Professional Documents
Culture Documents
المل ّخص :تتناول هذه الدراسة اإلجراء السيميائي لفرعية التشاكل في الخطاب
قدمته مدرسة باريس السيميائية
السردي ،انطالقا من التصور النظري الذي ّ
وكذلك توسيعات فرانسوا راستي في هذا المجال ،وقد جاء هذا المقال ليبرز
كيفية تلقي نقادنا العرب المحدثين لهذا المفهوم السيميائي ومدى تفعيله في
الخطاب السردي ،إذ ُيظهر التشاكل في آخر المطاف االنسجام واالتساق الذي
يسم العالم الحكائي الداخلي للرواية .ومقاربة عبد المجيد نوسي لرواية (اللجنة)
للروائي صنع اهلل إبراهيم تختبر مدى إجرائية هذا المفهوم.
الكلمات المفتاحية :التشاكل الداللي ،الخطاب الروائي ،سيميوطيقا السرد،
التقطيع السردي ،البنية السردية ،مبدأ التراكم.
توطئة:
اهتمت المدرسة السيميوطيقية بمفهوم التشاكل ،ودأبت على إجرائه بتجريبه
ّ
على الخطاب السردي ،ضمن ثالث بنيات متضافرة ،بنية التجلي(الخطاب
الظاهر) ،البنية السطحية ،البنية العميقة.
على مستوى البنية األولى يقوم النموذج السيميوطيقي على تقطيع
يصدر كل مقطع بموضوع ّ الخطاب إلى مقاطع سردية متسلسلة ومتكاملة،
داللي شامل تساهم في تشكيله مجموعة من التك اررات والتواردات البارزة ،والتي
محددا
ويعد التشاكل في هذه المرحلة معيا ار هاما ّ
تؤسس قاعدة تشاكلية أولىّ ،
للعمل التقطيعي ،إضافة للمعايير السيميائية األخرى(المعيار المكاني ،المعيار
الزمني ،المعيار السردي ،المعيار الفاعلي ،المعيار األسلوبي ،المعيار
أما على مستوى البنية الثانية فيهتم المحلّل السردي بدراسة
الطبوغرافيّ ،)...
تتحدد
ّ المكون الخطابي ،بينما على مستوى البنية الثالثة
المكون السردي و ّ ّ
النسخة المجردة العميقة الثاوية وراء البنيات السطحية ،وتبرز األسس الجوهرية
المد التنوعي واالختالفي
المنطقية التي تقوم بإنتاج المعنى والتي تكون سببا في ّ
116
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
للخطابات والنصوص.45
المقومات النووية ضمن المستوى
ّ وفي هذا المستوى يدرس السيميوطيقي
السيميولوجي والمقّومات السياقية ضمن المستوى الداللي ،ومن خاللهما يكتشف
التشاكالت السيميولوجية والداللية.
-1التشاكل كمعيار تقطيعي في الخطاب الروائي:
يعتبر التشاكل من المعايير الهامة التي يستعين بها المحلّل السيميوطيقي في
تقطيع الخطابات السردية على مستوى الوحدة الداللية ،برصد أهم التواردات
مقومات نووية وسياقية مشتركة
التي تطفو على السطح وتبرز من خالل تراكم ّ
في مقوالت داللية تساهم في النسيج االتساقي واالنسجامي للملفوظات السردية،
موحدة بعيدة عن اإلبهام والغموض ويعتمد التشاكل في
مما يؤدي إلى قراءة ّ
للمقومات.
هذه الحالة على التحليل الداللي ّ
و يهدف التقطيع التشاكلي في هذه المرحلة إلى:
-تتبع التشاكالت الداللية لكشف انسجام واتساق الملفوظات السردية
يهدد
وتجنب كل تأويل مشتت يتسم بالغموض واإلبهام ّ ّ والخطابيـ ـ ـ ـ ــة
انسجام هذه الملفوظـ ـ ــات.
التكون والميالد
ّ -رصد الحركة الدينامية للخطاب السردي ،من لحظة
والتناسل إلى غاية التشظي والتش ّكل النهائي للصورة السردية العامة،
عبر وسائط التمطيـ ــط واإلثراء والتفاعل ،حيث تنتظم التشاكالت "داخل
مسارات تصويرية هي التي تؤدي إلى تصوير البرامج السردية،
والمسارات السردية لعوامل السرد " ،46وبفعل التوارد االختي ـ ــاري
-45ينظر جميل حمداوي ":السيميوطيقا والعنوان" مجلة عالم الفكر ،مجلد 25رقم،3
الكويت ،ص 79
46
-عبد المجيد نوسي :التحليل السيميائي للخطاب الروائي ،البنيات الخطابية-التركيب-
الداللة ،ط ،1شركة النشر و التوزيع المدارس ،الدار البيضاء ،2002 ،ص 92
117
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
المقومات السياقية تنتج الشبكة
ّ والقسري للعناصر اللسانية التي تولّد
التشاكلية للملفوظات.
-آلية التراكم و التوارد في الخطاب السردي:
هناك آليتان أساسيتان يعتمدهما التشاكل في اشتغاله على طول السلسلة
التركيبية لضمان انسجام الرسالة :آلية التراكم القسري ،و آلية التراكم االختياري.
