You are on page 1of 90

‫الفهرس‬

‫رقم الصفحة‬ ‫المحتويات‬


‫‪3‬‬ ‫مشكلة البحث‪ ،‬واهدافه ‪............................................................................................................‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪ : 1‬والدته‪ ،‬تعليمه‪ ،‬ومسكنه ‪.......................................................................................................‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪ : 2‬مدخل الى نظريته"الجدلية في العمارة"‪....................................................................................‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪ : 2.1‬المقدمة‪...................................................................................................................‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪ : 2.2‬المطلب االجتماعي في العمارة ‪...................................................................................‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪ :2.3‬التقنية في العمارة ‪.....................................................................................................‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪ : 2.4‬التناقض الجدلية في العمارة‪.........................................................................................‬‬
‫‪13‬‬ ‫‪ : 2.5‬الشكل‪..................................................................................................................‬‬
‫‪16‬‬ ‫‪ : 2.6‬دور الفرد في تكوين الشكل‪.....................................................................................‬‬
‫‪20‬‬ ‫‪ : 2.7‬الطراز وحركة الشكل ‪.............................................................................................‬‬
‫‪33‬‬ ‫‪ : 2.8‬تقييم العمارة‪.........................................................................................................‬‬
‫‪42‬‬ ‫‪ : .3‬اسلوبه في التصميم وامثلة على توظيفه في العمارة‪................................................................‬‬
‫‪43‬‬ ‫‪ : 3.1‬مصرف الرافدين‪.....................................................................................................‬‬
‫‪44‬‬ ‫‪ : 3.2‬بناية البريد المركزي‪................................................................................................‬‬
‫‪46‬‬ ‫‪ : 3.3‬مبنى اتحاد الصناعات الوطنية‪..................................................................................‬‬
‫‪47‬‬ ‫‪ : 3.4‬مبنى مجلس الوزراء‪.................................................................................................‬‬

‫‪1‬‬
‫‪48‬‬ ‫‪ : 4‬مشاريعه المعمارية‪..............................................................................................................‬‬
‫أ‬
‫‪48‬‬ ‫‪ : 4.1‬مبنى اال كاديمية العلمية العراقية‪................................................................................‬‬
‫‪54‬‬ ‫‪ : 4.2‬مجمع الحساوي السكني ‪ -‬الكويت‪.............................................................................‬‬
‫‪60‬‬ ‫‪ : 4.3‬منزل عائلة الحمد – الكويت‪................................................................................... -‬‬
‫‪64‬‬ ‫‪ : 4.4‬مسجد سراج الدين‪..................................................................................................‬‬
‫‪66‬‬ ‫‪ : 4.5‬منزل حسن الكرباسي ‪ -‬العراق‪....................................................................................‬‬
‫‪69‬‬ ‫‪ : 4.6‬بناية القرباجي – الموصل(العراق)‪..............................................................................‬‬
‫‪74‬‬ ‫‪ : 4.7‬منزل رفعت الجادرجي‪...............................................................................................‬‬
‫‪78‬‬ ‫‪ : 5‬اعماله الفنية‪......................................................................................................................‬‬
‫‪78‬‬ ‫‪ : 5.1‬نصب الجندي المجهول‪..............................................................................................‬‬
‫أ‬
‫‪81‬‬ ‫‪ : 5.2‬مبنى الشركة الوطنية للتامين ‪......................................................................................‬‬
‫‪83‬‬ ‫‪ : 5.3‬قواعد نصب الحرية‪....................................................................................................‬‬
‫‪84‬‬ ‫‪ : 5.4‬مرقد االمام الكاظم‪.....................................................................................................‬‬
‫‪85‬‬ ‫‪ : 5.5‬برج جزيرة بغداد السياحية‪.........................................................................................‬‬
‫‪86‬‬ ‫‪ : 5.6‬واجهة منزل الشكرجي‪................................................................................................‬‬
‫‪87‬‬ ‫ملخص البحث ‪.......................................................................................................................‬‬
‫‪88‬‬ ‫المالحق ‪..............................................................................................................................‬‬
‫‪89‬‬ ‫المراجع ‪................................................................................................................................‬‬

‫‪2‬‬
‫مشكلة البحث‪ ،‬وأهدافه‬

‫مشكلة البحث ‪ :‬تتمحور مشكلة البحث عن الجدل بين فكرين متناقضين‪ ،‬فكرة التصميم الحداثي‪ ،‬وفكرة‬
‫التصميم بالطراز التقليدي‪ ،‬حيث يرى المنهج األول ضرورة االستعاضة عن الفكر التقليدي في البناء‪،‬‬
‫وتشييد المباني بأسلوب‪ ،‬حداثي‪ ،‬ويرى نقيضه ضرورة المحافظة على الطراز التقليدي في البناء‪،‬‬
‫واالستغناء عن فكرة التصميم الحداثي‪ ،‬فهل هناك معالجات معمارية بين البينين؟ بحيث يتم التصميم بطريقة‬
‫حداثية‪ ،‬لكن دون نسف الطراز التقليدي للبلد‪ ،‬وهويته المعمارية‪ .‬هذا ما سنتعرف عليه بعد االطالع على‬
‫األسلوب المعماري للمعمار رفعة في تصميم األبنية‪.‬‬

‫الهدف من البحث‬

‫‪ . 1‬الهدف الرئيسي ‪ :‬دراسة في نظرية "جدلية العمارة" وأثرها في تطور العمارة‪.‬‬

‫‪ . 2‬األهداف الفرعية ‪ :‬معرفة طرز البناء التقليدية في العالمين العربي واالسالمي‪ ،‬وكيفية توظيفها في‬
‫قالب حداثي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫والدته‪ ،‬تعليمه‪ ،‬ومسكنه‬

‫رفعت الجادرجي‪ :‬معماري وفنان تشكيلي عراقي ولد في ‪ 1926‬في مدينة بغداد‪ ،‬حصل على جائزة‬
‫أغاخان للعمارة في عام ‪.1986‬‬

‫هو أحد الشركاء في مكتب االستشاري العراقي الشهير في بغداد‪ .‬ومن أعماله مبنى االتحاد العام للصناعات‬
‫ومبنى نقابة العمال والبدالة الرئيسية في السنك والبرلمان العراقي‪.‬‬

‫له أعمال فنية أخرى فهو المصمم للقاعدة التي علق عليها الفنان جواد سليم نصب الحرية في ساحة‬
‫التحرير ببغداد كما أنه قام بتصميم نصب الجندي المجهول األول في الستينات من القرن العشرين في ساحة‬
‫الفردوس‪.‬‬

‫إن رفعة الجادرجي قد وصل بالعمارة التقليدية "التحدارية" كما يطلق عليها إلى المستوى الشكلي التجريدي‪،‬‬
‫فأصبح ينظر إليها كمنحوتة فنية لها خصائص تقليدية مجردة حسب مفهومه‪ ،‬لكنه لم يتعامل مع الفراغ‬
‫المعماري بتلك النظرة التحدارية أو بتلك الخلفية التقليدية ‪ ،‬فعندما نشاهد مساقطه األفقية نجد أنها في كثير‬
‫من األحيان تكون مساقط أفقيه مستوحات من الحداثة‪ .‬وهو مقيم حاليا ً في لندن‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫مقال‪ :‬رفعة الجادرجي جدار بين ظلمتين‬

‫‪4‬‬
‫مدخل نحو جدلية العمارة‬

‫المقدمة‬
‫ان تاريخ العمارة في جوهره عبارة عن تطور التناقض بين المطلب االجتماعي وبين المرحلة التقنية للحقبة‬
‫الزمنية المعينة‪.‬‬

‫فالعمارة هي العلم الذي يتناول مطلبا ً معيناً‪ :‬انه ال يتناول مثالً مسألة المأكل أو الملبس بل يعالج مسألة‬
‫التسقيف أو مسألة التحويط بنحو أو بآخر‪ ،‬لحاجات اجتماعية تكيفت بعصرها‪.‬‬

‫زد على ذلك أن العمارة هي العلم الذي يتناول البناء الفوقي االجتماعي‪ ،‬بل هي جزء من ذلك البناء‪ ،‬تدعمه‬
‫وتمنحه دورا ً معيناً‪.‬‬

‫"وبالتالي من الواضح ان للعمارة وجهين‪ ،‬األول الوجه المادي لكون العمارة مادة حقيقية قد انتجت‪ ،‬لذا فانها‬
‫جزء ال يتجزأ من االنتاج العام‪ .‬والثاني الوجه المعنوي ألن العمارة‪ ،‬بصفتها جزء من البناء الفوقي‬
‫االجتماعي‪ ،‬تكون جانبا ً مهما ً في تفكير العصر‪ .‬فمن الضرورة بمكان‪ ،‬عند النظر الى فحوى العمارة‪ ،‬تناول‬
‫كال الوجهين‪ .‬فاذا أغفلنا أحدهما يكون التنفيذ في العمارة أحادي الجانب‪ ،‬وغير متكامل‪ .‬والبد من التأكيد هنا‬
‫أن هذين الوجهين كليهما هما في الحقيقة وجهان لنفس الظاهرة االجتماعية التي نحن بصددها وهي‬
‫‪2‬‬
‫العمارة"‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الجادرجي‪،‬رفعة‪ .‬شارع طه وهامرسمث‬

‫‪5‬‬
‫المطلب االجتماعي في العمارة‬
‫يضم المطلب االجتماعي نوعين من المكونات‪ :‬األول‪ ،‬المكون المادي الوظيفي‪ .‬والثاني‪ ،‬المكون الفكري‬
‫الذي هو جزء من البناء الفوقي االجتماعي‪ ،‬أي جزء من الفن المتعاصر‪.3‬‬

‫أما الناحية األولى‪ ،‬الوظيفية‪ ،‬فهي تشمل مختلف مرافق الحياة االجتماعية والتي تنسق العالقة بين انسان‬
‫وآخر‪ ،‬بما في ذلك العالقات النفعية في توزيع الحيز‪ ،‬حسب األسباب الطبقية أو االنتاجية وما أشبه مما‬
‫يدخل في تنظيم وظائف الحيز‪.‬‬

‫يضاف الى ذلك وبشكل مواز‪ ،‬تنسيق العالقة بين االنسان والطبيعة‪ ،‬بما في ذلك النواحي البيئية في حماية‬
‫االنسان من العوارض الطبيعية والمناخية ‪...‬الخ‪ .‬أو النواحي األمنية في أسلوب الحماية كاالحتياط ضد‬
‫انتهاك الحرمات والتحصن ضد الغزو‪....‬الخ‬

‫ان العملية االنتاجية لصناعة حذاء مثالً تتطلب حيزا ً وعالقات لحركة المادة وحركة العامل تختلف عن تلك‬
‫العملية االنتاجية لصنع قارورة زجاجية‪ ،‬كذلك فان الحيز في دار فالح يتعايش مع مخازن الغالل أو زرائب‬
‫الحيوان يختلف كليا ً في مساحته وعالقاته عن دار حرفي في المدنية‪.‬‬

‫"أما الناحية الثانية‪ ،‬وهي الفكرية المتعاصرة مع مجتمع ما فهي على نوعين أيضاً‪ .‬هناك عالقة االنسان‬
‫بالطبيعة وتشمل موقفه من العبادة‪ ،‬وتطلعاته واعجابه بجمال الطبيعة‪ .‬فالعبادة تتطلب وضع الصنم في‬
‫الطليعة‪ ،‬كذلك تتطلب عبادة االله في معبد مشمس مثالً أو مظلم‪ ،‬أو في معبد مقصور على النخبة‪ .‬ولكل من‬
‫هذه المعابد جوه التعبدي الخاص‪ .‬وهناك في الجانب اآلخر عالقة االنسان باالنسان وتتضمن النواحي‬
‫العائلية والطبقية واألمنية وتتجلى مثالً في العزل الروحي أو الفخفخة أو االبراز وغير ذلك من المظاهر‬
‫‪4‬‬
‫االجتماعية الروحية‪".‬‬

