Professional Documents
Culture Documents
الم مةة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون الثاني والثالث والرابع على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم
بجريمة الشهادة الزور قد أخطأ في تطبيق القانون ،وشابه القصور في التسبيب ؛ ذلك بأن
المحكمة لم تقم الدعوى الجنائية عليهم حال انعقاد الجلسة وحتى قفل باب المرافعة مما يغل يدها
عن القضاء فيها ،ولم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانهم
بها ومؤدى األدلة التي استخلص منها ثبوتها في حقهم ،كما أغفل بيان الواقعة التي أدليت فيها
الشهادة وموضوع هذه الشهادة وما غاير الحقيقة فيها ومدى تأثيرها على المتهم األصلي في
الدعوى والضرر الذي ترتب عليها ولم يستظهر تعمد الطاعنين قلب الحقائق وإخفائ د د ددها عن سوء
قصد بغي د د د ددة تضليل القضداء واعتمد الحكم في إدانتهم على أن روايتهم التي أدلوا بها في التحقيقات
تخالف تلك التي أبدوها في الجلسة دون بيان األدلة التي تدل على صدقهم في تلك الرواية عما
عداها ،مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أورد في مدوناته أنه بجلسة ....
مثل شهود اإلثبات الثالثة – الطاعنون من الثاني حتى الرابع – وتحت القسم شهدوا بأن المتهم
وقت قتل المجني عليه ....ثم عرض – الطاعن األول – لم يكن متواجداً على مسرح الحاد
لتهمة الشهادة الزور المسندة للطاعنين من الثاني حتى الرابع بقوله " :وحيث إنه عن جريمة
الشهود ،ولما كان الشهود .... 3 .... 2 ....1قد تعمدوا تغيير الحقيقة في وقائع شهادتهم
أمام المحكمة بإنكار الحق وتغيير الباطل بقصد تضليل القضاء وكان من شأن شهادتهم أمام
المحكمة أن تسبب ضر ًار بتبرئة مجرم وتؤثر في الحكم لصالح المتهم ولم يعدلوا عن أقوالهم
الكاذبة بجلسة المحاكمة حتى إقفال باب المرافعة في الدعوى فيكونون قد ارتكبوا جريمة الشهادة
الزور األمر المعاقب عليه بمقتضى المادة 294عقوبات مما يتعين أخذهم بمقتضاها " لما كان
ذلك ،وكانت المادة 1/244من قانون اإلجراءات الجنائية تنص على أنه " :إذا وقعت جنحة أو
مخالفة في الجلسة يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم في الحال ،وتحكم فيها بعد سماع
أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم " ،وتنص المادة 246من ذات القانون على أن " :الجرائم
التي تقع في الجلسة ولم تقم المحكمة الدع د ددوى فيد ددها حال انعقادها يكون نظرها وفقاً للقواعد
العادية " ،فقد دل الشارع بذلك على أن حق المحكمة في تحريك الدعوى الجنائية مشروط بوقوع
الجنحة أو المخالفة بالجلسة وقت انعقادها وبأن تبادر المحكمة إلى إقامة الدعوى في الحال فور
جلسة 5من بريل سنة 2014 238
اكتشافها ،كما دل على أنه إذا تراخى اكتشاف الواقعة إلى ما بعد الجلسة فإن نظرها " الجنحة
أو المخالفة " يكون وفقاً للقواعد العادية وال تملك المحكمة تحريكها من تلقاء نفسها ،ولما كان
األصل أن النيابة العامة هي صاحبة الدعوى الجنائية وهي التي تملك تحريكها ومباشرتها وكان
ما خوله الشارع للمحاكم – العتبارات قدرها – من حق تحريك الدعوى الجنائية بالنسبة لجرائم
الجلسة أم اًر استثنائياً فإنه ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره على أضيق نطاق ،ولما كانت
تهمة الشهادة الزور لم توجه للطاعنين قبل قفل باب المرافعة في الدعوى المطروحة على المحكمة
ومن ثم فإن المحكمة تصبح من الوقت الذي اعتبرت المرافعة فيه منتهية ال والية لها في الفصل
في الجرائم التي وقعت أمامها في الجلسة ولم تقم الدعوى منها حال انعقادها ويكون نظرها وفقاً
للقواعدد العاديدة على ما تقضي به المادة 246إجراءات جنائية ،ومن ثم فإن المحكم ددة إذ
خلصت إلى أن الجريمة التي وقعت من الطاعنين من الثاني حتى الرابع تعتبر واقعة أثناء انعقاد
