You are on page 1of 13

‫العدد‪ 2‬ديسمرب ‪2015‬‬ ‫جملة اآلداب واللغات‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫نظرية التنـــاص‬
‫)‪(Intertextualité‬‬
‫الدكتور ‪ :‬عزوز قربوع‬
‫جامعة سكيكدة‬

‫‪- 102 -‬‬


‫العدد‪ 2‬ديسمرب ‪2015‬‬ ‫جملة اآلداب واللغات‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الملخص‪:‬‬
‫لم تخرج نظرية التناص )‪ (Intertextualité‬في ظهورها عن مجمل‬
‫القواعد واألدبيات التي احتكمت إليها المناهج والنظريات النقدية السابقة ‪ ،‬إذ‬
‫ألفيناها مستجيبة لقانون خيبة االنتظار ‪ ،‬فلم تستطع الطروحات السالفة إقناعنا‬
‫أن النص هو شبكة لسانية معزولة عن سياقاتها وظروف إنتاجها ؛ األمر الذي‬
‫إلى مسألة تحولت‬ ‫لفت انتباه البلغارية " جوليا كريستيفا ")‪(Julia Kristeva‬‬
‫مرتك از معرفيا لنظرية التناص ‪ ،‬وهي أن النص ليس بنية مغلقة بل هو عالم‬
‫متشابك تسكنه أصوات األسالف والمعاصرين بطريقة ما ‪ ،‬وهذا ما أوصلها‬
‫الحقا إلى نتيجة وهي أن النص في جوهره هو تجمع لما ال يحصى من‬
‫النصوص ‪ ،‬ومن ثم فأي تعاطي ناجح معه البد أن يكون من هذا المنطلق‪.‬‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫تعد نظرية التناص من اآلليات القرائية التي ظهرت بعد البنيوية‬
‫وبسببها ‪ ،‬فمبالغة البنيويون والشكالنيون في مقولة انغالق النص واستقالليته‬
‫وانعزاله عن السياقات المحيطة به ‪ ،‬ولد إحساسا عميقا لدى كثير من النقاد‬
‫المعاصرين ‪ ،‬بمجانبة هؤالء الواقع الذي يرسخ تجذ ر العالقة بين النص‬
‫ومحيطه ‪ ،‬و يؤكد استحالة التعاطي معه وفق منظور يمعن في االتكاء على‬
‫إمكانية مقاربته ككيان لغوي مستقل ‪" ،‬األمر الذي أدى إلى ربط النص‬
‫بمرجعية خارجية (نصوص ولغات) _ بعد أن ظل فترة أسير مرجعيته‬
‫الداخلية_ ما يعني انفتاحه على التاريخ و التراث و الفن ‪...‬إلخ"(‪.)1‬‬

‫(‪ – )1‬أحمد طعمة الحلبي ‪ ،‬التناص بين النظرية والتطبيق ‪،‬منشورات الهيئة العامة السورية‬
‫للكتاب ‪،‬دمشق ‪ ، 2007‬ص‪.13:‬‬
‫‪- 103 -‬‬
‫العدد‪ 2‬ديسمرب ‪2015‬‬ ‫جملة اآلداب واللغات‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫جوليا كريستيفا ومصطلح التناص‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫بغض النظر عن سبب ظهور هذه النظرية فإن الكل يقر بفضل جوليا‬
‫كريستيفا ‪ Kristeva Julia‬في اقتراح مصطلح التناص)‪(intertextualité‬‬
‫في ثنايا بحوثها التي نشرتها بين سنتي ‪ ، 1967-1966‬بعدها عرف هذا‬
‫المصطلح انتشا ار واسعا في الساحة النقدية العالمية ‪ ،‬السيما بعدما تبنته‬
‫جماعة " تيل كال ‪ " tel quel‬النقدية ‪ ،‬فأعطاه ذلك القبول‪ ،‬مصداقية جعلت‬
‫منه مستوى تأويليا يضرب بامتداداته في مناهج نقدية‪ ،‬ونظريات تأويلية كثيرة ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫كالتفكيكية والسيميائية واألسلوبية والتأويلية و‪...‬‬
‫لقد تمكنت جوليا كريستيفا بهذه الرؤية‪ ،‬أن تلفت انتباهنا إلى النصوص‬
‫الغائبة المتعالقة مع النص الحاضر ‪،‬من خالل تأكيدها على أن أي نص ماهو‬
‫في الحقيقة إال خالصة لما ال يحصى من النصوص ‪ ،‬ودفعتنا إلى التخلي عن‬
‫أغلوطة استقاللية النص‪ ،‬وأنهت حوالي نصف قرن من الزمن عاشه النقاد‬
‫داخل النص وفي سجن اللغة ‪ ،‬وفتحت المجال أمامنا لتبني نظرية تؤمن‬
‫باالنفتاح المنتظم على السياقات األدبية و اإليديولوجية ‪.‬وغدت هذه النظرية "‬
‫من األدوات النقدية الرئيسية في الدراسات األدبية؛ وظيفتها تبيان الدعوى القائلة‬
‫بأن كل نص يمكن قراءته على أساس أنه فضاء لتسرب وتحول واحد أو أكثر‬
‫(‪)2‬‬
‫من النصوص في نصوص أخرى"‪.‬‬

