Professional Documents
Culture Documents
جدية الاشكال التنفيذي ريم سلمى عاشور
جدية الاشكال التنفيذي ريم سلمى عاشور
المـقــدمــة
جدية االشكال التنفيذي
يصدر الحكم القضائي تأسيسا على التزام معين و يراد من وراءه إقرار ذلك االلتزام عبر الحصول
على حكم يتمتع بحجية األمر المقضي به.
واألصل في األحك ام ال تي تص درها المح اكم بأنواعها أنها واجبة التنفي ذ ،وتنفيذ الش يء (لغ ة) هو تحقيقه
وإ خراجه من حيز الفكر و التصور إلى مجال العمل و الواقع الملموس.
و إن تنفيذ األحك ام ال س يما المدنية منها "مس الة ش ائكة واقعا وقانون ا" 1نظ را لما تث يره من ص عوبات
مشاكل تطبيقية مختلفة و متشعبة ،تقف في بعض األحيان حاجزا أمام تمكين الدائن من حقه.
إن التنفيذ االختي اري يعت بر امتث اال تلقائيا من ط رف المحك وم ض ده للحكم موض وع التنفيذ و يقابله التنفيذ
الجبري وهو الحق الذي خوله المشرع للدائن في جبر مدينه على الوفاء إن لم يقم به من تلقاء نفسه و الذي
يع نى به ق انون المرافع ات وهو ال ذي يث ار بمناس بته المع نى اإلج رائي للتنفيذ و يعرفه الفقه بأنه "هو ال ذي
يجريه م أمور التنفيذ تحت إش راف القض اء و مراقبته بن اء على طلب دائن بي ده س ند مت وفر على ش روط
خاصة بقصد استيفاء حقه الثابت في السند من المدين قهرا عنه".2
ويلجا الدائن إلى التنفيذ الجبري بعد اس تيفاء اجل اإلذع ان بالحكم حتى يتس نى للم دين معرفة ما هو
ملزم بادائه لعله يفي بالتزاماته تلقائيا واختياريا دون حاجة إلى اللجوء إلى التنفيذ الجبري.
يطمح المحك وم له في اغلب األحي ان إلى تنفيذ الحكم الص ادر لفائدت ه ،وه ذه الغاية تقابلها رغبة
المطل وب في تعطيل تنفيذ الحكم ض ده ،وقد خ ول له المش رع ه ذه اإلمكانية من خالل إرس اء نظ ام توقيف
التنفي ذ .وفي غي اب تعريف تش ريعي له ذا النظ ام ،بين بعض الفقه اء انه "اإلج راء ال ذي يح ول دون الب دا في
عملي ات التنفيذ و االس تمرار فيه ا ،وم رد ذلك إلى عيب في اإلج راءات أو لعيب في الس ند المنفذ ب ه" .3في
حين ي رى البعض اآلخر أن وقف التنفيذ يقصد به "ع دم الس ير فيه خالل م دة وذلك بس بب ح دوث س بب من
أس باب الوقف (ع ادة ما يك ون قي ام منازعة تس تهدف الحص ول على حكم بإلغ اء التنفيذ أو ي ؤدي إلى إلغائ ه)
يستوجب الوقف أو يجيزه ،بقوة القانون ،أو بحكم المحكمة أو باتفاق الخصوم".4
- 1حسين السالمي :دروس في طرق التنفيذ ،سنة الرابعة حقوق ،كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس& .2001-2000
- 2اسكندر سعد زغلول :قاضي التنفيذ علما وعمال ،ص .8
- 3احمد الجندوبي وحسين بن سليمة ":اصول المرافعات المدنية و التجارية" ،نشر شركة اوربيس ،سبتمبر ،2001ص .420
- 4احمد خليل " :التنفيذ الجبري" ،منشورات الحلبي الحقوقية ،ص.536
1
جدية االشكال التنفيذي
وبن اءا على ما تق دم ،يك ون تعطيل التنفيذ إج راءا وقتي ا ،فهو يمنع التنفيذ م دة معينة إلى حين ص دور الحكم،
كما يعد إجراءا استثنائيا ،إذ هو حد للصيغة التنفيذية الواردة بالفصل 286م م م ت ،لذلك حصره المشرع
في صور معينة لكنها متعددة و متنوعة.5
وبالتأمل في هذه الصور ،يتضح أن توقيف التنفيذ يتعلق من ناحية اولى ،باألحكام المشمولة بالنفاذ العاجـل،6
واألحك ام االس تعجالية 7واألحك ام النهائية المطع ون فيها ب التعقيب 8واألحك ام المع ترض عليها 9و األحك ام
الباتة بن اءا علـى إش كال تنفي ذي و ال تي تع رض إليهـا المش رع بص فة عامة بالفصليـن 210و 211م م م ت
و الفصل 403م م م ت المنظم وبصفة خاصة بالفصل 290المتعلق بنزاع حول صفة احد األطراف
لإلش كاالت االس تحقاقية الخاصة ب المنقوالت ،في حين وقع التع رض إلى اإلش كاالت االس تحقاقية الخاصة
بالعقارات غير المسجلة بالفصل 462م م م ت.10
وفة غلطا بكونها نهائية11و حكم ام االبتدائية الموص ة ،األحك مل تعليق التنفيذ من ناحية ثاني ويش
المحكم 12والق رار الص ادر عن هيئة الس وق المالية 13و يمتد اإلذن به إلى الحكم الص ادر عن المحكمة
العقارية حسب صريح الفصل 332من م ح ع .
فقد تنشا بمناس بة أعم ال التنفيذ بعض المنازع ات يثيرها احد األط راف أو الغ ير ح ول الش روط ال واجب
توفرها أو ح ول إح دى اإلج راءات المتبعة فتنشا عنها خص ومة يطلب فيها الحكم بإيق اف التنفيذ إلى حين
الفصل في األصل.14
ويطلق على ه ذه المنازعة مص طلح "إش كاالت التنفي ذ" وقد تم تنظيمها بمجلة المرافع ات المدنية
والتجارية في باب القضاء المستعجل.15
- 5حنان بو قطاية" :توقيف تنفيذ& االحكام في المادة المدنية و التجارية" ،رسالة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص،2003-2002 ،
ص.10
- 6الفصل 126فقرة 2من م.م.م.ت.
- 7الفصل 209من م.م.م.ت.
- 8الفصل 194فقرة 2من م.م.م.ت.
- 9الفصل 172فقرة 1من م.م.م.ت.
- 10حنان بو قطاية" :توقيف تنفيذ االحكام في المادة المدنية و التجارية" ،رسالة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص،2003-2002 ،
ص.11
2
جدية االشكال التنفيذي
لكن المش رع التونسي لم يع رف مؤسسة اإلش كال التنفي ذي بل اكتفي ب ذكر بعض ص ورها وض بط نظامها
الق انوني ص لب الفص ول 210و 211و 290و 403و 462م م م ت والفصل 220من مجلة الش غل،
فبقيت ه ذه المؤسسة في حاجة ماسة إلى المزيد من البحث والتعمق مما جعلها من أهم مح اور الج دل في فقه
التنفيذ سعيا لتوضيح موضوعها ،وكشف الغموض عنها.
فعرفها بعض الفقهاء بأنها "اإلجراء الذي يحول دون البدء في عمليات التنفيذ واالستمرار فيها ،ومرد ذلك
إلى عيب في اإلج راءات أو لعيب في الس ند المنفذ ب ه" .16وقد اجمع الفقه اء على تعريفها بأنها منازعة
قانونية تعتـرض تنفيذ األحك ام والس ندات التنفيذي ة ،وهي تكتسي ص بغة وقتية نظ را لك ون القاضي يتخذ فيها
إجراء مؤقتا بإيقاف التنفيذ حتى يفصل في موضوع المنازعة فيما بعد على أساس المنازعة الموضوعية.
وعرفها فقه القض اء بأنها » المنازعة الوقتية ال تي تع ترض تنفيـذ الحكم فهي منازعة قانونية وقتية يتق دم بها
الشخص المتظلم من التنفيذ لمنعه أو للحيلولة دون إتمامه«.17
وعمليا يمكن تعريف مؤسسة اإلش كال التنفي ذي بأنها منازعة قانونية وقتية تث ار عند تنفيذ الحكم أو الس ند
التنفيذي و تتضمن ادعاءات لو صحت ألثرت في التنفيذ و لترتب على صحتها أن يصبح التنفيذ غير جائز
أو باطل" .األمر الذي يقضي من المحكمة عدم البحث في صحة الحكم ،أو بطالنه ،باعتبار أن اإلشكال ليس
نعيا على الحكم ،بل هو نعي على التنفيذ إذ ال يتعلق موض وعه بالتش كيك في مص داقية األحك ام ،بل يتض من
خالفا حول صحة إجراءات التنفيذ".18
وقد اعتبر البعض إشكاالت التنفيذ عوارض قانونية ،حيث أن القانون هو الذي يجيز إثارتها في وجه التنفيذ
والق انون يهتم بتحديد القض اء المختص بنظرها واإلج راءات ال واجب إتباعها إلثارتها ورفعها أم ام القاضي
للفصل فيه ا ،وهي ب ذلك تختلف عن الص عوبات المادية ال تي تث ار أثن اء مباش رة أعم ال التنفيذ كالتص دي
الم ادي لع دل التنفيذ أو إيص اد األب واب أمامه لمنعه من دخ ول محالت التنفيذ وهي عقب ات يمكن تجاوزها
باالستعانة بالقوة العامة.
وقد جرى بعض الفقهاء على إطالق اسم اإلشكال على كل منازعة في التنفيذ سواء كانت مستعجلة أو
موض وعية غ ير أننا ن رجح ال رأي ال ذي يق ول ب ان كلمة إش كاالت يجب أن تقتصر على المنازع ات
المس تعجلة ،أما المنازع ات االخ رى فهي اعتراض ات موض وعية على التنفيذ و ال يمكن أن توصف بأنها
- 16احمد الجندوبي و حسين بن سليمة" :اصول المرافعات المدنية و التجارية" ،نشر شركة اوربيس ،سبتمبر ،2001ص .420
- 17قرار تعقيب مدني عدد 74078مؤرخ في 17جانفي .2000نشرية محكمة التعقيب ،القسم مدني لعام ،2000الجزء الثاني :مرافعات مدنية
وتجارية ص .209
- 18عبد الحميد المنشاوي و عبد الفتاح مراد " :المشكالت العملية في قضاء التنفيذ " ،منشاة المعارف ،1988ص .14
3
جدية االشكال التنفيذي
إش كاالت و دأب القض اء على إدراجها ك دعاوى أص لية ال ت ؤدي ب ذاتها إلى ايق اف التنفيـذ و إنما يجب أن
تقترن بإشكال مستعجل.
