Professional Documents
Culture Documents
األهداف والنتاجات:
أهمية المنطق في حياتنا
مبادئ المنطق ومباحثه
oيطلع على المنطق وقواعده ومسائله
oيتقن مهارة تقييم الحجج المقدمة إليه
يتمكن من تقديم حجج صحيحة ومقنعة
يتمكن من تقديم حجج صحيحة ومقنعة
يميز بين الحجج الصحيحة والمغالطات المنطقية
1
أهمية المنطق في حياتنا:
هل فكرت يوما بمعنى المنطق؟ هل سبق أن قال لك أحدهم كالمك "مش منطقي"؟ لماذا؟ كيف يمكن
لإلنسان أن يكون منطقيًّا؟
يُعدُّ اإلنسان بطبيعته "كائنًا منطقيًّا" .فهو يتميز عن باقي الموجودات بالعقل ،وقد عُرف منذ القدم بأنه
"حيوان عاقل" أو "حيوان مفكر" ،وهناك من ذهب إلى أنه "حيوان اجتماعي" أو "حيوان سياسي"،وهي في
المجمل تعريفات تفترض مسبقا أن اإلنسان مفكر وأن أفعاله تصدر عن رويّة وتعقل .ومنذ البدء كان اإلنسان
يفكر في الوجود والعالم ومظاهره ،أي يستدل ويحكم دون أن يعرف المنطق وقواعده .وقد نعجب إذا قيل لنا أن
أكثر من تسعين في المئة من الناس ،هم منطقيون بالفطرة ،أي يفكرون ويستدلون ويصلون إلى النتائج،
ويضعون المقدمات من حيث ال يعلمون المنطق ،أي ليست لديهم فكرة عن قواعد المنطق واالستدالل واجرائيات
التفكير الناقد.
إن الصفة بأن اإلنسان "منطقي" في تفكيره ،معناها قدرته على الحكم على األشياء واألفكار بالصواب
والخطأ ،وعلى التمييز بين صدق القول أو كذبه ،وعلى استدالل النتائج من المقدمات التي تلزم عنها ،وكذلك
القدرة على تقديم المبررات لألقوال واالعتقادات ،أو النتيجة من النتائج .والواقع أن هذا يتم باستدالالت العقل
واستقراء التجارب.
وبالنظر في مسيرة حياة اإلنسان ،نجد أنه يمارس أفعال التفكير في جميع مراحل حياته ،ولذا فإنه
يُصيب ويخطئ في التفكير .وال شك أن االضطراب في التفكير واختالف درجات ومعايير الفهم واإلدراك
ينعكس أثره على حياة اإلنسان .من هنا جاءت الحاجة إلى "قواعد :تنظم نشاطه وتضبطه ،وتصوب فكره
سِّن حياته.
بصورة فاعلة و ُمنتجة ،تح ّ
إذن ،نحن البشر ،مع أننا نعتبر أنفسنا أسوياء من ناحية التفكير ،إال أننا نشعر بأننا بحاجة في سلوكنا
وأفعالنا وأقوالنا إلى "المنطق" وإلى "التفكير المنطقي" .وفي حياتنا اليومية عادة نمارس هذا النوع من "التفكير
المنطقي" ،سواء كنا على دراية بقواعد ومبادئ علم المنطق أم ال .فعندما نواجه مشكلة ما نظرية أو عملية ،أو
ندخل في جدال نحتاج إلى التفكير المنطقي .حتى العمليات السيكولوجية مثل "الوعي والحس والشعور واإلدراك
والتصور العقلي" ،كلها مقدمات لعملية مقعدة تشمل "الحكم أو البرهان أو االستدالل".
من الصحيح القول بأن أغلب "معارفنا" يمكن أن نتحقق منها بصورة مباشرة دون الحاجة إلى
استدالالت بسيطة أو مركبة ،بل بالمالحظة المباشرة ،سواء باعتمادنا على إدراكنا المباشر لهذه المالحظة أو
2
من خالل التفكير العقلي المباشر أو ما يسمى "ال ّحدْس" ،وهو الوصول إلى النتائج بصورة مباشرة بدون
مقدمات.
إالّ أن "االستدالل المنطقي" ،يتجاوز المالحظات البسيطة ،ويتم بشكل غير مباشر خالل شيء نعرفه
ُمسبقا أو نُس ِّلّم به.
مثال ( )2ال إنسان خالد مثال ( )1كل إنسان فان
عادل إنسان عادل إنسان
عادل ليس بخالد عادل فان
مثال ( )3حينما تصل درجة الحرارة إلى ( )42يُصبح الجو أقسى من أن نعمل فيه.
اليوم وصلت درجة الحرارة إلى ()42
فبذا ،الجو أقسى من أن نعمل فيه.
مثال ( )4الثديات تُرضع أطفالها
الحيتان من الثديات
الحيتان ترضع أطفالها
في المنطق يمكن تحويل الدالالت (كلمات أو رموز) إلى عبارات منطقية ،وكل عبارة بسيطة
تصف شيئًا ما أو تخبرنا عن شيء ما تسمى "قضية" .مثال ذلك عبارات" :اللوحة جميلة" و"الحاكم ظالم"
و"القضية صعبة" و"الحديد صلب"؛ هذه قضايا تعبر عن عالقة صفة بموصوف ،ولو رمزنا لهذه العبارات
بـ" :أ هي ب" فهذا التعبير هو األسلوب الرمزي الذي ينقل العبارات من عبارات محددة إلى عبارات منطقية
رمزية.
مثال آخر عندما نقول" :الطالب إما ناجح أو راسب" و"الحكم إما ملكي أو جمهوري" و"القاضي إما
عادل أو ظالم" و"الحكومة إما ديمقراطية أو دكتاتورية"؛ هذه عبارات متحدة في الصورة ومختلفة في المادة
نستطيع التعبير عنها بالصورة التالية" :ص إما س أو هـ".
مثال آخر عندما نقول" :أندونيسيا بلد استوائي ،وكل بلد استوائي يمطر طوال العام ،إذن أندونيسيا ممطرة طوال
العام".
وعندما نقول" :الحديد معدن ،وكل معدن يتمدد بالحرارة ،إذن الحديد يتمدد بالحرارة" .لو وضعنا
ً
رموزا مكان األلفاظ في كلتا العبارتين نخلص بصورة مشتركة هي" :س هي ص ،وكل ص هي ط ،إذن س
هي ط".
3
إن الكلمات أو الرموز مثل :إما ،أو ،بعض ،كل ،ليس ....إلخ .ال تسمى شيئًا في عالم الواقع أو عالم
األشياء ،وإنما نضيفها لنربط بها األسماء الشيئية في بناء واحد ،لذلك نسميها الكلمات البنائية أو المنطقية ،إذ
إنها على الرغم من أنها ال تدل على شيء في عالم الواقع إال أنه يستحيل علينا بناء أي فكرة من دونها ،وهذه
الكلمات البنائية هي على وجه التحديد موضوع المنطق.
وإذا كان الحكم صحيحا بأن اإلنسان يفكر بطريقة منطقية ،فليس معنى ذلك أنه يكون دائما في حياته
ومواقفه هكذا ،فهو ُمعرض للخطأ في استدال الته ،وقد يسيء استخدام موهبته الفكرية المنطقية ،ألسباب عديدة،
منها االعتقادات الخاطئة علميًّا والتسليم بها.
مثال :سلوك اإلنسان البدائي وتصوراته حول العالم واألشياء والظواهر .فالبدائي غير قادر على تفسير الظواهر
تفسيرا منطقيًّا صحيحا ،وينسب أسباب هذه الظواهر الطبيعية إلى قوى خفية غيبية ،أو أرواح خيّرة أو شريرة،
وذلك حسب منفعة الظاهرة أو ضررها.
بيد أنه حتى اإلنسان المتحضر قد يُخطئ في استدالالته العقلية ،وبالتالي في ُحكم ِّه على األشياء ،وقد
يقع في التناقض .ولذا فإنه ومنذ عشرات القرون واإلنسان يبحث عن طريق ،أو وسائل ،أو قواعد أو علم يضع
صوبه ،وتقوم بمنزلة "اآللة" التي تمنح اإلنسان القدرة على التفكير
له القوانين الضرورية التي تضبط تفكيره وت ّ
الصحيح.
أن اإلنسان حينما يف ّكر قد
أن جميع العلوم هي نتاج التفكير اإلنساني ،ومن الواضح أيضا ّ
من الواضح ّ
معرض
يهتدي إلى نتائج صحيح ة ومقبولة وقد ينتهي إلى نتائج خاطئة وغير مقبولة.فالتفكير اإلنساني – إذنّ -
بطبيعته للخطأ والصواب ،وألجل أن يكون التفكير سليما وتكون نتائجه صحيحة ،أصبح اإلنسان بحاجة إلى
قواعد عامة تهيئ له مجال التفكير الصحيح متى سار على ضوئها:
-1إنّنا بتعل ّمنا قواعد المنطق نستطيع أن ننقد األفكار والنظريات العلمية فنتبيّن أنواع األخطاء الواقعة
ونتعرف على أسبابها وبالتالي فهو ينمي الروح النقدية لدى دارسيه أو محبيه.
ّ فيها
-2إنّنا نستطيع أن نميّز المناهج العلمية السليمة التي تؤدي إلى نتائج صحيحة من المناهج العلمية
غير السليمة التي تؤدي إلى نتائج غير صحيحة.
-3إنّنا نستطيع أن ّ
نفرق بين قوانين العلوم المختلفة وأن نقارن بينها ببيان مواطن االلتقاء والشبه
ومواطن االختالف واالفتراق.
لقد سيطر منطق أرسطو (المنطق الصوري) على فضاء المنهج في العلوم منذ القرن الرابع قبل
الميالد إلى القرن الخامس عشر .لكن على الرغم من األهمية لهذا المنطق ولدوره الكبير في حل الكثيرمن
المشكالت والقضايا التي واجهت البشرية إال أنه يفشل في حل الكثير من المعضالت ،وهو ،من وجهة نظر
4
منهج الثورة العلمية الكبرى ،منطق ال يقدم لنا الجديد .فاالستنباط يعتمد على مجموعة من القوانين الصارمة
للوصول إلى نتائج صحيحة من مقدمات صحيحة.
شعر الكثير من فالسفة عصر النهضة بضرورة تطوير المنطق االستنباطي كمنهج في العلم ،أو
حتى بضرورة التخلي عنه ألنه ال يستطيع أن يقدم لنا معرفة جديدة .وانقسم هؤالء إلى صنفين أساسيين:
عقالنيين جدد (مثل ديكارت رائد العقالنية في العصر الحديث) ،وتجريبيين (مثل فرنسيس بيكون رائد
التجريبية) .وسنأخذ هنا موقف بيكون ،لكونه الموقف الذي يعبر بشكل أساسي عن منهج الثورة العلمية الكبرى.
لقد كان انتقاد بيكون متركزا على العقل واستخدامه .فهو يقول لنا كيف يمكن االعتماد على العقل في
الوصول إلى حقائق علمية عندما يكون هذا العقل مصدرا للعديد من األوهام التي تسيطر على البشر ،وتجعلهم
عاجزين عن إدراك الحقائق التي تقولها الطبيعة لنا .فهم يشاهدون ويعترفون فقط بما تمليه عليهم أوهامهم ،وال
يريدون أن يشاهدوا أو يعترفوا بما هو واضح من خالل التجربة عن حقائق الطبيعة .ومن األمثلة الصارخة
التي توضح وجهة نظر بيكون هذه مثال موقف الكنيسة في القرون الوسطى من كروية األرض .فعلى الرغم
من أن العلم البشري توصل إلى أن األرض كروية ،منذ األلف الثالثة قبل الميالد ،على يد البابليين ،وعلى الرغم
من العدد الهائل من المشاهدات التي تدعم علميًّا كروية األرض ،إال أن الكنيسة لم تعترف بهذه الكروية،
واعتبرت العلماء الذين تبنوا ذلك بأنهم سحرة ومشعوذون يتوجب حرقهم ،وهذا ما فعلوه بالضبط مع جوردانوا
برونو.
