You are on page 1of 57

‫جامعة الهزهر‬

‫كلية أصول الدين والدعوة‬


‫المجلة العلمية المحكمة بالكلية‬
‫العدد التاسع عشر‬

‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫إعداد‬
‫أحمد محمد الشرقاوى‬
‫أستاذ التفسير وعلوم القرآن المساعد‬
‫بكلية أصول الدين والدعوة‬
‫جامعة الهزهر‬

‫العدد التاسع عشر‬


‫الجزء الثاني‬
‫‪‬‬
‫‪- 156‬مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني‬

‫‪ ‬‬

‫تاريخ النشر ‪ 2006/2007‬رقم اليداع ‪6325/2007‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪156‬‬
‫‪‬‬
‫‪- 157‬مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫المقدمة‬
‫ن‬
‫م على خاتم ِ النبيي َ‬ ‫ن ‪ ،‬والصلةُ والسل ُ‬ ‫ب العالمي َ‬‫هر ّ‬
‫الحمد ُ لل ِ‬
‫ن وصحب ِهِ ‪،‬‬ ‫طاهري َ‬ ‫ه ال ّ‬
‫ن ‪ ،‬وعلى آل ِ ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وقائدِ الغُّر الميامي ِ‬
‫والمرسلي َ‬
‫ن إلى يوم الدين ‪.‬‬ ‫والتابعين ومن تبعهم بإحسا ٍ‬
‫ة ما أجلها ‪ ،‬وهو‬ ‫ة كوني ٌ‬‫ة ما أجّلها ‪ ،‬وآي ٌ‬‫ة إلهي ٌ‬ ‫ج ‪ :‬نعم ٌ‬
‫وبعد ‪ :‬فالزوا ُ‬
‫ة ما أحلها وأبهاها ‪.‬‬ ‫ة وزين ٌ‬ ‫حلي ٌ‬
‫ة إنسانية ما أسناها و ِ‬ ‫سن ٌ‬
‫س‪،‬‬ ‫ة للنف ِ‬ ‫ة لشرعة ربانية ‪ ،‬بهج ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬واستجاب ٌ‬ ‫ة فطري ٍ‬ ‫ة لرغب ٍ‬ ‫فيه تلبي ٌ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ح ‪ ،‬وقرةٌ للعي ِ‬ ‫ة ‪ ،‬وغذاٌء للرو ِ‬ ‫س ‪ ،‬وإرواٌء للعاطف ِ‬ ‫وإمتاعٌ للح ّ‬
‫ب من‬ ‫ل ‪ ،‬وهو با ٌ‬ ‫ل ‪ ،‬واستقراُر الحا ِ‬ ‫ح البا ِ‬ ‫ه صل ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وب ِ‬ ‫ة للقل ِ‬ ‫وسكين ٌ‬
‫ن‪.‬‬‫ش ‪ ،‬وصفاِء الذ ّهْ ِ‬ ‫ب العي ِ‬ ‫طي ِ‬ ‫ق‪،‬و ِ‬ ‫أبواب الرز ِ‬
‫س في‬ ‫ب التناف ِ‬ ‫ب من درو ِ‬ ‫ذرية ‪ ،‬ودر ٌ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ل إلى تحصي ِ‬ ‫وهو السبي ُ‬
‫ل‬‫م ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ر والت َ‬ ‫ب الصب ِ‬ ‫ب من ضرو ِ‬ ‫ب والجر ‪ ،‬وضر ٌ‬ ‫الخير وتحصيل الثوا ِ‬
‫ل‪.‬‬‫م ِ‬‫‪ ،‬والرضا والتج ّ‬
‫ة‬
‫ة ‪ ،‬التي ُتعد ّ لبن ً‬ ‫ة المسلم ِ‬ ‫ي لبناِء السر ِ‬ ‫ق الشرع ّ‬ ‫وهو الطري ُ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ى لعدادِ الجيا ِ‬ ‫ن الطبيع ّ‬ ‫ة فى بناِء المجتمِع ‪ ،‬فهى المحض ُ‬ ‫أساسي ّ ً‬
‫ن ‪.‬‬ ‫ن لهذا الدي ِ‬ ‫ن حصي ٌ‬ ‫ن ‪ ،‬ورك ٌ‬ ‫ن ركي ٌ‬ ‫وهى حص ٌ‬
‫ة وأهميت َِها‬ ‫ة المسلم ِ‬ ‫ة السر ِ‬ ‫ولقد ‪ :‬أدرك أعداُء السلم ِ ‪ :‬مكان َ‬
‫ن إلى‬ ‫سَعوا جاهدي َ‬ ‫ة ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ض الم ِ‬ ‫ي فى نهو ِ‬ ‫ها الساس ّ‬ ‫ة ودورِ َ‬ ‫البالغ ِ‬
‫ة بينها‬ ‫مها والحيلول ِ‬ ‫س معال ِ‬ ‫ة وطم ِ‬ ‫ة المسلم ِ‬ ‫ض دعائم ِ السر ِ‬ ‫تقوي ِ‬
‫ق بنائ َِها ‪،‬‬
‫ل فى طري ِ‬ ‫ت والعراقي ِ‬ ‫ها ‪ ،‬ووضِع العقبا ِ‬ ‫وبين مقاصد ِ َ‬
‫ها ‪.‬‬ ‫مارِ َ‬ ‫سَها وث ِ َ‬ ‫وإلحاق الضراِر والفات بغر ِ‬
‫ن من‬ ‫ة ‪ :‬سعوا إلى التهوي ِ‬ ‫ون ِ‬‫ة ووسائلهم المتل ّ‬ ‫م الماكر ِ‬ ‫وبأساليب ِهُ ُ‬
‫د ه من مقاصد ه الجليلة‬ ‫ه ‪ ،‬أو تجري ِ‬ ‫ل من شأن ِ ِ‬ ‫ج ‪ ،‬والتقلي ِ‬ ‫أمر الزوا ِ‬
‫ة ‪ ،‬في مقابل التحريض على إشاعة الفواحش‬ ‫ه البالغ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫حك َ ِ‬
‫و ِ‬
‫ة السماِء بغير مسمياتها ‪ ،‬فقالوا عن الشذوذ "‬ ‫والشذوذ ‪ ،‬مع تسمي ِ‬
‫مثلية" ‪ ،‬وسموا الشواذ ّ " مثليين " ودعوا إلى المساواة المطلقة‬
‫ن ما بين الجنسين من‬ ‫بين الرجل والمرأة في كل شيئ متجاهلي َ‬
‫ة الباحثين في شتى‬ ‫كدها وأجمع عليه كاف ُ‬ ‫ة ‪ ،‬أقّر بها وأ ّ‬ ‫ق فطري ٍ‬ ‫فرو ٍ‬
‫دى ‪ ،‬عن‬ ‫ة بذلك ‪ ،‬كما انحرف أولئك العِ َ‬ ‫العلوم التي لها صل ٌ‬

‫‪157‬‬
‫‪‬‬
‫‪- 158‬مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫ل الله بها من‬ ‫م ما أنز َ‬ ‫ماُلوا إلى مفاهي َ‬ ‫المفهوم ِ الصحيح للسرة ‪ ،‬فَ َ‬
‫ة بالمرأة ‪ ،‬في تحد ّ‬ ‫ل بالرجل والمرأ ِ‬ ‫ج الرج ِ‬ ‫ن ‪ ،‬فاستحّلوا زوا َ‬ ‫سلطا ٍ‬
‫ة‬
‫ة والمسير ِ‬ ‫ة السوي ّ ِ‬ ‫ة والفطر ِ‬ ‫ف للقيم ِ الصيل ِ‬ ‫خ وصدام ٍ عني ٍ‬ ‫صار ٍ‬
‫ة للبشرية ‪.‬‬ ‫القويم ِ‬
‫ب‬‫ي الدؤ ِ‬ ‫ة لمطامحهم ‪ -‬إلى السع ِ‬ ‫ل – ول غاي َ‬ ‫حتى بلغ بهم الضل ُ‬
‫ة هنا‬ ‫للغاء كلمة ذكر وأنثى من شتى المعاجم والكتب ‪ ،‬والستعاض ِ‬
‫ل لها ‪ ،‬وهي كلمة – جندر‪ (1) -‬حيث ل ذكر‬ ‫ة ل أص َ‬ ‫ة غريب ٍ‬ ‫ة غربي ّ ٍ‬ ‫بكلم ٍ‬
‫ة على‬ ‫س للفطرة وثور ٍ‬ ‫ول أنثى ‪ ،‬مع ما يستدعي ذلك من انتكا ٍ‬
‫ت ووأدٍ لك ّ‬
‫ل‬ ‫خ وتمردٍ على أصول اللغا ِ‬ ‫ب على التاري ِ‬ ‫التراث وانقل ٍ‬
‫ل ما‬ ‫ة ويدفن معها ك ّ‬ ‫ة ‪ ،‬فتوأد ُ النوث ُ‬‫ة والقيم ِ الصيل ِ‬ ‫معاني الفضيل ِ‬
‫ة‬
‫ن وعاطف ٍ‬ ‫ر وحنا ٍ‬ ‫س وحياٍء وخف ٍ‬ ‫ُ‬ ‫تحمله من رّقة ولطاف ٍ‬
‫ف وأن ٍ‬ ‫ة وظر ٍ‬
‫ل ما تحمله‬ ‫ة وتطمُر مع معالم تلك الجريمة ك ّ‬ ‫ل الرجول ُ‬ ‫‪ ،‬وُتغتا ُ‬
‫ت‪.‬‬‫ة ومكرما ٍ‬ ‫ة ٍ‪ ،‬وهم ٍ‬‫ة ومروء ٍ‬ ‫ة وشهام ٍ‬ ‫ة من قوة ونجد ٍ‬ ‫الرجول ُ‬
‫ب الفتاةُ ؟‬
‫م تنتح ُ‬
‫ت عل َ‬
‫فقل ُ‬ ‫كي‬ ‫ي تب ِ‬
‫ة وَهْ َ‬‫ت على المروء ِ‬ ‫مرر ُ‬
‫ه ماُتوا‬‫ق الل ِ‬ ‫ن خل ِ‬ ‫ت ‪ :‬كيف ل أبكي وأهِلي جميًعا دو َ‬ ‫فقال ْ‬
‫ج‬
‫ل مباه ِ‬ ‫ة إلى هذا البحث الذي يدوُر حو َ‬ ‫من هنا كانت الحاج ُ‬
‫غب‬ ‫ن القرآني ‪ ،‬حيث دعا السلم للزواج ور ّ‬ ‫ج في ضوء البيا ِ‬ ‫الزوا ِ‬
‫ة عليه ‪ ،‬وأعلى من قدر ه وتسامى به إلى‬ ‫فيه وأمر بتيسير ه والعان ِ‬
‫ه‬
‫و ه ‪ ،‬وفضل ِ ِ‬ ‫ه وسم ّ‬ ‫و ه على شرف ِ‬ ‫ة ‪ ،‬ون ّ‬‫ذرى المجدِ وسنام ِ الفضيل ِ‬ ‫ُ‬
‫سر السبيل إليه ‪ ،‬وشرع من الحكام والداب ما يصونه‬ ‫ه ‪ ،‬وي ّ‬‫ومكانت ِ ِ‬
‫ه‪.‬‬
‫م ُ‬‫حك َ َ‬
‫جلي ِ‬ ‫ّ‬ ‫ق أهدافَ ُ‬
‫ه ‪ ،‬وي ُ َ‬ ‫د ه ‪ ،‬ويحق ُ‬ ‫غ مقاص َ‬ ‫ّ‬
‫ويسمو به ‪ ،‬ويب َل ُ‬
‫ل أنواع النكحة الجاهلية التي تبتذل كرامة‬ ‫ولقد أبطل السلم ك ّ‬
‫المرأة وتهدر حقوقها وُتجافي فطرَتها ‪.‬‬
‫وكان في الجاهلية أنواع شتى من النكحة هى ‪-:‬‬
‫ح‬ ‫‪ -1‬نكاح البعولة ‪ :‬وهههو نكههاح العقلء ال ّ‬
‫شههرفاء ‪ ،‬وهههو النكهها ُ‬
‫ن‬‫ة ‪ ،‬والمعههاد ُ‬‫ف عليههه ‪ ،‬والههذي تقبلههه الفطههرةُ السههليم ُ‬
‫المتعههار ُ‬
‫)‪.(2‬‬
‫الخّيرة ‪ ،‬وفيه إيجاب وقبول وشهود ومهر وإشهار‬
‫‪ -2‬نكاح المتعة ‪ :‬وهو النكاح المؤقت بمدة معينة ‪ ،‬ولقد نهههى‬
‫عنه السلم ‪ " ،‬وكان جائزا ً في أول السلم ثم نسههخ بالحههاديث‬
‫‪.‬‬ ‫‪ -‬لمزيد بيان يراجع كتاب حقوق المرأة في السنة النبوية للمؤلف‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬يراجع ‪ :‬إنسان العيون ‪ 1/45‬ونهاية الرب ‪ 3/120‬وعيون الخبار ‪.4/18‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪158‬‬
‫‪‬‬
‫‪- 159‬مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫الصحيحة وانعقد الجماع على تحريمه ‪ ،‬ولم يخالف فههي ذلههك إل‬
‫طائفة من المبتدعة " )‪. (3‬‬
‫ولقد استقر المر في السلم على تحريمه ‪ ،‬وكان قد أبيح مدة‬
‫م بعد ذلك ‪.‬‬
‫حّر َ‬
‫معينة ثم ُ‬
‫روى البخاري في صحيحه بسند ه عن الحسن بن محمد بن علي‬
‫وأخيه عبد الله عن أبيهما أن عليا ‪ ‬قال لبن عباس رضههى اللههه‬
‫ر ال َهْل ِي ّه ِ‬
‫ة‬ ‫مه ِ‬
‫ح ُ‬
‫ة وعن لحوم ِ ال ُ‬ ‫عنهما ‪ :‬إن النبي ‪ ) ‬نهى عن ال ُ‬
‫مت ْعَ ِ‬
‫خي ْب ََر ( )‪. (4‬‬‫ن َ‬ ‫م َ‬
‫َز َ‬
‫نكاح المشاركة ‪ :‬وهههو أن تههتزوج المههرأة مجموعههة‬ ‫‪-3‬‬
‫من الرجال دون العشرة في وقههت واحههد ‪ ،‬ويسههمى أيض ها ً نكههاح‬
‫ت في طلههب هههؤلء الرجههال ‪،‬‬ ‫ت أرسل ْ‬ ‫ت ووضع ْ‬ ‫الرهط ‪ ،‬فإذا حمل ْ‬
‫ت‪،‬‬ ‫فيجتمعون فتقول لهم ‪:‬قد علمتم ما كان من أمركم وقد ولههد ُ‬
‫ق الولد بمن تشاء منهم )‪. (5‬‬ ‫ح ُ‬ ‫ثم ت ُل ْ ِ‬
‫نكككاح الستبضككاع ‪ :‬وهههو أن يعجههب الرجههل برجههل‬ ‫‪-4‬‬
‫ك‬‫ت مههن حيضه ِ‬ ‫يفوقه جمال ً وقوة وخلل ً فيقول لزوجته إذا طهههر ِ‬
‫فاذهبى إلى فلن ليعاشرك كههى تستبضههعي لنهها منههه ثمههرة قويههة‬
‫)‪ ، (6‬وهو زنا فاحش ودياثة مقيتة ‪.‬‬
‫نكاح المقت ‪ :‬وهو زواج الرجل من زوجة أبيه بعد‬ ‫‪-5‬‬
‫مماته ‪ ،‬وكان من عادات أهل الجاهلية إذا مات الرجل قام أكبر‬
‫أولد ه فألقى ثوبه على امرأة أبيه فنكحها ‪ ،‬فإن لم يكن له‬
‫رغبة فيها زّوجها بعض إخوته بمهر جديد ‪ ،‬فكانوا يتوارثون‬
‫النكاح كما يتوارثون المال ‪ ،‬وإن شاءوا زّوجوها لمن أرادوا‬
‫وأخذوا صداقها ‪ ،‬وإن شاءوا لم يزوجوها بل يحبسونها حتى‬
‫تموت فيرثونها أو تفتدي نفسها )‪ ، (7‬وقد نهى عنه السلم‬
‫قال تعالى في سورة النساء ﮋﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭽﭾﭿ ﮀﮁﮂﮊ‬
‫] النساء‪[٢٢ :‬‬

‫‪ - 3‬صحيح مسلم بشرح النووي ‪179 / 9‬‬


‫‪ - 4‬روا ه البخارى في صحيحه ك النكاح باب نهى رسول الله ‪ ‬عن نكاح المتعة أخيرا‬
‫حديث ‪.5115‬‬
‫‪ - 5‬عادات الزواج وشعائر ه ص ‪ 72‬وتاريخ العرب قبل السلم د‪.‬جواد علي ‪5/254‬‬
‫‪ - 6‬عادات الزواج وشعائر ه ص ‪.75‬‬
‫‪ - 7‬يراجع جامع البيان للمام الطبري ‪ ، 319 / 4‬والجامع لحكام القرآن للمام‬
‫القرطبي ‪. 105 / 5‬‬

‫‪159‬‬
‫‪‬‬
‫‪- 160‬مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫‪ -6‬نكاح الشغار ‪ :‬وهههو أن يههتزوج الرجههل مهن أخههت أو بنهت‬
‫رجل آخر فهي مقابهل زواج الخهر مهن أخهت أو بنهت الول ليهس‬
‫مَر ‪" ‬‬ ‫ن عُ َ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫َبينهما صداق ‪ ،‬ولقد نهى عنه رسول الله ‪ : ‬فعَ َ ِ‬
‫جه ُ‬
‫ل‬ ‫ج الّر ُ‬ ‫ن ي ُهَزوّ َ‬ ‫ش هَغاُر أ ْ‬ ‫ش هَغاِر ‪َ ،‬وال ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ى ع َه ِ‬ ‫ه ‪ ‬ن َهَ َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫أ ّ‬
‫َ‬
‫ه ‪ ،‬ل َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫)‪.(8‬‬
‫ق"‪.‬‬ ‫دا ٌ‬ ‫ص َ‬ ‫ما َ‬ ‫س ب َي ْن َهُ َ‬ ‫ه اب ْن َت َ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ن ي َُزوّ َ‬ ‫ىأ ْ‬ ‫ه‪ ،‬ع َل َ‬ ‫اب ْن َت َ ُ‬
‫ر‪:‬‬ ‫ن الّزب َي ْ ِ‬ ‫وروى البخاري في صحيحه بسند ه َ عن ع ُْروَةَ ب ِ‬
‫ة‬
‫جاه ِل ِي ّ ِ‬ ‫ن في ال ْ َ‬ ‫ح كا َ‬ ‫كا َ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫هأ ّ‬ ‫خب ََرت ْ ُ‬ ‫ي الله ع َن َْها أ ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ة َر ِ‬ ‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫"أ ّ‬
‫ب‬ ‫خط ُ ُ‬ ‫م ‪ ،‬يَ ْ‬ ‫س ال ْي َوْ َ‬ ‫ح الّنا ِ‬ ‫كا ُ‬ ‫من َْها ن ِ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫كا ٌ‬ ‫حاَء ‪ ،‬فَن ِ َ‬ ‫ة أن ْ َ‬ ‫ع ََلى أْرب َعَ ِ‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫خُر َ‬ ‫حآ َ‬ ‫كا ٌ‬ ‫حَها ‪ ،‬وَن ِ َ‬ ‫م ُينك ِ ُ‬ ‫صدقَُها ث ُ ّ‬ ‫ه فَي َ ْ‬ ‫ل وَل ِي ّت َ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ل إَلى الّر ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫الّر ُ‬
‫َ‬
‫سِلي إَلى فُل َ ٍ‬
‫ن‬ ‫مث َِها ‪ :‬أْر ِ‬ ‫ن طَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ذا ط َهَُر ْ‬ ‫هإ َ‬ ‫مَرأت ِ ِ‬ ‫ل لِ ْ‬ ‫قو ُ‬ ‫ل يَ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫الّر ُ‬
‫ن‬‫حّتى ي َت َب َي ّ َ‬ ‫سَها أَبدا ً َ‬ ‫م ّ‬ ‫جَها وَل َ ي َ َ‬ ‫ه وَي َعْت َزِل َُها َزوْ ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ضِعي ِ‬ ‫ست َب ْ ِ‬ ‫فا ْ‬
‫ملَها‬ ‫ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذا ت َب َي ّ َ‬ ‫ه ‪ ،‬فَإ ِ َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ست َب ْ ِ‬ ‫ذي ت َ ْ‬ ‫ّ‬
‫ل ال ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ك الّر ُ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ملَها ِ‬ ‫ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫َ‬
‫ة الوَلدِ ‪،‬‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫جاب َ َ‬ ‫ة في ن َ َ‬ ‫ل ذ َل ِك َرغ ْب َ ً‬ ‫َ‬ ‫فعَ ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ب ‪ ،‬وَإ ِن ّ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫نأ َ‬ ‫جَها إ ْ‬ ‫صاب ََها َزوْ ُ‬ ‫أ َ‬
‫ع‬
‫م ُ‬ ‫جت َ ِ‬ ‫خُر ي َ ْ‬ ‫حآ َ‬ ‫كا ٌ‬ ‫ضاِع ‪ ،‬وَن ِ َ‬ ‫ست ِب ْ َ‬ ‫ح ال ْ‬ ‫كا َ‬ ‫مى ن ِ َ‬ ‫س ّ‬ ‫ح يُ َ‬ ‫كا ُ‬ ‫ذا الن ّ َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫كا َ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬
‫ذا‬ ‫صيب َُها ‪ ،‬فَإ ِ َ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ة ك ُل ّهُ ْ‬ ‫مْرأ ِ‬ ‫ن ع ََلى ال َ‬ ‫خُلو َ‬ ‫ة فَي َد ْ ُ‬ ‫شَر ِ‬ ‫ن ال ْعَ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ط ُ‬ ‫الّرهْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ت إل َي ْهِ ْ‬ ‫سل َ ْ‬ ‫مل ََها أْر َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ض َ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫ل ب َعْد َ أ ْ‬ ‫مّر ل ََيا ٍ‬ ‫ت ‪ ،‬وَ َ‬ ‫ضعَ ْ‬ ‫ت وَوَ َ‬ ‫مل َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫قو ُ‬
‫ل‬ ‫ها فَت َ ُ‬ ‫عن ْد َ َ‬ ‫مُعوا ِ‬ ‫جت َ ِ‬ ‫حّتى ي َ ْ‬ ‫مت َِنع َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ع َر ُ‬ ‫ست َط ِ ْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫فَل َ ْ‬
‫ك َيا‬ ‫و اب ْن ُ َ‬ ‫ت وَهُ َ‬ ‫م وَقَد ْ وَل َد ْ ُ‬ ‫مرِك ُ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫م قَد ْ ع ََرفْت ُ ُ‬ ‫ل َهُ ْ‬
‫ح‬‫كا ٌ‬ ‫ها‪ ،‬وَن ِ َ‬ ‫ه وَل َد ُ َ‬ ‫ق بِ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ه فَي َل ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫س ِ‬ ‫م با ْ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫حب ّ ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫مي َ‬ ‫س ّ‬ ‫ن‪ ،‬فَت ُ َ‬ ‫فُل َ ُ‬
‫خُلون ع ََلى ال ْ َ‬ ‫س ال ْك َِثيُر فَي َد ْ ُ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫مت َن ِ ُ‬ ‫ة ل َ تَ ْ‬ ‫مرأ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع الّنا ُ‬ ‫م ُ‬ ‫جت َ ِ‬ ‫ع يَ ْ‬ ‫َراب ِ ٌ‬
‫ن ع ََلما ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ت كُ ّ‬ ‫ن َراَيا ٌ‬ ‫ن ع َلى أْبواب ِهِ ّ‬ ‫صب ْ َ‬ ‫ن ي َن ْ ِ‬ ‫ن الب ََغاَيا ك َ ّ‬ ‫ها ‪ ،‬وَهُ ّ‬ ‫جاَء َ‬ ‫َ‬
‫مُعوا‬ ‫ج ِ‬ ‫ملَها ُ‬ ‫َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ضعَ ْ‬ ‫ت فَوَ َ‬ ‫مل ْ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن ‪ ،‬فَإ ِ َ‬ ‫ل ع َلي ْهِ ّ‬ ‫َ‬ ‫خ َ‬ ‫ن دَ َ‬ ‫ن أَراد َهُ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫لَ ِ‬
‫ن‪َ ،‬فال َْتاط َ ُ‬
‫ه‬ ‫ذي ي ََروْ َ‬ ‫دها بال ّ ِ‬ ‫قوا وَل َ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫م أل ْ َ‬ ‫ة ثُ ّ‬ ‫قافَ ُ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫وا ل َهُ ُ‬ ‫ل ََها وَد َع َ ْ‬
‫مدا ً ‪ ‬هَد َ َ‬
‫م‬ ‫مح ّ‬ ‫ث الله ُ‬ ‫ما ب َعَ َ‬ ‫ك ‪ ،‬فَل َ ّ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫مّ ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫مت َن ِ ُ‬ ‫ه ل َ يَ ْ‬ ‫ي اب ْن ُ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫وَد ُ ِ‬
‫)‪(9‬‬
‫م" ‪.‬‬ ‫سل َم ِ ال ْي َوْ َ‬ ‫ل ال ْ‬ ‫ح أهْ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ه إ ِل ّ ن ِ َ‬ ‫ة ك ُل ّ ُ‬ ‫جاه ِل ِي ّ ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ح أهْ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫نِ َ‬

‫‪ - 8‬الحديث ‪ :‬روا ه البخاري في صحيحه ‪ - 70‬كتاب النكاح ‪ - 29 -‬باب‪ :‬الشغار‪ .‬الحديث‬


‫رقم‪ ، 4822 :‬وكتاب الحيل باب الحيلة في النكاح ح ‪ ، 6559‬ومسلم ك النكاح باب‬
‫ث‬‫تحريم نكاح الشغار وبطلنه ‪ ، (1415) - 57‬والترمذي في السنن عنه وقال هذا حدي ٌ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫شَغاِر‪ .‬وال ّ‬
‫شَغاُر أ ْ‬ ‫ح ال ّ‬‫كا َ‬ ‫ن نِ َ‬ ‫ل العِل ْم ِ ل َ ي ََروْ َ‬ ‫ة أهْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫عا ّ‬‫عن ْد َ َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ل ع ََلى ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح‪ .‬والعَ َ‬ ‫ن صحي ٌ‬ ‫حس ٌ‬
‫ما‪.‬سنن الترمذي‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ق ب َي ْن َهُ َ‬
‫دا َ‬‫ص َ‬
‫ه ول َ‬ ‫خت َ ُ‬
‫ه أْو أ ْ‬
‫خُر اب ْن َت َ ُ‬‫ه ال َ‬ ‫ج ُ‬
‫ن ي َُزوّ َ‬
‫ه ع َلى أ ْ‬ ‫جل اب ْن َت َ َ‬ ‫ج الّر ُ‬‫ي َُزوّ َ‬
‫شغاِر ‪ -‬الحديث‬ ‫جاَء من الّنهي عن نكاِح ال ّ‬ ‫ما‬
‫َ ُ َ َ‬‫ب‬ ‫با‬ ‫‪-‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪28‬‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫رسو‬ ‫َ‬ ‫عن‬ ‫ح‬ ‫النكا‬ ‫ب‬‫أبوا ُ‬
‫ِ‬
‫رقم‪1132 :‬‬
‫‪ - 9‬صحيح البخاري كتاب النكاح ‪ -‬باب من قال‪ :‬ل نكاح إل بولي ‪ -‬الحديث رقم ‪:‬‬
‫ن ‪ -‬أبواب الطلق ‪ -‬باب في وجو ه النكاح التي كان‬ ‫سن َ ُ‬‫‪ – 4834‬وروا ه أبو داود في ال ُ‬
‫يتناكح بها أهل الجاهلية ‪ -‬الحديث رقم‪ 2272 :‬وقوله )فيصدقها( يجعل لها مهرا معينا‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫‪‬‬
‫‪- 161‬مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬

‫من صور الزواج في العصر الحاضر‬


‫ح ل تتحقق من خللها‬ ‫ة للنكا ِ‬
‫هذا ‪ :‬ولقد ظهرت صوٌر مبتدع ٌ‬
‫ق وتقت ُ‬
‫ل‬ ‫ع الحقو َ‬
‫مقاصد ه السامية وحكمه الجليلة ‪ ،‬بل تضي ّ ُ‬
‫ت وتجافي الفطرة السوية ‪ ،‬وتنحرف بالزواج عن مقاصد ه‬ ‫المروءا ِ‬
‫ة ‪ ،‬مثل زواج المسيار‬ ‫ج ٍ‬‫ق ملتوية ومسالك معو ّ‬ ‫السامية إلى طر ٍ‬
‫)‪(12‬‬ ‫)‪(11‬‬
‫‪ ،‬والزواج العرفي‬ ‫‪ ،‬والزواج السياحي‬ ‫)‪ ، (10‬والزواج البيض‬

‫)طمثها( حيضها ‪) ،‬فاستبضعي منه( اطلبي منه المباضعة وهي المجامعة ‪ ،‬مشتقة من‬
‫البضع وهو الفرج‪) .‬يمسها( يجامعها‪) ،‬الرهط( ما دون العشرة من الرجال‪) .‬يصيبها(‬
‫يجامعها‪) .‬البغايا( جمع بغي وهي الزانية‪) .‬رايات( ترفع على بيوت البغايا ‪) .‬علما( علمة‪.‬‬
‫)القافة( جمع قائف وهو الذي ينظر في الملمح‪ ،‬ويلحق الولد بمن يرى أنه والد ه‪.‬‬
‫)فالتاط به( فالتحق به والتصق ‪) ،‬هدم( أبطل‬
‫‪ - 10‬زواج المسيار زواج مستكمل للركان والشروط المتعارف عليها عند‬
‫جمهور الفقهاء‪ ،‬من تراضي الزوجين وحضور الولي والشهود‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬ولكنه‬
‫يتضمن تنازل الزوجة عن بعض حقوقها الشرعية باختيارها ورضاها ‪ ،‬مثل‬
‫النفقة والقسم ‪ ،‬والعقد فيه صحيح‪ ،‬ولكن هذا الزواج مخالف لكثير من الحكم‬
‫والمقاصد التي أرادها الشارع من الزواج ‪ ،‬سمي بذلك لن الرجل يسير إلى‬
‫ت معينة ول يمكث عندها طويل ‪ ،‬وقيل في‬ ‫المرأة ‪ ،‬أي إلى بيتها في أوقا ٍ‬
‫تعريفه‪ :‬هو ا لزواج المستكمل لجميع شروطه وأركانه‪ ،‬فهو زواج يتم بإيجاب‬
‫وقبول‪ ،‬وبشرطه المعرفة‪ ،‬إل أن الزوجين قد اتفقا على أل يكون للزوجة حق‬
‫المبيت ول الحقوق المالية؛ وإنما المر راجع للزوج متى رغب في الزيارة في‬
‫أي ساعة من ساعات اليوم والليلة‪ ،‬فله ذلك‪ ،‬ولعل هذا ما كان يعرف في‬
‫أيام الحسن البصري رحمه الله بزواج النهاريات‪) .‬مجلة السرة‪ ،‬العدد ‪.(467‬‬
‫ة من المغاربة‬ ‫‪ - 11‬هو نوعٌ من أنواع الحيل التي يلجأ إليها بعض الشباب خاص ً‬
‫‪ ،‬رغبة منهم في العيش إلى بلدان أوروبا وأمريكا‪ ،‬فيبحث الشاب أو الفتاة‬
‫على شريك حياة "صوري"‪ ،‬ويتم العقد بين الطرفين مقابل مبلغ من المال‬
‫يعطى للطرف المقيم بأوروبا أو أمريكا ثم يتم الطلق بعد الحصول على‬
‫وثائق القامة في ديار الغربة ‪ ،‬وربما لجأت الفتاة المسلمة إلى مثل هذا‬
‫الزواج من نصراني أو لجأ الشاب المسلم إلى الزواج من نصرانية لتحقيق هذا‬
‫ل لحرمة وبطلن زواج المسلمة من الكافر ‪ ،‬وهذا‬ ‫المأرب ‪ ،‬بجهل أو تجاه ٍ‬
‫ج باطل إذا كان لمجرد‬ ‫ٌ‬ ‫زوا‬ ‫أسود‬ ‫الحقيقة‬ ‫في‬ ‫وهو‬ ‫الزواج الذي يسمى أبيض‬
‫الحصول على تأشيرة أو إقامة في بلد الغرب ‪.‬‬
‫‪ - 12‬يلجأ إليه بعض السياح في البلد الخرى ‪ ،‬حيث يعرض عليهم الزواج‬
‫المؤقت مدة إقامتهم في البلد السياحية فيزوجون من فتيات قد احترفن مهنة‬
‫الزواج من السياح مدة إقامتهم ‪ ،‬فإذا انتهت المدة طلقن ‪ ،‬وربما استأنفن‬
‫الزواج بآخرين دون اللتزام بعدة المطلقة ‪ ،‬وهذا الزواج شبيه بزواج المتعة ل‬
‫فرق بينهما إل من جهة أن زواج المتعة ينص في العقد على توقيته بمدة‬
‫معينة ‪ ،‬امام زواج السياحة فالنية مبيتة وإن لم ينص عليها في العقد وهذا‬
‫الزواج هو ظلم بّين للمرأة أول فوق أنه مفّرغٌ من مقاصد الزواج السامية ‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫‪‬‬
‫‪- 162‬مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫)‪ (13‬وغير ذلك من الصور التي تضيع حقوق الزوجين أو أحدهما ‪،‬‬
‫وغالبا ما تهضم حقوق المرأة وتحرمها من السعادة الزوجية ‪ ،‬فضل‬
‫ن بأن‬ ‫عما يترتب عليها من هموم ومشكلت ومساوئ وتبعات ‪ ،‬نوق ُ‬
‫ج وحكمه من أهم السباب وأبرز الدواعي إلى‬ ‫الجهل بمقاصد الزوا ِ‬
‫ت التي ل ُتوفي بمعشاِر ما يسعى إلى‬ ‫ل هذ ه الزيجا ِ‬ ‫التوّرط في مث ِ‬
‫تحقيقه دين َُنا الحنيف من خلل الزواج‬
‫ة‬
‫ج ‪ ،‬والترويج لحيا ِ‬ ‫كما انتشرت ظاهرةُ العزوف عن الزوا ِ‬
‫ن الزواج ‪ ،‬ربما لضيق ذات اليدِ‬ ‫العزوبية ؛ فضل عن ظاهرة تأخر س ّ‬
‫ل التعليم ِ ‪ ،‬أو هروبا من المسئولية ‪ ،‬وانفلتا‬ ‫ل مراح ِ‬ ‫ة إكما ِ‬‫‪ ،‬أو بحج ِ‬
‫ة‬
‫ه السامق ِ‬ ‫ج ومكانت ِ‬ ‫ة الزوا ِ‬
‫ة عن أهمي ِ‬ ‫من التبعات ‪ ،‬أو بسبب الغفل ِ‬
‫ر شبابنا وفتياتنا‬ ‫ة إلى تذكي ِ‬ ‫ومعانيه السامية ‪ ،‬من هنا دعت الحاج ُ‬
‫ه‬
‫م ِ‬‫حك َ ِ‬‫ج ‪ ،‬وتوعيِتهم ب ِ ِ‬ ‫وتزويدهم بالفهم الصحيح لمعاني الزوا ِ‬
‫ة وثمراته اليانعة ‪.‬‬ ‫ ه الرائع ِ‬
‫صد ِ ِ‬
‫ومقا ِ‬
‫ة بصورةٍ أو بأخرى إلى أولياء المور ‪،‬‬ ‫وأملي أن تصل هذ ه الرسال ُ‬
‫غبوا فيه ‪ ،‬ويبذلوا جهدهم في‬ ‫كي يساهموا في تيسير الزواج ‪ ،‬وير ّ‬
‫ة العقبات التي تقف في طريق الزواج‬ ‫تذليل الصعاب وإزاح ِ‬
‫وللقرآن الكريم وهو المصدر الول والساسي من مصادر التشريع‬
‫ك رشيد ٌ في بناء السرة المسلمة وترسيخ‬ ‫ج فريد ٌ ومسل ٌ‬
‫منه ٌ‬
‫ن الله تعالى من خلل هذ ه الدراسة ‪:‬‬ ‫دعائمها ‪ ،‬ولسوف نسعى بعو ِ‬
‫" مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني " إلى إبراِز أول معلم ٍ من‬
‫م البناُء بعون‬
‫ل أن يت ّ‬
‫ة من لبناتها ‪ ،‬على أم ٍ‬
‫معالمها ‪ ،‬ووضِع أول لبن ٍ‬
‫الله وتوفيقه وتسديد ه ‪.‬‬
‫ة ‪ :‬على مقدمة وخمسة عشر مبحثا وخاتمة ‪،‬‬
‫وهذ ه الدراسة قائم ٌ‬
‫وذلك على النحو التالي ‪:‬‬
‫‪ - 13‬وللزواج العرفي صور متعددة منها أن يستوفي كل أركان العقد دون أن‬
‫يوثق في الجهات الرسمية مما يهدد مستقبل السرة التي ينبني عليها هذا‬
‫الزواج ‪ ،‬ويضيع حقوق المرأة ‪ ،‬ومنه ما يتم بدون الولي ‪ ،‬وقد فصلت القول‬
‫‪ ،‬وقد شاع‬ ‫في اشتراط الولي في كتابي المرأة في القصص القرآني ‪/‬‬
‫إطلق الزواج العرفي على ما يقع بين بعض الطلبة بالجامعات التي تئن من‬
‫ب‬‫ط من عقدٍ بحضور شاهدين وبدون ولي ول إشهار ثم يقضي الشا ّ‬ ‫الختل ِ‬
‫وطَر ه من الفتاة في السّر ‪ ،‬ولقد سمعنا عن بعض الذئاب البشرية ممن‬
‫يعقد على أكثر من أربع فتيات في وقت واحد يعاشرهن معاشرة الزوجات‬
‫ة ‪.‬‬‫ة لحرم ٍ‬
‫ش دون مراعا ٍ‬
‫ش إلى فرا ٍ‬
‫فيتنقل من فرا ٍ‬

‫‪162‬‬
‫‪‬‬
‫‪- 163‬مباهج الزواج في ضوء البيان القرآني‬

‫‪   ‬‬

‫و الخلق ‪.‬‬
‫ج وسم ّ‬
‫‪ .9‬الّزَوا ُ‬ ‫ة‪.‬‬
‫ة رباني ٌ‬
‫شْرع َ ٌ‬
‫ج ِ‬
‫‪ .1‬الّزَوا ُ‬
‫ة‪.‬‬
‫ة إلهي ٌ‬
‫ج نعم ٌ‬
‫‪ .2‬الّزَوا ُ‬
‫ق إلى‬
‫ج طري ٌ‬
‫‪ .10‬الّزَوا ُ‬ ‫ة‪.‬‬
‫ة فطري ٌ‬
‫ج سن ٌ‬
‫‪ .3‬الّزَوا ُ‬
‫الكمال ‪.‬‬
‫ج‪.‬‬
‫ن الفر ِ‬
‫ج وتحصي ُ‬
‫‪ .4‬الّزَوا ُ‬
‫ق غلي ٌ‬
‫ظ‪.‬‬ ‫ج ميثا ٌ‬
‫‪ .11‬الّزَوا ُ‬
‫ض‬
‫ة العرا ِ‬
‫ج وحماي ُ‬
‫‪ .5‬الّزَوا ُ‬
‫ة‪.‬‬
‫ج مودةٌ ورحم ٌ‬
‫‪ .12‬الّزَوا ُ‬ ‫‪.‬‬
‫ن‬
‫ن وتضام ٌ‬
‫ج تعاو ٌ‬
‫‪ .13‬الّزَوا ُ‬ ‫ل‪.‬‬
‫ة للنس ِ‬
‫ج حماي ٌ‬
‫‪ .6‬الّزَوا ُ‬
‫‪.‬‬
‫ل‪.‬‬
‫ة للما ِ‬
‫ج حماي ٌ‬
‫‪ .7‬الّزَوا ُ‬
‫ة حدودِ‬
‫ج وإقام ُ‬
‫‪ .14‬الّزَوا ُ‬
‫الله‬ ‫ف‬
‫ج وإشباعُ العواط ِ‬
‫‪ .8‬الّزَوا ُ‬
‫ة‪.‬‬
‫النساني ِ‬
‫ج ‪ :‬من أعظم ِ‬ ‫‪ .15‬الّزَوا ُ‬
‫دنيا‬
‫ت ال ّ‬‫حسنا ِ‬
‫ة على هذا‬ ‫ة في هذا البناِء المحكم وشمع ٌ‬ ‫وهذا البحث ما هو إل لبن ٌ‬
‫ط من خلله الضوَء على البيان القرآني‬ ‫سوي ‪ ،‬نسل ّ ُ‬
‫ق ال ّ‬
‫الطري ِ‬
‫ة‪.‬‬‫ة الحكيم ِ‬ ‫شرع ِ‬ ‫ة العظيمة وتل َ‬
‫ك ال ّ‬ ‫لمباهج الزواج ‪ ،‬هذ ه الي ِ‬
‫ل‪.‬‬
‫والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبي ِ‬
‫كتبه ‪ /‬أحمد محمد الشرقاوي سالم‬
‫القصيم ‪ -‬عنيزة‬ ‫‪Sharkawe2000@yahoo.com‬‬

‫وكان الفراغ منه في ‪ 6‬جمادى الثانية ‪1428‬هه‬

‫‪163‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪ ‬‬
‫‪-1-‬‬
‫ة‪.‬‬
‫ة رباني ٌ‬
‫ع ٌ‬
‫شْر َ‬
‫ج ِ‬
‫الزوا ُ‬
‫ه تعالى ‪ ،‬وهو العليم بما يصلح عباد ه فى‬
‫ه الل ُ‬
‫شَرعَ ُ‬‫َ‬
‫عاجلهم وآجلهم ‪ ،‬فى معاشهم ومعادهم ‪ ،‬العليم بطبيعة‬
‫م‬
‫النفس البشرية وحاجاتها الساسية وميولها الفطرية ‪ ،‬العلي ُ‬
‫ل‬
‫ة المجتمِع المسلم إلى الطهر والعفاف والتناس ِ‬ ‫بحاج ِ‬
‫ق الشرعي ‪:‬‬ ‫والتكاثر بالطري ِ‬
‫ﭣ‬ ‫ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬ ‫ﭧﭨﭽﭑﭒﭓ‬
‫ﭼ‬
‫] الملك‪[ ١٤ ،١٣ :‬‬

‫ل ظاهر وباطن ‪،‬‬ ‫فهو تعالي العليم بكل شئ ‪ ،‬يعلم ك ّ‬


‫ي ‪ ،‬فهو الذى خلقنا وبرأنا ‪ ،‬وهو‬ ‫ي وخف ّ‬‫ل جل ّ‬ ‫ع على ك ّ‬ ‫ويطل ّ ُ‬
‫تعالى اللطيف بنا فى كل طور من أطوار حياتنا‪.‬‬
‫شرع لنا ما يتناسب مع طبيعتنا وفطرتنا‪.‬‬ ‫ف بنا ‪ :‬ي ّ‬
‫اللطي ُ‬
‫اللطيف بنا ‪ :‬ل يكّلفنا إل بقدِر طاقِتنا ووُ ْ‬
‫سعَِنا‪.‬‬
‫اللطيف ‪ :‬يثيبنا على العمل القليل بالثواب الجزيل‪.‬‬
‫ة وإنما‬ ‫ج ُ‬
‫ل العقوب َ‬ ‫ق ‪ ،‬ول يع ّ‬ ‫ل ما ل ُ‬
‫طف ود ّ‬ ‫اللطيف ‪ :‬يعلم ك ّ‬
‫يمهل ويؤخر‪.‬‬
‫وهو تعالى الخبير بطبيعة النفوس ومساربها ‪.‬‬
‫حها فى جميع جوانبها ‪.‬‬‫الخبير ‪ :‬بما يصل ُ‬
‫الخبير ‪ :‬ببواطن المور وعواقبها‪.‬‬
‫ﭔ‬ ‫ﭑﭒﭓ‬ ‫ل ذكر ه ‪ :‬‬ ‫قال صاحب اللطائف ‪ " :‬قوله ج ّ‬
‫مه ‪ ،‬ون َد ََبهم إلى مراقبته ‪ ،‬لنه‬ ‫ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ‪ ، ‬خوَّفهم ِبعل ْ ِ‬
‫مب َّينا ً‬
‫جهَْر والنجوى ‪ . . .‬ثم قال ُ‬ ‫سّر وأخفى ‪ ،‬ويسمع ال َ‬ ‫يعلم ال ّ‬
‫ن‬
‫قه ‪ -‬من العيا ِ‬‫خل ْ ِ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬‫جْزِء ِ‬
‫‪  :‬ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ‪ ، ‬وفي كل ُ‬
‫)‪(14‬‬
‫ة على علمه وحكمته ‪".‬‬ ‫والثاِر ‪ -‬أِدل ٌ‬

‫‪613 /3‬‬ ‫‪ -‬لطائف الشارات للقشيري‬ ‫‪14‬‬

‫‪155‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬

‫كما ً‬
‫ح َ‬
‫وقال تعالى في سكورة النساء بعهد أن بّين لنا ِ‬
‫ة على‬ ‫ة ‪ ،‬والمحافظ ِ‬‫ة وأحكاما ً قويمة تتعلق ببناء السر ِ‬
‫بالغَ ً‬
‫ترابطها وتماسكها ‪ :‬ﭽ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫] النساء‪٢٦ :‬‬ ‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ‬ ‫ﭔﭕﭖﭗﭘ‬
‫– ‪[٢٨‬‬

‫يريد الله ليبين لكم ما يصلحكم في دينكم ودنياكم ‪ ،‬أو‬


‫حك َم ِ والمصالِح العاجل ِ‬
‫ة‬ ‫يبين لكم ما خفي عليكم من ال ِ‬
‫كهم لتسترشدوا‬ ‫ة ‪ ... ،‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ‪ ‬أي سيرتهم ومسال َ‬ ‫والجل ِ‬
‫صهم ‪  ،‬ﯮ ﯯﯰ ‪ : ‬يهديكم‬ ‫ص ِ‬‫ق َ‬ ‫بها وتقتدوا بصالحهم ‪ ،‬وتعتبروا ب َ‬
‫قها ويقبلها‬ ‫إلى سبيل التوبة ويوفقكم ويعينكم على القيام بح ّ‬
‫منكم ‪ ،‬أو يتوب عليكم ‪ :‬أي يخفف عنكم ويعفيكم من‬
‫المشقة والعنت الذي أرهق من كان قبلكم ؛ بظلمهم وتعن ِّتهم‬
‫‪  ،‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ‪ : ‬بهدايتكم وإعانتكم والتخفيف عنكم وتزكيتكم‬
‫‪  ،‬ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ‪ ‬من اليهود والنصارى والمجوس والملحدة‬
‫وغيرهم ‪ ‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ‪ ‬بالنحراف عن منهج الله والنغماس في‬
‫خضم الملذات والتمرغ في أوحال الرذائل ‪  ،‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ‪‬‬
‫ص ‪ ،‬وما جعل عليكم في الدين‬ ‫من أجل ذلك شرع لكم الّرخ َ‬
‫كم ‪.‬‬‫م بضعف ِ‬ ‫من حرج ‪ ،‬فهو تعالى علي ٌ‬
‫ة لكل زمان ومكان ‪،‬‬ ‫ة الله تعالي صالح ٌ‬ ‫ن شرع َ‬
‫من هنا فإ ّ‬
‫ة لجميع الجيال‬ ‫ة لجميع البيئات وسائر الحوال ومناسب ٌ‬ ‫ومواكب ٌ‬
‫ة‬
‫ل لها ‪ ،‬شريع ٌ‬ ‫‪ ،‬وهي امتداد لما سبقها من شرائع إلهية وإكما ٌ‬
‫ة غراء ‪ ،‬شريعة الطهر والنقاء ‪ ،‬والستقامة والكرامة ‪،‬‬ ‫سمح ٌ‬
‫والسمو والرتقاء ‪ ،‬جمعت فأوعت بين الصالة والمعاصرة ‪،‬‬
‫فهي عريقة الصول وريقة الفروع وارفة الظلل يانعة الثمار‪.‬‬
‫ف ورفع الحرِج ؛‬
‫ة على التيسير والتخفي ِ‬
‫ة مبني ٌ‬
‫وهي شرع ٌ‬
‫ي‪:‬‬‫ف النسان ّ‬‫مراعاةً للضع ِ‬
‫وقال تعالى في سورة الجاثية ‪ ‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ‬ ‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﭑ ﭑ ﭑ ﭑ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﭑ ﭑ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫] الجاثية ‪[٢٠ : ١٨‬‬ ‫‪‬‬ ‫ﯞﯟ‬

‫‪156‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫فدعا الله ‪ ‬إلي اتباع شريعته ‪ ،‬ونبذ غيرها من النظم‬
‫الوضعية التي يعتريها الخلل وتعييها العلل ‪ ،‬والتي ل تصدر إل‬
‫عن جهلء ‪ ،‬فهي مجرد أهواء ‪ ،‬وأصحابها ضعفاء ‪ ،‬ل يملكون‬
‫لنفسهم ول يملكون لغيرهم نفعا ً ول ضرا ً ‪ ،‬هذا فضل عن‬
‫انخراطهم في سلك الظالمين الضالين المضلين‪.‬‬
‫وهذ ه القوانين البشرية ل اعتبار فيها للقيم والخلق ‪ ،‬ول‬
‫تحتكم إلى الدين ‪ ،‬ول تبالي كثيرا ً بيقظة الضمير ‪ ،‬ول تهتم‬
‫بسمو الرواح ول تقصد إلى تزكية النفوس وشحذ الهمم ‪،‬‬
‫وإنما هي خليط من القوانين الجوفاء الصماء القاصرة الجائرة‬
‫‪ ،‬التي ربما وضعت لمصلحة طائفة معينة من الناس ‪ ،‬لذا‬
‫وصفها الله عز وجل في كتابه الكريم بأنها أهواء صادرة عن‬
‫الظلمة الجهلء ‪ ،‬ودعا عز وجل إلى نبذها والعراض عنها‬
‫واتباع شريعته تعالى فهي سبيل السعادة وطريق النجاة في‬
‫الدارين ‪ :‬فهي أهواء صادرة عن جهلء ولو كانوا يعقلون‬
‫لحتكموا إلى شرعة رب العالمين ‪ ،‬ولكن الهوى أعماهم‬
‫والمصالح العاجلة شغلتهم ‪ ،‬فظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم‬
‫ة لشريعة الرحمن‬ ‫حين وضعوا لهم قوانين قاصرةً جائرةً مخالف ً‬
‫‪.‬‬
‫م عادل‬
‫م فإنه نظام شامل وتشريع كامل ‪ ،‬وحك ٌ‬ ‫أما السل ُ‬
‫عي الفطرة النسانية ‪ ،‬ويحقق التوازن بين‬ ‫ج واقعي ‪ ،‬ي َُرا ِ‬
‫ومنه ٌ‬
‫مصالح الفرد والسرة والمجتمع ‪ ،‬دين العدل والنصاف ‪ ،‬دين‬
‫الطهر والعفاف ‪ ،‬دين العزة والكرامة ‪ ،‬دين التقى والستقامة‬
‫ن يعلن عن نفسه من خلل دعوته الصادقة ‪ ،‬وعقيدته‬ ‫‪ ،‬دي ٌ‬
‫الخالصة ‪ ،‬وشريعِته الغّراء ‪ ،‬وأخلقه الكريمة وآدابه الطيبة ‪،‬‬
‫ومصدر ه الصافي الوافي ‪ :‬كتاب الله وسنة نبّيه ‪.‬‬
‫قال ابن تيمية رحمه الله ‪" :‬جاءت هذ ه الشريعة لتحصيل‬
‫المصالح وتكميلها ‪ ،‬وتقليل المفاسد وتعطيلها " )‪.(15‬‬

‫‪ - 15‬السياسة الشرعية في إصلح الراعي والرعية لبن تيمية ص ‪. 47‬‬

‫‪157‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫سها‬‫وقال ابن القيم رحمه الله ‪" :‬إن الشريعة مبناها وأسا َ‬
‫حك َم ِ ومصالِح العباد في المعاش والمعاد ‪ ،‬وهي عد ٌ‬
‫ل‬ ‫على ال ِ‬
‫ل الله بين‬‫ة عد ُ‬‫ة كّلها ‪...‬والشريع ُ‬
‫ة كّلها ‪ ،‬وحكم ٌ‬
‫كّلها ‪ ،‬ورحم ٌ‬
‫ضه ‪ ،‬وحكمُته الدالة‬ ‫عباد ه ‪ ،‬ورحمُته بين خلقه ‪ ،‬وظّله في أر ِ‬
‫ة وأصدقََها " ‪. (16) .‬‬ ‫عليه ‪ ،‬وعلى صدق رسوله ‪ ‬أت ّ‬
‫م دلل ٍ‬
‫وقال صاحب الظلل ‪ ":‬إنها شريعة واحدة هي التي تستحق‬
‫هذا الوصف ‪ ،‬وما عداها أهواء منبعها الجهل ‪ .‬وعلى صاحب‬
‫الدعوة أن يتبع الشريعة وحدها ‪ ،‬ويدع الهواء كلها ‪ .‬وعليه أل‬
‫ينحرف عن شيء من الشريعة إلى شيء من الهواء ‪.‬‬
‫فأصحاب هذ ه الهواء أعجز من أن يغنوا عنه من الله صاحب‬
‫ب عليه فبعضهم ولي لبعض ‪ ،‬وهم يتساندون‬ ‫الشريعة ‪ .‬وهم إل ٌ‬
‫فيما بينهم ضد صاحب الشريعة فل يجوز أن يأمل في بعضهم‬
‫نصرة له أو جنوحا ً عن الهوى الذي يربط بينهم برباطه ‪.‬‬
‫ولكنهم أضعف من أن يؤذو ه ‪ .‬والله ولي المتقين ‪ .‬وأين ولية‬
‫ضهم بعضا ً ؛ من‬ ‫ل يتولى بع ُ‬ ‫ل مهازي ُ‬ ‫جّها ٌ‬ ‫ف ُ‬
‫من ولية؟ وأين ضعا ٌ‬
‫)‪(17‬‬
‫‪.‬‬ ‫ه ولي المتقين ؟ "‬ ‫صاحب شريعة يتول ه الل ُ‬
‫ة‬
‫ة ‪ ،‬وإرواًء للرغب ِ‬ ‫ة لنداِء الفطر ِ‬ ‫ج ‪ :‬تلبي ً‬‫م الزوا َ‬ ‫ولقد شرع السل ُ‬
‫ة التي‬‫حة ‪ ،‬وإشباعا لتلك الغريزة النسانية ‪ ،‬وبناًء للسر ِ‬ ‫المل ّ‬
‫ة في بنائه ‪.‬‬ ‫ة أساسي ً‬ ‫تعد ّ نواةً في نسيِج المجتمع ‪ ،‬ولبن ً‬
‫م ‪ ،‬له قواعد ه‬ ‫ج قوي ٌ‬ ‫م ‪ ،‬ومنه ٌ‬‫ع حكي ٌ‬ ‫والزواج في السلم تشري ٌ‬
‫المتينة وأسسه الحصينة ‪ ،‬ومقاصد ه الحكيمة وآدابه السامية‬
‫ة‪.‬‬
‫الكريم ُ‬
‫ة ‪ ،‬كما تلتقي‬
‫ة المرأ ِ‬
‫ل مع رغب ِ‬‫ة الرج ِ‬
‫وفي الزواِج تلتقي رغب ُ‬
‫ة والمجتمِع المسلم ِ ‪.‬‬ ‫ع مصالِح السر ِ‬ ‫ح الفردِ م َ‬
‫مصال ُ‬
‫‪-2-‬‬
‫ة‪.‬‬
‫ة إلهي ٌ‬
‫ج نعم ٌ‬
‫الزوا ُ‬

‫‪ - 16‬أعلم الموقعين لبن القيم ‪ 6 ،5 / 3‬باختصار ‪.‬‬


‫ة‪.‬‬
‫ب عليه ِإذا اجتمعوا عليه بالَعداو ِ‬‫‪ - 17‬في ظلل القرآن لسيد قطب ‪ ، 403 / 6‬وإ ِل ْ ٌ‬

