You are on page 1of 13

‫العمارة العراقية المعاصرة‬

‫من اجل الخوض في موضوع العمارة العراقية المعاصرة‪ ،‬نرى انه من الضروري ذكر أجيال‬
‫المعماريين العراقيين الذين برزوا في تلك الفترة‪ ،‬ومن ثم توضيح مسار العمارة العراقية خالل‬
‫القرن العشرين‪:‬‬

‫أجيال المعماريين العراقيين‪- :‬‬


‫ظهرت تسميات" المعماريين العراقيين"‪" ،‬المصمم المعماري العراقي"‪" ،‬المهندس‬
‫المعماري العراقي‪-‬إضافة إلى مصطلح "ر ّواد العمارة العراقية"‪ ،‬ومصطلحات" الجيل األول أو‬
‫جيل الرواد"‪ ،‬والجيل الثاني والثالث‪ ...‬وهكذا‪ .‬ويظهر المتغير الزمني المتتابع بوضوح هنا أيضاً‪،‬‬
‫وكما يأتي‪- :‬‬

‫الجيل األول‪- :‬ويتمثل بالمعماريين العراقيين العائدين ‪-‬في مرحلة األربعينيات‪-‬من خارج القطر‬
‫بعد إنهاء دراستهم في الجامعات الغربية‪ ،‬من الذين برز نتاجهم في نهاية األربعينيات‬
‫والخمسينيات (المرحلة الثانية)‪ ،‬ومنهم‪- :‬جعفر عالوي‪ ،‬حازم التك‪ ،‬عبد هللا احسان كامل‪ ،‬مدحت‬
‫علي مظلوم‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬

‫الجيل الثاني‪- :‬ويتمثل بالمعماريين العراقيين العائدين في مرحلة الخمسينيات من جيل الشباب‬
‫الذين برز نتاجهم في مرحلة الستينيات والسبعينيات (المرحلة الثالثة)‪ ،‬ومنهم‪- :‬قحطان عوني‪،‬‬
‫قحطان المدفعي‪ ،‬رفعت الجادرجي‪ ،‬هشام منير‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬

‫الجيل الثالث‪- :‬ويتمثل بالمعماريين العراقيين المتخرجين من قسم الهندسة المعمارية (الدفعات‬
‫األولى)‪ ،‬من الذين برز نتاجهم في نهاية السبعينيات والثمانينات (المرحلة الرابعة)‪ ،‬والى حد ما‬
‫في التسعينيات (المرحلة الخامسة) ومنهم‪- :‬عدنان أسود‪ ،‬مودة العالق‪ ،‬خالد الراوي‪ ،‬فاضل‬
‫عجينة‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬

‫الجيل الرابع‪- :‬ويتمثل بالمعماريين من جيل الشباب‪ ،‬ممن تخرجوا من األقسام الثالث للهندسة‬
‫المعمارية‪ ،‬والذين مارسوا المهنة المعمارية في مرحلة التسعينيات (المرحلة الخامسة)‪.‬‬

‫مسار العمارة العراقية خالل القرن العشرين‪- :‬‬


‫لقد مرّت العمارة العراقية خالل القرن العشرين بمراحل متعددة اختلفت خاللها سماتها‪،‬‬
‫كان لوجود أحداث مختلفة عامة (سياسية واقتصادية واجتماعية …)‪ ،‬وخاصة(معمارية)‪ ،‬األثر‬
‫الواضح في تغير تلك السمات‪ .‬إضافة إلى تغير أصحاب الرأي في العملية التصميمية ومصمموا‬
‫كل مرحلة من تلك المراحل‪ .‬مع تغير خلفياتهم والمؤثرات الفكرية في كل مرحلة‪.‬‬

‫المرحلة األولى‪-:) 1940-1917(/‬‬


‫وتقسم الى جزئين ‪-:‬‬
‫– االحتالل البريطاني إلى تأسيس الدولة العراقية (‪.)1921-1917‬‬
‫‪ -‬النفوذ البريطاني بعد تأسيس الدولة العراقية والى نهاية الثالثينات (‪.)1940-1921‬‬
‫حيث يالحظ تأثيره في الجزء األول من خالل الحاجة إلى األبنية ذات العالقة بهذا االحتالل‬
‫وما يتطلب من وظائف تخدمه‪ ،‬كالمستشفيات العسكرية التي تأوي الجرحى خالل العمليات‬
‫العسكرية والنوادي الخاصة ودوائر البريد والبرق التي تضمن سهولة االتصال بمركز‬
‫اإلمبراطورية‪.‬‬
‫ورغم انتهاء التأثير البريطاني المباشر بانتهاء االنتداب‪ ،‬إال أن التأثيرات المعمارية‬
‫المباشرة وغير المباشرة استمرت لسنوات طويلة"‪.‬‬
‫أما في الجزء الثاني فيبرز تأثيره في تواجد المعماريين البريطانيين على الساحة المعمارية‬
‫العراقية‪ ،‬وقيامهم بتصميم أبنية المرحلة وانعكاس تأثيراتهم وأفكارهم على العمارة العراقية‪.‬‬
‫وتميزت بنوعية األبنية المشيدة وظهور الحاجة إلى أبنية ذات وظائف جديدة والتي تخدم الدولة‬
‫الفتية واحتياجاتها‪-‬كما في قصر الزهور والبالط الملكي والمقبرة الملكية وغيرها‪.‬‬

‫ويالحظ إن أغلب المباني التي نُفذت في المرحلة االولى كانت من توقيع ثالث معماريين امتازت‬
‫المرحلة بكثرة تصاميمهم وهم (ويلسون‪( ،)Wilson-‬ميسون‪( ،)Mason -‬كوبر ‪.)Cooper‬‬
‫وكانت أبرز المؤثرات على توجهات وأفكار هؤالء المعماريين فتتمثل في‪- :‬‬
‫‪ -‬التوجهات المعمارية السائدة في بريطانية (الكالسيكية المحافظة)‪.‬‬
‫‪ -‬عمارة البريطانيين في الهند‪.‬‬
‫‪ -‬العمارة التقليدية المحلية للعراق والبلدان العربية المجاورة‪.‬‬

‫كما يالحظ في هذه المرحلة ظهور الفصل الطبقي واالجتماعي واالقتصادي في المجتمع العراقي‬
‫آنذاك‪ ،‬حيث ظهرت الرغبة عند الطبقة (النخبة– اجتماعيا ً واقتصاديا ً)‪ ،‬أن تكون لها مساكن‬
‫ومقيمات جديدة ال تقل شأنا ً عن حداثة المباني الحكومية ذاتها كما أنها أحست سريعا ً بعدم استجابة‬
‫بيوت اآلباء واألجداد التقليدية لإليفاء بالمتطلبات المستحدثة في حياتهم ومراكزهم الجديدة كما إن‬
‫هاجس التغيير …‬
‫وبالتالي شهدت المرحلة (خاصة في الثالثينات) ظهور هذه الطبقة المقلدة لنتاج البريطانيين‬
‫المتطلعة للتميز عن البقية‪ ،‬ومجاراة الحداثة في تلك األبنية‪.‬‬
‫و قيام بعض المكاتب باستيراد رسوم لمساكن من إيطاليا وفرنسا وتشييد العديد من الدور على‬
‫غرارها ذو أثر في انتشار وتصميم نمط جديد من أنماط المساكن في بغداد لم يكن معروفا ً من قبل‪،‬‬
‫هو نمط يدعى بـ (البيت الهجين) وا لذي هو نمط شبيه بالفلل اإلنكليزية والذي استخدمت فيها‬
‫عناصر العمارة الكالسيكية الجديدة في الواجهات‪.‬‬

