Professional Documents
Culture Documents
للشيخ
3 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
ﭑﭒﭓﭔ
ْ َ َ ْ َْ َ ُ َ ُ
ريي
منظومة أ يِب إيسحاق األْلي ي
ـت ن َْح َــ َو َتن ِْح ُّ ِج ْس َم َك َلسـ َع ُّ ـــََ َ َأل َاَُـــ ُّت َــ ــــ
-1تَـــ ُّت ف ُّـ َ
ــــَ َأنْــ َ ُّأ ِ ُـــعُّ َأ ْن َـــ
ِ َأ ََل َُـــ َ ُّــَُ ُّ َعـــ َْ ِ ــعْ َ -2وتَــعْ ُّع َ
َأل َنَن ُّ
َـَّ َب ـــ ـــاـ َاََْســـ ُّ َأ َبـــ َـ َ
ـق َـ َ َت ِرــعْ ُتــ ف ِع ْساـــ ََ َ َأل ُّ ِ
َ -3أ َ َ
ِ َِبــــ ََّ ـــا مِ َََ ِنـــ َ ْن َ َ ْا َــــ ــك ِ َطيِـس ح َ -4تـَنَـ ُّت َلــع ْْ َس َو ْ َ
ْـاـــ َو ََّ ــا ـَ َعن َ َنـ َا ََل ت َْس َع ِ َـم َََ َأنْـ َ َخ ْـعُّ و و َو ََّ ــا َ -5ــك ْ
ـَ َع َق ْل َـــ مِ َلـــا نـــ ـِسـ ِ ـَ َأ َج ْ َـــ َ « -6أ َبـــ َب ْكـــس» َ َع َْ ُّتـ َ
ــك َلـ ْ
ـُّ ََّ فلـ َ َ ـك َلـ ْ
ُّنـــ َيـعـ مِ ُْ ََ َ ْســـ َ َومِ ُْ َأ َن ْـستَــــ ُّـــَُ بِ ِ
ـــُّ مِ َنـنــــ ُّ -7مِ ََل ِع ْلـــم َتك
ــِ مِ َََ َل َل ْل َــــ
ُك َلي ِسُـ َ وُـاـ ِ
ــع َ -8وُـج ُّلَ نــ بِعسن ِ َ ِ ِ
ََ ْ ـْـــ ـك ن ْن ط َش َ ََ ْ َ َْ
ـــَأل َاَـــ َ َ مِ َََ َع ِسُ َــــ
َ َو َُك ُّْس ــح ِم ُّ ِننْ ـ ُُّّ ِ نَـ ُِـ َ
ـك تَـجـــ َ -9و َتـ ْ
ــك مِ ُْ ََ َْ ْ َـــ
ْــس َُّ َل َ ِ َُ -11ـــنَـ ُّل َك َن ْت ُّعــ ُُّّ َنـــ ُّ ْنــ َ ََّســـ
َو َُـ ْـــ َقا ََ ُّ
ــُّ َن َقـتِــ َ َنــ ْن َأ َ تـــ
ُّـــيس بِ ِ
ُّ
ت ِ ـَ َل َع ْبـ ُّ َنُّ َانــعُّ َلـ ْس َُ َُنْ ُّــَُّْ -11ـ َ
حل ْم ِ ُُّ َ
َجعُّ ََّ ْس ُّ
ـُ َُّن َــ سف َ َ َر ِت َ ــُّ لِيـــ َـــَ َع َلس ِ
َ -12وََـنْـــ و ََل ََ ُّ ْ
وُنْ ُّقـــ مِ ُْ بِ ِ َا ْن َتــــ ِ ِننْـــ ُُّّ
ـــس ِن ِ
ــُّ ََتـــ ََّعَ تــــ ُّ ََ ُ ِ َُ -13ـــعُّ بِ َك َْ َ
ِ
َج ََاعتـــــ ـــس َت َل َع فلـ َ
ـــم َو ْ ََل َثـ ْ َ -14ـ َل َْ َـعْ َُّ ْــ َ نـ ْن ََّ ْل َ
ـََ َُّ َـ ْعـ
َو ََل ُّ ْنـــــ َسـ بِ ُّ ْر ُّسـِ َاــــــ ُّـ ِنْ َــــــ ـم َُ ْش َغ ْل َك َعنْـ ُُّّ َْـَ ُّن َيــ و
َ -15و َل ْ
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 4
َو ََل ِرــــعْ و بِ ِ ُنَ ِ َاــــــ ََلِ ْت َــــــ ــــأل َعنْــ ُُّّ َأنِ ُّ
ســـِ َ ْو َ -16و ََل َأ ْْل َ َ
َو َل ْس َُ بِـ ََ ُْ َـ ِع ْمـ َ َو ََل ََّ ِ
ـس ْب َـــ ََ َنَ َعـــ ِ َلــس ْو َِ َأ ْ َو ُّ
َت ف َ -17ــــ ُّق ُّ
َـــــِْ ُْ َأ ْعـ َيــََــــ ُُّّ َُُّ َن َ َت ْع َــــ ـاــعِ ـِ ِ ـََظِـ ْـــ ُُّّ َو ُّر ْ
ـــِ بِ ِ
ســُّ َ -18ـ َ
ـك َــعْ َعلِ ْم َــ ـَّ مِن َ ســُّ َـ َُِــ َ بـــ -19ومِ ُْ ُّأ ْعيِســ َ ـِ ِ
َو َـــ َ َلــن ُّ َ
بِ ََْبِسخ َعلِ ْمـ َ َـ َاـ ْ َع ِم ْل َــ ــََ َ َُِ َعنْــ ُُّّ -21ــــ ََق تـَ َْ َنـــ ْن ُّا َ
َو َلـــ ْس َُ بِـ ََ ُْ ُُّ َقـــ َ َل َقــعْ َ َأ ْا ـ َـ ِ
ـَ َُِ ََّقـــ َ -21ــــ َس ْأ َُّّ َلـــع ْل ِم َت ْقـ َ
َا َاـــ َْ ِن َـــعْ َل ِ ْس ـ َـ
ـَ َإل ِ ــس َثـ ْ
َنـ َ ــُ َلكِـ ْن َا َّْ َس ُّ ـك ِ َ -22و َأ ْـ َب ُّ َث َْبِ َ
ِ ِ ِ
ــَ َـــعْ َج ِا ْل َـــ ــ ََخـــ ْ و ننْــ ُُّّ َأ ُْ َل ْ ـم َرـ ْ َ ــم ُُّتـعْ َأل َلع ْل ُّ -23مِ َََ َنـــ َل ْ
َــك َنـــ َـ ِا ْم َـــ َــ َلـ ْســـ ََك ُّثــم َل ْس َ ــك ِ َن َاـــو َ -24ومِ ُْ َأ ْلـ َق َ
ــــأل َـ ْا ُّم َ
ِ
ـــَُ مِ َََ ََ ِ ْ تَــــ َوت َْيـــ ُّغ ُّس ِ َل ُّع ُّس َ -25ا َْجنِي ِنـ ْن ثِـ َ ِ َل َع ْجـ ِ َج ْاـق
ـَ ُّـ ِقــعْ تَـ ِ
ــَجعُّ مِ ُْ َعل ْم ـ َ َو َلـ ْ َو ُّتـ َ َوتُّـ ْتـ َقعُّ مِ ُْ َج ِا ْلـ َ َو َأنْـ َ َبــ -26
مِ َََ َّقـــــ ِ َِبـــــ َُ َْنـــــ َع ِم ْل َـــــ ـك َب ْعـعَ َِّـ ـَ َل ِي َل َُّـس َـ ْ
َـَِ ُّ َوت ْ -27
َو ِن ْلـــ َ مِ ََل َُّّ َيــــت َــــعْ َ َ ْع َــــ ــِ َت ن ُّْيـــحـ ْه ْل ََاــــ َو َن َـ َْومِ ُْ َأ ْ َ -28
ونــــ تُّـــ ْغنِي َلنعَ َنــ ُّ مِ ُْ ن ِ ـِ ِنـ ْن َنــعَ ت َع َل ْس َاـــ
َــع ْن َـ َ َ َ َ َت َعـ ف ـَ َ َـ َسـ ْ -29
َــــ َ بِـــل ُّ ْ ِْ تُّــعْ ِ ُّأل َنـــ َـ َل ْ َـــ ــَ ُْنَا ْــك َْل ُّ َ َ -31ــــس ِ
َج ْع َاـ َو َ ْ َعن َ َ
ـــُ َنَـــ ُّ مَِل َنـــ َعلِ ْم َـــَــ َلـ ْس َ َـخـــ َ ْ بِ َ ل ِ َ
ــك َوَ ْلــ ُُّّ َعنْــ ُُّّ َ -32و ََل ت ْ
ــسَ ِ َلــ ُُّّ تَــ ََتا ِ ـْ ـ ِ َلنـ ِ -33و َل ـسُ ِا ِ
ـــَ ُّنـــ ْل ُّك َلع َ
َو َل ْ ــَّ ُّن ْغــن َ ْ َ َ
ْــك َُ َْنـــ مِ ُْ ََ َْم َـــ
َو ُُّـــ ْك َ ُّ َعن َ ـقْـك ِ َن َ ْـك ِع ْل ُّم َ
َ -34اـ َسنْيِ ُِّ َعن َ
مِ َََ بِ َ
ــلـج ْا ِ َن ْت َس َ
ـك َــعْ َْـعَ ْن َـ ـــسسعُّ َنَ َــــ ِ َ -35و َنــــ ُُّ ْغن ِ َ
ســـك ت َْش ِ
5 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
َلـــ َع ْم ُّس َأل ِ َل َق ِبــس ِ َنـــ عَــعَ ْل َـ َلع ْلـ ِم َج ْاـق -36جع ْل َ َنَـ َ َــَ َ ِ
ْ َ َ
َاـ َـــــ ْع َل ُّم ُُّّ مِ َََ «ـــــُّ» َـ َس ْأ َتـــــ ــَ وُ
َلــَ َّْ ِي َب ْ
َ َ -37و َبـ ْســـن َُّا َ بِــنَ ِ
ــََ َْ ِع ْل ِم َ
ـك َــعْ َ َـ ْع َـــ ِ
َاَنْــ َ ل َ ــََ َْ َنــــ ــنن َـــل َل َغن ِ ِ
ــي ل َ
ف َ -38ل ْ َ َ
ِ
َاَ ْنـ َ َع َا َلك َََََِ ِ َــعْ َج َل ْسـ َـ حل َشــ َُـ
ـا َ َ ـي َع َ ِ
ـُ َل َغن ف َ -39لن ْن َج َل َ
ِ
ـك َنـــ ـِ َساـــ َـ ِع ْم َـــ َاـــ َ ْي َع ُّم ِننْـ َ َو ُّت ْي ِع ُّم َك َلي َعــ َت َو َعـ ْن َـ ِسُـ -49
ــاـ َر َل ْع َـــ ْـــسا مِ ُْ َن َقبِ َس ََوتُّـك َ ــس مِ ُْ َل ِ ْســ َ ِ َِبـــ ثِ َسـبـــ َو َت َع َ -51
َاـ َ َي ْع َــك َنــ ْ َو ََّ ِي ْن َأ ْن َـس ُِن ِ َ ـع َن ْ َـ ِ ْ َْــ َأنْـ َ َْـعْ نـ ومِ ُْ ْ ِ
َ ُّ -53
َو َنـــ َتـــعْ ِ َأ ُّتـــ ْتعَ َأ ْت ُّطلِ ْل َـــ ُّسو ِ َو َأنْـ َ َ ْْـ ون َو َن ْن َل َك بِـلـ ف ُّ -57
ــك مِ ُْ َـ َس ْع َـــَاـ َسـ ْتـــ َُِّل َبـ َبــ ُُّّ َل َ َو ََل ِز ْت َبـ َبــــ ُُّّ َـ ْـسعــــــ َع َســـــ َُّ -61
-نعم -بسم اهلل الرمحن الرحيم ،احلمد هلل رب العاملني ،والصالة والسالم ىلع
نبينا حممد وىلع آهل وصحبه أمجعني ،أما بعد:
ب
ريي ،جامعة شاملة ،مليئة
ِ ِ األْل هذه منظومة عظيمة مفيدة أليب إسحاق
ر
أكث أهل باحلكم واملواعظ وانلصائح ،عدد أبياتها مائة ومخسة عرش بيتا .وقد
العلم قديما من حفظها ،وجيعلونها من ضمن حمفوظاتِهم؛ ملا فيها من ترقيق
القلب ،والزهد ،وحفظ الوقت ،واحلرص ىلع طلب العلم والتشجيع عليه .فاكن
ا ُ
العلماء من قبل ي فظونها طالبهم؛ لرتفع همتر هم إىل طلب العلم والزتود منه.
َّ َ
ُ َّ َ ُ َ ْ َ ْ َ َ َْ
جسمك الساَعت َنتا»« ،الساَعت» َاُـت ،تنح ُّ نح ،تشِحت ي « َوتن ي
نن جسعأل َّقـ َّ ا ت ِ
ُّبعتُّ ـ مَت ،ـكَنُّ ُقَ لك تعَ أل َلَـ اُ َ َُت
ُميض ـُْ جسمك ُنعرص ،و َُب ُّع ف ،وُ آَ .
َ َ َّ َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َّ ْ َ َ َ ُ ُّ ْ ً َ َ
أببت طَلقببَا األْـببا تتبا خببدر
أراك ُتيببب عيرسببا ذات ي
َ َْ َ َ يعين :ر
قطع ها قطعا« .األْـا » :العقالء .يعين :العقالء أعرضوا عن «أبت»
ر ا
املعرض لعيب فيها ،فكذلك ادلنيا مثل تلك العروس
ٍ هذه اخلِدر ال يت ال يرونها؛
عيب فيها
ٍ عنها ال يريدونها .فالعقالء أعرضوا عن تلك املرأة املتخدرة لوجود
باطين فأعرضوا عنها؛ ذللك قال:
ْ َ َ َ ُ ُّ ْ ً َ َ
خدر» :متخدرة ،متغطية ،متحجبة ،لكن فيها«أراك ُتيب عيرسا ذات ي
عيوب داخلية.
َ َ َّ َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َّ ا ُ ا َ َ َّ َ َ َ َ
«أبت طَلقَا» أي :الطالق املبتوت باثلالث« .أبت طَلقَا األْـا تتا»:
ا
فهم أعرضوا عن تلك املرأة ،وكذلك العقالء .شباه ادلنيا بتلك املرأة املطلقة ،مثل
ا
يلع بن أيب طالب« :أه! يا دنيا لقد طل قتُك ثالثا»(.)1
ما قال ي
( )1ذكره أبو نعيم األصبهاين يف حلية األويلاء وطبقات األصفياء ( ص ، 85ج )1بقوهل « :ا
إيل
بتتك ثالثا ،فعمرك قصري،تشوفت ،هيهات هيهاتُ ،غ اري غريي ،قد ُّ ا تغررت ،ا
إيل ا
وجملسك حقري ،وخطرك يسري ،آه آه من قلة الزاد ،وبعد السفر ،ووحشة الطريق» .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 12
حَك َلنـظم --مَل َط نـت أوــتك وععت مْعَ يشْ نناـ .وأُ َلغــ
َـلنـمم ـق ُعلم ن ا ُقل لُّ مَل مََ َا سقظ ،وـع َل ُس سقظ َلك َلسج َلنـمم مَل
مََ ْلكََ .نُّ ُعـت ك ُقَ لك
ْ ََ ُ
ادله َر َو ْيَك ِف غطـط بَا»« ،تنام َّ
«تنام َّ َ َ ْ َ ْ ََ ُ
ادلهر» يعين :عمرك .ادلهر املراد: ي ي ي
العمر.
َ َ َّ َ ْ َ ْ ََ ُ
«تنام ادله َر َو ْيك» ع ـإل « ،يِف غ ي
طـط بيَا» يعين :سبات طويل وأنت نائم.
َََْْ َّ َ َ َّ
«حَّت إيذا ميت انتبَتا» ،مثل ما قال اهلل ( :ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ
ﮐ) [َل كـثس . ]2-1يعين :كأنه يقول :احذر ،انتبه ،واستيقظ ،واطلب العلم،
وأكث من العبادة ،قبل أن تموت.
