Professional Documents
Culture Documents
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نظرية التنـــاص
)(Intertextualité
الدكتور :عزوز قربوع
جامعة سكيكدة
( – )1أحمد طعمة الحلبي ،التناص بين النظرية والتطبيق ،منشورات الهيئة العامة السورية
للكتاب ،دمشق ، 2007ص.13:
- 103 -
العدد 2ديسمرب 2015 جملة اآلداب واللغات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جوليا كريستيفا ومصطلح التناص: -1
بغض النظر عن سبب ظهور هذه النظرية فإن الكل يقر بفضل جوليا
كريستيفا Kristeva Juliaفي اقتراح مصطلح التناص)(intertextualité
في ثنايا بحوثها التي نشرتها بين سنتي ، 1967-1966بعدها عرف هذا
المصطلح انتشا ار واسعا في الساحة النقدية العالمية ،السيما بعدما تبنته
جماعة " تيل كال " tel quelالنقدية ،فأعطاه ذلك القبول ،مصداقية جعلت
منه مستوى تأويليا يضرب بامتداداته في مناهج نقدية ،ونظريات تأويلية كثيرة :
()1
كالتفكيكية والسيميائية واألسلوبية والتأويلية و...
لقد تمكنت جوليا كريستيفا بهذه الرؤية ،أن تلفت انتباهنا إلى النصوص
الغائبة المتعالقة مع النص الحاضر ،من خالل تأكيدها على أن أي نص ماهو
في الحقيقة إال خالصة لما ال يحصى من النصوص ،ودفعتنا إلى التخلي عن
أغلوطة استقاللية النص ،وأنهت حوالي نصف قرن من الزمن عاشه النقاد
داخل النص وفي سجن اللغة ،وفتحت المجال أمامنا لتبني نظرية تؤمن
باالنفتاح المنتظم على السياقات األدبية و اإليديولوجية .وغدت هذه النظرية "
من األدوات النقدية الرئيسية في الدراسات األدبية؛ وظيفتها تبيان الدعوى القائلة
بأن كل نص يمكن قراءته على أساس أنه فضاء لتسرب وتحول واحد أو أكثر
()2
من النصوص في نصوص أخرى".
( – )1والت محمد ،دالالت النص اآلخر منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب ،دمشق
، 2007ص. 29 :
( – )2بيار مارك دو بيازي ،نظرية التناص ،ت المختار حسني ،ص. 01:
- 104 -
العدد 2ديسمرب 2015 جملة اآلداب واللغات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرجعيات نظرية التناص: -2
(*)
مدين في ظهوره إلى كريستيفا في واذا كان مصطلح التناص
الستينيات من القرن الماضي ( ، )20فإن التناص كظاهرة لغوية ليست مسألة
جديدة ،بدليل أنه اتخذ عند النقاد -ال سيما -الغربيين عدة مفاهيم ،قبل أن
يستقر على هذا المصطلح في نهاية المطاف .
ويمكن القول أن الشكالنيين هم أنفسهم من مهد لظهوره ،من خالل
تلك المالحظات التي أبدوها أثناء تحديد مصطلح التزامنية)(synchronie
والتعاقبية) ، ( diachronieويبدو أنهم أحسوا بمبالغتهم في االعتماد على مبدأ
التزامن يقول جاكبسون " :تتجلى التزامنية اليوم أشبه بوهم ،فكل نظام تزامني
يتضمن ماضيه ومستقبله اللذين هما العنصران البنيويان المالزمان "( .)1بمعنى
أن هناك تقاطع ماهو مرجعي داخل النص .
كما يمكن اعتبار " شكلوفيسكي "من األوائل الذين أشاروا إلى فكرة
التداخل النصي حين قال " :إن العمل الفني يدرك في عالقته باألعمال الفنية
األخرى ،و باالستناد إلى الترابطات التي تقيمها فيما بينها ،وليس النص
المعارض وحده الذي يبدع في تواز و تقابل مع نموذج معين ،بل إن كل عمل
()2
فني يبدع على هذا النحو".
