Professional Documents
Culture Documents
com :
الصياغة القانونية
إعداد المحامي :هيثم الفقي
المخطط:
املبحث األول :مدخل للصياغة القانوني ــة
•املطلب األول :تعريف الصياغة القانونية
•املطلب الثاين :فــن الصياغة
•املطلب الثالث :املسؤوليات األخالقية للصائغني
•املبحث الثاين :الصياغة اجلامدة والصياغة املرنة
•املطلب األول :الصياغة اجلامدة
•املطلب الثاين :الصياغة املـ ـرنة
•املطلب الثالث :احلاجة للصياغتني معا
•املبحث الثالث :طرق الصياغة القانونية
•املطلب األول :الطرق املادية
•املطلب الثاين :الطرق املعنوية
•املطلب الثالث :عوامل جودة الصياغة القانونية
•املبحث الرابع :قواعد الصياغة التشريعية
•املطلب األول :املنطق العلمي
•املطلب الثاين :حرفية الصائغ
•املطلب الثالث :أساليب زيادة الدقة يف الصياغة التشريعية
•املطلب الرابع :عيوب الصياغة
اخلامتة
مقدمة
إن اإلهتمام مبسألة الصياغة القانونية ليس جمرد إعتناء باجلانب الشكلي واإلجرائي ،إمنا اهلدف منه هو الوصول إىل تطبيق دولة
القانون واحلكم الراشد من خالل سن تشريع جيد ومتطور ،يف منتهى الوضوح والدقة يف الصياغة ،منسجما مع الدستور وغري
متعارض مع القوانني األخرى ،مفهوم عند عامة الناس وقابل للتطبيق.
وتعد نوعية الصياغة التشريعية مكونا هاما من مكونات اإلدارة الرشيدة ملا هلا من أثر على املستوى اإلجتماعي واإلقتصادي
والسياسي للبالد .كما أن اختيارانا هلذا املوضوع ،يتزامن مع إصالح النظام القانوين الذي شرعت فيه اجلزائر واملتمثل يف مراجعة
وحتديث القوانني املوجودة يف شىت القطاعات وما يتماشى مع اإلحتياجات واملتطلبات اجلديدة ملواكبة املعايري الدولية ،من هنا
يتبادر لألذهان الطرح املتمحور حول :ما مدى مالئمة مشروعات التطوير التشريعي يف تعزيز بناء الدميوقراطية وتغيري أسلوب
احلكم باجتاه اإلستعاب ال اإلستبداد وباجتاه احملاسبة والشفافية وما مدى مالئمة ومسايرة الصياغة التشريعية ألنظمة احلكم
خاصة يف الدول العربية؟
باعتبار أن مسألة التحكم يف أصول الصياغة القانونية مسألة حتمية يف ظل العوملة واإلجتاه الدويل احلايل يف توحيد القوانني
أصبحت كل دولة ال تستطيع أن تسن قوانينها مبعزل عن القوانني واإلتفاقيات الدولية.
•
تتكون القاعدة القانونية من عنصرين :عنصر العلم وعنصر الصياغة .يتعلق عنصر العلم جبوهر القانون
وموضوعه ،أي باملادة األولية اليت يتكون منها القانون ،وبالعوامل اليت تدخل يف مضمونه أي القوى اخلالقة
للقانون.
أما عنصر الصياغة فيتمثل يف إخراج هذا املضمون إىل حيز العمل من خالل الوسائل الفنية الالزمة إلنشاء
القاعدة القانونية والتعبري عنها ،وتسمى بأساليب صناعة أو صياغة القانون .وعلى هذا فالصياغة القانونية هي
مبثابة حتويل املادة األولية اليت يتكون منها القانون إىل قواعد عملية صاحلة للتطبيق الفعلي على حنو حيقق الغاية
اليت يفصح عنها جوهرها ،ويتم ذلك عن طريق اختيار الوسائل واألدوات الكفيلة بالرتمجة الصادقة ملضمون
القاعدة وإعطائها الشكل العملي الذي تصلح به للتطبيق"1".