َّ ْ َ َ ْ َ َ َ َّ
«حَّت إيذا ميت انتبَتا» ،لكن انتباهك بعد املوت ما ينفعك ،مثل ما قال اهلل:
(ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ )
. ]111-99 [َنَننَُ ما يمكن ( ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ )
ثم قال:
َ َّ ٌ َ َْ َ َْ ُ َ َ
خدعت يف هذه ادلنيا بإقبالك عليها « .فك ْم ذا أنت َمدوع َوحَّت» تستمر ىلع
َ َّ ََ َ َ َ
هذا« ،مَّت ل ت ْرع يوي» وترجع عن غي ك واتباع شهواتك؟ « َوحَّت» :إىل مىت ؟!
حىت إذا تموت ؟!
-نعم -واهلل أعلم ،وصىل اهلل وسلم ىلع نبينا حممد .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 14
ُ وَأ ْء أمبَـذْتَـــــ
بـــــ م نت أ ْء اَ ََْْـــــ َ -7أعمــــت نَِبــــَ تَكفــــاء بِــــ ُِّ أ َب بتــــ
َ ً َ َ ْ َ ُ ُ
«إيَل عيلم تكون ب ي يه إيماما ُمطاَع» :يريد بذلك :أن ي ُشحذ همترك إىل طلب
العلم ،وال يكون قصد الشخص بذلك أن يتصدر يف املجالس أو أن يطاع
بأوامره ونواهيه؛ وإنما يريد أن يقول لك معىن اآلية ( :ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ
. ]11أي كأنه يقول لك :يف العلم رفعة وماكنة [َنجـ ل ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ)
ورشف عظيم لك يف ادلنيا ويف اآلخرة .
َ ً َ ً َ ْ َ ُ ُ
قال[« :أدعوك] إيَل عيلم تكون ب ي يه إيماما ُمطاَع» :يُطيعك انلاس بما تفتيهم
ُ
الصالة ا
والس الم. - يف كتاب اهلل وسنة رسوهل -عليه ا
ْ ََْ َ َ ْ َََْ
«إين نَـت وإين أمرتا» :إذا قلت هلم هذا حمرم سمعوا لك؛ ألنك ختربهم
بمرياث انلبوة ،وإن قلت هلم هذا واجب سمعوا ل ك؛ ألنك ختربهم بما أىت به
الويح.
ــ
وَـَكبمـــــاام َلم َـــ ـ ََ أ ََ نَذأـ َـــ ـ وَتَــــحْ ِم ِبنْـــُّ َِـــٍ َا يِـــلم تَ ستــ -8
َ َ ً َ ُْ َْ ُ
قالَ « :وُت يمل مينه يِف نادييك تاجا» أي :أيضا لك ماكنة عظيمة إذا دخلت يف
جمتمع انلاس .
َ َ ُْ َْ ُ
« َوُت يمل مينه يِف نادييك» ،انلادي يعين :املاكن؛ جتمع انلاس ،مثل ما قال اهلل:
( ﯫ ﯬ) [ َلعلِ . ]17انلادي :املاكن اذلي جيتمع فيه انلاس .
َ َ ً َ ُْ َْ ُ
« َوُت يمل مينه يِف نادييك تاجا» :وأنت يف ماكن انلاس جتلس ،ال ،أنت عليك
حلية العلم ،وتاج العلم .
َ َ َ َ َ
« َويكسوك َ َ ْ ُ َ
اجلمال إيذا ع يريتا» :فلو اكنت مالبسك ممزقة ،أو متسخة ،أو ما
عندك ثياب لفقر وحنو ذلك؛ فأنت مكىس بما هو أعظم من ْلاس احلرير ،وما هو
أعظم من أفخم اللباس ،وهوْ :لاس العلم امل زين باتلقو؛؛ كما قال سبحانه:
( ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ) [ َاعسََ . ]26
-نعم -واهلل أعلم ،وصىل اهلل وسلم ىلع نبينا حممد .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 16
ل أ ْء َ َ ْ َــــ
وَـَـ ْـــــ مت ِ بــــذإ عمــــ م ُ ََــ ـ
ل َا بنــــُّ بَــ ـ يبْــ ـ َ
ـَـــــنَ عف م -9
يعين :يذكر يف هذا اْليت مظهرا رشف العلم ،وأنه ينفعك يف حياتك وينفعك
بعد مماتك ،يف حياتك :تنتفع منه فتعبد اهلل كما أراد -سبحانه ،-وتعلم اآلخرين
ا ما جاءت به الرشيعة ،وتنصح اتلائهني بما علمك اهلل -ا
عز وجل -به من الويح
ُُ ُ
فنفعه ينالك؛ فيف ادلنيا تنال منه انلفع مما أخذته من الكتاب والسنة...وهكذا،
َ َ ُ َ َ ْ ُ ُ َ ُ ْ َ َ ًّ
العظيم باألجور العظيمة املتتابعة؛ ذللك قال« :ينالك نفعه ما دمت حـا» ،وإذا
ي
مت :قال:
ْ ُ ُ َ َ ْ َ َ ْ َ : ْ َ َ ْ ،يعين إذا ي ََْ
مت ،ذهبت من هذه « َويبَق ذيكره لك إين ذهبتا» «إين ذهبت»
ادلنيا.
وانظر إىل حال العلماء السابقني كأنهم أحياء ،تقول :قال اإلمام اْلخاري،
قال مسلم؛ كأن اْلخاري خلف العامود ،ومسلم خلف هذا العامود ،وشيخ
اإلسالم خلف ذاك العامود ،وابن القيم...كأنهم أحياء معنا ،ما اذلي أحياهم؟ هل
ُي
ماهلم؟ ال ،أوالدهم؟ ال ،شيخ اإلسالم ما عنده أوالد ،وماتت أم ه وهو صغري ،وال
عنده مال ،وال عنده بيت؛ يسكن يف املسجد ،ويدخل يف السجن كم مرة ،ما
ْ َ ََْ َ َ ْ ََْ
اذلي أعاله؟ العلم؛ ذللك قالَ « :ويبَق ذيك ُرهُ لك يإن ذهبتا».
تــــبَِْ بِـــ ُِّ َب م تِـــ َم بَـــ ْه مأََيتتـــ ـــاَ َعنَُْـــْ َوف َْنتـــو عمـــ َْ َ َـنْ ـــا -11
ُ
ثم بعد ذلك -قال -يبني لك إن اذلي معك يشء عظيم قوي؛ فقال« :ه َو
َ ْ ُ ُ َ َّ ُ َ َّ ُ َ ْ َ َ ْ ُ َ ْ
ب المَند»؛ وهو السيف الصقيل العض ُب المَند ليس ينبو» يعين« :العض
ر ر القوي ُ ْ َ َ ْ َ ،يعين :ال ي ر ُ
قطعه ،بل ضعف ،أو ال يرتدد يف قطع ما أراد «ليس ينبو»
17 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
ر
ذهبت إيله ،هذا حرام وادليلل كذا؛ ينتيه ،جيو وادليلل كذا؛ تنتيه ر
يقطع ه؛ ما
ا املسألة ،فمعك يشء قوي ونعمة كبرية من اهلل -ا
عز وجل -جيب أن تشكره عليها
بالعمل بها .
َ ْ ُ
فقال« :ه َو العضب» ،العضب يعين :السيف .
َ َ َ َ ْ َ َ َّ تُبص ُ ُ َ َّ ُ َ ْ َ َ ْ ُ ُ َ ْ
ـب بيب يه مقات يبل مبن أردتبا ي ه َو العض ُب المَند لبيس ينببو
َِْ َلسج نل َنَ َقـتِ ُعني َاعبـْ َل ي ـساـ َن ْق َ .ـكَنك بـلسسف تق
أْ َن َقـتِلُّ نل بينُّ ،نل أنـَن َاعبـْ َل نـالس تق لُّ ن ـْن ،ــلعلم ُق
ـج مَل َل ــ ن ـْن وُ ِْ أْ َل ــ ،وَلعلم ُسـل أْ َحلِ ،وَم نحن
أْ َلعلم لس سنََ للنـَّ أَّكـت َلرشُع .
َلِ ُلسُّ وَْ أَّ ُّ نـ ُكَُ بـللغ ُيسَ عا ثم بع ع َلك ََس لك َل س
َلنـَّ ،ــ
َ َِ ـ َ َمم ْ ـ أم ـاسَــو ََْــا فن َ ـ َ -11و مـنْـــــَ عمــ ـ تَوَــ ـ نَمََْــ ـ ُِّ عِبــ ـ
ًّ َ َْ
«..ك ٌ َْ َ ََ ُ
ْن ل َتاف علـ يه ل يصا» ؛ ألن العلم يف عقلك ،فاللص ال يستطيع أن
ر
يصل إىل ما يف عقلك ويأخذه! ولو استطاع أن يصل إىل رأسك ووصل إىل عقلك
ر ر
وفتح ه ما يستطيع! العلم ليس حمسوس حىت يرسقه؛ ذللك قال:
َْ ُ َ ُ َْ ُ َ َ ًّ َ َ ْ ٌ َ ََ ُ َ َْ
بل يوجببد حـ ب
خ يفـ ب اممب ي وكبنببب ل َتبباف علـ ب يه ل يصببا
ُ َ َ َ
ببببببببببببببببببببببببببببا
ومع العلوم واألحاديث واملتونام ْمل» :أنت حتمل كزن كبري من كنت َ «خ يفـ
ذلك وأنت تسري ما فيه فرق بينك وبني الرجل اذلي يسري جنبك ،أنت حتمل كبري
ا لكنه يشء معنوي ،لكن هذا اليشء املعنوي حمبوب عند اهلل -ا
عز وجل -كثريا .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 18
ُ َ ُ َْ ُ ُ َ
كنتا» :يف املسجد موجود ،يف اْليت موجود ،يف الشارع موجود، «يوجد حـ
يف غرفة انلوم موجود ،يف املجل س موجود ،يف العمل موجود ،أما صاحب املال لو
تقول هل :أعطين عرشة آالف قرض .قال :ما عندي أروح اْلنك أعطيك -ما
عندي . -ولو قلت ملزارع :أريد كيلو من اتلفاح .يقول :ما عندي أذهب للمزرعة
وأعطيك .أما صاحب العلم يف الليل يف انلهار ،سفر حرض ،يلل نهار ...معه كزنه،
جيو ؟ تقول :جيو هذه املسألة .ما يه اآلية ؟ ثاين آية يف القرآن ( :ﭛ
ُ َ ُ
ﭜ) [َلتـُت ، ]3معه الكزن دائما يلل ...يف لك األحوال؛ ذللك قال « :يوجد
َْ ُ ُ َ
حـ كنتا».
َ أَََّلُّ اَ َلعلمَ ،نـ نـ وَل ُمكن ُُّ يَ أُ يشْ َُجع نل َانسـُ
َل س َ .لعلم َل ،وُن َلعلم َُجعَ ،اوَل نـ َُجعوُ ،وُن َبنك وَُ
أيس ذللك أن جيل هذه األمة يف صدورها ،واهلل يقول ( :ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ
ﮘ ﮙ ﮚﮛ) [َلعنك َت . ]49
َلعلم ،وخيل َلعلم بـلعلم ،ولسرشَ بُّ ،ولسس مس عا ـل ـلستسَ ــل
َلنس ـسُّ ُ -ع وج ، -وُسُع بِلك ـل َاا عن نتسُّ ،وتعلسم ََلرسُن مََ َُ
أعيـَ اَرـ َلعلم وـَن ـسُّ .
وَ َـ ْن فـــــِ أ ْء بِــــُِّ م َــــ َاوَيتتـــــ -12ـََأــــــو بِكمِْـــــذَ ِا َمأ ْا مـــــ أ ِبنْـــــُّ
َ وََسْ ََْوتتــــــ
ْ َع تنَََــــــ َ
عمآثَــــــذْ َ ُ بِــ ْه ََبــاََإ َمنْ تــ
َ -13مَمــاْ َمــ ْو َبــــ َ
َ ُْ َْ َْ َ ُ
اق مينه» :هذا من فضائل هذا العلم؛ أنك إذا بذتله قوهل« :ي ييد بيكْثة ي ي
اإلنف ي
يزيد ،يعين :إذا علمته إىل اآلخرين -بإذن اهلل -ي ُ ر
بارك يف هذا العلم؛ فهو اكلروض
إن نزل عليه الغيث وهو اتلعليم اد .
[َ ويزيد بسبب بربكة هذا الويح ،اهلل يقول( :ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ)
،فما تأخذ منه ومعينُك هو انلور .وهذا اليشء املبارك وهو كتاب اهلل وسنة ]29
ُ ا ا
بارك اهلل فيه يف العطاء ،اهلل يقول ( :ﮗ
انليب -عليه الص الة والسالم-؛ ذللك ي ِ
ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ) البد أن يميش به ( ﮠ ﮡ ﮢ
،فهكذا الضوء ال ينري إال إذ ُ
جعل ]122 ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [َانعـت
يف مساحة ،أما لو ُ
جعل الضوء يف علبة ما أنار ،لكن إذا أخرجته من العلبة
أنارت؛ وهكذا العلم ينبيغ للشخص أن يبثه عند أهله وجريانه وأصحابه وأقاربه
وحنو ذلك ممن يقدر عليه باحلكمة واتلؤدة .
ُقَ
َ ًّ َ َ َّ َُْ ُ ْ
َوينقببُ إين بيب يه كفبا َددتببا
ْ ُ
بباق مينببه
َْ ك َْ َ ُ َ
اإلنف ي ي ي ة ببْث ي ييببد ب ي
زنن َل علم ،لكن مََ م تعلمُّ ط أل ،لِلك ُكَس ـل َلعلم ُعني ُنق
َل ُُّع ِلم ََلرس ُنسا َلعلم، َلعيـْ ،نـََ اَم َل ُُّع ِلمَُ ،ـََْ َلشخ ُقلَُ
و ُ بـْ عنعَ َلعلم ،وُق عنعَ َْ نُّ بـلعلم وتعلسم َلعلم ـل ُّ .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 20
ًّ
واذلي يبخل يف تعليم العلم باتفاق أهل العلم بأنه أشد ذما من اْلخيل يف
ًّ
العطاء باملال للفقراء ،فاذلي عند علم ويبخل به وال ي ُعلمه أشد ذما من اْلخيل
ا يف املال ،وادليلل قوهل -ا
عز وجل( :-ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ
ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ)-والعياذ باهلل ( -ﯔ
ا
ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) ــ ( ﯛ) عل موا ( ﯜ ﯝ
ﯞﯟ) [َل قسن . ]161-159
ا ا
هلذا إذا عل م طالب العلم ارتفعت مزنتله ،ما علم تنخفض مزنتله اخنفاضا
ٌ
اعيلا ،بل عليه وعيد شديد؛ هلذا القاعدة يف اإلسالم :أن ما جاء فيه فضل كبري
ُ
اكن يف اتلفريط فيه عقوبة شديدة؛ ومن ذلك العلم ،تعلم ( :ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ
ﰌ ) [َنجـ ل ،]11تكتم ( :ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) .فينبيغ
ُ
لطالب العلم أن ي ُعلم ،بقدر ما يمكن يُعلم ،ينصح ،يررشد ،اهلل يقول ( :ﭼ
. ]33 ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [ ـيل
ُتيس َلعلم -وبَُْ َُ- َلعلم! َج اع ُعني ََنُّ ُقَ لك ُـ ــل
َلعيـْ ،وَل ِ ،ونتل اََ ُع لِن َلعلم ،ومََ وجعت لِن َلعلم اََ ُ اع
ََلرسُن .ـسن غي ليـ ل َلعلم أُ ُسعا لِلك وَل ُ َـف.
21 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
وَانسـُ َل ُعلم نغ َلك ونتل َلك ُ-عني َلِ َْ َلعلم -مَل َّ َلَــن،
نـََ انُّ ع ـ ن علسم ُكــنُّ َُ - -مََ لقي َلع ع بُّ ،- -نل تعجسلُّ
َِْ َلعنسـ نن َليمَنسن وَانُ بُّ ،- -وَنرشََ َليع ، للتب وََ َت
بُّ عا بي ن َ أنسَ َُ . - - وأُ ُع ع َلشخ
َِْ َلعلم َلِ ـل ك بس َّقون َلعلم وـعم َاُ ُ ُعني لَ َـ
َنسجع وَّتظ َن َُ وَلقسآُ عا َلك، َنكُ أعيـَُّ َُ -ع وج -لتبل
لِتُّ وـعمُّ َلعلم ُعني لَ آثست َل علم و أُ وم ُلاك َلنلس مَل َلك عن ـل
وأْعُ م تشغ نتسك وم تكلتُّ بـلنلس مَل تلك َنسأن وََع َل ي ـع أَّعُ
ملسك نن زوجُّ َّسنـْ لِلك ــ
َ َ َ َْ ْ َ
خد ٌر ب ي يينتيَا َكيفتا» :لم تتعب نفسك باجلري خلف أوئلك احلسان،« َول ي
ولم يكن ذلك همك؛ ألنك قد ذقت حلو؛ وطـعم العلم ؛ ذللك قال:
يعين :أن الروح ال يرشح الصدر بسبب األكل والرشب ،وإنما اذلي يرشح
الصدر و ينور القلب ويسن اخللق هو اإليمان باهلل وطلب العلم؛ ذللك قال لك:
23 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
َ ْ َ ْ َ َ ُ َّ ُ َ َ ْ َ ََ ْ ُ َ ُ ْ
فبإين أعطاكببه اَّلل انتفعتبا جلببد فيـبب يه
فواظيبببه وخ ي ي
ا ب ببِ
َ ُ ْ فقال لكُ ْ َ َ :
جلد فيـ يه» ا
ي ي ب ِ خ و «ومجالك، وقوتك قوتك هو أنه : يعين » ه «فواظيب
يعين :أي اصرب عليه واستمر ىلع احلفظ والفهم واحلرص فيه .
َ ْ َ ْ َ َ ُ َّ ُ َ َ ْ َ
«فإين أعطاكه اَّلل انتفعتا» :فإن أعطاك اهلل العلم انتفعت به يف ادلنيا
وانتفعت به يف اآلخرة ،فال تبيغ بدال وال تبيغ حتويال عن العلم ،فال تشغلك
ادلنيا وال يشغلك اهلو؛ املطاع.
يعين :ال تطع هواك ،يعين :لو عرفت العلم حقيقة لم تطع هواك ،ولم تنشغل
بزينة ادلنيا ،ولم تنشغل باخلرضة واملزارع ،ولم تنشغل بانلظر واإلكثار من
النساء وإىل املردان ،ولم تنشغل باألكل والرشب؛ وإنما اذلي ينفعك هو طلب
العلم.
َ ْ َ ْ َ َ ُ َّ ُ َ َ ْ َ ََ ْ ُ َ ُ ْ
فبببإين أعطاكبببه اَّلل انتفعتببا جلبببد فيـببب يه
فواظيببببه وخب ي ي
ا ب ببِ
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 24
.فلما اد علمك وأثىن عليك انلاس ،جيب أن يزداد خوفك؛ ألنك سوف ]28
َ ْ َ ََْ َ َْ
حتاسب «عليمت؛ فَل ع يملتا؟» .
يعين :أن انلاس قد شهدوا لك بأنك سوف تسأل عن هذا العلم ألنك اعلم،
فبيق عليك اجلواب .املسألة األوىل اليت يه العلم أثىن عليك انلاس بها ،بايق
َ ْ َ ََْ َ َْ
اجلواب ىلع ذلك «عليمت؛ فَل ع يملتا؟» .
َّ َ ْ َْ َ َْ ُ
قال« :فرأ ال يعل يم تقوى اَّللي» يعين :أن األصل يف العلم؛ هو تقو؛ اهلل،
وقمة العلم ،وأعاله ،وخالصته ،وثمرته ،واملقصود به؛ هو تقو؛ اهلل .
َ َ ْ َ َ ْ ُ َ َ َ َ ْ ََ ْ َ َّ َ ًّ َ ْ َْ َ َْ ُ
ولبيس بيأن يقال :لقد رأستا فبرأ الب يعل يم تقوى اَّللي حقا
فالعلم ليس بأن يقول عنده علم ،العلم بأن يقال ذلك هو الرجل العامل
بعلمه ،فيجمع بني املحمدتني علم وعمل ،اهلل يقول ( :ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ
25 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
-نعم -واهلل أعلم ،وصىل اهلل وسلم ىلع نبينا حممد .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 26
ملا بني لك انلاظم - -فضل العلم وعلوه ،وأن رأس العلم هو تقو؛ اهلل
وخمافته -كأنه اآلن يف هذه األبيات بدأ يعاتب طالب العلم اذلي يفعل بعض
املعايص والسيئات ،فلما قال هل:
َ ْ َ َ ْ َُ َ ََ ْ َ ْ َ َّ َ ًّ ْ َْ َ َْ ُ
َولبيس بيأن يقال :لقبد َرأسبتا َ
فبرأ الب يعل يم تقبوى اَّللي حقبا
بعِ علم ُغاَ بعِ َلسسنـت ،أو ُقرص ــَلُ تَجُّ مَل ــل
َلََج ـت ،ــ
ْ ْ َ ُ َ َ ْ ََ ْ َ ُ َ
كن» يعين :أفضل ثوب تلبسه هو تقو؛ اهلل «وأفضل ثوبيك ي
اإلحسان ل ي
والطاعة ،واإلحسان نلفسك؛ وتصل إىل املرتبة العايلة ويه مرتبة اإلحسان فوق
مرتبة اإليمان .
َ َ َ ْ َ ْ َ ََ َ ْ َ ْ ْ َ ُ َ ََ ْ َ ُ َ ْ َ
باءة ي قبد لْيسبتااإلس
ي َ نرى ثبو كبن
اإلحسان ل ي
وأفضل ثوبيك ي
لكن نسَأل َطاـ َّسنـ نن َلسسنـت .
َ َ ٌْ ْ ُ َ ْ َ ْ َ ْ َ َْ بد َك العلْ ُ
بم َخ ْ ً َ َ َ ْ ُ ْ
فخبري مينبه أن لبو قبد ج يَلتبا بريا ي إيذا مبا لبم ي يف
ْ ُْ َ َ َ َ ُ ْ َ
«إيذا ما ل ْم ي يفدك ال يعلم خريا» يعين :إذا لم يصدك العلم عن فعل هذه
ً
َ َ ْ َ َ ُ َّ َ ْ َ َ َ َ ْ َ
َلتك ما ف يَمتا» فأين العلم ً السيئات َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ ُ َ ْ
«إيذا مالم ي يفدك ال يعلم خريا» [«فلـتك ثم
،
َ ٌْ ُْ َ
ري مينهاذلي أوتيته وفعلت هذه السيئات؟ «فَلَيْتَكَ ثُمَّ لَيْتَكَ مَا َفهِمْتَا» -نعم«]-فخ
ٌ َ ْ َْ َ ْ َ َْ
أن لو قد ج يَلتا» أي :أن فعل السيئة من اجلاهل خري من فعلها من طالب العلم .
27 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
ل بَـ ـ َمْأ ْ َـ ـ
َ معَْ َـ ـ م
ل ثـ ـ ت
َمـَمـَْــــ َ م ل َِــــٍ بََْــ ـ و
ا َمْْ ــ ـ م
-23وَأ ْء أمعبـ مـــــ م
()1
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 28
وَتَبْـــ ذ َِــــٍ َعنَــــا أء أ ََ م ِذْتَـــ -24اَــ َ ْلنٍِ بِــ ْه ثِ َـ ـ َأ َعنَلْـ ـَأ سََْْـ ـ
ُ وَعمــ ـ ْا فَ ِـــوْ َت
وَتـــــاسَو أ ْء نََِ ْـــ َ ُ بَــ ـ
ُ وَأماْــ ـ َ
-25وَتـ بـــــ مو أءْ سَْأَبــ ـ َ
أ ََ َــــ ـ بَِْــــ ـ ـَاْبتــــ ـ نَ َِب َــــ ـ ل بَنْـ ـ َو ِـ ـ
-26وَتَـ ْد فــــذ َمـ ـاْعم ٍِ عمـ ـ م
يف هذه األبيات ينبهك انلاظم --قبل وقوع ندم قد يدث عليك يف
حياتك فتندم ندامة كبرية ،فهو يقول أنت اآلن خرجت من ادلنيا انتبه احذر
فانلاس صنفان صنف يندم وأنا أحذرك منهم- ،أحذرك أن تكون منهم،-
وصنف يفرح ،فاذلي يندم اذلي ال يطلب العلم ،واذلي يفرح هو اذلي يطلب
العلم.
َ ْ َ ًْ ْ َ َ َ ْ
ذللك قال « :ستج ين مين ث يماري العج ي جََل » يعين :ستجين ثمار وسيئات
َ ْ َ ًْ ْ َ َ َ ْ
وحرسات كثرية بسبب اجلهل «،س تج ين مين ث يماري العج ي جََل » :ستجين من
َ َ َْ ُُ اجلهل ثمار متعددة سيئة ،من ثمارهاَ « :وت َ ْص ُغ ُ
ِب تا » ،إذا كرب
ي ك ا ذ إ
ي يون ـ الع ِف
ي ر
ب
سنك نظرت انلاس إيلك قليلة ،واح تقار ،فأنت يعتربونك جاهل ،فمن ذلك عدم
كربك عند انلاس وتعظيمهم قدرك هلم؛ هذا مما قد يوقع يف قلبك حرسة علما بأن
الشخص أو طالب العلم ال ينظر إىل مثل هذه األمور لكن يقول إن قدرك يف
املجتمع قدر اجلاهلني ،واجلهل يف املجتمع ال يرحم نظرته للجهل هكذا.
َ ُ ْ َ ُ ْ َ ْ َ ََْ َ َ
ومن السيئات اجلهل واحلرسات« :وتفقد إين ج يَلت وأنت باق» ،حىت
وأنت يح ما كأنك موجود ،وال يقل قال فالن وال فعل فالن ،ولو مت تفقد أشد
وأشد وال أحد يعرفك ما كأنك خلقت ،هلذا ترون يف لك يوم يذهب للبقيع
29 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
عرشات اجلنائز ما يه اجلنا ة اليت نفقدها ؟ فقط جنا ة العالم ،واليت ال نفقدها
جنا ة غري العالم.
ْ َ ْ َ ُْ َ ُ
ذللك قالَ « :وتفقد إين ج يَلت» :ولو وجدت يف احلياة؛ جمهول ،إذا مت أشد
ُ َ ُ
وأشد فال يعرفك سو؛ أوالدك ثم تبىق مع الغابرين ،أما إذا علمت قالَ « :وتوجد
ْ َ ْ َ َْ ُ ْ َ
إين عليمت َولو ف يقدت ا» :وأنت غري موجود يف احلياة يف املجالس كأنك موجود
معنا يف املجلس؛ قال ابن با قال شيخ اإلسالم قال ابن القيم ...ذللك قال :
َْ ُ ْ َ ْ َ ْ َ ُ َ ُ
َِْ َحلسـن َنجلُ أو ـقعت « َوتوجد إين عليمت َولو ف يقدتا» ،سواء ـقعت
ََنُّ َّي ،ــ َانـت نسلم ََنُّ َّي ،ــ ََنك نَجَ نعنـ ــ َانـت َل خـ
أبَ َو ََنُّ َّي ،نـ َلِ أَّسـْم َلعلم.
َّسـتك وَّي بعع ـتك ،وأرشا ــلنـظم ُقَ أنـ أ ُعأل نَ ََْلْ َّي
َحلسـن وننعثس ََسأل بعع َن ت. علسك نن َحلُّسن أنك نس
َْ ُ ََْ َ َ َْ َ
حي » :بعد أمد طويل وإذا كرب بك العمر قالَ « :وتِك ُر قول يِت ل ك تعد ي
وأنت وجودك مثل وجود غريك حني ذاك تتأسف وتتحرس ،ذللك قال:
َ َْ َ ًّ َ َ ْ ً َ ْ ُ َ ْ َ َ َ َ ْب َ
إ يذ ا حق ا بيَبا يو مببا ع يملتبببا َو تِك ُر قول يِت ل ك تع د حيب ي
إن عملت بنصيحيت وطلبت العلم فسوف يبىق أثرك يف احلياة ويبىق ذكرك
بعد املمات ،ذكرا وأثرا ،فهو ينصحك بطلب العلم ،هلذا ال يبىق ذكر للشخص
سو؛ بالعلم بغري العلم ما يبىق ذكر هل ،وهو اذلي يرفعه ،وهذا من آيات اهلل اليت
ذكرها اهلل ،يف قوهل ( :ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ)
،]11رفعه يف ادلنيا ويف اآلخرة ،املال يرفع الشخص يف حياته فقط بعد [َنجـ ل
املمات ما ينفعه ،األوالد يرفعون ذكره يف احلياة بعد املمات ما يرفعونه؛ يموتون
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 30
مثلك األوالد ،واملال مثلك يو ع وينتيه ،لكن العلم هو اذلي يكرب وييا،
ذللك نصيحة ابن اجلو ي يقول « :وال ال العلماء ينصحون بطلب العلم»(،)1
ويه وصية اهلل -لطلب العلم-؛ طلب العلم.
وأنـ أنيحكم ب ـلعلم ،وَّتظ َن َُ ،وَلقسَْن ،وععت ملـع َاوــت ،وععت
َلعلم ،وَل عع عن َللاَ ،وععت َل كـا ،وععت َليح َل ي تَْنك عن ـل
َلعلم، َلُِن مُ وجع أَّع َُْن نن َّتظ َن َُ أو ُبعف نن َََّـَ ،لَ ،ـل
،ونـ ُشك علسك َاَ ،وجـلُ أْ َلعلم وز ْم وََّتظ َن َُ ،وَـسأ َلك
نن َلعلم ونن أْ َلعلم َ ْم ونحَ َلك ل كَُ ـسُ بسَُتم و جمـلسام
َّ ا ُنتل َُ بك َحلسـن وبعع َن ت.
()1
31 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
بسم اهلل الرمحن الرحيم ،ملا ذكر انلاظم --حثه لك ىلع طلب العلم،
َ ًْ َ ْ ْ َ َ َ ْ
ار العج ي جََل»؛ ثم قال:
واتلحذير من اجلهل «ستج ين مين ث يم ي
ُ أعمـــت مـــ َمـــوْ سَ َنْ َـــ
وَبَِبـ ـ َ ْ ابْـــــحت
-27وَأ ْء أم ْ ََب ََْـــــ وَاَ َـــــدْ َ
وَبَــــ تــــ ْنٍِ َع تنوََبَـــ فَ أ ْء اَـــوِبْ َ ْ بِـــ ْه اَـــوَ نَمَََْْـــ
َ -28ممَـــ ْا َ تَنَـــ ـ
ل َوَمــ ْو اَــ فَب َ
َمــــ ِو ََْ َت منـــاَ نَمََْــ م ل َِـــٍ اَـــ َ
-29أ ََ أمبْبَـــذَْْ َحْ َـــــ م
ْ
هنا قوهل :وإن أهملت نصيحيت لك ،وتركت العلم ،وركنت إىل اجلهل « َوإين
ْ َ َ ُ َ َْ َََْ َ ْ َ ََْ ََ ْ َ ُ ْ ً
أهملتَا َونبِت نصحا» :وتركت نصيحيتَ « ،وميلت إيَل حطام قد َجعتا» :ملت
ْ ََ َ ََْ َ َ َ َ َ ُّ
إىل ادلنيا واللهو وإضاعة الوقت؛ «فس ْوف تعض مين ندم علـَا» :سوف تعض
ُّ
َ َُ ْ َ َْ َ ُْ
من ندم ىلع تركك هذه انلصيحة ،لكن « َوما تغ ين انلَّدامة إين ن يدمتا» مىت ستندم
َْ َ ُ َْ َ َ َ َ َْ َ ْ َ َ ْ َ
؟ «إيذا أبَصت صحبك يِف سماء» وأنت -يعين -جبهلك «..قد سفلتا» ،رأيت
صحبك قد ارتفعوا بالعلم ملا جدوا واجتهدوا ،وحفظوا املتون ،وحرضوا دروس
ُ
العلم ،وأنت قد سفلت جبهلك ،وعدم حفظك ،وركونك إىل الكسل وادلنيا واللهو
وحنو ذلك .
يعين كأنه يقول لك :من لم يطلب العلم سوف يندم ،ومن طلب العلم
فسوف يرتفع ،وإذا ارتفعت؛ فإن أقرانك اذلين لم يطلبوا العلم يتمنون أنهم اكنوا
مثلك ،إذن :احرص ىلع طلب العلم تلكون أنت املرتفع ،وانليب ﷺ يقول « :ال
حسد إال يف اثنتني رجل أتاه اهلل احلكمة فهو يقض بها ويعلمها( )1ورجل أتاه اهلل
القران فهو يتلوه أنا الليل وأطراف انلهار»(.)2
( )1رواه اْلخاري برقم ( ،)73ومسلم برقم ( ،)816من حديث عبد اهلل بن مسعود .
( )2رواه اْلخاري برقم ( ،)7529ومسلم بلفظ« :فهو يقوم به» ،رقم (. )815
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 32
ا فليفرح طالب العلم بالعلم ،وليسعد بالعلم ألنه يقربه إىل اهلل – ا
عز وجل.-
واهلل أعلم ،وصىل اهلل وسلم ىلع نبينا وحممد .
33 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
ا بَـ ـ َمَم ْ َـ ـ
َمــــ َ بِـ ـ ع ب ِ تـ ـ ْوَأ ف ل َهلفـــ ـاَ ْـنَت
َ -31مــــــذََسِنَْْ وَ َي ْ َننْـــ ـ م
ملا بني --فضل العلم وأنه لك العلو يف ادلنيا واآلخرة ،وسوء مغبة اجلهل
يف ادلنيا وليس هل رفعة يف اآلخرة ،وأنك إذا لم تطلب العلم فسيأيت ايلوم اذلي
تندم فيه؛ فقال لك :ملا ندمت ىلع ما فعلت وما فرطت يف أيام؛ يقول لك :ال حتزن
َ َْ َ ْ َْ َ ُ َْ
جعَا َودع عنك الَ َوين» الض عف ،واإلعراض ،وعدم
ر
وال تعرض ،تعال «فبرا ي
اجلدية يف طلب العلم .
ْ ُ ْ ُ َ َ ََْ َ َ َ َ َْ ََ ْ َْ َ ُ ََْ
فبما بيباْلُطءي تبد يرك مبا طلبتبا بوين جعَا ودع عنبك الَفبرا ي
ر
فما بض عف العلم يف حفظ املنت أو قراءة الكتب «ُتدْرِكُ مَا طَلَبْتَا» من العلو
يف طلب العلم ،وحتصيل العلم والرسوخ فيه!
أي :إذا اكن عندك مال ال ختتال به ،وترتفع ،وتستكرب ىلع انلاس؛ بل اهلو عن
َّ َ َ ْ َ
مالك وأعرض عنه ،فليس لك من املال «إيل ما عليمتا» أي :أن املال احلقييق
والكزن الكبري اذلي تملكه هو ما طلبته من العلم .
وَعمـــــ ْا بـــــَبلف َعنِــ ـذََ أ عمــــُّ تَــ ـَمتتت -32وَعمـ ـ َْ َ عِ َل ِـــم َِـــٍ َعنتـ ـ أ ب ْـــه
ْ « َولَيْ َس ي َ
جلاهيل يِف انلَّا ي ُمغن» أي :أن اجلاهل حىت لو كث ماهل ما يغين
انلاس وال ينفعهم ،وال يرويهم من ظمأ وال يمأل بطونهم من جوع .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 34
َ َ ُ َ َ َّ َ َْ ُ ْ ُ
اق َل تأّت» ولو كث ماهل وحصل هل مجيع ما يف العراق من ي ر ع
ي ال ك «ولو مل
أموال ملا اكنت مليئة باألشجار واألنهار واثلمار ،فلو كنت تملك مجيع ملك
العراق؛ مما فيه من خريات -مما ذكره املصنف يف منه ،-فلن تغين انلاس ولن
تشبعهم؛ ألنك جاهل ،فال يشبع انلاس إال العلم ،فهو اذلي يرويهم ،وهو اذلي
ينور بصريتهم ،وهو اذلي يهديهم إىل طريق اجلنة ،أما صاحب املال ما يغين انلاس
ولو أغناهم أغىن أجسادهم .واملراد هو :غىن الروح؛ ذللك قال:
ََْ َ َ ْ َ ْ َ ََ َ َْ َ ُ ُ ُّ ْ ي َ ْ َ ُ َ َ
بربتبا
ي َ ل و تم ع
ي ط ن بأ س ي لو بان
فبببقوت الببروح أرواح الم ي
بع
-نعم -واهلل أعلم .
35 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
إذا هدمتا باجلهل تلك املباين العظيمة .فال يرتفع بناء الشخص وفكره وعقله
وماكنته إال بالعلم ،حىت لو اكن عنده ما عنده من املباين العايلة.
فكأنه يقول لك :أنت أثرت وفضلت املال ىلع العلم وبنيت املباين وهذه ما
َ َْ َ ً َ َ َ َْ َ
لم جََل » يف اتلفضيل« ،لبعم ُرك ِف تنفعك ،فأنت «جعلت املال فوق ال يع ي
َ َ ْ َ » يعين :هذا ظلم جائر فال يمكن أن املال ي ر ُ
فضل حبال من القضـ ية ما عدتلا
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 36
األحوال ىلع العلم ،وإنما العلم هو اذلي يقوده واملال هو اذلي يتبعه ،ذللك أهل
اتلجارة هم يتبعون أهل العلم ،وهم اذلين يسألونهم ،وهم اذلين يتأدبون معهم،
فصاحب املال يبحث عن صاحب العلم ،أما صاحب العلم فهو يبحث عما فيه
رضاء اهلل ،ويعلم اآلخرين ،ومن قرب من اهلل اهلل --رفعه وأعز ماكنته ،قال
،]11 [َنجـ ل سبحانه ( :-ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ)
وصىل اهلل وسلام ىلع نبينا ا
حممد.
ا
37 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
فتعلم حني ذاك أن اهلل --أمر نبيه بأن يزتود من العلم ولم يأمره بأن
يزتود من املال ،واهلل --ال يريد نلبيه إال ما هو خري ،فلو اكن املال خري من
ا العلم ألمره اهلل --بالزتود منه ،ولم يأمر اهلل -ا
عز وجل -نبيه بالزتود بطلب
الزيادة بيشء سو؛ العلم؛ فدل ىلع أن العلم أفضل ال شك من املال ،لو ما يأتيك
إال العلم يرسك واملال أنت حترسه ،واملال جيلب لك اهلم والعلم يأيت لك
بالطمأنينة ،املال يذلك عند اآلخرين ........تبيع األرض؟ تشرتي السيارة بكم؟
أقل املبلغ؟ أنا حمتاج ،العلم يرشف بك هذا جيو هذا ما جيو ،فبينهما فرق،
واإلنسان ال ير يد نلفسه إال الكرامة وال يريد هلا اذللة واملهانة ،قال:
إذا رفع الغين شعار بأنه غين أنت رفعت شعارا أفضل من شعاره وهو شعار
العلم ،هو يبني للناس أين صاحب مال وهم ما يرون منه يشء؛ ماهل ليس ظاهرا
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 38
عليه ،أما أنت فعلمك ظاهر عليك؛ تتلكم بفصاحة ،ببالغة ،تبني ،تظهر ،أما ذاك
فماهل مكنو غري ظاهر للناس.
فالعاقل ،الرشيد ،احلا م ،اذليك ،املوفق ،هو من جيتهد ويبذل اغية جهده يف
طلب العلم؛ ألنه أرشف ما يمكن ىلع وجه األرض ،أرشف ما يمكن؛ انلبوة
وانقطعت ،فلم يبىق إال مرياث انلبوة ،فمن قرب ألخذ ذلك املرياث هو أفضل من
أوجده اهلل --من العلم واخلشية.
َ َ ْ َ َ ُ ُّ َ ْ َ ُ َ ْ ً
ار َيئا» يعين :أنت ما عليك من األغنياء ،وال تنظر «وليس يُضك ي
اإلقت
َ َ ْ َ َ ُ ُّ َ ْ َ ُ َ ْ ً
ار َيئا» إيلهم ،وال تقل ملاذا أنا فقري؟ ففقرك ما يرضك« ،وليس يُضك ي
اإلقت
َّ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َْ َ
يعين :ما يرضك الفقر ،اإلقتار هنا :الفقر« ،إيذا ما أنت َربك قد ع َرفتا» عرفت
ربك ،وأطعته ،وقربت منه ،ولم تعصه؛ فهذا هو الغىن احلقييق ،فالغىن غىن
اإليمان ونور اإليمان وليس بكثة املال .
أو حاج ة وحنو ذلك ،فكأنه هنا يقول لك :أنخ جبسدك وقلبك عند باب اهلل
َ َ َ َ ََْ
واطلب منه الرضوان ،وأكث من طاعته «ب يفناءي طاعتي يه أ تا» ،ثم قال ملا
نصحتك:
َُ َ ََ ْ
ْ
ول ينلُصح ق ْو يل» يعين :أنا نصحتك فلتكن انلتيجة أن تقبل
«فقابيل بيالقب ي
َ ْ َ َْ ْ َ َُْ ََ ْ َ َْ
ِستا» :إن أعرضت عن نصيحيت بعدم
نصيحيت« ،فإين أعرضت عنه فقد خ ي
طلب العلم ولم تطلب العلم ولم تلحق بالصاحلني ولن تعلو عنهم؛ فإنك قد
خرست بذلك.
ََ َْ َ َ
اإل ََل ب ي يه
ثم بعد ذلك بني أنك إذا أطعت ذلك وفعلته قوال وفعال «وتاجرت ي
َْ
َر يِبتا» يعين :وإن فعلت ذلك وهو طلب العلم ،وأقبلت إىل اهلل --وىلع
طاعته ،وتاجرت بالعلم معه سبحانه؛ فيه من خري اتلجارات عنده ،--
َْ َ َ َ َ
« َوتاج ْرت اإل َ
َل ب ي يه َر يِبتا» فيه جتارة راحبة معه سبحانه ويه طلب العلم. ي
إذن :كأنه يقول لك :استمر يف طلب العلم فيه جتارة راحبة واعيلة ،وسوف
تذوق نعيمها وذلتها يوم القيامة ،واهلل أعلم.
43 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
ثم قال:
َ َ َّ َ َ َ َ ُ َ َ َ َّ
« َوَغيتَا إيذا فك ْر َت فـَا» مع أن فيها أحزان ورسورها قليل «إيذا فك ْر َت»
ََْ َ
يف هذه ادلنيا وحاهلا؛ «كفـئيك» ،مثل الظل يزول ،الظل يف حلظة يزول ،لك ظل
يف انلهار ثم يزول ثم ينجيل؛ رسيعة الزوال ادلنيا.
ََْ َ َْ َ ُ ْ َ ْ َ ََْ
«كفـئيك أو كحل يمك إيذ حلمتا» :لو شخص احتلم يف الليل إنك تملك
ماليني ادلنيا ثم تستيقظ ما فيه يشء ،فليس لك من حلمك إال يف منامك إذا
استيقظت ليس لك ،فليس لك من ادلنيا يشء تزول رسيعا مثل وال ظلك،
ومثل وال أحالمك اليت تراها يف املنام.
ثم قال:
ُ ْ َ َ ََْ َ ََ ُ
جنت بيَا وأنت لَا ُم يب» يعين :ادلنيا سجن املؤمن كما قال -عليه
«س ي
ا
والسالم ، )1(-أنت مسجون يف هذه ادلنيا ،لكن كأنه يقول :يؤسفنا أنك ا
الص الة
حمب هلذا السجن ولدلنيا وللمال فيها.
ُ َْ
ُّ َ ُ َ ََْ
جنتا» ،الشخص العاقل ال يب سجنه ،وإنما يب
ُتيب ما فيـ يه س ي «فكـ
اجلنة اليت هو فيها ،إذن :يقول لك :اعمل واكدح يف هذه ادلنيا بالعمل الصالح،
واحذر املال ،فاملال وإن اكن لك ما اكن فأنت يف سجن ،فكيف تفرح بادلنيا
و ينتها و خرفها من أجل ماهلا وأنت يف سجن ومن اكن يف سجن ال يفرح؟!
فادلنيا سجن املؤمن وجنة الاكفر ،واآلخرة جنة املؤمن وسجن الاكفر كما قال -
عليه ا
الصالة ا
والسالم -، )2(-نعم ،-واهلل اعلم.
قوهل :--
َ َْ َ ْ َ َ َ َ َْ ُ ْ ُ َ َّ َ َ َ ْ َ
سبتطع ُم مينك ما فيـَبا ط يعمتبا َوتط يعمك الطعام َوعبن ق يريبب
وتعيسك تعيسك ـ ـساـ نن ََ َت ،ـ عيسك َلَ ُعني ََلُ َا
َنََََلت وََرضوَت ،لكناـ َتالك ،تغُِك ،ـََْ ُّن ّ أرِت نـ أعي ك نناـ
لِلك ــ
إيلها وأعطتك من حاهلا فأنت تعر؛ حىت لو اكن عليك أمجل املالبس؛ ألن
اجلمال يف العلم وادلين .
َ ََْ ْ ََ َ َ ُ ْ
« َوتك ََس إين مَلبيسَا خلعتا» إذا خلعت ثيابها وابتعدت عن ادلنيا حني
ُ ُ ُ ُ
ذاك :ت كىس ،وجت امل ،وتثىن ،وتمدح ،وينالك اتلقو؛؛ ألن ادلنيا من قرب منها
ُ عرته ،ومن ُ
بعد منها ُسرت وأثين عليه . ي
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 46
قال:
ل عمــ ـ تـــــذََي عِ َــ ـ اَــ ـْأو تت
مَماتــ ـ م -51وَتَـ ْـَْـــــو فــ ـ تم ـَــ ـاْ َيَبــ ـ َه ِــــم
َ َْ
خل» دفن صاحب لك تدفنه ،وأنت تدفن
لك يوم تسمع بل قد تشاهد « دفن ي
َ َ َّ َ َ ُ َ ُ َ َ َّ
وتشاهده «كأنك ل تراد ل يما َ يَدتا» يعين :كأن أوئلك هم اليل يموتون وأنت لن
تموت ،ال؛ فهو يقول لك :اعترب فأوئلك يموتون وأنت ستموت بعدهم ،فاستعد
ا للقاء اهلل -ا
عز وجل -والعمل لآلخرة ،واالجتهاد فيه بالصاحلات واألعمال اخلرية .
-نعم ، -واهلل أعلم ،وصىل اهلل وسلم ىلع نبينا حممد .
47 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
عِـ َـنْـ ـــــذَ َ َملِــــ تو عِ َــــ َِ ب َــــ -52وَعمـــــَْ تـــــوَْم عِ َنْ ذَ َــ ـ وَعمكِــ ـهْ
ل بَــ َاْــ َ منْ َ
وَ َبــ ْه أمبْــ َذ يِـنِــ م ُ َمَأيْ َــ ـ أماْــ ـَُ َــ ـوْبت
-53وَأءْ ــ ـوِ َب ْ
ا
يقول --يف هذا :اهلل --ما خلقك تلخدل يف هذه ادلنيا ،وإنما خلقك
وج رس ألمر آخر وهو اآلخرة؛ فيه مرحلة يسرية وقصرية، يف هذه ادلنيا ألنها معرب ر
ومليئة باألنكاد واهلموم واملاكئد ،ومليئة بالفنت واملصائب؛ فما عليك فيها
سو؛ الصرب واالستمرار يف املسري ،فاملسري قصري ،وألن املسري قصري جيب عليك
أن حتافظ ىلع هذا السري حىت تنتيه؛ فهو قصري و إما جنة و إما نار؛ ذللك قال:
ُْ َ َ ُْ َ
« َول ْم َتلق يتلَعم َرها» جتلس وتمكث وتعمر هذه األرض .ومن أخدل إىل هذه
ر
األرض ندم؛ ألن ليست هذه مسكن ،وانليب ﷺ يقول« :كن يف ادلنيا كأنك
غريب أو اعبر سبيل»()1هذه حقيقتها« ،غريب» ؛ تأيت تأخذ حاجة لك يف اْلدل
ثم تسافر« ،أو اعبر سبيل» يف الطريق ،مثل تذهب إىل مكة ال يمكن وأنت يف
ر
الطريق أذن للصالة أن جتلس وتبين بيت وجتلس فيه؛ لو جلست تعمر فيه
لوصفك انلاس باجلنون ويقولون لك ليس هذا مسكنك! مسكنك عند أهلك،
هذا معرب طريق فقط؛ ذللك هذه ادلنيا كذلك .
َ ْ ُ َ َ َ َّ َ ُ ْ َ ْ ََ ْ ُ ْ َ َََُْ ََ
جببد ل يمببا خليقتببا
ي ف ا هبببربعتل
ي بن كي ولبم تبخلق يتلعمرهبا ول
ـجع بـليـع ،وَاََـ نن َلعلم ،وَل و بـليـحلـت ،وَلسعي لسىض َُ
.--
( )1رواه اْلخاري برقم ( ،)6416من حديث عبد اهلل ابن عمر .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 48
ً َ ْ ُ َ ْ َ ْ َ َْ َ َ ْ
«وإين ه يدمت ف يدها أنت هدما» :إذا هدمت هذه ادلنيا وأعرضت عنك؛
فأعرض عنها وال تليق هلا باال فإنك لم ختلق هلا .
َ َ ْ ََ َْ َ ْ َْ ْ ُ َ ْ َ ْ َ َْ َ َ ْ ً
َوحصن أم َر ديينيك ما اسبتطعتا َوإين ه يدمت ف يدها أنبت هبدما
اجعل همك هو ادلين ،واحلفاظ عليه ،وأن تضع عيله سياجا ئلال يهدم ،أو
رض بيشء ،أما ادلنيا فإن الواجب عليك اإلعراض عنها ولو هدمتخيدش ،أو ي ُ ي
ملا بني --اجلد يف طلب العلم وأن العلم هو املقدم ىلع املال بدأ يواسك
بأنك لو فقدت يشء من هذه ادلنيا و هرتها من مال أو منصب أو دراسة أو
ُ
شهادة وحنو ذلك ،أو أعطيت ماال أو وجة أو شهادة؛ فال تفرح فليس املقصد
بذلك فقط ،بل إن املقصد أيضا هو طلب رضا اهلل --وعمارة اآلخرة؛ ذللك
قال:
يعين :إذا جلست يف جمالس اللهو ،وأضعت أوقاتك وعمرك؛ فسوف تبيك
وتندم ىلع تلك األيام اليت لم تغتنمها يف طلب العلم ،ويف حفظ املتون ،ويف الزتود
من الصاحلات والعلم انلافع .
ثم قال لك :كيف تضحك وجتلس مع جمالس السفهاء وأنت ما تعرف ما يه
اعقبتُك هل إىل جنة أم إىل نار؟! قال:
ََْ َ
ت َر ْهن»ٌ ُ ك ب َُّ َ ْ َ َ
وأنت ما تدري هل أتفد؛ من انلار وما نأو ور
ي الِس «ومن ل َ ي
ُ ي ْ ُ َْ
تدخل انلار« ،أم غليلتا؟» أم -أن كتابك -تأخذ كتابك بشمالك وتغل؟ كما قال
سبحانه ( :ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ
ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ) [اإلرساء ( ،]14-13 :ﯞ ﯟ ﯠ
ي
ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ) [احلاقة ]25 :فيأخذه بشماهل ويُغل ،فكيف
تضحك وأنت ما تدري هل تفد؛ من انلار ،أم تكون من أصحاب انلار وتأخذ
كتابك -والعياذ باهلل -بشمالك؟!
إذن :ال جمال للرسور يف ادلنيا؛ ألنك ما تعرف ما يه اعقبتُك ،وال يمنع أن
اإلنسان يفرح لكن بالفرح املرشوع؛ فإن جاءته نعمة يف ادلنيا يفرح بها ويشكر
ا اهلل - -عليها ،ويفرح أيضا بما أتاه اهلل -ا
عز وجل -من اهلداية واالستقامة؛
كما قال اهلل سبحانه( :ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ
ﮚ) [ يونس . ]58 :ذللك اهلل يقول ( :ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ
ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ) [االنشقاق. ]12-11-10 :
-نعم ،-واهلل أعلم .
51 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
قال:
ْ ُ َ َّ َ َ َ ُ ُ ُّ َ َ َ ْ َ َُ ْ َ ً َ
بن مببَّتبون ات
بيمبا نباداه ذو انلب ي فافبباَونببا يد إيذا سبببجدت َل اع ي
َ َ َ َ َ ْ َ َ ُ وإذا سجدت هل ادع ربك مثل ما ناداه يونس بن ا
مىت، «ونا يد إيذا سجدت َل»
ْ ُ َ َّ ذا انلون بن ا ُّ ُ َ
مثل ما ناده يونس ُ َ َ ،- -
مىت هو « بيما ناداه ذو انل ي
ون اتن مَّت»
يونس ،فناده باإلخالص ،يونس بن ا
مىت ناد؛ يف الظلمات أن ال هلإ إال أنت
سبحانك إين كنت من الظاملني ،فناداه باتلوحيد ،واتلرضع ،واملسكنة هل-
سبحانه.-
ــ
ل أءْ َمذَنْ َـــ
اَـََـ بـــــ َ َب بَــــُّ عمـــ م -61وَعمـــ ـ أ ْ َب بَـــــُّ َمـذْنـــ ــت نَمَـــ ـ إ
يعين :أكث من ادلاعء؛ فادلاعء يقرع اْلاب ،فإذا أكثت من قرع اْلاب فإنه
ٌّ َ ََْ ُ َ َُ َ َ ْ ََ ْ َ
حري أن يفتح لك فإنه -سبحانه- «سـفتح بابه لك إين قرعتا»
-سبحانه -حري
اْلاب إن قرعته؛ فهو --كريم ،وغين ،ومحيد ،وودود ،ولطيف ،ورحيم،
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 52
--وذو و ٍد ؛ فواجب عليك أن تكث من ادلاعء ،وأن ال تمل ،وال تيأس ،وال
تتضجر ،وال تسأم من عدم استجابة ادلعوة؛ بل أكث وأكث و أكث ،فهو سبحانه
ا يسمع لك دعوة تدعوها؛ وال تعلم ما احلكمة اليت يؤخرها اهلل -ا
عز وجل -يف
استجابة داعئك هل ،فقد يرصف عنك رشور عظيمة ال ختطر لك ب بال ،أو يدخرها
لك يف اآلخرة ،أو يعطيك مثلها؛ فأنت استمر ىلع ادلاعء حىت ولو لم تنل مطلوبك
ولو سنوات ،وأيقن بأن لك دعوة دعوتها بأنه-سبحانه -يسمعها ،ولم يرمك ملا
دعوته من عدم قدرة أو غنا ،ال ،وإنما حرمك حلكمة أنت ما تعلمها؛ فاذلي
حرمك هو الرحيم ،واذلي حرمك هو الودود ،واذلي حرمك هو اللطيف ،واذلي
حرمك هو الكريم .
فأنت ادع ،وأحسن الظن باهلل وداوم عليه قرع اْلاب حىت يفتح لك ،وال
تيأس من ذلك .وصىل اهلل وسلم ىلع نبينا حممد .
53 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
عِـ ــــ ْد م َذ َِـــٍ َعمتـــ َ ِ أ ََ َ مذْتَـــ -61وَمأ بـــــِِ ْذ ِ بــ ـذَإ َِــــٍ َ مف َْ أ يَأببتــ ـ
َوَمكِّــــذْ مــــَْ َــــ ِن َمــــ ْو َي مَنْ َــــ -62وَعمـ ـ تَـ فــــ أم َعــــب َ ََِـ ـ ُِّ َبْ َِْـ ـ َ
ًَْ ْ َ ُ َ ََ ْ ْ ْ
قوهل « :--وأْ يْث ذيكره يِف األر يض دأبا» يعين :أكث من ذكر اهلل دائما،
ا الس َماءي إ َذا َذ َك ْرتَا» ،فإذا ذكرت اهلل -ا
َّ َ ُْ َ ًَْ
عز وجل -يف ي « يتلِكر يِف ملاذا؟ ا، دائم «دأبا»
األرض ذكرك اهلل –سبحانه -باثلناء عليك عند املالئكة يف السماء؛ كما قال
سبحانه( :ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) [اْلقرة ،]152 :وقال سبحانه
.وانليب -عليه ا
الص الة ( :ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ) [احلرش]19 :
ا
والس الم -يف احلديث القديس قال « :وإن ذكرين يف مإل -يعين :يف مجاعة -ذكرته
( )1
يعين :يف مأل املالئكة يف السماء؛ يعين :باثلناء عليه واملدح يف مأل خري منه»
هل .
سل َلسَت وَللسل َ ــ ا حـنُّ وَُ ا حـنُّ (أر أو) أنس بَُ َُِس
(ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ
َ وـ . ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [ قُ ]40- 39 :عني
( )1رواه اْلخاري برقم ( ،)7405ومسلم بلفظ« :وإن ذكرين يف مأل ،ذكرته يف مأل هم خري
منهم» رقم ( ،)2675من حديث أيب هريرة .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 54
صفات املنافقني ،ألن املنافقني ال يذكرون اهلل إال قليال؛ كما قال سبحانه ( :ﮆ
يعين :يف الصالة ،وأيضا خارج الصالة، [النساء]142 : ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ)
فاملنافقون ذكرهم هلل قليل .
وينبيغ للمسلم أن يكث من ذكر اهلل ،وإذا أكث املسلم من ذكر اهلل –
سبحانه -مع حفظ اهلل هل كما قال « :- -احفظ اهلل يفظك»( )1يكون ذكره
يف أشد وأحلك األحوال واملواقف؛ ويه سكرة املوت ،فيكون ذكره هلل يسري عليه
فيه؛ ألنه قد اعتاد من ذكر اهلل –سبحانه ،-وانليب - -ويقول« :من اكن أخر
الكمه من ادلنيا دخل اجلنة »( .)2فمن اكن مواضبا ىلع اإلكثار من ذكر اهلل يسهل
عليه يف تلك احلال احلرجة ذكر اهلل –سبحانه -واخلروج من هذه ادلنيا بذكر
اتلوحيد؛ ذللك ينبيغ للمسلم أن يعطر لسانه كثريا بذكره –سبحانه ،-وأعظم
اذلكر :القرآن ولكمة اتلوحيد .
ْ َ ٌ َ َ َُ
قال َ « :ول تق يل الصبا فيـ يه امتيَال» يعين :اغتنم وقت شبابك وال تقل أن
أمايم فرصة واسعة أمايم من الزمن أتزود فيه من العلم ،واتلىق ،والصالح ،وأتوب
يف آخر عمري ،ال ؛ ألن املوت ال يعرف مىت يتخطف املرء؛ كما قال سبحانه( :
ا
ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ) [لق ُ ، ]34وقال -جل وعال ( : -ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ
،]11وقال ( :ﰈ) ،فاملوت يأيت بغته؛ ذللك قال: [َننــقَُ ﯙ ﯚ)
( )1رواه الرتمذي يف السنن برقم ( ،)2516ويف مسند اإلمام أمحد برقم ( ،)2669من حديث
ابن عباس .
( )2رواه أبو داود يف السنن برقم ( ،)3116ونصه« :من اكن آخر الكمه ال هلإ إال اهلل دخل
اجلنة» ،ويف مسند اإلمام أمحد بلفظ «:وجبت هل اجلنة » ،رقم ( ،)22034من حديث معاذ
بن جبل .
55 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
ْ َ ٌ َ َ َُ
« َول تق يل الصبا فيـ يه امتيَال» يعين :فيه مهلة؛ أمايم من إىل ستني اعما ،ال؛
فقد يتخطف املوت املرء وهو صغري ،يعين :كن مستعد للتوبة يف لك حلظة من
يلل أو نهار؛ كما قال انليب « :- -كن يف ادلنيا كأنك غريب أو اعبر
سبيل»(.)1
قال :وإذا أردت أن تعرف أن املوت غري مضمون يف تأخريه إىل بعد شيخوخة
َْ َََْ َ َ َ
من السن؛ قال :أنت تر؛ بعينك « َوفك ْر ك ْم ص يغري قد دفنتا» فكم من صغري
قد دفن ،و دفنته بيدك ،أو رأيته بعينيك قد محل ،فاملوت ال ينظر ال إىل صغري وال
إىل كبري؛ بل قد يكون من يموت من الصغار هم أكث عددا ممن يموت من
الكبار ،وال تعلم هل تعيش مع الكبار أم ال.
يعين :استعد لطلب العلم وللنقلة إىل اآلخرة يف لك حلظ ٍة وحني ،فاملوت ال
ينظر إىل العمر ،وإنما حبكمة اهلل --يتخطف من يشاء ويزنع روح من يشاء
بعلمه وحكمته .واهلل أعلم ،وصىل اهلل وسلم ىلع نبينا حممد .
هنا يبدأ حماورة املنصوح الصغري أو املخطئ -هو يعاتب انلاصح ملا وقع ذلك
َ َ ُْ
انلاصح يف يشء من اتلقصري؛ ذللك قالَ « :وقل :يا ن ي
اص يح» وـ أيـ َننيََ ُـ
َ َْ َ َ ْ َ ُ ْ
حك» أنت نصحتين أن أطلب العلم لكن رأيت منكنـ حي! «أنت أول بينص ي
تقصري يف العلم! انصح نفسك ال تقرص يف العلم ،وأر؛ منك أنك تنصح انلاس يف
اإلكثار من العبادة ،لكن أر؛ منك قصورا يف العبادة! أر؛ منك أنك تنصح
انلاس بكثة تالوة القرآن ،لكن أنت تقرص -والعياذ باهلل -يف قلة تالوة
القرآن العظيم!
فهنا جيعل ر
غريه يعاتبه؛ يلكون العتاب ىلع انلفس أشد ،فكأن رجال مقرصا
خياطب ذلك الرجل الصالح ،وال شك أن انلصح من املقرص قد يكون أشد وقعا
من نصح الصالح لصالح ،فلو -مثال -رجل يتأخر عن الصالة وهو مستقيم ،ولو
أتاه رجل يدخن ويسبل وحنو ذلك ،يقول :أنت رجل -ما شاء اهلل -مستقيم،
لكن أراك آخر الصف! وأنا ليس حايل كحالك ومع ذلك أيت مبكرا؛ هذا أشد
َ َْ َْ َ َ ْ َ ُ ْ ُْ َ َ
حك» يعين :الالكم اذلي قلته يف الوقع ،ذللك « َوقل :يا ن ي
اص يح بل أنت أول بينص ي
57 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
ْ َ َْ ََ َ َ
يل أنت أوىل به« ،ل ْو ل ي يفعليك قد نظ ْرتا» لو نظرت لفعلك من القصور وحنو ذلك
فأنت أوىل بانلصح أن تنصحين به .
َ ً
يط ل ْوما» يعين :دائما تلومين ،كأنك تقطعين من
ْ
َّ ََ َُ ُ
ثم قال« :تقطع ين لَع اتلف ير ي
شدة وكثة ما تلومين به من اتلفريط يف العبادة واتلقصري .
َ ْ َ َْ ََ َْ َّ ْ
يط» أنت أيها انلاصح وأيها طالب العلم «ده َرك قد قطعتا»؛ ادلهر
« َوبياتلف ير ي
انقطع ،منك وحياتك انتهت بتقصريك ،فأنت اجتهد يف طلب العلم ال يفوتك
طلب العلم حىت ولو كنت رجل صالح اجتهد يف طلب العلم ،أنت نصحتين فأنا
اآلن أنصحك .
ثم ــ
ََ َ َُ ُ َ
« َو يف ي
صغ يري َتوف ين المنايا» يعين :وأنا صغري ،وأنا أصغر منك ،تقول :انتبه
َ َ َْ ُ َ َْ
ال يأتيك املوت -وأنا صغري ،-لكن أنت اآلن كبري « َوما تدريي يِبال يك حـ
ْ َ
يَختا» أنت اآلن كبري ما تدري مىت يأتيك املوت؟ أنت نصحتين وأنا صغري صح
واستجبت لك ،لكن أنت كبري اآلن واملوت قد يكون أقرب منك ي
إيل فلماذا ال
تستعد بكثة الطااعت واْلعد عن السيئات؟
واملراد بذلك يف هذه األبيات مجلة :أن طالب العلم ينبيغ أن يكون قدوة
صاحلة ملن حوهل يف املجتمع ،وقد تكون القدوة بالفعل أشد تأثريا من احلديث
وادلعوة بالقول ،فإذا رأ؛ انلاس رجال صاحلا بتالوته ،وكثة تعبده ،وإتيانه
للمسجد مبكرا يتأثرون به حىت ولو لم يتلكم ،وإذا تكلم اكن أشد وقعا يف
القلب ممن ابتعد عن الصالح .
-نعم -واهلل أعلم ،وصىل اهلل وسلم ىلع نبينا حممد .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 58
اآلن ما ال املنصوح يعاتب انلاصح ،يقول :نعم أنت نصحتين وأنا صغري يف
السن لكن أنت أيضا كبري رأيت يف حالك تغريا من تقصري يف العبادة وحب
دلنيا ،وأكثت وقوع يف اذلنوب واخلطايا ،ذلا وأنت يف شبابك كنت مستقيما
ٌ
يشء من حالك؛ ذللك قال: لكن اآلن تغري
َ َْ َ َ ً ُُ َ ََ
« َوكنت مع الصبا أهدى سْيـَل» يعين :كنت يف صباك أنت الشيخ تلنصحين،
كنت رجال مستقيما قدوة َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ ،فما لك ملا ُ
كربت «فما لك تعد َيبيك قد نكثتا»
َ ََْ
وظهر الشيب فيك «نكثتا» أي :نقضت العهد ،وهو عهد االستقامة ىلع هذ
ادلين .
ََ َ َْ َ ََ َ َ ُ ْ
ثم اعتبه ،قالَ « :وها أنا ل ْم أخض ِب َر اخلطايا» يعين :وأنا صغري ما اقرتفت
َ َ َ ْ ُ ْ َ ُ َ َّ َ ْ َ
خطايا ،وأنت اآلن كبري وبالغ وتفعل اذلنوب؟! «كما قد خضته حَّت غ يرقتا»
يعين :أكثت من اذلنوب ،فشباه اذلنوب باْلحر اذلي يغرق ،كذلك اذلنوب تغرق؛
ا ومما يدل ىلع أنها تغرق اهلل -ا
عز وجل -يقول ( :ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ
يثقل الظهر ،ثقيل يعجزك امليش حىت يف امليش احليس [َلرشَ ]3-2 ﮯ ﮰ)
هذا اذلنب يعجزك؛ ذللك تر؛ صاحب الطاعة أقو؛ روحا يف امليش .
ُ َ َّ ُ َ ْ
« َول ْم أ َ َ َ ْ ْ ُ َ َّ ُ َ ْ
ْشَ ُحـا أم دفر»ُ« ،حـا أم دفر» :هذا لقب يطلق ىلع اخلمر. ــ
يعين يقول :أنت ترشب اخلمر أنا ما قد رشبته ،أو يريد بذلك ادلنيا؛ يعين :لم
59 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
ُ
يرشب حب ادلنيا يف قليب كما أرشبت يف قلبك ،ألن ادلنيا من أسماءها أنها
ُ
ت سكر؛ ذللك قال:
ََْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ ُ َ َّ ُ َ ْ
ْشبتَا«وأنت ي ، قليب يف ادلنيا حب أرشب لم يعين: «ولم أْشَ ُحـا أم دفر»
ُ َ َّ َ َ
حَّت سك ْيرتا» أي :أ رشب يف قلبك حب ادلنيا حىت سكرتا عن اخلري وإتباع اخلري
واْلعد من املعايص ،أو يريد بذلك الظاهر؛ يعين :أنا لم أرشب اخلمر ،وأنت
رشبتها حىت سكرتا ،لكن قد يكون املعىن األول أقرب ،وهو املراد :أن قلبك
ر ُ
وأعرضت عن اآلخرة ،فيعاتبه ويقول هل :ال تعرض عن قد أرشب بادلنيا و ينتها،
اآلخرة ،بل أقبل ىلع اآلخرة وا هد يف ادلنيا -.نعم -واهلل أعلم ،وصىل اهلل وسلم
ىلع نبينا حممد .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 60
كأنه يقول لك -املصنف : -انتبه أن يقول لك أحد هذا الالكم إذا كربتا،
ويقول لك أين أنت وأنت يف املدينة! وحلقات طلبة العلم! وأنت ما حتفظ متون!
وال حترض دروس أهل العلم! وال تقرأ يف كتب السلف! فانتبه وتدارك منك من
اآلن قبل أن تدار عليك األيام وتسمع تلك اللكمة املؤملة؛ ذللك قال:
ََْ َ َ َ ْ َ ٌ َْ ْ ََْ ََْ ْ َ
«ولم أنشأ بيعَص فيـ يه نفع» ،وفيه علوم وطلبة علم« ،وأنت نشأت فيـ يه»:
ُ
نشأت يف املدينة ،يف املسجد انلبوي ،فيه ِحلق ،فيه عندك من يفظ املتون ،وفيه
ََْ َ َ َ ْ َ
املشايخ يف الفنون؛ ومع ذلك قرصت باللهو واللعب وإضاعة الوقت «وأنت نشأت
َ ََْ َْ
فيـ يه َوما انتفعتا».
ثم ــ
َ ََْ َْ ََْ َ َ َ ْ َ بواد فيـ به ُظلْ ٌ َ
ََ ْ ْ ُ ْ
بل بب َ
وأنببت حللببت فيـ ب يه وانتَكتببا ببم ي ول ببم أحلب ي
61 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
يعين :أنت اآلن تتلكم يف هذا الرجل ويف هذا الرجل؛ تظلمه بالغيبة وانلميمة
وتكذب عليه ،أنا حافظ نفيس منذ الصغر ،فلماذا تتلكم يف انلاس وتظلمهم
وتأخذ أمواهلم وأنت رجل كبري ؟! وأنا صغري ال أفعل ذلك ؛ ذللك قال:
َ ََْ َْ ََْ َ َ َ ْ َ ٌ ُ ْ َ ََ ْ َ ْ ُ ْ
وأنببت حللببت فيـ ب يه وانتَكتببا ول ببم أحلببل بيببواد فيـ ب يه ظلببم
يعين :كأنك سكنت يف بيت ظلم ،فيحذره من الظلم ،وليس املراد من الظلم
فحسب أخذ أموال انلاس أو أراضيهم؛ بل من أعظم الظلم الغيبة وانلميمة
والوقوع يف أعراض انلاس باحلديث والكذب .
ثم قال:
ت َأ ْع ََل ًما ك َيب ً
ارا» يعين :يف بدلك علماء كبار وجالسترهم وعرفترهم
ََ ْ َ َْ َ
«لقد صاحب
ْ
ْ َ َ ََ ْ َ َ ْ َ َْ َ َ ونظرت إيلهم ومع ذلك مما ر
:لم تقتدي «..لم أرك اقتديت بيمن ص يحبتا» يؤسف
بهم يف العبادة ،وال يف العلم ،وال يف الصالح ،فيجب عليك مصاحبة أهل العلم،
وأن تقتدي بهم يف األمور الصاحلة انلافعة - .نعم -واهلل أعلم.
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 62
َلسن ،أو َاا ـَُ ،ععََ َنعلم ،أو َ ْنـ َِْ َننيََ ُنيِل َلسج َلك
مَل َل َب ُ -ع وج -لِلك ُقَ
َ ُ ْ َ َ َ ُ ُْ ََ َ ُ َ َ َ
ُتبه»َ « ،وناداك الكيتاَ»؛ كما يف قوهل : َ
«وناداك الكيتاَ» إىل اتلوبة؛ «فلم ي
( ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ) [انلور ،]31:وقوهل:
[الزمر: (ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ)
..« ،]54ناداك الكيتاَ» ( ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ) [اتلحريم] 8 :؛
َ ُ َ َ َ
ََ ُ ُْ
ُتبه». ْ
«فلم ي
« َونبَك المش ُ َ َ ََََْ َ َ َّ َ َ
ـب فما انتبَتا» :خرج الشيب فيك يف رأسك ويف حليتك إذنا ي
بدنو أجلك ،وقرب رحيلك ،ودخول قربك ،ومع ذلك ما انتبهت! فأيقظ نفسك
ا وتب إىل اهلل -ا
عز وجل -؛ ذللك يقول ابن عقيل - :--قال« -:الشيب مرض
املوت»( . )1فإذا رأيت الشخص قد شاب فاعلم أنه قد مرض باملوت وأن املوت
قريب منه .
َُْ ُ َ َ
اِب»« ،يقبح بيالفَّت» يعين :يرشني أن الشاب
ثم قالَ َّ ُ ْ َ َ ُ ُ ْ َ َ :
«ويقبح بيالفَّت ف يعل اتل ي
ص
يفعل أفعال الصبيان من اإلعراض عن العلم ،والعبادة ،والزتود من الصاحلات،
واللهو ،واللعب؛ هذا أمر قبيح يف حق الشاب ،وأقبح من الشاب أنت يا كبري
()1
63 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
السن اذلي تفعل أفعال الشباب من الكسل يف العبادة ،و اتلواين! وفعل أفعال
الشباب يف العصيان ،وإضاعة الوقت ،واللهو! الشاب ي ُعاب عليه أن يفعل أفعال
الصبيان ،وأنت ي ُعاب عليك أن تفعل أفعال الشباب ،والواجب عليك أن تقبل
ا ىلع اهلل – ا
عز وجل -بكليتك ،عبادة ،وعلما ،وصالحا ،وإصالحا ،ودعوة،
وتعليما لآلخرين .
ثم ــ
ٍ مأسْـــوََ بَـــ ْه َبَ ْ َـــ
عِـنَــــَْْ َمْْـــ َ َ اِــ ـاََ َ
ل ت عمــ ـ تَــ ـدْب ْ
-74وَ َا بمَــ ـ م
« َونفسك ذم» يعين :ال تتلكم يف أعراض اآلخرين ،وإنما ذم نفسك باتلقصري
َ ْ َ َ ُ َّ
َ َ ْ َ َ ُ َّ َ َ ْ ُ ا
عز وجل َ « ،-ونفسك ذم ل تِم ْم س َواها» :ال تتلكم يف أحد
واْلعد عن اهلل -ا
ي
َ ْ َ َ ُ َّ َ َ ْ ُ
لعيبَ « ،ونفسك ذم ل تِم ْم» أحد لعيب فيه ،فنفسك أجدر من نصحتها،
وأجدر من ذممتها ،وأجد ما المتها؛ ذللك اهلل يقول ( :ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ
ﮐ ﮑ ﮒ ) [َلقسـن ، ]2-1فيثىن ىلع الشخص إذا اكن يلوم نفسه؛ ايلوم ما
ا
استيقظت إال مع األذان الفجر ،ما صليت الوتر؛ يتحرس ىلع ذلك الفعل ،ايلوم
فاتتين راتبة قبل صالة الفجر ،ايلوم ما صليت سنة الظهر القبلية تأخرت عن
الصالة ...وهكذا ،فيلوم الشخص نفسه عن اتلقصري ،فالواجب ىلع الشخص أن
ا يتوب إىل اهلل -ا
عز وجل ، -وأن يفعل أفعال السابقني ،ويقتدي باألنبياء
والصاحلني ،ويافظ ىلع وقته ،وال يتلكم يف اآلخرين ،يفظ لسانه.
ْ عم َـــ َا م ب َـــ
ُ َعَـ َِـــ َ
وَعمــــاْ فنْـــ َ -75-وَأماْــــ َ
ُ أم َــــــ ـ بِ ع ت بنَِــــ ِو بِنـــــٍ
َ مأَف ـ ْم عم ـلم َم ـ ْو أم ِبنْ َ ـ
ل عم ـ ْ
عِـدَاْـ ِـــ م ا َاَْـ ـ
ُ َعـــوبَ َن َْنَـ ـ م
-76وَعمــــ ْا بَكمـ ـ ِ
ْ وَعمـ ـ مأَمنْ َــ
ْ َم َـ ـ َرْ َ َــذْ َ
أفبِــــذْ َ ُ نَ ْـــو
ل ِب فمبَـ ـ أء وَأماْـ ـ َ
-77وَبَــــ ْه عمــــ م
انلاصح؛ يقول لك :نعم صح أنت اعتبتين فرطت يف العلم و احلفظ -املتون-
واتلقصري يف العبادة ،لكن أنت أحق باللوم وبذكر معاييب مينُّ َ َ َ ْ َ َ ،
«وأنت أحق
ْ
بياتلَّفنيـ يد» يعين :باللوم ،وذكر املعايب وتعدادها .
َ َ َ ْ ُ ْ َ َّ َ َ ْ َ َ َ ُّ َّ ْ
«وأنت أحق بياتلفنيـ يد مين ولو كنت اللبيـب» :ولو كنت أنت الرجل العاقل
ََ ََ ْ َ
«لما نطقتا» بنصيح ،نلصحت نفسك ثم نطقت بنصيح؛ يعين :فكيف تنصحين
ر
وأنت مقرص؟! فمع نصحك يل افعل ما قرصت فيه ؛ ئلال تالم بانلقص والعيب .
َ ََْ َ َ ً َ َ َ
ت ادلما عـناك خ ْوفا» هنا املفعول متقدم ىلع الفاعل؛ يعين ْ
قالَ « :ولو بك ي
ََْ َ
اك د َيم ً َ َْ َ َ
اء»؛ يعين ولو بكت عيناك ليست دمعا ترتيب اْليت« :ولو بك ي
ت عـن
َ
َ ُْ َ َ َْ ََْ َْ َ
وإنما دما « يِل نبيك» حرسة وندامة «ل ْم أقل لك قد أمينتا» وجنوت من انلار
وتدخل اجلنة .
ٌ َ َ ْ َ َ َ َ ََْ َ َ ْ
ان وأنت عبد» :كيف تأمن وأنت عبد تموت ىلع اإلسالم أو«ومن لك بياألم ي
غري اإلسالم؟!
ََ ََ َْ ََ ََْْ َ ُ ْ َ
«أميرت» :أمرك اهلل « - -فما ائتمرت» :نفذت أمره« ،ول أطعتا» ما أمرك
ا اهلل -ا
عز و جل -به؛ ذللك ال تغرت بكثة عبادتك ،وال خبشيتك ،وال بطلبك
65 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
للعلم؛ بل هذا مما يدوا بك إىل خشية اهلل واخلوف منه أن تسلب عنك هذه
انلعمة عند الوفاة .
-نعم – واهلل أعلم ،وصىل اهلل وسلم ىلع نبينا حممد .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 66
س أ تَ ََمكب َــــ
ممَــــ َ
وَاـاَِـــــ َُْ َ ِ ل يو َء َاْـــــْ
-81وَعمــــــ ْا وَََمــــــ ََُْ َبتــــ م
نَـمِـَـــــذ مأءْ َت فــــا َ بِ َـــ َ ََب َـــ ل َِـــٍ نَ َـــم وَعمكِـ ـ ْه
-82وَعمــــَْ ــ ـَـلبَِ ْ م
يعين كأنه يقول لك :ابتعد عن اذلنوب واملعايص ،وا علم أنك حىت لو ابتعدت
عن اذلنوب واملعايص ونوقشت احلساب فإنك تعذب؛ كما قال انليب :--
« من نوقش احلساب فقد عذب فلما سأتله اعئشة إذن ما هو فمن يعمل مثقال
ذرة خري يره ومن يعمل مثقال ذرة رش يره قال ذلك العرض»()1عرض األعمال،
ُ
لكن لو نوقش الشخص ىلع لك نعمة أ نعم عليه بها وما شكرها؛ ُعذب ،ولك رش
ُصف عنه ياسب عنه ذلك العبد بتلك انلعمة؛ ُعذب ،فضال عن كثة اذلنوب
واملعايص وترك الواجبات .
َ َ ْ َ َّ َ ُ َ َ ْ
ذللك قالَ « :ول ْو َوافـت َربك دون ذنب» يعين :لو أقبلت ىلع اهلل وأنت ما
عملت وال ذنب لكن نوقشت احلساب؛ فإنك سوف تعذب .
َ َ ً ََ ْ َ ْ َ ُ
قالَ « :ونوق يشت ام يساَ إيذا هلكتا» تهلك؛ ألنك نوقشت احلساب هذا وما
عليك ذنب فكيف لو عليك ذنب؟ وكيف يوجد عندك ذنوب؟
َ َْ ْ َ
ثم قالَ « :ول ْم يظليمك ]ربك[» يعين :ما ظلمك اهلل - -بسبب ذنب،
ََ ْ َ ٌ َ ْ َُ َ َ َََْ
سري أن تقوم بيما ُحلتا» عسري عليك ما محلته من اذلنوب « ول ي
كن ع ي
( )1رواه اْلخاري برقم ( ،)6536ومسلم بلفظ« :من حوسب يوم القيامة ،عذب» فقلت:
أليس قد قال اهلل ﴿ :--ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﴾ [االنشقاق ]8 :؟ فقال :ليس ذاك
احلساب ،إنما ذاك العرض ،من نوقش احلساب يوم القيامة عذب» ،رقم ( ،)2876من
حديث اعئشة .
69 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
واخلطايا ،واهلل - -ما ظلمك ،لكن هذا ما اقرتفته يداك .إذن :ابتعد عن
اذلنوب واملعايص واخلطايا .
-نعم -واهلل أعلم ،وصىل اهلل وسلم ىلع نبينا حممد .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 70
املؤمنون يف اجلنة ليسوا ىلع مرتبة واحدة ،وإنما درجاتهم تعلو ىلع حسب
إخالصهم وأعماهلم هلل --؛ كما قال سبحانه( :ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ
ﯠ ﯡ) [آل عمران. ]163 :
فمزنلة لك شخص ىلع حسب عمله .وقال انليب ﷺ « :إن أهل اجلنة يلرتاءون
-يعين :منا هلم -كما ترتاءون الكوكب ادلري الغابر يف السماء»( )1كوكب صغري
يف السماء ؛ ا نظر إىل ذلك الكوكب ،يقال أيضا يوم القيامة :ا نظروا إىل ذلك املاكن
العايل هو مزنل فالن بن فالن؛ لعلو مزنتله عليهم .فانلاس يف اجلنة هلم درجات
غري جناتهم من انلار ،هلم درجات يف اجلنة ،ذللك هلل -سبحانه وتعاىل -وصف ذلك
ايلوم بيوم اتلغابن ،يغنب فيه انلاس بعضهم بعض؛ هذا أفضل مين هذا أرفع
مين...؛ كما قال سبحانه ( :ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ
ﯼ ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ
ﰉﰊ ﰋ ﰌ ﰍ) [اتلغابن. ]9 :
فإذا اكن أهل اإليمان درجاتهم اعيلة وتتفاوت؛ جيب عليك أن تسىع ألن
تكون من أرفع ادلرجات -ومع احلرش ، -وأن تكون من أهل الفردوس األىلع
( )1رواه اْلخاري برقم ( ،)6555ومسلم برقم ( ،)2830من حديث سهل بن سعد .
71 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
من اجلنة ؛ ذللك قال املصنف حاث ا لك ىلع كثة الطااعت -فسبق أن يذرك من
املعايص ،اآلن يأمرك بالطااعت-؛ قال:
َ َْ َ ْ ْ َ َْ َ َ ْ َ ً
ْش ف ْردا» لوحدك ،ما ينفعك ال مال ،وال ينفعك «ولو قد ي
جئت يوم ام ي
َ ً ْ ْ َ َ َ
ْ َ َْ
َ ْ
ْش ف ْردا»: َ
بنون ،وال بنفعك جاه ،وال منصب ،وال نسب« .ولو قد ي
جئت يوم ام ي
َّ َ ََْ َ ْ َ َ َ َ
ازل فيـ يه ََّت» :جنان مرتفعة بعضها ىلع بعض ،هناك: لوحدك« ،وأبَصت المن ي
َْ ً َ َ ْ َ ْ َ َّ َ َ َ
«ألعظمت انلدامة فيـ يه لَفا» :تندم بلهف وحرسة ،تود أنك لو تزودت من
الصاحلات تلعلو درجتك .
وادلرجات اليت يعلو فيها املؤمن يف اجلنة يه حبسب أيامه هذه وحلظاته؛
يرض دروس العلم ،يصيل ،يزيك ،يصدق ،هنا يبين آخرته ،ودرجاته ،وجناته .
ََ َ َ ْ َ َ َْ ََ َ َْ ً ََ ْ َ ْ َ َ َ َ
لَع مببا يِف حـاتيببك قببد أضببعتا ألعظمببت انلَّدامببة فيـ ب يه لَفببا
تندم ىلع إنك فرطت يف هذه احلياة وندمت فيها .
َ َّ ُّ َ َ َ
ري َوتت يقـ يه» يعين :أنت تهرب من شدة احلر ،وتتقيه من
ج يثم قال« :ت يفر مين الَ ي
َ َْ َ ْ َ َ َّ َ َ َّ
رأسك« ،فََل مين جَن َم قد ف َر ْرتا» يعين :فهال هربت من أسباب دخولك نار
جهنم؛ ويه ترك السيئات ،واالستعانة باهلل ىلع فعل الطااعت؟
فهو يقول لك :أكث من الطااعت وابتعد عن املعايص؛ تلنجو من انلار،
ولرتتفع درجاتك يف جنات انلعيم - .نعم -واهلل أعلم .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 72
ملا ذكر -¬ -أن اإلنسان يفر من اهلجري فيجب عليه أن يفر -أيضا -من
جهنم ،ملاذا يفر من جهنم؟ ألنك لست تطيق عذابها.
ََْ َ ُ ُ ََََْ َ َ ً
طـق أهونَا عِابا» ،فأهون أهل انلار عذابا أبو طالب؛ حتت
قال« :ولست ت ي
قدميه مجرتان يغيل منهما -والعياذ باهلل -دماغه ،قال :انليب-عليه ا
الص الة
ا
والس الم« :-إنه أهون انلاس عذابا وهو يظن أنه أشدهم عذابا»(.)1
قالَ « :ولو كنت َ َ َ ََُْ َْ ُ ْ َ
ام يديد بيَا ِلتتا» ،كما قال سبحانه ( :ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ
. ]6وقودها انلاس واحلجارة. [َل حسُم ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ)
أقو؛ املعادن اليت ال تذيبها انلار؛ احلجارة .فاهلل --يقوي جسد العبد يف
جهنم -والعياذ باهلل -يلطيق عذاب جهنم ،ومع ذلك ال يطيق اإلنسان هذا
العذاب الشديد ،بل جدله ينضج ويشو؛ شويا شديد ا ،ويبد ل اهلل - -هل جدل ا
جديدا؛ كما قال اهلل سبحانه ( :ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ
. ]56 [َلنسـْ ﮘﮙ) -والعياذ باهلل ( -ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ)
َ ُْ ْ
« َول تنكير» هذه حقيقة؛ انلار حارة ،كما قال سبحانه ( :ﮃ ثم ــ
. ]11-11 ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ) [ َلقـ ع
وَمأ بـَِـــــــذَإ وَب ْنلم َــــــُّ اَــــــ َذْ َت ُ مأَمــ تم َنَْ ِـــٍ
« -88أمبَــــ بَـكبــــذ» م َــ ب َ
َوـَـ نِـ بــــَْ مَ أاتـــلم َمـــوْ َـــ َوَب َ ٍ بِــ َه َوموَــ أـ
ُ َِــ ت
-89مَ فــمِْ بَــ اِــ ْئ َ
َلنـ ِل بَنُّ أبَ بكس ،ـاَ َِْ َنقرص َلك َلسج َلنـ ِل ،ولق ََل ُ خيــ
َُبخ نتسُّ َ َِْ-ن كلمَ ََُ -لك َلنـ ِل ـع نيحُّ ،وََلُ َُُعَ عا نيسح ُّ،
وُقَ لُّ
ََ َ ْ
بعد أن نصحتين؛ أنت ذكرت فييا هذا العيب لكن عندي عيوب «أبا بكر»
وأرج ع إىل اهلل ،لكن لفرط جهيل ما
ِ كثرية ريب سرتها ي
يلع؛ واملفرتض أنين أتوب
تبت إيله ،وإن شاء اهلل سوف أتوب إيله وأتلجأ إيله حاال؛ ذللك قال:
َ َ
ت أقَ َّل َع ْـب» يعين :ذكرت أقل مساويئ وما ي
يف من املعايب،
َ َ ْ َ
ف ش ك » ر ك
َ َ ْ
«أبا ب
ي َ
يف من املساوئفتَا» يعين :أكث العيب ومعظم العيب وما ي « َوأ ْْ َ َ
ْثهُ َو ُم ْع َظ َم ُه َس َ ْ
واذلنوب سرتتها يلع؛ وهذا حلسن كرمك ،فلم تذكر يل سو؛ ذنب واحد لعيل
أتوب إىل اهلل.
ْ َ َ ِف م َ َ َ ْ َ َ َُْ
ازي َوضاعيفَا» يعين:
ي خ الم ين ويؤنب نفسه فيقول« :فقل :ما يَئت ي َّ
ر َ ُ ْ َ ْ َ َّ َ َ َ
ازي» واتلقصري ،وضعف يف اعتبين عتابا شديدا« ،فقل :ما يَئت يِف مين الم ي
خ
اتلأنيب وأكث من تلك اخلطايا اليت أفعلها؛ فإنك قد صدقت ،فقد فعلت لك ذلك
لكين أتوب إيله -سبحانه وتعاىل -وأتلجأ إيله.
75 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
س َب ب َــ ـ
نَـلِـــــََ ـــــاَأب َومحْ ــــا َ ْ َمْْــ ـ َا نَــ ـ َ
-91مََمــ ـ تَــ ـ ْذ َ َوم َن ـِــ ـ َ
ََ َْ َ َ
الم َعاي َ
ب» يعين :ال ترىض اخلطايا وال السيئات وال اذلنب ،وال ي «فَل ترض
الولوغ يف األمور الغري املحمودة ،فإنك إذا وقعت يف مثل هذه األمور ورضيت بها،
ُ ُ ويذمك انلاس وترىض بذلك؛ « ََع ٌر َعظ ٌ
ورث
ي ي « شديد عليك ذنب : » ـم ي
َ ْ ُ َ ََْ
المحبوَ مقتا» :انلاس اذلين يبونك يكرهونك؛ ألنهم علموا أن فيك خصلة
قبيحة من فعل اذلنوب واخلطايا ،وفعل أمور ال حتمد بك .
ــ
وَــ ْـوِعفـــــُّ بَكمــ ـ ءَ َع مــ ـاْ أ تَحْ َــ ـ -92وَـَْْــــاأـ ِب ع َاسَِــــ ُِّ بِــــ َه َعِـذَـتــــ
َ َ َ َ َْ َ ُّ َّ
َ َْ
جـ يه» يعين :الرجل العايل،
جـ يه مين الْثيا»« ،ويَ يوي» :يسقط« .الو ي
«ويَ يوي بيالو ي
ُّ َ َّ َ ُّ َ َّ
الْثيا» :جنم اعيل يف السماء ،ويستخدمه وطالب العلم ،والزنيه« .مين الْثيا»« ،
ثم قال:
َ َ ْ َ ُ َّ َ َْ َ ُ َ َ ادل َ
ك ََّ َ َّ َ ُ ُ ْ ُ َ
وُتعلببك الق يريببب وإين تعببدتا اري
ي ر كما الطاَعت تبب يدل
«ُتعلك القر َ
يب» من انلاس وإن كنت بعيد ا عنهم يف النسب ،أو يف املال،
َ َْ َ ُ َ
ي
أو يف الوجاهة ،وكذلك الطااعت جتعلك قريب من اهلل - -وإن لم يكن بينك
وبني اهلل ال حسب وال نسب؛ والس بب يف القرب من اهلل ومن قلوب عباده يه
الطااعت ؛ كما قال سبحانه ( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ
ﭘ ﭙ) [ مريم . ]96 :
()1
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 78
اذلنب قبل مخسني ،أو ثالثني ،أو عرشين سنة؛ فالبرش يعريون - .نعم ،-واهلل
أعلم .
( )1رواه اْلخاري برقم ( ،)3256ومسلم برقم ( ،)2831من حديث أيب سعيد اخلدري .
79 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
ملا ذكر --بأن املعايص تهوي بك وتذلك وجتعلك حقريا يف هذه ادلنيا-
اري» ،وجتعلك درا مضيئا، ادل َ ُْ ُ َ
بني لك حماسن الطااعت ،فالطااعت «تبدلك َّ
ي ر ي
ْ َ ُ َّ َ َ َْ َ ُ َ
اعيلا ،رشيفاَ « ،وُتعلك الق يريب» من القلوب « َوإين تعدتا» عن َابعَُ.
ْش عنك ِف ُّ َْ َ ً
ثم قالَ « :وتن ُ َْ َ َْ ُ
ادلنـا َجيـَل» يعين :تبيق لك اذلكر اجلميل يف هذه ي
ادلنيا ،وينصع طي بك بفضل هذه الطااعت.
َْ َّ َ َ ْ ُ َََْ ُّ ْ َ َ ً ََْ ُ ُ َ ْ َ
البِب فيـَبا حـب يَباتا
وتلَق ي ادلنـببا َجيبـَل ْش عنك يِف و تن
َْ َّ َ َ ْ ُ َََْ
يَاتا» يعين :أينما تتوجه تلىق اخلري بسبب الِب فيـَا حـ
ي َق-يعين« -وتل
الطاعة ،إذا توجهت إىل هذا املاكن تتيرس لك األمور بسبب الطاعة.
« َوتلَق َّ َْ َْ ُ َ ََْ
يَاتا» :أي ماكن شئت تذهب إيله؛ جتد فيه اخلري، الِب فيـَا حـ
ي
ا والرب ،واتليسري بفضل الطااعت هلل -ا
عز وجل .-
ــ
وَتَـــ ْلنٍِ َمم ْ ـ َو ََِ َ ـ َم ـ ْو مذَاْ ـ َ -95وَتَ ْ ــ ـِـٍ َِــــٍ َبنَ ِ َِْــ ـ نََأـــ ـَتَ
َ َ ََ َْ
َش يِف مناكيبيَا ع يي ًا» :املناكب :الطرقات يعين .يعين :وتميش يف هذه َ
«وتم ي
ادلنيا وأنت عزيز شامخ الرأس ،رافع العنق؛ بسبب الطاعة .
َْ َ َ َْ ََ ْ َ ْ َ َ
«وُت ين اممد فيـما قد غرستا» يعين :جتين وتقطف احلمد واثلناء وحب
َ َْ َ ْ َ
انلاس لك «فيـما قد غ َرستا» فيه من اخلري ،فلك ماكن غرست فيه خريا ،وتعليما،
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 80
وكتابا ،ونصحا ،وحنو ذلك ؛ جتين ثمرة ذلك ولو بعد حني؛ بسبب الطاعة هلل -ا
عز
ا
وجل ،-فالطاعة ال تأيت إال خبري؛ ذللك أمر اهلل بها خري اخللق وهم األنبياء،
واملعصية ال تأيت إال برش؛ ذللك حذر اهلل منها مجيع اخللق .
فعىل طالب العلم خاصة أن يزتود من الطااعت ويتقرب إىل اهلل -سبحانه
وتعاىل-ألن اهلل --أعطاه مهمة عظيمة ثقيلة ويه :تعليم انلاس وإرشادهم
ونصحهم .
ا أمر اهلل -ا
وأول أمر ر
عز وجل -به ملا نزل عليه الويح ( ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ٍ
ﭕ) [ املزمل ]2-1 :تعبيد هلل سبحانه .
ا ينبيغ لطالب العلم أن يكث من الطااعت والعبادة هلل -ا
عز وجل -أكث من
غريه - .نعم -واهلل أعلم ،وصىل اهلل وسلم ىلع نبينا حممد .
81 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
ََلُ َّـإل ،نـ ل، أن أع َم وأانـنكمُ ،قَ نن َْ وَْ ََلُ خيــ
أو ُّتع بُّ ـاَ ُقَ أنس ُُّ مسك علسك نن َنعـ نلسف َلسمع ،نـ َّعث
يشْ نن َلك َل تس يسل أُ ت خل انك لَ وـع َا مس عا َلك َلتع
ننُّ ْلَِ ــ
َ َْ ُ ْ َْ َْ ََْ َ
«وأنت اَلن لم تعرف بيعـب» يعين :أنت اآلن ما وقعت يف عيب ومعصية،
َ َ َ َّ ْ َ َ ْ َ َ ُ ْ َ َ ْ َ
«ول دنست ثوبك مِ نشأت ا» يعين :ما دنست بدنك ،املراد باثلوب هنا :يكىن
به عن اذلنوب واملعايص؛ كما قال سبحانه ( :ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ
،]4-1يعين :طهر جسدك وقلبك . [ َنعثس ﯕ ﯖﯗ )
َ َ َ َّ ْ َ َ ْ َ َ ُ ْ َ َ ْ َ
قال« :ول دنست ثوبك مِ نشأتا» :ما دنست ال ثوبك ،وال سمعتك ،وال
جسدك بيشء من املعايص .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 82
ــ
ََ َ ََْ ََ َْ َ ْ َ َْ َ ُ ََ َ َْ َ
ول أوضبعبت فيـب يه ول خبْتبا ان زور
ول ساتقبببت يِف مـببد ي
يعين :وما أنت معهم ،وما فعلت معصية قليلة وال كثرية ،وال وضعت فيه
يشء يسري إذا تأخرت .
َ ََْ َ
« َول خبْتا» :الرسعة يف امليش .يعين يقول ل ك :أنت رجل نظيف لم تقع يف
السبااق وال
جمتمع أو جملس فيه معصية ،ولم تفعل أي معصية؛ لم تكن فيها أنت ا
َْ َ َ ُْ ْ َْ َ
« َوأنت اَلن ل ْم تع َرف بيعـب»؛ فاستمر ىلع انلصاعة ،وىلع انلظافة ،والزناهة
والعلو؛ ئلال ي ُمسك عليك ذنب .وأنت ال تنظر للبرش ،وإنما هو اآلن يذرك من
املعايص ،وكما قيل :الرب يغفر والبرش ي ُعري .فأنت ال تغرتف أي معصية حىت ال
تقع يف ِرشاك املعايص واملأثم وسوأتِها - .نعم -واهلل أعلم ،وصىل اهلل وسلم ىلع
نبينا حممد .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 84
ن أ ََ اَ ِـــ ْ َ
ل بِ عبوََمـــ أ
وَبَــــهْ عمـــ م ُ ََِــ ُِّ
َ -99ــَـ أ ْء عمـــَْ تَـــنْ مَ َننْــُّ اَ ِــ ْ َ
اَلن لَمْ
َ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ يعين :العيب ،ألنه أشار إيله من قبل َ َ ْ َ
«وأنت «فإين لم تنأ عنه»
ُْ ْ َْ
تع َرف بيعـب».
َ َ ْ َ ْ َْ ََْ َ ُْ
شبت فيـ يه» ،وإذا «فإين لم تنأ عنه» يعين :العيب واذلنوب وتبتعد عنها؛ «ن ي
َ َ َْ َ َ ْ َ َ َْ َ ُ
شْتا» .نشبت فيها وعريت فيها «ومن لك بياخلَل يص إيذا ن ي
ل بَـــ َمْذْتَـــ
مـَماتــــلم َمــــ ْ َم َعِـــ م ل َ تـــت
-111توَاــــ بَــــ َت مْتـ ـ َذ ِبنْـ ـ م
ُ َ ُ َ َ َ َّ ْ َ
-يعين« -تدنس ما تطَ َر مينك» يعين :تدنس سمعتك؛ فسمعتك طاهرة
لكن إذا وقع اذلنب وفعلت اذلنب تدنس تلك السمعةَ َ َ ْ َ َ َّ َ َ َّ َ ،
«حَّت كأنك قبل ذل يك
َ َ ُ َ
ما طَ ْرتا» :حىت كأنك قبل ذلك ما عملت صاحل ا عند انلاس ،فتدنس تلك
السمعة .
ـحل ـ مسك ِبـ ـحل ،مََ َـن َلس ـق َل َلَ منـ أُ تكَُ ـحل أو ط
ف
-أُبـ -عا ومُـْـ نعسن عا ََ وتعسنك أن وأع ِبـ وَلزناـ ول كن أن
َلسـق اسن ــب عع عناـ وجـن اـ ورف نناـ وَرشاـ .
ف ََ ،ومََ َـن
الر فقة السيئة سواء اكنوا من جريان أووانلاظم --هنا :يذر من تلك ُّ
ر
من أقارب اإلنسان؛ ي ذرهم ،يؤدي حق اهلل - -فيهم يف القرابة ،وال يكث
ُ ُ ر
وإصالحهم. املكث فيهم خيىش من أن يفسدوا عليه أمره ،وجيب عليه دعوتهم
ا
وبني انلاظم --هنا :القسم اثلاين ،ويه ُّ
الر فقة غري الصاحلة؛ ذللك قال:
ــ
َو فــــهْ مــــ «َعــــ تم بِذـ» أ ََ عف ِمْـ ـ َ َ ِــــ ـدَََتَ
َ َو ََـَِبْــــ ـ ْ
-113وَ َ ِع بْــــ ــ ْ
َ ْ ُ « َو َخال ْيط َُ ْم َو َزايلْ َُ ْم ح َِ ً
ارا»..« ،خال يطَ ْم» إن احتجت إيلهم اكلقرابة وحنو ي ي
ً َ ْ ْ
َ َ ُ
حِارا» :وأنت حذر من أن ذلك ،أو يف الرشاء« ،وزاييلَم» يعين :مل إيلهم « ي
يفسدوا عليك أمرك .
87 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
ر
ارا» كما أن السامري خي ىش أن يمتنع من السالم « َو َخال ْيط َُ ْم َو َزايلْ َُ ْم ح َِ ً
ي ي
ا وخمالطة اآلخرين به .السامري :مثل ما قال اهلل -ا
عز وجل -أخرب عنه( :ﯠ
.]97 ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ) [ـُّ
فإذا أراد السامري أن ي ُسل م عليك أو يقرب منك ا حذره ،فالسامري خففت عنه
ا
العقوبة بأن قيل هل :اذهب لكن من سل م عليك ال تمد يدك إيله ،كذلك الرفيق
َ ُ ْ َ » :إذا ُ َّ َُ ْ َ
لم س السامري «وكن كب (الساميري) إيذا ل يمستا
اليسء احذره وابتعد عنه،
يبتعد؛ فابتعد عن ُّ
الر فقة السيئة اليت ترضك .
ْ َ ُ َ َْ َ
اآلن ابتعد عنهم وهم لن يرضوك بيشء ،فإن أرضوك « َوإين ج يَلوا علـك
َُْ َ َ ٌ
فقل :سَلم» يعين :إن جهلوا عليك وأخطئوا عليك؛ ا بتعد عنهم ال تقابلهم بمثل
سوءتهم .
ْ َ َ ََ ُ َّ َ َ َ ْ َ َ
« َومن لك بيالسَلم ية يِف زمان تنال ال يعص َم» :ت بحث العصمة فيه -يف هذا
َّ ْ ُ ْ َ
صمتا» :إال إن عصمت من رشورالزمن -لكن لن يعصمك إال اهلل« ،إيل إين ع ي
أوئلك؛ فأوئلك ٌّ
رش مستطري ابتعد عنهم؛ فال يكن وقتك معهم كثريا ،وإنما بما
فيه مصلحة؛ اكلقرابة لصلة القرىب ،غري القرابة :بما فيه نفع؛ رشاء بيع ثم تبتعد
عنهم كما تبتعد وتهرب من األسد وانلمر وحنو ذلك –.نعم ،-واهلل أعلم .
89 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
وكذلك اهلجرة يف بدل الكفر وحنو ذلك؛ ا بتعد عن ذلك املاكن فهو ليس
ماكن يقربك من اهلل؛ ابتعد عن ذلك املاكن ،فالشخص يبتعد عن املاكن اذلي
ُ ُ
يرضه يف طاعة اهلل -سبحانه -وعبادته إىل ماكن يعبد اهلل سبحانه --فيه.
وإذا اكن الشخص ال يستطيع ترك ذلك املاكن ألمر ما رشيع فإن عليه اْلقاء
يف ذلك املاكن مع الصرب وادلعوة واالحتساب هلل –سبحانه ،-وإذا اكن يمكن هل
ترك ذلك املاكن فليغرب وليرش ق يف أرض اهلل الواسعة؛ كما قال سبحانه:
]56؛ ذللك قال [َلعنك َت (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ)
انلاظم :--
ُ
اتلكبيل :قيد الرجل .يعين :إال إذا اكنت رجلك مقيدة يعين ما تستطيع أن
ترتك ذلك املاكن؛ فأنت معذور يف ذلك ،إذا اكن ال تستطيع ترك ذلك املاكن رشاع
فأنت معذور يف ذلك.
ثم قال:
وَاَــــذ ْ أ ْء بِــــذأـ ِلم َمـــوْ اَـــ أذَب َ -117وَ مـــــذسْ َـَ ع تـــــ َذـس ََِــ ـ ُِّ ََْــــذ
َْ
« َوغرَ فاتلَّغ ُّرَ فيـ يه خ ٌ َ ُ َ ْ َ
ري» يعين ملا قال لك :اترك ذلك املاكن اذلي فيه املعصية
فكأنك تقول هل :أين أذهب؟ قالَ ..« :غر َْ فَاتلَّ َغ ُّر َُ فيـ يه َخ ْ ٌ
ري» يعين :عليك
بالسفر والغربة ولو جهة الغرب .
َْ
ري»..« ،اتلَّغ ُّرَ فيـ يه خ ٌ َ ُ َْ َ ُ
قالَ « :وغرَ فاتلَّغ ُّرَ فيـ يه خ ٌ َ ْ َ
ري» :مثل ما قال انليب
()1
ﷺ « :ال يزال أهل املغرب ظاهرين» .واملراد باملغرب :أهل املغرب؛ يعين :أهل
الشام ،فالشام بالنسبة للمدينة غرب للشام؛ ذللك قال:
َ َ ْ َ َْ ََ ْ ْ َ َ ْ َ َّ َ
ببغ ُّر َُ فيـب يه َخ ْ ٌ
ْشقتبا
ي بد ق ك ق
ي ي بر
وَبرق إ ي ي ي
ب ن بري وغبرَ فباتل
يعين :اذهب جهة الرشق أيضا.
َ َْ َ َْ ْ
ْشقتا» :الريق -:معروف -اللعاب .إذا كنت قد رشقت
«إين ب ي يري يقك قد ي
بالريق وال تستطيع أن تذهب يف املاكن غرب بعيد عنك؛ اذهب لو إىل الرشق
َ َْ َ َْ َْ َ ْ
ْشقتا» .
«وْشق إين ب ي يري يقك قد ي
ثم بعد ذلك ذكر بيتني -¬ -يبني لك ما هو الزهد احلقييق ،قال الزهد
احلقييق يعين :ترك ماال يتاج إيله املرء من املباحات ،هذا الزهد احلقييق .
( )1مسند أيب عوانة برقم ( ،)7510من حديث سعد بن أيب وقاص .
91 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
عمَماْـــ ـَُ بَِْـــ ـ َفمبِـــــن أ ََ َ ِـــــو تت اعــ َ -118مَمــ َْ َ َعَـ ْــو َِــٍ َعوـ ْاََـــ
ُ أماْ َــــ
اـ ــــــاَ وَََْ ِت م نتــــ فنْــــ َ -119وَعمــــ ْا َمــــاْ َ َفمبِـــنأ تَكفـــاء َََِْـــ
ر ُّ ْ َ ُ ُ ً َ َ ْ َ ُّ ْ ُ
يعين :ليس الزهد يف ادلنيا ض عف وال مذمة. «فليس ال هد يِف ادلنـا ُخول»
َ َْ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ُ َ َ َّ
ُ
«ألنت بيَا األميري إيذا زهيدتا»« ،ألنت بيَا األميري» :ألنت توصف باألمري يف ادلنيا
إذا هدتا .
َ َ َ َ َْ َْ َ َ
يري» :ولو هناك وصف فوق األمري نوصفك فيهَ « ،ول ْو ف ْوق
َ «ولو فوق األ ي
م
َ ُ ُ َ ُ ُ ًّ َ ْ َ ً
األميريي تكون فيـَا سموا وارت يفاَع» ولَ ْنـأل و ف ني ُّت ك بُّ ط و ف
َِْ َلَ ف امَ و ـع لك لَ تنـأل بُّ لِلك ــ َان
ُ ُ ًّ َ ْ َ ً ُ ْ َ َ ْ َ ََ ْ َ ْ َ َ َ ُ ُ َ
سبمبببوا وارت يفبباَع كنببت أنتببا يري تكون فيـَبا
ولبو فبوق األم ي
ُ ُ
ونمدح ك به؛ هو وصف الزهد . فأىلع وصف نصف ك به
تطل عينك إىل ما ُ ُ
يرضك يف آخرتك ،وال جتشع يف معىن الكمه :ا هد يف ادلنيا ،وال ُ
ا ا
عز وجل -به ،واشكره سبحانه ىلع هذه احلياة ،وال تطمع فيها ،وإنما اقنع بما ر قك اهلل -
نعمه .واهلل أعلم ،وصىل اهلل وسلم ىلع نبينا حممد .
شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري 92
()1
93 شرح قصيدة أبي إسحاق اإللبيري
ــ
َ َ َ َ َ َْ َْ َ ُ َ َََْْ َ َ َ َْ َْ َ َْ ُ َ َ
حـاتك فْه أفضل ما امتثلتبا جبمعت لك انلَّصائ يح فامتثيلَبا
ُ
ت لك انلَّصائ يح» يف هذه األبيات السابقة ،ويه أبيات عظيمة ،ونصائح
َ َ َ َ ََْ
«َجع
اعلم ،فقي ٍه ،جمرب ،يبني لك شئون احلياة .
رجل اه ٍد ٍ ، كثرية ،ويه من ٍ
َ َ َ َ َ َْ َْ َ ُ َ َََْْ َ َ َ َْ َْ َ َْ ُ َ َ
ْه أفضل ما امتثلتبا حـاتك ف جبمعت لك انلَّصائ يح فامتثيلَبا
بسم اهلل الرمحن الرحيم ،احلمد هلل رب العاملني ،والصالة والسالم ىلع نبينا
حممد وىلع آهل وصحبه أمجعني .
قال انلاظم:--
يعين يقول :أنا مقرص ،وكثري اذلنوب ،ونصحتك ،حىت وأنا مقرص؛ خذ
بنصيحيت ووصييت لك .وهذا دأب العلماء -رمحهم اهلل -يف اتلواضع ،واستصغار
واحتقار ِهم ألعمال ِ ِه م الصاحلة ،واستشعار كثة ذنوبِ ِه م ؛ ذللك كتب اهلل
ِ أنفس ِهم،
ِ
ر ا
عز و جل -هلم القبُول . -ا
َو م اَـــ ـُْ َمــــــ ْ َم ََ ب ِرَـــــَ وَاِـــ ـ ت َ -115وَمـــــ ْو مأَْ َيَبـ ـَْـــــ تِمْـــنت ِمَـــ تا
ُ َ ً ََْ َََُْْ ْ ً
حسانا» يعين :ختمتها .يعين :ختمت هذه املنظومة اليت«وقد أردفتَا ت يسعا ي
َ ً َ
ََْ ََُْْ ْ ً
؛ ختمتُها بتسعة أبيات حسنة حسانا»«وقد أردفتَا ت يسعا ي
فيها انلصح واإلرشاد
َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ ً َ َّ
ستا» يعين :عدد أبياتها مائة ومخسة عرش بيتا . مجيلة« ،وَكنت قبل ذا ما يئة و ي
َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ ً َ َّ َ ً ََْ َََُْْ ْ ً
ستا»:حسانا» :هذه تسعة أبيات« ،وَكنت قبل ذا ما يئة و ي «وقد أردفتَا ت يسعا ي
مائة وستة ائد تسعة؛ يعين :مائة ومخسة عرش بيتا ،يعين كأنه يقول لك :عدد
أبيات منظوميت هذه مائة ومخسة عرش بيتا .
ــ
وَنِ ْذَتِــ ـ ُِّ َعكمذأ َــ ـ َِ بَــ ـ ِذْتَــ ـ َ -116و َـــم نََمـــت تَ َـ ـ أ َعذـاْـ ـمأ ََبـــٍ