‫الجاردجي‪ ،‬رفعة‪ .‬في سببية وجدلية العمارة‬


‫‪3‬‬

‫الجاردجي‪ ،‬رفعة‪ .‬األخيضر والقصر البلوري‬


‫‪4‬‬

‫‪6‬‬
‫التقنية في العمارة‬
‫ال جدوى من سؤالنا لماذا انتجت عمارة ما اذا لم نسأل كيف انتجت؟ والمسألة هي ليست فقط كيف انتجت‬
‫العمارة؟ ولكن‪ ،‬وعلى وجه التأكيد‪ ،‬ما هو األسلوب الذي استخدم في تلبية المتطلبات؟ والى أي درجة تم‬
‫تحقيق ذلك؟ يجب اال نكتفي مثالً بالتساؤل عن كيف بنيت أهرامات مصر القديمة؟ فقد كان بناء األهرام‬
‫مطلباً‪ ،‬وذلك نتيجة تفاعل متطلبات اجتماعية‪ ،‬وعلينا أن نتعرف الى أي درجة تمت تلبية ذلك المطلب بكل‬
‫أبعاده‪ .‬والسؤال الذي يلي هو‪،‬اذن‪ ،‬عن الجهد المتفق في تلبية الطلب وأسلوب التلبية‪ .‬بعبارة أخرى يجب أن‬
‫نتساءل ما هي األساليب العملية والتقنية التي استنفدت في تحقيق ذلك المنشأ‪ ،‬وما الذي تطور منها في انشاء‬

‫ذلك المنشأ بالذات؟ أي الى أي درجة ثم استفاد المكنة التقنية المتعاصرة‪.‬‬


‫‪5‬‬
‫ان للمرحلة التقنية المتعاصرة ثالثة جوانب‪:‬‬

‫‪ . 1‬الخواص الطبيعية للمادة‪ ،‬أي الخواص الكيميائية‪/‬الفيزيائية‪ .‬فلكل مادة خواصهافي التحمل ومقاومة الثقل‬
‫وفي االستعمال فضالً عن العوامل الطبيعية وما يساعد على ظهور مزاياها الجمالية‪.‬‬

‫‪ .2‬اكتشاف االنسان لهذه الخواص ومدى تجربته العملية في استنفاد اكتشافه والذي يتمثل في المعرفة‬
‫الموضوعية للطبيعة‪.‬‬

‫‪ .3‬وانعكاس معرفة المكنة االجتماعية على تسخير هذه المعرفة وعلى تجربتها‪ .‬والمسألة تعتمد على الوضع‬
‫االقتصادي‪ ،‬السياسي لذلك المجتمع في ظروف تطوره االجتماعي‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬في سببية وجدلية العمارة‬

‫‪7‬‬
‫التناقض الجدلي في العمارة‬
‫ا ن العالقة بين المطلب االجتماعي وبين مرحلة التقنية ليست هي عالقة دائمة االنسجام واالنسياببل انها قد‬
‫تتحول الى عالقة متناقضة وعلى نحو متبادل بين االثنين‪ ،‬معقدة التركيب شديدة التشابك‪.‬‬

‫فالتناقض بين االثنين‪ ،‬عندما يحصل‪ ،‬هو اذن حصيلة تلك الظاهرة عند حصول تغيير أو تعديل أو تطور في‬
‫أحد الطرفين أو كليهما‪ ،‬ولكن كيف يحدث أو يستحدث هذا التناقض؟‬

‫"فلنأخذ أحد قطبي التناقض وهو المطلب االجتماعي‪ .‬ان هذا المطلب ال بد من تحقيقه أو اشباعه ألنه بحد‬
‫ذاته عبارة عن رغبة أو نزوة ابتداء‪ ،‬الى أن يتبلور ويصبح من الضروري تلبيته وتحويله من فكرة الى‬
‫حيز الوجود‪ ،‬وذلك بتحويله الى مادة حقيقية لها كيانها الموضوعي‪ .‬فاذا استطاعت التقنية المتعاصرة مع‬
‫المطلب من اشباع حاجته تبقى العالقة عندئذ غير متناقضة بين القطبين وتظل عالقة مستكنة‪ .‬ويمكن القول‬
‫في هذه الحالة ان هذا الوضح المستكن هو حصيلة تلك العالقة المتوازنة بين االثنين‪ .‬والمقصود بالمتوازنة‬
‫هنا هو استطاعة التقنية من اشباع المطل بدو نحدوث خذالن في قدرتها على االستجابة وعلى االشباع‪ .‬فكلما‬
‫تكرر المطلب تكررت العملية االنتاجية‪ ،‬بهدوء وتوازن فيجري اشباع الحاجة المتكررة بنفس الطرق التقنية‬
‫‪6‬‬
‫وعلى نفس الوتيرة‪".‬‬

‫ولكن المطلب االجتماعي هو حصيلة وضع اجتماعي معين‪ ،‬انه ليس شيئا ً خياليا ً مجرداً‪.‬‬

‫وكذلك األمر مع التقنية المتعاصرة معه‪ ،‬فهي قد تكون الوجه اآلخر للمجتمع‪ ،‬بل أكبر من من هذا فان‬
‫المطلب والتقنية يتفاعالن أحدهما مع اآلخر ويولد أحدهما اآلخر‪ .‬بل ان أحدهما الزمة لوجود اآلخر‪،‬‬
‫وكالهما عبارة عن حصيلة لذلك التفاعل بين ذاتية االنسان الفرد وبين المجتمع‪ .‬وهما (الفرد والمجتمع) في‬
‫تفاعل مستمر سواء منفردا ً أو مجتمعاً‪ ،‬مع الطبيعة بصفتها تكون العالم الخارجي‪.‬‬

‫وبما أن الوضع االجتماعي ال يستمر مدة طوية في وضع مستكن‪ ،‬ب لهو في حال مستمر من التعديل‬
‫والتغيير مهما كانت ضآلته‪ ،‬فان تراكم وتشابك هذه التعديالت والتغييرات في المجتمع تصل الى درجة من‬
‫التفاقم بحيث يحدث معها تغيير نوعي‪ .‬وهذا التغيير النوعي في المجتمع يؤدي الى ظهور حاجة جديدة‬
‫تتبلور بشكل مطلب اجتماعي جديد ال بد من تحقيقه واشباعه‪.‬‬

‫ثم‪ ،‬كما أن التقنية القديمة كانت متعايشة مع المطلب القديم أصبحت كذلك مثله في وضع مستكن‪ ،‬انما هي‬
‫تقنية قد تكونت أصالً لتتعايش متزامنة مع ذلك المطلب ولغرض اشباعه بالذات‪ .‬فاذا ما حدث التغيير في‬
‫المطلب فان التقنية تصاب عندئذ بالخذالن‪ ،‬أي أنها ال تعود قادرة على اشباع المطلب بالدقة‪ ،‬أو الجودة‪ ،‬أو‬
‫الكفاءة‪ ،‬المناسبة التي كان على مكنة التقنية أن تؤديها ازاء المطلب المتطور الجديد‪ .‬وقد يتفاقم هذا األمر‬
‫الى درجة تصاب فيه التقنية بالشلل التام‪ .‬فيؤدي ذلك الى توتر بين المطلب والتقنية التي هي وسيلة تلبية‬

‫‪6‬‬
‫الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬األخيضر والقصر البلوري‬

‫‪8‬‬
‫فيحدث التناقض‪ .‬وبهذا تعتبر التقنية في العرف االجتماعي متخلفة فتصبحبمثابة العائق أمام تبلور وضع‬
‫‪7‬‬
‫اجتماعي متجانس‪.‬‬

‫ان حصيلة هذا التناقض هو توليد شكل جديد نسبياً‪ ،‬لكن عدم التجانس يستمر‪ ،‬والتوتر يستمر‪ ،‬الى أن تبلغ‬
‫الثغرة بين المطلب الجديد وبين االلحاح االجتماعي في اشباعه حدا ً يصبح فيه التناقض نفسه حاداً‪ .‬عندئذ‬
‫يكون ال بد من حل لهذا الوضع المعين لتطور المجتمع‪ .‬فيتفجر التطور الحاصل وذلك بحصول تعديل‪ ،‬أو‬
‫تغيير‪ ،‬أو تطوير‪ ،‬في التقنية‪ ،‬األمر الذي يؤدي بدوره الى وضع االستكنان النسبي الذي بدأنا به‪.‬‬

‫لكن العالقات االجتماعية ليست بهذه البساطة والسطحية‪ ،‬أو السذاجة‪ ،‬فالتقدم التقني‬

‫يفيض أحيانا ً من الحاجة النسبية‪ ،‬وهو تقدم يحوي طاقات كامنة ستكون هي بدورها محفزا ً للتغيير‬
‫االجتماعي‪ .‬فيتراكم التغيير ويتشابك مع عوامل أخرى‪ ،‬مرة بعد أخرى‪ ،‬الى ان يتبلور بمطلب جديد‪.‬وهكذا‬
‫نجد هذه الدورة بحركة دائمة من نقيض الى اخر‪ ،‬ومن تغيير الى آخر بحيث يبدو ان االستكنان المفترض‬
‫في بداية البحث هو استكنان غير حقيقي‪ ،‬وان حصوله هو شيء نسبي‪ ،‬فاذا ما حصل ودام هذا االستكنان‬
‫أدى ذلك الى تداع‪ ،‬يكون بدوره أحد العوامل المهمة في تدهور المجتمع نفسه‪ ،‬وزواله‪ ،‬واستبداله‪ ،‬بمجتمع‬
‫آخر‪.‬‬

‫فلنضرب لذلك مثلا‪:8‬‬

‫فعندما جرى تحسين على نول الحياكة في أواخر القرن الثامن عشر في انكلترا أصبح المغزل متأخرا ً نسبياً‪.‬‬
‫واستمر هذا الوضع المتناقض الى أن تم اختراع ماكنة الغزل‪ .‬وهذه بدورها جعلت عملية الحياكة مشوبة‬
‫بالمعوقات الى أن اخترع نول كارترايت –أي التوازن الكمي في انتاج الحياكة في انتاج الغزل الرخيص‬
‫والمبتذل‪ -‬وأصبحت الحياكة ممكنة دون عائق‪ .‬على أن هذه التطورات وأمثالها في حقول الصناعة األخرى‬
‫أدت بدورها الى اعادة النظر في أسلوب نقل البضائع المصنع‪ ،‬مما أحدث تغييرا ً في وسائل النقل من‬
‫العربات الى المراكب الشراعية ثم الى قاطرات السكة الحديد فالسفن البخارية‪.‬‬

‫ان هذه التغييرات المنطوية على التقدم في االنتاج تطلبت حيزا ً واسعا ً في البناء‪ ،‬دون عرقلة من األعمدة‬
‫مثالً‪ ،‬كما أن سعة مواقع االنتاج وتكثيفه تطلبتا الوقاية من الحريق مثالً‪ ،‬فأدى ذلك الى تغيير جذري في‬
‫البناء باستعمال الحديد الصب الذي أتاح بدوره توفير حيز أكبر نسبياً‪ ،‬في حين لم يكن الخشب يوفر ذلك‬
‫قضالً عن مخاطر الحريق‪ .‬وهكذا فبتحسين وسائط النقل وباستعمال الحديد جرى بناء الجسور كثيرا ً سوا‬
‫على األنهر العريضة أو كقناطر على الترع لتلبية متطلبات السكة الحديدية‪ ،‬وكان حديد الصب‪ ،‬وكذلك‬
‫األساليب المتقدمة والمتطورة من العوامل التي لعبت دورها في ايجاد الحلول للمشاكل التقنية بالذات‪.‬‬

‫هناك في الوقت نفسه تناقضات ثانوية‪ .‬فبسبب استخدام الحديد كمادة بنائية يتم الحصول على باعات أوسع‬
‫نسبياً‪ .‬وبما أن ثقل البناء قد انتقل من الجدران الى المساند أصبح من الممكن توسيع النوافذ‪ .‬فخدم بذلك فيما‬
‫‪7‬‬
‫الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬في سببية وجدلية العمارة‬

‫‪8‬‬
‫الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬شارع طه وهامرسمث‬

‫‪9‬‬
‫خدم أغراضا ً صحية‪ .‬ورافق هذا تطوير مهم في انتاج الزجاج بحيث توسعت أحجام الواحه‪ ،‬وانخفضت‬
‫أسعاره‪ ،‬فأدى هذا التطور التقني الى توسيع حجم الشبابيك‪.‬‬

‫فينبغي لنا عند دراسة العمارة‪ ،‬أو دراسة الفن بشكل عام‪ ،‬أخذ هذه التناقضات بين المطلب والتقنية بنظر‬
‫االعتبار‪ ،‬سواء كان ذلك فيما يتعلق ببناء جسر أو معمل أو دار سكن‪ ،‬بل حتى فيما يتعلق برسم لوحة زيتية‪.‬‬
‫فقد أدى تقدم العقالنية في عصر النهضة الى تطوير الرسم مثالً نحو الشكل الطبيعي‪ ،‬فأصبح اكتشاف‬
‫وتطوير المنظور من الضروريات االجتماعية الملحة التي تمت تلبيتها عن هذا الطريق التقني المتقدم‪ .‬ثمة‬
‫مثل آخر عن المسيحيين األوائل فانهم كانوا قد استعاروا تقنية المزجج الروماني لتصاويرهم الدينية‪ .‬لكن‬
‫التصوير الطبيعي للروما لم يشبع رغبة المسيحيين الروحانية في تصور المسيح‪ .‬لذلك جرى تعديل جذري‬
‫على أسلوب التصوير‪ .‬وهكذا تم استحداث وتطوير الفن المسيحي في المزجج‪ .‬فاستخدم في تصوير الوجوه‬
‫الروحانية‪ ،‬ونظرات عيونها غير الطبيعية‪ ،‬ونسب أحجام األشخاص أحدهم لآلخر‪ ،‬ونسب أحجامهم الى‬
‫الحيوانات المصغرة‪.....،‬الخ‪ .‬كانت كل هذه عبارة عن أساليب تكوينية في التصوير الرواء العاطفة‬
‫الروحانية لدى المسيحيين األوائل‪.‬‬

‫ويستخلص من كل هذا ما يلي‪:9‬‬

‫‪ .1‬ان هذه التطورات واالختراعات المشار اليها باقتضاب لم تكن‪ ،‬وال يمكن أن تكون‪ ،‬من عمل فرد واحد‬
‫معين‪ ،‬بل هي حصيلة تفاعالت اجتماعية‪ ،‬وتغييرات وتحوالت جدلية مستمرة ومتنقلة من مجتمع آلخر‪.‬‬
‫وعليه فان مثل التطورات هذه هي التي تكون تاريخ العمارة‪ ،‬والعمارة بهذا الصدد ليست سوى احدى‬
‫الظواهر االجتماعية‪.‬‬

‫‪ .2‬ان المطلب االجتماعي النفعي يتبلور فيصبح مطلبا ً ملحا ً الى أن تتم تلبيته واشباع حاجته بانتاج شكل‬
‫جديد‪ .‬لكن هناك مطالب أخرى غير نفعية غير ملموسة‪ ،‬وغير واضحة‪ ،‬وهي تلك المطالب التي تنطوي‬
‫على حاجة عاطفية اجتماعية كنزعة التعبد أو الرغبة في تجميل األشياء‪ ،‬وان هذه تتبلور كذلك فتصبح‬
‫مطالب ملحة الى أن تتم تلبيتها واشباع حاجتها بانتاج مادي حقيقي‪ .‬ومن هنا تنشأ العمارة والفنون التشكيلية‬
‫األخرى والموسيقى‪...‬الخ فاذا نظرنا الى العمارة ينبغي أن ننظر اليها اذا ً على أنها جزء من الحس العاطفي‬
‫االجتماعي‪ ،‬وان كانت في في ذات الوقت جزءا ً من االنتاج المادي الحقيقي‪.‬‬

‫‪ . 3‬عندما يتحقق المطلب االجتماعي ويتجسد في العمارة فان األمر ال ينتهي عند هذا الحد‪ ،‬بل أن العمارة‪،‬‬
‫كشيء مادي ظاهر للعيان‪ ،‬وتكمن فيه عاطفة اجتماعية‪ ،‬تقوم بدورها في صقل وتهذيب هذه العاطفة‬
‫االجتماعية‪ ،‬مؤثرة فيها تأثيرا ً مستمراً‪ .‬ان كل من دخل في كاتدرائية شارتر منذ بنائها في القرن الثالث‬
‫عشر حتى اليوم‪ ،‬يحس بهذا التأثير على عاطفته‪ .‬ويحابه في ذلك الحرم المهذب نورا ً منبعثا ً من مائة‬
‫وثالثين نافذة ذات الزجاج الملون‪ ،‬كما لو فتحت أبواب السماء على االف من أقواس قزح روحانية‪ ،‬فتبهت‬
‫الناظر وكأنه على عتبة اسطورية يقف فيها الضياء وقوف األزل! ان العمارة ليست مجرد تجسيد الفكرة بل‬
‫هي تكون مؤثرات الفكر وتخلق العاطفة في المجتمع وتديمها‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬في سببية وجدلية العمارة‬

‫‪10‬‬
‫‪ .4‬وأخيرا ً يستنتج بأن التناقض الجدلي‪ ،‬أو عملية تكوين الشكل‪ ،‬يمكن فرزها الى مرتبتين‪ :‬المرتبة‬
‫العامة‪/‬الشاملة‪ ،‬أو (الكلية)‪ .‬والمرتبة الخاصة‪/‬الجزئية‪ .‬ومن البديهي منطقيا ً ان الجزئيات تكون الكليات‪ .‬فان‬
‫كل مرحلة معمارية عامة تتجزأ الى مراحل خاصة جزئية كما أن مجموعها يكون المرحلة المعمارية العامة‬
‫ذاتها‪.‬‬

‫ولنضرب لذلك مثالً بالتطور المعماري في أدواره العامة في أوروبا‪.‬‬

‫ان أهم تلك األدوار هي على التوالي‪:‬‬

‫الدور االغريقي‪ ،‬ثم الروماني‪ ،‬ويعقبه المسيحي المبكر‪ ،‬ثم الرومانسكي‪ ،‬فالقوطي ويعقبه دور عصر‬
‫النهضة وهكذا‪.‬‬

‫ان كل مرحلة من هذه المراحل هي حصيلة تفاعل تناقضي جدلي ورئيسي بحيث يتالشى دور ويحل محله‬
‫دور آخر‪ .‬وقد كان لكل منها مطل باجتماعي عام تفاعل مع التقنية المعاصرة له‪ ،‬بحيث تفاقم التوتر الجدلي‬
‫فولد الطراز ونشطه خالل عصره الى أن تغير المجتمع تغيرا ً جذرياً‪ .‬كذلك كان الحال بالنسبة للتقنية ذاتها‪.‬‬
‫الى أن أصاب المجتمع بالخذالن فانخذل معه المطلب والتقنية فأبدل الطراز بآخر‪ ،‬وهكذا دواليك‪.‬‬

‫على ان لكل طراز من الطرز تفاصيل وأجزاء‪ ،‬فالعصر القوطي في انكلترا مثالً قد كان مر بأربعة أدوار‬
‫وهي على التوالي‪:‬‬

‫االنكليزي المبكر (القرن الثالث عشر للميالد)‬

‫المزخرف (القرن الرابع عشر للميالد)‬

‫الشاقولي (القرن الخامس عشر للميالد)‬

‫التيودوري (النصف األول من القرن السادس عشر للميالد)‬

‫ولكنه حتى هذه الفترات الجزئية قد مرت هي ذاتها بحقب تفصيلية‪ .‬فالدور االنكليزي المبكر مثالً قد مر فما‬
‫يتعلق بالنافذة‪ ،‬كتفصيل جزئي بالحقب التالية‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫‪10‬‬

‫النافذة المنفردة الرمحية‬

‫النافذة المزدوجة أو المجمعة الرمحية‬

‫النافذة المتوجة القوس بلوح مشجر الزخرفة‬

‫النافذة المتوجة القوس بقضيب مشجر الزخرفة‬

‫ان هذه الحقب التفصيلية كانت حصيلة تفاعالت جدلية في التفاصيل ذاتها‪ ،‬بالتزامن مع تفاعالت أخرى‬
‫داخلية جارية ضمن المرحلة األعم‪ ،‬األوسع منها‪ .‬فمثالً خالل حقبة استخدام النافذة الرمحية‪ ،‬كانت هناك ثمة‬
‫عالقات متبدالة متناقضة تؤثر الواحدة باألخرى‪ ،‬وبتغيرها تصبح حافز لتغيير جديد‪ ،‬وهكذا دواليك‪ .‬فحقبة‬

‫النوافذ في العهد الرومانسكي‪ -‬الجادرجي‪،‬رفعة‪ .‬شارع طه وهامرسمث‬


‫‪10‬‬

‫‪12‬‬
‫الشباك الرمحي تزامنت مع العقد المستدق الذي كثف مركز األثقال على عدد أقل من األكتاف وفسح المجال‬
‫لتوسيع النافذة فتطورت الى دور االنكليزي المزخرف‪ .‬وقبل هذا وبسبب ضرورة توسيع النافذة ضعفت‬
‫األكتاف فاسندت بالزوافر‪ .‬وعند استحداث الزافرة تحرر الباع كليا ً وأصبحت النافذة تمأل كامل المسافة بين‬
‫األكتاف وهكذا دواليك‪.‬‬

‫اذاً‪ ،‬التفاعالت الجدلية تجري ضمن مرتبتين نوعيتين‪ ،‬معاً‪ ،‬في نفس الوقت‪ .‬انها تجري ضمن تسلسل‬
‫التطور العمودي في مراحله العامة الكلية كما تجري في نفس الوقت‪ ،‬ضمن تسلسل التطور األفقي في‬
‫المراحل الخاصة الجزئية (كما في تطورات النافذة)‪ .‬فالتفاعل األول أي العمودي‪ ،‬ينقل الطراز الى طراز‬
‫آخر‪ ،‬من االغريقي الى الروماني مثالً‪ ،‬والتفاعل اآلخر‪ ،‬أي األفقي‪ ،‬يجري بين جزء وجزء ضمن امتداد‬
‫الطراز العمودي‪ ،‬أي يتمخض عن تطلعات طرازية أفقية ضمن المرحلة العمودية لتطور الطراز فتطور‬
‫مختلف نسف األعمدة وتيجانها في العمارة االغريقية مثل واضح‪ ،‬وتطور النافذة الرمحية المنفردة الى‬
‫المزدوجة ومن ثم الى المتوجة القوس مثل آخر‪.‬‬

