Professional Documents
Culture Documents
إﻋداد اﻟطﺎﻟب
ﻓﯾﺻل ﻋﺎﯾد ﺧﻠف اﻟﺷورة
)(401230014
إﺷراف
اﻟدﻛﺗور ﻣﻬﻧد ﻋزﻣﻲ أﺑو ﻣﻐﻠﻲ
ﻗدﻣت ﻫذﻩ اﻟرﺳﺎﻟﺔ اﺳﺗﻛﻣﺎﻻً ﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ درﺟﺔ اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺧﺎص
ﺷﻛر وﺗﻘدﯾر
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﺳﺑﻎ ﻋﻠﯾﻧﺎ ﻣن اﻟذي ﺑﻌث ﻓﯾﻧﺎ ﻣﺣﻣدا ً ھﺎدﯾﺎ ً وﺑﺷﯾرا ً ،واﻟﺣﻣد اﻟﺣﻣد
ﻧﻌم ظﺎھرة وﺑﺎطﻧﺔ ،ﻓﻠك اﻟﺣﻣد واﻟﺷﻛر ﯾﺎ رب ﻛﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻟﺟﻼل وﺟﮭك وﻋظﯾم ﺳﻠطﺎﻧك.
أﺗﻘدم ﺑﺟزﯾل اﻟﺷﻛر وواﻓر اﻻﺣﺗرام إﻟﻰ أﺳﺗﺎذي اﻟﻔﺎﺿل اﻟدﻛﺗور ﻣﮭﻧد أﺑو ﻣﻐﻠﻲ
ﻟﺗﻔﺿﻠﮫ ﺑﺎﻹﺷراف ﻋﻠﻰ ھذه اﻟرﺳﺎﻟﺔ ،وﻟﻣﺎ ﺑذﻟﮫ ﻣن ﺟﮭد ﻓﻲ ﺳﺑﯾل إﺧراﺟﮭﺎ ﺑﮭذه اﻟﺻورة،
ﻓﻛﺎن ﻟﺻﺑره وﺳﻌﺔ ﺻدره وﺗدﻗﯾﻘﮫ اﻷﺛر اﻟواﺿﺢ ﻓﻲ ھذه اﻟرﺳﺎﻟﺔ ،ﻓﺟزاه ﷲ ﻋﻧﻲ ﺧﯾر
اﻟﺟزاء.
ﻛﻣﺎ أﺗﻘدم ﺑﺎﻟﺷﻛر واﻻﻣﺗﻧﺎن واﻻﺣﺗرام إﻟﻰ ﻋﺿويْ ﻟﺟﻧﺔ اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻟﺗﻔﺿﻠﮭﻣﺎ ﺑﻣﻧﺎﻗﺷﺔ
ھذه اﻟرﺳﺎﻟﺔ ،واﻟﺗﻲ ﺳﯾﻛون ﻟﻣﻼﺣظﺎﺗﮭم اﻟﻘ ﯾّﻣﺔ اﻷﺛر اﻟطﯾب ﻓﻲ إﺧراج اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﺻورة
اﻟﻣﺛﻠﻰ ،ﻓﺟزاھم ﷲ ﻋﻧﻲ ﺧﯾر اﻟﺟزاء.
ﻛﻣﺎ أﺗوﺟﮫ ﺑﺎﻟﺷﻛر إﻟﻰ ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﻣﻣﺛﻠﺔ ﺑﻌﻣﯾدھﺎ وأﻋﺿﺎء اﻟ ﮭﯾﺋﺔ اﻟﺗدرﯾﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻗﺳم
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺧﺎص ﻟﻣﺎ أﺣﺎطوﻧﻲ ﺑﮫ ﻣن رﻋﺎﯾﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ وﻣﺳﺎﻋدة ﺧﻼل ﻓﻛرة اﻟدراﺳﺔ.
اﻟﺑﺎﺣث
ه
اﻹھداء
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺣﺗوﯾﺎت
اﻟﺻﻔﺣﺔ اﻟﻣوﺿوع
اﻟﺻﻔﺣﺔ اﻟﻣوﺿوع
10 اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻣﺎھﯾﺔ اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ
11 اﻟﻣﺑﺣث اﻷول :اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﺎﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ..........................................
16 اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :أﻧواع اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ وﻣﻘدار ﺟﺳﺎﻣﺗﻪ وﻋﻧﺎﺻرﻩ .............
35 اﻟﻣطﻠب اﻷول :اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﻌﻘدي واﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﺗﻘﺻﯾري ............
اﻟﻣطﻠـ ــب اﻷول :اﻟﻣﺳـ ــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾـ ــﺔ ﻟﻠطﺑﯾـ ــب ﻋـ ــن اﻟﺧطـ ــﺄ اﻟﺷﺧﺻـ ــﻲ اﺗﺟـ ــﺎﻩ
60 اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﺿﻣن ﻓرﯾق طﺑﻲ ..............
65 اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن ﻓﻌل اﻟﻐﯾر وﻋن ﻓﻌل اﻷﺷﯾﺎء .......
75 اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﻧظر دﻋوى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ وﺗﻘﺎدﻣﻬﺎ ......
ح
اﻟﺻﻔﺣﺔ اﻟﻣوﺿوع
79 اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث :إﺛﺑﺎت اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻓﻲ دﻋوى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ..........
86 اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﺟزاء اﻟﻣﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻗﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﺑﺣق اﻟطﺑﯾب .........
92 اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺳﻠطﺔ ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺗﻌوﯾض ...........
إﻋداد اﻟطﺎﻟب
ﻓﯾﺻل ﻋﺎﯾد ﺧﻠف اﻟﺷورة
إﺷراف اﻟدﻛﺗور
ﻣﮭﻧد ﻋزﻣﻲ أﺑو ﻣﻐﻠﻲ
اﻟﻣﻠﺧص
ﺗﻧﺎوﻟت ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﻣوﺿوﻋﺎً ﻫﺎﻣﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾدﯾن اﻟﻧظري واﻟﻌﻣﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
ّع اﻷردﻧﻲ ﻟم ﯾﺿﻊ ﻗواﻋد ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺣﻛم اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲٕ ،واﻧﻣﺎ وﺿﻊ ﻗواﻋد ﻋﺎﻣﺔ
إن اﻟﻣﺷر
ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﺣﻛم اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر واﻟﺿرر واﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ،وﻟذﻟك ﻻ ﺗوﺟد ﻗواﻋد ﻣﺣددة ﺗﺣﻛم
وﻗد ﺟﺎءت ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﺑﻬدف ﻣﻌرﻓﺔ ﻣدى ﻣﻼءﻣﺔ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
وﻗد ﺗﺑﯾن أن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠﻣﻌﯾﺎر اﻟﻌﺎم ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ،
إﻻ أن اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻟﻔﻧﯾﺔ ﻟﻠﻌﻣل اﻟطﺑﻲ وﻣﺎ ﯾﻧطوي ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﺧطورة ﺗﺛﯾر اﻟﺗﺳﺎؤل ﺣول
Supervisor
Dr. Mohannad Azmi Abu Moghli
Abstract
medical error, but put responsibility for the general rules governing the
tort and the damage and the causal relationship , so there are no specific
rules governing civil liability doctor .
the aim of this study was to know the suitability of the application of the
general of civil liability in the case of medical error .
اﻟﻔﺻل اﻷول
ﻣﻘدﻣﺔ اﻟدراﺳﺔ
أوﻻً :ﺗﻣﻬﯾد:
ﯾﻌﯾش اﻹﻧﺳﺎن داﺋﻣﺎً ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﻧظم ،وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﺗزاﻣﻪ ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎت ﻛﺛﯾرة ﻧﺣو
وﺗﻌد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﺳواء أﻛﺎﻧت ﻋﻘدﯾﺔ أم ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ أﺣد اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﻬﺎ
ﻫذا ّ
اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،وﻣﻊ ﺗطور اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ وﻗﺗﻧﺎ اﻟﺣﺎﺿر ،أﺻﺑﺢ ﻫﻧﺎك ﻣﺟﺎﻻت ﻋدﯾدة
ﺗﻣﺗد ﻟﺗﺷﻣل ﻧطﺎق ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ وﺟﺑر اﻟﺿرر واﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻧﻪ ،وﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ أﺗﻧﺎول
"إن ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﻣﻬﻧﺔ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وأﺧﻼﻗﯾﺔ وﻋﻠﻣﯾﺔ ﻗدﯾﻣﺔ ﻗدم اﻹﻧﺳﺎن ،اﻛﺗﺳﺑﻬﺎ اﻟﺣﻘب اﻟطوﯾﻠﺔ
ﺗﻘﺎﻟﯾد وﻣواﺻﻔﺎت ﯾﺣﺗم ﻋﻠﻰ َ ْﻣن ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ أن ﯾﺣﺗرم اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟظروف
واﻷﺣوال ,أن ﯾﻛون ﻗدوة ﺣﺳﻧﺔ ﻓﻲ ﺳﻠوﻛﻪ وﻣﻌﺎﻣﻠﺗﻪ ،ﻣﺳﺗﻘﯾﻣﺎً ﻓﻲ ﻋﻣﻠﻪ ،ﻣﺣﺎﻓظﺎً ﻋﻠﻰ أرواح اﻟﻧﺎس
وأﻋراﻓﻬم ،رﺣﯾﻣﺎً ﺑﻬم ،ﺑﺎذﻻً ﺟﻬدﻩ ﻓﻲ ﺧدﻣﺗﻬم ،وﺗﻘوم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب واﻟﻣرﯾض ﻋﻠﻰ
إن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻛﺄي ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻣدﻧﯾﺔ أﺧرى ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أرﻛﺎن ،ﻫﻲ :اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر
)اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ( ،واﻟﺿرر ،واﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر واﻟﺿرر) .(2وﻣﺎ ﯾﻬﻣﻧﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ
)(1
اﻧظر :اﻟﻣﺎدة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟدﺳﺗور اﻟطﺑﻲ اﻷردﻧﻲ ﻟﺳﻧﺔ 1989م.
)(2
اﻟﺳرﺣﺎن ،ﻋدﻧﺎن ،وﺧﺎطر ،ﻧوري ) .(2008ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ – ﻣﺻﺎدر اﻟﺣﻘوق اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،اﻻﻟﺗزاﻣﺎت ،دار
اﻟﺛـﻘﺎﻓﺔ ،ﻋﻣﺎن ،ط ،1اﻹﺻدار اﻟﺛﺎﻟث ،ص.357
2
(287ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ رﻗم ) (43ﻟﺳﻧﺔ 1976م ،وﻗد ﺗﻧﺎول ﻓﯾﻬﺎ اﻷﻋﻣﺎل ﻏﯾر اﻟﻣﺷروﻋﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎل واﻷﻋﻣﺎل ﻏﯾر اﻟﻣﺷروﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔس ،وﻣن ﺛم أورد ﻓﻲ ﺑﻌض ﻫذﻩ اﻟﻣواد
أردﻧﻲ ،ﻛﻣﺎ ﺑﺣث ﻓﻲ ﺻور ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ وﻣﻧﻬﺎ اﻷﺷﯾﺎء واﻵﻻت ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (291ﻣدﻧﻲ
أردﻧﻲ.
ﻟذا ﺳﺄﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ وﺳﺄﺣﺎول ﺑﯾﺎن ﻣدى ﻣﺳﺎءﻟﺔ
اﻟطﺑﯾب ﻋن ﺧطﺄﻩ اﻟﺷﺧﺻﻲ وﻋن ﺧطﺄ اﻟﻐﯾر اﻟذي ﯾﻌﻣل ﺗﺣت إﻣرﺗﻪ ،وﺑﯾﺎن ﺣﺎﻻت ﻗﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻓﻲ ﻫﺎﺗﯾن اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن ،وﻛذﻟك ﺳﺄﺣﺎول ﺑﯾﺎن ﻣدى ﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟطﺑﯾب وﻓ ًﻘﺎ ﻟﺣﺎﻻت
اﻟﻣﺷرع
ﺣﯾث إﻧﻪ ﻻ ﯾوﺟد ﻓﻲ اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣﺎ ﯾدل ﺑﺷﻛل ﺻرﯾﺢ أو ﺿﻣﻧﻲ ﻋﻠﻰ أن ّ
اﻷردﻧﻲ ﻗد أﻗر ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﺑﻣوﺟب ﻗﺎﻧون ﺧﺎص ،وأن ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟطﺑﯾﺔ – رﻏم
وﻣن ﺛم ﺗﻛﻣن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﻓﻲ ﻋدم وﺟود ﺗﻧظﯾم ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺧﺎص ﯾﻌﺎﻟﺞ اﻷﺧطﺎء
وﻣن ﯾﻌﻣل ﺗﺣت إﻣرﺗﻪ واﻟﺗﻲ ﺗﺣدث أﺿ ارراً ﺑﺎﻟﻐﯾر ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ
اﻷﺧطﺎء اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻟطﺑﯾب َ ْ
3
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋن اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر ،ﻟﻧرى ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﺗﻠك اﻟﻘواﻋد ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﺗﺣﻛم اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺻﺎدرة ﻋن
اﻟطﺑﯾب أم أن ﺗﻠك اﻟﻘواﻋد ﻻ ﺗﺗﻼءم ﻣﻊ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ وﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻋرﻗﻠﺔ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ واﻟﻣﺳﺎس
ﺑﺳﻣﻌﺔ اﻷطﺑﺎء واﻹﺳﺎءة إﻟﯾﻬم ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗوﺟب ﻣﻌﻪ ﺿرورة وﺟود ﻗواﻋد ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺣﻛم ﺗﻠك اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ،
ﺑﺧﺎﺻﺔ إذا ﻣﺎ ﻋﻠﻣﻧﺎ أن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻟﯾس ﺑﺎﻟﺧطﺄ اﻟﻌﺎدي اﻟذي ﯾﻣﻛن ﺗدارﻛﻪ.
ﻛذﻟك ﺗﺛﺎر إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ أﺧرى ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي ﯾﺻﻠﺢ ﻟﻘﯾﺎم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ،ﻓﻬل
ﻓﻛرة اﻟﺧطﺄ ﺗﺻﻠﺢ ﻟذﻟك؟ أم أن ﻓﻛرة اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر ﻫﻲ اﻷﻛﺛر ﻣﻼءﻣﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل؟
.2ﺑﯾﺎن اﻷﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي ﯾﺻﻠﺢ ﻟﻘﯾﺎم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋن ﻓﻌﻠﻪ اﻟﺷﺧﺻﻲ وﻋن ﻓﻌل ﻏﯾرﻩ.
ﯾﻛﺗﺳب ﻣوﺿوع اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب أﻫﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ﻓﻲ وﻗﺗﻧﺎ
اﻟﺣﺎﺿر ،ﻛوﻧﻪ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺄﻣرﯾن ﻫﺎﻣﯾن ،ﻫﻣﺎ :ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن ﺣﺎل ﻣرﺿﻪ ﻣﻣﺎ ﻗد ﯾﺣدﺛﻪ اﻷطﺑﺎء
ﺟراء ﻋﻼﺟﻬم ﻣن أﺧطﺎء ﻗد ﯾﻛون ﻟﻬﺎ أﺛر ﺳﻲء ﻋﻠﻰ ﺣﯾﺎﺗﻪ ،وﺛﺎﻧﯾﻬﻣﺎ ،أن أﻣر ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻣرﯾض
ّ
ﯾرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ،وﻣن ﺛم ﻓﺈن ﻟﻠﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﺧﺻوﺻﯾﺔ ﺗﻣﯾزﻩ ﻋن ﺑﺎﻗﻲ
ﺑﻧﺻوص ﺧﺎﺻﺔ ،ﺑل ﺗرﻛﻬﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،وﻫذا اﻷﻣر ﻟﻪ أﻫﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ
وﺿرورة ﺳن ﻗﺎﻧون ﺧﺎص ﯾﻌﺎﻟﺞ اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ؛ ﻧظ ًار ﻟﺧﺻوﺻﯾﺗﻬﺎ ﻛﻣﺎ ﺳﺑق أن ذﻛرت آﻧﻔﺎً .
وﺗﻛﻣن أﻫﻣﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻣﻠﻲ اﻟذي ﻧﺷﻬدﻩ ،ﻓﻣن اﻟﻣﻼﺣظ أﻧﻪ ﻓﻲ
اﻵوﻧﺔ اﻷﺧﯾرة ﻛﺛرت اﻟدﻋﺎوى اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺎم أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء وﯾﻛون ﻣوﺿوﻋﻬﺎ ادﻋﺎء اﻟﻣرﯾض ﺑﺄن اﻟطﺑﯾب
ﻗد أﺧطﺄ ﻓﻲ ﻋﻼﺟﻪ ،ﻛذﻟك ﻧﻘ أر ﻓﻲ اﻟﺻﺣف اﻟﯾوﻣﯾﺔ واﻟﻣواﻗﻊ اﻹﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﻋن أﺧطﺎء وﺗﺣﻘﯾﻘﺎت
.5ﻣﺎ اﻷﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻟﻘﯾﺎم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋن اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ ،ﻫل ﻫو اﻟﺧطﺄ أم
اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر؟
.6ﻣﺎ ﻣدى ﻣﻼءﻣﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ ﻟﻠﺗطﺑﯾق
.7ﻣﺎ اﻷﺛر اﻟﻣﺗرﺗب ﻓﻲ ﺣﺎل ﺛﺑوت اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﺑﺣق اﻟطﺑﯾب أو َ ْﻣن ﯾﻌﻣل ﺗﺣت إﻣرﺗﻪ؟
5
.8ﻣﺎ ﻣدى ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ اﻟﻌﺎم واﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ اﻟﺧﺎص ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ،وﻣﺎ اﻟﺗﺄﺻﯾل اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ
-اﻟﺣدود اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ :ﺗﻘﺗﺻر اﻟﺣدود اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ أﺣد اﻷرﻛﺎن اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ،وﻣن ﺛم ﯾﺧرج ﻣن ﺣدودﻫﺎ
اﻟﺑﺣث ﻓﻲ رﻛن اﻟﺿرر ورﻛن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﺗﻘﺗﺻر ﺣدود ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﯾﺎن ﻣﺎﻫﯾﺔ
اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ وﻣﻌﯾﺎرﻩ وﺻورﻩ ٕواﺛﺑﺎﺗﻪ واﻷﺛر اﻟﻣﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ وﻣدى ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋﻧﻪ ،وﻧﻘﺻد
ﻫﻧﺎ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،وﻣن ﺛم ﯾﺧرج ﻣن ﻧطﺎق ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
-اﻟﺣدود اﻟزﻣﺎﻧﯾﺔ :ﻣن اﻟﻣﺗوﻗﻊ أن ﺗﺗﺿﺢ ﻣﻌﺎﻟم ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﺧﻼل اﻟﻔﺻل اﻟدراﺳﻲ اﻷول ﻣن
-اﻟﺣدود اﻟﻣﻛﺎﻧﯾﺔ :ﺗﻘﺗﺻر ﻫذﻩ اﻟﺣدود ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ اﻟﻧﺎﻓذ رﻗم ) (43ﻟﺳﻧﺔ
1976م وﻛذﻟك ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻷردﻧﻲ رﻗم ) (47ﻟﺳﻧﺔ 2008م وﺗﻌدﯾﻼﺗﻪ ،وﻛذﻟك
اﻟدﺳﺗور اﻟطﺑﻲ اﻷردﻧﻲ ﻟﺳﻧﺔ 1989م ،وﻗﺎﻧون ﻧﻘﺎﺑﺔ اﻷطﺑﺎء اﻷردﻧﯾﺔ رﻗم ) (13ﻟﺳﻧﺔ 1972م
وﺗﻌدﯾﻼﺗﻪ.
ﻻ ﺗوﺟد أﯾﺔ ﻗﯾود ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺣد ﻣن ﺗﻌﻣﯾم ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻷردﻧﯾﺔ اﻟﻬﺎﺷﻣﯾﺔ
-اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ :ﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺷﺧص اﻟذي ارﺗﻛب أﻣ ًار ﯾﺳﺗوﺟب إﻟزاﻣﻪ ﺑﺗﻌوﯾض ﻣﺎ ﺳﺑﺑﻪ ﻣن
ﺿرر ﻟﻠﻐﯾر).(2
-اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ :ﻫو ﻛل ﻧﺷﺎط ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ ﻛﯾﻔﯾﺔ وظروف ﻣﺑﺎﺷرﺗﻪ ﻣﻊ اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﻘررة ﻓﻲ ﻋﻠم
اﻟطب وﯾﺗﺟﻪ ﻓﻲ ذاﺗﻪ وﻓق اﻟﻣﺟرى اﻟﻌﺎدي ﻟﻸﻣور إﻟﻰ ﺷﻔﺎء اﻷﻣور) .(3وﯾﻌرف اﻟﺑﻌض ﺑﺄﻧﻪ:
ﻫو ﻛل ﻧﺷﺎط ﯾرد ﻋﻠﻰ ﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن ،أو ﻧﻔﺳﻪ وﯾﺗﻔق ﻓﻲ طﺑﯾﻌﺗﻪ وﻛﯾﻔﯾﺔ ﻣﺑﺎﺷرﺗﻪ ﻣﻊ اﻷﺻول
اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻟﻘواﻋد اﻟﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻧظرﯾﺎً وﻋﻠﻣﯾﺎً ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟطب وﯾﻘدم ﺑﻪ طﺑﯾب ﺑﻘﺻد اﻟﻛﺷف
واﻟﺗﺷﺧﯾص وﻋﻼج اﻟﻣرﯾض أو ﺗﺧﻔﯾف اﻵﻻم ﻋﻧﻪ أو اﻟﺣد ﻣﻧﻬﺎ ﺑﻬدف اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ
-اﻟﺧطﺄ :ﻫو اﻧﺣراف اﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺳﻠوﻛﻪ اﻟرﺟل اﻟﻣﻌﺗﺎد ﻣﺗوﺳط اﻟﺣرص ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ).(5
وﯾﺗطﻠب ﺗواﻓر رﻛﻧﯾن ﻫﻣﺎ :اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي )اﻟﺗﻌدي( ،واﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي )اﻹدراك واﻟﺗﻣﯾﯾز(.
-اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر :ﻫو اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻻﻟﺗزام اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﺑﻌدم اﻹﺿرار ﺑﺎﻟﻐﯾر .وﯾﺗطﻠب ﺗواﻓر رﻛن واﺣد،
)(1
ﻣرﻗس ،ﺳﻠﯾﻣﺎن ) .(1988اﻟواﻓﻲ ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ،ج ،2ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻣﺻر اﻟﺟدﯾدة ،ﻣﺻر ،ط ،1ص.1
)(2
اﻟﺟﺑوري ،ﯾﺎﺳﯾن ﻣﺣﻣد ) .(2011اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ ،ج ،1ﻣﺻﺎدر اﻟﺣﻘوق اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ،
دار اﻟﺛـﻘﺎﻓﺔ ،ﻋﻣﺎن ،ط ،2ص.498
)(3
اﻟﻣﺟﺎﻟﻲ ،ﻧظﺎم ﺗوﻓﯾق ) .(1998ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ،اﻟﻘﺳم اﻟﻌﺎم ،دار اﻟـﺛﻘﺎﻓﺔ ،ﻋﻣﺎن ،ط ،1ص.193
)(4
اﻟﻛﺎﯾد ،أﺳﺎﻣﺔ ﻋﺑد اﷲ ) .(2010اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ﻣﺻر ،ط،2
ص.8
)(5
اﻟﺻ ارﯾرة ،أﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ) .(2012اﻟﺗﺄﻣﯾن ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ،
دار واﺋل ،ﻋﻣﺎن ،ط ،1ص.24
)(6
ﺳﻠطﺎن ،أﻧور ) .(1987ﻣﺻﺎدر اﻻﻟﺗزام ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻣﻧﺷورات
اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷردﻧﯾﺔ ،ﻋﻣﺎن ،ط ،1ص.299-298
7
-اﻟطﺑﯾب :ﻫو أي طﺑﯾب ﻣرﺧص ﻟﻪ ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟطب ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ أﺣﻛﺎم اﻟﻘواﻧﯾن واﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻣﻌﻣول
ﺑﻬﺎ).(1
-اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﻣﺎدي )اﻟﻌﺎدي( :ﻫو اﻟﺧطﺄ اﻟذي ﻻ ﺻﻠﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﻷﺻول اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطب).(2
-اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﻣﻬﻧﻲ )اﻟﻔﻧﻲ( :ﻫو اﻟﺧطﺄ اﻟذي ﯾﺧرج ﻓﯾﻪ اﻟطﺑﯾب ﻋﻠﻰ اﻷﺻول واﻟﻘواﻋد
اﻟﻔﻧﯾﺔ).(3
ﺗﻘﺳم ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ إﻟﻰ ﺧﻣﺳﺔ ﻓﺻول رﺋﯾﺳﺔ ،ﯾﺗﻧﺎول اﻟﻔﺻل اﻷول ﻣﻘدﻣﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠدراﺳﺔ،
وﯾﺧﺻص اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟﺑﯾﺎن ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ وﻓﯾﻪ ﻣﺑﺣﺛﯾن ،ﯾﺗﻧﺎول اﻟﻣﺑﺣث اﻷول ﺗﻌرﯾف
اﻟﺧطﺄ وﺑﯾﺎن ﻋﻧﺎﺻرﻩ وﻣﻌﯾﺎرﻩ ،وﯾﺑﺣث اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺧﺻوﺻﯾﺎت اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ،وﯾﺗﻧﺎول
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث ﻧطﺎق اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن اﻟﺧطﺄ؛ وﻓﯾﻪ ﻣﺑﺣﺛﯾن ،ﯾﺗﻧﺎول اﻟﻣﺑﺣث اﻷول
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن أﻓﻌﺎﻟﻪ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﯾﺧﺻص اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟﺑﯾﺎن ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ
ﻋن اﻟﻐﯾر وﻋن اﻷﺷﯾﺎء ،وﯾﺗﻧﺎول اﻟﻔﺻل اﻟراﺑﻊ ﻣن اﻟدراﺳﺔ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻧﺎظﻣﺔ ﻵﺛﺎر اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ
ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن اﻟﺧطﺄ؛ وﻓﯾﻪ ﻣﺑﺣﺛﯾن ،ﯾﺗﻧﺎول اﻟﻣﺑﺣث اﻷول دﻋوى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،وﯾﺗﻧﺎول اﻟﻣﺑﺣث
اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺟزاء اﻟﻣﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﺛﺑوت اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ )اﻟﺗﻌوﯾض( ،وﯾﺧﺻص اﻟﻔﺻل اﻟﺧﺎﻣس ﻟﻠﺧﺎﺗﻣﺔ
واﻟﻧﺗﺎﺋﺞ واﻟﺗوﺻﯾﺎت.
-ﻋزام ،ﺣﻣد ﻓﺧري ) :(2005اﻟﺿواﺑط اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ ،ﻣﺟﻠﺔ ﻣؤﺗﺔ ﻟﻠﺑﺣوث
ﺗﻧﺎول اﻟﺑﺎﺣث ﺿواﺑط اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ اﻟﺗﻲ ﺷرع ﻣن أﺟﻠﻬﺎ ﻫذا اﻟﻌﻣل وﻫﻲ ﺳﻼﻣﺔ اﻹﻧﺳﺎن
وأﻋﺿﺎﺋﻪ ودﻓﻊ اﻟﻣﻔﺎﺳد ﻋﻧﻬﺎ ﻣﺎ أﻣﻛن ،وﻟم ﯾﺑﺣث ﻓﻲ رﻛن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ،اﻷﻣر اﻟذي ﺗﺑﺣث ﻓﯾﻪ
-أﺑو ﺳرور ،أﺳﻣﺎء ﻣوﺳﻰ ) :(2006رﻛن اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر،
ﺗﻧﺎوﻟت ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ وﻗواﻋدﻫﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﻘﺎﻧون
اﻟوﺿﻌﻲ ،وﺗﻛﻠﻣت ﻋن ﻣﻔﻬوم اﻟﺧطﺄ وأﻧواﻋﻪ وأوﺻﺎﻓﻪ وأرﻛﺎﻧﻪ ،وﻣﺎ ﯾﻣﯾز اﻟدارﺳﺔ اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ﻋن
اﻟدراﺳﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻛون اﻷوﻟﻰ ﺗﺑﺣث ﻓﻲ ﺟزﺋﯾﺔ ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﻫﻲ اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ وﻟﯾس اﻟﺧطﺄ ﺑﺻورة
ﻋﺎﻣﺔ ،ﻣﻊ ذﻟك ﻓﺈن اﻟدراﺳﺔ اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ﺳوف ﺗﺳﺗﻔﯾد ﻣن اﻟدراﺳﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟﻣذﻛورة ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻌﺎﻣﺔ
-أﺑو زﯾد ،ﺳﻌد ) :(2008اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺟراح ﻋن أﺧطﺎﺋﻪ وأﺧطﺎء ﻣﺳﺎﻋدﯾﻪ ﻓﻲ
ﺗﻧﺎوﻟت ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح ﻋن أﺧطﺎﺋﻪ وأﺧطﺎء ﻣﺳﺎﻋدﯾﻪ
ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣن ﺣﯾث ﺑﯾﺎن ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ وأﻗﺳﺎﻣﻬﺎ وأرﻛﺎﻧﻬﺎ وأﺳﺎﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ وآﺛﺎرﻫﺎ،
وﻣﺎ ﯾﻣﯾز اﻟدراﺳﺔ اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ﻋن اﻟدراﺳﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟﻣذﻛورة ﻛوﻧﻬﺎ ﺗﺑﺣث ﻓﻲ رﻛن واﺣد ﻣن أرﻛﺎن
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻫو رﻛن اﻟﺧطﺄ دون ﺳواﻩ ،ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟدراﺳﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﺑﺣﺛت ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ
اﻷرﻛﺎن واﻷﺣﻛﺎم اﻟﻧﺎظﻣﺔ ﻟﻬﺎ ،ﻟذا ﻓﺈن اﻟدراﺳﺔ اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ﺗﺧرج ﻋن اﻹطﺎر اﻟﺗﻘﻠﯾدي اﻟﻣﺄﻟوف وذﻟك
9
ﻟﻛوﻧﻬﺎ ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ وﻣﻌﻣﻘﺔ ﻓﻲ ﺗﻧﺎول اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻓﻘط ﻣن ﺣﯾث ﺑﯾﺎن ﻣﻔﻬوﻣﻪ وﻣﻌﯾﺎرﻩ وﺻورﻩ
ٕواﺛﺑﺎﺗﻪ وأﺛرﻩ.
اﻟزﻏﯾب ،ﺑدر ﻣﺣﻣد ) :(2011اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن اﻷﺧطﺎء اﻟطﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل
ﺗﻧﺎوﻟت اﻟدراﺳﺔ ﻣﻔﻬوم اﻟﺗﻠﻘﯾﺢ اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ وﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﻠﻘﯾﺢ
وﺣﺎﻻﺗﻪ ،وﺻورﻩ ،وﻧطﺎق ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﺳواء أﻛﺎن اﺗﺟﺎﻩ أﻓﻌﺎﻟﻪ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ أم اﺗﺟﺎﻩ
اﻟﻐﯾر ،وﻋن اﻷﺷﯾﺎء ،وﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺎﺋل ﺳﺗﻛون ﻣﺣل دراﺳﺔ ﺗﻔﺻﯾﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدراﺳﺔ اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ.
-اﻟﻣري ،ﺧﺎﻟد ﻋﻠﻲ ﺟﺎﺑر ) :(2013اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ ﺑﯾن اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ
ﺗﻧﺎوﻟت اﻟدراﺳﺔ اﻟﺗطور اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ﻗﺑل اﻹﺳﻼم وﺑﻌدﻩ وﻛذﻟك
ﺑﺣﺛت ﻓﻲ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ وأرﻛﺎﻧﻬﺎ وآﺛﺎرﻫﺎ ،وﺗﺗﻣﯾز اﻟدراﺳﺔ اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ﻛوﻧﻬﺎ
ﺗﺑﺣث ﻓﻲ رﻛن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻓﻘط ،ﻟذﻟك ﻟن ﺗﺑﺣث ﻓﻲ رﻛن اﻟﺿرر ورﻛن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﺳﺗﻌﺗﻣد اﻟدراﺳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟوﺻﻔﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ اﻟﻣﻘﺎرن ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﻋرض اﻟﻧﺻوص
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻷردﻧﻲ ذات اﻟﺻﻠﺔ ﺑﻣوﺿوع ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ،وﻣن ﺛم ﺗﺣﻠﯾﻠﻬﺎ ٕواﺑداء اﻟرأي
اﻟﺷﺧﺻﻲ ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ ،وﻛذﻟك ﺑﯾﺎن ﻣوﻗف اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ وﻗﺿﺎء ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﻣن ﻣوﺿوع
ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ.
10
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻣﺎھﯾﺔ اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ
ﯾﺟب أن ﯾﺗواﻓر إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ رﻛﻧﻲ اﻟﺿرر وﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ واﻟﺿرر،
وﻫﻲ اﻷرﻛﺎن اﻟﺛﻼﺛﺔ اﻟواﺟب ﺗواﻓرﻫﺎ ﺑﺻدد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺳواء ﻛﺎﻧت ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ أم
ﻋﻘدﯾﺔ ،وﯾﻧوﻩ اﻟﺑﺎﺣث أن اﻟﺿرر وﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﯾﺧرﺟﺎن ﻣن ﻧطﺎق ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ.
وﻧظراً ﻟﻣﺎ ﯾﻛﺗﺳﺑﻪ اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻣن أﻫﻣﯾﺔ وﺧﺻوﺻﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﺑﺳﺑب
ﺗﻣﯾز ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻬﺎ ،ﻓﻘد ﺧﺻﺻﻧﺎ ﻟﻪ دراﺳﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ،ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟﺿرر وﻋﻼﻗﺔ
وﻟﻠوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ،ﻻ ّﺑد ﻣن اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﻪ ،وﺑﯾﺎن ﺧﺻوﺻﯾﺎﺗﻪ ،ﻟذا ﺳﺄﻗﺳم
ﻫذا اﻟﻔﺻل إﻟﻰ ﻣﺑﺣﺛﯾن؛ أﺗﻧول ﻓﻲ اﻷول اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﺎﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ،ﻓﻲ ﺣﯾن أﺗﻧﺎول ﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻟﻣﺑﺣث اﻷول
إن اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﺎﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﯾﺗطﻠب ﺑﯾﺎن ﻣﻌﻧﺎﻩ ،وأﻧواﻋﻪ ،وﻋﻧﺎﺻرﻩ ،وﻣﻌﯾﺎرﻩ ،ﻟذا ﺳﺄﺗﻧﺎول
اﻟﻣطﻠب اﻷول
ﺳﺄﺑﺣث ﻓﻲ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺧطﺄ ﻟﻐﺔً ،وﻓﻲ اﻻﺻطﻼح ،وﻣن ﺛم ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون واﻟﻔﻘﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،وذﻟك
ﯾﻌرف اﻟﺧطﺄ ﻟﻐﺔً ﺑﺄﻧﻪ :ﺿد اﻟﺻواب ،وﺿد اﻟﻌﻣد ،وﺿد اﻟواﺟب) ،(1وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ
أن ﻓﻘﻬﺎء اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻟم ﯾﺳﺗﻌﻣﻠوا ﻣﺻطﻠﺢ "اﻟﺧطﺄ" ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻌروف ﺑﻪ ﻋﻧد ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻘﺎﻧون،
ٕواﻧﻣﺎ اﺳﺗﻌﻣﻠوا ﻣﺻطﻠﺢ "اﻟﺗﻌدي" واﻟذي ﻻ ﯾﻌطﻲ ﻧﻔس ﻣﻌﻧﻰ "اﻟﺧطﺄ" اﻟذي ﻗﺻدﻩ ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻘﺎﻧون)،(2
ّع اﻷردﻧﻲ ﺗﺄﺛر ﺑﺎﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ إذ أﻗﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس
ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣﺷر
)(1
اﻟﻣﻧﺟد ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ واﻷﻋﻼم ) .(1987دار اﻟﻣﺷرق ،ﺑﯾروت ،ط ،10ص.186
)(2
ﻋﻠﻲ ،ﺑوﺻوﻓﺔ ) .(2013اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠﺻﯾدﻟﻲ ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﺟﺎﻣﻌﺔ آل اﻟﺑﯾت،
اﻷردن ،ص.70
12
ﯾﻌرف اﻟﺧطﺄ اﺻطﻼﺣﺎً ﻋﻧد اﻟﺑﻌض ﺑﺄﻧﻪ" :ﻓﻌل أو ﻗول ﯾﺻدر ﻋن اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻘﺻد ﺑﺳﺑب
وﺑرأي اﻟﺑﺎﺣث أن ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف ﯾﺑﻧﻲ ﻓﻛرة اﻟﺧطﺄ ﻋﻠﻰ رﻛﻧﯾن أﺣدﻫﻣﺎ ﻣﺎدي وﻫو اﻟﻔﻌل أو
اﻟﻘول ،واﻵﺧر ﻣﻌﻧوي وﻫو اﻹدراك أو اﻟﻘﺻد ،ﻛﻣﺎ ﻋرف اﻟﺑﻌض اﻟﺧطﺄ اﺻطﻼﺣﺎً ﺑﻘوﻟﻪ" :ﻫو ﻣﺎ
ﻟﯾس ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻓﯾﻪ ﻗﺻد") ،(2وﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف ﺑرأي اﻟﺑﺎﺣث أﻗﺎم اﻟﺧطﺄ ﻋﻠﻰ رﻛن واﺣد ﻫو اﻟرﻛن
اﻟﻣﺎدي دون اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي ﺑﺧﻼف ﻣﺎ رأﯾﻧﺎﻩ ﻓﻲ اﻟﺗﻌرﯾف اﻷول ﺳﺎﺑق اﻟذﻛر.
ﺳﺄﺑﯾن ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺧطﺄ ﺑﺷﻛل ﻋﺎم ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون واﻟﻔﻘﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،وﻣن ﺛم ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ.
اﻟﻣﺷرع اﻷردﻧﻲ أي ﺗﻌرﯾف ﻟﻠﺧطﺄ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺳواء ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ أم ﺑﺎﻟﻘواﻧﯾن
ﻟم ﯾورد ّ
ﻣرﺟﻌﻬﺎ اﻟﺿﻣﯾر اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ،إذ إن اﻹﻧﺳﺎن ﯾﻌرف ﻣﺗﻰ ُ ﯾﺧطﺊ وﻣﺗﻰ ﯾُﺻﯾب ،ﻓﺎﺳﺗﻌﯾرت ﻫذﻩ اﻟﻔﻛرة
)(1
اﻟﺑﺧﺎري ،ﻋﻼء اﻟدﯾن ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺑن أﺣﻣد )1418ﻫـ 1997 -م( ،ﺗﺣﻘﯾق ﻋﺑد اﷲ ﻣﺣﻣود ﻣﺣﻣد ،ج،4
ص ،534ﻣﺷﺎراً إﻟﯾﻪ ﻟدى :اﻟﺣﺳن ،ﻣﯾﺎدة ﻣﺣﻣد ) .(2014اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ،ﺑﺣث ﻣﻧﺷور ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﻣﺎم ﻣﺣﻣد
ﺑن ﺳﻌود اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻋﺑر اﻟﻣوﻗﻊ اﻵﺗﻲ ،http://content.imamu.edu.sa :ص.2
)(2
اﻟدرﯾوﯾش ،أﺣﻣد ﺑن ﯾوﺳف ) .(1999ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب وأﺣﻛﺎﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻘﺎﻧون واﻻﻗﺗﺻﺎد،
اﻟرﯾﺎض ،ﻣﺷﺎراً إﻟﯾﻪ ﻟدى :اﻟﻣري ،ﺧﺎﻟد ﻋﻠﻲ ﺟﺎﺑر ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.44
13
أﺳﺎﺳﺎ ﻟﻠﻣﻌﯾﺎر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﺗﺣدﯾد اﻟﺧطﺄ) ،(1ﻏﯾر أﻧﻬم ﻣﺎ ﻟﺑﺛوا أن اﺳﺗﺑدﻟوا ﻫذا اﻟﻣﻌﯾﺎر
ً واﺗﺧذ ﻣﻧﻬﺎ
أﻣﺎ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﺣدﯾث ﻟم ﯾﻔرق ﻓﻲ ﺗﻌرﯾف اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ أو اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،ﻓﺄﺧذ ﺑﺗﻌرﯾف واﺣد ﻟﻠﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺗﯾن ،وﻟﻛﻧﻬم اﺧﺗﻠﻔوا ﻓﻲ ﺗﻌرﯾﻔﻪ ،ﻓﻣﻧﻬم ﻣن ﻋرﻓﻪ
ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " ﺗﻘﺻﯾر ﻓﻲ ﻣﺳﻠك اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾﻘﻊ ﻣن ﺷﺧص ﯾﻘظ وﺟد ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟظروف اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ
أﺣﺎطت ﺑﺎﻟﻣﺳؤول") ،(3وﻣﻧﻬم ﻣن ﻗﺎل ﺑﺄﻧﻪ" :اﻹﺧﻼل ﺑواﺟب ﺳﺎﺑق") .(4وﯾﻌرف اﻟﺧطﺄ اﻟﻌﻘدي ﺑﺄﻧﻪ:
وﻫﻧﺎك ﻣن ﯾﻌرﻓﻪ ﺑﺄﻧﻪ" :اﻧﺣراف إﯾﺟﺎﺑﻲ أو ﺳﻠﺑﻲ ﻓﻲ ﺳﻠوك اﻟﻣدﯾن ﯾؤدي إﻟﻰ ﻣؤاﺧذﺗﻪ،
ﻋرف اﻟﺧطﺄ اﻟﻌﻘدي ﺑﺄﻧﻪ " :ﻋدم ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻘد اﻟﻛﻠﻲ أو اﻟﺟزﺋﻲ أو ﻛﻣﺎ ّﺗم
ﻛﻣﺎ أن اﻟﺑﻌض ّ
اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﯾﻪ").(7
ﻫذا وﯾُ ﻌد ﻣوﺿوع اﻟﺧطﺄ أﺳﺎﺳﺎً ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ،وﺗﺷﺗرطﻪ
ﺑﻌض اﻟﻘواﻧﯾن ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ) ،(1وﻻ ﺗﺷﺗرطﻪ ﻗواﻧﯾن أﺧرى ﻛﺎﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ ،إذ
)(1
اﻷﺑراﺷﻲ ،ﺣﺳن زﻛﻲ ،ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷطﺑﺎء واﻟﺟراﺣﯾن اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻣﺻري واﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻘﺎرن ،دار اﻟﻧﺷر
ﻟﻠﺟﺎﻣﻌﺎت اﻟﻣﺻرﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،دون ﺳﻧﺔ ﻧﺷر ،ص.112
) (2ﻛﺎﺑﯾﺗﺎن وﺗرﯾﺑر ،ﻧﻘﻼً ﻋن :اﻷﺑراﺷﻲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.113
)(3
اﻟﻔﻘﯾﻪ ﻣﺎزو ،ﻣﺷﺎر إﻟﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﺗوﻧﺟﻲ ،ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ) .(1966اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ
وﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺳوري واﻟﻣﺻري واﻟﻔرﻧﺳﻲ ،ﺣﻠب ،ط ،1ص.257
) (4اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،وﻓﯾﻪ ﯾﺷﯾر إﻟﻰ اﻟﻔﻘﯾﻪ ﺑﻼﻧﯾول ،ص.257
)(5
اﻟﺳﻧﻬوري ،اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ،ﻧظرﯾﺔ اﻻﻟﺗزام ﺑوﺟﻪ ﻋﺎم ،ج ،2دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ط،2
ص.536
)(6
ﺳﻠطﺎن ،أﻧور ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.232
)(7
ﻣﻠﻛﺎوي ،ﺑﺷﺎر ) .(2009اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﺷرح ﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ ،ﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻘد ،ط ،3دار واﺋل ﻟﻠﻧﺷر
واﻟﺗوزﯾﻊ ،ﻋﻣﺎن ،ص.79
14
ﯾﻛﻔﻲ أن ﯾﻛون اﻟﻔﻌل ﺿﺎ ًار ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،وﻫذا ﻣﺎ أﺷﺎرت إﻟﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ) (256ﻣدﻧﻲ
اﻟﻣﺷرع
ﻣﻧﻪ ﺑﻘوﻟﻬﺎ" :ﻛل إﺿرار ﺑﺎﻟﻐﯾر ﯾﻠزم ﻓﺎﻋﻠﻪ وﻟو ﻏﯾر ﻣﻣﯾز ﺑﺿﻣﺎن اﻟﺿرر" ،وﻣﻌﻧﻰ ذﻟك أن ّ
اﻷردﻧﻲ ﻻ ﯾﺗطﻠب رﻛن اﻹدراك وﻫو اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي ﻟﻠﺧطﺄ ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،واﻛﺗﻔﻰ ﻓﻘط
اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻫو ﺻورة ﻣن ﺻور اﻟﺧطﺄ ﺑوﺟﻪ ﻋﺎم ،وﯾدﺧل ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ
اﻟطﺑﯾﺔ.