‫سمات نتاج المرحلة األولى‪/‬األبنية المصممة والمنفذة ‪- :‬‬


‫أن المتتبع لألبنية المشيدة في هذه المرحلة‪(-:‬جامعة آل البيت‪-‬الشعبة الدينية‪-1922/‬‬
‫‪( ،)1929‬المقبرة الملكية‪( ،)1934 /‬البالط الملكي‪( ،)1924 /‬الميناء الجوي‪ (،)1931 /‬قصر‬
‫الزهور‪(،)1933/‬مطار البصرة‪(،)1937-1935/‬مدرسة الهندسة‪…)1936/‬وغيرها من األبنية‬
‫يخرج بما يلي ‪-:‬‬

‫يُالحظ االهتمام بالواجهة األمامية وشبه التغاضي عن الواجهات األخرى حيث يالحظ " إن‬
‫التركيز الفني وغنا ء التفاصيل المعمارية يتم فقط على الواجهات األمامية من المبنى‪ ،‬و تترك‬
‫معالجات الواجبات األخرى دون اهتمام أو اكتراث واضحين " ‪ ...‬وما يميز هذه الواجهة األمامية‬
‫كثرة التفاصيل واالستعارات من هنا وهناك‪-‬سواء من العمارة الكالسيكية البريطانية كقصر‬
‫الزهور أو العمارة المحلية التقليدية كالمقبرة الملكية‪ -‬وبالتالي كانت الوظيفة الجمالية تلعب دوراً‬
‫أساسيا ً في تصميم معظم األبنية المنفذة آنذاك حيث " كان مصممو تلك األبنية أكثر اهتماما ً بشكل‬
‫المخطط وتنسيق مكوناته وتكوينات الكتل والواجهات من اهتمامهم بتلبية المتطلبات الدقيقة‬
‫لوظائف االستخدام لكل بناية "‪.‬‬
‫فضال عن استخدام مادة الطابوق (المحلية) واقتصار معظم‪ ،‬بل أغلب األبنية عليها كمادة رئيسية‬
‫في اإلنهاء مع وجود "عدد من األسطوات المحليين ذوي المهارة العالية في استخدام المواد‬
‫المحلية‪ ،‬وذوي معرفة وخبرة في المعالجات والتكوينات المحلية والفنية أو التنفيذية‪ ،‬إضافة إلى ما‬
‫تتطلبه هذه المادة من دقة في التنفيذ أدى إلى خروج األبنية بتلك الهيئة المميزة التي أضفت جمالية‬
‫وربطتها مكانيا ً بالبلد مع افتقار اغلب األبنية إلى فكر تصميمي واضح وقوي إال إنها ال زالت‬
‫مميزة بفضل المادة المحلية والدقة في التنفيذ‪.‬‬
‫تميزت األبنية بالنصبية والتفرد‪ ،‬ولعل تفرد تلك األبنية ضمن الموقع وتميزها عن المباني‬
‫المجاورة تخطيطا ً وتصميما ً زاد من ضخامة المقياس‪ ،‬ناهيك عن الضخامة الفعلية المتأتية من‬
‫استخدام القبب واألعمدة مع ضخامة المشاريع المنفذة‪.‬‬

‫ورغم كل ما قيل عن عمارة البر يطانيين في العراق إال انه ال يمكن إغفال إيجابيات تلك األبنية‬
‫التي نفذت آنذاك واستخدامها للمادة المحلية (الطابوق) بكفاءة وتمكنها من توظيف تقنيات الحرفيين‬
‫العراقيين مع مظاهر تأثير العمارة الكالسيكية بشكل عام والسمات التي امتازت بها العمارة في‬
‫المستعمرات البر يطانية وخاصة الهند التي ربطت بعض السمات الهندية وعناصر العمارة‬
‫الكالسيكية فيما تداخلت في العراق بعض العناصر المأخوذة من العمارة العربية والعراقية‬
‫التاريخية والمحلية‪ ،‬كاألقواس وبعض الزخرفة واألروقة مع دقة التفاصيل واالنهاءات وجودتها‬
‫والتنفيذ الحرفي الجديد آنذاك وصيغة تصميمها جعلت من هذه األبنية أمثلة مميزة (مكانيا ً ) وهي‬
‫بمعظمها ال تزال قائمة إلى اليوم رغم تتالي تغير االستخدامات الوظيفية لها ‪..‬‬

‫أبرز أبنية المرحلة األولى‪-:‬‬


‫جامعة آل لبيت‪-‬ويلسون‪-: )1929-1922(/‬‬
‫تأتي أهمية هذه الجامعة من عدة أمور‪ -:‬أولها كونها أول محاولة لبناء جامعة عصرية بهذا الحجم‬
‫الضخم حيث مجموعة األبنية التي تكون بمجموعها مكونات هذه الجامعة ‪،‬إضافة إلى ذلك فأن‬
‫"التكوين المعماري للجامعة كان يشمل ألول مرة على مجموعة )‪ (complex‬من األبنية مهمة في‬
‫أن واحد ‪ ،‬ولها عالقة تصميميه وتخطيطية واضحة"‬
‫ويظ هر التأثير المهم لهذا المشروع على العمارة العراقية من خالل كونها جاءت بأسلوب تخطيطي‬
‫مغاير وغير مألوف لتخطيط المدينة التقليدية وتهشيم النسيج المتراص لمدينة بغداد القديمة‪ ،‬حيث‬
‫تخطيط الجامعة ذات الساحات المحيطة بالمباني والخطوط المستقيمة‪.‬‬
‫الضريح الملكي‪-‬المقبرة الملكية‪-‬كوبر‪-:)1936-1934(/‬‬
‫ُشيّد هذا المبنى في نفس المكان الذي كان مقرراً فيه أقامه الصرح المركزي العائد إلى‬
‫مجموعة أبنية جامعة آل البيت (الغير منفذ)‪..‬وتأتي أهمية المبنى من حيث موقعه الذي بُنى عليه‪،‬‬
‫إضافة إلى أن المصمم هو البريطاني (كوبر‪ ،)cooper -‬وقد تسلم منصب معمار الحكومة بعد‬
‫ميسون (‪.)mason‬‬
‫ويالحظ في هذا المبنى محاولة المصمم استلهام عناصر وتفاصيل تراثية تعود لسنين سابقة‬
‫في العمارة العربية ووضعها في هذا المبنى‪ ،‬كاستخدام (األقواس– القباب‪-‬لون القباب األخضر‬
‫الشذري‪-‬األروقة) واستخدام الطابوق وترك لونه األصفر الباهت في الواجهة دون معالجة‪،‬‬
‫وتجاهله للتطورات الحاصلة في العمارة العالمية في ذلك الوقت ‪..‬‬

‫قصر الزهور‪-‬ميسون‪-: 1933/‬‬


‫لقد كان هذا القصر مخصص لسكن العائلة المالكة‪ ،‬وأُستغل بعدئذ كقصر لضيوف الدولة‬
‫العراقية الكبار لذا سمي بـ" قصر الضيوف العظماء “‪ .‬وعلى الرغم من بساطة مخططه إال إن‬
‫المالحظ التقييد في الشكل الخارجي للمبنى " فاألبراج المختلفة والتي تؤلف العناصر األساسية‬
‫لموضوعة الواجهات وفتحات النوافذ ذات األشكال المتعددة والشرفات التي تحيط بالمبنى كلها‬
‫وغيرها من العناصر األخرى تسعى لهدف معين هو تعقيد الواجهات وكشف البذخ الظاهر الناجم‬
‫من استعمال مواد إنشائية عديدة ومواد تكميلية غير معروفة في العراق "‪.‬‬
‫ويتضح تأثير قصر الزهور على المعالجات الفنية والمعمارية للعمارة السكنية في هذه الفترة‬
‫(الثالثينات ) وخصوصا ً البيوت الكبيرة ألغنياء العراق التي شيدت في بغداد ضمن الثالثينات‬
‫وبداية األربعينات من القرن العشرين‪.‬‬