‫(‪ – )1‬والت محمد ‪،‬دالالت النص اآلخر منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب ‪،‬دمشق‬
‫‪ ، 2007‬ص‪. 29 :‬‬
‫(‪ – )2‬بيار مارك دو بيازي‪ ،‬نظرية التناص ‪،‬ت المختار حسني‪ ،‬ص‪. 01:‬‬
‫‪- 104 -‬‬
‫العدد‪ 2‬ديسمرب ‪2015‬‬ ‫جملة اآلداب واللغات‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مرجعيات نظرية التناص‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫(*)‬
‫مدين في ظهوره إلى كريستيفا في‬ ‫واذا كان مصطلح التناص‬
‫الستينيات من القرن الماضي (‪ ، )20‬فإن التناص كظاهرة لغوية ليست مسألة‬
‫جديدة ‪،‬بدليل أنه اتخذ عند النقاد ‪-‬ال سيما‪ -‬الغربيين عدة مفاهيم‪ ،‬قبل أن‬
‫يستقر على هذا المصطلح في نهاية المطاف ‪.‬‬
‫ويمكن القول أن الشكالنيين هم أنفسهم من مهد لظهوره ‪ ،‬من خالل‬
‫تلك المالحظات التي أبدوها أثناء تحديد مصطلح التزامنية)‪(synchronie‬‬
‫والتعاقبية)‪ ، ( diachronie‬ويبدو أنهم أحسوا بمبالغتهم في االعتماد على مبدأ‬
‫التزامن يقول جاكبسون ‪ " :‬تتجلى التزامنية اليوم أشبه بوهم ‪ ،‬فكل نظام تزامني‬
‫يتضمن ماضيه ومستقبله اللذين هما العنصران البنيويان المالزمان "(‪ .)1‬بمعنى‬
‫أن هناك تقاطع ماهو مرجعي داخل النص ‪.‬‬
‫كما يمكن اعتبار " شكلوفيسكي "من األوائل الذين أشاروا إلى فكرة‬
‫التداخل النصي حين قال ‪" :‬إن العمل الفني يدرك في عالقته باألعمال الفنية‬
‫األخرى ‪،‬و باالستناد إلى الترابطات التي تقيمها فيما بينها ‪ ،‬وليس النص‬
‫المعارض وحده الذي يبدع في تواز و تقابل مع نموذج معين ‪ ،‬بل إن كل عمل‬
‫(‪)2‬‬
‫فني يبدع على هذا النحو"‪.‬‬

