Professional Documents
Culture Documents
شريعة الملك
()شريعة قتل األغيار
řźǀŝŚºººƃơŚŰƀŤƿƭŚųŚŰƫř
ŹƺºƀŤǀƫœƞǀºſƺºƿƭŚųŚŰƫř
ŵřŶƗœƹŠưūźţ
ŹƹŶººƴºººƯŵƺººººưºŰƯ
ŶǀƘººººººſŶƫŚºººººººų
الربنامج الوطنى لدار الكتب املصرية
الفهرسة أثناء النشر
(بطاقة فهرسة)
إعداد اهليئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية (إدارة الشئون الفنية)
شابريا ،يتسحاق.
رشيعة امللك :رشيعة قتل األغيار /يتسحاق شابريا ،يوسيف إليتسور؛ ترمجة وإعداد
خالد سعيد ،حممود مندور.
ط .1ـ القاهرة :مكتبة الرشوق الدولية2011 ،م.
304ص؛ 24×17سم.
يف رأس العنوان :حيثيات قتل اإلرسائيليني للرضع.
تدمك 978-977-701-044-3
-3الصهيونية. -2جرائم احلرب. -1جرائم ضد اإلنسانية .
ب ـ سعيد ،خالد (مرتجم ومعد). أ -إليتسور ،يوسيف (مؤلف مشارك).
جـ ـ مندور ،حممود (مرتجم ومعد).
د ـ العنوان.
364.15
الفـصــل الثـانـي :قتل غري اليهودي الذي يتعدى عىل الوصايا السبع ألبناء نوح 73..............
امللحق :أقوال «هحازون إيش»101......................................................... .
هوامش الفصل الثاين 103....................................................................
5
الفـصــل الـرابـع :نفس اليهودي مقابل نفس األغيار 213......................................
امللحق :العالقة بني الوصايا السبع ووصايا التوراة الـ 226...............................613
هوامش الفصل الرابع236....................................................................
اخلامتة 303.................................................................................
6
تـقـديم النارش
يف مايو ،2010أبحرت سفينة «احلرية» من تركيا ،وعليها ناشطون مدنيون من خمتلف
أنحاء العامل ،حتمل مؤنًا ألهايل غزة املحارصين منذ سنوات ،و ُت َب نِّي أنه ال يزال يف العامل أناس
أحرار يرفضون بربرية استباحة اآلخر :استباحة أرضه ،وماله ،وحياته ..فخرجت عليهم
القوات العسكرية اإلرسائيلية ،يف 31من الشهر نفسه ،وقتلت حوايل عرشة منهم ،وأصابت
آخرين ،وصادرت السفينة بام عليها ...ومل خيرج من العامل«املتحرض» سوى قليل من اإلدانات
اللسانية ..ووقفت حكومات أمريكا وأوروپا الغربية ص ًّفا واحدً ا أمام أي عمل فعال ضد
إرسائيل ،وبرر أحد قادة إرسائيل تلك اجلريمة بأن إرسال املعونات اإلنسانية لغزة هي عملية
استفزازية...
قبل ذلك بعدة أشهر ،شنت إرسائيل غزوة بربرية عىل غزة من 2008-12-27إىل -18
،2009-1قتلت فيها نحو 1500فلسطيني ،معظمهم من املدنيني ،أطفال ومسنني ،وأصابت
أضعاف ذلك العدد ،وهدمت مئات املنشآت املدنية ،ورأى العامل من شاشة «اجلزيرة» كيف
قصفت القوات اإلرسائيلية سيارات اإلسعاف؛ لتمنع إنقاذ املصابني ،وعايش األطباء
املرصيون ،وغريهم من خمتلف أنحاء العامل ،استخدام إرسائيل لألسلحة املحرمة دول ًّيا يف
أجساد الضحايا.
أيضا
وكالعادة ،مل يصدر من العامل «املتحرض» سوى بعض اإلدانات اللسانية ...وكالعادة ً
وقفت حكومات أمريكا وأوروپا الغربية ص ًّفا واحدً ا أمام أي عمل فعال ضد إرسائيل.
قبل ذلك ،كانت هجمة إرسائيل الرببرية عىل لبنان ،صيف 2006؛ حيث قتلت وأصابت
متميزا يف تلك
ً أضعاف ذلك ،ودمرت مئات املنشآت املدنية .وكان رد فعل العامل «املتحرض»
7
املرة ...فقد عمي برص األمم املتحدة ...وثقل سمعها ...وانخرس لساهنا ...فقد ظن الرئيس
األمريكي ،چورچ دبليو بوش ،أن إطالة زمن احلرب كفيل بالقضاء عىل حزب اهلل ...ولكن
الغزوة الرببرية استمرت ملدة شهر ...وصمد حزب اهلل ،فيام انسحقت سمعة إرسائيل،
وتعرى التحالف اإلرسائييل ـ األمريكي ـ األوروپي ،وتعرى كذلك تواطؤ املتواطئني وختاذل
تطورا إلرسائيل ،حتى تنجزً املتخاذلني ...واضطرت أمريكا ألن تبعث األسلحة األكثر
مهمتها ...ولكن دون جدوى ...فانعقد جملس األمن ـ الذي استيقظ بعد حوايل شهر ـ ليطلب
إيقاف احلرب ،يف سبيل إنقاذ ما تبقى من سمعة املجرمني واملشبوهني ...
وهكذا ،تاريخ إرسائيل من قبل قيامها ىف ،1948وحتى اآلن ...استباحة اآلخر...
أرضه ،وماله ،ودمه ...عرشات املذابح للمدنيني ،عىل شاكلة دير ياسني ...وهتيئة املرسح
حلزب الكتائب املاروين لذبح آالف الفلسطينيني العزل يف خميامت صربا وشاتيال...
وقبل أن نتطرق إىل األساس لذلك ،ربام كان علينا أن نذكر القارئ بأن دولة إرسائيل
احتفلت منذ بضع سنوات بمرور مخسني سنة عىل فضيحة الڤون((( ،فكرمت اإلرهابيني الذين
أرسلتهم لتنفيذها يف القاهرة ،تكريم األبطال.
وقبل ذلك ،يف فرباير ،1994اقتحم الطبيب اإلرسائييل باروخ جولد شتاين مسجد
اخلليل يف صالة الفجر ،وحصد برشاشه حوايل أربعني من املصلني ،بإطالق النار عليهم يف
ظهورهم.
وأيضا ،قامت دولة إرسائيل بتكريم البطل الشهيد جولد شتاين بجنازة عسكرية مهيبة،ً
حيا يليق بمقام :شفيعنا عند اهلل :باروخ جولد شتاين ..وقال
وبنت له املؤسسة الدينية رض ً
الشعب اإلرسائييل كلمته « :لقد شفى جولد شتاين غليلنا»(((.
كيف كان كل ذلك؟ ما هو األساس األيديولوچي الذي انبعثت منه كل تلك اجلرائم؟
يكشف كتابنا احلايل عن جزء يسري من ذلك...
فاهلل خلق العامل كله من أجل اليهود...
بعضا من أفراد املخابرات اإلرسائيلية لتدمري بعض املنشآت األمريكية يف القاهرة سنة 1954
((( أرسلت إرسائيل ً
لتخريب العالقات املرصية ـ األمريكية.
((( «األصولية اليهودية يف إرسائيل» إرسائيل شاحاك ،نورتون ميزڤينسكي ،من منشورات مكتبة الرشوق الدولية.
8
واهلل يتدارس التوارة مع حاخامات اليهود ...وليس ذلك فحسب ...فقد يصحح
احلاخامات هلل مفهومه((( ،بل إن اهلل صارع نبيه يعقوب ،وملا مل يقدر عليه ،سأله أن خييل
سبيله(((...
إذن ،من حق اليهودي أن يقتل غري اليهودي ...فاألخري رشير ..ليس حلياته قيمة...
أرشارا،
ً الر َضع ...فأولئك قد يكربون ويصبحون
وعدمه أفضل ...بل من حق اليهودي قتل ُّ
فاألفضل هلم وللعامل أن يقتلوهم يف الرضاعة...
وبالطبع ،يمكن قتل مدينة بأكملها ..أو حتى دولة بأكملها ...فقد أساء بعض أفرادها
لشعب اهلل املختار...
أيضا حتى ال يتكلموا عام شاهدوه...
ليس هذا فقط ،بل يمكن قتل الشهود ً
هذا الكتاب ،وأمثاله وأكثرُ ،يدَ َّرس يف إرسائيل ...ولكن العامل «املتحرض» يقول إن آيات
القرآن تدعو للعنف والقتل ورفض اآلخر...
وإليك عزيزي القارئ بعض آيات «العهد القديم» ،التي ال يراها العامل «املتحرض» الذي
يتحىل برؤية انتقائية بدرجة امتياز:
جاء حتت عنوان رشائع حصار وفتح املدن البعيدة:
«وحني تتقدمون ملحاربة مدينة فادعوها للصلح أوال .فإن أجابتكم إىل الصلح واستسلمت
لكم ،فكل الشعب الساكن فيها يصبح عبيدً ا لكم .وإن أبت الصلح وحاربتكم فحارصوها،
فإذا أسقطها الرب إهلكم يف أيديكم ،فاقتلوا مجيع ذكورها بحد السيف .وأما النساء واألطفال
والبهائم ،وكل ما يف املدينة من أسالب ،فاغنموها ألنفسكم ،ومتتعوا بغنائم أعدائكم التي
وهبها الرب إهلكم لكم .هكذا تفعلون بكل املدن النائية عنكم التي ليست من مدن األمم
القاطنة هنا».
وجاء حتت عنوان رشائع حصار وفتح أرض املوعد:
«أما مدن الشعوب التي هيبها الرب إهلكم لكم مريا ًثا فال تستبقوا فيها نسمة حية،
بل دمروها عن بكرة أبيها ،كمدن احليثيني واألموريني والكنعانيني والفرزيني واحلويني
((( تاريخ الكتاب املقدس :كارين أرمسرتونج ،من منشورات مكتبة الرشوق الدولية.
((( سفر التكوين اإلصحاح 32اآليات 22 :ـ 29حتت عنوان :يعقوب يصارع يف فنيئيل.
9
واليبوسيني ،كام أمركم الرب إهلكم ،لكي ال يعلموكم رجاساهتم التي مارسوها يف عبادة
آهلتهم ،فتغووا وراءهم وختطئوا إىل الرب إهلكم» ـ [سفر التثنية اإلصحاح .]18-10:20
وجاء حتت عنوان تطهري املحاربني وقتل النساء األسريات:
« فخرج موسى وألعازار وكل قادة إرسائيل الستقباهلم إىل خارج املخيم ،فأبدى موسى
سخطه عىل قادة اجليش من رؤساء األلوف ورؤساء املئات القادمني من احلرب ،وقال هلم:
(ملاذا استحييتم النساء؟ إهنن باتباعهن نصيحة بلعام أغوين بني إرسائيل لعبادة فغور ،وكن
سبب خيانة للرب ،فتفشى الوبأ يف مجاعة الرب .فاآلن اقتلوا كل ذكر من األطفال ،واقتلوا
أيضا كل امرأة ضاجعت رجلاً ،ولكن استحيوا لكم كل عذراء مل تضاجع رجلاً .وأما أنتم ً
نفسا ،ومن ملس قتيلاً أن يتطهر يف اليوم
فامكثوا خارج املخيم سبعة أيام ،وعىل كل من قتل ً
الثالث ،ويف اليوم السابع»ـ [سفر العدد اإلصحاح .]19-13:31
وجاء يف مزامري داود:
«أما أنا فقد مسحت ملكي وأجلسته عىل صهيون جبيل املقدس...
..وها أنا أعلن ما قىض به الرب :قال يل الرب :أنت ابني ..أنا اليوم ولدتك ..اطلب مني
فأعطيك األمم مريا ًثا ،وأقايص األرايض ملكًا لك ..فتكرسهم بقضيب من حديد ،وحتطمهم
كآنية الفخار»ـ املزمور الثاين.
وجاء يف سفر الالويني:
«ال تطغ بتسلطك ،بل اتق إهلك ،وليكن عبيدكم وإماؤكم من الشعوب التي حولكم،
منها تقتنون عبيدا وإماء ،وكذلك من أبناء املستوطنني النازلني عندكم».
[اإلصحاح .]44-43:25
فالعهد القديم من الكتاب املقدس زاخر باآليات التي جتعل العامل كله عبيدً ا ومريا ًثا
لشعب اهلل املختار.
وسيجد القارئ يف كتابنا هذا فتاوى حاخامات ـ طيب اهلل ثراهم ،كام يكرر احلاخامان
املؤلفان ـ عىل شاكلة:
* ال جيب تصديق األغيار يف يشء.
* إنقاذ هيودي أهم من استقرار العامل.
10
* حياة األغيار ال تساوي شي ًئا.
* األجنبي مباح إلرسائيل.
* كل من ال يقبل االلتزام بالوصايا السبع ،جيوز السيطرة عليه واستغالله ملصلحة اليهود.
* ال داعي للتدقيق فمن ساعد عىل أذى إرسائيل ومن مل يساعد ..فالقتل أولاً .
* من يرسق أرض إرسائيل يستحق القتل.
أرشارا.
ً الرضع لئال يكربوا ويصبحوا
* قتل ُّ
* قتل املدينة أو الدولة التي ساهم أفرادها يف إحلاق األذى بإرسائيل.
* جواز قتل كل الشهود عىل قتل إرسائيل لألغيار.
ومل يتوقف األمر عىل قتل األغيار ،بل جيب استئصال الوشاة اليهود واملرتدين وامللحدين،
ودفعهم إىل القرب؛ ألهنم يبعدون الشعب من طريق الرب ،مثل يسوع النارصي وتالمذته.
***
ونوجه عناية القارئ الكريم ،أنه سيصادف يف الفصول الثالثة األوىل إرساء دعائم ما
سريد يف الفصول من الرابع إىل السادس .حيث يتناول الفصل األول حظر قتل غري اليهودي
امللتزم بالوصايا السبع ألبناء نوح .بينام يناقش الفصل الثاين حكم غري اليهودي الذي ال يلتزم
هبذه الوصايا .أما الفصل الثالث ،فيتناول بشكل مفصل احلاالت التي يتم فيها التضحية
بالنفس عن ارتكاب أي ذنب .وتزخر الفصول الثالثة بتوصيفات عدة بنى الكاتبان عليها ما
ييل من أحكام.
أما الفصول من الرابع إىل السادس ،فهي تقوم بالرتكيز أكثر عىل استباحة دماء «األغيار»،
فيتحدث الفصل الرابع عن النفس اليهودية مقابل النفس غري اليهودية .واخلامس عن قتل
األغيار يف احلروب .بينام يتناول الفصل السادس أحكام القتل املتعمد لألبرياء يف حالتي
احلرب والسلم.
قد يرتبك القارئ مما يبدو له من تناقضات ،بل وقد يندهش عندما جيد احلاخامني يقفزان
بكل خفة ورشاقة عىل بعض النصوص يف جتاهل واضح ،ويركزان عىل نصوص أخرى
متعارضة ،بانتقائية مطلقة ومتميزة.
11
وجدير بالذكر أن كارين أرمسرتونج أشارت لذلك وكررته وأكدته يف كتاهبا :تاريخ
الكتاب املقدس ،فقد ظهر يف اليهودية« :هيودية احلاخامات» ،وهي كام ينطق االسم ديانة
كثريا ما تتعارض مع نصوص الكتاب تتمحور حول دراسات احلاخامات التلمودية ،وهي ً
املقدس.
الرضع ـ متارسه
وأخريا ...ما جاء يف هذا الكتاب الدرايس من استباحة اآلخر ـ حتى ُّ
ً
إرسائيل منذ بضعة عقود ،ولكن العامل «املتحرض» ال هيتم ،بل هو يمد إرسائيل بالسالح واملال
والتأييد والعون السيايس واإلعالمي!
ولكن أين ذهب العامل العريب؟ وماذا ينتظر؟! أن يستسلم وينقسم عىل نفسه ويتفتت
ً
تنفيذا للمرشوع الصهيوين ،وينتهي أمره عبدً ا لصهيون؟
عادل املعلم
12
مقـدمة املرتمجني
أكدت احلروب اإلرسائيلية األخرية (س�واء يف لبنان أو قطاع غزة) ،جمد ًدا ،حقيقة الكيان
الصهي�وين الدموي�ة والغاصب�ة ،وعكس�ت م�دى العن�ف ،والقس�وة ،واإلره�اب اإلرسائييل
باعتباره�ا جز ًءا من البنية العقلية ،والفكرية ،واالجتامعية ،والنفس�ية له ،وكون تلك الصفات
نسيجا دين ًّيا وثقاف ًّيا جعلت من العنف واإلرهاب عقيدة باسم الدين.
ً
تستند احلكومات اإلرسائيلية املتعاقبة يف حروهبا ومواجهاهتا الدائمة للعرب ،الفلسطينيني
وغري الفلس�طينيني ،إىل فلس�فة ونظريات اإلرهاب الديني ،املس�تقاة من الت�وراة ،فثمة غايات
دنيوي�ة وسياس�ية غ ّلفها كتب�ة التوراة وكب�ار احلاخام�ات ،والتي خرجت ونشرت يف أمهات
الكتب اليهودية ،بعقائد أضفوا عليها صفة الدين ،وأصبح أتباعها املؤمنون هبا يامرسون اإلبادة
اجلامعية والقتل عىل أهنا طاعة وتقر ًبا للرب ،عرب حقب تارخيية خمتلفة.
ما احلاخامات اليهود احلاليون يف إرسائيل إال نموذج من تلك النامذج التي باتت ُتسيرّ دفة
احلك�م يف الكي�ان الصهيوين ،وما خروج وص�دور ونرش فتاوى قتل األغي�ار «غري اليهود» إال
منهاجا
ً غي�ض من في�ض من أقاويل وترصحيات لعدد من احلاخامات اليه�ود ،والتي أضحت
ض�د الش�عوب واألمم األخ�رى ،دون حتدي�د .فالنفس اليهودي�ة هلا األفضلية ع�ن غريها من
النفوس البرشية ،وبالتايل يمكن لإلرسائييل قتل العريب ،فلس�طيني أو غري فلسطيني ،بدم بارد؛
استنا ًدا إىل تلك الفتاوى.
انطال ًقا من تلك الفتاوى ،وإحياء لفتاوى أخرى مماثلة ،صدر يف س�بتمرب/آيلول من عام
2009م ،كت�اب «رشيع�ة املل�ك» ،أو « ت�وراة امللك» ،أو «عقي�دة امللك» بالعربي�ة ،و«تورات
ويرشع ،ويرخص قتل غري اليهود ،أو « األغيار» ،وبخاصة الفلسطينيني،مهيلخ» بالعربية .يبيحِّ ،
وهو كتاب حلاخامني يديران مدرس�ة دينية متش�ددة تدعى «يوسف ما يزال ح ًّيا» ،يف مستوطنة
13
يتس�هار القريبة من مدينة نابلس الفلسطينية ،ومها احلاخام يتسحاق شابريا ،ومساعده احلاخام
يوسيف إليتسور.
يعد الكتاب بمثابة املرش�د اهلادي ملن يريد قتل «األغيار» ،بدم بارد ،فهو ترخيص رشعي
لقتل العرب ،خاصة أن احلاخامني يستعرضان يف الكتاب مئات االقتباسات من التوراة والرشيعة
اليهودية ،وأمهات الكتب الصادرة باللغة العربية ،كفتاوى دينية تبيح قتل «األغيار» ،مع احلذر
من الدعوة ،بش�كل رصيح ،إىل خمالفة القانون ،لكن يف الوقت نفس�ه ال خيش�ى احلاخامان من
حماكمتهام؛ ألنه يف هذه احلالة سيتعني حماكمة اثنني من كبار مفرسي التوراة يف القرون الوسطى،
ومها الرامبام (الرايب موسى بن ميمون) ،والرمبان (الرايب موسى بن نحامن)!
تبي�ح صفحات الكت�اب قتل «األغي�ار» ،دون اإلش�ارة الرصحية للعرب؛ حيث يس�تهله
مؤلف�اه بتحري�م قت�ل «األغيار« لعديد م�ن األس�باب ،منها تفادي الع�داوة ،وانته�اك الدين،
لكنهام رسعان ما ينتقالن الستعراض عرشات احلاالت التي جيوز فيها القتل؛ استنا ًدا ألحكام
الت�وراة ،والرشيع�ة اليهودي�ة ،وعشرات الكتب الدينية األخ�رى ،التي تعد بمثابة إرش�ادات
وفتاوى دينية.
أيضا؛ ألهنم يمنعون الر َّضع ً
رأى احلاخامان ،شابريا وإليتسور ،أنه باإلمكان قتل األطفال ُّ
تقدم اليهود نحو الس�يطرة عىل العامل وإصالحه! فأولئك األطفال ،عندما يكربون ،سيلحقون
الر َّضع ،وليس قتل
رضرا .ويف تل�ك احلالة يش�دد املؤلفان عىل وجوب قتل األطف�ال ُّ
باليه�ود ً
البالغين من املدنيني األبرياء فحس�ب .فضًل�اً عن حرص املؤلفني عىل التش�ديد عىل االنتقام،
اتبا ًعا لنظرية «العني بالعني والسن بالسن».
ُبعي�د نرش عرض للكت�اب يف صحيفة «معاريف» اإلرسائيلية الص�ادرة باللغة العربية ،يف
التاس�ع من شهر نوفمرب/ترشين الثاين من عام 2009م ،والضجة اإلعالمية التي الزمت ذاك
العرض ،أصدر احلاخامان تعقي ًبا ،أكدا فيه عىل تش�بثهام بكل كلمة وردت فيه ،وأش�ارا لتقييم
وتقدير كبار احلاخامات له ،وملس�امهته يف إثراء «الرشع اليهودي املعارص» ! حيث نال الكتاب
رضا وتوصية حمافل صهيونية ،وذلك رغم إلقاء القبض عىل احلاخام شابريا ،يف شهر سبتمرب/
آيل�ول من ع�ام 2010م ،بتهمة إص�داره لكتاب يبيح قت�ل « األغيار» ،لكنه م�ا لبث أن خرج
بع�د ثالث�ة أيام فق�ط! مع التأكيد عىل أن فرتة إلقاء القبض علي�ه تزامنت مع رشوع تل أبيب يف
الدخول يف مفاوضات مبارشة مع اجلانب الفلسطيني!
14
حيم�ل الكت�اب املئات من االختص�ارات ،واملصطلحات ،والتعبيرات اجلديدة والصعبة
على املتاب�ع واملرتجم للغ�ة العربية ،لدرج�ة أن املؤلفني يس�تخدمان يف بعض األحي�ان املعنى
الع�ارش للكلمة ،وليس املعن�ى األول أو الثاين هلا ،مما زاد من صعوبة متابعة الكتاب يف البداية،
خاصة أنه يشري إىل عرشات الكتب اليهودية الدينية ،بد ًءا من التوراة واألسفار اخلمسة ،وانتهاء
مرورا باملشناه ،واجلامرا ،وحاخامات العصور الوسطى ،عرب عرشات ً باحلاخامات املعارصين،
الفتاوى القديمة التي يعيد الكاتبان إحياءها مرة أخرى ،وقياس أحكام عىل أحكام أخرى كانت
موجودة يف األساس .باإلضافة إىل أن الكتاب يستشهد بمئات االقتباسات اآلرامية ،فضلاً عن
أن لغة الكتاب لغة رمزية يصعب فهمها بسهولة؛ ألهنا مكتوبة لغالة اليمني الصهيوين! وهو ما
عكفن�ا عىل توضيحه يف اهلوامش ،الت�ي زادت عن متن الكتاب يف الكثري من األحيان ،ولذلك
وضعنا هوامش كل فصل بعد هنايته.
واجهنا صعوبة كبرية يف احلصول عىل الكتاب؛ ألنه مل يوزع بواس�طة ش�بكات بيع الكتب
الكبرى يف إرسائي�ل؛ حي�ث أوىص عدد م�ن حاخامات اليمين املتطرف أتباعه�م برشائه من
مدرس�ة «يوس�ف ما يزال ح ًّيا» فحسب ،وهي املدرس�ة التي يتبعها املؤلفان ،لكننا حصلنا عىل
الكت�اب بصعوبة ،يف ش�هر مارس/آذار من ع�ام 2010م ،وانتهينا من ترمجته مع مطلع ش�هر
أكتوبر/ترشي�ن األول املجيد ،ولعل نرص أكتوبر قد ش�حذ من مهمنا ،وش�د م�ن أزرنا ،لنقدم
للقارئ العريب صورة حية خلطورة فتاوى جارنا الذي يس�عى بعضنا إلرضائه والتحالف معه،
ويسعى البعض اآلخر للتهوين من خطره.
القاهرة يف 6أكتوبر/ترشين الثاين 2010م
املرتمجان
15
ũŹƺŝżƴǀūơŚŰƀŤƿƾŝřźƫřŠưƬƧ
ŚǀůƩřżƿŚƯƞſƺƿŠſŹŶưƫƾůƹźƫřśǃř
Đ
((( الرايب يتسحاق شابريا הרב יצחק שפירא :هو أحد مؤلفي الكتاب ،ويشغل منصب رئيس املدرسة الدينية اليهودية
«يوسف ما يزال ح ًّيا».
((( الرايب يوسف يرمياهو إليتسور הרב יוסף ירמיהו אליצור :املؤلف الثاين للكتاب ،وهو باحث يف العهد القديم
ومساعد الرايب شابريا.
((( املدرسة الدينية اليهودية «يوسف ما يزال ح ًّيا עוד יוסף חי» :هي مدرسة دينية هيوديةُ ،أقيمت يف قرب سيدنا يوسف يف
نابلس منذ عرشين عا ًما ،ويعد احلاخام يتسحاق جينزبورج יצחק גינזבורג :هو أكرب معلمي املدرسة ،وهي املدرسة
التي صدر عنها هذا الكتاب.
((( القبااله קבלה :هو علم املعتقدات الصوفية اليهودية.
((( اهلاالخاه הלכה :هي الرشيعة اليهودية.
((( ُملك إرسائيل מלכות ישראל :هو املوقع الرسمي للرايب يتسحاق جينزبورج יצחק גינזבורג عىل الشبكة العنكبوتية.
17
جوهر التوراة ،بمس�اعدة القبااله واحلسيدية((( ،بش�كل واقعي ،وعندها سيصري الواقع ممهدً ا
الستيعاب تعاليم الرشيعة اليهودية الصارمة.
م�ن املعلوم أنه ليس ثمة إنس�ان يمكنه العزم عىل السير يف طري�ق الرشيعة احلقة ،دون أن
أيضا أن الرسالة األساسية جليلنا هي توضيح
يكون ضلي ًعا يف فهم حكمة احلقيقة ،ومن املعلوم ً
مع�اين الت�وراة املختلفة ،حتى نصل يف عرصنا هذا إىل رشيع�ة واضحة ال لبس فيها ،كام ورد يف
سفر ملوك أول(((.
بعون اهلل ،ستواصلون أنتم ومعكم مجيع تالميذ املدرسة الدينية واملعهد التورايت ،استكامل
دراس�ة الرشيع�ة اليهودية من خالل التعم�ق يف بواطن التوراة ،وحينها س�تتضح األمور وحتل
الس�عادة عىل الكون ،كام حدث حلظة تلقي الرشيعة يف س�يناء((( ،وس�نجد أثر ذلك يف الواقع،
إىل حني حلول اخلالص احلقيقي واملتكامل.
«التوراة هي أساس كل يشء» ؛ وبمناسبة صدور الكتاب ،سنتعمق يف بنية القضايا الواردة
يف التلمود((( ،التي تتناول القاعدة التي تم توضيحها باستفاضة يف الفصل األول ،وهو ما يعد
مصدرا من الرشيعة؛ حيث حيظر عىل اليهودي قتل غري اليهودي (وكنا قد أسهبنا بالفعل يف هذا ً
الشأن يف األقوال الشفاهية ،وهناك املزيد بعون اهلل).
وردت قاعدة «كل يشء ورد ذكره يف التوراة» أربع مرات يف فصل «تعانيت תענית (((» يف
التلمود ،وعلينا ،وف ًقا ألسلوبنا يف التناول ،ضبط األمور يف مقابل الدرجات األخالقية العرشة
يف التصوف اليهودي((( (التي يقابلها القوى البرشية وطرق عبادة الرب).
((( احلسيدية חסידות :يستخدم املصطلح لإلشارة إىل عدة فرق دينية يف العصور القديمة والوسطى ،ولكنه يستخدم يف
العرص احلديث للداللة عىل احلركة الدينية الصوفية احللولية ،التي أسسها وتزعمها بعل شيم طوف ،والتي بدأت يف
جنوب پولندا وقرى أوكرانيا يف القرن الثامن عرش .
((( سفر ملوك أول מלכים א' :وهو أحد أسفار كتاب األنبياء يف العهد القديم.
((( املقصود هو واقعة نزول الوصايا العرش عىل نبي اهلل موسى يف سيناء.
((( التلمود תלמוד :هو ما يعتربه اليهود الرشيعة الشفوية املكملة للرشيعة املكتوبة ،أي العهد القديم ،وحسب االعتقاد
اليهودي فقد عاش التلمود لدى حكامء اليهود إىل أن تم تدوين نسختني منه :األوىل ُدونت يف فلسطني ،والثانية يف
بابل .الكتاب ينقسم إىل ستة فصول رئيسية ،ويتكون من املشناه ،وهي املتن؛ واجلامرا ،وهي احلوايش؛ والربايتا،
وهي الرشوح اإلضافية.
((( فصل تعانيت מסכת תענית :هو أحد فصول كتاب «موعيد מועד» أحد أجزاء التلمود ،ويناقش هذا الفصل القصري،
أمورا ختص الصيام.
نسب ًّياً ،
((( تضم القبااله ،التصوف اليهودي ،عرش منازل ،أو عرش درجات هي :التاج ،احلكمة ،اإلدراك ،التقوى ،الشجاعة،
العظمة ،األبدية ،الشكر ،األساس ،ا ُمللك.
18
ويب�دو أن�ه جيب علينا بالتحدي�د ضبط األمور حيال س�بع درجات أخالقي�ة منها ،والتي
يكمن جزء منها يف النفس البرشية (نقصد هنا الدرجات األخالقية التي متس الواقع اخلارجي،
هب�دف توضيحها وتعديلها بش�كل عميل) ،وثم�ة نوع من التخيل يف العالقة بين اليهود وبقية
الش�عوب ،وكما ورد « ملاذا ثمة يشء مب�اح لليهودي وحمرم عىل أبناء ن�وح»( ،وهو ما ال نجده
يف الدرجات األعىل احلس�ية واإلدراكية ،من أنه لي�س ثمة أي ختيل يف العالقة بني اليهود وغري
اليهود).
القضية التي وردت يف (س�نهدرين((( ،)1:59تتحدث عن قاعدة رشعية أساسية ،وهي
«كل يشء ورد ذك�ره يف الت�وراة» ،وقد جاءت هذه القاعدة لتربي�ر قاعدة أخرى وضعها الرايب
«ي�ويس بار حنينا יוסי בר חנינא(((» ،والتي ختالف ،ألول وهلة ،رأي اجلامرا ((( ،والتي تقول إن
«أي رشيعة ُفرضت عىل أبناء نوح ،ومل يرد ذكرها مرة أخرى يف س�يناء ،املقصود هبا هم اليهود
فحسب ،وليس أبناء نوح بوجه عام!»
ورغ�م ما س�بق ،يتض�ح أن القاعدة األساس�ية ال تتعارض مع أي قواع�د أخرى؛ « ألن
الرب ليس ببرش حتى ُيغري من رأيه!»
إن الرشائع التي ُفرضت عىل البرشية بشكل عام قبل تلقي الرشيعة يف سيناء ،كان هدفها يف
األس�اس هتذيب األخالق الكامنة يف اإلنس�ان ،وهي يف األصل قد ُمنحت بغرض انتقاء أصل
النفس اليهودية ،حتديدً ا ،ولتطبيق القاعدة الرشعية ،التي تقول« :وخيلق من الفاسد مِ
عال» مثلام
يف حالة النبي «إبراهيم» الصالح ابن «تارح» الكافر ،ويكفي هذا املثال ملن يمتلك احلكمة.
« ونحن ال نملك س�وى رشيعة «عرق النس�ا(((» (وعىل عهدة رايب هيودا רבי יהודה ((()»،
((( سنهدرين סנהדרין :هي أكرب هيئة قضائية خمتصة بالنظر يف الشئون الدينية ،وترد كل التفاصيل بشأهنا يف الفصل الذي
حيمل نفس االسم ،وهو الفصل الرابع من الكتاب الرابع من الكتب الستة التي تشكل التلمود.
((( الرايب يويس بار حنينا רבי יוסי בר חנינא :أحد أهم احلكامء اليهود ،وينتمي للجيل الثاين لألمورائيم (حكامء التلمود
الذين عارصوا انتهاء تدوينه عىل يد الرايب هيودا هنايس).
((( اجلامرا גמרא :تعني التكملة ،يتكون التلمود من مكونني أساسيني :املشناه وهو املتن ،واجلامرا وهي نقاش حول
املشناه ،وبعد ذلك هناك الربايتا وهي الرشوح اخلارجية .
((( عرق النسا :هو اسم فريضة مصدرها واقعة وردت يف سفر التكوين ( ،)33 – 25 :32وتتحدث عن رصاع خاضه
نبي اهلل يعقوب مع «الرب» (أو الرب عىل هيئة مالك يف شكل إنسان) ،وسمي بعدها يعقوب بإرسائيل ،بعد أن
انخلع ُح ُّق فخذ يعقوب يف مصارعته معه ،لذلك ال يأكل بنو إرسائيل عرق النسا الذي عىل ُح َّق الفخذ إىل اليوم.
واملقصود هو إحياء ذكرى الرصاع الذي وقع بني األب الروحي لليهود وبني املالك الذي ظهر له.
((( الرايب هيودا רבי יהודה בר אילעאי :من حكامء التنائيم ،وينتمي للجيل الرابع ،عاش خالل النصف الثاين من القرن
الثاين امليالدي.
19
إذ م�ن املعروف أن رشيعة «عرق النس�ا» قد ُفرضت إلصلاح العيب املوجود يف درجة األبدية
يف القب�االه ،وه�و العيب الذي تس�بب يف وج�وده ما حدث من عيس�و((( جتاه أخي�ه يعقوب،
وإصالحه النهائي جاء عىل يد النبي صموئيل(((.
الوصايا التي ُفرضت من قبل عىل أبناء نوح ،هي وصايا جاءت للكشف عن أبدية الشعب
اليه�ودي وجذوره ،وهو الش�عب الذي كان موجو ًدا من قب�ل تلقي الرشيعة ،بل من قبل خلق
الكون بأرسه ! فضلاً عن أنه كان موجو ًدا قبل الرغبة يف خلق الكون ،أي أن خلق اليهود كانت
فكرة يف خاطر الرب حتى قبل خلق الكون ،وقد كان !
وكما قال كبار حس�يديي حب�د((( « إن التفكري يف الش�عب اليهودي لدى الرب س�بق كل
يشء حتى التوراة»؛ ومن هنا ،نفهم ملاذا ثمة وصايا وردت قبل نزول التوراة يف سيناء ،رغم أن
التزامنا بالوصايا اليوم هو من باب إحياء ذكرى نزول التوراة يف س�يناء ،وعىل أي حال التزامنا
بالوصاي�ا ناب�ع من كوهنا هيودية األصل ،وهو ما أكده الرايب موس�ى بن ميمون ((( يف أكثر من
أيضا.
موضع ،وسيتم توضيحه فيام بعد ً
تناقش القضية التي وردت يف (سنهدرين ،)1 :55الفرق بني البهيمة التي عارشها إنسان،
والبهيمة التي يعبدها إنسان ،ويقرر سنهدرين من باب أن «كل يشء ورد ذكره يف التوراة» ،أنه
ال يحُ تم�ل أن البهيم�ة الت�ي يعبده�ا غري اليهودي تس�تحق القتل؛ ألنه ليس ثم�ة حكم ديني يف
الرشيعة اليهودية يويص بقتل البهيمة التي يعبدها هيودي.
ختالف هذه املس�ألة منزلة الش�كر يف القبااله ،وهي املنزلة التي قيل فيها « انقلب الشكر هلل
إىل رشك» .تُعن�ى هذه املنزلة بش�كر الرب على نعمه ،وهو عكس ما يفعله عاب�د البقرة (الذي
تكمن بداخله نفس هبيمية ،أي أنه يخُ ِضع نفس�ه – ألن منزلة الش�كر تس�اوي خضوع النفس ـ
لطابعه البهيمي ،ويتخذ من البقرة إهلًا ،وهو تشويه كامل لفكرة شكر الرب).
((( بحسب العهد القديم ،أنجب إسحاق ولدين مها :عيسو ،ويعقوب.
((( صموئيل שמואל :هو ـ بحسب العهد القديم ـ آخر قضاة بني إرسائيل ،وهناك سفران باسمه مها :صموئيل األول،
وصموئيل الثاين.
((( حسيدية حباد :هي إحدى املنظامت احلسيدية الكربى ،وهلا ممثلون يف عدد من الدول التي هبا سكان من اليهود.
وكلمة حباد חב''ד :اختصار لثالث كلامت هي :חוכמה حكمة ،בינה فطنة ،דעת رأي.
((( الرايب موسى بن ميمون רמב''ם :هو موسى بن ميمون بن عبيد اهلل القرطبي (1204 – 1135م) ،ولد يف قرطبة
ببالد األندلسُ ،وصف بأنه أهم شخصية هيودية يف العصور الوسطى ،كان بارزً ا يف الطب والعلوم والفلسفة،
وينتمي لعائلة هيودية عريقة عاشت يف مدينة فاس املغربية بعد انتقاهلا من قرطبة.
20
يأيت « الرايب شيشيت ששת(((» يف هذه القضية الدينية بالربايتا((( التي نصها « :الشجرة
التي ُحرم األكل من ثامرها والرشب من مائها ،وكُتب عليها أال تصدر عنها رائحة؛ ألهنا رمز
للفساد ،جيب أن تحُ رق؛ ألن عطب أصاب اإلنسان بسببها ،»..وهو ما يفيد نفس املعنى السابق
« انقلب الشكر هلل إىل رشك».
وألن «الشكر انقلب إىل رشك» ،فإن حروف الكلمة تغريت من הוד إىل דוה ،ويقول الرايب
عقيفا עקיבא ((( إن« :الرشك باهلل مثله مثل احليض يتسبب يف نجاسة أي يشء».
وورد ح�ول حتريم مضاجع�ة املرأة التي بلغها احليض يف الت�وراة «والرجل الذي يضاجع
امرأة بلغها احليض( » ....تثنية((( . )18-20يوجد هنا عالقة بني األنثى املوطوءة وبني تلك
التي يتم عبادهتا ،وكل هذا يعد خللاً يف منزلة الشكر.
تناق�ش القضية الواردة يف (فصل حولين חולין )1 :(((39حتريم أكل احليوان احلي ،وهو
التحريم الذي يقابله عىل اجلانب اآلخر منزلة األساس يف القبااله.
وألول وهلة ،يبدو أنه بالنسبة هلذه القضية حتديدً ا ،ال يمكننا تطبيق قاعدة «كل يشء ورد
أيضا.
ذكره يف التوراة» ،ويتفق الرايب موسى بن ميمون مع هذا ً
وهذا هو املوضع الذي تتجىل فيه قدس�ية الش�عب اليهودي عن حق؛ ألن منزلة األس�اس
الصوفية تتصل باجلانب العقيل يف التفريق بني اليهودي وغري اليهودي بوضوح (وقد تم توضيح
هذه النقطة بإسهاب يف « مدراش أجاداه »((().
وهن�اك اخلتان ،وهو العالمة املقدس�ة التي ج�اءت للتفريق بني اليه�ودي وغري اليهودي
أيضا ،فجمي�ع اليهود خمتونون ،بينما مجيع األغيار ُغل�ف .وتلقائ ًّيا ،ال
عىل املس�توى اجلس�دي ً
يمكنن�ا هن�ا التس�اؤل عن :كيف ُيس�مح هبذا لليهود ويحُ ظ�ر عىل غريهم ،بل على العكس من
((( هو الرايب شيشيت بنيبنشتى רבי ששת בנבנישתי :أحد احلكامء اليهود يف فرتة األندلس.
((( الربايتا ברייתא :املقصود هبا أهنا جمموعة رشوح خارجية تم إضافتها للتلمود ،وألفها جمموعة من التنائيم ،وهم
احلاخامات الذين عارصوا فرتة اهليكل الثاين.
((( هو الرايب عقيفا بن يوسف רבי עקיבא בן .
((( سفر الالويني وهو سفر ترشيعي ضمن أسفار التوراة اخلمسة.
((( فصل حولني מסכת חולין :هو الفصل الثالث من الباب الرابع يف التلمود ،وهو قوداشني קדשין ،ويناقش هذا
الفصل أحكام البهائم التي ال تُقدم كقرابني.
((( مدراش أجاداه מדרש אגדה :أحد كتب التفاسري اليهودية التي تضم القصص التعليمية ،التي وردت يف العهد القديم
هبدف استخالص احلكم والعرب.
21
ذلك ،فإن اخلتان هو عالمة مقدسة تشري إىل أن كل يشء ُمباح لليهود ،وحمظور عىل غريهم ،كام
تم توضيح ذلك يف «مدراش أجاداه».
تناق�ش القضية الواردة يف (س�نهدرين )2 :58اجلامع بطريقة ش�اذة ،كام تناقش اس�تمتاع
أيضا.
املرأة هبذا اجلامع ً
يتصل هذا بإصالح منزلة ا ُمللك يف القبااله ،واملقصود هو التقدم من الصفوف اخللفية إىل
الصفوف األمامية ،وهي سمة امللوك .ونالحظ هنا الفرق يف كيفية التعامل مع هذه األمور بني
احلكامء الذين عاش�وا يف القدس وقت الش�تات ،وبني حكامء بابل (نتحدث هنا عن الفرق بني
أسلوب التلمود األورشليمي((( ،وبني أسلوب التلمود البابيل((( يف هذه النقطة ،وراجع داخل
الكت�اب امللحوظ�ة الواردة ،يف بداية امللحق الثانى للفصل األول) ،أي أن أرض إرسائيل تقف
يف املواجهة ،بينام تعود بابل للصفوف اخللفية ،وهو مثال كاف ألهل احلكمة.
أه�م يشء ه�و أن يك�ون الرج�ل «ملتص ًق�ا بزوجته» ،أي التص�اق أصل الذك�ورة بأصل
األنوثة ،وهو االرتباط الرمزي بني التوراة واليهود يف مكان طاهر ومقدس شهد نزول الوحي،
وهو املكان الذي جيمع الشعب اليهودي كله م ًعا.
أيضا ،أن ال�رايب إليعي�زر רבי אליעזר((( ،والرايب حنين�ا רבי חנינא ،من حكامء
ون�رى هن�اً ،
فلس�طني إب�ان تدوين التلم�ود ،يتفقان عىل أن�ه ال يمكن تطبيق قاع�دة «كل يشء ورد ذكره يف
التوراة»؛ ألن هذه القاعدة ال تناسب أجواء فلسطني آنذاك.
إن أس�اس العناي�ة اإلهلي�ة ،كام يتجلى يف أرض إرسائيل ،ي�دور بالتحديد حول الش�عب
اليه�ودي املق�دس (ومنه�م تنتشر العناي�ة اإلهلية لتش�مل بقي�ة األمم) ،م�ع أمهي�ة التنبيه عىل
خصوصي�ة الش�عب اليهودي ،الش�عب املخت�ار ،الذي ال يص�ح مقارنته مع بقي�ة األغيار بأي
شكل من األشكال.
بوركتم بربكة التوراة...
الرابي يتسحاق جينزبورج
((( هو التلمود الذي ُد ِّون يف القدس.
((( هو التلمود الذي ُد ِّون يف بابل.
((( هو الرايب إليعيزر بن هوركانوس רב אליעזר בן הורקנוס :من كبار التنائيم ،وينتمي للجيل الثاين إبان خراب اهليكل
الثاين (دمر اهليكل الثاين عام 70ميالدية عىل يد امللك تيتوس القائد الروماين).
22
مقــدمة املؤلفني
23
الرئييس احلاخام يتس�حاق جينزبورج يف اجلمعية اإلرسائيلية للييديش ((( ،الذي هو بمثابة أب
روحي لنا.
تن َّقل احلاخام بني أجزاء كبرية من الكتاب ،وع َّقب لنا عىل الكثري من الظاهر واملخفي منه،
وقد تم تصويب القضايا األخرى املتباينة داخل الكتاب ،بدون اإلش�ارة إىل أمور ليس�ت ذات
عالقة ،تتعلق باسم الرايب ،وأضاف بعض اإلضافات مل ترد يف املتن نفسه.
كما نق�دم الش�كر للحاخام يوس�ف بالي م�ن اجلمعية اإلرسائيلي�ة للييدي�ش ،الذي قام
بالتجهي�ز املبدئ�ي للكت�اب ،وأعطى الكثري من وقت�ه لتوضيح األمور الش�ائكة التي وردت يف
الكتاب.
يتسحاق شابريا ،ويوسيف يرمياهو إليتسور
املعهد التورايت ملدرسة «يوسف ما يزال ح ًّيا»
ليسرتيح يوسف الصديق يف مرقده ،آمني.
((( اللغة الييديشية (ייִדיש ،يديش/אידיש ،ایدیش) (باإلنجليزيةYiddish :) لغة جرمانية يتحدث هبا ما يقرب من 3
ماليني شخص حول العامل ،وأغلبيتهم هيود أشكناز .االسم يديش هو يديشية لكلمة «هيودية» وقد تكون تقصري
لـ «ييديش-تايتش» (דיש־טײַטש) أو أملانية-هيودية .
أصل اللغة الييديشية ليس معرو ًفا بالتحديد ،ولكن بدأت هذه اللغة يف حوايل القرن العارش امليالدي بني اليهود يف
وخصوصا پولندا ،وبعد احلروب الصليبية أخذت ً أملانيا ،ربام كلغة جتارية ،ومع هروب اليهود إىل رشق أوروبا،
اللغة كلامت وقوانني من اللغات السالفية.
24
املضمون باختصار
يف الكت�اب ال�ذي بني أيدين�ا نحن نحظر قت�ل غري اليه�ودي ،يف أوقات الس�لم وأوقات
احلرب.
يف الفص�ل األول ،هنت�م بمص�در حظر قت�ل غري اليه�ودي ،الذي ال يتعدى على الوصايا
السبع ألبناء نوح.
يف الفصل الثاين ،نفرس حكم غري اليهودي الذي ال يلتزم بالوصايا السبع.
يف الفص�ل الثالث ،نطرح عالقة غير اليهودي الذي يتعرض خلطر م�ا ،والطريق الوحيد
إلنقاذه يتمثل يف قتل غري هيودي آخر.
يف الفصل الرابع ،ننظر يف مسألة حظر تضحية اليهودي بحياته إلنقاذ غري هيودي.
يف الفصل اخلامس ،نناقش احلرب وفق ما تعلمناه من الفصول السابقة ،لنرى أي فرضيات
ممكنة يف حاالت خمتلفة أثناء احلرب.
يف الفص�ل الس�ادس ،نتحدث ع�ن رضورة إيذاء فئة بريئة يف حاالت حمددة ،وعن س�بب
السامح بذلك.
يف هناي�ة الكت�اب ،نط�رح نتائج كل فص�ل من الفصول الس�ابقة باختصار ،وه�ذه النتائج
حتددت عىل أساس ترتيب الفصول.
(ويف الوقت نفسه تساعد عىل فهم الكتاب وترتيبه).
ونؤكد أنه بتطرقنا إىل مسألة احلرب يف هذا الكتاب ،فإننا نقصد خوض احلرب يف مواجهة
أعداء يلحقون بنا األذى (مساعدة اليهودي من يد أعدائه).
25
ولن نتطرق إىل قضايا مثل رضورة قتل كل ذكر (كام ورد يف العهد القديم ،وبشكل مبسط
يف حالة احتاللنا ملكان ما ،وس�يطرتنا عليه) قتل س�بعة شعوب ،أو عامليق ،أو الدعوة للسالم،
أو إلزام اإلبقاء عىل إحدى اجلهات مفتوحة ،أو السماح باخلروج حلرب مل تفرض دين ًّيا (س�واء
م�ن ناحي�ة اخلطر الذي يتعرض له اليهود الذين خيوضون احلرب ،أو من ناحية الرخصة بش�ن
احلرب ضد غري اليهود) ،وغريها من قضايا.
تل�ك األح�كام بحاجة إىل املزيد من اإليض�اح (الذي يعتمد بدرجة كبيرة عىل ما ورد يف
الكتاب) ،وهو ما سيحدث الح ًقا بإذن اهلل.
26
الفصل األول
س�نناقش يف هذا الفصل إحدى النواهي التي ُفرضت عىل أبناء نوح ،والتي تنص عىل أن:
«ال تقت�ل» ،وال نقص�د بذلك ما ورد يف الوصايا العرش ح�ول حظر قتل اجلوى)*( ،وحظر قتل
اليه�ودي لغير اليه�ودي .وتناقش مالحق الفصل بدوره�ا قضية التزام اليه�ود بالرشائع التي
ُفرضت عىل أبناء نوح.
27
يتعرض الرايب موسى بن ميمون هنا لغري اليهودي الذي يقتل غري هيودي آخر.
-2ال تقتل
كتب الرايب موسى بن ميمون يف «رشائع القتل» (الفصل األول) ،الترشيع األول:
كل م�ن يقت�ل هيود ًّي�ا ( )3يعد متعد ًي�ا؛ وف ًقا حلظر القتل ال�ذي ورد يف العهد
القديم ،وإذا قتل عمدً ا أمام شهودُ ،يقتل بالسيف...
ح�ري بن�ا أن نشرح أن مقولة «ال تقتل» يقصد هبا فحس�ب اليهودي ال�ذي قتل هيود ًّيا
آخ�ر ،ولي�س اليهودي الذي قتل غري اليه�ودي ،حتى لو كان غري اليهودي م�ن األتقياء( .)4يف
الوقت الذي أكد فيه الرايب إليعيزر مميتس רבי אליעזר ממיץ ،يف كتابه «يرائيم יראים)*(» )5( ،أن
قت�ل غير اليهودي ليس ضمن املعاين املقصودة يف مقولة «ال تقتل» .كام ورد يف كتاب «منحات
حينوخ מנחת חינוך )**(»(يف بداية الوصية :)34
حُيظر قتل النفس ،كام ورد يف العهد القديم «ال تقتل» ...حُيظر قتل غري اليهودي
أيضا (.)6
حتى إذا كان اجلار توشاف גר תושב )***(،فهو منهي عن قتله ً
من هنا ،هنتم بمقولة «ال تقتل» التي تتيح لنا أن نتعلم حظر قتل غري اليهودي (.)7
-3القصاص
أورد الرايب موسى بن ميمون يف اجلزء الثانى من «رشائع القتل» ،ما يىل:
[ ]10م�ن قت�ل هيود ًّيا أو عب�دً ا كنعان ًّي�ا)****(ُ ،يقت�ل ]11[ ...أما اليهودي
ال�ذي قتل (جار توش�اف) ال حُياك�م كام ورد يف العهد القدي�م؛ ألنه حُيظر تعدي
)*( «يرئيم יראים» :كتاب من تأليف الرايب إليعيزر مميتس רבי אליעזר ממיץ.
)**( «منحات حينوخ מנחת חינוך» :أي اهلدية التعليمية ،وهو أحد كتب التفاسري اليهودية التي تعرض ً
رشحا تعليم ًّيا
لألوامر الـ ( )613الواردة يف العهد القديم.
)***( اجلار توشاف :هو غري اليهودي الذي ال يعبد األوثان ،ولكنه ملتزم فحسب بوصايا نوح السبع ،أي أنه ال يعترب
هيود ًّيا باملعنى الكامل.
)****( املقصود بالعبد الكنعاين أو األ َمة الكنعانية :هو العبد أو األ َمة التي يشرتهيا هيودي ،ووف ًقا للرشيعة اليهودية
فإن هذا يعد بمثابة نوع من التهويد ،وطوال فرتة وجوده لدى اليهودي يكون ملز ًما بمعظم الفرائض الواردة يف
التوراة.
28
شخص عىل شخص آخر ،وال توجد رضورة ألن نقول إن قتل غري اليهودي أمر
حمظور .ومن يقتل عبيدً ا آخرين ،أو حتى إذا قتل عبده هوُ ،يقتل؛ ألنه تعدى عىل
الوصايا ومرياث الرب.
بعب�ارة أخ�رى ،اليه�ودي الذي يقتل غير اليهودي ،حت�ى ولو كان غير اليهودي جار
توش�اف ،لس�نا ملزمني بتقديم�ه للمحاكمة( .)8جار توش�اف هو غري اليه�ودي ليس من حق
املحكم�ة أن تدينه بالقتل اللتزامه بالوصايا الس�بع( ،)9حتى إذا كان م�ن أتقياء الناس ( ،)10كام
كتب الرايب موسى بن ميمون يف رشائع حظر املضاجعة (:)7 :14
أي أن اجلار توش�اف ،هو غري هيودي ريض أال يعبد األوثان ،مع حفاظه عىل
الوصاي�ا التي ُأم�ر هبا أبناء نوح...إذ إنه قد أخذ عهدً ا عىل نفس�ه بااللتزام بذلك
فهو من أتقياء الناس..
ال جي�وز قت�ل اليه�ودي الذي ارتك�ب جريمة قتل ،حتى ولو قتل جار توش�اف ،ويش�دد
ال�رايب موس�ى بن ميمون عىل التفرقة بني اجلار توش�اف وبني العبد الكنع�اين ؛ فالعبد الكنعاين
هو شخص غري هيودي ريض أن يكون عبدً ا ليهودي ،وهو ما يعد بمثابة هتويد؛ مما جيعله ملز ًما
بمعظم الفرائض الواردة يف التوراة ،وبذلك فهو « ُيضاف عىل مرياث الرب)*(» ( ،)11ما مل يكن
جار توشاف.
على كل حال ،يتحدث الرايب موس�ى بن ميم�ون عن العقوبة فحس�ب ،لكن بكل تأكيد
حُيظر قتل اجلار توش�اف ،وليس هذا فحس�ب ،بل حُيظر قتله حتى وإن مل يأمرنا الرب باحلفاظ
عىل حياته (كام سريد الح ًقا) .وكذا أورد الرايب موسى بن ميمون ،بالتحديد يف هذه احلالة ،عىل
أنه ال ُيقدم للمحاكمة« :ال نقدمه للمحاكمة» – مغزى كالمه أن األمر حمظور .كام يشري كتاب
«كيسيف مشنيه כסף משנה )**(» إىل أن األمر يقترص عىل العقوبة اإلهلية.
وهو ما قال عنه حاخامنا من أنه ما مل تتم حماكمته يف الدنيا ،فام تبقى هو العقوبة اإلهلية.
)*( ألن الرشيعة اليهودية تعترب اليهود هم مرياث الرب ،ولذلك عندما يلتزم العبد الكنعاين بفرائض الرب ،يزيد هذا
من مرياث الرب.
)**( «كيسيف مشنيه כסף משנה» :هو كتاب من وضع الرايب يوسف كارو רבי יוסף קארו ،وهو أحد املؤلفات التي
تتناول مؤلف الرايب موسى بن ميمون األكرب «مشنيه توراة משנה תורה».
29
– 4أقوال الرابي موسى بن ميمون يف شرائع عبادة األوثان
كتب الرايب موسى بن ميمون يف «رشائع عبادة األوثان» ،اجلزء العارش:
سلاما؛ حيث إنه ورد يف العهد القديم ال
ً [ ]1ال تقطع عهدً ا ،وال تقيم معهم
سلاما ،وال تأخذك هبم ش�فقة أو رمحة ،وال تس�اعدهم، ً تقطع معهم عهدً ا ،وال
ش�خصا من عبدة األوثان يغرق يف هنر ،فليرتكه ،أو إذا ش�اهدهً وإذا ش�اهد أحد
يم�وت ،فلا ينقذه ،لك�ن ال جيوز دفعه يف البئر أو ما ش�ابه ذلك؛ ألن�ه ليس بيننا
وبينه حرب...
[ ]2من ذلك تتعلم أنت أنه ال جيوز عالج عبدة األوثان ،حتى ولو باألجر...
نظرا ألنك ُأمرت باإلبقاء عىل حياته بدون مقابل (.)12
وجار توشاف؛ ً
نستنتج من ذلك أن هناك ثالث ( )13درجات لغري اليهود/اجلوييم:
-1جار توشاف :وهو من ترك عبادة األوثان ،ولكنه مل يقبل سوى بالوصايا السبع ألبناء
نوح فحسب ،وبالتايل حُيظر قتله.
ويظر قتله
-2غير اليهودي ال�ذي ال يدخل معنا يف ح�رب ،وحمظور إنقاذه من امل�وت ،حُ
أيضا.
ً
-3غري اليهودي الذي يدخل معنا يف حرب.
يأمرنا الرب باحلفاظ عىل حياة اجلار توش�اف ( )14ـ كام كتب الرايب موس�ى بن ميمون يف
الرشيعة الثانية ( ،)15ورغم أنه ورد بوضوح حظر لقتله ( ،)16إال أننا جيب أن نفرس أن حظر قتل
غري اليهودي ال ينسحب عىل اجلار توشاف.
-5حدود التحريم
كام جاء يف «مدراش رابا )*(» حول ما ورد يف سفر اخلروج (:)14 :21
وإذا بغى إنس�ان عىل صاحبه ليقتل�ه بغدر ،فمن عند مذبحي تأخذه للموت»
يقص�د صاحب�ه بالتحدي�د ( .)17يقول الرايب إيسي بن عقيفا يف هذا الش�أن :قبل
)*( مدراش رابا מדרש רבא :هو االسم الذي ُيطلق عىل جمموعة املؤلفات التي تتناول أسفار العهد القديم بالتفسري.
30
ن�زول التوراة تم حتذيرنا بعدم س�فك الدم�اء ،أما بعد نزول الت�وراة ،تم ختفيف
بعض املحظورات ،وتم استبدال بعقوبة القتل الدنيوية عقوبة أخروية.
يمكنن�ا الق�ول ،م�ن خالل كلم�ة «صاحب�ه» ،إن م�ن يقتل غري اليه�ودي ال ُيقت�ل(.)18
وبع�د ذل�ك ،ي�أيت ال�رايب إيسي ب�ن عقيف�ا م�ن جدي�د ليفرق بين م�ا «قبل ن�زول الت�وراة»،
عندم�ا كن�ا ضم�ن ذرية ن�وح ،وبني «بع�د تلقي الت�وراة» ،وج�اء يف كتاب «مريكيفيت مهش�نا
מרכבת המשנה)*(» ح�ول الفق�رة الت�ي وردت يف «املخيلت�ا מכילתא)**(» التي تق�ول «لقد تم
ختفي�ف الرشائ�ع» ،وبعب�ارة أخرى ،ه�ل يعنى هذا أنه يف الوق�ت الذي نزلت في�ه التوراة ،قام
ال�رب تب�ارك وتعاىل بتقلي�ل الوصايا التي كنا نلتزم هب�ا بالفعل ،ومن املحظ�ورات التي كانت
مباحة لنا؟ ولذلك حُيظرعلينا سفك دماء غري اليهودي حتى اآلن.
أيضا مم�ا ورد يف «املخيلتا» ح�ول الفقرة التي تق�ول« :وبالفعل لقدبن�اء على ذلك ،نفهم ً
قال�وا إن :»...على الرغم من أنه حُيظر عىل اليه�ودي قتل غري اليهودي ،وكذلك حُيظر عىل غري
اليه�ودي قتل غري اليهودي ،وكام كان الوضع قب�ل تلقي الرشيعة؛ حيث كان ثمة اختالف بني
اليهودي وغري اليهودي :غري اليهودي الذي يقتل غري اليهودي يستحق القتل ،بيد أن اليهودي
ال�ذي يقترف نفس اإلث�م ال ُيقتل :ألنه بع�د تلقي الرشيعة ص�ار اليهودي ملز ًم�ا باألوامر الـ
(***)613ال�واردة يف الت�وراة ،ومن أجل معاقبة ش�خص ملتزم هب�ذه األوامر ،جيب أن يكون
ق�د ارتكب جريمة خطرية ،وال يمكننا أن نكتفي بالوصايا الس�بع ألبن�اء نوح وما تضمنته من
عقوب�ات( .)19ولذلك فإن اليهودي الذي يقتل غري اليهودي ال يمكن قتله ،و«حس�ابه مرتوك
إلله السموات»(.)20
ولق�د تعلمن�ا من أقوال إييس ب�ن عقيفا يف «املخيلتا» ،من أنه حُيظ�ر عىل اليهودي قتل غري
أيضا
اليه�ودي ،وهو احلظ�ر الذي ينبع من حتريم القتل عىل أبناء نوح ،لق�د تعلمنا من هذا أننا ً
ملزم�ون هب�ذا احلظر ( .)21ولكن احلظر اخلاص الذي ُأضيف م�ن أجلنا ،أي «ال تقتل»ُ ،يقصد
به قتل اليهودي فحسب ،ولذلك يمكن توقيع عقاب خمفف عليه ،كام ورد يف املثال السابق من
خالل كلمة «صديقه»(.)22
)*( «مريكيفيت مهشنا מרכבת המשנה» :أحد الكتب التي تم تأليفها حول مؤلف موسى بن ميمون األكرب «مشنيه توراة
משנה תורה» ،الكتاب من وضع الرايب شلومو حملم רבי שלמה מחלם.
)**( «خميلتا מכילתא» :هو أحد كتب التفاسري الكربى التي تتناول أسفار التوراة اخلمسة بالرشح.
)***( املقصود بذلك عدد الفرائض الواردة يف التوراة ،والتي تم إلزام اليهود هبا.
31
-6ليس مثة شيء مباح لليهود وحمظور على غري اليهود
أيضا ،بالوصايا الس�بع املفروضة عىل
يرج�ع هذا يف األس�اس إىل أن اليه�ود ملزمون ،هم ً
أبناء نوح ،وهو نفس املعنى الوارد يف السنهدرين)*( يف اجلامرا (:)1 :59
وحمظورا عىل غري اليهودي.
ً مباحا لليهودي
ليس ثمة دليل عىل أن هناك شي ًئا ً
وحمظ�ورا عىل عبدة
ً مس�موحا لليهود
ً [ تفسير رايش )**(] مل ي�رد يشء يؤكد أن ثمة ش�ي ًئا
األوثان؛ألن تفضيلهم عىل بقية البرش ال يعنى ختفيف الفرائض عليهم.
وهذا بالضبط ما ورد يف «املخيلتا»« :لقد تم ختفيف الرشائع» (.)23
ش�دد الرايب موس�ى بن ميمون عىل هذا املبدأ ،من أن اليهود ملتزمون بالوصايا الس�بع ،يف
بداية حديثه حول الوصايا السبع (يف بداية الفصل التاسع من «رشائع امللوك»):
لق�د أوىص ال�رب آدم أب�ا البشر بس�ت وصاي�ا ،وه�ي :االمتناع ع�ن عبادة
األوث�ان ،وع�دم الرشك باهلل ،وعدم س�فك الدم�اء ،وعدم إتيان املح�ارم ،وعدم
الرسقة ،وتس�وية اخلالفات بني الناس ...وعىل الرغم من أننا بالفعل تلقينا مجيع
ه�ذه الرشائع عن طريق س�يدنا موس�ى ،غري أن هن�اك تأكيدً ا عىل ه�ذه الرشائع
بالتحدي�د م�ن بني س�ائر الرشائع التوراتي�ة ،وأضيف ألبناء ن�وح حظر أكل أي
ج�زء م�ن أج�زاء احليوان احلي ،كما ورد يف العه�د القديم أن «ال تأكل�وا حيوانًا
ح ًّيا» ،وهذا من أجل املحافظة عىل نس�ل نوح من خالل الوصايا السبع ،واستمر
األمر عىل هذه الصورة حتى جميء إبراهيم ،الذي ُأمر بنفس الوصايا بزيادة كلمة
واح�دة ،وهي صالة الفجر ،وقام إس�حاق بتحديد عرش وصاي�ا ،وأضاف إليها
صلاة أخرى قبي�ل طلوع الش�مس ،ثم أضاف يعق�وب رشيعة «عرق النس�ا»،
وأدى صلاة العش�اء ،ويف مرص ُأمر (عم�رام עמרם)***() بوصايا إضافية ،حتى
جاء موسى واكتملت التوراة عىل يديه (.)24
)*( سنهدرين סנהדרין :هي أكرب هيئة قضائية كانت خمتصة بالنظر يف الشئون الدينية ،وترد كل التفاصيل بشأهنا يف
الفصل الذي حيمل االسم نفسه ،وهو الفصل الرابع من الكتاب الرابع من الكتب الست التي تكون التلمود.
)**( هو الرايب شلومو بن يتسحاق רבי שלמה בן יצחק ( ،)1105 – 1040حاخام فرنيس له مكانة حمورية يف الديانة
اليهودية ،فهو أكرب مفرسي العهد القديم والتلمود.
)***( عمرام עמרם :بحسب العهد القديم ،هو والد نبي اهلل موسى.
32
بعب�ارة أخ�رى ،ف�إن الوصايا الس�بع تع�د بمثاب�ة إرهاصات للرشيع�ة ،التي قام موس�ى
باس�تكامل تلقيها ـ بدون إلغاء الوصايا الس�ابقة هلا ،والتي كنا ملزمني هبا من قبل( )25ـ إ ًذا فإنه
حمظورا علينا قتل غري اليهودي قبل تلقي الرشيعة ،فاحلظر يمتد كذلك بعد تلقيها.
ً إذا كان
-7قياسات أخرى
باس�تثناء حظ�ر قت�ل غري اليه�ودي ال�وارد يف الت�وراة؛ ألن هذا س�يؤدى إىل «س�فك دم
اإلنس�ان»ـ رأينا أن نقتبس مما أورد احلكامء يف «تنا دابى إلياهو תנא דבי אליהו )*(»( ،من طبعة
ايش ش�الوم -الفقرة ،)26حول حتريم قتل األغي�ار ملا ينطوي ذلك عىل إهانة للرب ،وأن من
يقتل غري اليهودي ،يعد كمن قتل هيود ًّيا يف هناية األمر.
َ ...من يسفك دم غري اليهودي ،هو يف هناية األمر سافك دم هيودي ،ومل مُتنح الرشيعة من
أجل ذلك ،بل من أجل تقديس الرب تبارك وتعاىل.
وعلى غرار هذا املث�ال ،توجد عدة رشائع ُم ِ
لزمة بأال نلح�ق األذى باألغيار (حتى هؤالء
الذين يتعدون عىل الوصايا الس�بع ألبناء نوح ،والذين يس�تحقون القتل كام سيتضح يف الفصل
الث�اين) ،وذل�ك من أجل عدم تدنيس اس�م ال�رب ( .)26وهناك عدة أوام�ر وردت يف عدد من
املصادر من أجل منع الضغينة ونرش احلق( ،)27وإفشاء السالم(.)28
وال شك جيب علينا يف قضية حتريم قتل غري اليهودي ،أن نأخذ بعني االعتبار هذه األهداف
بام يتفق والواقع.
-8ملخص
-1حُيظر عىل غري اليهودي قتل صديقه ،وإن قتل ُيقتل.
-2مقولة «ال تقتل»ُ ،يقصد هبا اليهودي فحسب الذي يقتل هيود ًّيا.
-3اليهودي الذي يقتل غري اليهودي ،لسنا مضطرين لقتله.
-4حظ�ر قتل اليه�ودي لغري اليه�ودي نابع من أنه حُيظ�ر عىل غري اليه�ودي أن يقتل غري
اليهودي ،بعبارة أخرى :كام ورد يف هذه الفقرة «سافك دم اإلنسان»؛ ألنه «ال يوجد
ما هو مسموح لليهود وحمظور عىل غري اليهود».
)*( تنا دابى إلياهو תנא דבי אליהו :هو أحد املؤلفات التي تُنسب للنبي إلياهو.
33
امللحق األول
مباحا لليهود وحمظو ًرا على األغيار
مل يرد أن هناك أم ًرا ً
ذكرن�ا يف مت�ن الفص�ل األول أن حظر قتل األغي�ار ينبع من حظر قتل غير اليهودي لغري
اليهودي ،ألنه« :مل يرد يشء مباح لليهود وحمظور عىل األغيار».
كام سنسهب أكثر يف هذا امللحق يف ذكر املصادر والدروس املستفادة التي تعلمناها من
تلك األحكام.
ورد يف السنهدرين يف اجلامرا ( )1 :75ما يىل:
ق�ال «ال�رايب ي�ويس רבי יוסי )*(» :إن أي رشيعة ُفرضت على أبناء نوح وتم
ذكرها يف س�يناء ،ه�ي رشيعة ملزمة جلميع البرش .أم�ا إذا ُفرضت عىل أبناء نوح
ومل يرد ذكرها يف سيناءُ ،يقصد هبا اليهود وحدهم دون بقية البرش...
كما قال :أي رشيعة ُفرضت عىل أبناء نوح وتم ذكرها يف س�يناء ،هي رشيعة
ملزم�ة جلميع البرش .وعىل النقيض ،فإن الرشيعة التي تكررت يف س�يناءُ ،يقصد
هب�ا هم اليهود وحدهم دون بقية البرش ،بي�د أن اليهود واألغيار ملتزمون بعقوبة
عب�ادة األوث�ان .أما الرشائع التي ُفرضت عىل أبناء نوح ومل يرد ذكرها يف س�يناء،
املقص�ود هب�ا اليهود وحدهم ،وعلى النقيض من ذلك ،ما مل يرد ذكره يف س�يناء،
ُيقصد به أبناء نوح فحسب.
وحمظورا عىل األغيار ،وإذا قيل إن هذا غري
ً مسموحا لليهود
ً مل يبلغ إىل علمنا أن ثمة ش�ي ًئا
صحيح ،فامذا عن حالة املرأة التي تؤخذ أسرية يف احلرب؟
)*( الرايب يوسى רביי יוסי :من األمورائيم ،وقد عارص اجليل الثالث هلم.
34
أدرك�ت اجلامرا أن الوصايا الت�ي وردت قبل تلقي الرشيعة ومل تتكرر بعد ذلكُ ،يقصد هبا
نظرا ألنه ال
اليهود وحدهم ؛ ألنه يستحيل القول بأن تلك الوصايا ُيقصد هبا األغيار فحسبً ،
توجد رشائع ُيقصد هبا األغيار وحدهم ،فكل ما ُأمر به األغيار ملزم لليهود.
وتتش�دد اجلامرا يف هذه النقطة استنا ًدا إىل حكمي :أسرية احلرب (إيشيت يفات توئار)*()
وحكم الرسقة ،وحتدثنا دائماً التوراة عن وجود اختالف بني اليهود واألغيار فيام يتعلق باملسموح
واملحظور ،بيد أن ليس ثمة اختالف يف جوهر اإللزام بالرشائع.
ون�رى من خالل الفقرة الت�ي أوردناها من اجلامرا ،أن مجلة «ليس ثمة يشء يؤكد أن هناك
وحمظورا عىل األغيار» ،تعد فرضية بس�يطة ،يمكن وف ًق�ا هلا أن تقرر اجلامرا
ً مباح�ا لليهود
أم�را ً
ً
كيف يمكن دراسة الفقرات املختلفة.
وترد نفس هذه الفرضية يف موضعني آخرين يف السنهدرين يف الصفحة اخلامسة واخلمسني،
الفقرة األوىل:
ُس�ئل الرايب شيش�يت :ما ه�و حكم غري اليه�ودي الذي يضاج�ع هبيمة؟...
فأج�اب قائًل�اً :م�اذا قالت الت�وراة عن الش�جرة الت�ي ال يؤكل م�ن ثامرها ،وال
نش�تم منها راحة طيبة ،أمل تقل «دمروها ،احرقوها ،اقضوا عليها»؟ ألهنا تتسبب
لإلنسان يف رضر ربام يؤدى إىل موته.
قياس�ا على ذل�ك ،فإن غري اليه�ودي الذي يضاجع هبيم�ةُ ،يعاقب كالمه�ا بالرجم حتى ً
املوت ،أما عن سبب قتل البهيمة ،فذلك ألهنا تسببت يف قتل غري اليهودي ،لكنها مل تتسبب له
يف خ�زي وعار؛ ألن هذا ه�و دين األغيار ،فهم يضاجعون البهائ�م وال خيجلون من ذلك .أما
اليهودي الذي يضاجع هبيمة يف املقابل ،فإنه يلحق به العار واخلزي إىل جانب أنه سيفقد حياته
بسببها.
ويؤك�د الرايب أبي�ي)**( هذا عندما يقول إن «هذا عاره كبري ،وذلك عاره قليل» ثم ُس�ئل
احلاخ�ام راب�ا :ملاذا يف حالة اليهودي الذي يس�جد لبقرةُ ،يقتل الش�خص وال تُقت�ل البقرة ،أمل
تتسبب له يف رضر تستحق عليه املوت؟
)*( املقصود هي املرأة التي تؤخذ يف احلرب من العدو ،وتتحدث العبارة عن احلالة التي يرغب فيها أحد أفراد اجليش
املنترص أن يتزوج هذه املرأة ،ولذلك فالتوراة تنظم هذه العملية بحيث حتفظ هلا حقوقها.
)**( الرايب أبيي ،يعرف باسم نحامين ( 338-280ق.م) ،وينتمي للجيل الرابع من األمورائيم.
35
فأجاب :يف حالة مضاجعة البهيمة ،فإهنا بخالف الرضر الذي تس�ببت فيه ،قد استمتعت
بالذنب املرتكب ،وهو ما مل حيدث يف حالة سجود اليهودي هلا.
تري�د اجلمارا أن نتعلم من حكم الش�جرة التي ت�م عبادهتا كام تُعبد األوث�ان ،والتي تقول
أيضا تُقتل .لكن اجلامرا
الت�وراة إننا جي�ب أن نضحي هبا ،إن البهيمة التي يعبدها غري اليهوديً ،
تقول إن هذا ليس ممكنًا؛ ألنه معروف لنا أن البهيمة التي يمتلكها اليهودي والتي تم عبادهتا كام
تُعب�د األوث�ان ،ال تُقتل( ،)29وال حُيتمل أنه يوجد يشء مباح لليهود (أي أن يظل يملك البهيمة
التي تم عبادهتا) ،وحمظور عىل األغيار ( )30؛ ولذلك يس�تمر كال احلاخامني يف الفقرة الس�ابقة
يف تفسير ـ كل منهام بطريقته ـ الس�بب يف أن ثمة فار ًقا بني الش�جرة والبهيمة ،وأن البهيمة ال
تُقتل ،س�واء كانت لدى هيودي أو لدى أحد األغيار .وهنا اجلامرا تعلمنا حكم الرشيعة من أنه
ال يمكن أن يكون هناك أمر مباح إلرسائيل وحمرم عىل األغيار.
أيضا يف اجلامرا:
وحول نفس النقطة ورد ً
وقال الرايب إليعيزر ،قال الرايب حنينا :ابن نوح الذي ضاجع زوجته من الدُّ ُبر
ـ هو مذنب ،كام ورد« :وتعلق بامرأته» ـ ال «عىل غري عادته» .قال احلاخام رابا:
مباحا ،ولألجنب�ي غري مباح ( ،)31لكن�ه ورد :ابن نوحال يوج�د يشء إلرسائي�ل ً
الذي ضاجع زوجة صديقه من الدُّ ُبر ـ غري مذنب ،فقد ورد أن «وتعلق هبا »– ال
«غري عادهتا».
وتعلمن�ا اجلمارا من فرضية «مل ي�رد يشء» أنه ال يمكن القول إن�ه حُيظر عىل غري اليهودي
مضاجعة زوجته من الدُّ ُبر ،ولذلك من الرضوري أن نقول إن أقوال الرايب حنينا هي للتخفيف
عن األغيار ،وليس حلظر األمر عليهم أكثر من اليهود.
يف اجلامرا يف فصل حولني ( )1:33تظهر هذه القاعدة يف سياق آخر:
وف ًق�ا مل�ا تقدم ،قال الرايب ش�معون بن لقي�ش)*( :إذا ذبح�ت القصبة اهلوائية
اخلاصة بالبهيمة ،وبعد ذلك أحدث ثقب يف الرئتني – فهي صاحلة لألكل (يقول
رايش :ألن الرئتني ترتبطان بالقصبة اهلوائية ،وحينئذ يبدو األمر كام لو أهنا ُانتزعت
ووضعت يف سلة ،ومل تقرتب منها هبيمة أخرى)... بالكامل من البهيمة ُ
)*( الرايب شمعون بن لقيش רבי שמעון בן לקיש ،أو ريش لقيش ריש לקיש :من كبار أمورائيي اجليل الثاين يف فلسطني،
ً
تلميذا للرايب يوحانان. وكان
36
قال الرايب أحا بار يعقوب )*( إننا نتعلم مما قاله الرايب شمعون بن لقيش أنه :يمكن دعوة
هي�ودي لي�أكل من األحش�اء ،أما غري اليهودي فال ؛ ما هو مغزى األم�ر؟ إن األمر لدى اليهود
يتعلق بمس�ألة الذبح نفس�ها ،أما األغيار فإهنم يكتفون بطعن احليوان (أي يف أحشائه) بطريقة
تنايف الدين؛ لذا فإنه ُيعترب حلم حي.
قال الرايب بابيه )**( إن الرايب أحا بار يعقوب يتحدث هنا عن قاعدة «مل يرد يشء.»..
حتدثن�ا يف «الربايت�ا» ع�ن رأي خيتلف مع ما ذهب إليه الرايب أحا ب�ار يعقوب :من يريد أن
ي�أكل م�ن حلم هبيمة قب�ل أن تلفظ أنفاس�ها ،عليه أن يقطع م�ن حلمها جز ًءا بحج�م الزيتونة،
ويق�وم بتنظيف�ه ومتليحه جيدً ا ،ثم ينتظر حت�ى خترج روح البهيمة ثم يأكلها ،وينس�حب األمر
عىل اليهود واألغيار.
وحيدثنا الرايب إيدي بار افني ،عن أن الرايب يتس�حاق باراش�يان يقول األمر نفس�ه ملن يريد
العالج.
تورد اجلامرا حالة يف الفقرة السابقة ،يعتقد خالهلا الرايب أحا بار يعقوب أن اللحم املحرم
أكله عىل غري اليهود ،مسموح به لليهود .ويشري الرايب بابيه أنه ألول وهلة هناك صعوبة يف تقبل
ه�ذا األم�ر؛ ألن القاعدة الرشعية تقول إنه ليس ثمة يشء حمظور عىل األغيار يمكن السماح به
لليهود ،لكن يبدو أنه يمكن قبول هذا لوجود مغزى ال بأس به هنا ،وكام يرشح الرايب ش�لومو
بن أديرت)***(:
وألن املغ�زى ال�ذي قال�ه ،ال عالقه له بمقول�ة «ال يوج�د يشء» ،كام ورد يف
الس�نهدرين «مل ي�رد أن ثم�ة ش�يئًا حاللاً عىل إرسائي�ل ً
حراما على األغيار» فهو
أيضا «وها هي أسيرة احلرب مباحة إلرسائيل وحمرمة عىل خيربنا باملغزى بإجيازً ،
األغيار» ،ويضيف «هذا ألهنم غري ملتزمني بوصية احتالل األرض» )****(.
ويمكن القول إن :واقعة األحش�اء التي يذكرها الرايب أحا بار يعقوب تتش�ابه مع حكم
)*( الرايب أحا بار يعقوب רבי אחא בר יעקב :من حكامء اليهود يف بابل (األمورائيم).
)**( الرايب بابيه רב פפא :من حكامء اليهود يف بابل (األمورائيم).
)***( الرايب شلومو بن أديرت :من كبار رشاح العهد القديم والتلمود ،وهو مؤلف كتاب األسئلة واألجوبة يف القرن
الرابع عرش امليالدي.
)****( بحسب الرايب موسى بن نحامن ،فإن اليهودي ملزم من ِق َبل ربه بعدم ترك أرض إرسائيل يف أيدى األغيار،
وأهنم مأمورون عىل طول الزمان باحتالهلا ،أي استعادهتا.
37
أسرية احلرب ،والذي يوجد فيه فرضية خاصة تفرق بني اليهود واألغيار ؛ ومنه نصل إىل إباحة
ونظرا ألهنم يقيس�ون هبذه الطريقة
األم�ر لليه�ود؛ وذلك ألنه ثم�ة حكم للذبح لدى اليه�ودً ،
موت البهيمة أي بحس�ب س�اعة الذبح ،ال بحسب س�اعة املوت؛ وبالتايل نستنتج أن األحشاء
ال تُع�د يف ه�ذه احلال�ة حلًم�اً ح ًّي�ا؛ وهكذا وجدنا أن�ه ليس ثمة أم�ر مباح لليه�ود وحمظور عىل
األغيار(.)32
عىل أيه حال ،فإن استنتاج اجلامرا ينطوي عىل معنى مفاده أن رأي الرايب أحا بار يعقوب مل
أيضا لألغيار ،ولذلك فنحن لسنا بصدد واقعة حتتوى عىلتقبله الرشيعة ،وأن هذا اللحم مباح ً
أمر مباح لليهود وحمظور عىل األغيار (.)33
يف ه�ذه احلال�ة ،فإننا نرى أنه ليس ثمة خالف حول قاعدة «ال يوجد يشء مباح إلرسائيل
وحمظور عىل األغيار».
ونضيف عىل ذلك فنقول :إن الفقرات التي وردت يف اجلامرا بش�أن س�فك دماء ،مل يكن
أيضا عىل اليهود .وهو ما تقوله اجلامرا يف الس�نهدرين
مقص�ود هبا األغيار فحس�ب ،بل تنطبق ً
ِ
املطارد لدى اليهود: ( )2:72يف الفقرة التي تناقش أحكام
ِ
املط�ارد ال�ذي كان يط�ارد صاحب�ه ليقتل�ه ،يقال ل�ه :إنه هي�ودي مثلك وهو
نصريك ،والتوراة تقول« :سافك دم اإلنسان باإلنسان ُيسفك دمه».
أيض�ا ،ونزول الت�وراة مل يعفهم م�ن التزامهم
ومعن�ى ه�ذا أن احلكم يسري عىل اليهود ً
بوصايا أبناء نوح.
ورد األمر نفس�ه يف تفسير س�فر اخلروج يف مدراش رابا؛ حيث يدرك املفرس وجود حظر
أيضا
إلزهاق اإلنس�ان لروحه يف الفق�رات التي تتعلق بأبناء نوح ،ويعنى ه�ذا أن األمر يتعلق ً
باليهود.
واعترب كتاب «أرحوت حاييم» وكتاب «رابينو أشير» )*( احلكم الوارد يف املدراش بمثابة
)**(
ترشي�ع يؤكد أن احلظر يسري عىل بني إرسائيل كذلك .وكذلك أورد «هابيت يوس�يف»
)*( راينيو أشري بن حييئيل :من أوائل الرشاح يف القرن الرابع عرش.
)**( كتاب هيتم بتفسري رشائع التلمود ،وهو للرايب يوسف كارو רבי יוסף קארו (1575 – 1488م) :من كبار حكامء
اليهود عىل مر العصور ،وواضع كتاب «شوحلان عاروخ שולחן ערוך».
38
ه�ذا احلظ�ر (ب�ل وأورد اخلالف الدائر حول املس�ألة ،وكي�ف يمكننا أن نفه�م رأي املدراش)
واألمر نفسه يف «سفتي كوهني» )*( (.)34
أيضا عىل
وكام فرس لنا الرايب موسى بن ميمون أن الفقرات التي حتظر قتل أبناء نوح سارية ً
بني إرسائيل ،هكذا كتب يف (رشائع القتل :)3-2:2
لكن من استأجر قاتلاً ليقتل صاحبه ،أو أرسل عبيده لقتله ،أو من قام بتقييد
صاحبه ووضعه أمام حيوان مفرتس ،أو ما ش�ابه ،فلقي حتفه ،وكذلك من يقتل
دما وارتكبوا ذنب القتل ،وعقوبتهم ساموية ال دنيوية.
نفس�ه ،كل هؤالء سفكوا ً
وكيف يكون هذا هو احلكم ،أمل يقل النص «س�افك دم اإلنسان باإلنسان ُيسفك
شخصا ناب عنه« ،وأطلب أنا دمكم ألنفسكم» ً دمه»؟ إنه هو القاتل نفسه وليس
ـ إن�ه القاتل نفس�ه« ،م�ن يد كل حي�وان أطلبه» ـ ه�ذا الذي يض�ع صاحبه أمام
حيوان ليفرتس�ه« ،من يد اإلنس�ان أطلب نفس اإلنس�ان» ـ وذلك الذي يستأجر
آخرين لقتل صاحبه ،ويف تفسري الفقرات وردت يف ثالثتهم صيغة طلب؛ لذا فإن
حساهبم مرتوك للسامء.
إ ًذا نح�ن ن�رى أن الرايب موس�ى بن ميم�ون توصل إىل بعض التفاصي�ل التي ختص حظر
حمظورا عليهم ـ فهو
ً حمظورا عىل أبناء نوح ،وفهم ببس�اطة أنه لو كان
ً القت�ل ،م�ن خالل ما كان
حمظور عىل بني إرسائيل كذلك (.)35
حمظورا عىل أبن�اء نوح ،وهو قتل
ً ثم�ة أمر آخ�ر نتعلم منه وجود احلظر من خلال ما كان
اجلنين .ومص�در حظ�ر قتل اجلنين يف اجلامرا هو م�ا قيل ألبناء ن�وح ،كام جاء يف الس�نهدرين
(:)2 :57
وجد الرايب أحا بار يعقوب أنه ورد يف كتاب حكايات حاخامنا :أن ابن نوح
بقاض واحد ،وبش�اهد واحد ،وبدون س�ابق إنذار ،وهذا الش�اهد جيب أنٍ ُيقتل
يكون رجلاً ،وليس امرأة حتى ولو كانت من أقربائه .ويقول الرايب يشمعئيل)**(،
وأيض�ا اجلنني ،ويتس�اءل عن مصدر هذا الكالم؟ ،فيحدثن�ا الرايب هيودا فيقول:
ً
ٍ
بقاض واحد، إن النص التوراتى يقول «وأطلب أنا دمكم ألنفس�كم»ـ حتى ولو
)*( تفسري مشهور لكتاب «شوحلان عاروخ» ،كتبه شبتاي كوهني يف القرن السابع عرش.
)**( الرايب يشمعئيل :من كبار حكامء اليهود يف فرتة اهليكل الثانى وصاحب كتاب «الربايتا».
39
«من يد كل حيوان» ـ أي حتى ولو بدون سابق إنذار« ،وأطلبه ومن يد اإلنسان»
ـ حتى ولو بش�هادة ش�اهد واحد« ،من يد رجل» ـ وليس من يد امرأةَ ،
«أخيه» ـ
وأيضا اجلنني.
حتى من أقارب العائلة؛ ألن الرايب يشمعئيل يقولً ،
ما هو مقصد الرايب يشمعئيل؟ إن النص يقول« :سافك دم اإلنسان باإلنسان
ُيس�فك دمه» ،أي ش�خص مع شخص آخر -وكان سيقول :حتى لو كان جنينًا
يف بطن أمه.
ويتضح يف التوسافوت )*( أنه عىل الرغم من أن اليهودي ال ُيعاقب بالقتل إذا قتل جنينًا،
فإن األمر حمظور بسبب ما ُحظر عىل أبناء نوح.
واألمر نفسه يتضح لدى كثري من احلكامء األواخر( ،)36كام نجد بشكل موجز يف «نشمت
أفراهام» )**(:
وف ًقا للحكامء األوائل واألواخر ،فإن التوراة حتظر قتل اجلنني ،طاملا ال يوجد
خط�ر أو ش�بهة خطر عىل امل�رأة احلبىل .وكذلك كتب يل احلاخ�ام أورباخ ،أطال
مس�موحا
ً اهلل بقاءه« :بام أن ابن نوح ُيعاقب بالقتل عن اجلنني ،فلامذا يكون األمر
لليهودي ،بينام يتم عقاب ابن نوح بالقتل» ،وإىل هنا نص كالمه !
ووجدن�ا يف مواضع عدي�دة يف أقوال احلكامء األوائل ( )37واملحدثين ( )38فرضية «مل يرد
يشء» بمنتهى الوضوح ،وكذلك أوردوا حتديثات ترشيعية عىل هذه الفرضية.
جدي�ر بالذك�ر ،أننا وجدن�ا يف مواضع عدي�دة ،أن قاعدة «مل يرد يشء» ليس�ت صحيحة
)***(
بشكل مطلق .عىل سبيل املثال :يف تفسريات سفري العدد والتثنية لفقرة «وال تأكل النفس
مع اللحم» (تثنية .)23 :12
وال تأكل النفس مع اللحم ـ هذا عضو من جسد حي .واحلكم الرشعي يقول:
وحمظورا على بني إرسئيل،
ً مباحا لبن�ي نوح
كي�ف يك�ون أكل اللحم م�ع اللبن ً
)*( «توسافوت תוספות» :هي إضافات قام حاخامات غرب أوروپا بإضافتها عىل التلمود لتوضيح بعض النقاط
املبهمة ،استغرقت عملية اإلضافة حوايل مائتي عام.
)**( «تشمت أفراهام» كتاب يناقش األحكام والرشائع التي تعود عىل كتاب «شوحلان عاروخ» ،للحاخام أفراهام
سوفري أفراهام ) -1960( ،من مواليد القدس ،وحاصل عىل شهادة الطب من جامعة ليدز اإلنجليزية ،وعميد
كلية الطب باجلامعة العربية بالقدس حال ًّيا.
)***( املقصود بالنفس هنا الدم.
40
وأكل العضو احلي الذي ُحظر عىل بني نوح مس�موح إلرسائيل؟ أسيرة احلرب
وما يش�بهها مثبت أهنا حمظورة عىل أبناء نوح ومباحة إلرسائيل ،وال تتعجب من
مباحا إلرسائيل .والنص
أن العضو احلي ،الذي هو ُحظر عىل أبناء نوح س�يصري ً
يقول :وال تأكل النفس مع اللحم ،فهذا عضو حي.
أيضا عىل إرسائيل ،ولذلك
حمظورا ً
ً مغ�زى م�ا قيل ،أنه ليس كل ما هو حمظور عىل األغيار
نحن يف حاجة إىل فقرة مرشوحة توضح حظر أكل العضو احلي عىل إرسائيل.
ووجدن�ا كذل�ك يف بعض اإلضافات امللحقة بالتلمود :أن الرايب ريش لقيش يتش�دد فيام
خيص قاعدة «مل يرد يشء ،»..ويقول إن التوراة تس�مح بأكل نصف كمية اللحم احلي .بحسب
الت�وراة ،وبحس�ب منهج�ه ،فإنه ي�رى أن ذلك يفت�ح الباب إلمكاني�ة إباحة األم�ر لليهودي،
حمظ�ورا عىل األغيار (ألن ذلك ورد لبني إرسائيل فحس�ب ( .))39وتربر نفس
ً بينما يظل األمر
اإلضافات ،أن القاعدة سالفة الذكر ،بحسب ريش لقيش ،غري صحيحة.
ومعن�ى ه�ذا أن ثمة خال ًفا ح�ول القاعدة املذكورة .وعىل اجلان�ب النظرى ،نجد أنه ليس
ثمة حظر يف التوراة لقتل اجلنني ،أو غري اليهودي ،أو حتى االنتحار (.)40
بيد أنه يتضح أكثر أن تفسيرات س�فري العدد والتثنية ،ورأي الرايب ريش ال ختتلف عىل
اإلطالق مع ما سبق« :قال الرايب يويس بن حنينا :أي وصية ُأمر هبا أبناء نوح وتكررت يف سيناء
– ملزمة لبني نوح وبني إرسائيل .وإذا مل تتكرر يف سيناء ـ فإن املقصود هبا هم بنو إرسائيل.»...
وكما نالحظ ،فإن هذه الفقرة التلمودية تبنى األمور عىل أس�اس قاعدة «مل يرد يشء ،»...وأن
املقصود هو أنه ثمة استثناءات للقاعدة.
وها هي التوس�افوت ختربنا أنه ال يتم االحتكام للقاعدة الس�ابقة فيام خيص الوصايا التي
ُأمر هبا بنو إرسائيل:
وال جيب التش�ديد ،بحسب ما ورد يف السنهدرين عن عقوبة املوت يف حالة
«غير اليه�ودي الذي دنس قدس�ية الس�بت» ،وكذلك غري اليه�ودي املتفقه يف
الت�وراة ()41؛ ألن�ه فيما خيص الوصاي�ا الواجب على اليهود تنفيذه�ا ،ال يمكن
االحت�كام إىل فرضي�ة« :مل ي�رد يشء »...حول أن هذا مب�اح لليهود وحمظور عىل
غريهم.
أي أنه :رغم كون القاعدة السابقة صحيحة ،وبشكل عام بنو إرسائيل ملزمون بكل ما ُأمر
41
ب�ه األغي�ار ـ إذا ما أخربتنا التوراة رصاحة أننا مضطرون لفع�ل يشء حمظور عىل األغيار ،فإننا
نكون بالفعل بصدد أمر مباح لليهود وحمظور عىل األغيار.
ويمك�ن أن نق�ول إن آراء تفسيرات س�فري العدد والتثني�ة ،ورأي الرايب ري�ش تتفق مع
التوس�افوت .فه�م متفقون عىل أن الرب مل خيف�ف حكماً قام بتغليظه يف الس�ابق ،فبنو إرسائيل
س�يظلون ملتزمين بوصايا ال�رب التي ألقاها قبل ن�زول التوراة .لكن ه�ذا صحيح يف األمور
الت�ي ال تنطوي عىل اس�تثناء للقاعدة أو اختالف رصيح ؛ عندم�ا حتدد التوراة حكماً خمتل ًفا عىل
اليه�ود ،ه�ذا احلكم يجَ ُّ ب اإلل�زام الذي كان قبل ن�زول التوراة ،وخيلق حالة يك�ون فيها األمر
وحمظورا عىل األغيار (كما يف حالة الوصية ا ُمل َلزم هبا اليه�ودي؛ حيث نجد ً
أمرا ً مباح�ا لليه�ودً
واق ًعا مشا ًهبا بإمجاع العلامء).
بن�اء على ذلك ،فإن مقصد تفسيرات س�فري الع�دد والتثنية ،هو أنه على الرغم من أن
اليه�ود ظلوا ملزمني بالوصايا الت�ي ُمنحت قبل نزول التوراة ،فإننا قد توصلنا إىل أنه ثمة حالة
ُيس�مح فيه�ا لليهودي ب�أكل اللحم احلي؛ حي�ث حددت الت�وراة لليهود أنه ُيس�مح هلم بأكل
أيضا هلم بأكل اللحم اخلاص بالبهيمة التي اهتاجت اللحم بعد الذبح ،ويف هذه احلالة ُيس�مح ً
وق�ت ذبحه�ا ؛ هذا رغم أن األمر حمظور لدى األغيار .إذا فإن قاعـدة «مل يرد يشء »...ليس�ت
صحيح�ة يف هذه احلال�ة ،ومن ثم فاألمر يف حاجة إىل فقرة توراتي�ة واضحة جتعلنا نُقر بتحريم
أكل اللحم احلي عىل اليهود (.)42
أيضا ال ش�ك يف أن بني إرسائيل ملزمون
وباملنطق نفس�ه يمكن تفسير رأي ريش لقيشً ،
بوصاي�ا أبناء نوح ،لكن ألن التوراة أخربتنا ب�أن اليهودي الذي يأكل نصف كمية اللحم احلي
صحيحا االحت�كام إىل قاعدة «مل يرد
ً غير مذنب ،فإنه حتديدً ا بالنس�بة هل�ذه النقطة ( ،)43لي�س
يشء.)44(»...
مصدرا يف الرشيعة يؤكد أن التوراة مل تأمر بقتل غري اليهودي (الذي
ً وعىل أية حال ،مل نجد
مل يتعد عىل الوصايا السبع).
42
امللحق الثاني
فرضية «مل يرد شيء»...
يف ه�ذا امللحق ،س�نهتم بالتفاصي�ل الدقيقة لفرضية «مل يرد يشء ،»...بحس�ب احلاخام
جينزبورج أطال اهلل بقاءه (.)45
44
نف�س تتأرجح بني القداس�ة وبني طبقات الدن�س الثالث .إحدى هذه الطبقات من ش�أهنا أن
ترتقى إىل مرتبة القداسة.
عندما يس�تعني اليهودي بجس�ده للقيام باألعامل الصاحلة ،فإن نفس�ه البهيمية ،التي حتتل
جس�ده ،ترتقي إىل القداس�ة .أما القيام بأمور مل يوصنا هبا الرب ،س�يؤدى إىل بقاء تلك النفس
نجسة ،وستقوم بدورها بتغذية طبقات الدنس الثالث.
الوضع الوحيد الذي سيقوم فيه اليهودي بأفعال فردية ،متناس ًيا أن مجيع أفعاله هي وصايا
أمر الرب تبارك وتعاىل بتنفيذها ،هي عندما يكون يف املنفي؛ ألنه حينئذ س�يقوم ،هبذه الكيفية،
بمساعدة األغيار لرتتقى نفوسهم الدنسة.
نس�تنتج م�ن هذا أن االحت�كام إىل قاع�دة «مل يرد يش »...صحيح فحس�ب؛ ألنه بس�بب
ارتكابنا للذنوب ،فإنه ال تزال هناك فرصة لرتقية نفوسنا الدنسة بواسطة نفوسنا املتأرجحة بني
الطهارة والدنس والتي مل نقم برتقيتها بعد.
ولنحاول تفسير األمر بشكل أوضح :ببساطة هناك حظر لقتل غري اليهودي ـ لو مل يكن
حظرا تورات ًّيا
جار توش�اف ـ بس�بب قاعدة «مل يرد يشء .»...ويعد حظر قتل اجلار توشاف هو ً
متا ًما؛ ألننا مأمورون باحلفاظ عىل حياته .واحلظر الذي ينبع من قاعدة «مل يرد يشء »...يضيف
لنا فحس�ب حظر قتل غري اليهودي الذي ليس بجار توش�اف ،أي :غري هيودي مل ترتق نفس�ه.
وه�و م�ا يعنى أن وجود غري اليهودي مس�ألة تفتقر إىل الرشعية؛ ألن الرب أمر س�يدنا موس�ى
بفرض رشائعه التي ُأمر هبا أبناء نوح عىل مجيع البرش (.)49
وعندما ال نلتزم هبذا األمر ،فإننا نكون يف وضع أشبه باملنفي ،بأثر رجعي ،وسنضطر حينها
لقبول األغيار الدنسني والتعايش معهم ،يف ظل عدم قدرتنا عىل إجبارهم عىل أن يصريوا جار
توشاف .وهذا الوضع يف جوهره يعنى أن وجود األغيار ينبع من سيطرة النفس املتأرجحة بني
اخلري والرش علينا ،وهو ما يدفعنا للقيام بأفعال فردية ال عالقة هلا باألوامر اإلهلية املقدسة.
بمعن�ى آخر :إنن�ا ،بتعاملنا هبذه اجلدية مع العامل املعزول عن ال�رب تبارك وتعاىل ،وبمنحنا
أمهي�ة لألفعال الفردية التي ال عالقة هلا بالقداس�ة ،نمنح األغي�ار الذين ال يلتزمون بوصايا نوح
السبع ،واملعزولني عن الرب ( ،)50فرصة للوجود ،وهو ما جيلب علينا «عار األغيار» (.)51
وبس�بب ه�ذا الع�ار الذي مل نتخلص منه بع�د ـ فإن اجلامرا ختربنا ببس�اطة أن ما ُحظر عىل
أيض�ا ( ،)52وحتى هذه اللحظة ،لن يك�ون بمقدورنا الزع�م بأنه ليس لنا
األغي�ار ُحظ�ر علينا ً
45
عالقة بتلك املحظورات ،وأهنا ُفرضت عىل األغيار فحسب.
