Professional Documents
Culture Documents
"يعتبر اإلنسان داخل نظام الطبيعة ( )...كائنا غير ذي أهمية قصوى ،ذلك أنه يمتلك مع مجموع
الحيوانات األخرى ( )...قيمة مبتذلة .لكن فضال عن امتالكه ملكة الفهم ـ الذي جعله يعلو على جميع الكائنات
األخرى ـ وكونه قاد اًر على تحديد غايات لنفسه ،فإنه ال يكتسب بذلك إال قيمة خارجية ذات منفعة .هذا على الرغم
من كوننا قادرين أن نفضل هذا اإلنسان عن ذاك [ وكأننا أمام تجارة للبشر] ،األمر الذي يؤدي بنا إلى القول إن
يقوم بسعر وكأنه بضاعة.
اإلنسان َّ
لكن عندما نعتبره شخصا ،أي بوصفه ذاتاً لعقل أخالقي عملي ،سنجده يتجاوز كل سعر .وبالفعل ال يمكن
أن نقدره فقط ـ بوصفه كذلك أي بوصفه شيئا في ذاته ـ كوسيلة لتحقيق غايات اآلخرين أو وسيلة لتحقيق غاياته
الخاصة ،بل يمكن تقديره بوصفه غاية في ذاته ،وهذا يعني أن يتملك كرامة ( )...وبامتالكه لهذه القيمة يرغم كل
الكائنات العاقلة األخرى على احترام ذاته".
1
قبل اإلجابة على هذه التساؤالت ،نجد صاحب النص يدافع عن أطروحة مفادها القولة أو السؤال الذي بين
أيدينا.
أن قيمة الشخص تتحدد في كونه كائن عاقل ،يمتلك عقال أخالقيا يكون منبعا لكل
العرض:
تصرفاته،وهو عقل حامل لقواعد أخالقية تتخذ صفة أوامر قطعية تجعل منه غاية .1مطلب التحليل .ن5
في ذاته وليس مجرد وسيلة .لذا فهو يتصرف وفق القاعدة التالية :تصرف على نحو
-استخراج أطروحة
تعامل معه اإلنسانية في شخصك كما في شخص غيرك كغاية ال مجرد وسيلة .وهذه النص والتعبير عنها
األطروحة تحمل عدة مفاهيم ،منها مفهوم الشخص ،ويعرفه صاحب النص بأنه بشكل واضح من
خالل شرحها.
كائن عاقل مسؤول أخالقيا وقانونيا عن أفعاله ،أي قيمته تتجلى في امتثاله للقانون وتوضيح -شرح
األخالقي .ونجد كذلك مفهوم القيمة وهو ما يجعل من الشيء مرغوبا ً فيه ،وقيمة المفاهيم المركزية في
النص.
الشخص حسب كانط تتجلى بوصفه ذاتا لعقل أخالقي عملي ،ثم غاية في ذاته أي األفكار -استخراج
يمتلك مجموعة من القيم كالكرامة والحرية التي ال ينبغي المساس بها. األساسية في النص،
مع اآلليات والدعامات
ولتأكيد هذه األطروحة استعان صاحب النص ببنية حجاجية منطقية متماسكة ،نذكر الحجاجية التي تدعم تلك
منها أسلوب العرض ،حيث تطرق إلى فكرة أن اإلنسان جزء من نظام الطبيعة، األفكار وبالتالي أطروحة
صاحب النص .أثناء استخراج
يمتلك كباقي الكائنات قيمة مبتذلة ،أي متغيرة ،لكن سرعان ما يبدأ بتحديد مصيره هذه األدوات البد من شرحها
بامتالكه لملكة الفهم .ثم أسلوب المقارنة حيث قارن بين الكائن العاقل وغيره من وإبراز وظيفتها.
-استنتاج ُتلخص فيه
الكائنات األخرى غير العاقلة ،فالكائن العاقل لم يبق سجين الطبيعة ،وإنما يصبح النص ،حيث يفتحك
فاعال فيها .ثم أسلوب االستثناء يتجلى في صيغة "لكن" ،أي يستثني اإلنسان في على مطلب المناقشة.
.2المناقشة .ن5
التعامل معه كغاية في ذاته وليس مجرد وسيلة .ثم استنتج في األخير أن بامتالك
وتتكون من:
اإلنسان لهذه القيمة يرغم كل الكائنات العاقلة األخرى على احترام ذاته. أ .المناقشة الداخلية.
