You are on page 1of 166

‫األسرة‬

‫دام ظّله‬
‫لقاء مطّو ل مع سماحة اإلمام الخامنئي‬
‫(األسرة ومفاتيح سعادة الحياة الزوجية)‬

‫‪1‬‬
‫مجيع حقوق النسخة العربية حمفوطة‬
‫ملركز األحباث والدراسات الرتبوية‬

‫الطبعة األوىل‪1439 :‬هـ – ‪ 2018‬م‬

‫‪2‬‬
‫األسرة‬
‫لقاء مطّو ل مع سماح اإلمام الخامنئي‬
‫(األسرة ومفاتيح سعادة احلياة الزوجية)‬

‫‪3‬‬
‫األسرة‪ ,‬لقاء مطّو ل مع مساحة اإلمام اخلامنئي‬ ‫الكتاب‪:‬‬

‫صهبا‬ ‫نشر‪:‬‬
‫فاطمة شوربا‬ ‫ترجمة‪:‬‬
‫مركز املعارف للرتمجة‬ ‫إشراف‪:‬‬
‫عبد اهلل قصري – د‪.‬يوسف أبو خليل – د‪.‬حسني صفي الدين‬ ‫مراجعة‪:‬‬
‫اإلسالمية_‪www.almaaref.org‬‬ ‫اإلعداد اإللكتروني‪ :‬شبكة املعارف‬
‫‪2018‬م‪1439 -‬هـ‬ ‫الطبعة األولى‪:‬‬
‫جميع حقوق الطبع محفوظة ©‬

‫‪4‬‬
5
6
‫الفهرس‬

‫‪27‬‬ ‫احرتام اإلسالم للزواج عند مجيع األديان واملذاهب‬


‫‪29‬‬ ‫أمهّية الزواج من وجهة نظر اإلسالم‬
‫‪32‬‬ ‫اختالف نظرة اإلسالم والغرب إىل األسرة والزواج‬
‫‪33‬‬ ‫تعامل الغرب مع املرأة‬
‫‪34‬‬ ‫شكر نعمة الزواج‬
‫‪35‬‬ ‫الزوج والزوجة مكّم الن لبعضهما البعض‬
‫‪35‬‬ ‫الرابطة الصحيحة بني املرأة والرجل من خالل املوّدة والرمحة‬
‫‪38‬‬ ‫الشكر احلقيقي لنعمة الزواج‬
‫‪39‬‬ ‫ظاهرة تشكيل األسرة‬
‫‪40‬‬ ‫تشبيه األسرة باخللّية يف جسد اجملتمع‬
‫‪47‬‬ ‫احلرّية اجلنسّية خمالفة لتشكيل األسرة‬
‫‪49‬‬ ‫مكانة كٍّل من املرأة والرجل يف نظام اخللقة‬
‫‪51‬‬ ‫ثالثة عوامل حلّل مشكلة ظلم املرأة على مستوى العامل‬

‫‪7‬‬
‫‪53‬‬ ‫االختالف بني املرأة والرجل‬
‫‪59‬‬ ‫تأثري اجلّو العائلي على تربية األوالد‬
‫‪64‬‬ ‫احلجاب‬
‫‪73‬‬ ‫تكرمي املرأة يف اإلسالم‬
‫‪74‬‬ ‫مثال املرأة الفضلى يف القرآن‬
‫‪75‬‬ ‫املرأة هي العنصر األساسي لتشكيل األسرة‬
‫‪76‬‬ ‫دور أمومة املرأة‬
‫‪76‬‬ ‫تأثري املرأة على الزوج واألوالد‬
‫‪81‬‬ ‫عمل النساء‬
‫‪84‬‬ ‫"السكن"‪ :‬تعبري القرآن عن العالقة بني املرأة والرجل‬
‫‪88‬‬ ‫البيت حمّل للهدوء والراحة‬
‫‪90‬‬ ‫أّمهّية عمل املرأة يف البيت‬
‫‪92‬‬ ‫احملّبة وطرق احلفاظ عليها‬
‫‪96‬‬ ‫العالقة بني األحكام الشرعّية واحلفاظ على بنيان األسرة‬
‫‪111‬‬ ‫اإلعانة على التدّين واحلؤول دون احنراف الزوج‪ /‬الزوجة‬
‫‪116‬‬ ‫املاّدّيات يف الزواج‬
‫‪118‬‬ ‫املهر‬

‫‪8‬‬
‫‪121‬‬ ‫اجلهاز‬
‫‪121‬‬ ‫مراسم الزواج‬
‫‪128‬‬ ‫اإلسراف والتجّم ل يف احلياة‬
‫‪134‬‬ ‫زواج أمري املؤمنني وفاطمة الزهراء عليهما السالم‬
‫‪137‬‬ ‫تدبري اإلسالم فيما يتعّلق بكيفّية الزواج وإدارة أموره‬
‫‪137‬‬ ‫معايري اإلسالم فيما يتعّلق باختيار الزوج‬
‫‪143‬‬ ‫"اذهبا وتوافقا"‬
‫‪145‬‬ ‫التوافق والتواؤم يف األسرة‬
‫‪149‬‬ ‫جهاد املرأة‬
‫‪150‬‬ ‫دور النساء والزوجات يف الثورة‬
‫‪153‬‬ ‫معىن "حسن التبّعل" يف حياة اإلمام علّي والسّيدة فاطمة عليهما السالم‬
‫‪162‬‬ ‫اعرفن قدر الزوج املؤمن والثوري‬
‫‪163‬‬ ‫لزوم جتديد النظر الشامل يف سياسة حتديد النسل‬
‫‪165‬‬ ‫دعاء‬

‫‪9‬‬
10
‫إضاءة‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫إّن املكانـة الـيت يتمتـع هبا مساحة اإلمـام اخلامنئي واجـدة لشـأنني مها احلاكمّي ة على أمـور البالد واحلاكمّي ة على القلـوب‬
‫والنفوس‪ .‬وعـادة مـا جيري االهتمـام بالشـأن األّو ل الـذي ينـربي حلّل العقـد املنبثقـة عن األمـور اجلاريـة‪ ،‬الـيت حتول دون‬
‫وص ــول النظ ــام إىل طري ــق مس ــدود‪ .‬لكّن ه بص ــفته عا ا ومفّك ًر ا إس ــالمًّيا وق ــف علم ــه على الرتبي ــة وإيص ــال الن ــاس إىل‬
‫ًمل‬
‫الســعادة‪ ،‬لــه شــأن آخــر هــو هدايــة القلــوب‪ ،‬واحلاكمّي ة عليهــا وجــذب األنفس حنو الكمــال وإجياد اجلّو املناســب لنم ّوـ‬
‫الفض ــائل اإلنس ــانّية يف اجملتم ــع‪ ،‬واألب ـّو ة لك ـّل ف ــرد من أبنــاء هــذا البل ــد‪ .‬فه ــو األب القل ــق من مش ــاكل أبنائــه ومهومهم‬
‫وآالمهم‪.‬‬

‫إّن املشاكل الثقافّي ة اليـوم حتتـاج إىل طــبيب حـاذق "دّو ار بطّبه"‪ 1‬يفّتش عن املرضـى والضــعفاء‪ .‬وهـذا الطــبيب احلاذق‬
‫موجود اليوم‪ ،‬وحنن علينا أن نساعده على الدوران بطّبه‪.‬‬

‫‪ 1‬يقـول اإلمـام علّي عليـه السـالم يف اخلطبـة ‪ 108‬من هنج البالغـة واصـًف ا الرسـول صـلى اهلل عليـه وآلـه وسـلم‪" :‬طــبيب دّو ار بطّب ه‪ ،‬قـد أحكم مرامهه وأمحى موامسه‪،‬‬
‫يضع ذلك حيث احلاجة إليه من قلوب عمي‪ ،‬وآذان صّم والسنة بكم‪."..‬‬

‫‪11‬‬
‫أحد اهلواجس املهّم ة لــدى القائــد‪ ،‬هــو هاجســه فيمــا يتعّل ق بطريقــة حيــاة النــاس الــيت عرّب عنهــا بـ"نمط الحياة" وشـّر ح‬
‫مســائلها مرحلــة مرحلــة‪ .‬والعنــوان األّو ل الــذي طرحــه تبًع ا لبحث منط احليــاة هــو موضــوع "األس‪EE‬رة"‪ .‬هــذه اهلواجس‬
‫األساسـّية حّتمت على مركــز "صهبا" أن يعـّد شــيًئا يف هــذا اجملال من كلمــات القائــد املعّظم‪ ،‬يليّب احتياجــات املراحــل‬
‫املختلفة حلياة األسرة‪ .‬فبدأ التحقيق وجتميع املواّد ‪ .‬وكانت املواضيع الفتة وجّذ ابة من ناحيتني‪:‬‬
‫األولى‪ :‬كيفّية نظرته للمرأة ودورها يف األسرة‪.‬‬

‫والثانية‪ :‬تقدمي النموذج اجلامع لألسرة اإلسالمّية إىل اجملتمعات البشرّية‪.‬‬

‫واجهتنــا بني املســتندات ظــاهرة جذابــة واســتثنائّية هي إلقــاء خطبــة يف جلســات عقــد القــران (الــزواج) من قبــل القائــد‪.‬‬
‫وكان يسود هذه اجللسات جّو محيمّي جًّدا‪ ،‬وهذا يشري إىل حمّبته لزواج الشباب‪ .‬يقول السّيد القائد يف جلسة أســئلة‬
‫وأجوبة له مع الطلبة اجلامعّيني يف جامعة شرياز‪ ،‬حني كان رئيًس ا للجمهورّية‪" :‬إّنني في طهران أج‪EE‬ري ك‪ّE‬ل أس‪EE‬بوع‬
‫عق‪EE‬د ق‪EE‬ران ألح‪EE‬دهم‪ .‬إح‪EE‬دى األعم‪EE‬ال ال‪EE‬تي ح‪EE‬افظت عليه‪EE‬ا وتعت‪EE‬بر من المه‪EE‬ام والمراس‪EE‬م ال‪EE‬تي يق‪EE‬وم به‪EE‬ا علم‪EE‬اء‬
‫الدين‪ .‬إّنني أحّب القيام بهذا األمر"‪ .1‬حتًم ا اخّت ذت هــذه اجللســات يف فــرتة القيــادة املفعمــة بالربكــة مســاًر ا احندارًّيا‪،‬‬
‫ولكّن هذه الُّسّنة احلسنة ال زالت مستمّر ة‪.‬‬

‫‪.12/12/1988 1‬‬

‫‪12‬‬
‫يأخــذ الس ـّيد القائــد الوكالــة من العــروس ويأخــذ عــامل دين آخــر الوكالــة من العــريس‪ .‬لكّن ه قبــل تالوة صــيغة العقــد‪،‬‬
‫خيّص ص عّد ة دقائق للحديث إىل األسر واألزواج الشــباب‪ ،‬ببيـان عـذب‪ ،‬جـّذ اب‪ ،‬ســلس ومفهــوم‪ ،‬فتحكي البســمات‬
‫املرتسمة على شفاه احلاضرين عن وقعه يف قلوهبم وتقّبلهم له‪ .‬إّنه يدرك جّي ًد ا احتياجــات اإلنســان يف العصــر الــراهن‪،‬‬
‫ذلــك أّن االرتبــاط الوثيــق بالنــاس وجســم اجملتمــع‪ ،‬يــؤّدي إىل الــوعي الكامــل مبوقعّي ة األســر اليــوم‪ ،‬واملعرفــة باملشــاكل‪،‬‬
‫وتقدمي اخلطط الكاملة واملتناسبة وشرائط العصر وظروفه‪.‬‬

‫كما إّنه بصفته عامل اجتماع "نحرير"‪ ،‬ينظــر إىل األســرة على أهّن ا النـواة األساسـّية واخللّي ة األصــلّية الــيت توجـد النســيج‬
‫االجتم ــاعي‪ ،‬ويهتّم بالرس ــالة االجتماعّي ة هلذه املؤّس س ــة يف طري ــق اهلدف النه ــائي لتش ــكيل احلض ــارة اإلس ــالمّية‪" :‬إّن‬
‫ه ــدف الش ــعب اإلي ــراّين والث ــورة اإلس ــالمّية ه ــو إجياد احلض ــارة اإلس ــالمّية اجلدي ــدة‪ .‬وتنقس ــم احلض ــارة اجلدي ــدة على‬
‫قسمني‪:‬‬

‫أحـدمها اجلزء األدايت‪ .‬والثـاين اجلزء املضـموين واألساسـي واألصـلي‪ ...‬لكّن اجلزء احلقيقّي يتمّثل يف تلـك األشـياء الـيت‬
‫تشـ ـّك ل مض ــمون حياتن ــا‪ ،‬وهي منط العيش نفس ــه ال ــذي تكّلمن ــا عن ــه‪ .‬ه ــذا ه ــو اجلزء احلقيقّي واألص ــلي للحض ــارة‪،‬‬
‫كموضوع األسرة‪ ،‬منط الزواج‪ ،‬نوع املسكن‪ ،‬طراز اللباس‪ ،‬منوذج االستهالك‪ ،‬نوعّية الطعام‪ ،‬والطبخ‪.1"...،‬‬

‫‪.14/10/2012 1‬‬

‫‪13‬‬
‫املسألة األخرى هي أّن العامل اليوم أسري هليمنة ثقافة الغرب الدعائية‪ ،‬وعلى كّل من يقّد م وصـفة حلّل مشـاكل البشـر‪،‬‬
‫أن يعرف نقائص الثقافة الغربّية‪ ،‬ويقّد م بدائل هلذه النقائص‪ .‬ومساحة اإلمام اخلامنئي مّطلع بنحو تاّم على هذه الثقافــة‬
‫وأركاهنا وأسسها‪ ،‬وإىل جانب رؤيته لنقاط قّو ة هذه الثقافة‪ ،‬لديه معرفة تاّم ة بإحــدى أهّم احنرافاهتا‪ ،‬أي االبتعــاد عن‬
‫النظرة الصحيحة ملوضـوع األسـرة واملرأة‪ .‬لـذا تـراه يؤّك د كثـًريا على املرأة ودورهـا يف األسـرة‪ ،‬ويقـول مـراًر ا وتكـراًر ا‬
‫بأّننا يف موضوع املرأة غرماء للثقافة الغربّية‪.‬‬

‫لكّن النقط ــة األساس ـّية هي أّن مساحة القائ ــد ه ــو زوج وأب بك ـّل م ــا للكلم ــة من مع ــىن‪ .‬وه ــو أّو ل الع ــاملني بالوص ــايا‬
‫والتأكيــدات الــيت يطلقهــا فيمــا يتعّل ق باألســرة‪ .‬وأســلوبه يف التعامــل مــع الوالــدين والزوجــة واألبنــاء وكّناتــه وأصــهرته‬
‫وأحفاده ويف كّل تفاصيل احلياة العائلّية‪ ،‬قد بلغ القّم ة‪ ،‬حبيث جعل ذلـك منـه املثـال احلسـن للنـاس يف هـذا اجملال‪ .‬وإذا‬
‫ما انفتح أمامنا طريق معرفة سرية حياته‪ ،‬لعّم نورها حتًم ا‪ ،‬اجملتمع بتمامه‪.‬‬

‫لقــد تــزّو ج اإلمــام اخلامنئي يف أوج فــرتة النضــال واملواجهــات الثورّي ة‪ ،‬وتشــهد حياتــه اجلهادّي ة حلظــة بلحظــة على أّن‬
‫الثــورة وهنضــة إحيــاء اإلســالم يف إيــران تبــدأ من مؤّس ســة األســرة‪ ،‬الــيت تشــكل اخلاليــا األساس ـّية للنســيج االجتمــاعي‪،‬‬
‫وذلك بكفاح ذوي البصرية من الرجال‪ ،‬وحتريض وتشجيع النساء الصبورات واملستقيمات‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫فيما يلي نورد بالرتتيب مقابلتني ُأجريتا مع زوجته احملرتمة ـ السّيدة خجسته ـ يف العامني ‪ 1983‬و‪:1993‬‬
‫"أذكــر قّص ة حــدثت يف تشــرين الثــاين من العــام ‪ 1977‬ال تغيب عن بــايل أبـًد ا‪ .‬كــانت تلــك املّر ة األخــرية الــيت اعتقــل‬
‫فيها‪ .‬لقد حاصروا منزلنا منذ الساعة السـابعة مسـاًء‪ .‬مل يكن السـّيد اخلامنئي يف املنزل‪ .‬أتى عنـد السـاعة الثانيـة عشـرة‬
‫لياًل ‪ .‬عند الساعة الثالثة بعد منتصف الليل‪ ،‬قرع عناصر األمن (الّس افاك) باب املنزل‪ .‬كان ما زال مستيقًظا‪ .‬اجّت ه حنو‬
‫الباب‪ ،‬وما إن فتحه حىّت وّج ه عناصـر السـافاك فّو هـات بنـادقهم إىل الـداخل وقـاموا بتهديـده‪ ،‬فقـاومهم وأغلـق البـاب‬
‫يف وجههم‪ .‬كنت نائمـ ــة‪ ،‬اسـ ــتيقظت على صـ ــوت انكسـ ــار زجـ ــاج البـ ــاب وصـ ــوت عناصـ ــر السـ ــافاك الـ ــذين كـ ــانوا‬
‫يصـرخون ويقولـون‪" :‬استسـلم‪ ،‬وإّال أطلقنـا النـار‪ ،‬رأيت مصـطفى جالًس ا يف سـريره مـذعوًر ا ويقـول‪ :‬مامـا‪ ،‬لقـد قتلـوا‬
‫والـدي‪ .‬حينهـا التفّت إىل مـا جيري‪ .‬رأيت من خلـف زجـاج البـاب عناصـر السـافاك يكّبلـون يديـه‪ ،‬فيمـا راح بعضــهم‬
‫يضربه وهو يدافع عن نفسه‪ .‬وضعت تشادوري (عباءيت) على رأسي بسرعة‪ .‬دخل أحد العناصر إىل القاعة الـيت كّن ا‬
‫نائمني فيهـا‪ ،‬ووّج ه سـالحه صـويب ومل يسـمح يل باإلتيـان بأّية حركـة‪ .‬يف تلـك األثنـاء اسـتيقظ أخي الـذي كـان بائًت ا‬
‫ليلته عندنا‪ ،‬وهرع إىل القاعة متسائاًل ماذا حدث؟ قلت‪ :‬ال شيء‪ ،‬إهّن ا أعماهلم املعتادة‪ .‬غضب السافاك من كالمي‪.‬‬
‫ك ــان ميثم (اإلبن الث ــاين) يبكي يف مه ــده‪ ،‬مض ــت ف ــرتة من ال ــوقت‪ ،‬هنض ــت وذهبت إىل املطبخ ومن هن ــاك إىل غرف ــة‬
‫املكتبة‪ ،‬حيث كان مساحته‬

‫‪15‬‬
‫ورجــال الســافاك هنــاك‪ ،‬كــانوا مشــغولني بــالبحث بني الكتب‪ .‬وبعــد ع ـّد ة جــوالت من الــدخول واخلروج اهلادئ إىل‬
‫الغرف ــة‪ ،‬س ــحبت منه ــا بعض األوراق واملؤّلف ــات ال ــيت كــان الس ـّيد اخلامنئي ق ــد جه ــد يف تأليفه ــا‪ .‬أّذن لص ــالة الص ــبح‪،‬‬
‫فطلب مساحته منهم أن يؤّدي صالته‪ .‬توّض أ حتت نظر عناصر السافاك‪ ،‬أّدى صالته‪ ،‬ومن ّمث هتّيأوا للــذهاب‪ .‬أيقظت‬
‫األوالد الــذين كــانوا نــائمني‪ ،‬وحىّت ال يشــعروا باالنزعــاج قلت هلم بــأّن والــدهم يريــد الســفر‪ .‬لكّن األوالد حني رأوا‬
‫عناصــر الســافاك بأســلحتهم فهمــوا القضـّية‪ .‬وّدعنــا مساحته وذهب مــع عناصــر الســافاك‪ .‬عنــدما اســتنار الصــباح أكــثر‪،‬‬
‫رأيت دم ــاء على األرض‪ ،‬ال أدري َمِل اّتص ــلوا بع ــد ظه ــر ذل ــك الي ــوم من خمف ــر الش ــرطة وق ــالوا إهّن م يف ص ــدد نقل ــه إىل‬
‫مكان آخر‪ ،‬فإن رغبِت يف رؤيتـه‪ ،‬عليـك اجمليء بأقصــى سـرعة‪ .‬ذهبت برفقـة بعض أصـدقائه إىل خمفــر الشـرطة‪ .‬قابلتـه‬
‫هناك وحينها علمت أّن رجله ُج رحت جّر اء ضرب عمالء السافاك له‪.‬‬

‫يف اليــوم التــايل ذهبت جمّد ًد ا للقائــه فقــال يل‪ :‬لقــد حكمــوين بــالنفي ثالث ســنوات إىل إيرانشــهر‪ .‬بعــد إمضــاء فــرتة من‬
‫حمكومّيته يف إيرانشهر‪ُ ،‬نقل إىل "جيرفت" إحدى توابع "كرمان"‪ .‬وبعد فرتة قصرية وبســبب انتصــار الثـورة‪ ،‬عـاد إىل‬
‫مشهد‪ ،‬وهبذا انتفى ما بقي من مّد ة حمكومّيته تلقائًّيا"‪.‬‬

‫"لقد تزّو جت من مساحته عام ‪ ،1964‬وطبًعا فقد ّمت هذه الزواج وفًق ا ملا كان معتمًد ا ومرسوًم ا يف العائالت املتدّينــة‬
‫آنذاك‪ ،‬فقد أتت والدته إىل منزلنا من أجل اخلطبة‪ ،‬وبعد املداوالت املعتادة ُأقيمت‬

‫‪16‬‬
‫مراسم الزواج‪ .‬لدينا أربعة أبناء وابنتان‪ ،‬وقد ُو ِلد كل أبنائنا قبل الثورة أّم ا ابنتانا فُو لدتا بعد الثورة‪.‬‬

‫لقــد كــانت تلــك الفــرتة (مــا قبــل انتصــار الثــورة) فــرتة شــاّقة وامتحاًن ا إهلًي ا‪ ،‬وكنت قــد جّه زت نفســي لكــل املشــاكل‬
‫احملتملة‪ ،‬فلم أنبس ببنت شفٍة أبًد ا ومل أشُك من أمٍر ما‪ .‬أذكر أّنه خالل األشهر األوىل بعد زواجنا‪ ،‬ســألين زوجي يف‬
‫أحد األيام‪" :‬إن تّم اعتقالي فماذا سيكون موقفك؟" لقــد كــان ســؤااًل غــري متوقــع‪ ،‬وقــد اضــطربت واســتأُت جـًد ا يف‬
‫بــادئ األمــر‪ ،‬لكّن ه حـّد ثين عن املواجهــة وخماطرهــا ومشــاكلها ووظيفــة كــل شــخص يف هــذا اجملال حبيث أقنعــين متاًم ا‪.‬‬
‫وقد فتح مساحته هذا املوضوع يف اليوم نفسه الذي اعُتِق ل فيه اإلمام اخلميين قدس سره للمـّر ة الثانيـًة وجيء بـه من قم‬
‫إىل طهران ومن ّمث ُأقصي إىل تركيا‪ .‬يف ذلك اليوم كان السيد اخلامنئي وآخرون يف مشهد قد جّه زوا أنفسهم إلبــداء‬
‫خمالفتهم واعرتاضــهم على هــذا األمــر‪ ،‬فســألين حينهــا عن رّدة فعلي يف حــال اعتقالــه‪ .‬ومنــذ ذلــك اليــوم هّي أت نفســي‬
‫فكرًي ا ملواجهــة املخــاطر الــيت قــد يواجههــا زوجي يف كفاحــه‪ ،‬لــذا ففي كــل مــرة كــان يتم اعتقالــه أو إبعــاده أو كــان‬
‫يضطر للقيام بنشاطاته خفيًة وبشكل سّرّي ‪ ،‬كنت أحتّم ل كاّفة املشـاكل بسـهولة‪ .‬وفيمـا بعـد عنـدما زاد عـدد أبنائنـا‪،‬‬
‫كانت احلياة تصبح أكثر صعوبة من ذي قبل‪ ،‬وطبًعا كانت يف عناية اهلل دائًم ا ومل أشعر باليأس أبًد ا‪.‬‬

‫أظّن أّن دوري األكرب كان يف حفظ جّو االستقرار واهلدوء يف البيت‪ ،‬حبيث يستطيع مساحته متابعة عمله براحة بال‪.‬‬

‫فكنت أسعى‬

‫‪17‬‬
‫أن أبعد عنه القلـق خبصوصـي أنـا وأوالدي‪ ،‬ويف بعض األحيـان عنـدما كنت أذهب إىل الّس جن ملالقاتـه مل أكن أخـربه‬
‫عن املشاكل اليت كّنا نعانيها‪ ،‬وعندما كان يسألين عن حايل وحال أوالدي مل أكن أخربه إال باألمور اإلجيابية‪ .‬فمثاًل‬
‫مل أكن أخربه عن مرض األوالد خالل لقاءايت به يف السجن‪ ،‬أو يف الرسائل اليت كنت أكتبها له يف فرتة اإلبعاد‪.‬‬

‫بـالطبع‪ ،‬كنت أقـوم بنشـاطات يف جماالت خمتلفـة كنشـر البيانـات ومحل الرسـائل وإخفـاء الوثـائق‪ ،‬ولكيّن أرى أّن هـذه‬
‫ليسـت شـيًئا يـذكر‪ .‬يف آخـر أشـهر الكفـاح كـان مساحته يعمـل يف مـا يتعّل ق برسـائل اإلمـام اخلميـين قـدس سـره اهلاتفيـة‬
‫من بــاريس‪ ،‬فكنت أرســلها إىل مراكــز يف مشــهد واملدن األخــرى إلعــادة تســجيلها ونشــرها وتوزيعهــا‪ ،‬وكنت أمجع‬
‫األخب ــار من مش ــهد وب ــاقي م ــدن خراس ــان وأّتص ــل بب ــاريس‪ .‬ولكيّن أظّن أّن ال ــدعم املعن ــوي ومش ــاركة اآلالم وحف ــظ‬
‫األسرار وحتّم ل املشقات كانت أهّم أعمال النساء اجملاهدات واحلرائر يف ذلك الزمان‪.‬‬

‫(فيما يتعّل ق مبسـاعدته داخـل الـبيت) يف الـوقت احلاضـر‪ ،‬فليس لسـماحته اجملال لـذلك‪ ،‬وال حنن ننتظـر منـه هكـذا أمـر‪.‬‬
‫ولكن لــدى مساحته مــيزة لطيفــة ومجيلــة وميكنهــا أن تكــون منوذًج ا وأســوًة لآلخــرين وهي أّنه عنــدما يتواجــد يف الــبيت‬
‫يســعى أن ُيبقي ج ـّو الــبيت بعي ـًد ا عن املشــاكل املرتبطــة بالعمــل‪ ،‬على الــرغم من أّن ه عــادًة مــا يكــون متعًب ا من العمــل‬
‫اليومي‪.‬‬

‫أنا بصفيت امرأة مسلمة يف اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬وكما‬

‫‪18‬‬
‫بقيــة األخــوات املســلمات‪ ،‬لــدّي بعض املهــام على عــاتقي وأقــوم بتأديتهــا بك ـّل وســعي‪ ،‬لكن ليس لــدّي أّي مســؤولية‬
‫رمسية معّينة‪.‬‬

‫إّننــا مل نســمح لألشــياء الكمالّي ة أن تــدخل بيتنــا منــذ عــدة ســنوات‪ .‬اجلمــال أمــر جّي د‪ ،‬لكن ينبغي أن ال جنعــل أنفســنا‬
‫مقّيدين بأن نعيش حياة الرتف والكمالّيات‪ .‬ليس لدينا يف منزلنا ديكور بـاملعىن املتــداول للكلمــة‪ ،‬أي ســجاد وكنبـات‬
‫غاليــة الثمن ومــا إىل ذلــك‪ ،‬فلقــد حّر رنــا أنفســنا من هــذه األشــياء منــذ ســنوات‪ .‬لقــد كــان والــدا الســيد اخلامنئي مثلنــا‬
‫األعلى يف هذا اجملال‪ ،‬وكانت والدته تنتقد هكذا نوع من الكمالّيات‪ ،‬وأنا أيًض ا أؤمن هبذا الشيء‪ .‬ودائًم ا ما أوصــي‬
‫أوالدنا بأن يكون سلوكهم الشخصي على هذا النحو‪ ،‬فال ضرورة لألغراض الكمالية"‪.‬‬

‫لقــد حصــل لنــا التوفيــق بــأن حنضــر يف جملس درس عــامل إســالمي واجتمــاعي وعــامل بــالقرآن وعــارف بشــؤون الغــرب‬
‫وعــامل عامــل بعلمــه‪ ،‬ليتح ـّد ث إلينــا عن "األســرة"‪ ،‬عن فلســفة الــزواج وأمهّيتــه‪ ،‬عن رأي اإلســالم ورأي الغــرب حــول‬
‫الـ ــزواج‪ ،‬عن الفروقـ ــات واالختالف بني الرج ــل واملرأة‪ ،‬وعن مكان ــة كـ ـٍّل من الرج ــل واملرأة يف األس ــرة و‪ ...‬فهـ ــذه‬
‫مواض ــيع ترتب ــط ببعض ــها البعض كحّب ات املس ــبحة‪ ،‬واخلي ــط ال ــذي يربطه ــا ببعض ــها ه ــو قض ــية األس ــرة وأمهيته ــا‪ .‬ويف‬
‫احلقيقـ ــة لقـ ــد مت احلديث حـ ــول موضـ ــوع األسـ ــرة وموضـ ــوع املرأة‪ ،‬ومتت معاجلة دور املرأة يف األسـ ــرة من نـ ــاحيتني‪:‬‬
‫إحدامها نقد رأي الغرب‪ ،‬والثانية‪ ،‬طرح رأي اإلسالم‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫هذه املواضيع أشبه برواية ذات مضموٍن قّيٍم ‪ ،‬جتذب القارئ الكرمي إىل نفسها وتدعوه لقراءهتا‪ ،‬فموضــوعها موضــوٌع‬
‫ملموس ومن أرض الواقع‪ ،‬وخماطبها ليس فقط األزواج الذين هم يف سن الشباب فحسب‪ ،‬بل كـل من يريـد أن يبـين‬
‫أس ــرة أو بناه ــا وال ي ــزال يف بداي ــة الطري ــق‪ ،‬أو مض ــى على حيات ــه املش ــرتكة س ــنوات وه ــو اآلن يفك ــر يف أم ــر احلي ــاة‬
‫املشرتكة ألبنائه‪ ،‬فيمكنه أن يعتربها موّج هًة إليه‪.‬‬

‫وعن ــد مطالع ــة الكت ــاب بش ــكل دقي ــق نفهم املض ــمون الق ــرآين لآلي ــة الكرمية ﴿َو اْجَعُل وْا ُبُي وَتُك ْم ِقْبَل ًة﴾‪ 1‬وجند أّنن ــا‬
‫مكّلفون مجيًعا بأن نبين بيوًتا وُأَس ًر ا تكون خالية من النقائص اجلّد ّية‪ ،‬سـواًء يف بنائهـا أو دميومتهـا أو حمتواهـا‪ ،‬وتكـون‬
‫متطابقة مع املعايري اليت قّد مها حضرة السيد القائد‪.‬‬

‫جنلس اآلن يف جملس درس أحد امللتزمني باملبـاين اإلسـالمية‪ ،‬والـذي هـو كالشـمس السـاطعة يبعث الضــياء‪ ،‬فننهـل مـاًء‬
‫زالاًل بارًد ا يروينا‪ ،‬ونتعّر ف إىل وجهة نظر اإلسالم يف هذه القضية املهمة‪.‬‬

‫شرح األسلوب المتبع في هذا الكتاب‬


‫خالل إعداد هذا الكتاب مت االقتباس من أكثر من مئة حماضرة لإلمام اخلامنئي‪ ،‬وأكثرها يتعّل ق جبلسـات عقـد القـران‪،‬‬
‫ومؤمترات األفكار االسرتاتيجية حول موضوع املرأة واألسرة‪ ،‬ولقاء املنشدين‬

‫‪ 1‬سورة يونس‪ ,‬اآلية‪.87 :‬‬

‫‪20‬‬
‫وقـّر اء العــزاء يف ذكــرى والدة حضــرة الســيدة الزهــراء (ســالم اهلل عليهــا)‪ ،‬واجللســات مــع النخب من النســاء‪ .‬وألجــل‬
‫صــياغة مبــاحث هــذه احملاضــرات‪ّ ،‬مت اّتبــاع أســلوب (جديــد) على غــرار "إع‪EE‬داد جلس‪EE‬ة مطّو ل‪EE‬ة محبوك‪EE‬ة في محض‪EE‬ر‬
‫سماحة القائد المعّظم" وهو ما سنشرحه يف ما يلي‪:‬‬

‫* اإلعداد‪ :‬من أجل نشر خطابات القائـد العزيـز وأفكـاره‪ ،‬ينبغي العمـل بشـكٍل كـاٍف ومناسـٍب على املتـون‪ ،‬والقيـام‬
‫مبا يصطلح عليه "إعداد كتاب " من خالل انتقاء الكالم بشكل مدروس من خطب مساحته‪ .‬وبالطبع ينبغي يف عمليــة‬
‫إعــداد الكتب‪ ،‬اعتمــاد أســاليب متناســبة مــع املواضــيع حبســب اختالفهــا‪ ،‬أســاليب موّثقــة‪ ،‬إبداعيــة‪ ،‬فصــيحة‪ ،‬واضــحة‪،‬‬
‫جذابة‪ ،‬ومجيلة‪.‬‬

‫* جلس‪EE‬ة‪ :‬ليس يف هــذا الكتــاب عنــوان وهــو ليس مقّس ًم ا إىل فصــول‪ ،‬وّمت ذلــك عن ســابق تصــميم من أجــل احلفــاظ‬
‫على طابع "الجلسة"‪ ،‬فبقراءتنا له نشعر وكأّننا نسـتمع إىل صـوت ولّينـا بنغمتـه الدافئـة‪ ،‬وذلـك يف جلسـة عقـد القـران‬
‫املفعمــة باحليويــة‪ .‬طبًع ا جلســتنا هنــا افرتاض ـّية‪ ،‬جلســة افرتاض ـّية وختيلّي ة‪ ،‬ولكّن كلماهتا حقيقّي ة‪ .‬إّننــا عنــدما نكــون يف‬
‫جلسة ما‪ ،‬ال نعلم ما املعارف اليت سيتّم تقدميها وبأي ترتيب ستكون‪ .‬ويف هذا األسلوب املتبع يف الكتــاب‪ ،‬مت جتّنب‬
‫العنونة (املباشرة) للحفاظ على جّو اجللسة‪ .1‬وكما جنلس يف اجللسة الواقعية ونصغي‬

‫‪ 1‬مث وضع العناوين إىل جانب النصوص يف طريف الصفحات (احملرر)‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫منــذ بــدء الكالم حــىت هنايتــه‪ ،‬فــإّن أفضــل طريقــة ملطالعــة كتــاب "األس‪EE‬رة" هي أن نطالعــه بشــكل متواصــل وال نقطــع‬
‫الق ــراءة إال عن ــد الض ــرورة‪ .‬وم ــع ذل ــك‪ ،‬ف ــإّن ق ــراءة ك ــل قسـ ـٍم من الكت ــاب على ح ــدة ‪ -‬يف املطالع ــات املس ــتقبلية ‪-‬‬
‫سيكون هلا حالوهتا وجاذبّيتها وبريقها اخلاص هبا‪.‬‬

‫* مطّو لة‪ :‬هــذه الكلمــة تعرّب عن كــون هــذا املنت املتماســك طــوياًل ‪ .‬وهــذا ال يعــين بالضــرورة ضــخامة الكتــاب‪ ،‬بــل إّن‬
‫أي جلسة يطول زمان انعقادها ُيقال هلا مطّو لة‪.‬‬

‫* محبوكة ‪ :‬أي مرتابطة ومتشابكة ببعضها البعض‪ .‬فألجل إعداد جلسة واحدة مطّو لـة من مـا يزيـد عن مائـة جلسـة‪،‬‬
‫ينبغي إدغام املطالب ببعضها وفق نظـام منطقي‪ ،‬فتقطيـع احملاضـرات ووضـعها إىل جـانب بعضــها البعض يـأيت حتًم ا يف‬
‫إطار مواضيع مرتبطة‪ ،‬وإن مل يلتفت القارئ إىل التواريخ ما بني احملاضرات‪ ،‬فسيشعر بتماسك النص وجتانسه‪.‬‬

‫* في محض‪EE‬ر‪ :‬إن كــل املطــالب الــواردة يف الكتــاب هي عني كالم مساحته‪ ،‬ويف احلاالت املعــدودة الــيت أضــيفت فيهــا‬
‫بعض الكلم ــات إىل النص‪ ،‬مت اس ــتعمال عالم ــة ( )‪ ،‬وإذا ك ــان هن ــاك مقط ــع من النص ق ــد ُح ذف بس ــبب التك ــرار أو‬
‫اخلروج عن املوضوع‪ ،‬فقد متت اإلشارة إليه بنقطتني متتاليتني (‪.)..‬‬

‫ويف هنايــة الكتــاب ّمت إدراج فهــرس مبواضــيع الكتــاب‪ ،‬ميكن للقــارئ أن يعــثر من خاللــه على املطلب الــذي يريــده بعــد‬
‫مطالعته للكتاب كاماًل ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ومن األفضــل أن يقــوم كــل قــارئ بتــدوين عالمــات وإشــارات يف حاشــية الكتــاب وفًق ا لفهمــه وللقضــايا الــيت حتيــط بــه‬
‫وترتبط حبياته الشخصية‪ ،‬حبيث تساعده على مراجعة املطالب أو العثور عليها يف املستقبل‪.‬‬

‫يف اخلت ــام‪ ،‬كم من األزواج ال ــذين ك ــانوا مش ــتاقني من ص ــميم قل ــوهبم ألن يب ــدأوا حي ــاهتم املش ــرتكة يف حمض ــر ولّيهم‪،‬‬
‫ولكّنهم مل حيّققـ ــوا هـ ــذا األمـ ــل‪ .‬أولئـ ــك من خالل علمهم بالرؤيـ ــة اإلهلّي ة ملقتـ ــداهم‪ ،‬جعلـ ــوا مهـ ــورهم أربـ ــع عشـ ــرة‬
‫مسكوكة ذهبّية أو أقّل‪ ،‬أو حىّت جعلوه مهر السّنة‪ ،‬على أمل أهّن م إن مل يبدأوا حيـاهتم املشـرتكة بعقـد قـراهنم بواسـطة‬
‫القائد‪ ،‬فباحلّد األدىن يكونون قد متاهوا وتناغموا مع حلن كالمه‪.‬‬

‫واآلن‪ ،‬فإّنه من اجلدير بكّل من حيسب نفسه من األبناء املعنويني هلذا األب احلنون واحلكيم‪ ،‬أن جيعل سلوكه وحالتـه‬
‫كما يريد مساحته‪ ،‬وأن يضع نفسه يف مسار طريق العمل الصاحل من خالل (االمتثـال) لتوجيهــات مساحته وإرشــاداته‪،‬‬
‫وأن ال يرضى (لنفسه) اخلروج عن دائرة رأي مساحته قيد أمنلة‪ ،‬أو الغفلة عنها ولو للحظة‪.‬‬

‫صدر هذا العمل باللغة الفارسية في شهر أيلول ‪ 2013‬الموافق‬


‫ألّيام شهر رمضان المبارك من العام ‪1434‬ق‬

‫‪23‬‬
24
‫الجلسة‬

‫استهالل‬
‫بســم اهلل الــرمحن الــرحيم‪ .‬احلمــد هلل إقــراًر ا بنعمتــه‪ ،‬وال إلــه إال اهلل إخالًص ا لوحدانّيتــه‪ ،‬والصــالة والســالم على أشــرف‬
‫برّيت ــه وعلى األص ــفياء من عرتت ــه‪ .‬وبعـ ـُد فق ــد ك ــان من فض ــل اهلل على األن ــام أن أغن ــاهم ب ــاحلالل عن احلرام‪ ،‬فق ــال‪:‬‬
‫ِس‬ ‫ِلِه‬ ‫ِم‬ ‫ِن‬ ‫ِئ‬ ‫ِلِح ِم ِع ِد‬ ‫ِم‬ ‫ِك‬
‫﴿َو َأن ُح وا اَأْلَياَمى نُك ْم َو الَّص ا يَن ْن َب ا ُك ْم َو ِإَم ا ُك ْم ِإن َيُك وُنوا ُفَق َر اء ُيْغ ِه ُم الَّل ُه ن َفْض َو الَّل ُه َو ا ٌع‬
‫َعِليٌم﴾‪ .1‬وق ــال رس ــول اهلل ص ــلى اهلل علي ــه وآل ــه وس ــلم‪" :‬النك‪EE‬اح س ‪ّE‬نتي فمن رغب عن س ‪ّE‬نتي فليس مّني"‪ 2‬وق ــال‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم‪" :‬من تزّو ج فقد أحرز نصف دينه‪ ،‬فليّتق اهلل في الّنصف اآلخ‪EE‬ر" وقــال صــلى‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪" :‬تناكحوا تناسلوا َتكاُثروا فإّني ُأباهي بكم األمَم يوم القيامة ولو بالّس قط"‪.3‬‬

‫نســأل اهلل ســبحانه وتعــاىل أن يبـارك الليلــة هـذا العقــد الــذي أجريـه لكم أّيهـا الشــباب املســلمون والشــاّبات املســلمات‪،‬‬
‫وأن يوّفقكم للعمل بوظائف الزوجّية والزواج‪ .4‬وأن ُيوّفقكم للحياة مع بعضكم عمًر ا‬

‫‪ 1‬سورة النور‪ ,‬اآلية‪.32 :‬‬


‫‪.1998 / 4 / 15 2‬‬
‫‪.2002 / 10 / 3 3‬‬
‫‪.1984 / 5 / 4 4‬‬

‫‪25‬‬
‫مديًد ا هبناءة عيش وسعادة‪ .1‬وأن تكون مثرة هذا الزواج ُأسًر ا صاحلة وسليمة ومؤمنة ومتدّينة‪.2‬‬

‫أوّد يف البداية أن أّو جه بعض النصائح للعرائس والعرسان وعائالهتم‪ ،‬ومن ّمث أجري صيغة العقد‪.3‬‬

‫يف هذا العقد الذي جنريه‪ ،‬إمّن ا يف احلقيقة‪ ،‬نربط ونصل شخصني أجنـبّيني (من الناحيـة الشـرعية) عن بعضـهما البعض‪،‬‬
‫هبذه الكلمات القليلة‪ ،‬ليصبحا أشّد قرًبا وموّدة وارتباًطا ببعضهما من كّل العامل‪.‬‬

‫ثانًي ا‪ ،‬إّنن ــا نوج ــد من خالل ه ــذا العقـ ــد خلّي ة جدي ــدة يف جسـ ــد اجملتم ــع‪ ،‬حيث يتشـ ـّك ل جس ــد اجملتم ــع من خالي ــا‬
‫العائالت‪.4‬‬

‫بالطبع‪ ،‬إّن الفائدة األهّم للزواج هي بناء العائلة واألسـرة‪ ،‬وبـاقي األمـور إمّن ا هي مسـائل فرعّي ة وثانوّية أو رافـدة هلذه‬
‫املس ــألة‪ ،‬كالتوال ــد والتك ــاثر أو إش ــباع الش ــهوة اجلس ــدية‪ ،‬فه ــذه كّله ــا ت ــأيت يف الدرج ــة الثاني ــة‪ ،‬وي ــأيت تش ــكيل العائل ــة‬
‫واألسرة يف الدرجة األوىل‪.5‬‬

‫لقد عّد شرع اإلسالم املقّد س الزواج أمًر ا الزًم ا بالنسبة للرجال‬

‫‪.6/12/2002 1‬‬
‫‪.23/8/1996 2‬‬
‫‪.29/5/2002 3‬‬
‫‪.2/3/1995 4‬‬
‫‪.8/2/2002 5‬‬

‫‪26‬‬
‫والنساء‪ ،‬ألّن قوام احلياة البشرّية نواته األسرة‪ ،‬الـيت تقـوم بـالزواج‪ .1‬ولـذا‪ ،‬فـإّن الـزواج موجـود يف كـّل األديـان وامللـل‬
‫واملذاهب‪ ,2‬وهو ليس خمتًّص ا باإلسالم‪ .3‬وكّل الزجيات بني أهل امللل واألديان فيما بينهم صحيحة‪ ،‬لذا‪ ،‬إذا ما أســلم‬
‫شــخص من أّي دين أو مــذهب غــري اإلســالم ‪-‬ولنفــرتض أّن رجاًل وزوجتــه أســلما‪ -‬فــإّن ذلــك الــزواج الــذي عقــداه‬
‫حبســب دينهمــا الســابق صــحيح‪ .4‬فاإلســالم يــرى بــأّن عقــود أبنــاء األديــان األخــرى وزجياهتم‪ ،‬وارتباطــاهتم صــحيحة‪،‬‬
‫ويع ـّد مها (من تــزّو ج منهم طبًق ا ملعــايري مّلتــه) زوج ـًة وزوًج ا‪ ،‬وأوالدهم أوالد حالل‪ .5‬وال يطلب منهمــا جتديــد عقــد‬
‫الزواج‪ ،‬بعبارة أخرى‪ ،‬حيرتم اإلسالم كّل الزجيات اليت ُأجريت يف األديان واملذاهب األخرى‪ .‬ذلك أّن أصل الزواج‪،‬‬
‫هذا العقد الشريف بني الرجل واملرأة لبدء حياة مشرتكة فيما بينهما‪ ،‬هو أمر معترب ومقّد س يف مجيع األديان‪.6‬‬

‫غالًبا ما تكون مراسم الزواج مراسم دينّي ة‪ ،‬فيقيمهـا املسـيحّيون يف الكنـائس واليهـود يف الكـنيس‪ ،‬أّم ا املسـلمون فـإهّن م‬
‫وإن كانوا ال يقيموهنا يف املساجد‪ ،‬إاّل أهّن م إن استطاعوا يقيموهنا يف املشاهد‬

‫‪.2/3/1984 1‬‬
‫‪.2/3/1984 2‬‬
‫‪.9/3/1984 3‬‬
‫‪.2/3/1984 4‬‬
‫‪.31/7/1996 5‬‬
‫‪.2/3/1984 6‬‬

‫‪27‬‬
‫املشـّر فة‪ ،1‬أو يف األّيام املباركـة وعلى يـد علمـاء الـدين باخلصـوص‪ .‬وهكـذا‪ ،‬فـإّن عـامل الـدين عنـدما جيلس ليعقـد قـران‬
‫أحدهم فإّنه خيطب خطبة دينّية‪ .‬وعليه‪ ،‬فالصـبغة صـبغة دينّي ة متاًم ا‪ .‬وللـزواج جنبـة قدسـّية‪ ،2‬غايـة األمـر أّن الـزواج يف‬
‫اإلس ــالم ق ــد ض ــمن ش ــرائط خاّص ة وأحك ــام حمّد دة‪ ،‬تق ـّو ي ه ــذه الرابط ــة وتوّثقه ــا وك ــذا خترجه ــا من ح ــال القيم غ ــري‬
‫املعت ــربة إىل القيم املعت ــربة‪ .3‬م ــا مع ــىن ه ــذا؟ معن ــاه أّنن ــا ومبج ـّر د ال ــدخول يف ه ــذه املرحل ــة‪ ،‬جنّد د العه ــد م ــع اهلل املتع ــال‬
‫بالتزاماتنا الدينّية‪ ،‬ويكون البدء باحلياة األسـرّية مقرتًنا بالتوّج ه إىل اهلل‪ .‬لـذلك ُح ّد دت لكـّل املسـلمني تكـاليف عبادّية‬
‫خاصة ليلة الزواج‪ ،‬من صلوات مستحّبة ودعاء وغريها‪.‬‬

‫يظّن أصحاب القلوب الغافلـة بـأّن مرحلـة الـزواج هي مرحلـة إطفـاء الشـهوة فقـط‪ ،‬ومرحلـة إشـباع الرغبـات النفسـّية‪،‬‬
‫إال أّن احلقيقة مغايرة لذلك‪ .‬إّن إشباع الرغبات النفسّية‪ ،‬وتلبية االحتياجات الطبيعّية أمر الزم وال إشـكال فيـه أيًض ا‪،‬‬
‫وهــو أمــر مستحســن كثـًريا ـ لكن حىّت تلبيــة احلاجــات الطبيعّي ة‪ ،‬ينبغي أن يكــون مقروًنا بتــذّك ر اهلل‪ ،‬والتوّج ه إليــه ويف‬
‫سبيله‪ .‬عندما تأكلون أيًض ا‪ ،‬تبدأون بـ"بسم اهلل الرحمن الرحيم" وعندما تنهون تقولــون "الحمد هلل" وتشــكرون اهلل‬
‫تعاىل‪ .‬وهل هناك شيء أكثر طبيعّية من األكل؟! ينبغي لتشكيل األسرة أن يكون جتديد‬

‫‪ 1‬مشاهد األئّم ة وأبنائهم عليهم السالم‪.‬‬


‫‪.13/1990 2‬‬
‫‪.9/3/1984 3‬‬

‫‪28‬‬
‫عهــد جديــد مــع اهلل املتعــال‪ ،‬مبعــىن أن يستحضــر ك ـّل إنســان العهــد الــذي عاهــده هلل تعــاىل ويــراعي اهلل ســبحانه بــه يف‬
‫اخلطــوة األوىل من مرحلــة الــزواج‪ .1‬لــذا‪ ،‬فإّن ه من الســهل جــًّدا أن حيصــل اإلنســان على األجــر أيًض ا عن طريــق هــذا‬
‫اإلقدام والعمل الذي تقتضيه طبيعته وحاجته‪ ،‬ألّنه سّنة‪ ،‬وقد أقدم على هذا العمل هبدف أداء سّنة الرســول صــلى اهلل‬
‫عليه وآله وسلم وطاعة أمره‪.2‬‬

‫للــزواج أّمهّي ة بالغــة يف اإلســالم‪ .3‬ومــع أّنه مل ُيصـّنف شــرًعا من مجلــة الواجبــات‪ ،‬إاّل أّنه قــد ّمت احلّث والــرتغيب بــه إىل‬
‫درجـة يفهم اإلنسـان منهـا إصـرار اهلل تعـاىل عليـه‪ .4‬وتكمن األمهّي ة يف أّن الـزواج حاجـة طبيعّي ة واإلسـالم يـويل األمهّي ة‬
‫حلاج ــات اإلنس ــان الطبيعّي ة‪ ،‬وينبغي ل ــه تش ــخيص الطري ــق الس ــليم لقض ــاء ه ــذه احلاج ــة وق ــد شّخ ص ــه بالفع ــل‪ ،‬وه ــو‬
‫بالزواج‪ .5‬لكّل من الرجل واملرأة حاجة جنسّية‪ ،‬وال ميكن هلذه احلاجة أن تكون من دون قيــود‪ ،‬ومرتوكــة‪ .‬ومن غــري‬
‫اجلائز أن تكــون كــذلك‪ ،‬بــل ينبغي وضــع حــدود وضــوابط هلا‪ ،‬وح ـّد ها هــو الــزواج‪ .‬لــذلك يقــول‪" :‬من ت‪EE‬زّو ج فق‪EE‬د‬
‫أحرز نصف دينه"‪ .‬ما هو نصف الدين الذي حُي رز؟ بعض منه هو ذلك الشيء الذي ُيهّد د اإلنسان من ناحية‬

‫‪.21/10/2002 1‬‬
‫‪.29/1/1998 2‬‬
‫‪.2/3/1984 3‬‬
‫‪.2/3/1984 4‬‬
‫‪.9/3/1984 5‬‬

‫‪29‬‬
‫ميولــه اجلنس ـّية‪ .‬فــامليول اجلنس ـّية تســلب دين الكثــري من البشــر‪ ،‬وتوقــع الكثــري منهم يف املشــاكل‪ ،‬ويف التيــه والضــالل‪.‬‬
‫والوقـوف بوجههـا يكـون بإشـباع هـذه امليـول اجلنسـّية‪ ،‬وتلبيتهـا وعـدم كبحهـا‪ ،‬لكن كيـف؟ بالضــابطة والقـانون‪ ،‬أي‬
‫بالزواج‪ .‬الحظوا كم هو الزواج مهّم ‪.1‬‬

‫وهـذا األمــر ليس خمتًّص ا باإلنســان‪ ،‬ذلــك أّن ارتبـاط املوجـوَد ين هـو وســيلة السـتمرار احليــاة‪ .‬وهـو موجـود يف النباتـات‬
‫ويف احليوانــات بنحــو مــا‪ ،‬وهكــذا هــو موجــود يف اإلنســان‪ ،‬غايــة األمــر‪ ،‬ألّن اإلنســان متمّي ز من قبــل اهلل تعــاىل بالعقــل‬
‫واإلرادة فقد ُح ّد دت لعالقته الزوجّية قواعد ورسـوم‪ ،‬وذلـك إلعطـاء األمهّي ة حلدث زواج املوجـوَد ين وارتبـاط القلـبني‬
‫ببعضــهما وإجياد مؤّس ســة جديــدة يف احمليــط االجتمــاعي للبشــر‪ .‬والقواعــد والرســوم الســالفة ليســت خمتّص ة باإلســالم‪،‬‬
‫فلجميع األديان وامللل قواعدها وقوانينها‪ .‬بالطبع‪ ،‬لقد سعى اإلسالم جلعل هذه الرسوم أكـثر سـهولة وبسـاطة‪ .‬وأوىل‬
‫اهتمامـًا خاصـًا للــزواج‪ ،‬فقــد شـّج ع النــاس والشـّبان والشــاّبات على أصــل الــزواج‪ ،‬كمــا شـّج عهم على إدارة املؤّس ســة‬
‫اجلديدة املتشّك لة بالزواج‪ ،‬وكذا على استمرار االرتباط الزوجي‪ ،‬واملواضيع الثالثة هي مورد تأكيد اإلسالم‪.‬‬

‫وعن أصل موضوع الزواج‪ ،‬ورد عن النّيب صلى اهلل عليه وآله وسلم أّنه رأى شاًّبا أعجبه مظهره‪ ،‬فنــاداه وســأله‪ :‬هــل‬
‫لك حرفة‪ ،‬فقال‪ :‬ال‪ ،‬قال النّيب ‪ :‬ألك زوجة‪ ،‬قال ال‪ .‬فأعرض النـّيب صــلى اهلل عليــه وآلــه وســلم عنــه وقــال‪" :‬سقط من‬
‫عيني"‪ .‬الحظوا‬

‫‪.2/3/1984 1‬‬

‫‪30‬‬
‫ما للزواج من أمهّية‪ ،‬حبيث ُأّنب املتهّر ب منه كما ُأّنب العاطل عن العمل‪.1‬‬

‫ل ــذا‪ ،‬من األّمهّي ة مبك ــان أن نلتفت إىل نظ ــرة اإلس ــالم فيم ــا يتعّل ق ب ــالزواج‪ .‬واملس ــألة األوىل يف ه ــذه النظ ــرة‪ ،‬هي أّن‬
‫اإلسالم حيّث الشباب على الزواج‪ ،‬ويف عمـر مبكـر أيًض ا‪ ،‬أي حني احلاجـة إليـه‪ .‬وال يعـين هـذا أّننـا نصـّر على الـزواج‬
‫بأسرع ما ميكن‪ ،‬وأّن ذلك هو األفضل‪ ،‬ال‪ ،‬بل أن يتّم الزواج عندما يشعر اإلنسان باحلاجة إليه‪ .‬سواًء كــان شـاًّبا أم‬
‫فتاًة‪ .‬وال يسمحّن مبرور السنني على هذا األمر‪.2‬‬

