You are on page 1of 3

‫جامعة غريان – كلية المحاسبة‬

‫قسم المحاسبة‬

‫آليات ومتطلبات حوكمة هيئات الرقابة الشرعية في المؤسسات اإلسالمية‬


‫"دراسة ميدانية على المصارف اإلسالمية "‬

‫قدم هذه البحث استكماال لمتطلبات الحصول على درجة البكالوريوس في المحاسبة‬

‫إعــــداد‬
‫إيمان توفيق القماطي‬

‫المشرف‬
‫الدكتورة رقية حميد‬

‫‪2441‬ه ـ ‪1212-‬م‬
‫‪ 2-2‬مقدمة‬

‫إن من سنن الله في الحياة التغيير‪ ،‬سواء في جانب حياة الطبيعة أو جانب حياة البشر‪ ،‬ولكن‬
‫جعل الله زمام المبادرة في التغيير في حياة البشرية للبشر أنفسهم‪ ،‬قال تعالى (ذلك بأن الله لم‬
‫يكـ ـ مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم))‪.‬‬
‫وفي موضوع التغيير والتطوير في المجال المصرفي اإلسالمي وتحديدا في مجال الرقابة الشرعية‪،‬‬
‫فقد كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أول من وضع أصول الرقابة بفعله وقوله ‪ ،‬فهو أول‬
‫من أسس سوقا للمسلمين في المدينة ووضع لها مبادئ وقواعد للمعامالت فيها ‪ ،‬تمثلت في‬
‫تحريم الربا والغش وإقرار البيوع المشروعة والمشاركات ‪ ،‬وأتبع ذلك برعاية ومتابعة أوضاع السوق‬
‫وسير نشاطه لتنقيته من أية ممارسات غير شرعية ‪ ،‬فيحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الغش‬
‫في قوله صلى الله عليه وسلم (من غش فليس منا)" وهو في حالة مراقبة ميدانية للسوق‬
‫واكتشافه للطعام المبلول ‪ .‬فهو من هذه الناحية يؤسس للرقابة الشرعية في سوق ناشئ ويضع‬
‫نواتها ‪ ،‬وفي جانب آخر فإن توجيهاته صلى الله عليه وسلم وإقراره للتعامالت المالية كقوله صلى‬
‫الله عليه وسلم (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما‬
‫محقت بركة بيعهما) وإقراره لعقود المضاربة لعمه العباس ‪ ،‬فإن تلك األقوال تمثل تأسيسا لوضع‬
‫تشري ــع متكامل للمعامالت المالية ‪ ،‬ولعل وجود باب مستقل في الفقه اإلسالمي يسمى فقه‬
‫المعامالت المالية بعد ترتيبه وتجميعه من قبل الفقهاء دليل على وجود ذلك التشري ــع المتكامل ‪،‬‬
‫فقد شمل في أصله أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم والتي هي بمثابة التشري ــع أو إن جاز‬
‫التعبير فتاوی ‪ .‬ومن ثم يمكن أن نقرر أن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع الرقابة الشرعية‬
‫بشقيها الفتاوی التشري ــع والرقابة‪ .‬ولكن تطور جانب الرقابة بعد حياته صلى الله عليه وسلم‬
‫فأصبح يطلق عليه بنظام الحسبة وإن لم يطلق عليها إال في تأري ــخ متأخر لعهد الخالفة‪ ،‬ولكن‬
‫مارسه الخلفاء الراشدون وبعض الصحابة‪ ،‬ولعل أبرزهم سيدنا عمر بن الخطاب والذي كان يركز‬
‫على استيفاء التاجر لشروط دخول السوق وهو العلم بمسائل الحالل والحرام في التجارة ثم‬
‫ضرورة قيام أشخاص بمراقبة األسواق احتسابا لله‪.‬‬
‫لقد تطور مفهوم الحسبة وهو صورة من صور األمر بالمعروف والنهي عن المنكر احتسابا لله‬
‫فأصبح يطلق عليه حين إنشاء المصارف اإلسالمية بالرقابة الشرعية ألهمية وجودها في تطهير‬
‫المعامالت المصرفية من أية مخالفات شرعية‪.‬‬
‫وقد تطورت أشكال الرقابة الشرعية من صورة شخص واحد يفتي ويراقب إلى هيئات خاصة‬
‫للفتوى وأخرى للرقابة الشرعية على مستوى كل مؤسسة مالية ثم تطورت إلى صورة هيئات‬
‫فتاوی ورقابة شرعية خارجية عن المؤسسات المالية اإلسالمية على غرار المحاسب القانوني ‪،‬‬
‫وبدأت مالمح تطبيقه في بعض المصارف الليبية اإلسالمية‪.‬‬
‫حيث تعتبر الرقابة الشرعية من أهم األجهزة التي تمس الكيان التنظيمي للمؤسسات المالية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وهي ضرورة للتأكد من االلتزام الشرعي لمعامالتها‪ ،‬وبذلك تساعد هذه المؤسسات‬
‫على تأدية دورها في تنمية المجتمعات‪ .‬وباعتبار أن المؤسسات المالية اإلسالمية أدركت ضرورة‬
‫إنشاء جهة خاصة وظيفتها التأكد من االلتزام الشرعي‪ ،‬والقيام بواجب الضبط الشرعي لممارسات‬
‫هذه المؤسسات‪ ،‬إال أن بعضها قام بتشكيل هيئة رقابة شرعية شكليا بهدف االحتفاظ بها كمظهر‬
‫يؤمن جذب المتعاملين معها دون االهتمام بتفعيل دورها الحقيقي في تصويب األخطاء وتقويم‬
‫المعامالت وتطوير األنشطة وتحسين األداء نحو األفضل‪.‬‬
‫ومما ال شك فيه أن حوكمة هيئات الرقابة الشرعية أصبحت تحتل أهمية كبيرة اآلن‪ ،‬في ظل ما‬
‫تشهده هذه المؤسسات المالية اإلسالمية من تحول‪ ،‬الذي يستوجب ضرورة توظيف مبادئ‬
‫وأسس الحوكمة في سبيل تحسين أداء هيئات الرقابة الشرعية لتحقيق األهداف المناطة بها‪،‬‬
‫وتفعيل المسائل المتعلقة بالرقابة وتحقيق االلتزام الشرعي‪ ،‬وفق مبادئ وأسس واضحة لالرتقاء‬
‫باألداء في جو عام من اإلفصاح والشفافية والمسؤولية تجاه جميع أصحاب العالقة بالمؤسسات‬
‫المالية اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ 2-1‬مشكلة البحث‪:‬‬

‫تتمحور مشكلة الدراسة في التعريف بهيئات الرقابة الشرعية من حيث المفهوم واألهمية‬
‫ودورها في تحقيق المصداقية الشرعية للمؤسسات المالية اإلسالمية‪ ،‬خاصة مع التوجه‬
‫العالمي نحو تطبيق الحوكمة ومبادئها في تطوير أداء أعمال هيئات الرقابة الشرعية‪ .‬لذلك‬
‫نحاول اإلجابة على المشكلة الرئيسية التالية‪:‬‬

‫ما هو دور آليات الحوكمة في تطوير أداء هيئات الرقابة الشرعية للمؤسسات المالية‬
‫اإلسالمية؟‬
‫وتتفرع من التساؤل الرئيسي التساؤالت الفرعية التالية‪:‬‬

‫‪ -‬ما هو دور هيئات الرقابة الشرعية في تحقيق االلتزام الشرعي؟‬


‫‪ -‬ما المقصود بحوكمة هيئات الرقابة الشرعية؟‬
‫‪ -‬ما مدى مساهمة آليات الحوكمة في تعزيز عمل هيئات الرقابة الشرعية؟‬
‫‪ 2-3‬أهداف الدراسة‪:‬‬
‫تهدف هذه الدراسة الى ابراز دور هيئات الرقابة الشرعية ومهامها واليات تشكيلها‪ ،‬والدور الفعال‬
‫الذي تقوم به مبادى وآليات الحوكمة في زيادة كفاءة اداءها‪ ،‬وإبراز أهمية حوكمة هيئات الرقابة‬
‫الشرعية في تحقيق اإلفصاح والشفافية على اعمالها‪.‬‬

You might also like