يقول بيكون :إن مثل هذا الموقف من قبل الكنيسة وغيرها من المواقف إنما هو نتيجة لسيطرة العقل
الواهم على العلم .فهذا العقل ينتج مجموعة من األوهام ،هي:
بشرا ،ونتيجة للخصائص التي تتميز بها
وهم النوع :وهو ذلك الوهم الذي يتشكل عند البشر كونهم ً )1
عالقاتهم النفسية واالجتماعية .فالبشر ،في العادة ،ينزعون إلى التعميم الخاطئ غير المبني على مشاهدات
علمية ،كأن يسنتجوا مثال إذا ما شاهدوا ثالثة فنزوليين أو أربعة لديهم حس عال من الفكاهة" :كل الفنزوليين
لهم حس عال من الفكاهة" ،وهذا بالتأكيد تعميم خاطئ .أو حين يكون هناك جانب عاطفي؛ فاألب ال يرى أخطاء
أبنائه ،والحبيب ال يالحظ أخطاء المحبوب.
وهم الكهف :وهو الوهم الذي يتشكل عند كل فرد منا نتيجة للتنشئة والتربية ،فيتكون عند كل واحد )2
منا مجموعة من المعتقدات التي تتحول ،مع الوقت ،إلى كهف يعيش فيه دون أن يدرك أن هذه المعتقدات إنما
هي معتقدات شخصية ال تنم عن حقيقة أو حتى عن اعتقاد عام في الواقع الذي يعيشه .ومن األمثلة التي يمكن
تقديمها عن وهم الكهف تحليل لعبارة الرئيس األمريكي األسبق جورج بوش" :إما أن تكون مع أمريكا أو مع
اإلرهاب" .وبالتأكيد فإن هذا الموقف ينم عن وهم كهف يخلط الكثير من المفاهيم والحقائق ،فقد يكون الفرد
5
معاديا ،على سبيل المثال ،ألمريكا ولإلرهاب على حدّ سواء .أو أن يعتقد شخص ما بأن اإلسالم ال يبيح للمرأة
الخروج إلى العمل ،فهذا مفهوم خاص إلسالم يحمله هذا الفرد وهو مفهوم خاطئ ينم عن وهم كهف يعيش فيه
هذا الفرد.
وهم السوق :وهو وهم يرتبط باللغة وباالستخدام الخاطئ للعبارات اللغوية ،أو بالمصطلحات التي )3
تتعامل بها مجموعة من البشر مستخدمة عبارات بمعان تتجاوز معناها الحقيقي .وأمثلة هذا الوهم كثيرة ومتنوعة
في الطبيعة .منها أن يسأل شخص من األردن أجنبيًّا" :كم ملعقة تريد؟" بقصد السؤال عن كمية السكر التي
يريدها الشخص اآلخر ،لكن السؤال سيكون غريبًا لألجنبي ألنه سيقول :ال أريد أي مالعق .الدعابة نفسها يمكن
أن تحدث عندما يذهب عربي إلى بريطانيا فيسأل" :كم مكعبًا تريد؟" .لكن هذه أبسط أوهام السوق ،ففي حاالت
أخرى يكون هناك إشكاليات عميقة جراء استخدام لغة معينة ،فعلى سبيل المثال ،يستخدم بشكل كبير في بعض
الدوائر في األردن كلمة "نوري" بصورة سيئة .فيقول أحدهم" :فالن نوري" بقصد التجريح ،لكن هذا االستخدام
هو استخدام غير صحيح للكلمة ،فكلمة نوري تشير إلى من ينتمي إلى مجموعة بشرية انحدرت من أواسط آسيا
واستقرت في المنطقة ،وال تعبر عن سلوك بشري سيئ كما تستخدم في العامية .ويبرز الوهم أيضا عندما يذهب
أحدهم إلى الطبيب الذي يبدأ بالتحدث عن المرض بلغة يفهمها هو ومن تعامل مع مهنة الطب بشكل مباشر،
بينما ال يفقه المريض شيئا عما يقوله الطبيب .وتصل األمور إلى أكثر مستوياتها تعقيدا عندما يُستخدم مصطلح
معين ويعمم على أن معنا ه معنى مجازي يجانب الحقيقة ،وينتشر في الثقافة والحديث دون فحص ،كاالستخدام
الشائع لكلمة إرهاب وإرهابي ،فالكثير من الخلط يدور حول معنى الكلمة وحول من يمكن أن ينعت بها .فيتهم
الكثير من المقاومين لالحتالل بتهم اإلرهاب دون حق ،بينما ينعت إرهابي حقيقي بأنه يدافع عن النفس .وهكذا
تختلط األفكار والمعاني والمفاهيم .ويعتبر الكثيرون أن هذا النوع من األوهام من أخطر األوهام.
الوهم األخير هو وهم المسرح ،وهو مشابه لوهم الكهف مع اختالف "بسيط" هو أن يكون مجتمع )4
كامل تحت تأثير الوهم .فكما كانت الحال ،على سبيل المثال في أفغانستان إبان حكم طالبان ،فقد كان هناك وهم
عام مفاده أن تعاليم اإلسالم تنادي المرأة أن تبقى حبيسة البيت ّ
وأال تتعلم ،ونعرف تماما أن اإلسالم براء من
مثل اعتقاد هكذا .وهذا النوع من األوهام هو األخطر ،ألنه يعتمد تسويغه وشرعيته من كل اجتماعي معين،
بحيث تصبح المعتقدات الوهمية والخاطئة معتقدات مسوغة ومعموال بها دون تفكير أو تمحيص؛ كوهم االعتقاد
بأن الديمقراطية ،بشكلها الغربي ،هي الديمقراطية الممكنة الوحيدة ،بينما الواقع يفيد بأن هناك العديد من
الديمقراطيات الممكنة والمختلفة عن الديمقراطية الغربية بشكلها القائم اليوم.
وللوصول إلى المنهج الجديد استخدم بيكون وعلى أثره علماء عصر النهضة االستقراء للوصول
إلى المعرفة .واالستقراء هو االنتقال من الجزئيات للوصول إلى الكليات .لكن التعميم هنا يختلف عن تعميمات
6
وهم النوع التي ال تعتمد على التجربة الحسية ،بل هو تعميم علمي يحتاج االختبار المتواصل لحقائقه للوصول
إلى نتائج صحيحة .وقد يكون أبسط مثال على التعميم العلمي قضية شروق الشمس .فالشمس أشرقت اليوم
وأمس وقبل مئة عام وقبل ألف عام .ومع تراكم المشاهدات الحسية التي تؤكد شروق الشمس في صباح كل
يوم نصل إلى التعميم العلمي بأن "الشمس تشرق كل صباح".
ويعتبر االستقراء منهج الثورة العلمية ،ولذلك فالتجربة العلمية هي ركن أساسي في العلم .ويفيدنا
االستقراء في الوصول إلى معرفة جديدة لم تكن موجودة أو معروفة في السابق .والخاصية المهمة الثانية
لالستقراء هي ارتباطه بالتنبؤ .فمن التجربة والتعميم العلمي يمكننا التنبؤ بخصائص ال يمكننا فعليًّا أن نختبرها
بشكل مباشر .ومثال ذلك أننا في التجارب العلمية نصل إلى مجموعة من المشاهدات ،لنقل إنها مئة مشاهدة،
ومن هذه المشاهدات ،وباالعتماد على المعرفة الرياضية وعلى شرط البساطة الذي يضيفه العالم ،نصل إلى
معادلة من نوع ما تعبر عن المشاهدة المئة التي اختبرناها تجريبيًّا( .يعتبر العلماء أن من األفضل أن تبدأ
الفرضية العلمية بأبسط معادلة تمكننا من ربط المشاهدات الموجودة بحيث يبنى التعميم على هذه المعادلة
البسيطة بالرغم من وجود معادالت أكثر تعقيدًا يمكنها أيضا أن تربط بين النقاط التي تمثل المشاهدات ،فإذا كان
هناك سبب يدعو في المستقبل إلى تغيير المعادلة فإنهم يعدلون الفرضية االبتدائية ،ويقدمون نظرية جديدة
للمشاهدات القديمة مع المشاهدات الجديدة أيضا) .لكن المعادلة الرياضية ،ولنفترض أنها معادلة خطية ،يمكنها
ليس الربط بين المشاه دات التي توصلنا إليها من خالل التجربة فحسب ،ولكنها أيضا تعطينا نتائج ومعلومات
عن نقاط لم تدخل أساسا في المشاهدات التجريبية .ومثال على ذلك درجات الحرارة؛ فبالرغم من أننا ال نستطيع
فعليًّا قياس درجة حرارة الصفر المطلق ،إال أننا ومن خالل التعميم العلمي نعرف قيمتها ونستطيع أن نتوقع
خصائص المواد عند تلك الدرجة.
وباإلضافة إلى ما قدمه بيكون ،فقد تمكن الفالسفة فريجا ورسل من أسس جديدة للمنطق تتجاوز
االنتقادات التي قدمت للمنطق األرسطي وساهموا في وضع أسس المنطق الحديث ،والذي بات يعرف بالمنطق
الرمزي.
7
تمرين:
حدد طبيعة الوهم في الجمل التالية:
.1يقول بلير" :ما زلت مقتنعا بأن العراق يملك أسلحة دمار شامل وسيتم العثور عليها".
.2األب" :ال يمكن أن يكون ابني هو السبب" .
.3اليابانيون شعب تكنولوجي .
.4يؤمن البرهمانيون بأن أكل اللحم حرام .
.5يعتقد جون بأن الحالة الطبيعية للمجتمع اإلنساني هي حالة السلم .
.6يقول عالم آلخر" :يجب أن ندرس التحول التكتوني لقاع المحيط الهادئ بعد حادثة توسوناما
لمعرفة النتائج المترتبة".
.7تمنع بعض المجتمعات المرأة من العمل في المؤسسات العامة.
.8المضيف في مطعم" :تدخين أو بال تدخين".
.9كل البرازيليين يلعبون كرة القدم بمهارة.
.10يؤمن اليهود بأن أكل المنسف حرام.
.11يعتقد كاميرون أن حماس هي التي افتعلت الحرب على غزة.
".12أغرب عن وجهي ،واحد نوري".
.13يعتقد أوباما أنه يستحق جائزة نوبل للسالم.
.14كل الفرنسيون يحبون كرة القدم.
.15يؤمن الهندوس بأن البقرة حيوان مقدس.
.16يعتقد براون بأن السياسة البريطانية منصفة للعرب.
".17فاز العبد في سباق الضاحية".
.18يتميز األردنيون بالتجهم والعبوس.
.19يعتقد أسامة أن "اإلسالم يفرض على المرأة البقاء بالبيت.
.20يؤمن الصينيون بأن أرواح أجدادهم تعتني بهم.
8
لغة المنطق:
نستخدم في المنطق ،وفي بناء الحجة ،وفي طرق تحليلها ،عددا من العبارات والكلمات ذات المعاني
المحددة والمرتبطة باللغة الخاصة ببناء الحجة .ومن هذه الكلمات :إذا كان ...فإن ،لذلك ،إذن ،و ،أو ،لكن،
ألن ،وهكذا .كما أن هناك تعبيرات سنقوم بعرضها ،هنا ،في هذا الفصل ،بغرض تعريف الطالب بلغة الحجاج
المنطقي ،وبالعبارات ذات المعاني الخاصة.