الجلسة وأقامت الدعوى ضدهم في الحال وأصدرت حكمها المطعون فيه تكون قد خالفت القانون ،
هذا إلى أنه لما كان األصل أنه ال يصح تكذيب الشاهد في إحدى رواياته اعتماداً على رواية
أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك ،ألن كلتا الروايتين مصدرهما واحد له اعتبار ذاتي واحد وألن
ما يقوله الشخص الواحد كذباً في حالة وما يقرره صدقاً في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل
به نفسه من العوامل التي تالبسه في كل حالة مما يتحتم معه أن ال يؤخذ برواية له دون أخرى
صدرت عنه بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون األخرى ،وإذ كان مثول
الشاهد أمام هيئة المحكمة في جلسة المحاكمة بين رهبة الموقف وجالله وقدسية المكان محوطاً
بالضمانات العديدة المعلومة التي وضعها القانون للحصول منه على الحقيقة الخالصة ذلك فيه
ما من شأنه أن يشعر بعظم مسئوليته فيما يدلي به في آخر فرصة تسمع فيها أقواله مما يصح
معه في العقل أن يفترض أنه وهو في هذه الحالدة يكدون أدنى إلى أن تغلب عليه النزعة إلى الحق
فيؤثره وال يتمادى في الحنث بيمينه إذ كان قد حلفها من قبل ،إذ كان ذلك كذلك فإن اعتبار روايته
األولى -عند اختالف روايته -هي الصحيحة ال لشيء إال لكونها هي األولى ال يكون له ما يقتضيه
بل لعل شهادته أمام المحكمة تكون هي األولى بهذا االعتبار ،وإذن فإن إدانة الشاهد في جريمة
شهادة الزور لمجرد أن روايته أمام المحكمة ق د خالفت ما قاله في التحقيقات األولية ال تكون
مقامة على أساس صحيح من شأنه في حد ذاته أن يؤدي إليها ،وخصوصاً أنه يجب في سبيل
تحقيق العدالة على الوجه األكمل أن يفسح أمام الشاهد المجال ليقرر الحق وأال يعتد
بأقواله األولى التي سبق إبداؤها في التحقيقات إلى حد ت عريضه للعقوبة الجنائية إذ هو
239 جلسة 5من بريل سنة 2014
عدل عنها وذلك حتى ال ينغلق في وجهه الباب إذا ما عاوده ضميره إلى الرجوع إلى الحق
واإلقالع عما كان عليه من باطل ،األمر الذي راعاه القانون نفسه إذ لم يعاقب على شهادة الزور
إذا عدل الشاهد عن الباطل وقرر الحق في أية مرحلة كانت عليها الدعوى حتى تمام نظرها أمام
المحكمة .لما كان ذلك ،وكان الحكم المطعون فيه قد خالف األنظار القانونية المتقدمة ،فإنه
يكون معيباً بما يوجب نقضه واإلعادة .لما كان ذلك ،وكان الحكم قد دان الطاعنين الثاني
والثالث والرابع بجنحة شهادة الزور التي أبدوها في الجناية المسندة للطاعن األول ،وكان نقض
الحكم بالنسبة للطاعنين من الثاني حتى الرابع يقتضي نقضه أيضاً بالنسبة إلى الطاعن األول
دون حاجة إلى بحث أسباب طعنه ألن إعادة المحاكمد ددة بالنسب د د ددة للطاعنين الثاني والثالث والرابع
وما تجري عليه أو تنتهدي عنده يقتضي لحسن سير العدالة أن تكون إعادة البحث في الواقعة من
جميع نواحيها .لما كان ذلك ،وكان إعادة محاكمة المحكوم عليهم من محكمة الجنايات في
جريمة شهادة الزور بعد نقض الحكم بالنسبة لهم يجب -بحسب األصل -أن تكون أمام محكمة
الجنح الجزئية لتفصل في الجريمة المسندة إليهم بالطريق العادي ما دامت قد زالت حالة التلبس
التي استلزمت محاكمتهم أمام محكمة الجنايات لوقوع الجريمة منهم أمامها بالجلسة ،إال أنه نظ اًر
لالرتباط بين هذه الجريمة وبين الجناية المسندة إلى الطاعن األول الذي نقض الحكم بالنسبة له
أيضاً يكون من المصلحة – تحقيقاً لحسن سير العدالة – أن تنظر الدعوى بالنسبة للجميع أمام
محكمة واحدة وهي محكمة الجنايات دون أن يكون في ذلك تقليل من الضمانات القانونية بالنسبة
للمتهمين المذكورين ،وبالتالي فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى جميع الطاعنين
واإلعادة .
ةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة