You are on page 1of 3

‫ثانوية صالح الدين األيوبي‪-‬تاوريرت‪-‬‬ ‫األستاذ‪:‬خالد بولعالم‬

‫منهجية تحليل نص فلسفي مرفق بسؤال‪ :‬حلل وناقش‪:‬‬


‫النص‪ :‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫"يعتبر اإلنسان داخل نظام الطبيعة (‪ )...‬كائنا غير ذي أهمية قصوى‪ ،‬ذلك أنه يمتلك مع مجموع‬
‫الحيوانات األخرى (‪ )...‬قيمة مبتذلة‪ .‬لكن فضال عن امتالكه ملكة الفهم ـ الذي جعله يعلو على جميع الكائنات‬
‫األخرى ـ وكونه قاد اًر على تحديد غايات لنفسه‪ ،‬فإنه ال يكتسب بذلك إال قيمة خارجية ذات منفعة‪ .‬هذا على الرغم‬
‫من كوننا قادرين أن نفضل هذا اإلنسان عن ذاك [ وكأننا أمام تجارة للبشر]‪ ،‬األمر الذي يؤدي بنا إلى القول إن‬
‫يقوم بسعر وكأنه بضاعة‪.‬‬
‫اإلنسان َّ‬

‫لكن عندما نعتبره شخصا‪ ،‬أي بوصفه ذاتاً لعقل أخالقي عملي‪ ،‬سنجده يتجاوز كل سعر‪ .‬وبالفعل ال يمكن‬
‫أن نقدره فقط ـ بوصفه كذلك أي بوصفه شيئا في ذاته ـ كوسيلة لتحقيق غايات اآلخرين أو وسيلة لتحقيق غاياته‬
‫الخاصة‪ ،‬بل يمكن تقديره بوصفه غاية في ذاته‪ ،‬وهذا يعني أن يتملك كرامة (‪ )...‬وبامتالكه لهذه القيمة يرغم كل‬
‫الكائنات العاقلة األخرى على احترام ذاته"‪.‬‬

‫حلل النص وناقشه‪.‬‬

‫نموذج تطبيقي في درس الشخص‪.‬‬ ‫الخطوات المنهجية المتبعة‬


‫يتميز الوجود البشري بمجموعة من المحددات والشروط الذاتية والثقافية‬ ‫المقدمة‪( :‬أومطلب الفهم) ن‪4‬‬
‫ننجز فيه خطوتين‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬المطلوب منك في هذه والسوسيوـ اقتصادية‪ ،‬التي تجعله يعلوا على باقي الكائنات األخرى‪ ،‬هذا االختالف‬
‫الخطوة هو تمهيد مناسب يستدعي منا الوقوف على ما يميز هذا الكائن العاقل؛ أي اإلنسان‪ ،‬باعتباره كائنا‬
‫للنص‪ ،‬يتم فيه األخذ بعين‬
‫االعتبار موضوع النص مركبا تتداخل فيه مجموعة من األبعاد (الذاتية‪ ،‬والعالئقية‪ ،‬والزمانية)‪ .‬والنص الذي‬
‫وسياقه الفلسفي‪ .‬ويمكن أن نحن بصدد تحليله يتطرق إلى مفهوم الشخص؛ أي بوصفه ذاتا لها قيمة عليا على‬
‫يكون التمهيد تعريفا للمفهوم‬
‫المعالج فيه‪ ،‬كما يمكن أن باقي الكائنات األخرى‪ ،‬ألنه يمتلك وعيا أخالقيا‪ ،‬هذا الكائن ـ اإلنسان ـ الذي استطاع‬
‫يكون عرض لقضية فلسفية أن يؤسس مملكة الحرية الخاصة به في مقابل مملكة الطبيعة التي يحكمها قانون‬
‫اختلف الفالسفة فيها‪.‬‬
‫الحتمية‪ .‬إذن هذا النص يثير مفارقة جوهرية مفادها أن اإلنسان لديه وجود في‬ ‫اإلشارة إلى المفارقة‪.‬‬
‫ثم صياغة اإلشكال‪ :‬المطلوب الطبيعة يتم التعامل معه كبضاعة‪ ،‬ووجود خاص به‪ ،‬مما يمنح لنفسه قيمة‪ ،‬أي‬
‫منك هو طرح تساؤالت دقيقة‬
‫وواضحة ومرتبة ترتيبا بوصفه غاية في ذاته‪ .‬من هنا نتساءل‪ :‬ما الشخص؟ أين تتحدد قيمة الشخص؟ هل‬
‫منطقيا ينقلنا من العام إلى في قيمته المادية أم في بعده األخالقي القيمي؟ كيف يمكن التعامل مع الشخص هل‬
‫الخاص؛ أي من التساؤل‬
‫اإلشكالي العام للدرس إلى كغاية في ذاته أم مجرد وسيلة؟‬
‫التساؤل الخاص بالنص أو‬