وﻗد ﺗﻧﺎول اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﺗﻌرﯾﻔﺎت ﻋدﯾدة ﻟﻠﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ،ﻓﻌرﻓﻪ اﻟﺑﻌض ﺑﺄﻧﻪ" :إﺧﻼل ﻣن
اﻟطﺑﯾب ﺑواﺟﺑﻪ ﺑﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﻣﺗﻔﻘﺔ ﻣﻊ أﺻول اﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ اﻟﻣﺳﺗﻘرة ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟطب").(2
وﯾﻌرﻓﻪ اﻟﺑﻌض اﻵﺧر ﺑﺄﻧﻪ " :ﻧﻘص ذاﺗﻲ ٕواﺧﻼل ﺑﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣﻬﻧﺔ وﻋدم ﺗطﺎﺑﻘﻬﺎ ﻣﻊ
اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ").(3
وﯾﻌرف ﺟﺎﻧب آﺧر اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﺑﺄﻧﻪ" :ﺗﻘﺻﯾر ﻓﻲ ﻣﺳﻠك اﻟطﺑﯾب ﻻ ﯾﻘﻊ ﻣن طﺑﯾب ﯾﻘظ
ﺣذر ،وﺟد ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟظروف اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ وﺟد ﻓﯾﻬﺎ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﺳؤول").(4
ﻛﻣﺎ ﯾﻌرف اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﺑﺄﻧﻪ" :ﻋدم ﻗﯾﺎم اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﻓرﺿﺗﻬﺎ ﻋﻠﯾﻪ
)(1
ﻣﺛﺎل ذﻟك اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﻣﺻري رﻗم ) (131ﻟﺳﻧﺔ 1948م ،ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (163ﻣﻧﻪ اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أن" :ﻛل
ﺧطﺄ ﯾﺳﺑب ﺿرراً ﻟﻠﻐﯾر ﯾﻠزم ﻣن ارﺗﻛﺑﻪ ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض".
)(2
ﻋﻣﺎن اﻷﻫﻠﯾﺔ ،اﻟﺳﻠط ،اﻷردن ،ص.13
اﻟﻔﺿل ،ﻣﻧذر ) .(1993اﻟﻣﺳ ؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ،ﻣﻛﺗﺑﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ّ
)(3
ﻋﻠﻲ ،ﺑوﺻوﻓﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.47
)(4
اﻟﻣري ،ﺧﺎﻟد ﻋﻠﻲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.50
)(5
اﻧظر ﺑﺣث ﺑﻌﻧوان" :أرﻛﺎن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب وﻧطﺎﻗﻬﺎ" ،ص ،3ﻣﻧﺷور ﻋﺑر ﻣﻧﺗدﯾﺎت ﺳﺗﺎر ﺗﺎﯾﻣز
.http://www.startimes.com
15
ﻛذﻟك ﯾﻌرف اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﺑﺄﻧﻪ" :اﻟذي ﯾﻧﺟم ﻋن ﻋدم ﻗﯾﺎم اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﻔرﺿﻬﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻬﻧﺗﻪ ،واﻟذي ﯾﺣوي ﻓﻲ طﯾﺎﺗﻪ طﺑﯾﻌﺔ ﺗﻠك اﻻﻟﺗزاﻣﺎت ﻟﻠطﺑﯾب ،واﻟﺗﻲ ﻣﻧﺷؤﻫﺎ ذﻟك
اﻟواﺟب اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﺑﻌدم اﻹﺿرار ﺑﺎﻟﻐﯾر ،ﺑل اﻟﻣرﺟﻊ ﻓﯾﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣددﻫﺎ وﺗﺑﯾن
ﻣداﻫﺎ").(1
أﻣﺎ اﻟﺗﻌرﯾف اﻟذي ﯾﻘﺗرﺣﻪ اﻷﺳﺗﺎذ أﺳﺎﻣﺔ ﻋﺑد اﷲ ﻗﺎﯾد ﻟﻠﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ،ﻓﻬو" :ﻛل ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ أو
ﺧروج ﻣن اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﺳﻠوﻛﻪ ﻋن اﻟﻘواﻋد واﻷﺻول اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻬﺎ اﻟﻌﻠم أو اﻟﻣﺗﻌﺎرف
ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻧظرًﯾﺎ وﻋﻠﻣﯾﺎً وﻗت ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ،أو إﺧﻼﻟﻪ ﺑواﺟﺑﺎت اﻟﺣﯾطﺔ واﻟﺣذر واﻟﯾﻘظﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﻘدم ﻣن ﺗﻌرﯾﻔﺎت ﻟﻠﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ،ﯾﺗﺿﺢ ﻟﻠﺑﺎﺣث ﺑﺄن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻫو إﺧﻼل
ﻓﻲ ﺿوء ﻣﺎ ّ
اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ اﻟﻣﻌﺗرف ﺑﻬﺎ ،واﻟﺗﻲ ﯾﺗﺣﺗم ﻋﻠﻰ ﻛل طﺑﯾب ﻋﺎدي اﻹﻟﻣﺎم ﺑﻬﺎ،
وﺳﺑب ﻫذا اﻹﺧﻼل ﻗد ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ ﺗﺳرع اﻟطﺑﯾب ،أو إﻫﻣﺎﻟﻪ أو ﻋدم أﺧذﻩ ﻟﻠﺣﯾطﺔ واﻟﺣذر اﻟﻼزﻣﯾن
أﺛﻧﺎء اﻟﺗﺷﺧﯾص ،وﻋدم اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻪ ﻟﻠوﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﯾﺿﻌﻬﺎ اﻟﻌﻠم ﺗﺣت ﺗﺻرﻓﻪ ،وﻫو ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻪ ﻣوﺟﺑﺎً
ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ.
)(1
اﻟدﯾﻧﺎﺻوري ،ﻋز اﻟدﯾن واﻟﺷوارﺑﻲ ،ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ) .(2012اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء ،ﺷرﻛﺔ
اﻟﺟﻼل ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ ،اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ،ط ،4ص.1412
)(2
ﻗﺎﯾد ،أﺳﺎﻣﺔ ﻋﺑد اﷲ ) .(1990اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة،
ص.224
16
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
إن ﺗﻌرﯾف اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﯾؤدي ﺑﻧﺎ إﻟﻰ ﺑﯾﺎن أﻧواﻋﻪ ،وﻣن ﺛم ﻋﻧﺎﺻرﻩ ،ﻟذا ﺳﺄﻗﺳم ﻫذا
درج ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺳﯾم اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ إﻟﻰ أﺧطﺎء ﻣﺎدﯾﺔ أو ﻋﺎدﯾﺔ،
إذاً ﻫﻧﺎك ﻧوﻋﺎن ﻣن اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل؛ ﻫﻣﺎ :اﻟﺧطﺄ اﻟﻌﺎدي ،واﻟﺧطﺄ اﻟﻣﻬﻧﻲ )اﻟﻔﻧﻲ(
إذا ﺑذل ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻣن اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ ﻛل ﻣﺎ ﯾﺑذﻟﻪ طﺑﯾب ﻋﺎدي آﺧر ﺣﺗﻰ ﻟو ﻟم ﯾﺗﺣﻘق اﻟﻐرض اﻟﻣﻘﺻود،
وﻫذا ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﻐﻠط أﻣر ﻣﺳﻣوح ﺑﻪ ﻧظ ًار ﻟﻠﺗطورات اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺳرﯾﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟطب ،وﻛذا ﻛﺛرة
اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ،وظﻬور أﺟﻬزة طﺑﯾﺔ ﺣدﯾﺛﺔ ،وﻣن ﺛم ﻓﺈن ﺗوﺳﻊ ﻣﺟﺎل اﻟطب وﺗطورﻩ ﻗد ﯾﺟﻌل اﺳﺗﻌﻣﺎل
ﺑﻌض اﻟوﺳﺎﺋل أو ﻣﻌرﻓﺔ ﺑﻌض طرق اﻟﻌﻼج اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ ﻣﻌﺎﯾﯾر ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ،وأن اﻧﺗﻬﺎك
ﻗواﻋد اﻟطب وﻛﻣﺎ ﺗوﺻل إﻟﯾﻪ ﻫذا اﻟﻌﻠم ﯾﺷﻛل ﺧطﺄ طﺑﯾﺎً ،وﻟﺗﻣﯾﯾز ﺣﺎﻟﺔ وﻗوع ﺧطﺄ طﺑﻲ ،ﻓﺈن
ﻓﺎﻟﺧطﺄ اﻟﻌﺎدي ﻫو ﻣﺎ ﯾﺻدر ﻣن اﻟطﺑﯾب ﻛﻐﯾرﻩ ﻣن اﻟﻧﺎس أي ﻓﻌل ﻣﺎدي ﯾﻛون ارﺗﻛﺎﺑﻪ
ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟواﺟب اﻟﺣرص اﻟﻣﻔروض ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎس ﻛﺎﻓﺔ ،ﻛﺈﺟراء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺟراﺣﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻛر ،أو
اﻹﻫﻣﺎل ﻓﻲ ﺗﺧدﯾر اﻟﻣرﯾض ﻗﺑل اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ،أﻣﺎ اﻟﺧطﺄ اﻟﻣﻬﻧﻲ ﻓﻬو ﻣﺎ ﯾﺗﺻل ﺑﺎﻷﺻول اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣﻬﻧﺔ،
)(1
ﻣﻧﺻور ،ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ) .(2013اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ،دار اﻟﻣﻌﺎرف ،اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ،ﻣﺻر ،ص.14
)(2
ﻣﻧﺻور ،ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.17-16
17
وﻧظراً ﻟﺻﻌوﺑﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ اﻟﻔﻧﻲ واﻟﺧطﺄ اﻟﻌﺎدي ،ﻓﺈن ﻫذا
اﻟﺗﻣﯾﯾز ﻻ ﯾﺳﺗﻧد إﻟﻰ أﺳﺎس ﻗﺎﻧوﻧﻲ ،ﻷن اﻟﻘﺎﻧون ﻻ ﯾﻔرق ﺑﯾن اﻟﻧوﻋﯾن ﻣن اﻟﺧطﺄ وﻻ ﯾﺗطﻠب درﺟﺔ
أﺷد ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺧطﺄ اﻟﻣﻬﻧﻲ ﻟﺗرﺗﯾب ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ،ذﻟك ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗدﺧل ﻓﻲ
ﻓﺣص اﻟﻧظرﯾﺎت واﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟطﺑﯾﺔ وﺗﺣﺻر ﻣﻬﻣﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻛﺷف ﻋﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻗد وﻗﻊ ﻣن اﻟطﺑﯾب
ﻣﺳﺗﺧﻠﺻﺎ ﻣن وﻗﺎﺋﻊ
ً اﺿﺣﺎ أي
ﺧطﺄ ﻣﻬﻧﻲ أم ﻻ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺷﺗرط اﻟﻘﺿﺎء أن ﯾﻛون اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ و ً
طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﻬﻧﺔ).(1
اﻟظﺎﻫرة ﺑﺣﯾث ﯾﺗﻧﺎﻓﻰ ﻫذا اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ذاﺗﻪ ﻣﻊ اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﻘررة ً
وﺑرﺟوﻋﻧﺎ إﻟﻰ ﻗﺎﻧون ﻧﻘﺎﺑﺔ اﻷطﺑﺎء اﻷردﻧﯾﺔ رﻗم ) (13ﻟﺳﻧﺔ 1972م ،ﻧﺟد أﻧﻪ ﻟم ﯾﻔرق ﺑﯾن
اﻟﺧطﺄ اﻟﻌﺎدي واﻟﺧطﺄ اﻟﻔﻧﻲ ،ﺣﯾث ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ) (45ﻣن اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ أن" :ﻛل طﺑﯾب ﯾﺧل
ﺧﻼﻓﺎ ﻷﺣﻛﺎم ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ،وأي ﻧظﺎم ﺻﺎدر ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ ،أو ﯾرﺗﻛب ﺧطﺄ ﻣﻬﻧﯾﺎً ،أو
ً ﺑواﺟﺑﺎﺗﻪ اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ
ﯾﺗﺟﺎوز ﺣﻘوﻗﻪ أو ﯾﻘﺻر ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ وﻓق اﻟدﺳﺗور اﻟطﺑﻲ ،أو ﯾرﻓض اﻟﺗﻘﯾد ﺑﻘ اررات اﻟﻣﺟﻠس ،أو ﯾﻘدم
ﻋﻠﻰ ﻋﻣل ﯾﻣس ﺷرف اﻟﻣﻬﻧﺔ أو ﯾﺗﺻرف ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻪ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺗﺻرﻓﺎً ﯾﺣط ﻣن ﻗدرﻫﺎ ﯾﻌرض ﻧﻔﺳﻪ
)(3
ﺑﺄن اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ﻻ ﯾﻘوم ﺑﻪ اﻟطﺑﯾب وﺣدﻩ ٕوان ﻛﺎن ﻫو رﺋﯾس وﯾرى ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ
اﻟﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ ،ﺑل ﻫو ﻋﻣل ﻣﺗﻛﺎﻣل ﯾﺣﺗﺎج ﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟﻛوادر اﻟطﺑﯾﺔ اﻷﺧرى ،ﻓﺎﻟطﺑﯾب ﺣﺗﻰ ﯾﺻل
وﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﻪ ﯾﻘرر ﺻرف اﻟﻌﻼج ،أو إﺟراء ﺗدﺧل ﺟراﺣﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ
إﻟﻰ ﺗﺷﺧﯾص ﺻﺣﯾﺢ ﻟﻠﻣرﯾضً ،
)(1
اﻟﻣﺧﺎﺗرة ،ﻣﺎﺟدة ) .(2006اﻟﺗﺄﻣﯾن ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء ،رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣؤﺗﺔ ،اﻷردن،
ص.34
)(2
أﺑو زﯾد ،ﺳﻌد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.48
)(3
اﻟﺻراﯾرة ،أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.74-73
18
ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻓﻧﻲ ﻣﺧﺗﺑر ﻹﺟراء اﻟﺗﺣﺎﻟﯾل اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠدم أو اﻟﺑول أو اﻷﻧﺳﺟﺔ ،أو ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻓﻧﻲ
أﺷﻌﺔ ﻹﺟراء اﻟﺗﺻوﯾر اﻟﺷﻌﺎﻋﻲ ﻟﻠﺟﺳم ،أو ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ رﻋﺎﯾﺔ وﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﻣﻣرﺿﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺳم ﺑﻌد إﺟراء
اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺟراﺣﯾﺔ ،ﻓﺟﻣﯾﻊ ﻫؤﻻء ﻗد ﯾﺻدر ﻋﻧﻬم أﺧطﺎء ﺗﺳﺑب أﺿ ارراً ﻟﻠﻣرﯾض ،ﻓﻣﺛﻼً ﻓﻧﻲ اﻟﻣﺧﺗﺑر
ﯾﻣﻛن أن ﯾﻌطﻲ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣﻐﻠوطﺔ ﻟﻔﺻﯾﻠﺔ اﻟدم أو ﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ﻓﺣص ،ﻛﺈﻋطﺎء ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻓﺣص ﻣرﯾض آﺧر،
وﻛذﻟك ﻓﻧﻲ اﻷﺷﻌﺔ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺳﺑب ﺿرراً ﺑزﯾﺎدة ﻛﻣﯾﺔ اﻷﺷﻌﺔ ،أو ﺗﺳﻠﯾطﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣوﻗﻊ ﻏﯾر اﻟﻣوﻗﻊ
اﻟطب واﻟﻣﻬن اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻷﺧرى .ﻟذا ،ﯾﺟب أن ﻻ ﯾﻘﺗﺻر ﺗﻌرﯾف اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب
وﺣدﻩٕ ،واﻧﻣﺎ ﯾﺟب أن ﯾﺷﻣل اﻟﻛوادر اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ،وﻋﻠﯾﻪ ﯾﻌرف اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ
ﺑﺄﻧﻪ" :ﻋدم ﻗﯾﺎم أﺻﺣﺎب اﻟﻣﻬن اﻟطﺑﯾﺔ ﺑﺎﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻔرﺿﻬﺎ ﻋﻠﯾﻬم ﻣﻬﻧﻬم وﻓق اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
وﺣﯾث أﻧﻪ ﻻ ﻣﺣل ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻟﻠﺗﻔرﯾق ﺑﯾن ﺧطﺄ ﻋﺎدي وﺧطﺄ ﻣﻬﻧﻲ ،وﻛذﻟك
ﺑﯾن ﺧطﺄ ﺟﺳﯾم وﺧطﺄ ﯾﺳﯾر ﻟﺗرﺗﯾب اﻟﺗﺑﻌﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب ،ﻓﯾﻛﻔﻲ أن ﯾﺛﺑت ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب ﺧطﺄ ﻟم
ﯾﻛن ﻟﺗﺄﺗﯾﻪ طﺑﯾب ﻣن أوﺳط زﻣﻼﺋﻪ ﻓﻲ ﻣﻬﻧﺗﻪ أو ﻓرﻋﻪ وﻟم ﯾﻛن ﻟﻪ أن ﯾﻘﺻر ﺑﻪ ﻋن ﻣراﻋﺎة
اﻷﺻول اﻟﻣﺳﺗﻘرة ﻓﻲ ﻓﻧﻪ ﺣﺗﻰ ﺗﺗﺣﻘق ﺗﺑﻌﺗﻪ ٕوان ﻛﺎن ﺧطﺄﻩ ﺑوﺻﻔﻪ أو أﺛرﻩ ﻣﺣدداً ).(1
وﻫﻛذا ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﻘول ﺑﺄن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷطﺑﺎء ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ،ﻣﺗﻰ ﺗﺣﻘق
ﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋن ﺧطﺋﻪ اﻟﯾﺳﯾر ،ﻏﯾر أن اﻟﻣﺣﺎﻛم – ﻛﻣﺎ ﺳﻧرى -أﺻﺑﺣت ﺗﺳﺗﻌﻣل ﻋﺑﺎرة "ﺧطﺄ
)(1
اﻟﺳرﺣﺎن ،ﻋدﻧﺎن إﺑراﻫﯾم ) .(2009ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ ،ﺑﯾروت،
ط ،2ص.125
19
ﻣؤﻛد ﺛﺎﺑت ﺑوﺿوح" ،وﻫو ﻣﺎ أﺧذ ﺑﻪ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ وﻛذﻟك اﻟﻘﺿﺎء اﻷردﻧﻲ ،ﺣﯾث أﺻﺑﺢ ﯾﺗﺟﻧب
إن اﻟﺗزام اﻟطﺑﯾب ﯾﺗﺣدد ﺑﻣﺳﺗواﻩ اﻟﻌﻠﻣﻲ وأﺻول ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ،واﺷﺗرط اﻟﻘﺿﺎء ﻛﻣﺎ ﺳﻧرى
ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون اﻟﺧطﺄ ﺛﺎﺑﺗﺎً واﺿﺣﺎً أي ﻣﺳﺗﺧﻠﺻﺎً ﻣن وﻗﺎﺋﻊ واﺿﺣﺔ وظﺎﻫرة ﻻ ﺗﻘﺑل اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ.
ّع اﻷردﻧﻲ ﻗد أﺧذ ﺑﻬذا اﻟرأي ،ذﻟك أﻧﻪ ﻟم ﯾﺣدد وﺻف أو درﺟﺔ اﻟﺧطﺄ
وﻓﻲ رأﯾﻧﺎ أن اﻟﻣﺷر
اﻟطﺑﻲ ،ﺑل اﻛﺗﻔﻰ ﺑﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋن ﺧطﺋﻪ ٕواﻟزاﻣﻪ ﺑﺗﻌوﯾض اﻟﻣﺿرور )اﻟﻣرﯾض( ﻋن اﻷﺿرار
ﺟراء ﻫذا اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﺳﺗﻧﺎداً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (256ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺗﻲ أﻗرت
اﻟﺗﻲ ﻟﺣﻘﺗﻪ ﻣن ّ
ﯾﻌد ﻣﻧﻔذاً
وﺑﻣﺎ أن اﻟﺗزام اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻷﺻل ﻫو ﺑذل ﻋﻧﺎﯾﺔ وﻟﯾس ﺗﺣﻘﯾق ﻧﺗﯾﺟﺔ ،ﻓﺈن اﻟطﺑﯾب ّ
ّع اﻷردﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (2/358ﻣدﻧﻲ أﺑﻘﻰ اﻟﻣدﯾن )اﻟطﺑﯾب ﻫﻧﺎ( ﻣﺳؤوﻻً ﻋﻣﺎ ﯾﺄﺗﯾﻪ ﻣن ﻏش
اﻟﻣﺷر
وﻗد ذﻫب اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ أﺣﻛﺎم ﻋدﯾدة إﻟﻰ ﻋدم اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ اﻟﻌﺎدي واﻟﺧطﺄ
اﻟﻔﻧﻲ ،وﻗرر ﺑﺄﻧﻪ ﯾﺳﺄل اﻟطﺑﯾب ﻋن أﺧطﺎﺋﻪ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﺣﺗﻰ إذا ﻛﺎﻧت أﺧطﺎؤﻩ ﻟﯾﺳت ﺟﺳﯾﻣﺔ ،ﻓﻘد ﻗﺿت
ﻣﺣﻛﻣﺔ )اﻟﺳﯾن( اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﻛم ﻟﻬﺎ" :أن اﻟطﺑﯾب إذا ﺧرج ﻋن ﻗواﻋد اﻟﻣﻬﻧﺔ ،وأدى إﻫﻣﺎﻟﻪ اﻟذي
ﻻ ﯾﺻدر ﻋن طﺑﯾب ﻣﺛﻠﻪ ،وﯾﻧم ﻋن ﺟﻬل ﻓﺎﺣش ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺧروﺟﻪ ﻋن اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﯾﺳﻠم اﻟﺟﻣﯾﻊ ﺑﺿرورﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﺿرر ﻓﯾﺳﺄل اﻟطﺑﯾب ﻋن اﻟﺧطﺄ ،وﻛذﻟك ذﻫﺑت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض
اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻗدﯾﻣﺎً إﻟﻰ أن اﻟطﺑﯾب ﯾﺳﺄل ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرﺗﻛب ﺧطﺄ ،وﺻﻔﺗﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹﻏﻔﺎل اﻷﻛﯾد ﻟواﺟﺑﺎﺗﻪ،
أﯾﺿﺎ
ً وﯾﺳﺄل ﻋﻣﺎ ﯾﻧﺳب إﻟﯾﻪ ﻣن ﻋدم اﺣﺗﯾﺎط أو إﻫﻣﺎل ﺑﺳﺑب ﻫﻔوات أو أﺧطﺎء ﯾﺳﯾرة) ، (1وﻗﺿت
)(1
ﻧﻘض ﻣدﻧﻲ ﻓرﻧﺳﻲ 1937/10/18م ،أﺷﺎرت إﻟﯾﻪ :وﻓﺎء أﺑو اﻟﺟﻣﯾل ،ص.43
20
ﺑﺄﻧﻪ" :ﯾﺟب أن ﯾﻛون اﻟﺧطﺄ واﺿﺣﺎً وﺛﺎﺑﺗﺎً ،أي ﻣﺳﺗﺧﻠﺻﺎً ﻣن وﻗﺎﺋﻊ ﻧﺎطﻘﺔ واﺿﺣﺔ ،ﺑﺣﯾث ﯾﺗﻧﺎﻓﻰ
ﻣﻊ اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﻧزاع ﻓﯾﻬﺎ ،وأن ﯾﻛون ﺛﺎﺑﺗﺎً ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ وظﺎﻫراً ﻻ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ،وﻻ ﯾﻘﺑل
"ﻛﻣﺎ أﻛدت ﻣﺣﻛﻣﺔ إﻛس اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ذات اﻟﻣﻌﻧﻰ ،ﺣﯾث أﻗﺎﻣت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟطﺑﯾب
أﻣﺎ اﻟﻘﺿﺎء اﻷردﻧﻲ ﻓﻠم ﯾﺗﻌرض ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗدرج اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺎﺷر ،وﻟﻛﻧﻪ اﺳﺗﻘر
ﻋﻠﻰ ﻗﯾﺎم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻣرﺗﻛب اﻟﺧطﺄ ﻣﺗﻰ ﻛﺎن واﺿﺣﺎً وﺛﺎﺑﺗﺎً ،وذﻟك ﺑﺎﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﻰ أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة )(256
ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ ،وﻗﺿت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﺑﺄن "اﻷﺧطﺎء اﻟﻔﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﻰ
اﻟطﺑﯾب ﺷﺄﻧﻪ ﺷﺄن ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻣﻬﻧﯾﯾن ،وﻻ ﺗﻧﺣﺻر ﻓﻲ اﻷﺧطﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﺻدر ﻋن ﺳوء ﻧﯾﺔ ﻓﻘط ،ﺑل ﺗﻣﺗد
اﻟﻣﻬﻧﺔ وﻗواﻋد اﻟﻔن") ،(3وﺗﺷﻣل ﻫذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ واﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ .وﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﻌراض
ﻫذا اﻟﻘرار ﯾﻼﺣظ اﻟﺑﺎﺣث أﻧﻪ ﻟم ﯾﻔرق ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ اﻟﺟﺳﯾم واﻟﺧطﺄ اﻟﯾﺳﯾر ﻓﻲ اﻷﺧطﺎء اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ ،وﻫذا
اﻟوﺻف ﯾﺑﯾن أن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﺗﻘوم ﺳواء أﻛﺎن اﻟﺧطﺄ ﺟﺳﯾﻣﺎً أم ﯾﺳﯾ ارً ،أﻣﺎ ﻣن وﺟﻬﺔ ﻧظرﻧﺎ ﺑﻌد
أن ﻋرﺿﻧﺎ ﻣوﻗف اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء ﻣن ﻓﻛرة اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن ﻧوﻋﻲ اﻟﺧطﺄ اﻟﻌﺎدي واﻟﺧطﺄ اﻟﻔﻧﻲ ﺳواء أﻛﺎن
ﺟﺳﯾﻣﺎً أم ﯾﺳﯾ ارً ،ﯾﺟب إﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺳؤول ﻋن اﻟﺧطﺄ ﻟﻠﻘﺿﺎءٕ ،واﻟزاﻣﻪ ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض.
ّع
ّع اﻷردﻧﻲ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺑﺎﺣث ﯾﺗﻣﻧﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷر
وﻓﻲ ﺿوء ﻋدم ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻣﺷر
اﻷردﻧﻲ ﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟطﺑﯾب وﻣﺳﺎﻋدﯾﻪ ﻣن أﺻﺣﺎب اﻟﻣﻬن اﻟطﺑﯾﺔ اﻷﺧرى ﻛﺎﻓﺔ ،وﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋن
)(1
أﺷﺎر إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻷﺣﻛﺎم :اﻟﺳرﺣﺎن ،ﻋدﻧﺎن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.129-128
)(2
ﻣﺷﺎر إﻟﯾﻪ ﻟدى :اﻷودن ،ﺳﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﺳﻣﯾﻊ ) .(2014ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح وطﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر وﻣﺳﺎﻋدﯾﻬم،
ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف ،اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ،ط ،1ص.68
)(3
ﻗرار ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ رﻗم ،2013/426ﺗﺎرﯾﺦ ،2013/4/23ﻫﯾﺋﺔ ﺧﻣﺎﺳﯾﺔ ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز اﻟﻘﺳطﺎس
اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ.
21
اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗﺎز ﺑﻬﺎ اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ ،وﻟﻛون ﻣﺟﺎﻟﻬﺎ ﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن ،أن ﯾﺗﺟﻪ ﻧﺣو اﻟﺧطﺄ اﻟﻣﻔﺗرض ،وأن
ﯾﻌد ﻗرﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ارﺗﻛﺎب اﻟﺧطﺄ ،وذﻟك ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻣﻛن اﻟﻣرﯾض ﻣن اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻣﺑﻠﻎ
وﺟود اﻟﺿرر ّ
اﻟﺗﻌوﯾض.
ﻧﺳﺗﺧﻠص ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ذﻛرﻩ أن اﻟﻘﺿﺎء اﺳﺗﻘر ﻋﻠﻰ أن ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﺗﻣﺛل أوﻻً ﻓﻲ
ﻓﻧﯾﺎ
ﻋﺎدﯾﺎ أم ً
ً اﺳﺗﺧﻼص اﻟﺧطﺄ ﻣن اﻟﻘراﺋن اﻟﺗﻲ ﺗدل ﻋﻠﻰ ﺣدوﺛﻪ ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺧطﺄ
ذﻟك أن ﻓﻛرة اﻟﺧطﺄ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﺿرر ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﯾﺣدث ﻟوﻻ وﻗوع اﻟﺧطﺄ ﻣن اﻟطﺑﯾب ،ﻛﻣﺎ
أﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎ ء ﺗﻔﺎدي اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﺗﻘدﯾر ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾبٕ ،واﻧﻣﺎ ﻣﻬﻣﺔ
ﻣﻬﻧﯾﺎ أو ﻏﯾر ﻣﻬﻧﻲ ،ﺟﺳﯾﻣﺎً أو ﻏﯾر ﺟﺳﯾم ،ﻷن اﻷﺻل ﻫو اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺧطﺄ درﺟﺔ واﺣدة،
ً ﻛﺎن اﻟﺧطﺄ
ﻷﻧﻪ ﻣﺎ دام اﻟﺧطﺄ ﻫو اﻹﺧﻼل ﺑواﺟب ﻗﺎﻧوﻧﻲ أو ﺑﺎﻟﺗزام ﻋﻘدي ،ﻓﺈن اﻟﺗدرج ﻓﻲ درﺟﺎﺗﻪ ﻣﺿﻣون
إن ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ درﺟﺔ ﻣﻌﺗﺑرة ﻣن اﻟﺣرص واﻹﺗﻘﺎن ،ﻟﻬذا ﻓﺈن إﻓراط اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ
ﻋﻣﻠﻪ ٕواﺧﻼﻟﻪ ﺑﺎﻟﺗزاﻣﻪ اﻟﻣﻬﻧﻲ ﯾﻌﺗﺑرﻩ ﻗد ارﺗﻛب ﺧطﺄ طﺑﯾﺎً ،ﻏﯾر أﻧﻪ ﻟﻬذا اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻋﻧﺎﺻر
اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻷردﻧﻲ رﻗم ) (16ﻟﺳﻧﺔ 1960م وأﺿﺎف إﻟﯾﻬﺎ ﻋدم ﻣراﻋﺎة اﻟﻘواﻧﯾن واﻷﻧظﻣﺔ ،وﻟم ﯾﺗﻧﺎول
اﻟرﻋوﻧﺔ.
أوﻻً :اﻹﻫﻣﺎل:
ﻗد ﻻ ﯾﻌطﻲ اﻟطﺑﯾب ﻋﻣﻠﻪ ﻣﺎ ﯾﺳﺗﺣﻘﻪ ﻣن اﻟدﻗﺔ واﻟﻣﻼﺣظﺔ ،ﻓﯾﻧﺗﺞ ﻋن ذﻟك آﺛﺎراً ﻣرﺿﯾﺔ
ﺧﻼف اﻟﻣرض اﻟذي ﻛﺎن ﯾﻌﺎﻟﺟﻪ ،وﻣن ذﻟك ﻧﺳﯾﺎن اﻟﺟراح ﻷدواﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﺟﺎوﯾف ﺑطن اﻟﻣرﯾض ،ﻷﻧﻪ
ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح ﻋدم ﻧﺳﯾﺎن أداة ﻓﻲ ﺟﺳم اﻟﻣرﯾض ،وﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌﻛﺳﯾﺔ ﻓﺈن اﻟﻘﺿﺎء
وﯾﻌرف اﻹﻫﻣﺎل ﻋﻠﻰ أﻧﻪ" :اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻟﺗزام ﻗﺎﻧوﻧﻲ دون ﻗﺻد اﻹﺿرار ﺑﺎﻟﻐﯾر") ،(2ﻛﻣﺎ
ﯾﻌرف ﺑﺄﻧﻪ" :اﻟﺗﻌدي اﻟذي ﯾرﺗﻛﺑﻪ اﻟﻣرء دون ﻗﺻد اﻹﺿرار ﺑﺎﻟﻐﯾر ،ﻓﺎﻟﺷﺧص ﻣدرك ﻟﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ ﻏﯾر
أﻧﻪ ﻟم ﯾﻧو وﻟم ﯾﻘﺻد ﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ اﻟﺳﻠوك اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺗﺑت ﻋﻧﻪ ﻓﻲ ﺣق اﻟﻐﯾر)،(3
وﯾﻘﺻد ﺑﻪ ﺟﻬل اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ وﻋدم دراﯾﺗﻪ ﺑﺑﻌض اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرﯾض،
وﺿﻌف ﻣﺳﺗواﻩ اﻟﻌﻼﺟﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر درﺟﺔ ﻣؤﻫﻼﺗﻪ واﻟﺗﻲ ﺗﻘﺿﻲ ﺑﺄن ﺗﻛون ﻋﻧﺎﯾﺗﻪ ﺑﺎﻟﻣرﯾض ﻋﺎﻟﯾﺔ،
)(1
أﺑو زﯾد ،ﺳﻌد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.56
)(2
ﻓﺗﺢ اﷲ ،وﺳﯾم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.2
)(3
اﻟﻌوﺟﻲ ،ﻣﺻطﻔﻰ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.243
)(4
اﻟﻛﺎﯾد ،أﺳﺎﻣﺔ ﻋﺑد اﷲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.218
23
ﺿﻌﯾف اﻹدراك ﻗﻠﯾل اﻟﺣذق ،وﻗد ﯾﻠﺣق اﻟﺗﻘﺻﯾر اﻟﺟﺳﯾم ﺑﺎﻟﻐش ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر ﺻﺣﺔ ﺷروط ﻋدم
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ).(1
إﻫﻣﺎل اﻟطﺑﯾب ﻟواﺟﺑﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻣواﻓﻘﺔ اﻟﻣرﯾض أو أﻫﻠﻪ وﺗﺑﺻﯾرﻩ ﺑﺣﺎﻟﺗﻪ.
أن ﯾﺗﻘدم اﻟﺟراح ﻋﻠﻰ إﺟراء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺟراﺣﯾﺔ وﯾدﻩ ﻋﺎﺟزة ﻋن اﻟﻌﻣل أو ﻫو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻛر
ﺷدﯾدة.
أن ﯾﺟري اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺧطﺄ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺿو اﻟﺳﻠﯾم ﻟﻠﻣرﯾض ﺑدﻻً ﻣن اﻟﻌﺿو اﻟﻣﺻﺎب.
وﻣن اﻟﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﻺﻫﻣﺎل ،ﻓﺈن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﻗﺿت ﺑﺎﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ
اﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ اﻹﻫﻣﺎل وﻋدم اﻻﻧﺗﺑﺎﻩ وذﻟك ﻟﻌدم أﺧذ اﻟطﺑﯾب ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟﻣرض اﻟذي
ً ﻟﻠطﺑﯾب
ﻛﺎﻧت ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﻪ اﻟﺿﺣﯾﺔ ﻣن ﻗﺑل وأﻣر ﺑﺈﻋطﺎء دواء ﻏﯾر ﻻﺋق ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل
ﻛﻣﺎ ﻗﺿت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻣﺻرﯾﺔ أﻧﻪ ..." :أن اﻟﺣﺎدث وﻗﻊ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﻹﻫﻣﺎل
اﻟطﺑﯾب وﻋدم ﺗﺣرزﻩ ﺑﺄن ﺣﻘن اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﻣﺣﻠول اﻟﺑوﻧﺗوﻛﺎﯾﯾن ﺑﻧﺳﺑﺔ %1وﻫﻲ ﺗزﯾد ﻋﺷر ﻣرات
)(1
اﻟﺑﺎر ،ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ) .(2010ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﺑﯾن اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺎﻧون ،دار اﻟﻘﻠم ،دﻣﺷق ،ص.17
)(2
اﻧظر :اﻟﻣﺧﺎﺗرة ،ﻣﺎﺟدة ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص33-32؛ وأﺑو زﯾد ،ﺳﻌد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص49-48؛ واﻟزﻏﯾب ،ﺑدر،
ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.37-36
)(3
ﺗﻣﯾزي ﺣﻘوق رﻗم 2006/626ﺗﺎرﯾﺦ 2997/6/5م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
24
ﻋن اﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻣﺳﻣوح ﺑﻬﺎ ﻓﺗﺳﻣﻣت وﻣﺎﺗت ...ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺧطﺄ طﺑﻲ وﺗﻘﺻﯾر ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟﻣﺗﻬم ﻻ ﯾﻘﻊ
ﻣن طﺑﯾب ﯾﻘظ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟظروف اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺣﺎطت ﺑﺎﻟطﺑﯾب اﻟﻣﺳؤول ﺑﻣﺎ ﯾﻔﯾد وأﻧﻪ ﺣل ﻣﺣل
إن ﺣﺎﻟﺔ ﻧﺳﯾﺎن ﺿﻣﺎدة ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺟرح ﻧﺎﺗﺞ ﻋن ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺟراﺣﯾﺔ ﯾﺷﻛل ﺧطﺄ ،ﺣﯾث وﻗﺿت
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﺑﺄن" :ﻧﺳﯾﺎن ﺣﻘل Champﺟراﺣﻲ ﯾﺷﻛل ﻋدم اﻻﺣﺗراز وﺧطﺄ ﻋن
اﻹﻫﻣﺎل ،وأن اﻟﺧطر ﻣن اﻟﻧﺳﯾﺎن ﻟﻬذا اﻟﺣﻘل ﻓﻲ ﺑطن اﻟﻣرﯾض ﯾﻌﺗﺑر اﺣﺗﻣﺎل وﻗوع اﻟﺧطﺄ وﻟﯾس
ﺛﺎﻧﯾﺎً :اﻟرﻋوﻧﺔ:
ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ ﺳوء اﻟﺗﻘدﯾر أو اﻟﺧﻔﺔ أو ﻧﻘص اﻟﻣﻬﺎرة ،وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺻورة ﻻ ﯾﻘدر اﻟﻔﺎﻋل ﻣﺎ
ﯾﻔﻌﻠﻪ ،وﻻ ﯾدري أن ﻋﻣﻠﻪ أو ﺗرﻛﻪ اﻹرادي ﻟﻠﻌﻣل ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن اﻟﺳﺑب ﻓﻲ
ﺣدوﺛﻬﺎ ،ﻏﯾر أن اﻟﻔﻌل اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﻫو اﻟﻐﺎﻟب ﻟﺻورة اﻟرﻋوﻧﺔ واﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﻋدم اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﻘواﻋد
ّع اﻷردﻧﻲ ﻫذﻩ اﻟﺻورة ﻣن ﺻور اﻟﺧطﺄ ﺳواء ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ أم ﺑﺎﻟﻘواﻧﯾن
وﻟم ﯾﻌﺎﻟﺞ اﻟﻣﺷر
ﯾﻘﺻد ﺑﻪ إﻗدام اﻟﺷﺧص ﻋﻠﻰ أﻣر ﻛﺎن ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻪ اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋﻧﻪ أو ﺗوﻗﻌﻪ ﻟﻸﺧطﺎر اﻟﺗﻲ ﻗد
ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠﻪ وﻣﺿﯾﻪ ﻓﯾﻪ ،دون أن ﯾﺗﺧذ اﻟوﺳﺎﺋل اﻟوﻗﺎﺋﯾﺔ ﺑﺎﻟﻘدر اﻟﻼزم ﻟدرء ﻫذﻩ اﻷﺧطﺎر،
)(1
ﻧﻘض ﻣﺻري رﻗم 1332ﺗﺎرﯾﺦ 1959/1/26م ،ﻣﺷﺎر إﻟﯾﻪ ﻟدى :ﺣﺟﺎزي ،ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ) .(2008اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﻟطﺑﯾﺔ ،دار اﻟﻔﻛر ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ط ،1ص.128
)(2
ﻧﻘض ﻣﺻري رﻗم 308ﺗﺎرﯾﺦ 1984/5/13م ،ﻣﺷﺎر إﻟﯾﻪ ﻟدى :ﺣﺟﺎزي ،ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.130
)(3
اﻟﺷوا ،ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ) .(1999اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ،اﻟﻣؤﺗﻣر اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻷول ﻟﻛﻠﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧون ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟرش ،اﻷردن ،اﻟﻔﺗرة
ﻣن 1999/4/3-2م ،ص.4
25
ﻓﯾﻛون اﻟﺟراح ﻣﺳؤوﻻً ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻌﺎﻟﺞ ﻣرﺿﺎً ﻓﻲ ﺣﻠق ﺳﯾدة ﺑﺈﺟراء ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺟراﺣﯾﺔ ﺧطﯾرة ﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻬﺎ
ﻗطﻊ اﻟﺷرﯾﺎن اﻟﺳﺑﺎﺋﻲ ﻓﺄﺻﯾﺑت ﺑﻧزﯾف اﻧﺗﻬﻰ إﻟﻰ وﻓﺎﺗﻬﺎ وذﻟك ﻷﻧﻪ ﻟﺟﺄ إﻟﻰ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺧطﯾرة ﻻ ﻟزوم
ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ﺗؤدي أﻗل ﺣرﻛﺔ ﺧﺎطﺋﺔ إﻟﻰ ﻣوت اﻟﻣرﯾﺿﺔ ،ﺧﺻوﺻﺎً وأﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧت ﻣﺻﺎﺑﺔ ﺑﺗﻬﯾﺞ
ﻋﺻﺑﻲ ﺷدﯾد ﻛﺎن ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺗﺄﺟﯾل اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ،وﻗد ﺟﺎزف ﺑﺈﺟراء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ رﻏم ﻛل ذﻟك وﻟﻐﯾر ﺿرورة
ﻋﺎﺟﻠﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﻛﺎن ﯾﻣﻛن ﻓﯾﻪ أن ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﺑﺗر ﺟزء ﻣن اﻟﻠوزة ﻟﯾس ﻏﯾر).(1
وﻗد ﻗﺿت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﺑﺄن" :اﻟﻣﻣﯾز وﻫو أﺧﺻﺎﺋﻲ ﻗد أﺧطﺄ ﺑﻘﯾﺎﻣﻪ ﺑﺈﺟراء
ﻣﻌﺎ وﻓﻲ وﻗت واﺣد ﻣﻊ ﻋدم اﻟﺣﺎﺟﺔ أو اﻹﺳراع ﻓﻲ إﺟراء اﻟﺟراﺣﺔ ،وﻓﻲ ﻛل
اﻟﺟراﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﯾﻧﯾن ً
اﻟظروف واﻟﻣﻼﺑﺳﺎت اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻘﺎرﯾر اﻟﻔﻧﯾﺔ دون اﺗﺧﺎذ اﻻﺣﺗﯾﺎطﺎت اﻟﺗﺎﻣﺔ اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﺗﺄﻣﯾن
ﻧﺗﯾﺟﺗﻬﺎ واﻟﺗزام اﻟﺣﯾطﺔ اﻟواﺟﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻧﺎﺳب وطﺑﯾﻌﺔ اﻷﺳﻠوب اﻟذي اﺧﺗﺎرﻩ ،ﻓﻌرض اﻟﻣرﯾض ﺑذﻟك
ﻓﻘدان ﺑﺻرﻩ ﺑﺻﻔﺔ ﻛﻠﯾﺔ ،ﻓﺈن ﻫذا اﻟﻘدر اﻟﺛﺎﺑت ﻣن اﻟﺧطﺄ ﯾﻛﻔﻲ وﺣدة ﻟﺗﺣﻣﯾل ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻣﯾز
ﺟﻧﺎﺋﯾﺎ وﻣدﻧﯾﺎً ذﻟك أﻧﻪ ﻣن اﻟﻣﻘرر أن إﺑﺎﺣﺔ ﻋﻣل اﻟطﺑﯾب ﻣﺷروطﺔ ﺑﺄن ﯾﻛون ﻣﺎ ﯾﺟرﯾﻪ ﻣطﺎﺑﻘﺎً
ً
ﻟﻸﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﻣﻘررة ،ﻓﺈذا ﻓرط ﻓﻲ اﺗﺑﺎع ﻫذﻩ اﻷﺻول أو ﺧﺎﻟﻔﻬﺎ ﺣﻘت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ
واﻟﻣدﻧﯾﺔ ﺑﺣﺳب ﺗﻌﻣدﻩ اﻟﻔﻌل وﻧﺗﯾﺟﺗﻪ أو ﺗﻘﺻﯾرﻩ وﻋدم ﺗﺣرزﻩ ﻓﻲ أداء ﻋﻣﻠﻪٕ ،واذا ﻛﺎن ﯾﻛﻔﻲ ﻟﻠﻌﻘﺎب
ﻋﻠﻰ ﺟرﯾﻣﺔ اﻹﺻﺎﺑﺔ اﻟﺧطﺄ أن ﺗﺗواﻓر ﺻورة واﺣدة ﻣن ﺻور اﻟﺧطﺄ اﻟﺗﻲ أوردﺗﻬﺎ اﻟﻣﺎدة )(343
ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ،ﻓﺈن اﻟطﻌن ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺧﺻوص ﯾﻛون
)(1
ﻋﺑد اﻟﺗواب ،ﻣﻌوض ) .(1984اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ،ﻋﺎﻟم اﻟﻛﺗب ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ط،2
ص.69
)(2
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم ،2000/246ﺗﺎرﯾﺦ 2000/5/4م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
26
ﻓﺎﻟﻣﺳؤول ﯾدرك أن ﻋﻣﻠﻪ ﻗد ﯾﺣدث ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺿﺎرة وﻟﻛﻧﻪ ﯾﺳﺗﻣر ﺑذﻟك اﻟﻔﻌل ،ﻛﺎﻟطﺑﯾب اﻟذي
ﯾﺟري ﻋﻼﺟﺎً ﺑﺎﻷﺷﻌﺔ ﺑواﺳطﺔ أﺟﻬزة ﯾﻌرف أﻧﻬﺎ ﻣﻌﯾﺑﺔ ،أو ﯾﺟري ﺟراﺣﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻛﺎﻧت ﺗﻛﻔﻲ اﻟﺟراﺣﺔ
اﻟﺟزﺋﯾﺔ ﻣن ﻏﯾر اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻷدوات اﻟﻼزﻣﺔ ﻹﺟراء ﺗﻠك اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ،ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣﻣﺎ ﻻﺣظﻪ ﻋﻠﻰ
اﻟﻣرﯾض ﻣن أﻋراض ﻛﺎﻧت ﺗﺳﺗدﻋﻲ ﺗﺄﺟﯾل اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ،ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﻟم ﯾﺗﺧذ اﻟطﺑﯾب اﻟﺣﯾطﺔ
ﺑﺎﻟواﺟﺑﺎت اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ").(1
اﻟﺗرﺧﯾص اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻫو اﻷﺳﺎس اﻟذي ﺗﺳﺗﻧد إﻟﯾﻪ إﺑﺎﺣﺔ اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﺎﺷر ﻋﻠﻰ
ﺟﺳم اﻟﻣرﯾض ،وﯾﻌطﻰ ﻫذا اﻟﺗرﺧﯾص ﻟطﺎﺋﻔﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣن اﻷﺷﺧﺎص ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬم "اﻷطﺑﺎء".