‫المرحلة الثانية‪-: )1958-1945(/‬‬


‫‪ -‬األحداث الهامة في هذه المرحلة ‪-:‬‬
‫أ‪-‬تأسيس مجلس األعمار‪-: 1950 /‬‬
‫لقد أحدث تأسيس هذه المؤسسة تطوراً هاما ً في العمارة العراقية خالل هذه المرحلة‪ ،‬لما‬
‫كان لها من أهمية في تنظيم العملية البنائية‪ ،‬حيث كان الهدف من تأسيس هذه المؤسسة " ضمان‬
‫استمرار عملية اإلنماء والتطوير بخطى ثابتة بعيداً عن تأثير التغيرات الوزارية المتعاقبة "‪.‬‬
‫وعملت هذه المؤسسة على‪:‬‬
‫_دعوة مجموعة معماريين فيمن سبق لهم العمل في العراق خالل المرحلة األولى‬
‫(العشرينات‪/‬الثالثينات ) من البريطانيين من قبيل (ويلسن ‪ )Wilson‬و(ميسون ‪ )Mason‬و(‬
‫كوبر ‪ )Cooper‬واعدادهم لتصاميم مجموعة من األبنية مثل مبنى مجلس األمة‪-‬كرادة مريم‬
‫"المجلس الوطني"(‪-)1957-1952‬للمعماري كوبر‪ ،‬ومحطة سكك الحديد(‪-)1952‬للمعماريين‬
‫ميسون وويلسون وغيرها‪.‬‬
‫ويالحظ أن طروحاتهم وتوجهاتهم في هذه األبنية جاءت مشابهة لتوجهاتهم وطروحاتهم في‬
‫المرحلة األولى ‪.‬‬
‫_دعوة مجموعة معماريين معروفين من دول مختلفة لتصميم مشاريع هامة وكبيرة مثل (جامعة‬
‫بغداد‪-‬كروبيوس) و(المدينة الرياضية‪-‬لي كوربوزيه) و(حدائق األوبرا ومشروع جزيرة أم‬
‫الخنازير‪-‬فرانك لويد رايت) وغيرها من األبنية ومع أن أغلب المشاريع المصممة لم تنفذ إال أن‬
‫هذه الدعوة كان لها التأثير الواضح في تلك المرحلة ‪.‬‬
‫حيث كان لتواجد هذا العدد من المعماريين األجانب من خلفيات مختلفة أثره الفكري في هذه‬
‫المرحلة حيث" إن تواجد هؤالء المعماريين والشروع بتقديم تصاميمهم منح الجو الثقافي آنذاك‬
‫وأكسبه جسوراً ثابتة في عملية التواصل المهني واالرتقاء بمقاييس الممارسة المعمارية المحلية‬
‫إلى مصاف اآلفاق العالمية"‪.‬‬
‫ويبرز هذا التأثير من خالل المحاضرات التي ألقيت آنذاك والندوات المتعددة التي أقيمت لهم حيث‬
‫ألقى (فرانك لويد رايت) محاضـرة يوم (‪-22‬أيار‪ )1957-‬في جمعية المهندسين العراقية‪ ،‬تاله‬
‫(الفار آلتو) في إلقاء محاضرته عن أسلوبه واعماله يوم (‪-16‬تموز‪ ،)1957-‬ثم جاءت محاضرة‬
‫المعماري (لي كوربوزيه) التي تناول فيها عرض أفكاره وأبرز أعماله وتوجهاته التصميمية في‬
‫نفس الجمعية يوم (‪-11‬تشرين الثاني‪..)1957-‬وكان للمحاضرات التي القوها صدى واسع بين‬
‫المعماريين‪ ،‬وفتح تعاونهم مع المعماريين العراقيين األبواب لالرتقاء بمستوى الممارسة المعمارية‬
‫وسحب المعمار العراقي إلى ساحة التطورات العالمية ‪.‬‬
‫اما على المستوى التطبيقي مع قلة المشاريع المنفذة آنذاك إال أنها كانت لها األثر الواضح في هذه‬
‫المرحلة حيث أقيمت (جامعة بغداد‪ -‬مسبح المدينة الرياضية‪-‬وزارة التخطيط وغيرها) ‪ ..‬وحتى‬
‫األبنية التي لم تنفذ كان مجرد وجود تصاميمها (ولو على الورق) أثراً على معماريينا آنذاك‪.‬‬

‫ب‪-‬عودة الجيل األول من المعماريين العراقيين ‪-:‬‬


‫لقد كانت المرحلة األولى التي سبقت عودة هؤالء المعماريين تكاد تخلو من اسم لمهندس معماري‬
‫عراقي فيها‪ ،‬فما عدا احمد مختار إبراهيم (مع قلة دوره فيها) نكاد النرى بصمات عراقية على‬
‫نتاج تلك المرحلة‪.‬‬
‫ولقد شهدت هذه المرحلة ‪-‬ومع عودة المعماريين العراقيين بعد أن أنهوا دراستهم في الجامعات‬
‫األجنبية‪ -‬تغيراً ملحوظا ً على سير العمارة العراقية وتأتي أهمية هذا الحدث في ‪-:‬‬
‫آ‪-‬ربطت بعض الدراسات بداية تأسيس العمارة الحديثة في العراق مع هذا الحدث بالذات‬
‫وبداية التوجه نحو مدرسة العمارة العراقية المحلية مع حضور هذا العدد الكبير منهم في هذه‬
‫المرحلة‪.‬‬
‫ب‪ -‬كان لحضور هذا العدد منهم في هذه المرحلة‪ ،‬وكثافة نتائجهم فيها (خاصة الخمسينات)‬
‫هو الذي حدد سمات المرحلة التي نتكلم عنها‪..‬‬

‫سمات نتاج المرحلة الثانية‪/‬األبنية المصممة والمنفذة ‪- :‬‬


‫آ‪-‬على مستوى الشكل ‪-:‬‬
‫حيث انتشار مفاهيم العمارة الحديثة واألسلوب العالمي في هذه المرحلة وانعكاسها على‬
‫نتاج المرحلة متأثرة باألفكار التي حملها المعماريين العراقيين العائدين من خارج القطر‪ ،‬والتي‬
‫حاولوا تجسيدها في األبنية التي صمموها آنذاك وانتشار هذه المفاهيم في أرجاء المعمورة بينما‬
‫كانت األبنية في المراحل السابقة متأثرة شكليا ً أما بالعمارة البريطانية الكالسيكية أو العمارة‬
‫البريطانية في الهند أو العمارة التقليدية المحلية (عمارة الدول العربية التقليدية ‪/‬عمارة العراق‬
‫المحلية) وهذا ما نراه واضحا ً في أغلب المباني المشيدة في هذه المرحلة والمتأثرة بتلك التوجهات‬
‫كالمباني اإلدارية والعمارات المرتفعة وأبنية المصارف‪.‬‬
‫ب‪-‬على مستوى المواد ‪-:‬‬
‫بعد أن ساد استخدام مادة الطابوق في المرحلة السابقة اُدخلت في هذه المرحلة مواد جديدة‬
‫لم تكن معروفة سابقا ً كالحديد والكونكريت ومواد األكساء كالمرمر والحجر الطبيعي وبعض‬
‫المواد األخرى ‪،‬وشاع استخدام اللبخ في هذه المرحلة (الذي ادخله المهندس الهنغاري بافي ) مما‬
‫أثر سلبا ً على مستوى التنفيذ واالبتعاد عن الدقة والجودة التي سادت في المرحلة السابقة ‪.‬‬

‫جـ‪-‬على مستوى المقياس ‪-:‬‬


‫حيث شهدت المرحلة ضخامة في المقياس أفقيا ً وعموديا ً ‪ ,‬فيالحظ إضافة إلى المباني‬
‫والمشاريع الكبيرة للمعماريين األجانب في هذه المرحلة ذات المقياس األفقي الواسع‪ ،‬يالحظ‬
‫االرتفاع الكبير لألبنية اإلدارية والسكنية والتجارية وحتى أبنية المصارف‪ ،‬وظهور األبنية‬
‫المتعددة الطوابق وألول مرة في تاريخ العراق فظهر" أول مبنى مرتفع (أربع طوابق ) كان‬
‫المبنى اإلداري لعمارة سوفير"‪ ،‬تلته مجموعة أبنية متعددة الطوابق مثل عمارة الدفتر دار (‪14‬‬
‫طابق ) وغيرها‪ .‬وهذا ما أثر على خط سماء بغداد وشهد تحول من االتجاه األفقي نحو االتجاه‬
‫العمودي وظهرت ألول مرة األبنية البرجية‪.‬‬
‫يُضاف إلى هذا كله وعلى المستوى البيئي ومن مالحظة واجهات األبنية التي نفذت في هذه‬
‫المرحلة‪ ،‬يشخص شيوع وانتشار ظاهرة تغليف المباني بـ ( ‪ ) Screen‬مختلفة األشكال والمواد‬
‫مع شيوع استخدام الكاسرات (‪ ) Louvers‬كما في أعمال عبد هللا إحسان كامل وفيليب هيرست‬
‫وغيرهم‪ .‬وإضافة إلى دور هذه العناصر في إضفاء جمالية على المبنى والتأثر باستخدام األساطين‬
‫( لي كوربوزيه) خاصة للكاسرات في أعمالهم فأن لها دور واضح بيئيا ً ومناخيا ً يشير إلى انتباه‬
‫المعماريين إلى الحاجة لمعالجة تلك األبنية للوقاية من مناخ العراق الجاف الحار والتعرض‬
‫الطويل ألشعة الشمس‪.‬‬
‫مع مالحظة استخدامهم للسطوح الزجاجية الكبيرة‪-‬من جهة اخرى‪-‬وتناسي المناخ العراقي‪ ،‬حيث‬
‫يالحظ استخدام شبابيك كبيرة من الزجاج وأصبح " الطلب األول للعائلة العراقية في تكوين بيتها‬
‫الجديد هو تحويل ضلع كامل من كل فضاء إلى زجاج "‪ ،‬خاصة في الدور السكنية متأثرين‬
‫بالعمارة األوربية والعمارة الحديثة‪ ،‬وبالتالي شهدت المرحلة تناسي للبيئة المناخية من جهة‬
‫واستخدام هذه الشبابيك الواسعة في الدور السكنية ‪ .‬فيما شهدت اهتمام أكثر في األبنية العامة‬
‫واستخدام الكاسرات في تغليف الواجهة مع سيطرة العمارة الحديثة وتوجهاتها وأعمال روادها في‬
‫كال األمرين ‪.‬‬

‫المرحلة الثالثة‪-:)1972-1958(/‬‬
‫ان اهم ما يميز هذه المرحلة هو تأسيس قسم الهندسة المعمارية في جامعة بغداد‪ ،1959‬وتأتي‬
‫أهمية هذا الحدث وتأثيره على العمارة العراقية نتيجة الستمرار تأثيره منذ بداية تأسيسه ومروراً‬
‫بتخرج أول وجبة (‪ )1965-1964‬وإلى اآلن‪ .‬وما عاصر من تطورات خالل القرن العشرين‪.‬‬
‫إضافة إلى أهميته المتأتية من اعتباره عند بعض الدراسات يمثل بداية المدرسة العراقية وتخرج‬
‫المعماريين العراقيين من جامعة عراقية بعد أن أنهى المعماريون السابقون دراستهم في خارج‬
‫القطر‪.‬‬
‫فضال عن تنامي دور المعماريين من الجيل الثاني والعائدين من خارج القطر( قحطان المدفعي‪-‬‬
‫قحطان عوني‪-‬رفعت الجادرجي …‪.‬الخ)‪ ،‬وإنتاجهم أبنية كثيرة في هذه المرحلة مثل (الجامعة‬
‫المستنصرية(‪-)1964‬وزارة المالية(‪-)1971‬معهد الفنون الجميلة(‪-)1968‬جامع الخلفاء(‪-)1969‬‬
‫مديرية انحصار التبوغ(‪.. -)1967‬الخ )‪،‬وظهور طروحات هؤالء الرواد مما يميز نتاج كل واحد‬
‫منهم عن اآلخر‪.‬‬
‫من جهة أخرى يُالحظ غياب واضح لصنفين من المصممين‪ ،‬مما كان لهما دوراً مهما ً في عمارة‬
‫المراحل السابقة تتمثل في ‪-:‬‬
‫_غياب الجيل األول من الرواد عن عمارة هذه المرحلة‪ :‬أحمد مختار إبراهيم توفى بصورة‬
‫مفاجئة سنة(‪ ،)1959‬ومغادرة مدحت علي مظلوم العراق‪ ،‬وتوجه جعفر عالوي نحو ممارسة‬
‫نشاط آخر‪ ،‬وتفرغ عبد هللا إحسان كامل لمهنة التعليم والتدريس‪ ،‬أما حازم نامق وحازم التك‪،‬‬
‫وغيرهم من المعماريين األوائل فأن مشاركتهم في هذه الفترة تتسم أجماالً بندرتها وقلتها‪.‬‬
‫وما عدا نشاط محمد مكية في هذه الفترة فأن جميع المعماريين الرواد اآلخرين لم يلعبوا دوراً‬
‫مؤثراً وحقيقيا ً في عمارة العقدين اآلخرين"‪.‬‬
‫_غياب المعماريين األجانب المعروفين‪ ،‬والتغاضي عن دعوتهم للعمل في القطر‪ ،‬وغياب‬
‫المعماريين البريطانيين الذي أستمر عملهم في الخمسينات‪..‬‬
‫ومن األمور الواضحة فيم ا يتعلق بالعملية البنائية لهذه المرحلة ظهور المقاولين وتنامي دورهم في‬
‫إنتاج بعض األبنية والدور السكنية فيها إضافة إلى "قيام عدد من المهندسين من غير المعماريين‬
‫بأداء عمل المعماري وزاد من هذه الظاهرة ازدياد الطلب على بناء الدور السكنية وبكلف‬
‫منخفضة"‪ ،‬مع ابتعاد أرباب العمل من االستعانة بالمعماري‪ ،‬واستمرت هذه الظاهرة في‬
‫السبعينات حيث شاع بشكل غير قليل أسلوب تمثل بأعمال عدد من المهندسين غير المعماريين‪،‬‬
‫والمقاولين الذين يقلدون ما يرون ويطلعون عليه غير مدركين ما ينفذون من أعمال عن طريق‬
‫إحساس أكاديمي أو خلفية نظرية محددة وقد يكون هناك ظاهرة ضمن هذا ألسلوب هو تقليد مبنى‬
‫بشكل كامل عن طريق تنفيذ مخططات مسبقة التنفيذ ولكن باجتهاد يشوه األصل‪ ،‬أو قد تتمثل‬
‫باجتهادات يعتقدها المهندس المدني أو المقاول‪ ،‬متصرفا ً بها تبعا ً لفهمه للعملية اإلنشائية واإلمكانية‬
‫االقتصادية التي تعطي ه المرونة في تكييف التصميم أو األسلوب‪ ،‬أو طرز أو نمط في المعالجة‬
‫اطلع عليه نتيجة اإلطالع واالحتكاك من خالل السفر أو غيره من األساليب‪ ..‬ولم يقتصر عمل‬
‫المقاولين في القطاع الخاص و إنما تجاوزه إلى القطاع العام وأزداد خبرة وقابلية بحيث "أصبح‬
‫قادراً على إنجاز مش اريع تحمل في بنائها محاوالت الخصوصية في العمارة ومحاولة الدقة في‬
‫التنفيذ وشارع الجمهورية في بغداد يمكن ان يكون مثاالً واضحا ً لتلك المرحلة"‪.‬‬