وتعد الصياغة القانونية عنصرا هاما من عناصر تكوين القاعدة القانونية ،فهي اليت خترجها إىل حيز الوجود
ويتوقف جناح تلك القاعدة على دقة الصياغة ومدى مالئمة أدواهتا .هلذا ينبغي مراعاة الدقة يف صياغة القاعدة
القانونية من خالل اختيار التعبري الفين العملي وأقرب السبل وأفضل األدوات لتحقيق الغاية املقصودة منها.
يتمثل املضمون التشريعي يف قواعد ترمى إىل حتقيق مصاحل وتصاغ يف صورة نصوص .وهذا هو" فن الصياغة
القانونية " ،ويقصد به جمموعة الوسائل والقواعد املستخدمة لصياغة األفكار القانونية يف نصوص تشريعية تعني
على تطبيق القانون من الناحية العملية ،وذلك باستيعاب وقائع احلياة يف قوالب تشريعية لتحقيق الغرض الذي
تنشده السياسة القانونية" 2".
إن موضوع هذا الفن وغايته هو تسهيل العمل بالقانون ،ويتحقق ذلك من خالل عدة أمور :
1-استخدام مناهج وأساليب يف الصياغة متكن قدر اإلمكان املستطاع من احتواء كافة الوقائع يف جمال
القواعد القانونية .إن وقائع احلياة املتنوعة تعصى على اإلدراك ،يف حني أن أساليب الصياغة القانونية حمدودة
اإلمكانيات .لذا يصعب على أي فن بشري ،مهما بلغ من كمال ،أن يصوغ مبادئ وقواعد تصلح لكل األمور
ويف كافة األزمان .وينبغي أن تصب القواعد وتصهر وفقا لألشياء والوقائع على حنو تتسع ملا بينها من تنوع
وتفاوت ،أي أن ينبغي على املشرع أن جيمع يف الصياغة القانونية بني كمال التحديد وإتقان التكييف.
2-خلق األفكار القانونية :إن احلياة االجتماعية تولد مصاحل وحاجات معينة ،ويأيت فن الصياغة القانونية
إلشباع هذه احلاجات ،من خالل استخدام وسائل مصطنعة وأفكار قانونية .وهكذا يتضمن كل قانون عناصر
املطلـب الثالث :املسؤوليات األخالقية للصائغني
يكمن جزء من حل الصعوبات اليت يواجهها الصائغون عند إعداد التشريعات اليت تستهدف إحداث حتوالت يف اجملتمع واليت
ميكن تنفيذها بفعالية ،يف إجياد أخالقيات مهنية بني الصائغني .وينبغي أن تتضمن تلك األخالقيات مخس قواعد أساسية هي:
1-أن يدرك الصائغ أنه مسؤول ليس عن شكل مشروع القانون فحسب ،وإمنا عن موضوعه أيضا.
2-ومثلما يدين احملامي أثناء احملاكمة بواجب الوالء ،إىل كل من املوكل والنظام القضائي ،فإن الصائغ يدين كذلك بالوالء إىل
كل من املوكل والنظام التشريعي.
3-أن يدين الصائغ للموكل بواجب الكفاءة يف صياغة مشروعات قوانني ميكن تنفيذها بفعالية ،وكذلك يف صياغة مشروعات
قوانني وتقارير حبثية صحيحة من الناحية الشكلية.
4-أن يدين الصائغ إىل املوكل بواجب السرية ،ولكن جيوز له أن يرفض صياغة مشروع قانون بسبب تعارضه مع معتقادته
الشخصية.
5-أن على الصائغ الذي ال يرى سبيال لكتابة مشروع القانون املقرتح ضمن احلدود القانونية والدستور أن يرفض التعليمات
الصادرة إليه بصياغة هذا املشروع"3".