يتم فيها النظر إلى التماسك
إذن ،من خالل تحليلنا للنص نجد قيمة أطروحته تتجلى في كون كانط تجاوز
المنطقي لبناء النص ،من
المواقف الفلسفية التي تعاملت مع الشخص كموضوع ،أو كائن بيولوجي فقط، اللغة جانب ناحية
واألساليب الحجاجية التي
وجعلت قيمته مشروطة ،بينما كانط جعل من الشخص غاية في ذاته .كما أن قوة
دافع بها عن أطروحته .ثم
هذه األطروحة تتجلى في األدوات المنطقية التي حكمت بناء النص من أوله إلى القيمة الفلسفية لهذا
الموقف.
أخره ،أما من ناحية لغته فهي واضحة تتجلى في وضوح األفكار والمفاهيم
المستخدمة .من هنا نتساءل عن مدى حدود وأفاق أطروحة كانط؟ ب .المناقشة الخارجية:
تدعيم أطروحة صاحب
في نفس السياق نجد جورج غوسدروف يتفق مع كانط في أن قيمة الشخص
النص بمواقف مؤيدة
(تذهب في نفس السياق) .تتحدد في بعده االجتماعي األخالقي ،أي ال تتحقق إال باندماج الشخص في العالم
ومع اآلخرين ،من خالل ربط عالقات تشارك معهم ،وهذا ما يقصده غوسدروف
بالشخص األخالقي؛ أي المندمج والفاعل في المجتمع .إذن فقيمة الشخص حسب
غوسدوف ال تتحد في العزلة بل من خالل االندماج االجتماعي واالنفتاح على اآلخر
والحوار معه.
2
إذن ،فالموقف األخالقي االجتماعي الذي دافع عنه كل من كانط وغوسدروف يجد
سؤال انتقالي:
أساسه في الفلسفة األخالقية لكل منهما ،لكن إلى أي حد يمكن القبول بهذا التصور
يجعل الكتابة الفلسفية تنتقل
بسالسة من المواقف المؤيدة االجتماعي األخالقي كحل إلشكالية مفهوم الشخص؟
إلى المواقف المعارضة.
إن أفكار كانط التي بلورها في القرن 18ع ،تعتبر أفكار متعالية ومثالية ،ألنها
(يعتبر بمثابة الخيط الناظم)
لم تدرك حجم التطور الذي عرفته اإلنسانية خاصة في القرن ،20قرن الحروب
أطروحات -تقديم
ومواقف معارضة والتطهير العرقي ،مما جعل التفكير الفلسفي يعيد النظر في إشكالية مفهوم الشخص
صاحب والجوانب المتحكمة في سلوكه .هذا السؤال يجيب عنه الفيلسوف األمريكي طوم لموقف
النص.
ريغان بتأكيده على البعد الفردي في الشخص ،كما انتقد تعريف كانط لمفهوم
الشخص ،يقول إنه استثنى في تعريفه شريحة كبيرة من المجتمع كاألطفال والمجانين
والبويضة التي في طور اإلخصاب ...فالقيمة المشتركة بين الكائنات ليست في العقل
وإنما كائنات لديها حق في الوجود والحياة .كذلك نجد ألكسيس دوطوكفيل في كتابه
"الديمقراطية في أمريكا" يتجاوز التصور االجتماعي االخالقي عند كانط ،ليؤكد
أن قيمة الشخص تتجلى في البعد الفرداني ،من حيث أنه يحقق وجوده واستقالله
عن األشياء واآلخرين ،إنه استقالل ذاتي ،على اعتبار الفردانية الحقة هي تأمل
الذات لنفسها ،بمعنى أن اندماج الفرد في المجتمع ال ينبغي أن يقتل القيم الفردية
والخصوصية الذاتية لألفراد.
إذن ،من خلل تحليلنا ومناقشتنا لنص إمانويل كانط ،تبين لنا أن هذا األخير قدم
جوابا جديدا إلشكالية الشخص ،حيث تجاوز األطروحات التي كانت تنظر إلى الخاتمة (أو التركيب) ن3
اإلنسان ككائن بيولوجي ،محكوم بالغريزة ،بينما كانط جعل من اإلنسان وحده من كتابة خالصة تركيبية تنسجم
مع منطق التحليل والمناقشة،
يمتلك عقال أخالقيا ،ومن تم أكد على ضرورة التعامل معه كغاية في ذاته ال مجرد
من خالل تلخيص مضامين
وسيلة .لكن هذه األطروحة لم تصمد أمام نقد الفالسفة المعاصرين وخاصة طوم النص.
يمكنك إبداء الرأي الشخصي
ريغان الذي بين أن تعريف كانط للشخص بأنه كائن عاقل جعله يستثني شريحة
لكن بما يجب من المرونة
كبيرة من المجتمع وهم أشخاص كاألطفال والمجانين. واالحترام للرأي المخالف.
طلب منك).(في حالة ُ
كما يمكن ختام هذا العمل
اإلنشائي بتساؤالت تبقى
مفتوحة في المستقبل تعمق
البحث في الموضوع.
حظ سعيد.
3