أ-آلية التراكم القسري:
يتم التراكم والتوارد بداية على مستوى البنية السطحية التي تستند إلى
مكونين أساسين مستقلين متمفصلين ،فالمكـ ـ ّـون السردي يتناول األفعال
المكون الثاني فيقارب
ّ أما
التحوالت ومنطق الجهات والبنية العامليةّ ،
والحاالت و ّ
المحددة لتوليد وتنمية
ّ التسلسل التصويري الذي تقترحه الوحدة المعجمية
المكونان –في نظر غريماس -يحالن مشكلة الخطوة الغامضة ّ الخطاب .وهذان
لفعل السرد الذي ينهج مسارين تركيبين متوازيين :مسار البرنامج السردي
المحدد بتوزيع األدوار العاميلية ،ومسار التصوير الخطابي.47
ألن
فالمساران على الرغم من انفصالهما منهجيا ،هما متصالن ومتوازيانّ ،
التسريد ال يمكنه أن يرتبط فقط بالبنية العاملية والبرنامج السردي فقط ،واّنما
المكون السردي إلنتاج الملفوظات السردية و تناسلها.
ّ يشتغل بتضافر مع
إن وضع وتحقيق وحدة معجمية تتعالق بتشاكل الخطاب العام ،يفضي إلى " ّ
تسلسل قسري لمجموعة من الوحدات المعجمية التي تكون متعالقة بالتشاكل
العام للخطاب .وتراكمها الذي يؤدي إلى التمطيط والتوسع لوحدات ترتبط
المقومات السياقية هو الذي يضمن انسجام النص ّ بقاعدة موحدة من
واتساقه" .48وعلى ذلك تكون أول آلية لتحقيق التشاكل المرتبط بالخطاب العام
47
Voir :Greimas : Du sense 2 op, cit, P61-
48
-المرجع السابق :ص 106
118
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
هي آلية التراكم القسري للصور المعجمية التي تساهم في تكوين مسارات
تصويرية على طول السلسلة التركيبية للملفوظات السردية.
ب-آلية التراكم االختياري:
الصور المعجمية ليست صو ار محدودة ضيقة ،واّنما تتسم بالمرونة واالتساع
مقوماتها السياقية عن طريق التجاور االلتقائي أو
وقابلية التمدد بتفعيل وتحيين ّ
االختياري ضمن المسار الخطابي وذلك كلّه لتجميع مشهد تصويري له تنظيمه
واشتغاله الخاص.
يوضح غريماس هذا التداعي بمثال عن الوحدة المعجمية (الشمس) التي
تستقطب إلى حقلها مجاال تصويريا يتضمن الوحدات اآلتية :األشعة ،الضوء،
الح اررة ،الوضوح "...فإذا كانت الوحدات المعجمية تتمظهر مبدئيا في إطار
فإنها تتعالى بكل سهولة على هذا اإلطار وتؤسس شبكة تصويرية
األقوالّ ،
تكون مجموعة تصويرات خطابية" ،49وهو
عالئقية على المقاطع في كليتها و ّ
ما نالحظه في المثال السابق حيث قامت الوحدات المنضوية في مجال الشمس
بتأسيس كوكبة تصويرية يمكنها أن تتعالق مع وحدات أخرى في مقاطع
متسلسلة ،مش ّكلة نموذجا تراكميا بطريق التداعـ ــي والتوارد.
فالتراكم الذي يحصل به التشاكل يتم بآليتين:
التشاكل
تسلسل قسري بمراكمة وحدات معجمية الوحدات المعجمية تتراكم بطريق االلتقاء
تندرج في اإلطار التشاكلي والتداعي.
49
-المرجع نفسه :ص 106
119
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
-2التشاكل و الخطاب الروائي:
لقد حاول النقاد العرب تطبيق هذه المفاهيم على الخطاب الروائي ،بكيفيات
متعددة ،ومن زوايا محددة ،مع اختالفهم في الهدف المنشود من كل دراسة،
فهناك من حاول إثبات االنسج ــام و االتساق في بعض الروايات التي أثارت
جدال واسعا في الساحة النقدية ،مثل رواية (ذات) لصنع اهلل إبراهيم ،والتي
حاول من خاللها الناقد المغربي محمد الداهي دحض مزاعم بعض المتابعين
بأن رواية ذات ال تقوى على خلق عملية التراتب
للمشهد الروائي العربي ّ
المكونة لها ،ومن خالل إجراء التشاكل أثبت محمد
ّ العضوي بين األجزاء
أن المقاطع السرديــة للرواية متسقة ومنسجمة فيما بينها ،ومن جهة
الداهي ّ
أخرى قام نقاد آخرون بالبحث عن التشاكالت بين مجموعة من الروايات التي
تصدر عن مبدع واحد ،بالبحث عن االنسجام الخارجي بين هذه الروايات
وتحديد بنيتها المتعالية.
أما الناقد المغربي عبد المجيد نوسي فيتناول التشاكل الحكائي لرواية
(اللجنة) من زاوية أخرى ،حيث يحاول الكشف عن البنى التشاكلية األساسية
المنظّمة للخطاب الروائي الخاص بالرواية ،وهو ما سنقوم بمتابعته في هذا
البحث.
يقدم لنا عبد المجيد نوسي في كتابه(التحليل السميائي للخطاب الروائي)
ّ
دراسة سميائيـة للخطاب الروائي العربي ،ويتخذ من رواية( اللجنة) للروائي
المصري صنع اهلل إبراهيم 50نموذجا محددا لتحليله ،وقد ّبرر هذا االختيار
تحوالت حاسمة في تاريخ بالمسار المتميز للروائي الذي ش ّكلت نصوصه ّ
الرواية العربية عامة والمصرية خاصة من خالل طرح أسئلة الكتابة ،وتأسيس
50
-صنع اهلل إبراهيم (مواليد القاهرة 1937م) روائي مصرى يميل إلى الفكر اليسارى ومن
الكتاب المثيرين للجدل وخصوصاً بعد رفضه استالم جائزة الرواية العربية عام 2003م،
والتي يمنحها المجلس األعلى للثقافة
120
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
عناصر بناء واشتغال بكيفية جديدة ،تتضافر فيها مستويات الخطاب
السردي ،51وهو ما حاولت السيميوطيقا السردية تجليته ،بما وفرته من إمكانات
تحليلية وأدوات علمية جديدة ،وقد ش ّكل ذلك المرجعية النظرية للناقد الذي دأب
على استثمار مفاهيم واجراءات مدرسة باريس السيميائية ،غير ّأننا سنركز
قدمها عبد المجيد نوسي بمناسبةمتابعتنا هذه فقط للتحليالت التشاكلية التي ّ
مقاربته لرواية (اللجنة) مقاربة سيميائية.
تشغل الدراسة التشاكلية للناقد الفصل الثالث من الكتاب تحت عنوان:
(تشاكالت الخطاب الروائي :نحو االنسجام الداللي) ،يتزاوج في هذا الفصل
النظري بالتطبيقي ،والنظرة الشاملة بالنظرة الخاصة ،واإلجراء الغربي باإلجراء
العربي.
يقدم لنا عبد المجيد نوسي التصورات النظرية الغربية التي أسست بعدما ّ
مفهوم التشاكل تحدي ـ ـدا وتنويعا وتوسيعا ،يحاول تفعيل هذا المفهوم بإجرائه على
رواية (اللجنة) ،ويفتتح تحليله التشاكلي بأول عتبة نصية يتحقق فيها التشاكل
العام ،هي عتبة العنوان( اللجنة).
يشرف العنوان على المقاطع الروائية كوحدة معجمية رئيسة تتناسل منها
المسارات التصويرية للملفوظات الخطابية التي تنتج تشاكالت سياقية تتوالد من
إن
أسسه العنوان باعتباره " تجميع مكثّف لدالالت النصّ .التشاكل العام الذي ّ
البؤرة قد يستقطبها العنوان ثم يتم تردادها في مقاطع النص ،فتأتي تلك المقاطع
تمطيطا للعنوان وتقليبا له في صورة مختلفة ،فالكلمة المحور والتي هي العنوان
ليمر
تتحول إلى الجملة المنطلق لتناسب النص عبر تشاكالت وتقابالت عدة ّ
ّ
51
-عبد المجيد نوسي :التحليل السيميائي للخطاب الروائي ،ص 5
121
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
52
على الجملة الرابطة وتتالقى هذه اآلليات جميعها في الجملة الهدف"
تتعين للكلية التي
نما ّوالجملة هنا ال يقصد بها المستوى التركيبي للخطاب ،وا ّ
يوضحه المخطط اآلتي:
تسم الملفوظات في انطالقها وتدرجها وغايتها ،وهو ما ّ
الجملة المنطلق
الجملة ال اربطة
الجملة الهدف
52
-عبد الجليل منقور" :المقاربة السيميائية للنص األدبي ،أدوات و نماذج" ،محاضرات
الملتقى الوطني األول( لسيميائية والنص األدبي) قسم األدب العربي ،جامعة محمد
خيضر ،بسكرة ،2001 ،ص61
53
-المرجع السابق :ص 111
54
-المرجع نفسه :ص 111
122
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
-المستوى المرجعي:
المكونة للعنوان وبين األشياء التي
ّ يهتم بـ " العالقات التي توجد بين الدالئل
تحيل إليها" 55بالنظر إلى البنية المرجعية التي تربط الدالئل باألشياء ،ويكون
هذا االرتباط ارتباطا غير مباشر ،أي ّأنه يتحقق بواسطة ( أثر المعنى) الذي
تفرزه البنية الداللية للعنوان.
-المستوى التداولي:
يكمن في " العالقات التي توجد بين دالئل العنوان بصفته قوال وبين
56
ويتم دراسة ذلك من خالل البنية التداولية للعنوان ،من مستعملي العنوان"
إما كموقع نجدة للقارئ الستيعاب
جهتين ،من جهة السارد الذي يحدد العنوانّ ،
العمل الروائي ،أو كموقع مضلل يخلط حسابات المتلقي حينما تتوافد عليه
المقاطع السردية األخرى ،ومن جهة القارئ الذي يتمركز في المنظور المناسب
لتقبل ما سيقوله له السارد.
-3المستوى التركيبي لعنوان الرواية ( اللجنة):
يميز عبد المجيد نوسي في هذا المستوى ثالث بنيات أساسية: ّ
-البنية األيقونية للعنوان:
يتكون
إن شكل الوحدة المعجمية(اللجنة) يظهر في غالف الكتاب" أيقونا ّّ
من حروف تيبوغرافية غليظة ،مائلة ومثبتة في أعلى صفحة الكتاب .ويحتل
حي از نصيا واسعا بالمقارنة مع عناصر الغالف األخرى :اسم الكتاب واسم دار
57
التميز في مواجهة العناصر
النشر " ،وهو ما يسم العنوان طبولوجيا بالبروز و ّ
الشكلية األخرى ،مما دفع الناقد إلى استخالص جملة من المؤشرات الخطابية
والتداولية:
55
-المرجع نفسه :ص 111
56
-المرجع نفسه :ص 111
57
-المرجع نفسه :ص 112
123
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
موجهة للقارئ.
-العنوان يمثّل عالمة إخبارية ّ
يعبر عن مقصدية الكاتب الضمنية في عالقته بالقارئ من
-العنوان ّ
حيث اإلقناع أو التأثير.
-هو عامل تهيئة الستقبال ما سيرد عليه من دفقات سردية.
الموجه إليه
ّ يحرض على قراءة الخطاب
-يكتسي بعدا تداوليا متمي از ّ
عبر الرواية.58
-البنية الصوتية:
اللجنة تحيل على مجموعة من الفونيمات( ال+ل+ج+نة) ترتبط ببعض آثار
59
أن هذا التحديد يبقى
المعنى االفتتاحي المتعلق بشيء عام و جماعي ،غير ّ
يوضح الناقد كيف تشتغل هذه البنية الصوتية المشرفة
ّ عاما وغامضا ،إذ لم
على الرواية ،والعالقة التي تساهم بها في تأسيس اإلطار العام للتشاكل وما
يتفرع عنه.
-البنية التركيبية:
يتميز باإلضمار السياقي ،أي
أن العنوان تركيبيا ّ
يالحظ عبد المجيد نوسي ّ
كونة للجملة في اللغة العربية وبناء على هذه
بإضمار بعض العناصر الم ّ
أن:
المالحظة يرى الناقد ّ
-الوحدة المعجمية ( اللجنة) غير مسبوقة بفعل ،وهو أمر مفترض من
خالل فحص بنية التركيب في الجملة .
-هذه الوحدة ال تتعالق مع عنصر آخر بعالقة اإلسناد.
-اإلضمار السياقي:
ينفصل العنوان في شكل جملة توحي بإضمار سياقي يتمحور حول
العالقة بين اللجنة ومترشحها السارد ،وانطالقا من هذا اإلضمار يقترح الناقد
58
-ينظر المرجع نفسه :ص 112
59
-ينظر المرجع نفسه :ص 112
124
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
قراءة تأويلية للعنوان بإضافة اسم معطوف للوحدة المعجمية لتصبح(اللجنة
60
أن(اللجنة)مبتدأ خبره محذوف يدل
والمترشح) ،فيما يرى محللون آخرون ّ
عليه خطاب الرواية بعد قراءته.61
وغرض هذا اإلضمار – في تقدير عبد المجيد نوسي -هو التبئير على
العنوان وابراز الهيمنة التي يمارسها على المسارات التصويرية المؤسسة في
المقاطع السردية " ،فالتبئير التركيبي للجنة يجعل داللتها ستكون أساسية
ألنها تمثّل بصفتها عنوانا النواة االستهالل التي
بالنسبة لداللة خطاب الروايةّ ،
سيتولد عنها خطاب الرواية".62
وانطالقا من هذه الجزئية التركيبية يعيد الناقد ترتيب المؤشرات التي
تؤسس التشاكل العام بين العنوان والمقاطع السردية التي تليه ،والتي تتناسل
منها تشاكالت فرعية ترتبط بخيوط متشابكة مع التشاكل العام ،وفق ما يأتي:
التميز األيقوني مع العناصر األخرى.
"ّ -
-التبئير بإضمار العناصر التركيبية و السياقية".63
وبناء على النتيجتين السابقتين يصبح العنوان " نواة أساسية تمثّل داللتها
إطا ار عاما ترتبط به كل الدالالت الجزئية األخرى التي ينتجها الخطاب ،مما
يجعل من العنوان نقطة توالد وانسجام الخطاب".64
60
-ينظر المرجع نفسه ،ص 112
61
-ينظر جميل حمداوي" :السخرية في رواية اللجنة لصنع اهلل إبراهيم" ،الحوار المتمدن،
www.m.ahewaar.org ،2006/10/25
62
-عبد المجيد نوسي :التحليل السيميائي للخطاب الروائي ص 113
63
-المرجع نفسه :ص 113
64
-المرجع نفسه :ص 113
125
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
-4المستوى الداللي للعنوان:
البنية الداللية تنبثق من عنصرين متعالقين يمثالن بداية تناسل الخطاب
وتوالده:
يتكون من الدالئل اللغوية التي ترّكب العنوان.
-العنصر(أ)ّ :
-العنصر(ب) :يشمل التمثيالت الذهنية الداللية التي تتصل بالمركبات
اللغوية عندما تتفاعل بالسياق السوسيوثقافي للدالالت.65
إّن العالقة بين ( أ) و (ب) يمكن تحليلها تحليال سيميوطيقيا كاآلتي:
لمكونات العنوان يفترض فحص العالقة
-تحليل البنية الداللية ّ
بين التركيب اللغوي والتمثيالت التي تحيل إليها في عالقتها
بداللة الرواية.
