Professional Documents
Culture Documents
خزائن الأسرار في قرية البطان التونسية
خزائن الأسرار في قرية البطان التونسية
وجرائم الجنود األمريكيين بها
تظل قرية "البطان" الواقعة بالقرب من العاصمة تونس ،شاهدة $على مراحل تاريخية هامة،
حيث يعتبرها سكانها بمثابة "خزائن األسرار" ،لفترات استعمارية متعددة.
القرية التي حل بها كل من الموريسكيين (المسلمون المطرودون من األندلس ،في القرن السابع عشر)
واأللمان والفرنسيين واألمريكيين ،تحتفظ بآثار كل هؤالء حتى يومنا هذا ،في كتب التاريخ ،وفي الحكايات
الشعبية ،وحتى على مستوى العمارة واآلثار.
وتتابع أن المستعمرين الفرنسيين كانوا يعذبون المقاومين كلما نزلوا من الجبل ،وقبضوا عليهم فيضعون في
حلقهم خرطوم الماء حتى تنفخ بطونهم ،ثم يدوسون عليها بأقدامهم ،وهو ما دفعهم للتحسر على فترات
األلمان.
الموريسكيون
يقول الباحث في تاريخ الموريسكيين في تونس ،منذر شريط ،إن الموريسكيين األندلسيين أقاموا في القرن
السابع عشر قرب قرية" البطان" ،التي اختصت بالفالحة والصناعة التقليدية ،منذ نشأتها ،وهو اسم من أصل
أسباني ،كما جاء في كتاب الباحثة الجامعية ،ذات األصول األندلسية من جهة الوالدة ،عائشة إبراهيم ،ضمن
كتابها "الموريسكيون جسر الحضارات ..خصوصية أسبانية تونسية" الصادر ،في .2014
وامتازت البطان منذ ذلك الحين بخصوبة التربة ووفرة المياه وعذوبتها ،وكان السلطان المرادي يوسف داي
" ،" 1637-1610أنشأ قصرا في البطان فيه من الفن وحسن الذوق الكثير .يضيف في تصريحاته إلى
"سبوتنيك " ،أن السد الذي أقيم في البطان ،ساهم في تشغيل معمل حياكة الشاشية الذي ال يبعد عنه الكثير،
وتعود المهنة إلى المورسكيين ،كما وظف لري حقول الزياتين التي تحيط به ،وأنه ما زال شامخا رغم مرور
مئات السنوات ،يتحكم في توزيع المياه في واد مجردة ،كما يوجد مركز لتربية الخيول األصيلة.
© SPUTNIK . ALEXEY VITVITSKY
ذاكرة الطبيعة
من ناحيتها ،قالت القاصة هيام فرشيشي ،من سكان القرية في تصريحاتها إلى "سبوتنيك" ،إن الحديث عن
البطان يعني العودة إلى ذاكرة طفولية ثرية بالخبرات الحسية والخيال.
وأضافت قائلة" :بصريا تملكتني مشاهد المكان منذ مدخل القرية ،حيث سيج الطريق باألشجار السامقة من
الجهتين ،يعترضنا البرج الشامخ وهو قصر قديم يربى فيه الخيل البربري ،وتقام فيه عروض الفروسية
وعروض فنية ،ندخل للقرية من الممر المحاذي للبرج ،حيث تعترضنا ضيعة مسيجة باألشواك ،تحاذيها دور
صغيرة بسيطة".
تتابع أن أحد الموروثات في القرية هو "خبز الغناي" ،الذي يعد على الحطب في "طاجين فخاري" بأشكاله
المستطيلة وألوانه وروائحه الزكية ،كما أن االقتراب من البئر كان ممنوعا كونه مسكن األشباح ،وأن دار
جدتها كانت تؤم أغلب القرويات ،فهي تعالج العقم والرضع ،فيما كانت دار عمتها بها انتاج الضيعة ،وتتجمع
النسوة لغربلة القمح والشعير والتوابل ،فيما تتجمع الشابات للتطريز والنسج والحياكة ،ويتجمع األطفال لنسج
اللوحات الصغيرة بالصوف.