املطلـب الثالث :احلاجـة للصياغتني معـا
الواقع أن القانون الوضعي يف حاجة إىل النوعني من الصياغة يف نفس الوقت .فاألصل أن تكون القواعد القانونية منضبطة
وحمددة ،إال أنه توجد حاالت كثرية البد وأن تصاغ فيها القواعد بصورة مرنة تتجاوب مع الظروف املتغرية وما قد يستجد من
وقائع.
فاملشرع قد يفضل هجر القاعدة اجلامدة واألخذ باملعيار املرن ،فمثال قد حيدد املشرع الغنب يف املعامالت بنسبة معينة من قيمة
الشيء حمل التعامل ،وقد يهجر املشرع هذه القاعدة اجلامدة ويأخذ باملعيار املرن ،مثل عدم التعادل البتة بني التزامات كل من
الطرفني ،تاركا للقاضي تقدير كل حالة على حدة ،حىت تتالءم القاعدة القانونية مع تباين احلاالت الواقعية ،كما هو احلال يف
نظرية اإلستغالل.
وجيب بقدر اإلمكان أن جتابه القواعد يف صياغتها كافة الفروض والظروف وكذلك ما جيد من تطورات واحتماالت .لذلك لعل
األسلوب األمثل عند حتديد نطاق تطبيق القاعدة القانونية يكون من خالل التباين بني املثال واحلصر:
1-ذكر حاالت انطباق القاعدة القانونية على سبيل املثال ،مع إفساح اجملال أمام القاضي للقياس ،كي تشمل القاعدة ما يطرأ
من أحداث ووقائع.
2-وقد يرى املشرع حتديد نطاق تطبيق القاعدة القانونية بصورة دقيقة حمددة ،على حنو ال يرتك للقاضي احلرية يف القياس،
وذلك حرصا على استقرار املعامالت ،وصونا ملختلف احلريات .ويبدو ذلك بصفة خاصة يف جمال قانون العقوبات ،حيث
يرتتب على القياس جترمي أفعال ال ينص عليها القانون ،األمر الذي يتعارض مع مبدأ الشرعية.
املطلب الثاين :الطرق املعنويـة
الصياغة املعنوية هي عمل ذهين يكسب القاعدة القانونية إخراجا عمليا وتتمثل هذه الصيغ يف:
القرائن القانونية ،اإلفرتاض أو احليل القانونية.
1-القرائن القانونية:
القرينة القانونية هي عملية موضوعها أمر مشكوك فيه على أنه أمر مؤكد ،أي حتويل الشك إىل يقني وإخراج القاعدة القانونية
على هذا األساس ،وإذا كان جمال القرائن القانونية أصال هو موضوع اإلثبات إال أن احلاجة إىل القرائن يف جمال القواعد
املوضوعية أمر قائم.
القرائن القانونية يف جمال اإلثبات:
يؤخذ مببدأ القرينة يف جمال إثبات مراكز واقعية متهيدا لتطبيق القانون عليها :إن الشك يف وضع ما لتعذر إثباته أو استحالته
يتحول إىل يقني مىت استعملت فكرة القرينة وهذا من شأنه أن يعمل على حتقيق االطمئنان واإلستقرار يف اجملتمع مىت كان
اإلثبات العادي املباشر متعذرا ومثاله:
القرينة الزوجية اليت تقضي :بأن املولد من زوج الوالدة ،مىت حصل احلمل وقت الزوجية .أو كما ورد يف حديث الرسول (صلى
اهلل عليه وسلم) " :الولد للفراش "
كذلك قرينة اعتبار ارتكاب القاصر عمال غري مشروع قرينة على خطأ من يتوىل رقابته كاألب أو الوصي...
وإذا كان املبدأ أن القرائن القانونية بسيطة تقبل إثبات العكس إال أنه توجد بعض القرائن قاطعة ال جيوز إثبات عكسها.
وإذا كانت القرائن القانونية تكون إقامتها يف مرحلة صياغة القاعدة القانونية ،وهي من صنع املشرع ،أو القانون الوضعي عموما،
فإنه على عكس ذلك تكون القرائن القضائية من صنع القاضي يهتدي إليها يف مرحلة تطبيق القاعدة القانونية فهي تستخلص
بصدد قضية مطروحة،استنادا إىل وقائع الدعوى ومالبستها :كصورية البيع بني الزوجني أو لقرابة وثيقة بني أطرافه...