المقوماتي للعنوان لتتّبع خيوط
ّ -االعتماد على التحليل
بالمقومات النووية
ّ التشاكل ،بتحليل الداللة السيميائية المرتبطة
بالمقومات السياقية.66
ّ والداللة السياقية المرتبطة
65
-ينظر:المرجع نفسه :ص113
66
-المرجع نفسه :ص 114
126
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
للمقومات النووية السابقة.
ّ وبعد هذا التحليل يكتشف الناقد الداللة الجامعة
ّإنها تحيل على مجموعة من األفراد و تلغي وجود فرد.67
67
-ينظر المرجع نفسه :ص 115
68
-المرجع نفسه :ص 115
69
-المرجع نفسه :ص 116
127
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
المقوم النووي
المزروعة في السياق الخطابي ،والتي نمت وتناسلت انطالقا من ّ
المقومات
أن أقساما جزئية منها ترتبط بالتشاكل العام الذي تفرزه ّ
األصيل ،كما ّ
النووية المهيمنة على الخطاب في افتتاحيته والمسيطرة في توجيهه .ومع ذلك
تبقى هذه المسارات تأويلية ممكنة ومحتملة قد ال يتحقق بعضها على مستوى
المقاطع السردية.
أن العنوان يتمظهر في شكل بنية داللية
اعتمادا على ما سبق يرى الناقد ّ
يمكن تمثيلها في المخطط اآلتي:
إن التشاكالت الجزئية السابقة المنبثقة عن التشاكل العام سوغتها المؤشرات ّ
التي حددتها بنية العنوان التركيبية واأليقونية والداللية:
-اإلضمار التركيبي والتبئير للجنة.
128
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
-التميز األيقوني.
70
-اإلضمار السياقي".
-5اإلطار العام المنظّم للخطاب( تشاكل اللجنة):
باستثمار المفاهيم التي جاءت بها النظرية الكارثية ،وبناء على الفرضية
الموقعية حاول عبد المجيد نوسي تقديم مقاربة سيميائية للعنوان في عالقته
المتميـ ــز والتجريد الخالص وموضعته
ّ بالخطاب ككل ،من حيث البناء المقولي
الطوبولوجية في مواجهة العناصر الشكلية األخرى.
إن الخطاب ،بصفته نسقا ،يتمفصل إلى مجموعة من الحاالت الداخلية " ّ
التي توجد بينها مجموعة عالقات تحكمها سيرورة داخلية ،وأول هذه الحاالت
71
هي الحالة األولية المتمثلة في العنوان :اللجنة"
فإن العنوان يشرف على
وطبقا لالعتبار الطوبولوجي والفرضية الموقعية ّ
الخطاب الروائي كوحدة رئيسة تتح ّكم في استقرار وتناسل النسق السردي من
خالل المؤشرات اآلتية:
-يحتل العنوان موقعا بار از على صفحة الغالف بالمقارنة مع العناصر
األخرى ،وهو ما يوحي باستقالليته في عالقته مع خطاب الرواية ،وبذلك يش ّكل
أول نقطة التقاء بين الخطاب والمتلقي بحيث يتحاوران في عالقة مباشرة.
"-يش ّكل العنوان النواة االستهاللية التي تمثّل دليال إخباريا واقناعيا ودالليا،
فهو يخبر عن وجود خطاب من جنس الرواية".72
-يتسم العنوان بالهيمنة الخطابية ،أي بالتبئير عليه من خالل إضمار
العناصر التركيبية األخرى المشكلة للجملة.
70
-المرجع نفسه :ص 117
71
-المرجع نفسه :ص 121
72
-المرجع نفسه :ص 122
129
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
ك ّل هذه العناصر تؤ ّكد على احتالل العنوان موقعا مركزيا منظّما للخطاب
تتوالد منه المسارات التصويرية السردية ،وانطالقا منه تنمو مقاطع الرواية
وتتناسل لتخصيص تشاكل اللجنة العـ ــام ،وذلك بــ:
المكونة لهذه الكلية والعمل الجماعي.
" –تحديد العناصر الجزئية و ّ
تخصص العامل الجماعي".73
ّ -التأشير على جملة السمات والصفات التي
يحدد عبد المجيد نوسي تشاكالت فرعية تابعة للتشاكل
وتبعا لهذين العنصرين ّ
العام ،وهي تشاكالت تتوزع عبر مقاطع الرواية لتضمن انسجام الخطاب
واتساقه ،ثم يقوم بتحليل آليات الت اركم التي تقيم التشاكالت.
-6آليات توالد التشاكل:
-التشاكل العام:
يتجسد التشاكل العام في الوحدة المعجمية الرئيسة التي تتصدر الخطاب
الروائي ،والمتمثلة في العنوان(اللجنة) حيث يتأسس على مستواه تشاكل
الجماعة طبقا لموقعه األيقوني والتركيبــي والداللي.
ويمثّل العنوان من خالل هذا الوصف حالة أولية (أ) تحتل المجال األول
مج.1
-التشاكالت المتناسلة:
التشاكل كما هو معروف يعتمد على خاصيتي التوارد والتراكم اللتين
تتحكمان في إثراء الخطاب وتوالده بواسطة آلتين أساسيتين:
-التراكم القسري :حينما يتحدد في الخطاب تشاكال تتسلسل منه تسلسال
مقومات سياقية مرتبطة
ضروريا وحدات معجمية تنشئ في السياق ّ
بالمقوم النووي.