(*) – يطلق مصطلح التناص على هذا التداخل النصي الذي ينتج داخل النص الواحد ،أما
جيرار جنييت فيعرفه:بـ" الحضور الفعال لنص داخل نص آخر" .
G .Genette ,palimpsestes ,seuil, paris,1965,p57
( - )1تودوروف ،نظرية المنهج الشكلي ( نصوص الشكالنيين الروس ) ،تر :إبراهيم
الخطيب ،الشركة المغربية للناشرين المتحدين ،و مؤسسة األبحاث العربية ،بيروت ط1
، 1982ص.103-102 :
( – )2تودوروف ،الشعرية ،ت ،شكري المبخوت و رجاء بن سالمة ،دار توبقال ،الدار
البيضاء ،ط،1990 ،2ص.41 :
- 105 -
العدد 2ديسمرب 2015 جملة اآلداب واللغات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والشك أن الناقد الشكالني " يوري تينيانوف ( "1943 _1894كان
قريبا جدا من فحوى ما تأكد الحقا على يد كريستيفا ،حينما تساءل مستنك ار "
هل الدراسة المزعومة بالمحايثة للعمل ،باعتباره نسقا يجهل عالقته االختالفية
()1
،أي العالقة بالمجموع األدبي أو بمجموع غير أدبي".
وواضح من خالل النصيين أن أي عمل فني ال يظهر إلى الوجود إال
من خالل اعتماده على أعمال أخرى ،وافادته منها ،وتداخله معها ،)2(.ودراسته
ينبغي أن تأخذ بعين االعتبار التداخالت الممكنة مع الموروث في لحظة
الكتابة.
وميخائيل باختين Bakhtine Mikhaelبدوره لم يبتعد كثي ار عن هذه
األجواء بل يمكن القول أن اإلرهاصات الحقيقية والجادة قد انطلقت معه السيما
حينما استخدم مصطلح الحوارية للداللة على عالقة التداخل بين التعابير ال
سيما في الرواية ،واستنادا إلى مصطلح الحوارية فإن باختين ينفي أن يكون
األسلوب هو الرجل ،فاألسلوب رجالن على األقل ،ويؤكد باختين أن في كل
أسلوب جديد ،عنص ار مما نسميه رد فعل على األسلوب األدبي السابق ،يمثل
()3
أسلبة مضادة مخفية ألسلوب اآلخرين .
فالتوجه " الحواري هو ،بوضوح ظاهرة مشخصة لكل خطاب ،وهو
الغاية الطبيعية لكل خطاب حي ،يفاجئ الخطاب خطاب اآلخر بكل الطرق
( – )1جهاد كاظم ،أدونيس منتحال ،مكتبة مدبولي ،القاهرة ،ط ،1993 2ص.44 :
( – )2أحمد طعمة الحلبي ،التناص بين النظرية و التطبيق ،ص.14:
( – )3المرجع نفسه ،ص.15:
- 106 -
العدد 2ديسمرب 2015 جملة اآلداب واللغات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التي تقود إلى غايته ،وال يستطيع شيئا سوى الدخول معه في تفاعل جاد
()1
وحي".
وعلى هذا فإن جميع النصوص عند باختين وليدة نصوص أخرى وليس
هناك من صاحب نص جديد لم يعتمد على سابقيه ،فكل خطاب يحاكي
"خطاب اآلخرين و آدم هو االنسان الوحيد الذي اقتحم بخطابه األول عالما
()2
بكرا".
يرى بعض الباحثين أن معظم الدراسات التناصية التي جاءت بعد
باختين قد استلهمت من طروحاته ،وأن الكثير منها يدين له بالريادة ،إذ تحدث
البعض عن التناص الواعي والتناص الالواعي ،كما أن مصطلح األسلبة
الباختيني اعتمد لدى كل من تودوروف وجيرار جينات وغيرهما تحت اسم
المحاكاة ،ومصطلح التنويع الذي أشار إليه باختين اصطلحت عليه كريستيفا
()3
بالتصحيفات ،وعند ريفاتير يصبح مقابال للتمطيط ،ويسميه جينت التحويل.
تصريحا ،إال أن أعماله مع أنه لم يستعمل مصطلح "التناص"
شكلت مصد اًر مهماً من المصادر التي استلهمت منها جوليا كريستيفا أصول
تعددية نظريتها( ،)4حيث اقترح مفهومين مميزين للخطاب السردي أوالهما
( – )1تودوروف تزفيتان ،ميخائيل باختين ( المبدأ الحواري ) .ت :فخري صالح ،المؤسسة
العربية للدراسات والنشر ،بيروت ،ط ، 1996، 2ص.125 :
( – )2عبد العالي بشير ،النصية و التناصية بخالصة كريستيفا ،دراسات معاصرة ،العدد
،ص.97 :
( – )3أحمد طعمة الحلبي ،التناص بين النظرية و التطبيق ،ص.19 _18:
( – )4مع سيميوطيقا؛ أبحاث من أجل تحليل دالئلي ستعود كريستيفا إلى هذه األداة
المنهجية وستحدد ،على الخصوص ،في دراستها "اللفظ والحوار والرواية" ما لباختين من
فضل على مفهوم التناص؛ فإن األساس في هذا المفهوم نشأ بدءا عن "اكتشاف كان باختين
- 107 -
العدد 2ديسمرب 2015 جملة اآلداب واللغات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
األصوا Polyphonieوثانيهما الحوارية" Dialogisme ،وهما المصطلحان
اللذان يبقيان أكثر ارتباطاً بمؤلف باختين إلى حد أن تودوروف عنون كتاب
Le تقديمه لدراسة المفكر الروسي ميخائيل باختين ،المبدأ الحواري
()1
." principe dialogique
ولما كانت السمة الغالبة المميزة ألعمال الكاتب الروسي الشهير
وتعددية األصوات( ،)1اختارها لتكون ميدانا ()2
ديستويفسكي هي الحوارية
لكن ،رغم ذلك فهاته العناوين ال تشفي غليل المتعطش إلى معرفة كيفية حدوث هذا
المزج ،أو التداخل بين لغتين ،أو االلتقاء بين وعيين ،ألن الدارس أو الناقد بحاجة إلى أمثلة
تطبيقية حية تشرح بها هاته الظاهرة األسلوبية ،أو الخاصية الكتابية حتى ولو أعطانا باختين
بعض التوضيحات التكميلية المقتضية ،فهو إضافة على ما سبق يفرق بين التهجين اإلرادي
(القصدي)والتهجين الالإرادي (الالوعي) ،وهو ما أوضحه في قوله هذا" :وهذا المزيج من
لغتين داخل الملفوظ نفسه ،هو طريقة أدبية قصدية (بدقة أكثر ،نسق من الطرائق) .لكن
التهجين الال إرادي ،الالوعي ،هو إحدى الصيغ المهمة للوجود التاريخي ،ولصيرورة اللغات،
ويمكن القول بوضوح بأن الكالم واللغات ،إجماالً ،تتغير عن طريق التهجين".
إذن ،فالتهجين يحدث "عادة بين اللغات في كالم الناس اليومي المألوف ،ولكنه ال يكون
إرادياً ،بل يدخل في سياق تبادل التأثير المألوف بين اللهجات واللغات التي تتعايش في حقل
اجتماعي واحد ،وهذا النوع من التهجين ليس له بعد جمالي إطالقاً ،وانما تتحاور اللغات
بطريقة أدبية إبداعية ،في التهجين اإلرادي داخل الفن الروائي".
