You are on page 1of 15

‫مقال قانوني حول تبتيت العقار المعقول‬

‫االستاذ أنيس بن المولدي‬

‫تعتبر العقلة التنفيذية سواء تسلطت على عقار أو على منقول المرحلة الحاسمة من إجراءات التنفيذ‪.‬‬
‫وأمام إحجام المشرع التونسي عن تعريف العقلة التنفيذية العقارية تولى الفقه هذه المهمة فعرفها بتعاريف متشابهة في مجملها من بينها‬
‫التعريف القائل بأنها ” تتبع الدائن بيع عقار مدينه “[‪ ]1‬والتعريف القائل بأنها ” الوسيلة القانونية التي يضع بمقتضاها الدائن مكاسب مدينه‬
‫العقارية تحت يد العدالة لبيعها بغية استخالص دينه من ثمنها “[‪.]2‬‬
‫وعرف الفقه الفرنسي العقلة العقارية بأنها ” عقلة يقوم بها دائن صاحب سند تنفيذي على عقار مدينه ويمكن أن توجه ضد واضع اليد إذا كان‬
‫الدائن يتمتع بحق التتبع نتيجة رهن أو امتياز خاص “[‪ ]3‬وبأنها “وسيلة تنفيذ يضع بمقتضاها الدائن عقارا أو عدة عقارات تابعة للمدين تحت‬
‫يد العدالة ثم يبيعها الستخالص ثمنها”[‪.]4‬‬
‫ويرجع أول ظهور للعقلة العقارية إلى القانون الفرنسي القديم حيث وقع في القرن الثالث عشر ميالدي تبني فكرة العقلة العقارية التي سميت‬
‫آنذاك العقلة العينية[‪.]5‬‬
‫أما في القانون التونسي فقد كان أول ظهور للعقلة العقارية مقترنا بصدور مجلة المرافعات المدنية في ‪ 24‬ديسمبر ‪ 1910‬التي نقلت األحكام‬
‫الواردة في المجلة الفرنسية‪ ,‬وتواصل العمل بهذا القانون إلى حين صدور مجلة المرافعات المدنية والتجارية سنة ‪ ]6[1959‬ودخولها حيز‬
‫التنفيذ في غرة جانفي ‪ 1960‬حيث خصص المشرع الفصول من ‪ 285‬إلى ‪ 395‬لطرق التنفيذ بصفة عامة ثم وقع تنقيح ذلك النص بموجب‬
‫القانون عدد ‪ 66‬لسنة ‪ 1966‬المؤرخ في ‪ 26‬جويلية ‪ 1966‬الذي خصص الباب الثامن لعقلة العقارات وبيعها‪ ,‬ثم تم إدخال بعض‬
‫التعديالت األخرى بموجب القانون عدد ‪ 14‬لسنة ‪ 1980‬المؤرخ في ‪ 03‬أفريل ‪ 1980‬والقانون عدد ‪ 87‬لسنة ‪ 1986‬المؤرخ في ‪03‬‬
‫أفريل ‪ 1986‬والقانون عدد ‪ 32‬لسنة ‪ 2001‬المؤرخ في ‪ 29‬مارس ‪ 2001‬أما التعديل األكثر أهمية الذي شهده تنظيم إجراءات العقلة‬
‫العقارية فكان ذلك الواقع بمقتضى القانون عدد ‪ 82‬لسنة ‪ 2002‬المؤرخ في ‪ 03‬أوت ‪ 2002‬وآخر تنقيح متعلق بالعقلة العقارية كان‬
‫بموجب القانون عدد ‪ 79‬لسنة ‪ 2005‬المؤرخ في ‪ 04‬أوت ‪2005‬‬
‫وتختلف العقلة العقارية التنفيذية عن العقلة التحفظية من حيث الهدف‪ ،‬فإن كانت األولى ترمي إلى بيع العقار فإن الثانية تهدف إلى المحافظة‬
‫عليه وذلك بمنع المدين من التفويت فيه إلى غاية حصول الدائن على سند تنفيذي‪ ،‬وفي غالب األحيان تكون العقلة التنفيذية مسبوقة بعقلة‬
‫تحفظية وفي هذه الحالة اقتضى الفصل ‪ 459‬من م م م ت أن يتم تحويل العقلة التحفظية إلى عقلة تنفيذية‪.‬‬
‫كما تختلف العقلة العقارية عن عقلة المنقوالت من حيث الموضوع‪ ،‬فإن كان موضوع العقلة العقارية عقارا أو حقا عينيا عقاريا فإن موضوع‬
‫عقلة المنقوالت يكون منقوال‪ ،‬ونظرا لما تكتسيه العقارات من قيمة من بين عناصر الذمة المالية ولآلثار البالغة للعقلة التنفيذية العقارية على‬
‫مال المدين فقد أحاط المشرع إجراءات التنفيذ الجبري على العقارات بعديد الضمانات التي تدخل في نطاق القواعد اآلمرة التي تهم النظام‬
‫العام وأخضعها لرقابة القاضي بجعل إجراءاتها تتم إجراءاتها أمام المحكمة[‪]7‬‬
‫وذلك قصد التوفيق بين مصالح الدائن العاقل الذي يسعى إلى استخالص دينه بأيسر وأسرع وأنجع الطرق ومصلحة المدين المعقول عنه الذي‬
‫يسعى إلى اإلبقاء على ملكيته للعقار المعقول‪.‬‬
‫وتختلف العقلة العقارية عن حق الحبس‪ ،‬فاألولى تهدف إلى بيع مكاسب المدين الستخالص الدين من محصول البيع بينما يعتبر الثاني تأمينا‬
‫عينيا يرمي إلى وضع الدائن يده على العقار قصد الضغط على المدين حتى يؤدي ما عليه[‪.]8‬‬
‫وقد نص الفصل ‪ 410‬من م م م ت على أنه يمكن ” عقلة وبيع الحقوق العينية العقارية التي يجوز رهنها أو المنابات المفرزة أو المشاعة من‬
‫نفس تلك الحقوق ” وحدد الفصل ‪ 271‬مـن م ح ع الحقوق العينية[‪ ]9‬القابلة للرهن بحق الملكية وحق اإلنتفاع مدة قيامه واإلنزال‬
‫واألمفيتيوز مدة قيامه وحق الهواء[‪.]10‬‬
‫وبتحجير إنشاء اإلنزال واإلجارة الطويلة وحق الهواء بداية من تاريخ دخول مجلة الحقوق العينية حيز التنفيذ لم يبق قابال للعقلة العقارية‬
‫سوى الملكية الكاملة وحق اإلنتفاع وما أنشئ قبل دخول مجلة الحقوق العينية حيز التنفيذ من حقوق اإلنزال والهواء واألمفتيوز الذي ال يزال‬
‫قائما‪.‬‬
‫إال أنه هناك عقارات ال يمكن عقلتها وبيعها ضرورة أنها خاضعة إلى تراتيب خاصة ومن هذه العقارات نجد العقارات التي ترجع بالملك‬
‫للدولة أو للمؤسسات التابعة لها والتي ال تقبل ال التفويت وال الرهن وال العقلة[‪ ]11‬والعقارات التابعة للملك العمومي البلدي[‪ ]12‬والعقارات‬
‫التابعة لدول أجنبية وذلك لشمولها بالحصانة الدبلوماسية[‪.]13‬‬
‫وإلى جانب هذا التحديد العام لمجال العقلة العقارية هناك أيضا تحديد خاص له يتمثل فيما نص عليه الفصل ‪ 306‬من م م م ت من أنه ” ليس‬
‫لمن كان مرتهنا أو صاحب امتياز خاص من الدائنين أن يطلب عند كفاية مكاسب مدينه المخصصة لضمان دينه بيع غيرها من المكاسب ”‬
‫فكل عقلة ال تحترم هذا التحديد تعد باطلة‪.‬‬
‫ويمكن أن يكون الحق موضوع التبتيت متعلقا بعقار طبيعي كاألراضي الزراعية وما عليها من زروع وأشجار وثمار على أصولها لم تجن‬
‫بعد واألراضي غير الزراعية والمباني واألجهزة واألنابيب الملتصقة باألراضي أو بالمباني أو متعلقا بعقار حكمي كاألدوات واآلالت‬
‫والحيوانات شريطة أن تكون مخصصة الستغالل األصل الذي يجب أن تعقل معه وأن تكون على ملك مالك األصل‪.‬‬
‫كما يمكن أن يكون موضوع العقلة التنفيذية العقارية عقارا كامال أو مجموعة من العقارات أو جزء أو بعض األجزاء من عقار وهي حالة‬
‫عقلة المنابات المشاعة أو المفرزة من عقار‪ ،‬فلقد وقع بموجب صدور قانون ‪ 26‬جويلية ‪ 1966‬التخلي عن تحجير بيع المناب المشاع ألحد‬
‫الورثة في عقارات التركة من طرف دائنيه الشخصيين الذي تضمنه الفصل ‪ 288‬من القانون العقاري المؤرخ في غرة جويلية ‪.1885‬‬
‫أما الفقه اإلسالمي فإنه لم يول العقلة العقارية عناية خاصة وقد أجاز البيع الجبري لمكاسب المدين العقارية إن لم يكف ثمن بيع مكاسبه‬
‫المنقولة للوفاء بالدين ويتم البيع بإجراءات بسيطة في سوق عمومية بمحضر الدائنين والمدين[‪.]14‬‬
‫أما الثمن فقد عرفه الفقهاء بأنه بدل المبيع أو هو مبلغ نقدي يدفعه المشتري للبائع في مقابل الشيء المبيع[‪ ,]15‬وال يشترط أن يكون الثمن‬
‫موافقا للقيمة الحقيقية للمبيع[‪.]16‬‬
‫ونظرا لألهمية التي يكتسيها الثمن في إطار البيع العقاري تعرض له المشرع صلب العديد من فصول مجلة المرافعات المدنية والتجارية منها‬
‫خاصة الفصل‪ 411‬الذي أوجب أن يحدد تقرير اإلختبار القيمة الحقيقية للعقار التي ستعتمد كثمن إفتتاحي عند التبتيت والفصل ‪ 412‬الذي‬
‫جعل من الثمن اإلفتتاحي أحد تنصيصات كراس شروط البيع والفصلين ‪ 418‬و‪ 419‬اللذان أوجبا اإلعالن عن الثمن اإلفتتاحي صلب‬
‫اإلشهارات المنشورة أو المعلقة والفصل ‪ 425‬الذي أوجب على المحامي القائم بالتتبع اإلعالن عن السعر اإلفتتاحي عند توليه أعمال البتة‬
‫والفصل ‪ 428‬الذي أوجب ذكر ثمن التبتيت بمحضر التبتيت والفصل ‪ 432‬الذي يحدد كيفية دفع الثمن والفصل ‪ 440‬الذي نظم كيفية حلول‬
‫دائن آخر محل الدائن القائم بإجراءات التبتيت والفصلين ‪ 442‬و‪ 444‬المتعلقين بالتسديس والفصلين ‪ 445‬و‪ 446‬المتعلقين بالنكول والفصل‬
‫‪ 450‬الذي يحدد اإلجراءات المتبعة بحسب الثمن اإلفتتاحي والفصل ‪ 458‬الذي أوجب على مدير الملكية العقارية أن يتولى ترسيم رهن على‬
‫العقار توثقة في أداء الثمن‪.‬‬
‫ولقد شهدت طريقة تحديد ثمن التبتيت تطورا عبر التاريخ فبعد أن وقع التخلي عن طريقة التنفيذ التي كانت سائدة في ظل القانون الروماني‬
‫والتي كانت تعطي الحق للدائن في حبس المدين في سجنه الخاص وتعذيبه ثم في بيعه في سوق العبيد إن لم يؤد أو لم يؤد عنه الغير ما عليه‬
‫والتي كانت مستمدة من المبدإ القائل بأن شخص المدين ضامن للوفاء بديونه ظهرت طريقة جديدة تمكن المدين من تفادي التنفيذ على شخصه‬
‫تمثلت في تخليه عن جميع أمواله لفائدة الدائنين إذ يشرع أحدهم في القيام باإلجراءات فيقوم بإذن من الحاكم القضائي )البريتور( بنشر‬
‫إعالنات تدعو بقية الدائنين للتداخل في إجراءات التنفيذ وتعيين وكيل عنهم يتولى تجريد المدين من مكاسبه وتحديد مكان وزمان وشروط‬
‫بيعها ونشر إعالنات في الغرض‪ ,‬ويعلن كل راغب في الشراء عن استعداده لدفع نسبة معينة من ديون كل دائن مقابل شراء مكاسب المدين‬
‫وتباع هذه الممتلكات جملة واحدة لمن عرض أعلى نسبة[‪.]17‬‬
‫والمتأمل في النصوص المنظمة للعقلة العقارية يالحظ سعي المشرع للموازنة بين مصالح جميع األطراف المعنيين بهذا اإلجراء وذلك من‬
‫خالل حرصه على وضع آلية ناجعة تمكن الدائن من استخالص دينه من دون أن تكون سالحا أعمى بيده ينتقم به من المدين أو يثري‬
‫بواسطته على حسابه‪ ،‬ومن خالل حرصه من جهة أخرى على مد يد العون للدائن حسن النية الذي يسعى إلى إبراء ذمته وتجنيبه بيع عقاره‬
‫إن قام بالخالص‪ ،‬ومن خالل حرصه من جهة ثالثة على حماية مصالح بقية الدائنين الذين قد ال يجدوا غير العقار المعقول الستخالص‬
‫الديون المتخلدة لفائدتهم بذمة المعقول عنه‪.‬‬
‫وسنحاول من خالل هذه الدراسة تسليط الضوء على سعي المشرع للتوفيق بين هذه المصالح المتناقضة وذلك لمعرفة إلى أي مدى نجح‬
‫المشرع في تحقيق التوازن بين مصالح األطراف المعنية بالعقلة من خالل القواعد المتعلقة بثمن تبتيت العقار المعقول؟‬
‫ولإلجابة على هذا السؤال سنتناول في قسم أول مسألة تحديد ثمن التبتيت وفي قسم ثان مسألة دفع الثمن وتوزيعه‪.‬‬

‫القســـم األول ‪ :‬تحديـــد ثمـــن تبتيـــت العقـــار‬

‫لئن كان تحديد الثمن في عقد البيع نتاج تفاوض واتفاق حر بين البائع والمشتري فإنه يخضع في إطار البتة العقارية لقاعدة المزايدة العمومية‬
‫العلنية التي تنطلق من ثمن إفتتاحي يقدره خبير مأذون قضائيا ( الفرع األول ) فيتحدد على ضوء ذلك ثمن البيع الذي قد يكون أرفع وقد‬
‫يكون أخفض من الثمن اإلفتتاحي ( الفرع الثاني )‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬الثمن اإلفتتاحي‬