وبالتالي فان المنازعة الموضوعية تتعلق بإشكاالت التنفيذ الموضوعية إذ » يطلب فيها احد األطراف حكما
حاس ما في قانونية التنفيذ :الحكم بص حة التنفيذ أو ببطالن ه ،بعدالته أو بع دم عدالته و بالت الي فهي ته دف إلى
الحصول على حكم موضوعي في احد هذه المسائل وليس مجرد الحصول على حماية وقتية ،فهي من حيث
الموض وع قد تنتصب على احد مق دمات التنفيذ أو أركانه وقد تتمح ور ح ول الحق الموض وعي المنفذ من
اجل اقتضائه 19 « إذن فهي دعاوى أصلية ترفع بعد صدور حكم قاض بجدية اإلشكال التنفيذي.
ولمزيد اإلحاطة بمفهوم اإلشكال التنفيذي فانه من الواجب تمييزه عن المؤسسات الشبيهة" .إذ أن اإلشكال
التنفيذي ليس طريقة في الطعن في األحكام أو السندات التنفيذية بوجه عام وليس امتدادا لحقوق الدفاع أثناء
الخصومة القضائية فهو ليس باالستئناف و ال باالعتراض و ال بالتعقيب و ال بالتماس إع ادة النظر إذ الطعن
في األحكام هو اعتراض على سالمة الحكم ذاته من حيث الشكل أو الموضوع .كما ال تختلط مع إشكاالت
التنفيذ مطالب ايقاف التنفيذ المقدمة لمحاكم الطعن باالستئناف أو بالتعقيب أو باالعتراض ،حيث أن سلطة
محكمة الطعن في مطلب ايقاف التنفيذ تبنى على اعتب ارات تختلف عن االعتب ارات التي تستند عليها سلطة
قاضي اإلشكال في ايقاف التنفيذ ،ففي حين تواجه محكمة الطعن خطر االستعجال الذي يهدد طالب الوقف و
ترجح احتمال إلغاء الحكم المطعون فيه من عدمه فان محكمة اإلشكال تبحث عن عيوب معينة تواجه شكل
أو موضوع التنفيذ و بالتالي تأمر بإيقاف التنفيذ أو بالتمادي عليه. 20
كما يجب التمي يز بين ه ذه المؤسسة والح االت ال تي يس تحيل فيها التنفيذ كاس تحالة عقلة األم وال الراجعة
للدولة أوإ لى المؤسس ات العموميةاإلدارية أوإ لى الجماع ات المحلية اإلدارية21ك ذلك األمر بالنس بة للهيئ ات
الدبلوماسية األجنبية التي تتمتع بحصانة تجعلها في مأمن من التنفيذ الجبري في بعض الحاالت.22
وفي هذه الحاالت تكون لالستحالة صبغة الدوام و بالتالي فهي ليست مؤقتة مثلما هو الحال بالنسبة لإلشكال
التنفيذي مما يخرجها عن نطاقه.
- 19مصطفى مجدي" :هوجة أحكام وراء منازعات التنفيذ الوقتية" ،اإلسكندرية ،دار المطبوعات الجامعية 1989ص .12
- 20االستاذ عمر الشتوي" االشكال التنفيذي"& القضاء و التشريع ،عدد 10لسنة 1993ص .7
- 21المادة 37من مجلة المحاسبة العمومية .
-1622ااتفاقية فيانا المؤرخة في 18افريل 1961التي صادقت عليها الدولة التونسية بموجب القانون عدد 39لسنة 1967المؤرخ في 21نوفمبر
.1967الرائد الرسمي للجمهورية التونسية لسنة 1967صفحة .1444
4
جدية االشكال التنفيذي
كما يجب التمييز بين هذه المؤسسة والحاالت التي يكون فيها التنفيذ باطال :إذ اعتبر المشرع أن إجراء أي
عمل تنفيذي ليال أو في أيام األعياد الرسمية يكون باطال إال في صورة الضرورة وبمقتضى إذن من قاضي
األذون على العرائض 23كما اعتبر انه ال يمكن إجراء أي عمل من أعمال التنفيذ ضد المسلمين بوم الجمعــة
و األي ام األخ يرة من رمض ان بداية من الي وم الس ابع و العش رين منه و الي وم الث الث من عيد الفطر و الي وم
الثاني من عيد األضحى و اليوم الموالي ليوم المولد... 24
إن الحق في إثارة اإلشكال التنفيذي يرمي إلى تحقيق النجاعة في التنفيذ ،و يتجلى ذلك في حرص المشرع
على أن ال تتسلـط أعم ال التنفـيذ إال على مكاسب المحك وم عليـه الن ذلك من متطلبــات الع دل و اإلنص اف،
خاصة إذا ك ان الحكم ص ادرا بإرج اع ش يء بعينه إلى المحك وم ل ه ،أو ان تنفيذ االل تزام يتوقف على ت دخل
المحك وم عليه شخص يا ،وألجل ه ذا وضع المش رع نظاما قانونيا دقيقا إلج راء اإلش كال التنفي ذي ،ي راعي
النجاعة في التنفيذ لغاية ايصال الحقوق إلى أصحابها بالسرعة المطلوبة وتحت رقابة القضاء ضمانا لحقوق
جميع األطراف.
يعتبر اإلشكال التنفيذي حالة استثنائية إليقاف التنفيذ وألنها حالة استثنائية فان توقيف التنفيذ ال يجوز إال إذا
ت وفرت بعض الش روط :فمن جهة اولى ونظ را لك ون قض اء اإلش كال التنفي ذي يعد من احد ف روع القض اء
االس تعجالي،فتش ترط فيه القواعد العامة أي ركن التأكد وركن ع دم المس اس باالصل201
25
مممت
و من جهة ثانية ،فان قضاء اإلشكال التنفيذي يحتوي على قواعد خاصة ،من ضمنها شرط أولي يبدو بديهيا
يتمحور حول عدم إتمام التنفيذ أي أن األعمال التي تمت ال يمكن طلب إيقافها وال يتعلق المطلب إال بما يليها
من أعم ال و بالت الي ف إذا تمت أعم ال التنفيذ فال فائ دة من الحكم بوقفه ا ،و ش رط ج وهري يتمثل في جدية
اإلشكال.
إن ما يث ير االنتب اه هو اعتب ار الجدية ش رطا جوهريا لص حة اإلش كال رغم أن المش رع لم يدرجه ص راحة
بالفصل 211م م م ت بل ورد في ص ورة خاصة فقط هي حالة الفصل 403م م م ت و هي ص ورة تتعلق
بادع اء اس تحقاق الش يء موض وع التنفيذ وهو نفس الوضع ال ذي تش هده النص وص القانونية في المراجع
المعتمدة عن القضاء الفرنسي أو المصري أو اللبناني.
5
جدية االشكال التنفيذي
كل ذلك لم يمنع المح اكم التونس ية من اعتم اده والتأكيد عليه في كل حكم يتم فيه قب ول اإلش كال وقد وض حت
محكمة التعقيب أن"المطل وب من المحكمة المنتص بة للنظر اس تعجاليا في م ادة إش كاالت التنفيذ أن تقيم في
.
مثل قضية الحال مدى جدية اإلشكال المعروض عليها وان تبت في المطلب على ضوء ذلك"
يعطي الفصل 211م م م ت الحق للمحك وم عليه أو لكل من له مص لحة قانونية ومباش رة وشخص ية ,تك ون
حقوقه مهددة من جراء تنفيذ حكم،بان يثير العقبات أو المشاكل التي من شانها أن تؤثر في التنفيذ .اال ان هذا
الحق ال ينحصر في المحك وم له أو المحك وم عليه أو الغ ير بل للع دل المنفذ ايضا حق إث ارة اإلش كال أص الة
بنفسه بصرف النظر عن موقف و إرادة بقية األطراف.26
غير أن هذه الدراسة أن الـدراسة سوف تـقتصر على تقديـر جدية اإلشكال التنفـيذي في المادة المدنية و
التجارية نظرا ألهميتها و لما يثيره تنفيذها من صعوبات فسيتم التعرض إليـها دون غيرها المتعلقة باألحكام
الجنائيـة و اإلدارية .و لعل إقصاء األحكام العقارية و اإلشكاالت اإلستحقاقية الخاصة بالعقارات التي نظمها
الفصل 462من م.م.م.ت يكون أمرا ضروريا ألنها تمثل حاالت استثنائية جدا.
فماهي الجهة المؤهلة بالنظر في جدية اإلش كال التنفي ذي ؟ وما هي ح دود الس لطة التقديرية ال تي
تتمتع بها ؟
س نحاول من خالل ه ذه الدراسة تسليـط الض وء على الجهة المؤهلة للنظر في جدية اإلش كال
التنفي ذي ( الج زء االول ) و كيفية تق دير القاضي لجدية اإلش كال المع روض عليه ( الج زء الث اني ) للحكم
على ضوء ذلك بجدية اإلشكال أو بعدم جديته.
لكل من ال دائن والم دين المش مولين بالس ند التنفي ذي وك ذلك الغ ير ال ذي له مص لحة ،الحق في رفع
اإلش كال التنفي ذي ،و من المفيد التأكيد على أن رفع اإلش كال يقع ل دى ع دل التنفيذ من ط رف احـد األط راف
26
-االستاذ عمر الشتوي :تعليق على القانون عدد 29المؤرخ في 13/03/1995و المتعلق بمهنة العدول المنفذين ،ص .24
6
جدية االشكال التنفيذي
المذكورين ( المبحث األول ) وهو يختلف عن إثارة اإلشكال التي تقع لدى القضاء المستعجل وال تي منحه ا
المشرع مبدئيا لعدل التنفيذ (المبحث الثاني ).
يمثل الطالب و المطوب الطرفين األكثر أهمية في سير أعمال التنفيذ .إال أن للعدل المنفذ مكانة ال تقل
عنهما أهمية بل ال نغالي في القول انه يحتكر مباشرة إجراءات التنفيذ .وقد جعل منه القانون "الوسيلة" التي
يسترد بها المحكوم لفائدته حقه من مال المحكوم ضده و بوصفه مساعدا للقضاء فهو يساهم بال ريب في
.إعطاء البعد العملي لألحكام القضائية و السندات التنفيذية عموما
و لقد عرف القانون عدد 29لسنة 1995المؤرخ في 13مارس 1995و المتعلق بتنظيم مهنة العدول
المنفذين بفصله األول عدل التنفيذ كما يلي ":للعدل المنفذ صفة المأمور العمومي و هـو مساعد للقضــاء" و
يضيف الفصل الثالث من نفس القانون " يرجع العدل المنفذ بالنظر إلى الوكيل العام لدى محكمة االستئناف
".وهو تحت المراقبة المباشرة لوكيل الجمهورية بالدائرة التي بها مركز انتصابه
ويتضح مما سبق بسطه ،ان المشرع أوكل سلطة مباشرة إجراءات التنفيذ إلى هيكل شبه رسمي مجسد في
العدل المنفذ الذي يتمتع بصفة المأمور العمومي وهو خاضع في ممارسة صالحياته إلى المراقبة المباشرة
لوكيل الجمهورية بدائرة المحكمة التي يوجد بها مركز انتصابه ،وبهذه الصفة تكون له أهلية القبض و
.اإلبراء دون حاجة لتوكيل كتابي ،وله أن يستعين بالقوة العامة عند وجود تصدي أو امتناع من المدين
يط رح التس اؤل ح ول م دى االع تراف بس لطة تقديرية لع دل التنفيذ تمكنه من إب داء وجهة نظ ره في
االدعاءات المثارة إزاء إجراءات التنفيذ و التي سيتولى على ضوءها وضع حدا إلجراءات التنفيذ إلى حين
عرض األمر على القضاء ليحكم فيه ؟
7
جدية االشكال التنفيذي
في الحديث عن رفع اإلشكال التنفيذي أمام عدل التنفيذ و تقدير هذا األخير لمدى جديته انقسمت اآلراء إلى
شقين:
* الشق األول يعتبر أن عدل التنفيذ ليس إال مأمور تنفيذ وال يمكنه على ذلك األس اس التأويل أو
التقدير ،بل أن القانون منح سلطة تقدير جدية اإلشكال من عدمها للقاضي دون سواه.