هل يمكنك اآلن أن تصيغ عبارات تعبر عن هذه األشكال من الكليات والجزئيات؟
أما القضايا الشرطية فهي القضايا التي تربط بين مكوناتها بأداة شرط مثل :إذا كان فإن (إذا كان أ فإن ب)
وتسمى قضية شرطية ،أو إذا وفقط إذا (أ إذا وفقط إذا ب) وتسمى شرطية مزدوجة .مثال" :إذا كان الجو ماطر
فأن السماء ملبدة بالغيوم" (قضية شرطية)" ،يعتبر الكائن من الفقاريات إذا وفقط إذا كان له عامود فقري"
(قضية شرطية مزدوجة).
11
)4الحقائق واآلراء ):(Facts and Opinions
هناك فرق بين الحقائق وبين اآلراء؛ تتعلق الحقائق باألدلة التجريبية ويمكن التحقق منها بالرجوع إلى
العالم الموضوعي أو الواقعي ،فهي خاضعة لعالم اإلدراك الحسي؛ أشياء يمكن رؤيتها ،وسماعها ،ولمسها،
وتذوقها ،وهي تكون يقينية غالبا ،ولكن ليس دائ ًما ،ويمكن القول عنها بأنها صادقة أو كاذبة .فعندما أقول:إن
البجع أبيض؛ يعني أننا لم نر حتى اآلن بجعة سوداء ،وفي حال رؤيتنا أي بجعة سوداء يجب التحول من القول
أن البجع أبيض إلى القول بأن بعض البجع أبيض.أما إن قلت :إن الشجرة الموجودة أمام البيت هي شجرة
زيتون ،فأنا أقول إن األمر ك ذلك ويستطيع أي أحد تأكيده بالرجوع الى الواقع .بينما اآلراء هي بخصوص
تفكيري حول العالم أو موضوع ما أو ما يجب أن يكون عليه العالم أو الموضوع ،ويمكن أن أدعم رأيي باألسباب
وبالتفكير المنطقي ،إال أن هذه اآلراء ال يحكم عليها بالصدق أو الكذب.
إن الحجج المنطقية يجب أن تدعم ُّ
كال من الحقائق واآلراء ،فكون بعض اآلراء جيدة ال يعادل
ع ًما باألدلة وموضوعي.
كونهاقوية ،فالرأي القوي يجب أن يكون قائ ًما على أسباب واضحة و ُمد ّ
الفرق األساسي بين الحقائق واآلراء هو فرق بين المعرفة واالعتقاد ،نحن نعرف الحقائق ،ونعتقد
باآلراء أو ب األحرى نجد أنها تستحق التأييد ،وفي بعض الحاالت قد نجد البرهان حول ما نعتقد وبالتالي نحوله
إلى حقيقة ،إال أنه في النهاية البد من التأكيد على دعم حججنا بالحقائق ،ألن آراءنا غير كافية للبرهنة على
قضية ما أو مجموعة من القضايا .ويجب أن نكون قادرين على التمييز بين الحقائق ،ومن ثم االدعاءات التي
يمكن أن تحمل الحقائق التي يمكن قبولها أو يجب قبولها ،وبين اآلراء أو األعتقادات التي تعبر عن وجهة نظر
أو معتقد الشخص الذي يقدمها فقط .ويمكن الوصول إلى التمييز بينهما عن طريق تحليل المثالين التاليين:
أقل من عشرة آالف شخص يشاهدون جلسات البرلمان على التلفاز.
الجلسات البرلمانية مملة.
من الواضح أن الجملة األولى هي جملة يمكن قبولها على أنها قضية صادقة (مع ضرورة التحقق منها)
( ،)True Statementألنها تدل على نتيجة رقمية يمكن قياسها والتحقق منها .بينما الجملة الثانية هي قضية تحمل
موقفًا شخصيًّا للشخص الذي يعرضها وليست بالضرورة موقفًا يمكن تعميمه .وبذلك فالجملة األولى يمكن القول
عنها بأنها جملة تعبر عن حقيقة ما ( ،)Truthبينما من الواضح أن الجملة الثانية تعبر عن وجهة نظر.
الحقائق :هي عبارات إخبارية تعطينا معلومة واقعية يمكن التحقق منها عن طريق التجربة المباشرة أو غير
المباشرة.
الرأي أو وجهة النظر :هي موقف ذاتي لصاحب االدعاء يمكن االتفاق أو االختالف معه.
12
"حكم قيمي :"Value Judgmentهو نوع من األحكام التي يطلقها الفرد على قضية نابعا من موقف ذاتي
للمدعي .األحكام القيمية تحتوي ،في العادة ،على عبارات مثل :جيد ،ورديء ،وجميل ،وبشع ،وخير ،وشر،
وما إلى ذلك من القضايا األخالقية والجمالية التي يمكن أن يختلف البشر في الموقف منها.
مثال:
" oهذا الفلم رديء"،
" oمن األفضل لألطفال أن يقرأوا الكتب ً
بدال من أن يشاهدوا التلفاز".
13
إذناالدعاء :هو حجة تحمل عددًا من المقدمات التي ليست بالضرورة (ال المقدمات وال النتيجة) صادقة ،على
الرغم من أنها تقدم بصورة عامة على أنها صادقة .ولذلك فإن االدعاء ال يحوي فقط حقائق ،بل معتقدات وآراء
أيضا.
من الواضح أن الحجة (أ) هي حجة قوية ،ويمكن أن توصلنا بسهولة إلى القول بالحقيقة المعروفة وهي
أن الكوبرا أفعى سامة .لكن من الواضح ،وعلى الرغم من قوة الحجة ،أن المقدمة األولى هي مقدمة كاذبة.
ولكي نجعلها مقدمة صادقة فإننا يجب أن نحول بنية الحجة إلى البنية (ب) حيث نقول إن بعض األفاعي سامة.
ولكن في اللحظة التي نقوم فيها بذلك فإننا نضعف الحجة المقدمة ،ألنه من الواضح أننا لن نصل إلى الحقيقة
المعروفة بأن الكوبرا سامة من المقدمتين الموجودتين في الحجة الثانية ألنه قياس خاطئ (ال استنباط من
جزئيتين) .وبالتالي فالحجة (ب) هي حجة فاسدة.
ومن الممكن بسهولة أن ننجح في إدراك فشل الحجة (ب) عندما نضع أفعى الحقل مكان الكوبرا ،فإننا
ندرك خطأ الحجة .فأفعى الحقل ،على الرغم من أنها أفعى ،غير سامة .ومن هنا فإننا ال نستطيع أن نستنتج من
المقدمتين أنها سامة ،لذلك فالمقدمتان كما هما تؤديان إلى حجة فاسدة.
15
ولكي يقدم المرء حجة قوية يكسب بها نقا ًشا معينًا عليه أن يقدمها بشكل قوي وحاسم بحيث نصل
بسهولة إلى النتيجة من خالل المقدمات المقترحة.
وبالتالي لكي نحول الحجة إلى حجة قوية وصالحة في الوقت نفسه فإننا نحول الحجة (أ) إلى الشكل
التالي:
بعض األفاعي سامة،
وعلى األخص تلك التي لها رأس مثلث تكون سامة،
الكوبرا هي أفعى ذات رأس مثلث،
إذن الكوبرا سامة.
الحظ هنا أن الحجة أصبحت قوية ومحكمة وتوصلنا إلى النتيجة المطلوبة بشكل مباشر وبال لبس .مثل
هذه الحجة نقول عنها إنها حجة قوية .بينما الحجة في حالتها األولى ،هي حجة لكنها ضعيفة؛ ألنه من الممكن
لشخص ما أن يحطم الحجة بإثبات كذب المقدمة األولى .إذن هناك مقدمات تساعد على جعل الحجة أكثر قوة،
ويمكن لها أن تحدد مصير الحجة ،فمعها تكو ن الحجة صالحة وقوية وبدونها ال تكون الحجة صالحة .مثل هذا
النوع من المقدمات هي المقدمات التي نسميها مقدمات ضرورية.
ويمكن ربط القضايا الكلية والجزئية بالعالقة بين العموميات والخصوصيات .فاالنتقال من العموميات
إلى الخصوصيات يستخدم ما عرفناه ساب ًقا بأنه استدالل استنباطي .بينما من الخصوصيات إلى العموميات يكون
االستدالل استقرائيًّا .وعلى الرغم من أن الكثير من التعميمات التي نصل إليها من خصوصيات معينة يمكن لنا
أن نعتبرها علمية ،إال أننا في حالة االستدالل ال نستطيع أن نقبل باالنتقال من الخصوصيات إلى العموميات،
وبا لتالي فالحجة التي تبدأ بالخصوصيات وتنتهي بالعموميات هي حجة فاسدة.
لننظر هنا إلى بعض األمثلة:
الشمس أشرقت اليوم، أ-
الشمس أشرقت أمس وقبله وقبله،
إذن الشمس تشرق كل يوم.
16
األفعى التي أمامي أفعى كوبرا وهي سامة، ت-
األفاعى التي رأيتها أمس وقبله واليوم الذي قبله كانت أفاعي سامة،
إذن كل األفاعي سامة.
المثال األول هو مثال معروف لدينا ،ونحن كبشر نحاول دائما لكي نجعل حياتنا أكثر سهولة أن نتعامل
مع قضايا من هذا النوع ،فمن الواضح أننا عندما رأينا أن الشمس أشرقت اليوم ،وأنها فعلت ذلك أمس وقبله،
ومنذ زمن طويل ندرك أن االحتمال األكبر هو أن الشمس ستشرق غدا ،وبالتالي فإننا نسرع إلى تعميم هذه
الحقيقة والقول بأن الشمس تشرق كل يوم .لكن هذه الحقيقة ،على الرغم من علميتها ،إال أنها تعتبر نتيجة لحجة
فاسدة .إذ إننا انتقلنا من الخصوصيات ،التي هي معرفتنا بشروق الشمس اليوم ومعرفتنا بشروق الشمس أمس،
إلى عموميات تعتمد على التعميم القائل(( :كل)) يوم تشرق الشمس.
ولكي نوضح الخطأ الفاضح في هذا النوع من االستدالل ننظر إلى الحجة (ت) وهي حجة مشابهة في
ال بناء للحجة (أ) ولكننا نصل معها إلى القول بأن كل األفاعي سامة ،وهو قول كاذب .بينما الحجة (ب) هي حجة
صالحة وندرك صحتها على الفور ،فنحن ننتقل من التعميم القائل بأن كل أفاعي الكوبرا سامة إلى الخصوصية
القائلة إن أفعى الكوبرا هذه التي أمامنا هي أفعى سامة.
هذا يدفعنا للحديث عن "االستنباط الصالح" في مقابل الذي يؤدي إلى نتيجة صادقة ،فمن الممكن
ألستنباط أن يكون "صالحاً" إذا كانت نتيجته تتبع من مقدماته بغض النظر عن صدقية المقدمات (ألننا في البناء
المنطقي نفترض صدق المقدمات لنصل إلى نتيجة) ،ولكن ال يمكن أن تكون النتيجة صادقة إال إذا تم بناء
االستنباط من مقدمات صادقة .ففي حال وجود مقدمة غير صادقة (كاذبة) فيمكن أن ينتج عن االستنباط نتيجة
كاذبة .وفي بعض الحاالت يمكن أن ينتج عن االستنباط "الصالح" نتيجة صادقة على الرغم من أن المقدمات
غير صادقة .وهنا أصبح من الضرورة في الم نطق المعاصر أن يتم تحديد شروط االستنباط وربطه بالصدقية،
فاالستنباط لكي يكون صالحا ً وصادقا ً يجب أن ال نفترض صدق المقدمات فقط ،بل أن تكون هذه المقدمات
صادقة فعالً.