‫نظرا لما للثمن اإلفتتاحي من أهمية بالنسبة لجميع األطراف المتدخلة في العقلة العقارية فقد أوجب المشرع ذكره في عديد الوثائق‪ ,‬فقد أوجب‬
‫الفصل ‪ 412‬من م م م ت ذكره في كراس الشروط وأوجب الفصل ‪ 418‬من نفس المجلة ذكره صلب إشهار البيع المدرج بالرائد الرسمي‬
‫للجمهورية التونسية كما أوجب الفصل ‪ 419‬منها ذكره بإشهار البيع المعلق بمدخل العقار موضوع التبتيت وبمدخل المحكمة التي يقع لديها‬
‫التبتيت وبمكتبي عدل التنفيذ ومحامي القائم بالتتبع‪.‬‬
‫وللثمن اإلفتتاحي تأثير مباشر على طبيعة اإلجراءات المتبعة لتبتيت العقار فقد نص الفصل ‪ 450‬من م م م ت على أنه ” إذا لم تكن ألي‬
‫عقار من العقارات التي شملتها إجراءات تتبع واحد ثمن افتتاحي يتجاوز سبعة آالف دينار فإن العقلة والبيع يخضعان لإلجراءات المقررة‬
‫للمنقوالت “[‪.]18‬‬
‫ولقد اختلفت التشاريع في طريقة تحديد الثمن اإلفتتاحي فأوكل المشرع الفرنسي تحديده للقائم بالتتبع يقدره كيفما يشاء على أن ال يقل عن‬
‫خمسة فرنكات[‪.]19‬‬
‫أما المشرع المصري وبعد أن تبنى في مرحلة أولى الطريقة المعتمدة في القانون الفرنسي تخلى عنها وسلك طريقة أكثر موضوعية تعتمد‬
‫األداء الموظف على العقار كعنصر أساسي لتحديد الثمن اإلفتتاحي فجعله مساويا لمائة وثمانين مثال من قيمة الضريبة إن كان العقار مبنيا‬
‫ومساويا لسبعين مثال منها إن لم يكن كذلك‪ .‬فإن لم توظف على العقار ضريبة فإن المحكمة هي التي تحدد الثمن اإلفتتاحي[‪.]21[~]20‬‬
‫أما المشرع اللبناني فقد توخى طريقة تعطي دورا ألهل الخبرة في تحديد الثمن اإلفتتاحي إذ أسند لهم مهمة تحديد ” القيمة التخمينية ” للعقار‬
‫التي يعتمد عليها رئيس دائرة التنفيذ لتحديد الثمن اإلفتتاحي (أو ” ثمن الطرح “) والذي يكون ستة أعشار القيمة التخمينية[‪.]22‬‬
‫أما القانون التونسي فقد أعطى للقائم بالتتبع وإلى حدود سنة ‪ 1986‬صالحية تحديد الثمن اإلفتتاحي للبيع بنفسه وحسب رغبته‪ .‬وكثيرا ما‬
‫كان القائم بالتتبع يجعله مساويا لمقدار دينه فال يجعله أخفض منه حتى يضمن استخالص كامل دينه في صورة تبتيت العقار للغير‪ ،‬وال يجعله‬
‫أرفع حتى ال يضطر لدفع الفارق إذا وجد نفسه مبتتا له[‪]23‬‬
‫في صورة عدم وجود راغب في الشراء[‪ ] 24‬األمر الذي جعل عقار المدين ـ على ما يكتسيه من قيمة مادية ومعنوية في نظر هذا األخيرـ‬
‫يباع في أغلب الحاالت بثمن بخس‪ ,‬خاصة مع ما سمح به فقه القضاء للدائن العاقل من إمكانية الحط من الثمن اإلفتتاحي بالقدر الذي يراه[‬
‫‪.]25‬‬
‫هذا الواقع دفع المشرع إلى البحث عن طريقة أخرى لتحديد الثمن اإلفتتاحي تحيط إجراءات البيع القسري بأكثر ما يمكن من الضمانات من‬
‫خالل البحث عن القيمة الحقيقية للعقار بواسطة أهل الخبرة فكان التنقيح الواقع لمجلة المرافعات المدنية والتجارية بموجب القانون عدد ‪87‬‬
‫لسنة ‪ 1986‬المؤرخ في ‪ 1‬سبتمبر ‪ 1986‬الذي جعل الثمن اإلفتتاحي مساويا للقيمة الحقيقية للعقار المراد تبتيته[‪ ( ]26‬الفقرة األولى )‪.‬‬
‫إال أن التنقيح لم يشمل جميع الحاالت التي تستوجب تحديد ثمن إفتتاحي األمر الذي ترك مجاال للدائن ليحدده بنفسه ( الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الثمن اإلفتتاحي المقدر من الخبير‬

‫نص الفصل ‪ 411‬من م م م ت كما جاء بالقانون عدد ‪ 87‬لسنة ‪ 1986‬المؤرخ في ‪ 01‬سبتمبر ‪1986‬على أنه على المحامي القائم بالتتبع‬
‫أن يودع بالمحكمة التي سيقع أمامها التبتيت وإلى جانب كراس الشروط ” تقرير اختبار مجرى عن إذن القاضي يتضمن تحديد القيمة الحقيقية‬
‫للعقار موضوع التبتيت “‪.‬‬

‫أ ‪ /‬تحديد الخبير للثمن اإلفتتاحي‬

‫سنتناول بالبحث في هذه الفقرة أوال طريقة انتداب الخبير وثانيا العناصر التي يعتمدها لتقدير قيمة العقار وثالثا النقد الذي وجه لهذه الطريقة‬
‫لتحديد الثمن ٌافتتاحي‬
‫‪.‬‬
‫‪ _1‬تعيين الخبير ‪:‬‬

‫لئن كانت قراءة فصول مجلة المرافعات المدنية والتجارية توحي بأن إجراءات العقلة العقارية تبدأ بمحضر عقلة العقار غير المسجل أو‬
‫بتوجيه إنذار يقوم مقام عقلة عقارية لمالك العقار المسجل المراد تبتيته فإن التطبيق يحتم تسبيق إجراء اإلختبار عن محضر العقلة أو محضر‬
‫اإلنذار ضرورة أن كليهما يستند إلى تقرير اإلختبار عند تشخيص العقار من جهة وألن إنجاز اإلختبار قد يستوجب زمنا أطول من أجل‬
‫إيداعه بكتابة المحكمة من جهة أخرى[‪.]27‬‬
‫ولم يحدد نص الفصل ‪ 411‬من م م م ت سواء في صيغته القديمة أو بعد تنقيحه بموجب قانون ‪ 03‬أوت ‪ 2002‬إجراء معينا لصدور اإلذن‬
‫واكتفى باشتراط أن يكون إذنا صادرا عن قاض‪ ,‬هذا السكوت دفع جانبا من الفقهاء إلى القول بأنه يمكن اعتماد إذن صادر عن أي جهة‬
‫قضائية وبمقتضى أي إجراء قانوني ال يكون بالضرورة اإلذن على العريضة[‪.]28‬‬
‫وعمليا يقع تعيين الخبير الذي يتولى معاينة وتشخيص العقار وتحديد قيمته الحقيقية بموجب إذن على عريضة يستصدره القائم بالتتبع عن‬
‫رئيس المحكمة اإلبتدائية الواقع بدائرة قضائها العقار أو العقارات موضوع التبتيت وتكون العريضة مرفوقة بالسند التنفيذي وسند ملكية‬
‫المبتت ضده لذلك العقار أو تلك العقارات أو السند المرسم الذي يباشر القائم بالتتبع على أساسه إجراءات العقلة‪.‬‬
‫وفي صورة توزع العقارات على دوائر عدة محاكم إبتدائية فإن طالب التبتيت يكون ملزما بالحصول على إذن من كل واحدة منه‬
‫ا‪.‬‬
‫‪ _2‬قواعد إنجاز اإلختبار ‪:‬‬

‫لم يتضمن الفصل ‪ 411‬من م م م ت كما جاء بالقانون عدد ‪ 87‬لسنة ‪ 1986‬المؤرخ في ‪ 01‬سبتمبر ‪ 1986‬أي ضبط للعناصر التي ينبغي‬
‫على الخبير المنتدب إعتمادها في تحديد قيمة العقار المعقول األمر الذي جعل العديد من الخبراء ينجزون المهمة بصورة اعتباطية بعيدة كل‬
‫البعد عن الدقة وعن الموضوعية حتى أنه صار مألوفا أن يقدر خبيران قيمة نفس العقار بمبلغين متفاوتين تفاوتا كبيرا على الرغم من أن‬
‫اإلختبارين أجريا في نفس الفترة الزمنية هذا عالوة على تعمد بعض الخبراء وبتواطئ مع المدين المعقول عنه الذي يريد عرقلة إجراءات‬
‫التنفيذ الترفيع في الثمن اإلفتتاحي على نحو ال يتقدم معه يوم التبتيت أي راغب في الشراء‪.‬‬
‫هذا الوضع دفع المشرع إلى تحديد العناصر التي يجب على الخبير أخذها بعين اإلعتبار عند تحديد قيمة العقار وذلك من خالل تنقيح الفصل‬
‫‪ 411‬المذكور بموجب القانون عدد ‪ 82‬لسنة ‪ 2002‬المؤرخ في ‪ 03‬أوت ‪ 2002‬والذي أضاف للفقرة الثانية من الفصل ‪“ : 411‬وتراعى‬
‫في تقدير تلك القيمة على وجه الخصوص المعطيات المتعلقة بموقع العقار ومساحته ومحتواه وتوابعه ووجه استغالله ومداخيله اإلعتيادية‬
‫عند اإلقتضاء والثمن الذي بيعت به عقارات مماثلة بالجهة خالل السنة السابقة إلجراء اإلختبار”[‪.]29‬‬
‫وجدير بالمالحظة أن إلزام المشرع أن يكون الثمن اإلفتتاحي مساويا للقيمة الحقيقية للعقار يفرض أن يكون تقرير اإلختبار المعتمد حديث‬
‫العهد حتى تكون القيمة التي ضبطها تتماشى وقيمة العقار عند التبتيت ويرى العديد من الفقهاء أنه ال يجب أن يمر على تاريخ إنجاز اإلختبار‬
‫المعتمد في البتة أكثر من ثالث سنوات[‪.]30‬‬

‫‪ _3‬النقد الموجه لهذه الطريقة لتحديد الثمن اإلفتتاحي ‪:‬‬

‫لقد كانت مسألة جعل الثمن اإلفتتاحي مساويا للقيمة الحقيقية للعقار والتي يحددها أحد الخبراء العدليين موضوع نقد صادر عن عدة أطراف‬
‫فلقد جاء بتقرير لجنة التشريع العام والتنظيم لإلدارة حول مشروع تنقيح الفقرة السادسة من الفصل ‪ 425‬من م م م ت لسنة ‪ 2005‬ما‬
‫يلي ‪ ” :‬ومن آثار هذه القاعدة أن البيع الجبري للعقار عن طريق التبتيت يقع بثمن يفوق قيمته الحقيقية‪ ،‬حيث تضاف إلى قيمته بالسوق‬
‫مصاريف البتة واألجور المسعرة الراجعة إلى محامي القائم بالتتبع عالوة على الترفيع في هذا الثمن الناجم عن المزايدات الواقعة بشأنه وهو‬
‫ما نتج عنه العزوف عن المشاركة في مثل هذه البيوعات وبالتالي فشل إجراءات التبتيت العقاري وانتهاء أجلها دون نتيجة مع تكبد الدائن‬
‫الذي لم يتوصل بحقه خسائر إضافية “[‪ ،]31‬كما جاء به أنه ” وبالرغم من هذا التعديل (تنقيح سنة ‪ ،)2002‬فإن العقلة العقارية ظلت‬
‫محدودة الجدوى خاصة أن تقديرات الخبير ال تتطابق في بعض األحيان مع الواقع اإلقتصادي وأحوال السوق‪ ،‬سيما في بعض الفترات التي‬
‫يشهد السوق خاللها نقصا في السيولة “[‪.]32‬‬
‫كما أن من الفقهاء من يرى أن تدخل المشرع المشار إليه لم يقض على جميع السلبيات التي تحيط بعملية اإلختبار والتي منها تسببه في إطالة‬
‫مدة التنفيذ الذي يتأخر لشهور عديدة في انتظار أن ينجز اإلختبار بحيث أصبح وسيلة ناجعة لتعطيل إجراءات التبتيت‪ ,‬وتسببه في رفع تكلفة‬
‫التنفيذ إذ أن تعديل أجرة الخبير يختلف باختالف اجتهاد المحاكم‪.‬‬
‫ب‪ /‬الطعن في تقدير الخبير‬

‫لئن كان لهذه الطريقة في تحديد الثمن اإلفتتاحي إيجابياتها فإنها لم تخل من سلبيات‪ ,‬فعرض العقار للبيع بثمن إفتتاحي يكون مساويا لقيمته‬
‫الحقيقية يتعارض مع أساس البيع بالمزاد الذي يفترض إنطالق المزايدة من مبلغ يكون أدنى من قيمة المبيع وإال فإن المزايد سيجد نفسه في‬
‫جميع الحاالت خاسرا باعتباره اشترى عقارا بثمن يفوق قيمته الحقيقية فضال عما سيضاف لذلك الثمن من مصاريف وأجور متعلقة بالبتة‬
‫ومصاريف تسجيل الحكم ومصاريف التحوز بالعقار وغيرها‪.‬‬
‫ولئن لم يتعرض المشرع التونسي صراحة إلى إمكانية الطعن في تقدير الخبير لقيمة العقار وبالتالي للثمن اإلفتتاحي للتبتيت فإن إمكانية‬
‫المنازعة في ذلك تبقى ممكنة من خالل ما اقتضاه الفصل ‪ 434‬من م م م ت من إمكانية القيام بدعوى معارضة تهدف إلى اإلعتراض على‬
‫كراس الشروط بغاية إدخال تعديالت عليه أو إدراج ملحوظات واحترازات به باعتبار أن الثمن اإلفتتاحي يعد من التنصيصات الواجب‬
‫ذكرها في كراس الشروط تطبيقا ألحكام الفصل من ‪ 412‬م م م ت[‪.]33‬‬
‫ويمكن أن يصدر اإلعتراض عن كل من له مصلحة في ذلك‪ ,‬كالمعقول عنه سواء كان مدينا أصليا أو ضامنا عينيا‪ ,‬وأصحاب الرهون‬
‫وغيرهم ممن لهم حقوق موظفة على العقار المعقول وقد تختلف طلباتهم في اتجاه الترفيع أو التخفيض من الثمن اإلفتتاحي بحسب ما تقتضيه‬
‫مصالحهم‪ ,‬كما يمكن أن يصدر اإلعتراض على الثمن اإلفتتاحي عن الدائن القائم بالتتبع نفسه الذي يريد الترفيع فيه إن كان دون مقدار دينه‬
‫حتى تكون حظوظه في استخالص كامل دينه أوفر‪.‬‬
‫وتبقى إمكانية الطعن في كراس الشروط من قبل القائم بالتتبع نظرية باعتبار أنه بإمكانه في حال عدم رضاه بتقديرات الخبير أن يعيد‬
‫اإلختبار بموجب إذن على عريضة آخر قبل مواصلة إجراءات التبتيت‪.‬‬
‫إال أنه يمكن أن يكون اعتراض القائم بالتتبع على كراس الشروط بغاية تعديل الثمن اإلفتتاحي مبررا في صورة تغير قيمة العقار باإلرتفاع‬
‫أو باإلنخفاض بعد إيداع كراس الشروط واقتضت مصلحة طالب التبتيت قيامه باإلعتراض‪.‬‬
‫ولم يميز المشرع التونسي دعوى ادخال تعديالت على كراس الشروط بإجراءات وآجال خاصة بل جعلها خاضعة ألحكام الفصل ‪ 437‬من م‬
‫م م ت الذي يضبط آجال القيام بالدعاوى العارضة والذي نص على أنها تبتدئ من تاريخ إيداع كراس الشروط بكتابة المحكمة لتنتهي قبل‬
‫انعقاد جلسة التبتيت بعشرة أيام على أن يقع استدعاء المدعى عليه للحضور أمام دائرة البيوعات العقارية التي سيقع أمامها البيع[‪ ]34‬قبل‬
‫خمسة أيام على األقل من تاريخ جلسة التبتيت مع تحديد أجل الحضور بثالثة أيام على األقل وقد رتب نفس الفصل على مخالفة هذه اآلجال‬
‫جزاء سقوط حق القيام‪.‬‬
‫ويصدر الحكم في الدعوى العارضة الرامية إلى تعديل الثمن اإلفتتاحي المنصوص عليه في كراس الشروط إما برفض الدعوى أو بعدم‬
‫سماعها وإما بتعديل الثمن اإلفتتاحي واإلذن لكاتب المحكمة بنسخ الحكم بذيل كراس الشروط[‪.]35‬‬
‫ويكون الحكم غير قابل لإلستئناف عمال بأحكام الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 441‬من م م م ت لكنه يبقى قابال للتعقيب وهذا ما استقر عليه فقه‬
‫قضاء محكمة التعقيب التونسية التي أكدت على أنه ” عمال بالفصل ‪ 441‬من م م م ت الذي ولئن نصت أحكامه على أن األحكام الصادرة في‬
‫الدعاوى العارضة المندرجة في إطار الفصل ‪ 438‬من م م م ت غير قابلة لإلستئناف فإنها لم تحجر الطعن فيها بالتعقيب مما يجعل األحكام‬
‫الصادرة في تلك الدعاوى العارضة قابلة للطعن بالتعقيب وعلى سبيل القياس فقد اقتضى الفصل ‪ 144‬من مجلة التجارة البحرية أن الدعاوى‬
‫العارضة المقدمة ضد إجراءات عقلة السفن والتي تخضع لنفس اإلجراءات المتعلقة بعقلة العقارات وتخضع لنفس اختصاص دائرة البيوعات‬
‫العقارية ال يمكن الطعن في الحكم الصادر فيها إال بالتعقيب وبناء على ذلك يتجه الحكم بقبول مطلب التعقيب شكال “[‪.]36‬‬
‫وبالمقارنة مع طلب ادخال تعديل على كراس الشروط الرامي إلى تعديل حدود العقار أو مساحته أو مكوناته أو مشموالته والذي ال يشكل‬
‫صعوبة عملية خاصة باعتبار أن التحقق من وجاهة الطلب ال يستوجب زمنا طويال فإن األمر يختلف بالنسبة لطلب التعديل الرامي إلى‬
‫إدخال تغيير على الثمن اإلفتتاحي المقدر من الخبير والذي يفترض أن يكون مساويا للقيمة الحقيقية للعقار فباستثناء الحاالت التي يكون فيها‬
‫سبب اختالف الثمن اإلفتتاحي المذكور صلب كراس الشروط عن قيمة العقار مجرد خطإ في الحساب والذي يمكن تداركه بيسر فإن باقي‬
‫الحاالت التي يطعن فيها القائم بالدعوى في تقديرات الخبير يستوجب النظر فيها إما إعادة اإلختبار من قبل خبير آخر أو تكليف نفس الخبير‬
‫بالقيام باختبار تكميلي وفي كلتا الحالتين يستغرق اإلجراء وقتا قد يتجاوز تاريخ البتة المحدد بكراس الشروط‪.‬‬
‫ويكون من المتجه في هذه الحالة تطبيق أحكام الفصل ‪ 433‬من م م م ت[‪ ]37‬الذي يسمح بتأخير البتة لسبب خطير ومبرر وتعيين موعد‬
‫الحق لها يكون مسبوقا بالقيام باإلشهارات القانونية‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار عرف الفقيه الفرنسي ‪ BERINGUIER‬السبب الخطير بأنه كل أمر له تأثير حقيقي على ثمن البتة أو يعطي األمل لخالص‬
‫القائم بالتتبع والدائنين المرسمين وكذلك تسديد مصاريف التتبع[‪.]38‬‬
‫ومما يقلل من جدوى القيام بدعوى تأخير القضية النتظار تحديد القيمة الحقيقية للعقار أن اآلجال التي يمنحها الفصل ‪ 433‬قصيرة نسبيا وال‬
‫تترك متسعا من الوقت للخبير النجاز اإلختبار ثم للقائم بالتتبع من بعده للقيام باإلشهارات‪.‬‬
‫ويستشف مما سبق عرضه أن مسألة تحديد الثمن اإلفتتاحي تكتسي أهمية بالغة لما لها من تأثير على نزاهة العقلة العقارية من جهة وعلى‬
‫نجاعتها من جهة أخرى‪ ،‬فتحديد ثمن إفتتاحي منخفض يشجع الدائنين في غياب راغبين في الشراء على شراء العقار بثمن بخس وفي ذلك‬
‫هدر لمصالح المدين المعقول عنه‪ ،‬كما أن تحديد ثمن إفتتاحي مرتفع ال يعكس القيمة الحقيقية للعقار ينفر المتزايدين من المشاركة في البتة‬
‫ويحط من حظوظ الدائن في الخالص‬
‫‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الثمن اإلفتتاحي غير المقدر من قبل الخبير‬