‫‪158‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫م الت أنعم ب ا‬
‫عا ِ‬
‫ن ِمَ‬
‫ل الِّ‬
‫ة من أجِّ‬
‫ة إلةي ٌ‬
‫الزواج نعم ٌ‬
‫اللول على النس انةية ‪:‬‬
‫ﭽﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ‬ ‫قال تعالى في سورة النحل ) سورة الن َّعم (‬
‫ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﭼ ] سورة النحل ‪[72‬‬
‫م مع سائر النعم‬ ‫فأخبر تعالى عن هذ ه النعمة التي تنتظ ُ‬
‫ة دائمة‬ ‫ة في هذ ه السورة الكريمة ‪ ،‬والمؤمن في حاج ٍ‬ ‫الوارد ِ‬
‫إلى تذكر نعم ربه عليه واستحضارها في قلبه شكرا وامتنانا‬
‫كرا وتدّبرا في‬ ‫وعلى لسانه حمدا وعرفانا ‪ ،‬وفي عقله تف ّ‬
‫ق وبديع صنعه ودقائق لطفه وواسع فضله ‪.‬‬ ‫ة الخال ِ‬ ‫عظم ِ‬
‫فالزوجة من جنس الزوج ليتحقق التآلف والوئام ‪ ،‬ويدوم‬
‫م وهذا من تمام نعمته تعالى ‪ ،‬وهذا‬ ‫م النسجا ُ‬ ‫ل ويت ّ‬ ‫الوص ُ‬
‫ي هو الطريق إلى الذرّية ومن‬ ‫ي والبناُء الحيو ّ‬ ‫ج الشرع ّ‬ ‫الزوا ُ‬
‫ت‪.‬‬‫مط ّرِدِ من الطيبا ِ‬ ‫ق ال ُ‬ ‫ة النعام إمداد ُ العبادِ بالرز ِ‬ ‫تتم ِ‬
‫قال ابن عاشور ‪ " :‬الوصف بالزوج يؤذن بملزمته لخر ‪ ،‬فلذا‬
‫ص‬
‫ة الرجل ‪ ،‬وهذ ه نعمة اخت ّ‬ ‫مي بالزوج قرين المرأة وقرين ُ‬ ‫س ّ‬
‫ه على نظام‬ ‫جب َل َ ُ‬
‫بها النسان ‪ ،‬إذ ألهمه الله جعل قرين له و َ‬
‫محان له بإهمال زوجه كما ُتهمل‬ ‫محّبة وغيرة ل يس َ‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(18‬‬
‫ها "‬ ‫كورِ َ‬ ‫ف إناُثها عن ذ ُ ُ‬ ‫ت ِإناَثها وتنصر ُ‬ ‫العجماوا ُ‬
‫وقال الشيخ السعدي ‪ " :‬يخبر تعالى عن من ِّته العظيمة على‬
‫عباد ه ‪ ،‬حيث جعل لهم أزواجا ليسكنوا إليها‪ ،‬وجعل لهم من‬
‫أزواجهم أولدا تقّر بهم أعينهم ويخدمونهم‪ ،‬ويقضون‬
‫حوائجهم‪ ،‬وينتفعون بهم من وجو ه كثيرة ‪ ،‬ورزقهم من‬
‫الطيبات من جميع المآكل والمشارب‪ ،‬والنعم الظاهرة التي‬
‫ل يقدر العباد أن يحصوها‪.‬‬
‫َ‬
‫ن ‪ ‬أي‪ :‬أيؤمنون‬ ‫فُرو َ‬ ‫م ي َك ْ ُ‬‫ه هُ ْ‬‫ة الل ّ ِ‬
‫م ِ‬
‫ن وَب ِن ِعْ َ‬ ‫ل ي ُؤْ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫‪ ‬أفَِبال َْباط ِ ِ‬
‫بالباطل الذي لم يكن شيئا مذكورا ثم أوجد ه الله وليس له‬
‫من وجود ه سوى العدم فل تخلق ول ترزق ول تدبر من المر‬

‫‪ -‬التحرير والتنوير لبن عاشور ‪. 86 / 8‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪159‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫شيئا ‪ ،‬وهذا عام لكل ما عبد من دون الله فإنها باطلة فكيف‬
‫يتخذها المشركون من دون الله؟!!‬
‫ن ( يجحدونها ويستعينون بها على‬ ‫م ي َك ْ ُ‬
‫فُرو َ‬ ‫ة الل ّ ِ‬
‫ه هُ ْ‬ ‫م ِ‬
‫) وَب ِن ِعْ َ‬
‫معاصي الله والكفر به‪ ،‬هل هذا إل من أظلم الظلم وأفجر‬
‫)‪(19‬‬
‫الفجور وأسفه السفه؟ "‬
‫فالزواج نعمة من الله ‪ ،‬وآية واضحة جلّية تدل على‬
‫كمال قدرته تعالى ن ومن تمام هذ ه النعمة وكمالها أن يرزق‬
‫ة تعيُنه على طاعة الله فتسعِد ُ هُ فى دنيا ه‬ ‫ة صالح ً‬ ‫المؤمن زوج ً‬
‫ه أخرا ه ‪.‬‬ ‫وُتهنئ ُ‬
‫َ‬
‫ه‪‬‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫رو رضي الله عنهما أ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫م‬
‫ن عَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ه بْ‬‫ن عَب ْدِ الل ّ ِ‬ ‫عَ ْ‬
‫َ‬
‫ة ( )‪.(20‬‬ ‫ح ُ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫مْرأةُ ال ّ‬ ‫مَتاِع الد ّن َْيا ال ْ َ‬ ‫خي ُْر َ‬‫مَتاعٌ وَ َ‬ ‫ل ‪ ) :‬الد ّن َْيا َ‬ ‫َقا َ‬
‫مْرأ َةُ‬‫ح ال ْ َ‬ ‫ل‪ ) :‬ت ُن ْك َ ُ‬ ‫ي ‪َ ‬قا َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬‫ن أِبي هَُري َْرةَ ‪ ‬عَ ِ‬
‫وعَ َ‬
‫ْ‬
‫ن‬ ‫فْر ب ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دي ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ذا ِ‬ ‫دين َِها فاظ َ‬ ‫مال َِها‪ ،‬وَل ِ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫سب َِها‪ ،‬وَل ِ َ‬‫ح َ‬‫مال َِها‪ ،‬وَل ِ َ‬ ‫لْرب ٍَع‪ :‬ل ِ َ‬
‫ك ( )‪.(21‬‬ ‫دا َ‬ ‫ت يَ َ‬ ‫ت َرِب َ ْ‬
‫والزوجة الصالحهة من أعظم حسنات الدنيا وخير متاعها ‪،‬‬
‫ل َرب َّنا آت َِنا‬ ‫قو ُ‬ ‫من ي َ ُ‬ ‫من ُْهم ّ‬ ‫يقول المولى‪ ‬فى سورة البقرة ‪ ‬وِ ِ‬
‫ب الّناِر ‪ ] ‬البقرة‬ ‫ة وَقَِنا عَ َ‬
‫ذا َ‬ ‫سن َ ً‬
‫ح َ‬ ‫ة َ‬ ‫خَر ِ‬ ‫ة وَِفي ال ِ‬ ‫سن َ ً‬ ‫ح َ‬ ‫ِفي الد ّن َْيا َ‬
‫‪. [ 201:‬‬
‫ولقد ذكر المفسرون أن من أعظم حسنات الدنيا ‪:‬‬
‫الزوجة الصالحة )‪.(22‬‬

‫‪ -‬تيسير الكريم المنان للسعدي ص ‪444‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪ -‬روا ه المام مسلم فى صحيحه عن عبد الله بن عمرو ك الرضاع باب استحباب‬ ‫‪20‬‬

‫نكاح البكر صحيح مسلم بشرح النووى ‪ 10/56‬وروا ه البيهقى فى السنن ك النكاح‬
‫باب استحباب التزويج بذات الدين ‪.7/80‬‬
‫‪ -‬الحديث روا ه البخارى فى صحيحه عن أبى هريرة ‪ ‬ك النكاح باب الكفاء فى‬ ‫‪21‬‬

‫الدين حديث ‪ ) 5090‬فتح البارى بشرح صحيح البخارى ‪ ( 9/35‬وروا ه المام‬


‫مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة ك لنكاح باب ما يؤمر به من تزويج ذات الدين ‪،‬‬
‫صحيح مسلم بشرح النووى ‪ ، 10/51‬وروا ه أبو داود فى السنن عن أبى هريرة ك‬
‫النكاح باب ما يؤمر به من تزويج ذات الدين ح ‪ ، 2047‬سنن أبى داود ‪.2/219‬‬
‫‪ -‬يراجع ‪ :‬تفسير القرآن العظيم لبن كثير ‪ 2/577‬والجامع لحكام القرآن‬ ‫‪22‬‬

‫للقرطبى ‪ 433 ، 2/432‬والكشاف للزمخشرى ‪1/248‬‬

‫‪160‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪   ‬‬
‫فعلى المؤمنين البرار المحسنين الخيار ‪ :‬أن يحسنوا‬
‫ة‬
‫الختيار ‪ ،‬وأن يحسنوا العشرة ؛ حتى تكون حياُتهم الزوجي ُ‬
‫ة‬
‫ة ‪ ،‬آمن ً‬‫ة مرضي ً‬ ‫ة ‪ ،‬راضي ً‬ ‫ة هانئ ً‬
‫ة ‪ ،‬هادئ ً‬
‫ة كريم ً‬‫حياةً طيب ً‬
‫ح‬
‫ن ‪ ،‬وتطم ُ‬ ‫سّر بها العيو ُ‬
‫ة ‪ ،‬سعيدةً ورغيدةً ‪ ،‬تقّر لها وت ُ َ‬ ‫مطمئن ً‬
‫س ‪.‬‬‫إليها النفو ُ‬
‫ن ‪ :‬قال تعالى فى سورة الفرقان ﭽ ﮣ ﮤ‬ ‫فإن بالزواِج تقّر العيو ُ‬
‫ﮥ ﭑ ﭑ ﭑ ﭑ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﭑ ﭑ ﮰ ﭼ ] الفرقان ‪. [ 74 :‬‬
‫ل وبه تقّر‬ ‫ب الحوا ِ‬ ‫ق إلى صلِح البال وطي ِ‬ ‫ج طري ٌ‬ ‫فالزوا ُ‬
‫ة التي تسّر ه إن‬ ‫ة الناصح ِ‬ ‫ح بالصالح ِ‬ ‫ق الصال ُ‬ ‫العيون حين يرز ُ‬
‫محّياها ‪.‬‬ ‫ق ُ‬ ‫ح ل ُيفار ُ‬ ‫نظر إليها ‪ ،‬فالبشُر والسما ُ‬
‫قو ُ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫عَ َ‬
‫فاد َ‬‫ست َ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ل) َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ي ‪ ‬أن ّ ُ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬‫ة ‪ ‬عَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن أِبي أ َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ها‬ ‫مَر َ‬ ‫نأ َ‬ ‫ة إِ ْ‬ ‫ح ٍ‬ ‫صال ِ َ‬
‫ة َ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ن َزوْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫خي ًْرا ل ُ‬ ‫ه َ‬‫وى الل ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ن ب َعْد َ ت َ ْ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫م ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫طاعَته وإن نظ َر إل َيها سرته وإ َ‬ ‫َ‬
‫ب‬
‫غا َ‬‫ن َ‬ ‫ه وَإ ِ ْ‬ ‫م عَل َي َْها أب َّرت ْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ن أقْ َ‬ ‫أ َ ْ ُ َِ ْ َ َ ِ َْ َ ّ ْ ُ َِ ْ‬
‫)‪(23‬‬
‫ه(‬ ‫مال ِ ِ‬‫سَها وَ َ‬ ‫ف ِ‬
‫ه ِفي ن َ ْ‬ ‫حت ْ ُ‬ ‫ص َ‬
‫عَن َْها ن َ َ‬
‫قال المام أبو السعود ‪  " :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﭑ ﭑ ﭑ ﭑ ﮪ ﮫ ﮬ ‪‬‬
‫ن إذا ساعد ه‬ ‫ن المؤم َ‬ ‫ل ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ة وحيازة الفضائ ِ‬ ‫طاع ِ‬ ‫بتوفيقهم لل ّ‬
‫ل ‪ ،‬وشاركو ه فيها ُيسّر بهم قلُبه‬ ‫ة الله عّز وج ّ‬ ‫أهُله في طاع ِ‬
‫د ه من مشايعتهم له في مناهِج‬ ‫وتقّر بهم عيُنه ؛ لما يشاه ُ‬
‫ن ‪ ،‬وتوقِّع لحوِقهم به في الجّنة ‪ ،‬حسبما وعد بقوله‬ ‫دي ِ‬ ‫ال ّ‬
‫)‪(24‬‬
‫تعالى ‪ :‬ﮋﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮕﮖﮗﮘﮙﮊ ]الطور‪" [21 :‬‬

‫‪ - 23‬روا ه ابن ماجة في السنن سنن ابن ماجه‪َ .‬باب أفضل النساء‪ .‬حديث ‪1857‬‬
‫وقال البوصيري ِفي الَزواِئد‪ :‬في إسناد ه علي ْبن يزيد‪ ،‬قال البخاري‪ :‬منكر الحديث‪.‬‬
‫وعثمان ْبن أبي العاتكة‪ ،‬مختلف فيه‪ .‬والحديث روا ه النسائي من حديث أبي هَُري َْرة‪،‬‬
‫وسكت عليه‪ .‬وله شاهد من حديث ع َْبد الّله ْبن عمر ‪ ،‬قلت هو حسن بشواهد ه فعن‬
‫عل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ه َ‬‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ِ‬ ‫ل ل َِر ُ‬ ‫قي َ‬‫ل ِ‬‫قا َ‬ ‫ة َ‬
‫هَري َْر َ‬ ‫ن أ َِبي ُ‬ ‫ع ْ‬‫ي َ‬ ‫ر ّ‬ ‫قب ُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫د ال ْ َ‬ ‫عي ٍ‬
‫س ِ‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫ف‬‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫خا‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫م‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫طي‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫و‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ظ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫إ‬ ‫ه‬‫ر‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫تي‬‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫)ا‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ء‬‫سا‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫وسل ّم أ َ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ ِ ُ ُ ِ‬ ‫ُ ّ ُ ِ‬ ‫ْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ َ‬
‫ه ( روا ه النسائي في السنن كتهاب النكهاح‪ .‬باب أي‬ ‫ما ي َك َْر ُ‬
‫ها ب ِ َ‬ ‫مال ِ َ‬ ‫و َ‬
‫ها َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ِ‬ ‫في ن َ ْ‬ ‫ِ‬
‫النساء خير‪ .‬حديث‪ ، 3222‬وروا ه المام أحمد في المسند أحمد حديث ‪ ، 7114‬و‬
‫الحاكم في المستدرك ) ‪ ( 161 / 2‬قال الحاكم ‪ " :‬صحيح على شرط مسلم " ‪ .‬و‬
‫وافقه الذهبي ‪ .‬وروا ه البيهقي في شعب اليمان حديث ‪ 8478‬والحديث بشاهد ه‬
‫حسن ‪.‬‬
‫‪ - 24‬إرشاد العقل السليم لبي السعود ‪125 / 5‬‬

‫‪161‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫وقال المام الخازن ‪ " :‬قيل ‪ :‬ليس شيء أقّر لعين المؤمن‬
‫من أن يرى زوجته ‪ ،‬وأولد ه مطيعين لله عز وجل ‪ ،‬فيطمع‬
‫أن يحّلوا معه في الجنة فيت ّ‬
‫)‪(25‬‬
‫م سرور ه ‪ ،‬وتقّر عيُنه بذلك "‬
‫ن ولن يستريح البال إل إذا كانت الزوجة‬ ‫فلن تقر العي ُ‬
‫صالحة ‪ ،‬وصلح عباد الرحمن وزوجاتهم يترتب عليه بإذن الله‬
‫صلح الذرية ‪ ،‬وإذا كان البيت صالحا ً والحياة طيبة كان ذلك‬
‫عونا على طاعة الله وحافزا للتسابق إلى فعل الخيرات ‪،‬‬
‫ن ويسيَر فى مقدمت ِِهم ‪0‬‬ ‫م المتقي َ‬
‫ن مقا َ‬
‫حتى يبلغ المؤم ُ‬
‫وقد قيل ‪:‬‬
‫ة الولدِ‬ ‫ه على العبادِ كثيرةٌ ‪ ...‬وأجل ّهُ ّ‬
‫ن نجاب ُ‬ ‫م الل ِ‬
‫ن ِعَ ُ‬
‫يقول صاحب الظلل ‪ 000 " :‬وهذا هو الشعور الفطرى‬
‫اليمانى العميق شعور الرغبة فى مضاعفة السالكين فى‬
‫الدرب إلى الله ‪ ،‬وفى أولهم الذرية والزواج ‪ ،‬فهم أقرب‬
‫الناس تبعة وهم أول أمانة يسأل عنها الرجال ‪ ،‬والرغبة كذلك‬
‫م به الراغبون فى‬ ‫ْ‬
‫س المؤمن أنه قدوة للخير ‪ ،‬ي ُأت َ ّ‬ ‫فى أن يح ّ‬
‫الله ‪ ،‬وليس فى هذا من أثرة ول استعلء ؛ فالركب كله فى‬
‫الطريق إلى الله " )‪.(26‬‬
‫من به حياة الروح ‪،‬‬ ‫وقال المام القشيري ‪ " :‬قرة العين َ‬
‫ق الله قائما ً ‪ ،‬ويقال قرة العين‬
‫وإنما يكون كذلك إذا كان بح ّ‬
‫من كان لطاعة ربه معانقا ً ‪ ،‬ولمخالفة أمر ه مفارقا ً ‪.‬‬
‫دع ‪.‬‬
‫قَتدى به ول ي َب ْت َ ِ‬
‫ن يُ ْ‬
‫م ْ‬‫‪ ‬ﮭ ﭑ ﭑ ‪ ‬المام َ‬
‫ويقال إن الله مدح أقواما ً ذكروا رتبة المامة فسألوها بنوع‬
‫ة بالدعاء ل بالدعوى‬
‫دعوا فيها اختيارهم؛ فالمام ُ‬ ‫تضرع ‪ ،‬ولم ي ّ‬
‫)‪(27‬‬
‫‪ ،‬فقالوا ‪  :‬ﮭ ﭑ ﭑ ‪" ‬‬
‫ن الموحدين وتبتهج‬
‫فبالزوجة الصالحة والذرية الطيبة تقّر عيو ُ‬
‫سهم في دنياهم وأخراهم ‪.‬‬ ‫نفو ُ‬
‫‪ -‬لباب التأويل للخازن ‪41 / 5‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪ -‬فى ظلل القرآن للستاذ سيد قطب ‪5/2581‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪ -‬لطائف الشارات للقشيري ‪652/ 2‬‬ ‫‪27‬‬

‫‪162‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬

‫‪-3-‬‬
‫ة‪.‬‬
‫ة فطري ٌ‬
‫ج سن ٌ‬
‫الزوا ُ‬
‫م من معالم الوسطية يلئم الفطرة‬‫والزواج سنة فطرية ومعل ٌ‬
‫النسانية التى خلق الله الناس عليها وشرع لهم من الدين ما‬
‫يناسبها ‪.‬‬
‫ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ‬ ‫الروم ﭽ ﯔ ﯕ ﯖ‬ ‫قال تعالى فى سورة‬
‫‪[ 30‬‬ ‫ﯫ ﯬ ﯭ ﭼ ] الروم‬ ‫ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ويقول صاحب الظلل في تفسير هذ ه الية الكريمة "‪00‬‬
‫وبهذا يربط بين فطرة النفس البشرية وطبيعة هذا الدين ‪،‬‬
‫وكلهما من صنع الله ‪ ،‬وكلهما موافق لناموس الوجود ‪،‬‬
‫وكلهما متناسق مع الخر في طبيعته واتجاهه ‪ ،‬والله الذي‬
‫خلق القلب البشري هو الذي أنزل إليه هذا الدين ليحكمه‬
‫ومه من النحراف ‪ ،‬وهو‬ ‫ب له من المرض ويق ّ‬ ‫ويصّرفه ويط ّ‬
‫أعلم بمن خلق وهو اللطيف الخبير ‪ ،‬والفطرة ثابتة والدين‬
‫ثابت ‪ ،‬ول تبديل لخلق الله ‪ ،‬فإذا انحرفت النفوس عن‬
‫ن المتناسق مع الفطرة ‪،‬‬ ‫الفطرة لم يرّدها إليها إل هذا الدي ُ‬
‫)‪(28‬‬
‫فطرة البشر وفطرة الوجود " ‪.‬‬
‫والزواج هو السياج الذي ربط بين أبينا آدم وأمنا حواء ‪،‬‬
‫وفى ظلله نشأت السرة النسانية الولى في التاريخ التي‬
‫امتدت وتفرعت حتى ملت أقطار الرض ‪.‬‬
‫ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬ ‫ﭧﭨﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭜﭝﭞﭟﭠ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ ] النساء‪[ ١ :‬‬ ‫ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫س الواحدة هي نفس أبينا آدم ‪ ، ‬وزوجها ‪ :‬أمنا حواء ‪،‬‬‫والنف ُ‬
‫ومنهما كانت الذرية ‪.‬‬
‫عون إلي كبت الشهوات‬ ‫والذين يرغبون عن الزواج ويد ُ‬
‫وقهرها باسم " الرهبانية" إنما يخالفون شرعة الله وينكبون‬
‫عن فطرته تعالى‪.‬‬
‫‪ - 28‬في ظلل القرآن ‪5/2767‬‬

‫‪163‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪ ‬‬
‫فالسلم دين الوسطية والعتدال ‪ ،‬ل إفراط ول تفريط ل‬
‫ك ‪ ‬قال‬ ‫َ‬
‫مال ِ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫س َب ْ ِ‬ ‫و ول َتقصير ‪ :‬عن أن َ ِ‬ ‫تشدد ول تراٍخ ‪ ،‬ل غل ّ‬
‫ة‬
‫عَباد َ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫سأُلو َ‬ ‫ي ‪ ‬يَ ْ‬ ‫ت أْزَواِج الن ّب ِ ّ‬ ‫ط إ َِلى ب ُُيو ِ‬ ‫ة َرهْ ٍ‬ ‫جاَء ث ََلث َ ُ‬ ‫" َ‬
‫َ‬ ‫قا ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ن نَ ْ‬‫لوا وَأي ْ َ‬ ‫ها فَ َ‬ ‫قاّلو َ‬ ‫م تَ َ‬ ‫خب ُِروا ك َأن ّهُ ْ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ي ‪ ، ‬فَل َ ّ‬ ‫الن ّب ِ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫حد ُهُ ْ‬ ‫لأ َ‬ ‫خَر ‪َ ،‬قا َ‬ ‫ما ت َأ ّ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫ن ذ َن ْب ِ ِ‬ ‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫قد ّ َ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫فَر ل َ ُ‬ ‫ي ‪ ‬قَد ْ غُ ِ‬ ‫الن ّب ِ ّ‬
‫ُ‬
‫م الد ّهَْر وََل أفْط ُِر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫دا وََقا َ‬ ‫َ‬ ‫صّلي الل ّي ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫أَ َ‬
‫صو ُ‬ ‫خُر أَنا أ ُ‬ ‫لآ َ‬ ‫ل أب َ ً‬ ‫ما أَنا فَإ ِّني أ َ‬ ‫ّ‬
‫هّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل الل ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫جاَء َر ُ‬ ‫دا ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ج أب َ ً‬ ‫ساَء فَل أت ََزوّ ُ‬ ‫ل الن ّ َ‬ ‫خُر أَنا أعْت َزِ ُ‬ ‫لآ َ‬ ‫وََقا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه إ ِّني‬ ‫ما َوالل ّ ِ‬ ‫ذا ؟ أ َ‬ ‫ذا وَك َ َ‬ ‫م كَ َ‬ ‫ن قُل ْت ُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫ل ) أن ْت ُ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫‪ ‬إ ِل َي ْهِ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ه وَأ َت ْ َ‬ ‫َل َ ْ‬
‫صّلي وَأْرقُد ُ‬ ‫م وَأفْط ُِر وَأ َ‬ ‫صو ُ‬ ‫ه ل َك ِّني أ ُ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫قاك ُ ْ‬ ‫م ل ِل ّ ِ‬ ‫شاك ُ ْ‬ ‫خ َ‬
‫َ‬
‫مّني ( " )‪.(29‬‬ ‫س ِ‬ ‫سن ِّتي فَل َي ْ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ب عَ ْ‬ ‫ن َرِغ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ساَء فَ َ‬ ‫ج الن ّ َ‬ ‫وَأت ََزوّ ُ‬
‫والذين يرغبون عن الزواج باسم الرهبانية ‪ ،‬إنما يعدلون إلي‬
‫إرواء الشهوات بالرتماء في مستنقعات الرذيلة ‪ ،‬والتمرغ في‬
‫أوحالها باسم الرهبانية ‪ ،‬وآخرون يرغبون عنه باسم التحرر‬
‫من قيود السرة ‪ :‬هؤلء ليسوا أعداء للزواج فحسب ‪ ،‬وإنما‬
‫هم أعداٌء للفطرة ‪ ،‬أعداٌء للحرية أعداٌء للفضيلة ‪ ،‬ودعاةٌ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ف والرذيل ِ‬ ‫للتخل ِ‬

‫‪ -‬روا ه البخارى فى صحيحه واللفظ له عن أنس بن مالك ‪ ،‬كتاب النكاح باب‬ ‫‪29‬‬

‫الترغيب فى النكاح } فتح البارى ‪ 9/5‬ح ‪ 5063‬وروا ه المام مسلم فى صحيحه‬


‫عنه كتاب النكاح باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد المؤنة ] صحيح‬
‫مسلم بشرح النووى ‪ 9/175‬وروا ه المام البيهقى فى السنن ك النكاح باب‬
‫الرغبة فى النكاح ‪.7/77‬وقال ابن حجر المراد بالسنة ‪ :‬الطريقة ل التى تقابل‬
‫الفرض ‪ ،‬والرغبة عن الشئ العراض عنه إلى غير ه ‪ ،‬والمراد فمن ترك طريقتى‬
‫وأخذ بطريقة غيرى فليس منى ‪ ،‬ولمح بذلك إلى طريقة الرهبانية فإنهم الذين‬
‫ة‬
‫هَبان ِي ّ ً‬
‫وَر ْ‬‫ابتدعوا التشديد كما وصفهم الله تعالى فى سورة الحديد } َ‬
‫ق‬ ‫ح‬
‫َ ّ‬ ‫ها‬‫َ‬ ‫و‬
‫ف َ َ ْ‬
‫ع‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ما‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫وا ِ‬‫ض َ‬
‫ر ْ‬‫غاء ِ‬ ‫م إ ِّل اب ْت ِ َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه ْ‬ ‫ها َ‬‫ما ك َت َب َْنا َ‬
‫ها َ‬‫عو َ‬ ‫اب ْت َدَ ُ‬
‫ن }‪{27‬‬ ‫س ُ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ها َ‬
‫قو َ‬ ‫فا ِ‬ ‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬‫وكِثيٌر ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫جَر ُ‬
‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬
‫من ْ ُ‬
‫مُنوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫فتآت َي َْنا ال ِ‬ ‫عاي َت ِ َ‬
‫ر َ‬ ‫ِ‬
‫وقد ذمهم بأنهم ما وفوا بما التزموا ‪ ،‬وطريقة النبى ‪ ‬هى الحنفية السمحة فتح‬
‫البارى ‪ ، 9/7‬بتصرف يسير ‪ ،‬فالزواج إذا سنة فطرية ‪ ،‬وتركه انحراف عن‬
‫الفطرة السليمة وزيغ عن الطبيعة المستقيمة‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬

‫‪-4-‬‬
‫الزواج مودة ورحمة‬
‫لقد أنعم الله علينا وأحسن إلينا إذ شرع الزواج ‪ ،‬ولطف‬
‫بنا إذ جعل الزواج من جنس واحد حتى تتحقق اللفة‬
‫والمجانسة والمتعة والمؤانسة ‪ ،‬والسكينة والطمأنينة ‪،‬‬
‫والمودة والرحمة ‪ ،‬لن الجنس إلى الجنس أميل وأدعى‬
‫لللفة ‪ ،‬فكل إلف يلوذ بأليفه ويسكن إليه ‪.‬‬
‫ﭽﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ‬ ‫قال تعالى فى سورة الروم‬
‫] الروم‪[٢١ :‬‬ ‫ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ‬
‫فمن دلئل قدرته وتمام نعمته وآثار حكمته ورحمته ‪ :‬أن جعل‬
‫لكم أي من أجلكم أزواجا أي بالزواج الشرعي يقترن الرجل‬
‫بالمرأة ويعاشرها ‪) ،‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ( ‪ " 000‬ولو أنه‬
‫تعالى جعل بنى آدم كلهم ذكورا وجعل إناثهم من جنس آخر‬
‫غير جنسهم لما حصل هذا الئتلف بينهم وبين الزواج بل‬
‫كانت تحصل لهم نفرة لو كانت الزواج من غير الجنس ‪ ،‬ثم‬
‫من تمام رحمته ببنى آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم "‬
‫)‪.(30‬‬
‫قال ابن عاشور ‪ " :‬وهي آية تنطوي على عدة آيات منها ‪:‬‬
‫جعل تناسله بالتزاوج‬ ‫جعل للنسان ناموس التناسل ‪ ،‬وأن ُ‬ ‫أن ُ‬
‫ولم يجعله كتناسل النبات من نفسه ‪ ،‬وأن جعل أزواج‬
‫النسان من صنفه ولم يجعلها من صنف آخر لن التأنس ل‬
‫يحصل بصنف مخالف ‪ ،‬وأن جعل في ذلك التزاوج أنسا ً بين‬
‫الزوجين ولم يجعله تزاوجا ً عنيفا ً أو مهلكا ً كتزاوج الضفادع ‪،‬‬
‫وأن جعل بين كل زوجين مودة ومحبة فالزوجان يكونان من‬
‫قبل التزاوج متجاهلين فيصبحان بعد التزاوج متحابين ‪ ،‬وأن‬
‫جعل بينهما رحمة فهما قبل التزاوج ل عاطفة بينهما‬
‫)‪(31‬‬
‫‪.‬‬ ‫فيصبحان بعد ه متراحمين كرحمة البوة والمومة "‬
‫‪ - 30‬تفسير القرآن العظيم للمام ابن كثير ‪ 3/429‬باختصار‬
‫‪ - 31‬التحرير والتنوير لبن عاشور ‪57 / 11‬‬

‫‪165‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪   ‬‬

‫ن‬
‫‪ ‬ﮑ ﮒ ‪ : ‬أي لتميلوا إليها ‪ ،‬وتأنسوا بها ‪ ،‬فالزواج سك ٌ‬
‫ن وطمأنينة ‪.‬‬ ‫وسكينة ‪ ،‬وسكو ٌ‬
‫دي بحرف ) إلى ( ‪ ،‬أو معنى‬ ‫من ‪ ‬ﮑ ‪ ‬معنى لتميلوا فعُ ّ‬
‫وض ّ‬
‫تخلدوا إليها ‪ ،‬أو معنى تفضوا إليها ‪.‬‬
‫)ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ( ‪ :‬قال مجاهد والحسن وعكرمة ‪ :‬المودة ‪:‬‬
‫النكاح ‪ ،‬والرحمة ‪ :‬الولد ‪ ،‬كنى بذلك عنهما ‪ .‬وقيل ‪ :‬موّدة‬
‫للشابة ‪ ،‬ورحمة للعجوز ‪ .‬وقيل ‪ :‬مودة للكبير ‪ ،‬ورحمة‬
‫للصغير ‪.‬‬
‫وقال الشوكاني ‪) " :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ( أي ودادا ً وتراحما ً بسبب‬
‫عصمة النكاح ‪ ،‬يعطف به بعضكم على بعض من غير أن‬
‫يكون بينكم قبل ذلك معرفة ‪ ،‬فضل ً عن موّدة ورحمة ‪ ،‬وقال‬
‫مجاهد ‪ :‬الموّدة ‪ :‬الجماع ‪ ،‬والرحمة الولد ‪ ،‬وبه قال الحسن ‪.‬‬
‫ي ‪ :‬الموّدة ‪ :‬المحبة ‪ ،‬والرحمة ‪ :‬الشفقة ‪ .‬وقيل ‪:‬‬‫وقال السد ّ‬
‫ب الرجل امرأته ‪ ،‬والرحمة رحمته إياها من أن‬ ‫الموّدة ح ّ‬
‫)‪(32‬‬
‫‪.‬‬ ‫يصيبها بسوء ‪" .‬‬
‫وكل هذ ه المعاني محتملة ومقصودة من وراء الزواج ‪،‬‬
‫فالزواج ينشئ المودة والرحمة بين الزوجين ‪ ،‬وحتى وإن لم‬
‫يكن بينهما سابق معرفة ‪ ،‬والمودة والرحمة نعمتان عظيمتان ‪،‬‬
‫وعطيتان كريمتان من المنعم الوهاب ‪ ،‬أودعهما في قلوب من‬
‫يشاء من عباد ه ‪ ،‬وهما عنصران متبادلن بين الزوجين اللذين‬
‫ة‪‬‬
‫م ً‬
‫ح َ‬
‫موَد ّةً وََر ْ‬ ‫ل ب َي ْن َ ُ‬
‫كم ّ‬ ‫جع َ َ‬
‫يتواّدان ويتراحمان ‪ ،‬لذا قال تعالى ‪ ‬وَ َ‬
‫‪ ،‬أما السكينة فإنها تكون من المرأة لزوجها الذي يفيئ إلي‬
‫ة والحنان ‪ ،‬فيحيا‬ ‫ظلها ويجد فيها السكينة والطمئنان والعاطف َ‬
‫الزوجان معا حياة هادئة هانئة طيبة كريمة ‪ ،‬سعيدة رغيدة ‪،‬‬
‫آمنة مطمئنة ‪ ،‬راضية مرضية‪.‬‬
‫ت‬
‫ثم بين عز وجل أن هذ ه الية الكبرى تنطوي على آيا ٍ‬
‫عديدة ودلئل متنوعة ‪ ،‬ل يعقلها ول يعيها إل من يتفكر في‬

‫‪ -‬فتح القدير للشوكاني ‪464 / 5‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪166‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫ه ‪ ،‬وعجائب تصريفه ‪ :‬قال‬
‫روائع هذا الكون ودقائق صنعِ ِ‬
‫تعالى ‪ ‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ‪. ‬‬
‫فالزواج آية إلهية تدل على كمال قدرة الله ورحمته ‪،‬‬
‫وحكمته ونعمته‪.‬‬
‫والتزاوج ‪ :‬آية كونية قال الحق تبارك وتعالى فى سورة‬
‫الذاريات ﮋﯻﯼ ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﮊ الذاريات‪٤٩ :‬‬
‫ﭧﭨ‬ ‫والزواج سنة إنسانية ‪ :‬قال ‪ ‬فى سورة الفرقان‬
‫] الفرقان‪٥٤ :‬‬ ‫ﭽ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﭼ‬
‫[‬

‫ن من نطفة‬ ‫قال ابن كثير رحمه الله ‪ " :‬أي‪ :‬خلق النسا َ‬
‫دله ‪ ،‬وجعله كامل الخلقة ‪ ،‬ذكرا ً أو أنثى ‪،‬‬ ‫ضعيفة ‪ ،‬فسوا ه وعَ ّ‬
‫كما يشاء‪  ،‬ﯲ ﯳ ﯴ‪ ، ‬فهو في ابتداء أمر ه ولد نسيب‪ ،‬ثم يتزوج‬
‫فيصير صهرًا‪ ،‬ثم يصير له أصهار وأختان وقرابات‪ .‬وكل ذلك‬
‫ن َرب ّ َ‬
‫ك قَ ِ‬
‫ديًرا ‪. (33) " . ‬‬ ‫من ماء مهين؛ ولهذا قال‪  :‬وَ َ‬
‫كا َ‬
‫ل قدرته تعالى ‪.‬‬ ‫فالزواج من دلئ ِ‬
‫ﭧ‬ ‫ة نبوية ‪ :‬قال تعالى في سورة الرعد‬
‫والزواج سن ٌ‬
‫ﭨ ﭽ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﭼ ]الرعد‪[ ٣٨ :‬‬

‫ق الزوجة والذرية عن حقوق الله ‪ ،‬كما لم‬ ‫فلم ت ُل ِْهه ْ‬


‫م حقو ُ‬
‫تشغلهم حقوق الزوجات والعيال عن حقوق الله تعالى ‪ ،‬ولقد‬
‫ضرب نبّينا ‪ ‬أروع المثلة في الوفاء بسائر الحقوق والقيام‬
‫بجميع المهام على وجه الكمال والتمام ‪.‬‬
‫قال القشيري ‪ " :‬أي أرسلنا رسل ً من قبلك إلى قومهم ‪،‬‬
‫فلم يكونا ِإل من جنسك ‪ ،‬وكما لك أزواج وذرية كانت لهم‬
‫أزواج وذرية ‪ ،‬ولم يكن ذلك قادحا ً في صحة رسالتهم ‪ ،‬ول تلك‬
‫ن من اشتغ َ‬
‫ل بالله ‪ ،‬فكثرةُ‬ ‫العلقات كانت شاغلة لهم ‪ .‬ويقال إ ّ‬
‫م الشغال ل تؤثر في حاله؛ ول يضّر ه ذلك " )‪.(34‬‬‫ل وتراك ُ‬ ‫العيا ِ‬
‫‪-5-‬‬
‫‪ -‬تفسير القرآن العظيم لبن كثير ‪130 /6‬‬ ‫‪33‬‬

‫‪ -‬لطائف الشارات للقشيري ‪56 / 4‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪167‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫ج‪.‬‬‫ن للفر ِ‬ ‫ج تحصي ٌ‬ ‫الزوا ُ‬
‫ض للبصر‬‫غب فيه لما فيه من غ ّ‬ ‫دعا السلم إلى الزواج ور ّ‬
‫ن للفرج ‪ ،‬من الفاحشة ‪ ،‬وما يترتب عليها من أمراض‬ ‫وتحصي ٍ‬
‫ة للزواِج فعليه أن‬‫ن وسيل ً‬‫جنسية فتاكة ‪ ،‬فإذا لم يجد النسا ُ‬
‫صن بالصبر ويتحلى بالعفاف حتى يغنيه الله من فضله ‪.‬‬ ‫يتح ّ‬
‫وتأمل معي أيها القارئ الكريم ‪ :‬قوَله تعالى في سورة النور‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭼ ]النور‪[٣٢ :‬‬

‫فبعد الحديث عن جريمة الزنا وبشاعتها وعقوبتها الرادعة ‪،‬‬


‫ق يفضي إليها ‪ :‬دعا‬‫ب وسد ّ كل طري ٍ‬ ‫والدعوة إلى إغلق ك ّ‬
‫ل با ٍ‬
‫مم ِ الحلل الطيب ‪ ،‬ورغب فيه وأمر بتفتيح‬ ‫تعالى إلى تحّري وتي ّ‬
‫ة والنجاة‬ ‫أبوابه وتمهيد طرقه وتسهيل سبله فإنه سبي ُ‬
‫ل العصم ِ‬
‫ة‬
‫والعزة والكرامة والطهر والستقام ِ‬
‫قال تعالى ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭼ‬
‫] النور‪[٣٢ :‬‬

‫واليامى ‪ :‬جمع أّيم ‪ ،‬والّيم من ل زوج له ‪،‬‬


‫صن لهم‬ ‫رجل كان أو امرأة ‪ " ،‬وخص الصالحين ليح ّ‬
‫دينهم ويحفظ عليهم صلحهم ‪ ... ،‬وقيل ‪ :‬معنى "‬
‫والصالحين " أي للنكاح والقيام بحقوقه " )‪ ، (35‬أو لن‬
‫تحققهم من صلحهم قد يحمل الولياء على الغفلة عن‬
‫ة‪.‬‬‫تزويجهم بحجة أنهم صالحون أتقياء ل ُيخشى عليهم الفتن ُ‬
‫قال ابن عاشور ‪ ... " :‬والمعنى ‪ :‬ل يحملكم تحقق‬
‫صلحهم على إهمال إنكاحهم لنكم آمنون من وقوعهم في‬
‫الزنى ‪ ،‬بل عليكم أن تزوجوهم رفقا ً بهم ودفعا ً لمشقة‬
‫العنت عنهم ‪ ،‬فيفيد أنهم إن لم يكونوا صالحين كان تزويجهم‬
‫آكد أمرا ً ‪ ،‬وهذا من دللة الفحوى فيشمل غير الصالحين غيَر‬
‫فاء ‪.(36) " .‬‬‫الع ّ‬
‫ل الله ‪" : ‬‬ ‫ل رسو ُ‬ ‫ل‪ :‬قا َ‬‫عن أبي هريرةَ ‪ ‬قا َ‬
‫ل‬
‫سِبي ِ‬‫د في َ‬ ‫ه ُ‬‫جا ِ‬
‫م َ‬
‫م‪ :‬ال ُ‬
‫ه ْ‬
‫ون ُ ُ‬
‫ع ْ‬
‫ق على الله َ‬ ‫ح ّ‬
‫ة َ‬ ‫ث َل َث َ ٌ‬

‫‪ - 35‬البحر المحيط لبي حيان ‪309 / 8‬‬


‫‪ - 36‬التحرير والتنوير ‪475 / 9‬‬

‫‪168‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪ ‬‬
‫ذي‬ ‫ح ال ّ ِ‬‫ء‪ ،‬والّناك ِ ُ‬
‫دا َ‬
‫د ال َ‬
‫ري ُ‬ ‫ب ال ّ ِ‬
‫ذي ي ُ ِ‬ ‫م َ‬
‫كات َ ُ‬ ‫الله‪ ،‬وال ُ‬
‫)‪(37‬‬
‫ف‪.".‬‬‫فا َ‬ ‫ع َ‬
‫د ال َ‬
‫ري ُ‬
‫يُ ِ‬
‫وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال‪ :‬أطيعوا‬
‫الله فيما أمركم به من النكاح‪ ،‬ينجز ]لكم[ ما وعدكم‬
‫من الغنى‪ ،‬قال‪  :‬ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ‪ ، ‬قال عمر ‪: ‬‬
‫عجبت لمن يبتغي الغنى في بغير النكاح ‪ -‬وقرأ هذ ه‬
‫الية ‪ .‬وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال ‪:‬‬
‫)‪(38‬‬
‫التمسوا الغنى في النكاح ‪ ،‬وتل هذ ه الية‪.‬‬
‫ﭧﭨﮋﭥﭦﭧ ﭨﭩﭪ ﭫﭬﭭ ﭮﭯﮊ النور‪٣٣ :‬‬
‫قال عكرمة في قوله‪ } :‬ﭥﭦﭧﭨﭩ{ قال‪ :‬هو الرجل‬
‫يرى المرأة فكأنه يشتهي‪ ،‬فإن كانت له امرأة فليذهب‬
‫إليها وليقض )‪ (7‬حاجته منها‪ ،‬وإن لم يكن له امرأة‬
‫فلينظر في ملكوت السموات ]والرض[ )‪ (8‬حتى يغنيه‬
‫الله‪.‬‬
‫)‪(39‬‬

‫ َ عن‬
‫د للع اجزين‬ ‫ق ال أبلو السعلود ‪  " :‬ﭥ ‪ ‬إرش ا ٌ‬
‫حىرى بم‬ ‫هلو أول لم وأرْ‬ ‫ب ا إل م ا ُ‬ ‫ح وأسب اهِ‬ ‫نحاك اا ِ‬
‫د ئ الِّ‬ ‫مب ائِ‬
‫رْ ف‬
‫ء ‪ ،‬أي لةيجتهد‬ ‫فرقىرائِ‬
‫ة القُ‬ ‫من اكحئِ‬ ‫زُ‬ ‫ن جلواهِ‬ ‫د بةي اهِ‬‫‪ ،‬بع ِمَ‬
‫ح أو ل‬ ‫ة ‪ ‬ﭦﭧﭨﭩ‪ ‬أي أسب ا َ‬
‫ب نحاك ا ٍ‬ ‫شهلوئِ‬‫ع الةَّ‬ ‫ة وقما ِ‬ ‫فئِ‬‫عةَّ‬
‫الئِ‬
‫ ٌ‬
‫دة‬ ‫ع ِمَ‬
‫ل )ﭪﭫﭬﭭﭮﭯ( ئِ‬ ‫ينحاكح به من ال اهِ‬ ‫مم ا ُ‬‫حاكنلون ّ‬ ‫يتمةَّ‬
‫فهم‬
‫ف لم ف استعف ائِ‬ ‫غىن ولط ٌ‬ ‫ل علةيهم ب الئِ‬ ‫تفضهِ‬ ‫ة ب الةَّ‬ ‫كىري ٌ‬
‫له تع ال أول‬ ‫ن فض َ‬‫ن بأةَّ‬ ‫ة لرقللوبم وإيذا ٌ‬ ‫وترقلوي ٌ‬
‫)‪(40‬‬
‫‪.‬‬ ‫ء"‬ ‫صلح ائِ‬ ‫ء وأدن من الُّ‬ ‫ب العف ائِ‬
‫ة لهذا المعنى ذلك‬ ‫ة مقررةً ومبين ً‬
‫ة النبوي ُ‬
‫ولقد جاءت السن ُ‬
‫ءةَ‬ ‫من ْك ُ ُ‬
‫م الَبا َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ست َ َ‬
‫طا َ‬ ‫نا ْ‬ ‫شَر ال ّ‬ ‫ع َ‬ ‫يقول ‪َ) ‬يا َ‬
‫م ِ‬
‫ب َ‬
‫شَبا ِ‬ ‫م ْ‬
‫ه ‪َ - ‬با ُ‬
‫ب‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫سو ِ‬
‫‪ -‬الحديث روا ه الترمذي في السنن أبواب فضائل الجهاد عن َر ُ‬
‫‪37‬‬

‫هم‪ .‬حديث ‪ ، 1706‬وقال هذا‬ ‫ه إّيا ُ‬


‫ن الل ِ‬
‫ب والّناكِح وعو ِ‬
‫مجاهدِ والمكات ِ‬
‫جاَء في ال ُ‬‫ما َ‬
‫َ‬
‫ن‪ .‬وروا ه النسائي في السنن كتاب النكاح‪ .‬باب معونة الله الناكح الذي‬ ‫ث حس ٌ‬ ‫حدي ٌ‬
‫يريد العفاف‪ .‬حديث ‪ ، 3209‬وروا ه عبد الرزاق في مصنفه والبيهقي في الشعب ‪:‬‬
‫مصنف عبد الرزاق ‪ 259 / 5‬حديث ‪ ، 9542‬وسنن الكبرى للبيهقي ‪. 78 / 7‬‬
‫‪ - 38‬تفسير القرآن العظيم لبن كثير ‪6/51‬‬
‫‪ - 39‬تفسير القرآن العظيم لبن كثير ‪6/51‬‬
‫‪ - 40‬إرشاد العقل السليم ‪. 4/56‬‬

‫‪169‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫غض ل ِل ْبصر‪ ،‬وأ َ‬ ‫فإن ّه أ َ‬
‫ن لَ ْ‬
‫م‬ ‫م ْ‬
‫و َ‬
‫ج‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫فر‬ ‫ن ل ِل ْ‬
‫)‪ِ (41‬‬ ‫ُ‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ج‪ُ ِ َ ،‬‬ ‫فل ْي َت ََز ّ‬
‫و ْ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫ء(‬‫جا ٌ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬‫م‪َ ،‬‬ ‫و ِ‬
‫ص ْ‬ ‫ه ِبال ّ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ع َ‬
‫ف َ‬ ‫طي ْ‬‫ست َ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫فينبغي المبادرة والتعجيل بتزويج صاحب الدين وإزالة كل‬
‫العقبات التي تقف في طريق الزواج لما في ذلك من صلح‬
‫للفرد والمجتمع ‪.‬‬
‫ن للجسم من المراض الوبائية الفتاكة‬ ‫والزواج ‪ :‬تحصي ٌ‬
‫ن‬
‫ة النسا ِ‬ ‫ة لصح ِ‬ ‫التي تنتج عن ممارسة الرذيلة كما أنه وقاي ٌ‬
‫ة‬
‫ت الخاطئ ُ‬ ‫وته من أن تستنزَفها الممارسا ُ‬ ‫ظ على ق ّ‬ ‫وحفا ٌ‬
‫ت الضاّرةُ ‪ ،‬وكما يقولون ‪ :‬الوقاية خير من العلج‪.‬‬ ‫والعادا ُ‬
‫ل‪:‬‬ ‫قا َ‬ ‫ه ‪ ‬فَ َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل عَل َي َْنا َر ُ‬ ‫ل أ َقْب َ َ‬ ‫مَر ‪َ ‬قا َ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ه بْ‬‫ن عَب ْدِ الل ّ ِ‬ ‫عَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫هأ ْ‬ ‫عوذ ُ ِبالل ّ ِ‬ ‫ن وَأ ُ‬ ‫م ب ِهِ ّ‬ ‫س إ َِذا اب ْت ُِليت ُ ْ‬ ‫م ٌ‬ ‫خ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ج ِ‬ ‫مَها ِ‬ ‫شَر ال ْ ُ‬ ‫مع ْ َ‬ ‫َيا َ‬
‫حّتى ي ُعْل ُِنوا ب َِها إ ِّل‬ ‫ط َ‬ ‫ة ِفي قَوْم قَ ّ‬
‫ٍ‬ ‫ش ُ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫م ت َظ ْهَْر ال ْ َ‬ ‫ن ‪ :‬لَ ْ‬ ‫كوهُ ّ‬ ‫ت ُد ْرِ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫سَلفِهِ ْ‬ ‫ت ِفي أ ْ‬ ‫ض ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ت َك ُ ْ‬ ‫جاعُ ال ِّتي ل َ ْ‬ ‫ن َواْلوْ َ‬ ‫عو ُ‬ ‫طا ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫شا ِفيهِ ْ‬ ‫فَ َ‬
‫ُ‬
‫ن إ ِّل أ ِ‬
‫ن‬
‫سِني َ‬ ‫ذوا ِبال ّ‬ ‫خ ُ‬ ‫ميَزا َ‬ ‫ل َوال ْ ِ‬ ‫مك َْيا َ‬ ‫صوا ال ْ ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫م ي َن ْ ُ‬ ‫وا وَل َ ْ‬ ‫ض ْ‬‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫طان عَل َيهم ول َم يمنعوا ز َ َ‬
‫م‬
‫وال ِهِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫كاةَ أ ْ‬ ‫ِْ ْ َ ْ َ ْ َُ َ‬ ‫سل ْ َ ِ‬ ‫جوِْر ال ّ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫مُئون َ ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫شد ّ ِ‬ ‫وَ ِ‬
‫مط َُروا وَل َ ْ‬
‫م‬ ‫م يُ ْ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ماِء وَل َوَْل ال ْب ََهائ ِ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫قط َْر ِ‬ ‫من ُِعوا ال ْ َ‬ ‫إ ِّل ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫م عَد ُّوا ِ‬ ‫ه عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ط الل ّ ُ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه إ ِّل َ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫ه وَعَهْد َ َر ُ‬ ‫ضوا عَهْد َ الل ّ ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫ي َن ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫م ب ِك َِتا ِ‬ ‫مت ُهُ ْ‬ ‫م أئ ِ ّ‬ ‫حك ُ ْ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ديهِ ْ‬ ‫ما ِفي أي ْ ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ذوا ب َعْ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫م فَأ َ‬ ‫غَي ْرِهِ ْ‬
‫م( )‪. (42‬‬ ‫ل الل ّ ْ‬ ‫ما أ َن َْز َ‬
‫م ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫سهُ ْ‬ ‫ه ب َأ َ‬ ‫ُ‬ ‫جع َ َ‬ ‫ه إ ِّل َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫خي ُّروا ِ‬ ‫ه وَي َت َ َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ولقد امتدح الله عباد ه المؤمنين الذين يحفظون فروجهم عن‬
‫الحرام ‪ ،‬ويتحصنون بالحلل الطيب ﭧﭨﭽﭦﭧ ﭨﭩﭪ ﭫﭬﭭ ﭮﭯﭰﭱ‬
‫]المؤمنون‪ ، ٧ – ٥ :‬والمعارج ‪. [31-29‬‬ ‫ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭼ‬

‫‪ - 41‬روا ه البخارى فى صحيحه عن عبد الله بن مسعود ‪ ‬ك‪-‬النكاح باب قول النبى ‪‬‬
‫من استطاع الباءة فليتزوج‪ -‬ح ‪5065‬وروا ه مسلم فى صحيحه ك النكاح باب استحباب‬
‫الزواج لمن تاقت نفسه إليه ووجد الموؤنة صحيح مسلم بشرح النووى ‪. 9/172‬‬
‫‪ - 42‬روا ه ابن ماجة في السنن واللفظ له عن ابن عمر باب العقوبات‪ .‬حديث ‪4019‬‬
‫وقال البوصيري في الزوائد‪ :‬هذا حديث صالح للعمل به‪ .‬وقد اختلفوا في ابن أبي مالك‬
‫وأبيه‪.‬وروا ه البيهقي في شعب اليمان عنه حديث ‪ ، 3163‬وروا ه الطبراني في الكبير‬
‫عن ابن عباس )‪ ،(11/45‬وصححه اللباني في صحيح الجامع )‪ ، (3242‬وفي صحيح‬
‫الترغيب والترهيب )‪.(765‬‬

‫‪170‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫وفي تكرار هذ ه اليات بلفظها في سورتين كريمتين وفي‬
‫مكرمين ما‬‫سياق الحديث عن المؤمنين المفلحين الوارثين ال ُ‬
‫ب في الزواِج فهو السبي ُ‬
‫ل إلى‬ ‫ظ الفرِج ‪ ،‬ويرغّ ُ‬
‫ة حف ِ‬
‫ُيقرُر أهمي َ‬
‫تحصين وحفظ الفرج بالحلل الطّيب ‪.‬‬
‫‪-6-‬‬
‫ة العراض ‪.‬‬
‫ج وحماي ُ‬
‫الزوا ُ‬
‫من المقاصد السامية التي ينشدها السلم من وراء الزواج‬
‫ة العراض ‪ ،‬فالسلم دين الطهر والعفاف ‪ ،‬والعدل‬ ‫‪ ،‬حماي ُ‬
‫والنصاف ‪ ،‬والعزة والكرامة والتقى والستقامة‪.‬‬
‫ولقد جاء السلم بتشريعات حكيمة وآداب قويمة تهدف‬
‫إلي حماية العراض وصيانة الحرمات‪.‬‬
‫غب فيه لنه هو العلقة‬ ‫فلقد شرع السلم الزواج ور ّ‬
‫م‬
‫الشرعية التى تجمع بين الرجل والمرأة الجنبية ‪ ،‬وهو تكري ٌ‬
‫و وارتقاٌء بهما‪.‬‬
‫م ّ‬
‫لهما وس ُ‬
‫ط للنساب‬ ‫وحرم الزنا لما فيه من هتك للعراض وخل ٍ‬
‫ت كما حرم قذف المحصنات الغافلت‬ ‫وتعد ّ على الحرما ِ‬
‫المؤمنات ‪ ،‬وحرم الغيبة وغيرها من ألوان القدح والطعن‬
‫والسخرية بالخرين ‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫‪-6-‬‬
‫ة للنسل ‪.‬‬
‫الزواج حماي ٌ‬
‫كما أن الزواج سلمة للجسم وسعادة للنفس وتحصين‬
‫للفرج وحماية للعرض وإرواء وإشباع للعواطف فهو أيضا ً‬
‫حماية للنسل ‪ ،‬إذ أنه الطريق الشرعي للتناسل والتكاثر ‪0‬‬
‫ﭽﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍ‬ ‫قال تعالى في سورة النحل‬
‫ﰎ ﰏﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﭼ ] النحل‪[ ٧٢ :‬‬
‫قال القشيري ‪ " :‬لما أراد الحق‪ -‬سبحانه ‪ -‬بقاء الجنس هيأ َ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ن على‬
‫م ّ‬
‫سبب التناسب والتناسل لستيفاء مثل الصل ‪ ،‬ثم َ‬
‫ل بتقدير ه على‬‫البعض بخْلق البنين ‪ ،‬وابتلى قوما ً بالبنات ‪ -‬ك ّ‬
‫ما يشاء " )‪.(43‬‬
‫وقال ابن عاشور ‪ " :‬فأنعم الله على النسان بحفظ‬
‫سلسلة نسبه بسبب ضبط الحلقة الولى منها ‪ ،‬وهي كون‬
‫أبنائه من زوجه ثم كون أبناء أبنائه من أزواجهم ‪ ،‬فانضبطت‬
‫سلسلة النساب بهذا النظام المحكم البديع ‪..(44) " .‬‬
‫ل النعم وأحّبها إلى النفوس‬ ‫ة من أج ّ‬ ‫فبالزواج تتحق نعم ٌ‬
‫ة الولد ومن ورائهم الحفاد ‪ ،‬فيشعر النسان‬ ‫تلك هي نعم ُ‬
‫بالسعادة والراحة والمان ‪ ،‬لهذا المتداد الشرعي له ‪ ،‬وبتلك‬
‫ن ‪.‬‬ ‫صلة في الوجدا ِ‬ ‫ة المتأ ّ‬ ‫العاطف ِ‬
‫ي ‪ ‬فقال‪:‬‬ ‫ل إَلى الّنب َّ‬ ‫ج ٌ‬ ‫جاَء َر ُ‬ ‫ساٍر ‪ ‬قال‪َ " :‬‬ ‫ن يَ َ‬ ‫لب ِ‬ ‫معْقِ ِ‬ ‫عن َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جَها ؟‬
‫ب وَأن َّها ل ت َل ِد ُ أفأت ََزوّ ُ‬ ‫س ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫ما ٍ‬ ‫ج َ‬ ‫ت َ‬ ‫مَرأةً َذا َ‬ ‫تا ْ‬ ‫صب ْ ُ‬
‫إ ِّني أ َ‬
‫جوا‬
‫ة فقال‪ :‬ت ََزوّ ُ‬ ‫م أ ََتا هُ الّثال ِث َ َ‬ ‫ة فَن ََها هُ ‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫م أ ََتا هُ الّثان ِي َ َ‬‫قال‪ :‬ل َ ‪ ،‬ث ُ ّ‬
‫م " )‪. (45‬‬ ‫م َ‬‫كم ال ْ َ‬ ‫كاث ٌِر ب ِ ُ‬
‫م َ‬ ‫الودود ال ْوَُلود َ ‪ ،‬فإ ِّني ُ‬