فهم هذه النقطة هبذا الش�كل يعنى «اخلضوع»؛ ألننا مضطرون لالعرتاف أنه ،لألس�ف ،ال
يزال العامل يف أغلبه سي ًئا ،ومل ننجح بعد يف تغيري هذ الواقع – إىل درجة أن هذا يؤثر علينا ،وجعلنا
ال نقوى عىل جتاهل األمر ،والزعم بأنه ليست ثمة عالقة بيننا وبني أسلوب حياة األغيار (.)53
علين�ا ما ُحظر على األغيار ،فإننا بذلك نتحد مع وضعهم وأفعاهلم ،وخالل ذلك نس�تطيع أن
نُصلح منهم ،ومن ثم إعالء قيمتهم.
ونعني هبذا نو ًعا من «التلطيف» ملا قالته اجلامرا .يف حقيقة األمر يتميز اليهود بش�كل كبري
ع�ن األغي�ار ،وال يعنينا يف ذل�ك ما هو رأي األغي�ار يف األمر .أي أن اليه�ودي ال خيتار بملء
حريت�ه أن يتدث�ر بلباس األغي�ار وبوصاياهم ،حت�ى يتمكن من إصالحهم ،وم�ن ثم إصالح
العامل كله.
ه -نستنتج من ذلك :عقاب اليهودي الذي خالف قاعدة «مل يرد شيء»...
رأينا أنه ثمة ثالثة تفسيرات حمتملة حلظر إحلاق الرضر باألغيار ،اس�تنا ًدا لقاعدة «مل يرد
أيضا ثمة استنتاج توصلنا إليه من خالل هذه التفسريات وهو :عقاب من يشء .»...ويبدو أنه ً
خيالف القاعدة السابقة.
)*( احلسيديةُ :يستخدم املصطلح لإلشارة إىل عدة فرق دينية يف العصور القديمة والوسطى ،وداللته يف العرص احلديث:
هي احلركة الدينية الصوفية احللولية التي أسسها بعل شيم طوف ( )1760 - 1700يف القرن الثامن عرش يف پولندا
وأوكرانيا.
47
إذا كن�ا ال ن�زال نعاين من ع�ار األغيار ،فإن من خيالف تلك القاعدة يضر بنا ،و ُيلحق بنا
ذل�ك الع�ار .ورغم أن التوراة ال تعاقب من يلحق أذى باألغيار ،ولكن الرب يأمرنا يف الوقت
نفس�ه برضورة احلفاظ عىل النظام العام ،ومعاقبة من خيالف ذلك عقوبة ش�ديدة .فعندما يرى
الرب أن من يلحق به عار األغيار ،يسمح لنفسه بالوقوع يف املحظورات اخلاصة باألغيار ،فإنه
من الطبيعي أن يعاقبه ليمنعه من إحداث هذا الرضر (.)59
ووف ًقا لنظرية التفرقة ،فإنه ليس ثمة عيب سيلحق باليهود ها هنا؛ ألنه ال عالقة لنا بتلك
الذن�وب كما تقدم ( .)60لكن مع هذا يوجد هنا ذنب بالتجديف عىل الرب ،وهو أحد الذنوب
العظيمة التي يعاقبنا عليها الرب عقا ًبا شديدً ا.
بي�د أن�ه يف احلالة التي نطبق فيها جزئية التلطيف تلك ،تك�ون عقوبة من خيالف قاعدة «مل
يرد يشء ،»...كمن مل ينفذ أحد أوامر التوراة ،وهي عقوبة أخف من جتديف الرب.
أي أن�ه ،بحس�ب نظري�ة التفرق�ة ،يزع�م ال�رب أنن�ا جدفن�ا علي�ه« ،وال تدن�س اس�مي
املقدس»()61؛ وهو ما ال نجده يف حالة التلطيف؛ ألنه حينها س�يقول الرب :إننا مل نلتزم بشكل
كاف بغاية خلق العامل.
باإلضاف�ة إىل أن االختلاف يف تفسير فرضية «مل ي�رد يشء »...يتعل�ق باحلالة التي نحن
فيه�ا ،فف�ي زمن املنفى نحن حريصون عىل االلتزام بفرضية «اخلضوع»؛ ألننا ،فعل ًّيا لألس�ف،
خاضعون لألغيار ،وبالتايل يلحق بنا عار األغيار.
يف بداي�ة اخللاص ،وعندما نتخلص من عبء األغيار ال�ذي يكبلنا ،فإننا نصل إىل وضع
«ش�عب وحي�د يس�توطن ،وال يعني�ه األغيار» ،وه�ذه هي عالقتن�ا بفرضية التفرق�ة بالضبط.
وعندما ننتقل إىل الوضع الذي نقوم فيه بنرش كلمة الرب جلميع األمم ،تكون فرضية التلطيف
هي األساس (.)62
48
هوامش الفصل األول
-1تعلمن�ا ه�ذا احلظ�ر م�ن خالل ما ُأم�ر ب�ه اإلنس�ان األول« :وأوىص الرب اإلل�ه آدم» ...
(التكوين ،)16 :2أو مما قيل لنوح وذريته« :س�افك دم اإلنس�ان باإلنس�ان ُيس�فك دمه»
(التكوين .)6 :9وراجع ما ورد يف اجلامرا يف السنهدرين ( 2 :57ـ .)1-58
-2كل ما تم اقتباسه من أقوال الرايب موسى بن ميمون ،تم اقتباسه وف ًقا لإلصدارات اجلديدة
والدقيقة التي حظينا هبا ،مثل طبعة فرانكل ،وطبعة الرايب قفاح.
-3انظ�ر النص�وص املضبوط�ة (وه�و م�ا ت�م حذف�ه يف طبع�ات أخ�رى بس�بب الرقاب�ة).
ويف كت�اب النواه�ي ،وكت�ب ال�رايب موس�ى ب�ن ميم�ون «ال تقتل�وا بعضك�م البعض».
وخيربن�ا ال�رايب ش�لومو لوري�ا רבי שלמה לוריא )*( يف التفسيرات الت�ي وضعها لكتاب
«األوام�ر الكبير» )**( ،أن نفس الكتاب الس�ابق ق�د أورد رأي الرايب موس�ى بن ميمون
الس�ابق ذك�ره «كل قات�ل نفس م�ن إرسائي�ل» .وه�ي الصيغة الت�ي تثبته�ا الرشيعة ،من
أن م�ن يقت�ل يس�تحق القت�ل بطعن�ة س�يف ،وبالطب�ع املقص�ود هن�ا ه�و قت�ل اليهودي
فحس�ب ،كما ورد يف رشح ال�رايب موس�ى ب�ن ميم�ون ،11 :2وكما سيرد الح ًق�ا.
-4من أين علم الرايب موسى بن ميمون أن مقولة «ال تقتل» مل تشمل قتل غري اليهودي؟
ثمة عدة براهني عىل ذلك من خالل أقوال حكامئنا طيب اهلل ثراهم:
(أ) هذا هو ما يبدو من خالل ما سنورده فيام بعد مما ورد يف املخيلتا ،من أنه تم إدراك حظر قتل
غري اليهودي؛ استنا ًدا إىل قاعدة «ناهيك عن קל וחומר )***(» الفقهية.
(ب) ما ورد يف املخيلتا ويف اجلامرا (الس�نهدرين 86:1ـ وكذلك الرايب ش�لومو بن يتسحاقي
ع�ن الت�وراة)؛ حيث قي�ل« :ال ترسق» ،واملقص�ود هو رسق�ة األرواح؛ ألن املقصود هو
النه�ي ع�ن يشء عقوبته القتل ،مثل «ال تقتل» ،و «ال ِ
ت�زن» .وبناء عىل ذلك ،فألن القاتل
غري هيودي وال تُطبق عليه عقوبة القتل ،فهو غري مقصود يف مقولة «ال تقتل».
)*( الرايب شلومو لوريا רבי שלמה לוריא (1573 – 1510م) :مؤسس احلركة احلسيدية ،ومن كبار مفرسي التوراة.
أمرا التي وردت يف العهد القديم ،وألفه الرايب موشيه مكوتيس يف القرن الثالث عرش.
)**( كتاب يتناول الـ ً 613
)***( קל וחומר :قاعدة فقهية هتدف الستقراء أحكام مل ترد يف العهد القديم رصاحة ،من خالل ما ورد بالفعل يف
قياسا عىل أحكام معروفة).
النص(أي أنه نوع من استقراء األحكام اجلديدة ً
49
وكيف أدرك حكامؤنا ،طيب اهلل ثراهم ،أن مقولة «ال تقتل» جاءت فحسب إلقرار عقوبة
القت�ل؟ يمكنن�ا القول إهنم اس�تقوا هذا املعن�ى مما أوضحته الت�وراة يف احلكاي�ة الدينية (فصل
القضايا פרשת משפטים )*() الواردة يف سفر اخلروج ،والتي تؤكد أن القاتل جيب قتله ،وهناك
تأكي�د يف نف�س املوضع عىل أن املقصود هو قتل اليهودي ،كام ورد يف العهد القديم« :وإذا بغى
إنس�ان عىل قريبه )**(» (اخلروج )12:21؛ وتعود نفس القضية الدينية السابقة لتفرس الوصايا
العشر ،الت�ي تتح�دث حتديدً ا عن القاتل الذي جي�ب قتله (يف الوقت ال�ذي ُيعفى من قتل غري
اليهودي من عقوبة القتل ،كام تعلمنا املخيلتا من هذه الفقرة التوراتية).
وبمنته�ى البس�اطة ،يمكننا أن نضيف أن النهي عن القتل ُيقص�د به اليهود حتديدً ا ،وكأن
الفق�رة تق�ول «ال تقتل هيود ًّيا» .وحتدث الرايب ش�لومو لوريا عن نفس ه�ذه الفرضية يف الباب
األول من كتابه «يش شل شلام יש''ש )***(».
-5الفق�رة 271يف طبع�ة (توعف�ات رام תועפות רם) ،والتي نصه�ا« :تاريخ القتل حيظر قتل
األغي�ار»( ،راج�ع الصي�غ الدقيقة للن�ص) ؛ وكلمة «تاري�خ תולדות» ج�اءت لتدل عىل
التحري�م ال�ذي وضعه فقهاؤنا ،كام جاء يف تفسير مقدمة كتاب «يرائي�م יראים» ،كام ورد
أكث�ر م�ن م�رة يف متن الكتاب نفس�ه( ،راج�ع ما جاء يف الفص�ل الثاين يف فقرة «أس�لوب
معلمنا يونا» ،وهي الفقرات التي توضح بشكل أفضل ذلك التحريم سالف الذكر).
-6واألم�ر ُمثب�ت يف كتاب «منحات حينوخ מנחת חינוך»؛ حي�ث ورد يف هناية الوصية ما ييل:
«ومل يلتزم بالوصايا وقتل عن عمد ،وكان ثمة شهود ،فليقتلوه بالسيف»؛ وبالطبع املقصود
هنا هو قتل هيود ًّيا ،كام سيتضح الح ًقا.
-7وق�د أش�ار إىل ه�ذا (ال�رايب أفراه�ام ب�ن ع�زرا רבי אברהם אבן עזרא )****() يف تفسيره
الظاه�ري)*****( للعهد القديم ،يف الفقرة الثاني�ة والعرشين من اإلصحاح العرشين من
)*( فصل القضايا פרשת משפטים :بحسب الرتاث اليهودي ،تنقسم التوراة إىل 54حكاية أو قضية دينية ،ويف كل سبت
يتم قراءة إحدى هذه احلكايات وف ًقا لرتتيبها ،وحكاية القضايا هي السادسة يف سفر اخلروج ،وتبدأ من اإلصحاح
احلادى والعرشين ،وتنتهي يف اإلصحاح الرابع والعرشين يف الفقرة الثامنة عرشة منه.
)**( ترد يف التوراة قريبه ،أو صديقه.
)***( «يش شل شلام יש''ש » :هو أحد أهم الكتب التي وضعها الرايب شلومو لوريا.
)****( الرايب أفراهام بن عزرا רבי אברהם אבן עזרא (ראב''ע) 1092( :أو 1167 –1093أو ،)1164شاعر ومفرس
للعهد القديم وفيلسوف هيودي عاش يف فرتة األندلس.
)*****( بخالف التفسري الباطني ملعاين العهد القديم.
50
س�فر اخل�روج ،حيث قال« :ونحن هنا مضطرون لتقبل األم�ر؛ ألن كل النواهي املذكورة
مث�ل« :ال تقت�ل» ،و«ال ِ
ت�زن» و«ال تسرق» ،املقصود هبا دائًم�اً هو «صاحب�ك» ،وبعبارة
أخرى ،فإن تقبلنا لرأي فقهائنا يؤكد أن املقصود باحلظر هو «صاحبك».
ويف واقع األمر ،فإن كل هذه النواهي قد وردت يف نفس الفقرة ،مع مقولة «ال تشهد عىل
صاحبك شهادة زور» ،ونتعلم من كل هذه النواهي أن املقصود حتديدً ا هو «صاحبك»؛ وهو ما
تم التأكيد عليه حتديدً ا يف الوصايا العرش التي وردت يف سفر التثنية؛ حيث وردت واو العطف
بني كل وصية والتي تليها (بحسب معلمنا الرايب جينزبورج).
بعبارة أخرى ،يمكن تفسير األمر عىل أن ما مل يرد يف الثالث ٍ
نواه« :ال تقتل» و«ال ِ
تزن»
و «ال تسرق» ُيقصد به «صاحبك» ،وهو ما يتضح يف املخيلتا؛ حيث إن الرب حني اقرتح منح
الرشيع�ة لألم�م املختلفة ،وذكر هذه الثالث ٍ
نواه دون تضمينه�ا كلمة «صاحبك» ،كانت لديه
الرغبة يف منح الرشيعة لألغيار كذلك.
وبع�د ،ف�إن هذه النواه�ي الثالث ختربنا بأن األغي�ار ملتزمون بوصايا نوح الس�بع .وهو
م�ا يتف�ق مع م�ا ورد يف اجلمارا يف «باب�ا قام�ا»)*( (« :)1 :38وق�ف ال�رب يف األرض ليخترب
أفع�ال س�اكنيها ،فقرر تش�تيتهم؛ ألنه رأى أهنم مل يلتزموا بوصايا نوح الس�بع ،فس�مح لليهود
باكتساحهم؛ ألهنم مل يطيعوا الرب ،ومن خيطئ عليه دفع الثمن .وقال احلاخام بريا دربننا :حتى
إذا التزم�وا بالوصايا ،ال حي�ق هلم املطالبة بالثواب؛ ألهنم مثل الذي�ن مل تُفرض عليهم الوصايا
)***(
ولكنه�م يلتزم�ون هبا» .وراجع م�ا قاله «الرامب�ان רמב''ן )**(» (يف فصل ماك�وت מכות
1:9يف الكلمات الت�ي تب�دأ بـ «ومن املعروف») ،وال�ذي يفرس األمر بأن نتيج�ة هذا هو أهنم
ص�اروا غير ملتزمني ،أي أن حياهتم مل تع�د هتمنا ،ولذلك فإن قتل غير اليهودي ،الذي ليس
بجار توشاف ،شخص ما ،جيب قتله وال يمكن إعفاؤه من العقوبة؛ ألن مثل هذا الشخص ال
يستحق املساعدة.
وها هو الرايب ش�لومو بن يتسحاقي يف اجلامرا( ،يف الكلامت التي تبدأ بـ «رائعون») ،يشري
)*( الباب األول .املقال األول يف نظام «نزيقني» يف املشناه .تعالج فصوله العرشة رشائع تتع ّلق بالتعويض عن
األرضار.
)**( الرايب موسى بن نحامن רבי משה בן נחמן ،و ُيعرف بالرامبان (רמב''ן)1270 – 1194( :م) :من كبار حكامء اليهود
يف فرتة األندلس.
)***( فصل الرضب واجللد «أحد فصول املشناه الذي يعالج مسألة عقوبات اجللد والرضب التي تصدرها املحكمة
ضد املخالفني» ،وهو الفصل اخلامس من الباب الرابع من أبواب التلمود.
51
إىل أن الوقت الذي يأس فيه الرب تبارك وتعاىل من عدم االلتزام بتلك الوصايا ،كان قبل تلقي
الرشيعة ،عندما عرض الرب التوراة عىل األغيار ،فلم يقبلوها .يف املقابل ،فإن األغيار مل يعلنوا
التزامه�م ،وهب�ذا خسروا التوراة الت�ي ُمنحت لبني إرسائيل فيام بعد (كام جاء يف تفسير س�فر
اخل�روج (« :)9 ،30هك�ذا قال الرب إلرسائيل :لقد كانت التوراة لدي من قبل خلق العامل،..
ومل أمنحها لعبدة الكواكب ،بل منحتها إلرسائيل ،الذين قالوا :س�م ًعا وطاعة ،فمنحتهم إياها
عىل الفور») ،وحتى عندما عرض عليهم الوصايا السبع بغضوها ،وعىل ذلك كام ورد يف العهد
القدي�م يف س�فر حبق�وق (( )6 :3نظ�ر فرجفت األم�م) .لو أن األغي�ار قبل�وا الوصايا بعدما
(ويتمل أنه حينها سيتم إلزامهم س�ألوا «ما املكتوب فيها» ،لكانوا قد التزموا بالوصايا الس�بع حُ
بالتضحية بالنفس عن القتل ،كام يلتزم بذلك اليهود ـ انظر بداية الفصل الثالث).
نظرا ألهنم مل يرغب�وا يف التحصن
لكنه�م خرسوا ه�ذه الفرصة ،ومل يع�د هلم قيمة لدين�ا؛ ً
بالت�وراة (وال جيب تش�ديد العقوبة بأكثر مما ذكرن�ا يف حالة عبادة األوث�ان ،ويبدو ألول وهلة
أن هذه الرشيعة كان س�يتم صياغتها بش�كل يناس�ب األغيار؛ ألن األمر خيتلف يف هذه النقطة
ل�دى اليهود عن�ه لدى األغيار ،كام توج�د آراء تقول بأن األغيار مل يت�م حتذيرهم حول الرشك
باهلل ،راجع ما جاء يف «ش�وحلان عاروخ» )*( ،و«س�فتي كوهني שבתי כהן )**(»« ،انظر الفقرة
أيضا»؛ ولذلك ف�إن غري اليهودي الذي كان يعبد :8وانظ�ر يف مطلع الرد إش�ارة الفقرة الثانية ً
األوث�ان ث�م حت�ول إىل اليهودية ،ال يتم إلزام�ه بعقوبة القتل ،يف مقابل غير اليهودي الذي قتل
هيود ًّيا ،أو ارتكب الزنا مع هيودية ؛ وكام رشحنا بإسهاب يف مواضع أخرى يف تفسري اجلامرا يف
السنهدرين ( ،)2:71عن «غري اليهودي الذي أخطأ وحتول إىل اليهودية».
وانظ�ر م�ا قاله «ال�رايب يتس�حاق أبربن�ال רבי יצחק אברבנאל)***(» يف الفق�رة 103من
اإلجاب�ة الرابعة من تفسيره لس�فر التثنية ؛ والذي نفه�م منه أن النهي عن القت�ل يف مقولة «ال
أمورا ال تتفق مع أسلوب
تقتل» ،يقصد غري اليهود كذلك؛ لكن املتمعن يف كل أقواله جيد فيها ً
الرشيع�ة ،بل تتفق أكثر مع طريقة املفرسين وما ش�ابه (عىل س�بيل املث�ال :نفهم من اإلجابتني
)****(
األوىل والثانية أن إجازة احلصول عىل قرض بفائدة ال تتصل فحس�ب بالس�بعة ش�عوب
)*( «شوحلان عاروخ שולחן ערוך» :بالعربية :املائدة املنضودة ،وهو املصنف الترشيعي الذي وضعه يوسف كارو
السفاردي يف إسپانيا.
)**( «سفتي كوهني» :تفسري مشهور لكتاب «شوحلان عاروخ» كتبه شبتاي كوهني يف القرن السابع عرش.
)***( الرايب يتسحاق أبربنال רבי יצחק אברבנאל (1508 – 1437م) :من كبار مفرسي العهد القديم يف العرص
الوسيط ،وقد وضع جمموعة أسئلة وأجوبة فقهية ،يتم الرجوع إليها يف هذه الفقرة.
واحلويون واليبوسيون،
ّ يون والفرزّ )****( الشعوب السبعة ،هي :احليثيون واجلرجاشيون واألموريون والكنعانيون
وهي الشعوب الضالة من وجهة نظر اليهودية (تثنية .)17 ،20
52
ب�ل بجمي�ع األغيار ؛ يمكنك مالحظة هذا املعنى إذا دقق�ت يف الكلامت جيدً ا وقارنتها بام ورد
يف «شوحلان عاروخ» .وعىل الرغم من أن العهد القديم حيظر قتل غري اليهودي ،إال أن هذا ال
عالقة له بمقولة «ال تقتل» ،وهو ما سيتضح الح ًقا خالل هذا الفصل.
ويمكننا افرتاض أن الرايب يتسحاق أبربنال كان يقصد هذا املعنى ،مثلام يتضح يف تفسريه
للوصايا العرش.
وانظر يف كتاب «إيفن هعيزر )*(» للرايب إليعيزر بن ناتان ،الذي كتب عن فصل «بابا قاما»
ويظ�ر عليك أن ت�زين بيهودية أو غرييف الفق�رة ...« :113حُيظ�ر علي�ك أن تسرق أو تقتل ،حُ
هيودية» .وجيب مراجعة آرائه تلك بدقة؛ ألنه حس�ب املخيلتا واجلامرا ،فإن النهي عن الرسقة:
«ال تقتل» كام وردت يف الوصايا العرش ،كان املقصود هبا رسقة األرواح ،أي القتل ،وهو اإلثم
الذي عقوبته القتل بالنسبة لليهود فحسب .وكذلك يف النهي عن الزنا« ،ال ِ
تزن» ،مل نجد دليلاً
عىل أن هذا النهي يقصد األغيار ،وأن الذي ضاجع زوجة غري هيودي جيب قتله (راجع ما ورد
يف فص�ل «عف�ودا زارا עבודה זרה )**(» يف التلمود ،2 :36وما أورده الرايب موس�ى بن ميمون
يف رشائع حظر املضاجعة ،وراجع كذلك «ش�وحلان عاروخ» ،وتفسير كتاب «إيفن ش�لومو»
لرأي الرايب إليعيزر بن ناتان.
وربام كان الرايب إليعيزر بن ناتان يقصد أن حظر القتل يف مقولة «ال تقتل» يتشابه مع حظر
تزن» ختص األغيار كذلك ،عىل الرغم من الرسقة يف «ال ترسق» ،وأن كلتا املقولتني ومعهام «ال ِ
أن م�ن يقت�ل أو يزين ال ُيقتل ،لكن احلظر هنا ينبع من اآلثام التي تتفرع من كال التحريمني ،كام
سيتم الح ًقا توضيح مصدر حظر قتل غري اليهودي من العهد القديم.
-8كام هو موضح يف السنهدرين(.)2:9
-9فص�ل «عف�ودا زارا» ( ،)2 ،64وهو ما يتفق مع رشوح الرايب موس�ى بن ميمون يف رشائع
حظر املضاجعة ورشائع امللوك ،وكذلك ما جاء يف «شوحلان عاروخ».
-10ويؤكد الرايب موسى بن ميمون أن األتقياء من غري اليهود هلم نصيب يف اجلنة.
-11بنو إرسائيل هم مرياث الرب ،كام يف صموئيل الثاين (« :)3:21وبركة مرياث الرب».
)*( اسم أحد أجزاء كتاب «عمود الصفحة הטור» وخيتص باألحوال الشخصية ،وهو من وضع الرايب إليعيزر بن
ناتان (1170 – 1090م).
)**( هو الفصل الثامن من الباب الرابع يف التلمود ،ويناقش عبادة األوثان.
53
-12بش�كل ع�ام ،ف�إن ورود تعبري «عبادة األوث�ان» يف اجلامرا ويف العديد م�ن الفقرات ،يثري
خم�اوف ح�ول أن مقص الرقيب ق�د تدخل يف النص ،أو أن النارشين أنفس�هم ختوفوا من
الرقاب�ة ،وربام يف املصدر كان مكتو ًبا غري هيودي أو أجنب ًّيا .ويف فقرات كثرية جدًّ ا ،اضطر
املؤلف إىل استخدام كلمة وثنى وما شابه من أجل منع اخللط.
ويف واق�ع األمر ،إن الرايب موس�ى ب�ن ميمون قد يلتزم الدقة الش�ديدة يف اللغة التي كتب
هبا الرشائع ،ونحن نعلم اليوم أن النص األصيل يتميز بدرجة عالية من الدقة النسبية ،بناء عىل
العديد من املخطوطات ،ولذلك يمكننا افرتاض الدقة يف لغته يف اإلصدارات املختلفة.
-13م�ن املمكن أن نقس�م األغيار تقس�يم داخيل ،مثل «اب�ن نوح» الذي حاف�ظ عىل الوصايا
السبع ،لكنه مل يقبل بثالث وصايا ُفرضت عىل اليهودي ،وهناك غري اليهودي الذي ّ
نعرفه
بأنه مل يلتزم بالوصايا السبع ،مقابل غري اليهودي الذي ال نعرف عنه سوى أنه غري هيودي،
وهناك غري اليهودي الذي يعبد األوثان ،مقابل غري اليهودي الذي ال يعبد األوثان ،ولكنه
ال يلتزم بالوصايا الس�بع ،وما ش�ابه .ولن نس�هب يف هذه النقطة؛ ألننا هنتم يف األس�اس
باإلجابة عن السؤال :ملاذا حُيظر قتل غري اليهودي دون النظر اللتزامه بالوصايا السبع من
عدمه؟ وسنناقش يف الفصل الثاين مسألة غري اليهودي الذي مل يلتزم بالوصايا السبع.
-14علينا أن نؤكد أن الرشيعة تأمرنا باحلفاظ عىل حياة اجلار توش�اف الناضج فحس�ب ،وال
يتم هذا إال عندما حتل س�نة اليوبيل)*( (راجع ما ورد يف فصل عرخني ערכין)**( ،1:28
وكذلك ما قاله الرايب موسى بن ميمون يف رشائع عبادة األوثان ،ورشائع اخلتان ،ورشائع
السبت ،و رشائع حظر املضاجعة ،ورشائع الشميتا שמיטה)***( واليوبيل) ؛ بيد أن كتاب
«تس�فنات فعن�اح צפנת פענח)****(» ق�ال( :يف رشائع القيم ،ورشائع عب�ادة األوثان) أن
الرايب موسى بن ميمون يرى أنه جيب عىل اليهود احلفاظ عىل حياة اجلار توشاف وإن كان
غري ناضج ،طاملا كان ملتز ًما بوصايا نوح السبع ،ودليله عىل ذلك ما جاء يف رشائع امللوك.
)*( سنة اليوبيل שנת היובל :مناسبة دينية هيودية ،وتأيت سنة اليوبيل كل 50سنة ،وحتديدً ا كل 49سنة لكن سنة اليوبيل
أيضا سنة عتق العبيد.
ال تبدأ بالشهر األول من السنة بل بالشهر السابع ،ويعلن عن هذا بالنفخ يف البوق ،وكانت ً
)**( فصل عرخني מסכת ערכין :هو الفصل اخلامس من الباب اخلامس من التلمود ،وهو الفصل الذي يناقش أحكام
النذور.
)***( رشائع الشمينا هو مصطلح يف الرشيعة اليهودية يشري إىل عام يف التقويم اليهودي ُيحظر فيه حراثة األرض.
)****( «تسفنات فعناح צפנת פענח» :هو اسم الكتاب الذي يناقش مؤلف الرايب موسى بن ميمون األكرب «مشنيه
توراة» ،وهو من وضع الرايب يوسف روزان (1936 – 1858م).
54
وراج�ع كذلك فصل «عف�ودا زارا» يف (اجلامرا ،)1:65وكتاب منح�ات حينوخ يف هناية
الرشيع�ة رق�م 94؛ وكلامت الرايب أفراهام ب�ن ديفي�د רבי אברהם בן דווד )*( يف (رشائع
حظر املضاجعة) ،من أنه ال جيوز احلفاظ عىل حياة اجلار توشاف طاملا مل حتل سنة اليوبيل،
وال يوجد متسع لإلسهاب أكثر من ذلك.
-15راجع كذلك ما ورد يف كتاب الرشائع للرايب موسى بن ميمون حول وجوب احلفاظ عىل
حياة اجلار توشاف ،وكذلك آراء الرايب موسى بن نحامن يف املوضوع نفسه.
-16وثم�ة رأي يق�ول بأن اليهودي الذي قتل جار توش�اف عن طريق اخلط�أ ،عليه دفع فدية
عن�ه ،راج�ع ح�ول هذا ما أورده الرايب موس�ى بن ميم�ون يف رشائع القت�ل (مع اختالف
ماكوت מסכת מכות )**(
الصي�غ ال�واردة) .وكذلك ما قال�ه الرايب ريتبا ריטב''א يف فص�ل َّ
وأخريا راجع ما جاء يف أوامر العهد القديم الـ .613
ً 1:9؛
-17نتعل�م م�ن كلمة «صاحبه» أن املقصود هو ش�خص هيودي فحس�ب ،وه�و املعنى الذي
ورد يف تفسير الرايب ش�لومو بن يتس�حاقي لس�فر اخلروج ()14:21؛ وهو ما ُحذف من
الطبعات األخرى؛ ختو ًفا من الرقابة.
-18راجع ما جاء يف كيس�يف مش�نيه (يف الفصل الثاين يف رشائع القاتل) ،الذي يأيت باملخيلتا
كمصدر ألقوال الرايب موسى بن ميمون سالفة الذكر.
-19يمكنن�ا تفسير املخيلت�ا بأكث�ر من طريق�ة (غري أن هذا ل�ن يفيد يف اس�تحداث أي حكم
ترشيعي):
أ ـ يمك�ن الق�ول إن إييس بن هيودا يقصد مس�ألة العقاب (وليس احلظر فحس�ب) ،وأنه جاء
مربرا لتخفيف
ليق�ول لن�ا إنه على الرغم من عدم وجود عقوب�ة دنيوية ،إال أن هذا لي�س ً
العقوب�ة إىل درج�ة العفو الكام�ل ،ولذلك فالنتيج�ة املنطقية هي وج�ود عقوبة أخروية.
وكذلك يبدو من الصيغة الواردة يف أحد التفسريات اخلاصة بالرايب إليعيزر ،والتي يوردها
الرايب موس�ى بن ميمون ،أن« :كل من قتل غري هيودي قبل تلقي الرشيعة ،يس�تحق عقا ًبا
دنيو ًّيا ،كام ورد يف العهد القديم «سافك دم اإلنسان باإلنسان ُيسفك دمه»؛ وما إن ُمنحت
)*( الرايب أفراهام بن ديفيد רבי אברהם בן דווד ( )1198 – 1120من كبار علامء التلمود يف عرصه.
)**( الرايب ريتبا ריטב''א :هو الرايب يوم طوف أفراهام إشبييل (1330 - 1250م).
55
الرشيعة ،حتى ورد يف العهد القديم أن «وإذا بغى إنسان عىل صاحبه ليقتله بغدر» ومل يقل
على غير اليهودي .ويقول الرايب إييس بن هيودا« :ال يعن�ي هذا أن من يقتل غري اليهودي
ال ُيعاقب ،بل املقصود أنه ُيعفى من العقوبة الدنيوية و ُيعاقب بالعقوبة األخروية» .ونجد
املعن�ى نفس�ه يف املخيلتا (وإييس بن هيودا ه�و إييس بن عقيفا) ،ومن كل هذا ندرك أن ثمة
حظر يف األمر ،إال أن التفاسري مل تسهب يف مناقشة األمر.
ب ـ ويمك�ن أن نفه�م أن املغزى من مجلة «املحظورات التي تم ختفيفها» ،هو أن الرب خفف
بع�ض املحظورات عىل بني إرسائي�ل عندما منحهم الرشيعة ،لذا فم�ن الطبيعي أال ُيقتل
اليه�ودي ال�ذي قتل غري هي�ودي .وه�و ذات املعنى الذي نفهمه من تفسير ال�رايب ميئري
«م ِشخ حومخا» لسفر اخلروج .14:21 سمحا هكوهني)*( רבי מאיר שמחה הכהן يف كتابه ِ
حظرا يف األمر.
ومن كل هذا يتأكد املعنى نفسه ،أنه رغم ختفيف العقوبة إال أن ثمة ً
-20أوردن�ا يف الس�ابق أق�وال الرايب موس�ى بن ميمون م�ن أن قاتل اجلار توش�اف «ال يقدم
للمحكمة» أي أنه معفى من العقوبة الدنيوية ،وكام ترى املخيلتا فإن القاتل تنتظره عقوبة
أخروية (مثلام أوردنا مثالاً من كتاب «كيسيف مشنيه».
ويف الواق�ع ،جي�ب أن نفهم أن الرايب موس�ى بن ميمون كان يقصد من قتل جار توش�اف
فحس�ب ،وليس من قتل «غري اليهودي»؛ وهو ما يقول عنه« :وليس من الرضوري القول بأن
م�ن قتل غري اليهودي ال ُيقتل» (وراجع منح�ات حينوخ يف الرشيعة .)34لكن عندما حتدثت
املخيلتا عن عقوبة أخروية ،كان املقصود حظر قتل غري اليهودي بشكل عام ،وليس بشأن اجلار
توش�اف فحسب ،وبناء عىل ذلك ،يبدو أن هذا هو نفس مقصد الرايب موسى بن ميمون (وهو
املعنى الوارد يف «كيس�يف مش�نيه» من أن اجلار توشاف هو جزء من «اآلخرين» ،وهي الكلمة
التي وردت يف التوسفتا)**().
ال شك يف أن غري اليهودي الذي ال يلتزم بالوصايا السبع يستحق القتل ،وهو ما سوف
نناقشه يف الفصل الثاين.
)*( الرايب ميئري سمحا هكوهني רבי מאיר שמחה הכהן (1926 – 1843م) :كان من كبار حكامء اليهود يف رشق
أوروپا ،ومن أهم كتبه هو «مشخ حومخا משך חכמה» وهو الكتاب الذي يضم بعض التحديثات الترشيعية عىل
التوراة ،ومعنى االسم األول هو أول حرف من اسمه الثالثي.
)**( التوسفتا :أي اإلضافات ،كناية عن جمموعة الفتاوى التي مجعها احلكامء واملفرسون اليهود ،باإلضافة إىل املشناه
والتي قام عليها احلاخام هيودا هنايس.
56
وجي�ب أن ننتب�ه إىل م�ا قاله الرايب موس�ى بن ميم�ون يف توضيحه جلملة «حس�ابه مرتوك
للسامء»؛ حيث أكد أنه ال يقصد أن القتل حيدث عن طريق السامء؛ ألنه رغم أنه يف مجيع حاالت
القتل غري املبارش وما ش�ابه ،ذكر رصاحة أن احلديث يدور حول عقوبة قتل سماوية؛ غري أنه مل
يكت�ب هذا هنا ،واكتفى بالتدقيق عىل أنه «ال ُيقت�ل» .ووف ًقا لرأيه ،فإن القاتل« :حكمه مرتوك
للسماء» بش�كل ع�ام ،أي أن�ه ال يتلقى عقوب�ة دنيوية .ويمك�ن أن نفرس مجل�ة «حكمه مرتوك
للسماء» عىل النحو التايل :أحيانًا يناس�ب الفعل عقوبة مشددة ،وأحيانًا خمففة ،وأحايني أخرى
ال تك�ون هن�اك عقوب�ة عىل اإلطالق؛ ويرتب�ط األمر بس�ياق القتل وكذلك بني�ة الفاعل ،وكام
س�يتضح الح ًقا يف تفسير منهج الرايب موس�ى بن ميمون وهبايت يوسيف فيام خيص قتل غري
اليهودي الذي يتعدى عىل الوصايا السبع ألبناء نوح يف الفصل الثاين.
أيضا أن نفرس ما قاله ،بأنه يقصد أن القاتل ال يتلقى عقوبته يف الدنيا ،لكن حكمه
ويمكن ً
متروك ملال�ك ا ُمللك الذي يس�تطيع أن يقتل هؤالء القتلة لو اس�تلزم األمر ذل�ك (انظر رشائع
القتل )4:2؛ (هذا التفسري سمعناه من معلمنا الرايب جينزبورج أطال اهلل يف عمره ،آمني).
-21وكذل�ك ورد يف املوس�وعة التلمودي�ة ،قس�م «غير اليه�ودي» ،أنه مثلام حُيظ�ر عىل غري
اليهودي قتل غري اليهودي ،فاألمر ذاته ينطبق عىل بني إرسائيل.
وجاء يف كتاب «منحات أفِراهام» )*( (للرايب أفِراهام ش�ابريا رمحه اهلل)« :ويتضح أن هذا
القت�ل حمظور بناء عىل حظر القت�ل عىل أبناء نوح ،وعىل الرغم من أن أحكام القتل لدى اليهود
تعف�ي اليه�ود م�ن عقوبة قتل غري اليهودي ـ لكن حس�ب أح�كام القتل لدى أبن�اء نوح ،فثمة
حتذير ُيوجه له».
كما جي�ب أن نذكر ما ورد يف «تس�يدا لدي�رخ»)**( الذي توصل من خلال املخيلتا إىل أن
الكاه�ن الذي يقتل غري هيودي ،حُيظر عليه مباركة مج�وع املصلني (حكمه مثل حكم «الكاهن
نفسا») ،الذي حكمه مرتوك للسامء.
الذي قتل ً
)*( «منحات أفراهام» :كتاب لتفسري الرشائع ،وهو للحاخام َأفِراهام شابريا ،احلاخام الرئييس السابق إلرسائيل ،وتوىل
ً
تلميذا باملدرسة رئاسة مدرسة «مركاز هراف» الدينية املتشددة بالقدس ،بعد أن تقلد املناصب فيها منذ أن كان
نفسها.
)**( «تسيدا لديرخ» كتاب لتفسري الرشائع ،وهو للحاخام مناحيم بن أهارون بن زيرح ،وعاش يف األندلس ما بني
أعوام 1310־1385م.
57
غير أن تفسير األم�ر يف «أوراح حاييم )*(» يوضح لن�ا أن هذا ال يكفي ملن�ع الكاهن من
مبارك�ة مج�وع املصلني ،راجع م�ا ورد يف النصوص التي مل ختضع للرقاب�ة ،وأن األمر تقرر من
الناحية النظرية فحسب.
(وس�معنا من معلمنا الرايب جينزبورج أطال اهلل يف عمره ،آمني ،بأن ما يدعم األمر هو أن
مباركة الكهنة يف هذه احلالة موجهة إىل بني إرسائيل( :هكذا تباركوا بني إرسائيل -وادعوا بني
إرسائيل عىل اسمي – وبارك شعبه إرسائيل باحلب).
-22ه�ذا األس�اس صحيح يف كل الوصايا الس�بع ألبن�اء نوح :غري اليهودي ال�ذي أكل حلماً
كبريا ل�دى بني إرسائيل
ح ًّي�ا جي�ب قتله ،بعك�س اليهودي .وه�ذا ألن األمر ال يع�د ذن ًبا ً
هتود يف(وجيب اإلس�هاب يف هذه النقطة يف س�ياق تفسري قضية غري اليهودي اآلثم ،الذي ّ
السنهدرين ،ولكن ال يوجد متسع من الوقت هنا).
-23راجع حولني والس�نهدرين وما ورد يف التوس�افوت ومثبت م�ن اجلامرا ،أن املقصود هو
أن�ه حُيظ�ر عىل غري اليه�ودي أن يفعل بغري اليه�ودي ما ُحظر عىل اليه�ودي أن يفعله بغري
أيضا بغري اليهودي.
اليهودي ،وإرسائيل حمظور أن يفعل ذلك ً
«حلقات يوآف )**(» والذي يربط بني ما جاء يف املخيلتا وبني أيضا ما ورد يف ِ
وراجع ً
قاعدة «مل يرد يشء.»...
-24وال يتناقض هذا مع تفسري الرايب موسى بن ميمون للمشناه من أن اإللزام بالوصايا سببه
ن�زول الت�وراة ،وليس وجود أوامر س�ابقة؛ ألنه يرشح أن موس�ى وضع ح�دو ًدا للحظر
أيضا أن موس�ى حظر علينا قت�ل غري اليهوديال�وارد قب�ل ن�زول التوراة ،واملقص�ود هنا ً
(راجع رشائع امللوك).
ملحوظة أخرى :يف اجلامرا يف الس�نهدرين 1:59قيل إن كل ما ورد قبل نزول التوراة ومل
يتك�رر ـ حمظور فحس�ب عىل بني إرسائي�ل وليس عىل األغيار (مثل عرق النس�ا)؛ وأما ما ورد
قب�ل ن�زول التوراة وتكرر ـ كان املقصود به األغيار وبني إرسائيل م ًعا .ورأينا هنا أن النهي عن
القت�ل« ،ال تقتل»ُ ،قصد به قتل اليهودي فحس�ب ،وعىل هذا نق�ول إن حظر قتل غري اليهودي
)*( «أوراح حاييم אורח חיים» :هو أحد أجزاء «شوحلان عاروخ» األربعة.
«حلقات يوآف חלקת יואב» :كتاب من وضع يوآف هيوشوع بن ناتان ،ويناقش بعض األمور الواردة يف «شوحلان )**( ِ
عاروخ».
58
مل يرد وقت نزول التوراة ؛ وبناء عىل هذا ،فإنه فحس�ب حُيظر عىل اليهودي قتل غري اليهودي،
حمظورا ؛ مثلام تعلمن�ا وصايا أبناء نوح حكم قت�ل اجلنني (راجع امللحق
ً ولغير اليه�ودي ليس
األول للفصل) ،من املفرتض أن تكون حمظورة فحس�ب عىل بني إرسائيل وليس عىل األغيار،
أيضا م�ا قاله الرايب
ه�ذا يف حين أن اجلمارا ختربنا أن «ابن ن�وح ُيقتل إذا قتل األجن�ة» (وانظر ً
موسى بن ميمون يف رشائع امللوك .)4:10
بيد أن احلكامء األواخر أخربونا أن حظر القتل بش�كل عام ،كان مع نزول التوراة ،وأن ما
ورد قب�ل ن�زول التوراة ُملزم لألغيار واليهود م ًعا ،بام يف ذل�ك حظر قتل غري اليهودي واجلنني
(ويتفق هذا مع ما قاله الرايب موس�ى بن ميمون يف افتتاحية كتاب الرشائع؛ حيث يرشح فيه أن
الوصاي�ا الـ 613تض�م أصول الوصايا ،وليس كل القضايا والتفاصيل اخلاصة هبا ؛ وبناء عىل
ذل�ك يمكنن�ا أن نفهم مما قاله موس�ى بن ميمون أن الوصايا الـ 613قيلت ملوس�ى يف س�يناء،
ونح�ن ملزم�ون بما ورد قبل نزول الت�وراة؛ ألنه عند ن�زول التوراة أمر الرب موس�ى أن نظل
أيضا.
ملتزمني بذلك ،وهو ما جيعلنا نلتزم بتفاصيل الوصايا ً
«منح�ات حينوخ» يف الرشيعة الرابعة عرشة« :وأما (يف الواق�ع جيب أن نالحظ ما ورد يف ِ
فيام خيص حظر االنتحار ...فإنه يبدو أن ابن نوح غري ملزم به ،كام تعلمنا من «دمكم ألنفسكم»،
ومل تتك�رر الوصي�ة يف س�يناء ،يف هذه احلالة يكون املقصود هبا بني إرسائي�ل وليس أبناء نوح».
لكن ال يمكن القول إنه يعتقد أن التفاصيل التي مل تتكرر يف س�يناء ملزمة إلرسائيل فحس�ب،
كام تش�ددنا فيام خيص قتل غري اليهودي واجلنني املحظور عىل غري اليهود ،من خالل ما ورد يف
«منح�ات حين�وخ» .وجيب القول إن حظ�ر االنتحار ليس كمثل حظر قت�ل اجلنني ،وهو حظر
خمتلف وخاص ،ولذلك فهو حظر لبني إرسائيل فحسب؛ ألنه مل يتكرر يف سيناء.
-25مصدر ألقوال الرايب موس�ى بن ميمون (يف تفسير س�فر اخلروج « :)9:30مل يفعل هذا
ألي م�ن األغي�ار ،بل ملن؟ ،ليعقوب الذي اختاره من بين عبدة الكواكب ،ومل يمنحه إال
أقل القليل .منح آلدم 6وصايا ،وأضاف لنوح واحدة ،وإلبراهيم ثامين وصايا ،وليعقوب
تس�ع ،لكن�ه منح كل الوصايا لبني إرسائيل ،قال الرايب س�يمون فريدم�ان أن الرايب حنينا
ق�ال« :مثل امللك الذي أمامه مائدة وفوقه�ا مجيع أصناف الطعام ،فدخل عليه أحد عبيده
فمنح�ه قطعة ،ودخل عبد ث�ان فمنحه بيضة ،والثالث بعض اخلضراوات ،وهكذا ،وأما
عندما دخل ابنه ،منحه املائدة بام عليها ،وأخربه أنه منح بعض األش�ياء هلذا وذاك ،أما هو
59
فإن�ه يمنح�ه كل يشء ،هكذا فعل ال�رب حينام منح عبدة الكواكب بع�ض وصاياه ،حتى
ظهر بنو إرسائيل فمنحهم التوراة كلها بكل وصاياها».
-26عىل س�بيل املثال :يف مس�ألة إعادة املفقودات ،الرايب موس�ى بن ميمون يف رشائع الرسقة
واملفقودات ،ويف مس�ألة خطأ غري اليهودي ويف التوس�فتا« :رسقة غري اليهودي أش�د من
رسقة اليهودي؛ ألهنا إهانة للرب».
-27كام يف مسألة العالج واإلنقاذ من املوت ،الرايب موسى بن ميمون رشائع عبادة األوثان.
-28كما يف مس�ألة من�ح الصدق�ة لفقراء غري اليه�ود ،الرايب موس�ى بن ميم�ون رشائع عبادة
األوثان ،ورشائع امللوك.
-29توجد فقرة حلظر تقديمها كقربان ،ومن أجل ذلك فحس�ب هي حمظورة (كام يفرس ذلك
الرايب شلومو يتسحاقي).
-30راج�ع «عاروخ لنر» )*( والذي خيربنا بأننا لس�نا بصدد قاع�دة «مل يرد يشء »...املعروفة،
ولكننا نتحدث عن حماولة اس�تحداث ترشي�ع يمكن تطبيقه عىل األغيار (كام خيربنا الرايب
نيس�يم )**( ،وال�رايب موس�ى بن نحمان) ؛ ويمكنن�ا أن نالحظ مما ورد يف اجلمارا أن هذه
القاعدة متفق عليها.
-31راجع ماس�وريت هش�اس)***( الذي يورد صيغة مضبوطة« :مل يرد يش مباح إلرسائيل
وحمظ�ور على األغي�ار (ألنه ببس�اطة ثمة أمور ال يس�تحق عليه�ا اليهود القت�ل ،بينام غري
اليهودي ُيعاقب فيها بالقتل (مثل أكل اللحم احلي والرسقة)).
-32ونرى يف التوس�افوت أنه إذا كان ثمة يشء مباح لبني إرسائيل ـ فهو عالمة عىل أنه مباح
لألغيار أيضا؛ ألنه لدينا قاعدة «مل يرد يشء»...؛ وبحس�ب نفس املصدرُ ،يس�مح لألغيار
أيض�ا أن�ه إذا كان ثم�ة فرضي�ة للتفرقة بني بن�ي إرسائيل
أكل األحش�اء .وحقيق�ة األم�ر ً
)*( «عاروخ لنر» :كتاب لتفسري التلمود ،للرايب يعقوف يوئاف أتلينجر ،من مواليد أملانيا (1798-1871م) ،وزعيم
الطائفة األرثوذوكسية بأملانيا.
)**( هو الرايب نسيم بن رايب رأوبني רבי נסים בן רבי ראובן:طبيب وفيلسوف ،وكان من كبار مفرسي التلمود ،وينتمي
لعرص األوائل ،عاش يف الفرتة بني القرن احلادي عرش والقرن الثاين عرش ميالد ًّيا.
)***( « ماسوريت هشاس מסורת הש''ס» :مؤلف تلمودي وضعه هيوشوع بوعاز ،ويتحدث فيه عن بعض فصول
التلمود البابيل.
60
واألغي�ار ،يس�تحيل حينها أن نفهم أن ما ُأبيح لبني إرسائيل مب�اح ً
أيضا لألغيار ،لذا فإن
ثم�ة دهش�ة تنتابنا من هذه الفق�رة؛ ألنه يوجد هنا فرضي�ة للتفرقة بني اليه�ود – امللزمني
بالذب�ح -واألغيار غير امللزمني بالذبح (ومن أجل تفسير آخر ملا ورد يف التوس�افوت،
هحم�اه)**(» ،ويف كت�اب
ّ راج�ع «هيجاي�ون يتس�حاق )*(» الفص�ل ،36و كت�اب «أور
«بيك�وري هيودا»)***( – الصفح�ات ،119-18ويف كتاب «أقوال ال�رايب رأوبني دافيد
بن هيوشوع» ،وكتاب اليوميات «شيم عوالم» ،صفحة .)264
-33أورد الرايب موسى بن ميمون فقرة تفيد أنه متفق مع الرايب أحا بار يعقوب.
-34وراج�ع املخيلت�ا حول فق�رة «ال تقتل» :؛ وحول (أرميا « )34 – 25إناء الش�هوة» ،وقد
أوردنا يف هناية الفصل ما ورد يف «منحات حينوخ» يف هذا الشأن.
-35يف واق�ع األم�ر ،فإن أبناء ن�وح يعاقبون بالقت�ل إذا ارتكبوا جريمة قتل (كام س�يتضح يف
الفصل الثالث).
-36احيعي�زر 75 ،3؛ ع�اروخ لنر (باب أرملة األخ املت�ويف) 1:42؛ «ح ّفات يائري»)****(،
«إيفني هاعيزر»)*****( ،ومعلمنا احلاخام مائري ش�يق ؛ وكتاب «كواح شور» )******( ؛
«أور س�اميح» )*******( يف رشائ�ع حظر املضاجعة ؛ و«إجروت موش�يه» )********(؛
61
ويف «تصيص إليعيزر» خيتلف مع هذا املصدر فيام يتعلق بحظر قتل اجلنني ،وسنناقش هذا
فيام بعد.
-37عىل س�بيل املثال :كتاب األس�ئلة واألجوبة حول قضية نوح ،الس�ؤال الس�ادس؛ كتاب
«هاالخ�وت جدول�وت» )*( ؛ ويف «توس�افوت قيدوشين» ،يف الكلمات الت�ي تب�دأ
بـ «زوجة».
- 38عىل س�بيل املثال« :ليحم ميش�نيه»« ،رشائع امللوك» (« :)9:10س�فتي كوهني» ؛ «بتحي
وأيضا»؛ مالحظات تش�وفا» ؛ «بن�ي هيوش�واع» ( )1:20يف الكلامت الت�ي تبدأ بـ «ه�ذا ً
«هسافات إيميت» ،التي كتبها عىل صهره ؛ يف األسئلة واألجوبة اخلاصة بـ «إيفني هاعيزر»
(( )12:3يف الفق�رة الت�ي تبدأ بالكلامت التالية «وما كتبه للتفرق�ة بني التقييم والتقييم»)؛
األس�ئلة واألجوبة اخلاصة بـ «بايت هيودا» :األس�ئلة واألجوبة الواردة يف مرآة حيزقئيل؛
األس�ئلة واألجوبة اخلاصة بـ «هيودا يعىل»؛ «حوش�ان مشباط» )**(؛ (يف هناية الفقرة التي
تب�دأ بالكلمات التالي�ة «وها هي كلمتن�ا عن التلمود األورش�ليمي»؛ األس�ئلة واألجوبة
الواردة يف «مش�باط كوهني»؛ األسئلة واألجوبة اخلاصة بـ «هيخال يتسحاق»؛ «إجروت
موش�يه» (يف الفق�رة الت�ي تبدأ بـ «وم�ا الذي كتب�ه هأحيعيزر») ؛ منحات ش�لومو 29:1
(يف الفق�رة الت�ي تبدأ ب�ـ «ويف هذا الش�أن»؛ (ويمكن مراجعة األس�ئلة واألجوبة اخلاصة
بـ «شيفيت هاليفي») ؛ ويف «مشناه هالخوت».
-39راج�ع ال�رايب موس�ى ب�ن ميم�ون يف رشائ�ع املل�وك ( ،)10 :9ويف الكثري من التفاسير
األخرى.
– 40راجع ما ورد يف التوراة حول هذا.
-41راجع «عاروخ لنر» يف السنهدرين ( ،)1 :59يف الفقرة التي تبدأ بـ «هناك مل يرد يشء»..؛
حيث يشري هناك أن موقف التوسافوت من غري اليهودي الذي يتفقه يف التوراة غري واضح،
فغري اليهودي الذي يت ّفقه يف التوراة يستحق القتل؛ ألنه يرسقها مننا ،أو أنه مثله كمثل من
ضاجع زوجة صديقه؛ ألن التوراة ختصنا نحن فحس�ب (كام تفرس اجلامرا يف الس�نهدرين
)*( «هاالخوت جدولوت הלכות גדולות» :كتاب يناقش األحكام والقضايا املتعلقة باليهود بوجه عام ،للحاخام
شمعون كريا ،املولود يف البرصة بالعراق يف عام 860م.
)**( «حوشان مهشباط חושן משפט» :هو أحد أجزاء «شوحلان عاروخ» األربعة.
62
)1 :59؛ ويف هذه احلالة ال داعي لالحتكام إىل فرضية «مل يرد يشء»...؛ ألن سبب حظر
األمر عليهم هو أننا ُأمرنا بأن التوراة ختصنا .وكذلك يف السنهدرين تتشدد التوسافوت يف
هذا ،لكن ليس بسبب حظر األمر لدهيم( ،وجيب أن نؤكد أن مقصد التوسافوت يف تفسري
فصل «حولني» هو أنه طاملا قلنا أنه ال داعي للجوء للفرضية السابقة يف حالة تعلم التوراة
والتفقه فيها ،فإن هذا عىل أي حال سببه ما ُأمر به بنو إرسائيل).
-42وف ًقا لتفسريات سفري العدد والتثنية ،جيدد القول بأنه ُحظر عىل بني إرسائيل أكل اللحم
الذي خيص البهيمة التي اهتاجت قبل ذبحها ،وال يتش�ابه هذا مع ما ورد يف التلمود (كام
رأينا يف صفحة 1 :33عن «يقطع من حلمها جز ًءا بحجم الزيتونة» ،و(راجع الرايب موسى
بن ميمون يف رشائع الذبح .))3 :1لكن من الصعوبة بمكان أن نقول إن تفسريات سفري
العدد والتثنية تتحدث عن جزء عادي من اللحم احلي؛ ألن هذا حمظور بطبيعة احلال؛ ألن
البهيمة ال تُذبح ؛ فكيف ختربنا تفسريات سفري العدد والتثنية أن األمر مباح؟ (ويستحيل
الق�ول إنن�ا يف حاج�ة إىل فقرة تؤكد لنا أن األمر ال يس�تحق عقوبة الضرب؛ ألنه إذا كان
األم�ر كذلك ،كيف ختربنا تفسيرات س�فري العدد والتثنية أنه يمك�ن االكتفاء بالفرضية
الس�ابقة؟ فالفرضية الس�ابقة ال تكفي لفرض عقوبة الرضب؛ ألن تلك القاعدة صحيحة
فحسب فيام خيص احلظر وليس العقوبة).
ونح�ن جمبرون عىل القول ب�أن األمر يتعل�ق بحالة اللحم ال�ذي تم اقتطاعه م�ن البهيمة
املهتاجة ،فمن ناحية الذبح ليس ثمة حظر بأكله .وتفسريات سفري العدد والتثنية جتدد القول
بأن الس�بب هو حظر أكل «اللحم احلي»( ،وجيب التأكيد عىل أنه وف ًقا هلذا التخصيص ،تعتقد
تفسيرات س�فري العدد والتثنية ألول وهلة أنه حُيظر عىل بني إرسائيل أكل األحش�اء ،خاصة
البهيمة التي تم ذبحها ،ذلك ألهنا اقتطعت من البهيمة قبل أن تفيض روح البهيمة ،لكن حُيتمل
أن حكم أكل األحشاء أخف من حكم اللحم الذي تم اقتطاعه من البهيمة املهتاجة؛ ألهنا جزء
م�ن عملي�ة الذبح ،وعىل الرغم من هذا فإهنا ال تعد حلماً ح ًّيا (وانظر رأي الرايب ميئري ش�يف يف
هذا الشأن)).
أيضا إن تفسريات سفري العدد والتثنية مل ختتلف مع املعلومة
بناء عىل ذلك ،يمكن القول ً
التي وردت يف اجلامرا يف الس�نهدرين ،والتي تقول إن ثمة فرضية هلذا األمر تتعلق بكون أسرية
احلرب حاللاً عىل اليهودي وحرا ًما عىل غري اليهودي ،ولكن تس�تدرك التفسيرات لتخربنا أن
63
ثمة فرضية أخرى للتفرقة؛ ألننا بصدد هبيمة بعد ذبحها ،واألغيار مل يؤمروا بالذبح ،ولذلك فإن
مصدرا للتحريم لدى بني إرسائيل يف تلك احلالة.
ً قاعدة «مل يرد يشء »...ال يمكن أن متثل
وحقيق�ة ،فإن�ه بحس�ب م�ا ورد يف توضيح نفتايل تس�يفي هي�ودا برلني)*( هل�ذه النقطة يف
تفسيرات س�فري العدد والتثنية ،فإنه يرى أن ما فهمناه من ورود مثال أسيرة احلرب ،هو أنه
يف أي موض�ع يك�ون فيه أمر ما مباح لبني إرسائيل ،ال يمكن حينها االحتكام إىل قاعدة «مل يرد
يشء ،»...وليس هناك رضورة لتفسري فرضية خاصة للتفرقة بني بني إرسائيل واألغيار ؛ وهو
ما يتعارض مع ما ورد يف اجلامرا يف السنهدرين.
كام يمكن رشح ما ورد يف تفسريات سفري العدد والتثنية ،بطريقة أخرى يمكن القول إن
التفسيرات تقص�د من مجلة «حلم حي» ،من يأكل حلم البهيم�ة أثناء اهتياجها بعد ذبحها ،وهو
حمظورا عىل أي حال (رغم أن مصدر حتريم األمر يف التلمود هو الفقرة التي
ً ما تراه التفسريات
أيضا الرايب موسى تقول« :ال تأكلوا اللحم املدمم» كام جاء يف رشح السنهدرين 1 :63؛ راجع ً
ب�ن ميم�ون يف رشائع الذبح ،2 :1ويف مصادر أخرى .غير أن هذه االحتاملية ال تتفق كام رأينا
مع «حلم حي» الواردة يف تفسريات سفري العدد والتثنية.
أيض�ا يف كت�اب «يرائي�م» )**( ،الذي ق�ال إن حظر أكل اللحم احل�ي نبع مما هو
(وراج�ع ً
حمظور عىل األغيار بالفعل« ،فاجلميع هم أبناء نوح»).
-43هذا القول يش�به ما س�بق وأن ذكرناه (يف امللحوظة رقم )24من اجلذر الس�ابع يف مقدمة
ال�رايب موس�ى ب�ن ميمون لكت�اب «الوصاي�ا الثامن�ون» وال�ذي حييص فحس�ب «جذور
الوصاي�ا» ،ولي�س «فقرات الوصايا» والتي ه�ي بمثابة التفاصي�ل املتفرعة يف كل وصية.
وخيربنا أنه وف ًقا للرايب ريش لقيش نبقى ملزمني بجميع جذور الرشائع التي التزمنا هبا قبل
نظرا ألنه قد ُفرضت علينا حدو ًدا معينة ،فإننا نستنتج أن ثمة تفاصيل
نزول التوراة ؛ لكن ً
ومباحا عىل لليهودي.
ً حمظورا عىل غري اليهودي
ً حمددة يكون فيها األمر
وباملناس�بة جيب أن نالحظ ما ورد يف كتاب «متس�بيه إيتان» عن فصل حولني؛ حيث يربر
لن�ا القضية الواردة يف التوس�افوت بطريقة أخرى ،ويوضح لنا مل�اذا ال يعد مبدأ «نصف مقدار
)*( «الرايب نفتايل تسيفي هيودا برلني רבי נפתלי צבי יהודה ברלין»1893 – 1817( :م) من كبار احلاخامات ،ورئيس
مدرسة لوزين الدينية الشهرية.
)**( «يرائيم» كتاب يناقش أحكام وقوانني توراتية ويطرح األوامر الـ 613اليهودية ،ويضع جمموعة من األحكام
والقوانني اجلديدة ،وهو للحاخام إليعيزر ماميتس (1248 -1140م) من كبار حاخامات تفسري التوراة.
64
يظر عىل األغيار ،ملاذا ال يتناقض مع قاعدة «مل )*(
مب�اح من الت�وراة » الذي يرسي بني اليهود و حُ
يرد يشء »...كام وردت يف اجلامرا يف السنهدرين؟.
ويمكن عىل ما يبدو تربير القضية الواردة يف التوس�افوت بطريقة أخرى ،يمكن القول إن
األمر يتش�ابه مع ما ورد يف اجلامرا يف الس�نهدرين ،1 :58وهي القضية التي تتشدد فيها اجلامرا
عن�د اس�تخدامها لقاع�دة «مل ي�رد يشء ،»...حيث تقول إن غير اليهودي يع�د مذن ًبا إذا رسق
أق�ل مما يس�اوى بروتا)**( ،بينام ال يتم جتريم اليهودي ال�ذي يفعل هذا .وراجع الرايب ميئري بن
تودروس هاليفي )***( الذي جيد صعوبة يف تفسري هذا اجلزء؛ ألنه ألول وهلة حُيظر ً
أيضا عىل
بني إرسائيل الرسقة يف احلالة السابقة ،ويف هذه احلالة يتساوى األمر.
ويمكن تفسري تلك املعضلة بحسب الرايب ريش لقيش الذي يرى أن نصف مقدار أباحته
الت�وراة ،ل�ذا فإنه مس�موح لليهودي برسقة أقل مما يس�اوى بروتا .وبناء عىل ذل�ك ـ يمكننا أن
س�ار ،ليس فحس�ب فيامنفه�م أن التربي�ر الذي يقول «إن األغيار ال يس�تحقون الغفران» ،أنه ٍ
أيضا يف مجيع ما خيص مس�ألة املقادير« :ال يس�تحقون الغف�ران» ،املقصود خي�ص الرسق�ة ،ب�ل ً
هبا أهنم ال يلتزموا الدقة يف املقادير؛ لذا فإن مس�ألة املقادير ال تناس�بهم وال وجود هلا ،س�واء يف
الوصايا التي بني اإلنس�ان وصاحبه ،أو بني اإلنس�ان واملكان ؛ وهذا س�بب اختالفهم عن بني
أيضا يف كت�اب «ليف أرييه» )****(عن فصل حولين) .وبناء عىل هذا ،فإن إرسائي�ل (وراج�ع ً
اجلامرا يف الس�نهدرين تُفرس بالضبط كام قال ريش لقيش ،والذي يتفق هو اآلخر مع فرضية «مل
يرد يشء »...رغم أنه يف هذه النقطة ،هو يعتقد أن ثمة اختال ًفا بني بني إرسائيل واألغيار ،لكن
مغزى ما ورد يف التوسافوت خيتلف مع هذا.
– 44كتب الرايب موس�ى بن ميمون (يف هناية الفصل التاس�ع من رشائع امللوك) أنه حُيظر عىل
غير اليه�ودي أكل اللح�م الذي اقتطع من هبيم�ة بعد ذبحها ،طاملا أهنا م�ا زالت يف حالة
هياج؛ ألنه يعد حلماً ح ًّيا ؛ بالرغم من أن هذا مباح لبني إرسائيل .ويناسب هذا رأي الرايب
)*( هي قاعدة رشعية تفيد بأنه إذا أكل أو رشب شخص ما شيئًا ما حظرته التوراة ،وكان مقدار ما رشبه أو أكله مل
جترمه التوراة ،يف حني أن احلكامء خيتلفون حول األمر.يتجاوز النصف ،يف هذه احلالة ال ِّ
)**( بروتا פרוטה :هي عملة هيودية قديمة تعود للعصور الوسطى ،وتم استخدامها يف أوائل سنوات دولة إرسائيل
حتت نفس االسم ،وهي تعادل املليم املرصي القديم تقري ًبا.
)***( ميئري بن تودروس هاليفي أبو العافية מאיר בן טודרוס הלוי אבולעפיה (1225 – 1170م) :أحد حكامء اليهود
يف األندلس.
)****( «ليف أرييه» :كتاب يناقش أحكام الرشائع ،للحاخام أريه كارلني ،الذي يعد أحد مفرسي التوراة.
65
أح�ا بار يعقوب يف فصل حولني ،فلأن األغيار «غري مأمورين بالذبح» ،فإننا بصدد حالة
ومباحا لألغيار.
ً حمظورا عىل اليهود
ً أمرا
خاصة يمكننا فيها أن نفرتض أن ثمة ً
وبالفع�ل ،من الصعب فهم الس�بب الذي أفتى من أجله الرايب موس�ى ب�ن ميمون فتوى
مش�اهبة مل�ا ذهب إلي�ه الرايب أحا ب�ار يعقوب ،بينام يبدو أن اس�تنتاج اجلامرا خيال�ف رأيه! لكن
أيضا ؛ وأغلب املفرسين أوضحوا أنه ليس ثمة تناقض بني هذا وبني مقصد األمر مباح لألغيار ً
اجلامرا من أن قاعدة «مل يرد يشء »...صاحلة يف كل يشء.
لكنن�ا وجدن�ا بعض احلكامء األواخر يف تفسيراهتم للرايب موس�ى بن ميم�ون يكتبون أن
قاعدة «مل يرد يشء »...موضع خالف ومل يتم قبوهلا نظر ًّيا ،كام كتب عاروخ لنر يف السنهدرين،
ولك�ن على اجلانب اآلخر ،يقول نفس احلاخام يف «يفاموت» )*( ( )1 :42أن حظر قتل اجلنني
مصدره قاعدة «مل يرد يشء ،»...بمعنى أنه ليس ثمة تناقض .وهكذا فهو يرى أن الرايب موسى
بن ميمون يتفق مع تفسيرات س�فري العدد والتثنية ،وكذلك ما ورد يف التوس�افوت ،بش�كل
ع�ام ،يبقين�ا ملزمني بكافة الوصايا الت�ي التزمنا هبا قبل نزول التوراة ،لك�ن حينام وجدنا حكماً
مرشوحا يف التوراة ُي َف ِّرق بيننا وبني ما كان قبل نزول التوراة؛ وبناء عىل ذلك ينشأ وضع يكون
ً
فيه ثمة يشء مباح لبني إرسائيل وحمظور عىل األغيار.
وكذلك نجد أن هحاتام سوفري )**( يف حتديثاته عىل اجلامرا يف فصل حولني ،يضع فرضية
«مل ي�رد يشء »...موض�ع خلاف ،وقال إهنا مل يتم قبوهلا نظر ًّيا؛ حتى نتمكن من تفسير ما قاله
الرايب موس�ى بن ميمون .ويبدو من أقواله أنه يتفق مع عاروخ لنر .بخالف هذا نجد أن آراءه
بشأن مسألة أمر الرب لبني إرسائيل باحتالل األرض ،ال تتفق مع الكثري من احلكامء األوائل.
وحول ما ورد يف تفسيرات س�فري العدد والتثنية ،يقول الرايب س�محا هكوهني يف كتابه
«ميش�يخ حومخا» ،إن اجلملة االس�تنكارية الواردة يف املخيلتا «كيف يتم ختفيف املحظورات؟»
ُيقص�د هبا فحس�ب أن قاعدة «مل ي�رد يشء» تم قبوهلا نظر ًّيا ،وأن رأي الرايب موس�ى بن ميمون
خيال�ف هذا ال�رأي ،وعىل هذا تكون اجلملة االس�تنكارية غري نظري�ة ،وال يصري عىل اليهودي
حظرا لقتل غري اليهودي ،ويبقى األمر يف حاجة إىل مراجعة ؛ ذلك ألن األمر ينطوي عىل عدة ً
صعوبات منها :أن الرايب موسى بن ميمون أورد حظر قتل غري اليهودي كام رأينا ،ومصدره هو
66
واضحا ملاذا يس�تقي
ً أيضا يرى الرايب س�محا هكوهني أنه ليس الفقرة التي وردت يف املخيلتاً .
ال�رايب موس�ى بن ميمون حظر االنتحار من فقرة «يس�فك دم اإلنس�ان» الت�ي قيلت لألغيار ؛
وكي�ف يوض�ح ميمون يف رشائع امللوك (بداية الفصل التاس�ع) ،كام ذكرن�ا يف متن الفصل ،أن
أيضا بعد
موس�ى أكمل التوراة بن�اء عىل وصايا نوح الس�بع ،وأن التزامنا هبذه الوصايا س�ار ًيا ً
نزول التوراة.
ويبدو أن هذا ما قصده الرايب سمحا بجملته «ويبقى األمر يف حاجة إىل مراجعة» ،وأورد
رأي موس�ى بن ميمون بمثابة افرتاض فحس�ب .ويف حقيقة األمر ،فإن س�محا نفس�ه يف كتابه
«أور س�اميح» ح�ول الرايب موس�ى بن ميمون (حظ�ر املضاجعة ،)2 :3يورد ه�ذه الفقرة من
أيضا بعد نزول التوراة.
املخيلتا ،ويستنتج حكماً نظر ًّيا مفاده أننا ما زلنا ملتزمني بوصايا نوح ً
باإلضاف�ة إىل ذل�ك ،راجع «تس�يتس إليعيزر )*(» ،ال�ذي أراد القول :إن�ه نظر ًّيا ال يمكن
االحت�كام لفرضية «مل يرد يشء ،»...ولذل�ك فليس ثمة حظر تورايت لقتل اجلنني ؛ لكن تكمن
صعوب�ة األم�ر يف أن�ه يورد بكل تأكي�د حظر االنتحار ،ومص�دره هو فقرة «وأطل�ب أنا دمكم
ألنفس�كم»؛ وكذل�ك يناقش مس�ألة مباركة الكاهن ال�ذي قتل غري هي�ودي ،جلموع املصلني،
حي�ث ي�ورد هن�ا آراء «هتس�يدا لديريخ» و«ب�رى جماديم» التي تس�تند إىل املخيلت�ا ،ومل يقل إن
آراءهم غري سليمة؛ ألن املخيلتا مرفوضة نظر ًًّيا.
وراجع األسئلة واألجوبة اخلاصة بالرايب شمشمون إنجيل (( )79 :5الذي يورد احتاملية
أن التوراة ال حتظر قتل اجلنني ؛ لكنه يف استنتاجه يؤكد أنه ال يمكن االعتامد عىل هذا من الناحية
النظرية) ؛ ويف األسئلة واألجوبة الواردة يف «إيمونات شموئيل» نرى أن احلظر مصدره احلكامء
ولي�س التوراة ،لك�ن من الصعب فهم كيف يفرس ذلك يف التوس�افوت ،حينام يقول إنه يمكن
االحتكام لفرضية «مل يرد يشء ،»...وربام جيب أن نقول إنه يقصد حتديدً ا حالة قتل جنني داخل
رح�م أم غير هيودية ،ختش�ى أن يفتضح أمرها فيعل�م اجلمع أهنا زانية؛ ألن�ه حينها ثمة احتامل
حمظورا – فربام ال
ً يف التوس�افوت يس�مح لألغيار بقتل اجلنني إلنقاذ األم ،وحت�ى إذا كان هذا
يوج�د حظر هنا عىل اليهودي يف تقديم املس�اعدة يف ه�ذه احلالة ؛ واألمر يف حاجة إىل مزيد من
املراجعة .ويف األسئلة واألجوبة يف كتاب «بايت هيودا» (وكذلك األسئلة واألجوبة الواردة يف
أيضا ،لكن األمر يتعلق فحس�ب بالقتل يف «حايي�م وش�الوم») نرى أن احلظ�ر مصدره احلكامء ً
)*( «تسيتس إليعيزر ציץ אליעזר» :كتاب أسئلة وأجوبة للحاخام إليعيزر هيودا فلندبرج (2006 – 1915م) وهو من
كبار حاخامات إرسائيل السابقني ،وحائز جائزة إرسائيل للكتب التوراتية.
67
الس�م ،يف الوقت الذي يقول فيه رصاحة إن القتل باأليدي حمظور بحس�ب التوراة حالة تلقي ُّ
بالسم
بس�بب قاعدة «مل يرد يشء»...؛ لذا فإن الرأي الوارد يف «بايت هيودا» من أن حظر القتل ُ
مصدره احلكامء ،يف حاجة إىل مراجعة.
وربما كان األمر يتعلق بالسماح مل�ن ت ِ
ُرضع ولدها بأكل ما ترغب ،حت�ى إذا أرض هذا به؛
ألن حياهتا أهم.
-45استكاملاً لألقوال املكتوبة ،راجع ملحق الفصل الرابع.
-46واتفا ًقا مع التفسري الوارد يف كتاب «ميئا شعاريم»)*( لصاحبه بعل شيم طوف الذي مال
إىل التبسيط أكثر من تالمذته.
-47جيب أن نالحظ أننا مل نجد فرضية «مل يرد يشء »...يف أي موضع يف التلمود األورشليمي.
وأكث�ر م�ن ه�ذا :ورد يف التلمود البابيل (الس�نهدرين )2 :58أنه يس�تحيل القول إن غري
اليه�ودي ال�ذي ضاجع زوجته من الدُّ ُب�ر مذن ًبا؛ ألن هذا األمر مباح ل�دى بني إرسائيل،
أيضا ـ وها هو التلمود األورشليمي (قيدوشني وبالتايل فإهنا ال بد أن تكون مباحة لألغيار ً
)1 :1خيربنا ببس�اطة أن غري اليهودي الذي ضاجع زوجته من الدُّ ُبر مذن ًبا« :يقول الرايب
لعي�زر ع�ن ال�رايب حنينا :من أين لنا أن بن�ي نوح قد تم حتذيرهم من زن�ا املحارم مثل بني
إرسائيل؟
النص يقول :والتصق بزوجته – وليس بزوجة صاحبه ،والتصق بزوجته – وليس برجل،
ولي�س ببهيمة .يقول الرايب ش�موئيل عن الرايب افيهو ،أن الرايب لعي�زر يقول عن الرايب حنينا:
ابن نوح الذي ضاجع زوجته من الدُّ ُبر ُيقتل .ما املغزى؟ والتصق بزوجته وصارا قطعة واحدة
-وبخالف جوهر االس�تنتاج بأن غري اليهودي يكون مذن ًبا إذا ضاجع زوجته من الدُّ ُبر ،رغم
أن األمر مباح لليهودي – علينا أن نلتزم الدقة هنا بحس�ب التلمود األورش�ليمي عندما نقول
إن احلظر الثالث ،ابن نوح ضاجع زوجته من الدُّ ُبر ،خيتلف عن احلظرين األول والثاين (زوجة
صاحب�ه والذك�ر والبهيم�ة) ،وقد ورد عنهم «من أي�ن لنا أن أبناء نوح قد ت�م حتذيرهم من زنا
املح�ارم مث�ل بني إرسائيل؟»؛ حيث يتضح من هذا أن اليه�ود مل يتم حتذيرهم من املضاجعة يف
الدُّ ُب�ر ،ورغم هذا ف�إن أبناء نوح يعاقبون بالقتل عن هذا (ح ًّقا ب�دون التدقيق يمكن القول إن
أيضا حمظور عليهم املضاجع�ة يف الدُّ ُبر ،دون أن
التلم�ود األورش�ليمي يعتقد أن بن�ي إرسائيل ً
يتعارض هذا مع قاعدة «مل يرد يشء.»...
)*( «ميئا شعاريم» جمموعة من اخلطابات للحاخام يرسائيل بعل شيم طوف.
68
-48وف ًقا هلذا يمكن تفسير األمر كالتايل« :وهو ش�عب وحيد يس�كن ،وال يأخذ يف حس�بانه
األغي�ار» ،أي :أن�ه مع ذلك يتميز متا ًما عن األغيار ،ولذل�ك فهو غري ملتزم بام التزموا به.
وبلعام )*( الذي كان يعرف الرب ،ش�عر أن اليهود ليس�وا كاألغي�ار ،وهذا جعله يغتاظ،
لكنه مع ذلك باركهم رغماً عنه.
ونسمع يف كتاب «نوتسار حيسيد» للرايب مكامارنا ،احلكاية التالية« :ويروي لنا بعل شيم
صغريا ،قام معلمه بتعليمه مجيع اس�تخدامات األسماء املقدس�ة ليفهمها ً طوف أنه عندما كان
صغريا ،فق�د متلكته الرغبة يف اختبار قوته يف حماول�ة فعل يشء ما ،فقام
ً ويتعلمه�ا .وألن�ه كان
هنرا ،وعربه باالس�تعانة بقوة أحد هذه األسماء .وتاب عن ذلك بوضع قطعة من املالبس فوق ً
وهنارا إلصالح عيبه هذا .ويف هناية األمر صار لزا ًما عليه
ً ط�وال أي�ام حياته ،وصار يصوم ليلاً
أن يعرب النهر ملرة واحدة بسبب خطر املوت خاصة من اإلسامعيليني ،فوضع حزا ًما وعرب فوقه
بدون االستعانة بأي من األسامء ،إليامنه الكبري برب إرسائيل».
وح�ول ه�ذه احلكاي�ة ،راج�ع كت�اب «أور يرسائي�ل» .وهك�ذا ن�رى أن م�ن يس�تطع
الوص�ول إليامن�ه احلقيقي البس�يط ،مثلام فعل بعل ش�يم ط�وف ،ال ينطبق عليه أب�دً ا قاعدة «مل
يرد يشء.»...
ويف رأينا أن املقصود من كلمة «سوء» يف «من حيفظ وصاياي ال يعرف موضع سوء» ،هو
أننا طاملا كنا يف زمن املنفى ،فإن الس�وء والرش فحس�ب ما سيصيبنا ،هذا حتى حلول اخلالص.
وإذا الحظنا س�نجد أن مجلة «مل يرد يشء هو أمر س�يئ» بحس�اب األرقام تس�اوي ،613وهو
العدد اإلمجايل لكل وصايا التوراة.
-49رشائع امللوك .10 :80
– 50من املعروف ،أن هذا العامل «معظمه س�يئ» ،أي :معظمه من األغيار ،معزول عن الرب
تبارك وتعاىل.
-51مل نحظ بعد بتطبيق فقرة «وهو ش�عب وحيد يس�كن ،وال يأخذ يف حس�بانه األغيار» ،كام
ذكرنا يف امللحوظة الثامنة واألربعني .فخروجنا من مرص يعترب بمثابة «خروج األغيار من
)*( بلعام :ورد يف سفر العدد أن بلعام هذا أراد أن يلعن بني إرسائيل ،لكنه يف النهاية باركهم؛ ألنه توصل إىل مكانتهم
عند الرب .وهلذا فإن «لعنة بلعام» التي حتولت إىل بركة ،صارت مرض ًبا لألمثال للداللة عىل إدراك األغيار ملكانة
شعب إرسائيل لدى الرب.
69
بني األغيار»؛ ألن ( مرصبمثابة «جوهرة» األغيار) أي ثلثي الرقم =( 19غري هيودي) كام
أيضا مع عبدة
ه�و مع�روف يف حكمة األرقام ،وعند البحر زعم املالئك�ة أن بني إرسائيل ً
األوثان كام ورد يف املدراش )*( ،أي أن أهنم ما زالوا من األغيار.
م�ع نزول التوراة فحس�ب حدث هت�ود بصورة صحيح�ة (ذهبنا ،ابتعدنا بام في�ه الكفاية،
أحصينا مخسني يو ًما ...إلخ) .وهكذا طاملا كنا حمسوبني عىل قوة األغيار فنحن ما زلنا ملتزمني
بوصاياهم.
-52يناس�بنا للغاي�ة هنا تفسير كلمة «حمظور» بمعن�ى «متعلق קשור» ،وتُنطق «قاش�ور» ،عىل
طريقة التفسري احلسيدي ألقوال احلكامء« :حمظور عىل عامة الشعب أكل اللحم» ،إذا قلنا
أن كلمة «حمظور אסור» وتُنطق «أسور» ،عىل وزن «قاشور» ،يكون املعنى املقصود هو «أن
عامة الشعب متعلق برغبته يف أكل اللحم».
-53اخلضوع من جانب اجلس�د فحس�ب؛ إذ إنه من ناحية الش�كل اخلارجي ال يمكن التمييز
بني جس�د غري اليهودي واليهودي (الرب فحس�ب خيتار بملء حريته اجلس�د اليهودي)،
يف الوق�ت الذي فيه اليهودي ،بخضوعه لل�رب وبإدراكه أنه يبدو مثل أحد األغيار ،ينفذ
بنفسه فرضية «مل يرد يشء.»...
-54راجع ما قاله الرايب أشري بن حييئيل )**( ،يف جوابه بالتحديد حول أنه إذا كان األمر متعل ًقا
بغري هيودي فنحن إ ًذا بصدد جتديف عىل الرب ،أما بالنسبة لليهودي فاألمر خمتلف.
« -55وكت�ب معلمن�ا احلاخام ش�لومو لوريا خيربنا أنه ربام ش�عروا أن إرسائي�ل يعلم باألمر،
فخشوا من بطالن شهادة اليهود (شوحلان عاروخ ،الفقرة .»)7
-56وجدن�ا أمثلة أخطر ،نتجاوز فيها أقوال التوراة حتى ال يبدو يشء ما غري ًبا لألغيار :داود
يقتل أحد أبناء ش�اؤول حتى ُيرىض اجلفعونيم)***( ،رغم أنه ارتكب هبذا ذنبني ،بحسب
الت�وراة ،وكان مبرره يف ه�ذا أن «حم�و حر ًفا م�ن التوراة أهون م�ن إهانة ال�رب عالنية»
(يفاموت )1 :79؛ «بنو إرسائيل الذين أحيوا اجلفعونيم (هيوشوع ،»)9رغم أن هذا كان
ضد التوراة وف ًقا آلراء عدد من احلكامء األوائل (راجع الرايب موسى بن نحامن يف تفسريه
لسفر التثنية .)11 :20وراجع كذلك كتاب «ملخوت يرسائيل».
)*( املدراش מדרש :هو اسم عام يشري ملؤلفات حكامء اليهود عىل مر العصور ،مثل مدراش رابا ،الذي يتناول تفسري
مخسة أسفار التوراة.
)**( أشري بن حييئيل אשר בן יחיאל :من أوائل الرشاح يف القرن الرابع عرش.
)***( اجلفعونيم גבעונים :حسب العهد القديم ،أحد شعوب الرشق األدنى القديم.
70
-57ألن الف�رق اهلائ�ل بني إرسائيل وغري اليهودي ،هو يف األس�اس م�ن ناحية النفس اإلهلية
الت�ي بداخل اليه�ودي ،والتي لن يتمكن األغيار من الوصول إليها مطل ًقا .إهنم فحس�ب
يفهمون أننا نتباهى بكوننا «ش�عب اهلل» ،ولكن لو مل نفعل ما يبدو هلم ألصبح واج ًبا عىل
اإلنسانية كلها ،فنحن هنني اسم الرب ،الذي نحمله ،بذلك.
-58راجع أقوال الرايب موسى بن ميمون يف هناية الفصل الثامن من رشائع امللوك.
– 59سبق ورشحنا أن الفرضية األوىل ،وهي اخلضوع ،ترتبط بفهمنا ألنفسنا كأننا أغيار رصنا
أغيارا ننحدر من سلالة نبالء املخلوقات ،لذا فإننا ما زلنا نُحس�ب ضمن األغيار.
هيو ًداً ،
وملك ا ُمللك ،فحسب ،هو الذي يستطيع تغيري مثل هذه النظرة.
ويرتب�ط ه�ذا بأقوال معلمينا ،من أننا مأمورون بالتواض�ع؛ ألن ما لدينا ال نملكه ،بل هو
هدية ومريا ًثا تلقيناها من آبائنا لنحظى باإليامن ،وهكذا يمكن أن نفرق بني اخلضوع الذي أبدو
فيه من ناحيتي أسوأ من األغيار ،وبني التفرقة – من جانب الرب الذي منحنا هدية وميزنا عن
األغيار ،والتلطيف – يف أن إدراكنا حلقيقة أننا بمثابة أغيار هتودوا جتعلنا يف مكانة التائبني ،التي
هي أعىل من مكانة الصديقني.
-60امل�وت يك ّفر عن هذا فحس�ب ،كما ورد يف «فصل يوم�ا»)*( ؛ ألن املوت جيعلك ضحية
دون حياة ،وهي درجة تقابل درجة إهانة الرب ،ضحية مقابل ضحية.
جمازا ،قتل
-61وكما أوضحن�ا يف امللحوظة الس�ابقة ،فإن من هيني اس�م الرب ،يكون كم�نً ،
الرب !
تفسيرا آخ�ر هنا :رشحنا يف بداي�ة كالمنا أن فرضي�ة «مل يرد يشء»...
ً -62وجي�ب أن نضيف
ترتب�ط بما إذا كان ثمة حدود إلباحة ذنب أو وصية ما؛ ألنه إذا كانت مجيع أفعالنا وصايا،
ال داعي لتلك الفرضية إ ًذا كام ورد يف التوسافوت.
ويف حقيق�ة األم�ر ،فإن هذا الس�ؤال يتعلق بجوه�ر ومكانة النفس املتذبذبة بني القداس�ة
والنجاس�ة .فق�د ورد يف الربايتا أن تل�ك النفس التي متنح اليهودي احلي�اة ،ختتلف عن نظريهتا
الت�ي متن�ح غري اليهودي احلياة« :لكن يمكن تفسير األمر كالت�ايل :إن كل هيودي ،طي ًبا كان أو
نفس�ا واح�دة بل اثنتني ،فقد ورد أن «والنف�وس إن صنعتها» ،النفس األوىل رشيرا ،ال يمتلك ً
ً
)*( «فصل يوما מסכת יומא» :أي اليوم ،وهو الفصل اخلامس من الباب الثاين من التلمود ،ويناقش كل ما يتعلق بيوم
الغفران ،ويقع يف ثامنية أجزاء.
71
متثل القرشة اخلارجية التي تس�اعد اإلنس�ان عىل احلياة ،كام ورد «ونفس حلم ودم هي» ،ومنها
تأيت مجيع الصفات الس�يئة من األس�س األربعة الكامنة فيها ..وكذلك الصفات احلسنة التي يف
طبع كل اليهود عىل مدار تارخيهم ،مثل الرمحة والتكافل االجتامعي ،فالنفس اليهودية املتذبذبة
بني النجاسة والطهارة ،أصلها شجرة احلكمة التي تضم اخلري والرش.
أم�ا عب�دة األوثان ،فإن نفوس�هم ال حتتوي عىل أي خري ،وأي خير يقومون به ،يكون من
باب التفاخر فحسب.
لك�ن ينقل لنا الرايب هليل بعض حتديثات حكامئنا األجالء ،التي ختربنا أنه بالنس�بة ملحبي
نفسا متذبذبة بني اخلري والرش ،تتشابه مع تلك التي يمتلكهاالشعب اليهودي ،فإهنم يمتلكون ً
اليهود .واالختالف ببساطة يكمن يف أن غري اليهودي العادي ال يمتلك تلك النفس املتذبذبة،
التي هي حالة وسط ،بل يمتلك بداخله طبقات النجاسة الثالث .أما اجلار توشاف – الذي تم
تغيريا
قبول�ه بواس�طة حمكمة تتكون من ثالثة هيود ،مر بنوع م�ن التهويد احلقيقي الذي أحدث ً
يف جوهره ،واآلن هو ينتمي للنفس املتذبذبة.
لكن عىل كل حال ،ال يزال ثمة فارق جوهري يف النفس العقلية بني شعب إرسائيل وبقية
الشعوب،كام نرى فإننا مل نسمح للجار توشاف بتعلم التوراة كاليهودي؛ ألن عقله البرشى لن
يس�توعب حمتواها ،كام ال حيظى برشف احلفاظ عىل تقاليد الس�بت؛ ألنه ال ينتمي لغرض خلق
الكون مثل بني إرسائيل.
ولذلك ال يصح أن نقول إن النفس البهيمية التي بداخل اجلار توشاف حتتوي عىل اخلصال
الثالث (الرمحة واخلجل والتكافل)؛ ألن هذا ينتمي فحسب إلرسائيل ،من ناحية وجود النفس
املذبذبة بداخلهم ؛ فاليهودي ،كام ذكرنا ،يكمن بداخله روح إهلية ،ومعها خصال اآلباء احلسنة،
كوهنم ينتمون لطبقة النبالء يف اإلنسانية ،لذا فإن هذه اخلصال تتغلب عىل نفسهم احليوانية.
واألم�ر خمتلف لدى األغيار ،وكذلك اجلار توش�اف ،الذي ال ينتمي عىل اإلطالق لطبقة
نفسا متذبذبة ،يمكننا أن نقول إنه إذا فعل
النبالء ،وخيتلف األخري فحسب يف أنه لكونه يمتلك ً
خريا ،فإنه يقصده لذاته ،ال ليتباهي به. ً
وم�ا يتض�ح مما ُذكر ،أن قاعدة «مل يرد يشء »...هدفه�ا الرئييس هي إنارة الطريق لألغيار،
ويظل هذا قائماً حتى قدوم املسيح املخلص ،وأما كل هذا فهو جمرد متهيد لقدومه ،وحينها يعبد
اجلميع إهلًا واحدً ا!
72
الفصل الثاين
قتل غري اليهودي الذي يتعدى عىل الوصايا السبع ألبناء نوح
س�وف هنتم يف ه�ذا الفصل بمس�ألة قتل غري اليهودي ال�ذي يتعدى عىل الوصايا الس�بع
ألبناء نوح؛ حيث إن حكمه هو املوت.
وعىل الرغم من وجوب املوت ،إال أن اجلامرا قد قالت بأن غري اليهودي (الذي عىل ما يبدو
قد تعدى عىل الوصايا السبع ألبناء نوح) «ال تنزعوه» ،وبمعنى أدق «ال تقتلوه» .وبالتمعن يف
هذين املصدرين وجدنا أربعة آراء ،وهى:
األول :الرايب موسى بن نحامن ،والرايب سفتي كوهني ،اللذان فهام أن حكم «ال تقتلوه» يرسي
يف حالة عدم التأكد من تعديه عىل الوصايا السبع.
الث�اين :ال�رايب يوم طوف ب�ن أفراهام اإلش�بييل )*( فهم أن حكم «ال تقتل�وه» يرسي يف حالة
العداوة.
الثالث :سيدنا يونا و«الرايب دافيد هاليفى سيجيل)**(» فهام أن احلكامء قد قضوا بعدم حماكمة
األغيار.
الرابع :الرايب يوس�ف كارو)***( (يف كتابه «هبايت يوس�ف») وأتباعه (يف رأي الرايب موسى
بن ميمون) فهموا أنه حُيظر قتلهم دون وجود حكم يقىض بذلك.
)*( الرايب يوم طوف أفراهام إشبييل (أو اإلشبييل) רבי יום טוב בן אברהם אשבילי1330 - 1250( :م) ،من كبار علامء
التوراة يف األندلس.
)**( «الرايب دافيد هاليفي سيجيل רבי דוד הלוי סגל» )1667 - 1586( :كبري حكامء هيود پولندا ،ومؤلف الكتاب
الشهري يف عامل اليهودية« :طوريه زاهاف טורי זהב».
)***( «الرايب يوسف كارو ـ רבי יוסף קארו» )1575 – 1488( :من كبار حكامء اليهود عىل مر العصور ،وواضع
كتاب «شوحلان عاروخ שולחן ערוך» ،وكذلك كتاب «هبايت يوسف».
73
وبقاض واحد
ٍ 1ــ غري اليهودي ُي ْق َتل بشهادة شاهد واحد
إن غير اليه�ودي الذي يتعدى على إحدى الوصايا الس�بع ألبناء نوح ،جي�ب قتله ،ويتم
ٍ
وقاض واحد ،وبدون سابق إنذار ،أو حتذير كام هو موضح يف اجلامرا قتله بشهادة شاهد واحد
(سنهدرين )2 :57حيث ورد:
«وجد الرايب يعقوب بن أحا أنه ورد يف كتاب حكايات حاخامنا :أن ابن نوح
بقاض واحد ،وبش�اهد واحد ،وبدون س�ابق انذار ،وهذا الشاهد جيـب أن ٍ ُيقتل
يكـون رجـلاً ،وليس امرأة حتى ولو كانت من أقربائه ،...و يتساءل عن مصدر
ه�ذا الكالم؟ ،فيحدثنا الرايب هي�ودا )*( فيقول :إن النص التورايت يقول «وأطلب
ٍ
بقاض واحد« ،من يد كل حيوان» ،أي حتى ولو أنا دمكم ألنفس�كم» حتى ولو
بدون س�ابق إنذار« ،وأطلبه ومن يد اإلنس�ان» ـ حتى ولو بش�هادة شاهد واحد،
«من يد رجل» ـ وليس من يد امرأةَ ،
«أخيه» ـ حتى من أقارب العائلة».
وكام أفتى الرايب موسى بن ميمون يف «أحكام امللوك» الفصل التاسع:
الفت�وى 1ـ لقد أوىص الرب آدم أبا البرش بس�ت وصايا ،وهى :االمتناع عن
عب�ادة األوث�ان ،وعدم التجديف على اهلل (الرشك ب�اهلل) ،وعدم س�فك الدماء،
وعدم غش�يان املحارم ،وعدم الرسقة ،وتس�وية اخلالفات بني الناس .ثم أضاف
لنوح عدم أكل اللحم احلى.
الفت�وى ...14واب�ن ن�وح ال�ذي تعدى على إح�دى الوصايا الس�بعُ ،يقتل
بالس�يف .ومت�ى ُيط َب�ق ذلك؟ واإلجابة ه�ي أن ذلك ُيط َّبق ـ يف حال�ة إذا ما عبد
األوث�ان ،أو ج�دّ ف عىل اهلل ،أو س�فك الدماء ،أو غيش إحدى حمارمه الس�تة ،أو
ش�خصا ما ينتهك حرم�ة وصية من تلك ً رسق ...أو أكل حلًم�اً ح ًّي�ا ...،أو رأى
الوصايا ،ومل حياكمه ويقتله ـ يف مجيع تلك احلاالت هذا الشخص ُيقتل بالسيف.
وهلذا الس�بب يس�تحق مجيع أهل ش�كيم (نابلس) القتل؛ ألهنم علموا وشاهدوا
حاكمه�م يسرق ومل حياكم�وه )**( .واب�ن نوح هذا يقتل بش�هادة ش�اهد واحد
وقاض واحد وبدون سابق إنذار. ٍ
ذكرا يف املشناه ،وينتمي للجيل الرابع من فرتة
)*( هو الرايب هيودا بار إيلعاى רבי יהודה בר אילעאי :هو أكثر التنائيني ً
التنائيم ،والتي تعود للنصف الثاين من القرن الثاين قبل امليالد.
)**( وردت حكاية حاكم أهل شكيم (نابلس) يف سفر القضاة ،حيث تروي لنا عن سوء اختيار أهل املدينة حلاكمهم،
الذي قبلوه لكون حاكمهم ذا صلة دم معهم؛ ولذا وثقوا به ،ويف النهاية غدروا به.
74
2ــ الشاهد يصبح قاض ًيا
أيضا ،أي إذا ش�اهد أحدهم وبخص�وص أبن�اء ن�وح ،فبإمكان الش�اهد أن يكون قاض ًي�ا ً
ش�خصا آخ�ر يرتك�ب ذن ًب�ا ،فبإمكانه أن حياكم�ه ويقتله على ذلك ،طامل�ا أنه بمثابة الش�اهد
ً
والقايض يف آن واحد.
وهو ما تم تفسيره يف اجلامرا يف الس�نهدرين ،التي استفادت ذلك من واقعة سيدنا موسى
الذي قتل املرصي:
قال الرايب حنينا بار محا :واألجنبي الذي رضب اإلرسائييل ،جيب قتله ،حيث
ورد( :فتلفت «موسى» هنا وهناك فلم جيد أحدً ا [ فوكز املرصي] إلخ).
لقد رأى سيدنا موسى ذلك املرصي يرضب رجلاً إرسائيل ًّيا ،وهلذا قتله .هنا نجد موسى
هو الشاهد وهو القايض يف آن واحد ،وهذا مل يعرقل تنفيذ احلكم يف املرصي (.)1
مفرسا
ً أيضا أوضح الرايب ش�لومو بن يتس�حاق يف (يفاموت /األرامل )2 :47 وكذلك ً
أنه ملاذا يعلمون األجنبي وصايا اللقاط )*( ،واملنسية )**( ،وزاوية احلقل)***(.
وخيربونه (أي األجنبي) بوصايا اللقاط ،واملنسية ،وزاوية احلقل؛ لئال يعتقد أن هؤالء
الفق�راء الذي�ن يلتقطون س�نابل زوايا احلقل هم لصوص ،فيش�ب عليه�م ،ويقتلهم بموجب
أحكامه�م؛ حي�ث إن أبناء نوح تم حتذيره�م من الرسقة يف الس�نهدرين ،وحتذيرهم هذا فيه ما
فيه من املوت بدون سابق إنذار.
واملعنى :أن الرايب ش�لومو بن يتس�حاق يضع نصب عينيه أن غري اليهودي الذي يش�اهد
غير هي�ودي آخر يرسق من حقله ،يمكنه قتله ،وهذا القتل ه�و بموجب أحكامهم .وهذا ألنه
بمثابة الش�اهد والق�ايض الذي حياكم غري اليهودي الذي ينتهك وصي�ة عدم الرسقة ،ويتعدى
عليها .وهلذا السبب جيب التنبيه عىل األجنبي بأن هؤالء امللتقطني من حقله مباح هلم فعل ذلك
بموجب حكم التوراة .حتى ال يشب عليهم ،ويقتلهم بموجب عاداته القديمة عندما كان غري
حلا.
اليهودي صا ً
)*( اللقاط :كناية عن السنابل التي تسقط عىل األرض لدى احلصاد ،فيلتقطها الغريب.
)**( املنسية :كناية عن السنابل التي تُنسى يف احلقل لدى احلصاد ،فيلتقطها الغريب.
)***( زاوية احلقل :كناية عن السنابل التي تنمو عىل هوامش أو زوايا احلقل ،والتي ال جيب حصدها مطل ًقا ،فيلتقطها
الغريب.
75
أيض�ا يف «رشيعة امللوك» للرايب موس�ى ب�ن ميمون؛ حي�ث يوضح واقعة كما ن�رى ذلك ً
ش�معون والوي )*( ،وكي�ف أهنام قتال أهل ش�كيم؛ ألهنم انتهكوا وصي�ة األحكام ،وإذا بنا ال
نج�د ش�معون قد ش�هد أم�ام الوي أو العكس ،وظاهر كالم الرايب موس�ى ب�ن ميمون هو أن
ش�معون والوى كانا بمثابة الش�اهدين والقاضيني يف آن واحد؛ حيث إهنام ش�اهدا أهل شكيم
يرتكبون ذن ًبا ،ولذلك حاكموهم عىل صنيعتهم ( .)2وكام هو ثابت عىل لس�ان الرايب موس�ى بن
ميمون:
شخصا ما ينتهك حرمة وصية من تلك الوصايا ومل حياكمه ويقتله...
ً أو رأى
حي�ث يتجلى لنا م�ن لغته أن غري اليه�ودي إذا رأى غري هيودي آخر يرتك�ب ذن ًبا فله أن
حياكمه ويقتله (وبحسب الرايب موسى بن ميمون:إذا أمكنه قتله ومل يقتله فإنه هو اآلخر يستحق
املوت ،طاملا أنه مل يطبق احلكم).
