You are on page 1of 5

‫الرسم العقاري وآثاره‬

‫يترتب على اتخاذ قرار التحفيظ من طرف المحافظ العقاري‪ ،‬وضع حد لمسطرة التحفيظ وتأسيس‬
‫الرسم العقاري الذي يرتب آثارا جد مهمة لفائدة مالك العقار في مواجهة الغير (المبحث األول)‪ ،‬هذه اآلثار‬
‫ال تسمح لمن تضررت حقوقه من قرار المحافظ سوى المطالبة بالتعويض (المبحث الثاني)‬
‫المبحث األول‪ :‬اآلثار المترتبة عن تأسيس الرسم العقاري‬
‫قبل الحديث عن اآلثار المترتبة عن تأسيس الرسم العقاري (المطلب الثاني) ال بأس من الحديث‬
‫عن هذا الرسم العقاري وبياناته (المطلب األول)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الرسم العقاري وبياناته‬
‫يقصد بالرسم العقاري من جهة رسم الملكية أو التمليك الذي يسلم لمالك العقار‪ ،‬وهو عبارة عن‬
‫نسخة من الرسم العقاري الذي يبين وضعية العقار بدقة‪ ،‬ويقصد به من جهة أخرى الشهادات العقاري‬
‫الخاصة ببعض الحقوق العينية التي تثقل العقار‪ ،‬تسلم لكل شخص ترتب له حق من الحقوق الواجبة التقييد‪،‬‬
‫لذلك سنتطرق من خالل هذا المطلب للحديث عن بيانات الرسم العقاري في فقرة أولى‪ ،‬قبل أن نتحدث في‬
‫فقرة ثانية عن نظير الرسم العقاري والشهادات العقارية الخاصة‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬بيانات الرسم العقاري‬
‫يجب أن يشتمل الرسم العقاري عند تأسيسه من طرف المحافظ العقاري‪ ،‬استنادا لمقتضيات الفصل‬
‫‪ 52‬من ظ ت ع كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم ‪ 14/07‬على ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬وصفا مفصال للعقار من خالل بيان حدوده واألمالك المجاورة والمالصقة له ونوعه ومساحته‪،‬‬
‫حيث إن الرسم العقاري يجب أن يعكس الوضعية المادية الحقيقية للعقار‪.‬‬
‫‪ .2‬االسم الشخصي والعائلي للمالك ومحل سكناه وحالته المدنية وجنسيته‪ ،‬وإن اقتضى الحال اسم‬
‫الزوج والنظام المالي للزواج‪ ،‬أو كل اتفاق تم طبقا لمقتضيات المادة ‪ 49‬من مدونة األسرة‪ .‬ويتضمن في‬
‫حالة الشياع نفس البيانات المذكورة أعاله‪ ،‬بالنسبة لكل شريك مع التنصيص على نصيب كل واحد منهم‪.‬‬
‫وإذا كان المالك شخصا اعتباريا فيجب بيان تسميته وشكله القانوني ومقره االجتماعي وكذا ممثله القانوني‪.‬‬
‫وإذا تعلق األمر بقاصر أو بغيره من فاقدي األهلية وجبت اإلشارة إلى ذلك بالرسم العقاري مع بيان‬
‫سبب فقدان األهلية‪.‬‬
‫‪ .3‬الحقوق العينية العقارية المترتبة على العقار‪.‬‬
‫‪ .4‬اإلسم الذي تم اختياره للعقار ورقمه الترتيبي‪ ،‬وتجدر اإلشارة أنه يمكن طبقا للفصل ‪ 52‬مكرر‬
‫من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم ‪ ،14/07‬للمالك المقيد أن يطلب تغيير اسم‬
‫العقار المحفظ‪ ،‬غير أنه في حالة الشياع تشترط الموافقة الصريحة لكافة الشركاء المقيدين إلمكانية تغيير‬
‫هذا اإلسم‪.‬‬