‫الشكل‬
‫ان للمطلب االجتماعي وظيفتين‪ :‬نفعية وأخرى عاطفية‪ .‬والمقصود بالنفعية تلبية الحاجات المادية واشباعها‪،‬‬
‫فاذا أخذنا دار سكن سنجد حيزا ً للجلوس وآخر للنوم وآخر للطهي‪ ،‬وان أخذنا مثالً معمل أحذية فسنجد حيزا ً‬
‫للخزن وحيزا ً لالنتاج ولالدارة‪ ..‬وهذه األحياز متباينة بسبب اختالف الوظيفة النفعية‪.‬‬
‫لكن الوظيفة ال تقتصر على ذلك فان أخذنا مثالً معبدا ً من معابد من معابد المصريين القدماء سنجد حيزا ً‬
‫لمرقد االلهة وحيزا ً للكهنة‪...‬الخ‪ ،‬على أنه اضافة للوظائف النفعية هناك وظيفة عاطفية تتمثل في الخشوع‬
‫لاللهة وعبادتها والتضرع اليها‪.‬‬

‫والعمارة تعكس هاتين الوظيفتين‪ ،‬فكاتدرائية نوتدرام (مثال) جلي على ذلك‪ ،‬ان الصحن الوسطي يرتفع‬
‫ويتصاعد شامخاً‪ ،‬تحيط به األجنحة مثنى في باع بارتفاع أقل ‪ .‬هذه العالقة بي "المرتفع المضيء وبين‬
‫الواطىء المعتم بعض الشيء" ثم الصحن الوسطي‪ ،‬حيث تجلت فيه القوة الدافعة الى أعلى والقوة الجانحة‬
‫نحو الشرق(مكان المذبح)‪ ،‬كل هذا يقابله كالنقيض السكون‪ ،‬الضوء الخافت‪ ،‬االرتفاع المتواضع لألجنحة‬
‫المحيطة بالصحن فتوحي بالهجوع‪ ،‬هذه العالقة تعمل عملها في النفس بصورة ال تكاد تحس‪ ،‬فتؤكد العاطفة‬
‫نحو المعبود‪ .‬كما في الكاتدرائية‬

‫‪13‬‬
‫‪11‬‬

‫مثال(‪ :)2‬كاتدرائية تشارتر‪ :‬فنجد احاطة الصحن باألجنحة ليس بسبب تلبية ظيفة نفعية تخص اجالس‬
‫المصلين عند تالوة الموعظة فاألمر أكبر من ذلك‪ ،‬األمر يوحي بالعاطفة المتأججة والخيال الروحي‬

‫‪11‬‬
‫كاتدرائية نوتردام‪ -‬الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬شارع طه وهامرسمث‬

‫‪14‬‬
‫ان الجالس هناك ليقرأ في الضوء الملون الهابط عليه يحس بتجربة جميلة جداً‪ ،‬حيث سيشده االرهاف الى‬
‫جوهر العبادة في ذات نفسه حتى يكاد ينسى الدنيا‪ ،‬كيف ال ينساه في ذلك الخضم اآلسر من األلوان الفاتنة‬
‫التي تنساب بحمرتها وزرقتها فتنسكب في عينيه وروحه معاً! ثم تمازج األلوان حائلة الى تلك الشفافية في‬
‫لون زهرة البنفسج في الصباح‪ ،‬الواقف هناك اذا نظر الى شرقي الصحن فتنته األعمدة الرشيقة‪ ،‬اذا رفع‬
‫طرفه ألعلى جذبته أضالع السقف الشبيهة بالعروق الحية‪ ،‬تارة نحو المذبح وتارة نحو مدرج المرتلين من‬
‫الصبيان‪ ،‬فيطوف في أرجاء المكان حتى اذا وصل باب الخروج وجد نفسه ال يريد أن يخرج‪،‬‬

‫‪12‬‬

‫‪13‬‬

‫فالسرر تبدو له كباقات الورود تنساب انسياب المياه الرقراقة في األعمدة نحو األرض‪ ،‬فاذا بالذي يريد أن‬
‫يخرج يدخل ثانية ويدور في طوافة نحو المذبح تارة‪ ،‬هكذا تتجسد العواطف في أحجار ويستمنستر‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫كاتدراية تشارتر‪ -‬ويكيبيديا الموسوعة الحرة‬

‫كاتدرائية تشارتر‪ -‬الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬في سببية وجدلية العمارة‬


‫‪13‬‬

‫‪15‬‬
‫اذا ً فالشكل في العمارة‪ ،‬ماهو اال تجسيد مادي يكونه المجموع الكلي لعناصر المنشأ‪ .‬فالشكل هو حصيلة تلك‬
‫الظاهرة االجتماعية‪ ،‬والتي تتكون من التفاعل المتشابك الجاري بين المطلب بوجهيه العام والخاص‪ ،‬من‬
‫جهة وبين التقنية المعاصرة للمطلب من جهة أخرى‪.‬‬

‫دور الفرد في تكوين الشكل‬


‫"ان قطبي المطلب االجتماعي والتقنية يحتمان الخواص العمومية للشكل‪ ،‬بما في ذلم التجسيد الكلي للشكل‪،‬‬
‫لكن تجسد الشكل واكتساب صفات خاصة انما هو أمر يرجع لوجود الفردية في المجتمع‪ ،‬ان لكل فرد ذاتية‬
‫خاصة انما هو أمر يرجع لوجود الفردية في المجتمع‪ ،‬ان لكل فرد ذاتية خاصة ومميزة له تعمل عملها في‬
‫ادراكه وانفعاالته‪ .‬ومن هنا فان الرؤية الفردية هي جزء ال يتجزأ من الرؤية االجتماعية‪ ،‬فالرؤية وان كانت‬
‫غير متطابقة لألفراد فانها مع ذلك متقاربة بسبب الظروف االجتماعية‪ ،‬اذا ً هناك في واقع األمر طرازان‬
‫‪14‬‬
‫رغم ظهور بعض األضداد "طراز شخصي" و"طراز عام" ‪".‬‬

‫‪14‬‬
‫الجاردجي‪ ،‬رفعة‪ .‬شارع طه وهامرسمث‬

‫‪16‬‬
‫‪15‬‬
‫فما هي العالقة بين هذين الطرازين؟‬

‫يمكن القول أنه عندما يتبلور المطلب االجتماعي ويصبح ايجاد الشكل أمر محتوم فان الناحية الفنية تكون قد‬
‫تحددت‪ ،‬وأصبح ال بد من استحداث الناحية المادية‪ ،‬عندئذ يكلف المجتمع فرد أو مجموعة لفك التناقض‬
‫الجدلي بين المطلب والتنفيذ وذلك اما ب‪ :‬استخدام التقنية المعاصرة أو تطويرها‪ ،‬وبذلك يكون الفنان قام‬
‫بعملية ذات وجهين‪:‬‬

‫‪ .1‬استحداث طرازه المنفرد‪ ،‬ألن الفنان كشخص له ذاته الخاصة‪ ،‬وحلوله أيضا ً لها طابعها الخاص‪.‬‬

‫‪ .2‬الطراز العام الذي يعكس الوضع القائم المحيط بالفنان‪.‬‬

‫*ان تكوين المطلب االجتماعي هو مسألة عامة‪ ،‬اال أن ترجمة المطلب‪ ،‬وتحويله من فكر الى مادة حقيقية‪،‬‬
‫ينطويان على مراحل متعاقبة يسهم فيها الفرد‪ ،‬فكيف نفسر هذا االبداع العبقري وفق التحليل النظري؟‬

‫اذا ما عهد المجتمع الى أحد أفراده بمهمة اشباع حاجة المطلب فما ذلك سوى ضرورة اجتماعية حتمية‪ ،‬فاذا‬
‫جاءت وسيلة االشباع جيدة جداً‪ ،‬فال بد اذا ً أن وراء هذه الوسيلة فرد عبقري استطاع استغالل الظروف‪،‬‬
‫بالتالي سيعم تأثيره االجتماعي لحقب الحقة‪ .‬مثال ايغو جونز‪.‬‬

‫في القرن الخامس عشر أصبحت الحياة االنكليزية تتصف بالمجازفة وحب الزينة‪ .‬لذا تطلب المجتمع قصور‬
‫من نوع آخر‪ ،‬فتطورت القصور التيودورية الى القصور االليزابيثية (‪)1603-1588‬‬

‫وهي قصور فخمة تستقبل الضياء بقدر أكبر‪ ،‬ذلك أن االنكليز كان لهم أسلوبهم الشاقولي‪ ،‬حيث بلغ ذروته‬
‫في أواخر القرن الخامس عشر‪ ،‬حيث شيدت هذه القصور للحكام األقوياء‪ ،‬لذا جاءت قصور غير مزركشة‬
‫تتسم بالوقار‪ ،‬ثم جاء القصر اليعقوبي (‪ )1625-1603‬فأدى لتطورات منها ادخال األعمدة الكالسيكية‬
‫والسطوح المعمدة‪.‬‬

‫الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬شارع طه وهامرسمث‬


‫‪15‬‬

‫‪17‬‬
‫قصور من العهد االليزابيثي‬

‫‪16‬‬

‫‪-‬ألم انيغو جونز بالعمارة الرومانية‪ ،‬وتأثر بطراز المعمار اندريا بلديوه‪ ،‬واستطاع جونز بعبقريته بعد‬
‫عودته النكلترا أن يقفز بالعمارة من مرحلة التطوير المسترخية الى عمارة كالسيكية متكاملة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬في سببية وجدلية العمارة‬

‫‪18‬‬
‫صحيح أن عمارته متأثرة بالبالديوية‪ ،‬لكن لها طرازها الخاص القائم على الطرز االنكليزية كاليعقوبية‬
‫واالليزابيثية‪ ،‬واللتان نتجتان من المدرسة الشاقولية (حيث كل شيء في طرازه هادىء رصين خال من‬
‫الضخامة البالديوية) لذا فكل شيء هو انكليزي الطابع‪.‬‬

‫لقد ثبت جونز سننه الكالسيكية في تشييد دار الملكة في غرينيج‬

‫‪17‬‬

‫أهميته‪ :‬خص انكلترا بطراز كالسيكي معماري نهوضي خاص بها‪ ،‬حيث تحتوي الدار واجهة متوازية جداً‪،‬‬
‫ومرتكزة على قاعدة من الحجر‪ ،‬وقامت فوق األعمدة تيجان آيونية الطراز‪ ،‬والشرفة محاطة من الجانبين‬
‫بجناحين غير مزخرفين‪ ،‬جاءت الكتلة بأجمعها موحدة فظهرت كوحدة كالسيكية‪ ،‬حيث أدخل التماثل التام‬
‫والتزم به كل االلتزام‪ ،‬لذا كانت قفزته واضحة مقارنة بالطرازين السابقين‪ ،‬اذ كانا يتميزان بالتحلي بنوافذ‬

‫دار الملكة في غرينيج‪ ،‬ويكيبيديا الموسوعة الحرة‬


‫‪17‬‬

‫‪19‬‬
‫وعالقات نوافذ ذات أبعاد مختلفة ومشربيات ونوافذ مضلعة وجملونية ومجموعات من المداخن ودرابزينات‬
‫السطوح‪...‬الخ‪ .‬لقد اختفى كل ذلك عند جونز وأصبحت الواجهة هادئة‪ ،‬حيث برزت الشرفة الوسطية قليالً‬
‫وهذا البروز الوقور هو الحركة الوحيدة بالواجهة‪ ،‬أحاط بالسطح درابزين منتظم متماثل من الحجر‬
‫باالضافة لنسب دقيقة للشبابيك الكالسيكية المتماثلة‪ .‬وضع جونز هنا السنن الكلسيكية الشباع وضع‬
‫‪18‬‬
‫اجتماعي معين‪.‬‬