‫لق ــد أّك د الرس ــول األك ــرم ص ــلى اهلل علي ــه وآل ــه وس ــلم على ال ــزواج املبك ــر للش ــباب ‪ -‬س ــواء الش ـّبان أم الفتي ــات ‪-‬‬
‫وبــالطبع‪ ،‬بــرغبتهم واختيــارهم‪ ،‬ال أن يقـّر ر اآلخــرون عنهم‪ .‬وعلينــا حنن أيًض ا أن نــرّو ج هلذه املســألة يف جمتمعنــا‪ .‬على‬
‫الش ــباب أن ي ــتزّو جوا قب ــل أن يتج ــاوزوا مرحل ــة الش ــباب‪ ،‬ويف مرحل ــة احلم ــاس والش ــوق والرغب ــة‪ .‬وه ــذا خمالف لفهم‬
‫الكث ـ ــري من األش ـ ــخاص ال ـ ــذين ي ـ ــرون ب ـ ــأّن الزجيات يف مرحل ـ ــة الش ـ ــباب هي زجيات غ ـ ــري ناض ـ ــجة وحمكوم ـ ــة بع ـ ــدم‬
‫االســتمرارّية‪ .‬والعكس هــو الصــحيح‪ ،‬فــإذا مــا ّمتت بالصــورة الصــحيحة ســتكون زجيات مســتدامة وجّي دة‪ ،‬وســيعيش‬
‫الرجل واملرأة يف مثل هذه العائالت حالة وفاق تاّم‪.‬‬

‫وما يفعله البعض من تأخري سّن الزواج إىل أواسط العمر‪ ،‬كما‬

‫‪.4/3/2003 1‬‬
‫‪.9/3/1984 2‬‬

‫‪31‬‬
‫ه ــو رائج ومعم ــول ب ــه يف الع ــامل الغ ــريب واحلض ــارة الغربّي ة‪ ،‬ه ــو مث ــل معظم أفك ــارهم املغلوط ــة‪ ،‬خمالف لفط ــرة البش ــر‬
‫ومصــلحتهم‪ ،‬وناشــئ من إقبــاهلم على الشــهوة والتحّل ل من القيــود‪ .1‬كــان هــذا دأب بعض الثقافــات الدخيلــة‪ ،‬حيث‬
‫أدخلها األوروبّيون إىل بالدنـا‪ ،‬وقــالوا إّن على الشــباب أن يـؤّخ روا زواجهم حىّت ينهــوا تعليمهم وحيصــلوا على عمــل‪،‬‬
‫وال أعلم إن كان ال بـّد للعمـل هـذا أن يكـون إدارًّيا أم ال؟ ومن ّمث يـتزّو جون‪ .‬كمـا ال معـىن لـزواج الفتيـات يف أوائـل‬
‫سـ ـّن البل ــوغ‪ ،‬وينبغي عليه ــا االنتظ ــار حىّت تك ــرب وخترب كـ ـّل ش ــيء يف ه ــذه ال ــدنيا‪ ،‬ومن ّمث ت ــتزّو ج‪ .‬ك ــان ه ــذا رس ــم‬
‫األوروبّيني‪ .‬وهــو أمــر س ـّيئ جــًّدا‪ .‬ألهّن م يــؤّخ رون الــزواج ليس من بــاب أهّن م ال يعتقــدون حباجــة الشــباب اجلنس ـّية يف‬
‫سّن الشباب‪ ،‬بل إهّن م يعون ذلك متاًم ا ويؤمنون بأّن احلاجة اجلنسـّية موجـودة‪ ،‬غايـة األمـر أهّن م يـرون أّن على الشـباب‬
‫يف مرحلة الشباب قضاء حاجاهتم اجلنسية بشكل حـّر ‪ ،‬أي عـرب ذلـك الشـيء الـذي نعتـربه حنن فسـًق ا ومعصـيًة ويـؤّدي‬
‫إىل ختريب وضع اجملتمع‪.‬‬

‫ل ــذلك أيًض ا‪ ،‬مل يكن ارتب ــاط ال ــزوج والزوج ــة الغ ــربّيني واملتغ ـّر بني ارتباًط ا حمكًم ا وقوًّي ا‪ .‬انظ ــروا إىل اُألس ــر القدمية‪،‬‬
‫يعيش ــون م ــع بعض ــهما مخس ــني‪ ،‬س ــتني‪ ،‬س ــبعني عاًم ا‪ ،‬وبع ــد ذل ــك عنــدما ميوت أحــد هــذين العج ــوزين‪ ،‬يعيش اآلخــر‬
‫لسنوات يف حال عزاء عليه‪ .‬لقد ُأقيم بناء الزواج على احملّبة‪ ،‬كانا يكّنان احملّبة واإلخالص الواحد منهما لآلخر‪،‬‬

‫‪.15/4/1998 1‬‬

‫‪32‬‬
‫ومل جيذهبما خــارج إطــار األســرة شــيء يف جمال اجلنس والعالقــة اجلنس ـّية‪ ،‬لكّن املرأة والرجــل الغــربّيني ليســا كــذلك‪،‬‬
‫األس ــرة عن ــدهم وح ــدة ال أس ــاس هلا‪ ،‬ليس ــت حمكم ــة‪ ،‬س ــرعان م ــا تتالش ــى‪ ،‬والطالق كث ــري‪ ،‬وحيث ال يوج ــد طالق‬
‫يكون الطالق عملًّيا‪ .‬فاملرأة والرجل قد أمضيا فرتة شـباهبما ‪ -‬ال أقـول كّلهم‪ ،‬بـل معظمهم كـانوا كـذلك ومعظمهم‬
‫اآلن كــذلك ‪ -‬من دون أن يكونــا حمتــاجني إىل بعضــهما اآلخــر‪ ،‬وقــد أقبال ‪ -‬بعــد ذلــك ‪ -‬على الــزواج بعــد إشــباع‬
‫رغباهتمــا واإلحســاس بعــدم احلاجـة‪ .‬مــع املالحظــة‪ ،‬أهّن مــا مل يقّي دا نفســيهما يف إطــار األســرة‪ .‬ال هي وال هـو‪ ،‬والشــيء‬
‫الذي يربطهما ببعضهما هـو غرفـة‪ ،‬وشـّق ة سـكنّية‪ ،‬ومكـان مـادّي ‪ ،‬ال أمـر معنـوّي ورابطـة روحّي ة‪ .‬فمـا هـو عليـه تلـك‬
‫اُألسر والعائالت‪ ،‬ليس بعائلة‪.‬‬

‫إّن املرأة والرجــل الكبــريين عنــدما يتق ـّد مان يف الس ـّن ‪ -‬وتكــون شــيخوختهما قبــل أواهنا‪ ،‬فالشــخص ذو الس ـّتني عاًم ا‬
‫يك ــون رجاًل عج ــوًز ا بك ـّل م ــا للكلم ــة من مع ــىن ‪ -‬فه ــذان لن يع ــودا يش ــعران بل ـّذ ة احلي ــاة‪ ،‬أبن ــاء الس ـّتني عاًم ا عن ــدنا‬
‫يص ــبحون يع ـّد ون األحف ــاد وم ــا جن ــوه من أوالد‪ ،‬لق ــد أص ــبحوا اآلن ثالثني‪ ،‬اث ــنني وثالثني‪ ،‬أّم ا (الغربّي ون) فال‪ ،‬فهم‬
‫منفص ــلون من األســاس‪ ،‬ألن هــذه املؤّس س ــة‪ ،‬مل تكن قائم ــة منــذ البدايــة على احملّب ة واحلميمّي ة‪ ،‬بــل كــانت قائم ــة على‬
‫ال ــربودة وع ــدم االك ــرتاث وعلى الش ــبع ‪ ...‬ب ــالطبع‪ ،‬ال أق ــول إهّن م كّلهم هك ــذا‪ ،‬وإّن عائالتن ــا وأس ــرنا كّله ــا محيمّي ة‬
‫وجّي دة‪ ،‬نعم‪ ،‬الشــكل الغــالب هــو هكــذا‪ ،‬الشــكل الغــالب عنــدنا هــو هكــذا‪ ،‬والشــكل الغــالب عنــدهم هــو ذاك‪ .‬وقــد‬
‫أدخلوا هذا‬

‫‪33‬‬
‫األمر إىل إيـران أيًض ا‪ ،‬وإىل البيئـات اإلسـالمّية‪ .‬واإلسـالم ال يقبـل هبذا‪ .‬اإلسـالم يقـول ال‪ ،‬فليـتزّو ج الشـاّب والفتـاة يف‬

‫بداي ــة اإلحس ــاس باحلاج ــة إىل ال ــزواج‪ ،‬وليش ـّك ال أس ــرة‪ ،‬م ــاذا ينتظ ــران؟ ل ــذا يق ــول‪" :‬إّن ش ‪ّE‬ر الن‪EE‬اس الع ‪ّE‬ز اب"‪ ،‬س ــواًء‬
‫الشاّب أو الفتاة‪ .‬أي إّن الذي حيتاج إىل امرأة وال يتزّو ج‪ ،‬واليت حتتاج إىل رجل وال تتزّو ج فهما شّر الناس‪.‬‬

‫(املسألة التالية) هي أّن الزواج نعمة إهلّية كربى‪ ،‬وحيث إّن لكّل نعمة شـكًر ا‪ ،‬يكـون شـكر هـذه النعمـة باحلفـاظ على‬
‫رابطـة الـزواج قوّية وحمكمـة‪ ،‬وبعـدم السـماح للمشـاكل واألحـداث‪ ،‬والضــغائن‪ ،‬واالنتقـادات غـري البّن اءة‪ ،‬واجلداالت‬
‫الكثرية والنفقات املضّر ة‪ ،‬بأن تزلزل هذه الرابطـة وهـذه املؤّس سـة العائلّي ة الـيت تأّس سـت وتشـّك لت بصــيغة العقـد الـذي‬
‫أجريناه‪.1‬‬

‫بصــيغة العقــد هــذه الــيت نتلّف ظ هبا وننشــئها‪ ،‬وهي أمــر اعتبــارّي ـ توجــد عالقــة اعتبارّي ة بينكمــا‪ ،‬وينبغي على الشــاّب‬
‫والفتاة أن يبذال سعيهما ليحافظا على هذه العالقة‪.2‬‬

‫اجلمي ــع يه ــدف إىل أن تق ــوم ه ــذه املرحل ــة وهي املرحل ــة األس ــاس من حي ــاة اإلنس ــان على اهلن ــاء والس ــالمة وس ــعادة‬
‫الطــرفني‪ .‬وعليكمــا أنتمــا أن تعمال على أن تكــون كــذلك‪ .‬بنــاًء عليــه‪ ،‬ك ـّل أمــر يض ــعف ركن العائلــة‪ ،‬جيب أن ُيع ـّد‬
‫ممنوًع ا من قبلكمـا‪ .‬فبعض الشـكايات والتـذّم رات الـيت ال طائـل منهـا‪ ،‬والتوّقعـات الكبـرية‪ ،‬والقيـود غـري اجملديـة‪ ،‬تـؤّدي‬
‫إىل‬

‫‪.9/6/2003 1‬‬
‫‪.11/9/1991 2‬‬

‫‪34‬‬
‫تعكري جّو األسرة الوّدّي والصــايف‪ .‬وهـذا الصــفاء والـوّد ال يتأّتيـان عـرب املال واألوامـر وأمثـال هـذه األمـور‪ .1‬حـذاِر أن‬
‫تض ــعف ه ــذه املؤّس س ــة من خالل الش ــكايات‪ ،‬والض ــغائن‪ ،‬وك ــثرة التطّلب ــات والتوّقع ــات‪ ،‬وع ــدم املوّدة‪ ،‬وأحياًن ا ع ــرب‬
‫تدّخ ل اآلخرين وأمثاهلا‪ .‬الشيء املهّم هو أن يسعى كّل من الشاّب والفتاة إىل احلفاظ على هذه العالقة الزوجّية‪.‬‬

‫كيــف ميكن لكم احلفــاظ على هــذه العلقــة؟ بــالطبع‪ ،‬األنــاس العــاقلون واألذكيــاء وذوو اإلحســاس والوجــدان الصــادق‬
‫جيدون الطريــق لــذلك‪ .‬وهــذا حيصــل عن طريــق الثقــة‪ ،‬واحلّب املتبــادل‪ .‬أن ال تفــرض املرأة على الرجــل شــيًئا وتظلمــه‪،‬‬
‫وال يظلم الرج ــل املرأة ويك ــون متطّلًب ا‪ ،‬أن يكون ــا ك ــرفيقني وش ــريكني‪ ،‬خملص ــني لبعض ــهما ومقـ ـّر بني لُتحف ــظ ه ــذه‬
‫املؤّس سة‪ .2‬وإذا ما ُعمل مبقتضى ذلـك التكليـف‪ ،‬سـيكون هـذا العقـد مبارًك ا‪ ،‬ويصـبح مبارًك ا أكـثر إن شـاء اهلل بفعـل‬
‫أيــديكم‪ .‬إحــدى األمــور الــيت جتعــل العقــد مبارًك ا‪ ،‬هــو أن يشــعر ك ـّل من املرأة والرجــل بــأّن عليهمــا يف هــذه املرحلــة‬
‫اجلديدة من احلياة وظائف ينبغي هلما أداؤها‪ .‬ادخلوا هذه املرحلة اجلديدة من احليـاة هبذا اإلحســاس‪ .‬ألّن الــزوجني يف‬
‫احليــاة األســرّية مكّم لني لبعضــهما اآلخــر‪ ،‬وال واحــد منهمــا كامــل من دون اآلخــر‪ .‬ال تظّن وا بــأّن أحــدمها هــو األصــل‪،‬‬
‫والثاين هو الفرع‪ ،‬الزوج هو األصل مثاًل ‪ ،‬والزوجة هي الفرع‪ ،‬أو طبًق ا لبعض العادات األخرى‪ ،‬الزوجة هي األصــل‬
‫والزوج هو الفرع وتابع هلا‪ ،‬ال‪ ،‬ال‬

‫‪.19/9/2002 1‬‬
‫‪.11/9/1991 2‬‬

‫‪35‬‬
‫أحــد منهمــا هــو األصــل ليكــون اآلخــر فرعــه‪ ،‬وال أحــد منهمــا فــرع لآلخــر‪ ،‬وجممــوع هــذين مــع بعضــهما وإىل جــانب‬
‫بعضــهما هــو األصــل‪ ،‬وك ـّل منهمــا حمتــاج لآلخــر‪ ،‬ليس فقــط االحتيــاج اجلنســي والشــهواين‪ ،‬بــل االحتيــاج الــروحي‪،‬‬
‫واالحتيـاج األخالقي‪ ،‬والـديين‪ ،‬واالحتيـاج من أجـل اسـتمرار النسـل البشـري‪ .‬املرأة مصـدر طمأنينـة وسـكون الرجـل‪،‬‬
‫والرجــل مصــدر راحــة املرأة‪ .‬وال يعــين هــذا أّن ألحــد مّن ة على اآلخــر‪ ،‬ال‪ ،‬فهمــا كمصــراعي البــاب‪ ،‬من دون أحــدمها‬
‫يكــون (البــاب) ناقًص ا‪ .‬والــزوج هــو القــرين واملماثــل‪ ،‬أي اجملمــوع الــذي يكــون جــزؤه ناقًص ا من دون اجلزء اآلخــر‪.‬‬
‫ادخلوا احلياة الزوجّية هبذه الروحّية‪.1‬‬

‫ِس‬ ‫ِم ِتِه‬


‫الحظوا ما تقــول اآليــة الكرمية عن الرجــل واملرأة وخاّص ة يف داخــل األســرة‪َ﴿ :‬و ْن آَيا َأْن َخ َلَق َلُك م ِّم ْن َأنُف ُك ْم‬
‫َأْز َو اًج ا﴾‪ 2‬أي (خل ــق) لكم أّيه ــا الرج ــال النس ــاء‪ ،‬وأّيته ــا النس ــاء الرج ــال‪ِّ﴿ .‬م ْن َأنُف ِس ُك ْم ﴾ فهم ــا ليس ــا من طبيع ــتني‬
‫خمتلف ــتني‪ ،‬وال في مرتب ــتني خمتلف ــتني‪ ،‬مها حقيق ــة واح ــدة‪ ،‬وج ــوهر واح ــد وذات واح ــدة‪ .‬ب ــالطبع مها خمتلف ــان يف بعض‬
‫اخلصائص‪ ،‬ألّن وظائفهما وتكاليفهما خمتلفة‪ .‬بعدها يقول‪ِّ﴿ :‬لَتْس ُك ُنوا ِإَلْيَه ا﴾‪ ,‬أي إّن الزوجّي ة واختالف اجلنس يف‬
‫طبيعة البشر كانت من أجل هدف كبري‪ ،‬أال وهو السكون والطمأنينة‪ .‬لتجدوا إىل جانب اجلنس اآلخر لكم وضــمن‬
‫إطــار األســرة ‪ -‬الرجــل إىل جــانب املرأة‪ ،‬واملرأة إىل جــانب الرجــل ‪ -‬الســكون والطمأنينــة‪ .‬فبالنســبة للرجــل‪ ،‬أن يــأيت‬
‫إىل‬

‫‪.4/5/1984 1‬‬
‫‪ 2‬سورة الروم‪.21 :‬‬

‫‪36‬‬
‫منزله وجيد جـًّو ا آمًن ا‪ ،‬وامـرأة لطيفـة وحمّب ة وأمينـة إىل جانبـه‪ ،‬هلو سـبب للطمأنينـة‪ ،‬وهكـذا‪ ،‬بالنسـبة للمـرأة‪ ،‬أن يكـون‬
‫ل ــديها رج ــل ومالذ تعش ــقه ويك ــون هلا كاحلص ــن املنيع ‪ -‬ذل ــك أّن الرج ــل أق ــوى جس ـدًّيا من املرأة ‪ -‬هلو من حس ــن‬

‫احلّظ ‪ ،‬ومصدر للطمأنينة والسعادة‪ .‬هذا ما تؤّم نه األسرة لكليهما‪ .‬لكي جيد الرجل الطمأنينـة حيتـاج إىل امــرأة يف جـّو‬
‫عائلّي وأسرّي ‪ ،‬وكذا املرأة لتحصل على الطمأنينــة حتتــاج إىل الرجــل ضــمن جـّو األســرة والعائلــة‪ِّ﴿ .‬لَتْس ُك ُنوا ِإَلْيَه ا﴾‬
‫كالمها حيتاجان إىل بعضهما البعض من أجل حتصيل السكون والطمأنينة‪.‬‬

‫أكثر ما حيتاج البشر إليه هو الطمأنينـة‪ .‬وسـعادة اإلنسـان تكمن يف بقائـه آمًن ا من االضـطراب والتـأّز م النفسـي ويف أن‬
‫يبقى متحّلًيا بالطمأنينة النفسـّية والروحّي ة‪ ،‬وهـذا مـا تـوّفره األسـرة لإلنسـان‪ ،‬رجاًل كـان أم امـرأة‪ .‬العبـارة التاليـة الفتـة‬
‫ومجيل ــة ج ــًّدا‪ .‬يق ــول تع ــاىل‪" :‬وجع ‪EE‬ل بينكم م ‪EE‬وّدة ورحم ‪EE‬ة"‪ .‬العالق ــة الص ــحيحة بني الرج ــل واملرأة هي عالق ــة املوّدة‬
‫والرمحة‪ ،‬يف أن حيّب ا ويعش ــقا بعض ــهما البعض‪ ،‬وك ــذلك يف أن يكون ــا رحيمني ببعض ــهما‪ .‬ف ــاحلّب املرتافق م ــع العن ــف‬
‫ليس مقبواًل ‪ ،‬وكذا الرمحة من دون املوّدة ليست مقبولة هي األخـرى‪ .‬فالطبيعـة اإلهلّي ة للرجـل واملرأة يف حميـط األسـرة‬
‫هي طبيعة توجد فيما بينهما عالقة املوّدة والرمحة‪" :‬موّدة ورحمة"‪ ,1‬والعامــل الــذي يربــط األســرة ببعضــها هــو عامــل‬
‫احملّبة‪.2‬‬

‫‪.22/10/1997 1‬‬
‫‪.19/6/2002 2‬‬

‫‪37‬‬
‫عليكم أن تقـّد روا هــذه العالقــة وتعـّد وها نعمــة إهلّي ة وحتافظوا عليهــا‪ .1‬إّن كـّل مــا متلكونــه هــو من اهلل ﴿َو َم ا ِبُك م ِّم ن‬
‫ِّنْع َم ٍة َفِم َن الّل ِه﴾‪ 2‬لكّن االلتف ــات إىل ه ــذه النعم ــة وإىل أّي نعم ــة أخ ــرى مهّم ج ــًّدا‪ ،‬فاإلنس ــان يغف ــل عن الكث ــري من‬
‫النعم‪.3‬‬

‫البعض عنــدما يــتزّو جون ال يــدركون مــاذا حيدث‪ ،‬يشــعرون وكـأهّن م ذاهبــون إىل ضــيافة الغــري‪ .‬االحتفــال والــدعوة (إىل‬
‫العــرس)‪ ،‬هــو جـّو جديــد لــه متعــة عــابرة‪ .‬بعض العرســان يظّن ون أنفســهم ذاهــبني إىل ضــيافة أحــدهم‪ ،‬واحلال أّن األمــر‬
‫ليس كذلك‪ ،‬فبالزواج تظهر مسؤولّيات والتزامات‪ .‬حتًم ا‪ ،‬تظهــر لإلنســان إىل جـانب هـذه االلتزامــات ِنعم وبركـات‬
‫جتعلها عذبة ومجيلة‪.4‬‬

‫البعض يتزّو جون‪ ،‬وحيصلون على زوج جّيد أيًض ا‪ ،‬حييون حياة مجيلة وجّيدة وال يدركون أّي نعمة هـذه وأّي حـدث‬
‫مصريّي ومهّم يعيشونه‪ .‬وعندما ال يدركون ذلك ال يشكرون هذه النعمة‪ ،‬وهبذا حُي رمون من الرمحة اإلهلّي ة الـيت يناهلا‬
‫اإلنسان بالشكر‪ .‬لذا ينبغي على اإلنسان أن يلتفت كم هي عظيمة هذه النعمة‪.‬‬

‫وكيف يكون شكر هذه النعمة؟ أحياًنا يشكر اإلنسان بلسانه فقط ويقول‪" :‬الشكر هلل" وقلبه ال يعي ما يقول وغــري‬
‫متوّج ه إىل هذا الشكر! وهذا ليس سوى لقلقة لسان ال أّمهّية هلا‪ .‬وإذا ما دعا اإلنسان رّبه هبذا‬

‫‪.2/1/2003 1‬‬
‫‪ 2‬سورة النحل‪ :‬اآلية‪.53 :‬‬
‫‪.19/6/2002 3‬‬
‫‪.3/10/2002 4‬‬

‫‪38‬‬
‫الشكل‪ ،‬فـإّن دعـاءه لن يتجـاوز فاهـه ولسـانه ولن جيد طريقـه إىل عـرش اإلجابـة اإلهلّي ة‪ .‬أحياًنا يكـون اإلنسـان شـاكًر ا‬
‫بقلبه حقيقـة‪ ،‬وشـاكًر ا هلل حًّقا‪ .‬وهـذا أمـر بـالغ األمهّي ة‪ ،‬إّنه يـدرك بـأّن اهلل تعـاىل قـد أنعم عليـه بنعمـة‪ ،‬فيشـكره واقًع ا‪.‬‬
‫هـذا هـو الشـكر املطلـوب‪ ،‬غايـة األمـر‪ ،‬أّنه يلزمنـا حني نشـكر اهلل تعـاىل أن نقـوم بعمـل‪ ،‬حبركـة‪ ،‬أن نّتخـذ موقًف ا على‬
‫أساس هذا الشكر‪ ،‬حسـٌن ‪ ،‬واآلن وقــد أنعم اهلل تعــاىل عليكم هبذه النعمــة‪ ،‬مــاذا عليكم أن تفعلــوا؟ مل يطلب اهلل تعــاىل‬
‫ويتوّق ع مّن ا الكثــري‪[ .‬كــأن يقــول اهلل تعــاىل مثاًل ] هــا أنــا قــد أنعمت عليكم هبذه النعمــة‪ ،‬فلتــذهبوا وتــؤّدوا ذلــك العمــل‬
‫الشاّق ‪ ،‬ال‪ .‬ما يتوّقعه مّنا إزاء هذه النعمة وكّل نعمة هو أن نتعاطى معهـا بشـكل جّي د‪ ،‬وهـو ليس بـاملطلب الصــعب‪.‬‬
‫مبا أّن ا أنعمن ــا علي ــك هبذه النعم ــة‪ ،‬فلتحس ــن التعام ــل معه ــا وإزاءه ــا‪ .‬وه ــذا التعام ــل اجلّي د يف اإلس ــالم ق ــد ُعنِّي كُخ ل ـٍق‬
‫وش ــعاٍر لألس ــرة‪ ،‬أن كي ــف ينبغي ل ــك أن تعيش لتك ــون ه ــذه احلي ــاة جّي دة‪ .‬ب ــالطبع‪ ،‬لق ــد ُبّينت (ه ــذه املط ــالب) يف‬
‫الكتب‪ ،‬وُر ّد دت على األلسن‪ ،‬أكتفي هنا بعرض بعضها‪.1‬‬

‫التوصية األوىل يل هي أن نعّد ظاهرة تشـكيل األسـرة ظـاهرة مهّم ة وعظيمـة‪ .2‬ينبغي إيالء األمهّي ة بالنسـبة للـبيت‪ ،‬وال‬
‫ميكن تصـّو ر اإلنســان من دون بيت ومــأوى‪ .‬كـّل إنســان حيتــاج إىل الــبيت وجـّو الــبيت‪ .‬وروح جـّو الــبيت عبــارة عن‬
‫األسرة‪ ،‬علينا إيالء األّمهّية هلذا األمر‪،‬‬

‫‪.19/6/2002 1‬‬
‫‪.3/10/2002 2‬‬

‫‪39‬‬
‫والت ــدّبر والتأّم ل في ــه‪ .1‬وهلذه املرحل ــة ش ــرائط ووظ ــائف وآداب‪ ،‬وتلقى على ع ــاتق اإلنس ــان تك ــاليف‪ ،‬يتحّم ل فيه ــا‬
‫اإلنسان مسؤولّيات وحيّق ق منافع‪ ،‬كّل هذه األمور تكون إىل جانب بعضها البعض‪ .‬املمّيز األساســي هلذه املرحلــة هـو‬
‫أّن مؤّس ســة اجتماعّي ة جديــدة تتشـّك ل‪ .‬وعلى الــرغم من أّن الــزواج يعــود على الرجــل واملرأة بربكــات وفوائــد كثــرية‪،‬‬
‫من قبيــل إجناب األوالد‪ ،‬واالســتمتاعات اجلنس ـّية‪ ،‬والكثــري من األمــور األخــرى‪ ،‬إاّل أّن هــذه كّلهــا تــدور حــول حمور‬
‫مؤّس سة األسرة‪ ،‬هذا أصل‪.‬‬

‫لــذا‪ ،‬ينبغي أن يكــون ك ـّل اهتمــامكم وســعيكم يف احملافظــة على مؤّس ســة األســرة هــذه يف الظــروف كّلهــا‪ ،‬وهــذا مثلــه‬
‫كمثل دخول خلّية جديدة يف خاليا جسد اجملتمع املتغرّي ة دوًم ا‪ .‬فخاليانا تتبّد ل بشــكل دائم‪ ،‬وينبغي أن تظهــر خاليــا‬
‫جديدة وتنمو‪ ،‬ليبقى أّو اًل ‪ ،‬هذا البدن حًّيا‪ ،‬وثانًيا‪ ،‬ليتمّك ن من النمّو والتقّد م‪ .‬إّنكم تضيفون خاليا جديدة إىل جســد‬
‫اجملتمــع‪ ،‬فاســعوا ألن تكــون هــذه اخللّي ة ســليمة ومفعمــة بالنشــاط واحليوّي ة وألن تكــون مصــدر ع ـّز وفخــر وتق ـّد م هلذا‬
‫اجملتمع ككّل‪.2‬‬

‫كـّل عائلــة هي خلّي ة يف جســد اجملتمــع وبدنــه‪ .‬عنــدما تكــون هــذه العوائــل ســليمة‪ ،‬ويكــون تعاملهــا صــحيًح ا‪ ،‬ســيكون‬
‫جســد اجملتمــع وبدنــه ســليًم ا‪ .3‬وهــذا ليس مبعــىن أّنه عنــدما تكــون هــذه اخللّي ة ســليمة فــإّن الســالمة ستســري إىل اخلاليــا‬
‫األخرى‪ ،‬أو إذا‬

‫‪.11/5/2013 1‬‬
‫‪.09/09/1983 2‬‬
‫‪.29/5/2002 3‬‬

‫‪40‬‬
‫كانت اخللّية غري سليمة‪ ،‬فـإّن عـدم السـالمة سيسـري إىل اخلاليـا األخـرى‪ ،‬بـل مبعـىن أهّن ا إذا كـانت سـليمة كـان البـدن‬
‫سا ا‪ .‬فالبدن ليس شيًئا سوى اخلاليـا‪ .‬كـّل جهـاز هـو جمموعـة من اخلاليـا‪ .‬إن اسـتطعنا أن جنعـل اخلاليـا سـاملة‪ ،‬يكـون‬
‫ًمل‬
‫لدينا جهاز سامل‪ .‬املسألة على هذا القدر من األمهّية‪.1‬‬

‫إن أردمت أن يكـ ــون األمـ ــر هكـ ــذا‪ ،‬عليكم أن تلـ ــتزموا بـ ــاآلداب واحلدود الدينّي ة الـ ــيت ُح ّد دت لألسـ ــرة ‪ .‬ك ـ ـّل شـ ــيء‬
‫يسـتوجب حفـظ هـذه الرابطـة وهـذه املؤّس سـة العائلّي ة هـو مرضـّي وحسـن عنـد اهلل تعـاىل‪ .‬وإذا مـا أّدى شـيء ـ ال قـّد ر‬
‫اهلل ـ إىل ختلخ ــل أرك ــان األس ــرة‪ ،2‬فه ــو خالف املص ــلحة وغ ــري مرضـ ـّي ‪ .‬وينبغي اجتناب ــه بشـ ـّد ة‪ .3‬وه ــذا احلدث ليس‬
‫كبــاقي أحــداث احليــاة‪ ،‬هــو مفص ــل‪ ،‬ومفــرتق ط ــرق‪ .‬البعض عنــدما يســلكون هــذا الطريــق (احليــاة الزوجّي ة) وجيدون‬
‫أمامهم مسارات خمتلفة‪ ،‬إّم ا بسبب ظروفهم‪ ،‬وظروف الزوج‪ ،‬أو بســبب مكــانتهم العائلّي ة‪ ،‬ال ميكنهم ســلوك الطريـق‬
‫املس ــتقيم‪ ،‬لكّن البعض يس ــتطيعون‪ .‬إن أردمت أن تس ــلكوا الطري ــق املس ــتقيم عليكم أن تراع ــوا املوازين الش ــرعّية‪ ،‬وأن‬
‫تعّد وا األخالق اليت ُح ّد دت يف الشرع املقّد س لألسرة‪ ،‬مهّم ة‪ .‬وأّو لــه أن تعرفـوا قـدر هـذه املؤّس سـة اجلديـدة‪ .4‬األسـرة‬
‫حمّل هدوء واستقرار‬

‫‪.4/1/2012 1‬‬
‫‪.8/10/1983 2‬‬
‫‪.2/1/2003 3‬‬
‫‪.3/10/2002 4‬‬

‫‪41‬‬
‫اإلنسان‪ .‬ولن يتذوق أّي إنسان الطعم الواقعي للحياة اإلنسانّية‪ ،‬من دون أسرة مرحية وهادئة‪.1‬‬

‫كـّل أســرة هي حمّل ومركــز لتكامــل عــدد من أبنــاء البشــر وتــربيتهم‪ ،‬حيث يــريّب جممــوع األســر جمموعــة من البشــر‪ .‬إن‬
‫ش ـ ـّتتم مشل األسـ ــرة وجعلتم األوالد ينشـ ــأون يف كنـ ــف األجـ ــداد واألقربـ ــاء ب ـ ـداًل من كنـ ــف األسـ ــرة‪ ،‬أو مجعتمـ ــوهم‬
‫ووضــعتموهم يف دار أو مؤّس ســة أو ميتم‪ ،‬كمــا حُي تضــن الــبيض يف عملّي ة التوليــد والتفقيس‪ ،‬كــأن يــذهب شــخص إىل‬
‫احلاضــنة ويفقســها ويرّبيهــا‪ ،‬فــإّنكم بــذلك لن ترّب وا إنســاًنا كــاماًل ‪ .‬حس ـٌن ‪ ،‬هــذه هي طبيعــة اإلنســان‪ ،‬حيث خلــق اهلل‬
‫ســبحانه هــذا املوجــود بنحــو متمّي ز عن ســائر املوجــودات األخــرى‪ .‬فقــد خلــق اهلل ســبحانه بعض املوجــودات بنحــو ال‬
‫يـرى الصــغري أبـاه وال أّم ه‪ ،‬حيث متوت األّم أو األب عنـد وضـع بيضــة هـذا الصــغري‪ .‬وهـذه هي الطبيعــة أساًس ا‪ .‬بعض‬
‫احليوان ــات يبقى بش ــكل غري ــزي س ــواًء ك ــان أب ــواه حيتض ــنانه أو ال‪ ،‬وينش ــأ مث ــل والدي ــه س ــواًء رآمها أم مل يرمها‪ .‬أّم ا‬
‫اإلنسان فليس كذلك‪.‬‬

‫لقــد خلــق اهلل تعــاىل اإلنســان بنحــو يكــون أّو اًل متعّلًم ا‪ ،‬عليـه أن يتعّلم الكثـري من األمــور‪ .‬ثانًي ا‪ ،‬إذا مــا تـرىّب على احملّب ة‬
‫والصدق والدّقة يف البيئـة األسـرّية‪ ،‬ويف حضـن األبـوين‪ ،‬فلن يكـون لديـه نقص من الناحيـة النفسـّية‪ ،‬أّم ا لـو سـقط منـذ‬
‫صغره من تلك البيئة الصغرية إىل بيئة كبرية‪ ،‬فلن يتفّتح هذا الربعم كما ينبغي له أن يتفّتح‪ .‬هذه هي خاّصّية‬

‫‪.05/01/1990‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪42‬‬
‫اإلنسان‪ .‬لذا‪ ،‬فقد أودع اهلل سبحانه هـذه احملّب ة يف قلب األبـوين والـيت من خالهلا يـرتىّب بنـو البشـر‪ .‬هـذه احملّب ة هي من‬
‫طبـائع البشــر‪ ،‬لــذلك أيًض ا تـرى كـّل ابن يكّن حمّب ة لوالديـه‪ .‬واحملّب ة نفســها الــيت تكّنوهنا ألوالدكم يكّنهــا لكم آبـاؤكم‬
‫وأمهاتكم‪ .‬وسيكّنها أبناؤكم ألوالدهم أيًض ا‪ .‬وتوجد يف الزواج هذه اخلاّصّية وهي أّنه يشّك ل بيئة األسرة‪.1‬‬

‫األسرة هي كلمة طّيبة‪ ،2‬وخاّصّية الكلمة الطّيبة أهّن ا حينما توجد يف مكان ما يرشح عنها دائًم ا الربكـة واخلري وينفــذا‬
‫فيما حوهلا‪ .‬والكلمة الطّيبة هي تلك األشياء اليت وهبها اهلل تعاىل للبشر بذلك األصل واألســاس الصــحيح (إشــارة إىل‬
‫قوله تعاىل‪َ﴿ :‬أْص ُلَه ا َثاِبٌت ﴾)‪.3‬‬

‫األس ــرة هي جمتم ــع مصـ ـّغر تتشـ ـّك ل يف البداي ــة من الزوج ــة وال ــزوج‪ ،‬ومن ّمث تك ــرب وتتوّس ع مبجيء األوالد‪ ،‬وينجب‬
‫األوالد أيًض ا أوالًد ا‪ ،‬فتصبح كالشجرة املورقة واملتفّر عة وتثمر‪ .‬واهلل سبحانه حيّب هذه االجتماعات الصغرية‪.4‬‬

‫ال ميكن للمجتمع اإلسالمي أن يتقّد م من دون وجود مؤّس سـة األسـرة السـليمة‪ ،‬والنشـيطة والفّعالـة يف البلـد‪ ،‬وخاّص ة‬
‫يف اجملاالت الثقافّية‪ .‬كما ال ميكنه التقّد م يف اجملاالت األخرى بالطبع‪ ،‬من دون العائالت‬

‫‪.4/2/1984 1‬‬
‫‪ 2‬إشارة إىل اآلية ‪ 24‬من سورة إبراهيم املباركة‪َ﴿ :‬ض َر َب الّلُه َمَثًال َك ِلَم ًة َطِّيَبًة َك َش َج رٍة َطِّيَبة﴾‪.‬‬
‫‪.5/3/2001 3‬‬
‫‪.23/1/2003 4‬‬

‫‪43‬‬
‫واألسر السـليمة‪ .‬إًذا‪ ،‬فال بـّد من وجـود األسـرة‪ .‬وال يقـولّن أحـد اآلن‪ ،‬إّن التقـّد م والتطـّو ر موجـود يف الغـرب يف ظـّل‬
‫تفّك ك األسرة‪ .‬إّن مـا حيدث اليـوم من خـراب يف مؤّس سـة األسـرة‪ ،‬وتتعـاظم مؤّش راته يوًم ا فيوًم ا‪ ،‬وسـتظهر آثـاره‪ .‬ال‬
‫ينبغي االســتعجال‪ .‬فــاحلوادث العاملّي ة والتارخيّي ة ليســت ســريعة النتيجــة واألثــر‪ ،‬إمّن ا تظهــر آثارهــا تــدرجيًّيا‪ ،‬كمــا أّثرت‬
‫وتؤّثر إىل اآلن‪ .‬يف تلك األّيام حيث حّق ق الغرب هذا التطّو ر‪ ،‬كانت العائالت هناك ال تزال على حاهلا‪ ،‬حىّت مسألة‬
‫تع ــاطي اجلنس ــني فيم ــا بينهم ــا‪ ،‬فك ــانت ت ــراعى فيه ــا ق ــوانني األخالق اجلنس ـّية‪ ،‬ب ــالطبع ليس بالش ــكل اإلس ــالمي‪ ،‬ب ــل‬
‫بالش ــكل اخلاص هبم‪ .‬إذا م ــا ك ــان الش ــخص مطلًع ا على املع ــارف الغربّي ة‪ ،‬س ــواًء يف أوروب ــا أم يف أمريك ــا فيم ــا بع ــد‪،‬‬
‫سريى هذا الشـيء وسيشـاهده‪ .‬فمراعـاة اآلداب واألخالق بني اجلنسـني‪ ،‬كمسـألة احليـاء وجتّنب التهمـة‪ ،‬هـذه مسـائل‬
‫كــانت موجــودة يومــذاك‪ .‬والتحّل ل واإلباحّي ة إمّن ا ظهــرا هنــاك تــدرجيًّيا‪ .‬يومهــا ُمّه دت األرضـّيات لــذلك إىل أن وصــل‬
‫األمر إىل ما وصل إليه اليوم‪ .‬وسيكتب وضع اليوم هلم غًد ا مريًر ا وصعًبا جًّدا‪.1‬‬

‫ومـا ترونـه اآلن من سـعي الغـربّيني الكبـري للـرتويج للشـهوات يف الـدول الشـرقّية‪ ،‬واإلسـالمّية‪ ،‬واآلسـيوّية‪ ،‬أحـد أسـبابه‬
‫أهّن م يريدون من خالل هذا العمل تفكيك األسر ليضعفوا ثقافـة [شـعوب هـذه الـدول] ويتمّك نـوا من السـيطرة عليهـا‪.‬‬
‫فما دامت ثقافة الشعب قوّية‪ ،‬ال ميكن ألحد‬

‫‪.4/1/2012 1‬‬

‫‪44‬‬
‫الســيطرة عليــه‪ ،‬وال جلمــه وامتطــاؤه‪ ،‬وتســيريه‪ .‬إّن الــذي جيعــل الشــعوب ضــعيفة دون محايــة‪ ،‬وجيعلهــا أســرية يف أيــدي‬
‫األجــانب‪ ،‬هــو فق ــدان اهلوّي ة الثقافّي ة‪ .‬ويس ــهل هــذا األم ــر أيًض ا على املس ــتعمرين واألعــداء من خالل تفكيــك أس ــس‬
‫العائالت يف اجملتمع‪.1‬‬

‫عندما يتخلخل وضع األسرة‪ ،‬تتلّق ى األخالق االجتماعّية ضربة‪ ،‬وتنعدم بسهولة السنن القدمية والراسخة والباقية اليت‬
‫هي أســاس ســعادة اجملتمعــات وحاصــل جتربــة طويلــة للشــعوب‪ .‬تعلمــون أّن اجملتمــع حيصــل على جمموعــة من القيم من‬
‫خالل أفكار عظمائه وعقالئه احلكيمة ‪-‬إن كانوا رجااًل إهلّيني‪ -‬وتصبح هـذه القيم أساًس ا حليـاة اجملتمـع‪ ،‬والتزامـات‪،‬‬
‫وأم ــور مل ُتكتب يف كت ــاب م ــا‪ ،‬لكّنه ــا ُت راعى وف ــاًء منهم لبعض ــهم البعض‪ ،‬ومن ب ــاب األمان ــة‪ .‬عن ــدما ينه ــدم بني ــان‬
‫األسـرة‪ ،‬فـإّن هـذه األمـور لن تنتقـل بعـُد من جيـل آلخـر‪ ،‬ولن يتعّلم األوالد شـيًئا من آبـائهم وأّم هـاهتم‪ ،‬ولن يسـتطيعوا‬
‫أن يوّر ث ــوهم اإلميان‪ ،‬والص ــفات واخلص ــال النفس ـّية‪ ،‬وه ــذه هي اخلس ــارة الك ــربى ال ــيت يتلّق اه ــا اجملتم ــع بس ــبب ض ــعف‬
‫األسرة‪.2‬‬

‫اجملتم ــع من دون أس ــرة ه ــو جمتم ــع مض ــطرب‪ ،‬ومه ــتّز ‪ .‬ه ــو جمتم ــع ال تنتق ــل في ــه املواريث الثقافّي ة والفكرّي ة والعقائ ــد‬
‫بسهولة من جيل آلخر‪ .‬هو جمتمع ال تتحّق ق فيه تربية اإلنسان ببساطة وسهولة‪ .‬عندما‬

‫‪.15/4/1998 1‬‬
‫‪.24/8/1996 2‬‬

‫‪45‬‬
‫خيلو اجملتمع من األسرة‪ ،‬أو يكون وضع األسرة فيه متضعضًع ا‪ ،‬فلن حيصل اإلنسان فيه على الرتبيـة ولـو كـان ذلـك يف‬
‫أفضل ُدور الرتبية‪.1‬‬

‫األس ــرة اجلّي دة تع ــين أن يك ــون ال ــزوج والزوج ــة ودودين م ــع بعض ــهما‪ ،‬وفّيني وخملص ــني‪ ،‬حمّبني وعاش ــقني لبعض ــهما‪،‬‬
‫يراعي أحدمها اآلخر‪ ،‬ويهتّم ملصلحته وحيرتم شؤونه‪ ،‬هذا يف الدرجة األوىل‪.‬‬

‫بع ــد ذل ــك‪ ،‬حني ُيرزق ــان ب ــاألوالد‪ ،‬يش ــعران باملس ــؤولّية إزاءهم ويس ــعيان إىل تنش ــئتهم وت ــربيتهم س ــليمني من الناحي ــة‬
‫املادّي ة واملعنوّي ة‪ ،‬يعّلمـ ــاهنم أمـ ــوًر ا‪ ،‬يوجبـ ــان عليهم بعض األمـ ــور‪ ،‬ومينعـ ــاهنم عن بعضـ ــها‪ ،‬ويزرعـ ــان فيهم الصـ ــفات‬

‫واخلصال اجلّيدة‪ .‬مثـل هـذه األسـرة هي أسـاس مجيـع اإلصـالحات الواقعّي ة يف بلـد مـا‪ .‬ألّن البشـر يـرتّبون جّي ًد ا يف ظـّل‬
‫هك ــذا أس ــرة‪ ،‬وي ــرتعرعون على الص ــفات اجلّي دة‪ ،‬على الش ــجاعة‪ ،‬وعلى الفك ــر املس ــتقل‪ ،‬على التفك ــر‪ ،‬واإلحس ــاس‬
‫باملسؤولّية‪ ،‬واإلحساس باحملّبة واجلرأة‪ ،‬واجلرأة على اخّت اذ القرارات‪ ،‬على إرادة اخلري ‪ -‬ال الشّر ‪ -‬والنجابــة‪ ..‬حسـٌن ‪،‬‬
‫عنــدما يتحّلى الش ــعب يف جمتم ــع م ــا هبذه اخلص ــال والص ــفات‪ ،‬أي يك ــون حمًّب ا للخ ــري‪ ،‬جنيًب ا‪ ،‬ش ــجاًعا‪ ،‬عــاقاًل ‪ ،‬مفّك ًر ا‬
‫ومق ــداًم ا‪ ،‬ف ــإّن ه ــذا اجملتم ــع لن ي ــرى الش ــقاء والتعاس ــة‪ .2‬واجملتمع ــات ال ــيت متتل ــك أس ـًر ا كه ــذه‪ ،‬ستص ــل إىل الص ــالح‬
‫والنجاة‪،‬‬

‫‪.29/10/77 1‬‬
‫‪.03/12/1998 2‬‬

‫‪46‬‬
‫وإذا م ــا وج ــد مص ــلح يف اجملتم ــع فيمكن ــه إص ــالح جمتمع ــات كه ــذه‪ .‬أّم ا إن فق ــدت األس ــرة‪ ،‬ف ــإّن أعظم املص ــلحني لن‬
‫ميكنهم إصالح اجملتمع‪.1‬‬

‫يري ــد اإلس ــالم هلذه املؤّس س ــة أن تتش ـّك ل وتتأّس س‪ .‬وم ــيزة األدي ــان وب ــاألخّص منه ــا اإلس ــالم‪ ،‬هي أهّن ا جعلت الغرائ ــز‬
‫اجلنسـ ـّية وغري ــزة طلب ال ــزوج عن ــد اإلنس ــان وال ــيت هي غ ــري الغري ــزة اجلنسـ ـّية‪ ،‬يف خدم ــة تش ــكيل األس ــرة‪ ،‬وعملت‬
‫(األدي ــان) على أن تتش ـّك ل مؤّس س ــة األس ــرة وأن تس ــتمّر من خالل دعم الغري ــزة اجلنس ـّية‪ ،‬أو من خالل دعم الغري ــزة‬
‫األخ ــرى ال ــيت هي أعّم من الغري ــزة اجلنس ـّية‪ .‬ق ــد ال يك ــون للبعض حاج ــات جنس ـّية يف عم ــر معنّي ‪ ،‬لكّنهم حباج ــة إىل‬
‫طلب الزوج‪ ،‬ويتوّج ب عليهم أن يكــون هلم زوج من اجلنس املخــالف‪ ،‬ال فــرق يف ذلــك بني املرأة والرجـل‪ .‬فالســكن‬
‫مصدر الراحة‪ .‬لقد جعلت األديان‪ ،‬وخاّص ة اإلسالم هذه األمور داعمًة لتشكيل األسرة‪.‬‬

‫لــو ُت رك البشــر ليقض ــوا حاجــاهتم اجلنس ـّية كيفمــا شــاؤوا‪ ،‬ملا تش ـّك لت األســرة‪ ،‬أو لكــانت مؤّس ســة ضــعيفة وخاويــة‪،‬‬
‫تتهّد دها األخطار‪ ،‬قابلـة للخـراب‪ ،‬وهتّز هـا أّي نسـمة‪ .‬لـذا‪ ،‬تـرون أّنه يف أّي مكـان من العـامل ُو جـدت احلرّية اجلنسـّية‪،‬‬
‫تكون األسرة فيه ضعيفة بالنسبة نفسها‪ ،‬ذلـك أّن الرجـل واملرأة (فيـه) ليسـا حباجـة إىل هـذه املؤّس سـة من أجـل إشـباع‬
‫هذه الغريزة‪ .‬أّم ا يف األماكن اليت حيكم فيها الدين وال وجود‬

‫‪.04/09/1993 1‬‬

‫‪47‬‬
‫للحرّيات اجلنسّية‪ ،‬فكّل شيء هنا (يف مؤّس سة األسرة) متوافر للمرأة والرجل‪ ،‬لذا‪ ،‬فإهّن ا حُت فظ وتبقى‪.1‬‬

‫فــإذا مــا اشــتغل ك ـّل من املرأة والرجــل باللــذات واالســتمتاعات اجلنس ـّية يف غــري ج ـّو العائلــة‪( ،‬كــأن تكــون) يف البيئــة‬
‫االجتماعّي ة‪ ،‬ويف أج ــواء الدراس ــة والتحص ــيل العلمي‪ ،‬ويف حمي ــط العم ــل‪ ،‬ويف البيئ ــات غ ــري القانونّي ة‪ ،‬ف ــإّن اخلس ــارة‬
‫الكــربى الــيت ستحصــل هي متّز ق الرابطــة القوّي ة بني املرأة والرجــل يف األســرة واضــمحالهلا‪ .‬ذلــك الرجــل الــذي يشــبع‬
‫رغبتــه الشــهوانّية اجلنس ـّية خــارج حميــط األســرة‪ ،‬ويرتــوي‪ ،‬أو تلــك املرأة الــيت لــديها احلال نفســها‪ ،‬ال تش ـّك ل األســرة‬
‫بالنســبة هلمــا تلــك اجلاذبّي ة‪ ،‬الــيت تش ـّك لها للرجــل واملرأة العفيفني‪ ،‬حيث ال يعــرف الرجــل أّي امــرأة غــري زوجتــه وال‬
‫تعرف املرأة رجاًل غري زوجها‪.2‬‬

‫يف أّي مكــان ُيفســح فيــه اجملال للشــهوات والتحّل ل والتفّلت األخالقي‪ ،‬يســتتبعه التفّك ك العــائلي‪ ،‬ال ش ـّك يف ذلــك‪.‬‬
‫وإذا ما استمّر هذا األمر‪ ،‬سيحصل ما نراه اليوم بوضوح يف الدول الغربّية‪ .‬وخاّص ة يف األماكن اليت ُيرّو ج فيهـا أكـثر‬
‫للتحّل ل األخالقي‪ ،‬ويك ــون حمسوًس ا بش ــكل أك ــرب‪ .‬فاألس ــرة هن ــاك تفتق ــد ملعناه ــا احلقيقي‪ .3‬حّب ذا ل ــو تعكس مواق ــع‬
‫التواصل االجتماعي بعض األخبار اليت تصلنا من العامل الغريب عن‬

‫‪.11/07/1991 1‬‬
‫‪.10/10/1986 2‬‬
‫‪.11/07/1991 3‬‬

‫‪48‬‬
‫أجــواء األســرة ووضــع املرأة والطفــل والرجــل‪ ،‬يف كتاباهتا‪ ،‬وذلــك ليلتفت شــعبنا أّي نعمــة كــربى يشـّك ل بنــاء األســرة‬
‫املتني واالهتمام باألسرة يف جمتمعاتنا‪.1‬‬

‫ملاذا جيب أن تتح ـّو ل عالقــة املرأة والرجــل يف جــزء أساس ـّي ومهّم من العــامل إىل تســلية مبتذلــة كمــا جيري اآلن؟ ففي‬
‫كثـري من منـاطق العـامل حتّو لت العالقـة بني املرأة والرجـل إىل تسـلية جّذ ابـة‪ ،‬ومبتذلـة إىل حـّد بعيـد يف كثـري من البيئـات‬
‫االجتماعّي ة‪ ،‬حبيث منعت ومتنــع كاّل من املرأة والرجــل من النشــاطات االجتماعّي ة‪ ،‬والسياسـّية‪ ،‬واألخالقّي ة واملعنوّية‪.‬‬
‫إّن اإلسالم يرفض مثل هذا األمر وال يقبل به‪.2‬‬

‫يف اخللقة اإلهلّية‪ ،‬املرأة والرجل كالمها جزءا نظام اخللقة األّمت‪ .‬ومن دون أٍّي منهما يكون نظام اخللقة ناقًص ا‪ .‬وإذا ما‬
‫عـرفت اجملتمعـات اإلنسـانّية جّي ًد ا مكانـة كـّل من هـذين اجلنسـني يف الطبيعـة البشـرّية‪ ،‬واسـتفادت يف االجّت اه الصــحيح‪،‬‬
‫ســيتحّق ق ذلــك النظــام اإلهلّي الكامــل‪ ،‬وليس فقــط سيصــل كــل موجــود إىل كمالــه الوجــودي منهمــا كمــا ينبغي ولن‬
‫يبقى أّي اس ــتعداد مه ــدوًر ا وض ــائًعا‪ ،‬و لن ُيظلم أح ــد‪ ،‬ب ــل إّن البش ــرّية ستس ــتفيد من فيض ه ــذا االنس ــجام والتع ــاون‬
‫واالجتماع الصحيح للمرأة والرجل‪ ،‬استفادات ّمجة وستسري قدًم ا‪ .‬لكّل واحد من املرأة والرجل مكانته ومســؤولّيته‪.‬‬
‫(ترمجة شعر)‪:‬‬

‫‪.04/10/1995 1‬‬
‫‪.06/02/1988 2‬‬

‫‪49‬‬
‫العامل مثل الوجه واخلال والعني واحلاجب كّل شيء يف مكانه جّيد‪.1‬‬

‫ال ميكن أن نتســاءل فيمــا خيّص وجــه مــا‪ ،‬هــل دور العني أهّم يف تكميــل هــذه الوجــه أم دور الشــفتني والفم‪ ،‬أو دور‬
‫الوجنتني أو االنف‪ ،‬أّي من هذه إن فقـدت سـيظهر القبح‪ .‬ومجال الوجـه يكـون بوجـود الكـّل‪ ،‬ولكـّل واحـد من هـذه‬
‫أمهّية يف مكانه‪ .‬كّل األشياء يف العامل هي هكـذا يف النظـام اإلهلي األّمت‪ ،‬واملرأة والرجـل مها جـزء من هـذا النظـام األّمت‪.‬‬

‫يف حــال مل يكن أّي منهمــا يف مكانــه ســيكون وجــه البشــرّية ناقًص ا‪ ،‬أو قبيًح ا‪ ،‬أو غــري ناضــج‪ ،‬أو منّف ر‪ .‬وال حيّق ألّي‬
‫واحد من اجلنسني أن يعّد نفسه أوجب‪ ،‬وأكثر ضرورة وإفـادة من اآلخـر‪ .‬انطالًقا من هـذه النظـرة‪ ،‬يقـع اجلميـع على‬
‫مســتوى واحــد‪ ،‬وللجميــع دور واحــد يف عجلــة احليــاة البشــرّية‪ ،‬أال وهــو القيــام بعملــه من أجــل تكميــل عــامل الوجــود‬
‫ونظــام احليــاة البشــرّية‪ .‬وهــذه وظيفــة اجلميــع ســواًء املرأة أو الرجــل‪ .‬إًذا‪ ،‬هــذه هي النظــرة األساس ـّية لوجــود املرأة من‬
‫وجهة نظر احلكمة اإلهلّية يف خلقة املرأة والرجل‪.2‬‬

