Professional Documents
Culture Documents
الدراسة التي تنشرها رباط الكتب عبارة عن تقرير تحليلي مفصل حول واحدة من القضايا األساسية التي تعرفها منظومة التربية والتكوين
في المغرب .يتعلق األمر بتربية وتعليم األشخاص في وضعية إعاقة ،وهي قضية عرفت تطورات وجداالت منذ أكثر من عقدين حول النموذج
المالئم لتربية وتكوين وتأهيل هذه الفئة من المواطنات والمواطنين .وألن المغرب انخرط في المنظومة الحقوقية األممية ،وأقر دستوريا حق
األشخاص في وضعية إعاقة في تعليم ميسر الولوج وذي جودة ،فقد كان لزاما على منظومة التربية والتكوين أن تساير مختلف التحوالت
السياسية والحقوقية والتربوية ،إلرساء مدرسة ُمرحبة ومنصفة ودامجة ،قوامها احترام التنوع بكل أشكاله ،لتكون جسرا لمشروع مجتمعي
.دامج يحترم االختالف وتعدد الذكاءات \،ويجعل من اإلعاقة جزءاً من التنوع البشري
وسيجد القارئ في هذا التقرير تحليالً مفصالً للمفاهيم والقضايا المتصلة بتأمين تعليم األشخاص في وضعية إعاقة في إطار مسار اإلصالح
. الذي تعرفه المنظومة في المغرب
تقديــم
يعتبر تأمين ولوج األشخاص في وضعية إعاقة إلى منظومة التربية والتكوين في المغرب ،رافعة استراتيجية إلصالح منظومة التربية والتكوين
والبحث العلمي ،2030-2015وتحديا إلعمال حقوق اإلنسان ،وهدفا من أهداف التنمية; البشرية التي تتجه إلى النهوض بالمشاركة الكاملة
.والفعالة لألفراد في وضعية إعاقة
وتمثل صيرورة تربية وتعليم وتأهيل األشخاص في وضعية إعاقة ،مهما كانت درجة حدة إعاقتهم ،ومهما اختلفت أعمارهم وأصولهم السوسيو
:اقتصادية والثقافية ،تحديا ً متعدد; األبعاد
فهو تح ٍّد ذاتي بالنسبة للشخص في وضعية إعاقة ،إذ يتطلب تعبئة; اإلمكانات الكامنة لديه ،ومواجهة الحواجز البيئية; التي تواجهه؛
وهو تح ٍّد موضوعي بالنسبة للمجتمع ،إذ يتطلب من كافة مكوناته تغيير التمثالت السلبية واألفكار النمطية التي تحملها حول اإلعاقة،
ورفع كل الحواجز التي يمكن أن تعترض استفادة األشخاص في وضعية إعاقة من حقهم في التربية والتكوين ;،وولوجهم مجتمع
المعرفة ،وتيسير مشاركتهم الكاملة والفعالة؛
وهو أخيرًا تح ٍّد يتطلب إعداد وتنفيذ سياسات تربوية واجتماعية تهدف إلى إعمال كافة الحقوق المنصوص عليها في المعاهدات
والمواثيق الدولية ،التي صادقت عليها المملكة المغربية ،وال سيما اتفاقية حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة وبروتوكولها االختياري في
أبريل ،2009وكذلك أحكام دستور المملكة في النهوض بحقوق هذه الفئة االجتماعية وحمايتها ،في الفصلين 31و ،34ومن ضمنها
الحق في التربية والتكوين والتأهيل واالندماج االجتماعي.
إن وظيفة المدرسة اليوم ،هي توفير عرض تربوي دامج ،يمكن األطفال في وضعية إعاقة من حقهم في التمدرس إسوة بباقي األطفال ،سواء
.كان ذلك على مستوى بنية االستقبال ،أم كان على مستوى البرامج والطرق والوسائل
وعلى هذا األساس ،فإن التربية الدامجة لألشخاص في وضعية إعاقة ،هي سيرورة تحتاج إلى نسق دامج ،تتضافر وتتكامل فيه جهود مختلف
.الفاعلين المعنيين;
تطور المسار الحقوقي لتربية وتعليم وتأهيل األشخاص في وضعية إعاقة o
:عرف مسار التعاطي مع تربية وتعليم األشخاص في وضعية إعاقة ثالث مراحل متسلسلة
المرحلة األولى ،وامتدت من بداية الستينيات ،وتميزت ببداية; اإلقرار بحق األشخاص ذوي اإلعاقة في التربية والتعليم ،حيث نص العهد الدولي
الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية ،على الحق في التعليم الجامع وبدون تمييز ،في المواد 3و 13و ،14وكذلك نصت االتفاقية
.الدولية لحقوق الطفل المادة 23على حق الطفل في وضعية إعاقة في التعليم إسوة بباقي األطفال
المرحلة الثانية ،وامتدت من بداية التسعينيات ،واتسمت بدينامية خاصة للنهوض بحقوق األشخاص في وضعية إعاقة ،تجلت أساسا في
اإلعالن العالمي حـول التربية للجميـع) إعـالن جومبتيـان ،)1989 ،والذي حدد الرؤية العامة في هذا الصدد وهي :تعميم االنتفاع بالتعليم على
.جميع األطفال واليافعين والراشدين وتعزيز مبدأ اإلنصاف
بعد ذلك ،صدر إعالن القواعد الموحدة لتكافؤ الفرص في ،1993حيــث تنص القاعــدة السادسة منه ،ليــس فقــط مســاواة الحقــوق في التربية
.لــكل األطفال ،ولــكل األشخاص في وضعيــة إعاقـة ،وإنما تنص أيضـا ،على إلزامية التربية في إطــار بنيــات التعليــم النظامية
ويعتبر البيان الختامي العالمي حول تعليم ذوي االحتياجات الخاصة (اليونيسكو ،مؤتمر ساالمنكا )1994 ،إطارا مرجعيا للدمج التربوي ،من
.خالل إعالنه لسبعة مبادئ مؤسسة إلرساء التعليم الجامع ()1
وتعزز مسار اإلقرار الحقوقي في ،1999بصدور التعليق العام رقم 13حول الحق في التعليم ،وهو التعليق المعياري للمادة 13في العهد
.الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية
المرحلة الثالثة ،امتدت منذ نهاية التسعينيات ،وكرست مرحلة إعمال الحق في تربية وتعليم وتكوين األشخاص في وضعية إعاقة في المنظومة
المعيارية واألجندة الدولية ،حيث تعززت بصدور أول اتفاقية لحقوق األشخاص ذوي اإلعاقة ،والتي تنص في المادة 24منها على التمتع
.الكامل بالحق في التربية والتكوين في إطار نظام تعليمي جامع
وقد تعززت المنظومة المعيارية للحق في التربية والتكوين ،بصدور التعليق العام الرابع للجنة المعنية بحقوق األشخاص ذوي اإلعاقة في سنة
،2016في شأن الحق في التعليم الشامل للجميع ،كما تم دمج حق األشخاص في وضعية إعاقة ضمن أهـداف 2030-2016للتنميـة
.المستدامة ،وال سيما الهدف ، 4والذي يسعى إلى ضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع
وتجدر اإلشارة إلى أن المغرب قد عبر عن انخراطه الكامل في المنظومة الحقوقية األممية ،من خالل المصادقة على اتفاقية حقوق األشخاص
.ذوي اإلعاقة وبروتوكولها االختياري في ،2009ولم يسجل أي تحفظ حول مبادئها وموادها
أجرت وزارة التضامن والتنمية االجتماعية والمساواة واألسرة البحث الوطني الثاني حول اإلعاقة في المغرب ( ،)2وقد خلص البحث إلى أن
%.عدد األشخاص في وضعية إعاقة يقارب ،2.264.672 وأن نسبة انتشار اإلعاقة في المغرب بلغت6.8 :
: وعن المعطيات اإلحصائية ذات الصلة بتربية وتكوين األشخاص في وضعية إعاقة ،سجل البحث الوطني الثاني أن
% 66,1من األشخاص في وضعية إعاقة دون تعلم؛ وتمثل اإلناث الغالبية بنسبة % 66,6؛
نسبة تمدرس األطفال في وضعية إعاقة من خفيفة إلى عميقة جدا 85.000( % 55,1طفل وطفلة)؛
نسبة األشخاص في وضعية إعاقة ممن لديهم مستوى التعليم الثانوي إعدادي وتأهيلي ال تتجاوز % 9,5؛
نسبة األشخاص في وضعية إعاقة ممن لديهم مستوى التعليم العالي تقف عند .% 1,8
األنماط المؤسسية لتربية وتعليم األشخاص في وضعية إعاقة السائدة في المغرب
:يتألـف نظـام الدمج التربوي عموما من أربعة أنــواع مــن األنماط التي قد تكون منفصلة أو متكاملة
المؤسسة التعليميـة النظامية الدامجة :وهـي الفاعـل الرئيسي في التربية الدامجــة ،ويجــب أن تســتوعب غالبيــة األطفال في
وضعيـة إعاقـة؛
قسم اإلدماج المدرسي (قسم خاص) :هـي مـن حيـث المبدأ ،قسم منفصل يقــع في المدرسة ،حيــث يتــم تدريــس األطفال في بيئة
خاصة مع إمكانية التواصــل مــع األطفال اآلخرين في المدرسة ،خالل أنشطة مشتركة وفـتـرات االستراحة واألنشطة الترفيهية.