‫الطراز وحركة الشكل‬


‫بعد أن يولد الشكل‪ ،‬يولد لنفسه شخصية مستقلة‪ ،‬لها ذاتها وحياتها‪ ،‬فيتحرك بدفع منها ويصبح عامالً مستقالً‬
‫ومكونا ً مستقالً من مكونات مطلب جديد في المجتمع الذي ولده‪.‬‬

‫فما معنى الشخصية المستقلة أو الحياة الخاصة للشكل؟ ان الشكل يولده مطلب وتقنية معينان‪ ،‬لكن ما أن يولد‬
‫الشكل فانه يصبح شيء مادي وملموس وظاهر للحواس‪ ،‬يؤول ذلك الى شيء قائم بذاته بصرف النظر عن‬
‫المطلب والتقنية اللذان أنجباه‪ .‬من هنا مصدر حياته الخاصة المستقلة‪ .‬ذلك أن للشكل الجديد بانتقاله وهو‬
‫مادة ال حراك فيها الى مدارك االنسان‪ ،‬فقد أصبح فكرة لها حراك في الذهن االنساني‪ .‬فتصبح للشكل حرية‬
‫حركية ألن حركته في واقع األمر ليست في ذاته بل في ذواتنا‪ ،‬فعندها يقوم من يستغل هذه الخاصية ويدخل‬
‫هذا المظهر الخارجي للشكل كأحد العوامل في توليد شكل آخر‪ ،‬وبذلك يجري االبتعاد عن األصل لتوليد‬
‫شكل آخر اال أنه يبقى مفعول الشكل األول االبتدائي مستمر (أي أن االشكال الالحقة تستمر باالكتساب من‬
‫معالم الشكل األول) ولكن االستمرارية مشروطة بأن ال تجري عملية توليد للشكل اآلخر من مطلب وتقنية‬
‫متناقضين‪ ،،‬والسبب في هذه المشروطية أن للمطلب والتقنية تكوين معين‪ ،‬وعند تفاعلهما في عملية توليد‬
‫الشكل (تنتقل طبيعة تكويني المطلب والتقنية) للشكل المولد‪.‬‬

‫حيث يتم تفعيل الشكل لتوليد أشكال أخرى‪ ،‬فانه يفقد بالتعاقب جزء من خصائصه الكامنة بحكم انتقالها لشكل‬
‫آخر‪ ،‬فيحصل أحد أمرين‪:‬‬

‫‪ .1‬يصبح الشكل الجديد رديئاً‪ ،‬الستنفاده كامل القوة االجتماعية والتقنية الكامنة في المكونين‪.‬‬

‫‪ . 2‬يقوم الشكل القديم بدور الحافز ال أكثر لتكوين الشكل الجديد‪ .‬عندئذ يكون المكونان قد جاءا بقوة‬
‫اجتماعية أو تقنية دافعة جديدة‪ ،‬ومن خاللها يكون الشكل الجديد استأنس بالقديم ال أكثر‪.‬‬

‫وهكذا تنتهي حياة الشكل القديم في الدورة الحياتية‪ ،‬لكن هذا ال يمنع قيام دورة الحقة في وقت الحق ومكان‬
‫آخر (من هنا ينشأ ما يسمى االقتطاف والنقل)‪.‬‬

‫فالشكل بصفته الفكرية (كونه جزء من التفكير االجتماعي) أو بصفته المادية (كونه جزء من االنتاج الفعلي‬
‫للمجتمع) يبقى بموجب ما اكتسبه من حياة مستقلة عامالً مهما ً فكريا ً يدعم هاتين الصفتين‪ ،‬اال أن تتغير‬
‫متطلبات المجتمع ويصبح الشكل معوق ألحد الصفتين‪ ،‬عندئذ يُترك الشكل‪ ،‬فيتأجج تناقض جدلي جديد بين‬

‫الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬األخيضر والقصر البلوري‬


‫‪18‬‬

‫‪20‬‬
‫المطلب والتقنية (حيث يكون أحدهما أو كالهما جديداً) فيتولد شكل جديد لكن في أغلب األحيان يكون‬
‫استعان ببعض صفات القديم لألساب اآلنفة ذكرها‪.‬‬

‫مثال‪ :‬تحول شكل النافذة المستديرة الى رمحية (وهي نافذة مرتقعة الطول‪ ،‬ضيقة العرض‪ ،‬مستدقة الرأس‬
‫المقوس‪ ،‬فهي أشبه بالرمح) وذلك في القرن الثالث عشر‪ .‬ان هذا التحول يمثل تغيير نوعي في الشكل‬
‫المستدق (والذي كان قد تولد مسبقا ً عند تكوين العقد المستدق) حينما تطلب األمر توسيع باعات الصحون في‬
‫الكاتدرائيات‪.‬‬

‫لكن ما أن يتولد الشكل الجديد فيستحب حتى يتكرر انتاجه‪ ،‬ويتخذ حياة مستقلة فيتطور بسبب استحبابه حتى‬
‫يصبح الشكل طرازاً‪ .‬وهكذا جرى عندما تولدت النافذة الرمحية فاستحبت وتكرر انتاجها‪ ،‬فتطورت بالتدريج‬
‫الى النافذة المزخرفة المتشجرة في القرن الثالث عشر‪.‬‬

‫واذا تابعنا هذا التطور نجد أنه قد مر ب‪ 7‬مراحل‪:19‬‬

‫الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬شارع طه وهامرسمث‬


‫‪19‬‬

‫‪21‬‬
22
23
24
‫‪20‬‬

‫الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬شارع طه وهامرسمث‬


‫‪20‬‬

‫‪25‬‬
‫‪21‬‬

‫الجادرجي‪،‬رفعة‪ .‬شارع طه وهامرسمث‬


‫‪21‬‬

‫‪26‬‬
‫‪22‬‬

‫فما هو سبب نشوء هذه الظاهرة؟‬

‫ان المجتمع عندما ينتقل من مرحلة تاريخية ألخرى‪ ،‬فان هذا االنتقال يكون في مرحلة حرجة يتطلب اما‬
‫دعم مفاهيمه الجدية‪ ،‬أو مقارعة مفاهيمه القديمة‪ ،‬وذلك لكي يستطيع تجاوز المرحلة الحرجة في تاريخه‪،‬‬
‫ففهي هذه الحالة يتشبت المجتمع "نيابة عن المجتمع" بأفكار عهود أخرى ليستخدمها كاحدى المكونات في‬
‫بلورة المطلب االجتماعي‪.‬‬

‫لذلك نجد أن سنن العمارة االغريقية والرومانية‪ ،‬قد استخدمت في عصر النهضة لمقارعة مفاهيم الالعقالنية‬
‫للقرون الوسطى‪ ،‬باعتبار أن المفاعيم االغريقية هي مفاهيم عقالنية طارحين جانبا ً االختالف الكلي بين‬
‫‪22‬‬
‫البيت الزجاجي في لندن‬

‫‪27‬‬
‫المجتمعين (اذ ان قاعدة األغريق تقوم على عالقات المجتمع الراقي‪ ،‬في حين أن قاعدة عصر النهضة تقوم‬
‫على عالقات المجتمع الرأسمالي)‪.‬‬

‫كما أنه لو تمكن المصمم من تطوير شكل ايروديناميكي للطائرة تنتقل هذه التجربة لتصميم السيارات‪،‬‬
‫فيصبح شكلها ممشوق‪ ،‬فانتقال هذه التجربة من صيغة انتاجية الى أخرى يحدث بسبب‪ :‬استلطاف موضة‪،‬‬
‫تقارب التقنية في أسلوبين انتاجيين‪ ،‬االعتقاد بضرورة استعارة شكل لما فيه من توافق وذلك كمرحلة مؤقتة‬
‫الى أن يتم توليد الشكل األنسب‪ ،‬وكذلك عندما يجد المصمم نفسه أمام ضرورة استخدام مادة جديدة ال يعرف‬
‫خصائصها وتجاوبها فيضطر لالستعانة بالشكل القديم‪ ،‬ويستمر فيه كونه كان يالزم مادة قديمة‪ ،‬الى أن‬
‫يتمكن المصمم من توليد شكل جديد يناسب طبيعة المادة الجديدة‪.‬‬

‫مثال‪ :‬عند استخدام الحديد الصب في انكلترا في القرن التاسع عشر‪ ،‬جاء الشكل التصميمي األول للجسور‬
‫الحديدية استمراريا ً لشكل الجسور الخشبية‪ .‬مثالً الجسر الذي اقترحه تلفورد عام ‪1801‬م لعبور التيمس في‬
‫لندن كان بباع واحد وال نظير له‪ ،‬ولكن من ناحية توزيع الثقل كان متأثر بالجسور الحجرية لحد كبير‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫يستمر هذا النوع من االستعارة حتى يجد المجتمع الشكل المناسب له‪ ،‬ويستمر النوع الشكلي حتى يكتشف‬
‫المصمم الظروف االقتصادية واالجتماعية لخلق شكل جديد‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫الجاردجي‪ ،‬رفعة‪ .‬شارع طه وهامرسمث‬

‫‪28‬‬
‫لكن هذه االستعارة ال تكون استعارة حقيقية متطابقة‪ ،‬اذا ان ما يستعار تتم استعارته من قبل المستعير وفق‬
‫مفهومه الخاص‪.‬‬

‫عندما نقل ايغو جونز السنن النهضوية البالديوي من روما الى لندن‪ ،‬فانه استعار بادراكه العقالني بعض‬
‫السنن وسبكها مع السمات االنكليزية في تكوين االسلوب الخاص به والذي أثر في عمارة انكلترا بعده‪ .‬لكن‬
‫هذا لم يكن واضحا ً حينه للكثير من معاصريه الذي لم يجدوا في أبنيته ليس أكثر من نقل لسنن النهضة من‬
‫روما الى لندن‪ .‬وان كانوا وجدوا هذا النقل مستطاباً‪.‬‬

‫ما أن يثبت الشكل ويصبح انتاجه ضرورة اجتماعية يصبح طرازا ً وتتكون لطرازية الشكل ذاتية‬
‫خاصة تستمر في الوجود حتى بعد أن يتغير المطلب أو التقنية (اللذان أوجدانه)‪ .‬وقد يجري على‬
‫الطراز بعض التعديل في المرحلة‪ ،‬لكنه سيبقى مستمر في أداء المتطلبات الوظيفية‪ ،‬الى أن يتم‬
‫التغيير النوعي في أحد أو كال قطبي العملية (المطلب أو التقنية) حينها يصبح الطراز أحد المعوقات‬
‫في توليد شكل جديد‪.‬‬

‫هكذا يصبح تغيير الطراز ضرورة اجتماعية الن لالعاقة مفعولين‪:24‬‬

‫‪ .1‬فكري‪ :‬حيث تتأخر عملية توليد الشكل الجديد‪ ،‬األكثر توافقا ً مع الجدلية بين المطلب والتقنية‪.‬‬
‫وذلك في حال تغيير أحدهما أو كليهما‪.‬‬

‫‪ .2‬انتاجي‪ :‬حيث تتأخر عملية توليد الشكل الجديد‪ ،‬األكثر توافقا ً مع العالقة الجدلية بين المطلب‬
‫والتقنية‪ .‬وذلك في حال تغيير أحدهما أو كليهما‪.‬‬

‫ان هذه الظاهرة تكون في أجلى مظاهرها في المرحلة التي ينتقل فيها الطراز القديم الى الجديد‪،‬‬
‫وقب ألن يقوم الطراز بعملية تحرك عارض‪ ،‬تجري عليه عملية تجريدية‪ ،‬أي يبتعد الشكل المقصود‬
‫من شكلية الشكل األصل (أي يقوم المستعير بعزل الشكل عن المطلب والتقنية)‪.‬‬