‫إّن نظرة اإلسالم إىل جنس اإلنسان‪ ،‬تأيت يف الدرجة الثانية‪ ،‬والنظرة األوىل وما يأيت يف الدرجـة األوىل هـو إىل احليثّي ة‬
‫اإلنسانّية فيه‪ ،‬واليت ال دور جلنس اإلنسان فيها أبًد ا‪ .‬اخلطاب فيها هو لإلنسان‪.‬‬

‫‪ 1‬كلشن راز‪ ،‬الشيخ حممود شبسرتي‪.‬‬


‫‪.13/11/1995 2‬‬

‫‪50‬‬
‫بــالطبع‪ ،‬اآليــة تقــول‪" :‬ي‪EE‬ا أّيه‪EE‬ا ال‪EE‬ذين آمن‪EE‬وا"‪ ،‬وليس "ي‪EE‬ا أّيته‪EE‬ا اللواتي آمّن "‪ ،‬أي صــيغة آمنــوا صــيغة املذّك ر وليســت‬
‫صــيغة املؤّنث‪ ،‬لكن هــذا ال يعــين أب ـًد ا بــأّن الرجــل يف هــذا اخلطــاب مــرّج ح على املرأة‪ ،‬بــل إّن هــذا ناشــئ من عوامــل‬
‫أخرى‪ ،‬وهي عوامـل واضـحة بالنسـبة إلينـا‪ .‬وال نريـد اآلن أن نـدخل يف هـذا النقـاش‪ ،‬وأنـه ملاذا نعرّب يف اللغـة الفارسـّية‬
‫على ســبيل املثــال‪ ،‬عن النــاس بـ "مردم"‪ ،‬ونشــتّق هــذه الكلمــة من كلمــة "مرد" (رجــل) وال نعرّب بـ "زُنم" (املشــتّق ة من‬
‫كلمــة "زن" مبعــىن املرأة)‪ ،‬ويف اللغــة اإلنكليزّية ‪ human‬وملاذا ‪man‬؟ وهــذا ال يعــين أّن الثقافــة الذكورّية هي الــيت‬
‫أوجــدت مثــل هــذا األمــر‪ ،‬وتص ـّر فت يف اللغــة مثــل هكــذا تص ـّر فات‪ ،‬وهلذا األمــر عوامــل أخــرى‪ .‬بالنهايــة‪ ،‬الرجــل يف‬
‫داخل األسرة يشّك ل الوجهة اخلارجّية‪ ،‬واملرأة تشّك ل الوجهة الداخلّية‪.‬‬

‫وإن أردمت أن ننّم ق الكالم أكــثر نقــول‪ :‬الرجــل هــو قشــرة حّب ة اللــوز‪ ،‬واملرأة هي اللّب ‪ ،‬وميكن االســتفادة من أمثــال‬
‫هذه التعابري‪ .‬الرجل أكثر ظهوًر ا‪ ،‬هكذا هي بنيته‪ ،‬وقـد أعـّد ه اهلل سـبحانه وهّي أه هلذا العمـل‪ ،‬وأعـّد املرأة لعمـل آخـر‪.‬‬
‫بناًء عليه‪ ،‬فالظهور والربوز يف الرجـل أكـثر‪( ،‬وهـذا األمـر) بسـبب هـذه اخلصـائص واملّي زات‪ ،‬ال بسـبب األفضـلية‪ .‬أّم ا‬
‫فيما يتعّلق بشؤون اإلنسان األساسّية ‪ ،‬املرتبطة باإلنسان‪ ،‬فال فرق بني املرأة والرجل‪.‬‬

‫حس ـٌن ‪ ،‬انظــروا‪ ،‬يف مســألة التق ـّر ب إىل اهلل تعــاىل‪ ،‬هنــاك نســاء كالس ـّيدة الزهــراء عليهــا الســالم‪ ،‬والس ـّيدة زينب عليهــا‬
‫السـالم‪ ،‬والسـّيدة مـرمي عليهـا السـالم مقـامهّن غـري متصـّو ر ألمثالنـا‪ .‬يف اآليـة الشـريفة من سـورة األحـزاب ال فـرق بني‬
‫املرأة والرجل‪ ،‬ولرمّب ا السبب يف ذلك يعود إىل أهّن ا أرادت‬

‫‪51‬‬
‫ِنِت‬ ‫ِم ِت‬ ‫ِم ِن‬ ‫ِل ِت‬ ‫ِلِم‬
‫أن تنسف تلك التصـّو رات اجلاهلّي ة املرتبطــة بــاملرأة‪ِ﴿ :‬إَّن اْلُمْس يَن َو اْلُمْس َم ا َو اْلُم ْؤ يَن َو اْلُم ْؤ َن ا َو اْلَق ا يَن‬
‫اْلَق اِنَتاِت الَّصاِدِقي الَّصاِد َقاِت الَّصاِبِر ي الَّص اِب اِت اْلَخ اِش ِعي اْلَخ اِش اِت اْل َت ِّد ِقي اْل َت ِّد َقاِت‬
‫َع َو ُم َص َن َو ُم َص‬ ‫َن َو‬ ‫َر َو‬ ‫َن َو‬ ‫َو‬ ‫َن َو‬ ‫َو‬ ‫َو‬
‫َو الَّصاِئِم يَن َو الَّصاِئَم اِت َو اْلَح اِفِظ يَن ُفُر وَجُه ْم َو اْلَح اِفَظاِت َو الَّذ اِكِر يَن الَّلَه َك ِثيًر ا َو الَّذ اِكَر اِت َأَعَّد الَّلُه َلُه م َّمْغِف َر ًة‬
‫َو َأْج ًر ا َعِظ يًم ا﴾‪ 1‬فمن اإلســالم إىل الـِّذ كر هنــاك مســافة‪ ،‬وسلســلة شــهادات متدّر جــة‪ .‬وإن دّق ق املرء يف هــذه التعــابري‬
‫جيد ه ــذا‪َ﴿ :‬أَع َّد الَّل ُه َلُه م َّمْغِف َر ًة َو َأْج ًر ا َعِظ يًم ا﴾‪ .‬يف كـ ـّل منزل ــة يوج ــد الرج ــل واملرأة‪ ،‬الرج ــل اخلاش ــع‪ ،‬واملرأة‬
‫اخلاشعة‪ ،‬الرجل املتصّد ق واملرأة املتصّد قة ال فرق بينهمـا‪ .‬يقـول تعـاىل يف سـورة آل عمـران املباركـة بعـد تلـك اآليـات‬
‫ال ــيت يبت ــدئ كـ ـّل منه ــا بكلم ــة "رّبن ‪EE‬ا"‪َ﴿ :‬فاْس َتَج اَب َلُه ْم َر ُّبُه ْم َأِّني َال ُأِض يُع َعَم َل َعاِم ٍل ِّم نُك م ِّم ن َذَك ٍر َأْو ُأنَثى‬
‫َبْع ُضُك م ِّم ن َبْع ٍض ﴾‪.2‬‬

‫ال فــرق بني الرجــل واملرأة‪ .3‬بــالطبع‪ ،‬عنــدما نقــول إّن لكـّل منهمــا وظيفــة أساسـّية‪ ،‬فال يعــين هــذا أن ال نطــاق مشــرتك‬
‫بينهم ــا‪ .‬فالنطاق ــات املش ــرتكة بينهم ــا كث ــرية‪ .‬حىّت أّن النطاق ــات املش ــرتكة بني اجلنس ــني (املرأة والرج ــل) أك ــثر وأوس ــع‬
‫بكثري من النطاقات اخلاّص ة بكّل منهما‪ .‬وعلى الرغم من أّن لكّل منهما وظيفة خاّصة ال يقـدر اآلخـر على القيـام هبا‪،‬‬
‫أو على القيام هبا بـالنحو اجلّي د والصــحيح‪ ،‬إاّل أّنه يوجـد بني هـذين النطـاقني اخلاّص ني (بكـّل منهمـا على حـدة)‪ ،‬جمال‬
‫واسع‪ ،‬هو النطاق املشرتك‪ ،‬وهو جمال احلياة‬

‫‪ 1‬األحزاب‪.35 :‬‬
‫‪ 2‬آل عمران‪.195 :‬‬
‫‪.4/1/2012 3‬‬

‫‪52‬‬
‫االجتماعّي ة نفس ــه‪ ،‬واحلي ــاة السياس ـّية‪ ،‬واحلي ــاة االقتص ــادّية‪ ،‬واإلب ــداعات البش ــرّية وس ــائر الفن ــون واألعم ــال ال ــيت ميكن‬
‫لإلنسان القيام هبا‪ ،‬ما عدا تلك املتعّلقة بالنطاق اخلاّص باملرأة أو الرجل‪ .‬يف النظام اإلسالمي‪ ،‬ينبغي النظــر إىل الرجــل‬
‫واملرأة هبذه الطريقـة‪ .‬فلكـّل منهمـا موقعـه الـذي ال ينبغي لـه تركـه فارًغ ا‪ ،‬لكن هنـاك جمال واسـع أيًض ا عليهمـا مًع ا أن‬
‫يغّطي ــاه من خالل الش ــراكة والتع ــاون وإعم ــال الطاق ــات‪ ،‬وال يس ــمحا هلذا النط ــاق الوس ــطي (املش ــرتك) أن يض ــيع‪.1‬‬

‫النساء يشّك لن نصف اجملتمع اإلنساين‪ ،‬وأيًض ا ذلـك النصـف الـذي إذا مـا أرادت نظـرة اإلنسـان الثاقبـة أن تقيس دوره‬
‫بأدوار اآلخرين‪ ،‬لوجدت دور هذا النصف أكثر حساسّية ولطافة‪ ،‬وأبقى وأشّد تأثًريا يف حركة التاريخ اإلنساين ويف‬
‫سري البشرّية حنو الكمال‪ .‬لقد خلق اهلل تعاىل املرأة على هذه الشاكلة‪.2‬‬

‫هذه هي النظرة اإلهلّية لقضّية املرأة والرجل‪ .‬يوجـد فيمـا يتعّل ق خبلقـة املرأة والرجـل مسـألة أصـبحت منشـأ االحنرافـات‬
‫واألخطاء واملناهج اخلاطئة‪ ،‬وكان هلا لألسف وجود طـوال القـرون املتماديـة‪ ،‬وال تـزال اليـوم موجـودة‪ ،‬وتلـك املسـألة‬
‫هي أّن املرأة والرج ــل خمتلف ــان يف بنيتهم ــا الطبيعّي ة‪ ،‬أي إهّن م ــا خمتلف ــان يف البني ــة اجلس ــدّية واملادّي ة‪ ،‬ويف البني ــة العاطفّي ة‬
‫واملعنوّية والروحّية‪ .‬وهذه االختالفات مرتبطة بإمكانّية‬

‫‪.13/11/1995 1‬‬
‫‪.27/7/1995 2‬‬

‫‪53‬‬
‫أداء وظيفتهما اخلاّص ة والتمّك ن منها‪ ،‬وهي أيًض ا يف حمّلها‪.1‬‬

‫الرجل يف نظر املرأة مظهـر االعتمـاد‪ ،‬وموضـع االّتكـاء واالسـتناد‪ .‬وهـو جيّس د حمّبتـه هلا هبذا الشـكل‪ .‬لكـّل منهمـا دور‬
‫منفصــل عن اآلخــر‪ ،‬وكال الــدورين الزم‪ ،‬وخلــط هــذين الــدورين ببعضــهما هــو عمــل خمالف للطبيعــة وتضــييع لفرصــة‬
‫جّي دة‪ .‬وهــذا كــأن يــأيت بســتاّين جّي د وينشــئ بســتاًنا هنــا مبهــارة‪ ،‬فنــأيت حنن بعــدها ونركلــه وخنّر بــه ونعيث فيــه اخلراب‬
‫عماًل مبزاجنا‪ .‬عندما تنظر املرأة إىل الرجل‪ ،‬فإهّن ا تنظر إليه بعني العشق واحملّبة‪ ،‬وإىل كونه ميّثل دور السند الذي ميكن‬
‫هلا أن تستند إليه‪ ،‬حيث ميكن االستفادة من قواه اجلسمّية والفكرّية للسري قدًم ا يف أمور احلياة‪( ،‬تنظر إليه) كمحّر ك‪.‬‬

‫وعنــدما ينظــر الرجــل إىل املرأة فإّنه ينظــر إليهــا على أهّن ا مظهــر اجلمــال‪ ،‬واللطافــة‪ ،‬واألنس الــذي مينح اإلنســان اهلدوء‬
‫والراحــة‪ .‬فالرجــل موضــع االس ــتناد على صــعيد مس ــائل احليــاة الظاهرّي ة‪ ،‬واملرأة بــدورها موضــع االس ــتناد فيم ــا يتعّل ق‬
‫مبسائل احلياة الروحّية واملعنوّية‪ .‬إهّن ا عامل من األنس واحملّب ة وميكنهـا بـذلك اجلّو املفعم باحملّب ة إخـراج الرجـل من مجيـع‬
‫مهومه وغمومه‪ .‬هذه هي قدرات الرجل وقدرات املرأة الروحية‪.‬‬

‫هكذا هي الطبيعة أيًض ا‪ ،‬تعمل‪ ،‬إاّل أّننا ال نفهمها‪ ،‬وال نتجاوب معها‪ .‬أحياًنا‪ ،‬خُي ِرج الرجل بأخالقه السّيئة‪ ،‬وبفرض‬
‫األعمال الصعبة على املرأة‪ ،‬وبتوّقعاته الكثرية‪ ،‬وباإلهانة‪ ،‬منبع الطاقة هذا عن طوره‪ ،‬فال‬

‫‪.13/11/1995 1‬‬

‫‪54‬‬
‫تع ــود املرأة‪ ،‬ذل ــك املظه ــر ال ــذي ميكن ــه من الناحي ــة املعنوّي ة أن يبعث اهلدوء يف اإلنس ــان ومينح ــه الس ــكن‪ ،‬على حاهلا‪.‬‬
‫وتصـبح أحياًنا متربمـة وشـاكية‪ .‬وقـد ختطئ املرأة اخلطـأ نفسـه أحياًنا فيمـا يتعّل ق بالرجـل‪ ،‬فبـدل أن تنظـر إليـه على أّنه‬
‫الداعم والسند الذي ميكن االسـتناد واالعتمـاد عليـه‪ ،‬واإلفـادة من اسـتقامته ورزانتـه‪ ،‬تنظـر إليـه أحياًنا على أّنه خـادم‪،‬‬
‫وأحياًنا على أّنه مهـّر ج وغـّيب ـ بالنهايـة‪ ،‬النسـاء خمتلفـات‪ ،‬البعض منهّن خيطئ وجيرتح كـّل أنـواع األخطـاء ـ وبـدل أن‬
‫تستفيد من مصدر الطاقة والقـّو ة هـذا‪ ،‬حتّو لـه إىل موجـود خمتلـف متاًم ا‪ .‬هكـذا حتدث مثـل هـذه االختالفـات وال ينبغي‬
‫السماح حبدوثها‪ .‬يرى اإلسالم بأّن الرجل قّو ام‪ ،‬واملرأة رحيانة‪ ،‬وهو ال يعتدي على املرأة وال على الرجل‪ ،‬وال يغفــل‬
‫حـّق املرأة وال حـّق الرجــل‪ ،‬بــل ينظــر إىل طبيعتهمــا بشــكل جّي د‪ .‬حىّت إهّن مــا يتعــادالن يف امليزان أيًض ا‪ ،‬أي حني نضــع‬
‫هــذا اجلنس‪ ،‬جنس اللطافــة واألنس واجلمــال والبــاعث للراحــة النفسـّية يف أجــواء احليــاة‪ ،‬يف كّف ة‪ ،‬ونضــع اجلنس الــذي‬
‫يتحّلى باإلدارة والعمل والذي هو موضع اعتماد املرأة والسند واملالذ هلا يف الكّف ة األخرى‪ ،‬ستتعادل هاتان الكّف تان‪.‬‬
‫ولن ترجح هذه على تلك‪ ،‬وال تلك على هذه‪ .‬اآلن تأيت بعض االجّت اهات اخلاطئـة والـيت ال تنـادي هبا املرأة فحسـب‪،‬‬
‫بل قـد ينـادي هبا بعض الرجـال أحياًنا‪ ،‬ويقولـون ملاذا ال نبـّد ل أجنـاس كّف يت امليزان؟ فـإذا مـا قمنـا بتبـديلهما اآلن مـاذا‬
‫سيحصــل ســوى أّنكم ختطئــون؟ وســوى أّنكم ختّر بــون هــذا البســتان اجلميــل واملعطــاء؟ إّنكم لن تفعلــوا غــري هــذا‪ ،‬ولن‬
‫جتنوا فوائد بعضكم البعض‪ ،‬وستحّو لون جّو األسرة إىل جّو يفتقد للثقة‪،‬‬

‫‪55‬‬
‫وسيشوب عالقة الرجل واملرأة ببعضهما الشّك والرتديد‪ ،‬وستفقدون ذلك احلّب والعشق الـذي هـو الـركن األساسـي‬
‫يف هذا اجملال‪.‬‬

‫قد حيدث أحياًنا‪ ،‬ورأيتم (هذا يف حياتكم) حيث يأخذ الرجل دور املرأة يف البيت‪ ،‬وتصبح املرأة هي احلاكم املطلق‪،‬‬
‫تصدر أوامرهـا للرجـل‪ ،‬افعـل هـذا وال تفعـل هـذا‪ ،‬والرجـل مسـّلم هلا‪ ،‬هـذا شـكل‪ .‬حسـٌن ‪ ،‬مثـل هـذا الرجـل لن يكـون‬
‫مبقدوره‪ ،‬بعد‪ ،‬أن يكون موضع اعتماد املرأة ومالًذا هلا‪ .‬فاملرأة حتّب أن يكون هلا مالذ وملجأ جّي د‪ ،‬وليس من فائـدة‬
‫بعد هلذا‪ .‬أحياًنا يفرض الرجال من الناحيـة األخـرى‪ ،‬شـيًئا‪ ،‬لنفـرتض أّن كـّل املشـرتيات واملعـامالت وأمـور الـبيت هي‬
‫على عاتق املرأة‪ .‬ويفرضها الرجل عليها ألّنه (على سـبيل املثـال) مشـغول بالتـدريس يف اجلامعـة‪ ،‬أو بالعمـل يف الـدائرة‬
‫الفالنّية‪ ،‬وليس لديه وقت ـ فأصـل القضـّية هنـا عـدم امتالك الـوقت ـ وعليـه الـذهاب إىل العمـل‪ ،‬فيتحّتم على املرأة هنـا‬
‫أن تقــوم هبذه األعمــال‪ .‬أي األعمــال الشــاّقة وغــري احملّببــة هلا‪ ،‬بــالطبع‪ ،‬قــد تشــتغل هبا لبعض الــوقت‪ ،‬لكّنهــا ليســت من‬
‫صلب أعماهلا‪.1‬‬

‫إن دّققتم يف التعــابري اإلســالمّية حــول املرأة لوجــدمت تلــك التعــابري الواقعّي ة متاًم ا‪" :‬الم‪EE‬رأة ريحان‪EE‬ة وليس‪EE‬ت بقهرمان‪EE‬ة"‪.‬‬
‫ف ــاملرأة رحيان ــة أي وردة‪ ،‬وكي ــف ينبغي لإلنس ــان التع ــاطي م ــع ال ــوردة؟ إن عاملته ــا بقس ــوة فإهّن ا ت ــذبل ومتوت‪ ،‬وإن‬
‫وضعتها يف الرتبة وتعـاملت معهـا حبسـب فطرهتا وطبعهـا‪ ،‬فسـتكون مصـدًر ا للزينـة ومـؤّثرة‪ ،‬وسـيكون وجودهـا ظـاهًر ا‬
‫وبارًز ا‪.‬‬

‫‪.12/3/2000 1‬‬

‫‪56‬‬
‫"وليست بقهرمانة"‪ ،‬والقهرمانة ليست باملعىن املتداول يف اللغة الفارسـّية (أي البطلـة)‪ ،‬بـل هـو تعبـري عـرّيب مـأخوذ عن‬
‫الفارس ـّية‪ ،‬يفي ــد مباش ــرَة األم ــور‪ ،‬فالقهرم ــان ه ــو ال ــذي يباش ــر األم ــور ويتابعه ــا (رئيس العّم ال)‪ .‬أي ال ينبغي ل ــك يف‬
‫منزلــك أن تع ـّد املرأة مباشــرة ألمــورك‪ .‬وال تتص ـّو رّن بأّن ك الــرئيس‪ ،‬وأّن أعمــال املنزل واألطفــال وأمثاهلا هي بعهــدة‬
‫رئيس العّم ال‪ .‬وأّن املرأة هي رئيس العّم ال وجيب التعاطي معها كتعاطي الرئيس مع مرؤوسه!‬

‫ال‪ ،‬فالقضّية أساًس ا ليسـت هكـذا‪ .‬الحظـوا أّن التعـاطي هـو تعـاٍط حقيقي ومعتـدل يتماشـى مـع طبيعـة املرأة‪ .‬فـاملرأة ال‬
‫ميكنهــا أن تنســى طبيعتهــا‪ .1‬وهي أساًس ا ال حتّب هــذا العمــل‪ ،‬بنحــو طــبيعي‪ .‬ك ـّل واحــد منهمــا يكــون يف املوقــع الال‬
‫مناســب‪ .‬هــذه احلركــات النســوّية القائمــة يف العــامل اليــوم‪ ،‬والــيت ينتمي إليهــا الرجــال والنســاء من ك ـّل األطيــاف حتت‬
‫عن ــوان ال ــدفاع عن حق ــوق املرأة‪ ،‬هي ب ــرأيي‪ ،‬ال تع ــرف حق ــوق املرأة أساًس ا‪ .‬ذل ــك أّن احلّق ليس أم ـًر ا انتزاعًّي ا‪ ،‬أنتم‬
‫املتعّلمون تعون جّيًد ا هذا األمر‪ .‬للحـّق منشـأ طــبيعي‪ ،‬واحلّق الـواقعي واحلقيقي هـو ذاك الـذي يكـون لـه منشـأ‪ ،‬ومنشـأ‬
‫ط ــبيعي‪ .‬وهــذه احلقــوق الــيت يطرحوهنا ال منشــأ هلا‪ ،‬وهي مبنّي ة على أســاس األوهــام واخليــاالت‪ .‬وتلــك احلق ــوق الــيت‬
‫ينبغي أن تكــون للمــرأة والرجــل‪ ،‬جيب أن تكــون مســتندة إىل الطبيعــة‪ ،‬طبيعــة املرأة وطبيعــة الرجــل‪ ،‬وإىل شــكل وبنيــة‬
‫كّل من املرأة والرجل‪.2‬‬

‫‪.21/7/1997 1‬‬
‫‪.12/3/2000 2‬‬

‫‪57‬‬
‫وبشــكل خمتصــر‪ ،‬إن أردنــا أن نــبنّي هــذه االختالفــات‪ ،‬علينــا أّن نقــول بــأّن املرأة يف بنيتهــا الوجودّي ة والطبيعّي ة تتحّلى‬
‫بلطافة أكـثر من الرجـل‪ .‬ال نقـول إّن قّو هتا أقـّل من قـّو ة الرجـل‪ ،‬ألّن التطـّو ر العلمي‪ ،‬قـد أثبت يف بعض املوارد عكس‬
‫ذلك‪ ،‬وأثبت أّن حتّم ل النسـاء وطاقـاهتم يف الكثـري من املســائل املادّية واجلسـمانّية‪ ،‬أكـثر من حتّم ل الرجـال‪ .‬لكّن املرأة‬
‫تتمّت ع بلطافــة‪ ،‬وبنيتهــا أق ـّل وأصــغر حجًم ا‪ ،‬ولكنهــا أكــثر تــأّثًر ا من الناحيــة العاطفّي ة‪ .‬هــذه هي الفــوارق الطبيعّي ة بني‬
‫املرأة والرجل‪ .‬بناًء عليه‪ ،‬هذان املوجودان اللذان يتمّتع أحدمها بقّو ة وقدرة أكرب وأشـّد قســاوة من الناحيــة البدنّي ة من‬
‫اآلخــر‪ ،‬مبعــىن آخــر‪ ،‬أكــثر ط ـواًل ‪ ،‬وأضــخم عظًم ا‪ ،‬وأغلــظ صــوًتا‪ ،‬وأش ـّد ق ـّو ة‪ ،‬واآلخــر على ســبيل الفــرض‪ ،‬أق ـّل ق ـّو ة‬
‫وأوهن من حيث العض ــالت‪ ،‬إذا كان ــا يعيش ــان يف بيئ ــة ال حيكمه ــا الق ــانون‪ ،‬وحاكمّي ة العق ــل واملنط ــق فيه ــا ض ــعيفة‪،‬‬
‫يكون حاهلما واضًح ا‪ .‬فالقوّي سيظلم الضعيف‪ ،‬ويستغّله ويؤذيـه وســوف جيربه على خدمتـه‪ .‬وهـذا أمــر حتمي‪ .‬هـذا‬
‫ما سيحدث إن مل يكن العقل والقانون موجودين‪.‬‬

‫بالطبع‪ ،‬للمرأة إذا ما أرادت التغّلب على الرجل‪ ،‬قدرات‪ ،‬وأعمال‪ ،‬وأساليب وممّيزات ختّتص هبا‪ .‬فإذا ما كان العقـل‬
‫والتــدبري مها احلاكمــان‪ ،‬فــإّن هــذه األســاليب ســتجدي نفًع ا‪ .1‬ميكن للمــرأة بــدرايتها ولطافتهــا أن جتعــل الرجــل طــوع‬
‫يديها‪ ،‬ويشهد املرء هذا األمر بالتجربة‪ ،‬كما ميكن إثباته بالقياس الفكري والعقلي‪ .‬وهذا أمر واقعّي ‪ .‬نعم‪ ،‬هناك‬

‫‪.13/11/1995 1‬‬

‫‪58‬‬
‫نس ــاء ال يتحّلني بالدراي ــة والكياس ــة‪ ،‬ل ــذا ال ميكنهّن القي ــام هبذا األم ــر‪ ،‬أّم ا املرأة ال ــيت تتحّلى بالفطن ــة والكياس ــة‪ ،‬فإهّن ا‬
‫ت ــرّو ض الرج ــل لنفس ــها‪ .‬وه ــذا متاًم ا مثلم ــا ميكن لش ــخص أن ي ــرّو ض أس ـًد ا مفرتًس ا‪ ،‬وميتطي ــه‪ ،‬وال يع ــين ه ــذا أّن ه من‬
‫الناحية اجلسدّية أقوى من األسد‪ ،‬بل يعـين أّنه اسـتطاع أن يسـتخدم هـذه القـدرة التأثريّية‪ ،‬والنسـاء ميتلكن مثـل هكـذا‬
‫قدرات‪ ،‬غاية األمـر من خالل اللطافـة‪ ،‬واللطافـة والدّقة الـيت نتكّلم عنهـا ال تقتصــران على اللطافـة يف الـرتكيب والبنيـة‬
‫اجلســدّية‪ ،‬بــل اللطافــة والدّق ة يف الفكــر والتفكــري والتــدبري واخّت اذ القــرار الــيت جعلهــا اهلل يف املرأة‪ .1‬وإن مل يكن التــدبري‬
‫والقانون موجودين‪ ،‬ومل يكن اجلّو جًّو ا عقالنًّيا‪ ،‬ومل ُيّتبـع األسـلوب العقالين‪ ،‬حينـذاك سـتقع اخلسـارة الكـربى‪ ،‬والـيت‬
‫لألس ــف ح ــدثت وحتدث من ــذ فج ــر الت ــاريخ البش ــري إىل اآلن‪ ،‬أال وهي اس ــتغالل جنٍس للجنس اآلخ ــر‪ .‬ومرادن ــا من‬
‫اجلنس ليس اجلنس املنطقي‪ ،‬ب ــل املع ــىن املش ــهور واملتع ــارف ل ــه‪ .‬حيث اس ــتغّل جنس أو ص ــنف ـ وال ــذي ه ــو ص ــنف‬
‫الرجــال ـ اجلّو الالقــانوين والالعقالين‪ ،‬وتع ـّد ى على اجلنس أو الصــنف اآلخــر وظلمــه‪ .‬وهــذا هــو العمــل الــذي مــورس‬
‫على امتـداد التـاريخ‪ ،‬ومُي ارس اآلن أيًض ا‪ .‬بـالطبع‪ ،‬هـذا ال يعـين أّن هـذا األمـر قـد حـدث على امتـداد التـاريخ باسـتمرار‬
‫ويف ك ـّل مك ــان‪ .‬ب ــل ك ــان أحياًن ا حيدث عكس ه ــذا يف بعض املن ــاطق‪ .‬ففي املن ــاطق ال ــيت ك ــان يس ــودها حكم العق ــل‬
‫واملنطق والقانون واحلكومة‪ ،‬أو العادات واآلداب اخلاّص ة‪ ،‬كان الوضع خمتلًف ا‪ .‬لكن‪( ،‬باألغلب األعّم ) ما كان رائًج ا‬
‫يف املاضي‬

‫‪.11/5/2013 1‬‬

‫‪59‬‬
‫هو هذا (استغالل جنس آلخر)‪ .‬إذا ما راجعتم الكتب واملؤّلفات اليت ُأّلفت (يف املاضـي) سـرتون حتًم ا كيـف كـانت‬
‫نظرة األقوام والشعوب السابقة للمرأة‪ ،‬وكيف كان أسلوهبم وتعاطيهم‪ .‬إحدى جتلّياته هو ما ورد يف القرآن الكــرمي‪:‬‬
‫﴿َو ِإَذا ُبِّش َر َأَح ُد ُه ْم ِب اُألنَثى َظَّل َو ْجُه ُه ُمْس َو ًّدا َو ُه َو َك ِظ يٌم﴾‪ ،1‬واقًع ا‪ ،‬إّن مــا حــدث يف التــاريخ حمزن مبـٍك ‪ .‬وهــذا‬
‫كــان نتيجــة لفقــدان البيئــة العقالنّي ة وتعطيــل العقــل وفقــدان القــانون‪ .‬هــل ميكن يف الغابــة الــيت ال حيكمهــا القــانون وال‬
‫العقل أن يقـف حيـوان قـوّي أمـام غريزتـه أو ميلـه ورغبتـه الـيت ال تعـرف الشـبع‪ ،‬دون افـرتاس حيـوان ضـعيف! لـذا‪ ،‬إذا‬
‫أصــبحت البيئــة كبيئــة الغابــة‪ ،‬ستصــبح قضـّية املرأة والرجــل قضـّية املرارة والقبح نفســها تلــك الــيت شــهدناها يف التــاريخ‬
‫ونشاهدها اليوم لألسف يف العامل‪.‬‬

‫ومن اخلطأ أن يظّن أحـد أّن هـذه األمـور ال وجـود هلا يف الغـرب الـذي يتشـّد ق مبشـاركة املرأة للرجـل‪ ،‬وتسـاويهما أو‬
‫يرفــع شــعار حقــوق املرأة‪ ،‬وأّن الظلم ال مُي ارس على املرأة هنـاك‪ .‬توجـد إحصــاءات خميفــة يف الغــرب عن تعــنيف املرأة‪،‬‬
‫واس ــتغالهلا‪ ،‬س ــواًء يف بيئ ــة العم ــل‪ ،‬أو يف البيئ ــات األخ ــرى‪ ،‬حىّت إّن املرء ليش ــعر باخلج ــل من ذك ــر بعض ــها‪ .‬رأيت يف‬
‫بعض اإلحصاءات املتعّلقة بإحـدى الـدول الغربّي ة ‪ -‬أمريكـا ‪ -‬أّن عـدد النسـاء اللـوايت ُيضـربن من ِقَب ل أزواجهّن كثـري‬
‫جًّدا‪ .‬واقًعا ُأصبت بالدهشة‪ ،‬وإّنه إلحصاء يدعو إىل العجب‪ .‬ورد يف تلك املقالة‪ ،‬أّن‬

‫‪ 1‬سورة النحل‪ :‬اآلية‪.58 :‬‬

‫‪60‬‬
‫هــذا هــو إحصــاء للنســاء اللــوايت تق ـّد من بالشــكاوى‪ ،‬أّم ا أولئــك الــذين تغاضــني عن املســألة‪ ،‬أو خفن من أن يتس ـّبب‬
‫تق ــدمي الش ــكوى ب ــرّدة فع ــل أق ــوى من قب ــل أزواجهّن ‪ ،‬فه ــؤالء غ ــري معل ــوم ع ــددهّن ! ل ــذا‪ ،‬تالحظ ــون أّن قضـ ـّية املرأة‬
‫ومشــاكلها ال حُت ّل بــالطرق الــيت قـّد مها الغــرب‪ ،‬من أمثــال تعّر يهــا وتواجــدها يف الطرقــات وابتعادهــا عن احلجــاب ومــا‬
‫شــابه‪ .‬وليس األمــر كمــا نتص ـّو ر أّن ه إذا مــا نزعنــا الشــادور عن رأس املرأة‪ ،‬أو قّللنــا من حجاهبا‪ ،‬أو صــرفنا النظــر عن‬
‫هذه القيود الشرعّية‪ ،‬سُتحّل مشكلة املرأة‪ .‬مشكلة املرأة لن حُت ّل هبذا الشكل‪ ،‬بل ستزداد سوًءا‪.1‬‬

‫العمل الذي يقوم به اإلسالم أساسّي ‪ .‬إّنه يسـعى إلجياد بيئـة وجـّو ‪ ،‬ال يظلم فيهـا اجلنس األقـوى من الناحيـة اجلسـدّية ـ‬
‫وه ــذه الق ـّو ة اجلس ــدّية ال تع ــين ب ــالطبع أّن ه أق ــوى من الناحي ــة العقلّي ة والعلمّي ة ـ اجلنس األض ــعف‪ ....‬من الواض ــح أّن‬
‫اجلنس األقوى من الناحية اجلسـدّية أضـخم عظمـا‪ ،‬وأطـول قامـة وأغلـظ صـوًتا‪ ،‬لكن هـل هـو أشـّد عقاًل وأكـثر فطنـًة؟‬
‫ال‪ .‬وهــل هــو أقــوى يف هــذه املنطقــة الوســطّية والــيت هي منطقــة السياســة واالقتصــاد والعلم وبــاقي األمــور‪ ،‬من اجلنس‬
‫اآلخر؟ ال‪ .‬ألّن هذه األمور مرتبطة باملشاركة والتجربة ومباشرة األمور‪.‬‬

‫إذا مــا ُأبعــدت املرأة أللــف ســنة أخــرى عن ميــادين احليــاة املختلفــة‪ ،‬ســرتون بعــد ألــف ســنة أّن عــدد العلمــاء الرجــال‪،‬‬
‫والسياسّيني الرجال‪ ،‬والتجار وأصحاب املهن الرجال‪ ،‬وعدد الرجال الذين يقودون األنشطة‬

‫‪.13/11/1995 1‬‬

‫‪61‬‬
‫والفعالّي ات االجتماعّي ة‪ ،‬أكــثر من النســاء‪ .‬وإذا مــا حــالت قـّو ة دون الرجــال والتــدّخ ل يف مثــل هكــذا أمــور‪ ،‬وأدخلت‬
‫(بـداًل منهم) النســاء يف هــذه األمــور‪ ،‬فســرتون بعــد مضـّي ســنوات بــأّن هــذا اجلنس (الرجــال) سيضــعف تــدرجيًّيا‪ ،‬وأّن‬
‫ذاك اجلنس (النســاء) سيصــبح أقــوى‪ .‬بــالطبع‪ ،‬هــذا أيًض ا غــري صــحيح‪ ،‬وهــو ظلم بطريقــة أخــرى‪ .‬لــذا‪ ،‬فح ـّل مســألة‬
‫اجلنسني ‪ -‬من أجل احلؤول دون البغي والتطاول‪ - 1‬مرتبـط بثالثـة عوامـل‪ ،‬وهي العوامـل املعنوّية نفسـها الـيت أشـرت‬
‫إليهــا ســابًق ا‪ .‬ينبغي إدخــال العامــل املعنــوي إىل امليــدان لتقـّل أمهّي ة العامــل اجلســماين واملادّي ‪ .‬العامــل اجلســماين واملادي‬
‫يعين عالمات القّو ة الظاهرّية نفسها يف جنس ما‪ .‬عندما ندخل العامل املعنوّي ‪ ،‬يضعف العامل املاّدي‪.‬‬

‫أحـد هـذه العوامــل الثالثـة هـو القــانون‪ .‬وينبغي للقــانون أن ال يســمح بـالظلم‪ .‬عامــل آخـر من العوامــل الثالثـة هـو رفــع‬
‫مستوى تفكـري املرأة وعقالنّيتهـا عن طريـق التحصـيل العلمي‪ ،‬والنشـاطات الفكرّية واالجتماعّي ة واالقتصـادّية والعقلّي ة‬
‫واألدبّي ة والفنّي ة املختلف ــة‪ .‬النس ــبة األك ــثر من األّمّيني يف الع ــامل الي ــوم هي من النس ــاء‪ .‬وينبغي مكافح ــة األّمّي ة لتتمّك ن‬
‫املرأة من أن تصــبح ذات تفكــري وتــدبري‪ ،‬فال تســتطيع تلــك الق ـّو ة أن تعتــدي عليهــا وتظلمهــا‪ .‬وإذا مــا منا هــذا التــدبري‬
‫والعقالنّي ة والعلم وال ــوعي يف املرأة‪ ،‬فإّن ه س ــيمنع تط ــاول وتع ـّد ي تل ــك الق ـّو ة املادّي ة‪ .‬ب ــالطبع‪ ،‬التعّلم ليس ه ــو املعي ــار‬
‫دوًم ا‪ ،‬األساس هو العقالنّية‪ .‬أحياًنا قد يكون هناك أناس‬

‫أي التجاوز والتعّد ي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪62‬‬
‫متعّلم ــون لكّنهم ال يتحّل ون بالعق ــل والكياس ــة‪ .‬والعكس ممكن أيًض ا‪ .‬ل ــذا‪ ،‬األس ــاس أن تنم ــو العقالنّي ة والكياس ــة يف‬
‫املرأة لتتمّك ن من منــع تع ـّد ي تلــك الق ـّو ة املادّي ة وتلجمهــا‪ .1‬وينبغي لفكــرة تكامــل املرأة ورشــدها من الناحيــة املعنوّي ة‬

‫واألخالقّي ة أن تك ــون فك ــرة رائج ــة بني النس ــاء أنفس ــهّن ‪ .‬وعلى النس ــاء أنفس ــهّن التفك ــري أك ــثر هبذه املس ــألة‪ .‬وعليهّن‬
‫أنفس ــهّن اإلقب ــال على املع ــارف والعل ــوم‪ ،‬واملطالع ــة ومس ــائل احلي ــاة األساس ـّية‪ .‬والرتبي ــة الغربّي ة اخلاطئ ــة أّدت إىل مي ــل‬
‫النساء يف عهد حكومة الطاغوت يف هذا البلد‪ ،‬إىل التّربج والكماليات والزينـة غـري الواعيـة واالهتمـام باملظـاهر‪ ،‬والـيت‬
‫هي بــدورها من عالمــات حاكمّي ة الرجــل‪ .‬إحــدى عالمــات حاكمّي ة الرجــل الغــريب هي هــذه‪ ،‬إذ يريــدون للمــرأة أن‬
‫تكون متاحة للرجل‪ ،‬لذا‪ ،‬يقولون‪ :‬على املرأة أن تتّربج ليلتّذ الرجل! هذه حاكمّية الرجـل‪ ،‬وليســت حّر ّية املرأة‪ ،‬هي‬
‫يف احلقيقة حرّية الرجل‪ .‬يريدون للرجل أن يكون حًّر ا‪ ،‬حىّت يف املتعة البصرّية‪ ،‬لذا يشّج عون املرأة على نزع احلجاب‬
‫والتـّربج والزينــة أمــام الرجــال! بــالطبع‪ ،‬هــذه األنانّي ة اّتصــف هبا الكثــري من الرجــال يف اجملتمعــات الالدينّي ة منــذ العهــود‬
‫القدمية‪ ،‬وال يزال ــون إىل اآلن‪ ،‬والغربّي ون هم التجّلي األعلى هلا‪ .‬إًذا‪ ،‬ينبغي هلذه املس ــألة ال ــيت تق ــود النس ــاء حنو املعرف ــة‬
‫والعلم واملطالعــة والــوعي واكتســاب املعلومــات واملعــارف أن تؤخــذ على حممــل اجلّد بني النســاء أنفســهّن ‪ ،‬وأن تــوىل‬
‫األمهّية من قبلهن‪.2‬‬

‫‪.13/11/1995 1‬‬
‫‪.22/10/1995 2‬‬

‫‪63‬‬
‫ثالًث ا‪ ،‬أن ُيعمــل على رفــع مســتوى التفكــري يف اجملتمــع بشــكل عــاّم‪ .‬فــاجملتمع الــذي يتحّلى فيــه اجلميــع بقــدر من الــوعي‬
‫والعقل والتفكري والنضوج واحلكمة‪ ،‬ال يعتدي فيه أحد على آخر دون سبب‪ .‬وهذا هو العامل الثالث‪.‬‬

‫لقد درس اإلسـالم القضـايا يف موضـوع احلجـاب‪ ،‬حبكمـة بالغـة‪ .‬وكّلمـا أعمـل اإلنسـان الدّقة‪ ،‬يـزداد املوضـوع عمًق ا‪.‬‬
‫ولقد وضع الشرع املقّد س فيما يتعّلق حبكم احلجاب حًّدا معّيًنا‪ ،‬جيب معرفتـه‪ .‬وال ينبغي ختّطيـه أو اإلفـراط والتفريـط‬
‫فيه‪ .‬إّن حجاب النساء اإليرانّيات حجاب جّيد‪ .‬بـالطبع‪ ،‬هـذا ليس شـكل احلجـاب الوحيـد‪ .‬فهنـاك مسـلمون آخـرون‬
‫يف العامل أيًض ا‪ ،‬ولنسائهم أنواع أخرى من احلجاب‪ ،‬حىت لو مل يكّن يرتـدين الشـادور‪ .‬مـع أّنه (الشـادور) بنظرنـا هـو‬
‫احلجـاب األفضـل‪ .‬وإّن من اخـرتع الشـادور ‪ -‬الـذي هـو احلجـاب اإليـراين ‪ -‬قـد ابتكـر السـرت اجلّي د‪ .‬أسـاس املوضـوع‬
‫هو احلجاب‪ ،‬وينبغي فهم معىن احلجاب‪ .‬ليس احلجاب حجب املرأة عن الرجل‪ ،‬إمّن ا هو حجاب ما بني نطــاق احليــاة‬
‫اخلاّصة بكّل من املرأة والرجل‪ .‬وينبغي بالطبع للمرأة أن تراعيه بنحو ما‪ ،‬وللرجل أيًض ا أن يراعيـه بشـكل آخـر‪ .‬تلـك‬
‫اللطاف ــة ال ــيت تكّلمن ــا عنه ــا‪ ،‬تف ــرض على املرأة بعض األم ــور‪ .‬يق ــول أم ــري املؤم ــنني (علي ــه الس ــالم)‪" :‬املرأة رحيان ــة" أي‬
‫وردة‪ .‬هــذا التعبــري عجيب‪ ،‬ويتض ـّم ن يف نفســه تلــك اللطافــة والظرافــة نفســها‪ .‬ومل يــرد مثــل هــذا التعبــري حبّق الرجــل‪.‬‬
‫فكون املرء رحياًنا يفرض عليه أموًر ا وحيّتم عليه مراعاة بعض األمور‪.‬‬

‫ومراعاة النساء للحجاب أّو اًل ‪ ،‬ليس مبانع ألّي نشاط علمي‬

‫‪64‬‬
‫وسياسي‪ .‬وإذا ما أردنا أن نقدم دلياًل على ذلـك‪ ،‬فالنسـاء العاملات‪ ،‬واملتعّلمـات‪ ،‬واحملّص الت‪ ،‬لـديهّن أنشـطة سياسـّية‬
‫واجتماعّي ة‪ ،‬ول ــديهّن حض ــور فاع ــل يف أك ــثر املي ــادين‪ ،‬وباحلج ــاب (أيًض ا)‪ ،‬فاحلج ــاب ليس مبانع‪ .‬ليس ص ــحيًح ا أّن‬
‫النس ــاء الل ــوايت ال حيافظن على حج ــاهبّن بش ــكل جّي د يف جمتمعن ــا‪ ،‬هّن أك ــثر حض ــوًر ا يف األج ــواء والبيئ ــات العلمّي ة‬
‫واملتطورة‪ .‬ومل يكن األمر كذلك أيًض ا يف الفـرتة (املاضـية) الـيت كـانت فيهـا سياسـة اجلهـاز احلاكم هلذا البلـد تّتجـه إىل‬
‫إجبــار النســاء على خلــع احلجــاب‪ ،‬وســوقها حنو الفحشــاء‪ ،‬وليس صــحيًح ا أن اللــوايت غــرقن أكــثر يف ذلــك املســتنقع‪،‬‬
‫كّن من أهل العلم واالختصاص والوعي والتحصيل واملعرفة‪ ،‬بل العكس كان الصحيح‪ .‬وأولئك اللوايت كّن من أهل‬
‫العلم واملعرفــة ومــا شــابه‪ ،‬كّن يتجّننب نس ـبًّيا مثــل هــذه األجــواء‪ .‬وهّن اليــوم أيًض ا كــذلك‪ .‬بنــاًء عليــه‪ ،‬فاحلجــاب من‬
‫ناحية ليس مبانع‪ ،‬وهذا السرت اخلاّص باملسلمات واحلفــاظ عليـه‪ ،‬ليس مبانع للنسـاء من أّي عمـل جّي د‪ ،‬ومن أّي تطـّو ر‬
‫معنوّي ومادّي وظاهرّي ‪ ،‬ومن ناحيـة أخـرى‪ ،‬وجـود احلجـاب للنسـاء يف جمتمـع مـا‪ ،‬جيلب معـه نعًم ا وعطايـا ال بـديل‬
‫هلا‪ .‬إحدى هذه النعم حفظ بنيان األسرة‪ ،‬والـيت من دون احلجـاب ال حُت فـظ جّي ًد ا وتضــعف‪ .‬وهـذه املشــكلة موجـودة‬
‫اليوم يف الغرب‪.‬‬

‫ال يقولّن أحد إّن هناك أشخاًص ا لديهم ُأسرة جّيدة وحمّبة وجًّو ا عائلًّي ا جّي ًد ا‪ ،‬مـع أهّن م بال حجـاب‪ .‬حتًم ا توجـد مثـل‬
‫هكذا ُأسر‪ .‬حنن ال نريد القول بأّن األسرة تتضعضع يف كّل مكان ال ُيراعى فيه احلجاب‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫بل حني ال يكون هذا االصل موجوًد ا يف بيئة اجتماعّية ما‪ ،‬يتزلزل ذلك األصل يف االسـر تلقائًّي ا‪ .‬وهـذا مـا حـدث يف‬
‫الغرب‪.1‬‬

‫وقــد ظهــرت آثــار وتبعــات هــذا األمــر املدّم رة حينــذاك يف اجملتمعــات البشــرّية‪ ،‬كتفّك ك بنيــان العائلــة‪ ،‬واإلحصــائّيات‬
‫احلاكي ــة عن جتارة النس ــاء املؤملة واملؤس ــفة‪ .‬إّن التج ــارة األك ــثر ازده ــاًر ا ورواًج ا يف الع ــامل الي ــوم وطبًق ا لإلحص ــائّيات‬
‫العاملّي ة ‪ -‬والــيت هي بنظــري إحصــاءات األمم املّتحــدة‪ ،‬وهي مركــز رمسي ‪ -‬هي جتارة النســاء وهتريبهّن ‪ .‬وهنــاك عـّد ة‬
‫بلــدان هي األســوأ يف هـذا اجملال‪ ،‬من بينهــا الكيـان الصــهيوين‪ .‬حيث جيمعــون النســاء والفتيـات من الــدول الفقــرية‪ ،‬من‬

‫أمريكا الالتينّية‪ ،‬وبعض دول آسيا‪ ،‬وبعض دول أوروبا الفقرية‪ ،‬حتت عنـاوين العمــل والــزواج ومــا شــابه‪ ،‬ويأخـذوهنّن‬
‫يف ظروف قاسية جًّدا ويسّلموهنّن إىل مراكز ترجتف األبدان جملّر د تصّو رها أو تصّو ر امسها‪ .‬وكّل هذا قائم على هــذه‬
‫النظرة اخلاطئة‪ ،‬وهذه الالمساواة الظاملة فيما يتعّلق مبكانة املرأة يف اجملتمع‪ .‬إّن ظاهرة األطفال غري الشرعّيني‪ ،‬والنســبة‬
‫األعلى هلذه الظاهرة يف أمريكا‪ ،‬هي ظاهرة احلياة املشرتكة من دون زواج‪ ،‬أي هي يف احلقيقة إطاحة مبؤّس سة األسرة‬
‫وبيئته ــا الدافئ ــة واحلميمّي ة‪ ،‬وإطاح ــة بربك ــات العائل ــة‪ ،‬وحرم ــان للبش ــرّية من ه ــذه الربك ــات‪ .‬وه ــذه كّله ــا نامجة عن‬
‫املشكلة األوىل‪ .‬جيب التفكري فيما يتعّلق هبذه املسـألة‪ ،‬والتعريـف مبكانـة املرأة‪ ،‬والوقـوف جبّد ّية بوجـه منطـق الغوغائّي ة‬
‫الغريب‪.‬‬

‫‪.13/11/1995 1‬‬

‫‪66‬‬
‫ُس ئلت ذات يــوم‪ :‬مــا هــو جوابــك وكيــف ســتدافع يف مواجهــة مــا يثــريه الغربّي ون حــول مســألة حقــوق املرأة يف إيــران؟‬
‫فقلت‪ :‬ال ينبغي لنــا أن نــدافع‪ ،‬بــل أن هناجم! إّننــا نــدين الغــرب فيمــا يتعّل ق حبقــوق املرأة‪ ،‬فهم الــذين يظلمــون املرأة‪،‬‬
‫ويهينوهنا‪ ،‬وحيّط ون من مكانتهـ ــا‪ ،‬باسـ ــم احلرّي ة‪ ،‬والعمـ ــل‪ ،‬وإعطائهـ ــا املسـ ــؤولّية‪ .‬إهّن م ميارسـ ــون على النسـ ــاء أنـ ــواع‬
‫الضغوط الروحّية والنفسّية والعاطفّية‪ ،‬وحيّطون من قدرها وشأهنا‪ ،‬عليهم هم أن جييبوا عن هذه األسئلة ويــدافعوا عن‬
‫أنفسهم‪.1‬‬

‫إّن الغ ــرب يته ـّر ب ب ــدهاء من ط ــرح قض ـّية األس ــرة‪ .‬ويط ــرح يف ك ـّل األحباث ال ــيت يعم ــل عليه ــا قض ـّية املرأة‪ ،‬فيم ــا ال‬
‫يتطـّر ق لقضـّية األسـرة أبـًد ا‪ .‬واألسـرة تشـّك ل نقطـة ضـعف لـدى الغـرب‪ .‬إّنه يطـرح قضـّية املرأة من دون أن يـأيت على‬
‫ذكر األسرة‪ ،‬مع أّن املرأة ال تنفّك عن األسرة‪ .‬لذا‪ ،‬فإّن متابعة هذه املسألة أمـر الزم‪ .2‬لقـد حتّد ثت يف كلمـة يل على‬
‫منرب األمم املّتحدة‪ 3‬عن األسرة حلوايل الساعة والنّيف‪ .‬بعدها‬

‫‪.31/5/2011 1‬‬
‫‪.4/1/2012 2‬‬
‫‪ 3‬خطابه يف اجلمعّية العاّم ة الثانية واألربعني لألمم املّتحدة يف نيويورك‪ :‬القوى العظمى هي العامـل األكـرب لتـربير الفسـاد ونشـره‪ :‬الفسـاد األخالقي‪ ،‬الفسـاد اجلنسـي‪،‬‬
‫والفســاد االعتقــادي‪ .‬هــذه كّلهــا جتد الــداعمني واملرّو جني الرئيسـّيني هلا يف الــدوافع السياسـّية واالقتصــادّية واملخابراتّي ة هلذه القــوى‪ .‬وهــذا مــا حصــل‪ ،‬حيث اليــوم يف‬
‫العـامل املظلم‪ ،‬وهـذه املّر ة يف الشـعوب املنتميـة إىل هـذه القـوى الكـربى‪ ،‬ذهبت القيم األخالقّي ة أدراج الريـاح‪ ،‬وتضعضـع بنيـان األسـرة واهـتّز ‪ ،‬وسـيطر شـبح اإلدمـان‬
‫على الكحول واملواّد املخّد رة أكـثر من أّي وقت‪ ،‬وقّلت جاذبّي ة املعنوّيات واألخالق من أّي وقت كـذلك‪ .‬علينـا أن نبـدأ مبحاربـة الفسـاد يف بالدنـا بشـكّل جـّد ّي ‪.‬‬
‫وأن نق ـّو ي بنيــان العائلــة‪ ،‬وأن نؤّس س بيت الرتبيــة اإلنســانّية األساس ـّي واألّو ل‪ ،‬مركــز احملّب ة‪ ،‬والصــفاء والعاطفــة واملعنوّي ة‪ .‬وعلينــا التأكيــد على محايــة حقــوق املرأة‬
‫وقيمها‪ ،‬ونعيد النظر يف املعايري الراهنة هلا واليت هي صـنيعة نظـام اهليمنـة هـذا وتصـّو راته‪ ،‬وحنّر ر املرأة جـّد ًّيا من كوهنا وسـيلة لّلّذ ة‪ ،‬والـيت فرضـتها عليهـا ثقافـة اهليمنـة‬
‫الغربّية عملًّيا‪.‬‬
‫واملرأة [بصــفتها] عاملة‪ ،‬سياس ـّية‪ ،‬مــديرة‪ ،‬شخص ـّية بــارزة‪ ،‬واألفضــل من ك ـّل هــذا كزوجــة وأّم‪ ،‬نعم‪ ،‬ال بصــفتها وســيلة للشــهوة والتســلية‪ ،‬ميكنهــا أن متنح نصــف‬
‫البشرّية هوّيتهم وشخصّيتهم احلقيقّية‪ ،‬وأن متنح األسرة أساًس ا دائًم ا ومقّد ًس ا‪.22/9/1987 .‬‬

‫‪67‬‬
‫علمت أّن التلفزيونات األمريكّية مع كّل اإلصرار على الرقابة وختريب كالمنـا‪ ،‬اسـتندت إىل هـذا اخلطـاب وبّثتـه عـّد ة‬
‫مّر ات مع الرتمجة‪ .‬وذلك ألّنين تطّر قت للكالم عن األسرة قلياًل ‪.‬‬

‫أي إّن الرس ــالة املتضـ ـّم نة للكالم عن األس ــرة هي الي ــوم بالنس ــبة للغ ــرب كاملاء الب ــارد الع ــذب‪ .‬وذل ــك أهّن م يش ــعرون‬
‫بالنقص إزاءها‪.1‬‬

‫إّن قض ـّية األســرة (بالنســبة للغــرب) قض ـّية على جــانب كبــري من األمهّي ة‪ ،‬حبيث إذا مــا جــرى االهتمــام واالعتنــاء بــأمر‬
‫األسرة وبنياهنا وأساسها‪ ،‬تبدأ القلوب باخلفقان‪ ،‬ألّن هذه هي مشكلتهم األساسـّية‪ .‬هكـذا هـو الغـرب اليـوم‪ .‬وخالًفا‬
‫لـه‪ ،‬يف أّي مكـان ّمتت مراعـاة احلجـاب بنحـو كّلّي أو نسـيب‪ ،‬سـيقوى بنيـان األسـرة بـذلك املقـدار وتلـك النسـبة‪ .‬فـبني‬
‫هذين عالقة مباشرة‪.‬‬

