You are on page 1of 47

‫كتاب ( البرزخ ) ‪ :‬الكتاب كامال‬

‫هذا الكتاب‬
‫هو تجميع لما كتبت عن موضوع ( البرزخ ) ‪ .‬بدأ هذا فى كتاب الموت الذى صدر بالقاهرة عام ‪، 0991‬‬
‫وقد روعى فيه الخوف من المصادرة والمالحقة األمنية ‪ .‬ثم جاءت كتابات أخرى عن البرزخ فى كتب‬
‫منشورة هنا ثم فى مقاالت ‪ ،‬أنتهت يوم ‪ 6‬فى شهر أغسطس الحالى ‪. 8102‬‬
‫لم يسبقنا أحد بالكتابة فى موضوع ( البرزخ ) من منظور قرآنى وعلمى ‪ ،‬وقد جاءت الكتابة فى هذا‬
‫الموضوع الجديد على مراحل مختلفة ‪ ،‬لذا توجد تكرار وإضافات ‪ ،‬نرجو أن يغفرها لنا القارىء ‪.‬‬
‫ننشر هذا فى كتاب ‪ ،‬ونرجو أن فاتحة لدراسات أكثر تعمقا وتخصصا ‪.‬‬
‫وهللا جل وعال هو المستعان‬
‫أحمد صبحى منصور ‪.‬‬
‫الثالثاء ‪ 7‬أغسطس ‪8102‬‬

‫الفهرس ‪:‬‬
‫الباب األول ‪ ( :‬البرزخ ) فى كتب سبق نشرها‬
‫الفصل األول ‪ ( :‬البرزخ ) من كتاب الموت ( حقائق الموت فى القرآن الكريم )‬
‫الفصل الثانى ‪ ( :‬البرزخ ) من كتاب ( ليلة القدر هى ليلة االسراء )‬
‫الفصل الثالث ‪ ( :‬البرزخ ) من كتاب ‪ ( :‬الغرب واالعجاز العلمى فى القرآن الكريم )‬
‫الفصل الرابع ‪ ( :‬البرزخ ) من كتاب العذاب والتعذيب‬

‫الباب الثانى ‪ ( :‬البرزخ ) فى مقاالت متصلة منفصلة‬


‫الفصل األول ‪ :‬برزخ المقتول فى سبيل هللا جل وعال‬
‫الفصل الثانى ‪ :‬البرزخ بين الموتى ومن يُقتل فى سبيل هللا جل وعال‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬األحياء فى البرزخ‬
‫الفصل الرابع ‪ :‬عالقتنا بالبرزخ‬
‫الفصل الخامس ‪ :‬البعث وانتهاء عالقتنا بالبرزخ‬
‫الفصل السادس ‪ :‬معضلة الزمن فى اليوم اآلخر‬
‫الفصل السابع ‪ :‬البرزخ ويوم الجمع ( يوم القيامة )‬
‫الخاتمة ‪:‬‬
‫الفصل األول‬
‫من كتاب الموت ( حقائق الموت فى القرآن الكريم )‬

‫لنا موتتان وحياتان وبرزخان‬


‫من حقائق القرآن الغريبة عن الموت أننا نموت مرتين ونعيش مرتين ‪.‬‬
‫عت َ َر ْفنَا بِذُنُوبِنَا فَ َه ْل إِلَى‬ ‫وذلك ما سنعرفه يقينا ً عند القيامة ‪{" :‬قَالُوا َربَّنَا أ َ َمتَّنَا اثْنَتَي ِْن َوأَحْ يَ ْيتَنَا اثْنَتَي ِْن فَا ْ‬
‫اَّلل َوكُنت ُ ْم أ َ ْم َواتا ً فَأَحْ يَاكُ ْم ث ُ َّم‬‫ْف ت َ ْكفُ ُرونَ ِب َّ ِ‬ ‫س ِبي ٍل }غافر‪ . "00‬وفى آية أخرى يقول لنا ربنا ‪َ {" :‬كي َ‬ ‫وج ِمن َ‬ ‫ُخ ُر ٍ‬
‫يُ ِميتُكُ ْم ث ُ َّم يُحْ ِييكُ ْم ث ُ َّم ِإلَ ْي ِه ت ُ ْر َجعُونَ }البقرة‪"82‬‬
‫إذن كنا موتى قبل أن نولد ثم دخلت النفس في الجنين وبدأنا الحياة الدنيا أو الحياة األولى ‪ ،‬وبعدها‬
‫خرجت النفس من الجسد فعدنا إلى الموت أو الموتة الثانية فبعدها كان البعث في دخول النفس ثانية إلى‬
‫الجسد لنحيا الحياة الثانية وفيها يكون الحساب أو الجنة أو النار ‪ .‬وفى الجنة والنار ‪ .‬ال موت ‪ ..‬وذلك‬
‫مفهوم في حالة الجنة ‪ ،‬وفى حا لة النار فالعذاب أبدي لكن أصحاب النار تنبت جلودهم كلما نضجت ليذوقوا‬
‫عهُ َوالَ يَكَا ُد‬ ‫العذاب إلى ماال نهاية ‪ .‬والموت لن يرحمهم من ذاك العذاب األبدي ‪ .‬يقول تعالى ‪{ :‬يَتَج ََّر ُ‬
‫صلَى النَّ َ‬
‫ار‬ ‫غ ِليظٌ }إبراهيم‪ ( ) 07‬الَّذِي َي ْ‬ ‫اب َ‬ ‫عذَ ٌ‬ ‫ت َو ِمن َو َرآ ِئ ِه َ‬ ‫سيغُهُ َو َيأ ْ ِتي ِه ا ْل َم ْوتُ ِمن ك ُِل َمك ٍ‬
‫َان َو َما ُه َو ِب َم ِي ٍ‬ ‫يُ ِ‬
‫ت َربَّهُ ُمجْ ِرما ً فَ ِإنَّ لَهُ َج َهنَّ َم‬ ‫ا ْلكُب َْرى{‪ }08‬ث ُ َّم َال يَ ُموتُ فِيهَا َو َال يَحْ يَى{‪ }01‬األعلى ‪{ ( )01 : 08‬إِنَّهُ َمن يَأ ْ ِ‬
‫ع ْنهُم‬ ‫ف َ‬ ‫علَي ِْه ْم فَيَ ُموتُوا َو َال يُ َخفَّ ُ‬ ‫ار َج َهنَّ َم َال يُ ْقضَى َ‬ ‫َال يَ ُموتُ فِيهَا َو َال يَحْ يى }طه‪َ { ( ) 77‬والَّ ِذينَ َكفَ ُروا لَ ُه ْم نَ ُ‬
‫ور } فاطر‪) 16‬‬ ‫عذَابِهَا َكذَ ِلكَ نَجْ ِزي كُ َّل َكفُ ٍ‬ ‫ِم ْن َ‬
‫البرزخ‬
‫ومن خالل إشارات القرآن يمكن أن نقترب من فهم ماهية النفس في البرزخ قبل إن نولد في هذه لدنيا‪.‬‬
‫في عالم البرزخ خلق هللا البشر جميعا ً من نفس واحدة كلية ثم انشقت منها أنفس البشر وكانت البداية‬
‫نفس آدم ومنها جاءت نفس حواء ‪ ،‬ثم يتم نفث كل نفس في الجنين الخاص بها ‪ ،‬في الوقت المحدد لها‬
‫سلفا ً ‪.‬‬
‫أقرأ عن خلق النفس األولى آدم وتسلسل األنفس البشرية منها ‪ ( :‬يا أيها الناس أتقوا ربكم الذي خلقكم‬
‫من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجاالً كثيرا ً ونسا ًء " النساء ‪ُ { ( ) 0‬ه َو الَّذِي َخلَقَكُم ِمن‬
‫اح َد ٍة ث ُ َّم َج َع َل ِم ْنهَا َز ْو َجهَا " الزمر‬ ‫اح َد ٍة َو َج َع َل ِم ْنهَا َز ْو َجهَا" األعراف ‪َ ( ) 029‬خلَقَكُم ِمن نَّ ْف ٍس َو ِ‬ ‫نَّ ْف ٍس َو ِ‬
‫‪.)6‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِي أنشَأكُم ِمن نَّف ٍس‬ ‫َ‬ ‫وعن عملية الخلق لكل األنفس مرة واحدة في وقت واحد يقول تعالى ‪َ { :‬وهُ َو الَّذ َ‬
‫ست َ ْو َدعٌ " األنعام ‪ ) 92‬أي في كل نفس بعد آدم مستقر لما مضى ومستودع لآلتي ‪.‬‬ ‫اح َد ٍة فَ ُم ْ‬
‫ستَقَ ٌّر َو ُم ْ‬ ‫َو ِ‬
‫وحيث أنها أنفس صدرت عن النفس األولى ‪ :‬آدم وخلقت معها في نفس الوقت ؛ فإن بعثها سيكون بنفس‬
‫ير } لقمان‪" 82‬‬ ‫س ِمي ٌع بَ ِص ٌ‬ ‫اح َد ٍة ِإنَّ َّ َ‬
‫َّللا َ‬ ‫الطريقة ‪َّ { :‬ما َخ ْلقُكُ ْم َو َال بَ ْعثُكُ ْم ِإ َّال َكنَ ْف ٍس َو ِ‬
‫وحين خلق هللا هذه األنفس فطرها على أن تعبد هللا وحده ال شريك له ‪ .‬وأخذ عليها العهد والميثاق وهى‬
‫ُور ِه ْم ذُ ِريَّت َ ُه ْم‬
‫ظه ِ‬ ‫في عالم األثير – عالم البرزخ – أن تؤمن باهلل وحده ‪َ ( :‬وإِ ْذ أ َ َخذَ َربُّكَ ِمن بَنِي آ َد َم ِمن ُ‬
‫غافِ ِلينَ {‪}078‬‬ ‫ستُ ِب َر ِبكُ ْم قَالُواْ بَلَى ش َِه ْدنَا أَن تَقُولُواْ يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة ِإنَّا كُنَّا ع َْن َهذَا َ‬ ‫س ِه ْم أَلَ ْ‬‫علَى أَنفُ ِ‬ ‫ش َه َدهُ ْم َ‬ ‫َوأ َ ْ‬
‫أ َ ْو تَقُولُواْ ِإنَّ َما أَش َْركَ آ َبا ُؤنَا ِمن قَ ْب ُل َوكُنَّا ذُ ِر َّيةً ِمن َب ْع ِد ِه ْم أَفَت ُ ْه ِلكُنَا ِب َما فَ َع َل ا ْل ُمب ِْطلُونَ {‪ }071‬األعراف )‬
‫في عالم البرزخ كان العهد على كل األنفس – ثم تدخل كل نفس في جنينها ‪ ،‬وتدخل تجربة الحياة األولى‬
‫في هذه الدنيا ‪ ،‬وتظل تحت سيطرة الزمن طيلة العمر المقرر لها ‪ ،‬ثم تفارق الجسد وتموت للمرة الثانية ‪،‬‬
‫حيث ترجع للبرزخ الذي أتت منه – ويأتي يوم القيامة ويكون البعث ‪ ،‬أي تعود األنفس لترتدي أجسادا ً‬
‫جديدة ال تبلى وال تموت تتحمل اللذة في الجنة أو العذاب في النار وال يكون هناك موت ‪ .‬بل خلود أبدى ‪.‬‬
‫الموت بالنسبة للنفس أن تكون بال جسد كما في البرزخ األول أو أن تفارق الجسد الذي كان لها كما يحدث‬
‫لنا في العالم ‪ .‬وفى الحالين تعود النفس لعالم البرزخ الغامض ‪.‬‬
‫إذن هناك موتتان األولى قبل أن نولد والثانية بعد أن نموت في هذه الدنيا ‪ ،‬وفى الموتتين نكون في‬
‫البرزخ أو نعود إليه ‪ ،‬ولنا حياتان األولى في هذا العالم واألخرى في العالم اآلخر في يوم الدين وما يتلوه‬
‫من جنة أو نار ‪.‬‬
‫البرزخ‬
‫بالنسبة لعالمنا األرضي الذي يدور في إطار الزمن نقول برزخ أول وبرخ ثان ‪.‬‬
‫ونضرب مثالً لتقريب معنى البرزخ األول والثاني ‪ .‬أو الموتة األولى والموتة الثانية ‪ -:‬والدي المتوفى هو‬
‫اآلن في البرزخ الثاني في موتته الثانية ألنه سبق له أن عاش على هذه األرض‪ ،‬وقبل أن يكون على‬
‫األرض كانت نفسه ميتة في البرزخ ‪ ،‬ثم بعد أن قضى عمره في األرض مات الموتة الثانية وعاد للبرزخ‬
‫ثانية ‪.‬‬
‫أما ابني الذي لم أرزق به بعد أو حفيدي الذي لم أره بعد فال يزال نفسا ً ميتة في البرزخ األول ‪ ..‬لم يولد‬
‫بعد ‪ .‬وألن هذا ال برزخ عالم من الموت والموتى فيستحيل أن يتعرف والدي في البرزخ على ابني أو‬
‫حفيدي الذي لم يأت الدنيا بعد ‪ ،‬وإذا أمكنك أن تحادث حفيدي الذي لم يولد بعد في البرزخ األول أذن‬
‫يمكنك أن تحادث الموتى في قبورهم أو في البرزخ الثاني ‪ ،‬في واقع األمر إن الموتى ال يسمعون في أي‬
‫بمسمع من في القبور (‪)) )88‬‬ ‫ٍ‬ ‫حال ‪ ( :‬وما يستوي األحياء وال األموات إن هللا يسمع من يشاء وما أنت‬
‫فاطر ‪) 88‬‬
‫وهذا غير الشهادة التي اثبتها هللا تعالى لوحدانيته في عالم البرزخ وهى ألنه يسمع من يشاء ويسمع من‬
‫في القبور ‪.‬‬
‫هل هناك إحساس في البرزخ‬
‫من الخرافات ا لدينية أن بعض األموات في البرزخ يتميز بخاصية غريبة وهى قدرته على التخاطب مع‬
‫البشر وتلبية مطالبهم ‪ ،‬لذا يحج الناس إلى قبورهم متوسلين ويلقون إليهم بالشكاوى والمشاكل يطلبون‬
‫ستَجَابُوا لَكُ ْم َويَ ْو َم‬ ‫س َمعُوا ُدعَاءكُ ْم َولَ ْو َ‬
‫س ِمعُوا َما ا ْ‬ ‫منهم الحل ‪ ..‬ويقول القرآن في ذلك ‪{ :‬إِن ت َ ْدعُوهُ ْم َال َي ْ‬
‫ش ْر ِككُ ْم َو َال يُنَ ِبئ ُكَ ِمثْ ُل َخ ِب ٍير }فاطر‪07‬‬ ‫ا ْل ِق َيا َم ِة َي ْكفُ ُرونَ ِب ِ‬
‫وعلى أية حال فهى مفارقة مضحكة ‪ ،‬كيف يكون ميتا ً ويكون سميعا ً في نفس الوقت ؟ والموت يعنى أنه‬
‫ص َّم ال ُّدعَاء إِذَا َولَّ ْوا ُم ْد ِب ِرينَ }النمل‪) 21‬‬
‫س ِم ُع ال ُّ‬‫س ِم ُع ا ْل َم ْوتَى َو َال ت ُ ْ‬‫ال سمع وال شيء هناك ‪{ :‬إِنَّكَ َال ت ُ ْ‬
‫ص َّم ال ُّدعَاء ِإذَا َولَّ ْوا ُم ْد ِب ِرينَ }الروم‪ ( ) 28‬إن الذين تدعون من دون‬ ‫س ِم ُع ال ُّ‬ ‫{فَ ِإنَّكَ َال ت ُ ْ‬
‫س ِم ُع ا ْل َم ْوتَى َو َال ت ُ ْ‬
‫هللا عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين (‪ )097‬ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد‬
‫يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم ءاذان يسمعون بها" األعراف ‪ (( ) 092 ، 097‬والذين‬
‫تدعون من دون هللا ال يخلقون شيئا ً وهم يخلقون (‪ )81‬أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون‬
‫)) النحل ‪) 80 : 81‬‬
‫لقد تحول جسد الميت إلى تراب وذلك حكم إلهي تصير أعضاء الميت جزءا ً من التربة سواء تحللت أو‬
‫بقيت بعض أجزائها ‪ ( :‬منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى " طه ‪) 22‬‬
‫لقد انتقل الكائن الحقيقي داخل الجسد – وهو النفس – إلى عالم البرزخ ‪ ،‬ودخل فترة كمون أو موت حيث‬
‫ال يحس بأحد وال يحس به أحد ‪ ،‬إن آخر لحظة إحساس للميت تكون ساعة االحتضار في حواره مع‬
‫مالئكة الموت ‪ ،‬وحين البعث في العالم اآلخر يستعيد اإلنسان ذكرياته سريعا ً ويكون أول ما يتذكر هو‬
‫لحظة موته ويتخيل أنها كانت باألمس القريب ‪ ،‬يظن أنه مر عليه يوم أو بعض يوم ‪ ..‬وينسى أنه مكث‬
‫في البرزخ آالف السنيين‪ ،‬ولكن فترة البرزخ للميت الزمن فيها ‪ ،‬يستوى الزمن من ماليين السنين إلى‬
‫يوم واحد فقط ‪ ..‬إن آدم أبا البشر وآخر إنسان من أوالد آدم سيحسان نفس الشعور حين البعث ‪ ..‬أنهما‬
‫قضيا يوما ً أو بعض اليوم من موعد الموت إلى موعد البعث‪.‬‬
‫ى يُحْ ِيـي َهـ َ ِذ ِه َّللاُ َب ْع َد َم ْو ِتهَا‬ ‫شهَا قَا َل أَنَّ َ‬ ‫علَى ع ُُرو ِ‬ ‫ي َخا ِو َيةٌ َ‬ ‫علَى قَ ْر َي ٍة َو ِه َ‬ ‫يقول تعالى ‪َ ( :‬أ ْو كَالَّذِي َم َّر َ‬
‫ض يَ ْو ٍم قَا َل بَل لَّبِثْتَ ِمئ َةَ ع ٍَام {‪ }829‬البقرة )‬ ‫فَأ َ َماتَهُ َّللاُ ِمئ َةَ ع ٍَام ث ُ َّم بَعَثَهُ قَا َل َك ْم لَبِثْتَ قَا َل لَبِثْتُ يَ ْوما ً أ َ ْو بَ ْع َ‬
‫حين استيقظ أو بعثه هللا بعد مائة عام ظن أنه لبث يوما ً أو بعض يوم فقط ‪ ،‬أي فقد اإلحساس بما حوله‬
‫لمدة مائة عام ‪ .‬وأصبحت المائة عام مجرد نوم استمر يوما ً أو بعض اليوم ‪.‬‬
‫ساءلُوا‬ ‫ويقول تعالى عن أهل الكهف حين استيقظوا بعد ثلثمائة سنين و تسع سنوات ‪َ ( :‬و َكذَ ِلكَ بَعَثْنَاهُ ْم ِليَت َ َ‬
‫علَ ُم ِب َما لَ ِبثْت ُ ْم {‪ }09‬الكهف )‬ ‫ض يَ ْو ٍم قَالُوا َربُّكُ ْم أ َ ْ‬ ‫بَ ْينَ ُه ْم قَا َل قَائِ ٌل ِم ْن ُه ْم َك ْم لَ ِبثْت ُ ْم قَالُوا لَ ِبثْنَا يَ ْوما ً أ َ ْو بَ ْع َ‬
‫أصبح البرزخ في منامه مجرد يوم أو بعض يوم وهو في الزمن األرضي ‪ 119‬سنوات كاملة ‪ .‬وخاللها لم‬
‫يحس أهل الكهف بما جرى لمدينتهم من تقلب األيام وموت أجيال وحياة أجيال وانقراض حكام وقيام حكام‬
‫‪ .‬و حين استيقظوا كانوا يخافون من نفس المدينة التي تركوها باألمس فقط في اعتقادهم ‪ ،‬فقالوا لمن‬
‫ف َو َال يُش ِْع َرنَّ ِبكُ ْم‬ ‫ط ْ‬‫ق ِم ْنهُ َو ْل َيتَلَ َّ‬ ‫ط َعاما ً فَ ْل َيأ ْ ِتكُم ِب ِر ْز ٍ‬
‫أرسلوه ليشترى لهم الطعام ‪ ( :‬فَ ْل َينظُ ْر أ َ ُّيهَا أ َ ْزكَى َ‬
‫علَ ْيكُ ْم يَ ْر ُج ُموكُ ْم أ َ ْو يُ ِعيدُوكُ ْم فِي ِملَّتِ ِه ْم َولَن ت ُ ْف ِلحُوا إِذا ً أَبَدا ً{‪ " }81‬الكهف ‪09‬‬ ‫أَحَدا ً{‪ }09‬إِنَّ ُه ْم إِن يَ ْظه َُروا َ‬
‫‪) 81 :‬‬
‫ويتكرر نفس الموقف ساعة البعث يوم القيامة أي حين ينتهي البرزخ ‪ ،‬يظن أحدهم انه مات أو نام منذ‬
‫س ُم ا ْل ُمجْ ِر ُمونَ َما لَبِثُوا‬ ‫ساعَةُ يُ ْق ِ‬ ‫ساعة ‪ ،‬والساعة في التعبير القرآني تعنى بعض اليوم ‪َ (:‬ويَ ْو َم تَقُو ُم ال َّ‬
‫َّللا ِإلَى يَ ْو ِم ا ْلبَ ْع ِ‬
‫ث‬ ‫ب َّ ِ‬‫اإلي َمانَ لَقَ ْد لَ ِبثْت ُ ْم فِي ِكتَا ِ‬ ‫ع ٍة َكذَ ِلكَ كَانُوا يُ ْؤفَكُونَ {‪َ }22‬وقَا َل الَّ ِذينَ أُوتُوا ا ْل ِع ْل َم َو ْ ِ‬ ‫سا َ‬ ‫غي َْر َ‬ ‫َ‬
‫ث َولَ ِكنَّكُ ْم كُنت ُ ْم َال ت َ ْعلَ ُمونَ {‪ 26‬الروم ‪ .) 26، 22‬واقرأ قوله تعالى عنهم ‪ (َ :‬ويو َم يُن َف ُخ فِي‬ ‫فَ َهذَا يَ ْو ُم ا ْلبَ ْع ِ‬
‫علَ ُم بِ َما‬ ‫عشْرا ً{‪ }011‬نَحْ نُ أ َ ْ‬ ‫ُّور َونَحْ ش ُُر ا ْل ُمجْ ِر ِمينَ يَ ْو َمئِ ٍذ ُز ْرقا ً{‪ }018‬يَت َ َخافَت ُونَ بَ ْينَ ُه ْم إِن لَّبِثْت ُ ْم إِ َّال َ‬ ‫الص ِ‬
‫ط ِريقَةً ِإن لَّ ِبثْت ُ ْم ِإ َّال يَ ْوما ً{‪ }017‬طه ‪)"017 : 018‬‬ ‫يَقُولُونَ ِإ ْذ يَقُو ُل أ َ ْمثَلُ ُه ْم َ‬
‫وللقرآن أسلوبه في الربط بين آخر إحساس للميت قبل دخوله البرزخ وأول إحساس له بعد وخروجه من‬
‫البرزخ كي يبين أن البرزخ للموتى فترة بال زمن وال إحساس وال شعور فيها‬
‫ظا ِل ُمونَ‬ ‫ال بين المرحلتين فيما يخص الشعور والحوار فيقول تعالى ‪َ ( :‬ولَ ْو ت َ َرى ِإ ِذ ال َّ‬ ‫فالقرآن ال يجعل فاص ً‬
‫ُون بِ َما كُنت ُ ْم تَقُولُونَ‬ ‫اب ا ْله ِ‬ ‫عذَ َ‬ ‫سكُ ُم ا ْليَ ْو َم تُجْ َز ْونَ َ‬ ‫ِيه ْم أ َ ْخ ِرجُواْ أَنفُ َ‬
‫سطُواْ أ َ ْيد ِ‬ ‫ت َوا ْل َمآلئِكَةُ بَا ِ‬ ‫ت ا ْل َم ْو ِ‬ ‫غ َم َرا ِ‬ ‫فِي َ‬
‫ست َ ْك ِب ُرونَ {‪َ }91‬و َلقَ ْد ِجئْت ُ ُمونَا فُ َرادَى َك َما َخلَ ْقنَاكُ ْم أ َ َّو َل َم َّر ٍة َوت َ َر ْكتُم َّما‬ ‫َق َوكُنت ُ ْم ع َْن آيَاتِ ِه ت َ ْ‬ ‫غي َْر ا ْلح ِ‬ ‫َّللا َ‬
‫علَى ِ‬ ‫َ‬
‫ض َّل عَنكُم‬ ‫ط َع َب ْينَكُ ْم َو َ‬‫ُوركُ ْم َو َما نَ َرى َم َعكُ ْم شُفَ َعاءكُ ُم الَّ ِذينَ َزع َْمت ُ ْم أَنَّ ُه ْم ِفيكُ ْم ش َُركَاء لَقَد تَّقَ َّ‬ ‫َخ َّو ْلنَاكُ ْم َو َراء ظُه ِ‬
‫َّما كُنت ُ ْم ت َ ْزعُ ُمونَ {‪ }97‬األنعام ‪ . ) 97 : 91‬فالذي يقال عند الموت لهم ينتهي بقوله " وكنتم عن آياته‬
‫تستكبرون " والذي سيقال لهم يوم القيامة " ولقد جئتمونا فرادى ‪ ".‬وما بينهما برزخ ال حوار وال شعور‬
‫فيه ‪.‬‬
‫ُّور ذَ ِلكَ يَ ْو ُم‬‫َق ذَ ِلكَ َما كُنتَ ِم ْنهُ ت َ ِحي ُد{‪َ }09‬ونُ ِف َخ فِي الص ِ‬ ‫ت بِا ْلح ِ‬ ‫سك َْرةُ ا ْل َم ْو ِ‬ ‫ويقول تعالى ‪َ ( :‬و َجاءتْ َ‬
‫ا ْل َو ِعي ِد{‪ }81‬ق ‪) 81 : 09‬‬
‫فمن اإلحساس بسكرة الموت ال يأتي اإلحساس بعدها إال في بالنفخ في الصور‪ .‬وفيما بينهما برزخ ال‬
‫إحساس وال شعور فيه ‪.‬‬
‫وما سبق من أدلة تدحض ما قيل من أن الميت في قبره يستيقظ ويأتي له ملكان ‪ ( :‬منكر ونكير )‬
‫فيحاسبانه ويستجوبانه ‪ ،‬وكل ما نعرفه أن الحساب يكون أمام هللا يوم الحساب ‪ ،‬وأن قصة حساب القبر‬
‫مستوحاة من التراث الفرعوني حيث يمثل الميت أمام أوزوريس الذي يسأله عن أعماله ‪ ..‬ثم وهذا هو‬
‫األهم أن البرزخ فترة موت أو كمون ال إحساس فيها يظل فيها الميت إلى يوم البعث ‪ .‬يقول تعالى ‪( :‬‬
‫ع َم ُل صَا ِلحا ً فِي َما ت َ َركْتُ ك ََّال إِنَّهَا َك ِل َمةٌ هُ َو قَائِلُهَا‬ ‫ون{‪ }99‬لَعَ ِلي أ َ ْ‬ ‫ار ِجعُ ِ‬ ‫ب ْ‬ ‫َحتَّى إِذَا جَاء أ َ َح َدهُ ُم ا ْل َم ْوتُ قَا َل َر ِ‬
‫خ ِإلَى يَ ْو ِم يُ ْبعَثُونَ {‪ }011‬المؤمنون ‪) 011 : 99‬‬ ‫َو ِمن َو َرائِ ِهم بَ ْر َز ٌ‬
‫والبرزخ في اللغة يعنى الحاجز بين الشيئين الذي يمنع أحدهما من الوصول لآلخر وبهذا المعنى جاء قوله‬
‫ان{‪" }80‬‬ ‫ان{‪ }81‬فَبِأَي ِ َآالء َربِكُ َما تُك َِذبَ ِ‬ ‫ان{‪ }09‬بَ ْينَ ُه َما بَ ْر َز ٌخ َّال يَ ْب ِغيَ ِ‬ ‫تعالى ‪َ ( :‬م َر َج ا ْلبَحْ َري ِْن يَ ْلت َ ِقيَ ِ‬
‫ب فُ َراتٌ َو َهذَا ِم ْل ٌح أُجَا ٌج َو َجعَ َل بَ ْينَ ُه َما بَ ْر َزخا ً‬ ‫الرحمن ‪َ ( ) 81 ، 09‬وهُ َو الَّذِي َم َر َج ا ْلبَحْ َري ِْن َهذَا ع َْذ ٌ‬
‫َو ِحجْ را ً َّمحْ جُوراًالفرقان ‪) 21‬‬
‫فالبرزخ حاجز بين الموت بي ن الحياة الدنيا األولى والحياة اآلخرة وال يستقيم أن يتخلل البرزخ حياة أو‬
‫حساب ‪.‬‬
‫ولكن ماذا عن عذاب القبر أو نعيمه ؟‬
‫لم يرد في القرآن شيء من عذاب القبر أو نعيمه ‪ ،‬وإنما ذكر القرآن أن من في القبور ‪:‬‬
‫" موتى ال يسمعون وال رجاء فيهم " فاطر ‪ 88‬الممتحنة ‪ " ، " 01‬وأن موعدهم البعث " الحج ‪، 7‬‬
‫االنفطار ‪ ، 7‬العاديات ‪. 9‬‬
‫ولكن ورد في القرآن أن بعض البشر سيعذب بعد موته وبعضهم سيحظى بالنعيم بعد موته وبالطبع فإن‬
‫ذلك في غير العالم األرضي وفى غير البرزخ الذى للموتى ‪.‬‬
‫َّللا أ َ ْم َواتٌ بَ ْل أَحْ يَاء َولَ ِكن الَّ‬‫سبي ِل ِ‬ ‫يقول تعالى عن الذين قتلوا في سبيل هللا ‪َ ( :‬والَ تَقُولُواْ ِل َم ْن يُ ْقت َ ُل فِي َ‬
‫شعُ ُرونَ " البقرة ‪ . ) 027‬إذن من البداية ينهانا هللا تعالى أن نعتبر المقتول في سبيل هللا ميتا ً أو أن‬ ‫تَ ْ‬
‫نقول عنه أنه مات ‪ .‬بل هو حي ولكن كيف ؟ ال نشعر ‪ ..‬ألنه حي في عالم أثيري ال يمكن أن نراه أو‬
‫نحس به ويعطى القرآن ‪ .‬إشارات على قدر ما تسمح به أفهامنا عن نوعية هذه الحياة التي ال يمكن أن‬
‫َّللا أ َ ْم َواتا ً بَ ْل أَحْ يَاء ِعن َد َربِ ِه ْم يُ ْر َزقُونَ {‪}069‬‬ ‫سبِي ِل ِ‬ ‫سبَنَّ الَّ ِذينَ قُتِلُواْ فِي َ‬ ‫نشعر بها ‪ ،‬فيقول ‪َ ) :‬والَ تَحْ َ‬
‫علَ ْي ِه ْم َوالَ هُ ْم‬
‫ف َ‬ ‫ْش ُرونَ ِبالَّ ِذينَ لَ ْم يَ ْل َحقُواْ ِب ِهم ِم ْن َخ ْل ِف ِه ْم أَالَّ َخ ْو ٌ‬ ‫ستَب ِ‬ ‫فَ ِر ِحينَ ِب َما آتَاهُ ُم َّللاُ ِمن فَ ْ‬
‫ض ِل ِه َويَ ْ‬
‫ض ٍل َوأَنَّ َّللاَ الَ يُ ِضي ُع أَجْ َر ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ {‪ " }070‬آل عمران‬ ‫َّللا َوفَ ْ‬‫ش ُرونَ بِنِ ْع َم ٍة ِمنَ ِ‬ ‫يَحْ َزنُونَ {‪َ }071‬ي ْ‬
‫ست َ ْب ِ‬
‫‪. ) 070 :069‬ففي اآليات تكرار للنهى عن أن نحسبهم موتى ‪ ..‬بل هم أحياء في عالم آخر " عند هللا "‬
‫ويتمتعون بالرزق من هللا ‪ ،‬ثم هم سعداء فرحون بنعيم هللا وفضله وينتظرون مجيء ضيوف آخرين من‬
‫الذين يهبون حياتهم في سبيل هللا ليكافئهم هللا بالحياة األكرم عنده ‪ ،‬وهناك ال خوف وال حزن ولكن‬
‫استبشار وحمد هلل الذي ال يضيع أجر المؤمنين ‪..‬‬
‫إذن نحن أمام نوعية فريدة من الحياة في مكان ال نعرف عنه شيء ‪ ،‬حيث يحس أولئك باآلخرين ممن ال‬
‫يزالون في العالم األرضي ويتمنون لهم أن يلحقوا بهم في ذلك النعيم اإللهي ‪.‬‬
‫وفى ال قصص القرآني حكاية ذلك الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى ليؤيد الرسل الثالثة الذين‬
‫أرسلهم هللا إلى القرية فكذبوهم وهددوهم بالرجم ‪ ،‬ودفع الرجل حياته ثمنا ً لكلمة الحق التي تطوع بقولها‬
‫غ َف َر ِلي َر ِبي‬ ‫‪ ،‬وحين قتله قومه جاء تبشيره بالجنة ‪) :‬قِي َل ا ْد ُخ ِل ا ْل َجنَّةَ قَا َل يَا لَيْتَ قَ ْو ِمي يَ ْعلَ ُمونَ {‪ }86‬بِ َما َ‬
‫َو َجعَلَنِي ِمنَ ا ْل ُمك َْر ِمينَ {‪ }87‬يس ‪ . ) 87 : 86‬فذلك الرجل المقتول في سبيل هللا أحس بقومه وتمنى أن‬
‫يكون منهم من يلحق به في دار النعيم عند هللا ‪.‬‬
‫هذا بينما تظل الحقيقة القرآنية ماثلة أمامنا ‪ .‬إننا ال نشعر بهم وإن كانوا يشعرون بنا ‪.‬‬
‫أولئك أناس دفعوا حياتهم ثمنا ً لرضا هللا وفى سبيله فاستحقوا أن يكتب هللا لهم الحياة حيث يتوقع‬
‫اآلخرون لهم الموت ‪ ،‬وحيث أراد أعداء هللا لهم الموت ‪.‬‬
‫وهناك من البشر من تطرف في الكفر إلى درجة أدعاء الربوبية الكبرى وإنكار وجود هللا والتساؤل‬
‫بسخرية عنه تعالى ‪ ،‬وإلى درجة قتل وصلب المؤمنين ‪ ،‬ثم بذل حياته وهو يطارد نبي هللا موسى ال لشيء‬
‫إال لكي يجعل قومه تحت سيطرته وعذابه الدائم ‪ ..‬إنه فرعون الذي جعله هللا إماما ً لكل المشركين إلى يوم‬
‫القيامة " القصص ‪ " ، " 78 : 12 : 7‬غافر ‪ " " 17 : 16‬النازعات ‪" 82 : 80‬‬
‫وكوفىء فرعون على تطرفه في الكفر بخصائص منها أنه يظل في عذاب بعد غرقه في سبيل الشيطان إلى‬
‫شيا ً َويَ ْو َم تَقُو ُم‬ ‫علَ ْيهَا غُدُوا ً َو َ‬
‫ع ِ‬ ‫ار يُ ْع َرضُونَ َ‬ ‫ب{‪ }72‬النَّ ُ‬ ‫سو ُء ا ْلعَذَا ِ‬ ‫أن تقوم الساعة ‪َ " :‬وحَاقَ بِآ ِل فِ ْرع َْونَ ُ‬
‫ب{‪ }76‬غافر ‪76 : 72‬‬ ‫ش َّد ا ْلعَذَا ِ‬‫ساعَةُ أَد ِْخلُوا آ َل فِ ْرع َْونَ أَ َ‬
‫ال َّ‬
‫فطالما هناك دنيا وليل ونهار وغدو وعشي يعرض فرعون وآله على النار وذلك هو سوء العذاب ‪ ،‬ثم يوم‬
‫القيامة له نوع آخر يتميز به وهو أشد العذاب‪ ،‬ويكون فيه " زعيما ً" لقومه في دخول النار يقدم قومه‬
‫الرف ُدْ‬
‫س ِ‬ ‫س ا ْل ِو ْر ُد ا ْل َم ْو ُرو ُد{‪َ }92‬وأُتْ ِبعُواْ فِي َهـ ِذ ِه لَ ْعنَةً َويَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة ِبئْ َ‬‫ار َو ِبئْ َ‬ ‫يوم القيامة ‪ ( :‬فَأ َ ْو َر َدهُ ُم النَّ َ‬
‫ا ْل َم ْرفُو ُد{‪ }99‬هود )‬

‫الفصل الثانى‬
‫( البرزخ ) من كتاب ( ليلة القدر هى ليلة االسراء )‬

‫الفصل السادس ‪ :‬نبذة عن ليلة القدر فى ضوء العلم الحديث‬

‫أوال ‪ :‬العلم الحديث واالقتراب من المجهول‬


‫‪ 0‬ـ كاتب هذه السطور ليس متخصصا إال فى القرآن والتراث ‪ .‬وبالتأكيد فان المتخصص فى العلم الحديث‬
‫يستطيع أن يعيد كتابة الصفحات السابقة بصورة علمية تربط بين اآليات القرآنية وما وصل إليه العلم‬
‫الحديث ‪ .‬مع األخذ فى االعتبار إن اإلعجاز القرآني متجدد ‪ ,‬وأن هناك مناطق فى القرآن لم يصل إليها‬
‫العلم الحديث بعد ‪..‬‬
‫ولكن كاتب هذه السطور فى محاولته المتواضعة إنما يقدم دعوة للمتخصصين فى العلم ليقدموا اجتهاداتهم‬
‫حول ليلة القدر ‪ ،‬وبنفس اإلخالص يقدم دعوة أخرى لكل مسلم لكي يعطى القرآن العظيم بعض حقوقه‬
‫علينا فى التدبر والتقدير والتقديس واالهتمام ‪..‬‬
‫‪ 8‬ـ والذي ال شك فيه أن ثورة المعلومات وثورة االتصاالت قد أشعرت اإلنسان بقدرة هللا تعالى أكثر ‪،‬‬
‫بحيث تضاءل عدد الذين انبهروا قديما بمنجزات الثورة الصناعية ‪ ,‬فقد اتضح أن الجزء الخفي الغيبي فى‬
‫مجال ادراكاتنا البشرية يمكن استخدامه ‪ .‬ونرى تكنولوجيا هذا االستخدام فى التليفون المحمول‬
‫والتليفزيون واألقمار الصناعية واالنترنت ‪ ،‬وكلها يؤكد أن مجال التقدم العلمي القادم سيكون أكثره فى‬
‫العالم الخفي عنا الذي يقع فى مجال ادراكاتنا البشرية ‪ .‬وذلك يؤكد أيضا أن عالم الغيب الذي يقع خارج‬
‫ادراكاتنا البشرية مثل عوالم البرزخ والمالئكة والجن والشياطين سيكون من السهل اإليمان بها علميا ‪،‬‬
‫بعد أن اتضح أن عالمنا المادي الظاهر ليس إال قمة جبل الثلج الطافي ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬العلم الحديث يقترب من تخوم البرزخ‬
‫على إن بعض الحقائق العلمية التي اكتشفها اإلنسان واستخدمها تكنولوجيا قد جعلته يالمس بعض‬
‫مظاهر عوالم البرزخ ‪ .‬ونعطى لذلك بعض األمثلة المتصلة بموضوعنا عن ليلة القدر ومالمحها من‬
‫المالئكة ونزول الوحي ونزول األقدار ‪..‬‬
‫‪ 0‬ـ أعلن اينشتاين نظرية النسبية الخاصة سنة ‪ ، 0912‬وأكد أن الكون المادي رباعى االبعاد يغلفه‬
‫الزمن ‪ ( :‬المادة ‪ +‬الزمن ) وان سرعة الض وء فى الفراغ هي الثابت المطلق والحد األقصى للسرعة‬
‫الكونية فى هذا العالم المادي ‪ ,‬وكل المقادير الفيزيائية تنسب لهذه السرعة ( ‪ 826‬ألف ميل‪ /‬ثانية ) أو (‬
‫‪ 899798.2‬كم ‪ /‬ثانية ) ‪..‬‬
‫‪ 8‬ــ وفى مقال للدكتور منصور حسب النبي فى األهرام ( ‪ ) 0992/2/00‬قام بتفسير علمي لقوله تعالى‬
‫سنَ ٍة ِم َّما تَعُدُّونَ ‪ :‬السجدة ‪:‬‬ ‫َار ُه أ َ ْل َ‬
‫ف َ‬ ‫ض ث ُ َّم َي ْع ُر ُج ِإلَ ْي ِه ِفي َي ْو ٍم كَانَ ِم ْقد ُ‬‫س َماء ِإلَى ْاأل َ ْر ِ‬‫" يُد َِب ُر ْاأل َ ْم َر ِمنَ ال َّ‬
‫سنَ ٍة ِم َّما تَعُدُّونَ ‪ :‬الحج ‪ " 77 :‬فقال إن العبارة القرآنية " مما تعدون‬ ‫ف َ‬‫‪َ " , "2‬وإِنَّ يَ ْو ًما ِعن َد َربِكَ كَأ َ ْل ِ‬
‫" أي بالحساب البشرى ‪ ,‬أي بالزمن االرضى وعليه فإن المسافة التي يقطعها األمر الكوني في زمن يوم‬
‫أرضي تساوي فى الحد والمقدار المسافة التي يقطعها القمر فى مداره حول األرض فى زمن ألف سنة‬
‫قمرية بحساب أهل األرض ‪ .‬وبحل هذه المعادلة ا لقرآنية ينتج لنا أن سرعة هذا األمر بالحساب االرضى‬
‫يساوى بالضبط سرعة الضوء فى الفراغ أي ‪ 826‬ألف ميل فى الثانية أو ‪899798.2‬كم ‪/‬الثانية ‪.‬‬
‫وفى نفس المقال يقول د‪ .‬منصور حسب النبي أن معادالت اينشتاين تنبأت قبل نظرية األوتار الفائقة‬
‫باحتمال تجاوز سرعة الضوء لجسيم ات افتراضية غيبية ذات كتلة تخيلية تسمى التاكيون ‪.‬‬
‫كما تنبأت نظرية األوتار الفائقة بوجود كون آخر سداسي األبعاد متداخل مع كوننا الرباعي األبعاد‬
‫والسرعة فيه تفوق سرعة الضوء ولكنها ال تخضع لقياسنا ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ وعليه أقول انه عالم البرزخ الذي تحدث عنه القرآن والذي تشكل ليلة القدر نقطة اتصال بينه وبين‬
‫عالم الشهادة ‪..‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الرؤية الصادقة بين عالمنا وعالم البرزخ‬
‫‪ 0‬ــ ـ ولنفترض أن فالنا يعيش فى القاهرة وله أخ يعيش فى اإلسكندرية وكان قدر أخيه فى اإلسكندرية‬
‫أن يموت فى الساعة العاشرة من صباح أول مايو فى حادثة فى المكان الفالني ‪ .‬ولنفرض أن فالنا هذا‬
‫يريد السفر إلى أخيه فى اإلسكندرية فى توقيت مقارب للحادث الذي سيحدث ألخيه وهو ال يعلم بالضبط ‪،‬‬
‫وان كان ذلك الحادث قد تم تضمينه ضمن األقدار وذلك ليلة القدر فى شهر رمضان الحالي والتي ستحدث‬
‫فى العام التالي ‪.‬‬
‫والمهم أن صاحبنا يسافر إل ى أخيه فى اإلسكندرية والمسافة بين القاهرة واإلسكندرية ( ‪821‬كم ) ونريد‬
‫أن نجعله يصل إلى أخيه فى نفس اللحظة التي ستحدث له فيها حادثة موته ‪ .‬فإذا ركب قطارا سيصل إلى‬
‫أخيه بعد الحادثة بعدة ساعات ‪ .‬فإذا ركب طائرة وصل بعد الحادثة بأقل من ساعة ولكنه إذا سافر بسرعة‬
‫الضوء فقد يصل عند الحادثة بالضبط ‪ ،‬أي أن الزمن يتضاءل حسب السرعة ‪ ،‬فإذا سافر اإلنسان بسرعة‬
‫الضوء انمحى الزمن ‪ .‬ولكن يبقى أن الضوء فى حد ذاته مادة ‪ .‬فإذا سافر اإلنسان فرضا بسرعة تفوق‬
‫سرعة الضوء فإنه حينئذ يرى الحادثة قبل وقوعها ‪ .‬أي يراها فى عالم الغيب‪ ..‬وهذا يحدث ‪ ..‬فى األحالم‬
‫التي تنبئ عن المستقبل ‪..‬‬
‫‪ 8‬ــ ففي المنام تتحرر النفس البشرية من الجسد وتظل على صلة خفية به ‪ .‬وألنها تنتمي إلى عالم‬
‫البرزخ حيث السرعة فيه تفوق سرعة الضوء فى عالمنا المادي فإن النفس فى تجوالها بهذه السرعة قد‬
‫تصطدم ببعض األحداث المستقبل ية وهى فى صورة معنوية لم تتجسد واقعا ماديا فى دنيانا ‪ .‬ولهذا ترى‬
‫هذه المعاني فى صورة تحتاج فى اليقظة إلى تأويل وتفسير وتحقيق‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ وقصة يوسف خير مثال على ذلك ‪ ,‬إذ أنها قامت على أربعة منامات صادقة ‪ :‬رؤيا يوسف ‪ ،‬ورؤيا‬
‫صاحبي يوسف فى السجن ‪ ،‬ورؤيا الملك ‪ .‬واأل نفس األربعة لهم جالت فى البرزخ ورأت أحداثا مستقبلية‬
‫‪ .‬ودارت األيام وتحققت هذه المنامات ‪ .‬وهذا يعنى أن هناك مستويات مختلفة للمالئكة وسرعاتها وتعاملها‬
‫مع األوامر اإللهية ‪.‬‬
‫ح ِإلَ ْي ِه فِي يَ ْو ٍم‬
‫الرو ُ‬ ‫ُ‬
‫ج ا ْل َم َالئِكَة َو ُّ‬
‫‪ 7‬ــ وفى سورة المعارج يقول تعالى عن الروح والمالئكة العلويين " ت َ ْع ُر ُ‬
‫سنَ ٍة ‪ :‬المعا رج ‪ ، "7 :‬أي أن األمر االلهى يأخذه جبريل والمالئكة العلويون فى‬ ‫ف َ‬‫سينَ أ َ ْل َ‬ ‫كَانَ ِم ْقد ُ‬
‫َار ُه َخ ْم ِ‬
‫زمن مختلف عند العروج هلل تعالى ‪ ,‬ثم يأخذ هذا األمر مقياسا آخر فى مستوى اقل فى التعامل بين‬
‫المالئكة حيث يساوى ألف سنة بحسابنا االرضى ‪ .‬والنفس البشرية فى المنام قد تتجول فتصطدم بنبأ فى‬
‫مستوى األلف عام ‪ ،‬وقد تصطدم بنبأ فى مستوى اعلي ‪.‬‬
‫‪ 2‬ــ ولكن ليلة القدر تتنزل فيه األوامر واألقدار التي للعام التالي ‪ ..‬وهللا تعالى أعلم‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬عوالم البرزخ تتداخل فينا وفى عالمنا المادى‬
‫‪ 0‬ـ والدكتور حسب النبي تحدث عما أشارت إليه نظرية النسبية ونظرية األوتار الفائقة من وجود عالم‬
‫سداسي األبعاد متداخل مع عالمنا االرضى الرباعي األبعاد ‪ ,‬والسرعة فيه تفوق سرعة الضوء ‪ .‬وهو هنا‬
‫يشير إلى اكتشاف آخر أكثر غرابة ‪ ،‬هو التداخل بين عالمنا المادى ( الضعيف ) وعوالم برزخية أعلى‬
‫وأقوى ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ فقد اتضح إن ذرات المادة األرضية تدور بسرعة تتراوح بين ‪ 711‬مليار دورة إلى ‪ 721‬مليار دورة‬
‫فى الثانية الواحدة ‪ ,‬وإذا استطاعت ذرة مادية أن تدور فوق ‪ 721‬ألف مليون دورة فى الثانية فإننا ال‬
‫نستطيع أن نراها ‪ .‬وهذا يفسر لنا السبب فى أن مروحة الطائرة إذا اشتد دورانها فإننا ال نراها مع أنها‬
‫موجودة ‪ ..‬وهكذا بالنسبة لذرات الهواء والذرات المتطايرة من المواد األخرى والتي نحس بها عن طريق‬
‫الرائحة دون الرؤية ‪..‬‬
‫وذرات العالم السداسي األبعاد أسرع دورانا وبهذا تخرج عن المستوى االهتزازي لعالمنا المادي فال‬
‫نستطيع أن نراها ‪ .‬ومن العالم الذي ال نراه الجن والمالئكة والشياطين ‪ ,‬وحتى النفس البشرية خارجا عن‬
‫الجسد ‪ .‬وقد دل علم الميكانيكا الموجية على أن األساس فى تداخل األجسام أو عدم تداخلها يرجع إلى‬
‫اختالف المستوى االهتزازي لهذه األجسام أو تطابقه ‪ .‬فإذا كان المستوى االهتزازي لهما واحدا النتمائهما‬
‫إلى نفس العالم فان تداخلهما يكون مستحيال ‪ ,‬فال يستطيع اإلنسان أن يخترق بجسده الحائط ألن المجال‬
‫االهتزازي بينهما واحد ‪ .‬أما إذا اختلف المجال االهتزازي فيستطيع الكائن األكثر اهتزازا أن يخترق الكائن‬
‫األقل اهتزازا ‪ .‬فالجن والمالئكة تستطيع اختراق الجسد اإلنساني والعالم المادي ‪ .‬ويكون التداخل بينهما‬
‫طبيعيا ‪ .‬وعلى ذلك فان وجود جسمين أحدهما أرضى واألخر برزخي متداخلين ويشغالن مكانا واحدا فى‬
‫وقت واحد يعتبر ظاهرة طبيعية يؤيدها العلم ‪ .‬وجهاز الراديو أبرز مثال على ذلك فالكون ممتلئ بموجات‬
‫السلكية تخترق الجدران ألن ذبذباتها اعلي من نظيرتها فى العالم المادي وهى فى نفس الوقت مختلفة‬
‫الذبذبات لذلك تتداخل فى جهاز الراديو وال يحس بعضها ببعض وال يؤثر بعضها على بعض ‪ ,‬وكلها فى‬
‫نفس جهاز الراديو ‪ ,‬فإذا استقر مفتاح الراديو على موجة معينة التقطها دون أن يعوقه وجود موجة‬
‫أخرى فى نفس المكان أو نفس المحطة ألنها ذات ذبذبة أخرى ‪ .‬فإذا أردنا التشويش على محطة بعينها‬
‫استخدمنا نفس الذبذبة ‪ ..‬هذا مع العلم بأن عالمنا المادى تتدرج إهتزازاته من ‪ 711‬مليار دورة إلى ‪721‬‬
‫مليار دورة فى الثانية الواحدة ‪ ،‬ال مواد الصلبة من أجساد وكواكب ونجوم ومجرات مادية إهتزازاتها‬
‫‪ 711‬مليار دورة فى الثانية ‪ .‬تكون أسرع لو تحولت المادة الى بخار ‪ ،‬لذا يصعب رؤيته ‪ ،‬ثم تستحيل‬
‫رؤيته لو تحول الى طاقة ‪ ،‬وفى كل تزداد سرعة االهتزازات الى أن تصل الى ‪ 721‬مليار هزة فى الثانية‬
‫‪ ،‬وفى هذه ا لمجاالت العليا من عالمنا المادى تقع انواع الطاقة غير المرئية والتى يمكن إستخدامها مثل‬
‫أشعة إكس وجاما والبنفسجية وتحت الحمراء ‪ ،‬وهى تخترق أجسامنا واألجسام الصلبة التى فى مستوى‬
‫أقل منها ‪ ،‬ومنها مستوانا السفلى ‪ 711‬مليار دورة ‪ .‬ونتذكر أن الطاقة هى مادة متحولة ‪ ،‬وأن الطاقة‬
‫والمادة وجهان لعملة واحدة ‪ .‬فإذا كان هناك كائن تزداد إهتزازاته فوق ‪ 721‬مليار دورة فى الثانية‬
‫الواحدة فهو فى عالم البرزخ ‪ ،‬ومن الطبيعى أن يتخللنا ‪ ،‬وأن يتخلله من هو أعلى منه من عوالم البرزخ‬
‫المتدرجة ‪.‬‬
‫‪ 1‬ــ إذن فاإلنسان يعيش فى عالمين متداخلين و لكل منهما مستوى اهتزازي يغاير اآلخر ‪ .‬ويتداخل‬
‫الجسمان ‪ :‬الجسد االرضى والنفس البرزخية فى كائن واحد ومكان واحد ‪ .‬واإلنسان أيضا ال يرى المالئكة‬
‫بعين جسده ‪ ,‬ومن المالئكة رقيب وعتيد ‪ ,‬وهما مقترنان بكل إنسان يحفظان أعماله ‪ ,‬ومع اقترانهما به‬
‫ومعرفتهما به فإنه ال يدرى عنهما شيئا ‪ .‬وال يكشف ذلك إال عندما يموت لحظة االحتضار وعند البعث‬
‫عندما ينكشف عنه الغطاء ‪..‬‬
‫والنبي دمحم فى ليلة القدر انكشف عنه الغطاء فرأى جبريل والعالم البرزخي ورأى من آيات ربه الكبرى ‪.‬‬
‫ومنها سدرة المنتهى وجنة المأوى التي يعيش فيها من يقتلون فى سبيل هللا ويعيشون فيها متنعمين حيث‬
‫ال نشعر بهم نحن فى عالمنا المادي ‪ ,‬وان كانوا يحسون بنا ( البقرة ‪ , 027 :‬آل عمران ـ ‪ 069‬ـ ) ‪..‬‬
‫‪ 7‬ــ أي أن العالم البرزخي يحيط بنا بكل من فيه من مالئكة وشياطين وجان ‪ .‬وبكل ما فيه من أخبار‬
‫ف ت َ ْعلَ ُمونَ ‪ :‬األنعام ‪ . "67 :‬كل اخباره‬ ‫س ْو َ‬‫ست َ َق ٌّر َو َ‬‫وأنباء ومستويات ‪ ،‬وهللا تعالى يقول " ِلك ُِل نَبَ ٍإ ُّم ْ‬
‫مستقرة فيه‪ ،‬إما تم تسجيلها فى كتاب أعمال أولئك الذين عاشوا وماتوا ‪ ،‬أو أقدار لم تحدث بع ُد ينزل بها‬
‫المالئكة والروح بإذن ربهم من كل أمر ‪ ،‬فى ليلة القدر كل عام‪،‬والتى قال فيها جل وعال ‪( :‬إنَّآ أ َ َ‬
‫نز ْلنَ ٰـهُ فِى‬
‫ح فِيهَا‬‫ٱلرو ُ‬ ‫شه ٍۢ ٍْر﴿‪ ﴾٣‬تَنَ َّز ُل ٱ ْل َملَ ٰـٰٓئِكَةُ َو ُّ‬ ‫لَ ْيلَ ِة ٱ ْلقَد ِْر ﴿‪َ ﴾١‬و َمآ أَد َْر ٰىكَ َما لَ ْيلَةُ ٱ ْلقَد ِْر ﴿‪ ﴾٢‬لَ ْيلَةُ ٱ ْلقَد ِْر َخي ٌۭ ٌْر ِم ْن أ َ ْل ِ‬
‫ف َ‬
‫ى َحت َّ ٰى َم ْطلَ ِع ٱ ْلفَجْ ِر﴿‪) ﴾٥‬‬ ‫ِب ِإ ْذ ِن َر ِب ِهم ِمن كُ ِل أ َ ْم ٍۢ ٍر ﴿‪َ ﴾٤‬‬
‫سلَ ٰـ ٌم ِه َ‬
‫‪ 2‬ــ ودائما ‪ :‬صدق هللا العظيم‪.‬‬