‫‪ - 43‬لطائف الشارات للقشيري ‪308/ 2‬‬


‫‪ - 44‬التحرير والتنوير ‪86 / 8‬‬
‫‪ - 45‬روا ه أبو داود فى السنن عن معقل بن يسار ك النكاح باب النهى عن‬
‫تزويج من لم يلد من النساء ح ‪ 2/220-2050‬وروا ه النسائي فى السنن عن‬
‫معقل بن يسار ك النكاح باب كراهية تزويج العقيم ‪ 2/72‬وروا ه الحاكم فى‬
‫المستدرك عنه وصححه ووافقه الذهبى ‪. 2/162‬‬

‫‪172‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪ ‬‬
‫والزواج أيضا هو الطريق الشرعي الطبيعي لنقل الصفات‬
‫الوراثية من الصول إلي الفروع ‪ ،‬لذا شرع السلم الزواج‬
‫وحرم الزنا لما فيه من هتك للعراض وتدنيس للشرف‬
‫واعتداء على الحرمات ‪ ،‬وكثرة اللقطاء مجهولي النسب‬
‫ج‬
‫م ‪ ،‬فهم ثمرةٌ للقاٍء محّرم ٍ ونتا ٌ‬ ‫ب ول أ ّ‬
‫حيث ل يعرف لهم أ ٌ‬
‫ل المرأةُ سفاحا حتى‬ ‫ة أفرغت في غير موضِعها ‪ ،‬لتحم َ‬ ‫لشهو ٍ‬
‫ص منه‬ ‫فته في خرقة ‪ ،‬وسارعت إلى الخل ِ‬ ‫إذا وضعت حملها ل ّ‬
‫ن‬
‫؛ فرارا من العار ‪ ،‬فتلقي به في جنح الظلم ‪ ،‬فى ميدا ٍ‬
‫معقدا ً‬
‫ّ‬ ‫ل مقيم ٍ ‪ ،‬ليلتقطه أحد ُ السابلة فينشأ‬ ‫م أو سبي ٍ‬
‫عا ّ‬
‫محروما ً ممقوتا موصوما بالعار الذي ل ذنب له فيه ‪ ،‬وإنما‬
‫الذنب على أبيه وأمه اللذين اجتمعا على حرام فكان هذا‬
‫الولد ثمرةً ل مرحبا بها بعد هذا اللقاِء الثم ‪.‬‬
‫ومما ل مراء فيه ‪ :‬أن وضع العقبات والعراقيل أمام الزواج‬
‫س في انتشار العلقات غير الشرعية بين الرجال‬ ‫عام ٌ‬
‫ل رئي ٌ‬
‫ة من القيم الصيلة‬ ‫والنساء ‪،‬سّيما في المجتمعات المتحرر ِ‬
‫ة وتنتقل كثيٌر‬‫ض الوبائي ُ‬
‫والداب الفاضلة ‪ ،‬حينئذ تكثر المرا ُ‬
‫ة ‪ ،‬فضل ً عن انخفاض نسبة المواليد كما تنبئ‬ ‫منها إلي الذري ِ‬
‫)‪(46‬‬
‫‪0‬‬ ‫عن ذلك الحصائيات في المجتمعات الغربية‬

‫‪-7-‬‬
‫‪.‬‬ ‫ة للمال‬
‫الزواج حماي ٌ‬
‫فبالزواج ينتفع بالمال من يستحقه من زوجة أو ولد أو أب أو‬
‫أخت أو أخ أو غير ذلك من ذوي القربي‪.‬‬

‫‪ - 46‬وعلى سبيل المثال بدأت دول أوروبا تعاني من إحصاء الولدات الجمالية في البلد‬
‫فيشير إلي أن عهدد الطفال المولودين عام ‪ 1994‬م بلغ ‪ 770‬ألف مولود أي أقل‬
‫بمقدار ‪ 29‬ألف مولود عن عام ‪1994‬م ‪ ،‬ويطلق المركز التحادي للحصاء علي‬
‫المجتمع اللماني مجتمع العجائز أو مجتمع كبار السن وهذا يؤثر سلبا ً علي الجيل العامل‬
‫الذي يدفع الضرائب لصناديق التقاعد ‪ ،‬ولذا لجأت ألمانيا إلي سد هذا العجز عن طريق‬
‫المهاجرين من الروس وذوي الصول اللمانية وغيرهم مهن الجانب الحاصلين علي‬
‫الجنسية اللمهانية والبالغ عهددهم ‪ 7‬مليون شخص ‪-‬مجلة منار الهدي ‪ -‬ع ‪ 55‬ص ‪1418‬‬
‫هه ) مجلة صادرة من بيروت ‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪   ‬‬
‫وبالزواج ينتقل المال بعد موت صاحبه إلى أقرب الناس إليه‬
‫در ه‬
‫وأكثرهم نفعا ‪ ،‬ولقد فرض السلم نظام المواريث وق ّ‬
‫بميزان دقيق عادل ل مجال فيه للمحاباة أو المجاملت أو‬
‫التحايل ‪ ،‬ولول الزواج ما كانت السرة ‪ ،‬ولول السرة لض ّ‬
‫ل‬
‫المال طريقه ‪ ،‬ووقع في يد من ل يستحقه ‪ ،‬وحين يضمن‬
‫النسان انتقال ماله إلى من يستحقه من ذوي قرابته فإنه‬
‫ط ويحافظ على هذا المال ‪ ،‬كذلك يجتهد البناء‬ ‫جدٍ ونشا ٍ‬
‫يعمل ب ِ ِ‬
‫في حماية مال أبيهم في حياته وفي تنميته لنهم يعرفون أنهم‬
‫الورثة الشرعيون لهذا المال ‪.‬‬
‫ﭧﭨﮋﭑﭒﭓ ﭔﭕﭖﭗ ﭘﭙﭚﭛ ﭜﭝﭞﭟ ﭠ ﭡﭢﭣ ﭤﭥﮊ النساء‪٧ :‬‬
‫ة وبّين ذلك‬‫ولقد شرع الله تعالى المواريث وفرض النصب َ‬
‫قا لمدى القرابة من المّيت ‪ ،‬فهم أولى من‬
‫في كتابه الكريم وف ً‬
‫غيرهم ‪.‬‬
‫قه‬
‫ك أن حماية المال ‪ ،‬وضمان وصوله إلى من يستح ّ‬ ‫ول ش ّ‬
‫من مقاصد التشريع السلمي ‪ ،‬فحفظ المال من الكليات‬
‫الخمس التي جاء الشرع بحفظها ‪.‬‬
‫‪-8-‬‬
‫ع العواطف النسانية ‪.‬‬
‫الزواج وإشبا ُ‬
‫خلق الله النسان ‪ ،‬وأودع فيه من العواطف والغرائز ما‬
‫يتناسب مع فطرته ومهمته ‪ ،‬وأنعم عليه بالزواج ‪ ،‬ليروي ظمأ هَ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل من معين المودة والرحمة ‪ ،‬ويحيا في ظلل‬ ‫ي ‪ ،‬وينه َ‬
‫العاطف ّ‬
‫وارفة من التآلف والتعاطف ‪ ،‬فبالزواج إشباع للعاطفة وإرواء‬
‫لغريزة من أقوى العواطف والغرائز وبالزواج يستمتع الزوجان‬
‫جسديا ً وعاطفيا بشهوة تروي الوجدان وتمتع الحواس وتطرب‬
‫القلوب وتفتح البواب لعواطف كثيرة ‪ ،‬تنمو وتترعرع في‬
‫ظلل الحلل الطيب الذي يحفظ للنسان كرامته وإنسانيته‪.‬‬
‫فهذ ه عاطفة البوة وعاطفة البنوة وعاطفة الخوة تلك‬
‫العواطف توثق عرى المحبة والتعاون بين أفراد السرة ‪،‬‬
‫والزواج أيضا ً هو السبيل لشباع أقوى العواطف النسانية وهي‬

‫‪174‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫عاطفة المومة فالم تجد سعادتها ونشوتها البالغة في الحمل‬
‫م وليدها إلى‬‫ت سعادتها حين تض ّ‬
‫والوضع وإن من أروع لحظا ِ‬
‫صدرها وتغمُر ه بحنانها وتقّر عينها بقدومه فتنسى ك ّ‬
‫ل ما مّر بها‬
‫من مشقة وعناء ومخاطر وآلم‪.‬‬
‫دها ‪:‬‬ ‫ب ول َ‬
‫م تداع ُ‬‫قالت أ ّ‬
‫ح الخزامي في البلد‬ ‫ح الولدِ ‪ ...‬ري ُ‬ ‫يا حّبذا ري ُ‬
‫ّ‬
‫أهكذا كل ولد ‪ ...‬أم لم تلد ْ قبِلي أحد !!‬
‫ب معّبرا عن عاطفته نحو أبنائه‬ ‫وقال أ ٌ‬
‫ض‬
‫ِ‬ ‫الر‬ ‫على‬ ‫شي‬ ‫ِ‬ ‫تم‬ ‫دنا‬
‫ُ‬ ‫أكبا‬ ‫‪...‬‬ ‫حنا‬
‫ُ‬ ‫أروا‬ ‫دنا‬
‫ُ‬ ‫أول‬ ‫وإنما‬
‫مض‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫غ‬‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ َ‬ ‫عيني‬ ‫لمتنعت‬ ‫‪...‬‬ ‫عضهم‬ ‫َْ‬ ‫ب‬ ‫على‬ ‫ح‬
‫إن هَّبت الري ُ‬
‫تلك العواطف ما كانت لتنبت وتنمو نباتا ً حسنا ونماء طبيعيا ً ‪،‬‬
‫ما كانت لتأجج وتستعر ‪ ،‬ما كانت لتتدفق وتنهمر‪ :‬إل بالزواج‬
‫وها الطبيعي في‬‫فهو السبيل إلي إشباِع هذ ه العواطف ونم ّ‬
‫ة الذي جاء بما ينميها ويهذبها‬ ‫ة السوي ّ ِ‬
‫رحاب السلم ِ دين الفطر ِ‬
‫ويرقى بها ‪.‬‬
‫يقول صاحب الظلل ‪ 00 ":‬والناس يعرفون مشاعرهم‬
‫تجا ه الجنس الخر ‪ ،‬وتشغل أعصابهم ومشاعرهم تلك الصلة‬
‫بين الجنسين ‪ ،‬وتدفع خطاهم وتحرك نشاطهم تلك المشاعر‬
‫المختلفة النماط والتجاهات بين الرجل والمرأة ‪ ،‬ولكنهم قّلما‬
‫يتذكرون يد َ الله التى خلقت لهم من أنفسهم أزواجا ‪ ،‬وأودعت‬
‫سهم هذ ه العواطف والمشاعر ‪ ،‬وجعلت فى تلك الصلة‬ ‫نفو َ‬
‫سكنا للنفس وراحة للجسم والقلب ‪ ،‬واستقرارا ً للحياة‬
‫والمعاش وأنسا للرواح والضمائر واطمئنانا للرجل والمرأة‬
‫على السواء ‪ ،‬والتعبير القرآنى اللطيف الرقيق يصور هذ ه‬
‫العلقة تصويرا ً موحيا ً ‪ ،‬وكأنما يلتقط صورة من أعماق القلب‬
‫ة‬
‫م ً‬
‫ح َ‬‫وَر ْ‬
‫ة َ‬
‫ودّ ً‬‫م َ‬
‫كم ّ‬‫ل ب َي ْن َ ُ‬‫ع َ‬
‫ج َ‬
‫و َ‬
‫ها َ‬ ‫سك ُُنوا إ ِل َي ْ َ‬‫وأغوار الحس ‪ ‬ل ِت َ ْ‬
‫ن ‪ ‬فيدركون حكمة‬ ‫فك ُّرو َ‬‫وم ٍ ي َت َ َ‬ ‫ت لّ َ‬
‫ق ْ‬ ‫ك َلَيا ٍ‬ ‫في ذَل ِ َ‬
‫ن ِ‬ ‫إِ ّ‬
‫ق للخر ‪،‬‬ ‫الخالق فى خلق كل من الجنسين على نحو مواف ٍ‬
‫ب لحاجته الفطرية ‪ :‬نفسية وعقلية وجسدية بحيث يجد‬ ‫مل ّ‬
‫عند ه الراحة والطمأنينة والستقرار ‪ ،‬ويجد فى اجتماعهما‬
‫السكن والكتفاء والمودة والرحمة ‪ ،‬لن تركيبهما النفسى‬
‫والعصبي والعضوى ملحوظ فيه تلبية رغائب كل منهما فى‬

‫‪175‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫الخر ‪ ،‬وائتلفهما فى النهاية لنشاء حياة جديدة تتمثل فى‬
‫جيل جديد ‪. (47) ( 000‬‬
‫حرص السلم على إشباع هذ ه العاطفة النسانية وإروائها من‬
‫بحر الزواِج ‪.‬‬
‫ل على ذلك من حديث رسول الله ‪) : ‬لم ن ََر( وفي‬ ‫ول أد ّ‬
‫ح (‪. (48) .‬‬ ‫ل الن ّ َ‬
‫كا ِ‬ ‫مث ْ َ‬‫ن ِ‬ ‫حاّبي ِ‬ ‫مت َ َ‬ ‫رواية )لم ي َُر( )ل ِل ْ ُ‬
‫وحديث بريرة وشفاعته ‪ ‬شفقة ورحمة بزوجها‬
‫‪ ،‬ورجاؤ ه أن ترجع إليه ‪ :‬حينما ُأعتقت فرفضت العودة‬
‫إلى زوجها مغيث فطلب النبي ‪ ‬منها أن ترجع لزوجها‬
‫لكنها أبت واعتذرت لرسول الله ‪ ‬بلطف ‪:‬‬
‫َ‬
‫ل لَ ُ‬
‫ه‬ ‫دا ي َُقا ُ‬ ‫ن عَب ْ ً‬ ‫ريَرةَ َ‬
‫كا َ‬ ‫ج بَ ِ‬
‫ن َزوْ َ‬ ‫س‪ ‬أ ّ‬ ‫عَّبا ٍ‬ ‫ن‬
‫ن ا َب ْ ِ‬ ‫فع َ ِ‬
‫َ‬
‫سي ُ‬
‫ل‬ ‫ه تَ ِ‬ ‫موعُ ُ‬ ‫كي ‪ ،‬وَد ُ ُ‬ ‫خل َْفَها ي َب ْ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫طو ُ‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫ث ك َأّني أن ْظ ُُر إ ِل َي ْ ِ‬ ‫مِغي ٌ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫ج ُ‬ ‫س أل َ ت َعْ َ‬ ‫س " َيا عَّبا ُ‬ ‫ي ‪ ‬ل ِعَّبا ٍ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫ه ‪ ،‬فََقا َ‬ ‫حي َت ِ ِ‬‫عَلى ل ِ ْ‬
‫مِغيًثا " ‪ ،‬فََقا َ‬
‫ل‬ ‫ريَرةَ ُ‬ ‫ض بَ ِ‬ ‫ن ب ُغْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ريَرةَ ‪ ،‬وَ ِ‬ ‫ث بَ ِ‬ ‫مِغي ٍ‬ ‫ب ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫مُرِني ؟‬ ‫ه ت َأ ُ‬ ‫ل الل ّ ِ‬‫سو َ‬ ‫ت َيا َر ُ‬ ‫ه " ؟ َقال َ ْ‬ ‫جعْت ِ ِ‬ ‫و َرا َ‬ ‫ي ‪ " ‬لَ ْ‬ ‫النب ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ة لي ِفي ِ‬ ‫ج َ‬ ‫حا َ‬‫ت لَ َ‬ ‫ع " ‪َ ،‬قال َ ْ‬ ‫شَف ُ‬ ‫ما أَنا أ ْ‬ ‫ل " إ ِن ّ َ‬ ‫َقا َ‬
‫)‪(49‬‬

‫‪ - 47‬فى ظلل القرآن ‪.5/2763‬‬


‫‪ -48‬حديث صحيح ‪ :‬روا ه ابن ماجة في السنن كتاب النكاح َباب ما جاء في فضل النكاح ‪ 2/853‬الحديث‬
‫حْيح ورجاله ثقات‪ .‬وروا ه الحاكم في المستدرك عنه‬
‫ص ِ‬
‫رقم‪ 1847 :‬وقال البوصيري ِفي الَزواِئد‪ :‬إسناد ه َ‬
‫كتاب النكاح ‪ 174 / 2‬حديث ‪ 2677‬و قال "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ‪ ،‬ولم يخرجا ه لن‬
‫سفيان بن عيينة ومعمر بن راشد أوقفا ه عن إبراهيم بن ميسرة على ابن عباس "‪ ،‬وقال الذهبي في‬
‫التلخيص "روا ه معمر وابن عيينة عن إبراهيم موقوفا "‪ ،‬وروا ه البيهقي في السنن عنه في النكاح‬
‫‪ 13835‬وروا ه الطبراني في المعجم الكبير ‪ 11/17‬حديث ‪ 10895‬وفي الوسط ‪ 3/282‬حديث ‪3153‬‬
‫وروا ه ابن النجار بسند ه عن جابر رضي الله عنه ونصه عن جابر قال‪ :‬جاء رجل إلى النبي ‪ ‬فقال‪ :‬يا‬
‫رسول الله عندنا يتيمة خطبها رجلن موسر ومعسر‪ ،‬وهي تهوى المعسر ونحن نهوى الموسر‪ ،‬فقال‬
‫رسول الله ‪ : ‬لم ي َُر للمتحاّبين مثل النكاح‪) .‬ابن النجار(‪.‬كما في كنز العمال ‪ 16/690‬حديث ‪45597‬‬
‫وفي البيان والتعريف ‪ 166 /2‬حديث ‪ ، 1385‬قال " سببه أخرج أبو علي الحسن بن شاذان في مشيخته‬
‫وابن النجار في تاريخ بغداد عن جابر بن عبد الله ‪ ‬قال جاء رجل إلى النبي ‪ ‬فقال يا رسول الله عندنا‬
‫يتيمة قد خطبها رجلن موسر ومعسر وهي تهوى المعسر ونحن نهوى الموسر فقال رسول الله ‪ ‬لم ير‬
‫للمتحابين مثل النكاح " وأورد ه السيوطي في كتابه أسباب ورود الحديث ‪ 1/155‬وأورد ه اللباني في‬
‫السلسلة الصحيحة ‪ 2/196‬حديث ‪ 624‬وقال حديث صحيح ‪.‬‬
‫‪ -49‬روا ه البخاري في صحيحه ‪ -‬كتاب الطلق ‪ -‬باب‪ :‬شفاعة النبي ‪ ‬على زوج بريرة‪ - 3/419 .‬الحديث‬
‫‪ 5283‬وروا ه النسائي في السنن كتاب آداب القضاة باب شفاعة الحاكم للخصوم قبل فصل الحكم‬
‫‪ 8/178‬الحديث رقم‪ 5417 :‬وروا ه أبو داود في السنن أبواب الطلق ‪ -‬باب في المملوكة ُتعَتق وهي تحت‬
‫حّر أو عبد ‪ 2/136‬الحديث رقم‪2231 :‬‬ ‫ُ‬

‫‪176‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪ ‬‬
‫ة للبخاري بسند ه عنه رضي الله عنهما قال ‪" :‬‬ ‫وفي رواي ٍ‬
‫ريَرةَ ‪ -‬ك َأ َّني أ َن ْظ ُُر‬
‫ج بَ ِ‬ ‫ن ‪ -‬ي َعِْنى َزوْ َ‬ ‫ث عَب ْد ُ ب َِنى فُل َ ٍ‬‫مِغي ٌ‬
‫ك ُ‬‫َذا َ‬
‫)‪(50‬‬
‫كي عَل َي َْها "‬ ‫ة ‪ ،‬ي َب ْ ِ‬
‫دين َ ِ‬
‫م ِ‬‫ك ال ْ َ‬
‫سك َ ِ‬
‫ه ي َت ْب َعَُها في ِ‬‫إ ِل َي ْ ِ‬

‫‪ -50‬صحيح البخاري كتاب الطلق‪ -‬باب‪ :‬خيار المة تحت العبد‪ 3/419‬الحديث رقم ‪5281،5282 :‬‬

‫‪177‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪   ‬‬
‫‪-9-‬‬
‫و الخل ق ‪.‬‬
‫الزواج وسم ّ‬
‫لشك أن الزواج رمز للسمو والرتقاء ‪ ،‬والعفة والطهارة ‪،‬‬
‫فهو شرعة ربانية ‪ ،‬وسنة فطرية ‪ ،‬وسبيل إلي السكينة‬
‫والطمأنينة والمودة والرحمة والتعاون والتضامن ‪ ،‬فهو منهج‬
‫غب‬‫قويم ومسلك حكيم وخلق كريم ‪ ،‬ولذا دعا إليه السلم ور ّ‬
‫ث على تيسير ه ‪ ،‬وحّرم السفاح ودعا إلي إغلق جميع‬ ‫فيه وح ّ‬
‫أبوابه وسد ّ منافذ ه لما فيه من ضرر جسيم وخطر عظيم‬
‫وجرم كبير وشر مستطير ‪.‬‬
‫فبالزواج تسكن العواطف ‪ ،‬وتأنس النفوس ‪.‬‬
‫ب‬‫ب رحي ٌ‬ ‫ف من ينابيع المودة والرحمة ‪ ،‬وبا ٌ‬ ‫ع صا ٍ‬‫والزواج نب ٌ‬
‫ق‬
‫ب الخل ِ‬ ‫ن على تهذي ِ‬ ‫ّ‬
‫من أبواب التفكر ‪ ،‬وفي هذا كله خيُر معي ٍ‬
‫ع‬
‫ب ‪ ،‬نب ٌ‬‫ة للقل ِ‬
‫ن للروِح ‪ ،‬سكين ٌ‬ ‫س ‪ ،‬فهو سكو ٌ‬
‫ة النف ِ‬ ‫‪ ،‬وتزكي ِ‬
‫ض للخلق قال تعالى ﭽ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬ ‫ض للرحمة ‪ ،‬ورو ٌ‬ ‫للعاطفة ‪ ،‬في ٌ‬
‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ ] الروم‪. [ ٢١ :‬‬

‫ن ‪ ] :‬السكون‬ ‫ة من الرياحي ِ‬‫فلقد جمعت هذ ه الية طاق ً‬


‫ل ذلك من‬ ‫والسكينة ‪ ،‬والمودة والرحمة ‪ ،‬ثم التفكر [ ‪ ،‬وك ّ‬
‫ض بها ‪.‬‬
‫ب النفوس وترويضها وتزكيتها والنهو ِ‬ ‫دواعي تهذي ِ‬

‫‪-10-‬‬
‫ق إلى الكمال ‪.‬‬
‫الزواج طري ٌ‬
‫كما أنه ل غنى بالليل عن النهار ول بالنهار عن الليل فلك ّ‬
‫ل‬
‫ه في الوجود ‪ ،‬ومن نعم الله علينا أن خلقهما ولو‬ ‫ه وأهميت ُ ُ‬
‫مهمت ُ ُ‬
‫شاء الله تعالى لجعل الدنيا كلها ليل أو نهارا ً ‪ ،‬وقال تعالى فى‬
‫سورة القصص ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ‬ ‫ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫] القصص‪[ ٧٣ - ٧١ :‬‬ ‫ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮂﮃﮄﮅﮆ ﮇﮈﮉ ﮊﭼ‬
‫ﮜﮝﮞﮟﮠ‬ ‫ﮘﮙﮚﮛ‬ ‫ﭽﮖﮗ‬ ‫وقال تعالى فى سورة الليل‬
‫] الليل‪[٤ – ١ :‬‬ ‫ﮡﮢﮣ ﮤﮥ ﭑﭼ‬

‫‪178‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫فكما أن الليل والنهار صنوان وشقيقان فكذلك الذكر والنثى‬
‫ل ( )‪. (51‬‬ ‫جا ِ‬ ‫ق الّر َ‬ ‫قائ ِ ُ‬‫ش َ‬ ‫ساُء َ‬ ‫ما الن ّ َ‬ ‫ولقد قال ‪) ‬إ ِن ّ َ‬
‫ولقد أودع الله في الرجل الميل العاطفي إلي المرأة وأودع‬
‫في المرأة الميل للرجل والحاجة إليه فالمرأة تركن إلي زوجها‬
‫ل منهما مهمته وطبيعته التي‬ ‫والرجل يفيئ إلي زوجته ‪ ،‬ولك ّ‬
‫تستقيم وتتلءم وتتواءم وتكمل الخر‪.‬‬
‫والزواج يفتح للرجل والمرأة آفاقا جديدة وأبوابا ً عديدة‬
‫ومجالت واسعة للجر والثواب‪ ،‬والذي ينتج عن حسن‬
‫المعاشرة ورعاية الحقوق والصبر على الزوجة والولد ‪ ،‬فكما‬
‫أن الزواج تآلف وتعاطف وتلحم وتراحم وتكامل وتكافهل‬
‫ل يساهم بقدر طاقته ‪ ،‬ولكل‬ ‫وتعاون وتضامن بين الزوجين ك ّ‬
‫مهمته ووظيفته ‪ ،‬كما أن الزواج هو الطريق لهذا التكامل بين‬
‫الزوجين فهو الطريق إلي كمال الدين ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ن أ َِبي هَُري َْرةَ ‪َ ‬قا َ‬
‫ن‬‫مِني َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫م ُ‬ ‫ه ‪ ) ‬أك ْ َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ل َقا َ‬ ‫عَ ْ‬
‫)‪(52‬‬
‫قا ( ‪.‬‬ ‫خل ُ ً‬ ‫م ُ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫سن ُ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ماًنا أ ْ‬‫ِإي َ‬
‫قل ًْبا َ‬ ‫وقال رسول الله ‪ ) ‬ل ِيت ّ ِ َ‬
‫ساًنا‬‫ول ِ َ‬ ‫شاك ًِرا ‪َ ،‬‬ ‫م َ‬ ‫حدُك ُ ْ‬ ‫خذْ أ َ‬ ‫َ‬
‫ر اْل ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة(‬ ‫خَر ِ‬ ‫عَلى أ ْ‬
‫م ِ‬ ‫م َ‬ ‫حدَك ُ ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫عي ُ‬ ‫ة تُ ِ‬ ‫من َ ً‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫ة ُ‬ ‫ج ً‬ ‫و َ‬ ‫وَهز ْ‬
‫ذاك ًِرا ‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫)‪(53‬‬

‫والمؤمن يثاب على كل عمل صالح يتأتى من الحياة الزوجية ‪،‬‬


‫حتى اللقاء بين الزوجين يأجر عليه بصدق نيته والتزامه بالداب‬
‫والحكام التي دعا إليها السلم‬