‫هذا التجريد الزمة‪ ،‬ودرجة التجريد يحدد مدى قدرة الطراز باالستمرار بالتحرك العارض وتشعبه‪،‬‬
‫وتشابكه‪ ،‬مع عصور ومجتمعات أخرى‪.‬‬

‫‪-‬ان مثل هذا التجريد في الشكل‪ ،‬هو الذي جعل الشكل الدوري االغريقي في تيجان األعمدة ينتقل‬
‫الى عصر النهضة ومنه للعصر االليزابيثي في انكلترا‪ ،‬ثم يعاصر المراحل المتعاقبة حتى منتصف‬

‫الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬في سببية وجدلية العمارة‬


‫‪24‬‬

‫‪29‬‬
‫القرن العشرين ويأخذ مختلف األحجام والمواقع‪ ،‬سواء في األبنية الدينية كالكنائس الصغيرة‪ ،‬أو‬
‫الكاتدرائيات الكبرى أو القصور‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫‪25‬‬
‫الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬في سببية وجدلية العمارة‬

‫‪30‬‬
‫أما عندما يصبح الشكل معوق للعملية االنتاجية‪ ،‬يستبدل بشكل آخر للتوافق مع المتطلبات الجديدة‪.‬‬
‫ان شكل العربة القديمة قد انتقل بصورة جوهرية لشكل السيارة في بواكيرها األولى لحد ما تم‬
‫استبداله بشكل آخر يتوافق مع المتطلبات الجديدة‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫ان شكل العربة القديمة قد انتقل بصورة جوهرية لشكل السيارة في بواكرها األولى‪ ،‬لحد ما تم استبداله‬
‫بشكل آخر أكثر توافق‪ ،‬مع ما استجد من عوامل أهمها‪:‬‬

‫تطور شكل السيارة‪ -‬الجادجري‪ ،‬رفعة‪ .‬في سبيية وجدلية العمارة‬


‫‪26‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ .1‬التزايد المتواصل في سرعة سير السيارة‪.‬‬

‫‪ .2‬استخدام أساليب انتاج جديدة لها خصائص انتاج كمي مبكر‪.‬‬

‫‪-‬اذا كان التجريد بدرجة عالية من العزل عن الشكل األصل‪ ،‬بحيث يصبح الشكل الجديد مجرد عالقات‬
‫هندسية رياضية ال أكثر‪ ،‬فعندئذ يمكن للشكل أن ينتقل ويستعار من مجال آلخر بسهولة‪.‬‬

‫مثال حي‪ :‬نقشة الطرطان‪ ،‬وهي نمط في تشطيب القماش كان في األصل يرمز للقبائل االسكتلندية‪ ،‬وقد جرد‬
‫تجريد ذريع‪ ،‬فنقل لنقوش في مجاالت أخرى‪ ،‬ال ترتبط بتلك القبائل األم‪ .‬اننا اآلن نجد هذه النقشة في‬
‫مجاالت أخرى كثيرة ال ترتبط بتلك القبائل األم‪ ،‬اننا نجدها في غطاء المائدة المصنوع في اليابان‪ ،‬والزمزية‬
‫‪27‬‬
‫المصنوعة في الهند‪ ،‬وعلبة الشوكوالتة المصنوعة في الكويت‪ ،‬وأبواب السيارات في اليمن صنع الصين‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫الجادرجي‪ ،‬رفعت‪ -‬األخيضر والقصر البلوري‬

‫‪32‬‬
‫تقييم العمارة‬
‫العمارة علم وفن في نفس الوقت‪ ،‬أي أن الفن والعلم هما المكونان األساسيان لظاهرة تسمى العمارة‪.‬‬

‫انها فن‪ ،‬ألن أحد وظائفها اشباع حاجة عاطفية للمجتمع‪ ،‬وانها علم‪ ،‬ألن هذا االشباع يتطلب التحقيق‪،‬‬
‫والتحقيق يقوم على المعرفة‪.‬‬

‫ثم ان العمارة تلبي متطلبات اجتماعية نفعية‪ ،‬فتنفيذ هذه التلبية يتطلب معرفة أيضاً‪ ،‬وان كانت من نوع آخر‪،‬‬
‫حيث أن معرفة الفرد جزء من معرفة المجتمع‪ ،‬كما أن عاطفة الفرد جزء من عاطفة مجتمعه‪.‬‬

‫اذا ً فال بد من تناول هاتين الناحيتين في تقييم العمارة‪ ،‬حيث يقيمان على حدة في البداية وثم نقيم كليهما معاً‪،‬‬
‫فان حصلنا على تقييم موضوعي‪ ،‬نكون خطونا خطوة لتقييم التكوين المعماري‪.‬‬

‫فكيف يجري ذلك؟‬

‫في الناحية الفنية‪ ،‬يجري التقييم باكتشاف أو تحديد كمية اسهام العمارة المعينة في اشباع الحاجة العاطفية‬
‫للمجتمع‪ ،‬ومن جهة أخرى فان تقييم الناحية الفنية يجري بتحديد درجة اسهام العمارة المعينة في تطوير‬
‫االنتاج البنائي‪.‬‬

‫ان العمارة هي أحد المظاهر االجتماعية لتطور االدراك‪ ،‬أي في الزيادة الحاصلة في تراكم الحقائق المطلقة‪،‬‬
‫هذا عندما ننظر الى العمارة باعتبارها احدى المظاهر االجتماعية‪ ،‬التي تعكس تطور التكوين المادي‬
‫االنشائي‪ ،‬بعبارة أخرى عندما نقيم فيها تطور تقنية التنفيذ‪.‬‬

‫" ولكن تقييم العمارة ينظر اليه من ناحيتين‪ ،‬األولى‪ :‬ناحية عامة وهي التطور المطلق‪ ،‬والثانية‪ :‬ناحية خاصة‬
‫وهي التطور النسبي‪ ،‬فعند تقييم العمارة خالل حقبة من الزمن‪ ،‬أو تقييم طراز ومقارنته بطراز آخر‪ ،‬ينبغي‬
‫اكتشاف مدى التطور في االدراك العلمي في التنفيذ المادي الخاص بذلك الطراز‪ ،‬وتحديد مدى اسهام ذلك‬
‫الطراز في اضافة معرفة جديدة الى خزين المعرفة المتراكم‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار أن التقييم يجري‬
‫‪28‬‬
‫بمعزل عن التطورات الواقعة في أمكنة وأزمنة أخرى‪".‬‬

‫بهذه الطريقة‪ ،‬نكون قد أرسينا أساس لوضع قواعد‪ ،‬نستطيع بواسطتها اجراء تقييم واقعي‪ ،‬وبذلك تتهيأ‬
‫الوسيلة التي يمكننا بموجبها أن نقيم مثالً الباع القصيرفي العمارة المصرية القديمة‪ ،‬والعقد الكبير في‬
‫العمارة الرومانية‪ ،‬والمقارنة بينهما بشكل مقنع‬

‫‪28‬‬
‫الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬في سببية وجدلية العمارة‬

‫‪33‬‬
‫اذا ً بموجب هذا التمهيد‪ ،‬كيف يمكن تقييم التطور النوعي المنطوي على قفزة هائلة‪ ،‬والذي حدث عند تغيير‬
‫الطراز المعماري الرومانسكي الى القوطي‪ ،‬وكيف نقيس درجة االسهام في علم البناء والذي كان حصيلة‬
‫استخدامه تغيير العمارة من الرومانسكية الى القوطية‪.‬‬

‫هناك عوامل كثير‪ ،‬لكن سنقتصر االجابة على ‪ 3‬مكونات جوهرية‪ :‬استخدام القوس المستدق‪ ،‬العقد الضلعي‪،‬‬
‫الزافرة‪ ،‬وهي العناصر التي تكون الطراز القوطي من الناحية االنشائية‪.‬‬

‫لكن قبل الخوض في الطراز القوطي يجب أن نسأل ما هو المطلب القوطي‪ ،‬أي ماهو المطلب االجتماعي‬
‫الذي كان على العمارة أن تلبيه وتشبعه؟ كان المطلب يتلخص بنقل المتعبد من عالمه الدنيوي الى عالم‬
‫سماوي آخر ليتسامى فيه‪ ،‬فكيف أشبع البناء القوطي هذه الحاجة؟‬

‫جرى ذلك عن طريق ‪ 3‬وجوه‪:29‬‬

‫‪ .1‬خلق ذبذبة متحركة في الحجر الجامد الخامد‪ ،‬بحيث تصبح كل حجرة من األحجار ذات وظيفة‪ ،‬من‬
‫شأنها طرح الشعور بالوفر الناشىء عن الثقل الحجري‪ .‬وبذلك يتاح لمن يدخل الكاتدرائية درب نحو حياة‬
‫متسامية‪.‬‬

‫‪ .2‬ايجاد حافز يحرك ما هو مستكن في فضاءات الخانات‪ ،‬فتنبعث منها قوى دافعة تحت المتعبد المذهول‬
‫نحو شرق المعبد‪ ،‬نحو هيكل المذبح‬

‫‪ .3‬غمر البناء بشحنة التوتر‪ ،‬وجعل مختلف منظومات البنية‪ ،‬لعناصر البناء وللترابط المرئي على حد‬
‫سواء‪ ،‬متشابكة ومتسقة‪ ،‬فتتدفق منها انسيابات روحانية‪ ،‬تحلق بالمتعبد من حياة الدنيا الى ربوع السماء‪.‬‬

‫فكيف تمت تلبية هذا المطلب الروحاني المعقد‪ ،‬لنتصور اآلن قوسا ً دائري يتكون من عدة لبنات‪ ،‬ويتوجه‬
‫عماد يثب من خصرين‪ .‬ان الثقل الجاذبي ينساب في هذا القوس‪ ،‬من رأس العماد الى اللبنات العليا‪ ،‬وتنحدر‬
‫الى الجوانب حتى تصل الى الخصر‪ .‬ومن الواضح‪ ،‬أنه كلما كانت اللبنات شاقولية الوضع‪ ،‬كلما انسابت‬
‫فيها القوى انسيابا ً يسيرا ً فقوت بذلك القوس‪ ،‬والعكس صحيح‪.‬‬

‫الجاردجي‪،‬رفعت‪ .‬شارع طه وهامرسمث‬


‫‪29‬‬

‫‪34‬‬
‫فاذا غيرنا القوس من نصف دائري الى مستدق (أي الغينا اللبنات في المواقع الضعيفة من أعلى العماد وما‬
‫جاوره‪ ،‬فقد قوي القوس بكامله)‬

‫وعندما نجعل القوس مستدقا ً فاننا نحصل على فائدة كبرى أخرى‪ ،‬اذ نتمكن من رفع وخفض موقع الحنيات‬
‫دون تغيير في موقع الخصور‪ .‬ان تغيير ارتفاع الحنية أمر غير ممكن في النصف الدائري‪ .‬وعندما كان‬
‫القوس نصف الدائري في العمارة الرومانسكية‪ ،‬كان على المصمم أن يلتزم بالخانة المربعة ليستطيع‬
‫الحصول على ارتفاع متساو عند الحنية‪ ،‬فيحصل على سقف مسطح‪ ،‬لذا كان من المتعذر على المصمم أن‬
‫يقلل مساحة الباع بين األكتاف‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫فلما أقدم المصمم القوطي على تأليف القوس المستدق‪ ،‬تمكن من تصغير الباع في الجوانب عند الجناحين‪،‬‬
‫‪30‬‬
‫وابقائه واسعا ً عند الصحن‪.‬‬

‫فبسبب استداقية القوس مع االحتفاظ بمواقع الخصور تمكن من الحصول على حنية أفقية واكمال القوس في‬
‫الوقت نفسه وبواسطة هذه الطريقة‪ ،‬أصبح من الممكن زيادة عدد األكتاف عندما تصبح الخانة مستطيلة‬
‫وليست مربعة‪ .‬فاذا تضاعف عدد األكتاف مع االحتفاظ بسعة الباع في خانة الصحن‪ ،‬نكون بذلك قد قسمنا‬
‫األثقال المناسبة في عقد الباع الى عدد مضاعف من األكتاف‪ .‬وبهذا نكون خفضنا مقدار وزن الثقل على‬
‫الكتف الواحد‪.‬‬

‫الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬في سببية وجدلية العمارة‬


‫‪30‬‬

‫‪36‬‬
‫فقد حصل المصمم بواسطة هذا على شيئين‪ ،‬فقد أمكن أوالً تحميل الكتف أثقاالً أكثر وبذلك زيادة ارتفاع‬
‫الصحن‪ ،‬كما أصبح من الممكن حصر الثقل بفتح نافذة فيه‪ .‬هذا ما فعله المصمم القوطي في المكون األول‬
‫من مكونات الطراز القوطي وهو القوس المستدق‪.‬‬

‫أما المكون الثاني‪ ،‬العقد الضلعي فقد استحدث المصمم في القوس المستدق أضالعا ً عند الحنيات‪ ،‬وهكذا تم‬
‫صنعه‪ ،‬لقد كانت عملية االنشاء للعقد الحنيوي في الطراز الرومانسكي تتطلب عند التسقيف قوالب خشبية‬
‫تحت كامل العقد وهذا أمر باهض التكاليف وبطيء العمل‪.‬‬

‫أما بعد استحداث األضالع‪ ،‬فقد صار انشاؤها أوالً‪ ،‬واستخدمت القوالب الخشبية تحت المستعرضات‪ ،‬تحت‬
‫القطرية منها فقط‪ ،‬والتي تتحمل أثقالها الى أن يجف الجص ويستحكم‪ ،‬وبما أن أثقال الضلع خفيفة نسبيا ً‬
‫بالقياس لثقل العقد بأكمله‪ ،‬فقد تحقق اقتصاد كبير في كملية الخشب المستعمل‪ ،‬وتيسر تنفيذ العمل وتسريعه‪،‬‬
‫‪37‬‬
‫بعد ذلك يجري تكميل العقد بامالء الفراغات بين الضلوع‪ ،‬فيجري بناء قوالب خفيفة متنقلة الى أن يجف‬
‫‪31‬‬
‫جص ألواح البناء الخفيفة بين الضلوع‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الجادرجي‪،‬رفعت‪ .‬طه وهامرسمث‬

‫‪38‬‬
‫أما المكون الثالث‪ ،‬فهو الزافرة‪ ،‬وهي نصف قنطرة‪ ،‬يدعم بها عادة كتف الصحن المرتفع‪ ،‬وتجلس هي على‬
‫كتف أو أكتاف الجناح‪ ،‬وبهذا يخف الثقل ليس فقط المرتكز على أكتاف الصحن‪ ،‬بل تنتقل كذلك القوى‬
‫األفقية من عقد الصحن عن طريق الزافرة األفقية نفسها الى أكتاف الجناح‪.‬‬

‫وبهذا استطاع المصمم القوطي من زيادة ارتفاع الصحن وتوسيع باعه‪ ،‬وفي الجدول اآلتي تتجلى مكنة‬
‫المصمم المتزايدة في رفع عقد الصحن‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫وقد تجلى هذا المنظوم وبلغ الذروة في خصائصه وانسجامه‪ ،‬في كاتدرائية ايميان‪ ،‬فها قد تحررت الباعات‬
‫بين األكتاف‪ ،‬وفاض النور من الزجاج‪ ،‬ودنت السماء من األرض حتى امتزجت بها‪ ،‬وأصبحت جزء منها‪،‬‬
‫فتصاعد العقد متوهجا ً أو قد أسندته الزوافر تمد أذرعها فوق الجناحين الجانبيين بحنو مترفق‪ ،‬فاذا بهيكل‬
‫البناء يتوازن لكن توازن األضداد‪ ،‬ذلك أن األعمدة قد وثبت صاعدة‪ ،‬فيسندها في صعودها باع الصحن‬
‫المرتفع ‪ 3‬أضعاف ارتفاع العقد‪ .‬وقد لف حول األعمدة حراباً‪ ،‬فانتصبت شاقولياً‪ ،‬فاذا باألعمدة عبارة عن‬
‫‪32‬‬
‫حزم ممشوقة يتذبذب فيها ايقاع سريع متكرر يردد تكرار األقواس والعقود‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬األخيضر والقصر البلوري‬

‫‪40‬‬
‫اذا ً لماذا هذا التوازن في األضداد‪ ،‬ولما التوهج الثابث في الزجاج؟ اللهام القلوب بالخشوع ولملىء الصدور‬
‫بالعقيدة‪ ،‬فتطلع القوطيين لم يكن نحو اكتشاف الحقيقة‪ ،‬بل نحو العثور على برهان يتطابق فيه الوحي مع‬
‫العقيدة‪ .‬اذا ً فتفاعل العناصر المكونة للعمارة القوطية قد حصل لتحقيق التوازن بين ضدين‪ ،‬فينشأ بالنتيجة‬
‫تطلع ملهم نحو تطابق وتناغم مع الغيب‪.‬‬

‫والخالصة أن التقييم المعماري يجري على مرتبتين رئيسيتين‪:33‬‬


‫‪ )1‬المرتبة العلمية‪ ،‬أي مقدار المعرفة المستنفدة والمتطورة بالقياس الى المعرفة المتوفرة محليا ً وقوميا ً‬
‫والمشروطة بظروف اجتماعية كجزء من تطور المجتمع‪ ،‬والذي هو بحد ذاته‪ ،‬جزء من المجموع الكلي‬
‫للتطور العام‪.‬‬

‫‪ )2‬المرتبة العاطفية‪ ،‬اي مقدار االشباع للعاطفة المشروطة اجتماعيا ً وزمنيا ً وموقعيا ً هذا من ناحية العاطفة‬
‫النفعية‪ ،‬ومن ناحية أخرى تقييم العاطفة االنسانية المتراكمة المجردة كجزء من تطور الغريزة المهذبة‪.‬‬

‫فما هي الغريزة المهذبة‪ ،‬انها ذلك التراكم للغريزة االجتماعية‪ ،‬التراكم الذي هذب تدريجيا ً نتيجة لتطور‬
‫تفاعالت اجتماعية‪ ،‬تفاعلت بموجبها أصبحت النفعية فائضة‪ ،‬فتحررت منها بمرور تطورها الزمني‪.‬‬

‫الجاردجين‪،‬رفعت‪ .‬في سببية وجدلية العمارة‬


‫‪33‬‬

‫‪41‬‬
‫التصميم‪34‬‬ ‫أسلوبه في‬
‫في بدايات رفعت ظهرت مالمح تأثره بالحداثة‪ ،‬خصوصا ً أن مدينة بغداد في فترة الخمسينات كانت تشهد‬
‫(حداثة) في قالب ثقافي وفني وبرؤية نحو االنطالق لتحقيق المجد كمدينة في القرن العشرين‪ .‬هذه الحالة‬
‫الثقافي كان مدفوع بمشاركة المعماريين والفنانين واألدباء العائدين من البعثات للجامعات حول العالم في تلك‬
‫الفترة‪ .‬يمكن القول بأن بداية (رفعت) كانت (حداثية) بشكل صرف إلى ح ٍد كبير‪ .‬يتضح ذلك مثالً‪ ،‬في مبنى‬
‫الشركة الوطنية للتأمين (‪1969‬م) والذي كان مختلف وجديد حتى على (الحداثة) نفسها‪ -‬إن صح لنا القول‪-‬‬
‫أظهر من خالله (رفعت) مدى استيعابه لمدارس العمارة العالمية وقدرته على توظيفها في قالب معاصر‪.‬‬
‫الخرسانة كانت هي السمة األبرز بعد الهيكل اإلنشائي الواضح للمبنى بلونها الرمادي‪ .‬التكوين كان أقرب‬
‫إلى (الوحشية) ويشبه إلى ح ٍد ما انفعاالت لوكروبوزييه‪ ،‬وإن لم يكن بنفس الروح‪.‬‬

‫األسلوب الهندسي لدى الجادرجي‪:‬‬

‫ارتكز على البحث عن كل ما هو جديد ومثير‪ ،‬من خالل إضافة إسقاطات هندسية حديثة مستمدة من‬
‫المدارس الغربية ومزجها مع أسلوب العمارة التقليدية‪ .‬ويذكر الدكتور علي ثويني في مقالته "تراثية محمد‬
‫مكية‪ ،‬وحداثة رفعة الجادرجي" بأن الجادرجي كان فنانا معماريا ً حداثياً‪ ،‬بل وضعه في "خانة" فناني ما بعد‬
‫الحداثة أيضاً‪ ،‬وأشار إلى تأثره برواد الحداثة في عمارة القرن العشرين وأشار بالتحديد إلى األلماني فالتر‬
‫كروبيوس‪ ،‬واألميركي فرانك لويد رايت‪.‬‬

‫االحتراف‪:‬‬

‫سرعان ما تحول هذا المسار (الحداثي) إلى الدمج ما بين (التكنولوجيا) و (المحلية) في محاولة إلنتاج مسار‬
‫جديد للعمارة آنذاك‪ ،‬يعتمد على استنباط الشكل وتجديده وتطويره في قالب معاصر‪ ،‬ويتواكب مع الحراك‬
‫الفكري والثقافي في بغداد‪ ،‬والذي كان يسعى إلى إيجاد هوية حداثية‪ .‬أصبح هذا الدمج فيما بعد سمة تميز‬
‫أعمال (رفعت)‪ ،‬ليس في العراق وحسب‪ ،‬بل على مستوى العالم‪ .‬فلم تشهد العمارة العربية حتى ذلك الوقت‬
‫عمالً مشابها ً في الواجهات أو التكوين‪ .‬أول هذه النماذج كان الشركة الوطنية للتأمين (‪1970‬م) بواجهة‬
‫مختلفة ومغايرة‪ ،‬استطاع من خاللها (رفعت) أن يُعيد تشكيل الواجهة بلمسة محلية معاصرة لم تعتمد على‬
‫النقل والنسخ للمفردة المعمارية القديمة‪ ،‬بل تمريرها في مسار تطويري وتجديدي إلعادة إنتاجها في قالب‬
‫معاصر‪ .‬إضافة (رفعت) المغايرة في هذا المشروع‪ ،‬كانت في توظيفه لمادة (الطوب الطيني) والتي أعتبرها‬
‫النقاد لمسة محلية لتعريب الحداثة‪ ،‬إال أن (الطوب) لم يكن كساء خارجي ألسلمة أو تعريب العمل‬
‫المعماري‪ ،‬فلقد وظفه (الجادرجي) كمادة بناء حقيقة تتفاعل مع بقية المواد األخرى كالخرسانة والزجاج في‬

‫مقال‪ :‬ما بين محمد مكية ورفعة الجادرجي‪ ،‬أسس التصميم العمراني التقليدي‬
‫‪34‬‬

‫‪42‬‬
‫العمل المعماري‪ .‬وهو ما أستمر يكرره بأساليب مختلفة وفي نفس الخط التصميمي الذي أبتكره في عدة‬
‫مشاريع أخرى‪.‬‬

‫يرى ان دور المعمار يتحقق بتامين ثالثة حاجات وهي‪:‬‬

‫‪ .1‬الوظيفة النفعية‬

‫‪ .2‬الوظيفة الرمزية التي تؤمن هوية الفرد والجماعة‬

‫‪ .3‬الوظيفة الجمالية التي تحقق متعة ادراكية وبصرية من خالل العمارة حيث يتضمن التكوين المعماري‬
‫‪.‬فيها قيما تنويعية مركبة تؤمن للناس المتعة واالسترخاء النفسي‬