صالحية الحجة ال تعتمد على صدق المقدمات .فيمكنك أن تحصل على حجة صالحة دون أن تكون
نتيجتها صا دقة ،أي أن تكون النتيجة كاذبة .ولكن في حالة الوصول إلى نتيجة كاذبة من مقدمات ،فيجب أن
تكون واحدة على األقل من هذه المقدمات كاذبة أيضا .ففي حال كون كل المقدمات صادقة ال يمكن أن نصل
إلى نتيجة كاذبة إال إذا كانت الحجة فاسدة ،أي أننا ال نصل إلى نتيجة كاذبة من مقدمات صادقة إذا كانت
الحجة صالحة ،أو ال يمكننا أن نحصل على حجة صالحة تكون فيها المقدمات صادقة والنتيجة كاذبة.
17
االستدالل: )8
االستدالل عملية عقلية يتوصل فيها المرء إلى قضية (تدعى النتيجة) بداللة قضية أخرى أو أكثر (تدعى
المقدمات أو البينات) لقيام عالقة معينة بينهما .ففي االستدالل -كما يقول بالك ) -(Max Blackتُتخذ قضية
واحدة أو أكثر مسلم بها دليال لألخذ بصدق قضية أخرى بوساطة التفكير وحده ،دونما حاجة إلى التثبت من
صدقها وحدها .فاالستدالل إذن يقوم في عناصر ثالثة هي:
-1مقدمة واحدة أو أكثر (بيّنات) يُستدل بها.
-2نتيجة تترتب على التسليم بالمقدمات أو البيّنات.
-3عالقة تضمن أو لزوم بين المقدمات والنتيجة.
يجب أن نكون حذرين عند الحديث عن االستدالل .فمن يستدل هو العقل البشري وهو يستدل بجملة من
المقدمات على نتيجة ما.
لالستدالل شكالن :األول يعرف باالستنباط) (Deductionوهو النوع الذي نصل به من الكليات إلى
الجزئيات ،أو من التعميم إلى التخصيص .بينما النوع الثاني يعرف باالستقراء) (Inductionوهو االنتقال من
الجزئيات إلى الكليات ،أو من التخصيص إلى التعميم.
واالختالف بين هذين النوعين من االستدالل يتوقف على طبيعة العالقة الكائنة بين المقدمات والنتيجة.
ففي االستنتاج الصحيح تكون المقدمات دليال قاطعا على صدق النتيجة بحيث ال يمكن أن تكذب النتيجة إن
صدقت المقدمات .وحينئذ يقال أن النتيجة تلزم بالضرورة أو اضطرارا من المقدمات أو متضمنة فيها
فتكون المقدمات دليال كافيا على صدق النتيجة وحسب ،فال تكون النتيجة
) .(Implied inأما في االستقراء ّ
أكيدة بل محتملة .وهكذا إذا سلمنا بالمقدمات في االستنتاج اضطررنا إلى التسليم بصدق النتيجة وإال وقعنا في
تناقض ،بينما إذا سلمنا بصدق المقدمات في االستقراء ،فال نضطر إلى التسليم بصدق النتيجة ،بل نقول أنها
محتملة وحسب .ففي الحجة االستنباطية:
18
تلزم النتيجة "كل إنسان مسؤول عن أعماله" من المقدمات اضطرارا لقيام عالقة تضمن
) (Implicationبين المقدمات والنتيجة .وإذا كانت المقدمات في هذه الحجة صادقة وجب أن تكون النتيجة
صادقة كذلك.وفي الحجة االستقرائية:
تناول جمال دواء األسبرين فشفي من صداع الرأس
تناول فراس دواء األسبرين فشفي من صداع الرأس
تناول رافد دواء األسبرين فشفي من صداع الرأس
تناولت هدى دواء األسبرين فشفيت من صداع الرأس
إذن فكل إنسان يتناول دواء األسبرين يشفى من صداع الرأس
ال تلزم النتيجة "كل إنسان يتناول دواء األسبرين يشفى من صداع الرأس"من المقدمات بالضرورة
ألنه لو صدقت المقدمات (وهي قضايا شخصية جزئية) فال تكون النتيجة صادقة بالضرورة ،إنما نعتقد بأنها
محتملة وحسب .فقد يحدث أن امرءا يتناول دواء األسبرين دون أن يشفى من صداع الرأس .وعليه فالقول "كل
حر مسؤول عن أعماله وكل إنسان حر ،فكل إنسان غير مسؤول عن أعماله" تناقض في األلفاظ ،في حين أن
القول "تناول جمال دواء األسبرين فشفي من صداع الرأس ،وتناول فراس دواء األسبرين فشفي من صداع
الر أس ...إلخ ،فكل إنسان يتناول دواء األسبرين ال يشفى من صداع الرأس" ليس تناقضا في األلفاظ ،بل شيء
غير مألوف.
ويتجلى االختالف بين االستنباط واالستقراء في الطريقة التي تقدم فيها النتيجة ،ففي االستنباط نقول:
"فمن المؤكد بأن ،"...و"فال مناص من "...و"يلزم ذلك حتما "...و"من الضروري "...أما في االستقراء
فنقول" :يبدو أنه من األرجح ،"...و"هذا مما يبين."...
وبما أن االستنباط استدالل يمكن التحقق منه بسهولة فإن أكثر القضايا التي نواجهها في خط البرهان
والمنطق هي قضايا استنباطية ال استقرائية .فاالستقراء بحاجة إلى تجربة وإلى معرفة تعميمية من نوع ما.
وكما شاهدنا سابقا فإن التعميم ال يصلح ،في بعض األحيان ،للوصول إلى نتائج مقبولة .وبذلك فإن الحجة التي
تحمل تعمي ًما ما ،يمكن أن تكون حجة غير صالحة.
إذن علينا أن نميز بين الحجة االستقرائية والحجة االستنباطية وهو تمييز ضروري عند تقييمنا للحجة،
نستطيع القول بشكل عام أن الحجة االستقرائية عملية استداللية يتم فيها االنتقال من وضع مقدمات جزئية
للوصول إلى تعميم أو نتائج كلية ،وعادة تكون النتيجة أعم من المقدمات .بينما الحجة االستنباطيةعملية استداللية
نستخلص فيها النتائج من مقدمات نسل م بصحتها ،وتكون المقدمات عادة أعم من النتيجة.
19
الحظنا في الحجة االستنباطية أن النتيجة تكون الزمة عن المقدمات ،فإن كانت المقدمات صادقة فإن
النتيجة تكون صادقة بالضرورة .ألنه عادة تكون النتيجة ُمتضمنة أو موجودة على شكل ضمنيفي المقدمات،
لهذا ال نستطيع أن نقول إن المقدمات صادقة والنتيجة كاذبة ،وال يمكن حتى التساؤل أو التشكيك في النتيجة.
ويقال في هذا النوع من الحجج أو االستدالل أن النتيجة ال تضيف شيئا جديدا للموضوع.
عند التقييم أو الحكم على حجة استنباطية معينة علينا أن نتأكد من:
.1صدق المقدمات .2صحة البناء الصوري لهذه الحجة (أي عدم مخالفتها لقواعد القياس).
أما بالنسبة للحجة االستقرائية فعلينا أن نتأكد من أن:
20
عقوبة اإلعدام ال تعطي فرصة للتوبة والتكفير عن الذنب
إذن يجب إلغاء عقوبة اإلعدام
عقوبة اإلعدام تجعل المجرم يرتدع عن ارتكاب الجرائم خوفًا من الموت مثل (:)4
بعض المجرمين ال يخافون من الموت
يجب إقرار عقوبة اإلعدام حتى يرتدع المجرمون عن ارتكاب الجرائم
نالحظ أن المثال األول هو حجة استنباطية صحيحة ،وقضاياها صادقة ونتيجتها ُمتسقة مع المقدمات
والزمة عنها ،كذلك الحجة في المثال الثاني .إال أن البعض قد ال يؤيد أو ال يتفق مع النتيجة في المثال الثاني
بالرغم من أن مقدماتها صادقة ،ونتيجتها ضرورية منطقية والزمة عن المقدمات! إن هذا غير مقبول ألن
النتيجة كما قلنا ال عالقة لها بماذا تريد أو ماذا تعتقد؟!ما المغزى من المحاججة المنطقية في المقام األول إذا
كنت ستتجاهل األدلة واألسباب والمنطق؟ في هذه الحالة اعتقد ما تريد وافعل ما تريد فعله .إن للمنطق قواعد
وهو بيان وتو ضيح لألمور والمعتقدات ويقودك إلى التفكير النقدي خالل النقاش أو الجدال حول موضوع ما.
االفتراضات: )10
21
الشيء الذي نفرضه هو الشيء الذي نأخذه وكأنه مسلم به .فنحن نفترض عندما ندخل الطائرة أن من
يقودها ال بد أن يكون قد تدرب لساعات طويلة على قيادة الطائرة وأنه قادر على قيادتها بالشكل المناسب .ولذلك
فنحن ال نذهب للتحقق من صحة هذه المعلومات ونسأل قائد الطائرة عن شهاداته.
وبالنسبة ل لحجج فإن كل المقدمات هي عبارة عن فرضيات إال تلك المعروفة على أنها حقائق .ونحن
نقبل صدق هذه المقدمات لنتحقق من صالحية الحجة .وبعض المشتغلين في المنطق يعتبر أن المقدمات
والفرضيات هي الشيء عينه .أي أنهم ال يفرقون بين الفرضيات والمقدمات .ولكننا هنا لن نستخدم الفرضيات
لكي نعرف فقط تلك القضايا المستخدمة بشكل واضح كمقدمات ،ولكن أيضا يمكن اعتبار المقدمات المضمرة
نوعا من الفرضيات أيضا .فنحن هنا لن نتعامل مع الحجج بحسب الوصف المنطقي لها ،حيث يلتزم المشتغل
بالمنطق أن يعلن عن جميع مقدماته بشكل مناسب لكي يصل إلى النتيجة المناسبة وبالتالي تكون حجته صالحة.
وألننا نتعامل مع قضايا وحجج من الحياة اليومية ،حيث ال يعتني مقدّمها بقوانين المنطق الصارمة ،ويمكن أن
يفترض الكاتب أن القارئ على دراية ببعض المقدمات المضمرة وببعض الفرضيات ،وبالتالي فهو يغفل عن
البوح بها ،لكنها تكون مهمة في تقويمنا للحجة أو في تحليلنا لها.
تذكر أن في كثير من الحجج القصيرة العديد من الفرضيات المضمرة ،كما في المثال التالي:
سمير ذهب إلى المنزل ألن سيارته ليست أمام المكتب
سميرا ذهب إلى البيت فعال ،وليس
ً هنا نرى أن هذه الحجة تنطوي على الفرضيات المضمرة ،منها أن
إلى أي مكان آخر كأن يكون قد نزل إلى السوق أو ذهب إلى صديق ،أو أي فرضية أخرى ممكنة للتعبير عن
سميرا جاء اليوم
ً تصرف سمير عند تركه العمل إلى جانب الذهاب إلى البيت .وتنطوي أيضا على القول بأن
إلى العمل كعادته بالسيارة ،ولم يستقل الحافلة أو لم يأت بسيارة أجرة ألي سبب من األسباب كأن تكون سيارته
في ذلك اليوم معطلة .وتفترض أيضا أن سميرا قد وجد مكانًا لركن السيارة أمام المكتب ذلك الصباح كما هو
معتاد ،ولم يسبقه أحد إلى الموقع المعتاد له.