‫من مجلة األمور املرتّتبة على احلجاب الذي هو مصدر سعادة املرأة‪ ،‬عدم إمكانّي ة االسـتغالل الـذي تكّلمنـا عنـه‪ .‬ذلـك‬
‫أّن إحدى مشاكل‬

‫‪.15/12/1997 1‬‬

‫‪68‬‬
‫النساء يف البيئات املتأّثرة بالثقافة الغربّية واملبتالة بتصّو راهتا‪ ،‬هي موضوع الزينة والتزّين وخـروج املرأة بكامــل زينتهــا‪.‬‬
‫وهذه واقًعا من القضايا واملشاكل املهّم ة‪ .‬ومن حسن احلّظ أّن نسـاءنا الثورّيات مل يتـأّثرن هبذه املسـألة‪ .‬مـع أيّن أشـعر‬
‫بــأّن البعض خيّر ب خلــوص النســاء األوائــل وصــفاءهّن وحياول أن يشــيبه (ببعض الشــوائب)‪ ،‬ويقــود النســاء عم ـًد ا هبذا‬

‫االجّت اه‪ .‬لكّن أولئ ــك مبتلي ــات‪ ،‬وه ــذا يس ــتهلك وقتهّن وأم ــواهلّن وّمهتهّن ‪ .‬وإن مل يكن ه ــذا األم ــر موج ــوًد ا يف حي ــاهتّن‬
‫بشّد ة‪ ،‬لصرفن وقتهّن وأمواهلّن وجهودهّن وأحاسيسهّن على أعمال بّناءة أفضل هلّن ‪ .‬على أّي حال‪ ،‬هذه هي وجهة‬
‫نظر اإلسالم وطريقته‪ ،‬وهذه هي طريقة عالجه للمسألة‪.1‬‬

‫إّن عــامل االســتكبار الــذي تســوده (األفكــار) اجلاهلّي ة خمطىء حيث يظّن بــأّن قيمــة املرأة واعتبارهــا يف أن تــتزّين أمــام‬
‫الرجــال‪ ،‬لتنظــر إليهــا العيــون الفاســقة وتلتــذ هبا وتثــين عليهــا‪ .‬والبســاط املفــروش اليــوم يف العــامل من قبــل الثقافــة الغربّي ة‬
‫املنحّط ة حتت عنـ ــوان حرّي ة املرأة‪ ،‬قـ ــائٌم على جعـ ــل املرأة يف معـ ــرض نظـ ــر الرج ــل ليسـ ــتمتع هبا ويقضـ ــي هبا شـ ــهوته‬
‫اجلنسّية‪ ...‬هل هذه حرّية للمرأة؟ إّن الذين يّد عون مناصرة حقـوق اإلنسـان يف عـامل احلضـارة الغربّي ة اجلاهلـة والغافلـة‬
‫والتائهة يف الضاللة‪ ،‬إمّن ا هم يف احلقيقة ظاملون للمرأة‪.‬‬

‫انظروا للمرأة على أهّن ا إنسان عظيم‪ ،‬ليّتضح ما هو تكاملها وحّق ها‬

‫‪.13/11/1995 1‬‬

‫‪69‬‬
‫وحّر يتها‪ .‬انظروا للمرأة على أهّن ا موجود ميكنه أن يكون مصدًر ا للصالح يف اجملتمع من خالل تربية األناس العظماء‪،‬‬
‫وذلك ليّتضح مـا هـو حـّق املرأة وكيـف تكـون حّر يتهـا‪ .‬انظـروا للمـرأة على أهّن ا العنصـر األساسـي يف تشـكيل األسـرة ـ‬
‫فمــع أّن األســرة تتكـّو ن من املرأة والرجــل‪ ،‬وكالمها مــؤّثران يف وجــود األســرة وتأسيســها‪ ،‬إاّل أّن هــدوء جـّو األســرة‪،‬‬
‫والراحـة والســكون املوجـودين فيهــا‪ ،‬إمّن ا مها بربكـة وجـود املرأة والطبيعــة األنثوّية ـ انظــروا للمــرأة هبذه النظــرة‪ ،‬ليّتضــح‬
‫لنا كيف تتكامل وما هي حقوقها‪.‬‬

‫من ــذ أن ابتك ــر األوروبّي ون ص ــناعات جدي ــدة ـ يف أوائ ــل الق ــرن التاس ــع عش ــر حيث أنش ــأ أص ــحاب رؤوس األم ــوال‬
‫الغربّي ون املصـانع الكـربى ‪ -‬وكـانوا حباجـة إىل قـوى عاملـة متدنّي ة األجـرة‪ ،‬قليلـة املتطّلبـات واملشـاكل‪ ،‬بـدأت معزوفـة‬

‫حرّية املرأة تعلو وتتصاعد‪ ،‬وذلك من أجل إخراج النساء من بيوهتّن حنو املصــانع‪ ،‬الســتغالهلّن بصــفتهّن عــامالت أقـّل‬
‫أجرًة (من الرجل)‪ ،‬فمألوا جيوهبّن باملال‪ ،‬وامتهنوا ‪ ،‬وحّطوا من كرامـة املرأة ومكانتهـا‪ .‬ومـا ُيطـرح اليـوم يف الغـرب‬
‫حتت مسـّم ى حرّية املرأة‪ ،‬إمّن ا هــو اســتمرار لتلــك املعزوفــة وتلــك القضـّية‪ .‬لــذا‪ ،‬فــإّن الظلم الــذي حلق بــاملرأة يف الثقافــة‬
‫الغربّي ة‪ ،‬والفهم اخلاطئ للمــرأة املوجــود يف اآلثــار واألدبّي ات الغربّي ة‪ ،‬مل ُيشــهد لــه مثيــل طــوال مراحــل التــاريخ‪ .‬لقــد‬
‫ُظلمت املرأة يف املاض ــي يف ك ـّل مك ــان من الع ــامل‪ ،‬لكّن ه ــذا الظلم الع ــاّم والش ــامل واملتع ـّد د اجلوانب‪ ،‬خمتّص بالعص ــر‬
‫األخري وناجم عن احلضارة الغربّية‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫لقد عّر فوا املرأة على أهّن ا وسيلة اللتذاذ الرجل‪ ،‬وّمسوا ذلك حّر ية املرأة‪ .‬لكّنها يف الواقـع كـانت حرّية الرجـل الفاسـق‬
‫لالســتمتاع بــاملرأة‪ ،‬ال حرّية املرأة‪ .‬ومل مُي ارس الظلم على املرأة فقــط يف جمال العمــل والنشــاط الصــناعي وأمثاهلمــا‪ ،‬بــل‬
‫يف جمال األدب والفّن ‪ .‬إّنكم إن نظــرمت اليــوم إىل القص ــص والروايــات والرســوم واألنــواع األدبّي ة‪ ،‬ســرتون بــأّي نظــرة‬
‫ينظرون إىل املرأة‪ .‬هل يتّم االهتمام باجلوانب اإلجيابّية والقيم السامية املوجودة يف املرأة؟ وهل املشاعر الرقيقــة‪ ،‬وتلــك‬
‫احملّب ة واخلصـال الـودودة الـيت أودعهـا اهلل يف املرأة‪ ،‬األمومـة‪ ،‬وروحّي ة رعايـة األوالد وتـربيتهم هي مـورد اهتمـامهم‪ ،‬أو‬
‫اجلوانب الشــهوانّية والعشــق حبســب تعبــريهم؟ وهــذا تعبــري خــاطئ وغــري صــحيح‪ .‬فهــذه شــهوة وليســت بعشــق‪ .‬هكــذا‬
‫أرادوا للمــرأة أن تــرتىّب وتتعـّو د‪ ،‬وأن تكــون موجــوًد ا مســتهلًك ا‪ ،‬مســتهلًك ا سـخًّيا وعــاماًل غــري متطّلب وقليــل األجــر ‪.1‬‬
‫وهل هذه هي الشخصّية املطلوبة للمرأة؟!‬

‫عليهــا أن تتخّلى عن احلجــاب والعفــاف‪ ،‬وتــتزّين لُيسـّر الرجــال بــذلك‪ .‬هــل هــذا تعظيم للمــرأة أم إهانــة هلا؟ لقــد أعلن‬
‫الغ ــرب املاجن الالعاق ــل ال ــذي ال يعي ش ــيًئا‪ ،‬واملت ــأّثر باحلرك ــة الص ــهيونّية‪ ،‬ه ــذا األم ــر كتعظيم للم ــرأة‪ ،‬وق ــد ص ـّد قهم‬
‫البعض يف ذلــك‪ .‬إّن عظمــة املرأة ال تكــون بتمّك نهــا من جــذب أنظــار الرجــال‪ ،‬وعيــون املهووســني إليهــا‪ ،‬وهــذا ليس‬
‫حمّط فخر وتعظيم للمرأة‪ ،‬بل هو إهانة هلا‪ .‬عظمة املرأة تكمن‬

‫‪.9/3/1984 1‬‬

‫‪71‬‬
‫يف أن تتمّك ن من احلفاظ على احلياء والعفاف اللذين أودعهما اهلل يف جبّلتها‪ ،‬وأن متزجهمـا بعـّز ة اإلميان‪ ،‬واإلحسـاس‬
‫بالتكليف واملسؤولّية‪ ،‬أن تستعمل اللطافة يف مكاهنا‪ ،‬واحلزم وقاطعّية اإلميان يف مكاهنا أيًض ا‪ .‬وهذا الرتكيب الظريـف‬
‫ـ تركيب اللطافة والقاطعّية ـ خمتّص بالنساء فقط‪.1‬‬

‫إّن العــامل الــذي يبعــد املرأة عن أســرهتا‪ ،‬وخيرجهــا من (بيتهــا) بنــاًء على وعــود وامهة‪ ،‬وجيعلهــا يف معــرض أنظــار اجملتمــع‬
‫وحركتــه املاجنــة من غــري مــأمن وال ملجــأ‪ ،‬ويفســح اجملال لالعتــداء على حقوقهــا‪ ،‬فإّنه يضــعف املرأة‪ ،‬ويهــدم األســرة‪،‬‬
‫وجيعــل األجيــال القادمــة عرضــة للخطــر‪ .‬كـّل حضــارة وثقافــة لــديها هــذا املنطــق‪ ،‬فإهّن ا تفتعــل فاجعــة‪ ،‬وهــذا مــا حصــل‬
‫اليوم يف العامل‪ ،‬ويزداد يوًم ا فيوًم ا‪ .‬وأقـول لكم‪ ،‬إّن هـذا هـو من تلـك السـيول اخلطـرية الـيت تظهـر آثارهـا اجلانبّي ة على‬
‫املدى الطويــل‪ ،‬وستســحق بنــاء احلضــارة الغربّي ة وتــدّم ره‪ .‬لن يظهــر شــيء على املدى القصــري‪ ،‬فهــذه أمــور تفصــح عن‬
‫نفسها مبرور مائة ومائيت عام‪ ،‬وآثار هذه األزمات األخالقّية (بدأت) تظهر اآلن يف الغرب‪.‬‬

‫لقد كّر م اإلسالم املرأة باملعىن احلقيقي للكلمة‪ .‬وإّنه إن كان يستند إىل دور األّم وحرمتهــا داخـل األســرة‪ ،‬أو إىل دور‬
‫املرأة وتأثريها وحقوقها ووظائفها والقيود اليت ينبغي هلا التقّيد هبا داخـل األسـرة‪ ،‬فهـذا ال يعـين بـأّي وجـه من الوجـوه‬
‫أّنه مينع املرأة من املشاركة يف‬

‫‪.21/4/2010 1‬‬

‫‪72‬‬
‫العمــل االجتمــاعي والــدخول يف الكفــاح واألنشــطة العمومّي ة الشــعبّية‪ .‬ولقــد فهم البعض هــذا األمــر فهًم ا خاطًئ ا أو‬
‫منحرًفا‪ ،‬ولقد استفاد بعض املغرضني من منحريف الفهم هؤالء‪( ،‬فأوحوا) وكأّنه يتوّج ب على املرأة إّم ا أن تكون أًّم ا‬
‫وزوج ــة ص ــاحلة‪ ،‬أو أن تش ــارك يف األعم ــال واألنش ــطة االجتماعّي ة‪ .‬والقضـ ـّية ليس ــت ك ــذلك‪ ،‬عليه ــا أن تك ــون أًّم ا‬
‫وزوجة صاحلة‪ ،‬وكذا أن تشارك يف األنشطة واألعمـال االجتماعّي ة‪ .‬وفاطمـة الزهـراء (عليهـا السـالم) هي مظهـر ملثـل‬
‫هــذا اجلمــع‪ ،‬اجلمــع بني الشــؤون املختلفــة‪ .‬وزينب الكــربى منوذج آخــر‪ .‬ونســاء صــدر اإلســالم املعروفــات والبــارزات‬
‫منوذج آخر‪ ،‬كان هلؤالء حضورهّن يف اجملتمع‪.‬‬

‫ترافــق عــدم الفهم لتكــرمي املرأة يف اإلســالم مــع التعــاليم السـّيئة املطروحــة يف احلضــارة الغربّي ة حتت عنــوان تكــرمي املرأة‪،‬‬
‫ولقــد امــتزج هــذان األمــران ليتش ـّك ل تّي ار فكــرّي خــاطئ‪ .‬إّن املرأة داخــل األســرة مكّر مــة وعزيــزة وهي حمور اإلدارة‬
‫الداخلّية هلا‪ ،‬هي مشعة لكّل أفراد األسرة‪ ،‬ومصــدر األنس والسـكينة واهلدوء‪ .‬ومؤّس ســة األسـرة الـيت هي مرتـع الراحـة‬
‫حليـاة اإلنسـان املليئـة بالتحـّد يات واملصـاعب‪ ،‬تسـتقّر وتكتسـب اهلدوء والطمأنينـة بوجـود املرأة‪ .‬وسـواًء كـانت زوجـة‬
‫أو أًّم ا أو ابنـة‪ ،‬مهمـا كـانت‪ ،‬فالشـرح يطـول يف تكرميهـا‪ .‬بنـاًء عليـه‪ ،‬ينبغي حقيقـًة‪ ،‬جتديـد الكتابـات واألقـوال وإعـادة‬
‫النظر فيما يتعّلق مبوضوع تكرمي املرأة يف اإلسالم‪.1‬‬

‫‪.27/7/2005 1‬‬

‫‪73‬‬
‫"املرأة سّيدة بيتها"‪ 1‬هذا خطاب الرسول األكرم صلى اهلل عليـه وآلــه وســلم‪ ..‬حيث خياطب الرجـال ويقــول‪ :‬خـريكم‬
‫خـريكم ألهلـه‪ .‬هـذه هي نظـرة اإلسـالم‪ ،‬ويوجـد الكثـري الكثـري من أمثـال هـذا احلديث‪ ..‬لقـد ُطرحت املرأة يف القـرآن‬
‫كنموذج لإلنسان املؤمن واملرضّي عند اهلل تعاىل‪ ،‬وكذا لإلنسان الكافر واملغضوب عليه من قبل اهلل تعاىل‪ ،‬وهذا أمــر‬
‫الفت‪ .‬فعندما أراد القرآن انتخاب منوذج لإلنسان املؤمن واإلنسان الكافر‪ ،‬اختار املرأة لكليهما فقال‪َ﴿ :‬ض َر َب الَّل ُه‬
‫‪2‬‬
‫َم َثاًل ِّلَّلِذ يَن َكَف ُر وا ِاْم َر َأَة ُنوٍح َو ِاْم َر َأَة ُلوٍط ﴾‪ ،‬ويف املقابل يقول‪َ﴿ :‬و َض َر َب الَّلُه َم َثاًل ِّلَّلِذ يَن آَم ُنوا ِاْم َر َأَة ِفْر َع ْو َن ﴾‬
‫فقــد ضــرب اهلل شخص ـّيتني مثاًل للمــرأة املؤمنــة والصــاحلة واألفضــل مها امــرأة فرعــون والس ـّيدة مــرمي‪َ﴿ ،‬و َم ْر َيَم اْبَنَت‬
‫ِع ْم َر اَن اَّلِتي َأْحَص َنْت َفْر َجَه ا﴾ والالفت أّن حســن هــؤالء النســوة األربعــة وســوأهّن مرتبــط بالبيئــة األس ـرّية‪ .‬ففيمــا‬
‫خيّص تين ــك املرأتني الك ــافرتني ‪ِ﴿ -‬اْم َر َأَة ُن وٍح َو ِاْم َر َأَة ُلوٍط ﴾ يق ــول‪َ﴿ :‬ك اَنَت ا َتْح َت َعْب َد ْيِن ِم ْن ِع َباِد َن ا َص اِلَحْيِن‬
‫َفَخ اَنَتاُه َم ا﴾‪ ،‬فاملسألة مسألة األسرة‪ .‬وموضوع املرأتني الصاحلتني مرتبط كـذلك باألسـرة‪ ،‬فأمهّي ة األوىل‪ ،‬وهي امـرأة‬
‫فرعـ ــون‪ ،‬هي أهّن ا رّبت بني أحضـ ــاهنا نبًّي ا من األنبيـ ــاء أويل العـ ــزم‪ ،‬وهـ ــو موسـ ــى الكليم? عليـ ــه السـ ــالم‪ ،‬وآمنت بـ ــه‬
‫وســاعدته‪ ،‬لــذا انتقم منهــا فرعــون‪ .‬فاملســألة مرتبطــة بــداخل األســرة وبتــأثري هــذا العمــل العظيم الــذي قــامت بــه‪ ،‬وهــو‬
‫تربية موسى الكليم‪ .‬وهكذا األمر فيما يتعّلق بالسّيدة مرمي‪﴿ :‬اَّلِتي َأْحَص َنْت‬

‫‪ 1‬هنج الفصاحة‪ ،‬ح ‪.2177‬‬


‫‪ 2‬التحرمي‪ :‬اآليات ‪ 10‬إىل ‪.12‬‬

‫‪74‬‬
‫َفْر َجَه ا﴾‪ ,‬وحافظت على شرفها وعّف تها‪ .‬وهـذا يـدّل على وجـود عوامـل ميكنهـا أن هتّد د عّف ة املرأة وشـرفها يف البيئـة‬
‫الــيت كــانت تعيش فيهــا مــرمي? عليهــا الســالم‪ ،‬ومتّك نت هي عليهــا الســالم من مواجهتهــا‪ .‬لــذا‪ ،‬ك ـّل هــذه (األمثــال يف‬
‫اآليات) ناظرة إىل هذه اجلوانب املهّم ة اليت تكّلمنا عنها‪ ،‬وهي اجلانب األسري‪ ،‬وشأن املرأة يف اجملتمع‪.1‬‬

‫بناًء عليه‪ ،‬فإّن العنصر األساسي لتشكيل األسرة هو املرأة‪ ،‬ال الرجـل‪ .‬فيمكن أن يكـون هنـاك أسـرة من دون الرجـل‪.‬‬
‫أي إذا افرتضــنا رّب الــبيت غائًب ا عن أســرة مــا‪ ،‬أو كــان ميًت ا‪ ،‬فيمكن للمــرأة إن كــانت عاقلــة ومــدّبرة ورّب ة بيت أن‬
‫حتفــظ أســرهتا‪ .‬أّم ا لــو ُأخــذت املرأة من األســرة‪ ،‬فلن يكــون مبقــدور الرجــل احملافظــة عليهــا‪ .‬فــاملرأة إًذا‪ ،‬هي الــيت حتفــظ‬
‫األسرة‪.‬‬

‫الس ــبب يف أّن اإلس ــالم أوىل ك ـّل ه ــذه األمهّي ة ل ــدور املرأة يف األس ــرة‪ ،‬ه ــو أّن املرأة ل ــو ارتبطت باألس ــرة‪ ،‬وأظه ــرت‬
‫حمّبتهـ ــا‪ ،‬وأولت األمهّي ة لرتبيـ ــة األوالد‪ ،‬واهتّم ت بأوالدهـ ــا‪ ،‬أرضـ ــعتهم‪ ،‬ورّبتهم بني أحضـ ــاهنا‪ ،‬ووّف رت هلم املؤونـ ــة‬
‫الثقافّية‪ ،‬والروايات‪ ،‬واألحكام‪ ،‬والقصص القرآنّية‪ ،‬واألحداث املفيدة وذات العرب‪ ،‬وجّر عتها ألوالدهـا يف كـّل فرصـة‬
‫كما تغّذ ي أجسامهم‪ ،‬ستكون األجيال يف ذلك اجملتمع متكاملة ورشيدة‪.2‬‬

‫‪.31/5/2011 1‬‬
‫‪.20/2/1997 2‬‬

‫‪75‬‬
‫ميكن للمــرأة أن تــريّب أوالدهــا على أفضــل وجــه‪ .‬وتربيــة الولــد على يــدي أّم ه ليس كــالتعليم يف الص ـّف ‪( ،‬إمّن ا) تكــون‬
‫بالعمــل‪ ،‬بــالقول‪ ،‬بالعاطفــة‪ ،‬بالــدالل‪ ،‬باحلداء لــه‪ ،‬بــالعيش واحليــاة (معــه)‪ .‬فاألّم هــات يــرّبني أوالدهّن من خالل العيش‬
‫معهم‪ .‬وكّلما كانت املرأة أكثر صالًح ا‪ ،‬وأعقل‪ ،‬وأوعى‪ ،‬ستكون هذه الرتبية أفضل‪.1‬‬

‫ميت ـّد دور األّم من حني احلمــل إىل آخــر حيــاة اإلنســان‪ .‬فالرجــل الــذي وصــل إىل مرحلــة الشــباب أو جتاوزهــا‪ ،‬يكــون‬
‫أيًض ا حتت تأثري عطف األّم وحمّبتها وتعاطيها اخلاّص ‪ .‬وإذا ما ارتقت نساؤنا بأنفسهّن على املستوى املعــريف والفكــري‬
‫وعلى مســتوى املعــارف واملعلومــات‪ ،‬فهــذا الــدور ال ميكن أن ُيقــاس بــأّي دور على اإلطالق‪ ،‬وال بــأّي مــؤّثر آخــر من‬
‫املؤّثرات الثقافّية واألخالقّية إىل األبـد‪ .‬أحياًنا يكـون مسـتوى أّم مـا متـدّنًيا من الناحيـة املعرفّي ة‪ ،‬وهـذا بـالطبع‪ ،‬ال يـؤّثر‬
‫يف مرحلة الكرب‪ ،‬فخطأ النقص يف معلومات إنسان ما‪ ،‬ال ُيعّد نقًص ا يف تأثري األمومة‪ .‬فاألّم تنقل إىل أوالدها جبســمها‬
‫وروحه ــا ومس ــلكها‪ ،‬ثقاف ــة ق ــوم أو جمتم ــع ومع ــارفهم وحض ــارهتم وخص ــاهلم األخالقّي ة‪ ،‬علمت ب ــذلك أم مل تعلم‪.‬‬
‫واجلميع هم حتت تأثري األّم هات‪ .‬والذي يصبح منهم إنساًنا مساوًّيا‪ ،‬فبسبب األّم‪" ،‬اجلّنة حتت أقدام األّم هات" ‪.‬‬
‫‪3 2‬‬

‫‪.1/5/2013 1‬‬
‫‪ 2‬هنج الفصاحة‪ ،‬ح‪.1328‬‬
‫‪.27/7/2005 3‬‬

‫‪76‬‬
‫علينا أن نعمل على أن يصبح األوالد يقّبلون أيادي أّم هاهتم‪ ،‬واإلسالم يؤّك د على هذا األمر‪ .‬وذلك كما نشــاهده يف‬
‫العائالت األكثر تدّيًنا‪ ،‬وأخالًقا وقرًبا إىل املفـاهيم الدينّي ة‪ .‬على األوالد يف األسـرة أن يكّن وا االحـرتام لألّم‪ .‬وال يتنـاىف‬
‫هذا االحرتام أبًد ا مع تلك احلالة العاطفّية واحلميمّية (اليت تشّك ل بينهما وحدة حال) املوجـودة بني الولــد وأّم ه‪ .‬ينبغي‬
‫هلذا االح ــرتام أن يك ــون موج ــوًد ا‪ ،‬وينبغي للم ــرأة أن حُت رتم داخ ــل األس ــرة‪ .1‬وحىّت ل ــو مل يكن هن ــاك أّم داخ ــل األس ــرة‬
‫أساًس ا‪ .‬كمــا لــو كــانت زوجــة غــري راغبــة يف إجناب األوالد‪ ،‬أو ال ميكنهــا ذلــك لســبب من األســباب‪ .‬فال ينبغي هنــا‬
‫التقلي ــل من أمهّي ة دور الزوج ــة‪ .‬إذا أردن ــا للرج ــل أن يك ــون إنس ــاًنا مفي ـًد ا يف اجملتم ــع‪ ،‬ينبغي للم ــرأة داخ ــل األس ــرة أن‬
‫تكون زوجة صاحلة‪ ،‬وإاّل ملا أمكن ذلك‪.2‬‬

‫على املرأة املسلمة أن تسعى يف طريق التأّلق والعلم‪ ،‬ويف طريق بناء النفس املعنوي واألخالقي‪ ،‬وتسري قــدًم ا يف ميــدان‬
‫اجلهاد والكفـاح بكاّفة أشـكاهلما‪ ،‬وال تعـري االهتمـام لزخـارف الـدنيا وزينتهـا الباليـة‪ ،‬وتصــل بالعّف ة والطهـارة إىل حـّد‬
‫تنــدفع فيــه عنهــا تلقائًّي ا أنظــار األجــانب الطاحمة‪ ،‬وتكــون يف بيتهــا مه ـّدًئا لنفــوس الــزوج واألوالد‪ ،‬ومصــدًر ا الســتقرار‬
‫احلياة وهدوء جّو األسرة‪ ،‬وتريّب يف حضـنها الـدافئ املفعم باحلنـان‪ ،‬وبكلماهتا ذات املغـزى املمزوجـة بالعاطفـة‪ ،‬أوالًد ا‬
‫ساملني من الناحية النفسّية‪ ،‬تريّب أناًس ا خالني من العقد‪ ،‬يتمّتعون بروحّية‬

‫‪.11/5/2013 1‬‬
‫‪.4/1/2012 2‬‬

‫‪77‬‬
‫جّي دة‪ ،‬وسـاملني من الناحيـة الروحّي ة والعصــبّية‪ ،‬وتـريّب الرجـال والنسـاء وشخصـّيات اجملتمـع‪ .‬فـاألّم بّن اءة أكـثر من أّي‬
‫بّن اء آخــر وأكــثر أّمهّي ة‪ .‬أكــرب العلمــاء ميكنهم أن يصــنعوا مثاًل آلــة إلكرتونّي ة معّق دة جــًّدا‪ ،‬وصــواريخ عــابرة للقــاّر ات‪،‬‬
‫وآالت لتســخري الفضــاء‪ ،‬إاّل أّن أًّيا من هــؤالء ال حيظى بأّمهّي ة إجياد إنســان راٍق ‪ ،‬واألّم تفعــل‪ .‬وهــذه هي منوذج املرأة‬
‫املسلمة‪.1‬‬

‫بالطبع‪ ،‬البعض يرفضون بشّد ة مثل هذا الكالم منذ النظرة األوىل‪ ،‬ويقولون‪ :‬سّيد‪ ،‬أتريد أن جتعل املرأة حبيسة بيتها‪،‬‬
‫وتسجنها‪ ،‬ومتنعهـا من احلضـور يف ميـادين احليـاة وممارسـة النشـاطات‪ ،‬ال‪ ،‬ليس مقصــودنا هـذا بـأّي وجـه من الوجـوه‪،‬‬
‫كم ــا أن اإلس ــالم مل ي ــرد ه ــذا‪ .‬عن ــدما يق ــول اإلس ــالم‪َ﴿ :‬و اْلُم ْؤ ِم ُن وَن َو اْلُم ْؤ ِم َن اُت َبْع ُض ُه ْم َأْو ِلَي اء َبْع ٍض َي ْأُمُر وَن‬
‫ِب اْلَم ْع ُر وِف َو َيْنَه ْو َن َعِن اْلُم نَك ِر ﴾‪ 2‬أي أّن املؤم ــنني واملؤمن ــات ش ــركاء يف احلف ــاظ على سلس ــلة النظم االجتماعّي ة‬
‫واألم ــر ب ــاملعروف والنهي عن املنك ــر‪ ،‬ومل يس ــتثِن املرأة‪ .‬وحنن أيًض ا ال ميكنن ــا أن نس ــتثنيها‪ .‬فمس ــؤولّية إدارة اجملتم ــع‬
‫اإلسـالمي وتقّد مـه تقـع على عـاتق اجلميـع‪ ،‬على عـاتق املرأة وعلى عـاتق الرجـل‪ ،‬كـّل منهمـا بنحـو مـا وحبسـب قدراتـه‬
‫وإمكانّياته‪ .‬حبثنا ليس يف هل أّنه ميكن للمرأة تسّلم مسؤولّية خارج بيتهـا أم ال ‪ -‬بـالطبع ميكنهـا‪ ،‬وال شـّك يف ذلـك‪،‬‬
‫ووجه ــة النظ ــر اإلس ــالمّية مل تن ـِف ذل ــك مطلًق ا ‪ -‬البحث ه ــو ه ــل حيّق للم ــرأة أن تقض ــي على دوره ــا داخ ــل األس ــرة‬
‫بسبب‬

‫‪.9/3/1984 1‬‬
‫‪ 2‬التوبة‪ :‬اآلية ‪.71‬‬

‫‪78‬‬
‫كـّل األمــور املرغوبــة واجلّذ ابــة واجلميلــة الــيت ميكن تص ـّو رها هلا خــارج حميــط األســرة؟ (أن تتخّلى عن) دور األّم؟ دور‬
‫الزوجة؟ هل حيّق هلا ذلك أم ال؟ إّننا نعتمد على هذا الدور‪ .‬برأيي إّن أهّم دور ميكن للمرأة أن تؤّديه يف أّي مســتوى‬
‫من املسـتويات العلميـة واملعرفيـة والبحثيـة والروحيـة (املعنويـة)‪ ،‬هـو الـدور الـذي تؤّديـه كـأّم وكزوجـة‪ ،‬وهـو األهّم من‬
‫بني ك ـّل أعماهلا األخــرى‪ ،‬وهــو العمــل الــذي ال ميكن ألحــد غــري املرأة القيــام بــه‪ .‬ولنفــرتض أّن للمــرأة أعم ـااًل مهّم ة‬
‫أخــرى‪ ،‬حس ـٌن فليكن‪ ،‬لكن عليهــا أن تع ـّد هــذه املســؤولّية مســؤولّيتها األوىل واألصــلّية‪ .‬فبقــاء النــوع البشــري ورشــد‬
‫اإلنسان وتكامل استعداداته الداخلّية مرتبط هبذا‪ ،‬واحلفـاظ على الصــحة النفسـية (السـالمة الروحّي ة) للمجتمـع مرتبـط‬
‫هبذا‪ ،‬والسكن والطمأنينة مقابل االضطرابات والتأّز مات والقلق مرتبط هبذا‪ ،‬علينا أن ال ننسى هذا‪.‬‬

‫ليس متّيًز ا وفًّنا أن تقّل د املرأة أعمــال الرجـال‪ ،‬ال‪ .‬وللمــرأة أعمــال نســوّية تفــوق أّمهيتهــا كـّل أعمــال الرجـال‪ .‬مجاعـات‬
‫مريبة جًّدا تطلق اليوم يف العـامل محالٍت مضـاّدة للقيم‪ ،‬وهي موجـودة يف مجيـع أحناء العـامل‪ ،‬وُتشـاهد لألسـف يف بعض‬
‫أحناء بل ــدنا‪ .‬ه ــؤالء يري ــدون أن يفرض ــوا على املرأة ب ــأن تص ــبح رجاًل ! وي ــرون ب ــأّن ختص ــيص بعض األم ــور بالرج ــل‬
‫وختصـيص بعضـها بـاملرأة هـو من شـأنّية املرأة! هـل هـذا حـّط من شـأهنا؟ إّن النظـرة إىل هـذه املسـألة هي نظـرة خاطئـة‪.‬‬
‫ويع ـّد ون ه ــذا األم ــر عيًب ا‪ ،‬يف أن نق ــول إّن الرج ــل رج ــل‪ ،‬واملرأة م ــرأة‪ .‬حس ـٌن ‪ ،‬أليس األم ــر ك ــذلك؟ أحتّب ون أن ن ــأيت‬
‫ونقول لكم إّن املرأة رجل؟‬

‫‪79‬‬
‫حينهــا ســتكون رجاًل صــناعًّيا‪ ،‬نســخة ثانيــة عن الرجــل! وأّي فخــر هــذا للمــرأة‪ .‬إّن فخــر املرأة أن تكــون امــرأة‪ ،‬امــرأة‬
‫كاملــة‪ ،‬أنــثى كاملــة‪ .‬إن نظرنــا يف مقــام التقــييم الرفيــع‪ ،‬هــذه القيمــة ـ كــون املرأة امــرأة كاملــة ـ ليســت بأق ـّل من كــون‬
‫الرجل رجاًل كاماًل ‪ .‬ويف بعض املوارد هي قطًعا أعلى وأهّم أيًض ا‪ .‬ملاذا خنسر هذا األمر؟‬

‫ب ــالطبع‪ ،‬هن ــاك مس ــؤولّيات مش ــرتكة (فيم ــا بينهم ــا)‪ .‬وكم ــا قلن ــا‪ ،‬مس ــؤولّية احلض ــور يف اجملتم ــع وفهم املش ــاكل العاّم ة‬
‫للمجتمع والسعي لعالجها‪ ،‬ليست خاّص ة بالرجال وال بالنساء‪ ،‬وال ميكن للنساء نفض أيديهّن من هذه املسؤولّية‪.1‬‬

‫يف صــدر اإلســالم‪ ،‬كــانت النســاء يف ميــادين احلروب‪ ،‬عالوًة على تضــميد جــراح اجملروحني‪ ،‬والــذي غالًب ا مــا تت ـواّل ه‬
‫النســاء‪( ،‬كــانت) تضــرب بالســيف أحياًنا حىّت وهي منّق بــة‪ ،‬وذلــك يف املعــارك الصــعبة الــيت جــرت يف تلــك احلقبــة‪ .‬يف‬
‫الــوقت عينــه‪ ،‬كــانت حتتضــن أوالدهــا وترعــاهم‪ ،‬وتــرّبيهم الرتبيــة اإلســالمّية‪ ،‬وحتافــظ على حجاهبا‪ ،‬ألّنه ال منافــاة بني‬
‫ه ــذه األم ــور‪ .‬وإذا م ــا أمعن املرء النظ ــر‪ ،‬لن جيد مناف ــاًة يف ذل ــك‪ .‬البعض يص ــل (يف ه ــذه املس ــألة) إىل ح ـّد اإلف ــراط‪،‬‬
‫والبعض اآلخر إىل حّد التفريط‪ .‬يقول البعض مبا أّن األعمال االجتماعّية ال تسمح لنا بـأن هنتّم بـالبيت والـزوج‪ ،‬لـذا‪،‬‬
‫ال ينبغي علينا اخلوض يف األعمال االجتماعية‪ .‬والبعض منهّن يقول‪ ،‬مبا أّن البيت والزوج واألوالد‬

‫‪.4/7/2007 1‬‬

‫‪80‬‬
‫ال يســمحون للمــرأة مبزاولــة األعمــال االجتماعّي ة‪ ،‬لــذا‪ ،‬علينــا التخّلي عن الــزوج واألوالد‪ .‬كال فالفكرتــان خاطئتــان‪.‬‬
‫وال ينبغي أن خنسر هذا بسبب ذاك‪ ،‬وال ذاك بسبب هذا‪.1‬‬

‫يسأل البعض‪ :‬هل أنت موافـق على عمـل املرأة خـارج الـبيت؟ نقـول‪ :‬حنن طبًع ا خمالفون لبقـاء النسـاء من دون عمـل‪،‬‬
‫وعلى املرأة أساًس ا أن تعمــل‪ .‬والعمــل نوعــان‪ ،‬أحــدمها داخــل الــبيت‪ ،‬والثــاين خارجــه‪ ،‬وكالمها عمــل‪ ،‬إن كــان لــدى‬
‫إحــداهّن اســتعداد ومؤّه لّي ة لألعمــال خــارج الــبيت‪ ،‬فيجب أن تقــوم هبا‪ ،‬وهــذا أمــر جّي د جــًّدا أيًض ا‪ .‬غايــة األمــر‪ ،‬أّن‬
‫هناك شرًطا‪ ،‬وهو أن يكون هذا العمل‪ ،‬وحىّت العمل داخل املنزل‪ ،‬بنحو ال يوّج ه ضـربة لعالقـة املرأة بزوجهـا‪ .‬بعض‬
‫النساء يقتلن أنفسهّن يف العمل من الصباح إىل املساء‪ ،‬ومن ّمث حني يعود الــزوج إىل الــبيت‪ ،‬ال يســتطعن أن يضــحكن‬
‫يف وجهه‪ .‬وهذا أيًض ا أمر سّيئ‪ .‬ينبغي ألعمال املنزل أن ُتنجز‪ ،‬لكن ليس إىل حّد يؤدي إىل اهندام األسرة‪.2‬‬

‫إّن عمل املرأة هو من مجلة األمـور الـيت نؤّيدها‪ .‬وأنـا بـدوري أؤّيد مشـاركتها يف األنشـطة االجتماعّي ة املتنّو عـة‪ ،‬سـواًء‬
‫كــان ذل ــك من نــوع العم ــل االقتص ــادي‪ ،‬أو العم ــل السياس ــي واالجتم ــاعي واألعم ــال اخلريّي ة وم ــا ش ــابه‪ .‬فه ــذه أيًض ا‬
‫أعمال جّيدة‪ .‬النساء نصف اجملتمع‪ ،‬ومن اجلّيد أن نستفيد من نصف اجملتمع يف أمثال هذه األعمال‪ ،‬إاّل أّن هناك‬

‫‪.20/2/1997 1‬‬
‫‪.1/2/1994 2‬‬

‫‪81‬‬
‫أصلني أو ثالثة‪ ،‬ال ينبغي التغاضي عنهـا‪ .‬أحـدها‪ ،‬هـو أن ال نتغاضـى عن هـذا العمـل األساسـي الـذي هـو عمـل الـبيت‬
‫واألس ــرة والزوجــة ورّب ة ال ــبيت واألموم ــة‪ ،‬وهــذا ممكن‪ .‬ويبــدو يل أّن ه كــانت ل ــدينا أمثــال ومناذج (هلذا األم ــر) حيث‬
‫عملت الس ـّيدات على هــذا النمــط‪ .‬بــالطبع‪ ،‬قــد كــان ذلــك صــعًبا عليهن‪ ،‬فقــد درســن‪ ،‬ودّر ســن‪ ،‬وكّن رّب ات بيــوت‬
‫أيًض ا‪ ،‬وأجننب األوالد‪ ،‬وعملن على رعايتهم وتربيتهم‪ .‬لذا‪ ،‬حنن موافقون متاًم ا على ذلك العمل واملشــاركة بشـرط أن‬
‫ال يوّج ه ض ــربة إىل ه ــذه القضـ ـّية األساسـ ـّية‪ ،‬ألّن ه ال ب ــديل هلا‪ .‬ف ــإّنكّن إن مل ت ــربني أوالدكّن يف املنزل‪ ،‬أو مل تنجنب‬
‫األوالد‪ ،‬أو مل تلعنب على أوتــار أحاسيســهم البالغــة الدّق ة ‪ -‬والــيت هي أدّق من خيــوط احلريــر ‪ -‬وذلــك لكي ال ُيبتلــوا‬
‫بالعقــد‪ ،‬فإّنه ال ميكن ألحــد غــريكّن القيــام هبذا العمــل‪ ،‬ال اآلبــاء‪ ،‬وال اآلخــرون بطريــق أوىل‪ ،‬فهــذا عمــل األّم حصــرا‪.‬‬
‫أّم ا ذلك الشغل الذي تقومون به خارًج ا‪ ،‬إن مل تقومـوا بـه أنتم فهنـاك عشـرات األشـخاص اآلخـرين املسـتعّد ين للقيـام‬
‫بــه‪ ،‬وســيقومون بــه‪ .‬لــذا‪ ،‬األولوّية هي هلذا العمــل الــذي ال بــديل عنــه‪ ،‬وهــو متعنّي عليكّن ‪ 4/1/2012 .‬وهــذا ليس‬

‫حتق ـًريا للمــرأة‪ ،‬ال تتص ـّو رّن ذلــك‪( .‬بــل) هــو احــرتام وتكــرمي هلا‪ .‬املرأة يف الــبيت‪ ،‬هي س ـّيدة الــبيت‪ ،‬أي هي تنّظم جـّو‬
‫الــبيت‪( ،‬الــذي هــو) مكــان رشــد نبتــة اإلنســان‪ ،‬وتقــوم بإعــداده‪ .‬والرجــل أيًض ا خيتّص بالــذهاب خــارج الــبيت وبإجناز‬
‫أعماله وتأمني الطعام هلذه البيئة‪ .‬والوضع هو كما أن يتشارك شخصان غرفة ما‪ ،‬فيتوىّل أحدمها إدارة الغرفة‪ ،‬ويتــوىّل‬
‫الثاين مهّم ة اخلروج من البيت لتأمني لقمة العيش هلما مها االثنني‪ ،‬فأّي منهما‬

‫‪82‬‬
‫يكــون أق ـّل احرتاًم ا؟ ذلــك الــذي يتـوىّل األعمــال يف العائلــة‪ ،‬وتتطّل ع كـّل األعمــال إليــه‪ ،‬والــذي يبــين هــذه البيئــة وهــذا‬
‫اجلّو ‪ ،‬أي املرأة‪ ،‬يكـ ــون االحـ ــرتام األكـ ــرب لـ ــه‪ .‬والرجـ ــل يعمـ ــل على خـ ــدمتها‪ .‬وعنـ ــدما يصـ ــل الـ ــدور إىل املسـ ــؤولّيات‬
‫االجتماعّية‪ ،‬والنضال‪ ،‬والسياسة‪ ،‬عليهما مًع ا أن يكونا حاضرين‪ .‬وعنـدما يصــل الــدور إىل اجلهــاد يف ســبيل اهلل‪ ،‬على‬
‫الرجل واملرأة مًعا أن ينزال إىل امليدان‪.1‬‬

‫يف زمن الكف ـ ــاح ض ـ ـّد النظ ـ ــام الط ـ ــاغويت يف إيـ ــران‪ ،‬كـ ــان كثـ ــريون يف هـ ــذا امليـ ــدان‪ ،‬لكّن نسـ ــاءهم مل يس ـ ــمحن هلم‬
‫باالستمرار يف هذا الكفاح واجلهاد ألهّن ّن مل يستطعن حتّم ل مشـاّقه‪ .‬ويف املقابـل‪ ،‬عمـد كثـري من النسـاء األخريـات إىل‬
‫تشجيع أزواجهّن على الثبـات والصــمود يف طريـق الكفـاح‪ ،‬وسـاعدهنم وقـّد من هلم الـدعم املعنـوّي ‪ .‬يف العـامني ‪ 77‬و‬

‫‪ ، ?78‬حني غّص ت الش ــوارع والطرق ــات باجلم ــاهري الش ــعبّية‪ ،‬ك ــان للنس ــاء دور م ــؤّثر يف تعبئ ــة أبن ــائهّن وأزواجهّن‬
‫‪2‬‬

‫وإرساهلم إىل ميادين الكفاح والتظاهرات‪.‬‬

‫لقد بّد لت النساء يف فرتة الثورة واحلرب املفروضة أبنـاءهّن إىل جنـود مضـّح ني شـجعاًنا يف طريـق اإلسـالم واملسـلمني‪،‬‬
‫وحـّو لن أزواجهّن حينــذاك إىل أنــاس مقــاومني وأشـّد اء‪ .‬هــذا هــو تــأثري املرأة على االبن والــزوج‪ .‬هــذا هــو الــدور الــذي‬
‫ميكن للمرأة أن تلعبه داخل‬

‫‪.4/2/1984 1‬‬

‫‪ 77 2‬و ‪ 78‬هجري مشسي‪ ،‬أي ‪1998/1999‬م‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫ال ــبيت‪ ،‬وه ــو من أك ــرب األدوار‪ ،‬وب ــرأيي ه ــو من أهّم أعم ــال املرأة‪ .‬إّن من أهّم األعم ــال للم ــرأة ه ــو أن ت ــريّب أوالده ــا‬
‫وتقـ ـّو ي من معنوّي ات زوجه ــا ل ــورود املي ــادين الك ــربى‪ ،‬والش ــكر هلل‪ ،‬أّن املرأة اإليرانّي ة واملس ــلمة ق ــد أبلت أحس ــن‬
‫البالءات يف هذا اجملال‪.1‬‬

‫لقد عرّب القرآن الكرمي عن العالقة بني املرأة والرجل بـ "السكن"‪ .‬أي مصدر الراحة واالســتقرار‪ .2‬وهــذا االســتقرار ال‬
‫يعين االستقرار مقابل احلركة‪ ،‬فاحلركة جّيدة‪ .‬إمّن ا االستقرار يف مقابل االضطراب‪ .‬أحياًنا ُيبتلى اإلنســان باالضـطراب‬
‫يف حياته‪ ،‬فالسكن مينحه هذا االستقرار‪ .3‬يوجد يف هذا اجملال آيتان أو ثالث لنتوّج ه إليها ونتفّك ر فيها‪ .‬إحداها قولــه‬
‫تعاىل يف سـورة الـروم‪ 4﴾ ﴿ :‬أي إحـدى اآليـات اإلهلّي ة وآيـات القـدرة اإلهلّي ة هي أن خلـق من جنسـكم‪ ،‬أّيهـا النسـاء‬
‫والرج ــال وعم ــوم ب ــين آدم‪ ،‬أزواًج ا هي مص ــدر الس ــكن واهلدوء لكم‪ .‬وه ــذا األم ــر ليس خمتًّص ا بالرج ــال‪ ،‬حبيث ق ــد‬

‫يتخّيل البعض بأن اهلل خلق املرأة لراحة الرجل‪ ،‬ال‪ ،‬فالرجـل أيًض ا قـد ُخ لــق لراحـة املرأة‪ ،‬وهـذا هـو جـّو األسـرة‪ .‬فجـّو‬
‫األسرة الداخلي هو جّو االستقرار والراحة النفسّية الذي يعيش فيه كّل من املرأة والرجل‪.‬‬

‫‪.20/2/1997 1‬‬

‫‪.29/5/2002 2‬‬

‫‪.19/6/2002 3‬‬

‫‪ 4‬سورة الروم‪ :‬اآلية ‪.21‬‬

‫‪84‬‬
‫ويف آيــة أخــرى يف ســورة النحــل يقــول تعــاىل‪َ ﴿ :‬و الّل ُه َج َع َل َلُك م ِّم ن ُبُي وِتُك ْم َس َك ًنا﴾‪ 1‬أي مصــدًر ا للراحــة واالســتقرار‬
‫وفيـه إشــارة ظاهرّية إىل جـّو األسـرة‪ .2‬ويقــول تعــاىل يف ســورة األعـراف‪َ ﴿ :‬و َج َع َل ِم ْن َها َز ْو َج َه ا ِلَيْس ُك َن ِإَلْي َه ا﴾‪ 3‬فقــد‬
‫جع ــل اهلل زوج النفس البش ــرّية من جنس ــها‪ ،‬ليمكنه ــا الس ــكن إلي ــه‪ .‬وه ــذا الس ــكن والراح ــة الل ــذان جيدمها ال ــزوج إىل‬
‫جانب املرأة‪ ،‬ويف جّو األسرة‪ ،‬ويف جّو احلياة اآلمن والصايف‪ ،‬ال ميكن أن جيدمها يف أّي مكان‪.4‬‬

‫احليــاة كفــاح‪ .‬وهي كّلهــا عبــارة عن كفــاح ونضــال طويــل األمــد‪ ،‬كفــاح يف مواجهــة العوامــل الطبيعّي ة‪ ،‬ويف مواجهــة‬
‫املوان ــع والعقب ــات االجتماعّي ة‪ ،‬ويف مواجه ــة النفس اإلنس ــانّية‪ .‬فاإلنس ــان يف ح ــال كف ــاح ونض ــال مس ــتمّر ين‪ .‬وجس ــم‬
‫اإلنس ــان ك ــذلك ه ــو يف حال ــة ح ــرب مس ــتمّر ة م ــع العوام ــل املضـ ـّر ة‪ .‬عن ــدما تك ــون الق ــدرة على املواجه ــة يف اجلس ــم‬
‫موجــودة‪ ،‬يك ــون اجلس ــم س ــليًم ا‪ .‬ينبغي هلذه املواجه ــة يف اإلنس ــان أن تك ــون صــحيحة‪ ،‬منطقّي ة‪ ،‬يف االجّت اه الص ــحيح‪،‬‬
‫وبالوسائل واألدوات الصحيحة‪ .‬وينبغي أن يكون هلذه املواجهة حمّطة ونقطة اسرتاحة‪ .‬على أّي حال‪ ،‬حركتك هــذه‬
‫مبثابة سفر‪ ،‬ونقطة االسرتاحة فيه تكون‬

‫‪ 1‬النحل‪ :‬اآلية‪.80‬‬
‫‪.10/10/1986 2‬‬
‫‪ 3‬سورة األعراف‪ :‬اآلية‪.189 :‬‬
‫‪.4/2/1984 4‬‬

‫‪85‬‬
‫داخل األسرة‪ .‬ينبغي للمرء أن يشعر باالستقرار داخل األسرة‪ .1‬إّنكم سواًء منكم املرأة والرجل‪ ،‬تواجهــون مصــاعب‬
‫ومشـاكل واضـطرابات يف احليـاة‪ ،‬خـارج جـّو الـبيت‪ ،‬يف حميـط العمـل وحميـط التعّلم‪ ،‬وتكافحوهنا‪ ،‬ألّن احليـاة مبجملهـا‬
‫عبـارة عن كفــاح‪ .‬وحىّت لــو افرتضــنا بـأّن املرأة ال تعمــل (خـارج الــبيت) ومشــغولة بأعمــال املنزل‪ ،‬فإهّن ا أيًض ا ســتواجه‬
‫مش ـ ــاكل واض ـ ــطرابات يف معاش ـ ــرهتا لآلخ ـ ــرين ومعامالهتا ومنافس ـ ــاهتا هلم‪ .‬واإلنس ـ ــان أساًس ا يواج ـ ــه االض ـ ــطرابات‬
‫واملشــاكل يف ك ـّل مــواطن احليــاة‪ .‬على ســبيل املثــال‪ ،‬يريــد أشــياء وال يص ــل إليهــا‪ ،‬هلذا األم ــر مشــكالته‪ .‬إّن ه يص ــارع‬
‫املشــاكل‪ .‬وحيث إّن هــذه املشــاكل واالضــطرابات تــؤّدي إىل تالشــي طاقــة اإلنســان‪ ،‬فإّن ه أحياًن ا حيتــاج إىل الراحــة‪.‬‬
‫مكان الراحة هذا هو مؤّس سة األسرة‪ .2‬وجّو األسرة هو مركز راحة اإلنسان‪.‬‬

‫للم ــرأة والرج ــل ‪ -‬كـ ـٌّل يف دوره ‪ ،-‬عمل ــه‪ ،‬ونش ــاطه‪ ،‬وتعّلم ــه‪ ،‬وكفاح ــه‪ ،‬وعمل ــه االجتم ــاعي‪ ،‬وعمل ــه السياس ــي‪،‬‬
‫ونشاطات فيما يتعّلق بتكليفه االجتماعي‪ ،‬ومسـاعدته للمحـرومني‪ ،‬وعملـه جهـاًد ا يف سـبيل اهلل‪ ،‬وهـو حباجـة يف البيئـة‬
‫االجتماعّي ة الك ــربى إىل عّش ومك ــان للراح ــة مض ــاًفا إىل الراح ــة اجلس ــدّية‪ ،‬يرت ــاح في ــه من الناحي ــة املعنوّي ة والروحّي ة‬
‫والعاطفّية أيًض ا‪ .‬وذلك هو بيئة األسرة‪.3‬‬

‫‪.29/5/2002 1‬‬
‫‪.18/5/2003 2‬‬
‫‪.10/10/1986 3‬‬

‫‪86‬‬
‫وهنــا يّتضــح دور النســاء‪ ،‬فــاملرأة هي الشــخص الــذي ميكنــه أن جيعــل جـّو الــبيت محيًم ا‪ ،‬مفعًم ا باحملّب ة واللطافــة‪ ،‬حبيث‬
‫يك ــون كح ــوض املاء ال ــذي يدخل ــه اإلنس ــان عن ــدما يك ــون متعًب ا‪ ،‬ومّتس ــخ الب ــدن‪ ،‬ف ــيزول تعب ــه‪ ،‬ويع ــود إىل نش ــاطه‪،‬‬
‫وينتعش‪ ،‬وتزول أدران بدنه‪ ،‬هكذا هو جّو البيت بالنسبة لإلنسان املتلّو ث بغبار االنشطة االجتماعّية‪ ،‬مثل جـّو ذلــك‬
‫احلوض‪ ،‬منعش‪ ،‬مريح‪ ،‬وباعث على االسرتخاء‪ .‬وهـذا مـا ميكن للمـرأة أن تفعلـه‪ .‬وهـذا مـا سيحصـل إذا كـانت املرأة‬
‫يف جّو البيت حمّبة وودودة‪.‬‬

‫إّن جّو األسرة ومؤّس سة األسرة الدافئة هو مكان تتبّد ل فيـه مشـاكل اإلنسـان الروحّي ة إىل راحـة‪ .‬وعلى الـرغم من أّن‬
‫البيئة األسرّية بيئـة صـغرية ـ حيث تكـون يف البدايـة مكّو نـة من شخصـني‪ ،‬ومن ّمث تبـدأ بالتوّس ع تدرجيًّياـ إاّل أّنه حىّت لـو‬
‫أص ــبحت عش ــرة أو مخس ــة عش ــر ف ــرًد ا ف ــإّن قوامه ــا يبقى هبذين الشخص ــني األساسـ ـّيني‪ .‬ه ــذه البيئ ــة الص ــغرية تعم ــل‬
‫كمحي ــط‪ ،‬وحبر عمي ــق‪ .‬رأيتم كي ــف تس ــري ه ــذه األهنار هائج ــة وث ــائرة وتض ــرب اجلدران والس ــاحل‪ ،‬حىّت تص ــل إىل‬
‫البحر‪ .‬فالبحر هو مكان سكون مياه األهنار‪ .‬وذلك الفوران واهليجان يف مياه األهنار يتحّو ل فيه إىل هدوء وسكون‪.‬‬

‫ُيصــاب اإلنســان ســواًء املرأة والرجــل‪ ،‬بســبب احلوادث‪ ،‬واجملريــات‪ ،‬ومشــاكل العمــل أو اإلرهــاق‪ ،‬بأزمــات‪ .‬وتسـّبب‬
‫هــذه األزمــات النفس ـّية‪ ،‬الروحّي ة‪ ،‬الفكرّي ة والعصــبّية‪ ،‬اضــطرابات وعــدم اســتقرار يف وجــود اإلنســان‪ .‬عنــدما يــدخل‬
‫اإلنسان إىل البيت‪ ،‬ينبغي جلّو البيت أن يبقى‬

‫‪87‬‬
‫هادًئ ا‪ ،‬وهكــذا جعلــه اهلل تعــاىل‪ .‬واملرأة أيًض ا‪ ،‬إن كــانت تتــابع دراســتها خــارج الــبيت‪ ،‬أو كــانت موّظفــة‪ ،‬أو كــانت‬
‫تعم ــل داخ ــل ال ــبيت ‪ -‬ذل ــك أّن العم ــل داخ ــل املنزل أص ــعب‪ ،‬خالًف ا ملا يتص ـّو ره البعض من أّن العم ــل خ ــارج ال ــبيت‬
‫أص ــعب‪ ،‬وأّن الل ــوايت يبقني يف بي ــوهتّن أك ــثر راحـ ـًة‪ ،‬ال‪ ،‬فعم ــل السـ ـّيدات اجلس ــدّي يف املنزل أص ــعب‪ ،‬وك ــذا عمله ــا‬
‫الفك ـ ــري‪ ،‬ألّن املدير ال ـ ــداخلي للعائل ـ ــة ه ـ ــو السـ ـ ـّيدة ‪ -‬حتًم ا س ـ ــتواجه حتّد يات‪ ،‬وه ـ ــذه التحـ ـ ـّد يات ختل ـ ــق مش ـ ــاكل‬
‫واضطرابات روحّية هلا‪.‬‬

‫‪ ...‬إّن احلسد‪ ،‬واألذى‪ ،‬والتهمة‪ ،‬والغيبـة‪ ،‬ومصــاعب احليـاة‪ ،‬وأعمـال املنزل‪ ،‬وإجناب األوالد‪ ،‬ومـا شـابه ذلـك يـؤذي‬
‫السّيدات‪ .1‬ومبجّر د أن يصل الزوج إىل البيت‪ ،‬وكأّن مالك النجـاة قـد نـزل عليهـا‪ .‬ويصـبح جـّو الـبيت جّن ة لكليهمـا‪.‬‬
‫فهــل هــذا بــاألمر الس ـّيئ؟ كال‪ ،‬بــل إهنا حاجــة اإلنســان األساس ـّية‪ .‬فحــاولوا أن توّفروهــا‪ .‬بــالطبع‪ ،‬هنــاك شــروط هلا‪،‬‬
‫ودوهنا صعوبات‪ ،‬لكّنها ليست كثرية‪ .‬تتطّلب القليل من التعّق ل‪ ،‬فعلى املرأة أن تستعمل عقلها‪ ،‬وكذا الرجــل‪ .2‬على‬
‫النس ــاء والرج ــال مجيًع ا أن يس ــعوا إىل محاي ــة ه ــذا اجلّو الع ــائلي الب ــاعث على اهلدوء‪ ،‬مبع ــىن أن ال جيعل ــوا من أنفس ــهم‬
‫مصدًر ا لالضطراب يف العائلة‪ .‬هناك رجـال سـّيئو خلـق‪ ،‬ونسـاء معوّج ات التفكـري‪ ،‬رجـال يعرتضـون على كـّل شـيء‪،‬‬
‫ونساء متطّلبات‪ ،‬يشّنجون األجـواء داخـل الـبيت‪ .‬وحينـذاك ينعـدم اهلدوء واالسـتقرار داخـل الـبيت‪ ،‬وال يتحّق ق مفـاد‬
‫اآلية ﴿ِلَيْس ُك َن ِإَلْيَه ا﴾‪ .‬انظروا‬

‫‪.14/1/2003 1‬‬
‫‪.12/3/2000 2‬‬

‫‪88‬‬
‫كيف يبّد ل اإلسالم حبكمته حياة اإلنسان يف هذه الدنيا إىل جّنة‪ ،‬إن ُعمـل بشـرائطه‪ .‬أّم ا إن مل حيصـل هـذا‪ ،‬وعّك روا‬
‫بأنفســهم صــفو هــذا اجلّو اهلادئ‪ ،‬من خالل الســقطات الكثــرية‪ ،‬واملنازعــات التافهــة‪ ،‬أو االعرتاضــات الــيت هي يف غــري‬
‫حمّله ــا واخلاطئ ــة‪ ،‬فس ــينعدم اهلدوء عن ــد ذل ــك‪ .‬ف ــالقرآن من خالل تعب ــري "الس ‪EE‬كن" توّق ع لل ــزوج والزوج ــة الس ــكون‬
‫والراحة واالستقرار‪.1‬‬

‫ماذا يعين السكون واهلدوء؟ يعين أن جيد اإلنسان يف اضطرابات احلياة الناشــئة من تعــاطي البشــر احلتمي فيمــا بينهم يف‬
‫حياهتم اليومّية‪ ،‬فرصة وساحل جناة‪ .‬فاملرأة والرجل اللذان يقفان إىل جانب بعضهما البعض‪ ،‬مها حًّقا زوج‪ ،‬ويلجآن‬
‫إىل بعضهما البعض يف هذه االضطرابات‪ ،‬املرأة تلجأ إىل زوجها‪ ،‬والرجل إىل زوجته‪.‬‬

‫الرجل يف جتاذبات حياته الرجوليـة‪ ،‬حيتـاج إىل حلظـة هـدوء‪ ،‬لكي ميكنـه متابعـة طريقـه‪ .‬مـا هي حلظـة اهلدوء هـذه؟ إهّن ا‬
‫تلك اللحظة اليت يكون فيها يف بيئتـه العائلّي ة املفعمـة باحملّب ة والعاطفـة‪ .‬عنـدما يكـون إىل جـانب زوجتـه الـيت حيّب ‪ .‬إهّن ا‬
‫تلك اللحظة اليت يلتقي فيها بزوجته الـيت يشـعر بأهّن ا نفسـه‪ .‬وكـذلك املرأة‪ ،‬تواجـه يف خضـّم حياهتا النسـوّية‪ ،‬مشـاكل‬
‫وصــعوبات‪ ،‬ســواًء يف ذلــك املرأة الــيت تعمــل خــارج الــبيت ومتارس النشــاطات السياس ـّية واالجتماعّي ة والوظيفّي ة‪ ،‬أو‬
‫تلك اليت هي رّبة بيت فقط‪.‬‬

‫‪.14/1/2003 1‬‬

‫‪89‬‬
‫إّن عمـل النسـاء داخـل الـبيت ال يقـّل أّمهّي ة وجهـًد ا عن األعمـال خـارج الـبيت‪ ،‬بـل قـد يفوقهـا أّمهّي ة ‪ .1‬أن تكـون املرأة‬
‫رّبة البيت هو شغل‪ ،‬شغل عظيم‪ ،‬مهّم ‪ ،‬حّس اس وبـاٍن للمسـتقبل‪ .‬وإجناب األوالد هـو جهـاد كبـري‪ ،2‬ورعايـة األطفـال‬

‫هو من األمور الصـعبة‪ .‬أّي عمـل تفرتضـونه صـعًبا‪ ،‬هـو يف الواقـع سـهل يف مقابـل رعايـة األطفـال‪ .‬فرعايـة األطفـال فّن‬
‫عظيم جـًّدا‪ ،‬ال يسـتطيع الرجـال القيـام بـه حىّت ولـو ليـوم واحـد‪ ،‬فيمـا النسـاء يقمن هبذا العمـل بدّقة‪ ،‬وجلـد‪ ،‬ولطافـة‪.‬‬
‫فقد أودع اهلل تعاىل هذه القـدرة يف غريـزهتّن ‪ ،‬إاّل أّن رعايـة األطفـال هـذه وتـربيتهم هي من األمـور الصـعبة الـيت تنهـك‬
‫اإلنسان وجتعله ينهار‪.3‬‬

‫املرأة عنصر أساسـّي يف العائلـة‪ ،‬لكّن هـذا ال يعـين بـأن ليس للرجـل فيهـا أّي وظيفـة ومسـؤولّية ودور‪ .‬والرجـال عـدميو‬
‫الشعور‪ ،‬والفاقدون للعاطفة‪ ،‬وغري املبالون‪ ،‬وغري املقّد رين جلهود رّبة املنزل‪ ،‬هؤالء يوّج هون ضربة جلّو البيت‪ .‬ينبغي‬

‫للرجل أن يعـرف قـدر (املرأة)‪ ،‬وللمجتمـع أيًض ا‪ .‬وينبغي تقـدير عمـل رّبات الـبيوت تقـديًر ا خاًّص ا‪ .‬البعض منهّن كّن‬
‫يستطعن الذهاب واحلصول على وظيفـة وعمـل‪ ،‬البعض منهّن كّن يسـتطعن متابعـة دراسـاهتّن اجلامعّي ة والعليـا‪ ،‬البعض‬
‫منهّن أيًض ا‪ ،‬قـد ُح ْز َن على الشـهادات العليـا ‪ -‬ولقـد رأيت نسـاًء من هـذا القبيـل ـ (لكّنهّن ) قلن حنن نريـد رعايـة هـذا‬
‫الولد‪ ،‬وتربيته بشكل جّيد‪،‬‬

‫‪.28/8/2002 1‬‬
‫‪.1/5/2013 2‬‬
‫‪.13/11/1995 3‬‬

‫‪90‬‬
‫ومل يـ ـ ــذهنب للحصـ ـ ــول على وظيفـ ـ ــة‪ .‬وحيث مل تـ ـ ــذهب (فعاًل )‪ ،‬فلم تب ـ ــق ه ـ ــذه الوظيف ـ ــة ش ـ ــاغرة‪ ،‬إذ أتى عشـ ـ ــرات‬
‫األشخاص اآلخرين وحصلوا عليها‪ .‬ينبغي تقدير مثل هكذا امرأة‪.1‬‬

‫والنسـاء من أجـل إدارة هـذا احمليـط واملكـان‪ ،‬حباجـة إىل السـعي واجلّد ‪ ،‬ألهّن ّن املديرات الـداخلّيات للعائلـة‪ .‬رّبة الـبيت‪،‬‬
‫هي الشــخص الــذي يكــون جـّو األســرة حتت إشــرافه‪ ،‬ونظارتــه‪ ،‬وتــدبريه وإدارتــه‪ ،‬هــذا العمــل جمهــد جــًّدا ودقيــق‪ ،‬وال‬
‫ميكن أن يتأّتى سوى عن اللطافة والدّقة النسائّية‪ .‬وال ميكن ألّي رجل مراعاة هذه األمور الدقيقة‪ ،‬حىّت أّن الكثري من‬
‫الرج ــال ال يفهموهنا ويعوهنا‪ ،‬لكّن اهلل تع ــاىل جع ــل طبيع ــة املرأة لطيف ــة‪ .‬إّن األص ــابع الكب ــرية والض ــخمة ج ــًّدا‪ ،‬جّي دة‬
‫القتالع الصخور من األرض‪ ،‬أّم ا إن أراد أصـحاهبا ملس اجملوهرات الدقيقـة جـًّدا أو محلهـا‪ ،‬فمن غـري املعلـوم إن كـانوا‬
‫سيس ــتطيعون ذل ــك أم ال‪ .‬بعض األص ــابع دقيق ــة ورفيع ــة‪ ،‬ال ميكنه ــا رف ــع األحج ــار والص ــخور‪ ،‬لكن ميكنه ــا التق ــاط‬
‫اجملوهرات الدقيقة والذهب عن األرض‪ .‬هكذا مها املرأة والرجل‪ .‬لكّل منهما مسؤولّية‪ ،‬وال ميكن القول إّن مســؤولّية‬
‫هذا أخطر من ذاك‪ ،‬فكال املسؤولّيتني خطريتان والزمتان‪ .‬عنـدما تواجـه املرأة مشـاكل يف هـذه املعمعـة‪ ،‬فألّن روحهـا‬
‫لطيفة‪ ،‬أكثر ما حتتاج إليه هو اهلدوء والراحة واالعتماد على ركن وثيق‪ ،‬وذلك املعتمد هو الزوج‪ .‬لقد‬

‫‪.22/12/2011 1‬‬

‫‪91‬‬
‫جعلهما اهلل هكذا إىل جانب بعضهما‪ .‬إن حافظنا على جّو األسرة سليًم ا‪ ،‬سيستقّر هذان إىل جانب بعضهما‪.1‬‬

‫يتصـّو ر البعض بـأّن عمـل املرأة داخـل بيتهـا إهانـة هلا‪ .‬وليس يف هـذا إهانـة هلا بشـيء‪ ،‬بـل إّن أهّم عمـل بالنسـبة للمـرأة‬
‫هو بأن حتافظ على احلياة مستمّر ة وقائمة‪ .‬لدينا عنصر عامل هو الرجل‪ ،‬وعنصر حارس وحافــظ هـو املرأة‪ .‬واآلن إن‬
‫أرادت املرأة أن تذهب وتتصّد ى للعمل والشغل اللذين ال مينـع منهمـا اإلسـالم وال يـرى إشـكااًل يف مشـاركة املرأة يف‬
‫األعمــال املتنّو عـة الــيت تعــود عليهــا مبردود مــايل‪ ،‬إاّل أّن هـذا األمــر ليس من مســؤولّياهتا وليس واجًب ا عليهــا والزًم ا هلا‪.‬‬
‫وما هو واجب عليهـا والزم هلا هـو احلفـاظ على هـذا اجلّو املهّم واألساسـّي لكـّل أفـراد األسـرة والـذين هم اآلن عبـارة‬
‫عن الزوج والزوجة‪ ،‬وُيلحق فيما بعد هبما األوالد‪ ،‬الذين هم بدورهم موضوع آخر‪ .‬وعليه‪ ،‬فإّن اجلّو اهلادئ للعائلــة‬
‫ه ــو من أهّم اإلمكان ــات واحلاج ــات ال ــيت حيت ــاج إليه ــا اإلنس ــان‪ .‬عن ــدما يك ــون ال ــزوج والزوج ــة يف ال ــبيت ودودين‬
‫ومتحــاّبني‪ ،‬فــإّن هـذا اجلّو املفعم باحملّب ة والعاطفــة ســيمنحهما الطاقــة والقــدرة على متابعــة حياهتمــا‪ .2‬عنـدما تشــعر املرأة‬
‫بأّن زوجها إىل جانبها وتعتمد عليه‪ ،‬ويشعر الزوج بأّن زوجته إىل جانبه وحتوطه مبحّبتها‪ ،‬ستتبّد ل هذه االضــطرابات‬
‫واملشاكل إىل سكن‪.‬‬

‫‪.28/8/2002 1‬‬
‫‪.29/5/2002 2‬‬

‫‪92‬‬
‫إن كنتما ودودين مـع بعضــكما‪ ،‬وعملتمـا بالشـرائط جّي ًد ا‪ ،‬ستسـتمّر حـال السـكن هـذه إن شـاء اهلل من بدايـة الـزواج‬
‫إىل مثانني وتســعني ســنة من عمــركم الــذي ستعيشــونه‪ .‬قــد حيدث أحياًن ا اختالف يف األذواق والطبــائع‪ ،‬لكّن هــذا لن‬
‫يؤّثر على حالة السكن هذه‪ ،‬ولن يكون له أّمهّية‪.‬‬

‫ولتعلمن أّيتهــا النســاء بــأّن التحـّو ل الــذي حتدثونــه يف معنوّيات الرجــل ال ميكن ألّي عامــل آخــر أن حيدثــه‪ .‬ميكنكّن أن‬
‫ترفعن من معنوّيات الرجل‪ ،‬ومتنحنه األمل باحليـاة والشـوق ملتابعـة العمـل‪ .‬وأساًس ا‪ ،‬لـديكّن قـدرة نفح الـروح والطاقـة‬
‫يف الرجل‪ .‬إىل هـذا احلّد وجـودكّن مهم‪ .‬وهكـذا الرجـل بالنسـبة للمـرأة‪ .‬أحياًنا‪ ،‬قـد يـدخل الرجـل إىل الـبيت عابًس ا‪.‬‬
‫فإن كانت املرأة تتحّلى بشـيء من العقـل والنضـوج‪ ،‬ومل تكـرتث لعبوسـه‪ ،‬بـل ضـحكت يف وجهـه‪ ،‬وبادلتـه يف املقابـل‬
‫احملّب ة‪ ،‬فإهّن ا ستســتطيع شــيًئا فشــيًئا‪ ،‬من خالل ســحر احملّب ة هــذا أن حتّل عقــدة أوقــات الرجــل العصــيبة وأخالقــه السـّيئة‪،‬‬
‫وتع ــرف كم ه ــو حباج ــة إليه ــا‪ .‬حّب ذا أن ال يس ــمع الرج ــال ه ــذا الكالم ال ــذي س ــأقوله لكّن ‪ ،‬فلرمّب ا سيس ــتاؤون من ــه!‬
‫لتعلمن أّيتها النساء‪ ،‬أّن الرجال (يبقون) كـاألوالد إىل آخـر العمـر‪ ،‬وعليكّن إدارهتم‪ .‬اآلن‪ ،‬إن وصـل كالمي هـذا إىل‬
‫مسـامع الرجـال فـإهنم حتًم ا سـيعتبون علّي ‪ .‬على النسـاء أن تـدير هـذا الولـد الـذي ابيّض ت حليتـه بعـد مخسـني أو سـّتني‬
‫سنة من العمر‪.‬‬

‫إذا ما توّفر هذا اهلدوء يف جّو العائلة‪ ،‬فال بـّد أن يتـوّفر عامـل آخـر‪( ،‬عـادًة) مـا ُيتغافـل عنـه‪ ،‬أال وهـو الغريـزة اجلنسـّية‪.‬‬
‫فالغريزة اجلنسّية‬

‫‪93‬‬
‫موجودة يف كال اجلنسني‪ ،‬وقد جعلها اإلسالم داعًم ا لتشكيل األسرة‪ ،‬أي قال إّنه ال جيوز لكم االســتفادة من ذخــرية‬
‫الغري ــزة اجلنس ـّية والش ــهوة اجلنس ـّية ه ــذه يف غ ــري ج ـّو العائل ــة‪ ،‬وهي خاّص ة يف نط ــاق العائل ــة‪ .‬نعم‪ ،‬ينبغي إعم ــال ه ــذه‬
‫الغريزة‪ ،‬وهي حاجة لإلنسان‪ .‬ولكّنها عندما ُج علت ظهـًريا للعائلـة‪ ،‬كـانت العامـل القـوّي السـتقرارها الـدائم‪ .‬واآلن‪،‬‬
‫ليــدّقق الواعــون والفطنــون هبذه املســألة‪ ،‬وهي لــو أّن الرجــل واملرأة اســتهلكا هــذه الــذخرية يف مكــان آخــر‪ ،‬فــإّن ثغــرة‬
‫ستحدث يف الظهري الذي تستند إليه األسرة مبقـدار مـا اسـتهلكت هـذه الغريـزة هنـاك‪ .‬سـتبقى (حينهـا) صـورة العائلـة‪،‬‬
‫إاّل أّن املاّدة األساسـّية‪ ،‬والــيت هي احملّب ة والعشــق واألنس واجنذاب الــزوجني إىل بعضــهما اآلخــر‪ ،‬ســتقّل وتنقص‪ .‬هــذه‬
‫البالءات الــيت تـنزل على رؤوس العــائالت‪ ،‬نشــهدها غالًب ا ـ ولألسـف ـ يف العــائالت الغربّي ة‪ ،‬وعلى وجـه اخلصــوص يف‬
‫أمريكا ودول أوروبا الشمالّية‪.‬‬

‫املرأة والرجــل )هنــاك يش ـّك الن( عائلــة واحــدًة يف الظــاهر‪ ،‬وقــد ُس ّج ال كأســرة وعائلــة يف دفــاتر النفــوس‪ ،‬وَتَل َو ا أيًض ا‬
‫صـيغة الـزواج‪ ،‬لكّن هـذا ليس هـو الرابـط األصـلي‪َ .‬مِل؟ ألّن هـذه الـذخرية اهلاّم ة للغريـزة الطبيعّي ة الـيت ينبغي أن تكـون‬
‫الظهري والداعم لألسرة‪ ،‬قد اسُتهلكت يف أمـاكن أخـرى‪ .‬ومها أساًس ا مل يعـودا يشـعران باحلاجـة إىل بعضــهما البعض‪.‬‬
‫ك ـٌّل ين ــادي اآلخ ــر ي ــا عزي ــزي وي ــا عزي ــزيت "‪ "my dear‬لكّن ه ــذا باللس ــان فق ــط‪ .‬ه ــذه الـ "‪ "my dear‬ال ــيت‬
‫يتناديان هبا‪ ،‬يستعمالهنا أيًض ا حني يريد أحدمها طلب الطالق من اآلخر‪ ،‬فيقول‪" :‬ماي دير" أريد أن‬

‫‪94‬‬
‫أطلب الطالق! أي ال شـيء هنـاك‪ ،‬وكلمـة عزيـزي‪ 1‬الـيت نسـتعملها حنن‪ ،‬والـيت تتضـّم ن كـّل معـاين العـّز ة ال وجـود هلا‬
‫يف (ماي دير) اإلنكليزّية الرائجة يف العامل اليوم‪.‬‬

‫قـد يكـون لـديهما‪ ،‬مثاًل ‪ ،‬ولـدان‪ ،‬واحـد يف االبتدائّي ة واآلخـر يف الثانوّية‪ ،‬وهـذان الولـدان ال يشـهدان اجتمـاع األسـرة‬
‫كثـًريا حوهلمـا‪ ،‬كمـا نفعـل حنن إذ جنتمـع حـول مائـدة الطعـام‪ ،‬فيقـول أحـدنا نـاولوين اخلبز‪ ،‬ويقـول اآلخـر‪ ،‬اسـكبوا يل‬

‫الطعام‪ ،‬ويقول ثالث‪ :‬هاي! ماذا عيّن ؟ هذا جـّو جـّذ اب ومجيـل جـًّدا‪ .‬أو يقـول أحـدهم‪َ ،‬مِل أصـبح الطعـام هكـذا؟ وَمِل‬
‫مل تطبخ ــوا لن ــا ه ــذه الطبخ ــة؟ أو لتطبخ ــوا لن ــا املعكرون ــة على العش ــاء‪ .‬ه ــؤالء ليس ل ــديهم مث ــل ه ــذه األم ــور‪ .‬ف ــاملرأة‬
‫تشرتي وهي يف عملها ساندويًش ا وتأكلـه‪ ،‬أو تتواعـد مـع أصـدقائها يف مطعم معنّي لاللتقـاء وتنـاول الطعـام‪ .‬وزوجهـا‬
‫أيًض ا يتصـّر ف بطريقـة أخـرى‪ .‬واألوالد هم اآلخـرون يبقـون تـائهني ومشـّر دين‪ ،‬فيـأكلون كـّل مـا خطـر على بـاهلم من‬
‫تلــك األطعمــة الرائجــة‪ ،‬فيتنــاولون الوجبــات يف املدرســة أو خارجهــا‪ ،‬ومن ّمث يعــودون إىل الــبيت‪ .‬فــإن مل يكن أحــد‬
‫الوالدين يف البيت‪ ،‬فإّم ا خيرجون أو جيلسون ملشاهدة التلفاز‪ .‬واآلن‪ ،‬لكي ينّظمـا هـذا الوضـع ـ ألهّن مـا يعلمـان أّن هـذا‬
‫الوضـع سـّيئ حيّد دان ســاعات معّينــة الجتمــاع األســرة حـول بعضــها‪ ،‬أي يكــون لــديهما جـّو عـائلّي مــؤّقت ومصــطنع‪.‬‬
‫جّو ينظر الرجل فيه من وقت آلخر إىل ساعته‪ ،‬حىّت ال يتأّخ ر عن موعده‬

‫‪" 1‬عزيز" يف الفارسية تعادل حبيب بالعربية ايضا‪ .‬املدقق‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫مع رفاقه‪ ،‬حيث يريد أن يذهب إىل السـينما‪ ،‬أو لديـه سـهرة‪ ،‬واملرأة أيًض ا لـديها موعـد آخـر‪ ،‬واألوالد أيًض ا تواعـدوا‬
‫مع رفاقهم‪ ،‬الكّل قلقون منتظرون لينتهي هذا االجتماع بسرعة‪ ،‬أي إّن أمر األسرة العجيب قد آل إىل هنا‪.‬‬

‫تنشر بعض الصحف اليوم أرقاًم ا غري دقيقة‪ ،‬عن معّد ل الطالق يف بلـدنا‪ .‬لنفـرتض اآلن أّن نسـبة الطالق قـد ارتفعت‪.‬‬
‫فه ــذا ق ــد ينتج عن ارتك ــاب بعض احلماق ــات‪ ،‬ولكّن ه ال يع ــين أّن ه حتّو ل إىل ظ ــاهرة خط ــرية ج ــًّدا كم ــا ه ــو س ــائد يف‬
‫الغرب‪ .‬فال يزال حبمـد اهلل أسـاس رابطـة احملّب ة يف بلـدنا موجـوًد ا يف عائالتنـا‪ .‬ألّن رصـيد الغريـزة اجلنسـّية هـذا‪ ،‬والـذي‬
‫بسببه حيتاج كّل من املرأة والرجل إىل بعضهما‪ ،‬ال يسـتفاد منـه سـوى داخـل الـبيت‪ .‬وحينـذاك‪ ،‬تتحّق ق مقولـة "أحـرز‬
‫نص ــف دين ــه"‪ ،‬ألّن الش ــهوة اجلنس ـّية ت ــذهب بنص ــف دين اإلنس ــان‪ .‬إّن ه لواق ــع مري ــر وحمزن ج ــًّدا ب ــأن ت ــذهب الغري ــزة‬
‫اجلنسـّية بــدين اإلنســان يف املراحــل املختلفــة من عمــره‪ ،‬من سـّن الشــباب إىل الشــيخوخة‪ ،‬ويف كـّل مرحلــة بطريقــة مــا‪.‬‬
‫عنــدما حتبســون هــذه الغريــزة اجلنس ـّية‪ ،‬وهــذا الشــيطان املؤّثر يف زجاجــة وحتكمــون إغالقهــا‪ ،‬وكّلمــا اقتضــت احلاجــة‬
‫خترجون شيًئا منها وتستفيدون منه داخل إطار األسرة‪ ،‬هذا مينحكم النظام العائلي الصحيح‪ .‬واآلن هنـا أيًض ا‪ ،‬وكمـا‬

‫س ــبق أن ذك ــرت‪ .‬يعلم الواع ــون والفطن ــون َمِل ّمت التطـ ـّر ق يف الش ــرع املق ـّد س إىل الكالم عن احملَر م وغ ــري احملَر م‪ ،‬أو َمِل‬
‫ُح ّر م على املرأة اخلروج من منزهلا بزينتها‪ ،‬والتّربج أمام الرجال (األجانب)‪ ،‬أو ُح ّر م على الرجل النظر بشهوة‬

‫‪96‬‬
‫إىل املرأة؟ هذا كّله من أجل أن يكون بنيان هذه األسرة الصغرية اليت أّس ستموها قوًّيا وحمكًم ا‪ ،‬فال يتحـّو ل نظـر املرأة‬
‫وقلبها إىل مكان آخر‪ ،‬وال مييل قلب الرجل وعينه كذلك إىل مكان آخر‪ .‬هذا كّله من أجل تقوية (بنيان) األسرة‪.1‬‬

‫العيون اجلاحمة والفاسدة‪ ،‬تستتبع وراءها قلوًبا فاسـدة‪ .‬مـاذا نعـين بـالقلب الفاسـد؟ هـو ذلـك القلب الـذي ال يـدوم فيـه‬
‫احلّب الس ــامل والص ــحيح‪ .‬وال ــذي دائًم ا م ــا ي ــدخل إلي ــه احلّب (املتع ـّد د) وخيرج من ــه‪ .‬ه ــذا ه ــو فس ــاد القلب‪ .‬وفاس ــدو‬
‫القل ــوب كث ــريون بني الن ــاس‪ .‬الحظ ــوا يف القص ــص ال ــيت تقرأوهنا واألفالم ال ــيت تروهنا واألخب ــار ال ــيت تس ــمعوهنا‪ ،‬حي ــاة‬
‫بعض األشــخاص الــذين يعيشــون يف جمتمعــات غــري متدينــة ومؤمنــة‪ .‬الرجــل واملرأة اللــذان جيعالن من نفســيهما عرضــة‬
‫ألنواع احلّب ‪ ،‬ويسّم ونه عشًق ا ‪ -‬وهو يف الواقـع ليس بعشـق‪ ،‬إمّن ا حّب عـابر ‪ -‬وال يراعـون مسـألة احملرم وغـري احملرم‪.‬‬
‫ومــا هي نتيجــة مثـل هـذه العالقــات؟ نتيجتهــا حلــول الــربودة يف مؤّس ســة احلّب األساسـّية ‪ -‬وهي األسـرة ‪ -‬وصـريورة‬
‫الزوج والزوجة اللذين من املفرتض هبما أن حيّبا بعضهما‪ ،‬باردين جتاه بعضهما‪ ،‬وغـري مبـاليني وغـري مهتّم ني ببعضـهما‬
‫البعض‪ .‬العني اجلاحمة والفاس ــدة‪ ،‬تس ــتتبع وراءه ــا قلوًب ا فاس ــدة‪ .‬عن ــدما يص ــبح القلب فاسـ ـًد ا‪ ،‬خيرج س ــلوك اإلنس ــان‬
‫وأعماله وتصّر فاته عن الطريق املستقيم‪ .‬فالفساد‪ ،‬والفحشاء‪ ،‬واّتباع الشهوات‪ ،‬واملشاكل‪،‬‬

‫‪.3/10/2002 1‬‬

‫‪97‬‬
‫والتعاسات‪ ،‬واالهنزامات كّلها نامجة عن فساد القلب‪ .‬من أين جيب أن نبـدأ لكي نتجّنب فســاد القلب؟ من الســيطرة‬
‫﴿َف اَل َتْخ َضْع َن ِباْلَق ْوِل‬ ‫على ه ــذه البّو اب ــة الص ــغرية ال ــيت ُتسـ ـّم ى العني‪ .‬والس ــيطرة على بّو اب ــة أخ ــرى تسـ ـّم ى اللس ــان‪.‬‬
‫َفَيْطَم َع اَّلِذي ِفي َقْلِبِه َمَرٌض ﴾ ‪.‬‬
‫‪2 1‬‬

‫يتصّو ر البعض بأّن اإلسالم حني يطلب من النساء أن تتحّج ب وتراعي أحكام النظر‪ ،‬أو أن ترتـدي العبـاءة (من بـاب‬
‫اللباس األكمل) بأّنه (يفرض) عليها سلسـلة من األحكـام املتحّج رة‪ .‬ولقـد ظهـرت أيًض ا مجاعـة تتشـّد ق بالّرتهـات من‬
‫القــول‪ ،‬وبني ك ـّل كلمــة وأخــرى يقولوهنا يــوردون كلمــة "التحّج ر"‪ ،‬ويظّن ون بــأن هــذا هــو مكــان اســتعمال كلمــة‬
‫التحّج ر‪ .‬هــذه هي النقــاط الدقيقــة الــيت جيب على املرء التأّم ل فيهــا عنــد مساع كالم مثــل هــؤالء األشــخاص‪ ،‬فــإن مل‬
‫نتأّم ل فيه ــا‪ ،‬فقطًع ا س ــنفهم األم ــور بنح ــو خ ــاطئ‪ ،‬إلن مسعت كالم أه ــل القلب ال تق ــل ه ــذا خط ــأ فلس ــت الع ــارف‬
‫بالكالم يا عزيزي‪ ،‬فهنا مكمن اخلطأ‪.3‬‬

‫فهؤالء ال يفهمون باطن الكالم‪ ،‬وعمقه‪ ،‬ولّبه‪ ،‬حينذاك يتكّلم كّل شخص كما حيلو له‪.4‬‬

‫‪ 1‬األحزاب‪ :‬اآلية ‪.32‬‬


‫‪.19/2/2003 2‬‬
‫‪ 3‬حافظ الشريازي‪.‬‬
‫‪.3/10/2002 4‬‬

‫‪98‬‬
‫لقد أوصـى اإلسـالم كاًّل من الرجـل واملرأة بوصـايا‪ ،‬وكـّل واحـدة من هـذه الوصـايا هي من أجـل بنـاء احمليـط الـداخلي‬
‫لألســرة‪ .‬فمراعــاة قض ـّية احملَر م وغــري احملَر م‪ ،‬واحلجــاب‪ ،‬وعــدم ظهــور املرأة بزينتهــا أمــام غــري احملارم‪ ،‬كّلهــا تعــود على‬
‫األسرة بالسالمة‪ .‬يظّن البعض بـأّن اإلسـالم دين جـاّف ‪ ،‬وغـري مـرن‪ ،‬حيرم الرجـل واملرأة من اللـذات الطبيعّي ة‪ .‬حسـٌن ‪،‬‬
‫العقل حيرم اإلنسان من الكثـري من اللـّذ ات الطبيعّي ة‪ ،‬فـأنت مثاًل حتّر م على نفسـك الطعـام الدسـم واحللـو اللذيـذ عنـدما‬
‫ال تكــون حالتــك الصــحّية مســتعّد ة لــذلك‪ ،‬حىّت ولــو كنت تشــتهيه‪ .‬كمــا لــو ُأريقت قطــرة سـّم يف شــراب لذيــذ‪ ،‬فــإّن‬
‫الذائقـة تتقّبلهـا‪ ،‬لكّن العقـل ال يتقّبلهـا‪ .‬فمسـألة احملَر م وغـري احملَر م هـذه‪ ،‬والتمـايز اجلنسـي‪ ،‬وعـدم املسـاواة والقيـود الـيت‬
‫جعلها الشرع املقّد س‪ ،‬تعود مجيعها (بالسالمة) على احمليط الداخلي لألسرة‪.1‬‬

‫إّنين دائًم ا ما أوصي الرجال والنساء‪ ،‬هؤالء الشباب والفتيـات الـذين يـأتون إّيل ألعقـد قـراهنم‪ .‬فأوصـي النسـاء بـأن ال‬
‫يــأتني بــأّي فعــل حيّر ك غــرية أزواجهّن ‪ ،‬وأوصــي الرجــال هبذا األمــر أيًض ا‪ .2‬فعلى النســاء أن ال يتص ـّر فن خــارج حميــط‬

‫األسرة ـ إن كّن من أهل العمل أو التحصيل العلمي ـ أو يف أجواء املعاشرات العائلّية‪ ،‬بتصـّر فات حتّر ك غـرية أزواجهّن‬
‫أو ســوء الظّن لــديهم‪ .‬وعلى الرجــال أيًض ا أن يراعــوا هــذه املســألة يف حميــط العمــل والدراســة‪ ،‬من أمثــال املعاشــرات‪،‬‬
‫والكالم‪،‬‬

‫‪.28/8/2002 1‬‬
‫‪.28/8/2002 2‬‬

‫‪99‬‬
‫والضحك واملزاح‪ .‬فاألمور اليت حّر مها اإلسالم تظهر آثارها يف العائلة‪.1‬‬

‫بالنهايـة‪ ،‬فـإّن سـوء الظّن سـواًء كـان لـه مـّربر وجيـه أم ال‪ ،‬سـيرتك أثـره‪ ،‬كالرصاصـة الـيت خترج من الفّو هـة‪ ،‬فإهّن ا تقتـل‬
‫س ــواًء ك ــان الش ــخص عامـ ـًد ا‪ ،‬أم ض ــغط على الزن ــاد خًط ا واش ــتباًه ا‪ .‬إهّن ا ال متّي ز أحـ ـًد ا من غ ــريه‪ ،‬وال تق ــول مبا أّن‬
‫الشخص الذي أطلقين مل يكن عامًد ا فلن أمّز ق صدر هذا الشخص املقابل‪ ،‬ال إهّن ا ستمّز قه‪ .‬وسـوء الظّن هـذا سـيفعل‬
‫فعله‪ ،‬سواًء كان له منشأ صحيح‪ ،‬أو كان ناًمجا عن الوساوس واألوهام والظنون اليت هي يف غري حمّلها‪.2‬‬

‫الســبب الرئيســي يف أّنه ُطلب مّن ا عـدم النظــر إىل (مــا ُح ّر م النظــر إليـه من) غـري احملارم‪ ،‬وُطلب من النســاء عـدم الــتزّين‬
‫لغـ ــري أزواجهّن ‪ ،‬وُطلب من الرجـ ــال عـ ــدم النظـ ــر يف وجـ ــوه النسـ ــاء املتّربجـ ــات غـ ــري زوجـ ــاهتم‪ ،‬واجتنـ ــاب االختالط‬
‫واملعاشرات املضّر ة‪ ،‬إمّن ا هو ألجل أن يكون اجلّو داخل األسرة جًّو ا يسوده األمن واألمان‪ ،‬وليكون الزوجان خمتّص ني‬
‫ببعضهما اآلخر‪ .3‬فاملرأة والرجل اللذان يراعيان هذه احلدود مها حًّقا أكـثر قرًبا من بعضــهما‪ ،‬وعنـدما يكونـان أقـرب‬
‫إىل بعضهما اآلخر حًّقا‪ ،‬يكون جّو األسرة جّو حمّبة وصفاء‪ .4‬لذا‪ ،‬ترون‬

‫‪.19/9/2002 1‬‬
‫‪.4/1/2012 2‬‬
‫‪.25/1/2006 3‬‬
‫‪.18/5/2003 4‬‬

‫‪100‬‬
‫أّن املرأة والرج ــل يف الع ــائالت املتدّين ــة ال ــيت ت ــراعي ه ــذه احلدود يعيش ــان س ــنوات ط ــوال إىل ج ــانب بعض ــهما البعض‪.‬‬
‫وحمّب ة الــزوجني لبعضــهما تبقى‪ ،‬ويصــعب انفصــاهلما‪ ،‬وتكــون ســلوامها منعقــدة على حمّب ة بعضــهما لآلخــر‪ .‬هــذه امليزة‬
‫وهذه احملّبة مها اللتان ُتبقيان بنيان األسرة قائًم ا‪ ،‬ولذا يويل اإلسالم أمهّية هلذه األمور‪.1‬‬

‫القضــية األخــرى هي األوالد‪ .‬إّن أّو ل تشـّك ل لــروح اإلنســان ومشــاعره وفكــره وعقلــه حيدث داخــل األســرة‪ .‬حىّت أّنه‬
‫يتشـّك ل قبـل والدتـه‪ ،‬وتـؤّثر بـاقي العوامــل يف هـذه اجملال‪ .‬بـالطبع‪ ،‬ميكن أحياًنا للعوامــل اخلارجّي ة كاملدرســة والشــارع‬
‫والرفقــة والصــداقات‪ ،‬كــاملعّلم والكتــاب اللــذين يــؤّثران يف مرحلــة الصــبا والشــباب على أفكــار األوالد والشــباب‪ ،‬أن‬

‫تتغّلب على العامل األسري ذاك‪ .‬ال شّك يف هذا‪ ،‬إاّل أّن الشيء الذي يهّيئ األرضّية هو جّو األسرة‪ .‬يف األسرة ُيرىّب‬
‫أفــراد جنبــاء‪ ،‬حمّب ون‪ ،‬جمّد ون‪ ،‬متعــاطفون‪ ،‬وُي رىّب أفــراد معاكســون هلم متاًم ا‪ .‬لــذا‪ ،‬نســتنتج أّن ســالمة ســلوك الوالــدين‬
‫داخل األسرة وعدمه مؤّثر جًّدا‪ ،‬وأّن الرابطة األسرّية وعلقة الـزواج هلا آثـار باقيـة‪ ،‬مهّم ة ومصــريّية على أفـراد األسـرة‬
‫وعلى بنيان اجملتمع أيًض ا‪ .‬وعليه‪ ،‬فـإّن هـذا ليس بـاألمر التافـه‪ ،‬بـل هـو مهّم جـًّدا وعظيم‪ ،‬وينبغي معرفـة قـدره وأمهّيتـه‪،‬‬
‫وعلى اجلميع أن يسعى ليكون جّو األسرة جًّو ا سليًم ا‪ ،‬مصحوًبا باحملّبة والثقة املتبادلة بني اجلميع‪.2‬‬

‫‪.13/3/2001 1‬‬
‫‪.29/5/2002 2‬‬

‫‪101‬‬
‫املسألة األخرى‪ ،‬هي أن يشـعر الـزوج والزوجـة داخـل األسـرة باملسـؤولّية جّت اه بعضــهما البعض‪ .‬والقضـّية ليسـت أهّن مـا‬
‫شخص ــان غريبــان عن بعض ــهما‪ ،‬وق ــد ُألزم ــا اآلن وحكم عليهم ــا بــالعيش م ــع بعض ــهما يف ج ـّو واحــد‪ ،‬بــل مها جــزآن‬
‫حلقيقة واحدة‪ ،‬كمصراعي الباب‪ .‬إهّن ما زوجان‪ ،‬فإذا مـا ُس لب الوجـود الفـردي ألّي منهمـا أو ُح ذف‪ ،‬يكـون اآلخـر‬
‫ناقًص ا‪ .‬لــذا‪ ،‬فهمــا املكّم الن لبعضــهما‪ .‬وإن أردنــا تشــبيه األمــر‪ ،‬فهمــا مثــل رفيقي املرتاس اللــذين يــدافعان عن مــرتاس‬
‫واح ــد‪ .‬فمص ــري ه ــذين متعّل ق ببعض ــهما اآلخ ــر‪ .‬احلال‪ ،‬ق ــد ين ــام أح ــدمها ويبقى اآلخ ــر مس ــتيقًظا‪ ،‬ومن ّمث ين ــام ه ــذا‬
‫ويستيقظ اآلخر‪ ،‬لكّن أًّيا منهمـا ليس خبارج عن املصـري العـاّم احملتـوم هلمـا أو لواحـد منهمـا‪ .‬هـذان متعّلقـان ومرتبطـان‬
‫ببعضـ ــهما‪ ،‬وينبغي عليهمـ ــا النظـ ــر إىل احليـ ــاة هبذا املنظـ ــار‪ .‬وكّلمـ ــا اسـ ــتطاعا تقوي ــة حالـ ــة الزوجّي ة ه ــذه كـ ــان ذلـ ــك‬
‫لصاحلهما‪ ،‬قد تسألون‪ :‬كيف ُتقّو ى؟ أقول‪ :‬باحملّبة‪ ،‬واحملّبة فقط‪.1‬‬

‫إّننــا اآلن إذ جنري العقــد‪ ،‬فــإّن حمّب ة تنشــأ يف قلبيكمــا أّيهــا الزوجــان بفضــل اهلل تعــاىل‪ .‬ســتتفّتح وردة احملّب ة يف القلــوب‪،‬‬
‫حافظ ــا على ه ــذه ال ــوردة‪ ،‬اس ــقياها‪ ،‬وارعياه ــا بس ــعادة‪ ،‬ال جتعاله ــا ت ــذبل‪ ،‬وال تس ــتهلكاها لتبقى يف قلبيكم ــا نض ــرة‬
‫وغّض ة‪ .‬أينما ُو جدت احملّبة‪ ،‬حتّو ل الشوك إىل ورد‪.2‬‬

‫‪.29/5/2002 1‬‬
‫‪.14/1/2003 2‬‬

‫‪102‬‬
‫الشيء الذي يبقي مؤّس سة األسرة دافئة وقوّية أكثر من أّي شيء آخر هو احملّبة‪.1‬‬

‫فاحملّب ة هي اإلمسنت الــذي يبقي بنيــان األســرة العظيم وهــذه القلعــة قوّية ومنيعــة‪ .‬وعلينــا احلفــاظ على هــذه احملّب ة‪ ،‬فهي‬
‫جديرة باحلفــظ‪ .‬واحلّب ليس بالشـيء الـذي يبقى‪ ،‬وحيافـظ على نفسـه بنفسـه‪ .‬ينبغي رعايـة هـذا احلّب ‪ .‬فعلى املرأة أن‬
‫حتافظ على حّبها يف قلب زوجها‪ ،‬وعلى الرجل أن حيافــظ على حّب ه يف قلب زوجتـه‪ .‬والســبيل الــواقعي لــذلك هـو أن‬
‫تعيشــا مــع بعضــكما بصــفاء ووّد‪ ،‬وتش ـّك ال مــع بعضــكما وحــدة واحــدة قائمــة على الصــراحة والشــفافّية‪ .2‬وأن تكونــا‬
‫وفّيني لبعضكما‪ .‬على الشـاّب والشـاّبة اللـذين تزّو جـا أن يكونـا وفّيني لبعضــهما يف جـّو األسـرة‪ ،‬فالوفـاء جيلب احلّب ‪،‬‬
‫وإذا ما ُو جد احلّب يصلح كّل شيء‪ .‬ال يوجد إنسان خاٍل من العيوب‪ .‬وال يوجد زوج يف العـامل خـال من العيـوب‪.‬‬
‫فال ينبغي تضخيم العيوب‪ .‬إن كان احلّب موجوًد ا‪ ،‬سيغّطي على كّل العيوب اليت ميكن أن يراها أحــدمها عن اآلخــر‪،‬‬
‫وس ــيمنع من حتوي ــل املش ــكالت الص ــغرى إىل مش ــاكل رئيسـ ـّية‪ ،‬ال ــيت ت ــؤّدي ال مسح اهلل إىل ظه ــور األزم ــات‪ .3‬على‬
‫الش ــباب والش ــاّبات مًع ا أن يلتفت ــوا إىل أّن زي ــادة احلّب وتعميق ــه بأي ــديهم‪ .‬فب ــاألخالق احلس ــنة‪ ،‬والعق ــل‪ ،‬والت ــدبري‪،‬‬
‫واملعاشرة الصحيحة واحلسنة‪ ،‬ميكن هلذا احلّب أن يزداد‬

‫‪.2/1/2003 1‬‬
‫‪.28/8/2002 2‬‬
‫‪.6/12/2002 3‬‬

‫‪103‬‬
‫يوًم ا فيوًم ا‪ .1‬فحّب الزوج والزوجة بعضهما ليس حمدودا‪ .‬واملوضوع الذي ال إشكال يف بلوغ احلّب فيه ما بلــغ‪ ،‬هـو‬
‫احلّب بني الزوج والزوجة‪ .‬فمهما أحببتما بعضكما فهو جّيد‪ ،‬واحلّب نفسه جيلب الثقة‪.‬‬

‫وحمّبة الزوجني هذه لبعضهما هي جزء من احلّب االهلي‪ .‬ومن أنواع احلّب اجلّيدة‪ ،‬وكّلما ازدادت فهو أمر جّيد‪.2‬‬

‫احلّب ش ــيء جيب احملافظ ــة علي ــه‪ ،‬واالهتم ــام ب ــه‪ ،‬وه ــو ليس بالش ــيء ال ــذي يرتك ــه اإلنس ــان يف مك ــان ويبقى هك ــذا‬
‫لسنوات‪ .‬ابقـوا على هـذا احلّب غًّضا وحًّي ا‪ .‬فالعامـل الـذي يربـط األسـرة بعضــها ببعض وجيعـل احليـاة مرحية واقًع ا هـو‬
‫هــذا احلّب نفســه‪ .‬بــالطبع‪ ،‬مــع ضــرورة إرادتكمــا إجياد احلّب ‪ ،‬أي إن أحّب ِك هــو‪ ،‬علي ـِك أنِت أيًض ا أن حتّبيــه‪ ،‬وذلــك‬
‫أيًض ا بنحو صادق ومن أعماق القلب‪ .‬والطريق األفضــل إلجياد احلّب يف جـّو األســرة‪ ،‬هـو إجياد الطمأنينـة‪ .‬اجلــيب ثقــة‬
‫زوجــك‪ .‬ليشــعر هــو بالراحــة جتاهــك‪ ،‬وتكــون حواســه مرّك زة من مجيــع اجلهــات‪ .‬وعليـِك أنِت يف املقابــل أن تثقي بــه‬
‫وترّك زي حواســك‪ ،‬أي أن يتمّك ن ك ـّل واحــد منكمــا من جلب ثقــة اآلخــر‪ ،‬عنــدها ســيزداد هــذا احلّب يوًم ا فيوًم ا‪.‬‬
‫وحينما تنعدم الثقة‪ ،‬سيضعف احلّب ويهـتّز ‪ .‬واحلجـاب واحلرمـة اللـذان نـادى هبمـا اإلسـالم ليكونـا بني املرأة والرجـل‪،‬‬
‫مرتبطان هبذه املسألة‪ .‬على الزوج والزوجة أن يشعرا بأّن تلك الرابطة العاطفّية والغريزّية‬

‫‪.2/1/2003 1‬‬
‫‪.8/4/1998 2‬‬

‫‪104‬‬
‫واجلاذبّية املوجـودة بينهمـا‪ ،‬هي بينهمـا وحـدمها فقـط‪ ،‬أي ليس بني أّي واحـد منهمـا وشـخص ثـالث‪ .‬حينـذاك تنوجـد‬
‫هــذه الثقــة‪ .‬وحتصــل بشــكل تــاّم ‪ .1‬والســبب يف أّن اإلســالم أكــثر من األمــر بغّض البصــر‪ ،‬وعــدم النظــر إىل غــري احملارم‪،‬‬
‫للمــرأة بنحــو‪ ،‬وللرجـل بنحــو آخـر‪ ،‬هـو أّن العني عنـدما تـذهب باجّت اه‪ ،‬فســيذهب بعض من ســهم الشــخص الــذي هـو‬
‫زوجك‪ ،‬إىل تلك الناحية‪ .‬ال فرق يف ذلك سواًء كنت رجاًل أو امرأة‪ .‬فإّن قسًم ا وسهًم ا ســيذهب إىل تلــك الناحيـة‪.‬‬
‫عندما تقّص ر هنا‪ ،‬فإّن احلّب سيضعف‪ .‬وحني يضعف احلّب يتضعضع بنيان األسرة‪ .‬عندها‪ ،‬ستفقد ما هو الزم لك‪،‬‬
‫وستحصد بفعل يدك على ما هو مضّر لك‪.2‬‬

‫إّن أســاس احلّب داخــل األســرة هــو الثقــة‪ .‬إذا مــا فقــد الزوجــان الثقــة ببعض ــهما‪ ،‬وشــعرت املرأة بــأّن زوجهــا يكــذب‬
‫عليها‪ ،‬أو شعر الرجل بأّن زوجته تكذب عليه‪ ،‬وشعر كّل منهما بأهّن ما ليسا صادقني بإظهـار احلّب هـذا‪ ،‬فـإّن أسـاس‬
‫هــذا احلّب سيضــعف‪ .‬إن أردمتا هلذا احلّب أن يبقى‪ ،‬عليكمــا احملافظــة على الثقــة بينكمــا‪ ،3‬من خالل التعامــل احلســن‪،‬‬
‫ومراعاة األخالق‪ ،‬واآلداب‪ ،‬واحلدود واملوازين الشرعّية‪.4‬‬

‫ال تدعوا احلّب يذهب‪ ،‬ال تتعاطوا مع مسألة احلّب بإمهال‪ ،‬وعليكم‬

‫‪.19/6/2002 1‬‬
‫‪.7/3/1997 2‬‬
‫‪.28/8/2002 3‬‬
‫‪.29/4/1996 4‬‬

‫‪105‬‬
‫احملافظ ـ ــة علي ـ ــه‪ .1‬ب ـ ــالطبع‪ ،‬إّن احملّب ة هي من اهلل‪ ،‬لكّن احلف ـ ــاظ عليه ـ ــا أّو اًل ‪ ،‬وزيادهتا ونقص ـ ــاهنا ثانًي ا‪ ،‬هـ ــو بأي ـ ــدينا‪.2‬‬
‫وللوالدين دور كبري يف إجياد احملّبة‪ .‬على والـدي الزوجـة والـزوج أن يسـعوا دائًم ا إىل أن يعامـل ابنهم أو ابنتهم زوجـه‬
‫مبحّبة‪ .‬وإذا ما رأوا من الطرف املقابل شيًئا ال يعجبهم‪ ،‬عليهم أن ال ينقلوه البنهم أو ابنتهم‪ .‬فليرتكوا هــذين يأنســان‬
‫ببعضهما يوًم ا فيوًم ا‪ ،‬ويـزدادان حًّب ا لبعضـهما ‪ .‬عنـدما تبقى احملّب ة‪ ،‬سـتكون كـّل األعمـال ممكنـة‪ ،‬ميكنكمـا أن تصـلحا‬
‫األخالق‪ ،‬والدين‪ ،‬وتتغاضيا عن عيوب بعضـكما‪ ،‬ميكنكمـا أن تـأمرا بعضـكما بـاملعروف وتنهيـا بعضـكما عن املنكـر‪،‬‬
‫باحملّبة حُت ّل كّل هـذه املشـاكل‪ .‬وكيـف ميكن هلذه احملّب ة أن تسـتمّر وتبقى؟ أنِت الـيت تكـونني زوجـة هلذا السـّيد‪ ،‬اسـعي‬
‫ألن حتافظي على حمّبتــك يف قلبــه‪ .‬كيــف ذاك؟ بــأن تكتســيب ثقتــه‪ ،‬وتلفتيــه بأّن ك أمينــة على مــا اســتأمنك عليــه‪ ،‬أمينــة‬
‫لسـّر ه‪ ،‬وحمافظــة على شــرفه ومــاء وجهــه‪ ،‬ومالــه‪ .‬كمــا عليــك (أّيهــا الرجــل) أن حتافــظ على حمّبتــك يف قلب زوجتــك‪،‬‬
‫وهك ـ ــذا‪ ،‬من خالل احرتام ـ ــك هلا‪ ،3‬ال االح ـ ــرتام الظ ـ ــاهري‪ ،‬ب ـ ــل ال ـ ــواقعي‪ .4‬وال من خالل من ـ ــاداة بعض ـ ــكما البعض‬
‫باأللقاب ومراعاة اآلداب (الظاهرّية) يف ذلك‪ ،‬بل أن‬

‫‪.4/5/1984 1‬‬
‫‪.31/3/2003 2‬‬
‫‪.22/9/1992 3‬‬
‫‪.4/5/1984 4‬‬

‫‪106‬‬
‫يكون الرجل يشعر حقيقة باالحرتام جتاه زوجته واملرأة كذلك جتاه زوجها‪.1‬‬

‫بس ــبب وفائ ــك هلا‪ ،‬ال هتنه ــا‪ ،‬وال هتمله ــا‪ .‬ف ــأن ت ــأيت آخ ــر اللي ــل إىل ال ــبيت‪ ،‬وتقض ــي الس ــهرة م ــع رفاق ــك ومعارف ــك‬
‫وأقاربك‪ ،‬واملسكينة جتلس وحيـدة‪ ،‬تغفـو وتفيـق حىّت تـأيت‪ ،‬ولرمّب ا تكـون ال تـزال دون عشـاء بانتظـارك‪ ،‬ومتضــي أربـع‬
‫ومخس س ــاعات من اللي ــل حىّت ت ــأيت‪ ،‬ه ــذا إمهال وع ــدم اك ــرتاث هلا‪ .‬احلّب ك ــالثلج‪ ،‬ي ــذوب ت ــدرجيًّيا م ــع مث ــل هك ــذا‬
‫تصّر فات‪.‬‬

‫وأن ينتظرِك زوجك يف البيت‪ ،‬فيما أنت تذهبني إىل بيت أختك‪ ،‬لتناقل األحاديث واألخبار والتنّد ر‪ ،‬أو لزيارة فالنة‬
‫وفالن ــة‪ ،‬واملس ــكني ينتظ ــر‪ ،‬وإذا م ــا ك ــان ل ــديكما طف ــل فإّن ه يعت ــين ب ــه لس ــاعات‪ ،‬فال تع ـّد ي ل ــه الطع ــام‪ ،‬وال تغس ــلي‬
‫مالبس ــه‪ ،‬وال تكويه ــا‪ ،‬وت ــأيت من دون اك ــرتاث‪ ،‬فه ــذا ش ــيء ي ــذهب احملّب ة‪ .2‬ح ــذاِر أن يص ــدر عنكم ــا ش ــيء يس ـّبب‬
‫الش ــكوى والض ــجر من بعض ــكما البعض‪ .‬انظ ــرا جّي ًد ا‪ ،‬وحتّق ق ــا من األم ــور ال ــيت يتحّس س منه ــا زوج ـِك وزوجت ــك‪،‬‬
‫واجتنباهـا‪ .‬البعض يظهــر عـدم اهتمــام وال مبـاالة‪ .‬افرتضـوا مثاًل ‪ ،‬امــرأة تـنزعج من عـادة مــا موجـودة يف زوجهــا‪ ،‬وهـو‬
‫بـدوره ال يكـرتث ويكـّر ر فعلهـا باسـتمرار‪ .‬هـذا أمـر سـّيئ‪ ،‬وهكـذا بالنسـبة للنسـاء‪ ،‬لنفـرتض أّن امـرأة مـا لـديها هـوس‬