‫‪ - 51‬جزء من حديث روا ه المام أبو داود فى سننه عنها ك الطهارة فى الرجل يجد البلة‬
‫فى منامه حديث ‪ ، 236‬وروا ه المام الترمذى فى سننه عن عائشة باب الطهارة باب ما‬
‫جاء في من يستيقظ فيرى بلل حديث ‪ ، 113‬وروا ه الدارمى فى السنن عن أنس بن‬
‫مالك كتاب الطهارة باب فى المرأة ترى فى منامها ما يرى الرجل حديث ‪ 764‬و‬
‫الحديث بمجموع طرقه صحيح كما ذكر الشيخ أحمد شاكر فى تعليقه على سنن الترمذى‬
‫‪. 1/189‬‬
‫‪ - 52‬الحديث روا ه الترمذى فى سننه عن عائشة رضى الله عنها كتاب اليمان باب‬
‫ماجاء فى استكمال اليمان حديث ‪ 2612‬وقال الترمذى حديث صحيح ‪000‬وأخرجه‬
‫المام أحمد فى مسند ه ‪ 99، 6/47‬وروا ه النسائى فى عشرة النساء حديث ‪272‬‬
‫‪ - 53‬روا ه أحمد في مسند ه عن ثوبان ‪ -  5/282‬والترمذي في السنن ك تفسير القرآن‬
‫باب ومن سورة التوبة حديث ‪ 3094‬وقال هذا حديث حسن‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫ض َ‬
‫ة(‬ ‫ق ٌ‬‫صدَ َ‬ ‫م َ‬ ‫دك ُ ْ‬‫ح ِ‬ ‫عأ َ‬ ‫في َب ُ ْ ِ‬ ‫و ِ‬‫وفى الحديث يقول ‪َ ) ‬‬
‫ل الل ّ َ‬
‫ن لَ ُ‬
‫ه‬ ‫كو ُ‬ ‫وي َ ُ‬
‫ه َ‬ ‫وت َ ُ‬
‫ه َ‬‫ش ْ‬ ‫حدَُنا َ‬ ‫ه أَيأِتي أ َ‬ ‫ِ‬ ‫سو َ‬ ‫قاُلوا ‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫حَرام ٍ أ َ‬
‫كا َ‬ ‫في َ‬ ‫ها ِ‬ ‫ع َ‬‫ض َ‬ ‫و َ‬ ‫و َ‬‫م لَ ْ‬ ‫ل ) أَرأي ْت ُ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫جٌر ؟ َ‬ ‫ها أ ْ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫ن لَ ُ‬
‫ه‬ ‫كا َ‬‫ل َ‬ ‫حَل ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ها ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ض َ‬‫و َ‬ ‫ذا َ‬‫ك إِ َ‬ ‫فك َذَل ِ َ‬ ‫وْهزٌر ؟ َ‬ ‫ها ِ‬‫في َ‬‫ه ِ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫َ‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(54‬‬
‫جًرا (‬ ‫َ‬
‫أ ْ‬
‫والمؤمن يثاب على كل عمل صالح يترتب على الزواج ‪،‬‬
‫فإن رزق بذرية فأحسن تأديبها وتربيتها كانت له ُزخرا ً يوم‬
‫القيامة ‪ ،‬وإن ُرزَِء فى أحد أولد ه فصبر واحتسب كان له جزيل‬
‫حرم من نعمة الولدِ فصبر واحتسب نال أعظم‬ ‫الثواب ‪ ،‬وإن ُ‬
‫الجر ‪.‬‬
‫ويحضرني في هذا المقام ‪ :‬ما أورد ه المام أبو حامد الغزالي‬
‫في الحياء قال ‪ :‬كان بشر بن الحرث من العباد الزهاد ولكنه‬
‫كان معرضا ً عن الزواج فإذا عوتب في ذلك قال ‪ :‬ما يمنعنى‬
‫من التزويج إل قوله تعالى ﮋ ﮘﮙﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮊ ]سورة البقرة ‪[228‬‬

‫وروي أنه رؤى في المنام بعد موته ‪ ،‬فقيل له ما فعل الله بك‬
‫؟ فقال رفعت منزلتي في الجنة لكنى لم أبلغ منازل المتأهلين‬
‫‪ ،‬وفي رواية قال لي ربي ما كنت أحب أن تلقاني عزبا ً ‪ ،‬قال‬
‫فقلنا له ما فعل أبو نصر التمار؟ فقال رفع فوقي بسبعين‬
‫درجة ‪ ،‬قلنا بماذا ؟ فقد كنا نراك فوقه ؟ قال بصبر ه على بنياته‬
‫والعيال )‪0 (55‬‬
‫وفي الحياء أيضا ‪ :‬يقول المام الغزالي حكي أن أحد‬
‫الصالحين كان معرضا ً عن التزويج برهة من دهر ه ‪ ،‬فانتبه من‬
‫نومه ذات يوم وقال زّوجوني زّوجوني فزّوجو ه ‪ ،‬فسئل عن‬
‫ذلك فقال ‪ :‬لعل الله يرزقني ولدا ً ويقبضه فيكون لي مقدمة‬
‫في الخرة ثم قال رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت‬
‫وكأني في جملة الخلئق في الموقف وبي من العطش ما كاد‬
‫أن يقطع عنقي وكذا الخلئق في شدة العطش والكرب ‪،‬‬

‫‪ - 54‬الحديث روا ه المام مسلم فى صحيحه عن أبى ذر الغفارى كتاب الزكاة باب بيان‬
‫أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف حديث ‪. 1006‬‬
‫‪ - 55‬إحياء علوم الدين للغزالي ‪2/24‬‬

‫‪180‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪ ‬‬
‫ن يتخللون الجمع وعليهم مناديل من نور‬ ‫فنحن كذلك إذ ِولدا ٌ‬
‫وبأيديهم أباريق من فضة وأكواب من ذهب ‪ ،‬وهم يسقون‬
‫الواحد بعد الواحد يتخللون الجمع ويتجاوزون أكثر الناس ‪،‬‬
‫فمددت يدي إلي أحدهم ‪ ،‬وقلت اسقني فقد أجهدني العطش ‪،‬‬
‫فقال ليس لك فينا ولد إنما نسقي آباءنا ‪ ،‬قلت ‪ :‬ومن أنتم ؟‬
‫)‪(56‬‬
‫فقالوا نحن من مات من أطفال المسلمين ‪.‬‬
‫‪-11-‬‬
‫ ق غلي ٌ‬
‫ظ‪.‬‬ ‫الزواج ميثا ٌ‬
‫ج عقد جليل الخطر عظيم الشأن وقد وصفه الله تعالى‬ ‫الزوا ُ‬
‫ة هذا‬
‫ة على حرم ِ‬‫في كتابه الكريم بأنه ميثهاق غليهظ ‪ ،‬دلل ً‬
‫ق وواجبات ‪.‬‬‫ب وحقو ٍ‬‫العقد ولما يترتب عليه من أحكام ٍ وآدا ٍ‬
‫قال تعالي فى سورة النساء ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ ] النساء‪[٢١ – ٢٠ :‬‬

‫فنهى الله عز وجل عن ظلم المرأة وهضم ِ حقوقها وحرمانها‬


‫ن للعشرة ونسيان للمودة ‪،‬‬ ‫من صداِقها ‪ ،‬ففي ذلك كفرا ٌ‬
‫ونقض لذلك الميثاق الغليظ الذي أخذ ه الرجل على نفسه حين‬
‫م‬‫عقد بها أن يحسن معاشرتها وأن يتقي الله فيها ‪ ،‬وأن تدو َ‬
‫ة بينهما ‪ ،‬لكن إذا تبين للرجل بعد الصبر والتجمل استحالة‬ ‫اللف ُ‬
‫العشرة مع زوجته وأخفق في تقويمها ولم يكن بد ّ من الفراق‬
‫ق وأن يسّرحها بمعروف ‪.‬‬ ‫قها في الصدا ِ‬‫فعليه أن يوفّيها ح ّ‬
‫ن وتذكر‬ ‫وهكذا تخاطب الية الكريمة المشاعَر والوجدا َ‬
‫ة عاشها مع زوجته ‪ ،‬أفضى إليها‬ ‫ة سعاد ٍ‬‫ل لحظ ِ‬‫ل بك ّ‬
‫الرج َ‬
‫صفا التي مّرت وبقيت‬ ‫وأفضت إليه ‪ ،‬يذكر القرآن بأوقات ال ّ‬
‫قها ‪ ،‬أل يدور‬ ‫ق أن يوفي لتلك المرأة ح ّ‬ ‫ة أل تستح ّ‬ ‫ت جميل ٍ‬‫ذكريا ٍ‬
‫في ذاكرته إل مشاهد الّنكد مع تلك الزوجة التي كرهها !‬

‫‪ - 56‬الحياء ‪ 2/28‬ولمزيد بيان فى هذا الموضوع يراجع كتابى الصبر عند فقد الولد ط‬
‫دار السلم بالقاهرة‬

‫‪181‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫ة ‪ ،‬فضل‬ ‫ة ل يمكن أن تخلو من أوقات ممتع ٍ‬ ‫ة زوجي ٍ‬
‫ي حيا ٍ‬‫إن أ ّ‬
‫ك بمعروف أو تسريح‬ ‫عن قيامها على مبدأ أساسي ‪ :‬إمسا ٌ‬
‫ن‪.‬‬‫بإحسا ٍ‬
‫ت الجميلة والليالي الطّيبة‬ ‫من هنا كان التذكيُر بهذ ه الذكريا ِ‬
‫ب الزوِج ‪.‬‬‫كرها يرقق قل َ‬ ‫ل تذ ّ‬
‫التي جمعت بين الزوجين ع ّ‬
‫َ‬
‫ف‬
‫ض ُيطي ُ‬‫َوما ٍ‬ ‫ت‬‫ذكَريا ِ‬‫ل ال ِ‬ ‫وصدق من قال ‪ :‬أ َ‬
‫جل َبيَننا ُرس ُ‬
‫ع َيجود )‪.(57‬‬ ‫دم ٌ‬
‫وَ َ‬
‫َ‬
‫ت وَوُد ّ َلي َ‬
‫س‬ ‫من فَ َ‬
‫قد ُ‬ ‫عَ ّ‬ ‫ض ب ِهِ‬
‫ت َوفاٌء أست َِعي ُ‬
‫ذكَريا ِ‬
‫في ال ِ‬
‫)‪(58‬‬
‫‪.‬‬ ‫ق ُ‬
‫ل‬ ‫َينت َ ِ‬
‫ت‬
‫ن العهد ونع َ‬ ‫يقول القشيري رحمه الله ‪ " :‬يعلمهم حس َ‬
‫ة واسترداد َ المال‬ ‫ع الفرق َ‬ ‫شرة ‪ ،‬فيقول ل تجم ْ‬ ‫الكرم في العِ ْ‬
‫ت واحدة مال ً كثيرا ً ثم‬ ‫خوّل ْ َ‬‫ن َ‬ ‫عليها ‪ ،‬فإن ذلك ت َْر ُ‬
‫ك الكرم؛ فإ ْ‬
‫جفوتها بالفراق فما آتيتها َيسيٌر في جنب ما أ َذ َقَْتها من الفراق ‪.‬‬
‫ة أكيدةً‬ ‫قوله ‪  :‬ﭤ ﭥ‪ :  . . . .‬يعني أن للصحبة السالفة حرم ً‬
‫ق " )‪.(59‬‬ ‫ب الميثا ِ‬ ‫ذمام ِ ‪ ،‬وأوُفوا بموج ِ‬ ‫ة ال ّ‬ ‫فوا عند مراعا ِ‬ ‫ق ُ‬‫‪ ،‬فَ ِ‬
‫وتأمل كيف يعبر القرآن الكريم عن ذلك اللقاء الزوجي هذا‬
‫التعبير الدقيق الرقيق ‪ ‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‪ ‬فعبر عن ذلك المر‬
‫بالفضاء كأن كّل منهما ُيفضي إلى الخر ‪ ،‬عن ابن عباس قال‪:‬‬
‫كني عما يشاء)‪. (60‬‬ ‫ن الله كريم ي َ ْ‬ ‫الفضاء المباشرة‪ ،‬ولك ّ‬
‫ل‪،‬‬‫خا ٍ‬
‫ضٍع َ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫و كُ ّ‬ ‫ضاِء ‪ ،‬وَهُ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م ْ‬‫ل ِ‬‫قال ابن العربي ‪ " :‬أ َفْعَ ُ‬
‫ْ‬
‫خل ْوَةُ ب َي ْن َك ُ ْ‬‫ت ال ْ َ‬ ‫ه ‪ ،‬وَقَد ْ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ل ‪ :‬وَك َي ْ َ‬‫قا َ‬ ‫فَ َ‬
‫)‪(61‬‬
‫ن؟"‬ ‫م وَب َي ْن َهُ ّ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ذون َ ُ‬ ‫ف ت َأ ُ‬
‫‪.‬‬
‫وقال ابن كثير ‪ " :‬أي‪ :‬وكيف تأخذون الصداق من المرأة وقد‬
‫ت إليك‪ .‬قال ابن عباس‪ ،‬ومجاهد‪ ،‬والسدي‪،‬‬ ‫ض ْ‬
‫أفضيت إليها وأف َ‬
‫وغير واحد‪ :‬يعني بذلك الجماع‪. (62) " .‬‬
‫البيت لمير الشعراء أحمد شوقي‬ ‫‪- 57‬‬
‫البيت للشاعر أحمد الزين‬ ‫‪- 58‬‬
‫لطائف الشارات للقشيري ‪1/323‬‬ ‫‪- 59‬‬
‫تفسير الطبري ‪214 / 3‬‬ ‫‪- 60‬‬
‫أحكام القرآن لبن العربي ‪250 / 2‬‬ ‫‪- 61‬‬
‫تفسير القرآن العظيم لبن كثير ‪244 / 2‬‬ ‫‪- 62‬‬

‫‪182‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫وقال الزمخشري ‪ :‬الميثاق الغليظ حق الصحبة والمضاجعة‬
‫‪ ،‬كأنه قيل ‪ :‬وأخذن به منكم ميثاقا ً غليظا ً ‪ ،‬أي بإفضاء بعضكم‬
‫إلى بعض ‪ .‬ووصفه بالغلظ لقوته وعظمه ‪ ،‬فقد قالوا ‪ :‬صحبة‬
‫عشرين يوما ً قرابة ‪ ،‬فكيف بما يجري بين الزوجين من التحاد‬
‫والمتزاج؟ انتهى كلمه ‪. (63) .‬‬
‫وقال الرازي ‪ " :‬قوله ‪  :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ‪ ‬كلمة تعجب ‪ ،‬أي‬
‫لي وجه ولي معنى تفعلون هذا؟ فانها بذلت نفسها لك‬
‫وجعلت ذاتها لذتك وتمتعك ‪ ،‬وحصلت اللفة التامة والمودة‬
‫الكاملة بينكما ‪ ،‬فكيف يليق بالعاقل أن يسترد منها شيئا ً بذله‬
‫لها بطبية نفسه؟ إن هذا ل يليق ألبتة بمن له طبع سليم وذوق‬
‫مستقيم ‪. (64) . .‬‬
‫وقال البيضاوي ‪  :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ‪ ‬إنكار لسترداد المهر‬
‫والحال أنه وصل إليها بالملمسة ودخل بها وتقرر المهر ‪  .‬ﭫ‬
‫ﭬ ﭭ ﭮ ‪ ‬عهدا ً وثيقا ً ‪ ،‬وهو حق الصحبة والممازحة ‪ ،‬أو ما أوثق‬
‫الله عليهم في شأنهن بقوله ‪ } :‬ﭑﮪﮫﮬﮭﭑ { أو ما أشار إليه‬
‫ه ‪ ،‬واستحللُتم‬
‫ة الل ِ‬ ‫النبي ‪ ‬بقوله ‪ » :‬أخذتموه ّ‬
‫ن بأمان ِ‬
‫ه « )‪. (65‬‬
‫ة الل ِ‬
‫ن بكلم ِ‬
‫جهُ ّ‬
‫فرو َ‬
‫وقال صاحب الظلل ‪ " :‬ويدع الفعل ‪ } :‬ﭧ{ بل مفعول‬
‫محدد ‪ .‬يدع اللفظ مطلقا ً يشع كل معانيه ويلقي كل ظلله‬
‫ويسكب كل إيحاءاته ‪ .‬ول يقف عند حدود الجسد وإفضاءاته ‪.‬‬
‫بل يشمل العواطف والمشاعر والوجدانات والتصورات‬
‫والسرار والهموم والتجاوب في كل صورة من صور التجاوب ‪،‬‬
‫يدع اللفظ يرسم عشرات الصور لتلك الحياة المشتركة آناء‬
‫الليل وأطراف النهار وعشرات الذكريات لتلك المؤسسة التي‬
‫ب إفضاء ‪.‬‬ ‫ضمتهما فترة من الزمان ‪ . .‬وفي كل اختلجة ح ّ‬
‫وفي كل نظرة ود ّ إفضاء ‪ ،‬وفي كل لمسة جسم إفضاء وفي‬
‫‪ - 63‬الكشاف للزمخشري ‪258 /1‬‬
‫‪ - 64‬التفسير الكبير لفخر الدين الرازي ‪16 /10‬‬
‫‪ - 65‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي ص ‪442‬‬

‫‪183‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫كل اشتراك في ألم أو أمل إفضاء ‪ ،‬وفي كل تفكر في حاضر‬
‫أو مستقبل إفضاء ‪ .‬وفي كل شوق إلى خلف إفضاء ‪ ،‬وفي كل‬
‫التقاء في وليد إفضاء ‪. .‬‬
‫كل هذا الحشد من التصورات والظلل والنداء والمشاعر‬
‫والعواطف يرسمه ذلك التعبير الموحي العجيب ‪ } :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪ { ‪ . .‬فيتضاءل إلى جوار ه ذلك المعنى المادي الصغير‬
‫ويخجل الرجل أن يطلب بعض ما دفع وهو يستعرض في خياله‬
‫وفي وجدانه ذلك الحشد من صور الماضي وذكريات العشرة‬
‫في لحظة الفراق السيف!‬
‫ثم يضم إلى ذلك الحشد من الصور والذكريات والمشاعر‬
‫عامل ً آخر من لون آخر ‪ ‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ‪" . ‬‬
‫)‪(66‬‬
‫‪.‬‬

‫وبيان ذلك‪ :‬أن الزوجة قبل عقد النكاح محرمة على الزوج‬
‫ولم ترض بحلها له إل بذلك المهر الذي يدفعه لها‪ ،‬فإذا دخل بها‬
‫وأفضى إليها وباشرها المباشرة التي كانت حراما قبل ذلك‪،‬‬
‫والتي لم ترض ببذلها إل بذلك العوض‪ ،‬فإنه قد استوفى‬
‫المعوض فثبت عليه العوض‪.‬‬
‫فضل عن عقد الزواج وهو من أوثق العقود وأغلظ المواثيق ‪،‬‬
‫مما يستوجب مراعاة حرمته والوفاء بما يترتب عليه من‬
‫ت‪.‬‬ ‫واجبا ٍ‬
‫فالزواج عقد متميز عن سائر العقود التي تكون بين الناس‬
‫لما يترتب عليه من آثار عظيمة روى المام مسلم وغير ه من‬
‫ه ِفي‬ ‫قوا الل ّ ِ‬ ‫ر ‪ ‬قال قال رسول الله ‪َ ... ) ‬فات ّ ُ‬ ‫حديث جاب ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫جهُ ّ‬ ‫م فُُرو َ‬ ‫حل َل ْت ُ ْ‬
‫ست َ ْ‬‫ه ‪َ ،‬وا ْ‬‫ن الل ّ ِ‬ ‫ما ِ‬
‫ن ب ِأ َ‬ ‫موهُ ّ‬ ‫خذ ْت ُ ُ‬
‫مأ َ‬ ‫ساِء ‪ ،‬فَإ ِن ّك ُ ْ‬ ‫الن ّ َ‬
‫حدا ً ت َك َْر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‪،‬‬
‫هون َ ُ‬ ‫مأ َ‬ ‫شك ُ ْ‬ ‫ن فُُر َ‬‫ن ل َ ُيوط ِئ ْ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م عَل َي ْهِ ّ‬ ‫ه ‪ ،‬وَل َك ُ ْ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫ب ِك َل ِ َ‬
‫م ِ‬
‫ن عَل َي ْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫مب َّرٍح ‪ ،‬وَل َهُ ّ‬ ‫ضْربا ً غَي َْر ُ‬‫ن َ‬ ‫ضرُِبوهُ ّ‬ ‫ك َفا ْ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫ن فَعَل ْ َ‬‫فَإ ِ ْ‬
‫ن ِبال ْ َ‬ ‫رِْزقُهُ ّ‬
‫)‪(67‬‬
‫ف ‪(.‬‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫سوَت ُهُ ّ‬ ‫ن وَك ِ ْ‬

‫‪ -‬في ظلل القرآن ‪76 / 2‬‬ ‫‪66‬‬

‫‪ -‬الحهديث روا ه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله ك الحج باب حجة النبى‬ ‫‪67‬‬

‫‪ ‬حديث ‪ - 1218‬وروا ه أبو داود في السنن ك المناسك باب صيغة حجة النبي‬
‫حديث ‪ 1905‬وابن ماجة فى المناسك باب حجة النبي حديث ‪3074‬‬

‫‪184‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪   ‬‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو ُ‬‫ل َر ُ‬ ‫ل ‪َ :‬قا َ‬ ‫ر ‪َ ‬قا َ‬ ‫م ٍ‬
‫عا ِ‬
‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫ة بْ‬
‫قب َ َ‬
‫ن عُ ْ‬ ‫وفي الصحيحين عَ ْ‬
‫ه ال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حل َل ْت ُ ْ‬ ‫ن ُتوُفوا ب ِ ِ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫‪ )‬أ َ‬
‫)‪(68‬‬
‫ج(‬ ‫فُرو َ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫ست َ ْ‬
‫ما ا ْ‬
‫ه‪َ :‬‬ ‫طأ ْ‬ ‫شُرو ِ‬ ‫ح ّ‬
‫‪.‬‬
‫ي ‪ ،‬وشجر ٌة ثابتة ُ‬ ‫ج روح ٌّ‬ ‫ي ‪ ،‬وامتزا ٌ‬
‫فالزواج ميثاق غليظ ‪ ،‬ورباط قدس ٌّ‬
‫ع ‪ ،‬وارف ُة الظلل ‪ ،‬متشابكة الغصان ‪ ،‬به تتآلف‬ ‫ل ‪ ،‬ممتد ُة الفرو ِ‬‫الوصو ِ‬
‫ق ‪ ،‬والزوا ُ‬
‫ج‬ ‫ق العلقئ ُ‬
‫القلوب ‪ ،‬وتتعانق الرواح ‪ ،‬وتذوب الفوارق ‪ ،‬وتتوَّث ُ‬
‫يقِّرب ال ُبعداء ‪ ،‬ويجدّد د أواوص َر الصل ِة بين القرباء ‪.‬‬
‫لذا جاء التعبير عنه في موض ٍع آخر بـ )عقدة النكاح ( لنه عق ٌد ُيَقْع َق ُد بين‬
‫ت ‪ :‬ﭧﭨﮋﭭﭮ ﭯ‬ ‫ق وواجبا ٌ‬ ‫طرفين على اليجاب والقبول ‪ ،‬ويترتب عليه حقو ٌ‬
‫ﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇﮈ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮐﮑﮒﮓ ﮔﮕﮖﮗ ﮘ‬
‫ﮙﮚ ﮛ ﮜﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮊ البقرة‪٢٣٥ :‬‬
‫ﭧ ﭨﮋﯞ ﯟﯠﯡﯢ ﯣ ﯤﯥﯦﯧ ﯨﯩﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮﯯ ﯰﯱﯲ ﯳﯴ ﯵﯶﯷ ﯸﯹﯺ ﯻﯼ ﯽﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﮊ البقرة‪٢٣٧ :‬‬
‫قال أبوحيان ‪ " :‬عبر عن اليجاب والقبول بالعقدة التي تعقد حقيقة ‪ ،‬لما في‬
‫ذلك القول من الرتباط لكل واحد من الزوجين بالخر ‪. (69) " .‬‬
‫وقال الرازي ‪ " :‬فاعلم أن أوصل العقد الشدّد ‪ ،‬والعهو د والنكحة تسمى عقو د ًا‬
‫لنها تعقد كما يعقد الحبل ‪. (70) " .‬‬
‫ن المعاشر ِة ‪،‬‬‫ن على حس ِ‬‫ن الزوجي ِ‬
‫عقد ٌة وثيق ٌة ورابط ٌة متين ٌة تجم ُع بي َ‬
‫ح ُ‬
‫فالنكا ُ‬
‫ل اللفة و دوام المحب ِة " إنها الصل ُة الرباني ُة في أوثق وشاقئجها ‪ ،‬يعقدها‬ ‫وكما ِ‬
‫ب والتفاهم ‪ ،‬والتعاون‬ ‫ن ‪ ،‬فإذا هما يلتقيان على الح ِّ‬ ‫ب العزة بين نفسي الزوجي ِ‬ ‫ر ُّ‬
‫ج فيها الطفولة ‪ ،‬وتتفتح أكمام‬ ‫والتناوصح ‪ ،‬فيؤسسان السرة المسلمة ‪ ،‬التي تدر ُ‬
‫ي من مكارم الخلق التي جاء بها السلم‬ ‫العقول ‪ ،‬وتصاغ النفوس على هد ٍ‬
‫الحنيف ‪ ،‬فإذا السرة المسلمة لبنة وصلبة في بناء المجتمع المسلم الراشد ‪ ،‬وإذا‬
‫أفرا دها أعضاء منتجون بَّناءون ‪ ،‬متعاونون على البر والتقوى ‪ ،‬متسابقون‬
‫متنافسون في الصالحات من العمال " )‪. (71‬‬
‫‪ -‬روا ه البخارى فى صحيحه عن عقبة بن عامر ‪ ‬ك‪ /‬النكاح باب‪ /‬الشروط فى‬ ‫‪68‬‬

‫النكاح حديث ‪ 0 217 / 9 - 5151‬وروا ه مسلم فى صحيحه عنه كتاب النكاح باب‬
‫الوفاء بالشروط فى النكاح حديث ‪ ، (1418) – 63‬وروا ه أبو داود عنه كتاب‬
‫النكاح باب فى الرجل يشترط لها دارها ‪ 244 / 2‬حديث ‪ ، 2139‬وروا ه الترمذى‬
‫عنه ك‪ /‬النكاح باب ‪/‬ما جاء فى الشرط عند عقدة النكاح ‪ 434 / 3‬حديث ‪1127‬‬
‫‪ -‬البحر المحيط لبي حيان الندلسي ‪45 / 2‬‬ ‫‪69‬‬

‫‪ -‬التفسير الكبير " مفاتيح الغيب " للمام الرازي ‪365 / 3‬‬ ‫‪70‬‬

‫‪ - 71‬شخصية المرأة المسلمة كما يصوغها السلم في الكتاب والسنة د‪ .‬محمد علي‬
‫الهاشمي ص ‪. 150 ، 149‬‬

‫‪185‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪ ‬‬
‫‪-12-‬‬
‫الزواج تعاون وتضامن ‪.‬‬
‫الزواج كما ذكرنا سكينة للنفس وإرهاف للحس ‪ ،‬وترقيق‬
‫للمشاعر وإشباع للعواطف ‪ ،‬وتحصين للفرج وصيانة للعرض ‪،‬‬
‫وصفاٌء للقلب وهو ‪ -‬فضل عن ذلك ‪ -‬عقد وثيق وميثاق غليظ‬
‫لتأسيس بيت مسلم قائم على أسس متينة وقيم حصينة‬
‫ة‬
‫مه الموكل ُ‬ ‫ر دوُر ه المنو ُ‬
‫ط به ومها ّ‬ ‫ة ‪ ،‬لكل عنص ٍ‬
‫وعناصر ركين ٍ‬
‫إليه ‪.‬‬
‫فالرجل مسئول عن نفسه وعن أهل بيته ‪ ،‬يرعاهم ويتعهدهم‬
‫ومهم‬
‫بالنفقة الطيبة‪ ،‬ويعهد إليهم بالنصيحة الخالصة التي تق ّ‬
‫وتصلحهم والمرأة ‪:‬زوجة وأم ‪ :‬عليها واجبات نحو زوجها‬
‫وأولدها وبيتها وسائر أقاربها وجيرانها‪.‬‬
‫فهي الزوجة الصالحة وهي الم المثالية الناصحة ‪ ،‬الزوجة‬
‫مودة ورحمة ‪ ،‬ولولدها‬ ‫الودود والم الرؤوم ‪ .‬لزوجها سكينة و ّ‬
‫فيض من العطاء ونبع للحنان ومدرسة للتوجيه ‪ ،‬وصدق الله ‪‬‬
‫إذ يقول فى سورة النساء ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ‬
‫] النساء‪[ ٣٤ :‬‬ ‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭼ‬
‫فالزوجة الصالحة تطيع زوجها وتعينه على طاعة الله ترضى‬
‫زوجها وتأخذ بيد ه إلي رضا الله ‪ ،‬تعرف حق ربها عليها ‪ ،‬كما‬
‫تعرف حقوق من حولها ‪ ،‬فهي صالحة تعمل ما يصلحها في‬
‫عاجلها وآجلها في معاشها ومعادها ‪ ،‬قانتة عابدة لله تعالى‬
‫مطيعة لزوجها سهلة القياد إلي كل خير وّبر ‪ ،‬حافظة لزوجها‬
‫فى حضور ه وغيابه ‪ ،‬حافظة لمواله ‪ ،‬حافظة لسرار ه حافظة‬
‫لولد ه‪.‬‬
‫على الليالي ونوٌر في‬ ‫ه‬
‫ن بِ ِ‬ ‫ل ُيستعا ُ‬ ‫خ ّ‬‫ة المرِء ِ‬ ‫وزوج ُ‬
‫ت في ك َد ٍَر‬‫ن با َ‬
‫ه إِ ْ‬ ‫سلةُ فِك َْرت ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫جيها‬ ‫ديا ِ‬
‫ه أياِديها‬ ‫سهي ِ‬‫ت إليه ُتوا ِ‬ ‫مد ّ ْ‬
‫ت تدبيهًرا‬‫ت ت ُد َب ُّر البي َ‬ ‫قام ْ‬ ‫ة‬
‫ما بضائق ٍ‬ ‫مّر بيُتها يو ً‬‫ن َ‬‫إ ْ‬
‫جيَها‬
‫ي ُن َ ّ‬