‫يقيد طلب تغيير اإلسم في سجل اإليداع وينشر بالجريدة الرسمية‪ ،‬وبعد انصرام ‪ 15‬يوما من‬
‫تاريخ هذا النشر يضمن االسم الجديد بالرسم العقاري وبنظيره ويشار إليه الحقا في التقييدات والوثائق‪.‬‬
‫‪ .5‬خريطة تعطي تفصيالت عن العقار من حيث مساحته وحدوده وشكله وترفق بالرسم العقاري‬
‫حيث يعطاه رقم ترتيبي واسم خاص به‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫و بما أن الرسم العقاري يتصف بصفة الخصوصية‪ ،‬فإنه ال يشتمل إال على قطعة واحدة مملوكة‬
‫لشخص واحد أو مملوكة لعدة اشخاص على الشياع‪ .‬فصفة الخصوصية تقتضي عدم إقامة رسم عقاري‬
‫لعدة قطع‪ ،‬سواء كانت مملوكة لشخص واحد أو لعدة أشخاص‪ .‬كما ال يمكن إقامة رسم عقاري لقطعة‬
‫واحدة إذا كانت مملوكة لعدة أشخاص ملكية مفرزة غير شائعة‪.‬‬
‫ويترتب على صفة الخصوصية المالزمة لرسم الملكية عدة نتائج كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬إذا وقع تجزيء عقار بسبب قسمة أو غيرها‪ ،‬فإنه يباشر تحديد كل قطعة من طرف مهندس‬
‫مساح طب وغرافي محلف من جهاز المسح العقاري‪ ،‬مقيد في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين‬
‫الطبوغرافيين‪ ،‬يقوم بنقل العملية إلى التصميم‪ ،‬ويؤسس رسم عقاري وتصميم مستقلين لكل جزء من العقار‪.‬‬
‫ب‪ -‬يمكن االحتفاظ بالرسم العقاري األصلي للجزء المتبقي من العقار بيد المالك‪ ،‬وفي هذه الحالة‬
‫يقيد به المحافظ على األمالك العقارية جميع البيانات المفيدة ويصحح التصميم نتيجة ذلك‪.‬‬
‫ج‪ -‬إذا طلب شخص تحفيظ عقار باسمه‪ ،‬وكان هذا العقار مجاورا أو مالصقا لعقار آخر سبق أن‬
‫حفظ باسمه‪ ،‬بحيث يشكل العقاران وحدة عقارية (كتلة عقارية واحدة) ‪ ،‬فإنه يجوز بدل أن يؤسس رسم‬
‫خاص بالعقار الجد يد أن يصحح الرسم القديم على وجه يعتبر معه الرسم المصحح شامال العقاران معا‬
‫اللذا ن أصبحا يشكالن كتلة عقارية واحدة‪ ،‬كذلك الشأن إذا حصل أن اقتطع جزء من عقار محفظ‪ ،‬وانتقل‬
‫الجزء المقتطع إلى مالك عقار مجاور محفظ باسمه‪ ،‬فإنه يمكن بدل أن يؤسس رسم عقاري وخريطة‬
‫مستقال ن بالجزء المقتطع‪ ،‬أن يضم هذا الجزء إلى العقار المجاور ويعدل الرسم والخريطة العائدان لهذا‬
‫العقار بصورة يصبحان معها شاملين للعقار القديم والجزء الجديد المضاف إليه‪.‬‬
‫د‪ -‬إذا أراد شخص دمج عدة عقارات محفظة وجعلها جميعا محال لرسم واحد‪ ،‬بدل أن يكون كل‬
‫منها محال لرسم مستقل‪ ،‬فإنه يستطيع ذلك‪ ،‬ويؤسس عندها رسم واحد وخريطة جديدة واحدة بالعقارات‬
‫جميعها ككتلة واحدة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن مجموع الرسوم العقارية يشكل ما يعرف بالدفاتر العقارية أو السجالت العقارية‬
‫)‪ ،(les livres fonciers‬كما أن أصل الرسم العقاري يحتفظ به لدى المحافظة العقارية‪ ،‬ويسلم نظير منه‬
‫للمالك في حين تسلم شهادات عقارية خاصة ألصحاب الحقوق العينية‪ ،‬وهذا ما سنتحدث عنه في الفقرة‬