‫لقد أبقت مجلة المرافعات المدنية والتجارية على ثالث حاالت ال يكون فيها تحديد الثمن اإلفتتاحي من اختصاص الخبير وهي حالة إعادة‬
‫البيع بموجب النكول وحالة إعادة البتة لوقوع مزايدة بالسدس وحالة حلول دائن آخر محل الدائن القائم بالتتبع في القيام بإجراءات التبتيت‪.‬‬

‫أ ‪ /‬الثمن اإلفتتاحي عند إعادة البيع بسبب النكول‬


‫اقتضى الفصل ‪ 445‬من م م م ت أنه إن لم يوف المبتت له بثمن التبتيت والمصاريف واألجور المسعرة وفقا ألحكام الفصل ‪ 432‬من م م م‬
‫ت فإن العقار يعاد بيعه بموجب النكول بعد إنذاره بواسطة أحد العدول المنفذين بالوفاء بما عليه في ظرف عشرة أيام وعدم امتثاله لذلك‪.‬‬
‫ويالحظ من قراءة الفقرة الثانية من الفصل ‪ 446‬من م م م ت أن المشرع أوكل مهمة تحديد الثمن اإلفتتاحي عند إعادة البتة بموجب النكول‬
‫إلى القائم بالتتبع[‪ ] 39‬ولم يفرض إعادة إختبار جديد يحدد قيمة العقار بل لم يقيد القائم بالتتبع حتى بالثمن اإلفتتاحي المقدر من الخبير في‬
‫البيع األول وال بثمن التبتيت األول بل ترك له الحرية المطلقة في تحديد الثمن اإلفتتاحي الجديد‪ ،‬فقد جاء فيها أنه ” ينص بإعالنات اإلشهار‬
‫القانوني عالوة على اإليضاحات التي يفرضها الفصل ‪ 418‬على لقب الناكل في البيع واسمه ومقره ومبلغ البتة المقرر لفائدته وثمن افتتاحي‬
‫يعينه القائم بالتتبع وتاريخ وساعة إتمام البتة الجديدة وفقا لكراس الشروط القديم “‪.‬‬
‫ويرجح بعض الفقهاء أن مرد هذا النظام المتميز لتحديد الثمن اإلفتتاحي الذي ُخ صت به البتة الواقعة بموجب النكول هو سهو المشرع عن‬
‫تنقيح الفصل ‪ 446‬من م م م ت الذي أبقى على النظام الذي كان سائدا قبل تنقيح ‪ 01‬سبتمبر ‪،]40[1986‬‬
‫في حين يرى البعض اآلخر أن المشرع تعمد ترك تحديد الثمن اإلفتتاحي للقائم بإجراءات إعادة التبتيت وعيا منه بأن سبب تخلف الناكل عن‬
‫دفع باقي الثمن قد يكون عجزه عن فعل ذلك بسبب ارتفاع ثمن التبتيت األول[‪ ،]41‬فيكون في إطالق يد القائم بإعادة اإلجراءات في تحديد‬
‫الثمن اإلفتتاحي حرص من المشرع على وقوع التبتيت بثمن مناسب خاصة وأن حقوق الدائنين محمية بما اقتضاه الفصل ‪ 400‬من م م م ت‬
‫من أن الناكل مجبر على دفع الفارق بين ثمن التبتيت األول وثمن التبتيت الثاني‪.‬‬

‫ب‪ /‬الثمن اإلفتتاحي عند إعادة البيع بموجب التسديس‬

‫مكنت أحكام الفصل ‪ 442‬من م م م ت كل شخص يرغب في شراء العقار المبتت ولم يفعل ذلك خالل البتة من أن يزيد في ثمن البيع بمبلغ‬
‫ال يقل عن السدس فتقع بذلك إعادة البيع من جديد وبثمن أرفع من ذلك الذي تم به التبتيت األول‪ ،‬وقد خص المشرع ممارسة هذا الحق بآجال‬
‫وإجراءات مضبوطة كما قيده بشرطين اثنين أولهما أن يتجاوز ثمن التبتيت األول سبعة آالف دينار[‪ ]42‬وثانيهما أال يكون قد سبقت‬
‫ممارسته[‪.]43‬‬
‫وعلى خالف الثمن اإلفتتاحي للبيع األول والذي يتولى الخبير العدلي تحديده فإن الثمن اإلفتتاحي للبتة بالتسديس يحدد بطريقة موضوعية فقد‬
‫نص الفصل ‪ 444‬من م م م ت على أنه يتكون من مجموع ثمن التبتيت األول ومقدار الزيادة المبذولة والتي ال يمكن أن تقل عن سدس[‪]44‬‬
‫ثمن التبتيت األول‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن الفصل ‪ 442‬من م م م ت شهد تطورا تاريخيا هاما ففي صياغته األولى سنة ‪ 1959‬لم يكن يستوجب تأمين أي مبلغ‬
‫فآل األمر إلى تعمد البعض وبتواطئ مع المبتت ضدهم القيام بإجراءات التسديس ثم اإلعراض عنها بقصد تأخير الفصل في قضية التبتيت‬
‫إلى أبعد وقت ممكن األمر الذي يتسبب من ناحية أولى في إلحاق الضرر بمصالح القائم بالتتبع الذي يجد نفسه مضطرا النتظار مآل قضية‬
‫التسديس حتى يتسلم ثمن التبتيت األول عوضا عن أن يتسلمه في ظرف شهر من تاريخ البتة األولى‪ ،‬ومن ناحية ثانية في إثقال كاهل المحاكم‬
‫من خالل نشر قضايا غير جدية‪.‬‬
‫فدفع هذا الوضع المشرع إلى تنقيح مقتضيات الفصل ‪ 442‬من م م م ت في مناسبة أولى سنة ‪ 1986‬بأن اشترط على من يرغب في‬
‫ممارسة التسديد أن يؤمن ثلثي ثمن التبتيت األول وفي مناسبة ثانية سنة ‪ 2002‬بأن اشترط عليه أن يؤمن كامل ثمن التبتيت األول مع مقدار‬
‫الزيادة وكذلك المصاريف واألجور المسعرة[‪ ,] 45‬ويكون التأمين بالخزينة العامة للبالد التونسية ويمكن تعويضه بتقديم شيك مشهود بتوفر‬
‫رصيده أو ضمان بنكي ال رجوع فيه‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن اشتراط الفصل ‪ 442‬من م م م ت تأمين المصاريف واألجور المسعرة المتعلقة بالتبتيت األول مع ثمن التبتيت األول‬
‫ومقدار الزيادة يبعث على اإلعتقاد بأن تلك المصاريف واألجور تشكل جزء من الثمن اإلفتتاحي للبتة بالتسديس فإن المشرع استثناها صراحة‬
‫منه من خالل ما جاء بالفصل ‪ 444‬من أن الثمن اإلفتتاحي ال يشتمل إال على ثمن التبتيت األول وعلى الزيادة المبذولة وإن تجاوزت سدسه‬

‫ج‪ /‬الثمن اإلفتتاحي عند حلول دائن آخر محل الدائن القائم بإجراءات التبتيت‬

‫اقتضى الفصل ‪ 440‬من م م م ت أنه في صورة تخلف القائم بالتتبع عن إتمام إحدى الموجبات أو لم يقم بعمل من أعمال اإلجراءات في‬
‫اآلجال المضروبة يجوز لكل دائن بيده سند تنفيذي أو سند مرسم وحل أجل دينه أن ينذره بواسطة أحد العدول المنفذين بأن عليه التمادي على‬
‫اإلجراءات في الثمانية أيام الموالية وإن لم يستمر عليها يقع القيام عليه بدعوى في الحلول محله‪.‬‬
‫وسمحت الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 440‬المذكور للدائن الذي حل محل القائم بالتتبع أن يغير الثمن اإلفتتاحي المعين من قبل هذا األخير بمجرد‬
‫تصريح يقدمه إلى كتابة المحكمة ويضاف إلى كراس الشروط‪ ،‬على أنه إذا تم اإلشهار أو شرع فيه فإن الثمن اإلفتتاحي ال يمكن تغييره إال‬
‫بشرط إشهار البتة واإلعالن عنها من جديد حسب الصيغ واآلجال التي جاءت بها الفصول من ‪ 418‬إلى ‪ 420‬من م م م ت مع بيان الثمن‬
‫اإلفتتاحي الجديد‪.‬‬
‫ويرجع سبب السماح للحال محل القائم بالتتبع بتغيير الثمن اإلفتتاحي إلى أنه يقوم بمواصلة اإلجراءات على مسؤوليته الخاصة وكان هذا‬
‫يعني أنه عند عدم وقوع مزايدة فإن البيع يتم لفائدته بالثمن اإلفتتاحي (حسب الفصل ‪ 425‬قديم من م م م ت) أما اليوم وبعد التخلي عن‬
‫الصبغة اإللزامية لهذا التبتيت فلم يبق أي مبرر إلمكانية تغيير الثمن اإلفتتاحي من قبل الحال محل القائم بالتتبع‪.‬‬
‫نستطيع القول بعد دراسة هذه الحاالت الثالث التي يكون فيها تحديد الثمن اإلفتتاحي متروكا لإلرادة الحرة للقائم بإجراءات التبتيت أن‬
‫المشرع غّلب في هذا اإلطار مصلحة الدائن على مصلحة المدين ولعل عّلة ذلك أساسها أن هذه الحاالت تمثل في الواقع فرصة إضافية‬
‫للوصول باإلجراءات إلى غايتها وفي نطاق هذه الفرصة الثانية ال بد من ترجيح كفة الدائنين الذين تضرروا من طول اإلجراءات ولو كان‬
‫ذلك على حساب المدين الذي يكون في واقع األمر قد وجد متسعا من الوقت لتفادي وقوع البيع بإتمام الخالص ولكنه لم ينجح في فعل ذلك‬

‫‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬ثمن التبتيت‬

‫يتعين في البداية أن نقصي من مجال هذا البحث ثمن بيع العقار بالطريقة التي أشارت إليها الفقرة األولى من الفصل ‪ 425‬من م م م ت التي‬
‫نصت على أنه ” يجوز للمدين المعقول عنه قبل موعد جلسة التبتيت أن يتولى بنفسه بيع العقار المعقول‪ ,‬وفي هذه الحالة فإنه يبقى ضامنا في‬
‫ما يطرأ على العقار إلى حين تأمين الثمن ومصاريف البتة “‪ ,‬ومرد هذا اإلقصاء أن هذا الثمن متحصل من عملية بيع اختياري وليس من‬
‫عملية تبتيت‪.‬‬
‫أما ثمن التبتيت فيتحدد أمام دائرة البيوعات العقارية الواقع أمامها البيع وذلك بالمزايدة العلنية التي توفر أكثر الضمانات للحصول على أرفع‬
‫ثمن ممكن‪ ,‬فيكون ثمن التبتيت هو الثمن الذي يبذله آخر مزايد في صورة وجود مزايدات سواء كان ذلك في إطار تبتيت اول أو في إطار‬
‫إعادة تبتيت بموجب التسديس أو في إطار إعادة تبتيت بموجب النكول ( الفقرة األولى ) أو الثمن اإلفتتاحي في صورة وجود راغب وحيد في‬
‫الشراء قد يكون الدائن العاقل نفسه وقد يكون غيرا ( الفقرة الثانية‬
‫)‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬ثمن التبتيت في صورة وجود مزايدين‬

‫عند افتتاح المزادة يضاء نور أول يستمر مدة دقيقة ويضاء نور ثان بعد نهاية زمن األول وإن وقعت مزايدة خالل أحد األنوار فإن ذلك النور‬
‫الذي وقعت فيه المزايدة الثانية يعتبر نورا أوال ويحسب زمن إضاءته من جديد من لحظة المزايدة وتستمر المزايدات إلى أن تقع مزايدة ال‬
‫تحصل أية مزايدة عليها خالل اشتعال ثالثة أنوار يدوم كل واحد منها دقيقة عندها تعلن المحكمة عن حصول تبتيت العقار لذلك المزايد‬
‫بالثمن الذي بذله يضاف له المصاريف واألجور المسعرة‪.‬‬
‫وقد عرف الفقهاء المزايدات بأنها عرض أثمان متتالية في سلم تصاعدي من قبل أشخاص يريدون شراء العقار المبتت[‪ ،]46‬وللمزايدة‬
‫شروط (أ) كما أنها لها آثار (ب‬
‫)‪.‬‬
‫أ‪ /‬شروط المزايدة ‪:‬‬

‫تتعلق شروط المزايدة بالمزايد وبإنابة محام وبتأمين ثلث الثمن اإلفتتاحي وبالحصول على الرخص اإلدارية‪.‬‬

‫‪1‬ـ شروط تتعلق بشخص المزايد ‪ :‬تعتبر المزايدة في جلسة التبتيت قبوال للتعاقد وفق أحكام الفصل ‪ 36‬من م إ ع لذلك وجب أن تتوفر في‬
‫المزايد أهلية اإللتزام واإللزام‪ ،‬فقد منع الفصل ‪ 312‬من م م م ت بعض األشخاص من المزايدة ومن تكليف الغير بالمزايدة نيابة عنهم‪,‬‬
‫هؤالء األشخاص هم الفاقدون ألهلية الشراء سواء كانت عامة أو خاصة بالمكاسب المعروضة للبيع والمعقول عنه والمبتت له الناكل في‬
‫البيع[‪ ]47‬واألشخاص الذين اشتهروا بعسرهم واألشخاص المكلفون بإيقاع البيع المبينين بالفصلين ‪ 567‬و‪ 568‬من م إ ع وكذلك المحامي‬
‫القائم بالتتبع وأعضاء المحكمة الواقع أمامها التبتيت‪.‬‬
‫وفي المقابل يمكن للقائم بالتتبع ولغيره من الدائنين وللشريك على الشياع في العقار المعقول مناب منه أن يشاركوا في المزايدة تماما كالغير‬
‫األجنبي عن العقلة‪.‬‬
‫ويتجه عند هذا المستوى من البحث الوقوف عند مسألة جنسية المزايد وعند مسألة مشاركة الذوات المعنوية في المزايدة فقد اقتضى الفصل‬
‫األول من قانون ‪ 12/05/1964‬أنه ال يمكن ابتداء من صدوره أن يملك األراضي الفالحية إال األفراد من ذوي الجنسية التونسية أو‬
‫الشركات التعاضدية التي يقع تأسيسها طبقا ألحكام القانون عدد ‪ 19‬لسنة ‪ 1963‬المؤرخ في ‪27/05/1963‬مقصيا بذلك من حق تملك‬
‫أرض فالحية باقي أنواع الشركات ومقصيا كذلك األجانب بصورة صريحة ومباشرة بعد أن كان أقصاهم من هذا الحق بصورة غير مباشرة‬
‫عندما أخضع بموجب أمر ‪ 04/06/1957‬ملكية تلك األراضي الفالحية واألراضي غير المبنية والمقسمة لشرط الحصول على رخصة‬
‫الوالي‪.‬‬
‫إال أن هذا الموقف الصارم والمتشدد من المشرع تجاه األجانب عرف شيئا من اللين وكان ذلك من جهة أولى من خالل المعاهدات الثنائية‬
‫التي أبرمتها الدولة التونسية مع كل من ليبيا والجزائر والمغرب والنيجر والتي أعطت لرعايا هذه الدول حق تملك أرض فالحية بنفس‬
‫الشروط المنطبقة على التونسيين بشرط المعاملة بالمثل‪،‬‬
‫ومن جهة ثانية من خالل الفقرة الثانية من الفصل األول من القانون عدد ‪ 56‬لسنة ‪ 1969‬المؤرخ في ‪ 22/09/1969‬التي أقرت أنه يمكن‬
‫ألشخاص ماديين من ذوي جنسية أجنبية أن يرخص لهم بمقتضى أمر صادر عن رئيس الجمهورية في ابتياع قطعة أرض أو عدة قطع معينة‬
‫قصد وضع إقامتهم بها‪.‬‬
‫وبتطور اإلختيارات اإلقتصادية تطورت التشريعات المتعلقة بملكية األراضي الفالحية وبمقتضى الفصل األول من القانون عدد ‪ 15‬لسنة‬
‫‪ 1971‬المؤرخ في ‪ 13/04/1971‬سمح المشرع للشركات المدنية بتملك األراضي الفالحية بشرط أن يكون كل المساهمين فيها تونسيو‬
‫الجنسية ثم بمقتضى الفصل ‪ 38‬من القانون عدد ‪ 6‬لسنة ‪ 1982‬المؤرخ في ‪ 06/08/1982‬سمح للشركات ذات المسؤولية المحدودة‬
‫وبنفس الشرط أن تمتلك هي األخرى أراض فالحية كما سمح بذلك لباقي الذوات المعنوية بشرط أن تكون جنسيتها تونسية وكذلك جنسية‬
‫جميع المساهمين فيها وأن ال تتجاوز مساحة األرض المقتناة الحد الالزم لممارسة نشاطها وأن يكون نشاطها إما تربية النحل أو الدواجن أو‬
‫إنتاج البذور الممتازة أو المشاتل أو زراعة الزهور أو الزراعات تحت البيوت المكيفة‪.‬‬
‫وقد أكد المشرع حرصه على توفر شرط الجنسية التونسية في الشركة وفي الشركاء بمناسبة صدور القانون عدد ‪ 43‬لسنة ‪ 1989‬المؤرخ‬
‫في ‪ 08/03/1989‬والمتعلق بشروط ممارسة األنشطة الفالحية من طرف الشركات الخفية اإلسم وكذلك بمناسبة صدور القانون عدد ‪120‬‬
‫لسنة ‪ 1993‬المؤرخ في ‪ 27/12/1993‬والمتعلق بإصدار مجلة تشجيع اإلستثمارات الفالحية الذي نصت الفقرة األخيرة من فصله الثالث‬
‫على أنه في القطاع الفالحي يمكن لألجانب اإلستثمار عن طريق اإلستغالل بالكراء لألراضي الفالحية على أنه ال يمكن بأية حال أن تؤدي‬
‫هذه اإلستثمارات إلى تملكهم لألراضي الفالحية‪.‬‬
‫‪2‬ـ شرط إنابة محام ‪ :‬أوجب التنقيح المدخل على الفصل ‪ 425‬من م م م ت بموجب القانون عدد ‪ 87‬لسنة ‪ 1986‬أن تكون المزايدة بواسطة‬
‫محام‪.‬‬
‫ولقد برر الفقهاء[‪ ] 48‬هذا الشرط بأمرين أولهما تفادي الفوضى داخل قاعة الجلسة وتجنب ما قد ينشب من مناوشات بين المزايدين وثانيهما‬
‫أن المحامي هو الضامن ألهلية الشخص الذي يقوم بالمزايدة في حقه ولقدرته على دفع ثمن التبتيت وقد ذهبت محكمة التعقيب الفرنسية في‬
‫قرارها الصادر بتاريخ ‪ 20/11/1939‬إلى أبعد من ذلك حين اعتبرت المحامي مسؤوال عن عسر منوبه وملزما بدفع الفارق بين ثمن‬
‫التبتيت األول وثمن التبتيت بموجب النكول[‪.]49‬‬
‫أما المزايدة الواقعة من غير محام فإنها ال تعتبر باطلة وإنما تعتبر منعدمة والفرق بين البطالن واإلنعدام هو أن األول يفسخ المزايدة السابقة‬
‫له أما الثاني فيتركها قائمة بحيث يمكن للقائم بها أن يصبح مبتتا له‪.‬‬

‫‪3‬ـ شرط تأمين ثلث الثمن اإلفتتاحي ‪ :‬وفقا لمقتضيات الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 425‬مـن م م م ت ال يمكن أن يشارك في المزايدة إال من‬
‫أّم ن بصندوق الودائع واألمانات على األقل ثلث الثمن اإلفتتاحي المعلن عنه بكراس الشروط وباإلشهارات المنشورة أو المعّلقة أو قدم في‬
‫شأنه شيكا مشهودا بتوفر رصيده أو ضمانا بنكيا ال رجوع فيه‪.‬‬
‫وأعفى المشرع القائم بالتتبع من هذا اإلجراء كما أعفى منه الشريك عند بيع المشترك صفقة بالمزاد‪.‬‬
‫وقد شهد هذا الفصل تطورا هاما فقبل تنقيحه بموجب القانون عدد ‪ 82‬لسنة ‪ 2002‬لم يكن يعطي لمن يروم المشاركة في البتة خيارا آخر‬
‫غير أن يؤمن ثلث الثمن اإلفتتاحي لفائدة القائم بالتتبع بعد الحصول على إذن قضائي ألجل ذلك من المحكمة المختصة وكان هذا اإلجراء‬
‫ثقيال على كاهل الراغب في الشراء ويستوجب بذل مصاريف إضافية خاصة وأنه من غير المؤكد أن تتوج اإلجراءات بوقوع البيع كما أنه‬
‫من غير المؤكد أن يرسو المزاد عليه‪.‬‬
‫هذا األمر حد من إقبال الناس على مثل هذه البيوعات وأثر سلبا على نجاعة العقلة العقارية‪ ,‬كما أن المشرع لم يبين قبل تنقيح ‪ 2002‬مكان‬
‫التأمين إن كان بكتابة المحكمة أو بصندوق الودائع واألمانات أو بالقباضة المالية أو بأحد البنوك فجرى العمل في بعض المحاكم على تقديم‬
‫شيك مشهود بتوفر رصيده يؤمنه محامي المزايد عند افتتاح اجراءات التبتيت بين يدي المحكمة إلى أن كرس تنقيح سنة ‪ 2003‬جريان‬
‫العمل هذا‪.‬‬
‫ويبدو أن هدف المشرع من وراء اشتراط تأمين ثلث الثمن اإلفتتاحي هو فرض جدية المزايدات والحد من المزايدات الكاذبة التي ترمي إلى‬
‫الترفيع في الثمن بصفة مفتعلة‪.‬‬
‫ويبقى التساؤل قائما‪ ,‬أمام حصر المشرع لطرق إثبات توفر ثلث الثمن اإلفتتاحي في حوزة الراغب في المزايدة‪ ,‬حول مدى انفتاح المحاكم‬
‫على طرق أخرى إلثبات توفر ذلك المبلغ كوسائل الدفع اإللكتروني مثال إذا ما ثبت لديها أنها توفر الضمانات الكافية‪.‬‬

‫‪4‬ـ شرط الحصول على الرخص اإلدارية ‪ :‬أخضع األمر الصادر بتاريخ ‪ 04/06/1957‬العمليات العقارية المتعلقة بالعقارات وبالحقوق‬
‫العينية العقارية التي تخص األراضي الفالحية واألراضي غير المبنية وغير المقسمة لرخصة الوالي وذلك حتى تتمكن اإلدارة من مراقبة نقل‬
‫ملكية األراضي الفالحية ومن الحيلولة دون تملك األجانب وخاصة منهم الفرنسيين واإليطاليين باألراضي التي كانوا يستغلونها والتي كانت‬
‫أجود األراضي الفالحية في البالد[‪.]50‬‬
‫وقد أعفى الفصل ‪ 7‬من األمر المذكور من واجب الحصول على رخصة الوالي كل من الدولة والبلديات كما أعفى منها القانون عدد ‪121‬‬
‫لسنة ‪ 1959‬المؤرخ في ‪ 28/09/1959‬مجالس الواليات‬
‫ثم اتسع بموجب المرسوم عدد ‪ 13‬لسنة ‪ 1961‬المؤرخ في ‪ 08/08/1961‬ميدان رخصة الوالي ليشمل جميع العمليات العقارية المتعلقة‬
‫بجميع العقارات والحقوق العينية العقارية مهما كانت صبغتها وبدون أي استثناء أي أنها صارت تشمل العقارات الفالحية والعقارات غير‬
‫المبنية وغير المقسمة والعقارات السكنية والصناعية والتجارية والسياحية وغيرها[‪.]51‬‬
‫ثم وبموجب القانون عدد ‪ 25‬لسنة ‪ 1963‬المؤرخ في ‪ 15/07/1963‬تم تنقيح الفصل األول من أمر ‪ 04/06/1957‬بحيث وقع التوسيع‬
‫في نطاق رخصة الوالي لتشمل كل إحاالت األسهم والرقاع والحصص وحصص المؤسسين وحصص األرباح في الشركات مهما كان شكلها‬
‫إذا كان الغرض األصلي أو الثانوي من هذه اإلحاالت هو استغالل األراضي الفالحية‪.‬‬
‫ثم وفي مرحلة الحقة وبمقتضى المرسوم عدد ‪ 4‬لسنة ‪ 1977‬المؤرخ في ‪ 21/09/1977‬وقع التضييق في ميدان رخصة الوالي وذلك‬
‫بإعفاء التونسيين[‪ ]52‬منها سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين فيما يخص العمليات التي تقع بينهم فانحصر بذلك ميدان تدخل الرخصة‬
‫في العمليات التي يكون أحد أطرافها أجنبيا[‪.]53‬‬
‫وفي مرحلة أخيرة صدر قانون ‪ 27/06/1983‬الذي أوجب الحصول على رخصة وزير اإلسكان باإلضافة إلى رخصة الوالي بالنسبة‬
‫للعمليات المتعلقة بالعقارات التي هي على ملك األجانب والمبنية أو المكتسبة قبل غرة جانفي ‪ 1956‬ثم أصبحت الرخصة تصدر عن وزير‬
‫أمالك الدولة والشؤون العقارية بموجب القانون عدد ‪ 20‬لسنة ‪ 1992‬المؤرخ في ‪ 03/02/1992‬المتعلق بإحالة بعض صالحيات وزير‬
‫التجهيز واإلسكان إلى وزير أمالك الدولة والشؤون العقارية‪.‬‬
‫وقد أعفت الفقرة األخيرة من الفصل الثاني من قانون سنة ‪ 1983‬من كل ترخيص العمليات العقارية التي تتم لفائدة الدولة والبلديات‬
‫والواليات وكذلك بعض المؤسسات العمومية التي يعينها وزير اإلسكان‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن البالد التونسية أبرمت مجموعة من اإلتفاقيات مع دول أقرت بمقتضاها لرعايا هذه الدول بحق تملك عقارات بتونس‬
‫بنفس الشروط التي تنطبق على التونسيين بشرط معاملة التونسيين بالمثل في تلك البلدان‪ ،‬وهذه اإلتفاقيات هي اإلتفاقية المبرمة مع ليبيا في‬
‫‪ 14/06/1961‬والمصادق عليها بالقانون عدد ‪ 1‬لسنة ‪ 1962‬المؤرخ في ‪ 09/01/1962‬واإلتفاقية المبرمة مع الجزائر في‬
‫‪ 26/07/1963‬والمصادق عليها بالقانون عدد ‪ 34‬لسنة ‪ 1966‬المؤرخ في ‪ 03/05/1966‬واإلتفاقية المبرمة مع المغرب في‬
‫‪ 09/12/1964‬والمصادق عليها بالقانون عدد ‪ 35‬لسنة ‪ 1966‬المؤرخ في ‪ 03/05/1966‬واإلتفاقية المبرمة مع النيجر في‬
‫‪ 18/10/1966‬والمصادق عليها بالقانون عدد ‪ 14‬لسنة ‪ 1967‬المؤرخ في ‪.10/04/1967‬‬
‫وقد درج عمل القباضات المالية عند تسجيل الكتائب التي يكون فيها أحد رعايا هذه الدول طرفا وعمل إدارة الملكية العقارية عند ترسيمها‬
‫على عدم المطالبة بأية رخصة[‪ ،]54‬إلى أن اتضح أن هذه الدول لم تحترم مبدأ المعاملة بالمثل فأصبحت اإلدارة التونسية تلزم رعايا هذه‬
‫الدول بالحصول على الترخيص المسبق للوالي[‪.]55‬‬

‫ب‪ /‬أثر المزايدة ‪:‬‬

‫نظم الفصل ‪ 425‬من م م م ت كما نقحه القانون عدد ‪ 82‬لسنة ‪ 2002‬إجراءات المزايدة التي تنطلق بتالوة محامي القائم بالتتبع إلعالن عن‬
‫أوصاف العقار المعروض للبيع وما يتحمله من التكاليف ومقدار السعر اإلفتتاحي ومبلغ المصاريف واألجور المسعرة من المحكمة وعند‬
‫اإلقتضاء اإلعتراضات المسجلة بكراس الشروط‪.‬‬
‫ويختلف أثر المزايدة بحسب وقوع زيادة على المزايدة من عدمه ‪:‬‬
‫– في صورة الزيادة على المزايدة قبل إنطفاء األنوار الثالثة ‪ :‬نصت الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 425‬من م م م ت على أن المزايد ال يبقى‬
‫ملزما بدفع المبلغ الذي عرضه بموجب مزايدته إذا بدت مزايدة أخرى بعد مزايدته وإن وقع التصريح ببطالن المزايدة الثانية‪.‬‬
‫في صورة عدم الزيادة على المزايدة طوال فترة اشتعال ثالثة أنوار يدوم كل واحد منها دقيقة تقريبا تصرح المحكمة بتبتيت العقار آلخر‬
‫مزايد بالثمن الذي بذله والذي يقع ذكره بلسان القلم في محضر التبتيت طبقا ألحكام الفصل ‪ 428‬من م م م ت وذلك تفاديا لكل لكل غلط أو‬
‫سوء تفاهم بشأنه‪ ،‬كما يقع التنصيص صلب المحضر على المصاريف واألجور المسعرة من المحكمة[‪ ]56‬والتي يجب على المبتت له دفعها‬
‫زيادة على الثمن[‪.]57‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬ثمن التبتيت في صورة عدم وجود مزايد‬
‫تتحقق هذه الصورة في حال وجود راغب واحد في الشراء يبتت العقار لفائدته بالثمن اإلفتتاحي (أ) أو في حال عدم وجود أي راغب في‬
‫الشراء فيقع تأخير البتة إلى موعد الحق مع الحط من الثمن اإلفتتاحي (ب)‪.‬‬