* الشق الثاني يرى انه البد أن نقر لعدل التنفيذ ولو بقدر يسير من السلطة التقديرية و االجتهاد
خاصة وانه يتحمل جانبا من المسؤولية في صورة إقراره بتوقيف التنفيذ صلب المحضر القانوني الذي يع ده
للغرض و يبين فيه وجهة نظره ( واجب التضمين ) وذلك عندما يقتنع بجدية ما أثاره المستشكل.
كما انه يقر ب ان" لع دل التنفيذ الس لطة الكافية ال تي تمكنه من موازنة االدع اءات ال تي يثيرها المستش كل و
تق دير م دى جدية اإلش كال التنفي ذي المرف وع أمام ه .فينتصب ع دل التنفيذ بوص فه حكما له ص الحية تق دير
أهمية اإلشكال المرفوع أمامه من احد األطراف ،مما حدى بعميد سابق لهيئة عدول التنفيذ إلى التأكيد على
أن عدل التنفيذ يعتبر القناة األفضل إن لم نقل الوحيدة التي يمر عبرها اإلشكال معتمدا على أن اإلشكال إنما
هو بطبيعته إجراء استثنائي يخضع لمبدأ التأويل و االستعمال الضيقين وعلى هذا األساس فال يجوز التوسع
في نطاقه ال ذي ح دده الق انون و بالت الي فلع دل التنفيذ حق تق ديري في تب ني اإلش كال أو رفضه و يجب أن
يم ارس ه ذه الص الحية بس لوك رب األس رة الص الح وهو مس ؤول م دنيا وجزائيا و تأديبيا إذا ما حصل منه
خطا تقصيري أو تجاوز السلطة" .27
لقد خ ول المش رع التونسي إمكانية إث ارة اإلش كال التنفي ذي من ط رف الع دل المنفذ نفسه وذلك ص لب
الفصل 26من القانون عدد 29لسنة 1995المؤرخ في 13مارس 1995والمتعلق بتنظيم مهنة العدول
المنف ذين ،وقد ج اء بالفصل الم ذكور ":على الع دل المنفذ في ص ورة ص عوبة تنفيذية أن يع رض األمر على
القاضي المختـص و يكون الشأن كذلك فيما يتعلق بالتتبعات العقارية وعليه الحضور كلما استدعاه القاضي
لذلك الغرض ".
الفق $$ $رة الثاني $$ $ة :ع $$ $دل التنفيذ مس $$ $اعد للقض $$ $اء في تق $$ $دير جدية اإلش $$ $كال
التنفيذي :
- 27االستاذ عمر الشتوي :تعليق على القانون عدد 29المؤرخ في 13/03/1995و المتعلق بمهنة العدول المنفذين ،ص.12
8
جدية االشكال التنفيذي
زيادة التأكيد على 28
حاول المشرع من خالل تنقيحه لمجلة المرافعات المدنية والتجارية سنة 2002
ال دور األساسي و الض روري للع دل المنفذ المش رف على أعم ال التنفيذ ،إذ ورد ب الفقرة االولى من الفصل
211من المجلة على انه" يجب على كل من يث ير الص عوبة عند التنفيذ أن يق دم للع دل المنفذ مش افهة أو
كتابة ما له من ق ول في ش انها فيح رر الع دل المنفذ محض را في ذلك و يس تمر على التنفيذ إال إذا استش كل
األمر فانه يوقف أعم ال التنفيذ و يح رر محض را ي بين فيه وجه الص عوبة و يتض من دع وة من يهمهم األمر
للحضور في اقرب جلسة لدى القاضي المختص و يسلم إلى كل واحد منهم نسخة من ذلك المحضر."...
وقد اوجب المشرع في الفصل 211جديد م م م ت على عدل التنفيذ تحرير محضر يبين فيه وجه الصعوبة
وهو ما يطلق عليه تس مية "محضر اإلش كال التنفي ذي" ،وهو يختلف عن المحضر األول ال ذي يح رره ع دل
التنفيذ و الذي يطلق عليه عادة تسمية " محضر تلقي اإلشكال".
ويتجلى االختالف بين المحض رين من ناحية الت وقيت ومن ناحية المحت وى :ف ان ت وقيت كال المحض رين
ليس هو نفس ه ،ف إذا ك ان األول يح رر بمج رد تلقي ق ول مث ير اإلش كال و يتم االس تمرار على أعم ال التنفي ذ،
فان ثاني المحضرين يتضمن وجه الصعوبة ،ويقام في مرحلة الحقة وهي المرحلة التي يستشكل فيها األمر
بالفعل على العدل المنفذ األمر ،فيوقف أعمال التنفيذ ويحرر محضره و يبين فيه وجه الصعوبة.
إن بي ان وجه الص عوبة يتطلب من الع دل المنفذ مجه ودا كب يرا فليس له في ذلك مرجع تش ريعي ليقيس عليه
ويستنتج صحة ما ضمنه بل يتطلب جهدا تقييميا وقدرة على التحليل.29
بعد الق راءة األولية لمقتض يات ه ذا الفصل يتضح لنا أن دور ع دل التنفيذ يقتصر على اتخ اذ بعض
اإلج راءات تتمثل خاصة في تحرير المحضر و مواص لة التنفيذ أو ايقافه و دع وة األط راف للحض ور في
اق رب جلسة فيلعب هنا ع دل التنفيذ دوره كم أمور تنفي ذ .و ب التمعن يتضح لنا أن أحك ام الفصل 211م م م
ت تثير بعض التساؤالت حول عبارة "إذا استشكل األمـر" و يمكن تفسيرها بان المشرع قد منح فعال لعدل
التنفيذ سلطة تقديرية في إطار أعماله تخوله حق مواصلة أعمال التنفيذ بالرغم من إثارة اإلشكال .فيج وز له
تبعا لذلك تقدير مدى جدية اإلشكال لتقرير مواصلة التنفيذ أو تعطيله.30
- 30خليفة الخروبي :مدخل لدراسة طرق التنفيذ ،مؤسسات بن عبد اهلل للنشر ص .78
9
جدية االشكال التنفيذي
إن عدل التنفيذ بوصفه مساعد للقضاء يساهم عند تحريره محضر اإلشكال التنفيذي في إعطاء شكل
لغوي وصياغة منهجية للصعوبة المثارة والقاضي عند انتصابه للحكم في جدية اإلشكال سوف يستعين بما
حرره عدل التنفيذ .لذا فان الدقة و الوضوح و االختصار قدر اإلمكان هي خصائص ال بد أن تكون مميزة
لتبيان وجه الصعوبة المثارة خاصة وان المجال ال يسمح بمزيد التدقيق باعتبار أن جلسة الحكم في اإلشكال
هي جلسة اس تعجالية وعلى ذلك األس اس فال يمكن للقاضي الخ وض في أصل ال نزاع لتق دير م دى جدية
اإلشكال.
و بالت الي ف ان في م رور اإلش كال ع بر قن اة ع دل التنفيذ فائ دة كب يرة للمحكمة إذ ذلك س يعطيها ص ورة
موض وعية ش املة ح ول خص ومة تنفيذ األحك ام ويمكنها من تجميع كافة عناصر التق دير للتحقق من جدية
اإلشكال أو عدمها.
فهل يحق للمستشكل إثارة اإلشكال التنفيذي مباشرة أمام القضاء دون سبق رفعه إلى عدل التنفيذ؟
وزع المشرع التونسي النظر في مسالة اإلشكال التنفيذي بين رؤساء المحاكم االبتدائية و رئيس مجلس
الع رف و قاضي الناحية إذ نص الفـصل 210من مجلة المرافع ات المدنيـة و التجارية انه " ينظر رئيس
المحكمة االبتدائية أو من ينوبه في جميع الصعوبات المتعلقة بتنفيذ األحكام الصادرة :
ثانيا :من المحكمة االستئنافية سواء كان الحكم صادرا بتقرير الحكم االبتدائي أو نقضه.
10
جدية االشكال التنفيذي
ويختص حاكم الناحية بالنظر في جميع الصعوبات المتعلقة بتنفيذ كافة األحكام الصادرة منه ولو وقع نقضها
من محكمة االستئناف".
هذا الفصل يحدد بصفة حصرية القاضي المختص بالنظر في اإلشكال التنفيذي ويحتوي على مبدا
يمنح بمقتض اه رئيس المحكمة االبتدائية النظر في اش كاالت التنفيذ ثم اس تثناء يختص به ح اكم الناحي ة .لكن
ه ذا االس تثناء ليس الوحيد من نوعه إذ أن القاضي الش غلي أيضا يختص ب النظر في توقيف تنفيذ الق رارات
الصادرة عنه ،شرط أن يكون مكان التنفيذ ،مندرجا ضمن اختصاصه الترابي ،31فإذا لم توجد دائرة شغلية
كان االختصاص لحاكم الناحية.
هذا التمييز باالختصاص لرئيس المحكمة االبتدائية يبرره الفقهاء بان المحكمة االبتدائية وهي محكمة الحق
العام يمكن ان تعرض عليها كل المسائل المتعلقة بالتنفيذ الجبري لألحكام و السندات االخرى.
مم ويمكن اعتبار الفص لين 210و 211م م م ت أحكاما عامة إلثارة إشكاالت التنفي ذ ،أما الفصل 403
م ت فيتعلق بحالة خاصة أو ص ورة خصوص ية من ص ور اإلش كال التنفي ذي ينطبق فها مب دا االختص اص
ال ترابي وهي اإلش كال التنفي ذي االس تحقاقي ال ذي يث يره الغ ير و في غ ير ه ذه الص ورة تنطبق أحك ام
االختصاص المقررة صلب الفصل 210من م.م.م.ت.
إن قاضي اإلش كال التنفي ذي ينظر في كل الص عوبات التنفيذية الناش ئة عن األحك ام ال تي ت دخل في
نطاق نظره مهما كانت درجة المحكمة التي أصدرته ابتدائية أو استئنافية أو حتى تعقيبية و يمكن القول بان
هذا االختصاص هو اختصاص مطلق ويهم النظام العام و يمكن أن تتمسك به المحكمة من تلقاء نفسها.