‫الموالية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬نظير الرسم العقاري والشهادات العقارية الخاصة‬


‫نظير الرسم العقاري هو عبارة عن نسخة طبق األصل من الرسم العقاري األصل‪ ،‬فكل ما يسجله‬
‫المحافظ في السجل يعيد تقييده في نظير الرسم العقاري‪ ،‬وطبقا لمقتضيات الفصل ‪ 58‬من ظ ت ع المعدل‬
‫والمتمم بالقانون رقم ‪ ،14-07‬فإنه للمالك دون غيره حق أخذ نظير الرسم العقاري‪ ،‬ونسخة من التصميم‬
‫الملحق به‪ ،‬ويشهد المحافظ العقاري بصحتهما بإمضائه ووضع خاتم المحافظة العقارية عليه‪.‬‬
‫وحيث إن نظير الرسم العقاري ال يسلم إال للمالك‪ ،‬وكان الجمهور (األغيار) بحاجة أحيانا للوقوف‬
‫على ما ضمن بالسجل العقاري‪ ،‬أو للحصول على نسخة أو ملخص للوثائق المودعة في المحافظة العقارية‪،‬‬
‫فإن المشرع حسب الفصل ‪ 61‬من ظ ت ع أوجب على المحافظ العقاري‪ ،‬عندما يطلب منه ذلك أن يسلم‬
‫بيانا عاما أو خاصا بما قيد بالرسم العقاري‪ ،‬ونسخا من الوثائق المودعة تنفيذا لمقتضيات هذا القانون‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن المشرع بعدما أوضح في ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬أن كل عقار محفظ يؤسس له‬
‫رسم عقاري واحد‪ ،‬وحصر حق أخذ نسخة عن هذا الرسم بالمالك دون سواه‪ ،‬نص في الفقرة األخيرة من‬
‫الفصل ‪ 58‬المذكور على إمكانية تأسيس شهادات خاصة بالتقييد‪ ،‬تسلم نسخة عنه لباقي أصحاب الحقوق‬
‫العينية وخاصة في حالة الشياع التي ال يسلم فيها إال نظير واحد للشريك المفوض له ذلك‪.‬‬
‫وقد جاء القرار الوزاري الصادر بتاريخ ‪ 20‬رجب ‪ 1333‬الموافق ل ‪ 3‬يونيو ‪ ،1915‬المتضمن‬
‫للتفصيالت التطبيقية لنظام التحفيظ العقاري‪ ،‬ليوضح األحكام المتعلقة بهذه الشهادات أو الرسوم العقارية‬
‫الخاصة‪ ،‬وتتلخص هذه األحكام فيما يلي‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫أو ال‪ :‬باإلضافة إلى الرسم العقاري المؤسس باسم المالك‪ ،‬يمكن بعد تحفيظ العقار تأسيس رسوم‬
‫عقارية خاصة‪ ،‬بناء على الطلب باسم المنتفع أو صاحب حق الكراء الطويل األمد أو صاحب حق السطحية‬
‫أو صاحب حق من الحقوق المتفرعة عن الملكية حسب قواعد الفقه اإلسالمي‪ ،‬وذلك كي يتاح تسجيل‬
‫الحقوق العينية والتكاليف العقارية التي يمكن أن تنشأ على حق االنتفاع أو الكراء الطويل األمد أو حق‬
‫السطحية أو الحقوق المتفرعة عن الملكية حسب قواعد الفقه اإلسالمي‪ ،‬عليها (أي على هذه الرسوم العقارية‬
‫الخاصة) طبقا للفصل ‪ 17‬من القرار الوزاري المذكور‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬كل صاحب حق من الحقوق المذكورة أعاله‪ ،‬يمكن منحه نسخة صحيحة تامة عن الرسم‬
‫العقاري الخاص الذي طلب تأسيسه‪ ،‬وتخضع نسخ الرسوم العقارية الخاصة لألحكام التي تطبق على نسخ‬
‫رسوم التمليك‪ ،‬وذلك حسب الفصل ‪ 18‬من القرار الوزاري المذكور‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬إذا جرى نقل حق من هذه الحقوق من شخص إلى آخر نتيجة نصرف قانوني‪ ،‬فإنه يذكر على‬
‫الرسم الخاص المؤسس بشأنها وعلى النسخة المطابقة له أسماء أصحاب الحق المتعاقبين (الفصل ‪ 19‬من‬
‫القرار الوزاري ل ‪ 3‬يونيو ‪.)1915‬‬
‫إذا ثبت هذا انتقلنا للحديث عن آثار تأسيس الرسم العقاري في المطلب الثاني‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬آثار تأسيس الرسم العقاري‬
‫يترتب على تأسيس الر سم العقاري من حيث األصل أثران مهمان (الفقرة األولى) ال يسريان استثناء‬
‫في مواجهة بعض األمالك (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األثر التطهيري والنهائي للرسم العقاري‬
‫سنتحدث عن األثر التطهيري للرسم العقاري (أوال) قبل أن نتحدث عن أثره النهائي (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬األثر التطهيري للرسم العقاري‬
‫يترتب على سلوك إجراءات التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري وفق ما سبق لنا بيانه‪ ،‬تطهير العقار‬
‫من جميع الحقوق السابقة عن تأسيس الرسم العقاري‪ ،‬والتي لم يتم التعريف بها خالل مرحلة التحفيظ‬
‫بواسطة التعرض ‪ ،‬حيث ال يتم االعتداد سوى بالحقوق المضمنة به‪ ،‬كما يبطل الرسم العقاري ما عداه من‬
‫الرسوم (الوثائق)‪ ،‬بما فيها الرسوم والعقود التي استند عليها طالب التحفيظ عند تقديم مطلب التحفيظ‪ ،‬حيث‬
‫يعتبر مالك العقار المحفظ مالكا بموجب قرار المحافظ العقاري‪ ،‬وليس استنادا إلى الحجج والوثائق‬
‫والمستندات التي أيد ودعم بها مطلبه للتحفيظ‪ ،‬سواء تعلق األمر بعقد شراء أو إراثة أو هبة أو وصية أو‬
‫غيرها من العقود المثبتة للملك‪.‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 12‬من مرسوم ‪ 14‬يوليو ‪ 2014‬في شأن إجراءات التحفيظ العقاري‪ ،‬في هذا‬
‫الشأن على ما يلي‪" :‬عند اتخاذ قرار التحفيظ‪ ،‬توضع عبارة‪ :‬وثيقة ملغاة سبق استعمالها في تحفيظ العقار‬
‫الذي أسس له الرسم العقاري عدد ‪ ،....‬على العقود والوثائق التي تم االستناد إليها في إيداع مطلب‬
‫التحفيظ‪."......‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فإن الرسم العقاري استنادا للفقرة الثانية من الفصل األول من ظ ت ع‪ ،‬يطهر العقار من‬
‫الحقوق غير الظاهرة وقت تحفيظه ولو كانت مشروعة‪ ،‬ويعترف بالوجود القانوني للحقوق الظاهرة وقت‬
‫التحفي ‪-‬أي تلك الحقوق التي تم التعريف بها أثناء مسطرة التحفيظ‪ -‬ويضفي عليها صبغة المشروعية ولو‬
‫كانت في حقيقتها غير مشروعة‪.‬‬
‫فقرار تأسيس الرسم العقاري يشكل دليال قاطعا على حق الملكية والحقوق العينية والتحمالت‬
‫العقارية المعلن عنها أثناء مسطرة التحفيظ والمسجلة بالرسم العقاري‪ ،‬لذلك سمي هذا الرسم برسم الملكية‬