ﻓﺎﻟطﺑﯾب ﻫو أي طﺑﯾب ﻣرﺧص ﻟﻪ ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟطب ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ أﺣﻛﺎم اﻟﻘواﻧﯾن واﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻣﻌﻣول
ﺑﻬﺎ).(2
وﺟﺎء اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻷردﻧﻲ ﺗﺣت ﻋﻧوان "ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻣﻬن اﻟطﺑﯾﺔ
واﻟﺻﺣﯾﺔ" ،وﺟﺎء ﺑﺎﻟﻣﺎدة ) (5ﻣﻧﻪ ﺑﺄﻧﻪ" :أ -ﺗﺷﻣل اﻟﻣﻬن اﻟطﺑﯾﺔ واﻟﺻﺣﯾﺔ ﻣزاوﻟﺔ أي ﻣن اﻷﻋﻣﺎل
اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ :اﻟطب وطب اﻷﺳﻧﺎن واﻟﺻﯾدﻟﺔ واﻟﺗﻣرﯾض واﻟﺗﺧدﯾر واﻷﺷﻌﺔ وﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻧطق واﻟﺳﻣﻊ
وﻓﺣص اﻟﺑﺻر وﺗﺟﻬﯾز اﻟﻧظﺎرات اﻟطﺑﯾﺔ وﺗرﻛﯾب اﻟﻌدﺳﺎت اﻟﻼﺻﻘﺔ وﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻟﻌﯾﺎدي واﻟﺻﺣﺔ
اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻹرﺷﺎد اﻟﻧﻔﺳﻲ وﻓﻧﯾﻲ اﻷﺳﻧﺎن واﻹرﺷﺎد اﻟﺻﺣﻲ اﻟﺳﻧﻲ واﻟﻘﺑﺎﻟﺔ واﻟﻣﺧﺗﺑرات واﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ
اﻟﺣﻛﻣﯾﺔ واﻟﺻﺣﯾﺔ واﻷطراف اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ واﻟﺟﺑﺎﺋر وﺗﻘوﯾم اﻷﻗدام واﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﯾدوﯾﺔ ﻟﻠﻌﻣود اﻟﻔﻘري وأي
)(1
اﻟطﺑﺎخ ،ﺷرﯾف ) .(2011ﺟراﺋم اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ واﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻧﻬﺎ ،دار اﻟﻔﻛر ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ط ،1ص.36-35
)(2
اﻧظر :اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻷردﻧﻲ ﻟﺳﻧﺔ 2008م.
27
ﻷي ﺷﺧص اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄﻋﻣﺎل اﻟدﻋﺎﯾﺔ واﻹﻋﻼن أو ﻣﻣﺎرﺳﺔ أي ﻣن اﻟﻣﻬن اﻟطﺑﯾﺔ أو اﻟﺻﺣﯾﺔ ﻣﺎ ﻟم
وﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (6ﺑﺄﻧﻪ" :أ -ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻧﻘﺎﺑﺎت اﻷطﺑﺎء واﻟﺻﯾﺎدﻟﺔ وأطﺑﺎء
اﻷﺳﻧﺎن واﻟﺗﻣرﯾض واﻟﻘﺑﺎﻟﺔ أو أي ﺗﺷرﯾﻊ آﺧر ذي ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﻣﻬن اﻟطﺑﯾﺔ واﻟﺻﺣﯾﺔ ،ﺗﺣدد اﻷﺣﻛﺎم
واﻟﺷروط اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻣﻧﺢ اﻟرﺧص ﻟﻣزاوﻟﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣﻬن وﺣﺎﻻت ﺳﺣب اﻟرﺧص ٕواﻟﻐﺎﺋﻬﺎ وﺗﺟدﯾدﻫﺎ
ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ أﻧظﻣﺔ ﺗﺻدر ﻟﻬذﻩ اﻟﻐﺎﯾﺔ ،ب -ﻟﻠوزﯾر ﺗرﺧﯾص اﻟﻣﻬن اﻟطﺑﯾﺔ واﻟﺻﺣﯾﺔ وﻋﻠﯾﻪ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎس
وﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (7ﺑﺄن" :ﺗﺣدد ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻧظﺎم ﺧﺎص اﻟﻣواﺻﻔﺎت واﻟﺷروط اﻟﺻﺣﯾﺔ واﻟﻔﻧﯾﺔ
اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺄﻣﺎﻛن ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻣﻬن اﻟطﺑﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﻣﺳﺎﺣﺎﺗﻬﺎ وﻣراﻓﻘﻬﺎ واﻟﺗﻔﺗﯾش ﻋﻠﯾﻬﺎ".
وﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (8ﺑﺄن" :ﺗﺣدد ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﺗﻌﻠﯾﻣﺎت ﯾﺻدرﻫﺎ اﻟوزﯾر ﺑﻌد اﻻﺳﺗﺋﻧﺎس ﺑرأي
اﻟﻧﻘﺎﺑﺔ ذات اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻷﺳس واﻟﺷروط واﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻲ ﯾﺟوز ﺑﻣوﺟﺑﻬﺎ اﻟﺳﻣﺎح ﻷي ﻣن اﻷطﺑﺎء
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﯾﯾن ﺳواء ﻛﺎﻧوا أردﻧﯾﯾن ﻣﻘﯾﻣﯾن ﺧﺎرج اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ وﻣرﺧﺻﯾن ﻟﻠﻌﻣل ﻫﻧﺎك ،أو ﻏﯾر أردﻧﯾﯾن
وﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (9ﺑﺄن" :أ -ﻛل ﻣن ﻣﺎرس ﻣﻬﻧﺔ طﺑﯾﺔ أو ﺻﺣﯾﺔ دون ﺗرﺧﯾص ﯾﻌﺗﺑر
ﻣﺧﺎﻟﻔﺎً ﻷﺣﻛﺎم ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ،وﯾﻌﺎﻗب ﺑﺎﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻘررة ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ أﺣﻛﺎﻣﻪ ،وﻟﻠوزﯾر أو ﻣن ﯾﻔوﺿﻪ
إﻏﻼق اﻟﻣﺣل اﻟذي ﺗﻣت ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣل ﻓﯾﻪ ﻟﺣﯾن ﺻدور ﻗ ارر ﻗطﻌﻲ ﻣن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﻬذا اﻟﺷﺄن،
ب -ﻛل ﻣن ﯾﻘوم ﺑﻔﺣص ﻣرﯾض أو اﻟﺗظﺎﻫر ﺑﺄن ﻓﻲ وﺳﻌﻪ ﻓﺣﺻﻪ أو ﺗﺷﺧﯾص ﻣرﺿﻪ أو ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﻪ
أو وﺻف اﻷدوﯾﺔ ﻟﻪ أو ﺗﻘدﯾم ﺧدﻣﺔ ﻣن اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻘدﻣﻬﺎ ﻋﺎدة أﺣد اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬم
ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة )أ( ﻣن اﻟﻣﺎدة ) (5ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﺑﺣﻛم ﻋﻣﻠﻪ ،وﯾﻌﺗﺑر إﻋطﺎء ﻋﻘﺎﻗﯾر أو وﺻﻔﺎت طﺑﯾﺔ
أو ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻐﯾر ﺑﺄي ﺻورة ﻛﺎﻧت ،أو ﺣﯾﺎزة أي ﺷﺧص ﻟﻣﻌدات أو أدوات طﺑﯾﺔ أو ﻋﻼﺟﯾﺔ أو
28
ﻟﻌﻘﺎﻗﯾر ﺗزﯾد ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺟﺗﻪ أو ﺣﺎﺟﺔ ﻋﺎﺋﻠﺗﻪ دﻟﯾﻼً أوﻟﯾﺎً ﻋﻠﻰ أن اﻟﺷﺧص ﯾﻣﺎرس ﻣﻬﻧﺔ طﺑﯾﺔ أو
ﺻﺣﯾﺔ ﺧﻼﻓﺎً ﻷﺣﻛﺎم ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ،وﯾﻌﺎﻗب ﺑﺎﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﯾﻪ".
ﻛذﻟك ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة اﻟراﺑﻌﺔ ﻣن ﻗﺎﻧون ﻧﻘﺎﺑﺔ اﻷطﺑﺎء اﻷردﻧﯾﯾن رﻗم ) (13ﻟﺳﻧﺔ 1972م ﺑﺄﻧﻪ:
"أ -ﯾﺟب أن ﯾﻧﺗﺳب ﻟﻠﻧﻘﺎﺑﺔ ،وﯾﺳﺟل ﻓﻲ ﺳﺟل اﻷطﺑﺎء اﻟﻣﻘﯾﻣون ﻓﻲ اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ ،وﯾﻣﺎرﺳون ﻋﻣﻠﻬم
ﻓﯾﻬﺎ ،وﺗﺗواﻓر ﻓﯾﻬم ﺷروط اﻻﻧﺗﺳﺎب اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ،ب -ﯾﺣظر ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب أن
ﯾﻣﺎرس اﻟﻣﻬﻧﺔ ﻗﺑل اﻟﺗﺳﺟﯾل ﻓﻲ اﻟﻧﻘﺎﺑﺔ واﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺗرﺧﯾص ﻣن اﻟو ازرةٕ ،واﻻ ﻋدت ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ
اﻟطﺑﯾﺔ اﻷﺧرى أو اﻟدﺑﻠوم ﻓﻲ اﻟﺗﻣرﯾض ﻻ ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻠﺷﺧص ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻋﻣﻠﻪ اﻟطﺑﻲٕ ،واﻧﻣﺎ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺗﻘدم
ﻣﺎرس ﻋﻣﻠﻪ دون ﺗرﺧﯾص ،وﯾﻌﺗﺑر ﻣﺳؤوﻻً ﻋن اﻷﺿرار اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺑﺑﻬﺎ ﻟﻠﻣرﯾض ﺣﺗﻰ ﻟو ﻧﺟﺢ ﻓﻲ
ﻟذﻟك ﯾﺟب أن ﯾﻛون اﻟﺗدﺧل اﻟطﺑﻲ ﻣن ﺷﺧص ﺣﺎﺻل ﻋﻠﻰ إﺟﺎزة ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟطب ،أو
أي ﻣن اﻟﻣﻬن اﻟطﺑﯾﺔ اﻷﺧرى ،ﻣﻊ اﺟﺗﯾﺎز ﻓﺗرة اﻟﺗدرﯾب)(1؛ أي ﺣﺻوﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤﻫل اﻟﻌﻠﻣﻲ ﺣﺗﻰ
ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻪ ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﺎﻟطﺑﯾب اﻟﻌﺎم ،ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻷﺧﺻﺎﺋﻲ ﻓﻬو اﻟذي
ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟطﺑﯾب أو ﻏﯾرﻩ ﻣن أﺻﺣﺎب اﻟﻣﻬن اﻟطﺑﯾﺔ ﻟم ﯾﺣﺻل ﻋﻠﻰ اﻟرﺧﺻﺔ ،ﻓﻼ ﯾﺟوز
ﻟﻪ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄي ﻋﻣل ﻣن اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ ،وﺗﻘوم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ واﻟﻣدﻧﯾﺔ ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎن ﺗدﺧﻠﻪ
)(1
اﻧظر :اﻟﻣﺎدة ) (64) ،(13ﻣن ﻗﺎﻧون ﻧﻘﺎﺑﺔ اﻷطﺑﺎء اﻷردﻧﯾﯾن رﻗم ) (13ﻟﺳﻧﺔ 1974م.
)(2
اﻧظر :اﻷودن ،ﺳﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﺳﻣﯾﻊ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.15-14
29
ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟﻣرﯾض ٕواﻟﺣﺎﺣﻪ ،وذﻟك ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣﻬﻧﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺷﻌوذﯾن
اﻟطﺑﻲ ً
واﻟدﺟﺎﻟﯾن).(1
واﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ ﻛﺛﯾرة ،ﻋددﺗﻬﺎ اﻟﻘواﻧﯾن ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل) ،(2وﯾدﺧل ﻓﯾﻬﺎ ﻛل ﻣﺎ ﻫو ﻻزم
ﻟﻌﻼج اﻷﻣراض أو ﺗﺣﺳن اﻟﺻﺣﺔ ،وﻫذا ﯾﺗﺻل ﺑﺗطور اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﺔ وﺗﺷﻣل ﺗﻠﻘﯾﺢ اﻟﻐدد وﺟراﺣﺔ
اﻟﺗﺟﻣﯾل.
إن ﻣﺑﺎﺷرة اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ﯾﺟب أن ﯾﺳﺗﻧد أﯾﺿﺎً إﻟﻰ إرﺿﺎء اﻟﻣرﯾض أو وﻟﯾﻪ إذا ﻛﺎن ﻗﺎﺻ ارً،
ّع اﻷردﻧﻲ ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﻟرﺿﺎ ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ،ﺣﯾث ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة
وﻟﻬذا ﻧﺟد اﻟﻣﺷر
اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟدﺳﺗور اﻟطﺑﻲ اﻷردﻧﻲ اﻟﺻﺎدر ﺳﻧﺔ 1989م ﺳﻧداً ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (18اﻟﻔﻘرة )أ( ﻣن
ﻗﺎﻧون ﻧﻘﺎﺑﺔ اﻷطﺑﺎء اﻷردﻧﯾﺔ وﺗﻌدﯾﻼﺗﻪ رﻗم ) (13ﻟﺳﻧﺔ 1972م ﻋﻠﻰ أن" :ﻛل ﻋﻣل طﺑﻲ ﯾﺟب أن
ﯾﺳﺗﻬدف ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣرﯾض اﻟﻣطﻠﻘﺔ ،وأن ﺗﻛون ﻟﻪ ﺿرورة ﺗﺑررﻩ ،وأن ﯾﺗم ﺑرﺿﺎﺋﻪ أو رﺿﺎء وﻟﻲ
وﯾﻌﺗﺑر رﺿﺎ اﻟﻣرﯾض ﻣن أﻫم اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺗﻲ ﺗﺑﯾﺢ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ،وﻻ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺷرط اﻟوﺣﯾد
ٕوان ﻛﺎن ﺿرورﯾﺎً؛ ﻷن اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ ﺗﻣس ﺳﻼﻣﺔ ﺟﺳد اﻹﻧﺳﺎن واﻻﻋﺗﺑﺎرات اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻓﯾﺟب
ﺗﺑدو أﻫﻣﯾﺔ رﺿﺎ اﻟﻣرﯾض ﻓﻲ ﻣراﺣل اﻟﻌﻼج اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻋﻠﻰ ﻗدر ﻣن اﻟﺧطورة ،ﻛﺎﻟﻌﻣﻠﯾﺎت
اﻟﺟراﺣﯾﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻌرض اﻟﻣرﯾض ﻟﻠﺧطر ،ﻓﻛل ﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ﻣراﺣل اﻟﻌﻼج ﯾﺣﺗﺎج اﻟطﺑﯾب إﻟﻰ رﺿﺎ
)(1
ﻧﺟم ،ﺻﺑﺣﻲ ) .(1991ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ،اﻟﻘﺳم اﻟﻌﺎم ،ﻣﻛﺗﺑﺔ دار اﻟﺛـﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ،ﻋﻣﺎن ،اﻷردن ،ط،2
ص.94
)(2
اﻟﻣﺎدة ) (5ﻓﻘرة )أ( ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ اﻷردﻧﻲ ﻟﺳﻧﺔ 2008م.
)(3
ﺷﺣﺎدة ،رﻓﻌت ﺷرﯾف ) .(2003اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾن اﻟﺷرﯾﻌﺔ واﻟﻘﺎﻧون
اﻷردﻧﻲ ،رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻛﻠﯾﺔ اﻟدراﺳﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﻣﺎن اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻋﻣﺎن،
اﻷردن ،ص.40
30
اﻟﻣرﯾض وﻣﺗﻰ ﺣﺻل ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ،ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠطﺑﯾب أن ﯾﻐﯾر أو ﯾﻌدل ﻫذا اﻟرﺿﺎ
ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة).(1
اﻟﺻﺣﺔ ﻋﻧد ﺣدوﺛﻬﺎ اﻻﺗﺧﺎذ ﻣن اﻹﺟراءات ﻣﺎ ﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ ﻣﻛﺎﻓﺣﺗﻬﺎ ،أو اﻟوﻗﺎﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺛل إﻋطﺎء
اﻷﻣﺻﺎل واﻟﻣطﺎﻋﯾم ﻟﻠﻣواطﻧﯾن ﻓﻲ ﺣﺎل ﺗﻔﺷﻲ وﺑﺎء ﺧطﯾر)" .(2وﯾرى ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ أﻧﻪ ﯾﺟوز
ﻟﻸطﺑﺎء ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﻋدم اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ رﺿﺎ اﻟﻣرﯾض أو رﺿﺎ ذوﯾﻪ ،اﻟﻘﯾﺎم
اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ :إذا ﻛﺎﻧت ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرﯾض ﺧطرة وﻏﯾر ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن رأﯾﻪ ،ﻣﻊ ﺿرورة
اﻹﺳراع ﻓﻲ اﻟﻌﻼج ،وﻟم ﯾﻛن ﻟﻠﻣرﯾض أي ﻗرﯾب ﯾﻌﺑر ﻋن إرادﺗﻪ ﻧﯾﺎﺑﺔ ﻋﻧﻪ ،ﻫﻧﺎ ﻻ
ﯾﻠزم رﺿﺎ اﻟﻣرﯾض ﻟﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺗﻌﺟﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﻠزم ﺳرﻋﺔ ﻣﺑﺎﺷرة اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ
ﻹﻧﻘﺎذ اﻟﻣرﯾض.
اﻟوﺑﺎء اﻟﺗﻲ أﺷرت إﻟﯾﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎً ،وﻟﻛن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻣرﯾض ﯾرﻓض اﻟﻌﻼج،
وﻛﺎﻧت ﺣﺎﻟﺗﻪ ﺧطرة ﺟداً ﺗﺳﺗﻠزم اﻟﺗدﺧل ﻹﻧﻘﺎذﻩ ،وﻋﻧد ﺗدﺧل اﻟطﺑﯾب ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ
رﻏﻣﺎً ﻋن اﻟﻣرﯾض ،ﻓﺈن اﻷﺻﺢ أن ﻻ ﯾﻌﺎﻗب اﻟطﺑﯾب اﺳﺗﻧﺎداً ﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺿرورة ،ﻷن
)(1
اﻷودن ،ﺳﻣﯾر ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.21-20
)(2
اﻧظر :ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (22ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﺎم اﻷردﻧﻲ ﻟﺳﻧﺔ 2008م.
)(3
اﻟﺟﻣﺎل ،ﻣﺻطﻔﻰ ) .(2000اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻋن اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ ،ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ ،ﺑﯾروت ،ص-159
.161
31
"وﺗﻌﺗﺑر ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﺟﻣﯾل أو زرع اﻷﻋﺿﺎء أو اﻹﺟﻬﺎض ،إذا ﻛﺎﻧت ﺑﻘﺻد اﻟﻌﻼج،
ﻣﺷروﻋﺔ ﻷن ﻏﺎﯾﺗﻬﺎ اﻟﻌﻼج إذا ﺗﻣت وﻓق اﻟﻘﺎﻧونٕ ،واذا ﺗﻣت ﻋﻛس ذﻟك ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻛون أﻋﻣﺎﻻً ﻣﺟرﻣﺔ
اﻟﺟﺳدي واﻟﻧﻔﺳﻲ ،ﻛﺈزاﻟﺔ ﺗﺷوﯾﻪ واﺿﺢ ﻓﻲ اﻟوﺟﻪ أو اﻟﯾدﯾن ،أو إﺻﻼح آﺛﺎر اﻟﺣروق أو اﻟﺟروح،
وﯾﻌﺗﺑر ﻧﻘل اﻟدم وزراﻋﺔ اﻷﻋﺿﺎء ﻛذﻟك ﻣن أﺳﺑﺎب اﻟﺗﺑرﯾر إذا ﺗﻣت ﺑﻘﺻد اﻟﻌﻼج").(1
ﯾﺗﺿﺢ ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ،أن ﻋدم ﻣراﻋﺎة اﻟﻘواﻧﯾن واﻷﻧظﻣﺔ واﻟﺗﻌﻠﯾﻣﺎت ﯾﻌﻧﻲ ﻋدم ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﺳﻠوك
اﻟطﺑﯾب ﻟﻘواﻋد اﻟﺳﻠوك اﻵﻣرة ،وﻣن اﻟﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﺎ ﻗﺿت ﺑﻪ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻣﺻرﯾﺔ
"ﺑﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﻛﯾﻣﯾﺎﺋﻲ اﻟذي ﻗﺎم ﺑﺗزوﯾر اﻟﺗﺣﺎﻟﯾل اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺟراﻫﺎ ،ﻛﻲ ﯾﻘﺗﻧﻊ اﻟﻣرﯾض
ﺑﺎﺗﺑﺎع طرﯾﻘﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻟﻠﻌﻼج ،ﻫذا اﻷﺧﯾر اﻟذي ﺳﺑب اﺿطراﺑﺎت ﺧطﯾرة ﻟﻠﻣرﯾض ،اﺳﺗدﻋت ﺗدﺧل
اﻟﺧﻼﺻﺔ ﻫﻲ أن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﯾﺗﻣﯾز ﻋن اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﯾﻠزم
اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﺗﺑﺎع أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟﻣﻬﻧﺔ ،وأن ﯾﻣﺎرس ﻧﺷﺎطﻪ اﻟﻣﻬﻧﻲ ﺑﻛل ﯾﻘظﺔ وﺣذر وﻓﻘﺎً ﻟﻸﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
)(1
اﻟﺻراﯾرة ،أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.59
)(2
ﻧﻘض ﻣﺻري رﻗم 1952ﺗﺎرﯾﺦ 1968/4/13م ،ﻣﺷﺎر إﻟﯾﻪ :ﺣﺟﺎزي ،ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.168
32
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث
ﻧظراً ﻟﻣﺎ ﯾﻣﺗﺎز ﺑﻪ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ﻣن ﺧﺎﺻﯾﺔ اﻻﺣﺗﻣﺎل واﻟﺣدس واﻟﺗﺧﻣﯾن ﺑﻧﺳﺑﺔ ﻛﺑﯾرة)،(1
وﺑﺷﺄن اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟذي ﯾﻘﺎس ﺑﻪ ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ،ﻓﻘد ظﻬر ﻣﻌﯾﺎران ﻫﻣﺎ:
اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻷول :اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺷﺧﺻﻲ ،وﺑﻣوﺟﺑﻪ ﯾﻘﺎرن ﻣﺎ وﻗﻊ ﻣن اﻟطﺑﯾب ﻣن أﺧطﺎء ﻓﻲ ﺿوء
اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻣن ﺣﯾث إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗﺟﻧب اﻟﺧطﺄ وذﻟك إذا وﺟد ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟظروف اﻟﺗﻲ أﺣﺎطت
ﺑﻪ ،ﻓﺈذا ﺛﺑت أﻧﻪ ﻛﺎن ﻓﻲ اﺳﺗطﺎﻋﺗﻪ ﺗﺟﻧب اﻟﺿرر وﻟم ﯾﻔﻌل ،وﺻف ﺳﻠوﻛﻪ ﺑﺎﻟﺧطﺄ ﻟﻌدم اﺗﺧﺎذ
اﻟﺣﯾطﺔ واﻟﺣذر).(3
اﻟﻣﺄﻟوف ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﻊ اﻷﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟﺑﯾﺋﺔ واﻟظروف اﻟﺗﻲ وﺟد ﻓﯾﻬﺎ).(4
ﻣدﻧﯾﺎ
ً وﯾطرح اﻟﺑﺎﺣث ﺗﺳﺎؤًﻻ ﻣﻔﺎدﻩ :ﻣﺎ اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣﻼﺋم ﻟﻘﯾﺎس ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ،وﻣن ﺛم ﯾﺳﺄل
)(1
اﻟﺟﻣﺎل ،ﻣﺻطﻔﻰ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.163
)(2
ﺷرف اﻟدﯾن ،أﺣﻣد ) .(2014ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾ ب ٕوادارة اﻟﻣرﻓق اﻟﺻﺣﻲ اﻟﻌﺎم ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ط،2
ص.219
) (3اﻧظر ﺗﻔﺻﯾﻼً :ﻣﻧﺻور ،ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.37-35
) (4اﻧظر ﺗﻔﺻﯾﻼً :ﺷرف اﻟدﯾن ،أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.226-225
33
ﯾﺑدو ﻟﻠﺑﺎﺣث أن اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻫو اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣﻼﺋم ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن
أﺧطﺎﺋﻪ ،ﻷﻧﻪ – ﺑرأي – ﻟﯾس ﻣن اﻟﻣﻌﻘول أن ﯾؤﺧذ ﺳﻠوك اﻟطﺑﯾب اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻛﻣﻌﯾﺎر ﻟﺗﺣدﯾد
وﻋﻠﯾﻪ ،ﻓﯾﻘدر ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب وﻓﻘﺎً ﻟﻣﻌﯾﺎر ﻣوﺿوﻋﻲ ﺑﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺳﻠوﻛﻪ ﺑﺳﻠوك طﺑﯾب وﺳط ﻣن
ﻧﻔس ﻣﺳﺗواﻩ وﺗﺧﺻﺻﻪ ودرﺟﺗﻪ ،ﻓﺎﻟطﺑﯾب اﻷﺧﺻﺎﺋﻲ ﻻ ﯾﻘﺎرن ﺑطﺑﯾب ﻋﺎمٕ ،واﻧﻣﺎ ﺑطﺑﯾب أﺧﺻﺎﺋﻲ
ﻣﺛﻠﻪ وﺗراﻋﻰ اﻟظروف اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﺎﻟطﺑﯾب ﻋﻧد ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﻌﻣﻠﻪ ،ﻓﻣﺛﻼً ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺗﻌﺟﺎل ﯾﺑﺎح ﻟﻠطﺑﯾب
ﻫذا وﻧﺟد أن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ ،وﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (358ﻣﻧﻪ ﻗد ﺣدد اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻌﺎم ﻟﺗﻧﻔﯾذ
اﻻﻟﺗزام ،واﻟﺗﻲ ﺟﺎء ﻧﺻﻬﺎ" :أﻧﻪ إذا ﻛﺎن اﻟﻣطﻠوب ﻣن اﻟﻣدﯾن ﻫو اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻲء أو اﻟﻘﯾﺎم
ﺑﺈدارﺗﻪ أو ﺗوﺧﻲ اﻟﺣﯾطﺔ ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗزاﻣﻪ ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻛون ﻗد أوﻓﻰ ﺑﺎﻻﻟﺗزام إذا ﺑذل ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻣن اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ
ﻛل ﻣﺎ ﯾﺑذﻟﻪ اﻟﺷﺧص اﻟﻌﺎدي وﻟو ﻟم ﯾﺗﺣﻘق اﻟﻐرض اﻟﻣﻘﺻود ،ﻫذا ﻣﺎ ﻟم ﯾﻧص اﻟﻘﺎﻧون أو اﻻﺗﻔﺎق
اﻻﻟﺗزام ﺑﺑذل ﻋﻧﺎﯾﺔ ،وﻛﻣﺎ ﻧﻌﻠم ﻓﺈن اﻟﺗزام اﻟطﺑﯾب ﻫو ﺑذل ﻋﻧﺎﯾﺔ ﺑﺣﺳب اﻷﺻل ،ﻓﻼ ﯾﺗﺻور أن
وﻟﻘد اﺳﺗﻘرت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻗ ارراﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺧذ ﺑﺎﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻟﻠﺧطﺄ
اﻟطﺑﻲ ،إذ اﻋﺗﺑرت أن ﻣﺟرد اﻻﻧﺣراف ﻋن ﺳﻠوك اﻟرﺟل اﻟﻣﻌﺗﺎد ﯾﻛﻔﻲ ﻟﻘﯾﺎم اﻟﺧطﺄ دون اﻟﺣﺎﺟﺔ
)(1
اﻷﻫواﻧﻲ ،ﺣﺳﺎم اﻟدﯾن اﻷﻫواﻧﻲ ) ،(1993-1992ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ،دار أﺑو اﻟﻣﺟد ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة،
ص.413-412
34
ﻟﻠﺳؤال ﻋن إرادة اﻟﻔﺎﻋل أو ﻣدى إدراﻛﻪ وﺗﻣﯾﯾزﻩ) ،(1وﻓﻲ ﻗرار ﺣدﯾث ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﻗﺿت
ﺑﺄﻧﻪ" :اﺳﺗﻘر اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ أن ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ واﻟذي ﯾﺳﺄل ﻋﻧﻪ اﻟطﺑﯾب ﻫو ﻣﻌﯾﺎر
ﻣوﺿوﻋﻲ ،ﻓﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻧد ﺗﻘدﯾر ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ﻣراﻋﺎة ﻣﺳﺗواﻩ ﻣن ﺣﯾث ﻫل ﻫو طﺑﯾب ﻋﺎم أو
.(2)"2119/2008
ﻛذﻟك ﻗﺿت ﺑﺄﻧﻪ" :وﺣﯾث أن ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ وﻓق ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء واﻟذي
ﺳﺄل ﻋﻧﻪ اﻟطﺑﯾب ﻫو ﺳﻠوك اﻟطﺑﯾب اﻟوﺳط ﻣن ﻧﻔس اﻟﻣﺳﺗوى ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟظروف اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ
ﺑﺎﻟطﺑﯾب اﻟﻣﺳؤول ،ﻓﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻧد ﺗﻘدﯾر ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ﻣراﻋﺎة ﻣﺳﺗواﻩ ﻣن ﺣﯾث ﻫل ﻫو طﺑﯾب ﻋﺎم أو
ﻣﺗﺧﺻص وﻣﺎ ﯾﺣﯾط ﺑﺎﻟﻌﻣل ﻣن ﻋﺎدات طﺑﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘرة ،وﺣﯾث إن إﺛﺑﺎت ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ﻟﯾس ﻣن
اﻟﺳﻬل ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗﺑﯾن ﻫذا اﻟﺧطﺄ ﺑل ﯾﺟب اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺄﻫل اﻟﺧﺑرة ﻣن اﻷطﺑﺎء ﻟدراﺳﺔ اﻟﺣﺎﻟﺔ
ﺳﺎﺑﻘﺎ وﻗ اررات
ً ﯾرى اﻟﺑﺎﺣث ﻋﻠﻰ ﺿوء ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (358ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬﺎ
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ أن اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻌﺎم ﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻷردﻧﻲ ﻫو ﻣﻌﯾﺎر ﻣوﺿوﻋﻲ
ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺳﻠوك اﻟﺷﺧص اﻟﻌﺎدي ،أي ﺳﻠوك طﺑﯾب ﻋﺎدي وﺳط ﻣن ذات اﻟﺗﺧﺻص واﻟﻣﺳﺗوى
اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﻣﺳؤول .وﻫذا ﺑرأي اﻟﺑﺎﺣث ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﺧطﺄ اﻟﺗﻘﺻﯾري واﻟﺧطﺄ اﻟﻌﻘدي ﻟﻠطﺑﯾب
ﻋﻠﻰ ﺣد ﺳواء.
)(1
اﻧظر :ﻗ اررات ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ واﻟﻣﻧﺷورة ﻓﻲ ﻣرﻛز اﻟﻘﺳطﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ذوات اﻷرﻗﺎم اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ(88/380) :
ﺗﺎرﯾﺦ ،88/5/25و ) (87/574ﺗﺎرﯾﺦ ،87/8/23و ) (2001/2706ﺗﺎرﯾﺦ .2001/10/25
)(2
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم 2011/2886ﺗﺎرﯾﺦ 2012/3/18م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
)(3
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم ،2013/2346اﻟﻘﺳطﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،ﺗﺎرﯾﺦ ،2014/4/16ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز اﻟﻘﺳطﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ.
35
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺑﻌد أن ﺑﯾﻧﺎ ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ وﻣﻌﯾﺎرﻩ ،ﻧﺟد أﻧﻪ ﻣن اﻟﺿروري وﺑﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل
ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣدﻧﯾﺔ أن ﻧﺑﯾن ﺧﺻوﺻﯾﺎت اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟذي ﯾﺳﺄل ﻋﻧﻪ اﻟطﺑﯾب ،ﻷﻫﻣﯾﺗﻬﺎ ﻓﻲ
ﻟذا ،ﺳﺄﻗﺳم ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث إﻟﻰ ﻣطﻠﺑﯾن ،أﺗﻧﺎول ﻓﻲ اﻟﻣطﻠب اﻷول اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﺗﻘﺻﯾري
ﺳﺄﻗﺳم ﻫذا اﻟﻣطﻠب إﻟﻰ ﻓرﻋﯾن ،أﺗﻧﺎول ﻓﻲ اﻷول اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﺗﻘﺻﯾري ،وأﺑﺣث ﻓﻲ
ﯾﻘﺻد ﺑﻬذا اﻟﺧطﺄ ﻫو اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻟﺗزام ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻻﻟﺗزام ﺑﻌدم اﻹﺿرار ﺑﺎﻟﻐﯾر ،ﻓﻬو
وﻣن اﻟطﺑﯾﻌﻲ أﻧﻪ ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﯾوﺟد ﻋﻘد ﻟﻠﻌﻼج ﺑﯾن اﻟﻣرﯾض واﻟطﺑﯾب أن ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﺧطﺄ
اﻟطﺑﯾب اﻟذي أﻟﺣق اﻟﺿرر ﺑﻣرﯾﺿﻪ ﻗﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﺿد اﻟطﺑﯾب ،وﺗﻛون ﺣﯾﻧﺋذ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
)(1
اﻧظر :ﺑﺣث ﺑﻌﻧوان "أرﻛﺎن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب وﻧطﺎﻗﻬﺎ" ،ﻣﻧﺷور ﻋﺑر ﺳﺗﺎر ﺗﺎﯾﻣز ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.20
36
ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،وﻣﺛﺎﻻ ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرﯾض اﻟذي ﻟم ﯾﻘﺑل إﺟراء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺟراﺣﯾﺔ ﺑﺳﺑب ﺣﺎﻟﺗﻪ اﻟﻌﺎﺟﻠﺔ
ﻓﻣن اﻟﻣﻔروض اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻧﺎ اﻟﯾوﻣﯾﺔ وﻫﻲ ﻛﺛﯾرة اﻟوﻗوع أن ﯾﻧﻘل ﺷﺧص ﻣﺻﺎب ﻓﻲ
ﻏﺎﻟﺑﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ً ﺣﺎدث ﺳﯾر ،وﻫو ﻓﺎﻗد اﻟوﻋﻲ إﻟﻰ ﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﻣن أﺟل إﻧﻘﺎذﻩ ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾﺣدث
ﻟﻠﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت اﻟﻘرﯾﺑﺔ ﻣن أﺣد اﻟطرق اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ اﻟذي ﯾﻛﺛر ﻋﻠﯾﻪ ﺣرﻛﺔ اﻟﻣرور ،ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﻓﻲ
ﻓﻌﻧد ﻏﯾﺎب اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻣرﯾض واﻟطﺑﯾب ﻓﺈن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻸﺧﯾر ﺗﻌد
ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ وﻫذا ﯾﺗﺻور ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠب ﺗدﺧل اﻟطﺑﯾب ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺳرﻋﺔ دون
أدﻧﻰ ﺗﺄﺧﯾر ﻹﻧﻘﺎذ اﻟﻣرﯾض ،ﻓﺎﻟﻣﻌﯾﺎر اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻓﻲ ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت
ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ ﻋﻘدﯾﺔ أو ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻫو وﺟود اﻟراﺑطﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻣرﯾض واﻟطﺑﯾب ﻣن ﻋدﻣﻪ.
ﻛﻣﺎ ﺗﻛون ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ إذا اﻣﺗﻧﻊ ﻋن ﻋﻼج ﻣرﯾض ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻼج
واﻹﻧﻘﺎذ ﺑدون ﻣﺑرر ﻣﺷروع ،ﻓرﻏم ﺣرﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﻣزاوﻟﺔ ﻣﻬﻧﺗﻪ وأﺣﻘﯾﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺑﺎﺷرﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﯾراﻫﺎ ،إﻻ أن ﻫذا اﻟﺣق ﻣﻘﯾد ﺑﻣﺎ ﺗﻔرﺿﻪ ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻬﻧﺗﻪ ﻣن واﺟﺑﺎتٕ ،واﻻ ﻛﺎن ﻣﺗﻌﺳﻔﺎً ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل
ﺣﻘﻪ).(2
ﻫذا وﺗﻌد ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾﻌﻣل ﻓﻲ ﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﻋﺎم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،ﻷن ﻣﺛل ﻫذا
اﻟطﺑﯾب ﻫو ﻣوظف ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬو ﻓﻲ ﻣرﻛز ﺗﻧظﯾﻣﻲ ﺗﺣﻛﻣﻪ ﻗواﻧﯾن وأﻧظﻣﺔ اﻟﻌﻣل وﻟﯾس ﻓﻲ ﻣرﻛز
)(1
ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،ﻣﺣﺳن ) .(1993ﻧظرة ﺣدﯾﺛﺔ إﻟﻰ ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣوﺟب ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ،دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ ،اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ،
ط ،1ص.77
)(2
ﺳوﯾﻠم ،ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣد ) .(2009ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب واﻟﺟراح وأﺳﺑﺎب اﻹﻋﻔﺎء ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ واﻟﻔﻘﻪ
اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف ،اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ،ﻣﺻر ،ط ،1ص.111
37
ﺷﺧﺻﻲ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ ﻫﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ وﻟﯾﺳت ﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ) ،(1وﻫذا ﻣﺎ ﻗﺿت ﺑﻪ
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﺑﺄن" :ﻋﻼﻗﺔ اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺑﻌﻬﺎ ﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ وﻟﯾﺳت ﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ،
وأن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻋن اﻟﺿرر اﻟذي ﯾﺻﯾب اﻟﻣرﯾض ﺑﺳﺑب ﺧطﺄ
اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺳﺎﻋد ،وﻻ ﯾﻣﻛن ﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟطﺑﯾب إﻻ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن
اﻟﻘول ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺑﺄن اﻟﻣرﯾض ﻗد اﺧﺗﺎر اﻟطﺑﯾب ﺣﺗﻰ ﯾﻧﻌﻘد ﻋﻘد ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول
ﺑوﺟود ﻋﻘد اﺷﺗراط ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣرﯾض ﺑﯾن إدارة اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ اﻟﻌﺎم وﺑﯾن أطﺑﺎﺋﻬﺎ ،ﻷن ﻋﻼﻗﺔ اﻟطﺑﯾب
اﻟﻣوظف ﺑﺎﻟﺟﻬﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺑﻌﻬﺎ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ وﻟﯾﺳت ﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ ،وﺑذﻟك ﻻ ﯾﻛون ﻫﻧﺎك
وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق ﯾرى اﻟﺑﺎﺣث ﺑﺄن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ
ﻫو اﻟﺧطﺄ اﻟﻣﻧﺷﺊ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب) .(3وﻗد ﺗﺑﯾن ﻟﻠﺑﺎﺣث أن اﻟطﺑﯾب
ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗدﺧل ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ دون وﺟود اﺗﻔﺎق ﻣﺳﺑق ﺑﯾﻧﻪ وﺑﯾن اﻟﻣرﯾض ،ﻓﺈن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ
ﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ﻫﻧﺎ ﺗﻛون ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻟﻐﯾﺎب اﻟراﺑطﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ.
اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ).(1
)(1
اﻧظر :ﺑﺣث ﺑﻌﻧوان "أرﻛﺎن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب وﻧطﺎﻗﻬﺎ" ،ﻣﻧﺷور ﻋﺑر ﺳﺗﺎر ﺗﺎﯾﻣز ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.20
)(2
ﻧﻘض ﻣﺻري رﻗم ،1980/1018ﺟﻠﺳﺔ ،1980/5/13ﻧﻘﻼً ﻋن :ﺳوﯾﻠم ،ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق،
ص.119-118
)(3
اﻧظر :ﺑﺣث ﺑﻌﻧوان "أرﻛﺎن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب وﻧطﺎﻗﻬﺎ" ،ﻣﻧﺷور ﻋﺑر ﺳﺗﺎر ﺗﺎﯾﻣز ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.11
38
ﻓﻣﺛﻼً ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﻔق اﻟﻣرﯾض ﻣﻊ اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح ﺑﺈﺟراء ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺟراﺣﯾﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﺗﺛور أي
ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋﻧد ﺣدوث ﺿرر ﻟﻠﻣرﯾض ﺑﺳﺑب ﺧطﺄ ارﺗﻛﺑﻪ
اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح اﻟذي ﺗﻌﺎﻗد ﻣﻌﻪ ،ﻷن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻫﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ ﻷن أﺳﺎس
ﻫذا وﯾﺗﻣﯾز اﻟﻌﻘد اﻟطﺑﻲ ﺑﺧﺻﺎﺋص ﺗﺗﻣﺛل ﺑﺄﻧﻪ ﻋﻘد ﺷﺧﺻﻲ وأﻧﻪ ﻋﻘد ﻣﺳﺗﻣر ،وﻣن ﻋﻘود
اﻟﻣﻌﺎوﺿﺔ ،ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻋﻘد ﻣدﻧﻲ وﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،وأﻧﻪ ﻋﻘد ﻗﺎﺑل ﻟﻠﻔﺳﺦ) ،(2ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﯾﻌد ﻋﻘداً
وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﺟود ﻋﻘد ﻗﺎﺋم ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾﻣﺛل اﻟﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ وﺑﯾن اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺗﺿرر،
ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﺧﻼف أن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ ﻫﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻘدﯾﺔ إذا ﻛﺎن اﻟﺧطﺄ اﻟذي
ﺗﺳﺑب ﺑﺿرر اﻟﻣرﯾض ﻛﺎن ﺑﺳﺑب ﻓﻌل اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾرﺗﺑط ﺑﻌﻘد ﻣﻊ اﻟﻣرﯾضٕ ،واذا ﻛﺎن اﻟﺧطﺄ
اﻟذي أدى إﻟﻰ ﺿرر اﻟﻣرﯾض ﺑﺳﺑب أﺣد أﻋﺿﺎء اﻟﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ ،ﻓﺈن أﺳﺎس اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ
أﯾﺿﺎً ﺗﻛون ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻘدﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﻋدم ارﺗﺑﺎط أي ﻋﺿو ﻣن اﻟﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ ﺑﻌﻘد ﻣﻊ
اﻟﻣرﯾض ،وﺑﻣﺎ أن اﻟﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ ﯾﺧﺿﻊ ﺗﺣت إﺷراف وﺗوﺟﯾﻪ ورﻗﺎﺑﺔ اﻟطﺑﯾب ﻓﺈن اﻷﺧﯾر ﻣﺳؤول
ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﺎﻣﺔ أﻣﺎم اﻟﻣرﯾض ﻋن أي ﺧطﺄ طﺑﻲ ﯾرﺗﻛﺑﻪ أﺣد أﻋﺿﺎء اﻟﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ).(3
)(1
اﻧظر :اﻟﻣواد ﻣن 87إﻟﻰ 166ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ.
)(2
اﻧظر :ﺑﺣث ﺑﻌﻧوان "أرﻛﺎن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب وﻧطﺎﻗﻬﺎ" ،ﻣﻧﺷور ﻋﺑر ﺳﺗﺎر ﺗﺎﯾﻣز ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق،
ص.19-17
)(3
اﻟﻣري ،ﺧﺎﻟد ﻋﻠﻲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.37-36
39
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺑﻌد أن ﺑﯾﻧﺎ ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ وﻣﻌﯾﺎرﻩ وﻋﻧﺎﺻرﻩ ،وﻛذﻟك ﺑﺣﺛﻧﺎ ﺧﺻوﺻﯾﺎﺗﻪ ،ﻓﻧﺟد أﻧﻪ ﻣن
ﻟذا ،ﺳﺄﻗﺳم ﻫذا اﻟﻣطﻠب إﻟﻰ ﺳﺗﺔ ﻓروع ،أﺗﻧﺎول ﻓﻲ اﻟﻔرع اﻷول اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﺗﺷﺧﯾص ،وﻓﻲ
اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ وﺻف اﻟﻌﻼج ،وﻓﻲ اﻟﺛﺎﻟث اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺟراﺣﯾﺔ ،وﻓﻲ اﻟراﺑﻊ أﺧطﺎء
ﺗﺑﺎﻋﺎ.