‫(*) – يطلق مصطلح التناص على هذا التداخل النصي الذي ينتج داخل النص الواحد‪ ،‬أما‬
‫جيرار جنييت فيعرفه‪:‬بـ" الحضور الفعال لنص داخل نص آخر" ‪.‬‬
‫‪G .Genette ,palimpsestes ,seuil, paris,1965,p57‬‬
‫(‪ - )1‬تودوروف ‪ ،‬نظرية المنهج الشكلي ( نصوص الشكالنيين الروس )‪ ،‬تر‪ :‬إبراهيم‬
‫الخطيب‪ ،‬الشركة المغربية للناشرين المتحدين ‪،‬و مؤسسة األبحاث العربية ‪ ،‬بيروت ط‪1‬‬
‫‪ ، 1982‬ص‪.103-102 :‬‬
‫(‪ – )2‬تودوروف ‪ ،‬الشعرية ‪،‬ت‪ ،‬شكري المبخوت و رجاء بن سالمة ‪ ،‬دار توبقال ‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء ‪ ،‬ط‪،1990 ،2‬ص‪.41 :‬‬
‫‪- 105 -‬‬
‫العدد‪ 2‬ديسمرب ‪2015‬‬ ‫جملة اآلداب واللغات‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والشك أن الناقد الشكالني " يوري تينيانوف (‪ "1943 _1894‬كان‬
‫قريبا جدا من فحوى ما تأكد الحقا على يد كريستيفا ‪،‬حينما تساءل مستنك ار "‬
‫هل الدراسة المزعومة بالمحايثة للعمل ‪ ،‬باعتباره نسقا يجهل عالقته االختالفية‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬أي العالقة بالمجموع األدبي أو بمجموع غير أدبي"‪.‬‬
‫وواضح من خالل النصيين أن أي عمل فني ال يظهر إلى الوجود إال‬
‫من خالل اعتماده على أعمال أخرى‪ ،‬وافادته منها‪ ،‬وتداخله معها‪ ،)2(.‬ودراسته‬
‫ينبغي أن تأخذ بعين االعتبار التداخالت الممكنة مع الموروث في لحظة‬
‫الكتابة‪.‬‬
‫وميخائيل باختين ‪ Bakhtine Mikhael‬بدوره لم يبتعد كثي ار عن هذه‬
‫األجواء بل يمكن القول أن اإلرهاصات الحقيقية والجادة قد انطلقت معه السيما‬
‫حينما استخدم مصطلح الحوارية للداللة على عالقة التداخل بين التعابير ال‬
‫سيما في الرواية ‪ ،‬واستنادا إلى مصطلح الحوارية فإن باختين ينفي أن يكون‬
‫األسلوب هو الرجل ‪ ،‬فاألسلوب رجالن على األقل‪ ،‬ويؤكد باختين أن في كل‬
‫أسلوب جديد ‪ ،‬عنص ار مما نسميه رد فعل على األسلوب األدبي السابق ‪ ،‬يمثل‬
‫(‪)3‬‬
‫أسلبة مضادة مخفية ألسلوب اآلخرين ‪.‬‬
‫فالتوجه " الحواري هو ‪ ،‬بوضوح ظاهرة مشخصة لكل خطاب ‪ ،‬وهو‬
‫الغاية الطبيعية لكل خطاب حي ‪ ،‬يفاجئ الخطاب خطاب اآلخر بكل الطرق‬

‫(‪ – )1‬جهاد كاظم ‪ ،‬أدونيس منتحال ‪ ،‬مكتبة مدبولي ‪ ،‬القاهرة ‪،‬ط‪ ،1993 2‬ص‪.44 :‬‬
‫(‪ – )2‬أحمد طعمة الحلبي ‪ ،‬التناص بين النظرية و التطبيق ‪ ،‬ص‪.14:‬‬
‫(‪ – )3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.15:‬‬
‫‪- 106 -‬‬
‫العدد‪ 2‬ديسمرب ‪2015‬‬ ‫جملة اآلداب واللغات‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫التي تقود إلى غايته ‪ ،‬وال يستطيع شيئا سوى الدخول معه في تفاعل جاد‬
‫(‪)1‬‬
‫وحي‪".‬‬
‫وعلى هذا فإن جميع النصوص عند باختين وليدة نصوص أخرى وليس‬
‫هناك من صاحب نص جديد لم يعتمد على سابقيه ‪ ،‬فكل خطاب يحاكي‬
‫"خطاب اآلخرين و آدم هو االنسان الوحيد الذي اقتحم بخطابه األول عالما‬
‫(‪)2‬‬
‫بكرا"‪.‬‬
‫يرى بعض الباحثين أن معظم الدراسات التناصية التي جاءت بعد‬
‫باختين قد استلهمت من طروحاته ‪ ،‬وأن الكثير منها يدين له بالريادة ‪،‬إذ تحدث‬
‫البعض عن التناص الواعي والتناص الالواعي‪ ،‬كما أن مصطلح األسلبة‬
‫الباختيني اعتمد لدى كل من تودوروف وجيرار جينات وغيرهما تحت اسم‬
‫المحاكاة ‪ ،‬ومصطلح التنويع الذي أشار إليه باختين اصطلحت عليه كريستيفا‬
‫(‪)3‬‬
‫بالتصحيفات‪ ،‬وعند ريفاتير يصبح مقابال للتمطيط ‪ ،‬ويسميه جينت التحويل‪.‬‬
‫تصريحا ‪ ،‬إال أن أعماله‬ ‫مع أنه لم يستعمل مصطلح "التناص"‬
‫شكلت مصد اًر مهماً من المصادر التي استلهمت منها جوليا كريستيفا أصول‬
‫تعددية‬ ‫نظريتها(‪ ،)4‬حيث اقترح مفهومين مميزين للخطاب السردي أوالهما‬