‫‪1‬‬
‫قبل اإلجابة على هذه التساؤالت‪ ،‬نجد صاحب النص يدافع عن أطروحة مفادها‬ ‫القولة أو السؤال الذي بين‬
‫أيدينا‪.‬‬
‫أن قيمة الشخص تتحدد في كونه كائن عاقل‪ ،‬يمتلك عقال أخالقيا يكون منبعا لكل‬
‫العرض‪:‬‬
‫تصرفاته‪،‬وهو عقل حامل لقواعد أخالقية تتخذ صفة أوامر قطعية تجعل منه غاية‬ ‫‪ .1‬مطلب التحليل‪ .‬ن‪5‬‬
‫في ذاته وليس مجرد وسيلة‪ .‬لذا فهو يتصرف وفق القاعدة التالية‪ :‬تصرف على نحو‬
‫‪ -‬استخراج أطروحة‬
‫تعامل معه اإلنسانية في شخصك كما في شخص غيرك كغاية ال مجرد وسيلة‪ .‬وهذه‬ ‫النص والتعبير عنها‬
‫األطروحة تحمل عدة مفاهيم‪ ،‬منها مفهوم الشخص‪ ،‬ويعرفه صاحب النص بأنه‬ ‫بشكل واضح من‬
‫خالل شرحها‪.‬‬
‫كائن عاقل مسؤول أخالقيا وقانونيا عن أفعاله‪ ،‬أي قيمته تتجلى في امتثاله للقانون‬ ‫وتوضيح‬ ‫‪ -‬شرح‬
‫األخالقي‪ .‬ونجد كذلك مفهوم القيمة وهو ما يجعل من الشيء مرغوبا ً فيه‪ ،‬وقيمة‬ ‫المفاهيم المركزية في‬
‫النص‪.‬‬
‫الشخص حسب كانط تتجلى بوصفه ذاتا لعقل أخالقي عملي‪ ،‬ثم غاية في ذاته أي‬ ‫األفكار‬ ‫‪ -‬استخراج‬
‫يمتلك مجموعة من القيم كالكرامة والحرية التي ال ينبغي المساس بها‪.‬‬ ‫األساسية في النص‪،‬‬
‫مع اآلليات والدعامات‬
‫ولتأكيد هذه األطروحة استعان صاحب النص ببنية حجاجية منطقية متماسكة‪ ،‬نذكر‬ ‫الحجاجية التي تدعم تلك‬
‫منها أسلوب العرض‪ ،‬حيث تطرق إلى فكرة أن اإلنسان جزء من نظام الطبيعة‪،‬‬ ‫األفكار وبالتالي أطروحة‬
‫صاحب النص‪ .‬أثناء استخراج‬
‫يمتلك كباقي الكائنات قيمة مبتذلة‪ ،‬أي متغيرة‪ ،‬لكن سرعان ما يبدأ بتحديد مصيره‬ ‫هذه األدوات البد من شرحها‬
‫بامتالكه لملكة الفهم‪ .‬ثم أسلوب المقارنة حيث قارن بين الكائن العاقل وغيره من‬ ‫وإبراز وظيفتها‪.‬‬
‫‪ -‬استنتاج ُتلخص فيه‬
‫الكائنات األخرى غير العاقلة‪ ،‬فالكائن العاقل لم يبق سجين الطبيعة‪ ،‬وإنما يصبح‬ ‫النص‪ ،‬حيث يفتحك‬
‫فاعال فيها‪ .‬ثم أسلوب االستثناء يتجلى في صيغة "لكن"‪ ،‬أي يستثني اإلنسان في‬ ‫على مطلب المناقشة‪.‬‬
‫‪ .2‬المناقشة‪ .‬ن‪5‬‬
‫التعامل معه كغاية في ذاته وليس مجرد وسيلة‪ .‬ثم استنتج في األخير أن بامتالك‬
‫وتتكون من‪:‬‬
‫اإلنسان لهذه القيمة يرغم كل الكائنات العاقلة األخرى على احترام ذاته‪.‬‬ ‫أ‪ .‬المناقشة الداخلية‪.‬‬
‫يتم فيها النظر إلى التماسك‬
‫إذن‪ ،‬من خالل تحليلنا للنص نجد قيمة أطروحته تتجلى في كون كانط تجاوز‬
‫المنطقي لبناء النص‪ ،‬من‬
‫المواقف الفلسفية التي تعاملت مع الشخص كموضوع‪ ،‬أو كائن بيولوجي فقط‪،‬‬ ‫اللغة‬ ‫جانب‬ ‫ناحية‬
‫واألساليب الحجاجية التي‬
‫وجعلت قيمته مشروطة‪ ،‬بينما كانط جعل من الشخص غاية في ذاته‪ .‬كما أن قوة‬
‫دافع بها عن أطروحته‪ .‬ثم‬
‫هذه األطروحة تتجلى في األدوات المنطقية التي حكمت بناء النص من أوله إلى‬ ‫القيمة الفلسفية لهذا‬
‫الموقف‪.‬‬
‫أخره‪ ،‬أما من ناحية لغته فهي واضحة تتجلى في وضوح األفكار والمفاهيم‬
‫المستخدمة‪ .‬من هنا نتساءل عن مدى حدود وأفاق أطروحة كانط؟‬ ‫ب‪ .‬المناقشة الخارجية‪:‬‬
‫تدعيم أطروحة صاحب‬
‫في نفس السياق نجد جورج غوسدروف يتفق مع كانط في أن قيمة الشخص‬
‫النص بمواقف مؤيدة‬
‫(تذهب في نفس السياق)‪ .‬تتحدد في بعده االجتماعي األخالقي‪ ،‬أي ال تتحقق إال باندماج الشخص في العالم‬
‫ومع اآلخرين‪ ،‬من خالل ربط عالقات تشارك معهم‪ ،‬وهذا ما يقصده غوسدروف‬
‫بالشخص األخالقي؛ أي المندمج والفاعل في المجتمع‪ .‬إذن فقيمة الشخص حسب‬
‫غوسدوف ال تتحد في العزلة بل من خالل االندماج االجتماعي واالنفتاح على اآلخر‬
‫والحوار معه‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫إذن‪ ،‬فالموقف األخالقي االجتماعي الذي دافع عنه كل من كانط وغوسدروف يجد‬
‫سؤال انتقالي‪:‬‬
‫أساسه في الفلسفة األخالقية لكل منهما‪ ،‬لكن إلى أي حد يمكن القبول بهذا التصور‬
‫يجعل الكتابة الفلسفية تنتقل‬
‫بسالسة من المواقف المؤيدة االجتماعي األخالقي كحل إلشكالية مفهوم الشخص؟‬
‫إلى المواقف المعارضة‪.‬‬
‫إن أفكار كانط التي بلورها في القرن ‪18‬ع‪ ،‬تعتبر أفكار متعالية ومثالية‪ ،‬ألنها‬
‫(يعتبر بمثابة الخيط الناظم)‬
‫لم تدرك حجم التطور الذي عرفته اإلنسانية خاصة في القرن ‪ ،20‬قرن الحروب‬
‫أطروحات‬ ‫‪ -‬تقديم‬
‫ومواقف معارضة والتطهير العرقي‪ ،‬مما جعل التفكير الفلسفي يعيد النظر في إشكالية مفهوم الشخص‬
‫صاحب والجوانب المتحكمة في سلوكه‪ .‬هذا السؤال يجيب عنه الفيلسوف األمريكي طوم‬ ‫لموقف‬
‫النص‪.‬‬
‫ريغان بتأكيده على البعد الفردي في الشخص‪ ،‬كما انتقد تعريف كانط لمفهوم‬
‫الشخص‪ ،‬يقول إنه استثنى في تعريفه شريحة كبيرة من المجتمع كاألطفال والمجانين‬
‫والبويضة التي في طور اإلخصاب‪ ...‬فالقيمة المشتركة بين الكائنات ليست في العقل‬
‫وإنما كائنات لديها حق في الوجود والحياة‪ .‬كذلك نجد ألكسيس دوطوكفيل في كتابه‬
‫"الديمقراطية في أمريكا" يتجاوز التصور االجتماعي االخالقي عند كانط‪ ،‬ليؤكد‬
‫أن قيمة الشخص تتجلى في البعد الفرداني‪ ،‬من حيث أنه يحقق وجوده واستقالله‬
‫عن األشياء واآلخرين‪ ،‬إنه استقالل ذاتي‪ ،‬على اعتبار الفردانية الحقة هي تأمل‬
‫الذات لنفسها‪ ،‬بمعنى أن اندماج الفرد في المجتمع ال ينبغي أن يقتل القيم الفردية‬
‫والخصوصية الذاتية لألفراد‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬من خلل تحليلنا ومناقشتنا لنص إمانويل كانط‪ ،‬تبين لنا أن هذا األخير قدم‬
‫جوابا جديدا إلشكالية الشخص‪ ،‬حيث تجاوز األطروحات التي كانت تنظر إلى‬ ‫الخاتمة (أو التركيب) ن‪3‬‬
‫اإلنسان ككائن بيولوجي‪ ،‬محكوم بالغريزة‪ ،‬بينما كانط جعل من اإلنسان وحده من‬ ‫كتابة خالصة تركيبية تنسجم‬
‫مع منطق التحليل والمناقشة‪،‬‬
‫يمتلك عقال أخالقيا‪ ،‬ومن تم أكد على ضرورة التعامل معه كغاية في ذاته ال مجرد‬
‫من خالل تلخيص مضامين‬
‫وسيلة‪ .‬لكن هذه األطروحة لم تصمد أمام نقد الفالسفة المعاصرين وخاصة طوم‬ ‫النص‪.‬‬
‫يمكنك إبداء الرأي الشخصي‬
‫ريغان الذي بين أن تعريف كانط للشخص بأنه كائن عاقل جعله يستثني شريحة‬
‫لكن بما يجب من المرونة‬
‫كبيرة من المجتمع وهم أشخاص كاألطفال والمجانين‪.‬‬ ‫واالحترام للرأي المخالف‪.‬‬
‫طلب منك)‪.‬‬‫(في حالة ُ‬
‫كما يمكن ختام هذا العمل‬
‫اإلنشائي بتساؤالت تبقى‬
‫مفتوحة في المستقبل تعمق‬
‫البحث في الموضوع‪.‬‬

‫حظ سعيد‪.‬‬

‫‪3‬‬

You might also like