ً اﻟﺗﺧدﯾر ،وﻓﻲ اﻟﺧﺎﻣس أﺧطﺎء اﻷﺷﻌﺔ ،وﻓﻲ اﻟﺳﺎدس أﺧطﺎء اﻟﺗوﻟﯾد ،وﺳﺄﺗﻧﺎول ﻫذﻩ اﻟﻔروع
ﺗﻌد ﻣرﺣﻠﺔ ﺗﺷﺧﯾص اﻟﻣرﯾض ﻣن أﻫم اﻟﻣراﺣل وأدﻗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ،وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ
اﻟﺧطﺄ ﻓﯾﻬﺎ أن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣراﺣل اﻟﻼﺣﻘﺔ ﺗﻛون ﻧﺗﺎﺋﺟﻬﺎ ﺳﻠﺑﯾﺔ وﻗد ﯾﺗﻌرض اﻟﻣرﯾض ﻟﻠﺧطورة اﻟﺗﻲ
إن اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﺗﺷﺧﯾص ﻗد ﯾﻛون راﺟﻌﺎً إﻟﻰ اﻹﻫﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﺗﺷﺧﯾص أو إﻟﻰ اﻟﻐﻠط اﻟﻌﻠﻣﻲ
ﻓﻲ اﻟﺗﺷﺧﯾص.
وﻋﻠﯾﻪ ﯾﺗطﻠب ﻣن اﻟطﺑﯾب اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻔﺣوﺻﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﻣرﯾض وأن ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ وﻓﻘﺎً ﻟﻸﺻول
وﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺗﺷﺎﺑﻪ اﻷﻋراض واﻵﻻم ﻟﺑﻌض اﻷﻣراض ،ﻓﻘد ﯾﻘوم اﻟطﺑﯾب ﺑﺗﺷﺧﺻﻲ اﻟﻣرﯾض
ﺑﺷﻛل ﻣﻐﻠوط ،أي اﻟﻐﻠط اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﺷﺧﯾص ،وﯾرى اﻟﻔﻘﻪ أن ﻫذا اﻟﻐﻠط ﻻ ﺗﻘوم ﺑﻪ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﺗﺟﺎﻩ اﻟطﺑﯾب).(1
)(1
اﻟﺻراﯾرة ،أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.91
)(2
ﻣﻧﺻور ،ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.310
40
وﻣن ﺛم ﻻ ﯾﺷﻛل ﺧطﺄ طﺑﯾﺎً ﻓﻲ اﻟﺗﺷﺧﯾص إﻻ إذا ﻛﺎن ﻣﻧطوﯾﺎً ﻋﻠﻰ إﻫﻣﺎل وﻣﺧﺎﻟﻔﺔ
ﻟﻸﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ ﻛل طﺑﯾب اﻹﻟﻣﺎم ﺑﻬﺎ ،وﻫﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧم ﻓﯾﻬﺎ ﻋن ﺟﻬل
اﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ،ﻛﺎﻹﻫﻣﺎل ﺑﺎﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻔﺣص اﻟطﺑﻲ ،أو أن ﯾﺗم ﺑطرﯾﻘﺔ ﺳطﺣﯾﺔ وﺳرﯾﻌﺔ وﻏﯾر ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ،
أو ﻋدم اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟوﺳﺎﺋل اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﺣوال ﻛﺎﻟﺳﻣﺎﻋﺔ اﻟطﺑﯾﺔ،
واﻟﻔﺣص اﻟﻣﯾﻛروﺳﻛوﺑﻲ ﻣﺛﻼً إﻻ إذا ﻛﺎﻧت ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرﯾض ذاﺗﻬﺎ ﻻ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟوﺳﯾﻠﺔ ،أو أن
وﻗد ﻗﺿت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﺑﺄن" :اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﺗﺷﺧﯾص أدى إﻟﻰ ﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ،
ٕواﺣداث اﻟﻌﺎﻫﺔ اﻟداﺋﻣﺔ ﻟﻠطﻔﻠﺔ ،وﺑﺎﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﯾﻠزم اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ وﺻﺎﺣﺑﻪ ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻟذي ﻟﺣق
ﺑﺎﻟطﻔﻠﺔ").(3
اﻟﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء واﻟﻣؤﻛد ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ ،ﻫو ﺣرﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ وﺻف
اﻟﻌﻼج ﻟﻠﻣرﯾض واﺧﺗﯾﺎرﻩ اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗم ﺑﻬﺎ اﻟﻌﻼج ﻣﺗﻘﯾداً ﺑﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣرﯾض).(4
وﻗد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة )/13أ( ﻣن اﻟدﺳﺗور اﻟطﺑﻲ اﻷردﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ" :ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟرﻋﺎﯾﺔ
اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻣراﻋﺎة اﻟﺗﻘﺎﻟﯾد اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ :أ -ﺣرﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺻﻔﻪ ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة ظروف اﻟﻣرﯾض
اﻟﻣﺎدﯾﺔ".
)(1
اﻧظر :ﻋﺟﺎج ،طﻼل ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص ،131وﻣﻧﺻور ،ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص ،314واﻟﺻراﯾرة،
أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.97
)(2
اﻧظر :ﺑﺣث ﺑﻌﻧوان "أرﻛﺎن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب وﻧطﺎﻗﻬﺎ" ،ﻣﻧﺷور ﻋﺑر ﺳﺗﺎر ﺗﺎﯾﻣز ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.27
)(3
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم ،90/1246ﺗﺎرﯾﺦ ،1991/5/12ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
)(4
اﻟﻛﺎﯾد ،أﺳﺎﻣﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.253
41
اﻟﻘﺳم اﻷول :اﻟﺧطﺄ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻋدم اﺗﺑﺎع اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺳﺎﺋدة وﻗت ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻼج اﻟطﺑﻲ.
وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق ﻗﺿت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﺑﺄن" :اﺧﺗﯾﺎر اﻟطﺑﯾب ﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﻌﻼج دون
وﻣن اﻟﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺻر ،ﻣﺎ ﻗﺿت ﺑﻪ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض ﻓﻲ ﺣﻛم ﻟﻬﺎ ﺟﺎء ﺑﻪ" :إذا
ﻗﺎم اﻟطﺑﯾب ﺑﻣزج اﻟدواء ﺑﻣﺣﻠول اﻟطرطﯾر ﺑدﻻً ﻣن اﻟﻣﺎء اﻟﻣﻘطر اﻟذي ﻛﺎن ﯾﺗﻌﯾن ﻣزﺟﻪ ،ﻓﺈﻧﻪ أي
اﻟطﺑﯾب ﯾﻛون ﻗد أﺧطﺄ ﺳواء ﻛﺎن ﻗد وﻗﻊ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺧطﺄ ﻟوﺣدﻩ أم اﺷﺗرك ﻣﻌﻪ اﻟﻣرﯾض ﻓﯾﻪ،
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺟب ﻣﺳﺎءﻟﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن ،ﻷن اﻟﺧطﺄ اﻟﻣﺷﺗرك ﻻ ﯾﺟب ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ أي ﻣن اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن ﻓﯾﻪ،
ﺗﻌد اﻟﺟراﺣﺔ ﻣن أﻫم اﻟطرق اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﺧدﻣﻬﺎ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﻋﻼج اﻟﻣرﯾض ،وﻫﻧﺎك
ﻋدداً ﻣن اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺟراﺣﯾﺔ ،وﻫﻲ) :(4اﻻﻟﺗزام ﺑﺄﺧذ
)(1
اﻟﻛﺎﯾد ،أﺳﺎﻣﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص253؛ واﻟﻣﺧﺎﺗرة ،ﻣﺎﺟدة ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.113
)(2
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم ،2009/1018ﺗﺎرﯾﺦ ،2010/5/16ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز اﻟﻘﺳطﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ.
)(3
ﻧﻘض ﻣﺻري رﻗم ،1989/1603ﺗﺎرﯾﺦ ، 1990/4/20ﻣﺷﺎ ًار إﻟﯾﻪ ﻟدى :ﻣﻧﺻور ،ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق،
ص.380
)(4
اﻟﺻراﯾرة ،أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 106وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
42
ﻣواﻓﻘﺔ اﻟﻣرﯾض) ،(1واﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﻔﺣص واﻟﺗﺷﺧﯾص اﻟﺻﺣﯾﺢ ،واﻻﻟﺗزام ﺑﺈﺟراء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺟراﺣﯾﺔ
ﺑﺄﻗﺻﻰ درﺟﺎت اﻟﯾﻘظﺔ ،واﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻹﺷراف واﻟوﻗﺎﯾﺔ ﺑﻌد اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ وﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ.
وﻣن أﺑرز اﻷﺧطﺎء اﻟﻣﻣﻛن ﺗﺻورﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺟراﺣﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ
اﻟﺟراﺣﯾﺔ ،ﻓﻘد ﻗﺿت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﺑﺄن" :اﻟطﺑﯾب ﯾﻌد ﻣﺳؤوﻻً إذا ﺧﺎﻟف اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻧﯾﺔ
واﻟﻘواﻋد اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ أﺛﻧﺎء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺟراﺣﯾﺔ وﻣن ﺛم ﺗﻘوم ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ ﻋن ﺗرك ﻗطﻌﺔ اﻟﻘﻣﺎش ﻓﻲ ﺑطن
وﻫﻧﺎك اﻷﺧطﺎء اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺟراﺣﺔ اﻟﺗﺟﻣﯾل ،وﻗد ذﻫب ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻪ إﻟﻰ وﺟوب اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺗزام
اﻣﺎ ﺑﺗﺣﻘﯾق ﻧﺗﯾﺟﺔ ،ﺑﺣﯾث ﺗﻘوم ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻋﻧد ﻓﺷل اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ
اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ اﻟﺟراﺣﺔ اﻟﺗﺟﻣﯾﻠﯾﺔ اﻟﺗز ً
ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾرى ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ – واﻟﺑﺎﺣث ﯾؤﯾدﻩ – أن اﻟﺗزام طﺑﯾب ﺟراﺣﺔ اﻟﺗﺟﻣﯾل ﻫو ﺑذل
واﻟﺑﺎﺣث إذ ﯾؤﯾد ﻫذا اﻟرأي؛ ﻷن ﺟراﺣﺔ اﻟﺗﺟﻣﯾل ﻻ ﯾﻘﺻد ﻣﻧﻬﺎ ﺷﻔﺎء اﻟﻣرﯾض ﺣﺗﻰ ﯾﻛون
اﻣﺎ ﺑﺗﺣﻘﯾق ﻧﺗﯾﺟﺔ ،إﻧﻣﺎ ﯾﻘﺻد ﻣﻧﻬﺎ ﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﺗﺎﻣﺔ ﻹﺻﻼح اﻟﺗﺷوﻫﺎت ﻟدى
اﻟﺗزام اﻟطﺑﯾب اﻟﺗز ً
اﻟﻣرﯾض ﻻ أﻛﺛر.
ﻷﻫﻣﯾﺔ اﻟﺗﺧدﯾر ،ﻓﻘد أوﻛﻠت ﻣﺑﺎﺷرﺗﻪ إﻟﻰ طﺑﯾب أﺧﺻﺎﺋﻲ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻣن اﻟﻣﻔﺗرض ﻓﯾﻪ
إﺗﻘﺎن ﻋﻣﻠﻪ ،ﺑﺣﯾث أن ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﺧدﯾر أﺻﺑﺣت ﻣﺿﻣوﻧﺔ إﻟﻰ ﺣد ﻣﺎ ،ﻓﺈذا ﺣﺻل ﺿرر ﻣن اﻟﺗﺧدﯾر
)(1
ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ) (2ﻣن اﻟدﺳﺗور اﻟطﺑﻲ اﻷردﻧﻲ ﺑﺄن" :ﻛل ﻋﻣل طﺑﻲ ﯾﺟب أن ﯾﺳﺗﻬدف ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣرﯾض
اﻟﻣطﻠﻘﺔ ،وأن ﺗﻛون ﻟﻪ ﺿرورة ﺗﺑررﻩ وأن ﯾﺗم ﺑرﺿﺎﺋﻪ أو رﺿﺎء وﻟﻲ أﻣرﻩ إن ﻛﺎن ﻗﺎﺻراً أو ﻓﺎﻗداً ﻟﻠوﻋﻲ".
)(2
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم ،96/1018ﺗﺎرﯾﺦ ،1996/10/3ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز اﻟﻘﺳطﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ.
)(3
اﻟﻔﺿل ،ﻣﻧذر ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.138
)(4
ﻣﻧﺻور ،ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.398
43
ﻣﻔﺗرﺿﺎ ﻣن ﺟﺎﻧب طﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر ،وﻣﺎ ﻋﻠﯾﻪ إﻻ أن ﯾﺛﺑت ﻋدم ﺻدور ﺧطﺄ
ً ﻓﺈن اﻟﺧطﺄ ﻫﻧﺎ ﯾﻛون
ﺣﺎدﺛﺎ ﻓﺟﺎﺋﯾﺎً أو ﻗوة ﻗﺎﻫرة أو ﺧطﺄ اﻟﻣرﯾض ﻧﻔﺳﻪ ﻟﻧﻔﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻧﻪ).(1
ً ﻣﻧﻪ ،أو أن ﻫﻧﺎك
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻷﺧﺻﺎﺋﻲ ﯾﺿﻣن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻣن ﺿﻣن ﻧطﺎق أﻋﻣﺎل
اﻟﺗﺧدﯾر ،ﻟذﻟك ﻋﻠﯾﻪ اﻻﻟﺗزام ﺑﺈﺟراء اﻟﻔﺣوﺻﺎت ﻗﺑل ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺧدﯾر وﻣراﻗﺑﺔ اﻷﺟﻬزة اﻟﺣﯾوﯾﺔ ﻟﻠﻣرﯾض
أﺛﻧﺎء ﻏﯾﺑوﺑﺗﻪ ﻣﺛل اﻟﻘﻠب ،واﻷوﻋﯾﺔ اﻟدﻣوﯾﺔ ،وﻋﻠﯾﻪ واﺟب إﻧﻌﺎش اﻟﻣرﯾض ﻣن اﻟﻣﺧدر).(2
وﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟذﻟك ،ﻗﺿت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﻛم ﻟﻬﺎ ﺑﺄن اﻟطﺑﯾب ﯾﻠﺗزم ﺑﻣﺗﺎﺑﻌﺔ ﺣﺎﻟﺔ
ً
اﻟﻣرﯾض ﺣﺗﻰ اﺳﺗﻔﺎﻗﺗﻪ ﻣن اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ،وﯾﺗﺄﻛد ﻫذا اﻻﻟﺗزام ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺧﺷﻰ اﺣﺗﻣﺎل وﻗوع ﺧطر ﯾﺻﻌب
ﻛﻣﺎ ﻗﺿت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﻛم ﻟﻬﺎ ﺑﺄن" :رﻗﺎﺑﺔ طﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر واﻹﻧﻌﺎش ﯾﺟب
أن ﺗﺳﺗﻣر ﺑﻌد اﺳﺗﻔﺎﻗﺔ اﻟﻣرﯾض ﻟﻐﺎﯾﺔ اﺳﺗﻌﺎدﺗﻪ ﻟوظﺎﺋﻔﻪ اﻟﺣﯾوﯾﺔ ،وﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوص وظﯾﻔﺔ اﻷﻣﻌﺎء،
ﻷن اﻟﻣﻣرﺿﺔ أﺛﻧﺎء ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺧطﯾرة إﻧﻣﺎ ﺗﻌﻣل ﺗﺣت إﺷراف طﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر وﻋﻬدﺗﻪ
وﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ ،وأن اﻟﻣرﯾض ﺣﯾﻧﻣﺎ أﺟرﯾت ﻟﻪ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘن اﻟﺗﻲ ﺳﺑﺑت اﻟﺿرر ،وﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أﻧﻪ ﻛﺎن
ﻣﺳﺗﯾﻘظﺎً ،ﻟم ﯾﻛن ﻗد ّﺗم إﻧﻌﺎﺷﻪ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﻘﻧﻲ ﻟﻠﻛﻠﻣﺔ ﻣﺎ داﻣت أﻣﻌﺎؤﻩ ﻟم ﺗﺳﺗﻌد ﺑﻌد وظﯾﻔﺗﻬﺎ").(4
اﻷﺷﻌﺔ ﻟﻬﺎ دور ﻛﺑﯾر وﻫﺎم ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ،وﺗﻌﺗﺑر ﻣن اﻷﺟﻬزة اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﺗﺷﺧﯾص
اﻷﻣراض ،وﻧظ ًار ﻟﻠﺗطور اﻟﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل واﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺎت اﻟﻛﺑﯾرة ﻷﺟﻬزة اﻷﺷﻌﺔ ،واﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ
ﻋﻼج اﻷﻣراض ﻣﺛل اﻟﺳرطﺎن ،وﻫو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟطب اﻟﻧووي ،وﻧظراً ﻟﺧطورﺗﻬﺎ وﻣﺎ ﻗد ﺗﺳﺑﺑﻪ ﻣن
)(1
ﻧﺎﺟﻲ ،رﺟﺎء ) .(1999أﺧطﺎء اﻟﻌﻼج ،ﻫل ﻣن ﺿﻣﺎﻧﺎت ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟطﺑﯾب واﻟﻣرﯾض ﻣﻌﺎً ؟ ﺑﺣث ﻣﻘدم إﻟﻰ
اﻟﻣؤﺗﻣر اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻷول ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟرش اﻷﻫﻠﯾﺔ ،ﺟرش ،اﻷردن ،ص.6
) (2اﻟﺣﺳﯾﻧﻲ ،ﻋﺑد اﻟﻠطﯾف ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.173
)(3
أﺷﺎر إﻟﯾﻪ :ﻣﻧﺻور ،ﻣﺣﻣد ،اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.64
)(4
أﺷﺎر إﻟﯾﻪ :ﻣﻧﺻور ،ﻣﺣﻣد ،اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.65
44
أﺿرار ﺳواء ﻟﻠﻣرﯾض أم ﻟﻠﻔﻧﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟب اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ﻣن ﻗﺑل ﻣﺗﺧﺻص ،ﻟذا ﻓﺈن اﻻﻟﺗزاﻣﺎت
اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب أو ﻓﻧﻲ اﻷﺷﻌﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﺳﻼﻣﺔ اﻵﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﻌﻣﻠﻬﺎ ،وأﻻ ﯾﺳﻠط ﻋﻠﻰ
وﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب ﻣراﻗﺑﺔ ﺗﺄﺛﯾر اﻷﺷﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺳم اﻟﻣرﯾض ﺑﻣﻧﺗﻬﻰ اﻟﯾﻘظﺔ واﻟﺣذر ،ﺑﺣﯾث ﯾﺟب
ﻋﻠﯾﻪ وﻗف اﻟﻌﻼج ﻓوراً أو اﻟﻣﺑﺎﻋدة ﺑﯾن ﺟﻠﺳﺎﺗﻪ إذا ظﻬر أي أﺛر ﻟﺣروق أو ﻋﻼﻣﺎت ﻏﯾر طﺑﯾﻌﯾﺔ
وﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟذﻟك ﻗﺿت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﺳﺗﺋﻧﺎف ﻣﺻر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2ﯾﻧﺎﯾر 1936م ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ طﺑﯾب
ً ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺳم).(2
ﻋن ﻗرﺣﺔ ﻓﻲ ﻋﻧق اﻟﻣرﯾض ،ﻷﻧﻬﺎ ﻧﺷﺄت ﻋن أﺧطﺎء ارﺗﻛﺑﻬﺎ ،إذ إﻧﻪ ﻋﻬد إﻟﻰ اﻟﻣﻣرﺿﺔ ﺑﺈﺟراء
ﺟﻠﺳﺎت اﻷﺷﻌﺔ ﻣﻊ وﺟود ﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﺟﻬﺎز ،ﺣﯾث ﻛﺎن ﯾﺟب ﺗﺄﺟﯾل اﻟﻌﻼج).(3
إن طﺑﯾب اﻷﺷﻌﺔ ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻً ﻋن اﻷﺿرار اﻟﻼﺣﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣرﯾض ﺑﺳﺑب اﻹﻫﻣﺎل وﻋدم اﺗﺧﺎذ
اﻻﺣﺗﯾﺎطﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ،أو ﻋن أي ﺧﻠل ﺑﺎﻟﺟﻬﺎز ،أو طول ﻣدة اﻟﻌﻼج وﻋدم اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻟﻠطرق اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
اﻻﻟﺗزام اﻟﻣﻔروض ﻋﻠﻰ طﺑﯾب اﻟﻧﺳﺎﺋﯾﺔ واﻟﺗوﻟﯾد ﻫو اﻻﻟﺗزام ﺑﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ واﻟﯾﻘظﺔ واﻟﺣذر،
وﺗﺑدأ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب واﻟﻣرﯾﺿﺔ ﻣن ﻟﺣظﺔ ﻣراﺟﻌﺔ اﻟﻣرﯾﺿﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ،وﯾﺗﯾﻘن أﻧﻬﺎ ﺣﺎﻣل ،ﻫﻧﺎ
ﯾﻠﺗزم اﻟطﺑﯾب إذا اﺳﺗﻣرت اﻟﻣرﯾﺿﺔ ﺑﻣراﺟﻌﺗﻪ دون اﻧﻘطﺎع أو ﺣﺗﻰ ﺧﻼل ﻓﺗرة ﻣراﺟﻌﺗﻬﺎ ﻟﻪ ﺑﺄن ﯾﻘدم
ﻟﻬﺎ اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ واﻟﻣﺷورة ،وﻋﻠﯾﻪ ﻗﺑل اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺈﻋطﺎء أي دواء ﻟﻠﻣرﯾﺿﺔ اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﺗﺄﺛﯾر ﻫذا اﻟدواء
)(1
اﻟﻣﺣﺗﺳب ﺑﺎﷲ ،ﺑﺳﺎم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.173
)(2
ﻋﺟﺎج ،طﻼل ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.314
)(3
أﺷﺎر إﻟﯾﻪ :أﺑو زﯾد ،ﺳﻌد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.98
45
ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻧﯾن وﻋﻠﻰ اﻟﻣرﯾض ،وﻫذا ﯾﺳﺗﻠزم إﺟراء اﻟﻔﺣوﺻﺎت واﻟدراﺳﺎت وﻣﻌرﻓﺔ ﺗﺄﺛﯾرات اﻷدوﯾﺔ
اﻟﺟﺎﻧﺑﯾﺔ).(1
ﻛﻣﺎ ﻗد ﺗﺳﺗدﻋﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرﯾﺿﺔ أﺛﻧﺎء ﻓﺣﺻﻬﺎ ﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﺑﻌض اﻷﺟﻬزة اﻟطﺑﯾﺔ ،وﻫﻧﺎ ﻋﻠﻰ
اﻟطﺑﯾب أن ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻫذﻩ اﻷﺟﻬزة ﺑﻛل ﺣرص ودراﯾﺔٕ ،واﻻ ﻛﺎن ﻣﺳؤوﻻً ﻋن ﻛل ﺧطﺄ ﯾﺣﺻل
ﺟراء اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻫذﻩ اﻷﺟﻬزة ،وﻣن اﻷﺿرار اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺣﺻل ﻧﺗﯾﺟﺔ اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻫذﻩ
ﻟﻠﻣرﯾﺿﺔ ﻣن ّ
"ﻛﻣﺎ أن ﻋﻠﻰ طﺑﯾب اﻟﻧﺳﺎﺋﯾﺔ أﺛﻧﺎء ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟوﻻدة ﺳوًاء وﻻدة طﺑﯾﻌﯾﺔ أم ﻋﻣﻠﯾﺔ
ﻗﯾﺻرﯾﺔ ،أن ﯾﻛون ﻗد ﻗﺎم ﺑﻛل اﻟﺿرورﯾﺎت اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ ﻟﻠﻣرﯾﺿﺔ ،وأن ﯾﺳﺗﻌﻣل أي أداة ﺑﻛل ﺣذر،
ووﻓق اﻷﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق ﻓﻘد ﻋرﺿت ﻗﺿﯾﺔ ﻓﻲ إﻧﺟﻠﺗ ار ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻠس اﻟﻠوردات
ﺗﺧص ﺳﯾدة ﻋﺎﻧت ﻣن ﺻﻌوﺑﺎت وﻻدة ،وأن اﻟطﺑﯾب ﻗﺎم ﺑﺳﺣب اﻟﻣوﻟود ﺑوﺳﺎطﺔ ﻛﻼب اﻟﺟراح،
وﻫو ﺟﻬﺎز ﯾﺳﺗﻌﻣﻠﻪ طﺑﯾب اﻟﺗوﻟﯾد ،واﺳﺗﻌﻣل ﻫذا اﻟﺟﻬﺎز ﺳت ﻣرات ،إﻻ أﻧﻪ اﺿطر إﻟﻰ إﺟراء
ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻗﯾﺻرﯾﺔ وﺗﺑﯾن أن اﻟطﻔل ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﺗﻠف دﻣﺎﻏﻲ ،وﺗﺑﯾن ﻣن ظروف اﻟﻘﺿﯾﺔ أن اﻟﻣرأة
رﻓﺿت ﺗﺻوﯾر رﺣﻣﻬﺎ ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن ﻣﻌرﻓﺔ اﺗﺳﺎﻋﻪ اﻟذي ﻟو ﻋرﻓﻪ اﻟطﺑﯾب ﻟﻘﺎم ﺑﺈﺟراء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ
اﻟﺟراﺣﯾﺔ ،ﺣﯾث وﺟدت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أﻧﻪ ﻣن اﻟطﺑﯾﻌﻲ أن ﯾﺳﺗﻌﻣل اﻟطﺑﯾب ﻛﻼﺑﺎً ﻟﺳﺣب اﻟطﻔل ،وﺗﺑﯾن
وﻻ ﯾﺟوز ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻷطﺑﺎء إﺟراء اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت وﻫم ﺑﺣﺎﻟﺔ اﻟﺳﻛر ،وﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب أن ﯾﻘوم
)(1
اﻟﺻراﯾرة ،أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.116
)(2
ﻋﺟﺎج ،طﻼل ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.317
)(3
أﺷﺎر إﻟﻰ ذﻟك :اﻟﺣﺳﯾﻧﻲ ،ﻋﺑد اﻟﻠطﯾف ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.175
46
ﯾﺗﺧذ اﻹﺟراءات واﻻﺣﺗﯾﺎطﺎت اﻟﺗﻲ ﯾوﺟﺑﻬﺎ اﻟﻔن اﻟطﺑﻲ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ وﻻدة اﻧﺗﻬت ﺑوﻓﺎة اﻷم ،وﻗﺿت
ﺑﺄن اﻟطﺑﯾب ارﺗﻛب ﻋدة أﺧطﺎء ﻛﺎﻧت اﻟﺳﺑب ﻓﻲ اﻟﻧزﯾف اﻟذي أدى إﻟﻰ وﻓﺎة اﻷم).(1
)(1
أﺷﺎر إﻟﯾﻪ :اﻟﻣﺣﺗﺳب ﺑﺎﷲ ،ﺑﺳﺎم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.304
47
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث
ﻧطﺎق اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ
إن دراﺳﺔ ﻧطﺎق اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﺗﺗطﻠب ﻣﻧﺎ ﺑﯾﺎن ﻫذا اﻟﻧطﺎق
ﻣن ﺣﯾث اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻪ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،وﻣن ﺛم ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ ﻋن اﻟﻐﯾر وﻋن اﻷﺷﯾﺎء.
اﻟﻣﺑﺣث اﻷول
ﺗﺛﺎر اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻪ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺗﯾن ،ﻫﻣﺎ :اﻷوﻟﻰ؛ ﻋﻧدﻣﺎ
ﯾرﺗﻛب اﻟطﺑﯾب ﺧطﺄ ﺷﺧﺻﯾﺎً اﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣرﯾض ،واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ؛ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرﺗﻛب ﻫذا اﻟﺧطﺄ وﻫو ﺿﻣن ﻓرﯾق
اﻟﻣطﻠب اﻷول
ﺗﻌد ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻋن ﺧطﺄﻩ اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻣﺳﺗﻣدة ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
ّ
اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ ،وﺗطﺑﯾﻘﺎً ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ ،ﻓﺈن اﻷﺳﺎس
اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻋن أﺧطﺎﺋﻪ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻫو ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (256ﻣدﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﻧﺻت
ﻋﻠﻰ أن" :ﻛل إﺿرار ﺑﺎﻟﻐﯾر ﯾﻠزم ﻓﺎﻋﻠﻪ وﻟو ﻏﯾر ﻣﻣﯾز ﺑﺿﻣﺎن اﻟﺿرر" ،وﻫذا ﻣﻌﻧﺎﻩ أن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب واﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺿرور ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﻲ
واﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻹﺿرار ﻫﻧﺎ "ﻣﺟﺎوزة اﻟﺣد" اﻟواﺟب اﻟوﻗوف ﻋﻧدﻩ ،أو اﻟﺗﻘﺻﯾر ﻋن اﻟﺣد
اﻟواﺟب اﻟوﺻول إﻟﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﻌل ،أو اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن اﻟﻔﻌل ﻣﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺿرر ،ﻓﻬو ﯾﺗﻧﺎول اﻟﻔﻌل
اﻟﺳﻠﺑﻲ واﻟﻔﻌل اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ،وﺗﻧﺻرف دﻻﻟﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﻔﻌل اﻟﻌﻣد ٕواﻟﻰ ﻣﺟرد اﻹﻫﻣﺎل ﻋﻠﻰ ﺣد ﺳواء).(1
وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﻗﺿت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﻓﻲ أﺣد أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ إﻟﻰ أن" :ﻛل ﻓﻌل أو ﻋدم ﻓﻌل
واﻹﺿرار ﻗد ﯾﻘﻊ ﺑﺎﻟﻣﺑﺎﺷرة ،وﻗد ﯾﻘﻊ ﺑﺎﻟﺗﺳﺑب ،وﻗد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ) (256ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ:
" -1ﯾﻛون اﻹﺿرار ﺑﺎﻟﻣﺑﺎﺷرة أو اﻟﺗﺳﺑب -2 ،ﻓﺈن ﻛﺎن ﺑﺎﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻟزم اﻟﺿﻣﺎن وﻻ ﺷرط ﻟﻪٕ ،واذا
وﻗﻊ ﺑﺎﻟﺗﺳﺑب ﻓﯾﺷﺗرط اﻟﺗﻌدي أو اﻟﺗﻌﻣد أو أن ﯾﻛون اﻟﻔﻌل ﻣﻔﺿﯾﺎً إﻟﻰ ﺿرر".
وﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ) (258ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ" :إذا اﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺑﺎﺷر واﻟﻣﺗﺳﺑب ﯾﺿﺎف اﻟﺣﻛم إﻟﻰ
اﻟﻣﺑﺎﺷر".
ﻓﻲ ﺿوء ﻣﺎ ﺳﺑق ،ﻣﺎ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن ﺧطﺄﻩ اﻟﺷﺧﺻﻲ؟
إن ﻫذﻩ اﻟطﺑﯾﻌﺔ إﻣﺎ أن ﺗﻛون ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔٕ ،واﻣﺎ أن ﺗﻛون ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻘدﯾﺔ.
ﻫذا وﻟم ﯾﻧص اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ ﻋﻠﻰ أي ﻧص ﺧﺎص ﺑﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣدﻧﯾﺔ،
وﻋﻠﯾﻪ ،ﻣﺗﻰ ﺗﻛون ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ؟ وﻣﺗﻰ ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻘدﯾﺔ؟
)(1
ﺳﻠطﺎن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص299؛ واﻟذﻧون ،ﺣﺳن ﻋﻠﻲ ) .(2006اﻟﻣﺑﺳوط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ،اﻟﺧطﺄ،
اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ ،ط ،2دار واﺋل ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ،ﻋﻣﺎن ،ص.128
)(2
ﺗﻣﯾﯾز ﺣﻘوق رﻗم ) 1994/1196ﻫﯾﺋﺔ ﻋﺎﻣﺔ( ﺗﺎرﯾﺦ 1995/2/15م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
49
ﯾﻣﻛن ﺗﻌرﯾف اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﻋرﻓﻬﺎ اﻟﺳﻧﻬوري ﺑﺄﻧﻬﺎ" :اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﺗﻘوم
ﻋﻠﻰ اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻟﺗزام ﻗﺎﻧوﻧﻲ واﺣد ﻻ ﯾﺗﻐﯾر ﻫو اﻻﻟﺗزام ﺑﻌدم اﻹﺿرار ﺑﺎﻟﻐﯾر").(1
وﻗد ذﻫب ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎر ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻣﺗﻰ ﺳﺑب أﺿ ار ًار
ﻟﻠﻣرﺿﻰ ﻧﺗﺟت ﻋن اﻷﺧطﺎء اﻟﻣرﺗﻛﺑﺔ ﻣن اﻟطﺑﯾب أﺛﻧﺎء ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ ﻟﻠﻌﻣل اﻟطﺑﻲ) ،(2وﯾرى ﻫذا
اﻟﺟﺎﻧب أن اﻟﺗزام اﻟﻣرﯾض ﻫو دﻓﻊ اﻷﺟر ﻟﻠطﺑﯾب وﻻ اﻟﺗزام ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب ﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣرﯾض ،واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻛل إﺧﻼل ﺑواﺟب ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻻ ﯾﻣت إﻟﻰ اﻟﻌﻘد ﺑﺻﻠﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ،وﻣﺻدر اﻻﻟﺗزام
ﻓﯾﻬﺎ ﻫو اﻟﻘﺎﻧون ،ذﻟك أﻧﻪ إذا ﺳﻠك ﺷﺧص ﺳﻠوﻛﺎً ﻧﺗﺞ ﻋﻧﻪ ﺿرر ﺑﺎﻟﻐﯾر ،ﻓﺈن ذﻟك اﻟﺷﺧص ﯾﻛون
ﻣﻠزﻣﺎ ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ،ﻷن اﻟﻘﺎﻧون ﯾوﺟب ﻋدم اﻹﺿرار ﺑﺎﻟﻐﯾر ،وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ) (256ﻣن
ً
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ" :ﻛل إﺿرار ﺑﺎﻟﻐﯾر ﯾﻠزم ﻓﺎﻋﻠﻪ وﻟو ﻏﯾر ﻣﻣﯾز ﺑﺿﻣﺎن اﻟﺿرر".
وﻗد ﺗﻛون ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن ﺧطﺄ ﻋﻘدي ،وﻋﻧدﺋذ ﻧﻛون أﻣﺎم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻘدﯾﺔ.
وﺣﯾث أن اﻟطﺑﯾب ﯾﺑﺎﺷر ﻋﻣﻠﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﻣؤﺳﺳﺎت ﻋﻼﺟﯾﺔ
ﻋﺎﻣﺔ وأﺧرى ﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﻼ ﺑد ﻣن ﺗﻧﺎول ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋن ﺧطﺄﻩ اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻣؤﺳﺳﺎت
ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣراﻓق ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺧﺿﻊ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻣﺛل ﺑﺎﻗﻲ
اﻟﻣراﻓق اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ،ذﻟك أﻧﻬﺎ ﺗﺿطﻠﻊ ﺑﻣﻬﻣﺔ ﺗﻘدﯾم ﺧدﻣﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﺟﻣﻬور اﻟﻣﺳﺗﻔﯾدﯾن ﻣﻧﻬﺎ ،ﻷن
اﻟﻣرﻓق اﻟﻌﺎم ﯾﺳﯾر وﻓق ﻧظﺎم ﻣﺣدد ﯾﻛﻔل ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﯾﺑﯾن واﺟﺑﺎت اﻟﻣرﻓق وﺣﻘوق
اﻟﻣﺳﺗﻔﯾدﯾن ﻣﻧﻪ؛ ﻛﻣﺎ أن اﻟﻘﺎﺋﻣﯾن ﻋﻠﻰ ﺗﺳﯾﯾر اﻟﻣرﻓق وﺗﺣﻘﯾق اﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫم ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ أﻋﺿﺎء ﻟﻪ
)(1
اﻟﺳﻧﻬوري ،ﻋﺑد اﻟرزاق ) .(1998اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ ﺷرح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ،ﻧظرﯾﺔ اﻻﻟﺗزام ،ﻣﺻﺎدر اﻻﻟﺗزام ،ﻣﻧﺷورات
اﻟﺣﻠﺑﻲ ،ﺑﯾروت ،ص.847
)(2
ﻣرﻗس ،ﺳﻠﯾﻣﺎن ) .(1978اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻘﻧﯾﻧﺎت اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،دار اﻟﺗراث اﻟﻌرﺑﻲ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ص.379
50
ﯾﻘوﻣون ﻋﻠﻰ ﺗﻘدﯾم اﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻣﺳﺗﻔﯾدﯾن وﺗﻧﺳب أﻋﻣﺎﻟﻬم ﻟﻠﻣرﻓق ذاﺗﻪ ،وﯾﻛون اﻟﻣرﻓق ﻣﺳؤوﻻً
وﺗﻛون ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾﻌﻣل ﻓﻲ ﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻼﺟﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ وذﻟك
ﻻﻧﺗﻔﺎء وﺟود ﻋﻘد ﺑﯾﻧﻪ وﺑﯾن اﻟﻣرﯾض ،ﻷن اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺗﺑﻊ ﻟﻠدوﻟﺔ ،وﯾﺑﺎﺷر ﻓﯾﻬﺎ
ﻣﻛﻠﻔﺎ
ً وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻋﻘد ﺑﯾﻧﻪ وﺑﯾن اﻟﻣرﯾضٕ ،واﻧﻣﺎ ﺑﺻﻔﺗﻪ ﻣوظﻔﺎً
اﻟطﺑﯾب اﻟﻌﻼج ﻻ ﺑﺻﻔﺗﻪ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ً
ووﻓﻘﺎ
ً ﻣن ﻗﺑل اﻟﻬﯾﺋﺎت واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻌﻣل ﺑﻬﺎ ﻟﻌﻼج ﺟﻣﻬور اﻟ ﻣﻧﺗﻔﻌﯾن ﺑﺧدﻣﺎﺗﻬﺎ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ
وﯾﺗم ﻓﻲ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن أﻋﻣﺎل اﻷطﺑﺎء وﺑﯾن أﻋﻣﺎل ﻏﯾرﻫم ﻣن
اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ،ﻓﯾرى اﻟﺑﻌض أن اﻷطﺑﺎء اﻟذﯾن ﯾﻣﺎرﺳون ﻋﻣل ﻓﻧﻲ ﻣﺳﺗﻘﻠون ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺟﺎﻧب ﻋن
ﺗﺎﺑﻌﺎ
اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ ،وﻻ ﯾﻧﺳب ﻋﻣﻠﻬم اﻟﻔﻧﻲ إﻟﯾﻬﺎ ،ذﻟك أن ﻋﻣل اﻟطﺑﯾب اﻟﻔﻧﻲ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن ﻛوﻧﻪ ً
ﻟﺷﺧص آﺧر إن ﻟم ﯾﻛن طﺑﯾب ﻣﺛﻠﻪ ﯾﻣﻛﻧﻪ ﻣراﻗﺑﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذا اﻟﻌﻣل ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﺗﺗﺣﻣل اﻟﻣؤﺳﺳﺔ
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻧﻪ ٕواﻧﻣﺎ ﯾﺗﺣﻣﻠﻬﺎ اﻟطﺑﯾب ﺑﺻﻔﺗﻪ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻟوﺣدﻩ ،ذﻟك أن ﻣﺛل ﻫذا اﻟﻌﻣل اﻟﻔﻧﻲ
ﯾﺧﺿﻊ ﻟﺗﻘدﯾر اﻟطﺑﯾب اﻟﺷﺧﺻﻲ ،وأﻣﺎ اﻟﻌﻣل اﻟذي ﯾﻣﺎرﺳﻪ اﻟطﺑﯾب وﯾﺧرج ﻋن ﻧطﺎق ﺗﻘدﯾرﻩ
اﻟﺷﺧﺻﻲ وﯾﻛون ﺧطﺄ ﻓﺎدﺣﺎً ﻓﯾﻧﺳب إﻟﻰ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وأﻣﺎ اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻓﻲ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت
اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣن ﻏﯾر اﻷطﺑﺎء ﻓﺈن أﻋﻣﺎﻟﻬم ﺗﻛون ﻣﻧﺳوﺑﺔ ﻟﻠﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳون أﻋﻣﺎﻟﻬم ﻓﯾﻬﺎ
)(1
ﻣﺻطﻔﻰ ،اﻟﺟﻣﺎل ) .(2004اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻋن اﻻﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء ،ﺑﺣث ﻣﻧﺷور ﺿﻣن
اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣﻬﻧﯾﯾن ،ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ ،ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ،اﻟﺟزء اﻷول،
ط ،2ص.97
)(2
اﻧظر :أﺣﻣد ،ﺷرف اﻟدﯾن ) .(1983ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب واﻹدارة ،اﻟﻣرﻓق اﻟطﺑﻲ ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ
وﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻛوﯾﺗﻲ واﻟﻣﺻري واﻟﻔرﻧﺳﻲ ،ص.53
51
ﻷﻧﻬم ﯾؤدون أﻋﻣﺎﻟﻬم وﻓﻘﺎً ﻟﻣﺎ ﺗﻔرﺿﻪ ﻟواﺋﺢ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ وأﺻول اﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳوﻧﻬﺎ وﻻ ﯾﺗرك ﻟﻬم
اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب واﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﺗﻛﻔﻲ ﻷن ﯾﺗﺣﻣل اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ،ذﻟك أن اﻟﻣرﯾض اﻟذي
ﯾﺗﻌﺎﻟﺞ ﻓﻲ ﻣؤﺳﺳﺎت ﻋﻼﺟﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻻ ﯾﺗﻣﻛن ﻣن اﺧﺗﯾﺎر طﺑﯾﺑﻪ ﺑﺣرﯾﺔ ،ﺑل إن إدارة ﻫذﻩ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت
ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدد اﻷطﺑﺎء ﻟﺗﺷﺧﯾص ﻣرض اﻟﻣرﯾض وﻋﻼﺟﻪ ،ﻓﻌﻼﻗﺔ اﻟﻣرﯾض واﻟطﺑﯾب اﻟﻌﺎﻣل ﻓﻲ
ﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻼﺟﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة ﻻ ﺗﻘوم إﻻ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ ،ﻟذﻟك
ﻓﺣﻘوق واﻟﺗزاﻣﺎت اﻟطﺑﯾب واﻟﻣرﯾض ﺗﺗﺣدد ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻠواﺋﺢ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم ﻧﺷﺎط اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ
اﻟﻌﺎﻣﺔ) ،(2ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻟﻠﻣرﯾض اﻟﺣق ﺑﺎﻟرﺟوع ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ أو اﻟطﺑﯾب اﻟذي أﺻﺎﺑﻪ ﺑﺣﺳب
ﻣﺎ ﯾراﻩ ﻓﯾﺣق ﻟﻠﻣرﯾض أن ﯾرﺟﻊ ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ ﻣﺟﺗﻣﻌﯾن أو ﻣﻧﻔردﯾن ﺑﻛﺎﻣل اﻟﺗﻌوﯾض اﻟﻣﻘﺿﻲ ﺑﻪ.
أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣﻌﻧوﯾﺔ وﻻ ﺗﻧدﻣﺞ ﻓﻲ
اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ وﻻ ﺗﻌﺗﺑر ﻓرﻋﺎً ﻣن ﻓروﻋﻬﺎ ﺣﺗﻰ وﻟو وﺿﻌت ﺗﺣت رﻋﺎﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ،ﻛﻣﺎ أن أﻣواﻟﻬﺎ
ﺧﺎﺻﺔ وﻣﺳﺗﺧدﻣوﻫﺎ ﺧﺻوﺻﯾون وﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻬﺎ ﺗﺧﺿﻊ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺧﺎص ،ذﻟك أن اﻷﻓراد –
ﺗﻘوم إدارة اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗزاﻣﺎﺗﻬﺎ ﻧﺣو اﻟﻣرﺿﻰ ﻋن طرﯾق اﺳﺗﻌﺎﻧﺗﻬﺎ
طﺑﻘﺎ
ً ﺑﺄطﺑﺎء أﺧﺻﺎﺋﯾﯾن ﺗﺗﻌﺎﻗد ﻣﻌﻬم ﯾﻘوﻣون ﺑﻌﻼج اﻟﻣرﺿﻰ ﺑﻌد إﺟراء اﻟﻔﺣوﺻﺎت اﻟﻼزﻣﺔ
)(1
ﺳرﺣﺎن ،ﻋدﻧﺎن إﺑراﻫﯾم ) .(2008ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،ﺑﺣث ﻣﻧﺷور ﺿﻣن اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ
اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣﻬﻧﯾﯾن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.213-212
)(2
ﻣﻧﺻور ،ﺣﺳﯾن ﻣﺣﻣد ) .(1999اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ط ،2ص.84
)(3
أﺣﻣد ،ﻣﺣﻣود ﺳﻌد ) .(2005دون ﺳﻧﺔ طﺑﻊ ،ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ اﻟﺧﺎص ﻋن أﺧطﺎء اﻟطﺑﯾب وﻣﺳﺎﻋدﯾﻪ،
دراﺳﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣﺻرﯾﯾن واﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن ،ط ،1ﺷرﻛﺔ اﻟطوﺑﺟﻲ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ص-27
.28
52
ﻟﻸﺻول وﻣراﻋﺎة ﻗواﻋد ﻓن اﻟﻣﻬﻧﺔ ،وﺗﺗﺣدد ﻋﻼﻗﺔ اﻷطﺑﺎء ﺑﺎﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ
ﻣﺿﻣﺎرﯾن :ﻓﻬﻧﺎك ﻧوع ﻣن اﻷطﺑﺎء اﻟذﯾن ﻻ ﯾرﺗﺑطون ﺑﺎﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل
ﻟﺗﺧﺻﺻﻬم اﻟﻔﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻣﻌﯾن وﺑﻣﻘﺎﺑل ﺗدﻓﻌﻪ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ ﻟﻬم ﻋن ﻛل ﻋﻣل ﯾﻘوﻣون ﺑﻪ ،وﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑل
ﻗد ﯾﻘوم ﺑﻌض اﻷطﺑﺎء اﻟذﯾن ﯾﻣﺎرﺳون ﻋﻣﻠﻬم ﻓﻲ ﻋﯾﺎدات ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﺳﺗﺋﺟﺎر آﻻت وﻏرف اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت
وﻋﺎﻣﻠﯾن ﻣﻌﺎوﻧﯾن ﺑﺎﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺎت ﻟﻠﻣرﺿﻰ ﻟﺣﺳﺎﺑﻬم اﻟﺧﺎص ﻧظﯾر ﻧﺳﺑﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ
ٕواذا ﺗم اﻟﺗﻌﺎﻗد ﺑﯾن اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻟﻣرﯾض ﻟﺗﻠﻘﻲ ﻋﻼﺟﻪ ﻓﯾﻬﺎ وﻗﺎﻣت
اﻟﻣؤﺳﺳﺔ ﺑدورﻫﺎ ﺑﺎﻟﺗﻌﺎﻗد ﻣﻊ طﺑﯾب ﻣﺧﺗص ﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻋﻼج اﻟﻣرﯾض ،ﻓﺈن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط
اﻟﻣرﯾض واﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ ﺗﺗﺣﻣل ﺑﻣوﺟﺑﻬﺎ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺿرر
اﻟﻼﺣق ﺑﺎﻟﻣرﯾض أﺛﻧﺎء اﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ وﻟو ﻛﺎن اﻟﺿرر ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ،ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻣؤﺳﺳﺔ
اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد أن ﺗﻌود ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ ﺑﻣوﺟب ﻋﻘدﻫﺎ ﻣﻌﻪ ،ﻷن اﻟﻌﻘد ﯾﺟﻌل اﻟطﺑﯾب
ﻣﺳؤوﻻً ﻋن أﺧطﺎﺋﻪ وأﺧطﺎء ﻏﯾرﻩ ﻣﻣن ﯾﺳﺗﻌﯾن ﺑﻬم ﻹﻧﺟﺎز ﻫذا اﻟﻌﻘد ،أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻌﺎﻗد اﻟﻣرﯾض
ﻣﻊ اﻟطﺑﯾب ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺗﻪ ،وﻗﯾﺎم اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻟﺗوﺟﻪ إﻟﻰ أﺣد اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻋﻘدﻩ ﻣﻊ
اﻟﻣرﯾض ﺑﺎﺳﺗﺧدام آﻻﺗﻬﺎ وﻏرف اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت واﻟﻣﻌﺎوﻧﯾن ﻓﯾﻬﺎ ،ﻓﺈن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﺗﻛون ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب
واﻟﻣرﯾض وﻻ ﺗﺳﺄل اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ إﻻ ﻓﻲ ﺣدود ﺗﻘدﯾم اﻟﺧدﻣﺔ اﻟﺗﻣرﯾﺿﯾﺔ أﺛﻧﺎء اﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ
)(1
ﻗﯾس إﺑراﻫﯾم ،اﻟﺻﻔﯾر ) .(1996اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،ط ،1اﻟﻘﺎﻫرة ،ص.116-115
53
وﺗﻘدﯾم اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ ﻋﻘب إﺟراء اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ ﻟﻠﻌﻼج)ٕ ، (1واذا ﻧﺟم ﻋن أي ﻣن ﻫؤﻻء أي ﺿرر
وﻋﻧدﻣﺎ ﺗرﺗﺑط اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت داﺋﻣﺔ ﻋن طرﯾق إدارﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﺑﻌض
اﻷطﺑﺎء وﯾﻌﺗﺑرون ﺿﻣن اﻟﺟﻬﺎز اﻟﻔﻧﻲ ﻟﻠﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻣرﺿﻰ ﯾﺗﺟﻬون ﻟﻠﺗﻌﺎﻗد
ﻣﻊ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻣﺑﺎﺷرة وﻟﯾس ﻣﻊ اﻷطﺑﺎء اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻓﯾﻬﺎ ﻣﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﻋدم
وﺟود ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻘدﯾﺔ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ واﻟﻣرﯾض ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻟطﺑﯾب ﯾﺳﺄل ﻋن أﺧطﺎﺋﻪ ﺗﺟﺎﻩ
اﻟﻣرﯾض ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻟﻌدم وﺟود راﺑطﺔ ﻋﻘدﯾﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﻛون اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ ﻣﺳؤوﻟﺔ
ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ ﻋن اﻷﺧطﺎء اﻟﻣرﺗﻛﺑﺔ ﻣن اﻟطﺑﯾب وﻓﻘﺎً ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻋن ﻓﻌل اﻟﻐﯾر ،ﻷن
اﻟﻣرﯾض أﺑرم اﻟﻌﻘد ﻣﻊ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ ذاﺗﻬﺎ وﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣت ﺑﺎﺧﺗﯾﺎر اﻷطﺑﺎء ،وﻟﻠﻣرﯾض اﻟﺣرﯾﺔ
إﻣﺎ ﺑﺎﻟرﺟوع ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ وﻓق أﺣ ﻛﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ٕواﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ
وﻓق أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ،وﻫو ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺳﯾﺧﺗﺎر اﻟرﺟوع ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﺑﻣوﺟب
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻋن ﻓﻌل اﻟﻐﯾر ،ﻷﻧﻪ ﻫو اﻷﻧﺳب واﻷﻓﺿل ﻟﻪ ﺑدﻻً ﻣن اﻟرﺟوع ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب
ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ وﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻣن ﺿرور إﺛﺑﺎت ﻋﻧﺎﺻر ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﻷﺧﯾرة).(3
وﻗد ﻗﺿت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ "ﺑﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻣﺎﻟك اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﺿرر
ﻧﺎﺷﺋﺎ ﻋن ﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﺗﺷﺧﯾص وﻫو ﻋﻣل ﻓﻧﻲ وﻗﻊ ﺑﻪ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ ﻣﻣﺎ
ً اﻟذي ﻟﺣق ﺑﺎﻟﻣرﯾﺿﺔ ﻛﺎن
)(1
ﺳرﺣﺎن ،ﻋدﻧﺎن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.139
)(2
اﻧظر :اﻟﺷوارﺑﻲ ،ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص ،107-106وﺳﻌد ،أﺣﻣد ﻣﺣﻣود ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 64وﻣﺎ
ﺑﻌدﻫﺎ.
)(3
اﻟزﻗود ،أﺣﻣد اﻟﺳﻌﯾد ) .(1993اﻟروﺷﺗﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠﺻﯾدﻟﻲ ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ،
دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ط ،1ص.77-76
54
أدى إﻟﻰ إﺻﺎﺑﺔ اﻟﻣرﯾﺿﺔ ﺑﻌﺎﻫﺔ داﺋﻣﺔ ﻣﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻰ أن اﻟﻘﺿﺎء اﻷردﻧﻲ ﻟم ﯾﻣﯾز ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ اﻟﻔﻧﻲ
ٕواﻧﻲ أرى أﻧﻪ ﺿﻣﺎﻧﺔ ﻟﺣق اﻟﻣرﯾض ﺣﺎل ﺗﻌرﺿﻪ ﻟﺿرر ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺗﻠﻘﯾﻪ اﻟﻌﻼج ﻓﻲ ﻣؤﺳﺳﺔ
ﻋﻼﺟﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋدم اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ اﻟﻔﻧﻲ واﻟﺧطﺄ ﻏﯾر اﻟﻔﻧﻲ ﻟﻠطﺑﯾب ،ﺑﺣﯾث ﺗﻘوم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣﺿرور ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟذي ﯾرﺗﻛﺑﻪ اﻟطﺑﯾب ﺳواء ﻛﺎن ذا ﺻﺑﻐﺔ ﻓﻧﯾﺔ أم ﻻ.
ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﺳﻧﻬوري ﺑﺄن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﺗﻘﺎﺑل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،ﻓﺎﻷوﻟﻰ ﺟزاء
اﻟﻌﻘد ،واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺟزاء اﻟﻌﻣل ﻏﯾر اﻟﻣﺷروع ،ﻛﻣﺎ ﻋرﻓﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻌرض ﺗﻔرﯾﻘﻪ ﺑﯾن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺗﯾن اﻟﻌﻘدﯾﺔ
واﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﺑﻘوﻟﻪ" :اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻟﺗزام ﻋﻘدي ﯾﺧﺗﻠف ﺑﺎﺧﺗﻼف ﻣﺎ اﺷﺗﻣل
وﺗﻔﺗرض اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻗﯾﺎم راﺑطﺔ ﻋﻘدﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺳؤول واﻟﻣﺿرور.
)(1
ﻗرار رﻗم 90/1246ﺗﺎرﯾﺦ ،2013/5/12ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
)(2
اﻟﺳﻧﻬوري ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.733
)(3
اﻟﻔﺿل ،ﻣﻧذر ) .(1995اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟراﺣﺔ اﻟﺗﺟﻣﯾﻠﯾﺔ ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،ﻣﻛﺗﺑﺔ دار اﻟﺛـﻘﺎﻓﺔ ،ﻋﻣﺎن ،ط،2
ص.35
55
اﻟﻣﺳﺗﻔﯾد ﻣن اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫو ﻓﻲ ﻣرﻛز ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻋﺎم ﯾﺳﺗﻔﯾد ﻣﻧﻪ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻣواطﻧﻲ،
وﺑﻌﯾد ﻋن أن ﯾﻛون ﻣرﻛ ًاز ﺗﻌﺎﻗدﯾﺎً ،ﻷن ﺣﻘوق اﻟﻣرﺿﻰ واﻟﺗزاﻣﺎﺗﻬم ﻟﯾﺳت ﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن اﺗﻔﺎﻗﯾﺎت
ذاﺗﯾﺔ ﺑﯾﻧﻬم وﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ ،ﺑل ﻫﻲ ﻣﺳﺗﻣدة ﻣن ﻗواﻋد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﺗطﺑﯾق ،أوﺟدﺗﻬﺎ اﻟﻠواﺋﺢ
واﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﻣرﻓق اﻟﻌﺎم ،وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك أﻧﻪ ﻟﯾس ﻟﻠﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أن ﺗرﻓض ﻗﺑول
ﻣرﯾض ﻟدﯾﻬﺎ ﻷن ﻫذا اﻟرﻓض ﯾﺧﺎﻟف ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ).(1
وأﻣﺎ ﻋن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب واﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻘد ذﻫب رأي إﻟﻰ اﺳﺗﻘﻼل
اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ أﻋﻣﺎﻟﻪ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻪ ﻏﯾر ﺗﺎﺑﻊ ﻟﺷﺧص آﺧر إن ﻟم ﯾﻛن طﺑﯾﺑﺎً ﻣﺛﻠﻪ ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻣﻛن
ﻣن ﻣراﻗﺑﺗﻪ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﻣل اﻟﻔﻧﻲ ،إﻻ أن ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻵراء ﺗﻌﺗﺑر اﻟطﺑﯾب ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻠﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ
اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﻣل ﻓﯾﻬﺎ ،إذ إﻧﻪ ﯾﻛﻔﻲ أن ﯾﻛون ﻟﻠﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ ﺳﻠطﺔ اﻹﺷراف اﻹداري ﻋﻠﻰ
ﺗﺎﺑﻌﻬﺎ ،وأﻧﻪ ﻻ ﯾﻠزم أن ﺗﺟﺗﻣﻊ ﻟﻠﻣﺗﺑوع ﺳﻠطﺔ اﻹﺷراف اﻟﻔﻧﻲ واﻹداري ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺎﺑﻊ ،ذﻟك أن
اﻟﻣﺗﺑوع إدارﯾﺎً ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾوﺟﻪ ﻟﻠﺗﺎﺑﻊ أواﻣرﻩ اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻣﻠك اﻟﺗﺎﺑﻊ إﻻ اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻬﺎ).(2
ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻧﻌﻘد ﻋﻘد ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب واﻟﻣرﯾض ٕواذا ﻣﺎ ﻧﺟم ﻋن ﻋﻣل اﻟطﺑﯾب اﻷﺧﺻﺎﺋﻲ ﺧطﺄ وﻧﺟم
ﻋﻧﻪ ﺿرر ،ﻓﺈﻧﻪ وﺣدﻩ ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻً ﻋن ﻫذﻩ اﻷﺿرار دون إدارة اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ
اﻟﺗﻲ ﺟرى اﻟﻌﻣل اﻟﻌﻼﺟﻲ ﻓﯾﻬﺎ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻟم ﺗﺗﻌﻬد ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟﻣرﯾض ﺑﺿﻣﺎن ﻋﻣل ﻫذا
اﻷﺧﺻﺎﺋﻲ اﻟذي ﺗﻌﺎﻗد ﻣﺑﺎﺷرة ﻣﻊ اﻟﻣرﯾضٕ ،واذا ﺳﻣﺢ اﻟطﺑﯾب اﻷﺧﺻﺎﺋﻲ ﻟﻠﻣرﯾض ﺑﺎﻟﺧروج
)(1
ﻗﯾس ،اﻟﺻﻐﯾر ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.23-22
)(2
ﻣﻧﺻور ،ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.84
56
اﻟﻣﻌﺟل ﻣن اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌد ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﻪ ﻣﺑﺎﺷرة وﻟو ﻛﺎﻧت ﺣﺎﻟﺗﻪ ﻻ ﺗﺳﻣﺢ ﺑذﻟك،
إن ﻣواﻓﻘﺔ اﻟﻣرﯾض ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﺣددﻫﺎ ﻟﻪ اﻟطﺑﯾب اﻷﺧﺻﺎﺋﻲ
ﯾرﺗب ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ ﻣﻣﺛﻠﺔ ﺑﺈدارﺗﻬﺎ اﻟﺗزام ﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣرﯾض ﺑﺗﻘدﯾم اﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ،
ذﻟك أن ﻋﻘداً ﺿﻣﻧﯾﺎً اﻧﻌﻘد ﺑﯾن اﻟﻣرﯾض ٕوادارة اﻟﻣؤﺳﺳﺔ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺗﻘدﯾم اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﺗﻣرﯾﺿﯾﺔ
وأﻣﺎ ﻋن اﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن ﻋﻘدﻫﺎ ﻣﻊ اﻟﻣرﯾض ﻓﺗﺗﻣﺛل ﺑﺗﻘدﯾم
اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻟﻠﻣرﯾض أﺛﻧﺎء ﻋﻼﺟﻪ ٕواﻗﺎﻣﺗﻪ ﺑﺗﻧﻔﯾﺳذ ﺗﻌﻠﯾﻣﺎت اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق
ﺑﻧوﻋﯾﺔ اﻟطﻌﺎم وﺗﻘدﯾم اﻟﻌﻼج ﻓﻲ ﻣواﻋﯾدﻩ ،وﻛذﻟك ﺗﻠﺗزم اﻟﻣؤﺳﺳﺔ ﺑﺗوﻓﯾر اﻟﻌدد اﻟﻛﺎﻓﻲ ﻣن
اﻟﻣﻣرﺿﯾن اﻟﻣؤﻫﻠﯾن واﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻷداء اﻟﺧدﻣﺎت ،وﺑﺗﻘدﯾم أدوات اﻟﺟراﺣﺔ واﻷدوﯾﺔ ،واﻟﻣواد اﻟواﺟب
وﻗد ﯾﺗﻌﺎﻗد اﻟﻣرﯾض ﻣﻊ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ،وﺗﺗﻌﻬد اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ
ﺑﺈﺣﺿﺎر اﻟطﺑﯾب اﻷﺧﺻﺎﺋﻲ ،وﻫﻧﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻘدﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻣرﯾض وﺑﯾن اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ،
ٕواذا ﻣﺎ ﺣﺻل ﺿرر ﻟﻠﻣرﯾض ﺗﺳﺄل اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻋن ﻛل
اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﯾن ﻣن ﻗﺑﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻻﻟﺗزام اﻟﻌﻘدي ،وﺗﺳﻣﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
)(1
اﻟزﻗرد ،أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.71
)(2
ﻗﯾس ،اﻟﺻﻐﯾر ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.30
)(3
ﻣرﻗس ،ﺳﻠﯾﻣﺎن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.593
57
اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻋن ﻓﻌل اﻟﻐﯾر ،ذﻟك أن اﻟطﺑﯾب اﻷﺧﺻﺎﺋﻲ اﻟذي أﺣﺿرﺗﻪ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ ﯾﻌﺗﺑر
ﻣﻣﺛﻼً ﻋﻧﻬﺎ ﻓﺗﺳﺄل اﻟﻣؤﺳﺳﺔ ﻋن أﺧطﺎﺋﻪ وأﺧطﺎء ﻣﺳﺎﻋدﯾﻪ أﺛﻧﺎء ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻘد).(1
ﯾﺧﻠص اﻟﺑﺎﺣث ﻣﻣﺎ ﺳﺑق إﻟﻰ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﺗﺟﻪ اﻟﻣرﯾض ﺗﻛون ﻋﻘدﯾﺔ
ﻋﻧدﻣﺎ ﯾوﺟد ﻋﻘد أو ﺗﺷﯾر ظروف اﻟﺣﺎل إﻟﻰ ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب وﻣرﯾﺿﻪ ،ﺳواء أﺑرم اﻟﻌﻘد ﻣن ﻗﺑل
اﻟﻣرﯾض أو ﻣن ﻗﺑل ﻣن ﯾﻣﺛﻠﻪ ﻗﺎﻧوﻧﺎً ،ﻓﺎﻟراﺑطﺔ اﻟﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ ﺗوﺟد ﻓﻲ اﻷﺣوال اﻟﺗﻲ ﯾﺧﺗﺎر ﻓﯾﻬﺎ
اﻟﻣرﯾض ،أو ﻣن ﯾﻘوم ﻣﻘﺎﻣﻪ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ ،وﯾﻘﺑل ﻫذا اﻷﺧﯾر دﻋوة اﻟﻣرﯾض ﻟﻠﻌﻼج ،وﻫذا ﻫو
اﻷﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎﻓﻲ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻌﯾﺎدات اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻋﻠﯾﻪ أن ﻻ ﺗوﺟد ﻫذﻩ اﻟراﺑطﺔ اﻟﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ
ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ.
أﻣﺎ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻓﺗظﻬر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻌدام اﻟراﺑطﺔ اﻟﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ ،أو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
ﺗﺧﻠف اﻟرﺿﺎ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ،وﻣن اﻷﻣﺛﻠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻧﻌدام رﺿﺎء اﻟﻣرﯾض ﻛوﻧﻪ ﻓﻲ ﻏﯾﺑوﺑﺔ أو
ﻗﺎﺻر وﻟم ﯾﺗﻣﻛن اﻟطﺑﯾب ﻣن اﻻﺗﺻﺎل ﺑﻣﻣﺛﻠﻪ اﻟﺷرﻋﻲ ،وﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗدﺧل اﻟطﺑﯾب ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ
ﻹﻧﻘﺎذ ﺟرﯾﺢ أو ﻏرﯾق أو ﻣﺻﺎب ،أو ﻓﻲ اﻟﺗﺟﺎرب اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﯾس ﻟﻬﺎ ﻫدف ﻋﻼﺟﻲ ،أو ﻋﻧد
اﻣﺗﻧﺎع اﻟطﺑﯾب ﻋن ﻋﻼج ﻣرﯾض ،أو إﻧﻘﺎذﻩ ﺑﻼ ﻣﺑرر ﻷن ﻣﺳﻠك اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﺧﺎﻟف
ﻣﺧﺗﻠﻔﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض
ً ﻣوﻗﻔﺎ
ً اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،إﻻ أﻧﻪ وﺟدﻧﺎ أن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﻗد اﺗﺧذت
أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ ،وﻣن أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻣﻔﻬوم ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (256ﻣدﻧﻲ ﻗرار ﻟﻬﺎ ﻗﺎﻟت ﻓﯾﻪ:
)(1
ﺳﻌد ،أﺣﻣد ﻣﺣﻣود ) .(2003اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ،ﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ ،طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ ،آﺛﺎرﻫﺎ ،دار اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ط،1
ص.176
58
"إن ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﺛﻼث أرﻛﺎن ،ﻫﻲ :اﻟﺧطﺄ ،واﻟﺿرر ،وﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ") ،(1وﻗرار آﺧر ﻗﺎﻟت
ﻓﯾﻪ " :إن اﻟﻣﺑﺎﺷر ﺿﺎﻣن ٕوان ﻟم ﯾﺗﻌﻣد ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﺧطﺄ ﻫو أﺣد أرﻛﺎن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ").(2
ﻛذﻟك وﺟدﻧﺎ أن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﻗد ذﻫﺑت إﻟﻰ ﺗطﻠب اﻹدراك واﻟﺗﻣﯾﯾز ﻟﻘﯾﺎم
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎرﻩ ﺗﻌﺎرﺿﺎً واﺿﺣﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (256ﻣدﻧﻲ ،إذ ﺟﺎء
ﻓﻲ ﻗرار ﻟﻬﺎ ﻗوﻟﻬﺎ" :إن اﻻﻟﺗزام اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر اﻹﺧﻼل ﺑﻪ ﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻫو
اﻟﺗزام ﺑﺑذل ﻋﻧﺎﯾﺔ ،وﻫو أن ﯾﺻطﻧﻊ اﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﺳﻠوﻛﻪ اﻟﯾﻘظﺔ واﻟﺣذر ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺿر ﺑﻐﯾرﻩ ،ﻓﺈذا
اﻧﺣرف ﻋن ﻫذا اﻟﺳﻠوك اﻟواﺟب ﻣﻊ إدراﻛﻪ ﺑذﻟك ،ﯾﻛون ﻫذا اﻻﻧﺣراف ﺧطﺄ ﯾﺳﺗوﺟب ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ
اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،ﺳواء أﻛﺎن ﻫذا اﻻﻧﺣراف ﻧﺎﺗﺟﺎً ﻋن ﺗﻌﻬد اﻟﺷﺧص ﻋدم اﻹﺿرار ﺑﺎﻟﻐﯾر أو ﻋن إﻫﻣﺎﻟﻪ
وﺗﻘﺻﯾرﻩ").(3
وﻓﻲ ﻗرار آﺧر ﻟﻬﺎ ﻗﺎﻟت" :وﺣﯾث إن اﻻﻟﺗزام اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر اﻹﺧﻼل ﺑﻪ ﺧطﺄ ﻓﻲ
واﻟﺗﺑﺻر ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺿر ﺑﺎﻟﻐﯾر ،ﻓﺈذا اﻧﺣرف ﻋن ﻫذا اﻟﺳﻠوك اﻟواﺟب وﻛﺎن ﻣن اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻣﯾﯾز
ﺑﺣﯾث ﯾدرك أﻧﻪ اﻧﺣرف ،ﻛﺎن ﻫذا اﻻﻧﺣراف ﺧطﺄ ﯾﺳﺗوﺟب ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ").(4
ﻛﻣﺎ ﻗﺿت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ أﻧﻪ" :ذﻫب اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء إﻟﻰ أن اﻟﺗزام اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻟﻌﻼج
ﺳواء وﺟد ﻋﻘد ﻋﻼج أم ﻟم ﯾوﺟد ﻫو اﻟﺗزام ﺑﺑذل ﻋﻧﺎﯾﺔ وﻟﯾس ﺑﺗﺣﻘﯾق ﻏﺎﯾﺔ وﻫﻲ ﺷﻔﺎء اﻟﻣرﯾض،
ٕواﻧﻣﺎ ﯾﻠﺗزم ﺑﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﺻﺎدﻗﺔ ﻓﻲ ﺷﻔﺎﺋﻪ وﯾﻘظﺔ ،وﺗﺗﻔق ﻣﻊ اﻷﺻول اﻟﻣﺳﺗﻘرة ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟطب،
ٕواﻟﻰ ﻫذا ذﻫب اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز ،ﻓﺈذا ﻗﺻر اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ
)(1
ﺗﻣﯾﯾز ﺣﻘوق رﻗم ) 1988/381ﻫﯾﺋﺔ ﺧﻣﺎﺳﯾﺔ( ﺗﺎرﯾﺦ 1988/5/28م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
)(2
ﺗﻣﯾﯾز ﺣﻘوق رﻗم 2001/2706ﺗﺎرﯾﺦ 2001/10/25م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
)(3
ﺗﻣﯾﯾز ﺣﻘوق رﻗم ) 1986/809ﻫﯾﺋﺔ ﺧﻣﺎﺳﯾﺔ( ﺗﺎرﯾﺦ 1986/12/10م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
)(4
ﺗﻣﯾﯾز ﺣﻘوق رﻗم 1988/381ﺗﺎرﯾﺦ 1988/5/28م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
59
ﻟﻠﻣرﯾض ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻً ﻋن اﻟﺿرر اﻟذي ﯾﻠﺣق ﺑﻪ ،ﻛﻣﺎ ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟدﺳﺗور
اﻟطﺑﻲ اﻷردﻧﻲ ﻋﻠﻰ أن ﻣﻬﻧﺔ اﻟطب ﻣﻬﻧﺔ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وأﺧﻼﻗﯾﺔ وﻋﻠﻣﯾﺔ ...وﺗﻘوم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﺑﯾن
اﻟطﺑﯾب واﻟﻣرﯾض ﻋﻠﻰ ﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ وﻋدم اﻹﻫﻣﺎل وﻟﯾس اﻟﺷﻔﺎء ،وﺣﯾث إن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ
ﻟﻠطﺑﯾب اﻟﺗﻲ ﺗوﺟب اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻠﯾﻪ ﻟﻠﻣرﯾض ﻋﻣﺎ أﺻﺎﺑﻪ ﻣن ﺿرر ﺗﺗﺣﻘق إذا ﺗواﻓرت اﻷرﻛﺎن
اﻟﻣﺷرع ﺑﻣﺎ
اﺿﺣﺎ ﻣﻊ ﻧﻬﺞ ّ
ﺗﻌﺎرﺿﺎ و ً
ً ﯾﻌد
إن ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗ اررات ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ّ
ﺟﺎء ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻧص ﺑﺎﻟﻣﺎدة ) (256ﻣدﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أن" :ﻛل إﺿرار ﺑﺎﻟﻐﯾر ﯾﻠزم ﻓﺎﻋﻠﻪ وﻟو ﻏﯾر
وﺑرﻏم وﺿوح ﻣﺿﻣون ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (256ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﯾم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ
ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر ،إﻻ أن اﻟﺑﺎﺣث ﯾرى أن اﻟﺧطﺄ )ﺳواء أﻛﺎن ﺗﻘﺻﯾرﯾﺎً أم ﻋﻘدﯾﺎً ( ﻫو
اﻷﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي ﯾﺻﻠﺢ ﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟطﺑﯾب ،ذﻟك أن اﻟﻣﺎدة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟدﺳﺗور اﻟطﺑﻲ اﻷردﻧﻲ
)(1
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم 2008/2346ﺗﺎرﯾﺦ 2009/4/16م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
60
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻗد ﯾﻘوم اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ وأﺛﻧﺎء ﺗدﺧﻠﻪ اﻟﺟراﺣﻲ ﺑﺎﺳﺗدﻋﺎء زﻣﯾل ﻟﻪ ٕواﺣﻼﻟﻪ ﻣﺣﻠﻪ ﻹﺗﻣﺎم
اﻟﻌﻣل اﻟﺟراﺣﻲ اﻟذي ﺑدأﻩ ،ﻓﺈذا ﻣﺎ ﻧﺟم ﻋن ﻋﻣل ﻫذا اﻟﺑدﯾل ﺧطﺄ ﺳﺑب ﺿرر ﻟﻠﻣرﯾض ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ
اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻻ ﺑد ﻣن ﺗﺑﯾﺎن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ واﻟﻣرﯾض ﻣن ﺟﺎﻧب ،وﻛذﻟك ﻋﻼﻗﺔ
اﻟﻣرﯾض ﺑﺎﻟطﺑﯾب اﻟﺑدﯾل ﻣن ﺟﺎﻧب آﺧر ،وأﺧﯾ ًار ﻋﻼﻗﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ ﺑﺎﻟطﺑﯾب اﻟﺑدﯾل.
ذﻫب ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ إﻟﻰ أن ﯾﺳﺄل اﻟطﺑﯾب ﻋن اﻷﺧطﺎء اﻟﺗﻲ ﯾرﺗﻛﺑﻬﺎ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻛﻠف
ﺑﺎﻟﺗﺧدﯾر ،ﻛﻣﺎ ﯾﺳﺄل ﻋن أﺧطﺎء اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﺣل ﻣﺣﻠﻪ ﻓﻲ ﺟزء ﻣن اﻟﺗزاﻣﻪ إذا ﻛﺎن ﺑدون رﺿﺎ
اﻟﻣرﯾض).(1
ﻓﻲ ﺣﯾن ذﻫب اﺗﺟﺎﻩ آﺧر ﻣؤداﻩ أﻧﻪ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘوم اﻟطﺑﯾب ﺑﺈﺣﺿﺎر ﺧﻠف ﻟﻪ ﻹﺗﻣﺎم اﻟﻌﻼج
اﻟذي ﺑدأﻩ ،وﻗﺑول اﻟﻣرﯾض ﺑﺎﻻﺳﺗﻣرار ﻣﻊ اﻟﺧﻠف ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻧﺷﺄ ﻋﻘد ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ وﯾﺻﺑﺢ اﻷﺻﯾل أﺟﻧﺑﯾﺎً ﻋن
ﻫذا اﻟﻌﻘد ﻷن اﻟراﺑطﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺑﯾﻧﻪ وﺑﯾن اﻟﻣرﯾض ﻗد اﻧﻔﺻﻣت ﻟﺗﺣل ﻣﺣﻠﻬﺎ راﺑطﺔ ﺟدﯾدة ﻣﻊ
اﻟطﺑﯾب اﻟﺑدﯾل ،وﻣن ﺛم ﺗﻧﺗﻬﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ ﺑﻣﺟرد أن ﯾﺣل آﺧر ﻣﺣﻠﻪ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻷﺻﯾل اﺧﺗﺎر ﺑدﯾﻠﻪ
ﺑدون أن ﯾرﺗﻛب ﺧطﺄ ﻓﻲ اﻻﺧﺗﯾﺎر ،وﺗﺳﺑب ﻫذا اﻟﺑدﯾل ﻓﻲ اﻹﺿرار ﺑﺎﻟﻣرﯾض ﻓﺈن ﻟﻠﻣرﯾض أو
ورﺛﺗﻪ اﻟرﺟوع ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺑدﯾل وﺣدﻩ ،وذﻟك ﻷن ﻋﻘد اﻟﺣﻠول إﻧﻣﺎ ﻫو اﺗﻔﺎق ﺑﯾن طﺑﯾﺑﯾن ﻣﺗﻛﺎﻓﺋﯾن ﻓﻲ
ﻧظر اﻟﻘﺎﻧون ﺑﻐﯾر ﺧﺿوع ﻣن أﯾﻬﻣﺎ ﻟﻶﺧر ﻓﻠﯾس ﺛﻣﺔ ﺗﺑﻌﯾﺔ ﺑﯾن اﻷﺻﯾل واﻟﺑدﯾل ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺄل ﻋن
أﺧطﺎﺋﻪ ،وﯾﺳﺄل اﻟﺑدﯾل ﻋن ﻓﻌل اﻟﻣﺳﺎﻋدﯾن وأﺧطﺎﺋﻬم اﺳﺗﻧﺎداً ﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﺑﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎرﺿﺔ).(2
)(1
ﻋﺟﺎج ،طﻼل ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.183
) (2اﻧظر ﺗﻔﺻﯾﻼً :اﻟﻣري ،ﺧﺎﻟد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.88-86
61
أﻣﺎ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب اﻷﺻﯾل واﻟطﺑﯾب اﻟﺑدﯾل ،ﻻ ﯾﺣق ﻟﻠﻣرﯾض أن ﯾرﺟﻊ
ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻟﻪ.
ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب اﻷﺻﯾل ﺑدﻋوى أن اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﺣل ﻣﺣﻠﻪ ﯾﻌﺗﺑر ً
وﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻣرﯾض واﻟﺑدﯾل ،ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﺷك أن اﻟﺑدﯾل ﯾﺳﺄل ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺷﺧﺻﯾﺔ
ﻋن اﻟﻣرﺿﻰ اﻟذﯾن ﯾﺗﻌﺎﻗدون ﻣﻌﻪ ﻣﺑﺎﺷرة ،أﻣﺎ اﻟﻣرﯾض اﻟذي ﺑدأ اﻟﻌﻼج ﻣﻊ طﺑﯾب أﺻﯾل واﺳﺗﻣر
ﻓﻲ اﻟﻌﻼج ﻣﻊ طﺑﯾب ﺑدﯾل ،ﻓﻼ ﺷك أن اﻻﺳﺗﻣرار ﻓﻲ اﻟﻌﻼج ﻣﻊ اﻟﺑدﯾل ﯾﻧﺷﺊ ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻘدﯾﺔ ﺑﯾن
اﻟطﺑﯾب اﻟﺑدﯾل واﻟﻣرﯾض ،ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻟﻠﻣرﯾض أن ﯾرﻓض اﻟﻌﻼج ﻣﻊ اﻟﺑدﯾل وﻣﻊ اﺳﺗﻣ اررﯾﺗﻪ ﯾﻧﻌﻘد
اﻟرﺿﺎ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻧرى إﻋﻔﺎء اﻟطﺑﯾب اﻷﺻﯾل ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋن أﺧطﺎء ﻣن ﯾﺧﻠﻔﻪ ﻣﺗﻰ ﻛﺎن ﻫذا
وﺟرى اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ اﻟﺟراﺣﻲ ﻋﻠﻰ وﺿﻊ اﻟﻣرﯾض ﺗﺣت اﻟﺑﻧﺞ ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺗﺣﻣل آﻻم
اﻟﺗدﺧل اﻟﺟراﺣﻲ ،واﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺑﻧﺞ ﯾﻘﺗﺿﻲ ﻣن اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح ﻧوع ﻣن اﻟﺣﯾطﺔ ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن ﻣدى ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ
اﻟﻣرﯾض ﻟﺗﺣﻣﻠﻪ ،وﻗد ﯾﻛون ﻫو اﻟذي ﯾؤدي اﻟﺟراﺣﺔ أو ﻫو ﺷﺧص ﻣﺗﺧﺻص ﻓﻲ ذﻟك.
وﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺈن ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﺧدﯾر اﻟﻣرﯾض ﺗﺗطﻠب ﻧوع ﻣن اﻟﺣﯾطﺔ واﻟﺣذر ﻣﻣﺎ ﯾﺳﺗﻠزم ﻣﻌﻬﺎ
ﺿرورة وﺟود اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﺧﺗص ﻓﻲ اﻟﺗﺧدﯾر ،إذ ﯾﻘﺿﻲ طﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر ﻣﻊ اﻟﻣرﯾض ﻣدة أطول ﻣن
اﻟﺗﻲ ﻗﺿﯾﻬﺎ ﻣﻌﻪ اﻟﺟراح ،ﻓﻬو ﯾﺗدﺧل ﻗﺑل اﻟﺟراﺣﺔ ﻟﺗﺧدﯾر اﻟﻣرﯾض ﺑﻌد ﻓﺣﺻﻪ ،وﯾﺳﺗﻣر ﻣﻌﻪ ﻓﻲ
ﻣراﻋﺎة ﺣﺎﻟﺗﻪ أﺛﻧﺎءﻫﺎ ﺛم ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻌد ذﻟك ﻣﻬﻣﺗﻪ ﻓﻲ إﻓﺎﻗﺔ اﻟﻣرﯾض واﻻطﻣﺋﻧﺎن ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺗﻪ).(2
وﻫﻧﺎ ﯾدور اﻟﺗﺳﺎؤل ﺣول ﺣدود اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح وطﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر؟
إن اﺷﺗراك اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح وطﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺿﻣن اﻟﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ ﻫو اﻟﺣل
اﻷﻣﺛل اﻟذي ﯾﺟﻧب اﻟﻣرﯾض ﻋﻧﺎء اﻟﺑﺣث ﻋن ﻣرﺗﻛب اﻟﺧطﺄ داﺧل اﻟﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ ،إﻻ أن ﻫذﻩ اﻟﻔﻛرة
)(1
اﻟزﻗرد ،أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.93
)(2
اﻟﺻراﯾرة ،أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.84
62
ﻻ ﺗﺑﺗﻌد ﻛﺛﯾ ًار ﻋن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﺿﺎﻣﻧﯾﺔ ،ﺣﯾث ﯾﻧﺣﺻر وﺟﻪ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾﻧﻬﺎ وﺑﯾن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
ﻓﻔﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﺿﺎﻣﻧﯾﺔ ﺗوﺟدة ﻋدة رواﺑط ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﺗزاﻣﺎت ﻣﺗﻌددة ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ
ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺿرور ،وﺑﻌﺑﺎرة أﺧرى ﻓﺈن اﻻﻟﺗزام اﻟﺗﺿﺎﻣﻧﻲ ﯾﺗﺣﻠل ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أﻋﺿﺎء اﻟﻔرﯾق إﻟﻰ ﻋدة
دﯾون ﻣﺗﻣﯾزة ﻗد ﺗﻛون ﻣن طﺑﺎﺋﻊ ﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺔ ،ﺑﺣﯾث ﺗﻛون ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ أﺣد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن ﻋﻘدﯾﺔ وﺗﻛون
أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﺿﺎﻣن ﯾﻛون ﻣﺻدر اﻟدﯾن ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن ﻫو اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ أو اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ).(1
أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻛون ﻓﯾﻬﺎ ﺗﻛوﯾن اﻟﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ ﻣن ﻗﺑل اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ ﺑﺳﺑب
ﺿرورات اﻟﻌﻣل ،ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺳﯾﺑﻘﻰ اﻟطﺑﯾب ﻣﺳؤوﻻً أﻣﺎم اﻟﻣرﯾض ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻣدﻧﯾﺔ ﻋن ﻛل ﺧطﺄ
طﺑﻲ ﺛﺎﺑت ﻓﻲ ﺣﻘﻪ وأﻟﺣق ﺑﺎﻟﻣرﯾض ﺿر ارً ،وﻛذﻟك ﺑﺎﻗﻲ أﻋﺿﺎء اﻟﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ ﻓﻼ ﯾرﺑطﻬم أي
ﺻﻠﺔ ﻣﻊ اﻟﻣرﯾض ،وﻋﻠﻰ ﻫذا ﻓﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻬم ﺗﺟﺎﻫﻪ ﺗﻛون ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،وﯾﺳﺄل ﻛل ﻣﻧﻬم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣرﯾض وﻓﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (256ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ ،وﻻ ّﺑد ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد
ﻣن اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﻫﻧﺎك ﻻ ﻣﺟﺎل ﻹﻋﻣﺎل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس
إذا رأت ﻣﺑرراً أن ﺗﻠزم ﺑﺄداء اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻣﺣﻛوم ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣن أوﻗﻊ اﻟﺿرر ،بْ َ -ﻣن ﻛﺎﻧت ﻟﻪ ﻋﻠﻰ
َ ْﻣن ﻣﻧﻪ اﻹﺿرار ﺳﻠطﺔ ﻓﻌﻠﯾﺔ ﻓﻲ رﻗﺎﺑﺗﻪ وﺗوﺟﯾﻬﻪ وﻟو ﻟم ﯾﻛن ﺣ ًار ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎرﻩ إذا ﻛﺎن اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر
)(1
ﺟﺎﯾر ،أﺷرف ) .(2008اﻟﺗﺄﻣﯾن ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻸطﺑﺎء ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ط ،1ص.108
63
ﻗد ﺻدر ﻣن اﻟﺗﺎﺑﻊ ﻓﻲ ﺣﺎل ﺗﺄدﯾﺔ وظﯾﻔﺗﻪ أو ﺑﺳﺑﺑﻬﺎ -2 ،وﻟﻣن أدى اﻟﺿﻣﺎن أن ﯾرﺟﻊ ﺑﻣﺎ دﻓﻊ
وﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﺳﺑق ،ﻗﺿت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻋدة ﻗ اررات ﻟﻬﺎ ﺑﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺗﺑوع ﻋن
ً
ﻓﻘد ﻗﺿت ﺑﺄﻧﻪ" :إذا ﻛﺎن ﻣﺎ ﺣﺻل ﻣن ﺧطﺄ طﺑﻲ ﺣﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ وﻣن اﻟﻛﺎدر
اﻟطﺑﻲ اﻟذي ﻛﺎن ﻣﺗواﺟد ﻓﻲ ﻏرﻓﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت وﻫؤﻻء ﺗﺎﺑﻌﯾن ﻟﻪ وﻫو ﻣﺳؤول ﻋن أﺧطﺎﺋﻬم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﻟﻣﺗﺑوع ﻋن أﻋﻣﺎل ﺗﺎﺑﻌﻪ وﻓﻘﺎً ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة /288/1ب ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﻣﺗﺿررﯾن
ﻛﻣﺎ وﻗﺿت ﻓﻲ ﺣﻛم آﺧر ﺑﺄﻧﻪ" :إذا ﻛﺎن ﻣﺳﺗﺷﻔﻰ اﻷﻣﯾر ﻓﯾﺻل ﺑن اﻟﺣﺳﯾن وﻫو ﻣﺳﺗﺷﻔﻰ
ﺣﻛوﻣﻲ وﯾﻌﻣل ﺑﻪ أطﺑﺎء ﻣوظﻔون ﻟدى اﻟدوﻟﺔ ،ﻓﺈن اﻟدوﻟﺔ ﻣﺳؤوﻟﺔ ﻣدﻧﯾﺎً ﻋن أي أﺧطﺎء ﯾرﺗﻛﺑﻬﺎ
ﻣوظﻔوﻫﺎ أﺛﻧﺎء ﻣﻣﺎرﺳﺗﻬم ﻟﻣﻬﺎﻣﻬم اﻟوظﯾﻔﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺗﺿﻰ ﻗواﻋد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن
اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺗﻐدو ﻣﺗوﻓرة ﺑﯾن اﻟﻣدﻋﻲ واﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻬم اﻟطﺎﻋﻧﯾن ،ﻓﺈذا ﺗﻣت اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺟراﻫﺎ
اﻟطﺑﯾب اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ أﺟواء ﻏﯾر طﺑﯾﺔ وﻏﯾر ﻋﻠﻣﯾﺔ وﻓﯾﻬﺎ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻔوﺿﻰ وﻟم ﯾﺳﺎﻋدﻩ أﺣد
ﻣن اﻟﺗﻣرﯾض ﺑل ﻗﺎم اﻟطﺑﯾب ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺈﺟراء ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﻧظﯾف اﻟﺟرح ٕواﻏﻼق اﻟﺑطن ﻟوﺣدﻩ وﻟم ﯾراع
اﻷﺻول اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ ﻓﻲ ﻏرﻓﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت ﻣن ﺣﯾث ﻋدد ﻗطﻊ اﻟﺷﺎش ،وﺑﺄن ﻗطﻊ اﻟﺷﺎش ﻗد ﺗم ﻧﺳﯾﺎﻧﻬﺎ
ﻓﻲ ﺑطن اﻟﻣرﯾض ﺧﻼل اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ واﻟﺗﻲ ﻧﺷﺄ ﻋﻧﻬﺎ اﻟﺗﺻﺎﻗﺎت ﻓﻲ اﻷﻣﻌﺎء وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻟﺧطﺄ
ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺟراﺣﯾﺔ ﻗد ﺣدث ﻣن ﻗﺑل طﺑﯾب ﯾﻌﻣل ﻟدى اﻟﺣﻛﻣﺔ وﻓﻲ ﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﺣﻛوﻣﻲ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ
)(1
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم 2005/365ﺗﺎرﯾﺦ 2005/5/25م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
64
ﻓﺈن اﻟدوﻟﺔ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻣدﻧﯾﺎً ﻋن أﺧطﺎء ﻣوظﻔﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻷﺿرار اﻟﺗﻲ ﯾﻠﺣﻘوﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻐﯾر أﺛﻧﺎء
ﺗﺄدﯾﺔ وظﺎﺋﻔﻬم").(1
ﻛﻣﺎ وﻗﺿت ﻓﻲ ﺣﻛم آﺧر ﺑﺄﻧﻪ" :إذا ﺗﻌدد اﻟﻣﺳؤوﻟون ﻋن ﻓﻌل ﺿﺎر ﻛﺎن ﻛل ﻣﻧﻬم ﻣﺳؤوﻻً
ﺑﻧﺳﺑﺔ ﻧﺻﯾﺑﻪ ﻣﻧﻪ ،وﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﺗﻘض ﺑﺎﻟﺗﺳﺎوي أو ﺑﺎﻟﺗﺿﺎﻣن واﻟﺗﻛﺎﻓل ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬم ،وﺣﯾث إن و ازرة
اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﻣﺎﻟﻛﺔ ﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ اﻟﺑﺷﯾر اﻟﺗﺎﺑﻊ ﻟﻬﺎ ،وﻫﻲ ﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋن أﺧطﺎء اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن
ﻟدﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﻷﻧﻬم ﯾﻌﻣﻠون ﺗﺣت رﻗﺎﺑﺗﻬﺎ وﺗوﺟﯾﻬﻬﺎ ﻋﻣﻼً ﺑﺎﻟﻣﺎدة ) (288ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ،
وﺣﯾث إن اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ اﻟراﺑﻊ اﻟدﻛﺗور ﻣﻧﯾر واﻟﺧﺎﻣس اﻟدﻛﺗور إﺳﺣﺎق ﺗﺎﺑﻌﯾن ﻟو ازرة اﻟﺻﺣﺔ
وﯾﻌﻣﻼن ﺗﺣت رﻗﺎﺑﺗﻬﺎ ٕواﺷراﻓﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺳﺗﺷﻔﻰ اﻟﺑﺷﯾر ،ﻟذا ﻓﺈن اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻬم ﻣﻠزﻣون ﺑﺎﻟﺗﻛﺎﻓل
وﻓﻲ ﻗرار ﺣدﯾث ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﺟﺎء ﻓﯾﻪ" :ﻻ ﯾُﺳﺄل أﺣد ﻋن ﻓﻌل ﻏﯾرﻩ إﻻ ﻓﻲ
ﺣﺎل ﺗواﻓر ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺗﺑﻌﯾﺔ ﻣﻊ ﻫذا اﻟﻐﯾر واﻟﺗﻲ ﯾﺷﺗرط ﻟﺗواﻓرﻫﺎ وﺟود اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﺗوﺟﯾﻪ
اﻷواﻣر واﻟرﻗﺎﺑﺔ واﻹﺷراف ﻟﻠﻣﺗﺑوع ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺎﺑﻊ ،وأن ﯾﻛون اﻟﻣﺗﺑوع ﻗد أﺧطﺄ ﺧطﺄ أدى إﻟﻰ إﻟﺣﺎق
اﻟﺿرر ﺑﺎﻟﻐﯾر أﺛﻧﺎء ﺗﺄدﯾﺔ وظﯾﻔﺗﻪ أو ﺑﺳﺑﺑﻬﺎ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺣق ﻟﻣن أدى اﻟﺿﻣﺎن أن ﯾرﺟﻊ ﺑﻣﺎ أداﻩ ﻋﻠﻰ
ﻧﺷﯾر ﻫﻧﺎ إﻟﻰ أن اﻟﻣﺎدة ) (265ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ ﺗﻧص ﺑﺄﻧﻪ" :إذا ﺗﻌدد
اﻟﻣﺳؤوﻟون ﻋن ﻓﻌل ﺿﺎر ،ﻛﺎن ﻛل ﻣﻧﻬم ﻣﺳؤوﻻً ﺑﻧﺳﺑﺔ ﻧﺻﯾﺑﻪ ﻓﯾﻪ ،وﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﺗﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﺗﺳﺎوي
أو ﺑﺎﻟﺗﺿﺎﻣن واﻟﺗﻛﺎﻓل ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬم" ،وﻫذا ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺷﺗرك ﻓﯾﻬﺎ ﻋدد ﻣن اﻷطﺑﺎء ﻓﻲ إﺣداث
)(1
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم 2006/196ﺗﺎرﯾﺦ 2006/8/21م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
)(2
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم 2002/626ﺗﺎرﯾﺦ 2007/6/5م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
)(3
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم 2013/996ﺗﺎرﯾﺦ 2013/6/16م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
65
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻋﻧد ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟطﺑﯾب ﻟﻌﻣﻠﻪ اﻟﻌﻼﺟﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻗد ﯾدﺧل ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﺗﻌددة ﻣﻊ اﻟﻣﺳﺎﻋدﯾن ﻟﻪ
ﻣن اﻷطﺑﺎء ،وﻗد ﯾﻧﺷﺄ ﻋن ﻓﻌل أﺣدﻫم أﺿرار ﻟﻠﻣرﯾض ،ﻣﻣﺎ ﯾﺛﯾر ﻣدى ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋن ﻓﻌل
اﻟﻐﯾر ،وﻗد ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻷﺿرار ﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن ﻓﻌل اﻟﺷﻲء اﻟذي اﺳﺗﻌﺎن ﺑﻪ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎط اﻟطﺑﻲ،
إن دراﺳﺔ ﻫﺎﺗﯾن اﻟﺻورﺗﯾن ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﺗﺗطﻠب ﺗﻘﺳﯾم ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث إﻟﻰ
ﻣطﻠﺑﯾن.
ﺗﺑدو أﻫﻣﯾﺔ ﻣوﺿوع ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋن أﻓﻌﺎل اﻟﻐﯾر ﻣن اﻷطﺑﺎء ﺣﯾث ﯾﺳﺗﻌﯾن اﻟطﺑﯾب
ﺑﻣﺳﺎﻋد ﻟﻪ أﺛﻧﺎء اﻟﺟراﺣﺔ ﻟﯾﺳﺎﻋدﻩ ﺧﺻوﺻﺎً ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ أو اﻟﻼﺣﻘﺔ ﻷﺻل
اﻟﻌﻣل اﻟﻌﻼﺟﻲ )اﻟﺗدﺧل اﻟﺟراﺣﻲ( ،ﻣﺛل ﻓﺗﺢ اﻟﻣﻛﺎن ﻣن اﻟﺟﺳم اﻟذي ﯾﺣﺗﺎج ﻟﻠﺟراﺣﺔ ﺛم ﺧﯾﺎطﺔ
اﻟﺟرح ﺑﻌد اﻧﺗﻬﺎء اﻟﺟراﺣﺔ ،ﻛﻣﺎ أن اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺗﻛون ﺿرورﯾﺔ ﺑطﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر اﻟذي ﯾﺟﻬز اﻟﻣرﯾض
ﻟﻠﺟراﺣﺔ ،وﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﺛور ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋن ﻓﻌل اﻟﻐﯾر ﺑﺻدد ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟراح ﻋن أﻋﻣﺎل طﺑﯾب
اﻟﺗﺧدﯾر).(1
وﻻ ﺗﺛور اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻋن ﻓﻌل اﻟﻐﯾر إﻻ إذا ﻛﺎن اﻟﺟراح ﻗد اﺗﻔق ﻣﻊ طﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر
اﻟﺟراح ﻣﻊ ﻏﯾرﻩ ،وﻟﻬذا ﻻ ﯾﻛون ﻟﻠﻣرﯾض أي دور ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر طﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر ،ﻓطﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر ﯾﻛون
ﻣﻔروﺿﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﯾض ﻣن ﻗﺑل اﻟﺟراح أو ﺑﺎﻷﺻﺢ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ اﻟﺧﺎص ،وﻻ ﺗﻛون ﻫﻧﺎك
ً
)(1
اﻟﺷﯾﺦ ،ﺑﺎﺑﻛر ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.276
66
ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻘدﯾﺔ إﻻ ﺑﯾن اﻟﺟراح واﻟﻣرﯾض أو ﺑﯾن اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ اﻟﺧﺎص واﻟﻣرﯾض ،وﻻ ﺗوﺟد ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻘدﯾﺔ
ﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﻪ إذا ارﺗﻛب طﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر ﺧطﺄ ﻓﺈن اﻟﺟراح ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻً ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻘدﯾﺔ ﻋن
ً
ذﻟك ،ﻓﺧطﺄ طﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر ﯾؤدي إﻟﻰ ﻋدم ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗزام اﻟﺟراح ﺑﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻼج
اﻟﻣرﯾض ،ﻓطﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر ﻟﯾس أﺟﻧﺑﯾﺎً ﻋن اﻟﻌﻘد ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﺟراح ﻫو اﻟذي ﻋﻬد إﻟﯾﻪ
وﯾﺟب اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ أن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ ﻋن ﺧطﺄ طﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر ﻻ ﺗﺧل وﻻ
ﺗﻧﻘص ﻣن اﺳﺗﻘﻼل طﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر ﻣن ﺣﯾث ﺗﺧﺻﺻﻪ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﻪ اﻟﻣﻬﻧﻲ ،ﻓﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ
ﻻ ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ أن طﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر ﺗﺎﺑﻊ أو ﺧﺎﺿﻊ ﻟﻪ ﻓﻲ أداء ﻋﻣﻠﻪ ٕواﻧﻣﺎ ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ أن اﻟﺟراح وﺣدﻩ
ﻫو اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد ﻣﻊ اﻟﻣرﯾض ،وﻣن ﺛم ﯾﻠﺗزم ﺑﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻌﻼﺟﻪ ،وطﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر ﻟم ﯾﻠﺗزم ﺗﺟﺎﻩ
اﻟﺗﻌﺎون اﻟﻣﺗﺑﺎدل).(2
إن اﻟطﺑﯾب ﻋﻧد ﺗﺄدﯾﺗﻪ ﻻﻟﺗزاﻣﻪ ﻗد ﯾﻛون ﻣﻧﻔرداً وﻗد ﯾﻌﻣل ﻣﻌﻪ ﻣﺳﺎﻋدون ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻔﯾذ،
وﺣﯾﻧﺋذ ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻً ﻋﻧﻬم وﻋن أﺧطﺎﺋﻬم ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻔﯾذ أو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟﺗﻧﻔﯾذ ،ذﻟك ﻷن اﻟﻣرﯾض ﻻ
ﯾﻬﻣﻪ إﻻ أن ﯾﺗم ﺗﻧﻔﯾذ ﻫذا اﻻﻟﺗزام ﺑواﺳطﺔ ﻣن اﺧﺗﺎرﻩ ﻣن اﻟﺟراﺣﯾن دون أن ﯾﻬﺗم ﺑﻣن ﯾﺳﺗﻌﯾن ﺑﻬم
اﻟﺟراح ﻣن ﻣﺳﺎﻋدﯾن.
وﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺈن اﻟﻣدﯾن ﺑﺎﻻﻟﺗزام )اﻟطﺑﯾب( ﯾﺿﻣن ﺗﻧﻔﯾذﻩ ،وﻻ ﯾﺟوز ﻟﻪ أن ﯾدﻋﻲ اﻧﺗﻔﺎء
ﺧطﺋﻪ وﻋدم ﻣﺳؤوﻟ ﯾﺗﻪ ٕواﺳﻧﺎد اﻟﺧطﺄ إﻟﻰ اﻷﺷﺧﺎص اﻟذﯾن ﯾﺳﺗﺧدﻣﻬم ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻻﻟﺗزام ،ﻷن ﻣﺛل ﻫذا
)(1
ﻗﯾس ،اﻟﺻﻐﯾر ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.54
)(2
اﻟزﺑﯾدي ،ﻋﺑد اﷲ ) .(2005ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ ﻋن أﺧطﺎء ﻣﻌﺎوﻧﯾﻪ ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻛوﯾت ،اﻟﺳﻧﺔ
،229اﻟﻌدد ،3ص.264
67
اﻟﻘول ﯾﻘﻠل إﻟﻰ ﺣد ﻛﺑﯾر ﻣن ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ وﻣﺎ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻌﻘد ﻣن ﺛـﻘﺔ ﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﺑﯾن طرﻓﻲ
اﻟﻌﻘد ،ﻓﺎﻟﺟراح ﯾﻛون ﻣﺣﻼً ﻟﺛـﻘﺔ اﻟﻣرﯾض وﯾﻠﺗزم وﻓﻘﺎً ﻟﻠﻌﻘد اﻟذي ﯾرﺑطﻪ ﺑﻪ أن ﯾﻘدم ﻟﻪ اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟواﻋﯾﺔ
واﻟﯾﻘظﺔ ﻟﻸﺻول اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،وﯾﺳﺄل ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻋن اﻷﺧطﺎء اﻟﺗﻲ ﯾرﺗﻛﺑﻬﺎ اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﻋﻬد إﻟﯾﻪ ﺑﺗﺧدﯾر
اﻟﻣرﯾض ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻻﻟﺗزام اﻟوارد ﺑﺎﻟﻌﻘد ﺑﺗﺣﻘﯾق ﻧﺗﯾﺟﺔ ،ﻓﯾﻛون ﺧطﺄ اﻟﻐﯾر ﻗد وﻗﻊ ﻋﻧد ﻋدم ﺗﺣﻘق
اﻟﻧﺗﯾﺟﺔٕ ،واذا ﻛﺎن اﻻﻟﺗزام ﺑﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ ،ﻓﯾﻛون ﺧطﺄ اﻟﻐﯾر ﻗد وﻗﻊ ﺑﻌدم ﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ،ﺑﺷرط
أن ﯾﻛون اﻟﻐﯾر ﻗد أﺣدث اﻟﺿرر ﺣﺎل ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻘد أو ﺑﺳﺑب ﺗﻧﻔﯾذﻩ).(1
وﯾدور ﺗﺳﺎؤل ﻫﻧﺎ ﻫل ﻛل طرف ﻣن اﻟﻐﯾر ﯾﺳﺄل ﻋﻧﻬم اﻟطﺑﯾب؟ ﻣن اﻟﻣؤﻛد أن اﻟطﺑﯾب
اﻟﺟراح ﻻ ﯾﺳﺄل ﻋن ﻛل ﻣن ﯾﺗدﺧل ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻻﻟﺗزام ﺑﻌﻼج اﻟﻣرَي ،طﺎﻟﻣﺎ ﻟم ﯾﻌﻬد أﻧﻪ أﻟزﻣﻪ ﺑذﻟك
اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ،أو ﻛﺎن ﺗدﺧل ذﻟك اﻟﻐﯾر ﺑدون ﻣواﻓﻘﺔ اﻟطﺑﯾب ،ﻛﻣﺎ إذا ﻓرض طﺑﯾب آﺧر ﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ
ﻋﻼج اﻟﻣرﯾض ،ﻓﺈذا ﺗﺳﺑب ﻓﻲ ﺣدوث ﺿرر ﻟﻠﻣرﯾض ﻓﻼ ﯾﺳﺄل اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح ﻋن ﻫذا اﻟﺧطﺄ،
ﻓﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﺟراح ﻋن طﺑﯾب ﻣﺷﺎرك ﻟﻪ ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺗزاﻣﻪ اﻟطﺑﻲ ،ﻛطﺑﯾب اﻟﺗﺣﺎﻟﯾل ،أو طﺑﯾب
اﻷﺷﻌﺔ ،أو طﺑﯾب اﻟﺗﺧدﯾر ،أو ﻣن ﻏﯾر اﻷطﺑﺎء ،ﻛﺎﻟﺟﻬﺎت اﻟﻣﻌﺎوﻧﺔ ﻣﺛل أﻓراد ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﻣرﯾض،
وطﻼب ﻛﻠﯾﺔ اﻟطب ،ﻓﻬؤﻻء ﺟﻣﯾﻌﺎً ﻻ ﯾﻌﺗﺑرون أﺟﺎﻧب ﻣن ﻋﻘد اﻟطﺑﯾب اﻟذي ﯾﻠﺗزم ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ ﺑﺗﻧﻔﯾذ
وﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أﻧﻪ ﯾﺷﺗرط ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻋن ﻓﻌل اﻟﻐﯾر ﺗواﻓر
ﺷرطﯾن ،ﻫﻣﺎ:
)(1
اﻟﺳﻧﻬوري ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.751
)(2
اﻟﻌﺑﯾدي ،ﻋﻼء اﻟدﯾن ) .(1999اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻋن ﻓﻌل اﻟﻐﯾر ،دار إﺛراء ،ﻋﻣﺎن ،ط ،1ص.216
68
ﺑﺎطﻼً ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﺑطﻼﻧﻪ زواﻟﻪ ﺑﺎﺛر رﺟﻌﻲ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﻧﻛون أﻣﺎم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻘدﯾﺔ،
ﺑﻧﺎء
ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻛﺣﺎﻟﺔ اﻟﻧﺎﺋب اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،أو ً
ﺛﺎﻧﯾﺎ :أن ﯾﺗوﻟﻰ ﻏﯾر اﻟﻣدﯾن ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻘد ﺳواء ً
ً
أﻣﺎ ﺑﺷﺄن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن ﻓﻌل اﻟﻐﯾر ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ اﻟﻌﺎم ،ﻓﻬﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﻟﺗﺎﺑﻊ ﻣن أﻋﻣﺎل ﺗﺎﺑﻌﯾﻪ ،وﻫﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ وﻓﻘﺎً ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة )/288ب( ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ ذﻟك
أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ،ﻓﻌﻼﻗﺔ اﻟﻣرﯾض ﺑﺎﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ اﻟﻌﺎم
ﻛﻣرﻓق ﻋﺎم ﻣﺳﺗﻣدة ﻣن ﻗواﻋد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ أوﺟدﺗﻬﺎ اﻟﻘواﻧﯾن واﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﻣرﻓق اﻟﻌﺎم ،وﻣرﻛز
ﯾؤدﯾﻬﺎ) ،(1ﻓﻲ ﺣﯾن أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻛون ﻓﯾﻬﺎ أﻣﺎم ﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﺧﺎص أو ﻋﯾﺎدة ﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺗزام
ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻋﻘد طﺑﻲ وﻟو ﻛﺎن ﺿﻣﻧﯾﺎً ،وﺗﺗرﺗب ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻬﻣﺎ ﻓﻲ
ﻫذﯾن اﻷﺧﯾرﯾن أﻣﺎم اﻟﻣرﯾض ﯾﻛون ً
)(1
اﻟزﺑﯾدي ،ﻋﺑد اﷲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.285
)(2
اﻟزﻗرد ،أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.98
69
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻧﺳﺑﯾﺎ
ً إن ﻓﻛرة اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻋن ﻓﻌل اﻷﺷﯾﺎء ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﺣدﯾﺛﺔ اﻟﻌﻬد
ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،وﯾرﺟﻊ أﺻل وﺟودﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،ﻓﻬو اﻟذي اﺑﺗدﻋﻬﺎ ﻟﯾواﺟﻪ ﺑﻬﺎ ﻣﺳﺗﺟدات
ّع اﻷردﻧﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن ﻓﻌل اﻷﺷﯾﺎء ﺿﻣن ﺛﻼﺛﺔ ﺻور،
وﻗد ﻧظم اﻟﻣﺷر
ﻫﻲ :ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺣﺎرس اﻟﺣﯾوان ،وﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺣﺎرس اﻟﺑﻧﺎء ،وﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺣﺎرس اﻷﺷﯾﺎء ﻏﯾر اﻟﺣﯾﺔ
)اﻟﺟﻣﺎدات( .واﻟﺻورﺗﺎن )اﻷوﻟﻰ واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ( ﺗﺧرج ﻋن ﻧطﺎق ﻣوﺿوع ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ،ﻟذا ﺳﺄﺑﺣث ﻓﻲ
ﻟذا ،ﺳﺄﺑﺣث ﻫذا اﻟﻣطﻠب ﻓﻲ ﻓرﻋﯾن ،اﻷول أﺗﻧﺎول ﻓﯾﻪ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋن اﻵﻻت
ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (291ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ ﻋﻠﻰ أن" :ﻛل ﻣن ﻛﺎن ﺗﺣت ﺗﺻرﻓﻪ أﺷﯾﺎء ﺗﺗطﻠب ﻋﻧﺎﯾﺔ
ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠوﻗﺎﯾﺔ أو آﻻت ﻣﯾﻛﺎﻧﯾﻛﯾﺔ ﯾﻛون ﺿﺎﻣﻧﺎً ﻟﻣﺎ ﺗﺣدﺛﻪ ﻫذﻩ اﻷﺷﯾﺎء ﻣن ﺿرر إﻻ ﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن
اﻟﺗﺣرز ﻣﻧﻪ ،ﻫذا ﻣﻊ ﻋدم اﻹﺧﻼل ﺑﻣﺎ ﯾرد ﻓﻲ ذﻟك ﻣن أﺣﻛﺎم ﺧﺎﺻﺔ".
ﯾﺳﺗﻔﺎد ﻣن اﻟﻧص اﻟﻣﺗﻘدم أﻧﻪ ﻟﻛﻲ ﺗﻘوم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن اﻟﺷﻲء ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻠزم
ﺗواﻓر ﺷرطﯾن ،ﻫﻣﺎ :وﺟود أﺷﯾﺎء ﺗﺗطﻠب ﺣراﺳﺗﻬﺎ ﻋﻧﺎﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وأن ﯾﻘﻊ اﻟﺿرر ﺑﻔﻌل اﻟﺷﻲء ،وﻗد
)(1
ﻣﻧﺻور ،أﻣﺟد ﻣﺣﻣد ) .(2010ﻣﺻﺎدر اﻻﻟﺗزام ،دار اﻟﺛـﻘﺎﻓﺔ ،ﻋﻣﺎن ،ط ،1اﻹﺻدار اﻟﻌﺎﺷر ،ص.322
70
ﻓﻔﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻛون ﻓﯾﻬﺎ اﻟطﺑﯾب ﻣﺳﺗﺧدم اﻵﻟﺔ ﻏﯾر ﻣرﺗﺑط ﻣﻊ اﻟﻣرﯾض ﺑﻌﻘد طﺑﻲ ،ﻓﻔﻲ
ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻓﺈن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋن اﻵﻻت واﻟﻣﻌدات اﻟطﺑﯾﺔ ﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣرﯾض ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ
)ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺣﺎرس اﻟﺷﻲء( ،وﺗﺧﺿﻊ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (291ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر.
اﻟﻣﺷرع اﻷردﻧﻲ ﻗد أﻗﺎم ﻗرﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﯾﺎم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋن اﻵﻻت واﻟﻣﻌدات
ّ أي أن
اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﺧدﻣﻬﺎ ﻣﺗﻰ ﺗﺳﺑﺑت ﻓﻲ إﺣداث ﺿرر ﻟﻠﻣرﯾض ،وﻫﻲ ﻗرﯾﻧﺔ ﺑﺳﯾطﺔ ﯾﻣﻛن ﻧﻔﯾﻬﺎ إذا
)(1
ﻣﺛل ﻓﻌل اﻟﻣﺿرور ،أو أﺛﺑت اﻟطﺑﯾب أن اﻟﺿرر اﻟواﻗﻊ ﺑﺎﻟﻣرﯾض ﺣدث ﺑﺳﺑب ﻟم ﯾﻛن ﯾﺗوﻗﻌﻪ
ﻓﻌل اﻟﻐﯾر ،أو اﻵﻓﺔ اﻟطﺎرﺋﺔ ،أو اﻟﻘوة اﻟﻘﺎﻫرة ،أو اﻟﺣﺎدث اﻟﻔﺟﺎﺋﻲ ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ) (261ﻣن اﻟﻘﺎﻧون
اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ.
ﺗﻌرف اﻟﻣﺎدة )/30ب( ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻷردﻧﻲ اﻟدواء ﺑﺄﻧﻪ" :إﻧﺗﺎج اﻟدواء أو
ﺗﺻﻧﯾﻌﻪ أو ﺗﺣﺿﯾرﻩ أو ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﻪ أو ﺗﻌﺑﺋﺗﻪ أو ﺗﻐﻠﯾﻔﻪ أو ﺗﺟﻬﯾزﻩ أو ﻧﻘﻠﻪ أو ﺣﯾﺎزﺗﻪ أو ﺗﺧزﯾﻧﻪ أو
ﺗوزﯾﻌﻪ أو ﻋرﺿﻪ ﻟﻠﺑﯾﻊ أو ﺑﯾﻌﻪ أو ﻫﺑﺗﻪ أو اﻟﺗﺑرع ﺑﻪ" .واﻟﺗزام اﻟطﺑﯾب ﺑﺿﻣﺎن اﻷدوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺻﻧﻌﻬﺎ
أو ﯾﻘدﻣﻬﺎ ﻟﻣرﯾﺿﻪ ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﻋدم وﺻف أو ﺗﻘدﯾم دواء ﻓﺎﺳد أو ﺿﺎر ﻻ ﺗﺗﻧﺎﺳب وﺣﺎﻟﺗﻪ
اﻟﺻﺣﯾﺔ) ،(2وﻋﻠﯾﻪ ،ﯾﻠﺗزم اﻟطﺑﯾب ﺑﺿﻣﺎن ﺳﻼﻣﺔ اﻷدوﯾﺔ اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻣرﯾﺿﻪ ،واﻟﺗرﻛﯾﺑﺎت اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ.
ﯾراﻋﻲ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ وﺻف اﻟدواء اﻟذي ﯾﺻرﻓﻪ ﻟﻣرﯾﺿﻪ اﻟدﻗﺔ واﻟﺣﯾطﺔ ،واﻹرﺷﺎد اﻟﻼزم
ﺟراء اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻪ
ﻟﻠﻣرﯾض ﺑﺧﺻوص اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟدواء ،واﻵﺛﺎر اﻟﺟﺎﻧﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗوﻗﻌﺔ واﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗظﻬر ّ
أو ﺗﻧﺎوﻟﻪ ،وﻫو ﻣﻠزم ﻓﻲ ﻛل ﻣرة ﯾﻛون ﻓﯾﻬﺎ اﻟدواء اﻟﻣوﺻوف ﯾﺷﺗﻣل ﻋﻠﻰ ﺑﻌض ﺣﺎﻻت دواﻋﻲ
)(1
اﻟزﺑﯾدي ،ﻋﺑد اﷲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.294
)(2
اﻟﻣﺣﺗﺳب ﺑﺎﷲ ،ﺑﺳﺎم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.263
71
ﻋدم اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل أن ﯾﺑﺣث ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرﯾض وﻣدى ﺗواﻓر ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﻣن ﻋدﻣﻪ ،زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ اﻷﺧذ
اﻟﻣرﯾض ﺑﻌد ﻋﻼﺟﻪ واﻟﺻﻌوﺑﺔ ﻓﻲ ﺣرﻛﺔ ﻋﺿﻼﺗﻪ ﻗد ﻧﺟﻣت ﻋن اﻟﺣﻘﻧﺔ اﻟﺗﻲ أﻋطﯾت ﻟﻪ ،ﻓﺈن
ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﺗﻧﻌﻘد ﺳواء ﻛﺎن ﺳﺑب اﻟﺣﺎدث ﺧﻠط ﺑﯾن اﻟﺣﻘن ارﺗﻛﺑﺗﻪ اﻟﻣﻣرﺿﺔ ،أو ﻏﻠط ارﺗﻛﺑﻪ
ﺻﺎﻧﻊ اﻟﺣﻘﻧﺔ ،أو ﻓﺳﺎد اﻟﻣﺻل ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻋدم ﻛﻔﺎﯾﺔ اﻟﺗﻌﻘﯾم ،أو ﻟدﺧول اﻟﻬواء اﻟﻣﻠوث إﻟﻰ اﻷﻧﺑوﺑﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﺣﺗوﯾﻪ ،واﻟﺗزاﻣﻪ ﻫﻧﺎ ﺗﺣﻘﯾق ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻫﻲ ﺗﻘدﯾم ﺣﻘﻧﺔ ﺑﺻﻔﺎﺗﻬﺎ وﺧواﺻﻬﺎ وﻫﻲ اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﻣﻘﺻودة ﻣﻧﻬﺎ
)(1
ﻣﻧﺻور ،ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.335
)(2
ﻧﻘض ﻣﺻري رﻗم 803ﺗﺎرﯾﺦ 1984/5/16م ،أﺷﺎر إﻟﯾﻪ :ﺣﺟﺎزي ،ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.194-193
72
اﻟﻔﺻل اﻟراﺑﻊ
آﺛﺎر اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ
ﺑﻌد أن ﺗﻧﺎوﻟﻧﺎ اﻟﺻر اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﺳواء ﻓﻲ ﻧطﺎق
اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أم اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌﻼﺟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ،وﺳواء أﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋن
ﺧطﺄﻩ اﻟﺷﺧﺻﻲ أم ﻋن ﻓﻌل اﻟﻐﯾر ،أم ﻋن ﻓﻌل اﻟﺷﻲء ،ﻓﺈن اﻷﺛر اﻟذي ﺗﺣدﺛﻪ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
وﻋﻠﯾﻪ ،ﺳﺄﻗﺳم ﻫذا اﻟﻔﺻل إﻟﻰ ﻣﺑﺣﺛﯾن ،أﺑﺣث ﻓﻲ اﻷول دﻋوى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،وﻓﻲ
إن دراﺳﺔ دﻋوى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﺗﺗطﻠب ﺑﯾﺎن أطراف ﻫذﻩ
اﻟدﻋوى واﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﻧظرﻫﺎ وﺗﻘﺎدﻣﻬﺎ .ﻟذا ،ﺳﺄﻗﺳم ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث إﻟﻰ ﻣطﻠﺑﯾن:
ّع اﻷردﻧﻲ ﺗﻌرﯾﻔﺎً ﻟﻠدﻋوى ،وﻗد ﻋرﻓﺗﻬﺎ اﻟﻣﺎدة ) (16/3ﻣن ﻣﺟﻠﺔ اﻷﺣﻛﺎم
ﻟم ﯾﺿﻊ اﻟﻣﺷر
اﻟﻌدﻟﯾﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ" :طﻠب أﺣد ﺣﻘﻪ ﻣن آﺧر ﻓﻲ ﺣﺿور اﻟﻘﺎﺿﻲ وﯾﻘﺎل ﻟﻪ اﻟﻣدﻋﻲ وﻟﻶﺧر اﻟﻣدﻋﻰ
ﻋﻠﯾﻪ").(1
إن دﻋوى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻻ ّﺑد ﻟﻬﺎ ﻣن طرﻓﯾن ،ﻫﻣﺎ :اﻟﻣدﻋﻲ
) (1ﻧﻘﻼً ﻋن :اﻟزﻋﺑﻲ ،ﻋوض أﺣﻣد ) .(2010اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﻗﺎﻧون أﺻول اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻷردﻧﻲ ،ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ
ﺑﺎﻟﺷﺎرﻗﺔٕ ،واﺛراء ﻟﻠﻧﺷر ﺑﺎﻷردن ،ط ،2ص.224
73
اﻟﻣدﻋﻲ ﻓﻲ دﻋوى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻫو اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺿرور واﻟذي ﯾﺣق
ﻟﻪ ﺑﺣﺳب اﻷﺻل أن ﯾطﺎﻟب ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻣﺎ أﺻﺎﺑﻪ ﻣن ﺿرر ،إذ أن ﺳﺑب ﻫذﻩ اﻟدﻋوى ﻫو إﺧﻼل
اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﺳؤول ﺑﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣﺷروﻋﻪ ،وﻗد ﯾﻛون اﻟﻣدﻋﻰ ﻫو ﺧﻠف اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺿرور ،اﻟذي ﺗﻧﺗﻘل
اﻟورﺛﺔ ﺑﻘدر ﺣﺻﺔ ﻛل ﻣﻧﻬم ،أﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣﻌﻧوﯾﺎً ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﻧﺗﻘل إﻻ إذا ﺗﺣددت ﻗﯾﻣﺗﻪ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ اﺗﻔﺎق
أو ﺣﻛم ﻧﻬﺎﺋﻲ) .(1وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻛون اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺿرور ﻋدﯾم اﻷﻫﻠﯾﺔ أو ﻧﺎﻗﺻﻬﺎ ،ﻓﺈن دﻋوى
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗرﻓﻊ ﻣن وﻟﯾﻪ أو وﺻﯾﻪ ،وﻣن اﻟﻘﯾم إذا ﻛﺎن ﻣﺣﺟوراً ﻋﻠﯾﻪ) ،(2وﻻ ﺗﻘﺑل دﻋوى اﻟﻣرﯾض
اﻟﻣﺿرور إﻻ إذا ﺗواﻓرت ﺷروط ﻗﺑول اﻟدﻋوى وﻓﻘﺎً ﻟﻠﻣﺎدة ) (3ﻣن ﻗﺎﻧون أﺻول اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ
اﻷردﻧﻲ رﻗم ) (24ﻟﺳﻧﺔ 1988م وﺗﻌدﯾﻼﺗﻪ ،واﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﺑﺄﻧﻪ -1" :ﻻ ﯾﻘﺑل أي طﻠب أو دﻓﻊ ﻻ
اﻟطﻠب اﻻﺣﺗﯾﺎط ﻟدﻓﻊ ﺿرر ﻣﺣدق أو اﻻﺳﺗﯾﺛﺎق ﻟﺣق ﯾﺧﺷﻰ زوال دﻟﯾﻠﻪ ﻋﻧد اﻟﻧزاع ﻓﯾﻪ".
ﻓﻼ ﺑد ﻣن ﺗواﻓر اﻟﺷروط اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻘﺑول اﻟدﻋوى وﻫﻲ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ،وﯾﺗﻌﯾن ﺗواﻓرﻫﺎ ﻟﻘﺑول دﻋوى
وﯾﺟب أن ﺗﺗواﻓر ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ أوﺻﺎف ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺣﺗﻰ ﺗﻛون ﺟدﯾرة ﺑﺎﻻﻋﺗﺑﺎر ،وﻫﻲ أن
)(1
اﻟﺳﻧﻬوري ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص ،1279واﻧظر :ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (3/267ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ.
)(2
ﻣﻧﺻور ،أﻣﺟد ﻣﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.347
)(3
اﻟزﻋﺑﻲ ،ﻋوض ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.264
74
أﻣﺎ اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ دﻋوى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻓﻬو اﻟﻣﺳؤول ﻋن
ﻫذا اﻟﺧطﺄ ﯾﺳﺗوي ﻓﻲ ذﻟك أن ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻً ﻋن ﺧطﺄﻩ اﻟﺷﺧﺻﻲ أو ﻋن ﻓﻌل اﻟﻐﯾر أو ﻋن اﻷﺷﯾﺎء
اﻟﻣﺗﺻور ﺗﻌدد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن ﻋن اﻷﺿرار اﻟﺗﻲ ﻟﺣﻘت ﺑﺎﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺿرور ،وﺑﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﻧﺎ أﻣﺎم
ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﺿﻣن ﻓرﯾق طﺑﻲ ،ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺧﺗﺎر اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺿرور اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ
ﻣﻌﯾﻧﺎ
طﺑﯾﺑﺎ ً
ً ﻣﻌﺎﻟﺟﺎ ﻣن ﺧﺎرج اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ،أو ﯾﺧﺗﺎر
ً ﯾﺑﺎ
اﻟذي ﯾﺗﻌﺎﻟﺞ ﻓﯾﻪ ،وﯾﺧﺗﺎر ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ طﺑ ً
ﻹﺟراء اﻟﺗﺧدﯾر ،ﻓﻧﻛون أﻣﺎم ﻋدة ﻋﻘود ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ،ﻓﺈذا ﺛﺑت وﺟود ﺧطﺄ ﻣن اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ وطﺑﯾب
اﻟﺗﺧدﯾر ،وﺛﺑت ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ وﺟود ﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﻛﻌدم ﺗوﻓﯾرﻩ اﻷدوات واﻷﺟﻬزة اﻟﻼزﻣﺔ
واﻟﺗﻘﺻﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻔﺣوص اﻷوﻟﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ،ﻛﺎن ﻛل ﻣﻧﻬم ﻣﺳؤوﻻً ﻋن اﻟﺧطﺄ ﺑﻣﻘدار
ﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﺧطﺋﻪ ﻓﻲ اﻟﺿرر ،وﻟم ﯾﻛن ﻫﻧﺎك ﺗﺿﺎﻣﻧﺎً ﺑﯾﻧﻬم ﻣﺎ ﻟم ﯾﻘض اﺗﻔﺎق ﺑﻐﯾر ذﻟك).(2
أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،ﻓﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ) (265ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ
ﺑﺎﻟﻘول" :إذا ﺗﻌدد اﻟﻣﺳؤوﻟون ﻋن ﻓﻌل ﺿﺎر ﻛﺎن ﻛل ﻣﻧﻬم ﻣﺳؤوﻻً ﺑﻧﺳﺑﺔ ﻧﺻﯾﺑﻪ ﻓﯾﻪ ،وﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ أن
إذا ﻛﺎن اﻟطﺑﯾب ﺗﺎﺑﻌﺎً ﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﻋﺎم ،ﻓﺈن ﻛﻼ ﻣن اﻟطﺑﯾب واﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﯾﻛوﻧﺎ ﻣﺳؤوﻟﯾن ﻗﺑل
وﻓﻘﺎ ﻟﻘواﻋد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،اﻟطﺑﯾب ﻋن ﺧطﺋﻪ اﻟﺷﺧﺻﻲ واﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻣﺗﺑوﻋﺎً
اﻟﻣرﯾض ً
)(1
اﻟﺳرﺣﺎن ،ﻋدﻧﺎن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.176-175
)(2
ﻣﻧﺻور ،ﻣﺣﻣد ﺣﺳﯾن ،اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.345-344
75
وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق ﻗﺿت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﺑﺄﻧﻪ" :ﻛﺎن ﻣﺎ ﺣﺻل ﻣن ﺧطﺄ طﺑﻲ ﺣﺻل
ﻓﻲ ﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﻋﺎم وﻣن اﻟﻛﺎدر اﻟطﺑﻲ اﻟذي ﻛﺎن ﻣﺗواﺟد ﻓﻲ ﻏرﻓﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت ،وﻫؤﻻء ﺗﺎﺑﻌﯾن ﻟﻪ وﻫو
ﻣﺳؤول ﻋن أﺧطﺎﺋﻬم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺗﺑوع ﻋن أﻋﻣﺎل ﺗﺎﺑﻌﻪ وﻓﻘﺎً ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة )/288ب (1/ﻣن
وﻗﺿت ﻓﻲ ﺣﻛم آﺧر ﺑﺄﻧﻪ" :إذا ﻛﺎن ﻣﺳﺗﺷﻔﻰ اﻷﻣﯾر ﻓﯾﺻل ﺑن اﻟﺣﺳﯾن وﻫو ﻣﺳﺗﺷﻔﻰ
ﺣﻛوﻣﻲ ،وﯾﻌﻣل ﺑﻪ أطﺑﺎء ﻣوظﻔون ﻟدى اﻟدوﻟﺔ ،ﻓﺈن اﻟدوﻟﺔ ﻣﺳؤوﻟﺔ ﻣدﻧﯾﺎً ﻋن أي أﺧطﺎء ﯾرﺗﻛﺑﻬﺎ
ﻣوظﻔوﻫﺎ أﺛﻧﺎء ﻣﻣﺎرﺳﺗﻬم ﻟﻣﻬﺎﻣﻬم اﻟوظﯾﻔﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺗﺿﻰ ﻗواﻋد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،اﻟﻣﺎدة 256
)(3
ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺎدة ﻫذا وﯾﻣﺛل و ازرة اﻟﺻﺣﺔ ﻓﻲ اﻷردن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟدﻋوى اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﻣدﻧﻲ
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻻ ّﺑد ﻣن ﺑﯾﺎن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﻧظر دﻋوى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ،وﻣن ﺛم ﻻ ّﺑد ﻣن
ﺑﯾﺎن ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻋدم ﺳﻣﺎع ﻫذﻩ اﻟدﻋوى ،أي ﺗﻘﺎدﻣﻬﺎ ،ﻟذا ،ﺳﺄﻗﺳم ﻫذا اﻟﻣطﻠب إﻟﻰ ﻓرﻋﯾن.
ّع اﻷردﻧﻲ ﻣﺣﺎﻛم اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻋﻠﻰ طﺑﻘﺗﯾن ،اﻟﺻﻠﺢ واﻟﺑداﯾﺔ ووزع
ﺟﻌل اﻟﻣﺷر
اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﻧﯾﻬﻣﺎ ﺑﻧظر اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗرﻓﻊ ﻷول ﻣرة إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ،ﻣﺳﺗﺧدﻣﺎً ﺗﺎرة ﻣﻌﯾﺎر
)(1
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم 2005/365ﺗﺎرﯾﺦ 2005/5/25م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
)(2
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم 2006/196ﺗﺎرﯾﺦ 2006/8/21م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
) (3ﺗﻔﺻﯾﻼً راﺟﻊ :اﻟزﻋﺑﻲ ،ﻋوض ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 289وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
76
اﻟﻣﺣﻠﻲ) ،(1وﻫﻧﺎك اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟوﻻﺋﻲ .وﻓﻲ ﺿوء ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر ،ﻓﻣﺎ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻧﻌﻘﺎد اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻠﻲ ﻓﻲ دﻋوى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﺗﻲ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ داﺋرﺗﻬﺎ ﻣوطن اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ .وﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ) (36ﻣن ﻗﺎﻧون أﺻول اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت
اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻷردﻧﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ -1" :ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟﺣﻘوق اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ أو اﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ ﯾﻛون اﻻﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻌﺎم) ،(2ذﻟك ﯾﺟوز ﻟطرﻓﻲ اﻟﺧﺻوﻣﺔ )اﻟﻣرﯾض واﻟطﺑﯾب( اﻟﺣﺿور ﺑﺎﺧﺗﯾﺎرﻫﻣﺎ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﺗﻰ
ٕواذا ﻛﺎن اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ دﻋوى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻫﻲ ﺷرﻛﺔ اﻟﺗﺄﻣﯾن ،ﻓﺈن
اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻠﻲ ﯾﻛون ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ داﺋرﺗﻬﺎ ﻣوطن اﻟﺷﺧص اﻟﻣؤﻣن ﻋﻠﯾﻪ أو ﻣﻛﺎن
ﯾﻌرف اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟوﻻﺋﻲ ﺑﺄﻧﻪ" :ﻧﺻﯾب ﻛل ﻫﯾﺋﺔ أو ﺟﻬﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ﻣن
اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﻟﻬﺎ وﻻﯾﺔ وﺳﻠطﺔ ﻣﻧﺢ اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ") ،(4ﻟذا ﯾؤول اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟوﻻﺋﻲ
ﻟﻠﻔﺻل ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ،ﺳواء ﻟﻠﻘﺿﺎء اﻟﻣدﻧﻲ إذا رﻓﻌت
)(1
اﻟزﻋﺑﻲ ،ﻋوض ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.138
)(2
اﻟزﻋﺑﻲ ،ﻋوض ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.200
)(3
اﻟزﻋﺑﻲ ،ﻋوض ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.106
)(4
اﻟزﻋﺑﻲ ،ﻋوض ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.106
77
ﺑﺻﻔﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣدﻧﻲ ،أو ﻛدﻋوى ﻣدﻧﯾﺔ ﺗﺑﻌﯾﺔ )اﻻدﻋﺎء ﺑﺎﻟﺣق اﻟﺷﺧﺻﻲ( ﻟﻠدﻋوى
اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻣﺗﻰ ﻛﺎن ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ﻗد ﺷﻛل ﺟرﯾﻣﺔ ﯾﻌﺎﻗب ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت.
وﻗد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ) (6ﻣن ﻗﺎﻧون أﺻول اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت اﻟﺟزاﺋﯾﺔ اﻷردﻧﻲ رﻗم ) (9ﻟﺳﻧﺔ 1961م
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻣﻘﺎﻣﺔ ﻟدﯾﻪ ﻫذﻩ اﻟدﻋوى ،ﻛﻣﺎ ﺗﺟوز إﻗﺎﻣﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣدة ﻟدى اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣدﻧﻲ ،وﻓﻲ ﻫذﻩ
اﻟﺣﺎل ﯾﺗوﻗف اﻟﻧظر ﻓﯾﻬﺎ إﻟﻰ أن ﺗﻔﺻل دﻋوى اﻟﺣق اﻟﻌﺎم ﺑﺣﻛم ﻣﺑرم -2 ،إذا أﻗﺎم اﻟﻣدﻋﻲ
اﻟﺷﺧﺻﻲ دﻋواﻩ ﻟدى اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣدﻧﻲ ﻓﻼ ﯾﺳوغ ﻟﻪ اﻟﻌدول ﻋﻧﻬﺎ ٕواﻗﺎﻣﺗﻬﺎ ﻟدى اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺟزاﺋﻲ-3 ،
وﻟﻛن إذا أﻗﺎﻣت اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ دﻋوى اﻟﺣق اﻟﻌﺎم ﺟﺎز ﻟﻠﻣدﻋﻲ اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻧﻘل دﻋواﻩ إﻟﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣدﻧﻲ ﻗد ﻓﺻل ﻓﯾﻬﺎ ﺑﺣﻛم ﻓﻲ اﻷﺳﺎس" .وﻣن ﺛم ﯾﺧﺗﺎر اﻟﻣدﻋﻲ
)اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺿرور( اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﻓﻊ إﻟﯾﻪ دﻋوى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن اﻟﺧطﺄ
اﻟطﺑﻲ.
ﻫو اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻗﯾﻣﺔ اﻟدﻋوى ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ)،(1
وﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻗﺎﻧون ﻣﺣﺎﻛم اﻟﺻﻠﺢ اﻷردﻧﻲ رﻗم ) (15ﻟﺳﻧﺔ 1952م وﺗﻌدﯾﻼﺗﻪ ،ﻓﺈن ﻗﺿﺎة اﻟﺻﻠﺢ
ﯾﺧﺗﺻون ﺑﻧظر اﻟدﻋﺎوى اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺗﺟﺎوز ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻣدﻋﻰ ﺑﻪ ﺳﺑﻌﺔ آﻻف دﯾﻧﺎر) ،(2وﻣﺎ زاد ﻋن ذﻟك
ﺗﺧﺗص ﺑﻪ ﻣﺣﺎﻛم اﻟﺑداﯾﺔ .ﻣﻊ اﻟﻌﻠم ﺑﺄن ﺗﻘدﯾر ﻗﯾﻣﺔ اﻟدﻋوى ﯾرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻣدﻋﻲ )اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺿرور(
وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون أﺻول اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻷردﻧﻲ.
)(1
اﻟزﻋﺑﻲ ،ﻋوض ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.139
)(2
اﻧظر :اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن ﻗﺎﻧون ﻣﺣﺎﻛم اﻟﺻﻠﺢ اﻷردﻧﻲ.
78
وﯾﻘﺻد ﺑﻪ ﻋدم ﺳﻣﺎع دﻋوى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ .ﻓﻔﻲ ﻧطﺎق
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﺳواء ﻋن ﺧطﺄﻩ اﻟﺷﺧﺻﻲ أم ﻋن ﻓﻌل اﻟﻐﯾر أم ﻋن ﻓﻌل اﻟﺷﻲء ،ﻓﻘد
ّع اﻷردﻧﻲ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (272ﻣدﻧﻲ ،واﻟﺗﻲ ﺟﺎء ﻓﯾﻬﺎ" :ﻻ ﺗﺳﻣﻊ دﻋوى
ﻋﺎﻟﺞ اﻟﻣﺷر
اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر ﺑﻌد اﻧﻘﺿﺎء ﺛﻼث ﺳﻧوات ﻣن اﻟﯾوم اﻟذي ﻋﻠم ﻓﯾﻪ اﻟﻣﺿرور
ﺑﺣدوث اﻟﺿرر وﺑﺎﻟﻣﺳؤول ﻋﻧﻪ -2 ،ﻋﻠﻰ أﻧﻪ إذا ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟدﻋوى ﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن ﺟرﯾﻣﺔ وﻛﺎﻧت
اﻟدﻋوى اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﻣﺎ ﺗزال ﻣﺳﻣوﻋﺔ ﺑﻌد اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣواﻋﯾد اﻟﻣذﻛورة ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ،ﻓﺈن دﻋوى
اﻟﺿﻣﺎن ﻻ ﯾﻣﺗﻧﻊ ﺳﻣﺎﻋﻬﺎ إﻻ ﺑﺎﻣﺗﻧﺎع ﺳﻣﺎع اﻟدﻋوى اﻟﺟزاﺋﯾﺔ -3 ،وﻻ ﺗﺳﻣﻊ دﻋوى اﻟﺿﻣﺎن ﻓﻲ
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣﺎﻻت ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء ﺧﻣس ﻋﺷرة ﺳﻧﺔ ﻣن ﯾوم وﻗوع اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر".
اﻟﻔرض اﻷول :وﻓﯾﻪ ﺗﻘوم دﻋوى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻧﺣراف ﻣدﻧﻲ ﻟﻛﻧﻪ ﻻ ﯾﺷﻛل ﺟرﯾﻣﺔ ﺟزاﺋﯾﺔ ،ﻋﻧدﺋذ
ﻻ ﺗﺳﻣﻊ دﻋوى اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن اﻟﻔﻌل ﺿﺎر ﺑﻌد اﻧﻘﺿﺎء ﺛﻼث ﺳﻧوات ﻣن ﯾوم ﻋﻠم اﻟﻣﺿرور
ﺑﺣدوث اﻟﺿرر وﺑﺎﻟﺷﺧص اﻟﻣﺳؤول ﻋﻧﻪ ،وﻫﻧﺎ اﻟﻣدة ﺗﺑدأ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﻠم ﻛﻣﺎ ﻻ ﺗﺳﻣﻊ اﻟدﻋوى ﺑﻌد
اﻧﻘﺿﺎء ﺧﻣس ﻋﺷرة ﺳﻧﺔ ﻣن ﯾوم وﻗوع اﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر ،وﻻ ﯾﺗﺣﻘق ﻫذا إﻻ إذا ﻛﺎن اﻟﻣﺿرور ﻟم ﯾﻌﻠم
اﻟﻔرض اﻟﺛﺎﻧﻲ :وﻓﯾﻪ ﺗﻘوم دﻋوى اﻟﻣﺳوؤﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻧﺣراف ﻣدﻧﻲ ﻟﻛﻧﻪ ﯾﺷﻛل ﺟرﯾﻣﺔ ﺟزاﺋﯾﺔ ،ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ
ﺗﺳﻣﻊ ﺣﺗﻰ ﺑﻌد اﻧﻘﺿﺎء ﻣدة اﻟﺛﻼث ﺳﻧوات ﻣن وﻗت ﻋﻠم اﻟﻣﺿرور ﺑﺣدوث اﻟﺿرر وﺑﺎﻟﻣﺳؤول
ﻋﻧﻪ ،أو ﺑﻌض ﻣﺿﻲ ﺧﻣس ﻋﺷرة ﺳﻧﺔ ﻣن وﻗت وﻗوع اﻟﺿرر.
)(1
اﻟﺳرﺣﺎن ،ﻋدﻧﺎن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.351-350
79
ﻋﻧد ﺳﻘوط اﻟدﻋوى اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،ﻣﻊ أن اﻟدﻋوى اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺗﻛون ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻟم ﺗﺳﻘط ،ﻓﯾﻌﺎﻗب اﻟﺟﺎﻧﻲ دون أن
ﺗﻛون ﻫﻧﺎك إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻹﻟزاﻣﻪ ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن ﻣﻊ أن ﻫذا اﻷﺧﯾر أﻗل ﺷﺄﻧﺎً ﻣن اﻟﻌﻘوﺑﺔ).(1
أﻣﺎ دﻋوى اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ،ﻓﻬﻲ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻠﺗﻘﺎدم اﻟﻌﺎدي وﻫو ﺧﻣﺳﺔ ﻋﺷرة ﺳﻧﺔ
وﻓﻘﺎً ﻟﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ) (449ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ" :ﻻ ﯾﻧﻘﺿﻲ اﻟﺣق ﺑﻣرور اﻟزﻣﺎن وﻟﻛن ﻻ
ﺗﺳﻣﻊ اﻟدﻋوى ﺑﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻛر ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء ﺧﻣس ﻋﺷرة ﺳﻧﺔ دون ﻋذر ﺷرﻋﻲ ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة ﻣﺎ وردت ﻓﯾﻪ
أﺣﻛﺎم ﺧﺎﺻﺔ".
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث
اﻹﺛﺑﺎت ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻫو إﻗﺎﻣﺔ دﻟﯾل ﯾرﺟﺢ وﺟود أو اﻧﺗﻔﺎء ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﻟطﺑﯾب اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ واﻟﺗﻲ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻗﯾﺎﻣﻬﺎ أو اﻧﺗﻔﺎﺋﻬﺎ ﻗﯾﺎم أو اﻧﺗﻔﺎء ﺣق اﻟﻣرﯾض
اﻟﻣﺿرور أو ذوﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌوﯾض) .(2وﻋﻠﯾﻪ ﺳﺄﺑﺣث ﻓﻲ ﻋبء اﻹﺛﺑﺎت وﻓﻲ ﺳﻠطﺔ
اﻷﺻل أن ﻋبء اﻹﺛﺑﺎت ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﻋﻲ أي اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺿرور ،ﻓﯾﻛون ﻋﻠﯾﻪ إﺛﺑﺎت
أرﻛﺎن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺟﻣﯾﻌﻬﺎ ﻣن ﺧطﺄ وﺿرر وﻋﻼﻗﺔ ﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ واﻟﺿرر ،وﻫﻲ ﻛﻠﻬﺎ وﻗﺎﺋﻊ
ﻣﺎدﯾﺔ ﯾﺟوز إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ ﺑطرق اﻹﺛﺑﺎت ﻛﺎﻓﺔ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺑﯾﻧﺔ واﻟﻘراﺋن).(3
)(1
ﺳﻠطﺎن ،أﻧور ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.251
)(2
اﻟﺳرﺣﺎن ،ﻋدﻧﺎن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.205
)(3
ﻣﻧﺻور ،أﻣﺟد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.348
80
ّع اﻷردﻧﻲ ﻗد اﻓﺗرض اﻟﺗﻘﺻﯾر أو اﻟﺗﻌدي ﻓﻲ أﺣوال ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻧب اﻟﻣﺳؤول ﻛﻣﺎ
إن اﻟﻣﺷر
ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﻣﺗوﻟﻲ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ،واﻟﻣﺗﺑوع ،وﺣﺎرس اﻷﺷﯾﺎء ﻏﯾر اﻟﺣﯾﺔ ،ﻓﻔﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﯾﻌﻔﻲ
اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺿرور ﻣن إﺛﺑﺎت اﻟﺗﻌدي أو اﻟﺗﻘﺻﯾر ﻓﻲ ﺟﺎﻧب اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﺳؤول ،وﯾﻛﻔﯾﻪ أن
اﻟﻣﺷرع ٕوان
ّ ﯾﺛﺑت اﻟﺿرر اﻟذي ﺣدث ﻟﻪ ﻋﻧدﺋذ ﺗﻘوم ﻗرﯾﻧﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾر أو اﻟﺗﻌدي اﻟﻣﻔﺗرﺿﺔ ﻣن ﻗﺑل
ﻛﺎﻧت ﻗرﯾﻧﺔ ﺑﺳﯾطﺔ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﺳؤول دﻓﻌﻬﺎ ﺑﺈﺛﺑﺎت أﻧﻪ ﻗﺎم ﺑﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﻋﻧﺎﯾﺔ ،وأﻧﻪ
ﻟم ﯾﻘﺻر واﺗﺧذ ﻛل اﻻﺣﺗﯾﺎطﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻣﻧﻊ وﻗوع اﻟﺿرر ،وﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ذﻟك وﻗﻊ اﻟﺣﺎدث).(1
ﻓﻘد ﻗﺿت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﺑﺄﻧﻪ" :اﺳﺗﻘر اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻋﻠﻰ أن اﻻﻟﺗ ازم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ
داﺋﻣﺎ ﺑﺑذل ﻋﻧﺎﯾﺔ ﻻ ﺗﺣﻘﯾق ﻧﺗﯾﺟﺔ ،وذﻟك وﻓﻘﺎً ﻟﻘرار ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ
ً ﻟﻸطﺑﺎء ﻫو
،1196/1992و .(2)"1488/2005
وﻛذﻟك ﻗرارﻫﺎ اﻟذي ﺟﺎء ﻓﯾﻪ" :اﺳﺗﻘر اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ أن اﻟﺗزام اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻟﻌﻼج ﺳواء
وﺟد ﻋﻘد ﻋﻼج أم ﻟم ﯾوﺟد ﻫو اﻟﺗزام ﺑﺑذل ﻋﻧﺎﯾﺔ وﻟﯾس ﺑﺗﺣﻘﯾق ﻏﺎﯾﺔ وﻫﻲ ﺷﻔﺎء اﻟﻣرﯾضٕ ،واﻧﻣﺎ
ﯾﻠﺗزم ﺑﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﺻﺎدﻗﺔ ﻓﻲ ﺷﻔﺎﺋﻪ وﯾﻘظﺔ ،وﺗﺗﻔق ﻣﻊ اﻷﺻول اﻟﻣﺳﺗﻘرة ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟطب ،وﺑذﻟك
ﻓﺈذا ﻗﺻر اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻟﻠﻣرﯾض ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻً ﻋن اﻟﺿرر اﻟذي ﯾﻠﺣق ﺑﻪ
)(1
ﺳﻠطﺎن ،أﻧور ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.288
)(2
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم 2011/2886ﺗﺎرﯾﺦ 2012/3/18م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
)(3
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم 2013/996ﺗﺎرﯾﺦ 2013/6/16م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
81
وﻓﻘﺎ
أﯾﺿﺎ " ﺑﺄن اﻟطﺑﯾب ﯾﻠﺗزم ﺑﺗﻘدﯾم ﻛل ﻣﺎ ﯾﺗوﺟب ﻣن أوﺟﻪ اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ ً
ً وﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟذﻟك ،ﻗﺿت
ً
ووﻓﻘﺎ ﻟﻸﺻول اﻟطﺑﯾﺔ ،ﻟﯾﺳﺄل ﻋﻣﺎ ﯾؤول إﻟﯾﻪ أي ﺗﺻرف ﺳﻠﺑﻲ ﻣؤداﻩ إﻟﺣﺎق
ً ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻣﻘررة طﺑﯾﺎً،
اﻟﺿرر ﺑﺎﻟﻣرﯾض").(1
وﻫﻧﺎك ﺣﺎﻻت ﯾﻛون ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺗزام اﻟطﺑﯾب ﺗﺣﻘﯾق ﻧﺗﯾﺟﺔ ،وﻣﻧﻬﺎ :اﻟﺗزام اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ
ﻣواﻓﻘﺔ اﻟﻣرﯾض ،أو ﻧﺎﺋﺑﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،واﻟﺗزاﻣﻪ اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺗﺣﺎﻟﯾل اﻟطﺑﯾﺔ وﻓﺣص اﻟدم وأﻋﻣﺎل ﺟراﺣﺔ
اﻟﺗﺟﻣﯾل ،ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﯾﺳﺄل اﻟطﺑﯾب ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ اﻟﻣﻔﺗرض وﻻ ﯾﻛﻠف اﻟﻣرﯾض
ﺣدود اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻣﺎ دام أن ﻫذا اﻟﺗﻘدﯾر ﻣﺳﺗﻣد ﻣن وﻗﺎﺋﻊ اﻟدﻋوى ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺗﺣﻘق
ﻣن ﺣﺻول اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺗﻲ أﺛﺑﺗﻬﺎ اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺿرور ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب ،أو ﻋدم ﺣﺻوﻟﻬﺎ وﻓق ﻣﺎ
ﺗﻣﻠﯾﻪ ﻋﻠﯾﻪ ﺳﻠطﺗﻪ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ دون ﻣﻌﻘب ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز .أﻣﺎ ﺑﺷﺄن رﻗﺎﺑﺔ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز
اﻷردﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر ﻗﯾﺎم ﺗواﻓر أرﻛﺎن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻣن ﺧطﺄ وﺿرر
وﻋﻼﻗﺔ ﺳﺑﺑﯾﺔ ،ﻓﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟرﻛن اﻟﺧطﺄ ،ﻟﯾس ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز رﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣوﺿوع ﻓﯾﻣﺎ ﺗدوﻧﻪ
ﻣن وﻗﺎﺋﻊ ﻣﺎدﯾﺔ ﯾﻛون اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺿرور ﻗد اﺳﺗﻧد إﻟﯾﻬﺎ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت دﻋواﻩ ،أﻣﺎ اﻟﺗﻛﯾﯾف
اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻬذﻩ اﻟوﻗﺎﺋﻊ وﻫل ﺗﺳﻣﻰ ﺗﻘﺻﯾراً أو ﺗﻌدﯾﺎً ﻣن ﻋدﻣﻪ وﻫل اﻟﻘرﯾﻧﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﻫذا
اﻟﺗﻘﺻﯾر ﺑﺳﯾطﺔ أم ﻗﺎطﻌﺔ وﻫل اﻟﺗﻌدي اﻟذي وﻗﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺿرور ﻛﺎن ﻣﺷروﻋﺎً أم أن اﻟﻘﺎﻧون ﯾﺳﺑﻎ
)(1
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم ،2004/190ﺗﺎرﯾﺦ ،2004/6/16ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
)(2
اﻟﺳﻧﻬوري ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.1319
82
وﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺿرر ،ﻻ ﺗﻧﻌﻘد رﻗﺎﺑﺔ ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺑﺳطﻪ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣوﺿوع ﻣن
وﻗﺎﺋﻊ ﻣﺎدﯾﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺿرر ،ﻛﺗﻘرﯾرﻫﺎ أن اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺿرور ﻗد أﺗﻠف اﻟﺟﻬﺎز اﻟطﺑ ﻲ ﻣﺛﻼً،
ﻟﻛن ﺗﻛﯾﯾف ذﻟك وﻫل ﯾﻛﻔﻲ ﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﺿرر ،وطﺑﯾﻌﺔ ﻫذا اﻟﺿرر اﻟذي ﺣدث ،ﻓﻬذﻩ ﻣﺳﺎل ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ
ﺗﺳﺟﻠﻬﺎ وﯾﺳﺗﻔﺎد ﻣﻧﻬﺎ ﻗﯾﺎم اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ واﻟﺿرر اﻟذي وﻗﻊ ،أﻣﺎ ﺗﻛﯾﯾف اﻟوﻗﺎﺋﻊ وﺗﻘرﯾر ﻛﻔﺎﯾﺗﻬﺎ
ﻟﻘﯾﺎم راﺑطﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ،وﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻟﻠﺳﺑب اﻷﺟﻧﺑﻲ اﻟذي ﺗﻧﺗﻔﻲ ﻣﻌﻪ ﻫذﻩ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ،ﻓذﻟك ﻣﻣﺎ
ﻫذا وﺗﻠﻌب اﻟﺧﺑرة اﻟطﺑﯾﺔ دوراً ﺟوﻫرًﯾﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل إﺛﺑﺎت اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﺑﺣق اﻟطﺑﯾب ﺳواء
ٕواذا ﻛﺎن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻏﯾر ﻣﻠزم ﻛﻘﺎﻋدة ﻋﺎﻣﺔ ﺑرأي اﻟﺧﺑﯾر وﻓﻘﺎً ﻟﻠﻣﺎدة ) (86ﻣن ﻗﺎﻧون أﺻول
اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻷردﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﻧﺻت -2" :رأي اﻟﺧﺑﯾر ﻻ ﯾﻔﯾد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ" .إﻻ أن ﺗﻘرﯾر اﻟﺧﺑﯾر
اﻟطﺑﻲ ﻏﺎﻟﺑﺎً ﻣﺎ ﯾﻛون ﻣﺣل ﺗﻘدﯾر ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ واﻟذي ﯾﺟوز ﻟﻪ ﻋدم اﻻﻗﺗﺻﺎر ﻋﻠﻰ ﺧﺑرة واﺣدة أو
ﺧﺑرﺗﯾن ﺗﻣﺎﺷﯾﺎً ﻣﻊ ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻌدل واﻹﻧﺻﺎفٕ ،واذا ﻣﺎ ﺛﺑت ﻟﻪ وﺟود ﺗﻧﺎﻗض ﺑﯾن ﺧﺑرة طﺑﯾﺔ
وأﺧرى ،وﺗﻌذر ﻓض اﻟﻧزاع ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن وﺟب اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺧﺑرة ﻓﺎﺻﻠﺔ دون أن ﯾرﺟﺢ ﺧﺑرة ﻋﻠﻰ
أﺧرى ﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ ﻣﻌﻬﺎ دون ﺗﻌﻠﯾل ﻛﺎف ٕواﻻ ﺷﺎب ﺣﻛﻣﻪ ﻗﺻور ﻓﻲ اﻟﺗﺳﯾب).(3
ﻫذا وﻗد أﻛدت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻫﻣﯾﺔ إﺟراء اﻟﺧﺑرة ﻓﻲ
ﻣﺟﺎل إﺛﺑﺎت اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ .ﻓﻘد ﻗﺿت ﺑﺄﻧﻪ" :ﻟﺗﺣدﯾد ﻣدى ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ
)(1
ﺳﻠطﺎن ،أﻧور ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.293
)(2
أﻣﺟد ،ﻣﻧﺻور ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.349
)(3
اﻟﺻراﯾرة ،أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.135
83
واﻟﺿرر اﻟذي أﺻﺎب اﻟﻣدﻋﻲ ،ﯾﺳﺗوﺟب اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺧﺑرة اﻓﻧﯾﺔ ،ﻷن اﻟﺧﺑرة ﺗدﺧل ﻓﻲ ﻋداد
اﻟﺑﯾﻧﺎت اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (2ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺑﯾﻧﺎت ،وﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣوﺿوع ﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻓﻲ
وزن اﻟﺑﯾﻧﺔ وﺗﻘدﯾرﻫﺎ وﺗرﺟﯾﺢ ﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ أﺧرى ﻋﻣﻼً ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدﺗﯾن ) 33و (34ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺑﯾﻧﺎت
دون رﻗﺎﺑﺔ ﻟﻣﺣﻛﻣﺗﻧﺎ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ طﺎﻟﻣﺎ أن اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗوﺻﻠت ﻟﻬﺎ ﺗؤدي
إﻟﯾﻬﺎ اﻟﺑﯾﻧﺎت اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟدﻋوى ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺑﯾﻧﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ وﺗﻘرﯾر اﻟﺧﺑرة ،وﯾﺧرج اﻟطﻌن
ﺑﺎﻟﺻﻼﺣﯾﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣوﺿوع ﻣن ﻋداد اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﺗﺻﻠﺢ ﺗﻣﯾﯾزاً أو اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ
ﻛﻣﺎ ﻗﺿت ﺑﺄﻧﻪ .1" :ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻧﯾﺔ ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ وﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﻘرﯾر ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﻟطﺑﯾب إﻻ إذا أﺟرت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺧﺑرة ﻓﻧﯾﺔ ﻟﻣﻌرﻓﺔ أطﺑﺎء ذوي اﻟدراﯾﺔ واﻟﻣﻌرﻓﺔٕ ،واذا أﺟرت ﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﺧﺑرة ﺑﻣﻌرﻓﺔ ﺛﻼﺛﺔ أطﺑﺎء ﺧﻠﺻوا ﻓﻲ ﺗﻘرﯾرﻫم إﻟﻰ أن اﻹﻫﻣﺎل واﻟﺗﻘﺻﯾر وﻗﻠﺔ اﻻﺣﺗراز
واﻟﻣﻠﺢ( ﻣن اﻟﺟﻬﺎز ،وﻫذا ﻋﺎﺋد إﻟﻰ ﺟﻬﺎز ﺗﻛﺑﯾر اﻟﺛدي )وﻛﺎن ﻣن اﻟﺣﻛﻣﺔ ﺑﻌد اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ أن ﯾﻘوم
اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ ﺑﺎﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻣن ﺣﯾث اﺳﺗﺑدال اﻟﺟﻬﺎز ٕواﺟراء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺟراﺣﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ
ﺛﺎﻧﯾﺎ :أﻧﻪ
ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟﺷرﻛﺎت اﻟﻣزودة ﻟﻠﺟﻬﺎز ﺗﻘوم ﻋﺎدة ﺑﺗﻌوﯾض اﻷﺟﻬزة ﻋﻧد ﺣدوث ذﻟك(ً ،
ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﻣﺿﺎﻋﻔﺎت اﻟﺟراﺣﯾﺔ ،ﻓﻘد ﻟﺣق ﺿرر وﺗﺷوﻩ ﺑﺟﻔن اﻟﻌﯾن اﻟﯾﺳرى وﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ
أن ﯾﻘوم ﺑﻣﺎ ﯾﻠزم ﻹﺻﻼح ﻫذﻩ اﻟﻣﺿﺎﻋﻔﺎت ،وﺣﯾث أن اﻟطﺑﯾب ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون رﺟل ﻓن وﺗﻘﻧﯾﺔ
ﺿﺎ رﺟل رأي ﻹﺳداء اﻟﻧﺻﺢ واﻟﻣﺷورة ﺑﻘﺻد اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ
ﻓﻘط ،ﻷن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻔن ﺗﺟﻌل ﻣﻧﻪ أﯾ ً
ﻣرﯾﺿﻪ وﺣﻣﺎﯾﺗﻪ ،إذ إن اﻟﻣرﯾض ﻫو اﻟطرف اﻟﺿﻌﯾف اﻟذي ﺳﻠم أﻣور ﺟﺳﻣﻪ ﻟرﻋﺎﯾﺔ وﻋﻧﺎﯾﺔ
اﻟطﺑﯾب ،وﻟذﻟك ﻓﻬو ﯾﺿﻊ ﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن ﺗﺣت رﺣﻣﺔ اﻟطﺑﯾب ،وأن ﻣدى ﺳﻠطﺔ اﻟطﺑﯾب
)(1
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم 1997/2238ﺗﺎرﯾﺦ 1998/3/21م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
84
ﻫذﻩ وﺣﺟﻣﻬﺎ ﯾﻘﺎﺑﻠﻬﺎ اﻟﺗزاﻣﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟ ﻣرﯾض ٕوارﺷﺎدﻩ ،وﻫﻲ واﺟﺑﺎت ﺧﺎرﺟﺔ ﻋن ﻧطﺎق
اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﺑﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟﺿﯾقٕ ،وان ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻻ ﺗﺗواﻓق ﺑﺎﻟﺿرورة ﻣﻊ ﻣﺗطﻠﺑﺎت
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ،إذ إﻧﻪ ٕوان ﺗطﻠب اﻟﻣﺳﺎﺋﻠﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ درﺟﺔ اﻟﺧطﺄ اﻟﺟﺳﯾم أو اﻟﺗﻌﻣد ﻓﻲ ﻣﺳﻠك
اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ ،ﻓﺈن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﯾﻛ ﻔﻲ ﻟﻘﯾﺎﻣﻬﺎ اﻹﻫﻣﺎل أو اﻟﺗﻘﺻﯾر وﻗﻠﺔ اﻻﺣﺗرازٕ ،وان اﻟﻣﺑدأ
اﻟﻘﺎﺋل ﺑﺄن اﻻﻟﺗزام اﻟﻣﻬﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾب ﻻ ﯾﻔرض ﻋﻠﯾﻪ ﺗﺣﻘﯾق ﻏﺎﯾﺔٕ ،واﻧﻣﺎ ﻫو ﻣطﺎﻟب ﺑﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ،
ﻓﺈن ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻻ ﯾﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﻪ اﻟﺳﺎﻟف اﻟذﻛر ،وﻟذﻟك ﻓﺈن ﻣﺣﻛﻣﺗﻧﺎ ﺗؤﯾد
اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻔﻘﻬﻲ ﺑﺗﺄﯾﯾد اﻟﺗوﺟﻪ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻬﺎدف إﻟﻰ ﻧﺑذ ﻧظرﯾﺔ ﻣﺳﺎواة اﻟﺧطﺄﯾن اﻟﺟزاﺋﻲ واﻟﻣدﻧﻲ ﻓﻲ
ﺳﻠوك اﻟطﺑﯾب ،ذﻟك أن ﻟﻛل ﻣن ﻫذﯾن اﻟﺧطﺄﯾن ﻫدﻓﻪ اﻟﺧﺎص ﺑﻪ ،وﻻ ﯾﺟوز اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ واﻟﻧظر
إﻟﯾﻬﻣﺎ ﺑﻧﻔس اﻟﻣﻘﺎﯾﯾس ﻣن اﻟﺷدة ،ﻓﺎﻟﺗﻌوﯾض اﻟﻣدﻧﻲ ﯾﻬدف إﻟﻰ ﺗﻌوﯾض اﻟﻣﺗﺿرر ﺗﻌوﯾﺿﺎً ﻋﺎدﻻً
ﻋﻣﺎ أﺻﺎﺑﻪ ﻣن ﺿرر وﻟو ﻛﺎن ﻣﺻدرﻩ ﺿﻌﯾﻔﺎً واﻫﻧﺎً ،ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟﻌﻘﺎب اﻟﺟزاﺋﻲ اﻟذي ﯾﻘررﻩ
اﻟﺷﺎرع ﻟﻐﺎﯾﺎت اﻟردع اﻟﻌﺎم واﻟردع اﻟﺧﺎص ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻔرض ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻋﻠﯾﻪ إداﻧﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﻣﺎ ﺳﺑﺑﻪ
ﻣن اﺿطراب اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،وﻟذﻟك ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧب ﻣن اﻷﻫﻣﯾﺔ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
ﻛﻣﺎ ﻗﺿت ﻓﻲ ﻗرار آﺧر ﺑﺄﻧﻪ" :ﺗﻌﺗﺑر اﻟﺧﺑرة ﻣن ﻋداد اﻟﺑﯾﻧﺎت اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون،
وﻓﻲ ﺣﺎل ﻛﺎن ﻫﻧﺎك ﺧطﺄ طﺑﻲ ،ﯾﺳﺗوﺟب ﻋﻠﻰ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣوﺿوع ﻗﺑل إﺻدار اﻟﻘرار إﺟراء ﺧﺑرة
ﻧﺧﻠص ﻣﻣﺎ ﺳﺑق إﻟﻰ أﻧﻪ ٕوان ﻛﺎن ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻘوم ﺑﻧﻔﺳﻪ ﺑﺈﺛﺑﺎت ﻣﺎ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ
اﻟﻣرﯾض إﺛﺑﺎﺗﻪ ،إﻻ أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن ﻗد ﯾﻘوم ﺑﺗﻘدﯾر اﻟﺧطﺄ ﺑﻧﻔﻪ ﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق
)(1
ﺗﻣﯾﯾز أردﻧﻲ رﻗم 2007/968ﺗﺎرﯾﺦ 2007/9/3م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
)(2
ﺗﻣﯾﯾز رﻗم 2011/1752ﺗﺎرﯾﺦ 2012/3/1م ،ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز ﻋداﻟﺔ.
85
اﻷﻣر ﺑﺎﻷﺧطﺎء اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﻣﺛل ﻋدم ﺗﻌﻘﯾم اﻷدوات اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺟرﺣﺔ ،أو ﻧﺳﯾﺎن إﺣدى
اﻷدوات ﻓﻲ ﺟﺳم اﻟﺿﺣﯾﺔ ﻋﻘب إﺟراء اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺟراﺣﯾﺔ ،وأن اﻟﺧﺑرة اﻟﻔﻧﯾﺔ ﺗﻠﻌب دوراً ﻫﺎﻣﺎً ﻓﻲ
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺳﺄﺑﯾن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث ﻣﺳﺄﻟﺗﯾن ،ﺗﺗﻌﻠق اﻷوﻟﻰ ﺑﺗﻘدﯾر اﻟﺗﻌوﯾض ،واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺗﺑﺣث ﻓﻲ ﺳﻠطﺔ
ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺗﻌوﯾض .وﻋﻠﯾﻪ ،ﺳﺄﺑﺣث ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث ﻓﻲ ﻣطﻠﺑﯾن.
إن اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر اﻟﺗﻌوﯾض ﯾﺗطﻠب ﺑﯾﺎن وﻗت اﻟﺗﻘدﯾر وﻣﻌﺎﯾﯾرﻩ وﻛذﻟك اﻟﻌواﻣل اﻟﻣؤﺛرة
ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (266ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ" :ﯾﻘدر اﻟﺿﻣﺎن ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺣوال ﺑﻘدر ﻣﺎ ﻟﺣق
اﻟﻣﺿرور ﻣن ﺿرر وﻣﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﻣن ﻛﺳب ﺑﺷرط أن ﯾﻛون ذﻟك ﻧﺗﯾﺟﺔ طﺑﯾﻌﯾﺔ ﻟﻠﻔﻌل اﻟﺿﺎر".
ﺗﻌﯾﯾﻧﺎ
ً وﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (268ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ" :إذا ﻟم ﯾﺗﯾﺳر ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﺗﻌﯾن ﻣدى اﻟﺿﻣﺎن
ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ ﻓﻠﻬﺎ أن ﺗﺣﺗﻔظ ﻟﻠﻣﺗﺿرر ﺑﺎﻟﺣق ﻓﻲ أن ﯾطﺎﻟب ﺧﻼل ﻣدة ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﺗﻘدﯾر".
ً
وﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (363ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ" :إذا ﻟم ﯾﻛن اﻟﺿﻣﺎن ﻣﻘدراً ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون أو ﻓﻲ
اﻟﻌﻘد ،ﻓﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺗﻘدرﻩ ﺑﻣﺎ ﯾﺳﺎوي اﻟﺿرر اﻟواﻗﻊ ﻓﻌﻼً ﺣﯾن وﻗوﻋﻪ".
ﻟﺣق اﻟﻣﺿرور ﻣن ﺧﺳﺎرة وﻣﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﻣن ﻛﺳب ﺷرﯾطﺔ أن ﯾﻛون اﻟﺿرر ﻧﺗﯾﺟﺔ طﺑﯾﻌﯾﺔ ﻟﻠﻔﻌل
اﻟﺿﺎر ،وﯾﻛون اﻟﺿرر ﻧﺗﯾﺟﺔ طﺑﯾﻌﯾﺔ ﻟﻠﻔﻌل اﻟﺿﺎر إذا ﻟم ﯾﺳﺗطﻊ اﻟﻣﺿرور أن ﯾﺗوﻗﺎﻩ ﺑﺑذل ﺟﻬد
)(1
ﺳﻠطﺎن ،أﻧور ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.366
87
ﺑﻧﺎء
أﻣﺎ اﻟﺗﻌوﯾض ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻓﯾﻛون ﻋن اﻟﺿرر اﻟﻣﺑﺎﺷر اﻟﻣﺗوﻗﻊ وﯾﻛون ً
وﻗد ﻻ ﯾﺗﯾﺳر ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ﺗﺣدﯾد ﻣدى اﻟﺿﻣﺎن ﺗﺣدﯾداً ﻧﻬﺎﺋﯾﺎً وﻗت اﻟﻧطق ﺑﺎﻟﺣﻛم ﻛﻣﺎ ﻫو
اﻷﺻل ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻹﺻﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻔﺎﻗم ،ﻋﻧدﺋذ ﻗد ﺗﻘﺿﻲ ﺑﺗﻌوﯾض ﻣؤﻗت وﺗﺣﺗﻔظ ﻟﻠﻣﺿرور
ﺑﺣﻘﻪ ﻓﻲ أن ﯾطﺎﻟب ﺧﻼل ﻣدة ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﺿرر ﻗد
وﺻل إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺗﻪ اﻷﺧﯾرة ،ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎن اﻟﻣﺿرور ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ إﻟﻰ ﻫذا اﻟﺗﻌوﯾض اﻟﻣؤﻗت).(2
وﻗد ﺗﻧﺎوﻟت اﻟﻣواد ) (268 ،267 ،266ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ،ﻓﺎﻟﻣﺎدة ) (266ﺟﺎء
ﻓﯾﻬﺎ" :ﯾﻘدر اﻟﺿﻣﺎن ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺣوال ﺑﻘدر ﻣﺎ ﻟﺣق اﻟﻣﺿرور ﻣن ﺿرر وﻣﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﻣن ﻛﺳب
ﺑﺷرط أن ﯾﻛون ذﻟك ﻧﺗﯾﺟﺔ طﺑﯾﻌﯾﺔ ﻟﻠﻔﻌل اﻟﺿﺎر" .واﻟﻣﺎدة ) -1" :(267ﯾﺗﻧﺎول ﺣق اﻟﻣﺿﺎن
اﻟﺿرر اﻷدﺑﻲ ﻛذﻟك ،ﻓﻛل ﺗﻌد ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯾر ﻓﻲ ﺣرﯾﺗﻪ أو ﻓﻲ ﻋرﺿﻪ أو ﻓﻲ ﺷرﻓﻪ أو ﻓﻲ ﺳﻣﻌﺗﻪ أو
ﻓﻲ ﻣرﻛزﻩ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أو ﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎرﻩ اﻟﻣﺎﻟﻲ ﯾﺟﻌل اﻟﻣﻌﺗدي ﻣﺳؤوﻻً ﻋن اﻟﺿﻣﺎن -2 ،وﯾﺟوز أن
ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن ﻟﻸزواج اﻷﻗرﺑﯾن ﻣن اﻷﺳرة ﻋﻣﺎ ﯾﺻﯾﺑﻬم ﻣن ﺿرر أدﺑﻲ ﺑﺳﺑب ﻣوت اﻟﻣﺻﺎب،
-3وﻻ ﯾﻧﺗﻘل اﻟﺿﻣﺎن ﻋن اﻟﺿرر اﻷدﺑﻲ إﻟﻰ اﻟﻐﯾر إﻻ إذا ﺗﺣددت ﻗﯾﻣﺗﻪ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ اﺗﻔﺎق أو ﺣﻛم
ﻗﺿﺎﺋﻲ ﻧﻬﺎﺋﻲ" ،وﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (268ﻋﻠﻰ أﻧﻪ" :إذا ﻟم ﯾﺗﯾﺳر ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﺗﻌﯾن ﻣدى اﻟﺿﻣﺎن
ﺗﻌﯾﯾﻧﺎ ﻧﻬﺎﺋﯾﺎً ﻓﻠﻬﺎ أن ﺗﺣﺗﻔظ ﻟﻠﻣﺗﺿرر ﺑﺎﻟﺣق ﻓﻲ أن ﯾطﺎﻟب ﺧﻼل ﻣدة ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ
ً
اﻟﺗﻘدﯾر".
إن اﻟﺿرر ﻏﯾر اﻟﻣﺣﻘق واﻟﻣﻌرض ﻟﻠﺷك ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺳﯾﻘﻊ أم ﻻ ،ﻓﻼ ﯾﺻﺢ اﻟﺗﻌوﯾض
)(1
ﻣﻧﺻور ،أﻣﺟد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.354
)(2
اﻟﺻراﯾرة ،أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.188
)(1
اﻟﺷﯾﺦ ،ﺑﺎﺑﻛر ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.498
88
ﻛﻣﺎ أن اﻟﻌﺑرة ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر اﻟﺿرر اﻟﻣﺗﻐﯾر ﺗﻛون ﺑﯾوم اﻟﻧطق ﺑﺎﻟﺣﻛم ،ﻷن اﻟﺿرر إذا ﻛﺎن
ﻣﺗﻐﯾراً ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺗﻌﯾن اﻟﻧظر ﻓﯾﻪ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﺎ ﺻﺎر إﻟﯾﻪ ﻋﻧد اﻟﺣﻛم ،ﻻ ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻧد وﻗوﻋﻪ ،إذ إن
اﻟﻣﺳؤول ﻋن ﻫذا اﻟﺿرر ﻣﻛﻠف ﺑﺟﺑرﻩ ﺑ ﺻورة ﻛﺎﻣﻠﺔ ،ﻓﺎﻷﺣﻛﺎم ٕوان ﻛﺎﻧت ﻣﻌﻠﻧﺔ ﻟﻠﺣﻘوق ،وﻛﺎن
اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻗد ﻧﺷﺄ ووﺟد ﻗﺑل اﻟﺣﻛم ،ﻓﺈن ﻣﺑﻠﻎ اﻟﺗﻌوﯾض ﯾﺄﺧذ ﻣﺑدأﻩ اﻟزﻣﻧﻲ ﯾوم ﺻدور
اﻟﺣﻛم).(1
ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (269ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ -1" :ﯾﺻﺢ أن ﯾﻛون اﻟﺿﻣﺎن
ﺗﺄﻣﯾﻧﺎ ﺗﻘدرﻩ
ً ﻣﻘﺳطﺎً ﻛﻣﺎ ﯾﺻﺢ أن ﯾﻛون إﯾراداً ﻣرﺗﺑﺎً وﯾﺟوز ﻓﻲ ﻫﺎﺗﯾن اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن إﻟزام اﻟﻣدﯾن ﺑﺄن ﯾﻘدم
اﻟﻣﺿرور أن ﺗﺄﻣر ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻋﻠﯾﻪ أو أن ﺗﺣﻛم ﺑﺄداء ﻣﻌﯾن ﻣﺗﺻل ﺑﺎﻟﻔﻌل اﻟﺿﺎر
ﯾﺗﺿﺢ ﻣن ﻫذا اﻟﻧص أن ﻟﻠﺗﻌوﯾض أﻛﺛر ﻣن ﻣﻌﯾﺎر ﻓﻲ ﺗﻘدﯾرﻩ ،ﻧﻌرﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ:
وﻫذﻩ اﻟﺻورة اﻟﻣﺛﻠﻰ ﻟﻠﺗﻌوﯾض ،إذ ﯾﺟﺑر اﻟطﺑﯾب اﻟﻣﺳؤول ﻓﯾﻬﺎ ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﺣﺎل إﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن
ﻋﻠﯾﻪ ،ﻛﺈزاﻟﺔ اﻟﺷﺎش اﻟذي ﺗرﻛﻪ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﺑطن اﻟﻣرﯾض ،ﻋﻧدﺋذ ﯾﺟوز ﻟﻠﻣﺗﺿرر أن ﯾطﻠب ﻣن
)(1
ﺷرﯾم ،ﻣﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.313
)(1
اﻟﺻراﯾرة ،أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.189
89
ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض اﻟﻌﯾﻧﻲ ،وﻟﻛن اﻷﻣر ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺟواز إذا ﻛﺎن ﻣﻣﻛﻧﺎً وطﻠﺑﻪ اﻟﻣﺿرور ،ﻓﺈن ﺗﻌذر ذﻟك
ﻗد ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن أو اﻟﺗﻌوﯾض اﻟﻌﯾﻧﻲ وذﻟك ﻟﺗﻌذر إﻋﺎدة اﻟﺣﺎل
إﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯾﻪ أو ﻷن اﻟﻣﺿرور ﻟم ﯾطﻠب ذﻟك ،ﻋﻧدﺋذ ﻓﻼ ﺳﺑﯾل أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻻ ﺑﺎﻟﻠﺟوء إﻟﻰ
اﻟﺿﻣﺎن ﺑﻣﻘﺎﺑل ،وﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺿﻣﺎن أو اﻟﺗﻌوﯾض إﻣﺎ أن ﯾﻛون ﻏﯾر ﻧﻘدي ،ﻛﻣﺎ ﻗد ﯾﻛون ﻧﻘدﯾﺎً .
واﻟﻐﺎﻟب ﻓﻲ أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎء أن ﺗﻘﺿﻲ ﺑﺗﻌوﯾض ﻧﻘدي ،وﯾﻌطﻲ ﻫذا اﻟﺗﻌوﯾض دﻓﻌﺔ واﺣدة
ﻟﻠﻣﺿرور ،وﻣن اﻟﻣﻣﻛن ﻛﻣﺎ أﺷﺎرت اﻟﻣﺎدة ) (269ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ أن ﯾﻛون اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻧﻘدي ﻫذا
ﻣﻘﺳطﺎً أو ﺑﺈﯾراد ﻣرﺗب ﻣدى اﻟﺣﯾﺎة ،إذا رأى اﻟﻘﺎﺿﻲ ذﻟك ﻣﻧﺎﺳﺑﺎً ،وﯾﺟوز ﻓﻲ ﻫﺎﺗﯾن اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن
"اﻟﺿﻣﺎن اﻟﻣﻘﺳط واﻹﯾراد اﻟﻣرﺗب" أن ﺗﻠزم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺳؤول ﺑﺗﻘدﯾم ﺗﺄﻣﯾن ﻟﻠوﻓﺎء ﺑﺎﻟﺗزاﻣﻪ ،وﻛل ذﻟك
وﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (266ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻘدر اﻟﺗﻌوﯾض ﺑﻣدى ﻣﺎ أﺻﺎب
اﻟﻣدﻋﻲ ﻣن ﺿرر ،وﻣﻌﯾﺎرﻩ ﻓﻲ ﻫذا ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻫو ﻣﺎ ﻟﺣق اﻟﻣدﻋﻲ )اﻟﻣﺿرور(
ﻣن ﺧﺳﺎرة وﻣﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﻣن ﻛﺳب ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾراﻋﻲ وﯾﺣﯾط ﺑﺟﻣﯾﻊ ﻫذﻩ اﻟظروف ،وﯾدرس ﻋﻠﻰ ﺿوﺋﻬﺎ
أﻣﺎ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ وﻓﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة
) (363ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ ﯾﻘﺗﺻر اﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺳﺎرة اﻟواﻗﻌﺔ ﻓﻌﻼً دون اﻟﻛﺳب اﻟﻐﺎﺋر.
)(1
اﻟﺳﻧﻬوري ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.1094
90
) (267ﻣدﻧﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻷدﺑﻲ ،إذ أﺟﺎز اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺿرر
وﺷﻣل ﻧطﺎﻗﻪ اﻷزواج واﻷﻗرﺑﯾن ﻣن اﻷﺳرة دون أن ﯾﺣدد درﺟﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣن اﻟﻘراﺑﺔ ،وﻟم ﯾﺟز اﻧﺗﻘﺎل
اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻷدﺑﻲ إﻟﻰ اﻟﻐﯾر إﻻ إذا ﺗﺣددت ﻗﯾﻣﺗﻪ ﺑﻣوﺟب اﺗﻔﺎق أو ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ﻧﻬﺎﺋﻲ،
ﻫﻧﺎك ﺑﻌض اﻟﻌواﻣل ﺗؤﺛر ﻓﻲ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺗﻌوﯾض ،ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﺗﺎﺑﻊ اﻷﺿرار ،وﺧطﺄ اﻟﻣرﯾض،
واﻟﻐﯾر.
إن ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب أو إﺧﻼﻟﻪ ﺑﺎﻟﺗزاﻣﻪ ﻗد ﯾﺗﺳﺑب ﻓﻲ إﺻﺎﺑﺔ ﻣﺣددة ﻟﻠﻣرﯾض ،وﻟﻛن ﻫذﻩ
اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺗؤدي ﺑﻌد ذﻟك إﻟﻰ ﺿرر آﺧر ﻟﻠﻣﺻﺎب ،ﺛم ﯾؤذي اﻟﺿرر اﻟﺟدﯾد إﻟﻰ ﺿرر ﺛﺎﻟث ،وﻫﻛذا
ﻛﺄن ﯾؤدي ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب أو إﺧﻼﻟﻪ ﺑﺎﻟﺗزاﻣﻪ إﻟﻰ إﺻﺎﺑﺔ اﻟﻣرﯾض ﺑﺟرح ﻓﻲ ﻋﺿو ﻣن اﻷﻋﺿﺎء،
وﻟﺳﺑب ﻣﺎ ﯾﺗﻠوث اﻟﺟرح ،ﺛم ﺗﺗطور ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرﯾض وﺗؤدي إﻟﻰ ﺑﺗر اﻟﻌﺿو أو إﻟﻰ وﻓﺎة اﻟﻣرﯾض،
ﻓﺎﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد أن ﺗﺣﺻر ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ اﻷﺿرار اﻟﻣﺑﺎﺷرة وﺣدﻫﺎ وﻫﻲ
اﻷﺿرار اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﻧﺗﯾﺟﺔ طﺑﯾﻌﯾﺔ ﻟﺧطﺋﻪ أو ﻟﻌدم ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﺗزاﻣﻪ ،وﺗﻌﺗﺑر اﻷﺿرار ﻧﺗﯾﺟﺔ طﺑﯾﻌﯾﺔ
ﻟﻠﺧطﺄ أو ﻟﻌدم ﺗﻧﻔﯾذ اﻻﻟﺗزام إذا ﻟم ﯾﻛن ﻣن اﻟﻣﺳﺗطﺎع ﺗﻔﺎدﯾﻬﺎ ﺑﺑذل ﺟﻬد ﻣﻌﻘول ،وﯾﻛون ﺗﻘدﯾر
)(1
اﻟﺳﻧﻬوري ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.248
)(1
ﺷرﯾم ،ﻣﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.378
91
إذا ﺛﺑت أن اﻟﻣرﯾض ﺑﻌد أن ﻋﻠم ﺑﺎﻹﺻﺎﺑﺔ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب أو ﻋدم ﺗﻧﻔﯾذﻩ
ﻻﻟﺗزاﻣﻪ ،ﻗد أﻫﻣل ﻓﻠم ﯾﺗﺧذ اﻟﻣﺳﻠك اﻟذي ﯾﺳﻠﻛﻪ اﻟرﺟل اﻟﻌﺎدي ﻓﻲ ﻣﺛل ﺣﺎﻟﺗﻪ ﻟﺣﺻر اﻹﺻﺎﺑﺔ أو
ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﻬﺎ ،وﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ اﺗﺑﺎع اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﯾزودﻩ اﻟطﺑﯾب ﺑﻬﺎ ،ﻣﻣﺎ ﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﺣدوث
ﻣﺿﺎﻋﻔﺎت ﻟم ﯾﻛن ﻟﯾﺗﻌرض ﻟﻬﺎ ﻟوﻻ ﻫذا اﻹﻫﻣﺎل ،ﻓﺈن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﺗﻘف ﻋﻧد ﺣد اﻹﺻﺎﺑﺔ
اﻷﺻﻠﯾﺔ وﺣدﻫﺎ ،وﻻ ﺗﺗﺟﺎوزﻫﺎ إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﺿﺎﻋﻔﺎت ،ﻷن اﻟﻣﺿﺎﻋﻔﺎت ﻻ ﺗﻛون ﻧﺗﯾﺟﺔ طﺑﯾﻌﯾﺔ
ﻟﻺﺻﺎﺑﺔ ،إذ ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻣﻛن ﺗﻔﺎدﯾﻬﺎ ﺑﺑذل ﺟﻬد ﻣﻌﻘول) ،(1وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك ﻓﺎﻟطﺑﯾب اﻟذي
ﯾﺣدث ﺑﺎﻟﻣرﯾض إﺻﺎﺑﺔ ﺗؤدي إﻟﻰ اﻟﺗﻬﺎب ﯾﻧﺗﻬﻲ ﺑﺎﻟوﻓﺎة ،ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻً ﻟﯾس ﻓﻘط ﻋن اﻹﺻﺎﺑﺔ أو
ﻋن اﻻﻟﺗﻬﺎبٕ ،واﻧﻣﺎ ﻛذﻟك ﻋن اﻟوﻓﺎة ،ﺣﺗﻰ وﻟو ﺛﺑت أن اﻟﻣرﯾض ﻗد رﻓض ﺑﺗر ﺳﺎﻗﻪ ،وأن ﻫذا اﻟﺑﺗر
ﻛﺎن ﯾﺣﺗﻣل ﻣﻌﻪ ﻧﺟﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ أن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺑﺗر ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻋظﯾﻣﺔ اﻟﺧطر ﺗﻧﺗﺞ ﻋﻧﻬﺎ آﻻم ﻣﺑرﺣﺔ،
ﺑﺣﯾث ﯾﻛون ﻗﺑوﻟﻬﺎ أﻣ ًار ﺷﺧﺻﯾﺎً ﻣﺗروﻛﺎً ﻟﻣﺣض ﺗﻘدﯾر اﻟﻣرﯾض ،ﻓﺈن رﻓﺿﻪ ﻓﻼ ﯾﻛون رﻓﺿﻪ ﻗﺎطﻌﺎً
ﻟﻠﺻﻠﺔ ﺑﯾن ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب وﺑﯾن اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻲ ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻟرﻓض) ،(2وﺑﻌﺑﺎرة أﺧرى ﻓﺎﻟﺟﻬد اﻟﻣطﻠوب
"وﺑﺎﻟﻣﺛل ﻟو ﺛﺑت أن اﻟﻣﺿﺎﻋﻔﺎت ﻗد ﻧﺷﺄت ﻋن ﺗدﺧل ﺧﺎطﺊ آﺧر ﻟﺟﺄ إﻟﻪ اﻟﻣرﯾض ﻋﻘب
إﺻﺎﺑﺗﻪ اﻷوﻟﻰ ،ﻓﺈن اﻟطﺑﯾب اﻷﺻﻠﻲ ﻻ ﯾﺳﺄل إﻻ ﻋن اﻹﺻﺎﺑﺔ اﻷﺻﻠﯾﺔ وﺣدﻫﺎ ،وﯾﺑﻘﻰ ﻟﻠﻣرﯾض
ﺑﻌد ذﻟك ﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟطﺑﯾب اﻵﺧر وﺣدﻩ ﻋن اﻟﻣﺿﺎﻋﻔﺎت ،وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك إذا ﻣﺎ ﺗﺑﯾن أن
)(1
اﻟﺷﯾﺦ ،ﺑﺎﺑﻛر ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.493
)(2
اﻟطﺑﺎخ ،ﺷرﯾف ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.178
92
اﻟﻣﺿﺎﻋﻔﺎت ﻛﺎﻧت ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب اﻷول ،وأن ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب اﻷﺧﯾر ﻟم ﯾﻛن ﻫو اﻟﺳﺑب ﻓﻲ
ﺣدوﺛﻬﺎ").(1
"إﻻ أن اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻻ ﯾﺳﺄل إﻻ ﻋن اﻷﺿرار اﻟﻣﺗوﻗﻌﺔ وﺣدﻫﺎ دون
إﻋﻣﺎﻻ ﻟﻠﻣﺑدأ اﻟﻣﻘرر ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ،ﻓﻠو ﻛﺎن اﻟﻣرﯾض
ً اﻷﺿرار ﻏﯾر اﻟﻣﺗوﻗﻌﺔ،
ﻣﺛﻼ وﻛﺎﻧت اﻹﺻﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﯾدﻩ ،أو ﻛﺎن ﻣﻐﻧﯾﺎً وﻛﺎﻧت اﻹﺻﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺣﻧﺟرﺗﻪ ،ﻓﺈن اﻟﺿرر اﻟذي
رﺳﺎﻣﺎ ً
ً
ﯾﻠﺣﻘﻪ ﻣن اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺳوف ﯾﻛون ﺑﺎﻟﺿرورة أﻛﺑر ﻣن اﻟﺿرر اﻟذي ﯾﺻﯾب اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻌﺎدي ،وﻓﻲ ﻫذﻩ
اﻟﺣﺎﻟﺔ إﻣﺎ أن ﯾﻛون اﻟطﺑﯾب ﻋﻠﻰ ﻋﻠم ﻣﺳﺑق ﺑﻣﻬﻧﺔ اﻟﻣرﯾض ﻓﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻً ﻋن اﻟﺿرر اﻟذي أﺻﺎﺑﻪ
ﺑﺎﻟﻐﺎً ﻣﺎ ﺑﻠﻎٕ ،واﻣﺎ أﻻ ﯾﻛون ﻋﻠﻰ ﻋﻠم ﻣﺳﺑق ﺑﻬﺎ ﻓﻼ ﯾﻛون ﻣﺳؤوﻻً إﻻ ﻋن اﻟﺿرر اﻟذي ﯾﺻﯾب
ﻣﺗوﻗﻌﺎ ﻣن
ً ﺟراء إﺻﺎﺑﺔ ﻣﻣﺎﺛﻠﺔ ،ﻓﺣﺳﺑﺎن ﻫذا اﻟﻣﺿرور ﻫو وﺣدﻩ اﻟذي ﯾﻛون
ﻋﺎدﯾﺎ ﻣن ّ
ً إﻧﺳﺎﻧﺎ
ً
ﺟﺎﻧﺑﻪ").(2
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع ﺳﻠطﺔ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر اﻟﺗﻌوﯾض ،إﻻ أن ﺳﻠطﺗﻪ ﻫذﻩ ﻟﯾﺳت ﻣطﻠﻘﺔ ،إذ ﯾﻣﻛن
ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز أن ﺗﺑﺳط ﺳﻠطﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺟواﻧب اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﻧﻪ .ﻟذا ﺳﺄﺑﺣث ﻫذا
اﻟﻣطﻠب ﻓﻲ ﻓرﻋﯾن؛ أﺗﻧﺎول ﻓﻲ اﻷول اﺳﺗﻘﻼل ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر اﻟﺗﻌوﯾض ،وﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ
)(1
ﻋﺟﺎج ،طﻼل ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.254
)(2
ﻋﺟﺎج ،طﻼل ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.256-255
93
إن ﺗﻘدﯾر ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺗﻌوﯾض اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻋن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﯾب ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ
ﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع ﺷرﯾطﺔ ﺗﺳﺑﯾب اﻟﺣﻛم ،وﯾؤﺳﺳﻪ اﺳﺗﻧﺎداً ﻟﻣﺟﻣوع اﻟظروف واﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﻣﺣﯾطﺔ
"وﻣن ﻗﺑﯾل ﻫذا أن ﯾﺳﺑب اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﻛﻣﻪ وﯾﺄﺳﺳﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻘرﯾر اﻟطﺑﻲ اﻟﻣﺣرر ﻣن طرف اﻟطﺑﯾب
واﻟذي ﺑﯾن ﻓﯾﻪ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﺑوﺿوح اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ اﻟﻣرﺗﻛب ﻣن اﻟطﺑﯾب ﻣوﺿوع اﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ ،ﻓﯾوﺿﺢ
اﻟﻘﺎﺿﻲ أﻧﻪ ﺑﻌد دراﺳﺗﻪ ﻟﻣﺧﺗﻠف ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻣﻠف اﻟطﺑﻲ ،ﺗﺑﯾن أن اﻟﺿﺣﯾﺔ ﻗد ﺗﻌرﺿت إﻟﻰ ﻋدة
أﺧطﺎء طﺑﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻋدة ﻋﻣﻠﯾﺎت ﺟراﺣﯾﺔ أﺟرﯾت ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﻌد دﺧوﻟﻬﺎ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ ﻟوﺿﻊ ﺣﻣل
ﻋﺎدي ،ﻏﯾر أن ﻣدة طوﯾﻠﺔ اﻧﻘﺿت ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ واﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻹﻋﺎدة اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺟراﺣﯾﺔ،
وأﺻﺑﺣت ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﻋﺎﻫﺔ داﺋﻣﺔ واﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻘم ،وﺣرﻣﺎﻧﻬﺎ ﻣن ﻋطﺎء اﻷﻣوﻣﺔ ٕواﻟﻰ اﻷﺑد وﻫﻲ
ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺗﺳﺑﯾﺑﻪ ﺑﺄﺳﺑﺎب ﺧﺎﺻﺔ ﻛوﻧﻪ ﯾﺳﺗﻣد أﺳﺎﺳﻪ ﻣن اﻟﺟرﯾﻣﺔ ذاﺗﻬﺎ").(2
ﻣﺎ ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ أﻧﻪ إذا ﻛﺎن ﺗﻘدﯾر اﻟﺗﻌوﯾض ﺣﺳب اﻟﺿرر اﻟذي أﺻﺎب ﻛﻼ ﻣن ذوي
اﻟﺣﻘوق ،ﻓﻼ ﯾﺣﺳب ﺣﺳب ﻗواﻋد اﻟﻣﯾراث ،ﻓﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻷﺿرار ﻟﯾس إرﺛﺎً ،وﯾﻣﻛن أن ﯾﺣﻛم ﺑﻪ
ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻟﻛل ﻣن طﻠﺑﻪ ،ﻋﻠﻰ ﺷرط أن ﯾﺛﺑت ﻫذا اﻟﺿرر ﻟدى ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع اﻟذﯾن ﻟﻬم
ً ﻛﻣﺎ أﺷرﻧﺎ
اﻟﺣق ﻓﻲ ﻗﺑوﻟﻪ ورﻓﺿﻪ ،ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺧﺿﻊ إﻟﻰ ﺣﺳﺎب ﻣﻘدر ﺳﻠﻔﺎً ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﻓﻲ اﻷﺿرار
)(1
اﻟﺳرﺣﺎن ،ﻋدﻧﺎن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.399-398
)(2
ﻋﺟﺎج ،طﻼل ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.260
94
اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن ﺣوادث اﻟﻣرور اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺳب وﻓﻘﺎً ﻟﻧظﺎم اﻟﺗﺄﻣﯾن اﻹﻟزاﻣﻲ ﻟﻠﻣرﻛﺑﺎت اﻷردﻧﻲ رﻗم )(12
ﻟﺳﻧﺔ 2010م.
-اﻟوﻓﺎة.
-اﻟﻌﺟز اﻟﻣؤﻗت.
-اﻷﺿرار اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن اﻟوﻓﺎة أو اﻟﻌﺟز اﻟﻛﻠﻲ اﻟداﺋم أو اﻟﻌﺟز اﻟﺟزﺋﻲ اﻟداﺋم.
وﺑرأي اﻟﺑﺎﺣث أﻧﻪ ﻻ ﻣﺎﻧﻊ أن ﯾﺳﺗﻧد اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣﻘدار اﻟﺗﻌوﯾض
ﻣﻊ اﻻﻋﺗداد ﺑظروف اﻟﺣﺎل ﻟﻛل ﻗﺿﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣدة ،وأرى ﻛﺑﺎﺣث أن ﺗدﺧل أﻣور أﺧرى ﻓﻲ اﻟﺗﻘدﯾر
ﻣﺛل :ﻣﺻﺎرﯾف اﻟﺗﻧﻘل إﻟﻰ اﻟطﺑﯾب ،وﻣﺻﺎرﯾف اﻷﺟﻬزة اﻟطﺑﯾﺔ ،وﻣﺻﺎرﯾف اﻟﺟﻧﺎزة إذا ﻧﺟم ﻋن
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :رﻗﺎﺑﺔ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻷردﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻘدﯾر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻠﺗﻌوﯾض:
ﻻ رﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺗﻌوﯾض ﻣن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز إﻻ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺑﯾﺎن
اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﻌﺗﻣدة ﻣﻧﻪ ﻟﺗﻘدﯾر اﻟﺗﻌوﯾض اﻟﻣﻣﻧوح ﻟﻠﻣرﯾض أو ذوﯾﻪ) ،(2أي اﻟوﺳﺎﺋل واﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺗﻲ
اﺳﺗﻣد ﻣﻧﻬﺎ ﻗﻧﺎﻋﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣﻘدار اﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻟﻼﺣق ﺑﺎﻟﻣرﯾض ،ذﻟك أﻧﻪ إن ﻛﺎن
ﺗﻌد
ﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع ﺳﻠطﺔ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر اﻟﺿرر ،إﻻ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻐﻔل ﻫذﻩ اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺗﻲ ّ
)(1
اﻧظر :اﻟﻣﺎدة ) (9ﻣن ﻫذا اﻟﻧظﺎم.
) (2اﻟﺳرﺣﺎن ،ﻋدﻧﺎن وﺧﺎطر ،ﻧوري ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.663
95
ﻣﻌﺎﯾﯾر ﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺟﺑر اﻟﺿرر واﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﺗدﺧل ﻓﻲ ﺣﺳﺎب اﻟﺗﻌوﯾض ،ﻓﻬﻲ إذن ﻣن اﻟﻣﺳﺎﺋل
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﺗﺣت رﻗﺎﺑﺔ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز ،وﺗدﺧل ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﻛﯾﯾف اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠوﻗﺎﺋﻊ ،وﯾﻛون
ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺗﺻﺣﯾﺣﻪ ،ﻓﺗﺳﺗﺑﻌد ﻣن اﻟﺗﻌوﯾض اﻟﻣﻘﺗﺿﻰ ﺑﻪ ﻣن ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻣﺎ ﺗرى أﻧﻪ ﻗد
)(1
اﻟﻣﺣﺗﺳب ﺑﺎﷲ ،ﺑﺳﺎم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.251
96
اﻟﻔﺻل اﻟﺧﺎﻣس
اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ واﻟﻧﺗﺎﺋﺞ واﻟﺗوﺻﯾﺎت
أوﻻً :اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ:
ﻣن ﺧﻼل دراﺳﺗﻧﺎ ﻟﻣوﺿوع "اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ" ﺣﺎوﻟﻧﺎ ﺗوﺿﯾﺢ
ﻣﻔﻬوﻣﻪ ،وﺑﯾﺎن أﺣﻛﺎﻣﻪ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻘﺎﻧون اﻷردﻧﻲ ،وﺑﯾﺎن ﺑﻌض اﻻﺟﺗﻬﺎدات اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻋن
اﻟﻘﺿﺎء اﻷردﻧﻲ .وﻓﻲ ﺿوء ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﻓﻘد ﺧرﺟﻧﺎ ﺑﻌدد ﻣن اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ واﻟﺗوﺻﯾﺎت.
ﺛﺎﻧﯾﺎً :اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ:
.1اﺳﺗﺧﻠﺻﻧﺎ ﺑﺄن اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن إﻻ أن ﯾﻛون إﺧﻼﻻً ﺑﺣق اﻟﻣرﯾض ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﯾب ﻋﻠﻰ
وﻓﻘﺎ ﻟﻘواﻋد اﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ،ﻛﻣﺎ أﻧﻪ إﺧﻼل ﺑﺗﻠك اﻟﺛـﻘﺔ اﻟﺗﻲ وﺿﻌﻬﺎ اﻟﻣرﯾض
وﺟﻪ اﻟﻌﻣوم ً
ﻓﻲ طﺑﯾﺑﻪ ﺗﺎرة ،أو اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻟﺛـﻘﺔ اﻟﺗﻲ وﺿﻌﻬﺎ اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﻧﻔﺳﻪ ﻣﻌﺗﻘداً أﻧﻪ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﺗطﺑﯾب
ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ أﺻل أﺧﻼﻗﻲ ﻓﻲ ﻣﺣﯾط اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾراﻋﻰ ﻓﯾﻪ اﻟواﺟب اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ واﻟواﺟب اﻟﻣﻬﻧﻲ.
اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ،وﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺈن اﻟﺧطﺄ ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺳﯾ ًار أو ﺿﺋﯾﻼً ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺎف ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ،
.3ﯾﺟب أن ﻧﻌﺗرف ﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﻘراﺋﻧﺎ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟﻧﺻوص اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﺻﺣﺔ ﻓﻲ اﻷردن أﻧﻬﺎ ﻟم
ﺗﺗﻌرض ﻟﺑﯾﺎن اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ ،وﻗد اﻗﺗﺻرت ﻋﻠﻰ ﺑﯾﺎن واﺟﺑﺎت واﻟﺗزاﻣﺎت
اﻟطﺑﯾب دون وﺿﻊ اﻟﺟزاءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺧروج ﻋﻠﯾﻬﺎ أو اﻹﺧﻼل ﺑﻬﺎ ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾدﻓﻊ
اﻟﻘﺿﺎء إﻟﻰ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻷطﺑﺎء ﺷﺄﻧﻬم ﻓﻲ ذﻟك ﺷﺄن
.4أﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻋبء إﺛﺑﺎت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﻫو ﻋدم وﺟود أي ﻓﺎرق أﺳﺎﺳﻲ ﺑﯾن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ،ﻓﻔﻛرة اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻻﻟﺗزام ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﺗوازن ﻓﻛرة اﻟﺧطﺄ
ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،وﻓﻛرة اﻻﻟﺗزام ﺑﺿﻣﺎن اﻟﺳﻼﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﺗوازن ﻓﻛرة
ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺣﺎرس اﻷﺷﯾﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،ﻣﻊ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﻓﻛرة اﻻﻟﺗزام ﺑﺿﻣﺎن
اﻟﺳﻼﻣﺔ ﺗﺗﺳﻊ ﻟﻣﺎ ﻻ ﺗﺗﺳﻊ ﻟﻪ ﻓﻛرة ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺣﺎرس اﻷﺷﯾﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ،ﻣﻣﺎ
ﯾﺟﻌل ﻟﻠﻣرﯾض ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ ﻛﻠﻣﺎ ﺗواﻓر ﻣﻧﺎط اﻟرﺟوع إﻟﯾﻬﺎ
ﻟﻠﺗﺧﻠص ﻣن ﻋبء اﻹﺛﺑﺎت ،ﻛﻣﺎ أن اﻷﺻل أﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻘد
اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ،أي اﻟطﺑﯾب ،إﺛﺑﺎت ﻗﯾﺎم اﻟﺳﺑب اﻷﺟﻧﺑﻲ ﻟﺗﺑرﺋﺔ ﺳﺎﺣﺗﻪ ،أﻣﺎ إذا ﻛﻧﺎ ﺑﺻدد
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺎدة ) (256ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻷردﻧﻲ ،أي ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ،
ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻣﺿرور إﺛﺑﺎت ﺧطﺄ اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗﺿﺢ ﻣﻌﻪ أن ﺣق اﻟﻣدﻋﻲ ﻓﻲ إﻋﻣﺎل ﻗواﻋد
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘدﯾﺔ أﻗرب ﻣﻧﺎﻻً ﻣﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎل إﻋﻣﺎل ﻗواﻋد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﯾﺻﺑﺢ اﻟﺣق
ﻋﻧدﻫﺎ ﻣﻬدداً وﻣوﻗوﻓﺎً ﻋﻠﻰ ﻧﺟﺎح اﻟﻣﺿرور أي اﻟﻣرﯾض ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ اﻟدﻟﯾل ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ ادﻋﺎﺋﻪ.
.5إن ﻓﻛرة ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﺎﺑﻊ ﻋن أﻋﻣﺎل ﺗﺎﺑﻌﯾﻪ ﺗﺷﻬد ﺗطوراً ﻛﺑﯾ ًار ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟطﺑﻲ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺗوﺟﻪ
واﻷوﺿﺎع اﻟﻣﺳﺗﺟدة واﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋن طرﯾق اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة
اﻟﺗﺿﺎﻣن وﻣراﻋﺎة اﻷﺣوال وظروف اﻟﻣﺗﻌﺎﻣﻠﯾن ﻣﻊ اﻷطﺑﺎء وﻟﻠﺑﻌد اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻟﻠﻌﻣل اﻟطﺑﻲ ،وﻟﻣﺎ
ﯾواﺟﻬﻪ اﻟﻣدﻋﻲ ﻣن ﺻﻌوﺑﺎت ﻓﻲ إﺛﺑﺎت ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب اﻟﻣرﺗﺑط ﺑﺗﻘﻧﯾﺎت ﻋﻠﻣﯾﺔ ﯾﺟﻬﻠﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣن
اﻟﻧﺎس ،أو أن ﺧطﺄﻩ ﯾدﻓن ﻣﻊ اﻟﻣرﯾض اﻟذي ﺗوﻓﻲ ﻋﻠﻰ طﺎوﻟﺔ اﻟﺟراﺣﺔ ،ﻻ ﺳﯾﻣﺎ وأن ﻣن ﺗوﻛل
98
إﻟﯾﻪ ﻣﻬﻣﺔ اﻟﻛﺷف ﻋن ﻫذا اﻟﺧطﺄ طﺑﯾب آﺧر ﻣﺎ ﯾﻔﺗﺢ ﻣﺟﺎل اﻟﻣﺟﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ إﺧﻔﺎء ﻣﺎ ﺳﻬﺎ ﻋﻧﻪ
زﻣﯾﻠﻪ.
.6ﺧﻠﺻت اﻟدراﺳﺔ إﻟﻰ أن ﻋﻣل اﻟطﺑﯾب ﯾﺷﻣل ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻋﻼج اﻟﻣرﯾض ،ﺣﺳن اﺧﺗﯾﺎر
ﻣﺳﺎﻋدﯾﻪ ،واﻹﺷراف واﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﯾﻬم ،ﻷﻧﻪ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻣﺳؤول اﻷول ﻋن أي ﺧطﺄ ﯾﺗﺳﺑب ﺑﺿرر
اﻟﻣرﯾض ،وﻣن ﺛم ﻓﺈن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﻠﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ ﻋن اﻟﺧطﺄ ﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟب ﻣﺎ
ﺗﻛون ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻘدﯾﺔ ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾوﺟد ﺑﻬﺎ ﻋﻘد ﺑﯾن اﻟﻣرﯾض واﻟطﺑﯾب رأس ﻫرم
اﻟﻔرﯾق اﻟطﺑﻲ.
اﻣﺎ
.7إن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗزام اﻟطﺑﯾب ﺑﺎﻷﺻل ﻫو اﻟﺗزام ﺑﺑذل ﻋﻧﺎﯾﺔ ،وﻗد ﯾﻛون ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﻣﻌﯾﻧﺔ اﻟ ﺗز ً
ﺑﺗﺣﻘﯾق ﻧﺗﯾﺟﺔ.
.8إن اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣﻌﺗﻣد ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ﻫو ﻣﻌﯾﺎر ﻣوﺿوﻋﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟطﺑﯾب اﻟوﺳط ﻓﻲ
.9اﻧﺗﻬت اﻟدراﺳﺔ إﻟﻰ أن اﻟﻣرﯾض اﻟﻣﺿرور ﯾﺳﺗﺣق ﺗﻌوﯾﺿﺎً ﻋن اﻷﺿرار اﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﻣﻌﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﺟراء ﺧطﺄ اﻟطﺑﯾب ،ﯾﺗرك ﺗﻘدﯾرﻩ ﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﺣﺳب ظروف وﺣﯾﺛﯾﺎت ﻛل
ﻟﺣﻘت ﺑﻪ ّ
ﺛﺎﻟﺛﺎً :اﻟﺗوﺻﯾﺎت:
ّع اﻷردﻧﻲ اﻹﺳراع ﻓﻲ ﺳن ﻣﺷروع ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث ﯾﻛرس ﻫذا
.1أﺗﻣﻧﻰ ﻣن اﻟﻣﺷر
اﻟﻣﺷروع ﻣﻔﻬوم اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ،وﺻورﻩ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻻ اﻟﺣﺻر ،وأن ﯾﺣدد اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت
ﺗﻌدﯾل ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (256ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ ﺑﺈﺿﺎﻓﺔ ﻋﺑﺎرة "ﻣﺎ ﻟم ﯾﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ ﻏﯾر ذﻟك"،
وﺑﺎﻟﻔﻌل ﻧص اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (2/358ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟﻣدﯾن – وﻫﻧﺎ ﻓﻲ دراﺳﺗﻧﺎ ﻫو
.4أﺗﻣﻧﻰ ﺗﻌدﯾل ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (288ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ وذﻟك ﺑﺣذف ﻋﺑﺎرة "ﻓﻠﻠﻣﺣﻛﻣﺔ" ﺑﺈﺿﺎﻓﺔ ﻋﺑﺎرة
"ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ".
.5أﺗﻣﻧﻰ ﺗﻌدﯾل ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (265ﻣدﻧﻲ أردﻧﻲ ﺑﺣذف ﻛﻠﻣﺔ "وﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ" ﺑﺈﺿﺎﻓﺔ ﻛﻠﻣﺔ "وﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ".
.6ﺗﺷﻛﯾل ﻟﺟﻧﺔ طﺑﯾﺔ ﻣﺧﺗﺻﺔ ﯾﻛون أﻋﺿﺎؤﻫﺎ ﻣن اﻷطﺑﺎء اﻟﺟراﺣﯾن ﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺟراﺣﯾﺔ
اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،وﺗﺣدﯾد أﺧطﺎء اﻷطﺑﺎء ،واﻷﺧذ ﺑرأﯾﻬﺎ ﻣﺗﻰ طﻠب اﻟﻘﺎﺿﻲ ذﻟك ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﯾﺎم اﻟدﻋوى
ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣرﯾض ،وذﻟك اﺧﺗﺻﺎ ًار ﻟﻠوﻗت اﻟذي ﻗد ﯾﺳﺗﻐرﻗﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺗﺷﻛﯾل ﻟﺟﻧﺔ طﺑﯾﺔ أو
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ
اﻷﺑ ارﺷ ــﻲ ،ﺣﺳـ ــن زﻛـ ــﻲ )د.ت .(.ﻣﺳــــؤوﻟﯾﺔ اﻷطﺑــــﺎء واﻟﺟــــراﺣﯾن اﻟﻣدﻧﯾــــﺔ ﻓــــﻲ اﻟﺗﺷــــرﯾﻊ .1
اﺑــن ﻣﻧظــور ،ﺟﻣــﺎل اﻟــدﯾن ﻣﺣﻣــد ﺑــن ﻣﻛــرم ) .(1989ﻟﺳــﺎن اﻟﻌــرب ،ﺗﺣﻘﯾــق ﻋــﺎﻣر أﺣﻣــد .2
ﺣﯾدر ،اﻟﺷﯾﺦ.
اﻷﻫـ ـواﻧﻲ ،ﺣﺳ ــﺎم اﻟ ــدﯾن ﻛﺎﻣ ــل ) .(2000ﻣﺳــــؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾــــب اﻟﻌﻘدﯾــــﺔ ﻋــــن ﻓﻌــــل اﻟﻐﯾــــر، .3
ﻟﻠﻣﻬﻧﯾﯾن ،اﻟﺟزء اﻷول ،اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾﺔ ،ﻣﻧﺷورات دار اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ ،ﺑﯾروت.
اﻷودن ،ﺳ ـ ــﻣﯾر ﻋﺑ ـ ــد اﻟﺳ ـ ــﻣﯾﻊ ) .(2014ﻣﺳـــــؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾـــــب اﻟﺟـــــراح وطﺑﯾـــــب اﻟﺗﺧـــــدﯾر .4
اﻷودن ،ﺳ ـ ــﻣﯾر ﻋﺑ ـ ــد اﻟﺳ ـ ــﻣﯾﻊ ) .(2014ﻣﺳـــــؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾـــــب اﻟﺟـــــراح وطﺑﯾـــــب اﻟﺗﺧـــــدﯾر .5
اﻟﺑﺎر ،ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ وﺑﺎﺷﺎ ،ﺣﺳﺎن ﺷﻣﺳـﻲ ) .(2010ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾب ﺑﯾن اﻟﻔﻘـﻪ واﻟﻘـﺎﻧون، .6
اﻟﺗوﻧﺟﻲ ،ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ) .(1966اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﯾﻧـﺔ ﻟﻠطﺑﯾـب ﻓـﻲ اﻟﺷـرﯾﻌﺔ اﻹﺳـﻼﻣﯾﺔ وﻓـﻲ .7
اﻟﺟﺑ ــوري ،ﯾﺎﺳ ــﯾن ﻣﺣﻣـ ــد ) ،(2011اﻟــــوﺟﯾز ﻓــــﻲ ﺷــــرح اﻟﻘــــﺎﻧون اﻟﻣــــدﻧﻲ اﻷردﻧــــﻲ ،ج،1 .8
اﻟﺟﻣﺎل ،ﻣﺻـطﻔﻰ ) .(2000اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻋن اﻷﻋﻣﺎل اﻟطﺑﯾﺔ ﻓـﻲ اﻟﻔﻘـﻪ واﻟﻘﺿـﺎء، .9
101
ﺑﺣـث ﻣﻧﺷـور ﻓـﻲ اﻟﻣﺟﻣوﻋـﺔ اﻟﻣﺗﺧﺻﺻـﺔ ﻓـﻲ اﻟﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾـﺔ ﻟﻠﻣﻬﻧﯾـﯾن ،ﻣﻧﺷـورات
.10ﺣﺟـ ــﺎزي ،ﻋﺑـ ــد اﻟﻔﺗـ ــﺎح ) .(2008اﻟﻣﺳــــؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾــــﺔ ﺑــــﯾن اﻟﻔﻘــــﻪ واﻟﻘﺿــــﺎء ،دار اﻟﻔﻛـ ــر
اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ ،ط.1
.12اﻟﺣﯾــﺎري ،أﺣﻣــد ﺣﺳــن ) .(2005اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾــﺔ ﻟﻠطﺑﯾــب ﻓــﻲ اﻟﻘطــﺎع اﻟﺧــﺎص ،دار
ﻋﻣﺎن.
اﻟﺛـﻘﺎﻓ ﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊّ ،
.13اﻟدﻧﺎﺻـوري ،ﻋــز اﻟــدﯾن ،واﻟﺷـوارﺑﻲ ،ﻋﺑــد اﻟﺣﻣﯾــد ) .(1997اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾــﺔ ﻓــﻲ ﺿــوء
.14اﻟذﻧون ،ﺣﺳن ﻋﻠﻲ ) .(2006اﻟﻣﺑﺳـوط ﻓـﻲ ﺷـرح اﻟﻘـﺎﻧون اﻟﻣـدﻧﻲ ،اﻟﺧطـﺄ ،اﻟﺟـزء اﻟﺛـﺎﻧﻲ،
ﻋﻣﺎن.
ط ، 1دار واﺋل ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊّ ،
.15اﻟرازي ،ﻣﺣﻣد ﺑن أﺑﻲ ﺑﻛر )1329ﻫـ( .ﻣﺧﺗﺎر اﻟﺻﺣﺎح ،اﻟﻣطﺑﻌﺔ اﻟﻛﻠﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ط.1
.17ﺳــﻠطﺎن ،أﻧــور ) ،(1987ﻣﺻــﺎدر اﻻﻟﺗ ـزام ﻓــﻲ اﻟﻘــﺎﻧون اﻟﻣــدﻧﻲ اﻷردﻧــﻲ – دراﺳــﺔ ﻣﻘﺎرﻧــﺔ
.18اﻟﺳﻧﻬوري ،ﻋﺑد اﻟرزاق )د.ت .(.اﻟوﺳﯾط ﻓـﻲ ﺷـرح اﻟﻘـﺎﻧون اﻟﻣـدﻧﻲ ،ﻧظرﯾـﺔ اﻻﻟﺗـزام ﺑوﺟـﻪ
.20ﺷـرﯾم ،ﻣﺣﻣــد ﺑﺷــﯾر ) .(1999اﻷﺧطــﺎء اﻟطﺑﯾــﺔ ﺑــﯾن اﻻﻟﺗـزام واﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ ،ط ،1ﺑــدﻋم ﻣــن
ﻋﻣﺎن.
ﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ﺷوﻣﺎنّ ،
ﻋﻣﺎن.
ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،ط ، 1دار اﻟﺛـﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊّ ،
.22اﻟﺷـ ــﯾﺦ ،ﺑـ ــﺎﺑﻛر ) .(2002اﻟﻣﺳــــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾــــﺔ ﻟﻠطﺑﯾــــب ،دراﺳــــﺔ ﻓــــﻲ اﻷﺣﻛــــﺎم اﻟﻌﺎﻣــــﺔ
ﻟﺳﯾﺎﺳـــﺎت اﻟﻘـــواﻧﯾن اﻟﻣﻘﺎرﻧـــﺔ واﺗﺟﺎﻫـــﺎت اﻟﻘﺿـــﺎء ،ط ،1دار وﻣﻛﺗﺑ ــﺔ اﻟﺣﺎﻣ ــد ﻟﻠﻧﺷ ــر
واﻟﺗوزﯾﻊ.
.23اﻟﺻـ ـراﯾرة ،أﺣﻣ ــد ﻋﺑ ــد اﻟﻛـ ـرﯾم ) ،(2012اﻟﺗـــﺄﻣﯾن ﻣـــن اﻟﻣﺳـــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾـــﺔ اﻟﻧﺎﺗﺟـــﺔ ﻋـــن
.24اﻟطﺑﺎخ ،ﺷرﯾف ) .(2005ﺟراﺋم اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ واﻟﺗﻌوﯾض ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺿـوء اﻟﻔﻘـﻪ واﻟﻘﺿـﺎء،
.25اﻟطﺑﺎخ ،ﺷرﯾف ) .(2011ﺟراﺋم اﻟﺧطـﺄ اﻟطﺑـﻲ واﻟﺗﻌـوﯾض ﻋﻧﻬـﺎ ،دار اﻟﻔﻛـر واﻟﻘـرآن ﻟﻠﻧﺷـر
.27اﻟﻌــوﺟﻲ ،ﻣﺻــطﻔﻰ ) ،(1984اﻟﻣﺳـــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾـــﺔ ،ج ،1ﻓــﻲ ﻣﺻــﺎدر اﻻﻟﺗ ـزام ،ﻣﻧﺷــو ارت
.28اﻟﻔ ــﺎر ،ﻋﺑ ــد اﻟﻘ ــﺎدر ) .(1996ﻣﺻـــﺎدر اﻻﻟﺗـــزام ،ﻣﺻـــﺎدر اﻟﺣـــق اﻟﺷﺧﺻـــﻲ ﻓـــﻲ اﻟﻘـــﺎﻧون
ﻋﻣﺎن.
اﻟﻣدﻧﻲ ،ط ، 1دار اﻟﺛـﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊّ ،
.30اﻟﻘﺿــﺎة ،ﻣﻔﻠــﺢ ﻋ ـواد ) .(2014أﺻــول اﻟﻣﺣﺎﻛﻣــﺎت اﻟﻣدﻧﯾــﺔ واﻟﺗﻧظــﯾم اﻟﻘﺿــﺎﺋﻲ ،ط ،2دار
ﻋﻣﺎن.
اﻟﺛـﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊّ ،
وﺷروطﻬﺎ ،ط ،1اﻟدار اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ودار اﻟﺛـﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ،ﻋّﻣﺎن.
.32اﻟﻣﺟﺎﻟﻲ ،ﻧظﺎم ﺗوﻓﯾق ) ،(1998ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑـﺎت ،اﻟﻘﺳـم اﻟﻌـﺎم ،دار اﻟﺛــﻘﺎﻓﺔ ،ﻋﻣـﺎن،
ط.1
.33ﻣرﻗس ،ﺳﻠﯾﻣﺎن ) ،(1988اﻟواﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ،ج ،2ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻣﺻـر اﻟﺟدﯾـدة ،ﻣﺻـر،
ط.1
.34ﻣــرﻗس ،ﺳــﻠﯾﻣﺎن )د.ت .(.اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾــﺔ ﻓــﻲ ﺗﻘﻧﯾــﺎت اﻟــﺑﻼد اﻟﻌرﺑﯾــﺔ ،اﻟﻘﺳــم اﻷول،
اﻷﺣﻛــــﺎم اﻟﻌﺎﻣــــﺔ ،أرﻛــــﺎن اﻟﻣﺳــــؤوﻟﯾﺔ ،اﻟﺿــــرر ،اﻟﺧطــــﺄ ،واﻟﺳــــﺑﺑﯾﺔ ،ﻣﻌﻬ ــد اﻟﺑﺣ ــوث
واﻟدراﺳﺎت اﻟﻌرﺑﯾﺔ.
ﻣﺻر.
.36ﻣﻧﺻـور ،ﻣﺣﻣــد ﺣﺳــﯾن ) .(2000اﻟﺧطــﺄ اﻟطﺑــﻲ ﻓــﻲ اﻟﻌــﻼج ،ﺑﺣــث ﻣﻧﺷــور ﻓــﻲ اﻟﻣﺟﻣوﻋــﺔ
104
اﻟﻣﺗﺧﺻﺻـ ــﺔ ﻓـ ــﻲ اﻟﻣﺳـ ــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾ ـ ــﺔ ﻟﻠﻣﻬﻧﯾـ ــﯾن ،اﻟﺟـ ــزء اﻷول ،اﻟﻣﺳـ ــؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾ ـ ــﺔ،
أﺑ ــو زﯾ ــد ،ﺳ ــﻌد ) ،(2008اﻟﻣﺳــــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾــــﺔ ﻟﻠطﺑﯾــــب اﻟﺟــــراح ﻋــــن أﺧطﺎﺋــــﻪ وأﺧطــــﺎء .1
أﺑ ــو ﺳ ــرور ،أﺳ ــﻣﺎء ﻣوﺳ ــﻰ ) ،(2006رﻛــــن اﻟﺧطــــﺄ ﻓــــﻲ اﻟﻣﺳــــؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻــــﯾرﯾﺔ ،رﺳ ــﺎﻟﺔ .2
اﻟزﺑﯾـدي ،ﻋﺑــد اﷲ ) .(2005ﻣﺳـؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾــب اﻟﻣﻌــﺎﻟﺞ اﻟﻌﻘدﯾــﺔ ﻋـن أﺧطــﺎء ﻣﻌﺎوﻧﯾــﻪ ﻓــﻲ .3
اﻟﻘطـــﺎع اﻟﺧـــﺎص ،ﻣﺟﻠــﺔ اﻟﺣﻘــوق ،ﺟﺎﻣﻌــﺔ اﻟﻛوﯾــت ،اﻟﺳــﻧﺔ اﻟﺗﺎﺳــﻌﺔ واﻟﻌﺷــرون ،اﻟﻌــدد
اﻟﺛﺎﻟث.
اﻟﺳــرﺣﺎن ،ﻋــدﻧﺎن إﺑـ ـراﻫﯾم ) .(2000ﻣﺳـــؤوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﯾـــب اﻟﻣﻬﻧﯾـــﺔ ﻓـــﻲ اﻟﻘـــﺎﻧون اﻟﻔرﻧﺳـــﻲ، .4
ﺑﺣ ــث ﻣﻧﺷ ــور ﻓ ــﻲ اﻟﻣﺟﻣوﻋ ــﺔ اﻟﻣﺗﺧﺻﺻ ــﺔ ﻓ ــﻲ اﻟﻣﺳ ــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾ ــﺔ ﻟﻠﻣﻬﻧﯾ ــﯾن ،اﻟﺟ ــزء
اﻟﺷ ـوا ،ﻣﺣﻣــد ﺳــﺎﻣﻲ .اﻟﺧطــﺄ اﻟطﺑــﻲ ﻓــﻲ وﺳــط اﻟﻔرﯾــق اﻟﺟراﺣــﻲ ،ﺑﺣــث ﻣﻘــدم إﻟــﻰ ﻣــؤﺗﻣر .5
اﻷﺧطـﺎء اﻟطﺑﯾـﺔ ﺑـﯾن اﻟﺷـرﯾﻌﺔ اﻹﺳـﻼﻣﯾﺔ واﻟﻘـﺎﻧون ،واﻟﻣﻧﻌﻘـد ﻓــﻲ ﺟﺎﻣﻌـﺔ ﺟـرش اﻷﻫﻠﯾــﺔ
ﻋـ ـزام ،ﺣﻣ ــد ﻓﺧ ــري ) ،(2005اﻟﺿـــواﺑط اﻟﺷـــرﻋﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣـــﺔ ﻟﻸﻋﻣـــﺎل اﻟطﺑﯾـــﺔ ،ﻣﺟﻠ ــﺔ ﻣؤﺗ ــﺔ .6
ﻓﺗﺢ اﷲ ،وﺳﯾم ) .(2014اﻟﺧطﺄ اﻟطﺑﻲ ﻣﻔﻬوﻣﻪ وآﺛﺎرﻩ ،ﻣﻘﺎل ﻣﻧﺷور ﻋﺑر ﺷﺑﻛﺔ اﻹﻧﺗرﻧت. .7
اﻟﻣﺧــﺎﺗرة ،ﻣﺎﺟــدة ﻋﺑــد اﻟﻣﺟﯾــد ) .(2006اﻟﺗــﺄﻣﯾن ﻣــن اﻟﻣﺳــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾــﺔ ﻟﻸطﺑــﺎء ،رﺳــﺎﻟﺔ .8
اﻟﻣ ــري ،ﺧﺎﻟ ــد ﻋﻠ ــﻲ ﺟ ــﺎﺑر ) ،(2013اﻟﻣﺳـــؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾـــﺔ ﻟﻠﻔرﯾـــق اﻟطﺑـــﻲ ﺑـــﯾن اﻟﺷـــرﯾﻌﺔ .9