إن الحل ول ال تي اقرها المش رع مختلفة عما ذهبت إليه التش اريع المقارن ة ،فقاضي التنفيذ في الق انون
المص ري يعين من بين قض اة المحكمة االبتدائي ة ،لينت دب في مقر كل محكمة جزئية أو ما يع رف بمحكمة
الناحية ،32في حين انه ي رأس دائ رة التنفيذ بمحكمة الدرجة االولى ،في الق انون اللبن اني ،33أما التش ريع
الفرنس ي ،فأوكل ه ذه المهمة ل رئيس المحكمة االبتدائي ة ،وخ ول له تف ويض ص الحياته ألحد قض اة
المحكمة.34
- 31الفصل 220م.الشغل " :يختص بالنظر في الصعوبات& الناشئة عن تنفيذ قرارات دوائر الشغل كل من رئيس دائرة الشغل التابعة لمكان التنفيذ او
حاكم ناحية نفس المكان عند عدم وجود دائرة شغل به ".
- 32الفصل 274من قانون المرافعات المصري " :قاضي التنفيذ يكون من بين قضاة المحكمة االبتدائية ينتدب& في مقر كل محكمة جزئية".
- 33الفصل 827من قانون اصول المحاكمات اللبناني " :تربط بمحكمة الدرجة االولى دائرة التنفيذ يراسها القاضي المنفرد في المنطقة التابعة لها".
- 34الفصل 12.311من قانون التنظيم القضائي الفرنسي المنقح بقانون 09جويلية .1991
11
جدية االشكال التنفيذي
ولئن اختلفت ه ذه الحل ول ،إال أنها اتفقت في ع دم منح االختص اص لقاضي محكمة االس تئناف ،ولعل ذلك
مرده فلسفة المشرع الرامية إلى عدم حرمان أطراف النزاع من درجة من درجات التقاضي. 35
و فيما يتعلق بمرجع نظر قاضي اإلشكال التنفيذي فهناك مرجع نظر حكمي و مرجع نظر ترابي.
فمن حيث مرجع النظر الحكمي فانطالقا من اعتب ار اإلش كال التنفي ذي من قبيل القض اء االس تعجالي ف ان
القاضي ال يتناول أصل الحق و يقتصر دوره على التثبت من مدى جدية اإلشكال و يأمر بإيقاف تنفيذ الحكم
موضوع اإلشكال وإ ذا ما رجح جديته.
أما على مستوى االختصاص الترابي فتأسيسا على ارتباط اإلشكال التنفيذي بعملية التنفيذ فانه يكون من
األنسب و األيسر لسير العمل القضائي أن يعهد باالختصاص في اإلشكال التنفيذي إلى نظر قاضي
أما من الناحية اإلجرائية فان إتباع إجراءات معينة هو الكفيل بتوقيف تنفيذ الحكم .وبما أن القاضي
االستعجالي ال يتعهد من تلقاء نفسه بالنظر في اإلشكال التنفيذي ،بل أوكل القانون للعدل المنفذ حق عرض
اإلش كال علي ه ،ف ان المش كل ال ذي اث ير في التط بيق يتعلق بمعرفة هل أن الغ ير أو المحك وم عليه بإمكانهما
أيضا القيام مباشرة أمام القاضي االستعجالي بإثارة إشكال تنفيذي دون المرور عبر قناة عدل التنفيذ؟
قبل تنقيح الفصل 211بموجب قانون 3اوت ،2002كان عدل التنفيذ ينتصب بوصفه حكما يقدر
أهمية اإلش كال المرف وع من احد األط راف ، 37فله ايق اف أعم ال التنفيذ و رفع األمر إلى المحكم ة ،أو ع دم
االس تجابة إلى طلب مث ير اإلش كال و التم ادي على التنفي ذ .ولم يكن بإمك ان من له مص لحة رفع الص عوبة
مباشرة أمام القضاء.
و رغم أن الفصل 211م م م ت ك رس بوض وح ه ذا الموق ف ،إال أن ذلك لم يمنع من ظه ور اتج اهين
مختلفين:
-االتج اه األول :يعت بر أن المش رع قد جعل بم وجب الفصل 211م م م ت من الع دل المنفذ قن اة
إث ارة الص عوبات التنفيذية وان اإلش كال بطبيعته هو إج راء اس تثنائي يخضع لمب دأ التأويل و االس تعمال
12
جدية االشكال التنفيذي
واعت برت محكمة التعقيب ان "المش اكل 38
الض يق وفي م روره ع بر قن اة الع دل المنفذ فائ دة كب يرة للمحكمة
التنفيذية ،ال تثار إال لدى عدل التنفيذ ،وله وحده الحق في تقديمها للحاكم ذي النظر ،و كل إجراءات مخالفة
تكون باطلة".39
-االتج اه الث اني :يعت بر أن الفصل 211م م م ت لم ينص على أن إث ارة اإلش كال التنفي ذي عند
التنفيذ تتوقف على الع دل المنفذ المع ني بالتنفـيذ إذ ليس بممن وع على ص احب المص لحة ان يث ير اإلش كال
التنفيذي وان يدعو من يهمه األمر للحاكم ذي النظر للبت في تلك الصعوبة مباشرة ودون المرور عبر قناة
عدل التنفيذ طالما توفرت مصلحته في ذلك عمال بأحكام الفصل 19م م م ت خاصة وان الفصل 201م م
م ت قد أجاز له ذلك.
وعلى ذلك األس اس فمن حق مث ير اإلش كال التنفي ذي أن يلتجأ مباش رة للقض اء االس تعجالي إلث ارة اإلش كال،
كما انه إذا اس تمر ع دل التنفيذ في التنفيذ رغم إث ارة اإلش كال أمامه يمكن للمستش كل أن يث ير األمر ل دى
القاضي المختص و تك ون عندئذ س لطة القاضي في توقيف تنفيذ الحكم ش به مطلقة بما أنها تس تند إلى ما
40
يتوفر إليه من عناصر مادية و معنوية تكون فيما بينها اقتناعه بجدية اإلشكال التنفيذي.
وقد دأب القضاء االستعجالي على قبول دعاوى اإلشكال التنفيذي المرفوعة مباشرة ودون المرور بالعدل
المنفذ المباشر ألعم ال التنفيذ و س اندته في ذلك محكمة التعقيب في بعض قراراتها ال تي ج اء بها "أن إث ارة
الص عوبة التنفيذية ال تتوقف على الع دل المنفذ المكلف بالتنفيذ فحسب وإ نما يمكن إثارتها من ص احب
المص لحة ال ذي له أن ي دعو من يهمه األمر للحض ور أم ام الح اكم ذي النظر للبت في تلك الص عوبة طالما
توفرت مصلحته في ذلك عمال باحكام الفصل 19من م.م.م.ت".41
إن اله دف األساسي ال ذي دفع بالمش رع إلى إق رار مؤسسة اإلش كال التنفي ذي ،هو حماية حق وق قد
تك ون مه ددة ج راء تنفيذ األحك ام .إال أن الواقع و التط بيق اثبتا أن ه ذه المؤسسة تح ولت إلى اداة لتعطيل
أعمال التنفيذ ال لحماية الحقوق من الخطر.
- 38قرار تعقيبي مدني عدد 48670مؤرخ في ،07/05/1997نشرية محكمة التعقيب لعام ،1997جزء اول ،ص .112
- 39قرار تعقيبي عدد 306مؤرخ في ،19/05/1977نشرية محكمة التعقيب لعام ،1977جزء اول ،ص .288
- 40رضا الوسالتي "االشكال التنفيذي مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة كلية الحقوق بتونس 1995ص.53
- 41قرار التعقيبي المدني عدد 63536.98المؤرخ في ،17/02/1998نشرية محكمة التعقيب &:القسم المدني لعام 1998الجزء االول ،مرافعات
مدنية و تجارية ،ص .82
قرار تعقيبي مدني عدد 48670مؤرخ في ،07/05/1997نشرية محكمة التعقيب ،القسم المدني لعام ،1997الجزء االول ،ص .112
13
جدية االشكال التنفيذي
وقد أصبح رفع اإلشكاالت التنفيذية أمام القضاء االستعجالي أمرا معهودا رغم أن مال اغلبها يكون بالرفض
لع دم ج ديتها ،مما اثر س لبا على أعم ال التنفيذ وأثقل كاهل القض اء ب دعاوى لم يكن الغ رض منها س وى
التفصي من التنفيذ.
كما انه في إث ارة اإلش كال التنفي ذي مباش رة أم ام القض اء دون أن يقع عرضه مس بقا على ع دل التنفيذ خ رق
للمنطق اإلجرائي و لمبدأ عدم االستعمال الثنائي لمؤسستين إجرائيتين أو ما يعبر عنه باالزدواج الوظيفي
ال ذي ي وجب ع دم ج واز التس رع بإثارته طبقا ألحك ام الفصل 201إال عند تع ذر إثارته على أس اس الفصل
211م م م ت وحصول الرفض الكتابي من العدل المنفذ إلثارة اإلشكال المعروض عليه.
ونظرا لما في االمر من خرق واضح للصيغ الشكلية الجوهرية المنصوص عليها صلب الفصل
211م م م ت وإ س اءة في تأويل وتط بيق الفصل201م م م ت فال بد من ت دخل المش رع ب ترتيب ج زاء من
اإلخالل ب إجراء الم رور بالع دل المش رف على التنفيذ عند رفع اإلش كال و ك ذلك ال ترفيع في مق دار الم ال
الم ؤمن إلض فاء أك ثر جدية على اإلش كاالت التنفيذي ة ،كما تج در اإلش ارة إلى ض رورة التفك ير في وضع
آج ال لممارسة الحق في رفع اإلش كال التنفي ذي ح تى ال يك ون التنفيذ مه ددا إلى آخر لحظة بإيق اف
إجراءاته.42
في مرور اإلشكال عبر عدل التنفيذ فائدة كبيرة للمحكمة باعتباره سيعطيها صورة موضوعية شاملة
ح ول خص ومة تنفيذ األحك ام ويمكنها من تجميع كافة عناصر التق دير للتحقق من جدية اإلش كال أو ع دمها و
يمنع مح ترفي التفصي من تنفيذ األحك ام من تك ييف اإلش كال حسب أه وائهم و مص الحهم من خالل ع دم
مرورهم عبر العدل المنفذ.
وورد الفصل 211جدي دم م م ت بعد تنقيحة بق انون ع دد 82لس نة 2002الم ؤرخ في 3اوت 2002
مؤي دا له ذا االتج اه و أض اف فق رة ثالثة تنص على ما يلي" :وإ ذا رفض ع دل التنفيذ ع رض الص عوبة على
القض اء فلمثيرها أن يرفع األمر إلى القاضي المختص بعد تامين مبلغ خمسين دينارا بقباضة المالية بعنوان
معين خطية تسلط عليه في صورة رفض مطلبه .وعليه استدعاء عدل التنفيذ وكل من يهمه األمر للحضور
- 42رشيد عبد الخالق "إيقاف التنفيذ بين التقاضي األصلي و التقاضي االستعجالي" مقالة بالقانونية مجلة القانون العدد 32/33أكتوبر 2007ص .6
14
جدية االشكال التنفيذي
في اق رب جلسة ل دى القاضي المختص وفي ه ذه الحالة يجب على الع دل المنفذ تق ديم ملحوظ ات في ش ان
الصعوبة المثارة"...