2-القرائن القانونية يف جمال القواعد املوضوعية:
هذا النوع من القرائن ميس موضوع احلق ،وهو ال يتعدى دور الدافع أو العلة يف تقرير حكم القاعدة القانونية ،اليت تبقى مستقلة
بعد إقرارها عن هذه الدوافع ،أن حتديد سن الرشد بتمام( )11سنة كاملة يف القانون اجلزائري قد بناه املشرع على اعتبار هذا
السن قرينة ختتفي مبجرد صياغة القاعدة القانونية املنصوص عليها يف املادة (04ق.أ.م).
اإلفرتاض أو احليل القانونية:
يتمثل اإلفرتاض أو احليل القانونية يف إعطاء وضع من الو ضاع حكما خيالف احلقيقة من أجل الوصول إىل غاية عملية معينة،
وهو تصوير ذهين معني يقصد منه تيسري الوصول إىل غاية عملية معينة ،وهو تصوير خيالف الواقع ويشوهه.
املطلـب الثالث :عوامل جودة الصياغة القانونيـة.
هناك عوامل تعزز من جودة الصياغة القانونية وجتعلها داعمة للحكم اجليد ،أمهها:
1-دميوقراطية الصنع ....تدعم اإلستقرار التشريعي
صياغة التشريعية اجليدة هي اليت ال تأيت مبتورة ،أو غري واضحة ،بل تكون مؤدية للغرض الذي جاءت ،ومعربة
عن الواقع اإلجتماعي .هلذا فإن الصياغة اجليدة متيل إىل اإلستقرار ،أما الصياغة الردئية فال تتسم هبذا
اإلستقرار.
فاستقرار التشريعات يتأتى عندما عندما تكون الصياغة القانونية متفقة مع األفكار والتصورات واألغراض اليت
سعت القاعدة القانونية إىل حتقيقها ،وأن تتسم بالوضوح والقابلية للفهم من املخاطبني بأحكامها ،وال تثري
املشاكل عند التطبيق .أي أن الصياغة املستقرة يفهمها األمي والعامل ،أو أي فئات اجتماعية متباينة يف مهارهتا
العلمية أو اللغوية أو الثقافية أو اإلقتصادية أو اإلجتماعية.
وعلى نقيض ذلك تكون الصياغة الغري املستقرة .فهي يف الغالب ال تعرب عن فكر اجلماعة وإمنا متثل رأى حمدد
دون التعبري عن رأى اجملموع .فالفكرة القانونية إذا كان مصدرها اجلماعة فإهنا تساعد على تطوير اجملتمع،
خاصة إذا كان اجملتمع دميوقراطيا ،أما يف النظم الشمولية والسلطوية فإن القاعدة القانونية تعرب عنها احلاكم أو
قد تكون إنعكاسا لفكرة السلطة األعلى وعلى اجملتمع أن يرضخ هلا حىت وإن جاءت غري متفقة مع إرادته.
2-دميوقراطية األسلوب ..تدعم الشفافية:
من املهم أن يكون القانون مصوغا بلغة بسيطة قريبة ومألوفة من لغة ختاطب الرجل العادي ،غري املتخصص يف
القانون .هلذا ،من األوىل باملشرع والصائغ توضيح فكرة التشريع والتعبري عنها بأبسط الطرق ،مبا ميكن املواطن
من متابعة مدى احرتام سيادة وحكم القانون ،ومن مراقبة أداء الدولة ،تشريعا وليس فقط تطبيقا.