عادات وتقاليد
دوالر© FLICKR.COM / CERNAVODA احتياطي تونس من النقد األجنبي يرتفع إلى نحو 5مليارات
تستطرد":كان الطعام يعد على قدر في الجبل ،الغالل الطازجة ،الشاي المعطر بروائح النباتات الجبلية المعد
على "الكانون" ،كلها أشياء توحي بالبساطة ،خرافات جدتي العجيبة والغريبة ،حديث جدي عن الحرب
العالمية الثانية في البطان ،عن األلمان واألمريكان والفرنسيين ،وقد تناقلتها عمتي التي تحفظ الكثير من
.األشعار حول تلك الوقائع ،وحول استشهاد المناضل النقابي ،فرحات حشاد
تقول زينب الكعبي ،إحدى فتيات قرية "البطان" التي تتقن الحياكة التقليدية والتطريز وإعداد األكالت
التقليدية" :إن أهل البطان يحافظون على عادات غذائية تقليدية تعد من الدقيق حتى اليوم ،مثل كسكسي
العولة ،والمحمص من العجين المدور الصغير يطبخ كحساء في ليالي الشتاء بالخضر والقديد ،والحاللم
والنواصر ،وخبز الغناي ،وخبز الطابونة ،وخبز فطير ،وشربة الشعير.
طقوس الختان
وتضيف أن طقوس حفالت الختان في القرية تسبقها عزف المزيكا ،كما يركب الطفل الذي سيختن على
حصان ،ويجوبون به القرية ،حيث ترافقه الفرقة النحاسية ،فيما غابت عن القرية عروض الفروسية ،في
السنوات األخيرة ،والتي كانت تواكب زردة الولي الصالح "سيدي غنية" ،الذي بني ضريحه في مقبرة
البطان
1 / 4
© SPUTNIK . M.HEMEDAH
هدايا تذكارية تقليدية في سيدي بو سعيد في تونس خزائن األسرار في قرية "البطان" التونسية ...وجرائم
الجنود األمريكيين بها© REUTERS / ZOUBEIR SOUISSI
مجتمع
(GMT 12:30 26.01.2019محدثة )GMT 15:21 26.01.2019انسخ الرابط0 0 1
تابعنا عبر
تظل قرية "البطان" الواقعة بالقرب من العاصمة تونس ،شاهدة على مراحل تاريخية هامة ،حيث يعتبرها
سكانها بمثابة "خزائن األسرار" ،لفترات استعمارية متعددة.
القرية التي حل بها كل من الموريسكيين (المسلمون المطرودون من األندلس ،في القرن السابع عشر)
واأللمان والفرنسيين واألمريكيين ،تحتفظ بآثار كل هؤالء حتى يومنا هذا ،في كتب التاريخ ،وفي الحكايات
الشعبية ،وحتى على مستوى العمارة واآلثار.
عادات األجداد أقوى من االبتكارات
© . SPUTNIK
عادات وتقاليد األجداد أقوى من االبتكارات الحديثة
ضمن الشهادات التي وردت في حديث أهل القرية مع "سبوتنيك" عن التاريخ والعادات والتقاليد ،شهادات
عن فترات االستعمار ،وعلى الرغم من رفض فكرة االستعمار في مجملها ،إال أن بعض شهود العيان
فاضلوا بين المستعمرين ،وكانوا يرون أن المستعمرين ليسوا سواء ،حيث كانت معاملة جنود األلمان
تختلف عن معاملة جنود األمريكيين ،التي وصفوها باألسوأ على اإلطالق.
في شهادتها مع "سبوتنيك" ،تقول السيدة حليمة الفرشيسي ،إن الجنود األمريكيين كانوا األسوأ على
اإلطالق ،حيث كانوا يفتكون القرويين بأحذيتهم عند مهاجمة المنازل ،ما كان يضطر األهالي إلى الهروب
للجبل ،وهو ما يتبعه دخول هؤالء الجنود للمنازل بحثا عن الفتيات ونساء القرية ،يقولون" :أين فطيمة".
معاملة األلمان
تتابع "العمة حليمة الفرشيشي" ،أنها تتذكر بعض الوقائع ،خاصة قدوم األلمان الذين كانوا يدقون على
األبواب ،أو يدخلون إن وجدوا الباب مفتوحا ليشتروا البيض بمقابل مادي ،كما كانوا يهدون القرويين علب
السجائر ،ويتحدثون معهم بمودة ،ثم يقولون لهم إن العرب واأللمان متشابهون ،وكانوا يتميزون بالوسامة
والطول الفارع والشعر األشقر والعيون الزرق ،وكانوا كلما حلقت طائرات األمريكان في طلعات رباعية
يختفون داخل المنازل ،وتحفظ "حليمة" بعض المقاطع الشعبية التي كانت تغنى منها.
الموريسكيون
يقول الباحث في تاريخ الموريسكيين في تونس ،منذر شريط ،إن الموريسكيين األندلسيين أقاموا في
القرن السابع عشر قرب قرية" البطان" ،التي اختصت بالفالحة والصناعة التقليدية ،منذ نشأتها ،وهو اسم
من أصل أسباني ،كما جاء في كتاب الباحثة الجامعية ،ذات األصول األندلسية من جهة الوالدة ،عائشة
إبراهيم ،ضمن كتابها "الموريسكيون جسر الحضارات ..خصوصية أسبانية تونسية" الصادر ،في .2014
وامتازت البطان منذ ذلك الحين بخصوبة التربة ووفرة المياه وعذوبتها ،وكان السلطان المرادي يوسف
داي " ،"1637-1610أنشأ قصرا في البطان فيه من الفن وحسن الذوق الكثير .يضيف في تصريحاته إلى
"سبوتنيك" ،أن السد الذي أقيم في البطان ،ساهم في تشغيل معمل حياكة الشاشية الذي ال يبعد عنه
الكثير ،وتعود المهنة إلى المورسكيين ،كما وظف لري حقول الزياتين التي تحيط به ،وأنه ما زال شامخا
رغم مرور مئات السنوات ،يتحكم في توزيع المياه في واد مجردة ،كما يوجد مركز لتربية الخيول األصيلة.
وأضافت قائلة" :بصريا تملكتني مشاهد المكان منذ مدخل القرية ،حيث سيج الطريق باألشجار السامقة
من الجهتين ،يعترضنا البرج الشامخ وهو قصر قديم يربى فيه الخيل البربري ،وتقام فيه عروض الفروسية
وعروض فنية ،ندخل للقرية من الممر المحاذي للبرج ،حيث تعترضنا ضيعة مسيجة باألشواك ،تحاذيها دور
صغيرة بسيطة".
تتابع أن أحد الموروثات في القرية هو "خبز الغناي" ،الذي يعد على الحطب في "طاجين فخاري" بأشكاله
المستطيلة وألوانه وروائحه الزكية ،كما أن االقتراب من البئر كان ممنوعا كونه مسكن األشباح ،وأن دار
جدتها كانت تؤم أغلب القرويات ،فهي تعالج العقم والرضع ،فيما كانت دار عمتها بها انتاج الضيعة ،وتتجمع
النسوة لغربلة القمح والشعير والتوابل ،فيما تتجمع الشابات للتطريز والنسج والحياكة ،ويتجمع األطفال
لنسج اللوحات الصغيرة بالصوف.
عادات وتقاليد
تونس
© FLICKR.COM / CERNAVODA
احتياطي تونس من النقد األجنبي يرتفع إلى نحو 5مليارات دوالر
تستطرد":كان الطعام يعد على قدر في الجبل ،الغالل الطازجة ،الشاي المعطر بروائح النباتات الجبلية
المعد على " الكانون" ،كلها أشياء توحي بالبساطة ،خرافات جدتي العجيبة والغريبة ،حديث جدي عن
الحرب العالمية الثانية في البطان ،عن األلمان واألمريكان والفرنسيين ،وقد تناقلتها عمتي التي تحفظ
الكثير من األشعار حول تلك الوقائع ،وحول استشهاد المناضل النقابي ،فرحات حشاد.
تقول زينب الكعبي ،إحدى فتيات قرية "البطان" التي تتقن الحياكة التقليدية والتطريز وإعداد األكالت
التقليدية " :إن أهل البطان يحافظون على عادات غذائية تقليدية تعد من الدقيق حتى اليوم ،مثل كسكسي
العولة ،والمحمص من العجين المدور الصغير يطبخ كحساء في ليالي الشتاء بالخضر والقديد ،والحاللم
والنواصر ،وخبز الغناي ،وخبز الطابونة ،وخبز فطير ،وشربة الشعير.
طقوس الختان
وتضيف أن طقوس حفالت الختان في القرية تسبقها عزف المزيكا ،كما يركب الطفل الذي سيختن على
حصان ،ويجوبون به القرية ،حيث ترافقه الفرقة النحاسية ،فيما غابت عن القرية عروض الفروسية ،في
السنوات األخيرة ،والتي كانت تواكب زردة الولي الصالح "سيدي غنية" ،الذي بني ضريحه في مقبرة
البطان.
تقرير /محمد حميدة
4/1
© SPUTNIK . M.HEMEDAH
قرية البطان
...