‫أ ‪ /‬التبتيت بالثمن اإلفتتاحي ‪:‬‬

‫كانت الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 425‬من م م م ت قبل تنقيحه سنة ‪ 1986‬تنص على أنه إذا لم تقع مزايدة مدة إضاء األنوار الثالثة فإن البيع‬
‫يقع لفائدة طالب التتبع بالثمن اإلفتتاحي إال إذا وجد نص قانوني يمنع التبتيت لفائدته‪ ،‬وقد أخذ المشرع التونسي هذه القاعدة من مرسوم‬
‫فرنسي صدر سنة ‪.1938‬‬
‫أما الفصل ‪ 392‬من مجلة المرافعات الجزائرية الصادرة في ‪ 08/06/1966‬فقد اقتضى أنه في صورة عدم وقوع مزايدة أو أن المزايدة‬
‫كانت ضئيلة فإن المحكمة تأذن بتأخير البتة لموعد آخر مع إعادة اإلشهارات ثم تبعه في ذلك المشرع البلجيكي بموجب أحكام مجلة‬
‫المرافعات الصادرة بتاريخ ‪،28/03/1976‬‬
‫ولم يتبن المشرع الفرنسي فكرة تأخير موعد البتة إال سنة ‪ 1967‬وذلك بموجب الفصل ‪ 13‬من األمر المؤرخ في ‪ 01/03/1967‬الذي جاء‬
‫فيه أنه في صورة عدم وقوع مزايدة فإن القائم بالتتبع يمكنه طلب إعادة البتة مع التخفيض في الثمن اإلفتتاحي ولكن عدم وقوع مزايدة للمرة‬
‫الثانية يجعل القائم بالتتبع مبتتا له بالثمن اإلفتتاحي األول‪ ،‬إال أن هذا األمر بقي حبرا على ورق واستمر العمل بقواعد اإلجراءات السابقة له[‬
‫‪.]58‬‬
‫والتبتيت بالثمن اإلفتتاحي يمكن أن يتم لفائدة الدائن العاقل كما يمكن أن يتم لفائدة الغير ‪:‬‬
‫التبتيت لفائدة طالب التتبع ‪ :‬بعد أن كان التبتيت بالثمن اإلفتتاحي لفائدة القائم بالتتبع وجوبيا في حال عدم وجود راغب في الشراء أصبح‬
‫بموجب التنقيح الذي أدخل سنة ‪ 1986‬على أحكام الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 425‬من م م م ت اختياريا متروكا لرغبة القائم بالتتبع الذي‬
‫يمكنه الشراء بالثمن اإلفتتاحي إن رأى في ذلك مصلحة أو طلب تأخير البتة من المحكمة التي تقرر وفق إرادتها الحرة إما تعيين موعد الحق‬
‫للبتة واإلذن للقائم بالتتبع بالقيام باإلشهارات التكميلية وإما تحكم بطرح القضية لعدم وجود راغب في الشراء فقد نصت الفقرة الثالثة الجديدة‬
‫على أنه ” إذا لم تقع مزايدة مدة إضاءة األنوار الثالثة فإن البيع يتم لفائدة طالب التتبع بالثمن اإلفتتاحي إن رغب في ذلك “‪.‬‬
‫التبتيت لفائدة الغير ‪ :‬يمكن أن يقع التبتيت بالثمن اإلفتتاحي لفائدة الغير إن كان هو الراغب الوحيد في الشراء ويمكن أن يكون هذا الغير أحد‬
‫الدائنين‪.‬‬

‫ب‪ /‬الحط من الثمن اإلفتتاحي ‪:‬‬

‫لم تظهر فكرة الحط من الثمن اإلفتتاحي في التشريع التونسي إال من خالل تنقيح سنة ‪ ,2002‬فقبل صدور القانون عدد ‪ 82‬لسنة ‪[2002‬‬
‫‪ ] 59‬كان للمحكمة الخيار بين تأخير البتة لجلسة الحقة وبين الحكم بالطرح لعدم وجود راغب في الشراء‪ .‬إال أنه وبتنقيح الفصل ‪ 425‬من م‬
‫م م ت صارت المحكمة ملزمة‪ ,‬في حالة عدم إعراب أي شخص عن رغبته في الشراء بمن في ذلك القائم بالتتبع‪ ,‬بأن تؤخر البتة مرة واحدة‬
‫أو مرتين على أن تخفض الثمن اإلفتتاحي األصلي في كل تأخير تقرره بنسبة خمسة عشر في المائة[‪.]60‬‬
‫وفي ظل هذا التنقيح الذي سمح للمحكمة أن تؤخر البتة مرة أو مرتين[‪ ]61‬درجت بعض المحاكم على تأخير البتة تأخيرا ثالثا دون الحط من‬
‫الثمن اإلفتتاحي وكان جانب من الفقه قد أثنى على هذا التمشي الذي يعطي فرصة إضافية للقائم بالتتبع لتبتيت العقار دون اإلضرار بحقوق‬
‫المدين[‪.]62‬‬
‫لقد كانت نتيجة ذلك أن أصبح المزايدون ينتظرون جلسة التبتيت الثانية أو الثالثة ليعربوا عن رغبتهم في المشاركة في المزايدة ساعين من‬
‫وراء ذلك إلى اإلنتفاع من التخفيض من الثمن اإلفتتاحي األمر الذي جعل ” المزاد المتصاعد ينقلب إلى مزاد متنازل[‪.“ ]63‬‬
‫واعتبر الفقهاء هذا التعديل الذي أدخل على نص الفصل ‪ 425‬دليال على عدم نجاعة طريقة تحديد الثمن اإلفتتاحي على أساس القيمة الحقيقية‬
‫للعقار[‪.]64‬‬
‫وأمام ما أفرزه التطبيق أمام المحاكم من ارتفاع الفت لنسبة قضايا التبتيت المطروحة لعدم وجود راغب في الشراء وعدم قبول القائم بالتتبع‬
‫الشراء بالثمن اإلفتتاحي‪ ,‬سرعان ما تخلى المشرع عن هذه الطريقة فكان التنقيح الجديد للفصل ‪ 425‬بموجب القانون عدد ‪ 79‬لسنة ‪2005‬‬
‫الذي يعكس رغبة المشرع في اختصار أعمال التبتيت التي تتسم بالطول فاقتضت الفقرة السادسة الجديدة من الفصل ‪ 425‬صراحة أن يكون‬
‫التأخير لمرة واحدة على أن يقع الحط من الثمن اإلفتتاحي بنسبة أربعين في المائة لذلك يصعب القول بامكانية التأخير مرة أخرى ولو بدون‬
‫حط من الثمن اإلفتتاحي لتعارض مثل هذا التأخير مع اتجاه المشرع وتبقى الكلمة الفصل في طريقة تطبيق هذا النص للمحاكم‪.‬‬
‫أما المشرع المصري فلم يسمح بالحط من الثمن اإلفتتاحي إال بالنسبة للعقارات غير المرتبطة بضريبة والتي تحدد المحكمة الثمن اإلفتتاحي‬
‫لتبتيتها وتكون نسبة التخفيض بعشرة في المائة منه أما العقارات المرتبطة بضريبة فال يمكن الحط من ثمنها اإلفتتاحي‪.‬‬
‫وأما قانون أصول المرافعات اللبناني فلم يتضمن أي إمكانية للحط من الثمن اإلفتتاحي‪.‬‬
‫إن سعي المشرع لتحقيق توازن بين مصالح الدائن العاقل وغيره من الدائنين ومصالح المدين المعقول عنه يتجلى في أوضح صوره من‬
‫خالل تبّن يه إلمكانية الحط من الثمن اإلفتتاحي بمقدار معين ومن خالل بحثه الدؤوب على هذا المقدار المناسب الذي يعطي حظا أوفر للدائن‬
‫إلتمام التبتيت خاصة بعد ما يكون قد بذله من مصاريف مع حفظ حق المدين في الحماية ممن يرومون استغالل عملية التبتيت لإلثراء على‬
‫حساب مصالحه‪.‬‬
‫فلقد جاء بوثيقة شرح األسباب المتعلقة بالقانون عدد ‪ 79‬لسنة ‪ 2005‬المتعلق بتنقيح الفصل ‪ 425‬من م م م ت أن هذا التنقيح يضمن فائدة‬
‫للدائن وفائدة للمدين وذلك من خالل ” توفير حظوظ أكبر لبيع العقار موضوع طلب التبتيت من خالل تمكين المحكمة منذ الجلسة األولى من‬
‫التخفيض في الثمن بنسبة أربعين بالمائة وعدم تكرار جلسة التبتيت أكثر من مرة واحدة وإقرار إشهار عملية التبتيت الثانية وفقا لما يقتضيه‬
‫القانون وفي هذه اإلجراءات ضمان للدائن الذي من حقه استخالص دينه من ثمن المبيع وضمان للمدين الذي من حقه أن يأمل في عدم بيع‬
‫عقاره إال بعد إحاطة عملية البيع باإلشهارات الكفيلة بضمان أوفر األسعار الممكنة “[‪.]65‬‬

‫القســـم الثانـــي ‪ :‬دفـــع ثمـــن تبتيـــت العقـــار‬

‫إّن دفع المبتت له لكامل ثمن التبتيت أو تأمينه على النحو الذي يقتضيه القانون يحدث آثارا‪ ،‬كما أن تخلفه عن فعل ذلك يحدث آثارا أخرى‬
‫(الفرع األول) أما المبلغ المدفوع أو المؤمن فيختلف مآله بحسب تعدد الدائنين (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬اآلثار المرتبطة بدفع الثمن‬

‫لقد منح الفصل ‪ 432‬من م م م ت أجل شهر بداية من تاريخ البتة ليتولى المبتت له دفع الثمن وفي الواقع يتم خالص باقي ثمن التبتيت‬
‫وكذلك المصاريف واألجور المسعرة بين يدي محامي القائم بالتتبع مقابل الحصول على وصل في ذلك بحيث تمر فترة من الزمن بين يوم‬
‫وقوع التبتيت ويوم دفع الثمن كامال‪ ،‬لذلك ينبغي التمييز بين آثار محضر التبتيت وآثار دفع الثمن‪.‬‬
‫وتتمثل آثار اإلمضاء على محضر التبتيت من قبل محامي المبتت له وحده أو بمعية منوبه في انتقال ملكية العقار غير المسجل للمبتت له‬
‫ضرورة أن المشرع لم يوجب إشهارا تكميليا لعملية التبتيت خاصة إذا اعتبرنا محضر التبتيت بمثابة كتب ثابت التاريخ[‪.]66‬‬
‫أما فيما يتعلق بالعقارات المسجلة فإن األمر يكون مختلفا فقد ألزم المشرع المبتت له من خالل ما جاء بالفصل ‪ 457‬من م م م ت بأن ”‬
‫يطلب ترسيم محضر التبتيت بالرسم العقاري في ظرف شهرين من تاريخ[‪ ” ]67‬ويرجع هذا التوسيع في أجل التأمين إلى اإلجراءات التي‬
‫يجب على المبتت له القيام بها حتى يتمكن من التأمين وهي استخراج نسخة من محضر التبتيت والحصول على إذن بالتأمين‪.‬‬
‫هذا العبء المحمول على كاهل المبتت له يتماشى ومبدإ األثر المنشئ للترسيم الذي أقره المشرع بالقانون عدد ‪ 46‬لسنة ‪ 1992‬المؤرخ في‬
‫‪ 04‬ماي ‪ 1992‬المتعلق بتنقيح وإتمام بعض الفصول من مجلة الحقوق العينية والذي أصبحت بمقتضاه الصكوك واإلتفاقات واألحكام‬
‫المحرزة على قوة اتصال القضاء خاضعة لمبدإ األثر المنشئ للترسيم سواء تعلق األمر بإنشاء حق عيني أو بنقله أو بتعديله‪ ,‬وبالتالي يكون‬
‫ترسيم محضر التبتيت هو أساس انتقال ملكية العقار المبتت وال أثر لدفع الثمن على هذه المسألة‪.‬‬
‫ويعتبر الفقهاء أن انتقال الملكية بموجب التبتيت مرتبط بشرط تعليقي هو دفع الثمن والمصاريف وعدم إعادة البتة للتسديس[‪ ]68‬ويرى فقهاء‬
‫آخرون أن انتقال الملكية مبني على شرط فاسخ هو إعادة تبتيت العقار لفائدة شخص آخر على إثر إعادة البتة للتسديس أو بموجب النكول[‬
‫‪.]69‬‬
‫إال أن لدفع ثمن التبتيت من عدمه آثار تتجلى على مستوى تطهير العقار من التحمالت (‪ )1‬وعلى مستوى إعادة التبتيت بموجب النكول (‪.)2‬‬
‫أثر ناتج عن دفع الثمن ‪ :‬تطهير العقار من التحمالت‬
‫إن المبدأ هو أن يتحمل مشتري العقار جميع التحمالت الموظفة عليه وذلك تفعيال لمبدإ التبعية الذي أرساه الفصل ‪ 270‬من مجلة الحقوق‬
‫العينية والذي يمكن الدائن المرسم من تتبع العقار بأي يد كان‪.‬‬
‫ولقد ميز المشرع المبتت له عن المشتري العادي بما نص عليه الفصل ‪ 481‬من م م م ت من أن ” بيع عقار بالمزاد العلني عن طريق‬
‫المحكمة أو حسب اإلجراءات التي اقتضاها الفصل ‪ 450‬يطهر ذلك العقار قانونا من جميع اإلمتيازات والرهون الموظفة عليه وبصفة عامة‬
‫من جميع الترسيمات المتعلقة بالديون وال يكون حينئذ للدائنين الحق في القيام إال بالنسبة إلى ثمن التبتيت “‪.‬‬
‫ويتمثل تطهير العقار من التحمالت على هذا األساس في تحريره من الرهون واإلمتيازات التي تثقله على أن يتم استخالص الديون الموثقة‬
‫بها من ثمن التبتيت‪.‬‬
‫ولقد اختلف فقهاء القانون في مدى اعتبار دفع ثمن التبتيت شرطا لتطهير العقار فمنهم من رأى أن تطهير العقار يكون متزامنا مع انتقال‬
‫الملكية ويحصل حتى في صورة عدم دفع الثمن[‪ ]70‬معتمدين في ذلك على سندين اثنين هما ‪:‬‬
‫ما جاء بالفقرة الثالثة من الفصل ‪ 717‬من مجلة اإلجراءات الفرنسية من أنه ” ال يكون للدائنين الحق في القيام إال بالنسبة لثمن التبتيت ”‬
‫والقيام المقصود هنا هو قيام الدائنين المرسمين للمطالبة بتسديد ثمن التبتيت وهو ما يدل على أن التطهير يقع قبل تسديد الثمن[‪.]71‬‬
‫أن الدائنين المرسمين محميون بامكانية إعادة بيع العقار بموجب النكول الذي ينتج عنه فسخ البيع األول بصفة رجعية‪.‬‬
‫ومنهم من يرى أن تطهير العقار من التحّمالت ال يقع إال بدفع ثمن التبتيت كامال مستدلين على ذلك بأربعة أدلة على األقل هي ‪:‬‬
‫أن عدم أداء الثمن يترتب عنه إعادة البيع بموجب نكول المبتت له‪ ,‬وهذه البتة الثانية ستطهر العقار من جميع التحمالت مما يعني منطقا أن‬
‫العقار المعاد بيعه لم يكن مطهرا لعدم دفع الثمن من المبتت له األول‪ .‬فالتطهير ال يكون إال بصفة نهائية لذلك ال يمكن اعتبار أن التطهير تم‬
‫بموجب البتة األولى ثم وقع إحياء التحمالت من جديد في انتظار إعادة التبتيت بموجب النكول‪.‬‬
‫أن الفصل ‪ 458‬من م م م ت أوجب على مدير الملكية العقارية أن يتولى من تلقاء نفسه عند ترسيمه لمحضر التبتيت ترسيم رهن على‬
‫العقار توثقة في أداء ثمن التبتيت وعند اإلقتضاء المصاريف واألجور المسعرة إن لم يدل إليه بما يثبت أداء ذلك أو تأمينه‪.‬‬
‫أن الفصل ‪ 481‬من م م م ت أوجب على مدير الملكية العقارية أن يتولى من تلقاء نفسه بعد ترسيم محضر التبتيت التشطيب على جميع‬
‫اإلمتيازات والرهون الموظفة على العقار المبتت وبصفة عامة على جميع الترسيمات المتعلقة بالديون وذلك بمجرد ما يدلى له بما يثبت‬
‫تأمين ثمن التبتيت والمصاريف واألجور المسعرة بعد طرح المبالغ التي قد يكون للمبتت له الحق قانونا في استخالصها أو أخذها من الثمن‪.‬‬
‫أن الفقرة الثانية من الفصل ‪ 284‬من مجلة الحقوق العينية مّك ن واضع اليد على عقار مثقل برهون من تطهير عقاره بشرط خالص كامل‬
‫الدين والمصاريف‪.‬‬
‫فدفع الثمن يطهر العقار من التحمالت بحكم القانون‪ ,‬ويرى الفقهاء أن هذا التطهير القانوني ال يقتصر على تحرير العقار من الرهون وحدها‬
‫بل يمتد إلى اإلمتيازات والترسيمات القضائية واإلدارية والقيود اإلحتياطية وذلك استنادا للصبغة العامة التي وردت عليها عبارات الفصل‬
‫‪ 481‬من م م م ت من جهة وألن الترسيمات لها جميعا وظيفة إشهارية وال وجود بينها لفروق تحول دون تعميم مفعول التطهير ليطالها على‬
‫اختالف أنواعها‪.‬‬
‫وال يمكن للمفعول التطهيري لدفع الثمن أن يطال الترسيمات المتعلقة بحقوق اإلرتفاق وحقوق اإلنتفاع وغيرها من الحقوق المتولدة عن حق‬
‫الملكية[‪ ]72‬وذلك عمال بالمبدإ الوارد صلب الفصل ‪ 426‬من م م م ت القائل بأن المبتت له ال يكتسب على العقار حقوقا أكثر من تلك التي‬
‫كانت للمبتت ضده[‪ ،] 73‬فإذا كان المدين‪ ،‬تبعا لذلك‪ ،‬ال يملك إال حق ملكية قابل لإلبطال أو الفسخ فإنه ال يمكن للمبتت له أن يدفع القيام ضده‬
‫بقضية في البطالن أو الفسخ بالقول بأن ملكية العقار انتقلت إليه مطهرة من جميع التحمالت‪.‬‬
‫ولسائل أن يسأل عن مدى استطاعة المالك على الشياع القيام بقضية في الشفعة ضد المبتت له األجنبي عن العقار‪.‬‬
‫والجواب عن هذا السؤال ال يمكن أن يكون إال بالنفي تطبيقا لما جاء بالفصل ‪ 108‬من مجلة الحقوق العينية من أنه ال يجوز استعمال حق‬
‫الشفعة إذا حصل البيع بالمزاد العلني طبق القانون‪ ،‬ولعل المشرع أقر هذه القاعدة لسببين اثنين أولهما أن فتح باب ممارسة حق الشفعة قد‬
‫يحد من اقبال الناس على المزايدة بسبب خشيتهم من حرمانهم من اكتساب ملكية العقار بعد أن يكونوا بذلوا ألجل ذلك ماال وجهدا‪ ،‬وثانيهما‬
‫أن التبتيت ال يقع إال بعد القيام بإجراءات اشهاره الكفيلة بجعل عملية البيع تبلغ إلى علم الشركاء على الشياع الذين يمكنهم المشاركة في‬
‫المزايدة وال يمكن أن يعتبر احجامهم عن ذلك إال عدم رغبة منهم من شراء موضوع البتة وتخليا منهم عن ممارسة حق الشفعة‪.‬‬