‫سمات نتاج المرحلة الثالثة‪/‬األبنية المصممة والمنفذة ‪- :‬‬


‫لقد شهدت بدايات هذه المرحلة (الستينات) توجها ً نحو مفهوم التراث المعماري‪ ،‬والتمسك به بعد‬
‫سيادة توجهات الحداثة واألسلوب العالمي في المراحل السابقة‪ ،‬فكانت هذه المرحلة تؤشر بداية‬
‫التيار ذي التوجه التراثي‪ ،‬والذي اتسع وساد في السبعينات وكانت ألعمال محمد مكية وتوجهاته‬
‫التي عكسها في أبنية جامع الخلفاء (‪- )1964‬مصرف الرافدين(‪- )1968‬مكتبة األوقاف‬
‫(‪ ..)1976‬بداية لهذا التوجه‪ ،‬تبعته محاوالت المعماريين اآلخرين‪ ،‬وبالتالي امتازت هذه المرحلة‬
‫باستساغة معلنة لترويض مفردات التراث وتطويعها للتعايش مع األفكار المعاصرة آنذاك‪ ،‬فكانت‬
‫البداي ة لحركة معمارية تلتزم بالهوية المحلية وتقودها في محصلة بارزة باتجاه خلق مدرسة‬
‫عراقية‪ ،‬وبالتالي أثّر هذا التوجه على أشكال المباني واستخدام العناصر والتفاصيل التراثية‬
‫كاألقواس والشناشيل وغيرها‪.‬‬
‫والعودة الى استخدام الطابوق مرة أخرى في كثير من أبنية هذه المرحلة إضافة إلى وجود مواد‬
‫الكونكريت‪ ،‬كما في أعمال (رفعت الجادرجي)‪.‬‬
‫كما تميز نتاج هذه المرحلة (وخاصة السبعينات) وجود المقياس اإلنساني في أبنيتها خاصة الدور‬
‫السكنية وبعض المباني العامة‪ ،‬ومرده إلى استخدام االرتفاعات البسيطة‪ ،‬وتفاصيل الطابوق‪،‬‬
‫ومحاولة تحقيق الطابع المحلي التقليدي المتصف بوجود ذلك المقياس اإلنساني‪ ،‬مع وجود أبنية‬
‫مرتفعة في هذه المرحلة كمراكز االتصاالت وبعض الوزارات واألبنية األدارية ‪ ..‬إال أن المادة‬
‫المستخدمة والتفاصيل التي روعي استعمالها في الواجهات خففت من ضخامة بنائها وارتفاعها‪.‬‬
‫ومما تجدر اإلشارة له في هذه المرحلة " المستوى الرفيع الذي بلغته لغة التنفيذ التصميمي ووسائل‬
‫إظهاره وهو أمر يبدو منطقيا ً ومتوقعا ً نظراً لوفرة أدوات التعبير الفني وسهولة امتالكها من قبل‬
‫المعماريين العراقيين ومقدرتهم المميزة في هذا الجانب وتوقهم الشديد ألخراج التصاميم المنفذة‬
‫بمستوى ال يقل عن مستوى تقاليد وخبرة البيوتات التصميمية العالمية‬

‫المرحلة الرابعة‪-:)1991-1972(/‬‬
‫مع حصول الخطة االنفجارية المعمارية في هذه المرحلة‪ ،‬ووجود الرغبة والحاجة الملحة‬
‫في إقامة المشاريع المختلفة‪ ،‬ومع وجود عدد من المعماريين العراقيين من خريجي أقسام الهندسة‬
‫المعمارية الثالث (بغداد‪-‬التكنولوجيا‪-‬الموصل)‪ ،‬إضافة إلى الجيل الثالث ممن عملوا في المكاتب‬
‫الخاصة بالرواد من الجيل الثاني‪ ،‬إال إن تلك المشاريع قد تعدت اإلمكانيات المحلية مع الرغبة في‬
‫سرعة إنجازها ودقة تنفيذها‪ ،‬لذا "اُستدعي عدد كبير من االستشاريين والشركات األجنبية من‬
‫خارج القطر لتصميم المشاريع أو تنفيذها أو حتى االثنين معا ً فيما يسمى بـ(مشاريع تسليم المفتاح)‬
‫‪ ..‬ولئن كان المعماريون األجانب المدعوون في الخمسينات هم مشاهير العمارة العالمية‪ ،‬فأن‬
‫معظم االستشاريين المدعوين هنا ربما لم يكونوا ذوي شهرة مماثلة أو على األقل لم يكونوا‬
‫معروفين هنا على النطاق المحلي"‪ ،‬إضافة إلى االستعانة بالمكاتب االستشارية والمؤسسات‬
‫التنفيذية العالمية إلنجاز تلك المشاريع‪ ،‬كانت االستعانة بالخبرات األجنبية في المشاريع التخطيطية‬
‫إضافة إلى اشتراكهم في المسابقات المعمارية القائمة آنذاك في العراق ‪.‬‬
‫وبالتالي فان مصممو عمارة هذه المرحلة هم ‪-:‬‬
‫‪-‬المعماريون المتخرجون من أقسام العمارة الثالث‪ .‬والمعماريون العراقيون خريجو الجامعات‬
‫العالمية من ذوي الشهادات العليا‪.‬‬
‫‪-‬المعماريون األجانب والشركات األجنبية التصميمية والتنفيذية‪.‬‬
‫‪-‬مؤسسات القطاع االشتراكي (وخاصة المركز القومي لالستشارات الهندسية‪ ،‬ومركز‬
‫اإلدريسي)‪،‬إضافة إلى وزارة اإلسكان والتعمير‪ ،‬ودور هذه المؤسسات في إنشاء العديد من أبنية‬
‫هذه المرحلة‪.‬‬
‫وقد ظهرت مساكن نهاية العقد‪ ،‬امتازت بالبذخ غير المبرر‪ ،‬واستخدام عناصر معمارية كثيرة‬
‫وغير متناسبة‪ ،‬والمزج بين العديد من المواد اإلنشائية ذات الكلف العالية جداً في الظهور‪.‬‬
‫من جهة أخرى وفي نفس القطاع (الدور السكنية) كان هناك العديد من أرباب العمل ممن‬
‫يمتلكون الخلفية الثقافية التي تؤهلهم لالستعانة بالمعماري‪ ،‬والخروج بنتائج مقبولة ‪.‬‬
‫أما في القطاع العام فلقد كانت الدولة رب العمل الرئيسي في هذه المرحلة‪ ،‬مع تنامي‬
‫حاجتها إلى العديد من األبنية التي ظهرت في هذه المرحلة‪ ،‬وبالتالي شهدت المرحلة غزارة في‬
‫إنتاج األبنية العامة و انحسار في إنتاج الدور السكنية‪.‬‬
‫سمات نتاج المرحلة الرابعة‪/‬األبنية المصممة والمنفذة ‪- :‬‬
‫آ‪-‬على مستوى الشكل ‪-:‬‬
‫استمراراً للمرحلة السابقة فقد شهدت بدايات هذه المرحلة تطوراً مؤثراً في الممارسات‬
‫المعمارية العراقية‪ ،‬أتسم بالمغاالة الشكلية الستخدام مفردات التراث المعماري‪..‬وهذا ما يمكن‬
‫مالحظته في األبنية التي نفذت أبان تلك الفترة وواكب هذا الحدث " شيوع تفسيرات ساذجة‬
‫وبدائية لمعضلة التراث والمعاصرة في العمارة وانتشار هذه التفسيرات ليس في الوسط المعماري‬
‫فحسب وإنما أيضا ً في أوساط واسعة"‪.‬‬
‫وكانت مرحلة الثمانينات مكملة لما قبلها في هذه الناحية‪ ،‬حيث نالحظ إلصاق بعض‬
‫التفاصيل التراثية على واجهات المباني‪ ،‬وهذا ما يمكن مالحظته بصورة جلية في واجهات االبنية‬
‫المنفذة آنذاك‪ .‬إضافة إلى هذا فان ظهور الميل نحو المحلية وإضفاء بعض القيم التراثية‪ ،‬وأجراء‬
‫بعض التكيفات للتكوين العام للمباني التي أُنتجت ونُفّذت جاءت متأثرة بمسحات تراثية وبالموجة‬
‫العامة التي شجعتها محفزات رسمية‪ ،‬ودعا إليها بكثافة كثير من المعماريين والمثقفين‪ ،‬واعتبروها‬
‫ضرورة تاريخية وقومية ووطنية ملحة باتجاه خلق الشخصية القومية والعراقية في العمارة‪.‬‬
‫وقد اُستخدمت مواد حديثة في تنفيذ هذه األبنية ساعدت زيادة الموارد المالية بتأميم النفط‬
‫في استيرادها وتحمل كلفها الباهظة‪ ،‬فاستخدمت في اغلب المباني خاصة الوزارات والمطارات‬
‫وغيرها من األبنية مع توفر الكادر المتخصص في التعامل معها ‪.‬‬
‫كما بدأ المقياس اإلنساني الذي كان سائداً في أبنية المرحلة السابقة باالنحسار‪ ،‬واُستبدل بضخامة‬
‫واضحة بالمقياس‪-‬سواء في األبنية العامة أو الخاصة‪ -‬يتبع ضخامة األبنية المنفذة وتوفر الموارد‬
‫المالية الضخمة آنذاك‪.‬‬
‫إضافة إلى هذا كله فمن المثير لالهتمام المستوى الرفيع الذي بلغته لغة التنفيذ ووسائل‬
‫إظهاره‪ ،‬وتقف أسباب عديدة وراء هذا المستوى تتمثل في توفير أدوات التعبير وسهولة امتالكها‬
‫عن طريق توفير الموارد المالية‪ ،‬وتحسن المستوى االقتصادي للبلد‪ ،‬إضافة إلى وجود كادر‬
‫تنفيذي متمرس تمثل في الشركات األجنبية التي ساهمت في تنفيذ الكثير من أبنية هذه المرحلة‪،‬‬
‫وما تمتاز به من دقة وسرعة في اإلنجاز‪ ،‬خاصة في معالجة المفاصل البنائية فيها‪.‬‬
‫كما ال يمكن إغفال المسابقات المعمارية التي شهدها العراق خالل هذه المرحلة و أبرزها‬
‫مسابقة جامع الدولة الكبير ومسابقة صرح القادسية‪ ،‬وما لهذه المسابقات من تأثير واضح على‬
‫الفكر المعماري في العراق‪ ،‬جراء مشاركة المعماريين األجانب والعراقيين فيها‪ ،‬وإقامة الندوات‬
‫كالتي أقيمت في (‪-29‬تشرين الثاني‪ )1983-‬في مسابقة جامع الدولة الكبير‪ .‬مع مالحظة التأثير‬
‫الملحوظ لندوة التراث المعماري والعمارة العربية‪-‬سنة ‪.1980‬‬
‫وثمة مالحظة مهمة يمكن تشخيصها في هذه المرحلة‪ ،‬وهي أن نتاج المعماريين في هذه‬
‫المرحلة (خاصة األبنية العامة)‪ ،‬فيما يفتقر إلى فكر واضح أو فلسفة تصميميه مقبولة‪ ،‬كما كان في‬
‫المرحلة السابقة‪ ،‬وهذا ما نراه واضحا ً بعد انتهاء االستعانة بالخبرات األجنبية وحالة الحيرة‬
‫والفوضى التي أصابتهم فيها‪ ،‬فجاءت أبنية الثمانينات رائعة في دقة التنفيذ والتفاصيل واستخدام‬
‫التقنيات العالية وتعدد الوظائف‪ ،‬لكنها تفتقر إلى فكر قوي وفلسفة تصميميه واضحة وهذا ما‬
‫انعكس في المرحلة الالحقة (الخامسة)‪.‬‬
‫فكر العمارة في العراق‪ -‬خالل القرن العشرين‪-:‬‬
‫لقد شخصت الدراسات المتخصصة والعامة ظهور مفاهيم فكرية تميزت بها الساحة‬
‫المعمارية العر اقية خالل القرن العشرين منها مفاهيم التراث والمعاصرة‪ ،‬الهوية والخصوصية‪،‬‬
‫وغيرها من المفاهيم السائدة آنذاك‪.‬‬