الحظ هنا أن عدم وجود اإلشارة هو سبب كاف لالعتقاد أن الوقوف مسموح به ،إذ إن المنع ال بد أن
يكون صري ًحا لكي يكون صال ًحا .وبالتالي فإن وجود اإلشارة ضروري للوصول إلى النتيجة ،وبدونها ال نستطيع
أن نصل إلى هذه النتيجة.
23
ومن األمثلة الواضحة على المقدمات المضمرة قول أحدهم :الجو غائم اليوم ،وإذا أردت الخروج خذ
معك المظلة .بالتأكيد هذه حجة تامة حتى لو لم تكن كل مقدماتها واضحة ،ألننا نتمكن من إتمامها بمجرد
سماعها ،ولكي تكون الحجة تامة يجب أن يقول الشخص:
الجو غائم اليوم
وفي اليوم الغائم تكون احتمالية المطر عالية
وإذا أراد الفرد أن يمشي في المطر فإنه سيتبلل
ولكي ال يتبلل الفرد ال بد من أن يحمل مظلة تقيه من المطر
فإذا أراد أحدهم الخروج من المنزل وال يريد أن يتبلل فعليه بحمل المظلة
إذا أردت الخروج فخذ معك المظلة إذن:
بالتأكيد ،نحن ال نقوم بتفصيل هذه المقدمات كلها في حياتنا اليومية .فنحن نسلم بكثير من المقدمات
المعروفة التي ال تحتاج منا أن نعلن عنها ،ولكننا نتبناها ونأخذ بها حتى لو لم نقلها .ولكن حتى في هذه الحالة
يجب أالّ نضمر من المقدمات إال ما هو متفق بشأنه ،فإذا ما كان هناك قضية أو فكرة ال يتفق عليها كل من
يسمعها وجب على مقدم الحجة أن يقدمها كجزء من مقدماته ،وفي بعض األحيان ال بد له أن يسوغ لماذا قرر
استخدام هذه المقدمة التي ال يتفق معها اآلخرون.
ويمكن االستدالل على المقدمات المضمرة من النتيجة .فبحسب البناء المنطقي يجب على حدود النتيجة
أن تكون مستغرقة في المقدمات ،فإذا ما كان هناك حد من حدود النتيجة غير مذكور في المقدمات ،فهذا يعني
أن هناك مقدمة مضمرة ال بد لها أن تحتوي الحد المتوافر في النتيجة مع أحد الحدود التي لم يتم حذفها من
المقدمات.
24
كيف يمكن أن نبني حجة قوية؟
ما هي الحجة؟
الحجة هي التتابع المنطقي والعقالني إلثبات نتيجة ما .وتتكون الحجة من مقدمات ونتيجة .المقدمات هي
مجموعة من الجمل اإلخبارية التي يصح عليها القول إنها إما صادقة أو كاذبة .والنتيجة هي جملة إخبارية
يمكن الوصول إليها من المقدمات.
مثال :عاد عامر من السفر يوم الخميس الماضي.
ه ذه جملة خبرية يمكن أن تكون صادقة أو كاذبة .يعتمد ذلك على ما إذا كان عامر قد عاد فعال من
السفر يوم الخميس الماضي .والجمل الخبرية ال يمكن أن تكون نصف صادقة أو نصف كاذبة ،فهي إما صادقة
وإما كاذبة .وبالتالي فإذا كان عامر قد عاد من السفر فعال ،ولكنه لم يعد يوم الخميس بل في وقت آخر ،فهذا
يعني أن الجملة كاذبة بالرغم من أنه عاد من السفر.
مالحظة مهمة:
اللغة تحمل الكثير من العبارات التي تشكل بنية اللغة ،مثل العبارات المعبرة عن صيغة السؤال أو صيغة
التعجب أو أشباه الجمل أو غيرها من الجمل التي ال تقدم لنا أي معنى إخباري .هذه الجمل على الرغم من
أهميتها في اللغة إال أنها ليست ذات أهمية في بناء الحجة .إذ إننا ال نستطيع أن نبني حججنا بوساطة مجموعة
من األسئلة على سبيل المثال ،وحتى لو كانت هذه األسئلة من النوع االستنكاري أو التهكمي ،فاإلجابة على
هذه األسئلة تخضع بشكل أساسي لتفكير المستمع أو العتقاداته المسبقة .وبالتالي فإن المتلقي يمكن أن يصل
إلى ما يريده المرسل من طرحها ،وممكن أيضا أن يصل إلى عكس ما يريده .هذه القضية ال يمكن أن تحدث
في الحجة المبنية وفق بناء منطقي سلي م .فالحجة الجيدة توصل القارئ أو المستمع إلى استنتاج واحد ملتزم
بما يفرضه البناء.
مثال :لنأخذ على سبيل المثال ما يمكن أن يحدث في يوم عادي على أحد الطرق في األردن .ففي حادث طريق
عرضي ،قامت سيارة زرقاء بصدم سيارة حمراء من الخلف .عندها نزل كل من السائقين ودار بينهما الحديث
التالي:
25
سائق السيارة الحمراء :كيف تمكنت من الحصول على رخصتك؟ يجب أن تذهب لتفحص نظرك .فهذا
الحادث هو خطؤك وحدك ،ويجب أن تكون من الرجولة لتعترف بذلك.
سائق السيارة الزرقاء :االعتراف بماذا؟ فأنت حتى لم تنظر في مرآتك! وسيارتك هذه يجب أال تقودها
على الطرق على أي حال .فأنت من تسبب بالحادث ،فلماذا تريد أن تلقي اللوم علي وحدي؟
نجد هنا أن العبارات التي استعملها السائقان هي عبارات من النوع التهكمي ،أو المعبر عن غضب كل
منهما على ما حدث .فالجمل هي جمل تعجبية أو جمل بصيغة سؤال استنكار .وبالتالي فإنهما حاوال من خالل
يفرجا عن نفسيهما ،لكن أيًّامنهما لم يقدم لنا حجة على صحة ما يقول ،أو عن األسباب التي أدت إلى
الحوار أن ّ
حدوث الحادث.
في كثير من األحيان نسمع أحدهم يقول جمالا كهذه" :أشعر أن هذا الشيء سيحدث "...أو" :لدي
إحساس أن "...وغير ذلك من الجمل المعبرة عن المشاعر .عند سماعك لمثل هذه الجمل تدرك أن
تعبيرا احتماليا كالقول "أعتقد "...
ا ما يقدمه هذا الشخص ليس حجة عقالنية .فالحجة يمكن أن تحمل
تعبيرا شعوريا .هذا ال يعني عدم
ا ،أو "من المحتمل أن "...أو ما شابه ،لكنها ال يمكن أن تحمل
أهمية األحاسيس والشعور والعواطف ،فهذه قضايا مهمة وأساسية في بنية أي إنسان ،وبغيرها يكون
الفرد قد خسر إنسانيته .لكن ما نقوله هنا إن الحجة هي نوع معين من البناء اللغوي والمنطقي؛
الغرض منها ليس التعبير عن العواطف واألحاسيس ،وإنما الوصول إلى إثبات صحة أو خطأ قضية
ما.
عند حدوث الحادث السابق بين السيارتين ،شاهد كل من عصام وعدنان الحادث ،لكنهما اختلفا أيضا
على تحليل الحادث وعلى من يمكن أن يالم .فنجد عصاما يقول:
[أ] لم يكن هناك أي داع للسيارة التي في األمام ألن تتوقف ،فقد قام السائق بالضغط على الفرامل بشكل
مفاجئ .وال يمكن ألي كان أن يستجيب بالسرعة الكافية لكي يتجنب االصطدام .لذلك فإننا ال نستطيع
القول إن السيارة الزرقاء هي السبب.
نالحظ هنا أنه بخالف الحوار الدائر بين السائقين ،فإننا نرى أن عصاما قد قدم لنا مجموعة من العبارات
اإلخبارية التي يمكنها أن توصلنا إلى نتيجة واضحة ،وهو هنا يقدم لنا حجة .فهو ال يعرض لنا فقط وجهة نظره:
"ال نستطيع القول إن السيارة الزرقاء هي السبب" ،ولكنه يقدم أيضا األسباب التي تدعم وجهة نظره هذه .ولذلك
26
فوجهة نظره هي أكثر من مجرد التعبير عن رأي معين ،إنها استنتاج مبني على أسباب .نعرف هذا الشكل من
البناء اللغوي أنه حجة.
يمكن لنا أن نستعمل التعبير "خط البرهان" للتعبير عن هذا النمط من البناء اللغوي .فالحجة هي نوع من
البرهان للقضية التي نريد الوصول إليها .وفي خط البرهان يتم الوصول إلى النتيجة من خالل المقدمات،
فيما يعرف بالتعبير المنطقي "النتيجة مستغرقة في المقدمات".
القول بأن هذا الخط من البرهان هو خط منطقي شيء ،والقول بأن الحجة هي حجة صحيحة شيء
آخر .فمن الممكن أن تكون النتيجة محصلة صحيحة للمقدمات ،لكن قد تكون واحدة أو أكثر من تلك
المقدمات غير صحيحة وبذلك تكون النتيجة خطأ ،ألن إحدى المقدمات خطأ .وقد يستغرب القارئ كي ف
يمكن أن يكون خط البرهان معبرا عن حجة وفي الوقت نفسه ال يكون هناك معرفة حول صحة المعلومات
المقدمةوخطئها.هنا نقول إن هناك مجموعة من القوانين العامة تسمى ـقوانين "القياس المنطقي" لخط
البرهان تمكننا من الوصول من المقدمات إلى النتيجة بغض النظر عن حقيقة الجمل.
على الرغم من أننا لن ندخل في تفاصيل القياس المنطقي إ ال أننا يجب علينا أن ندرك القاعدة األساسية
لهذه القوانين ،والتي تتمثل بأنه في االستنتاج الصحيح يجب على كل العبارات الواردة في النتيجة أن تكون
واردة في المقدمات ،إما بالمقدمات الظاهرة أو المقدمات المضمرة .وفي كل الحاالت يجب أن نتمكن من
اإلجابة عن السؤال المهم التالي :في حال افتراض أن المقدمات صحيحة ،ما هي النتيجة التي تتبع المقدمات؟
هل هي النتيجة التي وصلت إليها الحجة؟ وهل تقدم المقدمات سببا كافيا لالعتقاد بأن النتيجة المقدمة
مبررة؟ إذا كانت اإلجابة بنعم على األسئلة السابقة نعرف أن هذا الخط من البرهان هو حجة .ومن
الضروري القول إنك عندما "تقيم" حجج اآلخرين ،يجب أن تكون قادرا على معرفة إذا ما كانت األسباب
التي يقدمونها صحيحة ،أو إذا ما كانت حججهم ،أو بعض منها ،ضعيفة.
بعد أن استمع عدنان إلى حجة عصام ،قدم رأيه فيما حدث فقال:
[ب] الطريق كان يساعد على االنزالق ألن الجو كان ماطرا .في الطقس السيئ يجب عليك أن تبقي
مسافة جيدة بينك وبين الذي أمامك .السيارة الزرقاء كانت قريبة جدًّا من السيارة التي أمامها.
هل يمكن اعتبار هذا التعليق حجة؟ بالطبع ال .فما يقوله عدنان هنا هو عبارة عن تتابع أحداث ال يفيد في
الوصول إلى نتيجة ما .هذا ال يعني أن العبارات في [ب] غير مترابطة .فمن السهولة بمكان أن نرى ما يرمي
إليه عدنان من هذه الجمل ،لكنه فشل في أن يقدمها بشكل يتناسب مع اعتبارها حجة .وبالتالي فعدنان يضع اللوم
27
على السيارة الزرقاء لكنه ال يصرح بذلك .ولكي نتمكن من تحويل ما قاله عدنان إلى شكل الحجة نقدم الحوار
التالي:
[ت] الطريق كان يساعد على االنزالق ألن الجو كان ماطرا .في حاالت الطقس السيئ يجب على السائق
أن يبقي مسافة مناسبة بينه وبين السيارات التي أمامه .السيارة الزرقاء كانت قريبة جدًّا من السيارة التي
أمامها .لذلك كان الحادث ذنب سائق السيارة الزرقاء.
الحظ أنه في كال المثالين [أ] و[ت] تم استخدام الكلمة "لذلك" لإلشارة إلى العبارة التي تعبر عن نتيجة الحجة.
فالكلمات من مثل "إذن" ،و"لذلك" وما شابهها من الكلمات ،تدل بوضوح على العبارة التي تعتبر نتيجة في
حجة ما .ولكن في الكثير من الحاالت عندما تكون العبارات الدالة على المقدمات واضحة ،وال يوجد فيها
لبس ،ال نحتاج إلى أن نقدم النتيجة باالبتداء بكلمة من مثل "لذلك".
هذا الشكل هو شكل حجة بكل تأكيد؛ ألن المالحظة حول طبيعة الطريق والقول بأن المسافة التي يجب على
السائق أن يبقيها بينه وبين السيارة التي أمامه ،باإلضافة إلى المالحظة حول السيارة الزرقاء ،تمكننا من
الوصول إلى نتيجة ما وهي بالضبط تلك النتيجة التي وصلت إليها الحجة :إن سائق السيارة الزرقاء هو المذنب.
ولكن هذه الحجة كما الحجة األولى ال يمكن اعتبار ها حجة مبرهنة ،ألن ما قاله عدنان وما قاله عصام يمكن أن
ينقده أو يرفضه آخرون.
ملخص :ومما سبق نصل إلى القول بأن الشكل العام للحجة يكون على النحو التالي:
ومن التقنيات المفيدة للتعرف إلى الحجة وبنائها ،أن يجري تحويلها إلى شكلها القياسي السابق (مقدمات
(أسباب) – إذن – نتيجة) ،والتأكد بذلك من العبارة التي يمكن أن تكون نتيجة بوضع كلمة "إذن" أو "لذلك"
قبلها .فإذا لم تكن تعطي معنى ،أو ليست بجملة مفيدة فمن المحتمل أنها ليست العبارة التي يمكن أن تكون
النتيجة في الحجة المقدمة.
الحجة البرهانية تقدم سبباا أو أكثر يفضي إلى نتيجة – أو تحتوي على نتيجة تنبع تلقائيا من
مقدمات (أسباب).
ليس من الضرورة للنتيجة أن تكون في نهاية الحجة ،فمن الممكن أن تظهر في أي موقع في
الحجة ،بوجود أو عدم وجود لكلمات دالة عليها من قبيل "لذلك" أو "إذن".
في الحجة قد ال تكون النتيجة وال المقدمات صادقة.
28
بنية الحجة
مقدمة:
كما قلنا سابقا ا فكل الحجج تحتوي على مقدمات (أسباب) ونتائج .ولكنها ال تبنى بالشكل نفسه .وعندما تتقن
مهارة التعرف إلى الحجة ،فإن المهارة التي تليها مباشرة والتي يجب عليك امتالكها هي تحليل الحجة
ومعرفة بنيتها ،وهذا يعني بالتحديد التعرف إلى المقدمات وإلى النتيجة ،والتعرف إلى كيفية ربطها بعضها
مع بعض.
وبما أننا لسنا بصدد درس في المنطق البرهاني ،فإننا سنركز في هنا على فحص عدد من األمثلة والنماذج،
لتحليلها والتعرف من خاللها إلى إم كانية تحديد النتيجة في حجة ما .والواقع أن أبسط نوع من أنواع الحجج
هو ذلك الذي يحتوي على مقدمة واحدة ونتيجة.
لنبدأ بهذا النمط ويطلق عليه حجة صغرى أو يمكن اعتباره بأنه قضية شرطية .وكمثال على هذه الحجة نقول:
(القضايا الشرطية بشكل عام هي حجة من مقدمة ونتيجة)
[ ] 1مؤشر الوقود في السيارة يشير إلى أنها شبه فارغة .لذلك يجب أن تتوقف عند المحطة القادمة
للتزود بالوقود.
لهذا النمط من الحجة تحليل واحد ممكن فقط .وإذا ما أشرنا إلى المقدمات بالرمز [م] والنتيجة بالرمز
[ن] والسهم [ ←] للتعبير عن الكلمات المشابهة لـ"إذن" أو "لذلك"؛ ّ
فإن بنية الحجة السابقة تكون على النحو
اآلتي:
م←ن
حيث [م] تعبر عن المقدمة :مؤشر الوقود في السيارة يشير إلى أنها شبه فارغة .و[ن] تعبر عن النتيجة:
1
لذلك يجب أن تتوقف عند المحطة القادمة للتزود بالوقود.
1وتذكر ما قلناه سابقا ا من أن النتيجة ال تكون في نهاية الحجة بالضرورة ،وقد ال تحتوي على رابط يوضح أنها نتيجة (لذلك .)...،ولكن عند التحليل ،ومهما كان الوضع الذي تقدم به العبارات
في الحجة ،فإنه يلتزم بتحويل العبارات إلى شكل ينسجم مع الشكل الذي يساعدنا على التعرف إلى الحجة فورا :أي الشكل م ← ن.
29
[ ] 2دخل أحدهم إلى المحل ودفع أربع أوراق نقدية لها ذات الرقم المتسلسل .ال بد أنها مزورة ،ألن
أوراق النقد األصلية ذات أرقام متسلسلة مختلفة.
النتيجة في هذا المثال هي العبارة الثانية .ولكن عندما نحلل حجة يجب أن نقدمها بأفضل صورة ممكنة
لكي ال يكون هناك أي لبس في أن النتيجة تتبع المقدمات .وأفضل طريقة لفعل ذلك تكون بترتيب العبارات بأن
تتلو المقدمات بعضها بعضا ،ثم نضع النتيجة التي تنتج عن هذه المقدمات في النهاية .ومن هنا يكون تحليل
المثال الثاني كما يلي:
إذن
ن
من الواضح هنا أن النتيجة تحتاج إلى المقدمتين معا ،وبدونهما ال يمكننا الوصول إلى النتيجة .يسمى
هذا النوع من الربط بين القضايا بالوصل (الرابط و).
30
ثمة أسلوب آخر لتمثيل بنية الحجة :يكون من خالل رسم للمقدمات والنتيجة على شكل يمكننا من إدراك
أهمية المقدمات للنتيجة .ففي المثال الثاني نرى أن المقدمتين مهمتان للوصول إلى النتيجة .أي أن كل مقدمة
من المقدمتين سبب ضروري للوصول إلى النتيجة ،ولكنه ليس سببا كافياا للوصول إليها .السبب الكافي هو
السبب الذي نصل من خالله فقط إلى النتيجة .بينما السبب الضروري هو سبب مهم للوصول إلى النتيجة،
ولكن ال يمكننا الوصول إلى النتيجة به وحده ،بل نحتاج إلى سبب آخر (أو أكثر) لبلوغها.
لكن هذا ال يعني أن المقدمات يجب أن تعمل بعضها مع بعض دائما ،فمن الممكن في بعض الحجج أن تعمل
بشكل مستقل .انظر ،على سبيل المثال ،إلى الحجة التالية:
[ ]3أوراق النقد هذه مزورة .فهي ذات مقاييس مختلفة عن تلك التي أخذتها من البنك ،وعندما أفكر
بالموضوع ألحظ أن منظر الزبون الذي أعطاها لي كان مريبا.
نرى أن األسباب في هذه الحجة مختلف بعضها عن بعض ،كما أن بنية الحجة مختلفة أيضا .فالمقدمتان
تعمالن بشكل مستقل إحداهما عن األخرى ،لكنهما مهمتان بالدرجة نفسها للنتيجة .كل واحدة باستقاللها يمكن
أن تؤدي (مع بعض الشك) إلى النتيجة .فإذا كانت واحدة خطأ فمن الممكن االعتماد على الحجة الثانية للوصول
إلى النتيجة .ومن هنا فهما يمثالن ّ
خطي برهان مستقلين ،حتى لو كانتا تدعمان نتيجة واحدة.
م2 م1
ن
م :1أوراق النقد ذات مقاييس مختلفة عن تلك التي أخذتها من المصرف.
إذن
31
من الواضح هنا أن النتيجة تحتاج إلى المقدمات كال على حدا ،ويمكن الوصول إلى النتيجة من خالل
أيهما .يسمى هذا النوع من الربط بين القضايا بالفصل (الرابط أو).
يمكن اعتبار "الحجة داخل الحجة" بنية أخرى شائعة في بناء الحجة .في هذا النوع من الحجج يتم الوصول
إلى نتيجة جزئية داخل بنية الحجة،وتستعمل كمقدمة من مقدمات للنتيجة النهائية .وبالتالي تكون واحدة من
مقدمات الحجة هي نتيجة لحجة أخرى متضمنة في البنية الكلية للحجة.
لنفترض أننا أردنا أن نوضح الحجة رقم [ ]2أعاله بشكل أفضل مما هي عليه ،لنساعد على سبيل
صا ال يعرف أي شيء عن األوراق النقدية .فكيف يمكن أن تبنى الحجة؟
المثال شخ ً
[ ] 2دخل أحدهم إلى المحل ودفع أربع أوراق نقدية لها ذات الرقم المتسلسل .ال بد أنها مزورة .فمن
الواضح أنه من غير الممكن لرقمين "متسلسلين" أن يكونا نفس الرقم .ولذلك فإذا ما كانت أورا ًقا نقدية
صحيحة فال بد أن لها أرقا ًما متسلسلة مختلفة.
وهنا بدال من القول بأن أوراق النقد الصحيحة لها أرقام متسلسلة مختلفة ،في هذه الحجة ،نرى أنها
تعطي سببا للنتيجة هذه ،وبذلك فإنها تكون حجة جزئية على طريق بناء الحجة النهائية.
م
1
↓
م م ن
3 + 2 = ج
ن
النهائي
32
م :1من غير الممكن لرقمين "متسلسلين" أن يكونا نفس الرقم.
إذن
م( 2نج ،النتيجة الجزئية) :إذا ما كانت أوراقًا نقدية صحيحة فال بد أن لها أرقا ًما متسلسلة مختلفة.
لذلك
نستطيع أن نقدر البنية الحالية وأهميتها عندما نحاول أن نعتبر أن النتيجة الجزئية هي النتيجة النهائية،
ونجد أن الحجة غير متماسكة كما هي الحال في الوضع القائم هنا.
ورقة عمل
تحمل كل من التمارين التالية ،حجة ال تحتوي على كلمة "إذن" أو "لذلك" ...ومهمتك هي أن تحدد أيًّا
من العبارات س أو ص أو ع مقدمات وأيًّا منها نتائج ،مع بيان السبب.
( )1س :نوافذ الغرفة مغلقة بإحكام .ص :من المحتمل أن ترتفع درجة حرارة الغرفة بشدة .ع:
اليوم هو أحمى يوم في السنة.
( )2س :اعتقد سالم أنه رأى حيدرا يركض في ماراثون عمان .ص :سالم أخطأ في تحديد هوية
الشخص الذي رآه في الماراثون .ع :حيدر كان في بيروت يوم ماراثون عمان.
( )3س :الكمبيوترات (الحاسبات) غير قادرة على اإلبداع كالبشر .ص :إبداع البشر فطري
وتلقائي .ع :الكمبيوترات (الحاسبات) ال يمكنها أن تكون فطرية وتلقائية.