‫‪ -2‬أثر ناتج عن عدم دفع الثمن ‪ :‬إعادة البتة بموجب النكول‬

‫يعتبر ناكال وفق أحكام الفصل ‪ 445‬من م م م ت المبتت له الذي امتنع عن دفع ثمن التبتيت والمصاريف المسعرة بعد إنذاره بذلك طبق‬
‫القانون‪ .‬ويعتبر ناكال وفق أحكام الفقرة األولى من الفصل ‪ 482‬من م م م ت المبتت له المشار إليه بالفقرة الثالثة من الفصل ‪ 432‬من‬
‫المجلة الذي لم يتول خالل الخمسة عشر يوما الموالية النقضاء األجل المضروب للتأمين القيام بقضية في فتح إجراءات ترمي إلى ترتيب‬
‫الدائنين‪ .‬كما يعتبر ناكال وفق أحكام الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 482‬من م م م ت المبتت له الذي امتنع عن أداء ما بجداول المحاصة المسلمة‬
‫للدائنين الذين لم يكف الجزء الذي قام بتأمينه من ثمن التبتيت وفق أحكام الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 432‬من نفس المجلة الستخالص ديونهم‪.‬‬
‫أما قانون المرافعات الفرنسي فقد كان أكثر شموال إذ جاء بالفصل ‪ 733‬أن المبتت له يكون ناكال إذا لم يوف باإللتزامات الواجبة عليه‪ ،‬ومن‬
‫هذه اإللتزامات دفع الثمن واألجور والمصاريف وترسيم حكم التبتيت بمركز الرهون في ظرف شهرين من تاريخ البتة وتنفيذ الشروط‬
‫الواردة في كراس الشروط كخالص المصاريف غير العادية‪.‬‬
‫وعلى عكس المشرع الفرنسي فإن المشرع التونسي ولئن أوجب ترسيم حكم تبتيت العقار المسجل في أجل شهرين من تاريخ البتة فإنه لم‬
‫يعتبر التخلف عن فعل ذلك نكوال موجبا إلعادة البتة بل اكتفى من خالل ما ورد بالفصل ‪ 457‬من م م م ت بأن أجاز لكل معني أن يطلب‬
‫ذلك الترسيم‪.‬‬
‫ولقد اجمع الفقهاء على أن دعوى إعادة البيع بموجب النكول تعد من الدعاوى العارضة وهذا الرأي يتناغم مع موقف المشرع الذي جعل‬
‫الفصول التي تنظم هذه الدعوى وهي الفصول من ‪ 445‬إلى ‪ 449‬من م م م ت تتنزل في القسم الخاص بتلك الدعاوى‪.‬‬
‫أ ـ شروط وآجال القيام بدعوى إعادة البتة بموجب النكول‬
‫يمكن القيام بدعوى اعادة البتة بموجب النكول في الحاالت المذكورة أعاله من قبل اشخاص معينين وفي آجال محددة ‪:‬‬
‫األشخاص المعنيين بإعادة البتة بموجب النكول ‪ :‬لم يحدد الفصل ‪ 445‬من م م م ت األشخاص الذين يمكنهم إثارة دعوى إعادة البيع بموجب‬
‫النكول وذلك على عكس الفصل ‪ 734‬من قانون المرافعات الفرنسي الذي نص على أن كل شخص له مصلحة يمكنه أن يثير هذه الدعوى‬
‫فيمكن أن يثيرها القائم بالتتبع والدائنين المرسمين والمعترضين‪.‬‬
‫ومبدئيا يمكن القول بأنه يمكن للمبتت ضده أن يثير هذه الدعوى باعتبار أنه من مصلحته أن يتم خالص دائنيه من محصول البيع إال أنه ال‬
‫يمكن له في هذه الحالة أن يشتري العقار موضوع التبتيت تطبيقا ألحكام الفصل ‪ 312‬من م م م ت‪.‬‬
‫وحددت الفقرة الثانية من الفصل ‪ 447‬من م م م ت األشخاص الواجب استدعائهم لحضور جلسة إعادة البتة بأنهم المعقول عنه والناكل في‬
‫البيع وعند اإلقتضاء الدائنين المرسمين‪ ،‬ويوجه اإلستدعاء إلى ورثة الناكل في حال وفاته وإلى المقدم عليه في حال فقده األهلية وإلى‬
‫المشتري في حال توليه التفويت في العقار‪.‬‬
‫والمالحظ أن الفقرة الثانية من الفصل ‪ 447‬لم تذكر أصحاب القيود اإلحتياطية السارية المفعول ضمن قائمة األشخاص الواجب استدعائهم‬
‫لحضور البتة والحال أنه ورد ذكرهم في الفصل ‪ 422‬المتعلق بالتبتيت األول وقد أعزى بعض الفقهاء ذلك إلرادة المشرع تيسير إجراءات‬
‫إعادة البيع وتقليص الحيز الزمني الذي تستوجبه‪ ،‬إال أن هذا التفسير يبقى غير مقنع ألن توجيه اإلستدعاء ألصحاب القيود اإلحتياطية ال‬
‫يستوجب جهدا إضافيا كبيرا وال يستغرق مدة طويلة‪ ،‬ولعل السبب الحقيقي لعدم ذكر أصحاب القيود ضمن قائمة الفصل ‪ 447‬هو سهو‬
‫المشرع عن فعل ذلك‪.‬‬
‫آجال إعادة البتة بموجب النكول ‪ :‬لم يحدد الفصل ‪ 445‬من م م م ت أجال إلعادة البتة بموجب النكول األمر الذي يدعو إلى تطبيق القاعدة‬
‫العامة الواردة بالفصل ‪ 402‬من م إ ع الذي يحدد أجل القيام بدعوى المسؤولية بخمسة عشر سنة‪.‬‬

‫ب ـ إجراءات إعادة البتة بموجب النكول‬

‫تمتاز إجراءات إعادة البيع بموجب النكول بالبساطة التي هدف المشرع من ورائها إلى تجنيب الدائنين طول اإلنتظار مرة أخرى وتتمثل هذه‬
‫اإلجراءات وفق ما جاء بالفصل ‪ 446‬من م م م ت في إعادة اإلشهارات وفي وقوع بتة جديدة وفق القواعد المقررة للتبتيت األول‪.‬‬

‫إعادة اإلشهارات ‪ :‬نص الفصل ‪ 446‬من م م م ت على أن اإلشهار الجديد يقع وفقا للقواعد المقررة للتبتيت األول والتي ضبطها الفصالن‬
‫‪ 418‬و‪ 419‬من م م م ت اللذان أوجبا إشهار البتة بواسطة نشر إعالن بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وبواسطة تعليق نفس اإلعالن‬
‫بواسطة أحد العدول المنفذين على مدخل العقار موضوع التبتيت وبمدخل المحكمة التي تقع لديها البتة وبمكتب المحامي القائم بالتتبع وبمكتب‬
‫العدل المنفذ‪.‬‬
‫وجاء بالفقرة الثانية من الفصل ‪ 446‬من م م م ت أنه ينص بإعالنات اإلشهار القانوني عالوة على اإليضاحات التي يفرضها الفصل ‪[418‬‬
‫‪ ] 74‬على لقب الناكل في البيع واسمه ومقره ومبلغ البتة المقرر لفائدته وثمن افتتاحي يعينه القائم بالتتبع وتاريخ وساعة إتمام البتة الجديدة‬
‫وفقا لكراس الشروط القديم‪.‬‬
‫وفي حالة تأخير موعد البتة لعدم وجود راغب في الشراء وفق أحكام الفصل ‪ 425‬من م م م ت فإنه يقع إشهار البتة الجديدة بنفس طرق‬
‫اإلشهار قبل تاريخ وقوعها بخمسة عشر يوما على األقل وقد يأذن الحاكم زيادة عن ذلك بنشر إعالن تكميلي موجز بصحيفة أو عدة صحف‬
‫بحسب أهمية موضوع التبتيت وذلك وفقا ألحكام الفصل ‪ 420‬من م م م ت‪.‬‬
‫وتطبيقا لما جاء بالفقرة األولى من الفصل ‪ 446‬من م م م ت التي أوجبت أن يقع اإلعالن البتة وفقا للقواعد المقررة للتبتيت األول فإنه يكون‬
‫على المحامي القائم بإجراءات إعادة البتة أن يودع بكتابة المحكمة وقبل وقوع البتة شهادة تثبت إتمام جميع إجراءات اإلشهار القانونية‪.‬‬
‫إعادة البتة ‪ :‬نص الفصل ‪ 447‬من م م م ت على أن تقع بعد مضي عشرين يوما على األقل وأربعين يوما على األكثر على آخر عمل من‬
‫أعمال اإلشهار القانوني ويتولى المحامي القائم بإجراءات إعادة التبتيت استدعاء المدين والناكل والدائنين المرسمين لحضور البتة قبل‬
‫تاريخها بعشرين يوما على األقل وذلك وفقا لما جاء بالفقرة الثانية من نفس الفصل‪.‬‬
‫وتقع إعادة التبتة أمام نفس دائرة البيوعات العقارية التي جرى أمامها التبتيت األول والتي تتولى النظر في صحة إجراءات إعادة التبتيت‬
‫وقد مكن الفصل ‪ 448‬من م م م ت الناكل في البيع من اإلنتفاع باألحكام الواردة صلب الفصل ‪ 401‬من نفس المجلة المتعلق بعقلة المنقوالت‬
‫والتي تمكن الناكل من أن يتدارك األمر ويتفادى عواقب إعادة البتة إن قام بدفع ثمن التبتيت األول ومصاريفه ومصاريف إعادة التبتيت في‬
‫أجل أقصاه اليوم السابق لتاريخ البتة الثانية‪ ،‬فقد نص الفصل المذكور على أنه “للناكل في البيع إلى اليوم المعين للبتة بإخراج الغاية أن يوقف‬
‫إجراءات بيع المنقول ثانيا بموجب نكوله إذا أدلى بما يثبت أداءه لثمن التبتيت وملحقاته وكذلك أداءه للمصاريف التي ترتبت عن نكوله “‪.‬‬
‫ولسائل أن يسأل كيف يمكن للناكل دفع المصاريف الناتجة عن إعادة البتة قبل وقوعها بيوم على أقصى تقدير والحال أن هذه المصاريف ال‬
‫تسعر إال يوم البتة ؟ لذلك قد يجد محامي الناكل نفسه مضطرا إلى أن يطلب من المحكمة تولي تسعير المصاريف قبل يوم التبتيت حتى‬
‫يتمكن منوبه من خالصها وتقديم ما يفيد ذلك في األجل القانوني‪.‬‬

‫ج ـ آثار إعادة البتة بموجب النكول ‪:‬‬

‫يترتب عن إعادة البيع بموجب النكول انقضاء التزام المبتت له الناكل بدفع الثمن والمصاريف المسعرة ونشوء التزام الناكل بتعويض‬
‫الخسارة‪.‬‬
‫انقضاء التزام المبتت له الناكل بدفع الثمن والمصاريف ‪ :‬نص الفصل ‪ 448‬من م م م ت على وجوب تطبيق مقتضيات الفاصل ‪400‬‬
‫الخاص بعقلة المنقوالت على المبتت له الناكل وقد نصت الفقرة األولى من الفصل ‪ 400‬من م م م ت على أنه ” ينجر عن البيع الواقع‬
‫بموجب نكول المشتري األول فسخ البيع األول في الماضي “‪.‬‬
‫وألن الفسخ يرجع كل واحد من األطراف إلى الوضعية التي كان عليها عند التعاقد طبقا للفصل ‪ 336‬من م إ ع فإن ملكية العقار المبتت تعود‬
‫إلى المدين المبتت ضده وتعود الثمار التي يمكن أن يكون الناكل قد قبضها في الفترة ما بين التبتيتين األول والثاني لذمة المدين المالية[‪]75‬‬
‫لتشملها العقلة العقارية من جديد‪ ،‬ومن جهة أخرى ينقضي التزام الناكل بدفع باقي الثمن والمصاريف واألجور المسعرة ويمكن للناكل‬
‫استرجاع ثلث الثمن الذي سبق أن دفعه في جلسة التبتيت األولى‪.‬‬
‫إال أن المشرع وحرصا منه على حماية مصالح الدائنين وعلى إضفاء أكبر قدر من النجاعة على القواعد المتعلقة بالنكول جعل استرجاع‬
‫الناكل للتسبقة التي دفعها قبل بدء التبتيت مشروطا ببيع العقار المبتت وبيان النقص من الثمن واستخالصه من مبلغ التسبقة‪ .‬فجاء في الفقرة‬
‫الثالثة من الفصل ‪ 400‬من م م م ت المضاف بموجب تنقيح سنة ‪ 2002‬أنه ” ليس للناكل في البيع طلب استرداد التسبقة المؤمنة حتى يباع‬
‫المعقول من جديد‪.‬‬
‫فإن ظهر نقص في ثمن البيع بالمقارنة مع الثمن الذي تم به البيع أول مرة‪ ،‬فعلى العدل المنفذ أن ال يرجع للناكل إال ما تبقى من التسبقة بعد‬
‫طرح قيمة ذلك النقص ومصاريف البتة األولى وإضافتها إلى محصول البيع[‪.“ ]76‬‬
‫التزام الناكل بتعويض الخسارة ‪ :‬إن أساس هذه القاعدة هو الفصل ‪ 82‬من م إ ع باعتبار أن الناكل قد ارتكب خطأ أضر بالدائنين والمدين‬
‫المبتت ضده وهو ملزم بجبر ذلك الضرر عمال بمبادئ المسؤولية التقصيرية[‪.]77‬‬
‫فقد نصت الفقرة الثانية من الفصل ‪ 400‬على أن ” الناكل في البيع ملزم بالنقص الذي يحصل بين الثمن الذي بتت المبيع له وبين الثمن‬
‫الحاصل من البيع الجديد الواقع بموجب النكول‪ ،‬وليس له طلب ما عسى أن يزداد في ثمن البيع الجديد “[‪.]78‬‬
‫وتطبيقا لمبدإ التعويض عن كامل المضرة الحاصلة الذي نص عليه الفصل ‪ 107‬من م إ ع فإن لكل ذي مصلحة أن يطالب المبتت له الناكل‬
‫بدفع كامل ثمن التبتيت األول مع مصاريفه ومصاريف التبتيت الثاني في حال لم يقع البيع في التبتيت الثاني لعدم وجود راغب في الشراء‪،‬‬
‫وقد تأيد هذا الرأي بإضافة فقرة رابعة للفصل ‪ 400‬بموجب تنقيح سنة ‪ 2002‬جاء فيها إنه ” إن تجاوز النقص قيمة التسبقة جاز لكل ذي‬
‫مصلحة القيام على الناكل إلزامه بدفع الباقي‪.‬‬
‫أما حرمان الناكل مما قد يحصل من زيادة في ثمن التبتيت الثاني فغاية المشرع منه هي معاقبة الناكل على الخطإ الذي ارتكبه وذلك في‬
‫غياب أي عقاب جزائي عليه‪.‬‬
‫ما يالحظ على هذا المستوى من اإلجراءات هو تراجع إعتناء المشرع بحماية مصالح المدين المعقول عنه الذي لم يعد معنيا بصورة مباشرة‬
‫باإلجراءات الالحقة لوقوع التبتيت ليتسلط إهتمامه أكثر على مصالح بقية األطراف من خالل إعتماد مبدإ التطهير الذي يحمي مصالح المبتت‬
‫له من جهة ومن خالل ضبط إجراءات إعادة البيع بسبب النكول حماية لمصالح الدائنين من جهة أخرى‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬مآل الثمن المدفوع‬

‫ثمن التبتيت إما أن يدفع أو أن يؤمن أو يدفع جزء ويؤمن جزء ( الفقرة األولى ) وإن أّمن يوزع ( الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬دفع ثمن التبتيت أو تأمينه‬

‫إن المطالب بدفع ثمن التبتيت مع المصاريف واألجور المسعرة أو تأمينه هو المبتت له‪.‬‬
‫ويمكن أن يكون المبتت له آخر مزايد من المزايدين‪ ,‬كما يمكن أن يكون المبتت له محامي ذلك المزايد[‪ ]79‬الذي لم يقدم خالل ثالثة أيام من‬
‫تاريخ التبتيت تصريحا يتضمن لقب واسم ومهنة ومقر وصفة منوبه وما يفيد قبول هذا األخير بالشراء أو توكيال للشراء صادرا عنه‪ ,‬أو‬
‫محامي القائم بالتتبع الذي قبل شراء العقار بالثمن اإلفتتاحي إن لم يقدم توكيال في الشراء في نفس األجل المذكور[‪.]80‬‬
‫ويمكن للمبتت له وكذلك للمحامي الذي اعُت بر التبتيت واقعا لشخصه أن يعّر ف كتابة المحكمة في أجل أربع وعشرين ساعة بداية من انقضاء‬
‫أجل الثالثة أيام المذكور بأن الشراء كان في حق الغير وعليه حينئذ أن يقدم بيانا في لقب واسم ومهنة ومقر وصفة الواقع الشراء في حقه وما‬
‫يفيد قبول هذا األخير الشراء حتى ينتقل واجب دفع الثمن إلى الشخص الذي وقع الشراء في حقه‪.‬‬
‫كما يمكن أن يكون المبتت له المزايد بالسدس الذي لم تقع المزايدة على زيادته والذي نص الفصل ‪ 444‬من م م م ت على أن العقار يبتت‬
‫لفائدته ولو لم يحضر بجلسة التبتيت‪ .‬وال تشكل هذه الحالة صعوبة خاصة فيما يتعلق بدفع ثمن التبتيت باعتبار أن المزايدة بالسدس تستوجب‬
‫أن تكون مسبوقة بتأمين كامل ثمن التبتيت األول مع مقدار الزيادة والمصاريف واألجور المسعرة المتعلقة بالتبتيت األول‪ ,‬أما المصاريف‬
‫واألجور المسعرة المتعلقة بالبتة بالتسديس فقد سبقها المبتت له بالتسديس باعتباره هو من قام بإجراءات اإلستدعاء للجلسة واإلعالن عنها‪.‬‬
‫ونظم الفصل ‪ 432‬من م م م ت كيفية دفع ثمن التبتيت جاعال نظامه يختلف باختالف الحاالت فنص على أنه ” يدفع ثمن التبتيت في ظرف‬
‫شهر بعد البتة للمحامي القائم بالتتبع‪.‬‬
‫على أنه إذا كان األمر يتعلق بعقار مسجل وكان هناك دائن أو عدة دائنين مرسمين فإنه يقع تأمين ثمن التبتيت بصندوق الودائع واألمائن في‬
‫الشهرين المواليين للتبتيت‪.‬‬
‫وإذا اتضح أن المبتت له هو الدائن الوحيد وإنه مرتهن للعقار ومرسم أو إنه صاحب ترسيم من الرتبة األولى فال يجب عليه أن يؤمن خالل‬
‫األجل المنصوص عليه بالفقرة المتقدمة إال الجزء من ثمن التبتيت الذي يفوق مقدار دينه الموثق بالترسيم “‪.‬‬
‫يتبين من صياغة الفصل ‪ 432‬أن المبدأ هو أن يدفع المبتت له ثمن التبتيت والمصاريف للمحامي القائم بالتتبع في ظرف شهر من تاريخ‬
‫البتة وأن اإلستثناء هو أن يتولى المبتت له تأمين الثمن أو جزء منه بصندوق الودائع واألمائن‪.‬‬
‫ويتحدث الفصل ‪ 432‬من م م م ت عن دفع الثمن وكان أجدر أن يقول باقي الثمن باعتبار أن المبتت له سّبق ثلث الثمن اإلفتتاحي قبل‬
‫المشاركة في المزايدة[‪.]81‬‬
‫ويبرر أجل الشهر الممنوح للمبتت له حتى يدفع ثمن التبتيت بعدم علم الراسي عليه المزاد مسبقا بالمبلغ الذي سيكون ملزما بدفعه لذلك وجب‬
‫منحه مهلة تمكنه من جمع المبلغ المطلوب أما أجل الشهرين الممنوح للمبتت له حتى يتولى التأمين فعّلته التوسيع على المبتت له حتى يتمكن‬
‫من القيام بإجراءات التأمين زيادة على توفير الثمن‪.‬‬
‫ويتبين من الفصل المذكور أن ثمن التبتيت إما أن يدفع لمحامي القائم بالتتبع وإما أن يقع تأمينه بصندوق الودائع واألمائن وذلك على النحو‬
‫التالي ‪:‬‬
‫يدفع المبتت له ثمن التبتيت وكذلك المصاريف واألجور المسعرة في ظرف شهر من تاريخ البتة للمحامي القائم بالتتبع في الحاالت التالية ‪:‬‬
‫‪ _1‬عندما يكون العقار غير مسجل‪.‬‬
‫‪ _2‬عندما يكون العقار مسجال وال وجود لدائنين مرسمين والمبتت له ليس هو الدائن العاقل‪.‬‬
‫‪ _3‬عندما يكون العقار مسجال والمبتت له هو الدائن الوحيد ويكون مرتهنا ومرسما‪.‬‬
‫‪ _4‬عندما يكون العقار مسجال والمبتت له هو دائن من الرتبة األولى‪.‬‬
‫وفي جميع الحاالت يؤمن القائم بالتتبع جزء الثمن الذي يتجاوز مقدار دينه أما في الحالتين األخيرتين فإنه يؤمن جزء الثمن الذي يفوق دينه‬
‫الموثق بالترسيم على أن احتفاظ المبتت له بالجزء من الثمن الذي يعادل مقدار دينه ال يكون بصفة نهائية إذ اقتضت الفقرة الثانية من الفصل‬
‫‪ 482‬من م م م ت أنه ” إذا كان المبلغ المؤمن من طرف المبتت له وفقا ألحكام الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 432‬غير كاف لخالص الدائنين‬
‫الممتازين الذين قد تقع محاصتهم برتبة أسبق من رتبته فإن المحضر أو الحكم القاضي بتنهية إجراءات الترتيب يقرر بالنسبة إلى ما زاد على‬
‫ذلك وإلى حد ثمن التبتيت اإلذن بتسليم جداول محاصة قابلة للتنفيذ ضد المبتت له وتكون هذه الجداول محالة بالصيغة التنفيذية “[‪.]82‬‬
‫يؤمن المبتت له بموجب إذن على عريضة يستصدره عن المحكمة التي وقع أمامها البيع[‪ ]83‬ثمن التبتيت وكذلك المصاريف واألجور‬
‫المسعرة بصندوق الودائع واألمائن في ظرف شهرين من تاريخ البتة ‪:‬‬
‫‪ _1‬إذا كان العقار مسجال وكان هناك دائن أو عدة دائنين مرسمين ولم يكن المبتت له دائنا من الرتبة األولى‪.‬‬
‫‪ _ 2‬إذا كان العقار مسجال ووقع اإلعتراض على محصول البيع من قبل دائن أو دائنين غير مرسمين‪ .‬فلئن لم يتعرض الفصل ‪ 432‬من م م‬
‫م ت للحاالت التي يعترض فيها الدائنون غير المرسمون على محصول البيع إما بموجب إنذار مبلغ بواسطة عدل تنفيذ للقائم بإجراءات‬
‫التبتيت وإما مباشرة أمام المحكمة التي يقع التبتيت أمامها فإن فقه القضاء اعتبر أن وجود مثل هذا اإلعتراض يوجب على المبتت له تأمين‬
‫كامل ثمن التبتيت[‪.]84‬‬
‫وال يعّد عدم دفع الثمن والمصاريف أو القيام بإجراءات تأمينها في اآلجال القانونية سببا في بطالن البتة فقد رأت محكمة التعقيب التونسية أن‬
‫” النص لم يرتب على عدم القيام بذلك البطالن وإنما اقتضى الفصل ‪ 445‬من (نفس) المجلة أنه إذا لم يوف المبتت له بثمن التبتيت‬
‫والمصاريف واألجور المسعرة وفقا ألحكام الفصل ‪ 432‬فإن العقار يعاد بيعه بموجب نكوله بعد إنذاره بواسطة أحد العدول المنفذين بالوفاء‬
‫بما عليه في ظرف عشرة أيام “[‪.]85‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬توزيع األموال أو ترتيب درجات الدائنين‬

‫يقصد بتوزيع ثمن التبتيت على الدائنين إلعطاء كل دائن نصيبه من محصول البيع حسب رتبته في سلم التأمينات وحسب قاعدة المحاصة‬
‫بالنسبة للدائنين العاديين وذلك تطبيقا لمقتضيات الفصل ‪ 470‬من م م م ت الذي نص على أن ” األموال المراد توزيعها تخصص أوال‬
‫للدائنين الذين لهم حق التقدم على غيرهم مع اعتبار درجاتهم ويوزع الباقي على الدائنين العاديين على التناسب “‪.‬‬
‫أما ترتيب درجات الدائنين فيخص الحالة التي يكون فيها العقار المبتت مسجال فقد جاء بالفصل ‪ 475‬من م م م ت أنه ” في صورة التفويت‬
‫في عقار مسجل وكان هناك دائنون مرسمون فإن لكل معني أن يقدم بعد ترسيم التفويت بالرسم العقاري وتأمين الثمن بصندوق الودائع‬
‫واألمائن طلبا في ترتيب الدائنين بقصد توزيع الثمن بينهم بحسب درجات ديونهم “‪.‬‬
‫واقتضت أحكام الفصل ‪ 415‬من م م م ت أن يقع توزيع الغالل الطبيعية والمدنية أو الثمن المتحصل منها مع ثمن العقار وحسب نفس‬
‫الطريقة‪.‬‬
‫ويشترط الفتتاح اجراءات التوزيع أن يتعدد الدائنون وأن يقع تأمين محصول البيع وأال يكون محصول البيع كافيا لخالص ديون الجميع وأال‬
‫يكون قد وقع اتفاق بين الدائنين والمدين على توزيعه رضائيا‪.‬‬
‫وبتوفر هذه الشروط تبدأ اجراءات التوزيع أو ترتيب درجات الدائنين التي تقوم على طلب التوزيع ثم تحرير الئحة التوزيع‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬طلب التوزيع والمشاركة‬

‫لقد فتح القانون التونسي باب طلب توزيع المال المؤمن لكل ذي مصلحة في ذلك فقد جاء بالفصل ‪ 465‬من م م م ت أنه ” لكل معني إذا تم‬
‫تأمين المال أن يطلب توزيعه[‪ ” ]86‬كما نص الفصل ‪ 475‬على أنه لكل معني أن يقدم طلبا في ترتيب الدائنين‪.‬‬
‫ويبقى حق الدائن في تقديم طلب التوزيع أو الترتيب قائما طالما بقيت شروطه متوفرة إلى غاية مرور خمسة عشر سنة عن إعالمه بالتأمين‪،‬‬
‫إال أنه ال يجوز تقديم الطلب قبل مرور الثالثين يوما الممنوحة لألطراف حتى يتفقوا على توزيع المال رضائيا والتي نص عليها الفصل‬
‫‪ 463‬من م م م ت الذي جاء فيه أنه ” إذا كان المتحصل مما بيع بموجب العقلة أو مما عقل لدى الغير غير كاف لخالص الدائنين خالصا‬
‫كامال تعين عليهم اإلتفاق مع المدين على إتمام توزيعه بالتراضي وذلك في ظرف ثالثين يوما من يوم وقوع البيع أو من يوم إعالم المعقول‬
‫تحت يده وفقا ألحكام الفصلين ‪ 345‬و‪ 346‬بالحكم القاضي بصحة العقلة التوقيفية “‪.‬‬
‫ويقدم طلب التوزيع عمال بأحكام الفصل ‪ 465‬من م م م ت بعريضة ترفع لكاتب المحكمة اإلبتدائية التي بدائرتها مقر المطلوب[‪ ]87‬مع‬
‫إنابة محام يكون مكتبه قانونا المقر المختار للطالب‪ ،‬ويكون الطلب مرفوقا بشهادة مسلمة من صندوق الودائع واألمائن تبين مبلغ التأمين‬
‫وسببه وتاريخه وعدده وكذلك ألقاب وأسماء ومهن ومقرات المدين وجميع الدائنين المصرح بهم في طلب التأمين وهم حسب الفصل ‪464‬‬
‫من نفس المجلة “الدائنون العاقلون أو الذين اعترضوا على المتحصل من البيع أو األموال المعقولة توقيفيا” ويبدو من صياغة الفصل ‪465‬‬
‫أن قائمة األشخصان المعنيين بإجراءات التوزيع والمذكورين فيه هي قائمة حصرية‪.‬‬
‫أما إذا تعلق األمر بتوزيع محصول بيع عقار مسجل فإن المحكمة المختصة تكون تلك التي يوجد بدائرتها العقار وعلى طالب الترتيب في‬
‫هذه الحالة أن يقدم لكتابة تلك المحكمة طلبا في ترتيب الدائنين بقصد توزيع الثمن بينهم وعليه أن يدلي لكتابة المحكمة وفقا لما جاء بالفصل‬
‫‪ 475‬من م م م ت إضافة إلى تلك العريضة بكشف في الترسيمات المتعلقة بالديون تسلمه إدارة الملكية العقارية ويبين به بكامل الدقة ألقاب‬
‫الدائنين وأسماؤهم ومهنهم ومقراتهم الحقيقية والمختارة وبشهادة في ترسيم التفويت بالسجل العقاري وبشهادة من صندوق الودائع واألمائن‬
‫في مبلغ التأمين وسببه وتاريخه وعدده‪.‬‬
‫ولئن لم ينص الفصل ‪ 465‬من م م م ت صراحة على وجوب تقديم طالب التوزيع لحجج دينه فإنه من الفقهاء من يرى وجوب ذلك حتى‬
‫يتمكن القاضي المكلف بالتوزيع من النظر في مدى جدية المطلب وحتى ال تكون هناك عدم مساواة بين طالب التوزيع وبقية الدائنين الراغبين‬
‫في المشاركة في التوزيع الذين ألزمهم الفصل ‪ 468‬من م م م ت بتقديم حجج دينهم لكتابة المحكمة[‪.]88‬‬
‫إال أن هذا القول ال يحول دون امكانية إدالء طالب التوزيع بالعريضة وبشهادة الصندوق في مرحلة أولى على أن يقدم حجج دينه في تاريخ‬
‫الحق ال يتجاوز الثالثين يوما الموالية للنشر بالرائد الرسمي‪.‬‬
‫إثر ذلك يتولى كاتب المحكمة بعد أن يتحقق من وقوع خالص المعاليم تقييد العريضة بالدفتر المنصوص عليه بالفصل ‪ 486‬من م م م ت‬
‫ويعرضها خالل األربع وعشرين ساعة على الحاكم المكلف الذي يصدر إذنا بافتتاح اإلجراءات طبقا ألحكام الفصل ‪ 466‬من م م م ت[‪.]89‬‬
‫ثم يتولى كاتب المحكمة خالل الثمانية أيام الموالية لصدور اإلذن إشهار افتتاح اإلجراءات وذلك بتعليق إعالن على اللوحة المخصصة لذلك‬
‫بالمحكمة وبنشره بالرائد الرسمي للبالد التونسية[‪ ]90‬والغاية هذا اإلشهار هي إعالم باقي الدائنين بافتتاح إجراءات التوزيع حتى يتمكنوا من‬
‫المشاركة فيها‪.‬‬
‫كما يتولى كاتب المحكمة خالل نفس أجل الثمانية أيام وعمال بأحكام الفصل ‪ 467‬من المجلة إنذار الدائنين المعنيين بالشهادة المنصوص عليه‬
‫بالفصل ‪ 465‬من م م م ت‪ ،‬والمقصود هنا الشهادة الصادرة عن صندوق الودائع واألمائن[‪ ،]91‬بأن عليهم تقديم حجج دينهم وذلك بواسطة‬
‫رسائل مضمونة الوصول مع اإلعالم بالبلوغ[‪.]92‬‬
‫وأوجبت الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 468‬من م م م ت أن يتضمن كل من نص المعلقة ونص اإلشهار المنشور ونص اإلنذار التنصيص على‬
‫أحكام هذا الفصل والذي جاء فيه أنه ” على كل دائن يرغب في المشاركة في توزيع األموال[‪ ]93‬أن يدلي لكتابة المحكمة بحجج دينه[‪]94‬‬
‫في الثالثين يوما الموالية للنشر بالرائد الرسمي أو اإلتصال بمكتوب مضمون الوصول وإال سقط حقه في تلك المشاركة كما يجب عليه أن‬
‫يقدم عند إدالئه بذلك طلب محاصة بواسطة محام يكون مكتبه قانونا مقر الدائن المختار وينص بطلب المحاصة على أسباب تفضيل الدين‬
‫على غيره عند اإلقتضاء ” وإال بطل اإلشهار‪.‬‬
‫واقتضى الفصل ‪ 477‬من م م م ت أنه في صورة توزيع محصول تبتيت عقار مسجل فإن قاضي التوزيع يأذن‪ ،‬خالل الثمانية أيام الموالية‬
‫النقضاء أجل الثالثين يوما المفتوح لقبول مطالب الدائنين غير المرسمين للمشاركة في التوزيع المرفوقة بحجج ديونهم‪ ،‬بعقد اجتماع في أجل‬
‫ال يتجاوز الشهر قصد الوصول إلى اتفاق على الترتيب‪ ،‬ويتولى كاتب المحكمة بواسطة رسائل مضمونة الوصول مع اإلعالم بالبلوغ‬
‫استدعاء كل من الدائنين المرسمين والدائنين غير المرسمين الذين تقدموا بطلب محاصة والقائم بالتتبع والمعقول عنه والمبتت له لحضور‬
‫ذلك اإلجتماع قبل تاريخ انعقاده بثمانية أيام على األقل‪.‬‬
‫بعد انقضاء هذه المرحلة التحضيرية يبدأ الدور األساسي لقاضي التوزيع والمتمثل في إعداد الئحة التوزيع‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الئحة التوزيع‬
‫تمر إجراءات إعداد الئحة التوزيع عبر مرحلتين ‪ :‬إعداد الالئحة المؤقتة ثم إعداد الالئحة النهائية‪.‬‬