‫مفهوم (التراث والمعاصرة)‪-:‬‬


‫إن من المفاهيم الفكرية التي برزت في العراق خالل القرن العشرين‪ ،‬واستمرت خالل‬
‫مراحله المختلفة‪ ،‬وأصبحت الشغل الشاغل للكثير من المفكرين والمختصين بالعمارة‪ ،‬يظهر‬
‫مفهوم (التراث والمعاصرة)‪ ،‬والذي تكاد ال تخلو أي دراسة تناولت العمارة العراقية‪ ،‬وحاولت‬
‫تصنيف التوجهات المعمارية فيها من تناول هذا المفهوم‪ ،‬ونذكر بعضا ً منها فيما يلي‪:‬‬
‫ترى بان العلي تقسيم التوجهات إلى صنفين‪-:‬‬
‫‪-1‬عمارة متأثرة بالعالم الغربي والتوجهات الغربية شكالً أو فكراً‪.‬‬
‫‪-2‬نزعات محلية والتي تحاول استلهام التراث كوجود ثقافي أو فيزيائي وتحويره ليالئم العالم‬
‫المحلي المعاصر‪ ،‬وقد تميزت أما باستخدام العناصر التراثية في التطبيقات‪ ،‬أو استنباط عمارة‬
‫تحمل روح القديم بشكل معاصر‪.‬‬
‫بينما شيرين شيرزاد‪ ،‬تقسمها إلى ثالث توجهات هي‪-:‬‬
‫‪-1‬االتجاه العادي‪(-‬تقليد العمارة األوربية والغربية الوظيفية)‪.‬‬
‫‪-2‬االتجاه المنمق والمشوش‪(-‬االهتمام بتقنية استنساخ األشكال واألنماط من المعالم التراثية)‪.‬‬
‫‪-3‬االتجاه المحلي الحديث‪(-‬التعاطف مع التراث بأسلوب تكنولوجي معاصر)‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وبرز هذا المفهوم كمصطلح يدور حوله الصراع وتتخذ إزاءه المواقف سلبا أو إيجابا"‪ ،‬ممن‬
‫يعتبره مؤثراً حاضراً ال بد من مراعاته في العمارة ويحقق التواصل مع المراحل السابقة‪ ،‬وممن‬
‫يعتبره معيقا ً للتطور والتقدم ومعرقالً لسيرها نحو الحداثة ومواكبة العصر‪.‬‬
‫ولعل الحضور الواضح لهذا المفهوم لم يفارق الفكر العراقي والعربي خالل النصف الثاني‬
‫من القرن العشرين واستمر تأثيره إلى الوقت الحالي‪ ،‬مع اختالف المؤثرات والظروف التي‬
‫وجّهت أسلوب النظر إليه‪ ،‬وتغيرها حسب المراحل‪ ،‬وبالتالي اختالف قوة تأثيره وحضوره فكريا ً‬
‫ومدى انعكاسه محليا ً‪.‬‬
‫وشخص رفعة الجادرجي أربعة اتجاهات في العمارة العربية تمثلت بما يأتي‪-:‬‬
‫االتجاه األول‪ -:‬الذي يهتم بتطوير عمارة ذات خصوصية مصرية ترجع إلى العمارة الريفية‬
‫الطينية بقصد المحافظة على التحدارية (التقاليد) المعمارية وصيانتها– ويعد المعمار المصري‬
‫حسن فتحي المؤسس الفكري لذلك االتجاه في مصر عام ‪.1924‬‬
‫االتجاه الثاني‪ -:‬الذي يهتم باستحداث فن عراقي معاصر باستيعاب الفنون الغربية المعاصرة‪ ،‬وفي‬
‫الوقت نفسه يقتضي ارتباط المعالجات بالتقاليد العراقية‪( .‬وابتدأ هذا االتجاه الفنان جواد سليم في‬
‫العراق مطلع الخمسينات) حيث إن هذا االتجاه يصهر المعاصرة مع المعالم التراثية في كينونة‬
‫واحدة معاصرة مؤقلمة‪.‬‬
‫االتجاه الثالث‪ -:‬الذي يهتم باستحداث هيكل معاصر يطعم بعناصر منتقاة من التراث(استحدث في‬
‫لبنان أواخر الخمسينات وطوره محمد مكية في العراق وروجه)‪.‬‬
‫االتجاه الرابع‪-:‬اعتماد النموذج الغربي والعالمي باعتباره محصلة التقدم المعماري في العالم‬
‫خالصته وال بد من اتباعه‪.‬‬
‫‪-‬مفهوم "التراث" خالل المراحل الخمسة وكاآلتي‪-:‬‬
‫أوالً‪-:‬المرحلة األولى‪( /‬غياب مفهوم التراث)‪-:‬‬
‫إن المتتبع لهذه المرحلة يجد غياب شبه تام لمفهوم "التراث" وغياب ومع ظهور حركات‬
‫وثورات سياسية (كثورة العشرين مثالً)‪،‬إال إن المرحلة لم تشهد ظهور دعوات االستلهام من‬
‫الماضي واحياء التراث (على المستوى الفكري)‪،‬خاصة مع غياب المعماريين العراقيين في هذه‬
‫المرحلة واقتصارها على المعماريين البريطانيين‪ ،‬مع مالحظة حضور الحرفيات في النتاج‬
‫المعماري واستخدام ت فاصيل تراثية وعناصر مقتبسة من العمارة العراقية والعربية القديمة من‬
‫استخدام (األقواس‪ ،‬القباب‪ ،‬واألروقة‪ ،‬إضافة إلى استخدام الطابوق)‪..‬لكن ومع هذا االستخدام إال‬
‫إن المرحلة لم تشهد وعي بحضور التراث أو انتشار هكذا مفهوم أصالً في الساحة الفكرية‪.‬‬