‫(‪ – )1‬تودوروف تزفيتان‪ ،‬ميخائيل باختين ( المبدأ الحواري )‪ .‬ت‪ :‬فخري صالح ‪ ،‬المؤسسة‬
‫العربية للدراسات والنشر ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ط‪ ، 1996، 2‬ص‪.125 :‬‬
‫(‪ – )2‬عبد العالي بشير‪ ،‬النصية و التناصية بخالصة كريستيفا ‪ ،‬دراسات معاصرة‪ ،‬العدد‬
‫‪،‬ص‪.97 :‬‬
‫(‪ – )3‬أحمد طعمة الحلبي ‪ ،‬التناص بين النظرية و التطبيق‪ ،‬ص‪.19 _18:‬‬
‫(‪ – )4‬مع سيميوطيقا؛ أبحاث من أجل تحليل دالئلي ستعود كريستيفا إلى هذه األداة‬
‫المنهجية وستحدد‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬في دراستها "اللفظ والحوار والرواية" ما لباختين من‬
‫فضل على مفهوم التناص؛ فإن األساس في هذا المفهوم نشأ بدءا عن "اكتشاف كان باختين‬
‫‪- 107 -‬‬
‫العدد‪ 2‬ديسمرب ‪2015‬‬ ‫جملة اآلداب واللغات‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫األصوا ‪ Polyphonie‬وثانيهما الحوارية‪" Dialogisme ،‬وهما المصطلحان‬
‫اللذان يبقيان أكثر ارتباطاً بمؤلف باختين إلى حد أن تودوروف عنون كتاب‬
‫‪Le‬‬ ‫تقديمه لدراسة المفكر الروسي ميخائيل باختين ‪ ،‬المبدأ الحواري‬
‫(‪)1‬‬
‫‪." principe dialogique‬‬
‫ولما كانت السمة الغالبة المميزة ألعمال الكاتب الروسي الشهير‬
‫وتعددية األصوات(‪ ،)1‬اختارها لتكون ميدانا‬ ‫(‪)2‬‬
‫ديستويفسكي هي الحوارية‬

‫أول من أدخله إلى النظرية األدبية؛ وهو أن كل نص يتشكل من فسيفساء من االستشهادات‪،‬‬