‫شخصّي‬

‫‪.10/12/1992 1‬‬
‫‪.4/5/1984 2‬‬

‫‪107‬‬
‫بش ــيء م ــا ـ بش ــراء الش ــيء الفالين أو بال ــذهاب إىل املك ــان الفالين و‪ ...‬ـ وت ــرّج ح ذل ــك على راح ــة زوجه ــا‪ .‬م ــا هي‬
‫الضرورة ملثل هذا األمر؟ أصل املسألة أنتما االثنان‪ .‬وكّل العامل فرع لكمـا‪ .‬فلتمتلكـا قلـيب بعضـكما البعض‪ ،‬ولتعـامال‬
‫بعضكما مبحّبة وموّدة‪.1‬‬

‫احلّب ليس جباًل ليبقى ويســتمّر ‪ ،‬بــل ينبغي رعايتــه واحملافظــة عليــه كــوردة‪ ،‬فنســقيها ونرعاهــا لتبقى حّي ة‪ .‬إذا مــا بقيت‬
‫احملّبة‪ ،‬ستصبح احلياة العائلّية حلوة‪ .‬واسعيا حينذاك أن تربيا األوالد الذين ستنجباهنم يف جّو حمّبة الوالــدين ووئامهمــا‪.‬‬
‫بــالطبع‪ ،‬جيب التش ـّد د فيمــا يتعّل ق باألصــول‪ ،‬فال يســمح أحــد لزوجتــه أن تــرتكب عماًل خمالًف ا‪ ،‬أو تقــرتف ذنًب ا‪ ،‬وأن‬
‫تس ـ ــيئ األخالق‪ ،‬وتفس ـ ــد‪ ،‬وهك ـ ــذا األم ـ ــر بالنس ـ ــبة لألوالد‪ .‬وال يع ـ ــين هـ ــذا حتًم ا بـ ــأن تسـ ــتعمل احلّد ة‪ ،‬بـ ــل بإزال ـ ــة‬
‫اإلشــكاالت واخلالفــات من خالل العقــل والتــدبري والدرايــة‪ .‬وإذا مــا حصــل هــذا‪ ،‬ســتعمر احليــاة‪ ،‬وستصــلح األجيــال‬
‫القادمة‪ ،‬وسيعّم النظام‪ ،‬وهذه احلياة تبقى وال تزول‪.2‬‬

‫لقد عرّب اهلل تعاىل يف القرآن الكرمي عن الزوجني باللباس‪ ،‬فقال‪ُ﴿ :‬ه َّن ِلَباٌس َّلُك ْم َو َأنُتْم ِلَباٌس َّلُه َّن ﴾‪ 3‬فاألزواج لباس‬
‫لزوجاهتم‪،‬‬

‫‪.15/12/1992 1‬‬
‫‪.4/5/1984 2‬‬
‫‪ 3‬البقرة‪ :‬اآلية ‪.187‬‬

‫‪108‬‬
‫والزوجــات لبــاس ألزواجهّن ‪ .1‬مــاذا تتوّقعــون من اللبــاس؟‪ 2‬اللبــاس حيفــظ اإلنســان‪ ،‬ويزّينــه‪ ،‬ويســرت عيوبــه‪ .‬هــذه هي‬
‫خاّصّية اللباس‪ .‬عندما يرتدي اإلنسان اللباس‪ ،‬فإن كان هناك عيب يف جسمه‪ ،‬ال ُيرى‪ .‬عالوًة على هـذا‪ ،‬فإّنه يـتزّين‬
‫باللبـاس‪ ،‬كمـا أّنه يّتقي بـه الـربد واحلّر ‪ .‬وباللبـاس خنفي تلـك املواضـع من جسـدنا الـيت ال ينبغي لغـري احملارم النظـر إليهـا‬
‫وتبقى حمفوظــة‪ .‬الحظــوا‪ ،‬هكــذا مها الزوجــان بالنســبة لبعضــهما البعض‪ ،‬عليهمــا أن يكونــا زينــة لبعضــهما‪ ،‬وحــافظني‬
‫لبعض ــهما‪ ،‬وأمي ــنني على بعض ــهما‪ ،‬وموض ــع أس ــرار بعض ــهما‪ .‬ف ــأن ي ــأيت الزوج ــان ويبّث ان أس ــرارمها ـ ه ــذا إىل ص ــديقه‬
‫احلميم وهـ ــذه إىل صـ ــديقتها أو جارهتا على سـ ــبيل املثـ ــال ـ هلو أمـ ــر خـ ــاطئ‪ .‬وإّن ه ألمـ ــر خـ ــاطئ أن يسـ ــتغاّل ثقتهمـ ــا‬
‫ببعضهما‪ ،‬وأن يستغّل الرجل ثقة زوجته‪ ،‬وتستغّل املرأة ثقة زوجها‪ ،‬فهذا ليس من األمانة يف شيء‪.‬‬

‫على كال الطـ ــرفني أن يثقـ ــا ببعضـ ــهما وأن حيّص ال ثقـ ــة الطـ ــرف املقابـ ــل من خالل أعماهلمـ ــا‪ .‬ينبغي أن يكونـ ــا زينـ ــة‬
‫لبعضهما‪ ،‬يغّطيا عيـوب بعضـهما‪ ،‬البعض مـا إن جيلسـوا يف مكـان مـا‪ ،‬حىّت يبـدأوا بالشـكاية من زوجـاهتم‪ ،‬لقـد فعلت‬
‫كذا‪ ،‬وقالت كذا‪ ،‬وما شابه‪ ،‬وحىّت لو كـان هنـاك عيب يف الزوجـة‪ ،‬فال ينبغي كشـفه هنـا وهنـاك‪ ،‬واإلعالن عنـه إىل‬
‫هذا وذاك‪.‬‬

‫فكالمها لباس‪ ،‬حافظ‪ ،‬زينة‪ ،‬ومصدر اعتزاز لآلخر‪ .‬إن راعيتم هذه األمور ستصبح احلياة أفضل‪ .‬فاألشخاص‬

‫‪.19/2/2003 1‬‬
‫‪.4/5/1984 2‬‬

‫‪109‬‬
‫الذين تكون حياهتم مضطربة‪ ،‬يقّص رون هنا‪ ،‬بالطبع‪ ،‬حنن ال نقول إن كال الطرفني مقّص ران دائًم ا‪ ،‬بل غالًبا ما يقّص ر‬

‫هــذا الطــرف مبقــدار‪ ،‬ويقّص ر الطــرف اآلخــر مبقــدار‪ .‬وإذا راعيتم هــذه املســائل‪ ،‬ستصــبح احليــاة حلــوة‪ ،‬وسيصــبح جـّو‬
‫األسرة مالًذا آمًنا‪.1‬‬

‫وإلن وجدت املرأة داخـل الـبيت األمـان النفسـي‪ ،‬واألمـان األخالقي‪ ،‬والراحـة‪ ،‬والسـكن‪ ،‬سـيكون الـزوج ‪ -‬حتًم ا ‪-‬‬
‫بالنس ــبة هلا لباًس ا ‪ -‬كم ــا س ــتكون هي أيًض ا لباًس ا لزوجه ــا ‪ -‬وكم ــا ق ــال الق ــرآن س ــتكون املوّدة والرمحة موج ــودة‬
‫بينهما‪ ،‬وإذا ما مت مراعاة مضمون اآلية الكرمية داخل األســرة‪َ﴿ :‬و َلُه َّن ِم ْثُل اَّلِذ ي َعَلْيِه َّن ﴾‪ - 2‬هــذه األمــور الــيت هي‬
‫أص ــول كلّي ة وأساس ـّية ‪ -‬عن ــدها تص ــبح املش ــاكل خ ــارج ال ــبيت بالنس ــبة للم ــرأة متحَّم ل ــة‪ ،‬وس ــتتغّلب عليه ــا‪ .‬وإذا م ــا‬
‫اســتطاعت املرأة أن تقّل ل من مشــاكلها يف حمّل اســرتاحتها‪ ،‬ويف مرتاســها األساســي‪ ،‬فإهّن ا بال شـّك ستســتطيع ذلــك يف‬
‫ميدان اجملتمع‪.3‬‬

‫املطلب اآلخر هو أن يسـاعد الزوجـان بعضـهما البعض‪ ،4‬داخـل الـبيت الـذي هـو مكـان مسـاعدة بعضـهما‪ .‬ومسـاعدة‬
‫الــزوجني لبعضــهما ليســت مبعــىن أن تســاعد املرأة زوجهــا فيمــا إذا أحضــر معــه أوراق امتحانــات التالمــذة إىل الــبيت‪،‬‬
‫فتصّح حها له‪ ،‬أو أن يرتدي الرجل‬

‫‪.14/1/2003 1‬‬
‫‪ 2‬البقرة‪ :‬اآلية ‪.228‬‬
‫‪.4/1/2012 3‬‬
‫‪.19/6/2002 4‬‬

‫‪110‬‬
‫املئزر مثاًل ويعمــل يف املطبخ‪ .‬فهــذه املســاعدات وإن كــانت جّي دة‪ ،‬إاّل أهّن ا صــغرية‪ .‬املســاعدة األســاس هي أن يســاعد‬
‫الزوجـ ــان بعضـ ــهما البعض على الثبـ ــات يف طريـ ــق اهلل‪ ،1‬على التـ ــدّين‪ ،‬على احلفـ ــاظ على السـ ــالمة الفكرّي ة والعملّي ة‬
‫لبعضهما اآلخر‪ .‬بأن حتافـظ الزوجـات على األزواج‪ ،‬وحيافـظ األزواج على زوجـاهتم‪ .‬بـأن يكـون الزوجـان احلارسـني‬
‫املعن ــوّيني وال ــروحّيني لبعض ــهما اآلخ ــر‪ ،‬حيرس ــا بعض ــهما البعض‪ ،‬ال كاجلواس ــيس ومتقّص ي األخب ــار‪ ،‬ب ــل كاملالئك ــة‪.‬‬
‫فاملالئكة أحياًنا حيرسون عباد اهلل تعاىل ويستغفرون هلم‪ .‬فليحفظ الزوج والزوجة بعضهما هبذا النحو‪ ،2‬يف طريــق اهلل‬
‫تع ــاىل والكم ــال احلقيقي للبش ــر‪ ،‬ال ــذي ه ــو التق ـّر ب إىل اهلل والتخّل ق بأخالق ــه وهتذيب النفس‪ ،‬والتح ـّو ل إىل ن ــور يف‬
‫النشأة املادّية‪َ﴿ .‬فْلَيْع َمْل اْلَعاِم ُلوَن ﴾‪ 3‬على اإلنســان أن يعمــل من أجــل هــذه األمــور‪ ،‬ويســارع إىل مســاعدة اآلخــرين‬
‫يف هذا الطريق‪.‬‬

‫هــذا الطريــق طويــل وفيــه مطّب ات كثــرية‪ ،‬مــع أّنه الصــراط املســتقيم ولديــه ســبل متع ـّد دة‪ .‬وهــذا ال حيصــل بالرغبــة‪ ،‬بــل‬
‫ينبغي للقلب أن يرد امليدان مرتافًق ا مع اهلّم ة والسعي والعمل‪ .‬فلتساعدي أيّتها الزوجة الشاّبة زوجك الشـاب يف هـذا‬
‫اجملال‪ .‬فــإذا كــان يــدرس على ســبيل املثــال ليجــد معلومــات يفيــد هبا النــاس‪ ،‬ســاعديه على هــذا األمــر‪ ،‬وإن كــان يعمــل‬
‫عماًل خّيًر ا‪ ،‬ساعديه‪ ،‬وإن كان ناشًطا يف النضال السياسي‬

‫‪.18/5/2003 1‬‬
‫‪.2/1/2003 2‬‬
‫‪ 3‬الصاّفات‪ :‬اآلية ‪.61‬‬

‫‪111‬‬
‫العــادل واألصــيل واحملّق ‪ ،‬ســارعي إىل مســاعدته‪ .‬وإن كــان يعمــل على تقويــة الــدين‪ ،‬ســاعديه‪ ،‬إن أراد أن يشــارك يف‬
‫االعتكاف فرافقيه‪ ،‬وإذا ما اضّطر إىل سفر الزم أو مهّم ة صعبة فساعديه‪.1‬‬

‫تســتطيع النســاء أن متنعن أزواجهّن من الســقوط يف وادي جهّنم‪ .‬فقــد ُيبتلى الرجــال بـزاّل ت يف احليــاة‪ ،‬والســوق‪ ،‬ويف‬
‫أجــواء العمــل والسياســة‪ ،‬وقــد تقــودهم هــذه ال ـزاّل ت شــيًئا فشــيًئا إىل حاّف ة اهلاويــة‪ ،‬وتســقطهم على حني غ ـّر ة يف قعــر‬
‫الوادي‪ .‬تستطيع املرأة أن متنع مثل هكذا حادثة‪.2‬‬

‫إذا ما أحّس ت املرأة بأّن زوجها واقع يف مشـكلة مـا يف حميـط العمـل وخـارج الـبيت‪ ،‬والنسـاء يشـعرن يف أحيـان كثـرية‬
‫مبشاكل الرجال ـ واليت قد تكون مشاكل مالّية‪ ،‬سياسّية‪ ،‬أو أّي مشاكل أخرى ـ عليها أن تساعده للخروج من هــذه‬
‫املشــكلة‪ .‬وهــذا األمــر ميكن من خالل األخالق اجلّي دة‪ ،‬والنصــيحة‪ ،‬والكالم املناســب‪ .‬وحنن نعــرف الكثــري من النســاء‬
‫اللوايت ساعدن أزواجهّن يف هذا اجملال وسحبنهم من حاّفة اهلاوية إىل اجلّنة‪ .3‬وميكن للرجال أيًض ا أن مينعــوا زوجــاهتم‬
‫من هكـ ــذا سـ ــقطات‪ .‬فلتحفظـ ــا إًذا‪ ،‬بعضـ ــكما البعض‪ ،‬ولتثبتـ ــا يف طريـ ــق اهلل تعـ ــاىل‪ .‬ولتتواصـ ــيا بـ ــالتقوى‪ ،‬والعبـ ــادة‪،‬‬
‫واإلخالص‪ ،‬واألمانة‪ ،‬والطهارة والعفاف والقيام باألعمال الصاحلة‪.‬‬

‫‪.3/10/2002 1‬‬
‫‪.18/5/2003 2‬‬
‫‪.19/6/2002 3‬‬

‫‪112‬‬
‫بعض الرجال يكسبون املال احلرام‪ .‬وعلى الزوجات مبجّر د أن يشعرن بأّن مااًل قـد اكُتسـب عن طريـق غـري مشـروع‪،‬‬
‫أن جيربن أزواجهّن باألســاليب والوســائل النســائّية الدقيقــة والذكّي ة جــًّدا‪ ،‬على التخّلي عن املال احلرام‪ .1‬ميكن للمــرأة‬
‫أن تدرك جّيًد ا مىت ينحرف زوجها عن الصــراط املسـتقيم من الناحيـة املالّي ة‪ ،‬االقتصــادّية‪ ،‬املهنّي ة‪ ،‬التكّس بّية‪ ،‬السياسـّية‬
‫واألخالقّية‪ ،‬وهذا ميكن للمرأة أن تدركه بفراستها‪ .‬وميكن للرجل أيًض ا أن يدرك (ذلك يف زوجته) بالفراسة والتأّم ل‬
‫والدّق ة‪ .‬حينـ ــذاك ينبغي إجياد رادع أخالقي‪ .‬وال يعـ ــين هـ ــذا افتعـ ــال املشـ ــاكل فيمـ ــا بينهمـ ــا وتـ ــأنيب أحـ ــدمها لآلخـ ــر‬
‫واإلعــراض عن اآلخــر‪ ،‬بــل علينــا منعــه من خالل األخالق التمريض ـّية والتطبيبّي ة‪ .2‬بــالطبع‪ ،‬قــد يكــون األمــر معاكًس ا‪،‬‬

‫مبعــىن أّن ه قــد ال يكــون الرجــل ممن يرتكبــون األعمــال احملّر مــة لكســب املال‪ ،‬إاّل أّن املرأة توســوس لــه‪ ،‬وتش ـّج عه وحىّت‬
‫جتربه على ذلك‪.3‬‬

‫ال تسمحن ألزواجكّن أن يردوا ‪ -‬ال قّد ر اهلل ‪ -‬طريق املعصية واملخالفــات واخلطــأ‪ ،‬ويف حـال ورودهم‪ ،‬ال تســمحن‬
‫هلم بالتقـّد م فيـه‪ .‬وأنّنت تسـتطعن القيـام هبذا العمـل‪ .‬ويف املقابـل‪ ،‬عنـدما تـرين زوجـك يقـوم بالعمـل الصـحيح‪ ،‬سـاعديه‬
‫وشّج عيه على ذلك‪ .‬أو حني ترى زوجتك تقوم خبدمة ما‪ ،‬أو تتابع دروسها‪ ،‬أو تبّلغ أو أهّن ا على سبيل‬

‫‪.18/5/2003 1‬‬
‫‪.28/8/2002 2‬‬
‫‪.18/5/2003 3‬‬

‫‪113‬‬
‫املثال ملتزمة بالنوافل داخل البيت‪ ،‬فساعدها وشّج عها على ذلك‪ .1‬وعليـه‪ ،‬فــإّن هنـاك نســاء جيعلن أزواجهّن من أهـل‬
‫اجلّنة‪ ،‬ونساًء جيعلن أزواجهّن من أهل النار‪ .‬وكذا األمر بالنسبة للرجال‪ ،‬فإّن هناك رجـااًل جيعلـون زوجـاهتم من أهـل‬
‫اجلّن ة‪ ،‬ورج ـااًل جيعلــون زوجــاهتم من أهــل النــار‪ .‬مــا نريــده من قولنــا احفظــا وســاعدا بعضــكما البعض‪ ،‬هــو أن جتعال‬
‫بعضكما من أهل اجلّنة‪.2‬‬

‫"المؤمن كفو المؤمنة"‪ 3‬فاإلميان املوجود يف هذين الزوجني‪ ،‬هو كّل شيء‪ .‬إذا كـان إميانـك أقـّل من إميان زوجتـك‪،‬‬
‫فاسع إىل إيصال نفسك إليه‪ ،‬وإن كان إميان زوجتك أقّل من إميانك‪ ،‬فارفعها إىل مســتواك واعمــل على زيـادة إمياهنا‪.‬‬
‫إن مل تكن تعرف كيف تؤّد ي صالهتا‪ ،‬أو تعرف لكّنها ال هتتّم ‪ ،‬أو كـانت ال هتتّم بالوضـوء والطهــارة والغســل ومثـل‬
‫هذه األمور‪ ،‬أو كانت هتتّم بالكمالّيات كثًريا‪ ،‬ومن أهل اإلسراف‪ ،‬أو كانت امرأة متأّخ رة من الناحية األخالقّية‪ ،‬أو‬
‫كــانت متــأّثرة بفالن الفاســد أو مبتالة بنــوع معنّي من الفســاد ال قـّد ر اهلل‪ ،‬فــإّن من واجبــك إصــالحها‪ .‬وميكنكم أّيهــا‬
‫الشـ ــباب والشـ ــاّبات أن تـ ــؤّثروا على زوجـ ــاتكم وأزواجكم أكـ ــثر من أّي أحـ ــد‪ .‬فـ ــاملرأة الصـ ــاحلة والسـ ــليمة (القلب)‬
‫والعفيفة واملؤمنة اليت حتّب زوجها‪ ،‬ميكنها أن تؤّثر فيه‪ .‬البعض ميارس تأثريه بأن يغدق أمواله على حماّل ت اخلرضوات‬
‫واخلياطة واملفروشات‪،‬‬

‫‪.28/8/2002 1‬‬
‫‪.18/5/2003 2‬‬
‫‪ 3‬الكايف‪ :‬باب املؤمن كفو املؤمنة‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫أو على األعمــال غــري املفيــدة‪ ،‬أّم ا البعض فيمــارس تــأثريه من خالل توجيــه قلبــه حنو اهلل‪ ،‬وصــرف أموالــه يف الصــدقات‬
‫واإلنفــاق ومســاعدة احملتــاجني والفقــراء واملســاعدة يف األعمــال والشــؤون العاّم ة‪ .‬وأنت أّيهــا الشــاّب الــذي تــزّو جت‪،‬‬
‫ميكنك أن تؤّثر يف زوجتك أكثر من اجلميع‪ ،‬أكثر من أبيها‪ ،‬وأّم ها‪ ،‬وأختها‪ ،‬وأخيها‪ ،‬ومعّلمهــا‪ .1‬فلتنصــحا ولتحفظــا‬
‫بعض ــكما البعض‪ .‬ولتنتبــه النســاء‪ ،‬فــإن أحسســن بــأّن أزواجهّن ينحرفــون عن الطريــق الســوّي وعن طريــق اهلل تعــاىل‪،‬‬
‫فليمنعنهم من خالل العم ــل‪ ،‬واملوعظ ــة واألخالق احلس ــنة‪ .‬وهك ــذا الرج ــال بالنس ــبة لزوج ــاهتم‪ .2‬ب ــالطبع‪ ،‬إّن حف ــظ‬
‫بعضكما البعض يكون من خالل احملّبة‪ ،‬واللسان العـذب‪ ،‬واملنطـق الصـحيح‪ ،‬والتعامـل الـذكّي واحلكيم‪ ،‬ال من خالل‬
‫سوء األخالق والغضب ومـا شـابه‪ .3‬احفظـا بعضــكما يف طريـق اهلل وتواصـيا بـاحلّق والصــرب‪ .4‬اعملـوا على أن جتّس دوا‬
‫اآلي ــة الكرمية‪َ﴿ :‬و َتَو اَص ْو ا ِب اْلَح ِّق َو َتَو اَص ْو ا ِبالَّص ْبِر ﴾‪ 5‬داخ ــل األس ــرة‪ .‬لي ــوِص الرج ــل املرأة باّتب ــاع احلّق والص ــرب‬
‫واالســتقامة يف طريــق اهلل‪ ،‬وكــذا لتــوِص املرأة الرجــل باّتبــاع احلّق والصــرب واالســتقامة يف طريــق اهلل‪ .‬إذا قـّر رت النســاء‬
‫الشاّبات املؤمنات احلزب اللهّيات‪ ،‬الثورّيات العفيفات أمثالكّن ‪،‬‬

‫‪.4/5/1984 1‬‬
‫‪.29/5/2002 2‬‬
‫‪.11/11/2000 3‬‬
‫‪.29/5/2002 4‬‬
‫‪ 5‬العصر‪ :‬اآلية ‪.3‬‬

‫‪115‬‬
‫العمل مبضمون هذه اآلية الشريفة‪ ،‬مبعىن توصية أزواجهّن بالتقوى وعدم اّتباع هوى النفس ومراعاة رضى اهلل تعاىل‪،‬‬
‫فيقيًن ا س ــيؤّثرن على الرج ــال أك ــثر من أّي عام ــل آخ ــر‪ .‬وه ــذه النص ــيحة هي أك ــثر جدوائّي ة من أّي نص ــيحة أخ ــرى‪.‬‬
‫بالطبع‪ ،‬بالقول احلسن واحملّبة‪ ،‬كما يؤّثر هذا على األوالد‪.1‬‬

‫املس ــألة األخ ــرى هي أّن ه ال ينبغي يف أم ــر ال ــزواج ـ ال ــذي ه ــو معامل ــة معنوّي ة وروحّي ة وقلبّي ة‪ ،‬وب ــالطبع‪ ،‬ه ــو ليس‬
‫كمعامالت السوق واملعامالت املالّية اليت تدخل فيها الشيكات والسندات وأمثاهلا‪ ،‬بــل هــو معاملــة القلــوب واألرواح‬
‫ـ إدخ ــال عنص ــر املال واملادّي ات كث ـًريا‪ ،‬فه ــذا خيّر ب احلي ــاة‪ .2‬فأص ــل القض ـّية يف ال ــزواج ه ــو األم ــر اإلنس ــاين‪ ،‬ال األم ــر‬
‫املاّدي‪ .3‬وحبس ــب تعب ــري اإلم ــام الس ـّج اد (علي ــه آالف التحّي ة والثن ــاء) "الم‪EE‬ال الفت‪EE‬ون"‪ 4‬واملال على وج ــه اخلص ــوص‪،‬‬
‫كّلمــا زاد‪ ،‬زادت فتنتــه بالتصــاعد اهلندســي‪ .‬لــذا‪ ،‬على اإلنســان أن يــراقب نفســه دائًم ا حىّت ال يــؤّثر فيهــا هــذا الفتــون‪،‬‬
‫والــذي غالًب ا مــا يـؤّثر‪ .‬فال ينبغي إدخـال هـذا املال الفتـون ميـدان احلميمّي ة واحملّب ة وتبـادل القلــوب ‪ .5‬البعض حيّد د عـّد ة‬
‫ماليني تومان كمهر‪ ،‬أي إهّن م يبّد لون الزواج الذي هو أمر‬

‫‪.13/10/1998 1‬‬

‫‪.9/9/2003 2‬‬

‫‪.11/9/1991 3‬‬

‫‪ 4‬الصحيفة السّج ادّية‪ /‬الدعاء ‪ ،27‬دعاؤه ألهل الثغور‪.‬‬

‫‪.9/9/2003 5‬‬

‫‪116‬‬
‫إنساين‪ ،‬إىل معاملة جتارّية وبيع وشراء‪ .‬وهذا تصغري وحتقري لدور اإلنسانّية وشأهنا يف الزواج‪ .‬وهذا أمر خاطئ‪.‬‬

‫البعض حيّو ل ال ــزواج ال ــذي ه ــو أم ــر ع ــاطفي وإنس ــاين إىل مي ــدان للتف ــاخر‪ .‬فيقول ــون مثاًل إّن جهيزّيتن ــا‪ 1‬حتت ــوي ك ــذا‬
‫وكــذا‪ ،‬هــل جهيزّية ابنتكم حتتــوي هــذه األمــور؟ إّنه التفــاخر والتنــافس! أو يقولــون مثاًل ‪ ،‬إّننــا أقمنــا عرســنا يف الصــالة‬
‫الفالنّي ة‪ ... .‬أن حنّو ل الــزواج إىل ميــدان للتفــاخر هلو خطــأ يف خطــأ‪ .‬فهــو يلـّو ث جـّو الــزواج باملاّدّيات‪ ،‬وأيًض ا حيّو ل‬

‫هذه الساحة النظيفة واللطيفة والعاطفّية إىل ساحة للتفاخر والتنافس وطلب الزيادة‪ّ ،‬مث جيعل هذه البنت وهذا الشاّب‬
‫معتادين منذ البداية على وجوب أن يعيشا حياهتما بالرتف واملظاهر‪ .‬وَمِل ذاك؟ دعومها يعتـادان منـذ البدايـة على حيـاة‬
‫متوّس طة‪ .‬فالرتف مضّر وسّيئ للمجتمع‪ .‬وال يعين هذا أّن الذين يعارضون حياة الرتف‪ ،‬ال يعرفون لّذ اهتا‪ ،‬ال‪ ،‬بل هو‬
‫أمــر مضـّر بــاجملتمع‪ ،‬وكمــا الــدواء أو الطعــام املضـّر ‪ ،‬كــذلك العيش بــرتف زائــد مضـّر بــاجملتمع‪ .‬بــالطبع‪ ،‬ال إشــكال فيــه‬
‫ض ــمن احلّد املعق ــول واملت ــداول‪ ،‬لكن عن ــدما ت ــدخل املنافس ــة هك ــذا وبش ــكل دائم‪ ،‬فإهّن ا تتخّطى ح ــدودها إىل أم ــور‬
‫أخ ــرى‪ ،‬وه ــذا مض ـّر ب ــاجملتمع‪ .‬واآلن حيث نقحم ه ــذا األم ــر املض ـّر يف مي ــدان ال ــزواج مري ــدين االس ــتفادة من ــه‪ ،‬فه ــذا‬
‫سيكون خطًأ يف خطأ‪ ،‬وهو أمر سّيئ للغاية‪.2‬‬

‫‪ 1‬اجلهيزية هي اغراض املنزل املستقبلي واليت جيهزه اهل الفتاة هلا قبل الزواج وهي تشكل عرف وثقافة ايرانية ‪(.‬املدقق)‪.‬‬
‫‪.11/9/1991 2‬‬

‫‪117‬‬
‫لق ــد أق ـّر اإلس ــالم امله ــر‪ ،‬لكّن امله ــر ال جيع ــل ال ــزواج معامل ــة جتارّي ة‪ .‬فليس املك ــان هن ــا للمع ــامالت التجارّي ة‪ ،‬ب ــل إّن‬
‫الطرفني يستثمران يف مكان مشرتك‪ .‬واملسألة هنا ليست مثل البيع والشراء‪ ،‬بأن تـدفع شــيًئا وتأخـذ شــيًئا‪ ،‬بـل إّن كال‬
‫الطرفني يضعان ذخريهتما يف صندوق مشرتك‪ ،‬ويستفيدان منه كالمها‪ .‬هكذا هو األمر يف الزواج‪.‬‬

‫لذا‪ ،‬ينبغي لدور املادّيات هنا أن يكون ضعيًف ا للغايـة‪ .‬وهلذا السـبب نطـالب بعـدم غالء املهـور‪ .1‬املهـر يف اإلسـالم أمـر‬
‫واجب وشرط يف الزواج‪ .2‬وما طالبنا به بأن ال يزيد املهر عن أربع عشرة مسـكوكة ذهبّي ة‪ ،‬إمّن ا أردنـا منـه يف احلقيقـة‬
‫أن نقوم بعمل منوذجي‪.3‬‬

‫ال مبعـىن إن كـان املهـر مثاًل مخس عشـرة أو سـّت عشـرة أو حىّت ألـف مسـكوكة ذهبّي ة‪ ،‬فإّنه ال ميكن عقـد القـران‪ ،‬أو‬
‫يك ــون ب ــاطاًل ‪ ،‬ال‪ ،‬فال إش ــكال يف ذل ــك‪ .‬البعض يق ــرتح ب ــأن حُي ّد د امله ــر بثالمثائ ــة وثالث عش ــرة مس ــكوكة‪ ،‬ويض ــعون‬
‫للمسألة إطاًر ا دينًّيا‪ .‬ونقول حنن ليكون مائة وأربًعا وعشرين ألف مسكوكة بعــدد أنبيـاء اهلل تعــاىل‪ ،‬فال يضـّر ذلــك يف‬
‫الزواج‪ ،‬لكّن الكالم هنا‪ ،‬أّن مشـاكل أخـرى سـتحدث‪ ،‬سـواًء يف أجـواء األسـرة أم يف حميـط اجملتمـع‪ .‬وسـيواجه هـذان‬
‫الزوجان أضراًر ا أكرب‪ .4‬نريد أن نضع حًّدا معّيًنا حىت ال تتباهى األسر أمام بعضها‬

‫‪.11/9/1991 1‬‬
‫‪.19/9/2002 2‬‬
‫‪.9/9/2003 3‬‬
‫‪.19/6/2002 4‬‬

‫‪118‬‬
‫وتقــول مثاًل ‪ :‬إّن مهــر ابنتنــا أو عروســنا قــد بلــغ كــذا وكــذا‪ .1‬وبينمــا حنن نقــول ونطــالب بــأن ال يتجــاوز املهــر األربــع‬
‫عشــرة مســكوكة ذهبّي ة أو نطــالب بعــدم البــذخ والــرتف ـ وبــالطبع‪ ،‬عنــدما نطــالب هبذا األمــر‪ ،‬يه ـّز اجلميــع رؤوســهم‬
‫ويقول ــون نعم نعم‪ ،‬ويثن ــون على املوض ــوع ـ ـ ي ــذهب بعض قص ــريي النظ ــر والفك ــر ويفعل ــون م ــا حيل ــو هلم‪ ،‬ويضـ ـّر ون‬
‫أنفسهم‪ .‬أنا حيث أجلس هنا‪ ،‬ال يصلين أّي ضرر فيما هم يضّر ون بأنفسهم‪.2‬‬

‫بعض النــاس لألســف‪ ،‬يســتغّلون كـّل فرصــة ووقت من أوقــات حيــاهتم يف التنــافس‪ ،‬فــرياقبون‪ ،‬وعنــدما خيطــو منافســهم‬
‫خطوة‪ ،‬خيطـون هم خطـوة أكـرب منهـا‪ .‬كـأن حيّد د مهـًر ا أعلى بقليـل من املهـر الـذي حـّد ده هـو البنتـه‪ ،‬كاملزايـدة متاًم ا‪.‬‬
‫بعض األف ــراد يس ــريون على ه ــذا املن ــوال يف حي ــاهتم وه ــو أم ــر خ ــاطئ‪ .. .‬إن ك ــان من املف ــرتض أن ينجـ ـّر األم ــر إىل‬
‫التســابق‪ ،‬ستخســر الكثـري من العــائالت يف هـذا الســباق‪ .3‬أولئـك الــذين يغّل ون مهــر ابنتهم احرتاًم ا هلا‪ ،‬هم مشــتبهون‪.‬‬
‫فهـذا ليس احرتاًم ا‪ ،‬إمّن ا عـدم احـرتام‪ .‬ذلـك أّنه بإعالئـك مسـتوى املهـر‪ ،‬فإّنك تـنّز ل جنس هـذه املعاملـة اإلنسـانّية‪ ،‬أي‬
‫أحــد جنســي املعاملــة اإلنســانّية ‪ -‬ألّن االثــنني يف مقابــل بعضــهما البعض ‪ -‬إىل مســتوى بضــاعة ومتــاع‪ .‬تقــول‪ :‬ابنــيت‬
‫تساوي كذا وكذا‪ .‬ال يا سّيد! فابنتك ال ُتقاس باملال‪ .4‬وأولئك‬

‫‪.9/9/2003 1‬‬
‫‪.2/8/1978 2‬‬
‫‪.19/2/2003 3‬‬
‫‪.2/11/1998 4‬‬

‫‪119‬‬
‫الذين يتصّو رون بأّن زواج ابنتهم سيتضعضع إن كان املهر قلياًل ‪ ،‬هم خمطئون‪ .‬حينمـا يكـون الـزواج مبنًّي ا على احملّب ة‪،‬‬
‫وعلى وض ــعّية ص ــحيحة‪ ،‬فلن ي ــتزلزل حىّت ول ــو ك ــان امله ــر قلياًل ‪ .‬أّم ا ل ــو ك ــان قائًم ا على اخلبث وال ــدهاء والنص ــب‬
‫واالحتيال وما شـابه‪ ،‬فمهمـا كـان املهـر عالًي ا سـيقوم الـزوج السـّيئ والظـامل بعمـل ميّك نـه من التفّلت من مسـؤولّية هـذا‬
‫املهـ ــر‪ .1‬فـ ــأّي مهـ ــر مرتفـ ــع ال ولن يكـ ــون مانًع ا من الطالق‪ .‬الشـ ــيء الـ ــذي مين ــع من الطالق ه ــو األخالق واملعاملـ ــة‬
‫(احلسنة)‪ ،‬ومراعاة املوازين (الشرعّية) اإلسالمّية‪.2‬‬
‫يف صــدر اإلســالم‪ ،‬يــأيت رســول اهلل صــلى اهلل عليــه وآلــه وســلم إىل املســجد ويعلن أّن هنــاك امــرأة صــفاهتا كــذا وكــذا‪،‬‬
‫فمن يتزّو جهــا؟ فيقــوم شــاّب ويقــول أنــا يــا رســول اهلل‪ .‬فيســأله الرســول صــلى اهلل عليــه وآلــه وســلم‪ :‬كم تعطيهــا من‬
‫املهر؟ فيقـول بضـع صـيعان من التمـر مثاًل ‪ ،‬أو سـّلة من التمـر‪ ،‬أو ملء ترسـي من التمـر‪ ،‬فيقبـل الرسـول صـلى اهلل عليـه‬
‫وآله وسلم نيابة عن املرأة وجيري العقد هلما ويسّلم املرأة إىل الشاّب ويقول له‪ :‬اذهبا إىل بيتكما‪.3‬‬
‫و(ما) نقل عن اإلمام احلسني (عليه السالم) أّنه قال‪ :‬إّننا مل نزّو ج بناتنا وأخواتنا ونساءنا إاّل مبهر السّنة‪ ،‬بسبب هذا‪،‬‬
‫وإاّل كان ميكنه (غري ذلك)‪ .‬فلو أراد اإلمام احلسني عليه السالم أن جيري عقًد ا بألف دينار‬

‫‪.24/11/1996 1‬‬
‫‪.23/12/1994 2‬‬
‫‪.8/8/1986 3‬‬

‫‪120‬‬
‫ألمكنـه ذلـك‪ .‬ومل يكن ملزًم ا بـااللتزام باخلمسـمائة درهم ‪ -‬اثنتـا عشـرة أوقّي ة ونصـف ‪ -‬من أجـل هـذا األمـر‪ .‬كـانوا‬
‫يستطيعون‪ ،‬لكّنهم قّللوه‪ .‬وهذا التقليل حبساب‪ ،‬وهو أمر غاية يف األمهّية‪ .1‬هكذا هو وضع الــزواج يف اإلســالم‪ .‬هــذه‬

‫التكاليف الزائدة والقيود اليت طرأت الحًق ا‪ ،‬إمّن ا هي زخارف حدثت نتيجة جلهـل البشـر‪ ،‬وال أصـل صـحيح وعقالئّي‬
‫ألّي منهــا‪ .2‬إّنين أمتىّن على النــاس يف مجيــع أحناء البالد أن ال يرفعــوا من قيمــة املهــور كثـًريا‪ ،‬فهــذه س ـّنة جاهلّي ة‪ ،‬وهي‬
‫أمــر مل يرضــه اهلل ورســوله يف ذلــك الزمــان باخلصــوص‪ .‬ال أقــول إّن ه حــرام‪ ،‬وال الــزواج باطــل بــه‪ ،‬لكّن ه خالف س ـّنة‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وآله وسلم وأوالده وأئّم ة اهلدى وعظماء اإلسالم‪.3‬‬
‫هكذا األمر بالنسبة للجهيزّية‪ ،‬غايـة األمـر أّن اجلهيزّية ليسـت بيـدي‪ ،‬بـل بيـدكم‪ .‬ينبغي احلذر‪ .‬إذا كـان هنـاك مـال يف‬
‫جيب أحدهم‪ ،‬تكون الوسوسـة كثـرية بـأن يشـرتي الشـيء الفالين‪ ،‬ويضـيف إليـه الغـرض الفالين‪ ،‬ويضـع فوقـه الشـيء‬
‫الفالين‪ ،‬وغالًبا ما جيد املّربر واملسّو غ‪ .‬البعض أيًض ا ال ميلكون املال‪ ،‬فيوقعون أنفسهم يف القروض والضيق‪ ،‬ويوقعــون‬
‫أنفسهم واآلخرين يف املشّق ة ليهّيئوا جهاًز ا باملواصفات الكذائّية‪.4‬‬
‫َمِل يوقع أهل الفتاة أنفسهم باملشّق ة من أجل تأمني اجلهاز؟ واجلهـاز الغـايل والباهـظ الثمن أيًض ا؟ وأشـياء ليسـت الزمـة‬
‫أساًس ا‪ ،‬وكثرية‪ ،‬فقط‬

‫‪.4/1/2012 1‬‬
‫‪.8/8/1986 2‬‬
‫‪.23/12/1994 3‬‬
‫‪.9/9/2003 4‬‬

‫‪121‬‬
‫من أجــل أن يسـّد وا عيــون النــاس‪ ،‬ولئاّل يقـّل جهازهــا عن جهــاز العــروس الفالنّي ة‪ ،‬أو عن جهــاز ابنــة السـّيدة الفالنّي ة‬
‫اليت هي من األقارب أو اجلريان أو األصدقاء‪ .‬أو يقول الوالد أحياًنا أريد أن أفرح قلب ابنيت‪ .‬حسـٌن ‪ ،‬ميكن للمــرء أن‬
‫يفرح قلب ابنته بنحو آخر‪ ،‬ويقّلل من جهازها أيًض ا‪( .1‬ليكن) اجلهاز مقتصًر ا على الضرورّيات حبيث تتيّس ر حياهتما‬
‫العادي ــة‪ ،‬وميكنهم ــا أن يب ــدآ حياهتم ــا مع ــا‪ ،‬أّم ا الب ــاقي‪ ،‬ومس ــتتبعاته فه ــو على عاتقهم ــا‪ ،‬وكـ ـّل م ــا حيدث‪ ،‬يعاجلان ــه‬
‫بنفسيهما‪ ،‬وال شأن لكم به‪.2‬‬
‫البعض يقتلون أنفسهم من أجل أن يهّيئوا البنتهم جهاًز ا كبًريا‪ ،‬وأينما وجدوا شيًئا فاخًر ا وباهــظ الثمن يف أّي ناحيــة‬
‫من أحناء املدين ــة‪ ،‬يوجب ــون على أنفس ــهم ش ــراءه ليجعل ــوه يف ع ــداد اجله ــاز‪ .3‬من ك ـّل األش ــياء‪ ،‬واألص ــناف واألن ــواع‬
‫واأللوان‪ ،‬األحدث‪ ،‬واألجدد‪ ،‬ما الضرورة لذلك؟‪ 4‬هذا األمر خطأ واشتباه‪ .‬العروسان شخصان ال أكثر‪ ،‬يريدان أن‬
‫يعيشا مع بعضهما‪ ،‬وتكون هلما حياة عادّية‪ .‬إن كنت متلك املال تشرتي البنتك ثالجـة‪ ،‬والـذي ال ميلـك املال لشـراء‬
‫ثاّل جـ ــة فال يشـ ــرتها‪ .‬وال جيب أن نفّتش يف ك ـ ـّل حماّل ت العتـ ــائق‪ ،‬واحملاّل ت اجلدي ــدة‪ ،‬لنسـ ــتطيع ت ــأمني اجلهـ ــاز‪ .5‬على‬
‫الفتيات أن ال يقبلن بذلك‪.‬‬

‫‪.28/8/2002 1‬‬
‫‪.9/3/1984 2‬‬
‫‪.4/3/2003 3‬‬
‫‪.3/1/1999 4‬‬
‫‪.4/3/2003 5‬‬

‫‪122‬‬
‫أّيتها العروس‪ ،‬ال تقبلي أنت بذلك‪ .‬وحىّت لو أراد والـداك هـذا‪ ،‬ال تقبلي‪ .‬مـاذا تريـدين أن تفعلي بكـّل هـذه األجنـاس‬
‫الغالية الثمن‪ .1‬على هؤالء الفتيات اللوايت يردن تأمني اجلهـاز‪ ،‬أن ال يـذهنب بغيـة شـراء وسـائل حفلـة الزفـاف واجلهـاز‬
‫إىل هــذه احملاّل ت الغاليــة الثمن املوجــودة يف بعض منــاطق طهــران‪ ،‬تلــك احملاّل ت الغاليــة املعروفــة ‪ -‬وال أريــد أن أذكــر‬
‫امسها ‪ -‬وأنــا أعــرف أين تق ــع وهي معروف ــة بأهّن ا تــبيع بض ــاعة غاليــة الثمن‪ .‬وليــذهنب إىل تل ــك احملاّل ت املعروف ــة بع ــدم‬
‫غالء أس ــعارها‪ .‬وال جيّر ّن الع ــريس املس ــكني وراءهن (ويطفن ب ــه على ك ـّل حماّل ت البل ــد) من أج ــل ش ــراء م ــا حتتاج ــه‬
‫الع ــروس وحفل ــة عق ــد الق ــران‪ .‬ولألس ــف‪ ،‬ه ــذه األعم ــال مُت ارس‪ .2‬إّنن ــا ال منانع اجله ــاز‪ ،‬ب ــل ه ــو الزم‪ ،‬لكّن اإلس ــراف‬
‫والتوّس ع وطلب الزيــادة فيــه إىل حـّد يوقــع أهــل العــروس أنفســهم يف املشـّق ة‪ ،‬فهــذه كّلهــا أمــور خاطئــة وغــري صــحيحة‬
‫بنظرنا‪.‬‬

‫املهــر املرتفــع واجلهــاز الغــايل الثمن ال يســعد أّي فتــاة‪ ،‬وال يوصــل أّي عائلــة إىل اهلدوء والســكون والطمأنينــة الالزمــة‪.‬‬
‫هــذه من زوائــد احليــاة وفضــوهلا‪ ،‬وليس لــه أّي فائــدة ســوى أّن ه جيلب وجــع الــرأس ويصــبح ســبًبا للمش ـّق ة واملشــاكل‪.‬‬
‫أحياًنا ال يسّبب وجع الرأس فقط‪ ،‬إمّن ا يوجد مشاكل كثرية‪ .‬لذا‪ ،‬قّللوا ما استطعتم من هذه األشياء‪.3‬‬

‫‪.14/12/1994 1‬‬
‫‪.9/6/1993 2‬‬
‫‪.19/6/2002 3‬‬

‫‪123‬‬
‫وص ـّيتنا إىل العروســني واآلبــاء واألّم هــات أن يســعوا إىل أن تكــون مراســم الــزواج على النمــط اإلســالمي‪ .‬وليس معــىن‬
‫ذلــك أن ال تتضـّم ن االحتفــال والضــيافة والفــرح والســرور‪ ،‬ال‪ ،‬فــالعرس اإلسـالمي كســائر األعـراس األخـرى‪ ،‬يتضـّم ن‬
‫االحتفــال والضــيافة والفــرح والســرور‪ .‬وأساًس ا‪ ،‬اإليالم للعــرس مســتحّب يف اإلســالم‪ .‬ومرادنــا من أن تكــون مراســم‬
‫الــزواج على النمــط اإلســالمي ليس إلغاءهــا‪ ،‬بــل عــدم اإلتيــان مبا خيالف الشــرع فيهــا‪ ،‬ويف مق ـّد ماهتا‪ ،‬ومــا حييــط هبا‪.‬‬
‫وعنــدما نقــول عماًل خمالًف ا للشــرع‪ ،‬تنصــرف األذهــان فــوًر ا إىل مســألة احملرم وغــري احملرم واملوســيقى احملّر مــة ومــا شــابه‪.‬‬
‫بالطبع‪ ،‬هذه أمـور خمالفـة للشـرع‪ ،‬لكّن األعمـال املخالفـة للشـرع ال تقتصــر على هـذه األمـور‪ .‬اإلسـراف أيًض ا خمالف‬
‫للشــرع‪ .‬الزيــادة يف املأكــل واملشــرب‪ ،‬اإلفــراط يف الصــرف‪ ،‬يف الزخــارف واملظــاهر‪ ،‬وك ـّل مــا زاد عن احلّد املتعــارف‬
‫واملعق ــول ه ــو إس ــراف‪ ،‬وح ــرام ش ــرًعا‪ .‬ولألس ــف إّن ه ــذا احلرام املؤّك د رائج بني الن ــاس إىل ح ـّد م ــا‪ .1‬بعض الن ــاس‬
‫يرتكب ــون املعاص ــي من خالل ه ــذا العم ــل ال ــذي من املف ــرتض أن ين ــالوا ب ــه الث ــواب‪ ،‬وذل ــك بس ــبب اإلس ــراف ال ــذي‬
‫ميارســونه‪ ،‬واألعمــال املخالفــة للشــرع الــيت يرتكبوهنا‪ ،‬مبزج هـذا العمــل احلســن باألعمــال احملّر مــة الــيت يرتكبوهنا‪ .‬احلرام‬
‫ليس مقتصـًر ا على احملرم وغـري احملرم وهـذه األمــور‪ .‬هـذه بـالطبع أمــور حمّر مــة‪ .‬لكّن اإلنفــاق والصــرف الزائـد هـو أيًض ا‬
‫حرام‪ ،‬واإلسراف حرام‪ .‬وحرق قلوب الناس الذين ال يستطيعون ذلك‪ ،‬حرام يف بعض‬

‫‪.6/12/2002 1‬‬

‫‪124‬‬
‫املوارد‪ .‬اإلفــراط‪ ،‬وفعــل كـّل مــا هــو حالل وحــرام من أجــل تــأمني اجلهــاز البنتــه‪ ،‬هــذه كّلهــا حــرام‪ .1‬البعض يشــرتون‬
‫ثوب الزفاف الباهظ الثمن! ما الضرورة لذلك‪ .‬البعض إن احتاجوا إىل ثوب الزفـاف يسـتأجرونه‪ ،‬مـا املانع يف ذلـك؟‬
‫هـل يف هـذا عيب؟ ال‪ ،‬ومـا هـو املانع والعيب؟ البعض يعـّد هـذا عيًب ا‪ ،‬والعيب هـو يف أن يهـدر اإلنسـان أموالـه جزاًفا‪،‬‬
‫ويشرتي شيًئا ليستعمله مّر ة واحدة‪ ،‬ومن مث يرميه بعيًد ا‪ .‬استعمال ملّر ة واحدة! وهـذا أيًض ا مـع الوضـع املعيشـي الـذي‬
‫يعانيـه بعض النـاس‪ ،‬وهم حًّقا حباجـة‪ .2‬أن يقيمـوا مراسـم الـزواج بنحـو تشـعر فيـه شـرحية كبـرية من النـاس بقصــر اليـد‬
‫والعجز‪ ،‬فتبقى الفتيات يف الـبيوت‪ ،‬والشـباب من غـري زواج‪ ،‬هـذه أيًض ا معصـية‪ ،‬وعلينـا أن نـدرك هـذه املعاصـي‪ .‬إّننـا‬
‫نضع املعاصي الصغرية نصب أعيننا‪ ،‬لكّننا ننسى املعاصي الكبرية‪.3‬‬

‫البعض ليست لديهم مشاكل من الناحية املالّية‪ ،‬غالًبا ما يعملون على ترويج هذه األعمال املخالفة للشرع‪ .‬ويقيمــون‬
‫األعراس والوالئم يف مثل هكذا صاالت فخمة من باب التنافس‪ ،‬ويشرتون الثيـاب الباهظـة الثمن‪ ،‬أو يوصـون عليهـا‪،‬‬
‫ويفعلــون مــا مل يفعلــه اآلخــرون (على هــذا الصــعيد) لُيع ـّد وا األفضــل من اآلخــرين‪ .‬أحياًن ا تكــون هنــاك أعمــال ظريفــة‬
‫وابتكارّية تظهر نوًعا من اجلمـال وتكـون رخيصـة‪ ،‬فال إشـكال فيهـا‪ .‬لكن حني ُتصـرف املبـالغ الكبـرية على مثـل هـذه‬
‫األعمال فهو‬

‫‪.29/1/1998 1‬‬
‫‪25/12/1994 2‬‬
‫‪.21/10/2002 3‬‬

‫‪125‬‬
‫إسـراف‪ ،‬وتنـافس وعمـل خطـري‪ ... .‬عنـدما يعّلمنـا الشـرع املقـّد س شـيًئا مـا‪ ،‬فبسـبب احلكمـة اإلهلّي ة‪ ،‬فالشـريعة اإلهلّي ة‬
‫نابع ــة من احلكم ــة اإلهلّي ة‪ .1‬أعتق ــد أّن حس ــاب أولئ ــك ال ــذين يصـ ـّعبون األم ــور على اآلخ ــرين من خالل ه ــذه احملاف ــل‬
‫الفاخرة‪ ،‬واملهور واجلهيزّيات املرتفعة سيكون شديًد ا عند اهلل تعاىل‪.2‬‬

‫إّن ش ــرط اإلس ــراف وحرمت ــه وكون ــه أم ـًر ا س ـّيًئا‪ ،‬ليس ب ــأن يك ــون اإلنس ــان ال ميل ــك املال فال يس ــرف‪ ،‬ب ــل أن ميلك ــه‬
‫ويسرف هلو باألمر السّيئ‪ .‬يف األصل‪ ،‬عادًة ما يسرف األناس الذين ميلكون املال‪ .‬إًذا‪ ،‬هـذا خطـأ‪ ،‬واخلطـأ اآلخـر هـو‬
‫إجياد حّس التنــافس يف اآلخــرين‪ .‬عنــدها‪ ،‬يشــعر أولئــك الــذين ال يســتطيعون القيــام بتلــك األعمــال بالــذل‪ ،‬العروســان‪،‬‬
‫واألســرة كــذلك‪ ،3‬كم من الفتيــات والش ـّبان الــذين وإن تزّو جــوا وبســبب تفّلت األثريــاء يشــعرون بــالنقص‪ ،‬والغّص ة‪،‬‬
‫والعقد‪ ،‬ويظّنون بأّن ما لديهم قليل‪ ،‬ويشعرون باالنسحاق‪ .4‬كم من الزجيات تأّخ رت بسبب هذه األمــور‪ ،‬وكم من‬
‫الفتيان والفتيات بقوا من دون زواج‪ .‬لقد صار هذا اخلطأ خطأين‪ .‬واآلن إن فّتشتم‪ ،‬جتدون أخطاء فرعّية أخــرى بني‬
‫طّيات هذا العمل‪.5‬‬

‫إذا ما أسرفتم‪ ،‬فإّنكم تضّر ون بأنفسكم‬

‫‪.6/12/2002 1‬‬
‫‪.13/8/1995 2‬‬
‫‪.28/8/2002 3‬‬
‫‪.25/12/1996 4‬‬
‫‪.28/8/2002 5‬‬

‫‪126‬‬
‫وبــاآلخرين‪ .‬تض ـّر ون الشــاّبات والشــباب‪ ،‬وكــذا تســقطون أنفســكم من عيــين رســول اهلل صــلى اهلل عليــه وآلــه وســلم‪،‬‬
‫ومن عني إمام الزمان عليه السالم‪ 1‬لذا‪ ،‬وصّيتنا هي أن تقيموا مراسم الزواج بنحو بسيط‪.2‬‬

‫هذه الوالئم الصاخبة واستئجار األوتيالت واملصاريف الزائـدة‪ ،‬هي أعمـال أولئـك الطـاغوتّيني‪.. .‬لقـد كّن ا دوًم ا نقيم‬
‫أعراسـ ــنا يف بيوتنـ ــا‪ ،‬يف غرفـ ــة أو غرفـ ــتني‪ .‬وإن كـ ــان بيتنـ ــا ال يّتسـ ــع‪ ،‬فكّن ا نس ــتفيد من بيت اجلريان‪ ،‬فنقـ ـّد م احللـ ــوى‬
‫والفاكهة‪ ،‬نتحادث ومنرح ونضحك‪ ،‬ونتسّلى كثًريا‪ .‬بالطبع‪ ،‬مل يكن أولئك الطاغوتّيون والذين أزيلـوا وُأزحيوا حبمـد‬
‫اهلل‪ ،‬يقيمـون أعراسـهم على هـذه الشـاكلة‪ ،‬ومل يكونـوا يقنعـون هبذا‪ ،‬بـل كـانوا يـذهبون إىل تلـك األوتيالت ويقيمـون‬
‫أعراًس ا فيهــا الكثـري من البـذخ والــرتف‪ .‬واآلن حيث اســتلمنا حنن زمــام احلكم‪ ،‬ال ينبغي أن نكـّر ر أعمــاهلم‪ .‬فــإن فعلنـا‬
‫أصبحنا مثلهم‪ ،‬كان ذلك أمًر ا سّيًئا‪.3‬‬