‫‪ /1‬الالئحة المؤقتة ‪ :‬اقتضى الفصل ‪ 469‬من م م م ت أنه ” يحرر الحاكم المكلف خالل الشهر الموالي النقضاء األجل المنصوص عليه‬
‫بالفصل المتقدم (‪ 30‬يوما)[‪ ]95‬الئحة توزيع بعد اطالعه على الوثائق المدلى بها “‪.‬‬
‫وألجل إعداد الالئحة المؤقتة يتولى القاضي النظر في اإلذن بافتتاح إجراءات التوزيع وفي مدى احترام كاتب المحكمة لآلجال القانونية وفي‬
‫تاريخ وعدد وصل التأمين ويضبط مقدار األموال المراد توزيعها ومصدرها ويخصم منها مصاريف إجراءات الترتيب والتوزيع التي تعتبر‬
‫ممتازة على باقي الديون طبق أحكام الفصل ‪ 488‬من م م م ت ويتثبت القاضي في صحة اإلشهارات القانونية ويقوم على ضوء ذلك بتقرير‬
‫سقوط حقوق الدائنين الذين تقدموا بعد األجل المحدد[‪.]96‬‬
‫ويطلع الحاكم على مطالب المحاصة المقدمة إليه من الدائنين الراغبين في المشاركة في التوزيع وعلى حجج ديونهم وال يدرج إال الديون‬
‫الثابتة والحالة التي ثبت له صحتها وتبين له مقدارها ومدى انتاجها لفوائض‪ .‬ويبحث القاضي عن أسباب تفضيل بعض الديون وفق ما جاء‬
‫بالمطالب المقدمة له فيقوم على ضوء ذلك بتحديد مرتبة كل دين بالنسبة لغيره من الديون المقبولة باإلعتماد على القواعد المتعلقة بالتأمينات‬
‫العينية‪.‬‬
‫بعد ترتيب درجات الدائنين يتولى القاضي توزيع المال على الدائنين ذوي األولوية أوال بأول حسب مراتبهم ثم يقسم المتبقي من حصيلة‬
‫التبتيت على الدائنين العاديين حسب نسبة ديونهم وذلك عمال بأحكام الفصل ‪ 470‬من م م م ت الذي اقتضى أن ” األموال المراد توزيعها‬
‫تخصص أوال للدائنين الذين لهم حق التقدم على غيرهم مع اعتبار درجاتهم ويوزع الباقي على الدائنين العاديين على التناسب “‪.‬‬
‫وينظر قاضي التوزيع في الديون المعلقة على شرط أو غير معينة المقدار أو التي ال تزال محل نزاع قضائي فإن تبين له أنها محققة الوجود‬
‫بما فيه الكفاية يدرجها ضمن الالئحة المؤقتة في مرتبتها على أن هذا اإلدراج يكون هو ذاته مؤقتا إلى حين تحقق الشرط أو تخلفه أو إلى‬
‫حين تحديد مقدار الدين بصفة دقيقة ونهائية أو إلى حين فصل النزاع القائم بشأنه‪.‬‬
‫وعلى القاضي أن في مثل هذه الحاالت أن يأمر باتخاذ اإلجراءات الكفيلة بحماية مصالح جميع األطراف كأن يأمر بأال يقبض الدائن دينه إال‬
‫بعد تقديم كفالة تكفل رد المبلغ المقبوض أو أن يأمر بإيداع مبلغ الدين بصندوق الودائع إلى حين تجلي األمر أو أن يأمر بإعطاء نصيب هذا‬
‫الدائن إلى غيره من الدائنين مع أخذ كفالة منهم تكفل رد المبلغ إلى الدائن إن ثبت حقه الحقا[‪.]97‬‬
‫تودع بعد ذلك الئحة التوزيع المؤقتة لدى كاتب المحكمة الذي يقوم من تلقاء نفسه خالل الثمانية أيام الموالية بإعالم المدين والدائنين‬
‫المشاركين المحاصين منهم وغير المحاصين بذلك بواسطة رسائل مضمونة الوصول مع اإلعالم بالبلوغ وينذرهم بأن عليهم اإلطالع على‬
‫الالئحة وإبداء معارضتهم فيها عند اإلقتضاء إلى كتابة المحكمة في أجل شهر من تاريخ توصلهم بالرسالة‪.‬‬

‫‪ /2‬مآل الالئحة المؤقة ‪ :‬يختلف مآل الئحة التوزيع المؤقتة بحسب ما إذا كانت محل معارضة أم ال‪.‬‬
‫* المعارضة في الئحة التوزيع المؤقتة ‪ :‬المعارضة هي اإلعتراض الذي يثيره أحد الدائنين الذين أبدو رغبة في المشاركة في عملية التوزيع‬
‫المحاصين منهم وغير المحاصين أو يثيره المدين نفسه[‪ ]98‬على ما ورد بالئحة التوزيع المؤقتة في خصوص وجود الدين أو مقداره أو‬
‫وجود الرهن أو درجته‪.‬‬
‫ولقد أوجب الفصل ‪ 472‬من م م م ت أن يقع تقديم المعارضة إلى كتابة المحكمة في أجل شهر من تاريخ اتصالهم بالمكتوب المضمون‬
‫الوصول وإال سقط حق القيام بها‪ .‬واقتضت الفقرة األخيرة من نفس الفصل أن تكون المعارضة معللة ومقدمة بواسطة محام وإال بطلت‪.‬‬
‫واقتضى الفصل ‪ 474‬من م م م ت أنه ” إذا وقعت معارضة في الئحة التوزيع فإن الحاكم المكلف يحيل الملف مصحوبا بتقرير على‬
‫المحكمة في الثمانية أيام الموالية النقضاء أجل المعارضة‪.‬‬
‫وتبت المحكمة خالل الثالثين يوما الموالية بحكم واحد في المعارضة وفي التوزيع بعد أن يتولى الكاتب استدعاء األطراف المعنية ثمانية أيام‬
‫على األقل قبل الجلسة بمكاتيب مضمونة الوصول مع اإلعالم بالبلوغ‪ .‬ويجري أجل اإلستئناف ابتداء من صدور هذا الحكم “‪.‬‬
‫والمحكمة التي تنظر في المعارضات هي نفس المحكمة التي افتتح التوزيع أمامها وال يشارك القاضي الذي أعد الالئحة في تركيبة الهيئة‬
‫التي تنظر في اإلعتراضات‪ ،‬وللمحكمة أن ترفض جميع المعارضات أو أن تقبلها كما أن لها أن ترفض بعض المعارضات وتقبل البعض‬
‫اآلخر‪.‬‬
‫ويكون للحكم الصادر في المعارضة حجية األمر المقضي به بالنسبة لجميع أطراف التوزيع ولو لم يمثلوا في المعارضة تطبيقا لمبدإ عدم‬
‫قابلية التوزيع للتجزئة وتنتهي بصدور هذا الحكم إجراءات الترتيب أو التوزيع بتسليم جداول محاصة إلى الدائنين المحاصين إما أن تنفذ‬
‫مباشرة دون حاجة إلى إلعداد نهائية وإما أن يقع استئنافه وفق قواعد اإلستئناف العادية مع اإلختالف المتمثل في أن أجل اإلستئناف يبدأ من‬
‫تاريخ صدور الحكم وليس من تاريخ اإلعالم به‪.‬‬
‫* إذا لم تقع معارضة على الالئحة المؤقتة ‪ :‬اقتضى الفصل ‪ 473‬من م م م ت أنه ” إذا لم تقع المعارضة في الئحة التوزيع فإن الحاكم‬
‫المكلف يختم الالئحة المذكورة ويحولها إلى محضر تسوية نهائية في الثمانية أيام الموالية النقضاء آجال المعارضة بعد التنصيص به على‬
‫توجيه اإلنذارات الواردة بالفصل المتقدم وعلى عدم وجود معارضة “‪.‬‬
‫وتكون الالئحة النهائية مطابقة للالئحة المؤقتة مع إضافة التنصيص بالالئحة النهائية على توجيه اإلنذارات المذكورة بالفصل ‪ 472‬من م م م‬
‫ت وعلى أنه لم تقع أية معارضة في األجل المذكور كما يقع النص فيها على فوائض الدين التي لم يحدد مقدارها في الالئحة المؤقتة‪.‬‬
‫وإذا كان العقار المبتت مسجال فإنه يكون على جميع المعنيين أو محاموهم اإلمضاء على الئحة التوزيع النهائية طبقا ألحكام الفصل ‪ 478‬من‬
‫م م م ت‪.‬‬
‫ومحضر التسوية النهائية غير قابل ألي وجه من أوجه الطعن‪.‬‬
‫وال يستوفي الدائن حقه من صندوق الودائع واألمائن إال بموجب جدول محاصة محلى بالصيغة التنفيذية يتسلمه من كاتب المحكمة[‪ ]99‬الذي‬
‫ألزمه الفصل ‪ 489‬من م م م ت بتوجيه نسخة منها إلى الصندوق في ظرف عشرة أيام من ختم الالئحة‪.‬‬
‫من الواضح أن إجراءات تأمين الثمن وتوزيعه تهدف إلى صيانة حقوق الدائنين ومن ورائها حق المدين في الحصول على الجزء من ثمن‬
‫التبتيت الذي يفوق جملة ديونه‪.‬‬

‫الخــاتـمــــة‬

‫ما من شك في أن مسألة تبتيت العقار المعقول تكتسي أهمية بالغة سواء على مستوى األشخاص المعنيين بها مباشرة أي الدائنين والمدين‬
‫والمبتت له أو على مستوى اإلقتصاد الوطني اعتبارا لما لهذه المؤسسة من تأثير مباشر على سياسة المؤسسات البنكية في منح القروض التي‬
‫تعتبر عصب الحياة اإلقتصادية‪.‬‬
‫وما من شك كذلك في كون ثمن التبتيت هو المحور الذي تدور حوله إجراءات العقلة العقارية فكل جهود القائم بالتتبع ترمي إلى وقوع البيع‬
‫بثمن يكفل له استخالص دينه وكذلك األمر بالنسبة لبقية الدائنين الذين يطمحون إلى أن يكون لهم نصيب فيه‪ ،‬أما المدين فإنه يروم أن‬
‫يستوعب ثمن التبتيت جميع ديونه إن هو فشل في تجنب وقوع البيع‪.‬‬
‫ولقد سعى المشرع من خالل القواعد التي وضعها لتنظيم إجراءات العقلة العقارية سواء ما تعلق منها بتحديد ثمن التبتيت أو بتوزيعه على‬
‫المستحقين أو كان متعلقا ببقية مراحل العقلة إلى حماية جميع هذه المصالح المتعارضة وذلك من خالل المراوحة بين تسهيل إجراءات البيع‬
‫تكريسا لحق الدائن في الخالص من ناحية وبين تمكين المدين من آليات تكفل له معارضة تتبعات الدائن التي تتجاوز حدود حقه‪ ،‬ويمكن‬
‫القول أن المشرع نجح إلى حد ما في تحقيق هذا التوازن المنشود‪.‬‬
‫ولم يخل عمل المشرع في هذا المجال‪ ،‬كما هو الحال في مجاالت أخرى‪ ،‬من نقص فقد سكت المشرع عن تنظيم بعض اإلشكاليات المتعلقة‬
‫بثمن التبتيت والتي تعترض خاصة محامي القائم بالتتبع من ذلك عدم تحديد إجراءات وآجال استرجاع الناكل في الشراء في صورة وقوع‬
‫البيع الثاني بثمن أرفع من ثمن التبتيت األول لثلث الثمن اإلفتتاحي الذي كان أمنه بين يدي المحكمة والذي تسلمه بعد ذلك محامي القائم‬
‫بالتتبع‪.‬‬
‫كذلك تخلف المشرع عن تحديد كيفية تعامل محامي القائم بالتتبع مع ثمن التبتيت الذي حصل عليه من المبتت له فلم يبين كيفية تحديد المبلغ‬
‫الذي على المحامي أن يسلمه لحريفه الدائن هل يعطيه المبلغ الذي يطلبه أم عليه أن يقوم بنفسه باحتساب مقدار الدين على ضوء المؤيدات‬
‫التي بين يديه أم عليه أن يلجأ إلى القضاء لتحديد المبلغ الراجع لحريفه بدقة ؟‬
‫هذا النقص في النصوص دفع إلى اللجوء إلى اإلجتهاد والقياس والتأويل وإلى اللجوء إلى القواعد العامة للقانون التي قد ال تكون مالئمة‬
‫لخصوصيات إجراءات التبتيت‪ .‬لهذا اإلعتبار نرى من المفيد أن يتم سن قواعد خاصة تسد هذه الثغرات وغيرها من النقائص التي ال تزال‬
‫تشوب المنظومة التشريعية للعقلة العقارية‪.‬‬

You might also like