You are on page 1of 54

‫كتاب اإلخالص‬

‫تأليف‬
‫حسين العوايشة‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫المقدمة‬
‫إن احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده‬
‫اهلل فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال اله اال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن‬
‫حممدا عبده ورسوله‪ ،‬أما بعد‪:‬‬

‫فإن البشرية اليوم على وجه األرض‪ ،‬على اختالف الديانات والعقائد‪ ،‬وتعدد القناعات والرغبات‬
‫واألهواء‪ ،‬يفعلون األفعال‪ ،‬ويتصرفون التصرفات‪ ،‬اعتقادا منهم أهنا حتقق سعادهتم‪ ،‬فمن بني خمطئ ـ وما‬
‫أكثرهم ـ ومصيب ـ وما أقلهم ـ حمققق لسعادة حلظية يعقبها شقاء طويل‪ ،‬هذا يف الدنيا فضال عن عذاب‬
‫اآلخرة‪ ،‬وهم بذلك يستحقون الرثاء واحلزن والبكاء عليهم‪ ،‬كيف الضالل والطريق واضح؟ وما هذا‬
‫االعوجاج والصراط مستقيم؟‪.‬‬

‫فإنه ال حياة للقلوب وال سعادة وال استقرار إال باالخالص هلل تعاىل‪ ،‬ولكن يطيب لنا أن نقول ملن‬
‫اجتهد للسعادة بغري االخالص هبذا القول الطيب‪:‬‬
‫فأول ما جيين عليه اجتهاده‬ ‫إذا مل يكن من اهلل عون الفىت‬
‫وبقدر ما ينشغل العقل يف إجياد السعادة بغري االخالص هلل تعاىل‪ ،‬بقدر ما يشقى صاحبه ويتعذب‪.‬‬

‫هل غاب عن الناس أن االخالص هلل تعاىل ينجي األبدان والنفوس من كل عذاب؟ ليست هذه‬
‫كلمات تقال بل إهنا جتربة حاضها أفضل الناس وأشرفهم‪ ،‬خاضها الرسل واألنبياء‪ ..‬خاضها الصحابة‬
‫والتابعون‪ ،‬ففازوا وأفلحوا وجنحوا يف احلياة الدنيا‪ ،‬وأما يف اآلخرة‪ ،‬فلم تر عني ومل تسمع أذن‪ ،‬ومل‬
‫خيطر على قلب بشر‪ .‬كانت الضرورة ـ فيما رأيت ـ ملحة إلخراج هذا الكتاب لتبيان فضل االخالص‬
‫وصوره‪ ،‬وخطر الرياء وطرق معاجلته‪ ،‬اىل غري ذلك مما وجدته نافعا‪.‬‬

‫وشأين يف هذا الكتاب ـ كما يف غريه اآلن ـ أن ال أروي إال الصحيح الثابت ـ معتمدا على حتقيق‬
‫وختريج أهل احلديث له ـ ألحقق الغرض الذي من أجله فكرت التأليف‪.‬‬

‫اجلم لشيخي الفاضل حممد ناصر الدين األلباين ـ حفظه اهلل تعاىل ورعاه ـ فإنه ق ّدم‬
‫وإنين ألتقدم بالشكر ّ‬
‫يل ما طلبته من أحاديث تتعلق يف موضوعنا‪ ،‬من خترجيه وحتقيقه للرتغيب والرتهيب للمنذري‪.‬‬
‫كما أنين أتقدم بالشكر لكل اخواين الذين سامهوا يف إخراج هذا الكتاب ومبختلف اجملهودات الطيبة‪،‬‬
‫جزاهم اهلل خريا‪.‬‬

‫نسأل اهلل تعاىل أن جيعل أعمالنا خالصة لوجهه‪ ،‬وأن حيقق هبذا الكتاب نفعي يوم القيامة وأن يقيين به‬
‫يوما عبوسا قمطريرا‪.‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫الفصل األول‬
‫في اإلخالص هلل تعالى‬

‫ماذا يشترط للعمل حتى يقبل؟‪:‬‬


‫قبل أن ختطو خطوة واحدة ـ أخي املسلم ـ عليك أن تعرف السبيل اليت فيها جناتك‪ ،‬فال تتعب نفسك‬
‫بكثرة األعمال‪ ،‬فرب مكثر من األعمال ال يفيده إال التعب منها يف الدنيا والعذاب يف اآلخرة ومن مثل‬
‫هذا قول النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬رب صائم ليس له من صيامه إال اجلوع‪ ،‬ورب قائم ليس له من‬
‫قيامه إال السهر" رواه ابن ماجه عن ايب هريرة‪ ،‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع برقم ‪،3482‬‬
‫فلتعلم قبل كل شيء ماذا يشرتط لألعمال حىت تقبل‪ ،‬ال بد من أمرين هامنّي عظيمني أن يتوفرا يف كل‬
‫عمل وإال ال يقبل‪:‬‬

‫أوهلما‪ :‬أن يكون صاحبه قد قصد به وجه اهلل عز وجل‪.‬‬


‫ثانيهما‪ :‬أن يكون موفقا ملا شرعه اهلل تعاىل يف كتابه‪ ،‬أو بيّنه نبيّه يف سنته‪.‬‬

‫اختل واحد من هذين الشرطني مل يكن العمل صاحلا وال مقبوال ويدل على هذا قوله تبارك‬
‫فإذا ّ‬
‫وتعاىل‪ {:‬فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عمال صاحلا‪ ،‬وال يشرك بعبادة ربه أحدا}سورة الكهف‬
‫‪ ،110‬فقد أمر اهلل سبحانه وتعاىل أن يكون العمل صاحلا أي‪ :‬موافقا للشرع‪ ،‬مث أمر أن خيلص به‬
‫صاحبه هلل‪ ،‬ال يبتغي به سواه‪.‬‬

‫قال احلافظ إبن كثري يف تفسريه‪( :‬وهذان ركنا العمل املتقبل‪ :‬ال بد أن يكون خالصا هلل تعاىل‪ ،‬صوابا‬
‫على شريعة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وروي مثل هذا عن القاضي عيّاض رمحه اهلل وغريه)‪.‬‬

‫األمر باإلخالص والتحذير من الرياء والشرك‪:‬‬


‫اعلم ـ أخي املسلم ـ أنه ال بد لألعمال من نيّة‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إمنا األعمال‬
‫بالنيات‪ ،‬وإمنا لكل امرئ ما نوى" دزء من حديث يف الصحيحني‪.‬‬
‫وال بد من االخالص هلل يف النية لقوله سبحانه وتعاىل‪ {:‬وما أمروا إال ليعبدوا اهلل خملصني له الدين‬
‫حنفاء ويقيموا الصالة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيّمة}‪ .‬سورة البيّنة ‪.5‬‬

‫وقال تعاىل‪ {:‬قل إن ختفوا ما يف صدوركم أو تبدوه يعلمه اهلل} آل عمرن ‪ ،29‬وقد حذر اهلل تعاىل‬
‫من الرياء فقال سبحانه‪ {:‬لئن أشركت ليحبطن عملك} الزمر ‪ .65‬وكان رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم يقول عند تلبيته للحج‪ ":‬اللهم حجة ال رياء فيها وال مسعة" رواه الضياء بسند صحيح‪.‬‬

‫وحذر منه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حتذيرا شديدا‪ ،‬فعن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬مسعت‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ ":‬إن أول الناس يقضي يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى يعرفه‬
‫نعمته فعرفها‪ ،‬قال فما عملت فيها‪ :‬قال قاتلت فيك حىت استشهدت‪ .‬قال كذبت ولكنك قاتلت ألن‬
‫يقال جريء! فقد قيل‪ ،‬مث أمر به فسحب على وجهه حىت ألقي يف النار‪ .‬ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ‬
‫القرآن‪ ،‬فأيت به فعرفه نعمه فعرفها‪ ،‬قال‪ :‬فما عملت؟ قال‪ :‬تعلمت العلم وعلمته‪ ،‬وقرأت فيك القرآن‪،‬‬
‫قال‪ :‬كذبت ولكنك تعلمت ليقال‪ :‬عامل! وقرأت القرآن ليقال‪ :‬قارئ! فقد قيل‪ ،‬مث أمر به فسحب على‬
‫وجهه حىت ألقي يف النار‪ .‬ورجل وسع اهلل عليه وأعطاه من أصناف املال فأتى فعرفه نعمه فعرفها‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فما عملت فيها؟ قال‪ :‬ما تركت من سبل حتب أن ينفق فيها إال أنفقت فيها لك‪ .‬قال‪ :‬كذبت ولكنك‬
‫فعلت ليقال‪ :‬جواد! فقد قيل‪ ،‬مث أمر به فسحب على زجهه حىت ألقي يف النار"‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫وعن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬مسعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ ":‬قال اهلل تعاىل‪ :‬أنا‬
‫أغىن الشركاء عن الشرك‪ ،‬من عمل عمال أشرك فيه غريي تركته وشركه" رواه مسلم‪.‬‬

‫وقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من تعلم علما يبتغي به وجه اهلل عز وجل ال يتعلمه إال ليصيب‬
‫به غرضا من الدنيا مل جيد عرف اجلنة يوم القيامة" رواه أبو داود بسن صحيح‪.‬‬

‫تحذير من الشيطان وبيان مكائده‪:‬‬


‫إذا كان األمر قد بلغ هذه اخلطورة ما بلغ فال شك أن املسلم الصادق يهمه اخلالص من الرياء‬
‫ومبطالت األعمال وأول ما جيب التنبّه له يف هذا األمر هو معرفة أسباب هذا املرض اخلطري‪ ،‬فلتعلم أن‬
‫عدوك الشيطان ال يتوقف هو وجنده عن حماولة التسبب يف إحباط عملك ووقوعك يف الرياء‪ .‬وانظر اىل‬ ‫ّ‬
‫التحذير من كيد الشيطان الذي جاء يف الكتاب والسنة فإنه خري شفاء لشر مرض‪.‬‬

‫قال اهلل تعاىل‪ {:‬إ ّن الشيطان لكم عدو فاختذوه عدوا} فاطر ‪.6‬‬
‫وقال سبحانه‪ {:‬الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء} البقرة ‪.268‬‬
‫وقال سبحانه‪ {:‬إن الشيطان لإلنسان عدو مبني} يوسف ‪.5‬‬
‫وقال تعاىل‪ {:‬ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء واملنكر} النور ‪.21‬‬
‫وقال تعاىل‪ :‬وزيّن هلم الشيطان أعماهلم فصدهم عن السبيل} النمل ‪.24‬‬
‫وقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إن الشيطان حيضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حىت‬
‫حيضره عند طعامه‪ ،‬فإذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان هبا من أذى مث ليأكلها وال‬
‫يدعها للشيطان‪ ،‬فإذا فرغ فليلعق أصابعه‪ ،‬فإنه ال يدري يف أي طعامه الربكة" رواه مسلم‪.‬‬
‫والشاهد هنا‪ ":‬إن الشيطان حيضر أحدكم عند كل شيء من شأنه" فهو حيضر ليفسد النية والقول‬
‫والعمل‪ ،‬فإن حسنت نيّتك‪ ،‬دلك على عمل ليس مشروعا تفعله هبذه النية احلسنة‪ ،‬وإن حسن عملك‬
‫أفسد عليك نيتك‪ ،‬وإن حسنت النية عندك أفسد عليك أسلوبك مع الناس ليوقع العداوة والبغضاء بينك‬
‫وبينهم ما استطاع اىل ذلك سبيال‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ما منكم من أحد‪ ،‬إال وقد وكل به قرينه من اجلن وقرينه من املالئكة‪،‬‬
‫قالوا وإياك؟‪ .‬قال‪ :‬وإياي‪ ،‬إال أن اهلل أعانين عليه فأسلم‪ ،‬فال يأمرين إال خبري"‪ .‬صحيح اجلامع برقم‬
‫‪.5676‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ما من أحد إال ومعه شيطان"‪.‬قالوا‪ :‬وأنت يا رسول اهلل؟ قال‪ ":‬وأنا‪ ،‬إال‬
‫أن اهلل أعانين عليه فأسلم" صحيح اجلامع برقم ‪.5677‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إن إبليس يضع عرشه على املاء‪ ،‬مث يبعث سراياه‪ ،‬فأدناهم منه منزلة‬
‫أعظمهم فتنة‪ ،‬جييء أحدهم فيقول‪ :‬فعلت كذا وكذا‪ ،‬فيقول‪ :‬ما صنعت شيئا‪ .‬قال‪ :‬مث جييء أحدهم‬
‫فيقول‪ :‬ما تركته حىت فرقت بينه وبني امرأته‪ ،‬قال فيدنو منه ويقول‪ :‬نعم أنت"‪ .‬قال األعمش‪ :‬أراه قال‬
‫فيلتزمه‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إن الشيطان جيري من ابن آدم جمرى الدم" رواه البخاري ومسلم‬
‫وغريمها‪.‬‬
‫فكن من هذا العدو الرجيم على حذر واعلم أنه ال يقيل‪ ،‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬قيلوا فإن‬
‫الشياطني ال تقيل" رواه البخاري ومسلم وغريمها‪ .‬وال ميكن أن يذرك إن مل تستعن باهلل عليه وتراقب اهلل‬
‫تعاىل يف أعمالك كلها صغرت أو عظمت‪.‬‬

‫التوسل باإلخالص هلل في األعمال‪:‬‬


‫وال يفوتين هذا الباب أن أذكر لك من فوائد اإلخالص يف الدنيا قبل اآلخرة فإنك تستطيع التوسل اىل‬
‫اهلل بأعمالك اليت أخلصت فيها هلل تعاىل لينقذك من كل كرب وشدة‪.‬‬

‫عن أيب عبد الرمحن بن عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنهما قال‪ :‬مسعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫يقول‪ ":‬انطلق نفر ممن كان قبلكم حىت آواهم املبيت اىل غار فدخلوه‪ ،‬فاحندرت صخرة من اجلبل‬
‫فسدت عليهم الغار‪ ،‬فقالوا‪ :‬إنه ال ينجيكم من هذه الصخرة إال أن تدعوا اهلل بصاحل أعمالكم‪ .‬قال‬
‫رجل منهم‪ :‬اللهم كان يل أبوان شيخان كبريان وكنت ال أغبق قبلهما أهال وال ماال فنأى يب طلب‬
‫الشجر يوما فلم أرح عليهما حىت ناما فحلبت غبوقهما فوجدهتما نائمني‪ ،‬فكرهت أن أوقظهما وأن‬
‫أغبق قبلهما أهال أو ماال فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حىت برق الفجر والصبية يتصاغون‬
‫ففرج عنا ما حنن فيه‬
‫عند قدمي‪ ،‬فاستيقظا فشربا غبوقهما‪ ،‬اللهم إن كنت قد فعلت ذلك ابتغاء وجهك ّ‬
‫من هذه الصخرة‪ ،‬فانفرجت شيئا ال يستطيعون اخلروج منه‪.‬‬
‫ايل‪ .‬ويف رواية‪ :‬كنت أحبها كأشد ما حيب‬ ‫قال اآلخر‪ :‬اللهم إنه كان يل ابنة عم كانت أحب الناس ّ‬
‫الرجال النساء فأردهتا على نفسها فامتنعت مين حىت أملت هبا سنة من السنني فجاءتين فأعطيتها عشرين‬
‫ّ‬
‫ومائة دينار على أن ختلي بيين وبني نفسها ففعلت حىت إذا قدرت عليها‪ ،‬ويف رواية فلما قعدت بني‬
‫ايل وتركت الذهب‬ ‫رجليها‪ ،‬قالت‪ :‬اتق اهلل وال تفض اخلامت إال حبقه فانصرفت عنها وهي أحب الناس ّ‬
‫الذي أعطيتها‪ ،‬اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما حنن فيه‪ ،‬فانفرجت الصخرة غري‬
‫أهنم ال يستطيعون اخلروج منها‪.‬‬
‫فثمرت‬‫وقال الثالث‪ :‬اللهم استأجرت أجراء واعطيتهم أجرهم غري رجل واحد ترك الذي له وذهب‪ّ ،‬‬
‫أجره حىت كثرت منه األموال فجاءين بعد حني فقال‪ :‬يا عبد اهلل‪ّ .‬أد يل أجري‪ .‬فقلت‪ :‬كل ما ترى من‬
‫أجرك من اإلبل والبقر والغنم والرقيق‪ .‬فقال‪ :‬يا عبد اهلل ال تستهزئ يب‪ .‬فقلت‪ :‬ال أستهزئ بك‪ ،‬فأخذه‬
‫كله فاستاقه فلم يرتك منه شيئا‪ ،‬اللهم إن كنت قد فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما حنن فيه‪،‬‬
‫فانفرجت الصخرة فخرجوا ميشون" متفق عليه وهو من رياض الصاحلني للنووي‪.‬‬
‫فانظر أخي كيف ّفرج اهلل سبحانه وتعاىل الصخرة عن هؤالء املكروبني‪ ،‬لقد ّفرج اهلل عنهم الصخرة‬
‫الصلبة لدعائهم بصاحل أعماهلم وإخالصهم هلل تعاىل‪.‬‬

‫وما سبب الذل واهلوان الذي تقع فيه البشرية وتتخبط به إال عدم اإلخالص هلل تعاىل‪ ،‬ويا أيها االنسان‬
‫أال يوجد من صاحل األعمال ما تتوسل فيه اال اهلل ليخلصك من كربك وشدتك!‪.‬‬

‫نجاة يوسف بسبب االخالص‪:‬‬


‫وانظر اىل البالء الذي وقع فيه يوسف عليه السالم‪ ،‬إنه بالء التعرض للزنا مث انظر كيف اشتدت‬
‫االغراءات به‪ ،‬وجتمعت عليه‪ ،‬وأراد الشيطان أن يوقعه يف الزنا فلم يفلح‪ ،‬فمن االغراءات امللحة كونه‬
‫شابا يفيض باحليوية واجلنس وكان عزبا حسن الوجه‪ ،‬يقول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬أعطي‬
‫يوسف شطر احلسن" صحيح اجلامع ‪ ،1073‬فهذا جيعل داعي االحلاح واإلغراء من جانب امرأة امللك‬
‫العزيز أشد وأقوى‪ ،‬وكذلك البعد عن رقابة األهل والغرباء ممن قد يفضح أمره‪ ،‬ومع ذلك فقد ثبت‬
‫عليه السالم ثباتا شديدا بفضل اهلل تعاىل وتوفيقه‪{ ،‬كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا‬
‫املخلصني}‪ .‬يوسف ‪.24‬‬

‫فباإلخالص هلل تعاىل كانت جناته عليه السالم‪ ،‬فهل أنتم يا معشر الشباب معتربون؟ وهل أننت يا معشر‬
‫غض بصره ـ وما فوق ذلك ـ بسبب نقصان‬‫الفتيات معتربات؟ كم من الشباب والفتيات من ال يستطيع ّ‬
‫اإلخالص هلل تعاىل‪ ،‬فحسبنا اهلل ونعم الوكيل‪.‬‬

‫الغالم المؤمن‪:‬‬
‫يف هذه القصة ـ عربة ملن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ـ ‪ ،‬فلنتدبر هذه القصةن متلمسني ما‬
‫فيها من عان عظيمة يف اإلخالص‪.‬‬