‫وكل نص امتصاص وتحويل لنص آخر‪ .‬وهكذا يحل مفهوم التناص محل تواصل المعارف‬
‫الذاتية ‪ .Intersubjectivité‬ال يستعمل باختين مصطلح التناص‪ ،‬ولكن الفكرة كامنة في‬
‫المفهوم الباختيني لـ الحوارية ‪ Dialogisme‬كما نجدها في شعرية دوستوفيسكي ‪Poétique‬‬
‫‪( de Dostoïvski‬موسكو ‪ ،1963‬الترجمة الفرنسية لـ‪:‬إيزابيل كوليتشاف ‪Isabelle‬‬
‫‪ Kolitcheff‬تقديم جوليا كريستيفا؛ سوي ‪ / )Seuil 1970‬بيار مارك دو بيازي‪ ،‬نظرية‬
‫التناص ‪ ،‬المختار حسني‪ ،‬ص‪. 04:‬‬
‫(‪ – )1‬محمد خير البقاعي ‪ :‬آفاق التناصية المفهوم والمنظور‪ ،‬الهيئة المصرية العامة‬
‫للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1998 ،1‬ص ‪.41‬‬
‫(‪ – )2‬تتجلى في ثالثة أنواع أساسية هي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ التهجين ‪ 2‬ـ تعالق اللغات القائم على الحوار ‪ 3‬ـ الحوارات الخالصة يرى باختين أثناء‬
‫تحديده التهجين ‪ hybridation‬بعد أن يتساءل عن ماهيته‪" :‬ما التهجين؟ إنه مزج لغتين‬
‫اجتماعيتين داخل ملفوظ واحد‪ ،‬وهو أيضاً التقاء وعيين لسانيين مفصولين بحقبة‬
‫زمنية‪،‬وبفارق اجتماعي‪ ،‬أو بهما معاً‪ ،‬داخل ساحة ذلك الملفوظ"‪ ،‬غير أنه ال يعطينا أمثلة‬
‫حية يشرح من خاللها المقصود بالتهجين‪ ،‬بل يكتفي باإلشارة إلى عناوين روايات استخدمت‬
‫هذه التقنية‪ ،‬دون أن يوقفنا على مقاطع ملموسة تزيل بعض الغموض الذي لحق التعريف‬
‫السابق‪ ،‬ومن هاته الروايات يذكر "األمثلة الكالسيكية التي تساق في هذا الصدد هي‪ :‬دون‬
‫كيشوت‪ ،‬وروايات الكتاب الساخرين اإلنجليز‪ :‬فيلدنج‪ ،‬سموليت‪ ،‬ستيرن‪ ،‬ثم الرواية األلمانية‬
‫الرومانسية الساخرة‪ :‬هيبيل وجان ـ بول"‪.‬‬
‫‪- 108 -‬‬
‫العدد‪ 2‬ديسمرب ‪2015‬‬ ‫جملة اآلداب واللغات‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لكن‪ ،‬رغم ذلك فهاته العناوين ال تشفي غليل المتعطش إلى معرفة كيفية حدوث هذا‬
‫المزج‪ ،‬أو التداخل بين لغتين‪ ،‬أو االلتقاء بين وعيين‪ ،‬ألن الدارس أو الناقد بحاجة إلى أمثلة‬
‫تطبيقية حية تشرح بها هاته الظاهرة األسلوبية‪ ،‬أو الخاصية الكتابية حتى ولو أعطانا باختين‬
‫بعض التوضيحات التكميلية المقتضية‪ ،‬فهو إضافة على ما سبق يفرق بين التهجين اإلرادي‬
‫(القصدي)والتهجين الالإرادي (الالوعي)‪ ،‬وهو ما أوضحه في قوله هذا‪" :‬وهذا المزيج من‬
‫لغتين داخل الملفوظ نفسه‪ ،‬هو طريقة أدبية قصدية (بدقة أكثر‪ ،‬نسق من الطرائق)‪ .‬لكن‬
‫التهجين الال إرادي‪ ،‬الالوعي‪ ،‬هو إحدى الصيغ المهمة للوجود التاريخي‪ ،‬ولصيرورة اللغات‪،‬‬
‫ويمكن القول بوضوح بأن الكالم واللغات‪ ،‬إجماالً‪ ،‬تتغير عن طريق التهجين"‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬فالتهجين يحدث "عادة بين اللغات في كالم الناس اليومي المألوف‪ ،‬ولكنه ال يكون‬
‫إرادياً‪ ،‬بل يدخل في سياق تبادل التأثير المألوف بين اللهجات واللغات التي تتعايش في حقل‬
‫اجتماعي واحد‪ ،‬وهذا النوع من التهجين ليس له بعد جمالي إطالقاً‪ ،‬وانما تتحاور اللغات‬
‫بطريقة أدبية إبداعية‪ ،‬في التهجين اإلرادي داخل الفن الروائي"‪.‬‬
‫ونجد الناقد حميد لحميداني يحلل وجهة نظر باختين حول (الحوارية)‪ ،‬وذلك بالعودة‬
‫إلى رواية "الفقراء" لدوستويفسكي‪ ،‬حيث يتم "عادة المزج في ملفوظ واحد بين صوتين أو‬
‫لغتين أو موقفين‪ ،‬ومن خاللهما تتم صياغة هجنة لغوية يكون لها داللة معينة في سياق‬
‫العمل الروائي بكامله‪ ،‬وأفضل مثال يمكن أن يقدم في هذا الصدد ما ورد في رسالة وجهها‬
‫البطل مكارد يفوشيكن لصديقته فرفا ار ألكسفينا"‪ ،‬وذلك حسب حميد لحميداني‪، .‬أما بالنسبة‬
‫للنوع الثاني فنجد باختين يصفه على أنه تلك "اإلضاءة المتبادلة المصاغة في حوار داخلياً‪،‬‬
‫التي تنجزها األنساق اللسانية في مجملها‪ ،‬تتميز عن التهجين بمعناه الخاص‪ .‬ففي اإلضاءة‬
‫المتبادلة ال يكون هناك توحيد مباشر للغتين داخل ملفوظ واحد‪ ،‬وانما هي لغة واحدة معينة‬
‫ملفوظة"‪.‬‬
‫أما الشكل الثالث ‪:‬الحوارات الخالصة ‪ Dialogues pures‬فيقول باختين‬
‫بخصوصه‪" :‬وحوار الرواية نفسه بصفته شكالً مكوناً‪ ،‬مرتبط ارتباطاً وثيقاً بحوار اللغات‬
‫الذي يرن داخل الهجنة وفي الخلفية الحوارية للرواية‪ .‬كذلك‪ ،‬فإن هذا الحوار هو من صنف‬
‫خاص"‪.‬‬
‫‪- 109 -‬‬
‫العدد‪ 2‬ديسمرب ‪2015‬‬ ‫جملة اآلداب واللغات‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الستثمار واسقاط رؤاه و تصوراته وبناء نظرية لها مالمحها و امتداداتها فيما‬
‫سيأتي من استراتيجيات قرائية السيما التناص‪ " ،‬يوضح باختين بجالء ظواهر‬
‫االنبعاث التي تجعل من الثقافة مكان عودة عنيفة للتقاليد المنسية‪ ،‬ويقيم الدليل‬
‫على كون الرواية مهيأة مسبقا ببنيتها الخاصة‪ ،‬لدمج عدد كبير من المكونات‬
‫األصوات‬ ‫تعدد‬ ‫شكل‬ ‫على‬ ‫المختلفة‬ ‫والثقافية‬ ‫واألسلوبية‬ ‫اللسانية‬
‫‪ .Polyphonique‬إن مجموع تبادل المواقع الممكن‪ ،‬وتواجه االختالفات على‬
‫شكل حواري‪ ،‬يجعل من هذا الشكل األدبي نموذجا تركيبيا يسمح بالتفكير في‬
‫األدبية بشكل مغاير‪" .‬فالمؤلف مشارك في روايته‪ ،‬كلي الحضور فيها‪ ،‬ولكن‬
‫بدون لغة خاصة ومباشرة؛ فإن لغة الرواية نظام من اللغات التي تتضح‬
‫معالمها بالمشاركة والتعاون أثناء الحوار"‪ .‬إن العناصر المستمدة مباشرة من‬
‫باختين‪( :‬اللغات‪ ،‬التحول ترابط األصوات المتعددة‪ ،‬الحوارية‪ ،‬الوحدات‬
‫(‪)2‬‬
‫الخطابية للثقافة) هي العناصر التي تكون مفهوم التناص‪.‬‬