‫أو التمليك‪.‬‬
‫وقد اعتبر المجلس األعلى في قرار له أن "التحفيظ يطهر العقار المحفظ من جميع الشوائب التي‬
‫كانت عالقة به قبل التحفيظ‪ ،‬ويشكل نقط ة االنطالق الوحيدة في حياة العقار‪ ،‬حيث يقطع صلتها نهائيا‬
‫بالماضي‪ ......‬وأن هذا التطهير ال يترك مجاال لتطبيق القواعد العامة لاللتزام"‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ثانيا‪ :‬األثر النهائي للرسم العقاري‬
‫باإلضافة إلى األثر التطهيري يترتب على تأسيس الرسم العقاري أثر بالغ األهمية ويتجلى في نهائية‬
‫الرسم العقاري‪ ،‬أي أنه طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 62‬من ظ ت ع يكون قرار المحافظ العقاري بتأسيس‬
‫الرسم العقاري‪ ،‬قرارا نهائيا ال يقبل أي وجه من أوجه الطعن‪ ،‬فال يمكن إطالقا إلغاؤه أو تغييره سواء من‬
‫طرف المحافظ العقاري نفسه أو من طرف القضاء‪ ،‬وبالرغم من أن قرارات المحافظ العقاري هي قرارات‬
‫إدارية واجبة التعليل‪ ،‬فإن المشرع لم يلزم المحافظ العقاري بضرورة تعليل قراره في هذا الصدد‪.‬‬
‫وهذا األثر النهائي للرسم العقاري ال يشمل فقط حق الملكية العقارية لطالب التحفيظ‪ ،‬بل يشمل كذلك‬
‫جميع الحقوق العينية واالرتفاقات العقارية‪ ،‬المؤسسة على العقار والتي تم التعريف بها خالل مرحلة‬
‫التحفيظ‪ ،‬وتم قبولها من طرف المحافظ أو تم الحكم بصحتها من طرف القضاء‪ ،‬وهذه المقتضيات بطبيعة‬
‫الحال هي مقتضيات آمرة ال يجوز االتفاق على مخالفتها‪.‬‬
‫وتترتب على نهائية الرسم العقاري نتائج أهمها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أن الرسم العقاري يعتبر نقطة االنطالق الوحيدة للحقوق العينية والتحمالت العقارية المترتبة على‬
‫العقار وقت تحفيظه (الفصل ‪ 62‬من ظ ت ع)؛‬
‫‪ -‬عدم إمكانية اكتساب أي حق عيني على العقار المحفظ عن طريق التقادم‪ ،‬طبقا للفصل ‪ 63‬من‬
‫ظ ت ع سواء تعلق األمر بالتقادم المسقط أو التقادم المكسب‪ ،‬فهذا التقادم ال يفيد في مواجهة ما ضمن‬
‫بالرسم العقاري‪ .‬وبذلك فإن التحفيظ هو وسيلة يستطيع بمقتضاها مالك الرسم العقاري أن يحمي حقه ولو‬
‫لم يستعمله لمدة طويلة‪ ،‬حيث ال تنفع الحائز حيازته للعقار المحفظ في اكتساب ملكيته مهما طال أمد هذه‬
‫الحيازة‪ ،‬وذلك بخالف بحيازة العقار غير المحفظ‪.‬‬
‫وقد اعتبر المجلس األعلى في قرار له‪ ،‬أن "إقامة الرسم العقاري له صفة نهائية ال تقبل الطعن‬
‫ويحسم كل نزاع يتعلق بالعقار‪ ،‬وال يمكن االحتجاج بأي حق عيني سابق على التحفيظ لم يسجل على الرسم‬
‫العقاري ‪ .....‬والشراء الذي أبرم قبل التحفيظ ولم يقع اإلدالء به أثناء مسطرة التحفيظ ال يمكن االحتجاج‬
‫به فيما بعد ما لم يقر به البائع "‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االستثناءات الواردة على قاعدتي النهائية والتطهير‬
‫نظرا للطبيعة الخاصة لبعض األمالك‪ ،‬فإن المشرع استثناها من إمكانية مواجهتها باألثر النهائي‬
‫والتطهيري للرسم العقاري‪ ،‬ومن هذه األمالك نجد األمالك العامة واألمالك الموقوفة‪( .‬تفاديا للتكرار‬
‫يرجى الرجوع إلى ما سبق الحديث عنه بخصوص هذه النقطة بمناسبة الحديث عن مبدإ التطهير ضمن‬
‫المحور الخاص بمبادئ التحفيظ العقاري)‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دعوى التعويض‬


‫لقد سبقت اإلشارة إلى أن الحقوق التي ال يشملها قرار التحفيظ وال تندرج ضمن مضمنات السجل‬
‫العقاري‪ ،‬ال يمكن ألصحابها المطالبة بها نتيجة األثر التطهيري والنهائي للرسم العقاري‪ ،‬وذلك مهما كانت‬
‫األسباب التي منعت صاحبها من التصريح بها خالل مسطرة التحفيظ‪ ،‬بل ولو تم اتخاذ قرار التحفيظ نتيجة‬
‫تدليس ‪ ،‬حيث ال يبقى لصاحبها سوى رفع دعوى للمطالبة بالتعويض‪ .‬وهذا ما سنتحدث عنه من خالل‬
‫المطلبين التاليين‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬دعوى التعويض عن الضرر‬
‫ينص الفصل ‪ 64‬م ظ ت ع على أنه " ال يمكن إقامة أي دعوى في العقار بسبب حق وقع اإلضرار‬
‫به من جراء التحفيظ‪ .‬يمكن للمتضررين في حالة التدليس فقط أن يقيموا على مرتكب التدليس دعوى‬
‫شخصية بأداء تعويضات‪ ،".....‬فاستنادا لهذه المقتضيا ت ال يحق لمن تضررت حقوقه من قرار المحافظ‬
‫بالتحفيظ‪ ،‬سوى رفع دعوى للمطالبة بالتعويض عما أصابه من ضرر‪ ،‬وهذه الدعوى ال يمكن رفعها إال‬
‫إذا تم اتخاذ قرار التحفيظ بفعل التدليس‪ ،‬حيث يتعين في هذه الحالة رفع دعوى شخصية في مواجهة المدلس‬
‫سواء كان طالب التحفيظ أو غيره من مستخدمي الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري‬
‫والخرائطية‪ ،‬وذلك للمطالبة كما قلنا بالتعويض فقط‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫وإذا كان التدليس عموما هو استعمال الطرق االحتيالية قصد إيقاع المتعاقد في غلط يدفعه إلى‬
‫التعاقد‪ ،‬فإن واقعة التدليس في مجال التحفيظ العقاري‪ ،‬تتحقق بمجرد تقديم مطلب تحفيظ عقار يعلم مقدمه‬
‫(أي طالب التحفيظ) بأن العقار موضوع المطلب غير مملوك له أو لم يعد مملوكا له‪ ،‬بحيث يعطى للتدليس‬
‫مفهوما واسعا ال يشترط معه لقيامه استعمال الطرق االحتيالية‪ ،‬بل يتحقق التدليس بكل تصرف صادر عن‬
‫سوء نية بقصد اإلضرار بالغير أو الحصول على منفعة شخصية‪.‬‬
‫وهكذا يدخل في أعمال التدليس في مجال التحفيظ العقاري إخفاء الحقيقة‪ ،‬فالبائع الذي يقدم مطلب‬
‫تحفيظ عقار بعد بيعه ويستصدر رسما عقاريا باسمه‪ ،‬يعتبر مرتكبا للتدليس ويكون ملزما بدفع التعويض‬
‫لفائدة المشتري الذي ضاع عليه حقه بسبب هذا التحفيظ‪ .‬وهذا ما استقر عليه عمل القضاء‪ ،‬حيث اعتبر‬
‫المجلس األعلى أن "تحفيظ العقار في اسم البائع بعد بيعه يعد تدليسا ضد المشتري موجبا للتعويض"‪.‬‬
‫وطبقا لمقتضيات الفصل ‪ 64‬المشار إليه أعاله‪ ،‬فإن دعوى التعويض ترفع في مواجهة مرتكب‬
‫التدليس‪ ،‬سواء كان طالب التحفيظ أو المحافظ العقاري أو غيرهما‪ ،‬وتعتبر مسؤولية المدلس في هذه الحالة‬
‫مسؤولية شخصية‪ ،‬حيث تستخلص التعويضات المحكوم بها من ذمته المالية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة في هذا الصدد‪ ،‬أنه في حالة إعسار المدلس نص المشرع بموجب الفقرة األخيرة‬
‫من الفصل ‪ ،64‬على حلول صندوق التأمينات المحدث بموجب الفصل ‪ 100‬من ظ ت ع محل المدلس في‬
‫أداء التعويض‪ .‬غير أنه بالرجوع إلى الفصل ‪ 100‬المذكور‪ ،‬نجده ينص على أن هذا الصندوق يضمن فقط‬
‫المحافظ العام أو المحافظين على األمالك العقارية ويحل محلهم في أداء التعويض للمتضرر حالة إعسارهم‪،‬‬
‫مما يطرح التساؤل حول مدى إمكانية حلول هذا الصندوق محل غير المحافظ على األمالك العقارية متى‬
‫كان هو المدلس (طالب التحفيظ أو أحد المستخدمين)؟‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دعوى استرداد الثمن‬
‫لقد سبقت اإلشارة إلى عدم إمكانية رفع أي دعوى في نطاق ظهير التحفيظ العقاري لمن تضرر‬
‫من قرار التحفيظ ‪ ،‬سوى للمطالبة بالتعويض في حالة وجود التدليس فقط‪ ،‬لكن يمكن مع ذلك االستناد إلى‬
‫القواعد العامة في إطار ظهير االلتزامات والعقود للمطالبة باسترداد الثمن‪ ،‬في حالة تحفيظ عقار بعد بيعه‪.‬‬
‫فإذا اشترى شخص عقارا أو حقا عينيا عقاريا‪ ،‬ولم يسلك مسطرة اإليداع وال مسطرة الخالصة‬
‫اإلصالحية المنصوص عليهما في الفصالن ‪ 83‬و‪ 84‬من ظ ت ع‪ ،‬فحفظ العقار في اسم طالب التحفيظ‬
‫البائع‪ ،‬وفقد نتيجة لذلك المشتري حقه بفعل األثر التطهيري للرسم العقاري‪ ،‬فإن هذا األخير يحق له رفع‬
‫دعوى للمطالبة باسترداد الثمن الذي دفعه للبائع الذي حفظ العقار باسمه ‪ ،‬وال تمنعه هذه الدعوى من إمكانية‬
‫المطالبة بالتعويض طبقا للفصل ‪ 64‬المشار إليه أعاله‪.‬‬
‫وتجد دعوى المطالبة باسترداد الثمن أساسها القانوني في الفصل ‪ 70‬من ق ل ع‪ ،‬الذي نص على‬
‫أنه "يجوز استرداد ما دفع لسبب مستقبل لم يتحقق‪ ،‬أو لسبب كان موجودا ولكنه زال"‪ ،‬فسبب حصول‬
‫البائع على الثمن هو نقل ملكية العقار المبيع للمشتري وهو سبب زال بسبب تحفيظ العقار المبيع باسمه‪،‬‬
‫كما تجد أساسها القانوني في الفصل ‪ 66‬من ق ل ع‪ ،‬حيث يكون البائع في مثل هذه الحالة قد أثرى على‬
‫حساب المشتري‪ ،‬ومعلوم أن كل من أثرى على حساب الغير دون سبب قانوني‪ ،‬يكون ملزما بأن يرد لهذا‬
‫الغير قدر ما أثرى به في حدود ما لحقه من خسارة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة في األخير إلى أن الفرق بين هذه الدعوى ودعوى التعويض بسبب التدليس‪ ،‬يتجلى‬
‫في عدم إمكانية رفعها في مواجهة المحافظ العقاري‪ ،‬وكذا عدم إمكانية حلول صندوق التأمينات محل‬
‫المثري على حساب الغير في األداء عند ثبوت إعساره‪.‬‬

‫‪5‬‬

You might also like