‫‪186‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫سعْد ُ يجري‬
‫ن وال ّ‬
‫م ُ‬
‫ة والي ُ ْ‬ ‫ت مملك ٌ‬ ‫مل ِ ٌ‬
‫ك والبي ُ‬ ‫جَها َ‬
‫وزو ُ‬
‫حيها‬
‫في نوا ِ‬

‫وقد صور الله هذ ه العلقة السامية في عبارة وجيزة تدل‬


‫على روعة القرآن ورفعته ودقته ورقته وجماله قال تعالى ‪‬‬
‫س ‪] ‬سورة البقرة ‪[ 187:‬‬
‫هن ل ِباس ل َك ُم َ‬
‫م ل َِبا ٌ‬
‫وأن ْت ُ ْ‬
‫ْ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ ّ َ‬
‫• فاللباس وقاية وستر وزينة للنسان ‪ ،‬كذلك الزوج لزوجته‬
‫والزوجة لزوجها ستر ومنعة وزينة ومتعة ‪،‬وليس بالمكان‬
‫أن تصور كلمة زوج بدون شقها الخر ‪.‬‬
‫• واللباس ستٌر وزينة ‪ ،‬كذلك الزوجان ك ّ‬
‫ل منهما ستٌر‬
‫ة له ‪.‬‬
‫ه وزين ٌ‬
‫لصاحب ِ‬
‫• واللباس يلتصق بالجسد فهو أقرب شيء منه ‪،‬كذلك‬
‫ب‬
‫ة ‪ .‬واللباس يناس ُ‬ ‫ة لصيق ٌ‬‫ة وثيق ٌ‬‫العلقة الزوجة علق ٌ‬
‫ج‬
‫م ‪،‬كذلك الزو ُ‬‫ق تا ٌ‬‫م وتواف ٌ‬‫الملبوس فبينهما انسجا ٌ‬
‫ي فضل عن‬ ‫ج روح ّ‬
‫ي وامتزا ٌ‬ ‫م نفس ّ‬ ‫ه بينهما انسجا ٌ‬
‫لصاحب ِ‬
‫ي‪.‬‬
‫التقارب الحس ّ‬
‫• واللباس ل يمكن أن يستغني عنه النسان ول يطيق صبرا‬
‫على الحرمان منه ‪،‬كذلك الرجل ل يستغني عن المرأة‬
‫والمرأة ل تستغني عن زوجها ‪.‬‬
‫س‬
‫ن ل َِبا ٌ‬
‫قال الزمخشري ‪ " :‬فإن قلت ‪ :‬ما موقع قوله ‪ } :‬هُ ّ‬
‫م { ؟ قلت ‪ :‬هو استئناف كالبيان لسبب الحلل ‪ ،‬وهو أنه‬ ‫ل ّك ُ ْ‬
‫ن مثل هذ ه المخالطة والملبسة ق ّ‬
‫ل‬ ‫إذا كانت بينكم وبينه ّ‬
‫ن ‪ ،‬فلذلك رخص لكم في‬ ‫ن وصعب عليكم اجتنابه ّ‬ ‫صبركم عنه ّ‬
‫)‪(72‬‬
‫‪.‬‬ ‫ن"‬
‫مباشرته ّ‬
‫وقال ابن عطية ‪ " :‬واللباس أصله في الثياب ثم شبه التباس‬
‫الرجل بالمرأة وامتزاجهما وتلزمهما بذلك ‪...‬وقال مجاهد‬

‫‪ - 72‬الكشاف للزمخشري ‪65 / 1‬‬

‫‪187‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫والسدي ‪ } :‬لباس { ‪ :‬سكن ‪ ،‬أي يسكن بعضهم إلى بعض "‬
‫)‪. (73‬‬
‫يقول الستاذ محمد قطب " والرجل والمرأة ألصق شئ‬
‫بعضهما لبعض ‪ ،‬يلتقيان فإذا هما جسد واحد وروح واحدة ‪،‬‬
‫وفي لحظة يذوب كل منهما فى الخر ‪ ،‬فل تعرف لهما حدود ‪،‬‬
‫وهما أبدا يهفوان إلي هذا التصال الوثيق الذي يشبه اتحاد‬
‫اللباس بلبسه ‪ ،‬ثم هما ستر ‪ ،‬كل واحد للخر ‪ ،‬فهما من‬
‫الناحية الجسدية ستر وصيانة ‪ ،‬وهما على الدوام ستر روحي‬
‫ونفسي ‪ ،‬فليس أحد أستر من الزوجين المتآلفين ‪ ،‬يحرص كل‬
‫منهما على عرض الخر وماله ونفسه وأسرار ه أن ينكشف‬
‫منها شئ فتنهبه الفوا ه والعيون ‪ ،‬وهما كذلك وقاية تغني كل‬
‫منهما عن الفاحشة وأعمال السوء ‪ ،‬كما يقي الثوب لبسه من‬
‫أذى الهاجرة والزمهرير‪ ،‬وهما بعد ذلك كاللباس في تفصيله‬
‫مضبوطا على القد ‪ ،‬يلبسه صاحبه فيستريح ‪ ،‬ويتحرك نشيطا ً‬
‫في محيطه ‪ ،‬ويكتسب به جمال ً وزينة تعجب صاحبها وتعجب‬
‫الناظرين ‪ ،‬فليس أبدع من تصوير هذ ه المعاني كلها في تشبيه‬
‫واحد شامل عميق‪.‬‬
‫وإذا كانت العلقة بين الرجل والمرأة وثيقة إلي هذا الحد ‪،‬‬
‫فقد وجب أن يلتقيا ليكون كل منهما لباسا لصاحبه ‪ ،‬يزينه‬
‫ويكمله ‪ ،‬ويلتصق به للوقاية والستر " )‪. (74‬‬
‫ل من الزوجين مسئولياته ومهامه التي تسّير موكب‬ ‫ولك ّ‬
‫الحياة الزوجية ‪ ،‬وتحفظ للسرة قوامها ودوامها ‪ ،‬والزوجة‬
‫شريكة لزوجها في الحياة حلوها ومّرها ‪ ،‬تفرح لفرحه وتحزن‬
‫لحزنه وتواسيه في النوائب وتعينه على مجابهة المصاعب‪.‬‬
‫وفي الصحيحين عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما‬
‫ل ‪ ،‬وَل َ‬ ‫ما ٍ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه في ال َْر‬ ‫ما ل َ ُ‬
‫جِني الّزب َي ُْر ‪ ،‬وَ َ‬ ‫ت ت ََزوّ َ‬‫َقال َ ْ‬
‫ف‬‫ت أ َعْل ِ ُ‬ ‫ه ‪ ،‬فَك ُن ْ ُ‬ ‫س ِ‬‫ضٍح ‪ ،‬وَغَي َْر فََر ِ‬ ‫شيٍء غَي َْر َنا ِ‬ ‫ك ‪ ،‬وَل َ َ‬ ‫مُلو ٍ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م أك ْ‬ ‫ن ‪ ،‬وَل ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ه وَأعْ ِ‬ ‫خرُِز غَْرب َ ُ‬ ‫ماَء ‪ ،‬وَأ ْ‬ ‫قى ال َ‬ ‫ست َ ِ‬
‫ه ‪ ،‬وَأ ْ‬ ‫س ُ‬‫فََر َ‬
‫‪ - 73‬المحرر الوجيز لبن عطية ‪205 / 1‬‬
‫‪ - 74‬النسان بين المادية والسلم تأليف الستاذ محمد قطب ص ‪249‬‬

‫‪188‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫سوَةَ‬ ‫ن نِ ْ‬ ‫صاِر وَك ُ ّ‬
‫َ‬
‫ن الن ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِلي ِ‬ ‫جاَرا ٌ‬ ‫خب ُِز َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫خب ُِز ‪ ،‬وَ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫أ ْ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫ل النوى من أ َ‬ ‫صدق ‪ ،‬وك ُنت أ َ‬
‫سو ُ‬
‫ل‬ ‫ه َر ُ‬ ‫ر التي أقْط َعَ ُ‬ ‫ض الّزب َي ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ِ ْ ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫جئ ْ ُ‬ ‫سٍخ ‪ ،‬فَ ِ‬ ‫ي فَْر َ‬ ‫مّنى عَلى ث ُلث َ ْ‬ ‫ى ِ‬ ‫سي ْ ‪ ،‬وَهْ َ‬ ‫ه ‪ ‬عَلى َرأ ِ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ن‬‫م َ‬‫فٌر ِ‬ ‫ه نَ َ‬ ‫مع َ ُ‬ ‫ه ‪ ‬وَ َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ت َر ُ‬ ‫قي ُ‬ ‫سي فَل َ ِ‬ ‫وى عََلى َرأ ِ‬ ‫ما َوالن ّ َ‬ ‫ي َوْ ً‬
‫خل ْ َ‬ ‫مل َِني َ‬ ‫م َقا َ‬ ‫صاِر فَد َ َ‬ ‫َ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ف ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫خ « ‪ .‬ل ِي َ ْ‬ ‫خ إِ ْ‬ ‫ل » إِ ْ‬ ‫عاِني ث ُ ّ‬ ‫الن ْ َ‬
‫َفاستحييت أ َ َ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ت الّزب َي َْر وَغَي َْرت َ ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وَذ َك َْر ُ‬ ‫جا ِ‬ ‫ع الّر َ‬ ‫م َ‬ ‫سيَر َ‬ ‫نأ ِ‬ ‫ْ َ ْ َْ ُ ْ‬
‫َ‬ ‫كا َ‬
‫ت‬‫حي َي ْ ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ه ‪ ‬أّنى قَدِ ا ْ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ف َر ُ‬ ‫س ‪ ،‬فَعََر َ‬ ‫ن أغْي ََر الّنا ِ‬ ‫وَ َ َ‬
‫ه ‪ ‬وَعََلى‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫قي َِني َر ُ‬ ‫ت لَ ِ‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫ت الّزب َي َْر فَ ُ‬ ‫جئ ْ ُ‬ ‫ضى ‪ ،‬فَ ِ‬ ‫م َ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ب‪،‬‬ ‫خ لْرك َ َ‬ ‫ه ‪ ،‬فَأَنا َ‬ ‫حاب ِ ِ‬ ‫ص َ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫فٌر ِ‬ ‫ه نَ َ‬ ‫مع َ ُ‬ ‫وى ‪ ،‬وَ َ‬ ‫سي الن ّ َ‬ ‫َرأ ِ‬
‫وى‬ ‫ك الن ّ َ‬ ‫مل ُ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ل َوالل ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ك ‪ .‬فَ َ‬ ‫ت غَي َْرت َ َ‬ ‫ه وَعََرفْ ُ‬ ‫من ْ ُ‬‫ت ِ‬ ‫حي َي ْ ُ‬‫ست َ ْ‬ ‫َفا ْ‬
‫َ‬ ‫س َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ى أُبو‬ ‫ل إ ِل َ ّ‬ ‫حّتى أْر َ‬ ‫ت َ‬ ‫ه ‪َ .‬قال َ ْ‬ ‫مع َ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫كوب ِ ِ‬ ‫ن ُر ُ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ى ِ‬ ‫ّ‬
‫شد ّ عَل َ‬ ‫نأ َ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ة ال ْ َ‬
‫قِني‬ ‫ما أعْت َ َ‬ ‫س ‪ ،‬فَك َأن ّ َ‬ ‫فَر ِ‬ ‫س َ‬ ‫سَيا َ‬ ‫فيِني ِ‬ ‫خادِم ٍ ي َك ْ ِ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫ر ب َعْد َ ذ َل ِ َ‬ ‫ب َك ْ ٍ‬
‫)‪. (75‬‬
‫وفي هذا الحديث ‪ :‬فالمرأة تقف بجوار زوجها تساعد ه في‬
‫حقله ‪ ،‬والرجل يساعد المرأة في شئون البيت ‪ ،‬والجارة‬
‫تكفي جارتها بعض العمال ‪ ،‬والمجتمع يقف مع المرأة ‪،‬‬
‫ويمد لها يد العون ‪ ،‬ويراعي ما جبلت عليه من حياء وخجل ‪،‬‬
‫والمرأة تراعي مشاعر زوجها ‪ ،‬والرجل يشفق على زوجته ‪،‬‬
‫والب يتفقد أحوال ابنته المتزوجة ‪ ،‬ويسعى إلى التخفيف‬
‫عنها ما أمكنه ذلك ‪ ،‬نماذج رائعة تتجلى لنا من خلل هذا‬
‫الحديث ‪ :‬الزوجة الصالحة التي تبذل ما في وسعها لرعاية‬
‫زوجها وبيتها ‪ ،‬الجيران الصادقون المتعاونون ‪ ،‬المجتمع الذي‬
‫تسود ه المروءة والشهامة ‪ ،‬والزوج الغيور المشفق على أهل‬
‫بيته ‪ ،‬والب الذي لم تنته مهمته مع ابنته بزواجها بل يتفقد‬
‫و‬
‫أحوالها ويسعى لتوفير سبل الراحة لها ‪ ،‬وفي هذا الج ّ‬
‫‪ - 75‬روا ه البخاري في صحيحه كتاب النكاح باب‪ :‬الغيرة ‪ - 3/403‬الحديث رقم‪:‬‬
‫‪ 4926‬وروا ه مسلم في صحيحه كتاب السلم باب‪ :‬جواز إرداف المرأة الجنبية إذا‬
‫أعيت في الطريق ‪ 1716 /4‬حديث رقم ‪ ، ( 2182) :‬وقولها ‪) :‬مملوك( من عبد أو‬
‫أمة‪) .‬ناضح( بعير يستقى عليه‪) .‬أخرز( من الخرز وهو خياطة الخلود ونحوها‪) .‬غربة(‬
‫الدلو الكبير‪) .‬سياسة الفرس( ترويضها وتدريبها ‪ .‬رد ٌ على من يستهين بعمل المرأة‬
‫ف به ويقلل من قيمته ‪ ،‬ودليل على ما تحّلى به هذا المجتمع النبوي‬
‫في بيتها ويستخ ّ‬
‫من تراحم وتعاطف وتعاون وتكافل ‪،‬‬

‫‪189‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫ن ‪ ،‬والسعادة والطمأنينة‬
‫ن والما َ‬
‫اليماني وجدت المرأةُ الم َ‬
‫‪ ،‬والحب الصادق ‪ :‬بيت صالح ‪ ،‬وزوج كريم ‪ ،‬وأب حنون ‪،‬‬
‫وجيران صدق ‪ ،‬ومجتمع متراحم متعاطف ‪.‬‬
‫‪-13-‬‬
‫من أعظم حسنات الدنيا ‪.‬‬
‫ومن أعظم حسنات الدنيا أن يرزق المؤمن بزوجة صالحة‬
‫ة ‪ ،‬تعينه على طاعة الله تعالى ‪ ،‬تسعى لرضا ه وتأخذ‬ ‫مطيع ٍ‬
‫ة‬
‫ة الخر ِ‬‫ق حسن ُ‬ ‫بيد ه إلى رضا الله ‪ ،‬هي حسنة الدنيا وبها تتحق ُ‬
‫‪ ،‬قال تعالى ﭽ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﭼ ] البقرة‪[ ٢٠١ :‬‬

‫فالمؤمن يسعى إلى تحقيق الصلح والفلح في الدارين ‪،‬‬


‫دها ‪ ،‬وإن كانت حسنة‬‫ة ينش ُ‬
‫فيجعل السعادةَ في الدارين غاي ً‬
‫الدنيا عامة تشمل كل سعادة وصلح دنيوي إل أن بعض العلماء‬
‫صها بالزوجة الصالحة ؛ ذلك أن صلح الزوجة هو الطريق إلى‬ ‫خ ّ‬
‫س السعادة وعموُدها‬ ‫صلح الحياة ‪ ،‬والسعادة الزوجية هي أسا ُ‬
‫وُذروُتها ‪.‬‬
‫" قال علي بن أبي طالب ‪ " : ‬في الدنيا حسنة‪ :‬امرأة‬
‫)‪(76‬‬
‫صالحة ‪ ،‬وفي الخرة حسنة‪ :‬الجنة "‬
‫ل خير في‬ ‫وقال المام ابن كثير ‪ " :‬فجمعت هذ ه الدعوةُ ك ّ‬
‫لك ّ‬
‫ل‬ ‫ل شر فإن الحسنة في الدنيا تشم ُ‬ ‫الدنيا‪ ،‬وصَرفت ك ّ‬
‫ي ‪ ،‬من عافية ‪ ،‬ودار رحبة ‪ ،‬وزوجة حسنة ‪ ،‬ورزق‬ ‫ب دنيو ّ‬
‫مطلو ٍ‬
‫واسع ‪ ،‬وعلم نافع ‪ ،‬وعمل صالح ‪ ،‬ومركب هنيٍء ‪ ،‬وثناء جميل‬
‫ت المفسرين ‪ ،‬ول‬ ‫‪ ،‬إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارا ُ‬
‫منافاة بينها ‪ ،‬فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا‪ .‬وأما‬
‫ل الجنة وتوابعه من المن‬ ‫ة في الخرة فأعلى ذلك دخو ُ‬ ‫الحسن ُ‬
‫من الفزع الكبر في العََرصات ‪ ،‬وتيسير الحساب وغير ذلك‬
‫من أمور الخرة الصالحة‪ ،‬وأما النجاة من النار فهو يقتضي‬

‫‪ -‬معالم التنزيل للمام البغوي ‪232 / 1‬‬ ‫‪76‬‬

‫‪190‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪ ‬‬
‫تيسير أسبابه في الدنيا‪ ،‬من اجتناب المحارم والثام وترك‬
‫الشبهات والحرام " )‪. (77‬‬
‫وقال الشيخ السعدي رحمه الله ‪ " :‬والحسنة المطلوبة في‬
‫الدنيا يدخل فيها كل ما يحسن وقعه عند العبد‪ ،‬من رزق هنيء‬
‫واسع حلل‪ ،‬وزوجة صالحة‪ ،‬وولد تقر به العين‪ ،‬وراحة‪ ،‬وعلم‬
‫نافع‪ ،‬وعمل صالح‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬من المطالب المحبوبة والمباحة‬
‫)‪(78‬‬
‫‪" ...‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪‬‬
‫خاتمة البحث‬
‫• السرة المسلمة ‪ :‬هي اللبنة الساسية في بناء المجتمع‬
‫المسلم وهي المحضن الطبيعي لعداد الجيل المسلم ‪،‬‬
‫وهي حصن ركين وركن حصين لهذا الدين ‪ ،‬ولها سماتها‬
‫وخصائصها ومقاصدها التي ل تجتمع في غيرها‪.‬‬
‫• وأول هذ ه السمات وأهمها هو بنيان السرة المسلمة‬
‫على أسس متينة ‪ ،‬وتدعيمها ورعايتها وإحاطتها وصيانتها‬
‫بأحكام قويمة حصينة ‪ ،‬وآداب كريمة رصينة ‪.‬‬
‫• فأساسها المتين ونبراسها المبين هو الزواج الشرعي ‪.‬‬
‫• للزواج في السلم سماته ومقاصد ه الكريمة السامية‬
‫عة ربانية ونعمة إلهية ‪ ،‬وسنة فطرية ‪ ،‬وسلمة‬
‫فهو شر َ‬
‫ق‬
‫ف للحس ‪ ،‬وترقي ٌ‬ ‫للجسم ‪ ،‬وسكينة للنفس ‪ ،‬وإرها ٌ‬
‫للمشاعر‪ ،‬وإشباع للعواطف ‪ ،‬وسمو بالرواح ‪ ،‬وتحصين‬
‫للفرج وحماية للنسل ‪ ،‬وصيانة للعرض ‪ ،‬وسبيل للتعاون‬

‫‪ - 77‬تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير ‪558 / 1‬‬


‫‪ - 78‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان للشيخ عبد‬
‫الرحمن بن ناصر السعدي ص ‪92‬‬

‫‪191‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫والتضامن ‪ ،‬والتكامل والتكافل ‪ ،‬والتآلف والتعاطف‬
‫والترابط والتراحم‪.‬‬
‫وانطلقا ً من هذ ه المقاصد السامية دعا السلم إلي‬ ‫•‬
‫الزواج ورغب فيه وأمر بتيسير ه وإزاحة العقبات التى‬
‫سر ه ‪ ،‬كما أمر بحسن اختيار الزوجين‬ ‫تحول دونه أو تع ّ‬
‫لنهما العنصران الساسيان لبناء السرة وبقائها ‪ ،‬كما‬
‫دعا إلى مراعاة الداب والحكام المتعلقة بالخطبة‬
‫والعقد وحث على رعاية الحقوق المترتبة على الزواج‬
‫لما في ذلك من استقرار وحماية للبناء السري ‪.‬‬
‫ة ما أجلها ‪ ،‬وهو‬ ‫ة كوني ٌ‬ ‫ة ما أجّلها ‪ ،‬وآي ٌ‬ ‫ة إلهي ٌ‬ ‫ج ‪ :‬نعم ٌ‬ ‫الزوا ُ‬ ‫•‬
‫ة ما أحلها وأبهاها ‪،‬‬ ‫ة وزين ٌ‬ ‫حلي ٌ‬ ‫ة إنسانية ما أسناها و ِ‬ ‫سن ٌ‬
‫ة‬
‫ة لشرعة ربانية ‪ ،‬بهج ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬واستجاب ٌ‬ ‫ة فطري ٍ‬ ‫ة لرغب ٍ‬ ‫وفيه تلبي ٌ‬
‫ة ‪ ،‬وغذاٌء للروِح ‪،‬‬ ‫س ‪ ،‬وإرواٌء للعاطف ِ‬ ‫س ‪ ،‬وإمتاعٌ للح ّ‬ ‫للنف ِ‬
‫ل ‪ ،‬واستقراُر‬ ‫ح البا ِ‬ ‫ه صل ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وب ِ‬ ‫ة للقل ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وسكين ٌ‬ ‫وقرةٌ للعي ِ‬
‫ل‪.‬‬ ‫الحا ِ‬
‫ش ‪ ،‬وصفاِء‬ ‫ب العي ِ‬ ‫طي ِ‬ ‫ق‪،‬و ِ‬ ‫ب من أبواب الرز ِ‬ ‫وهو با ٌ‬ ‫•‬
‫ب من‬ ‫ذرية ‪ ،‬ودر ٌ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ل إلى تحصي ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وهو السبي ُ‬ ‫الذ ّهْ ِ‬
‫ب والجر ‪،‬‬ ‫س في الخير وتحصيل الثوا ِ‬ ‫ب التناف ِ‬ ‫درو ِ‬
‫ل‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫ل ‪ ،‬والرضا والتج ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ر والت َ‬ ‫ب الصب ِ‬ ‫ب من ضرو ِ‬ ‫وضر ٌ‬
‫ة ‪ ،‬التي ُتعد ّ‬ ‫ة المسلم ِ‬ ‫ي لبناِء السر ِ‬ ‫ق الشرع ّ‬ ‫وهو الطري ُ‬ ‫•‬
‫ى‬
‫ن الطبيع ّ‬ ‫ة فى بناِء المجتمِع ‪ ،‬فهى المحض ُ‬ ‫ة أساسي ّ ً‬ ‫لبن ً‬
‫ن لهذا‬ ‫ن حصي ٌ‬ ‫ن ‪ ،‬ورك ٌ‬ ‫ن ركي ٌ‬ ‫ل ‪ ،‬وهى حص ٌ‬ ‫لعدادِ الجيا ِ‬
‫ن ‪.‬‬ ‫الدي ِ‬
‫ة وأهميت َِها‬ ‫ة المسلم ِ‬ ‫ة السر ِ‬ ‫أدرك أعداُء السلم ِ ‪ :‬مكان َ‬ ‫•‬
‫سَعوا‬‫ة ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ض الم ِ‬ ‫ي فى نهو ِ‬ ‫ها الساس ّ‬ ‫ة ودورِ َ‬ ‫البالغ ِ‬
‫س‬
‫ة وطم ِ‬ ‫ة المسلم ِ‬ ‫ض دعائم ِ السر ِ‬ ‫ن إلى تقوي ِ‬ ‫جاهدي َ‬
‫ت‬‫ها ‪ ،‬ووضِع العقبا ِ‬ ‫ة بينها وبين مقاصدِ َ‬ ‫مها والحيلول ِ‬ ‫معال ِ‬
‫ق بنائ َِها ‪ ،‬وإلحاق الضراِر والفات‬ ‫ل فى طري ِ‬ ‫والعراقي ِ‬
‫ها ‪.‬‬
‫مارِ َ‬ ‫سَها وث ِ َ‬ ‫بغر ِ‬

‫‪192‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬

‫ة للزواِج ل تتحقق من خللها مقاصد ه‬ ‫• ظهرت صوٌر مبتدع ٌ‬


‫السامية وحكمه الجليلة ‪ ،‬مثل زواج المسيار ‪ ،‬والزواج‬
‫البيض ‪ ،‬والزواج السياحي ‪ ،‬والزواج العرفي وغير ذلك‬
‫من الصور التي تضيع حقوق الزوجين ‪ ،‬وغالبا ما تهضم‬
‫حقوق المرأة وتحرمها من السعادة الزوجية ‪ ،‬فضل عما‬
‫يترتب عليها من هموم ومشكلت ومساوئ وتبعات ‪ ،‬ول‬
‫ه من أهم السباب‬ ‫حك َ ِ‬
‫م ِ‬ ‫ك أن الجهل بمقاصد الزواِج و ِ‬ ‫ش ّ‬
‫ت التي ل‬‫ل هذ ه الزيجا ِ‬ ‫وأبرز الدواعي إلى التوّرط في مث ِ‬
‫توفي بمعشاِر ما يسعى إلى تحقيقه دين َُنا الحنيف من‬
‫خلل الزواج ‪.‬‬
‫• للقرآن الكريم وهو المصدر الول والساسي من مصادر‬
‫ج فريد ٌ ومسل ٌ‬
‫ك رشيد ٌ في بناء السرة‬ ‫التشريع منه ٌ‬
‫المسلمة وترسيخ دعائمها ‪.‬‬
‫ة‪.‬‬
‫ة رباني ٌ‬
‫ع ٌ‬
‫شْر َ‬
‫ج ِ‬
‫الزوا ُ‬
‫ه تعالى ‪ ،‬وهو العليم بما يصلح عباد ه فى‬ ‫ه الل ُ‬
‫شَرعَ ُ‬‫َ‬
‫عاجلهم وآجلهم ‪ ،‬فى معاشهم ومعادهم ‪ ،‬العليم بطبيعة‬
‫م‬
‫النفس البشرية وحاجاتها الساسية وميولها الفطرية ‪ ،‬العلي ُ‬
‫ل‬
‫ة المجتمِع المسلم إلى الطهر والعفاف والتناس ِ‬ ‫بحاج ِ‬
‫ة‬
‫ج ‪ :‬تلبي ً‬
‫م الزوا َ‬
‫ق الشرعي ‪ ،‬ولقد شرع السل ُ‬ ‫والتكاثر بالطري ِ‬
‫حة ‪ ،‬وإشباعا لتلك الغريزة‬‫ة المل ّ‬‫ة ‪ ،‬وإرواًء للرغب ِ‬‫لنداِء الفطر ِ‬
‫ة التي تعد ّ نواةً في نسيِج المجتمع ‪،‬‬‫النسانية ‪ ،‬وبناًء للسر ِ‬
‫ة في بنائه ‪.‬‬ ‫ة أساسي ً‬ ‫ولبن ً‬