( )4س :ال بد أن راميًا مسرور ألن دراجته قديمة .ص :كل أصدقائنا الذين اشتروا دراجات
جديدة سرقت دراجاتهم .ع :ال يمكن ألي كان أن يفكر بسرقة دراجة رامي ،حتى ولو
تركها على قارعة الطريق.
33
( )5س :كان هناك هذا العام عدد أكبر من حرائق الغابات التي اشتعلت نتيجة إلقدام البشر على
إشعال النار في الغابات .ص :تم توزيع إعالنات في نهاية العام الماضي لتحذير البشر من
إشعال الحرائق في الغابات .ع :اإلعالن الذي نبه البشر إلى عدم إشعال الحرائق في
الغابات غير فعال.
( )6س :عدد متزايد من الحوادث ،في مدينة لندن ،يتمحور حول دهس سائقي الدراجات للمشاة.
ص :في معظم الحاالت ال يملك سائق الدراجة تأميناً ،ولذلك يكون من الصعب على المشاة
المطالبة بالتعويض .ع :يجب فرض التأمين على سائقي الدراجات كما تفرض على
السيارات.
صغيرا.
ً ( )7س :تحتاج فقط إلى مضخة لتضخ الهواء إلى وعاء الماء إذا ما كان وعاء السمك
ص :وعاؤك ليس كبيرا لكن ليس عندك سمك .ع :أنت ال تحتاج إلى مضخة لتهوية الماء.
تمارين من ()10( – )8
التمارين الثالثة التالية تعبر عن ثالث حجج قصيرة .حللها مستخدما الرسوم التوضيحية المعبرة عن
عالقات اإلضافة أو العطف (و و أو) بحيث يتم تحديد النتيجة األساسية وبنية كل حجة (خط البرهان).
( )8إنه لحتمي أن يأخذ بعض الرياضيين حبوبًا منشطة لرفع أدائهم الرياضي .وفي أغلب األحيان تكون
الحبوب المنشطة هي الفاصلة بين الفوز والخسارة .فالمكافأة التي يحصل عليها الفرد عند الفوز
كبيرة جدًّا ،إلى الحد الذي تصبح معه المخاطرة بأخذ الحبوب المنشطة تستحق العناء.
( )9ال تشاهد عددًا كبيرا من الناس الذين يسبحون في هذه المنطقة كما هي الحال في الشاطئ الشمالي.
فإلى الشمال من هنا تحرك الرياح مياه البحر الدافئة إلى الشاطئ مما يجعل المياه أكثر دفئًا.
باإلضافة إلى ذلك ،هناك نسبة كبيرة من التلوث البيئي للمياه في المنطقة.
تعرف الناس إلى مقدار البشاعة التي
( )10عندما يتم تصوير العنف على الشاشة بشكل حقيقي ،فإنك ّ
يمثلها هذا التصرف العنيف ،مما يبعدهم أنفسهم عن ممارسة العنف .ولذلك نستطيع القول إن العنف
كبيرا على المجتمع كما كان متوقعا في السابق .على العكس من التأثير
خطرا ً
ً على الشاشة ال يشكل
الذي تسقطه على المشاهد اللقطات المعبرة عن العراك البسيط ،حيث يتم تقديم البطل على أنه
يخرج من العراك منتصرا بال أضرار ،وهذا ما سيشجع الناس على أن يكونوا أكثر عنفا .هذه
األفالم هي التي يجب أن تمنع ،ال األفالم التي تعبر عن حالة عنف حقيقي.
34
التفكير الناقد ):(Critical Thinking
ماذا نعني بالتفكير الناقد؟ حاول أن تكتب تعريفا مختصرا للتفكير الناقد .قارن ما كتبته مع ما سيقدم أدناه.
كل منا يفكر ويستخدم عقله ،ولكن عند إمعان النظر في ما نقوله ونفكر به سنجد أنه منحاز ومشوه
ويقدم على عجل دون تمحيص أو معرفة كافية .ولذلك فإننا نحتاج إلى التفكير الناقد لننظم أفكارنا .فالتفكير الناقد
هو طريقة لتحليل وتقييم أفكارنا بغرض تطويرها والوصول إلى معرفة صحيحة .التفكير الناقد هو التفكير الذي
يطرح األسئلة الصعبة المرتبطة بالنقاط الحساسة في التجربة اليومية التي يخوضها اإلنسان ،ويحاول أن يقدم
تحليال لكل العمليات التي يقوم بها هو شخصيا ً أو أن يقدم تحلياللألحداث والظواهر حوله ،فيركز على اإليجابيات
بالقدر نفس ه الذي يركز به على السلبيات .ومن األسئلة المهمة في هذا السياق :لماذا حدث هذا أو ذاك؟ هل كان
عملنا ف ّعاال حقيقةً؟ ما هو مقدار التأثير الذي تتركه هذه الظاهرة على المجتمع ؟ هل يجب أن نستمر في األداء
بنفس الوتيرة؟ هل نستطيع أن نحسن من عملنا؟ كيف؟
وبالتالي فال تفكير الناقد يهدف إلى التساؤل عما يمكن اعتباره مفروغا منه ،والسيما االفتراضات المسبقة
التي نضعها والمرتبطة باألحداث والظواهر من حولنا .وهذا يفترض إمعان التفكير فيما يتعلق أيضا بتصرفاتنا
وتأثيرها المحتمل.
ً
متواصال ،ودقيقًا في معتقد ما أو موضوع أو محتوى أو مشكلة ،يلجأ تفكيرا فعال،
ً ويُعد التفكير الناقد،
إليه الفرد من خالل استعمال التفكير العميق ،واالستدالل المنطقي الذي يعتبر أساس التفكير الناقد.
نجد أن هناك عدة تعريفات للتفكير الناقد ،ونستطيع أن نلخص أهم محتويات هذه التعريفات من خالل
النقاط التالية:
.1وجود موقف أو مشكلة أو موضوع بحاجة إلى فهم وتحليل وتقييم.
.2ممارسة االستدالل المنطقي الصحيح.
.3التحكيم المنطقي لمعتقداتنا ومن ثم ألفعالنا.
.4التفكير بعملية التفكير من خالل استخدام مفردات النقد ،فهو يتطلب أن تكون دقيقًا وحكي ًما.
ً
مسؤوال حيال األفكار .5تفكير قصدي دقيق ومتأن ،فهو يتطلب نظرة مقصودة غير متسرعة وموقفًا
والمعتقدات والقيم وغيرها.
.6عبارة عن مهارة متعددة األبعاد ،فهو ليس شيئًا نحفظه أو نبحث عنه ،بل مهارة تتحسن تدريجيًّا
مع التدريب.
35
.7هو تفكير إيجابي اتجاه القضايا والمشكالت أو المسائل التي ال تبدو واضحة بذاتها – أبيض وأسود
– فهو ليس سلبيًّا وليس بخصوص قبول أو رفض الجدل ،بل هو تقييم شامل لكل أجزاء القضية أو
المسألة أو المشكلة.
.8عملية فعالة تقوم علىاستخدام التفكير المنطقي وترك الطرق األخرى في التفكير المبنية على
العواطف أو الحدس أو المعتقد أو التفضيالت الشخصية أو الحس العام ،إذ يتم وضع هذه األمور
جانباواتخاذ القرارات بناء على التفكير السليم.
.9التفكير الناقد يعتمد على طريقة االستدالل التي نستخدمها للوصول إلى النتيجة.
إننا هنا نتكلم عن األفكار ،والحكم عليها .يجب التمعن في األحكام التي نطلقها ،فأنا عندما أحكم على
فكرة ما بالصو اب أو الخطأ ،وبالصدق أو الكذب مع إبداء المبررات أو المسوغات لذلك فإن هذه العملية تتعلق
بطرق التعقل ،ومدى جودتها أو مصداقيتها في الوصول إلى النتيجة ،وليست متعلقة بالحكم على األشخاص كما
يعتقد البعض.وهي ليست متعلقة أيضا في الحكم على األفكار-التي نعبر عنها من خالل القضايا -إن كانت خيرة
أو محببةً أو مفيدة ،بل يكون الحكم كما أوضحنا ،إن كانت هذه القضايا صادقة أو كاذبة وإن كان االستدالل
الذي نقوم به صحي ًحا أو فاسدًا.
عندما يُطلب منا أن نفكر تفكيرا ناقدًا فإنه يطلب منا أن نأخذ موقفًا فيما يتعلق بالحقيقة أو في تقبل شيء
ما (سمعناه أو شاهدناه ،أو عرفناه ...الخ) أنه يتطلب حك ًما منطقيًّا لماذا أنت مع أو ضد موقف ما أو قضية ما
أو موضوع ما ،إنه يقودنا إلى أن نقوم بأفعال متطابقة مع معتقداتنا ،ألننا نكون على دراية بماذا نعتقد ولماذا؟
لكي نتمكن من اتباع خطوات سليمة في التفكير الناقد واإليجابي ال بد من اتباع خطوات:
اطرح األسئلة المهمة حول ما تريد أن تفكر به.
اجمع ما تستطيع من معلومات عن الموضوع الذي تفكر به لكي تتمكن من بناء حكمك باالعتماد
على معرفة صحيحة وليس عن جهل.
حاول الوصول إلى نتائج باالعتماد على بناء منطقي سليم.
اختبر نتائجك بمقارنتها مع الواقع ومع وجهات نظر اآلخرين.
36
قيم موقفك وقارنه مع موقف اآلخرين :هل بنيت موقفك انطالقا من قناعاتك الشخصية ،أو أنك
اعتمدت على معلومات من مصادر مختلفة .هل كانت مصادرك تتبع مدرسة فكرية أو عقائدية
محددة أم حاولت أن ترى وجهات نظر مختلفة؟
حاول أن تفكر بعقل متفتح ،أي ال تضع أحكامك قبل أن تعرف الحقائق .فكلنا يخطئ .ومن
الممكن أن يكون ما تفكر به غير صحيح.
حاول أن تناقش أفكارك مع اآلخرين لتصل إلى رؤية أفضل وإلى وضوح حول األفكار التي
تقولها .حاول أن يكون ا لنقاش مع أشخاص ال تتفق معهم في وجهة النظر .وحاول أن تفكر
باألسباب التي دفعتهم لتبني وجهة النظر تلك.
حاكم بعد ذلك وجهتي النظر من منظور الحقائق والمعلومات التي جمعتها.
نشاط:
طبق ما تعلمته هنا على أحد التمارين المطلوبة منك في المواد األخرى .تتبع الخطوات والمقترحات
أعاله في عملك ..هل استخدمت مفاتيح التعلم؟
التفكير اإلبداعي
التفكير اإلبداعي هو نمط من التفكير يستطيع أن يقدم معرفة جديدة .وفي األساس فإن هذا النوع من
التفكير مرتبط بالمنهج العلمي الذي يرتبط باستنتاجات علمية ناتجة عن معرفة مبنية على المشاهدة والعقل.
والغرض األساسي من التفكير اإلبداعي هو الوصول إلى أفكار واقتراحات خالقة نستطيع تقديمها للمشاكل التي
تواجهنا.
اإلبداع هو كل فكرة أو عمل يقوم به اإلنسان من تلقاء نفسه مستخدما خبراته السابقة بشكل خالق.
اإلنسان مبدع بطبيعته ألنه يملك ملكة العقل (المخيال).
اإلبداع ليس حكرا على مجموعة محددة من البشر بل هو خاصية تميز كل البشر.
اإلبداع يبرز مع الجرأة والمثابرة بالرغم من وجوده الدائم.
وينطلق التفكير اإلبداعي من دافعية اإلنسان لتقديم معرفة جديدة قادرة على التعامل مع المشكالت
والقضايا التي تواجهه.