3-متطورة ..تعزز القدرة التنافسية للتشريع:
فالتشريع اجليد له قدرة تنافسية يف مواجهة العامل املعاصر ،األمر الذي يتطلب القيام بدراسة وافية ولفرتة كافية
له ،وعند نظر مشروع قانون ما فال ضرر من عمل دراسة مقارنة مع القوانني احمليطة بنا ،للتعرف على التطور
التشريعي احلادث يف العامل (والذي يفرض نفسه على اجلميع ،بطريقة أو باألحرى) ،ال سيما إذا كان ملوضوع
التشريع املقرتح جذور أو امتدادات يف اتفاقيات دولية.
4-متوازنة ...وصديقة للقضاء
الصياغة اجليدة ليست تلك اليت تبدو بسيطة ومنطقية فقط ،وإمنا هي تلك اليت تساعد على إنزال أحكام
التشريع س بعدالة وموضوعية .والقضاء هو الذي حيكم بني اخلصوم يف املنازعات ،على أساس القانون ،فإذا
كانت صياغة القانون متوازنة ،تتصف بالوضوح واحلسم ويف نفس الوقت تتحلى باملرونة ،فإهنا تعني القاضي
على إنزال أحكامها بعدالة أكرب .
ويف احلقيقة ،فإن مطلب التوازن يف الصياغة ال ينصرف يف هذا املقام إىل مضمون القواعد القانونية أو توجيهات
املشرع ،فهذه مسألة سياسية حتكمها اعتبارات ذاتية لدى اآللة التشريعية ،ولكنه ينصرف إىل املرونة يف مظلة
القاعدة حبيث تعيش مدة أطول ،وتنطبق على حاالت أكثر ،وتسفر عن تعقيدات ولبس أقل عند التطبيق.
فالصياغة " اجلامدة" حتقق التحديد الكامل للحكم القانوين أو ما خيضع له األشخاص أو الوقائع ،على حنو ال
يرتك جماال للتقدير سواء بالنسبة للمخاطب بالقانون أو القضاء.
أما الصياغة " املرنة " فهي متكن القاعدة من االستجابة ملتغريات الظروف وتفريد احلاالت ،وتتيح بالتايل
للقاضي حرية التقدير وإمكانية املواءمة ،فهي تقتصر على وضع الفكرة تاركة ما يدخل فيها لتقدير من يقوم
على تطبيق القاعدة القانونية.
•املبح ــث الراب ـ ــع :قـ ـواع ــد الصيـاغــة التشريع ـيـة
هناك قاعدتان للصياغة التشريعية اجليدة مها:
املطلـب األول :قـاعدة املنطق العلمـي
وتتمثل يف املرور خبطوتني متتالتني يف عملية التشريع:
األوىل هي اإلجابة على سؤال :هل حنتاج إىل حل /تدخل تشريعي أصال ملواجهة املوضوع املطروح
علينا؟ ،فإذا كانت اإلجابة بنعم نأيت إىل السؤال التايل :ماهي اخلطوات املنطقية اليت تضمن السري يف
عملية التشريع بطريقة علمية أو كفاءة أعلى؟
1-إن اإلجابة على السؤال األول تعني على جتنب ظاهرتني كالمها أخطر من األخرى يف التشريعات
العربية ومها اإلسراف التشريعي ،وتضارب القوانني .فالقانون اجليد هو الذي يأيت كثمرة لدراسة علمية
حىت ال تكون أحكامه متعارضة مع أحكام أخرى ،أي أن دوافع إعداد القانون جيب أن تستقى من واقع
ميليها وهذا بدعوة أهل الرأي واملتخصصني لإلدالء يف مشروع القانون .جتنبا للثغرات القانونية اليت
تؤدي إىل ذيوع الفساد وخاصة عند تطبيق القوانني .ولكي تكون القوانني واضحة وحمددة وصرحية .وإذا
ما قرر املشرع حاجة اجملتمع للتدخل التشريعي فإنه حيتاج إىل:
-النظر إىل دستورية املشروع وتنقيته من شبهة عدم الدستورية.
-النظر لتشابه مشروع القانون مع القوانني األخرى السارية.
-التأكد من الوضوح يف كل نص وعدم تكراره.
-دراسة األثار علميا حول القانون ،حيث أن القانون اليوضع بناءا على انطباعات كما ان الوقائع
الفردية ال تشكل ظاهرة هامة ،تستدعي وضع قانون.
2-عندما يبدأ املشرع يف معاجلة موضوع ما فعليه أن حيدد:
-السياسة التشريعية اليت يدافع عنها ويرتجم أهدافها إىل نصوص قانونية.
-األهداف اليت ينوي حتقيقها.
-احلق الذي حيتاج إىل احلماية أو الرعاية القانونية.
هذا وألن القاعدة القانونية هي حمصلة تفاعل عوامل ومعطيات رئيسية أبرزها:
-معطيات طبيعية ،أي الظروف اليت يوجد فيها اإلنسان سواء كانت ظروف مادية أو معنوية أو أن
تكون معطيات إقتصادية واجتماعية.
وهذه احلقائق وإن كانت غري كافية إلنشاء القاعدة القانونية إال أهنا تعد املادة اخلام األولية اليت جيب أن
يقف عليها املشرع عند البدأ يف التفكري يف إنشاء قاعدة قانونية أو حماولة رسم حدود أو نطاق املسائل
القانونية اليت يريد تنظيمها.
-معطيات تارخيية ،أي الرتاث الذي خلفته األجيال السابقة للبشرية يف جمال ينظم عالقاهتا اإلجتماعية
من عرف وعادات وتقاليد .ولكن تلك احلقائق ال تتصف باجلمود كاحلقائق الطبيعية لذا جيوز التدخل
يف تشكيلها وما يواكب الظروف العصرية للمجتمع.
-معطيات عقلية ،أي احلقائق العقلية اليت ميكن أن يستخلصها العقل من احلقائق الطبيعية والتارخيية
فيقوم بالكشف عنها وجتسيدها.
-معطيات مثالية ،أي آمال اجلماعة وأمانيها وطموحاهتا املستمرة حنو النهوض بالقوانني وتطويرهم،
وهبذا تكون املعطيات املثالية قادرة على التأثري يف املعطيات الثالثة السابقة.
واملشرع يف حاجة إىل استحضار هذه املعطيات وتفعيلها معا ،لتحديد أهداف ومالمح التشريع املرجو م
لصياغته بالطريقة املالئمة ورمبا يراه البعض أمرا تنظرييا أكثر من الالزم ،لكنه يف احلقيقة جتسيد ملنطق
بسيط وهو العقالنية والنظرة الشمولية يف التعامل مع قضايا الصياغة التشريعية وقد اعتاد عليه النواب
ومارسته الربملانات طويال ،حيث كلما كانت ممارسة هذا النهج مستقرة وعامة كلما كانت جودة
التشريعات أعلى وتوافقها مع مبادئ الدميوقراطية واحلكم اجليد.
والنقابات العمالية يف مصر ،فتارة يأخذ املشرع مبعيار"الشهادة/التعليم" ،كما يف حالة النقابات ،وأخرى
يأخذ مبعيار " املهنة" كما يف حالة الرتشيح لإلنتخابات الربملانية.
5-التزيد والتكرار يف القانون ذاته أو يف قانونني مستقلني ،وهذا من شأنه إحداث أرباك وإرهاق ال
مربر هلما ،كما أنه يقود إىل إفراز ثغرات أكرب يف القانون.
هذه بعض العيوب اليت قد تطال النصوص التشريعية واليت حتتاج من أجل تالفيها إىل الدقة واملعرفة باللغة
العربية ومفرداهتا ،والتدقيق يف النصوص التشريعية ومراجعتها ومتحيصها ،حىت نتمكن من سن قوانني
واضحة وحمددة تساعد يف احلياة العملية ،إذا ما متت مراعاة الفن القانوين ضمن معايريه وأسسه.
ومن أبرز هذه املعايري:
-اإلجياز ،حيث أن النص القانون ينظم حالة أو ظاهرة تنظيما دقيقا بكلمات حمددة ،لذا جيب أن
يقدم املعىن بأقل األلفاظ ،ألن اإلطالة تفتح باب التفسريات املتعارضة.
