Professional Documents
Culture Documents
لقد نشأت المحاسبة مع ظھور الحاجة لھا منذ آالف السنين ،وتطورت من حيث األهداف والوظائف والمفاھيم واألسس
واإلجراءات على مر الزمن ،حتى أصبحت على ما ھي عليه اليوم من تراكم ثري في العلم والمعرفة وتطبيقاتھا العملي ة،
وكان وراء ھذا التطور الھائل العديد من العوامل التي ساھمت بشكل كبير فيه ،ونوضح ذلك من خالل ما سيأتي :
أرتبط ظھ ور وتط ور المحاس بة بنش وء المجتمع ات المدني ة وتط ور حياتھ ا االجتماعي ة والسياس ية واالقتص ادية ،حيث
اھتمت المحاسبة منذ نشأتھا بقياس ثروة األفراد وبالمعامالت التجارية فيما بينھم ،وال شك أن ھذه الوظيفة ال يمكن القي ام
بھا دون وجود أداة متفق عليھا لقياس القيمة االقتص ادية لتل ك المع امالت ،وتتمث ل ھ ذه الوس يلة أو األداة ب النقود ،ولع ل
المبادئ االقتص ادية ال تي تض منتھا ش ريعة حم ورابي ح والي ع ام 1675ق م تعت بر من أق دم النص وص المعروف ة في
التاريخ فيما يتعلق بتنظيم عمليات اإليداع والتسليف والفوائد المترتبة عليھا والضمانات المرتبطة بھا .
فقد أبرزت األلواح والكتابات القديمة التي ظھرت على جدران المعابد والكھوف إن البابليين واإلغريق والرومان وك ذلك
الفراعنة قد مارسوا المحاسبة بصورتھا البدائية والتي كانت محص ورة بتس جيل عملي ات التب ادل والمقايض ة بين األف راد
وإحصاء الثروات وتجھيز الجيوش ،وكان يقوم بتلك المھمة ما يعرف ون بالكتب ة ال ذين يقوم ون بتس جيل تل ك المعلوم ات
على ألواح من طين الصلصال ،والتي كانت تختم ثم تفخر لكي يمكن االحتفاظ بھا كسجالت للمحاسبة ,ويمكن استخالص
أھم العوامل التي ساعدت على نشوء المحاسبة قديما وتطورھا في ما يلي:
وفي ظل اإلسالم تطورت المحاسبة بشكل ملحوظ ،حيث أنشأت الدواوين واألجھزة التي تھتم بالمال العام ،ولعل أش ھرھا
بيت المال الذي أنشأه الخليفة عمر بن الخطاب رضي هللا عنه خالل القرن الس ابع ميالدي ،وك ذا خالل الخالف ة العباس ية
أصدر أول كتاب يھتم بالمال العام وتص ريفه بعن وان "الخ راج" لقاض ي القض اة آن ذاك أب و يوس ف خالل الق رن الث امن
ميالدي .كما ظھر أول كت اب في المحاس بة بعن وان رس الة فلكي ة " كت اب الس ياقات" لمؤلف ه عب د هللا بن محم د بن كاي ة
المازندراني عام 1363م ،الكتاب مودع في مكتبة السلطان سليمان القانوني باسطنبول بتركيا ،ويعد ھ ذا الكت اب أول من
سجل المعاملة بطريقة إثبات أطراف المعاملة القيد المزدوج ،وبقي ھذا الكتاب في شكل مخطوط ولم يتم نشره بصورة
تجارية ،وظھر ھذا الكتاب قبل الكتاب المعروف للعالم لوكا باشيوليو بـ 131سنة ،حيث شرح فيه مؤلفه النظم المحاس بية
ال تي ك انت س ائدة في عص ره ،كم ا بين أن واع ال دفاتر المحاس بية الالزم ة ،باإلض افة لمعالجت ه العج ز والف ائض.
وبعد ظھور الحركة التجارية وتطورھا في العالم وفي أوروبا خصوص ا خالل الق رن الخ امس عش ر ميالدي ،أص بحت
حاج ة التج ار واإلقط اعيين إلى معرف ة إي رداتھم وتكلف ة الحص ول عليھ ا ،حيث ق ام أح د المھتمين بش ؤون الھندس ة
الرياضيات ويدعى لوكا باشيوليو عام 1494م في جنوب إيطاليا بوضع أولى قواعد المحاسبة الس ليمة في كتاب ه أال وھي
قاعدة القيد المزدوج والمتمثلة في تسجيل العمليات المالية من خالل تحديد طرفي العملية المالية وھما اآلخذ والمعطي ،أو
كما يعرف اآلن بالمدين والدائن.
~~1
وبعد كتاب باشيوليو ظھرت عدة كتابات في المحاسبة أسھمت في تطور المحاسبة ،ومن بين األمور التي كان لھا األثر
البليغ في تطور المحاسبة في ما بعد نذكر:
-إنشاء أول معھد للمحاسبة في مدينة البندقية سنة 1581م.
-صدور أول قانون تنظيمي للمحاسبة الضريبية ) قانون كولبرت( سنة 1673م ،حيث كان أول من أوجب إعداد
الميزانية كل سنتين.
-تأسيس معھد المحاسبة القانونية في اسكتلندا عام 1700م والمعھد المحاسبون القانونيون في إنجلترا سنة 1884م
-إصدار أول قرار بضرورة التدريب واجتياز امتحان خاص للممارسة مھنة المحاسبة من قبل نابليون سنة 1805م.
-انعقاد أول مؤتمر للمحاسبين سنة 1904م بسان لويس بأمريكا.
-تأسيس أول لجنة للمعايير المحاسبية الدولية عام 1973م
لقد نشأت المحاسبة وتطورت نتيجة لعوامل اقتص ادية واجتماعي ة وقانوني ة أدت جميعھ ا إلى ظھ ور الحاج ة إليھ ا لبي ان
نتائج المالية للعمليات واألحداث االقتصادية ،وفي ما يلي أھم العوامل التي ساھمت في تطور المحاسبة:
يعتبر ظھور وتطبيق نظام القيد المزدوج من أھم عوامل التي ساھمت في تطور العملية المحاسبية ،وقد تم تطوير نظام
القيد المزدوج من قبل لوقا باشيليو ) Luca (Pacioliوأول وصف لھذا النظام نشر في إيطاليا عام 1494م .وقد تأثر
ھذا النظام بدرجة كبيرة جدا بحاجة تجار مدينة البندقية االيطالية ،وال يزال إلى وقتنا ھذا يطبق تحت اسم " الطريقة
االيطالية ".وقد بقيت ھذه الطريقة المحاسبية محافظة على مكانتھا في الحياة العملية فيما عدا بعض التغيرات الشكلية
وذلك لتتالءم مع تطور االعمال واألنشطة االقتصادية ،فمسك الدفاتر وتسجيل الحسابات على أساس نظام القيد المزدوج
يعطي اساس علمي ورياضي بشكل اوسع للمحاسبة ويقدم معلومات أفضل وأوضح.
- 2تطور علم الحساب والجبر:
تعتمد المحاسبة أساسا على عملية القياس في تسجيل العمليات المحاسبية ،و لتطور علم الحساب والجبر أثر كبير على
تطور المحاسبة وظھورھا كعلم قائم بذاته ،فمبدأ القيد المزدوج ُمطور انطالقا من المعادالت الحسابية التي يتساوى فيھا
طرفي المعادلة في القيمة.
- 3الثورة الصناعية:
لقد أثرت الثورة الصناعية على المحاسبة بسبب حاجة مديري المصانع إلى معرفة تكلفة سلعھم ،ومن ھنا تطور حقل
محاسبة التكاليف لتلبية الحاجة إلى تحديد تكلفة اإلنتاج بدقة عمل تقديرات لھا في الوقت المناسب .فمحاسبة التكاليف
تركز على تسجيل التكاليف وتزويد اإلدارة بالتقارير الخاصة بتكلفة عمليات اإلنتاج.
- 4ظھور الشركات المساھمة العامة:
لقد خلقت الثورة الصناعية طلبا كبيرا على رؤوس األموال لتمويل المشروعات الضخمة ،فأدى إلى ظھور الشركات
المساھمة حيث ال يستطيع فرد وحده تأمين ھذه المبالغ الضخمة إلقامة مصنع .ويتكون رأس مال شركة المساھمة من
مجموعة من األسھم حيث تكون قيمة السھم صغيرة نسبيا ،وظھر حقر محاسبة الشركات لمعالجة كيفية تكوين رأس
المال وتوزيع األرباح على المساھمين .
~~2
- 5فصل ملكية المشروع عن إدارته:
أدت ضخامة حجم المشروعات التجارية واالقتصادية إلى زيادة وتعقيد عملياتھا المالية االقتصادية وتعدد أنشطتھا،
فوجدت فئة متخصصة إلدارة المشروعات الضخمة )طبقة اإلداريين والمنظمين( نيابة عن المساھمين لتعذرھم عن
القيام بإدارة الشركة لكثرة عددھم واختالف ثقافتھم وقدراتھم اإلدارية ومواقعھم الجغرافية ،ولھذا كان البد من توفر
سجالت محاسبية منتظمة ومنسقة ،ونظام محاسبي جيد يكفل تزويد المساھمين وغيرھم بالمعلومات والتقارير المالية
الكافية عن أوجه نشاط المشروع المختلفة ،التي تسھل عملية الرقابة وتقييم األداء ومد استغالل الموارد المتاحة.
- 6تعدد المستثمرين الحاليين والمتوقعين:
كلما كبر حجم شركة المساھمة كلما زاد عدد األطراف الذين يعتمدون على التقارير المالية والمعلومات المحاسبية،
فالمستثمرون المتوقعون والدائنون بحاجة إلى المعلومات للقيام بعملية االستثمار أو عدمه ،ھذا ما أدى إلى حاجة
المشروع كوحدة محاسبية مستقلة إلى تقديم البيانات والتقارير المالية عن أوجه النشاط المختلفة للحكم على مدى كفاية
اإلدارة وانتاجية ومعدل ربحية المشروع.
- 7زيادة حجم المنافسة بين المشروعات المتشابھة:
أدت المنافسة بين المشروعات المتشابھة إلى ضرورة ضغط النفقات إلى أقل درجة ممكنة مع االحتفاظ بجودة السلعة
من أجل زيادة معدل الربحية ،وھذا بدوره أدى إلى ظھور حسابات التكاليف والمحاسبة اإلدراية وتطبيق أنظمة الرقابة
الداخلية الفعالة والتخطيط المالي واالقتصادي السليم.
- 8حاجة الحكومات إلى فرض الضرائب على أرباح المشروعات:
حاجة الوحدات الحكومية إلى المعلومات المحاسبية ألغراض فرض الضرائب وتحديدھا أدت إلى وجود سجالت
منتظمة ،تأخذ بعين االعتبار حصر النفقات التي تكبدھا المشروع في الحصول على إيرادته ،وكذلك تحديد سياسات
تسعير المخزون السلعي والمواد التي تدخل في عمليات اإلنتاج وطرق االھتالك المطبقة ،وغيرھا من االجراءات
والطرق والقواعد والمبادئ المحاسبية التي أدت إلى تطور المحاسبة.
- 9ظھور مھنة تدقيق الحسابات:
الحكومي: - 10التأثير
لقد كان للحكومة دور وتأثير فعال وكبير بالنسبة لتطوير المحاسبة ،فالتشريعات والقوانين المالية والتجارية تتطلب
ضرورة نشر البيانات والتقارير المالية السنوية ،وعلى األنظمة المحاسبية في الوقت الحاضر القيام بتسجيل ونشر
بيانات مالية لتلبية المتطلبات القانونية.
كما ساعد ظھور األسواق المالية المحلية والدولية بما فيھا الھيئة العالمية المشرفة على األسواق المالية إلى زيادة
الحاجة إلى معلومات مالية مالئمة وموثوق منھا وكذلك أدى ظھور الھيئات المھنية المحاسبية المحلية ،اإلقليمية
والدولية مثل لجنة معايير المحاسبة الدولية إلى تطوير المحاسبة عبر إصدارھا لمعايير محاسبية أكثر شفافية وموثوقية،
ومالئمة لمستخدمي المعلومات المحاسبية وأھم ھذه الھيئات:
-الھيئة العالمية المشرفة على األسواق لمالية
-اإلتحاد الدولي للمحاسبين.
~~3
-مجلس معايير المحاسبية المالية األمريكية.
-مجلس معايير المحاسبة الدولية .
تعتبر المحاسبة لغة األعمال ،بها يتحاور المتعاملون االقتصاديون والمھتمون بشؤون الشركات االقتصادية ،ومنذ
يعر أي إھتمامظھورھا كعلم مستقل ظھرت معھا االختالفات في الممارسات المحاسبية بين مختلف األقطار ،وقديما لم َ
لتلك اإلختالفات أو آلثارھا ،نظرا لكون التعامالت االقتصادية والتجارية في غالب األحيان لم تتجاوز الحدود السياسية
ألي بلد ،لكن بعد اإلنتشار المذھل للعولمة وفرض منطقھا على العالم ،وكبر حجم المعامالت االقتصادية والتجارية بين
البلدان متجاھلة بذلك الحدود السياسية ،بدأت مشكلة االختالفات في الممارسات المحاسبية تطفو إلى السطح ،وبدأ معھا
اإلھتمام المتزايد بتوحيد وتطوير الممارسات المحاسبية عبر العالم ،وخلصت الجھود المبذولة أخيرا بإنشاء جملة من
المعايير(لجنة) سنة ، 1973ھدفھا األول توحيد وتطوير الممارسات المحاسبية عبر العالم.
رسالة دكتوراه مقدمة من طرف محزة العرايب بعنوان املعايري احملاسبية الدولية والبيئة اجلزائرية متطلبات التوافق والتطبيق ,سنة 2012/2013جامعة -1
بومرداس .
.
~~4