‫ثانياً‪- :‬المرحلة الثانية‪( /‬حضور مفهوم التراث دون اإلشارة الواضحة له)‪- :‬‬
‫مع ما شهدته المرحلة من انتشار فكر الحداثة عالميا ً وانعكاسه محليا ً "خاصة مع عودة‬
‫الجيل األول من المعماريين العراقيين إلى البلد"‪ ،‬فلم تشهد بالمقابل حضور أو وعي لمفهوم‬
‫"التراث" خاصة مع نظرة هؤالء المعماريين إلى العمارة التقليدية والتراثية نظرة سلبية واعتبارها‬
‫(موضة قديمة)‪ ،‬إال إن نهاية المرحلة (خاصة في الخمسينات) شهدت الوالدة الرسمية والشرعية‬
‫لالتجاه القومي‪.‬‬
‫ومع حضور هذا الوعي القومي إال انه لم يشهد حضوراً واضحا ً معمارياً‪ ،‬وغيابه عن‬
‫النتاج‪-‬مع إن التراث ظهر كمفهوم في الفنون مع ظهور جماعات فنية تنادي البحث عن‬
‫الخصوصية المحلية العراقية "تجسد بظهور اكثر من عشرين جماعة فنية آنذاك"‪ ،‬و برزت منذ‬
‫أواسط الخمسينات الحركات الفنية التشكيلية التي تستمد توجهاتها من إحياء الفكر والتراث‬
‫المحلي"‪ ..-‬فنجد محاوالت جواد سليم وفائق حسن في استخدامهم الرموز التي عكست البيئة‬
‫العراقية المحلية‪..‬‬
‫وبعد أن كان الفنان العراقي قبل واثناء الحرب العالمية الثانية ينهج نهج األوربي الطبيعي‬
‫فاالنطباعي‪ ،‬فالوحشي‪ ،‬فالتكعيبي والتجريدي‪ ،‬وينهل منها بعزيمة إنسان متعطش للثقافة فينهلها‬
‫من منابعها ويحاول أن يطاول أساتذته فيها‪ ،‬انكشف له أن بمستطاعه أن يؤلف من عنده‪ ،‬أن يبعث‬
‫تراثه في الفن بعد أن انقطع عنه"‪.‬‬
‫ولذلك فان مفهوم "التراث"‪ ،‬وان شهد حضوراً بسيطا ً في الفنون في نهاية هذه المرحلة‪ ،‬إال‬
‫انه المرحلة لم تشهد إشارة واضحة له خاصة مع انتشار فكر الحداثة‪.‬‬

‫ثالثاً‪ -:‬المرحلة الثالثة‪( /‬ظهور مفهوم التراث – المؤثر القومي)‪-:‬‬


‫يمكن اعتبار هذه المرحلة بداية ظهور مفهوم "التراث" على الساحة الفكرية وبمدى واسع‪.‬‬
‫وكان لظهور تيار القومية العربية في بداية المرحلة (الستينات) الذي كان "ينادي بإعادة توظيف‬
‫العمارة العربية القديمة في المباني المعاصرة‪ ،‬محاوالً إعطاء المدينة العربية شخصيتها الخاصة‬
‫لمواجهة التيار العالمي الذي اخذ يستولي على جل الرموز القديمة في المجتمعات العربية"‪.‬‬
‫وشهدت المرحلة اهتمام واسع بما تعنيه كلمة "التراث" وكيفية عكسها في النتاج المعماري‬
‫فظهرت تجارب معمارية لتجسيده من خالل استلهام الجانب المادي وحضوره عبر العناصر‬
‫التراثية التقليدية‪ ،‬وإلصاقها على األبنية‪ ،‬فيما اعتبرت تجارب أخرى أن مسألة استلهام التراث‬
‫تعني إحياء الجوانب الروحية والتاريخية والقومية منه (كما في الجامعة المستنصرية لقحطان‬
‫عوني)‪.‬‬
‫وعلى الرغم من ظهور مفهوم التراث في هذه المرحلة‪ ،‬إال إن فكر الحداثة ال يزال يمثل‬
‫فكر المعاصرة الذي يجب أن يتبع‪ ،‬لكن مع رؤية تراثية تخص المكان‪ ،‬مما أدى إلى ظهور‬
‫توجهات فكرية تشابه طروحات ‪ -‬كنزوتانكا في اليابان‪ ،‬واوسكار نيماير في البرازيل‪ ،‬والفار التو‬
‫في فنلندا‪-‬أي محاوالت إيجاد عمارة عالمية مؤقلمة‪.‬‬
‫ومع هذا التوجه بدأت تظهر انعكاسات لمفهوم التراث معمارياً‪ ،‬ولكن بصورة بدائية من‬
‫خالل محاوالت استلهام بعض التفاصيل التراثية كـ(األقواس‪ ،‬والزخرفة‪ ،‬إضافة إلى استخدام مادة‬
‫الطابوق)‪ ،‬كما في استخدام قحطان عوني للزخرفة والطابوق في (الجامعة المستنصرية‪-‬‬
‫سنة‪..)1965‬واستخدام رفعة الجادرجي للقوس‪ ،‬والفتحات الصغيرة‪ ،‬ومادة الطابوق كما في (بناية‬
‫مديرية انحصار التبوغ‪-‬سنة‪..)1967‬ومحاوالت محمد مكية في استخدام األقواس ومادة الطابوق‬
‫كما في (جامع الخلفاء‪ -‬سنة ‪،1964‬ومصرف الرافدين‪-‬سنة ‪.)1968‬‬

‫رابعا‪-:‬المرحلة الرابعة‪( /‬الخصوصية‪ ،‬والهوية‪ ،‬العمق الفلسفي لمفهوم التراث‪-‬وظهور‬


‫مفاهيم الخصوصية والهوية‪-‬وطروحات المدرسة العراقية)‪-:‬‬
‫شهدت مرحلة السبعينات والثمانينات انتشار مفهوم "التراث" بمدى أوسع من المرحلة‬
‫السابقة وانتشار ظهور مصطلحات "الهوية‪ ،‬الخصوصية‪ ،‬التراث والمعاصرة‪."..‬‬
‫وبينما اتسمت مرحلة السبعينات بالمغاالة الشكلية الستخدام مفردات التراث المعماري‬
‫واكبها "شيوع تفسيرات ساذجة وبدائية لمعضلة التراث والمعاصرة في العمارة‪ ،‬وانتشار هذه‬
‫التفسيرات ليس في الوسط المعماري فحسب‪ ،‬وانما أيضا ً في أوساط واسعة من المجتمع"‪.‬‬
‫ومما ساعد في انتشار االهتمام بمفهوم التراث في هذه المرحلة ذيوع فكر "ما بعد الحداثة"‬
‫آنذاك والتي تركت أثراً واضحا ً على ممارسات المعماريين العراقيين‪ ،‬خاصة فيما يتعلق ببعض‬
‫توجهات عمارة ما بعد الحداثة في توظيف رموز العمارة الماضية في صميم نسيج التكوينات‬
‫المعاصرة‪.‬‬
‫يُضاف إلى هذا كله ما شهدته البيئة األكاديمية المعمارية من دعوات إحياء التراث‬
‫واستلهامه "حيث عززت المناهج بدروس اهتمت بمواضيع فكرية جوهرية كنظريات التصميم‬
‫المعماري والحضري والتي تناولت موضوع التراث والمعاصرة بمنظور جديد يتعلق بالجانب‬
‫الفكري اكثر من الجانب الظاهراتي لألشكال التاريخية‪ ،‬وذلك بسبب الحاجة إلى إظهار‬
‫الخصوصية والشخصية والطابع المحلي في األعمال المعمارية‪ ،‬والذي تدعمه التوجهات‬
‫المركزية"‪ ،‬خاصة في مرحلة الثمانينات‪.‬‬

‫ومما يالحظ على مفهوم التراث في هذه المرحلة‪-:‬‬


‫أ‪-‬شيوع العمق الفلسفي لفكر التراث‪.‬‬
‫ب‪-‬شيوع مفاهيم الهوية والخصوصية‪.‬‬
‫ج‪-‬ظهور فكرة التضاد والتناقض بين التراث والمعاصرة وظهور كيفية استحداث التكامل بينهما‪.‬‬
‫د‪-‬بداية ظهور طروحات المدرسة العراقية‪.‬‬
‫ولقد شهدت هذه المرحلة الدعوى إلى إحياء التراث بشكل رسمي مدعم بالضوابط الرسمية‬
‫ابتداءاً من ندوة "التراث المعماري والعمارة العربية المعاصرة‪-‬سنة‪ ،"1980‬التي أقيمت في‬
‫بغداد‪ ،‬وصوالً إلى ندوة "الخصوصية الوطنية في العمارة العربية المعاصرة‪-‬سنة‪."1989‬‬
‫وبالتالي فقد شهدت األوساط المعمارية في الثمانينات مناقشات ومناظرات كثير لبحث‬
‫مفهوم التراث‪ ،‬وما يفترض أن يعنيه‪ ،‬وكيف يمكن تطبيقه في العمارة العراقية"‪ ،‬سواء في البحوث‬
‫أو الندوات أو عبر الصحافة المحلية‪ ،‬إضافة إلى هذا كله فقد شهدت هذه المرحلة تنظيم المسابقات‬
‫المعمارية خاصة (مسابقة جامع الدولة الكبير‪ ،‬ومسابقة صرح القادسية)‪.‬‬
‫وما يالحظ في هذه المسابقات من اشتراك معماريين من مختلف الجنسيات‪ ،‬وما يالحظ‬
‫على هذه المسابقات (خاصة مسابقة جامع الدولة الكبير) الطرح الفكري فيها من خالل التأكيد على‬
‫مسألة استلهام التراث والتعامل معه "فقد تميزت المسابقة بخصوصية تكمن في إيجاد حلول‬
‫منطقية لمعضلة معقدة ومتشابكة‪ ،‬بيد إنها ملحة وآنية‪ ،‬وهي قضية فهم واستقراء التراث المعماري‬
‫العربي وتأويله وتفسيره ضمن مقاييس العصر"‪.‬‬
‫ومع دعوات استلهام روح التراث‪ ،‬واالبتعاد عن تقليد األشكال التراثية بصورة ساذجة‬
‫والبحث عن جوهر التراث‪ ،‬إال إن هذا التوجه الفكري لم يوازيه تطبيقا ً وانعكاسا ً في العمارة‬
‫العراقية آنذاك كما هو مالحظ في أبنية الوزارات المنفذة في الثمانينات والتي استخدم فيها بعض‬
‫التفاصيل التراثية ونقلها مباشرة بإلصاقها على الواجهات كما في استخدام األقواس‪.‬‬
‫ولعل ما يجمع المرحلتين (السبعينات والثمانينات) هو النشاط الفكري والتوجه نحو التراث‬
‫المعماري والتي تشخصه غادة موسى رزوقي من خالل‪-:‬‬
‫أ‪-‬الطرح على المستوى النظري وعقد المؤتمرات والندوات والحلقات الفكرية وحلقات‬
‫المناقشات للمشاريع واألعمال المعمارية ومفاهيمها وتوجهات مناهج التعليم المعماري‪.‬‬
‫ب‪-‬ممارسة الصيانة والحفاظ على التراث واعادة تأهيله لوظائف جديدة وسادت النتاجات‬
‫المعمارية ومع الجاتها عدة تجارب في إيجاد الصيغ لربط القيم الماضية بتطلع إلى المستقبل‬
‫وتوظيف التراث المعماري برؤيا معينة تراوحت بين التعبير البسيط الساذج وتجارب‬
‫حقيقية نابعة عن المعرفة والممارسة الذهنية لمنظور الخصوصية من مستويات االستيعاب‬
‫للبيئة الطبيعية الحضارية وتوظيف العناصر التراثية‪.‬‬

‫خامساً‪-:‬المرحلة الخامسة‪(/‬المؤثر الديني في مفهوم التراث‪-‬وظهور مفهوم التحدي)‪-:‬‬


‫شهدت المرحلة اتساع شيوع مفهوم "التراث" من خالل المؤثر الديني‪ ،‬ودوره في توجيه‬
‫فكر التراث مما يالحظ في كثرة الطروحات لدارسي العمارة والمفكرين حول العمارة اإلسالمية‪.‬‬
‫يضاف إلى هذا المؤثر يالحظ استمرار فكر الهوية وكيفية تحقيقها كما يالحظ من‬
‫المؤتمرات والندوات التي عقدت في هذه المرحلة ومنها‪-:‬‬
‫أ‪-‬مؤتمر إشكالية الهوية‪/‬عمان‪-‬سنة ‪.1998‬‬
‫ب‪-‬ندوة "التراث والمعاصرة" ‪ /‬لبنان‪-‬سنة ‪.1998‬‬
‫ج‪-‬مؤتمر قطر‪/‬حول التراث المعماري‪-‬سنة ‪.2001‬‬
‫يُضاف إلى هذا شهدت المرحلة استزادة كبيرة من طرح مفاهيم المدرسة العراقية‪ ،‬مع دعم‬
‫التوجهات المركزية لهذه المفاهيم من خالل الندوات المنعقدة في هذه المرحلة‪ ،‬واالهتمام األكاديمي‬
‫للعمارة العراقية من خالل إدخال درس العمارة العراقية في مناهج األقسام المعمارية‪.‬‬
‫ومع وجود فكر العولمة وسيادته عالميا ً جاء إحياء التراث والتمسك به وتحقيق الهوية‬
‫المحلية لمقاومة هذه التوجهات‪ ،‬وتوظيفه كامالً في معركتنا المقبلة من اجل التقدم‬
‫والحضارة(ظهور فكرة التحدي)‪.‬‬
‫إضافة إلى هذا كله فقد شهدت عدة تجارب معمارية (وبطلبات أرباب العمل) في استلهام‬
‫التراث في دورهم السكنية‪.‬‬
‫ومن هذا يتبين أن مفهوم التراث بلغ اوجه في هذه المرحلة وبعمق فلسفي استمرارا ً‬
‫للمرحلة السابقة فكر الهوية والخصوصية والمدرسة المحلية العراقية‪.‬‬

You might also like