وبنفـس الطريقـة ،ينظـر إلى هـذا القسم عـلى أنه بنية مؤقتة للمـرور ،ويمكن أيضـا أن يكـون مكملـا لألقسام الدراسية النظامية .حيـث
يقسـم الطفـل وقتـه بــين قســم اإلدماج والقســم النظامي .وتتوجه وزارة التربية الوطنية إلى التحويل التدريجي ألقسام اإلدماج
المدرسي لقاعات الموارد والدعم؛
قاعة الموارد للتأهيل والدعم :وهي قاعات في مؤسسات تعليمية نظامية ،تضم موارد وتقدم خدمات مركزة لفائدة األشخاص في
وضعية إعاقة المتمدرسين; في مختلف األقسام الدراسية النظامية ،من قبيل الدعم التربوي والتأهيل الوظيفي وتوفير الترتيبات
.التيسيرية
المراكز المتخصصة :هــي بنيــات تستقبل االشخاص في وضعيــة إعاقــة ،وغالبا ما تتكفل بنــوع محدد مــن أنــواع اإلعاقة ،وتسير
.مــن قبــل جمعيات متخصصة ،تسهر على خدمات متنوعة
.وتجدر اإلشارة إلى أن المراكز هي بنيات مستقلة ومنفصلة عن منظومة التعليم العام
.أهم اختالالت وصعوبات تيسير ولوج األشخاص في وضعية إعاقة إلى منظومة التربية والتكوين في المغرب
حددت اللجنة المعنية بحقوق األشخاص ذوي اإلعاقة في تقريرها الختامي ،بمناسبة تقديم المغرب لتقريره األولي ( )3في 2017مجموعة من
:األسباب التي تمنع إعمال حق االشخاص في وضعية إعاقة في التربية والتكوين ;،ومنها أساسا
انتشار نظام تعليمي خاص منفصل ،مع تدني عدد الطالب ذوي اإلعاقة في نظام التعليم العادي وفصوله الدراسية؛
سلسلة حواجز تمنع الوصول إلى المدارس ،مثل طول المسافات ،ونقص المعلمين المدربين في مجال التعليم الجامع ،ونقص المناهج
الدراسية الميسورة االستعمال ،وضعف اإللمام بلغة اإلشارة والمواقف السلبية السائدة في المجتمع المناهضة اللتحاق األطفال ذوي
اإلعاقة بالمدارس العادية؛
عدم اتخاذ تدابير لتوفير الترتيبات التيسيرية المعقولة في مجال التعليم ،وال سيما في المناطق الريفية ،وعدم وجود آلية لإلبالغ يلجأ
إليها اآلباء واألطفال ذوو اإلعاقة الذين يحرمون من إمكانية الحصول على التعليم أو من الترتيبات التيسيرية المعقولة ،ضمانا ً
.للمساءلة
:وبناء على ذلك أوصت اللجنة المعنية بحقوق األشخاص ذوي اإلعاقة بما يلي
اعتماد وتنفيذ خطة شاملة لوضع نظام للتعليم الجامع في جميع األنحاء ،وتخصيص الموارد لتهيئة بيئات تعليمية يسهل االنخراط فيها؛
وضع برنامج دائم لتدريب المعلمين على التعليم الجامع ،ويفضل أن يشمل ذلك التدريب على لغة اإلشارة ،واستحداث أدوات منهجية
للتدريس؛
اعتماد استراتيجية لتوفير الترتيبات التيسيرية المعقولة في المدارس والمؤسسات التعليمية األخرى ،بما في ذلك من خالل توفير الدعم
التكنولوجي والدعم في الصفوف الدراسية والمواد التعليمية; وتيسير إمكانية الوصول؛
بناء مرافق تعليمية آمنة وتراعي حالة اإلعاقة ورفع مستوى المرافق التعليمية; القائمة؛
تنفيذ حمالت إعالمية دورية باستعمال أشكال يسهل االطالع عليها ،بما في ذلك األشكال التي تسهل قراءتها ،لتشجيع التحاق جميع
.األشخاص ذوي اإلعاقة ،وال سيما النساء واألطفال ذوي اإلعاقة واألشخاص الذين يعيشون في المناطق الريفية ،بالتعليم
وقد خلص المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في تقرير موضوعاتي حول “مدرسة العدالة االجتماعية :مساهمة في التفكير
حول النموذج التنموي ،“2018إلى أن السياسات العمومية التربوية بالمغرب لم تتمكن; بَع ُد من أن تشمل كل األطفال الذين يعانون من
.صعوبات اجتماعية ،ولم تستوعب كل أصناف الهشاشة
سنة بعد ذلك ،أصدر المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي (الهيأة الوطنية للتقويم ،)2019 ،في تقريره الموضوعاتي حول “تقييم
نموذج تربية األطفال في وضعية إعاقة ،نحو تربية دامجة “ ،أن وضعية تعليم األطفال في وضعية إعاقة هي نتاج لمجموعة من العوامل
واالختالالت ،همت أساسا صعوبة الولوج لمختلف أسالك ومسارات التعليم ،كما بين نفس التقرير أن المغرب سجل تأخرا في تيسير ولوج
.آالف األطفال في وضعية إعاقة لمنظومة التربية والتكوين مقارنة مع العديد من الدول القريبة من بالدنا
ليخلص نفس التقرير إلى مالحظات مفادها أن األشخاص فـي وضعيـة إعاقـة يشـكلون الفئـة االجتماعية األقل اسـتفادة مـن الخدمـة
التـربوية والتكويـنية ،وأن األكثر عرضـة لإلقصاء والتمـييـز بشـكل صـارخ اإلناث ذوات اإلعاقة ،والمقيمين فـي الوسـط القـروي داخـل فئـة
المتمدرسين منهـم؛ هنـاك كذلـك فئـات محـددة داخـل األشخاص فـي إعاقة يعانون مـن تمـييـز إضافـي ،يضاعـف مـن إقصائهـم عـن مجـال
.التعليـم ،كاألطفال الذيـن يعانـون مـن ِ وضعيـة إعاقة سمعية ،أو صعوبـة فـي اإلدراك والفهـم والتواصـل ،أو التوحد
:كما فصل نفس التقرير مجموعة من االختالالت واألسباب المسببة لها ،لعل أهمها
محدودية العرض التـربوي ،وعدم كفايته لتلبية الطلب ،ونقص البنيات والفضاءات المؤهلة وعدم وجود بيئة تعليمـية دامجة؛
التعثر الـذي يعرفـه تمـدرس وتعلـم األشخاص فـي وضعيـة إعاقـة ،والـذي يتوقـف فـي الغالـب عنـد التعليـم االبتدائي ،ألسباب
مختلفة تعـود كلهـا إلـى الحواجـز المرتبطة بأوسـاطهم ومحدودية اإلمكانيات الموفرة لهـم؛
تدنـي الجـودة بسـبب جمـود وانغالق بنيـات التعلـم ،والضعـف الـذي يسـم مالءمة المناهج والبـرامج ،وضعـف تكويـن الفاعليــن
التـربوييــن ،وبسـبب النقـص الملحوظ فـي التكييـف البيداغوجـي غيــر المدعم بما فيه الكفاية والتعثر في مأسسة المسارات التعليمية؛;
عـدم التنسـيق بيـن المتدخلين فـي تـربية وتعليـم األطفال فـي وضعيـة إعاقـة ،وفيمـا بيـن األجهزة المكرسة لتمدرسهم وانعـدام
.الجسـور والممرات الممكنة
استمرار هيمنة المقاربة الطبية والرؤية اإلحسانية ،وكذلك وقع التمثالت السلبية واألشخاص في وضعية إعاقة داخل المجتمع
.والمنظومة التـربوية ،ولدى األسر ذاتها
إضافة إلى ذلـك ،فـإن مـن بيـن المعضالت األساسية التـي يعانـي منهـا األشخاص فـي وضعيـة إعاقـة ،كـون التكويـنات المهنية المخصصة
.لهم ،على قلتها ورغم محدوديتها ،ال تتيح; لهم إال القليل من فرص الشـغل واالرتقاء االجتماعي
وفي السنة نفسها ،2019أصدر المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي رأيه االستشاري حول التربية الدامجة لألشخاص في
وضعية إعاقة ( ،)4حيث بين فداحة واقع تمدرس وتعلم األطفال في وضعية إعاقة ،وخطـورة البـطء فـي التفكيـر فـي خطـط وبـرامج
النهـوض بهـذا الوضـع وتفعيلهـا؛ ذلـك ،أن تمكيـن هؤالء األشخاص مـن حقهـم فـي التـربية والتعليـم والتكويـن ،وجـودة التعلمـات ،واالرتقاء
. الفـردي واالجتماعي ،لـم يعـد يقبـل التأجيـل حسب الرأي االستشاري للمجلس األعلى
اإلطار المفهومي لإلعاقة :من النموذج الطبي إلى النموذج التفاعلي
أنتج تعدد الدالالت والتعريفات حول اإلعاقة وسوء فهمها بفعل التمثالت السلبية ،اتجاهات وأساليب وطرقا وممارسات غير مالئمة حقوقيا
وأخالقيا ،وهو ما ساهم في ظهور حركات اجتماعية وحقوقية ترافعية في الواليات المتحدة األمريكية وأوروبا للدفع نحو االهتمام السياسي
.والحقوقي والعلمي بقضايا اإلعاقة وجعلها أولوية في األجندة األممية
من المؤكد أن تطور مفهوم اإلعاقة ارتبط بالثقافات السائدة ونظرة المجتمع لالختالف والتنوع ،ولم يحظ بالبحث العلمي إال منتصف
.السبعينيات
.ال يمكن استيعاب سيرورة التربية الدامجة دون فهم اإلعاقة كمفهوم تطوري بأبعاده المتعددة; والمترابطة
:ويمكن تحقيب المسار التطوري لمفهوم اإلعاقة ،ومحاولة نمذجته من خالل الوقوف على أربع محطات مترابطة
المرحلة األولى ،وامتدت من 1976إلى ،1980وتميزت بظهور النموذج الطبي لإلعاقة ،أعدته المنظمة العالمية للصحة ،والمعروف
.بتصنيف وود ،حيث تم التفريق ألول مرة بين اإلعاقة والمرض
المرحلة الثانية ،وامتدت من 1998إلى ،2002واتسمت بتوجيه انتقادات لنموذج وود ،وظهرت تصنيفات متطورة ،لعل أشهرها نموذج
Processus de production du handicap.الكيبيك; المعروف بسيرورة إنتاج اإلعاقة
المرحلة الثالثة ،وامتدت من ،2002وهي مرحلة مراجعة النموذج الطبي لتصنيف وود ،ومعالجة أوجه القصور فيه ،وتم وضع التصنيف
.الدولي لتأدية الوظائف واإلعاقة والصحة من قبل المنظمة العالمية للصحة
المرحلة الرابعة ،وانطلقت من ،2006بوضع األمم المتحدة ألول اتفاقية لحقوق األشخاص ذوي اإلعاقة ،والتي رصدت مختلف التجارب
والخبرات في مجال اإلعاقة ،حيث أقرت االتفاقية مبادئ ومفاهيم ومقاربات جديدة تعد اليوم مرجعا معياريا في فهم اإلعاقة والنهوض بحقوق
.األشخاص في وضعية إعاقة
وموازاة مع هذا المسار التطوري لنمذجة اإلعاقة ،نشطت حركات اجتماعية وحقوقية منذ الستينيات ،ساهمت في التأثير على صناع القرار،
.وذلك لجعل اإلعاقة قضية حقوقية وجز ًء من التنوع البشري
وفي هذا السياق الحقوقي الترافعي ،برزت توجهات فكرية مناهضة لمفهوم ” الشخص السوي أو العادي “كمعيار لتحديد نوعية اإلعاقة ،من
والذي أشاعه عالم االجتماع األسترالي جودي سينجر والصحفية األمريكية هارفي بلوم أواخر neurodiversité،قبيل مفهوم التنوع العصبي
التسعينيات( ،) 5لإلشارة إلى االختالف في الدماغ البشري في ما يتعلق بالتواصل االجتماعي والتعلم واالنتباه والمزاج والوظائف العقلية
األخرى أي تنوع طرق وأساليب التفكير اإلنساني .وقد ظهر المصطلح كتح ٍد لآلراء السائدة المتمثلة في أن بعض االضطرابات النمائية
العصبية َم َرضية بطبيعتها ;،وقد اتسع المفهوم ليشمل إضافة إلى اضطراب طيف التوحد ،اضطرابات أخرى من قبيل اضطرابات التعلم
.الخاصة وغيرها
وهو ما يجعل المجتمع ” capacitisme ،كما برز مفهوم جديد ;،يعتبر أن التمييز تجاه األشخاص ذوي اإلعاقة مبني على مفهوم “القدرانية
.يقارن كل فرد مع نموذج الفرد “الطبيعي أو السوي” ،وهو ما يفسر السلوكات التمييزية; المتحيزة ضد األشخاص ذوي اإلعاقة ()6
وبرزت (OMS, CIM)،في السبعينيات ،انطلق نقاش حول محدودية التصنيف الدولي لألمراض للمنظمة العالمية للصحة في فهم اإلعاقة
.الحاجة آنذاك إلى وضع تصنيف جديد النعكاسات األمراض على الحياة اليومية لألفراد
).المنظمة العالمية للصحة WOOD (1980-والذي اشتهر بنموذج وود CIDIHوهكذا تم تبني أول تصنيف دولي للقصور والعجز واإلعاقة
ويفرق هذا التصنيف الدولي لإلعاقة بين ثالثة مكونات متسلسلة بشكل خطي :القصور والعجز واإلعاقة ،ويتضح ذلك من خالل تعاريفها
:التالية
.ويعني فقدان ،تشوه ،شذوذ أو نقص عضو أو بنية أو وظيفة عقلية ،نفسية ،فيزيولوجية أو تشريحية Déficience،القصور
ويقصد به كل نقص ،ناتج عن قصور جزئي أو كلي للقدرة على أداء نشاط يومي ،أو في الحدود التي تعتبر Incapacité،العجز
.عادية بالنسبة ألي إنسان
اإلعاقة ،وهي ضرر ينتج عن قصور او عجز يحد أو يمنع الشخص من أداء دور يعتبر عاديا في عالقته بمتغيرات من قبيل العمر
والجنس وعوامل اجتماعية وثقافية أخرى)7( .