‫انظر‪ :‬ميخائيل باختين "المتكلم في الرواية"‪ ،‬ت‪ :‬محمد برادة‪ ،‬مجلة فصول‪ ،‬الهيئة المصرية‬
‫العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬م‪ ،5‬ع‪ ،30‬سنة ‪ ،1985‬ص ‪ .116 -114‬و أيضاً‪ :‬ميخائيل‬
‫باختين ‪ :‬الخطاب الروائي‪ ،‬ت‪ :‬م برادة‪ ،‬دار الفكر للدراسات‪ ،‬والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‬
‫‪ 101‬ـ ‪ . 126‬و حميد لحميداني‪ :‬أسلوبية الرواية (مدخل نظري)‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدر البيضاء‪ ،‬ط‪ ،1989 ،1‬ص ‪ . 68‬ونعيمة فرطاس ‪ :‬نظرية التناصية والنقد الجديد‬
‫(جوليا كريستيفا أنموذجاً)‪ ،‬مجلة الموقف األدبي ‪،‬اتحاد الكتاب العرب بدمشق ‪ -‬العدد ‪434‬‬
‫حزيران ‪.2007‬‬
‫(‪ – )1‬لوران جيني يقترح القيام بربط تعددية األصوات بفن الرواية كنوع من التخصيص‪،‬‬
‫يقول معب اًر عن رأيه" ‪:‬لرد المفهوم الباختيني ‪ Bakhtinienne‬أقل غموضاً‪ ،‬اقترح أخذ‬
‫المعنى الذي اصطلح عليه في عالقة مع الجنس الروائي وتخصيصه كتعددية أصوات أدبية‬
‫‪ ،Polyphonie littéraire".‬ينظر ‪L.JENNY: “Méthodes et problèmes”.:‬‬
‫(‪ – )2‬بيار مارك دو بيازي‪ ،‬نظرية التناص ‪،‬ت المختار حسني‪،‬ص‪.05:‬‬
‫‪- 110 -‬‬
‫العدد‪ 2‬ديسمرب ‪2015‬‬ ‫جملة اآلداب واللغات‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وقد عرف المفهومان (الحوارية‪ ،‬تعددية األصوات) نشاطاً كبي اًر‪ ،‬ليس‬
‫عند اللسانيين الغربيين فقط‪ ،‬بل حتى عند صاحبهما‪ ،‬إذ كانت تعددية‬
‫األصوات عند باختين "أوالً عالمة مميزة للرواية الدوستوفسكية‬
‫‪ Dostoïevskien‬على النقيض من محاورات الذات للرواية التقليدية‪ ،‬ثم‬
‫أصبحت فيما بعد خاصية للرواية عامة‪ ،‬ثم للغة في مرحلة معينة من تطورها‬
‫(‪ )...‬وأخي اًر لكل لغة"(‪.)1‬‬
‫إال أن تصورات الشكالنيين لم ترق إلى مستوى النظرية الناضجة التي‬
‫تبرر وجود مصطلح التناص كمبدأ إجرائي في التحليل األدبي ‪ .‬بل شكلت‬
‫إرهاصات حقيقية مهدت لظهور المصطلح الحقا ‪ -‬كما سبقت اإلشارة – على‬
‫يد البلغارية كريستيفا ضمن بحوثها التي أعيد نشرها في كتابيها " سيميوتيك "‬
‫و" نص الرواية "‪.‬‬
‫‪ – 3‬استمرار التنظير والممارسة التطبيقية‪:‬‬
‫وعلى الدرب نفسه استمر التنظير ولممارسة التطبيقية للتناص مع‬
‫أريفي وريفاتير وصوال إلى تودوروف وجيرار جينات اللذان وضعا اللمسات‬
‫األخيرة لهذه النظرية ‪.‬‬
‫ينفي آريفي – في دراساته الموسعة عن التناص في أعمال غاري –‬
‫وجود نص مرجعي ‪ ،‬فكل نص هو نص متداخل ‪ ،‬ولذا ينبغي – حسبه ‪-‬‬
‫إحالل الدراسة التناصية محل دراسة النص ‪ ،‬ويشير إلى أن هناك نوعين من‬
‫التناص‪ :‬التناص في المعنى و التناص في التعبير ‪.‬‬

‫‪(1 – )M. BAKHTINE: Esthétique et théorie du roman, paris,‬‬


‫‪Gallimard, 1978, p18.‬‬

‫‪- 111 -‬‬


‫العدد‪ 2‬ديسمرب ‪2015‬‬ ‫جملة اآلداب واللغات‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وقد تبنى ريفاتير التناصية بوصفها مرتبة من مراتب القراءة التأويلية ‪،‬‬
‫و ظهرت اهتماماته بالتناصية في أعماله اآلتية ‪:‬‬
‫_ إنتاجية النص ‪la production du texte , seuil 1979 :‬‬
‫_ التعالق النصي ‪la syllepse intertextuelle, Poétique, seuil :‬‬
‫‪1979‬‬
‫_أثر التناص ‪la trace de l’intertexte, la pensée, paris, oct, :‬‬
‫‪1979‬‬
‫‪-‬سيميائية الشعر‪Sémiotique de la poésie, Seuil 1982 :‬‬
‫حيث تصادفنا في هذه األعمال ممارسات تطبيقية تناصية ألشعار "‬
‫(‪)1‬‬
‫بودلير " و "هيجو" و" ماالرميه "‪....‬‬
‫ويؤكد ريفاتير أن كل نص يخفي في داخله نصا آخر وهو تنويع على‬
‫بنية واحدة ‪ ،‬أو تعديل لها ‪.‬‬
‫وكسابقه ينظر إلى النص على أنه غير مرجعي ‪ ،‬وأنه حتم مضاعف بمعنى‬
‫(‪)2‬‬
‫تضاعف وتنوع الصالت التي تجمع بين الكلمات ‪.‬‬
‫كما أن إنتاجية النص تقوم على آليتين هما ‪ :‬االشتقاق اإليداعي (مثل‬
‫التعابير الجاهزة أو الشواهد )‪ ،‬والتمطيط والعكس ( قائم على تغيير طبيعة‬
‫التراكيب)‪.‬‬
‫‪Tzvetan‬‬ ‫وعلى درب كريستيفا ؛ فقد خص تزفيتان تودوروف‬
‫‪ Todorov‬سنة ‪ 1981‬باختين بكتاب قيم هو "ميخائل باختين‪ ،‬المبدأ الحواري"‬
‫‪ principe dialogique, Seuil, 1981 Mikhael Bakhtine, Le‬وفيه‬

‫(‪ – )1‬أحمد طعمة الحلبي ‪ ،‬التناص بين النظرية و التطبيق ‪ ،‬ص‪.24:‬‬


‫(‪ – )2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.24_22:‬‬
‫‪- 112 -‬‬
‫العدد‪ 2‬ديسمرب ‪2015‬‬ ‫جملة اآلداب واللغات‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يقترح تقسيم المبدأ الحواري إلى مفهومين‪ :‬مفهوم الحوارية بهذا المعنى الضيق‪،‬‬
‫ومفهوم التناص كما حددته جوليا كريستيفا مع احتفاظ هذا المفهوم الثاني‬
‫بـ"تسمية الحوارية" لـ"بعض الحاالت الخاصة للتناص؛ من مثل تبادل األجوبة‬
‫(‪)1‬‬
‫بين متحاورين‪ ،‬أو في التصور الذي أعده باختين عن الشخصية اإلنسانية"‪.‬‬
‫فكرة " تينيانوف " حول نظرية المحاكاة‬ ‫ويتبنى في خضم ذلك‬
‫الساخرة‪ ،‬والتي يشير فيها " تينيانوف " إلى استحالة الفهم العميق لنص من‬
‫نصوص " ديستوفيسكي " من دون الرجوع إلى نصوص "غوغول "‪ ،‬ويسمي‬
‫تودوروف نص ديستوفيسكي بالسجل المتعدد القيم أو الحواري ‪.‬‬
‫ويؤكد تبعا لذلك على أنه ‪ ":‬ال نشأة للنصوص انطالقا مما ليس‬
‫نصوصا ‪ ،‬وكل ما يوجد دائما إنما هو عمل تحويل من خطاب إلى آخر ‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ومن نص إلى آخر "‪.‬‬
‫ويقترح تودوروف تسمية عملية إنتاج نص ‪ ،‬انطالقا من نصوص‬
‫أخرى تعليقا ‪ ،‬ويقوم التعليق على إقامة عالقة بين النص الخاضع للدراسة ‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وبقية العناصر التي تشمل سياقه سواء كانت أيديولوجية أو دينية ‪.‬‬
‫يتعامل تودوروف مع النصوص على أنها أحادية القيمة أو متعددة‬
‫القيم‪ ،‬واألولى ال تستحضر خطابات سابقة على عكس الثانية فهي تعتمد في‬
‫عملية االستحضار على آليات ثالث هي ‪:‬‬
‫‪ -‬المحاكاة الساخرة‪.‬‬
‫‪ -‬السرقة األدبية‪.‬‬
‫‪ -‬الحوار ( تغيير و تبديل)‪.‬‬

‫(‪ – )1‬بيار مارك دو بيازي‪ ،‬نظرية التناص ‪،‬ت المختار حسني‪ ،‬ص‪.05:‬‬
‫(‪ – )2‬أحمد طعمة الحلبي ‪ ،‬التناص بين النظرية والتطبيق ‪ ،‬ص‪.26:‬‬
‫(‪ – )3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.13:‬‬
‫‪- 113 -‬‬
‫العدد‪ 2‬ديسمرب ‪2015‬‬ ‫جملة اآلداب واللغات‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عندما تصل فكرة التناص إلى جيرار جنيت تأخذ عنده أبعادا أخرى ‪،‬‬
‫ويتوسع مدارها إلى حدود لم تخطر على بال المنظرة األولى لها وهي جوليا‬
‫كريستيفا ‪ ،‬فهو يقترح ما يسميه " التعالي النصي " وهو " ما يجعل النص في‬
‫عالقة خفية أو جلية مع غيره من النصوص "‪ ،‬وضمن التعالي النصي يدخل‬
‫التناص أو التداخل النصي ‪ ،‬بمعنى أن التناص بمفهوم كريستيفا ما هو إال نوع‬
‫من أنواع المتعاليات النصية ‪،‬التي تشمل إضافة إلى التداخل النصي ‪ ،‬التوازي‬
‫النصي ‪ ،‬واإلسقاط النصي ‪ ،‬والتعالق النصي ‪ ،‬واالرتباط النصي ‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫يبدو مما تقدم أن جدلية الموروث واآلني هي قدر الكتابة و اإلبداع‬
‫فالنص الجديد عالم متشابك تتداخل فيه مكونات أدبية وثقافية متنوعة يستدعيها‬
‫الكاتب‪/‬المبدع بطريقته الخاصة بغية تشكيل نص بفعالية داللية تتداخل مع‬
‫الراهن من جهة‪ ،‬ومع الماضي من جهة ثانية ‪،‬من خالل تالقي بواعث ذهن‬
‫المتلقي له مع الدوال الحرة الموزعة على مساحة النص‪ ،‬والقراءة من هذه الزاوية‬
‫تصبح عملية أخذ وعطاء ‪ ،‬أخذ من النص وعطاء له من المخزون األدبي‬
‫والثقافي للقارئ‪ ،‬فكل نص هو تشرب وتحويل لنصوص أخرى(‪.)1‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– محمد عزام ‪ ،‬تجليات التناص في الشعر العربي‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق‬
‫‪ 2001،‬ص ‪21:‬‬
‫‪- 114 -‬‬

You might also like