‫عن صهيب رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ ":‬كان ملك فيمن قبلكمن وكان له‬
‫إيل غالما أعلمه السحر‪ ،‬فبعث اليه غالما يعلمه‪،‬‬
‫ساحر‪ ،‬فلما كرب قال للملك‪ :‬إين قد كربت فابعث ّ‬
‫وكان يف طريقه إذا سلك راهب فقعد إليه ومسع كالمه فأعجبه وكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد‬
‫اليه‪ ،‬فإذا أتى الساحر ضربه‪ ،‬فشكا ذلك اىل الراهب فقال‪ :‬إذا خشيت الساحر فقل حبسين أهلي‪ ،‬وإذا‬
‫خشيت أهلك فقل‪ :‬حبسين الساحر‪ ،‬فبينما هو على ذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس‬
‫فقال‪ :‬اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل؟ فأخذ حجرا فقال‪ :‬اللهم إن كان أمر الراهب أحب‬
‫إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حىت ميضي الناس‪ ،‬فرماها فقتلها ومضى الناس فأتى الراهب‬
‫فأخربه فقال له الراهب‪ :‬أي بين أنت اليوم أفضل مين قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستبتلى فإن ابتليت‬
‫علي‪ .‬وكان الغالم يربيء الكمه واألبرص ويداوي الناس من سائر األدواء فسمع جليس للملك‬ ‫فال تدل ّ‬
‫كان قد عمي فأتاه هبدايا كثرية فقال‪ :‬ما هاهنا لك أمجع‪ ،‬إن أنت شفيتين‪ .‬فقال‪ :‬إين ال أشفي أحدا إمنا‬
‫يشفي اهلل تعاىل فإن آمنت باهلل تعاىل دعوت اهلل فشفاك‪ .‬فآمن باهلل تعاىل فشفاه اهلل تعاىل‪ ،‬فأتى امللك‬
‫فجلس إليه كما كان جيلس فقال له امللك‪ :‬من رد عليك بصرك؟ قال‪ :‬ريب‪ ،‬قال‪ :‬أو لك رب غريي؟‬
‫دل على الغالم فجيء بالغالم فقال له امللك‪ :‬أي بين قد‬ ‫قال‪ :‬ريب وربك اهلل‪ .‬فأخذه فلم يزل يعذبه حىت ّ‬
‫بلف من سحر ما تربيء األكمه واألبرص وتفعل وتفعل‪ .‬فقال‪ :‬إين ال أشفي أحدا إمنا يشفي اهلل تعاىل‪.‬‬
‫فأخذه فلم يزل يعذبه حىت دل على الراهب‪ ،‬فجيء بالراهب فقيل له‪ :‬ارجع عن دينك فأىب فدعا‬
‫باملنشار فوضع املنشار يف مفرق رأسه فشقعه حىت وقع شقاه‪ ،‬مث جيء جبليس امللك فقيل له‪ :‬ارجع عن‬
‫دينك فأىب فوضع املنشار يف مفقرق رأسه فشقه به حىت وقع شقاه‪ ،‬مث جيء بالغالم فقيل له‪ :‬ارجع عن‬
‫دينك فأىب فدفعه اىل نفر من أصحابه فقال‪ :‬اذهبوا به اىل جبل كذا وكذا فاصعدوا به اجلبل فإذا بلغتم‬
‫ذروته فإن رجع عن دينه وإال فاطرحوه‪ .‬فذهبوا فصعدوا به اجلبل فقال‪ :‬اللهم اكفنيهم مبا شئت‪،‬‬
‫فرجف هبم اجلبل فسقطوا وجاء ميشي اىل امللك فقال له امللك‪ :‬ما فعل أصحابك؟ فقال‪ :‬كفانيهم اهلل‬
‫تعاىل‪ ،‬فدفعه اىل نفر من أصحابه فقال‪ :‬كفانيهم اهلل تعاىل‪ ،‬فدفعه اىل نفر من أصحابه فقال‪ :‬إذهبوا به‬
‫فامحلوه يف قرقور وتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإال فاقذفوه‪ ،‬فذهبوا به فقال‪ :‬اللهم اكفنيهم مبا‬
‫شئت فانكفأت هبم السفينة فغرقوا وجاء ميشي اىل امللك فقال للملك‪ :‬إنك لست بقاتلي حىت تفعل ما‬
‫آمرك به‪ .‬قال‪ :‬ما هو؟ قال‪ :‬جتمع الناس يف صعيد واحد وتصلبين على جذع مث تأخذ سهما من كنانيت‬
‫مث ضع السهم يف كبد القوس مث قل‪ :‬بسم اهلل رب الغالم‪ ،‬مث ارمين‪ ،‬فإنك إذا فعلت ذلك قتلتين‪ ،‬فجمع‬
‫الناس يف صعيد واحد وصلبه على جذع‪ ،‬مث أخذ سهما من كنانته مث وضع السهم يف كبد القوس‪ ،‬مث‬
‫قال‪ :‬بسم اهلل رب الغالم‪ ،‬مث رماه فوقع السهم يف صدغه‪ ،‬فوضع يده يف صدغه فمات‪ ،‬فقال الناس‪:‬‬
‫آمنا برب الغالم‪ ،‬فأتى امللك فقيل له‪ :‬أرأيت ما كنت حتذر‪ ،‬قد واهلل نزل بك حذرك‪ ،‬قد آمن الناس‪.‬‬
‫فأمر باألخدود بأفواه السكك فخدت‪ ،‬وأضرم فيها النريان وقال‪ :‬من مل يرجع عن دينه فأقحموه فيها أو‬
‫قيل له‪ :‬اقتحم‪ ،‬ففعلوا حىت جاءت امرأة ومعها صيب هلا تقاعست أن تقع فقال هلا الغالم‪ :‬يا أمه اصربي‬
‫فإنك على احلق" رواه مسلم‪.‬‬
‫فانظر كيف أن اهلل حيب الدعوات املخلصة وكيف كانت السنن الكونية تتبدل وتتغري بسبب‬
‫اإلخالص هلل تعاىل‪ .‬ولقد وقع الغالم يف خطر عظيم عندما أخذوه من على اجلبل ليطرحوه‪ .‬فدعا اهلل‬
‫بإخالص شديد‪ ( :‬اللهم اكفنيهم مبا شئت) فرجف هبم اجلبل فسقطوا وجاء ميشي اىل امللك‪ ،‬لقد كان‬
‫اإلخالص سببا يف جناته من املوت واستطاع بفضل اهلل سبحانه أن يقتل باإلخالص أعداء اهلل تعاىل‪ ،‬مث‬
‫سر قوته ـ أخذوه وتوسطوا به البحر فدعا‬ ‫أخذوه يف السفينة ليتخلصوا منه ـ حيث إهنم رأوا اإلخالص ّ‬
‫اهلل بإخالص العبد للرب‪ ( :‬اللهم اكفنيهم مبا شئت) فانكفأت هبما السفينة فغرقوا وجاء ميشي اىل‬
‫امللك‪.‬‬

‫من اهلل به على هذا الغالم‪ ،‬جناه اهلل من خطر عظيم‪ ،‬وبه قضى على أعداء اهلل‬
‫هذا هو االخالص الذي ّ‬
‫تبارك وتعاىل‪.‬‬

‫مث انظر كيف كان يشتد إخالص ذلك الغالم فقد باع نفسه هلل شهيدا‪ ،‬ضحى بنفسه من أجل أن‬
‫تكون كلمة االخالص هي املقولة على األرض وهي املعمول هبا‪ ،‬من أجل أن يقول الناس‪ ( :‬آمنا برب‬
‫الغالم)‪.‬‬

‫لقد قال للملك‪ ( :‬إنك لست بقاتلي حىت تفعل ما آمرك به قال ما هو؟ قال‪ :‬جتمع الناس يف صعيد‬
‫واحد وتصلبين على جذع مث خذ سهما من كنانيت مث ضع السهم يف كبد القوس مث قل‪ :‬بسم اهلل رب‬
‫الغالم‪ ،‬مث ارمين فإنك إذا فعلت ذلك قتلتين)‪.‬‬

‫وما هي نتيجة هذا االخالص؟ أجر كبري ومنزلة عظيمة عند اهلل لغالم‪ ،‬وإميان من الناس برب الغالم‪،‬‬
‫فما أن مات هذا الغالم‪ ،‬وإذا بالناس تقول‪ :‬آمنا برب الغالم‪.‬‬

‫هذه هي مثرة إخالص الغالم‪ ،‬إميان شعب بكامله‪ .‬إميانا ثبتوا به على التحريق‪ .‬وكان من مثرت‬
‫إخالصه أيضا‪ ،‬ما أنطق اهلل به لسان ذلك الصيب الصغري‪ ،‬عندما تقاعست أمه أن تقع يف النار‪ ( :‬يا أمه‬
‫اصربي فإنك على احلق)‪..‬‬

‫نطق هذا الصيب باألمس‪ ،‬واليوم أفواه البشرية مقفلة ال هتمس بشيء ـ إال من رحم اهلل‪ ،‬وقليل ما هم ـ‬
‫فهل من مدكر‪...‬؟‬
‫قصة إبراهيم وزوجه عند البيت‪:‬‬
‫وهيا بنا نرتع يف جو من اإلخالص واألميان‪ ،‬وحنن نقرأ قصة إبراهيم عليه السالم وزوجه‪ ،‬وذلك يف‬
‫حديث إبن عباس رضي اهلل عنهما قال‪ :‬جاء إبراهيم صلى اهلل عليه وسلم بأم إمساعيل وبابنها إمساعيل‬
‫وهي ترضعه حىت وضعها عند البيت‪ ،‬عند دوحة فوق زمزم يف أعلى املسجد‪ ،‬وليس مبكة يومئذ أحد‬
‫وليس هبا ماء فوضعهما هناك ووضع عندمها جرابا فيه متر‪ ،‬وسقاء فيه ماء‪ ،‬مث قفى إبراهيم منطلقا فتبعته‬
‫أم إمساعيل فقالت‪ :‬يا ابراهيم أين تذهب وترتكنا هبذا الوادي الذي ليس فيه أنيس وال شيء؟ فقالت له‬
‫مرارا؟ وجعل ال يلتفت اليها‪ .‬فقالت له‪ :‬آهلل أمرك هبذا؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قالت‪ :‬إذاً ال يضيعنا‪ .‬مث رجعت‬
‫فانطلق إبراهيم صلى اهلل عليه وسلم حىت إذا كان عند الثنية حيث ال يرونه‪ ،‬استقبل بوجهه اليب مث دعا‬
‫هبؤالء الدعوات فرفع يديه فقال‪ {:‬رب إين أسكنت من ذرييت بواد غري ذي زرع} حىت بلغ‬
‫{يشكرون} وجعلت أم إمساعيل ترضع إمساعيل وتشرب من ذلك املاء‪ ،‬حىت إذا نفذ ما يف السقا‬
‫عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر اليه يلوى ـ أو قال يتلبط ـ فانطلقت كراهية أن تنظر اليه فوجدت‬
‫الصفا أقرب جبل يف األرض يليها فقامت عليه‪ ،‬مث استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا‪ ،‬فهبطت من‬
‫الصفا حىت إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها مث سعت سعي االنسان اجملهود حىت جاوزت الوادي مث‬
‫أتت املروة فقامت عليها فنظرت هل ترى أحدا فلم تر أحدا‪ ،‬ففعلت ذلك سبع مرات‪ .‬قال ابن عباس‬
‫رضي اهلل عنهما‪ :‬قال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬فلذلك سعى الناس بينهما" فلما أشرفت املروة مسعت‬
‫صوتا فقالت‪ :‬صه ـ تريد نفسها ـ مث تسمعت فسمعت أيضا فقالت‪ :‬قد أمسعت إن كان عندك غواث‬
‫فأغث‪ ،‬فإذا هي بامللك عند موضع زمزم فبحث يعقبه ـ أو قال جبناحه ـ حىت ظهر املاء فجعلت ختوضه‬
‫وتقول بيدها هكذا‪ ،‬وجعلت تغرف املاء يف سقائها وهو يفور بعدما تغرف‪ ،‬ويف رواية بقدر ما تغرف‪.‬‬
‫قال ابن عباس رضي اهلل عنهما‪ :‬قال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬رحم اهلل أم إمساعيل لو تركت زمزم ـ‬
‫أو قال‪ :‬لو مل تغرف من املاء ـ لكانت زمزم عينا معينا"‪ .‬قال‪ :‬فشربت وأرضعت ولدها فقال هلا امللك‪:‬‬
‫ال ختافوا الضيعة فإن ههنا بيتا هلل بينيه هذا الغالم وأبوه‪ ،‬وأن اهلل ال يضبع أهله"‪ .‬جزء من حديث رواه‬
‫البخاري كما قال النووي يف رياض الصاحلني‪.‬‬

‫لقد كان من مظاهر اإلخالص عند إبراهيم امتثاله ألمر اهلل تعاىل بوضع زوجه وابنه يف أرض ال أنيس‬
‫فيها وال شيء‪ ،‬وهذا املظهر كذلك كان موجودا يف زوجه حني قالت أخريا‪ :‬آهلل أمرك هبذا؟ قال‪ :‬نعم‪،‬‬
‫قالت‪ :‬إذاً ال يضيعنا‪.‬‬
‫فهل صيعهم اهلل تعاىل؟ لقد كان إلخالص ابراهيم وزوجه أثرا يف اهتزاز كل قلب مؤمن أسلم وجهه‬
‫اىل اهلل‪ ،‬لقد فجر اهلل تعاىل باإلخالص والتضحية زمزم‪ ،‬ال إلمساعيل وأمه فحسب‪ ،‬ولكن للماليني من‬
‫الناس على مر السنني‪ ،‬وباإلخالص هلل تعاىل فجرت زمزم ليشرب منها من أدى احلج أو العمرة من مجيع‬
‫أقطار األرض‪ ،‬زمزم اليت قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ماء زمزم ملا شرب له" صححه األلباين‬
‫يف مناسك احلج والعمرة ص ‪ ،23‬فمن شرب زمزم بينة أن يعلمه اهلل‪ ،‬علمه اهلل تعاىل‪ .‬ومن شربه بنية‬
‫الثبات على الدين‪ ،‬ثبته اهلل سبحانه وتعاىل‪ .‬ومن شربه بنية الشفاء من مرض‪ ،‬شفاه اهلل‪ .‬وقال صلى اهلل‬
‫عليه وسلم أيضا‪ ":‬إهنا مباركة وهي طعام طعم وشفاء سقم" مناسك احلج والعمرة ص ‪ 23‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬وقال عليه الصالة والسالم‪ ":‬خري ماء على وجه األرض ما زمزم‪ ،‬فيه طعام من الطعم وشفاء من‬
‫السقم" خرجه األلباين يف السلسلة الصحيحة‪.‬‬

‫من اإلخالص أن تعمل الصالحات مع خوف عذاب اآلخرة‪:‬‬


‫قال اهلل تعاىل يف حق طائفة من الصاحلني وهم األبرار‪ {:‬ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما‬
‫وأسريا‪ ،‬إمنا نطعمكم لوجه اهلل‪ ،‬ال نريد منكم جزاء وال شكورا‪ ،‬إنا خناف من ربنا يوما عبوسا‬
‫شر ذلك اليوم ول ّقاهم نضرة وسرورا} االنسان ‪.8-11‬‬ ‫قمطريرا‪ ،‬فوقاهم اهلل ّ‬
‫من بتقدمي الطعام‬
‫فهؤالء مل يكونوا ليفعلوا اخلري انتظار جزاء الناس وشكرهم‪ ،‬ومل يكن منهم ّ‬
‫والشراب والعون‪ ،‬إمنا يصحب هذه األعمال خوف من اهلل تعاىل‪ {:‬إنا خناف من ربنا يوما عبوسا‬
‫قمطريرا} فهم يطعمون الطعام وهم خيافون من رهبم يوم القيامة‪ ،‬ومل يكونوا شاخمي النفوس‪ ،‬متعالني‬
‫على من يقدمون هلم العون‪ ،‬عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬سألت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫عن هذه اآلية‪ {:‬والذين يؤتون ما آتوا وقلوهبم وجلة} قالت عائشة‪ :‬هم الذين يشربون اخلمر‬
‫ويسرقون؟ قال‪ ":‬ال يا بنت الصديق‪ ،‬ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم خيافون أن ال‬
‫يقبل منهم أولئك الذين يسارعون يف اخلريات}‪ .‬أخرجه شيخنا يف السلسلة الصحيحة رقم ‪.162‬‬

‫ملاذا تستجاب دعوة املظلوم واملضطر؟ وما معىن فرغ قلبه هلل؟‬

‫قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬دعوة املظلوم مستجابة‪ ،‬وإن كان فاجرا‪ ،‬ففجوره على نفسه"‬
‫صحيح اجلامع ‪.3377‬‬
‫وإذا تأملنا األمر‪ ،‬وجدنا الداعي خيلص يف دعوته‪ ،‬وجيمع قلبه يف الدعاء وال يشغله شاغل عن اإلحلاح‬
‫يف دعوته‪ ،‬ألن يرى أنه ال بد من حتقيق استجابة دعائه‪ ،‬وقد بنّي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عدم‬
‫استجابة الدعاء بقوله‪ ":‬ادعوا اهلل وأنتم موقنون باإلجابة‪ ،‬واعلموا ان اهلل ال يستجيب دعاء من قلب‬
‫غافل اله"‪ .‬األحاديث الصحيحة ‪.594‬‬

‫فالقلب الغافل الالهي ال يستجاب له دعاء‪ ،‬واملظلوم ال يلهو قلبه عن دعوته لضرورته وفاقته‪ ،‬وكذلك‬
‫املضطر فإن دعاءه مستجاب ولو مل يكن مسلما‪ ،‬قال تعاىل{ ّأمن جييب املضطر إذا دعاه} النمل ‪.62‬‬

‫فليس مع املضطر جمال ليشغل قلبه ويلهو بغري ما اضطر إليه‪ .‬فهو خملص حلظة اضطراره مهما كان‬
‫طغيانه وكفره‪.‬‬

‫مث إ ّن حديث مسلم يوضح لنا هذا الشغل الشاغل عن حتصيل األفضل‪ ،‬عن جابر قال‪ :‬قال رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من يصعد الثنية ثنية املرار فإنه حيط عنه ما حط عن بين إسرائيل" وكان أول من‬
‫صعدها خيلنا خيل بين اخلزرج مث تتام الناس فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬كلكم مغفور له إال‬
‫صاحب اجلمل األمحر" فأتيناه فقلنا‪ :‬تعال يستغفر لك رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬ألن أجد‬
‫إيل من أن يستغفر يل صاحبكم‪.‬‬ ‫ضاليت أحب ّ‬
‫فهو ها هنا شغل بالضالة عن املغفرة له واإلخالص هلل تعاىل‪ ،‬وحيسن بنا يف هذا املقام أن نورد حديثا‬
‫لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يزيدنا وضوحا هلذا األمر وهو قوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ما منكم من‬
‫رجل يقرب وضوءه‪ ،‬فيتمضمض‪ ،‬وميج‪ ،‬ويستنشق‪ ،‬فينتثر إال جرت خطايا وجهه من أطراف حليته مع‬
‫املاء‪ ،‬مث يغسل يديه اىل املرفقني‪ ،‬إال جرت خطايا يديه من أطراف أنامله مع املاء‪ ،‬مث ميسح رأسه كما‬
‫أمره اهلل إال جرت خطايا رجليه من أطراف أنامله مع املاء‪ ،‬فإن هو قام فصلى‪ ،‬فحمد اهلل وأثىن عليه‬
‫وجمّده بالذي هو أهله‪ ،‬وفرغ قلبه هلل‪ ،‬إال انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه" صحيح اجلامع‬
‫‪.5680‬‬

‫فقوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬فرغ قلبه هلل" هو الشاهد هنا‪ ،‬وتفريغ القلب هلل هو صرف االنشغال عما‬
‫شواه وهو من كمال اإلخالص هلل تعاىل‪ ،‬فكل من املضطر واملظلوم يفرغ قلبه هلل تعاىل عند الدعاء‬
‫فيستجيب اهلل تعاىل هلما الدعاء جزاء إخالصهما‪ .‬مث إنه كان من دعاء إبراهيم عليه السالم‪ {:‬لئن مل‬
‫يهدين ريب ألكونن من القوم الضالني} األنعام ‪ ،77‬ودعا نوح عليه السالم ربه‪ {:‬إال تغفر يل وترمحين‬
‫أكن من اخلاسرين} هود ‪ .47‬فهذه أدعية ال بد من استجابتها وهي دعوات مضطر يرتتب على عدم‬
‫استجابتها ضاللة وخسارة‪ ،‬وهذه الصيغ من الدعوات‪ ،‬تدل على تفريغ قلب صاحبها هلل تعاىل وعدم‬
‫انشغاله بسواها‪ ،‬وجعل مهه استجابتها وتقدمي ذلك على كل شيء‪ ،‬حىت إن الشيطان ملا دعا اهلل تعاىل‬
‫بدعوة عظم الضالل فيها { قال رب فأنظرين إىل يوم يبعثون} احلجر ‪ ،36‬فإنه فرغ قلبه هلل‪ ،‬وهي‬
‫دعوة مضطرة مل يبق له إال هي‪ ،‬وماذا يبقى له سواها إذن بعد ان خسر كل شيء؟ وماذا كانت‬
‫النتيجة؟ { قال فإنك من املنظرين‪ ،‬اىل يوم الوقت املعلوم} احلجر ‪.38-37‬‬

‫فكيف كان شكر الشيطان لربه على إستجابة الدعاء؟‬


‫{قال رب مبا أغويتين ألزينن هلم يف األرض وألغوينهم أمجعني‪ ،‬إال عبادك منهم املخلصني} احلجر‬
‫‪.40-39‬‬

‫فاستثىن الشيطان ـ نعوذ باهلل منه ـ املخلصني ألهنم ّفرغوا قلوهبم هلل‪ ،‬فلم تكن املنكرات مزينة يف‬
‫نفوسهم‪ ،‬من هنا جند الداعي املظلوم واملضطر قد فرغ قلبه هلل وال يزين يف نفسه شيء يلهيه عن دعوته‬
‫حىت يتحقق مراده‪.‬‬

‫ومن هنا نلحظ كذلك أن الثالثة الذين خلّفوا قد ضاقت عليهم األرض مبا رحبت وضاقت عليهم‬
‫أنفسهم‪ ،‬وهذا هو وصف اهلل تعاىل هلم‪ ،‬قال سبحانه‪ {:‬وعلى الثالثة الذين خلفوا حىت إذا ضاقت‬
‫عليهم األرض مبا رحبت‪ ،‬وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن ال ملجأ من اهلل إال اليه‪ ،‬مث تاب عليهم‬
‫ليتوبوا إن اهلل هو التواب الرحيم} التوبة ‪ .18‬فهؤالء مضطرون بدعوهتم فهم قد ّفرغوا قلوهبم من كل‬
‫شيء سوى مرضاة اهلل‪ ،‬ولقد ضاقت عليهم األرض مبا رحبت‪ ،‬وضاقت عليهم انفسهم‪ ،‬فلم يستطع‬
‫الشيطان أن يزين هلم شيئا ألهنم رأوا أن ال بد من رضوان اهلل عليهم‪ ،‬فتاب اهلل عليهم سبحانه‪.‬‬

‫ومن هنا نفهم حديث الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪":‬إن الرجل لينصرف وما كتب له إال عشر‬
‫صالته‪ ،‬تسعها‪ ،‬مثنها‪ ،‬سبعها‪ ،‬وسدسها‪ ،‬مخسها‪ ،‬ربعها‪ ،‬ثلثها‪ ،‬نصفها" رواه أمحد يف مسنده وهو يف‬
‫صحيح اجلامع ‪ .1622‬فبمقدار ما يفرغ قلبه له تعاىل يكتب له من األجر يف صالته ومبقدار ما يفرغ‬
‫قلبه يتقبل اهلل منه‪ ،‬وكذلك الدعوات ختتلف االستجابة فيها حبسب تفريغ القلوب هلل تعاىل وتشتد‬
‫االستجابة عند املظلوم واملضطر بسبب التفريغ القليب الكامل هلل تعاىل‪.‬‬

‫وكيف كان وضع الغالم المؤمن عندما أخذ ليلقى به من فوق الجبل؟‬
‫لقد فرغ قلبه هلل بالدعاء فقال‪ ":‬اللهم اكفين مبا شئت"‪ ،‬مث مبا ينشغل عن الدعاء وهو يرى نفسه‬
‫سيلقى به من فوق اجلبل؟‬

‫من هنا يشتد إميان من يفهم حديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪":‬اجلنة أقرب اىل أحدكم من‬
‫شراك نعله والنار مثل ذلك" رواه البخاري‪ .‬فإن من رأى القرب من اجلنة وأحسها بقلبه فرغ نفسه عما‬
‫سواها هلا‪ ،‬ومن رأى النار قرهبا هبذا القدرن فإنه ال ينشغل بشيء سوى البعد عنها‪ ،‬وهذا من اإلخالص‬
‫هلل تعاىل‪ ،‬ولنتدبر يف هذا املوطن حديث الرسول صلى اهلل عليه وسلم الذي يرويه مسلم‪ ":‬لو يعلم‬
‫املؤمن ما عند اهلل من العقوبة ما طمع جبنته أحد‪ ،‬ولو يعلم الكافر ما عند اهلل من الرمحة ما قنط من‬
‫جنته" فلو علم ما عند اهلل من العقوبة فإنه سيفرغ قلبه للنجاة من عذاهبا‪ ،‬ولن يطمع باجلنة اليت هي مراد‬
‫كل عبد مؤمن‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫في مصاحبة أهل االخالص واالنتفاع بإخالصهم‬

‫تقدم معنا حديث الثالثة الذين كانوا يف الغار‪ ،‬وتقدم أيضا كيف دعا أحدهم بصاحل أعماله فانفرج‬
‫جزء من الصخرة‪ ،‬غري أهنم ال يستطيعون اخلروج منها‪ ،‬فانتفع اجلميع بدعوة املخلص الواحد‪ ،‬مث تكرر‬
‫الدعاء من صاحبيه وكل مرة ينفرج جزء من الصخرة‪ ،‬وكان االنتفاع يعم اجلميع‪ ،‬حىت خرج اجلميع‬
‫من الغار‪.‬‬

‫فاحرص على مصاحبة أهل االخالص تنتفع ـ بفضل اهلل ـ بإخالصهم ودعائهم‪ ،‬عن أيب هريرة رضي‬
‫اهلل عنه عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪ ":‬إن هلل مالئكة سيارة فضال يتتبعون جمالس الذكر‪ ،‬فإذا‬
‫وجدوا جملسا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم حىت ميألوا ما بينهم وبني السماء‬
‫الدنيا فإذا تفرقوا عوجوا وصعدوا اىل السماء‪ ،‬فيسأهلم اهلل عز وجل ـ وهو أعلم ـ من أين جئتم؟‬
‫فيقولون‪ :‬جئنا من عند عباد اهلل يف األرض‪ :‬يسبحونك ويكربونك‪ ،‬ويهللونك‪ ،‬وحيمدونك‪ ،‬ويسألونك‪.‬‬
‫قال‪ :‬وما يسألوين؟ قالوا‪ :‬يسألونك جنتك‪ .‬قال‪ :‬وهل رأوا جنيت؟ قالوا‪ :‬ال أي رب‪ .‬قال‪ :‬فكيف لو‬
‫رأوا جنيت؟ قالوا‪ :‬ويستجريونك‪ .‬قال‪ :‬ومم يستجريوين؟ قالوا‪ :‬من نارك يا رب‪ .‬قال‪ :‬وهل رأوا ناري؟‬
‫قالوا‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا‪ :‬ويستغفرونك؟ فيقول‪ :‬قد غفرت هلم‪ ،‬وأعطيتهم ما سألوا‪،‬‬
‫وأجرهتم مما استجاروا‪ .‬قال‪ :‬يقولون‪ :‬رب فيهم عبد خطّاء إمنا مر فجلس معهمن فيقول‪ :‬وله غفرت‬
‫هم القوم ال يشقى هبم جليسهم"‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫فاحذر من البعد عن اإلخالص وانظر اىل وصية رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم لك من خالل هذا‬
‫احلديث‪ ":‬ما من ثالثة يف قرية‪ ،‬وال بدو‪ ،‬ال تقام فيهم الصالة إال استحوذ عليهم الشيطان‪ ،‬فعليكم‬
‫باجلماعة‪ ،‬فإمنا يأكل الذئب القاصية" رواه أمحد يف مسنده وهو يف صحيح اجلامع ‪.5577‬‬
‫وقد أوردت من طرق معاجلة الرياء ومصاحبة أهل اإلخالص‪.‬‬
‫فضائل اإلخالص في األعمال‬

‫‪ _1‬اإلخالص في التوحيد‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ما قال عبد ال اله اال اهلل خملصا قط إال فتحت له أبواب السماء‪ ،‬حىت‬
‫تفضي اىل العرش‪ ،‬ما اجتنب الكبائر"‪ .‬صحيح اجلامع ‪.5524‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ما من نفس متوت وهي تشهد أن ال اله اال اهلل‪ ،‬وأين رسول اهلل‪ ،‬يرجع‬
‫ذلك اىل قلب مؤمن‪ ،‬إال غفر اهلل له‪ .‬صحيح اجلامع ‪.5669‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إن اهلل قد حرم على النار من قال‪ :‬ال اله اال اهلل‪ ،‬يبتغي بذلك وجه اهلل"‬
‫جزء من حديث متفق عليه‪.‬‬

‫‪ _2‬اإلخالص في النية‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إمنا األعمال بالنيات وإمنا لكل امرئ ما نوى"‪.‬‬

‫‪ _3‬اإلخالص في الصالة‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ما منكم من أحد يتوضأ‪ ،‬فيحسن الوضوء مث يقوم فريكع ركعتني‪ ،‬يقبل‬
‫عليهما بقلبه ووجه‪ ،‬وجبت له اجلنة وغفر له" صحح األلباين يف صحيح اجلامع ‪.5678‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ما منكم من رجل يقرب وضوءه فيتمضمض وميج‪ ،‬ويستنشق‪ ،‬قينتثر إال‬
‫جرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه‪ ،‬مث إذا غسل وجهه كما أمره اهلل‪ ،‬إال جرت خطايا وجهه من‬
‫اطراف حليته مع ملاء‪ ،‬مث يغسل يديه اىل املرفقني‪ ،‬إال جرت خطايا يديه من أطراف انامله مع املاء‪ ،‬مث‬
‫ميسح رأسه كما أمره اهلل‪ ،‬إال جرت خطاياه من أطراف شعره مع املاء‪ ،‬مث يغسل قدميه اىل الكعبني كما‬
‫امره اهلل‪ ،‬إال جرت خطايا رجليه من أطراف أنامله مع املاء‪ ،‬فإن هو قام فصلى‪ ،‬فحمد اهلل وأثىن عليه‬
‫وجمّده بالذي هو أهله‪ ،‬وفرغ قلبه هلل إال انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه" رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ _4‬اإلخالص في السجود‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬ما من عبد يسجد هلل سجدة‪ ،‬إال كتب اهلل له هبا حسنة‪ ،‬وحط عنه هبا‬
‫سيئة ورفع له هبا درجة‪ ،‬فاستكثروا من السجود" الصحيح اجلامع ‪.5618‬‬

‫‪ _5‬اإلخالص في قيام رمضان‪:‬‬


‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من قام رمضان إميانا واحتسابا‪ ،‬غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري‪.‬‬

‫‪ _6‬اإلخالص في قيام ليلة القدر‪_:‬‬


‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من قام ليلة القدر إميانا واحتسابا‪ ،‬غفر له ما تقدم من ذنبه" البخاري‪.‬‬

‫‪ _7‬اإلخالص في حب المسجد‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬سبعة يظلهم اهلل يف ظله يوم ال ظل إال ظله‪ :‬إمام عادل‪ ،‬وشاب نشأ يف‬
‫وتفرقا عليه‪ ،‬ورجل دعته‬
‫عبادة اهلل‪ ،‬ورجل قلبه معلق باملساجد‪ ،‬ورجالن حتابا يف اهلل‪ :‬اجتمعا عليه ّ‬
‫امرأة ذات منصب ومجال فقال‪ :‬إين أخاف اهلل‪ ،‬ورجل تصدق بصدقة فأخفاها‪ ،‬حىت ال تعلم مشاله ما‬
‫تنفقه ميينه‪ ،‬ورجل ذكر اهلل خاليا ففاضت عيناه" متفق عليه‪.‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ما توطن رجل مسلم املساجد للصالة والذكر إال تبشبش اهلل له من حني‬
‫خيرج من بيته‪ ،‬كما يتبشبش اهل الغائب بغائبهم‪ ،‬إذا قدم عليهم" صحيح اجلامع ‪.5480‬‬

‫‪ _8‬اإلخالص في الخروج للصالة‪:‬‬


‫عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬صالة الرجل يف مجاعة تزيد‬
‫على صالته يف سوقه وبيته بضعا وعشرين درجة وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء‪ ،‬مث أتى‬
‫املسجد ال يريد إال الصالة ال ينهزه إال الصالة‪ ،‬مل خيط خطوة إال رفع له هبا درجة‪ ،‬وحط عنه هبا‬
‫خطيئة حىت يدخل املسجد‪ ،‬فإذا دخل املسجد‪ ،‬كان يف صالة ما كانت الصالة هي حتبسه‪ ،‬واملالئكة‬
‫يصلون على أحدكم ما دام يف جملسه الذي صلى فيه يقولون‪ :‬اللهم ارمحه اللهم اعفر له اللهم تب عليه‪،‬‬
‫ما مل يؤذ فيه‪ ،‬ما مل حيدث فيه" متفق عليه‪.‬‬

‫‪ _9‬اإلخالص في االنتظار في المسجد‪:‬‬


‫للحديث السابق وفيه‪ ":‬فإذا دخل املسجد كان يف صالة ما كانت الصالة هي حتبسه"‪.‬‬

‫‪ _10‬اإلخالص في القول كما يقول المؤذن‪:‬‬


‫قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إذا قال املؤذن‪ :‬اهلل أكرب اهلل أكرب ‪ ،‬فقال أحدكم اهلل أكرب اهلل‬
‫أكرب‪ ،‬مث قال‪ :‬أشهد أن ال اله اال اهلل‪ ،‬فقال‪ :‬أشهد أن ال اله اال اهلل‪ ،‬مث قال‪ :‬أشهد أن حممدا رسول اهلل‪،‬‬
‫حي‬
‫حي على الصالة‪ ،‬قال‪ :‬ال حول وال قوة إال باهلل‪ ،‬مث قال‪ّ :‬‬ ‫قال‪ :‬أشهد أن حممدا رسول اهلل‪ ،‬مث قال‪ّ :‬‬
‫على الفالح‪ ،‬فقال‪ :‬ال حول وال قوة إال باهلل‪ ،‬مث قال‪ :‬اهلل أكرب‪ ،‬اهلل أكرب‪ ،‬قال‪ :‬اهلل أكرب‪ ،‬اهلل أكرب‪ ،‬مث‬
‫قال‪ :‬ال اله اال اهلل‪ ،‬قال‪ :‬ال اله اال اهلل‪ ،‬من قلبه دخل اجلنة" رواه مسلم‪.‬‬

‫‪ _11‬اإلخالص في الصوم‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من صام رمضان إميانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر"‬
‫صحيح اجلامع‪.6201 :‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من صام يوما يف سبيل اهلل‪ ،‬باعد اهلل منه جهنّم مسرية مائة عام" صحيح‬
‫اجلامع‪.6206 :‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من صام يوما يف سبيل اهلل جعل اهلل بينه وبني النار خندقا‪ ،‬كما بني‬
‫السماء واألرض" رواه الرتمذي‪ ،‬وهو يف صحيح اجلامع برقم ‪.6209‬‬

‫‪ _12‬اإلخالص في الزكاة‪_:‬‬
‫عن طلحة بن عبيد اهلل رضي اهلل عنه قال‪ :‬جاء رجل اىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من أهل جند‬
‫ثائر الرأس نسمع دوي صوته وال نفقه ما يقول حىت دنا من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فإذا هو‬
‫يسأل عن االسالم‪ ،‬فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬مخس صلوات يف اليوم والليلة"‪ ،‬قال‪ :‬هل‬
‫تطوع" فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬وصيام شهر رمضان"‬ ‫علي غريهن؟ قال‪ " :‬ال إال أن ّ‬
‫ّ‬
‫علي غريه؟ قال‪ ":‬ال إال أن تطوع" قال وذكر له الرسول صلى اهلل عليه وسلم الزكاة فقال‪:‬‬
‫قال‪ :‬هل ّ‬
‫تطوع" فأدبر الرجل وهو يقول‪ :‬واهلل ال أزيد على هذا وال أنقص منه‪،‬‬
‫علي غريها؟ قال‪ ":‬ال إال أن ّ‬
‫هل ّ‬
‫فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬أفلح إن صدق" متفق عليه‪.‬‬
‫‪ _13‬اإلخالص في الصدقة‪:‬‬
‫وذلك ملا تقدم يف حديث السبعة الذين يظلهم اهلل يف ظله يوم ال ظل إال ظله‪ ،‬وفيهم‪ ":‬ورجل تصدق‬
‫بصدقة فأخفاها حىت ال تعلم مشاله ما تنفقه ميينه"‪.‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬صنائع املعروف تقي مصارع السوء‪ ،‬وصدقة السر تطفئ غضب الرب‪،‬‬
‫وصلة الرحم تزيد يف العمر" صحيح اجلامع ‪.3691‬‬

‫‪ _14‬اإلخالص في الحج‪:‬‬
‫عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬سئل النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬أي العمل أفضل؟ قال‪ :‬إميان باهلل‬
‫ورسوله" قيل‪ :‬مث ماذا؟ قال‪ ":‬اجلهاد يف سبيل اهلل" قيل‪ :‬مث ماذا؟ قال‪ ":‬حج مربور" متفق عليه‪.‬‬

‫واملربور هو الذي ال يرتكب صاحبه فيه معصية‪ ،‬ففيه إشارة اىل االخالص‪ ،‬ألن الشرك والرياء معصية‬
‫هلل تعاىل‪.‬‬

‫حج هلل‪ ،‬فلم يرفث ومل يفسق رجع كيوم ولدته أمه" رواه البخاري‪.‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من ّ‬

‫‪ _15‬اإلخالص في طلب الشهادة‪_:‬‬


‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من سأل القتل يف سبيل اهلل صادقا من قلبه‪ ،‬أعطاه اهلل أجر شهيد‪ ،‬وإن‬
‫مات على فراشه" صحيح اجلامع ‪.6153‬‬

‫‪ _16‬اإلخالص في الرباط‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من رابط يوما وليلة يف سبيل اهلل كان له كأجر صيام شهر وقيامه‪ ،‬ومن‬
‫مات مرابطا جرى له مثل ذلك من األجرن وأجرى عليه الرزق‪ ،‬وأمن الفتان" صحيح اجلامع ‪.6135‬‬

‫‪ _17‬اإلخالص في تجهيز الغزاة‪_:‬‬


‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من جهز غازيا يف سبيل اللهن كان له مثل أجره‪ ،‬من غري أن ينقص من‬
‫أجر الغازي شيئا" األلباين يف صحيح الرتغيب والرتهيب‪.96\2 ،‬‬

‫‪ _18‬اإلخالص في الجهاد‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من قاتل لتكون كلمة اهلل هي العليا‪ ،‬فهو يف سبيل اهلل" متفق عليه‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ما من مكلوم يكلم يف اهلل‪ ،‬إال جاء يوم القيامة وكلمة يدمي‪ ،‬اللون لون‬
‫الدم‪ ،‬والريح ريح املسك" رواه البخاري‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬

‫‪ _19‬اإلخالص في التوبة‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من تاب اىل اهلل قبل أن يغرغر‪ ،‬قبل اهلل منه" رواه أمحد يف مسنده‪.‬‬

‫وعن أيب سعيد سعد بن مالك بن سنان اخلدري رضي اهلل عنه أن نيب اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪":‬‬
‫كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعني نفسا فسأل عن أعلم أهل األرض فدل على راهب‪ ،‬فأتاه‬
‫فقال‪ :‬إنه قتل تسعة وتسعني فهل له توبة؟ فقال‪ :‬ال‪ ،‬فقتله‪ ،‬فكمل به مائة‪ .‬مث سأل عن أعلم أهل‬
‫األرض فدل على رجل عامل فقال‪ :‬إنه قتل مائة نفس فهل من توبة؟ فقال‪ :‬نعم‪ ،‬ومن حيول بينه وبني‬
‫التوبة‪ .‬انطلق اىل أرض كذا وكذا فإن هبا أناسا يعبدون اهلل تعاىل فاعبد اهلل تعاىل معهم‪ ،‬وال ترجع اىل‬
‫أرضك فإهنا أرض سوء‪ ،‬فانطلق حىت إذا نصف الطريق أتاه املوت فاختصمت فيه مالئكة الرمحة‬
‫ومالئكة العذاب‪ ،‬فقالت مالئكة الرمحة‪ :‬جاء تائبا مقبال اىل اهلل تعاىل‪ ،‬وقالت مالئكة العذاب‪ :‬إنه مل‬
‫يعمل خريا قط‪ ،‬فأتاهم ملك يف صورة آدمي فجعلوه بينهم ـ أي حكما ـ فقال‪ :‬قيسوا ما بني األرضني‬
‫فإىل أيتها كان أدىن فهو له‪ ،‬فقاسوا فوجدوه أدىن اىل األرض اليت أراد‪ ،‬فقبضته مالئكة الرمحة" متفق‬
‫عليه‪.‬‬

‫‪ _20‬اإلخالص في االستغفار‪:‬‬
‫قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬سيد االستغفار أن يقول العبد‪ :‬اللهم أنت ريب ال اله اال أنت‪،‬‬
‫خلقتين وأنا عبدك‪ ،‬وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت‪ ،‬أبوء لك بنعمتك‬
‫علي‪ ،‬وأبوء بذنيب فاغفر يل فإنه ال يغفر الذنوب إال أنت‪ ،‬من قاهلا يف النهار موقنا هبا فمات من يومه‬
‫ّ‬
‫قبل أن ميسي فهو من أهل اجلنة‪ ،‬ومن قاهلا من الليل وهو موقن هبا فمات قبل أن يصبح فهو من أهل‬
‫اجلنة" رواه البخاري‪.‬‬

‫‪ _21‬اإلخالص في البكاء‪_:‬‬
‫وقد تقدم احلديث‪ ":‬سبعة يظلهم اهلل يف ظله يوم ال ظل إال ظله"‪ .‬وفيه‪ ":‬ورجل ذكر اهلل خاليا‬
‫ففاضت عيناه"‪.‬‬

‫‪ _22‬اإلخالص في الذكر‪ :‬حلديث السابق‪.‬‬

‫‪ _23‬اإلخالص في الصدق‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إن تصدق اهلل يصدقك" النسائي واحلاكم وهو يف صحيح اجلامع ‪.1428‬‬

‫‪ _24‬اإلخالص في الصبر‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬يقول اهلل تعاىل‪ :‬ما لعبدي املؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من‬
‫اهل الدنيا مث احسبه إال اجلنة" رواه البخاري‪.‬‬

‫وعن عائشة رضي اهلل عنها أهنا سألت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن الطاعون فأخربها" أنه كان‬
‫عذابا يبعثه اهلل تعاىل على من يشاء‪ ،‬فجعله اهلل تعاىل رمحة للمؤمنني‪ ،‬فليس من عبد يقع يف الطاعون‬
‫فيمكث يف بلده صابرا حمتسبا يعلم أنه ال يصيبه إال ما كتب اهلل له‪ ،‬إال كان له مثل أجر الشهيد" رواه‬
‫البخاري‪.‬‬

‫‪ _25‬اإلخالص في التوكل‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إن رجال من بين إسرائيل سأل بعض بين إسرائيل أن يسلفه ألف دينا‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ائتين بالشهداء أشهدهم‪ ،‬فقال‪ :‬كفى باهلل شهيدا‪ ،‬قال‪ :‬فأتين باللكفيل‪ ،‬قال‪ :‬كفى باهلل وكيال‪،‬‬
‫قال‪ :‬صدقت‪ ،‬فدفعها اليها اىل أجل مسمى‪ ،‬فخرج يف البحر فقضى حاجته‪ ،‬مث التمس مركبا يركبها‬
‫يقدم عليه لألجل الذي أجله‪ ،‬فلم جيد مركبا‪ ،‬فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار‪ ،‬وصحيفة منه‬
‫زج موضعها‪ ،‬مث أتى هبا اىل البحر‪ ،‬فقال‪ :‬اللهم إنك تعلم أين تسلفت فالنا ألف دينار‪،‬‬
‫اىل صاحبه‪ ،‬مث ّ‬
‫فسألين كفيال‪ ،‬فقلت‪ :‬كفى باهلل وكيال‪ ،‬فرضي بك‪ ،‬وسألين شهيدا‪ ،‬فقلت‪ :‬كفى باهلل شهيدا‪ ،‬فرضي‬
‫بك‪ ،‬وإين جهدت أن أجد مركبا أبعث اليه الذي له فلم أجد وإين أستودعكها‪ ،‬فرمى هبا اىل البحر‪،‬‬
‫حىت وجلت فيه‪ ،‬مث انصرف‪ ،‬وهو يف ذلك يلتمس مركبا خيرج اىل بلده‪ ،‬فخرج الرجل الذي كان‬
‫أسلفه‪ ،‬ينظر لعل مركبا قد جاء مباله‪ ،‬فإذا اخلشبة اليت فيها املال‪ ،‬فأخذها ألهله حطبا‪ ،‬فلما نشرها وجد‬
‫املال والصحيفة‪ ،‬مث قدم ايل كان أسلفه‪ ،‬فأتى باأللف دينا‪ ،‬وقال‪ :‬واهلل ما زلت جاهدا يف‬
‫ايل شيئا؟ قال‪:‬‬
‫لب مركب آلتيك مبالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه‪ ،‬قال‪ :‬هل كنت بعثت ّ‬
‫أخربك أين مل أجد مركبا قبل الذي جئت فيه‪ ،‬قال‪ :‬فإن اهلل قد أدى عنك الذي بعثت يف اخلشبة‪،‬‬
‫فانصرف باأللف دينار راشدا" رواه البخاري‪.‬‬

‫‪ _26‬اإل_خالص في الحب‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من سره أن جيد حالوة االميان‪ ،‬فليحب املرء ال حيبه إال هلل" رواه أمحد يف‬
‫مسنده واحلاكم‪ ،‬صحيح اجلامع ‪.6164‬‬
‫وعن أيب هريرة رضي اهلل عنه عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪ ":‬أن رجال زار أخا له يف قرية‬
‫أخرى‪ ،‬فأرصد اهلل تعاىل على مدرجته ملكا‪ ،‬فلما اتى عليه قال‪ :‬أين تريد؟ قال‪ :‬أريد اخا يل يف هذه‬
‫القرية‪ ،‬قال‪ :‬هل لك عليه من نعمة ترهّب ا عليه؟ قال‪ :‬ال؟ غري أين احببته يف اهلل تعاىل‪ ،‬قال‪ :‬فإين رسول‬
‫اهلل إليك بأن اهلل قد أحبك كما أحببته فيه" رواه مسلم‪.‬‬

‫‪ _27‬اإل_خالص في الزيارة_ في اهلل‪ :‬للحديث السابق‪.‬‬

‫‪ _28‬اإل_خالص في طاعة الوالدين‪:‬‬


‫وذلك ملا تقدم يف حديث الثالثة الذين انطبقت عليهم الصخرة وهم يف الغار‪ ،‬فدعوا اهلل بصاحل‬
‫أعماهلم‪ ،‬وكان مبا قاله أحدهم" اللهم كان يل أبوان شيخان كبريان‪ ،‬وكنت ال أغبق قبلهما أهال وال‬
‫ماال‪ ...،‬فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حىت برق الفجر‪ ،‬والصبية يتصاغون عند قدمي‬
‫ففرج عنا ما حنن فيه من هذه‬‫فاستيقظا فشربا غبوقهما‪ .‬اللهم إن كنت قد فعلت ذلك ابتغاء وجهك ّ‬
‫الصخرة‪ ،‬فانفرجت شيئا‪."..‬‬

‫‪ _29‬اإل_خالص في ترك المنكر هلل‪:‬‬


‫وذلك حلديث القالثة نفسه الذين انطبقت عليهم الصخرة عندما قعد أحدهم بني رجلي ابنة عمه "‬
‫فقالت‪ :‬اتق اهلل وال تفض اخلامت إال حبقه‪ ،‬فانصرف عنها وهي أحب الناس اليه وقال‪ :‬اللهم إن كنت‬
‫فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما حنن فيه‪ ،‬فانفرج جزء من الصخرة"‪.‬‬
‫‪ _30‬اإل_خالص في أداء األجر‪:‬‬
‫للحديث السابق أيضا وقول الثالث منهم " اللهم استأجرت أجراء وأعطيتهم أجرهم غري رجل واحد‬
‫ايل‬
‫ترك الذي له وذهب‪ ،‬فثمرت أجره حىت كثرت منه األموال فجاءين بعد حني فقال‪ :‬يا عبد اهلل ّأد ّ‬
‫أجري‪ .‬فقلت‪ :‬كل ما ترى من أجرك من االبل والبقر والغنم والرقيق‪ .‬فقال‪ :‬يا عبد اهلل ال تستهزئ يب‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬ال أستهزئ بك‪ ،‬فأخذه كله فاستاقه فلم يرتك منه شيئا‪ ،‬اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء‬
‫وجهك فافرج ما حنن فيه‪ ،‬فانفرجت الصخرة فخرجوا ميشون"‪.‬‬

‫‪ _31‬اإل_خالص في النية ولو لم يقم بالعمل‪:‬‬


‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من سأل اهلل القتل يف سبيل اهلل‪ ،‬صادقا من قلبه‪ ،‬أعطاه اهلل أجر شهيد‪،‬‬
‫وإن مات على فراشه"‪.‬‬

‫‪ _32‬اإل_خالص في الزهد‪:‬‬
‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من ترك اللباس تواضعا هلل وهو يقدر عليه دعاه اهلل يوم القيامة على روؤس‬
‫اخلالئق‪ ،‬حىت خيريه من أي حلل اإلميان ما شاء يلبسها" رواه الرتمذي وهو يف صحيح اجلامع ‪.6021‬‬

‫‪ _33‬اإل_خالص في التواضع‪:‬‬
‫للحديث السابق وهو قوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من ترك اللباس تواضعا هلل"‪.‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من تواضع هلل رفعه اهلل" صحيح اجلامع ‪.6038‬‬

‫‪ _34‬اإل_خالص في بناء المساجد‪_:‬‬


‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من بىن هلل مسجدا‪ ،‬يذكر اهلل فيه‪ ،‬بىن اهلل له مثله يف اجلنة" صحيح اجلامع‬
‫‪.6006‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من بىن مسجدا‪ ،‬يبتغي به وجه اهلل‪ ،‬بىن اهلل له مثله يف اجلنة"‪ .‬البخاري‬

‫‪ _35‬اإل_خالص في زيارة مسجد الرسول_ عليه الصالة والسالم‪:‬‬


‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من جاء مسجدي هذا‪ ،‬مل يأته إال خلري يتعلمه أو يعلمه‪ ،‬فهو يف منزلة‬
‫اجملاهد يف سبيل اهلل‪ ،‬ومن جاءه لغري ذلك فهو مبنزلة الرجل ينظر اىل متاع غريه" صحيح اجلامع ‪.6060‬‬

‫‪ _36‬اإل_خالص في تجهيز الغزاة‪_:‬‬


‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من جهز غازيا يف سبيل اهلل فقد غزا‪ ،‬ومن خلف غازيا يف سبيل اهلل يف‬
‫أهله فقد غزا" رواه البخاري‪.‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من جهز غازيا يف سبيل اهلل‪ ،‬كان له مثل أجره‪ ،‬من غري أن ينقص من‬
‫اجر الغازي شيئا"‪ .‬صحيح اجلامع ‪.6070‬‬

‫‪ _37‬اإل_خالص بإتباع جنازة المسلم‪:‬‬


‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من تبع جنازة مسلم إميانا واحتسابا وكان معها حىت يصلي عليها‪ ،‬ويفرغ‬
‫من دفنها‪ ،‬فإنه يرجع من األجر بقرياطني‪ ،‬كل قرياط مثل أحدن ومن صلى عليها مث رجع قبل أن تدفن‪،‬‬
‫فإنه يرجع بقرياط من األجر"‪ .‬البخاري من حديث أبو هريرة‪.‬‬

‫‪ _38‬اإل_خالص في إطعام الطعام‪:‬‬


‫قال اهلل تعاىل يف حق نفر من املخلصني‪ {:‬ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسريا إمنا‬
‫نطعمكم لوجه اهلل ال نريد منكم جزاءا وال شكورا} االنسان ‪.9-8‬‬

‫عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ ":‬أهديت لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم شاة‪ .‬قال‪" :‬اقسميها"‪.‬‬
‫فكانت عائشة إذا رجعت اخلادم تقول‪ :‬ما قالوا؟ يقول اخلادم‪ :‬قالوا‪ :‬بارك اهلل فيكم‪ ،‬قتقول عائشة‪:‬‬
‫وفيهم بارك اهلل‪ ،‬نرد عليهم مثل ما قالوا ويبقى اجرنا لنا" صحيح الكلم الطيب ‪.238‬‬

‫إن من متام إخالص عائشة رضي اهلل عنهان أهنا مل تكن تنتظر شيئا حىت الدعاء‪.‬‬

‫‪ _39‬اإل_خالص في الدعاء‪:‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪ {:‬ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه ال حيب املعتدين}‪ .‬األعراف ‪ .55‬روي عن ابن جرير‬
‫أنه قال‪ :‬تضرعا تذلال استكانة لطاعته وخفية يقول خبشوع قلوبكم وصحة اليقني بوحدانيته وربوبيته‬
‫فيما بينكم وبينه ال جهارا مراءاة‪ .‬تفسري ابن كثري ‪.221\2‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ادعوا اهلل وأنتم موقنون باإلجابة‪ ،‬واعلموا أن اهلل ال يستجيب دعاء قلب‬
‫غافل اله" ‪.‬‬
‫ما يتوهم أنه إخالص وليس كذلك‬

‫‪ _1‬قد ميتزج باإلخالص شيء من حظوظ النفس‪ ،‬كالذي يعلم ويشتغل بالتدريس ليفرح بلذة الكالم‪،‬‬
‫أو يغزو ليمارس احلرب ويتعلم أسباهبا‪ ،‬فهذا ليس من متام اإلخالص هلل تعاىل‪.‬‬

‫‪ _2‬ورمبا كره العبد الرياء‪ ،‬ولكنه عندما يتذكر أعماله ويثين عليه‪ ،‬ال يقابل ذلك بالكراهة‪ ،‬بل يشعر‬
‫بالسرور ويشعر أن ذلك روح عنه شيئا من عناء العبادة‪ ،‬فهذا نوع من دقيق أنواع الشرك اخلفي‪.‬‬

‫‪ _3‬وقد يقع املرء بالرياء ال بإظهاره بالنطق تعريضا أو تصرحيا‪ ،‬ولكن بالشمائل‪ ،‬كإظهار النحول‪،‬‬
‫والصفار وخفض الصوت‪ ،‬وآثار الدموع وغلبة النعاس الدالة على طول التهجد‪.‬‬

‫‪ _4‬وقد خيتفي املرء حبيث ال يريد االطالع عليه‪ ،‬ولكنه إذا رأى الناس أحب أن يبدؤوه بالسالم‪ ،‬وأن‬
‫يقابلوه بالبشاشة والتوقري‪ ،‬وينشطوا يف قضاء حوائجه ويساحموه يف املعاملة‪ ،‬ويوسعوا له يف اجمللس‪ ،‬فإن‬
‫قصر يف ذلك مقصر‪ ،‬ثقل ذلك على قلبه كأن نفسه تتقاضى االحرتام على الطاعة اليت أخفاها‪.‬‬

‫‪ _5‬قد يعتاد العبد التهجد كل ليلة ويثقل عليه‪ ،‬فإذا نزل عنده ضيف نشط له وسهل عليه‪.‬‬

‫‪ _6‬إعجاب املرء بأعماله ورؤية اإلخالص الشديد فيها‪:‬‬

‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬لو مل تكونوا تذنبون‪ ،‬خلفت عليكم ما هو أكرب من ذلك‪ ،‬العجب‬
‫العجب" صحيح اجلامع ‪ ،5176‬وسيمر معنا ذلك القول اجلميل ( من شاهد يف إخالصه اإلخالص فقد‬
‫احتاج إخالصه اىل اإلخالص)‪.‬‬

‫‪ _7‬رمبا حتصل رغبة يف إستجابة دعوة الداعي اىل الطعام‪ ،‬ملعرفة أن الطعام كما هو متعارف عليه يف‬
‫هذه الدعوات ـ سيكون طيبا وأفضل من طعام بيته يف ذلك الوقت‪ ،‬فيدفعه حب الطعام‪ ،‬وال يستحضر‬
‫طاعة اهلل تعاىل يف إجابة الداعي‪.‬‬
‫‪ _8‬ورمبا حتصل رغبة يف زيارة بعض إخوانه‪ ،‬ممن حيبهم اهلل حبا شديدا يف اهلل تعاىل‪ ،‬ولكن يف نفسه‬
‫شهوة خفية من نية الزيارة‪ ،‬بأن يستمتع على أصناف الشراب والطعام واحللوى اليت تقدم له‪.‬‬

‫‪ _9‬قد يقدم املرء أصناف الطعام والشراب المرئ كان قد دعاه من قبل‪ ،‬فيقدم أصناف الطعام وخمتلف‬
‫أنواع الشراب‪ ،‬على ضوء ما قدم له أخوه أو يزيد‪ ،‬ولرمبا يهدي ألخيه هدية مثنها مقارب ـ أو يزيد ـ‬
‫هلدية أهديت له من أخيه‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫في الرياء وأنواعه_‬

‫من أنواع الرياء‪:‬‬

‫‪ _1‬ا_ل_ر_ي_اء_ البدني‪:‬‬
‫ويكون بإظهار النحول والصفار‪ ،‬لريى العباد بذلك شدة االجتهاد‪ ،‬وغلبة خوف اآلخرة‪ ،‬ويقرب من‬
‫هذا خفض الصوت وإغارة العينني‪ ،‬وإظهار ذبول اجلسم ليدل بذلك على أنه مواظب على الصوم‪.‬‬

‫‪ _2‬ا_ل_ر_ي_اء_ من جهة الزي‪:‬‬


‫كإبقاء أثر السجود على الوجه وارتداء نوع معني من الزي ترتديه طائفة يعدهم الناس علماء‪ ،‬فيلبس‬
‫هذا اللباس ليقال عامل‪.‬‬

‫‪ _3‬ا_ل_ر_ي_اء_ بالقول‪_:‬‬
‫وهو ـ على الغالب ـ رياء أهل الدين والوعظ والتذكري وحفظ األخبار ألجل احملاورة‪ ،‬وإظهار غزارة‬
‫العلم‪ ،‬وحتريك الشفتني بالذكر من حمضر الناس‪ ،‬وإظهار الغضب للمنكرات بني الناس وخفض الصوت‬
‫وترقيقه بقراءة القرآن‪ ،‬ليدل بذلك على اخلوف واحلزن واخلشوع‪.‬‬

‫‪ _4‬ا_ل_ر_ي_اء_ بالعمل‪_:‬‬
‫كمراءاة املصلي بطول القيام وتطويل الركوع والسجود وإظهار اخلشوع‪ ،‬واملراءاة بالصوم والغزو‬
‫واحلج والصدقة وحنو ذلك‪.‬‬

‫‪ _5‬ا_ل_مراءاة_ باألصحاب والزائرين‪_:‬‬


‫كالذي يتكلف أن يستزير عاملا أو عابدا ليقال‪ :‬إن فالنا قد زار فالنا‪ .‬ودعوة الناس لزيارته قد يقال‪:‬‬
‫إن أهل الدين يرتددون عليه‪.‬‬
‫ما يتوهم أنه رياء وشرك وليس كذلك‬

‫‪ _1‬حمد الناس للرجل_ على عمل الخير‪:‬‬


‫عن أيب ذر رضي اهلل عنه قال‪ :‬قيل لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ارأيت الرجل الذي يعمل العمل‬
‫من اخلري وحيمده الناس عليه؟ قال‪ ":‬تلك عاجل بشرى املؤمن"‪.‬‬

‫‪ _2‬ن_ش_اط العبد بالعبادة عند رؤية العابدين‪:‬‬


‫قال املقدسي يف خمتصر منهاج القاصدين‪ :‬قد يبيت الرجل مع املتهجدين‪ ،‬فيصلون أكثر الليل‪ ،‬وعادته‬
‫قيام ساعة‪ ،‬فيوافقهم‪ ،‬أو يصومون فيصوم‪ ،‬ولوالهم ما انبعث هذا النشاط‪ ،‬فرمبا ظن ظان أن هذا رياء‪،‬‬
‫وليس كذلك على اإلطالق‪ ،‬بل فيه تفصيل‪ ،‬وهو أن كل مؤمن يرغب يف عبادة اهلل تعالىن ولكن تعوقه‬
‫العوائق وتستهويه الغفلة فرمبا كانت مشاهدة الغري سببا لزوال الغفلة‪ ،‬مث قال‪ :‬وخيترب أمره بأن ميثل القوم‬
‫يف مكان يراهم وال يرونه‪ ،‬فإن رأى نفسه تسخو بالتعبد فهو هلل‪ ،‬وإن مل تسخ كان سخاؤها عندهم‬
‫رياء‪ ،‬وقس على هذا‪.‬‬

‫قلت‪ :‬كسل املرء عند انفراده آت من باب قوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬فإمنا يأكل الذئب القاصية"‬
‫ونشاطه داخل من باب امتثاله لقوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬عليكم باجلماعة" متفق عليه‪.‬‬

‫‪ _3‬ت _ح_س__ينوتجميل الثياب والنعل ونحوه‪:‬‬


‫ففي صحيح مسلم من حديث ابن مسعود رضي اهلل عنه عن النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه قال‪ ":‬ال‬
‫يدخل اجلنة من كان يف قلبه مثقال ذرة من كرب" فقال رجل‪ :‬إن الرجل حيب أن يكون ثوبه حسنا‪،‬‬
‫ونعله حسنة؟ قال‪ ":‬إن اهلل مجيل‪ ،‬حيب اجلمال‪ ،‬الكرب بطر احلق وغمط الناس"‪.‬‬

‫‪ _4‬ع_د_م_ التحدث بالذنوب وكتمانها‪:‬‬


‫وهذا واجب شرعا على كل مسلم وال جيوز اجملاهرة باملعاصي لقوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬كل أميت‬
‫معاىف إال اجملاهرين وإن من اجملاهرة أن يعمل الرجل بالليل عمال مث يصبح وقد سرته اهلل عليه فيقول‪ :‬يا‬
‫فالن عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يسرته ربه ويصبح يكشف سرت اهلل"‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫والتحدث بالذنوب فيه مفاسد كثرية ليس هذا موضع تفصيلها منها التشجيع على ارتكاب املعاصي‬
‫بني العباد‪ ،‬واالستخفاف بأوامر اهلل تعاىل‪ ،‬ومن ظن أن كتمان ذلك رياء‪ ،‬وااحتدث باذنوب إخالص‬
‫فهو ممن قد لبس عليه الشيطان‪ ،‬نعوذ باهلل منه‪.‬‬

‫‪ _5‬ا_ك_تساب العبد الشهرة_ من غير طلبها‪:‬‬


‫قال املقدسي‪ ( :‬املذموم طلب اإلنسان الشهرة وأما وجودها من جهة اهلل تعاىل من غري طلب اإلنسان‬
‫فليس مبذموم‪ ،‬غري أن يف وجودها فتنة على الضعفاء)‪ .‬حمتصر منهاج القاصدين ‪.218‬‬

‫في عالج الرياء_ واالستبراء_ منه‬

‫‪ _1‬م_ع_ر_ف_ة_ عظمة اهلل تعالى‪ ،‬وأسمائه‪ _،‬وصفته‪ ،‬واإللمام بالتوحيد_ ما استطعت الى ذلك سبيال‪:‬‬
‫اعلم ـ اخي املسلم ـ أن من أسباب الرياء هو تعظيم الناس ونقصان تعظيم اهلل تعاىل يف النفس‪ ،‬فمن‬
‫أحسن أنواع العالج هلذا الداء القاتل هو معرفتك ألنواع التوحيد كاملة‪ ،‬وهذا حبثه واسع‪ ،‬نورد طرفا‬
‫يسريا منه‪ ،‬ذكرى وعربة‪:‬‬

‫أ_ إن اهلل تعاىل وحده هو الذي ينفع ويضر مىت شاء‪ ،‬قلتطرح من نفسك االعتقاد الفاسد بأن الناس‬
‫ينفعونك ويضرونك مىت شاؤوا ومىت أرادوا‪ ،‬وإمنا يدخل الشيطان عليك ليجعلك تزين العبادة أمام‬
‫الناس لظنك بقدرهتم على النفع والضرر‪ ،‬فانظر ماذا يقول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وقد علّم هذا‬
‫احلديث البن عباس غالما‪ ":‬يا غالم إين أعلمك كلمات‪ ،‬احفظ اهلل حيفظ‪ ،‬احفظه جتده جتاهك‪ ،‬إذا‬
‫سألت فسأل اهلل‪ ،‬وإذا استعنت فاستعن باهلل‪ ،‬واعلم أن األمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء‪ ،‬مل‬
‫ينفعوك إال بشيء قد كتبه اهلل لك‪ ،‬ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء‪ ،‬مل يضروك بشيء إال قد كتبه‬
‫اهلل عليك‪ ،‬رفعت األقالم وجفت املصاحف"‪ .‬رواه أمحد صحيح اجلامع ‪.7834‬‬

‫ب_ اعلم أن اهلل تعاىل مسيع بصري‪ ،‬يراك ويسمعك ويعلم ما ختفي وما تعلن‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ {:‬ليس‬
‫كمثله شيء وهو السميع البصري} الشورى ‪ ،11‬وقال تعاىل‪ {:‬أمل يعلم بأن اهلل يرى} العلق ‪ ،14‬وقال‬
‫سبحانه‪ {:‬أال سعلم من خلق} تبارك ‪ ،14‬وقال سبحانه‪ {:‬أو ليس اهلل بأعلم مبا يف صدور العاملني}‬
‫العنكبوت ‪ .10‬وقال تعاىل‪ {:‬وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة يف األرض وال يف السماء وال أصغر‬
‫من ذلك وال أكرب إال يف كتاب مبني} يونس ‪.61‬‬
‫فمايل أراك تراقب الناس وال تراقب اهلل تعاىل وهو سبحانه مطلع عليك! أال يكفيك إطالعه عليك‬
‫سبحانه وهو يقول‪ {:‬أليس اهلل بكاف عبده} الزمر ‪.36‬‬

‫جـ_ اعلم أن اهلل سبحانه عظيم‪ ،‬فليعظمه قلبك وفؤادك ولتتأمل عظمته سبحانه يف خلقه‪ ،‬يف طائفة من‬
‫األحاديث‪:‬‬

‫_ قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إين أرى ما ال ترون‪ ،‬وأمسع ما ال تسمعون‪ ،‬أطت السماء‪ ،‬وحق هلا أن‬
‫تئط‪ ،‬ما فيها موضع أربع أصابع‪ ،‬إال وملك واضع جبهته هلل تعاىل ساجدا‪ ،‬واهلل لو تعلمون ما أعلم‪،‬‬
‫لضحكتم قليال‪ ،‬ولبكيتم كثريا‪ ،‬وما تلذذمت بالنساء على الفرش‪ ،‬وخلرجتم اىل الصعدات جتأرون اىل اهلل"‬
‫رواه الرتمذي‪.‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ما السموات السبع يف الكرسي إال كحلقة ملقاة يف أرض فالة‪ ،‬وفضل‬
‫العرش على الكرسي كفضل تلك الفالة على تلك احللقة" سلسلة األحاديث الصحيحة ‪.109‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬أذن يل أن أحدث عن ملك من مالئكة اهلل تعاىل من محلة العرش ما بني‬
‫شحمة أذنه اىل عاتقه مسرية سبعمائة سنة"‪ .‬سلسلة األحاديث الصحيحة ‪.151‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬البيت املعمور يف السماء السابعة‪ ،‬يدخله كل يوم سبعون ألف ملك‪ ،‬مث‬
‫ال يعودون اليه حىت تقوم الساعة" السلسلة الصححية ‪ ،474‬ويف رواية ثابته‪ ":‬حيال الكعبة"‪ .‬السلسلة‬
‫الصحيحة ‪.237‬‬

‫‪ _2‬م_ع_ر_ف_ة_ ما في القبر من عذاب ونعيم‪:‬‬


‫اعلم أن من أسباب الرياء والشرك هو عدم اهتداء القلب للخشية من عذاب القرب والنار وأهوال ما‬
‫بعد املوت‪ ،‬وملا كان جمال ذلك واسعا رأيت ذكر القليل القليل من الكثري الكثري‪ ،‬سائال اهلل تبارك‬
‫وتعاىل أن يكون فيما أذكره عظة وعربة‪ ،‬وإنين ألستند هبذا الرأي لقول اهلل تعاىل‪ {:‬فمن كان يرجو‬
‫لقاء ربه فليعمل عمل صاحلا وال يشرك بعبادة ربه أحدا} الكهف ‪ ،110‬فقد قرن سبحانه وتعاىل‬
‫التوفيق يف العمل الصاحل برجاء لقاء اهلل‪ ،‬فال بد من معرفة ما يرتتب على لقاء اهلل تعاىل من نعيم‬
‫وعذاب‪ ،‬وسعادة وشقاء‪ ،‬فإىل طائفة من هذا‪ ،‬وباهلل تعاىل التوفيق‪:‬‬

‫_ عن الرباء بن عازب قال‪ :‬خرجنا مع النيب صلى اهلل عليه وسلم يف جنازة رجل من األنصار‪ ،‬فانتهينا‬
‫اىل القرب وملا يلحد‪ ،‬فجلس رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم [ مستقبل القرب] وجلسنا حوله‪ ،‬وكأن على‬
‫روؤسنا الطري‪ ،‬ويف يده عود ينكت يف األرض‪[ ،‬فجعل ينظر اىل السماء‪ ،‬وينظر اىل األرض‪ ،‬وجعل‬
‫يرفع بصره وخيفضه ثالثا]‪ ،‬فقال‪ ":‬استعيذوا باهلل من عذاب القرب" مرتني أو ثالثا‪ [ ،‬مث قال‪ " :‬اللهم إين‬
‫أعوذ بك من عذاب القرب" [ثالثا]‪ ،‬مث قال‪ ":‬إن العبد املؤمن إذا كان يف انقطاع من الدنيا‪ ،‬وإقبال من‬
‫اآلخرة‪ ،‬نزل اليه مالئكة من السماء‪ ،‬بيض الوجوه‪ ،‬كأن وجوههم الشمس‪ ،‬معهم كفن من أكفان‬
‫اجلنة‪ ،‬وحنوط من حنوط اجلنة‪ ،‬حىت جيلسوا منه مد البصر‪ ،‬مث جييء ملك املوت عليه السالم حىت جيلس‬
‫عند رأسه فيقول‪ :‬أيتها النفس الطيبة (ويف رواية املطمئنة) أخرجي اىل مغفرة من اهلل ورضوان‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من يف السقاء‪ ،‬فيأخذها (ويف رواية ‪ :‬حىت إذا خرجت روحه صلى‬
‫عليه كل ملك بني السماء واألرض‪ ،‬وكل ملك يف السماء‪ ،‬وفتحت له أبواب السماء‪ ،‬ليس من أهل‬
‫باب إال وهم يدعون اهلل أن يعرج بروحه من قبلهم) فإذا أخذها مل يدعوها يف يده طرفة عني حىت‬
‫يأخذوها فيجعلوها يف ذلك الكفن‪ ،‬ويف ذلك احلنوط‪[ ،‬فذلك قوله تعاىل‪ {:‬توفته رسلنا وهم ال‬
‫يفرطون} وخيرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه األرض‪ ،‬قال‪ :‬فيصعدون هبا فال ميرون ـ‬
‫يعين هبا على مأل من املالئكة ـ إال قالوا‪ :‬ما هذه الروح الطيب؟ فيقولون‪ :‬فالن ابن فالن ـ بأحسن أمسائه‬
‫اليت كانوا يسمونه هبا يف الدنيا‪ ،‬حىت ينتهوا هبا اىل السماء الدنيا‪ ،‬فيستفتحون اه‪ ،‬فيفتح هلم‪ ،‬فيشيعه من‬
‫كل مساء مقربوها‪ ،‬اىل السماء اليت تليها‪ ،‬حىت ينتهي به اىل السماء السابعة‪ ،‬فيقول اهلل عز وجل‪ :‬اكتبوا‬
‫كتاب عبدي يف عليني‪{[ ،‬وما أدراك ما عليون‪ ،‬كتاب مرقوم يشهده املقربون}‪ ،‬فيكتب كتابه يف‬
‫عليني‪،‬مث يقال‪ :‬أعيدوه اىل األرض‪ ،‬فإين (وعدهتم أين) منها خلقتهم‪ ،‬وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة‬
‫أخرى قال‪ :‬فـ ( يرد اىل األرض‪ ،‬و) تعاد روحه اىل جسده‪[ ،‬قال‪ :‬فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا‬
‫ولوا عنه ] [مدبرين] ‪ ،‬فيأتيه ملكان [شديدا االنتهار] فـ (ينتهرانه و) جيلسانه فيقوالن له‪ :‬من ربك؟‬
‫فيقول‪ :‬ريب اهلل‪ ،‬فيقوالن له‪ :‬ما دينك؟ فيقول‪ :‬ديين االسالم‪ ،‬فيقوالن له‪ :‬ما هذا الرجل الذي بعث‬
‫فيكم؟ فيقول‪ :‬هو رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فيقوالن له‪ :‬وما عملك؟ فيقول‪ :‬قرأت كتاب اهلل‪،‬‬
‫فآمنت به‪ ،‬وصدقت [ فينتهره فيقول‪ :‬من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ وهي آخر فتنة تعرض على‬
‫املؤمن‪ ،‬فذلك حني يقول اهلل تعاىل‪ {:‬يثبت اهلل الذين آمنوا بالقول الثابت يف احلياة الدنيا} فيقول‪ :‬ريب‬
‫اهلل‪ ،‬وديين االسالم‪ ،‬ونبيي حممد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فينادي منا يف السماء‪ :‬أن صدق عبدي‪ ،‬فافرشوه‬
‫من اجلنة وألبسوه من اجلنة‪ ،‬وافتحوا له بابا اىل اجلنة‪ ،‬قال‪ :‬فيأتيه من روحها وطيبها‪ ،‬ويفسح له يف قربه‬
‫م ّد بصره‪ ،‬قال‪ :‬ويأتيه [ويف رواية ميثل له] رجل حسن الوجه‪ ،‬حسن الثياب‪ ،‬طيب الريح‪ ،‬فيقول‪ :‬أبشر‬
‫بالذي يسرك‪[ ،‬أبشر برضوان من اهلل‪ ،‬وجنات فيها نعيم مقيم]‪ ،‬هذا يومك الذي كنت توعد‪ ،‬فيقول‬
‫له‪ [ :‬وأنت فبشرك اهلل خبري] من أنت؟ فوجهك الوجه جييء باخلري‪ ،‬فيقول‪ :‬أنا عملك الصاحل‪[ ،‬فواهلل ما‬
‫علمتك‪ ،‬إال كنت سريعا يف طاعة اهلل بطيئا يف معصية اهلل‪ ،‬فجزاك اهلل خريا} مث يفتح له باب من اجلنة‪،‬‬
‫وباب من النار‪ ،‬فيقال‪ :‬هذا منزلك لو عصيت اهلل‪ ،‬أبدلك اهلل به هذا‪ ،‬فإذا رأى ما يف اجلنة‪ ،‬قال‪ :‬رب‬
‫عجل قيام الساعة‪ ،‬كيما أرجع اىل أهلي ومايل‪[ ،‬فيقال‪ :‬له‪ :‬اسكن]؛ وإن العبد الكافر (ويف رواية‬
‫الفاجر) إذا كان يف انقطاع من الدنيا‪ ،‬وإقبال من اآلخرة‪ ،‬نزل اليه من السماء مالئكة [غالظ شداد]‬
‫سود الوجوه‪ ،‬معهم املسوح [ من النار] فيجلسون منه مد البصر مث جييء ملك املوت حىت جيلس عند‬
‫رأسه‪ ،‬فيقول‪ :‬أيتها النفس اخلبيثة اخرجي اىل سخط من اهلل وغضب‪ ،‬قال‪ :‬فتفرق يف جسده فينتزعها‬
‫كما ينتزع السفود [الكثري الشعب] من الصوف املبلول‪[ ،‬فتقطع معها العروق والعصب] [فيلعنه كل‬
‫ملك بني السماء واألرض وكل ملك يف السماء‪ ،‬ليس من أهل باب إال وهم يدعون اهلل أال تعرج روحه‬
‫من قبلهم] فيأخذها‪ ،‬فإذا أخذها مل يدعوها يف يده طرفة عني حىت جيعلوها يف تلك املسوح‪ ،‬وخيج‬
‫منها كأننت جيفة وجدت على وجه األرض‪ ،‬فيصعدون هبا‪ ،‬فال ميرون هبا على مأل من املالئكة إال قالوا‪:‬‬
‫ما هذا الروح اخلبيث؟ فيقولون فالن ابن فالن ـ بأقبح أمسائه اليت كان يسمى هبا يف الدنيا‪ ،‬حىت ينتهي به‬
‫اىل السماء الدنيا‪ ،‬فيستفتح له فال يفتح له‪ ،‬مث قرأ رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم { وال تفتح هلم‬
‫أبواب السماء وال يدخلون اجلنة‪ ،‬حىت يلج اجلمل يف سم اخلياط} فيقول اهلل عز وجل‪ :‬اكتبوا كتابه يف‬
‫سجني يف األرض السفلى‪[ ،‬مث يقال‪ :‬أعيدوا عبدي اىل األرض فإين وعدهتم أين منها خلقتهم‪ ،‬وفيها‬
‫أعيدهم‪ ،‬ومنها أخرجهم تارة أخرى]‪ ،‬فتطرح روحه [من السماء] طرحا (حىت تقع يف جسده) مث قرأ‬
‫{ ومن يشرك باهلل‪ ،‬فكأمنا خر من السماء فتخطفه الطري أو هتوي به الريح يف مكان سحيق}‪ ،‬فتعاد‬
‫روحه يف جسده‪( ،‬قال‪ :‬فإنه ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه) ويأتيه ملكان (شديدا االنتهار‪،‬‬
‫فينتهرانه و) جيلسانه‪ ،‬فيقوالن له‪ :‬من ربك‪[ ،‬فيقول‪ :‬هاه هاه ال أدري‪ ،‬فيقوالن له‪ :‬ما دينك؟ فيقول‪:‬‬
‫هاه هاه ال أدري] فيقوالن‪ :‬فما تقول يف هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فال يهتدي المسه‪ ،‬فيقال‪ :‬حممد؟‬
‫فيقول‪ :‬هاه هاه ال أدري [مسعت الناس يقولون ذلك‪ .‬قال‪ :‬فيقال‪ :‬ال دريت]‪[ ،‬وال تلوت]‪ ،‬فينادي‬
‫مناد من السماء أن كذب‪ ،‬فافرشوا له من النار‪ ،‬وافتحوا له بابا اىل النار‪ ،‬فيأتيه من حرها ومسومها‪،‬‬
‫ويضيق عليه قربه حىت ختتلف فيه أضالعه‪ ،‬ويأتيه (ويف رواية‪ :‬وميثل له) رجل قبيح الوجه‪ ،‬قبيح الثياب‪،‬‬
‫مننت الريح‪ ،‬فيقول‪ :‬أبشر بالذي يسوؤك‪ ،‬هذا يومك الذي كنت توعد‪ ،‬فيقول‪[ :‬وأنت فبشرك اهلل‬
‫بالشر] من أنت؟ فوجهك الوجه جييئ بالشر! فيقول‪ :‬أنا عملك اخلبيث‪[ ،‬فواهلل ما علمت إال كنت‬
‫بطيئا يف طاعة اهلل‪ ،‬سريعا اىل معصية اهلل]‪[ ،‬فجزاك اهلل شرا‪ ،‬مث يقيض له أعمى أصم أبكم يف يده‬
‫مرزبة! لو ضرب هبا جبال كان ترابا‪ ،‬مث يعيده اهلل كما كان‪ ،‬فيضربه ضربة حىت يصري هبا ترابا‪ ،‬مث يعيده‬
‫اهلل كما كان‪ ،‬فيضربه ضربة أخرى‪ ،‬فيصيح صيحة يسمعه كل شيء إال الثقلني‪ ،‬مث يفتح له باب من‬
‫النار‪ ،‬وميهد من فرش النار]‪ ،‬فيقول‪ :‬رب ال تقم الساعة" ذكره األلباين يف أحكام اجلنائز صفحة ‪.159‬‬

‫‪ _3‬م_ع_ر_ف_تك لألحاديث التي تبين عذاب النار‪:‬‬


‫اعلم أخي املسلم أن هذا الباب واسع‪ ،‬وكلما ازدادت معرفة املسلم فيه‪ ،‬ازداد خوفه من ربه وإخالصه‬
‫له سبحانه‪ ،‬ولكين سأذكر الشيء اليسري منه سائال اللله تبارك وتعاىل أن ينفع به عباده‪:‬‬

‫_ قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ما بني منكيب الكافر يف النار مسرية ثالثة أيا للراكب املرسع" متفق‬
‫عليه‪.‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ضرس الكافر مثل أحد‪ ،‬وغلظ جلده مسرية ثالث" مسلم ‪.‬‬

‫_ وقل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬يرسل البكاء على أهل النار‪ ،‬فيبكون حىت تنقطع الدموع‪ ،‬مث يبكون‬
‫الدم حىت يصري يف وجوههم كهيئة األخدود لو أرسلت فيه السفن جلرت" صحيح اجلامع رقم ‪.7939‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إنه ليأيت الرجل العظيم السمني يوم القيامة ال يزن عند اهلل جناح‬
‫بعوضة" متفق عليه‪.‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬منهم من تأخذه النار اىل كعبيه‪ ،‬ومنهم من تأخذه اىل ركبيته‪ ،‬ومنهم‬
‫من تأخذه اىل حجزته ومنهم من تأخذه اىل ترقوته" رواه مسلم‪.‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬يعرق الناس يوم القيامة حىت يذهب عرقهم يف األرض سبعني ذراعا‬
‫ويلجمهم حىت يبلغ آذاهنم" متفق عليه‪.‬‬

‫_ وعن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬كنا مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إذ مسع وجبة فقال‪":‬‬
‫هل تدرون ما هذا؟ قلنا‪ :‬اهلل ورسوله أعلم‪ .‬قال‪ :‬هذا حجر رمي به يف النار منذ سبعني خريفا‪ ،‬فهو‬
‫يهوي يف النار اآلن حىت انتهى اىل قعرها فسمعتم وجبتها" رواه مسلم‪.‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ما منكم من أحد إال سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترمجان‪ :‬فينظر أمين‬
‫منه فال يرى إال ما قدم‪ ،‬وينظر أشأم منه فال يرى إال ما قدم‪ ،‬وينظر بني يديه فال يرى إال النار تلقاء‬
‫وجهه‪ ،‬فاتقوا النار ولو بشق مترة" متفق عليه‪.‬‬
‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬لو أن قطرة من الزقوم قطرت يف دار الدنيا ألفسدت على أهل الدنيا‬
‫معايشهم‪ ،‬فكيف مبن تكون طعامه" رواه امحد يف مسنده‪ .‬صحيح اجلامع ‪.5126‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ملا خلق اهلل اجلنة قال جلربيل‪ :‬اذهب فانظر اليها‪ .‬فذهب فنظر اليها‪ ،‬مث‬
‫جاء فقال‪ :‬أي رب‪ :‬وعزتك ال يسمع هبا أحد إال دخلها‪ ،‬مث حفها باملكاره‪ .‬مث قال‪ :‬يا جربيل‪ ،‬إذهب‬
‫فانظر اليها‪ ،‬فذهب مث نظر اليها‪ ،‬مث جاء فقال‪ :‬وعزتك ال يسمع هبا أحد فيدخلها‪ ،‬فحفها بالشهوات مث‬
‫قال‪ :‬يا جربيل‪ ،‬اذهب فانظر اليها‪ .‬فذهب فنظر اليها فقال‪ :‬أي رب وعزتك لقد خشيت أال يبقى أحد‬
‫إال دخلها" رواه أمحد يف مسنده وهو يف صحيح اجلامع ‪.5086‬‬

‫‪ _4‬م_ع_ر_ف_تك ـ ما استطعت ـ لما أعد اهلل تعالى_ للمتقين في الجنة‪:‬‬


‫ومن أسباب الرياء والشرك‪ ،‬الشعور باللذة والتنعم بإعجاب الناس ومدحهم وثنائهم‪ ،‬وتقدمي ذلك‬
‫على نعيم اجلنة‪ ،‬ـ نسأل اهلل العافية ـ وذلك تابع لعدم معرفة قيمة اجلنة‪ ،‬ولذا رأيت من الضروري أن‬
‫أذكر شيئا من األحاديث يف نعيم اجلنة وما أعد اهلل للمتقني فيها‪ ،‬وعسى ان ينفع اهلل تعاىل هبا‪.‬‬

‫_ قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬املؤمن إذا اشتهى الولد يف اجلنة‪ ،‬كان محله ووضعه وسنه يف ساعة‬
‫واحدة‪ ،‬كما يشتهي" صحيح اجلامع ‪.6525‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬يدخل اجلنة من أميت زمرة‪ ،‬وهم سبعون ألفا تضيء وجوههم إضاءة‬
‫القمر ليلة البدر" متفق عليه‪.‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬يعطى املؤمن يف اجلنة قوة مائة يف النساء" صحيح اجلامع ‪.7962‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬اجلنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة" صحيح اجلامع ‪.6163‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬اجلنة مائة درجة ما بني كل درجتني كما بني السماء واألرض"‪.‬‬
‫صحيح اجلامع ‪.3115‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬طوىب شجرة يف اجلنة‪ ،‬مسرية مائة عام‪ ،‬ثياب أهل اجلنة خترج من‬
‫أكمامها" صحيح اجلامع ‪.3813‬‬
‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬يأكل أهل اجلنة فيها‪ ،‬ويشربون‪ ،‬وال ميخطون وال يتغوطون‪ ،‬وال‬
‫يبولون‪ ،‬إمنا طعامهن جشاء ورشح كرشح املسك‪ ،‬يلهمون التسبيح واحلمد كما يلهمون النفس" رواه‬
‫مسلم‪.‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إن يف اجلنة شجرة يسري الراكب اجلواد املضمر السريع مائة سنة ما‬
‫يقطعها" متفق عليه‪.‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إين ألعلم آخر أهل النار خروجا منها‪ ،‬أو آخر أخل اجلنة دخوال‬
‫اجلنة‪ ،‬رجل خيرج من النار حبوا‪ ،‬فيقول اهلل عز وجل له‪ :‬اذهب فادخل اجلنة‪ ،‬فيأتيها فيخيل إليه أنه‬
‫مألى‪ ،‬فريجع فيقول‪ :‬يا رب وجدهتا مألى‪ ،‬فيقول اهلل عز وجل له‪ :‬اذهب وادخل اجلنة‪ ،‬فإن لك مثل‬
‫الدنيا وعشر أمثاهلا‪ ،‬أو أن لك مثل عشرة أمثال الدنيا‪ ،‬فيقول‪ :‬أتسخر يب‪ ،‬أو تضحك يب وأنت امللك"‪،‬‬
‫قال‪ :‬فلقد رأيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم صحك حىت بدت نواجذه فكان يقول‪ ":‬ذلك ادىن‬
‫أهل اجلنة منزلة"‪ .‬متفق عليه‪.‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إن يف اجلنة سوقا يأتوهنا كل مجعة فتهب ريح الشمال فتحثو يف‬
‫وجوههم وثياهبم فيزدادون حسنا ومجاال‪ ،‬فريجعون اىل أهليهم‪ ،‬وقد ازدادوا حسنا ومجاال فيقول هلم‬
‫أهلوهم‪ :‬واهلل لقد ازددمت حسنا ومجاال‪ .‬فيقولون‪ :‬وأنتم واهلل لقد ازددمت بعدنا حسنا ومجاال" رواه‬
‫مسلم‪.‬‬

‫_ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬إذا دخل أهل اجلنة اجلنة ينادي مناد‪ :‬إن لكم أن حتيوا فال متوتوا أبدا‪،‬‬
‫وإن لكم أن تصحوا فال تسقموا أبدا‪ ،‬وإن لكم أن تشبوا وال هترموا أبدا‪ ،‬وإن لكم أن تنعموا فال‬
‫تبأسوا أبدا"‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪ _5‬ت _ذ_ك_ر __الموت وقصر األمل‪:‬‬


‫قال اهلل تبارك وتعاىل‪ {:‬كل نفس ذائقة املوت وإمنا توفون أجوركم يوم القيامة‪ ،‬فمن زحزح عن النار‬
‫وأدخل اجلنة فقد فاز‪ ،‬وما احلياة الدنيا إال متاع الغرور} آل عمران ‪.185‬‬

‫وقال اهلل تعاىل‪ {:‬وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض متوت} لقمان ‪.34‬‬

‫وقال اهلل تعاىل‪ {:‬حىت إذا جاء أحدهم املوت قال رب أرجعون‪ ،‬لعلي أعمل صاحلا فيما تركت‪ ،‬كال‬
‫إهنا كلمة هو قائلها‪ ،‬ومن ورائهم برزخ اىل يوم يبعثون} املؤمنون ‪.100-99‬‬
‫وعن ابن عمر رضي اهلل عنهما قال‪ :‬أخذ رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم مبنكيب فقال‪ ":‬كن يف الدنيا‬
‫كأنك غريب أو عابر سبيل" وكان ابن عمر رضي اهلل عنهما يقول‪ :‬إذا أمسيت فال تنتظر الصباح‪ ،‬وإذا‬
‫أصبحت فال تنتظر املساء‪ ،‬وخذ من صحتك ملرضك‪ ،‬ومن حياتك ملوتك‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬

‫‪ _6‬م_ع_ر_ف_ة_ قيمة الدنيا وعدم بقائها‪_:‬‬


‫قال اهلل تعاىل‪ {:‬واضرب هلم مثل احلياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات األرض فأصبح‬
‫هشيما تذروه الرياح وكان اهلل على كل شيء مقتدرا} الكهف ‪.45‬‬

‫وقال تعاىل‪ {:‬يا أيها الناس إن وعد اهلل حق فال تغرنكم احلياة الدنيا وال يغرنكم باهلل الغرور} فاطر‬
‫‪.5‬‬

‫عن أنس رضي اهلل عنه أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪ ":‬اللهم ال عيش إال عيش اآلخرة" متفق‬
‫عليه‪.‬‬

‫وعنه رضي اهلل عنه عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪ ":‬يتبع امليت ثالثة‪ :‬أهله‪ ،‬وماله‪ ،‬وعمله؛ فريجع‬
‫اثنان ويبقى واحد‪ :‬يرجع أهله وماله ويبقى عمله"‪.‬‬

‫وعنه رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار‬
‫يوم القيامة فيصبغ يف النار صبغة مث يقال‪ :‬يا ابن آدم هل رأيت خريا قط هل مر بك نعيم قط؟ فيقول‪ :‬ال‬
‫واهلل يا رب‪ ،‬ويؤتى بأشد الناس بؤسا يف الدنيا من أهل اجلنة فيصبغ صبغة يف اجلنة فيقال له‪ :‬يا ابن آدم‬
‫مر يب بؤس قط وال رأيت ش ّدة قط" رواه مسلم‪.‬‬ ‫هل رأيت بؤسا قط؟ فيقول‪ :‬ال واهلل ما ّ‬
‫فلتعلم إذن أن صبغة واحدة يف النار‪ ،‬تنسيط كل تلذذك بالرياء وحبك ثناء الناس عليك‪.‬‬

‫وعن جابر رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم مر بالسوق والناس كنفتيه فمر جبدي‬
‫أسك ميت فتناوله فأخذ بأذنه مث قال‪ ":‬أيكم حيب أن يكون هذا له بدرهم؟" فقالوا‪ :‬ما حنب أنه لنا‬
‫بشيء وما نصنع به؟ مث قال‪" :‬أحتبون أنه لكم؟" قالوا‪ :‬واهلل لز كان حيا كان عيبا أنه أسك فكيف وهو‬
‫ميت‪ .‬فقال‪ ":‬فواهلل للدنيا أهون على اهلل من هذا عليكم" رواه مسلم‪.‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬الدنيا سجن املؤمن وجنة الكافر" رواه مسلم‪.‬‬

‫فإذا أردت أن تكون يف سجن الدنيا وجنة اآلخرة فاسجن نفسك عن الرياء وحب السمعة والشهرة‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪":‬لو كانت الدنيا تعدل عند اهلل جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة‬
‫ماء" رواه الرتمذي‪.‬‬

‫‪ _7‬ا_ل_د_عاء‪_:‬‬
‫فهذا العالج هو من أمجل الوسائل للقضاء على الرياء والشرك فال تتوقف عن الدعاء ما استطعت اىل‬
‫وحتر ما استطعت الساعات املستجابة مع مراعاة آداب الدعاء‪.‬‬
‫ذلك سبيال‪ّ ،‬‬
‫وقد علمنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم دعاء يذهب عنا كبار الشرك وصغاره فقال‪ ":‬الشرك‬
‫فيكم أخفى من دبيب النمل‪ ،‬وسادلك على شيء إذا فعلته أذهب عنك صغار الشرك وكباره‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫اللهم إين أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم‪ ،‬وأستغفرك ملا ال أعلم" صحيح اجلامع‪.3625 :‬‬

‫‪ _8‬خ_و_فك أن تكون فترة الرياء هي خاتمة عملك‪:‬‬


‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬يبعث الناس على نياهتم" صحيح اجلامع ‪.7871‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬يبعث كل عبد على ما مات عليه" صحيح اجلامع ‪.7872‬‬

‫‪ _9‬اإل_ك_ثار_ من أعمال الخير غير المشاهدة وعدم األخبار عنها لغير ضرورة‪:‬‬
‫مثل‪ :‬قيام الليل‪ ،‬البكاء خاليا من خشية اهلل تعاىل‪ ،‬صوم النافلة‪ ،‬صدقة السر‪ ،‬الدعاء لإلخوة يف اهلل‬
‫بظهر الغيب‪ ،‬صالتك ملا سوى الفرائض يف البيت‪.‬‬

‫‪ _10‬م_ص_ا_ح_بة_ من ترى فيهم اإلخالص والصالح والتقوى‪:‬‬


‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬مثل اجلليس الصاحل واجلليس السوء‪ ،‬كمثل صاحب املسك وكري احلداد‪،‬‬
‫ال يعدمك من صاحب املسك‪ ،‬إما أن تشرتيه‪ ،‬أو جتد رحيه‪ ،‬وكري احلداد حيرق بيتك أو ثوبك‪ ،‬أو جتد‬
‫منه رحيا خبيثة" رواه البخاري‪.‬‬

‫فاملخلص ال يعدمك من إخالصه شيء‪ ،‬واملرائي واملشرك إما حيرقك يف نار جهنم يوم القيامة‪ ،‬أو جتد‬
‫منه ريح الرياء النتنة اليت تزيدك حبا وولعا بالرياء والشرك أعاذنا اهلل منه‪.‬‬
‫‪ _11‬ا_ل_خ_وف من الرياء‪:‬‬
‫قال تعاىل يف حق طائفة من عباده الصاحلني‪ {:‬وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنا كنا قبل يف‬
‫فمن اهلل علينا ووقانا عذاب السموم إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو الرب الرحيم} الطور‬
‫أهلنا مشفقني ّ‬
‫‪ .28-25‬فاخلوف من املعاصي هو الذي نفعهم بتوفيق اهلل تعاىل‪ .‬والذي خيشى الشيء يظل حذرا منه‬
‫فينجو‪ ،‬أما من يأمن ذلك فإنه يقع فيه‪ ،‬لذلك كان نبينا حممد صلى اهلل عليه وسلم خيشى الشرك‪ ،‬فقد‬
‫كان أكثر دعائه عليه الصالة والسالم‪ ":‬يا مقلب القلوب ثبت قليب على دينك" كما قالت أم سلمة‬
‫رضي اهلل عنها صحيح اجلامع ‪.4677‬‬

‫‪ _12‬ا_ل_ف_ر_ا_ر_ من ذم اهلل‪:‬‬
‫ومن أسرار الرياء الفرار من أمل ذم اخللق والعباد‪ ،‬فهل أنت صادق يف الفرار من الذم؟ ففر إذن من ذم‬
‫اهلل لك؟ فإن أنت أرضيت الناس بغضبه كرهك وغضب عليك‪ ،‬آلناس ختشى غضبهم؟ فاهلل أحق أن‬
‫ختشى غضبه‪ ،‬فأيهما تقدم‪ ،‬خوفك ذم الناس؟ أم خوفك ذم اهلل؟ وانظر قول اهلل تعاىل‪ {:‬أفمن خيلق‬
‫كمن ال خيلق} النحل ‪ .17‬مث اخرت ما تشاء وحسابك على اهلل تعاىل‪.‬‬

‫‪ _13‬ح_بك أن يذكرك اهلل تعالى وتقديم_ لك على حب ذكر الخلق لك‪:‬‬


‫قال اهلل تعاىل‪ {:‬فاذكروين أذكركم} البقرة ‪.152‬‬

‫عن أيب هريرة رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ ":‬يقول اهلل تعاىل‪ :‬أنا عند ظن‬
‫عبدي يب‪ ،‬وأنا معه إذا ذكرين‪ ،‬فإن ذكرين يف نفسه ذكرته يف نفسي‪ ،‬وإن ذكرين يف مأل ذكرته يف مأل‬
‫تقربت اليه باعا‪ ،‬وإن أتاين‬
‫ايل ذراعا‪ّ ،‬‬
‫تقرب ّ‬
‫تقربت اليه ذراعا‪ ،‬وإن ّ‬
‫ايل بشرب ّ‬
‫تقرب ّ‬‫خري منهم‪ ،‬وإن ّ‬
‫ميشي أتيته هرولة" صحيح اجلامع ‪.7993‬‬

‫يسرك أن يذكرك اهلل تعاىل عند مأل أفضل من املأل الذين حييون على األرض؟‪ ،‬أم هل فضلت ذكر‬
‫أال ّ‬
‫الناس على ذكر اهلل‪ ،‬وفضلت الناس على املالئكة؟‪.‬‬

‫‪ _14‬م_ع_ر_ف_ة_ ما ينفر منه الشيطان‪:‬‬


‫إن الشيطان منبع الرياء والشرك‪ ،‬والشر من نشاطه ـ نعوذ باهلل منه ـ وقد تقدم معنا حضوره يف كل‬
‫شيء من شأننا‪ ،‬وإرسال السرايا‪.‬‬
‫فيما ينفر_ منه الشيطان_‬

‫‪ _1‬عند قولك‪ :‬ال اله اال اهلل وحده ال شريك_ له‪ ،‬له الملك‪ ،‬وله الحمد‪ ،‬وهو على كل شيء قدير‬
‫في يوم مائة مرة‪.‬‬

‫والدليل على ذلك ما ورد يف الصحيحني عن أيب هريرة رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم قال‪ ":‬من قال‪ :‬ال اله اال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬له امللك وله احلمد‪ ،‬وهو على كل شيء قدير‪،‬‬
‫يف يوم مائة مرة‪ ،‬كانت له عدل عشر رقاب‪ ،‬وكتبت له مائة حسنة‪ ،‬وحميت له مائة سيئة‪ ،‬وكانت له‬
‫حرزا من الشيطان يومه ذلك حىت ميسي‪ ،‬ومل يأت أحد بأفضل مما جاء به إال رجل عمل أكثر منه"‪.‬‬

‫‪ _2‬ق_ر_ا_ء_ة_آية الكرسي_ عندما تأوي الى الفراش_‪ ،‬حلديث أيب هريرة رضي اهلل عنه أنه أتاه آت حيثو من‬
‫الصدقة ـ وكان قد جعله النيب صلى اهلل عليه وسلم عليهاـ ليلة بعد ليلة‪ ،‬فلما كان من الليلة الثالثة قال‪:‬‬
‫ألرفعنّك اىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬دعين أعلمك كلمات ينفعك اهلل هبن ـ وكانوا أحرص‬
‫احلي القيّوم} حىت‬
‫شيء على اخلري ـ فقال‪ :‬إذا أويت اىل فراشك‪ ،‬فاقرأ آية الكرسي {اهلل ال اله اال هو ّ‬
‫ختتمها‪ ،‬فإنه ال يزال عليك من اهلل حافظ‪ ،‬وال يقربك شيطان حىت تصبح‪ ،‬فقال‪ ":‬صدقك وهو كذوب‪،‬‬
‫ذاك شيطان" أخرجه البخاري‪.‬‬

‫وتعوذ باهلل من شر ما رأى‪.‬‬


‫‪ _3‬إذا رأى ما يكرهه_ ونفصث عن يساره ثالث مرات ّ‬
‫قال أبو سلمة بن عبدالرمحن‪ :‬مسعت أبا قتادة بن ربعي يقول‪ :‬مسعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫يقول‪ ":‬الرؤيا من اهلل‪ ،‬واحللم من الشيطان‪ ،‬فإذا رأى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث عن يساره ثالث‬
‫شرها فإهنا لن تضره إن شاء اهلل" قال أبو سلمة‪ :‬إن كنت ألرى‬
‫وليتعوذ باهلل من ّ‬
‫مرات إذا استيقظ‪ّ ،‬‬
‫الرؤيا هي أثقل علي من اجلبل‪ ،‬فلما مسعت هبذا احلديث‪ ،‬فما كنت أباليها‪ ،‬ويف رواية‪ :‬قال‪ :‬إن كنت‬
‫أرى الرؤيا هتمين حىت مسعت أبا قتادة يقول‪ :‬وأنا كنت ألرى الرؤيا فتمرضين حىت مسعت رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ ":‬الرؤيا الصاحلة من اهلل‪ ،‬فإذا رأى أحدكم ما حيب فال حيدث إالمن حيب‪.‬‬
‫وليتعوذ باهلل من الشيطان الرجيم من شر ما‬
‫وإن رأى ما يكره فال حيدث به‪ ،‬وليتفل عن يساره (ثالثا) ّ‬
‫رأى فإهنا لن تضره" متفق عليه‪.‬‬
‫‪ _4‬عند الخروج من البيت وقولك‪ ":‬بسم اهلل‪ ،‬توكلت على اهلل‪ ،‬ال حول وال قوة إال باهلل تعالى"‪.‬‬
‫قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬من قال ـ إذا خرج من بيته ـ بسم اهلل‪ ،‬توكلت على اهلل‪ ،‬ال‬
‫حول وال قوة إال باهلل تعاىل ـ يقال له‪ :‬كفيت‪ ،‬ووقيت‪ ،‬وهديت وتنحى عنه الشيطان‪ ،‬فيقول لشيطان‬
‫آخر‪ :‬كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي"‪ .‬صحيح الكلم الطيب ‪.45‬‬

‫‪ _5‬ذ_كر_ اهلل سبحانه وتعالى عند دخولك المنزل وعند الطعام‪:‬‬


‫عن جابر رضي اهلل عنه قال‪ :‬مسعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ ":‬إذا دخل الرجل بيته‪،‬‬
‫فذكر اهلل تعاىل عند دخوله‪ ،‬وعند طعامه‪ ،‬قال الشيطان‪ :‬ال مبيت لكم وال عشاء‪ ،‬وإذا دخل فلم يذكر‬
‫اهلل تعاىل عند طعامه قال‪ :‬أدركتم املبيت والعشاء" رواه مسلم‪.‬‬

‫‪ _6‬عند دخولك المسجد وقولك‪ ":‬أعوذ باهلل العظيم وبوجهه وبسلطانه القديم من الشيطان‬
‫الرجيم"‪_.‬‬
‫عن عبداهلل بن عمر رضي اهلل عنهما‪ ،‬عن النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه كان أذا دخل املسجد قال‪":‬‬
‫أعوذ باهلل العظيم‪ ،‬وبوجهه الكرمي‪ ،‬وبسلطانه القدمي من الشيطان الرجيم" قال‪ :‬فإذا قال ذلك‪ ،‬قال‬
‫الشيطان‪ :‬حفظ مين سائر اليوم‪ .‬أبو داود‪ ،‬وصححه األلباين يف كتابه صحيح أيب داود ‪ 485‬وصححه‬
‫النووي وابن حجر‪.‬‬

‫‪ _7‬عند ندا األذان‪ :‬ملا رواه أبو هريرة رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ ":‬إذا‬
‫نودي للصالة أدبر الشيطان له ضراط حىت ال يسمع التأذين‪ ،‬فإذا قضي التأذين أقبل‪ ،‬فإذا ثوب بالصالة‬
‫أدبر‪ ،‬فإذا قضي التثويب أقبل‪ ،‬حىت خيطر بني املرء وتفسه‪ ،‬فيقول‪ :‬اذكر كذا‪ ،‬اذكر كذا‪ ،‬ملا مل يكن‬
‫يذكر حىت يظل الرجل ما يدري كم صلى" متفق عليه‪.‬‬

‫‪ _8‬عند اإلستعاذة منه‪ :‬لقول اهلل تعاىل‪ {:‬وإما ينزغنّك من الشيطان نزغ فاستعذ باهلل إنه هو السميع‬
‫العليم" فصلت ‪.36‬‬

‫‪ _9‬عند قولك في الصالة‪ ( :‬أعوذ باهلل منك‪ ،‬ألعنك بلعنة اهلل ـ ثالثا) ملا رواه أبو الدرداء رضي اهلل‬
‫عنه قال‪ :‬قام رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يصلي فسمعناه يقول‪ ":‬أعوذ باهلل منك"‪ ،‬مث قال‪ ":‬ألعنك‬
‫بلعنة اهلل ثالثا" وبسط يده كأنه يتناول شيئا‪ ،‬فلما فرغ من الصالة قلنا له‪ :‬يا رسول اهلل مسعناك تقول يف‬
‫الصالة شيئا مل نسمعك تقوله قبل ذلك‪ ،‬ورأيناك بسطت يدك‪ ،‬قال‪ ":‬إن عدو اهلل إبليس جاء بشهاب‬
‫من نار ليجعله يف وجهي فقلت‪ :‬أعوذ باهلل منك‪ ،‬ثالث مرات‪ ،‬مث قال‪ :‬ألعنك بلعنة اهلل التامة‪ ،‬ثالث‬
‫مرات فلم يستأخر‪ ،‬مث أردت أخذه‪ ،‬واهلل لوال دعوة أخينا سليمان ألصبح موثقا يلعب به ولدان أهل‬
‫املدينة" أخرجه مسلم‪.‬‬

‫ويف حديث آخر عن عثمان بن أيب العاص قلت‪ :‬يا رسول اهلل إن الشيطان حال بيين وبني صاليت وبني‬
‫قراءيت يلبسها علي؟ فقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ذاك شيطان يقال له‪ :‬خنرب‪ ،‬فإذا أحسسته فتعوذ باهلل‬
‫منه واتفل عن يسارك ثالثا" ففعلت ذلك فأذهبه اهلل عين‪ .‬أخرجه مسلم‪.‬‬

‫‪ _10‬إذا وجد العبد في نفسه شيئا وقال‪ :‬هو األول واآلخر_ والظاهر والباطن وهو بكل شيء‬
‫عليم‪.‬‬
‫عن أيب زميل قلت البن عباس رضي اهلل عنهما‪ :‬ما شيء أجده يف نفسي ـ يعين شيئا من شك ـ فقال‬
‫يل‪ :‬إذا وجدت يف نفسك شيئا من ذلك فقل‪ .. :‬وذكره‪ .‬أخرجه األلباين يف الكلم الطيب‪.‬‬

‫‪ _11‬عند وقوع المصيبة بك وقولك‪ :‬قدر اهلل وما شاء فعل؛ ملا رواه أبو هريرة رضي اهلل عنه قال‪:‬‬
‫قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬املؤمن القوي خري وأحب اىل اهلل تعلى من املؤمن الضعيف‪ ،‬ويف‬
‫كل خري‪ ،‬احرص على ما ينفعك واستعن باهلل عز وجل‪ ،‬وال تعجز وإن أصابك شيء فال تقل‪ :‬لو أين‬
‫فعلت كان كذا وكذا‪ ،‬ولكن قل‪ :‬قدر اهلل وما شاء اهلل فعل فإن (لو) تفتح عمل الشيطان" أخرجه‬
‫مسلم‪.‬‬

‫‪_ _12‬ف_ي_ حالة_ قولك عند الجماع‪ ":‬بسم اهلل اللهم جنّبنا الشيطان وجنّب الشيطان ما رزقتنا"‪.‬‬

‫ورد عن ابن عباس رضي اهلل عنهما عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪ ":‬لو أن أحدكم إذا أتى أهله‬
‫قال‪ :‬بسم اهلل‪ ،‬اللهم جنّبنا الشيطان وجنّب الشيطان ما رزقتنا‪ .‬فقضي بينهما ولد مل يضره الشيطان‬
‫أبدا"‪ .‬متفق عليه‪.‬‬

‫‪ _13‬عند قولك في حالة الغضب‪ :‬أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم‪_.‬‬


‫عن سليمان بن صرد قال‪ :‬كنت جالسا مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ورجالن يستبان‪ ،‬وأحدمها‬
‫امحر وجهه‪ ،‬وانتفخت أوداجه‪ ،‬فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إين ألعلم كلمة لو قاهلا‬
‫قد ّ‬
‫لذهب عنه ما جيد لو قال‪ :‬أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم‪ ،‬ذهب عنه ما جيد" متفق عليه‪.‬‬

‫‪ _14‬عند قولك‪ :‬بسم اهلل‪.‬‬


‫عن أيب املليح‪ ،‬عن رجل قال‪ :‬كنت رديف النيب صلى اهلل عليه وسلم فعثرت دابته فقلت‪ :‬تعس‬
‫الشيطان‪ ،‬فقال‪" :‬ال تقل‪ :‬تعس الشيطان‪ ،‬فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حىت يكون مثل البيت‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫بقويت‪ ،‬ولكن قل‪ :‬باسم اهلل فإنك إذا قلت ذلك‪ ،‬تصاغر حىت يكون مثل الذباب" أخرجه أبو داود‪،‬‬
‫واأللباين يف الكلم الطيب ‪.237‬‬

‫‪ _15‬عند دعائك بالبركة لما يعجبك‪ ،‬ملا ثبت عن النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه قال‪ ":‬إذا رأى‬
‫أحدكم ما يعجبه يف نفسه أو ماله‪ ،‬فليربك عليه فإن العني خق" الكلم الطيب رقم ‪ 243‬رقم ‪.124‬‬

‫‪ _16‬عند قراءتك المعوذتين‪:‬‬


‫يتعوذ من اجلان‪،‬‬
‫فعن أيب سعيد اخلدري رضي اهلل عنه قال‪ ":‬كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ّ‬
‫وعني االنسان حىت نزلت املعوذتني‪ ،‬فلما نزلتا أخذمها وترك ما سوامها"‪ .‬رواه الرتمذي وابن ماجه‪.‬‬

‫‪ _17‬عند سجود التالوة‪ :‬عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إذا‬
‫قرأ ابن آدم السجدة فسجد‪ ،‬اعتزل الشيطان يبكي يقول‪ :‬يا ويله أمره بالسجود فسجد فله اجلنة‪،‬‬
‫وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار" رواه مسلم وأمحد‪.‬‬

‫‪ _18‬عند قراءتك لسورة البقرة‪:‬‬


‫عن أيب هريرة رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ ":‬ال جتعلوا بيوتكم مقابرا‪ ،‬إن‬
‫الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة" رواه مسلم‪.‬‬

‫‪ _19‬عند قراءة القرآن‪:‬‬


‫خرج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ليلة فإذا هو بأيب بكر رضي اهلل عنه يصلي خيفض من صوته‪،‬‬
‫ومر بعمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه وهو يصلي رافعا صوته‪ ،‬فلما اجتمعا عند النيب صلى اهلل عليه وسلم‬
‫قال‪ ":‬يا أبا بكر مررت بك وأنت تصلي وختفض من صوتك‪ .‬قال‪ :‬قد أمسعت من ناجيت يا رسول‬
‫اهلل‪ ،‬وقال عمر‪ :‬مررت بك وأنت تصلي رافعا صوتك؟ فقال‪ :‬يا رسول اهلل أوقظ الوسنان وأطرد‬
‫الشيطان‪ ،‬فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬يا أبا بكر ارفع صوتك شيئا‪ ،‬وقال لعمر‪ :‬اخفض صوتك‬
‫شيئا"‪ .‬رواه أبو داود واحلاكم‪ ،‬وصححه الذهيب‪.‬‬

‫‪ _20‬عند تحريك السبابة_ في الصالة‪:‬‬


‫فقد ثبت أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كان حيرك اصبعه يدعو هبا ويقول صلى اهلل عليه وسلم‪":‬‬
‫هلي أشد على الشيطان من احلديد يعين السبابة" رواه أمحد وغريه‪ .‬وسئل االمام أمحد هل يشري الرجل‬
‫بإصبعه يف الصالة؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬شديدا‪.‬‬

‫‪ _21‬عند الساعات واألحوال واألوضاع المستجابة‪:‬‬


‫وتفصيل ذلك يف كتايب الدعاء‪ ،‬فلرياجع ذلك من أراد التوسع‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫ثمرات اإلخالص وويالت الرياء‬

‫من الثمرات احلاصلة من اإلخالص هلل تعاىل‪:‬‬

‫‪ _1‬ن_ص_ر _األمة‪ _:‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إمنا ينصر اهلل هذه األمة بضعيفها‪ :‬بدعوهتم‪ ،‬وصالهتم‪،‬‬
‫وإخالصهم" صحيح الرتغيب والرتغيب‪.‬‬

‫‪ _2‬ن_ج_ا_تك من عذاب اآلخرة‪ ،‬قال تعالى_ في حق طائفة من المخلصين‪ { :‬ويطعمون الطعام على‬
‫حبه مسكينا ويتيما وأسريا‪ ،‬إمنا نطعمكم لوجه اهلل ال نريد منكم جزاءا وال شكورا‪ ،‬إنا خناف من ربنا‬
‫شر ذلك اليوم ول ّقاهم نضرة وسرورا‪ ،‬وجزاهم مبا صربوا جنة‬
‫يوما عبوسا قمطريرا‪ ،‬فوقاهم اهلل ّ‬
‫وحريرا} اإلنسان ‪.12-8‬‬

‫‪ _3‬رفع المنزلة في اآلخرة‪ :‬واآليات_ واألحاديث كثيرة‪ ،‬من ذلك‪ :‬ما جاء عن األبرار يف سورة‬
‫شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا‪ ،‬وجزاهم مبا صربوا جنة‬ ‫الدهر قول اهلل تعاىل‪ {:‬فوقاهم اهلل ّ‬
‫وحريرا‪ ،‬متكئني فيها على األرائك ال يرون فيها مشسا وال زمهريرا‪ ،‬ودانية عليهم ظالهلا وذللت قطوفها‬
‫تذليال‪ ،‬ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا‪ ،‬قوارير من فضة ق ّدروها تقديرا‪ ،‬ويسقون‬
‫تسمى سلسبيال‪ ،‬ويطوف عليهم ولدان خملّدون‪ ،‬إذا رأيتهم‬
‫فيها كأسا كان مزاجها زجنبيال‪ ،‬عينا فيها ّ‬
‫حسبتهم لؤلؤا منثورا} االنسان ‪.19-11‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬أول زمرة يدخلون اجلنة على صورة القمر ليلة البدر‪ ،‬مث الذين يلوهنم‬
‫على أشد كوكب دري يف السماء إضاءة‪ :‬ال يبولون‪ ،‬وال يتغوطون‪ ،‬وال يتفلون‪ ،‬وال يتمخطون‪،‬‬
‫أمشاطهم الذهب‪ ،‬ورشحهم املسك‪ ،‬وجمامرهم األلوة ـ عود الطيب ـ أزواجهم احلور العني‪ ،‬على خلق‬
‫رجل واحد‪ ،‬على صورة أبيهم آدم‪ ،‬ستون ذراعا يف السماء" متفق عليه‪.‬‬

‫‪ _4‬اإل_نقاذ_ من الضالل في الدنيا‪ _،‬ومن األمثلة_ على ذلك قصة يوسف عليه السالم‪ ،‬وقد تقدمت‪.‬‬

‫‪ _5‬س__بب زيادة الهدى‪ ،‬قال تعاىل‪ {:‬إنهم فتية آمنوا بربهم_ وزدناهم هدى} الكهف ‪.13‬‬
‫‪ _6‬حب أهل السماء للمخلص‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إذا أحب اهلل تعاىل العبد نادى جربيل‪:‬‬
‫إن اهلل تعاىل حيب فالنا فأحببه‪ ،‬فيحبه جربيل فينادي يف أهل السماء إن اهلل حيب فالنا فأحبوه فيحبه أهل‬
‫السماء‪ ،‬مث يوضع له القبول يف األرض" متفق عليه‪.‬‬

‫‪ _7‬وضع القبول للمخلص في األرض‪ ،‬للحديث السابق‪.‬‬

‫‪ _8‬ا_ل_ص_يت الطيب عند الناس‪ ،‬للحديث السابق‪ ،‬مث قوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ما من عبد إال وله‬
‫صيت يف السماء‪ ،‬فإن كان صيته يف السماء حسنا وضع يف األرض‪ ،‬وإن كان صيته يف السماء سيئا‬
‫وضع يف األرض" صحيح اجلامع ‪.5608‬‬

‫‪ _9‬ت _ف_ر_ي_ج _كروب الدنيا‪ _،‬ومن ذلك قصة الثالثة الذين_ كانوا في الغار‪.‬‬

‫‪ _10‬ط_م_أ_ن_ينة القلب والشعور بالسعادة‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ {:‬أال بذكر اهلل تطمئن القلوب} الرعد ‪.28‬‬

‫‪ _11‬ت _ز_ي__ينااليمان في النفس‪ ،‬وكره الفسوق والعصيان‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ {:‬واعلموا أن فيكم رسول‬
‫كره إليكم‬‫اهلل‪ ،‬لو يطيعكم يف كثري من األمر لعنتّم ‪ ،‬ولكن اهلل حبب اليكم االميان وزينه يف قلوبكم‪ّ ،‬‬
‫الكفر والفسوق والعصيان‪ ،‬أولئك هم الراشدون} احلجرات ‪ .7‬وقد تقدم معنا كيف كره اهلل تعاىل‬
‫ليوسف عليه السالم الزنا والفسوق والعصيان وكيف حبب اليه االميان فكان السجن أحب اليه من نيل‬
‫وطره باحلرام‪.‬‬

‫‪ _12‬ا_ل_ت_و_ف_يق لمصاحبة أهل االخالص‪ ،‬وصحبة الصحابة رضي اهلل عنهم لرسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬ولبعضهم البعض‪ ،‬من أوضح األدلة على ذلك‪.‬‬

‫‪ _13‬تحمل الصعاب_ في الدنيا_ مهما اشتدت_‪ ،‬ومن ذلك ثباته صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وثبات الصحابة‬
‫رضوان اهلل عليهم مجيعا‪ ،‬والسرية مليئة باألمثلة‪.‬‬

‫‪ _14‬ح_سن الخاتمة‪ ،‬ومن ذلك حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعني نفسا‪ ،‬مث أراد أن يتوب‪،‬‬
‫فبسبب إخالصه هلل تعاىل يف التوبة‪ ،‬قبض وهو مقبل بقلبه اىل اهلل تعاىل‪.‬‬
‫‪ _15‬ا_س_تجابة الدعاء‪ ،‬وقد تقدم يف قصة الغالم املؤمن استجابات كثرية ألدعيته وكذلك الثالثة الذين‬
‫يف الغار وباب هذا واسع‪.‬‬

‫‪ _16‬ا_ل_ت_ن_ع_يم في القبر والتبشير بالسرور‪ _،‬وقد أوردنا يف معاجلة الرياء واالسترباء منه عن عذاب القرب‬
‫ونعيمه من حديث الرباء بن عازب‪ ،‬وكيف أن العمل الصاحل يتمثل بصورة رجل حسن الوجه‪ ،‬حست‬
‫الثياب‪ ،‬طيب الريح‪ ،‬ويقول‪ :‬أنا عملك الصاحل وهو عندما يبشر يقول‪ :‬أبشر بالذي يسرك‪.‬‬
‫من الويالت الناتجة من الرياء_‬

‫‪ _1‬هزيمة األمة؛ فقد روينا حديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬إن من أسباب نصر األمة‬
‫اإلخالص‪ ،‬فإن مل يكن اإلخالص فاهلزمية والدمار‪.‬‬

‫‪ _2‬ع_ذ_اب اآلخرة‪ :‬قال تعاىل‪ {:‬فويل للمصلني الذين هم عن صالهتم ساهون الذين هم يراؤون‬
‫ومينعون املاعون} املاعون‪.6-4 ،‬‬

‫وقد تقدم يف حديث أيب هريرة الطويل عن الثالثة املعذبني‪ ،‬العامل وقارئ القرآن والذي استشهد‪ ،‬وفيه‬
‫كيف يسحبون يف النار على وجوههم بسبب الرياء‪.‬‬

‫‪ _3‬زيادة الضالل في الدنيا؛ قال تعاىل‪ {:‬يف قلوهبم مرض فزادهم اهلل مرضا} البقرة ‪ ،10‬عن جابر‬
‫بن مسرة رضي اهلل عنهما قال‪ :‬شكا أهل الكوفة سعدا‪ ،‬يعين ابن أيب وقاص رضي اهلل عنه‪ ،‬اىل عمر بن‬
‫اخلطاب رضي اهلل عنه واستعمل عليهم عمارا‪ ،‬فشكوا اليه حىت ذكروا أنه ال حيسن يصلي‪ ،‬فأرسل اليه‬
‫فقال‪ :‬يا أبا إسحاق‪ ،‬إن هؤالء يزعمون أنك ال حتسن تصلي‪ ،‬فقال‪ :‬أما أنا واهلل فإين كنت أصلي هبم‬
‫صالة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ال أخرم عنها‪ ،‬أصلي صاليت العشلء فأركد يف األوليني وأخف‬
‫يف اآلخريني‪ ،‬قال‪ :‬ذلك الظن بك يا أبا إسحاق‪ ،‬وأرسل معه رجال ـ أو رجاال ـ اىل الكوفة يسأل عنه‬
‫أهل الكوفة فلم يدع مسجدا إال سأل عنه‪ ،‬ويثنون معروفا‪ ،‬حىت دخل مسجدا لبين عبس فقام رجل‬
‫منهم‪ ،‬يقال له أسامة بن قتادة‪ ،‬يكىّن أبا سعدة‪ ،‬فقال‪ :‬أما إذا نشدتنا فإن سعدا كان ال يسري بالسرية وال‬
‫يقسم بالسوية‪ ،‬وال يعدل يف القضية‪ ،‬قال سعد‪ :‬أما واهلل ألدعون بثالث‪ :‬اللهم إن كان عبدك هذا‬
‫كاذبا‪ ،‬قام رياء ومسعة‪ ،‬فأطل عمره‪ ،‬وأطل فقره وعرضه للفنت‪ ،‬وكان بعد ذلك إذا سئل يقول‪ :‬شيخ‬
‫كبري مفتون‪ ،‬أصابتين دعوة سعد‪ .‬قال عبدامللك بن عمر الراوي عن جابر بن مسرة‪ :‬فأنا رأيته بعد قط‬
‫قد سقط حاجباه على عينه من الكرب‪ .‬وإنه ليتعرض للجواري يف الطرق فيغمزهن‪ .‬متفق عليه‪.‬‬

‫‪ _4‬ب _غ_ض _أهل السماء للمرائي‪ ،‬لقوله عليه السالم‪ ":‬إن اهلل تعاىل إذا أحب عبدا دعا جربيل فقال‪ :‬إين‬
‫أحب فالنا فأحببه‪ ،‬فيحبه جربيل مث ينادي يف السماء فيقول‪ :‬إن اهلل حيب فالنا فأحبوه‪ ،‬فيحبه أهل‬
‫السماء‪ ،‬مث يوضع القبول يف األرض‪ ،‬وإذا أبغض عبدا دعا جربيل فيقول‪ :‬إين أبغض فالنا فأبغضه‪،‬‬
‫فيبغضه جربيل مث ينادي يف أهل السماء‪ :‬إن اهلل يبغض فالنا فأبغضوه‪ ،‬مث توضع له البغضاء يف األرض"‬
‫رواه مسلم‪.‬‬

‫‪ _5‬ب _غ_ض _أهل األرض له‪ ،‬للحديث السابق‪.‬‬

‫‪ _6‬ق_لق القلب والشعور بالشقاء‪ :‬قال اهلل تعاىل‪ {:‬ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا‪،‬‬
‫وحنشره يوم القيامة أعمى} طه ‪.124‬‬

‫‪ _7‬ا_ل_ت_ه_د_يد بسوء الخاتمة‪ ،‬لقوله سبحانه‪ {:‬فليحذر الذين خيالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو‬
‫يصيبهم عذاب أليم} النور ‪.63‬‬

‫‪ _8‬ف _ض_ي_ح_ة _المرائي على رؤوس الخالئق‪ ،‬لقوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ما من عبد يقوم يف الدنيا‬
‫مقام مسعة ورياء‪ ،‬إال مسّع اهلل به على رؤوس اخلالئق يوم القيامة" صحيح الرتغيب‪.‬‬
‫الفصل الرابع_‬
‫أحاديث_ وكلمات في اإلخالص‬

‫أحاديث في اإلخالص والتحذير من الرياء من صحيح الترغيب والترهيب‪:‬‬

‫نضر اهلل امرءا مسع‬


‫‪ _1‬عن أيب سعيد اخلدري عن النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه قال يف حجة الوادع‪ّ " :‬‬
‫مقاليت فوعاها‪ ،‬فرب حامل فقه ليس بفقيه‪ ،‬ثالث ال يغل عليهن قلب امرئ مؤمن‪ ،‬إخالص العمل هلل‪،‬‬
‫واملناصحة ألئمة املسلمني‪ ،‬ولزوم اجلماعة‪ ،‬فإن دعاءهم حييط من ورائهم"‪.‬‬

‫‪ _2‬عن مصعب بن سعد عن أبيه رضي اهلل عنه أنه ظن أن له فضال على من دونه من أصحاب رسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فقال النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إمنا ينصر اهلل هذه األمة بضعيفها‪ ،‬بدعوهتم‪،‬‬
‫وصالهتم‪ ،‬وإخالصهم"‪.‬‬

‫‪ _3‬عن أيب الدرداء عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪ ":‬الدنيا ملعونة‪ ،‬ملعون ما فيها إال ما ابتغي به‬
‫وجه اهلل"‪.‬‬

‫أيب بن كعب قال‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬بشر هذه األمة بالسناء والدين والرفعة والتمكني‬
‫‪ _4‬عن ّ‬
‫يف األرض‪ ،‬فمن عمل منهم عمل اآلخرة للدنيا‪ ،‬مل يكن له يف االخرة من نصيب"‪.‬‬

‫‪ _5‬عن عبداهلل بن عمر رضي اهلل عنهما قال‪ :‬مسعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ ":‬من مسّع‬
‫الناس بعمله‪ ،‬مسّع اهلل به مسامع خلقه‪ ،‬وصغره‪ ،‬وحقره"‪.‬‬

‫‪ _7‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ما من عبد يقوم يف الدنيا مقام مسعة ورياء‪ ،‬إال مسّع اهلل به على رؤوس‬
‫اخلالئق يوم القيامة"‪.‬‬

‫‪ _7‬عن ربيح بن عبدالرمحن بن أيب سعيد اخلدري عن أبيه عن جده‪ ،‬قال‪ :‬خرج علينا رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم وحنن نتذاكر املسيح الدجال‪ ،‬فقال‪ ":‬أال أخربكم مبا هو أخوف عليكم عندي من املسيح‬
‫الدجال‪،‬؟" فقلنا بلى يا رسول اهلل فقال‪ ":‬الشرك اخلفي‪ ،‬أن يقوم الرجل فيصلي‪ ،‬فيزين صالته ملا يرى‬
‫من نظر رجل"‪.‬‬

‫‪ _8‬عن حممود بن لبيد قال‪ :‬خرج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فقال‪ ":‬يا أيها الناس إياكم وشرك‬
‫السرائر"‪ .‬قالوا‪ :‬يا رسول اهلل وما شرك السرائر؟ قال‪ ":‬يقوم الرجل فيصلي فيزين صالته جاهدا ملا يرى‬
‫من نظر الناس إليه‪ ،‬فذلك شرك السرائر"‪.‬‬

‫‪ _9‬وعن حممود بن لبيد أيضا أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ ":‬إن أخوف ما أخاف عليكم‬
‫الشرك األصغر"‪ ،‬قالوا‪ :‬وما الشرك األصغر يا رسول اهلل؟ قال‪ ":‬الرياء‪ ،‬يقول اهلل عز وجل إذا جزى‬
‫الناس بأعماهلم‪:‬‬
‫(اذهبوا اىل الذين كنتم تراؤون يف الدنيا فانظروا هل جتدون عندهم جزاءا)"‪.‬‬

‫‪ _10‬وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إذا مجع اهلل األولني واآلخرين ليوم القيامة‪ ،‬ليوم ال ريب فيه نادى‬
‫مناد‪ :‬من كان أشرك يف عمله هلل أحدا فليطلب ثوابه من عنده‪ ،‬فإن اهلل أغىن الشركاء عن الشرك"‪.‬‬

‫‪ _11‬عن أيب علي ـ رجل من بين كاهل ـ قال‪:‬‬


‫خطبنا أبو موسى األشعري فقال‪ :‬يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك‪ ،‬فإنه أخفى من دبيب النمل‪ ،‬فقام إليه‬
‫عبداهلل بن حزن وقيس ابن املضارب فقاال‪ :‬واهلل لتخرجن مما قلت‪ ،‬أو لنأتني عمر مأذونا لنا أو غري‬
‫مأذون‪ ،‬فقال‪ :‬بل اخرج مما قلت‪ :‬خطب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ذات يوم فقال‪ ":‬يا أيها الناس‬
‫اتقوا هذا الشرك‪ ،‬فإنه أخفى من دبيب النمل"‪ ،‬فقال له من شاء أن يقول‪ :‬وكيف نتقيه وهو أخفى من‬
‫دبيب النمل يا رسول اهلل؟‪ ،‬قال‪ ":‬قولوا‪ :‬اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه‪ ،‬ونستغفرك ملا‬
‫ال نعلمه"‪.‬‬
‫أقوال طيبة في اإلخالص‬

‫من كتاب إحياء علوم الدين لالمام الغزايل‪.‬‬

‫‪ _1‬إذا أتاك الشيطان وأنت يف الصالة فقال‪ :‬إنك مراء‪ ،‬فزدها طوال‪.‬‬

‫‪ _2‬وقال قائل‪ :‬دلوين على عمل ال أزال به عامال هلل تعاىل‪ ،‬فقيل له‪ :‬انو اخلري‪ ،‬فإنك ال تزال عامال وإن‬
‫مل تعمل‪ .‬فالنية تعمل وإن عدم العمل‪.‬‬

‫‪ _3‬إين أحب أن يكون يل يف كل شيء نية‪ ،‬حىت يف أكلي وشريب‪.‬‬

‫‪ _4‬امل خلصمن يكتم حسناته كما يكتم سيئاته‪.‬‬

‫‪ _5‬أخلص النية يف أعمالك يكفك القليل من العمل‪.‬‬

‫‪ _6‬خت ل يصالنيات على العمال أشد عليهم من مجيع األعمال‪.‬‬

‫‪ _7‬اإلخالص مييّز العمل من العيوب كتمييز اللنب من الفرث والدم‪.‬‬

‫‪ _8‬مراد اهلل من عمل اخلالئق اإلخالص‪.‬‬

‫‪ _9‬من شاهد يف إخالصه اإلخالص‪ ،‬فقد احتاج إخالصه اىل اإلخالص‪.‬‬

‫‪ _10‬اإلخالص نسيان رؤية اخللق بدوام النظر اىل اخلالق فقط‪.‬‬


‫من األقوال التي رويت عن السلف والصالحين في النية واإلخالص‬
‫والتحذير من الرياء‬
‫من كتاب الزهد البن المبارك‪.‬‬

‫‪ _1‬ويروى عن الثوري أنه قال‪ :‬كانوا يكرهون الشهرة من الثياب اجليدة والثياب الرديئة إذ األبصار‬
‫متتد إليها مجيعا‪.‬‬

‫‪ _2‬روي عن ابن اجلوزي عن احلسن أنه قال‪ :‬كنت مع ابن املبارك فأتينا على سقابة والناس يشربون‬
‫منها‪ ،‬فدنا منها ليشرب ومل يعرفه الناس‪ ،‬فزمحوه ودفعوه‪ ،‬فلما خرج قال يل‪ :‬ما العيش إال هكذا‪ ،‬يعين‬
‫حيث مل نعرف ومل نوقر‪.‬‬

‫‪ _3‬روي عن النعيم بن محاد أنه قال‪ :‬كان عبداهلل بن املبارك يكثر اجللوس يف بيته فقيل له أال‬
‫تستوحش؟ فقال‪ :‬كيف أستوحش وأنا مع النيب صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ _4‬روي عن عبدة بن سليمان أنه قال‪ :‬كنا يف سرية مع عبداهلل بن املبارك يف بالد الروم‪ ،‬فصادفنا‬
‫العدو‪ ،‬فلما التقى الصفان خرج رجل من العدو فدعا الرباز فخرج اليه رجل فطارده ساعة فطعنه فقتله‪،‬‬
‫مث آخر فقتله مث آخر فقتله‪ ،‬مث دعا اىل الرباز فخرج اليه رجل فطارده ساعة فطعنه وقتله‪ ،‬فازدحم عليه‬
‫الناس‪ ،‬وكنت فيمن ازدحم عليه‪ ،‬فإذا هو يلثم وجهه بكمه فأخذت بطرف كمه فمددته فإذا هو عبداهلل‬
‫بن املبارك‪ ،‬فقال‪ :‬وأنت يا أبا عمرو ممن يشنع علينا؟‬

‫‪ _5‬روي عن املبارك أنه قال‪ :‬مسعت جعفر بن حيان يقول‪ :‬مالك هذه األعمال النيات‪ ،‬فإن الرجل يبلغ‬
‫بنيته ما ال يبلغ بعمله‪.‬‬

‫‪ _6‬كان أحد احلكماء يقول‪ :‬إذا كان املرء حيدث يف اجمللس فأعجبه احلديث فليسكت‪ ،‬وإذا كان‬
‫ساكتا فأعجبه السكوت فليحدث‪.‬‬
‫ايل من أن أبيت‬
‫‪ _7‬روي عن مطرف بن عبداهلل الشخري أنه قال‪ :‬ألن أبيت نائما وأصبح نادما أحب ّ‬
‫قائما فأصبح معجبا‪.‬‬

‫‪ _8‬روي عن النعمان بن قيس أنه قال‪ :‬ما رأيت عبيدة رمحه اهلل متطوعا يف مسجد احلي‪.‬‬

‫‪ _9‬روي عن عبداهلل بن املبارك عن مبارك بن فضالة عن احلسن أنه قال‪ :‬إن كان الرجل لقد مجع‬
‫القرآن وما يشعر به الناس‪ .‬وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثري وما يشعر به الناس‪ .‬وإن كان الرجل‬
‫ليصلي الصالة الطويلة يف بيته وعنده زوار وما يشعرون به‪ .‬ولقد أدركت أقواما ما كان على األرض‬
‫من عمل يقدرون أن يعملوه يف السر فيكون عالنية أبدا‪ .‬لقد كان املسلمون جيتهدون يف الدعاء وما‬
‫يسمع هلم صوت‪ ،‬إن كان إال مهسا بينهم وبني رهبم‪ .‬وذلك أن اهلل تعاىل يقول‪ {:‬ادعوا ربكم تضرعا‬
‫وخفية}‪.‬‬

‫‪ _10‬روي عن جعفر بن حيان عن احلسن أنه قال‪ :‬ال يزال العبد خبري إذا قال‪ ،‬قال هلل‪ ،‬وإذا عمل‪،‬‬
‫يعمل هلل‪.‬‬

‫‪ _11‬روي عن ابن مسعود رضي اهلل عنه أنه قال‪ :‬إن اهلل ال يقبل من مسمع وال مراء وال العب‪ ،‬وال‬
‫داع إال دعايا دعاء ثبتا من قلبه‪.‬‬

You might also like