Professional Documents
Culture Documents
يقف العالم بأسره مشدوهاً أمام ما يسمي باألزمة المالية العالمية فأكبر اقتصاد في العالم
مهدد باالنزالق إلي الكساد واإلفالس فلقد ضبط االقتصاد األمريكي يدير أكبر كازينو للقمار وال
مفر من العقاب ،ولماذا تسمي بأزمة مالية وليس أزمة اقتصادية مثل االقتصادية المسماة بالكساد
الكبير في سنة 1929مسيحي أنها فعالً أزمة مالية كونها نشئت بسبب القطاع المالي وهو الذي
يدفع الفاتورة أوالً ولكنها سوف تجر ورائها االقتصاد األمريكي والعالمي ورائها ،إننا في حاجة
التعرف على ماهية هذه األزمة بشكل واضح قبل الخوض في التفاصيل.
ولكي نفهم األزمة فإنه يجب التفرقة أوالً بين االقتصاد العيني والحقيقي واالقتصاد
المالي.
فاالقتصاد العيني هو ما يتعلق باألصول العينية وهو يتناول كل الموارد الحقيقية التي
تشبع الحاجات بطريقة مباشرة مثل السلع االستهالكية أو بطريقة غير مباشرة مثل السلع
االستثمارية وإ ذا كان االقتصاد العيني هو األساس في حياة البشر وسبيل تقدمها منذ اكتشفت
البشرية من وقت مبكر ،إن هذا االقتصاد العيني وحده ال يكفي بل البد أن يزود بأدوات مالية
تشمل عمليات التبادل وللحصول على قيمة عادلة األصول .
وظهرت سندات الملكية الستخدامها في البيع والشراء بالمقايضة ثم ظهرت النقود
كوسيلة مثلي للتبادل وتحولت حقوق الملكية إلي أسهم وأوراق مالية يتم تبادلها باألسواق
والبورصات المالية وساعد ذلك على انتشار وتوسيع الشركات وتداول ملكيتها وقدرتها على
االستدامة والتوسع.
وقد أدى التطور الهائل الذي شهده القطاع المالي وخصوصاً الجهاز المصرفي بتقديم
القروض وتقوم بتحويلها إلي مديونات عامة تتمتع بثقة كبيرة لدى الجمهور من خالل إصدار
لسندات ووثائق السترجاع قيمة الديون التي منحتها لعمالئها.
1
وبالتالي يقبل عليها المستثمرون ألنهم يثقون في هذه البنوك وأيضاً يضعون ودائعهم
لديها.
ومن هنا بدأت األزمة بين االقتصاد العيني واالقتصاد المالي فالتوسع المالي بإصدار
أنواع متعددة من األصول المالية المتنوعة بشكل مستقل تماماً عن االقتصاد العيني أو الحقيقي
ويظهر ذلك جلياً في إيجاد أدوات مالية متطورة جداً باألسواق المالية تسمي المستقبليات أو
المشتقات وزيادة عدد المدنيين وبالتالي زاد من مخاطر عدم السداد وبالتالي فقدان األدوات المالية
المتداولة تأسيساً على هذه القروض لقيمتها.
بناء على أصل واحد
وهذه المشتقات أدت إلي توليد موجات متتالية من األصول المالية ً
بنية على قيمة التداول في هذه األصول المالية الغير حقيقية.
أزمة الرهون العقارية .ماذا حدث بالتحديد ؟
ولدت األزمة األخيرة نتيجة ما أطلق عليه أزمة الرهون العقارية فالعقارات في أمريكا
هي أكبر مصدر لإلقراض واالقتراض ،فالحلم األمريكي لكل مواطن هو أن يملك بيته ،ولذلك
فهو يشتري عقاره بالدين من البنك مقابل رهن هذا العقار واألزمة بدأت فيما عرف بالرهون
العقارية األقل جودة subprimeفماذا حدث ؟
يشتري المواطن بيته بالدين مقابل رهن هذا العقار ثم ترتفع قيمة العقار بالسوق فيحاول
صاحب العقار الحصول على قرض جديد نتيجة ارتفاع سعر العقار وذلك مقابل رهن جديد من
الدرجة الثانية ومن هنا التسمية بأنها الرهون األقل جودة ألنها رهون من الدرجة الثانية وبالتالي
فإنها معرضة أكثر للمخاطر إذا انخفضت قيمة العقارات ولكن البنوك لم تكتفي بالتوسع في هذه
القروض األقل جودة بل استخدمت المشتقات المالية لتوليد مصادر جديدة للتمويل وبالتالي التوسع
في منح القروض ضعيف الجودة ،ويتجمع لدى البنك محفظة كبيرة من الرهونات العقارية فإنه
يلجأ إلي إصدار أوراق مالية جديدة يقترض بها من المؤسسات المالية األخرى بضمان هذه
المحفظة وهو ما يطلق عليه التوريق( تحويل القروض المرهونة إلي أورق مالية واسترجاع
القروض وتحويلها إلي طرف أخر بالسوق وهكذا تدور).