ونجد الناقد حميد لحميداني يحلل وجهة نظر باختين حول (الحوارية) ،وذلك بالعودة
إلى رواية "الفقراء" لدوستويفسكي ،حيث يتم "عادة المزج في ملفوظ واحد بين صوتين أو
لغتين أو موقفين ،ومن خاللهما تتم صياغة هجنة لغوية يكون لها داللة معينة في سياق
العمل الروائي بكامله ،وأفضل مثال يمكن أن يقدم في هذا الصدد ما ورد في رسالة وجهها
البطل مكارد يفوشيكن لصديقته فرفا ار ألكسفينا" ،وذلك حسب حميد لحميداني، .أما بالنسبة
للنوع الثاني فنجد باختين يصفه على أنه تلك "اإلضاءة المتبادلة المصاغة في حوار داخلياً،
التي تنجزها األنساق اللسانية في مجملها ،تتميز عن التهجين بمعناه الخاص .ففي اإلضاءة
المتبادلة ال يكون هناك توحيد مباشر للغتين داخل ملفوظ واحد ،وانما هي لغة واحدة معينة
ملفوظة".
أما الشكل الثالث :الحوارات الخالصة Dialogues puresفيقول باختين
بخصوصه" :وحوار الرواية نفسه بصفته شكالً مكوناً ،مرتبط ارتباطاً وثيقاً بحوار اللغات
الذي يرن داخل الهجنة وفي الخلفية الحوارية للرواية .كذلك ،فإن هذا الحوار هو من صنف
خاص".
- 109 -
العدد 2ديسمرب 2015 جملة اآلداب واللغات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الستثمار واسقاط رؤاه و تصوراته وبناء نظرية لها مالمحها و امتداداتها فيما
سيأتي من استراتيجيات قرائية السيما التناص " ،يوضح باختين بجالء ظواهر
االنبعاث التي تجعل من الثقافة مكان عودة عنيفة للتقاليد المنسية ،ويقيم الدليل
على كون الرواية مهيأة مسبقا ببنيتها الخاصة ،لدمج عدد كبير من المكونات
األصوات تعدد شكل على المختلفة والثقافية واألسلوبية اللسانية
.Polyphoniqueإن مجموع تبادل المواقع الممكن ،وتواجه االختالفات على
شكل حواري ،يجعل من هذا الشكل األدبي نموذجا تركيبيا يسمح بالتفكير في
األدبية بشكل مغاير" .فالمؤلف مشارك في روايته ،كلي الحضور فيها ،ولكن
بدون لغة خاصة ومباشرة؛ فإن لغة الرواية نظام من اللغات التي تتضح
معالمها بالمشاركة والتعاون أثناء الحوار" .إن العناصر المستمدة مباشرة من
باختين( :اللغات ،التحول ترابط األصوات المتعددة ،الحوارية ،الوحدات
()2
الخطابية للثقافة) هي العناصر التي تكون مفهوم التناص.
انظر :ميخائيل باختين "المتكلم في الرواية" ،ت :محمد برادة ،مجلة فصول ،الهيئة المصرية
العامة للكتاب ،القاهرة ،م ،5ع ،30سنة ،1985ص .116 -114و أيضاً :ميخائيل
باختين :الخطاب الروائي ،ت :م برادة ،دار الفكر للدراسات ،والنشر والتوزيع ،القاهرة ،ص
101ـ . 126و حميد لحميداني :أسلوبية الرواية (مدخل نظري) ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدر البيضاء ،ط ،1989 ،1ص . 68ونعيمة فرطاس :نظرية التناصية والنقد الجديد
(جوليا كريستيفا أنموذجاً) ،مجلة الموقف األدبي ،اتحاد الكتاب العرب بدمشق -العدد 434
حزيران .2007
( – )1لوران جيني يقترح القيام بربط تعددية األصوات بفن الرواية كنوع من التخصيص،
يقول معب اًر عن رأيه" :لرد المفهوم الباختيني Bakhtinienneأقل غموضاً ،اقترح أخذ
المعنى الذي اصطلح عليه في عالقة مع الجنس الروائي وتخصيصه كتعددية أصوات أدبية
