You are on page 1of 94

‫جامعة محمد الصديق بن يحي _ جيجل _‬

‫كلية العلوم إلاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬


‫قسم العلوم إلاقتصادية‬

‫محاضرات في مقياس‪:‬‬

‫املاملــــــــــالالــــييــــةة الالــــــــــددولولــيـيـةة‬
‫لطلبة السنة ألاولى ماستر اقتصاد دولي والسنة ثالثة اقتصاد نقدي زبنكي‬

‫إعداد‪:‬‬
‫الدكتور‪ :‬بودخدخ كريم‬

‫السنة الجامعية ‪5102_5102‬‬


‫فهرس املحتويات‬
‫الصفحة‬ ‫العنوان‬
‫‪I-III‬‬ ‫فهرس المحتويات‬
‫مقدمة‬
‫‪41_2‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬العولمة المالية والتمويل الدولي‬
‫‪2‬‬ ‫‪ _4‬العولمة المالية‬
‫‪4‬‬ ‫‪ _1_1‬مفهوم العوملة املالية‬
‫‪5‬‬ ‫‪ 2_1‬عوامل تطور العوملة املالية‬
‫‪6‬‬ ‫‪ _3_1‬اجلدل حول إجيابيات وسلبيات العوملة املالية‬
‫‪8‬‬ ‫‪ _2‬التمويل الدولي‬
‫‪8‬‬ ‫‪ _1_2‬ماهية التمويل الدويل‬
‫‪8‬‬ ‫‪ _2_2‬أشكال التمويل الدويل‬
‫‪13‬‬ ‫‪ _3_2‬تطور التمويل الدويل‬
‫‪27_41‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬ميزان المدفوعات‪ :‬دراسة تحليلية‬
‫‪16‬‬ ‫‪ _4‬مفهوم ميزان المدفوعات‬
‫‪11‬‬ ‫‪ _2‬أقسام ميزان المدفوعات‬
‫‪11‬‬ ‫‪ _1_2‬احلساب اجلاري‬
‫‪18‬‬ ‫‪ _2_2‬احلساب الرأمسايل‬
‫‪18‬‬ ‫‪ _3_2‬احلساب املايل‬
‫‪22‬‬ ‫‪ _3‬أمثلة تطبيقية عن التسجيل في ميزان المدفوعات‬
‫‪21‬‬ ‫‪ _1‬التحليل اإلقتصادي لميزان المدفوعات‬
‫‪22‬‬ ‫‪ _5‬اإلختالل في ميزان المدفوعات‬
‫‪23‬‬ ‫‪ _1_5‬أنواع اإلختالل يف ميزان املدفوعات‬
‫‪24‬‬ ‫‪ _2_5‬أسباب اإلختالل يف ميزان املدفوعات‬
‫‪25‬‬ ‫‪ _3_5‬آليات تعديل اإلختالل يف ميزان املدفوعات‬
‫‪49 _29‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬
‫‪29‬‬ ‫‪ _4‬ماهية سعر الصرف‬

‫‪I‬‬
‫‪29‬‬ ‫‪ _2‬أنواع سعر الصرف‬
‫‪29‬‬ ‫‪ _1_2‬سعر الصرف الثنائي‬
‫‪31‬‬ ‫‪ _2_2‬سعر الصرف املتعدد‬
‫‪32‬‬ ‫‪ _3‬أنواع أنظمة الصرف‬
‫‪32‬‬ ‫‪ _1_3‬نظام الصرف الثابت‬
‫‪34‬‬ ‫‪ _2_3‬نظام الصرف الوسيط‬
‫‪35‬‬ ‫‪ _3_3‬نظام الصرف املعوم‬
‫‪38‬‬ ‫‪ _1‬سوق الصرف‬
‫‪38‬‬ ‫‪ _1_4‬ماهية سوق الصرف‬
‫‪39‬‬ ‫‪ _2_4‬أنواع أسواق الصرف‬
‫‪40‬‬ ‫‪ _3_4‬عمليات سوق الصرف األجنيب‬
‫‪44‬‬ ‫‪ _4_4‬املتدخلون يف سوق الصرف‬
‫‪45‬‬ ‫‪ _5‬النظريات المحددة لسعر الصرف‬
‫‪45‬‬ ‫‪ _1_5‬نظرية تكافؤ القوى الشرائية‬
‫‪47‬‬ ‫‪ _2_5‬نظرية تعادل أسعار الفائدة‬
‫‪49‬‬ ‫‪ _3_5‬نظرية األرصدة‬
‫‪64-51‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬تطور النظام النقدي الدولي‬
‫‪51‬‬ ‫‪ _1‬ماهية النظام النقدي الدولي‬
‫‪51‬‬ ‫‪ _2‬مراحل تطور النظام النقدي الدولي‬
‫‪52‬‬ ‫‪ _1_2‬نظام قاعدة الذهب‪1914_1812 :‬‬
‫‪54‬‬ ‫‪ _2_2‬نظام الصرف‪-‬ذهب ما بني احلربني العامليتني األوىل والثانية‬
‫‪55‬‬ ‫‪ _3_2‬نظام "بريتون وودز"‬
‫‪60‬‬ ‫‪ _4_2‬اإلحتاد النقدي األورويب‬
‫‪63‬‬ ‫‪ _3‬النظام النقدي الدولي الحالي‬
‫‪63‬‬ ‫‪ _1_3‬واقع النظام الدويل احلايل‬
‫‪64‬‬ ‫‪ _2_3‬أوجه قصور النظام النقدي الدويل احلايل‬
‫‪76-61‬‬ ‫الفصل الخامس‪ :‬األسواق المالية الدولية‬
‫‪66‬‬ ‫‪ _1‬السوق النقدية الدولية‬

‫‪II‬‬
‫‪66‬‬ ‫‪ _1_1‬سوق اليورو عمالت‬
‫‪68‬‬ ‫‪ _2_1‬سوق اليوروقروض‬
‫‪71‬‬ ‫‪ _2‬سوق السندات الدولية‬
‫‪71‬‬ ‫‪ _1_2‬ماهية سوق السندات الدولية‬
‫‪71‬‬ ‫‪ _2_2‬تطور سوق السندات الدولية‬
‫‪72‬‬ ‫‪ _3‬سوق األسهم الدولية‬
‫‪72‬‬ ‫‪ _1‬األطراف الفاعلة في األسواق المالية الدولية‬
‫‪72‬‬ ‫‪ _1_4‬صناديق الثروة السيادية‬
‫‪74‬‬ ‫‪ _2_4‬صناديق التحوط‬
‫‪87_78‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬المشتقات المالية‬
‫‪78‬‬ ‫‪ _4‬ماهية المشتقات المالية‬
‫‪78‬‬ ‫‪ _2‬أنواع عقود المشتقات المالية‬
‫‪79‬‬ ‫‪ _1_2‬العقود اآلجلة‬
‫‪80‬‬ ‫‪ _2_2‬العقود املستقبلية‬
‫‪82‬‬ ‫‪ _3_2‬عقود اخليارات‬
‫‪85‬‬ ‫‪ _4_2‬عقود املبادلة‬
‫‪89‬‬ ‫قائمة المراجع‬

‫‪III‬‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة‬

‫يعد جمال املالية الدولية من أكثر اجملاالت اإلقتصادية استحواذا على اهتمام الباحثني وحىت رجال السياسة‬
‫واإلعالم يف العصر احلديث‪ ،‬نظرا ملا يشمله من عديد املوضوعات اليت تؤثر على اقتصاديات الدول خصوصا مع‬
‫تطور العوملة املالية وما نتج عنها من زيادة الرتابط والتكامل بني األنظمة املالية ملختلف اقتصاديات العامل‪ .‬حيث‬
‫ازدادت التدفقات املالية الدولية املرافقة لتدفقات السلع واخلدمات اليت ازدهرت بشكل كبري من جهة وتطورت‬
‫احتياجات التمويل بغرض اإلستثمار وامل اضاربة من جهة أخر اما جعل األسوا املالية عص اإلقتصاد العامل‬
‫واملرآة العاكسة ألي مسار تطور فيه‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس جاء هذا العمل ليتناول خمتلف موضوعات املالية الدولية‪ ،‬أين نتطر يف الفصل األول‬
‫إىل موضوع العوملة املالية والتمويل الدويل من خالل استعراض مسار تطور العوملة املالية وما نتج عنها من تطور يف‬
‫التمويل الدويل مبختلف أشكاله‪ ،‬مث يأيت الفصل الثاين لنتناول فيه بالتحليل ميزان املدفوعات أين نربز خمتلف‬
‫أقسامه الرئيسية وحاالت اإلختالل اليت حتدث فيه وآليات معاجلتها املختلفة‪ .‬مث يتمحور الفصل الثالث حول‬
‫ماهية سعر الصرف وأنظمة الصرف اليت تعكس كيفية حتديده من طرف السلطات النقدية‪ ،‬وأسوا الصرف‬
‫وميزاهتا الرئيسية والنظريات الرئيسية املفسرة لسعر الصرف‪ .‬يف الفصل الرابع نربز مراحل تطور النظام النقدي‬
‫الدويل وخمتلف السمات اليت متيزت هبا كل مرحلة وصوال للنظام النقدي الدويل احلايل‪ ،‬أما الفصل اخلامس فنتناول‬
‫فيه موضوع األسوا املالية الدولية الثالثة وظروف نشأهتا وتطورها وه سو النقد الدولية‪ ،‬سو السندات‬
‫الدولية وسو األسهم الدولية‪ ،‬مث نعرج يف الفصل السادس واألخري لتناول موضوع املشتقات املالية حيث نربز‬
‫ماهيتها وخمتلف أنواعها الرئيسية املتداولة يف األسوا املالية‪.‬‬
‫إننا نأمل من خالل هذا العمل أن نوفر لطلبة كلية العلوم اإلقتصادية والتجارية وعلوم التسيري عموما‬
‫واملعنيني مبقياس املالية الدولية يف املقرر الدراس خصوصا مرجعا يتناول أهم املوضوعات الرئيسية اليت يشملها‬
‫املقياس‪ ،‬وذلك بنوع من التبسيط والشرح اللذان ميكننا الطال من الفهم واإلستيعاب‪.‬‬

‫‌أ‬
‫الفصل ألاول‪ :‬العوملة املالية والتمويل‬
‫الدولي‬

‫‪ _1‬العوملة املالية‬
‫‪ _2‬التمويل الدولي‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة المالية والتمويل الدولي‬

‫‪ _1‬العولمة المالية‬
‫يعترب موضوع التمويل الدويل من املوضوعات اجلديرة باإلهتمام يف احلياة اإلقتصادية‪ ،‬خصوصا يف ظل‬
‫التطورات العديدة اليت شهدها وال يزال يشهدها النشاط اإلقتصادي مع بروز ظاهرة العوملة املالية‪ ،‬اليت أعطت‬
‫مفهوما واسعا للعالقات اإلقتصادية الدولية جتارية كانت أو مالية‪ ،‬حيث أنه ويف ظل اجلوانب العديدة املرتبطة‬
‫هبا واآلثار اليت قد تنتج عنها‪ ،‬فإهنا تزيد من أمهية دراسة موضوع التمويل الدويل كمحور رئيسي يف حتقيق النمو‬
‫والتنمية اإلقتصادية ومن مث يف تطور النشاط اإلقتصادي‪.‬‬
‫جاءت العوملة اإلقتصادية (جتارية كانت أو مالية) يف إطار السعي لتوفري حرية أكرب وجمال أوسع‬
‫للنشاط اإلقتصادي‪ ،‬سواء كان ذلك يف جانبه احلقيقي (سلع وخدمات) أو يف جانبة املايل (رؤوس أموال)‪،‬‬
‫وذلك من خالل إزالة أية قيود من شأهنا أن تؤثر سلبا على تطور النشاط اإلقتصادي‪ .‬فجاءت العوملة املالية‬
‫مصاحبة للعوملة التجارية حبكم الرتابط الوثيق بني املعامالت املالية واملعامالت التجارية‪ ،‬لكنها سلكت منحىن‬
‫تصاعدي منفصل آخذة بذلك استقاللية خاصة عن العوملة التجارية كان من نتائجها تزايد الفجوة بني‬
‫اإلقتصاد احلقيقي واإلقتصاد املايل‪.‬‬
‫تعود بوادر بروز ظاهرة العوملة اإلقتصادية إىل بدايات الفكر اإلقتصادي مع املدرسة الكالسيكية‬
‫بزعامة "آدم مسيث" ‪ ،‬اليت كان من أهم مبادئها ضرورة تعزيز احلرية اإلقتصادية لألعوان اإلقتصاديني مبا يضمن‬
‫تعزيز املنافسة يف النشاط اإلقتصادي ومن مث الدفع حنو اإلبداع واإلبتكار مبا يعود باإلجياب على تطور النشاط‬
‫اإلقتصادي‪.‬‬
‫واستمر نفوذ الفكر الكالسيكي يف اإلقتصاديات العاملية حىت أزمة الكساد الكبري سنة ‪ 9191‬اليت‬
‫شكلت حتوال رئيسيا يف الفكر اإلقتصادي‪ ،‬أين أدى عجز الفكر الكالسيكي عن اخلروج حبلول ملواجهة‬
‫تداعيات األزمة من جهة‪ ،‬وثبوت عدم صحة مبادئه وافرتاضاته من جهة أخرى املتمثلة أساسا يف فكرة اليد‬
‫اخلفية وتلقائية عودة السوق للحالة التوازنية‪ ،‬إىل جلوء العديد من الدول التباع سياسات محائية لدعم صادراهتا‬
‫من خالل فرض الضرائب والرسوم على الواردات وختفيض قيمة العملة قصد انعاش اقتصادياهتا يف خطوة‬
‫اعتربت متهيدا النتشار مبدأ الدولة املتدخلة واحنسار فكر تعزيز احلرية اإلقتصادية وبالتايل بداية تالشي معامل‬
‫العوملة اإلقتصادية‪ ،‬خصوصا مع ظهور فكر اقتصادي جديد بزعامة الربيطاين "كينز" يرتكز على ضرورة تدخل‬
‫الدولة يف النشاط اإلقتصادي واحلد من احلرية املطلقة لألعوان اإلقتصاديني‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة المالية والتمويل الدولي‬

‫ومع خروج العامل من تداعيات احلرب العاملية الثانية اليت أهنكت اإلقتصاد العاملي‪ ،‬جاء مؤمتر‬
‫"بريتون‪-‬وودز" سنة ‪ 9111‬الذي كان هدفه الرئيسي إعادة بناء نظام نقدي دويل يكرس معامل ظاهرة العوملة‬
‫اإلقتصادية وتعزيز احلرية يف النشاط اإلقتصادي‪ ،‬حيث كان انعقاد هذا املؤمتر مبثابة إعادة إحياء ملبادئ الفكر‬
‫الكالسيكي الليبريايل الذي اكتملت عودته للساحة اإلقتصادية العاملية مع أزمة الكساد التضخمي منتصف‬
‫السبعينات من القرن العشرين‪ ،‬أين دفع عجز الفكر الكينزي عن التصدي لتداعيات هذه األزمة إىل عودة‬
‫احلديث عن ضرورة تعزيز احلرية اإلقتصادية واإلنفتاح اإلقتصادي يف اإلقتصاد العاملي‪.‬‬
‫وتتشكل العوملة اإلقتصادية عموما نتيجة ثالث قوات تتفاعل مع بعضها البعض وهي‪: 1‬‬
‫_ التكنولوجيا‪ :‬على مر معظم فرتات التاريخ كانت االبتكارات التكنولوجية والفكرية هي القوة‬
‫احملركة للعوملة ‪.‬فقد أدت إىل خفض تكاليف النقل واالتصاالت وزيادة فرص التبادل االقتصادي املربح على‬
‫مسافات أطول‪ ،‬مبا ساعد العديد من اإلقتصاديات على استغالل ما توفره من فرص وإمكانيات للنمو والتطور‬
‫على املدى الطويل‪.‬‬
‫ويعد تكامل االتصاالت واملعلومات مبثابة الثورة التكنولوجية يف العصر احلديث‪ ،‬إذ أنه حبلول‬
‫سنة‪ ،2014‬كان هنالك ‪ 96‬مشرتكا يف خدمة اهلواتف املتنقلة و ‪ 40‬مستخدما لإلنرتنت من بني كل‬
‫‪100‬نسمة على املستوى العاملي وهي مستويات كانت جد بعيدة منذ عشرين سنة مضت‪ ،‬أين حتولت‬
‫املعلومات إىل شكلها الرقمي الذي ساع أكثر فأكثر على تطورها ومنوها وانتشارها بسرعة أكرب بشكل زاد من‬
‫ترابط العامل بشكل كبري‪.‬‬
‫_ المؤسسات‪:‬كانت اإلمرباطوريات يف املاضي تسهل التجارة عرب مسافات طويلة من القرن‬
‫السادس عشر إىل القرن العشرين‪ ،‬لكن يف العصر احلديث اختلف األمر أين حتولت املعاهدات واملنظمات‬
‫املتعددة األطراف مثل منظمة التجارة العاملية وصندوق النقد الدويل والتكتالت اإلقليمية اإلقليمية مثل االحتاد‬
‫األورويب إىل املؤسسات اليت تعمل وتقف على ازدهار وتطور التجارة بني خمتلف اإلقتصاديات واملناطق يف‬
‫العامل‪.‬‬
‫كما كان للمؤسسات اخلاصة وشبه العامة خصوصا التجارية منها دورا كبريا يف ازدهار التجارة‬
‫اخلارجية ومعها التمويل الدويل ملا كان هلا من دور كبري يف تعزيز التوجه أكثر فأكثر حنو اإلنفتاح على اآلخر‬

‫‪ 1‬مارتن وولف‪" :‬تشكيل العوملة"‪ ،‬جملة التمويل والتنمية‪ ،‬اجمللد ‪ ، 19‬العدد ‪ ،30‬سبتمرب ‪ ،9391‬ص ص ‪.90 ،99‬‬
‫‪3‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة المالية والتمويل الدولي‬

‫لكسب مزايا جتارية واقتصادية عموما مبا ساهم يف ازدهار األسواق ومنوها وحتوهلا إىل شبكات مرتابطة رغم بعد‬
‫املسافات‪.‬‬
‫_ السياسات‪ :‬مل تكن لتصل العوملة اإلقتصادية ملا هي عليه اآلن لوال التغري الذي مس السياسة‬
‫اإلقتصادية يف عديد اإلقتصاديات العاملية مبا ساهم يف التأثري على اقتصاديات دول أخرى وطبيعة ما تتخذه‬
‫من ساسات اقتصادية‪ .‬إذ تنامى فكر التحرير اإلقتصادي بعد احلرب العاملية الثانية عرب االقتصادات مرتفعة‬
‫الدخل حتت رعاية الواليات املتحدة خصوصا يف أواخر السبعينات ويف الثمانينات والتسعينات أين زاد التوجه‬
‫يف عديد اإلقتصاديات العاملية حنو تطبيق خيار اقتصاد السوق من خالل حترير السوق احملليةمن حيث األسعار‬
‫واملنافسة‪ ،‬فتح التجارة الدولية وختفيف ضوابط سعر الصرف‪.‬‬
‫ومن أمثلة السياسات الداعمة للعوملة وانتشارها هي اعتماد الصني لسياسة "اإلصالح واإلنفتاح"‬
‫أواخر السبعينات‪ ،‬انتخاب مارجريت تاتشر كرئيسة وزراء بريطانيا يف سنة ‪ 1979‬ورونالد رجيان كرئيس‬
‫للواليات املتحدة يف عام ‪ ،9193‬إطالق االحتاد األورويب لربنامج "السوق الواحدة" يف سنة ‪ ،9191‬جولة‬
‫أوروغواي من املفاوضات التجارية املتعددة األطراف اليت بدأت يف عام ‪ 1986‬وانتهت بعد ذلك بثماين‬
‫سنوات‪ ،‬قرار عام ‪ 1992‬بإطالق االحتاد النقدي األورويب‪ ،‬إنشاء منظمة التجارة العاملية يف عام ‪1995‬‬
‫وغريها من القرارات اإلقتصادية اليت كانت جد مفصلية يف تطور فكر العوملة اإلقتصادية عموما‪.‬‬
‫‪ _1_1‬مفهوم العولمة المالية‬
‫تعترب العوملة املالية إحدى أهم جوانب ظاهرة العوملة‪ ،‬وهي تعرب عن تدويل عملية التمويل بشقيها‬
‫املباشر (عرب القطاع املصريف) وغري املباشر (عرب األسواق املالية)‪ .‬إذ ميكن تعريفها على أهنا اندماج األنظمة‬
‫املالية احمللية ضمن املؤسسات واألسواق املالية الدولية‪ ،‬حيث يتضمن هذا اإلندماج من احلكومات حترير‬
‫القطاع املايل احمللي وحترير حساب رأس املال‪ .‬ويتحقق اإلندماج شيئا فشيئا عندما تشهد اإلقتصاديات‬
‫املتفتحة تزايد يف التدفقات املالية العابرة للحدود‪ ،‬واليت تتضمن مشاركة للمقرضني واملقرتضني احملليني يف‬
‫األسواق املالية الدولية‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Sergio L. Schmukler : « Benefits and Risks of Financial Globalization: Challenges for‬‬
‫‪Developing Countries », Development Research Group, World Bank, 2004, p 1.‬‬
‫‪4‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة المالية والتمويل الدولي‬

‫‪ _2_1‬عوامل تطور العولمة المالية‬


‫عرفت رؤوس األموال العابرة للحدود تطورات متسارعة خصوصا منذ منتصف تسعينات القرن‬
‫العشرين كما يوضحه الشكل ‪ ،39‬حيث ارتفعت قيمتها من حوايل ‪ 9.1‬تريليون دوالر مبا نسبته ‪ %0‬من‬
‫إمجايل الناتج العاملي سنة ‪ 9111‬إىل حوايل ‪ 6‬تريليون دوالر سنة ‪ 9331‬مبا نسبته ‪ %91‬من إمجايل الناتج‬
‫العاملي‪.‬‬
‫الشكل ‪ :11‬تطور تدفقات رؤوس األموال العابرة للحدود‬

‫المصدر‪ :‬ماجنال كوسوامي وآخرون‪" :‬تدفقات رأس املال العاملي"‪ ،‬جملة التمويل والتنمية‪ ،‬اجمللد ‪ ،11‬العدد ‪ ،9‬مارس‪ ،9332‬ص ‪.91‬‬

‫ويفسر هذا التطور نتيجة العديد من األسباب والعوامل أمهها‪:‬‬


‫_ طغيان الفكر الليبيرالي في صناعة قرار السياسة اإلقتصادية عالميا‪ :‬إن فشل الفكر الكينزي‬
‫_الداعي لتدخل الدولة يف النشاط اإلقتصادي_ يف إجياد حلول ألزمة الكساد التضخمي منتصف سبعينات‬
‫القرن العشرين مسح شيئا فشيئا لعودة الفكر الليبريايل الداعم بقوة لتعزيز احلرية يف النشاط اإلقتصادي اليت تعترب‬
‫أساس التطور واإلزدهار‪ .‬حيث كان لتبين املؤسسات املالية الدولية للفكر اليبريايل التحرري يف براجمها‬
‫وتوصياهتا للدول األعضاء فيها أثرا كبريا يف هنج العديد من الدول لسياسات اقتصادية داعمة للحرية‬
‫اإلقتصادية واإلنفتاح اإلقتصادي‪ ،‬خصوصا مع ما شهدته الواليات املتحدة األمريكية وبريطانيا يف تلك الفرتة‬
‫من انتشار للفكر اإلقتصادي التحرري مع جميء كل من الرئيس "رونالد ريغان" ورئيسة الوزراء "مارغاريت‬
‫تاتشر" على التوايل‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة المالية والتمويل الدولي‬

‫_ تطور تكنولوجيا اإلتصال والمعلومات‪ :‬شهد العامل وال يزال منذ تسعينات القرن العشرين تطورا‬
‫كبريا يف تكنولوجيا اإلتصال واملعلومات حق عليه أن يسمى "ثورة"‪ ،‬نظري التحول الكبري الذي نتج عنه يف‬
‫مجيع جماالت احلياة‪ ،‬كان للجانب اإلقتصادي منها جزءا أساسيا ومؤثرا‪.‬‬
‫إذ أن تطور أجهزة احلاسوب وشبكات اإلتصال زاد من تدفق املعلومات بشكل أسرع وهو ما أدى‬
‫باإلمكان إىل سهولة كبرية يف انتقال رؤوس األموال العابرة للحدود بقيم كبرية يف وقت وجيز وفقط يف‬
‫ديناميكية غري مسبوقة‪.‬‬
‫_تطور األسواق المالية‪ :‬إن تطور حجم رؤوس األموال العابرة للحدود مل يكن باإلمكان أن يتحقق‬
‫بدون املستوى املتطور الذي وصلت له األسواق املالية حمل تداول تلك األموال‪ .‬حيث أنه ونتيجة ما تلعبه‬
‫األسواق املالية من دور رئيسي يف احلياة اإلقتصادية من حيث تعبئة املدخرات وتوفري التمويل بأقل تكلفة‬
‫وبأعلى عائد ممكن‪ ،‬زاد اإلهتمام بتطويرها سواء من حيث القوانني واآلليات املنظمة هلا‪ ،‬أو من حيث‬
‫األدوات املتدولة فيها‪ .‬إذ يعترب ظهور املشتقات املالية من أهم التطورات اليت مست األسواق املالية واليت كان‬
‫هلا األثر الكبري على تدفقات وحرك ة رؤوس األموال عموما‪ ،‬سواء من حيث دورها كأداة إلدارة املخاطر املالية‬
‫أو من حيث دورها كأداة لتعظيم األرباح واملكاسب املالية‪.‬‬
‫‪ _3_1‬الجدل حول إيحابيات وسلبيات العولمة المالية‬
‫يربز الكثري من اجلدل بني األكادمييني وصناع القرار حول منافع العوملة املالية وتكاليفها يف‬
‫اإلقتصاديات العاملية‪ ،‬حيث يعترب عديد اإلقتصاديني مثل‪" :‬جوزيف ستيغليتز" و "داين رودريك" أن التدفقات‬
‫الرأمسالية احلرة هلا تأثريات سلبية كبرية على اإلستقرار املايل لإلقتصاد العاملي‪ ،‬مستدلني على ذلك بعديد‬
‫اإلضطرابات املالية اليت شهدها اإلقتصاد العاملي كنتيجة للتحرير املايل غري املدروس‪ ،‬مما يستوجب فرض‬
‫ضوابط وقيود على حركة رؤوس األموال دوليا‪.‬‬
‫ففي هذا الصدد فإن حترير األنظمة املالية جيعلها عرضة لعديد اإلضطرابات حبكم تأثرها بسلوكيات‬
‫املستثمرين احملليني واألجانب على حد سواء الذين ال تتوافق استجابة كال الطرفني حلالة اختالل بعض‬
‫املؤشرات األساسية احمللية القتصاد ما‪ .‬كما أن العوملة املالية تزيد من انتقال عدوى األزمات املالية _حىت يف‬
‫اإلقتصاديات ذات املؤشرات اإلقتصادية املستقرة_ سواء كانت فقاعات مالية‪ ،‬هجمات مضاربة أو اهنيارات‬
‫مالية‪ ،‬وتتعاظم تلك التأثريات السلبية خصوصا يف اإلقتصاديات اليت ترتكز على رأس املال األجنيب يف تطوير‬

‫‪6‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة المالية والتمويل الدولي‬

‫اقتصادياهتا‪ ،‬حبكم أن هذا األخري شديد احلساسية ألية اختالالت كانت تؤدي خلروج مفاجئ له يسبب آثار‬
‫سلبية على اإلقتصاد املعين من حيث التمويل ومن مث ارتفاع إمكانية التعرض ألزمة مالية‪.1‬‬
‫يف حني يرى جانب آخر من اإلقتصاديني أمثال "ستانلي فيشر" و "لورانس سامرز" أن اإلنفتاح‬
‫املتزايد أمام تدفقات رؤوس األموال كان له تأثريات جد إجيابية على عديد اإلقتصاديات اليت حققت معدالت‬
‫منو جد مؤثرة يف مسار تطورها‪ .‬وذلك من خالل املسامهة يف تطوير أنظمتها املالية احمللية مبا يتماشى‬
‫والتطورات احلاصة يف عمل األنظمة املالية الدولية من حيث زيادة تدفقات رؤوس األموال وتطوير‪ :‬طبيعة‬
‫هيكلته‪ ،‬اإلجراءات املنظمة فيه ‪ ،‬العمليات واألداوت املتاحة مبا ميكن من إضفاء املرونة والفعالية واإلنسيابية‬
‫يف آلية عمله‪ ،‬وبالتايل اإلستفادة من دخول أكرب لرؤوس أموال ومستثمرين جدد لإلقتصاد احمللي‪.2‬‬
‫وبني هذا وذاك تشري العديد من الدراسات إىل أن حتقق منافع العوملة املالية وبالتايل جتنب آثارها‬
‫السلبية مرتبط بتوفر مجلة من الشروط الرئيسية هي‪:3‬‬
‫_ تنمية القطاع المالي‪ :‬إن تطور القطاع املايل من حيث عدد املتدخلني فيه من بنوك ومؤسسات‬
‫مالية ومستثمرين من جهة ومن حيث نوعية التشريعات املنظمة للنشاط املايل فيه من جهة أخرى عامل جد‬
‫ضروري لإلستفادة من ميزة تدفق رؤوس األموال وحتقيق الكفاءة واجلودة يف اخلدمات املالية املقدمة‪.‬‬
‫_ نوعية المؤسسات‪ :‬إن خصائص اجلهات الرقابية واملنظمة للنشاط املايل من حيث الشفافية‬
‫والعدالة واملرونة تلعب دورا كبريا يف التأثري على نوعية وحجم وكفاءة التدفقات الرأمسالية وعلى اخلصوص حجم‬
‫الثقة يف النظام املايل املعين مبا يؤثر بشكل كبري يف استقراره‪.‬‬
‫_ انضباط السياسات اإلقتصادية الكلية‪ :‬إن نوعية السياسات اإلقتصادية الكلية اليت تتبعها الدولة‬
‫هلا تأثري كبري على حجم تدفقات رؤوس األموال وتركيبتها من جهة وعلى احتمال تعرض اإلقتصاد املعين‬
‫ألزمات مالية أو اقتصادية من جهة أخرى‪ .‬وعلى هذا األساس فإن حسن إدارة هذه السياسات وانضباطها‬
‫يساهم يف تكريس منافع اإلنفتاح املايل‪ ،‬ويساعد على امتصاص أية صدمات مالية حمتملة من شأهنا تعريض‬
‫اإلقتصاد احمللي هلزات عنيفة قد تنسف إىل حد كبري املنافع املتولدة عن التحرير املايل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ibid, pp 7-9.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Idem, pp 6,7.‬‬
‫‪ 3‬إيهان كوزي و آخرون‪" :‬العوملة املالية‪ :‬فيما وراء لعبة إلقاء اللوم"‪ ،‬جملة التمويل والتنمية‪ ،‬اجمللد ‪ ،11‬العدد ‪ ،9‬مارس‬
‫‪ ،9332‬ص ‪.91‬‬
‫‪7‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة المالية والتمويل الدولي‬

‫‪ _2‬التمويل الدولي‬
‫إن تطور ظاهرة العوملة املالية من خالل ازدياد الرتابط املايل بني اإلقتصاديات العاملية كان له تأثري‬
‫واضح على تطور التمويل الدويل باعتباره العصب الرئيسي لنمو اإلقتصاد العاملي وازدهاره‪.‬‬
‫‪ _1_2‬ماهية التمويل الدولي‬
‫يقصد بالتمويل الدويل ذلك اجلانب من العالقات االقتصادية الدولية املرتبط بتوفري رؤوس األموال‬
‫دوليا‪ ،‬إذ تشمل هذه العالقات اإلقتصادية الدولية على جانبني رئيسيني‪ :‬جانب جتاري يتمثل يف حركة السلع‬
‫واخلدمات بني اإلقتصاديات العاملية‪ ،‬وجانب مايل يتمثل يف حركة رؤوس األموال سواء أكان ذلك حلاجيات‬
‫متويلية للتجارة الدولية أو اإلستثمارات اخلارجية‪ ،‬أو حلاجيات التداول يف األسواق املالية‪.‬‬
‫فهذه العالقات تشمل بعدين أساسني األول يتمثل يف اجلانب السلعي لالقتصاد الدويل و الثاين هو‬
‫اجلانب النقدي أو املايل باإلضافة إىل التدفقات الدولية لرأس املال ألغراض االستثمار اخلارجي مبختلف‬
‫أشكاله و بالتايل تظهر أمهية التمويل الدويل كنتيجة حتمية للعالقات املالية و النقدية يف االقتصاد الدويل واليت‬
‫ميكن تصنيفها إىل اجملموعات الرئيسية التالية ‪:‬‬
‫– احلسابات املرتتبة على املبادالت التجارية مبا يف ذلك الصادرات و الواردات بني خمتلف الدول ؛‬
‫– التدفقات الدولية لرؤوس األموال بكل أشكاهلا ؛‬
‫– االلتزامات املالية على البلدان املرتتبة على األوضاع السياسية السائدة يف العامل كما هو احلال يف تعويضات‬
‫احلروب ‪.‬‬
‫إن زيادة رأس املال شرط ضروري للتطور االقتصادي يف الدول النامية و من هنا كان رأس املال‬
‫األجنيب هاما يف هذه العملية التنموية خاصة يف املراحل األوىل للتنمية ‪ ،‬و إن أهم العوائق اليت تواجه إخفاق‬
‫برامج التنمية يف البلدان النامية هي مشكلة التمويل خاصة يف ضل قصور املدخرات احمللية اليت ال تكفي القامة‬
‫املشاريع االستثمارية األمر الذي أدى إىل جلوء هذه البلدان للحصول على تدفقات مالية من مصادر خارجية‪.‬‬
‫‪ _2_2‬أشكال التمويل الدولي‬
‫يكون التمويل الدويل وفق ‪ 0‬أشكال رئيسية كما يتوضح فيما يلي‪:‬‬
‫‪ _1_2_2‬اإلستثمار األجنبي المباشر‪ :‬يعرف هذا الشكل من التمويل الدويل على أنه قيام مستثمر ما‬
‫بتملك حصة ‪ %93‬من رأمسال مشروع أجنيب تؤهله المتالك القدرة على املشاركة يف اختاذ القرار فيما تعلق‬
‫بإدارة املشروع وتسيريه‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة المالية والتمويل الدولي‬

‫يعرف دليل ميزان املدفوعات الذي يصدره صندوق النقد الدويل اإلستثمار األجنيب املباشر على أنه‬
‫شكل من أشكال اإلستثمار املباشر عرب اجلدود الذي يرتبط مبقيم يف اقتصاد ما يتمتع بالسيطرة أو بدرجة‬
‫عالية من النفوذ يف إدارة مؤسسة مقيمة يف اقتصاد آخر‪.‬‬
‫وتتحقق السيطرة أو النفوذ مباشرة عن طريق امتالك أسهم رأس املال يف املؤسسة املقيمة يف اقتصاد‬
‫آخر واليت متنح حلائزها القوة التصويتية‪ ،‬أو على حنو غري مباشر من خالل امتالك القوة التصويتية يف مؤسسة‬
‫أخرى لديها القوة التصويتية يف املؤسسة املعنية‪.‬‬
‫ومن ناحية عملية‪ ،‬تنشأ عالقة اإلستثمار املباشر بني املستثمر واملؤسسة املعنية إذا امتلك أكثر من‬
‫‪ %93‬من القوة التصويتية يف مؤسسة اإلستثمار املباشر املعنية‪ .‬إذ تتحقق السيطرة إذا كان ميتلك أكثر من‬
‫‪ %13‬من القوة التصويتية‪ ،‬وتتحقق الدرجة العالية من النفوذ إذا امتلك ما بني ‪ %93‬و ‪ %13‬من القوة‬
‫التصويتية‪.1‬‬
‫وتنفذ اإلستثمارات األجنبية املباشرة من مستثمرين سواء كانوا يف شكل شركات عمومية دولية النشاط‬
‫تكون مملوكة للدولة أو من قبل مستثمرين خواص يتمثلون أساسا فيما يعرف بـ"الشركات املتعددة اجلنسيات"‬
‫اليت تعترب مبثابة شركات كربى متلك فروعا عديدة هلا يف دول العامل‪ .‬إذ ختتلف تعاريفها من حيث األساس‬
‫الذي يستند إليه يف التفرقة بني شركة متعددة اجلنسيات وبقية الشركات‪ ،‬إذ تتعدد تعريفاهتا كما يربز فيما‬
‫يلي‪:2‬‬
‫_ الشركات املتعددة اجلنسيات هي الشركات اليت حتقق ما نسبته ‪ %91‬أو أكثر من إيراداهتا يف اخلارج؛‬
‫_ الشركات املتعددة اجلنسيات هي الشركات اليت متتلك على األقل مخسة فروع تابعة هلا يف اخلارج؛‬
‫_ الشركات املتعددة اجلنسيات هي الشركات اليت متتلك أكثر من ثلثي نشاطها يف اخلارج‪.‬‬
‫وقد جاء منو هذا النوع من الشركات متزامنا مع ما شهدته اإلستثمارات األجنبية املباشرة من منو‬
‫وانتشار يف خمتلف أحناء العامل يف ظل ما توفره من مزايا وإجيابيات‪ ،‬مما عزز من تزايد املنافسة بني املؤسسات‬
‫الدولية النشاط لإلستحواذ على النصيب األكرب منها‪ ،‬إذ تربز أهم أسباب منوها وتطورها يف‪:3‬‬

‫‪ 1‬صندوق النقد الدويل‪" :‬دليل ميزان املدفوعات ووضع االستثمار الدويل"‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،9331 ،‬ص ص ‪.939 ،933‬‬
‫‪ 2‬سعود جايد العامري‪" :‬املالية الدولية‪ :‬نظرية وتطبيق"‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار زهران‪ ،‬عمان‪ ،9393 ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪ 3‬ماهر كنج شكري و مروان عوض‪" :‬املالية الدولية‪ :‬العمالت األجنبية واملشتقات املالية بني النظرية والتطبيق"‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫دار احلامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،9331 ،‬ص ص ‪.16-10‬‬
‫‪9‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة المالية والتمويل الدولي‬

‫_ البحث عن املواد األولية؛‬


‫_ البحث عن أسواق جديدة ملنتجاهتا وخدماهتا؛‬
‫_ ختفيض تكاليف اإلنتاج‪.‬‬
‫وبرز اإلستثمار األجنيب املباشر كأحد أهم أشكال التمويل الدويل منذ تسعينات القرن العشرين‬
‫خصوصا على مستوى الدول النامية باعتباره حتول للربوز كبديل للتمويل عن طريق القروض الذي أدخل الدول‬
‫املعنية يف أزمة مديونية يف مثانينات القرن العشرين كانت هلا عواقب كبرية على اقتصادياهتا‪ ،‬زيادة على ما يوفره‬
‫اإلستثمار األجنيب املباشر من إجيابيات عديدة على اإلقتصاد املستضيف مقارنة بأشكال التمويل األخرى‪ ،‬من‬
‫حيث اإلستفادة من كفاءة رأس املال األجنيب وما يرتبط به من تطور يف اخلربات والتقنية التكنولوجية اليت تؤثر‬
‫إجيابا يف اإلقتصاد احمللي‪.‬‬
‫إن است قطاب اإلستثمارات األجنبية املباشرة يتطلب هتيئة مناخ مالئم هلا يرتكز باألساس على ‪ :‬توفر‬
‫اإلستقرار السياسي‪ ،‬استقرار ومالئمة ومرونة البيئة التشريعية والقانونية املنظمة‪ ،‬توفر فرص رحبية‪ ،‬حترير السوق‬
‫(احلد من تدخل الدولة) ومحاية حقوق امللكية‪.‬‬
‫‪ _2_2_2‬اإلستثمار في المحفظة المالية‪ :‬يعرب اإلستثمار يف احملفظة املالية على أنه القيام باملعامالت اليت‬
‫تتعلق سواء باألسهم (أوراق ملكية) أو بالسندات (أوراق دين) على مستوى األسواق املالية الدولية‪ .‬وجتدر‬
‫اإلشارة إىل أن حيازات األسهم اليت متنح حاملها القوة التصويتية اليت متكنه من التدخل يف إدارة املشروع تقيد‬
‫على أهنا استثمار مباشر وال تدخل يف حساب اإلستثمار يف احملفظة املالية‪.1‬‬
‫إن بروز اإلستثمار يف احملفظة املالية جاء بالتوازي مع تطور األسواق املالية الدولية _خصوصا منذ‬
‫بداية تسعينيات القرن العشرين _باعتبارها مصدر هذا التمويل‪ ،‬أين دفع التطور التكنولوجي الذي مس أجهزة‬
‫اإلتصال واملعلومات من جهة وتنامي موجة حترير األسواق املالية من جهة أخرى إىل تزايد حجم اإلستثمار يف‬
‫احملفظة املالية‪ ،‬والذي ينعكس من خالل املستوى املرتفع حلجم األصول املالية الدولية _سواء يف شكل أسهم‬
‫أو سندات_ الذي بلغ حوايل ‪ 991‬تريليون دوالر منتصف سنة ‪ 9399‬بعد أن كان يقدر سنة ‪9113‬‬
‫حبوايل ‪ 16‬تريليون دوالر‪.2‬‬

‫‪ 1‬صندوق النقد الدويل‪ :‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.993‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Susan lund et al: « Financial globalization; retreat or reset, », Mckinsey global institute,‬‬
‫‪March 2013, p 2.‬‬
‫‪10‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة المالية والتمويل الدولي‬

‫‪ _3_2_2‬القروض والمساعدات الدولية ‪ :‬تعرب القروض الدولية عن التزام تعاقدي بني طرفني أجنبيني‬
‫تلتزم فيه جهة مقرضة بتحويل قيمة مالية إىل جهة مقرتضة لفرتة متفق عليها وبسعر فائدة حمدد قد يكون‬
‫ثابتا وقد يكون متغريا‪.‬‬
‫تتمثل مصادر القروض الدولية يف مصادر خاصة قد تكون ثنائية كالبنوك أو قد تكون متعددة‬
‫األطراف كنادي لندن وهو عبارة عن جمموعة من الدائنني اخلواص‪ ،‬كما قد تكون مصادر رمسية ثنائية كالبنوك‬
‫املركزية للدول أو رمسية متعددة األطراف كاهليئات الدولية كالبنك العاملي وصندوق النقد الدويل‪.‬‬
‫مثلت القروض منذ تدويل التمويل الدويل يف ستينات القرن العشرين الشكل الغالب للتدفقات‬
‫الرأمسالية الدولية حىت منتصف مثانينات القرن العشرين _باعتبار أهنا كانت مرحلة سيطرة البنوك على عملية‬
‫التمويل وعدم وصول األسواق املالية للمستوى الذي يسمح هلا باإلنتشار دوليا_‪ ،‬أين دفعت أزمة املديونية‬
‫اليت مست العديد من الدول النامية آنذاك إىل تراجع العديد من البنوك عن منح هكذا قروض لتزايد خطر‬
‫عدم القدرة على التسديد‪ ،‬يف مقابل توجه العديد من الدول املقرتضة أيضا لإلعتماد على التمويل عن طريق‬
‫اإلستثمار األجنيب املباشر كبديل للتمويل عن طريق القروض الدولية ملا لذلك من مزايا عديدة على‬
‫اقتصادياهتا‪.‬‬
‫أما املعونات الدولية فتعرف على أهنا كافة التحويالت اليت تتم وفق شروط ميسرة بعيدا عن القواعـد و‬
‫األسس التجارية السائدة وفقا لظروف السوق‪ .‬وتربز حسب عدة أشكال كما يربز فيما يلي‪:‬‬
‫_ من حيث طبيعتها ‪ :‬جند‪:‬‬
‫‪ -‬الم ننن ‪ :‬و هــي عبــارة عــن التحــويالت النقديــة و العينيــة الــيت تقــدمها بعــض الــدول لغريهــا س ـواء‬
‫العتبارات اقتصادية أو سياسية أو إنسانية‪ ،‬و هي حتويالت ال ترد‪ ،‬و هي ال تتضمن املعونات العسكرية فـرغم‬
‫تشاهبها مع املعونات األجنبية إال أنه هناك اختالف يف األهداف‪.‬‬
‫‪ -‬القروض الميسرة ‪ :‬هذا النوع من املعونات حتكمه قواعد و شروط ختتلف عن غريها السائدة يف‬
‫األسواق املالية الدولية من ناحية مدة السداد أو فرتات السماح اليت تكون أطول‪.‬‬
‫فلقد قامت اهليئة الدولية للتنميـة ‪ IDA‬بعقـد قـروض تسـدد يف حـدود مخسـني سـنة بفـرتة سـداد قـدرها‬
‫عشر سنوات تبدأ الدولة املقرتضة السداد يف السنة احلادية عشر بدفع ‪ % 9‬من أصـل القـرض سـنويا ملـدة ‪93‬‬
‫ســنوات مث ‪ %0‬مــن أصــل القــرض ســنويا إبتــداءا مــن الســنة احلاديــة عشــر و ملــدة ‪ 03‬عامــا الباقيــة و تتحمــل‬
‫الدولة املقرتضة فوائد بقيمة ‪ % 3.21‬فقط و هذا لتغطية املصاريف اإلدارية‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة المالية والتمويل الدولي‬

‫_ من حيث مصادرها ‪ :‬جند‪:‬‬


‫‪-‬المعونننات الثنائيننة ‪ :‬الــيت تســند علــى العالقــات الثنائيـة بــني الدولــة املاحنــة و الدولــة املســتفيدة ‪ ،‬مثــل‬
‫معونات الدول الغربية و غريها اليت تقدم على مبوجب إتفاقيات ثنائية ‪.‬‬
‫‪-‬المعونات الجماعية ‪ :‬تتمثـل يف املـنح و القـروض امليسـرة الـيت تقـدمها اهليئـات الدوليـة املتخصصـة يف‬
‫التنمية االقتصادية ‪.‬‬
‫_ من حيث ضوابطها‪ :‬جند‪:‬‬
‫‪-‬المعوننات األجنبيننة ينر المقينندة‪ :‬و هـي الــيت تقـدم دون أن تلتــزم بإنفاقهـا يف الدولـة املاحنــة‪ ،‬بـل قــد‬
‫يصــل عــدم ال تقييــد يف تقــدميها بعمــالت مــن غــري عمــالت الــدول املاحنــة و لكــن هــذه املعونــات ال تقــدم إال يف‬
‫نطاق ضيق جدا و حمدود ‪.‬‬
‫‪-‬المعونننات المقينندة ‪ :‬تتميــز باافــاض أســعار الفائــدة و طــول كــل مــن أجــل الســداد و فــرتة الســماح‪،‬‬
‫مقابــل مطالــب الــدول املاحنــة الــيت تصــل إىل حــد إمــالء بعــض الشــروط الــيت تســمح هلــا مبمارســة بعــض أســاليب‬
‫الرقابة لضمان تنفيذها‪ ،‬و تستخدم هذه املعونات يف تنمية صادرات الـدول املقرضـة‪ ،‬ألن الـدول املاحنـة تشـرتط‬
‫ربـط هــذه املعونــة بتصـدير منتجاهتــا و نقلهــا علــى بواخرهـا و التــأمني عليهــا لــدى شـركات التــأمني الوطنيــة فيهــا‪،‬‬
‫باإلضافة إىل اشرتاط قيـام بيـوت اخلـربة املعتمـدة لـديها بالقيـام بالدراسـات الفنيـة و االقتصـادية هلـذه املشـروعات‬
‫مبعــىن إنفــاق اجلانــب األكــرب مــن املعونــة يف الــدول املاحنــة هلــا و حرمــان الــدول الناميــة االســتفادة مــن إافــاض‬
‫تكاليف خربات و منتجات الدول األخرى‪.‬‬
‫وعليه هناك العديد من اآلراء اليت انتقدت املعونات األجنبية و هي كالتايل‪:‬‬
‫‪ -‬تستخدم املعونات األجنبية للدول النامية املسقلة حديثا الستمرار تبعيتها هلذه الدول؛‬
‫‪ -‬ال تنفق املعونات مع مطالب التنمية الوطنية يف الدول النامية بقدر ما ختدم املصـا السياسـية و االقتصـادية‬
‫للدول املتقدمة لذلك فهي تنقطع أو تنخفض جملرد حدوث أي خالف بني الدولتني؛‬
‫‪ -‬تـرتبط غالبيـة املعونـات بقيـود تفرضـها الـدول املاحنـة هلـا حبيـث تلـزم الـدول املسـتفيدة مـن اسـتخدام اعتماداهتـا‬
‫لشراء كافة احتياجاهتا من الدول املاحنة ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة المالية والتمويل الدولي‬

‫‪ _3_2‬تطور التمويل الدولي‬


‫شهد التمويل الدويل من خالل التـدفقات الرأسـالية الدوليـة منـوا متزايـدا كمـا يوضـحه الشـكل أدنـاه أيـن‬
‫بلغ أقصى مستوى له سنة ‪ 9332‬حبوايل ‪ 99.9‬تريليون دوالر مقارنة مبا سجله سـنة ‪ 9333‬ب ـ ‪ 1.1‬تريليـون‬
‫دوالر و ‪ 3.1‬تريليون دوالر سنة ‪ ،9193‬أين يعزى هذا التطور باألساس إىل‪:‬‬
‫_ انتشار موجة التحرير املايل واخلد من الضوابط على حركة رؤوس األموال؛‬
‫_ تطور العوملة املالية وازدياد الرتابط املايل واإلقتصادي بني اإلقتصاديات العاملية؛‬
‫_ اإلزدهار اإلقتصادي العاملي الذي زاد من احلاجيات التمويلية؛‬
‫_ تطور آليات عمل البنوك واألسواق املالية بعل التطور التكنولوجي‪.‬‬
‫وكما هو مالحـ مـن الشـكل أدنـاه‪ ،‬عـرف التمويـل الـدويل عصـرا ذهبيـا منـذ تسـعينات القـرن العشـرين‬
‫إىل غاية سنة ‪ 9332‬سنة بداية تعرض اإلقتصاد العاملي لبوادر ثاين أكـرب أزمـة اقتصـادية يف تار ـه‪ ،‬أيـن سـجل‬
‫بعدها اهنيار كبريا يف سنة واحدة من ‪ 99.9‬تريليون دوالر سنة ‪ 9332‬إىل ‪ 9.9‬تريليون دوالر سنة ‪،9339‬‬
‫وذل ــك نتيج ــة م ــا س ــببته ه ــذه األزم ــة م ــن‪ :‬اهني ــارات كب ــرية ومتع ــددة للبن ــوك واملؤسس ــات املالي ــة وعل ــى مس ــتوى‬
‫األسـواق املاليــة‪ ،‬تزايــد حــاالت عــدم الثقــة والاليقــني يف أوســاط املســتثمرين‪ ،‬تراجــع حاجيــات التمويــل خصوصــا‬
‫مع تدهور التجارة العامليـة‪ ،‬وهـو مـا يـربز حجـم األثـر السـليب الكبـري لألزمـة املاليـة العامليـة ل ـ‪ 9339‬علـى القطـاع‬
‫املايل ويفسر تداعياهتا السلبية الكبرية على اإلقتصاد العاملي‪.‬‬
‫الشكل ‪ :12‬تطور التدفقات الرأسمالية الدولية‬
‫(الوحدة‪ :‬تريليون دوالر)‬

‫‪Source : Susan lund et al : « Financial globalization ; retreat or reset, », Mckinsey‬‬


‫‪global institute, March 2013, p 4.‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول‪ :‬العولمة المالية والتمويل الدولي‬

‫ولتفصــيل أكثــر حــول تــأثريات األزم ــة املاليــة العامليــة لـ ـ‪ 9339‬عل ــى خمتلــف أشــكال التمويــل ال ــدويل‪،‬‬
‫يوضـح الشـكل ‪ 30‬أن التمويــل عـن طريــق السـندات وعــن طريـق اإلسـتثمار األجنــيب املباشـر تــأثرا بشـكل صــغري‬
‫علـى عكـس التمويــل عـن طريــق القـروض الدوليــة الـذي بــرز يف سـنيت ‪ 9339‬و ‪ 9331‬كـأكثر األشـكال الــيت‬
‫تــأثرت ســلبيا باألزمــة املاليــة باعتبــار أن هــذه األخــرية وقعــت أساســا علــى مســتوى اجلهــاز املصــريف الــذي شــهد‬
‫حاالت إفـالس عديـدة للبنـوك يف خمتلـف أحنـاء العـامل رافقهـا تعـرض بنـوك أخـرى حلـاالت تعثـر وخسـائر وانعـدام‬
‫للســيولة ســامهت كلهــا يف احلــد مــن وفــرة رؤوس األم ـوال املعروضــة لإلق ـراض‪ ،‬زيــادة علــى الرتاجــع املســجل ســنة‬
‫‪ 9339‬يف حيـازات األسـهم نظـرا ملـا تعرضــت لـه غالبيـة املؤسسـات والشـركات مــن خسـائر عقـب الصـدمة الــيت‬
‫ســببتها األزمــة ا ملاليــة ممــا دفــع إىل تشــكل حالــة ذعــر مــايل دفعــت إىل موجــة بيــع وختلــي عــن األســهم يف أوســاط‬
‫املستثمرين دون تسجيل وجود أية حاالت إصدار جديدة‪.‬‬
‫الشكل ‪ :13‬تطور التدفقات الرأسمالية الدولية‬

‫‪93‬‬

‫‪91‬‬

‫‪93‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2012‬‬

‫المصدر‪ :‬مارتن وولف‪" :‬تشكيل العوملة"‪ ،‬جملة التمويل والتنمية‪ ،‬اجمللد ‪ ، 19‬العدد ‪ ،30‬سبتمرب ‪ ،9391‬ص ص ‪.90 ،99‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ميزان املدفوعات‪ :‬دراسة‬
‫تحليلية‬

‫‪ _1‬مفهوم ميزان املدفوعات‬


‫‪ _2‬أقسام ميزان املدفوعات‬
‫‪ _3‬أمثلة تطبيقية عن التسجيل في ميزان‬
‫املدفوعات‬
‫‪ _4‬التحليل إلاقتصادي مليزان املدفوعات‬
‫‪ _5‬إلاختالل في ميزان املدفوعات‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ميزان المدفوعات‪ :‬دراسة تحليلة‬

‫‪ _1‬مفهوم ميزان المدفوعات‬


‫ميزان املدفوعات هو بيان إحصائي يلخص املعامالت بني املقيمني وغري املقيمني خالل فرتة معينة‪،‬‬
‫يتألف من‪ :‬حساب السلع واخلدمات‪ ،‬احلساب الرأمسايل واحلساب املايل‪ .‬يسجل لكل معاملة يف ميزان‬
‫املدفوعات_ وفق نظام القيد املزدوج _ قيدان‪ :‬مدين ودائن‪ ،‬حيث يكون جمموع القيود الدائنة يساوي جمموع‬
‫القيود املدينة‪.1‬‬
‫كما ميكن تعريفه على أنه سجل حماسيب أو إحصائي موثق رمسيا‪ ،‬يعتمد قيدا مزدوجا خلالصة املقبوضات‬
‫واملدفوعات اليت ترتتب عليهما حقوق دائنيةوالتزامات مديونية للمقيمني من األشخاص الطبيعيني والقانونيني يف‬
‫دولة ما مع اخلارج نتيجة للمبادالت اإلقتصادية والتحوالت اخلارجية سواء كانت من طرف واحد أو من طرفني‬
‫خالل فرتة زمنية عادة ما تكون سنة‪.2‬‬
‫يتوضح لنا من هذا التعريف ما يلي‪:‬‬
‫_ ينصب اهتمام ميزان املدفوعات فقط على املعامالت االقتصادية سواء تولد عنها حقوقا للمقيمني لدى غري‬
‫املقيمني أو نتج عنها حقوق لغري املقيمني يتعني على املقيمني أدائها ‪ ،‬أما املعامالت االقتصادية الداخلية بني‬
‫املقيمني على إقليم نفس الدولة فال يتم تسجيلها يف ميزان املدفوعات‪.‬‬
‫_ اإلقامة و ليست اجلنسية هي املعيار الذي يعول عليه للتفرقة بني ما يعترب دوليا فيدرج يف ميزان املدفوعات و‬
‫ماال يعترب كذلك فال يدرج فيه‪.‬‬
‫_ تقيم الوحدة اإلقتصادية يف إقيلم اقتصادي واحد حمدد هلا ميثل مركز املصلحة اإلقتصادية اخلاص هبا‪ ،‬ويقصد‬
‫بذلك أن متلك الوحدة اإلقتصادية مثال مسكنا أو مصنعا أو موقعا ما متارس فيه قدرا معينا من األنشطة‬
‫واملعامالت اإلقتصادية لفرتة ال تقل يف الغالب عن سنة قصد تسهيل احلسابات على املستوى الدويل‪.3‬‬
‫_ هنالك استثناءات وحاالت خاصة فيما تعلق مبوضوع اإلقامة يستدعي توضيحها كما يأيت فيما يلي‪:4‬‬
‫_ بالنسبة للطالب الذين يتوجهون للخارج بغرض إمتام الدراسة ملدة تتجاوز السنة‪ ،‬يعدون مقيمني‬
‫بالنسبة لإلقليم الذي قدموا منه ألن غرض تغيري اإلقليم كان مؤقتا وبالتايل فمركز مصلحتهم اإلقتصادية يظل يف‬

‫‪ 1‬صندوق النقد الدويل‪ :‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.9‬‬


‫‪ 2‬هوشيار معروف‪" :‬حتليل اإلقتصاد الدويل"‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار جرير للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،6002 ،‬ص ‪.632‬‬
‫‪ 3‬صندوق النقد الدويل‪ :‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪ 4‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.07‬‬
‫‪16‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ميزان المدفوعات‪ :‬دراسة تحليلة‬

‫إقليم موطنهم‪ ،‬لكن يف حال قرروا البقاء يف إقليم الدراسة بعد انتهاء فرتة دراستهم عندها يعدون مقيمني يف ذلك‬
‫اإلقليم وغري مقيمني بالنسبة لإلقليم الذي قدموا منه؛‬
‫_ بالنسبة للديبلوماسيني والعسكريني العاملني يف قنصليات وقواعد عسكرية باخلارج‪ ،‬يعتربون وعائالهتم‬
‫مقيمني يف إقليم احلكومة اليت يعملون لديها‪.‬‬
‫_ يسجل يف اجلانب الدائن مليزان املدفوعات لدولة ما كل املعامالت اليت يرتتب عليها حتصيل مداخيل وإيرادات‬
‫ورؤوس أموال من غري املقيمني للمقيمني يف الدولة املعنية‪ ،‬يف حني يسجل يف اجلانب املدين كل املعامالت اليت‬
‫يرتتب عليها دفع رؤوس أموال أو مستحقات من املقيمني يف الدولة املعنية إىل غري املقيمني‪.‬‬
‫وتكمن أمهية ميزان املدفوعات يف كونه يعترب أداة هامة للتحليل اإلقتصادي‪ ،1‬باعتباره املرأة اليت تنعكس‬
‫من خالهلا وضعية اإلقتصاد احمللي بالنسبة لإلقتصاديات العاملية سواء من حيث قوة اجلهاز اإلنتاجي اليت تنعكس‬
‫من خالل وضعية احلساب اجلاري أو من خالل تطور النظام املايل الذي تعكسه وضعية احلساب املايل ومن مث‬
‫يساعد صانعي قرار السياسة اإلقتصادية على اختاذ القرارت املناسبة‪.‬‬
‫‪ _2‬أقسام ميزان المدفوعات‬
‫يتكون ميزان املدفوعات من ‪ 3‬أقسام رئيسية هي‪:2‬‬
‫‪ _1_2‬الحساب الجاري‪:‬‬
‫تسجل فيه حسابات القيود الدائنة واملدينة للمعامالت اجلارية اليت تتم بني املقيمني وغري املقيمني واليت‬
‫ختص‪:‬‬
‫‪ _1_1_2‬حساب السلع والخدمات‪:‬‬
‫يقيد حساب السلع واخلدمات املعامالت يف البنود اليت متثل خمرجات من أنشطة اإلنتاج‪ ،‬واليت قد تكون‬
‫يف شكل سلع عينية (جتارة منظورة) أو يف شكل خدمات (جتارة غري منظورة) كـ‪ :‬خدمات النقل والتأمني‪،‬‬
‫خدمات البنوك والسياحة‪.....‬اخل‪ ،‬ويعرب عنها عموما من خالل الصادرات (انتاج من جهة املقيمني)‬
‫والواردات(انتاج من جهة غري املقيمني)‪.‬‬

‫‪ 1‬هوشيار معروف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.632‬‬


‫‪ 2‬لتفصيل أكثر حول أقسام ميزان املدفوعات‪ ،‬أنظر املرجع السابق الذكر‪:‬‬
‫صندوق النقد الدويل‪ :‬دليل ميزان املدفوعات ووضع االستثمار الدويل"‪ ،‬الطبعة السادسة‪.6009 ،‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ميزان المدفوعات‪ :‬دراسة تحليلة‬

‫‪ 2_2_2‬حساب الدخل األولي‪:‬‬


‫يبني هذا احلساب تدفقات الدخل األويل بني املقيمني وغري املقيمني واليت قد تكون مستحقة التحصيل‬
‫للمقيمني تسجل يف اجلانب الدائن أو مستحقة الدفع عليهم تسجل يف اجلانب املدين‪.‬‬
‫يتمثل الدخل األويل يف العائد على الوحدة اإلقتصادية نظري مسامهتها يف عملية اإلنتاج‪ ،‬وقد يكون إما‬
‫دخال مرتبطا بعملية اإلنتاج كأجور العاملني والضرائب والدعم على اإلنتاج واملنتجات‪ ،‬أو قد يكون مرتبطا مبلكية‬
‫أصول مالية غري منتجة يعرب عنه بدخل اإلستثمار يف شكل توزيعات أرباح وفوائد‪.‬‬
‫‪ _3_2_2‬حساب الدخل الثانوي‪:‬‬
‫يبني هذا احلساب التحويالت اجلارية اليت تتم بني املقيمني وغري املقيمني‪ ،‬واليت تتخذا شكال نقديا أو‬
‫عينيا‪ ،‬يف حني أن التحويالت الرأمسالية ال تقيد إال على مستوى احلساب الرأمسايل‪.‬‬
‫‪ _2_2‬الحساب الرأسمالي‪:‬‬
‫تسجل فيه احلسابات املتعلقة باملعامالت بني املقيمني وغري املقيمني اخلاصة بالتحويالت الرأمسالية _من‬
‫دون مقابل_ مستحقة القبض واملستحقة الدفع‪ ،‬وكذا ما تعلق باقتناء أو التخلي عن األصول غري املنتجة وغري‬
‫املالية كاملوارد الطبيعية وعقود اإلجيار والرتاخيص واألصول التسويقية (كاإلسم التجاري والعالمة التجارية)‪ .‬وتتمثل‬
‫التحويالت الرأمسالية يف التحويالت اليت تنتقل فيها ملكية أصل معني (ما عدا النقدية واملخزونات) من طرف‬
‫آلخر‪ ،‬حيث تتمثل يف‪ :‬إعفاءات الدين‪ ،‬مطالبات التأمني على غري احلياة‪ ،‬إعانات اإلستثمار‪...‬اخل‪.‬‬
‫‪ _3_2‬الحساب المالي‪:‬‬
‫يعرض هذا احلساب القيود الدائنة واملدينة املتعلقة بعمليات اقتناء األصول واخلصوم املالية‪ .‬كما ميكن أن‬
‫تكون هذه القيود قيودا مقابلة لقيود ما يف حساب السلع واخلدمات أو الدخل أو احلساب الرأمسايل أو بنود‬
‫احلساب املايل األخرى‪ .‬إذ جند على سبيل املثال أن تسوية معامالت التصدير يعرب عنها بزيادة يف األصول املالية‬
‫كالعملة أو اإلئتمان التجاري أو الودائع‪ ،‬كما قد تنطوي معاملة ما على قيدين يف احلساب املايل‪.‬‬
‫تنقسم األصول املالية إىل صنفني رئيسيني‪ :‬األصول املالية طويلة األجل تتجاوز مدة استحقاقها السنة‬
‫الواحدة وهي ما تعلق منها باإلستثمار املباشر (األسهم) واإلقرتاض (القروض طويلة األجل أو السندات)‪ ،‬كما قد‬
‫تكون أصوال مالية قصرية األجل ال تتجاوز مدة استحقاقها سنة واحدة كالكمبياالت والقروض حتت الطلب‬
‫وأذونات اخلزانة‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ميزان المدفوعات‪ :‬دراسة تحليلة‬

‫يسمى رصيد احلساب املايل بصايف اإلقراض أو صايف اإلقرتاض‪ ،‬إذ أهنا إذا كانت حالة وضعية صايف‬
‫إقراض فذلك يعين أن اإلقتصاد يقدم رؤوس أموال للعامل اخلارجي أكثر مما حيصل عليه والعكس يف حالة وضعية‬
‫صايف اإلقرتاض‪ .‬ويساوي صايف اإلقراض أو صايف اإلقرتاض جمموع رصيد احلساب اجلاري واحلساب الرأمسايل‪،‬‬
‫ألنه إذا زادت القيم الدائنة عن القيم املدينة يف احلسابني اجلاري والرأمسايل يظهر يف احلساب املايل صايف اقتناء‬
‫أصول مالية أو اخنفاض خصوم مالية بنفس القيمة‪.‬‬
‫وزيادة على األقسام الرئيسية الثالثة املكونة مليزان املدفوعات‪ ،‬هنالك ما يعرف بـ"حساب التسويات‬
‫الرمسية" الذي يضم‪ :‬صايف التغريات يف التزامات اإلقليم الرمسية اجتاه األجانب والتغريات يف األصول اإلحتياطية‬
‫الرمسية للدولة ( الذهب‪ ،‬العمالت القابلة للتحويل‪ ،‬حقوق السحب اخلاصة‪ ،‬و حصة البلد يف املؤسسات‬
‫الدولية) خالل السنة‪ .‬و الغرض من هذا احلساب هو التسوية احلسابية مليزان املدفوعات سواء يف التزاماهتا‬
‫وحقوقها مع األجانب أو عن ط ـريق حتركات يف األصول اإلحتياطية الرمسية و تتم هذه التسوية بالكيفية التالية‪:‬‬
‫_ في حالة العجز ‪:‬‬
‫‪ -‬إما تسديد قيمة العجز ذهبا أو عمالت قابلة للتحويل و بالتايل ختفيض مستوى احتياطاهتا من الصرف؛‬
‫‪ -‬أو بطلب قرض قصري األجل من بلد دائن ‪ ،‬و بالتايل ارتفاع مديوينة البلد صاحب العجز؛‬
‫‪ -‬أو بتخفيض دائنية البلد اجتاه العامل اخلارجي؛‬
‫‪ -‬أو باالقرتاض من السوق املالية الدولية أو من مؤسسة مالية دولية كصندوق النقد الدويل‪.‬‬
‫_ في حالة الفائض ‪:‬‬
‫‪ -‬اما بزيادة احتياطاهتا من الذهب و العمالت الصعبة؛‬
‫‪ -‬أو بتقدمي قروض قصرية األجل للدول املدينة ‪ ،‬و بالتايل زيادة دائنيتها اجتاه العامل اخلارجي؛‬
‫‪ -‬أو بتسديد ديوهنا السابقة‪.‬‬
‫و نظرا لعدم قدرة اجلهاز اإلحصائي للبلد على حصر مجيع املعامالت االقتصادية اليت تتم مع العامل‬
‫اخلارجي ألسباب عديدة منها دواعي األمن القومي اليت حتتم عدم إدراج بعض املعامالت للعلن أو لتغريات يف‬
‫أسعار الصرف ومعدالت الفائدة‪ ،‬يتم ادرج حساب السهو و اخلطأ ليتطابق يف ميزان املدفوعات جمموع‬
‫احلسابات الدائنة مع جمموع احلسابات املدينة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ميزان المدفوعات‪ :‬دراسة تحليلة‬

‫ويكون ميزان املدفوعات متعادال دائما من الناحية احملاسبية أي يتساوى فيه بالضرورة اجلانب الدائن مع‬
‫اجلانب املدين‪ ،‬لكن من الناحية اإلقتصادية ال يتحقق التوازن فيه بالضرورة‪ ،‬ألن هذا التوازن يعرب عنه من خالل‬
‫رصيد احلسابات الثالثة الرئيسية واليت قد تكون يف حالة فائض كما قد تكون يف حالة عجز‪.‬‬
‫يرتكز التسجيل على مستوى ميزان املدفوعات على نظام قاعدة القيد املزدوج اليت تقوم على مبدأ أن كل‬
‫معاملة يسجل هلا قيدان متساويان ومتقابالن تعبريا عن عنصري التدفق الداخل والتدفق اخلارج لكل عملية‬
‫تبادل‪.‬فعند إجراء أي معاملة يسجل كل طرف فيها قيدا دائنا وقيدا مدينا مقابال حيث جند‪:‬‬
‫القيد الدائن‪ :‬يضم صادرات السلع واخلدمات‪ ،‬الدخل مستحق القبض‪ ،‬اخنفاض األصول أو زيادة‬
‫اخلصوم‪ ،‬زيادة يف التزامات الدولة اجتاه األجانب أو اخنفاض التزامات األجانب اجتاه الدولة‪.‬‬
‫القيد المدين‪ :‬يضم واردات السلع واخلدمات‪ ،‬الدخل مستحق الدفع‪ ،‬زيادة األصول أو اخنفاض‬
‫اخلصوم ‪ ،‬زيادة التزامات األجانب اجتاه الدولة أو اخنفاض التزامات الدولة اجتاه األجانب‪.‬‬
‫‪_3‬أمثلة تطبيقية عن التسجيل في ميزان المدفوعات‬
‫_ تصدر شركة جزائرية سلعا قيمتها ‪ 700‬مليون يورو إىل فرنسا وتتلقى الدفع بوديعة باليورو يف حساهبا لدى‬
‫بنك "‪ "BNP‬بباريس؛‬
‫هنا نسجل يف اجلانب الدائن حلساب السلع واخلدمات للجزائر ما قيمته ‪ 700‬مليون يورو‪ ،‬مقابل‬
‫تسجيل ما قيمته ‪ 700‬مليون يورو يف اجلانب املدين من احلساب املايل ألنه يعرب عن زيادة اللتزامات األجانب‬
‫اجتاه اجلزائر‪.‬‬
‫_ ينفق سائح جزائري ما قيمته ‪ 2000‬يورو يف لندن مقابل خدمات الفندق والسفر واألكل بالسحب من‬
‫ودائعه باليورو على مستوى بنك ‪ HSBC‬بلندن؛‬
‫تسجل اجلزائر ما قيمته ‪ 2000‬يورو يف اجلانب املدين من حساب السلع واخلدمات مقابل تسجيلها ملا‬
‫قيمته ‪ 2000‬يورو يف اجلانب الدائن من حساهبا املايل قصري األجل ألن ذلك ميثل اخنفاضا يف التزامات األجانب‬
‫اجتاه اجلزائر‪.‬‬
‫_ يشرتي مستثمر جزائري أسهما من بورصة باريس مبا يعادل ‪ 7‬مليون يورو وذلك بالدفع عن طريق السحب من‬
‫ودائعه باليورو من بنك "‪ "BNP‬بباريس؛‬

‫‪20‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ميزان المدفوعات‪ :‬دراسة تحليلة‬

‫تسجل اجلزائر يف اجلانب املدين من حساهبا املايل طويل األجل ما قيمته ‪ 7‬مليون يورو (زيادة يف‬
‫األصول املالية األجنبية) مقابل تسجيلها ما قيمته ‪ 7‬مليون يورو يف اجلانب الدائن حلساهبا املايل قصري األجل ألن‬
‫ذلك ميثل اخنفاضا يف التزامات األجانب اجتاه اجلزائر‪.‬‬
‫_تدفع احلكومة اجلزائرية مساعدة لدولة افريقية مبا قيمته ‪ 2‬مليون يورو؛‬
‫تسجل اجلزائر يف اجلانب املدين من حساهبا الرأمسايل ما قيمته ‪ 2‬مليون يورو (حتويالت حكومية دون‬
‫مقابل) مقابل تسجيل ما قيمته ‪ 2‬مليون يورو يف اجلانب الدائن من حساهبا املايل طويل األجل ألن ذلك يعرب‬
‫عن زيادة يف التزامات اجلزائر اجتاه األجانب‪.‬‬
‫_ يقرتض مستثمر جزائري ما قيمته ‪ 70‬مليون يورو لبناء مصنع يف دولة مايل؛‬
‫تسجل اجلزائر يف اجلانب الدائن من حساهبا املايل قصري األجل ما قيمته ‪ 70‬مليون يورو ألنه ميثل زيادة‬
‫يف التزامات الدولة اجتاه األجانب مقابل تسجيل ما قيمته ‪ 70‬مليون يورو يف اجلانب املدين من احلساب املايل‬
‫طويل األجل ألن ذلك يعترب زيادة يف األصول اإلستثمارية‪.‬‬
‫‪ _4‬التحليل اإلقتصادي لميزان المدفوعات‬
‫يوزع الناتج الكلي يف اقتصاد دولة ما على عدة استخدامات كما تربزه املعادلة التالية‪:‬‬
‫)‪Y=C+I+G+X-M………………(1‬‬
‫حيث‪:‬‬
‫‪ :Y‬الناتج الكلي‪ :C ،‬استهالك العائالت واألفراد‪ :I ،‬اإلستثمار(تكوين رأس املال)‪،‬‬
‫‪ : G‬اإلنفاق احلكومي‪ :X ،‬الصادرات‪ :M ،‬الواردات‬
‫وباعتبار أن اإلدخار الوطين يعرب عنه كما يلي‪:‬‬
‫)‪S=Y-C-G……….….(2‬‬
‫جند‪:‬‬
‫)‪S=I+X-M……………(3‬‬
‫مبعىن‪:‬‬
‫)‪S-I=X-M…………….(4‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ميزان المدفوعات‪ :‬دراسة تحليلة‬

‫أي أن وضعية احلساب اجلاري تساوي إىل الفجوة بني اإلدخار واإلستثمار‪ .‬وميكن استعراض العالقة‬
‫املتبادلة بني ميزان احلساب اجلاري واالدخار واالستثمار مبزيد من التفصيل عن طريق التمييز بني القطاعني اخلاص‬
‫واحلكومي‪ .‬وميكن حتديد االدخار اخلاص واالستثمار اخلاص على النحو التايل‪:‬‬
‫)‪………(5‬‬
‫وعليه ميكن كتابة املعادلة ‪ 4‬كما يلي‪:‬‬
‫)‪………….(6‬‬
‫وتوضح املعادلة ‪ 2‬أنه ما مل تتم موازنة اإلدخار احلكومي السالب بصايف اإلدخار يف القطاع اخلاص‪،‬‬
‫فسوف يسجل احلساب اجلاري عجزا‪ .‬ومبزيد من التحديد‪ ،‬تشري هذه املعادلة إىل أن التوازن املستهدف يف ميزانية‬
‫احلكومة ‪ Sg – Ig‬قد يكون عامال مهما يؤثر يف ميزان احلساب اجلاري‪ .‬وعلى وجه التحديد‪ ،‬قد يكون‬
‫استمرار العجز يف احلساب اجلاري راجعا الستمرار احلكومة يف اإلنفاق مبا يتجاوز إيراداهتا‪ ،‬وتفيد مثل هذه الزيادة‬
‫املفرطة يف ا إلنفاق بأن اإلجراء الواجب اختاذه على مستوى السياسات هو تشديد سياسة املالية العامة‪.1‬‬
‫‪ _5‬اإلختالل في ميزان المدفوعات‬

‫إن اختالل ميزان املدفوعات وعدم توازنه يعترب أمرا واقعا بالنسبة لكافة اإلقتصاديات العاملية‪ ،2‬باعتبار‬
‫ديناميكية التطور اليت متيز النشاط اإلقتصادي من جهة والتقلبات العديدة اليت متسه من جهة أخرى‪ ،‬واليت تدفع‬
‫حلالة عدم التوازن يف موازين املدفوعات ما بني الفائض والعجز‪.‬‬

‫فقد تعاين الدولة من عجز يف ميزان مدفوعاهتا ‪ ،‬و يرتتب عن ذلك زيادة يف مديونيتها للعامل اخلارجي‬
‫فتعيش يف مستوى أكرب من إمكاناهتا احلقيقية‪ .‬كما يرتتب عن هذا العجز أيضا اإلقبال على عمالت الدول‬
‫الدائنة و اخنفاض الطلب على العملة احمللية‪ ،‬و استمرار هذا الوضع جيعل مركز هذه الدولة ضعيفا يف االقتصاد‬
‫الدويل فتنهار مسعتها االقتصادية بني املؤسسات املالية الدولية و اإلقليمية‪.‬‬

‫‪ 1‬صندوق النقد الدويل‪ :‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.664 ،663‬‬


‫‪ 2‬هوشيار معروف‪ :‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.627‬‬
‫‪22‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ميزان المدفوعات‪ :‬دراسة تحليلة‬

‫‪ _1_5‬أنواع االختالل في ميزان المدفوعات‬

‫هناك العديد من أشكال االختالل يف ميزان املدفوعات (سواء كان حالة فائض أو حالة عجز) وتنقسم‬
‫إىل قسمني ‪:‬‬

‫‪ _1_1_5‬االختالل المؤقت‪ :‬ينقسم بدوره إىل‪:‬‬

‫أ_ االختالل الطبيعي‪ :‬وهو اإلختالل الذي حيصل يف الغالب نتيجة ظروف طبيعية قاهرة تؤثر على استمرارية‬
‫املصانع واألراضي على اإلنتاج ومن مث تدفع لرتاجع صادرات البلد املعين إىل مستوى جيعل من ميزان املدفوعات‬
‫يربز يف حالة عجز‪.‬‬
‫ب_ االختالل الموسمي‪ :‬يتوقف على املدة اليت حدث فيها االختالل و ميس خاصة الدول اليت هلذه احملاصيل‬
‫املومسية أو منتجات مومسية‪ .‬ففي فصل الشتاء مثال يزيد الطلب على البرتول و الغاز و مما يدفع الرتفاع أسعاره‬
‫بالشكل الذي يؤدي إىل استفادة الدول املصدرة له من تزايد يف جانب الصادرات الذي قد يدفع غالبا لتسجيل‬
‫حالة فائض يف مزيان املدفوعات‪ ،‬لكن بعد هذه الفرتة عند تقلص الطلب على املنتجات الطاقوية يتالشي‬
‫الفائض املسجل سابقا تدرجييا ويتحول ميزان املدفوعات إىل حالة عجز أحيانا‪ ،‬حيث أن مواجهة هذا اإلختالل‬
‫يتطلب من النسءولني يف اإلقتصاد املعين تنويع الصادرات للحفاظ على مستوى مستقر من املداخيل ال تتأثر‬
‫بالدورة املومسية‪.‬‬
‫جـ_ االختالل الدوري ‪ :‬ميس هذا النوع من االختالل األنظمة الرأمسالية يف فرتات الرواج و الكساد تنعكس‬
‫أثارها على ميزان املدفوعات‪ ،‬فهو حيقق عجزا و تارة حيقق فائضا و هذا الفائض أو العجز يطلق عليه االختالل‬
‫الدوري نسبة إىل الدورة االقتصادية‪ ،‬و مثل هذا النوع من االختالل ميكن عالجه عن طريق اتباع السياسات‬
‫الظرفية النقدية و املالية اليت ميكن أن تكون سياسات توسعية أو انكماشية تبعا لوضعية الدورة اإلقتصادية‪.‬‬
‫‪ _2_1_5‬االختالل الدائم ( الهيكلي )‪ :‬يعترب اإلختالل الدائم يف ميزان املدفوعات مبثابة اإلختالل الناتج عن‬
‫وضعية اهليكل اإلقتصادي لإلقتصاد املعين واليت حتول دون متكنه من حتقيق التوان يف ميزان مدفوعاته كـ‪ :‬ضعف‬
‫التقنية التكنولوجية يف عملية اإلنتاج نتيجة تراجع عمليات اإلبتكار والبحث والتطوير‪ ،‬تراجع املنافسة يف النشاط‬
‫اإلقتصادي‪ ،‬صرامة اللوائح التنظيمية لسوق العمل وسوق املنتجات وغريها من الصعويات اهليكلية‪ ،‬مما يستدعي‬
‫تطبيق مجلة إصالحات هيكلية تؤثر على املدى الطويل يف بنية اإلقتصاد احمللي مبا ميكن من العودة إىل حالة‬
‫التوازن مليزان املدفوعات‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ميزان المدفوعات‪ :‬دراسة تحليلة‬

‫‪ _2_5‬أسباب اختالل ميزان المدفوعات‬

‫هناك عدة أسباب تؤدي إىل اختالل ميزان املدفوعات أمهها‪:‬‬

‫_ سعر الصرف المعتمد للعملة الوطنية ‪ :‬إذا كان سعر الصرف أعلى من املستوى الذي يتناسب مع األسعار‬
‫السائدة يف السوق احمللية ‪ ،‬فإنه يؤدي إىل جعل السلع احمللية مرتفعة السعر مقارنة بالدول األخرى وهو ما يؤدي‬
‫إىل اخنفاض الطلب األجنيب عليها و بالتايل ظهور عجز يف ميزان املدفوعات‪ .‬و العكس يف حالة حتديد القيمة‬
‫اخلارجية للعملة احمللية عند مستوى أقل مـما يتناسب و األسعار السائدة يف السوق احمللية مما ينتج عنه فائض يف‬
‫ميزان املدفوعات‪.‬‬

‫_ تغير بنية العالقات االقتصادية الدولية ‪ :‬إن تغري الطلب العاملي على بعض املنتجات نتيجة اإلبداع‬
‫التكنولوجي املتسارع يؤدي إىل اختالل يف موازين مدفوعات الدول املصدرة هلذه املنتجات تبعا لقدرهتا على‬
‫مواكبة هذا التطور التكنولوجي واستغالهلا له يف تطوير منتجاهتا مبا يساهم يف زيادة الطلب األجنيب عليها‪.‬‬

‫_ مرونة الصادرات والواردات‪ :‬إن مرونة اجلهاز اإلنتاجي تلعب دورا كبريا يف حتديد وضعية ميزان املدفوعات‬
‫من خالل ما تعرب عنه من قدرة على زيادة العرض واإلنتاج يف حال تراجع قيمة العملة احمللية ومن مث زيادة الطلب‬
‫األجنيب على املنتجات احمللية‪ .‬يف حني أن مرونة الواردات هي أيضا هلا دور اساسي يف حتديد وضعية ميزان‬
‫املدفوعات باعتبار أهنا تعرب عن مدى قدرة اإلقتصاد احمللي على تقليص طلبه على السلع األجنبية يف حال ارتفاع‬
‫أسعارها نتيجة تراجع يف قيمة العملة احمللية‪.‬‬

‫_ الظروف الطبيعية ‪ :‬تساهم الظروف الطبيعية يف التأثري سلبا على القدرة اإلنتاجية لإلقتصاد احمللي من خالل‬
‫ما قد تلحقه من ضرر على املنشآت والبىن التحتية واملصانع مبا يؤثر من جهة سلبا على اإلمدادات احمللية ومن‬
‫جهة اخرى يؤثر سلبا على اإلمدادات اخلارجية التصديرية‪ ،‬مما يساهم يف تزايد الطلب على املنتجات األجنبية‬
‫لتعويض النقص يف اإلنتاج احمللي وهو ما ينتج عنه عجز يف ميزان املدفوعات‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ميزان المدفوعات‪ :‬دراسة تحليلة‬

‫‪ _3_5‬آليات تعديل اإلختالل في ميزان المدفوعات‬

‫إن تعديل اإلختالل يف ميزان املدفوعات (من خالل وضعية احلساب اجلاري أساسا) سواء كان يف حالة‬
‫فائض أو يف حالة عجز يكون إما تعديال آليا (تلقائيا) أو عن طريق التدخل بتطبيق سياسة معينة كما يتوضح‬
‫فيما سيأيت‪:‬‬

‫‪ _1_3_5‬التعديل اآللي(التلقائي)‬

‫يتم تعديل اإلختالل يف ميزان املدفوعات بصفة آلية دون أي تدخل من صناع قرار السياسة اإلقتصادية‬
‫وفق اآلليات التالية‪:1‬‬

‫أ_ آلية التعديل السعري في ظل نظام قاعدة الذهب‪ :‬ختص هذه اآللية نظام قاعدة الذهب الذي‬
‫كان معموال يف اإلقتصاد العاملي ما بني الفرتة ‪ ،7974_7700‬والذي كان يقوم باألساس على افرتاض‪ :‬أن‬
‫عرض النقود يرتكز على الذهب أو أي عملة مغطاة بالذهب‪ ،‬وأن املستوى العام لألسعار يتأثر بالتغري يف كمية‬
‫النقود‪ .‬ومن مث فإن أي تغري يف وضعية ميزان املدفوعات يعدل آليا بالتغري يف األسعار الداخلية‪.‬‬

‫ففي حالة الفائض‪ ،‬فإنه حيدث دخول للذهب لإلقتصاد احمللي يتسبب يف زيادة عرض النقود الذي‬
‫يؤدي حسب نظرية كمية النقود إىل ارتفاع يف املستوى العام لألسعار الداخلية‪ ،‬وهو ما يدفع لرتاجع تنافسية‬
‫الصادرات وقلة الطلب عليها يف مقابل تزايد الطلب على الواردات كبديل للسلع احمللية مرتفعة األسعار‪ ،‬وهو ما‬
‫يتسبب يف تالشي الفائض يف ميزان املدفوعات تدرجييا حىت العودة حلالة التوازن‪.‬‬

‫ب_ آلية التعديل السعري في ظل نظام الصرف المرن‪ :‬يف ظل نظام الصرف املرن‪ ،‬يتسبب العجز‬
‫يف ميزان املدفوعات يف تراجع الطلب على العملة احمللية وزيادة املعروض منها مما يدفع إىل تراجع قيمتها بشكل‬
‫يزيد من التنافسية السعرية للصادرات اليت يرتفع الطلب عليها يف مقابل تراجع الطلب على الواردات اليت تصبح‬
‫مرتفعة األسعار‪ ،‬وهو ما يعين تالشي العجز وعودة ميزان املدفوعات تدرجييا حلالته التوازنية‪.‬‬

‫‪ 1‬دومينيك سالفاتور‪ :‬اإلقتصاد الدويل‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممد رضا علي العدل و عبد العظيم أنيس‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪ ،7993‬ص ص ‪727-722‬‬
‫‪25‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ميزان المدفوعات‪ :‬دراسة تحليلة‬

‫جـ_ آلية التعديل عن طريق الدخل‪ :‬تنص هذه اآللية اليت تأيت يف إطار التحليل الكينزي الذي يفرتض‬
‫تواجد اإلقتصاد يف وضعية ما دون التشغيل الكامل‪ .‬ومن مث فإنه وبناء على مفهوم آلية املضاعف فإن تغريا يف‬
‫مستوى التجارة الدولية يؤثر على مستوى الدخل القومي الذي بدوره يؤثر على طلب الواردات‪.‬‬

‫وعليه فإن زيادة قيمة الصادرات يتسبب يف زيادة قيمة الدخل القومي بقيمة تعادل ما يعرف بـ"مضاعف‬
‫التجارة اخلارجية" ‪ ،‬يف حني أن زيادة الدخل القومي سوف تدفع عن طريق امليل احلدي لإلسترياد إىل تزايد الطلب‬
‫على الواردات‪ ،‬وهو ما يدفع لتالشي اإلرتفاع السابق يف قيمة الصادرات تدرجييا وعودة ميزان املدفوعات إىل‬
‫حالته التوازنية‪.‬‬

‫‪ _2_3_5‬التعديل عن طريق أدوات السياسة اإلقتصادية‬

‫ميكن تعديل اإلختالل يف ميزان املدفوعات عن طريق تطبيق سياسات معينة يف حال عدم حتقق فعالية‬
‫آلية التعديل اآليل خصوصا إذا مل تتوفر اإلفرتاضات اليت تبىن عليها باألساس‪.‬‬

‫ويعترب حتقيق التوازن يف ميزان املدفوعات مبثابة التوازن اخلارجي القتصاد الدولة‪ ،‬يف حني أن التوازن‬
‫الداخلي يعىن مبؤشرات النمو‪ ،‬البطالة‪ ،‬وضعية امليزانية ومعدل التضخم‪ .‬وبالتايل ففي إطار السعي لتحقيق التوازن‬
‫اإلقتصادي العام يتوجب على صناع قرار السياسة اإلقتصادية اختيار السياسات املالئمة اليت متكن من حتقيق كال‬
‫التوازنني كما يربز فيما سيأيت‪:1‬‬

‫أ_ السياسة المالية‬

‫تطبق السياسة املالية يف شكلها التوسعي يف حال ما إذا كان ميزان املدفوعات يف حالة فائض‪ ،‬ألهنا‬
‫تدفع إىل زيادة الطلب على الواردات مبا ميكن من تالشي فائض الصادرات عن الواردات‪ .‬يف حني أهنا تطبق يف‬
‫شكلها التقييدي إذا ما كان ميزان املدفوعات يف حالة عجز ألهنا تساهم يف احلد من الطلب على الواردات إىل‬
‫مستوى يوازي قيمة الصادرات لتحقيق توازن ميزان املدفوعات‪.‬‬

‫وباعتبار السياسة املالية التوسعية فعالة يف حتقيق التوازن اخلارجي يف حالة الفائض‪ ،‬فإهنا تكون فعالة يف‬
‫حتقيق التوازن الداخلي إذا كان اإلقتصاد املعين يف حالة انكماش ألهنا تساهم يف دفع الطلب الكل لإلرتفاع مبا‬

‫‪ 1‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.793-779‬‬


‫‪26‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ميزان المدفوعات‪ :‬دراسة تحليلة‬

‫يساهم يف انعاش اإلقتصاد احمللي‪ ،‬لكنها لن تكون فعالة يف حتقيق التوازن الداخلي إذا كان اإلقتصاد يف حالة‬
‫تضخم ألهنا ستدفع حينئذ إىل تزايد معدالت التضخم ملستويات مرتفعة‪.‬‬

‫أما السياسة املالية املقيدة الفعالة يف حتقيق التوازن اخلارجي يف حالة العجز‪ ،‬فإهنا تساهم يف حتقيق التوازن‬
‫الداخلي إذا كان اإلقتصاد يف وضعية تضخم ألهنا سوف تدفع لرتاجع الطلب الكلي احمللي‪ ،‬لكنها لن تكون‬
‫فعالة يف حتقيق التوازن الداخلي إذا كان االقتصاد احمللي يف حالة انكماش ألهنا حينئد سوف تزيد من تراجع‬
‫ال طلب الكلي ومن مث دخول اإلقتصاد احمللي يف حالة انكماش قصوى قد تصل به إىل مرحلة الكساد‪.‬‬

‫ب_ السياسة النقدية‬

‫تساهم السياسة النقدية يف تعديل اختالل ميزان املدفوعات يف ظل نظام الصرف الثابت عن طريق‬
‫سياسة ختفيض قيمة العملة اليت تؤثر على األسعار النسبية للسلع احمللية واألجنبية وبالتايل التأثري على حركة‬
‫الصادرات والواردات‪ .‬إذ أن تواجد ميزان املدفوعات يف حالة عجز يدفع صناع القرار إىل ختفيض قيمة العملة مبا‬
‫ميكن من إعطاء تنافسية للصادرات لرتتفع قيمتها يف مقابل تراجع الطلب عل الواردات اليت تصبح مرتفعة‬
‫األسعار بالنسبة للداخل ومن مث عودة ميزان املدفوعات حلالته التوازنية‪.‬‬

‫وتتحقق فعالية سياسة ختفيض قيمة العملة يف تصحيح عجز ميزان املدفوعات يف حال حتقق ما يعرف‬
‫بـ"شرط مارشال‪-‬لرينر" الذي يشري إىل ضرورة أن يكون جمموع القيم املطلقة للمرونة السعرية للصادرات واملرونة‬
‫السعرية للواردات أكرب من ‪.7‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة‬
‫الصرف والنظريات املفسرة له‬

‫‪ _1‬ماهية سعر الصرف‬


‫‪ _2‬أنواع سعر الصرف‬
‫‪ _3‬أنواع أنظمة سعر الصرف‬
‫‪ _4‬سوق الصرف‬
‫‪ _5‬النظريات املحددة لسعر الصرف‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫‪ _1‬ماهية سعر الصرف‬


‫إن أهم ما مييز العالقات اإلقتصادية الدولية جتارية كانت أو مالية هو أهنا تتم وفق أساس معني يربط بني‬
‫خمتلف عمالهتا يسمى بسعر الصرف‪ ،‬الذي يعرف على أنه النسبة اليت تتم على أساسها مبادلة عملة دولة ما‬
‫بعملة دولة أخرى‪ .‬ويف هذا الصدد جند ما يعرف بالتسعري على التأكيد الذي يعرب عن عدد الوحدات من عملة‬
‫أجنبية الالزمة للحصول على وحدة واحدة من العملة الوطنية‪ ،‬مثال‪1 :‬دج= ‪ 2,0‬دوالر‪ ،‬يف حني يعرب التسعري‬
‫على عدم التأكي د بعدد الوحدات من العملة الوطنية الالزمة للحصول على وحدة واحدة من عملة أجنبية‪ ،‬مثال‪:‬‬
‫‪ 1‬دوالر= ‪ 5‬دج‪.‬‬
‫‪ _2‬أنواع سعر الصرف‬
‫تربز أهم أنواع سعر الصرف يف‪:1‬‬
‫‪ _1_2‬سعر الصرف الثنائي‬
‫سعر الصرف الثنائي هو املعدل الذي يربط بني عمليت دولتني‪ ،‬وجند فيه‪:‬‬
‫‪ _1_1_2‬سعر الصرف الثنائي اإلسمي‬
‫يعرف سعر الصرف الثنائي اإلمسي على أنه عدد الوحدات اليت على أساسها يتم مبادلة عملة دولة ما‬
‫مقابل عملة دولة أخرى‪ ،‬مثال‪1 :‬دوالر= ‪ 5‬دينار‪ 1 ،‬يورو= ‪ 2,5‬دوالر‪ 1 ،‬دج= ‪ 2,0‬دوالر ‪....‬اخل‪.‬‬
‫يف حال تغري سعر الصرف الثنائي اإلمسي للدوالر مقابل الدينار نتيجة تفاعل قوى العرض والطلب على‬
‫العملة يف سوق الصرف حبيث يشرتي الدينار الواحد وحدات أكثر من الدوالر أين يصبح مثال ‪ 1‬دج= ‪2.5‬‬
‫بدل ‪1‬دج= ‪ 2.0‬نقول أن سعر صرف الدينار ارتفع‪ ،‬أما يف حال ما إذا تغري واشرتى الدينار وحدات أقل من‬
‫الدوالر أين يصبح مثال ‪ 1‬دج= ‪ 2.1‬بدل ‪1‬دج= ‪ 2.0‬نقول أن سعر صرف الدينار اخنفض‪.‬‬
‫وينقسم سعر الصرف الثنائي اإلمسي إىل‪ :‬سعر صرف رمسي أي املعمول به فيما خيص املبادالت اجلارية‬
‫الرمسية‪ ،‬وسعر صرف موازي وهو السعر املعمول به يف األسواق املوازية‪ ،‬وهذا يعين امكانية وجود أكثر من سعر‬
‫صرف امسي يف نفس الوقت لنفس العملة يف نفس البلد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Henry Bourguinat: « Finance internationale », presses universitaires de France, 1992, pp‬‬
‫‪200-206.‬‬
‫‪29‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫‪ _2_1_2‬سعر الصرف الثنائي الحقيقي‬


‫يعرب سعر الصرف الثنائي احلقيقي عن املعدل الذي ميكن من خالله مبادلة سلة من السلع واخلدمات‬
‫لبلد ما مقابل سلة سلع وخدمات لبلد آخر‪ .‬مثال إذا كان سعر سيارة يف اجلزائر هو ضعف قيمتها يف اليابان‬
‫فذلك يعين أن سعر الصرف احلقيقي هو ‪ 1‬سيارة جزائرية مقابل ‪ 0‬سيارات يابانية‪.‬‬
‫ويتحدد سعر الصرف الثنائي احلقيقي من خالل تفاعل التغريات على مستوى سعر الصرف االمسي و‬
‫معدالت التضخم‪ ،‬حيث يعرب عنه بالعالقة التالية‪:‬‬

‫سعر الصرف الثنائي االسمي‪ x‬مؤشر األسعار المحلية‬


‫ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااا‬ ‫سعر الصرف الثنائي الحقيقي=‬
‫مؤشر األسعار األجنبية‬
‫مث ااا ‪ :‬إذا ك ااان س ااعر ص اارف الا ادينار مقاب اال ال ااني ه ااو ‪ 1 :‬دج = ‪ 2.0‬ي اان‪ ،‬وك ااان س ااعر الس اايارة يف اجلزائ اار ه ااو‬
‫‪ 05222‬دينااار مقاباال سااعرها يف اليابااان هااو ‪ 12222‬ياان‪ ،‬فهااذا يعااين أن سااعر الصاارف احلقيقااي يقاادر وفااق مااا‬
‫يلي‪:‬‬
‫(‪0 =12222/02222 = 12222 /)05222 x2.0‬‬
‫وهذا يعين أن سعر الصرف احلقيقي يساوي إىل سيارة جزائرية مقابل ‪ 0‬سيارات يابانية‬
‫تكمن أمهية سعر الصرف احلقيقي يف كونه يعترب حمددا رئيسيا حلركاة الصاادرات والاواردات القتصااد الدولاة‬
‫املعنية‪ ،‬إذ أنه كلما ارتفعت قيمة سعر الصرف احلقيقي فذلك يعاين ارتفاعاا يف املساتوى العاام لرساعار انلياة نسابة‬
‫لرس ااعار األجنبي ااة‪ ،‬وه ااذا م ااا يس اااهم يف زي ااادة الطل ااب عل ااى الس االع األجنبي ااة مقارن ااة بالس االع انلي ااة بش ااكل ي اادفع‬
‫لتس ااجيل عج ااز يف احلس اااي اجل اااري ملي ازان امل اادفوعات والعك ااس ص ااحيح يف ح ااال اخنفض اات قيم ااة س ااعر الص اارف‬
‫احلقيقي‪.‬‬
‫وبالنظر إىل قيمة سعر الصرف احلقيقي ميكن أن نستخلص احلاالت التالية‪:‬‬
‫_ إذا ك ااان س ااعر الص اارف احلقيق ااي يس اااوي ‪ 1‬فه ااذا يع ااين أن س ااعر الص اارف اإلمس ااي يعك ااس النس اابة ب ااني‬
‫املستوى العام لرسعار انلية واملستوى العام لرسعار األجنبية‪ ،‬وبالتايل فالعملة انلية مقيمة عند قيمتها احلقيقية؛‬
‫_ إذا كان سعر الصرف احلقيقي أكرب مان ‪ ،1‬فهاذا يعاين أن ساعر الصارف اإلمساي ال يعكاس النسابة باني‬
‫املسااتوى العااام لرسااعار انليااة واملسااتوى العااام لرسااعار األجنبيااة‪ ،‬وبالتااايل فالعملااة انليااة مقيمااة بااأعلى ماان قيمتهااا‬
‫احلقيقية؛‬
‫‪30‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫_ إذا كاان ساعر الصارف احلقيقاي أقال مان ‪ ،1‬فهااذا يعاين أن ساعر الصارف اإلمساي ال يعكاس النسابة بااني‬
‫املسااتوى العااام لرسااعار انليااة واملسااتوى العااام لرسااعار األجنبيااة‪ ،‬وبالتااايل فالعملااة انليااة مقيمااة بأقاال ماان قيمتهااا‬
‫احلقيقية‪.‬‬
‫‪ _2_2‬سعر الصرف المتعدد (الفعلي)‬
‫يعرب سعر الصرف الفعلي عن املؤشر الاذي يقايس متوساط التغاري يف ساعر الصارف لعملاة ماا بالنسابة لعادة‬
‫عموالت أخرى يف فرتة زمنية معينة باملقارنة مع فرتة أساس‪ ،‬حيث جند‪:‬‬
‫‪ _1_2_2‬سعر الصرف المتعدد اإلسمي‬
‫سااعر الصاارف املتعاادد اإلمسااي هااو متوسااط عاادة أسااعار صاارف نائيااة يعاارب عاان متوسااط التطااور اإلمسااي يف‬
‫معدل تبادل عملة دولة ما مقارنة بسلة عمالت أجنبية خمتارة متثل غالبا عمالت الشركاء التجاريني الرمسيني للدولاة‬
‫املعنية‪ ،‬يعرب عنه بالعالقة التالية‪:‬‬

‫سعر الصرف الثنائي اإلسمي خال الفترة ‪t‬‬


‫سعر الصرف المتعدد اإلسمي=‬
‫سعر الصرف الثنائي اإلسمي خال فترة األساس‬

‫حيث أن‪:‬‬
‫دولة؛‬ ‫‪ :‬يعرب عن الدول األجنبية واليت يبلغ عددها‬
‫‪ :‬يعرب عن الوزن الرتجيحي للمعامالت التجارية للدولة انلية مع كال دولاة أجنبياة عملتهاا ضامن سالة‬
‫العمااالت األجنبيااة املعنيااة‪ ،‬والاايت ميكاان حساااخا ماان خااالل نساابة صااادرات الدولااة انليااة للدولااة األجنبيااة املعنيااة إىل‬
‫إمجااايل صااادراهتا‪ ،‬أو ماان خااالل نس اابة امااوع صااادراهتا ووارداهتااا مااع الدول ااة األجنبيااة املعنيااة إىل إمجااايل ص ااادراهتا‬
‫ووارداهتا‪.‬‬
‫‪ _2_2_2‬سعر الصرف المتعدد الحقيقي‬
‫يعارب سااعر الصاارف املتعاادد الفعلاي عاان تطااور املعاادل احلقيقاي لتبااادل ساالة ساالع حملياة مااع ساالة ساالع لاادول‬
‫أجنبياة خمتااارة‪ ،‬وهااو يعتارب أكثاار أناواع ساعر الصاارف أمهيااة بالنساابة لصاناع قارار السياسااة اإلقتصاادية ملااا يعكسااه ماان‬
‫تطااور للقااوة الش ارائية للعملااة انليااة مقارنااة بااالقوة الش ارائية لعمااالت أهاام الشااركاء التجاااريني للدولااة املعنيااة‪ ،‬وبالتااايل‬

‫‪31‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫تطور القدرة اتنافسية لإلقتصاد انلي مع بقية اإلقتصاديات األجنبية اليت يتعامل معها اإلقتصاد املعين‪ ،‬حيث يعارب‬
‫عنه بالعالقة التالية‪:‬‬

‫سعر الصرف الثنائي الحقيقي خال الفترة ‪t‬‬


‫سعر الصرف المتعدد الحقيقي=‬
‫سعر الصرف الثنائي الحقيقي خال فترة األساس‬

‫‪ _3‬أنواع أنظمة الصرف‬


‫تنقسم أنظمة الصرف من حيث كيفية حتدد سعر الصرف كما يصنفها صندوق النقد الدويل إىل ما يلي‪:‬‬
‫‪ _1_3‬نظام الصرف الثابت‪ :‬يتحدد يف ظله سعر الصرف وفق ما هتدف إليه السلطة النقدية املمثلة يف البنك‬
‫املركزي للدولة املعنية‪ ،‬واليت تتدخل يف سوق الصرف لشراء وبيع العملة مبا ميكن من تثبيتها عند املستوى‬
‫املستهدف‪ .‬وجتدر اإلشارة هنا أن تغري سعر صرف العملة املعنية إىل مستوى مستهدف أعلى من املستوى‬
‫املستهدف السابق يعين أن هنالك "رفعا" يف قيمة العملة‪ ،‬يف حني أنه لو تغري سعر صرف العملة املعنية إىل‬
‫مستوى مستهدف أدىن من املستوى املستدف سابقا يعين أن هنالك "ختفيضا" يف قيمة العملة‪.‬‬
‫تارخييا‪ ،‬كان نظام الصرف الثابت أحد الركائز األساسية يف النظام النقدي الدويل منذ عهد نظام قاعدة‬
‫الذهب‪ ،‬أين مت ربط قيمة كل عملة بنسبة حمددة مع الذهب مث مع الدوالر األمريكي يف ظل نظام الصرف_ذهب‬
‫الذي اعترب فيه الدوالر األمريكي عملة دولية تعمل نفس عمل الذهب‪ ،‬واستمر على ذلك احلال بعد مؤمتر بريتون‬
‫وودز حىت سنة ‪ 1791‬عندما مت اإلعالن رمسيا عن التخلي عن نظام الصرف الثابت والتوجه حنو نظام الصرف‬
‫املرن بعد اهنيار نظام بريتون وودز سنة ‪.1791‬‬
‫‪ _1_1_3‬أشكا نظام الصرف الثابت‬
‫يكون نظام الصرف الثابت وفق األشكال التالية‪:1‬‬
‫أ_ ترتيبات الصرف بغير عملة قانونية مستقلة‪ :‬تقتضي هذه الرتتيبات أن تكون العملة القانونية املتداولة‬
‫الوحيدة هي عملة بلد آخر )الدولرة الرمسية(‪ ،‬أو أن يكون البلد عضوا يف احتاد نقدي أو احتاد عملة يشرتك‬

‫‪ 1‬روبا دوتاغوبتا وآخرون‪" :‬التحرك حنو مرونة سعر الصرف‪ :‬كيف‪ ،‬ومىت‪ ،‬وبأي سرعة؟"‪ ،‬قضايا اقتصادية‪ ،‬صندوق النقد الدويل‪،‬‬
‫‪ ،0222‬ص ‪.0‬‬
‫‪32‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫أعضاؤه يف عملة قانونية موحدة ‪ .‬وباعتماد هذا النوع من النظم تتخلى السلطات النقدية عن كل حق يف السيطرة‬
‫املستقلة على السياسة النقدية انلية‪.‬‬
‫ب_ مجلس العملة‪ :‬هو نظام نقدي يقوم على التزام قانوين صريح بصرف العملة انلية مقابل عملة أجنبية‬
‫حمددة بسعر صرف ابت‪ ،‬مع فرض قيود ملزمة على سلطة اإلصدار لضمان وفائها بالتزاماهتا القانونية‪ .‬ويعين‬
‫ذلك عدم إصدار العملة انلية إال مقابل النقد األجنيب وأن تظل مكفولة متاما باألصول األجنبية‪ ،‬مما يرتتب عليه‬
‫إلغاء وظائف البنك املركزي التقليدية‪ ،‬كالرقابة النقدية واملقرض األخري‪ ،‬وترك مساحة حمدودة للسياسة النقدية‬
‫اإلستنسابية‪ .‬غري أنه قد يظل من املمكن اإلحتفاظ بشيء من املرونة يف النظام النقدي حسب درجة صرامة‬
‫القواعد املصرفية اليت يفرضها ترتيب الس العملة‪.‬‬
‫جا_ ترتيبات تقليدية أخرى من نوع الربط الثابت‪ :‬تنطوي هذه الرتتيبات على ربط العملة انلية (رمسيا أو حبكم‬
‫الواقع) على أساس سعر ابت بعملة بلد آخر أو بسلة تضم عمالت أهم شركائه التجاريني أو املاليني‪ ،‬مع‬
‫إعطائها أوزانا ترجيحية تعكس التوزيع اجلغرايف للتجارة أو اخلدمات أو التدفقات الرأمسالية‪ .‬ويف هذه احلالة‪ ،‬يكون‬
‫السعر املركزي قابال لإللغاء‪ ،‬ويسمح لسعر الصرف بالتحرك يف حدود ضيقة تقل عن ‪% 1±‬حول سعر الصرف‬
‫املركزي‪ ،‬أو تظل القيم القصوى والدنيا لسعر الصرف ضمن هامش ضيق مقداره ‪% 0‬ملدة ال ة أشهر على‬
‫األقل‪ .‬وتظل السلطة النقدية متأهبة للتدخل حسب الضرورة للحفاظ على سعر التعادل الثابت من خالل‬
‫التدخل املباشر (بيع‪/‬شراء النقد األجنيب يف السوق) أو التدخل غري املباشر )اإلستخدام املكثف لسياسة أسعار‬
‫الفائدة‪ ،‬أو فرض قواعد تنظيمية على تعامالت النقد األجنيب‪ ،‬أو استخدام الضغط املعنوي‪ ،‬أو تدخل املؤسسات‬
‫العامة األخرى)‪ .‬وحتظى السياسة النقدية يف هذه الرتتيبات بدرجة أكرب من اإلستقاللية رغم حمدوديتها مقارنة‬
‫برتتيبات أسعار الصرف بغري عملة قانونية مستقلة وترتيبات الس العملة‪ ،‬ألهنا تظل تسمح للبنك املركزي بأداء‬
‫وظائفه التقليدية‪ ،‬وتتيح للسلطة النقدية تعديل مستوى سعر الصرف وإن كان مبعدل تواتر غري مرتفع نسبيا‪.‬‬
‫‪ _2_1_3‬مزايا وسلبيات نظام الصرف الثابت‬
‫تربز أهم مزايا نظام الصرف الثابت يف‪:‬‬
‫_ تعزيز الثقة بني املتعاملني اإلقتصاديني من خالل زوال خطر سعر الصرف مبا يساهم يف تعزيز التجارة الدولية‬
‫وحركة رؤوس األموال؛‬
‫_ احلد من املضاربة على اآلجال املستقبلية؛‬
‫_ تعزيز انضباط السياسات اإلقتصادية الكلية مبا خيدم بات سعر الصرف‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫أما سلبيات نظام الصرف الثابت فتربز يف‪:‬‬


‫_ تقييد السياسة النقدية وتوجيهها فقط الستهداف مستوى سعر الصرف دون غريه من بقية املؤشرات‬
‫اإلقتصادية الكلية الرئيسية؛‬
‫_ تعزيز التوجه حنو املضاربة على القيمة إذا ما كانت العملة مقومة عند مستوى ال يعكس قيمتها احلقيقية؛‬
‫_ إجبارية البنك املركزي على ضرورة اإلحتفاظ الدائم برصيد من العمالت األجنبية الستخدامه يف التدخل على‬
‫مستوى سوق الصرف تصحيحا ألية احنرافات يف سعر صرف العملة عن املستوى اندد هلا‪.‬‬
‫‪ _2_3‬نظام الصرف الوسيط‪ :‬هو النظام الذي يتحدد يف ظله سعر الصرف وفق صيغة جتمع بني تدخل البنك‬
‫املركزي من جهة وتفاعل قوى العرض والطلب يف سوق الصرف من جهة أخرى‪ ،‬حيث برز هذا النوع من نظام‬
‫الصرف باألساس ليكون كمحطة عبور وانتقال وسيطة من نظام الصرف الثابت إىل نظام الصرف املرن لتفادي أية‬
‫صدمات مالية حمتملة ويكون اإلنتقال سلسا‪.‬‬
‫برز نظام الصرف الوسيط وفق األشكال التالية‪:1‬‬
‫‪ _1_2_3‬أسعار الصرف المربوطة ضمن نطاقات تقلب أفقية‪ :‬تظل قيمة العملة يف هذا الرتتيب حمصورة‬
‫ضمن نطاقات تقلب ال تقل عن ‪ % 1±‬حول السعر املركزي الثابت‪ ،‬أو يكون اهلامش بني القيمة القصوى والدنيا‬
‫لسعر الصرف أكثر من ‪ .% 0‬ومن أمثلة هذا النوع من الربط آلية سعر الصرف األوروبية يف النظام النقدي‬
‫األورويب واليت خلفتها آلية سعر الصرف األوروبية الثانية يف ‪ 1‬جانفي ‪ .1777‬ويتيح هذا النظام قدرا حمدودا من‬
‫الصالحية يف تنفيذ السياسة النقدية تبعا ملدى اتساع نطاق التقلب (اهلامش)‪.‬‬
‫‪ _2_2_3‬نظم الربط الزاحف‪ :‬تعدل قيمة العملة وفقا هلذا الرتتيب تعديال دوريا طفيفا مبعدل ابت أو‬
‫استجابة للتغريات يف مؤشرات كمية خمتارة‪ ،‬مثل فروق معدالت التضخم مقارنة بأهم الشركاء التجاريني يف فرتة‬
‫سابقة‪ ،‬والفروق بني التضخم املستهدف واملتوقع لدى أهم الشركاء التجاريني‪ ،‬وغريها من املؤشرات‪ .‬وميكن حتديد‬
‫سعر الصرف الزاحف حبيث يتعدل تلقائيا باستبعاد أ ر التضخم يف فرتات سابقة‪ ،‬أو حتديده بسعر صرف ابت‬
‫معلن سلفا و‪/‬أو عند مستوى أقل من فروق التضخم املتوقعة‪ ،‬ويفرض الربط الزاحف نفس القيود اليت يفرضها‬
‫الربط الثابت على السياسة النقدية‪.‬‬

‫‪ 1‬روبا دوتاغوبتا وآخرون‪ :‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.1‬‬


‫‪34‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫‪ _3_2_3‬أسعار الصرف المربوطة ضمن نطاقات تقلب زاحفة‪ :‬تظل قيمة العملة وفقا هلذا الرتتيب ضمن‬
‫هوامش للتقلب ال تقل عن ‪% 1±‬حول السعر املركزي‪ ،‬أو يكون اهلامش بني القيمة القصوى والدنيا لسعر‬
‫الصرف أكثر من ‪ %0‬مع تعديل السعر املركزي أو هوامش التقلب دوريا مبعدل ابت أو استجابة للتغريات يف‬
‫مؤشرات كمية خمتارة‪ .‬ويف هذه احلالة تكون درجة املرونة يف سعر الصرف دالة التساع نطاق التقلب‪ ،‬وتكون‬
‫النطاقات إما متسقة حول سعر مركزي زاحف‪ ،‬أو تتسع تدرجييا بغري اتساق بني احلدين األقصى واألدىن‪ .‬ويفرض‬
‫اإللتزام بنطاق لتقلب سعر الصرف قيودا على السياسة النقدية‪ ،‬حيث تكون درجة استقالليتها دالة التساع نطاق‬
‫التقلب‪.‬‬
‫‪ _3_3‬نظام الصرف المعوم (المرن)‪ :‬هو النظام الذي يتحدد يف إطاره سعر صرف عملة الدولة املعنية انطالقا‬
‫من تفاعل قوى العرض والطلب يف سوق الصرف‪ .‬إذ أن تغري سعر الصرف إىل مستوى أعلى يعين أن هنالك‬
‫"ارتفاعا" يف قيمة العملة‪ ،‬يف حني أن تغريه إىل مستوى أدىن يعين أن هنالك "اخنفاضا" يف قيمة العملة‪.‬‬
‫تارخييا‪ ،‬وبعد اهنيار نظام بروتن وودز عام ‪ 1791‬شهدت أسواق الصرف األجنيب فرتة من التكيف‬
‫مشلت تعديل أسعار الصرف الثنائية اليت كانت سائدة يف ظل نظام بروتن وودز لتتالءم مع حاالت العجز أو‬
‫الفائض يف موازين مدفوعات دول العامل‪ .‬واستمرت حالة التكيف هذه حىت عام ‪ 1791‬حيث أعلنت معظم‬
‫دول العامل الرئيسية حتوهلا إىل نظام الصرف املعوم الذي تتحدد يف إطاره أسعار الصرف وفقا لقوانني السوق أي‬
‫وفقا لقوى العرض والطلب‪.‬‬
‫‪ _1_3_3‬أشكا نظام الصرف المعوم‬
‫يأخذ نظام الصرف املعوم شكلني رئيسيني مها‪:1‬‬
‫أ_ التعويم الموجه‪ :‬تسعى السلطة النقدية يف هذا النظام إىل التأ ري على سعر الصرف دون مسار أو هدف حمدد‬
‫سلفا هلذا التأ ري جتنبا هلجمات مضاربة قد تنتج عن ذلك‪ .‬ومن بني املؤشرات املستخدمة يف توجيه سعر الصرف‬
‫مركز ميزان املدفوعات‪ ،‬ومستوى اإلحتياطيات الدولية‪ ،‬وتطورات السوق املوازية‪ .‬وقد يكون التدخل مبقتضى هذا‬
‫النظام مباشرا أو غري مباشر‪.‬‬

‫‪ 1‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.4‬‬


‫‪35‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫ب_ التعويم الحر‪ :‬يتحدد سعر الصرف يف هذا النظام وفق قوى السوق‪ ،‬ويكون التدخل الرمسي يف سوق النقد‬
‫األجنيب على أساس استنسايب وال حيدث بشكل متكرر‪ ،‬وعادة ما يستهدف خفضا حمدودا يف معدل تغري سعر‬
‫الصرف واحليلولة دون تقلباته املفرطة‪ ،‬وليس حتديد مستوى معينا له‪.‬‬
‫‪ _2_3_3‬مزايا وسلبيات نظام الصرف المعوم‬
‫تربز أهم مزايا نظام الصرف املرن يف‪:‬‬
‫_ حترير استخدام السياسة النقدية يف استهداف املؤشرات اإلقتصادية الكلية بكل حرية دون تقييد؛‬
‫_ عدم حاجة البنك املركزي لإلحتفاظ برصيد دائم من العمالت األجنبية؛‬
‫_ احلد من املضاربة على القيمة‪.‬‬
‫ورغم ذلك فإن لنظام الصرف املرن سلبيات أمهها‪:‬‬
‫_ تعزيز من الاليقني وتراجع الثقة بني املتعاملني اإلقتصاديني نتيجة تقلبات سعر الصرف مما يؤ ر سلبا على حركة‬
‫التجارة الدولية وروؤوس األموال؛‬
‫_ تعزيز التوجه حنو املضاربة على اآلجال املستقبلية؛‬
‫_ احلد من فعالية السياسات اإلقتصادية الكلية‪.‬‬
‫‪ _3_3_3‬شروط التحو نحو نظام الصرف المرن‬
‫يتطلب التحرك حنو نظام صرف مرن توافر مجلة من الشروط األساسية لتفادي التعرض الختالالت كبرية‬
‫يف قيمة العملة ومن مث يف اإلستقرار النقدي واملايل لإلقتصاد املعين تتمثل يف‪:1‬‬
‫_ تطوير سوق الصرف‪ :‬من حيث العمق أي ال ميكن التأ ري يف مستوى أسعار الصرف بسهولة ومن‬
‫حيث السيولة أي ال توجد عوائق وصعوبات يف إمتام املعامالت فيه‪ ،‬وهذا الشرطان جد ضروريان يف توفري‬
‫اإلستجابة الكافية لقوى العرض والطلب يف السوق‪ ،‬ومن مث احلد من التقلبات املفرطة عن املستوى التوازين لسعر‬
‫الصرف الذي يتوافق وأساسيات اإلقتصاد املعين‪.‬‬
‫_ تدخل البنك المركزي‪ :‬إن التحرك حنو مرونة سعر الصرف ال مينع من تدخل البنك املركزي لتصحيح‬
‫اإلحنرافات وتوفري اإلحتياطات من العمالت وخصوصا لدعم استقرار سوق الصرف‪ ،‬ومن مث يتوجب على البنك‬
‫املركزي صياغة سياسات حتدد كيفية تدخله يف سوق الصرف واهلدف الذي يسعى لتحقيقه وتوقيت ذلك‬

‫‪ 1‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.14-0‬‬


‫‪36‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫التدخل‪ .‬فالبنوك املركزية عليها توخي اإلنتقائية يف تدخالهتا يف سوق الصرف ألهنا من جهة مطالبة برصد حاالت‬
‫اإلختالل واإلضطراي للحد منها ومعاجلتها‪ ،‬ومن جهة أخرى عليها احلد من تدخالهتا يف سوق الصرف لتعزيز‬
‫اإلعتقاد لدى املتدخلني فيه باعتمادها على نظام الصرف املرن‪.‬‬
‫_ وضع ركيزة اسمية مالئمة تحل محل سعر الصرف الثابت‪ :‬على الرغم من تطبيق عديد البنوك‬
‫املركزية لنظام الصرف املرن دومنا ركيزة إمسية رمسية لسياساهتا النقدية كما هو احلال يف منطقة اليورو والواليات‬
‫املتحدة األمريكية وسويسرا حبكم املصداقية الكبرية اليت تتمتع خا واليت تسمح بكسب قة املتعاملني يف أسواق‬
‫الصرف‪ ،‬إال أن الدول األخرى خصوصا النامية منها اليت تعاين من ضعف املصداقية يف بنوكها املركزية وسياساهتا‬
‫اإلقتصادية عموما حتتم وضع ركيزة إمسية عند التخلي عن نظام الصرف الثابت والذي تستند إليه البنوك املركزية يف‬
‫اإلقتصاديات املعنية يف بناء سياساهتا النقدية قصد احلد من الاليقني وعدم الثقة يف قراراهتا‪ .‬إذ يربز يف هذا الصدد‬
‫هدف التضخم كأحد أهم الركائز اإلمسية البديلة عند التخلي عن نظام الصرف الثابت حبكم ما يوفره من إشارات‬
‫على اإلستقرار النقدي‪.‬‬
‫_ وضع نظم فعالة لتقيم وإدارة مخاطر سعر الصرف‪ :‬إن التحول من نظام الصرف الثابت إىل نظام‬
‫الصرف املرن يرتتب عنه بروز خماطر سعر الصرف اليت قد ينتج عنها تأ ريات سلبية حادة هتز استقرار النظام املايل‬
‫ككل‪ ،‬وهو ما يستدعي العمل على وضع إطار متكامل إلدارة خماطر سعر الصرف يرتكز على أربعة عناصر‬
‫رئيسية هي‪ :‬وضع نظام معلومات لرصد املصادر املختلفة خلطر سعر الصرف‪ ،‬ضبط األدوات الالزمة لقياس خطر‬
‫سعر الصرف‪ ،‬صياغة اإلجراءات الالزمة للحد من خطر سعر الصرف على املستوى الداخلي وما تعلق منها أيضا‬
‫باملستوى اخلارجي‪.‬‬
‫وزيادة على أمهية اختيار نظام الصرف املناسب لتحقيق اإلستقرار النقدي وتعزيز التطور اإلقتصادي‪ ،‬فإن‬
‫السلطة النقدية تركز أيضا على حتديد شروط تداول العملة الوطنية يف مقابل العمالت األجنبية أو ما يعرف‬
‫با"القابلية للتحويل" اليت تتميز خا العملة الوطنية‪ .‬إذ جند أن العديد من الدول تعمل على تثبيت أسعار صرفها‬
‫وضبط املبادالت واملعامالت بني املقيمني وغري املقيمني بإخضاعها إىل تراخيص إجبارية لتحويل العملة انلية إىل‬
‫عمالت أجنبية يف إطار ما يعرف با"سياسة الرقابة على الصرف" واليت تكون يف إطارها العملة الوطنية "عملة غري‬

‫‪37‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫قابلة للتحويل"‪ .‬كما ميكن أن تلجأ دول أخرى إىل حترير التعامل بالعملة الوطنية مع العمالت األجنبية مبا جيعل‬
‫العملة الوطنية على أهنا "عملة قابلة للتحويل"‪ ،‬أين تكون القابلية للتحويل على مستويني مها‪:1‬‬
‫_ القابلية للتحويل على مستوى العمليات اجلارية‪ :‬تكون يف إطارها العملة الوطنية قابلة للتداول‬
‫بكل حرية مع العمالت األجنبية بغرض تسوية معامالت احلساي اجلاري من تصدير واسترياد للسلع واخلدمات‪،‬‬
‫وهي احلالة املطبقة غي غالبية اإلقتصاديات العاملية‪.‬‬
‫_ القابلية للتحويل على مستوى العمليات الرأمسالية‪ :‬تكون يف إطارها العملة الوطنية قابلة‬
‫للتداول بكل حرية مع العمالت األجنبية بغرض تسوية معامالت تدفقات رؤوس األموال اليت تكون دون قيود‪:‬‬
‫اإلستثمار األجنيب املباشر‪ ،‬استثمارات انفظة املالية واإلقراض واإلقرتاض‪ .‬ويقل تطبيق هذا النوع من القابلية‬
‫للتحويل يف عديد الدول نتيجة ما يرتبط خا من حترير حلركة رؤوس األموال من جهة وما ميكن أن تسببه من‬
‫اختالالت لرنظمة املالية انلية‪ ،‬وما ينتج عنها من جهة أخرى من تأ ريات سلبية على احتياطات الصرف مبا‬
‫يهدد من قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماهتا وامتصاص الصدمات يف املستقبل‪.‬‬
‫‪ _4‬سوق الصرف‬
‫‪ _1_4‬ماهية سوق الصرف‬
‫ميكن تعريف سوق الصرف األجنيب بأنه اإلطار املؤسسي الاذي تاتم خاللاه عملياات شاراء وبياع العماالت‬
‫األجنبية‪ .‬حيث أن نسابة ضاعيفة فقاط مان عملياات شاراء وبياع العماالت األجنبياة تاتم مبتااجرة حقيقياة للعملاة‪ ،‬يف‬
‫حني أن النسبة األكرب منها تتم بتحويل ودائع بنكية بعمالت أجنبية بني حسابات األطراف املتعاقدة‪.2‬‬
‫يعمل سوق الصرف وفق ‪ 1‬مستويات هي‪:3‬‬
‫_ املسااتوى األول‪ :‬املعااامالت بااني البنااوك التجاريااة وعمالئهااا‪ :‬حيااث تتااوىل البنااوك النيابااة عاان عمالئهااا يف‬
‫شراء وبيع العمالت األجنبية من أسواق الصرف لتلبية حاجياهتم املختلفة منها؛‬
‫_ املستوى الثاين‪ :‬املعامالت بني البناوك عان طرياق وساطاء‪ :‬يتاوىل الوساطاء شاراء وبياع العماالت األجنبياة‬
‫حلساي البنوك التجارية فيما بينها ملوازنة رصيدها من العمالت األجنبية؛‬
‫_ املستوى الثالث‪ :‬املعامالت بني البنوك وخمتلف فروعها األجنبية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Agnes Benassy Quéré et autres : « Politique économique », 3eme édition, De Boeck,‬‬
‫‪Belgique, 2012, p 372.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Robert Carbaugh : « International economics », 12th edition, South-Western, USA, 2009,‬‬
‫‪361.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ibid, pp 362, 363.‬‬
‫‪38‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫يتميز سوق الصرف بثال ة خصائص رئيسية هي‪:1‬‬


‫_ الوحدة يف الزمن‪ :‬تنفذ عمليات شراء وبياع العماالت األجنبياة طاوال الياوم دون توقاف‪ ،‬وذلاك كاون أن‬
‫انتهاء أوقات عمل سوق صرف يف دولة ما يقابله بداية عمل سوق صرف يف دولة أخرى وهكذا ميكان شاراء وبياع‬
‫العمالت األجنبية طوال ‪ 04‬ساعة يف أي وقت بفعل تطور تكنولوجيا اإلتصال واملعلومات‪.‬‬
‫_ الوحاادة يف املكااان‪ :‬وهااو مفهااوم لاايس ذو بعااد جغ ارايف بقاادر مااا هااو مفهااوم يعااين امتااداد شاابكة تنفيااذ‬
‫عمليات بياع وشاراء العماالت األجنبياة لتشامل خمتلاف أحنااء العاامل‪ ،‬حبياث ميكان يف أي ساوق صارف ماا تنفياذ أي‬
‫عملية بغض النظر عن موقعها‪.‬‬
‫_ الوحادة يف العمليااات‪ :‬تتشااابه إجاراءات وأدوات وحااىت التكنولوجيااا املساتخدمة يف تنفيااذ عمليااات شاراء‬
‫وبيع العمالت األجنبية بني خمتلف أسواق الصرف العاملية‪.‬‬
‫‪ _2_4‬أنواع أسواق الصرف‬
‫تصنف أسواق الصرف األجنيب إىل‪:‬‬
‫أ_ سااوق الصاارف العاجاال‪ :‬هااو السااوق الااذي تااتم فيااه مبادلااة العمااالت فيمااا بينهااا بسااعر يتحاادد عنااد التعاقااد ‪،‬‬
‫والتسااليم فااورا أو بعااد يااومني علااى األكثاار ‪ ،‬ويطلااق علااى سااعر الصاارف املتعاماال بااه يف هااذا السااوق بسااعر الصاارف‬
‫العاجل ‪ :‬ومبثل سعر الصرف هذا (العاجل) األساس لكل املعامالت املالية اخلاصة بتجارة الصرف األجنيب‪.‬‬
‫ب_ سااوق الصاارف ا جاال‪ :‬هااو السااوق الااذي تااتم فيااه عمليااات شاراء وبيااع العمااالت يف تاااريل آجاال حبيااث يااتم‬
‫حتديااد سااعر التبااادل وتاااريل التسااليم وقيمااة العمااالت املتبادلااة يف وقاات إج اراء العقااد‪ .‬والس اعر املعمااول بااه يف هااذا‬
‫السوق هاو ساعر الصارف اآلجال وخيتلاف هاذا األخاري عان ساعر الصارف العاجال (اآلين) يف الفاارق املوجاود بينهماا‬
‫غالبا‪ ،‬إذ جند أنه‪:‬‬
‫إذا كان سعر اآلجل أكرب من سعر الصرف العاجل فإن‪:‬‬
‫سعر الصرف اآلجل = سعر الصرف العاجل ‪ +‬عالوة‪.‬‬
‫إذا كان سعر الصرف اآلجل أقل من سعر الصرف العاجل فإن‪:‬‬
‫سعر الصرف اآلجل = سعر الصرف العاجل – خصم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Henry Bourguinat : op-cit, pp 207, 208.‬‬
‫‪39‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫‪ _3_4‬عمليات سوق الصرف األجنبي‬


‫توجد عدة عمليات تتم يف أسواق الصرف األجنيب أمهها‪:1‬‬
‫أ_ التحكيم أو المراجحة ‪ :‬ويقصد خا شراء العمالت يف ساوق صارف ماا تكاون فياه منخفضاة الساعر وبيعهاا يف‬
‫سوق صرف آخر يكون سعرها فيه أعلى خدف حتقيق الاربح‪ .‬إذ أن اساتمرار هاذه العملياة نتيجاة الفاوارق املوجاودة‬
‫يف سعر العملة الواحدة يف نفس الوقت بني سوقني خمتلفني يدفع مع توايل عملية التحكايم إىل تطاابق ساعر العملاة‬
‫بني السوقني حبكام أن عملياة الشاراء تادفع الرتفااع الساعر يف الساوق األول مان جهاة وعملياة البياع تادفع الخنفااض‬
‫السعر يف السوق الثاين من جهة أخرى حىت يتطابق السعران اخلاصان بالعملة الواحدة بني كال السوقني‪.‬‬
‫مثا تطبيقي‪ :‬مستثمر جزائري ميتلك ما قيمته ‪ 1‬مليون يورو‪ ،‬وكان سعر صرف الادوالر مقابال الياورو يف بورصايت‬
‫باريس ونيويورك شراءا وبيعا على النحو التايل‪:‬‬
‫سعر البيع (لليورو)‬ ‫سعر الشراء ( لليورو)‬
‫‪1,0155‬‬ ‫‪1,0145‬‬ ‫بورصة باريس‬
‫‪1,0125‬‬ ‫‪1,0150‬‬ ‫بورصة نيويورك‬

‫نتيجاة الخااتالف أسااعار شاراء وبيااع الاادوالر مقاباال الياورو بااني البورصااتني فااإن املساتثمر ياادرك وجااود فرصااة‬
‫حتقيق ربح يف حال قيامه بعملية التحكيم وذلك وفق اخلطوات التالية‪:‬‬
‫_ أوال‪ :‬مباا أن املسااتثمر ميتلاك "اليااورو" فااإن ماا يقااوم بااه هاو بيااع الياورو يف البورصااة (شاراء الادوالر)‪ ،‬وباملقارنااة بااني‬
‫البورصتني جيد املستثمر أن السعر الذي يناسبه هو سعر بورصة نيويورك ألنه األعلى (‪ 1‬يورو= ‪ ،)1,0150‬ومان‬
‫مث يبيع ‪ 1‬مليون يورو وحيصل على ما يعادله من دوالرات أي‪ 1015022 :‬دوالر‪.‬‬
‫_ انيا‪ :‬بعد أن ميتلاك املساتثم ر الادوالرات الايت تعاادل ماا كاان لدياه مان ياورو‪ ،‬حيوهلاا مارة أخارى إىل ياورو باملقارناة‬
‫بني األسعار يف البورصتني‪ ،‬ومن مث جيد املستثمر أن السعر الذي يناسبه هو السعر على مستوى بورصة باريس (‪1‬‬
‫يورو= ‪ )1,0155‬ألنه سعر ميكنه من إعادة شراء اليورو بسعر أقل مقارناة بالساعر علاى مساتوى بورصاة نيوياورك‪.‬‬
‫وعليه بتحويل دوالراته (‪ )1015022‬إىل يورو جند‪ 1015022 :‬دوالر‪ 1222040,0=1,0155/‬يورو‪.‬‬

‫‪ 1‬دومينيك سالفاتور‪ :‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.120 ،129‬‬


‫‪40‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫وبالتايل يف األخري جند أن عملية التحكيم مكنت املستثمر من حتقيق ربح قدره الفارق بني ما كان ميتلكاه‬
‫يف البداية من يورو وما امتلكه يف النهاية من يورو بعد القيام بعملية التحكيم حيث جند‪:‬‬
‫‪ 1222222‬يورو _‪ 1222040,0‬يورو = ‪ 040,0‬يورو‪.‬‬
‫وباستمرار عملية التحكيم جند أن اساتمرار بياع الياورو (شاراء الادوالر) علاى مساتوى بورصاة نيوياورك يادفع‬
‫تدرجييا الخنفاض سعر شراء اليورو مقابل الدوالر ليتطابق مع سعر شراء اليورو مقابل الدوالر علاى مساتوى بورصاة‬
‫باريس‪ .‬ونفس الشي استمرار شراء اليورو (بيع الدوالر) على مستوى بورصة باريس يدفع تدرجييا الرتفاع سعر بياع‬
‫اليورو مقابل الدوالر ليتطابق مع سعر بيع اليورو مقابل الدوالر علاى مساتوى بورصاة نيوياورك‪ .‬وبالتاايل عناد تطاابق‬
‫أسعار شراء وبيع العمالت بني خمتلف البورصات العاملية وزوال الفروقات تزول اجلدوى من القيام بعملية التحكيم‪.‬‬
‫ب_ المضاربة‪ :‬ويقصد خا أن يتعاقد متعامل ما على شراء عملة أجنبية بسعر معني وبيعها يف موعد آجل بساعر‬
‫أعلااى بناااءا علااى توقعااات معينااة‪ .‬وبالتااايل فإنااه ماان املمكاان وانتماال أن يتعاارض املضاااربني إىل اخلسااارة الناشا ة عاان‬
‫الفاارق يف سااعر صاارف تلااك العملااة بااني فرتتااني متباعاادتني إذا مل تصاادق التوقعااات الاايت بااين علااى أساسااها دخااول‬
‫املتعام اال للسا ااوق‪ .‬وبعب ااارة أخا اارى إذا توق ااع املتعا اااملني يف سا ااوق الصا اارف أن سا ااعر إحا اادى العما ااالت س ا اريتفع يف‬
‫امل ستقبل‪ ،‬يف هذه احلالاة سايتجه هاؤالء املتعااملني لشاراء أكارب كمياة ممكناة مان هاذه العملاة وبيعهاا فيماا بعاد عنادما‬
‫يكون سعرها قد ارتفع وبالعكس‪ ،‬أي إذا توقاع بعاض املتعااملني يف ساوق النقاد األجنايب أن ساعر إحادى العماالت‬
‫سينخفض يف املساتقبل‪ ،‬فاإهنم يلج اون إىل بياع هاذه العملاة اآلن وشاراؤها فيماا بعاد واالساتفادة مان فارق الساعرين‪.‬‬
‫ولك اان نالح ااض أن املض اااربة ت ااؤدي إىل االبتع اااد ع اان التا اوازن يف س ااوق الص اارف األجن اايب‪ ،‬فف ااي احلال ااة األوىل يق ااوم‬
‫املتعاااملون بش اراء العملااة عناادما يكااون سااعرها ماانخفض وعلااى العكااس أي يف حالااة توقااع االخنفاااض واللجااوء إىل‬
‫التخلص منها فإن ذلك يف حد ذاته سايؤدي بساعر العملاة إىل مزياد مان االخنفااض‪ ،‬لاذلك فاإن املضااربة تعتارب مان‬
‫العوامل املخلة باالستقرار يف األسواق‪.‬‬
‫وبالتايل ميكن القول أن املضاري يكون مقبال وباحثا عن خماطر الصارف األجنايب علاى أمال احلصاول علاى‬
‫الاربح‪ ،‬فااإذا حتققاات تنب تااه وتوقعاتااه حااول ت غااري أسااعار الصاارف فإنااه ساايحقق مكاسااب وإذا مل تتحقااق توقعاتااه فإنااه‬
‫سااييتكبد خسااائر‪ .‬ويطلااق عااادة علااى املضاااري الااذي يتوقااع ارتفاااع يف قيمااة العملااة باملضاااري علااى اإلرتفاااع‪ ،‬أمااا‬
‫املضاري الذي يتوقع اخنفاض قيمة العملة باملضاري على اإلخنفاض‪ ،‬واملضاربون عادة هم األفاراد والشاركات ذات‬
‫الثروات الكبرية أكثر من كوهنم بنوك‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫مثا تطبيقي‪ :‬إذا كان سعر صرف الدوالر مقابل اليورو هاو ‪ 1 :‬ياورو= ‪ 1,0145‬دوالر‪ ،‬وتوقاع مساتثمر ماا أن‬
‫قيمة اليورو سرتتفع بعد ‪ 1‬أشاهر _ يف ظال ترقاب صادور بياناات إجيابياة حاول مناو اإلقتصااديات األوروبياة وحتسان‬
‫معا ا اادل العمال ا ااة واإلنت ا اااج الص ا ااناعي (كمؤش ا ارات دال ا ااة وحم ا ااددة لس ا ااعر الصا ا اارف م ا ااثال)_ إىل حا ا اادود ‪1‬يا ا ااورو=‬
‫‪1,0152‬دوالر‪ ،‬يق ا ااوم املس ا ااتثمر بال ا اادخول يف عق ا ااد ش ا اراء ملي ا ااون ي ا ااورو ألجا ا اال ‪ 1‬أش ا ااهر علا ا ااى أس ا اااس دفا ا ااع‬
‫‪ 1014522‬دوالر كي يعيد بيعها بعاد ذلاك عناد تتحقاق اإلرتفااع لتحقياق رباح‪ .‬بعاد مارور ‪ 1‬أشاهر إذا حتققات‬
‫توقعات املستثمر وارتفعت قيمة اليورو فرضا إىل املستوى الذي توقعه‪ ،‬فإنه يدفع ‪ 1014522‬دوالر لشراء مليون‬
‫يااورو وبعااد إعااادة بيعهااا حيصاال علااى ‪ 1015222‬دوالر وماان مث حيقااق رحبااا قاادره ‪ 522‬دوالر‪ .‬أمااا إذا مل تتحقااق‬
‫توقعاتااه وتراجعاات فرضااا قيمااة اليااورو مااثال ملسااتوى ‪ 1‬يااورو= ‪ 1,0141‬دوالر‪ ،‬يكااون املسااتثمر قااد اشاارتى مليااون‬
‫يااورو ب ا‪ 1014522‬دوالر ليعيااد بيعهااا بسااعر أقاال ممااا دفعااه أي ‪ 1014122‬دوالر حمققااا خسااارة قاادرها ‪022‬‬
‫دوالر‪.‬‬
‫جا_ التحكيم بالفائدة‪ :‬وتشري إىل التدفقات الدولية لرؤوس األموال السائلة القصارية األجال للحصاول علاى عوائاد‬
‫عالية يف اخلارج‪ ،‬وهي على نوعني‪:‬‬
‫_ تغطيااة التحكاايم بالفائاادة‪ :‬ويقصااد خااا تغطيااة خماااطر االسااتثمار بااالعمالت األجنبيااة يف اخلااارج بعقااد اتفاااق بيااع‬
‫لعملااة اإلسااتثمار‪ ،‬ألنااه حينمااا تنتقاال األم اوال دوليااا للحصااول علااى مزايااا أسااعار الفائاادة املرتفعااة يف املراكااز النقديااة‬
‫األجنبية فإن األمار يساتلزم حتويال العملاة انلياة إىل العملاة األجنبياة‪ ،‬لكان خاالل فارتة اإلساتثمار حتادث تغاريات يف‬
‫سااعر صاارف عملااة اإلسااتثمار ماان جهااة يف حااني أن املسااتثمر ماان جهااة أخاارى مطالااب بتحوياال وساايتبعها رأمسالااه‬
‫املستثمر بالعملة األجنبية مع ما يتحصل عليه من فائدة‪ ،‬وهو ما يستوجب التغطية ضد هذه املخاطر مسبقا (عند‬
‫القيام بتحويال قيماة رأس املاال بالعملاة انلياة إىل العملاة األجنبياة) بعقاد اتفااق بياع ماا يتوقاع احلاول علياه بعاد هناياة‬
‫فرتة اإلستثمار بالعملاة األجنبياة وفاق ساعر صارف متفاق علياه يكاون أعلاى مان ساعر الصارف املتوقاع عناد هناياة فارتة‬
‫اإلستثمار لرأس املال‪.‬‬
‫_ عدم تغطية التحكيم بالفائدة‪ :‬ويقصاد باه عادم تغطياة خمااطر الصارف األجنايب عناد حتويال انصالة النهائياة مان‬
‫عملية التوظيف من العملة األجنبية إىل العملة انلية‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫مثا تطبيقي‪ :‬إذا كان سعر الفائدة على أذونات اخلزانة لثال اة أشاهر هاو ‪ %0‬علاى أسااس سانوي يف ساوق لنادن‬
‫و ‪ %4‬عل ااى أس اااس س اانوي يف بورص ااة نيوي ااورك‪ ،‬ف ااإن مقيم ااا م ااثال يف أمريك ااا ميكن ااه مبادل ااة دوالرات ااه إىل جنيه ااات‬
‫للحصااول علااى فائاادة أعلااى علااى توظيااف رأمسالااه (‪ %0‬علااى اساااس ‪ 1‬أشااهر) مقارنااة مبااا حيصاال عليااه يف سااوق‬
‫نيويورك (‪ %1‬على أساس ‪ 1‬أشهر)‪.‬‬
‫ونظرا للتقلبات اليت يشهدها سعر صرف الدوالر مقابل اجلنيه‪ ،‬يرغب املستثثمر يف التغطية ضاد تلاك املخااطر عان‬
‫طريق القيام بعملية التغطية وهو ما يأيت يف إطار ما يعرف با"حتكيم سعر الفائدة املغطى"‪.‬‬
‫يف ه ااذا الص اادد إذا ك ااان املق اايم ميتل ااك ‪ 122‬أل ااف دوالر وس ااعر ص اارف ال اادوالر مقاب اال اجلني ااه ك ااان‪1 :‬‬
‫جنيه=‪ 1,5‬دوالر‪ ،‬عندما حيول رأمساله إىل جنيه حيصل على‪ 22222,22 :‬جنيه‪ .‬يقوم بتوظيف ما حصل عليه‬
‫من جنيه يف أذونات اخلزانة وحيصل على إمجايل توظيف بعد ‪ 1‬اشهر قيمته‪x 22222,22( +22222,22 :‬‬
‫‪=)%0‬‬
‫‪ 29777,77 =1111,11+22222,22‬جنيه‪.‬‬
‫وبافرتاض أن املستثمر قام بالتغطية مسبقاقبل توظيف رأمسالاه يف أذوناات اخلزاناة الربيطانياة أي عقاد اتفااق‬
‫بيااع مسااتقبلي لرأمسالااه الناااتج عاان عمليااة التوظيااف وفااق سااعر صاارف ‪ 1‬جنيااه=‪ 1.5‬دوالر ألنااه يتوقااع تراجااع سااعر‬
‫صرف اجلنيه مستقبال‪ ،‬عندها يقوم بتحويل ما لديه من جنيه إىل دوالرات كما يلي‪:‬‬
‫‪ 29777,77‬جنيه ‪ 121777,77 =1,5 x‬دوالر‪.‬‬
‫وعليه فإن املستثمر قد حقق رحبا من عملية التحكيم املغطي مقداره‪:‬‬
‫‪ 1777,77 =122222_121777,77‬دوالر‪.‬‬
‫لو افرتضنا أن املستثمر مل يقم بالتغطية (حتكيم سعر الفائدة غاري مغطاى) وأن ساعر صارف الادوالر مقابال‬
‫اجلنيااه تراجااع بعااد ‪ 1‬أشااهر (عنااد هنايااة فاارتة التوظيااف) إىل مسااتوى ‪ 1‬جنيااه= ‪ 1,1‬دوالر‪ ،‬بالتااايل عناادما حيااول‬
‫املستثمر ما حصله من جنيهات عند هناية التوظيف إىل دوالرات حيصل على‪:‬‬
‫‪ 29777,77‬جنيه ‪ 00177,70 =1,1 x‬دوالر‪.‬‬
‫وبالتايل جند أن املستثمر من خالل عملية التحكيم غري املغطى لسعر الفائدة حقق خسارة مقدارها‪:‬‬
‫‪ 122222‬دوالر _‪ 00177,70‬دوالر= ‪ 11222,21‬دوالر‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫دا_ التغطية‪ :‬يقصد خا عقد اتفاق الزامي بشراء أو بيع عملة أجنبية يف تاريل مستقبلي وفق سعر متفق عليه على‬
‫أن يكااون التس االيم واإلسااتالم مس ااتقبال‪ .‬وت ااتم عمليااة التغطي ااة لتجن ااب خطاار س ااعر الص اارف الااذي يس اابب بتغريات ااه‬
‫خسائر حمتملة للمتعاملني سواء يف املعامالت التجارية أو املالية‪.‬‬
‫مثااا تطبيقااي‪ :‬مسااتثمر جزائااري اسااتورد مااا قيمتااه ‪ 1‬مليااون أورو جتهي ازات صااناعية إلنشاااء مصاانع مقاباال أن يااتم‬
‫التساديد بعااد مارو فاارتة ‪ 2‬أشااهر‪ .‬وعلاى افارتاض أن سااعر صارف الاادينار مقاباال الياورو هااو ‪ 1‬يااورو=‪ 112‬دج وأن‬
‫املسااتثمر اجلزائااري يتوقااع ارتفاااع قيمااة اليااورو مسااتقبال بعااد ‪ 2‬أشااهر لتصاال مسااتوى ‪ 1‬يااورو= ‪ 102‬دج‪ ،‬أي أن‬
‫تكلف ا ا ااة اإلس ا ا ااترياد نتيج ا ا ااة ارتف ا ا اااع قيم ا ا ااة الي ا ا ااورو مس ا ا ااتقبال يتوقا ا ا ا ااع ارتفاعها ا ا ا ااا ما ا ا ا اان ‪112222222‬دج إىل‬
‫‪102222222‬دج‪ .‬علااى هااذا األساااس يلجااأ املسااتثمر اجلزائااري إىل التغطيااة ضااد خطاار سااعر الصاارف بااأن يعقااد‬
‫اتفاق شراء مستقبلي ل ا ‪ 1‬مليون يورو مقابل سعر الصرف السائد وهو ‪ 1‬يورو= ‪112‬دج‪.‬‬
‫بعد مرور ‪ 2‬أشهر إذا صدقت توقعات املسثتمر وارتفع سعر صرف الدينار مقابل اليورو مثال إىل مستوى‬
‫‪ 1‬ي ااورو=‪ 102‬دج‪ ،‬عن اادها يك ااون املس ااتثمر ق ااد حق ااق رحب ااا م اان عملي ااة التغطي ااة (جتن ااب خس ااارة حمقق ااة) ق اادره‬
‫‪ 12222222‬دج (ألنه دفع مقابال ‪ 1‬ملياون ياورو ماا قيمتاه ‪112222222‬دج بادل ‪102222222‬دج)‪.‬‬
‫أماا إذا مل تصادق توقعاتااه واخنفاض سااعر صارف الاادينار مقابال الياورو مااثال ملساتوى ‪ 1‬يااورو= ‪ 125‬ديناار‪ ،‬عناادها‬
‫يكون املستثمر قد حقق خسارة من عملية التغطية اليت قام خا قدرها ‪5222222‬دج (ألنه دفاع مقابال ‪ 1‬ملياون‬
‫يورو ما قيمته ‪112222222‬دج بدل ‪125222222‬دج)‪.‬‬
‫‪ _4_4‬المتدخلون في سوق الصرف‬
‫يتدخل يف سوق الصرف ‪:1‬‬
‫أ_ البنااك المركاازي‪ :‬باعتبااار البنااك املركاازي مؤسسااة عموميااة تااأيت يف قمااة هاارم اجلهاااز املصااريف و يعااد بنااك البنااوك‬
‫فانه يقوم مبجموعة من املهام من بينها التدخل يف سوق الصارف األجنايب خادف حتدياد ساعر صارف العملاة حياث‬
‫يتدخل عن طريق القيام بعمليات السوق املفتوحة على العمالت األجنبية‪ ،‬و مان جهاة انياة بتنفياذ أوامار احلكوماة‬
‫باعتباره بنك الدولة يف املعامالت اخلاصة بالعملة ‪ ،‬يكون هذا التدخل من قبل البنك املركزي من اجل محاياة مركاز‬
‫العملة انلية أو بعض العمالت األخرى باعتباره مسؤوال عن سعر صرف العملة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Henry Bourguinat : op-cit, pp 209.‬‬
‫‪44‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫ب_ البنوك التجارية‪ :‬وتقوم بشاراء و بياع العماالت األجنبياة إىل املساتخدمني التقلياديني و التجاار و املضااربني و‬
‫حلس اااخا اخل اااص ف ااأعوان الص اارف الع اااملون يف البن ااوك جيمع ااون أوام اار الزب ااائن‪ ،‬و يقوم ااون مبقاص ااات و حيول ااون إىل‬
‫السوق الفائض من عارض أو طلاب العماالت الصاعبة ويتاوفرون علاى أجهازة إعاالم آيل تنقال آخار األساعار املطبقاة‬
‫بني البنوك يف خمتلف الساحات املالية العاملية‪،‬ومهمة أعوان الصرف هي معاجلاة األوامار قصاد متكينهاا مان احلصاول‬
‫على أفضل سعر وحتقيق مكاسب لصاحل بنوكها‪.‬‬
‫جا_ السماسرة (العمالء)‪ :‬هام وساطاء نشاطني ذوي أمهياة بالغاة يقوماون بتجمياع أوامار الشاراء أو البياع للعماالت‬
‫الصااعبة لصاااحل عاادة بن ااوك أو متعاااملني آخ ارين و يقوم ااون بضاامان االتصااال بااني البن ااوك و إعطاااء معلومااات ع اان‬
‫التسعرية املعمولة خا يف البيع و الشراء دون الكشف عن أمساء املؤسسات البائعة و املشرتية هلذه العمالت‪.‬‬
‫‪ _5‬النظريات المحددة لسعر الصرف‬
‫لق ااد تع ااددت النظري ااات بتع اادد األنظم ااة النقدي ااة ال اايت اخت ااذت مق اااييس خمتلف ااة ي ااتم عل ااى أساس ااها اختي ااار‬
‫القاعدة النقدية‪ .‬و هناك عدد من النظريات نافست و فسرت كيفية حتديد سعر الصرف من أوجه خمتلفة‪.‬‬
‫‪ _1_5‬نظرية تكافؤ القوى الشرائية‬
‫تشري هذه النظرية إىل أن وحدة واحدة من عملة ما يتوجب أن تشري نفس الكمية من السالع واخلادمات‬
‫يف مجيع أحناء العامل‪ .‬حيث أن هذه النظرية حتدد املستوى العام لرسعار على أنه العامل الرئيساي يف حتدياد أساعار‬
‫الصرف على املدى الطويل‪ ،‬ومت بنائها وفق ما يعرف با"قانون السعر الواحد"‪.‬‬
‫يشااري قااانون السااعر الواحااد إىل أن مجيااع الساالع يتوجااب أن تباااع باانفس السااعر يف خمتلااف دول العااامل‪ ،‬وأن‬
‫أي اخااتالف يف األسااعار لاانفس الساالعة بااني األساواق الدوليااة سااوف ياادفع ماان خااالل عمليااة التحكاايم إىل تطااابق‬
‫األسعار بني اإلقتصاديات املعنية باإلختالف يف األسعار‪.1‬‬
‫من هذا املنطلق جااءت نظرياة تكاافؤ القاوى الشارائية لتؤكاد علاى أن العملاة الواحادة يكاون هلاا نفاس القاوة‬
‫الش ارائية يف مجي ااع دول الع ااامل‪ ،‬وعلي ااه ف ااإن س ااعر الص اارف اإلمس ااي ب ااني عمل اايت دولت ااني ه ااو عب ااارة ع اان النس اابة ب ااني‬
‫املستويات العامة لرسعار يف كال البلدين‪ ،‬أي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Gregory Mankiw: « Macroeconomics », 5th edition, worth publishers, 2002, pp 137-139.‬‬
‫‪45‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫حيث أن‪:‬‬
‫‪ :‬املستوى العام لرسعار األجنبية‪.‬‬ ‫‪ :‬سعر الصرف على عدم التأكيد‪ : ،‬املستوى العام لرسعار انلية‪،‬‬
‫ورغم ف عالية هاذه النظرياة يف إعطااء تفساري صاحيح إىل حاد كباري لتحركاات أساعار الصارف خصوصاا علاى‬
‫املدى الطويل إال أهنا عانت من انتقادات أكدت وجود قصور يف مصداقية تفسريها أمهها‪:1‬‬
‫_ هنالك العديد من السلع واخلدمات ختتلف أسعارها بني اإلقتصاديات العاملياة لكنهاا ال ختضاع للتجاارة‬
‫الدولية وبالتايل لن تكون حمل عملية حتكيم تسمح بتطابق أسعارها كنتيجة لذلك ومن مث بقااء اخاتالف يف أساعار‬
‫بعااض املنتجااات نفسااها بااني الاادول‪ ،‬وماان مث ختتلااف ساالة الساالع واخلاادمات الاايت تشارتيها العملااة الواحاادة ماان دولااة‬
‫ألخرى نظرا الختالف األسعار وعدم تطابقها‪.‬‬
‫_ عدم بروز العديد من السلع واخلدمات القابلة للمتاجرة دوليا كبدائل تاماة مماا يزياد مان احتماال بقااء اإلخاتالف‬
‫يف أسااعار الساالعة أو اخلدمااة الواحاادة بااني الاادول‪ ،‬فعلااى ساابيل املثااال يفضاال بعااض املسااتهلكني اجل ا اإليطااايل يف‬
‫حااني يفضاال آخاارون اجلا الفرنسااي‪ ،‬وماان مث ورغاام وجااود اخااتالف بااني سااعري اجلا يف كلتااا الاادولتني‪ ،‬لاان يكااون‬
‫هنالك وجود لعملية التحكيم حبكم أن املستهلكني ال يهتمون للسعر بقدر ما يهتمون بنوعياة وجاودة املناتج‪ ،‬ومان‬
‫مث فإن كم ية اجل الذي تشرتيه العملة يف فرنساا لان تكاون هاي نفاس الكمياة الايت تشارتيها العملاة يف إيطالياا حبكام‬
‫اختالف سعره يف كال البلدين‪.‬‬
‫_ عادم األخاذ بعااني اإلعتباار لتكاااليف النقال واملعاامالت وحااىت الرساوم اجلمركيااة الايت تادخل يف حتديااد ساعر املنااتج‬
‫املتاااجر بااه دوليااا‪ ،‬ممااا يعااين عاادم تطااابق سااعر املنتااوج بااني بلاادين باعتبااار سااعر الصاارف بينهمااا وبقاااء اإلخااتالف يف‬
‫أسعار املنتج الواحد واردة بني الدول‪.‬‬
‫_ تركز هذه النظرية يف تفسريها لتغريات صعر الصرف على ما ختلقه حركة السالع واخلادمات علاى املساتوى الادويل‬
‫من عرض وطلب للعمالت األجنبية‪ ،‬يف حاني أهناا تتجاهال تاأ ري طلاب وعارض العماالت األجنبياة اخلااص بتاداول‬
‫األصول املالية والذي يتجاوز يف اليوم الواحد ماا يعاادل شاهر كامال مان طلاب وعارض العماالت األجنبياة ألغاراض‬
‫التجااارة الدوليااة‪ ،‬وبالتااايل فهااو يفساار أيضااا إىل حااد كبااري التغااري يف مسااتويات أسااعار الصاارف لعديااد اإلقتصاااديات‬
‫العاملية‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ibid, p 139.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Alan Blinder and William Baumol : « Macroeconomics ; principles and policy », eleventh‬‬
‫‪edition, South-Western Cengage Learning, 2009, p 367.‬‬
‫‪46‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫وعموما تربز أربعة عوامل تؤ ر بشكل رئيسي على مستويات أسعار الصرف على املدى الطويل هي‪:1‬‬
‫_ مستويات األسعار النسبية‪ :‬عند ارتفاع مستويات األسعار انلية نسبة إىل مساتويات األساعار األجنبياة‬
‫الاايت تبقااى مسااتقرة‪ ،‬فااإن ذلااك يعااين تراجااع طلااب األجانااب علااى الساالع انليااة ممااا يعااين تراجااع الطلااب علااى العملااة‬
‫انلي ااة واخنف اااض س ااعر ص ارفها‪ ،‬والعك ااس يف ح ااال بق اااء مس ااتويات األس ااعار انلي ااة ابت ااة مقاب اال ارتف اااع مس ااتويات‬
‫األسعار األجنبية‪ ،‬فذلك يعين تزايد طلب األجانب علاى السالع انلياة ومان مث زياادة طلاب العملاة انلياة مباا ياؤدي‬
‫الرتفاع سعر صرفها‪.‬‬
‫_ احلواجز التجارية‪ :‬تؤ ر احلاواجز التجارياة كالرساوم اجلمركياة والضارائب وأنظماة احلصاص علاى مساتويات‬
‫أسعار الصرف من حيث أهنا حتد من الطلب على الواردات ومن مث تدفع إىل تراجع عرض العملة انلية مبا يساهم‬
‫يف رفع مستوى سعر صرفها‪.‬‬
‫_ تفضاايالت املسااتهلكني‪ :‬تااؤ ر تفضاايالت املسااتهلكني علااى مسااتويات سااعر الصاارف ماان خااالل الاادور‬
‫الطي تلعبه يف اجتاه وحجم التجارة الدولية صادرات وواردات‪ .‬فتفضيل املساتهلكني انلياني للسالع األجنبياة مقارناة‬
‫بالسلع انلية رغم ارتفاع أسعارها يزيد من عرض العملة انلية مبا يساهم يف تراجع مستوى سعر صرفها‪.‬‬
‫_ مسااتويات اإلنتاجيااة‪ :‬يساااهم ارتفاااع مسااتوى اإلنتاجيااة يف اقتصاااد دولااة مااا مقارنااة مبسااتوياهتا يف اخلااارج‬
‫إىل دفع األسعار انلية لإلخنفاض مبا يساهم يف تزايد الطلب األجنيب على السلع انلية وبالتايل ارتفاع سعر صرف‬
‫العملية انلية‪.‬‬
‫‪ _2_5‬نظرية تعاد أسعار الفائدة‬
‫تعمل نظرية تعادل أسعار الفائدة على تفسري تغريات أسعار الصرف على املدى القصري من خالل الرتكيز‬
‫علااى تاادفقات رؤوس األماوال الاايت حتااددها أسااعار الفائاادة حمليااا ودوليااا‪ .‬إذ أنااه ونتيجااة للحجاام الكبااري للمعااامالت‬
‫املتعلقة باألصول املالية والذي يتجاوز بشكل كبريا جدا معاامالت التجاارة الدولياة‪ ،‬فاإن تغاريات ساعر الصارف الايت‬
‫تااتم يوميااا ماان مسااتوى آلخاار تفساارها ديناميكيااة العاارض والطلااب علااى األصااول املاليااة املقومااة مبختلااف العمااالت‬
‫األجنبية واليت حتركها املستويات املختلفة ألسعار الفائدة بني اإلقتصاديات العاملية‪.2‬‬
‫معدل الفائدة على الودائع بعملة أجنبية ما‪،‬‬ ‫معدل الفائدة على الودائع بالعملة انلية و‬ ‫ليكن‬
‫اخااتالف معاادالت الفائاادة علااى توظيااف األصااول املاليااة هااو مااا ياادفع املسااتثمرين إىل البحااث عاان املردوديااة األكاارب‬

‫‪1‬‬
‫‪Frederic Mishkin: op-cit, pp 421, 422.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid, p 443.‬‬
‫‪47‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫لتوظي ااف رؤوس أما اواهلم‪ ،‬لك اان ذل ااك ال جي ااب أن يلغ ااي ض اارورة األخ ااذ بع ااني اإلعتب ااار تقل ااب س ااعر ص اارف عمل ااة‬
‫التوظياف‪ ،‬إذ جناد مااثال أن ارتفااع قيمااة العملاة انليااة بنسابة ‪ %5‬ساايجعل مان قيمااة فائادة التوظيااف بالعملاة انليااة‬
‫معارب عنهااا بالعملااة األجنبيااة أكاارب ب ا‪ 5%‬عاان مسااتواها الساابق قباال تغااري مسااتوى سااعر الصاارف‪ ،‬والعكااس يف حااال‬
‫تراجااع قيمااة العملااة انليااة أياان تصاابح قيمااة فائاادى التوظيااف بالعملااة انليااة معاارب عنهااا بالعملااة األجنبيااة منخفضااة‬
‫با‪ %5‬عن مستواها السابق قبل تغري مستوى سعر الصرف‪.‬‬
‫هااو‬ ‫هااو سااعر الصاارف اآلين للعملااة انليااة مقاباال العملااة األجنبيااة و‬ ‫وبالتااايل إذا اعتربنااا أن‪:‬‬
‫معارب عناه بالعملاة األجنبياة يكتاب‬ ‫سعر الصرف اآلجل‪ ،‬فإن قيمة العائد املتوقع على التوظيف بالعملة انلية‬
‫وفق العالقة التالية اليت تعين اموع الفائدة على التوظيف بالعملة انلية و قيمة التغري يف سعر صارف العملاة انلياة‬
‫كما يلي‪:‬‬

‫‪ ،‬جند أن الفرق بني التوظيفني هو‪:‬‬ ‫وباعتبار أن الفائدة املتوقعة على التوظيف بالعملة األجنبية هي‬

‫أي أنه كلما ارتفع الفارق بني التوظيف بالعملة انلية والتوظيف بالعملة األجنبية ليكاون موجباا كلماا دفاع‬
‫ذلك ملزيد من متلك املستثمرين للودائع بالعملة انلية‪ ،‬وعند مستوى معني من عرض وطلب الودائع بالعملاة انلياة‬
‫والودائاع بالعملااة األجنبيااة‪ ،‬يصاابح ال وجااود للفاارق بااني التوظيااف يف كااال األصاالني‪ ،‬وماان مث تصااح املعادلااة رقاام (‪)0‬‬
‫تساوي ‪ 2‬أي جند‪:‬‬

‫واملعادلة (‪ )1‬أعاله تسمى بشرط تكافؤ معدالت الفائدة‪ ،‬واليت تشري إىل أن معدل الفائدة انلي يساوي‬
‫إىل معدل الفائدة األجنيب خمصوم مناه اإلرتفااع يف ساعر صارف العملاة انلياة‪ ،‬كماا يعارب عناه أناه يسااوي إىل معادل‬
‫الفائدة األجنيب مضاف إليه ا إإلرتفاع يف سعر صرف العملة األجنبية‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ibid, pp 444- 447.‬‬
‫‪48‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬سعر الصرف‪ ،‬أنظمة الصرف والنظريات المفسرة له‬

‫‪ _3_5‬نظرية األرصدة‬
‫تقااوم هااذه النظريااة علااى اعتبااار أن قيمااة العملااة اخلارجيااة تتحاادد علااى أساااس مااا يطارأ علااى أرصاادة مي ازان‬
‫املدفوعات من تغري و ليس على أسااس كمياة النقاود و سارعة تاداوهلا‪ .‬و بالتاايل فاإذا حقاق ميازان املادفوعات لدولاة‬
‫مااا فائضااا فااإن ذلااك يعااين زيااادة الطلااب علااى العملااة الوطنيااة و هااذا يااؤدي إىل ارتفاااع قيمتهااا اخلارجيااة‪ ،‬و حياادث‬
‫العكس عند حدوث عجز يف ميزان املدفوعات الذي يدل على زيادة العرض من العملة الوطنية و بالتاايل اخنفااض‬
‫قيمتها اخلارجية‪.‬‬
‫يسااتدل الاابعض علااى صااحة هااذه النظريااة ماان خااالل جتربااة أملانيااا مااع املااارك خااالل احلااري العامليااة األوىل‬
‫حبيث أنه رغم الزيادة املعتاربة يف ك مياة النقاود املتداولاة و سارعة تاداوهلا و ارتفاعهاا فاإن العملاة األملانياة مل تتاأ ر و مل‬
‫تعرف قيمتها اخلارجية لالخنفاض و السبب يف ذلك هو تعادل جانب ميزان املدفوعات الذي مل يسامح هلاا بزياادة‬
‫وارداهتاا عاان صااادراهتا‪ ،‬أو بعبااارة أخاارى مل يكان هناااك رصاايد دائاان أو ماادين يف ميازان املاادفوعات يااؤ ر علااى القيمااة‬
‫اخلارجية للعملة‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تطور النظام النقدي الدولي‬

‫‪ _1‬ماهية النظام النقدي الدولي‬


‫‪ _2‬مراحل تطور النظام النقدي الدولي‬
‫‪ _3‬النظام النقدي الدولي الحالي‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تطور النظام النقدي الدولي‬

‫‪ _1‬ماهية النظام النقدي الدولي‬


‫يعرب النظام النقدي الدويل عن جمموع اإلتفاقيات والقواعد والسياسات‪ ،‬والبيئة اإلقتصادية والسياسية‬
‫واملؤسساتية اليت حتدد حتقق إثنني من املنافع العامة الدولية وهي‪ :‬عملة أو عمالت اإلحتياطات الدولية واإلستقرار‬
‫اخلارجي‪.‬‬
‫حيث أن اإلتفاقيات والقواعد والسياسات تشمل من بني عديد األمور ما يتعلق بـ‪ :‬ضبط السيولة‬
‫الدولية‪ ،‬تعديل اإلختالالت اخلارجية‪ ،‬حتديد أنظمة الصرف‪ ،‬ترتيبات الرقابة واإلشراف وآليات جتنب األزمات‬
‫ومعاجلتها‪ .‬يف حني أن البيئة اإلقتصادية والسياسية واملؤسساتية تشمل مثال‪ :‬بيئة التجارة احلرة‪ ،‬درجة تأثري اقتصاد‬
‫ما على النظام ككل‪ ،‬درجة التنسيق والتعاون الدويل يف إدارة النظام‪....‬اخل‪.1‬‬
‫كما يعرب النظام النقدي الدويل عن جمموعة القواعد واإلتفاقيات واملؤسسات اليت حتكم‪ :‬سري السياسات‬
‫النقدية والتنسيق فيما بينها‪ ،‬أسعار الصرف وتوفري السيولة الدولية‪ .2‬حيث تقيم فعاليته انطالقا من ثالثة معايري‬
‫رئيسية هي‪:‬‬
‫_ اآلليات اليت يوفرها ملعاجلة اإلختالالت الدولية يف موازين املدفوعات‪ ،‬من حيث تكلفتها وسرعتها يف‬
‫حتقيق التصحيح يف وضعية ميزان املدفوعات‪.‬‬
‫_ قدرته على توفري السيولة الكافية لتسوية املبادالت التجارية واملالية من جهة ومعاجلة اإلختالالت يف‬
‫موازين املدفوعات من جهة أخرى‪.‬‬
‫_ قدرته على كسب ثقة خمتلف األطراف الفاعلة يف اإلقتصاد العاملي‪ ،‬وذلك يتجلى باألساس من خالل‬
‫فعالية آليات التصحيح فيه وتوفريه للسيولة الكافية‪.‬‬
‫‪ _2‬مراحل تطور النظام النقدي الدولي‬
‫شهد االقتصاد العاملي عديد املراحل اليت مر هبا النظام النقدي الدويل‪ ،‬واليت كانت نتاج التطورات‬
‫اإلقتصادية املتعاقبة اليت كانت تستلزم بالضرورة تغريا يف شكل النظام النقدي الدويل السائد مبا يساهم يف حتقيق‬
‫اإلستقرار النقدي لإلقتصاد العاملي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ettore Dorrucci and Julie McKay : « The international monetary system after the financial‬‬
‫‪crisis », European Central Bank, occasional paper series N° 123, February 2011, p 9.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Emmanuel Farhi et al : « Reforming the International Monetary System », Centre for‬‬
‫‪Economic Policy Research, 2011, p 7.‬‬
‫‪51‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تطور النظام النقدي الدولي‬

‫‪ _1_2‬نظام قاعدة الذهب‪1111_1781 :‬‬


‫أشار عديد االقتصاديني إىل أن هذا النظام كان األكثر جناحا يف مراحل تطور النظام النقدي الدويل‬
‫نتيجة ما متيزت به تلك الفرتة من‪ :‬التحرير النسيب للتجارة الدولية‪ ،‬حترير احلساب املايل‪ ،‬قلة احلروب ودرجة‬
‫التنافسية العالية لسوقي العمل والسلع‪ .‬حيث ارتكز هذا النظام على تثبيت كل دولة لقيمة عملتها بنسبة ثابتة مع‬
‫الذهب‪ ،‬وباعتبار بريطانيا القوة املالية الرئيسية آنذاك يف االقتصاد العاملي من جهة والتأثري اإلجيايب هلذا النظام على‬
‫اإلقتصاد العاملي من جهة أخرى‪ ،‬اكتسب اجلنيه اإلسرتليين دورا حموريا ضمن املبادالت الدولية بشكل جعله يربز‬
‫مبثابة "العملة القيادية" يف اإلقتصاد العاملي‪.‬‬
‫‪ _1_1_2‬أصوله التاريخية‬
‫يرتكز نظام قاعدة الذهب على استعمال الذهب (القطع الذهبية) كوحدة تبادل‪ ،‬وحدة حساب وخمزن‬
‫للقيمة‪ ،‬واليت تعرب مبثابة وظائف الذهب منذ القدم‪ .‬ويعود بناء هذا النظام بشكل قانوين إىل سنة ‪ 1111‬حينما‬
‫ألزم الربملان الربيطاين املركزي باستبدال األوراق النقدية مقابل الذهب يف حالة طلب ذلك وفق نسب ثابتة‪.‬‬
‫ونتيجة ملا نتج عن هذا النظام من آثار إجيابية على اإلقتصاد الربيطاين‪ ،‬تبنت دول أخرى إبان القرن ‪11‬‬
‫هذا النظام يف حماولة منها لإلستفادة من ميزاته‪،‬كأملانيا واليابان والواليات املتحدة األمريكيىة اليت ختلت عنه إبان‬
‫احلرب األهلية وأعادت تبنيه سنة ‪ 1181‬حني ربطت الدوالر بالذهب وانتظرت سنة ‪ 1111‬لتصدر ما يعرف‬
‫بوثيقة » ‪ « gold standard‬اليت أعطت األساس القانوين هلذا النظام‪ ،‬وهو ما عزز من بروز نظام قاعدة‬
‫الذهب كنظام صرف ثابت يف شكل الوجه الرئيسي للنظام النقدي الدويل‪.3‬‬
‫‪ _2_1_2‬شروط تطبيقه‬
‫ميكن اختصار أهم شروط تطبيق هذا النظام فيما يلي‪:‬‬
‫_ احرتام قيد املقابل الذهيب حني إصدار العملة من قبل البنك املركزي‪ ،‬أين يتوجب على الدولة املعنية امتالك‬
‫خمزون من الذهب يكافئ حجم الكتلة النقدية املتداولة‪.‬‬
‫_ تستمد قيمة العملة من كمية الذهب املقابل هلا‪ ،‬حيث أن كل عملة تساوي وفق نسبة ثابتة وزنا معينا من‬
‫الذهب‪ ،‬وتؤدي هذه النسب ما بني الذهب والعمالت وفق طريقة االسعار املتقاطعة إىل أسعار صرف ثابتة بني‬
‫مجيع العمالت‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Paul Krugman and Maurice Obstfeld : « International economics ; theory and policy », 6th‬‬
‫‪edition, Pearson education, USA, 2003, p 537‬‬
‫‪52‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تطور النظام النقدي الدولي‬

‫_ التزام كل بنك مركزي يف كل دولة يف ظل هذا النظام بصرف أي كمية من الذهب يف مقابل عملته الوطنية‬
‫والعكس‪ ،‬على أساس النسبة احملددة كما ذكر سابقا‪.‬‬
‫‪ _3_1_2‬التوازن اإلقتصادي في ظل نظام قاعدة الذهب‬
‫كان التوازن اإلقتصادي يف ظل نظام قاعدة الذهب يتحقق وفق ما يلي‪:4‬‬
‫_التوازن الداخلي‪ :‬كان من بني األهداف الرئيسية هلذا النظام هو العمل على استقرار املستوى العام‬
‫لألسعار حمليا‪ ،‬وذلك من خالل احلد من إصدار الكتلة النقدية وربطها فقط مبا يقابلها من خمزون الذهب على‬
‫أساس النسبة احملددة‪ ،‬وهو ما حتقق خالل فرتة تطبيق وسريان هذا النظام إىل غاية اندالع احلرب العاملية األوىل‪.‬‬
‫وعلى مستوى التشغيل‪ ،‬فإن هذا النظام مل يكن له تأثري كبري على هذا املستوى وذلك نتيجة ارتكاز‬
‫السياسة اإلقتصادية يف تلك الفرتة على استهداف حتقيق التوازن اخلارجي واستقرار املستوى العام لألسعار حمليا‪،‬‬
‫يف حني أن استهداف معدل النمو والبطالة هي أهداف مل تستهدفها السياسة اإلقتصادية إال بعد أزمة الكساد‬
‫الكبري سنة ‪.1191‬‬
‫_التوازن الخارجي‪ :‬كان اهلدف الرئيسي للبنك املركزي هو احلفاظ على النسبة الثابتة بني العملة احمللية‬
‫والذهب‪ ،‬وهو ما كان يستوجب منه اإلستحواذ على نسبة معينة من احتياطات الذهب‪ .‬وقد كان تعديل‬
‫اإلختالل يف موازين املدفوعات يتم عن طريق تدفقات الذهب دخوال وخروجا اليت سبق توضيحها يف الفصل‬
‫الثاين‪.‬‬
‫‪ _1_1_2‬انهيار نظام قاعدة الذهب‬
‫كان جميء احلرب العاملية األوىل مبثابة الشرارة األوىل الهنيار نظام قاعدة الذهب‪ ،‬إذ أهنا دفعت بالعديد‬
‫من الدول إىل فرض قيود على حركة رؤوس األموال مع العمل على ختزين الذهب واملبالغة يف اإلصدار النقدي‬
‫لتمويل نفقاهتا العسكرية‪ .‬وحىت بعد هناية احلرب‪ ،‬فإن كثريا من الدول وقصد التعايف من اآلثار السلبية للحرب‬
‫على اقتصادياهتا‪ ،‬جلأت لتمويل إعادة اإلعمار عن طريق مزيد من اإلصدار النقدي الذي انفصل عن الذهب‬
‫كمعيار حمدد له من جهة ودفع عديد البنوك املركزية للتخلي عن قابلية حتويل األوراق النقدية إىل ذهب‪ ،5‬مما‬
‫سبب آنذاك حالة من عدم اإلستقرار يف األسعار اليت بلغت مستويات قياسية يف عديد الدول‪ ،‬وعجل باهنيار‬

‫‪4‬‬
‫‪Ibid, pp 537-541.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Emmanuel Nyahoho : « Finances internationales : théorie, politique et pratique », 2 eme‬‬
‫‪édition, Presses de l’Université du Québec, 2002, p 359.‬‬
‫‪53‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تطور النظام النقدي الدولي‬

‫نظام قاعدة الذهب رغم بعض حماوالت العودة إليه واليت باءت بالفشل نتيجة العجز عن الوفاء باملرتكزات‬
‫األساسية اليت يقوم عليها يف ظل خملفات احلرب العاملية األوىل‪.‬‬
‫‪ _2_2‬نظام الصرف‪-‬ذهب ما بين الحربين العالميتين األولى والثانية‬
‫انعقد يف مدينة جنوى اإليطالية مؤمترا ضم عديد الدول كفرنسا وبريطانيا واليابان وفرنسا مع إيطاليا‬
‫املضيفة‪ ،‬وذلك بغرض العودة لنظام قاعدة الذهب وتعزيز التعاون بني البنوك املركزية لتحقيق التوازن الداخلي‬
‫واخلارجي‪ .‬إذ أنه وحبكم العرض احملدود للذهب وعدم كفايته لتلبية حاجيات البنوك املركزية من اإلحتياطات‬
‫الدولية‪ ،‬أقر املؤمتر منح اإلمكانية للدول الصغرية لتشكيل احتياطاهتا الدولية من عمالت الدول القوية اليت تكون‬
‫جمربة على تشكيل احتياطاهتا الدولية بالكامل من الذهب‪.‬‬
‫وارتكز نظام الصرف_ذهب الذي بدأ العمل به سنة ‪ 1191‬مع إقرار بريطانيا قابلية حتويل اجلنيه إىل‬
‫ذهب مث تبعتها بالواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬وهو ما أعطى للدوالر واجلنيه القبول الدويل يف تسوية املبادالت‬
‫واإلصدار النقدي باعتبارها عمالت دولية حتل حمل الذهب _وفق نسب معينة_ يف النظام النقدي الدويل‪.6‬‬
‫وقد كان جمليء أزمة الكساد التصخمي سنة ‪ 1191‬حتوال رئيسيا يف سري النظام النقدي الدويل‪ ،‬إذ أهنا‬
‫دفعت عديد الدول إىل اتباع س ياسات محائية لدعم اقتصادياهتا احمللية اليت تأثرت سلبيا من تداعيات األزمة‪ ،‬كان‬
‫من أمهها سياسة ختفيض قيمة العملة أو ما يعرف بـ"سياسة إفقار اجلار"* اليت كان اتباعها من طرف عديد الدول‬
‫أوىل مشاهد ما يعرف أيضا بـ"حرب العمالت"**‪ ،‬وهو ما خلق حالة ال استقرار يف اإلقتصاد العاملي سامهت يف‬
‫تزايد عدم الثقة وعدم اإلئتمان يف العمالت الدولية الرئيسية من بينها‪ :‬اجلنيه اإلسرتليين الذي خفضت قيمته سنة‬
‫‪ ،1191‬الدوالر األمريكي خفضت قيمته سنة ‪ 1191‬والفرنك الفرنسي سنة ‪ ،1191‬وهو ما عزز من اهنيار‬
‫نظام الصرف_ذهب خاصة بعد انقسام الساحة النقدية الدولية إىل مناطق نقدية عديدة أمهها‪ :‬منطقة الدوالر‬
‫األمريكي‪ ،‬منطقة الفرنك الفرنسي‪ ،‬منطقة اجلنيه اإلسرتليين‪ ،‬منطقة الني الياباين ومنطقة الروبل الروسي‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪Paul Krugman and Maurice Obstfeld : op-cit, pp 543, 455 .‬‬
‫*مسيت كذلك ألهنا تقوم من خالل خفض قيمة العملة احمللية مع العمالت األجنبية على جعل املنتجات احمللية منخفضة األسعار مقابل جعل‬
‫املنتجات األجنبية مرتفعة األسعار‪ ،‬مبا ميكن من كسب مزايا اقتصادية على حساب اإلقتصاديات األخرى وبالتايل حتويل املشكالت اإلقتصادية‬
‫الداخلية لإلقتصاديات اخلارجية‪.‬‬
‫** حرب العمالت تعرب عن حالة التنافس اليت يشهدها اإلقتصاد العاملي بني خمتلف الدول يف ختفيض قيم عمالهتا لدعم صادراهتا واحلد من وارداهتا‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تطور النظام النقدي الدولي‬

‫‪ _3_2‬نظام "بريتون وودز"‬


‫إن اهنيار نظام الصرف_ذهب نتيجة تعدد العمالت الدولية املستخدمة إىل جانب الذهب بعد تعدد‬
‫املناطق النقدية‪ ،‬ويف ظل استحالة العودة لنظام قاعدة الذهب والفوضى يف التجارة الدولية والتمويل الدويل اليت‬
‫سادت اإلقتصاد العاملي بعد احلرب العاملية األوىل‪ ،‬وخملفات أزمة الكساد التضخمي وما سببته من شكوك كبرية‬
‫حول مدى استمرارية النظام الرأمسايل‪ ،‬خصوصا بعد بروز اإلحتاد السوفيايت يف ثوب مبهر نتيجة عدم تأثره الكبري‬
‫بتداعيات األزمة‪ ،‬عملت الدول الرأمسالية بعد هناية احلرب العاملية الثانية على التفكري يف إعادة بناء نظام نقدي‬
‫دويل يعيد إحياء مظاهر العوملة من جديد ويتميز باملرونة والفعالية مبا يضمن حتقيق اإلستقرار النقدي وتطور‬
‫املبادالت التجارية واملالية الدولية‪.‬‬
‫ويف ظل هذه الرغبة‪ ،‬كانت احلرب العاملية الثانية قد أحلقت أضرارا كبرية باقتصاديات الدول األوروبية‪،‬‬
‫وخرج اإلقتصاد األمريكي املستفيد األكرب يف تلك الفرتة يف ظل القوة املالية واإلقتصادية والسياسية والعسكرية اليت‬
‫متتعت هبا آنذاك الواليات املتحدة األمريكية‪ .‬وهو ما كان من بني األسباب الرئيسية كي تدعو الواليات املتحدة‬
‫األمريكية إىل عقد مؤمتر دويل يف "بريتون وودز" بـ"نيوهامبشاير" سنة ‪ 1111‬يهدف إىل إنشاء نظام نقدي دويل‬
‫يسمح بإعادة بناء وازدهار اإلقتصاد العاملي احلر وجينب تكرار التقلبات النقدية الدولية السابقة‪ ،‬حيث تكون هي‬
‫الدولة احملورية يف اإلقتصاد العاملي والدوالر األمريكي الركيزة األساسية يف النظام اجلديد‪ ،‬ويف ذلك حماولة للعب‬
‫نفس الدور الذي كانت تلعبه بريطانيا وعملتها اجلنيه اإلسرتليين يف اإلقتصاد العاملي قبل احلرب العاملية األوىل‪.‬‬
‫لكن هذه الرغبة األمريكية يف اهليمنة على النظام النقدي الدويل اجلديد قابلتها رغبة مقابلة من طرف بريطانيا يف‬
‫استعادة دورها القيادي يف اإلقتصاد العاملي أو على األقل حتييد الدور األمريكي وتقزميه يف اإلقتصاد العاملي‪ ،‬حيث‬
‫جتلت مالمح هذا الصراع يف تقدمي كل قطب ملقرتحه اخلاص لشكل النظام النقدي الدويل اجلديد‪.‬‬
‫‪ _1_3_2‬مقترحا النظام النقدي الدولي الجديد‬
‫انعقد مؤمتر "بريتون وودز" بـ"نيوهامبشاير" يف الفرتة ما بني ‪ 1‬و ‪ 99‬جويلية ‪ 1111‬حبضور حوايل‬
‫‪ 891‬مندوب من ‪ 11‬دولة مع عضو مالحظ عن اإلحتاد السوفيايت‪ ،‬أين شهد هذا املؤمتر تقدمي مقرتحني‬
‫للشكل اجلديد للنظام النقدي الدويل كما يربز فيما يلي‪:7‬‬

‫‪7‬‬
‫‪Emmanuel Nyahoho : op-cit, p 361.‬‬
‫‪55‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تطور النظام النقدي الدولي‬

‫أ_ المقترح البريطاني لـ"جون ماينارد كينز"‬


‫توىل اإلقتصادي الربيطاين الشهري "جون ماينارد كينز" بلورة التصور الربيطاين ملستقبل النظام النقدي‬
‫الدويل بعد احلرب العاملية الثانية‪ ،‬والذي ارتكز على تأسيس بنك دويل يتوىل منح قروض للدول العضوة فيه‬
‫ويسهل تسوية املبادالت الدولية‪ .‬إذ يتم من خالل هذا املقرتح وضع عملة دولية تسمى "البانكور" دون إزالة‬
‫العمالت الوطنية اليت يتم ربط قيمتها مع "البانكور" بنسب ثابتة‪ ،‬يتم إصدارها من قبل هيئة يتم تأسيسها‬
‫تسمى بـ"اإلحتاد الدويل للمقاصة" وفق احلاجيات الواقعية للتجارة الدولية‪ ،‬وتتوىل هذه اهليئة منح اعتمادات‬
‫للدول األعضاء مبا يكفي لتغطية مبادالهتا بشرط أن تتوافق واملبادئ األساسية للهيئة النقدية الدولية‪.‬‬
‫وقد قابلت الواليات املتحدة األمريكية املشروع الربيطاين بالرفض‪ ،‬ألن فيه حماولة لعزل أية إمكانية للدول‬
‫القوية يف السيطرة على النظام النقدي الدويل اجلديد‪ ،‬باعتباره يرتكز على إعطاء صالحيات إدارة الشؤون النقدية‬
‫واملالية يف اإلقتصاد العاملي هليئة دولية حمايدة‪.‬‬
‫ب_ المقترح األمريكي لـ"هاري ديكستر وايت"‬
‫توىل "هاري ديكسرت وايت" وهو مساعد وكيل اخلزانة األمركية بلورة التصور األمريكي حول مستقبل‬
‫النظام النقدي الدويل بعد احلرب العاملية الثانية‪ .‬والذي ارتكز على إنشاء مؤسسات مالية دولية يف شكل‬
‫"صندوق النقد الدويل" و "البنك الدويل لإلنشاء والتعمري "‪ ،‬تتوىل تنظيم الشؤون النقدية واملالية يف اإلقتصاد‬
‫العاملي يف إطار قاعدة الصرف_ذهب‪ ،‬يكون فيها الدوالر األمريكي العملة الوحيدة املرتبطة بالذهب‪ ،‬يف حني‬
‫تتحدد قيم باقي العمالت الدولية بنسب ثابتة مع الدوالر‪.‬‬
‫ارتكز عمل مقرتح "وايت" على منح صندوق النقد الدويل قروضا للدول األعضاء اليت تعاين من‬
‫اختالالت مالية ليربز بذلك على أنه صندوق دعم لإلستقرار‪ ،‬إذ تشرتك الدول األعضاء فيما بينها لتجميع موارده‬
‫املالي ة ممن خالل مسامهات مشكلة من الذهب وعمالت أجنبية‪ ،‬ويلتزم الصندوق يف إطار هذا املقرتح مببادلة‬
‫العمالت الوطنية للدول األعضاء‪ ،‬والتزامها بشراء أو بيع كميات من الذهب والعمالت األجنبية مع الصندوق مبا‬
‫ميكن من عودة اقتصادياهتا حلالتها التوازنية‪ .‬وميكن للدول األعضاء يف ظل هذا املقرتح التقدم بطلب تغيري‬
‫مستويات سعر صرفها يف ظل العمل على حتقيق اإلستقرار األهداف الرئيسية املتمثلة يف إلستقرار النقدي وتوازن‬
‫ميزان املدفوعات‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تطور النظام النقدي الدولي‬

‫وقد القى اإلقرتاح األمريكي القبول من طرف أعضاء املؤمتر مقارنة باملقرتح الربيطاين‪ ،‬نظرا للضغط‬
‫األمريكي الذي فرض على الدول املشاركة انطالقا من الثقل السياسي واإلقتصادي الذي كانت تتميز به الواليات‬
‫املتحدة األمريكية آنذاك‪.‬‬
‫‪ _2_3_2‬خصائص نظام بريتون وودز‬
‫ارتكز نظام بريتون وودز على مجلة من اخلصائص فسرت آلية عمله وهي‪:8‬‬
‫أ_ ثبات سعر الصرف‬
‫ارتكز النظام على ثبات أسعار صرف العمالت الدولية وفق نسبة ثابتة مع الدوالر األمريكي الذي‬
‫يساوي بدوره وفق نسبة ثابتة مع الذهب حددت عند مستوى‪ 1 :‬أوقية ذهب= ‪ 91‬دوالر أمريكي‪ ،‬مع السماح‬
‫هبامش حترك للعمالت حمدد بـ‪ %1‬صعودا وهبوطا من قيمة سعر الصرف الرمسي احملدد‪ ،‬وال يسمح بتغيري هذا‬
‫اجملال إال يف حالة اإلختالالت االساسية‪ .‬ويف حال ما إذا تطلب الواقع الفعلي تغيريا يف قيمة العملة يتجاوز‬
‫‪ %11‬صعودا أو هبوطا‪ ،‬فإن ذلك يتطلب موافقة من صندوق النقد الدويل‪.‬‬
‫ب_ حرية التحويل‬
‫نص نظام بريتون وودز من خالل اتفاقية صندوق النقد الدويل أحد أهم املؤسسات املالية املنبثقة عنه‪،‬‬
‫على ضرورة أن تتمتع عمالت الدول األعضاء فيه بقابلية التحويل‪ ،‬واليت يقصد هبا استعمال العمالت املعنية بكل‬
‫حرية يف املبادالت الدولية‪ .‬وقد اشرتطت قابلية التحويل فقط يف العمليات اجلارية‪ ،‬لكنه ونظرا لوجود بعض الدول‬
‫اليت تعاين من احتياطات صرف ضعيفة غري كافية‪ ،‬أقر السماح للدول املعنية باللجوء لتطبيق الرقابة على الصرف‬
‫فيما تعلق بالعمليات الرأمسالية يف ميزان املدفوعات‪.‬‬
‫جـ_ تقديم اإلعانة للدول األعضاء‬
‫نصت بنود النظام على أن صندوق النقد الدويل يتوىل تقدمي الدعم املايل للدول األعضاء اليت تعاين من‬
‫حالة إيقاف للمدفوعات أو ما يعرف بـ"حالة عدم التوازن األساسي"‪ ،‬واليت تنتج عن زيادة اإلمتصاص (الطلب)‬
‫عن حجم اإلنتاج كما يربز فيما يلي‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫‪Ibid, p 263.‬‬
‫‪57‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تطور النظام النقدي الدولي‬

‫)‪Y=X+I+G+X-M……..(1‬‬
‫وبافرتاض أن‪ C+I+G=A :‬ميثل الطلب الكلي‪ ،‬جند‪:‬‬
‫)‪Y-A= X-M……….(2‬‬
‫من املعادلة ‪ 9‬جند أنه إذا كان حجم اإلنتاج ‪ Y‬أقل من حجم الطلب الكلي ‪ A‬فإن ذلك يعين أن‬
‫حجم الصادرات ‪ X‬أقل من حجم الواردات ‪ M‬وهي احلالة اليت تعرف بـ"اإلختالل األساسي"‪.‬‬
‫ويشرتط يف تقدمي هذه اإلعانة خضوع الدول املعنية إىل مجلة من الشروط ختص سياساهتا اإلقتصادية من‬
‫خالل الربامج اليت يقرها صندوق النقد الدويل يف إطار ما يعرف مببدأ "الشرطية" يف تقدمي اإلعانة للدول األعضاء‬
‫ذات العجز‪.‬‬
‫د_ الدور المحوري للدوالر األمريكي‬
‫ارتكز هذا النظام على اعتبار الدوالر كعملة دولية قيادية تستخدم يف املبادالت املالية والتجارية أساسا‬
‫حبكم ارتباط قيمتها بشكل مباشر مع الذهب‪ ،‬انطالقا من القوة املالية خصوصا واإلقتصادية عموما اليت حتوزها‬
‫الواليات املتحدة األمريكية آنذاك‪ .‬إذ أن رغبة أي دولة يف امتالك الذهب ال تكون إال من خالل مبادلته بالدوالر‬
‫األمريكي الذي اعترب العملة الوحيدة القابلة للتحويل إىل ذهب باللجوء إىل اإلحتياطي الفيديرايل األمريكي الذي‬
‫كان ميتلك آنذاك حوايل ثلثي املخزون العاملي للذهب‪.‬‬
‫‪ _3_3_2‬انهيار نظام "بريتون وودز"‬
‫إن اخلصائص اليت ارتكز عليها نظام بريتون وودز باعتبار الدوالر العملة القيادية الدولية والوحيدة القابلة‬
‫للتحويل من وإىل الذهب على وجه اخلصوص كانت سببا رئيسيا الهنيار هذا النظام‪ .‬حيث أن هذه اخلاصية‬
‫كانت تستلزم بالضرورة أن يتواجد ميزان املدفوعات األمريكي يف حالة عجز حىت تتوافر بقية الدول على‬
‫الدوالرات ا ليت متكنها من تسوية مبادالهتا التجارية واملالية خصوصا الدول ذات العمالت غري القابلة للتحويل‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى ويف ظل ارتكاز هذا النظام على خاصية ثبات أسعار صرف العمالت الدولية عند مستوى ‪1‬‬
‫أوقية= ‪ 91‬دوالر‪ ،‬فإن ذلك كان يعين أن تواصل عجز ميزان املدفوعات األمريكي يقابله تواجد الدوالر يف‬
‫مستوى أعلى من قيمته احلقيقية‪ ،‬وهو ما يعين وجود تناقض يف هذا النظام الذي جيمع بني خاصييت ضرورة عجز‬
‫ميزان املدفوعات األمريكي من جهة وثبات أسعار الصرف من جهة أخرى‪.‬‬
‫وقد متيزت السنوات األوىل بعد اتفاقية بريتون وودز مبا يسمى "ظاهرة نقص الدوالر" نتيجة الطلب املتزايد‬
‫من الدول املتضررة أساسا من احلرب العاملية الثانية على الدوالر لتمويل نفقاهتا‪ ،‬لكن الوضع تغري بعد ذلك أين‬
‫‪58‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تطور النظام النقدي الدولي‬

‫حتول اإلقتصاد العاملي مع حلول سنة ‪ 1111‬إىل "ظاهرة ختمة الدوالر" بعد العجز الكبري يف ميزان املدفوعات‬
‫األمريكي نتيجة تزايد ا ستثماراهتا يف اخلارج وخملفات حرب الفيتنام‪ ،‬وهو ما انعكس سلبا على املخزون األمريكي‬
‫من الذهب الذي تراجع من حوايل ‪ 91‬مليار دوالر سنة ‪ 1111‬إىل حوايل ‪ 11‬مليار دوالر سنة ‪،1181‬‬
‫نتيجة جلوء البنوك املركزية األجنبية لتحويل أصوهلا من الدوالر إىل ذهب كرد فعل لتوقعاهتا حول ختفيض قيمة‬
‫الدوالر مع الذهب‪.9‬‬
‫وقد كانت أوىل التحذيرات حول اختالالت نظام بريتون وودز قد أطلقها اإلقتصادي "تريفن" الذي أشار‬
‫إىل أنه ويف ظل تنامي عجز ميزان املدفوعات األمريكي‪ ،‬فإن هذا النظام يتميز مبعضلة أن الواليات املتحدة‬
‫األمريكية إما تلجأ التباع سياسة نقدية مقيدة للحد من هذا العجز وبالتايل التسبب يف "نقص الدوالر" واحلد من‬
‫منو املبادالت الدولية كنتيجة لذلك‪ ،‬أو أن تستمر يف سياستها احلالية اليت تزيد من تراكم العجز يف ميزان‬
‫مدفوعاهتا مبا يتسبب يف تراجع الثقة يف الدوالر األمريكي‪ .‬وعلى هذا األساس اقرتح على صندوق النقد الدويل‬
‫تأسيس عملة خاصة به تكون حمايدة‪ ،‬حتتفظ هبا البنوك املركزية كاحتياطات بديلة للدوالر األمريكي‪ ،‬يكون‬
‫اصدارها وفق معدالت ثابتة ومستقرة مع منو اإلقتصاد العاملي‪.‬‬
‫ومتت املوافقة على اقرتاح "تريفني" من قبل صندوق النقد الدويل سنة ‪ 1118‬من خالل إصدار ما عرف‬
‫بـ"حقوق السحب اخلاصة" اليت اقتصر استعماهلا كوحدة حساب حلصص الدول األعضاء دون حتوهلا لعملة‬
‫احتياط ومبادالت دولية من جهة لضغوط أمريكية ومن جهة لتزايد بوادر فشل نظام الصرف الثابت يف تلك‬
‫الفرتة‪ ،‬خصوصا ما شهدته هناية الستينات سنوات ‪ 1118‬و ‪ 1111‬من بروز هجمات مضاربة على اخنفاض‬
‫سعر صرف الدوالر األمريكي مع الذهب‪ ،‬وهو ما دفع البنوك املركزية آنذاك لإلعالن عن إنشاء سوق مزدوجة‬
‫للذهب أين خيصص أحد السوقني ملعامالت اخلواص وفق تغريات العرض والطلب يف حني خيصص السوق الثاين‬
‫للمعامالت الرمسية بني البنوك املركزية واليت تتم على أساس سعر الصرف الدوالر مع الذهب احملدد سابقا بـ ‪1‬‬
‫أونصة تساوي ‪ 91‬دوالر أمريكي‪.‬‬
‫ومع توايل الضغوطات على الدوالر األمريكي الذي أصبح مقوما بأعلى من قيمته احلقيقية‪ ،‬مل تكن‬
‫عملية ختفيض قيمة الدوالر مع الذهب عملية سهلة باعتبارها تتطلب تنسيقا مع البنوك املركزية األجنبية لتعيد هي‬
‫األخرى ربط قيم عمالهتا مع الدوالر عند مستويات خمتلفة ومرتفعة يف الغالب‪ ،‬وهو ما رفضته عديد الدول نتيجة‬
‫تأثريات ذلك الرفع على تنافسية صادراهتا‪ .‬ومن مث ففي ظل عدم التوصل التفاق قام الرئيس األمريكي "نيكسون"‬
‫‪9‬‬
‫‪Idem, p 264.‬‬
‫‪59‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تطور النظام النقدي الدولي‬

‫يف ‪ 11‬أوت ‪ 1181‬باإلعالن عن وقف قابلية حتويل الدوالر إىل ذهب‪ ،‬وفرض ضريبة تقدر بـ‪ %11‬على‬
‫الواردات األمريكية إىل غاية توصل البنوك املركزية األجنبية التفاق يقضي بإعادة تقييم عمالهتا عند مستويات‬
‫أعلى‪.‬‬
‫ويف ديسمرب ‪ 1181‬مت التوصل التفاق بتخفيض قيمة الدوالر األمريكي مع العمالت األجنبية حبوايل‬
‫‪ %1‬ومعها مت إلغاء ضريبة ‪ %11‬مع اإلبقاء على إالغاء قابلية حتويل الدوالر إىل ذهب‪ ،‬ومت ختفيض سعر صرف‬
‫الدوالر األمريكي مع الذهب إىل مستوى ‪ 1‬أونصة ذهب يساوي ‪ 91‬دوالر أمريكي مث خفضت مرة أخرى يف‬
‫فيفري ‪ 1189‬بـ‪ %11‬حبكم استمرار هجمات املضاربة على ختفيض قيمة الدوالر مع الذهب‪ ،‬اليت دفعت يف‬
‫مارس ‪ 1189‬إىل اإلعالن عن التخلي عن نظام الصرف الثابت والتوجه حنو تعومي أصعر الصرف‪.10‬‬
‫‪ _1_2‬اإلتحاد النقدي األوروبي‬
‫شكل تأسيس اإلحتاد النقدي األورويب أو ما يعرف أيضا بـ"منطقة اليورو" مبثابة حتول هام يف النظام‬
‫النقدي الدويل وخارطة اإلقتصاد العاملي‪ ،‬نظرا ملا مثله من ثقل ومكانة هامة تزيد من أمهية دراسته والبحث يف‬
‫خمتلف اجلوانب املتعلقة به‪.‬‬
‫فقد دفعت األزمة النقدية اليت مست نظام "بريتون وودز" سنوات ‪ 1111‬و ‪ 1111‬الدول األوروبية‬
‫املنضوية حتت لواء اجملموعة اإلقتصادية األوروبية اليت نشأت عن اتفاقية روما سنة ‪ ،1118‬إىل إعادة النظر يف‬
‫حساباهتا خصوصا وأن هذه األزمة دفعت إىل ارتفاع يف قيمة املارك األملاين واخنفاض يف قيمة الفرنك الفرنسي مما‬
‫أدى إىل اختالل السياسة السعرية املوحدة ومن مث إحلاق الضرر بشكل مباشر بنجاح السياسة الزراعية املشرتكة‬
‫اليت كانت تعترب النجاح األبرز هلذا التكتل اإلقتصادي‪ ،‬ومن هذا املنطلق فقد اتفق القادة األوروبيون على تعيني‬
‫جلنة يقودها "بيار وارنر" الوزير األول لدولة لوكسومبورغ للبحث يف موضوع تأسيس احتاد اقتصاد نقدي أورويب‪ ،‬إذ‬
‫قدم تقريره سنة ‪ 1181‬مقرتحا تثبيت أسعار الصرف األوروبية البينية وتأسيس نظام احتادي للبنوك املركزية‬
‫األوروبية‪.11.‬‬
‫جتسدت املرحلة األوىل لتأسيس اإلحتاد اإلقتصادي والنقدي األورويب بناءا على تقرير "وارنر" يف العمل على‬
‫تقليص تقلبات أسعار صرف عمالت الدول األعضاء‪ ،‬كقاعدة أوىل ورئيسية دون حتديد املراحل األخرى‬
‫واإلجراءات اخلاصة هبا‪ ،‬ونظرا ملا متيزت به مرحلة السبعينات من القرن العشرين من تعومي للدوالر األمريكي سنة‬

‫‪10‬‬
‫‪Paul Krugman and Maurice Obstfeld : op-cit, pp 557-561.‬‬
‫‪11‬‬
‫‪Michael Klein : « European monetary union », New England Economic Review, 1998, p 5.‬‬
‫‪60‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تطور النظام النقدي الدولي‬

‫‪ ، 1181‬فقد دفع ذلك اجملموعة اإلقتصادية األوروبية إىل العمل على تثبيت أسعار صرف عمالهتا خصوصا مع‬
‫الضغوط العديدة اليت أصبحت تواجهها يف ظل التطورات النقدية العاملية آنذاك‪ ،‬وجتلى ذلك يف إنشاء آلية‬
‫"الثعبان يف النفق " سنة ‪ 1189‬واليت يقصد هبا إبقاء حتركات أسعار صرف عمالت دول اجملموعة (الثعبان)‬
‫ضمن نطاق ‪ %1.1‬ارتفاعا واخنفاضا مقابل الدوالر األمريكي (النفق)‪ .‬لكن ونتيجة ألزمة النفط سنة ‪1189‬‬
‫واختالف السياسات الوطنية يف مواجهة تداعياهتا فقد أدى ذلك إىل اهنيار هذه اآللية اليت مل تصمد أكثر من‬
‫سنتني بعد تعرض العديد من عمالت الدول األعضاء إىل تقلبات حادة كالفرنك الفرنسي الذي خرج عن نطاق‬
‫النفق ثالث مرات‪ ،‬لكن ذلك مل ي ثن من عزمية األوروبيني يف املضي قدما حنو العمل على استقرار أسعار صرف‬
‫عمالهتم‪ ،‬ومت اإلتفاق يف مارس ‪ 1181‬بناءا على اقرتاح رئيس اجملموعة األوروبية "روي جينكينز" سنة ‪1188‬‬
‫على تأسيس "النظام النقدي األورويب"‪ ،‬الذي أقر آلية صرف أوروبية حتدد استقرار أسعار صرف الدول العضوة‬
‫مستقرة هامش معني حدد بـ ‪ %2.25‬ارتفاعا واخنفاضا‪ ،‬مع استثناء كل من اللرية اإليطالية‪ ،‬البيزيطا اإلسبانية‪،‬‬
‫اإليسكودو الربتغالية والباوند الربيطاين وهي العمالت اليت ترك هلا هامش ارتفاع واخنفاض حمدد بـ ‪.%1‬‬
‫ويف سنة ‪ 1111‬أوكل إىل "جاك ديلورز" تكوين جلنة خاصة تتكون من حمافظي البنوك املركزية للدول‬
‫األعضاء للبحث يف موضوع إنشاء إحتاد اقتصادي ونقدي أورويب‪ ،‬إذ متت التوصية يف تقريره بإنشاء اإلحتاد‬
‫النقدي األورويب والعملة املوحدة على ثالثة مراحل رئيسية‪ :‬األوىل تتميز بتوسيع العضوية يف آلية سعر الصرف‪،‬‬
‫الثانية تتضمن تقريب هوامش حترك سعر الصرف وتقليصها مع حتويل إدارة السياسات اإلقتصادية الكلية من‬
‫مستوى وطين إىل مستوى تعاوين عن طريق هيئة أوروبية مركزية‪ ،‬والثالثة تتضمن تأسيس النظام األورويب للبنوك‬
‫املركزية لتعويض البنوك املركزية الوطنية من جهة وتأسيس العملة األوروبية املوحدة لتعويض العمالت األوروبية‬
‫الوطنية‪.12‬‬
‫ويف ‪ 8‬فيفري ‪ 1119‬مت اإلمضاء على اتفاقية ماسرتخيت اليت بدأ الشروع يف تطبيق ما جاء فيها يف ‪1‬‬
‫نوفمرب ‪ ، 1119‬واليت اعتربت مبثابة إعادة صياغة ملا جاء يف اتفاقية روما التأسيسية للمجموعة اإلقتصادية‬
‫األوروبية اليت حتولت تسميتها بناءا على هذه اإلتفاقية إىل اجملموعة األوروبية‪ ،‬حيث أقرت هذه اإلتفاقية يف بنودها‬
‫ضرورة حتقيق بعض اإلجراءات يف املرحلة الثانية والثالثة للدول العضوة يف اجملموعة وذلك كشروط متهد النضمامها‬
‫وقبوهلا يف اإلحتاد النقدي األورويب وهي ما اصطلح عليها بـ "معايري التقارب" واملتمثلة فيما يلي‪:13‬‬

‫‪12‬‬
‫‪Ibid, p 6.‬‬
‫‪13‬‬
‫‪Idem, p‬‬
‫‪61‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تطور النظام النقدي الدولي‬

‫_ أن ال يزيد معدل التضخم يف الدول األعضاء عن ‪ 1.1‬نقطة مئوية عن متوسط معدل التضخم يف‬
‫أحسن ثالثة دول داخل اإلحتاد أداءا فيما خيص استقرار األسعار؛‬
‫_ احرتام نطاق تقلبات أسعار الصرف لعمالت الدول األعضاء اليت حددها النظام النقدي األورويب‪،‬‬
‫دون أية ضغوطات أو ختفيضات ضد أية عملة من عمالت باقي الدول ؛‬
‫_ أن ال يتجاوز متوسط معدل الفائدة طويل األجل طوال مدة سنة كاملة ‪ 9‬نقطة مئوية عن متوسط‬
‫معدل الفائدة يف أحسن ثالث دول داخل اإلحتاد أداءا فيما خيص استقرار األسعار ؛‬
‫_ أن ال يتجاوز كل من عجز امليزانية ‪ %9‬من الناتج الداخلي اخلام و نسبة الدين العام إىل الناتج‬
‫الداخلي اخلام نسبة ‪.%11‬‬
‫ويف ‪ 9‬ماي ‪ 1111‬أعلن اجمللس األورويب أن ‪ 11‬دولة وهي ‪ :‬فرنسا‪ ،‬أملانيا‪ ،‬إسبانيا‪ ،‬الربتغال‪ ،‬إيطاليا‪،‬‬
‫لوكسومبورغ‪ ،‬بلجيكا‪ ،‬فنلندا‪ ،‬إيرلندا‪ ،‬النمسا وهولندا قد استكملت شروط التقارب اليت حددهتا اتفاقية‬
‫ماسرتخيت للدخول يف املرحلة الثالثة من اإلحتاد النقدي األورويب‪ ،‬مع التحديد النهائي ملعدالت حتويل عمالت‬
‫الدول املعنية مقابل العملة األوروبية املوحدة املستقبلية وهي "اليورو"‪.‬‬
‫وقد تبع ذلك اإلعالن الرمسي عن تأسيس البنك املركزي األورويب يف ‪ 1‬جوان ‪ 1111‬والذي حيل‬
‫حسب ما أوصت به اتفاقية تأسيس اجملموعة األوروبية يف البند ‪ 199‬حمل املعهد النقدي األورويب‪ ،‬حيث يشكل‬
‫رفقة البنوك املركزية الوطنية النظام األورويب الذي يعمل على وضع وصياغة السياسة النقدية املوحدة بداية من‬
‫املرحلة الثالثة‪ ،‬حيث أنه يف ‪ 1‬جانفي ‪ 1111‬بدأت املرحلة الثالثة واألخرية يف بناء اإلحتاد النقدي األورويب‪ ،‬واليت‬
‫متيزت يف بدايتها بالثبات غري القابل لإللغاء ألسعار صرف عمالت الدول األعضاء الـ‪ 11‬مقابل اليورو‪ ،‬والعمل‬
‫وفق السياسة النقدية املوحدة اليت يقرها البنك املركزي األورويب‪.‬‬
‫وقد كان العمل بالعملة األوروبية املوحدة "اليورو" افرتاضيا إىل غاية سنة ‪ 9119‬اليت شهدت رمسيا إطالق‬
‫النقود املعدنية والورقية من "اليورو" وتأسيس ما يسمى بـ"منطقة اليورو"‪ ،‬مث شهد اإلحتاد النقدي األورويب توسعا‬
‫بعد انضمام العديد من الدول اليت متكنت من استكمال الشروط الضرورية اليت أوصت هبا اتفاقية ماسرتخيت اليت‬
‫أمضي عليها سنة ‪ ،1119‬ليصل عدد الدول املنضوية فيه إىل ‪ 11‬دولة لغاية سنة ‪.9111‬‬
‫ويتوىل البنك املركزي األورويب يف ظل ما يسمى "النظام األورويب للبنوك املركزية" الذي يضم حمافظي البنوك‬
‫املركزية الوطنية للدول األعضاء صياغة ووضع السياسة النقدية املوحدة لإلحتاد‪ .‬وتعترب هذه اآللية تقليدا آللية عمل‬
‫نظام اإلحتياطي الفيديرايل األمريكي‪ ،‬أين جند أن الواليات املتحدة األمريكية متلك احتياطي فيديرايل مركزي يتوىل‬
‫‪62‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تطور النظام النقدي الدولي‬

‫وضع السياسة النقدية األمريكية بالتعاون مع حمافظي الفيديرايل األمريكي لـ‪ 19‬فيديرالية تتكون منها الواليات‬
‫املتحدة األمريكية‪.‬‬
‫‪ _3‬النظام النقدي الدولي الحالي‬
‫يشهد االقتصاد العاملي اليوم أنواعا خمتلفة من االختالالت الدولية اليت سامهت يف عديد املرات يف نشوء‬
‫أزمات كان هلا تداعياهتا السلبية على تطور اإلقتصاد العاملي لسنوات‪ .‬ويرى العديد من اإلقتصاديني أن سبب هذه‬
‫اإلختالالت هو عدم وجود نظام نقدي دويل قائم حبد ذاته كما كان احلال عليه يف ظل نظام قاعدة الذهب أو‬
‫يف ظل نظام بريتون وودز‪ .‬فالبلدان الكربى تلجأ مثال لتطبيق سياسات توسعية من خالل خفض أسعار الفائدة‬
‫أو من خالل التوسع يف اإلنفاق العام لتصحيح اختالالهتا قصرية األجل بغض النظر عن التداعيات السلبية لتلك‬
‫السياسات على املدى الطويل يف اإلقتصاد العاملي‪ ،‬ومل يعد هنالك ما حيدد ويلزم بقواعد متفق عليها دوليا لتقييد‬
‫اإلجراءات اليت تتبعها خمتلف الدول مبا يهدف لتحقيق منافع طويلة األجل لالقتصاد العاملي ككل‪.‬‬
‫‪ _1_3‬واقع النظام الدولي الحالي‬
‫ميكن قراءة الوضع احلايل للنظام النقدي الدويل السائد من خالل النقاط التالية‪:14‬‬
‫_ أسعار الصرف‪ :‬يتميز النظام النقدي الدويل احلايل بكونه هجينا من حيث ترتيبات سعر الصرف‪،‬‬
‫باعتبار أن أكرب اإلقتصاديات العاملية ال تتشارك يف نظام صرف واحد أو ركيزة إمسية موحدة‪ .‬إذ أن ثلثي أكرب‬
‫‪ 11‬اقتصادا يف العامل تتبع نظام صرف معوم يف حني أن الثلث اآلخر ينقسم بني نظام الصرف الثابت والعائم‬
‫املوجه‪.‬‬
‫_ ميزان المدفوعات‪ :‬مع توايل حترير احلساب املايل وعمليات التجارة الدولية‪ ،‬تزايد اإلختالل يف‬
‫موازين املدفوعات يف اإلقتصاد العاملي من خالل وضعية احلساب اجلاري ليكون بذلك صفة مميزة للنظام النقدي‬
‫احلايل‪ ،‬الذي يعرف ارتفاعا ملحوظا يف التدفقات املالية _كنتيجة لتطور العوملة املالية_ اليت ارتفعت بني سنيت‬
‫‪ 1181‬و ‪ 9118‬من ‪ %11‬كنسبة من الناتج العاملي إىل ‪. %911‬‬
‫_ اإلحتياطات الدولية‪ :‬يرى الكثري من الباحثني أن من أهم ميزات النظام النقدي احلايل مقارنة بنظام‬
‫بريتون وودز هو تزايد توجه الدول خصوصا النامية منها لرفع رصيدها من اإلحتياطات الدولية بالتزامن مع‬
‫اختالالت احلساب اجلاري فيها‪ ،‬وهذا يعرب عن غياب آلية توازن تلقائية ألسعار الصرف يف ظل النظام احلايل مما‬
‫يستوجب العمل على اإلحتفاظ باحتياطات الدولية‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪Eric Santor and Lawrence schembri : « The International Monetary System: An Assessment and‬‬
‫‪Avenue for Reform », Bank of Canada review, 2011, pp 2-4.‬‬
‫‪63‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تطور النظام النقدي الدولي‬

‫_ المؤسسات‪ :‬يعمل النظا م النقدي الدويل احلايل يف إطار جمموعة معقدة من اهليئات واملؤسسات اليت‬
‫تعمل من خالل وضع جمموعة من القواعد واإلجراءات على حتقيق اإلستقرار النقدي واملايل يف اإلقتصاد العاملي‪،‬‬
‫وتربز أهم هذه املؤسسات يف‪ :‬صندوق النقد الدويل‪ ،‬بنك التسويات الدولية وجمموعة العشرين‪ .‬لكن عمل هذه‬
‫املؤسسات مل يكن فعاال يف تقدير املخاطر اليت تواجه النشاط اإلقتصادي من جهة وال التداعيات املرتتبة عنها يف‬
‫حال إدراكها من جهة أخرى‪ ،‬مما كان سببا هاما يف تعرض اإلقتصاد العاملي للعديد من األزمات‪.‬‬
‫‪ _2_3‬أوجه قصور النظام النقدي الدولي الحالي‬
‫تعترب اختالالت النظام النقدي الدويل احلايل نتاج العديد من القصور أمهها هي‪:15‬‬
‫_ غياب آلية دولية تلقائية لتصحيح اإلختالالت‪ :‬إن جتنب التعرض ألزمات تعصف باإلقتصاد العاملي‬
‫املرتابط أن يكون هنالك تنسيق بني الدول سواء ذات العجز أو الفائض لتصحيح اختالالت احلساب اجلاري‬
‫د ون أعباء‪ ،‬وهنا تربز آلية سعر الصرف من أهم أدوات التصحيح من خالل تأثرياهتا على مستوى اإلنتاجية‬
‫وتنافسية الصادرات‪ ،‬لكن هذه اآللية بفعل عوامل غياب التنسيق الدويل وحتركات أسواق الصرف وغريها ال تعمل‬
‫كما هو ضروري‪.‬‬
‫_ التأثري السليب للقرارات اإلقتصادية يف الدول الكربى على اقتصاديات الدول الصغرية‪ :‬تعمل الدول‬
‫الكربى على اللجوء للتوسع النقدي وختفض معدالت الفائدة لدعم اقتصادياهتا بغض النظر عن تأثريات ذلك يف‬
‫املدى املتوسط والطويل على اإلقتصاديات الصغرية اليت تفقد بذلك سيادهتا اإلقتصادية؛‬
‫_ غياب قاعدة دولية معينة يرتكز عليها مثال يف التوسع النقدي وحتديد معدالت الفائدة‪ :‬إذ أ كل بنك‬
‫مركزي يعتمد على قاعدة معينة يف ضبط العرض النقدي أو يف توجيه معدالت الفائدة مما يؤدي يف ظل اقتصاد‬
‫عاملي معومل إىل حدوث اضطرابات يف تدفقات رؤوس األموال؛‬
‫_ عدم وجود مصادر كافية لتوفري السيولة دوليا‪ :‬إن تعرض اإلقتصاد العاملي ألزمة كما أبرزته عديد‬
‫التجارب يدفع إىل بروز أزمة سيولة دولية ال يستطيع صندوق النقد الدويل الذي يفرتض به تقدمي املساعدة على‬
‫الوفاء مبتطلبات السيولة الالزمة لتجنب تعاظم األزمة ومن مث تسريع وترية حتقيق التعايف اإلقتصادي‪.‬‬

‫‪ 15‬وليام وايت‪" :‬خلل يف النظام"‪ ،‬جملة التمويل والتنمية‪ ،‬صتدوق النقد الدويل‪ ،‬اجمللد ‪ ،19‬العدد ‪ ،1‬مارس ‪ ،9111‬ص ص‬
‫‪.18_11‬‬
‫‪64‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬ألاسواق املالية الدولية‬

‫‪ _1‬السوق النقدية الدولية‬


‫‪ _2‬سوق السندات الدولية‬
‫‪ _3‬سوق ألاسهم الدولية‬
‫الفصل الخامس‪ :‬مدخل إلى األسواق المالية الدولية‬
‫‪ _1‬السوق النقدية الدولية‬
‫حيوز موضوع التمويل عن طريق األسواق املالية أمهية كربى يف احلياة اإلقتصادية‪ ،‬وذلك انطالقا ملا يتميز‬
‫به من مرونة عالية وسرعة كبرية يف استقطاب رؤوس األموال‪ ،‬وهو ما أكسب األسواق املالية دورا حموريا يف عملية‬
‫توفري السيولة ومن مث حتقيق رغبات أطراف العملية التمويلية سواء كانوا أصحاب الفائض أو أصحاب العجز‪.‬‬
‫تشري السوق النقدية الدولية إىل اآللية اليت متكن احلكومات واملؤسسات من خمتلف دول العامل من‬
‫احلصول على رؤوس األ موال قصرية األلل كتمويل‪ ،‬إذ ترتكز على الودائ بالعمالت األلنبية اليت حتوز علياا‬
‫البنوك من خمتلف األطراف واليت يتم التعامل هبا لفرتة وليزة‪ ،‬حيث أن هذه السوق ال تتيح التمويل فقط وإمنا‬
‫تتيح احلصول على التمويل وفق العملة املرغوبة انطالقا من تنوع الودائ على مستوى البنوك‪.‬‬
‫وال ختتلف أدوات السوق النقدية الدولية عن نظريهتا احمللية‪ ،‬لكن أمهيتاا وتزايد دورها يف اإلقتصاد العاملي‬
‫يعود إىل تطور املصدر الرئيسي لرؤوس األموال يف هذه السوق واملتمثل يف الودائ بالعمالت األلنبية على مستوى‬
‫البنوك أو ما يعرف بـ"سوق اليورو عمالت"‪.‬‬
‫‪ _1_1‬سوق اليورو عمالت‬
‫‪ _1_1_1‬ماهية سوق اليوروعمالت‬
‫تعرب "اليورو عمالت" عن الودائ بالعمالت األلنبية القابلة للتحويل على مستوى بنوك متوالدة خارج‬
‫النظام النقدي للعملة املعنية"‪ ،‬إذ ميكن ملختلف العمالت األلنبية أن تتوالد كودائ يف خمتلف البنوك العاملية يف‬
‫لندن‪ ،‬طوكيو‪ ،‬باريس‪ ،‬سنغافورة وغريها‪ ،‬ولاء استعمال مصطلح "اليورو" للداللة على توالد هذه العمالت‬
‫خارج حدود نظاماا النقدي األصلي وليس للداللة على توالدها يف أوروبا فقط‪ ،‬إذ أن "اليورودوالر" مثال ال يعرب‬
‫عن الدوالر املتوالد كودائ يف بنوك أوروبا بل يشمل أيضا حىت الدوالر املتوالد يف بنوك طوكيو وكندا وغريها‪.1‬‬
‫يعرب سوق اليوروعمالت عن السوق الذي تتداول على مستواه رؤوس األموال خارج حدود الدول‬
‫املصدرة هلا‪ ،‬يف حني أن البنوك اليت تتلقى ودائ ومتنح قروضا بعملة ختتلف عن عملة البلد األصلي هلا تسمى‬
‫ب ـ"البنوك األوروبية"‪ ،‬حيث أن هذه التسمية ال تعرب عن مؤسسة بقدر ما تعرب عن وظيفة معينة‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Emmanuel Nyahoho : op-cit, p 184‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Prakash Apte: «International finance; a business perspective », 2nd edition, Tata Mcgraw-Hill, 2009,‬‬
‫‪pp 145,146.‬‬
‫‪66‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬مدخل إلى األسواق المالية الدولية‬
‫‪ _2_1_1‬عوامل تطور سوق اليوروعمالت‬
‫تربز أهم العوامل اليت سامهت يف تطور سوق اليوروعمالت ما يلي‪:1‬‬
‫_ بدأ ظاور اليورودوالر يف هناية اخلمسينات من القرن العشرين اليت شادت تطورا ملحوظا يف التجارة‬
‫الدولية‪ ،‬مما استلزم زيادة الطلب على الدوالر لتسوية املبادالت الدولية وهو ما كان سببا يف توالده على مستوى‬
‫بنوك عديد اإلقتصاديات العاملية خارج الواليات املتحدة األمريكية؛‬
‫_ سامهت احلرب الباردة بني الواليات املتحدة األمريكية واإلحتاد السوفيايت يف تطور سوق اليوروعمالت‬
‫خصوصا من خالل التأثري على تطور سوق اليورودوالر‪ .‬إذ أن ختوف السوفيات من مصادرة الواليات املتحدة‬
‫األمريكية لرؤوس أمواهلم بالدوالر احملصل علياا من مبادالت اإلحتاد السوفيايت التجارية م اإلقتصاديات الغربية‬
‫دفعت هبم إليداعاا يف بنوك خارج الواليات املتحدة األمريكية‪ .‬ونتيجة لتجميد احلسابات املالية اإليرانية يف‬
‫البنوك األمريكية سنوات السبعينات بقرار من الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬جلأت عديد الدوالر العربية إىل إيداع‬
‫رؤوس أمواهلا بالدوالر احملصل علياا من بي البرتول (البرتودوالر) يف بنوك متوالدة يف أوروبا‪ ،‬مما ساهم يف تنامي‬
‫سوق اليورودوالر‪.‬‬
‫_ سامهت التنظيمات والتشريعات اخلاصة بالعمل البنكي يف التأثري إجيابا على تطور سوق اليورو‬
‫عمالت‪ .‬إذ أن ردة فعل احلكومة الربيطانية اجتاه أزمة اجلنيه اإلسرتليين سنة ‪ 7591‬كانت محائية‪ ،‬من خالل من‬
‫البنوك الربيطانية من منح قروض لتمويل التجارة خارج منطقة اجلنيه اإلسرتليين‪ .‬وهو ما دف البنوك الربيطانية‬
‫وقصد توسي نشاطاا إىل قبول ودائ بالدوالر ومنح قروض بالدوالر مبا أن ذلك ال يتعارض والقوانني املالية‬
‫املنظمة‪ ،‬خصوصا بعد تكدس الكثري من الفوائض املالية بالدوالر خارج الواليات املتحدة األمريكية نتيحة العجز‬
‫املستمر يف ميزان مدفوعاهتا بداية من الستينات‪.‬‬
‫ويف بداية الستينات طبقت الواليات املتحدة األمريكية بعض القرارات اليت حتد من اإلقراض للخارج‪ ،‬من‬
‫خالل فرض ضريبة هتدف إىل احلد من مشرتيات األمريكيني لألصول األلنبية وتقليص منح قروض يف اخلارج‪ ،‬مما‬
‫ساهم يف رف معدل الفائدة يف البنوك األمريكية ومن مث دف املؤسسات احمللية واأللنبية لإلقرتاض من اخلارج‬
‫خصوصا من املركز املايل بلندن‪ ،‬وهو األمر الذي دف إىل مولة انتقال للدوالر إليه بلندن للوفاء باحتيالات‬
‫املقرتضني فيه من العملة األمريكية‪.‬كما طبقت السلطات النقدية األمريكية ما يعرف بتعليمة ‪ Q‬اليت تنص على‬

‫‪1‬‬
‫‪Ibid, pp 148-149.‬‬
‫‪67‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬مدخل إلى األسواق المالية الدولية‬
‫تسقيف معدل الفائدة معدل الفائدة على الودائ قصرية األلل‪ ،‬مما دف باملدخرين إىل سحب ودائعام الدوالرية‬
‫من البنوك األمريكية وإيداعاا يف فروعاا يف لندن‪.‬‬
‫_من بني العوامل ال يت سامهت أيضا يف تطور سوق اليوروعمالت هو ما تعلق باختالف التعامل ما بني‬
‫الودائ بالعملة احمللية والودائ بالعمالت األلنبية على مستوى األنظمة املصرفية النقدية يف اإلقتصاديات العاملية‪.‬‬
‫حيث جن د مثال أنه يف بريطانيا كانت البنوك غري ملزمة باإلحتياطي اإللباري فيما تعلق بالودائ بالعمالت‬
‫األلنبية على عكس ما هو معمول به يف الواليات املتحدة األمريكية اليت جترب فياا البنوك على اإلحتفاظ بنسبة‬
‫اإلحتياطي اإللباري بغض النظر عن مصدر الوديعة (عملتاا)‪ .‬كما كانت بعض املراكز املالية كلندن مثال تقدم‬
‫حوافز على الودائ بالعمالت األلنبية لتشجي تدفقاهتا من خالل احلد أو إلغاء الضريبة على الفوائد‬
‫_ ساهم التحرير املالية وانفتاح األنظمة واألسواق املال العاملية على بعضاا البعض يف زيادة انتقال رؤوس األموال‬
‫مبختلف العمالت األلنبية بني املراكز املالية العاملية بكل حرية‪.‬‬
‫‪ _2_1‬سوق اليوروقروض‬
‫‪ _1_2_1‬ماهيو سوق اليوروقروض‬
‫يعرف اليورو قرض على أنه عبارة عن القرض احملرر بعملة ختتلف عن عملة البلد الذي حرر فيه‪ .‬حيث‬
‫ترتبط اليورو قروض باليورو عمالت‪ ،‬أين يعترب تداول العمالت األلنبية خارج حدود الدول املصدرة هلا كودائ‬
‫ومنحاا يف شكل قروض هو ما أدى لظاور ما يسمى ب"اليورو قروض"‪.‬‬
‫متنح "اليوروقروض" من طرف تكتل أو إحتاد جمموعة من البنوك فيما بيناا‪ ،‬إذ حترر يف الغالب بالدوالر‬
‫األمريكي باعتبار أن هذه األخري ه و العملة املسيطرة على سوق اليوروعمالت الذي يعد املصدر الرئيسي لتمويل‬
‫اليوروقروض‪.‬‬
‫‪ _2_2_1‬تطور سوق اليوروقروض‬
‫اختص سوق اليورو قروض يف بداياته يف ستينات القرن العشرين بتقدمي قروض للدول ذات املالءة املالية‬
‫اجليدة‪ ،‬لكنه وم بداية منتصف السبعينات وتزايد تطور سوق اليورو عمالت‪ ،‬امتد سوق اليوروقروض ليشمل‬
‫الدول النامية اليت كانت يف حالة للموارد املالية لتنمية اقتصادياهتا املرتالعة‪ .‬لكن وم بداية سنوات الثمانينات‬
‫تعرضت عديد الدول النامية إىل ما عرف بـ"أزمة املديونية" اليت وضعتاا يف حالة عجز عن الوفاء بالتزاماهتا املالية‬
‫وهو ما أثر سلبا على تطور سوق اليوروقروض الذي امتنعت فيه "البنوك األوروبية" عن تقدمي مزيد من اليوروقروض‬

‫‪68‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬مدخل إلى األسواق المالية الدولية‬
‫للدول النامية نتيجة ارتفاع درلة املخاطرة‪ ،‬مما دف إىل حتول ولاة اليوروقروض إىل الدول ذات املالءة اجليدة‬
‫العضوة يف منظمة التنمية والتعاون اإلقتصادي اليت تسيطر على حوايل ‪ %59‬من حجم السوق‪.‬‬
‫‪ _3_2_1‬خصائص سوق اليوروقروض‬
‫يتميز سوق اليورو قروض الذي خيتص حبوال ‪%03‬من سوق املال الدولية جبملة خصائص كما يلي‪:1‬‬
‫_ املدة‪ :‬ترتاوح مدة استحقاق اليورو قروض يف املتوسط بـ‪ 9‬سنوات وال تتجاوز غالبا ‪ 73‬سنوات؛‬
‫_ القيمة املالية‪ :‬تتميز اليوروقروض بالقيم املالية املرتفعة أين يقدر احلد األدىن هلا يف الغالب عند حدود‬
‫‪ 73‬مليون دوالر‪.‬‬
‫_ سعر الفائدة‪ :‬يتميز سعر الفائدة على اليوروقروض بالتغري كل مدة ‪ 0‬أو ‪ 6‬أو ‪ 71‬شارا وهلذا يطلق‬
‫علياا "قروض ‪ ."rollover‬حيث أن سعر الفائدة علياا يتكون من سعر مرلعي يسمى بـ"الليبور" أو ما‬
‫يعرف بسعر لندن لإلقراض ما بني البنوك *» ‪ « LIBOR‬والذي تضاف له قيمة هامشية رحبية معينة تسمى بـ‬
‫» ‪ ،« spread‬واليت متثل اجلانب املتغري يف سعر الفائدة على اليوروقروض وتتعلق بتقييم خطر القرض وقيمته‬
‫ومدة استحقاقه‪.‬‬
‫‪ _4_2_1‬آلية تقديم اليوروقروض‬
‫يتم تقدمي اليوروقروض وفق عملية متسلسلة كما يتوضح فيما يلي‪:2‬‬
‫أ_ تحديد اإلحتياجات‪ :‬أول مرحلة يف تقدمي اليوروقرض هي التحديد األويل لإلحتيالات من طرف اجلاة‬
‫املقرتضة من حيث القيمة املالية ومدة اإلستحقاق ألهنا تعترب معلومات وبيانات أساسية‪.‬‬
‫ب_ دراسة السوق‪ :‬ياوىل املقرتض إلراء اتصاالت م عدد من البنوك لدراسة السوق املصريف واجتاهات‬
‫القروض من حيث القيم املالية للقروض املمنوحة وفرتات استحقاقاا‪ .‬وبعذ ذلك يبدأ املقرتض بالتشاور م البنوك‬
‫من خالل تقدمي طلب القرض وخصائصه من حيث القيمة املطلوبة وفرتة اإلستحقاق والضمانات املقدمة‪ ،‬وانتظار‬
‫تقدمي البنوك لعروضاا خالل فرتة حمددة‪.‬‬
‫جـ_ اختيار العرض‪ :‬إن اختيار املقرتض للعرض يكون على أساس اخلصائص اليت يتميز هبا واليت تتعلق اساسا‬
‫باجلانب املايل الذي يشمل معدل الفائدة مضاف إليه عموالت خمتلفة كما يربز فيما سيأيت‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Jean-Louis Amelon،Jean-Marie Cardebat: « Les nouveaux défis de l'internationalisation:‬‬
‫‪Quel développement pour les entreprises apres la crise ?», 1er édition, édition De Boeck‬‬
‫‪université, Bruxelles, 2010, pp 371, 372.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid, p 372.‬‬
‫‪69‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬مدخل إلى األسواق المالية الدولية‬
‫_ عمولة التسيري‪ :‬يعرب عناا كنسبة مئوية من القيمة اإلمجالية لليوروقرض‪ ،‬وتدف مرة واحدة عند اإلمضاء‬
‫على عقد القرض أو خالل مالة ال تتعدى ‪ 63‬يوما من تاريخ اإلمضاء‪.‬‬
‫_ عمولة اإللتزام‪ :‬يعرب عناا كنسبة مئوية سنوية من القيمة املالية غري املستخدمة من قيمة القرض وتدف‬
‫خالل نفس توقيت دف الفوائد‪.‬‬
‫_ عمولة الوكالة‪ :‬هي عبارة عن قيمة مالية معينة تدف سنويا كمكافأة للوكالة البنكية اليت تتوىل تسيري‬
‫شؤون القرض خالل مدى استحقاقه‪.‬‬
‫_ مصاريف أخرى‪ :‬وهي اليت تتعلق باجلوانب القانونية وعملية املفاوضات واإلشاار لعقد‬
‫القرض‪....‬اخل‪.‬‬
‫وعليه خيتار املقرتض العرض األنسب له من خالل املقارنة بني التكاليف املالية ملختلف العروض املقدمة‬
‫له من طرف البنوك‪.‬‬
‫د_ المراسلة‪ :‬بعد اختيار العرض املناسب‪ ،‬ترسل مراسلة إىل البنك الذي مت اختياره‪ ،‬تضم‪ :‬قيمة القرض‪ ،‬معدل‬
‫الفائدة‪ ،‬فرتة اإلستحقاق‪ ،‬فرتة السماخ‪ ،‬العموالت‪....‬اخل‪.‬‬
‫ه_ إعداد المذكرة اإلعالمية‪ :‬تتضمن املذكرة اإلعالمية التعريف باملقرتض ونشاطه وسجله اإلئتماين وخمتلف‬
‫التقارير املالية اخلاصة بنشاطه ومعلومات عن الدولة اليت يتب هلا قصد إتاحتاا أمام البنوك اليت حيتمل أن تشارك‬
‫يف هذا القرض‪.‬‬
‫و_ المشاركة في القرض‪ :‬بعد اطالع خمتلف البنوك على املذكرة اإلعالمية‪ ،‬يوافق عدد مناا على الدخول‬
‫واملشاركة يف توفري القيمة املالية لليوروقرض‪ ،‬وهنا جند‪:‬‬
‫_ املدير الرئيسي‪ :‬وهو البنك املساهم بأكرب حصة يف القيمة اإلمجالية ويقود بدور البنك الوكيل؛‬
‫_املدير‪ :‬هو البنك ذو املسامهة املالية األقل مقارنة باملدير الرئيسي؛‬
‫_ املدير املساعد‪ :‬هي البنوك صاحبة احلصص املالية األقل مقارنة باملدراء؛‬
‫_ املشاركون العاديون‪ :‬هي البنوك صاحبة أقل حصة من بني مجي املشاركني‪.‬‬
‫ي_ التوقيع على عقد القرض‪ :‬بعد اإلتفاق على مجي البنود املتعلقة بالقرض وحتديد البوك املشاركة فيه‪ ،‬يتم يف‬
‫للسة علنية التوقي على عقد القرض‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬مدخل إلى األسواق المالية الدولية‬
‫‪ _2‬سوق السندات الدولية‬
‫‪ _1_2‬ماهية سوق السندات الدولية‬
‫يعرب سوق السندات الدولية عن السوق الذي يتم فيه تداول سندات من متعاملني ألانب حمررة بعمالت‬
‫ألنبية عنام ومتداولة خارج احلدود الوطنية‪ .‬إذ يتم يف هذا الصدد التمييز بني نوعني من السندات الدولية‪:1‬‬
‫_ السندات األوروبية‪ :‬هي عبارة عن السندات اليت يتم إصدارها من طرف مقرتضني يف سوق مايل‬
‫ألنيب وحمررة بعملة ختتلف عن عملة البلد الذي مت إصدارها فيه‪ .‬ومثال ذلك أن تصدر مؤسسة سوناطراك‬
‫اجلزائرية سندات يف سوق لندن املايل حمررة بالدوالر األمريكي‪.‬‬
‫_ السندات األجنبية‪ :‬هي عبارة عن السندات اليت يتم إصدارها من طرف مقرتضني يف سوق مايل‬
‫ألنيب وحمررة بنفس عملة البلد الذي مت إصدارها فيه‪ .‬ومثال ذلك أن تصدر مؤسسة سوناطراك اجلزائرية سندات‬
‫يف سوق نيويورك املايل حمررة بالدوالر األمريكي‪.‬‬
‫‪ _2_2‬تطور سوق السندات الدولية‬
‫كان إصدار السندات الدولية عامال رئيسيا يف زيادة التدفقات املالية عرب احلدود‪ ،‬إذ مت البدء يف إصدار‬
‫السندات األلنبية سنوات اخلمسينات من القرن العشرين‪ ،‬أين توله العديد من املقرتضون من خمتلف دول العامل‬
‫لطرح سندات يف األسواق املالية األمريكية ( تسمى "سندات اليانكي" » ‪ ) « Yankee Bonds‬للحصول‬
‫على رؤوس أموال بالدوالر األمريكي الذي كان يتميز خالل تلك الفرتة بالندرة وزيادة الطلب عليه‪ .‬ويف فرتة‬
‫الستينات قامت السلطات األمريكية بإصدار تشريعات وقوانني تقيد من إصدار سندات اليانكي من طرف‬
‫املقرتضني األلانب‪ ،‬وهو ما دف العديد من املقرتضني للتوله إلصدار سندات بالدوالر يف أسواق مالية لدول‬
‫أخرى خصوصا يف أوروبا‪ ،‬وهو ما دف لربوز ما يعرف بالسندات األوروبية اليت أصدرا ألول مرة سنة ‪ 7560‬من‬
‫طرف شركة "أوتوسرتاد" اإليطالية اليت أصدرت سندات يورودوالر‪ .‬وشادت السندات األوروبية بعد ذلك تطورا‬
‫ملحوظا باعتبارها ختلو من العديد من القيود اليت تواله األنواع األخرى من السندات (احمللية واأللنبية)‪ ،‬حيث‬
‫تعترب السندات األوروبية املصدرة بالدوالر (سندات اليورودوالر) األكثر إصدارا باعتبار املكانة الريادية واحملورية‬
‫للدوالر يف اإلقتصاد العاملي‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Frederic Mishkin: op-cit, p 28.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪S. Kevin: « Fundamentals of international financial management», PHI learning, New Delhi,‬‬
‫‪2009, pp 267,268.‬‬
‫‪71‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬مدخل إلى األسواق المالية الدولية‬
‫‪ _3‬سوق األسهم الدولية‬
‫تلجأ العديد من الشركات واملؤسسات إىل رف رأمساهلا عن طريق طرح األسام يف أسواق رأس املال‬
‫الدولية (البورصات) من لاة لتوفري التمويل ومن لاة أخرى للحصول على رصيد كاف من العمالت األلنبية‬
‫الضرورية للقيام مبشاريعاا اليت تكون عادة منتشرة يف خمتلف دول العامل‪ .‬ومن هذا املنطلق فإن املؤسسات الدولية‬
‫ذات النشاط اإلقتصادي الدويل الواس والشركات املتعددة اجلنسيات تعترب أهم األطراف املصدرة لألسام يف‬
‫سوق األسام الدولية ‪.‬‬
‫وتطور سوق األسام الدولية باألساس بداية من مثانينات القرن العشرين‪ ،‬أين كانت املؤسسات األلنبية‬
‫تطرح أساماا يف أسواق األسام األمريكية‪ .‬وم تنامي وتوس هذا السوق خصوصا ملا ميثله أيضا من خالل‬
‫عمليات التداول بيعا وشراء كمصدر ربح للمستثمرين من لاة وما ميثله التوس الدويل من آلية لتنوي احملفظة‬
‫املالية وجتنب املخاطر املالية‪ ،‬ظارت العديد من الصناديق اإلستثمارية املتخصصة يف بي وشراء األسام من أسواق‬
‫رأس املال الدولية‪ ،‬وتنوعت ما بني صناديق استثمار تعاونية خاصة‪ ،‬صناديق حتوط وصناديق الثروة السيادية‪ ،‬إذ‬
‫أنه وحبكم العوملة املالية وتدويل سوق األسام مل يعد املستثمرين ياتمون فقط بتطورات مؤشر البورصة احمللية بل‬
‫ميتد ليشمل بقية مؤشرات أسواق األسام الدولية الرئيسية اليت متتد فياا استثماراهتم احملفظية‪.1‬‬
‫‪ _4‬األطراف الفاعلة في األسواق المالية الدولية‬
‫تربز أهم األطراف الفاعلة يف األسواق املالية الدولية يف‪:‬‬
‫‪ _1_4‬صناديق الثروة السيادية‬
‫تعترب صناديق الثروة السيادية من أهم األطراف الفاعلة يف أسواق األسام الدولية‪ ،‬خصوصا بعد األزمة‬
‫املالية العاملية لـ‪ 1335‬اليت أعقباا عمليات إنقاذ مايل لشركات عديدة قامت هبا هذه الصناديق مما أدى إىل تزايد‬
‫اإلهتمام والرتكيز على دورها يف األسواق املالية الدولية واإلقتصاد العاملي عموما‪.‬‬
‫‪ _1_1_4‬نشأة وتطور صناديق الثروة السيادية‬
‫على الرغم من بروز وتزايد اإلهتمام بدور الصناديق السيادية يف أسواق األسام الدولية وتأثريها يف‬
‫اإلقتصادي العاملي يف السنوات األخرية منذ األزمة املالية العاملية لسنة ‪ ،1335‬إال أن ذلك ال يعين أهنا برزت‬
‫حديثا فقط‪ .‬حيث يعود ظاورها األول إىل اخلمسينات من القرن العشرين عندما تأسست هيئة اإلستثمار‬

‫‪1‬‬
‫‪Frederic Mishkin: op-cit, p 29.‬‬
‫‪72‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬مدخل إلى األسواق المالية الدولية‬
‫الكويتية سنة ‪ 7590‬بغرض استثمار مداخيل النفط يف صاحل األليال املستقبلية‪ ،‬وهي اخلطوة اليت سارت علياا‬
‫عديد الدول فيما بعد سواء الدول ذات الفوائض اإلحتياطية نتيجة تصدير املواد األولية كالغاز والبرتول كما هو‬
‫احلال يف دول منطقة الشرق األوسط ومشال إفريقيا‪ ،‬أو الدول ذات صايف الصادرات املرتف نتيجة قوة لاازها‬
‫اإلنتالي كما هو احلال يف الدول اآلسيوية خصوصا الصني‪.‬‬
‫وتعاظم ظاور وبروز صناديق الثروة السيادية بداية من األلفية الثالثة نتيجة‪:‬‬
‫_ اإلرتفاع الذي سجلته أسعار النفط منذ ذلك الوقت من حدود ‪ 13‬دوالر للربميل بداية األلفية إىل‬
‫حدود ‪ 741‬دوالر للربميل سنة ‪ ،1335‬وما نتج عن ذلك من تسجيل عديد الدول املصدرة للنفط من فوائض‬
‫مالية كبرية سامهت يف تأسيس الدول املعنية لصناديق ثروة سيادية ممولة من هذه الفوائض‪.‬‬
‫_ حتول عديد الدول اآلسيوية كما سامهت أزمة دول لنوب شرق آسيا سنة ‪ 7551‬يف إىل اتباع‬
‫سياسات اقتصادية هتدف إىل حتقيق النمو عن طريق حتفيز الصادرات‪ ،‬مما ساهم يف قوة لاازها اإلنتالي وتزايد‬
‫صايف الصادرات الذي خلق فوائض يف امليزان التجاري كانت أكرب من أن متتصاا أسواقاا املالية احمللية‪.‬‬
‫وم هناية سنة ‪ 1335‬كانت صناديق الثروة السيادية اآلسيوية والناجتة عن فوائض الصادات النفطية متثل‬
‫حوايل ‪ %55‬من إمجايل األصول املالية اليت متتلكاا صناديق الثروة السيادية حول العامل‪.1‬‬
‫‪ 2_1_4‬ماهية صناديق الثروة السيادية‬
‫عرفت جمموعة العمل الدولية اليت عيناا صندوق النقد الدويل سنة ‪ 1331‬صناديق الثروة السيادية على‬
‫أهنا‪ " :‬صناديق استثمار أو ترتيبات ذات غرض خاص متتلكاا احلكومة العامة وتنشؤها ألغراض اقتصادية كلية‪.‬‬
‫وهي حتتفظ باألصول أو تتوىل توظيفاا أو إدارهتا لتحقيق أهداف مالية مستخدمة يف ذلك اسرتاتيجيات‬
‫استثمارية تتضمن اإلستثمار يف األصول املالية األلنبية"‪.2‬‬
‫تتنوع استثمارات صناديق الثروة السيادية بني اإلستثمارات الداخلية فيما تعلق بإنشاء بىن حتتية ومشاري‬
‫تنموية‪ ،‬وبني اإلستثمارات يف األصول األلنبية بشراء أسام شركات وبنوك يف اخلارج يف خمتلف األسواق املالية‬
‫الدولية‪ ،‬وهذا النوع هو الذي ساهم يف تزايد الديناميكية على مستوى أسواق األسام الدولية حبكم أهنا من لاة‬
‫تعترب طرف ذو فائض مايل كبري يوفر التمويل ومن مث يغري املؤسسات والشركات على مزيد من إصدارات األسام‬

‫‪ 1‬أودايرب داس وآخرون‪" :‬اقتصاديات صناديق الثروة السيادية‪ :‬قضايا لصناع السياسات"‪ ،‬صندوق النقد الدويل‪ ،1373 ،‬ص‬
‫ص ‪.9 ،4‬‬
‫‪ 2‬املرل السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪73‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬مدخل إلى األسواق المالية الدولية‬
‫طلبا للتمويل‪ ،‬كما أهنا من لاة أخرى من مصلحتاا تنوي استثمارات حمفظتاا املالية ومن مث توسي انتشارها يف‬
‫األسواق املالية الدولية يف إطار اسرتاتيجية استثمارها لتعظيم العوائد من لاة واحلد من املخاطر املالية من لاة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫واستنادا إىل أهدافاا البارزة‪ ،‬قسم صندوق النقد الدويل صناديق الثروة السيادية إىل مخسة فئات رئيسية‬
‫كما يربز فيما يلي‪:1‬‬
‫_ صناديق اإلستقرار‪ :‬يكون هدفاا الرئيسي محاية ميزانية الدولة واقتصادها عموما من التأثريات السلبية‬
‫لتقلبات أسعار املواد األولية _اليت تعترب املصدر الرئيسي الحتياطات الدولة من العمالت األلنبية_ يف األسواق‬
‫الدولية‪.‬‬
‫_ صناديق اإلدخار‪ :‬هدفاا محاية حقوق األليال املستقبلية من خالل حتويل األصول غري املتجددة إىل‬
‫أصول أكثر تنوعا مبا ميكن من احلفاظ على الثروة يف املدى الطويل لألليال القادمة مستقبال‪.‬‬
‫_ شركات اإلستثمارات اإلحتياطية‪ :‬وهي الشركات اليت حتتسب أصوهلا كأصول إحتياطية‪ ،‬يتم إنشائاا‬
‫بغرض زيادة العائد على اإلحتياطات‪.‬‬
‫_ صناديق التنمية‪ :‬وهي الصناديق اليت تعمل على حتقيق مشاري اقتصادية والتماعية تساهم يف دف‬
‫التنمية يف اإلقتصاد املعين‪.‬‬
‫_ صناديق طوارئ احتياطات التقاعد‪ :‬وهي صناديق غري معنية بالتزامات صرحية يف امليزانية العامة للدولة‪.‬‬
‫‪ _2_4‬صناديق التحوط‬
‫تعترب صناديق التحوط حمور اهتمام املؤسسات اإلستثمارية وأصحاب الثروات املالية الكبرية كخيار‬
‫استثماري بديل للمحافظ املالية التقليدية‪ ،‬إذ تعترب بفضل رمسلتاا الكبرية من أهم الفاعلني املؤثرين يف األسواق‬
‫املالية الدولية عموما و أسواق األسام الدولية خصوصا وتعترب من صناع السوق‪.‬‬
‫‪ _1_2_4‬نشأة وتطور صناديق التحوط‬
‫يعود ظاور أول صندوق حتوط إىل سنة ‪ 7545‬أسسه "روبرت ويسلو" والذي اعتمد من خالله‬
‫اسرتاتيجية الرف املايل وتبادل املراكز الطويلة والقصرية‪ .‬واستمر اإلستثمار يف صناديق التحوط يتميز بالغموض‬
‫حىت سنة ‪ 7566‬أين مسح مقال منشور من طرف أحد مالكي صناديق التحوط حول كيفية تشكيل ثروته‬

‫‪ 1‬املرل السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬


‫‪74‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬مدخل إلى األسواق المالية الدولية‬
‫واإلسرتاتيجيات املتبعة يف صندوقه بشكل أفضل مقارنة بصناديق اإلستثمار األخرى‪ ،‬إىل مزيد من اإلهتمام حول‬
‫صناديق التحوط اليت ارتف عددها منذ ذلك الوقت بتأسيس حوايل ‪ 743‬صندوق حتوط خالل السنتني املواليتني‬
‫فقط‪.‬‬
‫وخالل الفرتة املوالية هناية الستينات وحىت منتصف السبعينات ونتيجة اإلخنفاض يف أسعار األسام خالل تلك‬
‫الفرتة‪ ،‬عرفت صناديق التحوط تسجيل خسائر كبرية وانسحاب رؤوس األموال مناا مما أعادها مرة أخرى إىل حالة‬
‫الغموض واإلهبام حىت سنة ‪ ،7556‬أين دف تقرير حول عوائد أحد صناديق التحوط املرتفعة إىل عودة اإلهتمام‬
‫مرة أخرى باإلستثمار يف صناديق التحوط اليت عادت بقوة للنشاط يف األسواق املالية الدولية‪.1‬‬
‫‪ _2_2_4‬ماهية صناديق التحوط‬
‫تعرف صناديق التحوط بشكل خمتصر على أهنا أوعية كبرية لغري منظمة لرؤوس أموال خاصة‪ ،‬حيث‬
‫ميكن ملسريياا اإلستثمار يف جمموعة واسعة من األصول واتباع اسراتيجيات استثمارية عديدة‪ .2‬كما ميكن تعريفاا‬
‫يف هذا الصدد على أهنا أدوات استثمار خاص ألصحاب الثروات املالية واملؤسسات اإلستثمارية الكبرية‪ ،‬حيث‬
‫تكون هيكلتاا وتنظيماا يف إطار عدد حمدود من الشراكات‪ ،‬أين يكون استثمارها بني عدد حمدود من الشركاء‪،‬‬
‫واملدراء فياا عبارة عن شركاء متضامنون‪ .‬وباعتبارهم شركاء متضامنون يقوم مدراء صندوق التحوط عادة باستثمار‬
‫‪3‬‬
‫شراكة لنسبة معتربة من ثرواهتم الشخصية قصد ضمان موائمة املصاحل اإلقتصادية بني الشركاء‪.‬‬
‫وتتميز صناديق التحوط عن بقية صناديق اإلستثمار يف األسواق املالية الدولية بأربعة خصائص رئيسية‬
‫هي‪:4‬‬
‫_ صناديق التحوط غري مقيدة بأدوات مالية معينة أو اسرتاتيجية تداول خاصة‪ ،‬بل ميكناا استخدام ما‬
‫ميكناا من تعظيم أرباحاا ماما كان معقدا؛‬
‫_ تستخدم صناديق التحوط أسلوب الرف املايل بكل حرية‪ ،‬سواء كان ذلك بشكل مباشر من خالل‬
‫استخدام الدين أو بشكل غري مباشر من خالل الرف املايل الذي تتضمنه املشتقات املالية؛‬

‫‪1‬‬
‫‪William Fung and David Hsieh: « A primer on hedge funds », Journal of Empirical Finance,‬‬
‫‪Vol 6, Issue 3, 1999, pp 310, 311.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪John Kambhu et al: «Hedge Funds, Financial Intermediation, and Systemic Risk », Federal‬‬
‫‪reserve bank of new york, staff report N° 291, 2007, p 2.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪William Fung and David Hsieh: op-cit, p 310.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪John Kambhu et al: op-cit, p 2.‬‬
‫‪75‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬مدخل إلى األسواق المالية الدولية‬
‫_ تتميز صناديق التحوط بنوع من التعتيم على الغرباء وغري املنتسبني هلا نتيجة عدم خضوعاا لتنظيم‬
‫معني؛‬
‫_ حيصل مدراء صناديق التحوط على تعويضات بناء على أدائام وفق نسب معينة‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬املشتقات املالية‬

‫‪ _1‬ماهية املشتقات املالية‬


‫‪ _2‬عقود املشتقات الرئيسية‬
‫‪_3‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬المشتقات المالية‬

‫‪ _1‬ماهية المشتقات المالية‬


‫يعود ظهور املشتقات املالية يف بداياهتا إىل الرغبة يف التحوط والتغطية يف التقلبات يف أسعار السلع واملوواد‬
‫األوليووة‪ ،‬لكووه ظه ووور املشووتقات املالي ووة ل يكووه إن يف الس ووبعييات ووه الق وور العش وريه وخصوص ووا أءيوواا الاتا يي ووات‬
‫والتسوعييات‪ ،‬أيووه شووهد اتصتصواد العووامل بووالتما ه وع واووة التحريوور املوام يف األ يتووة املاليووة الدوليوة تمايوود املطووا ر‬
‫الووو توااههووا املاسس ووات املاليووة يف شووا ها س وواا ووا تعلووت لط وور سووعر الأاعوود أو ووا تعلووت بالتطايريووة يف أس ووعار‬
‫األصوووا املاليووة ووه أسووه وسوويدات‪ .‬و تيجووة هوولت التطووورات وت ءلاهتووا السوولبية شلووا تطووور شوواط األس ووا املاليووة‪،‬‬
‫شتووم وودراا و سوولو املاسسووات املاليووة شلووا الرتكيووم أكاوور شلووا إدار املطووا ر املاليووة ووا كووا دا عووا رعيسوويا لتطووور‬
‫اتبتكووارات املاليووة يف ش ووكم أدوات اليووة ديا ووة هتوود باألس ووا للحوود ووه خ وولت املطووا ر شر و بو و"املش ووتقات‬
‫املالية"‪.‬‬
‫تعوور املشووتقات املاليووة شلووا أ ووا أدوات اليووة تسووتتد صيتتهووا ووه أداا الكيووا األساس و الوول مكووه أ‬
‫يكو أصال اليا‪ ،‬اشرا‪ ،‬سعر اعد ‪ ،‬سعر صر ‪....‬اخل‪ .‬ترتبط صيتتها ب صوا الية أخور كا يوة وراا املبوادنت‬
‫املطتلأة‪ .‬إذ تيش شيها شالصات تعاصدية بني شد أ را وتكو صيتتها شتقة بياا شلوا عيوار دودد و تأوت شليو‬
‫يعود باألسا إىل الصأقة الياشئة بني األ را املعيية‪.‬‬
‫‪ _2‬عقود المشتقات الرئيسية‬
‫إذا اشرتت املاسسة أصال اليا عييا إ يا قووا أ وا اختولت ركوما وويال‪ ،‬أ وا إذا باشو أصوال اليوا عييوا‬
‫إ يا قوا أ ا اختلت ركوم صصولا‪ .‬و وع ودو تقلبوات يف أسوعار األصووا املاليوة وإ املاسسوة عرخوة للتطوا ر‬
‫املاليووة يف كلتووا احلووالتني‪ ،‬يو فوود أسووها اووح شلووا التحوووا ووه ركووم تخوور تبعووا نفووات تغولات األسووعار‪ ،‬إذ أ‬
‫توصع ارتأاع أسعار األصووا املاليوة يف السوو يعو تواو املاسسوة لشوراا تلوص األصووا بالسوعر املويطأق يف الوصو‬
‫احلووام (املركووم الطويووم) صصوود بيعهووا سووتقبال شيوود ارتأوواع األسووعار ( ركووم صصوول)‪ ،‬أ ووا إذا ووا توصع و ا أاخووا يف‬
‫األسعار إ املاسسة تعتم شلوا بيوع األصووا يف الوصو احلوام بالسوعر املرتأوع( ركوم صصول) صصود شوراعها سوتقبال‬
‫بالسعر امليطأق ( ركم ويم)‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬المشتقات المالية‬

‫تكو املشتقات املالية سب شد أشكاا كتا يتوخح يتا سي يت‪:‬‬


‫‪ _1_2‬العقود اآلجلة‬
‫يعوور العقوود اتاووم شلووا أ و شقوود اتأووا بووني وور ني بوواعع و شوورت يتعهوود يو البوواعع بو يبيووع للتشوورت‬
‫أصال عييا يف تاريخ ستقبل وبسعر تأت شلي ه البداية‪ .‬وشيد وصوا التاريخ املتأت شليو يوت تيأيول العقود وه‬
‫خالا تسلي الباعع للكتية املتأت شلي ه األصم وتسلي املشرت القيتوة املاليوة اتلاليوة للصوأقة‪ .1‬ويتعلوت العقود‬
‫اتام يف الغالب إ ا ب دوات الديه تيجة تقلبات أسعار الأاعد اخلاصة هبا‪ ،‬كتا يتعلوت أياوا بوالعتالت األايبيوة‬
‫تيجووة تقلبووات أسووعار صوور ها‪ .‬ون يووت يف إ ووار خوولا العقوود د ووع أو صووبق أ صووي اليووة س وواا بصووأة سووبقة أو‬
‫االة‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫عدا اعد ‪ %6‬يكو اسوتحقاصها بعود ‪ 01‬سويوات‬ ‫تقوم اسسة "أ" بشراا سيدات خميية شلا أسا‬
‫يو أ ارتأواع سووعر‬ ‫مبوا صيتتو ‪ 5‬ليووو دونر‪ .‬و يورا لطوووا ورت اتسووتحقا توااو املاسسووة خطور سووعر الأاعود‬
‫الأاعد يف السو جيعم ه سيداهتا ذات صيتة سوصية أصم (خياك شالصة شكسوية بوني سوعر الأاعود والقيتوة السووصية‬
‫ووع اسسووة أخوور‬ ‫للسوويد)‪ ،‬ووا يوود عها للجوووا صصوود احلوود ووه خوولا اخلطوور إىل شتليووة التحوووط ووه خووالا اتتأووا‬
‫"ب" تتوصع ا أاخا يف سعر الأاعد (توصع عاكس) ب تبيع ها خلت السيدات يف تاريخ ستقبل بالسعر الساعد‬
‫حليووة اتتأووا شلووا سووبيم املاوواا مبوا مكيهووا ووه فيووب اخلسوواعر الووو سووتيتس شيوود ارتأوواع سووعر الأاعوود سووتقبال‪ .‬يف‬
‫ني أ املاسسة "ب" تلج لشراا خلت السيدات بووقيتة ‪ 5‬ليوو دونر و عودا اعود ‪ %6‬شلوا اشتبوار توصعهوا‬
‫ن أاض سعر الأاعد ستقبال و وه ارتأواع القيتوة السووصية للسويدات ألكاور وه ‪ 5‬ليوو دونر مبوا مكيهوا وه‬
‫حتقيت ربح شيد بيعها‪.‬‬
‫وشيد دو التغل يف سعر الأاعود إ و يف واا وا إذا كوا ارتأاشوا وإ املاسسوة "أ" تكوو صود تحو‬
‫يف فيب املطا ر املالية باستطدام العقد اتام تيجة صحة توصعاهتا‪ ،‬قابم حتتم املاسسة "ب" للتطوا ر املاليوة‬
‫خا ئة‪ ،‬والعكس يف اا ا إذا حتقت ا أاض يف سعر الأاعد ‪.‬‬ ‫تيجة أ توصعاهتا كا‬
‫وتتتيووم العقووود اتالووة الووو تووت يف إ ووار األسووا غوول املييتووة بالسووهولة وشوودم التعقيوود يف بيعتهووا‪ ،‬لكووه‬
‫سلبياهتا تتتام أساسا يف‪:2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Frederic Mishkin: op-cit, p 311.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid, p 311.‬‬
‫‪87‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬المشتقات المالية‬

‫_ صلووة سوويولة سووو خوولت العقووود‪ ،‬والووو يقصوود هبووا صووعوبة إدووام وحتقووت خوولت العقووود بسووبب صووعوبة توا ووت‬
‫املتعاصد سواا بعدم القدر شلا إجياد ر يرغب يف شقد صأقة و ت العقد اتاوم‪ ،‬أو لصوعوبة‬ ‫رغبات األ را‬
‫توا ووت رغبووات الطوور ني ووه يو ‪ :‬توواريخ اتسووتحقا ‪ ،‬السووعر املتأووت شليو ‪ ،‬األصووم دووم الصووأقة‪......‬اخل‪ ،‬وخووا ووا‬
‫يستا ه اليا ية املالية بصعف سيولة السو ‪.‬‬
‫ووا إدا هووا لعوودم صووحة توصعات و وحتتل و للطسوواعر شيوود‬ ‫_ شوودم إدووام الصووأقة س وواا بسووبب ر ووق وور‬
‫إدا هووا‪ ،‬أو بسووب تعوورض أ وود الطوور ني حلالووة شسوور ووام حتوووا دو الو وواا بالتما اتو ‪ .‬ويف خوولت احلالووة جيوود الطوور‬
‫اتخوور أس و أ ووا خيوواريه‪ :‬إ ووا اللجوووا إىل القاوواا و ووا ييووتس شووه ذلووص ووه إخوودار للوص و وحتتووم تكوواليف اليووة‬
‫إخا ية‪ ،‬أو القبوا بعدم التمام الطر اتخر دو أ يرتتب شه ذلص أ ترتيبات خاصة‪.‬‬
‫‪ _2_2‬العقود المستقبلية‬
‫‪ _1_2_2‬ماهية العقود المستقبلية‬
‫يعر العقد املستقبل شلا أ شقد صطع يتوا ت ي ر ني عييني شلا شراا أو بيع أصم ام عني يف‬
‫تاريخ ستقبل وبسعر تأت شلي سبقا‪ .‬وتت العقود املستقبلية يف إ ار األسوا املييتة وتتتيم لصاعص فعلها‬
‫شلوا شكووس العقوود اتالووة ن تتتيوم مبطووا ر صلوة سوويولة السووو وشودم القوودر شلوا الو وواا باتلتما وات‪ ،‬تووح أ هووا‬
‫يتا يل ‪:1‬‬
‫_ شلووا شكووس العقووود اتالووة الووو تعتووح شقووود خاصووة بووني وور ني دوودديه و عوورو ني‪ ،‬ووإ العقووود املسووتقبلية ن‬
‫خور كوسويط بييهتوا يعور ب و"غر وة املقاصوة" الوو يوح دورخوا أساسوا‬ ‫يها ريف العقود‪ ،‬حبكو واوود ور‬ ‫يتعار‬
‫كاا ه للصأقة‪.‬‬
‫ووا يسووهم ووه‬ ‫_ واووود توواريخ اسووتحقا دوودد وصيتووة إمسيووة للعقوود املسووتقبل الوا وود ءابتووة‪ ،‬وخوولت "اليتطيووة" خو‬
‫التقاا املتعا لني يف سو العقود املستقبلية ويميد بالتام ه سيولة خلا السو قار ة بسو العقود اتالة؛‬
‫و و وص وووا ت وواريخ‬ ‫_ شي وود شق وود اتأ ووا ش وراا أو بي ووع شق وود س ووتقبل ‪ ،‬مك ووه تداول و شو وراا أو بيع ووا يف أ وص و‬
‫اتستحقا املتأت شلي شلا شكس ا خو يف العقود اتالة الو نمكه تداوها بعد اتتأا شليها؛‬
‫سوتاتر وا‬ ‫_ تتتيم العقود املستقبلية بكو ا تعدا و وت سوعر السوو شيود ايوة كوم ورت تسوعل‪ .‬تواال إذا اشورت‬
‫‪ 01‬شقووود سووتقبلية بقيت ووة ‪ 0111‬دونر للعقوود الوا وود وارتأووع سووعرخا يف الي وووم امل ووام إىل ‪ 0151‬دونر‪ ،‬ووإ‬

‫‪1‬‬
‫‪Roy Bailey : « The Economics of Financial Markets », Cambridge University Press, UK,‬‬
‫‪2005, pp 340-342.‬‬
‫‪78‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬المشتقات المالية‬

‫ساب اها ش اخلاص ب تاا إلي صيتة ربح بو‪ 511‬دونر‪ .‬يف اليوم املوام بدأ املستاتر يو و مبركوم ويوم و وت‬
‫س ووعر العق وود املس ووتقبل الوا وود ب و و‪ 0151‬دونر ول وويس ‪ 0111‬دونر‪ ،‬يو و أ و و إذا ا أ ووق بعو وود للت ووداوا إىل‬
‫‪ 0101‬دونر اال للعقد املستقبل الوا د‪ ،‬إ حيقت خسار مبقدار ‪ 011‬دونر ختص ه ساب‬
‫‪ _2_2_2‬طرق تسوية العقود المستقبلية‬
‫يت تسوية العقود املستقبلية و ت ءالءة ر خ ‪:1‬‬
‫ه أكار ر تسوية العقود املستقبلية‬ ‫_ تعويض الصفقة ‪ :‬يعتح تعويق الصأقة صبم تاريخ اتستحقا‬
‫شيوشا يف األسوا املالية ‪ ،‬ي أ املستاتر صوا ب املركوم الطويوم يبيوع أوس شودد العقوود الوو سوبت وأ اشورتاخا‬
‫ه صبم‪ ،‬يف ني أ املستاتر صا ب املركم القصل يشرت أس شدد القود الوو سوبع وأ باشهوا وه صبوم‪ ،‬ويوت‬
‫تقييد املكاسب واخلساعر يف اجلا ب الداعه أو املديه حلسابات اها ش اخلاصة باملستاتريه‪.‬‬
‫الووة ووا اختوول سووتاتر ووا ركوما ووويال بشوراا شقوود سووتقبل ‪ ،‬ووإ تعووويق الصووأقة ( ووه خووالا بيووع‬ ‫أو‬
‫أس العقد املستقبل ) شيد سعر رتأع يع حتقيت املستاتر لوربح يسواو إىل الأوار بوني سوعر الشوراا وسوعر البيوع‬
‫األشلووا ‪ ،‬والعكووس إذا ووا و تعووويق الصووأقة شيوود سووعر وويطأق إ و حيقووت خسووار تسوواو إىل الأووار بووني سووعر‬
‫الشراا وسعر البيع األصم‪ .‬أ ا يف الة ا إذا اختل ا ملستاتر ركما صصولا ببيوع شقود سوتقبل ‪ ،‬وإ تعوويق الصوأقة‬
‫( ه خالا شراا شقد ستقبل ) شيد سعر يطأق يع حتقيوت املسوتاتر لوربح يسواو إىل الأوار بوني سوعر البيوع‬
‫وسعر الشراا األصم‪ ،‬والعكس إذا ا و تعويق الصأقة شيد سعر رتأوع إ و حيقوت خسوار تسواو إىل الأوار بوني‬
‫سعر البيع وسعر الشراا األشلا‪.‬‬
‫ةةر‪ :‬مكووه ملسووتاتريه يف العقووود املسووتقبلية أ وود ا صووا ب ركووم ويووم‬ ‫_ مبادلةةة الويةةعية مةةآ طةةر‬
‫واتخور صووا ب ركوم صصوول اتتأوا شلووا الو واا بالتما اهتتووا (التسولي والوود ع) صبوم وصوووا تواريخ اسووتحقا العقوود‬
‫املسووتقبل وإخطووار اسسووة املقاصووة بووللص صصوود القيووام بإلغوواا وتسوووية العقووديه‪ .‬ي و أ أ اوولية خوولت الطريقووة‬
‫تكته يف أ ا دكه كال الطر ني ه م بادلة أصم ا ن يتتاشا واملتطلبات الال ة والارورية للعقد املستقبل ‪.‬‬
‫_ التسليم‪ :‬أ يا ا خالا رت التسلي املتأت شليها‪ ،‬يقووم سوتاتر وا صوا ب ركوم صصول بتقود إشوعار‬
‫تسلي إىل غر ة املقاصة تخطارخا برغبت يف القيام بالتسلي صبم وصوا تاريخ اتستحقا ‪ ،‬وخيا تقوم غر ة املقاصة‬

‫‪1‬‬
‫‪Ibid, pp 346, 347.‬‬
‫‪78‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬المشتقات المالية‬

‫بووإاراا شتليووة اختيووار شش وواعية أو سووب ليووة دوودد باختيووار سووتاتر خوور صووا ب ركووم ويووم يف أووس العقوود‬
‫املستقبل لق بوا شتلية التسلي الو ييجر شيها د ع لقيتة الصأقة واستال لألصم دم الصأقة‪.‬‬
‫املاسسة "أ" الو دلص سيدات خميية بقيتة إمسية إلالية ‪ 5‬ليو دونر مبعدا اعود ‪ %6‬لأورت‬ ‫مثال‪ :‬إذا كا‬
‫اسووتحقا ‪ 01‬سوويوات تتوصووع ارتأاشووا يف سووعر الأاعوود سووتقبال ووا جيعووم ووه صيتووة سوويداهتا يطأاووة يف السووو ‪،‬‬
‫مكيها احلد ه خطر سعر الأاعد باللجوا للتحوط شه ريت العقود املستقبلية‪.‬‬
‫باشتبار أ صيتة العقد املستقبل الوا د ددد يف السو بو ‪ 011111‬دونر‪ ،‬إ يتواب شلا‬
‫املاسسة "أ" أ تبيع ا يعادا‪ 51 =011111/5111111 :‬شقد ستقبل خاص بسيدات اخلميية للتحوط‬
‫ه خطر سعر الأاعد ستقبال‪ .‬إذ أ با رتاض ارتأاع سعر الأاعد يف السية املوالية شلا سيدات اخلميية إىل‬
‫‪ %01‬اال تيجة ارتأاع عدا التاط ‪ ،‬سياد إىل ترااع صيتة سيدات اخلميية الو دتلكها املاسسة إىل صيتة‬
‫سوصية أصم (خياك شالصة شكسية بني سعر الأاعد والقيتة السوصية للسيد) ا يد عها إىل إبرام شقد ام ع‬
‫خر تبيع ‪ 51‬شقد ستقبل بقيتة إلالية ‪ 5‬ليو دونر يف تاريخ اتستحقا بدا السعر امليطأق‪.‬‬ ‫ر‬
‫وفدر اتشار خيا إىل أ صبوا الطر اتخر تبرام العقد ع املاسسة "أ" رااع إىل كو ملص توصعات عاكسة‬
‫يقبم شراا خلت السيدات بو‪ 5‬ليو دونر‬ ‫لسعر الأاعد ب ييطأق ون يرتأع كتا تتوصع املاسسة "أ" و ه‬
‫شلا أ م أ ترتأع صيتت السوصية أ السية املوالية شيد ا ييطأق سعر الأاعد ‪ ،‬وشيدخا حيقت رحبا‪.‬‬
‫‪ _3_2‬عقود الخيارات‬
‫يعور شقوود اخليوار شلووا أ و العقوود الول يعطو احلوت حلا لو يف شوراا أو بيووع أصوم ووام عوني خووالا وورت‬
‫يية عيية (اخليار األ ريك ) أو شيد تاريخ عني (اخليار األورويب) بسعر تأت شلي يستا "سعر التيأيل"‪ .‬ي‬
‫أ شرت اخليار لومم يف إ وار خولا العقود بود ع شتولوة دودد حملورر اخليوار سوواا أول العقود أو ل ييأولت تيجوة وا‬
‫يتتيم ب ه رية واختيار يف تيأيول العقود أو شودم تيأيولت وه اهوة‪ ،.‬والتومام احملورر بقورار شورت اخليوار سوواا أول‬
‫العقد أو ل ييألت ه اهة أخر ‪.‬‬
‫ظهوورت شقووود اخليووار سووية ‪ 0791‬يف سووو شوويكاغو ودحووورت وووا األصوووا املاليووة وامل وواد األوليووة‪ ،‬يف‬
‫ووني أ شقووود اخليووار شلووا العتووالت ل تيهوور إن سووية ‪ .10791‬وبوور ت شقووود اخليووارات املتتحووور وووا العقووود‬
‫املستقبلية وحتول إىل أكار أ واع شقود اخليار تداون تيجة ا تتتيم ب العقود املستقبلية ه تطابت بني سعر العقد‬
‫وإ املتعوا لني لوه‬ ‫املستقبل وسعر األصم دم التعاصد ي شيد تاريخ اتستحقا كيتيجة لعتلية التحكي ‪ ،‬و ه‬
‫‪1‬‬
‫‪Henry Bourguinat: op-cit, p 258.‬‬
‫‪78‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬المشتقات المالية‬

‫يكووو لووديه أيووة شووكلة يف ا ووتالك شقوود اخليووار اخلوواص بالعقوود املسووتقبل أو اخلوواص باألصووم املعو دووم التعاصوود‪.‬‬
‫لكيو واشتبووارا ووه أ سووو العقووود املسووتقبلية يتتيووم بدراووة سوويولة شاليووة قار ووة ب سووا األصوووا والعقووود األخوور ‪،‬‬
‫يأاولو ا وتالك شقود اخليوار املتتحوور ووا العقوود املسوتقبلية وخوو وا اعوم خولا اليووع وه اخليوارات األكاور‬ ‫إ‬
‫تداون يف األسوا املالية‪.1‬‬
‫تيقس شقود اخليارات إىل وشني ا‪:2‬‬
‫أ_ خيار الشراا ‪ :call option‬يعط احلت حلا لو يف شوراا أصوم وام عوني سوب سوعر التيأيول سوواا خوالا‬
‫عني‪ ،‬قابم د ع شتولة إىل درر اخليار (الباعع)‪.‬‬ ‫رت يية ددد أو شيد تاريخ استحقا‬
‫ب_ خيوار البيوع ‪ :put option‬يعطو احلوت حلا لو يف بيوع أصوم وام عوني سوب سوعر التيأيول سوواا خوالا‬
‫عني‪ ،‬قابم د ع شتولة إىل درر اخليار (املشرت )‪.‬‬ ‫رت يية ددد أو شيد تاريخ استحقا‬
‫يووت تيأيوول خيووار الش وراا شيوود ا يكووو سووعر األصووم يف السووو أكووح ووه سووعر األصووم املتأووت شلي و (سووعر‬
‫التيأيوول)‪ ،‬يف ووني ييأوول خيووار البيووع ملووا يكووو سووعر األصووم يف السووو أصووم ووه سووعر األصووم املتأووت شلي و (سووعر‬
‫التيأيل)‪.‬‬
‫وشلا شكس العقود اتالة والعقود املستقبلية‪ ،‬ن دتع شقود اخليارات باتلما ية‪ ،‬وإمنا تعط احلوت حلا لهوا‬
‫ا وم اخليوار قابوم يوم اتختيوار خولت يلتومم بود ع شتولوة حملورر‬ ‫يف رية اتختيار سوب صولحت ‪ ،‬وهولا تود أ‬
‫اخليار سواا أل اخليار أو ل ييألت‪ .‬كتا تد أ أرباح ا م اخليار غل ددود وخساعرت ددود يف صيتوة العتولوة‬
‫ددود يف صيتة العتولة و قط وخساعرت غل ددود ‪.‬‬ ‫و قط‪ ،‬يف ني أ درر اخليار أربا‬
‫تت ءر العالو املد وشة شلا اخليار بالعوا م التالية‪:3‬‬
‫العالو شلا خيار الشراا يطأاة‬ ‫_ ستو سعر التيأيل‪ :‬كلتا كا ستو سعر التيأيل رتأعا كا‬
‫وشلووا خيووار البيووع رتأعووة‪ .‬أل و يف الووة خيووار الشوراا ارتأوواع سووعر التيأيوول يف وود ذاتو خووو تكلأووة رتأعووة و ووه‬
‫تكو العتولة الو يد عها شرت اخليار يطأاة‪ .‬يف ني أ يف الة خيار البيع ارتأاع سعر التيأيل ماوم شاعودا‬
‫رتأعا حلا م اخليار و ه تكو العتولة الو يد عها رتأعة‪.‬‬
‫ورت اسوتحقا اخليوار ويلوة كلتوا ادت العتولوة سوواا شلوا خيوار البيوع‬ ‫_ رت اتستحقا ‪ :‬كلتوا كا و‬
‫وا الأرت يتيح حلا م اخليار إ كا ية اتستأاد ه رص األرباح املتوا ر يف السو ‪.‬‬ ‫أو خيار الشراا‪ ،‬وذلص أل‬
‫‪1‬‬
‫‪Frederic Mishkin: op-cit, pp 320, 321.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Roy Bailey : op-cit, p 439.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Frederic Mishkin: op-cit,, pp 326, 327.‬‬
‫‪78‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬المشتقات المالية‬

‫أسعار األصوا يف السوو أكاور تقلبوا وتطايريوة كلتوا اد ذلوص وه‬ ‫_ دراة استقرار األسعار‪ :‬كلتا كا‬
‫صيتووة العتولووة الووو يوود عها ا ووم احليووار‪ ،‬أل تمايوود دراووة التطايريووة يعو تمايود ا تتوواا تيأيوول اخليووار وبالتووام فيووب‬
‫خما ر تقلب أسعار األصوا يف السو ‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫و شقد خيار شراا بني ر ني خيوص ‪ 0111‬سوه مبوا يقابوم ‪ 005‬دونر للسوه الوا ود وع د وع ووام‬
‫‪ 1111‬دونر كعتولة‪.‬‬
‫_ يف اا كا سعر السه يف السوو يف تواريخ اتسوتحقا خوو ‪ 005‬دونر إ و باليسوبة حلا وم اخليوار‬
‫ن ر بني أ ييأل اخليار أو ن ييألت‪ ،‬إذ أ يف كلتا احلالتني سيتكبد خسار مبقدار العتولة الو يد عها‪ ،‬و ه‬
‫يكو اخليار يف خلت احلالة يف وخعية "‪."at the money‬‬
‫ا وم اخليوار وه صولحت شوراا السوه الوا ود‬ ‫_ إذا كا سعر السه يف السو خوو ‪ 001‬دونر‪ ،‬وإ‬
‫ب ‪ 001‬دونر بوودا ‪ 005‬دونر‪ ،‬وبالتووام ن يقوووم بتيأيوول خيووار الشوراا وخيسوور صيتووة العتولووة املقوودر ب ‪1111‬‬
‫دونر‪ ،‬ويكو اخليار يف خلت احلالة يف وخعية "‪."out of the money‬‬
‫ا م اخليار ه صلحت الشوراا ب‪ 005‬دونر‬ ‫_ إذا كا سعر السه يف السو خو ‪ 011‬دونر إ‬
‫للس و و ووه ب و و وودا ‪ 011‬دونر للس و و ووه ‪ ،‬و و و ووه يق و و وووم بتيأي و و وول خيو و و و ووار الشو و و و وراا دققو و و و ووا رحبو و و و ووا صو و و و وودرت (‪-011‬‬
‫قووت رحبووا صووا يا صوودرت‬ ‫‪ 5111=0111x)005‬دونر ووع خسووار صيتووة العتولووة املقوودر ب ‪ 1111‬دونر أ‬
‫‪ 1111‬دونر‪ ،‬ويكو اخليار يف خلت احلالة يف وخعية "‪."in the money‬‬
‫ختتلف شقود اخليار شه العقود املستقبلية يف ءالءة قاط رعيسية خ ‪:1‬‬
‫_ باليسبة للعقود املستقبلية تكو األرباح واخلساعر خطية يف ني ا ا تكو غل خطية يتا تعلت بعقوود‬
‫اخليار؛‬
‫_ تستلمم العقود املستقبلية ه املستاتر صيتة الية أولية شيد بدا العقد تستا "اها ش"‪ ،‬يف ني أ يف‬
‫ظم شقود اخليار تتتام القيتة املالية األولية يف صيتة العتولة؛‬
‫_ العقود املستقبلية تتطلب رؤو أ واا توو ر يوت شلوا أساسوها إاوراا املقاصوة بوني وريف العقود سوب‬
‫تغلات أسعار األصم يف السو ع سعر األصم املتأت شلي ‪ ،‬يف وني شقود اخليوار يسوتلمم رؤو أ وواا قوط شيود‬
‫تيأيل ا م اخليار لعقد اخليار‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Ibid, pp 324, 325.‬‬
‫‪78‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬المشتقات المالية‬

‫‪ _4_2‬عقود المبادلة‬
‫شقوود املبادلووة خووو شقوود يلتوومم مبواب و كووم وور مببادلووة وود وشات ختص و قابووم وود وشات ختووص الطوور‬
‫اتخر‪،‬‬
‫تيقس شقود املبادلة إىل وشني رعيسيني خ ‪:‬‬
‫_ مبادلةةة الفائ ة ‪ :‬تعتووح ووه أخو اتليووات الووو يلجو هووا املسووتاترو لتجيووب خطوور سووعر الأاعوود ‪ ،‬وكووا‬
‫ظهورخا سية ‪ 0791‬باألسوا املالية األ ريكية‪ ،‬وخو العقود الول يتأوت مبوابو ر وا شلوا بادلوة تود قات قديوة‬
‫بيأس العتلة لسعر الأاعد وذلص ه سعر الأاعد الااب إىل سعر الأاعد املتغل والعكس‪ .‬إذ يتاوته خولا العقود‬
‫أ الطر الل يد ع سعر الأاعد الااب يستا "الدا ع"(يتلقا سعر اعد تغل) أ ا الطر الول يتلقوا سوعر‬
‫الأاعد الااب يستا "املتلق " (يد ع سعر الأاعد املتغل)‪.‬‬
‫ويت تبادا التد قات اليقدية لسعر الأاعد بوني الطور ني و يوت حتقيوت التطوابت يف عودنت الأاعود بوني‬
‫أصوووا وخصوووم يما يووة كووم اسسووة و ووه احلوود ووه خطوور سووعر الأاعوود ‪ .‬إذ أ املاسسووة "أ" الووو تكووو أصوووها‬
‫مبعدنت اعد ءابتوة وخصوو ها مبعودا اعود تغول عرخوة خلطور ارتأواع سوعر الأاعود ‪ ،‬يف وني أ املاسسوة "ب"‬
‫الو تكو أصوها مبعدا اعد تغل وخصو ها مبعدا اعد ءابتة عرخة خلطر ا أواض سوعر الأاعود ‪ .‬وشليو وإ‬
‫ووع التوود قات ذات سووعر الأاعوود املتغوول للتاسسووة‬ ‫بادلوة املاسسووة "أ" لتوود قات أصوووها ذات سووعر الأاعوود الاابو‬
‫"ب" يع أ املاسسة "أ" تصبح يما يتها ب صوا وخصوم ذات سعر اعد تغول واملاسسوة "ب" تصوبح يما يتهوا‬
‫ب صوووا وخصوووم مبعوودا اعوود ءاب و ‪ .‬مبعووخ خوور أ املاسسووة "أ" غوولت ووداخيم أصوووها بسووعر الأاعوود الااب و‬
‫لتتحوا إىل داخيم بسعر الأاعد املتغل‪ ،‬واملاسسة "ب" غلت وداخيم أصووها بسوعر الأاعود املتغول لتتحووا إىل‬
‫داخيم بسعر الأاعد الااب ‪.‬‬
‫مثال‪ :‬اسستا اليتا "أ" و "ب" يتأقا شلوا أ تقووم املاسسوة "أ" بو تود ع للتاسسوة "ب" عودا‬
‫اعوود ءابو ‪ %9‬شلووا صيتووة إمسيووة صوودرخا ‪ 0‬ليووو دونر لأوورت سووتقبلية ‪ 01‬سوويوات‪ ،‬قابووم صيووام املاسسووة "ب"‬
‫بد ع عدا اعد تغل اا إلي سبة ‪ %0‬شلا صيتة إمسية صدرخا ‪ 0‬ليو دونر ليأس الأرت ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬المشتقات المالية‬

‫الشكل ‪ :22‬مبادلة سعر الفائ‬


‫معدل فائدة ثابت طوال ‪ 88‬سنوات‬
‫دفع‬ ‫تحصيل‬

‫المؤسسة المالية "أ"‬ ‫المؤسسة المالية‬


‫" ب"‬

‫تحصيل‬ ‫دفع‬
‫معدل فائدة متغير طوال ‪ 88‬سنوات‬

‫ووه أخو يومات شقووود بادلووة سووعر الأاعوود خووو أ ووا شلووا شكووس شقووود املشووتقات األخوور الووو تسووتطدم‬
‫ويووم صوود يصووم لأوورت ‪11‬‬ ‫للتحوووط لأوورت صصوول شوواد تقوودر بسووية وا وود ‪ ،‬مكووه اسووتطدا ها للتحوووط شلووا وود‬
‫سوية‪ .‬كتووا أ خوولا اليوووع وه شقووود املبادلووة الوول يسواشد املاسسووات املاليووة شلووا إشواد خيكلووة يما ياهتووا يسوواخ يف‬
‫ختأوويق تكوواليف املعووا الت الووو تتحتلهووا املاسسووات املاليووة يف وواا صا و بإشوواد تغيوول تركيبووة أصوووا وخصوووم‬
‫يما ياهتا يف السو املام و ت اسرتاتيجيات أخر ‪.‬‬
‫و ووه اهووة أخوور تتتيووم شقووود املبادلووة بسوولبيات حتوود ووه ا تشووار اسووتطدا ها يف األس ووا املاليووة‪ ،‬إذ أ ووا‬
‫خور و أوس الرغبوات‬ ‫تتتيم مبشكم قص سيولة السو كتا خو احلاا يف العقود اتالة حبك صوعوبة إجيواد ور‬
‫والشروط‪ ،‬كتا أ شقود بادلة سوعر الأاعود تتتيوم بارتأواع خطور شودم الو واا بواتلتمام يف واا تغول أسوعار الأاعود‬
‫‪1‬‬
‫يف افات عاكس ملا توصعت إ د املاسسات ا جيعلها حتقت ربح لو ل تق بعقد املبادلة ع املاسسة األخر ‪.‬‬
‫_ مبادلة العملة‪ :‬خوو التومام تعاصود بوني ور ني تعلوت مببادلوة تود ت قود لعتلوة وا قابوم تود ت قود‬
‫تأت شلي ‪.‬‬ ‫ستقبل‬ ‫لعتلة أخر ‪ ،‬شلا أ تت التسوية بني الطر ني شيد تاريخ استحقا‬
‫اوواا‪ :‬لوودييا اسسووة بريطا يووة ختطووط لطوورح سوويدات لأوورت ‪ 5‬سوويوات بقيتووة ‪ 011‬ليووو ايي و بأاع وود‬
‫و ووا يعو ووادا ‪ 051‬ليو ووو دونر شلو ووا أسو ووا سو ووعر صو وور‬ ‫‪ ،%9.5‬لكيهو ووا يف ااو ووة ملو ووا يقابلهو ووا بالو وودونر أ‬
‫‪0‬ايي =‪ 0.5‬دونر صصد دويم شاريعها يف الونيات املتحد ‪ ،‬يف ني تواد اسسة أخور أ ريكيوة ختطوط خو‬

‫‪1‬‬
‫‪Idem, pp 329, 330.‬‬
‫‪78‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬المشتقات المالية‬

‫األخر لطرح سيدات لأورت ‪ 5‬سويوات بقيتوة ‪ 051‬ليوو دونر بأاعود ‪ %01‬لكيهوا يف ااوة ملوا صيتتو ‪011‬‬
‫ليو ايي لتتويم شاريعها يف بريطا يا‪.‬‬
‫ه خلا امليطلت تعقد كال الشركتني شقد بادلة شتلة كتا يل ‪:‬‬
‫أون‪ :‬تطوورح املاسسووة الحيطا يووة سوويداهتا وحتوووا صيتتهووا ‪ 011‬ليووو ايي و شووح وسوويط ووام إىل املاسسووة‬
‫األ ريكي ووة‪ ،‬يف ووني تط وورح املاسس ووة األ ريكي ووة س وويداهتا وحت وووا صيتته ووا ‪ 051‬لي ووو دونر ش ووح وس وويط ووام إىل‬
‫املاسسة الحيطا ية‪.‬‬
‫ءا يووا‪ :‬توود ع املاسسووة الحيطا يووة سوويويا اعوود ‪ %01‬شلووا سوويدات ‪ 051‬ليووو دونر إىل الوسوويط املووام‬
‫الوول حيوهووا للتاسسووة األ ريكيووة الووو توود عها إىل دلووة سوويداهتا‪ ،‬يف ووني توود ع املاسسووة األ ريكيووة سوويويا اعوود‬
‫‪ %9.5‬شلووا سوويدات ‪ 011‬ليووو ايي و إىل الوسوويط املووام الوول حيوهووا للتاسسووة الحيطا يووة لتوود عها إىل دل وة‬
‫سيداهتا‪.‬‬
‫ءالاوا‪ :‬شيود تواريخ اتسووتحقا تود ع املاسسوة الحيطا يووة صيتوة ‪ 051‬ليوو دونر للوسوويط املوام كو حيوهووا‬
‫للتاسسووة األ ريكيووة لتوود عها حلتلووة سوويداهتا‪ ،‬يف ووني توود ع املاسسووة األ ريكيووة صيتووة ‪ 011‬ليووو ايي و للوسوويط‬
‫املام ك حيوها للتاسسة الحيطا ية لتد عها إىل دلة سيداهتا‪ ،‬وخكلا يت إغال وإدام العقد بني الطر ني‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫ق ــائ ـم ــة الم ـ ـراجـ ــع‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫أوال‪ :‬باللغة العربية‬
‫_ أودايرب داس وآخرون‪" :‬اقتصاديات صناديق الثروة السيادية‪ :‬قضايا لصناع السياسات"‪ ،‬صندوق النقد الدويل‪.0202 ،‬‬

‫_ إيهان كوزي و آخرون‪" :‬العوملة املالية‪ :‬فيما وراء لعبة إلقاء اللوم"‪ ،‬جملة التمويل والتنمية‪ ،‬اجمللد ‪ ،44‬العدد ‪ ،0‬مارس ‪.0222‬‬

‫_ دومينيك سالفاتور‪ :‬اإلقتصاد الدويل‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممد رضا علي العدل و عبد العظيم أنيس‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.0991‬‬

‫_ روبا دوتاغوبتا وآخرون‪" :‬التحرك حنو مرونة سعر الصرف‪ :‬كيف‪ ،‬ومىت‪ ،‬وبأي سرعة؟"‪ ،‬قضايا اقتصادية‪ ،‬صندوق النقد‬
‫الدويل‪.0222 ،‬‬

‫_ سعود جايد العامري‪" :‬املالية الدولية‪ :‬نظرية وتطبيق"‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار زهران‪ ،‬عمان‪.0202 ،‬‬

‫_ صندوق النقد الدويل‪ :‬دليل ميزان املدفوعات ووضع االستثمار الدويل"‪ ،‬الطبعة السادسة‪.0229 ،‬‬

‫_ مارتن وولف‪" :‬تشكيل العوملة"‪ ،‬جملة التمويل والتنمية‪ ،‬اجمللد ‪ ،10‬العدد ‪ ،21‬سبتمرب ‪.0204‬‬

‫_ ماجنال كوسوامي وآخرون‪" :‬تدفقات رأس املال العاملي"‪ ،‬جملة التمويل والتنمية‪ ،‬اجمللد ‪ ،44‬العدد ‪ ،0‬مارس ‪.0222‬‬

‫_ ماهر كنج شكري و مروان عوض‪" :‬املالية الدولية‪ :‬العمالت األجنبية واملشتقات املالية بني النظرية والتطبيق"‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫دار احلامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.0224 ،‬‬

‫_ هوشيار معروف‪" :‬حتليل اإلقتصاد الدويل"‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار جرير للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.0222 ،‬‬

‫_ وليام وايت‪" :‬خلل يف النظام"‪ ،‬جملة التمويل والتنمية‪ ،‬صتدوق النقد الدويل‪ ،‬اجمللد ‪ ،10‬العدد ‪ ،0‬مارس ‪.0201‬‬

‫ثانيا‪ :‬باللغة األجنبية‬


‫‪_ Dominick Salvatore : « Economie internationale », 9eme édition, édition DE Boeck‬‬
‫‪université, Belgique, 2008.‬‬

‫‪_ Ettore Dorrucci and Julie McKay : « The international monetary system after the financial‬‬
‫‪crisis », European Central Bank, occasional paper series N° 123, February 2011.‬‬

‫‪_ Paul Krugman and Maurice Obstfeld : « International economics ; theory and policy », 6th‬‬
‫‪edition, Pearson education, USA, 2003.‬‬

‫‪_ Alan Blinder and William Baumol : « Macroeconomics ; principles and policy », eleventh‬‬
‫‪edition, South-Western Cengage Learning, 2009.‬‬
‫‪89‬‬
‫ق ــائ ـم ــة الم ـ ـراجـ ــع‬

_ Emmanuel Nyahoho : « Finances internationales : théorie, politique et pratique », 2 eme


édition, Presses de l’Université du Québec, 2002.

_ Eric Santor and Lawrence schembri : « The International Monetary System: An Assessment
and Avenue for Reform », Bank of Canada review, 2011.

_ Frederic Mishkin : « The economics of money, banking and financial markets », 7th edition,
The Addison-Wesley series in economics, 2004.

_ Jean-Louis Amelon،‫‏‬Jean-Marie Cardebat‫‏‬: « Les nouveaux défis de l'internationalisation:


Quel développement pour les entreprises apres la crise ?», 1er édition, édition De Boeck
université, Bruxelles, 2010.

_ Michael Klein : « European monetary union », New England Economic Review, 1998.

_ Prakash Apte: «International finance; a business perspective », 2nd edition, Tata Mcgraw-
Hill, 2009.

_ Roy Bailey : « The Economics of Financial Markets », Cambridge University Press, UK,
2005.

_ S. Kevin: « Fundamentals of international financial management», PHI learning, New


Delhi, 2009.

_ Sergio L. Schmukler : « Benefits and Risks of Financial Globalization: Challenges for


Developing Countries », Development Research Group, World Bank, 2004.

_ Susan lund et al : « Financial globalization ; retreat or reset, », Mckinsey global institute,


March 2013.

_ Agnes Benassy Quéré et autres : « Politique économique », 3eme édition, De Boeck,


Belgique, 2012.

_ Robert Carbaugh : « International economics », 12th edition, South-Western, USA, 2009.

_ William Fung and David Hsieh: « A primer on hedge funds », Journal of Empirical Finance,
Vol 6, Issue 3, 1999.

_ John Kambhu et al: «Hedge Funds, Financial Intermediation, and Systemic Risk », Federal
reserve bank of new york, staff report N° 291, 2007.

_ Gregory Mankiw: « Macroeconomics », 5th edition, worth publishers, 2002.

90

You might also like