وبالرغم من أهمية هذا التصنيف الدولي للقصور والعجز واإلعاقة ،كأول إطار مشترك للعمل بين المختصين والمهنيين في مجاالت الطب
والمواكبة االجتماعية لألشخاص في وضعية إعاقة ،فقد تعرض لدراسات نقدية وردود فعل الحركات االجتماعية الحقوقية لألشخاص ذوي
.اإلعاقة ،واعتبرته يتماهى مع النموذج البيو طبي خاصة في عدم دمجه للبيئة كمكون محدد لإلعاقة
كما يالحظ أن هذا النموذج يهتم بالجوانب الفيزيولوجية التشريحية والوظيفية لمفهوم اإلعاقة ،ويركز اإلعاقة على مستوى الفرد ،وينظر إلى
اإلعاقة كنتيجة آلية مباشرة للقصور ،وحالة انحراف بيولوجي تشريحي عن “الطبيعي” ،كما أن هذا النموذج يفتقد للنسقية ،وال يأخذ بعين
.االعتبار األبعاد االجتماعية الثقافية المادية واالقتصادية ذات الصلة بحياة األشخاص
نشأ النموذج االجتماعي لإلعاقة ،منذ منتصف الثمانينيات ،بفعل ترافع الحركات االجتماعية الحقوقية في بريطانيا والواليات المتحدة ،وذلك
كرد فعل تجاه تأزم أوضاع األشخاص ذوي اإلعاقة بفعل هيمنة النموذج الطبي اإلحساني ومحدوديته; في النهوض بحقوق األشخاص في
وضعية إعاقة ،وتعتبر الحركات االجتماعية أن قضية اإلعاقة مرتبطة بالحقوق والسياسات ونوعية الخدمات المقدمة وثقافة المجتمع ،وتحمل
.المسؤولية على عاتق المجتمع ،وترى بذلك في النموذج االجتماعي النموذج األمثل لتمكين األشخاص ذوي اإلعاقة من العيش بكرامة
وقد ساهم الترافع الحقوقي الدولي في إذكاء وعي الدول األطراف بأوضاع األشخاص ذوي اإلعاقة ،وتم إعالن األمم المتحدة لصك دولي
.لقواعد تكافؤ الفرص لألشخاص ذوي اإلعاقة ،وإعالن العقد العشري لبرنامج األمم المتحدة خاص باألشخاص ذوي اإلعاقة ()1993-1982
ظهرت نماذج بديلة للنموذج الطبي الذي يرتكز على القصور والفرد والنموذج االجتماعي المرتكز على المجتمع ،وبدأ التوجه نحو بديل ثالث
يرتكز على التفاعل بين الفرد والبيئة ;،ولم يعد المرجع هو المرض وفق التصنيف الدولي لألمراض ،وال المريض في المجتمع وفق النموذج
الطبي ،ولكن الشخص في المجتمع والحياة اليومية ،أي تم االنتقال المفهومي من االنعاكاسات االجتماعية للمرض إلى تحليل األسباب
.االجتماعية لإلعاقة .أي البحث في التفاعل بين الشخص والبيئة ()8
في بداية التسعينات وتحديدا; سنة ،1991عملت لجنة خاصة بكندا (لجنة كبيك) على مراجعة التصنيف الدولي للقصور والعجز واإلعاقة
هذا النموذج الذي يرتكز على ، MDH-PPH ,2010)،فوجيروالس( ”واقترحت نموذجا بديال والمعروف اليوم ب “سيرورة إنتاج اإلعاقة
نموذج التطور البشري ،يأخذ بعين االعتبار التفاعالت الدينامية بين العوامل الشخصية والبيئية; التي تساهم في تحديد شروط وعادات حياة كل
.شخص
ويشكل هذا النموذج المفهومي تطبيقًا في مجال اإلعاقة للنموذج األنثروبولوجي للتنمية; البشرية ،ويوضح العملية التفاعلية بين العوامل
الشخصية والعوامل البيئية; (الخارجية) التي تحدد النتيجة الظرفية ألداء عادات نمط الحياة المالئمة ،وال يلقي بالمسؤولية عن اإلعاقة على عاتق
.الشخص ،ولكن على التفاعل بين خصائصه الفردية وخصائص البيئة المعيشية التي يعمل فيها ()9
إنه نسق تفاعلي من أسباب متنوعة تتسبب في أمراض أو اضطرابات صحية تُنتج بدورها قصورات أو عجز وظيفي ،تقترن هي األخرى
.بحواجز ،وتتفاعل لتؤثر على العادات اليومية” ()10
ويرى النموذج أن عدم مراعاة العوامل الشخصية والعوامل البيئية ،في تطوير وتنظيم وتقديم الخدمات لألشخاص في وضعية إعاقة وأسرهم،
.يمكن أن يؤدي إلى ظهور وضعيات متعددة لإلعاقة ،وعقبات تحول دون المشاركة االجتماعية الكاملة
.ويشمل مجال العوامل الشخصية ثالثة أبعاد مترابطة :األنظمة العضوية للجسد وعوامل الهوية والقدرات
.في حين يتكون مجال العوامل البيئية من العوامل المادية واالجتماعية
ويتكون مجال نمط الحياة أو ما يسمى ب” عادات الحياة” ،من مختلف األنشطة اليومية واألدوار االجتماعية ،ويتم تعريف عادات الحياة على
النحو التالي ” :هي تلك التي تضمن بقاء وتطور الشخص في مجتمعه .وتعني مختلف األنشطة اليومية والمنزلية وكذلك األدوار االجتماعية
”.السائدة في السياق االجتماعي والثقافي لإلنسان حسب العمر ،والجنس والهوية االجتماعية والشخصية
.وعليه فاإلعاقة هي نتاج تفاعل بين الشخص وبيئته ،ويترجم إلى صعوبة الشخص في القيام بالعادات الحياتية واألدوار حسب عمره وجنسه
يقول فوجيروالس“ ،لسنا مجموعة أعضاء سليمة أو بها قصور ،وال ملمح لقدرات وعجز وظيفي ،نحن أفراد منفردون بعمر زمني ،وجنس،
.وننتمي لثقافة ،ولنا وضع اجتماعي اقتصادي ،وأساسا قصة حياة وقيم ومعتقدات” ()11
وإجماال يتناول النموذج التفاعلي بعض المفاهيم المستخدمة في النموذج الطبي من قبيل القصور والعجز الوظيفي ،مع إدخال العوامل البيئية
وعادات الحياة ،ويعتبر التفاعل بين القصور والعجز الوظيفي من جهة والبعد البيئي من جهة أخرى ،كبعد ميسر أو حاجز ،مصدرا ألداء
األنشطة واألدوار االجتماعية المطلوبة .بالنسبة إلى كلود هاموني ،فإن هذا النموذج “يميز ،من بين العوامل البيئية ،تلك التي هي شخصية
وتلك التي هي سياقية ،إال أن هذا االقتراح الذي القى نجاحا كبيرا في بعض الجمعيات ،واهتمام األخصائيين االجتماعيين والمعالجين المهنيين
.لديه مساوئ كونه معقدا لالستخدام السريري واالجتماعي اليومي .كما أن بعض الصيغ ،مثل “عادات الحياة” يصعب نقلها في أوروبا()12
في سنة 2000أصدرت منظمة الصحة العالمية نسخة جديدة ل “التصنيف الدولي للقصور والعجز واإلعاقة “ ،وهو نموذج نسقي «اجتماعي
نفسي بيولوجي” لوصف الصحة والعجز واألداء.وقد اعتبرت المنظمة العالمية للصحة ،اإلعاقة كنتيجة تفاعل بين الخصائص الفردية
وخصائص السياق بأكمله الذي يعيش فيه الشخص ،ولكن بعض جوانب اإلعاقة تكاد تكون داخلية بالكامل بالنسبة للشخص ،في حين أن البعض
اآلخر يكون خارجيًا تما ًما (.)13لقد انتقل التصنيف الدولي لألداء الوظيفي والعجز والصحة بعي ًدا; عن النموذج الطبي لتأثيرات المرض
(المنظمة العالمية للصحة ،نموذج وود )1980 ،ليصبح تصنيفًا لـ” مكونات الصحة ” ودامجا لعوامل البيئة كعوامل مؤثرة ،ووفر أدوات
:لوصف الحياة اليومية لألشخاص ،وأدائهم الجيد أو السيئ (.)14ويمكن تلخيص أهم ما جاء به هذا النموذج في الجوانب التالية
.اإلشارة إلى تأثير العوامل الشخصية ،االجتماعية ،الثقافية ،واإلثنية… إلخ
وكخالصة ،يمكن القول إن النماذج التفاعلية تشترك في اعتبار العوامل البيئية; عوامل حاسمة في تحديد اإلعاقة ،كما تنظر إلى اإلعاقة كعيب
اجتماعي يكون المجتمع مسؤوالً عنها جزئيًا ( ،)15ولتجسيد هذا التغيير المفهومي للنموذج التفاعلي ،ظهرت تعابير اصطالحية ،من قبيل
“شخص في وضعية إعاقة” لببير منير في ،1983ووضعيات اإلعاقة بالجمع لباتريك فوجيروالس ،إذ غالبا ما يواجه الشخص تناوبًا أو
حتى مجموعة من المواقف بين المشاركة االجتماعية واإلعاقة .على سبيل المثال ،ال يواجه الشخص الذي يعيش صعوبات ذهنية أي عائق
جسدي أو أي عائق آخر يمنعه; من ركوب الحافلة ،مثل شخص آخر على كرسي متحرك ،ولكنه قد يحتاج إلى دعم خاص لتنمية قدراته
المعرفية ( .)16دراسات نقدية حول النماذج التعريفية لإلعاقة ظهرت بعض الدراسات النقدية المحدودة في أمريكا الشمالية منذ نهاية
التسعينيات ،تشكك في مفهوم السوي الطبيعي ،تشكك في النماذج السائدة والتي تعتمد; على المعيار «الطبيعي أو السوي “ ،في تحديد; وضعية
اإلعاقة .وسواء كان التركيز على العوامل الطبية أو الفردية أو العوامل البيئية ;،أو تفاعلها ،فإنه يؤثر على الطريقة التي يُنظر بها إلى البشر.
ذلك أن التسلسل الهرمي االجتماعي يستمر بين األشخاص الذين يعتبرون أو ال يعتبرون “عاديين” ;.وقد تناولت دراسة جماعية تقديم أطروحة
.مركزية تعتبر أنه ” وفقًا لمعيار محدد ومبني من قبل المجتمع ،يتم تحديد أوجه القصور” ( ،)17من قبل اإلدارة والسلطات الطبية وغيرها
ينص القانون اإلطار 97.13للنهوض بحقوق األشخاص في وضعية إعاقة وحمايتها في المادة 2على تعريف جديد لإلعاقة ،حيث يقصد
بالشخص في وضعية إعاقة ،كل شخص لديه قصور أو انحصار في قدراته البدنية أو العقلية أو النفسية أو الحسية ،بصورة دائمة ،سواء
كانت مستقرة أو متطورة ،قد يمنعه عند التعامل مع مختلف الحواجز ،من المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع
.اآلخرين
وينبثق هذا التعريف القانوني ،من المادة 1من اتفاقية حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة ،كما ينسجم مع النموذج التفاعلي لمفهوم اإلعاقة ،والسيما
وكذلك مع سيرورة إنتاج اإلعاقة لنموذج التنمية; ، CIF)،المنظمة العالمية للصحة (2001 ،التصنيف الدولي لتأدية الوظائف واإلعاقة والصحة
PPH MDH- .البشرية
ليتطور تدريجيا إلى معنى mainstreaming،عــرف مفهــوم اإلدماج التربوي التعليمي عــدة تعاريــف ،فقد أخذ في البداية معنــى اإلدماج
واإلدماج بالمعنى األول شكل في مرحلة زمنية الوســيلة المفضلة لالستجابة لالحتياجات التربوية الخاصة للتالميذ في ، inclusion،الدمج
وضعية إعاقة ،وبهذا المعنى استفاد التالميذ في وضعيـة إعاقـة من تكوين يسـتجيب لحاجاتهـم ،في بنية تكون عامة ونظامية قــدر اإلمكان.
وعمليـا ،يترجم هـذا المفهوم مجموعـة من البدائل التربوية تــراوح بين القســم الدراسي النظامي ،والقسم الخاص أو المدمج؛ لذلــك كرس
spécialeاإلدماج بعــض الممارسات التمييزيــة للفصل داخل نفس المدارس بين التالميذ ;،كما أسـفر عـن ظهـور قطاع للتربية الخاصـة
.كقطاع مواز للتعليــم النظامــي éducation،
وبعد عقود ،لوحظ أن التربية الخاصـة كأسلوب مؤسسي لم تحقـق النتائـج المتوخاة منهـا ،وأنهـا كرست التمييز ،وظل منفصال عن النظام
التعليمي العام ،وغير معترف به .ولمعالجة هــذا الوضــع ،ظهرت تطورات من خالل دراسات وأبحاث تســائل ليــس فقــط التربية الخاصــة
والـذي أضحى يكرس التمييز داخل نفس المدرسة .وحينئذ بـدأ mainstreaming كقطاع منفصل فحسـب ،وإنما أيضـا اإلدماج المدرسي
مفهوم اإلدماج يتخـذ معنـى جديـدا ،أي معنـى الدمـج؛ وهـو معنـى يحيــل إلى التربية الدامجة والشاملة لجميــع التالميذ; في األقسام والمدارس
النظامية ،أي أن التربية الدامجة ،تعنـي عـدم إقصـاء أي شـخص من ولوج المدرسة ،وتصبح التربية الخاصة أسلوبا تربويا في الممارسة
.التعليمية وليست قطاعا مؤسسيا منفصال عن التعليم العام
تعرف منظمة اليونسكو التربية الدامجة بأنها «تربية مبنية; على حق الجميع في تربية ذات جودة تستجيب لحاجات التعلم األساسية ،وتثري
وجود المتعلمين .وألنها تتمحور بالخصوص حول الفئات الهشة ،فهي تحاول أن تطور بالكامل إمكانات كل فرد .ولذلك يكون الهدف النهائي
.للتربية الدامجة ذات الجودة هو إنهاء جميع أشكال التمييز وتعزيز التماسك االجتماعي
:وقد حددت اليونسكو ( )18في وثيقة المبادئ التوجيهية لتعريف التربية الدامجة تعريفا ينبني على المرتكزات التالية
التربية الدامجة تستجيب لحاجات التعلم األساسية ،وتثري وجود المتعلمين؛
التربية الدامجة تتمحور بالخصوص حول الفئات الهشة ،فهي تحاول أن تطور بالكامل إمكانات كل فرد؛
.الهدف النهائي للتربية الدامجة هو إنهاء جميع أشكال التمييز وتعزيز التماسك االجتماعي
وقد سبق في منتصف التسعينيات ،وقبل االنتقال إلى مفهوم التربية الدامجة ،أن حدد اإلعالن العالمي لمؤتمر ساالمنكا ( )19مبادئ موجهة
:إلرساء تعليم جامع من خالل تعليم ذوي االحتياجات الخاصة (اليونيسكو ،)1994 ،وتتلخص في
التعلم معا؛ وتأمين فرصة بلوغ أقصى النمو؛ واحترام الخصائص الفريدة؛ ووضع منهاج دامج؛ واالستجابة لالحتياجات التربوية الخاصة؛
.ومكافحة مواقف التمييز؛ وضمان تعليم مجد للغالبية
وفي ،2112وبعد 25سنة على إعالن سالمنكا ،نظمت اليونسكو منتدى عالميا ،الهدف منه الوقوف على مسار التربية الدامجة في العالم ،وقد
:خرج المنتدى بتعريف موسع للتربية الدامجة في ورقة اختتام أشغال المنتدى
الدمج عملية تحويلية تضمن المشاركة الكاملة والوصول إلى فرص التعلم الجيد لجميع األطفال ،والشباب والبالغين ،واحترام التنوع
وتقديره ،والقضاء على جميع أشكال التمييز في التعليم ومن خالله ،يمثل مصطلح الدمج التزا ًما بجعل رياض األطفال والمدارس وغيرها من
.البيئات التعليمية ،أماكن يُقدَّر فيها الجميع وينتمون اليها ،ويُنظر الى التنوع على أنه إثراء ()20
ومن أجل إزالة اللبس عن التحديدات المفهومية لمصطلحي اإلدماج والدمج ،ومن أجل نفض الغبار عن التصورات الفضفاضة التي تجعل من
النموذج الدامج مفهوما غير مقيد بشروط علمية وتربوية صارمة ،نحيل على التقعيدات النظرية الذي تتم صياغتها وإقرارها في مختبرات
.البحث األكاديمية; في مختلف الجامعات الدولية
إن الفروق بين المفهومين جوهرية سواء من حيث الخلفية النظرية أو من حيث الممارسة حيث إن االنتقال من وضعية اإلدماج إلى االختيار
الدامج ،هو في عمقه انتقال من تصور آلخر ومن وضعية ألخرى ومن مقاربة تقوم على التمييز إلى مقاربة ترتكز أساسا على ضرورة االلتزام
.الرسمي المؤسسي بمأسسة المنظومة في إطار نموذج علمي تربوي دامج ال يحتمل فيه المصطلح كثرة التأويالت
:وفي ذلك يقول سيرج تومازي ( paradigme، )21إن إقامة مدرسة دامجة من المنظور العلمي التربوي يقتضي تغييرا جذريا للنموذج
لكي تكون دامجة ،من الضروري إذن التفكير في تغيير المدرسة حتى يصير من الممكن مراعاة االحتياجات التربوية الخاصة للتالميذ .لن“
تكون هذه المدرسة مضطرة بعد اآلن إلى تقديم مسارات مكيفة ،بمعنى وضع معينات تربوية وتأهيلية تسمح للطفل بولوج قسم عادي تقوم
فيه المواجهة المتواصلة للقاعدة المعيارية بوضع التالميذ ذوي اإلعاقة أمام مجموعة من الصعوبات .إن المدرسة الدامجة توفر إمكانية
وضع تدابير من أجل النجاح الدراسي بمعنى أن التعلمات التي يتم اقتراحها ستوافق احتياجاتهم وسيكون بمقدرتهم إذن تعلم ما يقدم لهم من
”.دروس
من الطبيعي أن نتفهم أن صعوبة المدرسة الدامجة تتمثل في الجمع بين مالءمة التالميذ والوسط المدرسي .وكما يرى تومازي فالمالءمة تتم منذ
أمد طويل داخل العديد من األقسام والمؤسسات المتخصصة .في حين أن األمر يتعلق اآلن وعلى نحو عاجل أن ينتقل النسق المتخصص إلى
.نسق نظامي
وإذا شئنا الزيادة في تفكيك مفهوم المدرسة الدامجة من أجل الحد من وضعية االستنزاف التي حولته إلى مفهوم فضفاض في االستعماالت
المتعددة; والفوضوية في المغرب ،نقول ،إن المدرسة الدامجة هي التي تستقبل األطفال بدون استثناء وتخلق مشروعا مجتمعيا منفتحا على
االختالف ،وناقال برنامجه من منطق الحماية إلى منطق المشاركة .وهي المنخرطة في صلب مشروع المؤسسة المرتكز -على ترتيبات
تيسيرية ،هيكلية ،تنظيمية; وبيداغوجية تجعل التمدرس في الوسط الدراسي النظامي لكل األطفال قائما على سيرورة مزدوجة :أوالها أقلمة
.المؤسسة لتالئم كل المستفيدين ،وثانيها توحيد المعايير وذلك بإدماج كل الترتيبات التيسيرية في برنامج االشتغال الطبيعي للمؤسسة
بكل هذا فإن المدرسة الدامجة تتالءم وتستجيب لحاجيات كل التالميذ ;.فالتنظيم التقليدي للقسم ليس إال مظهرا من مظاهر اشتغال المؤسسة،
وتحوله في اتجاه التناسب مع الحاجيات هو ما يخلق بدائل متعددة مثل مجموعات المشاريع ومجموعات الحاجيات وترسيخ قاعدة البيداغوجيا
.الفارقية التي تؤسس لورشات تنتظم داخل االشتغال الطبيعي للمؤسسة
حتى تتضح الصورة الواجب توفرها في مدرسة تعتمد Inclusionوالدمج Intégrationتستوجب هذه التحديدات تدقيقا في مفهومي اإلدماج
النموذج الدامج .فاإلدماج يقتضي تالؤم األشخاص المختلفين مع نسق يسمى نسقا عاديا .أما في الدمج فال توجد مجموعة أشخاص بإعاقة أو
.بدونها ،ذلك أن الجميع له احتياجات مشتركة وفردية .هنا بالذات يجد االختالف والمساواة مكانهما ،ذلك ان التنوع هو المعيار
إن االختالف الجوهري بين اإلدماج والمدرسة الدامجة يأتي من السيرورة ،فاإلدماج يعمل من الخارج نحو الداخل .والطفل الذي نقوم بإدماجه
هو مسبقا يوجد خارج المدرسة بما أننا نسعى إلى إدماجه على أساس أن اإلدماج سيضعه في الوسط العادي .بينما سيرورة المدرسة الدامجة
سيرورة معكوسة ،فالطفل يوجد مسبقا داخل المدرسة العادية ،وعلى هذه المدرسة أن تضع التدابير الكفيلة بإيجاد الترتيبات التي تسمح بأحسن
.صيغة مالئمة الحتياجات كل التالميذ)22( .