أيضا من اجلامرا التي أش�ارت إىل أن�ه إذا رأى القايض ش�ي ًئا ما ،فإنه
وه�ذا احلك�م مثبت ً
ليس يف حاجة إىل ش�هود ،بل يمكنه احلكم مبارشة بموجب ما رآه بعينه .وبلغة اجلامرا( :ليس
)**(
م�ن رأى كمن س�مع ،أو العي�ان أغنى من البيان) .وهكذا ورد يف اجلامرا يف «رأس الس�نة»
( )2 :25حول أحكام اإلعالن عن غرة الشهر:
مشناه :فإن رأته (أي اهلالل) املحكمة فقط ـ فليقف اثنان ويشهدا أمامهم ،ويقوال مقدس
مق�دس )***( .وان رآه ثالث�ة ه�م (قوام) املحكمة ـ فليش�هد اثنان ،عىل ذل�ك ويقوال مقدس
مقدس؛ حيث إنه ال يمكن االكتفاء بشخص واحد.
مجارا :ملاذا قالت املشناه« :إن رأته املحكمة فليقف اثنان ويشهدا أمامهم»؟ َأ َو َليس العيان
أغنى من البيان؟! ـ قال الرايب زيرا :كأن شاهدوه ليلاً .
أي :إذا رأى ثالث�ة قض�اة ميلاد القم�ر اجلديد (اهللال) ،وكانت هذه الرؤي�ة قبل ميض
النه�ار وحل�ول الظالم ،جي�وز هلم اإلعالن عن غرة الش�هر بموجب رؤيتهم وش�هادهتم؛ ألنه
)*( راجع اإلصحاح 34من سفر التكوين ،والذي يروي واقعة توراتية مفادها أن شمعون والوي ،من أبناء يعقوب،
بحسب التوراة ،انتقام ألختهام «دينا بنت ليئا» من شكيم بن محور الذي اغتصبها ،بأن قتال مجيع سكان شكيم
(نابلس).
)**( فصل «رأس السنة ראש השנה» :هو الفصل الثامن من الباب الثاين «موعاديم» أي األعياد ،يف التلمود .ويناقش
هذا الفصل مراسم االحتفال برأس السنة العربية.
)***( وتعني َّ
أهل علينا.
76
(لي�س من رأى كمن س�مع ،أوالعيان أغنى م�ن البيان) .ولكن إذا رأوه ليًل�اً ؛ حيث عندها ال
يمكنهم احلكم ـ فعليهم الشهادة أمام قضاة آخرين؛ ألهنم ال يستطيعون حتديد غرة الشهر (وال
حيكمون عمو ًما) يف الليل ،ولذلك فإن رؤيتهم ال تعد كافية للحكم ،وحتتاج إىل الش�هادة أمام
قضاة آخرين بسبب القاعدة التي تقول «ليس هناك شاهد يصبح قاض ًيا» .وهذا احلكم أفتى به
أيضا «شوحلان عاروخ» (حوشني مشباط :)5 :7 ً
ولو رأى ثالثة قضاة احلدث (ميالد ش�هر جديد) حتى ولو قصدوا أن تكون
هنارا يصبحون شهو ًدا وقضاة ،وحيكمون
رؤيتهم بمثابة أدلة نظرية ،إن شاهدوه ً
عىل ذلك احلدث؛ ولكن إن رأوه ليلاً ،فال حيكمون وحدهم.
وإذا بنا ال نستنتج لدى غري اليهود ذلك احلد الفاصل بعدم احلكم ليلاً ( ،)3وبدون رضورة
لثالث�ة قض�اة ،أو قضاة متخصصني حتدي�دً ا ،ولذلك فإنه لدى غري اليه�ود كل من يرى الذنب
بإمكانه أن يكون قاض ًيا ويبت يف أمره ( ،)4وتلقائ ًّيا تتحقق فيه مقولة (ليس من رأى كمن سمع
أو العيان أغنى من البيان).
وىف الواقع ،هناك آراء تقول بعدم وجود تلك القاعدة يف قوانني العقوبات اجلنائية اخلاصة
بشعب إرسائيل .وهذا عىل سبيل املثال ما ورد يف كتاب «هحينوخ»)*( (الوصية :)5()409
ال جي�وز قتل املذنب قبل مثول�ه للمحاكمة ،ذلك ألنه حُيظر علينا قتل املذنب
عندم�ا ن�راه يقترف خطأ يس�توجب امل�وت قب�ل أن نقدم�ه للمحكم�ة ،ولكننا
ثم فإن «هيئة املحكمة» حتاكمه،ملتزمون بتقديمه للمحكمة ،ومعه الشهود ،ومن ّ
وحيكم�ون عليه بام يس�تحقه؛ حيث ورد يف (س�فر الع�دد « :)12 :35ال يموت
القاتل حتى يم ُثل أمام املحكمة» .وتشري املخيلتا إىل إمكانية قتله إذا قتل أو زنى،
ويقول النص التورايت «ال يموت القاتل حتى يم ُثل أمام املحكمة ...إلخ».
حت�ى ولو رأت�ه املحكمة الكربى وه�و يقتل فليكونون مجي ًعا ش�هود ،ويدلون بش�هادهتم
أمام حمكمة أخرى حتكم عليه ...وكام فرسه حكامؤنا طيب اهلل ثراهم (رأس الس�نة 25العمود
األول)َ .ت ْقضيِ الش�هادة ...إلخَ ،و ُتن ِْق ُذ الش�هادة (العدد 24 :35ـ ،)25أي جيب الدفاع عنه،
فلو كان له حق أنقذوه ،وإن مل يكن األمر كذلك فاقتلوه ،وعىل ذلك تم التنبيه علينا بأن احلكم
مهما كان ،جي�ب أن يكون أمام املحكمة ،وال حياكمه الش�هود الذين رأوا األمر بأعينهم مطل ًقا؛
)*( «هحينوخ ספר החינוך» الكتاب التعليمي :وهو كتاب حيتوى عىل الوصايا الـ 613الواردة يف التوراة.
77
نظرا ملش�اهدهتم للواقعة فتبادر قلوهبم إلدانته بأي حال
ألهنم ربام لن يتمكنوا من الدفاع عنه؛ ً
من األحوال.
أيضا ،فإن األمور صحيحة فقط بشأن بني إرسائيل ،الذين وردت ولكن حس�ب أس�لوبه ً
فيهم اآليات «وأنقذوا الطائفة»( )6و«ال يموت القاتل حتى يم ُثل أمام املحكمة» .ولكن بالنسبة
لغير اليهود ،تظ�ل القاعدة األصلية «العيان أغنى من البيان» .وكام يف أقوال «منحات حينوخ»
(اآلية .)7( )5
وها هى تلك األحكام ال تُنسب ألبناء نوح ،فإذا رأوه ارتكب ذن ًبا ،جيب قتله ،بخالف بني
أيضا يصري من يرى أو يشهد قاض ًيا ،وال هيم ما هو الذنب املرتكب، إرسائيل .ولدى أبناء نوح ً
قاض واحد ،وحتى لو كانوا أقرباء كام فرسه الرايب موس�ى بن ميمون ...وهذاٍ ويقتل بحس�ب
()8
بسيط.
وكذلك كتب يف أسئلة وأجوبة احلاخام تسيفي )*((:)84
اب�ن نوح الذي يرى صديقه يتعدى عىل وصايا القتلُ ،يقتل ،وعليه قتله؛ ألنه
الشاهد والقاىض يف آن واحد(.)9
والرايب موشيه املوشنينو يف كتاب «يدي موسى» )**( (عن تفسري سفر التكوين):
بشاهد واحد وقاض واحد «أردنا القول بأن القايض نفسه يكون شاهدً ا ،وىف
أحكامن�ا ال يصير الش�اهد قاض ًيا ،لكن بالنس�بة لبني نوح فقد ورد «س�افك دم
ٍ
وقاض واحد ـ «دمه ُيسفك» (. )10 اإلنسان باإلنسان» شاهد واحد
أي أن« :يدي موس�ى» يفرس لنا أن كلمة «باإلنسان» جعلت املفرسين يعتقدون أن إنسانًا
واحدً ا ،هو الشاهد والقايض م ًعا ،يكفي من أجل سفك دماء من مل يلتزم بالوصايا (راجع كيف
يفرس بناء عىل هذا ما ورد يف املدراش).
ويف النهاية ،نأيت بام قاله الرايب أهارون مندل هكوهني حول واقعة قتل املرصي يف «يدي
موسى» (:)11
)*( هو تسيفي هريش إشكنازي (1718 -1685م) ،ويكنى باحلاخام تسيفي عىل اسم كتابه الذي حيمل نفس
االسم.
)**( «يدي موسى» كتاب لتفسري التوراة للحاخام موشيه املوشينينو (1581 -1518م) ،وهو من كبار مفرسي القرن
السادس عرش.
78
مل حيذر غري اليهودي ومل ينتظر وجود شاهدين...إذا شاهده بدون أي شاهد،
كان حيق له قتله؛ حتى ال يكون السمع أكثر من النظر ،كام يف رأس السنة يف كلمة
«رأوه» ...ونفس احلال بالنس�بة لبلدة ش�كيم التي كان جيب قتل رجاهلا؛ ألهنم مل
حياسبوا حاكمهم عىل رسقته ،ومل يلتزموا بالوصايا التي ُأمر هبا أبناء نوح ،فوقفوا
وقتلوهم (.)13( )12
وجدنا لدى احلكامء األوائل واألواخر أربعة احتامالت لتربير هذه املعضلة:
أي :أن الرايب موس�ى بن نحامن أدرك أن�ه بالفعل ،غري اليهودي الذي نعلم أنه تعدى عىل
الوصاي�ا الس�بع يمكن حماكمته وقتله .الس�بب أن اجلمارا تقول «ال نُخفض» وه�ي تقصد أننا
بصدد غري هيودي ما ال نعرفه ،وألننا ال نعرفه ـ ال يمكننا اإلقرار بأنه تعدى عىل الوصايا السبع
ونقوم بمحاكمته ،ولذلك حُيظر قتله (.)15
وهك�ذا تتف�ق اجلامرا مع الس�نهدرين الذي يقول إنه يس�تحيل قول إن قت�ل غري اليهودي
مباح :فعندما تتحدث اجلامرا عن غري هيودي ما ،فهي إ ًذا تقصد واحدً ا ال نعرفه ،ولذلك فنحن
ال نعرف حتديدً ا أنه تعدى عىل الوصايا الس�بع .بالنس�بة لغري هيودي كهذا ،ال يمكن القول بأن
قتله مباح (.)16
80
-2أسلوب يوم طوف أفراهام إشبيلي «اإلشبيلي»:
«اإلشبييل»(ماكوت)*():
ّ كتب الرايب يوم طوف أفراهام إشبييل
ثالثة اختالفات وردت يف العهد القديم عن الس�امريني ( ،)17اجلار توش�اف ،وابن نوح،
والسامري:
اجل�ار توش�اف هو الذي ُقبِ َل أم�ام حمكمة إرسائيلية االلتزام بالوصايا الس�بع
التي ائتمر هبا أبناء نوح كام ورد يف مسألة عبادة األوثان ( )2 :64وبذلك مباح له
الس�كن بيننا ،ولذلك ندعوه توشاف)**(؛ وألنه ُقبِ َلها أمام حمكمة إرسائيلية فإنه
ملت�زم بالعمل هبا ،وألننا ائتمرنا باحلفاظ عىل حيات�ه كام ورد «ويعيش (أخوك)
مع�ك» (الويني ،)35 :25وليس هن�اك رضورة للقول بأنه حمظور علينا إصابته
أو قتله أو إنزاله البئر.
وابن نوح مل يقبل الوصايا أمام املحكمة ،لكنه يلتزم هبا من تلقاء نفسه ،و ُيثاب
عليه�ا ،كمن نفذ وصية غري ملتزم هبا ،كام ورد يف التوراة «وقف فقاس األرض،
أيضا يف «بابا قاما» ( )2 :64و«عفودا زارا» (،64 نظر فرجفت األمم» ،كام ورد ً
،)2وألننا لس�نا مؤمترين باحلفاظ عىل حياته وال إيذائه وال إصابته وال قتله؛ ألنه
سيفعلها يف هناية األمر ،رغم أنه مل يؤمر هبا ،وسيحصل عىل ثواب بسيط كام ورد
يف التلمود.
بينام السامري غري حريص عىل االلتزام بالوصايا السبع ،ومباح إنزاله للبئر يف
حال وجود خصومة ،أو قتله يف حالة وجود ذريعة لذلك ،كام ورد يف عفودا زارا
( )26:2وكما ُفرس األمر هناك بأن «الس�امريني ال نخفضهم وال نرفعهم» أي يف
حالة العداء.
والرايب يوم طوف أفراهام إش�بييل (اإلش�بييل) فهم أن س�بب إباحة قتل غري اليهودي هو
أنه ال حيافظ عىل الوصايا السبع .وهو ما جاء يف «عفودا زارا» يف اجلامرا (.)18
يف بداية اجلامرا تقول الربايتا:
«ماكوت» :فصل الرضب واجللد :أحد فصول املشناه ،ويعالج عقوبات اجللد والرضب التي تصدرها املحكمة
ّ )*(
ضد املخالفني.
)**( أي ساكن.
81
«األغيار ورعاة األغنام ـ ال ختفضوا وال ترفعوا ،لكن املرتدون ـ اخفضوا وال
ترفعوا».
تفسر لنا اجلامرا أن مس�ألة «ال نُخفض وال نرفع» معناه�ا عدم القيام بأي يشء)*( .لكن يف
موض�ع الحق ،تناقش اجلامرا مس�ألة املرتدي�ن ،وتقول اخفضوا وال ترفعوا ،ثم تفرس لنا س�بب
قول «ال ترفعوا» ،رغم أن «اخفضوا» تكفي .ومربرها يف ذلك هو أنه ثمة حاالت يس�تحيل «أن
ُخفض» فيها بس�بب العداوة ،ويف مثل هذه احلاالت نحاول عىل كل حال القتل بالش�كل الذي ن ِ
الس ّلم وما شابه).
يمكننا به التهرب من مشكلة العداوة عن طريق اختالق ذريعة ما (سحب ُّ
أيضا(.)19
ويوضح لنا الرايب يوم طوف أفراهام إشبييل (اإلشبييل) نفس املعنى ً
ونس�تنتج من هنا أن «ال ترفعوا» تعني أنه ُيس�مح ،بس�حب السلم حتى ال يستطيع الواقع
أيض�ا يف حالة الع�داوة؛ ألنه يمكن إجي�اد ذريعة هلذا.
يف البئ�ر إنق�اذ نفس�ه ،ويمكن فع�ل هذا ً
و«ال ترفعوا» التي وردت بخصوص املرتدين ،تناقش بالفعل حالة أخرى ،حالة ال حتتوي عىل
عداوة.
يتض�ح أن الربايت�ا اس�تحدثت لنا حكماً بخص�وص املرتدين يف حالتين :عندما ال يكون
هن�اك عداوةُ ،يس�مح بل وجيب قتلهم .ويف حال�ة وجود عداوة ،ال نقتلهم بش�كل مبارش ،بل
نق�وم بذلك بش�كل غري مب�ارش عن طريق من�ع إنقاذهم؛ ألن�ه بذلك هناك ذريع�ة للهرب من
العداوة.
وبالت�ايل ،فنحن نفهم أن «ال ترفعوا» ليس مقصو ًدا منها فقط االلتزام بقاعدة «اجلس وال
أيضا نفهم أننا نستخدم أيدينا للقتل بمنع اإلنقاذ( :)20وما ال «نخفضه» يف البداية
تفعل» ،وإنام ً
هو بس�بب أنه ثمة عداوة ،وهذه حالة يس�تحيل فيها اس�تخدام األيدي لإلنزال يف البئر .وهذه
«ماكوت» كام ورد سل ًفا؛ حيث يقول:
ّ هي نية الرايب يوم طوف أفراهام إشبييل «اإلشبييل» يف
وألنه ُيس�مح بإنزاله يف البئر يف حالة وجود عداء أو التسبب يف قتله طاملا كان
يمكن اختالق ذريعة لذلك ،كام ورد يف «عفودا زارا» ( )2 :26وما قاله التلمود
جتاه السامريني أن «ال نرفع وال نُخفض» أي يف حالة العداوة.
نس�تنتج نظر ًّي�ا أن الربيت�ا تقول إنه حُيظر قت�ل األغيار يف حالة وجود عداوة ،لكن ُيس�مح
)*( تقيض الرشيعة اليهودية بعدم القيام بأي يشء يف بعض احلاالت ،وهو ما ُيعرف بقاعدة «اجلس وال تفعل».
82
بأخذ س�لم اإلنقاذ؛ ألنه حينها ثمة ذرائع للتملص من العداء ؛ وأنه جيب قتل املرتدين يف حالة
عدم وجود عداوة ،ويف حالة العداء جيب قتلهم بأخذ السلم استنا ًدا لذريعة ما.
وهن�ا هح�ازون إيش ( )21يتش�دد أكثر م�ن الرايب يوم طوف أفراهام إش�بييل «اإلش�بييل»
ال�ذي يق�ول إننا نس�تنتج أنه س�واء األغيار أو املرت�دون ُيقتل�ون يف حالة عدم وج�ود عداوة،
وبس�حب الس�لم يف حالة العداوة ؛ وإذا كان حكمهام متش�ا ًهبا ،ملاذا مل تورد الربايتا نفس النص
عن كليهام؟
واتفقن�ا فيام س�بق أن الصيغة التي تناول�ت املرتدين خمتلفة ،والربايت�ا تقول «اخفضوا» يف
حالة عدم وجود عداوة ،كام ذكرنا (والذي مل تتحدث عنه الربايتا لآلن)؛ ألنه كان من املهم أن
تؤك�د الربايتا وجت�دد رضورة قتل املرتدين (بخالف األغيار الذي�ن مل نؤمتر بقتلهم ،عىل األقل
اآلن طاملا أهنم حتت أيدينا ،وكذلك ليس ثمة حتديث يف الفقرة الترشيعية البسيطة التي تقول إن
غري اليهودي ُيقتل إذا مل يلتزم بوصاياه).
83
الذين ال يلتزمون بالوصايا الس�بع وتس�مح التوراة بقتلهم ( .)24ورغم ذلك فاحلكامء حيظرون
قتلهم ،كام يذكر لنا معلمنا يونا(.)25
ويتف�ق كت�اب «طوري�ه زاه�اف» م�ع معلمن�ا يون�ا وم�ع كت�اب «يريئي�م» (يف «يوري�ه
ديعا») (:)26
«رغم أن التوراة تبيح القتل ،إال أن احلكامء حيظرونه (.»)27
-9خالصة القول:
تعلمنا ثالث طرق لتربير التناقض الذي بني إباحة حماكمة وقتل األغيار الذي يتعدى عىل
ُخفض» أي ال ننقذ بعض األغيار:الوصايا السبع ،وبني ما قالته اجلامرا عن أننا ال «ن ِ
84
وقاض ال ن ِ
ُخفض. ٍ ُيقتل بشاهد واحد
واحد.
الرايب موسى بن نحامن عندما يعلمون أنه ارتكب عمو ًما ،عندما ال نراه
يرتكب جريمته. اجلريمة. وسفتي كوهني.
يف حالة العداوة. الرايب يوم طوف أفراهام ليس يف حالة العداوة.
إشبييل «اإلشبييل».
الفقهـــــاء حيظــــرون معلـمنا يونـــا و«طوريه التوراة تبيح.
األمـــر (يبدو أنه بسبب زاهاف».
العداوة).
85
قتله�م عالني�ة باس�تخدام الس�يف ،فلتفعلوا ،أو يت�م قتلهم بش�كل غري مبارش.
والس َّلم موجود بداخل البئر،
كيف ،نقول إنك شاهدت أحدهم يسقط يف البئرُّ ،
عليك أولاً بإزالة ُّ
الس ََّلم ،ثم تقول له :إنني منزعج :سأنزل ابني من فوق السطح
وأعيده لك ،وما شابه .لكن األغيار الذين ليس بيننا وبينهم حروب ورعاة األغنام
اليهود وما ش�ابه ،ال نقتلهم بشكل غري مبارش ،وحمظور إنقاذهم من املوت ،مثلام
لو س�قط منهم أحد يف البحر فال ننقذه ،وكام ورد يف العهد القديم «ال تتأخر عن
إنقاذ صاحبك» ،وهذا ليس بصاحبك.
وه�ا ه�و الرايب موس�ى بن ميمون يرشح لن�ا يف رشائع عبادة األوثان ،أن�ه حُيظر قتل «غري
اليهودي الذي يعبد األوثان» أي :الذي تعدى عىل الوصايا السبع .ويف هذه احلالة ال يمكن أن
نو ِّفق بني ما يقوله الرايب موس�ى بن ميمون وما قاله الرايب موس�ى بن نحامن ،فاألخري يرى أنه
جي�ب قتل عابد األوثان( )31؛ ويصع�ب التوفيق بني كلامته كذلك وبني ما قاله الرايب يوم طوف
أفراهام إش�بييل (اإلش�بييل)؛ ألن الرايب موس�ى بن ميمون يقول رصاح�ة إن األمر حمظور ،ومل
يضع حدو ًدا للحظر يف حالة وجود عداوة.
أراد «طوريه زاهاف» تفسري أقوال الرايب موسى بن ميمون عىل أهنا تتفق مع أقوال معلمنا
أيض�ا فإنه من املع�روف ملاذا كتب
يون�ا .فف�ى رأيه أن احلظ�ر مصدره احلكامء ،وبحس�ب رأيه ً
الرايب موس�ى بن ميمون يف رشائع القتل «ال نختلق ذريعة لقتلهم بش�كل غري مبارش ،وحمظور
إنقاذهم»« .األعمدة الذهبية» يدقق ويقول إن ثمة فر ًقا بني بداية الكلامت وهنايتها :ففى البداية
«يظر» ،وبحس�ب رأيه ،فإن الس�بب هو أنه بالفع�ل ليس ثمة حظر مكت�وب «ال» ويف النهاي�ة حُ
للقتل غري املبارش (وهى إزالة وسيلة اإلنقاذ ،والذي هو أمر مباح كام أوردنا سل ًفا) :لكن يبقى
األمر ال يمثل إلزا ًما.
لكن «هبايت يوس�ف» ،و«دارخي موش�يه )*(» ،و«هدريشا )**(»( ،)32وجدوا صعوبة يف
فهم مقصد الرايب موسى بن ميمون .ويبدو أن غرضهم الرئييس هو أن الرايب موسى بن ميمون
ٍ
وقاض واحد(كام فهمنا يف بداية الفصل)، كتب يف رشائع امللوك أن ابن نوح ُيقتل بشاهد واحد
ومل يكتب أن ثمة حدو ًدا للحظر من الفقهاء اليهود ملحاكمتهم يف هذا الزمان (.)33
وبن�اء على ذلك ،كتب «بيت يوس�ف» أن املقصود من كلمة «ال تخُ ِفض�وا» هو أنه بالفعل
)*( «دارخي موشيه» :كتاب أسئلة وأجوبة ،للرايب موشيه بن يرسائيل إيرساليش (1572 -1520م) ،وهو ٍ
مفت
وفيلسوف هيودي معروف يف القرن السادس عرش.
)**( «هدريشا» كتاب أسئلة وأجوبة.
86
لي�س ثم�ة إلزام يف ذلك ،لكن لو أرادوا حماكمة غري اليهودي وقتله عىل تعديه الوصايا الس�بع،
فاألمر مباح:
ويتضح مما ورد يف التوس�افوت أنه حُيظر قتلهم ،واملقصود أنه ليس ثمة إلزام
يف ذل�ك ،على الرغم من أهنم تع�دوا عىل الوصايا الس�بع .ومن يلت�زم بالوصايا
الس�بع حُيظر قتلهم .وقد قيل ذلك يف «مس�يخت سوفريم» )*( أن قتل أفضل َم ْن
يف األغيار يكون يف ساحة احلرب .وهو ما يبدو من أقوال الرايب موسى بن ميمون
يف رشائع القاتل.
وهم يعتمدون عىل ما ورد يف التوسافوت ،التي حتدثت عن «ال تخُ فضوا» وقالت:
وعىل الرغم من أن األغيار عبدة األوثان هم من يتعدون عىل الوصايا السبع،
فعىل أي حال ال تقتلوهم.
وها هي التوسافوت ختربنا ببساطة أن مقصد اجلامرا يف قوهلا «ال تخُ ِفضوا» هو السامح بعدم
القتل ،لكن ليس ثمة حظر يف األمر (.)34
أيض�ا مع ما جاء يف كت�اب «هحين�وخ» يف الرشيع�ة ( 93وبالتحديد منحات
واتف�ق ه�ذا ً
حينوخ يف قوله):
بي�د أن�ه يوجد فرق بني الش�عوب الس�بعة وبقية أمم عبدة األوث�ان؛ ألن بقية
األمم التي مل حتاربنا ،لس�نا مأمورين بقتله�م ،إال الذين يبقون بأرضنا ،ويرتكون
عبادة األوثان ،فالشعوب السبعة ُأمرنا بقتلهم طاملا مل يتوقفوا عن عبادة األوثان.
يف هذه احلالة يتم تربير التناقض الذي بني مقولة «ال تخُ ِفضوا» وبني السماح بمحاكمة من
يتعدى عىل الوصايا السبع ،بالشكل التايل:
«ال ِ
نخف�ض» بمعنى أنه لس�نا ملزمني بذلك ،رغم كون غري اليه�ود ال يلتزمون بالوصايا
السبع .فإذا كان اليهودي يرغب يف حماكمته عىل ذلك وقتله ،فإن األمر مباح.
وف ًقا هلذا يمكن فهم ما قاله الرايب موسى بن ميمون يف رشائع القاتل «ال يتم قتلهم بشكل
«ويظر
غري مبارش» – أي ُيسمح بقتلهم إذا رغبنا يف حماكمتهم ،لكن ليس ثمة إلزام يف األمر ؛ حُ
إنقاذهم» – هذا أمر حمظور متا ًما.
)*( «مسيخت سوفريم» :إحدى الوثائق الصغرية ،وتناقش عمليات اإلفتاء واألحكام ،وكتبت يف القرن الثامن.
87
لك�ن ه�ذا التربير يتناق�ض ألول وهلة مع م�ا ورد يف اجلامرا يف الس�نهدرين (مم�ا أوردناه
نخفض» هو حظر هنائى!سل ًفا) ،وهو ما يثبت لنا أن «ال ِ
وأكث�ر م�ن ذل�ك ،هذا التفسير يتناقض م�ع ما قال�ه الرايب موس�ى بن ميم�ون يف رشائع
عب�ادة األوث�ان« :ال جي�وز قتله بي�ده ،وال دفع�ه يف البئر» ،وكما تعجب «منح�ات حينوخ» يف
الرشيعة :93
وهنا كتب الرايب موسى بن ميمون «لكن يرميه بيده أو يلقيه يف البئر ،ونستنتج
م�ن ذلك أن األمر حمظور» مع الذي ليس يف حرب معنا .وتفسير الرايب موس�ى
بن ميمون لذلك أنه حُيظر اس�تخدام األيدي يف القتل .وراجع «هبايت يوسف».
وأندهش من أنه مل ينتبه إىل احلظر املوجود يف األمر.
ونلخص ما مىض:
م�ن خالل ما ورد يف التوس�افوت وكت�اب «هحينوخ» ،وما قاله الرايب موس�ى بن ميمون
وورد يف «هباي�ت يوس�ف» ،نس�تنتج أن مقول�ة «ال تخُ ِفضوا» ه�ى إباحة لألمر :لس�نا ملزمني
بمحاكمة وقتل غري اليهودي الذي يتعدى عىل الوصايا السبع ،لكن األمر مباح .ويصعب فهم
حظرا ! وكذلك مع
أن هذا خيتلف مع ما ورد يف اجلامرا يف السنهدرين من أن هذه املقولة تعني ً
ما قاله الرايب موسى بن ميمون نفسه يف بداية الفصل العارش من رشائع عبادة األوثان (.)35
88
أي ج�ار توش�اف [ كل م�ن يقب�ل الوصايا الس�بع ] نحاف�ظ عىل حيات�ه ،وإذا تعدى عىل
الوصاي�ا الس�بع ،جيب قتل�ه دون حماكمة أو حتذير مس�بق .وجيب القول إنه م�ا دام مل َيم ُثل أمام
حمكمة ،لسنا ملزمني بقتله .وإذا عرفنا عبادته لألوثان فال نخفض وال نرفع.
أيضا رأينا يف أقوال الرايب موسى بن ميمون يف رشائع امللوك الفصل الثامن:
كذلك ً
ش�هرا،
ً [ ]9أسيرة احلرب التي مل ترغب يف ترك عبادة األوثان بعد اثني عرش
تُقت�ل .وكذل�ك حُيظر عق�د معاهدة مع أي مدين�ة ،حتى يرجع أهله�ا عن عبادة
األوثان ،ويقبلوا وصايا نوح السبع .ألن أي شخص غري هيودي ال يلتزم بالوصايا
السبع ،يمكننا قتله إذا وقع حتت أيدينا..
[ ...]10أمر الرب موسى أن يفرض عىل مجيع الشعوب قبول الوصايا السبع
الت�ي ُأم�ر هبا أبناء نوح ،ومن يرفض ُيقتل ،ومن يقبلها فهو املدعو جار توش�اف
يف كل موضع.
وكام رأينا يف رشائع عبادة األوثان (بداية الفصل العارش ،كام سبق ذكره):
سلاما ونصفح عنهم ،وكام
ً ال تعقد حل ًفا مع عبدة األوثان ،حتى نقيم معهم
ورد يف العه�د القدي�م «ال تعق�د حل ًفا هل�م إال بعد عودهتم ع�ن عبادهتم تلك أو
ُيقتلون».
يتح�دث الرايب موس�ى بن ميمون رصاحة عن عبدة األوث�ان ،الذين لدهيم فرصة التكفري
عن عبادهتم لألوثان ،وليس ثمة إلزام بقتلهم لعبادهتم لألوثان حتى تلك اللحظة.
ورغم أنه بحس�ب الرايب موس�ى بن ميم�ون ( )38أن غري اليهودي ال�ذي يقع حتت أيدينا،
علين�ا إجب�اره عىل قبول الوصايا الس�بع« ،ومن ال يفعل ُيقتل»؛ وعلى كل حال نحن نرغب يف
القول بأننا نستطيع أن نغفر له أخطاءه املاضية وال نحاسبه عليها (.)39
وبش�كل بس�يط فف�ي العرص احل�اىل ،ليس ثمة ج�ار توش�اف ( ،)40ولي�س هناك خالف
ح�ول أن�ه إذا َقبِ َل الوصايا من هنا فصاعدً ا ،ال جيب قتله عام اقرتفه يف املاىض .ويتضح ً
أيضا أنه
ليس ثمة فارق إذا تاب بينه وبني نفس�ه أو أمام ثالثة من بني إرسائيل؛ ألنه عىل أي حال يلتزم
بالوصايا السبع (.)41
ويتض�ح مما س�بق أن�ه عندما يت�م حماكمة غري اليه�ودي عىل اجلرائ�م الت�ي ارتكبها ،جيب
التفكير فيما إذا كان قد ت�اب بالفعل ،ويف ه�ذه احلالة حُيظ�ر قتله (ومن يقتله يك�ون قد خرق
89
وصية «س�افك دم اإلنس�ان») .ونزيد فنق�ولُ :ي َف َّضل أن يتوب غري اليه�ودي عن أن نقتله .إذا
وصلن�ا لغير اليهودي ال�ذي ال يلتزم بالوصايا الس�بع وثمة إمكانية بتوضيح أمهي�ة التزامه هبا
فضل اختيار هذا الطريق ،وأال نقوم بمحاكمته ومن ثم قتله(.)42 حتى يتوب – ُي َّ
وبكلامت أخرى ،غري اليهودي الذي تعدى عىل الوصايا السبع وال يعاقب بالقتل .القول
مثب�ت يف أقوال اجلامرا يف «ماك�وت ( »)1 :9التي قالت إن غري اليهودي الذي قتل غري هيودي
آخرُ ،يقتل ،رغم أن غري اليهودي اآلخر مل حيافظ عىل الوصايا السبع ( .)43وكونه ال حيافظ عىل
الوصايا الس�بع ال جيعله يس�تحق القتل ،وال يقع ذن ًبا رغم ذلك عىل من يقتله ! ( .)44وبش�كل
مشابه ،جيب أن نثبت من اجلامرا يف السنهدرين ( )1 :57؛ التي تقول رصاحة إن «غري اليهودي
ال�ذي يقتل غري اليهودي ُيقتل» (وعندما نقول «غير هيودي» فنحن نقصد هذا الذي ال حيافظ
عىل الوصايا السبع كام سبق ذكره) .ومن تلك الفقرات من اجلامرا ،نحن نرى أن غري اليهودي
ال�ذي قتل غير هيودي آخر ٍ
متعد عىل الوصايا الس�بعُ ،يقت�ل؛ ألنه فعل ذل�ك ليقتل ،ال ليعقد
حماكمة (.)45
نس�تنتج من هذا أن مس�ألة قتل من يتعدى عىل الوصايا الس�بع ،ترتبط بمالبس�ات حمددة
وس�ياق معني .إذا كان عن طريق اإلصالح – لدينا هنا جزء من وصايا األحكام .لكن إذا كان
يمكن أن ن ِ
ُصلح غري اليهودي وهنتم بالتزامه بالوصايا السبع من هنا فصاعدً ا عن طريق توبته،
فعلى س�بيل املثال ،ال يوجد هنا وج�ود لرشيعة األحكام ،بل نحن نتحدث عن القتل وإفس�اد
العامل ،وال ُيسمح بتنفيذ مثل هذا القتل.
أيضا احلالة التي ال نستطيع فيها أن نقوم باإلصالح ،ال عن طريق من هنا ،جيب أن نناقش ً
التوب�ة وال بواس�طة القت�ل .ونقصد حالة املنف�ى ،عندما ال يكون يف اس�تطاعتنا فرض االلتزام
بالوصايا الس�بع عىل األغيار .وال يتم تفسير حماكمة زمرة األغيار الذين ال يلتزمون بالوصايا
السبع ،عىل أهنا بمثابة ُحكم؛ ألن العامل ميلء هبذا بالفعل بام فيه الكفاية ،وهذا القتل ليس جز ًءا
من احلفاظ احلقيقي عىل إقامة الوصايا السبع بشكل عام.
ثمة مثال لألمر نجده يف اجلامرا يف (عفودا زارا ،)2- 13وهي الفقرات التي تتحدث عن
العبد الذي بيع يف سوق عبدة األوثان ،ومفادها هو (:)46
أن من يشرتي أي يشء من سوق عبدة األوثانُ ،يعاقب بأال يستفيد مما ابتاعه،
وعليه أن ُيتلِف ما اشتراه .وتس�أل اجلامرا ماذا يفعل من يشتري عبدً ا يف س�وق
90
عب�ادة األوث�ان ،ه�ل عليه قتل�ه؟ وجتيب بحظ�ر قتله ،ألنن�ا قلنا أنه م�ع األغيار
«ال ترفع�وا وال تخُ ِفض�وا» .ويتضح م�ن هذا أن مقصد الربيتا ه�و حظر قتل غري
اليه�ودي ،وه�ذا هو املقصود بـ «ال تخُ ِفضوا» .أي أنه ُيس�مح ب�أن «ال تخُ ِفضوا».
وم�ا ه�و الدليل الذي نأيت به م�ن الربايتا يف حالة هذا العب�د؟ حُيتمل أنه هنا؛ ألنه
ت�م رشاؤه يف س�وق عبدة األوثان ،جيب قتل�ه ؛ والربايتا تتحدث عن هذا الوضع
بشكل عام ،الذي ال يكون األمر فيه ِ
ملز ًما.
لكن إذا قلنا إنه ُيسمح بمحاكمة غري اليهودي ،فإن هذا يتم فقط عندما يكون األمر جز ًءا
من حماولتنا يف إصالح العامل ،فكلامت اجلامرا واضحة :اهلدف من قتل العبد ليس الهتاممنا بتنفيذ
الوصايا السبع ،هو فقط ملعاجلة مسألة استمتاع اليهودي بام اشرتاه من سوق عبدة األوثان .إذا
قتلنا العبد بذريعة أنه تعدى عىل الوصايا السبع ،سنخلق بذلك وض ًعا نكون فيه قد «استغللنا»
السامح بقتل من يتعدى عىل الوصايا السبع ،حتى نتمكن من حل مشكلة اليهودي الذي ابتاع
العبد (.)47
بكلمات أخ�رى :عندم�ا نقتل العبد نق�ول له« :نحن نقتل�ك ألنك تعديت على الوصايا
أيضا قد تعدوا عىل تلك الوصايا،الس�بع» .ويزع�م العبد« :أليس كل األغيار الذين من ح�ويل ً
فلامذا قررتم قتيل أنا بالذات؟» .ماذا يكون الرد عىل ذلك؟ أنه س� ُيقتل؛ ألنه تم رشاؤه يف س�وق
عبدة األوثان؟ وهل هلذا عالقة بالوصايا السبع؟
لك�ن عندم�ا نقرتب من غري اليه�ودي الذي يتعدى عىل الوصايا الس�بع ونقتله من خالل
اهتاممنا بإقامة الوصايا السبع ،فليس ثمة حظر يف األمر ،وبناء عىل هذا ورد أهنم ُيقتلون بشاهد
ٍ
وقاض واح�د .ووف ًقا هلذا ،يمكننا أن نفهم مقصد «هبايت يوس�ف» بقوله إنه ال يوجد واح�د
حظ�ر ،ليس هن�اك حظر لقتل األغيار عىل وصاياهم الس�بع ،إذا كان القتل فعلاً هبدف احلفاظ
عىل الوصايا السبع وعقاب من ال يلتزم هبا (.)48
أيضا لدى
ثم�ة أس�اس مش�ابه لذلك األمر ،م�ن أنه ثمة معنى مل�ا يقصده الفاعل ،نج�ده ً
اليه�ود .فه�ا قد اس�تنتجنا أنه ُيس�مح برضب وإي�ذاء صاحبه ،حت�ى حيرره م�ن احلظر (راجع
حوشني مشباط ،هناية الرمز :)421
وم�ن كان حت�ت إمرته ،ورأى أنه ارتك�ب جريمة ،من حق�ه أن يقتله ويعذبه
حتى ينزع عنه احلظر ،وليس ثمة رضورة لإلتيان به أمام حمكمة.
91
وجيب أن نناقش املسألة :شخص يرضب من حتت إمرته ،وواضح من أفعاله وسلوكه أن
هدفه ليس نزع احلظر ،بل إيذاء من يتلقى الرضبات.
ِ
الضارب، وبالفع�ل بع�د وقوع هذا ،عندما يذهب املترضر ملقاضاته يف املحكمة ،س�يزعم
أنه رغم أنه مل يقصد إزالة احلظر منه ،إال أن هذا بالفعل ما حدث يف واقع األمر ،ولذلك وجب
ِ
الضارب يف هذه احلالة؟ مباحا .فهل يمكن العفو فعلاً عن
إعفاؤه؛ ألنه رضبه رض ًبا ً
ِ
الضارب يستحق العقوبة هنا .فإباحة الرضب النتزاع احلظر ،يكون فقط نرى ببساطة أن
ِ
الضارب معن ًيا برضب صاحبه ،ويرغب يف ِ
الضارب هذا ألجل اهلل ؛ لكن إذا كان عندما يفعل
إنقاذ نفسه من تلقي عقوبة عن هذا ،حتى ال يتكلف مالاً ،فإن األمر حمظور ،وال جيب إعفاؤه
من املرصوفات يف هذه احلالة (. )50( )49
ونعود ألقوال الربيتا «ال تخُ ِفضوا» :بحس�ب الرايب موس�ى بن ميمون و«هبايت يوسف»،
ف�إن املقص�ود ه�و أنه ليس ثم�ة وصية تلزمن�ا بقتل غري اليه�ودي ،حتى إذا علمنا أن�ه ال يلتزم
بالوصاي�ا الس�بع ،وبطبيعة احلال ،فاألمر يتعلق بنوايا القات�ل :إذا كان يقتل غري اليهودي؛ ألنه
ال يلت�زم بالوصايا الس�بع ،فليس ثمة حظر يف األمر (ألن الش�اهد يصري قاض ًي�ا ...إىل آخره)،
لك�ن إذا كان يقص�د فق�ط إي�ذاءه ،فإن هذا حمظ�ور ( .)51ولذل�ك تقول اجلامرا يف الس�نهدرين
إن�ه يس�تحيل القول إن س�فك دم�اء غري اليهودي على أيدي اليه�ودي مباح ،،لكن�ه ليس أمر
أيضا الرايب موس�ى بن ميمون أنه حُيظر إنزاله يف البئر بش�كل عام،إباحة مطل ًقا ،ولذلك كتب ً
أي قتله(.)52
واآلن تبدو لنا كلامت الرايب موسى بن ميمون واضحة:
يف رشائع عبادة األوثان تطرق الرايب موسى بن ميمون ملوقف غري اليهودي؛ حيث كتب أن
غري اليهودي ـ الذي يعبد األوثان ـ حمظور قتله هكذا دون سبب (ألن «سافك دم اإلنسان»).
لك�ن الرايب موس�ى بن ميم�ون يتطرق يف رشائع القات�ل إىل درجات خمتلف�ة من الرشور:
مرتدي�ن ،وملحدي�ن ،وأغيار ،رعاة األغنام ..إىل آخره .وهو يتحدث هناك عن املرتدين الذين
جي�ب قتله�م دون حماكم�ة ،وعن األغيار الكف�رة الذين ال ُيقتلون بش�كل غري مب�ارش .فعندما
نتطرق إىل رشورهم ،يستحيل أن نقول إنه حُيظر قتلهم؛ ألنه يمكن حماكمتهم وقتلهم؛ ألهنم ال
يلتزمون بالوصايا الس�بع .ولذلك فقد كتب الرايب موسى بن ميمون كلمة «ال» ،التي تعنى أننا
ال نفع�ل هذا ،إال يف حالة وجود س�بب مقنع مثل تطبيق األح�كام ( .)53وهذا يف مقابل كلمتى
«حمظور إنقاذهم» والذي هو حظر مطلق.
92
-12أهل شكيم ورأي الرابي موسى بن ميمون
ح�ول قتل ش�كيم عىل يد ش�معون وليفي ـ كتب الرايب موس�ى بن ميم�ون (هناية الفصل
التاسع من رشائع امللوك ،كام ذكرنا):
وهلذا كان جيب قتل مجيع أهل شكيم؛ ألن شكيم رسق ،وهم رأوه يفعل هذا
ومل حياكموه.
وكتب الرايب موسى بن نحامن يف تفسريه لـ «التكوين »13 :34بإسهاب حول خالفه مع
الرايب موسى بن ميمون ألسباب خمتلفة ،وقال فيام قال:
وع�ن رأي�ي فإن األح�كام التي تم إحصاؤه�ا ألبناء نوح يف الوصايا الس�بع،
ٍ
ق�اض يف كل مدينة ،بل جيب إلزامه�م بوصايا الرسقة ال تقضي بضرورة وجود
واخلداع والنهب ،وأحكام احلراس ،واالغتصاب ،واإلغراء ،واألرضار الرئيسية،
ومن يلحق أذى بصاحبه وأحكام البيع والرشاء وما شابه ،مثل األحكام التي ُأمر
هبا بنو إرسائيل و ُيقتل إذا رسق أو هنب أو اغتصب وأغرى ابنة صاحبه أو أشعل
النار يف غلته وأحلق هبا األذى وما شابه.
وم�ن هذه الوصايا ،ن�درك رضورة وجود ق�اض يف كل مدينة مثل إرسائيل،
وإذا مل يفعلوا ال ُيقتلون ،ألنه أمر إلزام هلم...
(.......)2 – 59
وم�اذا يريده�م ال�رايب أن يفعلوا حتى يس�تحقوا القتل؟ أمل يكن أهل ش�كيم
غضبومجيع الشعوب السبعة من عبدة األوثان يغشون املحارم ويفعلون كل ما ي ِ
ُ
ال�رب؟ وحتدث�ت عنه�م عدة فق�رات ،إال أنه مع ذل�ك ،ال يمكن الق�ول إن بني
يعقوب من حقهم حماكمتهم وقتلهم.
أم�ا فيام خيص ش�كيم ،فأهلهم يفعلون الرش ودمهم ُمس�تباح ،أرادوا االنتقام
منه�م ،فقتلوا امللك ومجيع أه�ل مدينته؛ ألهنم عبيده ويطيعون�ه ،وال يعد حلف
اخلت�ان ش�يئًا ذا قيمة بالنس�بة هلم؛ ألن�ه كان نفا ًقا لس�ادهتم ،وق�ال يعقوب هلم،
فلتعرض�وه للخط�ر كما ورد :أحلق�وا يب األذى ،ورغب�وا يف إحراق�ي بالنار مثل
الطعام ،ومل يتلقوا لعنة هناك؛ ألهنم رسقوا أهل املدينة ،الذين قالوا هلم :فلتعيشوا
ونكون شع ًبا واحدً ا ،ألهنم مل يسيئوا إليكم مطل ًقا.
ّ هنا
93
يتش�دد الرايب موس�ى بن نحامن أكثر من الرايب موسى بن ميمون :ملاذا جيب القول إن أهل
شكيم ُقتلوا لتعدهيم عىل وصايا األحكام؟ فقد تعدوا عىل مجيع الوصايا السبع !
يت�م تربير تل�ك املعضلة التي يعرضها الرايب موس�ى بن نحامن ،وف ًقا ملنهج الرايب موس�ى
ب�ن ميم�ون الذي أوضحناه :فالرايب موس�ى بن ميمون يعتقد أنه م�ن أجل قتل غري هيودي ممن
مل يلتزموا بالوصايا الس�بع ،جيب أن يكون هنا ُحكم ،وليس هناك اس�تغالل للحكم يف تصفية
احلسابات ألغراض أخرى.
كون ش�عوب كنعان قد تعدوا عىل الوصايا الس�بع ،فإن هذه حقيقة قديمة ومعروفة ،وأن
بني يعقوب مل يتطرقوا هلا حتى اآلن يف رحالهتم يف أرض إرسائيل .إذا كان لدهيم مشكلة ما مع
أحد األغيار ومن أجل حلها ،راحوا قتلوه ،مدعني أهنم فعلوا هذا لتعديه عىل الوصايا السبع،
فهذا ال يعد ُحكماً ،ووف ًقا ملا أوضحناه من أقوال الرايب موسى بن ميمون ،فإن األمر حمظور.
سنجسد واقعة هنا :بنو يعقوب يمرون بجوار منزل أحد األغيار األغنياء للغاية ،ومل يكن
له ورثة ،وإذا مات سيس�تطيعون احلصول عىل أمواله .فهل ُيس�مح هل�م بمحاكمته وقتله؛ ألنه
بحكم ،إهن�ا رغبة يف احلصول عىل ي�أكل حلًم�اً ح ًّي�ا (وحينئذ ُيتصدق بامله يف اخلير)؟ هذا ليس ُ
مبلغ مايل عن طريق اخلداع.
لذل�ك ،ف�إن ال�رايب موس�ى بن ميم�ون يفهم أن إل�زام عقوبة امل�وت عىل أهل ش�كيم ،مل
يك�ن مرتب ًط�ا بجمي�ع اجلرائم العادي�ة التي ارتكبوه�ا؛ ألنه بالنس�بة ملثل هذه اجلرائ�م ،مل نجد
ُحكما هن�ا خيص بن�ي يعقوب ،وليس هناك س�بب ألن نس�تيقظ فنقرر فجأة حماكمتهم لس�بب
غري رئييس.
لكن بالنس�بة لشكيم ،فإن بني يعقوب مل يس�تغلوا قدرهتم عىل املحاكمة – بل هم تعاملوا
مع اجلرائم املتصلة هبم ،وبالتايل فهم ال يتجاهلوهنا .هذا ليس اس�تغاللاً بل تعامل مع اجلرائم
عىل طريقة «لقد جاء ليهامجني يف أرىض» .هلذا السبب حاكم بنو يعقوب أهل شكيم.
أي أن�ه ،عندم�ا يرتك�ب األغيار جرائ�م بعيدً ا عن�ا ،يمكننا أن نفهم الس�بب يف أننا لس�نا
مضطري�ن لالنش�غال يف حماكمتهم (كام أن غري اليه�ودي ملزم بعقوبة القت�ل إذا مل حياكم أغيار
يعيشون بعيدً ا عنه ،ويتعدون عىل الوصايا السبع) (.)54
لكن عندما يرتكب غري اليهودي جريمة بش�كل يتصل بنا ،فإن التجاهل هو تصديق عىل
اجلريمة ،ولذلك فإنه واضح هنا أين موضع احلكم.
94
أيضا يف هذا اإلطار الرايب موسى بن ميمون يف رشائع حظر املضاجعة (:)9 :12
ويفرس ً
غري هيودي تعدى عىل بنت إرسائيلية ،لو كانت زوجة فل ُيقتل.
وألول وهلة ،جيب علينا أن نتشدد يف أن غري اليهودي هذا هو الذي يتعدى عىل الوصايا
الس�بع هب�ذه الطريقة ،ويمكن قتله عىل كل وصي�ة من الوصايا (ولذلك فإن الرايب موس�ى بن
ميم�ون يف كل موض�ع يكتب فيه أن هذا الش�خص يس�تحق عقوبة القتل ع�ن وصية معينة من
الوصاي�ا الس�بع ،فإن�ه يقصد بذلك «اب�ن نوح» الذي ال يتع�دى مطل ًقا عىل الوصايا الس�بع) ؛
وأكثر من ذلك :ملاذا نتحدث فقط عن غري اليهودي الذي ضاجع فتاة إرسائيلية؟ فهو إذا فعلها
أيضا ! وحس�ب كالمنا ،فإننا نفهم أن الرايب موس�ى بن ميمون يقول مع فتاة غري هيوديةُ ،يقتل ً
أنه ما دامت اجلريمة تتعلق بنا ،فعلينا حماكمة الفاعل وعدم جتاهل األمر (.)55
95
مباح�ا ألبن�اء يعقوب قتل أهل ش�كيم؛ ألهنما أذنبا يف تعدهيام على الوصايا
أي أن�ه :كان ً
مباحا – فال جيب القيام به ،ألن ابنيهام ال يقويان عىل
الس�بع .اعترب يعقوب أنه رغم كون األمر ً
التعامل مع نتائج أفعاهلام التي ستقلب عليهم مجيع سكان البالد.
وم�ا يتض�ح م�ن هذا هو أنه وف ًقا ملعلمنا نس�يم ُيس�مح بإي�ذاء أي غري هي�ودي تعدى عىل
الوصايا السبع ،إذا كان لدى اليهودي حاجة للقيام هبذا (.)58
جيب أن نالحظ أنه بحسب معلمنا نسيم إذا اتضح أن غري اليهودي هذا تاب عن جرائمه،
ومن هنا فصاعدً ا س�يحافظ عىل الوصايا الس�بع ،حُيظر قتله ،كام اتضح يف س�ياق ما قاله الرايب
موسى بن نحامن ،من أن يعقوب سخط يف أواخر أيامه عىل شمعون وليفي؛ ألنه اعتقد أن أهل
شكيم كانوا ينوون بالفعل أن يتوبوا (كام سنكتب الح ًقا)(.)59
ولكن يمكن تفسري أقوال الرايب موسى بن نحامن بشكل آخر:
يمكن القول بأن الرايب موس�ى بن نحامن اتفق بش�كل عام مع األساس الذي
رشح�ه الرايب موس�ى بن ميمون .بأن�ه حُيظر قتل غري اليه�ودي الذي يتعدى عىل
الوصاي�ا الس�بع ،عندم�ا يكون القتل لغرض ش�خىص ال هبدف تنفي�ذ ُحكم ما.
وبحسب هذا ،يمكننا بوضوح أن نفهم مقصد الرايب موسى بن نحامن عندما قال
«لي�س األمر متروكًا ليعقوب وأوالده» :فهو يقصد أن�ه حُيظر عىل يعقوب وبنيه
إي�ذاء الش�عوب التي عاش�ت يف أرض كنع�ان يف هذه الفرتة ،رغ�م تعدهيم عىل
رما.
الوصايا السبع ،طاملا ليست هناك نية لتنفيذ حكم من ارتكب ُج ً
لك�ن بحس�ب هذا يب�دو األمر صع ًبا بع�ض اليشء :ملاذا ُيس�مح بقتل أهل ش�كيم؟ فثمة
اس�تغالل هنا لألمر لتحقيق أغراض ش�خصية – لغضبهم عىل رسقة دينا – وىف إثر ذلك قاموا
بإحل�اق األذى بجمي�ع أه�ل املدين�ة ،الذين مل يفعل�وا لبني يعق�وب أي يشء يس�توجب القتل
(وبحسب الرايب موسى بن نحامن ،ال يوجد إلزام بالقتل عىل إلغاء الوصايا)!
ونوض�ح األم�ر أكثر :إذا كانوا ق�د تعدوا عىل الوصايا الس�بع دون أن يكون لذلك عالقة
بنا ،ملا كنا قد حكمناهم؛ ألنه قبل ذلك كنا نحاول دعوهتم للتوبة واإلصالح .لكن يف ش�كيم،
وج�ود هؤالء األغي�ار خلق واق ًعا يؤذى فيه ش�كيم بني يعقوب .يف مثل هذه احلالة ،الوس�يلة
الوحي�دة لإلصالح تك�ون حماكمتهم وليس جتاه�ل أفعاهلم ،ونحن نقتلهم؛ ألهنم يس�تحقون
امل�وت؛ وه�ذا م�ا نفهمه مما قال الرايب موس�ى ب�ن نحامن الذي يبرر قتل أهل ش�كيم لكوهنم
يطيعون ملكهم الرشير.
96
وبالفع�ل ،يف احلال�ة الت�ي ال يعرق�ل فيها غير اليهودي مسيرة اإلصالح الدين�ي وتنفيذ
الوصاي�ا ،ب�ل فقط نحن نريد قتله مس�تغلني هذا ملصلحتن�ا؛ فإن األمر حمظ�ور .ونعود للمثال
ال�ذي أوردناه س�اب ًقا حول غري اليه�ودي الثري الذي ي�أكل حلماً ح ًّيا ،ونح�ن نقتله للحصول
على أموال�ه ونوجهها لفعل اخلري :وف ًقا ملا نفرسه اآلن من كلامت الرايب موس�ى بن نحامن ،فإن
األم�ر حمظ�ور .ففى هذه احلالة «لي�س األمر مرتوكًا لنا لنقيم حماكمة» ،كام خيربنا الرايب موس�ى
بن نحامن(.)60
نلخص كالمنا يف اجلدول التاىل:
ملاذا قتل أهل شكيم؟ صاحب الرأي
حوكموا عىل جرائمهم املتصلة بأبناء يعقوب. الرايب موسى بن ميمون
الرايب موسى بن نحامن حوكموا عىل أفعاهلم؛ ألنه من أجل إصالحهمُ ،ي ّ
فضل عدم توقع أهنم
وف ًقا لالحتاملية األخرى سيتوبون.
الرايب موسى بن نحامن يستحقون القتل بسبب جرائمهم ،و ُيسمح بقتل مثل هؤالء األغيار
ألي رضورة ملحة (ألنه من املنطقى أهنم لن يتوبوا). بحسب معلمنا نسيم
-14قتل من تاب
أثبتنا فيام سبق من واقع اجلار توشاف ،أن غري اليهودي ال يتوجب قتله بشكل مؤكد ،وهو
يمكن�ه أن يت�وب عن آثامه ،وحينئذ لن نحاكمه عىل ما فعل( .)61يفرس الرايب موس�ى بن نحامن
عرضاه للخطر بام فعاله ؛ لكن يف سياق
يف البداية أن يعقوب صب جام غضبه عىل بنيه؛ ألهنام ّ
حديثه ،يفرس لنا ملاذا س�خط يعقوب عليهام يف أواخر أيامه ،عندما مل يكن ثمة خطر من جانب
األغيار ،ومل حيدث أي رضر لليهود نتيجة ملا فعاله.
أي :ثمة احتاملية أن أهل شكيم قصدوا بالفعل احلفاظ عىل الوصايا السبع من هنا فصاعدً ا،
ُفضل أال نقتلهم ،بل نس�مح هلم بالتوبة ؛ وبخصوص ويف ه�ذه احلال�ة ،األمر مفروغ منه ،إننا ن ِّ
هذه النقطة فقد سخط بشدة يف حديثه مع شمعون وليفي يف هناية أيامه(.)62
يب�دو أن�ه ال يوج�د من يعرتض عىل هذا ال�كالم ،فإذا كان من املمكن اخت�اذ هذا الطريق،
فضل فعل ذلك. ُي َّ
97
– 15مملكة األغيار املتحضرة
عندم�ا يكون ثمة مملكة متحرضة لألغيار ،فإنه يكون لدهيم منظومة قضائية تتوىل حماكمة
املذنبني الذين تعدوا عىل الوصايا ،كام فرس ذلك الرايب موس�ى بن ميمون (هناية الفصل التاسع
من رشائع امللوك):
ٍ
قاض يف كل مدينة ملحاكمة من يتعدى وكيف ينفذون األحكام؟ جيب وضع
عىل الوصايا الست تلك ،وجيب توعية الشعب(.)63
عندما يكون ثمة مملكة هبذا الشكل ،يتضح لنا بشدة أهنا ستحدد بنفسها طريقة حماكمة من
تعدى عىل الوصايا السبع .ومن هنا فصاعدً ا ،لن يتم األمر بأيدي أفراد ،بل ستتوىل تلك املنظومة
القضائية األمر كله .هذا الترشيع حمتمل للغاية من ناحية وجود نظام اجلمهور املتحرض.
صحيحا يف األساس ،عىل ضوء ما تعلمناه من أنه جيب يف كل حالة ،دراسة ً يعد هذا األمر
األمر ،وما إذا كان جيب قتل املذنب أو ُي َف َّضل السامح له بالتوبة .من هنا فصاعدً ا وعندما يكون
ثم�ة مملك�ة متحرضة ،فإننا نج�د مثل هذه الدراس�ة ،ويتضح لنا أننا س�نرتك ه�ذا األمر للهيئة
القضائية املوجودة يف كل مدينة(.)64
وم�ن امله�م أن نؤكد أنه ليس ثمة إلغاء لوصايا األح�كام هنا ،من جانب من يرى املخطئ
وال حياكمه؛ ألنه يستطيع أن يسلمه للهيئة القضائية يف املدينة الواقع هبا ،حتى يتعاملوا هم معه؛
وعىل النقيض هبذا الشكل تتحقق وصايا األحكام كام ينبغي(.)65
أيضا ،وس�يعرتف اجلميع بذلك؛ ألنه عندما تكونويب�دو أن�ه ليس ثمة خالف حول هذا ً
ثمة مملكة متحرضة ،ال جيوز السامح ألفراد أن يقيموا حماكامت ألحد ،بل جيب ترك األمر للهيئة
القضائية (.)66
ووف ًقا لذلك نستكمل اجلدول الذي ذكرناه فيام سبق:
الرايب موسى بن نحامن الرايب موسى بن نحامن الرايب موسى بن املوقف
وف ًقا لالحتاملية األخرى وفقا ملعلمنا نسيم ميمون
مباح مباح مباح احلكم من أجل اإلصالح
مباح مباح حمظور احلكم للتعامل مع الرش
98
مباح حمظور حمظور احلكم من أجل مصلحة
شخصية
حمظور حمظور حمظور حماكمة التائب /املحاكمة
يف حالة اململكة املتحرضة
)*( «كنيست هجدوال» :كتاب للحاخام حاييم بنفيشتي (1673 -1603م) مفتي رشيعة معروف ،ومفرس للتوراة،
وحاخام معروف يف القرن السابع عرش ،و ُلقب بصاحب اجلمعية الكربى كناية عن كتابه هذا «كنيست هجدوال».
99
إذا قمن�ا بمقارن�ة هذه احلالة باحلاالت املختلفة التي وردت يف اجلدول ،س�نجد أنه يش�به
احلالة األوىل التي نلجأ فيها إىل حماكمة غري اليهودي إلصالح العامل؛ ألن جريمته هلا عالقة بنا؛
أيضا ،وف ًقا ملا قاله الرايب ش�لومو بن أفراهام (اإلش�بييل)،
وهبذا يكون مس�موح لنا بمحاكمته ً
وكذلك الرايب موسى بن نحامن ،و الرايب موسى بن ميمون و«هبايت يوسف» .
()59
-13ملخص
من جانب تقرر أن غري اليهود حُياكمون بش�اهد واحد وقاض واحد ،ويف هذه احلالة – من
يراه يتعدى عىل إحدى الوصايا السبع يمكن قتله ؛ لكن من ناحية أخرى ،ورد عن األغيار أننا «ال
ن ِ
ُخفض» ،أي ال نسهم يف قتلهم ،وألول وهلة هذا ال جيوز رغم تعدهيم عىل الوصايا السبع.
وجدنا أربعة مناهج تفرس األمر وهي:
ُخفض» غري اليهودي الذياألول :الرايب موس�ى بن نحامن و «س�فتي كوهني»أدركا أننا ال «ن ِ
ال نتأك�د متا ًما أنه بالفعل تعدى عىل الوصايا الس�بع (رغ�م أنه فعل هذا ،ولذلك حُيظر
املسامهة يف إنقاذه من املوت).
الثاين :الرايب يوم طوف بن أفراهام اإلش�بييل أدرك أن احلظر س�ببه العداوة ،وعندما ال توجد
عداوة يمكن حماكمة غري اليهودي.
الثالث :معلمنا يونا و«طوريه زاهاف» خيربانا أن احلكامء قالوا بعدم حماكمة األغيار.
الراب�ع« :هباي�ت يوس�ف» ،و«دارخي موش�يه» و«هدريش�ا» (يتفق�ون مع الرايب موس�ى بن
أيض�ا يف كت�اب «هحين�وخ» والتوس�افوت ،كل ه�ذه ميم�ون )؛ ونف�س األم�ر ن�راه ً
املصادر أدركت أنه يمكن حماكمة األغيار الذين يتعدون عىل الوصايا الس�بع؛ ومقصد
اجلمارا يف كلم�ة «ال تخُ ِفضوا» هو أنه حُيظر قتل األغيار ،ليس بس�بب تنفيذ احلُكم ،بل
العتبارات أخرى.
أيضا م�ن خيتلف مع املنهج األخري يعرتف أنه حُيظ�ر قتل غري اليهودي الذيأوضحن�ا أنه ً
تع�دى عىل الوصايا الس�بع ،إذا كان ذلك بمثابة فس�اد ،عىل س�بيل املثال :غير اليهودي الذي
تاب ،أو الذي توجد منظومة قضائية تتوىل األمر يف مدينته بطريقة أفضل ،رأينا أنه جيب حماكمة
حلكم ،وينطوىاألغيار يف حاالت ليس فيها فساد مؤكد ،لكن اهلدف األسايس لن يكون تنفيذ ا ُ
هذا عىل احتامالت أخرى.
100
امللحق
)*(
أقوال «هحازون إيش»
ثم�ة مواض�ع يف «هحازون إيش» تتعلق بام كتبناه داخل الفص�ل ،منها ما جيب توضيحه.
رغ�م أنه يوجد هن�ا تطرق لعدة موضوعات يف الفصل .كلامت «هح�ازون ايش» جتد مكانًا هلا
وقد قررنا مناقشتها عىل حدة .والنقاط الرئيسية يف كالمه هي:
•حماكم�ة األغي�ار يف زماننا« - :وها ه�ي التوراة خففت من أحكام بن�ي نوح (بعد أن
توقف�ت مجي�ع األمم على االلتزام هبا كما ورد يف التوس�افوت) من أنن�ا غري ملزمني
بمحاكمته�م ،ورغ�م أهن�م ال يلتزمون بالوصاي�ا ،إال أننا ال نس�اهم يف قتلهم ،وهذا
حمظور» .وف ًقا هلذا ،نجد أنه جيب أال نشهد عىل غري اليهودي الذي قتل؛ ألن األغيار
الذين سيقتلون لن يفعلوا ما جيب فعله -إال أنه يقول إنه يف الوصايا التي تنطوي عىل
أيضا ،ولذلك يمكن الشهادة حدود يف تنفيذ اليهودي هلا ،يمكن حماكمة األغيار اآلن ً
عىل غري اليهودي الذي قتل أمام املحكمة التي ختص الضحية.
•إل�زام حماكم�ة األغيار :اليهودي ال حياكم غري اليهودي يف وجود غري هيودي آخر ،بل
جيب أن يكون هناك ش�اهدان يصلحا للش�هادة من إرسائيل ؛ فالش�اهد ال يمكن أن
يكون قاض ًيا يف أحكام األغيار.
•أنه ُيس�هب يف تش�دده مع الرايب ش�لومو بن أفراهام (اإلش�بييل) ،كام قلنا يف الس�ابق،
وجوه�ر معضلته هو أنه إذا كان حظر قتل غري اليهودي هو العداوة ،فإن هذا مش�ابه
أيضا يف حالة العداوة ،ويف هذه احلالة ،ليس من الواضح لدينا للمرتد الذي ُيقتل هو ً
السبب الذي ُت َف ِرق الربايتا من أجله بني األغيار واملرتدين.
)*( «هحازون إيش» :مالحظات عىل التلمود وكتاب «شوحلان عاروخ» ،للرايب أفراهام يشعياهو كارليتس (-1878
1953م) ،وهو من أكرب مفرسي القرن العرشين.
101
نأيت اآلن ملناقشة كل نقطة عىل حدة:
ه�ا ه�و «هحازون إي�ش» يفرس لنا أن�ه ال يوجد إل�زام بمحاكمة األغي�ار ،وبالتاىل فاألمر
حمظور .ملاذا هو حمظور؟ فهو مل يوضح لنا ما هو احلظر هنا.
أيضا كونه يستند إىل
يمكننا تفسير ما قال ،بأن الس�بب هو حظر احلكامء ،واألمر يناس�ب ً
«طوريه زاهاف» ،الذي يفرس لنا أننا بصدد حظر من احلكامء.
وبالفعل جيب أن نشير إىل أنه يضيف حتدي ًثا على «طوريه زاهاف» بقوله إن حظر احلكامء
أيضا عىل األغيار ،ولذلك ثمة مشكلة للشهادة أمام حمكمة األغيار التي حتاكم أحدهم. يرسي ً
يف موضع الحق ،نجده يضيف حتدي ًثا آخر مفاده :إن حظر احلكامء غري موجود عندما نتحدث
ع�ن جريمة حمددة تُرتكب من ِق َبل األغيار ،وىف هذه احلالة ً
أيضا ،فإنه وف ًقا لـ «طوريه زاهاف»
ُيس�مح بمحاكمته�م وقتله�م؛ ألهنم ارتكبوها (ولذلك ُيس�مح بمحاكمة وقت�ل غري اليهودي
الذي يرسق ،عىل سبيل املثال).
لذل�ك ،فإن�ه جيب التمع�ن يف أقواله؛ ألن�ه يف موضع آخر يق�ول إننا يف حاجة لش�اهدين
صاحلني للشهادة عىل غري اليهودي ،وال جيب القول هنا إن «من سمع ليس كمن رأى» .ووف ًقا
هل�ذا فإن قت�ل غري اليهودي هو حظر تورايت ،طاملا مل يش�هد عليه ش�اهدان صاحل�ان (وربام إذا
أيضا ملحكمة قريبة) .وها هو حتديثه يتناقض
كانت ثمة حاجة هلذين الشاهدين؛ فإن ثمة حاجة ً
مع «طوريه زاهاف» ،الذي اتفق معه يف أن حظر قتل غري اليهودي مصدره احلكامء فقط.
وأكث�ر من ذل�ك ،فأقواله تناقض م�ا قاله احلكماء األوائل واألواخر؛ ألنه بحس�ب مجيع
املصادر الس�ابقة ،فإنه جيوز قتل غري اليهودي من التوراة ،وليس ثمة ذكر ألن هذا ال يتم إال يف
وجود شاهدين ،وأن الشاهد يصري قاض ًيا.
102
هوامش الفصل الثاني
-1وراجع الرايب نس�يم بن رأوبني (س�نهدرين ،نف�س املصدر) ال�ذي أورد رأ ًيا بأن وجوب
املوت هو حكم جمحف وظامل ؛ ففي الواقع أفتى الرايب موسى بن ميمون يف رشائع امللوك،
بأن�ه ال جيوز القت�ل ( ،)6 :10وقارن ذلك بأقواله الواردة يف أح�كام «الربان واملؤذ» (:5
،)3وال جمال هنا لإلسهاب واإلطالة يف كل هذا (فكل ذلك موضح جيدً ا يف كتاب « ُملك
إرسائيل» اجلزء الثالث يف مقال «بداية طريق مخُ َ ِلص إرسائيل») ؛ عىل أي حال ،فإن هؤالء
الذي�ن بحثوا وناقش�وا املوضوع (م�ن أمثال :الرايب نس�يم بن رأوبني يف املصدر الس�ابق؛
«ليحي�م هيودا» عن الرايب موس�ى بن ميمون يف رشائع املل�وك ؛ «كىل محدا» بداية إصحاح
اخل�روج ؛ مصري يوس�ف ،الرم�ز .)13كل هذه املصادر فهمت ببس�اطة أن موس�ى كان
بإمكانه أن ينفذ احلكم يف املرصي ،وليس هناك مش�كلة بخصوص كونه ش�اهدً ا وقاض ًيا
يف الوق�ت نفس�ه .وأما ما أفتى به الرايب موس�ى بن ميمون بخص�وص من ال يتم قتله فهو
ألسباب أخرى.
أيضا :إن أبناء يعقوب كان بإمكاهنم حماكمة أهل ش�كيم -2كام قال الرايب موس�ى بن ميمون ً
عىل الوصايا الس�بع التي انتهكوها ،وعىل حد قوله« :وأي دليل حيتاجه الرايب إلدانتهم أو
إلزامه�م؟ أومل يك�ن أهل ش�كيم ومجيع األقوام الس�بعة عبدة أوثان ،وغاشين للمحارم،
ومرتكبين جلميع الفواح�ش واملنكرات التي حرمه�ا الرب؟ ...إلخ» ،وكما كتب الرايب
نس�يم بن رأوبني يف الس�نهدرين ( 2 :56س�وف نتطرق ألقوال الرايب موسى بن ميمون،
والرايب موس�ى بن نحامن ،يف هذا الش�أن بيشء من التفصيل يف هناية هذا الفصل) ،وانظر
أيض�ا أقوال هحاتام س�وفري ،الواردة يف كتاب «رشيعة موس�ى» يف الكلامت التي تبدأ بـ:ً
«وأتى بنو يعقوب عىل القتىل».
-3والذي مصدره هو ما ورد يف العهد القديم لش�عب إرسائيل فحس�ب ( «ويوم ُي َق ِّس�م لبنيه
األرض» ،أو «وحس�ب قوهل�م تك�ون كل خصومة وكل رضبة– فق�اس اخلصومات عىل
الرضبات ،راجع السنهدرين ( 2 :34وكذلك الباب األخري .))2 :113
أيضا مل�زم بأن يكون قاض ًيا جتاه وصايا األح�كام (كام هو وارد يف أقوال
-4وغير اليهودي ً
الرايب موسى بن ميمون عن أهل شكيم).
103
-5راج�ع نفس املصدر يف كتاب «منحات حينوخ» الذي فهم أنه بحس�ب الرايب موس�ى بن
أيضا عىل ش�عب إرسائيل ،بالنس�بة ألحكام العقوب�ات ،القاعدة (العيان
ميم�ون ،تنطبق ً
أغن�ى م�ن البيان) ،وراجع املصادر التي اس�تدل هبا هناك ،وليس بوس�عنا هنا اخلوض يف
تلك القضية الكبرية.
املحرض لدى
-6راج�ع «هح�ازون إيش » عن الس�نهدرين (رم�ز )1 :21الذي كتب ع�ن ِّ
أيضا أنه ُيقت�ل وف ًقا حلكم هذه املحكم�ة ،وال داعي لعرضه عىل
األغي�ار ول�دى إرسائيل ً
حمكمة أخرى.
- 7وكذل�ك تم تفسيره يف «منحات حينوخ» يف الرشيع�ة الـ 201اآلية « :9عىل أي حال فإن
ابن نوح الذي حيافظ عىل الوصايا السبع ،إذا قتل غري هيودي آخر يعبد األوثان أو ال ينفذ
واحدة من الوصايا الس�بع ،هو بالطبع غري مذنب ،حتى وإن كان متعمدً ا؛ ألنه جيب قتله
وهو الشاهد وهو القايض ..إىل آخره».
-8وجي�ب التدقي�ق فيما ورد يف «هاحماني�ه حايي�م )*(» ،وهو نف�س ما ورد يف مص�ادر أخرى
لنفس املؤلف ،من أن «الشاهد ال يصري قاض ًيا لدى أبناء نوح ،وكيف يتسق هذا مع قاعدة
«ليس من سمع كمن رأى».
أيضا يف املحلق حول «أقوال هحازون إيش» يف هناية الفصل.
وراجع ً
-9ت�أيت أق�وال احلاخام تس�يفي يف إط�ار خالفه مع «هباي�ت حداش» (يف األس�ئلة واألجوبة
القديم�ة )111ال�ذي ذكر أن البهيمة الت�ي جيامعها غري اليهودي ،حُيظر االس�تفادة منها.
ويتفق مع التلمود األورش�ليمي يف بداية «قيدوشين» أن غري اليهودي يقتل نفسه ،أي أن
غير اليه�ودي الذي يرتك�ب جريمة ،عليه بقتل نفس�ه حتى ُي َطبِق وصي�ة األحكام .لكن
التوس�افوت تقول إننا يمكن الصفح للجار توش�اف عن الذنوب التي ارتكبها ،وىف هذه
احلال�ة ،فإن�ه ليس ثمة إلزام مطلق يف األمر ،وهذا يفرس ملاذا يمكن االس�تفادة من البهيمة
الت�ي عارشه�ا غري اليهودي ،بحس�ب املصدر الس�ابق( ،بخلاف البهيمة الت�ي عارشها
إرسائيلي والتي حُيظر االس�تفادة منها ،وجي�ب قتلها هي ومن عارشه�ا ،وال يمكن العفو
عن هذا).
)*( «هاحمانيه حاييم» :كتاب أسئلة وأجوبة للحاخام حاييم بن مردخاي أفرايم فيشل سوفري ،من مفرسي القرن
التاسع عرش.
104
-10راجع أيضا أقوال الرايب هيوشع روكيح يف هذا.
أيضا
-11أقوال الرايب أهارون مندل هاكوهني تلك ،تم حذفها من جزء من النس�خ .وراجع ً
«جور أرييه» الذي يورد الكلامت ويتفق معها.
-12يف موض�ع الح�ق يشرح أن الرايب ش�لومو بن أفراهام (اإلش�بييل) ،والرايب موس�ى بن
نحمان عن فصل (ماك�وت )1 :9؛ ومعلمنا يونا يف (الس�نهدرين :)1 :57ويف «هبايت
يوس�ف» و«دارخي موش�يه» ،و«س�فتي كوهني» ،و«طوريه زاهاف »ُ ،مثبت يف مجيع هذه
املص�ادر أن من يرى أحد األغيار الذي يتعدى عىل الوصايا الس�بع ،يمكنه حماكمته وقتله
(لك�ن بحس�ب «طوريه زاه�اف» يوجد حظر من احلكماء ملحاكمة غري اليه�ودي يف هذا
الزمان).
-13جيب أن ننتبه إىل أن الرشح الذي ورد يف هذا الفصل خاص بالرجال ،فالنساء ال حياكمن
وال يشهدن ألبناء نوح (رشائع امللوك .)14 :9
-14يف الكلمات الت�ي تق�ول «الذي الت�زم بالوصايا مع صاحب�ه» يبدو أن الرايب موس�ى بن
نحامن يقصد أن مصطلح «ابن نوح» يعني جمتمع متكامل حيافظ عىل الوصايا الس�بع ،وىف
هذه احلالة نتعامل مع كل فرد عىل أنه ابن نوح (الذي ُيس�مح باملس�امهة يف إنقاذه بخالف
غير اليه�ودي الذي حُيظر فعل ذلك معه) ،حتى وإن كنا ال نعرف هذا الش�خص بش�كل
شخيص.
-15ال يب�دو من كلامت الرايب موس�ى بن نحامن أنه يقصد أن الت�وراة حتظر قتل غري اليهودي
الذي مل نره بأعيننا أثناء تعديه عىل الوصايا الس�بع ،فبنو يعقوب مل يروا اجلُرم الذي ارتكبه
كل ف�رد من أفراد البالد ،لكنهم افرتضوا أن هذا حدث .ويكمل الرايب موس�ى بن نحامن
فيق�ول إنه يف وقت احلرب ال يمكن قتلهم ملجرد الش�ك ،ونحاكمه�م فقط يف احلالة التي
أمرا حمد ًدا .واألمر يتسق مع ما ورد من أن الرايب موسى بن نحامن خيربنا كيف نعالج فيها ً
نتعامل مع األفراد الصاحلني داخل جمتمع فاسد.
-16يتفق «س�فتي كوهني» مع الرايب موس�ى بن نحامن من أنه جي�ب التفرقة بني غري اليهودي
املعروف أنه تعدى عىل الوصايا السبع ،وبني غري اليهودي الذي هو فقط يعد هكذا ،لكننا
غري متأكدين متا ًما من هذا .فهنا كتب «س�فتي كوهين»« :األغيار الذين ليس بيننا وبينهم
105
حر ًبا ،ال نتسبب يف قتلهم ،أي أنه مل يأمرنا الرب بقتلهم رغم تعدهيم عىل الوصايا السبع.
ويتش�دد «طوريه زاهاف» أكثر من «س�فتي كوهني» ،من خالل ما ورد يف التوس�افوت يف
فص�ل «عف�ودا زارا ،»2- 10حيث ت�روي اجلامرا عن أن «أنتوني�وس عندما كان يذهب
رسا لزيارة الرايب هيودا هنايس ،كان يصطحب معه عبدين لريافقاه ويقتلهم يف هناية الزيارة ًّ
حتى ال يس�لموه» .تتش�دد التوس�افوت يف هذا املوضع وتقول« :أليس س�فك الدماء من
الوصايا السبع ،وحمظور حتى عىل إرسائيل؟» فالتوسافوت تتشدد هنا؛ ألن أنتونيوس مل
يكن يعرف عىل وجه الدقة أي جرائم كان هؤالء العبيد يرتكبوهنا حتى يستحقون القتل.
ختفضوا وال ترفعوا» .ثمة تس�اؤل هنا، وكما ورد ع�ن األغيار واملرتدين والوش�اة أن «ال ِ
ملاذا مل يرد أنه اصطحب عبدين معروف عنهام أهنام ال حيافظان عىل الوصايا السبع؟ فحتى
مبررا كاف ًيا لقتلهم .وحول هذا يورد «س�فتي ً إذا كان يث�ق أهن�م غري ملتزمني ،فهذا ليس
ووضوحا من معرفة أن
ً كوهني» مربرين لألمر :األول :الكفرة والوش�اة أمر أكثر ش�يو ًعا
ش�خصا ما خالف الوصايا الس�بع ،وهبذا الشكل فرست التوس�افوت موقف أنتونيوس. ً
الثاين :أن األمر ليس هكذا ،فقد اصطحب أنتونيوس معه عبدين ال حيافظان عىل الوصايا
الس�بع ،وهذا هو مقصد التوس�افوت عندما قالت «كفرة ووش�اة» .ولك�ن علينا أن ننتبه
ألن «س�فتي كوهين» يتف�ق نظر ًّيا فقط مع الرايب موس�ى بن نحامن ،لكن�ه ال يتفق معه يف
ختفضوا» ،ال يرى «س�فتي كوهني» تفسير هذه الفقرة من اجلامرا .ففي تفسير كلامت «ال ِ
أن احلدي�ث يتعل�ق بغير اليهودي ال�ذي ال نعلم أنه تع�دى عىل الوصايا الس�بع ،ولذلك
حُيظ�ر قتله ،ب�ل يتعلق األمر بجميع األغيار ،ومغزى هذه الكلمات هو أنه ليس ثمة إلزام
أيض�ا ليس ثمة حظر (وكام س�يتضح يف كلامت «هبايت يوس�ف» الح ًقا، يف األم�ر ،لكن ً
وراجع امللحوظة .)35
-17بحسب الرايب يوم طوف أفراهام (اإلشبييل) فإن كلمة «سامريني» بديلة لكلمة «األغيار»
(وعىل ما يبدو أهنا سقطت يف هذه النسخة).
-18جيب أن نشري إىل أن الرايب يوم طوف أفراهام اإلشبييل يثبت أنه ال جيوز قتل غري اليهودي
ـ فق�ط؛ ألن�ه تعدى على الوصايا الس�بع ـ حتى نعرف على أي وصية حتدي�دً ا هو تعدى
(كام كتبنا يف رأي الرايب موس�ى بن نحامن س�اب ًقا) .كذلك يقول الرايب يوم طوف أفراهام
(اإلش�بييل)« :مباح قتل غري اليهودي الذي ال حيافظ عىل الوصايا الس�بع ،لو مل نكن نعلم
106
أيضا بحس�ب الرايب يوم طوف أفراهام (اإلشبييل) بذلك ـ ليس هناك رضورة للقول بأنه ً
أيضا لو أنه
جي�ب أن نع�رف إىل أي خطيئة تعدى ( ويف الواقع ،فإن غري اليهودي هذا ُيقتل ً
تعمد التعدي).
-19اختلف الرايب ش�لومو بن أفراهام (اإلشبييل) مع مفرسين آخرين ،قالوا إن اجلامرا تقصد
الس� َّلم ،لكن ليس ثمة سماح بترك املرتدين
أن�ه ثمة سماح بذلك فق�ط عندما يتم انتزاع ُّ
يسقطون يف البئر عن عمد.
-20وانظ�ر ما سيرد الح ًقا يف الفقرة الثامنة (خالف «طوري�ه زاهاف» و «هبايت حداش»)؛
حيث يفهم «طوريه زاهاف» مقولة «ال ترفعوا» يف البداية عىل أهنا تش�به تلك التي وردت
يف النهاي�ة ،ولذل�ك فقد أفتى بقت�ل األغيار عن طريق من�ع إنقاذهم .والرايب ش�لومو بن
أفراهام (اإلشبييل) يف تفسريه هترب من املعضلة إىل تفاسري خاصة ببعض احلكامء األوائل
(مث�ل ال�رايب موس�ى بن نحمان) ،وه�و الرأي ال�ذي يق�ول إن الكلم�ة يف البداية ختتلف
عن النهاية.
-21راجع ملحق الفصل.
-22الرمز ،175يف نسخة «توفاعوت رام».
-23الكلمات الت�ي بين األقواس تظهر يف نس�خة أخرى مصحوبة بتفسير كلم�ة «حول من
خيشونه».
وأيضا دون
أيض�ا بدون النس�خة التي تقول رصاحة إن األمر يتعلق ب�ـ «عبدة األوثان»ً ،ً -24
التدقي�ق يف كلم�ة «غري اليه�ودي» ،التي تقصد بش�كل جمرد كل من يتع�دى عىل الوصايا
الس�بع يس�تحيل أن نقول إن األمر يتعلق بمن حيافظ عىل الوصايا الس�بع ،إذا كنا نتحدث
عن اجلار توشاف – فببساطة ال يقترص األمر فقط عىل حظر احلكامء ،بل إن التوراة تأمرنا
وأيضا إذا كان املقصود غري اليهودي الذي ليس بجار توش�اف بع�دم احلفاظ عىل حياته ؛ ً
لكنه ال يتعدى عىل الوصايا الس�بع (ابن نوح) ،يستحيل أن نقول إن التوراة ال حتظر قتله؛
ألن�ه «ليس ثمة أمر مب�اح لليهود وحمظور عىل غريهم» ،وحتظر الت�وراة قتل غري اليهودي
هذا ،كام اتضح بإسهاب يف الفصل األول.
-25ويتفق مع طريقة معلمنا يونا ،التنقيحات عىل تفسري «عفودا زارا .»5 ،5
أيضا الرايب موس�ى بن نحامن
-26جي�ب أن نالح�ظ أن كتاب «طوريه زاه�اف» ربام يفهم أنه ً
107
متفق مع هذا الرأي ،وأن قصده من قوله «حاكموه لشكهم فيه» ،هو أن حكامءنا طيب اهلل
ثراهم قرروا عدم حماكمتهم يف أي حالة ،رغم وثوقنا أهنم تعدوا عىل الوصايا السبع (حتى
وإن كنا متأكدين من ذلك) ،وأكثر من هذا ما ذكرناه ساب ًقا.
-27ويبدو أن فقهاءنا مل يفتوا بحظر يف احلالة التي نس�يطر فيها ،ولذلك فنحن نحاكمهم عىل
الوصايا الس�بع ،وخاصة بالنسبة للرايب موسى بن ميمون ،الذي يعتقد أنه جيب حماكمتهم
يف مث�ل ه�ذه احلالة (راجع رشائع املل�وك ،هناية الفصل الثامن) وهو ي�رى أن معلمنا يونا
يق�ول إنن�ا مأمورون بمحاكمته�م ،وهذا ليس أمر ف�ردى (وقد قارن ذل�ك بمنهج الرايب
موسى بن نحامن يف تفسريه لسفر التثنية ؛ وال نعتقد أن احلكامء جزموا بإلغاء هذه الوصية،
وإال كان احلكماء األوائل أش�اروا إىل هذا) ،لكنهم ذك�روا هذا فقط يف حالة كوننا نتعامل
برصامة مع األغيار ،وهو ما ينطوى عىل شكوك كثرية بوجود عداوة وأن هذا لن يفلح..
-28بحسب كتاب «طوريه زاهاف» ،فإن هذا احلكم يبيح التسبب يف قتل غري اليهودي ،وقد
دقق يف األمر من خالل ما قاله الرايب موس�ى بن ميمون ،الذي كتب يف رشائع القاتل (:4
« :)11املرت�دون وامللح�دون جيب قتلهم ،إذا كنا نس�تطيع أن نقتلهم ،لكن األغيار الذين
ويظر ليس بيننا وبينهم حرب ورعاة البهائم يف إرسائيل وما ش�ابه ،ال نتس�بب يف موهتم ،حُ
إنقاذه�م م�ن اخلطر ،مثل أن يكون عىل وش�ك الغرق يف البحر ،فق�د ورد أن «ال جيب أن
تتخلى ع�ن صاحبك ،وهذا ليس بصاحبك» .وها هو الرايب موس�ى بن ميمون يس�تخدم
«يظر إنقاذهم» ،ونفهم من هذا أن كلامت خمتلفة ،فيقول «ال نتسبب يف موهتم» يف مقابل حُ
البداية حتتوي عىل حظر ،بخالف النهاية .فهم «طوريه زاهاف» أنه بالفعل ُيسمح بالتسبب
الس� َّلم وما ش�ابه ،و الرايب موس�ى بن ميمون فقط كتب «اليف قتلهم عن طريق س�حب ُّ
نتس�بب» ليقصد هبا أن ليس ثمة إلزام يف األمر (يف مقابل املرتدين وامللحدين الذين جيب
قتله�م إذا اس�تطعنا) .ويقول «طوريه زاهاف» أن الرايب موس�ى بن ميم�ون تعلم هذا من
فقرة اجلامرا التي ذكرناها يف تفسير كلامت الرايب ش�لومو بن أفراهام (اإلشبييل) .فاجلامرا
ُخفض وال نرفع» امللحدين، يف هذا املوضع تتش�دد وتتس�اءل عن الس�بب يف كتابة أننا «ن ِ
فإذا س�امهنا يف قتلهم ،فإننا نكون بذلك مل ننقذهم !وتربر اجلامرا أن هذا التحديث ينطبق
أيضا عىل احلالة التي يستحيل فيها أن ننقذ غري اليهودي من اخلطر ،حتى اآلن جيب حماولة ً
التس�بب يف القت�ل ،وهبذا نتخلص من مس�ألة القتل بس�بب الع�داوة ؛ أي أن «ال ترفعوا»
108
ال تعن�ي الس�لبية ،ب�ل أمر إجيايب؛ ألننا س�نقتل بطريقة غير مبارشة .ألنه واض�ح لنا اآلن
الس� َّلم ،هكذا نفرس
أن�ه يف النهاي�ة ،بخص�وص امللحدين ،فإن «ال ترفعوا» تعنى س�حب ُّ
نفس الكلامت بالضبط يف البداية ؛ ووف ًقا لذلك فإنه قد قيل «ال ترفعوا» واملقصود هبا هم
األغيار.
-29ويتش�دد «أوراح ميش�ور» أكث�ر م�ن «طوري�ه زاه�اف» فيام يتعل�ق بما ورد يف اجلامرا يف
«عف�ودا زارا ،»2 ،13وه�ى الفق�رة التي تق�ول «إنه حُيظر قتل العبد ال�ذي تم رشاؤه من
س�وق عب�دة األوثان» .ملاذا ال تق�ول اجلامرا إنه جيب قتله بطريقة غير مبارشة؟ لكن يبدو
بالفعل أنه ليس�ت ثم�ة معضلة يف األمر؛ ألن «طوريه زاهاف» ال يس�مح بالقتل ،بل فقط
يس�مح بإزالة س�بب اإلنقاذ ؛ وال ُيس�مح بتعريض العبد ملوقف نمنع فيه إنقاذه (وما كتبه
«طوري�ه زاه�اف»« :وحتديدً ا حظر احلكامء قت�ل اليهودي لغري اليهودي باس�تخدام يديه،
الس� َّلم يف حالة س�قوطه يف البئر ،ال يتعرض
لكن من يتس�بب فقط يف موته ،مثل أن يزيل ُّ
لعقوب�ة دنيوي�ة ،ومباح ألول وهلة فعل ذلك لغري اليه�ودي» هو ال يقصد أن أي قتل يتم
بشكل غري مبارش وال يكون اليهودي ملز ًما به ،هو أمر ُيسمح القيام به مع غري اليهودي ؛
إال أن منع اإلنقاذ ال يعد قتلاً باس�تخدام األيدي ،وبخالف ما ورد يف «هبايت حداش»،
أيضا امللحوظةال�ذي ق�ال إن «طوريه زاه�اف» أطلق عىل هذا «قت�ل باأليدى») وراج�ع ً
رقم .47
-30اتُّفق ألول وهلة ،بحسب «طوريه زاهاف» ،أنه ُيسمح بقتل رعاة األغنام عن طريق منع
كبريا من ِق َبل احلكامء ،بأن
إنقاذهم ،وحكمهم يف هذا يتشابه مع األغيار .ويعد هذا حتدي ًثا ً
يتم السماح بقتل رعاة األغنام بش�كل غري مبارش ،وليس بعدم إنقاذهم (راجع «ش�وحلان
عاروخ»).
-31نج�د صعوب�ة كبرية يف تفسير مجل�ة« :غري اليهودي ال�ذي يعبد األوث�ان» ،فاملقصود هو
ش�خص ُيعترب هكذا ،لكننا لسنا متأكدين من ذلك (وإذا كان هذا هو التفسري الصحيح –
ملاذا أرهق الرايب موسى بن ميمون نفسه يف إضافة كلامت «يعبد األوثان»؟).
-32وراجع ما جاء يف مقال مردخاي عن «أوراح حاييم» ،127الفقرة .43
-33جي�ب أن نالح�ظ أنن�ا ذكرنا فيام س�بق صعوبة ما قال�ه «طوريه زاهاف»؛ ألنه بحس�ب ما
قال�هُ ،يس�مح بقتل رعاة األغنام ع�ن طريق التس�بب يف موهتم ،وهذا حتدي�ث كبري .وإذا
109
اختلفن�ا مع�ه ،وقلنا إنه بحس�ب «هبايت ح�داش» حُيظر قتل األغيار بش�كل غري مبارش،
علين�ا تفسير ما قاله الرايب موس�ى بن ميم�ون حول األغيار من أننا «ال نتس�بب يف موهتم
وحمظ�ور إنقاذه�م» (ومل يق�ل «حمظور» يف كال املوضعني ،كام أوردنا فيام س�بق أن هذا كان
مصدر «طوريه زاهاف» يف تدقيقه يف مسألة أن القتل غري املبارش مباح).
-34يذكر «طوريه زاهاف» أن التوسافوت تقول بإباحة عدم القتل ،وألن هذا مباح ـ فقد قرر
حكامؤن�ا طي�ب اهلل ثراهم أنه حُيظر قتلهم متا ًما – لكن األمر يبدو صع ًبا بعض اليشء؛ ألنه
ليس ثمة ذكر هلذا يف التوسافوت.
-35نرى مما ورد عن «س�فتي كوهني» أنه فهم أن الرايب موس�ى بن ميمون و«هبايت يوسف»
يتفق�ان نظر ًّي�ا مع الرايب موس�ى بن نحامن ،لكنهام خيتلفان معه يف تفسير ه�ذه الفقرة من
ختفضوا» مثلام فرسها «هبايت يوس�ف»، اجلمارا .فقد فرس «س�فتي كوهني» كلمات« :ال ِ
لكنه نظر ًّيا اتفق مع الرايب موس�ى بن نحامن ،وفرس هذه الفقرة من اجلامرا يف الس�نهدرين
مثل�ه ،لكن�ه اختلف مع الرايب موس�ى بن ميمون و«هبايت يوس�ف» اللذين قاال أنه حُيظر
قتل غري اليهودي الذي نعلم أنه تعدى عىل الوصايا السبع.
-36حول الفرق بني اإللزام لدى إرسائيل ولدى األغيار ،راجع «حلقات يوآف».
-37راجع ما ورد هناك من أن ثمة آراء تقول نظر ًّيا برضورة قبول الوصايا السبع.
-38ق�ارن ه�ذا بما قال�ه الرايب موس�ى ب�ن نحامن يف تفسيره ل�ـ «تثني�ة ،»10 :20وبما قاله
ال�رايب أفراهام ب�ن دافيد ،اللذان اختلفا مع الرايب موس�ى بن ميم�ون ،وال داعي لإلطالة
واإلسهاب.
-39ونشري إىل ما قاله الرايب هيودا مينتس )*(عن الرايب سعاديا جاءون)**(.
)*( هيودا مينتس ...( :ـ 1509م) ،من مواليد إيطاليا ،ومن كبار اليهود األشكناز يف إيطاليا.
)**( سعاديا (سعديا) أو سعيد بن يوسف الفيومي :هو من أهل مرص يف األصل ،ولد يف الفيوم سنة 892م ،يف أغلب
الروايات أو سنة 882م عىل رواية أخرى ،ولـهذا نسب إىل الفيوم ،وقد غادر مرص إىل فلسطني فالعراق وسكن يف
مدينة (سورا) القريبة من احللة ،وكانت من أهم مراكز العلم والثقافة بالنسبة إىل اليهود يف ذلك العهد ،وتوىل رئاسة
مزارا يقصدونه من خمتلف أنحاء هيود سورا حتى سنة 942م (331هـ) ،وتويف فيها ودفن يف قرب جعلـه اليهود ً
العراق .درس العلوم العربية بأنواعها ودرس العربانية والكتب الدينية اليهودية من توراة وتلمود ومشناه وكتب
دينية أخرى ،وتعلم اإلغريقية ومعارف اليونان ،وأحاط بمعارف زمانه من فلسفة ورياضيات وجغرافيا وتاريخ
وموسيقى وشعر ولغة وهيئة وديانات ،وانكب عىل تعلمها حتى برع فيها ،وحاز شهرة كبرية عند بني قومه اليهود،
وعند املسلمني كذلك.
110
-40ق�ال الرايب موس�ى ب�ن ميمون يف هناي�ة الفصل الثامن م�ن رشائع املل�وك« :كل من يقبل
حريصا عىل تطبيقها ،فهو من حمبي الش�عب اليه�ودي ،ونصيبه يف ً الوصاي�ا الس�بع وكان
اآلخ�رة ،وه�و يفعل هذا ألن ال�رب أمر بني نوح قبل هذا بأن يلتزم�وا هبا ،لكن إذا فعلها
ربا ،فال هو بجار توشاف وال من حمبي الشعب اليهودي ،بل هو من احلكامء» .هنا الرايب جم ً
موس�ى ب�ن ميمون يقارن بني من َقبِ َ�ل الوصايا جم ً
ربا – أي أنه بالطب�ع مل يفعلها أمام ثالثة
م�ن إرسائي�ل – وبني من قبلها ألنه مؤمن بالت�وراة ،وىف احلالتني ال يتم هذا أمام ثالثة من
إرسائيل.
-41يكتسب األمر قوة أكثر وف ًقا ملا قال الرايب موسى بن ميمون ،الذي يعتقد أن وصية الدعوة
ويظر حينها حماربتهم وقتلهم ،ومل نُسهب حول األمر
للسالم تشمل دعوة األغيار للتوبة ،حُ
هنا ،لذا فيمكنك مراجعة بداية الفصل السادس من «رشائع امللوك».
-42وكما ق�ال الرايب ي�وم طوف بن أفراه�ام (اإلش�بييل) رصاحة ،والرايب موس�ى بن نحامن
(كما رشحن�ا س�اب ًقا يف رأي كل منهام) أن غير اليهودي يف اجلامرا ه�و الذي ال حيافظ عىل
الوصايا السبع.
-43مقابل من يستحقون عقوبة القتل يف إرسائيل؛ ألن قاتلهم ال ُيقتل.
-44يف «منحات حينوخ» ( )9 :410كتب أن غري اليهودي الذي يقتل غري هيودي آخر تعدى
عىل الوصايا السبع ،ال ُيقتل عىل ذلك ألنه «يستحق القتل» .لكن أقواله يصعب استيعاهبا
للغاي�ة م�ن خالل الفقرات الس�ابقة التي أوردناها م�ن اجلامرا ؛ وعىل كل ح�ال ،يبدو أن
«منح�ات حينوخ» يعرتف أنه ألول وهلة ال ُيس�مح لغير اليهودي بقتل غري هيودي آخر،
إذا كان يفع�ل ه�ذا فقط ليقتله وليس لتنفيذ حكم القتل في�ه ،وكلامته هي بأثر رجعي بعد
أن يقع األمر.
-45الرايب شلومو بن يتسحاق« :وال تخُ فضوا ،أي ال ترتكوهم يموتون يف البئر ،وبالتايل حُيظر
قتل عبد غري هيودي باستخدام األيدي».
وردت هذه الفقرة من اجلامرا يف كتاب «أوراح ميشور»)*( ،عام ورد يف «دارخيه موشيه»
كدليل عىل ما قاله «طوريه زاهاف» من أن «ال تخُ ِفضوا» هو بمثابة حظر .وبحسب ما أوردنا
)*( «أوراح ميشور» كتاب تفسريات لبعض األحكام اليهودية ،للحاخام يعقوب يرسائيل حاجيز.
111
حتى اآلن ،يمكننا تفسري هذه الفقرة من اجلامرا بعدة صور :األوىل :الرايب موسى بن نحامن
يربر لنا أنه طاملا أننا ال نقتل غري اليهودي الذي ال نعرف بشكل مؤكد أنه تعدى عىل الوصايا
السبع ،مل يرشع احلكامء ما يفيد بقتل العبد الذي يتم رشاؤه من سوق عبدة األوثان؛ ألنه
حُيتمل أننا ال نعلم إذا ما كان بالفعل تعدى عىل الوصايا السبع أو ال ،ومل يرشعوا بالتسبب يف
قتله ،بل ال بد من أن نراه يتعدى عىل الوصايا بأعيننا .الثانية :وف ًقا للرايب شلومو بن أفراهام
(اإلشبييل) ،يمكن أن نقول إن احلكامء مل يرشعوا بقتل العبد يف هذه احلالة؛ ألنه حُيتمل وقوع
«نخفض» فيها .بخالف هذا ،يبدو بإمجاع اآلراء أنه ِ هذا بسبب العداوة ،وهي احلالة التي ال
أيضا أنه حُيتمل أن
ليس ثمة معضلة يف األمر ،فالعبد يمكنه التوبة من هنا فصاعدً ا .ونشري ً
«طوريه زاهاف» يعرتف يف هذا الشأن لـ «هبايت يوسف» ،فهو يرى ببساطة أنه ثمة حظر
تورايت لقتل غري اليهودي لغرض آخر بخالف حماكمته .وإذا قلنا هذا يمكننا أن نفهم ملاذا
واضحا
ً «طوريه زاهاف» ال يتشدد فيام ورد يف اجلامرا يف الصفحة الثالثة عرشة؛ ألنه إذا كان
لنا أن القتل هو من أجل تنفيذ احلكم ،فليس ثمة خالف مع «هبايت يوسف» ،تقترص املشكلة
فقط عىل املعضلة الواردة يف اجلامرا يف السنهدرين ،والتى تقول إنه يستحيل كتابة «مباح» حول
قتل غري اليهودي ،وإذا مل يكن هناك حظر من ِق َبل احلكامء بمحاكمة األغيار ،يمكن ألول وهلة
أن نكتب «مباح».