2
فكأن البنك لم يكتفي باإلقراض األولي بضمان هذه العقارات بل أصدر موجة أخرى ثانية
من األصول المالية بضمان هذه الرهون العقارية فالبنك يقدم محفظته من الرهون العقارية
كضمان لالقتراض بسندات أو أوراق المالية مضمونة بالمحفظة العقارية.
وهكذا فإن العقار الواحد يعطي مالكين الحق في اإلقراض من البنك ولكن البنك يعيد
استخدام نفس العقار ضمن محفظة أكبر لإلقراض بموجبها من جديد من المؤسسات المالية
األخرى وتسمي العملية موجة بعد موجة بحيث يولد العقار طبقات متتابعة من اإلقراض بأسماء
المؤسسات المالية واحدة بعد األخرى سواء كانت في أمريكا أو خارجها.
ببساطة استغلت البنوك المقرضة أدوات مالية غير مضمونة فالقروض العقارية بفوائد
متدنية أوجدت سوقاً ناشطة للعقارات وزادت في طلبها مما رفع قيمة المنازل وحولها إلي أمول
مرهونة قابلة إلضافة ديون أخري بهدف تحقيق رفاهية األسر الساكنة للمنازل ومع توسع
اإلقراض العقاري بجانب اإلقراض لشراء السيارات الفارهة والقيام بنزهات وترميم المنازل
واألثاث الفخم لجأت البنوك إلي إصدار سندات في مقابل رهونها العقارية وبيعها إلي مستثمرين
عالميين مقابل فوائد وقام هوالء المستثمرين ببيع هذه السندات مرة أخري أو رهنها لدى صناديق
استثمار أو تحولت لشراء مزيد من السندات ذاتها ناتجة أيضاً من قروض عقارية أو للسلع
الكمالية المعمرة مثل السيارات وتراكمت األخطاء ،الخطأ األول نتج من التوسع في اإلقراض
لقاء فوائد ترتبط بالمستويات التي يقرها البنك المركزي األمريكي وهذه ارتفعت من %1لدي
عقد القرض العقاري إلي %4.5بداية األزمة العام الماضي.
أي أن السوق العقارية كانت هي السبب الرئيسي وراء كل ذلك ،أضف إلي ذلك
اإلغراءات التي قدمتها البنوك إلي المقترضين من تسهيالت مصرفية محاطة بالكثير من الثقوب
وذلك يعنى أن القروض العقارية الممنوحة تنحصر في عملية السداد في السنوات الثالث األولي
على تسديد الفوائد على القروض ومع ارتفاع الفائدة المتحركة عجز غالبية المقترضين عن سداد
أقساط أصل القرض والغرامات المالية العالية المترتبة على عدم السداد مما فاقم من حدوث
المشكلة وجاء بعد ذلك االلتباس في األصول الضامنة للقروض أو للسندات وهو بمثابة الخطأ
الثالث.
3
فالبنوك اعتبرت إلي حد بعيد منيعة على االنهيار علماً بان األمور كلها كانت رهناً بحال
المقترض األساسي ومدى مالءته المالية للوفاء بالتزاماته وعندما عجز عن السداد زاد ثقل الدين
عليه وتحولت السندات إلي عبء وصارت سندات رديئة تسببت بانهيار المصارف المقرضة
لحاجتها إلي سيولة وأصابت صناديق التحوط والمستثمرين بخسائر امتدت لتضرب شركات
التأمين على السندات العقارية .
أهم األحداث منذ بداية األزمة.
البنك األمريكي ليمان براذرز وضع بتاريخ / 15الفاتح تحت حماية قانون اإلفالس قبل -
تصفيته واشتري البنك البريطاني باركليز األنشطة األمريكية في حين اشتري البنك الياباني
نومورا هولدينغ األنشطة في أوروبا وأسيا والشرق األوسط.
-وضعت وزارة الخزانة األمريكية فان ماك وذيدي ماك وهما هيئتان إلعادة تمويل التسليفات
العقارية تحت وصاية الدولة بتاريخ / 7الفاتح.
-بنك أوف أمريكا أشتري بنك األعمال األمريكي ميريل لينش بتاريخ / 15الفاتح.
-تأميم المجموعة األمريكية العمالقة في مجال التأمين ( إى أى جي ) بتاريخ / 16الفاتح لتفادي
االفالس.
-أشتري بنك لويد تي إ سبي منافسة البريطاني أتش بي أو إس رابع بنك في بريطانيا من حيث
رأسماله بتاريخ / 15الفاتح.
-بنكا األعمال المستقالن -قولد مان ساكس ومورغان ستاني أخطر بتاريخ / 21الفاتح إلي
التحول إلي مجموعتين مصرفيتين قابضتين ويحصل فولد مان ساكس على تمويل بقيمة 5
مليار دوالر من المليار دير ( وارن بوفيتا ) ومورغان ستانلي يفتح رأسماله أمام البنك
الياباني ميتسوبيشي يو إ ف جي .
-المجموعة األمريكية واشطن ميوتشوال سادس بنك أمريكي من حيث األصول أعلنت إفالسها في
/ 25الفاتح ،وقد أغلقتها السلطات األمريكية ونظمت التحويل الفوري لودائعها إلي منافسها
جي بي مورغان تشيز مقابل 9.1مليار دوالر.
4
-انهارت المجموعة المصرفية والتأمينية البلجيكية و الهولندية فوتيس بتاريخ / 28الفاتح لكن
السلطات في بلجيكا ولوكسبوغ وهولندا قررت ضخ ما مجموعة 11.2مليار يورو لتمويل
فوتيس مقابل حصص في رأس مال المؤسسة.
-تم تأميم البنك البريطاني براد فورد بينغلي وتصفيته بتاريخ / 29الفاتح وهو المؤسسة المالية
البريطانية الرابعة التي تفقد استقالليتها منذ بداية األزمة.
/ 29 -اشتري سيتي غروب مصرف أوكفيا رابع بنك أمريكي من حيث األصول بتاريخ
الفاتح بإشراف الحكومة.
-اسيلندا أعلنت الحكومة بتاريخ / 29الفاتح شراء %75من رأس مال غليتنر ثالث بنك في البالد
الذي يعاني نقص في السيولة مبلغ قدره 600مليون يورو.
-أفلت البنك األلماني الخاص هيبوريل أستيت المتخصص في الشأن العقاري من اإلفالس في
/ 29الفاتح بفضل خطة إئتمان بقيمة 35مليار يورو بكفالة الدولة األلمانية .
خطة اإلنقاذ األمريكية
أجاز مجلس الشيوخ األمريكي خطة بتكلفة 700مليار دوالر إلنقاذ المؤسسات المالية األمريكية
وقد تضمنت الخطة اآلتي -:
.1تمنح الخطة وزير الخزانة سلطات واسعة لتحديد أساليب شراء األصول.
.2الموافقة على 250مليار في البداية.
5
.7الضمانات :إذا ما تكبدت الحكومة خسائر بعد خمس سنوات فتضع خطة لغرض
ضرائب شركات لتعويض خسائر دافعي الضرائب.
إذا فشلت شركة تلقت مساعدات فستكون الحكومة أخر من يتحمل الخسائر.
.8قيود على كبار المديرين بفرض قيود على التعويضات المقدمة ألكبر خمس مديرين في
كل شركة.
.9زيادة :تأمين البنك المركزي األمريكي للودائع المصرفية من 100ألف إلي 250ألف
دوالر.
خطط اإلنقاذ العالمية
أعلنت بريطانيا خطة إنقاذ بـ 200مليار جنيه استرليني. -
االتحاد األوروبي يعلن عن خطة إلنقاذ المؤسسة المالية األوروبية وضمان الودائع. -
6
يصف رئيس ال وزراء الكن دي ما يح دث بأنه ك ارثي ،يش ير وان بطريقة غ ير مباش رة ،إلى أن
اإلعصار المالي الذي ضرب الواليات المتحدة األمريكية ،ال يبتعد في أسبابه عن حروب بوش
حين يقول :لقد أخطأت عندما أيدت الحرب على العراق!