73
-المرجع نف ص124 :
130
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
-التراكم االختياري :من خالله تتداعى الوحدات المعجمية بتلك المتعالقة
بالتشاكل العام للخطاب عن طريق التقارب أو الترادف أو التشابه.74
التحول من الحالة
ّ درج الخطاب نحوعن طريق اآلليتين السابقتين يت ّ
األولية(أ) إلى حالة ثانيــــــة(ب) تتعالق باألولى انطالقا من المسار
الداخلي الذي يتحكم في كل الحاالت حيث يتمطّط الخطاب ويتوالد من
مقومات سياقية جديدة تؤسس تشاكالالحالة األولية (أ) ،ويبدأ بتشكيل ّ
فرعيا مرتبطا بالتشاكل العام ،واعتبا ار لهذا حاول عبد المجيد نوسي تتبع
المسارات التصويرية وتحليلها
الكتشاف التشاكالت الفرعية األخرى المنبثقة عن اإلطار العام
للتشاكل الذي أفرزه العنوان ،ومن هذه التشاكالت يمكن أن نذكر:
أ-تشاكل العضوية :يالحظ الناقد في الوحدات المعجمية( :الحارس ص،5
أعضاء اللجنة ص ،5واحد منهم ص ،6لجمع المعلومات عن أعضائهم
ص ،10كان عددهم كبي ار ص ،11أعضاء اللجنة ص ،61بقية أعضاء
اللجنة ص .75)65
المقوم النووي الجوهري للعنوان.
مقوم سياقي يتناسل من ّتراكم ّ
أعضاء اللجنة +/ :عضوية+/ ،/أفراد/
عددهم كبير +/ :أفراد+/ ،/الكثرة/
مقوم العضوية
مقوم سياقي متراكم هو ّ
المقومات الناتجة على ّ
ّ تحيل هذه
الذي ينسجم في تعالقه بوحدات المسار التصويري األخرى:
( يدخلون منه ص ،6لقد حرصنا في كل أعمالنا ص .76)106
74
-ينظر المرجع نفسه :ص 125-124
75
-ينظر المرجع نفسه ص126 :
76
-المرجع نفسه :ص 127-126
131
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
ب-تشاكل غرابة و سرية اللجنة:
77
-عبد المجيد نوسي :التحليل السيميائي للخطاب الروائي ،ص 127
78
-المرجع نفسه :ص128
132
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
مقوم سياقي ناشئ هو
بحيث تحيل الوحدتين ( الشرائط ،رفعة شأنهم) على ّ
العلو في هرم السلطة.
أما المسار التصويري(:وليس معنى هذا ّأني الذي سعيت إلى هذا اللقاء،
ّ
واّنما قيل لي ّإنه ال مندوحة منه ،ولهذا جئت ص )8فتحيل وحداته على نوعية
العالقة التي تربط اللجنة بالسارد العامل ،وهي عالقة غير متكافئة المواقع تقوم
على الثنائيات اآلتية:
السارد-الذات-العامل اللجنة(العامل الجماعي)
الضعف القوة
المهيمن عليه المهيمن
تثبت هذه الثنائيات في تعالقها مكانة اللجنة وعالقتها بالسارد الذات ،فهي
ليست لجنة عادية تتسم بالجماعية فقط ،واّنما لجنة ذات مكانة عالية في هرم
السلطة ،وهو ما يؤ ّشر على تشاكل فرعي جديد يتمثل في تشاكل القوة
والسلطة.
لقد م ّكن تحليل تشاكالت الخطاب الناقد من تحديد " تشاكالت :الجماعية،
غرابة وسرية اللجنة ،قوة اللجنة ،وقد نتجت عن تحليل التراكم الحشوي للمعجم
والتراكم الداللي للمقومات السياقية .وتعد هذه التشاكالت متعالقة ،ويظهر
تعالقها في الوظائف التي تحققها على مستوى خطاب الرواية بتحديد قراءة
موحدة ومنسجمة".79ّ
تثبت هذه الثنائيات في تعالقها مكانة اللجنة وعالقتها بالسارد الذات ،فهي
ليست لجنة عادية تتسم بالجماعية فقط ،واّنما لجنة ذات مكانة عالية في هرم
السلطة ،وهو ما يؤ ّشر على تشاكل فرعي جديد يتمثل في تشاكل القوة
والسلطة.
79
-المرجع نفسه :ص129 :
133
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
لقد م ّكن تحليل تشاكالت الخطاب الناقد من تحديد " تشاكالت :الجماعية،
غرابة وسرية اللجنة ،قوة اللجنة ،وقد نتجت عن تحليل التراكم الحشوي للمعجم
والتراكم الداللي للمقومات السياقية .وتعد هذه التشاكالت متعالقة ،ويظهر
تعالقها في الوظائف التي تحققها على مستوى خطاب الرواية بتحديد قراءة
موحدة ومنسجمة".80
ّ
-7التشاكل الداللي ونظرية الكوارث:
اعتمادا على نظرية الكوارث يميز عبد المجيد نوسي نوعين من الكوارث
يحددان القيمة الطبولوجية للتشاكالت الداللية ،كارثة المواجهة وكارثة التشعب.
-كارثة المواجهة(:الصراع والجدلية):
ال يقتصر دور التشاكل الداللي على إبراز آليات التوالد واالنسجام داخل
الخطاب فقط ،بل يتعدى ذلك إلى تتبع دينامية الملفوظات الخطابية" ،وتسهم
هذه الدينامية القائمة على التفاعل بين العوامل والمواقع في توالد الخطاب وفي
ضمان انسجامه" .81وفي رواية اللجنة يبرز الناقد دينامية المقاطع السردية من
خالل تشاكل القوة الذي يميز العامل الجماعي :اللجنة ،و يحيل – في تقدير
الناقد -تركيبيا إلى عامل ثان:
-تشاكل قوة اللجنة :يمثل تركيبيا إشارة للعامل الجماعي الثاني( اللجنة
والسارد-العامل الذات)
-تشاكل قوة اللجنة :دالليا يشكل سمة من سمات العامل الجماعي.82
المقومات السياقية الجزئية التي تبني هذا التشاكل:
وهذا باعتبار ّ
-سلطة اللجنة. "
-االستخبار عن المترشح.
80
-المرجع نفسه :ص129 :
81
-المرجع نفسه ص 130
82
-المرجع نفسه :ص 130
134
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
-اقتحام الفضاء المكاني للعامل-الذات.
-محاصرة العامل الذات داخل الفضاء المكاني الذي يرتبط به.
-إصدار قرار لمعاقبة العامل الذات".83
ومن هذه العالقة التركيبية يستخلص الناقد نوعية العالقة الرابطة بينهما،
وهي عالقة مبنية على الصراع والمجابهة " لكون العامل الجماعي يحاول
الهيمنة على السارد-العامل الذات .وهذه العالقة القائمة بين عاملين داخل
خطاب الرواية ،والمبنية على الصراع والجدل هي في األصل عالقة من
عالقات التركيب العاملي ،لكن يمكن النظر إليها من المنظور الكارثي بوصفها
تحقق على مستوى الحالة الثانية :بعد المركز المنظّم".84
من خالل هذا التحليل يظهر جليا تأثّر الكاتب بمفاهيم سيميوطيقا السرد
وخاصة نظرية العوامل التي يحاول مالقحتها بمفاهيم النظرية الكارثية في
التوزيع الطبولوجي لفضاء الخطاب مستفيدا مما توصل إليه روني توم وجون
بيتيتو في هذا المجال.
تقوم النظرية الكارثية على مبدأ أساسي يتخذه الناقد منطلقا لتحليله الموقعي
والطبولوجي للخطاب ،ومؤدى هذا المبدأ ّأنه" حين التوفّر على عنصرين غير
منهارين عا 1وعا 2لوظيفة ممكنة ويكونان على نفس المستوى(عا )1و(عا.)2
83
-المرجع نفسه :ص130
84
-المرجع نفسه :ص 130
135
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
إن هذه الوضعية الال مستقرة يمكن أن تستقر بطريقتين :يمكن لـ عا 1أن يهمين
ّ
85
على عا 2والعكس" .
يتميز بالدينامية التي تقوم
أن الخطاب الروائي خطاب ّ يؤ ّكد المبدأ السابق ّ
على عناصر االنسجام والتناسل والتوالد والحوار والصراع والحركة والتحول
واالنتقال والقوة والتغيير والتغير...
وفي رواية اللجنة يتمظهر الحوار والصراع والحركة في فضاء الخطاب في
العالقة القائمة بين العامل األول(اللجنة) والعامل الثاني(السارد-الذات) ،مما
ألن الخطاب ينتقل من المركز المنظّم:
يؤدي إلى حدوث كارثة المواجهة" ّ
العنوان ،إلى حالة ثانية بعد دخول قيمة جديدة هي قيمة توالد وتناسل الخطاب،
أن الخطاب ينتقل من موقع ،على المستوى الطبولوجي إلى موقع وهذا يعني ّ
آخر من الموقع الذي يحتله العنوان والذي يتميز بوجود تحقّق عامل واحد هو
يتميز بتعددية العوامل المتصارعة ،ويش ّكل
العامل الجماعي :اللجنة ،إلى موقع ّ
يحدد كارثة المواجهة التي
انتقال الخطاب إلى هذه الحالة الثانية انتقاال كارثيا ّ
تقوم على احتالل مجال جديد هو المجال الثاني".86
المحددة تظهر كما يلي:
ّ أن القيمة الطبولوجية للتشاكالت
أي ّ
85
-المرجع نفسه :ص131
86
-المرجع نفسه :ص 131
136
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
يوضح المخطّط السابق كيفية انتقال الخطاب من المجال األول إلى المجال
ّ
الثانـي انتقاال كارثيــا ،وذلك باالنتقال من عنصر فاعل واحد إلى عنصرين
فاعلين ،هما :العامل الجماعي المتمثّل في اللجنة ،والسارد الذات ،وهو ما يقيم
االستقرار انطالقا من العالقة الجديدة المنتجة في المجال الثاني ،أي عالقة
التضاد النوعي بين اللجنة والسارد والتي تدخلهما في مواجهة وصراع تظهر
في:
-المواجهة
-السارد الذات :يواجه اللجنة ويستخدم كل أساليب اإلقناع ،انطالقا من
موقعه كمثقـ ــف وباحث عن المعرفة يحاول تفسير بعض الظواهر
االجتماعية والواقعية.
يقدمه ،وتواجهه ببعض األفعال والتصرفات التي
-اللجنة :ال تقتنع بما ّ
تعرقل حركته ،من خالل جمع معلومات عنه ،محاصرته في أماكن تموقعه،
إصدار ق اررات قاسية بشأنه.
-مواجهة اللجنة:
-العامالن يظهران في مستوى واحد بناء على المواجهة القائمة بينهما.
-عدم استقرار الخطاب لتساوي الطرفين.
-نتيجة المواجهة:
بناء على التشاكل األخير الذي حلّله الناقد(تشاكل القوة) يتجه الخطاب نحو
االستقرار بهيمنة العامل الجماعي(اللجنة) على السارد الذات ،مما يقود
الخطاب إلى تحقيق انسجامه الداخلي تبعا للتشاكالت الداللية التي تحقّقه والتي
تخصص العامل الجماعي(اللجنة):
ّ
-تشاكل الجماعية.
-تشاكل العضوية.
137
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
-تشاكل الغرابة والسرية.
-تشاكل القوة.
تحيل كل هذه التشاكالت على قراءة منسجمة ومتشاكلة يهمين فيها العامل
ألن أغلب المقاطع
الجماعي(اللجنة)على العامل الذات وجودا وموقعا وامتداداّ ،
السردية التي ترّكب المجال الثاني تتمحور حول سمات العامل الجماعي
(اللجنة).
يلخص الناقد محتواها
يترّكب المجال الثاني من خمسة مقاطع سردية ّ
كاآلتي:
"-م :1تتمحور المسارات التصويرية فيه حول اللقاء بين اللجنة والعامل-الذات،
أن أغلب هذه المسارات تسم اللجنة بسمة الجماعية وسريتها وغرابتها.
غير ّ
يتميز بتمحور مساراته التصويرية حول بحث السارد -العامل الذات في
ّ -م:2
سيرة الدكتور ،وحول عالقة المواجهة التي تربط بينه و بين اللجنة.
-م :3تتمحور مساراته التصويرية حول قوة اللجنة التي تقتحم الفضاء المكاني
للعامل الذات وتأمره بتوقيف بحثه في سيرة الدكتور.
المكونة له حول حصار القصير عضو ّ -م :4تتمركز المسارات التصويرية
اللجنة العامل الذات داخل الفضاء المكاني المرتبط به :البيت إلرغامه على
التخلي عن موضوع البحث في مسار الدكتور.
المكونة لهذا المقطع بتوجيه األسئلة من
ّ تتميز المسارات التصويرية
-مّ :5
طرف العامل الجماعي للسارد-الذات حول إنجازه لفعل القتل ضد الممثل:
يقرر العامل الجماعي إلحاق العقوبة القاسية بالعامل
القصير ،عضو اللجنة و ّ
الذات".87
87
-المرجع نفسه :ص 133
138
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
يالحظ الناقد من خالل هذه المسارات التصويرية اتساع مواقع تواجد
العامل الجماعـ ــي(اللجنة) في مقابل انحصار موقع السارد-الذات داخل
الفضاء الروائي ،مما يؤ ّشر على هيمنة العامل األول و فرض االستقرار
على الخطاب في جميع مقاطعه ،وهذا إن دل على شيء ّإنما يدل على
االنسجام الذي يسم الخطاب في كليته.88
أن "عالقة المواجهة بين
يصل نوسي بعد ذلك إلى نتيجة مهمة ،مفادهاّ :
العاملين هي التي تجعل خطاب الرواية ينمو انطالقا من المركز المنظّم
يخصص هذا
ّ يحدد العامل الجماعي :اللجنة إلى المجال الثاني الذي
الذي ّ
العامل في عالقته بالسارد-العامل الذات .فالخطاب ال يمكن أن ينمو خارج
ألن تمطيطه وتناسله من مقاطع ومسارات تصويرية عن
عالقة المواجهةّ ،
طريق التراكم القسري للوحدة المعجميةّ ،إنما يتم لتخصيص العامل
الجماعي بمجموعة من السمات:
-الجماعية.
-الغرابة و السرية.
-القوة.
في عالقته بالسارد-العامل الذات".89
اإلحاالت:
-1جميل حمداوي ":السيميوطيقا والعنوان" مجلة عالم الفكر ،مجلد 25رقم ،3الكويت.
-2عبد المجيد نوسي :التحليل السيميائي للخطاب الروائي ،البنيات الخطابية-التركيب-
الداللة ،ط ،1شركة النشر والتوزيع المدارس ،الدار البيضاء.2002 ،
Voir :Greimas : Du sense2 -3
88
-ينظر :المرجع نفسه :ص 133
89
-المرجع نفسه134:
139
مجلة اآلداب واللغات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العدد 3جانفي2015
4
-عبد الجليل منقور" :المقاربة السيميائية للنص األدبي ،أدوات و نماذج" ،محاضرات
الملتقى الوطني األول( لسيميائية والنص األدبي) قسم األدب العربي ،جامعة محمد
خيضر ،بسكرة ،2001 ،ص61
5
جميل حمداوي" :السخرية في رواية اللجنة لصنع اهلل إبراهيم" ،الحوار المتمدن، -
www.m.ahewaar.org ،2006/10/25
140