ولكي تقدم حلول إبداعية للمشاكل التي تعترضك نقترح الخطوات التالية:
-اعمل في أفضل وقت ،وفي أفضل مكان يساعدك على أن تكون مبدعا .ويختلف هذا بين شخص
وآخر ،ولذلك فمن الضررروري أن تتمكن من التعرف إلى أفضررل األجواء التي تناسرربك من خبرتك
الشخصية.
-اسررررتخدم وسرررريلة اتصررررال أخرى غير التي تسررررتخدمها ،في العادة ،لكي تصررررل إلى إدراك طبيعة
المشكلة (على سبيل المثال :تكلم بدال من أن تكتب ،ارسم بدال من أن تتكلم ...إلخ).
-امنح نفسررررك وقتا للراحة ،وتوقف عن التفكير بالمشرررركلة ،ففي بعض األحيان تأتي األفكار المبدعة
من حيث ال تتوقعها.
39
-انظر إلى المشكلة بعيون جديدة أو من زاوية نظر جديدة.
-اسرررتخدم أدوات غير مرتبطة مباشررررة بالمشررركلة في إبعادك عن الصرررورة ،لكي تتمكن من رؤيتها
بالكامل.
40
ورقة عمل:
تمرين ()1
هناك نقطتان (أ) و(ب) يفصل بينهما خط .صل ما بين النقطتين (أ)
و(ب) بخط.
الشرط :يجب أال يتقاطع الخط الواصل ما بين النقطتين (أ) و(ب) مع
الخط الفاصل بينهما.
تمرين ()2
.1ما هي المشكلة بالضبط ؟ (اكتب شر ًحا للقضية التي تواجهك واصفا جميع الحقائق التي بين يديك بدقة مع
ذكر المعلومات المتوافرة بالتفصيل حول الحالة .وال تترك صغيرة أو كبيرة دون إحصائها :من نوع القلم الذي
ترسم فيه إلى الهدف المطلوب تحقيقه).
.2من بين األمور التي قمت بتحديدها ،ما الذي يقف عائقًا حقيقيًّا أمام حل المشكلة؟
تمرين ()3
لنفترض أنّك كنت قادرا على تحديد عدد من المعوقات الحقيقية التي تحول دون حل المشكلة .ناقش مع مجموعتك
وجهة نظرك وأفكارك حول كيفية تجاوز هذه المعوقات ،وتحقيق الهدف المطلوب.
تمرين ()4
إذا لم ينجح التمرين ( )3في تمكينك من حل المشكلة ،ناقش مع مجموعتك وجهة نظرك وأفكارك حول ما يجب
أن يكون حتى يصبح باإلمكان تجاوز هذه المعوقات لتحقيق الهدف المطلوب (أطلق العنان لخيالك :ما الذي
يجب تغييره في الحقائق والمعلومات الراهنة ليكون باإلمكان تحقيق الهدف؟ تخيل الوضع األمثل الذي يسمح
بتحقيق الهدف .تخيل أكثر من وضع أمثل).
41
المغالطات المنطقية:
في البداية ال بد من تعريف المغالطة المنطقية .ال يقصد من المغالطة المنطقية تقديم كل خطأ منطقي
يقوم به األفراد ،ولكن يقصد بالمغالطات تلك األشكال الشائعة للكالم الحجاجي الذي قد ينتشر بين من يستخدم
اللغة دون أن يتم االستناد إلى بناءات منطقية مقبولة .ومن األمثلة الشائعة على المغالطات التي قد يقع بها
الجمهور القول مثال" :هل أنت أفهم من أينشتاين؟ أينشتاين يقول بهذا" وهذه مغالطة واضحة ،فعلى الرغم من
أهمية العالم الفيزيائي أينشتاين في تقديم النظرية النسبية العامة ولكن هذا ال يفيد بأنه غير قابل للخطأ ،فهو
إنسان ويمكن أن يخطئ وبالتالي فإن االحتكام ألنه من قال شيئًا ما ال يؤدي إلى القول بأن ما قاله صحيح .فحتى
أعتى العقول ال يحق لها أن تقدم أفكارا دون االستناد إلى حجاج منطقي أو إلى براهين حسية.
وفي معظم األحيان يقوم "األشخاص الجماهيريون" أو بعض "الشعبويون" أو بعض "الدعاة" أو
"السياسيون" باستخدام مغالطات منطقية في سبيل تحشيد الجمهور حولهم وحول أفكارهم .وهذه الحقيقة هي ما
تدفع إلى توضيح المغالطات لكي ال يقع الجمهور فيها.
يختلف المناطقة حول طرق عرض المغالطات المنطقية بحسب الخلفية الفلسفية التي يحتكم إليها كل
منهم ،ولكن في المحصلة النهائية تبقى هذه االختالفات محصورة في الناحية الشكلية ال في جوهر فهمهم
للمغالطات .فلن يختلف اثنان من المناطقة حول كون بناء حجاجي معين على أنه مغالطة ولكن يختلفون حول
طرق العرض ليس أكثر.
قد تجد في كثير من كتب المنطق أسماء محددة للمغالطات المنطقية وأغلبها يتخذ االسم اليوناني القديم
لها ،ولكن المهم هو التعرف على طبيعة المغالطة أكثر من تذكر اسمها ،ولذلك فلن تذكراألسماء اليونانية ولكن
فقط معانيها وأغراضها .هنا نضمن أغلب المغالطات الشائعة وسيتم تصنيفها على أربعة أصناف رئيسية يتفرع
ً
شكال ولكنها تتفق في منها أربعة عشر شك ًال (وقد تذهب التصنيفات في كتب المنطق إلى أكثر من عشرين
المجمل مع الفئات األربع الرئيسة) .وبالتالي نعتمد هنا التصنيف التالي:
مغالطات الصلة :وترتبط هذه الفئة من المغالطات بالمغالطات التي ال يكون هناك رابط بين مقدماتها .1
والنتيجة .أو بحسب التعريف الشائع في المنطق" :المقدمات ال تفيد النتيجة" .وتنقسم هذه الفئة إلى خمسة أشكال
هي:
الشكل األول :الهجوم على الشخص. .1
42
الشكل الثاني :التشعب وخلق رجل القش. .2
ال شكل الثالث :التالعب بالمشاعر (الشفقة ،الحب ،الكراهية.)..... ، .3
الشكل الرابع :االعتماد على السلطة أو القوة. .4
الشكل الخامس :االعتماد على رغبات الجمهور. .5
مغالطات عدم كفاية األدلة وهي: .2
الشكل األول :االعتماد على جهل المستمع. .6
الشكل الثاني :االعتماد على سلطة غير موثوقة. .7
الشكل الثالث :االعتماد على سبب خاطئ. .8
مغالطات التمويه وعدم الوضوح: .3
الشكل األول :المواربة :االعتماد على كلمات غير واضحة المعنى. .9
الشكل الثاني :التالعب بالكلمات ومعانيها. .10
الشكل الثالث :التركيب :أن يتم التعميم دون وجه حق. .11
الشكل الرابع :التقسيم :أن يتم اجتزاء الحقيقة. .12
مغالطات المقدمات غير المؤكدة: .4
الشكل األول :افتراض النتيجة. .13
الشكل الثاني :افتراض لمعضلة خاطئة أو مقدمة غير متفق عليها. .14
45
الشكل الثاني :االعتماد على سلطة غير موثوقة .7
في كثير من األحيان يحاول الفرد أن يعتمد على اسم شخص في سلطة معرفية أو اجتماعية في
المحاججة حول قضية ما ،كأن يقول أحدهم" :هل أنت أفهم من أرسطو؟" أو "أينشتاين يقول هذا" ونقول عن
هذا النوع من المغالطة أ نه مغالطة االستناد إلى سلطة ما .ولكن عندما يتم استخدام عبارات شبيهة في مواضع
ال يكون فيها هؤالء األسماء الالمعة محل اختصاص بها فإن المغالطة تتحول من مغالطة االستناد إلى سلطة ما
إلى مغالطة االعتماد على سلطة غير موثوقة .فعلى سبيل المثال ،إذا تم االستشهاد بأينشتاين في أمور السياسة
فهذه بالضرورة مغالطة االعتماد على سلطة غير موثوقة .فأينشتاين مرجع في الفيزياء ولكنه ليس مرجعًا في
السياسة.
قدم أمثلة من حياتك اليومية عن هذا الشكل
الشكل الثالث :االعتماد على سبب خاطئ .8
في هذا النوع من المغالطات يقوم الفرد باالعتماد على سبب على أنه السبب المحدد أو الحاسم في
االستنتاج الذي يقدمه دون النظر في احتمال وجود أسباب أخرى قد تكون أكثر منطقية أو أكثر احتمالية للوصول
إلى االستنتاج.
مثال:
منذ أن تم البدء بالدعاية االنتخابية للنواب ارتفعت نسبة الحوادث في األردن -
إذن الدعاية االنتخابية سبب الحوادث في األردن -
-قدم أمثلة من حياتك اليومية عن هذا الشكل
الشكل األول :المواربة :االعتماد على كلمات غير واضحة المعنى .9
46
في هذا النوع من المغالطات يحاول الفرد أن يتالعب بالكلمات بمعانيها ليوهم المستمع بشيء ما .فتكون
النتيجة معتمدة على مقدمات غير واضحة أو لها أكثر من معنى واحد .أو أن يتم استخدام كلمات على أنها
متكافئة وهي ليست كذلك.
الشكل العام
ب هي أ وهذا غير صحيح بالضرورة إذن أ هي ب
ً
مستطيال وبالتالي ال نستطيع القول: مثال :المستطيل شكل رباعي لكن الشكل الرباعي ليس
"المستطيل شكل رباعي" -
"إذن الشكل الرباعي مستطيل" -
وهذه مغالطة التكافؤ
قدم أمثلة من حياتك اليومية عن هذا الشكل
الشكل الثاني :التالعب بالكلمات ومعانيها .10
تقوم هذه المغالطة على استخدام كلمات يمكن أن يكون لها أكثر من معنى بهدف التمويه على المستمع
وإقناعه بشيء ما ،أو استخدام معنى مجازي في مقابل معنى لغوي.
مثال:
عند ارتفاع دقات القلب يرتفع ضغط الدم -
ترتفع دقات القلب عند رؤية الحبيب -
إذن رؤية الحبيب سبب من أسباب ارتفاع ضغط الدم -
مغالطة التالعب بالكلمات :هنا تم االستعاضة عن المعنى الحقيقي للكلمات بالمعنى المجازي لها.
قدم أمثلة من حياتك اليومية عن هذا الشكل
الشكل الثالث :التركيب :أن يتم التعميم دون وجه حق .11
مغالطة التركيب تتميز بأنها تضفي على الكل خصائص الجزء.
مثال:
كل جزء من أجزاء الطائرة خفيف -
إذن الطائرة خفيفة -
مغالطة التركيب
47
مثال:
"المجتمع هو عبارة عن مجموع أفراده" -
مغالطة التركيب
قدم أمثلة من حياتك اليومية عن هذا الشكل
48
ويمكن القول إن معظم النقاشات الدينية بين العقائد المختلفة أو بين الطوائف هي من نوع المصادرة
على المطلوب.
قدم أمثلة من حياتك اليومية عن هذا الشكل
الشكل الثاني :افتراض لمعضلة خاطئة أو مقدمة غير متفق عليها .14
يعتمد الشكل الثاني لهذه الفئة على تقديم مقدمات غير متفق عليها أو غير مقبولة من قبل الجميع ،ويبني
عليها استنتاجاته دون األ خذ بعين االعتبار االختالفات الممكنة بين األفراد أو بين الحاالت التي تبرز وكأنها
متشابهة ولكنها غير ذلك.
قدم أمثلة من حياتك اليومية عن هذا الشكل
49