ي دعو ال رئيس الروسي ديم تري ميدفي ديف إلى إقامة نظ ام اقتص ادي م الي جديد أك ثر ع دال يق وم
على تع دد األقط اب وس يادة الق انون واألخذ بالمص الح المتبادل ة ،معت برا أن ما أس ماه عهد الهيمنة
االقتص ادية األميركية قد ولّى ،أما رئيس ال وزراء الروسي فالديم ير ب وتين فيع برعن موقف
مماث ل ,حين يق ول إن األزمة المالية العالمية ناتجة عما أس ماه "ع دم مس ؤولية " النظ ام الم الي
األم يركي ،بالمقاب ل ،يق ول رئيس ال وزراء الفرنس ي ،إن الع الم يقف على هاوية بس بب تص رف
نظ ام غ ير مس ؤول ،وأن ما ح دث،هو فرصة ألوربا إلثب ات ذاته ا ،وبالفع ل ،تعقد األمم األوربية
قمة لبحث الب دائل الكفيلة بإنه اء التف رد األم ريكي ونموذجه الع ولمي ،فهل ك انت األزمة ال تي
عص فت بأمريكا ض رورية ح تى يتح رر الع الم من الهيمنة األمريكي ة ،ويرفع الرس ميون ال ذين لم
يصغوا إلى صوت شعوبهم التي رفضت مبكرا السياسة األمريكية أصواتهم ليوجهوا اتهامات لم
يكون وا ليج رؤا على قولها ضد نظ ام القطب الواح د ،وال تي اقلها انه نظ ام غ ير مس ؤول؟.
معدالت اإلفالس
8
في الس ياق توضح بيان ات مركز أبح اث اإلفالس األم ريكي أن مع دل إفالس المس تهلكين ارتفع
بنس بة %29خالل ش هر الف اتح 2008مس يحي مقارنة بنفس الش هر من الع ام الماض ي ،إذ يق ول
م دير مركز أبح اث اإلفالس " ص امويل ج يردانو " إن ارتف اع أس عار الطاق ة ،والمش كالت القائمة
بسوق اإلسكان جعلت الكثير من األسر غير قادرة على االستمرار في منازلها".
وح تى اآلن يح اول المتح دثون عما ج رى خاصة الرس ميين منهم التخفيف ما أمكن من توص يف
األزمة وح دتها وتأثيراتها المس تقبلية ،لكن الواضح أن التوص يف المنطقي ،يق ول ب أن سياسة
اقتص اد الس وق المع ولم قد انتهت ،وانتهى معها أيضا مفه وم العولمة العس كرية ومش تقاتها من
حروب وقائية آو استباقية أو غير ذلك من التسميات ،وكذلك فإن فرض هذه السياسات بالقوة كما
اعت بر الج نرال ج ون أبي زي د ،قائد القي ادة المركزية األمريكية في الش رق األوسط والق رن
اإلفريقي حين قال :أن "المهمة األولى للقوات المسلحة األمريكية في القرن الحادي والعشرين هي
دمج العالم الثالث بالعولمة األمريكية ،وبالقوة إذا اقتضى األمر" لم يعد واردا "
9
وأن الشرق يحدوه األمل ومن ثم فإن تعامل الطرفين مع األزمة سيكون مختلف و قد أكد تقرير
صدر عن مجلس الشيوخ الفرنسي أن النظام المصرفي اإلسالمي مريح للجميع ويمكن تطبيقه في
جميع البالد كونه يلبي رغبات كونية بسبب أنه يعني احترام خمسة مبادئ حددها النظام اإلسالمي
المالي وهي تحريم الربا وتحريم بيع الغرر و الميسر والتعامل في األمور المحرمة شرعاً
وتحريم التوريق أى بيع الديون إال بشروط وهو سبب األزمة المالية العالمية الحالية.
األزمة في سو ق األموال بين المصارف العالمية
بسبب عدم الثقة فإن المصارف تعرض عن إقراض المصارف بعضها البعض وبالتالي تخلق
حالة من عجز بالسيولة أو شح السيولة وتحتاج إلي تدخل من البنوك المركزية لدعمها لتوفير
السيولة لمواجهة طلبات سحب الودائع.
األزمة قد تنتقل إلي النفط والسلع
إن موجة االنخفاض الحاد في البورصات العالمية واالتجاه الشديد للبيع و التخلي عن االستثمار
في األوراق المالية قد يوجه والطلب الشديد على السلع الغذائية والنفط والمعادن الثمينة وبالتالي
المضاربة على هذه السلع ورفع أسعارها بشكل كبير خصوصاً وأن المعروض منها ليس وفير
على مستوي العالم.
تأثير األزمة على المنطقة العربية
يالحظ الذعر الذي انتاب جميع األسواق العربية و السبب يعود في ذلك غلي أن أغلب المصارف
العربية و الخليجية خصوصاً تستثمر ودائعها بالسوق األمريكي وبالتالي سوف تتأثر بشكل
واضح كما أن عمليات إعادة التأمين تتم بالسوق األمريكي مما يعني تأثير ذلك وأيضاً سيتأثر
نشاط العقارات والسبب أن أغلبها يعتمد على القروض المصرفية األوروبية واألمريكية و أيضاً
بسبب أن االستثمارات األجنبية بالبورصات العربية تقوم بموجات من البيع بهدف تسوية المراكز
المالية في البورصات األخرى كما أن التأثير على األسواق العربية يحكمه في الغالب سلوك
القطيع حيث ان المستثمرين يتبعون العمليات التي يقوم بها األجانب وأيضاً ضعف اإلفصاح و
الشفافية بهذه األسواق وأيضاً وجود بعض الشركات بالبورصات العربية لديها شهادات إيداع
دولية بالبورصات العالمية وبالتالي انخفاض أسعارها بالبورصات العالمية سينعكس على موطنها
األصلي بالبورصات العربية ،كما أن عدم وجود ضوابط واضحة للدخول والخروج السريع
لالستثمارات األجنبية.
10
تأثير األزمة على ليبيا
قد يكون من المفيد جداً لليبيا أن تتعلم من هذه األزمة وأن تستفيد من هذا الدرس خصوصاً وأنها
تتجه إلي انفتاح الجهاز المصرفي على العالم والسماح باالستثمار األجنبي بالتواجد محلياً وتطوير
سوق األوراق المالية.
فليبيا دولة لديها برنامج لإلصالح االقتصادي والمالي كما أنها من البلدان القليلة التي لديها
فوائض مالية ضخمة مقارنة بغيرها من الدول النامية بالمنطقة بشكل عام النظام المصرفي الليبي
غير مرتبط مباشرة بالنظام العالمي المصرفي كما أن المستثمرين األجانب غير متواجدين بسوق
األوراق المالية الحديث.
فإن األزمة المالية الحالية قد تؤثر في شقين -:
أوالً :على احتياطيات الدولة بالخارج واستثماراتها التي قد تجابه بعضها وخصوصاً األوراق
المالية االنخفاض أو بعض األرصدة والودائع لدي مؤسسات تأثرت باألزمة وهذا أمر مقبول
بسبب األزمة المالية وتحتاج إلي متابعة ومراقبة وتنسيق اتصال مع الجهات المستثمر فيها
سواء كانت صناديق استثمارية أو ودائع بنكية أو غيرها للحصول على أفضل الضمانات
والتنويع بشكل مدروس.
ثانياً :على أسعار النفط والطلب على النفط ويتوقع زيادة الطلب على النفط بسبب أنه سلعة حية و
حقيقية مثله مثل الغذاء و المعادن وبالتالي سوف ترتفع أسعاره إذا اتجاه المضاربون إليه
وهذا يعني زيادة األسعار أما إذا حث ركود اقتصادي فإن األسعار سوف تنهار وبالتالي البد
من خطة لمجابة ذلك لتأثيره على برنامج التنمية في ليبيا.
ثالثا ً :على المؤسسات المالية المحلية :
قد يكون هناك تأثير على المؤسسات المصرفية الوطنية فيما يخص ودائعها بالخارج وبالتالي
يجب أن يتولي المصرف المركزي متابعة ذلك مع المصارف المحلية ودراسة أوضاع
البنوك التي لديها الودائع بالخارج والسعي للحصول على ضمانات منها وأيضاً على
الشركات التأمين متابعة الشركات التأمينية الدولية التي يعاد التأمين لديها وأن تتولي هيئة
الرقابة على التأمين المحلية ذلك بالتنسيق مع شركات التأمين.
مقترحات عامة لمواجهة األزمة
11
في ضوء دراسة األزمة العالمية الحالية وما قد يؤثر على االقتصاد الوطني عليه يقترح اآلتي
-:
على المستوي الدولي : .1
.1عقد اجتماعات تنسيقيه لوزراء المالية والمحافظين البنوك المركزية العربية
واألفريقية لمواجهة األزمة.
.2العمل على إنشاء صندوق مالي لمواجهة األزمة بين الدول النفطية العربية كمساهمة
إلنقاذ االقتصاد العالمي بالتنسيق مع االتحاد األوروبي والواليات المتحدة األمريكية
وتحقيق مكاسب كبير من وراء ذلك.
.3دراسة أفضل السبل الستغالل األزمات في شراء مؤسسات مالية وتأمينية وعقارية
بأسعار مغرية تخدم االقتصاد واالستثمارات الليبية.
.4العمل على مساعدة الدول األفريقية بإنشاء مركز مالي بليبيا لهم يجذب الودائع
واألموال األفريقية.
على المستوي المحلي : .2
.1عقد اجتماعات مع المصارف المحلية وشركات التأمين وصناديق االستثمارية
الوطنية لدراسة األزمة وتأثيرها عليها بشكل واضح وشفاف.
دعوة المصرف المركزي وأمانة المالية إلي تولي مهمة المتابعة واقتراح سبل
المعالجة وتحريك التمويل المحلي بإصدار سندات خزينة تجذب المحلين واألجانب
إليها لتمويل أغراض التنمية إذا حدث نقص في إيرادات النفط.
.2دعوة المصارف إلي اإلعالن واإلفصاح عن أوضاعها وعالقتها باألزمة المالية
وطمئنت المدخرين وأصحاب الودائع والحسابات الجارية بالمصارف المحلية
خصوصاً وأن بعضها باستثمارات عربية وأوروبية.
.3اإلسراع في إصدار قانون سوق األوراق المالية الذي ينظم التعامل في السوق المالي
ويفرض الضوابط على الشركات المساهمة المدرجة فيما يخص اإلفصاح والشفافية
والحوكمة.
12
.4العمل على إصدار سندات الخزانة المحلية وذلك لتفعيل االستثمار المحلي وإ يجاد
وسيلة أمنة لتنويع المحافظ االستثمارية ومساعدة المصارف على استثمار فوائضها
بشكل أفضل محلياً.
.5إصدار قانون للتمويل العقاري في ليبيا خصوصاً وأن ليبيا تشهد نهضة عمرانية
وتحتاج إلي تمويالت ضخمة في هذا المجال وأيضاً لوضع ضوابط لتمويل وحدوده
وضماناته .
.6تنظيم وتطوير قوانين النشاط االقتصادي و المستثمرين في ليبيا.
.7إصدار قانون التمويل اإليجاري الذي يساعد على إفساح المجال للتمويل األنشطة
االقتصادية من خالل اإليجار لألصول و الممتلكات.
.8تفعيل وبناء نظام للحد من المخاطر بالمؤسسات المالية من خالل قوانين وإ جراءات
واضحة.
.9العمل على تطوير الجهاز المصرفي و السماح بتطبيق األدوات المصرفية اإلسالمية
باعتبارها أدوات يقبل عليها الجميع وحققت نتائج كبيرة على المستوي العالمي.
.10إصدار قانون للشفافية المالية و السالمة المالية و الحوكمة للمؤسسات المالية.
.11استغالل الفرص لبناء الثقة في االقتصاد الوطني من خالل مساعدة األنشطة
االقتصادية على النمو و التطور ومن خالل سياسة إعفاء ضريبي واضحة .
.12تفعيل الرقابة وأدوات الرقابة واستقالليتها وإ صدار قوانين واضحة وأن تكون بكفاءة
عالية وفقاً للمعايير العالمية في كافة المجاالت المالية.
.13إنشاء صناديق استثمار جديدة محلية للتنمية االقتصادية في مجاالت الزراعة
والصناعة والخدمات المختلفة و الطاقة وغيرها من أجل تحقيق تنمية ورفع معدالت
النمو.
ال بديل لليبيا من استمرار نهج التنمية وتطوير االقتصاد واالستفادة من األزمة فالمكاسب الكبيرة
تكون وقت األزمات الكبيرة.
13
.1سليمان سالم الشحومي
أمين لجنة إدارة سوق األوراق المالية الليبي
14