧﮫ أھﻠﮫ ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻧﮭم أﺟزأه.
اﻷدﻟﺔ:
واﺳﺗدﻟوا ﻟذﻟك ﺑﺎﻵﺗﻲ:
أوﻻ :أن زﻛﺎة اﻟﻔطر ﺗﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺧرج ﻓﻲ ذﻣﺗﮫ ﻋن رأﺳﮫ ﺣﯾث ﻛﺎن ھو ،ورؤوس أوﻻده ﻓﻲ ﺣﻘﮫ ﻛرأﺳﮫ ﻓﻲ وﺟوب اﻟﻣؤﻧﺔ اﻟﺗﻲ ھﻲ ﺳﺑب
ﺻدﻗﺔ اﻟﻔطر ،ﻓﺗﺟب ﺣﯾث ﻛﺎن رأﺳﮫ.
ﺛﺎﻧﯾﺎ :أن ﺻدﻗﺔ اﻟﻔطر ﺗﺗﻌﻠق ﺑذﻣﺔ اﻟﻣؤدي ﻟﮭﺎ ،ﻻ ﺑﻣن ﺗؤدى ﻋﻧﮭم ،ﺑﺧﻼف زﻛﺎة اﻟﻣﺎل ﻓﮭﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﺎل ،ﻻ ﺑﺎﻟﻣﺎﻟك ﺑدﻟﯾل أن اﻟﻣﺎل ﻟو ھﻠك ﺑﻌد
اﻟﺣول ﺳﻘطت ﻋﻧﮫ اﻟزﻛﺎة ،أﻣﺎ ﺻدﻗﺔ اﻟﻔطر ﻓﻼ ﺗﺳﻘط ﺑﮭﻼك اﻟﻣؤدى ﻋﻧﮭم ﺑﻌد اﻧﺗﮭﺎء ﺷﮭر رﻣﺿﺎن ،ﻓﺈذا ﺗﻌﻠﻘت ﺻدﻗﺔ اﻟﻔطر ﺑذﻣﺔ اﻟﻣؤدي اﻋﺗﺑر
ﻣﻛﺎﻧﮫ ،ﻻ ﻣﻛﺎن اﻟﻣؤدى ﻋﻧﮭم.
اﻟﻘول اﻟﺛﺎﻧﻲ :أن اﻟﻌﺑرة ﺑﻣﻛﺎن اﻟﻣؤدى ﻋﻧﮭم ،ﻓﯾﺧرﺟﮭﺎ اﻷب ﻋن ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن إﻗﺎﻣﺗﮫ ،وﻋﻣن ﯾﻠزﻣﮫ اﻹﺧراج ﻋﻧﮭم ﻓﻲ ﻣﻛﺎن إﻗﺎﻣﺗﮭم ،ذھب إﻟﻰ
ھذا اﻟﻘول اﻟﺷﺎﻓﻌﯾﺔ ﻓﻲ وﺟﮫ ،واﻟﺣﻧﺎﺑﻠﺔ ﻓﻲ ﻗول ،وأﺑو ﯾوﺳف ﻣن اﻟﺣﻧﻔﯾﺔ)].([34
واﻟدﻟﯾل :أن زﻛﺎة اﻟﻔطر أﺣد ﻧوﻋﻲ اﻟزﻛﺎة ،ﻓﺗؤدي ﺣﯾث وﺟد اﻟﻣﺧرج ﻋﻧﮫ.
اﻟﺗرﺟﯾﺢ:
اﻟﻣﺧرج ﻟﮭﺎ؛ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺗﻌﻠق ﺑذﻣﺗﮫ ،وﺗرﺗﺑط ﺑﺑدﻧﮫ ،ﻓﺣﯾﺛﻣﺎ وُ ﺟد وﺟﺑت ،وﷲ
ِ ﺑﻣﻛﺎن اﻟﻔطر زﻛﺎة ﻓﻲ اﻟﻌﺑرة أن ﻣن اﻟﻔﻘﮭﺎء ﺟﻣﮭور إﻟﯾﮫ ذھب ﻣﺎ اﻟراﺟﺢ
ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻋﻠم.
ﻛﺗﺑﮫ :د .ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣوﺳﻰ اﻟداﻟﻲ
ﻓﻲ 1432/1/24ھـ
***
)] ([1ﺣﺎﺷﯾﺔ ﻗﯾﻠوﺑﻲ 202./3
)] ([2أﺣﻛﺎم اﻟﻘرآن ﻟﻠﺟﺻﺎص ،136/3واﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ) ،(128وﺣﺎﺷﯾﺔ اﻟدﺳوﻗﻲ ،501/1وﻣﻐﻧﻲ اﻟﻣﺣﺗﺎج ،118/3واﻟﻣﻐﻧﻲ ،673/2
وﻛﺷﺎف اﻟﻘﻧﺎع ،264/2واﻷﺣﻛﺎم اﻟﺳﻠطﺎﻧﯾﺔ ﻟﻠﻔراء ).(133
)] ([3اﻟﻣﻐﻧﻲ 530./2
)] ([4ﻓﺗﺢ اﻟﻘدﯾر ،28 /2وﺣﺎﺷﯾﺔ اﺑن ﻋﺎﺑدﯾن 69. ،68 /2
)] ([5أﺧرﺟﮫ اﻟﺑﺧﺎري ﻓﻲ اﻟزﻛﺎة /ﺑﺎب وﺟوب اﻟزﻛﺎة ،(1308) ..وﻣﺳﻠم .ﻓﻲ اﻹﯾﻣﺎن /ﺑﺎب اﻟدﻋﺎء إﻟﻰ اﻟﺷﮭﺎدﺗﯾن وﺷراﺋﻊ اﻹﺳﻼم ).(27
)] ([6ﻋﻣدة اﻟﻘﺎري .236/8
)] ([7اﻟﻘﻠوص :اﻟﻧﺎﻗﺔ اﻟﺷﺎﺑﺔ .ﻏرﯾب اﻟﺣدﯾث ﻻﺑن ﻗﺗﯾﺑﺔ ،240/1واﻟﻣﺻﺑﺎح اﻟﻣﻧﯾر ﻣﺎدة) :ﻗﻠص(.
)] ([8أﺧرﺟﮫ اﻟﺗرﻣذي ﻓﻲ اﻟزﻛﺎة /ﺑﺎب ﻣﺎ ﺟﺎء أن اﻟﺻدﻗﺔ ﺗؤﺧذ ﻣن اﻷﻏﻧﯾﺎء ﻓﺗرد ﻓﻲ اﻟﻔﻘراء ) ،(587وﺣﺳﻧﮫ ،وﺳﻛت ﻋﻧﮫ اﻟﻣزي ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺗﺣﻔﺔ
اﻷﺷراف ،81 / 11واﻟﺣدﯾث ﺿﻌﻔﮫ اﻷﻟﺑﺎﻧﻲ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺗﻣﺎم اﻟﻣﻧﺔ .384 / 1
)] ([9اﻧظر :ﺑﺣث ﻧﻘل اﻟزﻛﺎة ﻟﻌﺛﻣﺎن ﺷﺑﯾر ).(5
)] ([10ﻓﺗﺢ اﻟﻘدﯾر ،28/2وﺣﺎﺷﯾﺔ اﻟدﺳوﻗﻲ ،500/1وﺷرح اﻟﻣﻧﮭﺎج ،202/3واﻟﻣﻐﻧﻲ ،671/2واﻹﻧﺻﺎف .202/3
)] ([11ﺳﺑق ﺗﺧرﯾﺟﮫ ).(176
)] ([12ﻋﻣدة اﻟﻘﺎري ،236/8وﺷرح اﻟﻧووي ﻋﻠﻰ ﻣﺳﻠم .197/1
)] ([13أﺧرﺟﮫ أﺑو ﻋﺑﯾد ﻓﻲ اﻷﻣوال ) ،(784وﺳﻧده ﺿﻌﯾف .ﻗﺎل اﻷﻟﺑﺎﻧﻲ ﺑﻌد أن ﺳﺎق ﺳﻧده" :وھذا ﺳﻧد ﺿﻌﯾف ،وﻟﮫ ﻋﻠﺗﺎن :اﻷوﻟﻰ :اﻻﻧﻘطﺎع،
ﻓﺈن ﻋﻣرو ﺑن ﺷﻌﯾب ﻟم ﯾدرك زﻣﺎن ﻋﻣر ،اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :ﺟﮭﺎﻟﺔ ﺧﻼد ،وھو اﺑﻧﮫ ﻋطﺎء ﺑن اﻟﺳﻣﺢ أو اﻟﺷﯾﺦ" .إرواء اﻟﻐﻠﯾل .346/3
)] ([14ذﻛره ﺑدر اﻟدﯾن اﻟﻌﯾﻧﻲ ﻧﻘﻼ ﻋن اﻟطﯾﺑﻲ .اﻧظر :ﻋﻣدة اﻟﻘﺎري .236/8
)] ([15اﻹﻧﺻﺎف ،201/3واﻟﻔروع .560/2
)] ([16اﻟﺧﻣﯾس :ﺛوب طوﻟﮫ ﺧﻣﺳﺔ أذرع ،ﻗﯾل :ﺳﻣﻲ ﺑذﻟك ﻷن أول ﻣن ﻋﻣﻠﮫ ﻣﻠك اﻟﯾﻣن اﻟﻣﻌروف ﺑﺎﻟﺧﻣس ،واﻟﻠﺑﯾس ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻠﺑوس ،وھو ﻛل
ﻣﺎ ﯾﻠﺑس ﻣن اﻟﺛﯾﺎب .ﻏرﯾب اﻟﺣدﯾث ﻷﺑﻲ ﻋﺑﯾد ،136/4واﻟﻔﺎﺋق ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﻣﺎدة )ﺧﻣس(.
)] ([17أﺧرﺟﮫ اﻟﺑﺧﺎري ﻣﻌﻠﻘﺎ ﻓﻲ اﻟزﻛﺎة /ﺑﺎب اﻟﻌرض ﻓﻲ اﻟزﻛﺎة ،واﻟدارﻗطﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺳﻧن ،100 / 2واﻟﺑﯾﮭﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﺳﻧن اﻟﻛﺑرى ،113 / 4
وأﻋﻠﮫ اﻟﺣﺎﻓظ ﺑﺎﻻﻧﻘطﺎع ﺑﯾن طﺎووس وﻣﻌﺎذ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺗﻐﻠﯾق اﻟﺗﻌﻠﯾق ...
)] ([18اﻻﺧﺗﯾﺎرات ).(147
ﺻ ﱢدق ،وﺿﻌﻔﮫ اﻷﻟﺑﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺻﺣﯾﺢ وﺿﻌﯾف ﺳﻧن اﻟﻧﺳﺎﺋﻲ ﺑرﻗم )] ([19أﺧرﺟﮫ اﻟﻧﺳﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﻟزﻛﺎة /ﺑﺎب إﻋطﺎء اﻟﺳﯾد اﻟﻣﺎل ﺑﻐﯾر اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻣ ﱠ
).(2466
)] ([20ﺳﺑق ﺗﺧرﯾﺟﮫ ).(178
)] ([21اﻟﻣدوﻧﺔ .287/1
)] ([22اﻧظر :ﺑﺣث ﻧﻘل اﻟزﻛﺎة ﻟﺷﺑﯾر ).(10
)] ([23اﻻﺧﺗﯾﺎرات ).(147
)] ([24ﻓﻘﮫ اﻟزﻛﺎة .818 / 2
)] ([25اﻻﺧﺗﯾﺎرات ).(148
)] ([26ﺣﺎﺷﯾﺔ رد اﻟﻣﺣﺗﺎر ،354/2وﺗﺑﯾﯾن اﻟﺣﻘﺎﺋق .306/1
)] ([27ﺷرح اﻟﺧرﺷﻲ ،223/2وﻣواھب اﻟﺟﻠﯾل .357/2
)] ([28اﻷم ،85 /2وﻣﻐﻧﻲ اﻟﻣﺣﺗﺎج .191/4
)] ([29اﻟﻔروع ،266/4واﻟﺷرح اﻟﻛﺑﯾر .681/2
)] ([30اﻟﻣدوﻧﺔ اﻟﻛﺑرى .335 /1
)] ([31اﻟﻣﺟﻣوع .222 /6
)] ([32اﻟﻣﻐﻧﻲ .530/2
)] ([33اﻟدر اﻟﻣﺧﺗﺎر ،70 /2وﻣواھب اﻟﺟﻠﯾل ،373/2وﻣﻐﻧﻲ اﻟﻣﺣﺗﺎج ،407/1واﻟﻣﻐﻧﻲ .674/2
)] ([34ﺗﺑﯾﯾن اﻟﺣﻘﺎﺋق ،305/1وﺣﺎﺷﯾﺔ اﻟﺷرﻧﺑﻼﻟﻲ ،192/1واﻟﻣﺟﻣوع ،174/6واﻟﻣﻐﻧﻲ ،674/2واﻹن