و بالت الي فعن دما يش رع ع دل التنفيذ في التنفيذ يمكن ألحد األط راف (أي احد األط راف المش مولين بالس ند
التنفي ذي) أو الغ ير ممن له مص لحة أن يق دم له إش كاله من حيث المض مون و األس اس و عندئذ يح رر ع دل
التنفيذ محض را في الغ رض وقد ي رفض ع رض الص عوبة على القض اء و يس تمر في التنفيذ إن اعت بر أن
اإلشكال غير جدي و يمكنه استثنائيا أن يوقف التنفيذ إذا اتضح له أهمية اإلشكال المرفوع.
و في صورة رفض عدل التنفيذ عرض الصعوبة على القضاء فلمثيرها أن يرفع األمر مباشرة أمام القضاء
بعد تامين مبلغ مالي قدره خمسون دينارا وعندها يكون العدل المنفذ القائم بالتنفيذ مج برا على رفع تقرير في
الغرض إلى المحكمة المتعهدة بالنظر في اإلشكال التنفيذي.
وبالتالي فهناك شروط إلثارة اإلشكال التنفيذي اعتمادا على الفصل 201م م م ت تتمثل في استنفاذ إمكانية
إثارته على أساس الفصل 211م م م ت و إثبات عدم إمكانية ذلك بحصول الرفض الكتابي من طرف العدل
المنفذ بمحضر تنبيه باستجواب أو محضر عرض إثارة إشكال.
مثلما س بق التع رض ل ه ،ف إن تق دير جدية اإلش كال يتطلب من الع دل المنفذ مجه ودا كب يرا ،فليس له في ذلك
مرجع تشريعي ليقيس عليه ويستنتج صحة ما ضمنه ،بل يتطلب جهدا تقييميا وقدرة على التحليل ،وكل هذا
من شانه أن يعين القاضي في تقديره لمدى جدية اإلشكال التنفيذي المعروض عليه.
15
جدية االشكال التنفيذي
الج$$ $ $ $زء الث$$ $ $ $اني :تق$$ $ $ $دير القاضي االس$$ $ $ $تعجالي الجدية اإلش$$ $ $ $كال
التنفيذي
ال يتقيد القاضي في تقديره لجدية اإلشكال التنفيذي المعروض عليه مبدئيا بالشرط المنطبق عامة على
القضاء المستعجل و المتمثل في عدم المساس باألصل (المبحث األول) بقدر يتقيد ببعض المعايير الخاصة
بجدية اإلشكال ذاتها (المبحث الثاني)
يجب أن يت وفر ش رط جدية اإلش كال في الطلب المرف وع للقاضي االس تعجالي المختص ب النظر في
اإلشكال التنفيذي والمقصود بذلك أن يكون المستشكل ص احب دعوى جدية في رفع اإلشكال وإ ثارته أمام
القضاء المختص.
و تعت بر جدية اإلش كال التنفي ذي ،ش رطا أساس يا لقب ول ال دعوى والحكم بايق اف التنفي ذ ،إال أن "الق انون لم
يعرف المقصود بالجدية و اعتبر الفقه و فقه القضاء أنها تقوم على فكرة حماية الحقوق المشروعة كما هو
الح ال في ص ورة تع ارض منط وق الس ند التنفي ذي مع حق الغ ير أو في ص ورة خ رق القواعد المنظمة
إلجراءات التنفيذ أو بروز نية اإلضرار من طرف مثير الصعوبة".43
إن عنصر الجدية ،مسالة معنوية تخضع للسلطة التقديرية المطلقة للقاضي حسب ما يمليه عليه وجـدانه
و ما تجمع لديه من الق رائن وعناصر التق دير .وتأسيسا على ذل ك ،يمكن للقاضي أن يس تبعد جدية اإلش كال،
إذا ما رفض الم دعي اإلدالء بوث ائق تكميلية طلبها القاضي أو الع دل المنف ذ ،ك ان ت دعي ام رأة اس تحقاق
المعق ول بن اء على اس تظهارها بباتين ده أو رخصة تج ارة ،و لكنها ت رفض اإلدالء بما طلب منها من وث ائق
- 43رضا الوسالتي"االشكال التنفيذي" رسالة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص ،كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس& ،السنة
الجامعية .1994/1995
16
جدية االشكال التنفيذي
جديدة كمضمون والدتها لتحديد عالقتها بالمعقول عليه أو بسند وجودها بالمحل المعقول فيه كعقد الكراء أو
حجة الملكية ،أو كان يرفض األب مدعي االستحقاق أن يرشد على مسكن ابنه المعقول عليه و الحال انه ي
ي دعي انه ال يقيم مع ه ،أو أن ي دعي مث ير اإلش كال حص ول غلط في اس مه و يتعمد إح داث تغي يرات م اكرة
عليه دون أن يحضر أو يثبت بصورة فعلية الوجود المادي للشخصين الواقع االلتباس في اسمهما.
ويق وم القاضي عند تقديره لم دى جدية اإلشكال المعروض علي ه ،بتمحيص الس بب ال ذي يرتكز عليه
القائم بدعوى صعوبة التنفيذ وبناء على ما تجمع لديه من القرائن وعناصر التقدير يحكم بجدية اإلشكال من
عدم ه .وي ترتب عليه أن إهم ال البحث في جدية المنازعة يجعل الق رار االس تعجالي الص ادر فيها عرضة
للنقض .وقد ذهبت محكمة التعقيب في ه ذا االتج اه حيث ورد في احد قراراتها ما يلي " :إن المطل وب من
محكمة الموض وع المنتص بة للنظر اس تعجاليا في م ادة إش كاالت التنفيذ أن تقيم في مثل قض ية الح ال م دى
جدية اإلشكال المعروض عليها وان تبت في المطلب على ضوء ذلك وان إهمال جدية اإلشكال يعرض حكم
محكمة الموض وع للنقض و عنصر الجدية مس الة معنوية تخضع للس لطة التقديرية المطلقة للقاضي حس بما
يمليه وجدانه وما تجمع لديه من القرائن وعناصر التقدير".44
و يقتضي البحث في جدية المنازعة أن يت ولى قاضي الص عوبات التنفيذية تفحص المس ائل ذات الص لة
45
باألصل ذلك انه ال يمكن له الوقوف على مدى جدية المطلب دون مالمسة األصل.
وتبرز في هذا اإلطار خصوصية هذه المادة ،إذ أن قاضي الصعوبة غير مقيد مبدئيا بشرط عدم المساس
باألصل على النحو ال وارد في م ادة القض اء االس تعجالي الع ام و يع ود ذلك إلى طبيعة دع اوى الص عوبات
الناشئة عن تنفيذ األحكام فيطلب فيها من القاضي إصدار قرار ذي صبغة وقتية والحال ان له مفعول حاسم
تجاه القوة التنفيذية التي حازها السند المطلوب تنفيذه .فالقرار الصادر في صعوبة تنفيذية ليس مجرد قرار
استعجالي وإ نما هو في غالب األحيان قرار حاسم يتسلط على القوة التنفيذية للسند فمن الطبيعي والحالة ما
ذكر أن يتفحص القاضي المس ائل المتص لة باألصل ح تى يتمكن من ت رجيح أحقية رافع الص عوبة بالحماية
المطلوبة من عدمها.
وقد ج رى فقه قض اء محكمة التعقيب على التأكيد على ه ذا المب دأ في عديد قراراتها فأك دت انه " ولئن ك ان
من رك ائز القض اء االس تعجالي ع دم الخ وض في األصل ف ان ذلك ال يمنع القاضي من تفحص الحجج و
المؤيـدات و فهمها للوق وف على جدية الطلب و اس تخالص النت ائج القانونية منه ا" كما اعت برت ان" تفحص
- 44قرار تعقيبي مدني عدد 16329مؤرخ في 10/09/1986نشرية محكمة التعقيب ،القسم المدني ،الجزء ، 2ص 163سنة .1986
- 45مراد اسكندر " االختصاص االستعجالي في مادة التنفيذ" مجموعة لقاءات الحقوقيين العدد الثالث عشر " القضاء االستعجالي" تونس& 2008ص
.236
17
جدية االشكال التنفيذي
محكمة الموض وع لعقد التس ويغ ومقارنتها للعن وان الم ذكور بالتنبيه مع العن اوين الموج ودة بالعقد ف ان ذلك
كان بغرض بيان جدية النزاع حول صحة التنبيه" 46كما اعتبرت ان " النظر في حجية الكتب المدلى بـه و
حجية الحكم المثار بشأنه اإلشكــال و الوقوف على طبيعة العقار المتنازع فيه و القانون المنظم له ال يشكل
مساسا باألصل وإ نما اس تقراءات ض رورية لتحديد كيفية حماية حق وق األط راف و التثبت من م دى جدية
47
اإلشكال التنفيذي"
لكن يج در التأكيد في ذات ال وقت على انه رغم تفحص القاضي لمس ائل ذات المس اس باألصل فال يج وز له
ان يبت فيها وإ نما يقف عند حد "ال ترجيح" بش أنها وهو ت رجيح يعتمد على مج رد الظ اهر دون التعمق في
البحث .48من ذلك مثال ان النظر في إجراءات العقلة التنفيذية هو مسالة أولية ال يجوز للقاضي التغافل عنها
ح تى يتمكن من الوق وف على م دى جدية المطلب ،لكن يحجر عليه أن يص در أحكاما تقريرية تهم أصل
النزاع كالحكم ببطالن إجراءات العقلة أو رفعها أو غير ذلك ،49إذ الغاية من مالمسة األصل هي معرفة ما
إذا كان رافع الصعوبة جدير بالحماية الوقتية أم ال و بالتالي هل يقضى بالتمادي في التنفيذ أم بايقافه.
وفي ه ذا اإلط ار اعت برت محكمة التعقيب ان ه"يؤخذ من نص الفصل 201م م م ت أن من اط القض اء
االس تعجالي إنما هو التأكد و ع دم المس اس باألصل و بن اء على ذلك تك ون قد ولجت في األصل لما بتت في
الدعوى على أساس أن الدين الذي اجريت بمقتضاه العقلة و تاريخه بالنسبة لوقوع البيع وسوء نية المعقب و
تواطئه مع المحك وم ض ده و ذلك خ ارج عن نظر القاضي االس تعجالي واعت برت انه " طالما ان محت وى
اإلش كال ال ذي رفعه المعقب هو ض رب عقلة عقارية على عق اره ولم تص بح ب ذلك عالقة بين ال دين و
موض وع العقلة ف ان دفعه يص بح قانونيا وان محكمة الحكم المنتقد لما رات خالف ذلك بخصوص ها في
مسائل خارجة عن اختصاصها تكون قد خالفت القانون و عرضت قرارها للنقض".50
- 46قرار تعقيبي مدني عدد 2411مؤرخ في ،20/10/2005نشرية محكمة التعقيب& لسنة ، 2005قسم المرافعات المدنية و التجارية ،ص.71
- 47قرار تعقيبي مدني عدد 4025مؤرخ في ،17/11/2004نشرية محكمة التعقيب& القسم المدني لعام 2004الجزء االول مرافعات مدنية و
تجارية ،ص .129
- 48احد خليل ،طلبات وقف التنفيذ امام محكمة التنفيذ و محاكم الطعن في المواد المدنية و التجارية ,االسكندرية ،دار الجامعة الجديدة للنشر
االسكندرية ،1996 ،ص .158
- 49وهذا ما ذهب اليه حاكم ناحية اريانة بمناسبة النظر في صعوبة تنفيذية عدد 246بتاريخ 22/11/2004الذي قضى" ابتدائيا استعجاليا ببطالن
اجراءات العقلة التنفيذية المجراة بموجب المحضر عدد 516بتاريخ 02/11/2004بواسطة عدل التنفيذ محمود الزروقي و االذن برفعها عن
السيارة المحجوزة بالمستودع& البلدي مع االذن بالتنفيذ على المسودة".
- 50قرار تعقيبي مدني عدد 54284مؤرخ في ،30/04/1997نشرية محكمة التعقيب القسم المدني ،الص .303
18
جدية االشكال التنفيذي
كما اعت برت محكمة التعقيب في احد قراراتها ان ه" ب الرجوع الى الق رار المطع ون فيه ان المحكمة
اعت برت ب ان ملكية األصل التج اري المس تغل بمحل الت داعي ث ابت للمعقب ض ده وان انتق ال ملكية المك رى
للط اعن ال ت أثير لها الن ملكية الج دران هي مس تقلة عن ملكية األصل التج اري و تك ون ب ذلك قد بتت في
و خارقا ألحك ام أصل الحق وهو ما ال يمكن أن يمتد إليه نظرها مما يجعل قرارها بمن أى عن الص واب
الفصل 201م م م ت .51
وبن اءا على ذلك ف ان القاضى غ ير مقيد بمب دأ ع دم المس اس باألصل في تق ديره لجدية اإلش كال
التنفيذي المعروض عليه ،إال انه ،و حتى ال تتغير الحلول القانونية بتغير شخص القاضي الموكولة له مهمة
تقدير جدية اإلشكال التنفيذي ،وجب عليه التقيد بطريقة موضوعية واحدة في البحث عن الجدية من عدمها.
وفي تقيد القاضي ببعض المع ايير الخاصة بجدية اإلش كال ذاتها ال تزام بنفس التمشي الق انوني كلما تعلق
األمر بإشكال تنفيذي ،وفي ذلك ضمان لعدم تغير الحلول من قاض إلى آخر.
المبحث الث$$ $ $ $ $ $اني :تقيد القاضي بمع$$ $ $ $ $ $ايير في تق$$ $ $ $ $ $ديره لجدية
اإلشكال التنفيذي
لقد أعطى المشرع للقاضي حرية واسعة في تقديره لمدى جدية اإلشكال التنفيذي المطروح عليه ،غير
أن فقه القض اء و بحكم استيعابه لعديد الح االت الواقعية ارسى مع اييره.فيبحث القاضي الذي ينظر في مدى
جدية اإلش كال التنفي ذي عن عي وب معينة تواجه ش كل ( الفق رة االولى )أو موض وع (الفق رة الثاني ة)
إجراءات التنفيذ.
- 51قرار تعقيبي مدني عدد 41416مؤرخ في ،17/01/1994نشرية محكمة التعقيب :القسم المدني لعام ،1994ص .97
19
جدية االشكال التنفيذي
يبحث القاضي ال ذي ينظر في اإلش كال التنفي ذي ،عن عي وب قد تواجه ش كل إج راءات التنفيذ و يع بر عنها
ب العيوب الش كلية ،فيتمعن القاضي في العناصر الواقعية والقانونية المكونة لإلش كال التنفي ذي المع روض
عليه ليقدر جديته من عدمها.
ومن ضمن العيوب الشكلية التي قد تواجه إجراءات التنفيذ ما يمس باالستدعاء (أ) ومنها ما يمس بعريضة
ال دعوى (ب) ومنها ما يمس ب اإلعالم ب الحكم (ج) وفي كل ه ذه الح االت يعتمد القاضي مع ايير تس هل له
مهمة "الترجيح".
قد يث ير الم دعى عليه أو المستش كل إش كاال تنفي ذيا يتعلق بتعرضه للتحيل في بل وغ االس تدعاء اليه
باعتبار انه لم يبلغه أي استدعاء للجلسة و بالتالي فانه لم يكن على علم بالقضية المرفوعة ضده ولم يحضر
في أي طور من أطوارها.
وقد نص المشرع على هذه الحالة صلب الفصل 11مكرر م م م ت اذ جاء به "يعاقب بالسجن مدة عام كل
من يتحيل لغاية عدم بلوغ المحاضر و االستدعاءات".
فيحكم القاضي بجدية اإلشكال التنفيذي كلما تبين له إمكانية تعرض المستشكل للتحيل في استدعائه و يكون
على هذا األخير القيام بقضية في الغرض للحسم في جريمة التحيل.
وكلما رجح القاضي جدية تعرض المستشكل لعملية التحيل حكم بجدية اإلشكال التنفيذي المعروض عليه.
20
جدية االشكال التنفيذي
و على ذلك االساس فان الحكم الذي يصدر ضد شخص معين و يتبين عند الشروع في التنفيذ عليه انه غير
األول من حيث هويته وما إلى ذلك فيكون التنفيذ مستحيال و متعذرا.52...
و قد يثير المستشكل عند تنفيذ عدل التنفيذ للحكم الصادر ضده ،إشكاال تنفيذيا يتعلق ببطالن محضر اإلعالم
ب الحكم ،فيق در القاضي م دى جدية اإلش كال المع روض عليه و ال ي تردد في التص ريح بجدية اإلش كال كلما
اتضح له أن اإلعالم ب الحكم لم يكن ب العنوان الص حيح للم دعى علي ه .و أس اس ذلك أن االلتج اء للتنفيذ
الجبري ال يكون
إال بعد استيفاء اجل اإلذعان بالحكم حتى يتسنى للمدين معرفة ما هو ملزم بادائه لعله يمارس حق الطعن فيه
او يفي بالتزاماته تلقائيا واختياريا دون حاجة إلى اللجوء إلى التنفيذ الجبري.
و طبقا لمقتضيات الفصل 285م.م.م.ت فان "وسائل الطعن المعطلة للتنفيذ ال يترتب عنها هذا التعطيل إال
إذا استعملت في األجل القانوني" إال أن هذه القاعدة ليست مطلقة ،فإذا قام المحكوم عليه باستئناف الحكم بعد
انقضاء األجل الساري بداية من تاريخ اإلعالم بالحكم المبلغ لغير شخصه وفقا للفقرتين 2و 3من الفصل
8م.م.م.ت ،وتمسك بصحة استئنافه شكال و بوجاهة تمتعه بايقاف التنفيذ بقوة القانون بناء على طعنه في
ص حة محضر اإلعالم ال ذي يعت بره ب اطال مثال لكونه غ ادر عنوانه المعتمد ب الحكم و نشر إعالنا بالرائد
الرس مي في انتق ال مق ره و له مراس الت مع خص مه ب العنوان الجدي د ،أمكن له ذا المحك وم عليه أن يرفع
53
دعوى اإلشكال التنفيذي لطلب ايقاف التنفيذ مؤقتا ثم يقوم بقضية أصلية في بطالن محضر اإلعالم.
وإ ذا بين المستش كل ص حة ادعاءات ه ،رجح القاضي جدية ال دفع وحكم بجدية االش كال التنفي ذي ويك ون على
المستشكل القيام بقضية في االصل في االجال القانونية.
- 52قرار استئنافي استعجالي صادر عن محكمة االستئناف ببنزرت في القضية عدد 3014بتاريخ 20جانفي .2003
- 53عمر الشتوي" :االشكال التنفيذي" &،القضاء و التشريع عدد 10لسنة 1993ص.20
21
جدية االشكال التنفيذي
وبات من الواضح ان القضاء ال يتردد في التصريح بجدية اإلشكال ،وفي قبول توقيف التنفيذ إذا لم
يقع إبالغ المطل وب بعنوانه الص حيح ، 54أو إذا تم إعالمه بمقر لم تعد له به أية ص لة ،بعد انته اء نيابة
المح امي ،بم وجب ص دور حكم اس تئنافي ،55وهو حل يس تند إلى أهمية التبلي غ ،فهو حجر الزاوية في كل
قض ية ،وق وام كل ن زاع قض ائي ع ادل ،منه تس تمد بقية المب ادئ اإلجرائية قيمته ا ،ومن خالله نلمس مب دأ
المواجهة بين الخصوم ،كما أن القواعد العليا للعدالة ومقتضيات الحق تلزم به وتفرض وقوعه.56
عادة ما يؤسس هذا النوع من اإلشكاالت على انقضاء الدين بسبب من األسباب الجائزة بالفصل339
من م.ا.ع مثل خالص الدين أو المقاصة أو التجديد أو الرهن أو العرض القانوني للمال موضوع الدين من
طرف المدين .كما قد يستند على أن التنفيذ يقع على أساس دين غير حال أو غير مقدر.
وفي جميع هذه الحاالت يتفحص القاضي اإلشكال ويقدر جديته ليقضي بايقاف التنفيذ على أساس قبول
.اإلشكال المؤسس عليه
ويحكم القاضي بجدية اإلشكال التنفيذي المعروض عليه إذا تبين له أن الدين ثابت بالخالص و" تكون قد
عللت حكمها تعليال سليما محكمة الحكم المنتقد لما اعتبرت الصعوبة في تنفيذ القرار االستئنافي قائمة بناءا
على أن الخالف المرتب للصعوبة نشا بما نسب لمستصدر الحكم من استيفاء ذلك الدين الثابت بالخالص
"57 .بغيره
- 54حكم ابتدائي استعجالي صادر عن المحكمة االبتدائية بتونس تحت عدد 6235/2002مؤرخ في ،07/02/2003غير منشور.
- 55حكم ابتدائي استعجالي صادر عن المحكمة االبتدائية بتونس تحت عدد 9844/2003مؤرخ في ،28/04/2003غير منشور.
- 56حنان بو قطاية " توقيف تنفيذ& االحكام في المادة المدنية و التجارية " ،رسالة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص،2003-2002 ،
ص .23
نشرية محكمة التعقيب& 1997ج 1ص .112 ، - 57قرار تعقيبي مدني عدد 48670مؤرخ في 07ماي 1997
22
جدية االشكال التنفيذي
وقد يتأسس اإلشكال التنفيذي على عدم تحديد القيمة الحقيقية للمنقوالت .والمقصود بالمنقوالت الهامة
موض وع س ند تنفي ذي ،المنق والت الباعثة على التفك ير و التأمل و الت دبر ،58و ان ع دم انت داب خب ير لتحديد
قيمتها ي ترتب عنه توقيف تنفيذ الحكم الى حين اج راء االختب ار المنص وص عليه بالفصل 394مك رر
م.م.م.ت .
وبالت الي فقد يث ير المستش كل ان القيمة الحقيقية للمنق والت موض وع العقلة التنفيذية لم يقع تحدي دها و رد فقه
قض اء على ه ذا اإلش كال ب ان " ع دم انت داب خب ير لتحديد قيمة آالت الخياطة ي ترتب عنه توقيف الحكم إلى
حين إجراء االختبار المنصوص عليه بالفصل 394مكرر م م م ت".59
كما قد يدفع المستشكل بان الحكم المراد تنفيذه لم يحدد مبلغ الدين و بالتالي فال يمكن عقلة اي منقوالت
إلى أن يتم تحديد مبلغ الدين.60
وقد يتأسس اإلش كال التنفي ذي على ان المعق ول موض وع التنفيذ يتمثل في منق والت مكونة للعنصر
المادي لألصل التجاري وأن الحفاظ على وحدة األصل التجاري يتطلب تعطيل تنفيذ الحكم.
وبالتالي فإذا تبين أن المعقول يتمثل في آالت لتكرير الزيت وهي أساسية لنشاط المصنع بحيث يتالشى
األصل التجاري في صورة بيعها بمعزل عن بقية عناصره ،61أو إذا اتضح أن آالت خياطة المالبس تكون
العنصر الم ادي لألصل التج اري مما يفق ده قيمته إذا تم بيعها على ح دة ،62يحكم القاضي بجدية اإلش كال
التنفيذي المعروض عليه.
وقد يثير المستشكل إشكاال تنفيذيا عند تنفيذ المتسوغ بواسطة عدل تنفيذ لحكم يقضي بالزام المالك بان
يدفع له غرامة الحرمان نتيجة إخراجه من المكرى.
وبالرجوع إلى فقه القضاء يتضح ان القاضي يقدر مدى جدية هذا اإلشكال بالرجوع إلى معايير يستقرءها
من خالل مالبس ات ال دعوى و من ظ اهر المس تندات المقدمة و من ض منها :تج دد او اس تمرار العالقة
التس ويغية ،بق اء المتس وغ بمحل ال نزاع ،قب ول المالك لمعين ات الك راء بعد ص دور الحكم ،تراجع المالك في
تنهية العالقة التس ويغية ،مغ ادرة المتس وغ للمك رى ... ،و اس تنادا إلى ه ذه المع ايير يح اول القاضي الكشف
- 58عمر الشتوي الجديد في العقل التنفيذية دورة دراسية حول " العقل حسب التنقيحات& الحديثة" في 28/11/2002بالمعهد االعلى للقضاء ص
.2
- 59حكم ابتدائي استعجالي صادر عن المحكمة االبتدائية بتونس& عدد 2003/ 8186مؤرخ في 2003 /06/03غير منشور.
- 60حكم ايتدائي استعجالي صادر عن المحكمة االبتدائية بتونس عدد 93158مؤرخ في 20/11/2010غير منشور.
- 61حكم ابتدائي استعجالي صادر عن المحكمة االبتدائية بتونس& عدد 7858/2003مؤرخ في 07/03/2003غير منشور.
- 62حكم ابتدائي استعجالي صادر عن المحكمة االبتدائية بتونس& عدد 7009/2003مؤرخ في 07/03/2003غير منشور.
23
جدية االشكال التنفيذي
عن صحة ما يدعيه المستشكل و يحكم القاضي بجدية اإلشكال من عدمها وكان السلطة التقديرية التي يتمتع
بها أصبحت مقيدة بمعايير مما يضيق من مجال حريته.
ف إذا ما اتضح من خالل ظ اهر المس تندات المقدمة " اس تمرار المك تري ش اغال للعين ع دة أش هر بعد ص دور
الحكم" و " عرض المكتري مال معينات الكراء بعد صدور الحكم بأشهر عديدة" و " قبول المالك لمعينات
الك راء" و " إعالم المالك لخص مه بانه تراجع في التنبيه المؤسس على الحكم الص ادر ب التعويض" ف ان ذلك
من ش انه "أن يث ير إش كاال قانونيا ح ول اتف اق الط رفين ض منيا في خص وص تجديد العالقة " و على ذلك
األساس اعتبرت المحكمة اإلشكال جديا .63
إن فقه القض اء اعتمد معي ار " تج دد العالقة التس ويغية بعد ص دور الحكم " للتص ريح بجدية اإلش كال من
عدمها فإذا ما تبين للقاضي استمرار العالقة التسويغية ،قضى بجدية اإلشكال المعروض عليه ،64وإ ذا تبين
له من ظاهر المستندات أن المتسوغ قد غادر المكرى و بالتالي فان العالقة التسوسغية قد انقطعت ،صرح
بعدم جدية اإلشكال. 65
إال انه وفي خص وص العالقة التس ويغية ف ان النك ول (عن الموفق المص رح به أم ام المحكمة المتمثل في
رفض تجديد العالقة التس ويغية ) حق اس تثنائي قيد المش رع ممارس ته بأجل خمسة عشر يوما من ت اريخ
ص دور الحكـم ( الفصل 30من ق انون )25/05/1977وإ ذا تم الع دول عن رفض تجديد الك راء بعد الم دة
المحددة فان إثارة اإلشكال التنفيذي على أساس تواصل العالقة الكرائية وعلى أساس ممارسة حق النكول
في اآلجال ال تكتسي أي جدية تحتم تعليق التنفيذ. 66
قد يحدث أن يتم التنفيذ على مال تعلقت به حقوق للغير فعقد الرهن الذي تمسك به المستشكل يتيح الحكم
بجدية اإلش كال و بايق اف التنفيذ .67إال أن اإلدالء بعقد تس ويغ ال يمثل س ببا ج ديا إذا لم يشر العقد إلى ملكية
.كما أن التمسك بعقد بيع ال 68
المس وغة لألصل التج اري وإ ذا أكد المطل وب انه ق ام بتس ويغه لش خص آخر
63قرارا تعقيبي مدني عدد 74078مؤرخ في 17جانفي 2000نشرية محكمة التعقيب القسم المدني لعام 2000الجزء الثاني مرافعات مدنية و
تجارية ص 209الى .214
- 64قرار تعقيبي يمدني عدد 46624مؤرخ في ،16/04/1997نشرية محكمة التعقيب &،القسم المدني لعام ،1997الجزء ،2ص.194
- 65قرار تعقيبي مدني عدد 61132مؤرخ في ،17/12/1997نشرية محكمة التعقيب لعام ،القسم المدني ،ص .176
- 66قرار استئنافي مدني صادر عن محكمة االستئناف بنابل عدد 1824مؤرخ في 24/05/2001غير منشور.
- 67حكم ابتدائي استعجالي صادر عن المحكمة االبتدائية بتونس& عدد 2003/ 6900مؤرخ في 03/02/2003غير منشور
- 68حكم ابتدائي استعجالي صادر عن المحكمة االبتدائية بتونس& عدد 2003/ 8249مؤرخ في 06/03/2003غير منشور
24
جدية االشكال التنفيذي
يس مح بتعطيل أعم ال التنفيذ إال إذا ق دم الغ ير أو من ينوبه ما يفيد ملكيته للمنق والت موض وع العقلة أو إذا
69
أدلى بعقد إحالة األصل التجاري و االشهارات الواردة إثره و شهادة التسجيل الجبائي .70
إن عديد األحك ام االس تعجالية تقضي بجدية اإلش كال التنفي ذي و ت أذن بتوقيف التنفيذ إذا تم اإلدالء بف اتورات
شراء و ذلك دون التفات إلى دفوعات الخصم حول الطعن في صحتها معللة موقفها بان اإلجابة عنها تتطلب
استقراء حجج األطراف من قبل محكمة األصل. 71
كما قد يتأسس طلب توقيف تنفيذ عقلة منق والت على اس تحقاق المستش كل لتلك المنق والت ،فتقضي
المحكمة بجدية اإلش كال التنفي ذي و بايق اف أعم ال التنفيذ إلى إن يتم ال نزاع في االس تحقاق كلما رجحت
حض وض قب ول ال دعوى االس تحقاقية أص ال .و ب الرغم من ص دور حكم ابت دائي يقضي ب رفض دع وى
االستحقاق ،فقد يعتبر القاضي اإلشكال جديا و يبرر قضاءه بان "الحكم في عدم استحقاق المعقول ابتدائي
الدرجة و لم يقع تقديم ما يفيد كونه نهائي و أحرز على قوة ما اتصل به القضاء".72
و إذا حكم القاضي بجدية اإلش كال ك ان على المستش كل القي ام بقض ية في األصل إلثب ات اس تحقاقه لتلك
المنق والت " فتق در المحكمة األدلة و تس تخلص النت ائج القانونية منها و ال رقابة عليها في ذلك م تى ك انت
عناصر اجتهادها مس تمدة مما له أصل ث ابت ب األوراق ما لم يكن هن اك ض عف في التعليل أو خ رق للق انون"
و عندما تنتهي المحكمة إلى عدم استحقاق تلك المنقوالت فيمكن للدائن مواصلة أعمال التنفيذ. 73
كما تقضي المحكمة بجدية اإلش كال التنفي ذي في طلب توقيف عقلة منق والت ولو تم اإلدالء بف اتورات ش راء
تم الطعن في ص حتها من ط رف الخصم معللة موقفها ب ان اإلجابة عنها تتطلب اس تقراء حجج األط راف من
قبل محكمة األصل .74
وعلى ذلك األساس أكدت محكمة التعقيب في إحدى قراراتها انه "إذا كان النزاع يتعلق باستحقاق معقول فان
دور القاضي االس تعجالي يك ون مقص ورا على النظر في جدية الص عوبة التنفيذية المعروضة لديه من ع دم
ج ديتها وهل ان ما وقع تقديمه من الوث ائق يفيد جدية دع وى اس تحقاق المعق ول من ط رف مث ير الص عوبة
االولى وعلى ضوء ذلك يتم البت في القضية اما لصالح الدعوى او برفض المطلب و ذلك حسب مقتضيات
الفصل 403من المجلة المذكورة و ليس للمحكمة ان تبحث وراء اثبات ملكية المعقول من عدمه". 75
- 69حكم ابتدائي استعجالي صادر عن المحكمة االبتدائية بتونس& عدد 2003/ 8757مؤرخ في 11/04/2003غير منشور
- 70حكم ابتدائي استعجالي صادر عن المحكمة االبتدائية بتونس& عدد 2003/ 7152مؤرخ في 06/03/2003غير منشور
- 71حكم ابتدائي استعجالي صادر عن المحكمة االبتدائية بتونس& عدد 2003/ 7674مؤرخ في 01/03/2003غير منشور
- 72قرار تعقيبي مدني عدد 53062مؤرخ في ،21/05/1997نشرية محكمة التعقيب ،القسم المدني ،ص .254
- 73قرار تعقيبي عدد 2000-5696مؤرخ في ( 20/04/2001غير منشور ) ****************************
- 74حكم ابتدائي استعجالي صادر عن المحكمة االبتدائية بتونس تحت عدد 7674/2003مؤرخ في ،01/03/2003غير منشور.