،Polyphonie littéraire".ينظر L.JENNY: “Méthodes et problèmes”.:
( – )2بيار مارك دو بيازي ،نظرية التناص ،ت المختار حسني،ص.05:
- 110 -
العدد 2ديسمرب 2015 جملة اآلداب واللغات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد عرف المفهومان (الحوارية ،تعددية األصوات) نشاطاً كبي اًر ،ليس
عند اللسانيين الغربيين فقط ،بل حتى عند صاحبهما ،إذ كانت تعددية
األصوات عند باختين "أوالً عالمة مميزة للرواية الدوستوفسكية
Dostoïevskienعلى النقيض من محاورات الذات للرواية التقليدية ،ثم
أصبحت فيما بعد خاصية للرواية عامة ،ثم للغة في مرحلة معينة من تطورها
( )...وأخي اًر لكل لغة"(.)1
إال أن تصورات الشكالنيين لم ترق إلى مستوى النظرية الناضجة التي
تبرر وجود مصطلح التناص كمبدأ إجرائي في التحليل األدبي .بل شكلت
إرهاصات حقيقية مهدت لظهور المصطلح الحقا -كما سبقت اإلشارة – على
يد البلغارية كريستيفا ضمن بحوثها التي أعيد نشرها في كتابيها " سيميوتيك "
و" نص الرواية ".
– 3استمرار التنظير والممارسة التطبيقية:
وعلى الدرب نفسه استمر التنظير ولممارسة التطبيقية للتناص مع
أريفي وريفاتير وصوال إلى تودوروف وجيرار جينات اللذان وضعا اللمسات
األخيرة لهذه النظرية .
ينفي آريفي – في دراساته الموسعة عن التناص في أعمال غاري –
وجود نص مرجعي ،فكل نص هو نص متداخل ،ولذا ينبغي – حسبه -
إحالل الدراسة التناصية محل دراسة النص ،ويشير إلى أن هناك نوعين من
التناص :التناص في المعنى و التناص في التعبير .
( – )1بيار مارك دو بيازي ،نظرية التناص ،ت المختار حسني ،ص.05:
( – )2أحمد طعمة الحلبي ،التناص بين النظرية والتطبيق ،ص.26:
( – )3المرجع نفسه ،ص.13:
- 113 -
العدد 2ديسمرب 2015 جملة اآلداب واللغات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما تصل فكرة التناص إلى جيرار جنيت تأخذ عنده أبعادا أخرى ،
ويتوسع مدارها إلى حدود لم تخطر على بال المنظرة األولى لها وهي جوليا
كريستيفا ،فهو يقترح ما يسميه " التعالي النصي " وهو " ما يجعل النص في
عالقة خفية أو جلية مع غيره من النصوص " ،وضمن التعالي النصي يدخل
التناص أو التداخل النصي ،بمعنى أن التناص بمفهوم كريستيفا ما هو إال نوع
من أنواع المتعاليات النصية ،التي تشمل إضافة إلى التداخل النصي ،التوازي
النصي ،واإلسقاط النصي ،والتعالق النصي ،واالرتباط النصي .
الخاتمة:
يبدو مما تقدم أن جدلية الموروث واآلني هي قدر الكتابة و اإلبداع
فالنص الجديد عالم متشابك تتداخل فيه مكونات أدبية وثقافية متنوعة يستدعيها
الكاتب/المبدع بطريقته الخاصة بغية تشكيل نص بفعالية داللية تتداخل مع
الراهن من جهة ،ومع الماضي من جهة ثانية ،من خالل تالقي بواعث ذهن
المتلقي له مع الدوال الحرة الموزعة على مساحة النص ،والقراءة من هذه الزاوية
تصبح عملية أخذ وعطاء ،أخذ من النص وعطاء له من المخزون األدبي
والثقافي للقارئ ،فكل نص هو تشرب وتحويل لنصوص أخرى(.)1
()1
– محمد عزام ،تجليات التناص في الشعر العربي ،منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق
2001،ص 21:
- 114 -