-العرض احملكم ،ويكون بالتبويب السليم ومجع النصوص وربط أجزائها وكشف غايتها.
-ضرورة إحكام اإلشارات الكتابية كالفواصل والنقاط يف مواضيعها.
-ضرورة احرتام املشرع ملصطلحاته التشريعية من خالل توحيد املصطلحات اليت تفيد املعىن نفسه.
-تسمية القوانني ،فيستحسن أن يأخذ املشرع بأمساء القوانني اليت استقرت مسمياهتا يف العمل القانوين
وأصبحت مبثابة مبادئ عامة.
-اإلجياز بالتعريفات يف غايات حمددة كأن يأيت التعريف إليضاح معىن مغاير ملعىن متعارف عليه ،أو
لغاية حسم خالف فقهي قائم ،ذلك أن التعريف املبالغ فيه قد يؤدي إىل تقييد القاضي وسلب حرية
حركته يف التقدير ،كما قد يكون تطور احلياة قد جتاوزه.
-مراعاة أسس اهليكل املعماري لصياغة جسم القانون وهو جوهر التشريع من حيث األحكام املتعلقة
بالوقائع املادية والقانونية ،إضافة إىل اخلامتة ،اليت غالبا ما تلغي التشريع السابق وتلزم اجلهات املختصة
بالتنفيذ ،وحتدد فيما إذا كان باإلمكان إصدار أنظمة أو لوائح أو تعليمات ستصدر لتطبيقه ،ورمبا ترفق
به مذكرة إيضاحية ،تعترب جزء ال يتجزأ من التشريع ،إذ أهنا تكشف فلسفة املشرع من وراء إصداره
واألسباب الداعية لسنة وبيان روح التشريع الذي ميكن خلف النصوص.
اخلامتة
إن صياغة القاعدة القانونية جيب أن تكون بالشكل الذي يتناسب والغرض اليت فرضت من أجلها،
فجوهر القاعدة القانونية ومادهتا األولية جيب أن خترج بطرق أو وسائل معينة حىت يتحقق اهلدف والغاية
منها.
وعلى ذلك فإن صياغة القاعدة القانونية وصياغتها عملية ضرورية لرتمجة جوهرها وهذا بالنظر إىل قواعد
عملية صاحلة للتطبيق الفعلي يف اجملتمع الذي توجد لتنظيمه ،وذلك عن طريق استعمال وسائل وأدوات
معينة كفيلة هبذا التحويل.
والصياغة على هذا النحو تعد عنصرا هاما من عناصر تكوين القاعدة القانونية ألهنا هي اليت تعطي
للقاعدة الشكل العملي الذي تصلح به ،للتطبيق ،مما يؤدي إىل القول بأن جانبا كبريا من جناح القاعدة
القانونية يتوقف على الدقة يف الصياغة وختري أدواهتا ،وهلذا فإنه ينبغي اختيار أدوات الصياغة القانونية
اختيارا يضمن إخراج جوهر القاعدة القانونية إىل حيز التطبيق العملي ،كما حيقق الغرض منها ،فيختار
يف الصياغة أقرب السبل وأفضل األدوات لتحقيق الغاية املقصودة .ورمبا يعزز هذه املقوالت تأخر
اإلهتمام العريب بالتطور الربملاين عموما ،ونقص اخلرباء احملليني ،واإلرتباط الزائد بني مشروعات الدعم
الفين واحلكومات ،الذي يكشف عن معضلة توجيه دعم فين لتقوية برملانات يف ظل حكومات " غري
دميوقراطية " إمجاال .فنحن حباجة إىل حتبيب وترغيب النواب يف التطوير التشريعي ،والتقدم مبؤسساهتم
الربملانية ،ألن الدول قوية مبؤسساهتا وأن الربملان قاعدة البناء الدميوقراطي احلر وأن معايري النائب الناجح
اليوم قد تعدت احمللية وصارت عاملية.