:والخالصة ،نستنتج من مختلف التعريفات أربعة عناصر أساسية محددة لتعريف التربية الدامجة
سلسلة إجراءات للدمج تتجه نحو إعادة تهيئة; البيئة المدرسية وإصالح البرامج؛
التركيز المستمر على زيادة المشاركة الكاملة والفعالة ورفع الحواجز المانعة لذلك؛
…….تغيير المنوال وذلك باالنتقال من :عدم قدرة الطفل على…… ..إلى :عدم قدرة المدرسة على
:تنسجم العناصر األربعة المذكورة مع المبادئ األربعة الموجهة للتربية الدامجة ،وهي
وقد أرست المادة 24من اتفاقية حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة التربية الدامجة مرتكزات ومعايير التعليم الجامع والدامج؛ الذي ييسر ولوج
األشخاص إلى التعليم العام ،من خالل مراعاة االحتياجات الفردية بصورة معقولة ،وتقديم الدعم الالزم ،في بيئات تربوية تسمح بتحقيق أقصى
.قدر من النمو األكاديمي واالجتماعي
كما يعتبر التعليق الرابع للجنة الخاصة بحقوق األشخاص ذوي اإلعاقة ( )2016التعليم الجامع ،المنصوص عليه في المادة 24من نفس
االتفاقية ،حقا تمكينيا يستلزم تح ّوال في السياسة وفي الثقافة وفي الممارسة ،وفي جميع األُطُر التعليمية; الرسمية وغير الرسمية الستيعاب
.مختلف متطلبات وهويات التالميذ;
كما أن التعليم الجامع يحدث تح ّوال في الثقافة وفي السياسة وفي الممارسة في جميع األُطُر التعليمية الرسمية وغير الرسمية الستيعاب
.مختلف متطلبات وهويات التالميذ;
وعلى المستوى الوطني ،عرف القرار الوزاري رقم 47.19لقطاع التربية الوطنية ،التربية الدامجة في مادته الثانية :تهدف التربية الدامجة إلى
تمكين; األطفال ذوي اإلعاقة من االلتحاق بمؤسسات التربية والتعليم التي يرتادها أقرانهم ،والتعلم ضمن نفس البيئة المدرسية التي توفر لهم
شروط النجاح ،من خالل تكييف التعلمات وطرائق وتقنيات العمل مع قدراتهم وخصوصيات كل صنف من أصناف اإلعاقة ،فضال عن توفير
.التأهيل المواكب لهم في فضاءات متخصصة يرتادها المتعلم والمتعلمة حسب برمجة زمنية وفق مشروعه البيداغوجي
لقد أجريت دراسة للبنك الدولي لتجميع خالصات لبحوث منجزة في العديد من الدول ،تقول إن التربية الدامجة ليست فعالة فقط ولكنها ذات
مردودية وأن اإلنصاف هو مسار للتميز)23( .
وقد أعد مركز الدراسات للتربية الدامجة مؤشر التربية الدامجة ( )24ينطلق هذا المؤشر من النموذج االجتماعي ويرتكز على مجموعة من
.التجارب الفضلى ويؤسس لسلسلة مراحل تؤهل الدراسة تدريجيا نحو الدمج الشامل
وتشكل المدارس الدامجـة اليوم جيال جديدا للمدارس المرحبة والمستقبلة لألشخاص في وضعية إعاقة ،تتأسس على إعداد وتهيئة البيئة
.التعليمية ،وجعلها ميسرة ومستجيبة لالحتياجات التربوية الخاصة لألشخاص في وضعية إعاقة ،مع برامج وأساليب للتعليم مالئمة
لجميـع األطفال في المدارس النظامية كتوجه وأفق للعمل ،وتعمل علىinclusion Full فالتربية الدامجة هي سيرورة تضع الدمـج الكامـل
تحويل المؤسسات المستقبلة لألشخاص في وضعية إعاقة إلى مؤسسات للموارد والدعم والتأهيل ،على منوال التجربة اإليطالية ونجدهـا أيضـا
.في كنــدا ،والواليات المتحدة األمريكية
وإجماال ،يَعتبر منظو ُر التربية الدامجة الدم َج حقّا ً من الحقوق األساسية لألشخاص في وضعية إعاقة ،ويضع مسؤولية تحقيقه على عاتق الدولة
بوجه عام؛ ويتضمن تطوير ومالءمة المناهج ،وتأهيل الفاعلين التربويين ،والمقاربات ،وأنظمة التقييم ،واالستراتيجيات والبنيات والفضاءات،
.في إطار نظرة شاملة مشتركة
وتهدف التربية الدامجة في تأصيلها الحقوقي والتربوي ضمان المشاركة الكاملة في التعلم للجميع ،مع مراعاة تنوع احتياجات جميع المتعلمين
واالستجابة لها ،والحد من االستبعاد الذي يحدث في التعليم .كما أن التربية الدامجة هي مسؤولية منظومة التعليم العام في ضمان تعليم جميع
األطفال ،وهي سيرورة تستلزم رؤية مشتركة لجميع المتدخلين وتضافر الجهود لمباشرة التحول وتعديل المحتوى ،والمقاربات ،والبنيات
واالستراتيجيات ،تشمل جميع األشخاص من الفئة العمرية ذات الصلة)25( .
تستهدف التربية الدامجة بمفهومها الواسع كل الفئات المهمشة ،من قبيل فئات األطفال ضحايا الحواجز التي تحول دون ولوج منظومة
:التربية والتكوين ،وتمنع تمتعهم بالحق في التربية والتعليم
األطفال في وضعية إعاقة ،بمن فيهم األطفال ذوو اضطرابات التعلم؛
ويعتبر األطفال في وضعية إعاقة من ضمن فئات األطفال األكثر تهميشا وإقصاء ،بالنظر إلى أنهم غالبا ما يتم اإلجهاز على حقهم في تربية
.ذات جودة
بينت مجموعة من الدراسات أنماط وبدائل متفاوتة للتربية بين الدول ،حيث خلصت اللجنة المعنية بحقوق األشخاص ذوي اإلعاقة في التعليق
:الرابع ( )2016للمادة 24التفاقية حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة ( ،)26أربعة أنماط وهي
.االستبعاد :يُمنع التالميذ; بصورة مباشرة أو غير مباشرة من الحصول على التعليم أو يحرمون منه بأي شكل من األشكال
.الفصلُ :ق َّدم التعليم للتالميذ; ذوي اإلعاقة في بيئات منفصلة مخصصة أو مستعملة لمواءمة إعاقة معينة أو إعاقات
اإلدماج :عملية إلحاق أشخاص ذوي إعاقة بمؤسسات التعليم العام القائمة على أن يكون بإمكانهم التكيّف مع المتطلبات الموحدة لهذه
.المؤسسات
.بقصد تزويد جميع التالميذ بتجربة تعليمية; منصفة وتشاركية وعلى تهيئة; بيئة مناسبة لمتطلباتهم وتفضيالتهم
أي المدارس الدامجة المفتوحة للجميع بمن trackapproach Oneتشمل المجموعة األولى األنظمة التعليمية; ذات المسار الوحيد
فيهم األشخاص في وضعية إعاقة معززة ببنيات داعمة؛
المدارس الدامجة لبعض الفئات والمؤسسات الخاصة؛ trackapproch To،المجموعة الثانيــة األنظمة ذات مســارين متمايزين
أي المدارس النظامية وبنيات أو فصول خاصة داخل trackapproch Multiتشمل المجموعة الثالثــة األنظمة متعــددة المسارات
.المدارس أو المؤسسات
:والجدول أسفله يبين الفرق بين هذه النماذج بحسب نوعية التعامل مع األطفال والخدمات التربوية التي تقدم لفائدتهم
تشكل المؤسسة التعليمية المجال التفاعلي الطبيعي الذي يضمن للطفل في وضعية إعاقة إمكانات االكتساب والتعلم ونمو إمكاناته وقدراته
.ومهاراته سواء على المستوى العضوي أو الوظيفي ،أو العقلي أو الوجداني ،أو االجتماعي
لقد ظلت المدرسة دائما مجاال لتقديم عرض تربوي ال يتجاوز تقديم التعلمات األساس ،وفي حدودها الدنيا .وقد ظل هذا العرض يتميز بكونه
موجها لعموم األطفال بحسب منطق السلك التعليمي وسيرورات االرتقاء داخل السلك كما هو معتمد رسميا ،إال أن هذا المسار المؤسساتي لم
يأخذ بعين االعتبار جميع األطفال الوافدين على المدرسة ،بطبيعة خصوصياتهم وظروفهم وحاجياتهم .األمر الذي جعل المؤسسة التعليمية
.تتصف باإلقصائية وعدم احترام حقوق فئات كثيرة من األطفال ،خاصة األطفال في وضعية إعاقة ()27
إن إرساء مقاربة التربية الدامجة بالمؤسسة المدرسية يقتضي تغيير التمثالت العالقة المدرسة والتمدرس والتربية بالطفل عموما والطفل في
وضعية إعاقة بشكل خاص؛ فالمدرسة يجب أن تتكيف مع حق األطفال في تمدرس منصف ،فعال وناجع .وذلك على مستوى تيسير مساطر
:الولوج إلى األقسام والحياة المدرسية ،األمر الذي يقتضي التغيير على ثالثة مستويات
مستوى التدبير اإلداري واللوجستي والتنظيمي لمسارات تمدرس الطفل في وضع إعاقة؛
مستوى التدبير التكاملي لمشروع المؤسسة الدامج وذلك بإشراك مجالس المؤسسة ،والشركاء ،والفريق التربوي وشبه الطبي في بناء
المقاربة التربوية الدامجة للمؤسسة؛
مستوى التنزيل اإلجرائي للتربية الدامجة ضمن مشاريع األقسام ،ومضامين برامج التعلمات ،وفي ممارسات المديرين ،وفي قلب
أنشطة الحياة المدرسية)28( .
إذا كان مرتكز المدرسة الدامجة هو التالؤم المستمر مع حاجات ومختلف إيقاعات التلميذ الخاصة ،فإنها مدعوة باستمرار لتغيير وتطوير
.ممارساتها وثقافتها ،ومن اآلليات واألدوات المنظمة للوظيفة التربوية هو التدبير بالمشروع ،من خالل مشروع المؤسسة
وقد عرف القانون اإلطار 51.17في مادته األولى مشروع المؤسسة بأنه :اإلطار المنهجي الموجه لمجهودات جميع الفاعلين التربويين
والشركاء ،باعتباره اآللية العملية الضرورية لتنظيم وتفعيل مختلف العمليات التدبيرية والتربوية الهادفة إلى تحسين جودة التعلمات لجميع
.المتعلمين ،واألداة األساسية ألجرأة السياسات التربوية داخل كل مؤسسة للتربية والتعليم والتكوين مع مراعاة محيطها
إنه خطة تربوية يعدها المجتمع المدرسي الموسع وفق المقاربة التشاركية ،ومقاربة التدبير بالنتائج ،انطالقا من منظور محلي شمولي لجودة
المدرسة والتعلم المنشودين ،في توافق مع الغايات واألهداف الوطنية والجهوية)29( .
وفي هذا السياق فإن المدرسة الدامجة هي التي تدبر الحياة المدرسية بكل مكوناتها بمشروع مؤسسة دامج ،يجعل كل أقسامها ولوجة لتيسير
المشاركة الكاملة للتالميذ; في وضعية إعاقة ،وليست مؤسسة للتجميع المكاني لألطفال في وضعية إعاقة ،بدون تمكينهم من المعارف
.والمهارات والدعم والمواكبة الالزمة
احترام كرامة الطفل المتأصلة بما في ذلك مواكبة حرية تقرير خياراته بنفسه واستقالليته؛
عدم التمييز على أساس اإلعاقة في تقديم مختلف الخدمات التربوية؛
تأمين مشاركة وإشراك التالميذ في وضعية إعاقة بصورة كاملة وفعالة في الحياة المدرسية؛
احترام الفوارق وقبول التالميذ في وضعية إعاقة كجزء من تنوع المجتمع المدرسي؛
يشكل المشروع الفردي أحد األساليب األكثر فعالية ونجاعة في مجال الممارسة التربوية ،وهو أسلوب مزدوج ،يراعي االحتياجات الخاصة من
.جهة والحاجة إلى االندماج الجماعي
ويعتبر المشروع البيداغوجي الفردي ،أداة لمساعدة المدرس (ة) على تفريد مقارباته وطرائقه المستعملة ،ويتضمن أنشطة عملية ملموسة
يشرف عليها المدرس(ة) ،إلى جانب األطراف األخرى المعنية بتمدرس المتعلم)30( .
ويساهم المدرس والفريق المتعدد االختصاصات ،واألسرة ،في هذا البناء وفي صياغة مختلف مكوناته ،وذلك تحت إشراف مدير المؤسسة
.والمفتش(ة) التربوي ،ويتم إشراك التلميذ باعتباره المعني المباشر
وبالنسبة لألطفال في وضعية إعاقة ،يتشكل المشروع البيداغوجي الشخصي ،كما تم إقرار محتوياته في اإلطار المرجعي للهندسة المنهاجية
:لألطفال في وضعية إعاقة ،من
،تعلمات أساس ترتبط بما ينبغي أن يكتسبه المتعلم)ة( في مختلف المجاالت التعلمية المقررة
تعلمات داعمة ترتبط بما ينبغي تطويره لدى نفس المتعلم)ة( من تآزرات ومهارات حسية حركية ،وترويض على النطق ،وتدريب
،على التموقع وإدراك وضعيات الجسد… إلخ
ليكون قادرا على التعاطي بيسر مع مختلف أنشطة التعلمات األساس
وتأسيسا على ذلك ،فالمشروع الفردي هو أداة تعاقدية بين المتعلم والمدرس)ة) وباقي األطراف األخرى المتدخلة ،ويحتاج بناؤه إلى عدد من .
.اإلجراءات العملية والتقنية يقوم بها المدرس)ة( بمساعدة جميع أعضاء الفريق التربوي وشبه الطبي المتعدد االختصاصات
ترتبط األدوار األساسية للمدرس) ة( الدامج بمشروع التربية الدامجة ككل ،على اعتبار أن عمل للمدرس )ة( على أهميته الكبيرة ،ليس سوى
حلقة ٍ من حلقات ِ عدة تستلزم تدخل أطراف مختلفة بشكل تكاملي ،لذا يتوجه اهتمام المدرس للمدرس )ة( بالدرجة الكبيرة إلى القسم الدامج
.وتدبير أنشطته وفق منظور التربية الدامجة ،وهو قسم يفترض أن يجد فيه كل متعلم ومتعلمة مكانه وجدانيا ،ومعرفيا ،واجتماعيا ()31
:يتشكل ملمح المدرس)ة( الدامج من االستناد إلى مرجعية قيمية وكفايات مهنية ،تتلخص في المواصفات التالية
تقدير التنوع بين المتعلمين ،واعتبار االختالف بينهم موردا وإطار التقويم وإثراء العمل التربوي؛
.تطوير األداء من خالل التكوين الذاتي المستمر لالنفتاح على المستجدات
إن مدير المدرسة الدامجة ال يختلف من حيث إطاره الوظيفي ومهامه المهنية; عن باقي أعضاء هيئة أطر اإلدارة التربوية لكن يرتبط بممارسات
:تدبيرية دامجة ،وذلك على المستويات التالية
بناء مشروع المؤسسة الدامج ،والحرص على ضبط أهدافه وعملياته وإجراءات تنفيذه إداريا وتنظيميا وتربويا؛
اإلشراف على إعداد التنظيم التربوي للزمن المدرسي مع مراعاة المستويات واألقسام وحاجيات التالميذ في وضعية إعاقة؛
إعداد التنظيم التربوي للحياة المدرسية مع مراعاة صيغ دمج التالميذ; في وضعية إعاقة في أنشطتها؛
.تعبئة; وتنسيق الشراكة والتكامل بين فريق المدرسة الدامجة وبين الفريق الطبي وشبه الطبي واألسر والجمعيات
.تدبير تنفيذ المناهج والبرامج التعليمية من طرف المدرسين ،والمشاريع البيداغوجية الفردية األطفال في وضعية إعاقة
تتبع وتقويم برنامج وعمليات مشروع المؤسسة الدامجة ودرجات الجودة في توفير خدماتها وعرضها التربوي)32( .
إن مدير)ة( المؤسسة يمكن اعتباره ،في هذا اإلطار ،بمثابة قائد للتغير والتطوير اإليجابي لمجتمع المدرسة باتجاه تفعيل أهداف التربية الدامجة
.لألطفال في وضعية إعاقة
تتبع تنفيذ المنهاج من خالل مراعاة االحتياجات التربوية الخاصة للتالميذ في وضعية إعاقة ،خالل األنشطة التعليمية التعلمية،
.والمراقبة المستمرة واالمتحانات اإلشهادية
التأطير والمصاحبة الميدانية للمدرسين واألساتذة المشرفين على قاعات الموارد
التوجه الجديد لسياسة التربية الدامجة لألشخاص في وضعية إعاقة في المغرب :الرؤية والبرامج والمشاريع 1.
يتأسس الحق في تربية وتأهيل األشخاص في وضعية إعاقة على أحكام الدستور المتعلقة بإرساء دعائم مجتمع متضامن ،ووضع وتفعيل
سياسات موجهة إلى األشخاص والفئات من ذوي االحتياجات الخاصة ،وإدماجهم في الحياة االجتماعية والمدنية ،وتيسير تمتعهم بالحقوق
.والحريات المعترف بها للجميع
وقد نص الفصل 31من الدستور على أن تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ،على تعبئة كل الوسائل المتاحة ،لتيسير
أسباب استفادة المواطنين والمواطنات ،وعلى قدم المساواة ،من الحقوق التالية :العالج والعناية الصحية؛ والحماية االجتماعية والتغطية
الصحية ،والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة؛ والحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة؛ والتنشئة على التشبث
.بالهوية المغربية والثوابت الوطنية الراسخة؛ والتكوين المهني واالستفادة من التربية البدنية والفنية
كما أن الفصل 34نص على أن تقوم السلطات العمومية بوضع وتفعيل سياسات موجهة إلى األشخاص والفئات من ذوي االحتياجات الخاصة.