‫ة‪.‬‬‫ة إلهي ٌ‬ ‫ج نعم ٌ‬ ‫الزوا ُ‬


‫م الت أنعم ب ا‬ ‫عا ِ‬
‫ن ِمَ‬
‫ل الِّ‬ ‫ة من أجِّ‬ ‫ة إلةي ٌ‬
‫الزواج نعم ٌ‬
‫اللول على النس انةية ‪ ،‬فالزوجة من جنس الزوج ليتحقق‬
‫م وهذا من تمام‬ ‫م النسجا ُ‬ ‫ل ويت ّ‬‫التآلف والوئام ‪ ،‬ويدوم الوص ُ‬
‫ي هو‬‫ي والبناُء الحيو ّ‬ ‫ج الشرع ّ‬ ‫نعمته تعالى ‪ ،‬وهذا الزوا ُ‬

‫‪193‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪   ‬‬
‫ق‬
‫ة النعام إمداد ُ العبادِ بالرز ِ‬
‫الطريق إلى الذرّية ومن تتم ِ‬
‫ت‪.‬‬‫مط ّرِدِ من الطيبا ِ‬
‫ال ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة فطري ٌ‬‫ج سن ٌ‬ ‫الزوا ُ‬
‫م من معالم الوسطية يلئم الفطرة‬‫والزواج سنة فطرية ومعل ٌ‬
‫النسانية التى خلق الله الناس عليها وشرع لهم من الدين ما‬
‫يناسبها ‪.‬‬
‫والزواج هو السياج الذي ربط بين أبينا آدم وأمنا حواء وفى‬
‫ظلله نشأت السرة النسانية الولى في التاريخ التي امتدت‬
‫وتفرعت حتى ملت أقطار الرض ‪.‬‬
‫والذين يرغبون عن الزواج ويدعون إلى كبت الشهوات‬
‫وقهرها باسم " الرهبانية" إنما يخالفون شرعة الله وينكبون‬
‫عن فطرته تعالى ‪.‬‬

‫الزواج مودة ورحمة‬


‫قال تعالى فى سورة الروم ﭽ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫] الروم‪[٢١ :‬‬ ‫ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ‬
‫فمن دلئل قدرته وتمام نعمته وآثار حكمته ورحمته ‪ :‬أن جعل‬
‫لكم أي من أجلكم أزواجا أي بالزواج الشرعي يقترن الرجل‬
‫بالمرأة ويعاشرها ‪ ،‬لتسكنوا إليها أي لتميلوا إليها ‪ ،‬وتأنسوا بها‬
‫ن وطمأنينة ‪.‬‬ ‫ن وسكينة ‪ ،‬وسكو ٌ‬ ‫‪ ،‬فالزواج سك ٌ‬

‫ج‪.‬‬‫ن للفر ِ‬‫ج تحصي ٌ‬ ‫الزوا ُ‬


‫ض‬
‫غب فيه لما فيه من غ ّ‬ ‫‪ o‬دعا السلم إلي الزواج ور ّ‬
‫ن للفرج ‪ ،‬من الفاحشة ‪ ،‬وما يترتب عليها‬ ‫للبصر وتحصي ٍ‬
‫ة‬
‫ن وسيل ً‬
‫من أمراض جنسية فتاكة ‪ ،‬فإذا لم يجد النسا ُ‬
‫للزواِج فعليه أن يتحصن بالصبر ويتحلى بالعفاف حتى‬
‫يغنيه الله من فضله ‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫‪ o‬فينبغي المبادرة والتعجيل بتزويج صاحب الدين وإزالة‬
‫كل العقبات التي تقف في طريق الزواج لما في ذلك‬
‫من صلح للفرد والمجتمع ‪.‬‬
‫‪ o‬والزواج ‪ :‬تحصين للجسم من المراض الوبائية الفتاكة‬
‫ة‬
‫ة لصح ِ‬‫التي تنتج عن ممارسة الرذيلة كما أنه وقاي ٌ‬
‫ظ على قوته من أن تستنزفها الممارسات‬ ‫ن وحفا ً‬
‫النسا ِ‬
‫الخاطئة والعادات الضارة ‪ ،‬وكما يقولون ‪ :‬الوقاية خير‬
‫من العلج‪.‬‬

‫ة العراض ‪.‬‬
‫ج وحماي ُ‬
‫الزوا ُ‬
‫من المقاصد السامية التي ينشدها السلم من وراء الزواج‬
‫ة العراض ‪ ،‬فالسلم دين الطهر والعفاف ‪ ،‬والعدل‬ ‫‪ ،‬حماي ُ‬
‫والنصاف ‪ ،‬والعزة والكرامة والتقى والستقامة‪.‬‬

‫ة للنسل ‪.‬‬
‫الزواج حماي ٌ‬
‫‪ o‬كما أن الزواج سلمة للجسم وسعادة للنفس وتحصين‬
‫للفرج وحماية للعرض وإرواء وإشباع للعواطف فهو‬
‫أيضا ً حماية للنسل ‪ ،‬إذ أنه الطريق الشرعي للتناسل‬
‫والتكاثر ‪0‬‬
‫ل النعم وأحّبها إلى النفوس‬‫ة من أج ّ‬ ‫‪ o‬فبالزواج تتحق نعم ٌ‬
‫ة الولد ومن ورائهم الحفاد ‪ ،‬فيشعر‬ ‫تلك هي نعم ُ‬
‫النسان بالسعادة والراحة والمان ‪ ،‬لهذا المتداد‬
‫ن ‪.‬‬
‫صلة في الوجدا ِ‬ ‫ة المتأ ّ‬‫الشرعي له ‪ ،‬وبتلك العاطف ِ‬

‫‪.‬‬ ‫ة للمال‬
‫الزواج حماي ٌ‬
‫‪ o‬فبالزواج ينتفع بالمال من يستحقه من زوجة أو ولد أو أب‬
‫أو أخت أو أخ أو غير ذلك من ذوي القربي‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫‪ o‬وبالزواج ينتقل المال بعد موت صاحبه إلى أقرب الناس‬
‫إليه وأكثرهم نفعا ‪ ،‬ولقد فرض السلم نظام المواريث‬
‫در ه بميزان دقيق عادل ل مجال فيه للمحاباة أو‬
‫وق ّ‬
‫المجاملت أو التحايل ‪.‬‬
‫‪ o‬ولول الزواج ما كانت السرة ‪ ،‬ولول السرة لضل المال‬
‫طريقه ‪ ،‬ووقع في يد من ل يستحقه ‪ ،‬وحين يضمن‬
‫النسان انتقال ماله إلى من يستحقه من ذوي قرابته فإنه‬
‫يعمل بجد ونشاط ويحافظ على هذا المال ‪ ،‬كذلك يجتهد‬
‫البناء في حماية مال أبيهم في حياته وفي تنميته لنهم‬
‫يعرفون أنهم الورثة الشرعيون لهذا المال ‪.‬‬

‫ع العواطف النسانية ‪.‬‬


‫الزواج وإشبا ُ‬
‫خلق الله النسان ‪ ،‬وأودع فيه من العواطف والغرائز ما‬
‫يتناسب مع فطرته ومهمته ‪ ،‬وأنعم عليه بالزواج ‪ ،‬ليروي ظمأ هَ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل من معين المودة والرحمة ‪ ،‬ويحيا في ظلل‬ ‫ي ‪ ،‬وينه َ‬
‫العاطف ّ‬
‫وارفة من التآلف والتعاطف ‪ ،‬فالزواج إشباع للعاطفة وإرواء‬
‫لغريزة من أقوى العواطف والغرائز وبالزواج يستمتع الزوجان‬
‫جسديا ً وعاطفيا بشهوة تروي الوجدان وتمتع الحواس وتطرب‬
‫القلوب وتفتح البواب لعواطف كثيرة ‪ ،‬تنمو وتترعرع في‬
‫ظلل الحلل الطيب الذي يحفظ للنسان كرامته وإنسانيته‪.‬‬

‫و الخل ق ‪.‬‬
‫الزواج وسم ّ‬
‫لشك أن الزواج رمز للسمو والرتقاء ‪ ،‬والعفة والطهارة ‪،‬‬
‫فهو شرعة ربانية ‪ ،‬وسنة فطرية ‪ ،‬وسبيل إلي السكينة‬
‫والطمأنينة والمودة والرحمة والتعاون والتضامن ‪ ،‬فهو منهج‬
‫غب‬‫قويم ومسلك حكيم وخلق كريم ‪ ،‬ولذا دعا إليه السلم ور ّ‬
‫ث على تيسير ه ‪ ،‬وحّرم السفاح ودعا إلي إغلق جميع‬ ‫فيه وح ّ‬
‫أبوابه وسد ّ منافذ ه لما فيه من ضرر جسيم وخطر عظيم‬
‫وجرم كبير وشر مستطير ‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬

‫ق إلى الكمال ‪.‬‬


‫الزواج طري ٌ‬
‫‪ o‬كما أنه ل غنى بالليل عن النهار ول بالنهار عن الليل فلكل‬
‫مهمته وأهميته في الوجود ‪ ،‬فكذلك الذكر والنثى ؛ إذ هما‬
‫سا ُ‬
‫ء‬ ‫صنوان وشقيقان ‪ ،‬مصداقا لقول نبينا ‪) ‬إ ِن ّ َ‬
‫ما الن ّ َ‬
‫ل ( )‪. (79‬‬
‫جا ِ‬
‫ق الّر َ‬ ‫ش َ‬
‫قائ ِ ُ‬ ‫َ‬
‫‪ o‬ولقد أودع الله في الرجل الميل العاطفي إلي المرأة ‪،‬‬
‫وأودع في المرأة الميل للرجل والحاجة إليه ‪ ،‬فالمرأة‬
‫تركن إلي زوجها ‪ ،‬والرجل يفيئ إلي زوجته ‪ ،‬ولكل منهما‬
‫مهمته وطبيعته التي تستقيم وتتلءم وتتواءم وتكمل‬
‫الخر‪.‬‬
‫‪ o‬الزواج يفتح للرجل والمرأة آفاقا جديدة وأبوابا ً عديدة‬
‫ومجالت واسعة للجر والثواب‪ ،‬والذي ينتج عن حسن‬
‫المعاشرة ورعاية الحقوق والصبر على الزوجة والولد ‪.‬‬
‫ظ‪.‬‬‫ ق غلي ٌ‬
‫الزواج ميثا ٌ‬
‫الزواج عقد جليل الخطر عظيم الشأن وقد وصفه الله تعالى‬
‫في كتابه الكريم بأنه ميثهاق غليهظ لمها يتهرتهب عليه من‬
‫أحكام وآداب وحقوق وواجبات ‪.‬‬

‫ة‪.‬‬
‫ة ورحم ٌ‬
‫الزواج مود ٌ‬
‫لقد أنعم الله علينا وأحسن إلينا إذ شرع الزواج ‪ ،‬ولطف بنا‬
‫إذ جعل الزواج من جنس واحد حتى تتحقق اللفة والمجانسة‬
‫والمتعة والمؤانسة ‪ ،‬والسكينة والطمأنينة ‪ ،‬والمودة والرحمة‬
‫‪ ،‬لن الجنس إلى الجنس أميل وأدعى لللفة ‪ ،‬فكل إلف يلوذ‬
‫بأليفه ويسكن إليه ‪.‬‬

‫الزواج تعاون وتضامن ‪.‬‬


‫‪ - 79‬سبق تخريجه ‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫الزواج كما ذكرنا سكينة للنفس وإرهاف للحس ‪ ،‬وترقيق‬
‫للمشاعر وإشباع للعواطف ‪ ،‬وتحصين للفرج وصيانة للعرض ‪،‬‬
‫وصفاٌء للقلب وهو ‪ -‬فضل عن ذلك ‪ -‬عقد وثيق وميثاق غليظ‬
‫لتأسيس بيت مسلم قائم على أسس متينة وقيم حصينة‬
‫ة‬
‫مه الموكل ُ‬ ‫ر دوُر ه المنو ُ‬
‫ط به ومها ّ‬ ‫ة ‪ ،‬لكل عنص ٍ‬
‫وعناصر ركين ٍ‬
‫إليه ‪ ،‬في نطاق السرة ‪ ،‬وفي رحاب المجتمع ‪.‬‬

‫من أعظم حسنات الدنيا ‪.‬‬


‫ومن أعظم حسنات الدنيا أن يرزق المؤمن بزوجة صالحة‬
‫ة ‪ ،‬تعينه على طاعة الله تعالى ‪ ،‬تسعى لرضا ه وتأخذ‬ ‫مطيع ٍ‬
‫ة‬
‫ة الخر ِ‬ ‫ق حسن ُ‬ ‫بيد ه إلى رضا الله ‪ ،‬هي حسنة الدنيا وبها تتحق ُ‬
‫‪.‬‬
‫ة‬
‫ة التعبير القرآني وروعته ‪ ،‬ودق ِ‬ ‫ومما سبق تتجّلى لنا ‪ :‬رق ُ‬
‫ألفاظه ورفعة أساليبه وسمو مقاصد ه ‪ ،‬ووفائه بحاجة الناس‬
‫وهدايته إلى ما فيه صلحهم في معاشهم ومعادهم نلمس ذلك‬
‫بوضوح وجلء حين يدور الحديث عن تلك العلقة الزوجية وما‬
‫د أفضى‬ ‫ق ْ‬ ‫و َ‬ ‫لها من خصوصية ‪ ، ،‬تأمل ذلك في قوله تعالى ‪َ ‬‬
‫فَلما ّ‬ ‫ض ‪ ] ‬النساء ‪ [ 21 :‬وقوله تعالى ‪َ  :‬‬ ‫ضك ُ ْ‬
‫ع ٍ‬ ‫م إلى ب َ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫بَ ْ‬
‫ه ‪ ] ‬العراف ‪:‬‬ ‫ت بِ ِ‬ ‫مّر ْ‬ ‫ف َ‬ ‫فا َ‬ ‫في ً‬ ‫خ ِ‬ ‫مًل َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ت َ‬ ‫مل َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ها َ‬ ‫شا َ‬ ‫غ ّ‬ ‫تَ َ‬
‫َ‬
‫ء ‪ ] ‬النساء ‪:‬‬ ‫م النسا َ‬ ‫ست ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫و لَ َ‬ ‫ل‪ :‬أ ْ‬ ‫‪ ، [ 189‬وقوله عّز وج ّ‬
‫م‬‫رك ُ ْ‬ ‫جو ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫في ُ‬ ‫م الّلِتي ِ‬ ‫وَرَبائ ِب ُك ُ ُ‬ ‫‪ [ 43‬وقوله عز وجل ‪َ  :‬‬
‫خل ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫كوُنوا دَ َ‬ ‫م تَ ُ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫خل ْت ُ ْ‬ ‫م الّلِتي دَ َ‬ ‫سائ ِك ُ ُ‬ ‫ن نِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ل‪ :‬‬ ‫م‪ ] ‬النساء ‪ ، [ 23 :‬وقوله عّز وج ّ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫جَنا َ‬ ‫فَل ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫بِ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫موا‬ ‫قدّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫شئ ْت ُ ْ‬ ‫م أّنى ِ‬ ‫حْرث َك ُ ْ‬ ‫فأُتوا َ‬ ‫م َ‬ ‫ث ل َك ُ ْ‬ ‫حْر ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ؤك ُ ْ‬ ‫سا ُ‬ ‫نِ َ‬
‫مَل ُ‬ ‫َ‬ ‫ِل َن ْ ُ‬
‫ر‬
‫ش ِ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫قو ُ‬ ‫م ُ‬ ‫موا أن ّك ُ ْ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬
‫ما‬ ‫ف َ‬ ‫ن ‪ ] ‬البقرة ‪ [ 223 :‬وقوله تعالى ‪َ  :‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ة ‪ ] ‬النساء‬ ‫ض ً‬ ‫ري َ‬ ‫ن َ‬ ‫ُ‬ ‫فتآ َُتو ُ‬ ‫ن َ‬
‫ف ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫جوَر ُ‬ ‫نأ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫ه ّ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫عت ُ ْ‬ ‫مت َ ْ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫زُلوا‬ ‫عت َ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫ذ ى َ‬ ‫و أَ ً‬ ‫ه َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫حي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ك َ‬ ‫سأ َُلون َ َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫‪َ  [ 24 :‬‬
‫ذا‬‫فإ ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫هْر َ‬ ‫حّتى ي َطْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫قَرُبو ُ‬ ‫وَل ت َ ْ‬ ‫ض َ‬ ‫حي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ء ِ‬ ‫سا َ‬ ‫الن ّ َ‬

‫‪198‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫هن من حي ُ َ‬ ‫ت َطَهرن َ ْ‬
‫ب‬
‫ح ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه يُ ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه إِ ّ‬ ‫مَرك ُ ُ‬
‫ثأ َ‬ ‫فأُتو ُ ّ ِ ْ َ ْ‬ ‫ّ ْ َ‬
‫ن‪ ] ‬البقرة ‪. [ 222 :‬‬ ‫ري َ‬‫ه ِ‬ ‫َ‬
‫مت َط ّ‬ ‫ْ‬
‫ب ال ُ‬
‫ح ّ‬
‫وي ُ ِ‬
‫ن َ‬‫واِبي َ‬‫الت ّ ّ‬

‫توصيات‬
‫‪ o‬إلى وسائل العلم ‪ :‬أن ُيعنى القائمون عليها بإبراز‬
‫مقاصد الزواج وحكمه وأحكامه وآدابه ‪ ،‬مع التحذير من‬
‫النحراف عن مقاصد ه وأهدافه ‪.‬‬
‫‪ o‬حاجة الشباب إلى التوعية بمقاصد الزواج وأحكامه ‪،‬‬
‫والتحذير من صور الزواج التي تفرغه من مقاصد ه كتلك‬
‫التي أشرنا إليها في مقدمة البحث ‪.‬‬
‫‪ o‬دعوة أولياء المور إلى تيسير الزواج والعانة عليه ‪،‬‬
‫ومراعة مقاصد ه وأحكامه ‪ ،‬مع تزويج صاحب الدين ‪،‬‬
‫وتيسير المهور ‪.‬‬
‫‪ o‬التوسع في إنشاء جمعيات تيسير الزواج لتزويج اليامي‬
‫‪ ،‬وتوعية الناس بأمور الزواج ‪ ،‬ومتابعة المتزوجين‬
‫وتعهدهم بالنصح والتوجيه وتفقد أحوالهم وحل‬
‫مشكلتهم ‪.‬‬
‫‪ o‬أدعو المسئولين من المسلمين أن يعملوا جاهدين على‬
‫تيسير الزواج والعانة عليه ‪ ،‬وإزاحة العقبات والعراقيل‬
‫التي تحيل دون الزواج أو تؤخر ه ‪.‬‬
‫‪ o‬أدعو الجميع إلى تيسير الزواج المبكر ن وإزاحة موانعه‬
‫وعقباته ‪ ،‬باختصار سنوات الدراسة ‪ ،‬والعمل على تأهيل‬
‫الشباب لميادين العمل للقضاء على البطالة وغنشاء‬
‫مساكن اقتصادية للشباب ‪.‬‬
‫‪ o‬كما أدعو الدعاة وسائل العلم إلى تحذير الناس من‬
‫النكحة التي ل تفي بمقاصد الزواج ول تستوفي أركانه‬
‫ةل‬‫ة قويم ٌ‬
‫ة وشرع ٌ‬
‫ة عظيم ٌ‬
‫ج آي ٌ‬
‫ول تحقق ثمراته فالزوا ُ‬
‫ينبغي الستهانة بها ‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل ‪.‬‬
‫كتبه الفقير إلى مول ه ‪ :‬أحمد محمد الشرقاوي سالم ‪.‬‬
‫‪Sharkawe2000@yahoo.com‬‬

‫‪200‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫مراجع البحث‬
‫القرآن الكريم‬
‫‪ .1‬الحسان بترتيب صحيح ابن حبان ‪ -‬للمير علء الدين على بن بلبان‬
‫الفارسى ت ‪ 739‬هك ‪ -‬تحقيق شعيب الرنؤوط ‪ -‬ط مؤسسة الرسالة‬
‫بيروت ‪0‬‬
‫‪ .2‬أحكام القرآن لبن العربي ‪ :‬أبي بكر محمد بن عبد الله ت ‪ 543‬هك ‪،‬‬
‫ط دار الفكر بيروت ‪ 1408‬هك ‪.‬‬
‫‪ .3‬إرشاد العقل السليم إلي مزايا الكتاب الكريم للعلمة أبي السعود‬
‫) محمد بن محمد مصطفي العمادي الحنفي ت ‪ 982‬هك ط دار الفكر‬
‫بدون تاريخ ( ‪0‬‬
‫‪ .4‬الساس في التفسير للشيخ سعيد حو ى ط دار السلم بالقاهرة‬
‫‪ .5‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي ناصر الدين أبي الخير عبد‬
‫الله بن عمر بن محمد البيضاوي ط دار الرشيد بيروت ‪ 1421‬هك ‪.‬‬
‫‪ .6‬البحر المحيط للمام محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الندلسي‬
‫الغرناطي ت ‪ 754‬هك ط دار إحياء التراث العربي ط سنة ‪ 1411‬هك‬
‫ثانية ‪0‬‬
‫‪ .7‬البداية والنهاية للمام ابن كثير ط مركز البحوث والدراسات العربية‬
‫والسلمية بدار هجر ‪1417‬هك‬
‫‪ .8‬تاريخ العرب قبل السلم د ‪ .‬جواد على ط مطبوعات المجمع العلمي‬
‫ببغداد ‪1959‬م‬
‫‪ .9‬التحرير والتنوير للستاذ محمد الطاهر بن عاشور ت ‪1393‬هك ط دار‬
‫سحنون للنشر والتوهزيع تونس ‪.‬‬
‫‪ .10‬تفسير القرآن العظيم للمام الحافظ عماد الدين أبي الفداء‬
‫إسماعيل بن كثير ت ‪ 774‬هك ط دار التراث العربي بدون تاريخ ‪0‬‬
‫‪ .11‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان للشيخ عبد الرحمن‬
‫بن ناصر السعد ى ت ‪ 1376‬هك بتحقيق عبد الرحمن بن معل اللويحق‬
‫ط مؤسسة الرسالة بيروت ‪1423‬هك ط ‪1‬‬
‫‪ .12‬جامع البيان في تفسير القرآن للمام محمد بن جرير الطبري ت‬
‫‪310‬هك ط دار إحياء التراث العربي بيروت ط ‪2‬‬
‫‪ .13‬الجامع لحكام القرآن للمام القرطبي ط دار الكتب العلمية‬
‫بيروت ‪.‬‬
‫‪ .14‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني للمام‬
‫اللوسي شهاب الدين السيد محمود اللوسي ت ‪ 1270‬هك ط دار‬
‫إحياء التراث العربي ط ‪ 4‬سنة ‪1405‬هك ‪.‬‬
‫‪ .15‬سنن ابن ماجة ) أبو عبد الله محمد بن يزيد القزوينى ت ‪ 275‬هك‬
‫( ط دار الحديث بالقاهرة‬
‫‪ .16‬سنن أبي داود لبي داود سليمان بن شعث السجستاني الهزدي‬
‫ت ‪ 257‬هك ط دار الفكر بدون تاريخ ‪0‬‬
‫‪ .17‬سكنن الترمذي ) أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي‬
‫ت ‪ 297‬هك ( ط دار الفكر ‪1408‬هك ‪0‬‬
‫‪ .18‬سنن الدارقطني ) على بن عمر الدارقطنى ت ‪ 385‬هك ( ط دار‬
‫المحاسن بالقاهرة ‪ 1386‬هك‬

‫‪201‬‬
‫مباهج الزواج‬
‫في ضوء البيان القرآني‬

‫‪‬‬
‫‪ .19‬سنن الدارمي ) عبد الله بن عبد الرحمن الدارمى السمرقند ى ت‬
‫‪ 255‬هك ( ط دار الريان للتراث ‪ 1407‬هك ط أولى ‪0‬‬
‫‪ .20‬السنن الكبر ى للبيهقي ) أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ( ط‬
‫دار الفكر بدون تاريخ ‪.‬‬
‫‪ .21‬سنن النسائي ) أحمد بن شعيب النسائي ت ‪ 303‬هك ( بشرح‬
‫السيوطي وحاشية السندي ط دار الكتب العلمية بيروت ‪0‬‬
‫‪ .22‬شخصية المرأة المسلمة كما يصوغها السلم في الكتاب والسنة‬
‫د‪ .‬محمد علي الهاشمي ط وكالة المطبوعات والبحث العلمي‬
‫بالمملكة العربية السعودية ط ‪ 1425 1‬هك ‪.‬‬
‫‪ .23‬شعب اليمان للبيهقي ط دار الكتب العلمية ‪ 1410‬هك ط أولى ‪.‬‬
‫‪ .24‬صحيح البخاري ط دار الكتب العلمية بيروت لبنان ‪.‬‬
‫‪ .25‬صحيح مسلم ) المام مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري ت‬
‫‪ 261‬هك ( دار إحياء الكتب العربية بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي‬
‫‪ .26‬عادات الزواج وشعائره للستاذ ‪ /‬أحمد الشنتناوي ط دار‬
‫المعارف بمصر سلسلة اقرأ ‪.‬‬
‫‪ .27‬فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير‬
‫للمام محمد بن علي بن محمد الشوكاني ت ‪ 1250‬هك ط دار الفكر‬
‫بدون تاريخ ‪.‬‬
‫‪ .28‬في ظلل القرآن لسيد قطب ت ‪1966‬م دار الشرو ق سنة ‪1407‬‬
‫هك ‪ -‬ط ‪13‬‬
‫‪ .29‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون القاويل في وجوه‬
‫التأويل لمحمود بن عمر الزمخشري المعتزلي ت ‪ 528‬هك ط دار‬
‫الفكر بدون تاريخ‬
‫‪ .30‬لباب التأويل فى معانى التنزيل للمام علء الدين على بن محمد‬
‫بن إبراهيم البغداد ى ت ‪ 741‬هك ط البابى الحلبى سنة ‪ 1375‬هك ط‬
‫ثانية ‪0‬‬
‫‪ .31‬لطائف الشارات للمام عبد الكريم القشيري ت ‪ 465‬هك ط دار‬
‫الكتاب العربي بالقاهرة ‪.‬‬
‫‪ .32‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي ط دار الكتاب العربي‬
‫بيروت ‪ 1402‬هك ‪.‬‬
‫‪ .33‬المحرر الوجيز لبن عطية ط مؤسسة دار العلوم للطباعة‬
‫والنشر – الدوحة ‪1403‬هك على نفقة أمير قطر‬
‫‪ .34‬مدارك التنزيل وحقائق التأويل للمام النسفي ط دار الفكر‬
‫‪ .35‬المستدرك على الصحيحين للمام أبى عبد الله الحاكم‬
‫النيسابوري ت ‪ 405‬هك وفى ذيله تلخيص المستدرك للمام شمس‬
‫الدين الذهبي ت ‪ 848‬هك ط دار الكتب العلمية ‪.‬‬
‫‪ .36‬مسند المام أحمد بن حنبل ط المكتب السلمي بدون تاريخ ‪ ،‬ط‬
‫دار المعارف بتحقيق أحمد شاكر ‪ 1957‬م ‪ ،‬وطبعة مؤسسة قرطبة‬
‫القاهرة بتعليق الشيخ شعيب الرناؤوط ‪.‬‬
‫‪ .37‬معالم التنزيل للبغوي الحسين بن مسعود ت ‪516‬هك ط دار الكتب‬
‫العلمية بيروت ‪.‬‬
‫‪ .38‬المعجم الكبير للطبراني ط دار البيان العربي ط ‪ 2‬بدون تاريخ ‪0‬‬
‫‪ .39‬مفاتيح الغيب ) التفسير الكبير ( للمام فخر الدين الراهزي ت‬
‫‪ 606‬هك ط دار الفكر سنة ‪ 1405‬هك ‪0‬‬

‫‪202‬‬

You might also like