‫إقامــة العــرس واالحتفــال والفــرح بعقــد القــران شــيء جّي د‪ .‬وحىّت الرســول األكــرم صــلى اهلل عليــه وآلــه وســلم قــد أقــام‬
‫البنته الكرمية جملس عرس‪ ،‬ففرح النـاس فيـه وأنشـدوا األشـعار‪ ،‬وصـّف قت النسـوة وفـرحن‪ .4‬إّن إقامـة العـرس‪ ،‬واإليالم‬
‫والف ــرح أم ــر جّي د‪ ،‬وحنن ال منانع ه ــذا أب ـًد ا‪ ،‬واألع ــراس ُتق ــام يف ك ـّل ناحي ــة من أحناء ه ــذا البل ــد‪ ،‬فتف ــرح مجاع ــة‪ ،‬واذا‬
‫اطلعنا على‬

‫‪.3/12/1998 1‬‬
‫‪.28/8/2002 2‬‬
‫‪.11/9/1991 3‬‬
‫‪.4/4/1993 4‬‬

‫‪127‬‬
‫هــذا نســعد‪ ،‬ولكّن اإلســراف والــرتف والبــذخ وهــدر املال أمــر سـّيئ‪ .‬فحــاذروا أن حتصــل هــذه األمــور‪ .1‬والوليمــة أمــر‬
‫جّيد يف العقد ويف العرس‪ ،‬لكن بشرط أن تكون خمتصرة وبسيطة وفقرية وجنيبة‪.2‬‬

‫فلتقيموا حفلة ودّية ومحيمّي ة من دون تكّل ف‪ ،‬ولتـدعوا إليهـا بعض األقـارب واألصـدقاء‪ ،‬أصـدقاء العـروس‪ ،‬وأصـدقاء‬
‫العريس‪ ،‬وأصدقاء الوالدين‪ ،‬ولُتقّد م احللوى‪ ،‬وليتبادلوا األحاديث وميضوا نصف يوم ممتع‪ ،‬ويتفّر قوا‪ .‬وليــذهب بعــدها‬
‫العروس ــان إىل منزهلم ــا‪ ...‬ه ــذه األعم ــال اإلس ــرافّية وه ــذا الص ــرف الزائ ــد‪ ،‬ال ــذي ي ــذهب إىل البط ــون‪ ،‬وي ــذهب ه ــدًر ا‬
‫ويصــبح حراًم ا‪ ،‬ليس عماًل جّي ًد ا‪ .‬فلنــدع هــذه األعمــال جانًب ا‪ .‬وأنتم اآلن إذ تعقــدون القــران‪ ،‬انتبهــوا أاّل تفعلــوا هــذه‬
‫األفعـ ــال‪ ،‬الـ ــيت ال ضـ ــرورة هلا‪ .‬ومـ ــا الضـ ــرورة لتكبيـ ــل أب العـ ــروس والعـ ــريس باملصـ ــاريف الكثـ ــرية؟ ال تقومـ ــوا هبذه‬
‫األفعال‪.3‬‬

‫ال تؤّس ســوا حيــاتكم على اإلســراف‪ .4‬حنن نــؤمن بــإدارة حيــاة بســيطة وباحلّد األدىن من املصــاريف‪ .5‬وليس مقصــودنا‬
‫من البساطة أّن التجّم ل واجلمال سّيئ‪ .‬ال‪ ،‬فاجلمال‪ ،‬والتجّم ل‪ ،‬وكّل شيء ميكن أن خيلق جـًّو ا مجياًل لــروح اإلنســان‪،‬‬
‫ال إشكال فيه بنظر الشرع‪ ،‬ما مل يؤِّد إىل‬

‫‪.9/9/2003 1‬‬
‫‪.19/6/2002 2‬‬
‫‪.9/3/1984 3‬‬
‫‪.19/2/2003 4‬‬
‫‪.28/8/2002 5‬‬

‫‪128‬‬
‫اإلس ــراف وزي ــادة املص ــاريف واهلدر والتن ــافس‪ .1‬ال جتعل ــوا أنفس ــكم أس ــرية للمظ ــاهر‪ ،‬إذا دخلتم من ــذ البداي ــة مس ــابقة‬
‫املظ ــاهر س ــيكون التح ـّر ر منه ــا أم ـًر ا ص ــعًبا‪ .‬اآلن (حنن نعيش) يف اجلمهورّي ة اإلس ــالمّية‪ ،‬وال ــذي يري ــد أن يعيش حي ــاة‬
‫بسيطة ميكنه ذلك‪ .‬يف يوم من األّيام مل يكن ذلـك ممكًن ا‪ ،‬وكـان أمـًر ا صـعًبا‪ ،‬واليـوم هـو ممكن‪ ،‬مـع أّن البعض يّص عب‬
‫األمــور على نفســه بيــده‪ ،‬يف ملبســه‪ ،‬ومســكنه‪ ،‬يف جتّم لــه‪ ،‬يف أثاثــه‪ ،‬ويف ســتائره املتنّو عــة‪ ،‬يف أنــواع وأصــناف املظــاهر‪،‬‬
‫يصّعب األمـور على نفسـه‪ .‬لكّن البعض إن مل يريـدوا فعـل ذلـك ميكنهم‪ ،‬فال تفعلـوا هـذا‪ .‬منـذ بدايـة الـزواج (عيشـوا)‬
‫حياتكم ببساطة‪ ،‬بسهولة‪ ،‬بنحو متوّس ط وبقدر احلاجة ال مبا يزيد عن احلاجة‪ ،‬تابعوا حياتكم هبذا املنوال‪.2‬‬

‫واجعل ــوا حي ــاتكم ب ــالنحو ال ــذي يرض ــاه اهلل س ــبحانه واس ــتفيدوا من الطيب ــات اإلهلّي ة‪ ،‬باعت ــدال وت ــوازن‪ .‬فاالعت ــدال‬
‫والتــوازن والتوّس ط يعــين أن تراقبــوا الوســط‪ ،‬انظــروا كيــف يعيش اآلخــرون‪ ،‬فال جتعلــوا بينكم وبينهم مســافة‪ .3‬حتّل وا‬
‫بالقناع ــة وال ختجل ــوا هبا‪ .‬البعض يتصـ ـّو ر ب ــأّن القناع ــة هي للن ــاس الفق ــراء واملع ــدمني‪( ،‬أّم ا) إن ك ــان ميل ــك املال فهي‬
‫ليســت ضــرورّية لــه‪ ،‬ال‪ ،‬فالقناعــة هي أن يقــف اإلنســان عنــد احلّد الالزم وعنــد حـّد الكفايــة‪ .4‬وحيــاة املظــاهر‪ ،‬وحيــاة‬
‫البذخ‪ ،‬وحياة األسراف‪،‬‬

‫‪.3/1/1999 1‬‬
‫‪.29/4/1996 2‬‬
‫‪.29/5/1993 3‬‬
‫‪.21/3/1997 4‬‬

‫‪129‬‬
‫واحلياة الكثرية املصاريف جتعل اإلنسان تعيًس ا‪ ،‬وهي ليست باألمر اجلّيد‪ .‬ينبغي للحياة أن ُحتىي بالكفاف والراحـة‪ ،‬ال‬
‫باملصاريف الكثرية واإلسراف‪َ .‬مِل خيلــط البعض بني هـاتني املســألتني؟ الكفـاف هـو أن ال حيتـاجوا أحـًد ا وميكنهم إدارة‬
‫حيـاهتم من دون احلاجـة إىل أحـد‪ .1‬والتوّقعـات املاديـة الكبـرية والعاليـة تـوجب ضـيق العيش وقلـق اإلنسـان نفسـه‪ .‬وإذا‬
‫مــا قّل ل اإلنســان من توّقعاتـه للحيـاة‪ ،‬فهــذا ســيكون مصــدر ســعادة (بالنســبة لــه)‪ .‬وهـذا أمــر جّي د ليس آلخـرة اإلنســان‬
‫فقط‪ ،‬بل لدنياه‪ .2‬أقول للسّيدات املســلمات‪ ،‬والسـّيدات الشـاّبات‪ ،‬ورّبات املنـازل‪ ،‬ال تسـعني وراء االسـتهالك الـذي‬
‫ألقــاه الغــرب كطعم جملتمعــات العــامل‪ ،‬ومن مجلتهــا جمتمعــات البلــدان الــيت هي يف طــور التنميــة ومن مجلتهــا بلــدنا‪ .3‬لعن‬
‫اهلل من جاؤوا إلينا بالثقافة الغربّية واألجنبّية اخلاطئة وهّز وا األركـان األساسـّية للحيـاة الزوجّي ة‪ ،‬الـيت كـانت من أصـل‬
‫عاداتنــا‪ ،‬وأخــذناها أيًض ا من اإلســالم‪ ،‬وهــذا أمــر غايــة يف الســوء‪ .‬لقــد شــغلوا نســاءنا ورجالنــا باملظــاهر والبــذخ وهــذه‬
‫األمور‪ .4‬ينبغي للمصروف أن يكون حبّد الضرورة‪ ،‬ال حبّد اإلسراف‪.5‬‬

‫إّنين ال أرضى لنسائنا أن يسعني وراء زوائد احلياة غري ذات‬

‫‪.9/4/1999 1‬‬
‫‪.11/3/2001 2‬‬
‫‪.15/12/1996 3‬‬
‫‪.4/5/1984 4‬‬
‫‪.8/12/1993 5‬‬

‫‪130‬‬
‫األّمهّي ة‪ ،‬كاملوضــة‪ ،‬والكماليــات الزائــدة عن احلّد الالزم للنســاء‪ ،‬والتنــافس يف امتالك اللبــاس الفالين والوســيلة الفالنيــة‬
‫من وسائل العيش‪ .‬وهذه األمور أحقر من أن تلتفت إليها املرأة املسلمة وهتتّم هبا‪ .1‬وشأن املرأة املســلمة أعظم من أن‬
‫تكون أسرية للزينة واجلواهر وما شابه‪ .‬ال نريد القول إهّن ا حرام‪ ،‬بل مـا نريـد قولـه إّن شـأن املرأة املســلمة أعلى من أن‬
‫ت ــذهب يف ه ــذه املرحل ــة ال ــيت حيت ــاج فيه ــا الكث ــري من الرج ــال للمعون ــة‪ ،‬وتش ــرتي ال ــذهب‪ ،‬وآالت الزين ــة‪ ،‬واآلالت‬
‫واألدوات املتنّو عة‪ ،‬وتسرف يف مجيع شؤون احلياة‪ .‬فاإلسراف ليس من طبيعة املرأة املسلمة‪.2‬‬

‫تتناهى إىل مسعي أخبار من هنا وهناك‪ .‬إّن لبس اللباس الفالين طبًق ا لألزياء الفالنّية‪ ،‬أو لبس احللّي بالطريقة الفالنّي ة‪،‬‬
‫أو تغيــري ديكــور املنزل بالطريقــة الفالنّي ة وإلقــاء مصــاريف ذلــك على عــاتق رجــل الــبيت‪ ،‬ليس مبوضــع افتخــار‪ .‬فقيمــة‬
‫املرأة ليس بلبس اللب ــاس الف ــاخر املتناس ــب وأح ــدث املوديالت‪ ،‬حىّت أّن بعض النس ــاء يهتممن بالقّص ات األوروبّي ة‪.‬‬
‫هذه أوهام وتصّو رات باطلة‪ .‬فأن ننظر مثاًل فنرى زوجة السـّيد الفالين قـد دخلت جملًس ا وهي ترتـدي اللبـاس الفالين‬
‫واّز ّينت واخّت ذت لنفسـها شـكال وقيافـة معّينـة‪ ،‬فنشـعر أّو اًل باحلقـارة أمامهـا‪ ،‬ونسـعى ثانًي ا من أجـل رفـع هـذه احلقـارة‪،‬‬
‫إىل بلــوغ مســتواها بــأّي مثن‪ ،‬هلو اشــتباه وخطــأ‪ .‬ال ينبغي لكم أن تشــعروا باحلقــارة أبـًد ا أمــام مثــل هكــذا شــخص‪ .‬إّن‬
‫كّل شخص‬

‫‪.8/12/1993 1‬‬
‫‪.9/3/1984 2‬‬

‫‪131‬‬
‫حيّق ر ام ــرأة ألج ــل لباس ــها ال ــذي ال يتناس ــب واملوض ــة‪ ،‬أو من أج ــل أهّن ا ال تلبس ال ــذهب‪ ،‬أو ألهّن ا مل ت ــتزّين بالزين ــة‬
‫الفالنّية‪ ،‬إمّن ا هو يف احلقيقة حيّق ر نفسه‪ .‬هذه األمور ليست معياًر ا للتحقري‪.‬‬

‫إّن أفضل نســاء العــامل لســن أولئـك اللــوايت انتشــرت زينتهّن ومــوديالهتّن يف جماّل ت "البيردا"‪ .1‬فعارضـات دور األزيـاء‬
‫األوروبّي ة ي ــتزّين بأفض ــل الزين ــات‪ ،‬ويرت ــدين أفض ــل الثي ــاب‪ .‬وه ــل هلذا أّمهّي ة كب ــرية؟! وه ــل يف ه ــذا أمهّي ة ب ــأن تق ــف‬
‫العارضة املسكينة هناك؟ أفضل أنواع الزينة يضعنها الكثري من املمّثالت اللوايت ليس لديهّن مسعة جّيدة يف العامل‪.‬‬

‫إّن أفضــل نســاء التــاريخ‪ ،‬هّن اللــوايت أبــدين العقــل‪ ،‬واإلرادة‪ ،‬والعــزم‪ ،‬والقــرار الصــحيح والشخص ـّية اإلنســانّية‪ .‬ذات‬
‫يـوم‪ ،‬كـانت هنـاك امـرأة يف إحـدى دول الشـرق ‪ -‬وال أريـد أن أذكـر امسها ‪ -‬تتسـلم منصـب رئاسـة الـوزراء‪ .‬كـانت‬
‫ُتعـّد من النســاء البـارزات‪ ،‬حيث كـانت رئيســة جملس الــوزراء منـذ مــا قبـل الثـورة‪ ،‬وامتـّد ت هـذه الواليـة لــديها إىل مــا‬
‫بعد انتصار الثورة حيث كنت أنا رئيًس ا للجمهورّية‪ .‬كانت هذه املرأة من أقدر وأبرز الشخصّيات السياسّية النسائّية‬
‫يف العامل‪ ،‬لكّنهـا كـانت يف غايـة البسـاطة من حيث اللبـاس‪ .‬فشخصـّية املرأة ليسـت بالتجّم ل‪ .‬على النسـاء أن ال يقعن‬
‫أسريات للتنافس يف اللباس والزينة واملظاهر‬

‫‪ 1‬إحدى أهّم جماّل ت األلبسة واألزياء العاملّية واملنتشرة يف ‪ 89‬بلًد ا من بلدان العامل‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫وأمثاهلا‪ ،‬ألهّن ّن بــذلك يــؤذين أنفســهّن ‪ ،‬ويلقني على أزواجهّن عبًئ ا إضــافًّيا‪ ،‬أّم ا عنــد اهلل‪ ،‬فلن ينلن بــذلك مقاًم ا‪ ،‬بــل‬
‫يتسافلن‪.1‬‬

‫مــا أريــد قولــه لكّن أّيتهــا األخــوات املســلمات العزيــزات ‪ -‬وحتًم ا ليس الغالبّي ة هكــذا‪ ،‬بــل البعض لألســف ‪ -‬إّنكّن‬
‫بدأتّن طريًق ا وسلكتّنه وتقّد مّنت فيه‪ .‬حذاِر أن ترجعكّن أيادي األعداء اخلفّية من منتصف الطريق‪ ،‬فتــذهب جهــودكّن‬
‫هــدًر ا وتضــيع‪ .2‬لقــد كــان جهــد األعــداء منــذ انتصــار الثــورة إىل اآلن‪ ،‬منص ـًّبا على غفلــة شــباب هــذا البلــد‪ ،‬مبا فيهم‬
‫شــباب األمس واليــوم‪ ،‬عن املبــادئ اإلســالمّية والثورّية واإلهلّي ة‪ ،‬واالنشــغال (بـداًل عنهــا) والتلّه ي باملســائل املادّية‪ .‬من‬
‫الـ ــذي جيب عليـ ــه الوقـ ــوف بـ ــوجههم بق ـ ـّو ة؟ اجلميـ ــع‪ ،‬لكن بالدرجـ ــة األوىل‪ ،‬أنتم النسـ ــاء والرجـ ــال احلزب اللهّي ون‬
‫والثورّي ون‪ .3‬يتصـ ـّو ر البعض ب ــأّن وقت ه ــذا الكالم ق ــد انتهى اآلن حيث تفص ــلنا مس ــافة عـ ـّد ة س ــنوات عن الث ــورة‪،‬‬
‫واحلال أّن هـذا الكالم اليـوم أكـثر جدّية وأمهّي ة‪ .. .‬قــد يـرى البعض أّنه جيب االسـتفادة من منـافع الــدنيا حىّت ال نبقى‬
‫متأّخ رين‪ ،‬وهذه تصـّو رات وأوهــام‪َ﴿ .‬م ا ِع نَد ُك ْم َينَف ُد َو َم ا ِع ن‪َE‬د الّل ِه َباٍق ﴾‪ 4‬فمــا يبقى هــو األجــر والثــواب عنــد اهلل‪،‬‬
‫وهو ما له األمهّية‪ ،‬وما جيب أن نكسبه‪.5‬‬

‫‪.19/10/2001 1‬‬
‫‪.21/3/1993 2‬‬
‫‪.8/12/1993 3‬‬
‫‪.13/10/1998 4‬‬
‫‪ 5‬سورة النحل‪ :‬اآلية ‪.96‬‬

‫‪133‬‬
‫لقد تزّو جت خري نساء العامل خبري رجال العامل وكان مهرها مهـر السـّنة‪ ،‬وجهازهـا جهـاًز ا بسـيًطا ومتواضـًعا‪ .1‬وحيـاة‬
‫أمري املؤمنني والسّيدة الزهـراء عليهمـا السـالم مثـال‪ .‬لقـد تـّز وج أمـري املؤمـنني عليـه السـالم أفضـل رجـال العـامل بفاطمـة‬
‫الزهراء عليها السالم أفضل نساء العامل أمجع‪ .2‬واعلموا بأّن أمري املؤمنني عليه الســالم مل يكن أفضــل رجــال العــامل من‬
‫الناحيــة املعنوّية فحســب‪ ،‬بــل كــان بطاًل عظيًم ا عرفتــه ميــادين احلروب‪ .‬والسـّيدة الزهــراء عليهــا الســالم كــذلك‪ ،‬فقــد‬
‫كانت ابنة أهّم شخصّية يف اإلسالم‪ .‬فابنة أهّم شخصّية يف اإلسالم‪ ،‬وخري الرجال يف ذلك الزمان تزّو جا هبكــذا مهــر‬
‫وجهاز‪.3‬‬

‫وال تظُّنّن ب ــأّن الب ــذخ واملظ ــاهر وامله ــر املرتف ــع مل يكون ــوا موج ــودين حين ــذاك‪ ،‬وأّن الن ــاس مل تكن تع ــرف مث ــل ه ــذه‬
‫األمــور‪ .‬ففي تلــك األيــام كــان رؤســاء القبائــل وأشــراف العــرب يهّيئــون اجلهــاز الكبــري واملعتــرب عنــدما كــانوا يزّو جــون‬
‫بناهتم‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬كـان البعض يطلب كّم يـات كبـرية من الـذهب‪ ،‬أو مئـة ناقـة‪ ،‬أو ألـف دينـار أو عشـرة آالف‬
‫دينـار كمهــر البنتـه‪ .4‬املهـر املرتفــع عـادة جاهلّي ة‪ .‬وجـاء النـّيب األكـرم?صـلى اهلل عليـه وآلــه وســلم ونســخها‪ .‬والرســول‬
‫األكرم صلى اهلل عليه وآلـه وسـلم وأمـري املؤمـنني عليـه السـالم ‪ -‬أي كال العـائلتني ‪ -‬كالمها كانـا ُيعـّد ان من عـائالت‬
‫قريش الشريفة‪،‬‬

‫‪.4/3/2003 1‬‬
‫‪.9/9/2003 2‬‬
‫‪.4/3/2003 3‬‬
‫‪.19/9/2002 4‬‬

‫‪134‬‬
‫أي من العائالت العزيزة والكرمية‪ ،‬لكّنهما مل يكونا من أهل الدنيا والتفـاخر ومجع األمــوال‪ ،‬وإاّل فاملواصـفات العائلّي ة‬
‫هلمـا من وجهـة نظـر النـاس ومعـايري ذلـك الزمـان كـانت يف املرتبـة األعلى‪ .‬فـأمري املؤمـنني عليـه السـالم الـذي كـانت لـه‬
‫إىل حينهــا تلــك االفتخــارات‪ ،‬وفاطمــة الزهــراء عليهــا الســالم أفض ــل النســاء يف عــامل اإلســالم الص ــغري يومــذاك‪ ،‬وابنــة‬
‫الشـخص األّو ل يف املدينـة‪ ،‬كانـا يعلمـان بتلـك األمـور‪ ،‬لكن مبا أّن الـدنيا حقـرية يف أعينهمـا‪ ،‬وألهّن مـا مل يكونـا يوليـان‬
‫أّمهّي ة ملظ ــاهر احلي ــاة‪ ،‬مل ي ــدخال ه ــذه األم ــور إىل قض ــية تتس ــم باللطاف ــة واملعنوّي ة‪ ،‬أال وهي ال ــزواج‪ .‬فاملال وال ــذهب‬
‫واألمور املادّية أحقر من أن يدخالها يف هكذا قضية‪.1‬‬

‫مــا كــان مهــر الزهــراء عليهــا الســالم؟ ومــا كــان جهازهــا؟ وكيــف كــان عرســها؟‪ 2‬بعض األدوات الرخيصــة الثمن الــيت‬
‫وردت يف الكتب‪ :‬حصري‪ ،‬وسادة حمشّو ة بليف النخيل‪ ،‬ثوب‪ ،‬طاحونة يدوّية‪ ،‬إنـاء للمــاء‪ ،‬وظــرف حناســي‪ .3‬وإذا مــا‬
‫حســبناه بعملــة اليــوم‪ ،‬فلرمّب ا ال يتجــاوز مهــر الس ـّيدة الزهــراء (عليهــا الســالم) املئــيت ألــف تومــان! وجهــاز تلــك الس ـّيدة‬
‫العظيمــة والوســائل واألدوات الــيت هّيئت هلا‪ ،‬لرمّب ا ال يســاوي يف عملــة اليــوم مثن قطعــة لبــاس ترتــديها امــرأة متوّس طة‬
‫احلال يف يومنا هذا‪ .‬هذه هي القدوة‪.4‬‬

‫‪.19/9/2002 1‬‬
‫‪.9/9/2003 2‬‬
‫‪.4/4/1993 3‬‬
‫‪.8/12/1993 4‬‬

‫‪135‬‬
‫هل حصل ذلك والنيب ال ميلك االستطاعة؟ ال أّنه كـان يسـتطيع‪ .‬وبإشـارة منـه كـان هنـاك أشـخاص حاضـرون وبكـّل‬
‫حمّبة ورغبة‪ ،‬لإلتيان مبال وافر وجهاز كبري وتقدميه لذينك العروسني‪ ،‬لكّن الرسول صـلى اهلل عليـه وآلـه وسـلم مل يـرد‬
‫ذلــك‪ ،‬فــذلك اجلهــاز البســيط وذلــك املهــر املتواضــع‪ ،‬وذلــك الســلوك املوحي بــالفقر كــان متعّم ًد ا‪ ،‬وذلــك لكي يتعّلم‬
‫اآلخرون‪ ،‬ويدركوا بأّن زواج الفتية والفتيات يف عائلـة رسـول اإلسـالم صـلى اهلل عليـه وآلـه وسـلم واملهـر فيـه مل يكن‬
‫يتجــاوز مهــر السـّنة‪ ،1‬وأهّن م مل جيعلــوا من أنفســهم أســرى للمظــاهر‪ .‬حنن ال ميكننــا العمــل مثلهم‪ ،‬لكّنهم عّلمونــا ذلــك‬
‫وحـّد دوا لنـا الطريـق‪ .‬قـالوا لنـا‪ :‬لتبـدأوا حيـاتكم املشــرتكة هبذا الشـكل‪ .2‬أمثالنـا يعجـز حني يريـد التشـّبه هبم يف طريقـة‬
‫عيشه‪ ،‬وليس متوّقًعا منكم وال ميّن ذلك‪ ،‬لكّن تلك قّم ة‪ ،‬ينبغي االقرتاب منها مهما أمكن والسري باجّت اهها‪.‬‬

‫ال تنظــروا إىل األشــخاص الــذين جيلســون على القّم ة الشــيطانّية يف الطــرف املقابــل ويقيمــون أعراســهم بــذلك الشــكل‪،‬‬
‫لقــد كــان مثــل هــؤالء موجــودين يف صــدر اإلســالم‪ ،‬وهم اليــوم موجــودون‪ ،‬ويف كـّل العــامل موجــودون‪ .‬عنــدما تــزّو ج‬
‫املأمون العّباســي نــثر على رأس زوجتــه صــناديق من الــذهب‪ ،‬هــذا غــري اجلواهر والــذهب واحللــوى الــيت ُو ّز عت‪ .‬عنــدما‬
‫كان املدعّو ون يفتحون هذه العلب كانوا جيدون داخل كّل علبة ورقة كتب عليها مثاًل ‪ :‬ملك املنطقة الفالنّية ملســتلم‬
‫هذه العلبة‪ ،‬أو املزرعة الفالنّية بتمامها وكماهلا مللتقط هذه العلبة‪ ،‬بالطبع‪ ،‬كان‬

‫‪.24/8/1996 1‬‬
‫‪.2/4/2002 2‬‬

‫‪136‬‬
‫هو قـد أخـذ هـذه األمالك واألراضـي ظلًم ا وزوًر ا‪ ،‬وهـا هـو اآلن يوّز عهـا ويهبهـا على هـذا النحـو‪ .‬عنـدما حيصــل املرء‬
‫على املال عن طريق احلرام‪ ،‬سينفقه ويصرفه هكذا وبإسراف‪ .‬ولقد أسرفوا يف اإلنفاق إىل درجة اعرتف فيهــا املأمون‬
‫بذلك وقال‪ :‬هذا إسراف‪ .‬تلك األعمال نفسها أّدت بعدهم إىل اهنزام اإلسالم لقرون وضياعه وألن يصــبح مســحوًقا‬
‫أمام هجوم األقوام املختلفة‪.1‬‬

‫ولإلسالم أيًض ا تدبري يف كيفّية الزواج وإدارته‪ .‬وهـذا التـدبري مرتبـط باختيـار الـزوج‪ .‬فَمْن علينـا أن خنتـار للـزواج‪ ،‬هـو‬
‫أمــر غايــة يف األّمهيــة‪ .2‬ويوجــد يف اإلســالم معــايري معتــربة الختيــار الــزوج خمتلفــة عن املعــايري اجلاهلّي ة‪ .‬فاملعــايري اجلاهلّي ة‬
‫تنظ ــر إىل االس ــم واملق ــام واملال والرتب ــة وال ــثروة والعم ــل وأمثاهلا‪ .‬ومبا أّن ه ــؤالء من أه ــل ال ــدنيا‪ ،‬فهم يس ــعون وراء‬
‫املظــاهر الدنيوّية‪ ،‬وأّو ل مــا ينظــرون يف اختيــار الــزوج إىل مســتواه العلمي‪ ،‬وثروتــه‪ ،‬وشــكله وهيئتــه‪ .‬ومــع أّن اإلنســان‬
‫ينجذب بنحو طبيعّي إىل هـذه األمـور وحيبهـا‪ ،‬إاّل أّن أًّيا منهـا ال يـؤّدي لزوًم ا إىل السـعادة‪ .‬فمـا جيعــل اإلنسـان سـعيًد ا‬
‫يف زواجه هو أن يتزّو ج الكفؤ‪ ،‬ويتمّتع بالصالح والدين والعّف ة والشرف‪ .‬وهبذه األمور تستمّر احلياة املشرتكة‪.‬‬

‫ورد يف الروايات أّن من تزّو ج املرأة ملاهلا أو جلماهلا‪ ،‬قد حيرمه‬

‫‪.9/9/2003 1‬‬
‫‪.4/3/20032‬‬

‫‪137‬‬
‫اهلل منهمــا‪ .‬ومعلــوم أّن املال يــذهب أدراج الريــاح‪ .‬تــرون أحياًن ا شخًص ا يف قّم ة الــثروة‪ ،‬يفلس ويصــبح يف احلضــيض‬
‫لســبب صــغري جــًّدا‪ .‬قــال يل يوًم ا رئيس إحــدى الــدول اآلســيوّية املعروفــة والغنّي ة جــًّدا والــيت يوجــد فيهــا أثريــاء كبــار‪،‬‬
‫وحنن جالسون يف هذه الغرفة‪ :‬إّننا يف ليلة واحدة حّو لنا فالًنا إىل متسّو ل‪ .‬وهذا ما حصــل واقًع ا‪ ،‬بـالطبع‪ ،‬فــأن يصــبح‬
‫املرء متسـ ـّو اًل هك ــذا‪ ،‬أمـ ـٌر مرتب ــط بسياس ــات الش ــعوب وال ــدول‪ .‬لعب ــة اقتص ــادّية ومالّي ة بإمكاهنا جع ــل آالف التّج ار‬
‫واألثرياء‪ ،‬على حد تعبري رئيس وزراء ذلك البلد‪ ،‬وكان مهاتري حمّم د‪ ،1‬باحلضيض‪ .‬فتصبح ثــروات آالف األشــخاص‬
‫هباًء وتذهب أدراج الرياح!‬

‫هكذا األمر بالنسبة للجمال‪ ،‬سواًء مجال املرأة أم مجال الرجل‪ ،‬فهـو ليس من اخلصـائص الباقيـة‪ .‬وقـد يـذهب حبادثـة‪،‬‬
‫أو ال مسح اهلل بارتطام الوجه باحلائط‪ ،‬أو بوالدة صعبة‪ ،‬أو مبرض أو بألف حادثة كبرية وصــغرية قــد حتدث لإلنســان‪.‬‬
‫وكم يعرف اإلنسان أشخاًص ا كـانوا غايـة يف اجلمـال يوًم ا مـا‪ ،‬لكّنهم مـع تقـّد م العمـر حتّو لـوا من هـذه اجلهـة إىل تلـك‬
‫اجله ــة‪ .‬إًذا‪ ،‬اجلم ــال م ــيزة ليس ــت دائم ــة‪ّ .‬مث إّن اإلنس ــان يتع ـّو د على اجلم ــال ويص ــبح ش ــيًئا عادًّي ا ليس في ــه أّي جدي ــد‬
‫بالنسبة إليه‪ .‬وعليه‪ ،‬فاملواصفات املطلوبة واملهّم ة يف الزواج هي الكرامة‪ ،‬واألخالق‪ ،‬واألدب والتدّين‪ .‬ولذا يقولــون‪:‬‬
‫فّتشوا عن اإلنسان الشريف والعفيف ‪ -‬سواًء كان شاًّبا أم فتاة ‪ -‬ليبارك اهلل لكم يف زواجكم‪ .‬يف‬

‫‪ 1‬رئيس وزراء ماليزيا ما بني العامني ‪.2003 - 1981‬‬

‫‪138‬‬
‫آخر الرواية اليت توّبخ اإلنسان على الزواج من أجل املال والثروة‪ ،‬ورد أيًض ا‪ ،‬بأّن من فّتش يف أمر زواجه عن التــدّين‬
‫والتق ــوى‪ ،‬ف ــإّن اهلل س ــيعطيه املال واجلم ــال‪ .‬تس ــاءلت يف نفس ــي ذات ي ــوم وقلت‪ :‬كي ــف يهب اهلل املرء اجلم ــال بع ــد‬
‫الوالدة ويف جريان حياته؟ هو يغين اإلنسان الفقري‪ ،‬لكن‪ ،‬كيف يهبه اجلمال؟ لكّن ين بعـدها تنّبهت إىل أّن اجلمـال هـو‬
‫من جيلب احملّبة‪ .‬فإذا ما ُو هبت احملّبة من اهلل تعاىل‪ ،‬يصبح الوجه القبيح يف نظر اإلنسان مجياًل ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫فلن ترى سوى مجال ليلى‬ ‫إن نظرت بعيين اجملنون‬

‫ُيقال إّن ليلى كانت قبيحة‪ ،‬واجملنون كان ذميم الوجه ومنحوًس ا أيًض ا‪ ،‬لكّن احلب يصـنع املعجـزات وجيعلهمـا مجيلني‬
‫يف أعني بعضهما اآلخر‪ ،‬فيحّبان بعضــهما حًّب ا شـديًد ا‪ .‬على أّي حـال‪ ،‬مبقـدار مـا كـانت هلذه القّص ة حـٌظ من الواقـع‪،‬‬
‫خيّلدها التـاريخ‪ .‬املقصــود أّنه عنـدما يلقي اهلل احملّب ة يف القلب‪ ،‬يتبعهـا اجلمـال أيًض ا‪ .2‬ألّن اجلمـال يف عينـك‪ ،‬يف قلبـك‪،‬‬
‫ويف نظــرك‪ .‬فــإذا أحّب اإلنســان شخًص ا ليس مجياًل كفايــة‪ ،‬يصــبح يف نظــره مجياًل ‪ .‬وعنــدما ال حيّب شخًص ا‪ ،‬فمهمــا‬
‫كــان هــذا الشــخص مجياًل ‪ ،‬ال يــراه كــذلك‪ .‬إًذا‪ ،‬إن كــان الــزواج قائًم ا على أســاس التقــوى‪ ،‬والطهــارة والصــفاء ومـّد‬
‫كّل من الرجل واملرأة يد الصفاء لبعضهما البعض‪ ،‬فإّن احملّبة تأيت وحتصل يف قلبيهما‪ .‬ولقد‬

‫‪ 1‬وحشي بافقي‪.‬‬
‫‪.4/3/2003 2‬‬

‫‪139‬‬
‫ذكرت قول الشاعر حيث قال‪" :‬إذا ما حصلت المحّب ة‪ ،‬فال تكن متكلف‪ًE‬ا" فال داعي أصـاًل لــه‪ ،‬وكـّل شــيء ســيبدو‬
‫مجياًل وحمّبًبا‪.1‬‬

‫يطلب اإلســالم مّن ا أن نــراعي أمــرين‪ :‬األّو ل‪ ،‬أن يكــون الشــخص الــذي تريــد الــزواج بــه متــدّيًنا طــاهًر ا وعفيًف ا‪ ،‬وأن‬
‫تنظر إىل اجلوانب املعنوّية فيه‪ .‬الثاين‪ ،‬أن تفّتش عنه عند احلاجة‪ .‬فعندما يشـعر الرجـل أّنه حباجـة إىل الـزواج‪ ،‬فليـذهب‬
‫وليفّتش عن املرأة العفيفة والطـاهرة‪ ،‬وكـذا يكفي املرأة بـأن تقبـل بـالزواج من الرجـل العفيـف والطـاهر‪ .‬فـالتفتيش عن‬

‫اجلمال‪ ،‬والشغل‪ ،‬واحلسب والنسب‪ ،‬والشأن االجتمـاعي‪ ،‬واملال‪ ،‬ليس حمّط توّج ه اإلسـالم أبـًد ا‪ ،‬بـل هي أمـور منهّي‬
‫عنها‪.‬‬

‫لذا‪ ،‬نرى الرسول األكرم صلى اهلل عليه وآله وسلم يطلب من رجـل قـبيح املنظـر أسـود اللـون فقـري‪ ،‬ال حسـب لـه وال‬
‫نســب‪ ،‬يـدعى جبـًريا‪ - 2‬والــذي قّلمــا جتد يف املدينـة رجاًل بقبحــه وفقــره‪ 3‬أن يـذهب ويطلب ابنـة أحـد أشــراف املدينـة‬
‫األثري ــاء املعروف ــة حبس ــنها ومجاهلا‪ .‬فال جييب جب ــري مس ــتنكًر ا‪ ،‬أن ــا لس ــت أهاًل ألت ــزّو ج مثاًل الفت ــاة الفالنّي ة‪ ،‬وأن ــا ق ــبيح‬
‫املنظر‪ ،‬جاهل‪ ،‬ال حسب وال نسب وال مال يل‪ .‬فهو ال يشعر مبثل هـذا الشـعور‪ ،‬بـل يقـول‪ :‬أنـا رجـل‪ ،‬ومسـلم‪ ،‬مـاذا‬
‫تريد بعد ذلك؟ بالطبع‪ ،‬والد الفتاة يتزلزل إميانه قلياًل ‪ .‬والفتاة فتاة حزب اللهّية متدّينة‪ ،‬كالفتيات احلزب اللهّيات يف‬

‫‪.3/1/1999 1‬‬
‫‪.9/3/1984 2‬‬
‫‪.2/3/1984 3‬‬

‫‪140‬‬
‫يومنا هذا حبمد هلل‪ .‬مبجّر د أن تعلم بأّن الرسول هو الذي أرسل هذا الرجل خلطبتها‪ ،‬تقول لوالدها ملاذا رفضته؟ مــاذا‬
‫تريــد تلــك الفتــاة؟ كــانت تقــول بــأّن هــذا رجــل‪ ،‬ومســلم‪ ،‬وأنــا امــرأة ومســلمة‪ ،‬وحنن كفــؤ لبعضــنا البعض‪" 1،‬الم‪E‬ؤمن‬
‫كفو المؤمنة والمسلم كفو المسلمة"‪ 2‬هذا هو املعيار الديين‪ .3‬إلتفّتم؟ هكذا هو األمر‪.‬‬

‫يظّن البعض بأّن ه جيب أن ي ــزّو ج ابنت ــه لش ــخص من نفس منزلت ــه االجتماعّي ة‪ .‬نس ــأله‪ ،‬م ــاذا تع ــين باملنزل ــة االجتماعّي ة‬
‫نفســها؟ يقــول لــو افرتضــنا مثاًل بــأّنين تــاجر‪ ،‬وتبلــغ ثــرويت كــذا وكــذا‪ ،‬يكــون هــو أيًض ا تــاجر باملنزلــة نفســها أو أعلى‬
‫بقليل‪ ،‬ويكون لديه ثروة تقارب ثرويت‪ .‬فلو كّنا نتمّتع بالقدر الفالين من الشأن االجتماعي‪ ،‬فليكن شأنه االجتماعي‬
‫ه ـ ــو أيًض ا ق ـ ــريب من ش ـ ــأننا‪ ... .‬ملاذا جيب أن نفّتش عن فت ـ ــاة ش ـ ــكلها ك ـ ــذا‪ ،‬ول ـ ــديها الق ـ ــدر الفالين من اجلم ـ ــال‪،‬‬
‫ومواصــفات والــدها كــذا وكــذا‪ ،‬ملاذا؟ ومــا الضــرورة لــذلك؟ اإلســالم ال يقبــل هبذه األمــور‪ ،‬وينظــر إىل القيم املعنوّية‪.‬‬
‫يقول‪ :‬فّتشوا عن األصالة والعفاف‪ .‬فاحلياة مع هذه األمور تنقضي ومتّر بسعادة‪.‬‬

‫إن مل يكن لديه مال‪ ،‬فاهلل يعطيه املال‪ ،‬ال مبعىن املال الكثري والوفري‪ ،‬فهذا ال لزوم له‪ ،‬بل املال مبعىن أن يعيشا حياهتمــا‬
‫براحة‪،‬‬

‫‪.9/3/1984 1‬‬
‫‪ 2‬الكايف‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬باب أّن املؤمن كفو املؤمنة‪ /‬ح‪.1‬‬
‫‪.11/6/72 3‬‬

‫‪141‬‬
‫بقناع ــة‪ ،‬وال يعاني ــا املش ــاكل‪ .1‬عن ــدما ُيط ــرح موض ــوع ال ــزواج جييب الش ــباب‪ ،‬م ــاذا نفع ــل بع ــد أن ن ــتزّو ج ب ــالبيت‪،‬‬
‫وبالشغل؟ هذه هي القيود نفسها اليت تقف عائًق ا أمام األعمال األساسّية واألصلّية‪ .‬يقول تعاىل‪ِ﴿ :‬إن َيُك وُنوا ُفَق َر اء‬
‫ُيْغِنِه ُم الَّلُه ِم ن َفْض ِلِه﴾‪ 2‬أي إّن اهلل سبحانه سيكفيهم‪ .‬تزّو جوا‪ ،‬فالزواج لن يضيف إىل أوضاعكم املعيشّية صعوبات‬
‫خاّصة‪ .‬بل بالعكس‪ ،‬سـيغنيكم اهلل تعـاىل من فضـله‪ .‬هـذا مـا قالـه اهلل تعـاىل‪ .3‬بنـاًء عليـه‪ ،‬ينبغي التفـتيش عن هـذه القيم‬
‫الــيت يوليهــا اإلســالم أّمهيــة‪ .4‬لــذا جييب اإلمــام الصــادق (عليــه الســالم) شخًص ا ســأله يف أمــر الــزواج‪ :‬اعلم حيث إّنك‬
‫تريد الـزواج أّنك سـتختار شـريكة بيتـك وعمـرك‪ ،‬فـانظر من ختتـار؟ وانظـر ألخالقهـا‪ ،‬ودينهـا‪ ،‬وعفافهـا‪ّ ،‬مث أقـدم بعـد‬
‫ذلك‪ .‬ينبغي عليكم أن ختتاروا الزوجة على أساس الرواية القائلة‪" :‬ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد اإلس‪EE‬الم أفض‪EE‬ل‬
‫من زوج‪EE‬ة مس‪EE‬لمة تس ‪ّE‬ر ه إذا نظ‪EE‬ر إليه‪EE‬ا‪ ،‬وتطيع‪EE‬ه إذا أمره‪EE‬ا‪ ،‬وتحفظ‪EE‬ه إذا غ‪EE‬اب عنه‪EE‬ا في نفس‪EE‬ها ومال‪EE‬ه"‪ .5‬ولق ــد‬
‫قطعتم حبم ــد اهلل ه ــذه املراح ــل وقمتم باالختي ــار‪ .‬وعليكم اآلن أن تثبت ــوا على ه ــذا اخلي ــار‪ ،‬وأن حترتموا ه ــذه الرابط ــة‪،‬‬
‫وحتافظوا على هذه املؤّس سة العائلّية‪.6‬‬

‫‪.9/3/1984 1‬‬
‫‪ 2‬النور‪ :‬اآلية ‪.32‬‬
‫‪.18/9/2000 3‬‬
‫‪.9/3/1984 4‬‬
‫‪.2/3/1984 5‬‬
‫‪.9/6/2003 6‬‬

‫‪142‬‬
‫النقطة التالية هي أّن أساس أمر الزواج قائم على توافق الفتاة والشاّب ‪ ،‬وينبغي هلما التوافق‪ .‬وهلذا التوافق معىن عميــق‬
‫جًّدا‪ .‬ذات يوم ذهبت لزيارة اإلمام اخلميين قدس سره‪ ،‬وكان يريد عقد قران أحدهم‪ ،‬ما إن رآين حىّت طلب ميّن أن‬
‫أك ــون وكياًل عن أح ــد العروس ــني ‪ .‬فعق ــد يف البداي ــة الق ــران‪ ،‬وخالًف ا لن ــا حنن ال ــذين نطي ــل الكالم (يف مث ــل هك ــذا‬
‫مراسم)‪ ،‬كان يتكّلم بعّد ة مجل‪ .‬فبعد عقد القران توّج ه إىل العروســني وقــال‪" :‬اذهبا وتوافقا م‪EE‬ع بعض‪E‬كما"‪ .‬فّك رت‬
‫يف نفســي وقلت‪ :‬حنن نتكّلم بكالم مطـّو ل‪ ،‬فيمــا خُي تصــر كالم اإلمــام يف هــذه اجلملــة "اذهبا وتوافق‪E‬ا"‪ .1‬وهــا أنــا اآلن‬
‫أقول لكما أّيها العروسان‪" :‬اذهبا وتوافقا" ليكن سـعيكما التوافـق فيمـا بينكمـا طــوال مراحـل عمركمـا‪ ،‬وخاّص ة يف‬
‫السنوات األوىل (من زواجكما)‪ 2‬عيشا مع بعضكما‪ ،‬ولريد كّل منكما اآلخر وليحّب ه‪ .3‬قّلال توّقعاتكمـا من بعضـكما‬
‫البعض‪ .‬حــذاِر أن يظّن الشــاب والفتــاة اللــذان يتزّو جــان اآلن بــأّن الشــريك والــزوج ينبغي أن يكــون مالًك ا‪ ،‬ليس فيــه‬
‫أخالق سّيئة‪ ،‬وال نقص‪ ،‬وال عيب‪ .‬ال فهذا اشتباه‪.4‬‬

‫واعلمــوا‪ ،‬أّن مــا يرمسه الشــباب عن فتيــاهتم املثالّي ات‪ ،‬ومــا ترمسه الفتيــات عن فتيــاهنم املثــالّيني ال وجــود لــه‪ .‬وهــذا‪ ،‬ال‬
‫وجود له‪ ،‬ليس يف هذه املدينة وهذا البلد فحسب‪ ،‬بل يف العامل كّله‪ .‬فاملثايل‪ ،‬هو الذي‬

‫‪.11/9/1991 1‬‬
‫‪.12/7/1997 2‬‬
‫‪.2/3/1984 3‬‬
‫‪.13/4/1984 4‬‬

‫‪143‬‬
‫ال عيب فيـه وال نقص‪ .‬وهـذا ال وجـود لــه‪ ،‬فــالعيب موجـود يف اجلميـع‪ ،‬هكــذا حنن البشــر‪ .‬قــد يكــون هـذا العيب غـري‬
‫موجود يف أحدنا‪ ،‬لكّن عيًبا آخر يكـون موجـوًد ا فيـه‪ .‬بالنهايـة‪ ،‬هنـاك نقص وعيب موجـود يف كـّل شـخص‪ .‬والنقص‬
‫موج ــود فين ــا مجيًع ا‪ .‬حس ــن‪ ،‬واآلن طاملا أّنن ــا بعي ــدون عن بعض ــنا‪ ،‬ال ن ــدرك ه ــذه العي ــوب‪( ،‬لكن) مبج ـّر د أن حيص ــل‬
‫الزواج ونعيش إىل جانب بعضنا‪ ،‬تظهر هذه العيوب شيًئا فشيًئا‪ .‬فاآلن نكون غري راضني؟ علينا أن نتقّبل احليـاة كمـا‬
‫هي ونتكّي ف معه ــا‪ .1‬وال جيب أن تض ـّخ م األم ــر وتص ــنع لنفس ــك عق ــدة وغّص ة فيم ــا إذا ش ــاهدت يف زوجت ــك إث ــر‬
‫املعاشــرة واالحتكــاك عيًب ا‪ .‬فــالعيب موجــود يف مجيــع بــين البشــر قاطبــة‪ ،‬وفيهم أيًض ا حســنات‪ .2‬بــالطبع‪ ،‬هنــاك عيــوب‬
‫ميكن إزالتهــا والتخّلص منهــا‪ ،‬فينبغي الســعي إلزالتهــا‪ .‬وهنــاك عيــوب ال ميكن إزالتهــا‪ ،‬كــالعيوب اجلســدية والعيــوب‬
‫الروحّي ة‪ ،‬فعليــك أيًض ا التكّي ف معهــا‪ ،‬وال إشــكال يف ذلــك‪ ،‬واعلمــوا أّن األّمهّي ة (هنــا) لتقــوى اهلل تعــاىل‪ .‬فاســعيا ألن‬
‫تزي ــدا من نس ــبة التق ــوى يف نفس ــيكما وألن تتحّلي ــا هبا‪ .‬إن اس ــتطعتما أن تتس ــابقا ب ــالتقوى‪ ،‬فه ــذا حتًم ا امتي ــاز‪ ،‬على‬
‫الرجل واملرأة أن يسعيا لتحقيقه والكتساب تقوى أفضل وأكثر‪.3‬‬

‫وال تتصّو رن‪ ،‬بأّنك إن وجدت غًد ا عيًبا (يف شريكك)‪ ،‬فتقول‪ ،‬ها إّن فيك عيًبا‪ .‬ال‪ ،‬فـالعيب موجـود يف كـّل أزواج‬
‫العامل‪ .‬واعلموا هذا‪ .‬واعلموا‬

‫‪.28/8/2002 1‬‬
‫‪.18/5/2003 2‬‬
‫‪.13/4/1984 3‬‬

‫‪144‬‬
‫أّيهــا الشــباب بـأّن العيب موجـود يف كـّل نســاء العــامل‪ ،‬وال توجـد امــرأة خاليـة من العيب‪ .‬وأنّنت أّيتهــا الفتيـات‪ ،‬اعلمن‬
‫بأّن العيب موجود يف كّل رجال العـامل‪ ،‬مـا عـدا املعصــومني عليهم السـالم‪ .‬غايـة األمـر هنـاك عيـوب صـغرية‪ ،‬وعيـوب‬
‫كب ــرية‪ ،‬وعلين ــا التكّي ف م ــع عي ــوب بعض ــنا البعض‪ .‬علين ــا تقّب ل العي ــوب يف املعاش ــرات‪ ،‬يف احلي ــاة‪ ،‬يف احلي ــاة العائلّي ة‪،‬‬
‫واحلي ــاة االجتماعّي ة‪ .‬فال يوج ــد إنس ــان خ ــال من العيب س ــوى املعص ــومني عليهم الس ــالم?‪ .‬وإّنن ــا إذا م ــا نظرن ــا إىل‬
‫املعصــومني عليهم الســالم الــذين كــانوا مظهــر مجيــع احملاســن‪ ،‬بنظــرة مادّي ة‪ ،‬وإىل حيــاهتم املألى باملصــاعب‪ ،‬فــإّن هــذا‬
‫أيًض ا ُيعـّد نوًع ا من أنــواع النقص‪ ،‬فبالنهايــة‪ ،‬مجيعهم اسُتشــهدوا‪ .‬الشــهادة حتًم ا هي احلســنة األكــرب‪ ،‬واملنقبــة األكــرب‪،‬‬
‫لكن إن نظرن ــا إليه ــا بنظ ــر املادّينّي ‪ ،‬فمن املمكن أن ُيعـ ـّد ه ــذا نقص وعيب‪ ،‬وه ــو َمِل ك ــانت أعم ــارهم قص ــرية مثاًل ؟‬
‫وعلى أّي حــال‪ ،‬ال ميكنكم أن جتدوا شخًص ا ال يوجــد حولــه عالمــة ســؤال أو خــال من العيب‪ .‬فــإن وجــدت غـًد ا يف‬
‫زوجك عيًبا‪ ،‬فال تقولّن ‪ :‬ليتين كنت تزّو جت من شـخص خـال من هـذا العيب‪ ،‬ال‪ ،‬فـذلك الشـخص أيًض ا قـد يكـون‬
‫فيه عيب آخر‪ .‬ولتعلم هذا‪ .‬إًذا‪ ،‬توافقا وتكّيفا مع بعضكما‪ ،‬وأحّبا بعضكما‪.1‬‬

‫التواف ــق والتكّي ف داخ ــل األس ــرة أم ــر حس ــن‪ ،‬وليس عيًب ا‪ .2‬وه ــو من الواجب ــات‪ .3‬ومبق ــدار يقبح الت ــواؤم م ــع أمريك ــا‬
‫والصهاينة واألشرار‪،‬‬

‫‪.2/3/1984 1‬‬
‫‪.29/5/2002 2‬‬
‫‪.30/6/1999 3‬‬

‫‪145‬‬
‫فإن التكّيف والتواؤم مع الزوج أمر حسن‪ .‬بالطبع‪ ،‬التكّيف والتواؤم مع األصدقاء أمر جّي د‪ ،‬لكّن التــواؤم مــع الــزوج‬
‫أفضــل صـنوف التـواؤم‪ .‬وعلى اإلنسـان أن يتـواءم مـع زوجـه‪ .1‬مـع العـدّو ‪ ،‬ال تـواؤم وال تسـليم‪ ،‬أّم ا مـع الـزوج فينبغي‬
‫التواؤم والتسليم مًعا‪ .2‬ال ينبغي للزوجني أن يظنا بأهنما سيحصالن على ما يقوالنه‪ .‬وأن حيصـل كـّل مـا حيّبانـه ويـوّفر‬
‫هلم ــا الراح ــة‪ ،‬ال‪ ،‬فال ينبغي هلذا أن حيص ــل‪ .‬عليهم ــا أن يقـ ـّر را ب ــأن يتوافق ــا م ــع بعض ــهما البعض‪ .‬وه ــذا التواف ــق الزم‬
‫وضروري‪ .‬إذا رأيت أّن مرادك لن حيصل إاّل بالتنازل‪ ،‬فتنازل‪ .3‬بالطبع‪ ،‬على الطــرفني أن يتنــازال‪ ،‬لكّن املرأة‪ ،‬بســبب‬
‫طبيعتها املرنة واللّينة واللطيفة‪ ،‬ميكنها أن تبدي تواؤًم ا وتكّيًف ا بسهولة‪ .‬وال يعين هذا أّن نقول‪ ،‬على املرأة أن تتكّي ف‬
‫وتتــواءم عنــد كـّل صــخب وضــجيج يثــريه الرجــال أو عنــد كـّل طلب يف غــري مكانــه يطلبــه الرجــل‪ ،‬ال‪ .‬فالرجــال أيًض ا‬
‫م ــأمورون باإلنص ــاف والع ــدل‪ .4‬وليس ــت املس ــألة ب ــأن نق ــول إّن على املرأة أن تتب ــع زوجه ــا يف ك ـّل ش ــيء‪ ،‬ال‪ ،‬فه ــذا‬
‫الشــيء ال يقــول بــه اإلســالم وال الشــرع‪ ،‬واآليــة الشــريفة ﴿الِّر َج اُل َقَّو اُم وَن َعَلى الِّنَس اء﴾‪ 5‬ال تعــين أن تكــون املرأة‬
‫تابعة للزوج يف كّل األمور‪ .‬ال‪ ،‬أو أن نقول كمقّلدي الغرب هؤالء بأّن على املرأة أن‬

‫‪.23/3/2003 1‬‬
‫‪.9/9/2003 2‬‬
‫‪.30/6/1999 3‬‬
‫‪.3/10/2002 4‬‬
‫‪ 5‬النساء‪ /‬اآلية ‪.34‬‬

‫‪146‬‬
‫تق ــوم وتش ــرف على ك ـّل األم ــور وأّن الرج ــل ت ــابع هلا‪ .‬فه ــذا خط ــأ أيًض ا‪ .‬بالنهاي ــة‪ ،‬كالكم ــا ش ــريكان ورفيق ــان‪ ،‬ويف‬
‫موضع ما يتنازل الرجل‪ ،‬ويف موضع ما تتنازل املرأة‪ .‬أحدكما يتغاضى هنا عن ميله ورغبته‪ ،‬واآلخر يف موضع آخـر‪،‬‬
‫لتتمّك نا من العيش مًعا‪ .1‬فاجلمهورّية اإلسالمّية ال تنادي بسيادة الرجل‪ ،‬وال بسيادة املرأة‪ ،‬بل بسيادة األسرة‪.2‬‬

‫إّن عدم التوافق جيعل احلياة مريرة‪ .‬لقـد خلـق اهلل تعـاىل الـزوج‪ ،‬سـواًء الرجـل أو املرأة‪ ،‬ليكـون مصـدر اهلدوء والسـكن‬
‫لزوجـه‪ .‬وعـدم التوافـق يـؤّدي إىل سـلب الراحـة النفسـّية‪ .‬لـذا‪ ،‬يلـزم وجـود التـواؤم والتوافـق يف احليـاة املشــرتكة‪ .‬ولكي‬
‫يتمّك ن الطرفـان من قضــاء حيـاة حلـوة‪ ،‬عليهمـا التحّم ل فيمـا لـو كـان هنـاك نقص موجـود‪ .3‬لقـد اخّت ذ اإلسـالم داخـل‬
‫األســرة تــدبًريا‪ ،‬حبيث ينح ـّل االختالف بنفســه‪ .‬فــأمر الرجــل بإبــداء مالحظاتــه‪ ،‬وأمــر املرأة بإبــداء مالحظاهتا‪ ،‬فــإذا مــا‬
‫مُج عت هذه املالحظات وُأخذت بعني االعتبار‪ ،‬أساًس ا‪ ،‬لن تتالشـى أّي أسـرة ولن تـزول‪ .‬وغالًب ا مـا يكـون السـبب يف‬
‫تالشــي األســر عــدم االلتفــات إىل هــذه املالحظــات‪ .‬فالرجــل ال يعــرف املراعــاة‪ ،‬واملرأة ال حتّك م عقلهــا‪ ،‬هــو يتص ـّر ف‬
‫حبّد ة وقس ــاوة ال ح ــدود هلا‪ ،‬وه ــذه ال تتحّم ل‪ ،‬دائًم ا هن ــاك إش ــكاالت‪ ،‬هن ــاك إش ــكال على قس ــاوته‪ ،‬وإش ــكال على‬
‫متّر دها‪ .‬إذا مل يتعامل هو معها بقساوة‪ ،‬ومل تتمّر د هي عندما خيطئ هو‪ ،‬ولو أبديا‬

‫‪.8/4/1998 1‬‬
‫‪.2/3/1984 2‬‬
‫‪.4/3/2003 3‬‬

‫‪147‬‬
‫مالحظاهتما‪ ،‬وتوافقا مع بعضهما‪ ،‬لن تتالشى أّي أسرة‪ ،‬بل ستبقى ما دام العمر‪.1‬‬

‫بـالطبع‪ ،‬مل يضــع اإلسـالم طريًق ا مسـدوًد ا‪ ،‬فـإذا ال قـّد ر اهلل مل حيصــل توافـق بني املرأة وزوجهـا بـأّي وجـه من الوجـوه‪،‬‬
‫فـالطريق مفتـوح‪ ،‬وليس مسـدوًد ا‪ .‬لكن ينبغي عليهمـا التوافـق مهمـا أمكن‪ .‬ال يقـولّن أحـّد لزوجـه أنـا أفضــل منـك‪ ،‬ال‬
‫املرأة تقول لزوجها وال الزوج يقول لزوجته‪ .‬ماذا تعـين األفضـلّية؟ هـل تعـين أّن أبـاك أفضـل من أبيهـا؟ هـذا هـراء‪ ،‬وال‬
‫يقب ــل ب ــه اإلس ــالم‪ .‬ه ــل تع ــين أّن ثروت ــك أك ــرب من ث ــروة زوج ــك؟ وه ــذا أيًض ا ه ــراء‪ ،‬واإلس ــالم ال يع ـّد ه ــذا موجًب ا‬
‫لألفضلّية‪ .‬هـل تعـين أّنك أمجل من زوجـك؟‪ ...‬وهـذا أيًض ا هـراء‪ ،‬فاجلمـال والقبح ليسـا معيـاًر ا لألفضـلّية يف اإلسـالم‪،‬‬
‫أم يعــين أّن ك أتقى منــه‪ ،‬حس ـُن ‪ ،‬إن كنت أكــثر تقــوى منــه فال ينبغي أن تقــول هــذا‪ .‬هنــاك امتيــاز واحــد هــو التقــوى‬
‫والـدين‪ ،‬وهـذا ال جيب ذكـره‪ .‬فالـذي يقـول أنـا األفضــل‪ ،‬وأنـا أتقى منـك‪ ،‬فهـو حبّد ذاتـه تـنّز ل يف التقـوى‪ ،‬وهبـوط يف‬
‫مســتوى األخالق‪ .‬إًذا‪ ،‬ال معــىن ألن يقــول أحــدهم لزوجتــه أنــا أفضــل منــك‪ ،‬أو تقــول املرأة لزوجهــا أنــا أفضــل منــك‪.‬‬
‫ومــا تتصـّو رونه عنــدما يكــون والــد املرء ثرًّيا‪ ،‬وعائلتــه مشــهورة‪ ،‬على ارتبــاط مبســؤول مــا‪ ،‬أو ســلطة مــا‪ ،‬أو جهــة مــا‪،‬‬
‫فهذا ُيعّد مالًك ا لألفضلّية‪( ،‬هو تصّو ر خاطئ)‪ ،‬وال يرضى به اإلسالم‪ .2‬وعليه‪ ،‬فلتتوافقا‪ ،‬واغتنما ما قّد ر‬

‫‪.8/2/1997 1‬‬
‫‪.4/5/1984 2‬‬

‫‪148‬‬
‫لكما‪ ،‬وُعّد اه عطّية ونعمة إهلّية‪ ،‬لينزل اهلل تعاىل بركاته عليكما إن شاء اهلل تعاىل‪.1‬‬

‫ورد يف احلديث الشريف‪" :‬جهاد المرأة حسن التبّعل"‪ 2‬ماذا يعين حسـن التبّع ل؟‪ 3‬يف عهـد النظـام الطـاغويت‪ ،4‬عنـدما‬
‫كنت وأمث ـ ــايل يف مي ـ ــدان الكف ـ ــاح‪ ،‬ك ـ ــان النظ ـ ــام يكش ـ ــف أمرن ـ ــا ع ـ ــاجاًل أم آجال‪ ،‬فيبعث عمالءه وراءن ـ ــا‪ ،‬في ـ ــأتون‬
‫ويس ــحبوننا من بيوتن ــا أم ــام أعني زوجاتن ــا وأوالدن ــا ويأخ ــذوننا إىل معتقالت التع ــذيب التابع ــة للس ــافاك‪ .‬لق ــد ج ـّر بت‬
‫السجن‪ ،‬وحتّم لت التعذيب‪ ،‬لكّنين كنت أعلم بأّن املعاناة األكـرب تعانيهــا زوجـيت‪ ،‬القلــق‪ ،‬اخلوف‪ ،‬اهللــع‪ ،‬االضـطراب‪،‬‬
‫والغّص ة‪ ،‬ال ي ــدعون هلا جمااًل لله ــدوء حلظ ــة‪ .‬كنت أدرك ه ــذا األم ــر‪ .‬حىّت حني كنت أفّك ر وأن ــا يف الس ــجن‪ ،‬أو يف‬
‫احلبس االنفــرادي‪ ،‬كنت أجــد أّن وضــعها أصــعب من وضــعي‪ ،‬فكــان قلــيب حيرتق ألجلهــا‪ّ .‬مث بعــد ذلــك‪ ،‬حني كنت‬
‫أخرج من السجن‪ ،‬وأسأهلا وأحتّر ى األوضاع‪ ،‬فعلى الـرغم من أهّن ا مل تكن تـرغب بـالكالم‪ ،‬إاّل إّنين كنت أدرك مـاذا‬
‫جرى معها‪ .‬أن يريّب املرء بعض األطفال‪ ،‬من دون مدخول‪ ،‬وال مال‪ ،‬وال وسـيلة راحـة‪ ،‬وال أمن‪ ،‬ويـأيت إليـك بعض‬
‫األشخاص ويشمتون بك‪ ،‬وهل هناك أسوأ من هذا؟ كّن وحيدات يف البيوت‪ ،‬دون‬

‫‪.3/10/2002 1‬‬
‫‪ 2‬الكايف‪ ،‬باب اجلهاد‪ ،‬باب جهاد الرجل واملرأة‪.‬‬
‫‪.26/9/2002 3‬‬
‫‪.3/10/2002 4‬‬

‫‪149‬‬
‫رجال‪ ،‬ومل يكن معلوًم ا مصري آباء أطفاهلّن ‪ ،‬كّن األكثر معاناة‪ .1‬بعض النساء حني كّن يــذهنب إىل لقــاء أزواجهّن يف‬
‫الســجن‪ ،‬ويســأل األزواج عن حــاهلّن جينب بــأهّن ّن جّي دات‪ .‬وحني كــانوا يســألوهنن إن كّن يعــانني من مشــاكل مالّي ة‪،‬‬
‫كّن يقلن‪ :‬ال‪ ،‬وضــعنا املاّدي جّي د‪ .‬مــاذا عن األطفــال؟ هــل هم بصـّح ة جّي دة؟ وَمِل مل تــأِت هبم معــك؟ كــانت تقــول‪:‬‬
‫كانوا يلعبـون‪ ،‬ورأيتهم مسـرورين‪ ،‬مل أرد أن أعّك ر عليهم صـفو اجلّو ‪ّ .‬مث بعـد ذلـك يتـبنّي بـأّن الطفـل قـد كـان مريًض ا‬
‫لشهر من الزمن‪ .‬هذه املرأة مل تكن تريد لزوجهـا داخـل السـجن أن يعـرف مبرض ابنهـا حىّت ال يصـاب بـالقلق‪ .‬وحني‬
‫كان يسأل عن حاهلا كانت جتيب بأهّن ا يف أحسن حاالهتا‪ ،‬مع أهّن ا نفسها كانت حباجة إىل الرعاية‪ .‬كانت لــدينا مثــل‬
‫هذه النسوة‪ .‬وهذه األمور كّلها مساعدة‪ .‬بعض النساء مل يكّن كذلك‪ .‬ما إن كّن يذهنب للقــاء أزواجهّن حىّت يبـدأن‬
‫بالبكــاء والشــكوى‪ .‬ال مــال لــدينا‪ ،‬ال خــبز‪ ،‬ال أحــد يهتّم ألمرنــا‪ ،‬األوالد يريــدون أبــاهم‪ ،‬املدرســة قــالت كــذا وكــذا‪.‬‬
‫كّن ي ــوجعن قلب ذل ــك املس ــكني ال ــذي لدي ــه آالف املش ــاكل داخ ــل الس ــجن‪ ،‬باملش ــاكل خارج ــه‪ ،‬وب ــالطبع‪ ،‬يض ــعفن‬
‫إرادتـه‪ .‬وإذا مل يعقــد العــزم حينهــا على كتابـة تعّه د بعــدم مزاولــة العمــل الثـوري للخالص من أســر الســجن‪ ،‬فإّنه يقيًن ا‬
‫سرتتعد فرائصه حني يريد اإلقدام يف املّر ة التالية على القيـام بـأمر مهّم (كهـذا)‪ .2‬منـذ بدايـة الثـورة‪ ،‬لعبت النسـاء أحـد‬
‫أهّم األدوار يف الثورة‪ .‬وسواًء يف أحداث الثورة نفسها‪ ،‬أو يف السنوات الثماين حلرب‬

‫‪.23/9/2004 1‬‬
‫‪.3/10/2002 2‬‬

‫‪150‬‬
‫الدفاع املقّد س‪ ،‬لعبت األّم هات والزوجات دوًر ا كبًريا‪ ،‬إن مل نقل بأّنه أخطـر وأكـثر إيالًم ا ومعانـاًة من دور الرجـال‪،‬‬
‫فإّن ه يقيًن ا ال يقـ ـّل عن ــه‪ .‬األّم ال ــيت رّبت ول ــدها‪ ،‬وعزيزه ــا‪ ،‬ومثرة فؤاده ــا مثاين عش ــرة س ــنة ‪ -‬ولرمّب ا أك ــثر أو أقـ ـّل ‪-‬‬
‫وأوصــلته إىل مرحلــة النضــوج مبحّب ة األّم تلــك‪ ،‬وهي اليــوم ترســله إىل ســاحة القتــال‪ ،‬وال تعلم حىّت إن كــان جثمانــه‬
‫سيعود أم ال‪ ،‬هل ُيقـاس عملهـا هـذا بـذهاب ذاك الشـاّب ؟ فـذاك الشـاّب يتحـّر ك بشـوق الشـباب ومحاسـه‪ ،‬املصـحوب‬
‫باإلميان والروحّي ة الثورّية ويـذهب‪( .‬ولـذا) عمـل هـذه األّم إن مل يكن أهّم وأعظم من عمـل ذاك الشـاّب ‪ ،‬فيقيًن ا ليس‬
‫بأقّل منه‪ .‬ومن ّمث‪ ،‬حني يأتون جبسـده إليهـا‪ ،‬تفتخـر بـأّن ولـدها شـهيد‪ .‬هـل هـذا بالشـيء القليـل؟ حركـة النسـاء هـذه‪،‬‬
‫كانت حركة زينبّية يف ثورتنا‪.1‬‬

‫كم نشــعر بــالقلق عنــدما يتعـّر ض أوالدنــا لنزلــة بــرد‪ ،‬ويســعلون قلياًل ؟ هــل يف األمــر مزاًح ا عنــدما يــذهب ابن عائلــة مــا‬
‫فيقاتــل ويستشــهد‪ ،‬ويــذهب الثــاين ويستشــهد‪ ،‬ويــذهب الثــالث وُيستشــهد؟ وتــأيت هــذه األّم بأحاســيس األمومــة تلــك‬
‫الس ــليمة والفـ ـّو ارة واجلّياش ــة‪ ،‬وت ــؤّدي هك ــذا دور وتشـ ـّج ع مئ ــات األّمه ــات األخري ــات بإرس ــال أوالدهّن إىل مي ــدان‬
‫القتال‪ .‬ولو أّن هـؤالء األّمهـات ولـولن وانتحنب عنـدما جيء إليهّن جبثـامني أوالدهّن ‪ ،‬أو عنـدما مل تعـد هـذه اجلثـامني‪،‬‬
‫واش ــتكني‪ ،‬وش ــققن اجلي ــوب‪ ،‬واعرتض ــن على اإلم ــام وعلى احلرب‪ ،‬يقيًن ا لكّن ا خس ــرنا احلرب يف س ــنواهتا ومراحله ــا‬
‫األوىل‪ .‬هذا هو دور أّم هات الشهداء‪.‬‬

‫‪.21/4/2010 1‬‬

‫‪151‬‬
‫زوجات الشهداء الصبورات‪ ،‬النساء الشاّبات‪ ،‬يفقدن أزواجهّن الشباب يف بداية حياهتّن العائلّية العذبـة‪ ،‬الـيت يتطّلعن‬
‫إليها‪ .‬فريضني أّو اًل بذهاب هذا الزوج الشاّب إىل مكان قد ال يعود منه‪ ،‬ومن ّمث يتحّم لن شهادته‪ ،‬ويفتخرن ويــرفعن‬
‫رؤوســهّن عالًي ا‪ .‬هــذه أدوار ال مثيــل هلا‪ .‬ومن ّمث‪ ،‬مــا هــو مســتمّر إىل اآلن هــو أن تكــون زوجــة جــريح‪ .‬هنــاك بعض‬

‫النســاء ذهنب وتــزّو جن جــرحى‪ .‬أن يــذهب أحــدهم بصــفته إنســاًنا ملتزًم ا وصــاحب مســؤولّية‪ ،‬فيتط ـّو ع من دون أّي‬
‫إجب ــار لالهتم ــام برج ــل ج ــريح مع ـّو ق‪ ،‬وأحياًن ا س ـّيئ األخالق بس ــبب وض ــعه اجلس ــدّي أو اخلل ــل الن ــاجم عن تعّر ض ــه‬

‫لعصف انفجار وغريه‪ ،‬فهذه تضحية كبرية‪ .‬قد يقول أحـدكم سـآيت سـاعتني يومًّي ا لالهتمـام بـك‪ .‬وحني تـذهب كـّل‬
‫ي ــوم يق ــوم بش ــكرك‪ .‬أحياًن ا يك ــون األم ــر مغ ــايًر ا‪ ،‬حيث تقبلني ب ــأن تك ــوين زوجت ــه وتش ــاركينه احلي ــاة‪ ،‬أي أص ــبحت‬
‫متعّه دة! فطبيعة العمل هي أن تقومي به أنِت ‪ .‬لقد قـّد م هـؤالء (النسـوة) هـذا النـوع من التضـحيات‪ .‬أساًس ا‪ ،‬ال ميكن‬
‫تقدير دور النساء‪ .‬وأنا أقّر وأعرتف بأّن أّو ل من أدرك وفهم هذا الدور هو إمامنا (اخلميين) العظيم‪.1‬‬

‫أّيتها السّيدات‪ ،‬إّن املشـّق ات الـيت تتحّم لنهـا بسـبب عمـل أزواجكّن ال يـذهب منهـا مقـدار ذّر ة هـدًر ا‪ ،‬فاحتسـبنها عنـد‬
‫اهلل‪ ،‬واطلنب أجرها منه تعاىل‪ ،‬وسيكافئكن اهلل تعاىل عليها‪ .. .‬لطاملا قلت‪ ،‬إّن أجر النساء يف هــذه األمــور هــو نصــف‬
‫األجر باحلّد األدىن‪ .‬ولقد ُس ئلت‪َ :‬مِل تقول باحلّد‬

‫‪.4/1/2012 1‬‬

‫‪152‬‬
‫األدىن‪ ،‬القســمة العادلــة هي بــأن ُيقّس م األجــر اإلهلي على ك ـّل من املرأة والرجــل بالتســاوي‪ ،‬مخســون يف املئــة للرجــل‬
‫ومخســون يف املئــة للمــرأة‪َ ،‬مِل يكــون أجــر املرأة أكــثر؟ أقــول‪ :‬الســبب يف هــذا هــو أّن الرجــل عنــدما ينجــز عماًل مــا فــإّن‬
‫ذلك يكون أمام أعني اجلميع والكّل يراه‪ ،‬وعليـه فإّنه ينـال بعض الثنـاء واملديح من النـاس‪ ،‬وهـذا بعض من أجـره‪ ،‬أّم ا‬
‫املرأة اليت تكون يف بيتها‪ ،‬وال أحد يعلم مـا عـانت وتعـاين‪ ،‬فلن يناهلا شـيء من املدح والتصــفيق والتهليـل‪ ،‬لـذا‪ ،‬يكـون‬
‫أجرها أكرب هبذا املقدار‪.1‬‬

‫إن كانت املرأة يف البيت موافقة على عمل زوجها‪ ،‬ميكن أن يتضاعف نشاط زوجها وجهده أضعاًفا مضــاعفة ‪ .‬وإّن‬
‫‪2‬‬

‫كـّل جهــد وعمــل يقــوم بــه الرجــل يف امليــادين املختلفــة‪ ،‬هــو رهن ملوافقــة زوجتــه وتعاوهنا وصــربها ومواءمتهــا إىل حـّد‬
‫كبري‪ .‬وهذا مــا حيصــل دوًم ا‪ .3‬وهــذا مــا يعنيــه قــول الرســول األكــرم صــلى اهلل عليــه وآلــه وســلم‪" :‬جهاد المرأة حسن‬
‫التبّعل"‪ .‬أي أن هتّيئ األرضّية بنحو ميّك ن زوجها من القيام بعمله بسهولة‪ .4‬يتصـّو ر البعض بـأّن جهـاد املرأة بـأن هتّيئ‬
‫للرجل وسائل الراحة فحسب‪ .‬وحسن التبّعل ال ينحصر هبذا‪ ،‬وهـذا ليس جبهـاد‪ ،‬اجلهـاد هـو بـأن حتمـل املرأة اجملاهـدة‬
‫واملؤمنة واملضّح ية‪ ،‬حينما يتصّد ى زوجها ملسؤولّية كبرية‪ ،‬ثقل املهّم ة على عاتقها إىل حّد كبري‪ .‬عندما‬

‫‪.23/9/2004 1‬‬
‫‪.3/2/1983 2‬‬
‫‪.10/10/2002 3‬‬
‫‪.21/3/1993 4‬‬

‫‪153‬‬
‫يتعب الرجـل‪ ،‬يظهـر تعبـه يف الـبيت‪ .‬فعنـدما يعـود من عملـه تعًب ا‪ ،‬مرهًق ا‪ ،‬وأحياًنا معّك ر املزاج بسـبب أجـواء العمـل‪،‬‬
‫فــإّن هــذا ســينعكس داخــل الــبيت‪ .‬واآلن‪ ،‬إذا مــا أرادت هــذه املرأة أن جتاهــد‪ ،‬فــإّن جهادهــا يكــون بــالتكّيف مــع هــذه‬
‫املشاكل‪ ،‬وبتحّم لها يف سبيل اهلل‪ ،‬هذا هو حسن التبّعل‪.‬‬

‫عندما هاجر النّيب صلى اهلل عليه وآلـه وسـلم من مّك ة إىل املدينـة‪ ،‬كـان عمـر أمـري املؤمـنني عليـه السـالم ثالثـة أو أربعـة‬
‫وعشرين عاًم ا‪ .‬وقد شرع منذ البداية باجلهاد وشارك يف املعـارك املختلفـة‪ .‬وكـان هـذا الشـاّب يف هـذه املعـارك كّلهـا‪،‬‬
‫إّم ا حاماًل لّلواء‪ ،‬أو يف املقّد مة‪ ،‬أو بطلها األساسي‪ .‬اخلالصة‪ ،‬فقد كـان احلمـل األكـرب على عاتقـه‪ .‬فـاحلرب ال تعـرف‬
‫الــوقت‪ ،‬حني يكــون اجلّو حـاًّر ا‪ ،‬أو بــارًد ا‪ ،‬يف الصــباح‪ ،‬أو حني يكــون ولــدك مريًض ا‪ .‬ولقــد شــارك أمــري املؤمــنني عليــه‬
‫السالم يف فرتة السـنوات العشـر من حكومـة الرسـول صـلى اهلل عليـه وآلـه وسـلم والـيت وقعت فيهـا تقريًب ا سـبع معـارك‬
‫كبــرية وصــغرية ـ من املعــارك الــيت اســتمّر ت على ســبيل املثــال شــهًر ا أو أكــثر‪ ،‬إىل املعــارك الــيت اســتغرقت عـّد ة أّيام ـ يف‬
‫املعارك كّلها ما عدا واحدة‪ .‬وإضافة اىل املعارك‪ُ ،‬بعث عليه السالم يف مأمورّيات‪ ،‬كما حدث عنـدما أوفـده الرسـول‬
‫صــلى اهلل عليــه وآلــه وســلم إىل اليمن‪ ،‬للقضــاء بني أهلهــا‪ .‬ولــذا‪ ،‬فــإّن فاطمــة الزهــراء عليهــا الســالم كــانت دوًم ا أمــام‬
‫حــاالت ع ـّد ة‪ ،‬فإّم ا أن يكــون زوجهــا يف احلرب‪ ،‬أو يعــود إليهــا منهــا جرًحيا‪ ،‬أو يكــون إىل جــانب الرســول صــلى اهلل‬
‫علي ــه وآل ــه وس ــلم يف األعم ــال املهّم ة داخ ــل املدين ــة‪ ،‬أو يف س ــفر عم ــل‪ .‬فك ــانت عليه ــا الس ــالم م ــع ه ــذه األوض ــاع‬
‫والظروف الصعبة‪ ،‬ومع هذا الزوج الكثري العمل واملشاغل‪،‬‬

‫‪154‬‬
‫تتعامل بغاية احملّبة والتضحية‪ ،‬ورّبت أربعة أطفال يف مدرسة تربيتها وتعليمها السماوّية‪ ،‬أحدهم اإلمام احلسني? عليــه‬
‫السالم الذي ال جتد اليوم يف تاريخ البشر كاّفة علًم ا للحرّية والفخار أبرز وأعلى منه‪ .‬إًذا‪ ،‬هذا هو حسن التبّعل‪.‬‬

‫إن حتّم لّنت أّيتهـا النسـاء العنـاء الـذي يسـّببه أزواجكّن لكن بسـبب أعمـاهلم‪ ،‬ونشـاطاهتم وجهـادهم‪ ،‬فلهـذا العنـاء أجـره‬
‫عنــد اهلل تعــاىل‪ ،‬وال يعلم أحــد أجــر حلظــة أو ســاعة من هــذا العنــاء‪ .‬الكثــريون ال يعرفــون عنــاءات النســاء‪ .‬ولقــد اعتــاد‬
‫النــاس على فكــرة أّن العنــاء شــيء يقــوم بــه اإلنســان بيديــه وجســده‪ ،‬وال يعرفــون أّن العنــاء الــروحي والنفســي يكــون‬
‫أص ــعب يف بعض األحي ــان‪ .‬الرج ــال ال يلتفت ــون جّي ًد ا للكث ــري من عن ــاءاتكن‪ ،‬لكّن اهلل تع ــاىل ال ــذي "ال تخفى علي ‪EE‬ه‬
‫خافي‪E‬ة"‪ 1‬ينظــر إىل أعمــالكّن وســيعطيكّن األجــر والثــواب عليهــا‪ ... .‬كلمــا ســاعدِت يف جناح ذلــك الشــاّب الــذي هــو‬
‫زوجك‪ ،‬ولديه هذه املسؤولّية‪ ،‬يكون قدرك وأجرك أكرب عند اهلل تعاىل‪.2‬‬

‫وثوابك مضمون أكـثر من ثـواب زوجـك‪َ .‬مِل؟ ألّنه إن كـان زوجـك ‪ -‬ال قـّد ر اهلل ‪ -‬قـد باشـر هـذا العمـل اخلرّي على‬
‫سبيل الرياء‪ ،‬ومن دون قصد القربة إىل اهلل تعـاىل‪ ،‬وورد هـذا العمـل هبذه النّي ة السـيئة‪ ،‬فإّنه خيسـر ثوابـه‪ .‬أّم ا أنِت الـيت‬
‫تتحّم لينه‪ ،‬وتريّب أوالده‪ ،‬وحتفظي أمانته وشرفه‬

‫‪ 1‬الكايف‪ ،‬كتاب الروضة‪ ،‬من خطبة ألمري املؤمنني عليه السالم‪.‬‬


‫‪.10/10/2002 2‬‬

‫‪155‬‬
‫ومسعته‪ ،‬وتؤّم ين لــه وســائل الراحــة‪ ،‬تضــحكني يف وجهــه‪ ،‬وتعيشــني معــه كزوجــة الئقــة‪ ،‬فــإّن ثوابــك مضــمون‪ .‬وهــذا‬
‫امتياز كبري جًّدا لك‪.‬‬

‫إذا ك ــان ال ــزوج يف ص ــدد التحصـ ــيل العلمي‪ ،‬أو العم ــل واجله ــاد يف مؤّس س ــات وتش ــكيالت اجلمهورّي ة اإلس ــالمّية‪،‬‬
‫فلتساعده الزوجة ليتمّك ن من القيام بعمله براحة‪ .1‬ولتعرفن قدر أزواجكّن ‪ .‬فهم اليوم من أفضل أبناء شعبنا‪ .‬ال أقول‬
‫أفض ــلهم‪ ،‬ب ــل من أفض ــلهم‪ .‬مِل ؟ ألّنكّن حني ت ــرون مجاع ــة ال تفّك ر س ــوى مبص ــاحلها الشخصـ ـّية‪ ،‬وتري ــد ب ــأّي طريق ــة‬
‫كانت‪ ،‬من خالل الكذب‪ ،‬والتزوير‪ ،‬والتمّلق‪ ،‬وخلط احلّق بالباطل‪ ،‬واالرتباط هبذا التّيار وذاك‪ ،‬والتكّلم طبًق ا لرغبــة‬
‫إنس ــان مبط ــل‪ ،‬ومن خالل أن ــواع االحتي ــال‪ ،‬دّر املن ــافع على نفس ــها ـ ـ ب ــالطبع‪ ،‬يوج ــد يف مجي ــع بل ــدان الع ــامل أض ــعاف‬
‫مضاعفة عّم ا هـو موجـود يف بلـدنا من هـؤالء اجلماعـات ـ يف مثـل هكـذا جـّو ‪ ،‬عنـدما خيتـار الرجـل عماًل ‪ ،‬ويشـعر بأّنه‬
‫ي ــؤّدي تكليًف ا هبذا العم ــل‪ ،‬فه ــذا العم ــل وه ــذا اإلنس ــان كالمها ش ــريفان‪ ،‬خاّص ة عن ــدما تك ــون ه ــذه الوظيف ــة خط ــرية‬
‫وصعبة‪ .‬وكونك زوجة هلذا الرجل هلو موضع افتخار‪.‬‬

‫اعرفــوا قــدر هــؤالء الرجــال‪ ،‬وهــذه األعمــال وأحياًن ا هــذه الصــعاب‪ ،‬واعلمــوا أّن الشــيء الــذي ينفض غبــار االرهتان‬
‫واملهانة والذّل عن وجه شعب ما وميحوه‪ ،‬هـو وجـود مثـل هـؤالء الرجـال يف ذلـك البلـد وبني ظهـراين ذلـك الشـعب‪.‬‬
‫عندما يوجد يف أّي شعب رجال مستعّد ون‬

‫‪.21/3/1993 1‬‬

‫‪156‬‬
‫للمخاطرة من أجل القيام باملهّم ات الكربى‪ ،‬والتضحية من أجلها‪ ،‬سينجو من املهلكـة‪ .‬وإّن الشـعب الـذي يـرغب يف‬
‫البقــاء حتت ســقف العافيــة ‪ -‬ولــو أّدى ذلــك إىل إخــراج املئــات من حتتــه ‪ -‬والشــعب الــذي ليس فيــه رجــل مــؤثر على‬
‫نفســه‪ ،‬وجماهــد وشــجاع وواٍع وذو عــزم يف طريــق احلّق ‪ ،‬فلــو مضــى ســنوات من عمــره‪ ،‬فلن تبارحــه املذّل ة‪ ،‬أي هــو‬
‫البالء نفس ــه ال ــذي اس ــتطاعوا إنزال ــه على رؤوس ــنا يف ه ــذا البل ــد ملّد ة من ال ــزمن‪ ،‬وال ــذي ينزلون ــه الي ــوم على رؤوس‬
‫الشــعوب يف الكثــري من البلــدان اإلســالمّية وغــري اإلســالمّية‪ .‬وعليــه‪ ،‬فلتفتخــروا برجــالكم‪ .1‬فعملهم ذو شــأن عنــد اهلل‬
‫تعــاىل‪ .‬ولــذا‪ ،‬فــإّن مســاعدهتم ومعــاونتهم افتخــار‪ .‬قومــوا هبذا العمــل هبذه النّي ة‪ ،2‬فمهمــا خـدمِت هـذا الشــاّب ‪ -‬الــذي‬
‫هــو زوجــك والــذي ميضــي فــرتة شــبابه يف طريــق احلّق ‪ -‬تكــون خــدمتك يف ســبيل اهلل‪ .‬حياتــك الزوجّي ة ليســت حيــاة‬
‫زوجّي ة بســيطة وعادّي ة‪ ،‬بــل هي ميــدان خدمــة لــك‪ .‬وعليــه‪ ،‬فلــرتجي الثــواب واألجــر عنــد اهلل تعــاىل‪ ،‬ولتق ـّد ري هــذه‬
‫الفرصة‪.3‬‬

‫أّيتها السّيدات‪ ،‬أنّنت مبكانة أخوايت وبنايت‪ .‬وأزواجكّن مبكانة أبنائي‪ .‬مثل هكذا أزواج هم مصدر فخر‪ ،‬واعلمن بــأّن‬
‫أعني النــاس موّج هــة إليكّن ‪ .‬فــإن رأوا بــأّن الس ـّيدة الفالنّي ة تعــري اهتماًم ا كب ـًريا للمظــاهر والزخــارف وللتنــافس وهــذه‬
‫األمور اليت ال معىن هلا‪ ،‬يقولون‪،‬‬

‫‪.19/10/2001 1‬‬
‫‪.19/10/2001 2‬‬
‫‪.19/10/2001 3‬‬

‫‪157‬‬
‫انظروا! كم هم مّد عون‪ ،‬وانظـروا إىل زوجـاهتم كيـف هّن ‪ ،‬عليكّن أن تنتبهن‪ .‬فاحلفــاظ على مسعة هـؤالء األزواج إمّن ا‬
‫هو يف احلقيقة حفظ لسمعة الثورة‪ ،‬وحفظ لسمعة البلد‪ ،‬وعليكّن أن حتافظن على هذه األمور‪ .‬بالنهاية‪ ،‬هلذه العوائل‬
‫امتيــازات من جهــة‪ ،‬وميكن أن يكــون لــديها ممنوعــات ونقصــان من جهــة أخــرى‪ .‬وهــذا موجــود يف كـّل مكــان‪ ،‬وعنــد‬
‫سـائر البشـر‪ .‬فال جيتمـع كـّل شـيء ألحـد! وينبغي التحّم ل‪ .‬عليكّن أن تعشـن بنحـو يرضـى عنـه اهلل تعـاىل‪ .‬وإيّن أؤّك د‬

‫عليكّن أّيته ــا الس ـّيدات الش ــاّبات‪ ،‬أنّنت زوج ــات ه ــؤالء الش ــباب‪ ،‬ب ــأن ت ــراعني املوازين الش ــرعّية والثورّي ة‪ ،‬وأن تكّن‬
‫مظهًر ا للثورة‪ ،‬وللمرأة الثورّية‪ .‬ال تعـرن كثـري األمهّي ة لبعض هـذه املظـاهر‪ .‬فال ينبغي لإلنسـان أن ينفـق كـّل مـا حيصـل‬
‫عليه من أموال على الذهب والزينة واملظــاهر وأمثاهلا‪ .‬فهــذا دون شــأنك ‪ ﴿ .1‬ا ِن اء الَّنِبِّي ن ْأِت ِم نُكَّن ِبَف اِح َش ٍة‬
‫َم َي‬ ‫ّن َي َس‬
‫ُّمَبِّيَنٍة ُيَض اَعْف َلَه ا اْلَعَذ اُب ِض ْع َف ْيِن ﴾‪ - 2‬اخلطاب موّج ه لنساء النـّيب ‪ -‬فكـّل من تـأيت من نسـاء النـّيب بفاحشـة يكـون‬
‫ِلِه‬ ‫ِم ِلَّل ِه‬ ‫َّل ِه ِس‬ ‫ِل‬
‫عــذاهبا مضــاعًف ا‪َ .‬مِل؟ ألهّن ّن نســاء النـّيب‪َ﴿ .‬و َك اَن َذ َك َعَلى ال َي يًر ا﴾‪َ﴿ .‬و َم ن َيْق ُنْت نُكَّن َو َرُس و َو َتْع َم ْل‬
‫َص اِلًح ا ُّنْؤ ِتَه ا َأْج َر َه ا َم َّر َتْيِن ﴾‪ ,‬وهكــذا األمــر بالنســبة للجــانب املقابــل من املســألة‪ ،‬فــإن عبــدت اهلل‪ ،‬وعملت العمــل‬
‫الصاحل‪ ،‬نعطيك أجًر ا مضاعًف ا عن أجر الناس اآلخرين‪ .‬أي إّن أجـر صـالة زوجـة الرسـول?صـلى اهلل عليـه وآلـه وسـلم‬
‫مضاعف مّر تني عن أجر الناس اآلخرين بشكل عادّي ‪ .‬وأجر عبادهتا كذلك‪.‬‬

‫‪.21/3/1993 1‬‬
‫‪ 2‬سورة األحزاب‪ /‬اآليات‪.32 - 30 :‬‬

‫‪158‬‬
‫وإذا ‪ -‬ال مسح اهلل ‪ -‬اغتابت أحًد ا‪ ،‬يكون إمثها مضاعًف ا م تني عن إمث الناس اآلخرين‪ ﴿ .‬ا ِن اء الَّنِبِّي َل ُتَّن َك َأ ٍد‬
‫َح‬ ‫ْس‬ ‫َي َس‬ ‫ّر‬
‫ِن‬
‫ِّم َن الِّنَس اء ِإ اَّتَق ْيُتَّن ﴾‪ ،‬ول ــديكّن امتي ــاز عن النس ــاء األخري ــات يف ح ــال اتقيّنت ‪ .‬يق ــول بع ــد ذل ــك‪َ﴿ :‬فاَل َتْخَض ْع َن‬
‫َّلِذ ِف ِبِه‬ ‫ِب ِل‬
‫اْلَق ْو َفَيْطَمَع ا ي ي َقْل َم َر ٌض َو ُقْلَن َقْو اًل َّمْع ُر وًفا﴾‪ .‬هذا خطاب لنساء النّيب‪ .‬لكن ال خصوصـّية لنسـاء النـّيب‬
‫(بذاهتّن )‪ ،‬وخصوصّيتهّن هي باالنتساب للنيب‪.1‬‬

‫بالطبع‪ ،‬أقول لكم أّيها الشـباب األعـّز اء‪ ،‬أّنه ينبغي عليكم أن تكونـوا مناذج يف احليـاة الزوجّي ة‪ .‬أحياًنا أمسع عن بعض‬
‫األفراد أخباًر ا تظهر عكس ذلك‪ .‬فالرجـل املؤمن‪ ،‬والـذي يسـري يف طريـق اهلل‪ ،‬عليـه أن تكـون مجيـع ميـادين وسـاحات‬
‫حياته إهلّية‪ .‬وإحدى هذه امليادين التعامـل مـع العائلـة‪ ،‬وخاّص ة الزوجـة واألوالد‪ .‬عليكم أن تصــبحوا مظهـر األخالق‪،‬‬
‫قد تغضبون خارج البيت بسبب وقوع حادثة صغرية ما‪ ،‬لكن ال ينبغي هلذا الغضب أن ينعكس داخل البيت‪ .‬كونــوا‬
‫ودودين م ــع زوجــاتكم‪ .‬وتع ــاملوا م ــع أبنــائكم كآبــاء بك ـّل م ــا حتمل ــه الكلم ــة من مع ــىن‪ .‬وإّن ين يف املناس ــبات املختلف ــة‬
‫أوصي مجيع املسؤولني بأن يكونوا آباًء ألبنائهم‪ ،‬وال يتعاملوا معهم كغرباء‪.2‬‬

‫اهتّم وا بعائالتكم‪ .‬ال تقولوا هنـاك أعمـال مهّم ة وخطـرية على عاتقنـا‪ ،‬ولـو تأّخ رنـا سـاعة أو سـاعتني‪ ،‬ومل نضـحك يف‬
‫وجوههم‪ ،‬ال‬

‫‪.27/7/2005 1‬‬
‫‪.19/10/2001 2‬‬

‫‪159‬‬
‫نكون قد كفرنا‪ ،‬ولن تقع السماء على األرض‪ ،‬ال‪ .‬إّنين أوصـي مســؤويل البالد كاّفة‪ ،‬وأقــول هلم‪ ،‬خّص صــوا ســاعات‬
‫من الليـ ـ ــل أو النهـ ـ ــار وأوقـ ـ ــات الفـ ـ ــراغ ألسـ ـ ــركم‪ .‬ولينعم نسـ ـ ــاؤكم وأبنـ ـ ــاؤكم مبحّبتكم‪ ،‬ورعـ ـ ــايتكم‪ ،‬واهتمـ ـ ــامكم‬
‫وعــاطفتكم‪ .1‬وال يــنزعجوا من الــبيت واحليــاة‪ .‬البعض خيرجــون من الــبيت يف الصــباح البــاكر ويعــودون عنــد العاشــرة‬
‫مســاًء‪ .‬ال! حنن عــادة نوصــي من تتــوافر لــديهم اإلمكانّي ة‪ ،‬أن يــأتوا إىل الــبيت حىّت وقت الظهــرية‪ ،‬ويقض ــوا وقًت ا مــع‬
‫نس ــائهم وأوالدهم‪ ،‬يتن ــاولوا طع ــامهم يف جـ ـّو ع ــائلي‪ ،‬ويقض ــوا س ــاعة م ــع بعض ــهم البعض‪ ،‬ومن ّمث ينص ــرفون ملتابع ــة‬
‫أعمــاهلم‪ .‬وأن يــأتوا أيًض ا يف الــوقت املناســب‪ ،‬أّو ل الليــل لرؤيــة أوالدهم‪ ،‬وليكن لــديهم اجتمــاع عــائلّي حقيقّي ‪ .2‬وال‬
‫يكـونّن األمـر بـأن يتصـّو ر اجلميـع بـأّن (املرأة) إن أصـبحت زوجـة مسـؤول فهـذا يعـين انتهـاء وقت الراحـة‪ .‬ال يـا سـّيد!‬
‫فينبغي للمحّب ة‪ ،‬واللطــف‪ ،‬والعاطفــة واالهتمــام بالعائلــة‪ ،‬وخاّص ة الزوجــة واألوالد‪ ،‬وبالنســبة ألولئــك الــذين ال يــزال‬
‫وال ــديهم على قي ــد احلي ــاة‪ ،‬أن يكون ــوا يف املس ــؤولّيات ال ــيت نتص ـّد ى هلا أن ــا وأنتم أك ــثر من الن ــاس الع ــادّيني‪ .‬عليكم أن‬
‫تكونوا مثااًل ‪.3‬‬

‫أوالدكم الي ــوم حباج ــة إىل مص ــدر حمّب ة وه ــذا املص ــدر ه ــو مؤّس س ــة األس ــرة‪ .‬اهتّم وا ب ــأوالدكم‪ ،‬وتع ــاملوا معهم ب ــأبّو ة‬
‫وبصداقة‪ .‬أفضل اآلباء من هم رفاق ألبنائهم وبناهتم‪ .‬فهم الكبار الذين يتحّلون باإلرشاد‬

‫‪.21/3/1993 1‬‬
‫‪.9/9/1997 2‬‬
‫‪.21/3/1993 3‬‬

‫‪160‬‬
‫والتوجيه واحملّبة األبوّية الفاحتة لآلفاق‪ ،‬ويشّك لون بالنسبة ألوالدهم الرفيق الذي يشكون له مهومهم‪ .‬إن كان البنكم‬
‫أسئلة وكالم وهّم يشكوه‪ ،‬فينبغي ألذنك وأذن زوجتك أن تكون األذن األوىل اليت تستمع له‪.‬‬

‫إًذا‪ ،‬وصّييت األبوّية لكم أّيها الشباب األعّز اء هي أن تنّظموا أعمالكم داخل األسرة بعقالنّية‪ .‬وكيف يكون التص ـّر ف‬
‫العقالئي؟ باحملّب ة والتواج ــد داخ ــل ال ــبيت ـ ـ باملق ــدار امليس ــور ـ ـ وبالش ــفافّية واالهتم ــام‪ ،‬ال بالالمب ــاالة والعب ــوس‪ .‬وه ــذه‬
‫املسؤولّية اليوم‪ ،‬تقع على عاتقكم‪ .‬اعملوا على أن تصنعوا من هذه الغرسات احلديثة اليت تنمو وتكرب حـولكم ـ والـيت‬
‫أصلها من أصلكم ـ شجرة عظيمة‪ ،‬وعلى أن يشعر شبابكم بأّن لديهم سنًد ا دافًئا (يركنون إليه)‪.‬‬

‫ختالطوا م ــع أوالدكم وعاش ــروهم‪ ،‬وحتّننــوا على زوجــاتكم وس ــاعدوهّن ‪ .‬وينبغي لزوجــاتكم واقًع ا أن يش ــعرن بــأّنكم‬
‫تق ـ ـّد رون جهـ ــودهّن ‪ .1‬إن مل تكن زوجتـ ــك متعاونـ ــة ومتوافقـ ــة معـ ــك‪ ،‬فإّن ك لن تس ــتطيع العم ــل‪ .‬إن قلتم ال‪ ،‬نقـ ــول‬
‫فلنج ـ ـّر ب ذلـ ــك‪ ،‬سـ ــنطلب من ه ــذه الزوج ــات أن تتعامـ ــل معكم ب ــأخالق سـ ـّيئة لت ــدركوا الوض ــع‪ .‬إهّن ّن إذ يتكّيفن‪،‬‬
‫ويتعــاوّن ‪ ،‬ويســاعدن‪ ،‬ويتعــاملن بــأخالق حســنة‪ ،‬ويتص ـّد ين ألمــور الــبيت‪ ،‬ويــرّبني األوالد‪ ،‬وحيافظن على ج ـّو الــبيت‬
‫هادًئا‪ ،‬هلو من أكرب عوامل جناحكم يف عملكم‪ .‬هكذا هم الرجال‪ ،‬عندما يتصّد ون خارج البيت لعمل ما ‪-‬‬

‫‪.19/10/2001 1‬‬

‫‪161‬‬
‫عمــل سياســي‪ ،‬أو جتاري‪ ،‬أو عســكري‪ ،‬أو ألّي عمــل آخــر ‪ -‬جيّد ويســعى ويبــذل جمهــوًد ا كب ـًريا‪ ،‬ويتعب ويعــود إىل‬
‫الــبيت‪ ،‬فيظّن نفســه أّنه قــد فتح خيــرب‪ ،‬وأّن هــذه السـّيدة خلــف اجلبهــة كــانت عاطلــة عن العمــل‪ ،‬غــافاًل عن أّنه لــو مل‬
‫تكن هذه السّيدة خلف اجلبهة‪ ،‬ملا استطاع القيام بشيء يف تلك اجلبهـة‪ .‬عليكم أّيهـا الشـباب‪ ،‬والسـادة اآلخـرون‪ ،‬أن‬
‫تعرفوا قدر زوجاتكم‪ .‬وحذاِر أن يظهر من الرجل املؤمن والثوري تصـّر ف وخلــق خمالف لتعــاليم اإلسـالم فيمــا يتعّل ق‬
‫بتعامل الرجل مع زوجته‪ .‬بالطبع‪ ،‬النسـاء لسـن معصــومات! وال نريـد القـول إّن كـّل التقصــري منكم أّيهـا الرجـال‪ ،‬ال‪،‬‬
‫على السّيدات أيًض ا أن يتعاوّن ويساعدن ويتحّم لن‪ ،‬بالنهاية‪ ،‬هناك مصاعب‪.1‬‬

‫هناك شيء أوّد أيًض ا أن أقولـه لألوالد‪ ،‬ينبغي أن تكـون عالمــاتكم أعلى من األوالد اآلخـرين‪ .‬هـذه عقيـديت‪ .‬بـالطبع‪،‬‬
‫أن ــا ال أعلم ش ــيًئا عن عالم ــاتكم‪ ،‬لكن ينبغي أن تدرس ــوا أك ــثر من اآلخ ــرين‪ ،‬س ــواء كنتم فتي ــة أو فتي ــات‪ .‬وحتًم ا‪،‬‬
‫األخالق والسلوك يف املدرسة مهّم ان‪ .‬وتصّر فكم يف الطريق ومع األوالد اآلخرين أيًض ا مهّم ‪ ،‬ويف التعاطي (مع سـائر‬
‫الناس) أيًض ا مهم‪ .. .‬وإّنه ملوضع فخر آلبائكم‪ ،‬أن يكون أوالدهم يف املدرسة حافظني لقيم الثورة‪ ،‬وداعمني لعوائــل‬
‫الشهداء‪ ،‬ومدافعني عن الدين والثورة‪ .‬عليكم أّيها األوالد‪ ،‬البنات والبنون‪ ،‬أن تكونوا هكذا يف املدرسة‪.2‬‬

‫‪.23/9/2004 1‬‬
‫‪.21/3/1993 2‬‬

‫‪162‬‬
‫أقول لكم هنا‪ ،‬إّن عدد الشباب النشيط واملتعّلم يف بلدنا‪ ،‬يشّك ل اليوم إحـدى العوامـل املهّم ة لتقـّد م البلـد‪ .‬وتـرون يف‬
‫هــذه اإلحص ــاءات الــيت ُتق ـّد م‪ ،‬دور الشــباب املتعّلم والــواعي واملفعم بالنشــاط والطاقــة‪ .‬علينــا جتديــد النظــر يف سياســة‬
‫حتدي ــد النس ــل‪ .‬لق ــد ك ــانت سياس ــة حتدي ــد النس ــل ص ــائبة يف بره ــة من ال ــزمن‪ .‬ولق ــد ُح ّد دت هلا أه ــداف‪ .‬وبن ــاًء على‬
‫الدراســات والتقــارير الــيت ق ـّد مها املختّص ون والعلمــاء واخلرباء يف هــذا اجملال‪ ،‬حّق قنــا يف العــام ‪ 1991‬األهــداف الــيت‬
‫حـّد دناها لتحديــد النســل‪ .‬ومنــذ العــام ‪ 1992‬فصــعوًد ا‪ ،‬كــان علينــا تغيــري هــذه السياســة‪ ،‬ولقــد أخطأنــا إذ مل نغرّي هــا‪.‬‬
‫علينا اليـوم أن جنرب هـذا اخلطـأ‪ .‬ال ينبغي هلذا البلـد أن يسـمح بـزوال غلبـة جيـل الشـباب ومظهـر الشـباب فيـه‪ ،‬وسـوف‬
‫تـ ــزول إذا مـ ــا اسـ ــتمّر ينا على هـ ــذا احلال‪ ،‬وهـ ــذا حبسـ ــب مـ ــا قّد مـ ــه اخلرباء من دراسـ ــات علمّي ة ودقيقـ ــة‪ ،‬وليس جمّر د‬
‫خطابــات‪ .‬إن اســتمّر ينا على هــذا املنــوال‪ ،‬ففي غضــون ســنوات ســتقّل نســبة الشــباب ـ والــذين يش ـّك لون اليــوم النســبة‬
‫األكــرب من عــدد الس ـّك ان ـ لــدينا‪ ،‬وسيصــبح جمتمعنــا جمتمًع ا هرًم ا‪ ،‬وبعــد مض ـّي ع ـّد ة ســنوات ُأخــر‪ ،‬ســتنخفض نســبة‬
‫الس ـّك ان يف البلــد‪ ،‬ألّن شــيخوخة الس ـّك ان تــرتافق مــع قّل ة اإلجناب‪ .‬لقــد ُح ّد د زمــان معنّي ‪ ،‬وبّينــوه يل‪ ،‬حيث ســيكون‬
‫عدد سّك اننا يف ذلك الوقت أقّل من عدد سّك اننا يف الوقت الراهن‪ .‬وهذا شيء خطري جًّدا‪.1‬‬

‫إّنين أؤمن بأّن بلدنا باإلمكانات اليت ميلكها‪ ،‬ميكنه أن يضّم مائة‬

‫‪.25/7/2011 1‬‬

‫‪163‬‬
‫ومخسـني مليـون نسـمة‪ .‬وأنـا أؤمن بزيـادة عـدد السـّك ان‪ .‬وكـّل عمـل وتـدبري يهـدف إىل إيقـاف ازديـاد عـدد السـّك ان‪،‬‬
‫فلينّف ذ بعد أن نصبح مائة ومخسني مليون نسمة!‪.1‬‬

‫إّن إجناب األطفال هـو أهّم جماهـدات النسـاء وأهّم وظــائفهّن ‪ ،‬ألّن اإلجناب هـو يف احلقيقـة فّن املرأة وميزهتا‪ .‬فهي الـيت‬
‫تتحّم ل مش ـّق اته‪ ،‬ومعاناتــه‪ ،‬وهي الــيت وهبهــا اهلل تعــاىل‪ ،‬دون الرجــل‪ ،‬الوســائل واألدوات لرتبيــة الولــد‪ ،‬فمنحهــا صــرب‬
‫الرتبية‪ ،‬وعاطفتها‪ ،‬ومشاعرها‪ ،‬والبنية اجلسدّية لذلك‪ ،‬يف الواقع هذا فّن النساء ومهارهتّن ‪.2‬‬

‫أوصــي العــائالت‪ ،‬وخاّص ة األّمهــات باالهتمــام بصـّح ة أوالدهن وتغــذيتهم‪ ،‬وااللتفــات إىل أّن أفضــل غــذاء للطفــل هــو‬
‫حليب األّم‪ .‬ذاك الش ــيء ال ــذي ك ــان معم ـواًل ب ــه يف النظ ــام الس ــابق اّتباًع ا للغ ــرب‪ ،‬وه ــو هتّر ب األّمه ــات من إرض ــاع‬
‫أوالدهّن حلجج خمتلفــة‪ ،‬هــو أمــر س ـّيئ للغايــة‪ .‬ولإلســالم رأيــه املخــالف هلذا الــرأي‪ .‬ومن حســن احلّظ ‪ ،‬أّن العلم اليــوم‬
‫يؤّك د ه ــذا األم ــر‪ ،‬ومن املسـ ـّلم ب ــه أن حليب األّم أفض ــل غ ــذاء للطف ــل‪ .‬فلي ــؤّم ن الغ ــذاء الس ــليم‪ ،‬والنظي ــف‪ ،‬واجلّي د‬
‫لألطفال‪.3‬‬

‫ينبغي لألسر‪ ،‬وللشباب أن يكـثروا من اإلجناب‪ ،‬ويزيـدوا من النسـل‪ .‬وحتديـد عـدد األوالد يف الـبيوت‪ ،‬بالشـكل املّتبـع‬
‫اليوم هلو‬

‫‪.7/8/2011 1‬‬
‫‪.1/5/2013 2‬‬
‫‪.10/4/1987 3‬‬

‫‪164‬‬
‫أمر خاطئ‪ .‬إن استطعنا أن حنافظ على هذا اجليل الشاّب الذي لدينا يف السنوات العشر القادمة‪ ،‬والســنوات العشــرين‬
‫القادمة‪ ،‬ويف املراحل املستقبلّية هلذا البلد‪ ،‬فإهّن م هم من سيحّلون مجيع مشكالت هذا البلــد‪ .1‬هـذه توصـيايت لكم أّيهــا‬
‫الش ــباب والش ــاّبات‪ ،‬واآلب ــاء واألّم ه ــات ولآلخ ــرين‪ .2‬وال يك ــونّن األم ــر حبيث ت ــدخل ه ــذه الكلم ــات يف ه ــذه األذن‬
‫فتخرجوه ــا من األخ ــرى‪ .‬أبقوه ــا يف أذه ــانكم‪ .‬إّنن ــا نتكّلم جبّد ّي ة‪ .‬وحقيقـ ـًة‪ ،‬أن ــا أرغب يف أن تعمل ــوا هبذه النص ــائح‬
‫باهتمام ودّقة‪ ،‬وأن تّتبعوها‪.3‬‬

‫أسأل اهلل تعاىل بربكة فاطمـة الزهـراء عليهـا السـالم وأمـري املؤمـنني? عليـه السـالم اللـذين كانـا يف كـّل هـذه األمـور الـيت‬
‫ذكرهتا منوذًج ا ومثااًل ‪ ،‬أن يوّفقكم مجيًعا‪ ،‬ويبارك لكم يف حياتكم‪.4‬‬

‫أسأل اهلل تعاىل أن ميّن عليكما باحليـاة الطّيبـة والسـعادة‪ ،‬وأن حتصـال على ذلـك السـكن والراحـة الـذي جعلـه اهلل تعـاىل‬
‫لإلنسان يف الزواج وتشكيل العائلة‪.5‬‬

‫أسأل اهلل تعاىل أن تكونا عوًنا وإزًر ا لبعضكما‪.‬‬

‫‪.10/10/2012 1‬‬
‫‪.1/8/1996 2‬‬
‫‪.21/3/1993 3‬‬
‫‪.28/8/2002 4‬‬
‫‪.19/9/2002 5‬‬

‫‪165‬‬
‫وأن تكونا حمّبني لبعضكما البعض ومتوافقني‪ .‬وأسأله تعاىل أن جيعل حياتكما عذبة ولذيذة‪.1‬‬

‫أسأل اهلل تعاىل أن يشملكما بربكاته‪ ،‬ويهبكما األوالد والذّرّية الطّيبة‪.2‬‬

‫وأســأل اهلل تعــاىل أن يهبكمــا أوالًد ا كثــريين‪ ،‬وأن ترّبيــاهم مجيًع ا بنحــو ســليم‪ ،‬وعلى الصــالح‪ ،‬وأن يكونــوا يف خدمــة‬
‫اإلسالم‪ ،‬وجنوًد ا له‪.3‬‬

‫أسـ ــأل اهلل تعـ ــاىل أن تعينكمـ ــا نصـ ــائحي (ه ــذه) على أن تعيشـ ــا حياتكم ــا حي ــاة مبارك ــة‪ ،‬والس ــالم عليكم ورمحة اهلل‬
‫وبركاته‪.4‬‬

‫مبارك لكم إن شاء اهلل‬

‫‪.3/3/2003 1‬‬
‫‪.29/5/2002 2‬‬
‫‪.2/3/1984 3‬‬
‫‪.3/3/2 4‬‬

‫‪166‬‬

You might also like