-48وف ًقا هلذا التفسري ،تتضح لنا املعضلة الواردة يف التوسافوت يف الصفحة الثانية والعارشة،
والتي تش�ددت يف واقعة قتل أنتونيوس لعبيده؛ ألنه مل يقتلهم ليحاكمهم عىل تعدهيم عىل
الوصايا السبع ،بل إلبعاد اخلطر عن نفسه.
- 49راجع ما قاله الرايب هيوش�ع فولك )*( يف املثال التاىل :حتى إذا رضب رأوبني ش�معون،
وأنقذ بذلك ليفي الذي يرضبه شمعون – فإن رأوبني يستحق القتل ،إذا كنا نعرفه ونعرف
أنه فعل هذا ال لينقذ ليفي ،بل من أجل إحلاق األذى بشمعون .وخيتلف «طوريه زاهاف»
م�ع فول�ك ويق�ول إن رأوبني ال يعاق�ب بالقتل ،ألنه فع�ل ما ينبغي فعل�ه .وإذا فعل هذا
إلزال�ة احلظر ،فإن األمر مقبول .وتتش�ابه مس�ألة قت�ل غري اليهودي لتعدي�ه عىل الوصايا
السبع مع مسألة إزالة احلظر ،وجيب دراسة األمر ،هل يمكن السامح لغري اليهودي بالتوبة
أم ال؟.
)*( الرايب هيوشع فولك1614 -1555( :م) من پولندا ،وأحد أكرب مفرسي «شوحلان عاروخ» ،ومن كبار احلاخامات
األواخر.
112
-50يف كتاب «حيفيتس حاييم )*(» (رشائع التش�هري )3 :10 /ورد أن نية الفعل حتدد ما إذا
مباحا ؛ أي أنه إذا ارتكب أحد جريمة قتل ،ال لوجه اهلل ،بل لتحقيق
حمظورا أم ً
ً كان األمر
أغراض شخصية ،فإن األمر حمظور بطبيعة احلال.
ختفضوا» يعد بمثابة حظر، -51جيب اإلش�ارة إىل أنه حتديدً ا بخصوص رعاة األغنام ،فإن «ال ِ
ويتف�ق هذا م�ا قاله من أنه حُيظر قتل األغي�ار ورعاة األغنام ،إال إذا كن�ا بصدد حماكمتهم
(ورع�اة األغن�ام اليه�ود ،ال جيب حماكمتهم) .ونشير من جديد ملا قاله الرايب ش�لومو بن
ختفضوا» لألغيار ،تكون فقط يف حالة وجود عداوة ،وهو أفراهام (اإلش�بييل) من أن «ال ِ
ما ال نجده بالنسبة لرعاة األغنام ،الذين ال يوجد أي رخصة لقتلهم ؛ وعلينا القول إن «ال
ختفضوا» يتم تفسريها بشكل خمتلف قليلاً لدى األغيار ولدى رعاة األغنام. ِ
معلمنا احلاخام شلومو لوريا يف تفسريه لكتاب «متسفا جادول» )**( يتشدد حول ما ورد
يف «هبايت يوسف» من حتديده السابق ذكره داخل الفصل ،حول أن «ال ترفعوا» هو حظر كام
أيضا أن «ال ِ
ختفضوا» هو حظر ،وليس فقط هن ًيا عن فعل هذا. ورد يف اجلمارا ـ وجي�ب أن نفهم ً
ِ
أيضا مع «هبايت يوس�ف» :أن «ال ختفضوا» وبحس�ب م�ا كتبناه حتى اآلن .فإن األم�ور تتفق ً
تعن�ي أنه ال ُيس�مح بفعل ه�ذا إذا مل تكن هن�اك رضورة لتنفيذ حكم القت�ل .ويف هذه احلالة –
يمك�ن مقارن�ة األمر بما ورد عن أن «ال نرفع» هو حظر؛ ألنه بالفع�ل يتم حظر األمر يف مرات
عديدة.
-52وف ًق�ا هل�ذا يمكنن�ا فهم صيغ�ة املخيلت�ا التي يعبر عنها الرايب يش�معئيل ح�ول قتل غري
اليهودي« :وحكمه مرتوك للسماء» ،ومل يرد أنه «ملزم باألحكام السماوية»؛ ألن املقصد
ه�و أن التعامل م�ع الفعلة يرتبط بنية الفاعل ،و«مرتوك للسماء» ،أي أن حتديد نية القاتل
مرتوك�ة لل�رب ،فه�و ال�ذي يعرف إذا كان�ت النية ني�ة قتل ،أو فق�ط تنفيذ لعقوب�ة القتل
إلصالح العامل.
-53بحسب الرايب موسى بن ميمون يف مواضع معينة ،فإنه يوجد ثمة إلزام ملحاكمة األغيار،
كما ق�ال يف هناية الفص�ل الثامن من «رشائع املل�وك»« :كل غري هي�ودي مل يقبل عىل عاتقه
تنفيذ الوصايا السبع ،نقتله إذا وقع حتت أيدينا».
)*( «حيفيتس حاييم» :كتاب يناقش رشائع لغة الرش (النميمة) يف الرشيعة اليهودية ،للحاخام يرسائيل مائري هكاهان.
بدون معرفة لتاريخ ميالده ووفاته ،يف القرن التاسع عرش.
أمرا التي يف التوراة ،ألفه موشيه مكوتيس يف القرن الثالث عرش.
)**( «متسفا جادول» :كتاب عن الـ ً 613
113
-54حتديدً ا أهل ش�كيم هم الذين اس�تحقوا القتل ،وليس مجيع من يس�كن البالد التي وافق
أهلها عىل ما قام به شكيم.
-55ويب�دو مما قال الرايب موس�ى بن ميمون أن غري اليه�ودي الذي يقتل إرسائيل ًّيا أو يضاجع
امرأة إرسائيلية ،ال يمكن قبول توبته وال يمكنه أن يتهود.
-56وكام قال «أور حاييم» فيام سبق« :وأعطى الرايب موسى بن نحامن ـ رمحه اهلل ـ مغزى لقتل
شكيم ،إىل جانب كون أهلها يستحقون القتل بالفعل لعبادهتم األوثان ...إىل آخره».
-57إنه ال يذكر الرايب موس�ى بن نحامن رصاحة ،لكن الصيغتني تتش�اهبان للغاية ،وهو هبذا
يفرس ما قاله.
-58وبحس�به جي�ب أن نقول إن رفض اجلامرا يف الس�نهدرين أن تس�مح بقت�ل غري اليهودي،
س�ببه وج�ود ع�داوة أو عدم تأكدنا من تعديه عىل الوصايا الس�بع (كام قال الرايب موس�ى
بن نحامن) ؛ وىف حالة أهل ش�كيم (شمعون وليفى) ،مل يكن القتل بسبب العداوة (ألهنام
مه�ا اللذين بدءا بالعداوة أولاً برسقتهام دين�ا) ،وأمر مفروغ منه أهنم يتعدون عىل الوصايا
وأيضا يمكنن�ا القول إن هذا
الس�بع (ألن ه�ذه هى ثقافتهم ،وكام تش�هد عليهم التوراة)ً .
يتف�ق مع ما قال�ه معلمنا يونا ،الذي يقول إن اجلامرا ختربن�ا أن احلكامء أخربونا بحظر قتل
غري اليهودي ،وىف زمن شمعون وليفي ،مل يكن احلكامء قد حظروا األمر بعد.
-59باإلضاف�ة إىل ذل�ك جيب أن نالحظ أن�ه حُيظر رسقة غري اليهودي (كام ورد يف «ش�وحلان
أيضا يتعلق بغري اليهودي الذي تعدى
عاروخ» يف بداية الرمز ،)448وببساطة فإن األمر ً
عىل الوصايا السبع .وهنا بحسب معلمنا نسيم ُيسمح بقتله ألى غرض ،وبحسب ما قاله
ف�إن التوراة قد أباحت قتل غري اليهودي ،حتى وإن كان هذا ملصلحة ش�خصية؛ ألنه عىل
أي ح�ال ،ف�إن هذا القتل هو عقاب هلم؛ ألهنم تعدوا عىل الوصايا الس�بع ،لكن ال يمكن
قول األمر نفسه يف الرسقة.
أيضا ما قاله «س�فتي كوهني» عن التوس�افوت ،يمكن تفسيره كالتايل :ذكرنا فيام س�بق،
ً -60
مباح�ا ألنتونيوس قتل عبيده؛ ألهن�م تعدوا عىل
«س�فتي كوهين» وهو يفرس لنا أن�ه كان ً
الوصايا الس�بع .فهل هذا األمر يتعلق باس�تغالله لألمر لتحقيق غرض ش�خيص؟ يتشابه
األمر مع ما أوردناه من رأي الرايب موس�ى بن نحامن يف أهل ش�كيم ،فال يوجد هنا تطرق
114
خطرا
مبارش للوصايا الس�بع التي تعدى عليها هؤالء العبيد ،لكن هؤالء العبيد يش�كلون ً
بوجوده�م؛ ألهنم جزء من مجهور األغيار الذي يمكنه إحلاق األذى بأنتونيوس إذا علموا
أنه يتعلم التوراة ،ويمكن يف هذه احلالة قتلهم.
-61حُيتم�ل ج�دًّ ا أن من يعترب جار توش�اف ،ال يمكنن�ا أن نغفر له أخطاءه؛ ألن�ه صار ملز ًما
بالوصايا.
-62راجع «توراة موش�يه» الذي حتدث عن أن يعقوب اعتقد أن أهل ش�كيم كانوا س�يتوبون
عام فعلوه ،ولذلك سخط عىل بنيه ألهنم قتلوهم.
-63ووف ًق�ا للرايب موس�ى ب�ن ميمون ،فإن اليهود حتدي�دً ا ملزمون بالتأكد م�ن التزام األغيار
بالوصايا السبع ،وحماكمتهم إذا قرصوا يف ذلك.
-64الس�بب الوحيد لعدم السماح لألفراد بمحاكمة من تعدى عىل الوصايا الس�بع ،هو عدم
خ�رق النظام الع�ام ،ووجوب ترك األمر للهيئ�ة القضائية املختصة .ورغ�م احتاملية توبة
الضحي�ة ،ف�إن اليهودي مل�زم بمحاكمة من يتعدى على الوصايا الس�بع ،وحتى إن كان
حمظورا وقام به ،ال ُيقتل.
ً األمر
-65يوج�د مث�ال لذل�ك :ثم�ة بناية جيب بن�اء درابزين هبا ،عندم�ا يقوم صاح�ب البناية ببناء
مفروضا
ً ه�ذا الدرابزين بصورة الئقة ،ال ُيس�مح ألحد اجلريان ب�أن يزعم ،أنه ما دام كان
علي�ه تطبي�ق وصاي�ا الرب ،فعلي�ه أن يذهب ليبن�ي درابزينًا هو اآلخر حت�ى يلغي إلزامه
ه�ذا .وحت�ى إذا زعم أمام صاح�ب البناية أن�ه س�يبني الدرابزين يف ناحية معينة وس�يتم
صحيح�ا ،فإن األمر لن يتم كام أعتقد ولن ُيبنى
ً بناؤه أرسع ،س�يجيبونه بأنه وإن كان هذا
الدرابزين بشكل جيد.
-66بحس�ب رأي «طوري�ه زاهاف» فإن فقهاء اليهود حظروا حماكمة األغيار ،لعدة أس�باب،
ووفق�ا لرأي الرايب موس�ى بن ميمون ف�إن ثمة إلزا ًما بمحاكمة األغي�ار الذين تعدوا عىل
الوصاي�ا الس�بع .وكيف يلغي احلكامء تلك الرشيعة؟ (ويصع�ب القول بأن التوراة أمرتنا
هبذا) .وبحسب ما سبق وكتبناه ـ فإن هذا ال يلغي الوصية ،لكن حكامءنا طيب اهلل ثراهم
فهموا أن وصايا األحكام لن تُطبق بالصورة الالئقة إذا حوكم من يتعدى عىل الوصايا يف
زمننا هذا من ِق َبل األفراد ،كام ذكرنا يف متن الفصل عن اململكة املتحرضة.
115
-67اإلسماعيليون أي املس�لمون ،واألغيار أي املس�يحيون .فوف ًقا ملا تقدم ،يعترب املس�لمون
ضمن األغيار الذين ال حيافظون عىل الوصايا الس�بع ،رغم أهنم ليس�وا من عبدة األوثان.
راجع الرايب موسى بن ميمون يف «رشائع امللوك» يف الفصل احلادي عرش.
-68غير اليهودي الذي غيش حمارم اليهودي ،أو الق�ايض الذي فرض حكماً ليس عادلاً عىل
إرسائيل.
-69وفق�ا لل�رايب موس�ى ب�ن ميم�ون و«هبايت يوس�ف» ،فإنه ُيس�مح بمحاكم�ة وقتل غري
اليه�ودي الذي مل يلح�ق األذى بإرسائيل ،هذا إذا كنا نفعل هذا بغرض اإلصالح ،وليس
بغرض القتل.
116
الفصل الثالث
نناقش يف هذا الفصل أحكام بذل النفس عن القتل بني أبناء نوح .وسنناقش حتديدً ا ثالث
حاالت:
-1اقتل فالنًا أو نقتلك.
-2عندم�ا تقت�ل ش�خص م�ن أجل العلاج (عىل س�بيل املث�ال :احلص�ول عىل أح�د أعضاء
جسده).
-3عندما تقتل رهينة حيتمي هبا أحد القتلة.
وكام اتضح سل ًفا ،بالنسبة للحالة األخرية ،أنه جيوز ألبناء نوح ،بإمجاع اآلراء ،قتل الرهينة
يف هذه احلالة.
117
ُيس�مح بانتهاك مجيع املحظورات الواردة يف الت�وراة من أجل العالج ،ما عدا
عبادة األوثان ،وزنا املحارم ،وسفك الدماء ،فحتى وإن كان ثمة خطر ،ال ُيسمح
بارتكاب أي من هذه الكبائر لالحتامء من اخلطر.
وفيام خيص قتل نفس من إرسائيل ملداواة نفس أخرى أو إلنقاذ شخص من أيدي م ِ
غتصب، ُ
يميل الرأي إىل حظر إهناء حياة نفس لصالح نفس أخرى.
أى م�ن الوصاياويف املقاب�ل ،ف�إن غير اليه�ود غري ملزمني بب�ذل النفس يف حال�ة انتهاك ّ
الس�بع ،حتى تلك الوصايا امللزمة لليهود ،وكام قال الرايب موس�ى بن ميمون يف (رشائع امللوك
:)2 :10
رغم عىل انتهاك أي من وصاياهُ ،يس�مح له بذلك ،حتى وإن اب�ن نوح الذي ُأ ِ
ُأ ِ
رغم عىل عبادة األوثان ،فليفعل؛ ألن األغيار غري ملزمني ببذل النفس(.)1
ال ش�ك أنه بالنس�بة لرشائع القتل ،هن�اك من وضع حدو ًدا للرخص�ة املمنوحة البن نوح
بالسامح له بارتكاب جريمة يف حالة إرغامه عىل ذلك.
وخيربن�ا كتاب «باراش�ات دراخيم »( )2عن أن ثمة خال ًفا ح�ول وجوب بذل النفس لدى
األغيار يف حالة ارتكاب جريمة القتل:
واعل�م أن مقصدي هو أن ابن ن�وح غري ملزم ببذل النفس ،خاصة فيام يتعلق
بعبادة األوثان ،وزنا املحارم .أما يف حالة سفك الدماء ،فإنه إذا قتل ُيقتَل ،ويمكننا
الق�ول إنه بالنس�بة البن نوح الذي مل يلتزم بالوصايا الس�بع ،أن�ه مل يتم تنبيهه إىل
عقيدة بذل النفس .أما بالنس�بة لس�فك الدماء ،فاألمر يتعل�ق فقط باحتكام غري
اليهودي لفرضية (ملاذا تعتقد أن حياتك أهم من حياة صاحبك؟).
من أين نتعلم – وف ًقا هلذه الفرضية – أن ثمة خال ًفا يف األمر بني اليهودي وابن نوح .هكذا
أكد الرايب ش�موئيل شنيئورسون )*(( )3طيب اهلل ثراه؛ حيث قال« :إنه عىل الرغم مما استنتجناه
من الفرضية الس�ابقة ،من أن أبناء ن�وح مل تُفرض عليهم عقيدة بذل النفس عن عبادة األوثان،
وزن�ا املحارم ،وألنه قد تم اس�تحداث هذا الترشيع يف الت�وراة من أجل إرسائيل ،فمن املنطقي
أيضا أن األمر نفسه حدث فيام يتعلق بسفك الدماء ،إىل هنا.
ً
)*( الرايب شموئيل شنيئورسون שמואל שניאורסון ( :)1882-1834هو رابع زعيم حسيدي يف سلسلة زعامء منظمة
حبد احلسيدية.
118
وقد س�بق كتاب «باراش�ات دراخي�م» يف حظره عىل غير اليهودي قت�ل صاحبه حتى لو
كان هذا بديلاً عن بذل النفس ،سبقه يف ذلك الرايب هيودا ليفا بن بتسلئيل)*( عندما حتدث عن
الشبل (تكوين :)8 :32
وال يمكنن�ا الق�ول «إن�ه خ�اف أن يقت�ل آخرين» أي ه�ؤالء الذي�ن أتى هبم
عيس�و ،وعلى الرغم من أهنم ج�اءوا لقتله ،وقد ورد يف ذلك «فلتس�بق بقتل من
جاء لقتلك» أي أهنم كانوا مرغمني ،فقد أجربهم عيس�و عىل احلضور معه ،هذا
ال يمكن أن يكون حقيق ًّيا!
إذا ارتك�ب أ ًّي�ا من اجلرائ�م التي ُذك�رت يف التوراة ال ُيقتل باس�تثناء عب�ادة األوثان وزنا
املح�ارم ،أما إذا س�فك الدماء فإنه يس�تحق القت�ل ،وإذا قيل له «اقتل فالنً�ا أو نقتلك» ال جيب
علي�ه أن يفع�ل ذل�ك وإال فإنه يس�تحق القتل ،وق�د ورد أن مغ�زى الكالم أن «مل�اذا تعتقد أن
حياتك أهم من حيايت» ،ومن غري املنطقي أن نفرتض أن عيسو أجربهم عىل أن يرتكبوا جريمة
القتل.
ويضي�ف «باراش�ات دراخي�م» (وكتب أخرى تتف�ق معه) إىل ما س�بق فيخربنا بأن غري
اليه�ودي غير ملزم بب�ذل النفس عن الوصاي�ا املفروضة علي�ه ،حُيظر عليه قتل غير اليهودي
الذي ُأرغم عىل القتل؛ ألن ثمة فرضية حتظر هذا القتل ،كام تورد اجلامرا هذه الفرضية كمرجع
لوجوب بذل النفس عن قتل اليهودي(.)4
ويف مقابلهم يدرك الرايب ش�موئيل شنيئورس�ون ببساطة أن غري اليهودي غري ملزم ببذل
النف�س على أي من الوصايا املفروض�ة عليه ،ولذلك إذا قي�ل له «اقتل فالنً�ا أو نقتلك» ،فإنه
وأيضا وف ًقا لرأيه ،حُيظر عىل غري هيودي ثالث
ُيس�مح له بقتل غري اليهودي اآلخر لينقذ حياتهً .
أن يتدخل فيقتل نفس غري اليهودي الذي يرغب الشخص املعتدي يف قتله ،لينقذ بذلك األول
الذي ُأرغم عىل القتل(.)5
الرخصة ممنوحة فحسب لغري اليهودي الذي ُأرغم عىل القتل؛ ألنه غري ملزم ببذل النفس،
بيد أنه ليس ثمة رخصة لغري هيودي ثالث بقتل أحدمها لينقذ اآلخر.
)*( الرايب هيودا ليفا بن بتسلئيل רבי יהודה ליווא בן בצלאל (מהר''ל) (1609 – 1520م) :فيلسوف ومن كبار حاخامات
اليهود يف أوروپا يف بداية العرص احلديث.
119
ويتف�ق م�ا ورد يف كت�اب «ع�اروخ هش�وحلان)*(» ( ،)6م�ع م�ا أخربنا به الرايب ش�موئيل
شنيئورسون:
أيضا
وهناك من يرى أن س�فك الدماء يلزم بذل النفس ،هذا ألنه ثمة فرضية ً
وه�ي« :مل�اذا تعتقد أن حياتك أهم من حيايت؟ ...إىل آخره» .وال نرى هذا املعنى
م�ن كلمات الرايب موس�ى ب�ن ميمون ،ألنه ق�ال« :حتى ل�و عبد األوث�ان ...إىل
آخره» ،وهو يقصد« :ناهيك عن زنا املحارم وسفك الدماء».
ويمكنن�ا أن نفرتض أنه ثمة فرضية هلذا األمر ،وهو نفس�ه يأيت هبذه الفرضية
يف الفصل اخلامس من مبادئ التوراة ( .)7عىل كل حال ،إذا مل يرغب يف التضحية
بحياته ال يتم إجباره عىل ذلك.
ش���خصا من
ً – 2رأى الراب���ي مشوئيل شنيئورس���ون حول قتل من مينع
إنقاذ حياته
س�نحدد الفرضية التي بسببها يمنح الرايب شموئيل شنيئورسون رخصة الرتكاب جريمة
قتل يف س�بيل إنقاذ احلياة ،بواس�طة حالة أخرى :غري هيودي هيرب من خطر عىل حياته ،وغري
هي�ودي آخر يعرتض طريقه «عن عمد ( ،»)8والطريق الوحيد املتاح أمام األول لينقذ حياته من
اخلطر الذي حيدق به ،هو أن يقتل ذلك الذي يعرتض طريقه.
وف ًقا للرايب ش�موئيل شنيئورسون ،جيوز دهس ذلك الذي يغلق الطريق .كام يسمح لغري
اليهودي بقتل اآلخرين ،إذا كانت هذه هي الطريقة الوحيدة لكي ال يلقى حتفه .سبب السامح
أم�را بتنفيذ اجلريمة
بذل�ك يف حال�ة «اقت�ل فالنً�ا أو نقتلك» ،ال يكم�ن يف أن القاتل هن�ا تلقى ً
من ش�خص آخر ،حتى نقول إنه فحس�ب قام بتنفيذ اجلريمة دون أن يقصدها لنفس�ها .فتلقي
األوامر ليس س�ب ًبا الس�تثناء من ارتكب اجلريمة من تلقي العقوبة؛حيث ورد أن «عليك اتباع
أوامر املعلم وليس التلميذ»(.)9
إن س�بب إعفاء غري اليهودي من العقوبة هو أنه عندما تكون املس�ألة حياة أو موتًا ،فإنه
حينها غري ملزم بأي وصية ،وبالتايل فليس ثمة حظر يمنعه من القتل.
)*( «عاروخ هشوحلان ערוך השולחן» :قام بتأليفه الرايب حييئيل ميخال هليفي أفشتني ،ويناقش الكتاب كل ما يتعلق
بكتاب «شوحلان عاروخ» ،ولكن ألن ثمة بعض األحكام التي مل ترد يف النسخة األصلية ،قام الرايب أفشتني بتضمينها
يف نسخة أحدث بنفس العنوان تقري ًبا (ערוך השולחן העתיד) صدرت بني عامي ( 1938و 1946م).
120
يسري ه�ذا احلكم س�واء يف حالة القاتل الذي يأم�ر غري اليهودي بالقيام هب�ذا الفعل ،أو
عندما تدفع الظروف نفس الشخص للقتل من أجل إنقاذ حياته.
واألدهى من ذلك :يف حالة وجود ش�خص يس�د طريق اإلنقاذ ،ثمة فرضية أكرب تس�مح
بقتله؛ ألنه بالفعل يرض بذلك الذي يرغب يف إنقاذ حياته ،وهو ما ال نجده يف حالة «اقتل فالنًا
أو نقتل�ك»؛ ألن وقته�ا مل يفع�ل فالن ه�ذا أي يشء لذلك الذي يقتل�ه ،والعالقة بينهام جاءت
فحسب من هتديد القاتل.
)*( «عفودا زارا» מסכת עבודה זרה :هو الفصل الثامن من الباب الرابع( ،نزيكني נזיקין) ،من التلمود ،ويتناول الباب يف
فصوله اخلمسة حتريم التقرب من األغيار من عابدي األوثان.
121
– 4رفض الربهان حسب تفسري «مرئيه هبانيم )*(»
يرى التلمود األورش�ليمي أن�ه يمكن رفض الربهان وف ًقا لتفسير «مرئيه هبانيم» ،الذي
تش�دد يف األم�ر ،حيث يقول «مل يقترص األمر فقط عىل أنه قيل ل�ه :اقتل فالنًا ،بل اظلم فالنًا».
أي حُيظر ظلم أو رسقة صاحبه ،حتى إذا كان السارق ينقذ حياته هبذا.
ألول وهلة تبعث كلامت التلمود عىل الدهش�ة؛ ألنه ثم�ة التزام ببذل النفس عن ارتكاب
إحدى الكبائر الثالث ،لكننا مل نجد ما يفيد بأن ثمة إلزا ًما ببذل النفس حتى ال يرسق شخص،
شخصا آخر!
ً
وما الس�بب يف أن األمر ُفرس هنا عىل أس�اس أنه س�واء قال له «اقتل فالنًا» أو قال «اظلم
فالنًا» ،فإنه جيب بذل النفس وعدم القيام هبذه الفعلة؟
وجيد «مرئيه هبانيم» لنفسه من الذرائع وف ًقا للجامرا ما ييل:
«قال الرايب حسدا )**( :هكذا اعتقد صاحب املقام الرفيع :الشهود الذين قيل
زورا وال تقتلوا أحدً ا .قال له التنائي الكبري :فلتفعلوا؛ ألنه ليس
هلم أن يش�هدوا ً
ثم�ة يشء يمكن أن يق�ف أمام إنقاذ حياة أحد ،إال إذا كن�ا بصدد عبادة األوثان،
وزنا املحارم ،وسفك الدماء فحسب !»
ها قد وجدنا أن الرايب حسدا يقول إنه جيب أن نضحي بحياتنا وهذا أفضل من أن نشهد
زورا شهادة تؤدي فيام بعد خلسارة مالية.
ً
وق�د اقتبس الرايب موس�ى ب�ن نحامن والرايب ش�لومو بن أفراهام (اإلش�بييل)***() بعض
التوسافوت التي أوردت هذا الرأي:
ثالث�ة أمور ال تقف يف وج�ه بذل النفس ،وهي عبادة األوث�ان ،وزنا املحارم،
أيضا.
وسفك الدماء .والرايب ميئري ،يقول :والرسقة ً
وإذا كان األمر كذلك ،يمكننا أن نفرس كلامت التلمود األورش�ليمي هنا عىل أهنا تتفق مع
رأي الرايب حسدا «بحسب الرايب ميئري» ،وختتلف مع رأي التنائي الكبري.
)*( «مرئيه هبانيم» أحد املؤلفات التفسريية اخلاصة بالتلمود ،من وضع الرايب موشيه بار شمعون مرجاليت.
)**( الرايب حسدا רב חסדא :من كبار األمورائيم يف بابل وقد عارص اجليل الثاين والثالث منهم.
)***( الرايب شلومو بن أفراهام (اإلشبييل) ،و ُيعرف اختصارا بالراشبا רשב''א -שלמה בן אברהם בן אדרת
(1310 – 1235م) :وأبوه أفراهام (اإلشبييل) من كبار علامء التوراة يف األندلس ،من أشهر كتبه «إجابات
الراشبا».
122
وها هو رأي «مرئيه هبانيم»:
أيضا :اظلم فالنًا.
مل يقترص األمر عىل أنه قيل له اقتل فالنًا ،بل ً
وهو ما يتفق مع ما ذهب إليه الرايب حس�دا يف التلمود البابيل (الفصل الثاين يف كتوبوت،
الصفحات )19-1حيث قال:
زورا حت�ى ال ُيقتل
ي�رى ال�رايب ميئري أن الش�هود الذين قيل هلم أن يش�هدوا ً
زورا.
أحدهم ،فلريتكبوا جريمة القتل ،وال يشهدوا ً
بيد أن حكيمنا األكرب يقول يف التلمود البابيل ببساطة أن:
زورا وال تُقتل.
اشهد ً
حيث إن معلمنا قال:
لي�س ثمة يشء يقف يف وجه بذل النفس س�وى عبادة األوثان ،وزنا املحارم،
وسفك الدماء فحسب.
نظر ًّي�ا ،تق�رر أن النف�س ال تُبذل عن الرسقة ،كام فرس الرايب موس�ى ب�ن ميمون ،وورد يف
«شوحلان عاروخ» كذلك.
ووف ًقا لذلك ،فإن ما ورد يف التلمود األورشليمي حول أن من «يظلم فالنًا ُيقتل» ،ما هو
إال رأي فردي ال عالقة له بأحكام الرشيعة (.)15
أيضا أن ما ورد يف التلمود األورش�ليمي حول أنوبناء عىل هذا التفسير يمكننا أن نفرس ً
غري اليهود ملزمون ببذل النفس عن جريمة القتل ،هو رأي مش�ابه ملا قاله الرايب حس�دا ،وأما
بالنسبة للتنائي الكبري – الذي يتفق مع أحكام الرشيعة – فإن هذا احلكم غري صحيح.
فها هي فرضية الرايب حس�دا املتش�ددة ألول وهلة :أمل نجد ثالث جرائم فقط جيب بذل
النفس عنها ،وكام يقسو عليه التنائي الكبري.
وعلينا أن نقول إن فرضية الرايب حسدا هي :أنه بالفعل مجيع اجلرائم يتم إلغاؤها من أجل
بذل النفس ،هذا بالنسبة للحساب اإلهلى.
ال�رب تب�ارك وتعاىل يتج�اوز عن وصاياه م�ن أجل حياة الش�عب اليهودي.
بي�د أن إحلاق الرضر بش�خص آخر ،غري مس�موح به حت�ى إذا كان بدلاً من بذل
النفس.
123
لذل�ك حُيظر رسق�ة يشء ما من صاحبك بدلاً من بذل النفس بحس�ب الرايب
حسدا .ويمكن أن نفهم األمر نفسه يف حالة القتل :احلظر يف مسألة القتل ال ينبع
(أيضا) من ناحية أنه غري مسموح ألي شخص (فقط) من خطورة التحريم ،بل ً
أن ينقذ عن طريق إحلاق األذى بش�خص آخر ،عىل الرغم من أن ثمة وصايا يتم
إلغاؤها من أجل بذل النفس.
م�ن هن�ا ،ننبذ أم�ر بذل النفس فيما خيص األغي�ار ،فاألغيار ليس لدهي�م وصايا خطرية
تلزمهم ببذل النفس .حتى عبادة األوثان لدهيم ليس�ت خطرية ،كام هو احلال لدى اليهود(.)16
ولذل�ك فإن�ه من ناحية خطورة اجلرائم ،غري اليهود ليس�وا ملزمني بب�ذل النفس .لكن إذا كان
ثم�ة فرضي�ة ببذل النفس من ناحي�ة اإلرضار باآلخر – كام فهمنا من رأي الرايب حس�دا – ويف
ويظر عىل غري اليهودي كذلك أن هذه النقطة ليس ثمة اختالف بني اليهودي وغري اليهودي ،حُ
ُيلحق األذى بغري اليهودي لينقذ نفسه(.)17
ووف ًقا لذلك ،يتضح ملاذا قيل يف قضية التلمود األورشليمي أنه حُيظر عىل األغيار اإلرضار
ببعضهم البعض ،حتى إذا كان هذا بدلاً من بذل النفس:
يتف�ق ما ورد يف هذه القضية مع ما ذهب إليه الرايب حس�دا .ووف ًقا ملنهجه ،بام
أيضا ارتكاب جريمة القتل س�واء أن�ه حُيظ�ر الرسقة بدلاً من ب�ذل النفس ،حُيظر ً
لدى اليهود أو لدى األغيار ،كام أوضحنا (.)18
لكن بالنسبة ملا يراه التنائي الكبري ،من أنه ليس ثمة مشكلة يف إيذاء شخص آخر بدلاً من
ب�ذل النف�س ،وأن الرسقة تُلغى من أجل بذل النفس ،فإنه م�ن غري الواضح ما هو حكم القتل
لدى األغيار.
فإيذاء ش�خص آخر ليس�ت فرضية يمكننا أن ننطلق منها وصولاً إىل اإلقرار باحلظر بدلاً
م�ن بذل النفس وف ًقا ملنهجه ،وال يؤخ�ذ يف االعتبار لدى األغيار خطورة اجلرائم كام هو احلال
ل�دى اليه�ود ،وف ًقا ملنهجه فإنه حُيتمل أن األغيار ُيس�مح هلم بالقتل ب�دلاً من بذل النفس؛ ألنه
ليس ثمة إلزام هلم ببذل النفس عىل أي جريمة بسبب خطورهتا .ووف ًقا هلذا ،فإنه ليس ثمة دليل
م�ن كلامت ال�رايب حنينا خيالف ما ذهب إليه الرايب ش�موئيل شنيئورس�ون؛ ألن كلامته تناقض
كلامت الرايب حسدا .ونظر ًّيا ،فإن الرأي الرشعي يتفق مع رأي التنائي الكبري.
124
– 5إلغاء الربهان وف ًقا للخالف بني العالج واإلنقاذ «أور ساميح»
ثم�ة ذريعة أخ�رى للمعضل�ة املتصلة بـ «بارش�ات دراخي�م» ،وجدناه�ا يف كلامت «أور
س�اميح» (عن الفصل اخلامس من رشائع أسس التوراة) .يتطرق «أور ساميح» هناك للتناقض
الوارد يف كلامت الرايب موسى بن ميمون ،الذي يتناول الرشائع التي تتصل بوصية التضحية يف
سبيل الرب ،أي بذل النفس عن الوصايا .ففي الرشيعة الرابعة كتب الرايب موسى بن ميمون:
وكل من ورد عنه أن « ُيقتل وال يرتكب الذنب ،وارتكب الذنب ومل ُيقتل.
فإن مرتكب هذه الفعلة قد جدف عىل الرب.»...
وعلى الرغ�م من هذا؛ ألنه ارتكب الذن�ب حتت التهديد فإنه ال يجُ ل�د ،وال جيب علينا أن
حتذيرا
ً نق�ول إن�ه ال ُيعاقب بالقتل ،إال إذا ارتكب ذنبه لرغبته يف ذلك أمام ش�هود ،مع توجيهه
للضحية.
ويف الرشيعة السادسة ورد ما ييل:
كام هو معروف ،فقد قيل عن األمراض نفس ما قيل عن اإلجبار...
وتعالج�ون ب�كل ما حظرته الت�وراة بدلاً م�ن تعريض أنفس�كم للخطر ،باس�تثناء عبادة
األوث�ان ،وزنا املحارم ،وس�فك الدماء ،وهي املحظورات الت�ي ال يمكن العالج هبا ،حتى إذا
عرضتم أنفس�كم للخطر ،وإذا ارتكبتم هذه الفعلة ،جيب أن تتلقوا عقا ًبا مناس� ًبا لكم يف احلياة
الدنيا.
كبريا يف الرشيعة الرابعة ،حيث ورد أن من ال يلتزم بعدد من
تناقضا ً
وألول وهلة يبدو هذا ً
الوصايا لتعرضه للخطر ال ُيعا َقب ً
(أيضا يف حالة أن األمر حمظور) ،وأما يف الرشيعة السادس�ة
فقد ورد أن من يتعالج عن طريق اإلتيان بأحد املحظورات ُيعا َقب «بالعقوبة التي تناسبه».
وكام كتب شيم طوف بن يوسف )*( يف األعمدة األربعة:
إنن�ى أتعجب من أنه بدأ يس�اوي بني اإلجبار واالضط�رار يف حالة املريض،
كيف هذا وهو يف حالة مرض؟!
ملاذا ُي َف ّرق الرايب موسى بن ميمون بني احلالتني؟ ويدهشني ً
أيضا تفسري كالمه كله الذي
مل ينتبه إىل هذه النقطة ،واألمر يف حاجة إىل املزيد من البحث.
)*( أحد حكامء اليهود يف األندلس.
125
يف تفسير هذه القضية كتب «أور س�اميح» ،أنه علينا التفريق بني حالة من ينقذ نفس�ه عن
طريق ارتكاب أحد املحظورات ،وبني من يفعل هذا ليتعالج:
ها هو قد تأكد لنا أن األمر ال يتشابه مع ما ورد يف الرشيعة الرابعة ،من أنه يف
حالة اإلجبار « ُيقتل وال يرتكب الذنب» ،إذا قتل ال ُيعاقب ألنه جمرب عىل ذلك.
وفرضيت�ه هن�ا مفاده�ا حتدي�دً ا :إذا ُأجرب ش�خص ما عىل قت�ل فالن ،أو على ارتكاب زنا
املحارم (إذا كان األمر صعب احلدوث قبل ذلك) ،حيث إنه يفعل ذلك وفق رغبة اآلخرين ال
وف ًقا لرغبته ،فهو جمرب عىل قتل شخص ،وإذا مل يفعل س ُيقتل هو.
ماذا سيكون حينها السبب يف وفاته إذا قتله من أجربه عىل ارتكاب اجلريمة فعلاً ؟
سيكون السبب حينها هو أنه ال يرغب يف قتل فالن .لكن هنا املرض الذي سيصيبه بدون
أي سبب سينقذ نفسه بدم فالن أو بعبادة األوثان ،ال أكثر.
وإن كان األم�ر كذل�ك ،فإنه أمر غري مقصود إذا كانت لدي�ه الرغبة يف احلفاظ عىل حياته،
ومثلام أن كل قاتل يرغب يف صب جام غضبه لينتقم ،لذلك فإن الش�خص مذنب إذا عالج يف
هذه احلالة ،ويستحق مجيع العقوبات الدنيوية؛ ألنه حقق للقاتل ما يريد أن يراه.
إن «أور س�اميح» يوض�ح أن من ب�ادر بارتكاب فعل حمظورُ ،يعاق�ب ،رغم أنه فعل هذا
لينق�ذ حيات�ه من املوت .يف مثل ه�ذه احلالة ،من ارتكب الذنب يك�ون راغ ًبا يف وجود اجلريمة
لينقذ نفسه ،وهو ال يستطيع أن يدعي أن تعرضه خلطر أجربه عىل ارتكاب الذنب.
لكن حينام ينبع خطر املوت من احلظر ،لن يكون الش�خص املجرب راغ ًبا يف وقوع الذنب
وال ُيعترب حينها أنه ارتكب الذنب لرغبته يف ذلك .ويف هذه احلالة ال ُيعاقب؛ ألن «ال يجُ لد وال
ُيقتل إال من ارتكب جريمة لرغبته يف ذلك» ،كام قال الرايب موسى بن ميمون.
والرأي نفسه نجده لدى الرايب أفراهام بورنشتاين)*( (إيفني هعيزر :)19( )19 ،15
واختلف يف هذا الرايب موس�ى بن ميمون يف الفقرة اخلامسة يف رشائع التلمود
األساس�ية؛ ألن القتل مل حيدث إال بس�بب اإلجبار ،كام ُأجرب عىل عبادة األوثان،
ولك�ن امل�رض مل يك�ن نتيج�ة ملنع ال�دواء ،ألن امل�رض وضع يف ح�د ذاته ،وهو
يرغ�ب يف ذلك حت�ى يتعالج ،وهذه هي رغبته ،وهو يش�به يف ذل�ك من يريدون
قتله ،ويفعل ذلك حتى ي ِ
بعد عن نفسه رغبة أنه رغب يف األمر. ُ
)*( الرايب «أفراهام بورنشتاين» (1910 – 1839م) :من كبار حكامء اليهود يف پولندا يف عرصه.
126
وكذل�ك كتب ال�رايب ش�معون ش�كوب)*( يف حتديثاته على «كتوبوت» (يف هناي�ة الفقرة
اخلمسني):
وجيب أن نقول إن أس�اس اخلالف بني حالتي اإلجبار وبني من يرتكب ذن ًبا
لينق�ذ نفس�ه ،هو أن�ه يف حالة اإلجبار ه�و ال يرغب يف أن حيدث ه�ذا األمر عىل
اإلطالق ،ويقوم بذلك فحسب ألنه ُأجرب عىل فعله ،لكنه مل يرتيث عىل اإلطالق؛
حيث إنه لوال هذا ملا كان ُأجرب عىل فعل يشء .لكن من أنقذ نفس�ه مس�تفيدً ا من
األم�ر ألن�ه لوال ما حدث ملا كان قد أنقذ حيات�ه ،وهو راغب يف خلق هذا الواقع
لكي ينقذ حياته ،ولذلك فإن هذا يعني أنه رغب يف ارتكاب اجلريمة (.)20
لكن «أور س�اميح» يتش�دد هنا عندما يقول :من أين علم الرايب موس�ى بن ميمون أنه يف
حالة العالج يرتكب الش�خص ا ُملجبرَ جريمته لرغبته يف ذلك ،وأنه يس�تحق عقا ًبا؟ ويذكر أن
مصدر الرايب موس�ى بن ميمون هو ما ورد يف التلمود األورش�ليمي الذي ذكرناه س�اب ًقا .وها
هي كلامته:
حلكم؟ يبدو أن مص�دره يف ذلك هو م�ا ورد يف التلمود
لك�ن كي�ف توصل معلمنا هل�ذا ا ُ
األورشليمي يف فصل «ال نقدمه للمحاكمة»:
روحا من أجل روح أخرى ،وليس هذا فحسب ...إلخ. و ال تزهق ً
واألجنب�ي الذي ي ِ
لح�ق األذى باألجنبي أو باليهودي ،مذن�ب .أما اليهودي ُ
لحق األذى بأجنبي غري مذنب.الذي ي ِ
ُ
وعلى م�ا يبدو أنه يرص عىل ما قال من أنه حُيظر العالج عن طريق س�فك الدماء ،ولذلك
لحق األذى بأجنب�ي هو مذنب ،حت�ى إذا قتل ش�خص ليتعالج .أما ق�ال إن األجنب�ي ال�ذي ي ِ
ُ
لحق أذى بأجنبي فهو غري مذنب وف ًقا لوجهة نظره ،وإذا قتل اليهودي هيود ًّيا اليه�ودي الذي ي ِ
ُ
أيضا ،وهو خيربنا بش�كل واضح أنه حتى األجنبي مذنب (رغم أنه غري ُم َلزم مثله يكون مذن ًبا ً
بوصية بذل النفس) .أو ألن ( )21ابن نوح ُيعاقب بالقتل إذا قال إنه ُيس�مح بالعالج عن طريق
قتل شخص ما وف ًقا لرشائعه ،أي ابن نوح ،وليكن ما يكون ،فقد تم تفسري األمر بأن من يفعل
هذا ُيعاقب عقا ًبا مناس ًبا ،وراجع األمر ستجده سهلاً .
)*( الرايب شمعون شكوب :من كبار حكامء اليهود يف رشق أوروپا.
127
أدرك «أور س�اميح» أن كلامت التلمود األورش�ليمي حول «األجنبي الذي ي ِ
لحق األذى ُ
بأجنبي» وما إىل ذلك ،ال تناقش العقوبة التي تنتظر املذنب ،يف حالة غري اليهودي «الذي ُأجرب
عىل قتل فالن» ،بل تناقش رأي الرايب حنينا:
حُيظر العالج عن طريق س�فك الدماء» .عن هذا احلكم ورد أن غري اليهودي
مذنب إذا فعل هذا األمر املحظور ،وأحلق بصاحبه األذى لينقذ نفسه.
يف حال�ة العلاج ،يقول التلمود األورش�ليمي أن غري اليهودي مذن�ب ،وهو نفس حكم
اليهودي .هكذا تعلم الرايب موس�ى بن ميمون من هذا ،أنه رغم أن الش�خص الذي ُأجرب عىل
ارت�كاب أح�د املحظ�ورات غري مذنب ،فإن�ه يكون قد أذن�ب إذا عالج ،وال ف�رق يف هذا بني
اليهودي وغري اليهودي.
وح ًّق�ا ،وف ًقا لذل�ك جيب أن ندرك ملاذا كتب التلمود األورش�ليمي حك�م األغيار وليس
اليهود .ألسنا حتى اآلن نتحدث عن اليهودي؟ ما هو التحديث الذي طرأ عىل األغيار وتسبب
يف تفضيلنا كتابة هذه الفقرة الترشيعية عنهم؟
يرد «أور ساميح» عن هذا بإجابتني:
وهو خيربنا بشكل واضح أنه حتى األجنبي مذنب (رغم أنه غري ُملزَم بوصية
بذل النفس) .أو ألن ابن نوح ُيعاقب بالقتل إذا قال إنه ُيسمح بالعالج عن طريق
قتل شخص ما وف ًقا لرشائعه ،أي ابن نوح ،وليكن ما يكون ،فقد تم تفسري األمر
بأن من يفعل هذا ُيعاقب عقا ًبا مناس ًبا ،وراجع األمر ستجده سهلاً .
ومعنى ذلك ،كالتايل:
– 1ثمة حتديث لدى األغيار يف أهنم غري ملزمني برشيعة بذل النفس ،وعىل الرغم من هذا
فإهنم ملزمون هبا يف حالة العالج ،بل إهنم ُيعاقبون إذا عالج أحدهم عن طريق القتل (بكلامت
أخ�رى :يف مقاب�ل اليهود الذين لدهيم انتقال من حالة اإلعفاء م�ن الذنب (ملن ينقذ حياته) إىل
كونه مذن ًبا (ملن يتعالج) .أما لدى األغيار ،فثمة حتديث أكرب؛ ألهنم ينتقلون من مس�موح (ملن
ينقذ حياته) إىل مذنب (ملن يتعالج).
أيض�ا يف حال�ة «إذا قال إنه جي�وز»؛ ألهنم كان جي�ب عليهم أن
– 2يع�د األغي�ار مذنبين ً
يتعلموا ( )22؛ وكنت أعتقد أنه بدلاً من بذل النفس ،ثمة فرضية كبرية جتعلنا نعتقد أنه جيوز أال
ن ِ
ُل�زم غير اليهودي الحتاملية الوقوع يف اخلطأ يف هذه احلالة ( .)23عن هذه النقطة ،جاء التلمود
128
األورشليمي ل ُيع ِّلمنا أن األغيار مذنبون حتى يف حالة «إذا قال إنه جيوز» ،ورغم وجود فرضية
كبرية تسمح بذلك.
-3من خالل الذريعة األوىل ،نرى بوضوح أن «أور ساميح» قد فهم أنه يف حالة الشخص
أيضا بقتل غريهم من
الذي ينقذ حياته ،فإن غري اليهود غري ملزمني ببذل النفس ،و ُيس�مح هلم ً
األغيار إلنقاذ حياهتم.
رغم أنه يفهم مثل الرايب ش�موئيل شنيئورس�ون أنه ُيس�مح لغري اليه�ود بقتل غريهم من
األغي�ار يف حال�ة «اقتل فالنًا أو نقتلك» ،لكن هذا فقط يف حالة إنقاذ القاتل حلياته .أما يف حالة
العلاج فه�م ،أي األغي�ار ،ملزمون ببذل النفس ،ب�ل ويكونون مذنبني و ُيعاقب�ون إذا ارتكبوا
جريمة قتل إلنقاذ حياهتم.
أيضا ل�دى اليهود امللزمني يف
وم�ن هن�ا ،تعلم الرايب موس�ى بن ميمون حكم ه�ذه احلالة ً
حالة العالج (ألن ثمة تش�د ًدا يف األمر لدى اليه�ود عنه لدى األغيار ،فغري اليهود لدهيم حظر
حتى يف حالة إنقاذ حياة ؛ ناهيك عن أهنم سيكونون ملزمني يف حالة العالج).
يتضح مما س�بق أن التلمود األورشليمي ال يناقض الرايب شموئيل شنيئورسون ،فالتلمود
حارضا،
ً األورش�ليمي يناقش مس�ألة العلاج ،عندما يكون القات�ل راغ ًبا يف أن يك�ون املقتول
وحينئ�ذ حُيظ�ر عىل األغي�ار كذلك القتل هب�دف العلاج( ،وإذا قتلوا فهم مذنب�ون؛ أما الرايب
ش�موئيل شنيئورس�ون فيناق�ش مس�ألة إنق�اذ احلي�اة ،عندم�ا ال يكن القات�ل راغ ًب�ا يف وجود
املقتول،ووجود األخري هو الذي تسبب يف املشكلة ،وحينئذ ُيسمح لغري اليهودي بقتل صاحبه
إلنقاذ حياته.
وف ًقا لذلك ،فإن الرايب ش�موئيل شنيئورس�ون يتفق مع «باراش�ات دراخيم» يف أنه يوجد
ل�دى األغي�ار فرضية بع�دم قتل بعضهم البعض هب�دف إنقاذ احلياة ،لكن يف رأي�ه أن الفرضية
خط�را عىل غري
ً قائم�ة فق�ط يف حالة العلاج .ويف احلالة الت�ي يمثل فيها تواج�د غري اليهودي
عيل أن أفقد حيايت بس�بب وجودك اليهودي ،حينئذ يمكن لألخري أن يس�أل األول :ملاذا جيب َّ
عيل؟ .وعىل ذلك ُيس�مح له بقتله لينقذ حياته .أما يف حالة العالج ،ليس ثمة
خطرا ِّ
الذي يمثل ً
ادعاء مضاد؛ ألن القاتل راغب يف وجود الضحية لينقذ نفسه (.)24
129
خالصة القول :وف ًقا للرايب ش�موئيل شنيئورس�ون ،فإن غري اليهودي الذي تلقى ً
أمرا من
شخص آخر أن «اقتل فالنًا أو أقتلك» ُيسمح له بقتل فالن هذا.
وقد َف ِه َم «أور س�اميح» أنه عىل الرغم من أنه ُيس�مح بقتل غري اليهودي يف احلالة السابقة،
ربا عىل
أو يف حال�ة غير اليهودي الذي يقف يف طريق إنقاذ الش�خص اآلخر ،حت�ى إذا كان جم ً
ذلك ،ليس ثمة رخصة الستغالل صديقه وقتله للعالج (.)25
– 6جدول ُم ِّ
لخص
العالج باستغالل شخص آخر اقتل فالنًا أو أقتلك من يغلق طريق اإلنقاذ
منهج «باراشات
حُيظر حُيظر سيتضح فيام بعد
دراخيم»
– 7اجملموعة
* وردت احلكاية التالية يف التلمود األورشليمي عىل لسان أحد التنائيم:
ثمة جمموعة من األشخاص يسريون يف الطريق ،وتعرضوا ألذى من ِق َبل جمموعة من
األغيار ،وهكذا قالوا هلم :أعطونا أحدكم فنقتله ،وإذا مل تفعلوا قتلناكم مجي ًعا «فل ُيقتل
ش�خصا باالس�م ،مثلام يف واقعةً اجلميع وال تمُ س نفس هيودية واحدة»؛ وإذا حددوا هلم
شيفع بن بكاري שבע בן בכרי )*( ،عليهم حينئذ أن يسلموه هلم فال ُيقتلون.
قال الرايب شمعون بن لقيش :وهو شخص عوقب بالقتل مثل شيفع بن بكاري.
بينام يقول الرايب يوحنان :رغم أنه شخص مل ُيعاقب باملوت مثل شيفع بن بكاري.
)*( شيفع بن بكاري שבע בן בכרי :بحسب العهد القديم ،هو شخص ينتمي لقبيلة بنيامني ،وحدث أن مترد عىل امللك
داود ،ودعا إىل فصل اململكة يف أعقاب إحضار قبيلة هيودا للملك داود يف القدس.
130
ويقرر الرايب موشيه بن يرسائيل ايرسليش يف («يوريه ديعا» :)1 :157
فيما خي�ص األغي�ار الذين يطالب�ون اليهود ب�ـ« :أعطون�ا أحدك�م نقتله» ال
شخصا معينًا باالسم وقالوا أعطونا فالنًا.
ً يفعلون ،إال إذا حدد األغيار
وهناك من يرى أنه حتى إذا حدث ذلك ،ليس عليهم أن يس�لموه إال إذا كان
شخصا معا َق ًبا بالقتل مثل شيفع بن بكاري(.)26
ً
أما الرايب كلبون هكوهني )*( فيش�دد يف رشائع التوراة األساس�ية 5 :5؛ وورد كذلك يف
«كيسيف مشنيه»:
رغم أنه ورد يف التوسافوت ما يتفق مع رأيه ،إال أننا مل نفهم مغزى األمر ،فها
هو اس�تنتاج لذلك ورد يف فصل «بساحيم» ،بس�بب ما قيل عن سفك الدماء أن
«فل ُيقت�ل وال يرتكب ذن ًبا» ،فتكون الفرضية هي« :ملاذا تتوقع أن حياتك أهم من
حي�ايت؟» .فهن�ا فرضية تفيد بأنه جيب أن ُيقتلوا مجيعه�م معه ،و ُي َف َّضل أن يموت
وحده !
لكنه قد كتب بالفعل يف إحدى الفقرات املشنوية أن:
أساسا لفهم مقصده ،فمن ما ورد عن سفك الدماء :من (أنه يعتقد) ،ال يعد ً
املع�روف أنه يف حالة س�فك الدم�اء ،أنه جيب عىل مرتكب اجلريم�ة أن ُيقتل وال
يفعله�ا ،إال أن�ه من�ح األمر مغ�زى من الفرضي�ة اخلاصة بالرايب س�فتي كوهني،
لك�ن حت�ى هذه الفرضية ال نجدها ،والغرض من ذل�ك هو أن ُيقتل وال يرتكب
اجلريمة (.)27
)*( الرايب كلبون هكوهني (1950 - 1874م) :كان من حكامء اليهود يف تونس.
131
أيضا ،يقول :إن األغيار ملزمون ببذل النفس عن القتل – استنا ًدا إىل
«باراشات دراخيم» ً
إح�دى الفرضيات .مث�ال اجلامعة التي خصصت أحد أفرادها ل ُيقت�ل – ليس ثمة فرضية بعدم
قتله إلنقاذ الباقي؛ ألنه ال شك أن قيمة اجلامعة (وهو ضمنهم) أكثر بكثري من قيمته وحده.
وخيربنا «منحات حينوخ» أنه :يف حالة مجاعة األغيار ،سيتم تسليم الفرد لينقذ حياة البقية:
ويبدو ببس�اطة بحسب «كيس�يف مش�نيه» ،أن التلمود يذكر فرضية أخرى،
أنه إذا كان ،بحس�ب الرايب موس�ى بن ميمون يف رشائع امللوك ،أن أبناء نوح غري
أيضا عن عبادة األوث�ان؛ ألهنم مل تُفرض عليهم قط رشيعة
ملزمين ببذل النفس ً
بذل النفس ،أما يف حالة س�فك الدماء ،فقد ذهب «كيس�يف مش�نيه» إىل أنه من
الناحية املنطقية ،ما دام أنه سيفقد حياته يف مجيع األحوال ،حُيظر عليه إذا ارتكاب
ذنب استنا ًدا لفرضية (ملاذا تعتقد أن حياتك أهم من حيايت؟)...
فإن الشخص الذي يتم حتديده باالسم من بني أفراد اجلامعة ،رغم أنه غري ملزم بالتضحية
عنهم؛ ألهنم سيفقدون حياهتم يف مجيع األحوال ،فإنه ليس ثمة فرضية إلنقاذه.
إذن يف احلالة التي يتم فيها ختصيص أحد األفراد باس�مه لدى األغيار ،فإنه ال ش�ك يف أن
األمر مسموح به .أما لدى اليهود فاألمر مرهون بخالف فقهي بني األمورائيم وكتب الفتاوى
الدينية.
ه�ل ثم�ة يشء يمكن اس�تخالصه يف حالة عدم ختصيص ش�خص باالس�م؟ األمر يتعلق
بالس�ؤال التايل :ملاذا حُيظر تس�ليم أحد أفراد اجلامعة إلنقاذ البقية ،إذا مل يتم ختصيص ش�خص
معني؟
أدرك «كيسيف مشنيه» ،أنه يف هذه احلالة ،فإن ثمة فرضية حتظر تسليم هذا الشخص:
يف احلالة التي ال يتم فيها حتديد أحد األفراد باس�مه ،عندما ال يقولون س�وى:
أعطون�ا أحدك�م نقتله ،هناك احتاملي�ة ألن نقول عن كل ف�رد يف املجموعة :ملاذا
تعتق�دون أن حيات�ه أق�ل أمهية حت�ى تقوموا بتس�ليمه؟ تقوموا بتس�ليم أحدكم
وتنقذوا هذا !
ووف ًق�ا هل�ذا االدعاء ،ال يمكن ب�أي حال من األحوال أن يقوموا بتس�ليم أي
منهم.
132
ووف ًق�ا لرأي�ه ،حُيظر ً
أيضا لدى األغيار تس�ليم أح�د أفراد املجموعة عندم�ا ال يتم حتديده
باالسم؛ ألن كل شخص حينها سيكون من حقه الزعم أمام البقية أن« :ملاذا تعتقدون أن حيايت
أقل أمهية من حياتكم؟ فلتقوموا بتسليم أنفسكم واتركوين !».
لك�ن «منح�ات حينوخ» يرى أنه حتى لو مل يتم حتديد ش�خص باالس�م ،ليس ثمة فرضية
حتظر التس�ليم؛ ألنه سيقال للشخص الذي تم تسليمه« :ماذا يضريك يف األمر؟ ستفقد حياتك
يف مجيع األحوال مع بقية املجموعة»:
فيام خيص س�فك الدماء ،فل ُيقتل الش�خص وال يرتكب اجلريمة ،انطال ًقا من
فرضية« :ملاذا تعتقد أن حيايت أقل أمهية من حياتك؟» بمعنى أنه إذا ُأنقذ صاحبه
عن طريق سفك دمائه هو ،عليه أن يبذل نفسه لينقذ صاحبه ،لكن يف هذه احلالة،
حتى إذا بذل نفس�ه س� ُيقتل صاحب�ه؛ ألن املجرم يريد قتله�م مجي ًعا ،ملاذا يضحي
بحيات�ه إ ًذا؟ ألنه يف مجيع األحوال؛ صاحبه لن ينقذ نفس�ه إذا ضحى هو بحياته،
فكل شخص يمكنه أن ينقذ نفسه من اخلطر الذي حيدق به ،وكان جيب أن يقول
«البقاء لألقوى» ،فلامذا يضحي أهيم بحياته دون أن ينقذ ذلك صاحبهم؟
ووف ًقا ملنهجهً ،
أيضا يف حالة عدم حتديد ش�خص باالس�م ،ال ينبع اخلطر لدى اليهود من
فرضية ما ،لكن ينبع من خطورة القتل كام أوردنا رأى «كيسيف مشنيه»(.)29
أما لدى األغيار ،فليس ثمة خطورة يف القتل ،لذا فإنه ُيسمح بقتل الفرد إلنقاذ املجموعة،
حت�ى إذا مل يت�م حتديده باالس�م؛ ألن�ه ال وج�ود لفرضية «ملاذا تعتق�د أن حيايت أق�ل أمهية من
حياتك؟» ،إذا كان يف هناية األمر سيموت اجلميع (.)30
حيسن يف عيني الرب
ألننا بصدد هيودي س�يفقد حياته ،لذا فااللتزام بالوصية يسقط .ملاذا ُ
أال نلتزم بالوصية؟ ،ملاذا سيكون دمك أغىل لديه من دم اآلخر؟ (.)31
األغي�ار يف املقاب�ل ،غير ملزمني عىل اإلطلاق ببذل النف�س« :حتى إذا ُأجبر عىل عبادة
األوث�ان ،فليفع�ل» ( .)32فلدهيم ،ليس ثمة جريم�ة يف األمر يف وجود خطر عىل احلياة ،واحلظر
ه�و بس�بب ادعاء القتيل جتاه القاتل فحس�ب .هن�ا الفرضية تُقال خللق حظ�ر ،وليس من أجل
التأكيد عىل حظر قائم.
املعن�ى املقصود هو أنه لدى اليهود ،حيظر القتل يف مجيع األحوال؛ ألنه هبذا س�يلحق أذى
بيهودي آخر ،وبالتايل فإن أساس السامح بالقتل باطل.
133
أم�ا لدى األغيار ،فإن�ه جيب أن تكون هناك فرضية لتوضيح س�بب حظر قتل غري هيودي
لغري هيودي آخر ،وهذه الفرضية التي يقوهلا من يتعرض للقتل ،هي التي س�تخلق احلظر؛ ألن
األغيار يف األس�اس غري ملزمني برشائعهم يف حالة وجود خطر عىل احلياة ،فإذا مل يس�تطع غري
اليه�ودي ال�ذي يتعرض للقتل إقناع الطرف اآلخر بأن «حياتك ليس�ت بأهم من حيايت» ،فإنه
ليس حظر لقتله.
ثمة حاالت تكون فيها الفرضية موجودة لتس�مح لألول بقتل اآلخر؛ ألن فرضية «حيايت
أوىل)*(» ،وفرضية «حياتك ليس�ت بأهم من حيايت» ليست صحيحة دائماً ،كام قال الرايب يوئيل
سريكيش)**( يف كتابه «بايت حاداش».)33( .
حمظورا لدى
ً يف ه�ذه احلاالتُ ،يس�مح لألغيار بالقتل هل�ذا الغرض ،حتى إذا كان األم�ر
اليهود.
134
-10حك���م إنقاذ ش���خص متضرر من ش���خص مؤ ٍذ فيم���ا خيص األمالك
واألرواح
يمك�ن االحت�كام إىل فرضي�ة «هل حياتك أهم م�ن حيايت؟» فيام خي�ص األمالك ،لتكون
الصيغة كالتايل :ملاذا تعتقد أن ما متلكه أنت أهم مما أملكه أنا؟!
عندم�ا يكون اخلي�ار الوحيد هو احلصول عىل أمالك فالن حت�ى ال تلحق بأمالكك أذى،
فإنه حُيظر عليك فعل هذا ،ومن يفعل هذا يعد ُملز ًما بالتعويض ،حس�ب ما ورد يف «ش�وحلان
خطرا عىل أمالكيُ ،يس�مح يل بإحلاق األذى بأمالكه، ()35
عاروخ» ،عندما تش�كل أمالك فالن ً
وال يمكن�ه حينه�ا الزع�م بأن «أمالك�ه أهم من أمالك�ي»؛ ألن�ه يمكنني أنا اآلخ�ر الزعم بأن
«أمالك�ي أهم من أمالك�ه» ،عىل غرار فرضية «حيايت أهم» ،ليس ثم�ة دا ٍع إذن لتحمل الرضر
دون الدفاع عن النفس.
كام ورد يف اجلامرا يف (بابا قاما):
إذا صعد ثور فوق ثور آخر ،وجاء صاحب الثور الذي باألسفل وقام بإفالته،
ليسقط الثور األعىل ويموت ،ال يوجد إلزام عىل هذا الشخص.
أما إذا دفعه نحو الثور الذي يعتليه مما أدى ملوته ،ففي هذه احلالة جيب التأكد
من يشء آخر ،أنه إذا كان يستطيع سحبه ومل يفعل ،فهو ُملزم بالتعويض ،أما إذا
مل يستطع إفالته ،فال إلزام عليه (.)36
ثورا هياجم الثور الذي يمتلكه ،ال حاجة له للتأكد ما إذا كان
إذا تصادف أن شاهد أحدهم ً
صاحب الثور هو املذنب احلقيقي ،أو أنه حافظ عىل ثوره جيدً ا ،بيد أن الثور ارتكب اجلريمة رغماً
عن صاحبه .عىل كل حال ُيسمح له بالدفاع عن نفسه ضد الثور ،ال سيام واجلامرا تورد بوضوح
هذه الفتوى املشنوية اخلارجية (الربايتا) ،يف حالة وجود ثور أمحق؛ حيث تتحدث عن أن:
«الثور ليس يف حاجة إىل حراسة»(.)37
أي أن�ه حتى إذا ُأعف�ي صاحب الثور من دفع التعويضُ ،يس�مح للمترضر بإحلاق األذى
بأمالك صاحب الثور ليدافع عن ثوره.
وكام يتلخص يف «شوحلان عاروخ» يف باب «رشائع اإلرضار باألمالك» ،فإنه:
135
إذا كان�ت أملاك األول تتس�بب يف رضر ألمالك الثاين ،وإنق�اذ أمالك األول
سيكون عىل حساب أمالك الثاينُ ،يسمح له باإلرضار هبا.
توصلنا إىل نتيجة مفادها :أنه عندما ترض أمالك الغري بأمالكي ،حتى إذا حدث هذا دون
قص�دُ ،يس�مح يل بالدف�اع عن نفيس وبإحل�اق األذى بأمالكه ،ولن يس�تطيع حينه�ا الزعم بأن
«أمالكه ذات قيمة أعىل من أمالكي».
-12التعسر يف الوالدة
ورد يف التلمود يف باب «الطهارة)*(» يف فصل «أوهالوت)**(»:
أنه إذا تعرست املرأة يف والدهتا ،جيب قطع أوصال اجلنني يف أمعائها وإخراج
أعضائه العضو تلو اآلخر؛ ألن حياة األم أهم من حياة اجلنني .إذا خرجت رأس
اجلنني ،حُيظر قتله؛ألنه حُيظر قتل شخص من أجل شخص آخر.
ماذا يكون احلكم يف احلالة املشاهبة هلذه احلالة يف القانون املدين؟
()39
قام ش�خص ما ببيع املولود الذي أنجبته بقرته لش�خص آخ�ر ،البقرة تواجه ً
عرسا يف
والدهتا ،والسبيل الوحيد إلنقاذها هو قطع أوصال اجلنني؛ حيث إنه إذا مل حيدث ذلك ستموت
البقرة ،ويعيش املولود.
يمكنن�ا أن نفهم من هذا أن اجلنني يؤذي البقرة ،ولذلك ُيس�مح لصاحب البقرة بأن يقتل
)*( باب الطهارة טהרות :هو الباب السادس بني أبواب التلمود ،وخيتص بمسائل الطهارة والنجاسة.
)**( «أوهالوت» :تعني اخليام אהלות :هو الفصل الثاين من باب الطهارة ،وهو الباب السادس واألخري من التلمود.
137
ثورا آخر .رغم أن هذا الرضر وقع رغماً عن
اجلنين ،مثلما هو احلال يف حكم الثور الذي اعتىل ً
اجلنني ،فإنه ُيسمح ،كام أوضحنا ،إحلاق األذى بالشخص الذي ارتكب خطأ دون قصد.
أيضا ،أن البقرة ترض باملولود؛ ألهنا ال تسمح له باخلروج من رمحها ،حتى
يمكننا أن نفهم ً
ل�و كان�ا يرضان بعضهام البعض رغماً عنهام ،كام ورد يف كتاب «ابن هازل» )*( ،يف قس�م «رشائع
القتل واحلفاظ عىل األرواح»:
ألن هذه طبيعة األمور ،أن يرضا بعضهام البعض؛ بحيث إن املرأة ترض اجلنني
بغلقها طريق اخلروج يف وجهه ،وهبذا تعد بالفعل قاتلة.
لي�س م�ن الواضح يف هذه احلالة من تعدى عىل َم�ن؟! لذلك حُيظر عىل أي منهام إحلاق
األذى بالثاين ،ولتصوير األمر ،نورد املثال التايل:
إذا س�قط يشء خيصني فوق قرين ثور ،وتس�بب القرنان يف إحلاق األذى هبذا
الشيء ،ال ش�ك يف أنه حُيظ�ر إحلاق األذى بالثور؛ألنه مل يضرين ،بل أنا الذي قد
تعرضت لألذى بسببه.
واملثل باملثل :إذا س�قط ثور رأوبني رغماً عنه فوق ثور ش�معون؛ مما أدى إىل اختناق الثور
الذي يمتلكه األخريُ ،يس�مح للثور املترضر بإحلاق األذى بثور رأوبني لينقذ نفس�ه ،لكن حُيظر
عىل رأوبني إحلاق األذى بثور شمعون؛ ألن الثور الذي يمتلكه هو املعتدي يف هذه احلالة.
أم�ا فيام خيص املرأة واجلنني :فمن املس�تحيل أن نعلم أي الطرفين بدأ باألذى .فال يمكن
ألي ش�خص أن يزعم أن الطرف الثاين هو املتعدي ،وأنه حُيظر عىل أي ش�خص إحلاق األذى
بالطرف الثاين.
إذا فهمن�ا ،كخيار ٍ
ث�ان ،أنه إذا كانت األم واجلنني يرضان بعضهما البعض ،فمن الواضح
عرسا يف الوالدة ،أن نفهم ملاذا حُيظر عليها قتل اجلنني ،كام هو احلال
بالنس�بة للمرأة التي تعاين ً
يف القانون املدين.
أم�ا إذا فهمن�ا أن اجلنني وحده هو الذي يرض األم دون أن ترضه هي ،فلامذا حُيظر إذن عىل
األم قتل اجلنني الذي يسكن يف أحشائها بعد أن ظهرت رأسه يف اخلارج؟!
)*( «ابن هازل אבן האזל» :كتاب يقع يف سبعة أجزاء من وضع احلاخام ايرس زملان ميلترس איסר זלמן מלצר ،ويدور حول
الرايب موسى بن ميمون ،وحتديثات الرايب موسى بن نحامن عىل التلمود البابيل.
138
وانطال ًق�ا من فرضية أن «حياهتا أهم» ،يمكنها أن حتمي نفس�ها ،كما هو احلال يف القانون
املدين الذي جييز لصاحب البقرة قتل اجلنني الذي يلحق األذى باألم.
ويس�توي ما تقدم مع ما أوردنا حول الس�ائد بني اليهود؛ حيث إنه حُيظر قتل شخص ،إال
إذا كان هذا من أجل إنقاذ حياة هيودي .ويف حالة الوالدة املتعرسة ،فإن أحد الطرفني سيموت
من تلقاء ذاته؛ لذا فإنه حُيظر عىل األم قتل اجلنني لتنقذ نفسها(. )40
ثمة تش�ديد يف قانون العقوبات اجلنائية أكثر منه يف القانون املدين العادي؛ حيث إنه حُيظر
قتل الش�خص الذي ارتكب ذن ًبا دون تعمد ،عىل الرغم من أنه ُيس�مح باإلرضار بأمالك نفس
الشخص.
وحسب ما أورد الرايب يرسائيىل)*(:
ورغم أنه حُيظر إحلاق األذى باجلنني ما دامت رأسه قد خرجت من بطن األم،
فإن هذا يرسي عىل اليهود فحسب؛ حقنًا للدماء (.)41
يف املقابل ،بالنسبة لألمالك ،ال يوجد إلزام بالتضحية بالنفس ،مع رضورة حتديد الشخص
املذنب .يتطابق األمر لدى األغيار ،فيام خيص هذه احلالة ،كام هو احلال يف القانون املدين؛ حيث
إن مس�ألة التضحي�ة بالنف�س تنب�ع من فرضي�ة «هل حياتك أه�م من حيايت؟» ،وليس بس�بب
رضورة تنفيذ الرشائع.
إذا كان القانون املدين جييز لصاحب البقرة قتل اجلنني الذي يس�بب هلا األذى ،فإنه ُيسمح
خطرا عليها؛ انطال ًقا من فرضية «حيايت أوىل»(.)42
كذلك للداية أن تقتل اجلنني الذي يشكل ً
أم�ا الش�خص البالغ فليس من الرضوري حتذي�ره أولاً ،وليس ثمة تفرقة هنا بني
كبري أو صغري.
)*( الرايب يرسائيىل רבי ישראלי :هو شاؤول يرسائيىل שאול ישראלי،من كبار علامء العهد القديم ،وله مؤلفات ترشيعية
مهمة.
كثريا يف التلمودين البابيل واألورشليمي ،ينتمي للجيل الثاين من األمورائيم يف بابل،
ً ذكره ورد :הונא רב هونا الرايب )**(
عاش يف النصف األول من القرن الثالث.
139
وبالتح�ول للرايب حس�دا وخالفه مع ال�رايب هونا نجد ما يلي « :حُيظر إحلاق
األذى باجلنين إذا أخرج رأس�ه؛ ألنه حُيظر قتل نف�س لصالح نفس أخرى» لكن
خطرا؟!
ماذا إذا كان اجلنني هو الذي يمثل ً
خطرا حقيق ًّيا على األم ،رغم أهنا ال
يب�دو أن اجلمارا أدركت أن املخلوق الصغري يش�كل ً
متث�ل أي خط�ر عليه ،لكن حُيظر عليها قتله؛ ألنه يرض هبا دون قصد ،وليس بإرادته ،كام ورد يف
‹تيفئرييت يرسائيل)*(» (:)43
«ال ُيعترب الطفل مذن ًبا؛ألنه مل يتعمد إيذاء األم».
وف ًقا هلذا التصور ،فإن ثمة تشديدً ا لدى الرشيعة اليهودية أكثر يف القانون املدين كام أوردنا
سل ًفا .لكننا نجد معنى خمتل ًفا يف التلمود األورشليمي ،وبالتحديد يف السنهدرين:
«هل يمكن افتداء الكبري بالصغري؟»
انتقد الرايب يرمياهو)**( هذا املبدأ بقوله:
« حُيظر إحلاق األذى بالطفل املولود إذا أخرج رأس�ه ومعظم أجزاء جس�ده،
حت�ى ال تُزهق روح لصالح روح أخرى» .واختلف الرايب يويس)***( مع الرايب
بون )****( والرايب حسدا حني قال« :ال يمكن معرفة من قتل من».
ي�رى التلم�ود األورش�ليمي أنه ليس ثمة دليل يف املش�ناه يمنع قتل املول�ود الصغري الذي
خط�را على أم�ه؛ ألن كال الطرفني يضران بعضهما البعض ،كما ورد يف تفسير «بنيه ً يش�كل
موشيه)*****(».
أيضا يتعرض لنفسأي أن�ه مثلام تتعرض األم خلطر الوفاة بس�بب آالم ال�والدة ،فاملولود ً
اخلطر ولنفس الس�بب .وف ًقا هلذا ،فإنه إذا كان أحد الطرفني يرض بالطرف الثاين ،حتى لو كان
רבי יהודה ליווא בן )*( «تيفئرييت يرسائيل תפארת ישראל» :مؤلف فِكري من وضع الرايب هيودا ليفا بن بتسلئيل
בצלאל/מהר''ל.
)**( الرايب يرمياهو רבי ירמיהו :من كبار األمورائيم حكامء التلمود الذين عارصوا انتهاء تدوينه عىل يد الرايب هيودا
هناسى يف فلسطني ،وعارص اجليل الرابع ،ولد يف بابل ،وهاجر بعدها لفلسطني ،وكان دائماً ينتقد اإلنتاج الفكري
ليهود الشتات يف بابل.
)***( الرايب يويس רביי יוסי :من كبار التنائيم الذين عارصوا آخر 200عام من فرتة اهليكل الثاين.
)****( الرايب بون רבי בון :هو الرايب يويس باريب بون ،من أمورائيي فلسطني ،وينتمي للجيل اخلامس الذي عاش
يف النصف الثاين من القرن الرابع امليالدي.
)*****( «بنيه موشيه פנה משה»:الكلمة تعني «وجه موسى» وهو أحد كتب التفاسري اليهودية.
140
هذا رغماً عنهُ ،يس�مح بقتله ،كام جييز القان�ون املدين إحلاق األذى بأمالك الطرف الذي ارتكب
اخلطأ دون تعمد.
م�ن خلال هذه اآلراء ،يمكننا أن نتبني أن التس�اؤل الذي يطرح نفس�ه ،ح�ول ما إذا كان
ُيس�مح ليه�ودي بقتل هي�ودي آخر ارتكب جريم�ة قتل رغماً عن�ه أم ال؟ ،نتبين أن إجابة مثل
هذا السؤال مرهونة باخلالف القائم بني التلمود األورشليمي والتلمود البابيل .فالبابيل ال جييز
القتل يف هذه احلالة رغم كون الشخص مذن ًبا؛ لوجود تشدد يف حتريم القتل.
لكن وف ًقا لألورشليمي ،فإنه ُيسمح بقتل الشخص املذنب ،وفيام خيص املرأة املتعرسة يف
والدهتا ،ومس�ألة عدم السامح هلا بقتل وليدها ،فإن األمر يرجع لصعوبة حتديد املذنب يف بداية
احلدث ،وما يرتتب عىل ذلك من حتديد من يلحق األذى بمن(.)44
لكن يمكن أن ندرك عدم وجود خالف حول هذا من خالل ما ييل:
فق�د ورد يف «إجي�روت موش�يه»)*( أن�ه يمكنن�ا أن نفه�م مم�ا ورد يف التلمود
األورش�ليمي أن�ه رغم أن اجلنني يرض باألم بينما ال ترضه هي ،كام ورد «مل يقصد
اجلنين اإلي�ذاء ،بل تصادف اس�تحالة أن يعيش�ا كالمه�ا »..ف�إن كلاًّ منهام يعد
مترضرا ،حتى إذا كان اجلنني هو السبب؛ ألنه مل يكن متعمدً ا.
ً
أيضا يتفق مع أن اجلنني هو من يؤذي األم.لكن األورش�ليمي يتفق أي أن األورش�ليمي ً
ويظر قتله يف ه�ذه احلالة؛ ألن القانونكذل�ك مع أن اجلنني يتس�بب يف هذا الضرر رغماً عنه ،حُ
اجلنائي لدى اليهود ال جييز قتل من يتسبب يف رضر رغماً عنه.
ويظر عىل أي منهام إحلاق
خطرا عىل الطرف اآلخر ،حُ
ففي مثل هذه احلالة يمثل كل طرف ً
األذى بالطرف اآلخر.
ويصف التلمود األورش�ليمي هذا الوضع باجلمل�ة التالية «ال تعلم َمن قتل َمن؟» ،فرغم
أن اجلنين ه�و الذي يتس�بب يف األذى ،فإن�ه يفعل هذا رغماً عن�ه ،لذا حُيظر املس�اس به .يتفق
التلمود األورش�ليمي والتلمود البابيل يف اتباع هذا األس�لوب ،أي أن من تسبب يف رضر دون
قصد ،ليس عليه ذنب ،رغم أن القانون املدين جييز الدفاع عن النفس ضد الش�خص املتس�بب
يف الرضر رغماً عنه.
)*( «إجيروت موشيه אגרות משה» :والكلمة تعنى «رسائل موسى» كتاب تفسريي يقع يف ثامنية أجزاء من تأليف الرايب
موشيه فاينشتاين משה פיינשטיין ،ويضم بني دفتيه جمموعة من األحكام الترشيعية التي تشكل حجر أساس يف جمال
الفتاوى الرشعية.
141
* يمك�ن القول إن التلمود األورش�ليمي يتفق مع عدم قتل الش�خص الذي أحلق األذى
دون تعمد ،وما د َّعم إلغاء هذا الدليل من املشناه هو أن كال الطرفني يرض بعضه البعض .ولكن
هذا ال يعني اس�تحالة نفي جلوء الطرف املتع�دي للقوة ،إال أن افرتاض أن كال الطرفني هياجم
بعضه البعض ،هلو افرتاض تم اخلالف بش�أنه بش�كل يتطلب اإلس�هاب ،رغم أنه بغض النظر
ع�ن هذا ،حُيظر قتل اجلنني؛ ألنه تس�بب يف الرضر رغماً عن�ه (ويمكننا أن نضيف كذلك أنه من
امله�م إجياد ذريعة لذل�ك ،حتى نتعلم من هنا أن القانون املدين ه�و اآلخر ال جييز إيذاء اجلنني،
رغم عدم تشدد القانون اجلنائي يف هذا).
وف ًق�ا هلذا ،فإن�ه ليس ثمة خالف بين التلمود البابلي والتلمود األورش�ليمي حول عدم
السماح بقتل الش�خص املتس�بب يف الرضر رغماً عنه ،لكن هناك خلاف بينهام حول الظروف
عرسا يف الوالدة ،وهل ُيس�مح يف ضوء هذا الكالم ،لصاحب البقرة
املحيطة باألم التي تواجه ً
بأن يصد هجوم هذا اجلنني الذي يتسبب للبقرة يف آالم تؤدي لتعرس يف الوالدة؟
* ثم�ة احتاملي�ة أخرى مفاده�ا :إن التلمود البابيل يتف�ق مع التلمود األورش�ليمي حول
رضورة قتل الشخص الذي تسبب يف الرضر رغماً عنه.
وف ًق�ا هل�ذه الفرضية ،نفه�م أن التلمود البابيل يقص�د أن «األذى كان قدر ًّي�ا» ،أي أنه من
ويظر قتل اجلنني(.)45 املستحيل اجلزم بأن اجلنني أرض باألم؛ لذا فكال الطرفني يعد آثماً ،حُ
وبن�اء على هذه الفرضية ،فإنه ليس ثمة فرق بني اليهود واألغيار يف القانون املدين ،أي أنه
ُيسمح بقتل الشخص الذي أحلق األذى رغماً عنه ،سواء يف القانون املدين أو اجلنائي.
عىل أية حال ،فإن أحكام القانون اجلنائي فيام خيص التضحية بالنفس لدى األغيار ،ليست
أكثر خطورة من أحكام القانون املدين؛ لذا فليس ثمة خالف حول السماح ألي ش�خص غري
هيودي بقتل غري اليهودي الذي سقط فوقه من عل رغماً عنه.
ونورد فيام ييل جدول ببعض االختالفات بني التلمود البابيل واألورشليمي ،فيام سبق من
قضايا:
142
التفسري املحتمل اخلالف بين التلمود األورشليمي ثمة خالف فحسب البابيل يتفق مع
البابيل واألورشليمي تفسري 1 يف القانون املدين األورشليمي
(التفس�ــري البس�ـيط تفسري2 تفسري 3
ال�ذي ورد يف مت�ن
الفصل)
البابلــ�يُ :يس�ــمح ُيس�مح لصاح�ب البــابــيلُ :يس�ــمح حك�م جنين البق�رة حُيظر التدخل
لصاح�ب البقرة بقتل البقــ�رة بقتـــ�ل لصاحب البقرة بقتل وجنني األغيار
باجلنني باجلنني باجلنني
األورش�ليمي :حُيظ�ر األورش�ليمي :حُيظ�ر
التدخل التدخل
اجلنني اليهودي حُيظر إيذاؤه حُيظر إيذاؤه حُيظر إيذاؤه حُيظر إيذاؤه
ُيس�مح للمتضرر ُيس�مـــح للمتضرر ُيس�مح للمتضرر ُيس�ــمح للمتـضرر غير اليه�ودي الذي
س�قط ف�وق غير بإيذائه بإيذائه بإيذائه بإيذائه
اليهودي من ٍ
عل
-14ملخص
يف حالة «اقتل فالنًا أو نقتلك» ،نجد خال ًفا لدى األغيار:
حس�ب ش�موئيل شنيئورس�ون»ُ ،يس�مح للمترضر بإيذاء الذي تعدى عليه
لينق�ذ نفس�ه ،وحس�ب كت�اب «باراش�ات دراخيم» ،فإن�ه حُيظر االحت�كام ألي
فرضية من الفرضيات سالفة الذكر.
إن الرخصة التي يمنحها ش�موئيل شنيئورس�ون مفادها عىل أية حال ،هو أن
خطرا ما ،لذلك ُيسمح لغري اليهودي ،إذا قام أحدهم
وجود الطرف اآلخر يمثل ً
143
بالوقوف يف طريقه ،أن يقتله لينقذ حياته .وجيب مناقشة مسألة ما إذا كان ُيسمح
خطرا
لغري اليهودي ،حس�ب ش�موئيل شنيئورسون ،بقتل شخص آخر ال يمثل ً
عليه ،بل هو فحسب ،يرغب يف استغالل وجوده يف املكان لينقذ حياته؟
وف ًق�ا لكت�اب «باراش�ات دراخي�م» ،فإنه جيب على غري اليه�ودي التضحية
بحياته يف حالة القتل ،مثلام هو احلال لدى اليهود؛ ألنه لدى اليهود ينبع األمر من
رضورة التضحية بالنفس فيام خيص تنفيذ الفرائض الدينية ،يف الوقت الذي ينبع
فيه األمر لدى األغيار من جمرد فرضيات.
يؤكد كتاب «باراشات دراخيم» عىل أنه إذا كان أحد الطرفني يمثل خطورة
على الطرف اآلخر ، حتى ل�و كان هذا رغماً عنهُ ،يس�مح للطرف األول بإحلاق
األذى بالط�رف الثاين ،كام هو احلال يف القان�ون املدين الذي حيفظ للطرف األول
حقه يف الدفاع عن نفسه .هذا رغم أن الرشيعة اليهودية ال جتيز هذا(.)46
«اقتل فالنًا أو العالج عن طريق من يعرتض طريق شخص شخص يلحق
إيذاء الغري نقتلك» األذى دون تعمد هيرب من قاتل
ُيسمح بإيذائه ُيسمح بإيذائه ُيسمح بإيذائه ُيسمح بإيذائه شموئيل شنيئورسون
(تفسري بسيط)
حُيظر إيذاؤه ُيسمح بإيذائه ُيسمح بإيذائه ُيسمح بإيذائه «أور ساميح»
أيضا
وربام يتفق معه ً
«شموئيل شنيئورسون»
حُيظر إيذاؤه ُيسمح بإيذائه ُيسمح بإيذائه ُيسمح بإيذائه ،وسيتضح أسلوب كتاب
األمر فيام بعد «باراشات دراخيم»
-15حكم الشخص الذي يتسبب يف أذى بشكل مباشر ،اعرتاض طريق يف
حكم امللكية اخلاصة:
ذكرن�ا فيام س�بق القضية الواردة يف التلم�ود يف «بابا قاما» يف الفص�ل الثالث ،والتي تدور
ح�ول السماح بإحل�اق األذى بالش�خص املتع�دي التق�اء رشه ،حت�ى إذا كان ه�ذا األذى تم
رغماً عنه.
ٍ
«معتد»: سنناقش اآلن أمثلة أخرى وردت يف اجلامرا لتعريف كلمة
144
«م�ن يملأ فِن�اء صديق�ه بأباري�ق اخلم�ر والزي�ت الت�ي يمتلكه�اُ ،يس�مح
بتحطيمها».
املقصود ببس�اطة هو أنه :إذا كان صاحب الفناء يتعرض خلس�ارة مادية بسبب وجود هذه
األباريق لديه ،فإنه ُيسمح له بتحطيمها لينقذ نفسه من اخلسارة.
ثم�ة س�ؤال يطرح نفس�ه هنا :هل اجلمارا تقصد هنا فحس�ب أن هذا الش�خص قد وضع
األباريق عن عمد ،أم أن األمر يس�توي إذا فع�ل هذا دون تعمد؟ ونورد مثالاً آخر هنا :انتقال
أغراض األول لفناء الثاين الذي يقطع الطريق عىل األول .مالك الفناء يهُ رع للخروج من الفناء،
وإذا مل يتمكن من اخلروج،اآلن ،س�يتعرض خلسارة مادية كبرية ،رغم أنه يعلم أنه ربام يصطدم
بأغراض األول ،مما سيؤدي إىل حتطيمها رغماً عنه.
أيضا عندما تتواجد أغراض شخص ما يف فنائي رغماً عنيُ ،يسمح وف ًقا ملا ورد سل ًفا ،فإنه ً
يل ب�اإلرضار بأغراض�ه ،إذا كان�ت تعيق طريق اخلروج من الفناء؛ ألهنا تتس�بب يل يف خس�ارة
مادية .يف هذه احلالة ،تس�بب صاحب األغراض يف أذى دون أن يقصد؛ ألن أغراضه يف حوزة
شخص آخر ،و ُيسمح ،كام أسلفنا ،بإحلاق األذى بأغراضه تلك.
()47
مث�ال آخ�ر :ألق�ى رأوبني ببع�ض األواين م�ن فوق الس�طح ،لتس�قط فوق وس�ائده
املوضوعة حتت الترصف العام ،واملوجودة يف مكان ُيسمح له باستخدامه .سقط شمعون دون
تعمد ،وكان عىل وش�ك إس�قاط الوسائد أثناء س�قطته تلك ،ونتيجة هلذا حتطمت األواين التي
س�قطت من فوق الس�طح .ببساطةُ ،يسمح لرأوبني الدفع بشمعون ومنعه من السقوط والدفع
بالوس�ائد ،حتى لو تس�بب هذا يف رضر مادي لش�معون؛ ألن ش�معون يتسبب يف رضر مادي
لرأوبني بسقوطه ،وبالتايل من حق رأوبني الدفاع عن نفسه .
-16حك���م ف���رض غرام���ة مالية على م���ن ُيلحق األذى بالش���خص الذي
يقطع الطريق
ورد يف اجلمارا يف «باب�ا قاما» ،حول الغلة)*( التي تعيق إنقاذ أحدهم ،أن الش�خص الذي
تعويضا ماد ًّي�ا وف ًقا لألص�ول املرعية يف هذه
ً ُيلح�ق األذى بالغل�ة لينقذ نفس�ه ،علي�ه أن يدفع
احلالة ،حتى إذا كانت مسألة حياة أو موت:
«يظر عىل اليهودي أن يتس�بب ليهودي آخر يف خس�ارة مادية لينقذ نفس�ه»،
حُ
)*( املقصود بالكلمة يف اللغة املحصول بشكل عام.
145
تعويضا ماد ًّيا عندما أنقذ نفسه؛
ً وكام ورد يف التفاسري اخلارجية« :وعليه أن يدفع
ألهن�ا مس�ألة حياة أو موت»( .)48التفسير اخلاص باجلامرا مف�اده هو :أن الغالل
أعاقت الطريق أثناء حماولة إحلاق األذى بالفلستينيني )*( (.)49
ورغ�م ه�ذا ف�إن داود ملزم بدفع تعوي�ض ،إذا أحل�ق األذى بالغلة؛ ألنه أنقذ نفس�ه عىل
أيضا بالنسبة للمترضر الذي ح َّطم األواين؛ حيث ورد:حساب أمالك الغري ،ونفس احلال ً
إذا تعمد شخص إيذاء شخص آخر ،وقام أثناء ذلك بتحطيم األواين اخلاصة
ملزما بدف�ع تعويض عن اخلس�ائر؛ ألن�ه حاول
بش�خص ثال�ث ،حينئ�ذ يك�ون ً
االستفادة عىل حساب أمالك الغري.
أي أنه عىل الرغم من أنه ُيسمح للمترضر بإحلاق األذى باألغراض التي تعيق طريقه؛ ألن
حياته مهددة ،فإنه ملزم بدفع تعويض عن ذلك.
خطرا ،ومن املستحيل
من وجهة نظر القانون املدين ،فإن األمالك التي تعيق الطريق ال تعد ً
التعرض هلا دون دفع تعويض.
بمعن�ى آخ�ر :إذا مل يكن ثم�ة خطر على األرواح واقترص األمر عىل رضر م�ادي ،يرغب
الفلستينيون ،أي املترضر ،يف أن يتم سداده ،فإنه حُيظر التعرض لألمالك التي تعرتض الطريق،
ولذلك فإنه عندما ُيسمح بفعل هذا إلنقاذ حياة شخص آخر ،جيب دفع التعويض.
)*( الفلستينيون פלשתים :أحد شعوب منطقة الرشق األدنى القديم ،وخاضوا – بحسب العهد القديم – حر ًبا ضد
سبط إرسائيل بقيادة امللك داود.
146
االنقسام يف الرأي بني احلالتني يدور حول أنه :إذا كان ألول وهلةُ ،يسمح للشخص الذي
تس�بب يف األذى رغماً عنه أن يفعل ما فعل (يف احلالة التي حياول فيها إنقاذ نفس�ه من خس�ارة
مادية) ،حُيظر عىل الشخص الثاين أن يرضه.
مترضرا ،وجيب
ً هذا هو السبب الذي جيعل القانون املدين ال يعترب مالك الغلة متعد ًيا ،بل
تعويضه عن خسارته .و ُيسمح للشخص أن يضع أمالكه يف أي مكان ،حتى لو بإمهال ،وحتى
إذا كان هذا سيتسبب يف رضر مادي لشخص آخر.
فمثًل�اً :إذا كان�ت ثمة عرب�ة فارغة تتدحرج يف اجتاهي ،والوس�يلة الوحي�دة إلنقاذها هو
أن تعبر م�ن الطريق الذي أسير فيه (والذي حيق يل السير من خالله) ،من املس�تحيل إلزامى
بالتوق�ف ع�ن السير إلخالء الطري�ق للعربة ،حت�ى لو تعم�دت هذا؛ ألن امل�كان خمصص يل
(والس�بب الوحيد الذي جيعلني أخىل الطريق ه�و فريضة «إعادة األغراض املفقودة)*(» .حتى
إذا فعل�ت ه�ذا عن عم�د ،حُيظر عىل صاحب العربة أن يعطي لنفس�ه احل�ق يف إحلاق األذى يب
بدعوى أين مل ُأعيد إليه أغراضه املفقودة .يتطابق هذا احلكم مع احلكم الذي حيظر رسقة القليل
من املال من الطرف الثاين من أجل كسب مبلغ مايل أكرب(.)50
وعىل هذا ،يكون موقف داود يف احلالة سالفة الذكر هو أنه :أنقذ نفسه عىل حساب أمالك
الغري.وم�ن حق مالك الغلة أن حيصل على تعويض وف ًقا ملا يقره القانون املدين .عىل الرغم من
أن القانون اجلنائي جييز إحلاق األذى بالغلة يف هذه احلالة؛ ألن إنقاذ حياة شخص أهم من إنقاذ
األمالك.
ه�ذا يعن�ى أن�ه ،إذا كان ثمة ش�خص مؤذ طلب من ش�خص آخ�ر أن يش�غل طريق إنقاذ
ش�خص ثالث يف م�كان مهجور ،هبدف منع الط�رف الثالث من إنقاذ نفس�ه من الرضر املادي
الذي سيلحق به من ِق َبل الطرف األول ،بينام الشخص الثالث هيدد بفرض عقوبة عىل من يقف
يف طريقهُ ،يسمح يف هذه احلالة بغلق الطريق.
ال شك يف أنه ُيسمح بالتعرض خلسارة مادية من أجل إنقاذ األرواح ،كام ورد يف «شوحلان
عاروخ» .لكن هذا الش�خص ال يعد متعد ًيا يف هذه احلالة (إال إذا كان ملز ًما بإعادة األغراض
املفقودة ،وهو األمر الذي ال يتضمن دفع تعويض كام س�نرى) لكن حُيظر ،يف حالة الثور الذي
)*( إعادة األغراض املفقودة השבת אבידה :تفرض الرشيعة اليهودية إعادة األغراض املفقودة ألصحاهبا ،وف ًقا لألمر
الوارد يف التوراة يف (تثنية .)3 – 1 :22
147
صع�د ف�وق ث�ور آخر ،اس�تغالل ثور إليذاء ث�ور آخر .لذا ف�إن مالك الثور ه�و املتهم بإحلاق
األذى ،حتى لو كان هذا رغماً عنه ،و ُيسمح باالحتامء ضد هذا األذى.
أما فيام خيص من يشغل فناء غريه دون تعمد ،بوضع أغراضه لديه ،فاملكان املهجور يكون
من حق من يش�غله أولاً ،حتى ينقذ نفس�ه من الرضر الذي سيلحق به .لكن الفناء الذي يملكه
الطرف الثاين ليس ملكي ،وإذا كان ثمة شخص هيددين بإحلاق األذى بأمالكي إذا مل أقم بشغل
عرضني هذا خلسارة مادية. عيل أن أطيعه يف ذلك ،حتى لو ّ
الطريق ،حُيظر َّ
148
ال يوجد إلزام عىل أي ش�خص بالتضحية بأمواله ليعيد أغراض ُفقدت من شخص آخر،
ويظر املطالب�ة بأجر إلعادة
لك�ن إذا كان ه�ذا ل�ن ينطوي عىل خس�ارة مادية ،عليه بإعادهت�ا .حُ
األغراض املفقودة؛ حيث ورد:
«من يعيد املفقودات ،فليعيدها دون مقابل».
وجيب عىل الش�خص الذي يش�غل الطريق أن يق�وم بإخالئه دون مقاب�ل ،ناهيك عن أنه
حُيظر عىل أي هيودي أن يش�غل طريق صاحبه دون س�بب؛ ألنه هبذا س�يمنعه من إنقاذ حياته،
مهجورا.
ً حتى إذا كان هذا الطريق
ٍ
حينئذ يتم إعفاؤه األمر مباح فقط إذا كان من سيعرتض الطريق ستلحق به خسارة مالية،
من االلتزام برشيعة إعادة األغراض املفقودة؛ ألن استعادة أغراضه أهم يف هذه احلالة .أما لدى
األغيار ،فليس ثمة إلزام بمبدأ إعادة األغراض املفقودة.
إذا امتلك أحد األغيار منطقة ما ،غري ملزم بإخالئها ،حتى إذا كان يستطيع فعل هذا دون
أن يصيبه أي رضر( .)51وحيق له البقاء يف املكان ،بل ومطالبة الشخص اآلخر بأن «تدفع يل أنت
مقابلاً إذا كنت ترغب يف أن ُأخيل لك الطريق».
وف ًق�ا هل�ذا ،نورد حالة مش�اهبة :هربت البقرة الت�ي يمتلكها أحد األغي�ار ،فقام صاحبها
بمطاردهتا يف منطقة مهجورة تضم طري ًقا ضي ًقا .ماذا يكون حكم شخص يكره صاحب البقرة،
ويريد الوقوف يف منتصف هذا الطريق الضيق ليغلقه ،حتى يتسبب له يف خسارة مادية؟
وجدن�ا أنه م�ن الناحية الترشيعي�ة ،ال يوجد ما يمنع�ه من فعل هذا ،فمن حقه اس�تغالل
املنطقة املهجورة كيفام شاء ،حتى لو تسبب هذا يف رضر مادي لشخص آخر.
-19حكم اليهودي الذي يعرتض طريق إنقاذ أمالك ختص يهودي آخر
لقد أوضحنا أنه حُيظر عىل أي هيودي أن يمنع حماولة إنقاذ ش�خص آخر ألمالكه ،اس�تنا ًدا
إىل فريضة إعادة األغراض املفقودة .ماذا يكون احلكم إ ًذا يف حالة قيام أحد املجرمني باللجوء
للتهديد لغلق الطريق؟
عىل س�بيل املث�ال :قام أحد األش�قياء بإرضام النيران يف منزل رأوبين ،و علم األخري بام
حدث ،فأرسع لينقذ منزله من االحرتاق .توجه حينها هذا الش�قي لش�معون وطلب منه إعاقة
149
طري�ق رأوبين حتى ال يتمكن م�ن إنقاذ منزله .وه�دده برسقة ماله إذا مل ينف�ذ أوامره .امتثل
ش�معون لتهديده وذه�ب ليعرتض طريق رأوبين .عندما حرض األخري طال�ب األول بإخالء
الطريق ،فهل شمعون ملزم بإخالء الطريق؟
رغ�م القاعدة التي أوردناها س�ل ًفا ،ح�ول رضورة إعادة األغراض املفقودة ،فإنه ُيس�مح
لشمعون منع رأوبني من املرور؛ ألنه سيتكبد خسارة مالية إذا سمح له باملرور.
ال شك يف أن التوراة استحدثت هذا الترشيع حلامية األمالك ،إال أهنا-أي التوراة -تقرص
هذه الرخصة عىل إنقاذ األرواح ،ومل جتعلها شاملة لتضم إنقاذ األمالك كذلك.
وال يوجد انقسام يف اآلراء فيام خيص احلالة السابقة(.)52
-20حكم اعرتاض غري اليهودي لطريق غري اليهودي أثناء حماولة إنقاذ
حياته
سنناقش هنا مسألة منع شخص من إنقاذ حياته.
ثمة مركبة يستقلها شخص يعاين من أزمة قلبية أثناء مروره بمنطقة مهجورة ،وإذا مل يستطع
بلوغ املستش�في س�يلقى حتفه ،يف الوقت نفسه ،ثمة شخص آخر يرغب يف االستيالء عىل هذه
املنطقة املهجورة ،لكنه هبذا الشكل سيقطع الطريق عىل املركبة إذا ذهب ليقف أمامها.
ال يسري على األغيار األمر الت�ورايت الذي ينص على أن «ال تقف يف وج�ه إنقاذ أخيك
م�ن املوت)*(» .لكن بالنظر إىل احلالة التي نناقش�ها ،س�ندرك أن األمر ال يقترص فحس�ب عىل
أيضا عن «اعرتاض طريق ُيس�تخدم إلنقاذ حياة
«منع إنقاذ أخيك من املوت» ،ولكننا نتحدث ً
شخص غري هيودي».
تعترب اجلامرا من يغلق الطريق يف هذه احلالة آثماً وقاتلاً ؛ ألنه حيول دون إنقاذ حياة شخص
آخر .وال ش�ك أنه ليس م�ن حقه االحتكام لفرضية «حياتك ليس�ت أهم من حيايت» وفرضية
«حيايت أوىل» يف مواجهة الطرف الثاين؛ ألنه يستطيع إخالء الطريق ،وهبذا تنتهي املشكلة.
أيضا عىل حالة «كُن سلب ًّيا )**(» :إذا جلس شخص غري هيودي ،ورفض
يرسي هذا احلكم ً
)*( «ال تقف يف وجه إنقاذ أخيك من املوت לא תעמוד על דם רעך» :هي إحدى األوامر املذكورة يف التوراة ،وبالتحديد
يف سفر الالويني (.)16 :19
)**( «كن سلب ًّيا שב ואל תעשה» :هي قاعدة ترشيعية تعني أنه إذا كان ثمة شك يف أن القيام بيشء معني سيفيد أو
سيؤدي إىل كارثة ،فمن األفضل التوقف ،متا ًما ،وعدم القيام بأي يشء.
150
أن ينه�ض يف طريق ُيس�تخدم إلنقاذ حياة غري هيوديُ ،يس�مح لألخري بقت�ل األول؛ ألنه ليس
ويظر عىلثم�ة أي فرضية تلزمه بالتضحية بحياته من أجل الش�خص الذي يعترض طريقه .حُ
الش�خص األول االحتكام لفرضية «هل حياتك أهم من حيايت؟»؛ ألن الش�خص الثاين يمكنه
الرد بأن«:فلتنهض أنت لتخيل الطريق ،وهبذا نكون قد أنقذنا حياتنا م ًعا»(.)53
151
شخصان داخل السفينة ،أحدامها يزن مائة وأغراضه تزن مخسني ،والثاين يزن مخسني وأغراضه
تزن مائة ،فإن اخلالف يف اآلراء س�ببه أن اإللقاء بحمولة الس�فينة الزائدة لن يكون بالتس�اوي
بينهما .ه�ذا الذي يزن مخسين ومحولته تزن مائ�ة ،عليه إلقاء ضعفي ما س�يلقيه الثاين ،رغم أن
جسدهيام م ًعا يمثالن عب ًئا واحدً ا عىل السفينة.
يف هذه احلالة ،صار من الواضح أن األغراض هي التي ترض باألشخاص ،وليس العكس.
وكام ورد يف كتاب «ابن هازل» يف قسم «رشائع القتل واحلفاظ عىل األرواح»:
ال ُيعترب وزن الش�خص محلاً زائدً ا ،ويتم احلس�اب وف ًقا للحمل .ورغماً عنك
سيكون وزن اجلسد هو أساس احلكم هنا عندما تغرق سفينة بسبب محلها الزائد.
ال يوج�د أي اس�تحداث ترشيعي فيام خيص من جاء قبل م�ن ،ألن أي محل زائد
سيتس�بب يف غرق الس�فينة؛ لذا جيب إلقاء احلمل الزائد إلنقاذ حياة األشخاص
الذين عىل متن السفينة من اخلطر الذي حيدق هبم.
ن�رى هن�ا أن حي�اة األرواح أه�م من األملاك ،لذلك عندم�ا تش�كل األرواح واألمالك
خطرا عىل بعضهام البعض بسبب األوزان ،يتم النظر إىل األرواح عىل أهنا الطرف املترضر؛ لذا ً
ِ ِ
فاحلساب يتم وف ًقا لثقل احلمل ،ويتم إلقاء احلمل الزائد يف البحر.
مما س�بق يتضح لنا أنه حُيظر اعرتاض طريق إنقاذ ش�خص هيرب من خطر ما ،وذلك دون
النظ�ر لفرضي�ة «ال تقف يف وجه إنق�اذ حياة أخيك» ،وينب�ع األمر من أولوي�ة ترشيعية إلنقاذ
األرواح من اخلطر الذي يمثله ذلك الشخص الذي يشغل الطريق .ولنفس السبب ،إذا تواجد
شخص يف منطقة ختصه ،وثمة شخص آخر يرغب يف املرور عرب هذه املنطقة لينقذ حياته ،حُيظر
عىل مالك املنطقة أن يمنعه من املرور ،وإذا فعل فهو آثم و ُيسمح بقتله(.)57
يف حقيقة األمر ،أنه إذا تعرض مالك الطريق خلسارة مادية ،عىل من يمر عرب ذلك الطريق
تعويضا عن خسارته ،كام هو متبع يف مثل هذه احلالة التي ختص «من ينقذ حياته عىل
ً أن يدفع له
شخصا آخر،
ً حس�اب أمالك الغري» ،وكام أوردنا سل ًفا ،من أن املترضر الذي ح ّطم أواين ختص
ملزم بدفع تعويض عن ذلك(.)58
152
احلكم لدى غري اليهود أحكام الشخص املتعدي احلالة
شخصا من ال يوجد إلزام بفرضية «ال تقف يف وجه
ً فرضية «ال تقف يف وجه إنقاذ حُيظر قتل من يمنع
إنقاذ حياة أخيك» حياة أخيك» أي منعه من إنقاذ إنقاذ حياته
حياته
شخصا من األغيار كذلك ال جييزون إيذاء بعضهم
ً أولوية إنقاذ األرواح عىل إنقاذ ُيسمح بقتل من يمنع
البعض األمالك ،يف حالة منع شخص إنقاذ حياته
من إنقاذ حياته
مما س�بق ،س�نصل إىل نتيجة مفادها أنه حُيظر عىل كل من اليهود وغري اليهود منع ش�خص
من إنقاذ حياته ،و ُيسمح بقتل من يفعل هذا عمدً ا؛ ألنه آثم.
153
تتح�دث اجلامرا هنا عن احلالة التي يمتلك فيها أحد األش�خاص املياه «وأحدمها بحوزته
زمزمي�ة» ،وق�د أفت�ى الرايب عقيفا بأن�ه ملزم بمنح املياه للش�خص الثاين .فامتلاك املياه يمنح
الش�خص األول احل�ق يف تفضيل حياته عىل حياة صاحب�ه ،أي أن ملكية اليشء هي التي حتدد
من جيب إنقاذه(.)59
إذا كان بحوزة شخص زمزمية ختص صاحبه ،فمن البدهيي أن يعيدها لصاحبها ،حتى لو
كان الثمن هو أن يموت؛ ألهنا ليست ملكه.
وسنطرح مثالاً آخر حول ملكية اليشء:
يمتلك رأوبني منزلاً حيتوي عىل خمبأ ،بينام ال يمتلك شمعون ً
خمبأ .ثمة قذائف
تُطل�ق نح�و املوضع ال�ذي يقطنان به ،واملخبأ ال يس�ع إال لش�خص واحد فقط.
حت�ى إذا وصل ش�معون أولاً إىل املخبأ ،من حق رأوبين أن يطلب منه اخلروج،
أي أن امتالك رأوبني للمخبأ يمنحه أولوية استخدامه.
يب�دو أن�ه من البدهيي ،كام اتضح س�ل ًفا ،أن فرضية «حيايت أهم» ترسيً ،
أيضا ،يف حالة
املياه املهجورة بال صاحب :عندما يكون ثمة شخصان عىل وشك املوت من العطش ،و بالقرب
منهام ثمة مياه مهجورة تكفي لش�خص واحد فقط ،وال صاحب هلا ،جتيز اجلامرا هنا للش�خص
الث�اين أن يرشب منها لينقذ حياته ،حتى لو تس�بب بذلك يف وفاة الش�خص األول؛ ألنه يمنعه
من الوصول إىل املياه التي ستنقذ حياته(.)60
كما أن�ه يمكن لل�ذي يمتلك املي�اه أن حيتك�م إىل فرضية «حي�ايت أهم» ،وحينها يس�تطيع
الش�خص اآلخر ،الذي حص�ل عىل املياه ،أن يلجأ هو اآلخر لنفس الفرضية .ولنفس الس�بب
ُيسمح بشغل طريق اإلنقاذ الوحيدة ،يف حالة الشخصني اللذين هيربان من األحجار املتساقطة.
يمكن لكل منهام الزعم بأن «حياته أهم» وأنه «ملاذا تعتقد أن حياتك أهم من حيايت حتى متنعني
من إنقاذ نفيس؟».
ل�ذا؛ فإنه ُيس�مح باإلرساع بش�غل الطريق ،حتى لو تس�بب هذا يف غل�ق الطريق يف وجه
الشخص الثاين (.)61
154
-23حك���م من مينع أحد األش���خاص م���ن إنقاذ حياته ،مم���ا ترتب عليه
إحلاق األذى بشخص آخر
رغ�م أننا أجزن�ا حيازة املياه ،أو ش�غل املنطقة الوحيدة التي يمكن اس�تغالهلا إلنقاذ حياة
ش�خص ما ،فإن هذا احلكم يتعلق فحس�ب باحلال�ة التي يكون هدفك فيها ه�و إنقاذ حياتك،
وليس إيذاء اآلخرين.
عىل سبيل املثال:
رأوبني وشمعون يرسعان للحصول عىل املياه املهجورة التي رأوها من بعيد .رأى رأوبني
أن ش�معون عىل وش�ك الوصول قبله ،ويف استطاعته دحرجة أحد األحجار ليعيقه عن التقدم
ليحصل هو عىل املياه .ببس�اطة حُيظر عليه أن يفعل هذا؛ ألن رأوبني هنا ال حياول إنقاذ حياته،
ولكنه حياول إحلاق األذى بشمعون لينقذ نفسه ،وسيتسبب هبذا يف قتل شمعون وهو ما مل يكن
ليحدث من دونه(.)62
155
ويظر عىل خالف فيام خيص الشخص الذي عىل وشك املوت من العطش ،وثمة زمزمية أمامه ،حُ
الشخص الثاين احلصول عليها؛ ألنه ال حاجة له هبا ،لكنه إذا فعل هذا ،تعتربه اجلامرا قاتلاً .
أو يف املث�ال اخل�اص باملخبأ :إذا منع رأوبني ش�معون من الدخول ،رغم أن املكان يتس�ع
لكليهما ،ت�رى اجلامرا أنه مس�ئول ع�ن قتله ،وورد يف اجلمارا أن« :قيد صاحب�ه وألقاه يف وجه
القذائف».
وكام ورد يف «مدراش ربا» يف تفسري سفر التكوين أن:
ال بد من الثأر للذي افرتسه أحد احليوانات ،هذا يف حالة الشخص الذي قام
بوض�ع صاحبه أمام حيوان مفرتس ليقتله .وجيب الثأر له من أخيه هذا بالنس�بة
للذي يقوم بتسليم صديقه لقاتل.
وأفتى الرايب موسى بن ميمون يف «هاالخوت مالخيم» أن:
اب�ن نوح الذي قتل صاحبه وألقاه أمام حيوان مفرتس أو قام بتقييده ،وألقاه يف
وجه األسد ،أو تركه دون طعام حتى مات ،أو ارتكب جريمة قتل ،ال بد من قتله.
يتحدث الرايب موس�ى ب�ن ميمون رصاحة عن حالة الش�خص الذي «ت�رك صاحبه دون
طعام حتى مات» ،وهي احلالة التي مل يمس فيها القاتل الضحية ،لكنه فحس�ب أغلق الباب يف
أيضا يف هذه احلالة يتم إلزام غري اليهودي بدفع فدية .وكام
وجهه ،وتسبب يف موته من اجلوعً ،
ورد يف «األسئلة واألجوبة» اخلاصة برايب أحيعيزر:
م�ن املع�روف أن ابن ن�وح ال�ذي يرتكب جريمة بش�كل غري مب�ارش ،ملزم
بدفع فدية(.)63
يتض�ح م�ن كل ما س�بق ،أن�ه إذا اعرتض غير اليهودي طري�ق غري اليه�ودي ،ومنعه من
اهلروب من شخص يسعى لقتله ،وكان هذا عن عمد ،فإنه يستحق القتل(.)64
156
ثم�ة قات�ل ُيلزمك باعرتاض طريق ش�خص حي�اول إنقاذ حيات�ه ،حتى يتمك�ن من قتله،
والقاتل هيدد بقتلك إذا رفضت االستجابة له.
ها هو ما ورد يف «منحات حينوخ» حول هذه احلالة:
يتف�ق مجيع احلكامء عىل أنه ُيس�مح بقتل القاتل ،حس�ب م�ا ورد يف ملحقات
النواه�ي ،التي ال يتم إلغاؤه�ا يف حالة تعارض إنقاذ حياة األرواح مع تنفيذ أحد
أوام�ر الت�وراة ،مثل إرغام ش�خص عىل إلق�اء صديقه يف وجه حي�وان مفرتس،
أو م�ا ش�ابه ذلك مم�ا ورد يف الس�نهدرين ( ،)1 – 72وم�ا ورد يف الرشيعة الثانية
يف الفق�رة الثانية من دلي�ل االختصارات ،من أن القات�ل ال ُيقتل ،وعىل كل حال
عليه أن يضحي بحياته؛ ألنه مل ُيس�مح له بارتكاب أي جريمة إال يف حالة واحدة
فق�ط ،وهي حماولة إنقاذ حياة ش�خص ،أما فيام خيص حالتن�ا هنا فل ُيقتل؛ ألنه ال
معنى للتضحية بحياته من أجل نفس�ه ،اس�تنا ًدا إىل فرضية «هل حياتك أهم من
حيايت؟».
وكذلك ما ورد يف كتاب «هاحاتام سوفري» يف «عقود الزواج»(:)65
عىل أية حال ،اتضح مما أوردته أنه ليس ثمة خالف يف الرأي بني حكم القاتل
الذي نفذ اجلريمة بنفسه أو الذي استعان بشخص آخر.
جي�ب التأكي�د عىل أن كتاب «منحات حينوخ» ُيرجع هذا ال�رأي إىل ما ورد يف اجلامرا ،فيام
ورد ،بخص�وص الش�خص ال�ذي أزال الدرع ال�ذي كان حيمى صاحبه من س�هم منطلق ،من
أيضا فيام خيص نفس احلالة ،يذكر كتاب «منحات حينوخ» أنه جيب حيث إنه ال يستحق القتلً .
ب�ذل النف�س ،كام أورد أنه يتطرق لكل احلاالت ال�واردة يف اجلامرا «وضع الصديق أمام حيوان
«يظر عليه ارتكاب أي جريمة» مفرتس أو ما شابه» ( )66ما يقصده «منحات حينوخ» هو أنه :حُ
ووف ًقا هلذا ،منع شخص من إنقاذ حياته جريمة تستحق القتل .
أيضا يف هذه احلالة س�تنتهي
يتض�ح بش�دة من خالل هذه الفرضي�ة أن األمر حمظور؛ ألنه ً
حياة إنسان بسبب شخص قاتل آثم ،رغم أنه ُيسمح باعرتاض طريقك إذا كنت حتاول اهلروب
من قذائف حجرية ،وما شابه كام أسلفنا.
إذا فرض أحد املجرمني عىل ش�خص آخر أن يرتكب جريمة قتل ،فإنه ال يمكن أن نطلق
عىل هذا إنقا ًذا ،بل هو قتل ،حُ
ويظر منع ش�خص من إنقاذ حياته يف هذه احلالة؛ ألنك ببس�اطة
ترض بغريك وال تنقذ نفسك.
157
وهو نفس ما ورد رصاحة يف «إجيروت موشيه»:
إذا كان األم�ر كذلك ،فإنني أرى ببس�اطة أنه إذا ُأجرب ش�خص ما عىل القيام
ش�خصا ما يف بئر حتتوي عىل س�لم ،ويجُ رب عىل تس�لق بعم�ل م�ا ،مثل أن ي ِ
س�قط
ً ُ
السلم ،فليمت وال يرتكب هذه اجلريمة؛ ألنه حتى إذا مل يكن هذا هن ًيا عن القتل،
فإنه عىل كل حال سيؤدي إىل إهناء حلياة شخص (.)67
وبمقارنة هذا بام ورد يف اجلامرا يف «بابا متسيعا» ،من أنه« :إذا طلب أحد القتلة من رأوبني
أن يرشب من مياه ال صاحب هلا ،حتى يؤدى هذا إىل موت ش�معون من العطش ،ألنه لن جيد
مياه ليرشهبا .يف هذه احلالة ،جيب عىل رأوبني أن يرتك نفسه ليموت وال يرشب املياه».
حُيظر عىل رأوبني يف هذه احلالة أن حيتكم لفرضية «حيايت أوىل»؛ ألنه ليس يف حاجة ماسة
للمي�اه ،ب�ل أن ثمة قاتلاً هو من ف�رض هذا الواقع ،حُ
ويظر عليه مس�اعدة القاتل حتى لو كلفه
هذا فقدان حياته.
يف واقع األمر ،أنه إذا كان ثمة ش�خصان هيربان من قاتل ينوي قتلهام م ًعا أو أحدمها دون
النظ�ر ملن هوُ ،يس�مح لكل منهام بش�غل طري�ق اهلروب الوحيد ،حتى لو تس�بب هذا يف وقوع
الشخص الثاين يف أيدي القاتل.
يمك�ن ٍّ
ل�كل منهام االحتكام لفرضية «حيايت أوىل»؛ ألن أ َّىا منهام ال يس�اعد القاتل يف هذه
احلالة ،بل هو يمنعه من تنفيذ مؤامرته( .)68لكن إذا كان القاتل يستطيع قتل شخص ما ،وبدلاً
من أن يقتله ،أمره أن يعرتض طريق الش�خص الثاين ،حُيظر عليه فعل هذا؛ ألنه َث ُبت أن القاتل
يرغب يف قتل الش�خص الثاين وليس األول ،وإذا كان يرغب يف قتل الش�خص األول لكان قد
قتله عىل الفور دون مطالبته باعرتاض طريق الشخص الثاين (.)69
158
منع ش�خص من إنقاذ حياته ،كام هو احلال لدى اليهود .وباإلضافة لذلك :ذكرنا فيام س�بق أنه
يتم عقوبة األغيار بالقتل ،ونفس احلال كذلك بالنس�بة للقتل عن طريق منع ش�خص من إنقاذ
حياته «وهو ما يعد قتلاً غري مبارش».
إذا كان�ت الرشيع�ة اليهودية حتظر فرض عقوبة القتل ،فإن�ه ال يوجد لدى األغيار فرضية
ويظر أن
لتقسيم األمر ،والقول إنه ُيسمح بالقتل يف هذه احلالة ،وال يسمح به يف حالة أخرى ،حُ
يتم تنفيذ اجلريمة عن طريق القاتل نفسه «قتل مبارش».
خالص�ة القول :عندما أجزنا احلصول عىل املياه ومنع ش�خص م�ن إنقاذ حياته ،كان هذا
يسري فحس�ب ،عىل احلالة التي حت�اول فيها إنقاذ حيات�ك من خطر ما ،ولي�س يف احلالة التي
حتاول فيها إيذاء شخص آخر.
ربا عىل قتل ش�خص بطريقة غريإذا ق�ام أح�د القتلة بخلق أمر واقع ،ووجدت نفس�ك جم ً
مبارشة لتنقذ نفس�ك ،فإن هذا يعد إيذاء لآلخرين ،وف ًقا لكتاب «باراشات دراخيم» فإنه حيظر
عليك فعل هذا ،سواء كنت هيود ًّيا أو غري هيودي.
159
إذا كان ه�ذا ه�و احلكم يف مث�ل هذه احلاالت ،ثمة س�ؤال نرغب يف طرحه هن�ا :القانون
امل�دين جييز لش�معون اعرتاض طريق رأوبني ،إذا كانت له مصلح�ة مادية من وراء ذلك ،حتى
إذا كان ذل�ك بمس�اعدة أحد املجرمني .أم�ا القانون اجلنائي لدى األغي�ار ،فإنه حَي ُظر اعرتاض
الطريق سواء استجابة لتهديد أحد املجرمني ،أو يف حالة وجود مصلحة؛ ألن مصلحته يف هذه
احلالة ليست أهم من مصلحة الشخص املترضر.
الس�ؤال ه�و :ملاذا يف القانون املدين األفضلية للمتعدي ،بينما يف القانون اجلنائي األفضلية
للمترضر؟
بكلمات أخرى :ملاذا يف القانون املدين يتم الوصول إىل احلكم وف ًقا ملصلحة املترضر الذي
خيسر مالاً ،وليس وف ًقا ملصلحة املتعدي الذي حيظ�ر اعرتاض الطريق ،بينام يف القانون اجلنائي
يتم التوصل إىل احلكم وف ًقا ملصلحة املتعدي الذي حيظر اعرتاض الطريق ،وليس وف ًقا ملصلحة
املترضر الذي حياول إنقاذ حياته؟
حتى نفهم هذا ،علينا مقارنة حظر اعرتاض الطريق يف حالة عدم وجود خسارة يف األمالك
لدى اليهود ،أو خسارة يف األرواح لدى األغيار .ال شك يف أنه حيظر غلق الطريق يف احلالتني،
غري أن الس�بب خيتلف .س�بب احلظر يف القانون املدين هو فريضة «إعادة األغراض املفقودة»،
غري أن أداء الفريضة يسقط ،إذا كان سيرتتب عىل ذلك خسارة مادية.
أم�ا يف القانون اجلنائي لدى األغيار ،فإن س�بب احلظر يع�ود إىل أن من يقوم بغلق الطريق
يعد قاتلاً .وألن هذا أمر حمظور ،ال حيق ملن يقوم بذلك باللجوء لفرضية «حيايت أهم».
من هنا ،نعود للحالة التي جيرب فيها جمرم أحد األشخاص عىل اعرتاض الطريق :
القان�ون امل�دين لدى اليه�ود يقصد هنا فعلاً حيظ�ر القيام به ،متا ًما ،ولي�س جمرد فريضة تم
إس�قاطها .وحيظ�ر كتاب «باراش�ات دراخيم» إحلاق األذى بش�خص حيتك�م إىل فرضية «ملاذا
تعتقد أن حياتك أهم من حيايت؟».
أي أن مس�اعدة القات�ل ع�ن طريق غلق الطريق هو مش�اركة منه يف ارت�كاب اجلريمة .يف
مغتصب لغلق طريق ش�خص حياول ِ الوقت نفس�ه ،يف حالة األمالك ،تعد مس�اعدة ش�خص
إنق�اذ حيات�ه م�ن خالله ،ه�و إلغاء فريض�ة أنا غري ملت�زم بتطبيقه�ا ،إذا كان ذلك س�يعرضني
خلسارة مادية.
160
القانون اجلنائي لدى القانون املدين اليهودي احلالة
األغيار
منع الشخص الثاين من حُيظر األمر بسبب فريضة حُيظر األمر؛ ألنه يعد قتلاً
غري مبارش إعادة املفقودات إنقاذ حياته دون سبب
الثاين ُيسمح بذلك ،واألفضلية ُيسمح «حيايت أوىل» الشخص منع
من إنقاذ حياته بسبب إلعادة مفقودايت
اخلسارة املادية \خسارة
يف األرواح
منع الشخص الثاين من ُيسمح بذلك ،واألفضلية حُيظــــر؛ ألن مســاعدة
القاتل تعد مشاركة يف إنقاذ حياته بسبب هتديد إلنقاذ أمالكي
القتل ،ويستحي الزعم أحد املجرمني
بأن «حيايت أوىل» يف هذه
احلالة
161
عىل س�بيل املثال :قام حام بتقييد يافث واس�تخدمه ليعرتض الطريق عىل س�ام هبدف قتل
األخير .الوس�يلة الوحي�دة املتاحة لس�ام لينق�ذ حياته هي قت�ل يافث ،وهبذا س�يكون الطريق
مفتوح�ا أمام�ه للهروب .هذا الفعل حمظ�ور لدى اليهود؛ ألننا لن نربح حياة ش�خص هيودي ً
هنا؛ لذا فمن األفضل التوقف وعدم القيام بأي يشء وف ًقا لقاعدة «كُن سلب ًّيا».
أم�ا ل�دى األغيار ،فإنه ال حيق ليافث أن يزعم جتاه س�ام أن «هل تعتقد أن حياتك أهم من
حيايت؟» ،ألن س�ام سيرد ،حينئذ ،قائلاً « :أنت ترضين ،كام أنك تس�اعد القاتل؛ لذا ليس من
حقك الزعم بأن «حيايت أوىل» عندما يرض وجودك يف املكان باآلخرين (.)71( )70
وعىل ذلك ،يبدو أن مقصدنا هو ،يف حالة أن تس�بب وزن غري اليهودي يف اإلرضار بيشء
ما ،وهو ما ينضم حتت قائمة األرضار وجرائم القتل ،راجع ما ورد بإسهاب حول هذا يف كتاب
«معاس�يه فيجارما باهاالخاه)*(» للرايب ليفي يتسحاق هلربين)**( يف اجلزء السابع ،وكذلك ما
ورد يف كتابه معاليوت باشابات )***(يف الفصل السابع ،يف هذه احلالة يعد هذا الشخص مذن ًبا،
أم�ا إذا اقتصر األمر عىل اعرتاض الطريق فحس�ب ،رغماً عنه ،ال يك�ون هبذا قد ارتكب خطأ؛
ألن كال الطرفني يرض بعضه البعض.
هذا يف مقابل الوضع لدى اليهود الذين يطرحون التساؤل التايل :هل تتوفر لدى الشخص
الذي ُأرغم عىل اإلتيان هبذا الفعل ،نية التعمد؟ وعىل ذلك ،فإن وزنه الذي يتسبب يف رضر ما
جيعله مذن ًبا ،أي أن وزنه هذا جيعلنا نؤمن أن نية التعمد توفرت لديه.
يمكنن�ا أن نس�هب يف ذكر األمثل�ة والتفاصيل املختلف�ة ( ،)72غري أن املب�دأ واحد :عندما
يكون وجود يافث يف املكان عاملاً مس�اعدً ا للقاتل الذي ينوى قتل س�امُ ،يس�مح لألخري بقتل
يافث لينقذ حياته .
يف ه�ذا احلال�ة ،ال هيم إذا ما كان ياف�ث يفعل هذا رغماً عنه أو ال؛ ألن�ه إذا كان وجوده يف
مكان ما سيؤدي إىل حدوث جريمة قتل ،ليس من حقه الزعم بأن «حيايت أوىل» ،أو «هل تعتقد
)*( «معاسيه فيجارما باهاالخاه מעשה וגרמא בהלכה» :الكلمة تعني الفعل واألذى غري املبارش يف الرشيعة ،وهو كتاب
يضم جمموعة أبحاث حول عالقة اإلنسان بنتائج أفعاله يف ضوء التكنولوجيا احلديثة ،والكتاب من وضع الرايب
ليفي يتسحاق هلربين לוי יצחק הלפרין.
)**( ليفي يتسحاق هلربين לוי יצחק הלפרין :حاخام ديني معارص يرأس معهد التكنولوجيا الدينية.
)***( «معاليوت باشابات מעליות בשבת» :الكلمة تعني مصاعد يوم السبت ،واملقصود هو مصعد خمصص لليهود
املالزمني لفريضة يوم السبت الستخدامه.
162
أن حياتك أهم من حيايت؟»؛ ألن سام سيزعم هو اآلخر أنه إذا مل تتواجد يف املكان ،ملا كنت قد
لقيت حتفك ،وبام أن تواجدك يس�اعد القاتل ،ال يمكنك الزعم بأن «حيايت أوىل» .لذا ُيس�مح
لسام بأن يقتله لينقذ نفسه.
املصدر غري اليهودي الذي منع شخص أحلق غري اليهودي الذي العالج عىل
غري اليهودي من إنقاذ يرتكب جريمة حتت األذى رغماً عنه حساب اآلخر
حياته من أحد القتلة التهديد لدى األغيار
الرابــي موشيه ُيسمح بذلك؛ألنه ُيس�مح بذلك؛ألن�ه ُيسمح بذلك؛ ألنه ُيس�مح بذلك؛ألن�ه ال
شنيئورسون ال يوج�د تضحي�ة ال يوج�د تضحي�ة ال يوج�د تضحي�ة يوجد تضحي�ة بالنفس
ببساطة بالنفــ�س لـــدى بالنفس لدى األغيار بالنفــس لـــدى لدى األغيار
األغيار األغيار
حمظور ،ثمة فرضية ُيس�مح بذل�ك؛ ألنه ُيسمح بذلك؛ألنه ُيس�مح بذل�ك؛ ألنه ال «أور ســـاميـــح»
ال يوج�د تضحي�ة ال يوج�د تضحي�ة يوجد تضحي�ة بالنفس وربما يتف�ق مع�ه للحظر هنا
أيضا الرايب موش�يه
ً بالنفس لدى األغيار بالنفــس لـــدى لدى األغيار
شنيئورسون األغيار
حمظــ�ور ،وفقـــًا حمظور ،وف ًقا لفرضية ُيسمح بذلك ،من ُيسمــح بذلك ،مـــن «باراشات دراخيم»
لفرضيـ�ة «هـــل «هل حياتك أهم من س�اعد القات�ل ال س�اعد القاتل ال حيق له
حيق ل�ه الزعم بأن الزعم بأن «هل حياتك حيات�ك أه�م م�ن حيايت؟»
«ه�ل حياتك أهم أهم من حيايت؟» حيايت؟»
من حيايت؟»
164
-31ملخص
الرايب موش�يه شنيئورس�ون وكتاب باراشات دراخيم ،يتفقان عىل أنه ُيسمح لدى األغيار
بإحل�اق األذى هب�ؤالء الذين يس�تعني هبم القتل�ة ،أو خيتبئون م�ن خلفه�م ،إذا كانت هذه هي
الطريقة الوحيدة لإلنقاذ.
جيي�ز الرايب «موش�يه شنيئورس�ون» لألغي�ار القتل ،إذا كان�ت هذه هي الطريق�ة الوحيدة
للنج�اة .وكتاب «باراش�ات دراخيم» حيظر على األغيار القتل يف حال�ة ارتكاب جريمة حتت
التهديد ،ويعود احلظر هنا يف رأيه إىل فرضية «هل حياتك أهم من حيايت؟» ،ومن يساعد القاتل
ال حيق له الزعم بأن «هل حياتك أهم من حيايت؟» ،ألنه يشارك يف اجلريمة.
165
امللحق األول
الفرق بني اإلنقاذ والعالج يف قضايا دينية متباينة
اخللاف يف ال�رأي حول حكم من يتعالج عن طريق ارت�كاب جريمة ما ،وبني من اضطر
الرتكاب جريمة لينقذ حياته .كنا قد أوردنا من خالل تفسير «أور س�اميح» يف أول الفصل،
اخللاف يف ال�رأي ح�ول حكم م�ن يتعالج ع�ن طري�ق ارتكاب جريم�ة ما ،وبني م�ن اضطر
الرتكاب جريمة لينقذ حياته .وهو اخلالف الذي ورد يف عدد من القضايا التي نوقشت مثل:
* وجوب التضحية بالنفس يف حالة ارتكاب جريمة القتل وف ًقا لرأي« أور ساميح».
* عقاب من يرتكب إحدى الذنوب اخلطرية الثالثة رغماً عنه.
* اإلرغام عىل ترديد دعاء الطعام)*( «يف يوم الغفران ،أو بالنسبة للطعام الذي ال يتطابق
والرشيعة اليهودية».
* اإلرغام عىل البيع «قضية تليوهو وزافني)**( ».
باإلضافة لذلك ،ثمة خالف مش�ابه يف اآلراء نجده فيام خيص حكم الش�خص الذي يقوم
بتوصيل األموال رغماً عنه ،بيد أن هذا اخلالف ال يتطابق مع هذه احلاالت ،كام أوضحنا.
« -1أور ساميح» :حكم وجوب بذل النفس يف حالة ارتكاب غري اليهودي جلرمية قتل
اتض�ح لن�ا ،من خلال م�ا ورد يف الفقرة اخلامس�ة من متن الفص�ل ،أن «أور
ساميح» يرى أن األغيار ملزمون بالتضحية بالنفس ،حتى ال يموت اآلخرون يف
حالة العالج ،لكن ليس ثمة إلزام عليهم يف حالة اإلنقاذ من املوت.
املغ�زى هنا هو أنه يف حالة العالج ،من حق الش�خص الذي فق�د حياته أن يزعم أن «هل
حياتك أهم من حيايت؟» ،أي «مل جتيز لنفسك قتيل لتنقذ حياتك؟»
أم�ا يف حالة الش�خص ال�ذي حياول إنق�اذ حياته ،ال يمك�ن طرح مثل هذا الس�ؤال؛ ألن
القاتل سريد ،قائلاً « :وجودك هو الذي تسبب يف إحلاق األذى يب ،ويف هذه احلالة ،ال حيق لك
عيل قتلك :ألنني غري مطالب بالتضحية بحيايت بس�بب وجودك هنا؟» أي أنالزع�م أنه حيظر َّ
رضرا.
الرخصة املمنوحة للقتل هنا تنبع من أن وجود الشخص الذي فقد حياته ،يسبب ً
)*( دعاء الطعام ברכת מזון :تأمر الرشيعة اليهودية اليهود برتديد دعاء الطعام يف هناية كل وجبة حتتوي عىل خبز بمقدار
معني ،استنا ًدا ملا ورد يف تثنية (.)10 :8
)**( قضية تليوهو وزافني תליוהו וזבין :هي قضية وردت يف التلمود يف فصل «بابا برتا» يف اجلامرا ،تناقش قضية اإلرغام
عىل بيع يشء.
166
أيض�ا ،يف حالة ارتكاب جريمة حت�ت التهديد ،كام ورد يف
تسري هذه الفرضية الس�ابقةً ،
شخصا آخر ً كتاب «أور س�اميح» ،وهي الفرضية التي تناس�ب أكثر حالة الش�خص الذي منع
رضرا عىل الش�خص اآلخر ،ال حي�ق له إ ًذا
م�ن إنق�اذ حيات�ه دون قصد ،وألن وجوده يش�كل ً
الزعم بأن «هل حياتك أهم من حيايت؟»(.)74
رغما عنه
-2عقوبة من يرتكب أحد الذنوب اخلطرية الثالثة ً
لقد أوردنا يف الفقرة اخلامس�ة يف متن الفصل ،التناقض يف كالم الرايب موس�ى بن ميمون،
ح�ول القضي�ة املطروحة للنق�اش ،وهو :أنه جيب عقوب�ة من يتعالج عن طري�ق ارتكاب أحد
الذنوب اخلطرية الثالثة ،بينام ال ُيعاقب إذا فعلها حتت هتديد أحد املجرمني بالقتل.
املغزى من اخلالف يف اآلراء هو معرفة ما إذا كان الشخص يرغب يف ارتكاب اجلريمة أم
أن�ه مرغم عىل ارتكاهبا؟ يف حالة العالج ،يكون الش�خص قد رغب يف ارتكاب اجلريمة؛ ألنه
لوال ارتكابه للجريمة لكان قد مات من شدة األمل.
أما إذا كان الش�خص حياول إنقاذ حياته ،أي أنه مل يرغب يف اإلتيان بالفعل .ويرسي هذا
احلكم كذلك عىل من تدفعه الظروف الرتكاب جريمة ما؛ ألنه كان يفضل أن يتغري الواقع من
حوله؛ حتى ال يضطر الرتكاب اجلريمة.
عىل س�بيل املثال ،هي�ودي قتل هيود ًّيا آخر اعرتض ،رغماً عنه ،طريق ش�خص حياول إنقاذ
حياته من خطر حمقق .القاتل هنا كان يفضل لو مل تتواجد الضحية يف املكان ،ورغم أنه أتى شي ًئا
حمظورا ،إال أنه كان مرغماً عىل ذلك؛ لذا فال عقوبة عليه(.)75
ً
رغما عنه
-3حكم من ردد دعاء الطعام ً
فيما ييل رأى «ش�وحلان عاروخ» والرايب موش�يه إيرسليش)*( ال�واردان يف كتاب «أوراح
حاييم»:
كل م�ن يأكل أو يرشب ش�يئًا للتداوي به ،واتفق أن اس�تمتع به وكان طعمه
طي ًب�ا ،علي�ه أن ي�ردد دع�اء الطع�ام يف البداي�ة والنهاي�ة .أم�ا إذا كان مرغماً عىل
)*( موشيه بن يرسائيل ايرسليش משה בן ישראל איסרליׂש (1572-1520م) :فيلسوف هيودي بارز ،له إسهامات
كبرية يف جمال الفتاوى الدينية ،يف القرن السادس عرش يف غرب أوروپا.
167
األكل أو الرشب ،فحتى إذا اس�تمتع بام تناوله،ال جيب عليه ترديد دعاء الطعام؛
درءا
طعام�ا أو رشب رشا ًبا منهي ع�ن تناوله ًألن�ه فعل هذا رغًم�اً عنه .من أكل ً
خلطر ما ،عليه أن يردد دعاء الطعام يف البداية والنهاية .
يقول الرايب موش�يه إيرسليش :إن من يضطر ألكل أو رشب ش�ي ًئا ما ،ال جيب عليه ترديد
دع�اء الطع�ام ،ومع هذا فهو ال يضيف ش�ي ًئا عىل ما ورد يف «ش�وحلان عاروخ» ،من أن كل من
يأكل أو يرشب شي ًئا للتداوي به أو لدرء خطر ما ،عليه ترديد دعاء الطعام.
فسر حكامؤن�ا األواخ�ر أن ثم�ة خال ًفا هنا بين ارت�كاب جريمة من أج�ل العالج ،وبني
اإلجبار عىل ارتكاب جريمة ،ونورد رأى «شوحلان عاروخ» يف هذه النقطة:
حمرما ل�درء خطر ما،
طعاما ً
طعاما يف ي�وم الغفران ،أو ي�أكل ً كل م�ن ي�أكل ً
عليه أن يردد دعاء الطعام يف البداية والنهاية؛ ألنه اس�تمتع به ،عىل الرغم من أنه
مل يستمتع بملء إرادته ،إنام كان هذا رغماً عنه.
وهن�اك من يرى أن الش�خص املعاىف ال�ذي ُأجرب عىل تناول يشء م�ا ،ال جيب عليه ترديد
دعاء الطعام ،رغم اس�تحالة عدم اس�تمتاعه بام تناوله؛ ألنه كيف يب�ارك الرب طعا ًما أو رشا ًبا
وال يس�تمتع ب�ه؟ ولكن األمر خيتلف فيام خيص الش�خص املريض؛ ألنه يع�اين ولديه الرغبة يف
الش�فاء ع�ن طريق ه�ذا الطعام أو ذلك الشراب ،ناهيك ع�ن أن عليه أن يش�كر الرب خالق
كل يشء ،كام أن االس�تمتاع بطعام أو رشاب للتداوي ،ال يلزمه بتالوة ترديد دعاء االس�تمتاع
بالطعام.
على أي�ة حال ،عىل املريض أن يردد دعاء الطع�ام عىل أي طعام أو رشاب يرغب يف تناوله
هبدف العالج .أما يف حالة إجبار شخص عىل تناول يشء ما ،فعىل الرغم من هذا اإلجبار ،فإنه
إذا مل يكن الطعام موجو ًدا ،ملا كان قد وقع اإلجبار.
بمعن�ى :ل�وال وجود الطعام ،ملا كان ثمة خطر ،وفقا لرأى الرايب موش�يه ايرسليش فإنه ال
جيب ترديد دعاء الطعام؛ ألنه بالفعل غري راغب يف الطعام الذي يعرضه خلطر ما.
مريضا ،ويكون هذا الطعام بمثابة دواء للمرض ،س�نجد أن
لكن عندما يكون الش�خص ً
عدم تناوله للطعام من شأنه أن يزيد من خطورة املرض ،وألنه راغب يف الطعام ،عليه أن يردد
دعاء الطعام.
168
ونناقش اآلن حالة وسط بني كلتا احلالتني:
ثم�ة هي�ودي حيتف�ظ يف جيبه بطع�ام منهي عن أكل�ه بأمر املل�ك .وحرض إليه
رشطي�و امللك ،والوس�يلة الوحيدة للتخلص من الطعام ه�و تناوله برسعة .وإذا
مل يفع�ل ه�ذا س� ُيعتقل و ُيقتل .وف ًق�ا للمبدأ ال�ذي أوردناه ،ليس ثم�ة إلزام عىل
اليهودي برتديد دعاء الطعام ،فهو ال يرغب فيه؛ ألنه يعرضه للخطر.
169
املوضوع فرضية االختالف حكم العالج احلكم يف حالة احلكم يف حالة
بني العالج واإلنقاذ اإلرغام وجود أمر واقع
جيرب الشخص
هل املترضر راغب يف التضحية بالنفس يف حمظور ُيسمح ُيسمح
حالة القتل لدى غري ارتكاب اجلريمة؟
اليهود
هل املترضر راغب يف عقــ�اب اليهـ�ودي ملزم معفى معفى
الذي ارتكب جريمة ارتكاب اجلريمة؟
رغماً عنه
يردد دعاء الطعام هل املترضر راغب يف إرغام م�ن يأكل عىل يردد دعاء الطعام يردد دعاء الطعام
ترديد دعاء الطعام وجود الطعام؟
ه�ل يرغ�ب يف نق�ل اإلرغام عىل البيع البيعة صاحلة ال يوجد مثل هذه البيعة ال جتوز
ملكية اليشء؟ ()77
احلالة
)*( الرايب سفتي كوهني (ש''ך) (1663 – 1612م) :حاخام وفقيه ،ولد يف پولندا.
170
يشء م�ا ،فق�ام بحمل�ه وتوصيل�ه ،فهو مل�زم بتعوي�ض صاحب امل�ال ،ويكون
أيضا
هب�ذا ق�د «أنق�ذ نفس�ه بواس�طة أم�وال صاحب�ه» ،واحلك�م نفس�ه يسري ً
على الش�خص ال�ذي حط�م األواين أثن�اء هروب�ه .وال يسري ه�ذا احلك�م يف
حال�ة أن يك�ون املج�رم يقصد رسقة ش�خص حمدد من�ذ البداية ،وهن�ا ال يكون
ه�ذا الش�خص ق�د أنق�ذ حيات�ه بواس�طة أم�وال صاحب�ه ،ب�ل ه�و ُأجبر على
ً
تنفي�ذا ألوام�ر املج�رم ،وإذا مل يس�تجب ألوامره س�يكون ق�د افتدى فع�ل ه�ذا
أم�وال صاحب�ه بحيات�ه؛ ألن�ه ال يوج�د يشء يق�ف يف وجه إنق�اذ حياة إنس�ان.
أي أن كل املص�ادر تعترف بأن�ه ُيس�مح باإلرضار بأمالك الغري يف س�بيل إنقاذ
حياة أحدهم؛ ألنه كام أسلفنا ورد أن «ال يشء يقف يف وجه إنقاذ حياة إنسان».
رأينا أن «ش�وحلان عاروخ» ُيلزم من أنقذ حياته عىل حس�اب م�ال صاحبه ،بتعويضه عن
ه�ذا ،غير أن الرايب س�فتي كوهني ال ي�رى أن هذا احلكم يرسي عىل مجي�ع احلاالت .فعىل حد
قوله :إذا قام أحد املجرمني بجمع مبلغ حمدد من املال ،وأجرب الشخص املترضر عىل محله لينقذ
حياته ،ليس ثمة إلزام عليه بتعويض صاحب املال.
وعندما نحاول أن نفهم هذا الرأي ،نطرح التساؤل التايل :ما الفرق بني من يرضخ لتهديد
أح�د املجرمني ويقوم بتوصيل مبلغ من امل�ال إليه حتى ال يقتله ،وبني من أجربه أحد املجرمني
عىل احلصول عىل مال من شخص حمدد؟
مسموحا به أم ال .فقد تم
ً يتضح األمر من فكرة أن النقاش هنا ال يدور حول كون الفعل
احلصول عىل املال وف ًقا لفرضية «ال يشء يقف يف وجه إنقاذ حياة إنس�ان» .ويدور النقاش هنا
حول من الذي عليه حتمل عواقب الفعل.
وق�د أدرك الرايب س�فتي كوهني األمر عىل النحو الت�ايل :إذا رغب املجرم يف احلصول عىل
ه�ذا املال بالتحديد (أي أن املجرم يرغب يف رسقة هذا الش�خص بالتحديد) ،واضطر املترضر
إىل احلص�ول على امل�ال بناء عىل طل�ب املجرم؛ لذا ف�إن صاحب املال هو َم�ن يتحمل عواقب
الفعل وليس املترضر ،الذي يعد متعد ًيا عىل صاحب املال هنا.
أي أنه يف هذه احلالة ،خيتلف احلكم حسب نوايا املتعدي؛ ألن مقصده هو الذي حيدد من
يتحمل الرضر .وال ُيفهم من هذا -ال سمح اهلل -أن هذه رخصة الرتكاب اجلريمة ،لكن هذه
النواي�ا هي التي جتعلنا نقرر أن الرضر وقع عىل ش�خص حم�دد ،أي أنه هو الذي حتمل عواقب
الفعل(.)78
171
تعلمن�ا ه�ذه الفرضية حكم األمالك التي تعرتض طريق الش�خص ال�ذي حياول اهلروب
م�ن قات�ل ،وقد اضطر إلحلاق األذى هبذه األمالك لينقذ حيات�ه ،يف هذه احلالة يقع الرضر عىل
اهلارب ال عىل صاحب املال؛ ألن القاتل تعمد إيذاء اهلارب؛ لذا س�يضطر اهلارب إىل تعويض
صاحب املال وف ًقا لقاعدة «من أنقذ نفسه بواسطة مال صاحبه»(.)79
وه�ذا هو تفسير ما ورد يف «ش�وحلان ع�اروخ»« :ثمة قات�ل يطارد صديقه هب�دف قتله،
طارد قام بتحطيم األواين التي يمتلكها القاتل ،يعفى ا ُمل َ
طارد من تعويض القاتل؛ والشخص ا ُمل َ
ٍ
حينئ�ذ تعويض صاحبها؛ ألن إنق�اذ حيات�ه أوىل .وإذا كانت األواين ملكًا لش�خص آخر ،عليه
ألنه سيكون قد أنقذ حياته بواسطة مال صاحبه».
يتضح لنا مما سبق أن وجهة النظر يف حالة من ُأجرب عىل توصيل يشء ما لشخص آخر ،ال
أيضا إذا مل يكن يرغب
يكمن يف معرفة ما إذا كان الشخص املضطر يرغب يف وقوع هذا أم الً .
يف ه�ذا ،فعلي�ه تعويض صاحب املال عن الرضر الذي وقع عليه؛ ألنه «حمظور أن تنقذ نفس�ك
عىل حساب مال صاحبك».
يكمن اخلالف بني «شوحلان عاروخ» والرايب سفتي كوهني فحسب يف احلالة التي ُيسمح
فيها للمضطر بفعل ما فعل ،لكن جيب حتديد الشخص الذي سيتحمل عواقب الرضر.
فبالنسبة هلذه النقطة يرى الرايب سفتي كوهني أن نوايا املجرم الذي تعمد إيذاء فالن ،هي
الس�بب يف أن فالنً�ا هذا لن يس�تطيع مقاضاة املضطر؛ ألن األخري يمكن�ه أن يرد عليه بـ «إنني
عيل».
فعلت ما فعلت كام هو متبع يف مثل هذه احلاالت ،والرضر يقع عليك أنت ال ّ
وي�رى «ش�وحلان ع�اروخ» أنه م�ا دام أنه يف هناي�ة األمر حترك الرضر من ش�خص آلخر،
رضرا وق�ع هنا عىل املضطر ،وه�و الذي عليه
ع�ن طري�ق حصول املضطر عىل امل�ال ،فإن ثمة ً
حتمل عواقبه.
-7ملخ���ص :خبالف املصادر األربعة اليت أوردناه���ا يف البداية ،يتم النقاش حول حكم
من أُجرب على توصيل مال بناء على فرضية خمتلفة
الفرضية اخلاصة بالتفريق بني العالج وبني اإلجبار يف احلالة الس�ابقة ،تتعلق بنوايا املجرم
التي س�تمنع صاحب املال ،من وجهة نظر الرايب س�فتي كوهني ،من مقاضاة ذلك الش�خص
ال�ذي أنقذ نفس�ه ،كما هو متبع يف مثل هذه احل�االت؛ ألن حظ صاحب امل�ال العاثر هو الذي
أدى لوقوع الرضر.
172
احلكم يف حالة احلكم يف حالة حكم العالج فرضية التفريق بني املوضوع
ظروف واقعية اإلجبار العالج وإنقاذ احلياة
أدت إىل الرضر
هل املضطر يرغب يف حمظ�ور على غير ُيسمح لغري اليهودي ُيسمح احلاالت األوىل
اليهودي قتل غريه قتــل غريه؛ إلنقــاذ وقوع الفعل؟
حياته
من يرتكب جريمة املضط�ر ال تق�ع عليه معفي
عقوبة للتداوي ،آثم
مـن يـ�أكل طعـام م�ن يضط�ر ألكل ال يتلو الربكة
منهي عنه للتداوي ،طعا ًما ،ال يتلو الربكة
يتلو الربكة
اإلجبــــار علـــى عىل م�ن تقع عواقب جيــ�ب أن يدفــ�ع يت�م إعفاؤه م�ن دفع جيــ�ب أن يدفـــع
تعويضا مال ًّيا
ً تعويض مايل تعويضا مال ًّيا
ً احلصول عىل املال الرضر
173
امللحق الثاني
شرح رأي الرابي موشيه إيسراليش
يف حالة ختفيف محل السفينة
ورد يف اجلامرا يف «بابا قاما ،»116 : 141السفر الثاين:
أفتى حكامؤنا بأنه :إذا كانت ثمة قافلة تسري يف الصحراء ،وظهر أمامها قطاع
ط�رق يرغبون يف القضاء عليه�ا ،يتحدد املبلغ املايل الذي س� ُيمنح لقطاع الطرق
وف ًق�ا لألمالك ،وليس وف ًقا لعدد أفراد القافل�ة ،وإذا كان ثمة دليل يقود القافلة،
الحمارين...
َّ يتحدد أجره وف ًقا لعدد أفراد القافلة ،دون تغيري ُعرف
أفتى حكامؤنا بأنه :إذا كانت ثمة س�فينة تسير يف البحر ،وأتت عليها عاصفة ستؤدي إىل
غرقها ،فقام من عليها بتخفيف محولة الس�فينة ،يتم حساب املسألة وف ًقا للحمولة ،وليس وف ًقا
للخسارة التي ستتعرض هلا األمالك ،دون تغيري ُعرف البحارة.
كام أفتى كل من الرايب موس�ى ب�ن ميمون يف «رشائع الرسقة وإع�ادة األغراض املفقودة»
و«شوحلان عاروخ» باحلكم نفسه:
إذا كان�ت ثمة قافل�ة متوقفة يف الصحراء ،وقام قطاع طرق بمهامجتها بغرض
االس�تيالء على محولتها ،فاتفق أف�راد القبيلة مع قطاع الطرق على مبلغ من املال
س�يمنحونه هل�م ،جي�ب حتدي�د القيمة وف ًق�ا ألملاك أف�راد القبيلة ،ولي�س وف ًقا
لعدده�م ،وإذا كان ثم�ة دلي�ل يقوده�م يف الطري�ق ،يتحدد أجره وف ًق�ا لكل من
الحمارين...
َّ أمالك أفراد القبيلة وعددهم ،دون تغيري ُعرف
استكاملاً للفقرة نفسها من اجلامرا ،ترد حكاية هي:
إذا كانت ثمة س�فينة تسري يف البحر ،وأتت عليها عاصفة ستؤدي إىل غرقها،
فقام من عليها بتخفيف محولة السفينة ،يتم حساب املسألة وف ًقا للحمولة ،وليس
وف ًقا للخسارة التي ستتعرض هلا األمالك ،دون تغيري ُعرف البحارة.
نجد هنا قصة حمِ ار ُيعرض س�فينة بأكملها للخطر؛ لذا ُيلقى يف البحر ،ويعفى احلكيم هنا
من ألقاه بالتعويض عن هذا احلامر .ورد يف اإلجابات اخلاصة بالرايب موسى بن ميمون الواردة
يف هناية كتاب «نزيقني ،)80(»20أن صاحب احلامر مذنب ألنه ألقاه يف البحر.
174
وألن�ه ثمة خطورة من البداية يف إدخال احلامر للس�فينة ،لكنهم اعت�ادوا عىل فعل هذا كام
يفعلون اآلن ،وبعد ذلك كان احلامر يرتنح ،وكانت الس�فينة عىل وش�ك الغرق ،إذا ألقى به يف
البح�ر ،فه�و مذنب ،وال نعترب صاح�ب احلامر أنه قد أحل�ق األذى بحامره ،ويك�ون قد أذنب،
وعلي�ه فدي�ة؛ ألنه أنقذ نفس�ه بواس�طة مال صاحب�ه ،حت�ى إذا كان هذا يف حال�ة وجود خطر
عىل احلياة.
غري أن «هابايت يوسف» خيتلف مع إجابات الرايب موسى بن ميمون:
«من يمتلك كلبا أو أي حيوان ٍ
مؤذ ،وكان ال بد أن يقتله حتى ال يؤذي الناس، ً
لاً
ماذا إذا قتله آخرون أو ،عىل من يقع ذنب القتل حينها؟».
يف رأي «هاباي�ت يوس�ف» أن�ه حت�ى إذا مل يذنب صاحب احلمار ،فليس ثم�ة إلزام لدفع
تعويض له عن محاره الذي ُألقي يف املياه ،وذلك ألن احلامر يرض كل من عىل السفينة؛ ألنه هبذه
الطريقة ُيس�مح باالحتامء منه ومنع الرضر الذي يس�ببه( ،وكام أثبتنا فيام سبق يف متن الفصل يف
الفقرة الثانية عرشة ،من أن اجلامرا جتيز إيذاء الش�خص الذي ُيلحق األذى بغريه لالحتامء منه،
حتى إذا ُأجرب عىل اإليذاء).
ُسئل الرايب موشيه بن يرسائيل ايرسليش (يف أسئلة وأجوبة نفس الرايب)عن رأى «هابايت
يوس�ف» ،وكانت صيغة الس�ؤال كالت�ايل« :ما قاله «هابايت يوس�ف» يثري بداخيل تس�اؤالت
عديدة ،إذا كان لش�خص كلب أو يشء ما يضر الناس ،وكان عىل صاحبه أن يقتله ،لكنه تركه
ومل يفعل ،فهو مذنب؛ لذا فمن يقدم عىل قتله ليس عليه دفع تعويض لصاحبه .وهذا الشخص
الذي أدخل احلامر إىل السفينة ومل يكن عىل علم بخطورته ،وفجأة صار احلامر يترصف بعدوانية،
وراح يقفز ،مما هدد السفينة بالغرق ،فألقوه يف النهر ،جيب عىل من ألقاه دفع تعويض لصاحبه،
كام هو متبع يف حالة من ينقذ نفسه بواسطة مال صاحبه».
أدرك الس�ائل أن إجابات الرايب موس�ى بن ميمون حتظر إحل�اق األذى باملتعدي ،إذا وقع
الرضر بواسطة من يمتلك الشئ .لكن الرايب إيرسليش مل يتفق مع هذا االدعاء:
ال أرى يف ه�ذا أي ادع�اء ،ذل�ك ألن�ه ال ش�أن يل بجهل مال�ك اليشء باألم�ر ،ففي مجيع
األحوال يعد الكلب أو احلامر مصدر أذى.
ال هي�م رأي صاحب احليوانات؛ ألن القدماء قالوا «س�ارع بقت�ل من أتى لقتلك» ،وليس
ثمة خالف بني املرة األوىل والثانية .فقد قال القدماء« :كل الثريان ال يتم حراستها».
175
وعلى ه�ذا ،فإنني أقر ترشي ًعا« :من حيدث الرضر ُيعاقب» ،وعىل كل حال الس�اذج الذي
يقتل ُيقتل ،كام أصدرنا حكماً ترشيع ًّيا كاملاً يف فصل الثور الذي نطح أربعة أو مخسة أشخاص،
وإذا حاول الش�خص الذي تعرض للنطحة إنقاذ نفس�ه فقتل الثور ،من ا ُمللزم بالتعويض؟ لذا
فليس ثمة ادعاء يف كلامتك عىل رأي «مهاري كارو».
يتف�ق الرايب ايرسليش مع «هبايت يوس�ف» من أنه ُيس�مح االحتامء م�ن الثور الذي يمثل
رضرا علين�ا ،لك�ن هذا يف حال�ة أن يكون هذا رغماً ع�ن صاحبه .ويأيت بدليل على هذا :لدينا
ً
قاع�دة تق�ول «كل الثيران ال يتم حراس�تها» ،إذا كان األم�ر كذلك ،فليس ثمة إلزام بحراس�ة
الثور الساذج بشكل خاص ،والرضر اجلزئي الذي يستحقه عىل األرضار التي تسبب فيها ،هي
الغرام�ة املالي�ة التي جيب أن يدفعها .ومن الناحية الرشعية ،ال ُيعد صاحب الثور مس�ئولاً عن
شخصا ما ،جيب دفع تعويض مايل.
ً هذا الرضر .ورغم هذا فإن احليوان الساذج إذا قتل
إذا كان ُملز ًما بدفع تعويض عن القتل بعد وفاة الش�خص ،فببساطة يمكن للشخص ذاته
الدف�اع عن نفس�ه وقتل احليوان ،ولن حيق لصاحب احليوان املطالب�ة بتعويض؛ ألنه إذا مل ُيقتل
التقاء رشه ،كان س ُيقتل يف املحكمة.
رضرا عىل الناس ،وال حيق
يتض�ح من هذا أنه ُيس�مح ل�ك االحتامء من الثور الذي يمث�ل ً
لصاح�ب الثور املطالبة بتعويض مايل عن األرضار التي وقعت له جراء هذا االحتامء ،حتى إذا
كان األذى وقع دون ذنب منهم.
وها نحن بعد أن يرفض الرايب إيرسليش كلامت السائل ،ويتفق مع املبدأ الوارد يف «هبايت
يوسف» ،يعود ليتحفظ عىل رأيه ويقول إن هذه احلالة تشذ عن القاعدة التقليدية ،من حيث إنه
ُيسمح االحتامء ضد الثور الذي أحلق األذى دون قصد:
اعلم أنني يف الكتب التي قمت بتأليفها حول األعمدة عندما علمت أنك معي ،كتبت أن
«كارو» جانبه الصواب؛ ألن كون احلامر يقفز داخل السفينة ال يصنع فار ًقا؛ ألن إدخال احلمري
إىل الس�فينة ه�و أمر مأل�وف؛ لذا فليس ثمة إث�م عىل صاحب احلامر ،وجي�ب دفع تعويض عن
إلقائه يف املياه لتخفيف محل السفينة.
إن كلامت�ه ينقصه�ا الوضوح :م�ن ناحية ،هو قد ذكر س�ل ًفا أنه حيق لنا االحتماء من الثور
رضرا ،حت�ى إذا كان ه�ذا رغماً عن صاح�ب الثور .بيد أنه يف هناي�ة كالمه يقول
ال�ذي يش�كل ً
176
إن هذا احلكم ال يرسي يف حالة الس�فينة؛ ألن صاحب احلامر مل يش�ذ عن املألوف؛ لذا فهو غري
أيضا يف حالة كون صاحب آثم .ماذا إذا كان صاحب احلامر غري آثم؟ أورد الرايب إيرسليش أنه ً
احلامر غري آثمُ ،يسمح باالحتامء من خطر ثوره!
ثم�ة معضل�ة أخرى تنش�أ نتيج�ة كلامت ال�رايب إيرسليش :ذك�ر أنه جيب عىل مجي�ع أفراد
الس�فينة دفع تعويض لصاحب احلامر الذي ُألقي يف املياه .الس�ؤال هو :كيف يتم تقسيم القيمة
املالية للتعويض؟ واإلجابة هي :حس�ب محولة الس�فينة .ولذلك علينا حتديد أكثر األشياء التي
تشكل محلاً داخل السفينة يف هذه احلالة ،واليشء الوحيد الذي يشكل محلاً زائدً ا داخل السفينة
هو احلامر ،أي أن صاحب احلامر وحده عليه أن يتحمل اخلس�ارة؛ ألن محاره هو اليشء الوحيد
رضرا للس�فينة يف الوق�ت الراهن .ف�إذا كان األم�ر كذلك ،كي�ف يطالبنا الرايب
ال�ذي يش�كل ً
ايرسليش بتعويض صاحب احلامر؟
حت�ى نتمكن من الرد على كلتا املعضلتني ،علينا أن نتعمق أكثر فيام يتعلق بتقس�يم القيمة
املالية للتعويض داخل السفينة .خيتلف األمر فيام خيص تقسيم القيمة املالية عنه يف حالة القافلة.
ففي حالة القافلة ،يتم حس�اب املس�ألة إما وف ًقا حلمولة القافلة ،وإما وف ًقا لألفراد ،أي :وف ًقا ملا
يربحه كل شخص يف حالة إنقاذ حياته.
بيد أن حساب املسألة وف ًقا للحمولة ال عالقة له بالربح؛ ألنه من اجلائز أن ما يلقيه أحدهم
يف املياه ذو قيمة أعىل مما يلقيه غريه ،وكام قال الرايب موشيه بن يتسحاق:
يتم احلساب وف ًقا للحمولة :أحدهم يلقي بامئة أوقية من الذهب ،واآلخر يلقي بامئة أوقية
من احلديد.
وكام أشار الرايب موشيه مروتنبورك يف األسئلة واألجوبة اخلاصة به:
وألول وهل�ة جي�ب علينا أن نعرف :ملاذا هذا هو احلكم يف ه�ذه احلالة؟ ألنه من املفرتض
أن التعويض املايل يكون يف قيمة اخلسارة ،إذا مل يكن ثمة إنقاذ للحياة ،وحتى إذا أنقذوا حياهتم
بواس�طة األمالك ،فلن ينتقص هذا من قيمتها يف هناية األمر ،وس�يتم احلس�اب وف ًقا لألمالك،
ولكن األمالك كانت ستنتهي يف البداية إذا مل ينقذوا أنفسهم...
أيضا يف حالة السفينة ينقص املال قبل احلدث؟
وملاذا مل يرد أنه ً
تعويضا بنفس
ً إذا مل خي�ف حمِ �ل الس�فينة ،لتكبد صاحب الذهب خس�ارة أكرب ،وس�يدفع
177
القيمة يف حالة إنقاذ حياة أي شخص ،وهو التعويض الذي تزيد قيمته يف حالة ختفيف ِ
احلمل؛
ألن األمر متعلق بإنقاذ حياة أحد األشخاص.
ألول وهل�ة يمكن أن تكون اإلجابة هي أن الس�بب يف ذلك ه�و جواز االحتامء من رضر
الشخص املؤذي ،حتى لو فعل هذا رغماً عنه.
رضرا؛ لذا ُيس�مح ألي ش�خص بإلقاء الوزن الزائد لدى الوزن الزائد هنا هو الذي يمثل ً
أي ش�خص آخر يف املياه ،ويتحدد قدر ما يلقيه حس�ب الوزن الذي يشكل الرضر ،هذا ألنه يف
الواقع العميل يقوم كل شخص بإلقاء اجلزء اخلاص به من السفينة ،وف ًقا لنسبة هذا اجلزء لوزن
أغراضه.
هكذا يمكننا أن نفهم اإلجابة التي وردت يف األسئلة واألجوبة التي وضعها الرايب موشيه
مروتنيورك:
احلم�ل ،وال يوجد خلاف يف حال�ة قاطع س�بب اخللاف هن�ا أن اخلس�ارة تق�ع بس�بب ِ
الطريق.
ويمكنن�ا فه�م نفس املعنى كذلك يف األس�ئلة واألجوبة التي وضعها الرايب ش�موئيل دي
مدينا.
كام يمكننا أن نفهم نفس املعنى يف «حوشان مشباط»:
ذل�ك اإلعصار الذي حتدث عنه الرايب موس�ى بن ميم�ون ،طيب اهلل ثراه ،يف
الفص�ل الثاين عرش من رشائع الرسقة واملفقوداتُ ،يقصد به الس�فينة التي ُأدخل
هبا جتار كثريون وبضائع كثرية ،كُل حس�ب قيمة بضاعته ،ويعتقد التلمود نفس
رضرا ،وثم�ة دلي�ل يمكننا أن نقول م�ن خالله، ِ
األم�ر؛ ألن احلم�ل هنا يش�كل ً
ُلزم كل ش�خص حس�ب حمِ ل بضاعته ،ليس وف ًقا للقيم�ة املالية أو األرواح إننا ن ِ
ِ حمِ
البرشية .وكام ورد« :وخ ّففوا من لها ،ويتم احلس�اب وف ًقا للحمل وليس وف ًقا
للقيمة املالية».
وفسرّ لنا الرايب ش�لومو بن يتس�حاق األمر بأن« :إذا كان لدى ش�خص ألف
رطل من الذهب ولآلخر ألف رطل من احلديد ،جيب عىل هذا أن ُيلقى بامئة رطل
حدي�د يف البحر ،بينام يلقى ذاك مائة رطل من الذهب «حيث يتس�اوى كالمها يف
178
ختفيف حمِ لهام .وملاذا يكون األمر هكذا؟ الس�بب هو أننا نعتقد أن ِ
احلمل يش�كل
رضرا ،وما شأين إذا كان األمر يتعلق بالذهب أو احلديد؟».ً
ويف الفص�ل الثامن من رشائ�ع «املالح واملؤذ» ،مل يتعمق معلمنا الرايب موس�ى
رضرا بشكل
بن ميمون يف تفسري أحكام هذا الفصل؛ ألن مجيع األمور هنا تشكل ً
واضح ال حتتاج إىل تعمق.
رضرا،
ولذلك ،فإن ش�مول كالمه س�ببه أننا ن�رى بوضوح من ال�ذي يمثل ً
وحقيق�ة أن ه�ذه احلال�ة ه�ي نفس�ها حالة ِ
احلمار الت�ي أوردناه�ا س�ل ًفا ،والتي
مل يذكره�ا الرايب موس�ى بن ميم�ون ،بيد أنه اس�تبدهلا بتعبري آخ�ر حتى ال يقول
بالضبط «حمِ ًارا».
والذي يتشابه بالفعل يف حكمه مع األحكام الواردة يف فصل «املالح واملؤذ»،
وال�ذي ربما كان يقصده الرايب أفراه�ام بن دافيد مبوش�كريا )*( يف نظريته ،لكن
رضرا يف هذه احلالة. ِ
أيضا أن احلمل يشكل ً الرايب موسى بن ميمون رأى ً
وف ًق�ا هلذا الفه�م ،نجد هنا نو ًعا من املخالف�ات املدنية :مثل واقعة اعتلاء ثور لثور آخر؛
حيث ُيسمح للمترضر بحامية نفسه عن طريق إحلاق األذى بمن يرضه.
احلمل الذي سيتسبب يف غرق السفينةُ ،يسمح بإلقائه يف البحر بدون وعىل ذلك ،فإن هذا ِ
أيضا من أنه
األخذ يف االعتبار الرضر الذي س�يلحق بصاحب األغراض نفس�ه ،وعلى الرغم ً
يتعمد اإلرضار بالسفينة عن طريق أغراضه تلك !
وبالفعل وف ًقا هلذا املعنى ،يصعب علينا القول فعلاً إننا بصدد حكم من أحكام املخالفات
املدنية ،لعدة أسباب:
– 1الربايت�ا تقول إننا نحذو حذو البح�ارة)**( .وإذا كان هذا حكم من املخالفات املدنية،
أمرا كهذا؟ فهذا حكم مؤكد (وإذا كان ثمة اختالف بني ال ُعرف وبني قوانني
ملاذا ُيكتب ً
س�كان املدينة التي يق�ع فيها احلادث ،جيب حينئذ كتابة ذلك بالنس�بة جلميع األحكام
الواردة يف فصل «بابا قاما»).
)*( الرايب أفراهام بن دافيد مبوشكريا (1198 – 1120م) :من حكامء فرنسا.
)**( أي أن حساب القيمة خيضع ل ُعرف البحارة.
179
– 2وف ًقا هلذا التفسري ،فإن التقسيم املتعلق بمحاسبة الشخص حسب حمِ ل أغراضه ،نجده
رضرا .لكنن�ا وجدنا أن التلمود األورش�ليمي ِ
فق�ط يف حال�ة أن يكون احلمل يش�كل ً
أيضا عندما تتواجد
يذكر رصاحة أن هذا التقس�يم ال يقترص فقط على هذه احلالة ،بل ً
رضرا. ِ
صعوبة ما بسبب احلمل ،حتى إذا مل يشكل هذا ً
وهذا هو ما ورد يف التلمود األورشليمي (بابا متسيعا )*( :)4 :6
من يؤجر صاحبه عربة أو س�فينة ،حُياس�ب وف ًقا ِ
للحمل ،ال وف ًقا لألرواح أو
املمتلكات.
بكلامت أخرى :إذا علقت مجاعة ما وس�ط الصحراء بسبب أن عربتهم قد تعطلت ،وكان
عليهم أن يقوموا باستئجار عربة أخرى حتى تنقلهم هم وأغراضهم ،تتم حماسبتهم وف ًقا لعدد
األشخاص واألمحال التي حيملوهنا .هنا اخلطر القائم ،وهو ليس بسبب ِ
احلمل.
وطريق�ة احلس�اب هنا ال عالقة هل�ا بأحكام املخالف�ات املدنية ،بل ب�رأي تقديري لتوزيع
احلمل يف حالة حل مشكلة مماثلة (وكام سيتضح الح ًقا ً
أيضا). ِ
رضرا لآلخرين دون تعمد منه ،فإنه غري ملزم بإحلاق
– 3عندما متثل ممتلكات ش�خص ما ً
األذى بممتلكات�ه حت�ى يوقف رضرها .أما يف الس�فينة ،فإن كل ش�خص ملزم بإلقاء
حمِ ل�ه وف ًقا لنصيبه ،وال يس�تطيع أن يقول لآلخرين« :إذا رغبت�م يف ذلك ،فلتلقوا أنتم
أغراضكم».
– 4يف حال�ة الس�فينة ،ال ينب�ع الرضر هن�ا من عنرص واح�د فقط ،ب�ل إن اجلميع يرضون
بعضهم البعض .واجلديد هنا هو القول بأنه يف هذه احلالة ُيسمح لكل شخص بالدفاع
عن نفس�ه يف مواجهة اآلخرين ،حس�ب نسبة الرضر فحس�ب التي يتسبب فيها الثاين
(ووف ًقا لذلك فإنه يف حالة الثورين اللذين يرضان بعضهام البعض ،فإنه ُيس�مح ملالك
كل ثور أن يدافع عن ثوره فحس�ب بش�كل نسبي ،أي وف ًقا لنس�بة الرضر الذي يمثله
الثور اآلخر .ويعد هذا حتدي ًثا يف احلكم الترشيعي).
للحمل ليس ضمن أحكام اخلالفات املدنية .إن من كل ما تقدم ،نتعلم أن التقس�يم وف ًق�ا ِ
اإلل�زام بمش�اركة اجلميع يف ه�ذا ينبع من احتي�اج اجلميع ألن حيدث ما حدث( .وقد أس�هبنا
ح�ول هذه النقطة يف موضع آخر) ،وش�كل التقس�يم يتحدد حس�ب رأى ه�ؤالء األفراد؛ ألن
رأهيم هو أنه بشكل عام يتم التقسيم وف ًقا ملا سيستفيده كل شخص.
)*( «بابا متسيعا בבא מציעא» :هو الفصل الثاين من باب األرضار ،وهو الباب الرابع بني ستة أجزاء مكونة للتلمود.
180
رضرا مؤكدً ا كام يف أحكام
رضرا حمد ًدا ،رغم أن هذا ليس ً
لكن إذا كانت املمتلكات تشكل ً
املخالفات املدنية ،إال أنه ُيص ِّعب من اإلنقاذ حتى إن كان هذا حيدث بشكل غري مبارش ،فالرأي
البرشى يف هذه احلالة هو التقسيم وف ًقا للرضر التي تتسبب فيه املمتلكات ،وليس وف ًقا لالمتياز
الذي سيقع بفضل اإلنقاذ.
وهذا هو عني ما قصدته «األسئلة واألجوبة» ،التي أوردناها سل ًفا؛ ألن مقصدهم ليس أن
للحمل س�ببه قانون املخالفات املدنية ،ولكن ألهنم عىل كل حال سيشتركون دفع الثمن وف ًقا ِ
يف الدفع ،وبنظرة بس�يطة للمس�ألة ،يمكننا أن نقول إن من يتسبب يف رضر أكرب ،عليه أن يدفع
أكثر ،رغم أن األمر ال يعد ضمن املخالفات املدنية العادية.
ثم�ة مث�ال لتلك الفرضية نجده يف تفسير ال�رايب ميئري بن ت�ودروس هاليف�ي ،يف واقعة
التقس�يم حس�ب قرب املنزل ،يف الصفحتني الثانية والثامنة من فصل «بابا ب رتا»؛ حيث خي ربنا
أن�ه عندما ُي بنى س�ور ،جيب عىل من يس�كن بالقرب من مكان البن�اء أن يدفع أكثر ممن يقطن
أيضا ،ألنه
يف وس�ط املدينة؛ ألن من يقطن عن قرب سيجعل السور أطول حتى يشمل منزهلم ً
ببس�اطة يس�تحيل الق�ول إهنم «أحلق وا الرضر» ،لكن التس�بب يف طول الس�ور ال�ذي ينبع من
منازهلم ،ستجعلنا نرى أهنم مسئولون عن بناء السور هبذا الطول ،ولذلك هم يدفعون أكثر.
س�نصور هن�ا واقعة م�ا :البحر هائج وينذر بغرق الس�فينة دون عالقة لألم�ر بثقل وزهنا.
طري�ق اإلنق�اذ الوحيد هو طلب النجدة من س�فينة أخ�رى ،لكن تكلفة هذا كبيرة .كيف إذن
يتم تقس�يم تلك التكلفة؟ من الواضح هنا أن التقس�يم س�يكون حسب عدد األشخاص؛ ألن
احلم�ل لي�س املتس�بب يف الرضر- ،بل هو البحر ،وس�نعود لن�رى ما مقدار ربح كل ش�خص ِ
احلمل عىل هذا األس�اس .ومثل ذلك مثل احلالة التي يصارع فيها اللصوص حتى يتم تقس�يم ِ
ركاب الس�فينة ،حيث ُت َق َّس�م التكلف�ة وف ًقا للأرواح البرشية؛ ألن احلظر هن�ا يقع عىل أرواح
خطرا. ِ
األشخاص ،وال عالقة للحمل باألمر؛ ألنه ال يمثل ً
س�نناقش اآلن مث�الاً ينج�ح فيه اللص�وص يف إح�داث رضر متعمد بأح�د احلمري داخل
عرض الس�فينة خلطر الغرق ،ولزا ًما عليهم إلقاءه خارج السفينة الس�فينة ،ليبدأ يف اهليجان مما ُي ِّ
ِ
إلنق�اذ اجلميع .يتضح هنا أن مجيع ال�ركاب ملزمون بتعويض صاحب احلامر ،فإلقاء احلامر هنا
ه�و نتيج�ة رصاع اللصوص م�ع الركاب ،وليس نتيجة ملش�كلة تس�بب فيها احلمار .فالرصاع
م�ع اللص�وص هي مش�كلة يتعامل معه�ا مجيع ركاب الس�فينة م ًع�ا ،ويتقاس�موهنا وف ًقا لعدد
181
أيضا ،عندما يلح�ق أذى باحلامر ،عىل اجلميع أن يتقاس�موا تكلفة
األرواح البرشي�ة ،ولذل�كً ،
هذا األذى.
بمعنى :عندما نكون بصدد حتديد كيفية تقسيم نتيجة الرضر – جيب أن نعرف ما هو أول
س�بب لوقوع الرضر .إذا كان الس�بب هو املمتلكات ِ
(احلمل مثلاً ) – يتم التقسيم وف ًقا للرضر
خطرا آخر ،حتى حمِ
الذي يسببه ل كل فرد .لكن عندما يكون العنرص الذي تسبب يف الرضر هو ً
مصدرا لألذى هو اآلخر جيب عىل ركاب السفينة ً إذا أدى ذلك إىل أن جز ًءا من املمتلكات صار
رضرا – ألنه
التعام�ل م�ع كل هذا مجي ًعا ،بل ويشتركون م�ع صاحب املمتلكات التي تش�كل ً
ترضر من خطر مشرتك.
اآلن ق�د زال الغموض عن كلامت الرايب موش�يه بن يرسائي�ل إيرسليش فهو يقول :إنه يف
حالة احلامر الذي اهتاج داخل الس�فينة – يس�تحيل الزعم بأن صاحب احلامر هو الذي تس�بب
يف األذى؛ ألن البحر هو الذي تس�بب يف األذى .وجنون احلامر ينبع من الس�فر يف البحر ،إذن
فالبحر هو السبب !
مث�ل واقع�ة اللص�وص الذين جعلوا احلامر هيت�اج ،ونحن نتعامل مع هذا عىل أس�اس أن
اللص�وص ه�م من تس�ببوا يف الرضر ،وعىل ذلك فالتقس�يم س�يكون حس�ب األرواح .وهلذا
السبب يف هذه احلالة ،فإن التقسيم يكون حسب األرواح (كام ورد يف الفصل العارش من كتاب
«هيام شل شلومو» ،للرايب شلومو لوريا ،حول فصل «بابا قاما»).
نت�ج ع�ن هذا أن اخلالف بني الرايب موش�يه بن يرسائيل ايرسليش ،ويوس�ف كارو ،يدور
حول كيفية النظر إىل احلامر الذي اهتاج داخل الس�فينة ،وهل هو ُيعترب «املتس�بب» يف اخلسارة،
أو أن�ه «ضحية» ملالبس�ات يك�ون لزا ًما عىل مجي�ع الركاب التعام�ل معها .فإذا كان متس�ب ًبا يف
احلمل) .لكن إذا كان اخلسارة – فقد اتضح لنا أنه جيب طرده (وهذا هو بالفعل التقسيم حسب ِ
ضحية للسفر عرب البحر – فاجلميع يتشارك يف هذا ،مثلهم يف ذلك مثل كل خطر مشرتك.
182
هوامش الفصل الثالث
– 1واألمر نفسه ُمثبت يف التلمود األورشليمي يف «فصل شفيعيت מסכת שביעית )*( ،4
»2وكذلك يف التوسافوت يف (سنهدرين – 1 :75يف الفقرة التي تبدأ بـ «وإذا ») ،وورد كذلك
عىل لسان الرايب نسيم بن رايب رأوبني ،وأخريا ورد يف كتاب «حسيديم חסידים )**( .»119
وبتفسير بس�يط لألمر نفهم أن املغ�زى من هذا هو أن الوصايا ا ُمللزم�ة لألغيار هدفها هو
استقرار الكون ،أما وصايا اليهود فهي متثل صلة بينها وبني الرب جل وعال.
وكام ورد يف تفسري املدراش لسفر اخلروج «שמות רבא )***( »9 :30؛ حيث ورد:
«حدثن�ا ال�رايب إليعيزر ع�ن ملك روماين خ�رج إىل احل�رب ،وبصحبته عدد م�ن الفيالق
العس�كرية ،فكان يذبح هبيمة ويفرق حلمها عىل كل واحد منهم ،حتى يس�تمروا يف مسيرهتم،
فنظر ولده إىل ما حيدث وقال له « :ماذا ستعطيني؟».
فأجابه« :من الذي خصصته لنفيس».
وعىل هذا األساس ،فرض الرب عىل عبدة األوثان وصايا بلهاء يستحقوهنا ،دون التفريق
بني النجاس�ة والطهارة ،ثم قام الرب بتفسير هذه الوصايا لكل فرد من بني إرسائيل ،وأوضح
هلم الثواب والعقاب كام ورد يف العهد القديم (نش�يد اإلنشاد « :)2-1فليقبلني بقبالت فمه»؛
لذا فقد قيل يف ذلك «قوانينه ورشائعه من أجل إرسائيل».
أيضا يف كتاب «هاالخوت مالخيم הלכות מלכים )****( .»2 / 10
– 2ورد هذا بشكل خمترص ً
)*( «فصل شفيعيت מסכת שביעית» :هو الفصل اخلامس من الباب األول من التلمود ،ويناقش الفصل أحكام حتريم
حراثة األرض يف سنة اليوبيل.
)**( حسيديم ספר חסידים :هو نتاج فكرى هيودي ذو أمهية بالغة ،يضم جمموعة من الرشائع واملناهج الدينية ،كام
يضم عدة آراء تعكس الظروف التي عاش فيها مؤلفو الكتاب ،ويعد الرايب هيودا هحسيد רבי יהודה החסיד هو أهم
مؤلفي هذا العمل الفكري.
ُ
)***( «مدراش ربا מדרש רבא» :هو االسم الذي أطلق عىل املؤلفات التفسريية العرشة ،التي تتناول أسفار التوراة
اخلمسة ،ويسمى كل جزء باسم السفر وتليه كلمة רבא ،واسم اجلزء املقصود هنا هو שמות רבא أي تفسري سفر
اخلروج.
)****( «هاالخوت مالخيم הלכות מלכים» :أي رشائع امللوك ،هو أحد أجزاء املؤلف األكرب ملوسى بن ميمون «تثنية
الرشيعة משנה תורה».
183
– 3كام ورد يف كتاب (יפה תואר).
-4يف كتاب األسئلة واألجوبة اخلاصة بمشباط كوهني ترد كلامت الرايب موسى بن نحامن
رسا ذن ًبا – حتى إذا كان األمر يتعلق بعبادة
يف احلروب؛ حيث قال« :إذا ارتكب جار توش�اف ًّ
األوث�ان ،وزن�ا املحارم – فلريتكب الذنب وال يقتل ،ومل تش�دد الت�وراة معهم فيام خيص عبادة
األوثان ،وزنا املحارم أكثر من بقية الوصايا التي ختصهم؛ حيث إنه مل يرد يف التوراة يشء يف هذا
اخلصوص» ،وعليك التدقيق يف رأي الرايب موسى بن نحامن؛ ألن معنى كالمه أن سفك الدماء
ل�دى األغي�ار هو أمر أخطر من بقي�ة اجلرائم ،وف ًقا لرأي «بارش�ات دراخيم» ،وكذلك عليك
التدقيق فيام ورد يف كتاب األسئلة واألجوبة «بني بانيم» اخلاصة بالرايب هيودا هرتسل هنكني:
* وعىل ما يبدو أن الرايب كوك مل يراه ،ولذلك مل يذكر اسمه.
وح ًّق�ا يمكنن�ا أن نق�ول إن التدقيق ليس ً
أمرا رضور ًّيا؛ ألن موس�ى بن نحمان يورد هذه
الكلامت يف إطار نقاش مع الرايب زرحيا هليفي:
* حول حظر عبادة األوثان ،وزنا املحارم ،لكن ليس ثمة نقاش بينهام حول سفك الدماء،
كام ورد يف رأي الرايب زرحيا هليفي:
* ووف ًقا هلذا ،حيتمل أن الرايب موسى بن نحامن يتناول هاتني اجلريمتني فقط؛ ألنه ناقشهام
م�ع ال�رايب زرحيا هليفي ،لكن عىل كل حال ،يبدو ثمة تطاب ًقا بني آراء الرايب موس�ى بن نحامن
والرايب كوك.
ٍ
حينئذ ُيسمح لآلخرين -5يف احلالة التي ال يكون فيها من يتعرض للقتل قد طارد أحدً ا،
أيضا بقتله (راجع ما ورد يف بداية الفصل اخلامس الذي يرشح أنه كذلك لدى األغيار ُيس�مح
بقتل الشخص املعتدي).
« -6رشائع امللوك ،»80:04وكذلك كتب يف «مسكيل لدافيد» للرايب دافيد باردو:
* ح�ول الفق�رة التي تقول «وخاف يعق�وب للغاية وأصابه اهلم» ،راج�ع تلك الفقرة مع
مالحظة إس�هابه يف ذلك ،وترى كذلك يف كتاب األس�ئلة واألجوبة ال�ذي وضعه الرايب هيودا
ليفا بن بتسلئيل ،يف الكراس األخري.
وكذلك يف األسئلة واألجوبة التي أوردها الرايب شموئيل موهليرب:
* يف هناية كتابه يف «حتديثات عىل أبواب التلمود الست والرايب مويس بن ميمون».
184
-7الرشيعة رقم ( 7وردت سل ًفا).
-8ألنه إذا حاد عن الطريق عن عمدُ ،يعد ُمطار ًدا.
( -9قدوشني .)42:2
-10اجلملة األخرية مقتبسة من الربايتا «الفتوى اخلارجية» التي تظهر يف فصل «سنهدرين»
( )1 :57حول وجوب تطبيق عقوبة يف حالة القتل.
لك�ن يف حقيق�ة األم�ر تعني ه�ذه الربايت�ا يف التلمود البابيل جم�رد القت�ل ،وليس يف وقت
اإلرغ�ام عىل القتل بالتحديد ،لكن التلمود األورش�ليمي مل يورد ه�ذه الربايتا ،هو فقط اقتبس
ه�ذه الكلامت (غري اليهودي الذي يؤذي غري اليهودي ،وغري اليهودي الذي يؤذي اليهودي)،
ومن الواضح من س�ياق الكالم يف التلمود األورش�ليمي أن ه�ذه الكلامت وردت بخصوص
النقاش حول قتل غري اليهودي يف حلظة اإلرغام عىل القتل (ويف التلمود األورش�ليمي يف هناية
الفصل الرابع عرش الذي يدور حول أحكام يوم السبت ،ترد مجارا موازية لتلك املوجودة هنا،
وورد هن�اك :حُيظ�ر عيل غري اليهودي إيذاء غري هيودي أو هيودي ،بينام جيوز لليهودي إيذاء غري
اليه�ودي (أي أن صيغ�ة الربايت�ا وردت بنفس الصيغ�ة ،ولكن مع اختلاف املعنى) من أجل
حتديث الرخصة ،كام ورد يف بداية الفصل الرابع حول هذا التلمود األورشليمي).
-11كت�ب ال�رايب مويس بن ميمون يف رشائع املل�وك ( « :)1:10أن ابن نوح الذي أخطأ
دون قص�د يف إحدي وصاياه ،يت�م إعفاؤه من أي يشء» .وألول وهلة كانت ثمة حاجة للقول
إنه عندما خيطئ حتت التهديد ،فإنه يعد خمط ًئا عن غري قصد وجيب إعفاؤه.
لكن هنا يف التلمود األورشليمي ،نجد أن غري اليهودي الذي يؤذي صاحبه حتت التهديد،
هو مذنب!
وجي�ب إن نق�ول أن ثمة فر ًقا بني من يرتكب خطأ دون قصد ،وبني املتعدي الذي نقصده،
نتحدث عنه هنا ،فمن أخطأ دون قصد فعل هذا دون إرادته؛ لذا فمن املس�تحيل أن نكتب أنه
حُيظ�ر أن نخط�ئ دون قص�د ،لكن اإلرغ�ام الذي نتحدث عنه هن�ا هو فعل تم القي�ام به بعلم
الفاعل وبإرادته الكاملة ،بيد أن سب ًبا خارج ًّيا هو اخلوف من املوت ،جعله يرتكب هذه الفعلة.
عن هذه احلالة حيدثنا التلمود األورشليمي بأنه مذنب.
جيب علينا أن ننتبه إىل أنه إذا كان األغيار مذنبني ح ًّقا إذا ارتكبوا جريمة حتت التهديد ،فهم
185
إ ًذا خمتلفون عن اليهود يف هذه النقطة؛ ألن الرايب مويس بن ميمون قال عن اليهود «يف الرشائع
األساس�ية للت�وراة « :»5:4وكل من ورد عنه أن ُيقتل وال يرتك�ب جريمة ،فارتكبها ومل ُيقتل،
هو بذلك قد جدَّ ف عىل اهلل ...وعىل الرغم من أنه قد ارتكب جريمته رغماً عنه ال ُيعاقب ،وال
جيب القول إنه جيب أن حُيكم عليه بالقتل يف املحكمة حتى إذا قتل رغماً عنه؛ ألنه ال ُيعاقب وال
حُيكم عليه بالقتل إال إذا ارتكب اجلريمة بإرادته أمام شهود ،وقام قبلها بالتحذير».
إن االختالف بني اليهود وغري اليهود يف هذا األمر يظهر بسبب الدقة اللغوية للرايب مويس
ب�ن ميم�ون ،ال�ذي قال إن من أعفي م�ن العقوبة من اليه�ود تم إعفاؤه بس�بب «أننا ال نعاقب
شخصا باملوت إال إذا ارتكب اجلريمة بإرادته وأمام شهود ،وقام بالتحذير».
ً
غير اليه�ودي الذي عوقب عىل جريمة ارتكبها ،حتى إذا مل يكن هناك ش�هود عليه ،وقام
بتحذير املترضر(راجع ما أورده الرايب مويس بن ميمون يف رشائع امللوك .)1 ،10 – 9،14
ولكن اليهودي ُيقتل إذا س�مح فحس�ب لنفس�ه بارتكاب جريمة يف حضور شهود ،وبعد
أيض�ا الصورة اخلطرية
أن ح�ذر ضحيت�ه .جوهر اجلريمة وحده غري ُمل�زم بعقوبة القتل ،لكن ً
التي ارتكب هبا جريمته ،أي :أمام ش�هود وبعد حتذير ضحيته .لذلك فإنه يف حالة اإلرغام ،ال
يقتل اليهودي؛ ألنه مل تكتمل الظروف لقتل اليهودي .غري أن غري اليهودي ملزم بعقوبة القتل
حمظ�ورا عليه القيام به ،حت�ى وإذا مل يكن هناك ش�هود أو ثمة حتذير ،ولذلك
ً إذا ارتك�ب فعًل�اً
رغما عنه ،وحكمها هو «أن تُقتل أفضل من أن ترتكب اجلريمة»، أيضا فإنه إذا ارتكب جريمة ً ً
ُيقتل.
وبالفع�ل ،كل ما ورد هن�ا حول أن ثمة تفرقة أو فر ًقا حول هذه النقطة بني اليهودي وغري
اليهودي ،ال يتفق مع ما قاله «أور س�اميح» ،وهو ما س�يتم ذكره فيام بعد؛ ألن األخري أدرك أنه
من خالل حكم اإللزام الوارد يف التلمود األورشليمي ،تعلم الرايب موسى بن ميمون أنه حسب
الرشيعة ،يف حالة اليهودي الذي ارتكب جريمة ليتعالج أنه مذنب ،وكام سنرى الح ًقا.
أيضا ،مفادها أنه ليس ثم�ة خالف بني معرش
– 12إن�ه ي�ورد تفسيرات إضافية للجمارا ً
احلكماء ح�ول أنه ال يوجد إلزام ببذل النفس عن الرسقة ،راج�ع ما ورد حول هذا ،لكننا فقط
أوردنا هنا تفسري اجلامرا الذي يتعلق بقضيتنا.
-13رشائع أسس التوراة ،الفصل اخلامس.
186
-14يوريه ديعاه ،157حوشني مشباط .37 :46
-15وبالفعل يف كتاب «قربان هاعيدا» للرايب دافيد بن نفتايل هريش فرانكل:
* (عن يوم السبت – هناية الفصل الرابع عرش).
يقول هناك حماولاً إجياد ذريعة للتلمود األورشليمي بطريقة أخرى:
« لي�س بالرضورة عندما ُأجرب على قتل فالن وإال ُقتل ،أنه حُيظر عليه قتل صاحبه ،بل إنه
حتى إذا قيل له «ارسق فالنًا وإال قتلتك» ،فإنه حيظر عليه رسقته؛ ألنه أمر مفهوم أنه ليس ثمة
إنس�ان يكبح مش�اعره إذا شعر أن ممتلكاته ستتعرض لرضر جيعله يس�فك الدماء ،ولذلك فقد
جلأ هنا إىل اس�تخدام فعل «هنب» ،وليس «رسق»؛ ألن النهب أمر جلل ،وربام يس�تلزم رد فعل
عنيف يصل لسفك الدماء ،وهو ما ال نجده يف الرسقة».
-16وراجع مقالنا عن « غري اليهودي الذي أخطأ وهتود» فقد أس�هبنا حول هذه النقطة
هناك.
-17ه�ذه الفرضي�ة أقوى لدى األغيار؛ ألهن�م غري ملزمني بإنق�اذ بعضهم البعض ،وال
توج�د أي عالق�ة بني وجود ش�خص بني احلياة وامل�وت وبني ممتلكات ش�خص آخر ،وهو ما
خيتلف يف حالة اليهود الذين يقع عليهم إلزام كام يف « من يقف مكتوف اليدين ،وال هيرع إلنقاذ
صاحبه».
أيضا ملاذا يورد التلمود األورش�ليمي هناك أحكام األغيار -18وف ًقا هلذا التفسير ،نفهم ً
الت�ي ال عالق�ة هل�ا ،ألول وهل�ة ،بالقضي�ة التي نناقش�ها .ووف ًق�ا ملا ذهبن�ا إليه ،ف�إن التلمود
األورش�ليمي يورد رأي الرايب حنينا الذي يتفق مع الرايب حس�دا ،وأح�كام األغيار الواردة يف
فورا بعد كلامت الرايب
التلمود األورشليمي هي نتيجة ملا قااله؛ لذلك ترد أحكام األغيار تلك ً
حنينا كاستمرار لكالمه.
– 19وكذلك يف يوريه ديعا .34 :306
-20ويشبه هذا ما ورد يف األسئلة واألجوبة التي كتبها «عونيج يوم طوف »3-ومنحات
حينوخ ،وجمموعة دروس عن «كتوبوت» يف الفقرات من ،9-8وعبادة الرب يف رشائع أسس
الت�وراة الفص�ل اخلامس (وراجع م�ا ورد يف هذا املصدر ،حيث نجد الرايب موس�ى بن ميمون
خيتلق ذريعة أخرى .وقد أسهبنا أكثر حول هذا اخلالف يف ملحق الفصل).
187
– 21راجع هناية الرشيعة األوىل يف الفصل العارش من رشائع امللوك.
-22ويتفق هذا مع منهجه من أنه يف حالة اإلنقاذ يسمح لغري اليهودي بقتل غريه ،ولذلك
ثمة فريضة مفادها أنه ُيسمح بالعالج كذلك.
-23على عكس رأي «أور س�اميح» أن�ه وف ًقا ملنحات حينوخ «فإنه ُيس�مح بالعالج عن
أيضا» نفس املصدر السابق – منحات طريق سفك الدماء ،وليس فقط فعل ذلك إلنقاذ النفس ً
حين�وخ -ي�رى أنه ثم�ة فرضية أخرى لتحريم العلاج ،حيث يقول« :غري أن�ه يبدو يل أن ثمة
حكًم�اً جدي�دً ا ب�إذن اهلل تبارك وتعاىل ،حتدي�دً ا إذا ُأجرب على ارتكاب أحد املحظ�ورات وإذا مل
فليسمح له بأن يرتكب اجلريمة حتى ال يفقد حياته .لكن حظر عليه ،إذا كان يفعل س ُيقتل ،إ ًذا ُ
مريضا ،أن يطبب نفسه عن طريق استعامل إحدى وصاياه السبع؛ ألنه ال شك يف أنه ليس لديه ً
احلق يف ذلك ،انطال ًقا من فرضية أنه أنقذ نفسه بارتكاب هذه اجلريمة ،وهذا صحيح وواضح
غري أن «مشنيه مليليخ» خيتلف مع هذا الرأي.
أيضا عندما تتعرض مجاعة ما خلطر ال ينبع من س�بب له عالقة
-24نف�س احلك�م ينطبق ً
باجلريم�ة ،ل�ن يتعلق األمر حينها بمس�ألة ب�ذل النفس أم�ام املجرمني بعدم تس�ليم هذا الفرد
الفتداء البقية .فمثلاً :إذا حورصت مجاعة ما بسبب هزة أرضية حتت أنقاض بنية ما ،والطريقة
الوحيدة إلنقاذ أنفسهم هي قتل أحدهم يخُ طر فعل ذلك لنفس السبب .هذا هو ما نستنتجه من
الرأي الوارد يف رمخ ،و«كيس�يف مشنيه» اللذين سريدان فيام بعد؛ حيث يناقش كال املصدرين
املسألة من ناحية فرضية « ملاذا تعتقد أن حياتك أهم من حيايت؟» ومل يذكرا فرضية أخرى حول
حظ�ر األمر بس�بب بذل النفس (وهو نف�س رأي الكثري من احلكامء األواخر الذين أس�هبوا يف
ذل�ك كام يرد يف امللحوظة التالية) .باإلضافة إىل أن األمر مثبت يف رأي تفئرييت يرسائيل الذي
جدد عندما قال :إذا كان هناك أم وطفل عىل وش�ك املوت ،والوس�يلة الوحيدة إلنقاذ األم هي
قتل الطفل (حيث إنه لوال هذا سيموت كالمها)ُ ،يسمح بقتل الطفل.
أدرك تفئريي�ت يرسائيل أنه جيب تطبيق ه�ذا احلكم يف حالة اجلامعة ،وهو ال يرى يف هذه
أيض�ا أن احلظر ينبع من س�بب له عالقة باإلجرام .وهو نفس األم�ر املثبت يف هحازون احلال�ة ً
إيش الذي يساوي بني حكم التسليم يف مثال اجلامعة ،وبني حكم إرسال محامة إىل البحر بسبب
العاصفة ،رغم أن خطر العاصفة ال ينبع من عالقة ذي صلة إجرام؛ حيث يرى هحازون إيش
أن�ه ثم�ة إمكانية بالسماح بتحريك اخلطر من املجم�وع إىل الفرد ،حيث إنه حُيظر تس�ليم الفرد
مقابل اجلميع يف حالة اجلامعة املحارصة حتت أنقاض بناية.
188
إن الرخصة التي يمنحها هحازون إيش تس�تند إىل أنه حُيظر قتل ش�خص ،و ُيس�مح فقط
بتحري�ك اخلط�ر ع�ن اجلامعة؛ حيث وبنف�س الرؤية ُيس�مح للفرد أن حيرك الضرر يف القانون
املدين غري أن القتل نفس�ه مل يسمح به ،وراجع رأي «كيسيف مشنيه» حول «شوحلان عاروخ».
ويري بنيامني ،أن احلكم السابق ينطبق يف مثال اجلامعة فقط يف حالة أن األغيار يكونون راغبني
يف احلصول عىل فرد من اجلامعة ،وليس عندما يكون هذا هو الواقع؛ ألنه حينئذ لن نحتكم إىل
فرضية «ملاذا تعتقد أن حياتك أهم من حيايت؟» ،وليس ثمة التزام ببذل النفس.
مسموحا به وف ًقا لكال الرأيني الواردين يف مهرش يافيه:
ً – 25ألول وهلة يبدو األمر
مسموحا؛ ألن األمر وقتها سيكون
ً * يف حالة حتديد شخص باالسم ،ال شك يف أن األمر
إنقا ًذا للش�خص ،فوجود ذلك الش�خص الذي حتدد باالسم يعرض من يقتله للخطر .لكن يف
حالة عدم حتديد الش�خص باالس�م ،فإن قتل فرد من اجلامعة يف جزء من احلاالت هي عالج،
وبمثابة استغالل لوجود القتيل (فمثلاً :مجاعة حمارصة يف الصحراء ،وجيب تقديم أحد أفرادها
للحيوانات املفرتسة إلهلائها عن بقية اجلامعة) ؛ وذكرنا فيام سبق أنه حيتمل أن ليس ثمة ترصيح
بالقتل وف ًقا ملهرش يافيه عندما يستغلون وجود القتيل.
أيض�ا من يعتقد هذا ،س�يعرتف أنه يف حالة اجلامعة مس�موح بالقتل إلنقاذ
لك�ن يب�دو أنه ً
احلياة؛ ألنه لوال هذا س�يموت اجلميع ،لذا فإن�ه ال توجد فرضية حلظر هذا القتل(راجع ما يرد
فيام بعد نفس الفقرة ،ويف امللحوظة بعد القادمة).
-26وهو نفس رأي «كيس�يف مش�نيه» ،وكذلك كتاب «طوريه زاهاف» يف حالة النس�اء
الاليت قيل هلن «أعطونا إحداكن لنجعلها نجسة ،وإذا مل تفعلن سننجسكن مجي ًعا» ويوضح «إذا
تم حتديد إحداهن باالس�م ،وقيل «إذا مل تعطونا إياها لنجعلها نجسة ،حينئذ سنقتلكن مجي ًعا»،
وي�ري «طوريه زاهاف» أنه يف حالة عدم حتديد إحداهن باالس�م ،يمكن لكل واحدة منهن أن
تق�ول «أن�ا ال أري�د الذهاب ،وإن كنت�ن تعتقدن أن إحداكن جيب أن يتم تس�ليمها ،فلتس�لمن
أنفسكن».
إما منحات حينوخ فهو ال يرى اختال ًفا بني احلالتني ،ويؤمن أن البقاء لألقوى.
– 27ح ًّقا« ،حيتمل أن «كيسيف مشنيه» ً
أيضا يعرتف أن فرضية حظر القتل يف حالة عدم
حظرا
حتديد أحد أفراد اجلامعة باالس�م ،تنطبق فحس�ب عىل اليهود؛ ألن الفرضية لدهيم ترتك ً
189
موجو ًدا ،ومن يريد أن يسمح بالقتل هو ذلك الذي خيرج أحدهم ،ولذلك فأصحابه يزعمون
جتاهه أن :فلتسلم أنت نفسك ،فال يقتل اجلميع .أما لدى األغيار فاملسألة يف األساس ال عالقة
حظرا جديدً ا».
هلا ببذل النفس عن الوصايا ،والفرضية ستخلق ً
- 28جي�ب أن نس�هب أكث�ر حت�ى نفه�م مقص�د «هبايت ح�داش» من ه�ذه الكلامت:
فهو يورد من اجلامرا مثالاً لش�خصني يسريان يف الصحراء ،ويمسك أحدمها بزمزمية ،صاحبها
س�يدعي أن «حيات�ه أوىل»؛ ولذلك يس�مح له باالحتف�اظ باملياه ليعي�ش وال يعطيها لصاحبه.
يتعل�م «هباي�ت حداش» من ه�ذا املثال أنه يف حاله إجب�ار أحد القتلة لش�خص «اقتل فالنًا أو
أقتلك» بناء عىل تلك الفرضية ،يس�مح للش�خص املجرب أن يقتل حتى ينقذ حياته؛ ألنه يدعي
شخصا حياته،
ً أن «حياته أهم» (واألمر املحظور لدى اليهود سببه أنه يف مجيع األحوال سيفقد
وإذا حدث ذلك فليس ثمة فرضية تس�مح بكرس احلظر) .وألول وهلة يصعب علينا أن نصل
هلذا االس�تنتاج من ذلك املث�ال :ففي املثال األول ،ذلك الذي س�يحتفظ باملياه اخلاصة به ،ألن
«حياته أهم» ،ال يرض بالشخص الثاين بأي شكل.
وراج�ع رأى هحاتام س�وفري ،الذي قال إنني إذا كن�ت احتفظ يف يدي باملاء خاصة الثاين،
علي أن أعطيه إي�اه؛ ألنه هو الذي س�يدعى أن «حياته أه�م» ،انطال ًقا م�ن ملكيته للامء.
جي�ب ّ
وناهيك عن أنه حُيظر احلصول عىل املاء بالقوة من الشخص الثاين.
إذن ،كي�ف يمك�ن أن نتعل�م من الرخصة التي متنحه�ا لنا اجلامرا يف احلال�ة التي أقتل فيها
شخص آخر؟
وحول هذا خيربنا «هبايت حداش» أن ثمة اختال ًفا بني املثال األول ومثال «اقتل فالنًا»:
ففي املثال األول ،وجود الش�خص الثاين مل يتس�بب يل يف أي رضر ،وإذا حصلت عىل املاء
خاصته ،فإنني بذلك استغل وجوده وأعالج بواسطته .ومن خالل ذلك أدرك «هبايت حداش»
أنه ال داعي لالحتكام لفرضية «حيايت أهم»؛ ألن صاحب املاء يزعم أن «ملاذا تعتقد أن حياتك
أهم من حيايت؟» حتى تورطني يف مشكلتك مع املاء ،وتستغل وجودي لتنقذ نفسك؟
أما يف حالة «اقتل فالنًا» ،فإن وجود فالن (الذي «تورط» مع الشخص الذي جيربه) تسبب
يل يف أذى وأجربين عىل االختيار بني حيايت أو حياته ،ويف مثل هذه احلالة لن يس�تطيع أن يزعم
لآلخ�ر أن�ه «ملاذا تعتقد أن حياتك أهم من حيايت؟»؛ ألنني يمك�ن أن أقول له «ملاذا تعتقد أنني
190
مضطر أن أعاين بسبب وجودك؟» وهلذا يمكنني إحلاق األذى به ألن «حيايت أهم».
يتض�ح من هذا أن�ه إذا كان «هبايت ح�داش» يعتقد أن فرضية «حياتك ليس�ت بأهم من
حي�ايت» كافي�ة إلل�زام األغي�ار ببذل النفس عن القتل ،س�يكون ه�ذا يف رأيه فحس�ب يف حالة
أيضا «أور ساميح»).
العالج وليس اإلنقاذ (كام يرى ً
– 29الرايب موسى بن ميمون – رشائع امللوك - 2 :10ورد سل ًفا.
«يظر» إهناء حياة
- 30ثمة صيغة مش�اهبة كذلك يف باب «األس�ئلة واألجوبة» تقول إنه حُ
ش�خص لصالح ش�خص آخر ،لكن ُيسمح للشخص نفس�ه بإهناء حياة غريه من الناس إلنقاذ
حياته ،عىل أساس أن حياته أهم».
- 31يق�ول ال�رايب ش�لومو بن أفراه�ام بن أدرات (اإلش�بييل) يف فصل «باب�ا قاما -12
:»2إنه يف حالة تعمد ش�خص إيذاء ش�خص آخر ،تسمح الرشيعة اليهودية للمترضر بقتل من
تعدى عليه للحصول عىل كبده ،حتى ينقذ حياته بواسطة هذا الكبد».
تناق�ش اجلمارا يف هذا املوض�ع اخلالف الدائر بين ال�رايب يوحان�ان רבי יוחנן)*( والرايب
ش�معون بن لقيش حول الش�خص امللزم بالتعويض عن األرضار املرتتبة عىل اشتعال النريان،
هل هو من أشعلها أم من يمتلكها؟
وتأت�ى اجلامرا بدلي�ل عىل ذلك من الرايب يوحانان רבי יוחנן الذي يقول« :اس�مع وتعلم،
إذا أش�عل أحده�م النار يف كومة من الغلة ،وتس�بب ذلك يف قتل ج�دي مقيد وعبد موجودين
يف نفس املكان ،يكون هذا الش�خص ملز ًما بتعويض صاحبهام ،أما إذا كان العبد مقيدً ا ،فليس
عليه يشء».
فلنفرتض أن من أشعل النار ملزم بالتعويض ،لكن ماذا لو تسببت النريان يف قتل العبد؟
يقول هنا الرايب ش�معون بن لقيش :املقصود أن اش�تعال النار يف جس�د العبد ألزمه بدفع
تعويض عن قتله ،وهو ما يعفيه من دفع تعويض عن اخلس�ائر املادية التي وقعت؛ ألن القاعدة
تقول :عقوبة الذنب األكرب جتب عقوبة الذنب األصغر».
األمر نفسه ورد يف التفاسري اإلضافية «التوسافوت» ،ويف رشوح الرايب شلومو بن أفراهام؛
)*( الرايب يوحانان רבי יוחנן :أكرب أمورائيي اجليل الثاين يف فلسطني ،وضع العديد من املؤلفات الدينية ،وله إسهامات
بارزة يف كتب التفاسري الكربى.
191
ألن من أش�عل النار هو الس�بب يف وقوع األرضار؛ لذلك فهو ُملزم بدفع تعويض عن القتل،
وغري ملزم بدفع تعويض عن اخلسائر املادية التي وقعت.
ويضيف الرايب شلومو بن أفراهام :يؤكد الرايب ريش لقيش أن «اللحظة التي تشتعل فيها
النريان يف جس�د العبد ،هي اللحظة التي يتم فيها إلزام من أش�عل النريان بدفع تعويض ،وإذا
احرتقت الغلة بعد مقتل العبد ،هل يكون معفى من التعويض عن الغلة؟».
جي�ب الق�ول إن الغلة احرتق�ت ،أولاً ،قبل وفاة العبد ،حتى يقتصر التعويض عىل واقعة
القتل فحس�ب ،وكام تعلمنا يف فصل «ابن س�ورير ومورير בן סורר ומורר)*(» يف الس�نهدرين
« :)1:63ال يمكن افتداء من ارتكب هذه اجلريمة حتى لو ضحى بنفسه».
أي أن الرايب ش�لومو بن أدرات يتش�دد يف هذه النقطة؛ حيث إن املقصود هنا ،وف ًقا للرايب
ريش لقيش ،هو «من أشعل النار يف جسد العبد ،حتى لو اتضح أن املحصول احرتق بعد مقتل
العبد».
وملاذا ُيعترب من أشعل النريان آثماً يف هذه احلالة ،أمل تتوقف آثار النريان املدمرة؟
لذلك فهو هنا حيل مشكلة تكمن يف أنه رغم اشتعال النار يف جسد العبد ،فإنه قد مات بعد
احرتاق املحصول ،وما دام مل يمت العبد بعد ،فال يزال من أشعل النار مذن ًبا ،وجيب قتله إلنقاذ
العبد ،ولذلك فهو معفى من التعويض عن األرضار املادية التي وقعت يف الوقت نفسه .حتى
إذا كان احلصول عىل كبد املذنب سيس�هم يف إنقاذ املترضرُ ،يس�مح بالقيام بذلك؛ ألنه ُيس�مح
بقتل الشخص املذنب إلنقاذ الشخص املترضر.
ويف حقيقة األمر ،ترى التفاسري اإلضافية التي مل تذكر امللحوظة السابقة أن الرايب شمعون
ب�ن لقيش يقص�د أن «من يمتلك النيران هو املذنب» ،وبالتايل إذا اش�تعلت النريان يف جس�د
العبدُ ،يعفى هذا الش�خص من دفع تعويض عن اخلس�ائر األخرى؛ ألن كل ما حدث قد وقع
بس�بب إش�عال النريان .ووف ًقا هلذا ُيعاقب الش�خص عىل الذنب األكرب ،حتى إذا انتهى خطر
النريان (ورغم هذا ،فهي ليست احلالة الوحيدة من نوعها يف القانون املدين).
وترى التفاسري أنه ال داعي للترشيع الذي استحدثه الرايب شلومو بن أدرات».
ويبدو ألول وهلة أن التفاسير حتظر قتل ش�خص أحلق األذى بغيره ،حتى وإن كان هذا
)*( ابن سورير ومورير בן סורר ומורר :تعبري تورايت يقصد به الطفل غري املطيع.
192
س�يفيد الش�خص املظل�وم .هذا فحس�ب يف حالة كون وجود الش�خص املذن�ب ،يرتتب عليه
خط�ورة م�ا ،مثل أن يقوم بإغلاق الطريق بالقوة ملنع إمخاد النريان ،وم�ا إىل ذلك؛ ألنه يف هذه
احلالة يس�تمر يف إيقاع األذى ،لكن ال يوجد ما يس�مح باس�تغالل الشخص الظامل؛ ألن هذا ال
يعنى أن الظلم مس�تمر .يمكن كذلك مراجعة ما ورد يف كتاب «إيفني هعيزر» ،ولكن إذا كان
الش�خص الظامل هيود ًّيا ،ال ُيعاقب ،أما بالنس�بة لغري اليهود ،إذا كانوا ملزمني بعقيدة التضحية
بالنفس ،فيجب مناقشة األمر وف ًقا للخالف الذي دار بني احلكامء األوائل ،واخلالف الوارد بني
«شوحلان عاروخ» والرايب سفتي كوهني حولَ :من هو الشخص الذي وقع عليه الرضر؟
ه�ل هو الش�خص الذي سرُ ق ماله بالفعل ،أو هو الش�خص ال�ذي اضطر حتت التهديد،
لرسقته؟
وبنف�س املنطق ي�دور هنا خالف حول من وقع عليه الرضر :هل هو من مات بالفعل ،أم
من تسبب يف هذا القتل؟
– 32يعف�ي ال�رايب س�فتي كوهني ،بأث�ر رجعى ،من حصل عىل م�ال ال خيصه عن طريق
ش�خص آخ�ر ،ولكن إذا حصل عليها بنفس�ه ،فه�و مذنب ،كام ورد يف املتن ،أي أن الش�خص
غري مذنب ،إذا اقترص األمر عىل توصيل املال لش�خص آخر؛ ألن الغرض من عقابه هو فرض
غرامة مالية عليه ،الرتكابه ذن ًبا بشكل غري مبارش.
وحسب الرايب سفتي كوهني ،فإنه حُيظر إجبار شخص عىل توصيل مال لشخص آخر.
وكما أورد حكي�م فيلنا الكبري العالمة الرايب إلياهو بن ش�لومو زملان רבי אליהו בן שלמה
זלמן)*(» ،فإن فرضية «هل مالك أهم من مايل؟» تناسب هذه احلالة ،كام أوردنا يف البداية.
- 33يلخص «شوحلان عاروخ» الرأي الذي ورد يف الربايتا «املشناه اخلارجية» حول هذه
النقطة.
- 34راج�ع م�ا ورد يف فصل«بابا قاما» ويف «ش�وحلان عاروخ» ،وكذل�ك كلامت الرايب
أيضا ،وسنس�هب يفيوس�ف حول قضية هناية العالمة ،وما ورد يف باب «األس�ئلة واألجوبة» ً
امللحق الوارد يف آخر الفصل يف رشح األمر.
)*( الرايب إلياهو بن شلومو زملان רבי אליהו בן שלמה זלמן (1797 – 1720م) :من كبار رجال الدين اليهود عىل مر
اختصارا بـ «العلاّ مة».
ً العصور ،و ُيعرف
193
-35راجع «شوحلان عاروخ».
صحيح�ا ومطاب ًقا
ً -36راج�ع م�ا ورد يف «ش�وحلان ع�اروخ» ح�ول كي�ف يكون البي�ع
للرشيعة (باملناسبة :راجع كذلك رأي) أرييه لييف بن رايب يوسف هكوهني هلر אריה לייב בן
רבי יוסף הכהן הלר)*( يف كتابه «قتس�وت هحوشين קצות החושן» حول الترشيع املس�تحدث
بشأن الفرضيات املطروحة فيام خيص حتريم قتل اجلنني يف حالة التعرس يف الوالدة».
- 37ي�ورد ال�رايب مهئيرى רבי המאירי)**( يف الس�نهدرين ،وكذل�ك يف التلمود الرأي
الذي يقول إنه ُيسمح لألم بقتل اجلنني؛ حيث يقول:
«يمن�ح احلكماء الذي�ن س�بقونا هذه الرخص�ة لألم ،أي أن�ه يمكن لألم نفس�ها أن تقطع
أوصال اجلنني الذي يرض هبا؛ ألنه ال يمكن إثبات التهمة عىل الطرف املتعدي يف هذه احلالة.
لكنن�ا مل نج�د دليلاً آخر عىل ه�ذا الرأي لدى احلكماء األوائل)***( ،ووف ًق�ا لذلك ،يرى
احلكامء األوائل أنه حُيظر للمرأة قتل جنينها».
هذا ما نستنتجه من رأي الرايب مهئريى רבי המאירי ،وتم التأكيد عىل هذا الرأي من خالل
ما أورده «رايب شلومو بن يتسحاق רבי שלמה בן יצחק» يف فصل السنهدرين يف التلمود.
عرسا يف الوالدة ،أن تقتل اجلنني الذي أخرج رأس�ه من بطنها،
حُيظ�ر على األم التي تعاين ً
رغم واقعة السامح بتسليم شيفع بن بكرى ،الذي مترد عىل امللك داود.
وإذا أدركنا األمر كام فعل حكامؤنا األوائل ،ما كنا نناقش هذه القضية ،اآلن؛ ألن الذي قام
بتس�ليم شيفع بن بكرى هم املترضرون أنفس�هم ،وليس طر ًفا ثال ًثا ،و ُيسمح للمترضرين بقتل
الش�خص املذنب يف قضيتنا تلك .ومل يورد الرايب موس�ى بن ميمون ،وال «ش�وحلان عاروخ»،
أو ال�رايب أفراه�ام بن داود אברהם בן דאוד)****( أي يشء بخص�وص خالف بني الداية وبني
األم نفسها.
)*( أرييه لييف بن رايب يوسف هكوهني هلر אריה לייב בן רבי יוסף הכהן הלר (1812 – 1745م) :حاخام وفقيه ومدير
مدرسة دينية هيودية .من أشهر كتبه «קצות החושן» والكلمة تعني :أطراف صديرية مميزة لرجال الدين اليهودي.
)**( هو الرايب مناحيم بن شلومو مهئريي רבי מנחם בן שלמה המאירי (1315 – 1249م) :من كبار علامء التوراة.
)***( احلكامء األوائل ראשונים :يطلق هذا املصطلح عىل حكامء اليهود الذين عاشوا يف الفرتة بني القرن احلادي
عرش والقرن اخلامس عرش تقري ًبا.
)****( الرايب أفراهام بن داود אברהם בן דאוד (1180 – 1110م) :مؤرخ وفيلسوف وفلكي هيودي.
194
- 38فيما بع�د ،جيب اإلس�هاب حول العالقة بني ه�ذا ،وبني اخلالف الدائ�ر بني الرايب
موس�ى ب�ن ميمون ،والرايب أفراهام ب�ن داود אברהם בן דאוד يف هناية رشائع «من أحلق األذى
بصاحبه» ،يف التلمود يف باب «األرضار נזיקין)*(»؛ ألن املكان ال يتسع هنا لإلسهاب .
- 39ن�رى أن�ه مم�ا ورد يف الس�نهدرين ،ويف التفاسير اإلضافي�ة ،أن األغي�ار كذل�ك
حيظرون عىل الداية إحلاق األذى باملولود «ويكتفون بحكم املولود الذي مل يخُ رج رأس�ه بعد من
بطن أمه».
ولي�س ثمة دليل عىل هذا؛ ألهنم يتحدث�ون عن الداية ،التي هي طرف ثالث يف املوضوع.
ويمكننا أن نفرتض أن التفاسري اإلضافية ترى أنه حُيظر عىل هذا الطرف الثالث التدخل لصالح
أحد الطرفني ،رغم أنه ُيسمح هلم بإنقاذ أنفسهم.
أيضا ما ورد يف كتاب «عزرات كوهني עזרת כהן )**(».
- 40راجع ً
- 41وف ًقا هلذا الفهم ،يورد التلمود األورش�ليمي رأ ًيا مفاده ،أنه يمكن للطرف الثالث،
(أي الداية) ،إحلاق األذى باملذنب وبقسوة ،وليس جمرد إيذائه.
يمكننا القول إن التلمود األورشليمي أورد مقولة «ال تعلم من قتل من» حتى نفرس ،ملاذا
أيضا الطرف الثالث حُيظر عليه إحلاق األذى باملولود ،حتى لو
حُيظر عىل األم قتل املولود .لكن ً
مل نورد هذه املقولة؛ ألن املولود تعرض ألذى.
- 42هذا ما قام الرايب ايرس هيودا أونرتمان רבי איסר יהודה אונטרמן )***(» بتفسيره يف
كتابه «سبط من هيوذا שבט מיהודה )****(» ،حول رأي الرايب موسى بن ميمون.
«علينا أن نتس�اءل :هل الش�خص العاقل الذي تس�بب يف أذى رغماً عنه ،ملزم بالتضحية
بنفسه؟ ألنه كام نعلم أنه عىل كل هيودي افتداء املترضر باملتعدي».
)*( باب األرضار(נזיקין) ،وهو الباب الرابع ضمن ستة أبواب تشكل التلمود ،ويناقش يف األساس أحكام األرضار
بني األطراف املختلفة يف القضاء العربي.
)**( «عزرات كوهني ערזת כהן» :أحد أجزاء كتاب «األسئلة واألجوبة» التي وضعه الرايب أفراهام يتسحاق هكوهني
הרב אברהם יצחק הכהן.
)***( الرايب إيرس هيودا أونرتمان רבי איסר יהודה אונטרמן (1976 – 1886م) :كان من قادة حركة «مهزراحي» وثاين
احلاخامات األشكناز لدولة إرسائيل.
)****( «سبط من هيوذا שבט מיהודה» :أحد أهم كتب الرايب ايرس هيودا أونرتمان ،ويضم جمموعة أسئلة فقهية.
195
يرى الرايب ش�لومو بن يتس�حاق يف تفسيره « :أنه يصعب علينا فهم مس�ألة السماح بقتل
شخص تسبب يف أذى دون تعمد» .ويتشدد الرايب شلومو بن يتسحاق يف منع قتل اجلنني ،وهو
احلكم الذي ينبع من السامح بقتل شيفع بن بكرى».
وألول وهلة يبدو لنا أن الس�بب وراء وجود هذه املعضلة هو أن اجلنني تم اعتباره مذن ًبا،
ويظر قتله؛ ألنه تسبب يف األذى رغماً عنه .ويستمر الرايب شلومو بن يتسحاق يف تشدده ،حينام حُ
خطرا عىل
أمرا ممكنًا ،بدعوى أنه يمثل ًيتساءل حول السبب الذي جعل قتل «شيفع بن بكرى» ً
املجتمع الذي يعيش فيه ،رغم أنه فعل ما فعله رغماً عنه.
ونشير من كالمه أنه يرى أن اجلنني يرض باألم ،والس�بب الذي يعفيه من الذنب هو أنه يف
موقف ضعف.
باإلضاف�ة إىل ذل�ك ،يمكننا أن نحدد من خالل ما أورده الرايب ش�لومو بن يتس�حاق ،أن
الرضر الذي يسببه اجلنني لألم هو أمر قدري .هذا بخالف ما يراه التلمود األورشليمي من أن
بعضا.
كال الطرفني يرض بعضه ً
ورد كذل�ك يف كت�اب «تيفئرييت يرسائي�ل תפארת ישראל )*(» حول هذا :أن اجلنني يرض
بأم�ه ،وإعف�اؤه من الذنب يرجع فحس�ب ،لكونه يف موقف أضعف .راج�ع كذلك ما ورد يف
باب «األسئلة واألجوبة)**(» ومصادر أخرى.
- 43لق�د أوردن�ا يف امللحوظة الس�ابقة الرأي الذي يشير إىل أن الرشيع�ة اليهودية جتيز
األمر ،لكن ليس ثمة استحداث ترشيعي خيص ما نناقشه هنا؛ ألننا نناقش القانون املدين الذي
يسمح هبذا لدى األغيار.
- 44إذا كانت الوس�ائد مطروحة بإمهال ،يمكن ألول وهلة السماح ملن يريد بتحريكها
(استنا ًدا إىل حالة الفقري الذي يقوم بتقليب اخلبز املشوي عىل اجلمر) .راجع ما ورد يف «شوحلان
عاروخ» حول هذا ،عىل الرغم من أنه يف هذه احلالة ،سيتعرض مالك األغراض لألذى.
وبش�كل تلقائي ،حُيظر عىل مالك األواين إحلاق األذى بالشخص الذي حصل عليها (مع
األخذ يف االعتبار أنه يس�تطيع اإلبقاء عليها بعد حتطيمها ،وحينها لن يتعرض خلس�ارة مادية،
ال شك يف أن عليه االنتظار ،وعدم احلصول عىل األغراض؛ استنا ًدا إىل فريضة «إعادة األغراض
املفقودة»).
)*( «تيفئرييت يرسائيل תפארת ישראל» :هو كتاب فلسفي من وضع الرايب هيودا ليفا بن بتسلئيل (1609 – 1520م).
)**( يطلق هذا االسم ،دائماً ،عىل الكتب التي تضم جمموعة أسئلة فقهية مع إجاباهتا.
196
وراج�ع م�ا ورد ح�ول ه�ذه النقط�ة يف التلم�ود يف كت�اب «ش�يلتى جيبوري�م
שלטי גיבורים )*(» .ويف «هحازون إيش החזון איש)**(» يف «بابا قاما» ،ويف «حوشني مشباط»
«وم�ن العجي�ب أن مجيع تلك املصادر ذكرت اليشء نفس�ه دون ذكر بقية املصادر .فيام يوضح
الرايب شلومو بن يتسحاق أن السؤال املطروح هو :هل جيوز أو حُيظر أن حُيرق املحصول؟ ألن
املسألة ال تتعلق فحسب باإللزام بالتعويض املادي .وقد تشدد كثريون يف ذلك.
– 45بالنس�بة هل�ذه املس�ألة ،فإن�ه ال يشء يقف يف وج�ه إنقاذ حياة ش�خص .لكن الرايب
شلومو بن يتسحاق يقول يف «إجيروت موشيه אגרות משה» إنه« :إذا مل حُيرق املحصول ،ملا كان
هناك خطر عىل حياة أحد اليهود ،بل كان األمر سيقترص عىل جمرد خطر عادى».
و ُيسمح ملن يمتلك الغلة باملخاطرة إلنقاذ ممتلكاته (كام جيوز املخاطرة عن طريق أداء وظيفة
معينة) .راجع ما ورد يف «بابا متسيعا בבא מציעא» ويف «نوداع بيهوذا נודע ביהודה)***(».
وف ًقا ملا س�بق ،يبدو أن الرايب ش�لومو بن يتس�حاق قد أدرك أن داود ومقاتليه همً ،
أيضا،
مل يق�ووا عىل إحل�اق األذى باملحصول؛ ألهنم إذا كانوا هم أصح�اب املحصول ،ملا كانوا فعلوا
هذا .واألمر ُم َفسرَّ عىل أساس أن داود مل يوافق عىل استغالل الرخصة املمنوحة له حلرق الغلة
بصفته ملكًا ،وإذا كان ثمة خطر مؤكد عىل اليهود من حرق الغلة ،سيكون كر ًما من جانبه ،أي
داود ،كيهودي إذا مل يفعل هذا.
أيض�ا ما ورد يف «األس�ئلة واألجوبة» ،لكن جيب البحث أكثر حول كيفية تفسيره
راج�ع ً
إلثناء داود عن حرق املحصول خاصة ،وف ًقا ملا ورد يف النص.
راجع كذلك «األسئلة واألجوبة» اجلديدة التي طرحها الرايب شلومو بن يتسحاق؛ حيث
منتحرا.
ً تؤكد أنه حُيظر تعريض حياته للخطر ،ومن يفعل هذا يعد
- 46راجع ما ورد يف «اجيروت موشيه אגרות משה» ،من أن داود تداوى بواسطة الغلة،
ومل يس�تفد من اإلرضار هبا (ويفرس هذا الس�بب الذي جعل داود ملز ًم�ا بدفع تعويض مادي،
)*( «شيلتى جيبوريم שלטי גיבורים » :هو أشهر كتب الرايب هيوشوع بوعاز ،ويعرض فيه آلراء الرايب يتسحاق الفايس
(1103 – 1013م) من حكامء اليهود يف األندلس .وجدير بالذكر أنه ثمة كتاب آخر باالسم نفسه من تأليف الرايب
أفراهام بن دافيد هاروفيه (1542 – 1612م) يتحدث عن أمور ختص طائفة الالويني.
)**( هحازون إيش החזון איש :هي سلسلة من املؤلفات وضعها الرايب «أفراهام يشاعيا كرليتس» ( 1953 – 1878م)،
ويضم جمموعة من املالحظات ختص التلمود و«شوحلان عاروخ».
)***( «نوداع بيهودا נודע ביהודה» :الكلمة تعنى ُعرف يف قبيلة هيوذا :هو اسم كتاب حيتوي عىل جمموعة أسئلة وأجوبة
يف الرشيعة ،من تأليف الرايب حيزقئيل سيجيل لندا רבי יחזקאל סג'ל לנדא.
197
رغم أنه ينقذ حياة اآلخرين ،وثمة ترشيع يقول إن الش�خص الذي ينقذ حياة غريه ،معفى من
دفع تعويض ،إذا تسبب يف رضر أثناء قيامه بذلك).
وراجع كذلك ما ورد يف «نتيفوت مهشباط נתיבות המשפט )*(» الذي خيتلف مع ما ورد يف
«إجيروت موشيه – אגות משה»؛ ألنه يرى أن رأوبني الذي يتداوى بواسطة ما يملكه شمعون؛
أيضا إذا كان ينقذ نفسه
لكي ينقذ ليفي ،معفى من دفع أي تعويض عن اخلسائر .ويتم إعفاؤهً ،
يف الوقت ذاته.
وعلينا أن نؤكد أن هذا الرأي س�بق الترشيع ،أو أنه بالنس�بة لداود ،كان يمكن إنقاذ حياة
اآلخري�ن بص�ورة خمتلفة (كما ذكرنا يف امللحوظة الس�ابقة) .ولذلك فثمة إل�زام بدفع تعويض
(ووف ًقا هلذا ُيسمح احلصول عىل حصة لدفع التعويض ،وربام ختتلف التفاسري اإلضافية يف هذا
مع رأي الرايب شلومو بن يتسحاق.
لكن عىل أي حال ،كال املصدرين يتفق عىل أن من يتعدى عىل أغراض تعيق الطريق الذي
يساعد شخص يف إنقاذ حياته ،فعليه دفع تعويض لصاحب هذه األغراض ،كام أوردنا يف املتن،
كام هو مفسرَّ يف «إجيروت موش�يه אגרות משה» وهو ما تتحدث عنه اجلامرا التي تعفي من ينقذ
حياة اآلخرين من دفع أي تعويض؛ استنا ًدا إىل هذا الترشيع.
ورد كذل�ك يف اجلمارا أن املترضر نفس�ه ملزم بدفع تعويض إذا تس�بب يف حتطيم األواين.
وهو نفس املعنى الذي ورد يف «سفتي كوهني שבתי כהן» ،كام تم توضيح األمر جيدً ا يف امللحق
األول هلذا الفصل يف الفقرة السادسة.
- 47ثم�ة ترشيع باس�م «ترشيع هيوش�واع» ،جييز يف حاالت معين�ة اإلرضار بالقليل من
أجل كس�ب الكثري (راجع قانون النبيذ والعس�ل) .عىل كل حال إذا أحلقت األذى بش�خص،
عيل تعويضه عن هذا.
جيب َّ
- 48نح�ن نفترض هنا أنه ليس ثمة قانون ُيلزم إخالء ه�ذه املكان يف هذه احلالة ،كام لو
مهجورا متا ًما.
ً كان املكان
إذا كان ثمة قانون ُيلزم بإخالء الطريق يف هذه احلالة ،سيكون من املفروغ منه أن نقول إن
من يفعل هذا هو ش�خص تع�دى عىل أمالك غريه؛ ألن املقصود بامتلاك األرض هو حيازهتا
)*( «نتيفوت مهشباط נתיבות המשפט» :الكلمة تعني « ُطرق احلكم» ،وهو اسم كتاب يناقش أجزاء من «شوحلان
عاروخ» ،من تأليف الرايب يعقوب بن يعقوب موشيه لوربربويم مليسا רבי יעקב בן יעקב משה לורברבוים (1760
1832-م).
198
(راجع ما ورد يف «شوحلان عاروخ» فيام خيص رشائع األماكن املهجورة والوصول إىل حدودها،
و ُيسمح يف هذه احلالة بإخالء الطريق).
-49إذا كانت اخلس�ارة املالية التي س�يتكبدها ش�معون أقل من خس�ارة رأوبني ،فيجوز
إخالء الطريق يف حاالت معينة ،مثل أن يقوم رأوبني بتعويض ش�معون عن خس�ارته ،كام هو
احلال يف قانون «النبيذ والعسل» الذي ورد سل ًفا.
-50إذا ق�ام أح�د األغي�ار بش�غل الطري�ق وف ًق�ا للقاع�دة الترشيعية «اهن�ض وال تفعل
קום ואל תעשה» ،حُيتمل جدًّ ا أن عليه إلزا ًما ما؛ ألنه تسبب يف قتل شخص آخر؛ وألن األغيار
حيتكمون إىل القصاص ،كام ورد يف اجلامرا ،وكام سنورد يف بقية الفصل.
لكن إذا حدث هذا وف ًقا للقاعدة الرشعية التي تقول «كُن سلب ًّيا» ،علينا أن نتوقف لنناقش
ما إذا كان ثمة إلزام؛ ألنه تسبب يف قتل شخص آخر:
وفقا لرأي الرايب موس�ى بن نحامن ،فإنه مل يتم إلزام أهل نابلس بالتضحية بأرواحهم ،أي
أنه ليس ثمة إلزام هنا ،لكن الرايب موسى بن ميمون يرى العكس من ذلك.
- 51راج�ع ما أورده الرايب موس�ى بن ميم�ون ،يف هناية الفصل األول من رشائع القتل،
وكذلك ما ورد يف «ش�وحلان عاروخ» .ورغم الرضر املادي الذي وقع ،فإن ثمة إلزا ًما كام ورد
يف التلمود يف السنهدرين ،ويف املصادر الواردة سل ًفا.
شخصا يغرق
ً - 52عىل سبيل املثال :شخصان يقفان بجوار أحد األهنار ،وتصادف أن شاهدا
يف النهر ومل حياوال إنقاذه ،هل ُيسمح ملن يقاوم الغرق قتل أحدمها حتى يهُ رع الثاين إلنقاذه؟
حُيظ�ر عليه فعل ه�ذا؛ ألهنام رغم جتاوزمها لرشيعة «ال تقف يف وج�ه إنقاذ أخيك» ،فإهنام
ليسا السبب يف غرقه؛ لذا فهام ليسا بآثمني.
- 53 ورغم ورود هذا يف اجلامرا؛ حيث إن اجلامرا تسمح بقتل الشخص الذي تسبب يف
أيضا ،يف حالة إحلاق األذى بواسطة طرف ثالث ،إذا كان ثمة إحلاق األذى ،مثلام تسمح بذلكً ،
شك يف أنه سيستمر يف إحلاقه لألذى (راجع «شوحلان عاروخ») ،إال أن اجلامرا تعتربه آثماً .
أيض�ا يف كل م�ن «األس�ئلة واألجوب�ة» ويف «أور س�اميح» (ب�اب
ورد تفسير لذل�ك ً
رشائع القتل).
199
- 54حتى لو شغل الطريق حسب قاعدة «اجلس وال تفعل» ،فهو آثم( راجع ما ورد يف
األس�ئلة واألجوبة) التي قالت إن الذي ال يس�دد ديونه يتس�بب يف أذى لكل اليهود ويعد آثماً ،
عىل الرغم من أن هذا قد تم حسب قاعدة «اجلس وال تفعل».
- 55يف حال�ة الس�فينة وحمِ له�ا الزائد :ليس ثم�ة إلزام بتعويض ال�ذي ُيلقي بحمولته يف
احلمل البحر ،لكوهنا تتس�بب يف حمِ ل زائد عىل السفينة .يرجع هذا ألنه يف هذه احلالة سيتسبب ِ
يف أذى م�ن ش�أنه أن ي�ؤدى إىل غرق الس�فينة ،وخيتلف هذا م�ع احلالة الت�ي نوردها هنا حول
شخص منع إنقاذ شخص آخر بوقوفه يف طريقه.
وألن ثم�ة أذى حل�ق باملمتل�كات ،جيب تعوي�ض صاحبها (ومثل اخلالف ال�ذي أوردناه
س�ل ًفا بين حالة جيوز فيها االحتامء من اخلطر ،وبني حال�ة أخرى حُيظر فيها ذلك) .ورغم هذا
اخلالف ،ث ُبت من قضية الس�فينة أن حياة األرواح أهم من إنقاذ املمتلكات ،كام س�نرى فيام ييل
كيف يتم حساب املسألة لتحديد َمن يؤذى َمن؟
أيض�ا م�ا ورد يف التحديثات الت�ي ُأجريت عىل «أجروت الرايب ش�موئيل - 56وراج�ع ً
إليعيزر هليفي אגרות רבי שמואל אליעזר הלוי)*(» ،وكذلك ما ورد يف «األسئلة واألجوبة».
- 57يتضح مما أوردنا س�ل ًفا يف «هاحاتام س�وفري» ،أنه إذا حصل أحدمها عىل املياه ،حُيظر
عىل الثاين احلصول عليها.
- 58مثال آخر :هل ُيسمح لشخص حجز دور إلجراء جراحة عاجلة ،حتى لو كان هذا
عىل حس�اب حياة ش�خص آخر (مع األخذ يف االعتبار أن أحدمها سيفقد حياته بسبب التأخري
يف إجراء اجلراحة؟).
تتشابه هذه احلالة ،متا ًما ،مع حالة امتالك املياه التي ال صاحب هلا .وهنا أنت متتلك اإلمكانية
أيضا ،رغم أنك هبذا ستمنع غريك من استغالهلا. الوحيدة لإلنقاذ ،وتستغلها ملصلحتك ً
- 59ثمة مثال آخر يرد يف اجلامرا يف:
تتحدث اجلامرا هنا عن أبناء ش�اؤول)**( الذين ُقتلوا عىل أيدي اجلفعونيم؛ حيث ورد يف
)*( «أجروت الرايب شموئيل إليعيزر هليفي אגרות רבי שמואל אליעזר הלוי» :أي رسائل الرايب شموئيل ،وهو كتاب
يتناول بالرشح والتفسري سفر راعوث ،أحد أسفار العهد القديم ،والكتاب من تأليف الرايب شموئيل أوزيدا
רבי שמואל אוזידא (1604 – 1545م).
)**( هو شاؤول بن قيش ،وهو – بحسب العهد القديم -هو أول ملوك مملكة إرسائيل املوحدة ،تعود فرتة حكمه
للقرن احلادي عرش قبل امليالد.
200
العهد القديم أن «ويأخذ امللك ابني رتسبا ابنة أ ّيا ،التي أنجبت لشاؤول «أرموين» و«مفيبوشيت»
وأبناء ميخال بنى شاؤول اخلمسة التي أنجبت لـ «عدريئيل» بن برزيىل مهحوالتى.
م�اذا نتعل�م من هذا؟ يقول ال�رايب هونا רב הונא )*( أن «علي�ه أن يضعهم يف تابوت ،فإذا
توف�ر تاب�وت يمكن اس�تيعاهبم بداخل�ه يقتل�ون ،وإذا مل يتوفر ُيرتك�ون أحياء» .بي�د أن الرايب
حنا بر قطينا רב חנא בר קטינא )**( ينتقد هذا الرأي ،ويقول« :ويش�فق امللك عىل مفيبوش�يت
بن هيوناتان بن شاؤول».
هل حيق لنا الش�ك يف أن ثمة حماباة يف األمر؛ ألنه مل يضع مفيبوش�يت يف تابوت؟ حيث إنه
قد وضع بعضهم داخل التابوت ،وأش�فق عىل البعض اآلخر فلم يضعهم بداخله .وكل ما يف
األمر أن مفيبوشيت طالب بالرمحة ،حتى ال يدخل التابوت فتمت االستجابة لتوسالته».
ترى اجلامرا أنه ما دام أن التابوت قد اس�توعب مفيبوش�يت ،فإنه حُيظر عىل داود أن يطلب
له الرمحة؛ ألن التابوت سيستوعب بداخله جثة أحدهم يف مجيع األحوال.
أم�ا إذا مل يس�توعبه التاب�وت ،فيج�وز حينئ�ذ طلب الرمحة ل�ه ،رغم أنه هبذا سيتس�بب يف
ش�خصا آخ�ر بدلاً منه (نجد هذا احلك�م ً
أيضا يف القانون امل�دين ،راجع ما ورد يف ً أن حيتج�زوا
كتاب«س�فتي كوهين») :إذا كان ثم�ة ملك أو وزي�ر يفرض رضيبة ما عىل فلان أو عالن من
األغني�اء ،وفلان من اليهود له نفوذ لدى امللك والوزير ،وهو م�ا يتيح له املطالبة بإعفائهم من
هذه الرضيبة ،ال ش�ك يف أنه إذا تم إعفاؤهم س�تُفرض الرضيبة عىل غريهم ،فهل من حقه أن
ينقذ هؤالء عىل حساب آخرين؟
)***(
تقول: ثمة فتوى وردت يف إجابات مهاري بن ليف מהר''י בן לב
«إذا كان امللك قد فرض بالفعل رضيبة ما عىل أش�خاص معروفني ،حُيظر عىل أي هيودي
حماولة منع هذا ،وهو ما سيؤدي إىل إحلاق األذى بأشخاص آخرين.لكن إذا صدر قرار بفرض
رضيبة ما عىل أحد أفراد الشعب يمكن لليهودي حينها أن يسعى إلعفائه منها ،حتى ال يرسى
عليه هذا الترشيع ،وبكل تأكيد سيؤدى هذا إىل دخول أشخاص آخرين داخل التابوت...
)*( الرايب هونا רב הונא (297 – 215م) :من كبار أمورائيي اجليل الثاين يف بابل .ورد ذكره مئات املرات يف التلمودين
البابيل واألورشليمي.
)**( الرايب حنا بر قطينا רב חנא בר קטינא :من كبار حكامء التلمود.
)***( مهاري بن ليف מהר''י בן לב (1580 – 1505م):من حكامء اليهود الذين عاشوا يف عهد اإلمرباطورية العثامنية.
201
واضحا من مفيبوش�يت .يف فصل الغرفة التي
ً وقد أوردت إجابات مهاري بن ليف دليلاً
صىل داود فوقها حتى«ال يستوعبنا التابوت».
وراجع كذلك ما ورد حول «الفضة املقدس�ة» ،يف س�فر ملوك ث�ان ( ،)12 – 2وها نحن
نرى ببساطة أن الرشيعة تتيح للشخص الدفاع عن نفسه يف حالة وجود خطر عىل حياته ،ولكن
حُيظر عليه فعل هذا ،إذا كان سيرتتب عىل ذلك تعريض حياة شخص آخر للخطر.
شخصا
ً عىل سبيل املثال :حُيظر عىل امللك داود أن يصىل هلل من أجل أن يستوعب التابوت
آخر ،عىل أساس أنه لن يستوعب مفيبوشيت ،أي أنه حُيظر متني األذى للغري.
القانون املدين ال جييز الوشاية بشخص ُفرضت عليه رضائب ،حتى يتم إعفاء شخص آخر
منها ،عىل الرغم من أنه جيوز هلذا الشخص السعي حتى ال تُفرض عليه الرضائب!
حُيظر التخلص من املياه بس�كبها يف حديقة ش�خص آخر ،رغم أنه جيوز قطع الطريق عىل
املياه حتى ال تدخل إىل حديقة الشخص املترضر ،حتى لو كان هذا سيتسبب يف استمرار اندفاع
املي�اه وترسهب�ا حلديقة ش�خص آخر( .راجع م�ا ورد يف التلمود األورش�ليمي يف بداية الفصل
الثالث من بابا قاما).
- 60أفت�ى ال�رايب يوس�ف كارو يف كتابه «هبايت يوس�ف» بأن أي ش�خص غري هيودي
أيضا يف«يوريه ديعا יורה דעה)*(» يف «ش�وحلان عاروخ» أنه:
يفعل هذا ،يس�تحق القتل .ويؤكد ً
«يظر عىل غري اليهودي أن يمس النبيذ الذي خيص اليهود هبدف االس�تفادة منه ،ولكن يمكنهحُ
رشاؤه».
ويعود الرايب يوسف كارو ليؤكد يف كتابه «هبايت يوسف»« :وهذا هو رأي الرايب موسى
بن ميمون الوارد يف هناية الفصل الثالث عرش من «اهلاالخا» ،والذي يدور بالتحديد حول أحد
األغي�ار الذي إذا تعمد إحلاق األذى واس�تأثر بالنبيذ،عليه دفع ثمن�ه بالكامل ،أما إذا مل يتعمد
فعل هذا ،فال جناح عليه».
ووردت ه�ذه احلال�ة يف التلم�ود يف «بابا قاما»« :الش�خص الذي يس�اوره الش�ك بني أن
الفع�ل وق�ع عن عمد ،أو دون قصد» ،جيب اإلش�ارة إىل أن هذه األم�ور معروفة للجميع عىل
)*( «يوريه ديعا יורה דעה» :أحد أجزاء «شوحلان عاروخ» ،ويضم عد ًدا من األمور املباحة واملحظورة وف ًقا للرشيعة
اليهودية.
202
أهنا أرضار ،أي أنه ال جمال لالدعاء بأن هذا تم عن طريق اخلطأ ،أو دون قصد ،حتى يتم إعفاء
ه�ذا الش�خص .أم�ا إذا كان الرضر وق�ع بالتحديد عىل أح�د اليهود أو عىل أحد األش�خاص
الصاحلني ،فام دام أنه ليس ثمة نية إيذاء ،ال يوجد إلزام هلذا الشخص بدفع ثمن النبيذ».
أثرا )*(« :ال يوجد إلزام مادي عىل
ورد يف «ش�وحلان عاروخ» حول األذى الذي ال يرتك ً
رضرا ماد ًّيا بأح�د اليهود ،مثل واقع�ة خلط النبيذ
م�ن تس�بب يف إحل�اق أذى ،ولكنه مل حُي�دث ً
امل�راق بالنبي�ذ ال�ذي ورد يف التوراة ،غري أن احلكماء فرضوا عىل نفس الش�خص غرامة مادية
تتمث�ل يف التضحية بأفضل ما يملك لتعويض املترضري�ن ...وإذا فعل هذا عن طريق اخلطأ أو
رغما عنه ،ليس عليه يشء؛ ألن الغرامة مفروضة ،فحسب ،عىل من توفرت لديه نية التعمد». ً
هك�ذا يمكننا أن نفهم مغزى ما ورد يف املصادر س�الفة الذك�ر ،من أنه ليس ثمة ذنب عىل
غري اليهودي الذي تسبب يف رضر عن طريق اخلطأ.
والس�ؤال ال�ذي يطرح نفس�ه هنا ه�و :ملاذا يش�دد الرايب يوس�ف كارو العقوب�ة عىل هذا
الش�خص؟ أمل نتفق عىل إلزام الش�خص الذي أحلق أذى وكان يس�اوره الش�ك بني ما إذا كان
ما فعله قد وقع عن عمد أو دون قصد؟ واتفقنا كذلك عىل إلزامه فحس�ب ،يف حالة تس�ببه يف
رضر تقليدي.
نرى هنا أن الرايب يوسف كارو يفرتض ببساطة أن نفس الشخص ملزم بدفع تعويض عىل
الضرر غير التقليدي ،مثلام يتم إل�زام اليهودي بدفع تعويض عىل الرضر التقليدي إذا تس�بب
فيه ،أي أنه حتى الش�خص الذي تس�بب يف رضر عن طريق اخلطأ ،جيب إلزامه بدفع تعويض
مثله مثل أي شخص ارتكب ذن ًبا.
تتض�ح ه�ذه األم�ور جيدً ا من خلال املقارنة بالقان�ون اجلنائي ،فقد ش�اهدنا أن القانون
اجلنائ�ي يلزم غري اليهودي بالتعويض عن الرضر الذي تس�بب فيه بش�كل غير مبارش ،ولكن
يصعب أن نقول إن نفس الش�خص مذنب يف حالة إحلاق األذى بشخص آخر ،بينام يكون غري
ملزم بيشء يف حالة اإلرضار باملمتلكات.
وكام أورد يف «إيفني هعزر» « :بام أنه إذا تسبب غري اليهودي يف رضر ما بشكل غري مبارش،
أيضا يسري إذا تس�بب يف رضر غري تقليدي
فإن�ه مل�زم بدف�ع تعوي�ض ،وإذا كان نفس األمر ً
بش�كل غير مبارش ،ال تفرقة إ ًذا بني ش�خص فعل هذا ع�ن طريق اخلطأ وش�خص آخر فعلها
متعمدً ا».
)*( الرشيعة اليهودية تُلزم الشخص الذي تسبب يف أذى ما ،ومل يكن ثمة آثار مادية هلذا األذى ،تُلزمه بالتعويض عام
فعل.
203
اختلف كل من كتاب «منحات حينوخ מנחת חינוך)*(» وكتاب«ش�وئيل أوميشيف שואל
ומשיב)**(» وكتاب «أفنى نيزير אבני נזר)***(» ،مع الرأي الوارد يف «هبايت يوس�ف» ،وترى
أنه يمكن إعفاء غري اليهودي الذي يرتكب ذن ًبا غري تقليدي عن طريق اخلطأ ،لكنها اتفقت مع
رأي الرايب موس�ى بن ميمون يف وجوب إلزام األغيار بالتعويض عن الرضر الذي وقع بشكل
غري مبارش ،وف ًقا للقانون اجلنائي.
ويب�دو أن تل�ك املص�ادر تعتق�د أن عقوبة التس�بب يف رضر غير تقليدي هل�ي أخف من
أيضا ما ورد حول هذا بإس�هاب يف كتاب
عقوبة التس�بب يف رضر بش�كل غري مبارش(وراجع ً
«أفنى نيزير»).
- 61ثم�ة خلاف ح�ول حكم غري اليهودي الذي تس�بب يف قتل ش�خص آخر .ورد يف
التفسري السابق أنه مذنب ،بيد أن الرايب موسى بن ميمون مل يؤكد هذا ،رغم أنه قد أفتى بنفس
احلكم يف حاالت مشاهبة (راجع ما ورد يف كتاب «أفنى نيزير»)؛ لذا يمكننا القول إنه يتفق مع
أيضا رأي الرايب مهئريى רבי המאירי يف الس�نهدرين حول إراقة الدماء ،يف
هذا احلكم .وراجع ً
أيضا ما ورد يف «محداتإطار مقارنته بني أقوال الرايب موسى بن ميمون ورشائع القتل .وراجع ً
يرسائيل חמדת ישראל)****(».
ولك�ن يف الوق�ت نفس�ه ،هناك مم�ا أوردناه دلي�ل عىل أن الرايب موس�ى بن ميم�ون يعفي
الش�خص ال�ذي تس�بب يف قتل ش�خص آخر م�ن العقوبة (راجع عىل س�بيل املث�ال ما ورد يف
«منحات حينوخ») .ووف ًقا هلذا ،يمكننا أن ندرك ملاذا مل يصدر الرايب موس�ى بن ميمون فتوى
أيضا ما ورد يف كتاب األسئلة واألجوبة اخلاصة بالرايب يعقوب بن
تشمل األمر كله( .وراجع ً
موش�يه مولين רבי יעקב בן משה מולין)*****(» يف الكتيب األخير ،وكذلك راجع ما ورد يف
رشحا تعليم ًّيا
)*( «منحات حينوخ מנחת חינוך» :أحد اهلدية التعليمية ،وهو أحد كتب التفاسري اليهودية التي تعرض ً
لألوامر الـ 613الواردة يف العهد القديم ،والتي ختص الرجل اليهودي.
)**( «شوئيل أوميشيف שואל ומשיב» :أي السائل واملجيب ،وهي جمموعة أسئلة فقهية من وضع الرايب يوسف
شاؤول نتزون (1875 – 1810م).
)***( «أفنى نيزير אבני נזר» :أي أحجار اإلكليل ،وهي جمموعة أسئلة فقهية من وضع الرايب أفراهام بورنشتاين
(1910 – 1839م).
)****( «محدات يرسائيل חמדת ישראל» :أي حتفة إرسائيل ،أحد كتب التفاسري اليهودية ،من وضع الرايب شموئيل
فيتال بن رايب حاييم (1677 – 1598م).
)*****( الرايب يعقوب بن موشيه مولني רבי יעקב בן משה מולין (מהר''יל) (1427 – 1360م) :كان أحد الزعامء
الروحيني لليهود األشكناز.
204
سلس�لة الكت�ب الت�ي وضعه�ا ال�رايب عوفدي�ا يوس�ف הרב עובדיה יוסף)*() يف «يوري�ه
ديعا» ،وما ورد يف الصفحة الثالثة من نفس املصدر ،وال يوجد مساحة كافية لإلسهاب.
-62راجع كذلك ما ورد يف األسئلة واألجوبة التي دوهنا.
ُ - 63ي ِ
رج�ع كت�اب «منحات حينوخ» هذا األمر إىل وجهة نظر الرايب موس�ى بن ميمون،
شخصا لقتل صديقه.
ً التي أوردها يف رشائع القتل ،وهو نفس حكم من استأجر
حت�ى يف مثل هذه احلالةُ ،يلزم كتاب «منحات حينوخ» املذنب بالتضحية بحياته ،رغم أن
املس�ألة هنا أهون من اعرتاض طريق شخص ما حياول إنقاذ حياته .ويعفي املصدر السابق غري
اليهود من هذه العقوبة وف ًقا للرايب موس�ى ب�ن ميمون ،الذي يلزم غري اليهود يف نفس الوقت،
هبذه العقوبة يف حالة اعرتاض طريق شخص ما حياول إنقاذ حياته ،كام أوردنا سل ًفا.
«يظر - 64وه�و م�ا ت�م إثباته يف الرايب مهئيرى רבי המאירי يف الس�نهدرين؛ حيث ورد حُ
إيذاؤه» و«ذلك الذي ارتكب جريمة قتل دون تعمد ،بسبب طفل رضيع ُألقي يف طريقه ،غري
نظرا ألنه مل يتعمد ارتكاب اجلريمة .وكذلك إذا كان ثمة هيودي ملقى يفملزم بمفاداة الطفلً ،
بئر ،وقام أحد املجرمني بتحذير شخص ثالث بأنه إذا ساعد اليهودي عىل اخلروج سيقتله ،فإنه
يكون غري ُملزم بإخراجه من البئر».
ويتض�ح م�ن هذا أنه جييز هلذا الش�خص ب�أال يقوم بإنقاذ الش�خص اآلخر ،اس�تنا ًدا إىل
القاع�دة الترشيعي�ة التي تق�ول «كُن س�لب ًّيا» .لكن ماذا إذا طول�ب بأال ينقذه اس�تنا ًدا للقاعدة
الرشعية «قم وافعل קום ועשה» ،عىل سبيل املثال:
«أن ُيقال له خذ هذا الس�لم من هنا حتى ال يتمكن اليهودي من اخلروج من البئر» ،حُيظر
القيام هبذا ،والدليل عىل ذلك ما ورد يف فصل «براخوت ברכות)**(».
- 65ثم�ة ش�ك يف ه�ذه احلال�ة ،إذا م�ا كان القاتل قد تعم�د القتل ،أو أن�ه ال يدرك عىل
اإلطلاق أن�ه خيل�ق داف ًعا للقتل .فيما خيص الرشيعة اليهودية ،جيب مناقش�ة أحكام الش�ك يف
اجلرائ�م اخلطرية الت�ي تُلزم التضحية بالنف�س ،فراجع ما ورد حول هذا يف األس�ئلة واألجوبة
)*( الرايب عوفديا يوسف הרב עובדיה יוסף (.... - 1920م ) الزعيم الروحي حلزب شاس ،واحلاخام األكرب األسبق
لليهود السفاراديم يف إرسائيل ،ومن أهم مؤلفاته التي نتطرق هلا هنا هي «يابيع أومبري יביע אומר» وهي سلسلة كتب
حتتوي عىل جمموعة أسئلة وأجوبة فقهية ،وله فتاوى عنرصية كثرية بحق العرب واملسلمني.
)**( «براخوت ברכות» أي الربكات ،وهو أول أبواب التلمود الستة.
205
التي وضعها «طوف طعام فاداعات טוב טעם ודעת)*(».
أم�ا لدى األغيار ،فال يوجد ش�ك يف أن األمر مس�موح .فلدهيم يع�ود حظر القتل،عندما
تكون مس�ألة حياة أو موت ،إىل ما يدعيه الثاين حول فرضية « بني ش�خص وصاحبه)**(»؛ لذا
جي�ب مناقش�ة األمر؛ ألن «البينة عىل من ادعى» ،وإذا كان ثمة ش�ك يف ه�ذا االدعاء ،ومل يكن
هناك ما يثبت ادعاءه ،فمن حق الشخص الثاين شغل الطريق إلنقاذ نفسه.
- 66جي�ب اإلش�ارة إىل أنه إذا نجا أحدهم من خطر طبيعي ،فإنه حُيظر عىل أي ش�خص
اس�تغالل ه�ذا الرتكاب جريمة قتل يف حق ش�خص آخر ،و ُيس�مح هنا بغل�ق طريق اإلنقاذ؛
استنا ًدا إىل فرضية «حيايت أول».
عىل س�بيل املثال :رأوبني يطارد ش�معون ليقتله ،وثمة طريق واحد فقط يمكن لشمعون
اهل�روب من�ه .يف نفس اللحظة ،وبش�كل طبيع�ي للغاية ،حدث أن وقع�ت بعض األحجار يف
خطرا ،والطريق الوحيدة املتاحة لليفي للهروب من هذا اخلطر اجتاه ليفي ،مما شكل عىل حياته ً
هي نفس الطريق التي سيهرب منها شمعون ،لكن إذا شغلها أحدمها سيتم تدمريها وستُغلق،
وبالتايل لن يس�تطيع الثاين العبور خالهلا عىل اإلطالق .ليفي هنا ال يس�اعد القاتل ،بل هو ينقذ
حياته؛ لذا فإنه ُيسمح له اإلدعاء بأن «حياته أهم».
ما مل نجزه يف حالة مس�اعدة القاتل ينطبق ،فحس�ب ،يف حالة أن يكون الش�خص يف حالة
إنق�اذ حليات�ه ،وبذلك س�يكون قد س�اعد القات�ل ،وليس إذا كان س�ينقذ حياته دون مس�اعدة
القاتل.
- 67كنا قد أوردنا س�ل ًفا يف متن الكتاب رأى الرايب أونرتمان يف كتابه «س�بط من هيوذا»،
والذي جييز لليهودي قتل اليهودي الذي يسقط فوقه رغماً عنه؛ ألنه أحلق به أذى ،حتى وإن كان
بغري قصد .ومن الصعب القول إن هذا الرأي جييز قتل الش�خص الذي يغلق الطريق وما ش�ابه؛
ألن هذا األمر حمظور لدى اليهود؛ ألنه سيرتتب عىل ذلك فقد نفس هيودية ،وال داعي خلرق هذا
احلظر ،كام اتضح سل ًفا يف تفسري فرضية «ملاذا تعتقد أن حياتك أهم من حيايت؟» لدى اليهود.
)*( «طوف طعام فاداعات טוב טעם ודעת» :هو أحد مؤلفات الرايب شلومو جلوكر רבי שלמה גרוקר (– 1785
1869م) ،وهو من كبار علامء التوراة يف پولندا يف عرصه.
)**( بني شخص وصاحبه בין אדם לחברו :ورد يف الوصايا العرش يف التوراة عدد من األوامر اإلهلية لتهذيب سلوك
اإلنسان يف املجتمع ،مثل سلوكه مع صاحبه ،ومنها :احرتام الوالدين ،ال تزن ،ال ترسق ،ال تقتل ،ال تذكره بسوء
إلخ..
206
على كل حال ،يمكن اس�تخالص أمر آخر من كلامته ،ه�و أنه ال وجود هلذا اخلالف لدى
األغيار ،و ُيسمح لدهيم قتل من أغلق الطريق ،رغم أنه ال يتعمد هذا ،كام ورد يف متن الفصل.
رغما عنه
هذا ألنه لدى األغيار ال قيمة للتس�اؤل الذي يقول :هل الش�خص الذي يفعل هذا ً
يرتك�ب جريم�ة هبذا الفعل أم ال؟ ،فالتس�اؤل الوحيد ال�ذي يطرحه األغيار ه�و النتيجة ،أي
م�ا ه�ي النتيجة التي ترتبت عىل ما ح�دث؛ لذا فإنه جيوز قتل من يغل�ق الطريق يف هذه احلالة؛
خطرا عىل ش�خص ثالث (وكام ورد يف القانون املدين بالنس�بة
ألن غلقه للطريق يثبت أنه يمثل ً
لالحتامء من الرضر ،من أنه ال وجود هنا ألي خالف يف الرأي بني حكم من يقوم بالفعل وبني
من ال يقوم بالفعل).
- 68يمك�ن تفسير ما ورد يف اجلامرا يف «بابا قاما» جي�دً ا ،وف ًقا ملا تم رشحه هنا ،فاجلامرا
تفسر األم�ر عىل النحو التايل :إن�ه رغم أن امللك داود ق�د أنقذ حياته عن طري�ق إحلاق األذى
باملحص�ول ال�ذي خيص الفلس�تينيني ،أثناء حرب�ه معهم ،ورغ�م وجود قاع�دة رشعية تقول:
«يظر عليك إنقاذ حياتك عىل حس�اب غريك אין אדם מציל עצמו בממון חברו)*(» ،فإن امللك حُ
سالحا يمكن لألعداء استغالله ضده. ً داود قد قام بام قام به؛ ألنه اعترب املحصول
كما طرح حكماء بيت مدراش בית מדרש )**( التس�اؤل التايل يف «التوس�افوت» هل عىل
الش�خص ال�ذي أنق�ذ حياته عىل حس�اب أمالك الغري ،أن يق�وم بالتعويض عن اخلس�ائر التي
حلقت هبذه األمالك ،خاصة إذا كانت مسألة حياة أو موت؟
علين�ا أن ن�درك م�ا هو احلكم ال�ذي اكتفى به داود ،ه�ل اكتفى بالقضي�ة التي وردت يف
اجلامرا يف «بابا قاما» التي تقول إن« :الش�خص الذي حياول اهلروب من ش�خص يطارده ،فقام
ش�خصا آخر ،هل علي�ه دفع تعوي�ض لصاحبها؛ ألنه اس�تفاد منها لينقذ بتحطي�م ٍ
أوان خت�ص
ً
حياته؟».
كانت اإلجابة التي حصل عليها داود هي أنه رغم وجود فرضية التعويض عن الرضر يف
حالة وجود خطر عىل حياة غري اليهود ،فإننا ال نلجأ إليها يف حالة تعرض األمالك خلسائر.
)*( هي قاعدة يف الرشيعة اليهودية تلزم من ينقذ نفسه عىل حساب هيودي آخر ،بتعويضه عن األرضار التي ستلحق به.
)**( بيت مدراش בית מדרש :هو مكان يتم فيه دراسة التوراة وأحكام الصالة ،وقديماً كان يؤدي بعض اخلدمات
االجتامعية.
207
ونظرا ألن صاحب املحص�ول مل يضعها يف مكان امللكي�ة ه�ي الفيصل يف القانون امل�دينً ،
تعويض�ا لصاحبها عن ذلك (كام
ً حيظ�ر االقرتاب منه ،فعىل من يس�تغلها إلنقاذ حياته أن يدفع
ورد فيام س�بق حول اخللاف بني حكم إعادة املفق�ودات لدى اليهود ،والقان�ون اجلنائي لدى
األغيار).
ورغم أنه ببس�اطة ُيسمح باس�تغالل املحصول إلنقاذ حياة شخص ما؛ ألن حياة األرواح
تعويضا لصاحبه�ا (راجع ما
ً أه�م م�ن األمالك ،فإن�ه من يفعل ه�ذا ،عليه أن يدفع بعد ذل�ك
أوردنا من مالحظات عىل إحلاق األذى بشكل غري مبارش يف الفقرة .)18
- 69عىل س�بيل املثال :قام حام بتضليل يافث ،الذي دخل طري ًقا ما حتى هنايته دون أن
يعرف أنه بذلك يساعد القاتل .أو أن يافث كان متواجدً ا يف هذا الطريق ،لكن حام خدعه؛ لذا
اضط�ر للبق�اء هناك .أو أن حام كان متواجدً ا يف هذا الطري�ق ،فقام يافث بتهديده« :إذا تركت
املكان سأقتلك» .أو أن يافث مل يدرك أنه يساعد حام عندما يقوم بشغل الطريق ،وعدم معرفته
هبذا يعنى أنه فعل هذا دون تعمد ...إلخ.
- 70رغم أن يافث يفعل هذا رغماً عنه؛ ألنه ال يدري أنه يساعد القاتل ،ففي واقع األمر
أن جهل�ه هبذه احلقيقة يس�اعد القات�ل؛ ولذلك ال حيق له الزعم أن «حي�ايت أوىل» ،مثله يف هذا
مثل الشخص الذي قام القاتل بتقييده ووضعه يف الطريق ،ورغم أنه ُمرغم عىل فعل هذا ،لكنه
يس�اعد القات�ل هبذا؛ لذا فلي�س من حقه الزعم ب�أن «حياته أوىل»؛ ألن كون�ه ُأجرب عىل هذا ال
يصنع فار ًقا.
ش�خصا ما بإحلاق األذى بش�خص ً – 71ومن املس�تحيل أن نقول إنه إذا أمر أحد القتلة
آخرُ ،يسمح له أن يطيعه؛ ألن أمر القاتل ال يعني أن األمر جيوز؛ حيث إنه معلوم لدينا أنه حُيظر
تفويض شخص الرتكاب جريمة ما.
- 72ورد يف الصفحة اليمنى ،أن من يعرتض طريق شخص حياول إنقاذ حياته ،يستحق
عقوبة ،رغم أنه ليس ثمة عقوبة ملن يرتكب جريمة قتل إذعانًا لتهديد أحد املجرمني.
لك�ن م�ن الصع�ب أن نعتبر أن أوامر ورغب�ة املجرم مها مبرر ٍ
كاف إلعفاء م�ن ارتكب
اجلريم�ة ،باإلضافة لذلك،علينا طرح تفسير وف ًقا هلذا الفهم :يف حال�ة املريض الذي يتعرض
لضغوط ش�ديدة من ِق َب�ل والديه وأطبائه إلجراء جراحة ما ،وبعد أن اس�تجاب هلم ،أدرك أنه
208
س�يلحق األذى بش�خص آخ�ر إذا أجرى ه�ذه اجلراحة ،ولكنه�م مس�تمرون يف الضغط عليه
إلجرائه�ا ،ه�ل يعد هو من بادر بإجراء العملية فيقع عليه الذنب ،أو يقع عىل اآلخرين (الذين
ال يعدون هنا جمرمني باملعنى التقليدي)؟
وعلى أي حال ،حتى إذا اضطررنا لقبول هذه الفرضية فيام خيص عقاب الش�خص الذي
يرتك�ب إحدى تل�ك الذنوب اخلطرية الثلاث ،رغماً عن�ه ،فبالتأكيد يس�تحيل االحتكام هلذه
الفرضي�ة فيما خيص غير هيودي قتل غير هيودي آخر يف حال�ة وجود خطر على حياته ،وهى
احلال�ة التي جييز فيها «أور س�اميح» إحلاق األذى بمن يعترض طريق اإلنقاذ .هذا ألننا يمكن
أن نق�ول إنه بالنس�بة ملس�ألة العقوبة :إن ما هيمن�ا يف األمر هو نية مرتك�ب اجلريمة ،وال يوجد
معي�ار موضوعي لقياس درجة اخلطر؛ لذا جيب مناقش�ة األمر حس�ب من هو صاحب املبادرة
لإلتيان بالفعل.
لكننا نتساءل يف حالة التضحية بالنفس لدى األغيار إذا كان جيوز ،ألول وهلة ،لغري هيودي
قت�ل غري هيودي لينقذ حياته .لس�نا نناقش يف ه�ذه القضية من هو صاحب فكرة القتل ،ولكننا
نناقش مسألة :من يمثل خطورة عىل من؟ وال يمكن عىل اإلطالق بالنسبة هلذه النقطة،أن نذكر
الرأي اخلاص بالرايب يرسائيل ،والذي خيتلف عام سبق من آراء؛ حيث يقول:
من يعرتض طريق ش�خص حياول اهلروب إلنق�اذ حياته ،يعرضه للخطر بصورة أكرب من
شخصا آخر.
ً اخلطر الذي تتعرض له أنت إذا طلب منك أحد القتلة أن تقتل
أيضا جتاه الفعل نفس�ه.
(يتضح لنا من رأي الرايب يرسائيل أن ما قاله يرسي ،ألول وهلةً ،
لك�ن األم�ر يف حاج�ة إىل مراجعة كام أوردنا س�ل ًفا .وراجع كذلك م�ا ورد يف امللحوظة الثانية
عرشة يف الفصل الرابع).
– 73ثم�ة حال�ة أخرى :ش�خص بحوزته يشء حُيظ�ر أكله ،وهو خيش�ى أن يعتقله امللك
ويعاقب�ه بامل�وت بس�بب هذا الشيء ،والوس�يلة الوحي�دة للتخلص م�ن هذا اليشء ه�و بيعه
لشخص آخر ،أي أنه فعل هذا ألنه راغب يف نقل ملكية اليشء لشخص آخر ،ولوال هذا لكان
ق�د تعرض خلطر .جيب مالحظة أنه يف مقابل املثال الس�ابق ،ما هيمن�ا هو:هل من يأكل يرغب
يف وج�ود الطع�ام يف حوزته؟ وقد أوردنا أنه يف حالة ع�دم رغبته يف ذلك ،فهذا يعني أنه تناول
الطعام ،رغماً عنه ،ويتم إعفاؤه ،حينئذ ،من ترديد دعاء الطعام.
209
الس�ؤال هن�ا هو :ه�ل هو يرغب يف نقل ملكي�ة اليشء؟ ألن عدم رغبت�ه يف اليشء جتعله
راغ ًبا يف نقل ملكيته لشخص آخر ،وتلقائ ًّيا يتشابه هذا مع حالة العالج ،وليس اإلرغام.
يف ه�ذه احلال�ة ـ حالة البيع باإلجبارـ ال يمكن أن نجد حالة وس� ًطا يكون فيها الش�خص
املترضر غري راغب يف نقل ملكية اليشء ،وأن األمر الواقع اضطره هلذا.هذا ألن نقل امللكية أمر
ربا فيها عىل ذلك هي إذعانه لرأيإنس�اين يف جوهره ،واحلالة الوحيدة التي يكون الش�خص جم ً
شخص آخر ،رغم انتفاء الرغبة بداخله يف وقوع احلدث.
- 74كام ورد يف رشح امللحوظة السابقة.
- 75يتف�ق ال رايب س�فتي كوهني مع االحتكام إىل نفس الفرضي�ة يف حالة إعفاء من يقوم
ش�خص ا ما أجبره عىل هذا ،حتى لو
ً بتوصي�ل يشء ما مل حيمله لكنه مرره باس�تخدام يديه؛ ألن
عرضه هذا خلس�ارة مادية .املغزى من األمر هنا هو أن هذا الش�خص مل يقم بيشء غري أخالقي؛ ّ
ألن�ه مل يرتكب اجلريمة بش�كل مبارش ،وم�ن يضطر الرتكاب جريمة بطريق�ة غري مبارشة ،يتم
رغم ا عنه .راجع ما ورد يف تفسير ال رايب
إعف�اؤه ،رغ�م أنه ،ألول وهلة ،حيظر عليه توصيل املال ً
إلياهو بن شلومو زملان רבי אליהו בן שלמה זלמן.
لكن ببس�اطة ،يتم إعفاء الش�خص فحس�ب ،يف حال�ة أن يكون املج�رم احلقيقي قد أمره
ش�خصا بعينه؛ ألنه حينئذ س�يكون يف إمكانه الزع�م بأن حظ فالن
ً باحلص�ول على مال خيص
العاثر هو الذي أدى إىل هذا.
ش�خصا بعينه للحصول على أمواله ،وترتب عىل ذلك إحلاقهً ويف حال�ة أن املجرم مل حيدد
األذى بشكل غري مبارش بممتلكات هذا الشخص لكي ينقذ ممتلكاته ،فإنه ال يمكن إعفاؤه يف
هذه احلالة ،فقد وقع الرضر ،وعليه حتمل عواقبه.
– 76راجع ما ورد يف كتاب «هآور جادول האור גדול)*(».
أيضا يف «بابا قاما» يف الفصل العارش.
–77ورد هذا ً
- 78وردت اإلجابة عن هذه األسئلة يف فقرة أخرى ،وراجع ما ورد يف «بتحيي حوشان
210
פתחי חושן )*(» .واملقص�ود هن�ا ما ج�اء يف كتاب «نزيقني» يف الفصل الث�اين عرش ،الذي أورد
كلمات الس�ائل يف الفقرة 113حس�ب الرايب ايرسليش ،وليس املقص�ود إجابة ايرسليش التي
وردت يف الفقرة .96
– 79راجع كتاب «نتيفوت مشباط».
– 80بخص�وص احل�االت التي يتم وضع حدود فيها ،بخصوص حماكمة من يتس�بب يف
خسارة مالية ،يمكنك مراجعة ما ورد يف األسئلة واألجوبة اخلاصة بياخني وبوعاز.
)*( «بتحيي حوشان פתחי חושן» :هو كتاب من ستة أجزاء ،يضم جمموعة أسئلة فقهية من وضع الرايب بالوى הרב בלוי.
211
الفصل الرابع
213
يف رأي «باراشات دراخيم» ،فإنه يرى إمكانية االحتكام إىل فرضية «ملاذا تتوقع أن حياتك أهم
أيضا ،بمعنى أنه حُيظر عىل غري اليهودي قتل صاحبه لينقذ نفسه.من حيايت؟» لدى األغيار ً
س�نوضح اآلن م�ا ه�و حك�م اليه�ودي ال�ذي قي�ل ل�ه« :اقت�ل فالنً�ا غير اليه�ودي أو
()2
سنقتلك».
214
م�ا دام مل يخُ ِ
�رج اجلنين رأس�ه .قتل اجلنين حمظور ،اس�تنا ًدا إىل احلك�م الذي حيظر «س�فك دم
اإلنس�ان» ألنه «ال يوجد يشء مس�موح إلرسائيل وحمظور عىل األغيار» (راجع امللحق األول
للفصل األول).
كان جي�ب على م�ن «يس�فك دم اإلنس�ان» أن يبذل نفس�ه؛ ألن هذا من ملحقات س�فك
واضحا ملاذا ُيسمح بقتل اجلنني إلنقاذ األم؟
ً الدماء ،فليس
إذن ،فنحن لدينا دليل واضح عىل أن من «يسفك دم اإلنسان» ال يندرج حتت بند ملحقات
س�فك الدم�اء ،وال جيب بذل النفس عن ذلك ،وبطبيعة احل�ال ،إذا قيل ليهودي أن «اقتل جار
توش�اف أو نقتلك» ،فإنه ُيس�مح له بقتله لينقذ حياته (وسنس�هب الح ًقا حول الفرق بني غري
اليهودي واجلنني فيام بعد) (.)4
215
وبكل بس�اطة نس�تنتج م�ن هذا الكالم أنه عندم�ا نكون أمام أحد خياري�ن ،إما حياة جار
توش�اف أو حياة اليهودي ،فإن إجازة قتل جار توش�اف للحفاظ على حياة اليهودي ،هي أمر
مفروغ منه( .وقد أوردنا تفسير الرايب ش�لومو بن يتس�حاق يف «يوما»؛ ألنه أكثر املواضع التي
أوضح فيها هذه النقطة ،خاصة يف الفقرة النهائية .هذا ال يمنع أن لغته واضحة يف كال املوضعني
اآلخرين ،أي يف «بساحيم» و«سنهدرين» ،ويصل فيهام لالستنتاج نفسه).
وكان احلاخ�ام ش�اؤول يرسائيىل ،يف كتاب�ه «عمود هيامين» أكثر دقة من الرايب ش�لومو بن
يتسحاق؛ حيث قال:
ها هو الرايب شلومو بن يتسحاق يؤكد عىل أن احلديث يتعلق بنفس اليهودي
وحب الرب له .لكن فيام خيص الش�خص األجنبي ،فلم نجد تلك املحبة ،وعىل
ه�ذا فإهن�ا كس�ائر الوصاي�ا التي يب ُط�ل مفعوهلا يف حال�ة وجود خط�ر عىل حياة
اليهودي.
أم�ا الرايب موس�ى ب�ن ميمون ،فيحدثنا يف رشائع أس�س الت�وراة ،يف الفصل اخلامس يف
الرشيعة السابعة أن:
قتل نفس هيودية لعالج نفس أخرى أو إلنقاذ شخص حياته مهددة باخلطر ،هو
أمر حمظور؛ ألن العقل يميل إىل أنه ال جيوز قتل نفس لصالح نفس أخرى...
ويؤك�د الرايب موس�ى بن ميمون عىل أن املقص�ود هو «قتل نفس هيودي�ة»( ،)5وال يكتفي
بكلمتي «قتل نفس» .وكذلك يدقق الرايب موسى بن ميمون يف كالمه يف الرشيعة اخلامسة:
إذا قي�ل ملجموع�ة من األغي�ار أن أعطونا أحدك�م فنقتله ،وأن�ه إذا مل تفعلوا
نفس�ا هيودية...
س�نقتلكم مجي ًعا ،فليفعلوها ويقتلوهم مجي ًعا حتى ال يس�لموهم ً
نفسا هيودية.
ملزما ،فليمت اجلميع وال يسلموهم ً
وإذا مل يكن ً
يرهق الرايب موسى بن ميمون نفسه طوال الوقت يف إضافة كلمة «هيودي» ،وعىل هذا فإنه
إذا كان األمر يتعلق بنفس غري هيودية ،لكان احلكم قد اختلف(.)6
أيضا يرى «بري جماديم פרי מגדים)*(» أنه يتضح لنا ،فحسب ،يف حالة سفك دماء هيودي ً
ليه�ودي آخر ،يك�ون احلكم هو أن ُيقتل وال يرتكب إثماً ،لكن يف حالة اليهودي الذي س�يقتل
جار توشافُ ،يسمح لرأوبني بقتل يافث لينقذ نفسه؛ حيث يقول:
)*( «برى جماديم» :هو أحد أعامل الرايب يوسف تئوميم (1792 – 1727م) ،والذى تناول فيه «شوحلان عاروخ».
216
إذا أم�ر أح�د األغي�ار هيود ًّي�ا بقتل ش�خص م�ا ،ليس م�ن الواض�ح إذا كان
هيود ًّي�ا أم ال ،مثل الطفل املوجود يف مدينة نصفها من اليهود والنصف اآلخر من
األغيار...
يكتفي «بري جماديم» هنا بذكر احلكم يف حالة غري اليهودي الذي هيدد هيود ًّيا ويأمره بقتل
شخص ما ،ليس من الواضح إذا كان هيود ًّيا أو من األغيار – مثل الطفل املوجود يف مدينة نصفها
من اليهود والنصف اآلخر من األغيار – وإذا مل يفعل سيقتله .فهل يف مثل هذه احلالة ُيسمح له
بالقتل؛ ألن كون اآلخر هيود ًّيا هو فحسب أمر غري مؤكد .هنا يرى «بري جماديم פרי מגדים» أنه
ما دامنا نحن بصدد شخص غري هيودي ،فال شك يف أنه ُيسمح لليهودي بقتله لينقذ نفسه.
ويعود هذا إىل أنه بس�بب عدم تأكدنا من كون هذا الش�خص هيود ًّيا من عدمه ،جيب علينا
حينئذ تنفيذ مجيع ما أمرت به التوراة ،وإذا كان األمر كذلك ،فإنه يستحيل القول إن مكانته أقل
من مكانة جار توشاف (ألنه سيكون ملتز ًما بجميع وصايا التوراة ،وليس سب ًعا منها فحسب).
ورغم ذلك يف نفس املصدر الس�ابق ُيس�مح بقتل هذا الش�خص يف حالة وجود خطر عىل حياة
اليهودي ،إذا كان فعلاً غري هيودي.
217
وأم�ا بخصوص تعرض حياة جار توش�اف خلط�ر املوت ،هذا ما يقوله الرايب موس�ى بن
ميمون بعد ذلك يف نفس الفصل من رشائع السبت يف الرشيعة الثانية عرشة:
ُيسمح بتوليد ابنة اجلار توشاف؛ ألننا قد ُأمرنا باحلفاظ عىل حياته وال ندنس
من أجله حرمة السبت.
أي أن�ه ،حتى بالنس�بة للجار توش�اف الذي ُأمرن�ا باحلفاظ عىل حيات�ه ،ال يمكن تدنيس
قدسية السبت من أجله (.)7
وثمة مثال آخر يف بقية الفصل يف الرشيعة العرشين:
إذا كان ثم�ة فِن�اء يقط�ن ب�ه أغيار وهيود ،حت�ى لو كان هي�ودي واحد وألف
م�ن األغي�ار ،واتفق أن اهنارت فوقهم كتلة صخرية ،جي�ب حماولة إنقاذ اجلميع؛
ألن بينه�م هيودي ،وعندما تف�رق اجلميع ،ذهب أحدهم إىل فِناء آخر فس�قطت
عليه نفس الكتلة الصخرية ،جيب إنقاذ حياته ،خشية أن يكون هيود ًّيا والبقية من
األغيار.
أي أن�ه يف حال�ة وجود ش�ك يف أن حياة اليهودي فحس�ب تتعرض خلط�ر املوت ،يمكن
تدنيس حرمة السبت.
يف احلقيقة ،لقد ناقش�ت كتب الفتاوى الدينية ما إذا كان ُيس�مح بانتهاك ما حظره احلكامء،
من أجل إنقاذ حياة جار توشاف (الذي أوصتنا التوراة باحلفاظ عىل حياته) .وكام ورد يف «بيئور
هاالخا» عن «شوحلان عاروخ»:
و ُيس�مح بتولي�د طف�ل اجلار توش�اف؛ ألننا ق�د ُأمرن�ا باحلفاظ على حياته،
دنس�ا ،بل ُيس�مح بفعل ذل�ك وإن تعارض مع ما وحتدي�دً ا يف األمور التي ال تعد ً
حظره احلكامء؛ ألهنم مل يذكروا لنا من جيب احلفاظ عىل حياته يف هذا املثال.
وعىل أية حال ،ليس ثمة خالف يف أن احلظر التورايت يسقط يف حالة تعرض جار توشاف
خلطر املوت (.)8
ووف ًقا هلذا ،هناك دليل آخر عىل ما أثبتناه من آراء الرايب شلومو بن يتسحاق والرايب موسى
بن ميمون :إذا كان جيوز خرق حرمة السبت يف حالة وجود خطر عىل حياة اليهودي ،ويف نفس
الوق�ت ُيس�مح بع�دم احلفاظ عىل حياة اجلار توش�اف ألجل حرمة الس�بت ،فمام ال ش�ك فيه
وبمنتهي البساطة ،أنه ُيسمح ،من أجل احلفاظ عىل حياة اليهودي ،قتل اجلار توشاف.
218
وهذه الفرضية تتأكد مع تفسري فرضية «حياتك ليست بأهم من حيايت» لدى اليهود (التي
فرسناها بالفعل يف الفصل الثالث) .وهذه كلامت الرايب شلومو بن يتسحاق يف فصل «يوما»:
«ملاذا تتوقع أن حياتك أهم من حيايت؟»؛ حيث ورد «التي إذا فعلها اإلنسان
حيي�ا هبا» ،املغ�زى من هذه الكلمات هو أن حي�اة إرسائيل أحب عن�د الرب من
الوصاي�ا؛ حي�ث قال الرب ،فلتل�غ الوصية وليعش هذا .لك�ن اآلن اليهودي قد
ت�ويف بالفع�ل ومل يت�م االلتزام بالوصية ،ملاذا حَي ُس�ن يف عيني ال�رب ،إذن ،أال يتم
االلتزام بوصيته ،ملاذا يكون دمك أغىل عند الرب من دم اليهودي؟
يوض�ح الرايب ش�لومو بن يتس�حاق لنا أن الفرضي�ة الس�ابقة ،وردت للتعامل مع فرضية
أخ�رى ،والتي وف ًقا هلا كنا مضطرين ألول وهلة بالسماح لذلك اليه�ودي بقتل صاحبه؛ لينقذ
نفس�ه م�ن املوت؛ حي�ث إن مجيع الذنوب الواردة يف التوراة تس�قط يف حال�ة وجود اخلطر عىل
أيضا فإن حظراحلي�اة ،كما نتعل�م من فقريت «وع�اش هبا» و«وال يموت هب�ا» ،ويف هذه احلال�ة ً
س�فك الدماء كان جيب أن يس�قط يف حالة تعرض حياة رأوبني خلطر ،وقد تم هتديده بالقتل إذا
مل ينه حياة شمعون.
وعن ذلك قال حاخامنا :صحيح أن تعرض حياة شخص للخطر يلغى مجيع الوصايا؛ ألنه
ورد أن «حي�اة إرسائي�ل أحب عند الرب من الوصايا» ،لكن هذا فحس�ب يف حالة أن ارتكاب
الذنب سينقذ بالفعل هيود ًّيا .وأما يف هذه احلالة ،فألن هناك هيود ًّيا سيموت وليس ثمة إمكانية
إلنقاذ نفس هيودية ،لذلك حُيظر عىل هيودي قتل هيودي آخر.
وهنا ،فإن كل هذا صحيح فحسب عندما نكون بصدد هيوديني ،حينئذ ال يسقط أي حظر؛
ألنه يف هناية األمر سيفقد هيودي حياته .لكن عندما يكون احلديث عن حياة أحد األغيار مقابل
حي�اة اليهودي ،هن�ا تعود الفرضية األوىل م�ن جديد ،والتي تقول «إنه ُيس�مح بارتكاب ذنب
س�قط أي حظر لينقذ حياته»؛ ألنه يف هذه احلالة تتعرض حياة اليهودي خلطر بالفعل ،وهو ما ي ِ
ُ
تورايت ،يف مقابل تعرض حياة جار توش�اف خلطر املوت ،وهو ما ال ي ِ
س�قط أي حظر يف التوراة ُ
(كام أوردنا سل ًفا).
س�قط عىل الف�ور أي حظربمعن�ى آخ�ر ،نقول إن تع�رض حياة اليه�ودي خلطر املوت ،ي ِ
ُ
تورايت .أما فيام خيص حظر س�فك الدماء ،وهي احلالة التي فيها جيب إهناء حياة ش�معون لكي
ننقذ حياة رأوبني ،والذي هو «هيودي» مثله ،حينئذ ال يسقط أي حظر .لكن عندما يكون إنقاذ
()9
حياة رأوبني عىل حساب حياة يافث «جار توشاف» ،حينئذ يسقط احلظر.
219
– 4م���ا ورد يف «التوس���افوت» بش���أن قاعدة «ليس مث���ة أمر حمظور على
األغيار ومباح إلسرائيل»
مربرا آخر للترشيع الذي حتدثنا عنه يف الفقرات الس�ابقة ،من أنه ُيس�مح يمكنن�ا أن ِ
نورد ً
لليهودي بقتل جار توشاف لينقذ حياته.
كن�ا ق�د ذكرنا أن احلظر الذي يمن�ع اليهودي من قتل غري اليهودي ينب�ع من القاعدة التي
تقول «ليس ثمة أمر حمظور عىل األغيار ومباح إلرسائيل» ،كام أوضحنا يف الفصل األول .وها
هي «التوسافوت» تناقش نفس القاعدة:
ال يوجد أمر مسموح لليهود – مل يرد هذا بالنسبة للوصية الواجب عىل اليهودي
تنفيذها ،فغري اليهودي الذي انتهك قدسية السبت ُيعاقب بالقتل ،ومراعاة قدسية
السبت هي وصية عىل اليهودي ...و ُيعاقب غري اليهودي بالقتل إذا قتل اجلنني يف
حالة التعرس يف الوالدة ،بينام ُيعفى اليهودي من العقوبة – عىل الرغم من أنه عىل أية
حال ال يعني هذا أن األمر مباح .لكن يصعب أن نقول يف فصل «سورير وموريه»:
«إذا خرجت رأسه ال ُي َّمس ألنه حُيظر قتل نفس لصالح نفس أخرى» ،لكن قبل
أن خترج رأس�ه ،مت�د القابلة يدها بق�وة فتقطع أعضاءه وتخُ رجها لك�ي تنقذ أمه،
وبنفس الطريقة فإنه حُيظر عىل غري اليهودي فعل ذلك؛ ألهنم ُأمروا باحلفاظ عىل
أيضا وأيضا فقد ُأوىص اليهود بإنقاذ اجلنني ،وربام يكون األمر ً
مباحا ً حياة اجلنني! ً
لدى األغيار.
تق�ول «التوس�افوت» يف بداية اس�تنتاجها إن�ه «مل يرد هذا بالنس�بة للوصي�ة الواجب عىل
اليهودي تنفيذها» ،وهي تربهن عىل ذلك من خالل حكم إنزال عقوبة املوت عىل غري اليهودي
الذي ينتهك قدس�ية الس�بت (حس�ب م�ا ورد يف اجلامرا) ،وأم�ا اليهودي فال ينطب�ق عليه هذا
متناقضا مع قاع�دة «ليس ثمة أم�ر حمظور عىل
ً احلظ�ر على اإلطلاق ،وألول وهلة يبدو ه�ذا
األغي�ار ومب�اح لليهود» ! ،لكن ألنه ثمة وصية ملزمة لليه�ودي يف هذه احلالة أو تلك ،أي أن
اليه�ودي مثلاً ملزم بأداء واجبات الس�بت؛ لذلك فال عج�ب إذا قلنا إن األمر حمظور عىل غري
اليهودي ومسموح لليهودي.
مس�موحا لليهودي بقتل
ً وتس�تمر «التوس�افوت» يف التس�اؤل عن كيف حُيتمل أن يكون
أيضا يف
جنني إلنقاذ أمه ،بينام األمر حمظور عىل غري اليهودي ! وتربر «التوس�افوت» ذلك بأنه ً
هذه احلالة « ُأمر اليهودي بإنقاذ األم»؛ وهلذا السبب فمن املمكن أن ينشأ موقف ما يكون األمر
220
حمظ�ورا عىل غري اليهودي ومباح لليه�ودي .إال أنه يف هناية األمر قالت «التوس�افوت» إنه
ً في�ه
أيضا لدى األغيار ُيسمح بقتل اجلنني إلنقاذ أمه.
ً
على أي�ة حال ،تعلمنا من كلامت «التوس�افوت» أن�ه عندما يتعلق األم�ر بإحدى الوصايا
التوراتي�ة ،ال جي�ب االحتكام حينها للقاعدة س�الفة الذكر .وبش�كل بدهيي ،يتض�ح لنا أنه فيام
خيص املوضوع الذي نناقشه ،عندما يضطر رأوبني اليهودي لقتل يافث غري اليهودي لكي ينقذ
نفس�ه ،ه�ذا ألن رأوبني يفعل هذا ً
تنفيذا للوصية التي تأمره بإنق�اذ النفس اليهودية من املوت،
ال يسري هنا حظر قتل غري اليهودي؛ ألنه بش�كل عام حُيظر عىل اليه�ودي قتل غري اليهودي،
()10
بخالف هذه احلالة.
وتلخيصا هلذه الفقرة نقول إننا قد توصلنا إىل استنتاج واضح مفاده ،أنه يف أية حالة يمثل
ً
خطرا عىل حي�اة اليهوديُ ،يس�مح بقتله (حتى إذا كن�ا بصدد حمبيفيه�ا وج�ود غري اليه�ودي ً
الشعب اليهودي ،وحتى إذا مل يكن للشخص أي ذنب يف املوقف الذي نشأ).
221
(عىل سبيل املثال :عندما ُيسمح بقتل اجلنني واستخدام أجزاء من جسده لصنع دواء حمدد
لعالج املرىض).
بحس�ب كلامت الرايب ش�لومو بن يتس�حاق الت�ي ذكرناها قبل قليل ،يب�دو أنه ليس ثمة
نفسا من
فارق يف األمر إذا مل يكن ثمة إلزام ببذل النفس عن قتل اجلنني ،فاألمر مباح ألنه ينقذ ً
امل�وت .كام هو األمر عندما قلنا إنه ُيس�مح بخرق أي م�ن املحظورات التوراتية يف حالة وجود
خط�ر عىل احلياة ،س�واء كان احلظر يس�مح بذل�ك أو تم خرق احلظر للعلاج (مثل أكل طعام
حمظور للعالج).
لكن بحس�ب الرايب موس�ى بن ميمون يف رشائ�ع القتل ،وكذلك يف «ش�وحلان عاروخ»،
هناك موضع للنقاش ،وكان هذا ما ورد:
املرأة املتعرسة يف والدهتاُ ،يس�مح بقطع اجلنني يف أمعائها ،بواس�طة اليد؛ ألنه
رضرا س�يؤدي لقتله�ا .أما أذا أخرج اجلنني رأس�ه بالفعل ،فال ُي َّمس؛ ِ
ُيلح�ق هبا ً
ألنه حُيظر قتل نفس لصالح نفس أخرى ،وهذه هي ُسنة احلياة.
نس�تنتج من ذلك أن السماح بقت�ل اجلنني يعود لكون�ه يلحق أذى بأم�ه ،ويعرض حياهتا
للخطر .وهذا يعني أن هذا مباح فحسب؛ ألنه لوال وجود اجلنني ،ملا كان هناك خطر عىل األم
(وكام أوضحنا الفرق بني اإلنقاذ والعالج يف امللحق األول من الفصل الثالث).
ووف ًق�ا هلذاُ ،يس�مح بقت�ل اجلنني يف حالة «اقت�ل جنني فالن أو نقتل�ك»؛ ألنه لوال وجود
اجلنني ملا كان هناك خطر ( .)11لكن ليس ثمة رخصة بقتل جنني امرأة لعالج شخص آخر؛ ألن
اخلطر هنا ال عالقة له بوجود اجلنني ،فحسب من سيقتله هو ذلك الذي خلق تلك العالقة.
ويندهش احلاخام عاقيفا إجير)*( يف إضافاته عىل «املشناه» ،من رأى الرايب موسى بن ميمون:
لق�د اندهش�ت ألول وهلة ،م�ن أن الرايب موس�ى بن ميمون قال إنه يش�كل
خطرا ما عىل األم؛ ألنه إذا خرج معظم جس�ده ،فإنه ال ُي َّمس ،وتفسير ذلك أنه
ً
نفسا.
رغماً عنك هو ال ُيعد ً
وكذلك كتب «منحات حينوخ»:
نفس�ا ،لكنه ال
مل أمتكن من فهم أنه ُيس�مح بقطع أوصال اجلنني الذي ال ُيعد ً
ُيعد ملح ًقا لألذى.
)*( عاقيفا إجير (1837 – 1761م) :من كبار احلكامء اليهود األواخر.
222
بيد أن عد ًدا من احلكامء األواخر كتبوا يف تفسريهم للحاخام موسى بن ميمون ،أنه ُيسمح
بالفعل ،وف ًقا لوجهة نظره ،بقتل اجلنني يف حالة كون وجوده يشكل ً
خطرا ،ولوال كونه «تسبب
يف أذى بسبب وجوده ،ملا كان هناك سامح بقتله».
هذا ما كتبه عىل سبيل املثال الرايب حيزقئيل سيجيل لندا)*( يف كتابه «هنوداع بيهودا»:
عىل كل حال حُيظر قتل اجلنني إلنقاذ أمه ،إذا مل نعترب أنه تسبب هلا يف أذى.
أيضا يف (س�يدير طهاروت) )**( ،و «إجيروت موش�يه» ،ويف حتديثات
وه�و نفس ما ورد ً
عىل الرايب موس�ى ب�ن ميمون ،وكذل�ك حتديثات )***(
احلاخ�ام حايي�م هاليفي سلوفيتش�ك
احلاخام موشيه شيك)****(.
لك�ن م�ن امله�م أن نوضح أن�ه وف ًقا هل�ذه الطريقة ،حُيظر العلاج باجلنني إلنق�اذ هيودي،
و ُيسمح بالعالج بغري اليهودي إلنقاذ هيودي ،كام استنتجنا قبل قليل ببساطة ،وكام هو موضح
لدى الرايب موسى بن ميمون؛ حيث يقول:
أم�ا عن قت�ل نفس هيودي لعلاج نفس أخ�رى أو إلنقاذ ش�خص من أيدي
ِ
مغتصب ،فإن الرأي يميل إىل أنه حُيظر إهناء حياة شخص لصالح حياة ش�خص
شخص آخر....
نحن نرى أن الرايب موس�ى بن ميمون يؤكد عىل أن احلظر يتعلق فحس�ب باليهود ،ويقول
أيضا عن حاالت يتم االستعانة فيها بشخص آخر للعالج ،وليس إلنقاذ أحدهم من أيديهذا ً
()12 ِ
شخص مغتصب .
وعلى الرغ�م م�ن أن حظر قتل اجلنني جاء م�ن قاعدة «ليس ثمة أمر حمظ�ور عىل األغيار
ومباح لليهود» ،مثله مثل حظر قتل غري اليهودي ،فإننا نرى أن ثمة فار ًقا ً
كبريا بني احلالتني.
فقد أثبتنا أن حياة اليهودي مهمة ،مقارنة بحياة غري اليهودي الذي يدنس قدس�ية الس�بت
إلنق�اذ هيودي ،بينام ال يصح خرق حرمة الس�بت إلنقاذ غري اليه�ودي .لكن اجلنني ليس كغري
اليه�ودي يف ه�ذه احلالة؛ ألنه نظر ًّيا قد تقرر أنه ُيس�مح بخرق حرمة الس�بت إلنقاذ جنني ،كام
ورد يف «شوحلان عاروخ»:
)*( الرايب حيزقئيل سيجيل لندا :كان كبري حاخامات براغ ،ومن كبار الفقهاء اليهود يف القرن الثامن عرش.
)**( «سيدير طهاروت» :هو الباب السادس من أبواب التلمود ،ويناقش أمور الطهارة والنجاسة.
)***( الرايب حاييم هاليفي سلوفيتشك (1918 – 1853م) :امللقب بالرايب حاييم مربسك ،من كبار الشخصيات
الدينية يف القرن العرشين.
)****( الرايب موشيه شيك (1879 – 1807م) :من كبار حاخامات املجر يف القرن التاسع عرش.
223
م�ن جتل�س ف�وق ك�ريس ال�والدة فتوفي�ت ،تحَُض�رَ س�كينًا ،حت�ى إذا كان
الي�وم هو الس�بت ،حت�ى إذا كان ه�ذا علن ًّيا ،وتُش�ق بطنها إلخ�راج اجلنني فقد
يكون ح ًّيا.
وكذلك رشائع يوم الغفران:
احلبلى التي تستنش�ق رائح�ة طعام م�ا ،إذا مل يعطوها منه وس�تتعرض هي أو
جنينه�ا للخط�ر ،يهُ م�س يف ُأذنيها بأن اليوم ه�و يوم الغفران ،ف�إذا هدأت انتهى
األمر ،أما إذا مل هتدأ ،فعليهم أن جيعلوها تتذوق طعمه ،فإذا هدأت انتهى األمر،
أما إذا مل هتدأ ،فعليهم أن جيعلوها تتذوق صلصلة الطعام نفسها ،وإذا مل هتدأ بعد
ذلك ُيسمح بإطعامها من الطعام املحظور نفسه.
ويفرس احلاخام يوئيل سريكيش هذه النقطة أكثر حينام يقول:
خطرا
اس�تنا ًدا هلذا احلكمُ ،يسمح هلا بتناول هذا الطعام ،حتى إذا كان يشكل ً
ما عىل أحدمها ،حول هذا قال ،هي أو جنينها.