‫الفصل الثالث ‪:‬‬


‫( البرزخ ) من كتاب ‪ ( :‬الغرب واالعجاز العلمى فى القرآن الكريم )‬

‫المقال السابع‪:‬‬
‫البرزخ واألكوان الموازية‬
‫القرآن الكريم سبق العلم الحديث فى موضوع السماوات واألرض‬
‫لو تدبر الغرب القرآن لتغير تاريخ العالم فى الرقى الحضارى والتقدم العلمى‬
‫أوال‪:‬‬
‫معنى البرزخ فى القرآن الكريم‬
‫هو الحاجز الفاصل بين شيئين ‪ .‬وقد جاء ثالث مرات فى القرىن الكريم ‪ .‬مرتين عن الفاصل أو الحاجز‬
‫بين ماء البحر المالح وماء النهر العذب إذا إلتقيا ‪ ،‬وهما يلتقيان عندما يصب النهر فى البحر ‪ ،‬يقول جل‬
‫ب فُ َراتٌ َو َهذَا ِم ْل ٌح أُجَا ٌج َو َج َع َل بَ ْينَ ُه َما بَ ْر َزخا ً َو ِحجْ را ً َمحْ جُورا ً‬
‫وعال ‪َ ( :‬وهُ َو الَّذِي َم َر َج ا ْلبَحْ َري ِْن َهذَا ع َْذ ٌ‬
‫ان (‪ )81‬الرحمن )‪ .‬ومرة عن البرزخ‬ ‫خ ال يَ ْب ِغيَ ِ‬ ‫ان (‪ )09‬بَ ْينَ ُه َما َب ْر َز ٌ‬ ‫(‪ )21‬الفرقان ) ( َم َر َج ا ْلبَحْ َري ِْن يَ ْلت َ ِقيَ ِ‬
‫الفاصل بين الحياة الدنيا والحياة األخرى يوم البعث ‪ .‬يقول جل وعال ‪َ ( :‬حتَّى إِذَا جَا َء أ َ َح َدهُ ْم ا ْل َم ْوتُ قَا َل‬
‫خ ِإلَى َي ْو ِم‬ ‫ون (‪ )99‬لَ َع ِلي أَع َْم ُل صَا ِلحا ً ِفي َما ت َ َركْتُ َكالَّ ِإ َّنهَا َك ِل َمةٌ هُ َو قَا ِئلُهَا َو ِم ْن َو َرا ِئ ِه ْم َب ْر َز ٌ‬ ‫ار ِجعُ ِ‬ ‫ب ْ‬ ‫َر ِ‬
‫يُ ْبعَثُونَ (‪ )011‬المؤمنون )‬
‫البرزخ والحجر المحجور‬
‫‪ 1‬ـ هذا البرزخ ال يمكن إقتحامه ‪ ،‬أو بالتعبير القرآنى ( حجرا محجورا ) ‪ .‬وقد جاء هذا التعبير عن‬
‫ب فُ َراتٌ َو َهذَا ِم ْل ٌح‬ ‫البرزخ الذى يفصل بين ماء البحر وماء النهر ‪َ ( :‬و ُه َو الَّذِي َم َرجَ ا ْلبَحْ َري ِْن َهذَا ع َْذ ٌ‬
‫ج َو َجعَ َل بَ ْينَ ُه َما بَ ْر َزخا ً َو ِحجْ را ً َمحْ جُورا ً (‪ )21‬الفرقان ) فالبرزخ هنا موصوف بالحجر المحجور ‪ ،‬مع‬ ‫أُجَا ٌ‬
‫أنه ( مرج البحرين يلتقيان ) ‪ ،‬مع المرج وااللتقاء فال مجال للمزج ‪ .‬وهذا شىء عجيب ‪ ،‬ونشهده حاليا‬
‫فى الفصل بين الماء العذب والماء المالح فى مصب األنهار فى البحار‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الذى ال نشهده ونحن أحياء هو دخولنا البرزخ عند الموت ‪ .‬النفس قبل أن تدخل فى جنينها كانت ميتة‬
‫فى البرزخ ‪ ،‬ثم فى موعدها يتم نفخها فى جسد جنينها ‪ ،‬فيكون إنسانا بعد أن كان ( مشروع إنسان ) أو‬
‫كتلة من اللحم الحى بال نفس ‪ .‬ثم يولد هذا االنسان ‪ ،‬ويأخذ الفترة المكتوبة له فى حياته األرضية ‪ ،‬وعند‬
‫( األجل ) أو موعد موته المحدد أزال ‪ ،‬يأتيه الموت ‪ ،‬أو تأتيه مالئكة الموت ‪ .‬عندما يراهم ال يمكن أن‬
‫يعود الى الحياة الدنيا ‪ ،‬فقد دخل البرزخ ‪ ،‬وستبقى فيه نفسه بال إحساس بالزمن كشأنها قبل أن تلبس‬
‫جسدها ‪ ،‬ثم تستيقظ عند البعث ‪ ،‬تتصور أنها لبثت يوما أو بعض يوم ‪ .‬المؤمنون عند البعث يعلمون هذا‬
‫س ُم ا ْل ُمجْ ِر ُمونَ َما‬ ‫ساعَةُ يُ ْق ِ‬ ‫‪ ،‬أما المجرمون فيقسمون انهم ما لبثوا ساعة ‪ ،‬يقول جل وعال ‪َ ( :‬ويَ ْو َم تَقُو ُم ال َّ‬
‫َّللا إِلَى يَ ْو ِم‬ ‫ب َّ ِ‬‫اإلي َمانَ لَقَ ْد لَبِثْت ُ ْم فِي ِكت َا ِ‬ ‫ع ٍة َكذَ ِلكَ كَانُوا يُ ْؤفَكُونَ (‪َ )22‬وقَا َل الَّ ِذينَ أُوتُوا ا ْل ِع ْل َم َو ِ‬ ‫سا َ‬ ‫غي َْر َ‬ ‫لَبِثُوا َ‬
‫ست َ ْعتَبُونَ‬ ‫ظلَ ُموا َم ْعذ َِرت ُ ُه ْم َوال هُ ْم يُ ْ‬ ‫ث َولَ ِكنَّكُ ْم كُنت ُ ْم ال ت َ ْعلَ ُمونَ (‪ )26‬فَيَ ْو َمئِ ٍذ ال يَنفَ ُع الَّ ِذينَ َ‬ ‫ث فَ َهذَا يَ ْو ُم ا ْلبَ ْع ِ‬ ‫ا ْلبَ ْع ِ‬
‫(‪ )27‬الروم ) ‪ .‬نفس الموقف عند االحتضار ‪ ،‬فالمجرم يصرخ طالبا فرصة أخرى قائال لمالئكة الموت ‪(:‬‬
‫ال إِنَّهَا‬ ‫ون (‪ )99‬لَعَ ِلي أ َ ْع َم ُل صَا ِلحا ً فِي َما ت َ َركْتُ َك َّ‬ ‫ار ِجعُ ِ‬ ‫ب ْ‬ ‫أرجعون ) ‪َ ( :‬حتَّى إِذَا جَا َء أ َ َح َدهُ ْم ا ْل َم ْوتُ قَا َل َر ِ‬
‫خ إِلَى يَ ْو ِم يُ ْبعَثُونَ (‪ )011‬المؤمنون ) ‪ .‬إذا رأى المالئكة الموت فال‬ ‫َك ِل َمةٌ هُ َو قَائِلُهَا َو ِم ْن َو َرائِ ِه ْم بَ ْر َز ٌ‬
‫مجال للخروج منه إال يوم البعث للجميع ‪ .‬ولهذا فعندما طلب الكافرون أن يروا رب العزة أو المالئكة جاء‬
‫علَ ْينَا ا ْل َمالئِكَةُ أ َ ْو‬ ‫الرد ‪ :‬بأنهم يوم يرون المالئكة فال بشرى لهم ‪َ ( :‬وقَا َل الَّ ِذينَ ال يَ ْر ُجونَ ِلقَا َءنَا لَ ْوال أ ُ ِنز َل َ‬
‫عت َ ْوا عُتُوا ً َكبِيرا ً (‪ )80‬يَ ْو َم يَ َر ْونَ ا ْل َمالئِكَةَ ال بُش َْرى يَ ْو َمئِ ٍذ ِل ْل ُمجْ ِر ِمينَ‬ ‫س ِه ْم َو َ‬ ‫ست َ ْكبَ ُروا فِي أَنفُ ِ‬ ‫نَ َرى َربَّنَا لَقَ ْد ا ْ‬
‫َو َيقُولُونَ ِحجْ را ً َمحْ جُورا ً (‪ )88‬الفرقان)‪ .‬هنا يقال ‪ ( :‬حجرا محجورا ) ‪ .‬أى فاصل حاجز منيع‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬‬
‫عن عوالم أو برازخ السماوات واألرض وما بينهما‬
‫‪1‬ـ لقد خلق أو ( فطر ) هللا جل وعال السماوات واألرض معا بأنفجار هائل ‪ .‬عن االنفجار الكونى يقول‬
‫ض كَانَتَا َرتْقًا فَفَتَقْنَاهُ َما)( األنبياء ‪ ، ) 11‬الجزء‬ ‫ت َواأل َ ْر َ‬ ‫اوا ِ‬
‫س َم َ‬‫جل وعال‪(:‬أ َ َولَ ْم يَ َر الَّ ِذينَ َكفَ ُروا أَنَّ ال َّ‬
‫المادى الثقيل األسفل يتكون منه األرض المادية التى نعيش فيها ‪ ،‬والكون المادى الذى تسبح فيه األرض‬
‫والذى يتكون من كواكب ونجوم ومجرات ‪ .‬واألرض المادية التى نحيا عليها تتخللها ستة أرضين أو ستة‬
‫برازخ ‪ .‬تتخللها السماوات السبع ‪ ،‬أو برازخ سبع‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ‪ ،‬الفارق بين المستوى المادى لألرض التى نعيش عليها ( ومحيطها من النجوم والمجرات ) وبين‬
‫األرضين الست والسماوات السبع هو سرعة االهتزازات ‪ .‬إهتزازات المستوى المادى لعالمنا الثقيل‬
‫األسفل بطيئة‪ ،‬بينما تتدرج سرعة االهتزازات فى البرازخ األرضية الست أو األرضين الست ‪ ،‬وتعلوها فى‬
‫السرعة إهتزازات السماوات السبع ‪ ،‬وبالترتيب ‪ .‬األرض الثانية ذبذباتها أو إهتزاز ذراتها أسرع من‬
‫أرضنا المادية ومحيطها من النجوم والمجرات ‪ ،‬واألرض الثالثة ( البرزخ ) الثانى أعلى من األرض‬
‫الثانية‪ ،‬واألرض الرابعة ببرزخها الثالث أعلى ممن دونه ‪ ،‬وما فوقه أعلى منه ‪ ،‬وهكذا الى األرض‬
‫السابعة ببرزخها السادس ‪ ،‬وفوقها تكون السماء الدنيا ببرزخها األول ثم السماء الثانية ‪ ،‬وهكذا الى‬
‫السابعة ‪ .‬وبعده ال نعلم‪.‬‬
‫‪3‬ـ وقلنا فى( كتاب الموت ) وهو منشور هنا ‪ ،‬وسبق نشره فى مصر عام ‪ ( : 0991‬الثابت علميا ً أن‬
‫ذرات المادة األرضية تدور بسرعة تتراوح بين ‪ 711‬ألف مليون دورة إلى ‪ 721‬ألف مليون دورة في‬
‫الثانية الواحدة ‪ ،‬أما ذرات العالم العلوي األثيري فإنها أسرع دورانا ً وبهذا تخرج عن المستوى االهتزازي‬
‫لعالمنا المادي وال نستطيع أن نراها ‪ ،‬ومن العالم غير المرئي لنا الجن والشياطين والمالئكة والنفس‬
‫البشرية بعد الموت وفى حالة النوم ‪ .‬وقد دل علم الميكانيكية الموجية على أن األساس في تداخل األجساد‬
‫أو عدم تداخلها راجع إلى اختالف المستوى االهتزازي لهذه األجساد أو تطابقه ‪ .‬فإذا كان المستوى‬
‫االهتزازي واحدا ً إلنتمائهما إلى نفس العالم فإن تداخلها يكون مستحيالً ‪ ،‬فاإلنسان بجسده األرضي ال‬
‫يستطيع أن يخترق الجدران ألن مجال المستوى االهتزازي بينها واحد ‪ .‬أما إذا أختلف المجاالن فإن‬
‫التداخل يكون طبيعيا ً ‪ ،‬وعلى ذلك فإن وجود جسمين " أحدهما أرضى واآلخر سماوي " متداخلين‬
‫وشاغلين مكانا ً واحدا ً في آن واحد يعتبر ظاهرة طبيعية يؤيدها العلم ‪ .‬وجهاز الراديو أبرز مثال لذلك ‪،‬‬
‫فالكون ممتلىء بموجات السلكية تخترق الجدران وهى في نفس الوقت متداخلة ال يحس بعضها ببعض‬
‫وال يؤثر بعضها على بعض ‪ ،‬وكلها يتخلل جهاز الراديو ‪ ،‬فإذا استقر مفتاح الراديو على موجة معينة‬
‫ألتقطها دون أن يعوقه وجود موجة أخرى في نفس المكان ذات اهتزاز أو ذبذبة مخالفة ‪) .‬‬
‫ونحن نرى مروحة الطائرة إذا كانت ال تتحرك ‪ ،‬فإذا بدأت فى الدوران حول نفسها بدأت تغيب عن ناظرينا‬
‫شيئا فشيئا الى أن تغيب عن ناظرينا‪ .‬هى موجودة ال تزال فى مكانها ولكن ألن سرعة إهتزازها زاد عن‬
‫سرعة األشياء المادية لم تعد مرئية لنا‪.‬‬
‫وهناك فى إطار العالم المادى موجات ضوئية ‪ ،‬ولكنها تهتز بأسرع من إهتزاز ذراتنا ‪ ،‬فنحن إهتزازاتنا‬
‫فى األسفل ‪ ،‬أى ‪ 711‬ألف مليون هزة او دورة فى الثانية الواحدة‪ .‬فإذا زادت دورة مروحة الطائرة عن‬
‫ذلك ال نستطيع رؤيتها ‪ .‬ولكن كوننا المادى تتراوح السرعة االهتزازية فيه من ‪ 711‬ألف مليون لتصل‬
‫‪ 721‬ألف مليون دورة فى الثانية الواحدة ‪ .‬هنا تقع الموجات غير المرئية لنا بما فيه الضوء وهو ينتمى‬
‫أيضا الى عالمنا المادى‪.‬‬
‫بعد ‪ 721‬ألف مليون هزة أو دورة فى الثانية تبدأ العوالم البرزخية بترتيب سرعاتها ‪ ،‬وفيها تعيش عوالم‬
‫الجن والشياطين والمالئكة ‪ ،‬واألعلى فى سرعة الدوران يتخلل ما هو أقل منها ‪ .‬وبهذا نفهم تكوين‬
‫األرض من سبع أرضين ‪ ،‬اضعفها المستوى السفلى المادى الذى نعيش فيه ‪ ،‬وهناك ست مستويات‬
‫متوالية من األرض التى قال عنها رب العزة أنها تتكون من سبع طرائق كالسماوات السبع ‪ ،‬ويتنزل األمر‬
‫ض ِمثْلَ ُهنَّ يَتَنَ َّز ُل األ َ ْم ُر‬ ‫ت َو ِم ْن األ َ ْر ِ‬ ‫اوا ٍ‬ ‫س َم َ‬ ‫َّللاُ الَّذِي َخلَقَ َ‬
‫س ْب َع َ‬ ‫االلهى بين طبقات السماوات واألرض ‪َّ ( :‬‬
‫َيءٍ ِع ْلما ً (‪ ) )08‬الطالق)‬ ‫ط ِبك ُِل ش ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّللا ق ْد أ َحا َ‬ ‫َ‬ ‫ش ْيءٍ قَد ٌ‬
‫ِير َوأنَّ َّ َ‬ ‫علَى ك ُِل َ‬ ‫بَ ْينَ ُهنَّ ِلت َ ْعلَ ُموا أَنَّ َّ َ‬
‫َّللا َ‬
‫ض‬ ‫َّللا ِفي األ َ ْر ِ‬ ‫عج َز َّ َ‬ ‫ظنَنَّا أ َ ْن لَ ْن نُ ِ‬
‫وفى أحد المستويات البرزخية لألرض يعيش الجن ‪ ،‬يقول أحدهم ‪َ ( :‬وأَنَّا َ‬
‫َولَ ْن نُ ْع ِج َز ُه َه َربا ً (‪ )08‬الجن ) ‪ .‬أى هم يعيشون فى مستوى برزخى لألرض ‪ .‬ال يستطيعون الخروج منه‬
‫الى المستوى األعلى الذى تقع فيه السماء الدنيا ‪ .‬وفى مستويات مختلفة من األرضين الست التى تعلو‬
‫مستوى األرض المادية تعيش المالئكة المكلفة بتسجيل أعمالنا ‪ ،‬هى تتداخل مع جسدنا المادى وتسجل ما‬
‫علَ ْيكُ ْم لَحَافِ ِظينَ (‪ِ )01‬ك َراما ً كَاتِبِينَ (‪ )00‬يَ ْعلَ ُمونَ َما ت َ ْفعَلُونَ (‪ )08‬االنفطار )‬ ‫نفعل ‪ ،‬يقول جل وعال ( َوإِنَّ َ‬
‫ين َوع َْن ِ‬
‫الش َما ِل‬ ‫ان ع َْن ا ْليَ ِم ِ‬ ‫ْ‬
‫‪ ،‬ولكل فرد منا إثنان من المالئكة مختصون بتسجيل عمله ‪ِ ( :‬إذ يَتَلَقَّى ا ْل ُمتَلَ ِقيَ ِ‬
‫عتِي ٌد (‪ )02‬ق )‪.‬‬ ‫يب َ‬ ‫قَ ِعي ٌد (‪َ )07‬ما يَ ْل ِفظُ ِم ْن قَ ْو ٍل إِالَّ لَ َد ْي ِه َرقِ ٌ‬
‫والنفس البشرية تنتمى الى هذا العالم البرزخى ‪ ،‬هى موجودة فيه قبل خلق صاحبها ‪ ،‬أى إن نفسى كانت‬
‫موجودة من آالف السنين فى البرزخ قبل ميالدى ‪ ،‬ثم عندما جاء الوقت المحدد لها لبست الجنين الخاص‬
‫بها فى رحم والدتى ‪ ،‬ونزلت إنسانا فى موعد مولدى ‪ ،‬ودخلت فى تجربة هذه الحياة الدنيا ‪ ،‬وخاللها تعود‬
‫نفسى الى نفس البرزخ فى النوم لتستريح من هذا العالم المادى الثقيل ‪ ،‬فالنفس البشرية تقضى حوالى‬
‫ثلث عمرها األرضى المادى فى نوم تعود به الى منبعها البرزخى ‪ .‬ثم فى النهاية تعود نهائيا الى هذا‬
‫البرزخ بالموت ‪ ،‬الى أن يحين موعد ا لبعث ‪ ،‬بعد أن تأخذ كل نفس فرصتها وإختبارها فى هذه الحياة‬
‫الدنيا ‪ .‬أى فى هذا البرزخ توجد األنفس التى لم تدخل إختبار الحياة ‪ ،‬كأنفس أحفادى وأحفاد أحفادى ‪،‬‬
‫كما توجد فى نفس البرزخ أنفس أجدادى الموتى ‪ .‬والى جانب النفس توجد الشياطين التى ( تقترن )‬
‫بالنفس ‪ ،‬وهو ا لقرين ‪ ،‬وهو الذى يختص بغواية من شاء الضالل ‪ ،‬فيظل هذا القرين الشيطانى يزين‬
‫للنفس التى إختارت الضالل أنها على الحق ‪ ،‬ويظل الضال متصورا أنه على الهدى والحق الى أن يرى‬
‫ض‬‫الرحْ َم ِن نُقَ ِي ْ‬ ‫ش ع َْن ِذك ِْر َّ‬ ‫ذلك القرين فى االخرة ويعرف أنه خسر كل شىء ‪ ،‬يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َم ْن َي ْع ُ‬
‫سبُونَ أَنَّ ُه ْم ُم ْهتَدُونَ (‪َ )17‬حتَّى إِذَا جَا َءنَا‬ ‫سبِي ِل َويَحْ َ‬ ‫صدُّونَ ُه ْم ع َْن ال َّ‬ ‫طانا ً فَه َُو لَهُ قَ ِرينٌ (‪َ )16‬وإِنَّ ُه ْم لَيَ ُ‬ ‫ش ْي َ‬
‫لَهُ َ‬
‫س ا ْلقَ ِرينُ (‪ )12‬الزخرف )‪.‬‬ ‫قَا َل يَا لَيْتَ بَ ْينِي َوبَ ْينَكَ بُ ْع َد ا ْل َمش ِْرقَي ِْن فَ ِبئْ َ‬
‫فى عوالم البرزخ توجد أيضا عذاب البرزخ لفرعون وقومه ‪ ،‬وهم فيه أحياء تحت العذاب الى أن تقوم‬
‫ب (‪)76‬غافر‬ ‫ساعَةُ أَد ِْخلُوا آ َل فِ ْرع َْونَ أ َ َ‬
‫ش َّد ا ْلعَذَا ِ‬ ‫شيا ً َويَ ْو َم تَقُو ُم ال َّ‬ ‫ع ِ‬ ‫علَ ْيهَا غُدُوا ً َو َ‬ ‫ار يُ ْع َرضُونَ َ‬ ‫الساعة ( النَّ ُ‬
‫َّللا أ ْنصَارا ً (‪ )82‬نوح )‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُون َّ ِ‬ ‫ُ‬
‫غ ِرقُوا فَأد ِْخلُوا نَارا ً فَلَ ْم يَ ِجدُوا لَ ُه ْم ِم ْن د ِ‬ ‫ُ‬
‫) وكذلك قوم نوح ( ِم َّما َخ ِطيئ َاتِ ِه ْم أ ْ‬
‫كما توجد جنة الذين يٌق تلون فى سبيل هللا ‪ ،‬وهم فيها أحياء ال يموتون ‪ ،‬وال يجوز أن نقول أنهم موتى ‪،‬‬
‫شعُ ُرونَ (‪ )027‬البقرة ) هم‬ ‫َّللا أ َ ْم َواتٌ بَ ْل أَحْ يَا ٌء َولَ ِك ْن ال ت َ ْ‬
‫سبِي ِل َّ ِ‬‫يقول جل وعال ‪َ ( :‬وال تَقُولُوا ِل َم ْن يُ ْقت َ ُل فِي َ‬
‫س َبنَّ الَّ ِذينَ‬
‫أحياء يتمتعون برزق هللا جل وعال حيث يشعرون بنا وال نشعر بهم ‪ ،‬يقول جل وعال ( َوال تَحْ َ‬
‫ْش ُرونَ‬ ‫ستَب ِ‬ ‫ض ِل ِه َويَ ْ‬ ‫َّللا أ َ ْم َواتا ً بَ ْل أَحْ يَا ٌء ِع ْن َد َربِ ِه ْم يُ ْر َزقُونَ (‪ )069‬فَ ِر ِحينَ بِ َما آتَاهُ ْم َّ‬
‫َّللاُ ِم ْن فَ ْ‬ ‫سبِي ِل َّ ِ‬‫قُتِلُوا فِي َ‬
‫ض ٍل‬ ‫َّللا َوفَ ْ‬
‫ش ُرونَ بِنِ ْع َم ٍة ِم ْن َّ ِ‬ ‫علَي ِْه ْم َوال هُ ْم يَحْ َزنُونَ (‪ )071‬يَ ْ‬
‫ست َ ْب ِ‬ ‫ف َ‬ ‫بِالَّ ِذينَ لَ ْم يَ ْل َحقُوا بِ ِه ْم ِم ْن َخ ْل ِف ِه ْم أَالَّ َخ ْو ٌ‬
‫َّللا ال يُ ِضي ُع أَجْ َر ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ (‪ )070‬آل عمران )‪.‬‬ ‫َوأَنَّ َّ َ‬
‫ثالثا‪:‬‬
‫سبق القرآن للعلم البشرى‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ تركز على الحجم المادى لكوكب األرض ‪ ،‬وهو مجرد حبة رمل فى صحراء هذا الكون الملىء بالنجوم‬
‫والمجرات واألبعاد بينها تُقاس بماليين السنوات الضوئية ‪ ،‬وتطلعت أحالم العلماء الى حضارات فى‬
‫الكواكب والنجوم ‪ ،‬تستبعد أن يكون هذا الكون الفسيح يخلو من حضارت‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ حتى اآلن لم تصل حضارة االنسان الى ما أخبر به رب العزة جل وعال فى القرآن الكريم ‪ .‬غاية ما‬
‫هنالك أن االنسان وصل الى الطرق على أول أبواب البرزخ أو ما يسميه بالعالم الموازى ‪ ،‬وعرف (‬
‫األوتار الفائقة ) التى تتخطى المعروف من نظرية النسبية ‪ .‬وبدأت نظريات مؤسسة على نظرية األوتار‬
‫الفائقة تتحدث عن أكوان موازية ( أو برازخ )‪.‬‬
‫‪3‬ـ كما إن إكتشاف الفمتوثانية فتح بابا جديدا يمكن به الدق على أبواب البرزخ األدنى لنا وهو األرض‬
‫الثانية ‪ .‬ا لعالم المصرى أحمد زويل إكتشف الفمتوثانية ‪ ،‬وهى جزء من مليون مليار جزء من الثانية‪.‬‬
‫والنسبة بين الثانية والفيمتو ثانية كالنسبة بين الثانية و‪ 18‬مليون سنة‪ .‬وإنفتح الباب لوحدات زمنية‬
‫أقصر ‪ ،‬هى ( أتوثانية هي وحدة زمنية تخضع لنظام الوحدات الدولي وتعادل ‪ 02−01‬من الثانية‪( ،‬واحد‬
‫كوينتليون من الثانية ‪ ،‬ولسياق الموضوع فإن أتوثانية إلى الثانية يعادل ثانية إلى ‪ 10.70‬مليار سنة أو‬
‫ضعف عمر الكون ‪ ،‬تتشكل لفظة "أتوثانية" من البادئة آتو والوحدة ثانية‪ .‬وتساوي أتوثانية ‪0111‬‬
‫زبتوثانية أو ‪ 0111/0‬من فمتوثانية‪ .‬ألن الوحدة الزمنية التالية األعلى هي الفمتوثانية (‪ 02−01‬ثانية)‪،‬‬
‫وتحدد عادة الفترة من ‪ 07−01‬ث و‪ 06−01‬ث بالعشرات أو المئات من أتوثانية‪ . ).‬الذى يهمنا هنا أن‬
‫العلم بأجهزته المادية وصل الى ما يعتبره أقل وحدة قياس للزمن ‪ ،‬وهذا فى إطار عالمنا المادى الذى‬
‫نستطيع إخضاعه بالتجربة وبأجه زتنا العلمية ‪ ،‬أى فى إطار سرعة االهتزاز التى نعيش فى محيطها‬
‫(‪ 711‬ألف مليون دورة إلى ‪ 721‬ألف مليون دورة في الثانية الواحدة )‪ ،‬فماذا عن العوالم األخرى‬
‫الزمنية فيما بعد األوتوثانية والزبتو ثانية وأخواتها ؟ هنا االقتراب من باب البرزخ‪.‬‬
‫‪4‬ـ المعضلة الكبرى التى تواجهها النظريات الحديثة فى تفسير الكون واألكوان الموازية ليس فقط فى‬
‫الربط بين نظرية النسبية وما تالها من نظريات ‪ ،‬أو محاولة الوصول الى نظرية شاملة كاملة ‪ ،‬ولكنها فى‬
‫تقديرى هى الجمع بين حقييتين ‪ :‬إنفجار خلق الكون والذى أنشا الكون والكون النقيض ‪ ،‬والذى تعرضنا‬
‫له من قبل ‪ ،‬والحقيقة األخرى هى البرازخ لألرضين الست والسماوات السبع‪.‬‬
‫أخيرا‪:‬‬
‫ت فَ ْ‬
‫ار ِج ْع ا ْلبَص ََر‬ ‫الرحْ َم ِن ِم ْن تَفَ ُ‬
‫او ٍ‬ ‫ق َّ‬ ‫ت ِطبَاقا ً َما ت َ َرى فِي َخ ْل ِ‬ ‫اوا ٍ‬ ‫س َم َ‬ ‫‪1‬ـ يقول جل وعال ‪( :‬الَّذِي َخلَقَ َ‬
‫س ْب َع َ‬
‫ير (‪ )7‬الملك )‪ .‬لو أرجع‬ ‫س ٌ‬ ‫سئا ً َو ُه َو حَ ِ‬ ‫َه ْل ت َ َرى ِم ْن فُطُ ٍ‬
‫ور (‪ )1‬ث ُ َّم ْ‬
‫ار ِج ْع ا ْلبَص ََر ك ََّرتَي ِْن يَنقَ ِل ْب ِإلَ ْيكَ ا ْلبَص َُر َخا ِ‬
‫االنسان بصره ومناظيره التيليسكوبية فى الكون المرئى رجع بصره حسيرا ‪ .‬هذا فى العالم المادى فقط‬
‫من نجوم ومجرات ‪ .‬هناك قرابة ‪ 071‬مليار مجرة فى الكون المنظور لنا حتى االن ‪ .‬وتقدر المسافة من‬
‫كوكب األرض إلى حافة الكون المرصود بحوالي ‪ 76‬مليار سنة ضوئية‪ .‬تتراوح أحجام المجرات وكمية‬
‫النجوم فيها ما بين بضعة اآلف النجوم للمجرات القزمة‪ ,‬وحتى تلك العمالقة التى تضم مائة تريليون نجم‬
‫‪ .‬وهى ذات أشكال مختلفة ‪ :‬إهليلجى ‪ ،‬حلزونى ‪ ،‬وغير منتظم ‪.‬والكثير منها يحتوى على ثقوب سوداء ‪.‬‬
‫أبعد مجرة عن األرض ‪ :‬حتى مايو ‪ 0902‬كانت المجرة جى اس زد ‪ 2‬ـ ‪ . 0‬وبينها وبيننا مسافة حوالى‬
‫‪ 0 .01‬مليار سنة ضوئية ‪ .‬وكتلتها حوالى ‪ % 02‬من كتلة مجرتنا درب التبانة ‪ .‬يبلغ قطر درب التبانة‬
‫‪ 011‬الف سنة ضوئية‪ ،‬وفيها ما يربو على مئتي مليار نجم ‪ ،‬ومتوسط المسافة بين كل نجم وآخر خمس‬
‫سنوات ضوئية‪ ،‬وتستغرق الشمس التي تبعد حوالي ‪ 11‬الف سنة ضوئية عن المركز قرابة ‪ 821‬مليون‬
‫سنة مما نعُد لكي تكمل دورة واحدة حولها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ماذا عن عوالم البرازخ لالرضين الست السماوات السبع ؟‬
‫‪3‬ـ ثم ‪ ..‬أال يخجل الدمحميون حين يقرآون القرآن والكريم وآياته فى إبداع خلق السماوات واألرض ثم‬
‫يصممون على وضع إسم دمحم الى جانب إسم الخالق جل وعال ؟ ‪ .‬صحيح أنهم ما قدروا هللا جل وعال حق‬
‫قدره!!‪.‬‬

‫الفصل الرابع ‪:‬‬


‫( البرزخ ) من كتاب العذاب والتعذيب‬

‫المكان والزمان والسرعة والعُلُو فى هذه الدنيا‬


‫مقدمة ‪ :‬فى محاولة لتصور مكان النعيم والعذاب فى اليوم اآلخر نعطى لمحة عن المكان والزمان‬
‫والسرعة والعلو فى هذه الدنيا ‪ ،‬وهى ( اليوم األول ) الذى ينتهى بقيام الساعة ومجىء ( اليوم اآلخر )‪.‬‬
‫وقد تعرضنا فى مقاالت سابقة لموضوع السما وات واألرض واالعجاز العلمى فى القرآنى والذى لم‬
‫يتعرض له الغرب فى مكتشفاته العلمية ‪ ،‬ونتمنى أن يعيد كتابة هذه الموضوعات عالم متخصص يكون‬
‫أقدر منا على إستخالص الحقائق العلمية من اإلشارات القرآنية ‪ .‬ونعطى بعض التفصيالت‬
‫أوال ‪ :‬سبع سماوات تتخلل سبع أرضين‬
‫ض ِمثْلَ ُهنَّ يَتَنَ َّز ُل األ َ ْم ُر بَ ْينَ ُهنَّ ) ‪ ) 08‬الطالق )‪.‬‬ ‫ت َو ِم ْن األ َ ْر ِ‬
‫اوا ٍ‬
‫س َم َ‬ ‫َّللاُ الَّذِي َخلَقَ َ‬
‫سب َْع َ‬ ‫يقول جل وعال ‪َّ ( :‬‬
‫سبع سماوات األعلى منها يتخلل األدنى ثم السماء الدنيا تتخلل األرض السابعة واألرض السابعة تتخلل‬
‫السادسة وهكذا الى ارضنا المادية ا ألثقل واألبطأ فى سرعة إهتزازات ذراتها ‪ ،‬والتى تتخللها وتتخللنا‬
‫األرضين الست والسموات السبع ‪ .‬ويمكن أن نطلق على ما دون أرضنا ( البرازخ ) ‪ .‬وفيها تعيش‬
‫مخلوقات الجن والشياطين ـ وهى ممنوعة من ولوج السماء الدنيا ‪ ،‬وتعيش المالئكة فى برازخ السماوات‬
‫واألرض ‪ ،‬وأعالها قدرا وهم ( المأل األعلى ) يعيشون فى السماء السابعة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الزمن يتخلل الجميع‬
‫‪ 0‬ـ مادة السماوات واألرض يتخللها الزمن ‪ .‬ال نعرف شيئا عن مادة السماوات السبع واألرضين الست ‪،‬‬
‫ألنها برازخ تتخللنا وال نراها ‪ .‬نعرف أن المادة فى ارضنا وما حولها من كواكب ونجو م ومجرات تتكون‬
‫من ثالثة أضالع يتخللها الزمن‪ .‬ونعرف أن مادة السماوات السبع واألرضين السبع تنطلقان عبر زمن‬
‫متحرك بسرعات مختلفة الى نقطة التالشى ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ ونالحظ أن رب العزة يعبر عن ( مواد ) الخلق فى السماوات واألرض بتعبيرات زمنية مثل ( اليوم )‬
‫و (الساعة ) و (األجل ) أى الوقت المحدد سلفا‪ .‬بل إن التعبير عن قيام الساعة وتفجير وتدمير السماوات‬
‫واألرض يأتى بالسرعة التى تفوق سرعة الضوء ‪ ،‬أو سرعة لمحة بصرنا ‪ ،‬لم يقل جل وعال ( لمح‬
‫اح َدةٌ َكلَ ْمحٍ‬ ‫البصر ) أى سرعة الضوء ‪ ،‬بل إستعمل ( كاف التشبيه ) قال جل وعال ‪َ ( :‬و َما أ َ ْم ُرنَا إِالَّ َو ِ‬
‫ع ِة إِالَّ َكلَ ْمحِ ا ْلبَص َِر أ َ ْو هُ َو‬ ‫بِا ْلبَص َِر(‪ )21‬القمر)‪ .‬بل هو أقرب أى أسرع ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬و َما أ َ ْم ُر ال َّ‬
‫سا َ‬
‫ب )(‪ )77‬النحل )‪.‬‬ ‫أ َ ْق َر ُ‬
‫ثالثا ‪ :‬السرعة فى االهتزازات‬
‫‪ 0‬ـ الثابت علميا ً أن ذرات المادة األرضية تدور بسرعةتتراوح بين ‪ 711‬ألف مليون دورة إلى ‪ 721‬ألف‬
‫مليون دورة في الثانية الواحدة ‪ ،‬أماذرات العالم البرزخى فإنها أسرع دورانا ً وبهذا تخرج عن المستوى‬
‫االهتزازي لعالمنا المادي وال نستطيع أن نراها ‪ ،‬ومن العالم غير المرئي لنا الجن والشياطين والمالئكة‬
‫والنفس البشرية بعد الموت وفى حالة النوم ‪ .‬وقد دل علم الميكانيكية الموجية على أن األساس في تداخل‬
‫األجساد أو عدم تداخلها يرجع إلى اختالف المستوى االهتزازي لهذه األجساد أو تطابقه ‪ .‬فإذا كان‬
‫المستوى االهتزازي واحدا ً إلنتمائهما إلى نفس العالم فإن تداخلها يكون مستحيالً ‪ ،‬فاإلنسان بجسده‬
‫األرضي ال ي ستطيع أن يخترق الجدران ألن مجال المستوى االهتزازي بينها واحد ‪ .‬أما إذا أختلف‬
‫المجاالن فإن التداخل يكون طبيعيا ً ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ فاألبطأ هو سرعتنا نحن فى األرض األولى ‪ ،‬وكلما تداخلنا فى البرازخ زادت السرعة ‪ ،‬حتى نصل الى‬
‫س َم َواتِ‬‫اط ِر ال َّ‬ ‫َّلل فَ ِ‬
‫المالئكة فى برازخ السماوات ‪ ،‬وسرعاتهم فوق التصور ‪ ،‬قال جل وعال ‪( :‬ا ْلح َْم ُد ِ َّ ِ‬
‫علَى ك ُِل‬ ‫ق َما َيشَا ُء ِإنَّ َّ َ‬
‫َّللا َ‬ ‫ع َي ِزي ُد ِفي ا ْل َخ ْل ِ‬ ‫سالً أُو ِلي أَجْ ِن َح ٍة َمثْنَى َوث ُ َ‬
‫الث َو ُر َبا َ‬ ‫ض َجا ِع ِل ا ْل َمال ِئ َك ِة ُر ُ‬ ‫َواأل َ ْر ِ‬
‫ِير (‪ )0‬فاطر ) ‪ ( .‬الجناح ) هنا كناية عن سرعة الطيران ‪ .‬والمفهوم أن سرعات طيران المالئكة‬ ‫ش ْيءٍ قَد ٌ‬‫َ‬
‫تتفاوت حسب البرزخ الذى تعيش وتسبح وتطير فيه ومن دونه من البرازخ‪ ،‬الى أن نصل الى أعلى‬
‫المالئكة قدرا‪ ،‬وهم (المأل األعلى)‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ و( الروح ) جبريل والمالئكة معه ينزلون باألقدار المحتمة ليلة القدر فى رمضان ‪ ،‬وتحدث هذه‬
‫األقدار الحتمية فى موعدها من موت ووالدة ورزق ومصائب للبشر فى العام التالى ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ الكائنات التى تعيش فى المجال‪ ) Dimension ( :‬الخاص بها تكون لها السرعة المتاحة فى هذا‬
‫المجال ‪ .‬نحن سرعتنا فى التحرك دون سرعة الضوء ‪ ،‬من هو أعلى منا سرعتها أكبر‪ ،‬وما هو أعلى هو‬
‫األعلى فى السرعة واقل ممن هم فوقه ‪ .‬وهكذا‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬العلو يعنى سرعة إهتزازات الذرات‬
‫هنا يكون ( العلو ) فى العالم الدنيوى ليس بمفهومنا أى ما فوقك هو الذى يعلوك مكانا‪ ،‬هذا خطأ ‪ .‬فالذى‬
‫يعيش فى فى المحيط المتجمد الجنوبى ليس أسفل الذى يعيش أسفل من رفيقه فى المحيط المتجمد‬
‫الشمالى ‪ .‬كالهما يرى السماء فوقه ‪ ،‬فاألمر نسبى هنا ‪ ،‬ولكن العلو هو حسب سرعة المخلوقات ‪.‬‬
‫سرعتنا محصورة فيما هو دون سرعة الضوء لذا فنحن أثقل ونحن أسفل ‪،‬وهناك سرعات األوتار الفائقة‬
‫التى تتجاوز سرعة الضوء ويقترب االنسان حاليا من التعامل معها ‪ ،‬وهى فى برزخ األرض الثانية التى‬
‫تتخلل أرضنا ‪ ،‬وبالتالى فهناك األعلى منها فى برزخ األرض الثالثة التى تتخلل األرض الثانية وأرضنا‬
‫المادية األولى ‪ ،‬وهكذا حتى السماء األولى الى السماء السابعة ومالئكة المأل األعلى ( األعلى سرعة )‬
‫والذين ينتقلون بسرعات ال يمكننا تصورها من مكانهم األعلى الى أرضنا المادية( السفلى ) ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬الكون يجرى نحو النهاية ( قيام الساعة )‬
‫ويسير هذا الكون بأراضيه وسماواته الى األجل المسمى مسبقا ‪ ،‬وهو المحدد لتدميرة بقيام الساعة ‪ .‬قال‬
‫ع َّما أ ُ ْنذ ُِروا‬
‫س ًّمى َوالَّ ِذينَ َكفَ ُروا َ‬ ‫َق َوأَ َج ٍل ُم َ‬‫ض َو َما َب ْينَ ُه َما ِإالَّ ِبا ْلح ِ‬ ‫س َم َوا ِت َواأل َ ْر َ‬
‫جل وعال ‪َ ( :‬ما َخلَ ْقنَا ال َّ‬
‫ُم ْع ِرضُونَ (‪)1‬االحقاف) وألن الكافرين ُمعرضون فهم لم يتفكروا بأنفسهم أن هللا جل وعال ما خلق‬
‫السماوات واألرض وما بينهما من نجوم ومجرات إال بالحق والى أجل مسمى ‪ ،‬وهى الساعة نهاية هذا‬
‫ض َو َما‬ ‫س َم َواتِ َواأل َ ْر َ‬ ‫اليوم وبداية ( اليوم اآلخر) ‪ ،‬قال جل وعال ‪ ( :‬أ َ َولَ ْم يَتَفَك َُّروا فِي أَنفُ ِ‬
‫س ِه ْم َما َخلَقَ َّ‬
‫َّللاُ ال َّ‬
‫اء َربِ ِه ْم لَكَافِ ُرونَ (‪)2‬الروم )‪.‬‬ ‫اس بِ ِلقَ ِ‬ ‫س ًّمى َو ِإنَّ َكثِيرا ً ِم ْن النَّ ِ‬ ‫َق َوأ َ َج ٍل ُم َ‬
‫بَ ْينَ ُه َما إِالَّ بِا ْلح ِ‬
‫سادسا ‪ :‬تغير المكان الى األمام فى االنطالق نحو األجل المسمى‬
‫‪ 0‬ـ بإنطالق هذا الكون بأراضيه وسماواته الى األمام دائما حتى نقطة النهاية فإنك أيها االنسان يتغير‬
‫مكانك نحو األمام مع كل ثانية أو ( فمتو ثانية ) تمر ‪ .‬تخيل أنك تركب قطارا ينطلق بك الى األمام ‪،‬‬
‫ويتغير مكانك مع كل ثانية تمر ‪ ،‬كل هذا وأنت فى داخل هذا الكوكب األرضى ‪ ،‬ولكن هذا الكوكب األرضى‬
‫نفسه ينطلق بك يدور حول الشمس ‪ ،‬أى أن مكانك يتغير فى نفس الوقت حول الشمس ‪ ،‬ثم إن هذه‬
‫الشمس تدور بما حولها من كواكب واقمار حول مركز بمجرة درب التبانة ‪ ،‬أى يتغير مكانك أيضا فى‬
‫نفس الوقت فى داخل درب التبانة الى األمام ‪ ،‬ثم إن هذه المجرة نفسها تنطلق فى مدار لها وبالتالى يتغير‬
‫مكانك الى األمام فى نفس الوقت فى مجال مجهول يشمل مركز المجرات ‪ .‬هذا والجميع ينطلقون أيضا فى‬
‫هذا العالم المادى الذى يشمل هذه األرض وما حول ها من نجوم ومدرات ‪،‬وفى نفس الوقت تنطلق الى‬
‫األمام دائما برازخ األرضين الست التى تتخلل أرضنا وبرازخ السماوات السبع التى تتخلل برازخ األرضين‬
‫الست ‪ .‬السماوات السبع واألرضين السبع كلها تنطلق الى األمام الى نقطة التالشى أو قيام الساعة ‪ ،‬حيث‬
‫يعود الكون الى الصفر او الالشىء الذى بدأ منه ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ ال سبيل لوقف هذا التقدم ‪ ،‬ال سبيل لوقف الزمن ‪ ،‬ألنه الذى يغلف المادة سواء كانت مرئية لنا أو لم‬
‫تكن ‪.‬‬
‫ْص ُرونَ (‪ )19‬الحاقة )‬ ‫ْص ُرونَ (‪َ )12‬و َما ال تُب ِ‬ ‫س ُم ِب َما تُب ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫سابعا ‪ (:‬فال أق ِ‬
‫‪ 0‬ـ نحن ال نرى عوالم البرزخ ‪ .‬بالسرعة الت ى تتحرك بها ذراته يستحيل على العين البشرية رؤيته ‪ .‬أنت‬
‫ترى مروحة الطائرة وهى ساكنة فإذا تحركت بسرعة هائلة لم تعد تراها ‪ ،‬مع أنها تنتمى الى نفس عالمك‬
‫المادى الثقيل ‪ ،‬فما بالك بمخلوقات برزخية تطير بسرعات خيالية ؟‬
‫ْص ُرونَ (‪ )19‬الحاقة )‪ .‬هناك ما يقع فى مجالنا‬ ‫ْص ُرونَ (‪َ )12‬و َما ال تُب ِ‬ ‫س ُم بِ َما تُب ِ‬ ‫‪ 8‬ـ يقول جل وعال‪ (:‬فَال أ ُ ْق ِ‬
‫البصرى وال نراه ‪ ،‬وهناك ما ال يقع فى مجالنا البصرى وهو قريب منا وال نراه ‪ ،‬مثل مالئكة تسجيل‬
‫األعمال التى تنتمى الى عالم البرزخ ‪ ،‬ومثل القرين الشيطانى الذى يتحكم فى نفس الضال وال يراه ‪ ،‬ولن‬
‫يراه إال فى اليوم اآلخر ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ ويتحدثون عن ( المادة المظلمة ) غير المرئية ‪ ،‬وهناك سقف األوزون الذى يحفظ غالف األرض‬
‫س ْقفا ً َمحْ فُوظا ً َوهُ ْم ع َْن آ َيا ِتهَا ُم ْع ِرضُونَ (‪)18‬‬ ‫س َما َء َ‬ ‫الجوى المشار اليه فى قوله جل وعال ‪َ ( :‬و َج َع ْلنَا ال َّ‬
‫األنبياء )‪.‬‬
‫ثامنا ‪ :‬ال نرى بناء السماء ‪:‬‬
‫هللا جل وعال يصف السماء ( وهى كل ما يعلو ) بأنها مبنية أو أنها ( بناء )‬
‫ض‬‫َّللا الَّذِي َجعَ َل لَكُ ُم ْاأل َ ْر َ‬ ‫س َما َء بِنَا ًء) البقرة ‪ُ َّ () 88‬‬ ‫ض فِ َراشًا َوال َّ‬ ‫‪ 0‬ـ يقول جل وعال ‪( :‬الَّذِي َج َع َل لَكُ ُم ْاأل َ ْر َ‬
‫اء َو َما بَنَا َها ) الشمس ‪)2‬‬ ‫س َم ِ‬‫س َما َء ِبنَا ًء)غافر ‪َ ( .) 67‬وال َّ‬ ‫ارا َوال َّ‬ ‫قَ َر ً‬
‫‪ 8‬ـ وتأتى تفصيالت أخرى باإلضافة الى هذا البناء للسماء والسماوات‪:‬‬
‫‪ : 0 / 8‬فهى مزينة وما لها من فروج أو ثقوب أى محكمة البناء ‪ ،‬قال جل وعال ‪( :‬أَفَلَ ْم يَنظُ ُروا إِلَى‬
‫وج ) ق ‪.) 6‬‬ ‫ْف بَنَ ْينَا َها َو َزيَّنَّا َها َو َما لَهَا ِمن فُ ُر ٍ‬ ‫اء فَ ْوقَ ُه ْم َكي َ‬ ‫س َم ِ‬‫ال َّ‬
‫شدَادًا) النبأ ‪،) 08‬‬ ‫س ْب ًعا ِ‬ ‫‪ : 8 / 8‬وهى مبنية بقوة ‪ ،‬قال جل وعال عن السماوات السبع ‪َ ( :‬و َبنَ ْينَا فَ ْوقَكُ ْم َ‬
‫‪ : 1 / 8‬وهى بقوتها تتمدد وتتوسع ( توسع المجرات ) وتوسع السماوات ‪ ،‬قال جل وعال ‪( :‬‬
‫سعُونَ ) الذاريات ‪.) 77‬‬ ‫س َما َء بَنَ ْينَا َها ِبأ َ ْي ٍد َو ِإنَّا لَ ُمو ِ‬
‫َوال َّ‬
‫يزانَ ) الرحمن ‪.) 7‬‬ ‫ض َع ا ْل ِم َ‬ ‫س َما َء َرفَعَهَا َو َو َ‬ ‫‪ : 7 / 8‬وهى محكومة بتوازن دقيق ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬وال َّ‬
‫ع َم ٍد ت َ َر ْونَهَا ۖ ) الرعد ‪.) 8‬‬ ‫ت بِغَي ِْر َ‬ ‫اوا ِ‬ ‫س َم َ‬‫َّللا الَّذِي َرفَ َع ال َّ‬ ‫وهى قوانين للجاذبية ال نراها‪ ،‬قال جل وعال ‪ُ َّ ( :‬‬
‫أخيرا ‪ :‬ما هى مدة هذه الدنيا ومتى تنتهى وتقوم الساعة ؟‬
‫ويأتى السؤال الهام ‪ .‬نحن فى هذا (اليوم الدنيوى ) نجرى مع السماوات واألرض الى األجل المسمى‬
‫وهو تدمير كل هذا الكون ‪ .‬فما هو طول هذا اليوم ؟‬
‫‪ 0‬ـ كانوا يستعجل ون العذاب ‪ ،‬وهو مؤجل الى يوم القيامة ‪ .‬وجاء أن األمر بقيام الساعة قد صدر‪ ،‬ولكن‬
‫ست َ ْع ِجلُو ُه سُ ْبحَانَهُ َوتَعَالَى‬ ‫تنفيذه سيأتى طبقا للموعد المحدد له بزمننا ‪ .‬قال جل وعال ‪( :‬أَتَى أ َ ْم ُر َّ ِ‬
‫َّللا فَال ت َ ْ‬
‫ع َّما يُش ِْركُونَ (‪ )0‬النحل )‪ .‬هنا إشارة الى إختالف الزمن االلهى عن الزمن األرضى ‪ .‬ولهذا يقول جل‬ ‫َ‬
‫سنَ ٍة ِم َّما‬
‫ف َ‬ ‫ع َد ُه َو ِإنَّ َي ْوما ً ِع ْن َد َر ِبكَ كَأ َ ْل ِ‬ ‫َّللاُ َو ْ‬ ‫ف َّ‬ ‫ب َولَ ْن يُ ْخ ِل َ‬ ‫ست َ ْع ِجلُونَكَ ِبا ْل َعذَا ِ‬ ‫وعال فى نفس الموضوع ‪َ (:‬و َي ْ‬
‫تَعُدُّونَ (‪)77‬الحج ) ‪ .‬فاليوم االلهى يساوى ألف عام بحسابنا ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ وه و نفس التقدير فى تدبير األمر االلهى فى صدوره وعروجه بين السماء واألرض ‪ ،‬قال جل وعال ‪(:‬‬
‫سنَ ٍة ِم َّما ت َعُدُّونَ (‪ )2‬السجدة )‬ ‫ف َ‬ ‫َار ُه أ َ ْل َ‬
‫ج ِإلَ ْي ِه ِفي َي ْو ٍم كَانَ ِم ْقد ُ‬ ‫ض ث ُ َّم َي ْع ُر ُ‬ ‫اء ِإلَى األ َ ْر ِ‬ ‫س َم ِ‬ ‫يُد َِب ُر األ َ ْم َر ِم ْن ال َّ‬
‫‪ 1‬ـ أما عن مدة هذه الدنيا فهى خمسون ألف عام ‪ ،‬بتقدير الرحمن وليس بتقدير زمننا ‪ .‬قال جل وعال ‪( :‬‬
‫الروحُ‬ ‫ج ا ْل َمالئِكَةُ َو ُّ‬ ‫ج (‪ )1‬ت َ ْع ُر ُ‬ ‫َّللا ذِي ا ْل َمعَ ِار ِ‬ ‫ْس لَهُ دَافِ ٌع (‪ِ )8‬م ْن َّ ِ‬ ‫ب َواقِ ٍع (‪ِ )0‬ل ْلكَافِرينَ لَي َ‬ ‫سائِ ٌل ِبعَذَا ٍ‬ ‫سأ َ َل َ‬ ‫َ‬
‫سنَ ٍة (‪)7‬المعارج ) ‪ .‬ال نعرف متى بدأت ِ وال نعرف متى ستنتهى‬ ‫ف َ‬ ‫سينَ أ َ ْل َ‬ ‫َار ُه َخ ْم ِ‬‫ِإلَ ْي ِه ِفي َي ْو ٍم كَانَ ِم ْقد ُ‬
‫وتقوم الساعة ‪ .‬كل ما نعرفه أنها إقتربت ‪ ،‬وأول عالمة القتراب الساعة هو نزول القرآن الكريم الرسالة‬
‫االلهية الخاتمة للعالم والباقية الى آخر الزمان ‪.‬‬
‫اح ِد ا ْلقَه ِ‬
‫َّار (‪ )72‬ابراهيم )‬ ‫َّلل ا ْل َو ِ‬
‫س َم َواتُ َوبَ َر ُزوا ِ َّ ِ‬ ‫غي َْر األ َ ْر ِ‬
‫ض َوال َّ‬ ‫( يَ ْو َم تُبَ َّد ُل األَ ْرضُ َ‬

‫ض)‬ ‫غي َْر األ َ ْر ِ‬


‫أوال ‪ ( :‬يَ ْو َم تُبَ َّد ُل األَ ْرضُ َ‬
‫‪ 0‬ـ القوانين الفيزيائية التى نعرفها والتى ال نعرفها فى ال ُمتاح لنا فى عالمنا المادى ( األرض المادية‬
‫والنجوم والمجرات ) تختلف عن القوانين الفيزيائية فى عوالم البرزخ من األرضين الست والسماوات‬
‫السبع ‪ .‬والقوانين الفيزيائية للسماوت السبع واألرضين السبع ستتبدل مع تدميرها وخلق أرض بديلة‬
‫س َم َواتُ ) أنه تغيير‬ ‫ض َوال َّ‬ ‫غي َْر األ َ ْر ِ‬ ‫وسماوات بديلة ‪ .‬ونفهم من قوله جل وعال ‪ ( :‬يَ ْو َم تُبَ َّد ُل األ َ ْرضُ َ‬
‫بنسبة ‪ . % 011‬التبديل يعنى وضعا متناقضا تماما ‪ .‬فاألرض القادمة تتناقض فى قوانينها الفيزيائية مع‬
‫أرضنا الحالية ‪ ،‬وكذلك السماوات ‪ .‬وبالتالى فإن كُنا ال نعلم سوى اليسير والظاهرى من أرضنا ومحيطاتها‬
‫اس ال يَ ْعلَ ُمونَ (‪ )6‬يَ ْعلَ ُمونَ‬ ‫والنجوم والمجرات فنحن أجهل با لعالم القادم ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬ولَ ِكنَّ أ َ ْكث َ َر النَّ ِ‬
‫غا ِفلُونَ (‪ )7‬الروم ) وما نعلمه عنه هو بمقدار ما نفهمه من‬ ‫اآلخ َر ِة هُ ْم َ‬ ‫ظا ِهرا ً ِم ْن ا ْل َح َيا ِة ال ُّد ْن َيا َوهُ ْم ع َْن ِ‬ ‫َ‬
‫القرآن الكريم فى الحديث عن أحوال اآلخرة ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ ومما نفهمه فى موضوع الزمن أنه فى هذه الدنيا متحرك يسير بنا الى األمام الى قيام الساعة‬
‫ونقطة الصفر والتالشى ‪ ،‬وفى تناقض لذلك سيكون الزمن فى اليوم اآلخر راهن حاضر خالد ‪ ،‬ليس فيه‬
‫األمس أو الغد ‪ .‬هذا وضع يستحيل علينا فهمه ألن معارفنا مستمدة من بيئتنا ‪ ،‬وال سبيل الى تخيل ما‬
‫يخرج عن مدركاتنا ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ التعبير القرآنى عن أحوال اليوم اآلخر يأتى بالفعل الماضى ـ مع إنه لم يحدث بع ُد ‪ ،‬مثل قوله جل‬
‫َّللاُ ث ُ َّم نُ ِف َخ فِي ِه أ ُ ْخ َرى فَ ِإذَا‬
‫ض إِالَّ َم ْن شَا َء َّ‬ ‫س َم َواتِ َو َم ْن فِي األ َ ْر ِ‬ ‫صعِقَ َم ْن فِي ال َّ‬ ‫ُّور فَ َ‬‫وعال ‪َ ( :‬ونُ ِف َخ ِفي الص ِ‬
‫ي بَ ْينَ ُه ْم‬‫َاء َوقُ ِض َ‬ ‫ش َهد ِ‬ ‫اب َو ِجي َء ِبالنَّ ِب ِيينَ َوال ُّ‬ ‫ور َر ِبهَا َو ُو ِض َع ا ْل ِكت َ ُ‬ ‫َ‬
‫هُ ْم قِيَا ٌم يَ ْنظُ ُرونَ (‪َ )62‬وأش َْرقَتْ األ َ ْرضُ ِبنُ ِ‬
‫َق َوهُ ْم ال يُ ْظلَ ُمونَ (‪ )69‬الزمر )‪ .‬هذا بينما تأتى مالمح اليوم اآلخر متتالية من البعث الى الحشر الى‬ ‫بِا ْلح ِ‬
‫العرض أمام هللا جل وعال الى الحساب الى دخول الجنة أو النار ‪ .‬هذا التتالى والتتابع كيف يتسق مع‬
‫الزمن الخالد الحاضر الراهن الذى ال يتحرك وليس فيه ماضى أو مستقبل ؟ المعضلة هنا أنه لكى تدخل‬
‫الجنة أو النار فال بد من المرور بمراحل ( سابقة ) أو ( ماضية )‪ ،‬فكيف يتأتى ( الماضى ) مع زمن ساكن‬
‫ساكت متجمد خالد ؟ نعجز عن االجابة وعن التخيل ألننا محكومون بمدركاتنا ‪ .‬ومدركاتنا اليوم ال تزال‬
‫عاجزة عن فهم البرازخ وما يخرج عن الفيزيقا ويدخل فى الميتافيزيقا فى عالمنا فكيف بعالم لم يأت بع ُد‬
‫ولما يأتنا تأويله أو تجسيده واقعا ‪ .‬حين نرى ذلك ونشهده فسنعرف ‪ .‬هذا بينما هو معلوم للخالق جل‬
‫وعال ‪ ،‬ألنه عالم الغيب والشهادة ‪ .‬ولهذا يتحدث عنه رب العزة جل وعال بصيغة الماضى بإعتباره أمرا‬
‫ست َ ْع ِجلُو ُه‬ ‫تقرر وانتهى ‪ ،‬ثم سيأتينا فى وقته وموعده ‪ ،‬كقوله جل وعال عن قيام الساعة (أَتَى أ َ ْم ُر َّ ِ‬
‫َّللا فَال ت َ ْ‬
‫ع َّما يُش ِْركُونَ (‪ )0‬النحل )‬ ‫سُ ْبحَانَهُ َوتَعَالَى َ‬
‫‪ 7‬ـ بدأ الخلق للسماوات واألرض باالنفجار العظيم ال ُمشار اليه فى قوله جل وعال ‪ ( :‬أ َ َولَ ْم يَ َر الَّ ِذينَ‬
‫َيءٍ حَي ٍ أَفَال يُ ْؤ ِمنُونَ (‪ )11‬األنبياء‬ ‫اء كُ َّل ش ْ‬ ‫ض كَانَتَا َرتْقا ً فَفَت َ ْقنَاهُ َما َو َج َع ْلنَا ِم ْن ا ْل َم ِ‬ ‫َكفَ ُروا أَنَّ ال َّ‬
‫س َم َوا ِت َواأل َ ْر َ‬
‫ش ْيءٍ َخلَ ْقنَا َز ْو َجي ِْن لَعَلَّكُ ْم تَذَك َُّرونَ (‪)79‬‬ ‫) ‪ ،‬ونتج عنه خلق كونين متناقضين ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬و ِم ْن ك ُِل َ‬
‫س ِه ْم َو ِم َّما ال يَ ْعلَ ُمونَ (‪ )16‬يس ) ‪،‬‬ ‫َ‬
‫الذاريات ) (سُ ْب َحانَ الَّذِي َخلَقَ األ َ ْز َوا َج كُلَّهَا ِم َّما ت ُ ْن ِبتُ األ َ ْرضُ َو ِم ْن أنفُ ِ‬
‫س َما َء َبنَ ْينَا َها‬‫وكل منهما يسير مبتعدا عن اآلخر فى شكل بيضاوى ‪ ،‬عن توسع الكون قال جل وعال ‪َ (:‬وال َّ‬
‫س َما َء‬ ‫سعُونَ (‪ )77‬الذاريات ) ثم يلتقيان كما قال جل وعال فى تشبيه ُمعجز ‪( :‬يَ ْو َم َن ْط ِوي ال َّ‬ ‫بِأَيْي ٍد َوإِنَّا لَ ُمو ِ‬
‫ع َل ْينَا إِنَّا ُكنَّا فَا ِع ِلينَ (‪ )017‬األنبياء ) بإصطدامهما‬ ‫ق نُ ِعي ُدهُ َوعْدا ً َ‬ ‫ب َك َما بَدَأْنَا أ َ َّو َل َخ ْل ٍ‬ ‫الس ِج ِل ِل ْل ُكت ُ ِ‬ ‫طي ِ ِ‬ ‫َك َ‬
‫يتفجران ويفنى كل منهما اآلخر ويعود العالم الى نقطة الصفر ‪ .‬وهذا معنى قيام الساعة ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وبحساب رب العزة جل وعال فإن خمسين ألف عام تفصل بين بدء الخلق للسماوات واألرض‬
‫وتدميرهما وقيام الساعة ‪ .‬نحن ال نعرف مقدار السنة فى حساب الرحمن ‪ ،‬وال نعرف ماذا إنقضى من هذه‬
‫ْس لَهُ‬ ‫ب َواقِ ٍع (‪ِ )0‬ل ْلكَافِرينَ لَي َ‬ ‫سائِ ٌل ِبعَذَا ٍ‬ ‫سأ َ َل َ‬ ‫الخمسين ألف سنة ‪ ،‬وما هو المتبقى ‪ .‬قال جل وعال ‪َ ( :‬‬
‫سنَ ٍة (‪)7‬‬ ‫ف َ‬ ‫سينَ أ َ ْل َ‬ ‫ح ِإلَ ْي ِه ِفي َي ْو ٍم كَانَ ِم ْقد ُ‬
‫َار ُه َخ ْم ِ‬ ‫الرو ُ‬‫ج ا ْل َمال ِئكَةُ َو ُّ‬ ‫ج (‪ )1‬ت َ ْع ُر ُ‬ ‫َّللا ذِي ا ْل َم َع ِار ِ‬ ‫دَا ِف ٌع (‪ِ )8‬م ْن َّ ِ‬
‫صبْرا ً ج َِميالً (‪ )2‬إِنَّ ُه ْم يَ َر ْونَهُ بَ ِعيدا ً (‪َ )6‬ونَ َراهُ قَ ِريبا ً (‪ )7‬المعارج ) ‪ .‬كل ما نعرفه إنه إقتربت‬ ‫صبِ ْر َ‬ ‫فَا ْ‬
‫غ ْفلَ ٍة ُم ْع ِرضُونَ (‪ )0‬األنبياء )‬ ‫سابُ ُه ْم َوهُ ْم ِفي َ‬ ‫اس ِح َ‬ ‫ب ِللنَّ ِ‬ ‫اقت َ َر َ‬‫الساعة ‪ ،‬قال جل وعال من ‪ 07‬قرنا ‪ْ ( :‬‬
‫‪ 6‬ـ نستعمل اآلن (السنة الضوئية )‪ .‬تبلغ سرعة الضوء ‪ 111‬ألف كيلومتر‪/‬ثانية‪ ،‬وبهذه السرعة فان‬
‫الضوء يقطع ‪ 02‬مليون كيلومتر في الدقيقة وهذه تسمى الدقيقة الضوئية‪ .‬تبلغ المسافة التي يقطعها‬
‫الضوء في سنة واحدة ‪ 9,761,711,778,221,211‬متر أي أنها تبلغ ‪ 9.760‬تريليون كيلو‬
‫متر‪.‬المسافات في الكون شاسعة جدا ً بحيث تقاس بباليين السنين الضوئية ‪ .‬فماذا عما فى البرازخ من‬
‫ض‬ ‫ت َواأل َ ْر ِ‬ ‫س َم َوا ِ‬ ‫ق ال َّ‬‫سرعات ومسافات و قياسات ال يعلمها إال الخالق جل وعال ؟ ‪ .‬قال جل وعال ‪ ( :‬لَ َخ ْل ُ‬
‫اس ال يَ ْعلَ ُمونَ (‪ )27‬غافر )‬ ‫اس َولَ ِكنَّ أ َ ْكث َ َر النَّ ِ‬ ‫ق النَّ ِ‬ ‫أ َ ْكبَ ُر ِم ْن َخ ْل ِ‬
‫َّار (‪ )72‬ابراهيم )‬ ‫اح ِد ا ْلقَه ِ‬ ‫َّلل ا ْل َو ِ‬
‫ثانيا ‪َ ( :‬و َب َر ُزوا ِ َّ ِ‬
‫‪ 0‬ـ هللا جل وعال يدير هذا الكون بمالئكته ‪ ،‬ويعبر جل وعال عن ذلك بالزمن األرضى فيقول ‪ ( :‬يُدَبِ ُر األ َ ْم َر‬
‫سنَ ٍة ِم َّما تَعُدُّونَ (‪ )2‬ذَ ِلكَ عَا ِل ُم ا ْلغَ ْي ِ‬
‫ب‬ ‫ف َ‬ ‫َارهُ أ َ ْل َ‬
‫ض ث ُ َّم يَ ْع ُر ُج ِإلَ ْي ِه فِي يَ ْو ٍم كَانَ ِم ْقد ُ‬ ‫اء ِإلَى األ َ ْر ِ‬ ‫س َم ِ‬ ‫ِم ْن ال َّ‬
‫الر ِحي ُم (‪)6‬السجدة ) ‪ .‬نالحظ إستعمال الزمن المضارع المستمر فى التدبير لألمر االلهى‬ ‫يز َّ‬ ‫شهَا َد ِة ا ْلعَ ِز ُ‬
‫َوال َّ‬
‫فى إرساله وفى عروجه اليه جل وعال وهذا فى يوم إلهى قدره ألف سنة بتقديرنا ‪ .‬وهو فوق الزمان‬
‫والمكان ‪ ،‬لذا فهو جل وعال عالم الغيب والشهادة ‪ .‬بالنسبة لنا فالمستقبل غيب ‪ ،‬بالنسبة له جل وعال‬
‫ج ِم ْنهَا َو َما‬ ‫ض َو َما يَ ْخ ُر ُ‬ ‫فهو يعلم الغيب والشهادة ‪ .‬قال جل وعال عن إحطة علمه ‪( :‬يَ ْعلَ ُم َما يَ ِل ُج فِي األ َ ْر ِ‬
‫ور (‪ )8‬سبأ )‪ ،‬وكل شىء يحدث معلوم له جل وعال‬ ‫الر ِحي ُم ا ْلغَفُ ُ‬ ‫ج فِيهَا َوهُ َو َّ‬ ‫اء َو َما يَ ْع ُر ُ‬ ‫يَ ِنز ُل ِم ْن ال َّ‬
‫س َم ِ‬
‫سقُطُ ِم ْن‬ ‫ب ال يَ ْعلَ ُمهَا ِإالَّ هُ َو َويَ ْعلَ ُم َما فِي ا ْلبَ ِر َوا ْلبَحْ ِر َو َما ت َ ْ‬ ‫ومكتوب ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬و ِع ْن َدهُ َمفَاتِ ُح ا ْلغَ ْي ِ‬
‫ين (‪ )29‬االنعام )‬ ‫ب ُمبِ ٍ‬ ‫ب َوال يَابِ ٍس إِالَّ فِي ِكتَا ٍ‬ ‫ض َوال َر ْط ٍ‬ ‫ت األ َ ْر ِ‬ ‫َو َرقَ ٍة إِالَّ يَ ْعلَ ُمهَا َوال َحبَّ ٍة فِي ظُلُ َما ِ‬
‫‪ 8‬ـ المالئكة الذين يدبر بهم رب العزة األمر منهم جبريل الروح ومالئكة معه كانوا ينزلون بالوحى االلهى‬
‫على األنبياء ‪ ،‬وإنقطع هذا بإكتمال نزول القرآن الكريم ‪ ،‬ولكن ال يزال جبريل والمالئكة معه ينزلون‬
‫باألقدار الحتميات ليلة القدر من شهر رمضان كل عام ‪ .‬وهناك مالئكة الموت ومالئكة تسجيل األعمال ‪.‬‬
‫وفى اليوم اآلخر يتعرض الناس والمالئكة الى الحساب ‪ ،‬قال جل وعال عن حساب المالئكة ‪َ ( :‬وت َ َرى‬
‫ب ا ْل َعالَ ِمينَ‬ ‫َّلل َر ِ‬ ‫َق َو ِقي َل ا ْلح َْم ُد ِ َّ ِ‬ ‫ي َب ْينَ ُه ْم ِبا ْلح ِ‬ ‫س ِب ُحونَ ِبح َْم ِد َر ِب ِه ْم َوقُ ِض َ‬ ‫َافينَ ِم ْن ح َْو ِل ا ْل َع ْر ِش يُ َ‬ ‫ا ْل َمال ِئكَةَ ح ِ‬
‫الرحْ َمنُ َوقَا َل ص ََوابا ً (‪ )12‬النبأ‬ ‫الرو ُح َوا ْل َمالئِكَةُ صَفا ً ال يَت َ َك َّل ُمونَ إِالَّ َم ْن أ َ ِذنَ لَهُ َّ‬ ‫)(‪ )72‬الزمر ) ( َي ْو َم يَقُو ُم ُّ‬
‫) ‪ .‬هذا ألن المالئكة يتمتعون بحرية القول والعمل ‪ ،‬ونتذكر أن إبليس كان من المأل األعلى من المالئكة‬
‫ثم عصى فجوزى باللعن والطرد خارج السماوات والى برازخ األرض مع الجن ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ يختلف الوضع فى اليوم اآلخر ‪ ،‬ألنه يوم لقاء هللا جل وعال ‪ .‬والمؤمن يرجو لقاء ربه يحقق ذلك‬
‫بالتقوى ‪ ،‬والكافر غافل عن لقاء هللا جل وعال غير مؤمن به ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ وهللا جل وعال يستعمل اسلوب المشاكلة‪:‬‬
‫‪ : 0 / 7‬فيصف اللقاء بالمجىء ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬كالَّ إِذَا ُدكَّتْ األ َ ْرضُ دَكا ً دَكا ً (‪َ )80‬وجَا َء َر ُّبكَ َوا ْل َملَكُ‬
‫صَفا ً صَفا ً (‪ )88‬الفجر ) ‪.‬‬
‫ستَقَ ُّر (‪ )08‬القيامة ) (إِلَى‬ ‫‪ : 8 / 7‬أو أن الناس يُساقون الى ربهم ‪ ،‬قال جل وعال ‪ ( :‬إِلَى َربِكَ يَ ْو َمئِ ٍذ ا ْل ُم ْ‬
‫ق (‪ )11‬القيامة )‬ ‫سا ُ‬ ‫َر ِبكَ يَ ْو َمئِ ٍذ ا ْل َم َ‬
‫َّار‬‫اح ِد ا ْلقَه ِ‬ ‫َّلل ا ْل َو ِ‬‫َّلل جَ ِميعا ً ) (‪ )80‬ابراهيم ) ( َو َب َر ُزوا ِ َّ ِ‬ ‫‪ : 1 / 7‬أو يبرزون اليه جل وعال ‪َ ( :‬و َب َر ُزوا ِ َّ ِ‬
‫(‪ )72‬ابراهيم )‬
‫علَى َر ِبكَ صَفا ً ) (‪ )72‬الكهف )‬ ‫‪ : 7 / 7‬أو يُعرضون عليه صفا ( َوع ُِرضُوا َ‬
‫فى كل هذا ال يمكن لنا أن نتخيل المكان كما ال يمكننا أن نتخيل الزمان ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ يأتى رب العزة يوم لقائه فى اليوم اآلخر ومعه مالئكة اليوم األخر‪ ،‬صفا صفا ‪ .‬قال جل وعال ‪( :‬‬
‫َوجَا َء َربُّكَ َوا ْل َملَكُ صَفا ً صَفا ً (‪ )88‬الفجر ) ‪ .‬ونتصور أن هذه المالئكة الذين سيأتون معه هم خلق جديد‬
‫ال يتعرضون للحساب ألنهم ُخلقوا على الطاعة المطلقة ‪ .‬وهم أنواع مختلفة ‪:‬‬
‫‪ : 0 : 2‬منهم أصحاب األعراف ‪ ،‬وهم ( رجال ) أى مترجلون على حاجز بين أهل الجنة وأهل النار ‪ ،‬قال‬
‫َاب ا ْل َجنَّ ِة أ َ ْن‬ ‫صح َ‬ ‫سي َماهُ ْم َونَاد َْوا أ َ ْ‬ ‫اف ِرجَ ا ٌل يَ ْع ِرفُونَ كُالًّ ِب ِ‬ ‫علَى األَع َْر ِ‬ ‫َاب َو َ‬ ‫عنهم جل وعال ‪َ ( :‬وبَ ْينَ ُه َما ِحج ٌ‬
‫ب النَّ ِار قَالُوا َر َّبنَا ال تَجْ َع ْلنَا‬ ‫صحَا ِ‬ ‫َارهُ ْم ِت ْلقَا َء أ َ ْ‬ ‫علَ ْيكُ ْم لَ ْم َي ْد ُخلُو َها َوهُ ْم َي ْط َمعُونَ (‪َ )76‬و ِإذَا ص ُِرفَتْ أ َ ْبص ُ‬ ‫سال ٌم َ‬ ‫َ‬
‫عنكُ ْم ج َْمعُكُ ْم‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫سي َماهُ ْم قالوا َما أغنى َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اف ِرجَ االً يَ ْع ِرفون ُه ْم بِ ِ‬ ‫َ‬
‫َاب األع َْر ِ‬ ‫صح ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫َم َع الق ْو ِم الظا ِل ِمينَ (‪َ )77‬ونادَى أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫علَ ْيكُ ْم َوال أ ْنت ُ ْم‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫َّللاُ ِب َرحْ َم ٍة ا ْد ُخلُوا ا ْل َجنَّة ال َخ ْو ٌ‬ ‫س ْمت ُ ْم ال يَنَالُ ُه ْم َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ُالء الَّ ِذينَ أق َ‬ ‫ست َ ْك ِب ُرونَ (‪ )72‬أ َ َهؤ ِ‬ ‫َو َما كُنت ُ ْم ت َ ْ‬
‫تَحْ َزنُونَ (‪ )79‬االعراف )‪ .‬والتفصيل فى كتابنا ( المسلم العاصى ) المنشور هنا ‪.‬‬
‫‪ : 8 / 2‬ومنهم الصافون الذين يقومون بصف الناس وزجر من يخرج منهم عن الصف ‪ ،‬وذكرهم رب‬
‫ت َزجْ راً (‪ )8‬الصافات )‬ ‫اج َرا ِ‬ ‫ت صَفا ً (‪ )0‬فَ َّ‬
‫الز ِ‬ ‫العزة جل وعال ‪َ ( :‬والصَّافَّا ِ‬
‫‪ : 0 / 8 / 2‬ومن المالئكة الصافين أولئك الذين يوزعون أهل النار يحشرونهم الى جهنم ويذكرونهم‬
‫ِب بِآيَاتِنَا فَ ُه ْم‬ ‫بالكتاب االلهى الذى كذبوا به ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬و َي ْو َم نَحْ ش ُُر ِم ْن ك ُِل أ ُ َّم ٍة فَ ْوجا ً ِم َّم ْن يُكَذ ُ‬
‫طوا ِبهَا ِع ْلما ً أ َ َّماذَا كُنت ُ ْم‬ ‫وزعُونَ (‪ )21‬النمل ) ويؤنبونهم ‪َ ( :‬حتَّى ِإذَا جَا ُءوا قَا َل أ َ َكذَّ ْبت ُ ْم ِبآيَاتِي َولَ ْم ت ُ ِحي ُ‬ ‫يُ َ‬
‫َّللا إِلَى‬‫عدَا ُء َّ ِ‬ ‫نطقُونَ (‪ )22‬النمل )( َويَ ْو َم يُحْ ش َُر أ َ ْ‬ ‫ظلَ ُموا فَ ُه ْم ال يَ ِ‬ ‫ت َ ْع َملُونَ (‪َ )27‬و َوقَ َع ا ْلقَ ْو ُل َ‬
‫علَي ِْه ْم بِ َما َ‬
‫وزعُونَ (‪ )09‬فصلت ) ‪.‬‬ ‫النَّ ِار فَ ُه ْم يُ َ‬
‫‪ :8 / 8 / 2‬ومنهم الذين يسوقون أصحاب النار الى أبواب النار يؤنبونهم على تكذيبهم بآيات هللا ‪:‬‬
‫( َوسِيقَ الَّ ِذينَ َكفَ ُروا إِلَى َج َهنَّ َم ُز َمرا ً َحتَّى إِذَا جَا ُءو َها فُتِ َحتْ أَب َْوابُهَا َوقَا َل لَ ُه ْم َخ َزنَتُهَا أَلَ ْم يَأْتِكُ ْم ُرسُ ٌل ِم ْنكُ ْم‬
‫علَى ا ْلكَافِ ِرينَ (‪)70‬‬ ‫ب َ‬‫ت َربِكُ ْم َويُ ْنذ ُِرونَكُ ْم ِلقَا َء يَ ْو ِمكُ ْم َهذَا قَالُوا بَلَى َولَ ِك ْن َحقَّتْ َك ِل َمةُ ا ْلعَذَا ِ‬ ‫علَ ْيكُ ْم آيَا ِ‬ ‫يَتْلُونَ َ‬
‫س َمثْ َوى ا ْل ُمتَك َِب ِرينَ (‪ )78‬الزمر)‪ ،‬وهم الذين يلقون بهم من‬ ‫اب َج َهنَّ َم َخا ِل ِدينَ ِفيهَا فَ ِبئْ َ‬ ‫ِقي َل ا ْد ُخلُوا أَب َْو َ‬
‫ض فَيَ ْركُ َمهُ ج َِميعا ً فَيَجْ عَلَهُ‬ ‫علَى بَ ْع ٍ‬ ‫ضهُ َ‬ ‫يث بَ ْع َ‬ ‫أبواب الجحيم كأكياس الزبالة ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬ويَجْ َع َل ا ْل َخبِ َ‬
‫يس أَجْ َمعُونَ‬ ‫اوونَ (‪َ )97‬و ُجنُو ُد إِ ْب ِل َ‬ ‫س ُرونَ (‪)17‬االنفال )(فَكُ ْب ِكبُوا فِيهَا هُ ْم َوا ْلغَ ُ‬ ‫فِي جَ َهنَّ َم أ ُ ْولَئِكَ هُ ْم ا ْل َخا ِ‬
‫(‪ )92‬الشعراء )‬
‫‪ : 1 / 2‬ومنهم الذين يسوقون أصحاب الجنة الى أبواب الجنة يسلمون عليهم ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬وسِيقَ‬
‫علَ ْيكُ ْم ِط ْبت ُ ْم‬
‫سال ٌم َ‬ ‫الَّ ِذينَ اتَّقَ ْوا َربَّ ُه ْم ِإلَى ا ْل َجنَّ ِة ُز َمراً َحتَّى ِإذَا جَا ُءو َها َوفُتِ َحتْ أَب َْوابُهَا َوقَا َل لَ ُه ْم َخ َزنَت ُهَا َ‬
‫فَا ْد ُخلُو َها َخا ِل ِدينَ (‪ )71‬الزمر )‬
‫سكُ ْم َوأ َ ْه ِليكُ ْم نَاراً‬ ‫‪ : 7 / 2‬منهم مالئكة النار داخل النار‪ ،‬قال جل وعال عنهم ‪( :‬يَا أَيُّهَا الَّ ِذينَ آ َمنُوا قُوا أَنفُ َ‬
‫َّللا َما أ َ َم َرهُ ْم َويَ ْفعَلُونَ َما يُ ْؤ َم ُرونَ (‪)6‬‬ ‫صونَ َّ َ‬ ‫شدَا ٌد ال يَ ْع ُ‬ ‫علَ ْيهَا َمالئِكَةٌ ِغالظٌ ِ‬ ‫َارةُ َ‬ ‫اس َوا ْل ِحج َ‬ ‫َوقُو ُد َها النَّ ُ‬
‫التحريم )‬
‫‪ : 0 / 7 / 2‬هم خزنة جهنم الذين سيسألون الواردين اليها عن تكذيبهم بآيات هللا جل وعال ‪( :‬إِذَا أ ُ ْلقُوا‬
‫سأَلَ ُه ْم َخ َزنَتُهَا أَلَ ْم يَأْتِكُ ْم‬ ‫ي فِيهَا فَ ْو ٌج َ‬ ‫ور (‪ )7‬تَكَا ُد ت َ َميَّ ُز ِم ْن ا ْلغَي ِْظ كُلَّ َما أ ُ ْل ِق َ‬ ‫س ِمعُوا لَهَا ش َِهيقا ً َو ِه َي تَفُ ُ‬ ‫فِيهَا َ‬
‫َيءٍ إِ ْن أ َ ْنت ُ ْم إِالَّ فِي ضَال ٍل َكبِ ٍير (‪ )9‬الملك‬ ‫َّللاُ ِم ْن ش ْ‬ ‫ِير فَ َكذَّبْنَا َوقُلْنَا َما نَ َّز َل َّ‬
‫ِير (‪ )2‬قَالُوا بَلَى قَ ْد جَا َءنَا نَذ ٌ‬ ‫نَذ ٌ‬
‫))‪.‬‬
‫‪ : 8 / 7 / 2‬وفى خضم العذاب سيرجو أهل النار من خزنة جهنم أن يدعوا لهم رب العزة أن يخفف عنهم‬
‫يوما من العذاب ‪ ،‬وتأيتيهم االجابة تبكيتا ولوما ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬وقَا َل الَّ ِذينَ فِي النَّ ِار ِل َخ َزنَ ِة َج َه َّن َم‬
‫ت قَالُوا بَلَى قَالُوا فَا ْدعُوا‬ ‫ب (‪ )79‬قَالُوا أ َ َو لَ ْم ت َكُ تَأْتِيكُ ْم ُرسُلُكُ ْم ِبا ْلبَ ِينَا ِ‬ ‫عنَّا يَ ْوما ً ِم ْن ا ْلعَذَا ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ا ْدعُوا َربَّكُ ْم يُ َخ ِف ْ‬
‫َو َما ُدعَا ُء ا ْلكَا ِف ِرينَ ِإالَّ ِفي ضَال ٍل (‪)21‬غافر)‪.‬‬
‫‪ : 1 / 7 / 2‬ومنهم ( مالك ) خازن النار الذى سيرجونه أن يدعو هللا جل وعال أن يقضى عليهم بالموت‬
‫هروبا من العذاب ويرد عليهم يذكرهم بالحق القرآنى الذى كذبوا به ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬ونَاد َْوا يَا َما ِلكُ‬
‫َق ك َِارهُونَ (‪ )72‬الزخرف ) ‪.‬‬ ‫َق َولَ ِكنَّ أ َ ْكث َ َركُ ْم ِل ْلح ِ‬‫علَ ْينَا َر ُّبكَ قَا َل ِإنَّكُ ْم َما ِكثُونَ (‪ )77‬لَقَ ْد ِجئْنَاكُ ْم ِبا ْلح ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ِل َي ْق ِ‬
‫هل يتعظ بهذا الدمحميون المؤمنون بأحاديثهم الشيطانية الكافرون بالقرآن ؟‬
‫‪ : 7 / 7 / 2‬ومنهم مالئكة العذاب الذين يالحقون أهل النار حين يريدون أن يخرجوا منها يضربونهم‬
‫س ِه ْم ا ْلح َِمي ُم‬ ‫ق ُر ُءو ِ‬ ‫َب ِم ْن َف ْو ِ‬ ‫اب ِم ْن نَ ٍار يُص ُّ‬ ‫بمقامع من حديد ‪ ،‬قال جل وعال ‪( :‬فَالَّ ِذينَ َكفَ ُروا قُ ِط َعتْ لَ ُه ْم ِث َي ٌ‬
‫ام ُع ِم ْن َحدِي ٍد (‪ )80‬كُلَّ َما أ َ َرادُوا أَ ْن َي ْخ ُرجُوا ِم ْنهَا‬ ‫صه َُر بِ ِه َما ِفي بُطُونِ ِه ْم َوا ْل ُجلُو ُد (‪َ )81‬ولَ ُه ْم َمقَ ِ‬ ‫(‪ )09‬يُ ْ‬
‫ار كُلَّ َما أ َ َرادُوا أ ْنَ‬ ‫ْ‬
‫سقُوا فَ َمأ َواهُ ْم النَّ ُ‬ ‫َ‬
‫يق (‪ )88‬الحج ) ( َوأ َّما الَّ ِذينَ فَ َ‬ ‫اب ا ْلح َِر ِ‬ ‫عذَ َ‬‫غ ٍم أ ُ ِعيدُوا فِيهَا َوذُوقُوا َ‬ ‫ِم ْن َ‬
‫اب النَّ ِار الَّذِي كُ ْنت ُ ْم ِب ِه تُك َِذبُونَ (‪ )81‬السجدة )‬ ‫عذَ َ‬ ‫َي ْخ ُرجُوا ِم ْنهَا أ ُ ِعيدُوا ِفيهَا َو ِقي َل لَ ُه ْم ذُوقُوا َ‬
‫عد ٍْن يَ ْد ُخلُونَهَا‬ ‫‪ : 2 / 2‬ومنهم مالئكة الجنة الذين يدخلون على أهلها يحيُّونهم ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬جنَّاتُ َ‬
‫علَ ْيكُ ْم ِب َما‬‫سال ٌم َ‬ ‫ب (‪َ )81‬‬ ‫علَي ِْه ْم ِم ْن ك ُِل بَا ٍ‬ ‫اج ِه ْم َوذُ ِريَّاتِ ِه ْم َوا ْل َمالئِكَةُ َي ْد ُخلُونَ َ‬ ‫ص َل َح ِم ْن آبَائِ ِه ْم َوأ َ ْز َو ِ‬ ‫َو َم ْن َ‬
‫صبَ ْرت ُ ْم فَنِ ْع َم عُ ْقبَى الد َِّار (‪)87‬الرعد )‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪ 6‬ـ ويأتى معه جل وعال الجنة والنار ‪ .‬قال جل وعال ‪َ ( :‬وأ ْز ِلفتْ ال َجنَّة ِلل ُمت َّ ِقينَ (‪َ )91‬وبُ ِر َزتْ الج َِحي ُم‬
‫ِل ْلغَا ِوينَ (‪ )90‬الشعراء )( َوبُ ِر َزتْ ا ْلج َِحي ُم ِل َم ْن يَ َرى (‪ )16‬النازعات )( َو ِجي َء يَ ْو َمئِ ٍذ ِبجَ َهنَّ َم يَ ْو َمئِ ٍذ يَتَذَك َُّر‬
‫الذك َْرى (‪ )81‬الفجر )‪ .‬الجنة والنار ليس لهما وجود اآلن ‪.‬‬ ‫سانُ َوأَنَّى لَهُ ِ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ِ‬
‫أخيرا ‪:‬‬
‫ضتُهُ يَ ْو َم‬ ‫َّللا حَقَّ قَد ِْر ِه َواأل َ ْرضُ ج َِميعا ً قَ ْب َ‬ ‫‪ 0‬ـ يقول جل وعال عن تمام تحكمه يوم القيامة ‪َ ( :‬و َما قَد َُروا َّ َ‬
‫صعِقَ َم ْن فِي‬ ‫ُّور فَ َ‬ ‫مواتُ َم ْط ِويَّاتٌ بِيَ ِمينِ ِه سُ ْبحَانَهُ َوتَعَالَى ع ََّما يُش ِْركُونَ (‪َ )67‬ونُ ِف َخ فِي الص ِ‬ ‫س َ‬ ‫ا ْل ِقيَا َم ِة َوال َّ‬
‫ض‬ ‫َّللاُ ث ُ َّم نُ ِف َخ فِي ِه أ ُ ْخ َرى فَ ِإذَا هُ ْم قِيَا ٌم يَ ْنظُ ُرونَ (‪َ )62‬وأَش َْرقَتْ األ َ ْر ُ‬ ‫ض إِالَّ َم ْن شَا َء َّ‬ ‫س َم َواتِ َو َم ْن فِي األ َ ْر ِ‬ ‫ال َّ‬
‫َق َوهُ ْم ال يُ ْظلَ ُمونَ (‪ )69‬الزمر ) ‪.‬‬ ‫ي َب ْينَ ُه ْم ِبا ْلح ِ‬ ‫َاء َوقُ ِض َ‬ ‫ش َهد ِ‬‫اب َو ِجي َء ِبالنَّ ِب ِيينَ َوال ُّ‬ ‫ور َر ِبهَا َو ُو ِض َع ا ْل ِكت َ ُ‬ ‫ِبنُ ِ‬
‫هنا أسلوب المبنى للمجهول ‪ ،‬إذ يفقد البشر حريتهم التى كانت ممنوحة لهم فى الدنيا ‪ .‬يفقدونها من‬
‫لحظة االحتضار ‪ ،‬ويظلون فاقدين لحريتهم فى البعث والحشر والعرض والحساب ‪ .‬ثم يختلف الوضع ‪،‬‬
‫فأصحاب الجنة يستعيدون حريتهم خالدين فى الجنة وهى ُمفتحة له م األبواب ‪ ،‬أما الكافر فيظل فاقدا‬
‫حريته أبد اآلبدين فى النار ‪ .‬أى إن الذى يسىء إستعمال الحرية فى الدنيا يعيش عاصيا منتشيا بحريته‬
‫فى الكفر والظلم والعدوان مصيره أن يتمتع بهذه الحرية أوقات يقظته فى الدنيا وأوقات صحته وسطوته ‪،‬‬
‫ثم يفقد حريته بالموت ويظل فاقدا لها فى البعث والحشر والحساب وفى جهنم حيث العذاب األبدى ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ فهل يتعظ الكافرون بهذا ؟‬

‫معضلة ( المكان ) فى اآلخرة‬


‫مقدمة ‪:‬‬
‫هذا تدبر قرآنى فى موضوع المكان فى اآلخرة حيث الجنة والنار ‪ ،‬هما غيب مستقبلى لم يحدث بع ُد ‪،‬‬
‫ولكن جاءت عنه إشارات قرآنية نتدبرها ‪،‬وقد نخطىء وقد نصيب ‪ .‬وفى النهاية فإن ما جاءت به اآليات‬
‫القرآنية سيأتى تأويله ( بمعنى التجسيد والتحقق ) يوم القيامة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬علمنا القليل ورؤيتنا المحدودة فى هذه الدنيا‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ نحن ال نرى طاقات وأشعة نستفيد بها ‪ ،‬أى ضمن عالمنا المادى ‪ ،‬وال نرى بأعيينا المجردة دواب‬
‫حية فى أعماق المحيطات ‪ ،‬ودواب حية تعيش داخلنا وعلى جلودنا ونستنشقها ‪ ،‬وبعضهما نافع وبعضها‬
‫ير بِ َجنَا َح ْي ِه إِالَّ أ ُ َم ٌم‬ ‫ض َوال َ‬
‫طائِ ٍر َي ِط ُ‬ ‫ضار ‪ .‬قال جل وعال عنها أنها ( أٌم ُّم أمثالنا ) ‪َ ( :‬و َما ِم ْن دَابَّ ٍة ِفي األ َ ْر ِ‬
‫ش ْيءٍ ث ُ َّم ِإلَى َر ِب ِه ْم يُحْ ش َُرونَ (‪ )12‬االنعام ) ‪ .‬نستخدم المناظير‬ ‫ب ِم ْن َ‬ ‫أ َ ْمثَالُكُ ْم َما فَ َّر ْطنَا فِي ا ْل ِكتَا ِ‬
‫والتيليسكوبات فى رؤية الدقيق القريب والضخم البعيد من الذرة الى المجرة‪ ،‬وكلما إكتشفنا شيئا أدركنا‬
‫مقدار ما نجهله من بديع صنع الرحمن جل وعال ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ العلم الحديث اآلن يدق أبواب عوالم البرزخ فيما يعرف بنظرية أو نظريات األوتار الفائقة ‪ ،‬وفيها‬
‫إختالفات وعليها إعتراضات ـ شأن بداية أى علم يدق أبواب المجهول ‪ .‬وعرفوا من نظرية األوتار الفائقة‬
‫أن األبعاد في الكون الذي نعرفه؛ ‪ 1‬أبعاد رئيسية وهي (الطول‪ ،‬العرض‪ ،‬االرتفاع)‪ ،‬باإلضافة إلى البُعد‬
‫الرابع (الزمن)‪ .‬أما نظرية األوتارفتقول أن الكون ُمكون من «‪ 00‬بُعدا ً» ‪ ،‬منها األبعاد الثالثة الرئيسية‪،‬‬
‫والبُعد الرابع (الزمن)؛ باإلضافة الى ‪ 7‬أبعاد كونية أخرى‪ .‬وقالوا إن نظرية األوتار الفائقة تفسر ما حدث‬
‫وماكان موجودا قبل االنفجار العظيم حين كان الكون كلة مركزا فى نقطة واحدة إنفجرت ‪ ،‬وهو ال ُمشار‬
‫ض كَانَتَا َرتْقا ً فَفَت َ ْقنَاهُ َما‬ ‫ت َواأل َ ْر َ‬
‫س َم َوا ِ‬ ‫اليه فى قوله جل وعال يخاطبهم ‪ (:‬أ َ َولَ ْم يَ َر الَّ ِذينَ َكفَ ُروا أَنَّ ال َّ‬
‫)(‪)11‬األنبياء )‪ .‬وقالوا إن األبعاد لهذا الكون تتحرك ضمن قوانين جديدة ‪ .‬وتؤكد نظرية األوتار على‬
‫أن الوحدات األساسية المك ِونة للعالم هي األوتار‪ ،‬وهي خيوط اهتزازية من الطاقة متناهية الصغر‪ .‬يهتز‬
‫كل وتر على تردد معين ويمثل قوةً محددة‪ .‬وتعتبر الجاذبية وجميع القوى األخرى نتاجا ً الهتزازات أوتار‬
‫محددة‪.‬وكل شيء في الكون ( فيرميونات‪ ،‬كواركات وليبتونات‪ ،‬هادرونات‪ ،‬بوزونات‪ ،‬وحوامل القوة‬
‫كالفوتونات) يعرف بنمط االهتزاز ألوتاره‪ .‬وأن هذه هذه األوتار المهتزة هى الوحدة األساسية لتشكيل‬
‫المادة ‪ ،‬وليس الذرات أو الجسيمات النقطية الصغيرة ‪ .‬وقالوا أنه إذا صحت هذه الفرضية الخاصة‬
‫باألبعاد الـ‪ ،00‬فإن معنى هذا أن الكون ليس وحيدًا‪ ،‬وإنما هناك أكوان عديدة متصلة ببعضها‪ ،‬ويشير‬
‫العلماء إلى أن هذه األكوان متداخلة ولكن لكل كون قوانينه الخاصة‪ ،‬فالحيز الواحد من العالم من الممكن‬
‫مشغوال بأكثر من جسم لكن من أبعاد مختلفة أى متداخلة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أن يكون‬
‫‪3‬ـ حسنا ‪ .‬لقد سبق القرآن الكريم العلم الحديث فى موضوع البرازخ للسماوات السبع واألرضين السبع ‪،‬‬
‫والمتداخلة فى نفس المكان ‪ .‬فما يقولون أنه ( أبعاد ) هو البرازخ لألرضين الست والسماوات السبع ‪.‬‬
‫وبالتالى فاألبعاد هى ‪ 01‬وليس ‪ 00‬كما يقولون ‪.‬‬
‫َّلل‬
‫‪4‬ـ وسبق القرآن الكريم فى أن هناك مخلوقات حية فى السماوات واألرض ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬و ِ َّ ِ‬
‫ست َ ْك ِب ُرونَ (‪ )79‬النحل ) ( َو ِم ْن آيَاتِ ِه‬ ‫ض ِم ْن دَابَّ ٍة َوا ْل َمالئِكَةُ َوهُ ْم ال يَ ْ‬ ‫ت َو َما فِي األ َ ْر ِ‬ ‫س َم َوا ِ‬‫س ُج ُد َما فِي ال َّ‬ ‫يَ ْ‬
‫ِير (‪ )89‬الشورى ) ومفهوم‬ ‫ع َلى ج َْم ِع ِه ْم ِإذَا َيشَا ُء قَد ٌ‬
‫يه َما ِم ْن دَا َّب ٍة َوهُ َو َ‬
‫ث ِف ِ‬ ‫ض َو َما َب َّ‬ ‫ت َواأل َ ْر ِ‬‫س َم َوا ِ‬ ‫َخ ْل ُ‬
‫ق ال َّ‬
‫انها الجن واإلنس والشياطين والمالئكة ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ ما نعرفه قليل فى عالمنا المادى ( األرض والنجوم والمجرات ) وما نعرفه أق ُّل وأقل عن برازخ‬
‫األرضين الست والسماوات السبع ‪ .‬ومصدر العلم هو ما جاء من إشارات عنها فى القرآن الكريم الذى‬
‫يسبق علم البشر ‪ .‬بالتالى فإن مصدرنا الوحيد هو القرآن الكريم فى معرفة ما سيحدث فى المستقبل فى‬
‫قيام الساعة وتدمير هذا الكون وتبديله بارض بديلة وس ماوات بديلة ومجىء الرحمن ليحاكم الخلق من‬
‫بشر وجن ومالئكة وشياطين ‪ .‬وما ينتج عن الحساب من نعيم أو جحيم ‪.‬‬
‫‪5‬ـ المشكلة فى توصيل المعلومات عن اليوم اآلخر بطريقة نفهمها ‪ ،‬ونحن ال نفهم إال ما ندركه بحواسنا‬
‫‪ ،‬وما نكتشفه فى عالمنا المادى نصنع له تعبيرات وصفات جديدة ‪ .‬وبالتالى فإن رب العزة جل وعال‬
‫يصيغ لنا معرفة جديدة نستطيع بها االقتراب من هذا العالم المختلف الذى لم يأت بعد ‪ .‬ومن هنا أيضا‬
‫تبدو معضلة الزمان والمكان فى اليوم اآلخر ‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ القائلون بنظرية األوتار الفائقة يتصورون مادة مختلفة فى األبعاد أو األكوان ‪ ،‬ليست ثالثة أضالع‬
‫باالضافة الى الزمن ‪ .‬بالتالى فهناك مكان مختلف فى هذه األكوان فى هذه الدنيا ‪ ،‬وبالتالى أيضا فالمكان‬
‫مختلف بل متناقض تماما فى اليوم اآلخر ‪ ،‬وال يمكننا تصوره على حقيقته ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬السماوات واألرض فى اليوم اآلخر‬
‫‪ 1‬ـ لألرض الحالية معانى مختلفة عرضنا لها فى باب القاموس القرآنى ‪ .‬ومنها ( األرض ) بمعنى أرض‬
‫ض َي ِرثُهَا ِع َبادِي الصَّا ِل ُحونَ‬ ‫الذك ِْر أَنَّ األ َ ْر َ‬ ‫ور ِم ْن َب ْع ِد ِ‬ ‫الزبُ ِ‬ ‫الجنة فى قوله جل وعال ‪َ ( :‬ولَقَ ْد َكت َ ْبنَا ِفي َّ‬
‫ض نَتَبَ َّوأ ُ ِم ْن ا ْل َجنَّ ِة‬ ‫ع َدهُ َوأ َ ْو َرثَنَا األ َ ْر َ‬ ‫ص َدقَنَا َو ْ‬‫َّلل الَّذِي َ‬ ‫(‪ )012‬االنبياء )‪ ،‬وقول أهل الجنة ‪َ ( :‬وقَالُوا ا ْلح َْم ُد ِ َّ ِ‬
‫ام ِلينَ (‪ )77‬الزمر ) ‪.‬‬ ‫ْث نَشَا ُء فَنِ ْع َم أَجْ ُر ا ْلعَ ِ‬ ‫َحي ُ‬
‫ت‬‫س َم َوا ِ‬ ‫صعِقَ َم ْن ِفي ال َّ‬ ‫ُّور فَ َ‬
‫‪2‬ـ وتأتى ( األرض ) مرادفة للسماوات فى قوله جل وعال ‪َ ( :‬ونُ ِف َخ ِفي الص ِ‬
‫َّللاُ ث ُ َّم نُ ِف َخ فِي ِه أ ُ ْخ َرى فَ ِإذَا هُ ْم قِيَا ٌم يَ ْنظُ ُرونَ (‪ )62‬الزمر ) ‪ ،‬ويأتى بعدها قوله‬ ‫ض إِالَّ َم ْن شَا َء َّ‬ ‫َو َم ْن ِفي األَ ْر ِ‬
‫ي بَ ْينَ ُه ْم ِبا ْل َح ِ‬
‫ق‬ ‫َاء َوقُ ِض َ‬ ‫ش َهد ِ‬ ‫اب َو ِجي َء ِبالنَّ ِب ِيينَ َوال ُّ‬ ‫ور َر ِبهَا َو ُو ِض َع ا ْل ِكت َ ُ‬ ‫جل وعال ‪َ ( :‬وأَش َْرقَتْ األ َ ْرضُ ِبنُ ِ‬
‫َوهُ ْم ال يُ ْظلَ ُمونَ (‪ )69‬الزمر ) ‪ .‬أى أن يوم الحساب ولقاء الرحمن سيكون على أرض اآلخرة ‪ .‬وعليه قد‬
‫تكون االرض والسماوات متداخلة ‪.‬‬
‫س َم َواتُ‬ ‫ضهَا ال َّ‬ ‫س ِارعُوا ِإلَى َم ْغ ِف َر ٍة ِم ْن َر ِبكُ ْم َو َج َّن ٍة ع َْر ُ‬ ‫‪ 3‬ـ ويقول جل وعال عن إتساع الجنة ‪َ ( :‬و َ‬
‫َواأل َ ْرضُ أ ُ ِعدَّتْ ِل ْل ُمت َّ ِقينَ (‪ )011‬آل عمران )‪ .‬أى إن عرضها هو السماوات واألرض ‪ .‬والمفهوم هنا ان‬
‫ب (‪ )21‬ص ) بحيث يجوب أصحاب الجنة‬ ‫عد ٍْن ُمفَتَّحَ ةً لَ ُه ْم األَب َْوا ُ‬ ‫ت َ‬ ‫الجنة ستكون مفتحة األبواب ( َجنَّا ِ‬
‫كل مكان بما فيها النار يرون أهلها ‪ ،‬وحكى رب العزة جل وعال مشهدا فى ذلك حيث إطلع واحد من أهل‬
‫ض ُه ْم‬ ‫الجنة على واحد من أهل النار كان قرينا له فى الدنيا يحاول إضالله وخاطبه مؤنبا له ‪ ( :‬فَأ َ ْقبَ َل بَ ْع ُ‬
‫سا َءلُونَ (‪ )21‬قَا َل قَائِ ٌل ِم ْن ُه ْم إِنِي كَانَ ِلي قَ ِرينٌ (‪ )20‬يَقُو ُل أَئِنَّكَ لَ ِم ْن ا ْل ُمص َِدقِينَ (‪ )28‬أَئِذَا‬ ‫ض يَت َ َ‬ ‫علَى بَ ْع ٍ‬ ‫َ‬
‫اء ا ْل َج ِح ِيم (‪)22‬‬ ‫طلَ َع فَ َرآ ُه ِفي َ‬
‫س َو ِ‬ ‫ط ِلعُونَ (‪ )27‬فَا َّ‬ ‫ظاما ً أ َ ِئنَّا لَ َمدِينُونَ (‪ )21‬قَا َل َه ْل أ َ ْنت ُ ْم ُم َّ‬‫ِمتْنَا َوكُنَّا ت ُ َرابا ً َو ِع َ‬
‫ِين (‪َ )26‬ولَ ْوال نِ ْع َمةُ َر ِبي لَكُنتُ ِم ْن ا ْل ُمحْ ض َِرينَ (‪ )27‬أَفَ َما نَحْ نُ بِ َميِتِينَ (‪ )22‬إِالَّ‬ ‫اَّلل إِ ْن ِكدْتَ لَت ُ ْرد ِ‬ ‫قَا َل ت َ َّ ِ‬
‫َم ْوتَتَنَا األُولَى َو َما َنحْ نُ ِب ُمعَذَّ ِبينَ (‪ )29‬الصافات ) ‪ .‬وهم فى هذا ال تضرهم نارها وال يسمعون حسيسها ‪،‬‬
‫س َبقَتْ لَ ُه ْم ِمنَّا‬ ‫س َمعُونَ (‪ِ )011‬إنَّ الَّ ِذينَ َ‬ ‫ير َوهُ ْم ِفيهَا ال َي ْ‬ ‫قال جل وعال عن أصحاب النار‪ ( :‬لَ ُه ْم ِفيهَا َز ِف ٌ‬
‫شت َ َهتْ أَنفُسُ ُه ْم َخا ِل ُدونَ (‪)018‬‬ ‫سهَا َوهُ ْم فِي َما ا ْ‬ ‫سي َ‬ ‫س َمعُونَ حَ ِ‬ ‫ع ْنهَا ُم ْبعَدُونَ (‪ )010‬ال َي ْ‬ ‫سنَى أ ُ ْولَئِكَ َ‬ ‫ا ْل ُح ْ‬
‫األنبياء )‬
‫ض )(‪ )80‬الحديد )‬ ‫اء َواألَ ْر ِ‬ ‫س َم ِ‬ ‫ض ال َّ‬ ‫ضهَا َك َع ْر ِ‬‫سا ِبقُوا ِإلَى َم ْغ ِف َر ٍة ِم ْن َر ِبكُ ْم َو َجنَّ ٍة ع َْر ُ‬ ‫ويقول جل وعال ‪َ ( :‬‬
‫‪ ،‬هنا إستعمال التشبيه ( كعرض السماء واألرض)‪.‬‬

‫الباب الثانى ‪ ( :‬البرزخ ) فى مقاالت متصلة منفصلة‬


‫الفصل األول‬
‫برزخ المقتول فى سبيل هللا جل وعال‬
‫برزخ المقتول فى سبيل هللا جل وعال‬
‫‪ 0‬ـ فى مايو ‪ 0922‬كُنتُ متهما أمام لجنة تحقيق بسبب كتابى ( األنبياء فى القرآن الكريم ) وأربعة كتب‬
‫أخرى ‪ .‬حسبما أتذكر سألنى المحقق عن قولى فى الكتاب إن النبى مات ‪ ،‬واتهمنى المحقق بأننى أجعل (‬
‫الشهيد ) أعلى مك انة من النبى ‪ ،‬فأجبت بأننى لستُ من قال إن النبى ميت ‪ ،‬بل من قال هذا هو رب العزة‬
‫جل وعال ‪ ،‬قال له يخاطبه وهو حى وقتئذ ( ِإنَّكَ َم ِيتٌ َو ِإنَّ ُه ْم َم ِيت ُونَ (‪ )11‬الزمر ) ومن ينكر موت النبى‬
‫اآلن فهم يكفر بهذه اآلية ‪ ،‬وقلت أن الشهيد يوم القيامة هو من يشهد على قومه يوم الحساب ‪ .‬أما الذى‬
‫يكون حيا وال يصح أن نقول عنه إنه ميت فهو من يُقت ُل فى سبيل هللا ‪ .‬وهللا جل وعال هو الذى قال ذلك ‪:‬‬
‫س َبنَّ الَّ ِذينَ‬ ‫شعُ ُرونَ (‪ )027‬البقرة ) ( َوال تَحْ َ‬ ‫َّللا أ َ ْم َواتٌ َب ْل أَحْ َيا ٌء َو َل ِك ْن ال ت َ ْ‬
‫س ِبي ِل َّ ِ‬‫( َوال تَقُولُوا ِل َم ْن يُ ْقت َ ُل ِفي َ‬
‫ش ُرونَ‬ ‫ست َ ْب ِ‬ ‫ض ِل ِه َويَ ْ‬ ‫َّللا أ َ ْم َواتا ً بَ ْل أَحْ يَا ٌء ِع ْن َد َربِ ِه ْم يُ ْر َزقُونَ (‪ )069‬فَ ِر ِحينَ بِ َما آتَاهُ ْم َّ‬
‫َّللاُ ِم ْن فَ ْ‬ ‫قُتِلُوا فِي َ‬
‫سبِي ِل َّ ِ‬
‫ض ٍل‬ ‫َّللا َوفَ ْ‬ ‫ش ُرونَ ِبنِ ْع َم ٍة ِم ْن َّ ِ‬ ‫علَي ِْه ْم َوال هُ ْم يَحْ َزنُونَ (‪ )071‬يَ ْ‬
‫ست َ ْب ِ‬ ‫ف َ‬‫ِبالَّ ِذينَ لَ ْم يَ ْل َحقُوا ِب ِه ْم ِم ْن َخ ْل ِف ِه ْم أَالَّ َخ ْو ٌ‬
‫َّللا ال يُ ِضي ُع أَجْ َر ا ْل ُم ْؤ ِم ِنينَ (‪ )070‬آل عمران ) ‪ .‬وطالما قال رب العزة عن النبى إنه ميت فأنا أومن‬ ‫َوأَنَّ َّ َ‬
‫أنه ميت ‪ ،‬وطالما نهى رب العزة عن وصف من يُقتل فى سبيل هللا بالموت فأنا ملتزم بهذا ‪ .‬و ال دخل‬
‫للتفضيل فى هذا ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ أتذكر اآلن هذا الحوار بعد اكثر من ثالثين عاما ‪ ،‬وأتخيل إمتداده ليشمل أسئلة هامة عن برزخ من‬
‫يُقت ُل فى سبيل هللا جل وعال ‪ .‬أتخيله على النحو التالى ‪:‬‬
‫قال ‪ :‬أين يوجد برزخ من يُقتل فى سبيل هللا جل وعال ؟‬
‫قلت ‪ :‬البرزخ الذى يوجدون فيه ـ حسب تصورى ـ هو جنة المأوى ‪ ،‬وهى المذكورة فى سورة النجم ‪:‬‬
‫السد َْر َة َما‬ ‫سد َْر ِة ا ْل ُم ْنتَهَى (‪ِ )07‬ع ْن َد َها َجنَّةُ ا ْل َمأ ْ َوى (‪ )02‬إِ ْذ يَ ْغشَى ِ‬ ‫( َولَقَ ْد َرآ ُه نَ ْزلَةً أ ُ ْخ َرى (‪ِ )01‬ع ْن َد ِ‬
‫ت َر ِب ِه ا ْلكُب َْرى (‪ )02‬النجم )‪.‬‬ ‫طغَى (‪ )07‬لَقَ ْد َرأَى ِم ْن آيَا ِ‬ ‫غ ا ْلبَص َُر َو َما َ‬ ‫يَ ْغشَى (‪َ )06‬ما َزا َ‬
‫قال ‪ :‬إذن رآها النبى دمحم عليه السالم ؟‬
‫قلت ‪ :‬نعم ‪ .‬وهذه آية له حين رأى جبريل للمرة الثانية ينزل من األفق األعلى الى جنة المأوى ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وكيف رآها النبى ؟‬
‫قلت ‪ :‬لم يرها بعينيه ‪ .‬رآها بفؤاده ‪ .‬والفؤاد هو النفس ‪ .‬حين تجردت نفسه عن جسده المادى‪ .‬ألن هذا‬
‫الجسد المادى غطاء يحول بيننا وبين رؤية عوالم البرزخ ‪ .‬رأى جبريل يهبط من برزخ علوى ــ حيث‬
‫ينتمى جبريل الى ( المأل األعلى ) ــ الى برزخ اسفل ‪ ،‬فيه جنة المأوى ‪ .‬فغاية رؤية النبى عليه السالم‬
‫بفؤاده ـ أى قلبه ـ أى نفسه ـ هى عندئذ ‪ ،‬سدرة المنتهى ‪ ،‬عند جنة المأوى ‪ .‬وألنه رأى بعين قلبه أو‬
‫غ ا ْلبَص َُر‬ ‫فؤاده ما يعجز عن التعبير عنه فإن بصره المادى تجمد كما لو كان ميتا ‪ ،‬يقول جل وعال ( َما َزا َ‬
‫ط َغى (‪ ) )07‬وألنه عالم برزخى ( علوى بالنسبة لنا ) ال نستطيع وصفه وال التعبير عنه فقد جاء‬ ‫َو َما َ‬
‫طغَى (‪ )07‬لَقَ ْد َرأَى‬ ‫غ ا ْلبَص َُر َو َما َ‬ ‫السد َْرةَ َما يَغْشَى (‪َ )06‬ما َزا َ‬ ‫التعبير القرآنى عنه بالتهويل ‪( :‬إِ ْذ يَ ْغشَى ِ‬
‫ت َر ِب ِه ا ْلكُب َْرى (‪.))02‬‬ ‫ِم ْن آيَا ِ‬
‫قال ‪ :‬ولماذا يكون برزخ من يُقتل فى سبيل هللا جل وعال فى جنة المأوى بالذات ؟‬
‫قلت ‪ :‬فى تصورى أنها الجنة التى كان فيها أبوانا آدم وزوجه ‪ .‬ومن يقتل من أبناء آدم يرجع اليها ليتنعم‬
‫فيها ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وكيف تتصور جنة آدم ؟‬
‫قلت ‪ :‬كانا يعيشان فيها وسط أشجار وأنهار وثمار ‪ ،‬وكان جسدهما المادى مغطى بأنوار هذه الجنة ال‬
‫يعلمان عنه شيئا ‪ .‬وكان يريان عوالم البرزخ األخرى بدليل أنهما كانا يريان الشيطان الذى خاطبهما‬
‫ودلهما على الشجرة المحرمة ‪ ،‬واقسم لهما أنه من الناصحين ‪ ،‬يقول جل وعال فى قصة آدم وزوجه ‪:‬‬
‫ظا ِل ِمينَ (‪)09‬‬ ‫شئْت ُ َما َوال ت َ ْق َربَا َه ِذ ِه الشَّجَ َرةَ فَتَكُونَا ِم ْن ال َّ‬ ‫ْث ِ‬ ‫سك ُْن أ َ ْنتَ َو َز ْو ُجكَ ا ْل َجنَّةَ فَكُال ِم ْن َحي ُ‬ ‫( َويَا آ َد ُم ا ْ‬
‫شج ََر ِة‬ ‫س ْوآ ِت ِه َما َوقَا َل َما نَهَاكُ َما َر ُّبكُ َما ع َْن َه ِذ ِه ال َّ‬ ‫ع ْن ُه َما ِم ْن َ‬ ‫ي َ‬ ‫ور َ‬ ‫ِي لَ ُه َما َما ُو ِ‬ ‫طانُ ِليُ ْبد َ‬‫ش ْي َ‬‫س لَ ُه َما ال َّ‬ ‫فَ َو ْ‬
‫س َو َ‬
‫ور‬ ‫اص ِحينَ (‪ )80‬فَ َدالَّ ُه َما بِغُ ُر ٍ‬ ‫س َم ُه َما إِنِي لَكُ َما لَ ِم ْن النَّ ِ‬ ‫إِالَّ أ َ ْن تَكُونَا َملَ َكي ِْن أ َ ْو تَكُونَا ِم ْن ا ْل َخا ِل ِدينَ (‪َ )81‬وقَا َ‬
‫ق ا ْل َجنَّ ِة َونَادَاهُ َما َربُّ ُه َما أَلَ ْم أ َ ْن َهكُ َما ع َْن‬ ‫ع َلي ِْه َما ِم ْن َو َر ِ‬
‫ان َ‬ ‫ط ِفقَا يَ ْخ ِصفَ ِ‬ ‫س ْوآت ُ ُه َما َو َ‬ ‫شج ََرةَ بَدَتْ لَ ُه َما َ‬ ‫فَلَ َّما ذَاقَا ال َّ‬
‫عد ٌُّو ُم ِبينٌ (‪ )88‬االعراف )‪ .‬حين بدا لهما جسدهما المادى‬ ‫طانَ لَكُ َما َ‬ ‫شج ََر ِة َوأَقُ ْل لَكُ َما ِإنَّ ال َّ‬
‫ش ْي َ‬ ‫ِت ْلكُ َما ال َّ‬
‫السوأة بعد اكلهما من الشجرة ‪ ،‬أخذا يغطيانه بورق شجرة الجنة النورانى ‪ ،‬بينما إنتهز الشيطان محنتهما‬
‫فأخذ يكشف لهما عن معالم جسدهما السوأة ‪ .‬يقول جل وعال يحذر أبناء آدم ويؤكد أننا ال نرى عوالم‬
‫س ُه َما‬ ‫ع ْن ُه َما ِل َبا َ‬‫طانُ َك َما أ َ ْخ َرجَ أ َ َب َو ْيكُ ْم ِم ْن ا ْل َجنَّ ِة َي ِنزعُ َ‬ ‫ش ْي َ‬ ‫البرزخ بينما هم يروننا ‪َ ( :‬يا َب ِني آ َد َم ال َي ْف ِتنَنَّكُ ْم ال َّ‬
‫اطينَ أ َ ْو ِليَا َء ِللَّ ِذينَ ال يُ ْؤ ِمنُونَ‬ ‫ْث ال ت َ َر ْونَ ُه ْم إِنَّا َجعَ ْلنَا ال َّ‬
‫شيَ ِ‬ ‫س ْوآتِ ِه َما إِنَّهُ يَ َراكُ ْم هُ َو َوقَبِيلُهُ ِم ْن َحي ُ‬ ‫ِليُ ِريَ ُه َما َ‬
‫(‪ )87‬االعراف )‬
‫قال ‪ :‬وكيف كان يعيش آدم وزوجه في جنة الخلد ؟‬
‫قلت ‪:‬هى بعكس الحياة فى أرضنا المادية ‪ .‬فى أرضنا المادية جوع وعطش وعُرى وشقاء ‪ .‬لم يكن آدم‬
‫وزوجه يعرفان هذا وهما فى جنة المأوى ‪ ،‬وقد قال لهما رب العزة يحذرهما من الشيطان ‪( :‬فَقُ ْلنَا يَا آ َد ُم‬
‫ع ِفيهَا َوال ت َ ْع َرى (‪)002‬‬ ‫ش َقى (‪ِ )007‬إنَّ َلكَ أَالَّ تَجُو َ‬ ‫عد ٌُّو لَكَ َو ِل َز ْو ِجكَ فَال يُ ْخ ِر َجنَّكُ َما ِم ْن ا ْل َجنَّ ِة فَت َ ْ‬ ‫ِإنَّ َهذَا َ‬
‫ضحَى (‪ )009‬طه )‪.‬‬ ‫َوأَنَّكَ ال ت َ ْظ َمأ ُ فِيهَا َوال ت َ ْ‬
‫قال ‪ :‬هل تتصور ان من يُقتل فى سبيل هللا عز وجل يحيا بنفس حياة آدم وزوجه ؟‬
‫َّللا أ َ ْم َواتا ً بَ ْل أَحْ يَا ٌء ِع ْن َد َربِ ِه ْم‬
‫سبِي ِل َّ ِ‬ ‫سبَنَّ الَّ ِذينَ قُتِلُوا فِي َ‬ ‫قلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬ويكفى قوله جل وعال ‪َ ( :‬وال تَحْ َ‬
‫ض ِل ِه )‪ .‬هم احياء يتمتعون برزق ربهم بال تعب فى الحصول‬ ‫َّللا ِم ْن فَ ْ‬ ‫يُ ْر َزقُونَ (‪ )069‬فَ ِر ِحينَ بِ َما آتَاهُ ْم َّ ُ‬
‫عليه فقد جاء من فضل رب العزة جل وعال عليهم ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬هل يأكلون ويشربون ؟‬
‫قلت ‪ :‬نعم ‪ .‬فطالما هم احياء فال بد من طعام يُعين على الحياة ‪ .‬وهللا جل وعال هو وحده فاطر السماوات‬
‫َّللا أَت َّ ِخذُ َو ِليا ً‬
‫غي َْر َّ ِ‬ ‫واألرض وهو وحده الذى ال يُطعم ‪ ،‬وهو الذى يطعم غيره ‪ ،‬يقول جل وعال ‪ ( :‬قُ ْل أ َ َ‬
‫ض َوهُ َو يُ ْط ِع ُم َوال يُ ْطعَ ُم )(‪ )07‬االنعام )‪ .‬فى إستمرار الحياة لدى المخلوقات ال بد‬ ‫ت َواألَ ْر ِ‬ ‫س َم َوا ِ‬ ‫فَ ِ‬
‫اط ِر ال َّ‬
‫لها من طعام ‪ ،‬هذا يسرى على كل المخلوقات المادية والبرزخية ‪ .‬ومن يُقتل فى سبيل هللا ‪ ،‬هم أحياء‬
‫وهم يُرزقون إذن هم يأكلون ويشربون ‪ ،‬وطبعا يختلف الطعام والشراب عما نعرف ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وماذا يحدث لهم عند الموت ؟‬
‫قلت ‪ :‬يذو قون الموت ولكن هم اليموتون ‪ ،‬وممنوع أن نقول عليهم اموات ‪ .‬هل نسيت ؟‬
‫قال ‪ :‬ولكن كل إنسان يتوفاه هللا جل وعال ‪ .‬أى ال بد لمن يُقتل فى سبيل هللا من الوفاة ‪ .‬وهللا جل وعال‬
‫علَ ْيكُ ْم ا ْد ُخلُوا ا ْل َجنَّةَ بِ َما كُنت ُ ْم ت َ ْع َملُونَ (‪ )18‬النحل )‬ ‫سال ٌم َ‬ ‫طيِبِينَ يَقُولُونَ َ‬ ‫يقول ‪ (( :‬الَّ ِذينَ تَت َ َوفَّاهُ ْم ا ْل َمالئِكَةُ َ‬
‫ع ِلي ٌم ِب َما كُ ْنت ُ ْم‬ ‫سلَ َم َما كُنَّا نَ ْع َم ُل ِم ْن سُوءٍ بَلَى ِإنَّ َّ َ‬
‫َّللا َ‬ ‫س ِه ْم فَأ َ ْلقَ ْوا ال َّ‬ ‫ظا ِل ِمي أَنفُ ِ‬ ‫( الَّ ِذينَ تَت َ َوفَّاهُ ْم ا ْل َمالئِكَةُ َ‬
‫س َمثْ َوى ا ْل ُمتَك َِب ِرينَ (‪ )89‬النحل )‬ ‫اب َج َهنَّ َم َخا ِل ِدينَ ِفيهَا فَلَ ِبئْ َ‬ ‫ت َ ْع َملُونَ (‪ )82‬فَا ْد ُخلُوا أَب َْو َ‬
‫قلت ‪ :‬الوفاة أعم من الموت ‪ .‬الوفاة هى توفية الرزق وتوفية كتابة العمل ثم يوم القيامة توفية الحساب‬
‫على العمل ‪ .‬من يُقتل فى سبيل هللا جل وعال يُوفى عمله ورزقه عند قتله وحلول أجله ‪ ،‬وعندها تأتيه‬
‫المالئكة تبشره بالنعيم وتصحبه الى جنة المأوى ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وما هو الفارق بينه وبين المؤمن العادى الذى تبشره المالئكة بالجنة ؟‪.‬‬
‫يحس بشىء الى أن يأتى البعث ‪ ،‬وال‬ ‫ُّ‬ ‫قلت ‪ :‬أن المؤمن العادى بعد لقاء المالئكة يغوص فى البرزخ ميتا ال‬
‫يحس بالزمن ‪ ،‬أما من يُقتل فى سبيل هللا فهو يعيش حيا يرى أ حبته فى الدنيا ‪ ،‬ويتمنى لو يلحقون به ‪،‬‬ ‫ُّ‬
‫ش ُرونَ‬ ‫ست َ ْب ِ‬ ‫َّللا ِم ْن فَ ْ‬
‫ض ِل ِه َو َي ْ‬ ‫كما قال جل وعال ‪َ ( :‬ب ْل أَحْ َيا ٌء ِع ْن َد َر ِب ِه ْم يُ ْر َزقُونَ (‪ )069‬فَ ِر ِحينَ ِب َما آتَاهُ ْم َّ ُ‬
‫ض ٍل‬ ‫َّللا َوفَ ْ‬ ‫ش ُرونَ بِنِ ْع َم ٍة ِم ْن َّ ِ‬ ‫علَي ِْه ْم َوال هُ ْم يَحْ َزنُونَ (‪ )071‬يَ ْ‬
‫ست َ ْب ِ‬ ‫ف َ‬ ‫بِالَّ ِذينَ لَ ْم يَ ْل َحقُوا بِ ِه ْم ِم ْن َخ ْل ِف ِه ْم أَالَّ َخ ْو ٌ‬
‫َّللا ال يُ ِضي ُع أَجْ َر ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ (‪ )070‬آل عمران )‪ .‬الزمن هو الفارق األساس ‪ .‬الموت فى البرزخ هو‬ ‫َوأَنَّ َّ َ‬
‫عدم االحساس بالزمن‪ .‬أما المقتول ف ى سبيل هللا جل وعال فهو يحس بالزمن ويعايشه يرى أهله ومن‬
‫بعدهم‪ .‬وأتصور أنه فى منطقة من البرزخ تهيىء له هذا ‪ ،‬ويكون مختلفا عن بقية األنفس الميتة فى‬
‫برزخ آخر ‪.‬‬
‫َّللا أ َ ْم َواتٌ َب ْل أَحْ َيا ٌء َولَ ِك ْن ال‬ ‫س ِبي ِل َّ ِ‬ ‫قال ‪ :‬أال ترى تناقضا بين قوله جل وعال ‪َ ( :‬وال تَقُولُوا ِل َم ْن يُ ْقت َ ُل ِفي َ‬
‫ت ) (‪ )022‬آل عمران ) (كُ ُّل نَ ْف ٍس ذَائِقَةُ‬ ‫شعُ ُرونَ (‪ )027‬البقرة ) وقوله جل وعال (كُ ُّل نَ ْف ٍس ذَائِقَةُ ا ْل َم ْو ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫ت ث ُ َّم ِإلَ ْينَا ت ُ ْر َجعُونَ (‪)27‬العنكبوت )‪ .‬هل لديك شك فى أن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت ) (‪ )12‬االنبياء) ( ُك ُّل نَ ْف ٍس ذائِقَة ا ْل َم ْو ِ‬ ‫ا ْل َم ْو ِ‬
‫من يُقتل فى سبيل هللا جل وعال سيذوق الموت ؟ ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬الحديث هنا عن تذوق الموت ‪ ،‬وهذا سيحدث لكل نفس بشرية حين يأتيها األجل وتُفى رزقها فى‬
‫هذه الدنيا ويوف ويغلق كتاب أعمالها ‪ ،‬كل نفس تذوق الموت أى تدخل بوابته وتشعر برهبة لقاء‬
‫المالئكة ‪ ،‬هذا هو معنى تذوق الموت واالحساس به فى االنتقال من عالم المادة الى عالم البرزخ ‪ .‬ولكن‬
‫الموت نفسه بمعنى فقدان االحساس ال يكون من نصيب من يُقتل فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬إذ يستعيد حياته‬
‫متنعما فى البرزخ ‪ ،‬هو مجرد انتقال من مستوى أرضى مادى الى مستوى أرفع وأعلى ‪ .‬بينما يموت‬
‫اآلخرون يغوصون فى قاع البرزخ ال يشعرون وال يحسون بشىء الى أن يأتى يوم البعث ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وماذا سيحدث لمن يُقتل فى سبيل هللا جل وعال يوم القيامة ؟‬
‫قلت ‪ :‬هو نفس ما سيحدث للجميع ‪ .‬سيتم تدمير األرض والسماوات والبرزخ بكل مستوياته ‪ ،‬يقول جل‬
‫َّار (‪ )72‬ابراهيم)‪ .‬األرض‬ ‫اح ِد ا ْلقَه ِ‬ ‫َّلل ا ْل َو ِ‬
‫س َم َواتُ َوبَ َر ُزوا ِ َّ ِ‬ ‫ض َوال َّ‬ ‫غي َْر األ َ ْر ِ‬
‫وعال ‪( :‬يَ ْو َم تُبَ َّد ُل األ َ ْرضُ َ‬
‫بمستوياتها السبع ( أرضنا المادية والست أرضين المتداخلة فيها ـ أو البرازخ الست المتداخلة فينا وفى‬
‫األرض ‪ ،‬ثم السماوات السبع التى تتداخل فى السبع ارضين) كلها يتم تدميرها فى لمح البصر أى بسرعة‬
‫الضوء أو أقرب أى أسرع ‪ .‬وهذا هو االنفجار األول ‪ ،‬أو بالتعبير القرآنى ( نفخ الصور ) وبه يعود العالم‬
‫بسماواته وأرضينه وما بينهما الى نقطة الصفر التى بدأ منها ‪ .‬ثم يأتى إنفجار آخر ( أو نفخ الصور )‬
‫قيتم خلق أرض جديدة أزلية وسماوات جديدة ازلية ‪ ،‬ثم إنفجار آخر فيتم البعث ‪ ،‬سواء من كان حيا من‬
‫قبل فى البرزخ ( منعما مثل من يُقتل فى سبيل هللا جل وعال ‪ ،‬أو ُمعذبا فى البرزخ مثل فرعون وآله وقوم‬
‫نوح ) ‪ .‬ويدخل الجميع فى دوامة البعث والحشر والعرض والحساب ‪ ،‬ثم الى جنة أو الى نار ‪ .‬هنا يفنى‬
‫الزمن األرضى العادى المتحرك وندخل فى زمن خالد ال ماضى فيه وال مستقبل ‪ ،‬وال يمكن لنا تصوره‪.‬‬
‫مواتُ َم ْط ِويَّاتٌ‬ ‫س َ‬ ‫ضتُهُ يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة َوال َّ‬ ‫َّللا حَقَّ قَد ِْر ِه َواألَ ْرضُ جَ ِميعا ً قَ ْب َ‬ ‫قال ‪ :‬يقول جل وعال ‪َ ( :‬و َما قَد َُروا َّ َ‬
‫ض ِإالَّ‬ ‫س َم َواتِ َو َم ْن فِي األَ ْر ِ‬ ‫صعِقَ َم ْن فِي ال َّ‬ ‫ُّور فَ َ‬‫ع َّما يُش ِْركُونَ (‪َ )67‬ونُ ِف َخ ِفي الص ِ‬ ‫ِبيَ ِمينِ ِه سُ ْبحَانَهُ َوتَعَالَى َ‬
‫اب‬‫ور َر ِبهَا َو ُو ِض َع ا ْل ِكت َ ُ‬ ‫ض ِبنُ ِ‬ ‫َّللاُ ث ُ َّم نُ ِف َخ ِفي ِه أ ُ ْخ َرى فَ ِإذَا هُ ْم ِق َيا ٌم َي ْنظُ ُرونَ (‪َ )62‬وأَش َْرقَتْ األ َ ْر ُ‬ ‫َم ْن شَا َء َّ‬
‫علَ ُم‬ ‫َق َوهُ ْم ال يُ ْظلَ ُمونَ (‪َ )69‬و ُوفِيَتْ كُ ُّل نَ ْف ٍس َما ع َِملَتْ َو ُه َو أ َ ْ‬ ‫ي بَ ْينَ ُه ْم بِا ْلح ِ‬‫َاء َوقُ ِض َ‬ ‫َو ِجي َء بِالنَّبِيِينَ َوال ُّ‬
‫ش َهد ِ‬
‫ِب َما يَ ْفعَلُونَ (‪َ )71‬وسِيقَ الَّ ِذينَ َكفَ ُروا ِإلَى َج َهنَّ َم ُز َمرا ً َحتَّى ِإذَا جَا ُءو َها فُتِ َحتْ أَب َْوابُهَا َوقَا َل لَ ُه ْم َخ َزنَتُهَا أَلَ ْم‬
‫علَى‬ ‫ب َ‬ ‫ت َر ِبكُ ْم َويُ ْنذ ُِرونَكُ ْم ِلقَا َء َي ْو ِمكُ ْم َهذَا قَالُوا َبلَى َولَ ِك ْن َحقَّتْ َك ِل َمةُ ا ْل َعذَا ِ‬ ‫علَ ْيكُ ْم آ َيا ِ‬‫س ٌل ِم ْنكُ ْم َيتْلُونَ َ‬‫َيأ ْ ِتكُ ْم ُر ُ‬
‫س َمثْ َوى ا ْل ُمتَكَبِ ِرينَ (‪َ )78‬وسِيقَ الَّ ِذينَ اتَّقَ ْوا َربَّ ُه ْم‬ ‫اب َج َهنَّ َم َخا ِل ِدينَ فِيهَا فَبِئ ْ َ‬ ‫ا ْلكَافِ ِرينَ (‪ )70‬قِي َل ا ْد ُخلُوا أَب َْو َ‬
‫علَ ْيكُ ْم ِط ْبت ُ ْم فَا ْد ُخلُو َها َخا ِل ِدينَ‬ ‫سال ٌم َ‬ ‫ِإلَى ا ْل َجنَّ ِة ُز َمرا ً َحتَّى ِإذَا جَا ُءو َها َوفُتِ َحتْ أَب َْوابُهَا َوقَا َل لَ ُه ْم َخ َزنَتُهَا َ‬
‫ْث َنشَا ُء فَنِ ْع َم أَجْ ُر ا ْلعَ ِ‬
‫ام ِلينَ‬ ‫ض نَتَبَ َّوأ ُ ِم ْن ا ْل َجنَّ ِة َحي ُ‬ ‫ع َدهُ َوأ َ ْو َرثَنَا األ َ ْر َ‬
‫ص َدقَنَا َو ْ‬ ‫(‪َ )71‬وقَالُوا ا ْلح َْم ُد ِ َّ ِ‬
‫َّلل الَّذِي َ‬
‫ب‬ ‫َق َوقِي َل ا ْلح َْم ُد ِ َّ ِ‬
‫َّلل َر ِ‬ ‫س ِب ُحونَ ِبح َْم ِد َر ِب ِه ْم َوقُ ِض َ‬
‫ي بَ ْينَ ُه ْم ِبا ْلح ِ‬ ‫(‪َ )77‬وت َ َرى ا ْل َمالئِكَةَ حَافِينَ ِم ْن حَ ْو ِل ا ْلعَ ْر ِش يُ َ‬
‫ا ْل َعالَ ِمينَ ِإالَّ (‪ )72‬الزمر)‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ودائما ‪ ..‬صدق هللا العظيم ‪.‬‬

‫الفصل الثانى ‪ :‬البرزخ بين الموتى ومن يُقتل فى سبيل هللا جل وعال‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫‪ 0‬ـ فى شهر مايو ‪ 0922‬كانت محاكمتى داخل جامعة األزهر بسبب كتبى الخمسة ‪ ،‬وأهمها كتاب (‬
‫األنبياء فى القرآن الكريم ‪ :‬دراسة تحليلية ) ‪ .‬وكان الذى يتولى محاكمتى عميد كلية أصول الدين بأسيوط‬
‫وقتها وهو ‪ :‬د دمحم سيد طنطاوى‪ .‬كنت قد كتبت فى ( كتاب األنبياء فى القرآن الكريم ) أن " جسد النبى‬
‫فنى وانتهى وال عبرة ب الزيف القائل بأن األرض ال تأكل أجساد األنبياء ‪ ،‬فكيف لالرض أن تعلم بالصالح أم‬
‫الطالح "‪ .‬وجدها المحقق فرصة لكى يتهمنى بأننى أفضل ( الشهداء ) فى رأيه على النبى دمحم ألنهم أحياء‬
‫عتد ربهم يرزقون ‪ .‬قلت إن هللا جل وعال هو الذى نهانا عن أن نقول على من يُقتل فى سبيل هللا أنهم‬
‫أموات ‪ ،‬وهو الذى قال إن النبى (ميت ) ‪ ،‬وال بد أن أطيع ما جاء فى القرآن ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ وقلنا فيما بعد فى ( كتاب الموت ) ‪ ( :‬في بداية الدعوة في مكة والنبي في صراع مع كفار قريش قال‬
‫تعالى للنبي‪ِ (:‬إنَّكَ َم ِيتٌ َو ِإنَّ ُه ْم َم ِيت ُونَ (‪ )11‬الزمر)‪ .‬ولنتأمل في اآليتين ‪ :‬حين نزل قوله تعالى للنبي " إنك‬
‫ميت " كان في بداية األربعينات ‪ ..‬وال يزال أمامه عمر طويل قضاه بين مكة والمدينة ‪ ،‬ومع ذلك جاءت‬
‫الصيغة بالجملة االسمية "إنك ميت " ولم تقل له مثالً " إنك ستموت " والجملة االسمية تفيد الثبوت أي‬
‫أن الموت ثابت في حقك مهما عشت من عمر ‪ .‬ثم تقول " وإنهم ميتون " وتقصد أن أعداءك المشركين‬
‫ميتون أيضا ً ‪ .‬وهذا ما نفهمه من اآلية التالية ‪( :‬ث ُ َّم إِنَّكُ ْم يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة ِع ْن َد َربِكُ ْم ت َ ْخت َ ِص ُمونَ (‪ )10‬الزمر)‪.‬‬
‫ولن يختصم مع النبي يوم القيامة إال أعداؤه ‪ ،‬أبو جهل ‪ ،‬عقبة بن معيط ‪ ،‬أمية بن خلف ‪ ،‬أبو لهب ‪ ..‬الخ‬
‫‪ .‬والنظرة السريعة لقوله تعالى ‪ِ (:‬إنَّكَ َم ِيتٌ َو ِإنَّ ُه ْم َم ِيت ُونَ (‪ )11‬الزمر) تفيد المساواة بين النبي وأعدائه‬
‫في استحقاق الموت ‪ ،‬والتأكيد هنا بأن واسمية الجملة حسب المفهوم من فصاحة اللغة العربية ‪ ،‬أي الشك‬
‫في أنك ستموت وفى أنهم سيموتون ‪ .‬والنظرة المتعمقة في قوله تعالى ‪ (:‬إِنَّكَ َميِتٌ َوإِنَّ ُه ْم َميِت ُونَ )‬
‫تجعل التأكيد لموت النبي يزيد عن نظائرها في تأكيد موت المشركين من أعدائه ‪ ،‬فاآلية بدأت بالنبي‬
‫وخاطبت النبي مباشرة فقالت " إنك ميت " ثم ثنت بالمشركي ن وتحدثت عنهم بضمير الغيبة وليس بضمير‬
‫المخاطب ‪ ،‬وضمير المخاطب أعرف من ضمير الغائب ‪ .‬والتركيب القرآني غاية في الدقة والفصاحة ولم‬
‫يأت عبثا ً ـ سبحان هللا عن العبث ـ وإنما جاء ذلك التركيب اللغوي ليرد على دعاوى علم هللا أنها ستظهر‬
‫بعد القرآن تشيع أن النبي حي ف ي قبره فأراد هللا تعالى أن يكون كتابه حجة عليهم إلى يوم القيامة ‪ .‬لن‬
‫ي في قبره ‪ ..‬لذا كان البد من‬ ‫ي في قبره ‪ ..‬وإنما يدعى الكثيرون أن النبي ح ُّ‬ ‫يدعى أحد أن أبا جهل ح ُّ‬
‫زيادة جرعة التأكيدات في استحقاقه الموت له عليه السالم أكثر من التأكيد على موت أعدائه الذين ال‬
‫خالف على استحقاقهم الموت ‪ ،‬وقد ذكرت اآلية موتهم لتزيد من يقين المؤمن بأن دمحما ً (ص) ميت ال‬
‫محالة وأن موته سيكون طبيعيا ً شأن كل إنسان ‪ .‬وعطاء هذه اآلية " إنك ميت وإنهم ميتون " لم ينفذ‬
‫بعد ‪ ..‬إن اآلية ببساطة أخبرت النبي والمؤمنين معه في مكة أنه لن يقتل في سبيل هللا ولكن سيموت على‬
‫فراشه موته طبيعية ألن القرآن ينهى أن نقول على من قتل في سبيل هللا بأنه ميت‪َ (:‬وال تَقُولُوا ِل َم ْن يُ ْقتَ ُل‬
‫شعُ ُرونَ (‪)027‬البقرة) ‪ ،‬بل ينهانا ربنا جال وعال أن نحسبهم ضمن‬ ‫َّللا أ َ ْم َواتٌ بَ ْل أَحْ يَا ٌء َولَ ِك ْن ال ت َ ْ‬
‫س ِبي ِل َّ ِ‬
‫فِي َ‬
‫َّللا أ َ ْم َواتا ً بَ ْل أَحْ يَا ٌء ِع ْن َد َر ِب ِه ْم‬
‫سبِي ِل َّ ِ‬ ‫سبَنَّ الَّ ِذينَ قُتِلُوا فِي َ‬ ‫األموات فيقول بلهجة التأكيد الشديد‪َ (:‬وال تَحْ َ‬
‫ف‬ ‫َ‬
‫ش ُرونَ ِبالَّ ِذينَ لَ ْم يَ ْل َحقُوا ِب ِه ْم ِم ْن َخ ْل ِف ِه ْم أالَّ َخ ْو ٌ‬ ‫ست َ ْب ِ‬ ‫ض ِل ِه َو َي ْ‬ ‫َّللاُ ِم ْن فَ ْ‬ ‫يُ ْر َزقُونَ (‪ )069‬فَ ِر ِحينَ ِب َما آتَاهُ ْم َّ‬
‫َّللا ال يُ ِضي ُع أَجْ َر ا ْل ُم ْؤ ِم ِنينَ (‪)070‬‬ ‫ض ٍل َوأَنَّ َّ َ‬‫َّللا َوفَ ْ‬ ‫ش ُرونَ ِب ِن ْع َم ٍة ِم ْن َّ ِ‬ ‫علَي ِْه ْم َوال هُ ْم يَحْ َزنُونَ (‪َ )071‬ي ْ‬
‫ست َ ْب ِ‬ ‫َ‬
‫آل عمران )‪ .‬المقتول في سبيل هللا ـ فقط ـ هو الذي يستحق الحياة عند هللا وإذا وصفناه بأنه ميت فقد‬
‫عصينا أمر هللا في القرآن ‪ ..‬ولكن في نفس الوقت فالقرآن يخبر النبي بأنه ميت ‪ .‬وعلينا أن نؤمن بذلك‬
‫وإال فقد كذبنا آيات هللا ‪.)..‬‬
‫‪ 1‬ـ ماذا عن البرزخ بين الموتى ومن يُقتل فى سبيل هللا جل وعال ؟‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬البعث للموتى وليس للمقتول فى سبيل هللا جل وعال‬
‫‪ 0‬ـ قلنا إن هناك سبع أرضين ‪ ،‬أرضنا المادية يتخللها بالترتيب ست أرضين أخرى ‪ ،‬مستويات أخرى أو‬
‫برازخ ‪ ،‬ثم بالترتيب أيضا هناك سبع سماوات يتخللن السبع أرضين‪ .‬نفس الحيز ولكن بأبعاد وأعماق‬
‫متوالية ‪ ،‬يتخلل األعلى ما هو دونه من السماء السابعة وما يليها حتى األسفل وهو هذه األرض والكون‬
‫المادى من نجوم ومجرات‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ فى برازخ األرض توجد الجن والشياطين والمالئكة الموكلة باالنسان ‪ ،‬مثل مالئكة تسجيل العمال‬
‫ومالئكة الموت‪ .‬وهى تتحرك فى عوالمها بسرعات ال ندركها‪ .‬والنفس البشرية تنتمى الى البرزخ ‪ ،‬تعود‬
‫اليه مؤقتا بالنوم ‪ ،‬و تعود اليه نهائيا بالموت حيث تترك جسدها المادى يتحلل ويبلى فى األرض المادية ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ وعند الموت يرى االنسان مالئكة الموت البرزخية ‪ ،‬وإذا رآهم فال رجوع الى هذه الحياة‪ ،‬إن كان‬
‫عاصيا صرخ فى المالئكة راجيا أن يرجعوه ‪ ،‬وإستغاث بربه جل وعال ‪َ ( :‬حتَّى ِإذَا جَا َء أ َ َح َدهُ ْم ا ْل َم ْوتُ قَا َل‬
‫ال إِنَّهَا َك ِل َمةٌ هُ َو قَائِلُهَا َو ِم ْن َو َرائِ ِه ْم َب ْر َز ٌخ إِلَى يَ ْو ِم‬ ‫ع َم ُل صَا ِلحا ً فِي َما ت َ َركْتُ َك َّ‬ ‫ون (‪ )99‬لَعَ ِلي أ َ ْ‬ ‫ار ِجعُ ِ‬‫ب ْ‬ ‫َر ِ‬
‫يُ ْبعَثونَ (‪ )011‬المؤمنون )‪ .‬هذا العاصى تموت نفسه فى البرزخ شأن كل الموتى ‪ ،‬وعند قيام الساعة‬ ‫ُ‬
‫س ُم‬ ‫ساعَةُ يُ ْق ِ‬ ‫يصحو يظم أنه مات أو نام من ساعة أو لبث يوما أو بعض يوم قال جل وعال ‪َ ( :‬و َي ْو َم تَقُو ُم ال َّ‬
‫اإلي َمانَ لَقَ ْد لَبِثْت ُ ْم فِي‬ ‫ع ٍة َكذَ ِلكَ كَانُوا يُ ْؤفَكُونَ (‪َ )22‬وقَا َل الَّ ِذينَ أُوتُوا ا ْل ِع ْل َم َو ِ‬ ‫سا َ‬‫غي َْر َ‬ ‫ا ْل ُمجْ ِر ُمونَ َما لَبِثُوا َ‬
‫ث َولَ ِكنَّكُ ْم كُنت ُ ْم ال ت َ ْعلَ ُمونَ (‪ )26‬الروم )‪ .‬يعلم المؤمنون أولو العلم‬ ‫ث فَ َهذَا يَ ْو ُم ا ْلبَ ْع ِ‬‫َّللا إِلَى يَ ْو ِم ا ْلبَ ْع ِ‬
‫ب َّ ِ‬‫ِكتَا ِ‬
‫ضحَا َها (‪)76‬‬ ‫شيَّ ًة أ َ ْو ُ‬
‫ع ِ‬‫الحقيقة وال يعلمها المجرمون‪ .‬قال جل وعال عنهم (كَأَنَّ ُه ْم يَ ْو َم يَ َر ْونَهَا لَ ْم يَ ْلبَثُوا ِإالَّ َ‬
‫النازعات )‪.‬‬
‫َّللاُ ث َّم إِلَ ْي ِه يُ ْر َجعُونَ (‪ )16‬االنعام‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪ 7‬ـ بهذا يكون البعث للموتى فقط ‪ .‬قال جل وعال ‪َ ( :‬وا ْل َم ْوتَى يَ ْبعَث ُه ْم َّ‬
‫)(ث ُ َّم ِإنَّكُ ْم َب ْع َد ذَ ِلكَ لَ َم ِيت ُونَ (‪ )02‬ث ُ َّم ِإنَّكُ ْم َي ْو َم ا ْل ِق َيا َم ِة ت ُ ْب َعثُونَ (‪ )06‬المؤمنون )‪ ،‬وعن (يحيى ) قال جل‬
‫ث حَيا ً (‪)02‬مريم) ‪ ،‬ونطق عيسى فى المهد فقال ‪( :‬‬ ‫علَ ْي ِه يَ ْو َم ُو ِل َد َويَ ْو َم يَ ُموتُ َويَ ْو َم يُ ْبعَ ُ‬ ‫سال ٌم َ‬ ‫وعال ‪َ (:‬و َ‬
‫ث حَيا ً (‪)11‬مريم)‪ .‬هما ماتا وسيبعثان‪ .‬هو نفس الحال مع (‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫علَ َّي يَ ْو َم ُو ِلدْتُ َويَ ْو َم أ ُموتُ َويَ ْو َم أ ْبعَ ُ‬ ‫سال ُم َ‬ ‫َوال َّ‬
‫دمحم ) عليه السالم الذى خاطبه ربه جل وعال وهو حى مؤكدا أنه (ميت )‪ .‬بالتالى سيكون من المبعوثين‪.‬‬
‫ستمر على الجميع فترة الموت فى البرزخ بال أى إحساس ‪ ،‬ثم يبعثهم هللا فكأنما ناموا أو ماتوا من ساعة‬
‫أو يوما أو بعض يوم ‪ ،‬شأن البشر حين يستيقظون من النوم‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ يختلف الحال مع المقتول فى سبيل هللا جل وعال‪ .‬فهو فى برزخ ال يموت فيه ‪ ،‬بل يعيش متنعما ‪،‬‬
‫ويظل هكذا فى برزخه األرضى الذى يتخللنا يرانا وال نراه ‪ ،‬يشعر بنا وال نشعر به الى أن تقوم الساعة‬
‫فينتقل من حياته فى هذه الدنيا الى اليوم اآلخر ‪ ،‬بال بعث من موت ـ ألنه لم يكن ميتا ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬البرزخ الدنيوى وقيام الساعة‬
‫َّار (‪ )72‬ابراهيم )‪.‬‬ ‫اح ِد ا ْلقَه ِ‬ ‫َّلل ا ْل َو ِ‬
‫س َم َواتُ َوبَ َر ُزوا ِ َّ ِ‬ ‫ض َوال َّ‬ ‫غي َْر األ َ ْر ِ‬‫‪ 0‬ـ قال جل وعال ‪ ( :‬يَ ْو َم تُبَ َّد ُل األ َ ْرضُ َ‬
‫يتم تدمير األرضين السبع والسماوات السبع و يتم خلق بديل لها وخالد يصلح لمجىء الواحد القهار‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ فى تدمير األرض وبرازخها الست تتخلى عن ما فيها من نفوس ميته ‪ ،‬تُلقيها الى العالم اآلخر ‪ ،‬يوم‬
‫شقَّتْ (‪َ )0‬وأ َ ِذنَتْ ِل َر ِب َها‬ ‫س َما ُء ان َ‬ ‫البعث ‪ ،‬هذا يعنى أن يحق عليها قول الرحمن‪ ،‬يقول جل وعال ‪ (:‬إِذَا ال َّ‬
‫َو ُحقَّتْ (‪َ )8‬و ِإذَا األ َ ْرضُ ُمدَّتْ (‪َ )1‬وأ َ ْلقَتْ َما ِفيهَا َوتَ َخلَّتْ (‪َ )7‬وأ َ ِذنَتْ ِل َر ِبهَا َو ُحقَّتْ (‪)2‬االنشقاق ) فقد جاء‬
‫سانُ إِنَّكَ كَا ِد ٌح إِلَى َربِكَ َكدْحا ً فَ ُمالقِي ِه‬ ‫اإلن َ‬ ‫يوم الحساب ‪ ،‬قال جل وعال فى االية التالية ‪ (:‬يَا أَيُّهَا ِ‬
‫(‪)6‬االنشقاق )‪.‬‬
‫ارةً أ ُ ْخ َرى (‪ )22‬طه )‪ .‬خلقنا هللا جسدا‬ ‫‪ 1‬ـ ويقول جل وعال ‪ِ ( :‬م ْنهَا َخلَ ْقنَاكُ ْم َو ِفيهَا نُ ِعي ُدكُ ْم َو ِم ْنهَا نُ ْخ ِر ُجكُ ْم ت َ َ‬
‫من هذه األرض المادية ونفخ فينا نفسا من عالم البرزخ‪ .‬بالموت يعود الجسد المادى الى األرض المادية‬
‫وتعود النفس الى أرضها البرزخية ‪ ،‬ثم يكون البعث من هذه األرض البرزخية ‪ ،‬حيث تأتى كل نفس تحمل‬
‫سانُ‬ ‫جسدا آخر ترتديه هو عملها ‪ ،‬وبه يكون حسابها ‪ ،‬ونعيمها أو عذابها‪ .‬ويقول جل وعال ‪ ( :‬قُ ِت َل ِ‬
‫اإل ْن َ‬
‫س َرهُ (‪ )81‬ث ُ َّم أ َ َماتَهُ‬ ‫سبِي َل يَ َّ‬ ‫ش ْيءٍ َخلَقَهُ (‪ِ )02‬م ْن نُ ْطفَ ٍة َخلَقَهُ فَقَد ََّرهُ (‪ )09‬ث ُ َّم ال َّ‬ ‫َما أ َ ْكفَ َرهُ (‪ِ )07‬م ْن أَي ِ َ‬
‫فَأ َ ْقبَ َرهُ (‪ )80‬ث ُ َّم ِإذَا شَا َء أ َ ْنش ََرهُ (‪ )88‬عبس )‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬هناك قبران لكل ميت ‪ :‬قبر مادى وقبر برزخى‬
‫‪ 0‬ـ وعليه فهناك للميت قبران قبران ‪ :‬قبر فى هذه األرض يتحلل فيها جسده المادى ‪ ،‬ويفنى مع فناء هذه‬
‫األرض المادية ‪ ،‬وهناك لهذا الميت قبر برزخى ‪ ،‬منه تصحو نفسه ويتم بعثها فى اليوم اآلخر‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ غير االنسان من األحياء فى هذه األرض المادية تموت ‪ ،‬ويتم بعثها ثم حشرها ‪ ،‬وينتهى أمرها‬
‫ش َرتْ‬‫ُوش ُح ِ‬ ‫بالحشر ‪ ،‬إذ ال تكليف عليها وال ينتظرها حساب وال جنة وال نار‪ .‬قال جل وعال ‪َ ( :‬وإِذَا ا ْل ُوح ُ‬
‫ب ِم ْن‬ ‫ير ِب َجنَا َح ْي ِه ِإالَّ أ ُ َم ٌم أ َ ْمثَالُكُ ْم َما فَ َّر ْطنَا فِي ا ْل ِكتَا ِ‬ ‫طائِ ٍر يَ ِط ُ‬ ‫ض َوال َ‬ ‫(‪ )2‬التكوير )( َو َما ِم ْن دَابَّ ٍة فِي األَ ْر ِ‬
‫ش ْيءٍ ث ُ َّم إِلَى َربِ ِه ْم يُحْ ش َُرونَ (‪ )12‬االنعام )‪ .‬بالتالى فهذه المخلوقات تموت فتدخل البرزخ ‪ ،‬ثم منه الى‬ ‫َ‬
‫البعث ثم الحشر ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أى إن هذه األحياء تترك جسدها المادى بالموت فى األرض وتنتقل كينونتها الى البرزخ ‪ .‬أى لها‬
‫كالبشر جسد مادى ‪ ،‬وكينونة فى البرزخ‪ .‬أى لها قبران ‪ ،‬قبر مادى يتحلل فيها جسدها ‪ ،‬وقبر برزخى‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ أهمية هذا فيمن تأكله الوحوش من ابناء البشر ‪ .‬لنفرض أن وحشا إلتهم بشرا وهضم جسده ‪ .‬تحول‬
‫بطن الوحش الى قبر لجسد هذا االنسان الضحية ‪ .‬فى البعث سيكون هذا الوحش قبرا برزخيا لهذه‬
‫الضحية البشرية ‪ .‬قال جل وعال عن النبى يونس ‪ ( :‬فَا ْلتَقَ َمهُ ا ْلحُوتُ َوهُ َو ُم ِلي ٌم (‪ )078‬فَلَ ْوال أَنَّهُ كَانَ ِم ْن‬
‫ث فِي بَ ْطنِ ِه إِلَى يَ ْو ِم يُ ْبعَثُونَ (‪ )077‬الصافات )‪ .‬لو لم يكن يونس من المسبحين‬ ‫سبِ ِحينَ (‪ )071‬لَلَبِ َ‬ ‫ا ْل ُم َ‬
‫لمات فى بطن الحوت‪ .‬وسيظل فيه الى يوم البعث ‪ .‬أى مع كينونة الحوت البرزخية‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬عن القبر البرزخى يقول جل وعال ‪:‬‬
‫ور بُ ْعثِ َرتْ (‪)7‬‬ ‫َ‬
‫َار ف ِج َرتْ (‪َ )1‬وإِذا ا ْلقُبُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب انتَث َرتْ (‪َ )8‬وإِذا ا ْل ِبح ُ‬ ‫َ‬ ‫ط َرتْ (‪َ )0‬وإِذَا ا ْلك ََوا ِك ُ‬ ‫س َما ُء انفَ َ‬ ‫‪ ( : 0‬إِذَا ال َّ‬
‫س َما قَ َّد َمتْ َوأ َ َّخ َرتْ (‪ )2‬االنفطار )‪ .‬تدمير العالم بمجراته وحيث ينسف رب العزة الجبال نسفا ال‬ ‫ع ِل َمتْ نَ ْف ٌ‬ ‫َ‬
‫ذكر للقبور المادية ‪ .‬أى إن الحديث هنا عن القبور البرزخية حيث األنفس ‪ ،‬لذا قال جل وعال بعدها ‪:‬‬
‫س َما قَ َّد َمتْ َوأ َ َّخ َرتْ (‪ )2‬االنفطار )‪.‬‬ ‫ع ِل َمتْ نَ ْف ٌ‬
‫( َ‬
‫ْب‬‫ساعَةَ آ ِت َيةٌ ال َري َ‬ ‫ير (‪َ )6‬وأَنَّ ال َّ‬ ‫ش ْيءٍ قَ ِد ٌ‬ ‫علَى ك ُِل َ‬ ‫َّللا ُه َو ا ْلحَقُّ َوأَنَّهُ يُحْ ي ِ ا ْل َم ْوتَى َوأَنَّهُ َ‬ ‫‪ ( : 8‬ذَ ِلكَ ِبأَنَّ َّ َ‬
‫ور (‪ )7‬الحج ) ‪ .‬إحياء الموتى ‪ ،‬أى إحياء األنفس فى برزخها ‪ ،‬أو بعثها‬ ‫ث َم ْن فِي ا ْلقُبُ ِ‬ ‫فِيهَا َوأَنَّ َّ َ‬
‫َّللا يَ ْبعَ ُ‬
‫من البرزخ الذى إنتقلت اليه‪ .‬ليس الكالم هنا عن القبور المادية فى هذه الدنيا‪.‬‬
‫ير (‪)00‬‬ ‫ُور (‪ِ )01‬إنَّ َر َّب ُه ْم ِب ِه ْم َي ْو َم ِئ ٍذ َل َخ ِب ٌ‬ ‫صد ِ‬ ‫ُص َل َما ِفي ال ُّ‬ ‫ور (‪َ )9‬وح ِ‬ ‫‪ ( : 1‬أَفَال َي ْعلَ ُم ِإذَا بُ ْع ِث َر َما ِفي ا ْلقُبُ ِ‬
‫العاديات )‪ .‬هنا بعثرة القبور البرزخية ‪ ،‬ويتم تحصيل ما فى األنفس من عمل وإعتقاد ‪ .‬وهذا يوم تُبلى‬
‫س َرائِ ُر (‪ )9‬فَ َما لَهُ ِم ْن قُ َّو ٍة‬ ‫علَى َرجْ ِع ِه لَقَاد ٌِر (‪ )2‬يَ ْو َم ت ُ ْبلَى ال َّ‬ ‫السرائر ‪ ،‬يوم الرجوع للواحد القهار ‪( :‬إِنَّهُ َ‬
‫اص ٍر (‪ )01‬الطارق )‬ ‫َوال نَ ِ‬
‫ستَ ِطيعُونَ ت َ ْو ِص َي ًة َوال ِإلَى أ َ ْه ِل ِه ْم‬ ‫اح َد ًة تَأ ْ ُخذُهُ ْم َوهُ ْم َي ِخ ِص ُمونَ (‪ )79‬فَال َي ْ‬ ‫ص ْي َح ًة َو ِ‬
‫‪َ ( : 7‬ما َينظُ ُرونَ ِإالَّ َ‬
‫سلُونَ (‪ )20‬قَالُوا يَا َو ْيلَنَا َم ْن بَعَثَنَا ِم ْن‬ ‫ث ِإلَى َربِ ِه ْم يَن ِ‬‫ُّور فَ ِإذَا هُ ْم ِم ْن األَجْ دَا ِ‬
‫يَ ْر ِجعُونَ (‪َ )21‬ونُ ِف َخ فِي الص ِ‬
‫اح َدةً فَ ِإذَا هُ ْم ج َِمي ٌع لَ َد ْينَا‬ ‫ص ْيحَةً َو ِ‬ ‫سلُونَ (‪ِ )28‬إ ْن كَانَتْ ِإالَّ َ‬ ‫صدَقَ ا ْل ُم ْر َ‬‫الرحْ َمنُ َو َ‬ ‫ع َد َّ‬ ‫َم ْرقَ ِدنَا َهذَا َما َو َ‬
‫ُمحْ ض َُرونَ (‪ )21‬يس )‪ .‬الصيحة األولى فى االية ( ‪ ) 79‬عن تدمير العالم ‪ .‬الصيحة التالية ( نفخ الصور‬
‫) فى اآلية ( ‪ ) 20‬كناية عن البعث ‪ ،‬حيث يخرجون من القبور البرزخية ( األجداث ) ينسلون منها ‪ ،‬ثم‬
‫الصيحة التالية فى اآلية ( ‪ ) 21‬عن الحشر‪.‬‬
‫ش ٌر (‪)7‬‬ ‫ث كَأ َنَّ ُه ْم جَ َرا ٌد ُمنت َ ِ‬ ‫َارهُ ْم َي ْخ ُر ُجونَ ِم ْن األَجْ دَا ِ‬ ‫ش ْيءٍ نُك ٍُر (‪ُ )6‬خشَّعا ً أ َ ْبص ُ‬ ‫‪َ ( : 2‬ي ْو َم َي ْدعُ الدَّا ِعي ِإلَى َ‬
‫س ٌر (‪ )2‬القمر ) ‪ .‬تخرج األنفس من البرزخ تطير كالجراد‬ ‫ع ِ‬ ‫ُمه ِْط ِعينَ إِلَى الدَّا ِعي يَقُو ُل ا ْلكَافِ ُرونَ َهذَا َي ْو ٌم َ‬
‫أسرابا منتشرة‪ ،‬تخرج ال تستطيع عصيان األوامر ‪.‬‬
‫س َراعا ً‬ ‫ث ِ‬ ‫عدُونَ (‪َ )78‬ي ْو َم َي ْخ ُر ُجونَ ِم ْن األَجْ دَا ِ‬ ‫‪ ( : 6‬فَذَ ْرهُ ْم َي ُخوضُوا َو َي ْل َعبُوا َحتَّى يُالقُوا َي ْو َم ُه ْم الَّذِي يُو َ‬
‫عدُونَ (‪)77‬‬ ‫َارهُ ْم ت َ ْر َهقُ ُه ْم ِذلَّةٌ ذَ ِلكَ ا ْليَ ْو ُم الَّذِي كَانُوا يُو َ‬ ‫شعَ ًة أ َ ْبص ُ‬ ‫ب يُوفِضُونَ (‪َ )71‬خا ِ‬ ‫كَأَنَّ ُه ْم إِلَى نُ ُ‬
‫ص ٍ‬
‫المعارج )‪ .‬هذا عن الكافرين ‪ .‬كانوا فى الدنيا يأتون أفواجا الى قبورهم المقدسة ‪ ،‬سيكون هذا حالهم وهم‬
‫رغم أنوفهم يخرجون من قبورهم البرزخية فى ذلة ‪.‬‬
‫ث (‪)7‬‬ ‫اش ا ْل َم ْبثُو ِ‬‫اس كَا ْلفَ َر ِ‬ ‫‪ ( : 7‬ا ْلقَ ِارعَةُ (‪َ )0‬ما ا ْلقَ ِارعَةُ (‪َ )8‬و َما أَد َْراكَ َما ا ْلقَ ِارعَةُ (‪ )1‬يَ ْو َم يَكُونُ النَّ ُ‬
‫القارعة )‪ .‬تخرج ا لنفس من قبورها البرزخية تطير كالفراش المنتشر المبثوث‪.‬‬
‫سانُ َما لَهَا (‪ )1‬يَ ْو َمئِ ٍذ‬ ‫اإلن َ‬ ‫‪ ( : 2‬إِذَا ُز ْل ِزلَتْ األ َ ْرضُ ِز ْل َزالَهَا (‪َ )0‬وأ َ ْخ َر َجتْ األَ ْرضُ أَثْقَالَهَا (‪َ )8‬وقَا َل ِ‬
‫ع َمالَ ُه ْم (‪ )6‬الزلزلة )‪ .‬يبدأ‬ ‫شتَاتا ً ِليُ َر ْوا أ َ ْ‬‫اس أ َ ْ‬
‫صد ُُر النَّ ُ‬ ‫ار َها (‪ )7‬بِأَنَّ َربَّكَ أ َ ْوحَ ى لَهَا (‪ )2‬يَ ْو َمئِ ٍذ يَ ْ‬ ‫ِث أ َ ْخبَ َ‬
‫تُحَد ُ‬
‫تدمير هذه األرض وبرازخها بزلزال هائل ‪ ،‬قبيل تدميرها تقوم بتسليم ( عُهدتها ) أو ( أثقالها ) ‪ ،‬وهذا‬
‫بوحى الرحمن لها ‪ ،‬تنتهى وتتحول الى خبر ‪ .‬وفى يوم البعث يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم‪.‬‬
‫أخيرا‪ :‬الى متى تتخذون القرآن مهجورا أيها الدمحميون ؟ !!‬

‫الفصل الثالث ‪ :‬األحياء فى البرزخ‬

‫أوال ‪ :‬ال نشعر بهم وال نراهم وهم يشعرون بنا ويروننا‬
‫ال نشعر بهم وال نراهم‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ األحياء فى البرزخ ال نشعر بهم ‪ ،‬يقول جل وعال عمن يُقتلون فى سبيل هللا جل وعال ‪َ ( :‬وال تَقُولُوا‬
‫شعُ ُرونَ (‪ )027‬البقرة )‬ ‫َّللا أ َ ْم َواتٌ بَ ْل أَحْ يَا ٌء َولَ ِك ْن ال ت َ ْ‬
‫سبِي ِل َّ ِ‬ ‫ِل َم ْن يُ ْقت َ ُل فِي َ‬
‫ْث ال‬‫‪ 8‬ـ هم يروننا ولكننا ال نراهم ‪ ،‬يقول جل وعال عن الشيطان ‪ِ ( :‬إنَّهُ يَ َراكُ ْم هُ َو َوقَ ِبيلُهُ ِم ْن َحي ُ‬
‫ت َ َر ْونَ ُه ْم ) (‪ )87‬االعراف )‪ ( ,‬وقبيله ) يعنى األحياء فى البرزخ ‪.‬‬
‫هم يشعرون بنا ويروننا‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّللا أ ْم َواتا ً بَ ْل أحْ يَا ٌء ِع ْن َد َر ِب ِه ْم يُ ْر َزقونَ (‪)069‬‬
‫س ِبي ِل َّ ِ‬ ‫ُ‬
‫س َبنَّ الَّ ِذينَ قتِلُوا فِي َ‬ ‫‪ 0‬ـ يقول جل وعال ‪َ (:‬وال تَحْ َ‬
‫علَي ِْه ْم َوال هُ ْم‬
‫ف َ‬‫ش ُرونَ ِبالَّ ِذينَ لَ ْم َي ْل َحقُوا ِب ِه ْم ِم ْن َخ ْل ِف ِه ْم أَالَّ َخ ْو ٌ‬ ‫ست َ ْب ِ‬ ‫َّللاُ ِم ْن فَ ْ‬
‫ض ِل ِه َو َي ْ‬ ‫فَ ِر ِحينَ ِب َما آتَاهُ ْم َّ‬
‫َّللا ال يُ ِضي ُع أَجْ َر ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ (‪ )070‬آل عمران )‪.‬‬ ‫ض ٍل َوأَنَّ َّ َ‬ ‫َّللا َوفَ ْ‬
‫ش ُرونَ بِنِ ْع َم ٍة ِم ْن َّ ِ‬ ‫يَحْ َزنُونَ (‪ )071‬يَ ْ‬
‫ست َ ْب ِ‬
‫المقتولون فى سبيل هللا يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من إخوانهم ‪ ،‬يعنى يشعرون بهم ويرونهم ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ وعن مثل تطبيقى يقول جل وعال عن رجل جاء يدعو قومه إلتباع المرسلين ‪َ ( :‬وجَا َء ِم ْن أ َ ْقصَى‬
‫سأَلُكُ ْم أَجْ را ً َوهُ ْم ُم ْهتَدُونَ (‪َ )80‬و َما‬ ‫س ِلينَ (‪ )81‬ات َّ ِبعُوا َم ْن ال يَ ْ‬ ‫س َعى قَا َل يَا قَ ْو ِم ات َّ ِبعُوا ا ْل ُم ْر َ‬ ‫ا ْل َمدِينَ ِة َر ُج ٌل يَ ْ‬
‫الرحْ َمنُ ِبض ٍُر ال ت ُ ْغ ِن ع َِني‬ ‫ط َر ِني َو ِإلَ ْي ِه ت ُ ْر َجعُونَ (‪ )88‬أَأَت َّ ِخذُ ِم ْن دُو ِن ِه آ ِله ًَة ِإ ْن يُ ِر ْد ِني َّ‬ ‫عبُ ُد الَّذِي َف َ‬ ‫ِلي ال أ َ ْ‬
‫ون (‪ )82‬يس )‪.‬‬ ‫س َمعُ ِ‬ ‫ين (‪ )87‬إِنِي آ َم ْنتُ بِ َربِكُ ْم فَا ْ‬ ‫ون (‪ )81‬إِنِي إِذا ً لَ ِفي ضَال ٍل ُم ِب ٍ‬ ‫شيْئا ً َوال يُن ِقذُ ِ‬ ‫عت ُ ُه ْم َ‬ ‫شفَا َ‬ ‫َ‬
‫قتلوه فبشرته المالئكة بالجنة فى البرزخ فتمنى لو كان قومه يعلمون بالنعمة التى صار فيها ‪ ( :‬قِي َل ا ْد ُخ ْل‬
‫غفَ َر ِلي َر ِبي َو َج َعلَ ِني ِم ْن ا ْل ُمك َْر ِمينَ (‪ )87‬يس )‬ ‫ا ْل َجنَّةَ قَا َل َيا لَيْتَ قَ ْو ِمي َي ْعلَ ُمونَ (‪ِ )86‬ب َما َ‬
‫ثانيا ‪ :‬المعذبون فى البرزخ‬
‫باالضافة للمنعمين فى البرزخ هناك المعذبون فيه ‪ ،‬وهم قوم نوح وفرعون وقومه‪.‬‬
‫قوم نوح ‪:‬‬
‫س َخ ُروا ِمنَّا فَ ِإنَّا‬ ‫س ِخ ُروا ِم ْنهُ قَا َل إِ ْن تَ ْ‬ ‫علَ ْي ِه َم َأل ٌ ِم ْن قَ ْو ِم ِه َ‬ ‫صنَ ُع ا ْلفُ ْلكَ َوكُلَّ َما َم َّر َ‬ ‫‪ 0‬ـ يقول جل وعال ‪َ ( :‬ويَ ْ‬
‫اب ُم ِقي ٌم (‪ )19‬هود‬ ‫عذ ٌ‬ ‫َ‬ ‫علَ ْي ِه َ‬‫اب يُ ْخ ِزي ِه َو َي ِح ُّل َ‬ ‫عذ ٌ‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ف ت َ ْعلَ ُمونَ َم ْن يَأتِي ِه َ‬ ‫س ْو َ‬ ‫َ‬
‫س َخ ُرونَ (‪ )12‬ف َ‬ ‫س َخ ُر ِم ْنكُ ْم َك َما تَ ْ‬‫نَ ْ‬
‫)‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ كانوا يسخرون من نوح وهو يصنع السفينة فقال لهم إنهم سيعملون من سيأتيه عذاب يخزيه ويح ُّل‬
‫غ ِرقُوا فَأُد ِْخلُوا نَارا ً فَلَ ْم يَ ِجدُوا لَ ُه ْم‬ ‫عليه عذاب مقيم‪ .‬وتفسير ذلك فى قوله جل وعنهم ‪ِ ( :‬م َّما َخ ِطيئ َاتِ ِه ْم أ ُ ْ‬
‫َّللا أ َ ْنصَارا ً (‪ )82‬نوح )‪ .‬بمجرد غرقهم دخلوا نارا ‪ .‬الفاء فى ( فأُدخلوا ) تفيد الترتيب والتعقيب‬ ‫ُون َّ ِ‬‫ِم ْن د ِ‬
‫السريع‪ .‬بمجرد غرقهم وجدوا أنفسهم فى نار البرزخ ‪ ،‬وتحقق فيهم ما قاله لهم نوح ‪ ،‬وعلموا أنه قال‬
‫لهم الحق‪.‬‬
‫ما بين قوم نوح وقوم فرعون ‪:‬‬
‫‪ 0‬ـ يجمع بينهما العقاب غرقا ‪.‬‬
‫‪ ، 8‬وأن قوم نوح كانوا أئمة للكفرة بعدهم ألنهم أول قوم كافرين ‪ .‬وهم بداية المرحلة األولى ‪ ،‬وجاء‬
‫فرعون إماما للكافرين فى المرحلة األخيرة حتى قيام الساعة‪ ،‬يقول جل وعال ‪ ( :‬فَأ َ َخ ْذنَاهُ َو ُجنُو َد ُه‬
‫ظا ِل ِمينَ (‪َ )71‬و َجعَ ْلنَاهُ ْم أَئِ َّمةً يَ ْدعُونَ إِلَى النَّ ِار َويَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة ال‬ ‫ْف كَانَ عَاقِبَةُ ال َّ‬ ‫فَنَبَ ْذنَاهُ ْم فِي ا ْليَ ِم فَانظُ ْر َكي َ‬
‫وحينَ (‪ )78‬القصص ) هم أئمة‬ ‫يُنص َُرونَ (‪َ )70‬وأَتْبَ ْعنَاهُ ْم فِي َه ِذ ِه ال ُّد ْنيَا لَ ْعنَةً َويَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة هُ ْم ِم ْن ا ْل َم ْقبُ ِ‬
‫أهل النار لكل من أتى بعدهم ‪.‬‬
‫‪ 0 / 8‬ـ ولهذا وصف هللا جل وعال الكافرين بعد فرعون أنهم يسيرون على ( دأب) فرعون ‪ ،‬قال جل‬
‫شيْئا ً َوأ ُ ْولَ ِئكَ هُ ْم َوقُو ُد النَّ ِار (‪)01‬‬ ‫َّللا َ‬‫ع ْن ُه ْم أ َ ْم َوالُ ُه ْم َوال أ َ ْوال ُدهُ ْم ِم ْن َّ ِ‬ ‫ي َ‬ ‫وعال ‪ِ ( :‬إنَّ الَّ ِذينَ َكفَ ُروا لَ ْن ت ُ ْغ ِن َ‬
‫ب (‪ )00‬آل عمران ) (‬ ‫شدِي ُد ا ْل ِعقَا ِ‬ ‫َّللا َ‬ ‫ب آ ِل فِ ْرع َْونَ َوالَّ ِذينَ ِم ْن قَ ْب ِل ِه ْم َكذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأ َ َخذَهُ ْم َّ‬
‫َّللاُ بِذُنُوبِ ِه ْم َو َّ ُ‬ ‫َكدَأْ ِ‬
‫ب (‪)28‬‬ ‫شدِي ُد ا ْل ِعقَا ِ‬ ‫ي َ‬ ‫َّللا قَ ِو ٌّ‬
‫َّللاُ ِبذُنُو ِب ِه ْم إِنَّ َّ َ‬ ‫َّللا فَأ َ َخذَهُ ْم َّ‬
‫ت َّ ِ‬ ‫ب آ ِل فِ ْرع َْونَ َوالَّ ِذينَ ِم ْن قَ ْب ِل ِه ْم َكفَ ُروا ِبآيَا ِ‬ ‫َكدَأْ ِ‬
‫ع ِلي ٌم (‪ )21‬االنفال )‬ ‫س ِمي ٌع َ‬ ‫َّللا َ‬‫س ِه ْم َوأَنَّ َّ َ‬ ‫علَى َق ْو ٍم َحتَّى يُغَ ِي ُروا َما ِبأَنفُ ِ‬ ‫َّللا لَ ْم َيكُ ُمغَ ِيرا ً ِن ْع َم ًة أ َ ْن َع َمهَا َ‬
‫ذَ ِلكَ ِبأَنَّ َّ َ‬
‫ع ْونَ َو ُك ٌّل كَانُوا‬ ‫غ َر ْقنَا آ َل فِ ْر َ‬ ‫ت َربِ ِه ْم فَأ َ ْهلَ ْكنَاهُ ْم بِذُنُوبِ ِه ْم َوأ َ ْ‬ ‫ب آ ِل فِ ْرع َْونَ َوالَّ ِذينَ ِم ْن قَ ْب ِل ِه ْم َكذَّبُوا بِآيَا ِ‬ ‫( َكدَأْ ِ‬
‫ظا ِل ِمينَ (‪ )27‬االنفال) ‪.‬‬ ‫َ‬
‫سفُونَا انتَقَ ْمنَا ِم ْن ُه ْم‬ ‫‪ 8 / 8‬ـ وجعل هللا جل وعال فرعون وقومه سلفا للكافرين ‪ ،‬قال جل وعال ‪(:‬فَلَ َّما آ َ‬
‫آلخ ِرينَ (‪ ( )26‬الزخرف )‪ .‬هم ( السلف الصالح للسلفيين‬ ‫سلَفا ً َو َمث َ ً‬
‫ال ِل ِ‬ ‫غ َر ْقنَاهُ ْم أَجْ َم ِعينَ (‪ )22‬فَ َجعَ ْلنَاهُ ْم َ‬ ‫فَأ َ ْ‬
‫)‪!.‬‬
‫اب ِم ْن َب ْع ِد َما‬ ‫سى ا ْل ِكت َ َ‬ ‫‪ 1 / 8‬ـ أيضا كانت رسالة موسى بداية عهد جديد ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ (:‬ولَقَ ْد آت َ ْينَا ُمو َ‬
‫اس َوهُدًى َو َرحْ َمةً لَعَلَّ ُه ْم يَتَذَك َُّرونَ (‪)71‬القصص)‪ .‬برسالة موسى التى‬ ‫أ َ ْهلَ ْكنَا ا ْلقُ ُرونَ األُولَى بَصَائِ َر ِللنَّ ِ‬
‫تلقاها فى جبل الطور بدأ عهد جديد ليس فيه إهالك شامل للكافرين‪ .‬بل تم فرض القتال على المؤمنين‬
‫الذين يقع عليهم العدوان من الكافرين الذين يسيرون على دأب فرعون‪ .‬نزل هذا فى التوراة واالنجيل‬
‫س ِبي ِل‬ ‫س ُه ْم َوأ َ ْم َوالَ ُه ْم ِبأَنَّ لَ ُه ْم ا ْل َجنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي َ‬ ‫شت َ َرى ِم ْن ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ أَنفُ َ‬ ‫والقرآن ‪ ،‬قال جل وعال ‪( :‬إِنَّ َّ َ‬
‫َّللا ا ْ‬
‫ش ُروا‬ ‫ست َ ْب ِ‬‫َّللا فَا ْ‬ ‫آن َو َم ْن أ َ ْوفَى ِب َع ْه ِد ِه ِم ْن َّ ِ‬ ‫نجي ِل َوا ْلقُ ْر ِ‬ ‫علَ ْي ِه حَقا ً ِفي الت َّ ْو َرا ِة َو ِ‬
‫اإل ِ‬ ‫َّللا فَ َي ْقتُلُونَ َويُ ْقتَلُونَ َوعْدا ً َ‬ ‫َّ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫بِبَ ْي ِعكُ ْم الذِي بَايَ ْعت ُ ْم بِ ِه َوذ ِلكَ هُ َو الف ْوز العَ ِظي ُم (‪ ) )000‬التوبة )‬ ‫َّ‬
‫وهناك خصائص لفرعون‬
‫‪ 0‬ـ بينما هو ( بنفسه ) يتعذب فى البرزخ أنجى هللا جل وعال جثته ليكون عبرة‪ ،‬قال له جل وعال حين‬
‫اس ع َْن آيَاتِنَا‬ ‫اعلن إسالمه وهو يغرق ‪ ( :‬فَا ْليَ ْو َم نُنَ ِجيكَ بِبَ َدنِكَ ِلتَكُونَ ِل َم ْن َخ ْلفَكَ آيَةً َو ِإنَّ َكثِيرا ً ِم ْن النَّ ِ‬
‫لَغَافِلُونَ (‪ )98‬يونس )‪ .‬هذا دليل على نفى عذاب القبر الذى يؤمن به الدمحميون ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ وبعد عذابه فى البرزخ سيأتى يوم القيامة يقود قومه الى النار ‪ ،‬يقول عنه جل وعال ‪َ ( :‬ي ْق ُد ُم قَ ْو َم ُه‬
‫الر ْف ُد‬
‫س ِ‬ ‫س ا ْل ِو ْر ُد ا ْل َم ْو ُرو ُد (‪َ )92‬وأُتْبِعُوا فِي َه ِذ ِه لَ ْعنَةً َو َي ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة بِئْ َ‬ ‫ار َوبِئْ َ‬ ‫يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة فَأ َ ْو َر َدهُ ْم النَّ َ‬
‫ا ْل َم ْرفُو ُد (‪ )99‬هود )‬
‫غ َر ْقنَاهُ ْم ِفي ا ْل َي ِم ِبأَنَّ ُه ْم َكذَّبُوا ِبآ َيا ِتنَا َوكَانُوا‬ ‫‪ 1‬ـ قال جل وعال عن غرق فرعون وقومه ‪ ( :‬فَانتَقَ ْمنَا ِم ْن ُه ْم فَأ َ ْ‬
‫غافِ ِلينَ (‪)016‬االعراف)‪ .‬وقال جل وعال عما حدث بعد غرقهم ‪َ (:‬وأ َ ْو َرثْنَا ا ْلقَ ْو َم الَّ ِذينَ كَانُوا‬ ‫ع ْنهَا َ‬ ‫َ‬
‫س َرائِي َل ِب َما‬ ‫علَى بَنِي ِإ ْ‬ ‫سنَى َ‬ ‫ُ‬
‫ار ْكنَا فِيهَا َوت َ َّمتْ َك ِل َمة َر ِبكَ ا ْل ُح ْ‬ ‫ض َو َمغَ ِاربَهَا الَّتِي بَ َ‬ ‫ضعَفُونَ َمش َِارقَ األَ ْر ِ‬ ‫ست َ ْ‬‫يُ ْ‬
‫صنَ ُع ِف ْرع َْونُ َوقَ ْو ُمهُ َو َما كَانُوا َي ْع ِرشُونَ (‪ )017‬االعراف )‪ .‬ورث بنو اسرائيل‬ ‫ص َب ُروا َو َد َّم ْرنَا َما كَانَ َي ْ‬ ‫َ‬
‫مصر وتم تدمير آثار فرعون موسى ‪.‬‬
‫عن عذاب فرعون وقومه فى البرزخ جاءت إشارات وهو فى أوج طغيانه ‪ ،‬يقول جل وعال ‪ِ ( :‬إنَّ فِ ْرع َْونَ‬
‫سا َءهُ ْم إِنَّهُ كَانَ ِم ْن‬ ‫ستَحْ ي ِ نِ َ‬ ‫طائِفَةً ِم ْن ُه ْم يُذَبِ ُح أ َ ْبنَا َءهُ ْم َو َي ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ض ِع ُ‬ ‫ست َ ْ‬
‫شيَعا ً َي ْ‬ ‫ض َو َج َع َل أ َ ْهلَهَا ِ‬ ‫عَال ِفي األ َ ْر ِ‬
‫ض َونَجْ عَلَ ُه ْم أَئِ َّمةً َونَجْ عَلَ ُه ْم ا ْل َو ِارثِينَ (‪)2‬‬ ‫ض ِعفُوا فِي األ َ ْر ِ‬ ‫علَى الَّ ِذينَ ا ْ‬
‫ست ُ ْ‬ ‫س ِدينَ (‪َ )7‬ونُ ِري ُد أ َ ْن نَ ُمنَّ َ‬ ‫ا ْل ُم ْف ِ‬
‫ض َونُ ِري فِ ْرع َْونَ َو َها َمانَ َو ُجنُو َد ُه َما ِم ْن ُه ْم َما كَانُوا يَحْ ذَ ُرونَ (‪ )6‬القصص ) ‪ .‬تمكين‬ ‫َونُ َم ِكنَ لَ ُه ْم فِي األ َ ْر ِ‬
‫موسى وبنى اسرائيل فى أرض مصر حدث بعد غرق فرعون وقومه ‪ .‬أى رأى فرعون وقومه هذا التمكين‬
‫سى أ َ ْن‬ ‫لبنى اسرائيل فى مصر وهم فى عذاب البرزخ‪ .‬ويقول جل وعال بعدها ‪َ ( :‬وأ َ ْو َح ْينَا إِلَى أ ُ ِم ُمو َ‬
‫س ِلينَ (‪)7‬‬ ‫علَ ْي ِه فَأ َ ْل ِقي ِه فِي ا ْليَ ِم َوال ت َ َخافِي َوال تَحْ َزنِي ِإنَّا َرادُّوهُ ِإلَي ِْك َوجَا ِعلُوهُ ِم ْن ا ْل ُم ْر َ‬ ‫ت َ‬ ‫أ َ ْر ِض ِعي ِه فَ ِإذَا ِخ ْف ِ‬
‫اطئِينَ (‪ )2‬القصص ) ‪.‬‬ ‫عدُوا ً َوح ََزنا ً إِنَّ فِ ْرع َْونَ َو َها َمانَ َو ُجنُو َدهُ َما كَانُوا َخ ِ‬ ‫طهُ آ ُل فِ ْرع َْونَ ِليَكُونَ لَ ُه ْم َ‬ ‫فَا ْلتَقَ َ‬
‫إلتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ‪ .‬وكونهم يشعرون به عدوا وحزنا لم يحدث إال وهم فى البرزخ‪.‬‬
‫ار‬‫ب (‪ )72‬النَّ ُ‬ ‫سو ُء ا ْل َعذَا ِ‬ ‫‪ 7‬ـ ثم عن عذاب البرزخ لفرعون وقومه يقول جل وعال ‪َ ( :‬وحَاقَ ِبآ ِل ِف ْرع َْونَ ُ‬
‫ب (‪ )76‬غافر)‪ .‬حاق بهم‬ ‫ساعَةُ أَد ِْخلُوا آ َل فِ ْرع َْونَ أ َ َ‬
‫ش َّد ا ْلعَذَا ِ‬ ‫شيا ً َويَ ْو َم تَقُو ُم ال َّ‬ ‫ع ِ‬ ‫علَ ْيهَا غُدُوا ً َو َ‬ ‫يُ ْع َرضُونَ َ‬
‫سوء العذاب فى البرزخ ‪ .‬ثم ينتظرهم أشد العذاب يوم القيامة حيث سيقود فرعون قومه الى النار ( هود‬
‫‪) 92‬‬
‫‪ 2‬ــ فرعون فى برزخه يقاسى التعذيب من وقت غرقه الى أن تقوم الساعة‪ .‬وفرعون فى برزخه يرى‬
‫طغاة عبر القرون وهم على دربه ودأبه يسيرون ‪ .‬ماذا يقول فرعون‬ ‫الناس يعيشون ويموتون‪ ،‬ويرى ال ُّ‬
‫موسى عن الفراعنة المستبدين من الدمحميين ؟‬
‫ثالثا ‪ :‬المالئكة أحياء فى برازخ السماوات واألرض‬
‫‪ 0‬ـ فى هذه الدنيا يقوم جل وعال بتصريف شئون البشر ( من الحتميات والقضاء والقدر ) عن طريق‬
‫المالئكة‪ .‬كما يسجل أعمالهم بالمالئكة‪ .‬وهناك مالئكة الموت ‪ .‬بقيام الساعة يأتى رب العزة جل وعال‬
‫بذاته ليلقى البشر ويحاسبهم ‪ .‬األوامر االلهية للمالئكة تتنزل بين السماوات السبع واألرضين السبع ‪ ،‬أو‬
‫ت َو ِم ْن‬ ‫اوا ٍ‬ ‫س َم َ‬‫س ْب َع َ‬ ‫َّللاُ الَّذِي َخلَقَ َ‬ ‫بين برازخ السماوات السبعة وبرازخ األرض الستة قال جل وعال ‪َّ ( :‬‬
‫ش ْيءٍ ِع ْلما ً‬ ‫ط بِك ُِل َ‬ ‫َّللا قَ ْد أ َ َحا َ‬ ‫ِير َوأَنَّ َّ َ‬ ‫ش ْيءٍ قَد ٌ‬ ‫علَى ك ُِل َ‬ ‫ض ِمثْلَ ُهنَّ يَتَنَ َّز ُل األَ ْم ُر بَ ْينَ ُهنَّ ِلت َ ْعلَ ُموا أَنَّ َّ َ‬
‫َّللا َ‬ ‫األ َ ْر ِ‬
‫ض ث ُ َّم‬ ‫اء إِلَى األ َ ْر ِ‬ ‫س َم ِ‬ ‫(‪ )08‬الطالق ) ‪ .‬وتتوالى األوامر صاعدة نازلة ‪ ،‬قال جل وعال ‪ (:‬يُد َِب ُر األ َ ْم َر ِم ْن ال َّ‬
‫الر ِحي ُم (‪)6‬‬ ‫يز َّ‬ ‫شهَا َد ِة ا ْل َع ِز ُ‬ ‫ب َوال َّ‬ ‫سنَ ٍة ِم َّما تَعُدُّونَ (‪ )2‬ذَ ِلكَ عَا ِل ُم ا ْلغَ ْي ِ‬ ‫ف َ‬ ‫َار ُه أ َ ْل َ‬
‫ج ِإلَ ْي ِه ِفي َي ْو ٍم كَانَ ِم ْقد ُ‬ ‫َي ْع ُر ُ‬
‫الر ِحي ُم‬ ‫اء َو َما يَ ْع ُر ُج فِيهَا َوهُ َو َّ‬ ‫س َم ِ‬ ‫ج ِم ْنهَا َو َما يَن ِز ُل ِم ْن ال َّ‬ ‫ض َو َما يَ ْخ ُر ُ‬ ‫السجدة )( يَ ْعلَ ُم َما يَ ِل ُج فِي األ َ ْر ِ‬
‫ور (‪ )8‬سبأ )‬ ‫ا ْلغَفُ ُ‬
‫‪ ، 8‬باإلضافة الى ذلك تقوم المالئكة بالعبادة‪ .‬وتتنوع هذه العبادة الى ‪:‬‬
‫ش ْيءٍ ِإالَّ‬ ‫يهنَّ َوإِ ْن ِم ْن َ‬ ‫س ْب ُع َواأل َ ْرضُ َو َم ْن فِ ِ‬ ‫س َم َواتُ ال َّ‬ ‫س ِب ُح لَهُ ال َّ‬ ‫‪ : 0 / 8‬التسبيح ‪ ،‬يقول جل وعال‪ ( :‬ت ُ َ‬
‫غفُوراً (‪ )77‬االسراء )‪ ( ،‬من فيهن ) يشمل‬ ‫س ِبيحَ ُه ْم ِإنَّهُ كَانَ َح ِليما ً َ‬ ‫س ِب ُح ِبح َْم ِد ِه َولَ ِك ْن ال ت َ ْفقَ ُهونَ ت َ ْ‬ ‫يُ َ‬
‫ع ُد ِبحَ ْم ِد ِه َوا ْل َمال ِئكَةُ ِم ْن ِخيفَ ِت ِه )(‪ )01‬الرعد) ( َو َم ْن ِع ْن َد ُه ال‬ ‫الر ْ‬
‫س ِب ُح َّ‬ ‫المالئكة‪ .‬ويقول جل وعال ‪َ ( :‬ويُ َ‬
‫َار ال يَ ْفت ُ ُرونَ (‪ )81‬االنبياء )‬ ‫سبِ ُحونَ اللَّ ْي َل َوالنَّه َ‬ ‫س ُرونَ (‪ )09‬يُ َ‬ ‫ستَحْ ِ‬ ‫ست َ ْكبِ ُرونَ ع َْن ِعبَا َدتِ ِه َوال يَ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫ط ْرنَ ِم ْن فَ ْوقِ ِهنَّ َوا ْل َمالئِكَةُ‬ ‫س َم َواتُ يَتَفَ َّ‬ ‫‪ : 8 / 8‬التسبيح واالستغفار للمؤمنين ‪ ،‬يقول جل وعال ‪ ( :‬تَكَا ُد ال َّ‬
‫الر ِحي ُم (‪ )2‬الشورى ) ‪ ،‬ويقول جل‬ ‫ور َّ‬ ‫َّللا هُ َو ا ْلغَفُ ُ‬ ‫ض أَال ِإنَّ َّ َ‬ ‫ست َ ْغ ِف ُرونَ ِل َم ْن ِفي األ َ ْر ِ‬ ‫س ِب ُحونَ ِبح َْم ِد َر ِب ِه ْم َو َي ْ‬ ‫يُ َ‬
‫ست َ ْغ ِف ُرونَ ِللَّ ِذينَ آ َمنُوا َربَّنَا‬ ‫س ِب ُحونَ بِحَ ْم ِد َربِ ِه ْم َويُ ْؤ ِمنُونَ بِ ِه َو َي ْ‬ ‫ش َو َم ْن ح َْولَهُ يُ َ‬ ‫وعال ‪ ( :‬الَّ ِذينَ يَحْ ِملُونَ ا ْلعَ ْر َ‬
‫) (‪ )7‬غافر )‪.‬‬
‫ض ِم ْن دَا َّب ٍة َوا ْل َمال ِئكَةُ َوهُ ْم ال‬ ‫س َم َوا ِت َو َما ِفي األ َ ْر ِ‬ ‫س ُج ُد َما ِفي ال َّ‬ ‫َّلل َي ْ‬‫‪ 1‬ـ السجود ‪ ،‬يقول جل وعال ‪َ ( :‬و ِ َّ ِ‬
‫ست َ ْكبِ ُرونَ (‪ )79‬النحل )‪ ( .‬دابة ) تعنى المخلوق المتحرك الذى ( يدب) ‪ ،‬ينطبق هذا على أحياء األرض‬ ‫يَ ْ‬
‫س ُج ُد َم ْن ِفي‬ ‫َّلل َي ْ‬ ‫وبرازخها الستة وأحياء السماوت وبرازخها السبعة‪ .‬ويقول جل وعال ‪َ ( :‬و ِ َّ ِ‬
‫ط ْوعا ً َوك َْرها ً َو ِظاللُ ُه ْم بِا ْلغُد ُِو َواآلصَا ِل (‪ )02‬الرعد )‪.‬‬ ‫ض َ‬ ‫س َم َواتِ َواأل َ ْر ِ‬ ‫ال َّ‬
‫رابعا ‪ :‬الجن‬
‫‪ 0‬ـ يعيشون فى برازخ األر ض الستة ‪ ،‬وكانوا ممنوعين من االقتراب من برزخ السماء الدنيا حين نزول‬
‫الوحى القرآنى ‪ ،‬فقد أحسوا بنبضات وتداخالت آتية من السماوات تمر عبر برازخ األرض الستة الى‬
‫األرض المادية فإقتربوا من السماء الدنيا يستطلعون الخبر فسلط هللا جل وعال عليهم شُهبا محرقة ‪ ،‬قالوا‬
‫س ْم ِع‬ ‫شهُبا ً (‪َ )2‬وأَنَّا كُنَّا نَ ْقعُ ُد ِم ْنهَا َمقَا ِع َد ِلل َّ‬ ‫شدِيدا ً َو ُ‬ ‫س َما َء فَ َو َج ْدنَا َها ُم ِلئ َتْ َح َرسا ً َ‬ ‫سنَا ال َّ‬ ‫عن ذلك ‪َ ( :‬وأَنَّا لَ َم ْ‬
‫ض أ َ ْم أ َ َرا َد بِ ِه ْم َربُّ ُه ْم َرشَدا ً‬ ‫شهَابا ً َرصَدا ً (‪َ )9‬وأَنَّا ال نَد ِْري أَش ٌَّر أ ُ ِري َد بِ َم ْن فِي األ َ ْر ِ‬ ‫ست َ ِم ْع اآلنَ يَ ِج ْد لَهُ ِ‬ ‫فَ َم ْن يَ ْ‬
‫ط َرائِقَ قِدَدا ً (‪ )00‬الجن ) ‪.‬‬ ‫(‪َ )01‬وأَنَّا ِمنَّا الصَّا ِل ُحونَ َو ِمنَّا دُونَ ذَ ِلكَ كُنَّا َ‬
‫ض َولَ ْن نُ ْع ِج َز ُه َه َربا ً (‪)08‬‬ ‫َّللا ِفي األ َ ْر ِ‬ ‫عج َز َّ َ‬ ‫ظنَنَّا أ َ ْن لَ ْن نُ ِ‬ ‫‪ 8‬ـ عن معيشتهم فى برازخ األرض قالوا ‪َ ( :‬وأَنَّا َ‬
‫ْس لَهُ ِم ْن دُو ِن ِه أَو ِليَا ُء أ ُ ْولَئِكَ‬ ‫ض َولَي َ‬ ‫ْس بِ ُم ْع ِج ٍز ِفي األ َ ْر ِ‬ ‫َّللا فَلَي َ‬‫َاعي َّ ِ‬ ‫الجن ) وقالوا أيضا ‪َ ( :‬و َم ْن ال يُ ِج ْب د ِ‬
‫ين (‪ )18‬االحقاف )‬ ‫فِي ضَال ٍل ُم ِب ٍ‬
‫خامسا ‪ :‬الليل والنهار فى البرزخ‬
‫مما جاء عن أحياء البرزخ نفهم أن هناك ليال ونهارا ‪ ،‬مع إختالفات ال نعرفها‪ .‬ونحن نتدبر من خالل‬
‫القرآن وال نستطيع أن نتجاوزه وإال وقعنا فى الكالم فى الغيبيات بالخرافات‪ .‬ونعطى أمثلة ‪:‬‬
‫ار يُ ْع َرضُونَ‬ ‫ب (‪ )72‬النَّ ُ‬ ‫سو ُء ا ْل َعذَا ِ‬ ‫ت َما َمك َُروا َوحَ اقَ ِبآ ِل ِف ْرع َْونَ ُ‬ ‫س ِيئ َا ِ‬ ‫َّللا َ‬ ‫‪ 0‬ـ يقول جل وعال ‪ ( :‬فَ َوقَا ُه َّ ُ‬
‫ب (‪ )76‬غافر)‪ .‬هنا عرضهم على النار‬ ‫ش َّد ا ْلعَذَا ِ‬‫ساعَةُ أَد ِْخلُوا آ َل فِ ْرع َْونَ أ َ َ‬ ‫شيا ً َويَ ْو َم تَقُو ُم ال َّ‬ ‫ع ِ‬ ‫علَ ْيهَا غُدُوا ً َو َ‬ ‫َ‬
‫فى الصباح وفى العشاء ‪ .‬وهذه مواقيت عندنا مع إختالف الزمن‪ ، .‬ويقول جل وعال ‪َ ( :‬ولَهُ ا ْلح َْم ُد ِفي‬
‫ط ْوعا ً َوك َْرها ً‬ ‫ض َ‬ ‫س َم َوا ِت َواأل َ ْر ِ‬ ‫س ُج ُد َم ْن ِفي ال َّ‬ ‫شيا ً َو ِحينَ ت ُ ْظ ِه ُرونَ (‪ )02‬الروم) ( َو ِ َّ ِ‬
‫َّلل َي ْ‬ ‫ع ِ‬‫ض َو َ‬ ‫س َم َوا ِت َواأل َ ْر ِ‬ ‫ال َّ‬
‫َو ِظاللُ ُه ْم بِا ْلغُد ُِو َواآلصَا ِل (‪ )02‬الرعد )‬
‫ستَحْ ِ‬
‫س ُرونَ (‪)09‬‬ ‫‪ 8‬ـ ويقول جل وعال عن المالئكة ‪َ ( :‬و َم ْن ِع ْن َدهُ ال يَ ْ‬
‫ست َ ْكبِ ُرونَ ع َْن ِعبَا َدتِ ِه َوال يَ ْ‬
‫َار ال يَ ْفت ُ ُرونَ (‪ )81‬االنبياء )‪ .‬أى هناك ليل ونهار ‪.‬‬ ‫س ِب ُحونَ اللَّ ْي َل َوالنَّه َ‬
‫يُ َ‬

‫الفصل الرابع ‪ :‬عالقتنا بالبرزخ‬


‫مقدمة ‪:‬‬
‫‪ 0‬ـ ال نرى البرزخ وال نهتم به فنحن مشدودون الى العالم المادى الذى ننتمى له جسديا ‪ .‬ومع هذا فإن‬
‫عالقتنا بالبرزخ أقوى من عالقتنا بهذه األرض المادية وما حولها من كواكب ونجوم ومجرات‪ .‬العلم‬
‫الحديث تأسس على إنكار الميتافيزيقا ‪ ،‬ثم بتقدمه اآلن بدأ يكتشف أبعادا ألكوان أخرى غير مادية ‪ .‬هللا‬
‫جل وعلى يسميها البرزخ ‪ ،‬وهو تسمية دقيقة تعنى الحاجز ‪ ،‬إذ بيننا وبين العوالم األخرى أو األكوان‬
‫نحس‬
‫ُّ‬ ‫األخرى حواجز بحيث ال نراها وال‬
‫‪ 8‬ـ حتى ال نكرر ما سبق ننصح القارىء بالرجوع الى ما قلناه سابقا عن البرازخ ‪ .‬ونبنى عليها هذا‬
‫المقال عن عالقتنا بالبرزخ ‪ .‬والتى هى أكبر وأعمق من عالقتنا بهذه األرض المادية ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ ونعطى تفصيال ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬كنا فى البرزخ قبل أن نأتى الى هذا العالم ‪:‬‬
‫‪ 0‬ـ نحن فى األصل كائنات برزخية ‪ .‬ذواتنا الحقيقية وهى النفس تنتمى الى عالم البرزخ‪ .‬هبطنا من‬
‫البرزخ خلفاء فى هذه األرض مزودين بهذه النفس وبما علمه هللا جل وعال ألبينا آدم ‪ ،‬وقد سخر هللا جل‬
‫وعال لنا هذه األرض وغيرها‪ .‬جسدنا المادى األرضى تشريحيا يقترب من القردة العليا ‪ ،‬ولكن النفس‬
‫البرزخية التى فيه جعلت االنسان يتحكم فى مخلوقات هذه األرض ‪ ،‬وهى أقوى منه‪ .‬خطأ دارون أنه إعتبر‬
‫االنسان مجرد جسد وفقط ‪ ،‬ولم يعترف بالنفس ‪ ،‬مع إن النفس التى كانت مسيطرة على دارون هذا هى‬
‫التى جعلته عالما مرموقا ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ خلق هللا جل وعال األنفس جميعا مرة واحدة فى البرزخ ‪ ،‬وأعطى كل نفس صورتها ‪ ،‬ثم بعد ذلك نفخ‬
‫الروح ( جبريل ) نفس أدم فى جسده المخل وق من عناصر األرض المادية ‪ ،‬ثم كان فى البرزخ إختبار‬
‫س َجدُوا‬ ‫س ُجدُوا آل َد َم فَ َ‬‫المالئكة بالسجود آلدم ‪ .‬قال جل وعال ‪َ ( :‬ولَقَ ْد َخلَ ْقنَاكُ ْم ث ُ َّم ص ََّو ْرنَاكُ ْم ث ُ َّم قُ ْلنَا ِل ْل َمالئِ َك ِة ا ْ‬
‫اج ِدينَ (‪ )00‬االعراف )‬ ‫س ِ‬‫يس لَ ْم يَك ُْن ِم ْن ال َّ‬ ‫إِالَّ إِ ْب ِل َ‬
‫‪ 1‬ـ فى نفس البرزخ خلق هللا جل وعال زوج آدم من نفس آدم ‪ ،‬قال جل وعال ‪ُ ( :‬ه َو الَّذِي َخلَقَكُ ْم ِم ْن‬
‫اس اتَّقُوا َر َّبكُ ْم الَّذِي َخلَقَكُ ْم ِم ْن نَ ْف ٍس‬ ‫اح َد ٍة َو َج َع َل ِم ْنهَا َز ْو َجهَا ) (‪ )029‬االعراف ) ( َيا أ َ ُّيهَا النَّ ُ‬ ‫نَ ْف ٍس َو ِ‬
‫اح َد ٍة ث ُ َّم َجعَ َل ِم ْنهَا َز ْو َجهَا )(‪ )6‬الزمر )‬ ‫اح َد ٍة َو َخلَقَ ِم ْنهَا َز ْوجَ هَا ) (‪ )0‬النساء ) ( َخلَقَكُ ْم ِم ْن َن ْف ٍس َو ِ‬ ‫َو ِ‬
‫‪ 7‬ـ برفض ابليس السجود آلدم طرده هللا جل وعال من المأل األعلى ‪ ،‬وأصبح إسمه الشيطان ‪ ،‬ولم يعد‬
‫بإمكانه الصعود الى برازخ السماوات ‪ ،‬وتعين عليه وذريته العيش فى برازخ األرض مع الجن ‪ ،‬أى‬
‫اصبح من الجن ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ فى برزخ من برازخ األرض عاش آدم وزوجه مخلوقات برزخية يتمتعان بجنة برزخية ‪ ،‬وكانا‬
‫مأمورين باألكل من كل شجرها عدا شجرة واحدة‪ .‬كانا فى نفس البرزخ يريان الشيطان ويتعامالن معه ‪.‬‬
‫أقنعهما باألكل من الشجرة المحر مة ‪ ،‬وصحبهما اليها ‪ ،‬وأخذ يقسم لهما أنه من الناصحين ‪ .‬كانا فى‬
‫الجنة البرزخية يرتديان رداءها البرزخى النورانى يستر جسديهما المادى ‪ .‬بمجرد أكلهما من الشجرة‬
‫المحرمة ظهر جسدهما المادى ‪ ،‬ففزعا وأخذا يغطيانه بورق الجنة النورانى ‪ ،‬هذا بينما يتشفى فيهما‬
‫الشيطان ح ال فزعهما يريهما أجزاء جسديهما المادى ‪ .‬وبعصيانهما هبطا الى األرض المادية ‪ .‬قال جل‬
‫ظا ِل ِمينَ‬‫شج ََرةَ فَتَكُونَا ِم ْن ال َّ‬ ‫شئْت ُ َما َوال ت َ ْق َربَا َه ِذ ِه ال َّ‬ ‫ْث ِ‬ ‫سك ُْن أ َ ْنتَ َو َز ْو ُجكَ ا ْل َجنَّةَ فَكُال ِم ْن َحي ُ‬
‫وعال ‪َ ( :‬ويَا آ َد ُم ا ْ‬
‫س ْوآتِ ِه َما َوقَا َل َما نَهَاكُ َما َربُّ ُك َما ع َْن َه ِذ ِه‬ ‫ع ْن ُه َما ِم ْن َ‬ ‫ي َ‬ ‫ور َ‬ ‫ِي لَ ُه َما َما ُو ِ‬ ‫طانُ ِليُ ْبد َ‬ ‫ش ْي َ‬
‫س لَ ُه َما ال َّ‬ ‫س َو َ‬ ‫(‪ )09‬فَ َو ْ‬
‫اص ِحينَ (‪ )80‬فَ َدالَّهُ َما‬ ‫س َم ُه َما إِنِي لَكُ َما لَ ِم ْن النَّ ِ‬ ‫شج ََر ِة إِالَّ أ َ ْن تَكُونَا َملَ َكي ِْن أ َ ْو تَكُونَا ِم ْن ا ْل َخا ِل ِدينَ (‪َ )81‬وقَا َ‬ ‫ال َّ‬
‫ق ا ْل َجنَّ ِة ) (‪ )88‬االعراف) ( َيا‬ ‫علَي ِْه َما ِم ْن َو َر ِ‬ ‫ان َ‬ ‫ط ِفقَا َي ْخ ِصفَ ِ‬ ‫س ْوآت ُ ُه َما َو َ‬ ‫ور فَلَ َّما ذَاقَا الشَّجَ َرةَ َبدَتْ لَ ُه َما َ‬ ‫ِبغُ ُر ٍ‬
‫س ْوآتِ ِه َما إِنَّهُ يَ َراكُ ْم‬‫س ُه َما ِليُ ِريَ ُه َما َ‬ ‫ع ْن ُه َما ِلبَا َ‬‫طانُ َك َما أ َ ْخ َر َج أَبَ َو ْيكُ ْم ِم ْن ا ْل َجنَّ ِة يَ ِنزعُ َ‬ ‫ش ْي َ‬
‫بَنِي آ َد َم ال يَ ْفتِنَنَّكُ ْم ال َّ‬
‫ْث ال ت َ َر ْونَ ُه ْم )(‪ )87‬االعرف )‬ ‫هُ َو َوقَ ِبيلُهُ ِم ْن َحي ُ‬
‫‪ 6‬ـ هللا جل وعال لم يخلق آدم وزوجه للعيش قى جنة البرزخ ‪ ،‬بل خلقهما للعيش فى األرض المادية ‪ .‬لذا‬
‫ض‬ ‫كان جسدهما أرضيا يغطية لباس برزخى ‪ .‬ومن البداية قال جل وعال للمالئكة ‪ ( :‬إِنِي جَا ِع ٌل ِفي األ َ ْر ِ‬
‫َخ ِليفَةً ) أى يكون وذريته خليفة فى األرض بعد أن أفسد فيها يأجوج ومأجوج وسفكوا فيها الدماء ‪ ،‬لذا‬
‫ِس لَكَ قَا َل ِإ ِني‬ ‫س ِب ُح ِبح َْم ِدكَ َونُقَد ُ‬ ‫الد َما َء َونَحْ نُ نُ َ‬ ‫س ِفكُ ِ‬ ‫س ُد ِفيهَا َو َي ْ‬ ‫قالت المالئكة ‪ ( :‬قَالُوا أَتَجْ َع ُل ِفيهَا َم ْن يُ ْف ِ‬
‫علَ ُم َما ال ت َ ْعلَ ُمونَ (‪ )11‬البقرة )‬ ‫أَ ْ‬
‫طا ِم ْنهَا ج َِميعا ً )‬ ‫‪ 7‬ـ لم يهبط آدم وزوجه فقط بل هبط من خاللهما ذريتهما ‪ .‬قال جل وعال لهما‪( :‬قَا َل ا ْه ِب َ‬
‫َاي فَال‬ ‫عد ٌُّو فَ ِإ َّما َيأ ْ ِت َينَّكُ ْم ِم ِني هُدًى فَ َم ْن ات َّ َب َع هُد َ‬ ‫ض َ‬ ‫ضكُ ْم ِل َب ْع ٍ‬ ‫(‪ )081‬طه )‪ .‬ما بعدها خطاب لبنى آدم ‪َ ( :‬ب ْع ُ‬
‫ض ع َْن ِذك ِْري فَ ِإنَّ َلهُ َم ِعيش ًَة ضَنكا ً َونَحْ ش ُُر ُه يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة أَع َْمى (‪)087‬‬ ‫شقَى (‪َ )081‬و َم ْن أَع َْر َ‬ ‫يَ ِض ُّل َوال يَ ْ‬
‫ستَقَ ٌّر‬ ‫ض ُم ْ‬ ‫عد ٌُّو َولكُ ْم فِي األ َ ْر ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ضكُ ْم ِلبَ ْع ٍ‬‫طه ) ‪ .‬وفى آية أخرى يأتى الخطاب بالجمع ( َوقُ ْلنَا ا ْه ِبطُوا بَ ْع ُ‬
‫ف‬ ‫َاي فَال َخ ْو ٌ‬ ‫ين (‪ ( ) )16‬قُ ْلنَا ا ْه ِبطُوا ِم ْنهَا ج َِميعا ً فَ ِإ َّما َيأ ْ ِت َينَّكُ ْم ِم ِني هُدًى فَ َم ْن ت َ ِب َع هُد َ‬ ‫َو َمتَاعٌ ِإلَى ِح ٍ‬
‫َاب النَّ ِار هُ ْم فِيهَا َخا ِلدُونَ (‪)19‬‬ ‫صح ُ‬ ‫علَي ِْه ْم َوال هُ ْم يَحْ َزنُونَ (‪َ )12‬والَّ ِذينَ َكفَ ُروا َو َكذَّبُوا ِبآيَاتِنَا أ ُ ْولَئِكَ أ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ين (‪ )87‬قَا َل فِيهَا تَحْ يَ ْونَ‬ ‫ستَقَ ٌّر َو َمتَاعٌ ِإلَى ِح ٍ‬ ‫ض ُم ْ‬ ‫عد ٌُّو َولَكُ ْم فِي األَ ْر ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ضكُ ْم ِلبَ ْع ٍ‬ ‫البقرة ) ( قَا َل ا ْه ِبطُوا بَ ْع ُ‬
‫َوفِيهَا ت َ ُموت ُونَ َو ِم ْنهَا ت ُ ْخ َر ُجونَ (‪ )82‬االعراف )‪ .‬أى هو خطاب لبنى آدم من خالل آدم وزوجه ‪ .‬هم‬
‫هبطوا معهما الى األرض‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وفى األرض المادية وبجسدهما المادى حدث االتصال الجنسى بينهما وولدت حواء أول مولود ‪ ،‬قال‬
‫سكُنَ إِلَ ْيهَا فَلَ َّما تَغَشَّا َها َح َملَتْ ح َْم ً‬
‫ال‬ ‫اح َد ٍة َو َج َع َل ِم ْنهَا َز ْو َجهَا ِليَ ْ‬ ‫جل وعال ‪ ( :‬هُ َو الَّذِي َخلَقَكُ ْم ِم ْن نَ ْف ٍس َو ِ‬
‫َّللا َر َّب ُه َما لَئِ ْن آت َ ْيتَنَا صَا ِلحا ً لَنَكُونَنَّ ِم ْن الشَّا ِك ِرينَ (‪ )029‬االعراف ) ‪،‬‬ ‫َخ ِفيفا ً فَ َم َّرتْ بِ ِه فَلَ َّما أَثْقَلَتْ َدع ََوا َّ َ‬
‫اس اتَّقُوا َربَّكُ ْم‬ ‫ومنهما تنا سل أبناء آدم ذكورا وإناثا وتعمرت بهم األرض ‪ ،‬قال جل وعال ‪ (:‬يَا أَيُّهَا النَّ ُ‬
‫سا ًء ) (‪ )0‬النساء )‬ ‫ث ِم ْن ُه َما ِرجَاالً َكثِيرا ً َو ِن َ‬ ‫اح َد ٍة َو َخلَقَ ِم ْنهَا َز ْوجَ هَا َوبَ َّ‬ ‫الَّذِي َخلَقَكُ ْم ِم ْن نَ ْف ٍس َو ِ‬
‫ثانيا ‪ :‬عالقتنا مستمرة بالبرزخ‬
‫‪ 0‬ـ فى برازخ األرض الست يعيش أحياء من غير البشر ولكن لهم عالقة بالبشر ‪ ،‬ال يراهم البشر ولكنهم‬
‫يتخللون البشر بإعتبارهم مخلوقات برزخية ‪ .‬وهم ‪:‬‬
‫‪ : 0 / 0‬الشيطان وذريته ‪ ،‬ومهمته االيقاع بنا كما أوقع من قبل بأبوينا ‪ .‬وجاء تحذير الرحمن لنا ‪ ،‬قال‬
‫ع ْن ُه َما ِل َبا َ‬
‫س ُه َما ِليُ ِر َي ُه َما‬ ‫ع َ‬ ‫طانُ َك َما أ َ ْخ َر َج أ َ َب َو ْيكُ ْم ِم ْن ا ْل َجنَّ ِة َي ِنز ُ‬ ‫ش ْي َ‬‫جل وعال ‪َ ( :‬يا َب ِني آ َد َم ال َي ْف ِتنَنَّكُ ْم ال َّ‬
‫اطينَ أ َ ْو ِليَا َء ِللَّ ِذينَ ال يُ ْؤ ِمنُونَ (‪)87‬‬ ‫شيَ ِ‬ ‫ْث ال ت َ َر ْونَ ُه ْم إِنَّا َجعَ ْلنَا ال َّ‬ ‫س ْوآتِ ِه َما إِنَّهُ يَ َراكُ ْم هُ َو َوقَبِيلُهُ ِم ْن َحي ُ‬ ‫َ‬
‫االعراف )‪ .‬والذى يعشى ويعمى ويُعرض عن ذكر الرحمن يقترن به شيطان يضله عن السبيل ‪ ،‬يزين له‬
‫طانا ً فَه َُو لَهُ قَ ِرينٌ‬ ‫ش ْي َ‬
‫ض لَهُ َ‬ ‫الرحْ َم ِن نُقَ ِي ْ‬ ‫ش ع َْن ِذك ِْر َّ‬ ‫الحق باطال والباطل حقا ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬و َم ْن َي ْع ُ‬
‫سبُونَ أَنَّ ُه ْم ُم ْهتَدُونَ (‪ )17‬الزخرف ) ال يراه فى هذه الحياة الدنيا‬ ‫سبِي ِل َويَحْ َ‬ ‫صدُّونَ ُه ْم ع َْن ال َّ‬ ‫(‪َ )16‬وإِنَّ ُه ْم لَيَ ُ‬
‫س ا ْلقَ ِرينُ (‪)12‬‬ ‫‪ ،‬ثم سيراه فى اآلخرة ‪َ ( :‬حتَّى ِإذَا جَا َءنَا قَا َل يَا لَيْتَ بَ ْينِي َوبَ ْينَكَ بُ ْع َد ا ْل َمش ِْرقَي ِْن فَ ِبئْ َ‬
‫الزخرف )‪ .‬يسيطر هذا القرين الشيطانى على النفس البشرية وهى تنتمى مثله الى عالم البزخ ‪ ،‬ويتحكم‬
‫فى ال ُمخ والحواس‪ .‬يسمع االنسان الحق بأذنيه ولكن الشيطان المسيطر على النفس يحول بينها وبين‬
‫وصول الحق اليها ‪ .‬أى يجعل حجابا مستورا برزخيا يمنع وصول الهداية ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬وإِ ْن ت َ ْدعُوهُ ْم‬
‫ْص ُرونَ (‪ )092‬االعراف )‬ ‫ظ ُرونَ إِلَ ْيكَ َوهُ ْم ال يُب ِ‬‫س َمعُوا َوت َ َراهُ ْم يَن ُ‬ ‫إِلَى ا ْل ُهدَى ال يَ ْ‬
‫‪ : 8 / 0‬الجن ‪ ،‬وبعضهم كافر يشارك الشياطين فى إضالل بنى آدم بالوحى الشيطانى المفترى ‪،‬‬
‫وينسبونه الى الوحى االلهى ‪ ،‬وهو الذى تقوم علي ه األديان األرضية المناقضة للدين االلهى ‪ ،‬قال جل‬
‫ف ا ْلقَ ْو ِل غُ ُروراً‬ ‫ض ُز ْخ ُر َ‬ ‫ض ُه ْم ِإلَى بَ ْع ٍ‬ ‫وحي بَ ْع ُ‬ ‫نس َوا ْل ِج ِن يُ ِ‬ ‫اطينَ ِ‬
‫اإل ِ‬ ‫شيَ ِ‬ ‫عدُوا ً َ‬‫وعال ‪َ ( :‬و َكذَ ِلكَ َجعَ ْلنَا ِلك ُِل نَ ِبي ٍ َ‬
‫صغَى ِإلَ ْي ِه أ َ ْف ِئ َدةُ الَّ ِذينَ ال يُ ْؤ ِمنُونَ ِب ِ‬
‫اآلخ َر ِة َو ِل َي ْرض َْو ُه‬ ‫َولَ ْو شَا َء َر ُّبكَ َما فَ َعلُو ُه فَذَ ْرهُ ْم َو َما َي ْفت َ ُرونَ (‪َ )008‬و ِلتَ ْ‬
‫َو ِليَ ْقت َ ِرفُوا َما هُ ْم ُم ْقت َ ِرفُونَ (‪ )001‬االنعام )‬
‫‪ : 1 / 0‬المالئكة ‪ :‬وهم أنواع ‪:‬‬
‫‪ : 0 / 1 / 0‬الروح جبريل ومن معه من المالئكة من المأل األعلى ‪.‬كانوا من قبل ينزلون بالوحى االلهى‬
‫على األنبياء وهم الذين ينزلون بالقضاء االلهى والقدر من ميالد ووفاة ومصائب و رزق ‪ .‬ينزلون بها‬
‫ليلة القدر من كل عام لتحدث فى العام التالى ‪ .‬تنزل ليلة القدر بموعد الميالد وموعد الموت للعام القادم‪.‬‬
‫بالنسبة للوالدة فكل نفس قد تم سلفا تحديد موعد دخولها فى الجنين الخاص بها ‪ ،‬وحين يأتى الموعد‬
‫ال ُمسمى تدخل جنينها قيصبح إنسانا ‪ .‬قبله كان مشروع إنسان ‪ .‬يولد ويبدأ العد التنازلى لموته ‪ ،‬فإذا جاء‬
‫أجله غادرت نفسه جسدها وعادت ميته الى برزخها الذى أتت منه‪ .‬جدير بالذكر إن هللا جل وعال سبق ان‬
‫س ُجدُوا‬ ‫حدد فى البرزخ مالمح كل نفس ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬ولَقَ ْد َخلَ ْقنَاكُ ْم ث ُ َّم ص ََّو ْرنَاكُ ْم ث ُ َّم قُ ْلنَا ِل ْل َمال ِئ َك ِة ا ْ‬
‫اج ِدينَ (‪ )00‬االعراف )‪ .‬ثم على نفس المالمح يكون خلق الجنين‬ ‫س ِ‬ ‫يس لَ ْم يَك ُْن ِم ْن ال َّ‬ ‫آل َد َم فَ َ‬
‫س َجدُوا إِالَّ إِ ْب ِل َ‬
‫يز‬‫ْف يَشَا ُء ال ِإلَهَ ِإالَّ ُه َو ا ْلعَ ِز ُ‬ ‫َام َكي َ‬ ‫وتطوراته فى حياته ‪ ،‬قال جل وعال ‪( :‬هُ َو الَّذِي يُص َِو ُركُ ْم فِي األ َ ْرح ِ‬
‫ا ْل َح ِكي ُم (‪ )6‬آل عمران )‪ .‬بالموت يفنى الجسد المادى بمالمحه ‪ ،‬وبالبعث ترجع النفس تحمل مالمح‬
‫جسدها ‪ ،‬بحيث يتعارف الناس على بعضهم ويفر الفرد من أخيه وامه وأبيه وزوجته وأهله‪.‬‬
‫‪ : 8 / 1 / 0‬المالئكة الموكلة بتسجيل او حفظ األعمال ‪ ،‬الذين يحفظون عمل كل فرد ‪ ،‬بحيث إذا مات كان‬
‫له كتاب أعمال يحمله يوم القيامة بديال عن جسده األرضى الذى فنى ‪.‬‬
‫‪ : 1 / 1 / 0‬مالئكة الموت التى تقبض نفس االنسان عند الموت ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ فى برزخ أرضى تعيش أنفس البشر وهى ‪:‬‬
‫‪ : 0 / 8‬أنفس ميتة ال تشعر بنا ‪:‬‬
‫‪ : 0 / 0 / 8‬أنفس ميتة فى برزخها ‪ ،‬لم يأت بع ُد أوان دخولها فى جنينها ‪ ،‬مثل أنفس أحفادى واحفاد‬
‫أحفادى ‪.‬‬
‫‪ : 8 / 0 / 8‬أنفس ميتة فى برزخها دخلت إختبار الحياة الدنيا ‪ ،‬وعاشت الزمن أو العُمر المقدر لها سلفا‬
‫‪ ،‬ثم ماتت ‪ .‬مثل أنفس والدى وأجدادى ‪.‬‬
‫‪ : 8‬أنفس حية ‪:‬‬
‫‪ : 0 / 8‬تعود أنفسنا مؤقتا الى البرزخ بوفاة النوم ‪ ،‬وهو توفية عملها عما عاشته فى يقظتها‪ .‬وتظل على‬
‫صلة بجسدها ‪ ،‬ويستيقظ االنسان ‪ ،‬وقد رأى مشاهد مشوشة من البرزخ ‪ ،‬بعضها قد يكون رؤيا صادقة ‪،‬‬
‫تعثرت النفس فى برزخها بحدث آت فى المستقبل‪ .‬وقد يكون ال ُحلُم أضغاثا‪.‬‬
‫‪ : 8 / 8‬أنفس من يُقتل فى سبيل هللا ‪ .‬وهم يشعرون بنا وال نشعر بهم‪.‬‬
‫‪ ، 1 / 8‬أنفس قوم نوح وفرعون وقومه ‪ .‬وهم يشعرون بنا وال نشعر بهم‪.‬‬
‫الفصل الخامس ‪ :‬البعث وانتهاء عالقتنا بالبرزخ‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫بالبعث تنتهى عالقتنا بالبرزخ ‪ .‬ولكن ما هى آلية البعث ؟‬
‫نحاول تدبر هذا من القرآن الكريم ‪ ،‬ونحتاج الى تكرار بعض ما قلناه من قبل لتوضيح الصورة ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬من البرزخ الى البعث‬
‫‪ 0‬ـ جئنا من البرزخ ‪ ،‬ونعود اليه مؤقتا بالنوم ‪ ،‬ثم نعود اليه نهائيا بالموت‪ .‬نهائيا ليست كلمة دقيقة ألننا‬
‫لن نبقى فى البرزخ خالدين فيه ‪ ،‬بل سنغادره بالبعث‪ .‬ندخله بالموت ونغادره بالبعث‪ .‬كلمة ( نهائيا ) عن‬
‫الموت تأتى مقارنة بدخول البرزخ مؤقتا بالنوم‪.‬‬
‫ون (‪ )99‬لَ َع ِلي أ َ ْع َم ُل صَا ِلحا ً ِفي َما ت َ َركْتُ َك َّ‬
‫ال‬ ‫ار ِجعُ ِ‬ ‫ب ْ‬ ‫‪ 8‬ـ قال جل وعال ‪َ (:‬حتَّى ِإذَا جَا َء أ َ َح َدهُ ْم ا ْل َم ْوتُ قَا َل َر ِ‬
‫خ إِلَى يَ ْو ِم يُ ْب َعثُونَ (‪)011‬المؤمنون) ‪ .‬قوله جل وعال ‪َ ( :‬و ِم ْن‬ ‫إِنَّهَا َك ِل َمةٌ هُ َو قَائِلُهَا َو ِم ْن َو َرائِ ِه ْم بَ ْر َز ٌ‬
‫خ ِإلَى يَ ْو ِم يُ ْبعَثُونَ ) يعنى إننا سنظل فى هذا البرزخ ثم سنغادره بالبعث ‪.‬الموت يكون لكل‬ ‫َو َرائِ ِه ْم بَ ْر َز ٌ‬
‫نفس إذا جاء أجلها ‪ ،‬ولكن البعث يكون لجميع األنفس البشرية فى وقت واحد ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ بالموت تدخل النفس البرزخ ‪ ،‬وتبقى فيه ميتة ال تحس بغيرها ‪ ،‬حتى ال تعرف متى سيكون بعثها ‪،‬‬
‫شعُ ُرونَ أَيَّانَ يُ ْبعَثُونَ (‪ )80‬النحل )‪ .‬وحين البعث يتصور‬ ‫غي ُْر أَحْ يَاءٍ َو َما يَ ْ‬ ‫قال جل وعال ‪ ( :‬أ َ ْم َواتٌ َ‬
‫المجرمون أنهم ماتوا يوما أو بعض يوم ‪ ،‬أو ساعة شأن يقظتهم من النوم ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬و َي ْو َم تَقُو ُم‬
‫اإلي َمانَ لَقَ ْد‬ ‫ع ٍة َكذَ ِلكَ كَانُوا يُ ْؤفَكُونَ (‪َ )22‬وقَا َل الَّ ِذينَ أُوتُوا ا ْل ِع ْل َم َو ِ‬ ‫سا َ‬ ‫غي َْر َ‬ ‫س ُم ا ْل ُمجْ ِر ُمونَ َما لَبِثُوا َ‬ ‫ساعَةُ يُ ْق ِ‬ ‫ال َّ‬
‫ث َولَ ِكنَّكُ ْم كُنت ُ ْم ال ت َ ْعلَ ُمونَ (‪ )26‬الروم )‪ .‬وهذا ينفى خرافة‬ ‫ث فَ َهذَا يَ ْو ُم ا ْلبَ ْع ِ‬ ‫َّللا ِإلَى يَ ْو ِم ا ْلبَ ْع ِ‬
‫ب َّ ِ‬ ‫لَ ِبثْت ُ ْم فِي ِكتَا ِ‬
‫عذاب القبر ونعيمه ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ البعث ال يكون من األرض المادية التى نح يا عليها اآلن ولكن من واحدة من األرضين الستة ‪ ،‬أو‬
‫البرازخ الستة ‪ .‬األرض المادية التى نعيش عليها وما حولها من كواكب ونجوم ومجرات سيتم تدميرها‬
‫ليعود الكون الى نقطة الصفر التى بدأ منها ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تقديم أمثلة واقعية للبعث‬
‫‪ 0‬ـ يحدث البعث فى مسيرة االنسان ‪ .‬اإل نسان يأكل طعام األرض فيتحول فى داخله الى طاقة وبروتينات‬
‫وحيوانات منوية وبويضات ‪ .‬ثم باللقاء الجنسى يتقابل الحيوان المنوى بالبويضة ‪ ،‬ويحدث الحمل ‪ ،‬ويولد‬
‫االنسان من هذا الطعام الميت ‪ ،‬ويكبر بالغذاء من الطعام ‪ ،‬وتخرج فضالته فتكون ترابا وماءا ‪ ،‬وتتكرر‬
‫الدورة ‪ ،‬يأكل وينجب ‪ ،‬ثم يموت فيتحول جسده الى تراب فى األرض ‪ .‬من األرض الميتة كانت الحياة ثم‬
‫كان الموت ثم الحياة ‪ .‬هذا نموذج للبعث يتكرر فينا ‪.‬‬
‫ثم هناك نموذج آخر فى األرض ؛ تكون ميتة ثم ينزل عليها الماء فتنبض بالحياة من كائنات دقيقة ونبات‬
‫‪ ،‬ويأتى الجفاف فتموت األ رض ومن عليها ثم ينزل الماء فيتكرر إخراج الحى من الميت والميت من الحى‬
‫ث فَ ِإنَّا َخلَ ْقنَاكُ ْم ِم ْن‬ ‫ب ِم ْن ا ْلبَ ْع ِ‬‫اس إِ ْن كُ ْنت ُ ْم فِي َر ْي ٍ‬‫‪ ،‬قال جل وعال للناس يقرب لهم فكرة البعث ‪ ( :‬يَا أَيُّهَا النَّ ُ‬
‫َام َما نَشَا ُء ِإلَى‬ ‫غي ِْر ُم َخلَّقَ ٍة ِلنُبَ ِينَ لَكُ ْم َونُ ِق ُّر فِي األ َ ْرح ِ‬ ‫ضغَ ٍة ُم َخلَّقَ ٍة َو َ‬ ‫علَقَ ٍة ث ُ َّم ِم ْن ُم ْ‬ ‫ب ث ُ َّم ِم ْن نُ ْطفَ ٍة ث ُ َّم ِم ْن َ‬ ‫ت ُ َرا ٍ‬
‫ال ث ُ َّم ِلت َ ْبلُغُوا أَشُ َّدكُ ْم َو ِم ْنكُ ْم َم ْن يُت َ َوفَّى َو ِم ْنكُ ْم َم ْن يُ َر ُّد ِإلَى أ َ ْرذَ ِل ا ْلعُ ُم ِر ِل َكيْال َي ْعلَ َم‬
‫س ًّمى ث ُ َّم نُ ْخ ِر ُجكُ ْم ِط ْف ً‬ ‫أ َ َج ٍل ُم َ‬
‫يج‬
‫ج بَ ِه ٍ‬ ‫علَ ْيهَا ا ْل َما َء ا ْهت َ َّزتْ َو َربَتْ َوأ َ ْنبَت َتْ ِم ْن ك ُِل َز ْو ٍ‬ ‫نز ْلنَا َ‬ ‫ام َد ًة فَ ِإذَا أ َ َ‬
‫ض َه ِ‬ ‫شيْئا ً ( َوت َ َرى األ َ ْر َ‬ ‫ِم ْن بَ ْع ِد ِع ْل ٍم َ‬
‫ْب فِيهَا‬ ‫ساع ََة آتِيَةٌ ال َري َ‬ ‫ِير (‪َ )6‬وأَنَّ ال َّ‬ ‫علَى ك ُِل ش َْيءٍ قَد ٌ‬ ‫َّللا ُه َو ا ْلحَقُّ َوأَنَّهُ يُحْ ي ِ ا ْل َم ْوتَى َوأَنَّهُ َ‬ ‫(‪ )2‬ذَ ِلكَ ِبأَنَّ َّ َ‬
‫ور (‪ )7‬الحج )‬ ‫ث َم ْن ِفي ا ْلقُبُ ِ‬ ‫َوأَنَّ َّ َ‬
‫َّللا َي ْب َع ُ‬
‫ظا َم َو ِه َي َر ِمي ٌم (‪ )72‬قُ ْل يُحْ يِي َها الَّذِي‬ ‫ي َخ ْلقَهُ قَا َل َم ْن يُحْي ِ ا ْل ِع َ‬ ‫س َ‬ ‫ب لَنَا َمثَالً َونَ ِ‬ ‫‪ 8‬ـ وقال جل وعال ‪َ ( :‬وض ََر َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شج َِر األ ْخض َِر نَارا ً ف ِإذا أ ْنت ُ ْم ِم ْنهُ تُوقِدُونَ‬ ‫ع ِلي ٌم (‪ )79‬الَّذِي َجعَ َل لَكُ ْم ِم ْن ال َّ‬ ‫ق َ‬ ‫أَنشَأ َ َها أ َ َّو َل َم َّر ٍة َوهُ َو ِبك ُِل َخ ْل ٍ‬
‫(‪ )21‬يس ) ‪ .‬هنا شخص منكر للبعث يتساءل عن من يحيى العظام الرميم ‪ .‬ويأتيه الرد بأن الذى خلق‬
‫هو الذى أنشأها من ال شىء‪ .‬ثم برهان آخر ‪ ،‬هو الشجر األخضر وهو مادة يتحول الى طاقة بالحرق ‪ ،‬ثم‬
‫يكون ترابه سمادا ‪ ،‬تنبت فيه الشجر األخضر مرة أخرى‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬آلية البعث‬
‫األمثلة السابقة عن البعث تحدث فى هذه األرض المادية ‪ ،‬ولكن البعث الذى نتكلم عنه للبشر سيحدث فى‬
‫البرزخ ‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ من البرزخ تدخل نفس الشخص فى الجنين الخاص بها‪ .‬يولد االنسان ومعه وعاءان ‪ ،‬أحدهما ممتلىء‬
‫‪ ،‬وهو وعاء الزمن المحدد فيه العُمر الذى سيحياه فى هذه الدنيا ‪ ،‬والوعاء اآلخر هو وعاء العمل ‪ .‬ويبدأ‬
‫العد التنازلى لإلنسان من لحظة والدته ‪ .‬وكل لحظة تمر تنزلق من وعاء الزمن ( العُمر ) تحمل ما عمله‬
‫االنسان‪ .‬وبالتالى يتناقص وعاء العمر بمرور الزمن ويتصاعد تسجيل العمل بنفس المقدار ‪ .‬وعندما‬
‫ينتهى تماما وعاء الزمن يكون الموت ‪ ،‬ويفنى الجسد وتعود النفس الى برزخها التى أتت منه ومعها‬
‫وعاء عملها ‪ .‬أو كتاب عملها‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ تست مر العملية ‪ ،‬أى كل نفس فى البرزخ تأتى لترتدى جسدها وتظل فيه الى أن تغادرة عائدة الى‬
‫البرزخ بالموت ‪ ،‬ومعها كتاب أعمالها‪ .‬يستمر هذا الى أن تدخل كل النفوس البشرية فى إختبار الحياة‬
‫الدنيا ‪ ،‬بعدها تكون الساعة وتدمير هذا العالم ومجىء اليوم اآلخر‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ قبيل تدمير هذه األرض ببرازخها ــ وفى عصر الالزمن ـ يتم بعث األنفس من البرزخ األرضى ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ النفس لها مالمح جسدها ‪ ،‬وإذا كان للجسد المادى الفانى خصوصيته التى تميزه من البصمات‬
‫المختلفة وال ( دى إن إيه ) فلكل نفس البصمات الخاصة بها وال دى إن إيه الخاصة بها‪ .‬قال جل وعال ‪:‬‬
‫ي بَنَانَهُ (‪ )7‬القيامة )‬ ‫س ِو َ‬ ‫علَى أ َ ْن نُ َ‬ ‫ظا َمهُ (‪ )1‬بَلَى قَاد ِِرينَ َ‬ ‫سانُ أَلَّ ْن نَجْ َم َع ِع َ‬
‫اإلن َ‬‫ب ِ‬ ‫س ُ‬‫(أَيَحْ َ‬
‫ت َو َم ْن‬ ‫صعِقَ َم ْن فِي ال َّ‬
‫س َم َوا ِ‬ ‫ُّور فَ َ‬‫‪ 7‬ـ يتم البعث بإنفجار هائل فى البرزخ قال جل وعال ‪َ ( :‬ونُ ِف َخ فِي الص ِ‬
‫َّللاُ ث ُ َّم نُ ِف َخ فِي ِه أ ُ ْخ َرى فَ ِإذَا هُ ْم قِيَا ٌم يَ ْنظُ ُرونَ (‪ ) 62‬الزمر ) ‪ .‬االنفجار األول هو‬ ‫ض إِالَّ َم ْن شَا َء َّ‬ ‫فِي األ َ ْر ِ‬
‫عن تدمير العالم وقيام الساعة‪ .‬االنفجار اآلخر عن البعث ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ينتج عن إنفجار البعث سقوط ( ماء الحياة ) الذى يتم به بعث األنفس ‪ .‬وهللا جل وعال يذكر دور‬
‫المطر فى إحياء األرض فى هذا العالم ‪ ،‬ويقول إنه نفس الطريقة فى البعث والنشور ‪.‬‬
‫ض بَ ْع َد‬ ‫َ‬
‫ت فَأحْ يَ ْينَا بِ ِه األ ْر َ‬
‫َ‬ ‫سحَابا ً فَسُ ْقنَاهُ إِلَى بَلَ ٍد َميِ ٍ‬ ‫ير َ‬ ‫الريَا َح فَتُثِ ُ‬ ‫س َل ِ‬ ‫َّللاُ الَّذِي أ َ ْر َ‬
‫‪ : 0 / 2‬قال جل وعال ‪َ (:‬و َّ‬
‫ُور (‪ )9‬فاطر ) ‪ .‬نتدبر قوله جل وعال ‪َ ( :‬كذَ ِلكَ النُّش ُ‬
‫ُور )‪.‬‬ ‫َم ْو ِتهَا َكذَ ِلكَ النُّش ُ‬
‫اء َما ًء بِقَد ٍَر فَأَنش َْرنَا بِ ِه بَ ْل َدةً َم ْيتا ً َكذَ ِلكَ ت ُ ْخ َر ُجونَ (‪)00‬‬ ‫‪ : 8 / 2‬قال جل وعال ‪َ ( :‬والَّذِي نَ َّز َل ِم ْن ال َّ‬
‫س َم ِ‬
‫الزخرف )‪ .‬قوله جل وعال ‪َ ( :‬كذَ ِلكَ ت ُ ْخ َر ُجونَ ) ‪ ،‬يعنى البعث والخروج من القبور البرزخية‪.‬‬
‫ج (‪ )00‬ق ) ‪َ ( :‬كذَ ِلكَ‬ ‫‪ : 1 / 2‬قال جل وعال عن الماء ‪ِ ( :‬ر ْزقا ً ِل ْل ِع َبا ِد َوأَحْ َي ْينَا ِب ِه َب ْل َدةً َميْتا ً َكذَ ِلكَ ا ْل ُخ ُرو ُ‬
‫ج) يعنى البعث‪.‬‬ ‫ا ْل ُخ ُرو ُ‬
‫ض‬ ‫ج ا ْل َم ِيتَ ِم ْن ا ْلحَي ِ َويُحْ ي ِ األ َ ْر َ‬ ‫ت َويُ ْخ ِر ُ‬‫ي ِم ْن ا ْل َم ِي ِ‬ ‫ج ا ْلحَ َّ‬ ‫‪ : 7 / 2‬قال جل وعال فى نفس المعنى ‪ ( :‬يُ ْخ ِر ُ‬
‫َب ْع َد َم ْو ِتهَا َو َكذَ ِلكَ ت ُ ْخ َر ُجونَ (‪ )09‬الروم )‬
‫اح َد ٍة ) (‪ )82‬لقمان )‪ .‬هللا‬ ‫‪ 6‬ـ بين البعث والخلق األول ‪ :‬قال جل وعال ‪َ ( :‬ما َخ ْلقُكُ ْم َوال بَ ْعثُكُ ْم إِالَّ َكنَ ْف ٍس َو ِ‬
‫اس اتَّقُوا َربَّكُ ْم الَّذِي َخلَقَكُ ْم ِم ْن‬ ‫جل وعال خلقنا من نفس واحدة هى نفس آدم‪ ،‬قال جل وعال ‪( :‬يَا أَيُّهَا النَّ ُ‬
‫سا ًء ) (‪ )0‬النساء) ‪.‬‬ ‫ث ِم ْن ُه َما ِرجَاالً َك ِثيرا ً َو ِن َ‬ ‫نَ ْف ٍس َو ِ‬
‫اح َد ٍة َو َخلَقَ ِم ْنهَا َز ْو َجهَا َو َب َّ‬
‫حتى نفهم هذا نتصور طاقة الضوء ‪ .‬يقولون عن الضوء الذى نراه أنه حزم صغيرة منفصلة متصلة هى‬
‫الفوتونات‪ .‬نتخيل النفس األولى هى الفوتون األول الذى تتابعت منه الفوتونات أو األنفس التالية ‪ ،‬غير إن‬
‫كل نفس تخرج من برزخها فى موعد محدد وتدخل جنينها فى موعد محدد ‪ ،‬ثم تموت فى األجل المحدد ‪،‬‬
‫ثم بعد أن تدخل آخر نفس فى جنينها تقوم الساعة ‪ ،‬وحينئذ ال مجال للحمل أو الوالدة ‪ .‬قال جل وعال‬
‫ش ْي ٌء ع َِظي ٌم (‪َ )0‬ي ْو َم ت َ َر ْونَهَا‬ ‫ع ِة َ‬ ‫سا َ‬‫اس اتَّقُوا َر َّبكُ ْم ِإنَّ َز ْل َزلَةَ ال َّ‬ ‫يحذرنا ونحن فى آخر الزمان ‪َ ( :‬يا أ َ ُّيهَا النَّ ُ‬
‫ارى َولَ ِكنَّ‬ ‫َارى َو َما هُ ْم ِبسُ َك َ‬ ‫اس سُك َ‬ ‫ت ح َْم ٍل حَ ْملَهَا َوت َ َرى النَّ َ‬ ‫ض ُع كُ ُّل ذَا ِ‬ ‫ضعَتْ َوت َ َ‬ ‫ع َّما أ َ ْر َ‬‫ت َ ْذ َه ُل كُ ُّل ُم ْر ِضعَ ٍة َ‬
‫شدِي ٌد (‪ )8‬الحج )‪.‬‬ ‫َّللا َ‬
‫اب َّ ِ‬ ‫عذَ َ‬‫َ‬
‫وكل نفس بشرية تحمل فى داخلها مستقرا ورثته من األ نفس السابقة لها من أسالفها ‪ ،‬كما تحمل فى‬
‫داخلها مستودعا للفوتونات أو النفس التى ستنحدر منها‪ .‬قال جل وعال ‪َ (:‬و ُه َو الَّذِي أَنشَأَكُ ْم ِم ْن نَ ْف ٍس‬
‫ت ِلقَ ْو ٍم يَ ْفقَ ُهونَ (‪ )92‬االنعام )‪.‬‬ ‫ص ْلنَا اآليَا ِ‬‫ست َ ْو َدعٌ قَ ْد فَ َّ‬ ‫اح َد ٍة فَ ُم ْ‬
‫ستَقَ ٌّر َو ُم ْ‬ ‫َو ِ‬
‫‪ 7‬ـ البعث عملية عكسية للخلق‬
‫‪ : 0 / 7‬قال جل وعال ‪َ ( :‬ك َما بَدَأَكُ ْم تَعُودُونَ (‪ )89‬االعراف ) ‪ .‬والعود يعنى عملية عكسية للخلق ‪.‬‬
‫ق نُ ِعي ُدهُ‬‫ب َك َما بَدَأْنَا أ َ َّو َل َخ ْل ٍ‬ ‫س َما َء َك َطي ِ ِ‬
‫الس ِج ِل ِل ْلكُت ُ ِ‬ ‫وهو نفس المعنى فى قوله جل وعال ‪ ( :‬يَ ْو َم نَ ْط ِوي ال َّ‬
‫علَ ْينَا ِإنَّا كُنَّا فَا ِع ِلينَ (‪ )017‬االنبياء ) وفى قوله جل وعال عن الخلق والبعث ‪َ ( :‬وهُ َو الَّذِي َي ْبدَأ ُ‬ ‫َوعْدا ً َ‬
‫يز ا ْل َح ِكي ُم (‪) )87‬‬ ‫ض َوهُ َو ا ْلعَ ِز ُ‬ ‫س َم َواتِ َواأل َ ْر ِ‬ ‫علَى ِفي ال َّ‬ ‫ا ْل َخ ْلقَ ث ُ َّم يُ ِعي ُدهُ َوهُ َو أ َ ْه َونُ َ‬
‫علَ ْي ِه َولَهُ ا ْل َمث َ ُل األ َ ْ‬
‫الروم )‬
‫‪ : 8 / 7‬وبتعبير آخر يقول جل وعال ‪َ ( :‬و ِإلَ ْي ِه ت ُ ْقلَبُونَ (‪ )80‬العنكبوت )‬
‫‪ : 1 / 7‬يترتب على هذا أن تبرز النفس فى البعث ليس برأسها بل بساقيها ‪ ،‬ينكشف عنها تراب البرزخ ‪،‬‬
‫ست َ ِطيعُونَ (‪ )78‬القلم ) ‪ ،‬ويتم سوق‬ ‫سجُو ِد فَال َي ْ‬ ‫اق َويُ ْدع َْونَ ِإلَى ال ُّ‬ ‫س ٍ‬‫َف ع َْن َ‬ ‫قال جل وعال ‪ ( :‬يَ ْو َم يُ ْكش ُ‬
‫ق (‪)11‬‬ ‫سا ُ‬ ‫اق (‪ )89‬إِلَى َربِكَ يَ ْو َمئِ ٍذ ا ْل َم َ‬ ‫س ِ‬‫ق بِال َّ‬ ‫سا ُ‬ ‫الجميع فى الحشر الى رب العزة جل وعال ‪َ ( :‬وا ْلتَفَّتْ ال َّ‬
‫القيامة)‬

‫الفصل السادس ‪ :‬معضلة الزمن فى اليوم اآلخر‬

‫أوال ‪ :‬الزمن بين يوم الدنيا الحالى واليوم اآلخر‬


‫‪ 0‬ـ المالئكة فى المأل األعلى كانوا يعرفون بأن هذا العالم من السماوات السبع واألرضين السبع هو مؤقت‬
‫‪ ،‬ومصيره الى الفناء ‪ ،‬وأن يوما آخر قادم يتم فيه البعث بعد الفناء ‪ .‬لذلك فإن ابليس حين طرده رب‬
‫نظ ْر ِني ِإلَى َي ْو ِم يُ ْب َعثُونَ (‪)07‬‬ ‫العزة من المأل األعلى طلب مهلة الى يوم البعث ليُضل فيها بنى آدم ‪ ( :‬قَا َل أ َ ِ‬
‫ظ ِرينَ (‪ )02‬االعراف )‬ ‫قَا َل إِنَّكَ ِم ْن ا ْل ُمن َ‬
‫‪ 8‬ـ هناك المالئكة يتزعمهم الروح ( جبريل ) ‪ ،‬وهم ( حملة العرش ) أى الملكوت ‪ ،‬وهم الذين ينفذون‬
‫أوامر هللا جل وعال فى ملكوته ‪ .‬وقد أعطاهم رب العزة جل وعال مدة زمنية لهذا العالم هى خمسون ألف‬
‫سنة بالحساب االلهى‪ .‬فيها يعرجون أو يصعدون بهذا العالم بسماواته وأرضيه ومخلوقاته الى رب العزة‬
‫جل وعال من نقطة البداية الى نقطة النهاية‪ ،‬من بداية خلق العالم بأراضيه وسماواته الى تدميره وفنائه ‪،‬‬
‫وعند إنتهاء هذه المدة يكون لقاء الرحمن ‪ ،‬حين يبرز الناس لرب العالمين ويبدأ اليوم اآلخر بيوم البعث‬
‫ح إِلَ ْي ِه ِفي يَ ْو ٍم كَانَ ِم ْقد ُ‬
‫َار ُه‬ ‫ج ا ْل َمالئِكَةُ َو ُّ‬
‫الرو ُ‬ ‫الذى يقوم فيه الناس للقاء رب العالمين ‪،‬قال جل وعال ‪ ( :‬ت َ ْع ُر ُ‬
‫َ‬
‫صبْراً ج َِميالً (‪ِ )2‬إنَّ ُه ْم يَ َر ْونَهُ بَ ِعيدا ً (‪َ )6‬ونَ َراهُ ق ِريبا ً (‪ )7‬المعارج ) ‪ .‬بنزول‬ ‫ص ِب ْر َ‬‫سنَ ٍة (‪ )7‬فَا ْ‬
‫ف َ‬ ‫سينَ أ َ ْل َ‬‫َخ ْم ِ‬
‫سابُ ُه ْم َوهُ ْم‬
‫اس ِح َ‬ ‫ب ِللنَّ ِ‬ ‫القرآن خاتم الكتب االلهية نفهم إقتراب القيامة ‪ ،‬قال جل وعال من ‪ 07‬قرنا ‪ْ ( :‬‬
‫اقت َ َر َ‬
‫غ ْفلَ ٍة ُم ْع ِرضُونَ (‪ )0‬االنبياء )‪ .‬بل إن األمر االلهى قد صدر فعال بقيامها بالزمن االلهى و سيتم تنفيذه‬ ‫فِي َ‬
‫ع َّما يُش ِْركُونَ (‪ )0‬النحل )‪.‬‬ ‫س ْبحَانَهُ َوتَعَالَى َ‬ ‫ست َ ْع ِجلُوهُ ُ‬ ‫بزمننا ‪ ،‬قال جل وعال ‪ ( :‬أَتَى أ َ ْم ُر َّ ِ‬
‫َّللا فَال تَ ْ‬
‫‪ 1‬ـ هذا يعنى إن هناك يوما لهذا العالم مدته خمسون ألف سنة بتقدير الرحمن جل وعال ‪ .‬هذا يختلف عن‬
‫اليوم االلهى الذى خالله يتم تدبير األمر بين السماوات واألرض فى هذا اليوم الدنيوى ‪ ،‬قال جل وعال ‪:‬‬
‫سنَ ٍة ِم َّما تَعُدُّونَ (‪ )2‬السجدة ) ‪،‬‬ ‫ف َ‬ ‫َار ُه أ َ ْل َ‬
‫ج ِإلَ ْي ِه ِفي َي ْو ٍم كَانَ ِم ْقد ُ‬ ‫ض ث ُ َّم َي ْع ُر ُ‬ ‫اء ِإلَى األ َ ْر ِ‬ ‫(يُد َِب ُر األ َ ْم َر ِم ْن ال َّ‬
‫س َم ِ‬
‫ع َدهُ َو ِإنَّ يَ ْوما ً ِع ْن َد َر ِبكَ‬ ‫َّللا َو ْ‬
‫ف َّ ُ‬ ‫ب َولَ ْن يُ ْخ ِل َ‬ ‫ست َ ْع ِجلُونَكَ بِا ْلعَذَا ِ‬ ‫وقال جل وعال عن إستعجالهم العذاب ‪َ ( :‬و َي ْ‬
‫سنَ ٍة ِم َّما تَعُدُّونَ (‪ )77‬الحج ) ‪ .‬هو ألف سنة بحسابنا وبزمننا المتحرك ‪ ،‬يعقبه تدمير هذا الكون‬ ‫ف َ‬ ‫كَأ َ ْل ِ‬
‫بسماوته وأراضيه ومجىء ( يوم آخر ‪ /‬اليوم األخر ) وهو يوم أزلى خالد أبدى ‪ ،‬عكس اليوم األول الذى‬
‫هو يوم متحرك له بداية وله نهاية ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ حسب السرعة تختلف األزمنة فى الكواكب والنجوم والمجرات فى هذا ( اليوم الدنيوى) الحالى الذى‬
‫يسير فيه الزمن الى األمام بال توقف‪ .‬فى اليوم اآلخر نقرأ عن يوم البعث ويوم الحشر ويوم الحساب ثم‬
‫الجنة والنار ‪ ،‬وهى متعاقبة ‪ ،‬ولكن ال نستطيع تصورها فى زمن خالد راهن ليس فيه ماض وال مستقبل ‪.‬‬
‫هنا تبرز معضلة الزمن فى اليوم اآلخر ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬العظة هى أساس منهج القرآن الكريم فى عرض أحوال اليوم اآلخر‬
‫‪ 0‬ـ الزمن فى يومنا الدنيوى الحالى ال يزال معضلة ‪ ،‬إقترب منه إينيشتاين بنظرية النسبية ففتح بابا من‬
‫األلغاز سار فيه آخرون ل م يخرجوا منه بعد‪ .‬معضلة الزمن فى اليوم اآلخر أكبر وأعمق ‪ .‬ال تقتصر‬
‫الصعوبة فى مجرد أن نتخيل هذا الزمن الخالد الذى ال ماض فيه وال مستقبل ‪ ،‬ولكن تكمن الصعوبة فى‬
‫التعبير عنه لعقليتنا وإدراكاتنا المحصورة فى زمننا وعالمنا هذا ‪ ،‬وال نعرف العالم اآلخر أو اليوم اآلخر ‪.‬‬
‫وحين نعرفه أو نعيشه سيكون عالمنا الدنيوى قد إنتهى وزال ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ لهذا فإن رب العزة جل وعال فى كتابه الميسر للذكر يقرب لنا فهم أحوال اليوم االخر فى معرض‬
‫الهداية والعظة والدعوة للتقوى ‪ .‬هو نفس منهج القرآن الكريم فى القصص ‪ ،‬فالقصص القرآنى يختلف‬
‫عن المنهج التأريخى الذى يذكر أسماء األشخاص ويحدد الزمان والمكان‪ .‬القصص القرآنى ال يهتم بهذا‬
‫بل يركز على العبرة والعظة والهداية‪ .‬وهو نفس منهج القرآن الكريم فى إيراد الحقائق العلمية ‪ ،‬يشير‬
‫اليها فى سياق الدعوة للهداية‪ ،‬بل هو نفس المنهج القرآنى فى التشريع حيث يكون تذييل آيات التشريع‬
‫بالدعوة للتقوى ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ وطبقا لمنهج القرآن فى الدعوة للهداية فإن عرض أحوال اليوم اآلخر يأتى حسب السياق فى اآليات ‪.‬‬
‫وهذا هو المناسب أيضا لعقلية البشر فى هذا العالم والتى يستحيل عليها أن تدرك مفهوم الزمن الخالد فى‬
‫اليوم اآلخر ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬البرزخ والبعث ‪:‬‬
‫خ إِلَى يَ ْو ِم يُ ْبعَثونَ (‪ )011‬المؤمنون ) السياق هنا‬ ‫ُ‬ ‫‪ : 0‬يقول جل وعال عن يوم البعث ‪َ ( :‬و ِم ْن َو َرائِ ِه ْم بَ ْر َز ٌ‬
‫عن حال الكافر العاصى عند االحتضار ‪ ،‬وهو يرجو الرجوع للحياة كى يعمل صالحا ‪َ ( :‬حتَّى ِإذَا جَا َء‬
‫ع َم ُل صَا ِلحا ً فِي َما ت َ َركْتُ َكالَّ إِنَّهَا َك ِل َمةٌ هُ َو قَائِلُهَا َو ِم ْن َو َرائِ ِه ْم‬ ‫ون (‪ )99‬لَعَ ِلي أ َ ْ‬ ‫ار ِجعُ ِ‬ ‫ب ْ‬ ‫أ َ َح َدهُ ْم ا ْل َم ْوتُ قَا َل َر ِ‬
‫خ ِإلَى يَ ْو ِم يُ ْبعَثُونَ (‪ )011‬المؤمنون )‪.‬‬ ‫بَ ْر َز ٌ‬
‫‪ 8‬ـ فى موضعين ليس مذكورا فيهما البرزخ فاصال بين الموت والبعث ‪:‬‬
‫ان ع َْن‬ ‫‪ : 0 / 8‬يقول جل وعال فى ترتيب لألحدث يبدأ بتسجيل األعمال للفرد فى حياته ‪ ( :‬إِ ْذ يَتَلَقَّى ا ْل ُمتَلَ ِقيَ ِ‬
‫عتِي ٌد (‪ )02‬ق ) ثم معاناة سكرة الموت ‪( :‬‬ ‫يب َ‬‫الش َما ِل قَ ِعي ٌد (‪َ )07‬ما يَ ْل ِفظُ ِم ْن قَ ْو ٍل ِإالَّ لَ َد ْي ِه َرقِ ٌ‬ ‫ين َوع َْن ِ‬ ‫ا ْليَ ِم ِ‬
‫َق ذَ ِلكَ َما كُ ْنتَ ِم ْنهُ ت َ ِحي ُد (‪ )09‬ق ) ‪ .‬ثم البعث بالنفخ فى الصور هو تعبير‬ ‫ت ِبا ْلح ِ‬ ‫سك َْرةُ ا ْل َم ْو ِ‬
‫َوجَا َءتْ َ‬
‫ُّور ذَ ِلكَ يَ ْو ُم ا ْل َو ِعي ِد (‪ )81‬ق ) ‪ .‬ال ذكر هنا للبرزخ الحاجز أو‬ ‫مجازى عن قيام الساعة ‪َ ( :‬ونُ ِف َخ فِي الص ِ‬
‫الفاصل بين الحياة الدنيا ويوم البعث ألن البرزخ للنفس الميتة هوعدم االحساس وعدم تسجيل األعمال ‪.‬‬
‫‪ : 8 / 8‬فى ترتيب لألحدث يبدأ بإحتضار أظلم البشر وهم الذين يفترون األحاديث الضالة يزعمونا وحيا‬
‫ش ْي ٌء َو َم ْن قَا َل‬ ‫وح َي إِلَ َّي َولَ ْم يُوحَ إِلَ ْي ِه َ‬ ‫َّللا َكذِبا ً أ َ ْو قَا َل أ ُ ِ‬ ‫علَى َّ ِ‬ ‫افت َ َرى َ‬ ‫إالهيا يقول جل وعال ‪َ (:‬و َم ْن أ َ ْظلَ ُم ِم َّم ْن ْ‬
‫سكُ ْم‬ ‫يه ْم أَ ْخ ِرجُوا أَنفُ َ‬ ‫اسطُوا أ َ ْي ِد ِ‬ ‫ت َوا ْل َمال ِئكَةُ َب ِ‬ ‫ت ا ْل َم ْو ِ‬ ‫غ َم َرا ِ‬ ‫ظا ِل ُمونَ ِفي َ‬ ‫َّللا َولَ ْو ت َ َرى ِإ ْذ ال َّ‬
‫نز َل َّ ُ‬ ‫سأ ُ ِنز ُل ِمثْ َل َما أ َ َ‬
‫َ‬
‫ست َ ْكبِ ُرونَ (‪ )91‬االنعام )‬ ‫َق َوكُنت ُ ْم ع َْن آيَاتِ ِه ت َ ْ‬ ‫ْ‬
‫َّللا غي َْر الح ِ‬ ‫َ‬ ‫على َّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُون بِ َما كُنت ُ ْم تَقولونَ َ‬ ‫اب اله ِ‬ ‫ْ‬ ‫عذ َ‬‫َ‬ ‫ا ْليَ ْو َم تُجْ ز ْونَ َ‬
‫َ‬
‫هذا آخر ما يسمعونه قبيل دخولهم بوابة الموت أى البرزخ ‪ .‬بعدها يسمعون عند البعث ‪َ ( :‬ولَقَ ْد ِجئْت ُ ُمونَا‬
‫ُوركُ ْم َو َما نَ َرى َم َعكُ ْم شُفَ َعا َءكُ ْم الَّ ِذينَ َزع َْمت ُ ْم أَنَّ ُه ْم‬ ‫فُ َرادَى َك َما َخلَ ْقنَاكُ ْم أ َ َّو َل َم َّر ٍة َوت َ َر ْكت ُ ْم َما َخ َّو ْلنَاكُ ْم َو َرا َء ظُه ِ‬
‫ض َّل عَنكُ ْم َما كُنت ُ ْم ت َ ْزعُ ُمونَ (‪ )97‬االنعام )‬ ‫ط َع بَ ْينَكُ ْم َو َ‬ ‫فِيكُ ْم ش َُركَا ُء لَقَ ْد تَقَ َّ‬
‫رابعا ‪ :‬الوعظ أساس عدم ترتيب األحداث فى سورة ( المطففين )‬
‫سلطتهم فى فرض السعر فى البيع والشراء‬ ‫‪ 0‬ـ فى بدايتها تحذير وعظى للمطففين الذين يستخدمون ُ‬
‫اس‬ ‫علَى النَّ ِ‬ ‫ط ِف ِفينَ (‪ )0‬الَّ ِذينَ إِذَا ا ْكتَالُوا َ‬ ‫وتطفيف الميزان ومصادرة العدل ‪ ،‬يقول جل وعال ‪َ ( :‬و ْي ٌل ِل ْل ُم َ‬
‫س ُرونَ (‪)1‬‬ ‫ست َ ْوفُونَ (‪َ )8‬و ِإذَا كَالُوهُ ْم أ َ ْو َو َزنُوهُ ْم يُ ْخ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ظنُّ أُولَ ِئكَ أَنَّ ُه ْم َم ْبعُوثُونَ (‪ِ )7‬ل َي ْو ٍم ع َِظ ٍيم (‪َ )2‬ي ْو َم َيقُو ُم‬ ‫‪ 8‬ـ بعده تحذيرهم وعظا باليوم اآلخر ‪ ( :‬أَال َي ُ‬
‫ب ا ْلعَالَ ِمينَ (‪)6‬‬ ‫اس ِل َر ِ‬‫النَّ ُ‬
‫ين (‪َ )7‬و َما‬ ‫س ِج ٍ‬ ‫َّار لَ ِفي ِ‬ ‫اب الفُج ِ‬ ‫‪ 1‬ـ ثم ذكر لليوم اآلخر فيه حجبهم عن رحمة رب العالمين ‪َ ( :‬كالَّ ِإنَّ ِكت َ َ‬
‫ِين (‪َ )00‬و َما‬ ‫اب َم ْرقُو ٌم (‪َ )9‬و ْي ٌل َي ْو َم ِئ ٍذ ِل ْل ُمك َِذ ِبينَ (‪ )01‬الَّ ِذينَ يُك َِذبُونَ ِب َي ْو ِم الد ِ‬ ‫س ِجينٌ (‪ِ )2‬كت َ ٌ‬ ‫أَد َْراكَ َما ِ‬
‫علَى قُلُوبِ ِه ْم َما‬ ‫ير األ َ َّو ِلينَ (‪َ )01‬كالَّ بَ ْل َرانَ َ‬ ‫اط ُ‬ ‫س ِ‬ ‫علَ ْي ِه آيَاتُنَا قَا َل أ َ َ‬ ‫ِب بِ ِه إِالَّ كُ ُّل ُم ْعت َ ٍد أَثِ ٍيم (‪ )08‬إِذَا ت ُتْلَى َ‬ ‫يُكَذ ُ‬
‫سبُونَ (‪َ )07‬كالَّ ِإنَّ ُه ْم ع َْن َر ِب ِه ْم يَ ْو َمئِ ٍذ لَ َمحْ جُوبُونَ (‪ )02‬ث ُ َّم ِإنَّ ُه ْم لَصَالُوا ا ْلج َِح ِيم (‪ )06‬ث ُ َّم يُقَا ُل َهذَا‬ ‫كَانُوا يَ ْك ِ‬
‫الَّ ِذي كُنت ُ ْم بِ ِه تُك َِذبُونَ (‪)07‬‬
‫اب‬ ‫اب األَب َْر ِار لَ ِفي ِع ِليِينَ (‪َ )02‬و َما أَد َْراكَ َما ِع ِليُّونَ (‪ِ )09‬كت َ ٌ‬ ‫‪ 7‬ـ وحديث عن أصحاب النعيم ‪َ ( :‬كالَّ إِنَّ ِكت َ َ‬
‫ف ِفي‬ ‫علَى األ َ َرائِ ِك يَنظُ ُرونَ (‪ )81‬ت َ ْع ِر ُ‬ ‫ار لَ ِفي نَ ِع ٍيم (‪َ )88‬‬ ‫ش َه ُد ُه ا ْل ُمقَ َّربُونَ (‪ِ )80‬إنَّ األَب َْر َ‬ ‫َم ْرقُو ٌم (‪َ )81‬ي ْ‬
‫س ا ْل ُمتَنَافِسُونَ‬ ‫سكٌ َوفِي ذَ ِلكَ فَ ْليَتَنَافَ ْ‬ ‫وم (‪ِ )82‬ختَا ُمهُ ِم ْ‬ ‫يق َم ْخت ُ ٍ‬ ‫س َق ْونَ ِم ْن َر ِح ٍ‬ ‫ض َر َة النَّ ِع ِيم (‪ )87‬يُ ْ‬ ‫ُوجُو ِه ِه ْم نَ ْ‬
‫ب بِهَا ا ْل ُمقَ َّربُونَ (‪)82‬‬ ‫عيْنا ً يَش َْر ُ‬ ‫سنِ ٍيم (‪َ )87‬‬ ‫(‪َ )86‬و ِم َزا ُجهُ ِم ْن تَ ْ‬
‫‪ 2‬ـ ثم إلتفات الى إستهزاء الكافرين فى الدنيا بالمؤمنين وما سيحدث للكافرين والمؤمنين فى الجنة والنار‬
‫ض َحكُونَ (‪َ )89‬وإِذَا َم ُّروا بِ ِه ْم يَتَغَا َم ُزونَ (‪َ )11‬وإِذَا انقَلَبُوا‬ ‫‪ ( :‬إِنَّ الَّ ِذينَ أَجْ َر ُموا كَانُوا ِم ْن الَّ ِذينَ آ َمنُوا يَ ْ‬
‫علَي ِْه ْم حَافِ ِظينَ‬ ‫سلُوا َ‬ ‫ُالء لَضَالُّونَ (‪َ )18‬و َما أ ُ ْر ِ‬ ‫إِلَى أ َ ْه ِل ِه ْم انقَلَبُوا فَ ِك ِهينَ (‪َ )10‬وإِذَا َرأ َ ْوهُ ْم قَالُوا إِنَّ َهؤ ِ‬
‫ار َما كَانُوا‬ ‫ب ا ْلكُفَّ ُ‬ ‫علَى األ َ َرا ِئ ِك َينظُ ُرونَ (‪َ )12‬ه ْل ث ُ ِو َ‬ ‫ض َحكُونَ (‪َ )17‬‬ ‫(‪ )11‬فَا ْل َي ْو َم الَّ ِذينَ آ َمنُوا ِم ْن ا ْلكُفَّ ِار َي ْ‬
‫يَ ْفعَلُونَ (‪) )16‬‬
‫خامسا ‪ :‬ترتيب لألحداث‬
‫فى اليوم اآلخر ربما يحدث البعث والحشر والعرض والحساب ونعيم الجنة وعذاب الجحيم معا ‪ .‬إذ ال‬
‫ماض وال مستقبل بل زمن راهن حاضر متوقف ‪ ،‬ال ندرى كنهه‪ .‬وربما يحدث هذا بالترتيب بال ماض أو‬
‫مستقبل‪ .‬علم ذلك عند خالق الزمن مالك يوم الدين جل وعال‪ .‬لذا فإن منهج العبرة والعظة والدعوة‬
‫للهداية هو سبيلنا الوحيد فى فهم معضلة الزمن فى اليوم اآلخر ‪.‬‬
‫نعطى أمثلة لترتيب األحداث ‪ :‬يمكن ترتيب الموضوع كاآلتى ‪:‬‬
‫اس‬ ‫َ‬
‫‪ : 0‬أخر جيل من البشر يشهد قيام الساعة ‪ :‬قال جل وعال يحذرنا ونحن فى آخر الزمان ‪ ( :‬يَا أيُّهَا النَّ ُ‬
‫ض ُع كُ ُّل ذَاتِ‬ ‫ض َعتْ َوت َ َ‬ ‫ع َّما أ َ ْر َ‬ ‫ش ْي ٌء ع َِظي ٌم (‪َ )0‬ي ْو َم ت َ َر ْونَهَا ت َ ْذ َه ُل كُ ُّل ُم ْر ِض َع ٍة َ‬ ‫ع ِة َ‬ ‫سا َ‬ ‫اتَّقُوا َر َّبكُ ْم ِإنَّ َز ْل َزلَةَ ال َّ‬
‫شدِي ٌد (‪ )8‬الحج )‬ ‫َّللا َ‬
‫اب َّ ِ‬ ‫عذَ َ‬ ‫َارى َولَ ِكنَّ َ‬ ‫َارى َو َما هُ ْم بِسُك َ‬ ‫اس سُك َ‬ ‫ح َْم ٍل ح َْملَهَا َوت َ َرى النَّ َ‬
‫‪ : 8‬نحن خلفاء فى هذه األرض بعد يأجوج ومأجوج ‪ ،‬وهم أصحاب حضارة تتكشف آثارها ‪ ،‬وقد عرضنا‬
‫لهم من قبل‪ .‬سلط هللا جل وعال عليهم ذا القرنين فحبسهم فى باطن األرض ‪ ،‬وال يزالون فيه ‪ ،‬ويرسلون‬
‫أطباقهم الطائرة لتستطلع أحو النا ‪ ،‬واحيانا يأسرون بعض البشر إلجراء تجارب عليهم‪ .‬هذه المخلوقات‬
‫بتقدمها الذى يسبقنا بقرون منتظر أن يحسوا بزلزال قادم من جوف األرض ‪ ،‬ومنتظر أن يخرجوا منه‬
‫سلُونَ (‪)96‬‬ ‫ب يَن ِ‬ ‫ج َوهُ ْم ِم ْن ك ُِل َح َد ٍ‬ ‫ج َو َمأْجُو ُ‬ ‫يختلطون بالبشر ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬حتَّى ِإذَا فُتِ َحتْ َيأْجُو ُ‬
‫ظا ِل ِمينَ‬ ‫غ ْفلَ ٍة ِم ْن َهذَا َب ْل كُنَّا َ‬ ‫َار الَّ ِذينَ َك َف ُروا َيا َو ْيلَنَا قَ ْد كُنَّا ِفي َ‬ ‫َاخصَةٌ أ َ ْبص ُ‬ ‫يش ِ‬ ‫ع ُد ا ْلحَقُّ فَ ِإذَا ِه َ‬ ‫ب ا ْل َو ْ‬ ‫َو ْ‬
‫اقت َ َر َ‬
‫سدُونَ‬ ‫(‪ )97‬االنبياء ) ‪ ،‬قال جل وعال عن يأجوج ومأجوج ‪( :‬قَالُوا يَا ذَا ا ْلقَ ْرنَي ِْن إِنَّ يَأْجُو َج َو َمأْجُو َج ُم ْف ِ‬
‫سدا ً (‪ )97‬قَا َل َما َم َّكنَنِي فِي ِه َر ِبي َخي ٌْر‬ ‫علَى أَ ْن تَجْ عَ َل بَ ْينَنَا َوبَ ْينَ ُه ْم َ‬ ‫ض فَ َه ْل نَجْ عَ ُل لَكَ َخ ْرجا ً َ‬ ‫فِي األ َ ْر ِ‬
‫ص َدفَي ِْن قَا َل انفُ ُخوا‬ ‫اوى َب ْينَ ال َّ‬ ‫س َ‬ ‫فَأ َ ِعينُو ِني ِبقُ َّو ٍة أَجْ َع ْل َب ْينَكُ ْم َو َب ْينَ ُه ْم َردْما ً (‪ )92‬آتُو ِني ُز َب َر ا ْل َحدِي ِد َحتَّى ِإذَا َ‬
‫طاعُوا لَهُ نَ ْقبا ً‬ ‫ست َ َ‬‫طاعُوا أ َ ْن يَ ْظه َُروهُ َو َما ا ْ‬ ‫علَ ْي ِه ِق ْطرا ً (‪ )96‬فَ َما ا ْ‬
‫ست َ َ‬ ‫غ َ‬ ‫َحتَّى إِذَا َجعَلَهُ نَارا ً قَا َل آتُونِي أ ُ ْف ِر ْ‬
‫ع ُد َر ِبي حَقا ً (‪ )92‬الكهف )‪،‬‬ ‫ع ُد َر ِبي َجعَلَهُ َدكَّا َء َوكَانَ َو ْ‬ ‫(‪ )97‬قَا َل َهذَا َرحْ َمةٌ ِم ْن َر ِبي فَ ِإذَا جَا َء َو ْ‬
‫ض َونُ ِف َخ ِفي‬ ‫ج ِفي َب ْع ٍ‬ ‫ض ُه ْم َي ْو َم ِئ ٍذ َي ُمو ُ‬ ‫بإختالطهم بالبشر يحدث إنفجار الساعة ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ (:‬وت َ َر ْكنَا َب ْع َ‬
‫ُّور فَ َج َم ْعنَاهُ ْم ج َْمعا ً (‪ )99‬الكهف )‬ ‫الص ِ‬
‫صيْحَ ةَ‬ ‫س َمعُونَ ال َّ‬ ‫ب (‪ )70‬يَ ْو َم يَ ْ‬ ‫َان قَ ِري ٍ‬ ‫ست َ ِم ْع يَ ْو َم يُنَا ِد ا ْل ُمنَا ِد ِم ْن َمك ٍ‬ ‫‪ : 1‬يقول جل وعال عن البعث ‪َ ( :‬وا ْ‬
‫س َراعا ً‬ ‫ع ْن ُه ْم ِ‬‫ق األَ ْرضُ َ‬ ‫شقَّ ُ‬‫ير (‪َ )71‬ي ْو َم ت َ َ‬ ‫وج (‪ِ )78‬إنَّا َنحْ نُ نُحْ ِيي َونُ ِميتُ َو ِإلَ ْينَا ا ْل َم ِص ُ‬ ‫َق ذَ ِلكَ َي ْو ُم ا ْل ُخ ُر ِ‬ ‫ِبا ْلح ِ‬
‫ض إِالَّ َم ْن‬ ‫ت َو َم ْن ِفي األ َ ْر ِ‬ ‫س َم َوا ِ‬ ‫ع َم ْن فِي ال َّ‬ ‫ُّور فَفَ ِز َ‬
‫ير (‪ )77‬ق )‪َ ( .‬ويَ ْو َم يُن َف ُخ فِي الص ِ‬ ‫علَ ْينَا يَ ِ‬
‫س ٌ‬ ‫ذَ ِلكَ حَ ش ٌْر َ‬
‫َاخ ِرينَ (‪ )27‬النمل )‬ ‫َّللا َوكُ ٌّل أَت َ ْوهُ د ِ‬
‫شَا َء َّ ُ‬
‫ُّور َونَحْ ش ُُر ا ْل ُمجْ ِر ِمينَ يَ ْو َمئِ ٍذ ُز ْرقا ً (‪)018‬‬ ‫‪ : 7‬البعث يعقبه حشر ‪ ،‬قال جل وعال ‪ ( :‬يَ ْو َم يُ ْنفَ ُخ فِي الص ِ‬
‫علَ ُم بِ َما يَقُولُونَ إِ ْذ يَقُو ُل أ َ ْمثَلُ ُه ْم‬ ‫عشْرا ً (‪َ )011‬نحْ نُ أ َ ْ‬ ‫طه ) بعده العرض ‪ ( :‬يَت َ َخافَت ُونَ بَ ْينَ ُه ْم إِ ْن لَبِثْت ُ ْم إِالَّ َ‬
‫ُّور ذَ ِلكَ يَ ْو ُم ا ْل َو ِعي ِد‬ ‫ط ِريقَةً ِإ ْن لَ ِبثْت ُ ْم ِإالَّ يَ ْوما ً (‪ )017‬طه ) ثم الحساب ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ (:‬ونُ ِف َخ ِفي الص ِ‬ ‫َ‬
‫ق َوش َِهي ٌد (‪ )80‬ق )‬ ‫سائِ ٌ‬ ‫(‪ )81‬ق ) هذا عن البعث ‪ ،‬يليه مباشرة ( َوجَا َءتْ كُ ُّل َن ْف ٍس َمعَهَا َ‬
‫‪ : 2‬وفى ترتيب االنفجارات ( النفخ فى الصور )‪:‬‬
‫َّللا ث ُ َّم‬‫ض ِإالَّ َم ْن شَا َء َّ ُ‬ ‫ت َو َم ْن فِي األَ ْر ِ‬ ‫س َم َوا ِ‬‫صعِقَ َم ْن فِي ال َّ‬ ‫ُّور فَ َ‬ ‫‪ . 0 / 2‬قال جل وعال ‪َ ( :‬ونُ ِف َخ ِفي الص ِ‬
‫نُ ِف َخ فِي ِه أ ُ ْخ َرى فَ ِإذَا هُ ْم قِيَا ٌم يَ ْنظُ ُرونَ (‪ ) 62‬الزمر ) ‪ .‬االنفجار األول عن تدمير العالم وقيام الساعة‪.‬‬
‫االنفجار اآلخر عن البعث ‪.‬‬
‫اح َد ًة‬ ‫ص ْيحَةً َو ِ‬ ‫ع ُد ِإ ْن كُنت ُ ْم صَا ِد ِقينَ (‪َ )72‬ما َينظُ ُرونَ ِإالَّ َ‬ ‫‪ : 8 / 2‬وقال جل وعال ‪َ ( :‬و َيقُولُونَ َمتَى َهذَا ا ْل َو ْ‬
‫ُّور فَ ِإذَا‬ ‫ست َ ِطيعُونَ ت َ ْو ِصيَةً َوال إِلَى أ َ ْه ِل ِه ْم يَ ْر ِجعُونَ (‪َ )21‬ونُ ِف َخ فِي الص ِ‬ ‫تَأ ْ ُخذُهُ ْم َوهُ ْم يَ ِخ ِص ُمونَ (‪َ )79‬فال يَ ْ‬
‫صدَقَ‬ ‫الرحْ َمنُ َو َ‬ ‫ع َد َّ‬ ‫سلُونَ (‪ )20‬قَالُوا يَا َو ْيلَنَا َم ْن بَعَثَنَا ِم ْن َم ْرقَ ِدنَا َهذَا َما َو َ‬ ‫ث إِلَى َر ِب ِه ْم يَن ِ‬ ‫هُ ْم ِم ْن األَجْ دَا ِ‬
‫شيْئا ً‬ ‫س َ‬ ‫اح َدةً فَ ِإذَا هُ ْم َج ِمي ٌع لَ َد ْينَا ُمحْ ض َُرونَ (‪ )21‬فَا ْل َي ْو َم ال ت ُ ْظلَ ُم نَ ْف ٌ‬ ‫ص ْيحَةً َو ِ‬ ‫سلُونَ (‪ِ )28‬إ ْن كَانَتْ ِإالَّ َ‬ ‫ا ْل ُم ْر َ‬
‫َوال تُجْ َز ْونَ إِالَّ َما كُنت ُ ْم ت َ ْع َملُونَ (‪ )27‬يس )‪ .‬الصيحة هى إنفجار قيام الساعة وتدمير العالم‪ .‬النفخ فى‬
‫الصور بعدها عن البعث ‪ .‬ثم هناك إنفجار ثالث يتم به الحشر ‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬أمثلة لعدم ترتيب األحداث ‪:‬‬
‫ُّور فَال‬ ‫خ إِلَى يَ ْو ِم يُ ْبعَثُونَ (‪ )011‬فَ ِإذَا نُ ِف َخ فِي الص ِ‬ ‫‪ 0‬ـ يقول جل وعال عن يوم البعث ‪َ ( :‬و ِم ْن َو َرائِ ِه ْم بَ ْر َز ٌ‬
‫سا َءلُونَ (‪ )010‬فَ َم ْن ثَقُلَتْ َم َو ِازينُهُ فَأ ُ ْولَئِكَ هُ ْم ا ْل ُمفْ ِل ُحونَ (‪َ )018‬و َم ْن َخفَّتْ‬ ‫اب بَ ْينَ ُه ْم يَ ْو َمئِ ٍذ َوال يَت َ َ‬ ‫س َ‬ ‫أَن َ‬
‫ار َوهُ ْم ِفيهَا كَا ِل ُحونَ‬ ‫س ُه ْم ِفي جَ َهنَّ َم َخا ِلدُونَ (‪ )011‬ت َ ْلفَ ُح ُوجُو َه ُه ْم النَّ ُ‬ ‫س ُروا أَنفُ َ‬ ‫َم َو ِازينُهُ فَأ ُ ْولَ ِئكَ الَّ ِذينَ َخ ِ‬
‫(‪ )017‬المؤمنون )‪ .‬هنا البعث بنفخ الصور ويوم الحساب بالوزن ‪ .‬ثم معاناتهم من جهنم ‪ ،‬مع إغفال ما‬
‫بينهما من حشر وعرض ‪.‬‬
‫ص ِل كَانَ ِميقَاتا ً (‪ )07‬يَ ْو َم يُن َف ُخ‬ ‫‪ 8‬ـ يقول جل وعال عن يوم الفصل يعنى به يوم الحساب ‪ ( :‬إِنَّ يَ ْو َم ا ْلفَ ْ‬
‫ُّور فَتَأْت ُونَ أ َ ْف َواجا ً (‪ )02‬النبأ ) هذا عن البعث والحشر معا ‪ .‬بعدها عن قيام الساعة ( َوفُ ِت َحتْ‬ ‫فِي الص ِ‬
‫س َرابا ً (‪ )81‬النبأ ) ثم بعدها عن العذاب ‪ِ (:‬إنَّ َج َهنَّ َم‬ ‫س ِي َرتْ ا ْل ِج َبا ُل فَكَانَتْ َ‬ ‫س َما ُء فَكَانَتْ أَب َْوابا ً (‪َ )09‬و ُ‬ ‫ال َّ‬
‫طا ِغينَ َمآبا ً (‪ )88‬النبأ )‬ ‫كَانَتْ ِم ْرصَادا ً (‪ِ )80‬ل ْل َّ‬
‫‪ 1‬ـ ويقول جل وعال عن قيام الساعة وتدمير العالم ‪:‬‬
‫َار ع ُِطلَتْ‬ ‫س ِي َرتْ (‪َ )1‬و ِإذَا ا ْل ِعش ُ‬ ‫س ك ُِو َرتْ (‪َ )0‬و ِإذَا النُّجُو ُم ان َكد ََرتْ (‪َ )8‬و ِإذَا ا ْل ِج َبا ُل ُ‬ ‫‪ِ (: 0 / 1‬إذَا الش َّْم ُ‬
‫َار سُ ِج َرتْ (‪َ )6‬وإِذَا‬ ‫ش َرتْ (‪َ )2‬وإِذَا ا ْلبِح ُ‬ ‫ُوش ُح ِ‬ ‫(‪ )7‬التكوير ) ثم بعدها لقطات سريعة ومتفرقة‪َ ( :‬وإِذَا ا ْل ُوح ُ‬
‫س َما ُء‬ ‫ش َرتْ (‪َ )01‬و ِإذَا ال َّ‬ ‫ُف نُ ِ‬ ‫صح ُ‬ ‫ب قُتِلَتْ (‪َ )9‬و ِإذَا ال ُّ‬ ‫وس ُز ِو َجتْ (‪َ )7‬و ِإذَا ا ْل َم ْو ُءو َدةُ سُئِلَتْ (‪ِ )2‬بأَي ِ ذَ ْن ٍ‬ ‫النُّفُ ُ‬
‫س َما أَحْ ض ََرتْ (‪ )07‬التكوير )‪.‬‬ ‫ع ِل َمتْ نَ ْف ٌ‬‫س ِع َرتْ (‪َ )08‬و ِإذَا ا ْل َجنَّةُ أ ُ ْز ِلفَتْ (‪َ )01‬‬ ‫طتْ (‪َ )00‬و ِإذَا ا ْلج َِحي ُم ُ‬ ‫ش َ‬ ‫كُ ِ‬
‫شقَّتْ (‪َ )0‬وأ َ ِذنَتْ ِل َربِهَا َو ُحقَّتْ (‪َ )8‬وإِذَا األ َ ْرضُ ُمدَّتْ (‪)1‬‬ ‫س َما ُء ان َ‬ ‫‪ : 8 / 1‬ويقول جل وعال ‪ ( :‬إِذَا ال َّ‬
‫َوأ َ ْلقَتْ َما فِيهَا َوت َ َخلَّتْ (‪َ )7‬وأ َ ِذنَتْ ِل َر ِبهَا َو ُحقَّتْ (‪ )2‬االنشقاق ) بعدها حديث عن يوم الحساب ‪ ( :‬يَا أَيُّهَا‬
‫سيرا ً‬ ‫سابا ً َي ِ‬ ‫ب ِح َ‬ ‫س ُ‬
‫ف يُحَا َ‬ ‫س ْو َ‬ ‫ي ِكتَا َبهُ ِب َي ِمي ِن ِه (‪ )7‬فَ َ‬ ‫ح ِإلَى َر ِبكَ َكدْحا ً فَ ُمال ِقي ِه (‪ )6‬فَأ َ َّما َم ْن أُو ِت َ‬ ‫سانُ ِإنَّكَ كَا ِد ٌ‬ ‫اإلن َ‬ ‫ِ‬
‫ف يَ ْدعُو ثبُورا ً (‪)00‬‬ ‫ُ‬ ‫س ْو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ِكتَابَهُ َو َرا َء ظه ِْر ِه (‪ )01‬ف َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫س ُرورا ً (‪َ )9‬وأ َّما َم ْن أوتِ َ‬ ‫َ‬
‫ب إِلى أ ْه ِل ِه َم ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪َ )2‬ويَنق ِل ُ‬
‫س ِعيرا ً (‪ )08‬االنشقاق )‬ ‫صلَى َ‬ ‫َويَ ْ‬
‫اس‬ ‫‪ : 1 / 1‬ويقول جل وعال ‪ ( :‬ا ْلقَ ِارعَةُ (‪َ )0‬ما ا ْلقَ ِارعَةُ (‪َ )8‬و َما أَد َْراكَ َما ا ْلقَ ِارعَةُ (‪َ )1‬ي ْو َم َيكُونُ النَّ ُ‬
‫ث (‪ ))7‬هذا حديث عن الحشر ‪ ،‬بعده إشارة إلحدى مظاهر تدمير العالم وقيام الساعة ‪( :‬‬ ‫اش ا ْل َم ْبثُو ِ‬ ‫كَا ْلفَ َر ِ‬
‫اضيَ ٍة‬ ‫ش ٍة َر ِ‬ ‫وش (‪ )2‬ثم يوم الحساب ‪ (:‬فَأ َ َّما َم ْن ثَقُلَتْ َم َو ِازينُهُ (‪ )6‬فَه َُو فِي ِعي َ‬ ‫َوتَكُونُ ا ْل ِجبَا ُل كَا ْل ِعه ِْن ا ْل َمنفُ ِ‬
‫َاميَةٌ (‪ )00‬القارعة )‬ ‫ار ح ِ‬ ‫(‪َ )7‬وأ َ َّما َم ْن َخفَّتْ َم َو ِازينُهُ (‪ )2‬فَأ ُ ُّمهُ َها ِويَةٌ (‪َ )9‬و َما أَد َْراكَ َما ِهيَ ْه (‪ )01‬نَ ٌ‬
‫ْس ِل َو ْقعَتِهَا كَا ِذبَةٌ (‪َ )8‬خافِضَةٌ َرافِعَةٌ (‪ )1‬إِذَا ُر َّجتْ‬ ‫‪ : 7 / 1‬ويقول جل وعال ‪( :‬إِذَا َوقَعَتْ ا ْل َواقِعَةُ (‪ )0‬لَي َ‬
‫ستْ ا ْل ِجبَا ُل َبسا ً (‪ )2‬فَكَانَتْ َهبَا ًء ُم ْنبَثا ً (‪ )6‬الواقعة ) هذا حديث عن قيام الساعة‬ ‫األ َ ْرضُ َرجا ً (‪َ )7‬وبُ َّ‬
‫َاب‬
‫صح ُ‬ ‫وتدمير العالم ‪ .‬بعده مباشرة حديث عن أصناف البشر يوم الحساب ‪َ (:‬وكُنت ُ ْم أ َ ْز َواجا ً ثَالثَةً (‪ )7‬فَأ َ ْ‬
‫سابِقُونَ (‪)01‬‬ ‫سابِقُونَ ال َّ‬ ‫شئ َ َم ِة (‪َ )9‬وال َّ‬ ‫َاب ا ْل َم ْ‬‫صح ُ‬ ‫شئ َ َم ِة َما أ َ ْ‬ ‫َاب ا ْل َم ْ‬
‫صح ُ‬ ‫َاب ا ْل َم ْي َمنَ ِة (‪َ )2‬وأ َ ْ‬ ‫صح ُ‬ ‫ا ْل َم ْي َمنَ ِة َما أ َ ْ‬
‫الواقعة )‬
‫س َما ُء كَا ْل ُم ْه ِل (‪َ )2‬وتَكُونُ ا ْل ِجبَا ُل كَا ْل ِعه ِْن (‪ )9‬المعارج ) ‪ ،‬هذا‬ ‫‪ : 2 / 1‬ويقول جل وعال ‪ ( :‬يَ ْو َم تَكُونُ ال َّ‬
‫حديث عن قيام الساعة وتدمير العالم ‪ .‬بعده مباشرة حديث عن يوم الغعرض امام الرحمن جل وعال ‪( :‬‬
‫َاح َب ِت ِه‬ ‫ب َي ْو ِم ِئ ٍذ ِب َب ِني ِه (‪َ )00‬وص ِ‬ ‫عذَا ِ‬ ‫سأ َ ُل ح َِمي ٌم ح َِميما ً (‪ )01‬يُ َبص َُّرونَ ُه ْم َي َو ُّد ا ْل ُمجْ ِر ُم لَ ْو َي ْفتَدِي ِم ْن َ‬ ‫َوال َي ْ‬
‫نجي ِه (‪ )07‬المعارج )‬ ‫ض ج َِميعا ً ث ُ َّم يُ ِ‬ ‫َوأ َ ِخي ِه (‪َ )08‬وفَ ِصيلَتِ ِه الَّتِي ت ُ ْؤوي ِه (‪َ )01‬و َم ْن ِفي األ َ ْر ِ‬
‫اح َد ٌة‬ ‫ُّور نَ ْف َخةٌ َو ِ‬ ‫‪ : 6 / 1‬يقول جل وعال عن إنفجار قيام الساعة وتدمير هذا العالم ‪ ( :‬فَ ِإذَا نُ ِف َخ ِفي الص ِ‬
‫س َما ُء فَ ِه َي‬ ‫شقَّتْ ال َّ‬ ‫اح َد ًة (‪ )07‬فَ َي ْو َم ِئ ٍذ َوقَ َعتْ ا ْل َوا ِق َعةُ (‪َ )02‬وان َ‬ ‫(‪َ )01‬وح ُِملَتْ األَ ْرضُ َوا ْل ِج َبا ُل فَ ُد َّكتَا َدك ًَّة َو ِ‬
‫علَى‬ ‫يَ ْو َمئِ ٍذ َوا ِهيَةٌ (‪ )06‬الحاقة ) بع دها مجىء الرحمن ومالئكة تسيير العرش والملكوت ‪َ (:‬وا ْل َملَكُ َ‬
‫ش َر ِبكَ فَ ْوقَ ُه ْم يَ ْو َمئِ ٍذ ث َ َمانِيَةٌ (‪ )07‬الحاقة ) بعدها يوم العرض ‪ ( :‬يَ ْو َمئِ ٍذ ت ُ ْع َرضُونَ ال‬ ‫أ َ ْرجَائِهَا َويَحْ ِم ُل ع َْر َ‬
‫اق َر ُءوا ِكتَا ِب َي ْه‬ ‫ي ِكتَا َبهُ ِب َي ِمي ِن ِه فَ َيقُو ُل َها ُؤ ْم ْ‬ ‫ت َ ْخفَى ِم ْنكُ ْم َخا ِف َيةٌ (‪ )02‬الحاقة ) ثم الحساب ‪ (:‬فَأ َ َّما َم ْن أُو ِت َ‬
‫(‪ )09‬الحاقة ) ‪ .‬هنا ال ذكر ليوم البعث ويوم الحشر ‪.‬‬