‫معظم واجهات المباني التي صممها مغلفة بالطابوق الطيني العراقي وعليها اشكال تجريدية تشبه الشناشيل‬
‫وغيرها من العناصر التقليدية‪ .‬وبحسب وصف أحد المهندسين‪ ،‬فقد زاوج الجادرجي "بين التراث المحلي‬
‫‪35‬‬
‫والتحديث العالمي في المباني‪.‬‬

‫أمثلة عن كيفية استخدام الفتحات المقوسة في الواجهة‬

‫‪ )1‬مصرف الرافدين ‪1969‬‬

‫مقال‪ :‬رفعة الجادرجي‪ ،‬جدار بين ظلمتين‬


‫‪35‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ )2‬بناية البريد المركزي ‪1975‬‬

‫‪44‬‬
45
‫‪ )3‬مبنى اتحاد الصناعات الوطنية ‪1966‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ )4‬مبنى مجلس الوزراء ‪1975‬‬

‫غلِّفَت معظم واجهات المباني التي صممها بالطابوق الطيني‬


‫اضاف الحداثة للعمارة االسلمية العراقية‪ُ .‬‬
‫‪36‬‬
‫العراقي وعليها أشكال تجريدية تشبه الشناشيل وغيرها من العناصر التقليدية‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫مقال‪ :‬رفعت الجادرجي‪ ،‬جدار بين ظلمتين‬

‫‪47‬‬
‫مشاريعه المعمارية‬

‫‪ )1‬مبنى األكاديمية العلمية العراقية‪ :‬استخدم األقواس التقليدية‪ ،‬بتكرار منتظم للمحافظة على االيقاع‬
‫والتوازن في الواجهة نفسها‪ ،‬باالضافة الى األلوان األخضر التقليدي بدرجاته المختلفة‪.‬‬

‫‪48‬‬
49
‫مخطط الطابق األرضي (االقتباس من المخططات الغربية المعاصرة مع الحفاظ على نسيج المبنى العام)‬

‫‪50‬‬
‫مخطط الطابق األول‬

‫مخطط الطابق الثاني‬

‫‪51‬‬
52
‫تفاصيل انشائية للواجهة ( واجهة حداثية متماشية مع النسيج العام في طريقة البناء التقليدية)‬

‫‪53‬‬
‫‪ )2‬مجمع الحساوي السكني‪ -‬الكويت‬

‫يتضح من خالله دمج الطراز المعماري الحديث بشكل تقليدي وتكراره على طول فتحات المجمع‪ ،‬حيث تم‬
‫استخدام الفتحات القوسية ذات الطراز العربي التقليدي ولكن بأنموذج حداثي‪ ،‬الدخال االضاءة بالكمية‬
‫‪37‬‬
‫المطلوبة الى داخل المجمع‪.‬‬

‫الموقع الرسمي ألرشفة أعمال رفعة الجادرجي‬


‫‪37‬‬

‫‪54‬‬
‫اطاللة خارجية للموقع‬

‫واجهة الموقع من الخارج‬

‫‪55‬‬
‫واجهة بالرسم ثنائي األبعاد‬

‫مقطع عرضي يبين الفتحات وكيفية دخول االضاءة‬

‫‪56‬‬
‫الفتحات التصميمية في المجمع‬

‫دخول االضاءة (اطاللة داخلية من المجمع)‬

‫‪57‬‬
‫مخطط الطابق األرضي‬

‫‪58‬‬
‫مقطع عرضي للمجمع‬

‫‪59‬‬
‫‪ .3‬منزل عائلة الحمد – الكويت‬
‫يعد هذا المنزل أنموذجا ً لكيفية دمج الطراز المعماري القديم مع الحديث‪ ،‬وكان االختالف بسيطا ً حيث أدخل‬
‫عدة أشكال للفتحات في الواجهة الواحدة‪ ،‬فكان تغيير نسبي ولطيف في الواجهة الرئيسية‪.‬‬

‫اطاللة المنزل من الخارج‬

‫تصميم الواجهة الرئيسية‬

‫‪60‬‬
‫مخطط السرداب‬

‫مخطط الطابق األرضي‬

‫‪61‬‬
‫مخطط الطابق األول‬

‫‪62‬‬
‫تصميم الواجهات والفتحات (التناغم وااليقاع في تصميم الفتحات‪ ،‬فكما نالحظ هناك تفاوف في ارتفاعات‬
‫وعرض الفتحات حسب ما يقتضي التصميم)‬

‫‪63‬‬
‫‪ )4‬مسجد سراج الدين‬

‫‪64‬‬
65
‫‪ )5‬منزل حسن الكرباسي‪ -‬بغداد‬
‫يتجلى في هذا المنزل طريقة استخدام المواد (الطوب العراقي) ودمجه مع الفتحات الصغيرة في الواجهة‪،‬‬
‫‪38‬‬
‫الدخال كمية محددة من االضاءة للداخل‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫مقال‪ :‬تراثية محمد مكية‪ ،‬وحداثة رفعة الجادرجي‬

‫‪66‬‬
67
68
‫‪ )6‬بناية القرباجي‪ -‬الموصل (العراق)‬
‫يتجلى جمال البناء في دمج الطوب العراقي وانشاء فتحات حداثية متنوعة‪ ،‬ودمجها مع الفتحات التقليدية‪،‬‬
‫وخلق جوء جمالي من الداخل للخارج عبر الشرفات المزركشة والمزخرفة والعكس صحيح‪.‬‬

‫‪69‬‬
70
71
‫مخطط الطابق األرضي‬

‫‪72‬‬
‫مخطط الطابق األول‬

‫‪73‬‬
‫‪ )7‬منزل رفعة الجادرجي‬

‫‪74‬‬
75
76
77
‫أعماله الفنية‬
‫‪ .1‬نصب الجندي المجهول‪ :‬تم تصميم وتنفيذ نصب الجندي المجهول القديم في ساحة الفردوس عام‬
‫‪ 1959‬من قبل المهندس المعمار رفعت الجادرجي الذي مزج فيه الفن الهندسي والبساطة في المظهر‪،‬‬
‫فكان النصب على شكل جدار مقوس عالي شبه مدبب في األعلى ‪ .‬أما في قاعدتيه فتوجد نافذتين على شكل‬
‫هالل ونهايات الهاللين هي قاعدة النصب ‪ ،‬تم تغليفه بنوع من الحجر األبيض االيطالي‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫‪39‬‬

‫األرشيف الخاص بالمعمار رفعة الجادرجي‬


‫‪39‬‬

‫‪79‬‬
‫‪40‬‬

‫نصب الجندي المجهول عند الغروب‪ ،‬األرشيف الخاص بالمعمار رفعة الجادرجي‬
‫‪40‬‬

‫‪80‬‬
‫‪ .2‬مبنى الشركة الوطنية للتأمين‪:‬‬

‫تم بناؤه في ستينيات القرن الماضي في مدينة الموصل ‪ ،‬لعل الخرسانة كانت هي السمة األبرز بعد الهيكل‬
‫اإلنشائي الواضح للمبنى بلونها الرمادي‪ .‬التكوين كان أقرب إلى (الوحشية) ويشبه إلى ح ٍد ما انفعاالت‬
‫‪41‬‬
‫لوكروبوزييه‪ ،‬وإن لم يكن بنفس الروح‪.‬‬

‫استطاع من خاللها (رفعت) أن يُعيد تشكيل الواجهة بلمسة محلية معاصرة لم تعتمد على النقل والنسخ‬
‫للمفردة المعمارية القديمة‪ ،‬بل تمريرها في مسار تطويري وتجديدي إلعادة إنتاجها في قالب معاصر‪ .‬إضافة‬
‫(رالطوب فعت) المغايرة في هذا المشروع‪ ،‬كانت في توظيفه لمادة (الطيني) والتي أعتبرها النقاد لمسة‬
‫محلية لتعريب الحداثة‪ ،‬إال أن (الطوب) لم يكن كساء خارجي ألسلمة أو تعريب العمل المعماري‪ ،‬فلقد وظفه‬
‫(الجادرجي) كمادة بناء حقيقة تتفاعل مع بقية المواد األخرى كالخرسانة والزجاج في العمل المعماري‬

‫مقال‪ :‬رفعة الجادرجي‪ ،‬الحداثة في طرازها التقليدي‬


‫‪41‬‬

‫‪81‬‬
82
‫‪ .3‬تصميم قواعد نصب الحرية في بغداد‬

‫‪42‬‬

‫نصب الشهيد‪ ،‬الموقع الخاص بالمعمار رفعة الجارجي لتوثيق الصور الرسمية‬
‫‪42‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ .4‬مرقد االمام الكاظم ‪1954‬‬

‫‪43‬‬

‫الموقع الرسمي ألرشفة أعمال المعمار رفعة الحادرجي‬


‫‪43‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ .5‬برج جزيرة بغداد السياحية‬

‫‪44‬‬

‫الموقع الرسمي ألرشفة أعمال رفعة الجادرجي‬


‫‪44‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ .6‬واجهة منزل الشكرجي (بغداد)‬

‫أنموذج على تأطير الحداثة في قالب محلي‪ ،‬عن طريق مزج المواد التقليدية للبناء والفتحات التقليدية‬
‫‪45‬‬
‫بالفتحات العصرية‪ ،‬وتكرارها بطريقة فنية حداثية‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫‪45‬‬
‫مقال‪ :‬ما بين تراثية محمد مكية‪ ،‬وحداثة رفعة الجادرجي‬

‫الموقع الرسمي لتوثيق أعمال المعمار رفعة الجادرجي‬


‫‪46‬‬

‫‪86‬‬
‫ملخص البحث‬
‫يرتكز األسلوب الهندسي للجادرجي على البحث عن كل ما هو مثير وجديد‪ ،‬من خالل اضافة اسقاطات‬
‫هندسية مستمدة من المدارس الغربية‪ ،‬ومزجها مع أسلوب العمارة التقليدية أي (الدمج بين التكنولوجيا‬
‫والمحلية) الستنباط الشكل التقليدي وتطويره في قالب معاصر‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫ملحق البحث‬
‫تم اقتباس صور البحث االيضاحية من المصادر التالية ‪:‬‬

‫‪ .1‬الجادرجي‪،‬رفعة‪ .‬األخيضر والقصر البلوري‬

‫‪ .2‬الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬شارع طه وهامرسمث‬

‫‪ .3‬الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬في سببية وجدلية العمارة‬

‫‪ .4‬رفعة الجادرجي جدار بين ظلمتين‬

‫‪ .5‬ويكيبيديا الموسوعة الحرة‬

‫‪https://archnet.org.6‬‬

‫‪88‬‬
‫مراجع البحث‬
‫‪ .1‬الجادرجي‪،‬رفعة‪ .‬األخيضر والقصر البلوري‬

‫‪ .2‬الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬شارع طه وهامرسمث‬

‫‪ .3‬الجادرجي‪ ،‬رفعة‪ .‬في سببية وجدلية العمارة‬

‫‪ .4‬رفعة الجادرجي جدار بين ظلمتين‬

‫‪ .5‬ويكيبيديا الموسوعة الحرة‬

‫‪https://archnet.org.6‬‬

‫‪ .7‬مقال‪" :‬رفعة الجادرجي جدار بين ظلمتين"‬

‫‪ .8‬مقال‪" :‬ما بين تراثية محمد مكية‪ ،‬وحداثة رفعة الجادرجي"‬

‫‪ .9‬الموقع الرسمي لتوثيق أعمال رفعة الجادرجي‬

‫‪89‬‬

You might also like