- 75قرار تعقيبي مدني عدد 23209مؤرخ في 03/07/1989م.ق.ت عدد 9لسنة 1991ص .94
25
جدية االشكال التنفيذي
وبالتالي فان القاضي يقوده معيار يتمثل في امكانية استحقاق المنقول لمثير اإلشكال وكلما ت بين له ان الحجج
تؤيد استحقاق المنقول كلما كان حكمه بجدية اإلشكال المثار امامه.
الخــاتمــة
إن إرساء اغلب التشريعات لمؤسسـة اإلشكال التنفيذي ،يـبرز بدون أدنى شك األهميـة النظريـة و التطبيقية
له ذا اإلج راء ،إذ ال يك اد يخلو نظ ام ق انوني من التع رض إليه و ال يك اد يخلو فقه قض اء من التط رق إلى
صوره و آثاره.
مما ال شك فيه ان رغبة المشرع تتجه بكل جالء نحو تحسين إجراءات التنفيذ في خط موازي للنسق العام
لتحديث المنظومة القانونية عموما وهو ما املته التغييرات الجذرية التي يشهدها الواقع بكل تفاعالته داخليا
و دوليا.
ويعبر تنقيح مجلة المرافعات المدنية و التجارية عن إرادة واضع القانون في جعل عمل التنفيذ محاطا قدر
اإلمكان بالضمانات الكفيلة لحماية حقوق جميع المتداخلين في اجراءات التنفيذ.
وتتمثل أهم انعكاسات ذلك في الموضوعات التي شملها التنقيح و من بينها بصفة خاصة إشكاالت التنفيذ
التي ظلت طويال محور جدل فقهي كبير تركز على عدة عناصر أهمها دور عدل التنفيذ في رفع إشكاالت
التنفيذ ومدى أحقية غير العدل المنفذ في رفع اإلشكاالت.
وتبين لنا أن اإلشكال التنفيذي رغم خطورته كمؤسسة إجرائية تتموقع في مرحلة حاسمة من مراحل إسداء
الحقوق ألصحابها ،فإنها مؤسسة غير متضحة المعالم ،وغير مكتملة المقومات وهو واقع ينطبق على
القوانين المقارنة بقدر ما ينطبق على القانون التونسي .و هو ما يتجسد في الواقع بقلة المؤلفات التي
26
جدية االشكال التنفيذي
اختصت بالبحث في إشكاالت التنفيذ إذ ليس أيسر من إحصائها ،وهي في اعتقادي إحدى الدالئل القوية على
أهمية البحث في هذه المؤسسة وهي أهمية نظرية و تطبيقية.
إن األس باب ال تي ت برر رفع اإلش كال التنفي ذي متع ددة ومختلفة الختالف اسس ها ال تي تعكس من جهة س عي
الم دين للحص ول على حكم يوقف تنفيذ س ند معين وال تي تقابلها من جهة اخ رى دف وع يعتم دها ال دائن ع ادة
للتوصل إلى الحص ول على إذن بمواص لة التنفيذ وبين ه ذا وذاك يبقى للقاضي االس تعجالي المكلف ب النظر
في اإلشكال سلطة تقديرية للنظر ولو بصفة مؤقتة والحكم سواء بمواصلة التنفيذ أو بايقافه.
يت ولى القاضي المختص ب النظر في اإلش كال التنفي ذي تق دير م دى جديته وهي مس الة واقعية
موكولة إلى مطلق اجته اده بش رط التعليل و الت برير .ف إذا رأى القاضي جدية اإلش كال التنفي ذي المع روض
علي ه ،فانه يأمر العدل المنفذ بإيقاف تنفيذ الحكم موضوع اإلش كال ،ويدعو مثير المش كل التنفيذي إلى رفع
دعوى أصلية في موضوع اإلشكال أمام المحكمة المختصة بنظره موضوعا في اجل يحدده في الحكم و إال
فان عدل التنفيذ يواصل أعمال التنفيذ.
وعلى ه ذا األس اس اعت بر البعض أن القاضي يتمتع بس لطة ش به مطلقة في تق ديره لم دى جدية اإلش كال
المع روض عليه باعتب اره يس تند إلى ما يت وفر لديه من عناصر مادية و معنوي ة ،تك ون فيما بينها اقتناعه
بجدية اإلشكال التنفيذي.76
إال انه ما يمكننا استنتاجه من خالل البحث في جدية اإلشكال التنفيذي أن فقه القضاء و بحكم استيعابه لعديد
الحاالت الواقعية ارسى معايير تقود القاضي و يحكم على أساسها بجدية اإلشكال من عدمها .فمنها ما يتعلق
ب إجراءات التنفيذ فهي بالت الي مع ايير ش كلية ومن ض منها ما يمس باالس تدعاء او بعريضة ال دعوى او
ب اإلعالم ب الحكم ...ومنها ما يتعلق بموض وع التنفيذ فهي بالت الي مع ايير موض وعية منهـا ما يمس بحق وق
المديــن و منها ما يمس بحقوق الغير.
في تقيد القاضي ببعض المع ايير الخاصة ال تزام باعتم اد نفس التمشي الق انوني كلما تعلق األمر بإش كال
تنفي ذي ،وفي ذلك ض مان لع دم تغ ير الحل ول القانونية بتغ ير ش خص القاضي الموكولة له مهمة تق دير جدية
اإلشكال التنفيذي.
وتجدر اإلشارة إلى ضرورة تأسيس اإلشكال المثار من المحكوم عليه على وقائع الحقة على صدور السند
التنفي ذي ،وهو حل يجد ت بريره في حجية الس ند المعتم د ،ف إذا تعلق اإلش كال بوق ائع س ابقة لص دوره ،حكم
بالتمادي على التنفيذ ،ألنه كان من واجبه إثارة تلك الوقائع أمام قاضي الموضوع قبل صدور الحكم ضده.
- 76رضا الوسالتي " :االشكال التنفيذي" &،مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة ،كلية الحقوق بتونس ،1995 &،ص .53
27
جدية االشكال التنفيذي
كما ال يمكن أن تتن اول دع وى اإلش كال طلب ات أو أس انيد أو دفوع ات س بق إثارتها أم ام محكمة الموض وع.
كما ال تب نى دع وى اإلش كال على تج ريح في الحكم المنفذ إذ ليس لقاضي اإلش كال أن يبحث عما إذا ك ان
الحكم قد أخطا في تطبيق القانون أو فهم الواقع.
ومن الناحية العملية يمكن أن ينشا اإلش كال التنفي ذي في أي مرحلة من مراحل التنفيذ كما يمكن أن يك ون
مصدره إجراءات التنفيذ أو آجاله أو المال الذي يتسلط عليه التنفيذ.
رغم قيمة الخطوة التشريعية التي جسدها قانون 2002هناك بعض الثغرات التي أثبتها البحث وبصفة
خاصة ما يهم منها أن ه ذه الثغ رات على قلتها فانها م ؤثرة نظ را للطبيعة اإلجرائية الش كاالت التنفيذ وقد
تكون سببا لتدخل تشريعي الحق يؤسس حلوال جذرية لجميع المشاكل المتعلقة بصعوبات التنفيذ وقد يكون
ذلك بإحداث جهاز قضائي مختص بالنظر في هذه المنازعات.
ليس بالضرورة أن يحكم قاضي اإلشكال التنفيذي بايقاف التنفيذ أو بالتمادي عليه بل يمكن له أن
يذلل بعض الصعوبات القانونية التي تعترض التنفيذ كان يأذن بانتداب خبير عدلي لمساعدة العدل المنفذ
على تحديد نطاق التنفيذ بالخروج أو بالتحويز إذا اقتضت طبيعة التنفيذ ذلك.
28
جدية االشكال التنفيذي
المـراجـع
-1احمد الجندوبي وحسين بن سليمة "اصول المرافعات المدنية و التجارية" ،نشر شركة اوربيس،
سبتمبر.2001
-2احمد خليل "التنفيذ الجبري" ،منشورات الحلبي الحقوقية.
-3احمد خليل " طلب ات وقــف التنفيـذ ام ام محكمة التنــفيذ و مح اكم الطعن فـي الم واد المدنيــة و
التجارية االسكندرية " دار الجامعة الجديدة للنشر االسكندرية.1996 ،
-4اسكندر سعد زغلول " قاضي التنفيذ علما وعمال".
-5االستاذ عمر الشتوي" االشكال التنفيذي" القضاء و التشريع ،عدد 10لسنة .1993
-6االستاذ عمر الشتوي "تعليق على القانون عدد 29المؤرخ في 13/03/1995و المتعلق بمهنة
العدول المنفذين".
-7االستاذ عمر الشتوي محاضرة بعنوان " االطار القانوني للصورية في اشكاالت التنفيذ " ،ملتقى
الهيئة الوطنية لعدول التنفيذ ،نزل المشتل 7 ،جوان .2001
-8اتفاقية فيانا المؤرخة في 18افريل 1961ال تي ص ادقت عليها الدولة التونس ية بم وجب الق انون
ع دد 39لس نة 1967الم ؤرخ في 21نوفم بر .1967الرائد الرس مي للجمهورية التونس ية لس نة
1967صفحة .1444
-9حسين السالمي "دروس في طرق التنفيذ" ،سنة الرابعة حقوق ،كلية الحقوق و العلوم السياسية
بتونس .2001-2000
-10حن ان بو قطاية " توقيف تنفيذ االحك ام في الم ادة المدنية و التجاري ة" ،رس الة لنيل ش هادة
الدراسات المعمقة في القانون الخاص.2003-2002 ،
-11خليفة الخروبي " مدخل لدراسة طرق التنفيذ" ،مؤسسات بن عبد اهلل للنشر.
-12رضا الوسالتي "االشكال التنفيذي" مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة كلية الحقوق بتونس
السنة الجامعية .1994/1995
-13رشيد عبد الخالق "إيقاف التنفيذ بين التقاضي األصلي و التقاضي االستعجالي" مقالة بالقانونية
مجلة القانون العدد 32/33أكتوبر .2007
-14عبد الحميد المنش اوي و عبد الفت اح م راد " المش كالت العملية في قض اء التنفيذ " ،منش اة
المعارف .1988
29
جدية االشكال التنفيذي
-15عبد العزيز الهم امي" :اث ارة االش كال التنفي ذي في الم ادة المدنية و التجاري ة" ملتقى االش كال
التنفيذي 6جانفي 1996بقابس ،المعهد االعلى للقضاء.
-16م راد اس كندر " االختص اص االس تعجالي في م ادة التنفي ذ" مجموعة لق اءات الحقوق يين ،الع دد
الثالث عشر " القضاء االستعجالي" تونس .2008
-17مصطفى مج دي "هوجة أحكام وراء منازعات التنفيذ الوقتية" ،اإلس كندرية ،دار المطبوعات
الجامعية .1989
-19محسن بن س الم " قاضي االش كال التنفي ذي في الق انون المق ارن" م ذكرة ختم ت دريب ،الس نة
القضائية .2001-2000
30