نرى هنا أن حياة اجلنني أهم من حياة غري اليهودي ،بل وحتى أهم من جار توشاف؛ ألنه
من أجل إنقاذ حياته يمكن خرق قدس�ية السبت (وتس�قط مجيع املحظورات التوراتية يف حالة
وج�ود خطر عىل احلياة) ( .)13يف هذه احلالة يمكننا أن نفهم ملاذا ُيس�مح بالعالج بواس�طة غري
اليهودي .بينام ليس ثمة سامح بالعالج بواسطة اجلنني:
ال يصح تدنيس قدسية السبت من أجل إنقاذ حياة غري اليهودي ،ومن هنا نرى
أن حيات�ه أق�ل قيمة من حياة اليهودي؛ لذا فإنه ُيس�مح بقتله إلنق�اذ اليهودي ،أما
اجلنني الذي حياته مهمة إىل حد السامح بتدنيس قدسية السبت إلنقاذه ،فليس ثمة
خطرا ،فحينئذ جيربنا
سامح بقتله لعالج آخرين ،إال يف احلالة التي يمثل فيها وجوده ً
الواقع عىل تفضيل حياة أحدمها عىل اآلخر ،ويف مثل هذه احلالة يمكننا أن نقرر أن
حياة الشخص البالغ أهم من حياة اجلنني (ألننا ال نُعا َقب بالقتل عىل قتله).
وف ًقا هلذا ً
أيضا سنفرس هذا املربر اإلضايف الذي أوردناه إلمكانية قتل غري اليهودي إلنقاذ
اليه�ودي .فق�د كتبنا أنه يف حالة وج�ود وصية ما واجب عىل اليهودي االلت�زام هبا ،ال نحتكم
حينه�ا لقاعدة «ليس ثمة أمر حمظور عىل األغيار ومباح لليهود» ،وعىل هذا فإنه يف حالة وجود
وصي�ة تُل�زم باحلفاظ عىل حي�اة اليهودي ،يبطل حينه�ا احلظر بقتل غري اليه�ودي ،وهو احلظر
الذي ينبع من القاعدة سالفة الذكر.
224
أيض�ا يف حالة اجلنني جيب أن تكون الفرضية ذاهت�ا؛ ألنه عندما تكون هناك
وألول وهل�ة ً
إمكانية إلنقاذ هيودي بواسطة قتل جنني ،يب ُطل حينها احلظر بالقتل ،وهو احلظر الذي ينبع من
نفس القاعدة السابقة.
ولك�ي نفرس ملاذا كتب احلكامء األواخر أنه حُيظر العالج بواس�طة اجلنني؟ نقول إنه ال يتم
االحتكام إىل تلك القاعدة يف حالة وجود وصية واجبة النفاذ !
وجي�ب أن نوضح هنا :أنه بالفعل ال يتم االحت�كام إىل تلك القاعدة يف حالة وجود وصية
واجب�ة النفاذ ! لكن عندما نواجه ً
نقاش�ا ح�ول حياة اجلنني ،فإننا نجد لدين�ا وصايا متناقضة:
أيضا وصية بإنق�اذ اجلنني ،بل وتخُ رق
فم�ن ناحي�ة ثمة وصية بإنقاذ حي�اة اليهودي ،لكن هناك ً
واضح�ا متا ًما ،وعىل ه�ذا فإن حظ�ر قتل اجلنني
ً قدس�ية الس�بت ألجله؛ ل�ذا فاألمر هن�ا ليس
قائما.
يظل ً
أما فيام خيص غري اليهودي ،فإنه ليس ثمة وصية بإنقاذ حياته عىل حساب قدسية السبت،
ولذل�ك ف�إن إنقاذ حياة اليهودي أهم من حياة غري اليه�ودي ،و ُيبطل احلظر اخلاص بقتله()14؛
ألن هذه احلالة ال حتتوي عىل وصية إلنقاذ حياة اليهودي (.)16( )15
225
امللحق
العالقة بني الوصايا السبع ووصايا التوراة الـ 613
ُأم�ر اإلنس�ان األول بس�بع وصايا( .)17بعد ذلك ُأم�ر بنو إرسائيل بالوصاي�ا الـ 613عند
نزول التوراة يف جبل سيناء (.)18
اآلن ،بعد نزول التوراة يف جبل سيناء ،ما هي عالقتنا بالوصايا السبع؟
226
مثال آخر :ورد يف «التوس�افوت» يف الس�نهدرين ،أنه حُيظر عىل غير اليهودي أن يتوقف
عن العمل يوم الس�بت ،أما اليهودي ،فألنه قد ُأمر بذلك يوم الس�بت فحس�ب ،يمكنه بطبيعة
احل�ال أن يفعل ذلك طوال أيام األس�بوع .لذل�ك ،فإن وصية التوقف عن العمل يوم الس�بت
توضح لنا أننا خرجنا عن قاعدة حظر األمر نفسه عىل األغيار.
( )2أمور وردت يف الوصايا السبع ،ومل ترد يف الوصايا الـ 613
مثل :حظر قتل اجلنني ،وحظر االنتحار ،وحظر قتل غري اليهودي .وختربنا التوراة بقاعدة
مهم�ة «مل ي�رد يشء مباح لليهود وحمظ�ور عىل األغيار» ،بمعنى أن هذه األم�ور ال بد أن تكون
حمظورة كذلك عىل اليهود.
أي أن�ه :ثم�ة نق�اط مل تتطرق إليها الوصايا ال�ـ 613عىل اإلطالق ،وتظ�ل عالقتنا هبا كام
كانت قبل نزول التوراة.
وإذا قمنا بتلخيص ما فات سنجد أن :الوصايا الـ 613توضح وتكرر عالقة بني إرسائيل
بالوصايا السبع ،وهكذا يف حقيقة األمر ،هي تستبدل األحكام الواردة يف الوصايا السبع .لكن
بعض األمور وردت يف الوصايا الس�بع ،مل تتطرق إليها الوصايا الـ .613سنظل ملزمني بتلك
األمور ،كام كنا نفعل قبل نزول التوراة.
227
بي�د أنه عندما نأيت ملناقش�ة قتل غري اليهودي ،يمكننا أن نرف�ض فرضية «مل يرد يشء مباح
حمظورا عىل غري اليهودي أن يقتل غري هيودي مثله،
ً لليه�ود وحمظ�ور عىل غريهم»؛ ألنه إذا كان
فمحظ�ور كذل�ك عىل اليهودي أن يقتل هيود ًّيا .ولكن ال نفهم من ه�ذا إمكانية إيذاء اليهودي
لغري اليهودي ،وهو األمر الذي ربام ُسمح به من باب أن حياهتم ال تساوى شي ًئا.
ويتف�ق كل من الرايب نس�يم)*( ،واحلاخام ش�موئيل ايدليش)**( يف الس�نهدرين مع نفس
الفرضية السابقة .وتقول اجلامرا:
وحمظورا عىل األغيار .ما الدليل
ً مباحا لليهود
مل يرد يشء حول أن ثمة شيئًا ً
عىل ذلك؟ إذا كان ُيس�مح لليهودي أن يتزوج أسيرة احل�رب ! وهل الدليل أننا
ُأمرنا باحتالل أرض إرسائيل من ِق َبل الرب بينام مل يؤمر األغيار بذلك؟
بل ويتشدد احلاخام نسيم فيام يتعلق بام ورد يف اجلامرا من أن رسقة غري اليهودي جتوز:
وألنه ُيس�مح إلرسائي�ل وف ًقا للت�وراة برسق�ة الس�امري ،إ ًذا فالرسقة مباحة
إلرسائيل وحمظورة عىل السامري ،أي أنه ُيسمح إلرسائيل برسقة السامري ،بينام
مباحا
حُيظ�ر عىل الس�امري رسقة صاحبه الس�امري ،وإذا كان ورد أن ثمة ش�يئًا ً
وحمظورا عىل الس�امري ،فها قد قيل حول أسيرة احلرب أنه «وها هي ً إلرسائيل
أسيرة احل�رب مباح�ة إلرسائيل وحمظ�ورة عىل الس�امري» ،رغم أن�ه حُيظر عىل
إرسائيل بكل تأكيد أن يتزوج أسيرة احلرب التي ختص صاحبه .أي أن ما خيص
الس�امري مباح إلرسائيل ،كام ورد (ورأى بقية األغيار) وقف وسمح إلرسائيل
باحلصول عىل نصيبه )***(.
أي أن احلاخام نس�يم يدرك أنه وف ًقا للفرضية ،يمكن القول إنه ال توجد مش�كلة يف رسقة
األغيار؛ ألنه حُيظر عىل اليهودي رسقة هيودي ،كام حُيظر عىل غري اليهودي أن يرسق غري هيودي
آخر ،وبذلك يتم تطبيق فرضية «مل يرد يشء.»...
بي�د أنه ،انطال ًقا م�ن املعضلة الواردة يف اجلامرا بخصوص أسيرة احلرب ،نرى أنه كذلك
يف مثل هذه احلالة جيب التش�دد يف تطبيق الفرضية الس�ابقة ،ولذلك فهو يوضح لنا أن الس�بب
يف عدم التش�دد فيام خيص رسقة غري اليهودي ،أنه ثمة س�بب حمدد للسماح بذلك ،وهو ما ورد
«رأى بقية األغيار» (كام هو مفرس يف اجلامرا يف بابا قاما ،وهو ما سريد الح ًقا).
)*( الرايب نسيم بن رايب رأوبني :من كبار احلكامء األوائل ومفرسي العهد القديم
)**( احلاخام شموئيل ايدليش :قام بتأليف بعض التحديثات واألساطري للتلمود.
)***( أي األرض التي وعدته هبا.
228
ويقول احلاخام شموئيل ايدليش عن اجلزئية السابقة:
جي�ب التدقي�ق حول أنه كذلك أسيرة احل�رب خاصة اليهودي�ة حمظورة عىل
اليهودي كام أوردنا سل ًفا.
فقد أدرك أنه ال داعي للتش�دد فيام خيص أسيرة احلرب؛ ألن األمر حمظور بني اليهود؛ لذا
فال داعي لالحتكام إىل الفرضية السابقة فحسب؛ ألنه ُيسمح لغري اليهودي بالزواج من أسرية
احلرب التي يمتلكها هيودي.
أيضا هذه
ويف حقيق�ة األمر ،إن احلاخام ش�موئيل ايدليش يرى أنه قد ثب�ت يف اجلامرا أن ً
احلالة تنتمي لنفس الفرضية س�الفة الذكر ،غري أن ثمة تدقي ًقا مطلو ًبا لفهم س�بب عدم التش�دد
مسموحا به:
ً أمرا
يف رسقة غري اليهودي ،والتي تعد ً
أيضا ،واألجنبي حمظور عىل األجنبي ،فال ينبغي التشدد إذن
وألن األجنبي مباح إلرسائيل ً
يف رسقة جس�ده؛ ألنه ورد س�ل ًفا أن األجنبي مباح إلرسائيل ،واألجنبي حمظور عىل األجنبي،
وجيب أن نقول إن ثمة معضلة يف األمر حتى يرد أن رسقة األجنبي أمر حمظور ،واألمر يف حاجة
لتدقيق (.)22( )21
ويتضح من هذا أنه عندما نتحدث عن الفرضية السابقة يف حالة االنتحار ،وقتل اجلنني،
تكون أقوى بكثري عنها يف حالة قتل غري اليهودي؛ ألنه حينئذ كانت الفرضية تقول إن األمر ال
عالقة له بقاعدة «مل يرد يشء ،»..لوال ما قالته اجلامرا عن أسرية احلرب (.)23
ونس�تحدث من ه�ذا االختالف ترشي ًعا ،نرى م�ن خالله أن حظر قت�ل اجلنني أخطر من
حظر قتل غري اليهودي (رغم أن كالمها نبعا من فرضية «مل يرد يشء)»..؛ حيث إنه ثمة خالف،
إذا كان ُيس�مح بالعالج بواس�طة اجلنني (بمعنى :قتله إلنقاذ النفس ،يف احلالة التي يتسبب فيها
وجوده يف وقوع خطر ما) ،بيد أنه ليس ثمة حظر للعالج بواس�طة حياة غري اليهودي (كام ورد
يف متن الفصل الرابع).
229
قال احلاخام يوس�ف« :إن الرب وقف وقاس األرض ،نظر فرجفت األمم»،
م�اذا رأى حتديدً ا؟ س�بع وصايا تلقاها بن�و نوح ومل يلتزموا هب�ا ،فوقف وأباحها
هلم.
األمر يبدو وكأن الرب كافأهم عىل ذنبهم ! ويقول حكامؤنا :إهنم حتى إذا طبقوا الوصايا،
أجرا عن ذل�ك .ومل ال؟ ،يقول التنائي احلاخام مئري :م�ن قال إن األجنبي
فإهن�م ال يس�تحقون ً
)*(
واملتعمق يف التوراة مثلهام مثل الكاهن األكرب؟
وكام يقول النص «التي إذا فعلها اإلنسان حييا هبا» ،مل يقل :الكهنة والالويون واإلرسائيليون
فحس�ب ،بل قال :اإلنسان .ونحن نتعلم من هذا عكس ما وصل إليه احلاخام مئري ،وأنه حتى
األجنبي واملتعمق يف التوراة ،مثلهام مثل الكاهن األكرب !
وهك�ذا قي�ل :ال يؤج�رون عليها كوصية التزموا هب�ا ونفذوها ،بل كأهن�م غري ملزمني هبا
ونفذوه�ا ،ويقول احلاخام حنين�ا يف فصل «اخلصال احلميدة»« :أعظم ش�أنًا هو من يتم إلزامه
بوصية ما وينفذها ،من ذلك الذي ال يكون ملتز ًما هبا وينفذها رغم ذلك».
بمعن�ى أن�ه يف حلظة نزول الت�وراة ،عندما مر الرب عىل الش�عوب ،و ُأحبط من أهنم مجي ًعا
رفضوا حفظ التوراة (وكذلك الوصايا الس�بع ،فقد اقرتح عليهم فحسب الوصايا املتضمنة يف
الوصاي�ا الس�بع !) ،أباح هلم املحظ�ورات وأعفاهم من التزامهم بالوصايا الس�بع؛ ألنه حينئذ
س�يعدون كم�ن حصل عىل ثواب ،بينام ه�و مل يلتزم بالوصايا .أال أهن�م ال يؤجرون عىل تطبيق
الوصايا الس�بع ،بصفتهم مأمورين هبا فنفذوها بطبيعة احلال ،هم فحسب يؤجرون مثلهم مثل
من مل يؤمر هبا ونفذها.
أي أنه ،بعد نزول التوراة «يأس» الرب ،إذا جاز التعبري ،من التعامل مع األغيار باعتبارهم
مأموري�ن بالوصايا ،وكأن حياهتم ذات معنى .فف�ي حقيقة األمر ،إهنم قد صاروا كمن مل يؤمر
بوصية لكنه ينفذها ،مثلهم مثل احليوان ،الذي يعيش حياته دون وعي ومغزى يف احلياة(.)24
وه�ا ه�و مصدر حظر قت�ل غري اليهودي نجده يف الوصايا الس�بع قبل أن يؤمر اإلنس�ان
حمظورا عليه قتل غريه .االلتزام بالوصايا السبع ،هو الذي جعل
ً األول بالوصايا السبع ،مل يكن
حياة اإلنس�ان أغىل من احليوان ،بينام حتول األغيار إىل غري مأمورين بالوصايا وينفذوهنا ،وهبذا
فإنه ليس�ت هلم عالقة هبؤالء امللزمني بتطبيق الوصايا السبع ،ويف هذه احلالة تصري حياهتم أقل
قيمة من سابقيهم(.)25
)*( أي من حيث املكانة.
230
وختربنا املخيلتا يف تفسيرها لآليات ( )14 - 21يف س�فر اخلروج ،أنه ببس�اطة حُيظر قتل
غري اليهودي حتى بعد نزول التوراة:
ومن يتعمد قتل صاحبه يس�تحق القتل «صاحبه ،أي أن اآلخرين معفون من
التزامهم» .يقول ايسى بن عقيفا :قبل نزول التوراة تم حتذيرنا من سفك الدماء،
وبع�د نزول الت�وراة تم ختفيف املحظورات .فقد ورد أن�ه ليس ثمة عقوبة دنيوية
عن هذا فحسب ،بل عقوبة أخروية.
يقول ايسى هنا :إنه ليس من املحتمل أن ُيسمح لليهودي بقتل غري اليهودي ،عندما يكون
حمظورا لدى األغيار.
ً األمر نفسه
لكنن�ا حت�ى اآلن ،ال يمكنن�ا مقارنة ه�ذا بأي حال م�ن األحوال مع حظر قت�ل اجلنني أو
االنتح�ار .فف�ي قتل اجلنني واالنتحار ،نح�ن نتعلم التعامل مع قيمة حي�اة اليهودي من خالل
اإلل�زام الواقع عىل غري اليهودي باحرتام حياة غري اليهودي .لكن مع قتل غري اليهودي ،نتعلم
أن األمر حمظور بسبب أننا ال نرغب يف خلق وضع يسمح لليهود بذلك ،بينام األمر حمظور لدى
األغيار ،رغم أنه ،وبدون شك ،ثمة فرضية للتفرقة بني األمرين ،والقول بعدم املساواة يف ذلك
بني اليهودي وغري اليهودي.
يكتسب األمر قوة أكثر ،من منطلق أن الوصايا الـ ،613مل تتطرق مطل ًقا إىل غري اليهودي
بالش�كل املتع�ارف عليه .فغري اليه�ودي من املمكن أن يصري جار توش�اف ،وما دام أنه مل يرص
هكذا ،فإنه يعترب يف وضع من «مل يؤمر بالوصية لكنه ينفذها» ،ووف ًقا للحاخام موسى بن ميمون،
فإن هذا الشخص ال قيمة حلياته (كام ورد يف هناية الفصل الثامن من رشائع امللوك)(.)26
ببساطة ،ووف ًقا ملا قاله احلاخام ايسى ،وما ورد يف اجلامرا( ،)27وكتب الفتاوى الدينية ،فإن
حظ�ر قت�ل غري اليهودي ال ينبع من كون حيات�ه ذات قيمة ،وإنام ألن وضعه غري حمدد ،وبالتايل
فال قيمة حلياته.
وتلخيصا ملا تقدم نقول :الفرضية التي تلزم اليهودي بحظر قتل اجلنني ،أو حظر االنتحار
ً
أقوى بكثري من الفرضية امللزمة بحظر قتل غري اليهودي .وهلذا السبب ،فإن الرشيعة تفرق بني
اجلنني وغري اليهودي يف حالة استخدام روحه إلنقاذ هيودي.
231
– 4الفرضية اليت تقول إن قتل اجلنني واالنتحار مل يردا يف الوصايا الـ613
يف حقيقة األمر ،رغم الفرضية التي حتظر قتل اجلنني واالنتحار ،ال يوجد حتى اآلن سوى
حمظ�ورات متش�اهبة ،متا ًم�ا ،مع القتل املؤك�د .فاليهودي ال�ذي يقتل جنينً�ا ،ال ُيعاقب بالقتل،
خطرا عىل أمه وعىل اآلخرين.
و ُيسمح كذلك بقتل اجلنني عندما يشكل ً
وجيب توضيح هذا أكثر:
وف ًقا حلكامئنا ،طيب اهلل ثراهم ،فإنه قد ورد يف تفسري اآليات ( )9 - 30من سفر اخلروج،
أن الوصايا السبع هي وصايا «أولية» يف مقابل الوصايا الـ :613
من�ح الرب أم�م العامل وصايا أولي�ة تتعلق هبم ،ومل يوضح فيها النجاس�ة من
الطه�ارة .وعندما ظهر بن�و إرسائيل فرس هلم كل وصية وثواهبا وعقاهبا؛ لذا ورد
«وإرسائيل بفرائضه وأحكامه».
أيضا بواسطة الرايب هيودا ليفا بن بتسلئيل يف كتاب «تيفئرييت» الفصل
وتم توضيح هذا ً
السابع عرش):
لي�س من املناس�ب أن نق�ول إن التفرق�ة التي بين إرسائيل وبقية أم�م العامل،
تعن�ي أن بع�ض الوصايا ُمنح�ت هلم ،بينام حص�ل إرسائيل على الوصايا كلها،
فوف ًق�ا لذلك س�يكون االختالف فحس�ب يف الك�م وليس الكي�ف ،وكذلك يف
كيفي�ة الوصايا نجد تفرقة؛ ألن الرب منح أمم العامل وصايا أولية ،مل يوضح فيها
النجاس�ة والطه�ارة ،لذلك فإهنم ال يس�تحقون التوراة الت�ي توضح وتفرس كل
يشء عىل أساس منطقي ،وهو ما مل يتوفر يف تلك الوصايا (.)28
ويتف�ق األم�ر مع كلامت املفرسين م�ن أن الغرض من منح الوصايا الس�بع لبني نوح ،هو
احلف�اظ عىل اس�تقرار العامل ،حتى ال يفن�ى ( .)29هكذا وجدنا أهنم قالوا إن وصايا نوح الس�بع
هي بمثابة «احلفاظ عىل وجود العامل» ( ،)30و«كل إنس�ان يدرك أن مجيع هذه الوصايا رضورية
إلقام�ة أي دول�ة ،وتتبعه�ا أي مملكة لتق�وم بعقاب املجرمين»(« ،)31مجيع وصايا نوح الس�بع
وكذل�ك إقامة فرائض الس�بت وإجالل الوالدي�ن ،هي وصايا أخالقي�ة يفرضها العقل ،وهي
كذلك قوانني الدولة التي ال يمكن للعامل أن يستقيم من دوهنا»(.)32
وحسب احلاخام مليوفافيتش(« :)33إن الوصايا السبع ألبناء نوح ،هي أوامر الرب لعبيده،
صورها»)*(».
وجوهرها هو جوهر وجود العامل؛ حيث ورد أن «للسكن َّ
)*( أي جعل األرض صاحلة لسكنى البرش.
232
بمعنى أن :الوصايا الس�بع هي التي متهد لوج�ود العامل األوىل« ،املادة اخلام» .وجود املادة
يسبق الصورة ،أي الوصايا الـ .613
يع�د قت�ل اجلنني تعاملاً مع صورة أولي�ة للحياة ،مل خترج إىل الواقع بع�د .فاجلنني يف واقع
األم�ر ه�و احتاملي�ة للحياة( .)34مل تتح�دث الوصايا ال�ـ 613عن هذه اجلزئي�ة ،بينام وردت يف
الوصايا السبع األولية !
أيضا ،حظر االنتحار هو تعامل مع أساس الوجود :إرادة احلياة مل تتطرق الوصايا الـ613
ً
هل�ذه املس�ألة؛ ألن جوهر الوجود هو بمثابة مادة أولية دون ص�ورة ،والوصايا الـ 613تتعامل
فحسب مع الصورة.
ينطوي التعامل مع أساس الوجود عىل جانبني ،أحدمها خطري ،واآلخر بسيط .فمن ناحية
هذا األمر ،هو األساس الذي يعتمد عليه كل يشء( ،)35لكن من ناحية أخرى األساس ليس يف
تناول املادة اخلام ،بل الصورة.
نجد مثالاً مش�ا ًهبا لذلك يف الوصايا« :مل خيلقها باطلاً بل للس�كن صورها» (أشعياء 45
– .)18أي أننا نتحدث هنا عن وصية اخلالق بالزواج وإنجاب األطفال .ورد عن هذه الوصية
م�ن ناحي�ة أهنا وصية مهمة للغاية ،ولذلك فإهنا تلغي وصاي�ا أخرى ،مثل ذلك احلاخام الذي
يجُبر عىل عت�ق عبده ليقيم فريض�ة «اجللوس» رغم أنه بعتق�ه للعبد لن يك�ون ملتز ًما بفريضة
«تستعبدوهنم إىل الدهر» «الويني .»46 - 25
لك�ن م�ن ناحية أخرى ،يتضح يف «هحاتام س�وفري» أنه رغم وج�وب توقيع عقوبة القتل
على م�ن ال يلتزم بإحدى الفرائض ،إال أنه يف فريضة «اجللوس» ليس ثمة إجبار يف ذلك؛ ألهنا
وردت يف أسفار األنبياء.
لدين�ا مثال لوصية هتتم بجوهر الوجود اإلنس�انى يف العامل ( ،)36ولذلك فهي وصية مهمة
للغاية تلغي غريها من الوصايا ،لكنها مل ترد يف التوراة ،لذلك فهي ضعيفة قليلاً .
ويتش�ابه ه�ذا كذل�ك مع قتل اجلنني :فمن ناحي�ة يعد ذلك إحل�اق أذى للحياة اآلخذة يف
التك�ون ،وت�م حتريم هذا بش�دة .لكن م�ن ناحية أخرى ،هي جم�رد إحلاق أذى بحي�اة أولية ،مل
تتش�كل صورهت�ا بعد ( ،)37بيد أن�ه مل يرد يشء حول هذا يف الوصايا ال�ـ ،613فبالتايل من يقتل
اجلنني ال ُيعاقب بالقتل.
233
عندم�ا يك�ون ثم�ة تعارض بين الوصايا ال�ـ 613والوصايا الس�بع ،فالي�د العليا تكون
للوصاي�ا ال�ـ 613؛ ألن األس�اس هو التعامل مع الص�ورة القائمة ،ال مع امل�ادة األولية .لذا،
فإنه ُيسمح بقتل اجلنني ،إذا كان وجوده يعيق إنقاذ نفس هيودية ،ففي هذه احلالة تلزمنا إحدى
الوصاي�ا ال�ـ 613بإنقاذ احلياة (الذي ه�و إنقاذ للصورة ال للامدة األولي�ة) ،وهي وصية تُبطل
عمل حظر قتل اجلنني الذي توصلنا إليه فحسب ،من خالل فرضية وهي «مل يرد يشء »..والتي
تتناول (املادة األولية ال الصورة).
ويتشابه هذا األمر مع ما أوضحته املشناه من أن احرتام احلاخام أهم من احرتام األب« :إذا
فقد معلمه وأبوه شي ًئا ما ،األفضلية هنا ملعلمه ،فأبوه هو الذي أتى به إىل هذا العامل ،ومعلمه هو
الذي علمه احلكمة التي ستذهب به إىل اآلخرة»(.)38
فأب�وه ق�د منحه امل�ادة األولية ،أي الكيان املادي ،أي هذا الع�امل ( .)39وأضاف له معلمه
الصورة ،أي التوراة ومن ثم اآلخرة .األفضلية ملعلمه؛ ألن األس�اس هو الصورة ،وليس املادة
األولية (هذا رغم أنه لوال هذه املادة ملا كانت هناك صورة) (.)40
234
* اإلخض�اع :قتل غري اليهودي :األصل أنه ال يوجد حظر لقتل غري اليهودي؛ ألن كونه
ليس جار توشاف جيعل وجوده غري رشعي ،أي ال قيمة له ،وكام قال الرايب موسى بن ميمون:
«وأمر الرب موسى بإخضاع مجيع املخلوقات لقبول وصايا نوح السبع ،ومن ال يقبلها فل ُيقتل،
ومن يقبلها هو املدعو جار توشاف يف مجيع املواضع»(.)41
ه�ذا ،ألن جوهر تناول حظر قتل غري اليهودي ينطوي عىل اخلضوع التام الذي خيربنا بأن
العامل يف حاجة لتعديل ،وأننا مل نس�تطع توضيح الواقع لألغيار بواس�طة الوصايا الـ ،613أي
أنن�ا مضط�رون للخضوع هلذا الواق�ع ،وإدراك أنه ما دام مل ننجح – فنح�ن مضطرون لاللتزام
بتقالي�د ه�ذا الواقع ،ويف نفس الوقت ،ثمة حدود حلظر قتل غري اليهودي ،فاألمر ليس مطل ًقا،
رغم أنه مل يقبل أن يكون جار توشاف.
* التفرقة :الوصايا الـ :613يف املسائل التي وردت يف الوصايا الـ ،613وبالتايل ال عالقة
لنا بام ورد بشأهنا يف الوصايا السبع ،نتعلم التفريق بني اليهود واألغيار .يف حني أن التوراة حتدد
قواعد خمتلفة لتكون هيود ًّيا ،فتخرجنا بذلك من حس�اب األغيار ،ونحن نشعر أنه ال عالقة لنا
هبم ،فام ُأمر به األغيار ال عالقة لنا به ،نحن أبناء الرب الذين قبلوا ما منحهم إياه.
* ختفي�ف العقوبة (التلطي�ف) :أي قتل اجلنني واالنتحار .يف قت�ل اجلنني واالنتحار يتجىل
تطرقنا ملس�ألة ختفيف العقوبة بالنسبة للوصايا السبع .فنحن اآلن ملزمون هبا ،ال ألنه «ليس ثمة
خيار آخر وأن ثمة واق ًعا سي ًئا سيطر علينا» ،لكن ألن الوصايا السبع تعلمنا تفاصيل أولية وقديمة،
ولذل�ك فهي تتجلى يف الوصايا الـ .613بمعنى أن تلك التفاصيل هلا عالقة قديمة بالوصايا الـ
( 613ويتفق هذا مع ما ورد من أن اإلنسان األول قد ازدهر هبا قبل ارتكابه اخلطأ )(.)42
235
هوامش الفصل الرابع
236
خطر عىل احلياة ،والنص هنا يؤكد أن هذا يتعلق فحسب بحياة اليهود ،لكن بالنسبة لغري اليهود
من عبدة األوثان ،هل اجلار توشاف الذي حيافظ عىل وصايا نوح السبع ،والذي تتعرض حياته
للخطر ،ال يمكن لليهودي إنقاذه عىل حساب قدسية السبت؟».
–8جيب أن نؤكد أن كل هذا يتعلق بجوهر حكم إلغاء احلظر من أجل عالج غري اليهودي،
لك�ن بخلاف هذا يوجد يف الترشيع اعتبارات تتعلق باخل�وف من وجود نوع من العداوة التي
س�تؤدى بطبيعة احلال إىل وجود خطر عىل احلياة ،ويويل الترشيع أمهية كربى هلذه االعتبارات؛
ألنه أمر اليزال قائماً يف أجيالنا بذنوبنا الكثرية (لكن هذا األمر بالطبع غري متاح بنفس الش�كل
لدى اجلار توشاف).
–9وإذا قلن�ا ألول وهل�ة :إن حي�اة اليهودي أقل قيمة؛ ألن اليه�ودي ُيعاقب بالقتل عىل
ذن�وب ال يتلق�ى غير اليهودي نف�س العقوبة عنها .واليه�ودي ملزم بب�ذل النفس عىل إحدى
الكبائر الثالث ،بينام غري اليهودي غري ملزم بذلك.
سيكون الرد عىل ذلك هو أن هذا ال يعني أن حياة اليهودي أقل قيمة ،إال أنه عندما يرتكب
اليه�ودي ذن ًبا ،فإن األذى ال�ذي حُيدثه يكون أكرب مما يرتتب عىل ارت�كاب غري اليهودي لنفس
الذنب ،ولذلك فإن الذنوب التي يقرتفها اليهود تستلزم عقا ًبا أشد ،وإلزا ًما ببذل النفس.
–10واس�تنا ًدا هل�ذه الفرضي�ة ،يتضح لنا أن حظر قت�ل غري اليهودي حت�ول إىل أمر مباح
متا ًما ،وليس فحسب أنه يسقط لوجود حياة اليهودي يف خطر.
–11ببس�اطة ،ليس هناك فرق بني اجلنني الذي ُيلحق أذى باألم ،وبني احلالة التي يكون
خطرا ،رغم أنه ال يتسبب هنا يف أذى حقيقي «اقتل اجلنني أو نقتلك»؛ ألن وجوده فيها يشكل ً
ال�ذي يتس�بب يف أذى رغماً عنه ال ُيعاقب بالقتل ،وإذا ُقت�ل اجلنني ،ال جيب إرجاع ذلك لكونه
خطرا عىل اآلخرين الذين حياهتم أهم
متس�ب ًبا يف أذى ما ،بل يرجع ذلك لكون وجوده ش�كَّل ً
منه (وكام تقول املشنا« :ألن حياهتا أهم من حياته» ،أي حياة األم أهم من حياة جنينها) .ويرى
كذلك «باراشات دراخيم» أنه يف حالة «اقتل جنينًا أو نقتلك» ُيسمح بقتل اجلنني.
–12وه�و نف�س رأي «حومخات ش�لومو»)*( يف تفسيره لـ «ش�وحلان ع�اروخ»؛ حيث
)*( «حومخات شلومو» :أحد الكتب اخلارجية للعهد القديم ،وتم تأليفه يف مرص باإلسكندرية يف منتصف القرن األول
قبل امليالد ويضم 19فصلاً .
237
يساوي السامح بقتل غري اليهودي إلنقاذ احلياة بالسامح بالرسقة إلنقاذ احلياة ،ويبدو من كلامته
أيضا أن السامح بذلك ينسحب عىل العالج ،أ ًّيا كان كنه ذلك الشخص غري اليهودي. ً
لكن رأيه أعقد من رأي الرايب موسى بن ميمون ورأي حومخات شلومو.
– 13ذكرنا أنه ُيس�مح ببس�اطة بتدنيس قدسية السبت من أجل إنقاذ اجلنني .وقد وجدنا
بالفعل حول هذا رأيني لدى احلكامء األوائل يسمحان بذلك من الناحية النظرية ،وبالتايل يصري
لزمة ،ويتفق معها يف ذلك بعض احلكامء مثل الرايب شلومو كلوجر)*(.األمر بمثابة وصية م ِ
ُ
– 14جيب اإلش�ارة إىل أنه ألول وهلة كان يمكن القول بأن ثمة فار ًقا بني اجلار توش�اف
وغري اليهودي ،ففي حالة اجلار توش�اف – الذي ُأمر اليهودي باحلفاظ عىل حياته – يس�تحيل
الق�ول ب�أن حظر قتله َيب ُطل يف حالة وج�ود وصية إلزامية لليهودي؛ ألن�ه هو اآلخر توجد من
أجل�ه وصية ملزم�ة لليهودي باإلبقاء عىل حيات�ه ،فإذا كان األمر كذل�ك ،أي الوصيتني أهم؟
لكن فيام يتعلق بغري اليهودي –فإنه ليس ثمة وصية ملزمة بإنقاذه ،وبالفعل يف حالة إنقاذ حياة
هيودي ،فإن حظر قتله يبطل عىل الفور ،ولذلك فإن األمر مسموح به.
غري أن الرايب موس�ى بن ميمون يرى أن الوصايا التي تأمرنا بإنقاذ اجلار توش�اف ليس�ت
درج وصية مثل وصية إنقاذ ش�خص هيودي .فالرايب موس�ى بن ميمون يف كت�اب «الوصايا» ُي ِ
احلف�اظ عىل حياة اجلار توش�اف ضمن وصايا الزكاة ،أي أهنا ليس�ت وصي�ة يف حد ذاهتا ،هذا
يعنى أنه يعتقد أنه ليس ثمة استثناء خيص اجلار توشاف فحسب ،بل هناك أمر بدعمه والتعاون
معه (وهو ما يشمل إنقاذ حياته ،لكن ليس بشكل أسايس).
ووصي�ة ال�زكاة تش�مل أحكا ًما تس�بق أحكا ًما أخرى ،ف�زكاة اليهودي لغيره تعتمد عىل
مس�توى عالقته به ،ولذلك حينام يكون هناك أمر ملزم بإنقاذ حياة اليهودي ،ويقابله أمر مماثل
بإنق�اذ حياة اجلار توش�اف ،فإن وصية الزكاة هنا ترجح كفة اليه�ودي ال العكس .لذلك ،فإن
حظر قتل اجلار توشاف هنا يسقط.
أم�ا وصي�ة إنقاذ اجلنني ،فإهنا ليس�ت جمرد زكاة ،ب�ل هي وصية تُلزمن�ا باحلفاظ عىل حياة
روح ،ولذل�ك يتم التدقيق بش�أهنا مقابل الوصايا األخرى .وألن ثمة وصية هنا ،س�واء بإنقاذ
اجلنني أو بقتله ،فإن حظر قتله يظل قائماً يف حالة العالج.
ٍ
ومفت شهري پولندي. )*( هو الرايب شلومو كروجر (1869 – 1785م) :مفرس
238
ويتفق هذا مع ما ذهب إليه هنوداع بيهودا يف تفسريه للرايب موسى بن ميمون؛ حيث يقول
رصاحة إن حكيمنا يرى أنه ال جيوز تدنيس قدسية السبت من أجل إنقاذ جنني (راجع امللحوظة
«يظ�ر العالج به إلنقاذ هي�ودي»« :وأما فيام خيص اجلنني – فعلى الرغم من أنه حُيظر
الس�ابقة) حُ
خطرا عىل أمه – فعىل أية حال ،ما دام أن ثمة
تدنيس قدس�ية الس�بت ألجل اجلنني إذا مل يش�كل ً
حظرا بقتله ،ففي هذه احلالة إذا مل يكن اجلنني يتسبب يف أذى ما ،ف ُيفضل عدم فعل يشء».
ً
– 15م�ا يتض�ح من هذا أن ثمة فار ًقا بني حظر قتل اجلنني ،وبني حظر قتل غري اليهودي،
رغم أن كليهام يعودان لفرضية «مل يرد يشء .»...ولنوضح األمر أكثر :رأينا يف «التوسافوت» أن
تلك الفرضية سارية املفعول يف حالة وجود وصية إلزامية ما ،أي أنه جيب دجمها مع بقية أحكام
الت�وراة الت�ي ت ِ
ُل�زم اليهود .وعىل كل ح�ال ،جيب التدقي�ق يف :ماذا نتعلم من ه�ذه الفرضية؟،
وبالتايل كيف يمكن أن نترصف عندما تلتقي الفرضية بأحكام التوراة األخرى؟.
نحن نتعلم من حظر قتل غري اليهودي أنه مثلام حُيظر عىل غري اليهودي قتل غري اليهودي،
حُيظر كذلك عىل اليهودي قتل غري اليهودي.
فاحلظر األول يتعلق – كسائر وصايا األغيار – باستقرار العامل .عندما تكون هناك رضورة
إلنقاذ هيودي ،فإن هذا أهم من استقرار العامل؛ لذا فإنه ُيسمح بقتل غري اليهودي.
أمرا خمتل ًفا بعض اليشء :مثلما يتعامل غري اليهودي مع
أم�ا حظر قتل اجلنين ،فنتعلم منه ً
اجلنني غري اليهودي عىل أساس أنه ُولِد بالفعل ،وبالتايل حُيظر قتله .فإن اليهودي ً
أيضا جيب أن
يتعامل مع اجلنني اليهودي بنفس املنطق.
بمعنى أن ما تعلمناه هنا ال يقترص فحسب عىل حظر قتل اجلنني ،لكن يمتد لكيفية التعامل
مع اجلنني ،عىل األقل يف حاالت حمددة ،عىل أنه شخص بالغ.
يف حالة وجود وصية ُم ِ
لزمة بإنقاذ حياة اليهودي ،ال يس�قط حظر قتل اجلنني .فقد تعلمنا
م�ن فرضية «مل ي�رد يشء »...أنه جيب التعامل مع اجلنني عىل أنه ش�خص بالغ ،ويف هذه احلالة
س�يتعلق األمر بقتل هي�ودي (ويتفق هذا مع وجود فرضية أخ�رى يف األمر هي« :جيوز تدنيس
سبت واحد للحفاظ عىل سبوت كثرية» كام أوردنا يف متن الفصل).
يف حقيقة األمر ،ليس اجلنني بش�خص بالغ عىل اإلطالق؛ ولذلك فإنه إذا مل يخُ ِرج رأس�ه،
سمح بقتله إلنقاذ أمه .لكن إذا مل يتسبب يف أذى ،فإنه يبدو أنه حُيظر قتله كام رأينا.
ُي َ
239
– 16رغم أنه ببس�اطة ُيس�مح بالعالج بواسطة قتل غري اليهودي كام أوضحنا ،وجيب أن
نس�هب أكثر يف هذا :جيب أن نوضح أن الرب مل يأمر غري اليهودي بحامية نفس�ه من ذلك الذي
جاء ليقتله ،وكذلك جيب مناقشة إذا كان اليهودي ُم َلز ًما بأن يتحرك ليقتل غري اليهودي يف هذه
احلالة أم ال ،فقد ناقش�ت كتب الفتاوى الدينية إذا كان اإلنس�ان ُملز ًما بإخراج كل ماله ،أو أن
يتأمل آال ًما كثرية ليطيل حياته (راجع املوس�وعة الطبية الرشعية ،وخاصة أن إطالة العمر يمكن
أن تُعد إلزا ًما) ،وربام كان قتل غري اليهودي املحب لليهود ،يتشابه أحيانًا مع هذه األمثلة.
ونس�هب أكثر وف ًقا ملا تم تفسيره يف كتب الفتاوى ،من أنه ال ُيقال لشخص إنه ملزم بقطع
يده لينقذ حياة هيودي آخر ،وباملثل ،ناقش�ت كتب الفتاوى مس�ألة :متى يكون اليهودي ملز ًما
أيضا ،إذا كان ذلك غري ا ُمل َلزم بمنح
بمن�ح مال�ه كله إلنقاذ حياة هيودي آخر؟ ،وجيب أن نناقش ً
أيض�ا من التزام غريه بمنح ماله كله إلنقاذه هو
ضعف ًكل مال�ه لينقذ نفس�ه يف حاالت معينة ،ي ِ
ُ
يف بعض احلاالت.
أيضا يف بعض احلاالت لدينا .وكان جيب علينا أن
ويتمل أنه ثمة موضع لفرضية مشاهبة ً
حُ
نسهب يف تفسري تلك الفرضية ،ولكن ليس هناك جمال لإلسهاب.
أيض�ا ثمة فرضيات حتظر األم�ر من جانب العداوة التي تتس�بب يف تعرض حياة أحدهم
ً
خلطر املوت ،ولكن ليس هناك موضع لإلسهاب.
لكن عىل أية حال وببساطة ،فإنه ُيسمح لغري اليهودي التطوع بالتربع بقلب أو بكبد لينقذ
حياة اليهودي ،وراجع ما قاله «منحات ش�لومو» )*(من أنه جيوز احلصول عىل أعضاء لزرعها
حمظورا لدى اليهود.
ً يف مستشفى لألغيار ،حتى إذا كان األمر
نوح�ا ُأم�ر هب�ذا (كما جاء يف الس�نهدرين) .راج�ع ً
أيضا الرايب – 17وورد يف اجلمارا أن ً
موس�ى ب�ن ميمون «رشائع امللوك» الذي يقول إن ثمة وصايا س�تًّا ُأمر هب�ا آدم ،و ُأضيفت إليها
وصية سابعة هي حظر أكل اللحم احلي عىل نوح.
– 18حتدثنا هنا بش�كل عام ،غري أن ثمة وصايا ُفرضت ً
أيضا عىل اآلباء البطاركة (راجع
الرايب موسى بن ميمون يف املرجع السابق).
)*( «منحات شلومو» :هو أحد أعامل الرايب شلومو زملان أويرباخ ( ،)1995 – 1910من أهم رجال الدين اليهودي
يف القرن العرشين ،ويضم الكتاب جمموعة أسئلة وأجوبة فقهية.
240
– 19ومن هذا ،يتضح لنا أن الوصية التي وردت مرة واحدة فحسب (قبل نزول التوراة)
ي ُقصد هبا إرسائيل وليس أبناء نوح.
– 20ولن نسهب هنا يف تفسري ما املقصود بأن الرب أمرنا باحتالل أرض إرسائيل.
– 21نرى أنه يقصد صعوبة التفريق بني القضية التي نناقشها ،وبني القضية التي ناقشناها
ساب ًقا ،والتي ختربنا أن رسقة غري اليهودي مسموح هبا ؛ ألن كل هذا يأيت يف إطار نقاش وصايا
بني نوح.
– 22يبدو أن حتديثات الرايب نسيم مل تكن ُمرضية للحاخام شموئيل ايدليش.
– 23جيب التأكيد عىل أنه لوال ما أوردناه من آراء الرايب نسيم و احلاخام شموئيل ايدليش
واملخيلتا وكتب الفتاوى ،من أنه حُيظر قتل غري اليهودي ،كان يمكن ،ألول وهلة ،أن نفرس ما
ورد يف اجلامرا بشكل خمتلف :كان يمكننا أن نقول إنه بالفعل ال وجود لقاعدة «مل يرد يشء»...
يف حال�ة قت�ل أو رسق�ة غري اليهودي؛ ألن�ه ال جيب أن نفهم م�ن حظر قتل غير اليهودي لغري
اليهودي ،أن قتل اليهودي لغري اليهودي حمظور .ويف تفسري اجلامرا لقضية أسرية احلرب ،جيب
أن نوض�ح وف ًقا ملا أوردته «التوس�افوت» يف فصل «قدوشين» :أن الت�وراة حتظر عىل اليهودي
مضاجع�ة زوج�ة غري اليهودي؛ ألن هذا ين�درج حتت قاعدة «والتص�ق بزوجته وليس بزوجة
صاحبه» ،وببس�اطة فإن هذا احلظر ليس بس�بب «ادعاء» املرأة؛ ألن األمر حمظور ،س�واء قبلت
أو رفضت .تتشدد اجلامرا يف هذا احلظر فيام خيص السامح لليهودي بالزواج من أسرية احلرب،
فاألم�ر هنا ليس بني «هيودي وأحد األغيار» بل بني اإلنس�ان وربه .وألن األغيار يف مرتبة أقل
م�ن اليه�ود ،فإنه عندما جيامع هيودي زوجة أحد األغي�ار ،فإنه بذلك ينتزع عالقة الزواج التي
بينهام ،وبالتايل فهي تصري دون زوج ،فال يصري دا ٍع للحظر.
– 24ال ش�ك يف أن�ه يمكنه�م تعدي�ل ه�ذا الوضع قليلاً ،ب�أن يتحولوا مجيعه�م إىل جار
توش�اف ،عن طريق إعالن قبوهلم الوصايا الس�بع أمام ثالثة من اليهود .حينئذ سيخرجون من
إط�ار األغيار ويصريون من أتباع الش�عب اليهودي .لكن هبذا الش�كل ه�م يعودون لوضعهم
األول فحسب لتعلقهم بنا ،وال يمتلكون القدرة عىل العودة من تلقاء أنفسهم.
– 25وأما فيام خيص اجلار توش�اف :التوراة بالفعل أوصتنا باحلفاظ عىل حياهتم ،وبذلك
فهي تتعامل مع حياهتم عىل أساس أهنا ذات قيمة .لكن هذا رشيطة أن يكون متعل ًقا بنا وليس
241
تضمن يف النهي «ال تقتل» ،وال يتم
هبم (كام أوضحنا يف امللحوظة السابقة) ،ولذلك فهو غري ُم َّ
خرق فرائض السبت من أجله ،وليس ثمة أي بذل للنفس عن حظر قتله.
وأيضا وف ًقا للذين اختلفوا مع الرايب موس�ى بن ميمون يف هذا الش�أن ،فإن من هو
ً – 26
ليس بجار توش�اف ،س�يظل بمثابة من مل يؤمر ولكنه ينفذ الوصية ،ولذلك ف ُيسمح استغالهلم
كعبيد كام رغبنا ،وال يوجد هنا متسع لإلسهاب.
– 27ورد يف الفصل األول والثاين من الكتاب.
– 28راج�ع ما قاله الرايب موس�ى بن نحمان يف مالحظاته عىل كت�اب الوصايا ،وكذلك
راجع كتاب «هحينوخ متسفا».
– 29وكما رأينا أن غري اليهودي الذي يدنس قدس�ية الس�بت ُيعاق�ب بالقتل .وراجع ما
ورد يف كتاب «عيتس هادار» من أن بني نوح مسئولون عن استقرار العامل.
– 30الرايب موشيه مطرانى)*( يف كتابه «بيت الوقيم».
– 31ورد يف كتاب «عاروخ هشوحلات هعاتيد» – رشائع امللوك.
– 32ورد يف عدة مصادر أن «وصاياهم تُلزمهم فحسب باحلفاظ عىل النظام العام بشكل
يقرتب من األخالق العامة».
– 33إحدى فقراته.
– 34كام هو مفرس كذلك يف الفرضية التي تبيح تدنيس قدس�ية الس�بت من أجله «دنس
من أجله سبتًا لكي حيافظ – يف املستقبل – عىل سبوت كثرية».
وكام ورد يف كتاب «هرسيدي إيش)**(»« :وها قد ُس�مح بتدنيس قدس�ية السبت ألجله،
وف ًقا لصاحب الرشائع الكبرية ،يمكننا أن نقول إن التوراة س�محت بتدنيس الس�بت من أجل
إنبات احلياة املستقبلية؛ حيث قال الرايب موسى بن نحامن؛ ألنه منذ بداية حدوث الوالدة جيب
أن نقول« :دنس من أجله سبتًا لكي حيافظ – يف املستقبل – عىل سبوت كثرية» أي السبت الذي
سيأيت بعد أن خيرج اجلنني إىل احلياة».
)*( الرايب موشيه مطرانى (1580 – 1500م) من كبار احلكامء يف صفد يف عهده.
)**( «هرسيدي إيش» :كتاب من تأليف الرايب حييئيل يعقوب فينربج.
242
وراج�ع كت�اب «تاقان�ات هش�فني)*(»الذي ي�ورد إمكاني�ة أن حظر االس�تمناء الذي هو
«إرضار بحي�اة مس�تقبلية» ،توصلن�ا إليه من خلال ما تم حظره عىل بني ن�وح ؛ ويتفق هذا مع
حديثنا.
– 35هبذه الطريقة يتضح لنا معنى ما ورد يف اجلامرا حول أن الوصايا الس�بع هي أس�اس
أيض�ا أن نحرتم رغبته
كل يشء ،وألن ال�رب اخت�ار أن يويص اإلنس�ان بتل�ك الوصايا ،فعلينا ً
تلك ،ونعاقب من ال يلتزم بوصاياه.
وهك�ذا ن�رى ،أن الوصاي�ا الس�بع مل ي�رد بش�أهنا ن�ص رصيح كام ه�و احل�ال يف الوصايا
الـ ،613بل هي جمرد جمموعة من التحذيرات.
أيضا،
– 36راجع «ليقوطيه سيحوت)**(»؛ حيث يتأكد لنا أن هذه الوصية ختص األغيار ً
ويتفق هذا مع حديثنا.
أيضا هو إحلاق أذى بصورة أولية؛ ألن اجلس�د بدون اإلرادة كاملادة اخلام
– 37االنتحار ً
دون هيئة خارجية.
– 38ورد كذلك يف «شوحلان عاروخ» أن احرتام املعلم أهم من احرتام األب.
– 39ولذل�ك فإنه ثمة أم�ر يف وصايا احرتام الوالدين ال نج�ده يف وصايا احرتام املعلم،
يف حني أن احرتامه ملعلمه منبعه االحرتام نفس�ه ،بينام احرتامه لوالديه ينبع من خوفه منهام ،أي
أنه جمرب عليه.
- 40ويتف�ق م�ع املرشوح هنا أن�ه إذا كان أبوه حاخا ًما ،فإن األفضلية هنا س�تكون ألبيه
بالطبع.
– 41لق�د أوضحن�ا يف امللحوظة السادس�ة والعرشين أنه وف ًقا للرايب موس�ى بن نحامن،
ليس ثمة رضورة إلجبار مجيع املخلوقات ليصريوا جار توشاف ،هذا ألهنم ال هيموننا ،ولذلك
إذا مل يقبلوا االلتزام بالوصايا السبع ،يمكننا أن نسيطر عليهم ونستغلهم ملصلحة اليهود.
)*( «تاقانات هشفني» :كتاب من تأليف الرايب تسادوق هكوهني رابينوفيتش (1900 -1823م) من كبار حكامء
احلسيدية .ومؤلفه يتحدث عن أحكام التوبة.
)**( «ليقوطيه سيحوت» :سلسلة من 39كتا ًبا تضم حماورات الرايب ميلوفيفيتش ،وتضم أعياد اليهود وقضايا دينية
خمتلفة.
243
ُ – 42أمر اإلنسان األول بست وصايا وهي :عدم عبادة األوثان ،وعدم التجديف عىل الرب،
والعدل ،وعدم سفك الدماء ،وعدم زنا املحارم ،وعدم الرسقة ،وكلها وردت يف فقرة واحدة ،وبعد ذلك
ُأمر نوح بعدم أكل اللحم احلي ،ثم ُأمر إب راهيم باخلتان ،وتعلم إسحاق أن اخلتان يتم يف سن الثامنة،
وتعلم يعقوب رشيعة عرق النساء ،تعلم هيودا رشيعة الييبوم)*( .ومع نزول التوراة ُأمر بنو إرسائيل
بـ 613وصية 248 ،فريضة و 365من الن واهي.
248فريضة تقابل نفس عدد أعضاء اإلنسان ،كل عضو يرجو من اإلنسان أن يستخدمه
لتنفيذ الفريضة التي ختصه .و 365من النواهي التي تقابل عدد أيام السنة ،وكل يوم يطلب من
اإلنسان أال يفعل ذلك الذنب.
)*( الييبوم :زواج األرملة أخا زوجها الكبري ،وإذا رفض تتزوج األصغر منه.
244
الفصل اخلامس
بعد اهتاممنا بقتل األغيار يف أوقات السلم ،سنهتم بقتل األغيار يف أوقات احلرب .ونعود
ونتفق عىل األسس التي تعلمناها ،حتى اآلن ،بشأن حياة غري اليهودي:
ما هو مباح إلرسائيل حمظور عىل األغيار .وهلذا السبب ُيباح إلرسائيل قتل غري اليهودي،
ما دام كان حُيظر عىل غري اليهودي قتل غري اليهودي.
ُيس�مح بمحاكم�ة وقتل غري اليهودي ال�ذي تعدى عىل الوصايا الس�بع ؛ وثمة آراء فقهية
ختربنا أن األمر حمظور يف حالة وجود عداوة أو خصومة ؛ وثمة آراء أخرى تؤكد أن األمر كان
حمظورا وف ًقا للفقهاء اليهود؛ يف حني توجد آراء تشري إىل إباحة األمر عندما نحاكم األغيار ،وال
ً
جيب قتلهم؛ ألن قتلهم مرهون بأسباب معينة.
هن�اك اختالف�ات حول مدى إل�زام األغيار ببذل النف�س .عىل أي حال اتف�ق العلامء عىل
كبريا
خطرا ًأن غري اليهودي الذي يس�اعد يف القتل ُيس�مح بقتله ،لو كان هذا الش�خص يسبب ً
عىل إرسائيل.
خطرا إلرسائيل ،فإن قتل غري اليهودي مباح،
يف أي حالة َيث ُبت فيه أن غري اليهودي يسبب ً
عىل سبيل املثال يف حالة «اقتل فالنًا غري اليهودي أو نقتلك».
سنناقش قتل األغيار يف احلرب .احلرب هى حالة معقدة تشتبك فيها الفرضيات ـ واقعية
ونظرية ـ هذا مع ذاك .سنتحدث عن الفرضيات والوقائع يف الوقت الذي جيب فيه األخذ بكل
هذه العنارص يف احلسبان.
245
-1املُ ِ
طارد
أول وأبس�ط احتامل إلباحة قتل العدو يف احلرب هو كونه ُم ِ
طار ًدا .هكذا كتب «ش�وحلان
أيضا الرايب موس�ى بن ميمون يف رشائع القاتل وحفظ
عاروخ» يف «حوشين مش�باط» ،وكتب ً
النفس (:)1 :6
ِ
املطارد م�ن ُي ِ
ط�ارد صاحبه ليقتله ،وقد حذره ،فهو يالحق�ه ،وحتى وإن كان
صغريا ،فإنه من الواجب عىل مجيع ش�عب إرسائيل إنقاذه من ذلك الذي يطارده
ً
للحصول عىل أحد أعضاء جسده ،وإذا مل يتمكنوا من ذلك فيمكنهم قتله.
طارد عن طريق قتلنتحدث هنا عن هيودي يطارد صاحبه اليهودي ،الذي جيب أن ينقذ ا ُمل َ
صغريا، ِ
املطارد ِ
املطارد حتى لو كان طارد بقت�ل ِ
املط�ارد ،ورشحت لنا الرشيعة رضورة إنقاذ ا ُمل َ
ً
طارد ،فإذا كان يمكن إنقاذه بإصابة والذي ال يمكن معاقبته (إال أنه ثمة حدود يف حكم انقاذ ا ُمل َ
ويظر قتله ،كام يتضح يف بقية كالم الرايب موس�ى ِ
املط�ارد ،جيب فعل ذلك حُ أحد أعضاء جس�د
بن ميمون) (.)1
ويتضح مما قال الرايب موسى بن ميمون يف نفس الفصل مدى إلزام الرشيعة بإنقاذ ا ُمل َ
طارد،
وخطورة التهرب من إنقاذ الغري ،وإنقاذ حياة نفس من إرسائيل:
[ ]14كل من يمكنه اإلنقاذ ومل يفعل ،يكون قد خالف قاعدة «ال تتهرب من
لصوصا قادمون
ً إنقاذ صاحبك» ،وكذلك من يرى صديقه يغرق يف البحر ،أو أن
مفرتس�ا هيامجه ويمكنه إنقاذه س�واء بنفس�ه ،أو بتأجري آخرين
ً نح�وه ،أو حيوانًا
رشا ،أو خيططونأغيارا أو متآمرين يكي�دون له ًّ
ً إلنق�اذه ومل ينقذه ،أو من يس�مع
ش�خصا غري هيودي أو أحد ِ
إليقاع�ه يف ف�خ ومل خيرب صاحب�ه ،أو من َعل َم أن ثمة
ً
القتلة يش�كو من صاحبه ،وكان يس�تطيع أن يقوم بتهدئة هذا الشخص من أجل
صاحب�ه ،وإزالة العداوة من قلبه ،ومل يفعل ،وكل األمور املش�اهبة ،من ال يفعلها
يكن قد خالف قاعدة «ال تتهرب من إنقاذ صاحبك»....
[ ]15على الرغ�م م�ن أنن�ا ال نعاقب من خالف ه�ذه النواه�ي ،التي ال تعد
أفع�الاً خطرية ،فإن كل من يضيع ً
نفس�ا من إرسائيل ،كأنما فقد العامل كله ،ومن
حافظ عىل حياة نفس من إرسائيل ،فكأنام حافظ عىل وجود العامل كله.
وكذلك يفرس «أور حاييم)*(» قتل أهل شكيم بواسطة أبناء يعقوب (التكوين :)25 :34
)*( «أور حاييم» :هو اسم أشهر كتب التفاسري للرايب حاييم بن موشيه بن عطار (1743 – 1696م) ،وهو من كبار
حكامء املغرب.
246
«واقتل�وا كل ذك�ر» إنه أم�ر صعب ،فلامذا ُيقت�ل من مل خيطئ؟ وبع�د :ملاذا مل
يب�دأوا بقتل مرتكبي اجلريمة أولاً ؟( )2وها ه�م أبناء يعقوب مل يكن يف باهلم قتل
أحد س�وى من ارتك�ب اجلريمة ،لكن مجي�ع أهل املدينة واجه�وا أبناء يعقوب،
ِ
املطارد ،وهكذا ورد لكي ال يقتلوا ملكهم ،ولذلك قاموا بقتلهم بحس�ب ُحكم
()4( )3
«واقتلوا كل ذكر».
247
األس�لحة ويزود اجليش بالسلاح ،مثله مثل اجلندي الذي خيدم يف سلاح االستخبارات ويزود
اجليش باملعلومات .كل من يساعد جيش األرشار بأي طريقة ُيعد ِ
مطار ًدا ،وجيب قتله(.)6
-3التأييد واملساندة
مواط�ن يؤيد احل�رب ،يمن�ح القوة للمل�ك وللجنود لالس�تمرار يف احل�رب .لذلك كل
مواط�ن يف اململكة التي تعادينا يدعم اجلنود ،أو يش�عر براحة ج�راء ما يقومون بهُ ،يعد ِ
مطار ًدا
ِ
مطار ًدا من يساعد بالقول يف إضعاف مملكتنا. وجيب قتله .و ُيعد
هكذا يفرس معلمنا احلاخام ليوا )*( واقعة قتل بلعام يف حرب مدين:
ال�ذي خرج من مدين الس�تقباهلم ،وكان حيمل هلم نصيح�ة رشيرة ،ولذلك
ِ
مط�ار ًدا ويريد قتل مجيع إرسائي�ل ،فكل من يزرع اس�تحق القت�ل؛ ألنه كان ُيعد
()7
اليأس يف قلب الناس وقت احلرب ،فإنه بذلك جيعلهم هيربون من احلرب.
وكذلك يرشح احلاخام شاؤل يرسائييل )**( يف كتابه «عامود هايميني» (الرمز 15الفصل
الثالث) بشأن الواقع الوارد يف كالمه:
«كما بل�غ إىل علمن�ا ،أن س�كان القرى احلدودي�ة من الع�رب يمنحون محاية
للعصاب�ات القاتل�ة ،حت�ى يتمكنوا م�ن القي�ام بمهامهم دون اخل�وف من تلقي
عق�اب؛ ألن�ه من الواضح أن أفراد هذه العصابات ،بس�بب أفعاهلم ،ليس�وا قتلة
ِ
مطاردين بس�بب أهدافهم املس�تقبلية ،فالس�كان فحس�ب ،وإنام يع�دون كذلك
ِ
املطارد الذين يس�اعدوهنم ويدعموهنم بكافة األشكال ،يعدون بمثابة من ساعد
الرت�كاب جرائ�م القتل ..ومن الواضح أن منح مثل هذه املس�اعدة يش�كل بنية
حتتية ألفعاهلم املس�تقبلية ،بحيث تزداد عدد عملياهتم بفضل هذا التأييد املمنوح
م�ن ِق َب�ل الس�كان .ألنه وف ًق�ا للتقدير الش�ائع ،يقوم الس�كان بدعم مجي�ع أنواع
عمليات هذه العصابات ،وهذا بالتأكيد يس�اعد عىل زيادة وتوس�يع عملياهتم يف
ِ
مطاردين... املستقبل ،وسنجد أن مجيع السكان هم بمثابة
)*( احلاخام ليوا هيودا مفرج :من كبار حاخامات القرن السادس عرش.
وفقيها،
ً )**( احلاخام شاؤل يرسائييل (1995 - 1909م) :من كبار حاخامات الصهيونية الدينية ،وكان حاخا ًما ومفت ًيا
وعضو بمجلس احلاخامات الكبار ،ورئيس مدرسة مركاز هراف إحدى أهم املدارس الدينية املتشددة بالقدس
املحتلة ،وكتابه هذا هيتم بتوضيح الرشيعة لألمور احلياتية والسياسية ،وأسئلة وأجوبة ألمور أخرى مهمة.
248
ك ُث َر مطا َر ِّ
دي وأعدائي َ -4
ِ
املطارد هو يف وف ًق�ا ملا كتبناه يف الفقرة الس�ابقة ،يمكن ،ألول وهل�ة ،الزعم :إن إباحة قتل
مطاردين كثريين؟ وقتل أحدهم لن حال�ة أن يكون األم�ر ذا فائدة ما ،لكن ماذا إذا كنا بص�دد ِ
يفيد .يف هذه احلالة يس�تطيع أي مؤيد للحرب أن يقول :ملاذا تقتلني؟ فبدوين احلرب مس�تمرة
واخلطر الذي تواجهه لن ينتهي!
ِ
املطاردين .وال هيم صحيحا :فمباح لنا إنقاذ أنفس�نا من
ً م�ن الواض�ح أن هذا الزعم ليس
بم�ن نب�دأ ،طاملا كنا نقتلهم وننقذ أنفس�نا م�ن خطرهم .وختيل :إذا قل�ت إن وجود كل هؤالء
جيعلنا نس�أل بمن نبدأ؟ وهذا الس�ؤال من ش�أنه تعطيلنا عن إنقاذ أنفسنا .وألن وجود كل فرد
منه�م يعطلنا عن ذلك ،فإنن�ا نعترب كل واحد منهم ِ
مطار ًدا وجيب قتله ،حتى ال يطرح مثل هذا
التساؤل الذي ُي َع ِرض حياتنا للخطر.
مطاردًا
- 5من توقف عن كونه ِ
املطارد إذا توقف عن املطاردة ،لكن هذا صحيح برشط أال ُيتوقع منه خطورة ِ ال جيب قتل
يف املس�تقبل .وىف احل�االت التي يمكن فيها أن يع�ود للمطاردة من جديد ،يمك�ن قتله حينها،
حتى إذا مل يكن يامرس املطاردة فعل ًّيا يف هذه اللحظة.
ِ
املطارد ،و ُأفتي بذلك يف «ش�وحلان أيضا جتاه الوايش ،فقتله نابع من حكمهكذا نس�تنتج ً
عاروخ» (حوشني مشباط الرمز .)8()11 :388
حُيظ�ر قت�ل الوايش يف أوقات معينة ،لكن يقتل لو كان يش�تد أزره بالوش�اية،
ويقتل كام يقتل وشاة آخرون.
واتسا ًقا مع موضوعنا ،إذا كنا نقول إن اليهودي الذي توقف عن كونه ِ
مطار ًدا ،جيب قتله،
فما بالك بالس�كان األغيار «الذين ينارصون بش�تى الصور األعامل اإلرهابي�ة» (كام قال الرايب
عرض حياتنا للخطر ،ال داعي للتدقيق لنرى ما إذا كان يرسائيىل) .من يبدو ِ
مطار ًدا بوضوح و ُي ِ
يف تلك اللحظة هو بالفعل يؤيد هذه املطاردة أم ال.
250
أي أنه ،بحسب «التوسافوت» كان ُيسمح ألنطونيوس بقتل عبيده؛ ألنه كان يتخوف من
خطرا عليه (واألمر يش�به واقعة واردة يف كتاب «حس�يديم» ( .))11ويف «األس�ئلة
أهنم يمثلون ً
واألجوبة»« :يد إلياهو» )*( (الرمز )38يتعلم من ذلك بالفعل ترشي ًعا:
س�ؤال :لو أراد عابد للكواكب قتل هيودي ،وهناك عابد كواكب آخر واقف
أيضا ،ومل يرغب يف مس�اعدة عابد الكواكب عن�ده ومل يرغب يف إنقاذ اإلرسائييل ً
املطارد صاح لعابد الكواكب املذكور حتى ينقذه من الثاين، َ األول ،واإلرسائيلي
فأجاب�ه بعدم رغبته يف تقديم املس�اعدة ،وبعد ذلك عندم�ا تغلب اإلرسائييل عىل
عابد الكواكب الذي يطارده ،حُيظر قتل هذا العابد الثاين؛ ألنه مل يرغب يف إنقاذه
من املجرم الذي يرغب يف قتله.
ِ
باملطارد، أيضا خياف حتى ال يطوله خطر ما عندما يكتشف ما فعله اإلرسائييل ً
ويقول إنه كان بإمكانه إنقاذ نفسه بأحد أعضائه وما شابه.
اجلواب :الرايب موسى بن نحامن وحاخامات كثريون يتساءلون :كيف سفك
أبناء يعقوب الدماء النقية؟ والرايب موس�ى بن ميمون جييب :بالعودة إىل السؤال
موضوع النقاش .إذا ما كانت هناك خطورة ،فاألمر مباح .وكون أن امللحد قتل
عبي�ده ،فهو أمر مثبت وكُت�ب الفقه تبيح قتلهم ،حتى إن�ه حمظور أن ِ
نخفضهم،
ومن هنا قتلوا أهل شكيم (.)12
وثم�ة كتب فقهية قالت إن�ه ال رضورة حال ًّيا للعودة إىل تلك الرشائ�ع؛ ألهنا ترتبط بواقع
حم�دد ،وليس عندما يتغري الواقع ونكون يف مواجهة أغيار يمكن أن نقول بصورة واضحة إهنم
مشتبها هبم يف ذلك .هكذا كتب مهائريي )**( يف «عفودا زارا» (:)13( )1 :26 ً ليسوا
رأينا الكثريين يتعجبون من أنه يف تلك األزمنة ال يوجد إنسان يأخذ حذره من
هذه األمور عىل اإلطالق ،ونحن بالفعل فرسنا أس�اس مقصد الكتاب عن أمة ما
عاد الزمن هبا إىل الوراء حيث األمم القديمة ،حينام مل يكن هناك ديانات خمتلفة.
أيض�ا يف األس�ئلة واألجوبة «حلافت يائري» )***( ،الرم�ز ،76وهو رد الرايب «مئري
وورد ً
حلافت يائري» (:)14
)*( «يد إلياهو» :كتاب للحاخام مناحم بن شلام :سليل عائلة مهائريي (1315 -1249م) فرنيس األصل ،ومن كبار
مفرسي التلمود.
)**( «مهائريي» :كتاب للحاخام إلياهو ديفيد ،ويطرح العديد من األسئلة واألجوبة.
)***( «مئري حلافت يائري» :كتاب أسئلة وأجوبة للحاخام يائري حاييم (1701 -1638م) من كبار احلاخامات
األواخر يف أملانيا.
251
إع�داد ال ُعرف ال�ذي اعتادوا ختصيصه مع عبدة األوث�ان يف كل وقت وحني،
ومألوف لدينا أنه حُيظر االختالء بغري اليهودي املشتبه به يف سفك الدماء...بدون
تعوي�ض ،وحمظور إدارة املفاوضات التي تقودن�ا إىل التوحد باملرشكني ،يف زمننا
ليس مألو ًفا ذلك األمر ،ومن ُيتهم بذلك جيب قتله ،فليس هناك اشتباه يف سفك
الدماء يف هذا الزمن.
أيضا «حاي آدام» )*( ( ،)15و تأيت أقواله يف «مشنا برورا )**(»( .)16وقارنتوهكذا كتب ً
كت�ب الفق�ه بني هذا وبني احلكم املرشوح يف «ش�وحلان ع�اروخ» حول مجاع البهائ�م .وتأمرنا
ُ�زل خيص األغيار؛ ألن ثمة ش�كًّا قائماً أن يقوموا
الرشيع�ة بع�دم وضع البهيمة التي ختصنا يف ن ُ
بمعارشهتا ،ولكن «شوحلان عاروخ» أفتى بأن« :ويف املواضع التي ال ُيشتبه فيهم هبا والعكس،
أيضا).
أيضا ما جاء يف «هبايت يوسف» ً ُيسمح برضهبم وعقاهبم» (وراجع ً
يف هذه احلالة ،يبدو من اجلامرا وكتب الفتاوى أنه بالفعل ثمة شك أسايس جتاه األغيار يف
كل ما يتصل بتنفيذ الوصايا الس�بع ،وكام ورد يف اجلامرا أن الرب تبارك وتعاىل رأى أن األغيار
ال يلتزم�ون بالوصايا الس�بع (عف�ودا زارا .)2 :2لكن عىل مدار األجي�ال يمكن أن يكون قد
حدث أن تقدمت أمم أو مجاعات خمتلفةَ ،قبِ َلت بش�كل عام تنفيذ الوصايا السبع أو جزء منها،
وخاصة حينام يتعلق األمر بعقوبة ما ،وحينئذ يمكننا أن نقول إن ثمة أمة أو بال ًدا ما تلتزم فعلاً
بالوصايا.
وكما وجدنا بالنس�بة لعب�ادة األوثان ،من أن الرشيعة تتعامل بش�كل خمتل�ف مع األغيار
الذي�ن يعب�دون األوثان وغريه�م من األغي�ار الذين ال يفعل�ون ،مثل املس�لمني (انظر رشائع
األطعمة املحظورة للرايب موسى بن ميمون يف عبادة األوثان).
[ ذكرن�ا هنا ثالث�ة جرائم ،عبادة األوثان ،وزنا املحارم وس�فك الدماء .لكن يبدو أن ثمة
اختالف�ات بينها :عبادة األوثان نابعة أكثر من «عادات األسلاف» ،وم�ن العادات والتقاليد،
راج�ع اجلمارا (يف حولين .)2 :13ويمك�ن بس�هولة ش�ديدة تعري�ف أم�ة م�ا بأهن�ا ال تعبد
األوث�ان؛ ألن�ه ليس ثمة خوف منطق�ي أن يقوم غري اليهودي الكافر بعب�ادة األوثان بام خيالف
عاداته وديانته.
)*( «حاي آدام» هو كتاب رشيعة كتبه احلاخام أفراهام دنيتسج (1820 – 1748م) يف هناية القرن الثامن عرش
ومطلع القرن التاسع عرش.
)**( «مشنا برورا» كتاب ترشيعي من وضع الرايب يرسائيل مئري هكوهني مرادين.
252
يف املقابل ،فإن سفك الدماء ومعارشة البهائم ،هي أمور تنبع يف األساس من رغبة اإلنسان
الداخلي�ة ،لذا فالش�ك قائ�م فيها أكث�ر ،إال أنه مع هذا نق�ول إن وجود منظوم�ة للعقاب تغري
هذا الواقع.
وبش�كل ما ،نقول إن االشتباه يف س�فك الدماء أكثر بكثري من االشتباه يف معارشة البهائم
وما شابه :أولاً ؛ ألن معارشة احليوان هي مسألة ممقوتة لدى األمم املتحرضة .وثان ًيا؛ ألن سفك
الدم�اء تتداخل فيه كراهية إرسائيل «ومعروف أن كارهي يعقوب فعلوها» (الرايب ش�لومو بن
يتس�حاق ،يف تفسير س�فر التكوين .)4 :33وربام هلذا مل يرد يف «ش�وحلان عاروخ» أي ترشيع
ينبع من الشك يف «لئال يقتلونا» ،وحتى عندما يلوح يف األفق ثمة تقدم ،فيجب أن نأخذ حذرنا
وال ننخ�دع باملظاه�ر اخلارجي�ة (( )17وكمثال لذلك األم�ة األملانية ،التي كان�ت تُعترب أهنا أمة
متقدمة ومثقفة ،ثم صارت كاحليوان املفرتس كام هو معروف ).
لك�ن م�ا يمكن ختفيف القول فيه حول االش�تباه يف س�فك الدماء هو م�ا يتعلق بالفرتات
الزمني�ة العادي�ة .فف�ي وقت احلرب بالطب�ع تزداد الش�كوك ،أما يف أوقات الس�لم ،وىف مملكة
متحرضة ،فقد قالت بعض كتب الفتاوى بأن األغيار مجيعهم غري مش�تبه فيهم بس�فك الدماء؛
ألهنم خيش�ون العقاب من قبل الس�لطة احلاكمة التي «تعاقب القاتل أشد العقاب» وىف أوقات
معكوس�ا ،فثمة س�لطة حاكمة ترغب يف قتلن�ا ،وبالتايل حينها تكون ثمة ً احلرب يكون الوضع
مصلحة لألغيار يف قتلنا .وىف هذه احلالة لن يعد األمر جمرد «ختوف» ،ولكن عىل األقل السواد
عرضون حياتنا للخطر .وه�ذا يدعم ما أوردناه حول قتل العدو األعظم منهم س�يطاردوننا و ُي ِ
إذا توقف عن مطاردتنا؛ ألنه ربام يعود ثانية راغ ًبا يف قتلنا.
ويف الس�ياق نفس�ه ،وجدنا أنه من املناس�ب أن نذكر ما قاله احلكماء يف املدراش يف قضية
بنحاس)*(:
«كي�دوا أله�ل مدي�ن وارضبوه�م؛ ألهنم يكي�دون لك�م» .ملاذا قي�ل كيدوا
عجل
أله�ل مدين؟ ألهنم يكيدون لكم .من ذلك قال احلكماء :من جاء لقتلك ِّ
(.)18
بقتله
أي :عندما «يكيدون لكم» يتعاملون معكم كاألعداء (كام رشح الرايب شلومو بن يتسحاق
حول «كيدوا ألهل مدين» ،والذي قصد هبا «اختذوهم أعداء» ،أي تعاملوا معهم كأعدائكم)،
ِ
املطاردين ،وألهنم يرغبون يف قتلنا ،جيب علينا التعجيل بقتلهم ،أولاً . هم يف حكم
)*( اعتاد مفرسو العهد القديم تقسيم فقراته حسب املوضوع أو القضايا الواردة يف هذه الفقرات ،والفقرات من الفقرة
العارشة من اإلصحاح اخلامس والعرشين وحتى الفقرة األوىل من اإلصحاح الثالثني من سفر العدد ،تسمى باسم:
قضية بنحاس ،وتضم فيام تضم مسألة دخول بني إرسائيل ألرض كنعان ،وتقسيم األرض عىل القبائل.
253
-7من خالف حكم القتل والنهب
ِ
املطارد .واآلن س�نتطرق لألغيار الذين حت�ى اآلن حتدثن�ا عمن حياربنا من ناحية أح�كام
تعدوا عىل الوصايا السبع ،وسنتطرق لذنوهبم تلك.
ه�ا ه�م األغيار املش�اركون يف حرب ضدنا ،يس�تحقون القتل؛ ألهنم س�افكو دماء .حتى
هؤالء الذين ال يقتلون بأنفسهم يستحقون القتل ،كام فهمنا يف الفصل الثالث (يف الفقرة ،)26
أيضا بعد
أي أن األغي�ار يس�تحقون القتل حتى عن القتل غري املبارش ( ولذل�ك فهم حياكَمون ً
احلرب عندما يكونون قد توقفوا عن املطاردة).
هن�اك س�بب إضايف لضرورة قتل األغي�ار الذي�ن حياربوننا ،ه�و أهنم تع�دوا عىل وصية
الرسق�ة (فهم يف احلرب حيتلون األرض ،وحيصلون عىل غنائم من العدو ،ويلحقون به األذى،
ويتسببون له يف خسائر مادية (.))19
يف حالة احلرب عىل أرض إرسائيل هذا السبب يكون أكثر وجاهة ،فاألغيار الذين يرغبون
يف أرض إرسائيل ألنفسهم ،يرسقون منا األرض ،والتي ورثناها عن آبائنا(.)20
254
بمعنى :بشكل عام ،نحن ال يعنينا غري اليهودي الذي يتعدى عىل الوصايا السبع يف موضع
بعيد عنا؛ ألنه ليس لنا شأن بذلك .لكن عندما نكون يف حرب معهم ،فإن هذا يصري جز ًءا من
حقارهتم العامة ،وحينها جيب حماكمتهم عىل نذالتهم وخستهم (.)22
و ُيع ِّلمنا الرايب يوم طوف بن أفراهام (اإلش�بييل) يف الفصل الثاين «ال تخُ ِفضوا» إذا كانت
الع�داوة هي الس�بب ؛ أما يف حالة احل�رب ،فالعداوة قائمة فعلاً ،ولن تش�علها احلرب أكثر مما
هي مشتعلة.
وبحس�ب معلمنا يونا ال�ذي يذكر أن الفقهاء اليهود حظ�روا حماكمة وقتل غري اليهودي
الذي يتعدى عىل الوصايا الس�بع ،ويتضح أن هذا يف حالة الس�لم فحس�ب ،حينام يكون القتل
أمرا مألو ًفا ،ليس فعًل�اً ً
آثم ا ،ولذلك حظرها الفقهاء؛ أما يف وقت احل�رب ،عندما يكون القتل ً
ثمة حظر حينها يف حماكمة وقتل األغيار عىل ذلك.
وبحس�ب «األعمدة الذهبية» ،الذي يعتقد مثل معلمنا يونا ،من أنه ثمة حظر من الفقهاء
اليه�ود ملحاكم�ة األغيار وقتلهم ،ثبت أن هذا فحس�ب يف أوقات الس�لم ،فهو يس�تند يف ذلك
على م�ا قاله الرايب موس�ى ب�ن ميم�ون ( ،)23الذي ق�ال بحظر قتل األغي�ار «الذين لي�س بيننا
وبينهم حرب».
255
ويف تعلي�ق الرايب موس�ى بن نحامن على التوراة (التكوي�ن ،)13 :34اندهش من الرايب
موسى بن ميمون ،وقال:
ويف التلم�ود األورش�ليمي قال�وا يف أحكام ن�وح ،من حاد ع�ن احلق فحكمه
القتل ،ومن أخذ رش�وة ُيقتل .يف أح�كام إرسائيل ،فإن أي ُحكم أنت تعلم أنه ال
خيصكُ ،يسمح لك باهلروب منه ،فكل ما تعرفه والذي انتهيت منه فمسموح لك
باهلروب منه ،لكن يف أحكامهم عىل الرغم من أنك تعرف أن احلكم خيصك إال أنه
ُيسمح لك باهلروب منه .ويبدو من ذلك أن غري اليهودي من حقه أن يقول للقضاة
إنني لست بحاجة لكم؛ ألن األمر زائد عند إرسائيل ،فقد ورد أن «ال هتابوا وجه
انسان» (التثنية ،)17 :1و «ال ختشى لومة الئم» (السنهدرين ،)2 :6وبالتايل ،ال
جيوز أن يقتل عندما ال يكون مسئولاً عن تنفيذ هذه األحكام مع سادته.
أي أن الرايب موس�ى بن نحامن يزعم أنه يس�تحيل اهتام أهل ش�كيم بام فعله ملكهم؛ فهو
يملك القوة والس�لطة ،فكيف يمكن الزعم بأن كل فرد يف ش�كيم مذنب؛ ألنه مل يلتزم بوصايا
األحكام ،وحاول إيقاف امللك عن أفعاله؟ فهل كانوا مضطرين لتعريض أنفسهم للخطر حتى
حياكموا امللك؟
أيضا يف «جور أريا» (ويش�به هذا التش�ديد ما جاء يف أور
وهك�ذا يش�دد الرايب هي�ودا ليفا ً
حاييم):
ويف حقيقة األمر ،لقد أدهش�تنا تلك األقوال (خاصة أقوال الرايب موس�ى بن
ميم�ون)؛ ألنه كيف يمكن هلم حماكمة ابن رئيس البالد؟ ألهنم كانوا خيش�وهنم،
وعىل الرغم مما ُأمروا به من أحكام ،فكان يمكنهم املحاكمة ،لكنهم ألغوا األمر،
فكيف يمكن هلم حماكمتهم؟
وجيب أن نوضح مقصد الرايب موسى بن ميمون:
كل واح�د م�ن أهل ش�كيم ملزم بمحاكمة م�ن يرتكب الفظائ�ع من حوله،
وحتى لو مل يمكنه ذلك ،فمحظور عليه بالتأكيد عرقلة من حياول حماكمتهم.
ونستنتج من واقعة أهل شكيم ،أهنم كانوا يعرقلون ما نوى شمعون وليفي القيام به .ويف
هذه احلالة يعدون كمن يبطل مفعول وصية األحكام ،وال يمكنهم الزعم بأهنم جمربون(.)24
ونتعلم من ذلك أن وجود جمتمع ميلء باألرشار ممن يتعدون عىل الوصايا السبع ،ويسمحون
بإبقاء الوضع عىل ما هو عليه ،يعرقل حماولتنا يف حماكمتهم؛ ألن املجتمع حيميهم( )25؛ ويف هذه
256
احلالة ثبت أهنم يتعدوا عىل وصايا األحكام ،ليس بسبب أهنم جمربون ،وما شابه ،ولكن بسبب
رشورهم (.)26
257
-11من يغلقون الطريق
بع�د حديثنا عمن يتعمد مس�اعدة األرشارً ،
تنفيذا لقاعدة «ق�م وافعل)*(» ،يتم حماكمتهم
بحسب اخلسائر التي وقعت بواسطة ُأناس ليسوا بالرضورة ينتمون جليش األرشار ،ويلتزمون
بقاع�دة «اجل�س وال تفعل» .عىل س�بيل املث�ال :مواطنون يعيش�ون بجوار مصنع أس�لحة ،أو
ِ
سنعرض أيضا .وإذا مل نقصف املكان،
معس�كر جيش األرشار ،فبقصف املكان س�يصابون هم ً
أنفسنا نحن للخطورة.
أيضا:
ما ذكرناه يف السابق يصلح قوله هنا ً
إذا بق�ي ه�ؤالء املواطن�ون برغبتهم وأغلق�وا بذل�ك الطريق علين�ا يف إيذاء
األرشار ،فهم يف حكم املعتدين (( )29نفس األمر يف حالة اإلجبار املايل).
أما إذا تم إجبارهم ،فليس عليهم ترك املكان .وبحس�ب «باراش�ات دراخيم» الذي ُي ِ
لزم
غير اليهودي ببذل نفس�ه حتى ال ُيقتل .وببس�اطة ،فإن هؤالء املواطنين غري ملزمني بفعل أي
يشء؛ ألن فرضي�ة «مل�ا تتوقع أن حياتك أه�م من حيايت؟» من ش�أهنا أن تنعكس لتصري« :ملاذا
تتوقع أنني س�أفعل ش�ي ًئا ما وأفقد حيايت حتى ال تفقد حياتك أنت؟» (كام ورد يف التوسافوت
يف السنهدرين .)2 :74
لكن رغم السامح هلم بالبقاء يف أماكنهمُ ،يسمح كذلك بقتلهم إلنقاذ حياتنا:
بحس�ب الرايب شموئيل شنيئورس�ون ،فإنه جيوز قتل اآلخرين إلنقاذ حيايت،
أيضا غري
واألغي�ار غير ملزمين ببذل النفس حت�ى ال ُيقتل�وا (وبالتايل ،فنح�ن ً
مأمورين ببذل النفس عن قتلهم ،كام ذكرنا).
ووفق�ا لـ «باراش�ات دراخيم» ،فإنه جيوز قتل ه�ؤالء الذين بقوا .رشحنا جيدً ا يف الفصل
مضطرا ـ
ًّ الثال�ث أن من يس�اعد وجوده يف املكان القاتل عىل ارت�كاب جريمته ـ حتى وإن كان
فإنه يعد مؤذ ًيا ،وجيوز إيذاؤه حتى يتوقف عام يفعل.
حت�ى إذا ت�م رب�ط أو حبس املواطنين ،ومل يكن لدهيم أي خيار س�وى بقائه�م يف املكان،
يصريون يف حكم الرهائن ،مباح دهسهم وقتلهم لو كان يف هذا سبيل لننقذ أنفسنا من األرشار،
كام أوضحنا من قبل أن من يساعد القاتل ،ولو كان دون تعمد منه ،فإن قتله مباح.
)*( «قم وافعل» :هي قاعدة ترشيعية مفادها القيام بيشء إجيايب ،أي التعاون هنا.
258
كثريا يف مثل هذه احلالة :فهم يغلقون طريق اإلنقاذ بوجودهم،
الرضع يتواجدون ًاألطفال ُ
وه�م يفعل�ون هذا دون إرادهتم .رغم هذا ،فإن قتلهم مباح؛ ألن وجودهم يس�اعد القاتل عىل
أي حال.
كثريا (وربام كان أصح أن نق�ول :يف أغلب احلروب) حتدث حالة يف حال�ة احل�رب حيدث ً
من الغموض بس�بب وجود ُأناس كثريين ،بعضهم حياربوننا ،أو من املؤيدين هلم ،وجزء منهم
ليس كذلك .ختلق هذه املالبس�ات وض ًعا يكون فيه اجلنود خمتبئني بالفعل بني الس�كان ،الذين
جزء كبري منهم ال يساعدوهنم بأى شكل.
ُيسمح بقتل هؤالء الناس؛ ألن وجودهم ساعد القاتل (كام أوضحنا بخصوص من حياول
إطالق النار عىل شخص يقف بني مجع من الناس ،فال جناح عليه إذا أصاهبم؛ ألهنم بوجودهم
رغما عنهم ،القاتل يف جريمته).
يف هذا املوضع يساعدون ،وإن كان ً
)*( «فصل سوفريم» :أحد الفصول الصغرية التي حتتوي عىل أمور ترشيعية ،ومؤلفها جمهول.
)**( هيوشع فولك (1614 - 1550م) :حاخام پولندي ،من كبار مفرسي «شوحلان عاروخ» ،ومن كبار احلاخامات
اليهود يف القرن السابع عرش.
261
إباحة بل أكثر .و«يد إلياهو» يثبت هذا من إضافة فقرة «وسائر مركبات مرص...مثال ملا كان؟
م�ن خي�اف كلامت الرب ( .)34من هنا كان الرايب ش�معون س�عيدً ا أن ثم�ة قتيلاً يف مرص ».فهي
«نصيحة جيدة» (.)37
وىف ه�ذه احلالة ،نح�ن ال نقصد األغيار الصاحلين الذين نضطر لقتله�م؛ ألن إنقاذ حياة
وأيضا ال
إرسائييل أهم من إنقاذ حياة أحد األغيار ،أو بس�بب مس�اعدهتم للقاتل رغماً عنهم ؛ ً
ِ
املطاردين اخلطرين؛ ألننا يف هذه احلالة مل يمكننا أن نسميهم «أفضل األغيار»(.)38 نتحدث عن
وكام جاء يف كتاب «تسيدا لديرخ» )*( (عن رشح الرايب شلومو بن يتسحاق للتوراة):
ويب�دو يل أن م�ن يطارد إرسائيل م�ن األغيار ُيقتل يف احلرب :وببس�اطة ماذا
نتعلم من ذلك األمر؟ من ي ِ
قدم من األغيار عىل قتل إرسائييل ُيقتل. ُ
إال أنن�ا هن�ا نتحدث عن ه�ؤالء الذين يمك�ن أن نعتقد أهن�م «أفضل األغي�ار» ،ولذلك
سنمتنع عن قتلهم بقدر اإلمكان ،ثم جاء حكامؤنا طيب اهلل ثراهم ،خيربوننا بأال نرتدد ونسارع
بقتلهم عىل الفور؛ ألن رشهم جيعلنا نشتبه فيهم والتعامل معهم كاألفاعي ،خاصة أهنم بطبيعة
احلال قد تعدوا عىل الوصايا السبع ويستحقون القتل.
وكام فرسنا يف كتاب «تسيدا لديرخ»:
م�ن يتواجد من األغيار أثن�اء احلرب ُيقتل؛ ألهنم كان�وا يطاردونك لقتلك،
فمب�اح قتلهم ،مثل ما جرى يف مرص من مس�اعدة لألغيار كما قال الرب ،وهذه
الفريض�ة كام يقوهل�ا حكامؤنا طيب اهلل ثراهم ،أي مس�اعدة كبرية أو صغرية هي
أمر خطري عىل إرسائيل .مثلام رشحنا ساب ًقا.
ونرى من أقوال «تسيدا لريخ» أن احلديث ال يدور حول الشخصية التي تطاردنا بالتأكيد،
فف�ي ه�ذه احلالة ال يوجد اختالف بني اإلرسائييل واألغيار ،ف�كل ِ
مطارد مباح قتله ( .)39لكننا
نتحدث عن :إذا كان غري هيودي من شأنه أن يطاردنا أم ال؟ وعىل هذا جييب حكامؤنا طيب اهلل
ثراهم :أنه سيطاردنا برشوره ،وال جيب الرتدد يف قتله.
وأيضا يف هذا الرشح يتأكد الشك الكبري جتاه األغيار:
ً
ً
صاحلا، األفضل بني عبدة األوثان ُيقتل؛ ألننا ال نخش�اه ،ومتأكدين من كونه
)*( «تسيدا لديرخ» :كتاب تفسري لألسفار اخلمسة األوىل من التوراة للرايب شلومو يتسحاقي.
262
رضرا غري ملحوظ،
ولكن جيب أخذ احلذر منه؛ ألن أفضل األفاعي يمكن أن متثل ً
ويكون أسوأ من سائر األغيار...
وكذلك:
وقال الرايب ش�معون يف هذا إن أفضلهم ،قلبه ميلء باخلبث كاألفاعي .ومثله مثل الثعبان
الذي ال يموت بسهولة ،وال سبيل لقتله إال بتحطيم رأسه ،وحتى إذا انقسمت رأسه إىل جزأين،
ما زال ثمة شك أنه يستطيع أن يلقي بسمومه عرب فمه .ولذلك فنحن ال ننصح بذلك ،بل فور
رؤيته جيب حتطيم رأسه ،وحينئذ لن يستطيع إيذاءنا ،وال جيب تصديق األغيار يف أي يشء.
ويف «الف�وش هاوري�ه» )*((عن الرايب ش�لومو يتس�حاقي ،بقلم مردخ�اي يافيه صاحب
الثوب) حول الفروق بني إرسائيل واألغيار يف هذا:
وكما قىض أغرق ال�رب فرعون ورجاله يف البحر ومل يب�ق منهم أحد ،بالطبع
كان بينهم من خش�ى الرب ،وكنا نس�تطيع أن نقول عنهم؛ ألهنم خش�وا الرب،
ِ
مطاردين ،إهنم مل يذهبوا لقتل إرسائيل ،بل ذهبوا من أجل فرعون، رغ�م كوهنم
ملاذا إ ًذا أغرقهم الرب مع مليكهم يف البحر؟
لكن الرب أعلم بام يف القلوب ،وقد رأى أن خش�يتهم إياه حتولت إىل كراهية
ورغبة يف املطاردة والقتل ،ومل يكن بينهم شخص واحد خيرِّ ،وأن خشيتهم تلك
كانت قرشة خارجية.
بش� َّلح בשלח )**() ( )40يف تفسيره هلذه املقولة:
وكام قال الرايب «هيودا ليفا» حول (قضية َ
إن حكامءنا ،طيب اهلل ثراهم ،أكدوا عىل أنه ال جيب أن نتوقع من األغيار يف وقت احلرب معهم
أن ُيظهروا اخلري.
بمعن�ى أنه يف حالة نش�وب حرب بني اليهود بعضهم البع�ض ،نحن ندرك أنه ثمة فرصة
لنك�ون أخ�وة مع من نحارهب�م دائمة للع�ودة إىل عالقة اإلخ�وة مع من نحارهب�م ،كام ورد يف
(أخب�ار األيام الث�اين ()14-28؛ ألن�ه يف هناية احلرب بني هي�ودا وإرسائيل)***( ،قام س�كان
إرسائيل بتحرير األرسى يف هيودا.
)*( «الفوش هاوريه» :كتاب تفسري ملا كتبه الرايب شلومو يتسحاقي ،وهو للرايب مردخاي يافيه (1612 – 1530م)،
مفت وصاحب كتب «األثواب». وهو ٍ
)**( هي القضية الرابعة يف سفر اخلروج ،وتضم فيام تضم حادثة غرق فرعون ،ومتتد من الفقرة السابعة عرشة من
اإلصحاح الثالث عرش ،وحتى الفقرة السادسة عرشة من اإلصحاح السابع عرش.
)***( أي قبيلتي هيودا وإرسائيل.
263
أم�ا يف حال�ة احل�رب م�ع األغيار ،م�ن اخلط�أ اتباع ه�ذه الطريق�ة؛ ألننا جي�ب أن نقتلهم
ب�كل رصام�ة ،ففي وق�ت احلرب تزداد رشوره�م ،وجتاهل هذا هو من ب�اب احلامقة ويعرضنا
للخطر(.)41
ووف ًقا هلذا الكالم ،فقد ورد يف العهد القديم يف سفر (صموئيل أول )11 - 8 :27حول
داود امللك ،الذي قتل يف حروبه مجيع أعدائه ،حتى ال يرووا للملك أخيش عام فعل؛ ألن داود
أخربه أنه حيارب أهل هيودا:
وانطل�ق داود ورجاله يش�نون الغارات عىل اجلش�وريني واجلرزيني والعاملقة
الذين استوطنوا من قديم األرض املمتدة من حدود شور إىل ختوم مرص .وهاجم
داود سكان األرض ،فلم يستبق نفسا واحدة .واستوىل عىل الغنم والبقر واحلمري
واجلمال والثي�اب ،ثم رج�ع إىل أخيش .وعندم�ا كان أخيش يس�أل داود« :أين
أغرت هذه املرة؟» كان جييب« :عىل جنويب هيوذا وعىل جنويب أرض الريمحئيليني
وجن�ويب القينيني» .ومل يكن داود يس�تبقي رجال أو امرأة على قيد احلياة لئال يأيت
إىل جت من يبلغ أخيش عام فعله داود .هكذا كان داود يفعل طوال مدة إقامته يف
بالد الفلسطينيني( .صموئيل أول )11 - 8 :27
ويف تفسري الرايب دافيد بن يوسف قمحي)*( لسفر أخبار األيام األول ( ،)8 :22يقول إن
داود امللك ترصف بشكل صحيح؛ ألنه كان يقصد إنقاذ حياته:
ربام كان بعض ممن سفك دماءهم من بني األغيار ،هم ُأناس صاحلون ،ورغم
ذلك لن ُيعاقب عىل قتلهم؛ ألن غرضه هو قتل األرشار حتى ال هيامجوا إرسائيل،
()42
وإنقاذ نفسه عندما كان يف أرض الفلستينيني.
وم�ا يتض�ح لن�ا بالفعل ،أن�ه يف وقت احل�رب علينا أن نؤذي كل من نخش�ى أن�ه يعرضنا
للخط�ر (اآلن أو يف وقت الحق) ،ألن الش�ك كبري ،وليس ثم�ة حظر لقتله؛ ألنه ال حيافظ عىل
()43
الوصايا السبع.
– 16األطفال الرضع
الرضع ،فإننا من ناحية نراهم أبرياء متا ًما ،فهم غري بالغني(،)44
عندما نناقش قتل األطفال ُّ
لذلك ال جيب حماكمتهم بشأن الوصايا السبع ،وال يمكن توجيه هتمة التعمد إليهم.
)*( الرايب دافيد بن يوسف قمحي (1235 - 1160م) :من كبار مفرسي العهد القديم وعلامء اللغة العربية.
264
لكن من ناحية أخرى ،فإن ثمة ختوف كبري مما يمكن أن يفعلوه عندما يبلغون .وكام وجدنا
عدة أمثلة عىل هذا:
ُأفت�ي أن�ه حُيظ�ر توليد ام�رأة غري هيودي�ة أو إرضاع ابنه�ا ،حتى ال نقوم برتبي�ة طفل يكرب
ليعبد األصنام (عفودا زارا .)45()1 ،26ومن هنا ،فنحن نرى أننا نفرتض أهنم عندما يكربون
سيفعلون كام يفعل آباؤهم .ومع هذه الفرضية ،فإننا مأمورون بعدم إنقاذهم من اخلطر ،ولكن
هذا ال يعني أنه ُيسمح لنا بقتلهم.
أيضا حول القيام بالقتل ،وجدنا أن أش�عياء النبي ( )21 ،14يدعو لقتل أطفال بابل،
لكن ً
رغم أهنم صغار وغري بالغني؛ ألهنم عندما يكربون سيحذون حذو آبائهم وسيتسببون يف أذى:
أع�دوا مذبح�ة ألبنائه جزاء إثم آبائهم ،لئال يقوم�وا ويرثوا األرض فيمأل وا
وجه البسيطة مدنًا.
وكام خيربنا الرايب دافيد بن يوسف قمحي (وكذلك الرايب شلومو بن يتسحاق):
فليقتلوهن�م وه�ذا ذنب آبائهم ،ومن حقكم أن ختش�وا أن يصير األبناء مثل
أرشارا ،وبحسب ذلك ،عليكم بقتلهم حتى ال ينهضوا فريثوا األرض.
ً آبائهم
ويس�هب الرايب بحاييه يف تفسيره للتوراة (تثنية ،)18-10 :20يف تفسري هذه االحتاملية
كسبب لقتل الطفل يف حرب الشعوب األممية السبعة:
الرضع؛ ألهنم س�يحذون حذو آبائهم عندما لي�س ثمة خط�أ يف قتل األطفال ُّ
يكربون ،وس�يفعلون مجيع الفظائع ،وس�يتعلم منهم بنو إرسائيل ذلك ،وكذلك
ورد ح�ول هذه القضية« :حتى ال تتعلموا منه�م فعل الفظائع» .وحتى ال تقول:
عندم�ا يكبرون س�يتوبون إىل اهلل – انظر من قال إهنم لن يتوب�وا ،إنه اهلل العامل بام
يف النفوس ...وكذلك قال أشعياء عليه السالم« :أعدوا ألبنائهم مذبحة بذنوب
آبائه�م ،حت�ى ال يكربوا فريث�وا األرض وما عليه�ا» .وىف هذه احلال�ة – أال نعد
ق�د س�لبناهم حياهتم؟ ،نقول إنه جيوز ارتكاب ذن�ب صغري ملنع رضر كبري؛ ألن
الش�خص العاقل يلقى بنفسه من السطح لينقذ حياته من املوت ،أو يقطع يده أو
قدمه أو أحد أعضاء جس�ده لينقذ بقية جس�ده ،أو أن يرشب رشا ًبا ُم ًّرا للتداوي
به ،وهو يف كل هذه احلاالت ال يعد س�ار ًقا ،بل هو يصنع معرو ًفا لنفس�ه و ُيبقي
عىل حياته ،وألن اإلنس�ان يفعل هذا لنفس�ه فيس�تحيل اهتامه بالرسقة وحماكمته،
265
م�ا دام أن�ه ال يفع�ل هذا مع غريه ،ومن أج�ل هذا فالتوراة أباح�ت قتل األطفال
الرض�ع ،وارت�كاب ذنب بس�يط ملن�ع رضر أكرب كان س�يلحق بالع�امل ،وهو أمر ُّ
متاما ،ملن يتأمله.
منطقيً ،
ورغم أنه يتطرق يف األس�اس للش�عوب األممية السبعة ،هذا ألن األمر يبدو مؤكدً ا بشكل
مطلق ،لكن يف حالة تطرقنا لشعوب أخرى (كام يتنبأ أشعياء) ،جيب يف كل حالة فحص األمر،
الرضع،
إذا ما كان بالفعل ثمة شك .وعىل كل حال ،فنحن نتعلم أن ثمة فرضية بإيذاء األطفال ُّ
إذا تأكدنا أهنم سيرضون بنا عندما يكربون ،وىف هذه احلالة يتم إيذاؤهم حتديدً ا (( )46ليس فقط
من خالل اإلرضار بالبالغني ،بل كليهام م ًعا) (.)48( )47
266
هوامش الفصل اخلامس
267
املطارد عىل حس�اب حياة
َ أيضا تشرح لنا التوراة أن�ه ُيمكن إنقاذال�رب طريق�ي وأدركت أنه ً
املط�ارد ،حت�ى إذا كان ابنً�ا آخر من أبناء نوح؛ حي�ث ورد أن «يطارد صاحب�ه ويقول له :انظر ِ
إنه إرسائييل مثلك ..إلخ» ،والتوراة قالت« :س�افك دم اإلنس�ان باإلنس�ان دمه ُيسفك» ،و«دم
أيضا
املطارد ُيسمح بقتله .»...ونرى ذلك ً ِ هذا بدم ذاك» ...وهذه الفقرة تقول ألبناء نوح «إن
يف أقوال الرايب موس�ى بن ميمون يف رشائع امللوك (يف ،)4 :9وىف عدة مصادر أخرى كام قال
ويظر عىل اآلخرين مس�اعدته .لكن ِ
مط�ارده ،حُ للمط�ارد بقتل
َ بع�ض احلكامء إنه ُيس�مح فقط
بخالف هذا التشدد ،فهم يسمحون بقتل غري اليهودي الذي يطارد هيود ًّيا (فإنه حتى اليهودي
الذي يطارد هيود ًّيا آخر ُيس�مح بقتله) ؛ وحتى يف احلرب بني األغيار ،بش�كل عام ،من يس�اعد
أحد األطراف ،فهو يفعل ألنه خيشى إذا مل يقدم يد املساعدة سيلحق به هو اآلخر أذى ،وبإمجاع
اآلراء ُيسمح له باملشاركة يف قتل املعتدين.
ِ
املطارد بشكل غري مبارش قال بعض احلكامء األواخر بتلك الفرضية ؛ انظر -5بخصوص
عىل سبيل املثال «أور ساميح» يف رشائع القتل.
-6جيب وضع حدود هلذه الفرضية :مواطن ينتج أسلحة لصالح مملكة يعيش فيها ،وهو
أيضا بش�كل اعتي�ادي؛ ألن اململكة يف حاجة إىل األس�لحة للدفاع عن نفس�ها يف يفع�ل ذل�ك ً
مواجهة املجرمني ،يمكن هلذا املواطن أن يزعم أنه ال يساعد يف وقت احلرب ،لكنه فقط يساعد
يف حال�ة الدف�اع عن أي هجوم ،ومن حق�ه فعل ذلك انطال ًقا من فرضي�ة «حيايت أوىل» .األمر
شخصا اضطر الحتالل مكان إلنقاذ نفس�ه من خطر األحجار امللقاة يف اجتاهه ،فاستغل ً يش�به
أحد األشقياء هذا الوضع ،وقام بمطاردة شخص آخر حتى ال يتمكن من اهلروب هلذا املكان؛
ألن�ه قد أمس�ك به بالفعل .بل هذا نتيجة وجود خطر حقيقي على حياته بدون عالقة بالقاتل.
أوضحن�ا أن�ه يف هذه احلال�ة (يف الفصل الثالث ،يف امللحوظة ،)72أن م�ن احتل املكان ال يعد
ِ
مطار ًدا رغماً عنه؛ ألن من حقه فعل هذا من فرضية «حيايت أوىل» ،فهو يفعل هذا؛ ألن حياته يف
أيضا يمكن للمواطن أن يزعم أنه ال عالقة خطر بدون أي عالقة هبذا الش�قي .وف ًقا هلذا ،فهنا ً
له بأن امللك الرشير يس�تغل أفعاله اخلرية من أجل أفعال رشيرة .وبالفعل ،مثل هذا الشخص،
ِ
مط�ار ًدا متعم�دً ا ،وجيب إحلاقه بمجموعة أف�راد اململكة التي سنناقش�ها فيام بعد (لكن ال يع�د
جت�ب اإلش�ارة أنه يف الواقع احلايل ،أي ش�خص يس�اعد اجلي�ش ،يفعل ذل�ك يف وقت احلرب
واق لدولته). وليس فقط من أجل توفري دفاع ٍ
268
-7وقد وردت هذه الفرضية بخصوص املحاربني خاصتنا ،وبسببها ُيسمح بقتل اجلندي
أيضا احلاخام نفتايل
خاصتنا الذي هيرب من املعركة كام ورد يف فصل «سوطا» ؛ وهو ما رشحه ً
تسيفي هيودا برلني )*(.
ٍ
واش ُيقتل (وأيضا يف رأي معلمنا آشري )**( بأن من ث ُبت أنه
ً -8راجع «شوحلان عاروخ»
بشكل غري مبارش ؛ ألنه ليس مؤكدً ا أنه سيكررها ،إال أن حكامءنا ،طيب اهلل ثراهم ،أفتوا بذلك
أيضا ،من يقوم بالتهديد بأنه سيقوم إلبعاد األش�خاص عن هذا ؛ لكن ببس�اطة أنه وف ًقا ملنهجه ً
بالوش�ايةُ ،يس�مح بقتله مبارشة ،كما رشحت اجلامرا يف باب�ا قاما ،1 :116وقال�ت :إن الرايب
كاهانا قتل مبارشة من هدد بالوشاية).
-9التوسافوت حتدثت مع مصادر أخرى عن خالفهام الذي ناقشناه يف الفصل الثاين.
– 10وبالفع�ل علين�ا أن نفرس ثانية ما أوردته «التوس�افوت» هن�ا؛ ألن األمر يبدو صع ًبا
ألول وهلة :ملاذا ُيس�مح ألنطونيوس أن ُي َع ِّرض عبيده ملوقف يكونوا مش�تبهني فيه فيتعرضون
للخط�ر ،ومن ث�م يقتلهام؟ حتى ال يذهب ملنزل الرايب ،بحيث ال يضطر للتعرض هلذا املوقف؛
لكن «التوسافوت» فهمت أن األمر مباح ألن زيارات أنطونيوس للرايب ال غنى عنها له ،سواء
م�ن أجل�ه أو من أجل العامل الذي س�يتم إصالحه عندما يعلن قيرص روم�ا توبته ،لذا فإنه جيوز
له االس�تمرار فيام يفعل�ه ،وإذا صارا مطاردين ،عليهام حتمل العواقب (األمر يش�به ما رشحناه
يف الفصل الثاين مع هناية الفقرة الثالثة عرشة حول قتل أهل ش�كيم بحس�ب رأي الرايب موسى
بن نحامن).
-11ويف تفسري الرايب مائري إريك لكتاب «حسيديم» (النسخة اخلاصة بمؤسسة احلاخام
كوك) ،فهو قد أشار إىل «التوسافوت» يف فصل «عفودا زارا».
-12وهذا ما يش�به ما ورد يف كتاب «أور هحاييم» الذي فرس لنا أهنم حاولوا الدفاع عن
شكيم ومحور ،ولكنهم ُقتلوا.
-13ويف حتديثات الرايب يوم طوف بن أفراهام (اإلش�بييل) حول «عفودا زارا» ()1 :26
حيث كتب« :وهناك من يس�مح بإعطاء الطفل اليهودي الم�رأة من األغيار لرتضعه ،ولكنهم
أيضا أنه ثمة شك أن هذا سيعرض الطفل للخطر يف املستقبل». يقولون ً
)*( نفتايل تسيفي هيودا برلني :من كبار احلاخامات ،رئيس مدرسة لوزين الدينية الشهرية ،وتويف يف عام 1893م.
)**( آشري بن حييئيل من أوائل الرشاح يف القرن الرابع عرش.
269
-14اختلف حافت يائري نفسه عىل هذا كام سنورد الح ًقا.
– 15هكذا ورد يف «حايي آدام» رشائع الصيصيت القاعدة رقم 11الفقرة ،42وبإسهاب
أكثر يف كتابه «بينات آدام»« :ها نحن نختيل باألغيار ،رغم أن هذا ال جيوز؛ ألهنم مش�تبه فيهم
بأهنم يسفكون الدماء ،ويتم عقاهبم أشد العقاب؛ ألهنم يستحلون دماء اليهودي».
-16الرمز « :20راجع يف «حايي آدام» الذي كتب عن سفك الدماء».
-17وه�ذا رأي «حاف�ت يائري» نفس�ه يف الرمز ،72يف رده عىل ال�رايب ميئري ،ومن بني ما
يقول« :كان العقاب يتم حينها رغم عدم وجود اش�تباه يف سفك الدماء ،ولكن ثمة خماوف مع
أمرا فظي ًعا ،لذلك مل يتحدث
ذلك ،ويبقى فحسب الشك يف معارشة األغيار للبهائم؛ ألنه يظل ً
«شوحلان عاروخ» عن أي ختفيف للعقوبة عىل رجل أو امرأة إرسائيلية ،رغم أن الفقرة تتحدث
أيضا».
عنهام ً
-18ويفرس مائريي عن السنهدرين ( )1 :72أن هذا هو مصدر ما ورد يف اجلامرا من أن
التوراة قالت« :إذا جاء لقتلك أرسع بقتله».
-19ونلف�ت االنتب�اه إىل أن الرايب موس�ى ب�ن نحامن يف حديثه عن ش�كيم (تكوين ،34
،)13يق�ول إن التس�بب يف أذى ه�و تنفيذ إلحدى فق�رات رشيعة األح�كام ،وليس الرسقة ؛
أيض�ا ما جاء يف
على كل ح�ال فم�ن يفعل هذا يس�تحق القتل؛ ألن هذا ذن�ب متعمد (وراجع ً
«التوسافوت» يف «بابا متسيعا» .)2 :70
-20كما تم تفسيره يف «عف�ودا زارا» ،2 :53ويف («بابا بترا» 1 :118ـ )2؛ وراجع ما
ورد حول سفر صموئيل والقضاة .وقد أسهبنا يف تفسري هذ األمر يف مقال «ملكية األرض».
-21ويصع�ب ختيل حرب مع أمة من األغيار ال يكونون قد تعدوا عىل الوصايا الس�بع؛
أيضا لن يبدءوا بمحاربتنا إذا كانوا
ألنه ال يوجد سبب ملحاربتهم ،وبالتاىل فاألمر حمظور ؛ وهم ً
فعلاً حيافظون عىل وصايا نوح السبع.
باإلضاف�ة إىل أنه جتدر اإلش�ارة إىل أنه إذا كانت األمة تضم قل�ة من األغيار حيافظون عىل
خطرا عىل
الوصايا الس�بع ،فمن الطبيعي أن هؤالء األغيار مشكوك فيهم بشكل أقل يف كوهنم ً
إرسائيل ،ونسبة كوهنم ِ
مطاردين لنا فيام بعد هي قليلة مقارنة ببقية األغيار ،كام ذكرنا(وسنناقش
الح ًقا عد ًدا من املربرات تسمح بقتلهم يف وقت الرضورة).
270
– 22وقد أسهبنا فيام قال الرايب موسى بن نحامن يف الفصل الثاين (يف الفقرة .)13
وجيب مالحظة أننا نرى من الرايب موس�ى ب�ن نحامن أنه ليس ثمة رضورة أن نعرف مجيع
التفاصي�ل ،متى وكيف تعدى عىل الوصايا الس�بع؛ ألن ش�معون وليف�ى بالتأكيد مل يعلام كيف
تعدى كل فرد من أهل ش�كيم عىل الوصايا الس�بع ؛ إال أن كوهنم جز ًءا من أهل شكيم جيعلهم
يستحقون القتل (وراجع يف الفصل الثاين حول القضية ذاهتا يف .)15
– 23يف بداية الفصل العارش من رشائع عبادة األوثان.
-24ثمة إش�ارة لألمر لدى الرايب موس�ى بن ميمون الذي قال إن «مجيع أصحاب شكيم
يس�تحقون القتل»« .أصحاب ش�كيم» هو تعبري مستقى من سفر القضاء (اإلصحاح التاسع)،
ال�ذي يصف رجال املدينة بأهنم أصحاب املدينة؛ ألهنم من قرروا من س�يبقى يف املدينة .وأراد
الرايب موس�ى بن ميمون القول بأن أهل ش�كيم حددوا بأفعاهلم واقع عدم اس�تجابتهم ملا فعله
شكيم ،وال يستطيعون الزعم بغري ذلك ،كام فرسنا يف املتن.
-25يف هذا الس�ياق جيب تفسير أقوال الرايب موسى بن ميمون يف بداية الفصل السادس
م�ن رشائع اآلراء« :يتم خلق اإلنس�ان ليك�ون مرتب ًطا بأفعال وآراء أصحاب�ه وأقرانه ،وينتمي
لع�ادات أه�ل دولت�ه ،ولذلك فعىل كل ش�خص أن يكون على اتصال بالصاحلين ،واجللوس
يف حضرة احلكماء للتعل�م منهم ،والبعد ع�ن األرشار» .ولذلك فإذا كان ثم�ة ُأناس صاحلون
يعيشون يف دولة ظاملة ،عليهم الذهاب إىل مكان يمتلئ بالصاحلني ،وإذا مل يستطيعوا فعل هذا،
فليعيشوا وحدهم».
-26نرشح تلك األقوال أكثر :أدرك الرايب موسى بن ميمون أنه يستحيل قتل أهل شكيم؛
ألهنم يتعدون بشكل عام عىل الوصايا السبع ،رغم أن هذه اجلرائم هي ما خلقت لشكيم اجلو
املناسب لريتكب فعلته.
بمعنى أن كل فرد من األغيار بتعديه عىل الوصايا الس�بع ،يس�اهم بشكل أو بآخر يف خلق
جو عام يؤثر عىل بقية األغيار يف أي مكان ،لكن بحس�ب الرايب موس�ى بن ميمون ،ال ُيس�مح
بقتل مجيع األغيار يف دول جماورة ،بل فقط أهل املكان ،أهل شكيم يف هذه احلالة.
– 27وبطبيعة احلال ،ال نرسع يف قتلهم؛ ألهنم تعدوا عىل الوصايا الس�بع فحس�ب وف ًقا
لآلراء املختلفة.
271
-28راجع «بابا برتا» ،47هناية الصفحة الثانية.
– 29كما فهمن�ا من الفصل الثالث (الفقرة )23عندما ناقش�نا مس�ألة من يغلق الطريق،
ِ
مطار ًدا. ِ
املطارد السلبي يعد وتوصلنا إىل أن
-30وثم�ة حتدي�ث ل�دى اليه�ود يف مقاب�ل األغي�ار ،بخلاف م�ا قال�ه الرايب ش�موئيل
شنيئورس�ون؛ ألن�ه حتى وف ًقا ملا قاله ،فإنه حُيظر عىل غير هيودي ثالث أن يتدخل ليقتل واحدً ا
م�ن أج�ل إنقاذ الثاين ،وهو األم�ر الذي خيتلف يف حال�ة اليهود ،فكل اليهود مأم�ورون بإنقاذ
اليه�ود ،حت�ى وإن كان الثمن هو حياة غير اليهودي .وعىل كل حال ،فف�ي وقت احلرب يعد
مطاردين ،وليس ثمة موضع للتفرقة. ِ اجلميع
– 31وم�ا كتبن�اه يف امللحوظ�ة ،16م�ن أن هن�اك فرضيات تق�ول بعدم اس�تخدام هذه
الرخص�ة يف مجي�ع احلاالت – هذه الفرائض ال ترتبط بوقت احلرب؛ ألهنا تتأس�س عىل حقيقة
أن�ه ُيس�مح بفعل كل يشء من أجل اس�تقرار الع�امل ،وىف وقت احلرب ـ حتدي�دً ا القتل من هذا
النوع هو الذي سيؤدي إىل استقرار هذا العامل.
أيضا كتاب «يس�ود مورا» للرايب أفراهام بن ع�زرا )*(« :وذكر مغزيني حول
– 32راج�ع ً
جمموعة املديانني :األول :أمر جلل ،والثاين :أنه يف نيتهم إيذاؤكم بعد موت بنت رئيسهم».
وهوم�ا يتف�ق مع م�ا ذكرن�اه :أولاً :هم يس�تحقون القتل على كوهنم خمطئين ،ويؤثرون
بالس�لب عىل غريهم .ثان ًيا :ال جيب أن نتوقع أننا نس�تطيع إصالحه�م ودفعهم إىل التوبة ،فهم
يضمرون لنا الرش.
أيض�ا بخصوص
-33تق�ول ه�ذه الفرضي�ة إن�ه ال جيب أن نتوق�ع منهم توب�ة صحيحة ً
الرضع ،كام سنرشح يف هناية الفصل.األطفال ُّ
– 34الت�ي ورد فيه�ا« :فالذي خاف كلمة الرب من عبيد فرعون هرب بعبيده ومواش�يه
أيضا ما جاء
إىل البيوت» (اخلروج ،)20 :9وكذلك العبيد واملوايش مل متت بسبب الوباء (انظر ً
يف الرايب شلومو بن يتسحاق .)10 :9
أيضا يف «هبايت يوس�ف»« ،يوريه ديع�ا» ،158يف الكلامت التي تبدأ
– 35وه�و مثب�ت ً
بـ «وما كتب».
)*( الرايب أفراهام بن عزرا :من شعراء العرص األندليس ،لغوي وفيلسوف يف القرن الثاين عرش.
272
«أيض�ا يف رشح «هبايت يوس�ف» لكلمة :ال -36وه�ذا م�ا قاله بخص�وص موضوعناً :
ختفضوا ،يقول أن األمر جيوز ،وىف كتاب «األعمدة الذهبية» نجد ثمة اختال ًفا مع كتاب «سفتي
كوهني».
وتفسير كالم�ه« :وف ًقا ملنهج كل من «هبايت يوس�ف» و«س�فتي كوهين» (كام تعلمنا يف
الفصل الثاين)ُ ،يس�مح بقتل غري اليهودي الذي ال حيافظ عىل الوصايا الس�بع .وتش�دد يف هذا
الشأن كتاب «كوس يشوعوت )*(»« :تشددت «التوسافوت» يف فصل «عفودا زارا ،»2 – 26
يف تفسير كلم�ة «ال ختفضوا» من خالل مقولة «أفضل م�ن يف األغيار ُيقتل» ،وبرروا األمر بأن
واضحا ما هو األمر الذي
ً هذا يكون يف س�اعة احلرب .لكن بحس�ب «هبايت يوسف» ،مل يكن
ختفضوا» ليس إلزا ًما ،وليس ثمة تناقض بني هذهيصعب عىل «التوسافوت» استيعابه ،فإن «ال ِ
الكلم�ة وبين مقولة «أفضل م�ن األغيار ُيقتل»! ويفسر كتاب «يد إلياه�و» ،أن «األفضل من
األغي�ار ُيقتل» ،ال يقترص األمر عىل أهنا ليس�ت إلزا ًما ،بل ه�ي «بمثابة النصيحة ألول وهلة»،
وأن هذا بالفعل ما يمكن فهمه من إضافة الكلامت ملقولة «أفضل األفاعي حتطم خمها» ،ولذلك
ختفضوا» ،أي أنه ليست ثمة وجدت «التوس�افوت» صعوبة يف كون هذا يتناقض مع حكم «ال ِ
إلزام يف األمر.
ول�ذا ت�م تربير األمر بأن «أفضل م�ن يف األغيار ُيقتل» ،هذا يف وق�ت احلرب؛ ألنه حينها
بالفعل ثمة إلزام يف األمر.
لزم ،ف�إذا كان هناك ختوف كبري عىل حي�اة هيودي ،علينا -37ونفه�م أن ه�ذا االقرتاح ُم ِ
إزال�ة ه�ذا اخلطر بطريقة رشعية (وكام هو مثبت يف املالحظة الس�ابقة باعتب�ار أن هذا االقرتاح
ملزم ،وليس فقط جمرد نصيحة ؛ واملقصود من كلمة «اقرتاح» أن التوراة مل تأت بوصية جديدة ِ
هن�ا ،ب�ل هي تعلمن�ا كيف نتعامل مع الواقع فحس�ب ،وبالت�ايل فنحن نتعلم م�ن هذا ما جيب
فعله).
أيضا ،وليس األغيار فحسب.
– 38ويف هذه احلالة مباح قتل إرسائيل ً
– 39أي أن مقص�ده ببس�اطة بكلامت «غير اليهودي الذي يف احلرب بني س�ائر األغيار
املحاربين» ،هو ش�خص موج�ود هنا بالفع�ل ،لكنه ليس ضم�ن «املقاتلني» ،بل هو فحس�ب
)*( كوس يشوعوت :هو أحد أجزاء كتاب «أسطورة الكؤوس األربعة» للرايب شلومو ففنهايم (1814 – 1740م)،
والذي يناقش مواجهة اإلنسان ملصريه بأسلوب يمزج بني الواقعية والرومانسية من خالل عدة مراحل متثلها هذه
الكؤوس.
273
عدوا ،بالتأكيد أنه س�يعد حينها
موجود بجوارهم ؛ ألنه إذا كان ضمن املحاربني (أي جندى) ًّ
«شخصا صاحلًا» ،كام ذكرنا سال ًفا.
ً ِ
مطار ًدا ،ويستحيل تسميته
– 40وورد كذلك يف «بئري هجوال )*(» ،الفقرة الس�ابعة ؛ وبطريقة متش�اهبة كتب الرايب
«زئيف يابتس )**( «يف مالحظاته عىل كتاب «شيفيط ميهودا )***(» ،وىف مصادر أخرى.
– 41جي�ب التحذي�ر قبله�ا؛ ألن اليهود يف قلوهب�م رمحة ويميلون لفعل اخلري ،وبحس�ن
ني�ة يعتق�دون أن األغيار مثلهم ،وبالتايل يتم التعامل معهم بحس�ن ني�ة ؛ وال يدركون أن واقع
األغي�ار أم�ر خمتلف؛ ألهن�م بطبعه�م ال حيملون رمح�ة بداخله�م ،والرصامة هي الت�ي تخُ ِضع
رغبته�م الرشيرة وتس�مح بإصالحهم .ثم�ة مثال هلذا اخلطأ نجده يف قص�ة امللك آحاب الذي
أيضا أدرك األخري
تعامل بحسن نية مع ملك آرام (ملوك أول ،اإلصحاح العرشون) ،وحينئذ ً
أيض�ا يف زمننا هذا نرى إىل أي
أن املل�ك اليهودي فعل ما فعله ألن اليهود «رمحاء»؛ ولألس�ف ً
مدى صدقت املخيلتا واملش�ناه يف هذا ،إىل أي مدى الرصامة تخُ ِضع رغبتهم الرشيرة وتس�اهم
يف إصالحه�م ،وإىل أي مدى من يفعل هذا يس�فك دم إرسائي�ل (وقد حذر الرايب مليوفافيتش
كثريا من هذا).
ً
– 42ببس�اطة ،فإن ش�عب العامليق وبعض الشعوب األخرى اس�تحقت القتل؛ ألننا قد
ُأمرن�ا بع�دم احلفاظ عىل حياة األمم الس�بع وش�عب العامليق .وق�د ورد أن داود قتل كل رجل
وام�رأة حت�ى ال ي�رووا هذا ألخي�ش ،أي أن داود ح�رص عىل ذلك ،رغم أن ه�ؤالء الناس مل
يكونوا ضمن هؤالء الشعوب السبع ،بل كانوا يعيشون بجوارهم؛ ألن ثمة شك يف أن يذهبوا
ليحكوا ما حدث للملك أخيش ،وهو ما س ُي ِ
عرض داود ورجاله للخطر.
– 43ويف ه�ذا الس�ياق يبدو لنا بوضوح اإلل�زام بقتل كل ذكر يف احلال�ة التي نحتل فيها
أرضا ختص العدو ،الذي مل يس�تجب لدعوتنا للسلام ؛ ألن بقاء هؤالء الذكور الكبار سيمثل ً
خطورة عىل سلطاننا يف نفس املوضع .لكننا لن ندخل يف إيضاح هذا احلكم الذي يتعلق بحرب
احتالل وليس بـ «مساعدة إرسائيل من أيدي العدو» ،كام كتبنا يف املقدمة.
)*( «بئري هجوال» :أحد أعامل الرايب هيودا ليفا بن بتسلئيل ،ويناقش فيه مسألة حرية التعبري والرقابة عىل اإلبداع
الديني.
)**( هو الرايب يعقوب عمدين بن تسيفى :رجل دين وباحث يف القرن ال .18
)***( «شيفيط ميهودا» :هو كتاب من تأليف الرايب أفراهام اجير ملوبلني ،ويناقش فيه عد ًدا من األمور الفقهية.
274
– 44يتعل�ق األم�ر بغري البالغني ،وال نقصد س�نًّا حمددة ؛ ألنه ل�دى األغيار ال يتم حتديد
والص َغر كام يتم األمر لدى اليهود ،بل بحسب ذكاء وفطنة كل شخص. البلوغ ِ
– 45وجيب مناقشة ما إذا كان احلظر يتعلق فقط بعبدة األوثان ،أو بكل األغيار الذين ال
حيافظون عىل الوصايا السبع ؛ راجع هذا يف كتاب «بري جماديم».
– 46وببس�اطة فه�م يربح�ون من ه�ذا ،إهنم لن يكبروا بطريقة غري صحيح�ة ،وبالتاىل
س�نضطر إىل قتله�م (مثل قصة مورير وس�ورير) .ويبدو أن هذا كان مقص�د معلمنا بحايي يف
بداي�ة كلامت�ه «ألن الرب تبارك وتعاىل يس�تأصل جذور قوهتم من أعىل ،ما نفعله هلم بأس�فل،
كأننا مل نفعل شي ًئا» ،أي :ألنه أمر مفروغ منه ،جيب استئصال جذور هذه األمة وقوهتا الروحانية
كلها (أي مجيع قادهتم وزعامئهم) ،لن جيد هؤالء األطفال مكانًا يعيشون فيه عيشة صاحلة؛ لذا
فمن األفضل قتلهم من اآلن.
– 47مث�ال مش�ابه :قت�ل الرب مجيع أه�ل آحاب ،ويبدو م�ن الفقرات أن�ه قتل األطفال
ث�ان .)1-11 ،9-9ويبدو كذلك أيض�ا ،ومل يبق عىل أي بقايا لنس�ل آحاب (مل�وك ٍ الرض�ع ً
ُ ُ
أنه لوال فس�اده ،لكانت أفعاله صاحلة ومقبولة ؛ وببس�اطة فهو يقتلهم ،حتى ال يكربوا فيمثلوا
خطرا يف املستقبل علينا.
ً
– 48باإلضافة إىل ذلك ،وجدنا أنه ثمة مفهوم للقتل وف ًقا للحظر ،كام قال الرايب موسى
ب�ن نحمان (الالويني )29 :27عن احل�رب مع الكنعاين ملك عراد (الع�دد ...« :)3-1 :21
ي ِّرم الشخص الذي ال خيصه مثل املحاربني ومن ينذرون النذور (إذا أعطيتني هذا الشعب من حُ َ
يف ي�دي فأقوم بتحريم مدهنم) – يموت كل فرد منهم؛ ألنه نوى تدمري األعداء» .يبدو بالفعل
أنه ليس ثمة س�بب للسامح بالقتل ،إال يف وضع يكون فيه ثمة احتامل بالسامح هبذا – فالتحريم
يضي�ف رصامة وإلزا ًما ؛ ولذلك مل نُس�هب يف هذا هنا ،وسنس�هب ـ ب�إذن اهلل ـ يف األمر عندما
نناقش مسألة امللكية والشعب لدى إرسائيل (ألنه هناك يكمن التحديث اخلاص بالتحريم).
275
الفصل السادس
ناقش�نا يف الفص�ل الس�ابق إحل�اق األذى باألغي�ار يف احل�رب ،ورأينا أن�ه بخالف رشور
األغي�ار« ،ال�ذي يتجىل وقت احلرب» ،كان هناك بعض املواضع الت�ي أبحنا فيها قتل األبرياء،
إذا كان عدم قتلهم سيس�اعد العدو .س�نناقش يف هذا الفصل احلاالت التي ن ِ
ُلحق فيها األذى،
حتديدً ا ،باألبرياء ،وسنوضح متى تكون هناك رضورة لفعل هذا.
الملك
-2ضرورة ُ
نالحظ أن خوض حرب هجومية هي رضورة مثبتة لإلنس�ان بش�كل عام ،ونتوسع قليلاً
يف رشح األمر:
من�ذ أن قت�ل قابيل هابي�ل( ،)2وثمة خطر كبري حيدق بسلامة اإلنس�انية ،وهو خطر القتل
والعنف ،وكام ورد يف اجلامرا يف «عفودا زارا (:»)1 :4
277
«ويفعل اإلنس�ان كالس�مك يف امل�اء» فالس�مكة الكبرية تبتل�ع أصحاهبا من
األسماك الصغرية ،ولوال اهللع واخلوف من املالئكة ،البتلع اإلنسان الكبري أخاه
الصغير .وهنا يقول الرايب حنينا نائب الكهنة كنا نصيل بصدق للمالئكة ،ولوال
خوفنا منهم النترص الرش عىل اإلنسان.
تاري�خ اإلنس�ان خيربن�ا بضعف�ه أمام الشر ،فالضعي�ف جيد صعوب�ة يف مواجه�ة القوي،
والصادق أمام املجرم والقاتل والسارق.
دائم ا هي من توقظ الضامئر ،وتنبه اإلنس�ان إىل أنه يرتك�ب ذن ًبا ،وتؤيد
وكان�ت املالئك�ة ً
النواي�ا احلس�نة وترفض نظريهتا الرشي�رة ،وحتذر األخيار من األرشار لئلا يبتلعوهم ،وهتدف
دائم�ا إىل إصلاح الن�اس بش�كل عام ،وكام تشير اجلمارا يف فصل «آف�وت :»2 – 3 املالئك�ة ً
«الصالة بصدق للمالئكة».
وكام يقول الرايب موسى بن ميمون يف «موريه نفوخيم» (الفصل الثالث:)40 ،
ينش�أ اإلنسان عىل فطرته [طبيعة اإلنسان تلزمه باتباع أقرانه] ،وطبيعته كبقية
أصحابه وليس�ت كبقية البرش .ال يمكن بش�كل عام إلنس�ان قتل صاحبه إال إذا
أم�ره قائد يطي�ع ما يقوله )3( .وتلك هى طبيعة اإلنس�ان ،فالبع�ض ُخلق ليكون
قائ�دً ا ،والبعض اآلخر عليه أن يتبع ه�ؤالء القادة ...ومنهم من ُخلق وثمة إلزام
عليه بفعل أمر حمدد ...وهناك ملوك تطيع اهلل ،وهناك من خيالفه.)4( .
وكام جاء يف كتاب هحينوخ (رشيعة :)46
ن ِ
ُظه�ر للجمي�ع أن امللك حيك�م األرض كله�ا ،ولواله لقتل الن�اس بعضهم
أمرا مباركًا.
البعض ،ولصار القتل ً
مستقرا وهادئًا ،وهو ما يعود باملصلحة
ًّ بدون سلطة مركزية ،ال يمكن أن يصري وضع اإلنسان
ي ِّسن هذا من خلقه ليصري أقوى ،فيصري هناك ملوك أصحاب نفوذ وقوة. عىل اجلميع ،كام حُ َ
ومن هنا ،فإنه ثمة رجال يف هذا العامل مس�تعدون للتضحية يف احلرب بأية وسيلة ،فامللوك
حيارب�ون حتى الرمق األخري ،لكن ثم�ة احتامل أن يكون هناك إكراه للموت أو للتعرض خلطر
كبير من أج�ل امللوك .ففي احل�رب ،ثمة خماطر كبرية وكثيرة ،ويمكن يف س�اعة اخلطر إجبار
اجلندي عىل البقاء يف س�احة املعركة ليح�ارب ،وإن كان ذلك األمر يعد بمثابة إضعاف ملوقف
امللك القوي.
278
لك�ن ُيس�مح باالنتح�ار أو التضحي�ة بالنفس (حتى ول�و ليس من أجل املل�ك)( ،)5ولو
حدث أن امللك انتحر أو ضحى بنفسه بني جنوده ،فإن هذا هو األمر الصواب ؛ لكن التضحية
بالنف�س ال تربر تعريض جي�ش كبري صاحب عدد كبري من الرج�ال للخطر .اجليش والرشطة
ينط�وي العمل فيهام عىل إجبار وعىل تضحية بالنفس كبرية ،لكن هذا ال يش�مل االنتحار ،وال
يمكن إقامة ُملك يف ظل عدم وجود رشطة وجيش (.)6
ونجم�ل الق�ول :إذا كان ثمة ملك ال يس�تطيع إجبار مواطنيه من أج�ل احلرب ،فإن قوته
تصري حمدودة ،وليس ثمة شك أنه إن عاجلاً أو آجلاً ،لن يستطيع الصمود أمام األرشار الذين
لن يرتددوا يف إيذاء األرواح من أجل حتقيق نرص.
-3مجاعة ومملكة
وفقا ملا كتبناه س�اب ًقا ،يتضح أن إقامة ُملك هلو أمر يش�به وضع مجاعة من الناس تطبق مبدأ
«الفرد يضحي لصالح املجموع» .وإذا مل يكن للملك قوة اإلجبار واإلكراه ـ سيكون مجيع أهل
مملكت�ه يف حالة خوف من املوت بس�بب انتص�ار األرشار يف العامل .فالشر يف العامل يضعنا أمام
وض�ع يصير رضور ًّيا فيه أن يتم التضحية بالبع�ض من أجل صد األرشار – وإذا مل حيدث هذا
سيموت اجلميع وستصري فوىض وهرج ومرج ينتهى إىل انتصار األرشار.
ماذا يكون احلكم يف حالة «امنحونا واحدً ا منكم لنقتله» ،أي احلالة السابقة ،لدى األغيار؟
أيضا بحس�ب «تناولن�ا فيما س�بق (يف الفصل الثالث ،الفق�رات )9-8هذه املس�ألة ،وأوضحنا ً
«باراشات دراخيم» أن األغيار ملزمون ببذل النفس عن القتل .ويف مثل هذه احلالة ،يتفق احلكامء
يف أنه يمكن عمل قرعة لتحديد الش�خص الذي س�يضحي بحياته من أجل البقية؛ ألن الفرضية
هي احلل املطلوب ،وتعلمنا هنا أن الفرضية هي معيار احلكم يف مثل هذه احلالة لدى األغيار.
س�نطرح مثالاً هل�ذا النوع من ال ُقرع�ة ،يف حالة زرع األعضاء ،ففي ه�ذه احلالة يمكننا أن
نطي�ل م�ن حياة مجيع أفراد اململكة عن طريق إنش�اء «بنك التلقي�ح)*(» ،أي :أن كل فرد ملزم،
بأنه إذا تعرض إىل خطر وكانت حياته عىل وشك االنتهاء – أن يتربع بأعضائه ليطيلوا هبا عمر
أش�خاص آخري�ن ،ومقابل هذا– إذا احتاج هو إىل زرع أعض�اء معينة ،يمكنه أن حيصل عليها
من آخرين.
أيضا بنك األعضاء البرشية.
)*( يقصد الكاتب بنكًا للحيوانات املنوية ،وربام يقصد ً
279
ه�ذا األم�ر حمظور لدى اليهود؛ ألنه يف اللحظة التي ُيقتل فيها ش�خص من أجل احلصول
ش�خصا من أجل حياة ش�خص آخر ،وهو األمر الذي ً عىل أعضائه ،فإننا بذلك نكون قد قتلنا
حظرته مجيع كتب الفتاوى اليهودية ،وسنس�هب بع�ون اهلل يف األمر أكثر عندما نناقش القانون
اجلنائي لدى اليهود .أما لدى األغيار ،فليس ثمة فرضية حلظر هذا :فاجلميع لدهيم سريبح من
األمر ،وىف هذه احلالة ،ليس ثمة حظر لقتل شخص من أجل إنقاذ شخص آخر؛ ألنه ليس ثمة
فرضي�ة لوج�ود مثل هذا احلظ�ر .الفرضية هى حتديدً ا :السماح باألمر من أج�ل أن نربح حياة
أخرى.
أيضا عندما ال نعرف عىل وجه الدقة :من هؤالء الذين س�يموتون بعد عملية األم�ر مباح ً
اإلنقاذ .عىل سبيل املثالِ :هزة أرضية تُسقط بناية .العرشات عالقون حتت األنقاض ،وليس ثمة
طريقة إلنقاذهم بطريقة يدوية ومضمونة قبل أن يموتوا مجي ًعا من اجلوع أو الرشاب .والوسيلة
الوحيدة إلنقاذهم هي اس�تخدام جرار القتحام البناية ونقل األنقاض ،لكن بعضهم س ُيصاب
بس�بب األنقاض التي ستس�قط فوقهم( .)7األمر مباح لدى األغي�ار :فالقتىل ال يمكنهم الزعم
بأن «حياهتم أهم» يف مواجهة هؤالء الذين بقوا أحياء؛ ألنه بطبيعة احلال سيموت اجلميع لوال
ما حدث ،ولذلك فإنه ليس ثمة فرضية حلظر األمر.
كما يمك�ن أن نق�رر م�ن البداي�ة أننا س�نعقد قرعة ،أو تقس�يم اخلط�ر .عىل س�بيل املثال:
مجاع�ة من الناس تسير يف الصحراء ،ومي�اه الرشب التي بحوزهتم نف�دت ،والطريقة الوحيدة
إلنقاذه�م ه�ي التوقف يف مكان مأهول ،لكن الطريق إىل هذا املكان ميلء باألس�ود املفرتس�ة.
ومن أجل أن ينقذوا أنفس�هم من خطر هؤالء األس�ود ،عليهم أن يضحوا بأحدهم لتأكله تلك
احليوان�ات املفرتس�ة ،ويتم إنقاذ حي�اة البقية .فقامت اجلامعة بتحديد الضحية بحس�ب الوقت
الذي س�تهامجهم فيه األسود :إذا ما جاءت األس�ود يف الساعة األوىل من الرحلة ،فسيلقون هلا
بفالن ويف الس�اعة الثاني�ة ،عالن،وهكذا .واألمر مباح لدى األغي�ار :فليس ثمة فرضية حلظر
القتل هنا؛ ألنه بدون القيام بتلك اخلدعة سيموت اجلميع ،ومن املنطقي استخدام هذه الوسيلة
إلنقاذ اجلامعة.
ونقول عن اململكة املش�اهبة هلذه األمثلة :يف اململك�ة نحن نقرر توزيع اخلطر عىل األفراد،
بحي�ث يضط�ر بعض األفراد أن يضحي بحياته؛ ألن هذا أفضل من أن يتأذى اجلميع من اهنيار
ع�رض حياته للخطر ،س�يضحي بحياته لصالح اململك�ة ،لكن يف هناية اململكة ،كل ش�خص ُي ِّ
280
األمر ،اجلميع ربح من األمر .والفرضية حتتم القيام هبذا ،وليس ثمة س�بب لدى األغيار حلظر
األمر ،إذا اتضح أن هذه هي حقيقة الوضع.
وكام كُتب يف («عامود هيامنى» -هناية الفصل السابع عرش):
ولذلـك فإنه ُيسـمح بتعريض حيـاة األفراد للخطـر يف اململكـة ،لصالح سـالمة
اجلمهور كله(.)8
وبكلامت أخرى يمكن القول :إن حظر سفك الدماء بني أبناء نوح هو حظر القتل الذي
يساهم يف احلفاظ عىل استقرار العامل .لكن أثناء احلرب ،ال يمكن االستناد إىل مثل هذا السبب
حلظ�ر القتل ،حت�ى تتعامل األمة م�ع األرشار واملجرمني الذين بداخلها ،وم�ع األعداء الذين
صحيحا ،ما دامنا
ً خارجه�ا ،وحتى يمكن للصاحلني التغلب على املجرمني ويظل هذا الوضع
مل نصل إىل آخر األيام ،عندما« :ال حيمل غري اليهودي عىل غري اليهودي س�ي ًفا ،وال يعلن عليه
احلرب»(.)9
-6سلم األفضليات
سنقوم اآلن برتتيب سلم أفضليات إليذاء األعداء ،بحسب ما تعلمناه حتى اآلن:
ِ
املطاردين أنفسهم أو من يساعدهم عن عمد. -نحن يف األساس نحارب
-نح�ن نح�ارب م�ن ُيته�م بمس�اعدة األرشار والقتلة ؛وبالت�ايل فهم يس�تحقون القتل
لتعدهيم عىل الوصايا السبع.
أيضا باألبرياء الذين يس�اندون القتلة (حتى وإن كان
-ل�و كان رضور ًّيا ،نُلح�ق األذى ً
رغماً عنهم).
-لو كان رضور ًّيا ،نُلحق األذى باألبرياء الذين ال يساعدون القاتل.
-بحسب «باراشات دراخيم» يف احلالة األخرية سنضطر لدراسة األمر؛ لنرى أية طريقة
مناس�بة لقت�ل هذا النموذج م�ن األبرياء ،ف�إذا كان إيذاء هذا النوع منهم س�يؤدي إىل
إنق�اذ ع�دد قليل م�ن اململكة الصاحلة – ال يمكن السماح هبذا ؛ ألنه ليس ثمة س�بب
لتفضيل حياة أف�راد اململكة الصاحلة عىل حياة أبرياء يف اململكة الرشيرة( .)11وبالفعل
282
أيض�ا يف احلالة اخلاصة
عندم�ا نض�ع حياة مقاب�ل حياة أثناء احل�رب – علين�ا التدقيق ً
الت�ي نواجهه�ا ،وكذلك دراس�ة األمر بش�كل عام ،بحي�ث إنه جيب على األخيار أن
يكونوا أقوى بقدر اإلمكان بأقل اخلسائر املمكنة (وكام سنسهب فيام بعد يف اعتبارات
االنتق�ام) .وكل هذا يف احلرب بني األغيار .لكن يف حالة احلرب بني اليهود واألغيار،
ُفضل قتل األغيار إلنقاذ اليهود؛ ألن حياة بني إرسائيل هلا األفضلية كام رأينا
ببساطة ن ِّ
يف الفص�ل الرابع ؛ وأكثر من ذلك فاليهود هم هؤالء الذين يصلحون العامل ويطبقون
كلمة الرب (وخاصة الوصايا السبع) يف العامل كله.
– 7االنتقام
إح�دى الرضورات القائمة يف مس�ألة إيذاء األرشار هي االنتق�ام .من أجل االنتصار عىل
األرشار ،جيب التعامل معهم وف ًقا ملبدأ االنتقام «العني بالعني والسن بالسن»(.)12
وكام جاء يف سفر اجلامعة (:)11 :8
ألن القض�اء على العمل الرديء ال جيرى رسي ًعا؛ فلذلك قد امتأل قلب بني
البرش فيهم لفعل الرش.
ويفرس ابن عزرا (اتسا ًقا مع ما قاله الرايب شلومو بن يتسحاق):
ما دام مل ينتقم اإلنسان للرش الذي حدث له ،سيظل قلبه مليئًا بالبغضاء(.)13
أي :أن االنتق�ام ه�و رضورة حيوي�ة ل�رد املجرمني عن أفعاهل�م املش�ينة( )14وحتى يزداد
الصديقون بصدقهم( )15وعىل قدر الرش كان الفعل ( )16الرضورى املضاد له(.)17
وكام ورد يف مزامري داود (هناية املزمور الثامن واخلمسني):
يفرح الصديق إذا رأى النقمة ،ويغس�ل خطواته بدم الرشير ،ويقول اإلنسان
ٍ
قاض يف األرض. ثمرا أنه يوجد إله
إن للصديق ً
ويفرس الرايب شلومو بن يتسحاق:
ثمرا .وإذ يقول اخللق إنه هناك ثمرات يف أعامل
ويقول اإلنس�ان إن للصديق ً
الصديقني التي أقامها الرب هلم بانتقامهم.
283
ويقول الرايب موسى بن ميمون يف «موريه نفوخيم» ( ))18(54 :1حول رضورة االنتقام:
كبريا باملوت، وكذلك نجد يف أفعاله تبارك وتعاىل أنه جلب لإلنسان حرمانًا ً
س�واء بم�وت أحد األقارب أو األصدق�اء ،كاالبن أو احلفي�د ،ويف بعض البالد
كان يقت�ل كل ذكر بالس�يف ...وجي�ب عىل رئيس الدولة ال�ذي كان نب ًّيا ( )19أن
يقي�م األح�كام والرشائع بني جنبات دولت�ه ،ويقيم يف بعض امل�رات ولقليل من
الناس عمليات االنتقام( ،عىل أن يكون صاحب محية جتاه ما جيب االلتزام به ،وال
أيضا ،لكن ال يغضب أحدً ا أو يرتبص به، يتقاعس عن تنفيذها ،حتى يلتزم الناس ً
وإنام يفعل ما جيب االلتزام به جتاه ش�عبه ،فال ُيلغي ما ورد يف التوراة من أمر فناء
الشعوب السبعة ،فافعلوا ما أمركم به الرب وال ختالفوا رشيعته ،فاحموا ذكر كل
م�ن خيالف العقيدة من طريق احلق ،وكل م�ن يمنع وصوهلا إىل الناس ،واقطعوا
أوصال عبدة األوثان؛ ألهنم أخطأوا يف حق آبائهم وأجدادهم بدون ش�ك ،وهو
ما أمرنا به من رشائع ما تزال مستمرة يف التوراة ويف كل موضع ،وعقاب كل من
أخطأ من املدينة حتى ولو كل من فيها( ،)20ملحو الرضر الكبري.)21(...
ولذل�ك ،فإنن�ا نرتكب أفعالاً قاس�ية هتدف إىل خلق توازن صحيح م�ن الرهبة ،وحالة ال
()22
يمكن فيها فعل الرش .كام فهمنا من رشوح الرايب موس�ى بن نحامن لس�فر العدد ()6 :31
الرضع من حكم: حول قتل الذكور ُّ
كام أمر الرب وقتلوا كل ذكر.
أي أن :إيذاء مدين لبني إرسائيل (خاصة يف الوقت الذي سبق دخوهلم إىل أرض إرسائيل
أغيارا كثريين) ،جيب أن يتم بشكل صحيح بواسطة قتل األطفال ،وهكذا أمرنا سيدنا
حماربتهم ً
موسى.
ووف ًقا هلذا احلس�اب ،فإن الطفل ال ُيقتل من أجل رشه ،بل ألنه ثمة رضورة لقتل اجلميع
الرضع ،فإننا بذلك نحقق الغرض يف حال�ة االنتقام من األرشار ،ولذلك حينام نقتل األطف�ال ُّ
أيضا ،كام تعاملنا مع اجلامعة م�ن الناس الذين وردوا املطل�وب( .)23ويمكن أن نتعام�ل معهم ً
يف مث�ال س�ابق؛ ألن الواقع حددهم هم بالذات ليكون قتله�م إنقا ًذا للبقية ،ودر ًءا للرشور فيام
اعتبارا آخ�ر أوردناه يف هناية الفصلً بع�د (ويتضح بالفعل أن�ه ُيلحق هبذا االعتبار بكل تأكيد،
السابق ،من أهنم بطبيعة احلال مشتبه فيهم أن يلحقوا بنا األذى إذا تركناهم يكربون).
284
أيضا يؤثر عىل صورة القتل .صورة التعامل القايس مع األغيار تقودنا إىل تعاملنا
االنتق�ام ً
معهم وف ًقا ملبدأ «اجلزاء من جنس العمل» ،عىل سبيل املثال ما ورد يف سفر القضاة (:)7 :1
فهرب أدوين بازق ،غري أهنم تعقبوه وقبضوا عليه وقطعوا أباهم يديه ورجليه.
فقال أدوين بازق« :لقد قطعت أباهم أيدي وأرجل س�بعني ملكا كانوا يلتقطون
الفتات حتت مائديت ،فها الرب قد جازاين بمثل ما فعلت» .وأتوا به إىل أورشليم
حيث مات( .القضاة )7 ،6 :1
ويف قتل أجاج (صموئيل أول :)33 :15
فقال صموئيل كام أثكل س�يفك النس�اء كذلك تثكل أمك بني النساء ،فقطع
صموئيل أجاج أمام الرب يف اجللجال.
والرشوح املذكورة عن ذلك ،مثل ما جاء من أقوال للرايب ليفي بن جرشوم)*(:
رغبتنا يف املقارنة نابعة من حماولتنا تنفيذ رشائع الرب ونيل مباركته ،ويف ذلك
فائدة كربى حتى ال حيارب أحد ضد إرسائيل.
ووجدن�ا أوصا ًفا الذعة للغاية لصور قتل أجاج يف أقوال حكامئنا ،طيب اهلل ثراهم ،عندما
ناقشوا مسألة التعامل بمبدأ «اجلزاء من جنس العمل» مع العدو (مدراش رباه ،هناية الفقرة :)3
«عامله�م باملث�ل» .يرمياهو ق�ال« :عاملهم باملثل» ،وأضاف آس�اف (مزامري
«ورد على جرياننا س�بعة أضعاف» ،فام ه�و الضعف؟ الرايب داود ،املزم�ور ُ )79
هي�ودا ب�ن جديا قال عامله�م باملثل ملا فعلوه ببيت املق�دس الواقع يف قلب العامل،
وحدثن�ا حكامؤنا عما ورد يف أي�وب (« )8 – 10يداك كونتان�ى وصنعتانى كىل
مجي ًعا ،أفتبتلعني؟»
وعندم�ا انتصر داود على م�وآب وعمون ،تعام�ل معهم بقس�وة ش�ديدة (صموئيل ثان
:)31 :12 ،2 :8
ورضب املوآبيين وقاس�هم باحلب�ل ،أضجعهم على األرض ،فقاس بحبلني
للقتل وبحبل لالستحياء ،وصار املوآبيون عبيدً ا لداود يقدمون هدايا (.)24
وأخ�رج الش�عب ال�ذي فيه�ا ،ووضعه�م حتت مناشير ون�وارج حديد وف�ؤوس حديد
وأحرقهم يف أتون اآلجر ،وهكذا صنع بجميع مدن عمون.
)*( الرايب ليفي بن جرشوم :فيلسوف معروف ومؤلف كتاب مهم بعنوان «حروب اهلل» ،يف القرن الرابع عرش
امليالدي.
285
وكام قال الرايب ليفي بن جرشوم:
س�تة ش�عوب القضاء فيها يعاقب بقسوة ال مثيل هلا ،وها هي كانت رغبته يف
أن يرى ذلك مجيع الشعوب فال حياربوا إرسائيل (.)25
أيضا بشدة يف مزامري داود (يف املزمور :)137
هذا ما يتضح ً
ي�ا بن�ت بابل ا ُملخرب�ة طوبى ملن جيازيك ج�زاءك الذي جازيتن�ا ،وطوبى ملن
ُيمسك أطفالك ويرضب هبم الصخرة (.)26
أي أن :قسوة أهل بابل جترب الطرف اآلخر عىل التعامل معهم بنفس القسوة.)27( ،
وكذلك وجدنا قسوة جتاه السامريني يف عهد شمعون الصديق (يوما :)1 :69
وعلى الفور ثقبوا أعقاهبم وعلقوهم يف أذناب خيوهلم ،وكانوا جيروهنم فوق
األشواك حتى وصلوا إىل جبل جريزيم .وألهنم وصلوا إىل جبل جريزيم ،قاموا
بحراثته وزراعته بالكُراث؛ ألن هذا ما كانوا ينوون فعله معنا ،وصار ذلك اليوم
مجيلاً (.)28
وىف حقيق�ة األم�ر ،إن االعتب�ارات التي حتت�م االنتقام بقس�وة ،مرهونة بس�لوك األعداء
وبش�كل احل�روب يف العامل ،وعندم�ا يتعامل العدو بقليل من القس�وة ،فإنه ح ًّقا توجد رضورة
التب�اع مث�ل هذا الس�لوك ( .)29مثل أقوال احلاخام كوك رمحه اهلل (يف رس�ائله ،الفصل األول،
الصفحة :)100
متام�ا يف الوقت الذي يك�ون فيه مجيع
وبخص�وص أمور احلروب ،يس�تحيل ً
اجلريان كالذئ�اب الضارية ،أال حيارب إرسائيل؛ ألهنم حينها س�يجتمعون عليه
إلفنائ�ه ،وعىل العك�س ،كان يمكنه إلقاء اخلوف يف قلوهب�م إذا تعامل معهم هو
أولاً بقسوة ،أملاً يف جلب اإلنسانية ملا جيب أن تكون عليه (.)30
287
هوامش الفصل السادس
- 1كام وجدنا يف فصل «سوطا »4 ،7؛ حيث يتم معاقبة الرشطيني الذين يقتلون اهلارب
من املعركة ،وبالتأكيد لن يستطيعوا معرفة إذا ما كان حيق له اهلرب لتعرضه للخطر ؛ إال أننا ال
نسمح ألى شخص باهلروب ،واجلميع ملزم بالقتال حتى آخر نفس.
«هاحاتام س�وفري» رشح لنا ما ورد يف اجلامرا يف فصل «شفوعوت :»2 ،35قال صموئيل
املل�ك م�ن قتل أحدً ا يف املعركة ليس عليه حرج« .فاحلدي�ث يدورعن ملوك األغيار ،املباح هلم
اخلروج للحرب من أجل كرامة اململكة ،حتى إذا كانت النتيجة هي قتل ُسدس أفراد اململكة»
(راج�ع يف ه�ذا األس�ئلة واألجوبة يف الرأي ،52وهناك من فهم ه�ذه الفقرة من اجلامرا بطرق
خمتلفة) (راجع الرايب ش�لومو بن أفراهام اإلش�بييل ،والرايب يوم طوف بن أفراهام اإلش�بييل)؛
لكننا أوردنا ما يتصل بمس�ألة السماح ملل�ك غري هيودي بقتل أهل مملكت�ه يف احلرب .وكذلك
كتب بتعمق أكثر يف كتاب «هعميق دافار»)*( يف تفسيره لس�فر التكوي�ن ( ...« :)6 :9احلرب
وق�ت للكُ�ره والقت�ل ،وليس ثمة عقوب�ة عن هذا إطال ًقا؛ ألنه هكذا تأس�س الع�امل .وكام ورد
يف «ش�فوعوت» :م�ن قتل أح�دً ا يف املعركة ليس عليه ح�رج ؛ وحتى ملك إرسائيل ُيس�مح له
بخوض حرب مل تأمره التوراة بخوضها ،حتى وإن ُقتل بعض اليهود نتيجة ذلك».
وهذا هو مقصد الرايب موسى بن ميمون يف رشائع امللوك (« :)2 :5احلرب الرشعية تشمل
املس�اعدة ض�د أي ع�دو (كام رشحنا يف الرشيعة الس�ابقة) ليس هن�اك رضورة إلضفاء رشعية
قضائية عليها ،لكن خيرج إىل احلرب من تلقاء نفس�ه يف أي وقت ،وجيرب الش�عب عىل اخلروج
مع�ه» .ناهي�ك ع�ن أن األمر مباح ل�دى األغيار؛ ألن اخلط�ورة لدهيم أقل فيما خيص األرواح
والوصايا التي هتدف يف األس�اس الستقرار العامل (كام أسهبنا يف الفصل الثالث :وراجع الرايب
ديفيد بن ش�لام ابن زم�را )**( يف مطلع الباب الرابع ،حيث يق�ول« :إن األحكام املكتوبة هناك
أيضا بالنسبة للملك غري اليهودي»). حول قوة فرض امللك ألوامره سارية ً
وكام قال داود لرجاله« :ألن السيف يأكل هذا وذاك» (صموئيل الثاين ،)25 :11واتضح
األمر عندما قيل« :إن الس�يف يقتل هذا وذاك يف احلرب ،وقال أمل يمت البعض؟ ،ففي احلرب
)*( «هعميق دافار» :هو كتاب تفسريي ألسفار التوراة اخلمسة وسفر نشيد اإلنشاد ،وهو من وضع الرايب نفتايل تسفي
هيودا برلني (.)1893-1816
)**( الرايب ديفيد بن شلام ابن زمرا (1573 – 1479م) :قايض حمكمة وقائد اليهود املرصيني يف القرن السادس عرش،
وله كتاب عن األسئلة واألجوبة.
288
أيضا من الط�رف املنتصرِ » .ويقول إن داود كان يقصد ً
أيض�ا أنه من اجليد القيام يس�قط الكثري ً
بأعامل من هذا النوع يف احلرب ،عىل الرغم من أن هذا س�يؤدي إىل س�قوط ضحايا من جانبنا؛
ألنه عىل أي حال سيؤدي األمر إىل سقوط قتىل فيام بعد.
يف اجلامرا يف «يفاموت» ورد أن داود أرس�ل أبناء شاؤول للقتل ،حتى يزول غضب الرب
من عىل أبناء إرسائيل بسبب زعم اجلفعونيم ،ورشح األمر بعض احلكامء األواخر (الرايب تسفي
هيرش يف الفصل الس�ابع من كتابه «تورات نفيئيم» يف «أحكام مل�وك اليهود» ؛ و«ابن هازل»
عن هناية الفصل الثالث من رشائع امللوك ؛ «أشيل أفراهام» ؛ «يسود يوسيف» للرايب «يوسيف
مباحا لداود أن
بن ش�لام» يف الفصل الس�ادس الصفحة ،)54يشير هؤالء احلكامء إىل أنه كان ً
حلكم املل�ك الذي يقتل األبرياء يف حالة الضرورة واإلصالح ،ويتفق هذا مع ما يقتله�م وف ًقا ُ
نفسا دون
قاله الرايب موسى بن ميمون يف هناية الفصل الثالث من رشائع امللوك« :كل من يقتل ً
أن يتأك�د أهن�ا مذنبة ،أو بدون توجيه حتذير ،ولو حتى بش�اهد واح�د .أو حاقد قتل عن طريق
قرارا فرد ًّيا بقتله ،من أجل احلفاظ عىل استقرار العامل كام يستلزم
اخلطأ ،من حق امللك أن يتخذ ً
األمر ،ويقتل الكثري يف يوم واحد ويعلقهم أليام عديدة ويلقي الرعب يف قلوهبم ،ويبيد أرشار
العامل» ويتضح مما قال أنه يشري هنا إىل نفس الفقرة من اجلامرا يف «يفاموت» كام اتضح يف تفسري
بعض احلكامء األواخر.
وجي�ب أن نالح�ظ أن الرايب يوم طوف بن أفراهام اإلش�بييل حول تفسيره يف «يفاموت»
رأى أن األم�ر مب�اح فقط بناء عىل س�لطة القضاء.ويبدو أنه مل يرغب يف قول إن س�بب اإلباحة
هي أحكام امللوك؛ ألن يف الواقعة األوىل كان اهلدف هو إزالة غضب الرب ،وليس لدرء خطر
عدو خارجى ؛ ويف هذه املشكلة يتعامل داود مع األمر بصفته اهليئة القضائية ،وليس استغاللاً
لس�لطته كمل�ك (عىل أي حال ،م�ن الواضح أنه ليس ثمة ف�ارق ،وإذا كان�ت للهيئة القضائية
أيضا إدارة شئون مملكته وما شابه).
سلطة لتقرير هذا ،فيحق للملك ً
(وراجع ما ورد يف «هحاتام سوفري» الذي نفهم منه أن الغرض هنا هو أنه ال حيق للمحكمة
البت يف هذا األمر ،بل إننا بصدد خمالفة التوراة ملنع تدنيس اسم الرب ؛ ويبدو أنه اعتقد كذلك
أنه ال حق للمحكمة يف اختاذ قرار بقتل ُأناس بسبب إشارة ساموية).
ويف ه�ذا الس�ياق ،ح�ول قت�ل األبري�اء على ي�د امللك لضرورة حيوي�ة ،جيب أن نشير
أيض�ا إىل أفع�ال الرب جت�اه أحاب والت�ي نفذها النبي ،كما فهمنا يف مالحظ�ة وردت يف هناية
ً
الفصل السابق.
289
وبعون اهلل سنس�هب يف توضيح أس�اس هذه القوة لدى اليهود كذلك ،سواء قوة املحكمة
أو ق�وة املل�ك ؛ فقد أوردنا هنا فقط أمثلة ُيس�مح فيها للملك بإيذاء أف�راد مملكته (األبرياء) يف
حالة الرضورة.
– 2وباملناس�بة نق�ول إن م�ا قال�ه حكامؤنا طيب اهلل ثراهم (كتاب تفسير س�فر التكوين
)22:8من أن مقتل هابيل نبع من اعتبارات «أخالقية» خاطئة ختص قابيل ،فقد رأى قابيل أن
هابيل أشجع منه ،وأنه جيب أن يقتله ليكون هو األقوى يف هذا العامل.
-3وراجع األسئلة واألجوبة بعنوان «ياكني وبوعاز» (« :)15 :2هذا املقال ذكره معلمنا
رمحه اهلل يف «فصل الس�بت»« ...وقال :من أجل إسماعيل وليس من أجل غري اليهودي ،ومن
أج�ل غير اليهودي وليس من أج�ل صديق ،ومن أجل صديق وليس م�ن أجل تلميذ نجيب،
تفسيرا آخر وهو« :من أجل
ً ومن أجل تلميذ نجيب وليس من أجل اليتيم واألرملة» .ورأيت
إسماعيل وليس من أجل غري هيودي ما ...ومن أجل ش�خص ما يعبد األوثان وليس من أجل
األصدقاء ،هم القساوس�ة ،فال ُفرس يدعون القساوس�ة أصدقاء ،وكان نفس هؤالء األصدقاء
أرشارا للغاي�ة ويتآم�رون عىل إرسائيل ...ووف ًقا هلذا قالوا :من أجل ش�خص ما يعبد األوثان،
ً
وليس من أجل صديق ؛ فاملجتمع املدين ال يكتمل بدون قضاء كام ذكرناه».
-4وق�د ذكر الرايب موس�ى بن ميم�ون يف «موريه نفوخيم» املثال الت�ايل ملعرفة حقيقة أمر
معني« :مثلام يس�ألك ش�خص ما «هل هلذه الدولة ملك؟» فتقول له «نعم ،بدون ش�ك»«.وما
الدلي�ل على ذل�ك؟» .فتقول له إن هذا الش�خص الذي تراه ،هو ش�خص ضعيف ،ذو جس�د
ضئيل وأمامه تلك الكمية الكبرية من الدنانري ،وهذا الش�خص الثاين صاحب اجلسد العريض
دينارا واحدً ا ،لكن�ه يرفض ويرصفه بعنف. والق�وي الفقير يقف أمامه ويطلب من�ه أن يعطيه ً
وبعده�ا خشي أن يقتل�ه املل�ك على فعلته تل�ك ،أي أن خوف�ه يمث�ل دليلاً عىل وج�ود ملك
حيكم اململكة.
خطرا مشرتكًا.
-5وسنسهب فيام بعد حول التطوع الفتداء اآلخرين عندما يواجهون ً
-6خدمة االحتياط يف دولة إرسائيل اليوم هي مثال جيد؛ هلذا :ثمة قانون ملزم بالوصول
لالحتياط ،لكن واضح أن هذا القانون ال يمكنه وحده التحكم يف منظومة االحتياط ،واملحتوى
الرئيسي الذي حي�ث هذه املنظومة هو التطوع.رغ�م هذا ،فإن القانون مه�م للغاية؛ ألنه يدعم
املنظومة ،وجيعلها مستقرة ،وال ترتبط بسلوك فردى من جانب جندى أو آخر ،ولذلك فالناس
عىل استعداد للتطوع.
290
-7راجع ما سبق حول هيوشع الذي فرس واقعة مشاهبة.
-8يف س�ياق حديث�ه كتب أن األمر مب�اح لدى اليهود لنفس الس�بب ،ورغب يف التفريق
بين ه�ذا وبني حالة اجلامعة البرشية ،التي حُيظر فيه�ا التضحية بأحد أفراد اجلامعة حتى إذا كان
اجلميع س�يلقون حتفهم يف مجيع األحوال؛ ألنه حُيظ�ر القتل غري املبارش يف احلرب .لكن كالمه
ه�ذا ه�و نوع من التحديث؛ ألنه يصعب القول إنه يف حالة احلرب ،عندما تكون هناك رضورة
مبارشا (مثل دهس ش�خص ما يعرتض الطريق رغًم�اً عنه ،ولوال هذا ملا ً لقت�ل ش�خص ما قتلاً
كان هن�اك معرك�ة يف األص�ل ؛ أو احلاق األذى برهائ�ن موجودين يف حوزة الع�دو أثناء إيذاء
الع�دو نفس�ه) ،كل هذا حمظ�ور .وكذلك مل نجد حالة ُيس�مح فيها بالقتل عندم�ا ال تكون ثمة
رضورة للقتل املبارش وغري معروف س�ل ًفا من س� ُيقتل (عىل س�بيل املثال :األغيار جيربوننا عىل
فعل يشء س�يعرض أحد أفراد مجاعتنا البرشية خلطر مواجهة أسود مفرتسة ،وغري معروف أي
منهم سيلحق به األذى).
عىل أي حال ،فيام خيص اليهود ،علينا أن نس�هب أكثر يف تربير إباحة احلرب (وكذلك فيام
خيص بالسامح باختاذ قرار فردي باحلرب).
-9وهو ما فهمناه عندما نوقش األمر بتعمق أكثر يف املالحظة األوىل من هذا الفصل.
صحيحا ،ملاذا ال نخضع هلم ونسمح هلم بالسيطرة؟.
ً – 10أما إذا مل يكن هذا
-11انظر رأي الرايب هيودا ليفا بن بتسلئيل حول هذا يف هناية الفصل.
-12يفسر لنا حكامؤنا ،طيب اهلل ثراهم ،مقولة «اجلزاء من جنس العمل» عىل أهنا كامنة
يف أس�اس العامل« :حيدثنا رايب س�يمون أن رايب ش�معون بار آبا يقول إن مبدأ «اجلزاء من جنس
العمل» يصلح لكل زمان ومكان ،وحيدثنا الرايب هونا أن رايب يويس يقول إنه منذ بدء اخلليقة،
رأى الرب أن اإلنسان جيب أن يجُ زى عام يفعل من جنس الفعل نفسه.
– 13وكذل�ك يف األس�ئلة واألجوبة «حاييم بياد» (الرم�ز )109عن التعامل القايس مع
األرشار« :إذا ُطبق مبدأ اجلزاء من جنس العمل ،سريتدع اجلميع».
-14ثم�ة مث�ال هلذا ورد يف «هبايت حداش» يف األس�ئلة واألجوبة اجلديدة؛ حيث يقول
إنه ُيسمح بتأخري دفن امليت لغرض االنتقام .وراجع كذلك ما ورد يف «ماجني أفراهام» وعدد
من املصادر.
291
–15ووف ًق�ا هلذا ،ف�إن كلمة «انتقام» تعن�ي اإلحياء .أي أن :االنتق�ام ليس جمرد رضورة
خارجي�ة وتقني�ة؛ ألن هذه هي الطريقة الوحيدة ملنع الرش يف املس�تقبل ،لكن املترضر يرغب يف
ه�ذا بالفع�ل ،وكما ورد «وعن األرض ال ُيكفر ألجل الدم الذي ُس�فك فيها إال بدم س�افكه»
(الع�دد .)33 :35وكام كتب الرايب موس�ى بن نحامن يف األوام�ر التي أضافها ألوامر التوراة،
(ُ « :)13أمرن�ا بخصوص القات�ل ،بعد أن حكمت املحكمة بالقتل على املذنب ،أن ننتقم له»،
وأيضا كام ورد يف «هبايت حداش» أيضا الرايب موسى بن ميمون يف رشائع القاتل ً .2 ،1 وراجع ً
حول وجوب االنتقام من القاتل احرتا ًما ملن ُقتل ،ومن أجل هذا يتم تأجيل أمور أخرى (راجع
«سفتي كوهني» ،واألسئلة واألجوبة للرايب يوم طوف بن أفراهام اإلشبييل).
أي أن :االنتق�ام ه�و الرغب�ة اإلجيابية مقابل رغب�ة الرش؛ ألن غريزة الرش تش�تعل بداخل
اإلنس�ان ،ف�كان ال بد من وجود غريزة إجيابية مش�اهبة بداخله ملجاهب�ة هذا الرش؛ ألن األرشار
صحيحا،
ً يترصفون بدون حس�اب ،ونحن كذلك نترصف بدون حس�اب لصنع ما يشبه توازنًا
وليك�ون اجل�زاء من جنس العم�ل؛ وحينئذ نحارب الشر كام ينبغي .وراجع هذا بإس�هاب يف
الفصل الثالث .وحتى املوتى معنيون بمسألة االنتقام (كام أوردنا سل ًفا)؛ ألن أرواحهم تطلب
العدل ،أي االنتقام ،كام أوضحنا.
-16راج�ع عىل س�بيل املثال ما قاله الرايب موس�ى بن نحامن ع�ن (تكوين ،)16 :49يف
تفسيره لفقرة «حياكمه» :واملغزى هو أن الفلس�تينيني قاموا باإلغارة عىل إرسائيل عدة مرات،
فقد بدأوا عدواهنم يف عهد شمجر بن عناة (قضاة ،)31 ،3وىف عهد يفتاح (قضاة ،)7 ،10و
بيعهم بواس�طة الفلس�تينيني ،وكذلك بعد عبدون بن هليل (قضاة ،)13 ،12ويسلمهم الرب
للفلس�تينيني أربعين عا ًما (قض�اة ،)1 ،13ومل يتمك�ن أي قاض من إخضاعه�م أو االنتصار
عليهم عىل اإلطالق .ورغم ما ورد من أن ش�مجر (قضاة )31 ،3رضب الفلس�تينيني س�تامئة
م�رة بمهماز البق�ر ،فإن ه�ذا ال يع�د انتقا ًما؛ ألهنا ليس�ت رضب�ة قاصمة ،حول ه�ذا ورد عن
شمش�ون (قضاة )5 ،13ويبدأ ه�و يف إنقاذ إرسائيل من أيدي الفلس�تينيني ،وينتقم إلرسائيل
منهم؛ ألنه قتل الكثري من ش�عبهم وأباد قادة الفلس�تينيني «أي أن :الرضبة التي رضهبا ش�مجر
للفلستينيني كانت دفا ًعا ،لكن بالنسبة ألفعال الفلستينيني مل تكن كافية عىل اإلطالق .شمشون
تعام�ل معه�م كما ينبغي وكام تعامل�وا معنا ،ولذلك فه�و بالفعل انتقم منهم كما ينبغي ،وهبذا
يكون قد عدّ ل الوضع نسب ًّيا».
292
-17وجدن�ا أن االنتق�ام مطلوب أكثر م�ع األغيار ،وليس مع إرسائي�ل؛ حيث ُأمرنا «ال
تق�م وال تغض�ب أبناء ش�عبك» ،ونعن�ي هبذا أنن�ا نتوقع من اليه�ود أن يفهم�وا ويتوبوا بدون
أيضا أنه لدى اليهود االنتقام يعيق التوبة ويؤدي إىل العناد؛ وعدم االنتقام يسمح
انتقام .ونرى ً
بالتفكير الداخلي وترك طريق الشر .أما جتاه األغي�ار فاالنتقام مؤكد؛ ألن ه�ذه هي الطريقة
الوحيدة إليقاف الرش (ويش�به األمر مع ما أوردناه يف الفصل الس�ابق من أقوال الكاهن الذي
خي�رج عىل رأس اجلنود ،الذي يقول للش�عب أال يش�فقوا عىل األغيار األع�داء؛ ألنه ليس ثمة
أمل أن يفيد هذا معهم ،واإلش�فاق عليهم س�يرض بنا ،وس�يبدو أنه ضعف من جانبنا ،بخالف
أيضا خالل احلرب). إرسائيل ،الذين نتوقع منهم املصاحلة ً
-18راجع املتن لالستزادة ،فقد اقتبسنا هنا فقط ما يتصل بمسألة رضورة االنتقام ،واملتن
يتحدث كذلك عن احلالة النفسية للقائد وقت االنتقام.
-19أي أن�ه :حينما يرغب يف االلتزام بأوام�ر الرب متا ًما حتى الوص�ول ملصاف األنبياء
(راجع تفسري احلاخام أبرنبال ،وكام هو ُمثبت يف موضع الحق)
-20راجع رشائع عبادة األوثان 6 :4للرايب موس�ى بن ميمون ؛ و يف «كيس�يف مشنيه»،
ويف مردخاي عن السنهدرين ،الرمز .715
-21وراج�ع ما قاله يف «موريه نفوخيم» يف (اجل�زء الثالث« )41 ،أنه مثلام ُيعاقب الفرد
الواح�د ،تُعاق�ب كذلك العائلة الواحدة أو األمة الواحدة ،حت�ى ترتدع بقية العائالت ،وحتى
إذا ظهر أحد األرشار ،ال جيد من يعاونه يف مجيع هذه العائالت».
-22وكذلك يف األس�ئلة واألجوبة اخلاصة بالرايب ديفيد بن ش�لام زمرا الفصل السادس
الرمز الثاين.
-23كما ورد يف «جم�دال ع�وز» عن الرايب موس�ى بن ميمون ح�ول مثال املدين�ة النائية:
«رغم أن النس�اء واألطفال مل يذنبوا ،فقد عوقبوا ،نتيجة ما اقرتف الكبار لس�ببني :األول :أهنم
سيكربون ويصريون مثلهم ؛ والثاين :يمكننا اإلرضار بالكبار عن طريق إحلاق األذى بالصغار؛
ألهنم أعزاؤهم».
-24ورد كذلك يف بعض املصادر أن الغرض هو :كام قتل ملك موآب أباه وأمه وإخوته،
عندما تركهم يف أرض موآب وهرب من شاؤول ،كام ورد يف صموئيل أول (« )4 :22فأودعهام
293
عند ملك موآب» .وعندما خرج داود من هناك وذهب إىل مدينة حريات ،قتل ملك موآب أباه
وأم�ه وإخوت�ه ،بخالف أحدهم ال�ذي هرب وأحياه ناح�اش هعمونى .وها ه�م املؤابيون قد
ارتكب�وا فعلة حقرية ،عندما خرقوا العهد الذي أعط�اه إياهم داود ،والصاحلون منهم لن يأتوا
بمثل هذه الفعلة.
-25ثم�ة مثال آخر للس�لوك العنيف يف احلرب نجده يف س�فر أخبار األي�ام الثاين (،25
(11(« :)12-11وأم�ا أمصيا فتش�دد واقتاد ش�عبه وذهب إىل وادي املل�ح ،ورضب من بني
س�اعري عشرة آالف (12( .وعشرة آالف أحياء س�باهم بنو هيوذا وأتوا هبم إىل رأس س�الع،
وطرحوهم عن رأس سالع فتكرسوا أمجعون».
موجها لصورة القتل العنيفة تلك،ً وح ًّق�ا ورد يف املدراش ،أننا يمكننا إدراك أن ثمة نق�دً ا
من أهنا غري رضورية« :وغضب وأفنى ،غضبت ومل أهدأ ،أفنيت ومل أهدأ ،س�خطت عليكم يف
عهد بقاح بن رملياهو؛ حيث ورد «وقتل بقاح بن رملياهو» ،س�خطت عليكم يف عهد أمصيا؛
حيث ورد «وأما أمصيا فتش�دد واقتاد ش�عبه وذهب إىل وادي امللح» ،ما هو وادى امللح؟ حتت
صخ�ور املل�ح ،أي حتت صخور احلرب« ،وعرشة آالف أحياء س�باهم بنو هيوذا ،وأتوا هبم إىل
رأس س�الع وطرحوهم» ،يف نفس اللحظة قال الرب تبارك وتعاىل :مل أحكم بقتل بني نوح إال
بالس�يف ،وأما « -وأتوا هبم إىل رأس س�الع ،وطرحوهم عن رأس س�الع فتكرسوا أمجعون»،
وليس ثمة هدوء يف هذه اللحظة كام قال الرب تبارك وتعاىل :ماذا يفعل هؤالء هنا؟ يكتشفون».
عىل أي حال ،نرى مما ورد يف املدراش أنه ليس ثمة نقد موجه جلوهر قتل األرسى ،إال إن القتل
كان من الرضورى أن يتم تنفيذه بالسيف ،وليس هبذه الصورة العنيفة.
وجيب أن نشير إىل أن عد ًدا من املفرسين أكدوا الفهم الذي ذهبنا إليه ،لكن ثمة مفرسين
غريه�م رشح�وا األم�ر بص�ورة خمتلفة ،بس�بب مقارنة امل�دراش باجلمارا .فق�د ورد يف اجلامرا
(سنهدرين « :)1 ،103وقال الرايب يوحنان أن الرايب شمعون بن يوحاي قال :ونحن نفرس ما
ورد كالت�ايل «رجل حكيم حياكمه رجل أبله ،س�خط عليه وأهلك�ه ومل هيدأ» ،قال الرب تبارك
وتعاىل (أن) :لقد صببت جام غضبي عىل آحاز وسلمته مللك دمشق ،فذبحه وأحرقه (إلهلهم)؛
حي�ث ورد «ويذبح إلله دمش�ق الذي يرضبه ،وقال (أن) إله ملك آرام يس�اعدهم عىل إهالك
إرسائي�ل بع�د تقديم الذبيحة إليه» .صببت ج�ام غضبي عىل أمصيا ،وس�لمته مللك أدوم ،أتى
بإهلهم وس�جدوا له؛ حيث ورد «وكان بعد أن رضب أمصيا األدومي ،وحيرض إله بني س�اعري
294
وينصبون�ه أمامه�م وس�جدوا ل�ه وتصاعد الدخ�ان منه» .يف اجلمارا يتضح أن «ع�دم اهلدوء»
وأيضا عندما
أيضا عندما صب جام غضبه يف عهد آحاز ً اخلاص بالرب تبارك وتعاىل ،سببه أنه ً
(د ّمر) وأفنى يف عهد أمصيا (أي ،بمنحه األدومي حتت سيطرته ليفعل هبم ما شاء)« ،مل هيدأ»؛
ألهنم استمروا يف عبادة األوثان.
وإذا رغبنا يف توحيد حمتوى املدراش مع اجلامرا ،يتضح لنا أن مقصد املدراش هو أن كلامت
الرب تبارك وتعاىل التي تقول «مل أحكم باملوت عىل بني نوح إال بالسيف» ،معناها أنني إىل هذا
احلد قمت بتسليم األدوميم لبني إرسائيل ليقتلوهم كيفام شاؤوا ،وهذا يعرب عن انتصار ساحق
منحه الرب هلم ،وعىل الرغم من هذا فهو «لن هيدأ» بسبب عبادة أمصيا لألوثان (وتفسري هذا
يتفق مع الصيغ التي مل يرد فيها عىل اإلطالق مجلة «مل أحكم باملوت عىل بني نوح إال بالسيف».
وبالفعل هذا ما نفهمه يف تفسري الرايب شلومو بن يتسحاق وعدد من املفرسين.
وكذلك إذا فرسنا األمر عىل أساس أن املدراش يوجه نقدً ا ،سنرى أن هذا النقد ال ينبع من
جوه�ر الفع�ل ،الذي حُيتمل أن يكون له رضورة يف احل�رب ؛ بل النقد ينبع من أنه عبد األوثان
بعد ذلك .أي :بام أنه عىل أي حال يعبد األوثان ،فإنه يتضح أن أفعاله القاسية جتاه األدومي ال
تنبع من مصدر جيد ،بل من القس�وة ،ولذلك فالرب حياسبه عىل هذا الذنب (كام يقول هوشع
( )4 ،1عن الرب «ألنني بعد قليل أعاقب بيت ياهو عىل دم يزرعيل»).
– 26الش�اعر الرايب ش�لومو بن يتس�حاق جريوندى ،يف مرثيته «ثمل وليس من اخلمر»
إحياء لذكرى التاسع من آب ،ذكر معنى مشا ًهبا.
الرض�ع يف بابل ُقتلوا؛
– 27يف هناي�ة الفصل الس�ابق أوردنا فق�رة نفهم منها أن األطفال ُّ
أرشارا مثل والدهيم ؛ ووف ًقا هلذا فاالنتقام هو فقط أحد أش�كال
ً خو ًف�ا من أن يكربوا فيصريوا
القتل.
– 28وراجع كذلك تفسير حكي�م فيلنا الكبري العالمة (الرايب إلياهو بن ش�لومو زملان)
لس�فر إس�تري ( )5 :9ح�ول فق�رة «ويضرب اليهود مجي�ع أعدائه�م برضبة س�يف فيقتلوهنم
ويبدوهنم» ويفرس لنا أن هذا القتل كان عني ًفا هبدف الردع.
– 29وجيب أن نشير يف هذا الس�ياق إىل أن العدو العريب اليوم معروف بأفعاله القاس�ية
والفاسدة ،وإذا مل نتبع مبدأ اجلزاء من جنس العمل ،ستزداد قسوهتم.
295
– 30راج�ع كذلك م�ا أورده يف كتاب «أوروت)*(» ،حول أن األرشار اليوم خيتبأ رشهم
ورغتبه�م يف القتل خلف قن�اع من «اخلري» و«األخالق»« :إنه ألعظ�م (من الرش الفظيع الذي
كان ذات م�رة) ذل�ك الشر اخلبيث الكام�ن داخل امللحدي�ن ،والذى يبحث له ع�ن مكان يف
جوهر القداس�ة« ،الذي يقتل باس�تخدام أيديه وجوهر القداس�ة يف هياكل امللك» ،إهنا تس�عى
لإلبقاء عىل نجاس�ة العامل ،كل الفظاعة اجلس�دية ،ومجيع امليول الرشيرة املس�يطرة عىل اجلس�د
الفظ يف جوهر أساساته املادية ،والصعود معه إىل سعادة القداسة ،والذي يتلوث ويتنجس عىل
(استمرارا لقابيل) الرشيرة،
ً الفور عندما يلمس اليد النجس�ة ...هكذا تدور وتس�تمر القابيلية
التي ترغب يف أن تبدو حسنة يف عني الرب ،وحتى خيلصها ،وهي تعلم بالتأكيد أن الرب صب
جام غضبه عليها ،ويف كل زمان تعلن الرغبة القابيلية عن رغبتها يف س�فك الدماء» (كُتب هذا
الكالم قبل أن يظهر إىل الوجود الرش األملاين) .ولذلك جيب االنتباه حتى ال نسقط يف فخ الرش،
أيضا عندما تبدو أفعاهلا صاحلة نسب ًّيا.
ً
اس�تمرارا لكالم�ه هناك يق�ول« :وعىل الرغم من أن الت�وراة قالت «إن اقرتبت منً – 31
مدينة لتحارهبا ،ادعوها للسلام «– أي ألهنم مل يفعلوا ش�ي ًئا لبني إرسائيل ،لكن ما العمل إذا
فعلوا شي ًئا مثل أن أغاروا عىل بني إرسائيل ليقتلوهم – فعىل الرغم من أن هذه الفعلة مل يقم هبا
فرد واحد؛ ألنه أحد أفراد الش�عب ،بام أهنم بدأوا باإلغارة عليهمُ ،يس�مح هلم باالنتقام منهم،
وكذلك مجيع احلروب التي تنش�ب مثل واقعة مدين التي ورد فيها «كيدوا ألهل مدين» ،حتى
وإن كان الكثري من أفراد الش�عب مل يش�اركوا يف هذا ،ليس ثمة فارق؛ ألهنم ضمن نفس األمة
التي ارتكبت ذن ًباُ ،يس�مح لبني إرسائيل حماربتهم وهكذا هي مجيع احلروب» .أي أنه :يتش�دد
يف واقعة «ش�معون وليفي» اس�تنا ًدا إىل األمر التورايت بالدعوة للسالم ،التي جيب علينا فيها أن
نمن�ح األمة التي نحارهبا فرصة لالستسلام قب�ل أن نلحق هبا األذى .لكنه ي�رد عىل ذلك بأن
الدعوة للسالم واجبة فقط يف احلرب التي بادرنا هبا ،لكن إذا كانوا (حتى وإن كان بعض أفراد
ش�عبهم) حتدوا مملكتنا ،ليس ثمة إلزام بدعوهتم للسالم ،و ُيسمح بقتلهم مجي ًعا (وجيب مناقشة
رأيه حول كم التحدي الذي يعفينا من دعوهتم للسالم).
وثم�ة رأي كذل�ك ورد يف رشائ�ع امللوك يفيد بوجوب توجيه دعوة السلام يف حالة إنقاذ
إرسائي�ل إلحدى املامل�ك من خطر أعدائها (يف حالة عدم تعريض بني إرسائيل خلطر يف هذا).
)*( هو كتاب من تأليف احلاخام أفراهام يتسحاق هاكوهني ،صدر يف عام ،1921ويناقش قومية شعب إرسائيل مقابل
الشعوب األخرى.
296
ويرى أنه جيب أن نفرس ونقول إنه يف حالة حرب «مدين» ،كان القرار بعدم توجيه دعوة السالم
هو فتوى وقتية ،بينام يرى الرايب هيودا ليفا بن بتسلئيل أهنا مل تكن كذلك ،بل إن الرب فقط رأى
أن املديانيين يف الواق�ع تعمدوا الكيد لنا ،ولذلك يعدون ه�م الذين بدأوا باحلرب ،وليس ثمة
دا ٍع لدعوهتم للسلام ؛ وراجع ما قاله الرايب موس�ى بن نحمان يف إضافاته عىل كتاب الرشائع
حول نفس األمر.
وجيب أن نفهم أكثر ما قاله الرايب هيودا ليفا يف كتاب تفسريه سفر العدد ( ،)10 :20حينام
ق�ال إنه ليس ثمة إلزام لدعوة ش�عوب كنعان للسلام؛ ألهنم أرشار ويرتكب�ون فظائع حرمها
ال�رب .والكلمات تبدو صعبة يف حد ذاهتا ،بل أصعب مما ورد يف س�فر التكوين :صعبة يف حد
ذاهت�ا؛ ألن�ه إذا مل يكن ثمة إلزام للدعوة للسلام ملن يتعدى عىل الوصايا الس�بع – علينا إ ًذا أن
نفهم يف أي حرب علينا الدعوة للسالم؛ ألنه اتضح أنه حُيظر حماربة من يلتزمون بالوصايا السبع
(كام قال هحازون إيش) ؛ وهى أصعب مما ورد يف سفر التكوين؛ ألنه إذا مل تكن هناك رضورة
لدعوة ش�عوب كنعان إىل السلام – ما الداعي إ ًذا يف تربير عدم دعوة شكيم إىل السالم بأنه بدأ
احلرب عندما سرُ قت دينا؟ ألنه ُيسمح هلم بمحاربتهم كذلك بدون هذا التربير ! وجيب القول
إن الرايب هيودا ليفا اعتقد أنه بالفعل ليس ثمة إلزام بدعوة ش�عوب كنعان للسلام؛ ألن التوراة
أرشارا ،وعندما يكون هذا هو س�بب احل�رب – ال داعي لدعوهتم ً تبرر حماربته�م بأهنم كان�وا
للسلام ،وخيتلف هذا ع�ن احلرب بدافع فردي ،والتي هتدف إىل إجالل ملكنا وتعظيم اس�مه
وم�ا ش�ابه ،وحينئذ لن تكون حمارب�ة األرشار هي الدافع األس�ايس للح�رب ،ولذلك فهي ال
أيضا أنه يف واقعة دين�ا – مل تكن احلرب ضد رشور تعفين�ا من الدعوة للسلام .وبذلك يتضح ً
أه�ل ش�كيم (ألن بني يعق�وب مل حياربوا مجي�ع الكنعانيني األرشار الذين كان�وا يف البالد) ،بل
كانت من أجل رسقة دينا.
صحيحا حتديدً ا
ً – 32وعلينا أن نناقش ما قاله الرايب هيودا ليفا حول ما إذا كان هذا احلكم
بني املاملك (أي س�لطة توحد الوجود األكثر جوهرية ؛ يف مقابل تعاون أهل املدينة ،عىل س�بيل
املثال ،الذين يتش�اركون يف أمور مالية عديدة ،لكن ثمة مملكة جتمعهم ليقفوا وقفة رجل واحد
أمام أعدائهم وما شابه) ؛ أو أنه صحيح بني أمتني ،رغم أنه يف الواقع العميل ،ليس لدى هاتني
األمتني مملكتان خمتلفتان.
– 33وىف هذا السياق ،جيب أن نورد ما قاله الرايب هيودا ليفا يف موضع آخر ،حينام ناقش
مسألة زواج بني يعقوب من بنات كنعانيات ،بخالف ما قاله إبراهيم وإسحاق ألبنائهام ،بعدم
297
ال�زواج م�ن نس�اء كنعان ؛ وجي�ب أن نقول إن�ه حينام مل ي�أت إىل الوجود بعد أس�باط إرسائيل
االثن�ا عشر ،الذين ه�م بنو إرسائيل – إذا كانوا قد تزوجوا من نس�اء كنعاني�ات ،ملا كان األمر
حمظورا لدى إرسائيل عىل اإلطالق ،لكن عندما صار هناك اثنا عرش سب ًطا وصاروا مجيعهم أمة ً
واحدة ،كام ورد س�ل ًفا لدى ش�كيم بن محور «وكنا ش�ع ًبا واحدً ا» وقبل هذا كنا أمتني – يف هذه
احلال�ة ،نق�ول إهنم صاروا أمة واحدة مع خروج األس�باط إىل الن�ور ،وحينها مل يعد ثمة حظر،
وف ًقا لكل ما يتصل باألمة.
– 34ببس�اطة يثب�ت الرايب هيودا ليفا هذا من مجيع احل�روب الواردة يف العهد القديم ،كام
ي�ورد واقع�ة حرب دين�ا كمثال يف س�ياق حديثه ؛ وعلينا أن نتوس�ع يف رشحنا لنق�ول إنه هبذا
الشكل تتعامل التوراة مع مجيع احلروب ،عن رسد أسباب حول قتل الفرد .وهكذا تتضح أكثر
كلامت التوراة حول العامليق والشعوب األممية السبعة.
– 35حقيق�ة ،ال يوج�د بني هذه الكلمات دليل مطلق عىل ما قاله ال�رايب هيودا ليفا؛ ألنه
يمكننا أن نفرس ونقول إن التوراة ترش�دنا لالس�تجابة للموافقة اجلزئية عىل السالم ،بسبب أن
النتيج�ة هي إرباك األعداء وقدرهتم عىل اهلروب وما ش�ابه ،وفيام يتش�ابه م�ع الفرضيات التي
أوردناها سل ًفا.
– 36ال داع�ي لق�رار أمة من أجل إهدار دم اململكة الرشيرة ،وكذلك األفراد داخل هذه
اململكة املترضرة يمكنهم إحلاق األذى بمملكتهم الرشيرة ؛ ألن ش�معون وليفى ليس�ا ملكني،
بل فردين يف أرسة يعقوب (ويعقوب يعارض ما فعاله) ،ورغم هذا فإن دم أهل ش�كيم ُأهدر
بسبب ما فعاله مع دينا .أي أن دمهام ُأهدر ألن أمة هنا أحلقت أذى بأمة أخرى ،ومل يكن القرار
الرسمي للمملكة املترضرة هو الذي أهدر دم األمة املتعدية.
– 37وجي�ب أن نناق�ش م�ا إذا كانت هذه الرخص�ة التي يمنحها الرايب هيودا ليفا س�ارية
كذلك جتاه املنتقدين من شعب ثالث يوجد بني الشعب الذي نحاربه :يمكننا القول إهنم ليسوا
جز ًءا من هذا الشعب ،وبالتايل فهم ال يعدون جز ًءا من جسده؛ لكن حُيتمل أهنم مع وجودهم
بينهم ،تم استيعاهبم بداخل هذه األمة (وعىل كل حال ،ففي حاالت عديدة ،ثمة أسباب كثرية
لقتلهم وردت يف فصول سابقة).
298
خط سري الكتاب
الفصل الثانى :قتل غري اليهودي الذي يتعدى على الوصايا السبع
-1غري اليهودي الذي تعدى عىل الوصايا السبع ،يستحق القتل.
ٍ
بقاض واحد وبدون حتذير ؛ ولذلك فمن يعلم أن ثمة -2حُياكم غري اليهودي بش�اهد واحد،
غير هيودي قد تعدى عىل إحدى الوصايا الس�بع يمكنه حماكمته .وهو ما أفتى به «هبايت
يوسيف».
-3اجلامرا ختربنا أنه بشكل عام حُيظر قتل غري اليهودي (حتى وإن تعدى عىل الوصايا السبع)؛
ألنه ُيسمح بمحاكمته انطال ًقا من اهتاممنا بالتزامه بالوصايا السبع ،وال يمكن قتله ببساطة
هكذا (ألننا حينئذ نكون قد قتلناه ملجرد القتل) .فغري اليهودي يمكنه فعلاً التوبة والتوقف
ع�ن ارتكاب الذنوب م�ن هنا فصاعدً ا ،وحينئذ حُيظر قتله على الذنوب التي ارتكبها فيام
قبل توبته.
-4أفت�ى كتاب «األعمدة الذهبية» بأنه رغم أن التوراة تبيح حماكمة غري اليهودي ،فإن احلكامء
اليهود حظروا ذلك.
عدوا إلرسائيل ،تتم حماكمته.
-5غري اليهودي الذي يصبح ًّ
299
الفصل الثالث :النظرة إىل أرواح البشر لدى األغيار
-1غري اليهود غري ملزمني ببذل النفس يف حالة عدم التزامهم بوصاياهم.
-2عندم�ا يق�وم أح�د القتلة بتهديد غير هيودي فيقول ل�ه «اقتل فالنًا أو أقتل�ك» ،فإن اآلراء
اختلفت حول ما إذا كان ُيسمح لغري اليهودي يف هذه احلالة بقتل فالن هذا لينقذ حياته.
-3عندما يتسبب شخص ما يف قتل غري هيودي (عندما يسقط فوقه وما شابه)ُ ،يسمح ،بإمجاع
اآلراء للمتضرر بقت�ل م�ن حياول إحلاق األذى ب�ه ،حتى وإن كان هذا امل�ؤذي يفعل هذا
رغماً عنه.
-4عندما يستغل أحد القتلة إحدى الرهائن العرتاض طريق ضحيتهُ ،يسمح لغري اليهوديالذي
يتلقى التهديد ،بقتل هذا الرهينة لينقذ حياته.
300
أ – عندما يقال لليهودى« :اقتل فالنًا أو نقتلك» ،فإنه غري ملزم ببذل نفسه؛ ألن هذه احلالة
ال تنطبق عليها قاعدة «ملاذا تعتقد أن حياتك أهم من حياتى؟»
ب -يف احلال�ة الت�ي حيتج�ز فيها قات�ل رهينة ما وخيتب�ئ خلفه ليقوم بتهدي�د غري هيودي ما
(حت�ى وإن مل يكن هذا يف وقت حرب)ُ ،يس�مح ملن تلقى التهدي�د بقتل الرهينة لينقذ
حياته .وكذلك يف حالة احلرب ،فإن وجود األبرياء يساعد القتلة ،ولذلك فإنه ُيسمح
بقتله�م لننقذ أرواحنا .وألنه يف هذه احلاالتُ ،يس�مح لألغي�ار بفعل هذا مع بعضهم
البعض ،فإنه ُيسمح لليهود كذلك بفعل اليشء نفسه جتاه األغيار.
وف ًقا لألس�باب السابقةُ ،يس�مح كذلك بقتل األبرياء ،مثل األطفال ُّ
الرضع ،عندما تكون
هناك حاجة لفعل هذا إلنقاذ حياة شخص هيودي.
-3وجدنا أن الرشيعة ختربنا أن األغيار مش�تبه فيهم بش�كل عام بسفك دماء إرسائيل ،ويزداد
هذ الشك أكثر يف حالة احلرب.
-4إن رشور هؤالء الذين حياربوننا هو جزء من تعدهيم عىل الوصايا السبع ،ولذلك فإنه علينا
حماكمتهم وقتلهم عىل ذنوهبم.
-5بسبب الفقرتني السابقتني ،قرر حكامؤنا ،طيب اهلل ثراهم ،بشكل هنائى أنه يف وقت احلرب
جي�ب قت�ل «أفضل من يف األغيار» :إهنم يس�تحقون القتل عن ذنوهب�م ،وال يمكن حماولة
إصالحهم يف هذه احلالة؛ ألن رشهم وخطرهم كبري.
-6كذل�ك األطفال الذين مل يتعدوا عىل الوصايا الس�بع ،هناك بعض املربرات لقتلهم بس�بب
أرشارا مثل آبائهم ،حتى وإن مل يمثلوا
ً اخلطر املستقبيل الذي سيحدث ،إذا كربوا وصاروا
محاية لألرشار ،وحتى مع عدم قدرتنا عىل حتديد مكاهنم بدقة ،فذلك ال يمنعنا من إحلاق
األذى باألرشار.
301
مس�موحا لنا إحلاق األذى باألغيار .ولنفس الس�بب ُيس�مح
ً ويكفي هذا االحتامل ليصري
كذلك بقتل الناس بني ظهراين العدو ،عندما تكون هناك رضورة لذلك.
-3االنتق�ام والتعامل بمبدأ «اجلزاء من جن�س العمل» ،مهم ورضوري يف احلرب وإلخضاع
الرضع ،أو بشن حرب قاسية.
الرش ،سواء عن طريق إحلاق األذى باألبرياء واألطفال ُّ
– 4يف رأى الرايب هيودا ليفا بن بتس�لئيل ،فإنه ُيس�مح بإحلاق األذى بجميع أفراد مملكة معينة،
إذا كان بعض أهلها أرضوا بنا (ألن مجيع أهل هذه اململكة يعدون كاجلسد الواحد).
302
اخلامتة
من لديه أفكار ومزاعم ،مثل «خلقنا كانت فكرة يف خاطر الرب ،حتى قبل خلق الكون»؛
و «ثم�ة رغب�ة مقدس�ة وصارمة لدينا المتالك العامل والس�يطرة علي�ه» ؛ و «األغيار يضاجعون
البهائم»؛ ومن يظنون أنفسهم «تكمن يف داخلهم روح إهلية» ؛ و «هلم األفضلية عىل غريهم من
الر َضع !
بني البرش» ،يمكنهم ،بسهولة ،إصدار فتاوى تبيح قتل األطفال ُّ
حيم�ل كتاب «رشيع�ة امللك» الكثري م�ن احليثي�ات ،واملفاهيم ،والترصحي�ات ،والفتاوى
وترخص ،وتبيح قتل «األغيار» ،بدم بارد ،حتى الرضع منهم، ترشعَّ ،
احلاخامية اليهودية التي ِّ
ليضع هذا الكتاب لبنة جديدة قديمة يف مسلسل ما تزال حلقاته مستمرة ،هو مسلسل الفتاوى
الصهيونية ضد «األغيار».
إذا قال�ت ذل�ك إرسائي�ل وحاخامات هيود ،فم�ن الطبيعي أن متر تلك الفت�اوى دون أي
تعقيب من األمم املتحدة ،أو اليونيسيف ،أو الڤاتيكان ،أو منظامت حقوق اإلنسان ،وكأن كل
ذلك أمر مرشوع!
تضمنها كتاب «رشيعة امللك» ،ما هي إال األساس الديني جلرائم الصهاينة
فالفتاوى التي َّ
يف الرشق األوسط؟!
303
ﺑﺳﻡ ﷲ ﺍﻟﺭﺣﻣﻥ ﺍﻟﺭﺣﻳﻡ
ÊbÌܸa@Ú„äb‘æ@ÚÓfl˝é¸a@ÂÌánËæa@Újnÿfl
The Guided Islamic Library for Comparative Religion
http://kotob.has.it