‫الفصل السابع ‪ :‬البرزخ ويوم الجمع ( يوم القيامة )‬


‫مقدمة ‪:‬‬
‫‪ 0‬ـ مقاالت ( البرزخ ) احدثت ردود فعل إيجابية ‪ ،‬أشعلت التفكير والتدبر ‪ ،‬وابانت أننا ال زلنا على حافة‬
‫التدبر القرآنى ‪ ،‬وأن هذا الكتاب الكريم العزيز لم يقدره الدمحميون حق قدره ‪ ،‬كما لم يقدروا رب العزة جل‬
‫وعال حق قدره ‪ .‬إتخذ الدمحميون القرآن مهجورا ‪ ،‬يتغنُّون به فى ليالى السمر ‪ ،‬ويرفعون فوقه خرافات‬
‫أديانهم األرضية ومفترياتها ويتالعبون بآياته يزعمون نسخها وإلغاء تشريعها‪.‬‬
‫بدأت الكتابة في موضوع البرزخ فصال فى كتاب ( حقائق الموت فى القرآن الكريم ) والذى صدر عام‬
‫‪ 0991‬فى مصر ‪ .‬ثم عدت اليه بإضافات فى كتب أخرى الحقة ثم فى هذه السلسلة من المقاالت‪.‬‬
‫ومنذ بدأت االحتكام الى القرآن الكريم عام ‪ ، 0977‬وحتى اآلن وأنا أكتشف فى القرآن ما لم أكن أعلمه ‪،‬‬
‫والزلت أحتفظ بالدهشة من عظمة القرآن ‪ ،‬ويتأكد لى أننى لو عشت ألف عام فسأظل فى حالة دهشة من‬
‫هذا الكتاب العظيم الذى ال يحيط أحد بع لمه ‪ ،‬وبالتالى تتعاظم الحسرة على الدمحميين الذين إتخذوا كتاب رب‬
‫العالمين لهوا ولعبا ‪ ،‬ثم فى أوقات فراغهم من اللعب واللهو يتساءلون عن مصير الذين لم تبلغهم دعوة‬
‫االسالم ؟‬
‫‪ 8‬ـ أعتبر كل التعليقت إيجابية حتى لو إختلفت معى‪ ،‬فال زلنا فى مرحلة الحوار‪ .‬وبعض االسئلة التى‬
‫تحتج ال تخلو من اإليجابية ألنها تدفع الى المزيد من التدبر ‪ ،‬وبالتالى المزيد من لتعلم من القرآن العظيم ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ من هذه األسئلة إستشهاد بعضهم بحديث ( إذا مات أحدكم قامت قيامته )‪ ،‬بمعنى أن القيامة قائمة‬
‫اليوم ‪ ،‬وبمجرد موت الفرد يدخل فى القيامة مباشرة ‪ .‬ه ذا الحديث الهابط أورده الغزالى فى كتابه (إحياء‬
‫علوم الدين ) والذى مأله بخرافات وإفترءات آمن بها المهووسون به ‪ ،‬فزعم ( اإلمام النووى ) أنه ( كاد‬
‫اإلحياء أن يكون قرآنا ) وردد هذا اإلفك الشيخ عبد الحليم محمود شيخ األزهر فى عهد السادات‪.‬‬
‫هذا الحديث الهابط ( إذا مات أحدكم قامت قيامته ) يمكن الرد عليه بأن النبى ال يعلم الغيب ‪ ،‬وليس له أن‬
‫يتكلم فيه من عنده ‪ ،‬خصوصا فيما يتعلق بالساعة‪ .‬ولكن هذا السؤال إستدعى كتابة هذا المقال لتوضيح‬
‫وظيفة البرزخ فى موضوع اليوم اآلخر ‪.‬‬
‫ونرتب الموضوع كاآلتى ‪:‬‬
‫أوال ‪ ( :‬البرزخ ) فى منهج القرآن‬
‫‪ 0‬ـ فى المقال السابق ( معضلة الزمن فى اليوم اآلخر) عرضنا لمنهج القرآن الكريم فى ايراد أحداث‬
‫اليوم اآلخر ‪ ،‬وهو التركيز على الهداية والعظة والعبرة وما يترتب عليه من تقديم وتأخير وإغفال لبعض‬
‫أحداث اليوم اآلخر‪.‬‬
‫وفى مرة واحدة جاء ذكر البرزخ الذى ت دخل فيه نفس الميت وتمكث فيه الى يوم البعث للجميع فى قوله‬
‫ون (‪ )99‬لَعَ ِلي أَع َْم ُل صَا ِلحا ً فِي َما ت َ َركْتُ َكالَّ إِنَّهَا‬ ‫ار ِجعُ ِ‬‫ب ْ‬‫جل وعال ‪َ (:‬حتَّى إِذَا جَا َء أ َ َح َدهُ ْم ا ْل َم ْوتُ قَا َل َر ِ‬
‫خ إِلَى يَ ْو ِم يُ ْبعَثُونَ (‪ )011‬المؤمنون )‪.‬‬ ‫َك ِل َمةٌ هُ َو قَائِلُهَا َو ِم ْن َو َرائِ ِه ْم بَ ْر َز ٌ‬
‫وأنه جاء فى موضعين إغفال البرزخ بوصل الحديث من االحتضار الى البعث مباشرة فى سورتى (األنعام‬
‫) و ( ق )‪ .‬ومع إغفال البرزخ فيهما فالسياق فى اآليات يشير الى قيام الساعة ويوم القيامة على الجميع‬
‫َق ذَ ِلكَ َما كُ ْنتَ ِم ْنهُ ت َ ِحي ُد (‪)09‬‬ ‫ت ِبا ْلح ِ‬ ‫سك َْرةُ ا ْل َم ْو ِ‬
‫‪ .‬يقول جل وعال عن معاناة سكرة الموت ‪َ ( :‬وجَا َءتْ َ‬
‫ق ) بعده أحداث عامة كونية من نفخ الصور أى االنفجار الذى يتم به تدمير هذا العالم كله ‪ ،‬ثم مجىء كل‬
‫ق َوش َِهي ٌد (‪ )80‬ق‬ ‫سائِ ٌ‬ ‫ُّور ذَ ِلكَ يَ ْو ُم ا ْل َو ِعي ِد (‪َ )81‬وجَا َءتْ كُ ُّل نَ ْف ٍس َمعَهَا َ‬ ‫نفس للحساب ‪َ ( :‬ونُ ِف َخ فِي الص ِ‬
‫)‪ .‬وهو نفس الحال فى سورة األنعام ‪ ،‬إذ بعد الحديث عما يقال للظالمين المفترين على هللا جل وعال كذبا ـ‬
‫وهم يموتون ـ سيقال لهم وللجميع من الكافرين يوم القيامة ‪َ ( :‬ولَقَ ْد ِجئْت ُ ُمونَا فُ َرادَى َك َما َخلَ ْقنَاكُ ْم أ َ َّو َل َم َّر ٍة‬
‫ُوركُ ْم َو َما نَ َرى َمعَكُ ْم شُفَعَا َءكُ ْم الَّ ِذينَ َزع َْمت ُ ْم أَنَّ ُه ْم فِيكُ ْم ش َُركَا ُء لَقَ ْد تَقَ َّط َع بَ ْينَكُ ْم‬
‫َوت َ َر ْكت ُ ْم َما َخ َّو ْلنَاكُ ْم َو َرا َء ظُه ِ‬
‫ض َّل عَنكُ ْم َما كُنت ُ ْم ت َ ْزعُ ُمونَ (‪ )97‬االنعام )‪.‬‬ ‫َو َ‬
‫‪ 8‬ـ حقيقة األمر أن البرزخ هو فاصل بين اليوم الدنيوى واليوم اآلخر ‪ .‬وهو بهذا ( برزخ ) بمعنى الحاجز‬
‫بين يومين مختلفين ‪ .‬الناس فى اليوم األول الدنيوى يولدون ويموتون أفرادا ‪ ،‬ومن يموت تدخل نفسه‬
‫البرزخ تبقى فيه الى قيام الساعة واليوم اآلخر ‪ ،‬ولكن قيام الساعة وا ليوم اآلخر هو للجميع ومرة واحدة‬
‫‪ ،‬وفيه لقاء رب العالمين بالبشر جميعا ‪ ،‬يقول جل وعال ‪َ ( :‬كالَّ إِذَا ُدكَّتْ األ َ ْرضُ دَكا ً دَكا ً (‪َ )80‬وجَا َء َربُّكَ‬
‫الذك َْرى (‪ )81‬يَقُو ُل يَا لَ ْيتَنِي‬ ‫سانُ َوأَنَّى لَهُ ِ‬ ‫َوا ْل َملَكُ صَفا ً صَفا ً (‪َ )88‬و ِجي َء يَ ْو َمئِ ٍذ ِبجَ َهنَّ َم يَ ْو َمئِ ٍذ يَتَذَك َُّر ِ‬
‫اإل ْن َ‬
‫قَد َّْمتُ ِل َح َيا ِتي (‪ )87‬الفجر )‬
‫‪ 1‬ـ أكذوبة إذا مات االنسان قامت قيامته تتعارض مع عمومية أحوال القيامة ومع تسمية يوم القيامة بأنه‬
‫( يوم الجمع ) ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬عمومية أحوال يوم القيامة فى أمثلة سريعة ‪:‬‬
‫‪ 0‬ـ فى الخلق لجميع البشر مرة واحدة وكذلك بعثهم جميعا ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ (:‬ما َخ ْلقُكُ ْم َوال بَ ْعثُكُ ْم إِالَّ َكنَ ْف ٍس‬
‫ير (‪ )82‬لقمان )‬ ‫س ِمي ٌع بَ ِص ٌ‬ ‫َّللا َ‬‫اح َد ٍة ِإنَّ َّ َ‬‫َو ِ‬
‫‪ 8‬ـ فى قيام الساعة وتدمير هذا العالم الكونى بسماواته وأراضيه وبرازخه وتبديله بسماوات أخرى‬
‫ض‬ ‫غي َْر األ َ ْر ِ‬ ‫وأرضين أ خرى ن ويبرز الناس جميعا للواحد القهار ‪ ،‬قال جل وعال ‪ ( :‬يَ ْو َم تُبَ َّد ُل األ َ ْرضُ َ‬
‫َّار (‪ )72‬ابراهيم )‪.‬‬ ‫اح ِد ا ْلقَه ِ‬ ‫َّلل ا ْل َو ِ‬
‫س َم َواتُ َوبَ َر ُزوا ِ َّ ِ‬ ‫َوال َّ‬
‫ظنُّ أُولَ ِئكَ أَنَّ ُه ْم َم ْبعُوثُونَ (‪)7‬‬ ‫‪ 1‬ـ فى البعث للجميع حيث يقوم الناس لرب العالمين ‪ ،‬قال جل وعال ‪( :‬أَال َي ُ‬
‫ب ا ْلعَالَ ِمينَ (‪ )6‬المطففين )‬ ‫اس ِل َر ِ‬ ‫ِليَ ْو ٍم ع َِظ ٍيم (‪ )2‬يَ ْو َم يَقُو ُم النَّ ُ‬
‫ض بَ ِار َزةً َو َحش َْرنَاهُ ْم فَلَ ْم نُغَاد ِْر‬ ‫س ِي ُر ا ْل ِجبَا َل َوت َ َرى األ َ ْر َ‬ ‫‪ 7‬ـ فى الحشر للجميع ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬ويَ ْو َم نُ َ‬
‫ِم ْن ُه ْم أ َ َحدا ً (‪ )77‬الكهف )‬
‫علَى َر ِبكَ صَفا ً لَقَ ْد ِجئْت ُ ُمونَا َك َما‬ ‫‪ 2‬ـ فى العرض أمام هللا جل وعال للجميع‪ ،‬قال جل وعال‪َ (:‬وع ُِرضُوا َ‬
‫ش َر ِبكَ‬ ‫علَى أ ْرجَائِهَا َويَحْ ِم ُل ع َْر َ‬ ‫َ‬ ‫َخلَ ْقنَاكُ ْم أ َ َّو َل َم َّر ٍة َب ْل َزع َْمت ُ ْم أَلَّ ْن َنجْ عَ َل لَكُ ْم َم ْو ِعداً (‪)72‬الكهف )( َوا ْل َملَكُ َ‬
‫فَ ْوقَ ُه ْم يَ ْو َمئِ ٍذ ث َ َمانِيَةٌ (‪َ )07‬ي ْو َمئِ ٍذ ت ُ ْع َرضُونَ ال ت َ ْخفَى ِم ْنكُ ْم َخافِيَةٌ (‪ )02‬الحاقة )‬
‫ع َمالَ ُه ْم (‪ )6‬فَ َم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْقَا َل ذَ َّر ٍة َخيْراً‬ ‫شتَاتا ً ِليُ َر ْوا أ َ ْ‬‫اس أَ ْ‬‫صد ُُر النَّ ُ‬ ‫‪ 6‬ـ رؤيتهم جميعا ألعمالهم ‪ ( :‬يَ ْو َمئِ ٍذ يَ ْ‬
‫ش ِف ِقينَ ِم َّما فِي ِه‬ ‫اب فَت َ َرى ا ْل ُمجْ ِر ِمينَ ُم ْ‬ ‫يَ َره (‪َ )7‬و َم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْقَا َل ذَ َّر ٍة شَرا ً َي َره (‪ )2‬الزلزلة ) ( َو ُو ِض َع ا ْل ِكت َ ُ‬
‫َاضرا ً َو ال‬ ‫صا َها َو َو َجدُوا َما ع َِملُوا ح ِ‬ ‫يرةً إِالَّ أَحْ َ‬ ‫يرةً َوال َكبِ َ‬ ‫ص ِغ َ‬‫ب ال يُغَاد ُِر َ‬ ‫َويَقُولُونَ يَا َو ْيلَتَنَا َما ِل َهذَا ا ْل ِكتَا ِ‬
‫يَ ْظ ِل ُم َربُّكَ أَحَدا ً (‪ )79‬الكهف )‬
‫‪ 7‬ـ إنتظار الحساب يتم تقسيم الناس الى ( أُمم ) أى جماعات عاشتت معا فى نفس الزمان والمكان‬
‫وتفاعل أفرادها وتعاملوا مع بعضهم بالخير والشر ‪ ،‬وتم تسجيل هذا فى كتاب أعمال خاص بهم ‪ ،‬ويتم‬
‫نسخ نسخة فردية منه لكل شخص من هذه األمة أو هذا المجتمع ‪.‬يؤتى بكل (أمة ) جاثية تنتظر األمر‬
‫بالمثول امام هللا جل وعال للحساب ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬وت َ َرى ُك َّل أ ُ َّم ٍة جَا ِث َيةً كُ ُّل أ ُ َّم ٍة ت ُ ْدعَى ِإلَى ِكتَا ِبهَا ا ْل َي ْو َم‬
‫س ُخ َما كُنت ُ ْم ت َ ْع َملُونَ (‪ )89‬فَأ َ َّما‬ ‫ستَن ِ‬ ‫َق إِنَّا كُنَّا نَ ْ‬ ‫علَ ْيكُ ْم بِا ْلح ِ‬
‫ق َ‬ ‫نط ُ‬‫تُجْ َز ْونَ َما كُنت ُ ْم ت َ ْع َملُونَ (‪َ )82‬هذَا ِكتَابُنَا يَ ِ‬
‫ت فَيُد ِْخلُ ُه ْم َربُّ ُه ْم فِي َرحْ َم ِت ِه ذَ ِلكَ هُ َو ا ْلفَ ْو ُز ا ْل ُم ِبينُ (‪َ )11‬وأ َ َّما الَّ ِذينَ َكفَ ُروا أَفَلَ ْم‬ ‫الَّ ِذينَ آ َمنُوا َوع َِملُوا الصَّا ِلحَا ِ‬
‫ست َ ْك َب ْرت ُ ْم َوكُنت ُ ْم قَ ْوما ً ُمجْ ِر ِمينَ (‪ )10‬الجاثية )‬ ‫علَ ْيكُ ْم فَا ْ‬‫تَك ُْن آ َيا ِتي تُتْلَى َ‬
‫اس‬ ‫‪ 2‬ـ طبقا لما سبق يتم تسليم كتاب األعمال لكل فرد فى مجموعته ‪ ،‬قال جل وعال ‪ ( :‬يَ ْو َم نَ ْدعُو كُ َّل أُنَ ٍ‬
‫ي ِكتَابَهُ ِبيَ ِمينِ ِه فَأ ُ ْولَئِكَ يَ ْق َر ُءونَ ِكتَابَ ُه ْم َوال يُ ْظلَ ُمونَ فَتِيالً (‪َ )70‬و َم ْن كَانَ فِي َه ِذ ِه أ َ ْع َمى‬ ‫ام ِه ْم فَ َم ْن أُوتِ َ‬ ‫ِب ِإ َم ِ‬
‫اق َر ُءوا ِكتَا ِب َي ْه‬ ‫ي ِكتَا َبهُ ِب َي ِمي ِن ِه فَ َيقُو ُل َها ُؤ ْم ْ‬ ‫س ِبيالً (‪ )78‬االسراء ) (فَأ َ َّما َم ْن أُو ِت َ‬ ‫ض ُّل َ‬‫ع َمى َوأ َ َ‬ ‫اآلخ َر ِة أ َ ْ‬
‫فَه َُو ِفي ِ‬
‫اضيَ ٍة (‪ )80‬فِي َجنَّ ٍة عَا ِليَ ٍة (‪ )88‬قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ‬ ‫ش ٍة َر ِ‬ ‫سابِيَ ْه (‪ )81‬فَه َُو فِي ِعي َ‬ ‫الق ِح َ‬ ‫ظنَنتُ أَنِي ُم ٍ‬ ‫(‪ )09‬إِنِي َ‬
‫ش َما ِل ِه فَيَقُو ُل يَا لَ ْيتَنِي‬ ‫ي ِكتَابَهُ ِب ِ‬ ‫سلَفْت ُ ْم فِي األَيَّ ِام ا ْل َخا ِليَ ِة (‪َ )87‬وأ َ َّما َم ْن أُوتِ َ‬ ‫(‪ )81‬كُلُوا َواش َْربُوا َهنِيئا ً ِب َما أ َ ْ‬
‫ج لَهُ يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة ِكتَابا ً يَ ْلقَاهُ‬ ‫طائِ َرهُ فِي عُنُ ِق ِه َونُ ْخ ِر ُ‬ ‫ان أ َ ْل َز ْمنَاهُ َ‬‫س ٍ‬ ‫لَ ْم أُوتَ ِكتَابِيَ ْه (‪ )82‬الحاقة ) ( َوكُ َّل إِن َ‬
‫سانُ إِنَّكَ كَا ِد ٌح إِلَى‬ ‫اإلن َ‬‫سيبا ً (‪ )07‬االسراء ) ( يَا أَيُّهَا ِ‬ ‫علَ ْيكَ حَ ِ‬ ‫سكَ ا ْليَ ْو َم َ‬ ‫اق َرأْ ِكتَابَكَ َكفَى ِبنَ ْف ِ‬ ‫َمنشُورا ً (‪ْ )01‬‬
‫ب ِإلَى أ َ ْه ِل ِه‬ ‫سيرا ً (‪َ )2‬و َينقَ ِل ُ‬ ‫سابا ً َي ِ‬ ‫ب ِح َ‬ ‫س ُ‬ ‫ف يُ َحا َ‬ ‫س ْو َ‬‫ي ِكتَا َبهُ ِب َي ِمي ِن ِه (‪ )7‬فَ َ‬ ‫َر ِبكَ َكدْحا ً فَ ُمال ِقي ِه (‪ )6‬فَأ َ َّما َم ْن أُو ِت َ‬
‫س ِعيرا ً (‪)08‬‬ ‫صلَى َ‬ ‫ف يَ ْدعُو ثُبُورا ً (‪َ )00‬ويَ ْ‬ ‫س ْو َ‬‫ي ِكتَابَهُ َو َرا َء َظه ِْر ِه (‪ )01‬فَ َ‬ ‫س ُرورا ً (‪َ )9‬وأ َ َّما َم ْن أُوتِ َ‬ ‫َم ْ‬
‫االنشقاق )‬
‫ث (‪َ )7‬وتَكُونُ ا ْل ِج َبا ُل‬ ‫اش ا ْل َم ْبثُو ِ‬ ‫اس كَا ْلفَ َر ِ‬ ‫‪ 9‬ـ وزن األعمال للجميع ‪ ،‬قال جل وعال ‪َ ( :‬ي ْو َم َيكُونُ النَّ ُ‬
‫اضيَ ٍة (‪َ )7‬وأ َ َّما َم ْن َخفَّتْ َم َو ِازينُهُ (‪)2‬‬ ‫ش ٍة َر ِ‬ ‫وش (‪ )2‬فَأ َ َّما َم ْن ثَقُلَتْ َم َو ِازينُهُ (‪ )6‬فَه َُو فِي ِعي َ‬ ‫كَا ْل ِعه ِْن ا ْل َمنفُ ِ‬
‫َاميَةٌ (‪ )00‬القارعة )( َوا ْل َو ْزنُ يَ ْو َمئِ ٍذ ا ْلحَقُّ فَ َم ْن ثَقُلَتْ‬ ‫ار ح ِ‬ ‫فَأ ُ ُّمهُ َها ِويَةٌ (‪َ )9‬و َما أَد َْراكَ َما ِهيَ ْه (‪ )01‬نَ ٌ‬
‫س ُه ْم ِب َما كَانُوا ِبآيَا ِتنَا‬ ‫س ُروا أَنفُ َ‬ ‫َم َو ِازينُهُ فَأ ُ ْولَ ِئكَ هُ ْم ا ْل ُم ْف ِل ُحونَ (‪َ )2‬و َم ْن َخفَّتْ َم َو ِازينُهُ فَأ ُ ْولَ ِئكَ الَّ ِذينَ َخ ِ‬
‫سا َءلُونَ (‪ )010‬فَ َم ْن ثَقُلَتْ‬ ‫اب بَ ْينَ ُه ْم يَ ْو َمئِ ٍذ َوال يَتَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ُّور فَال أَن َ‬ ‫يَ ْظ ِل ُمونَ (‪ )9‬االعراف )(فَ ِإذَا نُ ِف َخ فِي الص ِ‬
‫س ُه ْم فِي َج َهنَّ َم َخا ِلدُونَ‬ ‫س ُروا أَنفُ َ‬ ‫َم َو ِازينُهُ فَأ ُ ْولَئِكَ هُ ْم ا ْل ُم ْف ِل ُحونَ (‪َ )018‬و َم ْن َخفَّتْ َم َو ِازينُهُ فَأ ُ ْولَئِكَ الَّ ِذينَ َخ ِ‬
‫(‪ )011‬المؤمنون )‬
‫‪ 01‬ـ ال يتخلف عن هذا فرد من المخلوقات من البشر والجن واالنس والمالئكة ‪ ،‬قال جل وعال ‪ ( :‬إِ ْن ُك ُّل‬
‫ع َّدهُ ْم عَدا ً (‪َ )97‬وكُلُّ ُه ْم آتِي ِه يَ ْو َم‬ ‫عبْدا ً (‪ )91‬لَقَ ْد أَحْ صَاهُ ْم َو َ‬ ‫الرحْ َم ِن َ‬ ‫ض ِإالَّ آ ِتي َّ‬ ‫ت َواأل َ ْر ِ‬ ‫س َم َوا ِ‬‫َم ْن ِفي ال َّ‬
‫ب‬ ‫ا ْل ِق َيا َم ِة فَ ْردا ً (‪ )92‬مريم ) ‪ ،‬وحيث يقف جبريل ( الروح ) والمالئكة صفا ال يتكلمون‪ ،‬قال جل وعال‪َ ( :‬ر ِ‬
‫الرو ُح َوا ْل َمالئِكَةُ صَفا ً ال‬ ‫طابا ً (‪ )17‬يَ ْو َم يَقُو ُم ُّ‬ ‫الرحْ َم ِن ال يَ ْم ِلكُونَ ِم ْنهُ ِخ َ‬ ‫ض َو َما بَ ْينَ ُه َما َّ‬ ‫ت َواأل َ ْر ِ‬ ‫س َم َوا ِ‬
‫ال َّ‬
‫الرحْ َمنُ َوقَا َل ص ََوابا ً (‪ )12‬النبأ )‬ ‫َ‬
‫يَت َ َكلَّ ُمونَ ِإالَّ َم ْن أ ِذنَ لَهُ َّ‬
‫‪ 00‬ـ ثم الحساب لكل نفس ‪ ،‬حيث تأتى تدافع وتجادل عن نفسها وتُوفى ما كسبت دون ظلم ‪ ،‬قال جل‬
‫سهَا َوت ُ َوفَّى ُك ُّل نَ ْف ٍس َما ع َِملَتْ َوهُ ْم ال يُ ْظلَ ُمونَ (‪ )000‬النحل ) ‪،‬‬ ‫وعال ‪ ( :‬يَ ْو َم تَأْتِي ُك ُّل نَ ْف ٍس تُجَا ِد ُل ع َْن نَ ْف ِ‬
‫س ِلينَ (‪)6‬‬ ‫سأَلَنَّ ا ْل ُم ْر َ‬‫س َل ِإلَي ِْه ْم َولَنَ ْ‬ ‫سأَلَنَّ الَّ ِذينَ أ ُ ْر ِ‬ ‫ال فارق هنا بين األنبياء المرسلين وأقوامهم ‪ ( :‬فَلَنَ ْ‬
‫غائِبِينَ (‪ )7‬االعراف )‬ ‫علَي ِْه ْم بِ ِع ْل ٍم َو َما كُنَّا َ‬ ‫صنَّ َ‬ ‫فَلَنَقُ َّ‬
‫‪ 08‬ـ القول بأن من يموت تقوم قيامته يعنى أن األب الذى يموت قبل إبنه لن يلتقيا يوم القيامة طالما ان‬
‫اخش َْوا يَ ْوما ً ال‬ ‫اس اتَّقُوا َربَّكُ ْم َو ْ‬ ‫يوم القيامة فردى وليس جماعيا ‪ .‬هذا ينافى قوله جل وعال ‪ ( :‬يَا أَيُّهَا النَّ ُ‬
‫ق فَال تَغُ َّرنَّكُ ْم ا ْل َحيَاةُ ال ُّد ْنيَا َوال‬ ‫َّللا َح ٌّ‬ ‫ع َد َّ ِ‬ ‫شيْئا ً إِنَّ َو ْ‬ ‫َاز ع َْن َوا ِل ِد ِه َ‬ ‫يَجْ ِزي َوا ِل ٌد ع َْن َولَ ِد ِه َوال َم ْولُو ٌد ُه َو ج ٍ‬
‫ور (‪ )11‬لقمان ) (فَ ِإذَا جَا َءتْ الصَّا َّخةُ (‪ )11‬يَ ْو َم يَ ِف ُّر ا ْل َم ْر ُء ِم ْن أ َ ِخي ِه (‪َ )17‬وأ ُ ِم ِه َوأَبِي ِه‬ ‫اَّلل ا ْلغَ ُر ُ‬
‫يَغُ َّرنَّكُ ْم بِ َّ ِ‬
‫ام ِر ٍئ ِم ْن ُه ْم َي ْو َم ِئ ٍذ شَأْنٌ يُ ْغ ِني ِه (‪ )17‬عبس )‪.‬‬ ‫َاح َب ِت ِه َو َب ِني ِه (‪ِ )16‬لك ُِل ْ‬ ‫(‪َ )12‬وص ِ‬
‫‪ 01‬ـ الدمحميون لم يقدروا رب العزة جل وعال حق قدره ‪ ،‬وسيرونه الواحد القهار يوم القيامة ‪ ،‬قال جل‬
‫مواتُ َم ْط ِويَّاتٌ ِبيَ ِمينِ ِه سُ ْبحَانَهُ‬ ‫س َ‬ ‫ضتُهُ يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة َوال َّ‬ ‫َّللا حَقَّ قَد ِْر ِه َواأل َ ْرضُ ج َِميعا ً قَ ْب َ‬ ‫وعال ‪َ ( :‬و َما قَد َُروا َّ َ‬
‫َّللاُ ث ُ َّم‬ ‫ض ِإالَّ َم ْن شَا َء َّ‬ ‫ت َو َم ْن ِفي األ َ ْر ِ‬ ‫س َم َوا ِ‬‫صعِقَ َم ْن ِفي ال َّ‬ ‫ُّور فَ َ‬ ‫ع َّما يُش ِْركُونَ (‪َ )67‬ونُ ِف َخ ِفي الص ِ‬ ‫َوت َ َعالَى َ‬
‫اب َو ِجي َء بِالنَّبِيِينَ‬ ‫ور َربِهَا َو ُو ِض َع ا ْل ِكت َ ُ‬ ‫نُ ِف َخ فِي ِه أ ُ ْخ َرى فَ ِإذَا هُ ْم قِيَا ٌم يَ ْنظُ ُرونَ (‪َ )62‬وأَش َْرقَتْ األ َ ْرضُ بِنُ ِ‬
‫علَ ُم ِب َما يَ ْفعَلُونَ‬ ‫َق َوهُ ْم ال يُ ْظلَ ُمونَ (‪َ )69‬و ُوفِيَتْ كُ ُّل نَ ْف ٍس َما ع َِملَتْ َوهُ َو أَ ْ‬ ‫َاء َوقُ ِض َي بَ ْينَ ُه ْم ِبا ْلح ِ‬ ‫ش َهد ِ‬ ‫َوال ُّ‬
‫(‪ )71‬الزمر) هنا عمومية قيام الساعة وعمومية البعث وعمومية الحساب أمام الكتاب الواحد ‪ .‬بعده‬
‫عموم ية الجزاء للكافرين جهنم يدخلونها زمرا أى جماعات ‪ ،‬وللمتقين الجنة يدخلونها زمرا أو جماعات ‪،‬‬
‫قال جل وعال ‪َ ( :‬وسِيقَ الَّ ِذينَ َكفَ ُروا ِإلَى َج َهنَّ َم ُز َمرا ً حَ تَّى ِإذَا جَا ُءو َها فُتِ َحتْ أَب َْوابُهَا َوقَا َل لَ ُه ْم َخ َزنَتُهَا أ َلَ ْم‬
‫علَى‬ ‫ب َ‬ ‫ت َر ِبكُ ْم َويُ ْنذ ُِرونَكُ ْم ِلقَا َء َي ْو ِمكُ ْم َهذَا قَالُوا َبلَى َولَ ِك ْن َحقَّتْ َك ِل َمةُ ا ْل َعذَا ِ‬ ‫علَ ْيكُ ْم آ َيا ِ‬ ‫س ٌل ِم ْنكُ ْم َيتْلُونَ َ‬ ‫َيأ ْ ِتكُ ْم ُر ُ‬
‫س َمثْ َوى ا ْل ُمتَكَبِ ِرينَ (‪َ )78‬وسِيقَ الَّ ِذينَ اتَّقَ ْوا َربَّ ُه ْم‬ ‫اب َج َهنَّ َم َخا ِل ِدينَ فِيهَا فَبِئ ْ َ‬ ‫ا ْلكَافِ ِرينَ (‪ )70‬قِي َل ا ْد ُخلُوا أَب َْو َ‬
‫علَ ْيكُ ْم ِط ْبت ُ ْم فَا ْد ُخلُو َها َخا ِل ِدينَ‬ ‫سال ٌم َ‬ ‫ِإلَى ا ْل َجنَّ ِة ُز َمرا ً َحتَّى ِإذَا جَا ُءو َها َوفُتِ َحتْ أَب َْوابُهَا َوقَا َل لَ ُه ْم َخ َزنَتُهَا َ‬
‫س ِب ُحونَ بِح َْم ِد َربِ ِه ْم َوقُ ِض َي‬ ‫(‪ )71‬الزمر ) ثم حساب المالئكة ‪َ ( :‬وت َ َرى ا ْل َمالئِكَةَ حَ افِينَ ِم ْن ح َْو ِل ا ْلعَ ْر ِش يُ َ‬
‫ب ا ْلعَالَ ِمينَ )(‪ )72‬الزمر )‬ ‫َق َوقِي َل ا ْلح َْم ُد ِ َّ ِ‬
‫َّلل َر ِ‬ ‫بَ ْينَ ُه ْم ِبا ْلح ِ‬
‫ثالثا‪ :‬يوم القيامة هو للجميع ‪ ،‬أى لمجموع البشر‬
‫‪ : 0‬تجميع الناس يوم القيامة هو أمر ال ريب فيه ‪ .‬فى ذلك يقول جل وعال‪:‬‬
‫ْب فِي ِه ) (‪)7‬‬ ‫‪َ ( : 0 / 0‬و َكذَ ِلكَ أ َ ْو َح ْينَا ِإلَ ْيكَ قُ ْرآنا ً ع ََر ِبيا ً ِلت ُ ْنذ َِر أ ُ َّم ا ْلقُ َرى َو َم ْن ح َْولَهَا َوت ُ ْنذ َِر يَ ْو َم ا ْلج َْم ِع ال َري َ‬
‫الشورى ) ‪ .‬هنا وصف يوم الجمع بأنه ال ريب ‪ ،‬مثل وصف القرآن الكريم بأنه ال ريب فيه‪.‬‬
‫َّللا َحدِيثا ً (‪ )27‬النساء‬ ‫ق ِم ْن َّ ِ‬ ‫ص َد ُ‬ ‫ْب فِي ِه َو َم ْن أ َ ْ‬ ‫َّللاُ ال إِلَهَ إِالَّ ُه َو لَيَجْ َمعَنَّكُ ْم إِلَى يَ ْو ِم ا ْل ِقيَا َم ِة ال َري َ‬ ‫‪َّ ( : 8 / 0‬‬
‫)‪ .‬أال يكفى أنه جل وعال أصدق حديثا ؟ أنترك حديث هللا جل وعال من أجل حديث كاذب إفتراه الغزالى ؟‬
‫اإلشارة هن ا قبل مولد الغزالى بقرون فيها آية علمية تشير الى كذب سيأتى فى العصر العباسى الثانى‪.‬‬
‫سبَتْ َوهُ ْم ال يُ ْظلَ ُمونَ (‪ )82‬آل‬ ‫ْب فِي ِه َو ُو ِفيَتْ كُ ُّل نَ ْف ٍس َما َك َ‬ ‫ْف إِذَا جَ َم ْعنَاهُ ْم ِليَ ْو ٍم ال َري َ‬ ‫‪ ( : 1 / 0‬فَ َكي َ‬
‫عمران )‪ .‬فى يوم الجمع هذا ستُوفى كل نفس بشررية عملها بال ظلم ‪.‬‬
‫الرحْ َم َة لَيَجْ َم َعنَّكُ ْم ِإلَى َي ْو ِم ا ْل ِق َيا َم ِة ال‬ ‫س ِه َّ‬ ‫علَى نَ ْف ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ض قُ ْل ِ َّ ِ‬
‫َّلل َكت َ َ‬ ‫س َم َواتِ َواأل َ ْر ِ‬ ‫‪ ( : 7 / 0‬قُ ْل ِل َم ْن َما ِفي ال َّ‬
‫ْب فِي ِه ) (‪ )08‬االنعام )‪ .‬هنا التأكيد بالالم ونون التوكيد ‪ (:‬ليجمعنكم )‬ ‫َري َ‬
‫اس ال يَ ْعلَ ُمونَ‬ ‫َ‬
‫ْب فِي ِه َولَ ِكنَّ أ ْكث َ َر النَّ ِ‬ ‫َّللا يُحْ ِييكُ ْم ث ُ َّم يُ ِميتُكُ ْم ث ُ َّم يَجْ َمعُكُ ْم ِإلَى َي ْو ِم ا ْل ِقيَا َم ِة ال َري َ‬‫‪ ( : 2 / 0‬قُ ْل َّ ُ‬
‫(‪ )86‬الجاثية )‬
‫‪ 8‬ـ هللا جل وعال هو الذى يقوم بتجميع الجميع ‪ ،‬وهذا ما جاء فى اآليات السابقة ‪ ،‬ومنه أيضا قوله جل‬
‫وعال ‪:‬‬
‫‪ (: 0 / 8‬يَ ْو َم يَجْ َمعُكُ ْم ِليَ ْو ِم ا ْلج َْم ِع ذَ ِلكَ يَ ْو ُم التَّغَابُ ِن ) (‪ )9‬التغابن )‬
‫ؤَخ ُرهُ إِالَّ ألَ َج ٍل َم ْعدُو ٍد (‪ )017‬هود‬ ‫شهُو ٌد (‪َ )011‬و َما نُ ِ‬ ‫اس َوذَ ِلكَ يَ ْو ٌم َم ْ‬ ‫‪ ( : 8 / 8‬ذَ ِلكَ يَ ْو ٌم َمجْ ُموعٌ لَهُ النَّ ُ‬
‫)‬
‫ص ِل ِميقَات ُ ُه ْم أَجْ َم ِعينَ (‪ )71‬الدخان )‬ ‫‪ ( : 1 / 8‬إِنَّ يَ ْو َم ا ْلفَ ْ‬
‫‪ 1‬ـ فى يوم الجمع يجتمع األولون واآلخرون ‪ ،‬اى األوائل من القرون ومن جاء بعدهم حياة وموتا ‪ .‬فى‬
‫ذلك يقول جل وعال ‪:‬‬
‫وم (‪ )21‬الواقعة )‬ ‫ت يَ ْو ٍم َم ْعلُ ٍ‬ ‫اآلخ ِرينَ (‪ )79‬لَ َمجْ ُموعُونَ ِإلَى ِميقَا ِ‬ ‫‪ 0 / 1‬ـ ( قُ ْل إِنَّ األ َ َّو ِلينَ َو ِ‬
‫س َل فَيَقُو ُل َماذَا أ ُ ِج ْبت ُ ْم قَالُوا ال ِع ْل َم لَنَا‬ ‫الر ُ‬
‫َّللاُ ُّ‬‫‪ 8 / 1‬ـ ينطبق هذا على الرسل ‪ ،‬قال جل وعال ‪ ( :‬يَ ْو َم يَجْ َم ُع َّ‬
‫ب (‪ )019‬المائدة )‬ ‫ِإنَّكَ أ َ ْنتَ َ‬
‫عالَّ ُم ا ْلغُيُو ِ‬
‫‪ : 1 / 1‬سيكون الناس ثالثة أقسام ‪ :‬السابقون واصحاب اليمين ( أهل الجنة ) والخاسرون‪ .‬أصحاب‬
‫سا ِبقُونَ (‪ )01‬أ ُ ْولَئِكَ ا ْل ُمقَ َّربُونَ (‪ )00‬فِي‬ ‫سا ِبقُونَ ال َّ‬ ‫الجنة أقلية من األولين واآلخرين‪ ،‬قال جل وعال‪َ (:‬وال َّ‬
‫ين (‪ )12‬ثُلَّةٌ‬ ‫ب ا ْل َي ِم ِ‬ ‫صحَا ِ‬ ‫اآلخ ِرينَ (‪ )07‬الواقعة ) ( أل َ ْ‬ ‫ت النَّ ِع ِيم (‪ )08‬ثُلَّةٌ ِم ْن األ َ َّو ِلينَ (‪َ )01‬وقَ ِلي ٌل ِم ْن ِ‬ ‫َجنَّا ِ‬
‫اآلخ ِرينَ (‪ )71‬الواقعة )‬ ‫ِم ْن األ َ َّو ِلينَ (‪َ )19‬وثُلَّةٌ ِم ْن ِ‬
‫أخيرا ‪ :‬أهمية البرزخ هنا ‪:‬‬
‫‪ 0‬ـ لولم يكن برزخ لكانت القيامة فردية لكل فرد بمجرد موته‪ .‬ولكن التأكيد على يوم واحد لكل البشر‬
‫يستدعى أن يوجد البرزخ الذى تسكن فيه األنفس الميتة الى أن يموت الجميع ثم يكون قيام الساعة ويوم‬
‫القيامة للجميع فى نفس الوقت ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ وجود األنفس ميتة فى البرزخ يعنى إنها عند البعث ستظن أنها قضت يوما أو بعض يوم أوساعة مثل‬
‫ع ٍة َكذَ ِلكَ كَانُوا‬ ‫سا َ‬ ‫غي َْر َ‬ ‫س ُم ا ْل ُمجْ ِر ُمونَ َما لَبِثُوا َ‬ ‫ساعَةُ يُ ْق ِ‬ ‫االحساس بالنوم‪ .‬قال جل وعال ‪َ ( :‬ويَ ْو َم تَقُو ُم ال َّ‬
‫ث فَ َهذَا يَ ْو ُم ا ْلبَ ْع ِ‬
‫ث َولَ ِكنَّكُ ْم‬ ‫َّللا ِإلَى يَ ْو ِم ا ْلبَ ْع ِ‬
‫ب َّ ِ‬ ‫يُ ْؤفَكُونَ (‪َ )22‬وقَا َل الَّ ِذينَ أُوتُوا ا ْل ِع ْل َم َو ِ‬
‫اإلي َمانَ لَقَ ْد لَ ِبثْت ُ ْم فِي ِكتَا ِ‬
‫ضحَا َها (‪)76‬النازعات)‪ .‬يلفت‬ ‫شيَّ ًة أ َ ْو ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫كُنت ُ ْم ال ت َ ْعلَ ُمونَ (‪ )26‬الروم ) ( كَأَنَّ ُه ْم َي ْو َم يَ َر ْو َنهَا لَ ْم يَ ْلبَثُوا إِالَّ َ‬
‫النظر وهم يتعرفون بينهم يوم الحشر يتخيلون أن حياتهم الدنيا كانت مثل ساعة من النهار تعارفوا فيها‬
‫ارفُونَ َب ْينَ ُه ْم ) (‪ )72‬يونس)‬ ‫ساعَةً ِم ْن النَّه ِ‬
‫َار َيت َ َع َ‬ ‫بينهم‪ ،‬قال جل وعال‪َ ( :‬و َي ْو َم يَحْ ش ُُرهُ ْم كَأ َ ْن لَ ْم َي ْل َبثُوا ِإالَّ َ‬
‫‪ 1‬ـ هذا يعنى ‪:‬‬
‫‪ : 0 / 1‬أن شخصا مات من مائة الف عام عند البعث سيظن أنه مات من يوم أو بعض يوم ‪ ،‬وهو نفس‬
‫شعور آخر شخص سيموت وقت نهاية وتدمير العالم‪ .‬سيظن هو اآلخر عند البعث أنه نام يوما أو بعض‬
‫يوم ‪.‬‬
‫‪ ، 8 / 1‬بالنسبة لنا نحن األحياء فإن الباقى على يوم القيامة هو ما تبقى لنا من عُمر نحياه زائد يوما أو‬
‫بعض يوم‪ .‬لنفترض أننى سأموت بعد عام واحد إذن يتبقى لى على يوم القيامة عام واحد فى الدنيا زائد‬
‫يوم أو بعض يوم فى البرزخ ‪ .‬أى إن اليوم اآلخر قريب منك جدا ‪ .‬هو أن تموت ثم تستيقظ بالبعث معتقدا‬
‫أنك كنت نائما أو ميتا من يوم أو بعض يوم ‪.‬‬
‫ولهذا قال وعال لكفار قريش فى عهد النبى دمحم عليه السالم ‪:‬‬
‫َّلل َمثْنَى َوفُ َرادَى ث ُ َّم تَتَفَك َُّروا َما بِص ِ‬
‫َاحبِكُ ْم ِم ْن ِجنَّ ٍة ِإ ْن هُ َو‬ ‫اح َد ٍة أَ ْن تَقُو ُموا ِ َّ ِ‬ ‫‪ ( : 0 / 8 / 1‬قُ ْل إِنَّ َما أ َ ِعظُكُ ْم بِ َو ِ‬
‫شدِي ٍد (‪ )76‬سبأ ) ‪ .‬هنا تهديد لهم بأنهم بين يدى عذاب شديد ) أى هم على‬ ‫ب َ‬ ‫عذَا ٍ‬ ‫َي َ‬ ‫ِير لَكُ ْم بَ ْينَ يَد ْ‬
‫ِإالَّ نَذ ٌ‬
‫شفا عذاب شديد ‪ .‬أى بقى عليه ما تبقى من عُمر أحدهم ثم يوم أو بعض يوم ‪.‬‬
‫عذَابًا قَ ِريبًا ) (‪ )71‬النبأ ) ‪ .‬هذا العذاب القريب ال يقاس بموعد موتهم من ‪07‬‬ ‫‪( 8 / 8 / 1‬إِنَّا أَنذَ ْرنَاكُ ْم َ‬
‫قرنا ‪ ،‬ولكن عن حالهم وقتها ‪ ،‬وقد بقى لهم من عُمر بضع سنوات ‪ ،‬ثم برزخ يستيقظون منه وقد أحسوا‬
‫أنه مر عليهم يوم أو بضع يوم ‪.‬‬
‫‪ : 1 / 1‬أولئك المجرمون الذين يستغلون حريتهم فى العصيان يبقى لهم من إستعمال حريتهم بضع أيام أو‬
‫بضع شهور أو بضع سنوات ‪ ،‬أى ما تبقى لهم من عُمر وهو قليل ‪ .‬ثم يفقدون حريتهم وهم على فراش‬
‫االحتضار ‪ ،‬ويفقدونها الى األبد فى يوم البعث ويوم الحشر ويوم الحساب وفى الخلود فى النار‪ .‬مجرد‬
‫بضع سنوات من إساءة الحرية فى هذه الدنيا يعقبة فقدان لهذه الحرية ‪ ،‬مع خلود فى النار‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ أال يفكر المستبد الشرقى وقومه فى هذا ؟!!‬

‫الخاتمة‬
‫نعتبر هذا المقال هو الخاتمة ‪ ،‬خصوصا السؤال األخير ‪ :‬أال يفكر المستبد الشرقى وقومه فى هذا ؟!!‬

You might also like