ولهذا الغرض تسهر خصوصا على معالجة األوضاع الهشة لفئات من النساء واألمهات ولألطفال واألشخاص المسنين والوقاية منها؛ وإعادة
تأهيل األشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية ،أو حسية حركية ،أو عقلية ،وإدماجهم في الحياة االجتماعية والمدنية ،تيسير تمتعهم بالحقوق
.والحريات المعترف بها للجميع
وفي سياق إصالح منظومة التربية والتكوين ،أعد المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي «الرؤيـة االستراتيجية ( 2030-2015
)33إلصالح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ،والتـي تصـب رافعاتها في اتجـاه بنـاء مدرسـة منصفة وذات جودة؛ مدرسـة تسـاعد
.علـى االرتقاء بالفـرد والمجتمع
وقد أوصت هذه الرؤية االستراتيجية ،في الرافعة الرابعة منها على “تأمين حق األشخاص في وضعية إعاقة في ولوج منظومة التربية
والتكوين“ ،وقد جاء هذا المستلزم منسجما مع مقتضيات الدستور ،والسيما الفصل 31منه الذي نص على الحق في الحصول على تعليم
.عصري ميسر الولوج وذي جودة ،وكذا مع المادة 24من اتفاقية حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة
ومن أهم مميزات إصالح التربية والتكوين هو تحويل رافعات ومستلزمات الرؤية االستراتيجية 2030-2015إلى نص تشريعي ،وهكذا
صدر القانون اإلطار 51.17المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي في 9غشت ،2019والذي نص بشكل صريح في المادة
25.على تأمين الولوج إلى منظومة التربية والتكوين وتوفير الدعم الالزم
كما خصص القانون اإلطار 97.13لحماية حقوق األشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها ،الباب الثالث منه ،وال سيما مقتضيات خاصة
.في المواد 11و 12و 13لتأمين الحق في التربية والتكوين واالستفادة من الترتيبات التيسيرية ومن التتبع والدعم والتوجيه
وتنزيال للقانون اإلطار ، 51.17والسيما ما يتعلق بالتربية الدامجة لألشخاص في وضعية إعاقة ،تم إصدار القرار الوزاري 47.19كإطار
تنظيمي وبيداغوجي خاص بالتربية الدامجة لألشخاص في وضعية إعاقة ) 3يوليوز ،(2019كما تم إعداد المشروع الرابع لتنفيذ القانون
( .اإلطار : 51.17تأمين حق ولوج التربية والتكوين لألشخاص في وضعية إعاقة أو وضعيات خاصة ) أكتوبر 2019
يُسجل انخـراط سـياســي ،يتجلى في دمج البعد الحقوقي لإلعاقة في الرؤية االستراتيجية 2030-2015إلصالح منظومة التربية والتكوين،
وكذلك صدور القانون اإلطار 51.17للتربية والتكوين والبحث العلمي ،والقانون اإلطار 97.13للنهوض بحقوق األشخاص في وضعية إعاقة
.وحمايتها
وقد ترجم القانون اإلطار 51.17للتربية والتكوين والبحث العلمي مستلزمات الرافعة الرابعة للرؤية االستراتيجية 2030-2015إلى مقتضيات
قانونية ملزمة ،حيث نصت المادة ،25على أن تعمل الدولة على تعبئة جميع الوسائل المتاحة ،واتخاذ التدابير الالزمة لتيسير اندماج األشخاص
في وضعية إعاقة أو في وضعية خاصة في منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ،وتمكينهم من حق التعلم واكتساب المهارات والكفايات
المالئمة لوضعيتهم .ولهذه الغاية ،تضع الحكومة ،خالل أجل ثالث سنوات ،مخططا وطنيا متكامال للتربية الدامجة لألشخاص في وضعية
إعاقة أو في وضعية خاصة ،ضمن مختلف مكونات المنظومة ،قوامه تعزيز وإرساء تكوينات مهنية وجامعية متخصصة في مجال تربية
.هؤالء األشخاص وتكوينهم ،والسهر على تتبع تنفيذه وتقييمه
وفي إطار تأمين شروط الدمج التربوي ،نصت المادة 35من القانون اإلطار 51.17بتكييف; أنظمة التقييم وال سيما نظام االمتحانات والمراقبة
المستمرة مع مختلف أصناف التعلمات ،مع مراعاة ظروف وحاالت المتعلمين; في وضعية إعاقة أو الموجودين بالمراكز والمؤسسات المستقبلة
.لألحداث الجانحين أو الموجودين في وضعية اعتقال
وتنص المادة 13من القانون اإلطار 51.17على أن تلتزم مؤسسات التربية والتعليم والتكوين التابعة للقطاع الخاص ،بالمساهمة في توفير
التربية والتعليم والتكوين ألبناء األسر المعوزة ولألشخاص في وضعية إعاقة وكذا الموجودين في وضعية خاصة .وتحدد بنص تنظيمي،
.شروط ونسبة مساهمة مؤسسات التربية والتعليم والتكوين التابعة للقطاع الخاص في تقديم خدماتها بالمجان للفئات المذكورة
كما شكل القانون اإلطار 97.13لحماية حقوق األشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها ،خلفية تأطيرية للسياسات والبرامج الهادفة إلى
النهوض بحقوق األشخاص في وضعية إعاقة ،حيث تنص الديباجة على ضمان الحق في ولوج التربية والتعليم والتكوين لفائدة األطفال في
وضعية إعاقة أو في وضعيات خاصة ،كما خصص الباب الثالث منه للتربية والتكوين ،ويتكون الباب من المواد 11و 12و ،13تهم تأمين
الحق الكامل لولوج المدرسة القريبة من سكنى الطفل ،و إحداث لجن جهوية للتربية والتكوين ،وتوفير الترتيبات التيسيرية للمتعلمين
.والمتعلمات
ويشكل المخطط الوطني للتربية الدامجة إطارا تدبيريا لتأمين لوج األشخاص في وضعية إعاقة ،يهم بشكل نسقي مختلف مكونات منظومة
.التربية والتكوين
صدر قرار وزاري 47.19في 24يونيو ،2019والمذكرة الوزارية 3 ،19-0531يوليوز ،2019والذي يشكل اإلطار التنظيمي للتربية
الدامجة ،حيث تضمن تعريفا مرجعيا للتربية الدامجة ،ونص على مقتضيات تيسيرية ،السيما المادتين; 22و 23المتعلقة بتكييف االمتحانات
.والمراقبة المستمرة
وتنزيال للقانون اإلطار 51.17للتربية والتكوين والبحث العلمي ،وال سيما المادة 25منه ،تم تخطيط المشروع الرابع والذي خصص لتأمين
.حق ولوج التربية والتكوين لألشخاص في وضعية إعاقة أو وضعيات خاصة أكتوبر 2019
وعلى مستوى الممارسات التربوية والبيداغوجية ،تم وضع إطار مرجعي للهندسة المنهاجية ألقسام التربية الدامجة (وزارة التربية الوطنية
.والتكوين المهني والتعليم العالي – ،( .2017وكذلك دليل للتربية الدامجة
وعلى مستوى بنيات التدبير والدعم ،تم الشروع في تحويل أقسام اإلدماج المدرسي إلى قاعات للدعم والموارد ،وتم إحداث مصالح للتربية
الدامجة في الهيكلة التنظيمية لألكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ،وإحداث قسم مركزي للتربية الدامجة في الهيكلة المركزية لقطاع التربية
.الوطنية
يُسجل بـطء وتأخـر فـي تفعيـل مقتضيـات المرجعيات التشريعية ;،ويتجلى في تأخر إخراج النصوص التطبيقية للقانون اإلطار 97.13لحماية
حقوق األشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها ،وال سيما ما يتعلق بإصدار النص التنظيمي المحدث للجن الجهوية للتربية والتكوين ،طبقا
للمادة 13من القانون اإلطار ،والتي نصت على إحداث لجن جهوية ،على أن تتولى هذه اللجن تتبع تمدرس األشخاص في وضعية إعاقة،
.وتوفير الترتيبات التيسيرية
حصر القرار الوزاري 47.19بشأن التربية الدامجة لألشخاص في وضعية إعاقة ) 3يوليوز ( 2019إمكانية ولوج المدرسة لألشخاص في
وضعية إعاقة خفيفة أو متوسطة ،وذلك بناء على دراسة ملفاتهم الطبية ،هو استبعاد صريح لألشخاص في وضعية إعاقة من ولوج منظومة
.التربية والتكوين على أساس درجة اإلعاقة
إن ربط ولوج المدرسة بالمصادقة على الملف الطبي ،قد يكرس النموذج التمييزي على أساس درجة القصور ،وهو ما يخالف مفهوم التربية
الدامجة القائم على تهيئة المدرسة لتقبل التنوع ،وتوفير الترتيبات التيسيرية الالزمة ،والتي هي من صميم مسؤولية للدولة ،كما نصت على ذلك
.بشكل صريح المادة 12من القانون اإلطار 97.13المتعلق بالنهوض بحقوق األشخاص في وضعية إعاقة وحمايتها
كما أن غياب نظام وطني ممعير لتقييم اإلعاقة ،يترجم النموذج التفاعلي لإلعاقة ،يجعل المدرسة رهينة للنموذج الطبي ،والذي يعتبر اإلعاقة
.حالة مالزمة للقصور .وبالتالي فدرجة حدة القصور تعني درجة حدة اإلعاقة ،دون قياس محدودية; عوامل البيئة المستقبلة
إن اشتراط القرار الوزاري 47.19لدرجة اإلعاقة لولوج المدرسة ،ال يترجم مرتكزات ومبادئ التعليم الجامع للمادة 24من اتفاقية حقوق
األشخاص في وضعية إعاقة ،كما ال يتالءم مع النموذج التعريفي الجديد; لإلعاقة في المادة 2من القانون اإلطار 97.13للنهوض بحقوق
األشخاص في وضعية إعاقة وحمايتها ،بل لوحظ أنه يناقض النموذج التفاعلي لإلعاقة المتكامل والمبني على النموذج الطبي والوظيفي
.واالجتماعي للفرد ،وهو النموذج الذي ينطلق من االحتياجات التربوية الخاصة لتكييف مكونات البيئة المدرسية وليس العكس
كما يسجل تعارض القرار الوزاري مع مبادئ اتفاقية حقوق األشخاص في وضعية إعاقة وأحكام الدستور والسيما تصديره والمادة 31منه،
وكذلك المادة 11من القانون اإلطار للنهوض بحقوق األشخاص في وضعية إعاقة وحمايتها ،والتي تنص بشكل صريح على إطالقية حق
الشخص في وضعية إعاقة في ولوج المدرسة القريبة من سكناه ،والمادة 12من نفس القانون اإلطار 97.13التي تلزم الدولة بتوفير الترتيبات
.التيسيرية للمتعلم
كما أن تنصيص القرار الوزاري 47.19في مادته 11إلى ضرورة احترام سن التمدرس ،يطرح مسألة االحتفاظ بالتالميذ; السيما ذوي
الصعوبات الذهنية الستكمال مسارهم الدراسي ،بالنظر إلى النسبة الضعيفة من التالميذ الذين يصلون إلى مراحل متقدمة من التعليم التأهيلي أو
.العالي
يسجل أن المشروع ،لم يحدد بتدابير واضحة ،سيرورة الدمج الكامل لألشخاص المكفوفين واألشخاص الصم في المدرسة ،ومسار االنتقال من
.تدريسهم في مدارس منفصلة إلى مدارس دامجة
.كما أن عدم دمج المراكز الخاصة باألشخاص في وضعية إعاقة ضمن منظومة التربية والتكوين ،تبعا للمادة 13من القانون اإلطار 97.13
.كما أن مشروع التربية الدامجة لم يستوف مكون التعليم األولي وكذلك تعليم الكبار ،كما أن مشروع التكوين المهني الدامج جد محدود
تتطلب التربية الدامجة استراتيجية لتوفير الترتيبات التيسيرية في المؤسسات التعليمية ومعالجة وضعية المرافق التعليمية; غير الولوجة ،مع
.توفير خدمات الدعم والتأهيل بتنسيق مع الشركاء المؤسساتيين وال سيما العموميين ،وهو ما يشكل تحديا كبيرا للنهوض بالتربية الدامجة
تعتبر الموارد البشرية تحديا حقيقيا وأحد المخاطر المحدقة للنهوض بالتربية الدامجة ،وال يمكن تصور التربية الدامجة بدون تملك أطر
التدريس لمقومان الهندسة المنهاجية المالئمة .ويمكن رفع التحدي عبر مسارين متكاملين ،برنامج مستمر لتأهيل أطر اإلدارة التربوية وأطر
التدريس على مبادئ ومرتكزات وأساليب التعليم الجامع من جهة ،ودمج مجزوءات التربية الدامجة بالتكون األساس ألطر التدريس واإلدارة
.التربوية والتفتيش والتخطيط
المنهاج أداة لتصريف السياسة التربوية ،وهو يحيل على االختيارات المحددة لطبيعة ونوعية مضامين التعلمات ،واعتبارا للبعد االستراتيجي
للمناهج في إصالح منظومة التربية والتكوين ،سيكون من الوجاهة فتح نقاش لتجديد; ومالءمة المناهج والبرامج والمقاربات البيداغوجية،
لوضع منهاج مالئم يتسم بالمرونة ،ويتأسس على مبادئ التخفيف والتبسيط والتكيف والتويع في الهندسة المنهاجية وهندسة التعلمات ،وأن
.تُحدث آلية دائمة للتقييم والتطوير المستمر تنفيذا للمواد 27و28و29و 35للقانون اإلطار 51.17للتربية والتكوين والبحث العلمي
ويصبح المتعلم (ة) في وضعية إعاقة ،في إطار مشروع تربوي مفردن وتعاقدي ،متدرجا في مسار تعليمي – تعلمي ينبني على سيرورة
متدرجة الكتساب الكفايات من معارف وقدرات ومهارات ،وليس بالضرورة أن يرتبط المتعلم (ة) بمسار االنتقال الخطي التصاعدي
للمستويات الدراسية داخل السلك التعليمي ،بل يمكن فتج المجال لالستفادة من نظام للتناوب بين المستويات واألنشطة الدراسية داخل نفس
السلك التعليمي ،مع نظام للتقويم الدينامي المبني على تطور المكتسبات وليس نظام للتقويم المعياري ،مع الحرص على تأمين توفير الترتيبات
.التيسيرية الالزمة ،وفقا للمادة 11من القانون اإلطار 97.13لحماية حقوق األشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها
التربية الدامجة هي سيرورة تغيير ،تقتضي محاربة التمثالت والمواقف واألحكام السلبية تجاه اإلعاقة واألشخاص في وضعية إعاقة ،وفي
غياب تدابير وإجراءات إلذكاء وعي المتدخلين المعنيين ،تبعا للمادة 8من اتفاقية حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة والرافعة الرابعة من الرؤية
االستراتيجية 2030-2015سيتعطل مسار التربية الدامجة أمام ممانعة أحيانا تمكون ممنهجة سواء على مستوى تدبير المنظومة أو المجتمع
.المدرسي
إن مشروع التربية الدامجة لألشخاص في وضعية إعاقة هو في نهاية المسار مشروع مجتمعي دامج يؤسس لمدرسة منصفة وعادلة ودامجة
.للتنوع الوظيفي ،تجعل من اإلعاقة جزءاً من التنوع البشري
مشروع التربية الدامجة لألشخاص في وضعية إعاقة مدخل لالرتقاء بجودة المنظومة ،يستلزم مالءمة البنيات والثقافات والممارسات ،وهو
.سلسلة تعديالت مستمرة ،تتطلب آليات لليقظة والتتبع والتأطير لمواجهة مختلف أشكال المقاومة والتحديات
ومن ببين; أهم التحديات المحتملة ،ما يتعلق بإشكالية التقائية وتكامل مختلف السياسات والبرامج القطاعية التربوية والصحية وغيرها ،في إطار
رؤية مشتركة دامجة ،وكذلك كيفية تدبير االنتقال المفهومي والثقافي للدمج التربوي داخل المنظومة التربوية نفسها ،واالنتقال من مقاربة
التربية في وسط خاص منفصل إلى التربية في الوسط التعليمي النظامي المفتوح ،واالنتقال من مفهوم تكييف المتعلم (ة) إلى تكييف البيئة
.المدرسية المستقبلة
المدرسة الدامجة هي بنيات وممارسات بيداغوجية وحياة مدرسية ،والتغيير الحقيقي هو التغيير اإلجرائي داخل المدرسة ،من خالل تهيئة
البنيات المدرسية لتصبح ميسرة الولوج ،ومالءمة الممارسات البيداغوجية الصفية ،وإذكاء الوعي عند الفاعلين المعنيين لتصحيح التمثالت
.والقوالب النمطية السائدة ،والتي تغذي مختلف اتجاهات وأساليب التمييز واإلقصاء
كما يتطلب ورش التربية الدامجة مواكبة مستمرة لحكامة المنظومة التربوية ،من خالل ميزانيات متعددة السنوات تراعي اإلعاقة والتنوع،
ومجالس وآليات على مستوى األكاديميات الجهوية ،تُشرك األسر والفاعلين في إعداد الخطط والبرامج وصنع القرار ،ومؤسسة تعليمية بإدارة
.تربوية مبادرة تقود مشروع مؤسسة دامج منفتح على التنوع
إن ترسيخ نموذج تربوي دامج هو المدخل الحقيقي لمدرسة اإلنصاف أوال ولقيام مجتمع دامج ثانيا ،وإلعالء حياة كل األفراد ثالثا ،بما يستجيب
.لقيم الكرامة والمساواة .وكما قال شارل كاردو ،ال ينبغي أن تكون هناك حياة مصغرة ()34
——————————————————-
الهوامش
1/ Amended from the Salamanca Statement and Framework for Action on Special Needs Education, June
1994
3/ 2017 جنيف – غشت- األمم المتحدة – لجنة حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة.
4/ تعليم األشخاص في وضعية إعاقة نحو تربية دامجة:2019/4 الرأي االستشاري رقم،المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي
14 ومنصفة وناجعة ص.
5/ Harvey Blume, qui écrit en 1998 l’article Neurodiversity sous-titré On the neurological underpinnings of
geekdom
6/ http://www.galileo.usg.edu/scholar/uga/databases/enpa-uga1/?Welcome Encyclopedia of Disability
(2006) (SAGE)
7/ Classification internationale des handicaps : de classification des conséquences des maladies, publication
du centre technique national des études et de recherches sur les handicaps et les inadaptations diffusion PUF,
1993 p 23,24 ,25.
10/ Dictionnaire de la réadaptation, tome2 termes d’intervention et d’aideS techniques Québec1997 p164-
165 d 1- BLOUIN Maurice BERGRON (caroline)
Pour en finir avec le processus de production du handicap. Mettre en œuvre l’équitté et vivre la vulnérabilité
aout 2018. Patrick Fougeyrolas Laval University – Deprtement of Anthrpology PHD.
12/ Claude Hamonet, « Le Handicap, un nouveau concept médico-social structurant et positif en santé
publique. Applications aux soins bucco-dentaires », Introduction au 9ème Colloque de l’A.S.P.B.D : «
Situations de handicap et soins bucco-dentaire », 5 novembre 2009, Conseil général du Val-deMarne,
Créteil. Disponible sur //claude.hamonet.free.fr
13/ OMS, Vers un langage commun pour le fonctionnement, le handicap et la santé. CIF: Classification
internationale du fonctionnement, du handicap et de la santé. Handicap-Revue de sciences humaines et
sociales. 2002; 94-95: p. 32.
14/ Myryam Winance, « La notion de handicap et ses transformations à travers les classifications
internationales du handicap de l’OMS, 1980 et 2001
15/ Yvon Provençal « Un enjeu de société: comment définir la “personne handicapée” » [portail du réseau
collégial du Québec, consulté le 19 mai 2013
16/ Fougeyrollas, Patrick (2016) “Handicap , in Anthropen.org, Paris, Éditions des archives
contemporaines.
17/ Probst Isabelle, Tabin Jean-Pierre, Piecek-Riondel Monika et al., « L’invalidité : une position
dominée », Revue française des affaires sociales, n°4, 2016, p. 89-105.
19/ Amended from the Salamanca Statement and Framework for Action on Special Needs Education, June
1994
20 / شتنبر13 -11، كولومبيا، الذي س يعقد في كالي، المنتدى الدولي حول اإلنصاف واإلدماج في التعليم – كل متعلم مهم اليونسكو
2019.
21/ Serge Tomazet, De l’intégration à l’école inclusive : une nouvelle étape dans la construction d’une
école pour tous.
https://www.cairn.info/revue-le-francais-aujourd-hui-2006-1-page-19.htm
24/ Centre for Studies on Inclusive Education (2003). Index for Inclusion: developing learning and
participation in schools. Site Web du CSIE http://inclusion.uwe.ac.uk/csie/indexlaunch.htm
25/ UNESCO (2005) Principes directeurs pour l’inclusion : Assurer l’accès à “l’Education Pour Tous”،
Paris.
26/ The Right of Children with Disabilities to Education: a Rights-based Approach to Inclusive Education (
2012 ،)جنيف
27/ ،2019- وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني – التربية الدامجة لفائدة األطفال في وضعية إعاقة – دليل المدرسين – مديرية المناهج
29 ص.
28/ ،2019- وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني – التربية الدامجة لفائدة األطفال في وضعية إعاقة – دليل المدرسين – مديرية المناهج
35 ص.
29/ 2012 وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي – مجزوءة تكوين أطر اإلدارة التربوية نونبر.
30/ 47وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي – مديرية; المناهج – دليل التربية الدامجة للمدرسين – ص.
31/ ،2019- وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني – التربية الدامجة لفائدة األطفال في وضعية إعاقة – دليل المدرسين – مديرية المناهج
29 ص.
32/ ،2019- وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني – التربية الدامجة لفائدة األطفال في وضعية إعاقة – دليل المديرين – مديرية; المناهج
40 ص.
33/ 2015 – المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي